فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر

ابن باز

المجلد الأول

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد: فبحمد الله وتوفيقه تم الانتهاء من (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة) لسماحة شيخنا الإمام العلامة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن باز - غفر الله له ورحمه، وأسكنه الفردوس الأعلى من جنانه - وقد قام بجمعها وترتيبها معالي الشيخ الدكتور / محمد بن سعد الشويعر - جزاه الله عنا وعن شيخنا وعن سائر المسلمين خير الجزاء وأوفاه - وها نحن الآن في بواكير (فتاوى نور على الدرب) لسماحة شيخنا العلامة الشيخ / عبد العزيز بن باز - رحمه الله - والتي قام بجمعها وترتيبها معالي الشيخ الدكتور/ محمد بن سعد الشويعر، وفقه الله. وقد تميزت هذه الفتاوى بما تميز به شيخنا - غفر الله له - من التعظيم للكتاب والسنة، والصدور عنهما، وتقديم ما دل الدليل عليه من آراء الرجال، مع ما وهبه الله لسماحته - غفر الله له - من فقه واطلاع واسع، وذاكرة حاضرة بأنواع المحفوظات، ودقة في

الاستنباط، وتأدب مع أهل العلم بل والعامة، ولغة فصيحة قريبة سهلة المأخذ، لا تنبو عن أفهام العوام، ولا تتصاغر أمام عقول فحول العلماء، هبة من الله وفضلا، {وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} (¬1). عاش - غفر الله له - مجاهدا في العلم والتعلم والدعوة والتعليم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإصلاح بين الناس، وبذل النصح للخاص والعام، مقربا محببا للولاة والرعية، بذل ماله ووقته وجاهه وجهده لله عز وجل، كان محبا للضعفاء والمساكين في سائر بقاع الأرض، ساعيا جهده لنفعهم ورفع الضرر عنهم، ضرب في كل ميدان من ميادين الخير بسهم، عظم السنة في قلبه فعظم الله شأنه في قلوب خلقه، مهيبا معظما على لطفه ولينه وسماحته، فسبحان من جمع له الخير من أطرافه، وبارك له في عمره وعمله، وقد لقي عاجل بشرى المؤمن ثناء حسنا من الناس حيث سار، بل في السر والجهار، فالحمد لله على فضله وإحسانه؛ وإن من إحسان الله إليه أن هيأ لعلمه من يقوم عليه؛ جمعا ودراسة وترتيبا ونشرا، فضلا من الله ومنة؛ جزاء ما بذل، وهذا من أمارات الخير له غفر الله له ورحمه. هذا وإني قد سمعت جميع ما ورد في هذه الفتاوى من قراءة معالي الشيخ الدكتور/ محمد بن سعد الشويعر - وفقه الله - في مجالس منتظمة لسنوات عدة، وذلك من خلال ما فرغ من أشرطة فتاوى نور على ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 105

الدرب، التي بلغت (435) شريطا، فشكر الله سعيه ووصله بإحسانه ووفقه لما يحبه ويرضاه سبحانه. كما أسأله سبحانه أن ينفع بهذا الجهد، وأن يجعله خالصا لوجهه مقربا لمرضاته، نافعا لعباده المؤمنين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء والرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

كتاب العقيدة

كتاب العقيدة

باب ما جاء في التوحيد 1 - تعريف الإسلام س: أرجو توضيح معنى الإسلام؟ (¬1) ج: الإسلام معناه الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، إذلالا وخضوعا، هذا معنى الإسلام، يقال: أسلم فلان لفلان: ذل له وانقاد له، وأعطاه مطلوبه. فالإسلام معناه ذل لله، وانقياد لله؛ بتوحيده والإخلاص له، وطاعة أوامره، وترك نواهيه، هذا هو الإسلام، قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (¬2). وسمي المسلم مسلما: لأنه منقاد لله ذليل مطيع له سبحانه في فعل ما أمر، وترك ما نهى، ويطلق الإسلام على جميع ما أمر الله به ورسوله: من صلاة وصوم وحج وإيمان، وغير ذلك، كله يسمى إسلاما، كما قال الله عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (¬3)، وقال ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (373). (¬2) سورة آل عمران الآية 19 (¬3) سورة المائدة الآية 3

سبحانه: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (¬1). فالمسلم هو المنقاد لأمر الله؛ قولا وعملا وعقيدة، والإسلام هو الانقياد لأمر الله، والتسليم لأمر الله، والذل لأمر الله من جميع الوجوه. ... ¬

_ (¬1) سورة آل عمران الآية 85

معنى شهادة أن لا إله إلا الله

2 - معنى شهادة أن لا إله إلا الله س: نطلب من سماحتكم أن تشرحوا لنا معنى الركن الأول من أركان الإسلام، وما يقتضيه ذلك المعنى، وكيف يتحقق في الإنسان؟ وما حكم من جهل شيئا منه؟ (¬1): ج: إن الله بعث نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس عامة عربهم وعجمهم، جنهم وإنسهم، ذكورهم وإناثهم، يدعوهم إلى توحيد الله والإخلاص له وإلى الإيمان بالرسول عليه الصلاة والسلام وبما جاء به وإلى الإيمان بجميع المرسلين وبجميع الملائكة، والكتب المنزلة من السماء وباليوم الآخر، وهو البعث والنشور، والجزاء والحساب، والجنة والنار، وبالقدر خيره وشره، وإن الله قدر الأشياء، وعلمها وأحصاها وكتبها سبحانه وتعالى، فكل شيء يقع فهو بقضاء الله وقدره ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (74).

سبحانه وتعالى، وأمر الناس أن يقولوا: لا إله إلا الله، هذا هو أول شيء دعا إليه، وهو الركن الأول من أركان الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فلما قال للناس قولوا: لا إله إلا الله، وأمر أن يؤمنوا بأنه رسول الله عليه الصلاة والسلام امتنع الأكثرون وأنكروا هذه الدعوة، وقالت له قريش ما ذكر الله عنهم: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (¬1)،: وقال سبحانه عنهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} (¬2) {وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} (¬3)، فاستنكروا هذه الدعوة؛ لأنهم عاشوا على عبادة الأوثان والأصنام واتخاذ الآلهة مع الله عز وجل، ولهذا أنكروا دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى توحيد الله والإخلاص له، وهذا الذي دعا إليه - صلى الله عليه وسلم - هو الذي دعت إليه الرسل جميعا كما قال سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (¬4)، وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (¬5). وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ¬

_ (¬1) سورة ص الآية 5 (¬2) سورة الصافات الآية 35 (¬3) سورة الصافات الآية 36 (¬4) سورة النحل الآية 36 (¬5) سورة الأنبياء الآية 25

«بني الإسلام على خمس يعني: على خمس دعائم: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت (¬1)»، وفي الصحيح أيضا عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أن «النبي - صلى الله عليه وسلم - أتاه سائل يسأله في صورة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه من الحاضرين أحد، فقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام؟ فقال: " الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ": قال: صدقت. قال الصحابة: فعجبنا له يسأله ويصدقه ثم قال ما الإيمان؟ قال: " الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره" قال صدقت قال: فأخبرني عن الإحسان؟ قال: " أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. (¬2)» الحديث. ثم أخبرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن هذا هو جبرائيل أتاهم يعلمهم دينهم، لما لم يسألوا أتاهم جبرائيل بأمر الله يسأله عن هذا الدين العظيم حتى يتعلموا ويستفيدوا، فدين الإسلام مبني على هذه الأركان الخمسة الظاهرة: أولها: شهادة أن لا إله ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب بني الإسلام على خمس، برقم 8، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم 8. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان وأركان الإسلام ودعائمه العظام، برقم 16.

إلا الله وأن محمدا رسول الله. ثانيها: إقام الصلوات الخمس. ثالثها: أداء الزكاة. رابعها: صوم رمضان. خامسها: حج بيت الله الحرام. وعلى أركان باطنة إيمانية في القلب وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره. فلا بد من هذه الأصول، ولا بد أن يؤمن المكلف بهذه الأصول الستة الباطنية التي تتعلق بالقلب، فيؤمن أن الله ربه وإلهه ومعبوده الحق سبحانه وتعالى، ويؤمن بملائكة الله وبكتب الله التي أنزلها على الأنبياء من التوراة والإنجيل والزبور والقرآن وغير ذلك، ويؤمن أيضا بالرسل الذين أرسلهم الله إلى عباده أولهم نوح وآخرهم محمد عليه الصلاة والسلام، وهم كثيرون بين الله بعضهم في القرآن العظيم، ويؤمن أيضا باليوم الآخر والبعث بعد الموت والجزاء من عند الله عز وجل وأن أهل الإيمان لهم السعادة، وأهل الكفر لهم الخيبة والندامة والنار، ولا بد من الإيمان بالقدر خيره وشره، وأن الله قدر الأشياء وعلمها وكتبها وأحصاها فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وكل ما يقع في الوجود من خير وشر وطاعة ومعصية فقد سبق بهذا علم الله وكتابته وقدره سبحانه وتعالى. فالأصل العظيم الأول الذي طالبت به الرسل هو الإيمان بأن الله هو الإله الحق سبحانه وتعالى، وهذا هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله، هذا أصل أصيل أجمعت عليه الرسل عليهم الصلاة والسلام كلهم دعوا إلى

هذا الأصل الأصيل، وهو أن يؤمن الناس بأن الله هو الإله الحق وأنه لا معبود بحق سواه، وهذا هو معنى لا إله إلا الله أي: لا معبود حق إلا الله، وما عبده الناس من أصنام أو أشجار أو أحجار أو أنبياء أو أولياء أو ملائكة كله باطل، العبادة بالحق لله وحده سبحانه وتعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (¬1)، {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬2)، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬3)، {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬4). ولا بد مع هذا الأصل من الإيمان بالرسل عليهم الصلاة والسلام من عهد نوح الإيمان بنوح، وفي عهد هود الإيمان بهود، مع توحيد الله، وفي عهد صالح الإيمان بصالح، مع توحيد الله وهكذا في عهد كل رسول لا بد من توحيد الله، والإيمان بأنه لا إله إلا الله ولا بد من الإيمان بالرسول الذي بلغ الرسالة في عهده إلى آخرهم عيسى عليه الصلاة والسلام، آخر الأنبياء بني إسرائيل، ثم بعث الله خاتمهم وأفضلهم نبينا محمدا - صلى الله عليه وسلم -، فعيسى هو آخر أنبياء بني إسرائيل، ومحمد هو آخر الأنبياء وخاتم الأنبياء جميعا، ليس بعده نبي ولا رسول عليه الصلاة والسلام، وهو أفضل الرسل، وهو إمامهم، وهو خاتمهم، ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 163 (¬2) سورة الإسراء الآية 23 (¬3) سورة الفاتحة الآية 5 (¬4) سورة البينة الآية 5

فلا بد في حق الأمة أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - جنها وإنسها، عربها وعجمها، ذكورها وإناثها، أغنيائها وفقرائها، حكامها ومحكوميها، لا بد أن يؤمنوا بهذا النبي، فمن لم يؤمن به فلا إسلام له، ولا دين له، فلا بد من الإيمان بأن الله هو الإله الحق، وأنه لا إله بحق إلا الله، ولا بد من الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وأنه رسول الله حقا، إلى جميع الناس، فمن لم يؤمن بهاتين الشهادتين فليس بمسلم، إذ لا بد من الإيمان بهما واعتقاد معناهما، وأن معنى لا إله إلا الله؛ معناها لا معبود حق إلا الله فلا يجوز أن يدعى مع الله ملك أو نبي أو شجر أو حجر أو جن أو صنم، فإذا قال: يا رسول الله انصرني. بعد موته - صلى الله عليه وسلم -، أو قال: يا سيدي البدوي انصرني. أو: اشف مريضي. أو: يا سيدي الحسين. أو: يا سيدي عبد القادر. أو: المدد المدد. صار هذا شركا بالله عز وجل، يبطل معنى لا إله إلا الله؛ لأنك لم تأت بالعبادة لله وحده، بل أشركت مع الله غيره، ودعوت مع الله غيره، والله يقول: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬1)، ويقول سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬2)، ويقول سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬3) ويقول جل وعلا: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬4) ويقول: ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 18 (¬2) سورة يونس الآية 106 (¬3) سورة البينة الآية 5 (¬4) سورة الإسراء الآية 23

{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬1). ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الدعاء هو العبادة (¬2)». ويقول جل وعلا: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬3). فلا بد من إخلاص العبادة لله وحده، ومنها الدعاء، فإذا قلت للميت أو للشجر أو للصنم: أغنني، انصرني، اشف مريضي، المدد المدد. صار شركا بالله، وصار نقضا لقول: لا إله إلا الله. وهكذا من كذب الرسول محمدا - صلى الله عليه وسلم -، وشك في رسالته، أو قال: إنه للعرب دون العجم - أو قال: إنه ليس خاتم النبيين بل بعده نبي. كل هذا كفر وضلال، ونقض للإسلام، نسأل الله العافية. فلا بد من الإيمان بأنه رسول الله حقا إلى جميع الثقلين الجن والإنس، ولا بد من الإيمان بأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، ليس بعده نبي، وأن من ادعى النبوة بعده كافر بالله كذاب؛ كمسيلمة، والأسود العنسي في اليمن، وسجاح التميمية، وطليحة الأسدي، وجميع من ادعوا من بعده، فأجمع الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم على كفرهم وقاتلوهم؛ لأنهم كذبوا معنى قوله سبحانه: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (¬4). وقد تواترت الأحاديث عن ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 5 (¬2) أخرجه الإمام أحمد في أول مسند الكوفيين، حديث النعمان بن بشير عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، برقم 17888 (¬3) سورة غافر الآية 60 (¬4) سورة الأحزاب الآية 40

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أنا خاتم النبيين، لا نبي بعدي (¬1)». فهذه الشهادة التي هي شهادة: أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، هي الأصل الأصيل، وهي الركن الأول من أركان الإسلام، فلا إسلام إلا بهاتين الشهادتين، لو صلى وصام وحج، وصام النهار وقام الليل، وذكر الله كثيرا، ولكنه لا يؤمن بأن الله هو المستحق للعبادة، لا يؤمن بأن: لا إله إلا الله، بل يرى أنه لا مانع من عبادة الأوثان والأصنام، لا يرى مانعا من عبادة البدوي أو الحسين أو الشيخ عبد القادر أو علي بن أبي طالب، أو غيرهم، إذا اعتقد أنه يجوز هذا؛ يدعوهم من دون الله، يستغيث بهم، ينذر لهم، صار مشركا بالله عز وجل، وصار كلامه هذا وعقيدته ناقضة لقول: لا إله إلا الله. وهكذا لو قال: إن محمدا - صلى الله عليه وسلم - ليس بخاتم الأنبياء. أو: ليس مرسلا للثقلين بل هو للعرب خاصة. كان كافرا بالله عز وجل، فلا بد أن يؤمن بأنه رسول الله إلى جميع الثقلين، ولا بد أن يؤمن بأنه خاتم الأنبياء، ليس بعده نبي ولا رسول. هذا هو الأصل الأصيل. ثم بعد هذا يطالب المسلم بعد هذا بالصلاة، يطالب بالزكاة بالصيام بالحج، ببقية الأوامر، وترك النواهي بعد ما يثبت هذا الأصل، بعد إيمانه بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؛ ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند الأنصار، ومن حديث ثوبان رضي الله عنه، برقم 27703.

يعني: إيمانه بأن الله سبحانه هو المعبود الحق، وأن العبادة حقه وحده، وأنه لا يعبد معه سواه؛ لا نبي ولا ملك ولا شجر ولا صنم، ولا غير ذلك. ولا بد من الإيمان بأن محمدا رسول الله، مع التصديق بجميع الأنبياء الماضين، وأنهم أدوا الرسالة، وبلغوها عليهم الصلاة والسلام، مع الإيمان بجميع ما تقدم؛ بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره. لا بد من هذا وهذا، ولا بد مع هذا كله من التصديق بما أخبر الله به ورسوله عما كان وما يكون، فالله صادق في خبره، ورسوله صادق عليه الصلاة والسلام. فمن كذب الله أو كذب الرسول - صلى الله عليه وسلم - كفر، ولو صلى وصام، نسأل الله للجميع الهداية. ***

بيان مراتب دين الإسلام

3 - بيان مراتب دين الإسلام س: يسأل المستمع من الرياض ويقول: ما هي مراتب الدين، مع ذكر أركان كل مرتبة؛ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: مراتبه ثلاث: الإسلام، والإيمان، والإحسان. كما بينه النبي - صلى الله عليه وسلم -. المرتبة الأولى: الإسلام؛ المرتبة العامة، وأركانها خمسة: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؛ وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت. وكل عمل مما شرعه الله داخل في الإسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (433).

والمرتبة الثانية: الإيمان: وأركانها ستة: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره. المرتبة الثالثة: الإحسان؛ وهو ركن واحد، ومعناه: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. وجميع الأعمال الصالحة داخلة في الإسلام والإيمان، فإذا جمع المؤمن بين الأعمال كلها الظاهرة والباطنة صار مسلما مؤمنا، وإذا عبد الله كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فإنه يراه، صار مسلما مؤمنا محسنا نسأل الله للجميع التوفيق. ***

العقيدة الصحيحة هي أصل الدين وأساس الملة

4 - العقيدة الصحيحة هي أصل الدين وأساس الملة س: الأخ/ س. ع. م. ل. من الحبشة، مقيم في مدينة جدة، يسأل ويقول: لقد تعلمت في بلدي الحبشة بعض العلوم الدينية، ولكني لا أعلم صحتها خاصة فيما يتعلق بالعقيدة، إذ تتخللها بعض التوهيمات الصوفية، أدركت هذا بعد قدومي إلى هذا البلد. أرجو توجيهي جزاكم الله خيرا (¬1). ج: العقيدة أهم الأمور، وهي أصل الدين وأساس الملة، وهي التي بدأ بها الرسل عليهم الصلاة والسلام أممهم، وبدأ بها نبينا - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (165).

أمته، فمكث في مكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى توحيد الله، والإخلاص له، والإيمان بأسمائه وصفاته، وأنه رب العالمين، وأنه الخلاق العليم، وأنه المستحق للعبادة، وكانت العرب تعرف أن الله رب العالمين، وأنه خالقهم ولكنهم يتخذون معه الأنداد والآلهة؛ من الشجر والحجر والأصنام وبني آدم والجن، وغير ذلك. فبين لهم - صلى الله عليه وسلم - أن العبادة حق الله وحده، وأن الواجب عليهم إخلاص العبادة لله وحده، وقال: «يا قومي قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا (¬1)». فلما قال لهم هذا استنكروا ذلك، وأنزل الله في حقهم قوله تعالى عنهم أنهم قالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (¬2). فالعقيدة هي أهم الأمور، وهي أساس الدين، فالواجب على طالب العلم أن يعتني بها حتى يتقنها على بصيرة، وحتى يعلمها على بينة. والخلاصة في ذلك أن الذي عليه أهل السنة والجماعة وهو الذي بعث الله به الرسل وبعث به خاتمهم نبينا محمدا عليه الصلاة والسلام؛ هو الإيمان بالله وحده، وإخلاص العبادة له جل وعلا، والإيمان بأنه مستحق للعبادة، ولا يدعى إلا هو، ولا يستغاث إلا به، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يتقرب بالذبائح والنذور إلا له سبحانه وتعالى. إلى غير هذا من العبادات كما قال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، من حديث ربيعة بن عبادة الديلي رضي الله عنه، رقم 15593. (¬2) سورة ص الآية 5 (¬3) سورة البينة الآية 5

وقال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬1)، وقال تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬2)، وقال عز وجل: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (¬3). وهذه العبادة خلق الله من أجلها الثقلين، كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬4). المعنى ليخصوني بالعبادة وبالدعاء، وبالخوف والرجاء والتوكل، والصلاة والصوم، والذبح والنذر، ونحو ذلك. وبعث الله الرسل بذلك سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (¬5). والطاغوت: كل ما عبد من دون الله، قال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (¬6). فالتقرب إلى أصحاب القبور؛ بالذبائح أو بالنذور أو بالدعاء، أو طلب الشفاء أو المدد، هذا من الشرك بالله عز وجل، ويناقض قول: لا إله إلا الله. فالواجب على المسلمين أن يعبدوا الله وحده، وأن يخصوه بدعائهم وخوفهم، ورجائهم وذبحهم ونذرهم، وصلاتهم وصومهم، ونحو ذلك، أما الأموات المسلمون فيدعى لهم بالمغفرة ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 23 (¬2) سورة الفاتحة الآية 5 (¬3) سورة الأنعام الآية 162 (¬4) سورة الذاريات الآية 56 (¬5) سورة النحل الآية 36 (¬6) سورة الأنبياء الآية 25

والرحمة، تزار قبورهم للذكرى؛ لذكر الآخرة، وذكر الموت، وللدعاء لهم: اللهم اغفر لهم واللهم ارحمهم. فقد كان النبي يزور القبور عليه الصلاة والسلام، ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة، ويقول: «زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة (¬1)». وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬2)». فعلم أصحابه أن يدعوا للأموات، ويستغفروا لهم، ويترحموا عليهم، لا أن يدعوهم مع الله، ولا أن يستغاث بهم، ولا أن يطلب منهم المدد، فإنهم عاجزون عن ذلك، هذا بيد الله سبحانه وتعالى؛ هم في حاجة إلى الدعاء لهم، في حاجة إلى أن يدعو لهم أخوهم المسلم، وأن يستغفر لهم. كان يزور البقيع عليه الصلاة والسلام، ويقول: «السلام عليكم أهل الديار من القوم المؤمنين، غدا مؤجلون وأتاكم ما توعدون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (¬3)» يدعو لهم عليه الصلاة والسلام، هذا هو الواجب، ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال في دخول القبور، برقم 974. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم 974.

وهذا هو المشروع في زيارة الموتى؛ الدعاء لهم، والترحم عليهم، والاستغفار لهم. أما أن يطلب منهم المدد، ويقول: المدد المدد يا فلان. فإن هذا من الشرك الأكبر، أو: يا سيدي، اشف مريضي، يا سيدي البدوي يا سيدي الحسين. أو: يا فلان، أو يا فلانة. أو: اشف لنا مرضانا. أو: المدد المدد. أو: انصرنا. أو ما أشبهه، فهذا لا يجوز، بل هذا من أنواع الشرك الأكبر، وهكذا إذا فعلها مع الأصنام أو مع الأشجار أو مع الجن، كله شرك بالله سبحانه وتعالى، أما الحي فلا بأس أن يطلب منه ما يقدر عليه من الأمور العادية، الحي الحاضر، القادر، تقول: يا أخي، ساعدني على كذا، أقرضني كذا، امنعني من خادمك؛ لأنه آذاني، أو ولدك، أو زوجتك، انههم عني، لا تؤذني بكذا. حتى يمنعه من الأذى، الشيء المعتاد لا بأس به بين الناس، وليس من الشرك، إنما الشرك طلب الأموات، والاستغاثة بالأموات أو بالغائبين، يعتقد أن فيهم سرا وأنهم يسمعونه من بعيد، يدعوهم يطلبهم المدد، هذا هو الشرك الأكبر، أما حي حاضر قادر تخاطبه في أمور يقدر عليها، أو تكتب إليه، أو بالهاتف بالتليفون، تقول: أقرضني كذا. أو ساعدني في مزرعتي في كذا. أو: بعني كذا. أو: ماذا ترى في كذا. تشاوره في كذا، هذه أمور عادية بين المسلمين وغير المسلمين، بين الأحياء سواء كان من طريق المشافهة، أو من طريق المكاتبة، أو من طريق الهاتف - التليفون - أو البرقية، أو ما أشبه ذلك. هذه أمور عادية ليس فيها بأس، إنما المنكر والشرك أن تدعو الأموات، أو الأصنام أو

الأحجار أو الأشجار، تدعوهم تسألهم الشفاعة، تسألهم الغوث، المدد، أو الغائبون عنك الذين لا يسمعونك، تعتقد فيهم أنهم يسمعونك، وأن لهم سرا، أو تدعو الجن، أو ما أشبه ذلك، هذا هو المنكر، هذا هو الشرك الذي أنكرته الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأنكره نبينا عليه الصلاة والسلام، وبعث الله الرسل بإنكاره والتحذير منه، نسأل الله أن يوفق المسلمين لكل خير، وأن يبصر المسلمين بما فيه رضاه، وأن يهدي جميع المسلمين للفقه في الدين. ***

حكم إطلاق كلمة العقيدة

5 - حكم إطلاق كلمة العقيدة س: السائل يقول: بأن اسم العقيدة ليس صحيحا وليس له أصل وإنما الصحيح أن يقول الإنسان: اسم الإيمان بدل العقيدة فهل هذا صحيح؛ (¬1). ج: ليس بصحيح، بل درج العلماء على أنهم يسمون ما يتعلق بالقلوب: عقيدة. وما يتعلق بالتوحيد والصفات: عقيدة؛ يعتقدها في قلبه: يعني: يعقد عليها قلبه، يعتقد عليها قلبه. فلا بأس بالتسمية، ولا حرج فيها؛ أن يقال: عقيدة فلان عقيدة أهل السنة والجماعة. وهو ما يعتقدونه ويؤمنون به، وهو يسمى عقيدة؛ لأنهم يعتقدونه ويجزمون ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر، من الشريط رقم (374).

به، ويقولون به فلهذا سمي عقيدة من عقد القلب عليه وإيمانه به.

بيان كيفية تصحيح المرء عقيدته

6 - بيان كيفية تصحيح المرء عقيدته س: يقول السائل: كيف يصحح المسلم العقيدة الإسلامية، وكيف يحافظ عليها؟ (¬1). ج: يتفقه في الدين، ويتبصر ويتعلم؛ حتى يعلم العقيدة، ويحافظ عليها، يسأل أهل العلم، وإن كان طالب علم يتأمل القرآن والسنة، حتى يعرف العقيدة الصحيحة التي دل عليها القرآن ويتمسك بها، ويستقيم عليها، وإذا كان عنده إشكال يسأل أهل العلم الذين يثق فيهم ويطمئن إليهم عما أشكل عليه؛ حتى يكون على بصيرة. ... ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (432).

أصح كتب العقيدة

7 - أصح كتب العقيدة س: أرشدني - وفقكم الله - عن أصح كتاب في العقيدة الإسلامية الصحيحة؟ (¬1). ج: أصح كتاب وأشرف كتاب وأعظم كتاب في العقيدة وفي غيرها هو كتاب الله القرآن، هذا أعظم كتاب وأشرف كتاب، وأصدق ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (125).

كتاب؛ وهو كتاب الله؛ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. فالوصية لك أيها السائل، ولكل مسلم ولكل مسلمة التمسك بكتاب الله، والعناية بكتاب الله، والإكثار من تلاوته، وتدبر معانيه، والحرص على حفظ ما تيسر منه، فهو الكتاب العظيم المنزل الذي نزله الله على عباده؛ ليحفظوه ويستقيموا عليه ويعملوا به، وفيه الحق الواضح والهدى المستبين؛ كما قال عز وجل: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (¬1)، وقال سبحانه: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} (¬2) {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (¬3) وقال سبحانه: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (¬4). فالوصية: العناية بهذا الكتاب العظيم، والإكثار من تلاوته، وتدبر معانيه، والمذاكرة فيه مع زملائك ومع إخوانك، ومراجعة كتب التفسير المأمونة؛ مثل: كتاب أضواء البيان، وتفسير البغوي، وتفسير ابن كثير رحمة الله عليهم، وأشباههم من أئمة الهدى؛ لأنهم أوضحوا معاني الآيات، وأوردوا ما جاء فيها من الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. فعليك يا أخي أن تقبل على كتاب الله، وأن تعتني بكتاب الله، ثم سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ففيها الهدى والنور أيضا: صحيح البخاري، صحيح مسلم، وبقية الكتب الستة، وهكذا كتب أخرى، ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 9 (¬2) سورة فصلت الآية 41 (¬3) سورة فصلت الآية 42 (¬4) سورة النحل الآية 89

التي فيها بيان للحق: كموطأ مالك رحمه الله، وسنن الدارمي رحمه الله، وصحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن حبان، والحاكم، وغيرها من الكتب التي فيها الخير الكثير. وإذا كنت من أهل العلم بالحديث، أمكنك أن تميز بين الصحيح والسقيم من الأحاديث التي في الكتب المذكورة، ما عدا الصحيحين فإنهما قد تلقتهما الأمة بالقبول، وأجمعت على ذلك، فعليك أن تسير على نهج الأخيار من أئمة الحديث وأئمة السنة، فالصحيحان كل أحاديثهما معتمدة، وهي محل اعتماد أهل السنة والجماعة، وقد تلقتهما الأمة بالقبول، فعض عليهما بالنواجذ، وتمسك بهما مع كتاب الله سبحانه، وهكذا بقية الكتب الستة، وما ذكرنا من الكتب، عليك بها والاستقامة على ما فيها، وما وجد فيها من ضعيف فقد بينه أهل العلم، وأوضحوا أسباب ضعفه. أما الكتب المؤلفة في العقائد فهي كثيرة؛ من أحسنها كتاب التوحيد لابن خزيمة، وكتاب السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومنهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية، للرد على المعتزلة وأهل البدع، وكتاب زاد المعاد لابن القيم، فيه خير كثير من جهة العقيدة والأحكام، واجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم، للرد على أهل البدع، الصواعق المرسلة لابن القيم، للرد على أهل البدع، والعقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية؛ كتاب مختصر عظيم مفيد على طريقة أهل السنة والجماعة، أوصي بحفظه، وأن يحفظه طالب العلم؛ لما فيه من الخير العظيم، ولما فيه من بيان عظيم عن مذهب أهل السنة والجماعة، وله أيضا كتاب الرسالة الحموية؛ أجاب فيه على أهل حماة

في أسئلتهم فيما يتعلق بالصفات والأسماء والعقيدة، وهو أيضا جواب عظيم ومفيد، وهكذا له رسالة أخرى سماها: التدمرية؛ عندما جاء أهل تدمر، وهي رسالة عظيمة أيضا في بيان العقيدة الصحيحة، وهكذا عقيدة الطحاوي رحمه الله، ولها شرح عظيم للإمام العز، شرح جيد، وهي جيدة في نفسها، مفيدة سوى كلمات يسيرة نبه عليها الشارح، وهي عقيدة مهمة ولها شرح عظيم مفيد، وهكذا كتاب التوحيد، لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه، كتاب طيب مهم، والثلاثة الأصول له رحمه الله؛ إجابة مختصرة، وهكذا كشف الشبهات له أيضا، رسالة مختصرة مفيدة في العقيدة، وهكذا فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، لحفيده الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهو كتاب مفيد وعظيم، وهكذا شرح هذا الكتاب ومؤلفه الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب فسماه: تيسير العزيز الحميد لشرح كتاب التوحيد، وهو كتاب مفيد عظيم. فهذه الكتب وأشباهها من الكتب الطيبة المؤلفة في العقيدة، وهي مفيدة وننصح بمراجعتها، والاستفادة منها، لكن أعود وأبين أن أعظم كتاب، وأشرف كتاب، وأصدق كتاب؛ هو كتاب الله سبحانه وتعالى؛ فيه الكفاية العظيمة لمن استشفى به ولمن استند عليه. كان السلف الصالح ليس عندهم هذه الكتب الجديدة، وإنما عندهم كتاب الله، وعندهم سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكفتهم والحمد لله؛ عند الصحابة والتابعين القرآن العظيم وأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، ففيهما الكفاية والهدى، ولكن لا مانع من الاستعانة بكتب أهل العلم، المعروفين بالخير مثل ما تقدم،

لا مانع من الاستعانة بكتبهم والاستفادة منها، ودعوة الناس إلى الاستفادة منها؛ لأن بعض الناس قد لا يثق بفهمه، من الكتاب والسنة ولا يطمئن إلى فهمه. فإذا استعان بكتب أهل العلم المعروفين؛ ووافق ما عندهم ما فهمه من الكتاب والسنة؛ ازداد نورا، وازداد بصيرة؛ واطمأن قلبه؛ والله ولي التوفيق. ***

أفضل الكتب في بيان العقيدة

8 - أفضل الكتب في بيان العقيدة س: ما هي أفضل الكتب في العقيدة (¬1). ج: أفضل الكتب وأصحها: القرآن العظيم، فقد بين العقيدة الصحيحة، فالقرآن هو كتاب الله، وأصدق كتاب، وأفضل كتاب، وأعظم كتاب في بيان العقيدة الصحيحة؛ بيان أسماء الله وصفاته، وتوحيده وإخلاص العبادة له سبحانه وتعالى، هو أعظم كتاب، ثم يليه بعد ذلك من السنة: البخاري ومسلم الصحيحان، هما أعظم الكتب المفيدة من كتب الحديث بعد القرآن؛ لأن فيهما أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - الصحيحة، الصحيحان: صحيح البخاري وصحيح مسلم، هما أصح الكتب وأنفعها بعد كتاب الله عز وجل، ثم بقية الكتب المعروفة في الحديث: سنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والطبراني، ومسند الإمام أحمد، وسنن الدارمي، كتب جيدة ومفيدة، ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (299).

وإن كان فيها بعض أحاديث ضعيفة لكنها كتب مفيدة عظيمة، وكتب العقيدة كثيرة لكن منها ما ألفه السلف الصالح؛ مثل: عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية، مثل كتاب عبد الله بن أحمد في اعتقاد أهل السنة والرد على البدع، ومثل كتاب التوحيد لابن خزيمة في التوحيد والرد على أهل البدع، وأشباهها من الكتب المفيدة؛ مثل الطحاوية وشرحها، ومثل لمعة الاعتقاد للموفق، والعقيدة الواسطية، والتدمرية والحموية؛ كتب ابن تيمية كلها في العقيدة، وكتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فهو كتاب عظيم مفيد، وكشف الشبهات في العقيدة كذلك للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وثلاثة الأصول: كتاب مختصر في العقيدة للشيخ محمد رحمه الله. ... س: هذا يسأل سماحتكم عن مجموعة من الكتب خاصة الكتب التي تبحث في العقيدة؟ (¬1). ج: فتح المجيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن، تيسير العزيز الحميد للشيخ سليمان بن عبد الله، التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية، الحموية لشيخ الإسلام ابن تيمية أيضا، العقيدة الواسطية له أيضا، زاد المعاد لابن القيم رحمه الله، إغاثة اللهفان لابن القيم رحمه الله، الصواعق المرسلة لابن القيم رحمه الله، اجتماع الجيوش الإسلامية ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (301).

لابن القيم رحمه الله، كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، ثلاثة الأصول، كشف الشبهات له أيضا رحمه الله، كل هذه كتب عظيمة ومفيدة، الطحاوية وشرحها لابن أبي العز الحنفي، كلها طيبة في العقيدة، وأعظم ذلك وأكبره القرآن العظيم هو أعظم وأكبر، وهو أفضل كتاب وأعظم كتاب، كتاب الله القرآن، هو كتاب عقيدة، وكتاب فقه، وكتاب أحكام. فنوصي كل مسلم ومسلمة بالعناية بالقرآن، والإكثار من تلاوته، وتدبر معانيه، ففيه العلم العظيم بالعقيدة، والأحكام الشرعية، وهكذا أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - كتب الحديث الشريف؛ كالصحيحين البخاري ومسلم، ومثل رياض الصالحين، ومنتقى الأخبار لابن تيمية، بلوغ المرام للحافظ ابن حجر، كتب جيدة عظيمة في الحديث، وعمدة الحديث للشيخ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي، كتاب عظيم. ... س: السائل من سوريا يقول: أنا أريد أن أتفقه في أمور ديني، وخصوصا في العقيدة، فما الكتب التي توصونني وزملائي بقراءتها في كتب العقيدة مأجورين؟ (¬1). ج: أوصيك وكل مسلم بالقرآن؛ هو كتاب العقيدة الأصل العظيم؛ والإكثار من تلاوته؛ وتدبر معانيه وحفظه إذا تيسر؛ وهو أعظم ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (411).

كتاب وهو أصدق كتاب، وهو فيه بيان العقيدة التي أمر الله بها عباده؛ من التوحيد والأسماء والصفات، وغير ذلك، فعليكم بالإكثار من تلاوة القرآن، والإكثار من تدبره، والسؤال عما أشكل عليك، فهو كتاب الله فيه الهدى والنور، وهكذا أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا تيسر؛ مثل كتاب الأربعين النووية مع تكملتها لابن رجب خمسين حديثا، إذا تيسر لك حفظها فهي أحاديث جيدة، كذلك عمدة الحديث للشيخ عبد الغني، فيها أحاديث صحيحة تحفظونها، والعقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية، كتاب طيب عقيدة طيبة ملخصة من الكتاب والسنة، كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، ثلاثة الأصول للشيخ محمد، والقواعد الأربعة كلها هذه كتب طيبة، كشف الشبهات للشيخ محمد أيضا كتاب طيب. ... س: السائل ص. س. من اليمن، يقول كثيرا يا سماحة الشيخ ما نسمع عن العقيدة الواسطية، فلا ندري ما معنى الواسطية، فهل يعني بذلك العقيدة الصحيحة أم ماذا يعني؟ وجهونا في ضوء سؤالنا فنحن مجموعة من طلاب العلم. (¬1). ج: العقيدة الواسطية كتاب ألفه أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني، الملقب بشيخ الإسلام ابن تيمية، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (401).

والملقب بتقي الدين، المولود سنة (661 هـ) إحدى وستين وستمائة، والمتوفى سنة (728 هـ) ثمان وعشرين وسبعمائة، وهو من الأئمة المجتهدين، ومن أهل السنة والجماعة، ومن أئمة أهل السنة والجماعة رحمهم الله، وله المؤلفات الكثيرة، منها منهاج السنة في الرد على المعتزلة والرافضة، ومنها كتاب اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم، ومنها كتاب العقيدة الواسطية، سميت الواسطية؛ لأنه كتبها إلى جماعة سألوه من أهل واسط في العراق: فقيل لها: الواسطية، وله رسالة أخرى في العقيدة، يقال لها: الحموية، كتبها إلى أهل حماة بالشام، وله رسالة أخرى ثالثة في الصفات تسمى: التدمرية، كتبها إلى أهل تدمر في بلاد الشام، هذه أسباب التسمية، وهي كتب ثلاثة عظيمة في عقيدة أهل السنة والجماعة، مفيدة، نوصي بقراءتها والاستفادة منها.

شروط ومعنى لا إله إلا الله

9 - شروط ومعنى لا إله إلا الله س: ما هو مدلول لا إله إلا الله؟ وما هي شروطها، وما هو معناها؟ (¬1). ج: لا إله إلا الله، هي أفضل الكلام بعد القرآن، هي أحب الكلام ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (309).

إلى الله، وأفضل الكلام، وهي كلمة الإخلاص، وهي أول شيء دعت إليه الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأول شيء دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن قال لقومه: «قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا (¬1)»، هي كلمة الإخلاص كلمة التوحيد. ومعناها لا معبود حق إلا الله، هذا معناها، كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (¬2) وهي نفي وإثبات، (لا إله) نفي، و: (إلا الله) إثبات، (لا إله) تنفي جميع المعبودات، وجميع الآلهة بغير حق، و (إلا الله) تثبت العبادة بالحق لله وحده سبحانه وتعالى، هي أصل الدين وأساس الملة، والواجب على جميع المكلفين من جن وإنس، أن يأتوا بها رجالا ونساء، مع إيمانهم بمعناها واعتقاد له، وإخلاص العبادة لله وحده، وشروطها ثمانية جمعها بعضهم في بيتين فقال: علم يقين وإخلاص وصدقك مع ... محبة وانقياد والقبول لها وزيد ثامنها الكفران منك بما ... سوى الإله من الأشياء قد ألها فإن تعلموا هذه الأمور فالحمد لله، وإلا يكفي معناها، وإن لم يتعلم المرء هذه الشروط، إذا أتى بمعناها وعبد الله بالحق، أخلص له العبادة، وترك عبادة ما سواه، واستقام على دين الله كفى، وإن لم يعرف الشروط، والشروط معناها واضح، (علم) يعني: أن تعرف معناها، وأن معناها لا معبود بحق إلا الله. (يقين) وأن تكون موقنا ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، من حديث ربيعة بن عبادة الديلي رضي الله عنه، رقم 15593. (¬2) سورة الحج الآية 62

بذلك، وليس عن شك، عن يقين أنه لا معبود حق إلا الله، (وإخلاص) لا بد من الإخلاص في العبادة لله وحده، صلاتك، صومك، صدقاتك، كلها لله وحده، مع المحبة، تحب الله محبة صادقة، تحب رسوله صلى الله عليه وسلم، لا بد من محبة الله جل وعلا، وهكذا الصدق لا بد أن تكون صادقا في ذلك، بخلاف المنافقين يكذبون، أما أنت تقولها صادقا أنه لا معبود حق إلا الله. (والانقياد): تنقاد بما دلت عليه، من إخلاص العبادة لله وحده، وترك عبادة ما سواه، وأداء الشرائع التي شرعها الله لك، من الأوامر وترك النواهي، عن محبة وانقياد، وهكذا القبول؛ تقبل ما جاء به الشرع ولا ترده، تقبل ما دلت عليه من العبادة والتوحيد والإخلاص، ولا ترده، ولا بد من الكفران بما يعبد من دون الله كما قال سبحانه: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (¬1). والمعنى أنك تتبرأ من كل ما ينافي لا إله إلا الله، وتعتقد بطلانه، تؤمن بأن الله هو المعبود الحق، وأن ما عبده الناس من دون الله باطل، وتكفر به وتبرأ منه، هذه معنى الشروط الثمانية: علم يقين وإخلاص وصدقك مع ... محبة وانقياد والقبول لها وزيد ثامنها الكفران منك بما ... سوى الإله من الأشياء قد ألها أي دون الله، فإذا عرفها طالب العلم طبقها، والذي لا يعرفها ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 256

يكفيه المعنى، إذا أتى بهذه الكلمة عن إيمان وإخلاص لله، ويقين وصدق في ذلك، وتبرأ من عبادة غير الله، وانقاد للشرع، فقد أتى بالمقصود، مع محبة الله سبحانه وتعالى، ومحبة دينه. س: ما هي شروط (لا إله إلا الله) كلمة التوحيد؟ وهل من قال: (لا إله إلا الله) فقط دون أن يعمل يدخل الجنة؟ (¬1). ج: قد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على أن من أتى بالتوحيد ومات عليه دخل الجنة، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها حرمت علي دمائهم، وأموالهم إلا بحقها (¬2)»، ومنها حديث عبادة بن الصامت: «من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل (¬3)». ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (380). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام برقم 2946. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: " يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم "، برقم 3435، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة، برقم 28.

والأحاديث في هذا كثيرة تدل على أن من قال: لا إله إلا الله صادقا موحدا يتضمن كلامه براءته من الشرك، وإيمانه بأن الله مستحق العبادة، فإنه يدخل الجنة، ويكون من المسلمين، مع الإيمان بشهادة أن محمدا رسول الله، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله مما بلغه ذلك الوقت، ثم يطالب بعد ذلك بشرائع الإسلام، فإذا أدرك الصلاة، وجب عليه أن يصلي، وهكذا الزكاة وهكذا الصيام، وهكذا الحج، وإن مات في الحال بعد التوحيد دخل الجنة؛ يعني: لو أسلم ومات في الحال دخل الجنة؛ لأنه ما أدرك العمل، ولا فعل شيئا من السيئات، والإسلام يجب ما قبله، والتوبة تهدم ما كان قبلها، فإن عاش حتى أدرك الصلاة لزمته الصلاة، فإن أبى وجحدها كفر، وإن لم يصل كفر، وهكذا إذا أدرك الزكاة يجب عليه الزكاة، فإن أبى صار عاصيا يستحق دخول النار، وهكذا إذا أدرك الصيام ولم يصم صار عاصيا يستحق دخول النار، إلا أن يعفو الله عنه، وهكذا إذا زنا، أو سرق، أو ما أشبه ذلك، صار عاصيا يستحق دخول النار، إلا أن يعفو الله عنه، وصار تحت مشيئة الله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬1). المقصود أنه متى دخل في الإسلام، ووحد الله، وتبرأ من الشرك كله، وآمن بكل ما أخبر الله به ورسوله يكون مسلما، ثم يطالب بحقوق الإسلام من صلاة وغيرها، وترك المعاصي، فإن ترك المعاصي وأدى ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 48

الحقوق تم إسلامه وإيمانه، وإن مات في الحال قبل أن يدرك شيئا من الأعمال فله الجنة؛ لأن إسلامه جب ما قبله من الشرور، فإن عاش فباشر بعض المعاصي أو ترك بعض الواجبات هو تحت مشيئة الله، إن شاء الله غفر له وأدخله الجنة بتوحيده، وإن شاء عذبه على قدر المعاصي التي مات عليها، كما تقدم في قوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬1)، وهذا بإجماع المسلمين، بإجماع أهل السنة والجماعة، والعاصي تحت المشيئة، لا يكفر خلافا للخوارج، ولا يخلد في النار كما تقول الخوارج والمعتزلة، بل هو تحت مشيئة الله، إذا مات على الزنى، على السرقة، على عقوق الوالدين، على شرب المسكر، على أكل الربا، لكن لم يستحلها، يرى أنها معاص، غير مستحل، ولكن غلبه الهوى والشيطان، وإلا هو يعرف أنها معاص، تحت مشيئة الله، إن شاء الله عفا عنه، وإن شاء عذبه في النار على قدر المعاصي التي مات عليها، وبعد التطهير والتمحيص يخرجه الله من النار بإجماع أهل السنة والجماعة، ما يخلد في النار إلا لكفره؛ خلافا للخوارج والمعتزلة الذين يقولون: إن العاصي إذا مات على المعصية يخلد في النار. وتقول الخوارج: إنه يكفر. وقولهم باطل عند أهل السنة والجماعة، من أبطل الباطل، والآية الكريمة ترد عليهم، وهي قوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬2). ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 48 (¬2) سورة النساء الآية 48

وأما قوله صلى الله عليه وسلم في الزاني: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن (¬1)». فالمعنى الوعيد والتحذير؛ يعني: ليس مؤمنا الإيمان الكامل، عنده نقص في إيمانه، وليس معناه أنه كافر؛ لأن الآيات يصدق بعضها بعضا، والأحاديث يصدق بعضها بعضا، وكتاب الله لا يكذب بعضه بعضا، والسنة لا تخالف القرآن، فوجب أن تفسر النصوص بالنصوص، يفسر النص بالنص، فقوله: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن)؛ يعني: الإيمان الواجب الكامل، لو كان عنده إيمان كامل ما زنى، لكن عنده نقص، فلهذا وقع في الزنى، وقع في الخمر، مع نقص إيمانه، ليس معناه أنه كافر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر في حق الزاني أن يحد، يقام عليه الحد، ويكون الحد كفارة له، وصاحب الخمر كذلك، يقام عليه الحد كفارة له، وإذا مات الزاني على الزنى بعد الحد دخل الجنة، وصار الحد كفارة له، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم في حق عباد الله الصالحين، لما ذكر المعاصي، قال: «فمن أدركه الله في الدنيا - يعني: بالحدود الشرعية - كان كفارة له، ومن أجله الله في الآخرة فأمره إلى الله (¬2)». ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأشربة، باب قول الله تعالى: " إنما الخمر والميسر والأنصاب "، برقم 5578، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان نقصان الإيمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس بالمعصية على إرادة نفي كماله، برقم 57. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان برقم 18، بلفظ: ومن أصابه من ذلك شيء فعوقب في الدنيا فهو كفارة له. . .

كما قال تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬1). فأهل السنة والجماعة يقولون: إن صاحب المعاصي تحت المشيئة إذا كانت معصية دون الشرك ولم يستحلها فهو تحت المشيئة؛ كالزاني وشارب الخمر، وآكل الربا، والعاق لوالديه، ونحو ذلك. أما من استحل المعاصي، واستحل الزنى، قال: الزنى حلال. تقام عليه الحجة، فإذا بين له الدليل وأصر على أن الزنى حلال كفر، صار كافرا كفرا أكبر. وهكذا من يقول: الخمر حلال، ويبين له الدليل ويصر، يكون كافرا. وهكذا من يقول: السرقة حلال. أو: الربا حلال. تبين له الأدلة، فإذا أصر على أن الربا كله حلال كفر، وهكذا من قال: عقوق الوالدين حلال. يبين له الأمر، فإذا أصر بعد الأدلة كفر، وهكذا من يقول: إن اللواط حلال. وهكذا من استحل المعاصي المعروفة من الدين بالضرورة، استحلها وبين له الدليل وأصر كفر، أما من مات على المعصية، وهو يعرف أنها معصية لم يستحلها، يعرف أنه عاص، مات وهو زان، مات وهو شارب الخمر، مات وهو يرابي، وهو يعرف أنه عاص، مات تحت مشيئة الله، إن شاء ربنا غفر له بأعماله الصالحة وتوحيده، وإن شاء عذبه على قدر الجريمة التي مات عليها، ثم بعد التطهير والتمحيص في النار، يخرجهم الله من النار، وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كثيرا من العصاة يدخلون النار ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 48

ويعذبون فيها، ثم يخرجهم الله من النار، وقد امتحشوا، قد احترقوا، فيلقون في نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، فإذا تم خلقهم، أدخلهم الله الجنة، وقد تواترت بهذا الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجمع على هذا أهل السنة والجماعة، ولا يبقى في النار مخلدا إلا الكفرة، نسأل الله العافية، أما العصاة فلا، قد يبقى فيها وقد تطول إقامته، ويسمى خلودا، لكنه خلود مؤقت ينتهي، فإذا تمت المدة التي قدرها الله عليه يخرج من النار، وصار إلى الجنة بتوحيده وإسلامه. والتوحيد له شروط ذكرها بعض أهل العلم، وهي سبعة. قال بعضهم: ثمانية. وقد جمعها بعضهم في بيتين: علم يقين وإخلاص وصدقك مع ... محبة وانقياد والقبول لها وزيد ثامنها الكفران منك بما ... سوى الإله من الأشياء قد ألها فإذا فهمها طالب العلم وأتقنها وأداها كان هذا كمالا لتوحيده وإيمانه، وإن كان عاميا لا يعرف هذه الشروط، ولكنه تبرأ من الشرك، وآمن بالله ووحده كفى، وإن لم يعرف الشروط، متى تبرأ من الشرك، وتبرأ من الكفر، واعتقد بطلانه وآمن بالله ووحده كفى. فقوله: (علم) يعني يعلم أن الله جل وعلا هو المستحق للعبادة، وأن معنى لا إله إلا الله؛ معناها لا معبود حق إلا الله، وقوله: (يقين) يقولها عن يقين، بدون شك، يوحد الله عن يقين، وقوله: (وإخلاص) يعني ما أشرك بالله غيره، بل أخلص لله مع الصدق، خلاف المنافقين

يقولونها وهم كاذبون، هذا كافر إذا قالها ظاهرا، وهو يكذب في الباطن هذا كافر. (مع محبة) مع محبة الله، ومحبة توحيده، الذي لا يحب الله كافر، أو يكره التوحيد، ويكره الإيمان كافر: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} (¬1)، هكذا القبول كونه يقبل الدين، يقبل الحق ينقاد له، أما إذا رد الحق ولم يقبله، ولم ينقد للحق، بل آذاه ولم يوحد الله، ولم يترك الشرك، يكون كافرا، ولا بد من الكفران بما يعبد من دون الله، كما قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} (¬2)؛ يعني: يكفر بعبادة غير الله، يعني ينكرها، يعتقد بطلان عبادة غير الله، وينكرها يتبرأ منها، هذا معنى قول الشاعر: وزيد ثامنها الكفران منك بما ... سوى الإله من الأشياء قد ألها المقصود أن المؤمن يعلم الحق ويعتقده، ويصدق في ذلك ويتبرأ من الشرك وأهله، وينقاد إلى الحق، ويطمئن إليه، ويحب الله ورسوله، هكذا المؤمن ولو ما عرف الشروط، متى قبل الحق، وانقاد لتوحيد الله، وأخلص لله، وأحب الله، وانقاد لشرعه، ولم يكن كاذبا كالمنافقين، صار إيمانه صحيحا. ¬

_ (¬1) سورة محمد الآية 9 (¬2) سورة البقرة الآية 256

س: يسأل السائل ويقول: كلمة التوحيد ما هي شروطها (¬1)؟ ج: كلمة التوحيد هي لا إله إلا الله، فلا بد أن يقولها عن علم ويقين: لا إله إلا الله. يقول الله جل وعلا: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} (¬2)، ويقول سبحانه: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (¬3)، ويقول الله عز وجل: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (¬4)، ويقول عز وجل: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (¬5)، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من قال: لا إله إلا الله صدقا من قلبه (¬6)»، قال صلى الله عليه وسلم: «من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة (¬7)»، لا بد من علم، وتصديق وبصيرة. ومعناها: لا معبود حق إلا الله؛ هذا معنى لا إله إلا الله؛ فالذي يقول: لا إله إلا الله. وهو يعبد الأولياء فكأنه ما قالها، لأن وجودها كعدمه؛ لا بد أن يقولها وهو يعلم معناها ويعمل، فالذي يقول: ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (423). (¬2) سورة محمد الآية 19 (¬3) سورة البقرة الآية 163 (¬4) سورة آل عمران الآية 18 (¬5) سورة الزخرف الآية 86 (¬6) أخرجه البخاري في كتاب العلم؛ باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا يفهموا، برقم 128. (¬7) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة، برقم 26.

لا إله إلا الله. ويدعو الأموات ويستغيث بالنبي، أو بالبدوي، أو بالحسين، أو بعلي بن أبي طالب، أو بعبد القادر الجيلاني، أو بغيرهم من الأموات، هذا ما قالها حقا، وقوله لها باطل، لا ينفع حتى يقولها عن علم وعن يقين، وعن صدق وعن محبة. ذكر بعضهم شروطها سبعة: علم يقين وإخلاص وصدقك مع ... محبة وانقياد والقبول لها فلا بد من العلم: يعني معناها لا معبود حق إلا الله، ولا بد من اليقين؛ يتيقن أنه لا معبود حق إلا الله، ما عنده شك؛ لا بد أن يكون يعلم، ولا بد من صدق، يقول وهو صادق أنه لا معبود حق إلا الله، لا كالمنافقين، بل يصدق يقول عن علم ويقين وصدق أنه لا معبود حق إلا الله. (مع محبة) يحب الله جل وعلا محبة صادقة تقتضي الإخلاص له وطاعته واتباع شريعته. كذلك القبول يقبلها ويرضاها، ولا يردها، وينقاد للعمل بما دلت عليه الكلمة، بتوحيد الله والإخلاص له وطاعة أوامره، وترك نواهيه، ولهذا قال: علم يقين وإخلاص وصدقك مع ... محبة وانقياد والقبول لها والإخلاص معناه: أن يتوجه إلى الله بأعماله. ويخصه بها سبحانه دون كل ما سواه، فلا يعبد إلا الله، ولا يصلي إلا لله، ولا يزكي

إلا لله، ولا يصوم إلا لله، وهكذا يكون في أعماله مخلصا لله وحده، فلا بد من هذه الشروط: علم يقين وإخلاص وصدقك مع ... محبة وانقياد والقبول لها قال بعضهم شرطا ثامنا: وزيد ثامنها الكفران منك بما ... سوى الإله من الأشياء قد ألها هذا الشرط الثامن قاله شيخنا الشيخ سعد بن حمد بن عتيق رحمه الله، وهذا معنى قوله سبحانه: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا} (¬1)، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله (¬2)». فلا بد أن يقول: لا إله إلا الله. ويتبرأ من عبادة غير الله؛ يكفر بعبادة غير الله، ينكرها، يعتقد بطلانها، وهذا ظاهر من الشروط السبعة أيضا. فإن الإخلاص يقتضي الكفر بعبادة غير الله، وإنكارها، واعتقاد بطلانها، فالصادق هو الذي يخص الله بالعبادة، ويعتقد بطلان عبادة غير الله. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 256 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، برقم 23.

والثامن داخل في الإخلاص، لكن ذكر الثامن من باب الكمال والتمام، وإلا فهو داخل في الإخلاص، فإن المخلص هو الذي يخص الله بالعبادة، ويعتقد بطلان عبادة غير الله، ويكفر بها.

تحقيق معنى لا إله إلا الله

10 - تحقيق معنى لا إله إلا الله س: ما هي مقتضيات لا إله إلا الله؟ (¬1). ج: هذه الكلمة أعظم كلمة وهي كلمة التوحيد، ولا يدخل العبد في الإسلام إلا بتحقيقها، والإيمان بها، وأنه لا معبود حق إلا الله، وهي أول كلمة دعا إليها الرسل: (لا إله إلا الله). قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (¬2)، وقال سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (¬3). ونبينا محمد لما بعثه الله أول كلمة دعا إليها: (لا إله إلا الله). مع الإيمان به وأنه رسول الله، وهي تقتضي إخلاص العبادة لله وحده، والإيمان بأنه المعبود بالحق، وأنه رب العالمين، وأنه الخلاق العليم، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (186). (¬2) سورة الأنبياء الآية 25 (¬3) سورة النحل الآية 36

وأنه المستحق أن يعبد ويطاع أمره، وتقتضي أن يؤمن العبد بأن الله هو خالق العبد، وأنه أعد له جنة ونارا، وأنه لا بد من لقائه ربه، فإما الجنة وإما النار، هذه الكلمة هي أصل الدين، وأساس الملة، وهي العروة الوثقى، فلا بد من الإيمان بها واعتقاد معناها، وأنه لا معبود حق إلا الله، وهذا الاعتقاد يقتضي طاعة الأوامر، وترك النواهي، وطاعة الإله الحق الذي آمنت بأنه معبود بحق، هي تقتضي أن تؤدي حقه، بأن تعبده بصلاتك وبصومك وزكاتك وحجك وصيامك وغير ذلك؛ لأن التأله: التعبد؛ لا إله إلا الله؛ يعني: لا مألوه حق إلا الله، يعني: لا معبود حق إلا الله، فالواجب عليك أن تؤلهه وتعبده في صلاتك وصومك وزكاتك وحجك وجهادك وسائر عباداتك، وتعبده وحده، ترجو ثوابه، وتخشى عقابه سبحانه وتعالى. وهكذا من مقتضياتها أن تؤمن بما حرم الله عليك من الشرك والمعاصي، وأن تبتعد عن ذلك وتحذر ذلك.

بيان معنى الطاغوت

11 - بيان معنى الطاغوت س: ما معنى الكفر بالطاغوت؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: معناه البراءة منه، واعتقاد بطلانه، قال الله سبحانه: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (¬2)، معنى الطاغوت: المعبود من دون الله. يعني: يتبرأ من عبادة غير الله؛ عبادة الأوثان والأصنام والجن، يتبرأ منها، ويعتقد بطلانها، ويؤمن بأن المعبود بحق هو الله وحده سبحانه وتعالى، فمن لم يؤمن بهذا فليس بمسلم، لا بد أن يؤمن بأن الله هو المستحق للعبادة، وأن عبادة الطواغيت؛ عبادة الجن، عبادة الأصنام، عبادة من دعا إلى نفسه، كل هذا باطل، لا بد أن يتبرأ منها. والطواغيت: كل ما عبد من دون الله وهو راض. وهكذا الأصنام تسمى طواغيت، والأشجار والأحجار المعبودة تسمى طواغيت، أما الأولياء والأنبياء والملائكة فليسوا طواغيت، لكن الطاغوت الذي دعا إلى عبادته، الطاغوت الذي دعا إلى الشرك به وعبادته من الشياطين؛ شياطين الإنس والجن، هم الطواغيت، أما الأولياء المؤمنون فيبرؤون إلى الله من ذلك، ما يرضون أن يعبدوا من دون الله، وهكذا الأنبياء وهكذا الملائكة، وهكذا الجن المؤمنون ما يرضون، فالطاغوت الذي يدعو ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (299) (¬2) سورة البقرة الآية 256

إلى عبادة غير الله، أو يرضى بها كفرعون وأشباهه. فالبراءة من ذلك معناها البراءة من عبادة غير الله، واعتقاد بطلانه، يعني أن يتبرأ من عبادة غير الله، وأن يعتقد بطلان ذلك، وأن العبادة بالحق لله سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل في كتابه العظيم في سورة الحج: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (¬1) ¬

_ (¬1) سورة الحج الآية 62

تفسير معنى الشهادتين

12 - تفسير معنى الشهادتين س: يسأل المستمع من الرياض ويقول: ما معنى شهادة أن لا إله إلا لله، وأن محمدا رسول الله؟ (¬1) ج: معنى الشهادة أن يشهد بلسانه وبقلبه، أنه لا معبود حق إلى الله، يشهد بلسانه ويؤمن بقلبه أنه لا إله إلا الله، يعني لا معبود حق إلا الله، وأن ما عبده الناس من دون الله من أصنام أو أموات أو أشجار أو أحجار أو ملائكة أو غيرهم كله باطل، كما قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (¬2). هذا معنى شهادة أن لا إله إلا لله، أن تشهد عن علم ويقين وصدق أنه لا معبود حق إلا الله، وأن ما عبده الناس من دون الله كله باطل. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (433). (¬2) سورة الحج الآية 62

ومعنى شهادة أن محمدا رسول الله: أن تشهد عن علم ويقين وصدق أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب هو رسول الله حقا إلى جميع الثقلين؛ جنهم وإنسهم، وأنه خاتم الأنبياء، ليس بعده نبي عليه الصلاة والسلام.

حكم التلفظ بالشهادتين

13 - حكم التلفظ بالشهادتين س: هل مجرد التلفظ بالشهادتين يعصم الإنسان ويعصم دمه وماله، وإذا انتفى عنه العلم بمدلول (لا إله إلا الله) وهو يردده ليل نهار هل تكفيه؟ وهل تدخله الجنة وتنجيه من النار؟ (¬1) ج: لفظ (لا إله إلا الله) ولفظ شهادة (أن محمدا رسول الله) هاتان الشهادتان هما أصل الدين، هما أساس الملة، فمن أتى بهما وهو لا يقولهما قبل ذلك عصم دمه وماله وحكم بإسلامه، ثم ينظر ويعلم ويفقه، فإن قبل الحق واستقام عرف صدقه، وإن أبى واستمر على كفره وشركه وعبادته الأصنام والأشجار والأحجار وأصحاب القبور، أو استمر على استهزائه بالدين أو سبه للدين أو غير هذا من نواقض الإسلام لم تنفعه هذه الشهادة، يكون مرتدا، يحكم بإسلامه أولا، ثم بمجيئه بما يخالف الإسلام بما يوجب الردة يحكم بردته؛ كما قال ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (152)

النبي صلى الله عليه وسلم: «من بدل دينه فاقتلوه (¬1)» فالشخص إذا نطق بالشهادتين وهو لا ينطق بهما سابقا حكم بإسلامه كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم بالأحاديث الصحيحة من حديث أسامة وفي غيره من حديث ابن عمر وحديث أبي هريرة وغير ذلك، يقول عليه الصلاة والسلام: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها (¬2)» وفي لفظ آخر: «إلا بحق الإسلام (¬3)». فالمقصود أنه إذا أتى بحق الشهادة فإنه يعصم دمه وماله إذا كان لم يأت بهما قبل ذلك، ثم ينظر في أمره، فإن استقام على دين الله صار له حكم المسلمين، وإن أبى وبقي على كفره وضلاله لم تنفعه الشهادة بمجرد القول، فالمنافقون يقولونها وهم في الدرك الأسفل من النار؛ لأنهم قالوها ولم يعملوا بها؛ كفروا بها، كذبوا الله ورسوله، أو شكوا في دين الله، وهكذا الذين قال الله سبحانه فيهم: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (¬4) {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بعذاب الله، برقم 3017. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله برقم 21. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب قوله تعالى: " فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم "، برقم 25. (¬4) سورة التوبة الآية 65 (¬5) سورة التوبة الآية 66

هناك أناس أظهروا الإسلام وشاركوا المسلمين في أعمالهم، ولكن ظهر منهم الاستهزاء بالرسول وبالإسلام، فلهذا أنزل الله في حقهم: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (¬1) {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} (¬2). وقد أجمع العلماء على أن من أتى بناقض من نواقض الإسلام يحكم عليه بذلك الناقض وإن قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وإن صلى وصام؛ لأن هذه الشهادة تنفع إذا أدى حقها، أما إذا ضيع حقها لم تنفع قائلها، والله المستعان. ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 65 (¬2) سورة التوبة الآية 66

النطق بالشهادتين يكفي لدخول الإسلام

14 - النطق بالشهادتين يكفي لدخول الإسلام س: هل يكفي النطق والاعتقاد بالركن الأول من أركان الإسلام، أم لا بد من أشياء أخر حتى يكتمل إسلام المرء ويكتمل إيمانه؟ (¬1) ج: هذا الركن يدخل به في الإسلام، إذا شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، عن صدق وعن يقين وعن علم وعمل بذلك، يدخل في الإسلام، ثم يطالب بالصلاة وما سواها من الأحكام، ولهذا لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن قال له: «ادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم (¬2)». فلم يأمرهم بالصلاة إلا بعد التوحيد والإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم، فهم مطالبون أولا بالتوحيد والإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا دخل الكافر في ذلك وأسلم، صار له حكم المسلمين، ثم يطالب بالصلاة وبقية أمور الدين، فإذا امتنع من ذلك صار له أحكام أخرى، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (74). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة، برقم 1395، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، برقم 19.

إذا امتنع من الصلاة يستتاب إن تاب وإلا قتل، وإذا امتنع من الزكاة وكابر عليها وقاتل دونها كذلك يقاتل كما قاتل الصحابة مانعي الزكاة، والصيام كذلك، إذا امتنع يعزره الإمام ويؤدبه الإمام بما يردعه عن ترك الصيام، وهكذا الحج مع الاستطاعة، إذا تركه وهو يستطيع، يؤدب حتى يحج، وهكذا بقية المعاصي، الذي فيه حد يقام عليه الحد، والذي ما فيه حد بالتعزير والتأديب. فالحاصل أن الأصل هو الشهادتان، متى شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، دخل في الإسلام، وصار له حكم المسلمين، فلو مات في الحال صار من أهل الجنة، فإن جاء وقت الصلاة وقد أسلم مثلا بعد طلوع الشمس، ثم مات قبل الظهر، هذا مات على الإسلام، وهو ما صلى شيئا، ولا فعل شيئا، كما كان قد وقع لبعض الصحابة أسلموا وقتلوا في الحال، فصاروا من أهل الجنة، من دون أن يعملوا عملا سوى التوحيد والشهادة بالرسول صلى الله عليه وسلم والإيمان بالله ورسوله، فإن أدرك الصلاة يؤمر بالصلاة، ثم إذا جمع مالا وحصل عنده مال تجب فيه الزكاة يؤمر بالزكاة، وإذا أدرك رمضان يؤمر بالصيام، وإذا استطاع الحج يؤمر بالحج، وهكذا أصبح له حكم المسلمين من جميع الأحكام في الدنيا والآخرة، فيطالب بأمور الإسلام وحق الإسلام، ولو مات على حاله قبل أن يأتي وقت الصلاة، مات على الإسلام الكامل، ودخل الجنة، لكن لو عاش وأبى أن يصلي، حينئذ هذا محل نظر، يطالب بالصلاة، فإذا أصر على تركها كفر عند جمع من أهل العلم، وقال آخرون من أهل العلم: يكون كفرا دون

كفر، فيستحق القتل، ولكن لا يكون كفرا أكبر. كما لو ترك الزكاة والصيام، ولكن القول الصحيح: أنه متى ترك الصلاة بخصوصها؛ لأنها لها منزلة عظيمة، الصلاة إذا تركها عمدا تهاونا تكاسلا، صار حكمه حكم من جحدها، يقتل كافرا على الصحيح. وأما جمهور الفقهاء فقالوا: يقتل عاصيا وحدا، وكفرا دون كفر. هذا قول أكثر الفقهاء المتأخرين، أما الصحابة فقد نقل عبد الله بن شقيق العقيلي إجماعهم على أن من تركها كفر.

حكم من وفق للتلفظ بالشهادتين قبل وفاته

15 - حكم من وفق للتلفظ بالشهادتين قبل وفاته س: السائل أبو أحمد يقول: هل الإنسان الذي لم يصل أبدا في حياته، ثم وفق إلى التلفظ بالشهادتين قبل وفاته، هل يصبح هذا مسلما، ويعامل في الآخرة معاملة المسلمين؛ ويحشر مع المسلمين؟ (¬1). ج: إذا كان أتى بها توبة ودخولا في الإسلام، يمحو الله بها ما مضى، إذا كان لا يقولها سابقا ثم جاء بها تائبا موحدا مخلصا لله، عارفا لمعناها، وترك الشرك، وترك المعاصي، والعزم على ترك الجميع، فهذا معناه توبة يمحو الله بها ما سلف، أما إذا كان يقولها كالعادة ما تنفعه، إذا كان مات على الشرك، هو يقولها في حياته وعند وفاته إذا كان يقولها وهو يعبد القبور ويستغيث بالأموات، ويأتي المعاصي، لم يقلها عن توبة وعن رجوع، فهي مثل قوله لها في حياته وصحته، لا تؤثر شيئا، كالمنافقين يقولونها وهم على كفرهم ونفاقهم؛ ومثل عباد القبور اليوم يقولونها في المجالس وفي المكان وهم يعبدون أصحاب القبور، يستغيثون بهم وينذرون لهم، ويذبحون لهم كعباد البدوي، وعباد الحسين، وعباد الشيخ عبد القادر، وعباد غيرهم. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (394).

وجوب النطق بالشهادتين على القادر عند دخول الإسلام

16 - وجوب النطق بالشهادتين على القادر عند دخول الإسلام س: ما مصداقية النطق بالشهادة سماحة الشيخ وفقكم الله؟ (¬1). ج: أولا لا بد من النطق بها، ومن لم ينطق بها وهو يقدر كفر، حتى ينطق بالشهادتين، ثم مع النطق لا بد من العقيدة والإيمان بأن معنى لا إله إلا الله؛ أنه لا معبود بحق إلا الله، فلو قالها وهو يكذب كالمنافقين، يقولها بلسانه وهو يعتقد أن مع الله آلهة أخرى، لم تنفعه هذه الكلمة، كما قال سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (¬2) وقال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} (¬3) {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} (¬4). فلا بد من التصديق بالقلب واليقين بأنه لا معبود حق إلا الله، ولا بد من إخلاص العبادة لله؛ والمحبة لما دلت عليه من توحيد الله؛ وكراهية الكفر وبغضه؛ ولا بد أيضا من قبول شرع الله، والانقياد له؛ فان استكبر عن ذلك ولم ينقد لشرع الله كفر، نسأل الله العافية؛ وهذا معنى النفي والإثبات؛ (لا إله) معناها نفي ما يعبد من دون الله؛ يعني: الاعتقاد بأن جميع ما يعبد من دون الله باطل، و: (إلا الله) معناها ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (74). (¬2) سورة النساء الآية 145 (¬3) سورة البقرة الآية 8 (¬4) سورة البقرة الآية 9

إثبات العبودية لله وحده، وأنه مستحق لها، كما قال عز وجل: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} (¬1) الآية من سورة الحج. ¬

_ (¬1) سورة الحج الآية 62

مصداقية الشهادة القيام ببقية الأركان

17 - مصداقية الشهادة القيام ببقية الأركان س: هل مصداقية الشهادة وهذا الركن من أركان الإسلام هي العمل ببقية أركان الإسلام الظاهرة والباطنة التي تفضلتم ببيانها؟ (¬1). ج: نعم لكنها متفاوتة بعضها إذا تركها كفر، وبعضها من تركها لا يكفر، يكون ناقص الإيمان، ضعيف الإيمان، إلا إذا جحد ما أوجب الله، أو جحد ما حرم الله، إذا جحده كفر عند الجميع، لو جحد وجوب الصلاة كفر عند الجميع، ومن جحد وجوب صيام رمضان كفر عند الجميع، ومن جحد وجوب الزكاة مع توفر شروطها كفر عند الجميع. ومن جحد وجوب الحج مع الاستطاعة كفر عند الجميع، ومن جحد تحريم الزنى يكفر عند الجميع، ومن جحد تحريم الخمر، وقال: ما هو بحرام. كفر عند الجميع، من جحد عقوق الوالدين، قال: ليس عقوقهما ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (74).

بحرام، يجوز عقوق الوالدين. كفر بالإجماع، نسأل الله العافية، وهكذا ما يشبهه من أمور الدين الظاهرة المعروفة بالوجوب أو التحريم.

الشهادتان اعتقاد بالقلب وعمل بأداء الفرائض

18 - الشهادتان اعتقاد بالقلب وعمل بأداء الفرائض س: هل (لا إله إلا الله) قول باللسان أم قول يحتاج إلى عمل؟ (¬1). ج: هذه الكلمة هي أعظم الكلام الذي يتكلم به الناس، وأفضل الكلام وهي قول وعمل، ولا يكفي مجرد القول، ولو كان مجرد القول يكفي لكان المنافقون مسلمين؛ لأنهم يقولونها وهم مع ذلك كفار، بل في الدرك الأسفل من النار - نعوذ بالله من ذلك - لأنهم يقولونها باللسان من دون عقيدة ولا إيمان، فلا بد من قولها باللسان مع اعتقاد القلب، وإيمان القلب بأنه لا معبود حق إلا الله، ولا بد أيضا من أداء حقها بأداء الفرائض وترك المحارم؛ لأن هذا من حق لا إله إلا الله، كما قال عليه الصلاة والسلام: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإن قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله (¬2)»، وفي اللفظ الآخر يقول صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (160). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام برقم 2946.

الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله عز وجل (¬1)». متفق على صحته. فالحاصل أنه لا بد من قول مع يقين، ومع علم ومع عمل لا مجرد القول باللسان، فاليهود يقولونها والمنافقون يقولونها، ولكن لا تنفعهم لما لم يأتوا بالعمل والعقيدة، فلا بد من العقيدة بأنه لا معبود حق إلا الله، وأن ما عبده الناس؛ من أصنام وأشجار أو أحجار، أو قبور أو أنبياء أو ملائكة أو غيرهم، أنه باطل وأن هذا شرك بالله عز وجل، والعبادة حق الله وحده سبحانه وتعالى، وهذا هو معنى لا إله إلا الله؛ فإن معناها لا معبود بحق إلا الله، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬2)، وقال سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬3)، وقال عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬4)، وقال سبحانه: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬5) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (¬6). ¬

_ (¬1) صحيح البخاري الإيمان (25)، صحيح مسلم الإيمان (22). (¬2) سورة البينة الآية 5 (¬3) سورة الفاتحة الآية 5 (¬4) سورة الإسراء الآية 23 (¬5) سورة الزمر الآية 2 (¬6) سورة الزمر الآية 3

وقال عليه الصلاة والسلام: «من قال: لا إله إلا الله. وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه (¬1)»، واللفظ الآخر عند مسلم: «من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه (¬2)». فدل على أنه لا بد من التوحيد والإخلاص لله. ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن معلما ومرشدا وأميرا وقاضيا، قال له: «ادعهم إلى أن يوحدوا الله - وفي اللفظ الآخر - ادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم (¬3)» الحديث. فالخلاصة أنه لا بد من الإيمان بها قولا وعملا مع النطق، فيشهد أنه لا إله إلا الله: عن علم ويقين وإخلاص، وصدق ومحبة لما دلت عليه من التوحيد، وانقياد لحقها وقبول لذلك، وبراءة وكفر لما يعبد من دون الله سبحانه وتعالى، هكذا يكون الإيمان بهذه الكلمة، يقولها عن ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله برقم 23. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، حديث طارق بن أشيم، برقم 15448، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس، برقم 23. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة، برقم 1395، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، برقم 19.

يقين، وأنه لا معبود بحق إلا الله، مع العلم ليس فيه جهل ولا شك، وعن إخلاص في ذلك لا رياء ولا سمعة، وعن محبة لما دلت عليه من التوحيد والإخلاص وعن صدق، لا كالمنافق يقولها باللسان ويكذب بالباطن، وعن قبول لما دلت عليه من التوحيد، وانقياد لذلك وعن محبة لذلك، والتزام به، مع البراءة من كل ما يعبد من دون الله، والكفر بكل ما يعبد من دون الله، كما قال سبحانه: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (¬1). ومعنى الكفر بالطاغوت البراءة من عبادة غير الله، واعتقاد بطلانها، هذا معنى الكفر بالطاغوت، وهي أن تتبرأ من عبادة غير الله، وأن تعتقد بطلان ذلك، وأن العبادة بحق لله وحده سبحانه وتعالى، ليس له شريك، لا ملك ولا نبي ولا شجر ولا حجر ولا ميت ولا غير ذلك. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 256

بيان أقسام التوحيد

19 - بيان أقسام التوحيد س: ما هي أقسام التوحيد؟ وهل المسلم المطلوب منه أن يؤمن بجميع هذه الأقسام؟ وإذا أقر المسلم بالشهادتين فقط، هل يكفي ذلك؟ ج: أقسام التوحيد ثلاثة معروفة بالاستقراء، وهي الإيمان بتوحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، وإذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، عن صدق كفى ذلك، ويبين له ما قد يجهل، والرسول صلى الله عليه وسلم قبل من الناس من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وصدق عمله قوله، وانقاد للشرع ووحد الله جل وعلا، فهو مسلم؛ لأن في معنى الشهادة الإيمان بأن الله ربه وخالقه، والإيمان بأنه مستحق للعبادة، والإيمان بأسمائه وصفاته، لأن الشهادة بأنه لا إله إلا الله، وأنه المعبود الحق، يتضمن توحيد الربوبية والأسماء والصفات، فإنه سبحانه هو الإله الحق، ومن كان بهذه المثابة فهو رب الجميع، وخالق الجميع، وهو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله. فتوحيد الربوبية: الإيمان بأنه خلاق، رزاق، وتوحيد الألوهية: الإيمان بأنه مستحق العبادة جل وعلا، وأن الآلهة المدعوة معه باطلة، سواء كانت جمادا أو حيوانا، وسواء كان المدعو ملكا أو نبيا أو غير

ذلك، كل من يدعى من دون الله فعبادته باطلة، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ} (¬1) فجميع من يدعى من دون الله معبود باطل، سواء كان المعبود رسولا أو ملكا أو جنيا أو حجرا أو شجرا أو غير ذلك. وهكذا الإيمان بأسماء الله وصفاته، إذا آمن بأن الله سبحانه له الأسماء الحسنى والصفات العلا، وأنه الكامل في ذاته وصفاته وأفعاله كفى ذلك. فتوحيد الأسماء والصفات: الإيمان بأنه سبحانه موصوف بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، وأنه لا شبيه له ولا نظير له ولا مثل له، والإيمان بالربوبية بأنه هو الخلاق الرزاق مدبر الأمور ومصرف الأشياء، ولا خالق غيره، ولا رب سواه. وتوحيد الألوهية معناه: الإيمان بأنه مستحق أن يعبد ويدعى ويستغاث به وينذر له ويذبح له، إلى غير هذا، هو المستحق للعبادة: من صلاة وصوم ودعاء وذبح وغير ذلك، لا يستحقها سواه، فإذا أقر بالشهادتين فقد دخل هذا في ضمن الشهادة، فإنه إذا شهد أن لا إله إلا الله، معناه أنه هو المعبود بالحق، وأنه الخلاق الرزاق، وأنه الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته، هذا داخل في ضمن الشهادة. ¬

_ (¬1) سورة لقمان الآية 30

بيان الحكمة من خلق الدنيا

20 - بيان الحكمة من خلق الدنيا س: لقد أصبح من المتعارف عليه وشائع على ألسنة الناس، وكأنما هو شيء بديهي أن الدنيا بما فيها خلقت لأجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولولاه لم تكن ولم تخلق ولم توجد. نرجو من فضيلة الشيخ الإجابة على سؤالي مع الدليل، إن كان كما قيل، وجزاكم الله خيرا؟ (¬1). ج: هذا من كلام بعض العامة الذين لا يعرفون ولا يفهمون، قول بعض الناس: إن الدنيا خلقت من أجل محمد ولولا محمد ما خلقت الدنيا ولا خلق الناس هذا باطل ولا أصل له، وهذا كلام فاسد، والله خلق الدنيا ليعرف ويعلم وجوده سبحانه وتعالى، وليعبد جل وعلا، خلق الدنيا وخلق الخلق ليعرف بأسمائه وصفاته، وبفضله وعلمه، وليعبد وحده لا شريك له ويطاع سبحانه وتعالى، لا من أجل محمد، ولا من أجل نوح، ولا موسى، ولا عيسى، ولا غيرهم من الأنبياء، بل خلق الله الخلق ليعبد وحده لا شريك له. خلق الله الدنيا وسائر الخلق ليعبد ويعظم ويعلم أنه على كل شيء قدير، وأنه هو القادر على كل شيء، وأنه بكل شيء عليم، كما قال سبحانه وتعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬2) فبين سبحانه أنه خلقهم ليعبدوه، لا من أجل ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (28). (¬2) سورة الذاريات الآية 56

محمد عليه الصلاة والسلام، ومحمد من جملتهم خلق ليعبد ربه، يقول سبحانه: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (¬1)، وقال سبحانه وتعالى في سورة الطلاق: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} (¬2)، وقال سبحانه: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا} (¬3). والله جل وعلا خلق الخلق ليعبد، خلقه للحق وبالحق ليعبد ويطاع ويعظم، وليعلم أنه على كل شيء قدير، وأن كل شيء من شأنه سبحانه وتعالى. فأيها السائل، هذه الأشياء التي سمعتها باطلة لا أساس لها، لم يخلق الله الخلق، لا الجن، ولا الإنس، ولا السماء، ولا الأرض، وغير ذلك لم يخلق ذلك من أجل محمد عليه الصلاة والسلام، ولا لغيره من الرسل، وإنما خلق الخلق أو خلق الدنيا ليعبد وحده لا شريك له، وليعرف بأسمائه وصفاته. هذا هو الحق، وهذا الذي دلت عليه الأدلة، وإن كان محمد عليه الصلاة والسلام هو أشرف الناس، وهو أفضل الناس عليه الصلاة والسلام وهو خاتم الأنبياء وسيد ولد آدم، لكن الله خلقه ليعبد ربه، وخلق الناس ليعبدوا ربهم سبحانه وتعالى، ما خلقهم من أجل محمد، وإن كان أفضل الناس، فافهم هذا وبلغه لغيرك أيها السائل؛ لأن ¬

_ (¬1) سورة الحجر الآية 99 (¬2) سورة الطلاق الآية 12 (¬3) سورة ص الآية 27

هذه مسألة مهمة، وقد وقع فيها من ينتسب إلى العلم، من الجهلة ومن الغلاة، الذين ليس عندهم من العلم الحقيقي نصيب، وهذا يشبه على العامة الذين ليس عندهم علم، أما أهل العلم والبصائر فهم يعلمون أن هذا باطل، وأن الله سبحانه خلق الخلق ليعبدوه وحده لا شريك له، وليعرف بأسمائه وصفاته وأنه الحكيم العليم، وأنه السميع المجيب، وأنه العليم القادر على كل شيء سبحانه وتعالى، وأنه الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله سبحانه وتعالى.

ذكر بعض من يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب

21 - ذكر بعض من يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب س: هل هناك من يدخل الجنة بغير حساب؟ (¬1) ج: نعم، أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: «عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجلان، والنبي وليس معه أحد حتى قال في آخره إنه: أبلغ أنه يدخل الجنة من أمته سبعون ألفا بغير حساب ولا عذاب فسأله الصحابة عنهم فقال: هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون (¬2)». ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (141). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو، برقم 5705، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، برقم 218.

والمقصود من هذا: أن المؤمن الذي استقام على أمر الله وترك محارم الله ومات على الاستقامة فإنه يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب، ومنهم هؤلاء الذين أخبر عنهم صلى الله عليه وسلم " لا يسترقون " يعني: لا يطلبون من الناس أن يرقوهم، يعني: لا يطلبون الرقية، أما كونهم يرقون غيرهم فلا بأس؛ لأنه محسن، الراقي محسن إذا رقى غيره، ودعا له بالعافية والشفاء هذا محسن. في الحديث الصحيح: «من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه (¬1)». أما الاسترقاء فهو طلب الرقية، وهو أن يقول: يا فلان اقرأ علي. ترك هذا أفضل، إلا من حاجة، إذا كان هناك حاجة فلا بأس أن يطلب الرقية، وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: «استرقي من كذا (¬2)» فأمرها بالاسترقاء، كما أمر أسماء بنت عميس أن تسترقي لأولاد جعفر لما أصابتهم العين، قال عليه الصلاة والسلام: «لا رقية إلا من عين أو حمة (¬3)» فالاسترقاء عند الحاجة لا بأس به، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب استحباب الرقية من العين والنملة والحمة والنظرة، برقم 2199. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب استحباب الرقية من العين والنملة والحمة والنظرة، برقم 2195. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو، برقم 5705، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، برقم 220.

لكن تركه أفضل إذا تيسر علاج آخر، وهكذا الكي تركه أفضل إذا تيسر علاج آخر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الشفاء في ثلاث: كية نار، أو شربة عسل، أو شرطة محجم، وما أحب أن أكتوي (¬1)». وفي اللفظ الآخر قال: «وأنا أنهى أمتي عن الكي (¬2)». فدل ذلك على أن الكي ينبغي أن يكون هو آخر الطب عند الحاجة إليه، فإذا تيسر أن يكتفى بغيره من الأدوية فهو أولى، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كوى بعض أصحابه عليه الصلاة والسلام، فإذا دعت الحاجة إلى الكي فلا كراهة، وإن استغنى عنه بدواء آخر مثل شربة عسل أو شرطة محجم، يعني الحجامة أو قراءة أو دواء آخر، كان أفضل من الكي، فالمقصود أن قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يسترقون ولا يكتوون (¬3)» لا يدل على التحريم وإنما يدل على أن هذا هو الأفضل، عدم الاسترقاء يعني عدم طلب الرقية وعدم الكي، هذا هو الأفضل، ومتى دعت الحاجة إلى الاسترقاء أو الكي فلا حرج ولا كراهة في ذلك. " ولا يتطيرون ": التطير هو التشاؤم بالمرئيات أو المسموعات، والتطير الشرك من عمل الجاهلية، فهؤلاء السبعون يتركون ما حرم الله عليهم من الطيرة وما كره لهم من الاسترقاء والكي عند عدم الحاجة ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب الحجامة من الشقيقة والصداع، برقم 5702. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب الشفاء في ثلاث، برقم 5680. (¬3) صحيح البخاري الطب (5752)، صحيح مسلم الإيمان (220)، سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2446)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 271).

إليه، وعلى ربهم يتوكلون، يتركون ذلك ثقة بالله واعتمادا عليه وطلبا لمرضاته، والمعنى أنهم استقاموا على طاعة الله، وتركوا ما حرم الله، وتركوا بعض ما أباح الله، إذا كان غيره أفضل منه، كالاسترقاء والكي يرجون ثواب الله ويخافون عقابه، ويتقربون إليه بما هو أحب إليه سبحانه وتعالى عن توكل وعن ثقة به، واعتماد عليه سبحانه وتعالى. وجاء في الرواية الأخرى، «أن الله زاده مع كل ألف سبعين ألفا (¬1)». وفي بعض الروايات الأخرى: «وثلاث حثيات من حثيات ربي عز وجل (¬2)» وهذه الحثيات لا يعلم مقدارها إلا الله سبحانه وتعالى، والجامع في هذا أن كل مؤمن استقام على أمر الله وعلى ترك محارم الله ووقف عند حدود الله هو داخل في السبعين، داخل في حكمهم بأنه يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه، برقم 22. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث أبي أمامة الباهلي، برقم 21800.

س: هذا سائل يقول: سماحة الشيخ ورد حديث يخبر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه يدخل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم الجنة سبعون ألفا من غير حساب ولا عذاب، ولما سأل الصحابة رضي الله عنهم فيما بينهم من هم، وما هي صفاتهم، خرج عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم فأخبروه بما جرى بينهم وأخبر صلى الله عليه وسلم بأنهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون، نرجو من سماحتكم - كما يقول السائل - أن تفسروا لنا هذه الصفات، لعلنا نتمسك بها (¬1). ج: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يدخل من أمته سبعون ألفا بغير حساب ولا عذاب، وفي رواية: «مع كل ألف سبعون ألفا (¬2)»، وسئل عليه الصلاة والسلام عن صفاتهم قال: «هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون، ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون (¬3)» يعني: هم الذين استقاموا على دين الله من أهل التقوى والإيمان، وعبدوا الله وحده، وأدوا فرائضه ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (400). (¬2) أخرجه الترمذي في سننه في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب منه، برقم 2437، وابن ماجه في سننه في كتاب الزهد. باب صفة أمة محمد صلى الله عليه وسلم، برقم 4286. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب لطب، باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو. برقم 5705، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، برقم 218.

وتركوا محارمه؛ واجتهدوا في أنواع الخير؛ حتى تركوا بعض ما يستحب تركه كالاسترقاء والكي وهذا من كمال إيمانهم، لا يسترقون يعني لا يطلبون من يرقيهم، ولا يكتوون؛ لأن الكي تركه أفضل؛ إلا عند الحاجة؛ والاسترقاء تركه أفضل، إلا عند الحاجة هذا من كمال إيمانهم، وإذا احتاج الإنسان للاسترقاء لا بأس، يسترقي كما أمر النبي عائشة أن تسترقي، وأمر أم أولاد جعفر بن أبي طالب أن تسترقي لأولاده، لما أصابتهم العين، فدل على أنه لا بأس بالاسترقاء عند الحاجة، ولكن تركه أفضل إذا تيسر دواء آخر واستغنى عنه، وهكذا الكي إذا تيسر دواء يقوم مقامه فهو أفضل، وإن دعت الحاجة إلى الكي فلا بأس؛ قد كوى الصحابة كما كوى خباب بن الأرت وغيره، وقد كوى النبي بعض أصحابه للحاجة، هذا من الكمال ولا يخرجهم عن السبعين إذا استرقى أو كوى، لكن هذه من أعمالهم الحسنة؛ ترك الكي إذا استغنى عنه؛ ترك الاسترقاء إذا استغنى عنه؛ وإلا فالسبعون ألفا هم أهل الاستقامة. أهل الخير والاستقامة في طاعة الله، وترك معصيته والمحافظون على الخير.

س: السائل / أمجد يستفسر عن معنى الحديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابة: ما الذي تخوضون فيه؟ فأخبروه عن أولئك الناس، فقال: هم أولئك الذين لا يرقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون (¬1). ج: هذا جاء في حديث السبعين، النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أصحابه أنه عرضت عليه أمته، وكان فيهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، وخاض الناس في أولئك من هم؟ لما حدث بهذا الحديث، وقام عليه الصلاة والسلام، خاضوا فقال بعضهم: فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام، وقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا الرسول صلى الله عليه وسلم، يعني من الصغر ولم يكفروا، وخاضوا في غير هذا، ثم خرج عليهم صلى الله عليه وسلم فسألهم عما يخوضون فيه فأخبروه، فقال لهم: «هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون، (¬2)». هذه من صفاتهم، مع تقواهم لله، وإيمانهم بالله، واستقامتهم على دينه، هم مع هذا لا يسترقون، يعني لا يسألون الناس أن يرقوهم، ولا يتطيرون. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (405). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو، برقم 5705، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، برقم 218.

الطيرة: التشاؤم بالمرئيات والمسموعات، هذه الطيرة ما أمضاك أو ردك بسبب التشاؤم. ولا يكتوون: يعني إذا مرضوا لا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون. هذه من صفاتهم العظيمة، ولكن يجوز الكي، الرسول صلى الله عليه وسلم رخص بالكي، ويجوز الاسترقاء، رخص بالاسترقاء أيضا لعائشة وأم أولاد جعفر، لا حرج في الاسترقاء، كونه يطلب من يرقيه لا حرج، لكن تركه أفضل إذا تيسر دواء آخر غير الاسترقاء أفضل، وهكذا الكي لا بأس به عند الحاجة إليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الشفاء في ثلاث: كية نار، أو شرطة محجم، أو شربة عسل، وما أحب أن أكتوي (¬1)». أما الطيرة فلا تجوز وهي محرمة؛ لأنها تشاؤم لا يجوز، أما رواية: " لا يرقون " فهي رواية ضعيفة، رواها مسلم ولكنها ضعيفة، وغلط من بعض الرواة، لا يرقون؛ لأن رقية الإنسان لأخيه مطلوبة، كونك ترقي أخاك هذا مشروع، النبي عليه السلام قال: «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا (¬2)». ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب الشفاء في ثلاث، برقم 5681، ومسلم في كتاب السلام، باب لكل داء دواء واستحباب التداوي برقم 2205. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك، برقم 2200.

وقد رقى النبي بعض أصحابه، ورقي عليه الصلاة والسلام، رقته عائشة رضي الله عنها لما مرض، والصحابة رقى بعضهم بعضا، لا بأس بالرقية. أما الاسترقاء كونه يقول: اقرأ علي يا فلان، هكذا تركه أفضل إلا عند الحاجة، إذا احتاج للاسترقاء فلا حرج؛ لقوله لعائشة: " استرقي "، ولقوله لأم أولاد جعفر: " استرقي "، فلا حرج في ذلك. أما الاسترقاء فتركه أفضل؛ لأنه سؤال للناس، وتركه أفضل، فإن دعت الحاجة إليه كالكي، إذا دعت الحاجة إليه لا بأس، لا بأس أن يقول: يا فلان اقرأ علي جزاك الله خيرا، أو يذهب إلى الراقي يرقي عليه لا بأس، أو يكوي عند الحاجة إذا ظن أن الكي مفيد في هذا الشيء. فلا بأس. س: يسأل السائل ويقول: من هم الذين يدخلون الجنة بغير حساب؟ هل الذين هم لا يرقون ولا يسترقون يدخلون الجنة؟ أرجو التوضيح في ذلك مأجورين (¬1). ج: من استقام على دينه، وأدى ما فرض الله عليه، وترك ما حرم الله عليه، دخل الجنة بغير حساب ولا عذاب، ومنهم السبعون ألفا الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (412).

تركوا الطيرة لأنها محرمة، وتركوا الكي والاسترقاء استحبابا؛ لأن الرسول ذكر أنها من صفات السبعين ألفا، فإذا ترك الكي واستعمل دواء آخر فلا بأس. النبي عليه الصلاة والسلام قال: «الشفاء في ثلاث: كية نار، وشرطة محجم، وشربة عسل، وما أحب أن أكتوي (¬1)» وقد كوى بعض أصحابه، فإذا ترك الكي فهذا أفضل، إذا تيسر دواء آخر وإلا فلا بأس بالكي، ولا يمنعه ذلك من كونه من السبعين؛ لأن السبعين ألفا هم الذين استقاموا على دين الله، وتركوا محارم الله، وأدوا ما أوجب الله، ومن صفاتهم الطيبة: عدم الاسترقاء، ولكن الاسترقاء لا يمنع كونه من السبعين، والاسترقاء: طلب الرقية، وإذا دعت الحاجة إلى هذا فلا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة أن تسترقي، وأمر أم أولاد جعفر أن تسترقي لأولادها، فلا حرج في ذلك. وإذا دعت الحاجة إلى الكي فلا بأس أن يكتوي، كما قال صلى الله عليه وسلم: «الشفاء في ثلاث: كية نار وشرطة محجم، وشربة عسل (¬2)». يدل على أن الكي لا بأس به، لكن تركه أفضل، إذا تيسر غيره. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب الحجامة من الشقيقة والصداع، برقم 5702. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب الحجامة من الشقيقة والصداع، برقم 5702.

بيان تحقيق التوحيد

22 - بيان تحقيق التوحيد س: كيف يحقق المسلم التوحيد؟ (¬1). ج: يحققه باجتناب المعاصي ووسائل الشرك، يحذر وسائل الشرك، ويحذر المعاصي، هذا من تحقيق التوحيد، تخليصه وتصفيته من شوائب الشرك والبدع والمعاصي هذا تحقيقه، الحذر من المعاصي والبدع ووسائل الشرك، هذا هو التحقيق. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (428).

بيان الطريق لإخلاص العمل لله عز وجل

23 - بيان الطريق لإخلاص العمل لله عز وجل س: الأخت / م. ح. من مكة المكرمة، تقول: ما الطريق الصحيح لإخلاص العمل لله عز وجل؟ وكيف يكون العمل خالصا لوجهه الكريم؟ (¬1). ج: الطريق لذلك ولإخلاص العمل هو الإقبال على الله، وإحضار القلب بين يديه، وأن تعمل العمل تريد وجهه، تريد النجاة من النار، تريد رحمته وإحسانه، سواء كان العمل صلاة أو صوما، أو صدقة أو حجا أو عمرة، أو غير ذلك، هذا هو الإخلاص أن تقصد وجه ربك، تريد التقرب إليه، تريد رحمته، تريد قبوله منك، تريد ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (429).

النجاة من النار؛ تريد الفوز بالجنة؛ لا تفعله رياء ولا سمعة؛ ولكن تفعله تريد وجه الله، تريد دار الآخرة، تريد النجاة، تريد براءة الذمة، هكذا المؤمن. فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يكون عمله لله، وأن يقصد بهذا العمل وجه ربه، والقربة لديه لعله يرضى عنه ولعله يتقبله منه. س: تسأل المستمعة وتقول: كيف يكون الفرد المسلم من المتقين، ومن عباد الله الصالحين؟ (¬1). ج: إذا اتقى ربه، إذا أدى فرائض الله؛ وترك محارم الله، إخلاصا لله، ومحبة لله؛ يكون من المتقين، ويكون من المؤمنين؛ إذا أخلص لله صادقا؛ وأدى فرائضه؛ وابتعد عن محارمه؛ ووقف عند حدوده، هذا يكون من عباد الله الصالحين، ومن المتقين الموعودين بالجنة والكرامة. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (431).

عدد الأنبياء والرسل

24 - عدد الأنبياء والرسل س: كم عدد الأنبياء والرسل وعن الفرق ما بينهم؟ (¬1). ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (351).

ج: لم يثبت في عددهم حديث صحيح، لم يثبت في عدد الرسل والأنبياء حديث صحيح، ويروى أن الرسل ثلاثمائة وبضعة عشر، والأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، ولكن الحديث ليس بثابت، بل هو ضعيف، لكن الأنبياء كثيرون، والرسل أخص وأقل، والرسول هو الذي يوحى إليه ويؤمر بالبلاغ، يرسل للأمة يبلغها، والنبي هو الذي يوحى إليه في نفسه، لكن لا يؤمر بتبليغ الناس، هذا أحد التعريفين، والتعريف الثاني للعلماء: أن الرسول هو الذي يبعث إلى الأمة مستقلا، والنبي هو الذي يبعث تابعا لغيره، كأنبياء بني إسرائيل بعد موسى تابعين له، والصواب في هذا أن الأمر واسع، النبي يسمى رسولا، والرسول يسمى نبيا حتى النبي يسمى رسولا، قال الله جل وعلا: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى} (¬1). سمى كليهما رسولا، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} (¬2). الآية من سورة الحج فسماهم جميعا رسلا، فالنبي يسمى رسولا، والرسول الذي يبلغ الناس يسمى رسولا؛ لأن النبي الذي أوحي إليه قد أرسل إلى نفسه، لكن ما أمر أن يبلغ الناس، فقد أرسل إلى نفسه يأمرها وينهاها. ¬

_ (¬1) سورة الحج الآية 52 (¬2) سورة الحج الآية 52

أول رسول بعث

25 - أول رسول بعث س: يقول السائل: من هو أول الأنبياء إدريس أم نوح عليهم السلام؟ (¬1). ج: أول الأنبياء بعدما وقع الشرك نوح، بعد ما وقع في الأمة، وأما قبل ذلك فهو آدم، هو أول الرسل وأول الأنبياء، آدم أبونا عليه الصلاة والسلام، وهو أول رسول وأول نبي، وكانت ذريته على الإسلام، عشرة قرون، ثم وقع الشرك في قوم نوح، فأرسل الله عليهم نوحا فصار نوح أول الرسل بعد وقوع الشرك. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (428).

تعريف النبي والرسول

26 - تعريف النبي والرسول س: إذا كان هناك فرق بين النبي والرسول، فمن هو أول رسول بعث؟ وما هو الفرق بين النبي والرسول جزاكم الله خيرا؟ (¬1). ج: المشهور عند العلماء أن النبي هو الذي يوحى إليه بشرع، لكن لا يؤمر بتبليغه بل هو وحي لنفسه، يعني أمر في نفسه بالعمل، فهذا يقال له: نبي، فإذا أمر بتبليغ الناس، يقال له: نبي رسول، قال آخرون ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (350).

من أهل العلم: إن النبي هو الذي يكون مبعوثا بشريعة سبقه إليها نبي مثله، كالأنبياء بعد موسى الذين يحكمون بالتوراة، فيقال لهم أنبياء ورسل، أما الرسول المستقل كموسى ونوح وهود، فهؤلاء يقال لهم رسل وهم أنبياء أيضا. وبكل حال فالأمر في هذا واسع، والأقرب أن الرسول يسمى نبيا، والنبي يسمى رسولا؛ ولهذا قال جل وعلا: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} (¬1). فالنبي يسمى رسولا؛ لأنه أوحي إليه بشرع، وإن كان لنفسه، وإذا أمر بالتبليغ صار رسولا لنفسه ولغيره، فالأمر في هذا واسع. ¬

_ (¬1) سورة الحج الآية 52

الفرق بين النبي والرسول

27 - الفرق بين النبي والرسول س: ما هو الفرق بين النبي والرسول (¬1)؟. ج: المشهور عند العلماء أن النبي هو الذي يوحى إليه بشرع ولكن لا يؤمر بتبليغ الناس، يوحى إليه أن يفعل كذا ويفعل كذا يصلي كذا ويصوم كذا لكن لا يؤمر بالتبليغ، هذا يقال له نبي؛ أما إذا أمر بالتبليغ أن يبلغ الناس صار نبيا رسولا، كنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وموسى، وعيسى، ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (221).

ونوح، وهود، وصالح وغيرهم، وقال قوم آخرون من أهل العلم: إن النبي هو الذي يبعث بشريعة تابعة لغيره تابعة لنبي قبله، يقال له نبي، أما إذا كان مستقلا فإنه يكون نبيا رسولا، فالذين بعثوا بعد موسى بشريعة التوراة يسمون أنبياء؛ لأنهم تابعون للتوراة، والصواب الأول: أن الرسول هو الذي يبعث ويؤمر بالتبليغ وإن كان تابعا لمن قبله، كما جرى من داود وسليمان، وغيرهم من الأنبياء بعد موسى؛ لأنهم دعوا لما دعا إليه موسى وهم أنبياء ورسل عليهم الصلاة والسلام، فالرسول هو الذي يؤمر بالتبليغ مطلقا وإن كان تابعا لنبي قبله، كمن كان على شريعة التوراة، والنبي هو الذي لا يؤمر بالتبليغ يوحى إليه بصيام أو بصلاة أو نحو ذلك، لكنه لا يقال له بلغ الناس. س: السائل أ. أ. من السودان؛ يقول: ما هو الفرق بين النبي والرسول صلى الله عليه وسلم؟ وما هي فائدة علم النبي للبشر؟ (¬1). ج: المشهور أن النبي هو الذي يوحى إليه بشرع لنفسه يعمل بنفسه ولا يؤمر بالتبليغ؛ والرسول الذي يؤمر بالتبليغ؛ مثل النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له: اقرأ هذا نبي، فلما قيل له: {قُمْ فَأَنْذِرْ} (¬2) صار رسولا نبيا جميعا. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (396). (¬2) سورة المدثر الآية 2

فالرسول هو الذي يؤمر بالتبليغ، يوحى إليه ويؤمر بتبليغ الناس ودعوتهم، كمحمد صلى الله عليه وسلم، وموسى وعيسى وداود وسليمان ونوح، ونحوهم، والنبي هو الذي يوحى إليه بشرع ولكن لا يؤمر بالتبليغ، ككثير من أنبياء بني إسرائيل، أوحي إليهم ولم يؤمروا بالتبليغ، ولكن لأنفسهم.

القول بأن أصل الإنسان قرد باطل

28 - القول بأن أصل الإنسان قرد باطل س: دائما اقرأ وأسمع أن الإنسان قد كان قردا في البداية، ثم مر بمراحل وتحول إلى الإنسان العادي المعروف اليوم هل هذا من المعقول أم لا؟ وهل عناصر القرد، أي عناصر تكوين جسمه هي نفس العناصر المكونة لجسم الإنسان؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا؟. (¬1). ج: هذا القول الذي ذكره السائل قول منكر وباطل ومخالف لكتاب الله عز وجل وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ولإجماع سلف الأمة. وقد اشتهر هذا القول عن المدعو (داروين) وهو كاذب فيما قال. بل أصل الإنسان هو الإنسان على حاله المعروف؛ ليس أصله قردا ولا غير قرد، بل هو إنسان سوي عاقل خلقه الله من الطين من التراب؛ وهو أبونا آدم عليه الصلاة والسلام، خلقه الله من تراب كما قال ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (140).

الله جل وعلا: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} (¬1). فهو مخلوق من هذا التراب خلقه الله على صورته، طوله ستون ذراعا في السماء ثم لا يزال الخلق ينقص حتى الآن، فهو مخلوق على الصفة التي نشاهدها، فأولاده كأبيهم مخلوقون على خلقة أبيهم، لهم أسماع ولهم أبصار ولهم عقول ولهم القامة التي تعرف لهم الآن، يقومون على أرجلهم ويتكلمون ويسمعون ويبصرون ويأخذون بأيديهم ويعطون، وليسوا على شكل القردة، وليس تكوينهم تكوين قردة، بل لهم تكوين خاص، وللقردة تكوين خاص، وهكذا كل أمة، فالقردة أمة مستقلة، والخنازير أمة مستقلة، وهكذا الكلاب والحمير، وهكذا القطط وهكذا غيرها أمم، كما قال الله عز وجل: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} (¬2). هذه الأمم كلها تحشر إلى الله، تجمع يوم القيامة ويقتص لبعضها من بعض، ثم يقال لها: كوني ترابا فتكون ترابا، ما عدا الجن والإنس، فلهما شأن آخر يحاسبون ويجزون بأعمالهم، فمن أطاع ربه فإلى الجنة، ومن كفر به فإلى النار، أما هذه الحيوانات الأخرى فهي أمم مستقلة فالقردة أمة مستقلة، لها خلقتها ونشأتها وخصائصها، والخنازير كذلك والكلاب كذلك، والحمر كذلك والإبل كذلك والبقر كذلك، والغنم كذلك وهكذا كل أمة من الأمم لها خلقتها، وميزتها ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 12 (¬2) سورة الأنعام الآية 38

التي أنشأها الله عليها سبحانه، وهو الحكيم العليم وهو أبصر بدقائق أمرها؛ ودقائق تكوينها هو أبصر بهذا سبحانه وتعالى، لكن يجب أن يؤمن العبد أن خلق آدم غير خلق القردة، وأن أصل آدم هو أصله الذي هو عليه الآن وليس أصله قردا ولا غيره؛ بل هو إنسان سوي على خلقته المشاهدة، فالقول إن أصله قرد قول منكر، قول باطل، بل لو قيل بكفر صاحبه لكان وجيها، فالأظهر والله أعلم أن من قاله مع علمه بما جاء به الشرع أنه يكون كافرا؛ لأنه مكذب لله ورسوله ومكذب لكتاب الله في خلق آدم.

ليس قبل آدم عليه السلام إنسان آخر

29 - ليس قبل آدم عليه السلام إنسان آخر س: الأخ م. م. ي. من الجمهورية العربية اليمنية لواء الجديدة يسأل ويقول: سمعت من بعض الناس أنه كان يوجد قبل آدم إنسان بدائي واختفى قبل ظهور آدم، فهل هذا صحيح؟ (¬1). ج: ليس لهذا أصل، بل هذا من الخرافات؛ ليس قبل آدم إنسان آخر. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (179).

الحكمة في اختلاف اللغات والألوان

30 - الحكمة في اختلاف اللغات والألوان س: لماذا تعددت اللغات في العالم مع العلم أن جميع الأمم من أصل واحد هو أبونا آدم وأمنا حواء؟ (¬1). ج: الله أعلم سبحانه، ربك هو الحكيم العليم، ليس عندنا يقين بالحكمة في هذا، ولكننا نعلم أن ربنا حكيم عليم، يقول جل وعلا: {إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (¬2)، ويقول سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} (¬3). فمن حكمته البالغة جعل اللغات متعددة، وجعل الناس ألوانا كذلك؛ كما قال عز وجل: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} (¬4)، فقد يكون من الحكمة الدلالة على قدرة الله العظيمة، وأنه سبحانه قادر أن يجعل لهؤلاء لغة ولهؤلاء لغة، فإن هذا أبين في القدرة العظيمة، وقد يكون من الحكمة أشياء أخرى لا نعقلها ولا نفهمها ويفهمها غيرنا من أهل العلم، فالحاصل أن من أوضح الحكم في ذلك أنه سبحانه وتعالى قدير، ولهذا جعل لغات الناس متعددة، وأخبر أنها من آياته: ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (57). (¬2) سورة الأنعام الآية 83 (¬3) سورة النساء الآية 11 (¬4) سورة الروم الآية 22

{وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} (¬1) (¬2). كما جعلهم ألوانا فيهم الأحمر والأسود والأبيض وبين ذلك، وجعلهم أيضا مختلفين في الأحجام؛ هذا طويل وهذا قصير وهذا بين ذلك، وجعلهم مختلفين في الأخلاق والعقول، وهكذا مسألة اللغة كلها تدل على قدرته العظيمة وأنه يتصرف كما يشاء، سبحانه وتعالى، وقد تكون هناك حكم كثيرة لا نفهمها. ¬

_ (¬1) سورة الروم الآية 22 (¬2) يعني: لغاتكم.

لا يعرف مكان نزول آدم عليه السلام ولا قبره

31 - لا يعرف مكان نزول آدم عليه السلام ولا قبره س: هل صحيح أن آدم عليه السلام نزل في سيريلانكا، وخاصة في منطقة سرندبب، هل هذا صحيح أم لا؟ (¬1). ج: لا أصل لهذا ولا أساس لهذا، لا تعرف صحته ولا أصل له. فلا يعرف قبره ولا في أين نزل، ولا في أي بقعة أين دفن آدم عليه السلام، المقصود أن قبر آدم لا يعرف في أي بقعة من الأرض. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (198).

بيان ارتباط العقل بالروح

32 - بيان ارتباط العقل بالروح س: نحن بنو البشر، نملك العقل والروح، والسؤال: هل عندما يفكر العقل في شيء، يمكن أن تعارضه الروح على هذا الشيء أو توافقه، أو هل هناك ارتباط بين العقل والروح، أم كلاهما يعملان باختلاف عن الآخر؟ (¬1). ج: العقل والنفس شيء واحد؛ لأن العقل إنما يفكر ينظر ويتأمل بواسطة النفس (الروح)، فإذا ذهبت الروح بطل كل شيء، فإذا كانت الروح فيه فكر بنفسه، الذي معه هي روحه يفكر بما أعطاه الله من العقل، والتمييز في الصالح والضار، والطيب والخبيث وهكذا، فهو يفكر بما أعطاه الله من العقل بواسطة الروح التي هي نفسه وحياته، فما زالت الروح موجودة أمكنه التفكير والنظر والإعداد لما يريد، والعزم على ما يريد، فإذا ذهبت الروح بطل التفكير. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (181).

باب فيما يتحقق به الإسلام

باب فيما يتحقق به الإسلام

باب فيما يتحقق به الإسلام 33 - بيان ما يتحقق به الإسلام س: كم هي شروط الإسلام؟ (¬1) ج: شروط الإسلام شرطان: الشرط الأول: الإخلاص لله، وأن تكون قاصدا بإسلامك ودخولك في دين الله وأعمالك وجه الله عز وجل، هذا لا بد منه؛ في كل عمل تعمله وكل عمل تعمله وليس لوجه الله سواء كان صلاة أو صدقة أو صياما أو غير هذا لا يكون لله، حتى الشهادتين لو فعلتهما رياء أو نفاقا لا تنفعك تكون من المنافقين. فلا بد أن تنوي بقولك: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله صدقا، من قلبك تؤمن بالله وحده وأنه المعبود بحق وأن محمدا رسول الله صادقا ورسول الله حقا وأنه خاتم الأنبياء، فإذا كان ذلك صدقا إخلاصا نفعك ذلك، وهكذا في صلاتك تعبد الله بها وحده، وهكذا صدقاتك، وهكذا قراءتك، تهليلك، صومك، حجك يكون لله وحده. الشرط الثاني: الموافقة للشريعة، لا بد أن تكون أعمالك موافقة ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر، من الشريط رقم (63).

للشريعة، ما هو من عند رأيك ولا من اجتهادك، لا بد تتحرى موافقة الشريعة تصلي كما شرع الله، تصوم كما شرع الله، وتزكي كما شرع الله، وتجاهد كما شرع الله وتحج كما شرع الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)» والله يقول في كتابه العظيم: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (¬2). يعيبهم الله بهذا، ويقول سبحانه: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (¬3) {إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} (¬4). فالواجب اتباع الشريعة التي شرعها الله على يد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وعدم الخروج عنها في جميع العبادات التي قضى الله بها سبحانه وتعالى، هذه هي شروط الإسلام، شرطان: الأول: الإخلاص لله في العمل، والثاني: الموافقة للشريعة، هذا هو الذي به تنتفع بعباداتك، ويقبل الله منك عباداتك إذا كنت مسلما. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما، برقم 24944. (¬2) سورة الشورى الآية 21 (¬3) سورة الجاثية الآية 18 (¬4) سورة الجاثية الآية 19

حمل من أظهر الإسلام على ظاهره

34 - حمل من أظهر الإسلام على ظاهره س: هل يحكم بالإسلام لمن أظهر شيئا من أمور الإسلام، أم يتوقف إلى أن تعرف عقيدته؟ (¬1). ج: الواجب هو الحكم بالإسلام لمن أظهر ما يدل على إسلامه؛ كالشهادتين، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وكصلاته مع المسلمين، فإن هذا يدل على أنه مسلم حتى يتبين ما يخالف ذلك، فإذا تبين منه ما يخالف ذلك وجبت نصيحته، ووجب إرشاده ودلالته على ما قد يخفى عليه، فإن ظهر منه الردة عن الإسلام، وما يحكم به عليه بذلك فإن على ولي الأمر أن يستتيبه، فإن تاب وإلا وجب أن يقتل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من بدل دينه فاقتلوه (¬2)» رواه البخاري في صحيحه. والخلاصة أن الواجب حمل من أظهر الإسلام على الإسلام وتوجيهه إلى الخير وتعليمه ما جهل، وإرشاده إلى ما قد يخفى عليه حتى يتبين منه ما يدل على كفره وضلاله، فيعامل كما يعامل غيره من الكفرة المرتدين. نسأل الله السلامة والعافية. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر، من الشريط رقم (155). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بعذاب الله، برقم 3017.

بيان ما يتم الدخول به في الإسلام

35 - بيان ما يتم الدخول به في الإسلام س: فيه شيء يتردد بين أوساط الناس يقولون مثلا: الصلاة يشترط لها الإسلام، والحج أيضا يشترط له الإسلام، فإن الإنسان قد يكون مسلما ولو لم يأت ببقية أركان الإسلام. نريد تجلية هذا الموضوع. (¬1). ج: واضح أن المسلم من أتى بالشهادتين، متى أقر بالشهادتين ووحد الله عز وجل وصدق رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم دخل في الإسلام، ثم ينظر فإن صلى تم إسلامه، وإن لم يصل صار مرتدا، وهكذا لو أنكر الصلاة بعد ذلك صار مرتدا، أو أنكر الصيام قال: ليس واجب صيام رمضان صار مرتدا، أو قال: الزكاة ليست واجبة زكاة الإسلام ليست واجبة صار مرتدا، أو قال: الحج مع الاستطاعة غير واجب، صار مرتدا، أو استهزأ بالدين أو سب الرسول صار مرتدا. هذا ينبغي أن يكون واضحا، فهو إذا دخل في الإسلام بالشهادتين حكم له بالإسلام، ثم ينظر بعد ذلك في بقية الأمور فإذا استقام على الحق تم إسلامه، وإذا وجد منه ما ينقض الإسلام؛ من سب الدين، من تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم، من جحد لما أوجب الله من صلاة أو صوم، من جحد لما حرم الله كما لو قال: الزنا حلال، يرتد عن الإسلام ولو صلى وصام، ولو قال أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. لو قال: إن الزنا حلال، وهو ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر، من الشريط رقم (26).

يعلم بالأدلة التي تقيم عليه الحجة، أنه يكون كافرا كفرا أكبر أعوذ بالله. أو قال: الخمر حلال، وقد بين له الأدلة ووضحت له الأدلة ثم أصر يقول: الخمر حلال، يكون كافرا كفرا أكبر، وردة عن الإسلام نعوذ بالله. أو قال مثلا: إن العقوق، كونه يعق والديه حلال، يكون ردة عن الإسلام نعوذ بالله، أو قال إن شهادة الزور حلال، يكون ردة عن الإسلام بعد أن يبين له الأدلة الشرعية. كذلك إذا قال: الصلاة ليست واجبة، الزكاة ليست واجبة، صيام رمضان ليس واجبا، الحج مع الاستطاعة ليس واجبا، يكون ناقضا من نواقض الإسلام ويكون كافرا إنما الخلاف إذا قال: الصلاة واجبة، ولكن لا أصلي، هذا محل الخلاف، هل يكفر أو لا يكفر؟ هو يقول الصلاة واجبة، لكن أتساهل ما أصلي، فإن جمهور الفقهاء يقولون: لا يكفر ويكون عاصيا يستتاب فإن تاب وإلا قتل حدا. وذهب آخرون من أهل العلم وهو المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم أنه يكفر بها كفرا أكبر، فيستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا؛ لقول الله عز وجل: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (¬1)، فدل ذلك على أن الذي لا يقيم الصلاة لا يخلى سبيله، بل يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وقال: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} (¬2)، فدل ذلك على أن الذي لا يقيم الصلاة ولا يصلي ليس بأخ في الدين. ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 5 (¬2) سورة التوبة الآية 11

حكم تغيير الاسم والختان بعد الإسلام

36 - حكم تغيير الاسم والختان بعد الإسلام س: إذا أسلم الكافر هل يلزم تغيير اسمه، وإذا كان رجلا كبيرا ولم يطهر وهو صغير؛ لأنه كان كافرا ماذا يفعل به في هذه الحال؟ (¬1). ج: إذا كان اسمه ليس بحسن شرع له تغيير اسمه بعد الإسلام؛ ولأن تغييره أيضا يعطي انطباعا واضحا وظاهرا عن انتقاله للإسلام، وأنه انتقل إلى الإسلام؛ لأنه يسأل عن أسباب التغيير فيعرف الناس أنه أسلم، وأيضا في الغالب أن أسماءهم في الكفر قد لا تكون مناسبة، فتغير بأسماء إسلامية كصالح وأحمد وعبد الله وعبد الرحمن ومحمد ونحو ذلك، أما إذا كان اسمه معبدا لغير الله كعبد المسيح أو عبد الزهرة أو عبد موسى أو عبد عيسى هذا يجب تغييره، فلا يعبد إلا لله سبحانه وتعالى، فإذا كان اسمه معبدا لغير الله يجب أن يغير بعبد الله وبعبد الرحمن، ونحو ذلك، أما إذا كان ما عبد لغير الله ولكن أسماء معروفة عند الكفرة ومن عادات الكفرة فالأولى تغييرها والأفضل تغييرها بأسماه إسلامية. وأما الختان فالأفضل أن يختتن ولو كان كبيرا، لكن بواسطة، الطبيب الحاذق العارف، ينبغي له أن يختتن، وجمع من أهل العلم ¬

_ (¬1) السؤال الخامس؛ من الشريط رقم (30).

يقول: يجب عليه أن يختتن إذا كان ما فيه خطر، أما إن قال الطبيب: إن فيه خطرا - فيسقط، لكن إذا قال الطبيب: إن اختتانه لا بأس به، ولا حرج فيه، ولا خطر فيه - فإنه يختتن. هذا هو الذي ينبغي له. وهو سنة مؤكدة، أو واجب عند جمع من أهل العلم. فإذا تيسر له الختان، وهو كبير من غير خطر - هذا هو الأولى والأفضل والأحوط. أما إن كان فيه مشقة، وقال بعض الأطباء: إن فيه خطرا - فلا حاجة إلى ذلك، ويسقط. وإن كان تختينه يسبب تنفيره من الإسلام فلا يذكر، ولا يبين له ذلك. أو يترك؛ لأن دخوله في الإسلام نعمة عظيمة، ولو ما اختتن فلا ينبغي أن يعارض بشيء ينفره من الإسلام. لكن إذا دخل في الإسلام، واستقر في الإسلام - ينظر بعد ذلك إن تيسر اختتانه بدون مشقة، وبدون خطر فهذا أولى وأحوط، وإن لم يتيسر يترك.

باب ما جاء في الأسماء والصفات

باب ما جاء في الأسماء والصفات

باب ما جاء في الأسماء والصفات 37 - فضل تعلم أسماء الله وصفاته س: هناك سؤال - سماحة الشيخ - الحقيقة يتعلق بالعقيدة من السائل ق. س. من محافظة حضرموت، يقول في هذا السؤال: هل تعلم صفات الله عز وجل واجب؟ أم مستحب؟ أم أنه سواء تعلم ذلك أم لم يتعلم هذه الصفات؟ وماذا تقولون في الذين يقولون بأن تعلم هذه الصفات لا ينبغي؛ لأنه يجعل الإنسان يدخل أو يوسوس له كلمة: كيف وماذا؟ وما الكتب التي تنصحوننا بتعلمها في هذا الباب مأجورين؟ (¬1). ج: تعلم أسماء الله وصفاته من القرآن العظيم والسنة المطهرة من أفضل القربات؛ لأن هذا يعين على تعظيم الله وتقديسه، وسؤاله بأسمائه وصفاته سبحانه وتعالى، والله يقول: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (¬2) ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (400). (¬2) سورة الأعراف الآية 180

دل على أنه يشرع أن نعرفها حتى ندعوه بها. ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن لله تسعة وتسعين اسما، من أحصاها دخل الجنة (¬1)». دل على أنه وتر يحب الوتر، ودل على أنه ينبغي لأهل العلم ولأهل الإيمان تعلم أسماء الله وصفاته، حتى يسألوه بها، وحتى يثنوا عليه بها، وحتى يعملوا بمقتضاها، وتحصل لهم الجنة. هكذا ينبغي للمؤمن أن يعلم أن الله جل وعلا ذو الأسماء الحسنى، وأنه لا شبيه له، ولا كفو له ولا ند له. وأنه الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، ولا يشبه الله بخلقه؛ لأنه سبحانه يقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬2). وهو الرحمن رحمة لا كرحمتنا، وهو العلي علوا لا كعلونا، وهو المستوي على العرش لا كاستوائنا، رحيم لا كرحمتنا، يغضب لا كغضبنا، ويضحك لا كضحكنا، إلى غير هذا من صفاته سبحانه وتعالى. أما الكتب التي ننصح بقراءتها في هذا المجال فإن أعظم كتاب هو القرآن، ننصحك بالقرآن العظيم، ننصح جميع المسلمين بالعناية ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب إن لله مائة اسم إلا واحدا، برقم 7392. ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب في أسماء الله تعالى، وفضل من أحصاها، برقم 2677. (¬2) سورة الشورى الآية 11

بالقرآن، والإكثار من تلاوته؛ فهو كتاب الله، فيه الهدى والنور، كما قال سبحانه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (¬1)، وقال تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (¬2)، وقال سبحانه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (¬3)، وقال سبحانه: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (¬4). فنوصي جميع المسلمين رجالا ونساء، نوصيهم بالقرآن، نوصيهم بالإكثار من تلاوته، وتدبر معانيه، وحفظه، أو ما تيسر منه؛ فهو كتاب الله، فيه الهدى والنور، فيه الدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، فيه الدعوة إلى ما أوجب الله، وترك ما حرم الله. فيه قصص الأنبياء والمرسلين، فيه قصص الأخيار؛ حتى يتأسى بهم المؤمن، فيه قصص الأشرار؛ حتى تجتنب أعمالهم. ثم كتب الحديث الشريف، كالصحيحين: البخاري، ومسلم. والسنن الأربعة، لمن كان عنده علم يقرأ فيهما. وأما المبتدئ، طالب العلم المبتدئ - فنوصيه بمثل المختصرات التي يستطيع حفظها، مثل بلوغ المرام للحافظ ابن حجر، ومثل كتاب التوحيد، وثلاثة الأصول، والأربع القواعد للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. كشف الشبهات كذلك له رحمه الله. والعقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية، وعمدة الحديث للشيخ ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 9 (¬2) سورة فصلت الآية 44 (¬3) سورة ص الآية 29 (¬4) سورة محمد الآية 24

الحافظ عبد الغني المقدسي. هذه كتب ينبغي حفظها، تفيد وتنفع، من الكتب المهمة.

فضل حفظ أسماء الله الحسنى

38 - فضل حفظ أسماء الله الحسنى س: يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «إن لله تسعة وتسعين اسما، لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة (¬1)» أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -. هل كل من حفظ أسماء الله يضمن دخوله الجنة؟ (¬2). ج: هذا من أحاديث الوعد، ومن أحاديث الفضائل، وفيه غيره من أحاديث الفضائل، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة (¬3)». وفيه لفظ آخر: «من حفظها دخل الجنة (¬4)» متفق على صحته. هذا فيه حث على العناية بأسماء الله، وتدبرها، وحفظها، وإحصائها، حتى يستفيد من هذه المعاني العظيمة، وحتى يكون هذا من أسباب الخشوع لله، وطاعته له، والقيام بحقه ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الشروط، باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا في الإقرار، برقم 2736، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها، برقم 2677. (¬2) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (321). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الشروط، باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا في الإقرار، برقم 2736، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها، برقم 2677. (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب لله مائة اسم غير واحدا، برقم 6410.

سبحانه وتعالى. ومن أسباب دخول الجنة لمن حفظها، وأدى حق الله، ولم يغش الكبائر. أما من غشي الكبائر من المعاصي فهو معرض لوعيد الله، وتحت مشيئة الله؛ إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة. لكن حفظ هذه الأسماء وإحصاؤها من أسباب دخول الجنة، لمن سلم من الموانع الأخرى؛ فإن دخول الجنة له أسباب، وله موانع كالإقامة على المعاصي من أسباب منع دخول الجنة، مع أول من دخلها، مع الداخلين أولا، فيعذب ثم بعد ما يطهر ويمحص إذا كان مات على المعاصي يدخل الجنة. وقد يعفو الله عنه، ويدخل من أول وهلة، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان - كفارات لما بينهن، ما لم تغش الكبائر (¬1)» يعني: كبائر الذنوب، وهي المعاصي التي فيها وعيد أو غضب أو لعن، مثل الزنى، ومثل شرب الخمر، ومثل عقوق الوالدين، أو أحدهما، ومثل أكل الربا، ومثل الغيبة، والنميمة، وأشباهها من المعاصي. هذه الأشياء خطيرة، وأمرها خطير، وصاحبها إذا مات عليها تحت مشيئة الله؛ إن شاء الله غفر له وأدخله الجنة بتوحيده وإسلامه، وإن شاء عذبه على قدرها، ثم بعد ما يطهر ويمحص في النار يخرجه الله من النار إلى الجنة. وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن كثيرا من ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، برقم 233.

العصاة يدخلون النار بمعاصيهم، ويعذبون فيها على قدر معاصيهم. ثم بعد التطهير والتمحيص يخرجهم الله من النار؛ بعضهم بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبعضهم بشفاعة غيره من الملائكة والأنبياء والأفراط، وبعضهم بمجرد عفو الله عنه؛ لقول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬1). هذه المعاصي تحت مشيئة معلقة؛ إن شاء الله عفا عنهم وأدخلهم الجنة، وإن شاء عذبهم على قدر معاصيهم، ثم يخرجون من النار بعد التطهير، ولا يخلدون، فيدخلون الجنة بعد ذلك. ولا يخلد في النار إلا صاحب الكفر بالله والشرك، فهم الذين يخلدون لا يغفر لهم. أما أهل المعاصي فمن دخل النار لا يخلد عند أهل السنة والجماعة، خلافا للخوارج والمعتزلة ومن سار على مذهبهم الباطل، فإنهم يرون أن العصاة يخلدون في النار، فمذهبهم باطل. أما أهل السنة والجماعة فيقولون: العصاة تحت المشيئة إذا ماتوا على التوحيد والإسلام وعندهم معاص فهم تحت المشيئة إذا لم يتوبوا. . وفق الله الجميع. س: هل من حفظ الأسماء الحسنى دخل الجنة؟ (¬2) ج: جاء في الحديث الصحيح، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن لله تسعة ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 48 (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (241).

وتسعين اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة (¬1)». وفي لفظ: «من حفظها دخل الجنة (¬2)»، ولم يبينها - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث الصحيحة. لكن لو وفق الإنسان فأحصاها وحفظها، وصادف أنها تسعة وتسعون - فهو موعود بهذا الخير. هذا من أحاديث الفضائل إن لم يمت على كبيرة من كبائر الذنوب، فالذي مات على كبيرة، والكبائر من أسباب حرمان دخول الجنة، من أسباب دخول النار، إلا أن يعفو الله عنه. والقاعدة الشرعية أن الآيات المطلقة والأحاديث المطلقة يجب أن تحمل على المقيدة وتفسر بها؛ لأن القرآن لا يتناقض، والسنة لا تتناقض. والأحاديث يصدق بعضها بعضا، والآيات يصدق بعضها بعضا، فوجب حمل المطلق من الآيات والأحاديث على المقيد، وتفسر بذلك، تفسير هذا بهذا. وقد قال الله سبحانه: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} (¬3). فاشترط في تكفير السيئات ودخول الجنة اجتناب الكبائر. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان - كفارات لما بينهن، ما لم تؤت الكبائر (¬4)». فإذا حفظ الأسماء الحسنى التسعة والتسعين، وهو مقيم على الزنى أو الخمر - فهو معرض للوعيد. وهو على خطر من دخول النار، إلا أن يعفو الله عنه أو يتوب. لكن إن دخلها ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب إن لله مائة اسم إلا واحدا، برقم 7392. ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب في أسماء الله تعالى، وفضل من أحصاها، برقم 2677. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب لله مائة اسم غير واحدا، برقم 6410. (¬3) سورة النساء الآية 31 (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، برقم 233.

وهو موحد مسلم بسبب بعض الكبائر لا يخلد فيها، خلافا للخوارج والمعتزلة، بل يعذب على قدر الجريمة، ثم يخرجه الله من النار فضلا منه وإحسانا، ولا يخلد في النار إلا الكفار، الذين حكم عليهم القرآن بأنهم كفار أو السنة. أما العصاة فلا يخلدون إذا دخلوا النار كالزاني والسارق والعاق لوالديه، ونحو ذلك من أهل المعاصي لا يخلدون إذا دخلوا النار، إذا ماتوا عليها ولم يتوبوا، هم متوعدون بالنار. فإن عفا الله عنهم فهو أهل الجود والكرم سبحانه وتعالى، وإن لم يعف عنهم عذبهم على قدر الجريمة التي ماتوا عليها، ثم بعد ذلك يطهرون، ثم بعد ذلك يخرجون من النار. وقد أخبر النبي بهذا - عليه الصلاة والسلام - في أحاديث كثيرة متوافقة، أن العصاة يخرجون من النار، ويشفع فيهم - صلى الله عليه وسلم - عدة شفاعات، ويشفع الملائكة، ويشفع المؤمنون، ويشفع الأفراط. هذا هو الحق الذي عليه أهل السنة والجماعة، خلاف الخوارج والمعتزلة. ويدل على هذا قوله سبحانه في كتابه العظيم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬1)، فجعل المعاصي تحت مشيئته سبحانه وتعالى، وجعل الشرك لا يغفر إذا مات عليه. من مات على الشرك فإنه لا يغفر، بل صاحبه مخلد في النار، نعوذ بالله! إذا مات عليه، وهو ليس من أهل الفترة، ولا من في حكمهم - فإنه يخلد في النار، نعوذ بالله! أما من مات على شيء من المعاصي، ولم يتب - فإنه تحت مشيئة الله سبحانه؛ إن شاء الله عفا عنه ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 48

فضلا منه وإحسانا، وإن شاء عذبه على قدر الجريمة التي مات عليها. ثم بعد التطهير والتمحيص يخرجه الله من النار، فضلا منه ورحمة سبحانه وتعالى، خلافا للخوارج والمعتزلة فإنهم يقولون بخلود العاصي في النار، وقولهم باطل عند أهل الحق. س: أسأل سماحتكم عن حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة». هل كلمة "أحصاها" الواردة في الحديث معناها حفظها؟ أم قراءتها فقط؟ وجهوني، جزاكم الله خيرا! (¬1). ج: هذا الحديث مخرج في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وله لفظان: أحدهما: " أحصاها "، واللفظ الثاني: «من حفظها دخل الجنة (¬2)». معنى " أحصاها " أي حفظها وأتقنها دخل الجنة. وإحصاؤها يكون بحفظها، ويكون بالعمل بمقتضاها. أما لو أحصاها، وما عمل بمقتضاها، ولا يؤمن بهاء - فإنها لا تنفعه، فالإحصاء يدخل فيه حفظها، ويدخل فيه العمل بمعناها. فالواجب على من وفقه الله لإحصائها وحفظها أن يعمل بمقتضاها، فيكون رحيما، ويكون أيضا عاملا بمقتضى بقية الأسماء. يؤمن بأن الله عزيز حكيم، رءوف رحيم، قدير عالم بكل شيء. يؤمن بذلك، ثم يراقب الله، ويخاف الله، فلا يصر على المعاصي التي يعلمها ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (289). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب لله مائة اسم غير واحدا، برقم 6410.

ربه، بل يحذر المعاصي، ويبتعد عنها وعن الكفر بالله كله بأنواعه، إلى غير ذلك. فهو يجتهد في حفظها مع العمل بمقتضاها، مع الإيمان بالله ورسوله، وإثبات الصفات والأسماء لله، على الوجه اللائق بالله، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. يعلم أنها حق، وأنها صفات لله وأسماء لله، وأنه سبحانه الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله. لا شبيه له ولا مثل له، كما قال عز وجل في كتابه العظيم: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (¬2) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (¬3) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (¬4). يؤمن بهذا، وأنه صمد لا شبيه له، تصمد إليه الخلائق، وتحتاج إليه سبحانه وتعالى. هو الكامل في كل شيء، وأنه لم يلد ولم يولد، وأنه لا كفو له، لا في صفاته ولا في أفعاله. ليس له كفء ولا مثل ولا سمي، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬5) وقال: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} (¬6)، وقال: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} (¬7). فهو سبحانه لا سمي له ولا شبه له، ولا كفو له ولا ند له، هو الكامل في كل شيء سبحانه في علمه وفي ذاته، وفي حكمته وفي رحمته وفي عزته وفي قدرته. وفي جميع صفاته سبحانه وتعالى، فمن أحصاها علما وعملا وحفظها علما وعملا أدخله ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1 (¬2) سورة الإخلاص الآية 2 (¬3) سورة الإخلاص الآية 3 (¬4) سورة الإخلاص الآية 4 (¬5) سورة الشورى الآية 11 (¬6) سورة مريم الآية 65 (¬7) سورة النحل الآية 74

الله الجنة. أما إذا أحصاها وحفظها، لكن قد أقام على المعاصي والسيئات - فهو تحت مشيئة الله؛ إن شاء الله غفر له، وإن شاء عذبه بمعاصيه. ثم بعد تطهيره من المعاصي يخرجه الله من النار إلى الجنة، إذا كان مات على التوحيد والإسلام، كما قال الله سبحانه: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (¬1). والكبائر تشمل الشرك وأنواع الكفر، وتشمل المعاصي التي حرم الله وجاء فيها اللعن، والغضب والوعيد من الكبائر. فعلى العبد من العباد الرجال والنساء أن يجتنبوها؛ ولهذا قال سبحانه: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (¬2) يعني الصغائر {وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} (¬3). ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان - كفارات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر (¬4)» وفي لفظ: «ما لم تغش الكبائر (¬5)»، كالزنى والسرقة وعقوق الوالدين أو أحدهما، وقطيعة الرحم، وأكل الربا، والغيبة والنميمة، والتولي يوم الزحف، والسحر، إلى غيرها مما حرمه الله من الكبائر. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 31 (¬2) سورة النساء الآية 31 (¬3) سورة النساء الآية 31 (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 8498. (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، برقم 233.

والمقصود أن إحصاء الأسماء الحسنى وحفظها من أسباب السعادة، ومن أسباب دخول الجنة لمن أدى حقها، واستقام على طاعة الله ورسوله، ولم يصر على الكبائر. س: سائل من سوريا يقول: كيف أفرق بين الأسماء والصفات، جزاكم الله خيرا؟ (¬1). ج: الأسماء واضحة إذا كان المقصود أسماء الله وصفاته؛ لأن السؤال مجمل، فأسماء الله ما سمى به نفسه كالعزيز والحكيم والقدير والسميع والبصير، هذه يقال لها أسماء. والصفات: السمع، البصر، العلم، القدرة، وما أشبه ذلك. هذا الفرق بينهما. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (411).

أسماء الله تعالى كلها حسنى

39 - أسماء الله تعالى كلها حسنى س: ماذا يجب على المؤمن أن يعتقده في صفات الله سبحانه وتعالى، حتى يكون سليم الاعتقاد، كما كان عليه سلفنا الصالح؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (346).

ج: الواجب على المؤمن أن يعتقد أن الله سبحانه وتعالى موصوف بصفات الكمال، وأن أسماءه كلها حسنى كما قال عز وجل: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (¬1). . وهكذا يعتقد أنها كاملة، وأنه لا شبيه له، ولا مثيل له، ولا نقص فيها بوجه من الوجوه؛ لقوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (¬2)، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬3)، {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} (¬4)، {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} (¬5). . هذا هو الواجب على كل مؤمن ومؤمنة، أن يعتقد أن الله جل وعلا، له الأسماء الحسنى الكاملة وله الصفات الكاملة، التي ليس فيها نقص ولا عيب، ولا خلل. الرضا والغضب والرحمة والإحسان، والجود والكرم والعزة. وكونه مستحق العبادة، وكونه الحكيم، وكونه العليم، إلى غير هذا. هذه الصفات كاملة يوصف بها على أنها كاملة، من كل الوجوه، ويسمى بها. العليم الحكيم، القدير على ما سمى بها نفسه، سبحانه وتعالى! فهو سبحانه له الأسماء الحسنى كما سمى نفسه، وله معانيها العظيمة، كل معانيها كاملة، ليس له نظير ولا شبيه، ولا مثيل. له الأسماء الحسنى، وله المثل الأعلى في جميع الصفات، سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 180 (¬2) سورة الإخلاص الآية 4 (¬3) سورة الشورى الآية 11 (¬4) سورة مريم الآية 65 (¬5) سورة البقرة الآية 22

بيان عقيدة الصحابة في الأسماء والصفات

40 - بيان عقيدة الصحابة في الأسماء والصفات س: سماحة الشيخ بينوا لنا كيف كانت عقيدة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صفات الله سبحانه وتعالى، وفي توحيد الله، وفي القرآن، وفي البعث والجزاء؟ جزاكم الله خيرا؟ (¬1). ج: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه! أما بعد: هذا سؤال عظيم جدير بالعناية. عقيدة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في أسماء الله وصفاته، وفي البعث والنشور، وفي غير ذلك - هي ما دل عليه القرآن العظيم والسنة المطهرة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهم - رضي الله عنهم - تلقوا عن نبيهم العقيدة التي دل عليها القرآن العظيم، وهي الإيمان بالله أنه ربهم ومعبودهم الحق سبحانه وتعالى الذي لا تجب العبادة إلا له سبحانه وتعالى. هو الذي يصلى له، ويدعى ويستغاث به، وينذر له، ويصلى له ويسجد ويذبح له، إلى غير ذلك، العبادة حقه سبحانه وتعالى. فعقيدتهم أن العبادة حق الله وحده، وأنه لا يصرف منها شيء إلى غير الله، لا لملك مقرب ولا لنبي مرسل. وقد كانوا في الجاهلية يعبدون الأصنام، ويدعونها ويستغيثون بها، والأشجار والأحجار. فلما بعث الله نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - هداهم للإسلام وعرفوا أن ما هم عليه هو الباطل، وأنه الشرك الأكبر، وأن العبادات كلها يجب أن تكون لله وحده. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (380)

وعقيدتهم في أسماء الله وصفاته الإيمان بها، وإمرارها كما جاءت وعدم التكييف والتمثيل، فهم يؤمنون بأن الله هو السميع البصير، الحكيم العليم، الرحمن الرحيم، وأنه على العرش استوى فوق جميع الخلق، وأنه العلي العظيم سبحانه وتعالى. وأنه الحي القيوم، وأنه المتصرف في عباده كيف يشاء، مدبر الأمور وخالق الخلق، ورازق العباد. لا شبيه له ولا مثل له ولا كفء له {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (¬2) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (¬3) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (¬4)، ويقول سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬5). فهذه عقيدة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في أسماء الله وصفاته، يؤمنون بأنه سبحانه فوق العرش فوق جميع الخلق، وأنه العلي العظيم، وأن الأعمال الصالحة ترفع إليه، كما قال جل وعلا: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (¬6)، وقال جل وعلا: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} (¬7). والعروج: الصعود من أسفل إلى أعلى. وقال جل وعلا: {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} (¬8)، وقال: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (¬9). . ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1 (¬2) سورة الإخلاص الآية 2 (¬3) سورة الإخلاص الآية 3 (¬4) سورة الإخلاص الآية 4 (¬5) سورة الشورى الآية 11 (¬6) سورة فاطر الآية 10 (¬7) سورة المعارج الآية 4 (¬8) سورة غافر الآية 12 (¬9) سورة البقرة الآية 255

وقال سبحانه في حق عيسى عليه السلام: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} (¬1)، وقال: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} (¬2). . فهو فوق العرش، فوق جميع الخلق، فهو العلي الأعلى، هو ذو العرش، كما قال تعالى: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ} (¬3). فهو فوق العرش، فوق جميع الخلق، قد استوى عليه. والاستواء هو العلو والارتفاع فوق العرش، استواء يليق بجلال الله، لا يشابه خلقه في استوائهم، ولا في كلامهم، ولا في غير ذلك، فهو سبحانه وتعالى العلي الأعلى، فوق العرش بلا كيف. أهل السنة والجماعة، وهم أصحاب النبي وأتباعهم - لا يكيفون، لا يقولون: استوى، كيف استوى؟ بل يقولون: استوى على العرش بلا كيف، على الكيف الذي يعلمه سبحانه، لا نعلم كيفية صفاته جل وعلا، بل نقول: استوى بلا كيف، وهو الرحمن الرحيم، وهو العزيز الحكيم، وهو السميع البصير، بلا كيف. لكن نعلم يقينا أن صفاته كاملة، وأنه لا شبيه له ولا مثل له، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬4)، فلا يجوز لأحد أن يكيفها ولا أن يمثلها، فالمشبهة كفار، من شبه الله بخلقه فقد كفر، وكذب قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (¬5) ومن عطل صفاته وأنكرها كالجهمية كفر، أو عطل معانيها كالمعتزلة كفر. فالواجب إثبات أسمائه وصفاته لفظها ومعناها، يجب ¬

_ (¬1) سورة آل عمران الآية 55 (¬2) سورة النساء الآية 158 (¬3) سورة غافر الآية 15 (¬4) سورة الشورى الآية 11 (¬5) سورة الشورى الآية 11

إثبات الأسماء والصفات لفظا ومعنى لله عز وجل، فهو موصوف بها. وهو سبحانه وتعالى له معناها، فهو العلي له العلو، رحمن له الرحمة، سميع يسمع، بصير يبصر، إلى غير ذلك. كله حق، على وجه لا شبيه له في ذلك، ولا كفء له، ولا ند له سبحانه وتعالى. وكلام الله منزل غير مخلوق، تكلم بالقرآن، وكلامه منزل غير مخلوق، وهكذا كلم موسى، كلم محمدا - صلى الله عليه وسلم -. يكلم الملائكة، كلامه حق. يسمع، ليس كمثله شيء. كلامه نقول فيه كسائر الصفات: كلام صحيح حقيقي، لا يشبه كلام المخلوقين، صفة من صفاته كالسمع والبصر، والرضا والغضب والرحمة، وغير ذلك من صفاته جل وعلا. فالواجب على جميع المكلفين الإيمان بأسمائه وصفاته، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، ومن دون زيادة أو نقص، بل يجب إثبات ما أثبته الله ورسوله، ونفي ما نفاه الله ورسوله. هذه هي عقيدة أهل السنة والجماعة، وعقيدة الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. وأما الذين غيروا وبدلوا فليسوا من الصحابة في شيء، وليسوا من أهل السنة في شيء كالجهمية والمعتزلة والرافضة وغيرهم. أهل السنة والجماعة يؤمنون بالله سبحانه وتعالى، واحد لا شريك له، ويعتقدون معنى قول: لا إله إلا الله، وأن معناها لا معبود حق إلا الله، فهم يؤمنون بأنه سبحانه المعبود الحق، وأنه لا إله غيره، ولا شريك له، ويؤمنون بأنه سبحانه ذو الأسماء الحسنى والصفات العلا، وأن أسماءه كلها حسنى، وأن صفاته كلها علا. لا يشبهه شيء

من خلقه سبحانه وتعالى في شيء من صفاته، والواجب على جميع المكلفين الإيمان بذلك، والسير على منهج الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. وهو توحيد الله والإخلاص له، والإيمان بأنه يستحق العبادة والإيمان بأسمائه وصفاته، وأنها حق، وأنه سبحانه لا شبيه له، ولا مثل له ولا كفء له. ولا يقاس بخلقه عز وجل {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬1)، سبحانه وتعالى، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (¬2)، {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} (¬3). . هذا هو دين الله، هذا هو الحق الذي جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) سورة الشورى الآية 11 (¬2) سورة الإخلاص الآية 4 (¬3) سورة النحل الآية 74

مذهب أهل السنة والجماعة في أسماء الله تعالى وصفاته

41 - مذهب أهل السنة والجماعة في أسماء الله تعالى وصفاته س: مجموعة من طلاب العلم بعثوا بهذا السؤال يقولون: نود من سماحة الشيخ أن يتحدث عن مذهب أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات؛ لأننا اختلفنا كثيرا مع الإخوان في ذلك حول هذا الموضوع، وجهونا سماحة الشيخ. (¬1) ج: مذهب أهل السنة والجماعة في أسماء الله تعالى وصفاته أنهم ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (399)

يؤمنون بها، ويثبتونها كما جاءت في القرآن والسنة، ويمرونها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. هكذا قول أهل السنة والجماعة، وهم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن سلك سبيلهم. يؤمنون بأسماء الله وصفاته الواردة في القرآن الكريم أو في السنة الصحيحة، ويثبتونها لله على وجه لائق بالله، من غير تحريف لها، ومن غير تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل. يعني لا يحرفونها ويغيرونها، ولا يعطلونها كما تفعل الجهمية والمعتزلة، ولا يمثلون صفات الله بصفات خلقه، ولا يكيفون. ويقولون: كيفيتها كذا، كيفيتها كذا، لا، بل يمرونها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، مثل الرحمن، نقول: هو موصوف بالرحمة على وجه لائق بالله، ليست مثل رحمة المخلوقين، ولا نعلم كيفيتها، ولا نزيد ولا ننقص. وهكذا نقول: إنه موصوف بالاستواء {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (¬1). . أما كيف استوى، الله أعلم. ولا نقول كما تقول الجهمية: إنه استولى. لا، نحن نقول: استوى، يعني ارتفع وعلا فوق العرش، الاستواء هو العلو والارتفاع، لكن على وجه لائق بالله، لا يشابه استواء المخلوقين على دوابهم أو في سطوحهم. لا، استواء يليق به ويناسبه، لا يماثل صفات المخلوقين، ولا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى. كذلك كونه يغضب، هو يغضب جل وعلا على من عصاه وخالف أمره، لكن ليس ¬

_ (¬1) سورة طه الآية 5

مثل غضبنا، ولا نكيف ونقول: كيفيته كذا وكذا. لا، نقول: يغضب غضبا يليق بجلاله، لا يشابه صفات المخلوقين، كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬1)، وقال تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (¬2)، وقال تعالى: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} (¬3)، يعني أشباها ونظراء. وهكذا نقول: إنه يعطي ويمنع، وإنه يحب وإنه يكره، لكن على وجه لائق بالله، لا يشابه صفات المخلوقين في محبتهم وكراهيتهم وبغضهم وسخطهم. لا، صفاته تليق به. وهكذا نقول: له وجه، وله يد، وله قدم وسمع، وله بصر. لكن ليس مثل أسماعنا، ولا مثل أبصارنا، ولا مثل أيدينا، ولا مثل وجوهنا. وجه يليق بالله، يد تليق بالله، سمع يليق بالله، عين تليق بالله. لا يشابه الخلق في شيء من صفاته جل وعلا، كما قال سبحانه وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬4). . وقد أخبر عن نفسه أنه سميع بصير، وأنه عزيز حكيم، بل يداه مبسوطتان. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزال جهنم يلقى فيها، وهي تقول: هل من مزيد؟ حتى يضع الجبار فيها قدمه، فيلتوي بعضها إلى بعض، ثم تقول: قط قط (¬5)»، يعني حسبي حسبي. ¬

_ (¬1) سورة الشورى الآية 11 (¬2) سورة الإخلاص الآية 4 (¬3) سورة البقرة الآية 22 (¬4) سورة الشورى الآية 11 (¬5) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: [وهو العزيز الحكيم] برقم 7384، ومسلم في كتاب الجنة، وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء، برقم 2848.

وهكذا بقية الصفات نمرها كما جاءت مع الإيمان بها، وإثباتها لله على وجه لائق بالله، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. نقول: إنها ثابتة، وإنها حق. ولا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه، كما قال جل وعلا: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬1). . ولما سئل مالك بن أنس - رحمه الله - عن الاستواء، قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن ذلك بدعة (¬2)، يعني عن الكيفية. وهكذا قال سفيان الثوري وابن معين والأوزاعي والإمام أحمد بن حنبل والإمام إسحاق بن راهوية، وغيرهم من أئمة السلف. وهكذا الصحابة والتابعون على هذا الطريق، لا يمثلون صفات الله بصفات خلقه، ولا يكيفونها ولا يقولون: كيف كيف، بل يقولون: نثبتها لله، على الوجه اللائق بالله، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، بل نقول كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬3). . ¬

_ (¬1) سورة الشورى الآية 11 (¬2) الأسماء والصفات للبيهقي ج 2 ص 410 برقم 836، الاعتقاد للبيهقي ج 1 ص 67، برقم 55 (¬3) سورة الشورى الآية 11

س: السائل من جمهورية مصر العربية، يقول: ما هو مذهب أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات؟ وما الفرق بين الأسماء والصفات؟ (¬1). ج: مذهب أهل السنة والجماعة في أسماء الله وصفاته هو إثباتها وإمرارها كما جاءت على وجه لائق بالله سبحانه وتعالى، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل؛ عملا بقوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬2)، وقوله سبحانه: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (¬3). . فقد سمى نفسه بأسماء، ووصف نفسه بصفات، فالواجب إثباتها وإمرارها كما جاءت. الرحيم، والعزيز، والقدير، والسميع، والبصير، والرءوف، والغفور، والعليم، إلى غير ذلك. يجب إثباتها لله، على وجه لائق بالله، من غير تحريف للفظها، ولا تعطيل لمعناها، ولا تكييف. ما يقول: كيفيتها كذا، أو كيفيتها كذا، ولا إنها مثل كذا، ولا مثل كذا، قال الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬4). . وقال رجل للإمام مالك بن أنس رحمه الله: يا أبا عبد الله، الرحمن على العرش استوى، كيف استوى؟ فقال ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (412) (¬2) سورة الشورى الآية 11 (¬3) سورة الأعراف الآية 180 (¬4) سورة الشورى الآية 11

رحمه الله: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن ذلك بدعة. وهكذا جاء هذا المعنى عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن شيخ مالك، وجاء معناه عن أم سلمة رضي الله عنها: معنى: الاستواء معلوم. يعني معروفا معناه، أنه العلو فوق العرش. هذا الاستواء، كما قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (¬1). . وقال سبحانه: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (¬2). في سبعة مواضع من القرآن، صرح فيها سبحانه أنه استوى على العرش، يعني ارتفع عليه، وعلا عليه جل وعلا. استواء يليق بجلاله، لا يشابه خلقه في استوائهم، ولا يكيف، ما يقال: كيفيته كذا، كيفيته كذا، بل يقال: الله أعلم بالكيفية، الاستواء حق ومعلوم، وهو العلو فوق العرش، أما الكيفية فلا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى. وهكذا قال جميع أهل السنة من الصحابة، ومن بعدهم، كلهم يقولون هذا المعنى. فالاستواء والرحمة والعلم والقدرة كلها معلومة، أما الكيف غير معلوم، والإيمان بهذا واجب. نؤمن بأن الله سميع، عليم، حكيم، رءوف، رحيم، قدير، بصير، لطيف، إلى غير ذلك من أسمائه، ولكن لا نكيفها، بل نقول: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬3). . ¬

_ (¬1) سورة طه الآية 5 (¬2) سورة الأعراف الآية 54 (¬3) سورة الشورى الآية 11

معناها حق، والرحمن اسم والرحمة صفة، والعليم اسم والعلم صفة، والقدير اسم والقدرة صفة. هذا هو الفرق بينهما، فتقول: اللهم، إني أسألك بقدرتك، أسألك بعلمك كذا وكذا، هذه صفة. اللهم، إني أسألك بأنك العليم، بأنك الرحمن - توسل بالأسماء، كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (¬1). . والصفة هي المعنى، والاسم هو اللفظ المشتمل على الذات والمعنى، يقال له: اسم. أما المعنى فقط يقال له: وصف. الرحمن هذا يسمى علما اسما؛ لأنه دال على الذات وعلى الصفة، وهي الرحمة. العليم اسم؛ لأنه دال على الذات وعلى العلم، السميع اسم؛ لأنه دال على الذات وعلى السمع، البصير اسم دال على الذات والبصر. هذه يقال لها: أسماء. أما الصفات فالعلم صفة، والرحمة صفة، والقدرة صفة، السمع صفة. وهكذا يجب إمرار الجميع كما جاءت، وإثباتها لله، كما قال أهل السنة والجماعة على الوجه اللائق بالله سبحانه، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل. صفات الله تليق به، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته جل وعلا، كما قال سبحانه: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (¬2)، وقال: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} (¬3). وقال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬4)، سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 180 (¬2) سورة الإخلاص الآية 4 (¬3) سورة النحل الآية 74 (¬4) سورة الشورى الآية 11

بيان الكلام في أفعال الله وصفاته

42 - بيان الكلام في أفعال الله وصفاته س: السائل من تشاد، يقول: هل أفعال الله عز وجل قديمة؟ أم حادثة؟ وكيف نوفق بين ذلك؟ جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء (¬1). ج: أفعال الله سبحانه جل وعلا أصلها قديم، وأنواعها تحدث شيئا بعد شيء، فهو الخلاق لم يزل خلاقا، سبحانه وتعالى. لم يزل فعالا لما يريد سبحانه وتعالى، لكن أفعاله تتجدد بحسب حال الواقع. فخلق آدم وقع بعد أن كان عدما، وهكذا خلق الملائكة، وهكذا خلق السماوات، وهكذا خلق الأرض، وهكذا خلق شيء بعد ذلك. وهكذا رضاه عمن مضى، ورضاه عمن يأتي من المؤمنين، وغضبه على من مضى، وغضبه على من يأتي من الكفار، وهكذا. سبحانه وتعالى، فجنس أفعاله وصفاته قديمة. والصفات قسمان: قسم ذاتي، كعلمه وسمعه وبصره. فهذا لم يزل سبحانه سميعا بصيرا عليما قادرا على كل شيء، جل وعلا. وأفعال متعددة تتعلق بالمخلوقين، تتجدد بفعل المخلوقين. فخلق السماوات وخلق الأرض وقع بعد أن كانت عدما، وخلق آدم وقع بعد أن كان عدما. وهكذا خلق الجنة والنار، وهكذا غير ذلك. كلها تقع شيئا بعد شيء، وهو سبحانه موصوف بأنه الخلاق القادر على كل شيء، ولكنه يفعل ما يشاء، كما قال تعالى: ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (417)

{إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} (¬1) {إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ} (¬2) {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} (¬3) {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} (¬4) {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} (¬5)، وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} (¬6)، فهو سبحانه يفعل ما يشاء قديما وحديثا جل وعلا، لم يزل خلاقا، لم يزل قادرا، لم يزل عالما، لم يزل حيا، قيوما سميعا بصيرا، إلى غير هذا سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) سورة البروج الآية 12 (¬2) سورة البروج الآية 13 (¬3) سورة البروج الآية 14 (¬4) سورة البروج الآية 15 (¬5) سورة البروج الآية 16 (¬6) سورة الحج الآية 18

وجوب الإيمان باستواء الله تعالى على العرش

43 - وجوب الإيمان باستواء الله تعالى على العرش س: سألني أخ مسلم أين الله؟ فقلت له: في السماء. فقال لي: فما رأيك في قوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} (¬1).؟ وذكر آيات كثيرة، ثم قال: لو زعمنا أن الله في السماء لحددنا جهة معينة، فما رأي سماحتكم في ذلك؟ وهل هذه الأسئلة من الأمور التي نهينا عن السؤال عنها؟ (¬2)؟ ج: قد أصبت في جوابك، وهذا الجواب الذي أجبت به هو الذي أجاب به النبي - صلى الله عليه وسلم - فالله جل وعلا في السماء، في العلو سبحانه ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 255 (¬2) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (118)

وتعالى كما قال سبحانه وتعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} (¬1) {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} (¬2)، وقال جل وعلا: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (¬3). . وقال سبحانه: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (¬4). . فهو سبحانه وتعالى فوق العرش في جهة العلو، فوق جميع الخلق عند جميع أهل العلم من أهل السنة. قد أجمع أهل السنة والجماعة - رحمة الله عليهم - على أن الله في السماء فوق العرش، فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى. وهذا هو المنقول عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن أصحابه رضي الله عنهم، وعن أتباعهم بإحسان. كما أنه موجود في كتاب الله القرآن. وقد سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - جارية جاء بها سيدها ليعتقها، «فقال لها الرسول: " أين الله "؟ قالت: في السماء، قال: "من أنا"؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة (¬5)» رواه مسلم في الصحيح. فالرسول أقر هذه الجارية في الجواب الذي قلته أنت، «قال لها: " أين الله "؟ قالت: في السماء. قال: " من أنا "؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة». وما ذاك إلا لأن إيمانها بأن ¬

_ (¬1) سورة الملك الآية 16 (¬2) سورة الملك الآية 17 (¬3) سورة طه الآية 5 (¬4) سورة الأعراف الآية 54 (¬5) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة، برقم 537.

الله في السماء يدل على إخلاصها لله، وتوحيدها لله، وأنها مؤمنة به سبحانه وبعلوه، فوق جميع خلقه وبرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - حيث قالت: أنت رسول الله. أما قوله جل وعلا: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} (¬1). فهذا لا ينافي ذلك، الكرسي فوق السماوات، والعرش فوق الكرسي، والله فوق العرش، فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى. وتحديد الجهة لا مانع منه، جهة العلو؛ لأن الله في العلو، وإنما يشبه بهذا بعض المتكلمين، وبعض المبتدعة ويقولون: ليس في جهة. وهذا كلام فيه تفصيل، فإن أرادوا ليس في جهة مخلوقة، وأنه ليس في داخل السماوات، وليس في داخل الأرض ونحوها - فهذا صحيح. أما إن أرادوا أنه ليس في العلو فهذا باطل، وخلاف ما دل عليه كتاب الله، وما دلت عليه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام. وما دل عليه إجماع سلف الأمة، فقد أجمع علماء الإسلام أن الله في السماء، فوق العرش، فوق جميع الخلق، والجهة التي هو فيها هي جهة العلو، وهي ما فوق جميع الخلق. وهذه الأسئلة ليست بدعة، ولم ينه عنها، بل هذه الأسئلة مأمور بها، يعلمها الناس كما سأل عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " أين الله؟ " وسأله رجل، فقال: أين ربنا؟ فأخبره أنه في العلو سبحانه وتعالى، فالله سبحانه وتعالى في العلو في جهة العلو، فوق السماوات، فوق العرش، فوق ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 255

جميع الخلق، وليس في الأرض ولا في داخل الأرض، ولا في داخل السماوات، ومن قال: إن الله في الأرض، إن الله في كل مكان كالجهمية والمعتزلة ونحوهم فهو كافر عند أهل السنة والجماعة؛ لأنه مكذب لله ولرسوله، في إخبارهما بأن الله سبحانه في السماء فوق العرش جل وعلا، فلا بد من الإيمان بالله، فوق العرش فوق جميع الخلق، وأنه في السماء في العلو معنى السماء يعني العلو، فالسماء يطلق على معنيين أحدهما: السماوات المبنية، يقال لها: سماء، والثاني العلو يقال له: سماء فالله سبحانه في العلو في جهة العلو، فوق جميع الخلق، وإذا أريد السماء المبنية معناه عليها (في) يعني على، على السماء وفوقها كما قال الله سبحانه: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} (¬1)، يعني: عليها، وكما قال الله عز وجل عن فرعون إنه قال: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} (¬2)، يعني على جذوع النخل فلا منافاة بين قول من قال: في السماء، وبين قول من قال: إنه في العلو؛ لأن السماء المراد بها العلو، فالله في العلو فوق السماوات فوق جميع الخلق وفوق العرش سبحانه وتعالى، ومن قال: إنه علا يعني فوق السماوات المبنية، ولا شك أنه فوقها فوق العرش فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى. فأنت على عقيدة صالحة وأبشر بالخير والحمد لله الذي هداك لذلك، ولا تلتفت لأقوال المشبهين والملبسين؛ فإنهم في ضلال وأنت ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 2 (¬2) سورة طه الآية 71

الحمد لله ومن معك على هذه العقيدة، أنتم على الحق في إيمانكم بأن الله في السماء فوق العرش فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى، وعلمه في كل مكان جل وعلا، ولا يشابه الخلق في شيء من صفاته سبحانه وتعالى، وليس في حاجة إلى العرش، ولا إلى السماء بل هو غني عن كل شيء سبحانه وتعالى، والسماوات مفتقرة إليه والعرش مفتقر إليه، وهو الذي أقام العرش، وهو الذي أقام الكرسي، وهو الذي أقام السماوات وهو الذي أمسكها سبحانه وتعالى كما قال عز وجل: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ} (¬1)، وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} (¬2)، فالله الذي أمسك السماوات وأمسك العرش، وأمسك هذه المخلوقات، فلولا إمساكه لها وإقامته لها لاندك بعضها على بعض، ولكنه جل وعلا هو الذي أقامها وأمسكها حتى يأتي أمر القيامة إذا جاء يوم القيامة صار لها حال أخرى، فهو سبحانه على كل شيء قدير وبكل شيء عليم وهو العالي فوق جميع خلقه، وصفاته كلها علا، وأسماؤه كلها حسنى. فالواجب على أهل العلم والإيمان أن يصفوا الله سبحانه بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله عليه الصلاة والسلام من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف، ولا تمثيل بل مع الإيمان بأنه سبحانه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. ¬

_ (¬1) سورة الروم الآية 25 (¬2) سورة فاطر الآية 41

س: تسأل أم مجاهد سودانية تقول: قال زوجي في إحدى خطب الجمعة: إن الله في السماء مستو على العرش، بائن من خلقه وهو فوق السماء السابعة، فذهب أحد الناس يستنكر عليه وشنع به، ونطلب من سماحتكم القول الواضح في هذا الموضوع؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: قد أحسن زوجك فيما قال، وأصاب الحق فيما قال، والله سبحانه وتعالى فوق العرش، فوق جميع السماوات، فوق جميع الخلق؛ كما قال عز وجل: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (¬2). والاستواء معناه: العلو والارتفاع، يعني ثم علا على العرش وارتفع عليه سبحانه وتعالى. فهو فوق العرش وعلمه في كل مكان عند أهل السنة والجماعة، وهذا هو الذي جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام، وعلى رأسهم نبينا وإمامنا محمد عليه الصلاة والسلام، وهو قول أصحاب النبي جميعا رضي الله عنهم، كلهم درجوا على أن الله في العلو، فوق العرش فوق جميع الخلق، وعلمه في كل مكان سبحانه وتعالى؛ كما قال جل وعلا: {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} (¬3). وقوله: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (¬4). فله العلو الكامل ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (104). (¬2) سورة الأعراف الآية 54 (¬3) سورة غافر الآية 12 (¬4) سورة البقرة الآية 255

سبحانه وتعالى من جميع الوجوه: علو الذات، وعلو القدر والشرف، وعلو السلطان والقهر سبحانه وتعالى، وهو فوق العرش، فوق جميع الخلق، استوى على العرش استواء يليق بجلاله وعظمته؛ كما قال سبحانه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (¬1). قال هذا في سبعة مواضع من كتابه العظيم. فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة الإيمان بذلك، والإمرار للصفات كما جاءت بغير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. وإنكار الاستواء من مذهب الجهمية، مذهب أهل البدع، فالواجب على أهل الإسلام ذكورا وإناثا أن يؤمنوا بذلك؛ كما جاء في القرآن العظيم، وأن يسيروا على نهج أهل السنة في إثبات علو الله فوق جميع الخلق، فوق السماء السابعة، فوق جميع الخلق، فوق العرش؛ فإن العرش فوق الكرسي، ثم هناك بعد الكرسي بحر بين أسفله وأعلاه مثل ما بين السماء والأرض، فالعرش فوق الكرسي وفوق الماء، والعرش هو سقف المخلوقات. وهو أعلاها والله فوق العرش سبحانه وتعالى، فوق جميع الخلق جل وعلا، ولهذا قال سبحانه: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (¬2)، وقال عز وجل: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (¬3) ¬

_ (¬1) سورة طه الآية 5 (¬2) سورة الأعراف الآية 54 (¬3) سورة طه الآية 5

وقال: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} (¬1). في آيات سبع، كلها دالة على علوه وفوقيته واستوائه على العرش سبحانه وتعالى، فالذي أنكر على زوجك هو الذي أخطأ وغلط ووافق أهل البدع، وخالف أهل السنة، وأما زوجك في إخباره بأن الله فوق العرش فوق السماء، فوق جميع الخلق فقد أصاب، ووافق أهل السنة ووافق الكتاب والسنة، وخالف أهل البدع، فنسأل الله لنا ولكم ولزوجك ولجميع المسلمين التوفيق والهداية، والاستقامة على الحق. ¬

_ (¬1) سورة الفرقان الآية 59

معنى عرش الرحمن

44 - معنى عرش الرحمن س: ما المقصود بعرش الرحمن؟ (¬1). ج: العرش عند أهل العلم وفي اللغة العربية هو السرير العظيم، سرير الملك والمراد بعرش الرحمن سرير عظيم هو أعظم المخلوقات، له قوائم وله حملة من الملائكة يحملونه، والله فوق العرش سبحانه وتعالى كما قال عز وجل: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (¬2)، وقال سبحانه: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (¬3) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (140). (¬2) سورة طه الآية 5 (¬3) سورة الأعراف الآية 54

، فهو سرير عظيم ومخلوق عظيم لا يعلم مدى عظمته وسعته إلا الذي خلقه سبحانه وتعالى، وهو كالقبة على العالم، هو سقف العالم كله، وهو سقف الجنة أيضا وليس فوقه شيء سوى الله سبحانه وتعالى، هذا هو العرش السرير العظيم الذي تعرفه العرب، كما قال الله سبحانه في قصة بلقيس: {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} (¬1)، فكراسي الملوك يقال لها عروش، لكن عرش الله سبحانه لا يشابهه شيء من عروش المخلوقين، ولكنه في الجملة يعرف من حيث اللغة، وهو سرير عظيم لا يعلم سعته وعظمته وكنهه ومادته إلا الذي خلقه سبحانه وتعالى، إلا إذا صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء بذلك، إذا صح عن رسول الله شيء من كنهه فذلك مقدر، ما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحق، لأنه لا ينطق عن الهوى، ولا أعلم شيئا صحيحا معتمدا يبين مادة هذا العرش، لكنه عرش عظيم ومخلوق عظيم له حملة من الملائكة، كما قال الله جل وعلا: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} (¬2)، يوم القيامة. والمشهور أنه في الدنيا يحمله أربعة، كما قال أمية بن أبي الصلت في شعره المعروف الذي أنشده فأقره النبي صلى الله عليه وسلم: رجل وثور تحتمي بيمينه ... والنسر للأخرى وليث مرصد يعني أربعة أملاك في صور ما ذكر، أحدهم في صورة رجل، ¬

_ (¬1) سورة النمل الآية 23 (¬2) سورة الحاقة الآية 17

والثاني في صورة ثور، والثالث في صورة نسر، والرابع في صورة أسد. فهذه مخلوقات تسمى ملائكة خلقهم الله لحمل هذا العرش، وجاء في حديث العباس بن عبد المطلب أنه في يوم القيامة يحمله ثمانية أوعال، وأنهم يحملون العرش في صورة أوعال، ولهم خلق عظيم وطول عظيم، لكن في إسناده بعض المقال، ونص القرآن أن هذا يكون يوم القيامة كما قال سبحانه: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} (¬1)، يومئذ يوم القيامة، فدل ذلك على أنه في الدنيا أربعة، ويوم القيامة يكون ثمانية، والله المستعان وهو سبحانه أعلم. ¬

_ (¬1) سورة الحاقة الآية 17

مذهب أهل السنة والجماعة في صفة العلو

45 - مذهب أهل السنة والجماعة في صفة العلو س: السائل إ. أ. أ. من الحوطة، يقول: ما هو مذهب أهل السنة والجماعة في العلو؟ (¬1). ج: مذهب أهل السنة والجماعة: الإيمان بعلو الله، وأنه سبحانه فوق العرش، فوق جميع الخلق، كما قال جل وعلا: {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} (¬2) وقال جل وعلا: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (¬3)، وقال سبحانه: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (¬4) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (404). (¬2) سورة غافر الآية 12 (¬3) سورة البقرة الآية 255 (¬4) سورة الأعراف الآية 54

، وقال سبحانه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (¬1)، وقال جل وعلا: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (¬2)، والآيات في هذا المعنى كثيرة، أهل السنة والجماعة يؤمنون إيمانا قطعيا بأنه سبحانه في العلو فوق العرش، فوق جميع الخلق، ليس بينهم خلاف في هذا والحمد لله. س: السائل من تشاد، يقول: أين الله؟ هل هو على عرشه؟ أم في كل مكان؟ وما حكم من يقول بأن الله في كل مكان؟ (¬3). ج: الله سبحانه فوق العرش في العلو فوق جميع الخلق، عند أهل السنة والجماعة، هكذا جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام، كل الرسل جاءوا بأن الله فوق العرش، فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى، قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (¬4)، وقال سبحانه: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} (¬5)، وقال جل وعلا: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (¬6)، وقال جل وعلا: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} (¬7) ¬

_ (¬1) سورة طه الآية 5 (¬2) سورة فاطر الآية 10 (¬3) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (417). (¬4) سورة طه الآية 5 (¬5) سورة الملك الآية 16 (¬6) سورة فاطر الآية 10 (¬7) سورة المعارج الآية 4

، وقال جل وعلا: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (¬1)، في سبعة مواضع، صرح فيها سبحانه بأنه فوق العرش، قد استوى عليه استواء يليق بجلاله وعظمته، لا يشابه خلقه في استوائهم، ولا في غير ذلك من صفاته جل وعلا، قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬2)، وقال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (¬4) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (¬5) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (¬6)، وقال سبحانه: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} (¬7)، استفهام إنكاري يعني لا سمي له، ولا كفو له سبحانه وتعالى، وجاء رجل من الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية يريد أن يعتقها، قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «يا جارية أين الله؟ " قالت: في السماء، قال: " من أنا؟ "، قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة (¬8)»، أخرجه مسلم في صحيحه، «لما سألها عن الله؟ قالت: في السماء، فقال: أعتقها فإنها مؤمنة»، دل على أن ربنا في السماء في العلو، فوق العرش، فوق جميع الخلق، وهذا معنى قوله سبحانه: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} (¬9) أم {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ} (¬10) ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 54 (¬2) سورة الشورى الآية 11 (¬3) سورة الإخلاص الآية 1 (¬4) سورة الإخلاص الآية 2 (¬5) سورة الإخلاص الآية 3 (¬6) سورة الإخلاص الآية 4 (¬7) سورة مريم الآية 65 (¬8) أخرجه مسلم في كتاب المساجد مواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته، برقم 537. (¬9) سورة الملك الآية 16 (¬10) سورة الملك الآية 17

، هكذا جاء في سورة الملك، وهذا إجماع أهل السنة والجماعة، أجمع الصحابة كما أجمعت الرسل عليهم الصلاة والسلام أن الله فوق العرش، وأن الله في العلو جل وعلا، ومن هذا قوله جل وعلا: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاهَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ} (¬1) {أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى} (¬2)، دل على أن موسى أخبره أن الله في العلو، وأنه فوق العرش، ولهذا قال فرعون ما قال. ومن قال: إن الله في كل مكان أو ليس في العلو فهو كافر، مكذب لله ورسوله، ومكذب لإجماع أهل السنة والجماعة، كالجهمية وأشباههم والمعتزلة هؤلاء من أكفر الناس، لإنكارهم أسماء الله وصفاته. ¬

_ (¬1) سورة غافر الآية 36 (¬2) سورة غافر الآية 37

بيان الواجب على من سئل: أين الله

46 - بيان الواجب على من سئل: أين الله س: البعض من الناس حينما يسأل أين الله؟ يقول: في كل مكان، فما هو الجواب الصحيح من الأدلة الشرعية؟ (¬1). ج: الواجب على من سئل: أين الله؟ أن يجيب بما أجابت به الجارية لما سألها الرسول صلى الله عليه وسلم، جيء للرسول صلى الله عليه وسلم بجارية يريد صاحبها ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (389).

أن يعتقها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «أين الله؟ " قالت: في السماء، قال: " من أنا؟ " قالت: أنت رسول الله، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم للذي أتى بها: أعتقها فإنها مؤمنة». وهذا هو الواجب، من قيل له: أين الله؟ يقول: في السماء، فوق العرش؛ كما قال الله جل وعلا: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} (¬1)، وقال: {أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} (¬2)، يعني في جهة العلو فوق العرش، وقال جل وعلا: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (¬3) وقال سبحانه: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} (¬4) الآية. والله جل وعلا قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (¬5)، وقال سبحانه: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (¬6)، يعني استوى ارتفع وعلا، في سبعة مواضع من القرآن، ذكر فيها أنه استوى على العرش سبحانه وتعالى، وأهل السنة والجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان يؤمنون بهذا ويقرون بأنه سبحانه فوق العرش، فوق جميع الخلق، وأنه استوى على العرش، فوق جميع الخلق، وأنه استوى على العرش استواء يليق بجلاله وعظمته، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته سبحانه وتعالى. فمن سئل: أين الله؟ يقول: في السماء فوق العرش، هكذا قال ¬

_ (¬1) سورة الملك الآية 16 (¬2) سورة الملك الآية 17 (¬3) سورة فاطر الآية 10 (¬4) سورة المعارج الآية 4 (¬5) سورة طه الآية 5 (¬6) سورة الأعراف الآية 54

أهل السنة والجماعة، كما دل عليه القرآن العظيم، والسنة المطهرة. ومن قال: إنه في كل مكان، فقد كذب الله ورسوله، وهو بهذا يكون كافرا، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وعلى ولي الأمر: السلطان أن يحيله إلى المحكمة، فإن تاب وإلا قتل؛ لأن معناه إنكار كون الله في العلو كونه فوق العرش، معناه تكذيب الله، وتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فيكون كافرا مرتدا، يستتاب فإن تاب وإلا قتل من جهة ولي الأمر، يحال إلى المحكمة الشرعية حتى يستتاب.

حكم قول: الله في كل مكان

47 - حكم قول: الله في كل مكان س: السائل ل. ع. ل. من السودان، يقول سماحة الشيخ: الإيمان بالأسماء والصفات من أهم شروط اكتمال العقيدة الصحيحة، ومنها الاستواء على العرش، ولكن نجد في بعض البلاد بأنهم يقولون بأن الله في كل مكان، بماذا تنصحونهم، وإن ماتوا على هذا، هل هم خارج الملة، أفتونا بالتفصيل جزاكم الله خيرا؟ (¬1). ج: هذا سؤال مهم عظيم يجب على كل مسلم أن ينتبه له، قد أوضحه الرب جل وعلا في كتابه العظيم أوضح الجواب في كتابه ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (396).

العظيم سبحانه وتعالى، وهو الإيمان بعلو الله واستوائه على عرشه، فقد دل كتاب الله العظيم في سبعة مواضع على أنه سبحانه فوق العرش قد استوى عليه استواء يليق بجلاله وعظمته، لا يشابه خلقه في شيء من ذلك سبحانه وتعالى، كما قال جل وعلا في سورة الأعراف: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (¬1)، ومنها قوله جل وعلا في سورة طه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (¬2). فالذي عليه أهل السنة والجماعة: الإيمان بذلك، وأنه سبحانه فوق العرش في علو، قد استوى على العرش استواء يليق بجلاله وعظمته، كما قال تعالى: {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} (¬3)، وقال سبحانه: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (¬4)، وقال سبحانه: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} (¬5)، وقال سبحانه: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (¬6)، إلى آيات كثيرات تدل على علوه سبحانه، وأنه فوق العرش، فوق جميع الخلق، وهذا قول أهل السنة والجماعة، وهو الذي جاءت به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام جميعا، ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 54 (¬2) سورة طه الآية 5 (¬3) سورة غافر الآية 12 (¬4) سورة البقرة الآية 255 (¬5) سورة المعارج الآية 4 (¬6) سورة فاطر الآية 10

وهو الذي دل عليه القرآن العظيم، ودلت عليه سنة الرسول صلى الله عليه وسلم المتواترة، وأجمع عليه المسلمون: الصحابة ومن بعدهم. ومن زعم أن الله في كل مكان فقد كفر؛ لأنه مكذب لله ورسوله، ومكذب لجماعة المسلمين، فالواجب على كل من يعتقد هذا الاعتقاد أن يتوب إلى الله، وأن يقلع من ذنبه العظيم، وأن يؤمن بأن الله سبحانه في العلو فوق العرش، فوق جميع الخلق جل وعلا.

بيان معنى معية الله تعالى مع خلقه

48 - بيان معنى معية الله تعالى مع خلقه س: قرأت كثيرا في كتب التوحيد، فما إرشادكم في الكتاب الجامع للأسماء والصفات، واعتقاد أهل السنة والجماعة؟ وهل يصلح إطلاق كلمة: إن الله سبحانه وتعالى مع خلقه بعلمه وبقدرته وإرادته، وأقصد بذلك الباء، لأني أقول الباء تقتضي الملاصقة، أرجو التوجيه في هذه القضايا؟ (¬1). ج: أحسن كتاب وأشرف كتاب، وأعظم كتاب في بيان أسماء الله وصفاته، وحقه على عباده هو كتاب الله، هو القرآن العظيم ليس بعده كتاب، هو أشرف كتاب وأعظم كتاب وخير كتاب، وأعلى كتاب لمن أراد الحق وليس فوقه كتاب، وفيه الهداية وفيه البيان، وفيه الدلالة على ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (87).

كل خير، ثم سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيحة، مثل ما في الصحيحين وما ثبت في السنن وغيرها من الأحاديث الصحيحة، فهي أيضا العمدة في هذا الباب، ثم الاستعانة بكتب أهل العلم، التي فيها خير كثير من السلف ككتب الأئمة المعروفين، وموطأ مالك ومسند أحمد وغيرها؛ لأنها كتب تروي الأحاديث الصحيحة تروي الآثار عن السلف الصالح، ثم ما ألفه بعدهم العلماء في الأسماء والصفات مثل كتاب التوحيد لابن خزيمة، كتاب السنة لعبد الله بن أحمد، كتاب الدارمي عثمان بن سعيد للرد على بشر المريسي، وما أشبه ذلك من الكتب التي ألفت في السنة، كتب البيهقي وإن كان فيها بعض التأويل، الذي وافق فيه الأشاعرة لكنها في الجملة كتب مفيدة، لكن يجب التنبه لما فيها من بعض الخلل والتأويل، ومن أحسن الكتب المتأخرة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، كتب ابن القيم والذهبي، هؤلاء من خيرة العلماء في القرن الثامن، وشيخ الإسلام أيضا من أعيان القرن السابع، فقد جمع بين القرنين فهو من أعيان السابع والثامن جميعا، أما ابن القيم والذهبي وأشباههم، فهم من أعيان القرن الثامن، وهم من أئمة الهدى وكتبهم فيها خير كثير، وهكذا أشباههم من أهل السنة كالحافظ ابن كثير وغيره، وابن رجب، ومن المتأخرين شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه، فإنه من أهل السنة وممن ألف في السنة في القرن الثاني عشر، هكذا تلاميذه وأتباعه، كالشيخ عبد الرحمن بن حسن صاحب فتح المجيد، والشيخ سليمان بن عبد الله صاحب تيسير

العزيز الحميد، وكلاهما حفيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهكذا كتب أئمة الدعوة الذين سلكوا مسلك الشيخ محمد في الدعوة إلى الحق وفي إثبات أسماء الله وصفاته. والقاعدة في هذا أن كل من عرف باتباع السنة، وتعظيم السنة والسير على منهج السلف الصالح، فهو الذي ينبغي السير على منهاجه، والاستعانة بكتبه والثناء عليه، وحث الناس على الاستفادة من كتبه هكذا، لا يقتصر على أحد معين، كل من عرف أنه يعتني بالسنة ويعظم كلام الله، وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام، ويحذر كلام أهل البدع، ويحذر منه ويسير على منهاج السلف الصالح، فهو جدير بالاتباع، وجدير أن يعض على كتبه بالنواجذ سواء كان شافعيا أو مالكيا أو حنفيا، أو حنبليا أو ظاهريا أو لا ينتسب لأحد. وعن المعية نعم المعية حق، وهذا الكلام هو كلام أهل السنة، بأن الله مع عباده بالمعية، كما قال تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (¬1) وهو مع أوليائه أيضا بالمعية، لكنها معية خاصة تقتضي نصره لهم، وحفظه لهم وكلاءته لهم، كما قال سبحانه في حق موسى وهارون: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (¬2) يعني بالنصر والتأييد والكلاءة، وحمايتهما من شر فرعون، وقد فعل سبحانه لقد تكلما على ¬

_ (¬1) سورة الحديد الآية 4 (¬2) سورة طه الآية 46

فرعون وناظراه، وبينا له الحق ولم يخافا في الله لومة لائم، والله حماهما من كيده. وهكذا قوله سبحانه في حق محمد صلى الله عليه وسلم {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} (¬1)، لما كان في الغار مع صاحبه أبي بكر، وهكذا قوله سبحانه: {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (¬2) إلى غير هذا من آيات المعية، وليس في الباء شبهة، الله معنا بقدرته بعلمه ليس بشبهة. المعنى: أنه فوق العرش، فوق السماوات السبع، بائن من خلقه وهو معنا سبحانه، بقدرته يعني قادرا علينا، معنا يعني أنه قادر علينا، عالم بأحوالنا يرانا ولا يخفى عليه مكاننا، وهو فوق العرش سبحانه وتعالى، وهو معنا أيضا بإحسانه إلينا وبكلاءته لأوليائه، وبحفظه لهم كما أنه مع الناس كلهم بالعلم والإحاطة والقدرة والتصرف سبحانه وتعالى، واعتقاد الباء ملاصقة غير لازم؛ لأن كل مقام له مقال، سرت مع زيد، لا يلزم منه الملاصقة معه، يعني جنبه، لكن لا تلزم الملاصقة، سافرت مع زوجتي كذلك، سافرت مع فلان كذلك، أو سافرت بفلان مثل مع فلان، لا يقتضي الملاصقة، كل شيء بحسبه، سرت مع القمر أو سرت والقمر، أو سرت بالشمس، يعني بالاستمتاع بها والانتفاع بها. ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 40 (¬2) سورة الأنفال الآية 46

كما هي في حق المخلوق إذا قال أحد: أنا معك حيثما كنت، فالله أولى وأجل، ويقول الناس مثلا في العهد الأول: فلان مع معاوية، يعني مع مناصرة معاوية، ولو كان في الشرق أو الغرب، وفلان مع علي يعني مع مناصرة علي، وإن كان ليس في الكوفة ولا معه في جيشه، ويقال: فلانة مع زوجها وفلان معه فلانة، وإن كان بينهما مسافات طويلة، يعني في عصمته، كذلك الراعي مع الرعية والرعية مع الراعي، كلها معية نسبية إذا جاز هذا في المخلوقين، مع قرب بعضهم من بعض، فيجوز في حق الخالق مع عظيم البينونة، البينونة عظيمة، الله سبحانه لا يشابهه شيء، والله سبحانه لا يخالط خلقه، ولا يكون في خلقه شيء منه ولا في خلقه شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من خلقه سبحانه وتعالى.

الكلام على صفة نزول الله تعالى

49 - الكلام على صفة نزول الله تعالى س: يسأل المستمع ويقول: حديث النزول قول: ينزل ربنا في الثلث الأخير، هل ينزل ربنا عز وجل؟ أم تنزل الرحمة؟ (¬1) ج: تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما أن الله جل وعلا ينزل إلى سماء الدنيا كل ليلة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ينزل ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (417).

ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فينادي فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (¬1)». أخبر عن نفسه أنه ينزل، لكن لا يعلم كيف النزول إلا هو، كما لا يعلم كيف الاستواء إلا هو سبحانه وتعالى، ينزل كما يشاء وكما يليق بجلاله، لا يعلم كيف نزوله إلا هو، فنقول: ينزل ولا نكيف، ولا نمثل، ولا نزيد ولا ننقص، بل نقول: ينزل ربنا كما قال: «ينزل ربنا إلى سماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له (¬2)» وفي لفظ: «هل من سائل فيعطى سؤله؟ هل من داع فيستجاب له؟ هل من مستغفر فيغفر له (¬3)» وفي اللفظ الآخر: «هل من تائب فيتاب عليه؟ (¬4)». يجب على كل مسلم أن يؤمن بهذا النزول إيمانا قاطعا يقينا على الوجه اللائق بالله، لا يكيف، كما نقول في الاستواء، الاستواء معلوم والكيف مجهول، فهكذا نقول: النزول معلوم والكيف مجهول. هكذا قال أئمة السلف كمالك، وربيعة بن أبي عبد الرحمن ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم 1145، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه، برقم 758. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم 1145، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه، برقم 758. (¬3) مسند أبي يعلى ج 10 ص 342 برقم 5936. (¬4) مسند أبي يعلى ج 10 ص 342 برقم 5936.

عن شيخه، وسفيان الثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل، وغيرهم من أئمة الإسلام، قالوا في الاستواء وهكذا في النزول، استوى كما يليق بجلاله، استواء بلا كيف فالاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال - يعني عن الكيف - بدعة. فهكذا نقول: يغضب ويرضى، سبحانه وتعالى غضبا يليق بجلاله لا يشابه غضب المخلوقين، وهكذا يسمع ويبصر لا كسمع المخلوقين، ولا كبصر المخلوقين، سمعا يليق بجلاله، وبصرا يليق بجلاله لا يشابه صفات المخلوقين، وهكذا بقية الصفات، بابها واحد، نثبتها لله على الوجه اللائق بجلال الله، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬1) هذا قول أهل السنة والجماعة، وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان إلى يوم القيامة. ¬

_ (¬1) سورة الشورى الآية 11

صفه الصبر والحلم

50 - صفه الصبر والحلم س: السائلة / أم تماضر تسأل: ما الفرق بين الحلم والصبر الذي من صفات الله عز وجل؟ (¬1). ج: الحلم هو عدم معاجلة العاصي بالعقوبة فهو سبحانه موصوف بالحلم جل وعلا، وهو أيضا موصوف بالصبر كما في الحديث الصحيح: «لا أحد أصبر على أذى من الله عز وجل، يدعون له الولد ثم يعافيهم ويرزقهم (¬2)»، الصبر يعني عدم العجلة بالعقوبة، كونه يصبر لا يعاجل عباده بالعقوبة مع شرك الكثير وظلمهم وعدوانهم، كما قال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} (¬3)، وقال سبحانه: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (¬4) ومع هذا يمهلهم، كما قال عز وجل: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} (¬5) ففي هذا الحلم والصبر جميعا. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (394). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين)، برقم 7378، ومسلم في كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب لا أحد أصبر على أذى من الله عز وجل، برقم 2804. (¬3) سورة يوسف الآية 103 (¬4) سورة الأنعام الآية 116 (¬5) سورة إبراهيم الآية 42

تكليم الله تعالى لموسى عليه الصلاة والسلام

51 - تكليم الله تعالى لموسى عليه الصلاة والسلام س: كم مرة كلم الله موسى؟ وهل كلمه في نفس المكان الذي كلمه به أول مرة إن كان كلمه مرة أخرى؟ (¬1). ج: الله أعلم، الله قال: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} (¬2) أما عدد الكلمات فالله أعلم، لم يبلغني في هذا عدد. س: يسأل المستمع ويقول: ما هي اللغة التي يتكلم بها الله عز وجل يوم القيامة لعباده؟ وضحوا لنا ذلك مأجورين (¬3). ج: ظاهر النصوص الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه يكلم الناس باللغة العربية، والله أعلم جل وعلا. ولا أعلم مانعا من أنه يتكلم بغيرها، هو على كل شيء قدير سبحانه وتعالى؛ يعلم كل شيء؛ ويعلم جميع اللغات، ولا تخفى عليه خافية جل وعلا، لكن ظاهر النصوص أنه يخاطب الناس يوم القيامة باللغة العربية؛ وأن لغة أهل الجنة هي اللغة العربية، يتخاطبون بهذه اللغة المعروفة - أهل الجنة - والله يخاطبهم بذلك، كما هو ظاهر ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (175). (¬2) سورة النساء الآية 164 (¬3) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (432).

النصوص، وهو سبحانه يعلم كل شيء، ويقدر على كل شيء وعلى جميع اللغات سبحانه وتعالى؛ ويعلم أحوال أهلها؛ ويجازيهم على أعمالهم بما يستحقون سبحانه وتعالى.

القرآن الكريم كلام الله غير مخلوق

52 - القرآن الكريم كلام الله غير مخلوق س: رسالة من أحد المستمعين أخونا طالب علم من جدة، له عدة قضايا من بينها هذه القضية، يقول: من المعلوم عند أهل السنة أن القرآن كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، ولكن هذه الحروف التي كتب بها القرآن، هل هي غير مخلوقة، أم أنها حروف عربية؛ أي هل كان القرآن مكتوبا في اللوح المحفوظ بهذه الحروف، أم أن هذه الحروف وجدت مع العرب؟ أرجو بيان مذهب السلف فيما سبق، والرد على الإشكالات إن كان هناك إشكالات (¬1). ج: هذا الكلام الذي سأل عنه السائل قد أجاب عنه أهل السنة والجماعة، وأجمعوا أن هذا القرآن كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، حروفه ومعانيه، فالقرآن هو كلام الله، حروفا ومعاني، تكلم الله به جل وعلا وسمعه جبرائيل وبلغه محمدا عليه الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (321).

والسلام. فالقرآن كله حروفه ومعانيه هو كلام الله، ومن قال: إنه مخلوق، فقد كفر عند أهل السنة والجماعة، فهو كلام الله حروفا ومعاني، وهو موجود في اللوح المحفوظ، بحروفه ومعانيه، كما قال سبحانه: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ} (¬1) {فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} (¬2)، فالقرآن كله كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، بحروفه ومعانيه جميعا، كما نص عليه أهل السنة والجماعة، وكما نص على ذلك أيضا أبو العباس، شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتبه، منها العقيدة الواسطية التي ذكر فيها عقيدة أهل السنة والجماعة، فالقرآن كلام الله، حروفا ومعاني جميعا، فكلام الله حروف ومعان. نزل به جبرائيل على النبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، وأثبته الله في اللوح المحفوظ، كما بين الله في كتابه سبحانه وتعالى، ومن قال خلاف ذلك فقد خالف الشرع، وابتدع في الدين، وخالف أهل السنة والجماعة. س: هذا السائل من اليمن، رمز لاسمه، بـ س. و. ت. يقول: هل قال البخاري - رحمه الله - بأن القرآن ليس مخلوقا، وهو كلام الله، ولكن التلفظ به مخلوق؟ (¬3). ج. القرآن هو كلام الله، والبخاري وغيره يقولون: هو كلام الله، ¬

_ (¬1) سورة البروج الآية 21 (¬2) سورة البروج الآية 22 (¬3) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (406).

منزل غير مخلوق، ولكن إذا قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ هذا فيه احتمال، ولهذا رأى الأئمة ترك ذلك، وإذا أراد صوته فصوته مخلوق، أما إذا أراد لفظي يعني ملفوظي. والذي يتكلم به هو القرآن، هذا غلط، ولهذا كره بعض أهل العلم من يقول: هذا الكلام؛ لأنه يوهم، إذا قال: صوتي مخلوق، أما القرآن فهو كلام الله، وأوضح الأمر فلا حرج، ولهذا كره إطلاق هذه الكلمة بعض أهل العلم لأنه يوهم، وبعضهم أجاز ذلك على نية الصوت، أما المتلفظ به وهو القرآن فهو كلام الله، منزل غير مخلوق، سواء في قلبك أو تلفظت به أو كتبته هو كلام الله غير مخلوق.

حكم من قال: إن القرآن مخلوق

53 - حكم من قال: إن القرآن مخلوق س: تقول: ما حكم من ينتسب إلى مذهب يؤمن بأن القرآن مخلوق، وأن الناس لا يرون الله يوم القيامة، مع العلم أن من ينتسبون إلى هذا المذهب أغلبهم لا يقرون بخلق القرآن، ولا يؤمنون به، ويقولون: إنا لا نؤمن بأن القرآن مخلوق، لكننا ننتسب إلى هذا المذهب؛ لأن آباءنا كانوا ينتسبون إليه فقط، وما حكم من يؤمن بخلق القرآن؟ أيعتبر خارجا عن ملة الإسلام؟ وجهونا في هذا، جزاكم الله خيرا (¬1). ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (443).

ج: نعم الذين يقولون: إن القرآن مخلوق، معناه إنكار أنه كلام الله، وهذا كفر أكبر، وهكذا من قال: إن الله لا يرى، فمن أنكر رؤية الله في الآخرة، رؤيته في الجنة فهذا كفر أكبر؛ لأنه كذب الله وكذب رسوله عليه الصلاة والسلام، فكل طائفة أو شخص يقول: إن القرآن مخلوق، معناه أنه ليس كلام الله بل هو كلام مخلوق، والله صرح بأنه كلامه سبحانه وتعالى؛ لقوله جل وعلا: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} (¬1) وقال تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ} (¬2). والرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول للناس: «ألا رجل يؤمنني حتى أبلغ كلام ربي (¬3)» يطوف عليهم في مكة قبل الهجرة يطلب منهم أن يؤووه حتى يبلغ كلام الله، المقصود أن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة كلهم صرحوا بأن القرآن كلام الله، والقرآن دل على أنه كلام الله، فمن زعم أن القرآن مخلوق فقد زعم أنه ليس كلام الله، فيكون كافرا بذلك، مكذبا لله ولرسوله ولإجماع المسلمين، وهكذا من أنكر صفات الله، وأنكر رؤيته ومن قال: إنه ليس بحكيم ولا حليم، ولا عزيز ولا قدير، فهو كافر كالجهمية، وكذلك من أنكر رؤية الله، وأن المؤمنين لا يرونه في ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 6 (¬2) سورة الفتح الآية 15 (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه، برقم 14770.

الآخرة ولا في الجنة، هذا كافر كفرا أكبر، أعوذ بالله؛ لأنه كذب الله ورسوله، والله يقول جل وعلا في حق الكفرة: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} (¬1) فإذا حجب الكفار، معناه أن المؤمنين يرون ربهم، سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} (¬2)، ناضرة أي بهية جميلة، {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (¬3) تنظر إلى الله سبحانه وتعالى، وقال جل وعلا: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (¬4)، جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله (¬5)» وجاء في الأحاديث الصحيحة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنكم ترون ربكم كما ترون القمر في ليلة البدر لا تضامون في رؤيته (¬6)»، وقال في حديث آخر: «كما ترون الشمس في صحراء ليس دونها سحاب (¬7)» وكما قال في ليلة البدر، لا تضامون في رؤيته، يعني رؤية واضحة بارزة ظاهرة، ليست فيها شبهة ولا شك، فالمقصود أن ¬

_ (¬1) سورة المطففين الآية 15 (¬2) سورة القيامة الآية 22 (¬3) سورة القيامة الآية 23 (¬4) سورة يونس الآية 26 (¬5) السنة لعبد الله بن أحمد ج 1 رقم 443. (¬6) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة) برقم 7434 (¬7) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله: (إن الله لا يظلم مثقال ذرة)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية برقم 183.

المؤمنين يوم القيامة يرون ربهم رؤية ظاهرة كما ترى الشمس صحوا، ليس دونها سحاب رؤية بارزة، وهكذا في الجنة يرون ربهم جل وعلا، فمن أنكر هذا، وقال: إنه لا يرى فقد كذب الله ورسوله، فيكون كافرا نسأل الله العافية.

الأحاديث القدسية كلام الله غير مخلوقة

54 - الأحاديث القدسية كلام الله غير مخلوقة س: هل تعتبر الأحاديث القدسية أنها غير مخلوقة لأنها كلام الله، وكلام الله غير مخلوق؟ (¬1). ج: نعم الأحاديث القدسية هي كلام الله، هي غير مخلوقة، كالقرآن؛ كقوله جل وعلا، فيما رواه النبي عليه الصلاة والسلام عن ربه يقول قال الله سبحانه: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم. (¬2)» الحديث وغيره من الأحاديث القدسية الثابتة، كلها كلام الله. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (321). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والأدب، باب تحريم الظلم، برقم 257.

رؤية الله سبحانه وتعالى يوم القيامة

55 - رؤية الله سبحانه وتعالى يوم القيامة س: هناك جدل في مسألة الرؤية؛ أي رؤية الله سبحانه وتعالى يوم القيامة، وقد كثر الخصام فمن الناس من يقول: إن الله لن يرى، ومنهم من يقول: إنه سيرى، وكل منهم يأتي بالأحاديث وبعض الآيات الكريمة لنفي أقوال الطرف الآخر، أفتونا جزاكم الله خيرا حول هذا الموضوع (¬1). ج: قول أهل السنة والجماعة، وهو إجماع الصحابة رضي الله عنهم، وإجماع أهل السنة بعدهم: أن الله سبحانه يرى يوم القيامة، يراه المؤمنون ويرونه في الجنة أيضا، أجمع أهل العلم على هذا، أجمع علماء الصحابة والمسلمون الذين هم أهل السنة والجماعة على هذا، وقد دل عليه القرآن العظيم، والسنة المطهرة الصحيحة، يقول الله عز وجل: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} (¬2)، ناضرة يعني: بهية جميلة، {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (¬3) تنظر إلى وجهه الكريم سبحانه وتعالى، وقال عز وجل: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (¬4)، صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله (¬5)» وقال عز وجل في الكفرة. {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} (¬6) ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (350). (¬2) سورة القيامة الآية 22 (¬3) سورة القيامة الآية 23 (¬4) سورة يونس الآية 26 (¬5) السنة لعبد الله بن أحمد ج 1 رقم 443. (¬6) سورة المطففين الآية 15

فإذا حجب الكفار علم أن المؤمنين غير محجوبين، بل يرون ربهم في القيامة وفي الجنة، وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن المؤمنين يرون ربهم في القيامة، وفي الجنة يقول صلى الله عليه وسلم: «إنكم ترون ربكم يوم القيامة، كما ترون القمر ليلة البدر، لا تمارون في رؤيته (¬1)». وفي لفظ: «لا تضارون في رؤيته (¬2)» وفي اللفظ الآخر: «كما ترون الشمس صحوا، ليس دونها سحاب (¬3)» كلام بين واضح، يبين عليه الصلاة والسلام أن المؤمنين يرون ربهم رؤية ظاهرة جلية، كما ترى الشمس صحوا ليس دونها سحاب، وكما يرى القمر ليلة البدر، ليس هناك سحاب، وهل بعد هذا البيان بيان؟ ما أوضح هذا البيان وما أبينه وما أكمله، وأخبر صلى الله عليه وسلم أنهم يرونه في الجنة أيضا، من أنكر الرؤية فهو مبتدع ضال، من أنكر رؤية الله للمؤمنين، كونهم يرونه يوم القيامة في الجنة، فهو ضال مبتدع نسأل الله العافية. س: هذا سائل لم يذكر الاسم في هذه الرسالة، ويقول فيها: أريد من سماحة الشيخ الإجابة على هذا السؤال، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان: «إنكم سترون ربكم عيانا كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن ¬

_ (¬1) مسلم الإيمان (183)، ابن ماجه المقدمة (179)، أحمد (3/ 16). (¬2) الترمذي صفة الجنة (2557)، أبو داود السنة (4730)، أحمد (2/ 389). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله: (إن الله لا يظلم مثقال ذرة)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية برقم 183.

استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا (¬1)» والسؤال هو: لماذا قرن في هذا الحديث بين رؤية الله عز وجل، وبين صلاة الفجر وصلاة العصر؟ هل المحافظة على هذه الصلاة في هذين الوقتين سبب لرؤية الله عز وجل؟ جزاكم الله خيرا (¬2). ج: رؤية الله سبحانه في الجنة ويوم القيامة حق يراه المؤمنون وهي أعلى نعيم أهل الجنة، إذا كشف الحجاب عن وجهه ورأوه ما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى وجهه، وقد أخبر جل وعلا أنهم يرونه يوم القيامة عيانا كما يرون الشمس صحوة ليس دونها سحاب، وكما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته، عند أهل السنة والجماعة، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وقبل غروبها فافعلوا (¬3)» يعني: صلاة العصر وصلاة الفجر، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة العصر، برقم 554، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما، برقم 633. (¬2) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (397). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل صلاة العصر، برقم 554، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما، برقم 633.

ذكر أهل العلم أن السر في ذلك أن من حافظ عليهما يكون ممن ينظر إلى الله، بكرة وعشيا في الجنة، يعني هي مقدار البكرة والعشي، الجنة ليس فيها ليل كلها نهار مطرد، لكن هي مقدار البكرة والعشي كما قال تعالى: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} (¬1)، يعني هي مقدار البكرة والعشي في الدنيا وهكذا في الرؤية في مقدار البكرة والعشي يعني خواص أهل الجنة لهم رؤية ما بين البكرة والعشي يعني رؤية كثيرة بسبب أعمالهم الطيبة وإيمانهم الصادق، ومن أسباب ذلك محافظتهم على صلاة العصر وصلاة الصبح؛ لخصوصيات أهل صلاة العصر وصلاة الصبح والمحافظة عليهما، مما يدل على قوة الإيمان وكمال الإيمان مع بقية الصلوات، الواجب أن يحافظ على الجميع، ولكن يخص العصر والفجر بمزيد عناية؛ لأنها ضد ما يفعله المنافقون وضد ما عليه الكسالى. ¬

_ (¬1) سورة مريم الآية 62

رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم لربه في الدنيا

56 - رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم لربه في الدنيا س: تسأل السائلة وتقول: هل هناك دليل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى الله عز وجل؟ وهل هناك دليل على رؤية الناس يوم القيامة للرسول صلى الله عليه وسلم؟ (¬1). ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (207).

ج: أما في الدنيا فلم ير ربه - عليه الصلاة والسلام، وقد طلب موسى أن يرى ربه فقال. {لَنْ تَرَانِي} (¬1)، وقال نبينا محمد عليه الصلاة والسلام: «واعلموا أنه لن يرى أحدكم ربه حتى يموت (¬2)»، والنبي صلى الله عليه وسلم لم ير ربه، سئل عن هذا، قال لما سأله أبو ذر، قال «يا رسول الله: هل رأيت ربك؟ قال: رأيت نورا (¬3)»، وفي لفظ قال: «نور أنى أراه (¬4)»، رواهما مسلم في الصحيح. فبين لنا أنه لن يرى أحد منا ربه حتى يموت، فعلم بهذا أنه لا يرى في الدنيا سبحانه وتعالى، وإنما يرى في الآخرة، قد يرى في النوم كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لا يرى بالعين في اليقظة إلا في الآخرة، فقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله يرى في الآخرة، يراه المؤمنون في القيامة، ويراه أهل الجنة في الجنة، وهذا إجماع أهل السنة والجماعة، وقد أنكر ذلك بعض أهل البدع، وقالوا: إنه لا يرى ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 143 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة. باب ذكر ابن صياد، برقم 2931. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب في قوله عليه السلام: " نور أنى أراه "، برقم 178. (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب في قوله عليه السلام: " نور أنى أراه "، برقم 178، والإمام أحمد في مسنده، مسند الأنصار رضي الله عنهم، حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، برقم 20987.

حتى في الآخرة، وهذا قول باطل، بل من عرف الأحاديث الصحيحة المتواترة عرف أنه حق، أنه يرى في الآخرة ويرى في الجنة، يراه المؤمنون، وأن من أنكر ذلك فقد كذب الرسول صلى الله عليه وسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا أننا نرى ربنا، قال في بعض الروايات في الصحيحين عليه الصلاة والسلام: «إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته، وكما ترون الشمس صحوا ليس دونها سحاب (¬1)» فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه يرى جل وعلا رؤية واضحة ظاهرة، يراه المؤمنون في القيامة، ويراه المؤمنون في الجنة كما يرى القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته، يعني لا يزاحمون في رؤيته ولا يتضامون أيضا ولا يشكون برؤيته سبحانه وتعالى، هكذا أخبر صلى الله عليه وسلم، بل جاءت به الأخبار عن رسول الله المتواترة، اليقينية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجمع عليه أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، كلهم أجمعوا على أن الله سبحانه - يرى في الآخرة، ويراه أهل الجنة، يراه المؤمنون ولا يراه الكافرون، قال تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} (¬2) يعني: الكفار، لا يرونه في القيامة محجوبون عنه، وأما المؤمنون فيرونه في القيامة ويرونه في الجنة كما يشاء سبحانه وتعالى، هذا هو قول أهل الحق وهو قول أهل السنة والجماعة، وقد ذهب جمع من أهل العلم على أن من أنكر ذلك فهو كافر، ذهب جمع من أهل السنة والجماعة على من أنكر رؤية الله ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله: (إن الله لا يظلم مثقال ذرة)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية برقم 183. (¬2) سورة المطففين الآية 15

في الجنة وفي القيامة يكون كافرا، لأنه مكذب للرسول صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه عليه الصلاة والسلام من الأحاديث المتواترة الصحيحة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم وسائر المسلمين ممن يراه، ومن يفوز بذلك يوم القيامة وفي دار الكرامة، ونسأل الله العافية من طاعة الهوى والشيطان. س: هل رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه ليلة الإسراء والمعراج، علما أني سمعت رجلا يقول في قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} (¬1) {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} (¬2) {عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} (¬3): إن جبريل عليه السلام لا يستطيع الوصول إلى هذا المكان، إنما هو الله سبحانه؟ أرشدوني جزاكم الله خيرا (¬4). ج: الصواب أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم لم ير ربه ليلة الإسراء والمعراج، وإنما رأى جبرائيل، هذا هو الصواب، كما قال الله سبحانه: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} (¬5) {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} (¬6) {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (¬7) {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (¬8) {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} (¬9) هذا جبرائيل عليه السلام: {ذُو مِرَّةٍ} (¬10) يعني: ذا قوة {ثُمَّ دَنَا} (¬11) يعني: جبرائيل، ¬

_ (¬1) سورة النجم الآية 13 (¬2) سورة النجم الآية 14 (¬3) سورة النجم الآية 15 (¬4) السؤال الرابع من الشريط رقم (125). (¬5) سورة النجم الآية 1 (¬6) سورة النجم الآية 2 (¬7) سورة النجم الآية 3 (¬8) سورة النجم الآية 4 (¬9) سورة النجم الآية 5 (¬10) سورة النجم الآية 6 (¬11) سورة النجم الآية 8

{ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} (¬1) {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} (¬2) يعني: من محمد عليه الصلاة والسلام، {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ} (¬3) يعني: أوحى جبرائيل إلى عبد الله، هو محمد عليه الصلاة والسلام يعني معروفا من السياق، {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} (¬4) {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} (¬5) {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى} (¬6) {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} (¬7) {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} (¬8) كل هذا في جبرائيل هذا هو الصواب، إنه السياق كله في جبرائيل لا في حق الله عز وجل، هذا هو الحق، وقد وقع في رواية شريك بن عبد الله بعض الأغلاط، وذكر ما يدل على أنه الله سبحانه وتعالى، ولكن أهل الحق من أئمة الحديث غلطوا شريكا في ذلك، فالصواب أن الآية في جبرائيل، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} (¬9) {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} (¬10) هذا جبرائيل عليه الصلاة والسلام، وكان رآه مرتين في صورته التي خلقه الله عليها، رآه في مكة ورآه عند السدرة، وله ستمائة جناح، كل جناح منها مد البصر، وهذا من آيات الله العظيمة سبحانه وتعالى، وفي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: «سألت النبي عليه الصلاة والسلام: هل رأيت ربك؟ فقال عليه الصلاة والسلام: رأيت نورا (¬11)» وفي لفظ آخر «نور أنى أراه (¬12)» فبين عليه الصلاة والسلام أنه لم ير ربه وإنما رأى نورا، سئلت عائشة ¬

_ (¬1) سورة النجم الآية 8 (¬2) سورة النجم الآية 9 (¬3) سورة النجم الآية 10 (¬4) سورة النجم الآية 10 (¬5) سورة النجم الآية 11 (¬6) سورة النجم الآية 12 (¬7) سورة النجم الآية 13 (¬8) سورة النجم الآية 14 (¬9) سورة النجم الآية 13 (¬10) سورة النجم الآية 14 (¬11) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب في قوله عليه السلام: " نور أنى أراه "، برقم 178. (¬12) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب في قوله عليه السلام: " نور أنى أراه "، برقم 178، والإمام أحمد في مسنده، مسند الأنصار رضي الله عنهم، حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، برقم 20987.

عن ذلك؛ فأفادت أنه لم ير ربه، وتلت قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} (¬1) يعني: في الدنيا أما في الآخرة فيراه النبي صلى الله عليه وسلم، والمؤمنون يرونه يوم القيامة، ويرونه في الجنة كما يشاء، سبحانه وتعالى، هذا بإجماع أهل السنة والجماعة، المؤمنون يرونه يوم القيامة في عرصات القيامة، ويرونه في الجنة كما تواترت به الأخبار عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أنه قال للصحابة: «هل تضارون في رؤية الشمس صحوا من دون سحاب؟، قالوا: لا. قال: هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا. قال: فإنكم سترون ربكم كذلك، ترونه كما ترون هذه الشمس وهذا القمر (¬2)» يعني: رؤية حقيقية. هذا واضح في مسألة الرؤية، وأن المؤمنين يرون ربهم جل وعلا، يوم القيامة وفي دار الكرامة كما ترى الشمس، وكما يرى القمر وهذا تشبيه للرؤية، لا للمرئي، ربنا لا شبيه له سبحانه وتعالى، ليس كمثله شيء سبحانه وتعالى، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم شبه الرؤية في وضوحها، وإنها يقين كرؤية الشمس والقمر، يعني: أنها رؤية واضحة ثابتة، يقينية لا شبه فيها. أما المرئي سبحانه فليس له شبيه، ولا نظير، جل وعلا. وهذا هو قول أهل الحق، قول أهل السنة والجماعة، وقد ثبت هذا في الصحيحين، من حديث أبي هريرة وحديث جرير بن عبد الله البجلي، ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 103 (¬2) البخاري الرقاق (6204)، مسلم الإيمان (183)، أحمد (2/ 276).

ومن أحاديث أخرى كثيرة متواترة، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، في إثبات رؤية الله جل وعلا، المؤمنون يرونه يوم القيامة، ويرونه أيضا في الجنة، أما الكفار فإنهم محجوبون عن الله عز وجل، كما أخبر بهذا سبحانه: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (¬1) {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} (¬2) فهم محجوبون عن رؤية الله عز وجل، لا يرونه أما أهل الإيمان فيرونه، وهذا معنى قوله سبحانه: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} (¬3) وجوه ناضرة يعني من البهاء والحسن، ناضرة من النضارة من البهاء والحسن والجمال، {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (¬4)، تنظر إليه سبحانه وتعالى كما يشاء، فضلا منه وإحسانا سبحانه وتعالى، وكما قال عز وجل: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (¬5) المعنى للذين أحسنوا في الدنيا الحسنى في الآخرة، وهي الجنة وزيادة وهي النظر إلى ربنا سبحانه وتعالى، فالواجب على كل مؤمن وكل مؤمنة أن يعتقد ذلك، وأن يؤمن بذلك وأن يبرأ إلى الله من طريقة أهل البدع، الذين أنكروا الرؤية ونفوها كالجهمية والمعتزلة، ومن سار في ركابهم، هذا القول من أبطل الباطل، وأضل الضلال، وجحدان لما بينه الله في كتابه، وبينه رسوله عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) سورة المطففين الآية 14 (¬2) سورة المطففين الآية 15 (¬3) سورة القيامة الآية 22 (¬4) سورة القيامة الآية 23 (¬5) سورة يونس الآية 26

نسأل الله أن لا يحجبنا عن رؤيته، وأن يوفقنا وجميع إخواننا المؤمنين لرؤيته سبحانه وتعالى، والتنعم بذلك في القيامة وفي دار الكرامة؛ إنه جل وعلا جواد كريم، ونسأل الله العافية من هذه البدع، الذين حرموا هذا الخير، وحرموا هذا التوفيق، نسأل الله العافية. وحرموا أن يقروا بالحق الذي أقر به المؤمنون، وهم جديرون بأن يمنعوا من هذا يوم القيامة؛ لجحدهم إياه، نسأل الله العافية.

معنى قول: عز وجل، ورب الأرباب

57 - معنى قول: عز وجل، ورب الأرباب س: تقول السائلة: دائما نقول: الله عز وجل، الله رب الأرباب، ما معنى عز وجل ومعنى رب الأرباب؟ (¬1) ج: معنى عز وجل يعني: متصفا بالعزة والجلال والعظمة، فله العزة الكاملة، كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ ولرسوله} (¬2) يعني: القهر، والغلبة، والقوة، وكذلك جل أي: متصف بالجلال والعظمة، والكبرياء سبحانه وتعالى، فهو الجليل العظيم، وهو العزيز الذي هو أعز شيء وأجل شيء سبحانه وتعالى، وهو القاهر لعباده والعزيز الغالب لهم، وهو الذي يتصف بالجلال الكامل، يعني العظمة الكاملة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (87). . (¬2) سورة المنافقون الآية 8

وأما رب الأرباب يعني رب المخلوقات، فإن الدار لها رب، والأرض لها رب، والنخل لها رب، والأنعام لها رب، يعني مالكا، وهكذا يسمى رب الدار، رب الأنعام، رب الأرض، يعني: صاحبها فهو رب هذه الأرباب، يعني: رب هذه المخلوقات، التي لها أتباع: صاحب الغنم يقال: رب الغنم، صاحب الدار يقال: رب الدار، صاحب الإبل يقال: رب الإبل، فالمعنى أن الله هو رب الجميع وإن سموا أربابهم، لكنهم مملوكون له سبحانه، فهم عبيده فهو رب الأرباب، يعني: رب المخلوقات جميعا، مربوبها ورابها، عبيدها وأحرارها، جمادها وعاقلها إلى غير ذلك.

معنى حديث ' إن الله خلق آدم على صورته '

58 - معنى حديث " إن الله خلق آدم على صورته " س: ورد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ينهى فيه عن تقبيح الوجه، وأن الله خلق آدم على صورته، فما الاعتقاد السليم نحو هذا الحديث؟ (¬1) ج: الحديث ثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته (¬2)»، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (89). . (¬2) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب النهي عن ضرب الوجه، برقم 2612.

وفي لفظ آخر: «على صورة الرحمن (¬1)» وهذا لا يلزم منه التشبيه والتمثيل. فالمعنى عند أهل العلم: أن الله خلق آدم سميعا بصيرا، متكلما إذا شاء، وهذا هو وصف الله عز وجل، فإنه سميع بصير متكلم، ذو وجه جل وعلا، وليس المعنى التشبيه والتمثيل، بل الصورة التي لله غير الصورة التي للمخلوق، وإنما المعنى أنه سميع بصير ذو وجه ومتكلم إذا شاء، وهكذا خلق الله آدم، سميعا بصيرا، ذا وجه وذا يد وذا قدم، ويتكلم إذا شاء، لكن ليس السميع كالسميع، وليس البصير كالبصير، وليس المتكلم كالمتكلم، وليس الوجه كالوجه، بل لله صفاته سبحانه وتعالى، لا يشابهه فيها شيء، بل تليق به سبحانه، وللعبد صفاته التي تليق به، صفات يعتريها الفناء والنقص والضعف، أما صفات الله سبحانه، فهي كاملة لا يعتريها نقص ولا ضعف ولا فناء ولا زوال، ولهذا قال عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬2) ويقول سبحانه: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (¬3) فلا يجوز ضرب الوجه، ولا تقبيح الوجه. ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، ج 12، برقم 1358. (¬2) سورة الشورى الآية 11 (¬3) سورة الإخلاص الآية 4

حكم الثناء على الله تعالى بالشعر والنثر

59 - حكم الثناء على الله تعالى بالشعر والنثر س: هل يجوز مدح الله سبحانه وتعالى بالشعر بنية القربة ونيل المقصود من الله؟ (¬1) ج: نعم، يمدح بالشعر وبالنثر كما فعل الصحابة وغيرهم رضي الله تعالى عنهم. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (156). .

معنى تمجيد الله

60 - معنى تمجيد الله س: ما معنى تمجيد الله؟ (¬1) ج: تمجيد الله معناه: تكثير الثناء عليه. أنت الرحيم، وأنت الرحمن، وأنت الجواد، وأنت الكريم، وأنت المحسن، وأنت صاحب الخيرات، أنت الذي أحسنت إلى العباد، أنت المرجو لكل كرب، ولكل شدة. بيدك الخير ولك التصرف في الأمر كله. أثني عليه كثيرا. هذا التمجيد، التوسع في الثناء على الله سبحانه وتعالى ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (254). .

س: يقول السائل: اسم الله الأعظم، هل من ضمن الأسماء الحسنى التسعة والتسعين؟ (¬1) ج: كل أسماء الله يقال لها: الأعظم؛ كلها عظمى، وكل أسماء الله عظمى. س: تسأل المستمعة وتقول: هل لكل اسم من أسماء الله الحسنى سر إذا ردده المسلم لعدد معين من المرات، كما نسمع من بعض العلماء؟ (¬2) ج: لا نعرف لهذا أصلا المشروع الإكثار من ذكر الله، لا إله إلا الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله اكبر، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، هكذا شرع لنا الله، وحث النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك. يقول صلى الله عليه وسلم: «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم (¬3)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (432). (¬2) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (432). . (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب فضل التسبيح، برقم 6406، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، برقم 2694.

ولا إله إلا الله، والله أكبر (¬1)»، ولا حول ولا قوة إلا بالله، سبحان الله، والحمد لله. ولا إله إلا الله. والله أكبر. ويقول: «الباقيات الصالحات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله (¬2)» ويقول: «الإيمان بضع وسبعون شعبة: فأفضلها قول لا إله إلا الله (¬3)» ويقول: «من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل (¬4)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتب الله له مائة حسنة، ومحا منه مائة سيئة، وكان في حرز من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به، إلا رجل عمل أكثر من ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأدب، باب كراهة التسمية بالأسماء القبيحة، برقم 2137. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة؛ مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه، برقم 515. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها، برقم 35. (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، برقم 2693.

عمله (¬1)» هذا فضل عظيم. وقال: «من قال: سبحان الله العظيم وبحمده حين يصبح، أو حين يمسي مائة مرة غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (¬2)» يعني: إذا اجتنبت الكبائر بشرط اجتناب الكبائر؛ كما قال تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، برقم 3293 ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، برقم 2691. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب فضل التسبيح، برقم 6405 ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، برقم 2691. (¬3) سورة النساء الآية 31

باب ما جاء في احترام أسماء الله تعالى

باب ما جاء في احترام أسماء الله تعالى

باب ما جاء في احترام أسماء الله تعالى 61 - حكم تسمية المخلوق بالبصير والعزيز س: حكم التسمية على البشر مثل البصير والعزيز وغيرهم (¬1). ج: أسماء الرب قسمان: قسم يجوز التسمي به وقسم لا يجوز، لا يقال: فلان خلاق ولا رزاق ولا رب العالمين، لكن مثل عزيز، بصير لا بأس: لأن الله سبحانه سمى بعض مخلوقاته كذلك، فقال سبحانه: {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} (¬2) وفي قصة يوسف عن امرأة العزيز، فمثل هذه الأشياء تطلق على المخلوق، عزيز قومه، كذا البصير المنظور أو بصير بمعنى مبصر، كذلك حكيم بمعنى الحكمة، لا بأس بهذه الأسماء؛ لأن هذه مشتركة: للمخلوق نصيبه منها، والله له الأكمل منها سبحانه وتعالى، لكن الأسماء المختصة بالله لا تطلق على غيره، لا يقال: (الله) لابن آدم، ولا الرحمن، ولا الخلاق ولا الرزاق، ولا خالق الخلق ولا أشباهه مما يختص بالله سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (32). (¬2) سورة الإنسان الآية 2

حكم التسمي برحمة

62 - حكم التسمي برحمة س: يسأل المستمع ويقول: هل يجوز التسمي بالأسماء التي تعتبر من صفات الله عز وجل؟ فإن بعض الناس يتسمى برحمة، فما حكم ذلك؟ (¬1) ج: ما أعلم فيه شيئا، رحمة، ما أعلم في هذا شيئا، اسمه الرحيم، ما هو برحمة، اسم الله: الرحيم، والرحمن، أما الرحمة فما هي من أسمائه، لكن من صفاته. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (428). .

حكم التسمي باسم محسن

63 - حكم التسمي باسم محسن س: الأخ م. ع. ع، من جمهورية مصر العربية وهو مقيم في العراق، يقول: أنا اسمي محسن، وأحد طلبة العلم قال: إن هذا الاسم غير جائز، ونصحني بتغيير اسمي، فما هو رأيكم جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: نعم، قد جاء في بعض الأحاديث ما يدل على تسمية الله سبحانه بأنه المحسن، فلا حرج في ذلك إن شاء الله، قد جاء فيه حديث جيد فلا بأس به بإطلاق اسم المحسن على الله جل وعلا فهو ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (124). .

المحسن سبحانه وتعالى، هو المحسن إلى جميع العباد جل وعلا، فعبد المحسن لا بأس به، هذا هو الصواب. أما من كان اسمه المحسن فانه لا بأس به؛ لأن هذه الأسماء التي تسمى بها، مثل العزيز والسميع مثل الحميد وشبهها؛ لأن أسماء الله ليست تمنع بالنسبة للمخلوقين، إلا ما يختص به سبحانه كالخلاق والرزاق ومالك الملك والرحمن الرحيم، والرحمن كذا وما أشبه ذلك، أما ما يشترك فيه غيره، فللعبد ما يناسبه، ولله ما يناسبه، فيقال لشخص: حليم ويقال: رءوف ويقال: رحيم، كما قال الله في نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (¬1) عليه الصلاة والسلام. وهكذا في السميع والبصير في قوله جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} (¬2) وقوله: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} (¬3) {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} (¬4) سماه سميعا بصيرا، فالحاصل أن المخلوق يسمى ببعض أسماء الله، التي لا تختص به سبحانه كالسميع والبصير، والقدير والحليم والرءوف والرحيم، ونحو ذلك، فالمحسن كذلك. ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 117 (¬2) سورة النساء الآية 58 (¬3) سورة الإنسان الآية 1 (¬4) سورة الإنسان الآية 2

حكم العملات الورقية المكتوب عليها لفظ الجلالة

64 - حكم العملات الورقية المكتوب عليها لفظ الجلالة س: الأخ أ. د. من المدينة المنورة، يسأل عن العملة الورقية التي تكتب عليها كلمة التوحيد. كيف نتصرف تجاهها جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: تحفظها معك في جيبك، ولا حرج عليك إذا دخلت بها الحمام أو غير الحمام، لأنك مضطرا إلى ذلك. والحكم في هذا عند بعض أهل العلم، كراهة الدخول بشيء فيه ذكر الله للحمام، ولكن إذا احتاج الإنسان إلى ذلك وخاف على نقوده، أو نسيها في جيبه أو خاف عليها فلا كراهة. لأن إخراج النقود ووضعها خارج الحمام قد تسرق أو قد ينساها أو يأخذها بعض الأطفال، المقصود أنه لا حرج إذا دعت الحاجة إلى ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (139). .

حكم كتابة البسملة على الملابس الداخلية

65 - حكم كتابة البسملة على الملابس الداخلية س: رأيت بعض الشركات لديها مجموعة من الفلبينيين من غير المسلمين، وهم يعملون لدى بعض هذه الشركات، وقد كتب على الفنيلة الداخلية لدى كل منهم اسم الشركة، وكتب على الفنيلة أيضا: بسم الله الرحمن الرحيم، فما حكم ذلك؟. (¬1) ج: قد يقال في هذا: إن الكتابة على الفنيلة بسم الله الرحمن الرحيم غير جائز؛ لأنها عرضة لأن تلقى في المحلات، التي لا يتوقى فيها القذر، وقد تلقى في محلات ليست نظيفة، فالحاصل أنه لا ينبغي أن يكتب على الفنيلة وشبهها أسماء الرب عز وجل، ولا بسم الله الرحمن الرحيم، والآيات من القرآن؛ لأن هذا قد يمتهن، ويداس في بعض الأحيان إذا اخلولق، فالمقصود أن هذا لا يجوز، لا في حق النصارى ولا في حق غيرهم. وبهذه المناسبة فإنه لا يجوز استقدام الكافرات للعمل في الجزيرة، بل يجب أن يمنع ذلك، حتى لا يستخدم إلا المسلمات؛ لأن هذه الجزيرة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج اليهود والنصارى منها، وبإخراج المشركين منها، حتى لا يكون فيها إلا دين الإسلام، فالذي أوصي به إخوتي في هذه البلاد، أن يحذروا استيراد الكافرات والكافرين للعمل أو غيره، بل يجب أن يكون الاستيراد من المسلمين خاصة؛ لأن هذه الجزيرة لا يجوز أن يبقى فيها دينان، ولا يجوز أن يبقى فيها يهودي أو نصراني أو وثني، بل يجب أن تطهر من ذلك تنفيذا لوصية النبي صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (11). .

حكم الأوراق والخطابات المكتوب عليها البسملة بعد الانتهاء منها

66 - حكم الأوراق والخطابات المكتوب عليها البسملة بعد الانتهاء منها س: الأوراق المكتوب فها بسم الله مثل الخطابات والأوراق والجرائد، هل لنا أن نرميها في أي مكان أم لا بد من رميها في مكان معين؟ (¬1) ج: لا بد من رميها في مكان محترم أو تحريقها أو دفنها في محل طيب لا توضع بالقمامة؛ لأن فيها بسم الله أو آيات من القرآن. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (336). .

حكم كتابة أسماء الله الحسنى على المسبحة

67 - حكم كتابة أسماء الله الحسنى على المسبحة س: لي خالة تصلي وتصوم، ولكنها تصدق بسبحة اليسر، وهذه السبحة يكتب عليها أسماء الله الحسنى، ولذلك تحلف بالرسول وببعض المشايخ وقبر أخيها، فهل مثل هذه الأشياء تمنعنا من زيارتها أو الجلوس معها إذا زارتنا هي أيضا؟ ج: يجب أن تنصحوها، وأن تعلموها أن هذا لا يجوز، كونها تجعل في حبات السبحة أسماء الله هذا نوع امتهان لأسماء الله، فلا

يجوز وضعها في حبات السبحة، وكذلك الحلف بالرسول صلى الله عليه وسلم والحلف بقبر أخيها، أو بالمشايخ، كله لا يجوز منكر، من المحرمات الشركية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (¬1)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (¬2)». فلا يجوز الحلف بغير الله كائنا من كان، لا بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا بالكعبة ولا بالأمانة، ولا بغير ذلك. فهذه المرأة تنصحونها وتوجهونها إلى الخير وتعلمونها ما شرع الله، وإذا لم تقنع تطلبون من بعض أهل العلم بأن يعلمها ذلك بأن يكتب لها أو يكلمها بالهاتف حتى تقتنع؛ لأن المرأة الجاهلة تعلم، فأنتم تقنعونها فإن أبت تطلبون بعض أهل العلم يقنعونها بالهاتف أو بالكتابة لعل الله يهديها وتدع هذا المنكر، والتسبيح في الأصابع أولى من السبحة، كونها تسبح بأصابعها والتهليل بالأصابع هذا أفضل وأولى، ولكن لا يجوز الوضع في أحجار تكتب عليها أسماء الله ولا شيء من الآيات القرآنية، ولا ذكر الله جل وعلا؛ لأن هذا يكون فيه امتهان. في وضع الأسماء على هذه الأحجار. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب كيف يستحلف؟ برقم 2679، ومسلم في كتاب الإيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، برقم 1646. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331.

معنى حديث ' من سأل بالله فأعطوه '

68 - معنى حديث " من سأل بالله فأعطوه " س: سائل يقول: بعض الناس يحرجوننا بكلمة: أسالك بالله أن تعطيني كذا، أو أسالك بالله أن تبيعني كذا أو أسالك بالله أن تخبرني بكذا. وفي بعض المرات نرفض تلبية طلبهم عندما لا يكون الطلب في محله. هل الرفض رغم كلمة أسالك بالله يعرضنا للإثم، أم أنه ليس علينا شيء في ذلك؟ نرجو الإفادة جزاكم الله خيرا (¬1). ج: إذا كان السائل بالله لا حق له في هذا الشيء فلا حرج في ذلك إن شاء الله؛ إن كان يقول: أسالك بالله أن تعطيني دارك، أو تعطيني سيارتك، أو تعطيني كذا وكذا من المال، هذا لا حق له. أما إذا كان يسأل حقا له، أسالك بالله أن توفيني ديني، أسالك بالله أن تعطيني من الزكاة، وهو من أهلها، تعطيه ما تيسر؛ لأن الرسول قال: «من سأل بالله فأعطوه (¬2)» اللهم صل وسلم عليه. فإذا كان له حق كالفقير يسأل من الزكاة أو حق عليك له دين، يقول: أسالك بالله أن توفيني ديني، أسالك بالله أن تنصرني على هذا الظالم، وأنت تستطيع تنصره على الظالم، أسالك بالله أن تعينني على كذا، وكذا من إزالة ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (208). . (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة؛ مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ برقم 5670.

المنكر، لا بأس بهذا، هذا أمر مطلوب عليك أن تعينه، وأن تستجيب له؛ لأنه سأل حقه، والرسول عليه السلام قال: «من سأل بالله فأعطوه» أما أن يسأل شيئا لا حق له فيه، أو يسأل معصية، هذا لا حق له في ذلك، وليس عليهم حرج إذا رفضوا طلبه؛ لأنه طلب ما ليس له.

حكم التسمية باسم رزاق

69 - حكم التسمية باسم رزاق س: هل لكم من كلمة حول الاسم (رزاق) يا سماحة الشيخ؟ وأم رزاق؟ (¬1) ج: هذا الاسم لا ينبغي لأن الرزاق هو الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (¬2) فينبغي أن يقال: عبد الرزاق، هذا هو الذي ينبغي، ولا يقال: أم رزاق ولا أم خلاق؛ لأن هذين الاسمين من خصائصه سبحانه وتعالى، وتقول لمن يكلمها: أنا أم عبد الرزاق، وإذا كان لها حفيظة النفوس تغيرها إذا استطاعت. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (232). . (¬2) سورة الذاريات الآية 58

حكم التسمية والتعبيد لغير الله تعالى

70 - حكم التسمية والتعبيد لغير الله تعالى س: نجد بعض الناس يسمون أولادهم مثل عبد النبي وعبد الحسين، وهذه منتشرة كثيرا عندنا، فما رأي فضيلة العلماء في هذه الأسماء؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1). ج: التعبيد لغير الله لا يجوز، لا يجوز أن يقال: عبد النبي ولا عبد علي، ولا عبد الحسين هذا منكر لا يجوز إنما التعبيد لله وحده، عبد الله، عبد الرحمن، عبد الرحيم، عبد الملك، عبد القدوس، هذا هو التعبيد ولا يعبد لغير الله. قال ابن حزم أبو محمد المشهور: اتفق العلماء على تحريم كل اسم معبد لغير الله، كعبد عمر وعبد الكعبة ونحو ذلك، ما عدا عبد المطلب فليس فيه اتفاق، المقصود أنه حكى اتفاق العلماء على تحريم هذا الشيء، فلا يجوز التعبيد لغير الله كائنا من كان، فلا يقال: عبد الحسين ولا عبد عمر، ولا عبد النبي، ولا عبد الكعبة، ولا أشباه ذلك بل يجب التسمي بالتعبيد لله، أو بأسماء أخرى كصالح، ومحمد، وأحمد وزيد، وخالد، وبكر، وأشباه ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (32). .

حكم التسمي بعبد الرسول

71 - حكم التسمي بعبد الرسول س: أخونا يقول: يسمع أن هناك أناسا سموا أبناءهم بعبد الرسول وعبد النبي وعبد الحسن، وما أشبه ذلك، يرجو التوجيه في حكم ذلك (¬1). ج: هذا لا يجوز، التعبيد لا يكون إلا لله وحده سبحانه، لا يجوز التعبيد لغير الله. قال ابن حزم؛ أبو محمد وهو إمام مشهور: أجمع العلماء على أنه لا يجوز التعبيد لغير الله، فلا يجوز أن يقال: عبد الحارث، ولا عبد علي ولا عبد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا عبد الكعبة كل هذا لا يجوز، هذا من أسماء الجاهلية، وكذلك ما يفعل بعض الشيعة: عبد الحسين، عبد الحسن، عبد العلي، كل هذا لا يصلح ولا يجوز، التعبيد لله وحده سبحانه وتعالى، فيقول: عبد الله، عبد الرحمن، عبد العزيز، عبد القدير، عبد الكريم، وما أشبه ذلك، أو يأتي بأسماء أخرى غير معبدة، كصالح، ومحمد، وسعد، وسعيد، ومالك، وأشباه ذلك من الأسماء التي يعرفها المسلمون وقد تسموا بها والأمر بحمد الله واسع، ليس الناس في حاجة إلى التعبيد لغير الله. ¬

_ (¬1) (السؤال التاسع من الشريط رقم (80).

س: كثيرا ما يسمي الناس عندنا في مصر: حسن عبد النبي، ونحو هذه الأسماء، هل هذه التسمية حرام، أم لا؟ وهل يجب علينا تغييرها جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: نعم هذه التسمية حرام، لا يجوز التسمية بعبد الرسول ولا عبد النبي، ولا عبد عمر، ولا عبد الحسين، ولا عبد الحسن، ولا عبد علي، كل هذا منكر، التعبيد يكون لله وحده سبحانه وتعالى، عبد الله، عبد الرحمن، عبد القدوس، عبد الكريم، لا بأس، قال أبو محمد بن حزم رحمه الله: أجمع العلماء على تحريم كل اسم معبد لغير الله، ما عدا عبد المطلب، فالحاصل أن التعبيد لغير الله محرم بالإجماع، فلا يقال: عبد النبي أو عبد الحسين، ولا عبد علي، وعبد عمر ونحو ذلك، بل عبد الله، عبد الرحمن، عبد الكريم، عبد القدوس، عبد الملك، عبد السلام، وأشباه ذلك من التعبيد لأسماء الله سبحانه وتعالى، وإذا كان قد وقع يغير إذا كان موجودا له أولاد سماهم بهذه الأسماء، عبد النبي أو عبد الحسين أو عبد الحسن، أو عبد عمر، أو شبه ذلك تغير الأسماء إلى أسماء شرعية، بدل عبد النبي يقول: عبد رب النبي، عبد الرسول يقول: عبد رب الرسول عليه الصلاة والسلام. وعبد الحسين يقول: عبد رب الحسين، أو عبد الله أو عبد الرحمن يغير بأسماء تجوز شرعا. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (95). .

حكم إطلاق كلمة سيدنا للنبي صلى الله عليه وسلم

72 - حكم إطلاق كلمة سيدنا للنبي صلى الله عليه وسلم س: ما هو حكم إطلاق كلمة سيدنا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم والأولياء والصالحين، وحكم التسمية باسم الجلالة على البشر، مثل البصير والعزيز وغيرها؟ (¬1) ج: إطلاق لفظ سيدنا على النبي صلى الله عليه وسلم حق؛ لأنه سيد ولد آدم عليه السلام، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر (¬2)» فهو سيد العباد من المسلمين، إذا قال الرجل في حقه: اللهم صل على سيدنا محمد فلا بأس بهذا، هو سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، وهو سيد الخلق، وإنما كره ذلك على الناس في حياته؛ لأنه خاف عليهم من الغلو لما قالوا: أنت سيدنا قال: «السيد الله تبارك وتعالى (¬3)» سدا للذريعة، خاف عليهم أن يغلوا فيه عليه الصلاة والسلام، والآن قد توفي عليه الصلاة والسلام، وقد أخبرنا أنه سيد ولد آدم، فلا بأس أن تقول: سيدنا عليه الصلاة والسلام، وهو ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (32). . (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم 10604، ومسلم في كتاب الفضائل، باب تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق، برقم 2278. (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الآداب، باب في كراهية التمادح، برقم 4806.

خيرنا وسيدنا، وإمامنا وهو خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام، أما بقية الناس فالأولى ألا يقال: سيدنا، ولا يخاطب بهذا، لكن لو قيل: آل فلان سيدهم فلان، يعني رئيسهم، سيدهم فلان يعني أميرهم، شيخ قبيلتهم لا بأس، مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لابنه الحسن: «إن ابني هذا سيد (¬1)»، وقال: " من سيد بني فلان؟ من سيد بني فلان؟ وقال للصحابة لما جاء سعد بن معاذ يحكم في بني قريظة: «قوموا إلى سيدكم (¬2)» هذا لا بأس به، لكن إذا قاموا وقالوا: يا سيدنا، أو هذا سيدنا هذا تركه أولى؛ لأن الرسول قال: «السيد الله تبارك وتعالى (¬3)» ولأن من قال هذا قد يفضي إلى التكبر، إذا قيل له هذا الكلام، قد يفضي إلى التكبر، والغلو فيه، فالأولى ألا يقال: سيدنا، يعني ينصحهم يقول: لا تقولوا: سيدنا، قولوا: يا أخانا يا أبا فلان يكفي، أما إذا قيل على سبيل الإضافة، من سيد بني فلان؟ أو هذا فلان سيد: لأنه من بيت النبوة، أو لأنه فقيه أو عالم أو شريف في نفسه في أخلاقه ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنهما " ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين، برقم 2704. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب إذا نزل العدو على حكم رجل، برقم 3043، ومسلم في كتاب الجهاد والسير، باب جواز قتال من نقض العهد، برقم 176. (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الآداب، باب في كراهية التمادح، برقم 4806.

في أعماله، أو جواد كريم لا بأس، لكن إذا خيف من إطلاق سيد خيف أن يتكبر أو يتعاظم في نفسه، يترك ذلك ولا يقال هذا للكافر، ولا للمنافق ولا للعاصي، لا ينبغي أن يقال له: سيد، بل يقال هذا للشيخ الكبير للفقيه، للعالم للرئيس المعروف بالإصلاح والخير، المعروف بالحكم والفضل والجود، فهذا إذا قيل له: سيد لا بأس، أما أن يقال لغير من ذكر: يا سيدنا فإن ترك هذا أولى. لكن لو قال: يا سيد قومه لا بأس، أو يا سيد بني فلان، يا سيد بني تميم، يعني رئيسهم لا بأس، إذا كان رئيسهم.

حكم إطلاق كلمة مولانا

73 - حكم إطلاق كلمة مولانا س: تقول السائلة: أسمع بعض الناس يقولون: مولانا سيدنا، هل لذلكم من حكم؟ (¬1) ج: نعم ترك مولانا أولى؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث النهي عن ذلك، وجاء في بعضها في حق العبد: " يقول: سيدي ومولاي ". فالأحوط والأولى للمؤمن ألا يقولها، إلا إذا كان مملوكا يقولها لسيده، وإلا فالأفضل والأحوط ترك ذلك، ولا يقول: سيدي ولا يقول: مولاي، ولما ذهب بعض الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: أنت ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (145). .

سيدنا. قال عليه الصلاة والسلام: «السيد الله تبارك وتعالى، يا أيها الناس قولوا بقولكم، ولا يستفزنكم الشيطان، أنا محمد عبد الله ورسوله، لا أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل (¬1)». مع أنه عليه الصلاة والسلام سيد ولد آدم، وقد صح عنه أنه قال: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر (¬2)» هذا معروف. وبعد وفاته لا بأس أن يقال: هو سيدنا؛ لأنه غير مخاطب بها عليه الصلاة والسلام بعد وفاته، لو قيل: هو سيد ولد آدم، أو سيدنا محمد لا بأس في ذلك، أما الشخص الذي يخاطب يا سيدي فينبغي ترك ذلك؛ لأن العلة في ذلك التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم في حقه وفي حق غيره، وقد يجر هذا إلى الغلو في الشخص، وقد يضره هو أيضا فيعجب بنفسه، فيتكبر فلا ينبغي أن يستعمل معه سيدنا أو أنت مولانا، وليستعمل معه شيء آخر، أبا فلان أو يا فلان بلقبه أو بكنيته، يكفي، هذا هو الذي ينبغي للمؤمن، أما أن يقال: فلان سيد بني فلان فلا بأس، كما يقال: فلان سيد تميم، فلان سيد قحطان، فلان سيد قريش، يعني رئيسهم كبيرهم، مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن معاذ لما جاء في الحكم في بني قريظة، قال: «قوموا إلى سيدكم (¬3)». ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الآداب، باب في كراهية التمادح، برقم 4806. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم 10604، ومسلم في كتاب الفضائل، باب تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق، برقم 2278. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب إذا نزل العدو على حكم رجل، برقم 3043، ومسلم في كتاب الجهاد والسير، باب جواز قتال من نقض العهد، برقم 176.

«وكان عليه الصلاة والسلام: يسأل الناس، ويسأل القبائل: من سيدكم؟ (¬1)» من سيد بني فلان؟ يعني: من رئيسهم؛ وقال في حق الحسن رضي الله عنه: «ابني هذا سيد (¬2)»؛ الحسن بن علي رضي الله عنه، هذا لا بأس به، إنما المكروه أن يخاطب بها مثل أن يقال: أنت سيدنا أو يا سيدي؛ لأن هذا قد يكسبه شيئا من الترفع والعجب والتعاظم، وقد يكسب القائل شيئا من الذل، والغلو ولهذا كره النبي ذلك من الناس، وهو معصوم أن يرضى بالشرك عليه الصلاة والسلام، لكن خاف عليهم من الغلو. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، حديث وفد عبد القيس رضي الله تعالى عنه، برقم 15559. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب، الصلح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن على رضي الله عنهما - "ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين، برقم 2704.

حكم إطلاق كلمة مولاي وسيدي

74 - حكم إطلاق كلمة مولاي وسيدي س: هناك من يسمون اسم مولاي أو سيدي فلان، فما الحكم في هذه التسمية؟ ولمن يمكن أن نقول له: مولاي فلان أو سيدي فلان؟ (¬1) ج: هذه التسمية لا تنبغي، لا مولاي ولا سيدي ينبغي ألا يسمى بهذا؛ لأنه جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تقل: مولاي؛ فإن مولاكم الله (¬2)» وإنما يقال هذا في حق السيد من عبده ومملوكه، كما في الحديث الصحيح: «وليقل: سيدي ومولاي» وفي الحديث الأخر: «لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وضئ ربك، اسق ربك. وليقل: سيدي ومولاي (¬3)» يقول العبد المملوك لمالكه: سيدي ومولاي لا بأس، أما أن يقول الإنسان لأخيه: يا مولاي أو يا سيدي؛ فينبغي ترك ذلك، ولما قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم أنت سيدنا قال: «السيد الله تبارك وتعالى (¬4)». خاف عليهم أن يغلوا عليه الصلاة والسلام، فقال: «السيد الله تبارك ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (179). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الألفاظ من الأدب، باب حكم إطلاق لفظة العبد والأمة والمولى والسيد، برقم 2249. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب العتق، باب كراهية التطاول على الرقيق، برقم 2552 ومسلم في كتاب الألفاظ من الأدب، باب حكم إطلاق لفظة العبد والأمة والمولى والسيد، برقم 2249. (¬4) أخرجه أبو داود في كتاب الآداب، باب في كراهية التمادح، برقم 4806.

وتعالى (¬1)». مع أنه سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، لكن خشي عليهم من هذه المواجهة أن يقعوا في الغلو. فلا ينبغي لك أن تقول: يا سيدي فلان، أو أنت سيدنا لزيد أو عمرو لا. تقول: يا أبا فلان، يا فلان، تدعوه باسمه أو بكنيته أو نحو ذلك من الأسماء المشهورة، التي يتسمى بها، لكن ليس فيها سيدي ولا مولاي، هذا هو الذي ينبغي للمؤمن، التأدب مع ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم والتقيد بالآداب الشرعية في الألفاظ والأعمال جميعا. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الآداب، باب في كراهية التمادح، برقم 4806.

حكم المناداة بكلمة سيد فلان

75 - حكم المناداة بكلمة سيد فلان س: تكثر عندنا المناداة بكلمة سيد فلان، وذلك لكونه يرجع في النسب إلى أسر معينة، هل يصح هذا؟ (¬1) ج: إذا عرف بذلك فلا بأس. السيد فلان، السيد فلان؛ لأن كلمة السيد تطلق على رئيس القوم، وعلى الفقيه والعالم وعلى من كان من ذرية فاطمة، من أولاد الحسن يقال له: سيد، كل هذا اصطلاح بين الناس معروف، وكانت العرب تسمي رؤساء القبائل والكبراء سادة: سيد بني فلان فلان، وسيد بني فلان فلان. مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم، «لما ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (153).

سأل بعض العرب: " من سيدكم يا بني فلان، من سيدكم يا بني فلان؟ (¬1)» يعني من رئيسكم؛ ومثل ما قال صلى الله عليه وسلم في الحسن: «إن ابني هذا سيد، ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين (¬2)»، إنما يكره أن يخاطب الإنسان سيدي، يا سيدي، يا سيدنا، يكره هذا: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قيل له: أنت سيدنا، قال: «السيد الله تبارك وتعالى (¬3)». ولأن هذا قد يكسبه غرورا وتكبرا وتعاظما، فينبغي ترك ذلك، بل يقال: يا أبا فلان، يا فلان، بالأسماء والألقاب التي تعرف، وأما التعبير عند المخاطبة له بسيد، يا سيدي، يا سيدنا؛ ترك هذا هو الأولى. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين حديث وفد عبد القيس رضي الله تعالى عنه، برقم 15559. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنهما " ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين)، برقم 2704. (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الآداب، باب في كراهية التمادح، برقم 4806.

باب ما جاء في الولاء والبراء

باب ما جاء في الولاء والبراء

باب ما جاء في الولاء والبراء 76 - حكم التشبه بالكفار س: تعلمون أنه يجب على المسلم أن يكون ذا شخصية مميزة، تابعة لتعاليم ديننا الحنيف، من المحافظة على هيئته ولباسه، وتمسكه بالسنة المطهرة، وعدم التقليد المقيت لعادات مجتمعه، بل يتبع شرع الله وسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، وحيث إنه جاءت في العالم الإسلامي عادات قادمة من الغرب، والبلاد النصرانية، بل ودخلت في بعض الأنظمة كالنظم العسكرية ونظام الخدمة المدنية، وحيث إن الرسول قد أمر بمخالفة اليهود والنصارى بكل شيء، وفي الحديث: «لا تشبهوا باليهود فمن تشبه بقوم حشر معهم» أو كما قال عليه الصلاة والسلام، وحيث إن هناك حديثا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيه: «لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه " قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال:

، فمن؟ (¬1)». فهل يأثم المسلم بهذا التشبه؟ أفيدونا جزاكم الله كل خير (¬2). ج: نعم الواجب على المسلم أن يستقل بنفسه، وأن يتباعد عن مشابهة أعداء الله، كما أمره الله بذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم حذر الأمة من اتباع سنن من كان قبلها، الأمم الكافرة اليهود والنصارى والمجوس أو غيرهم من الكفرة، فدل ذلك على وجوب استقلال المسلمين بزيهم الخاص، وطاعاتهم التي أوجب الله عليهم، وشرعها لهم إلى غير ذلك، وأن لا يتشبهوا بأعدائهم لا في أخلاقهم، ولا في أعمالهم ولا في أقوالهم، ولا في أعيادهم، ولا في أزيائهم، ولهذا روى الإمام أحمد رضي الله عنه ورحمه، بإسناد جيد عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث طويل: «ومن تشبه بقوم فهو منهم (¬3)». . أوله: «بعثت بين يدي الساعة، حتى يعبد الله وحده، وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم (¬4)». فالواجب على المؤمنين والمسلمين أن يبتعدوا عن التشبه بأعداء الله في جميع الأمور، وأن يستقلوا بأنفسهم في جميع أمورهم حتى ¬

_ (¬1) البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (6889)، مسلم العلم (2669)، أحمد (3/ 84). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (57). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر، برقم 5094. (¬4) أحمد (2/ 92).

يتميزوا عن عدوهم وحتى يعرفوا أينما كانوا بزيهم وطرائقهم وعاداتهم الإسلامية، وأعمالهم الإسلامية. لكن لو وجد شيء مشترك، فعله المسلمون والكافرون، فلا يسمى هذا تشبها كما وقع الآن في ركوب الطائرات، وركوب السيارات كانت هذه أولا عند أعدائنا ثم يسر الله لنا الانتفاع بها، هذا صار الآن مشتركا ليس فيه تشبه بأعداء الله، ولا يمنع استعمالهم هذه الطائرات، أو لهذه القطارات، أو السيارات أن نستعملها وهكذا ما حدث من القوات التي يستعان بها في الحرب للمسلمين، أن يأخذوها ليدافعوا بها عن دينهم، وعن بلادهم وحتى يعملوا بقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (¬1). فالأمور التي للمسلمين فيها نفع يجوز لهم أن يأخذوها من عدوهم، ولا يسمى تشبها، لما فيه من الإعداد والنفع العام للمسلمين، وهكذا الأشياء التي اشترك فيها المسلمون، وصارت من عادة الجميع لا يكون فيها تشبه، وإنما التشبه يكون فيما اختصوا به، وصار من زيهم الخاص، المقصود أن الأشياء التي فيها نفع لنا ولا يختص فيها المشركون، أما ما كان خاصا بالمشركين، ليس لنا فيه نفع لا نتزين به، لكن الذي فيه نفع نأخذه منهم ونحتج بقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} (¬2) والله سبحانه يقول: ¬

_ (¬1) سورة الأنفال الآية 60 (¬2) سورة الأنفال الآية 60

{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} (¬1)، والحذر من أمور الدين التي هي من زيهم وأخلاقهم، وليست من ديننا، وإذا كان من ديننا نستعمله، ولو تشبهوا بنا فيه ولو شاركونا كما لو أجمعوا على إرخاء اللحى، نرخيها نحن، ولو أرخوها لا نخالفهم في ذلك، بل نرخيها لأننا مأمورون بإرخائها وهكذا لو بنوا المساجد وصلوا في المساجد لا نهدم مساجدنا ما كان من ديننا نلزمه ولو شاركونا فيه، وكذلك الأنظمة التي تنفعنا نأخذ بها، كنظام المرور والشرطة ونظام كذا وكذا الذي ينفع الأمة. ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 32

حكم توريد البطاقات الخاصة بأعياد الكفار

77 - حكم توريد البطاقات الخاصة بأعياد الكفار س: هل يجوز توريد البطاقات الكروت الخاصة بأعياد المسيحيين وما شابهها، مثل الكرسمس وأشكاله، هل يجوز توريدها أو حملها أو الاعتناء بها؟ (¬1) ج: الذي يظهر لي أن هذا لا يجوز؛ لأن هذا فيه إشاعة لها، وربما اغتر بها بعض الناس فظن أنها جائزة، وربما أفضت إلى تقليدهم، والتشجيع على تقليدهم في هذه الأعياد المبتدعة، فلا ينبغي ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (311).

أن تروج هذه البطاقات، ولا ينبغي أن تتداول بين الناس بل ينبغي إتلافها.

حكم الصلاة على والدي رسول الله صلى الله عليه وسلم

78 - حكم الصلاة على والدي رسول الله صلى الله عليه وسلم س: نعلم أن هناك مجلسا لذكر الله، وعندنا أصبح مجلس اسمه مجلس الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فنقول: اللهم صل على سيدنا محمد وعلى والديه وسلم، أو اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم؛ على حسب الإمام. فهل هذا المجلس جائز؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1). ج: الصلاة على والدي النبي لا تجوز؛ لأن والدي النبي ماتا على الجاهلية، فلا يصلى عليهما، ولا يدعى لهما، فعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «استأذنت ربي أن أستغفر لأمي، فلم يأذن لي (¬2)» وقال لرجل سأله عن أبيه: «إن أبي وأباك في النار (¬3)» فلا يجوز الصلاة عليهما، ولا الدعاء لهما، ولكن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم تقول: (اللهم صل على محمد، اللهم صل على نبينا محمد، على سيدنا محمد) هذا طيب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (311). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه، برقم 976. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان من مات على الكفر، برقم 203.

«من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا (¬1)» في أي وقت. أما جعل مجالس خاصة للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصوت جماعي وبلفظ جماعي، فهذا لا أصل له، لكن إذا سمعت من يصلي على النبي عليه الصلاة والسلام فصل عليه، وإذا سمعت من يذكر النبي فصل عليه، عليه الصلاة والسلام، وأنت في طريقك، وفي بيتك في المسجد تصلي على النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن النبي عليه السلام يقول: «من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا» والله يقول في كتابه العظيم القرآن الكريم: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (¬2) اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، وإذا قلت: اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه، أو اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته؛ كله طيب، والمقصود الصلاة عليه وعلى آله، كله طيب، أما ذكر والديه فلا، ولا يدخل والديه في الدعاء والصلاة المخصوصة بالرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنهما لم يسلما، فهما غير داخلين في آله؛ آله يعني أهل بيته من المسلمين وأتباعه هم آله، وأهل بيته الطيبون، كفاطمة وكزوجاته وكعلي وكالحسن والحسين وغيرهم، ممن أسلم من بني هاشم، هم من آله، أما أبواه فليسا من آله، الذين يصلى عليهم، ويدعى لهم؛ لأنهما ماتا على دين الجاهلية. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 408. (¬2) سورة الأحزاب الآية 56

حكم مشاركة الكفار في أعيادهم

79 - حكم مشاركة الكفار في أعيادهم س: يلاحظ أن بعضا من المسلمين يشاركون المسيحيين في عيد الميلاد والكرسمس كما يسمونه، ويرجو التوجيه في ذلك (¬1). ج: لا يجوز للمسلم ولا للمسلمة مشاركة النصارى أو اليهود أو غيرهم من الكفرة في أعيادهم، بل يجب ترك ذلك؛ لأن من تشبه بقوم فهو منهم، والرسول صلى الله عليه وسلم حذرنا من مشابهتهم والتخلق بأخلاقهم، فعلى المؤمن وعلى المؤمنة الحذر من ذلك، وأن لا يساعد في إقامة هذه الأعياد بأي شيء؛ لأنها أعياد مخالفة لشرع الله، ويقيمها أعداء الله فلا يجوز الاشتراك فيها ولا التعاون مع أهلها ولا مساعدتهم بأي شيء لا بالشاي ولا بالقهوة ولا بأي شيء من الأمور كالأواني ونحوها وأيضا يقول الله سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (¬2). فالمشاركة مع الكفرة في أعيادهم نوع من التعاون على الإثم والعدوان، فالواجب على كل مسلم وكل مسلمة ترك ذلك، ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بذلك، الواجب أن ينظر في الشرع الإسلامي وما جاء ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (73). (¬2) سورة المائدة الآية 2

به وأن يمتثل أمر الله ورسوله، وأن لا ينظر إلى أمور الناس، فإن أكثرهم لا يبالي بما شرع الله، كما قال الله عز وجل في كتابه العظيم: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (¬1) وقال سبحانه: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} (¬2) فالعوائد المخالفة للشرع لا يجوز الأخذ بها، وإن فعلها الناس، والمؤمن يزن أقواله وأفعاله، ويزن أقوال وأفعال الناس بالكتاب والسنة، كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فما وافقهما أو أحدهما فهو المقبول، وإن تركه الناس، وما خالفهما أو أحدهما، فهو المردود ولو فعله الناس، رزق الله الجميع التوفيق والهداية. ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 116 (¬2) سورة يوسف الآية 103

حكم الإحسان إلى الكافر الذمي والمستأمن

80 - حكم الإحسان إلى الكافر الذمي والمستأمن س: نحن - الحمد لله - مسلمون، ولدينا أخ مسيحي هل يجوز الأكل والشرب معه أو لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1). ج: المسيحي ليس أخا لك، إذا كنت مسلما، إلا إذا كان أخا لك من النسب، الكافر ليس أخا لك، يقول الله جل وعلا: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (¬2) ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (209). (¬2) سورة الحجرات الآية 10

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم (¬1)»، فالمسلم هو أخو المسلم، وليس أخا للكافر، وإن كان أخا لنسبه، لكن ليس أخا في الدين، سواء كان يهوديا أو نصرانيا، أو مجوسيا أو شيوعيا أو قاديانيا أو وثنيا كل هؤلاء الكفرة ليسوا إخوة لنا بل بيننا وبينهم البغضاء والعداوة، وإن أحسنا إليهم، إذا كانوا فقراء ليسوا محاربين، لا مانع أن نحسن إليهم، إذا كانوا أهل ذمة أو مستأمنين، نحسن إليهم لفقرهم، وندعوهم إلى الإسلام لا بأس، لكن ليسوا إخوة لنا، وليسوا أحبابا لنا، بل نبغضهم في الله حتى يهتدوا، ومع هذا نحسن إليهم وندعوهم إلى الله، ونسأل الله لهم الهداية، كل هذا مطلوب، أما إذا كانوا حربا لنا، بيننا وبينهم القتال، ليس لهم ذمة ولا أمان، فهؤلاء نبغضهم في الله ونقاتلهم، ولا نعطيهم شيئا ولا نساعدهم على المسلمين، بل نبغضهم في الله ونحاربهم ونقطع الصلة بيننا وبينهم، ولا نساعدهم بشيء أصلا، بل إعانتهم على المسلمين كفر وردة، وهذا المسيحي لا تتخذوه صاحبا ولا تواكلوه، لكن إذا بليت به، ساكن معك، أو ضيف لا مانع أن تأكل معه، لكن لا تتخذه صاحبا ولا بطانة ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، برقم 2442، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم 2580.

بل اتخذه عدوا وبغيضا في الله عز وجل حتى يهتدي وأما مواكلته العارضة، بسبب الضيافة أو بسبب أنه نزل معك في محل السكن، لعارض فإنك تأكل معه إذا دعت الحاجة، ولكن تسعى في الخلاص من صحبته ومساكنته؛ لئلا يجرك إلى بلائه، ولئلا تتساهل فيما أوجب الله عليك من شأنه، والله المستعان.

حكم النداء بالألفاظ التي تسبب الكبر

81 - حكم النداء بالألفاظ التي تسبب الكبر س: عندنا مدرسون غير مسلمين، وغالبا ما نناديهم بكلمة " سير " باللغة الإنجليزية، وهذه الكلمة تعني سيدي بالعربي فهل هذا يجوز؟ أفيدونا جزاكم الله عنا خير الجزاء (¬1). ج: إذا كان معناها يا سيدي فالذي ينبغي تركها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له أنت سيدنا، قال: «السيد الله تبارك وتعالى (¬2)»، ولأن لفظة سيدي قد تسبب عظمة في نفسه وكبرياء، وتجره إلى الكبرياء والغلو، والتكبر ونحو ذلك، فالحاصل أن الأولى عدم نداء الأستاذ أو الأخ بسيدي أو ما يدل على معناها، ولكن يقول: يا أبا فلان، يا فلان بالألقاب الأخرى التي يرتضيها، وليس فيها غلو أو بكنيته أو باسم معروف. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (32). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الآداب، باب في كراهية التمادح، برقم 4806.

معنى الحب في الله والبغض في الله

82 - معنى الحب في الله والبغض في الله س: أبو أحمد من الرياض يقول: علمنا أن من أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله، فما معنى الحب في الله؟ وما معنى البغض في الله؟ (¬1) ج: الحب في الله أن تحب من أجل الله جل وعلا؛ لأنك رأيته ذا تقوى وإيمان، فتحبه في الله وتبغضه في الله: لأنك رأيته كافرا عاصيا لله فتبغضه في الله أو عاصيا، وإن كان مسلما فتبغضه بقدر ما عنده من المعاصي، هكذا المؤمن يتسع قلبه لهذا أو هذا، يحب في الله أهل الإيمان والتقوى، ويبغض في الله أهل الكفر والشرور والمعاصي، ويكون قلبه متسعا لهذا وهذا وإذا كان الرجل فيه خير وشر كالمسلم العاصي أحبه من أجل إسلامه، وأبغضه من أجل ما عنده من المعاصي ويكون فيه الأمران، الشعبتان، شعبة الحب والبغض، أهل الإيمان والاستقامة يحبهم حبا كاملا وأهل الكفر يبغضهم بغضا كاملا وصاحب الشائبتين صاحب المعاصي يحبه على قدر ما عنده من الإيمان والإسلام، ويبغضه على قدر ما عنده من المعاصي والمخالفات. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (356).

باب ما جاء في أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم هم جميع الثقلين

باب ما جاء في أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم هم جميع الثقلين الجن والإنس

باب ما جاء في أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم هم جميع الثقلين الجن والإنس 83 - أمة محمد صلى الله عليه وسلم هم جميع الثقلين الجن والإنس س: من هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟ وهل هم الجيل الذي بعث فيهم إلى قيام الساعة، أم هم الذين آمنوا به وصدقوه واتبعوه؟ (¬1) ج: أمة محمد صلى الله عليه وسلم هم جميع الثقلين، الجن والإنس هم أمته، لكن يقال لهم: أمة الدعوة، كلهم مدعوون، كلهم مكلفون، مأمورون بتوحيد الله، وطاعته واتباع نبيه صلى الله عليه وسلم وترك ما نهى عنه، كلهم مأمورون جنهم وإنسهم، قال الله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (¬2)، وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (¬3) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة عليه الصلاة والسلام (¬4)». ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط (33). (¬2) سورة الأعراف الآية 158 (¬3) سورة سبأ الآية 28 (¬4) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب قول الله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا) برقم 335.

الأمة الثانية أمة الإجابة، وهم الذين أجابوه واتبعوه، وهم الأمة التي أثنى الله عليها ومدحها الذين أجابوه واتبعوا شريعته، كما في قوله سبحانه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (¬1) هؤلاء الذين آمنوا به، لهم الفضل العظيم، أما أولئك الذين لم يؤمنوا فيقال لهم: أمة الدعوة، ولهم النار يوم القيامة؛ لعدم إيمانهم بالنبي صلى الله عليه وسلم إلا من لم تبلغه دعوته، فلم يعلم به عليه الصلاة والسلام، لكونه في أطراف بعيدة، فهذا يمتحن يوم القيامة، ويسمون أهل الفترة، يمتحنون يوم القيامة، فمن أجاب ما طلب منه صار إلى الجنة، ومن عصى دخل النار، أما الذين سمعوا به وعلموا به، ولم يستجيبوا فإنهم يكونون من أهل النار؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بي إلا كان من أصحاب النار (¬2)» رواه مسلم في الصحيح، وفي قوله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} (¬3) فهو رسول الله إلى الجميع عليه الصلاة والسلام، فمن اتبعه وسار على منهجه، بتوحيد الله وطاعته، فهو من أمة الإجابة وله الجنة يوم القيامة، ومن أبى ¬

_ (¬1) سورة آل عمران الآية 110 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، برقم 153. (¬3) سورة هود الآية 17

كاليهود والنصارى والشيوعيين والوثنيين وسائر الملحدين، من أبى عن الدخول في دينه فهو من أهل النار إلا الذين لم يبلغهم أمره، فهؤلاء يمتحنون يوم القيامة ويقال لهم: أهل الفترة، والله يقول سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم يأمره أن يبلغ الناس، يقول جل وعلا يأمر نبيه أن يقول ذلك: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (¬1) ويقول سبحانه: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} (¬2) فالله جعل القرآن بلاغا وهكذا ما أخبر به النبي بلاغ عليه الصلاة والسلام، والقرآن والأحاديث كلها بلاغ، فمن اتبع القرآن والسنة، ووحد الله، واتبع الشريعة فهذا هو المؤمن، وهؤلاء هم أهل الجنة، وهم أمة الإجابة، إلى يوم القيامة، ومن حاد عن السبيل، ولم يستجب للدعوة كاليهود والنصارى أو غيرهم، فهو من أهل النار يوم القيامة، لكن من كان بعيدا في أطراف الدنيا لم يسمع عن القرآن، ولا عن محمد صلى الله عليه وسلم، فهذا يقال له: من أهل الفترة، يسمى من أهل الفترة، ليس عنده علم، فهذا يمتحن يوم القيامة، جاءت الأحاديث بأنه يمتحن يوم القيامة، ويبعث إليه جزء من النار فإن أجابه دخل الجنة، وإن عصى دخل النار. ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 19 (¬2) سورة إبراهيم الآية 52

بيان أنه صلى الله عليه وسلم أرسل إلى الجن والإنس كافة

84 - بيان أنه صلى الله عليه وسلم أرسل إلى الجن والإنس كافة س: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الجن والإنس كافة، والسؤال: هل كان هذا شأن الرسل قبله عليهم السلام، أم أن محمدا صلى الله عليه وسلم كان أول رسول إلى هؤلاء الخلق (الجن)؛ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1). ج: كان الأنبياء والرسل مأمورين كل واحد يرسل إلى قومه، والجن لهم نذر ينذرونهم، من قومهم، من جماعتهم، أما رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد أرسل للجميع لجميع الجن والإنس هذه خاصة عليه الصلاة والسلام، لم يبعث رسول إلى الجن والإنس جميعا إلا محمد عليه الصلاة والسلام؛ لأن كل رسول يبعث إلى قومه من جن وإنس، قومه في جهته أو مكانه من جن وإنس هو المبعوث إليهم، وإن كان لا يعرف تفاصيل الجن ولا أسماء الجن، لكن هو مبعوث إليهم، عليهم أن يسمعوا له ويطيعوا، وينتفعوا برسالته، ويعملوا بها إذا كانوا من قومه من بلده، من قومه الذين بعث إليهم، فإنهم يلزمهم أن يتبعوا هذا الرسول؛ لأنه أرسل إلى قومهم، والله أعلم سبحانه بحقيقة ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (295).

الجن مخاطبون بما خوطب الإنس من الشرائع

85 - الجن مخاطبون بما خوطب الإنس من الشرائع س: من المعلوم أن الجن والإنس مكلفون، كما في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬1) وكما في قوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} (¬2) {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ} (¬3) على أي طريقة كان يتعبد الجن، ذلك أنهم خلقوا قبل آدم؟ فكيف كانت عبادتهم قبل أولي العزم من الرسل؟ (¬4) ج: الذي نعلمه من الشرع أنهم مخاطبون بما خوطب به الإنس من الشرائع، إلا ما استثني مما لا نعلمه، فلهم أشياء تخصهم لا نعلمها، والنبي صلى الله عليه وسلم اجتمع بهم، وبلغهم أشياء فلا نعلم شيئا يخصهم دوننا، فالأصل أنهم مكلفون بما كلف به الإنس، من صلاة وغيرها إلا ما استثناه الشارع في حقهم، مما لا نعلم ونقول ما كلفوا به، وخصهم الله به مما لا نعلمه، الله الذي يعلمه سبحانه وتعالى، وهو سائلهم عنه جل وعلا، أما ما كلفنا به جميعا فهم مسئولون عنه أيضا، وقد أنزل الله سورة الرحمن وخاطبهم فيها جميعا مع الإنس، بعد كل آية يقول: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (¬5)، فهم مسئولون ومكلفون وموعودون ¬

_ (¬1) سورة الذاريات الآية 56 (¬2) سورة الجن الآية 1 (¬3) سورة الجن الآية 2 (¬4) السؤال الرابع عشر من الشريط (57). (¬5) سورة الرحمن الآية 13

بالجنة والنار مطيعهم في الجنة وعاصيهم في النار، كما قال عز وجل: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} (¬1) {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} (¬2)، وقال قبل ذلك: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} (¬3)، فهم فيهم الصالحون وفيهم المبتدعة، وفيهم الكفار وفيهم الفساق، كالإنس؛ فليس لنا أن نقول على الله بغير علم، فالأصل أنهم مكلفون بما كلفنا به، إلا ما استثناه الشارع فيما بينه وبينهم، وأعلمهم به مما لا نطلع عليه، فعلمه إلى الله سبحانه وتعالى، وعليهم أن يؤدوا ما أوجبه الله عليهم، ومن قصر منهم فله حكم المقصرين، من كفر أو عصيان إن كان كفرا فكفر وإن كان عصيانا فعصيان، وهو أيضا مجزي بعمله يوم القيامة، كما دلت عليه سورة الرحمن، وسورة الجن والله سبحانه أعلم. س: الأخ هـ. هـ يقول: هل يدخل المؤمنون من الجن الجنة مع الإنس؟ وأين تكون منازلهم في الجنة؛ وهل يلتقون مع الإنس أيضا؟ (¬4) ج: الكفار من الجن والإنس في النار والمؤمنون من الجن والإنس في الجنة، قال الله تعالى في سورة الرحمن: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} (¬5). . ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 14 (¬2) سورة الجن الآية 15 (¬3) سورة الجن الآية 11 (¬4) السؤال الأول من الشريط رقم (426). (¬5) سورة الرحمن الآية 46

يعني: من الجن والإنس، {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (¬1)، وقال جل وعلا في سورة الرحمن: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ} (¬2) {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} (¬3)، فالجن والإنس سواء سواء، من آمن منهم ومات على الإيمان دخل الجنة، ومن مات على الكفر دخل النار سواء جنا أو إنسا. ¬

_ (¬1) سورة الرحمن الآية 13 (¬2) سورة الرحمن الآية 43 (¬3) سورة الرحمن الآية 44

بيان أصل الجن

86 - بيان أصل الجن س: من المعلوم أن الجن والإنس من مخلوقات الله تعالى، وقد أمرهم بالعبادة في قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬1)، هل الجن يؤذون الإنس؛ وكيف؟ وبأي طريقة؟ وما أعراض الشخص المصاب؟ وكيف الشفاء إذا وقع؟ (¬2) ج: الجن ثقل عظيم، خلقهم الله لعبادته، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬3)، والصحيح أنهم أولاد إبليس يقال لهم ¬

_ (¬1) سورة الذاريات الآية 56 (¬2) السؤال الثالث من الشريط (13). (¬3) سورة الذاريات الآية 56

الجن، هو أبوهم، كما أن آدم أبو الإنس وهم فيهم الكافر وفيهم المسلم وفيهم العاصي مثل بني آدم فيهم الطيب والخبيث، والله كلفهم بعبادته وطاعته، وفرض عليهم فرائض، فالواجب عليهم أن يسمعوه ويطيعوه، وأن ينقادوا لأمر الله، وأن يعظموا حرماته، وهم أصناف وأشكال، يأكلون ويشربون وينكحون ويتناسلون، هم أصناف وأشكال وقد يؤذون بني آدم، كما يؤذي بنو آدم بعضهم بعضا، قد يؤذي الجن الإنس في بعض الأحيان بالحجارة، أو بشب النار في بعض أمتعتهم، أو بكلام مزعج، أو بغير ذلك، وقد يؤذون أيضا في تلبس الجن بالإنس، وفي الغالب أن يكون هذا بأسباب من الإنس، إما بطرح شيء ثقيل ولم يسم، أو صب ماء حار ولم يسم، أو ما أشبه ذلك مما قد يؤذيهم هو فيتسلطون بسبب الأذى الذي حصل من الإنس، فيتلبس به الجن، ولكن متى قرئ عليه من آيات الله جل وعلا الكريمة، وطولب بالخروج وخوف من الله سبحانه وتعالى، وقرأ عليه من لديه قوة في دين الله، وإيمان قوي فإنه يخرج، إذا كان فيه دين، إذا كان فيه خير ويتعظ ويتذكر، وقد لا يخرج إذا كان فاسقا أو كافرا، مثل فسقة الإنس، قد يظلمون ويتعدون ولا يبالون بالنصيحة، لكفرهم أو فسقهم، فهم كالإنس فيهم الفاسق وفيهم الكافر وفيهم الظالم وفيهم الطيب، وفيهم الخبيث، والله شرع لنا أن نتقي شرهم بالتعوذات، الإنسان مشروع له صباحا ومساء أن يقول: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات، (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في

الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات، صباحا ومساء كل هذا من أسباب السلامة من الجن وغيرهم، كذلك قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة، وقراءتها عند النوم من أسباب حفظ الله من الشياطين، وهكذا قراءة قل هو الله أحد، والمعوذتين بعد كل صلاة، وقراءتها ثلاث مرات بعد المغرب والفجر، كل هذا من أسباب السلامة من شياطين الإنس والجن، والمؤمن ينبغي له أن يكون بعيدا عن أسباب الأذى للإنس والجن جميعا، ومن كان معتصما بالله، وأخذ بالأسباب الشرعية وقاه الله شر الإنس والجن جميعا، ومن تساهل فقد يسلط عليه الإنس والجن، بسبب تساهله أو عدوانه أو ظلمه نسأل الله السلامة.

بيان معنى شياطين الجن والإنس

87 - بيان معنى شياطين الجن والإنس س: ما الفرق بين الشيطان والجن؛ وهل الشيطان يتناسل من ذكر وأنثى؛ وإذا كان أبوهم طرد من الجنة؛ لأنه عصى ربه، ووعده الله بالنار، فلماذا لا ينصح أولاده لينجوا من النار؟ هل الشيطان يتعامل مع الإنسان بأنه يخدمه، مقابل عصيان الإنسان لربه؟ وهل هناك جن مسلمون يخدمون المسلمين، كخدمتهم لسيدنا سليمان عليه السلام؟ وإذا كان الشيطان أو الجن في استطاعته خدمة الإنسان أو ضره، فلماذا لا يساعد

المسلمون من الجن المسلمين من الإنس في حربهم مع الكفار، ونقل أسرارهم ونصرة الإسلام؟ ولماذا ما يساعد الكفار منهم كفار الإنس على المسلمين بأي شكل من الأشكال؟ أرجو التوجيه حفظكم الله. وإذا نويت عمل خير في قلبي هل يعلم به الشيطان، ويحاول صرفي عنه؟ وإذا كان هذا كله يوجد فهل هناك دليل من الكتاب والسنة؟ وهل حصلت أمثلة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وإذا كان يوجد كتاب فيه مثل هذه المسائل دلوني عليه لأستطيع أن أنجو من شر الشياطين، نجاني الله وإياكم وجميع المسلمين. والسلام عليكم (¬1). ج: الشياطين من الجن، وهم متمردوهم وأشرارهم، كما أن شياطين الإنس هم متمردو الإنس وأشرارهم، فالجن والإنس فيهم شياطين، وهم متمردوهم وأشرارهم، من الكفرة والفسقة، وفيهم المسلمون من الأخيار الطيبين، كما في الإنس الأخيار الطيبون، قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} (¬2)، والشيطان هو أبو الجن عند جمع من أهل العلم، وهو الذي عصى ربه واستكبر عن السجود، وقال آخرون من أهل ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط (166). (¬2) سورة الأنعام الآية 112

العلم: إن الشيطان من طائفة من الملائكة، يقال لهم: الجن استكبر عن السجود فطرده الله، وأبعده وصار قائدا لكل شر، ولكل خبيث ولكل كافر أو ضال، وكل إنسان معه شيطان، ومعه ملك كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، فالشيطان يملي عليه الشر ويدعوه إلى الشر، وله لمة بقلبه، وله اطلاع بتقدير الله على ما يقوم به العبد ويلهي العبد بين الخير والشر، والملك كذلك فهذه أشياء مكنهم الله منها، مكن القرينين: القرين من الجن، والقرين من الإنس، وهو شيطان، قرين الجن مع الإنسان، كما قاله عليه الصلاة والسلام، لما قال: «ما منكم من أحد إلا ومعه قرينه من الجن وقرينه من الملائكة "، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: " ولا أنا، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم (¬1)». المقصود أن كل إنسان معه قرينه من الملائكة وقرينه من الشياطين، فالمؤمن بطاعة الله ورسوله، والاستقامة على دين الله يقهر شيطانه، ويذل شيطانه ويهين شيطانه، حتى يكون ضعيفا لا يستطيع أن يغالب، ويمنع المؤمن من الخير. والعاصي بمعاصيه وسيئاته يعين شيطانه حتى يقوى على مساعدته على الباطل، وعلى تشجيعه على الباطل، وعلى تثبيطه عن الخير، فعلى المؤمن أن يتقي الله، وأن يحرص على جهاد شيطانه، بطاعة الله ورسوله والتعوذ بالله من الشيطان، وعلى أن يحرص ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صفة القيامة والجنة، باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس، برقم 2814، وأخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، برقم 3792.

في مساعدة ملكه على طاعة الله ورسوله، والقيام بأمر الله سبحانه تعالى، والمسلمون يعينون إخوانهم من الجن، على طاعة الله ورسوله كالإنس، وقد يعينون الإنس في بعض المسائل، وإن لم يعلم الإنس قد يعينونهم على طاعة الله ورسوله، وقد يسمع الإنس منهم بعض الشيء، وقد يوقظونه للصلاة، وقد ينبهونه على أشياء تنفعه، وأشياء تضره، كل هذا واقع وإن كانوا لا يتمثلون له، وقد يتمثل الجني لبعض الناس في دلالته على الخير، وفي دلالته على الشر، قد يقع هذا ولكنه قليل، والغالب أنهم لا يظهرون للإنسان، وإن سمع صوتهم في بعض الأحيان، يوقظونه للصلاة أو يخبرونه ببعض الأخبار، فالحاصل أن الجن من المؤمنين لهم مساعدة للمؤمنين، وإن لم يعلم المؤمنون، ويحبون لهم كل خير، وهكذا المؤمنون من الإنس يحبون لإخوانهم من الجن المؤمنين الخير، ويسألون الله لهم التوفيق، ويحضرون الدروس ويحبون سماع العلم، فالمؤمنون من الجن يحضرون دروس الإنس في بعض الأحيان وفي بعض البلاد ويستفيدون من دروس الإنس، كل هذا واقع ومعلوم، وقد صرح به كثير ممن اتصل به الجن، وسألوه عن بعض المسائل العلمية وأخبروه أنهم يحضرون دروسه، كل هذا أمر معلوم، وفيه كتب كثيرة كتبت في هذا الباب، وابن القيم رحمه الله في كتبه قد ذكر كثيرا من هذا، وفيه كتاب لبعض العلماء سماه آكام المرجان في بيان أحكام الجان، لشخص يقال له: الشبلي، وهو كتاب مفيد، ولا بد أن هناك كتبا أخرى قد صنفت في هذا الباب، في إمكان الإنسان أن

يلتمسها، ويسأل عنها في المكتبات التجارية، وفي إمكانه يستفيد من كتب التفسير، على سورة الجن: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} (¬1)، والآيات الأخرى التي فيها أخبار الجن، بمراجعة التفاسير ليستفيد الإنسان من ذلك، مما قاله المفسرون رحمهم الله، في أخبار الجن من أشرارهم وأخيارهم. س: يقول بعض الناس: إن هناك شيطانا قد أسلم وشيطانا كفر. هل هذا صحيح؟ (¬2) ج: الجن فيهم المسلم وفيهم الكافر، والشيطان هو المتمرد، شياطين الجن متمردوهم، وشياطين الإنس متمردوهم، فذرية الشيطان من الشياطين، هم على حالهم شياطين، يصدون الناس عن الهدى، ومن هداه الله من الجن ما يسمى شيطانا، الشيطان هو الذي يتمرد عن الحق والهدى، ويتبع جده الشيطان في الباطل، ومن هداه الله منهم، كان من جنسنا له فضله، وله ما وعد الله به من الجنة والخير، كما قال الله سبحانه وتعالى في سورة الجن: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} (¬3) فإذا أسلم من تشيطن منهم، ورجع إلى الإسلام وتمسك ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 1 (¬2) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (131). (¬3) سورة الجن الآية 11

بالإسلام، هو مثل الإنس الذي كان كافرا ثم رجع إلى الإسلام، وهداه الله، فالجن والإنس فيهم الكافر، وفيهم المسلم، وفيهم المبتدع، وفيهم العاصي، وفيهم الجهمي، وفيهم الرافضي، وفيهم غير ذلك، كما قال سبحانه: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} (¬1) ثم قال بعده: {كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} (¬2) يعني أقساما متفرقة، وفرقا متنوعة، فيهم الطيب والخبيث، فيهم الصالح والطالح، فيهم صاحب السنة وصاحب البدعة، وقال في الآية التي بعدها: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} (¬3) {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} (¬4) القاسط العادل عن الحق، يقال: قسط إذا جار، أما أقسط فهو العادل، ومنه قوله جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (¬5) أهل العدل والفضل والبصيرة، فالمقسط صفة مدح، وهو الذي التزم الحق واعتدل، وأخذ بالعدالة، والقاسط المائل عن الحق الذي جار عن الحق، وأبى اتباع الحق، ولهذا قال سبحانه: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ} (¬6) يعني الجائرين المنحرفين عن الحق {فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} (¬7) فهكذا يقال في الجن والإنس، فهم سواء: من ترك شركه وباطله، ودخل في الإسلام فله ما للمسلمين، من الجن والإنس، وعليه ما عليهم، ومن بقي في شيطنته وكفره وضلاله، فله ما لأصحابه من جن أو إنس، ومن استقر على الهدى ومضى على الهدى، وسار على الهدى، فله ما وعد الله به المهتدين، والله المستعان. ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 11 (¬2) سورة الجن الآية 11 (¬3) سورة الجن الآية 14 (¬4) سورة الجن الآية 15 (¬5) سورة المائدة الآية 42 (¬6) سورة الجن الآية 15 (¬7) سورة الجن الآية 15

حكم مصاحبة الجان للإنس

88 - حكم مصاحبة الجان للإنس س: يوجد في منطقتنا شخص يسكن في بيت وحده، ويدعي وجود الجان في بيته، ولا يستطيع حسب قوله إشعال النور ليلا، ويغمض عينيه في أغلب الأحيان، وقد زار منزله بعض ممن يدعي معرفة الجان، وقالوا: إن البيت فعلا يسكنه الجان يأكلون معه، وهناك جنية تصحبه دائما. فهل حقيقة أن الجان تتحكم في بعض الناس بهذه الطريقة؟ وهل في شريعتنا الغراء ما يتم به طرد الجان من مثل هذا البيت؛ أرجو الإفادة؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: نعم، قد يقع هذا لبعض الناس، وقد يصحبه الجان وقد يضلونه، وقد يغرونه بأشياء تضر الناس، وقد يعطونه بعض العلوم المغيبة التي اطلعوا عليها باستراق السمع، أو بمجيء من بلدان لأخرى، كأن يخبروه بأنه مات أمير البلد، أو مات فلان في البلد الفلاني؛ لأن الشياطين يخبر بعضهم بعضا، وهم سريعو التنقل من بلد إلى بلد، وقد يسترقون السمع، ويسمعون شيئا من الملائكة في السماء، أو في سماء الدنيا أو في العنان فيبلغون أولياءهم من الإنس، فالإنسي قد يكون له صاحب من الجن، يسمونه الرئي، ويسمى صاحبه الكاهن، هذا واقع من قديم الزمان، وكل إنسان معه شيطان ومعه ملك قرين. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط (135).

وقد يكون الشيطان الذي مع الإنسان يصحب هذا ويدعوه إلى الحضور. وقد يتعاون معه على مقاصدهم الخبيثة، مع هذا الرجل، أو مع هذه المرأة. هذا واقع من الناس، صحبة الجن واتخاذهم أولياء، والاستعانة بهم على ضرر بعض الناس، أو نفع بعض الناس، كل هذا واقع. ولكنه منكر لا يجوز، بل محرم، لا يجوز للمسلم أن يتخذهم أصحابا، من طريق الكهانة، أو طريق السحر، حتى يضر بهم الناس، بل يجب أن يحذرهم، ويجب على المسلمين أن يجاهدوا هؤلاء بما يزيل شرهم، وولي الأمر يبعث لهم من يستتيبهم فإن تابوا ورجعوا إلى الحق والصواب، وإلا عذبهم وعاقبهم بالضرب والسجن، حتى يتركوا هذه الشعوذة وهذا الفساد. وإذا علم منهم أنهم يدعون الجن ويستغيثون بالجن، ولهم ينذرون صار هذا شركا أكبر، يستحقون معه القتل. أو علم منهم أنهم يدعون الغيب، بسبب شياطينهم وأنهم يعلمون الغيب، وأنه سوف يكون كذا وسوف يكون كذا، فهم يستتابون أيضا، فإن تابوا وإلا قتلوا كفارا: لأن دعوى علم الغيب كفر. كما قال الله سبحانه: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} (¬1)، وقال سبحانه: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (¬2)، وقال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: ¬

_ (¬1) سورة النمل الآية 65 (¬2) سورة هود الآية 123

{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (¬1)، فإذا كان محمد صلى الله عليه وسلم وهو أفضل الخلق، وسيد ولد آدم لا يعلم الغيب، فغيره من باب أولى. فالواجب القضاء على هذه الشعوذة، وعلى هذا الشخص الذي يفعل ما ذكرت من الجلوس وحده، ودعواه أنه له جنية، وأنه لا ينور في بيته في الليل، وأنه يغمض عينيه، هذا كله من باب إيهام الناس، وأخذ أموالهم بالباطل، حتى يقول لهم: افعلوا كذا وافعلوا كذا، وسوف يكون كذا وسوف يكون كذا، هذا لا يجوز إقراره على حاله عند من له أدنى تمسك بالشرع من الولاة، بل الواجب على ولاة الأمور الإسلاميين، أن يأخذوا على أيدي هؤلاء، وأن يقضوا على خرافاتهم وشعوذتهم وإفكهم. ومعلوم إذا كان صادقا أنه يزول عنه هذا، إذا تاب إلى الله ورجع إلى الحق، وتاب إلى ربه من هذه الأشياء فإنها تبتعد عنه؛ لأنها تنزل على كل أفاك أثيم، والكذاب الأثيم على أصحابهم. فإذا تاب ورجع إلى الله، وصدق واستعاذ بالله من شرهم كفاه الله شرهم. ومن أسباب الوقاية كثرة قراءة القرآن، والتعوذ بكلمات الله التامات إذا دخل المنزل، وأن يقول صباحا ومساء: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السمع العليم ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 188

ثلاث مرات، فإنه لا يضره شيء، وهكذا إذا قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، ثلاث مرات إذا دخل المنزل، كل هذا من أسباب العافية والسلامة من هؤلاء الأشرار، من الشياطين، شياطين الإنس والجن. فلا يجوز أن يقر هذا الشخص وأشباهه على هذا الباطل، وهذه الشعوذة المنكرة التي يضل بها الناس، ولا سيما الجهال، والله المستعان.

إمكانية ظهور الجن لبعض الناس ومصادقتهم

89 - إمكانية ظهور الجن لبعض الناس ومصادقتهم س: هل يظهر الجن لبعض الناس ويعقد صداقات معهم؟ وهل الجني هو الشيطان؟ (¬1) ج: قد يظهر الجن لبعض الناس. والجن ثقل مستقل غير الإنس، والمشهور عند العلماء أنهم أولاد الشيطان، كما أن الإنس أولاد آدم، فالشيطان الذي هو الجان، الذي امتنع من السجود لآدم هو أبو الجن، فمنهم طيب، وكافرهم مثل كافر الإنس خبيث، فيهم الفاسق وفيهم الكافر وفيهم المؤمن الطيب، وفيهم العاصي، فهم أقسام مثل الإنس قد يتصل بعض الناس بهم، وقد يكلمهم ويكلمونه، قد يراهم بعض الناس، لكن الأغلب أنهم لا يرون كما قال جل وعلا: ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط (193).

{إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} (¬1). يعني يروننا من حيث لا نراهم، وليس معناه أننا لا نراهم، قد نراهم، لكن من حيث لا نراهم قد يروننا، من جهات يروننا فيها ولا نراهم فيها، لكن الجني قد يبدو لبعض الناس في الصحراء، وفي البيوت، وقد يخاطب، وقد حدثنا جماعة من العلماء عن وقائع كثيرة من هذا، أن بعض الجن حضروا مجالس العلم، وسألوا عن بعض العلم وإن كانوا لا يرون، وبعض الناس قد يراهم يتمثلون في الصحراء وغير الصحراء، لكن لا تجوز عبادتهم من دون الله، ولا الاستغاثة بهم، ولا الاستعانة بهم على إضرار المسلمين، ولا سؤالهم عن علم الغيب، بل يجب أن يحذروا، أما دعوتهم إلى الله إذا عرفتهم، وتعليمهم ما ينفعهم، ونصيحتهم، ووعظهم، وتذكيرهم، فلا بأس بذلك. أما الاستعانة بهم أو الاستغاثة بهم، أو النذر لهم، أو التقرب إليهم بالذبائح خوف شرهم، كل هذا منكر، قال الله جل وعلا: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (¬2) يعني زادوهم شرا وبلاء. والآية فيها تفسيران: أحدهما زادوهم، يعني الجن زادوا الإنس ذعرا وخوفا، يعني فزاد الجن الإنس ذعرا وخوفا منهم. والمعنى الثاني فزادوهم رهقا، زاد الإنس الجن رهقا، يعني طغيانا وكفرا وعدوانا عليهم، لأنهم لما رأوا الإنس يخافونهم تكبروا عليهم، وزادوا في إيذائهم. وبكل حال فلا يجوز سؤالهم ولا الاستغاثة بهم ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 27 (¬2) سورة الجن الآية 6

ولا النذر لهم، ولا نداؤهم لطلب حاجة، أو شفاء مريض، أو ما أشبه ذلك، لكن إذا كلمهم ينصحهم ويذكرهم ويدعوهم إلى الله ويعلمهم ما ينفعهم، فلا حرج في ذلك، كالإنس.

بيان أن الشيطان يتكلم على ألسنة البشر

90 - بيان أن الشيطان يتكلم على ألسنة البشر س: هل الشيطان يتكلم على ألسنة البشر؟ (¬1). ج: قد يتكلم على السنة البشر، ويكذب عليهم وقد يغر الناس في أشياء كثيرة يكذبها. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط (188).

حكم تلبس الجن بالإنس

91 - حكم تلبس الجن بالإنس س: هل يجوز للجن الصالحين أن يسكنوا في أجساد المسلمين من الإنس، مع الدليل؟ مع العلم أن بعض الجن الصالحين لا يلحقون أذى بالإنس، بل ينزلون ويتلبسون؛ لكي يستمعوا الذكر والقرآن، وبعض الجن الصالحين يقرأ القرآن ويخرج مردة الجن من بعض الإنس بلسان صاحبه الإنسي الذي يسكن فيه، جزاكم الله خيرا (¬1). ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط (191).

ج: لا شك أنه لا يجوز للجن أن يسكن في أجسام الإنس، ولا أن يتعدى عليهم، ولا أن يؤذيهم، ومن أعظم الظلم، ومن أعظم الأذى، أن يخالط الجني الإنسي، وأن يسكن في جسمه وأن يتلبس به، لما في ذلك من إفساد عقله، وجعله في حكم المجانين، ومع ما في ذلك من الشرور الأخرى، والأذى الآخر، والله يقول سبحانه: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا} (¬1) ويقول جل وعلا في كتابه العظيم: {وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} (¬2) ويقول: {وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا} (¬3) فلا يجوز للجني أن يؤذي الإنسي المسلم، ولا يجوز للإنسي أن يؤذيهم ويضرهم، كل منهم عليه الحذر من الآخر، والحذر من ظلمه، ومعلوم ما في حلول الجني في الإنسي من أضرار كثيرة، وفساد كبير سواء كان مسلما أو كافرا، ليس له أن يسكن في الإنسي، وليس له أن يؤذيه، ولا يضره، ومعلوم أيضا ما يحصل للناس من النفرة من هذا الذي داخله الجني، وما يحصل عليه من المضرة، والأذى في ذلك. فالواجب على الجن أن يحذروا ظلم الإنس، وأن يبتعدوا عن أذاهم. وإذا أراد سماع القرآن يسمعه في حلقات العلم، وحلقات القرآن من غير تلبسه بالإنسي، في إمكانه سماع القرآن وسماع ¬

_ (¬1) سورة الفرقان الآية 19 (¬2) سورة الشورى الآية 8 (¬3) سورة الفرقان الآية 37

الأحاديث، بحضور حلقات العلم في المساجد، وغيرها. أما احتجاجه على ذلك أنه يحب أن يسمع منه القرآن هذا غلط، ودعوى خاطئة لا وجه لها. والله المستعان، وعلى الإنسي أن يتعوذ بالأعواذ الشرعية، التي يعيذه الله بها من الجن، ومن ذلك آية الكرسي عند النوم، ومن ذلك قراءة (قل هو الله أحد) والمعوذتين عند النوم ثلاث مرات، ومن ذلك أن يقول مساء وصباحا: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. يقول صلى الله عليه وسلم: «من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق. لم يضره شيء، حتى يرتحل من منزله ذلك (¬1)». وقال: «من قالها ثلاثا في ليلة لم تصبه حمة (¬2)». يعني: سما من ذوات السموم، ومن ذلك أن يقول: «بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ". ثلاث مرات يقول صلى الله عليه وسلم: " من قالها ثلاث مرات لا يضره شيء. صباحا ومساء (¬3)». ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، برقم 2708 (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 7838، والترمذي في كتاب الدعوات، باب الاستعاذة، برقم 3966. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه، برقم 476.

ومن ذلك أن يقول: «أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة (¬1)» كان المصطفى عليه الصلاة والسلام يعوذ بهما الحسن والحسين كل ليلة، هذه التعوذات الشرعية مما يحفظ الله بها العبد من أذى الجن وغيرهم، ومن ذلك: «أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ينزل في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر كل طارق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن (¬2)»، وفي الحديث: «"إن العبد إذا دخل بيته مساء، وقال: بسم الله قال الشيطان لغيره: لا مبيت، وإذا سمى عند أكله قال: لا مبيت ولا عشاء (¬3)». تسمية الله والتعوذ به من أسباب السلامة من الشياطين، فينبغي له أن يحافظ على ذلك، وأن يأخذ بالأوراد الشرعية، التي بينها الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك حفظ من الله عز وجل، وسلامة العبد من أذى الجن والإنس جميعا. والله المستعان. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء باب قول الله تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خليلا} برقم 3371. (¬2) أخرجه أحمد في مسند المكيين، حديث عبد الرحمن بن خنبش رضي الله عنه برقم، 15460. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب: الأشربة، باب: آداب الطعام والشراب وأحكامهما، برقم 2018.

قتال علي رضي الله عنه للجن لا أصل له

92 - قتال علي رضي الله عنه للجن لا أصل له س: الأخ ع. ع. م. ق، من الجمهورية العربية اليمنية، يسأل ويقول: هل صحيح أن الإمام عليا رضي الله عنه حارب الجن؟ حيث ورد في كتاب غزوات الإمام علي ذلك، وأنه حاربهم حتى أوصلهم الأرض السابعة، ثم ما هو رأيكم في هذا الكتاب؟ (¬1). ج: كل هذا لا أصل له، لم يحارب الجن ولم يقع شيء من ذلك، بل هذا باطل، ومن الموضوعات والكذب التي كذبها الناس، وقد نص أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية على ذلك، وقال: إنه شيء لا أصل له، بل هو من الأباطيل التي كذبها الكذابون. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط (167).

الجن مثل الإنس في تعدد اللغات

93 - الجن مثل الإنس في تعدد اللغات س: يسأل عن لغات الجن؟ (¬1). ج: الذي يظهر أنهم مثل الإنس لهم لغات متعددة، فيهم الإنجليزي وفيهم الفرنسي، والعجمي والعربي وهكذا، فهم أجناس! لأن الله قال عنهم: {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} (¬2) فهم ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (106). (¬2) سورة الجن الآية 11

على طرائق، وقال سبحانه عنهم: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ} (¬1) يعني أقساما، وفرقا فيهم الطيب، وفيهم الخبيث، وفيهم الجهمي، وفيهم السني، وفيهم الرافضي، وفيهم النصراني، وفيهم اليهودي، وفيهم غير ذلك، أقسام وفرق شتى، {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} (¬2) فقوله دون ذلك يعم الفرق الأخرى. ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 14 (¬2) سورة الجن الآية 11

باب ما جاء في العذر بالجهل

باب ما جاء في العذر بالجهل

باب ما جاء في العذر بالجهل 94 - حكم العذر بالجهل في أمور التوحيد س: هل يوجد عذر بالجهل في أمور التوحيد؟ وهل ينطبق هذا على من يدعون وينذرون للأولياء، ويعتبرون معذورين بجهلهم؟ (¬1). ج: لا يعذر بذلك من أقام في بلد التوحيد، لا يعذر فيه بالجهل، وما دام بين المسلمين، ليس في فترة من الزمان، ولا في محل بعيد عن أهل الإسلام، بل بين المسلمين لا يعذر في التوحيد، بل متى وقع الشرك منه أخذ به، كما يقع الآن في مصر والشام ونحو ذلك، في بعض البلدان عند قبر البدوي وغيره. فالواجب على علماء الإسلام أن ينبهوا الناس، وأن يحذروهم من هذا الشرك، وأن يعظوهم ويذكروهم في المساجد وغيرها، وعلى الإنسان أن يطلب العلم ويسأل، ولا يرضى بأن يكون إمعة لغيره، بل ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (200).

يسأل، والله يقول سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (¬1) فلا يجوز للإنسان أن يبقى على الكفر والشرك! لأنه رأى الناس على ذلك، ولا يسأل ولا يتبصر. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال لمن سأله عن أبيه: «إن أباك في النار، فلما رأى تغير وجهه قال: إن أبي وأباك في النار (¬2)» وأبوه مات في الجاهلية، رواه مسلم في الصحيح؛ لأنهم كانوا على شريعة تلقوها عن خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام وهي التوحيد، وأمه عليه الصلاة والسلام ماتت في الجاهلية، واستأذن ربه أن يستغفر لها، فلم يؤذن له، واستأذن أن يزورها فأذن له، فدل ذلك على أن من مات على كفر لا يستغفر له ولا يدعى له، وإن كان في الجاهلية، فكيف إذا كان بين المسلمين، وبين أهل التوحيد، وبين من يقرأ القرآن، ويسمع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، هو أولى بأن يقال في حقه: إنه كافر وله حكم الكفار. وكثير منهم لو سمع من يدعوه إلى توحيد الله، وينذره من الشرك لأنف واستكبر وخاصم، أو ضارب على دينه الباطل، وعلى تقليده لأسلافه وآبائه، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فالواجب على كل إنسان مكلف، أن يسأل ويتحرى الحق، ويتفقه في دينه، ولا يرضى بمشاركة العامة، والتأسي بكفرهم وضلالهم، وأعمالهم القبيحة، وعليه أن يسأل العلماء، ويعتني بأهل العلم، ¬

_ (¬1) سورة النحل الآية 43 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان من مات على الكفر، برقم 203.

عما أشكل عليه، من أمر التوحيد وغيره يقول سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (¬1). س: ما رأي سماحتكم في مسألة العذر بالجهل، وخاصة في أمر العقيدة؟ (¬2). ج: العقيدة أهم الأمور وهي أعظم واجب، وحقيقتها: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، والإيمان بأنه سبحانه هو المستحق للعبادة، والشهادة له بذلك، وهي شهادة أن لا إله إلا الله يشهد المؤمن بأنه لا معبود بحق إلا هو سبحانه وتعالى، والشهادة بأن محمدا رسول الله أرسله الله إلى الثقلين الجن والإنس، وهو خاتم الأنبياء، كل هذا لا بد منه، وهو من صلب العقيدة، فلا بد من هذا في حق الرجال والنساء جميعا، وهو أساس الدين وأساس الملة، كما يجب الإيمان بما أمر الله به ورسوله من أمر القيامة، والجنة والنار، والحساب والجزاء، ونشر الصحف، وأخذها باليمين أو بالشمال، ووزن الأعمال، إلى غير ذلك مما جاءت به الآيات القرآنية والأحاديث النبوية. فالجهل بهذا لا يكون عذرا، بل يجب على المؤمن أن يعلم هذا وأن يتبصر فيه، ولا يعذر بقوله: إني جاهل في هذه الأمور، ¬

_ (¬1) سورة النحل الآية 43 (¬2) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (155).

وهو بين المسلمين، وهو قد بلغه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، هذا يسمى معرضا، ويسمى غافلا ومتجاهلا لهذا الأمر العظيم، فلا يعذر، أما من كان بعيدا عن المسلمين في أطراف البلاد التي ليس فيها مسلمون ولم يبلغه القرآن ولا السنة فهذا معذور، وحكمه حكم أهل الفترة إذا مات على هذه الحالة، حكمه حكم أهل الفترات، الذين يمتحنون يوم القيامة، فمن أجاب وأطاع الأمر دخل الجنة ومن عصاه دخل النار، أما المسائل التي قد تخفى في بعض الأحيان على بعض الناس كبعض أحكام الصلاة أو بعض أحكام الزكاة أو بعض أحكام الحج، هذه قد يعذر فيه بالجهل. ولا حرج في ذلك؛ لأنها تخفى على كثير من الناس، وليس كل واحد يستطيع الفقه فيها، هذه المسائل أمرها أسهل. والواجب على المؤمن أن يتعلم ويتفقه في الدين ويسأل أهل العلم، كما قال الله سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (¬1) ويروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لقوم أفتوا بغير علم: «ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال (¬2)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (¬3)». ¬

_ (¬1) سورة النحل الآية 43 (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في المجروح يتيمم، برقم 336. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، برقم 71.

فالواجب على الرجال والنساء من المسلمين التفقه في الدين والتبصر، والسؤال عما أشكل عليهم، وعدم السكوت على الجهل، وعدم الإعراض، وعدم الغفلة؛ لأنهم خلقوا ليعبدوا الله ويطيعوه سبحانه وتعالى، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالعلم، لا يحصل هكذا من دون طلب ولا سؤال، لا بد من طلب العلم، ولا بد من السؤال لأهل العلم حتى يتعلم الجاهل. س: هل يوجد عذر بالجهل في توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية أم لا؟ وهل العذر بالجهل مسألة قياسية تختلف حسب الزمان والمكان؟ (¬1). ج: ليس في العقيدة عذر في توحيد الربوبية والألوهية والأسماء والصفات، ليس فيها عذر بل يجب على المؤمن أن يعتقد العقيدة الصحيحة، وأن يوحد الله جل وعلا، ويؤمن بأنه رب العالمين، وأنه الخلاق العليم، وأنه المنفرد بالربوبية، ليس هناك خالق سواه، وأنه مستحق العبادة وحده دون كل ما سواه، وأنه ذو الأسماء الحسنى والصفات العلا لا شبيه له، ولا كفء له، الذي يؤمن بهذا ليس له عذر في التساهل في هذا الأمر، إلا إذا كان بعيدا عن المسلمين في أرض لا يبلغه فيها الوحي، فإنه معذور في هذه الحالة، وأمره إلى الله، يكون حكمه حكم أهل الفترات، أمره إلى الله يوم القيامة يمتحن، فإن أجاب ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (294).

جوابا صحيحا دخل الجنة وإن أجاب جوابا فاسدا دخل النار، فالمقصود أن هذا يختلف فإذا كان في محل بعيد لا يسمع القرآن والسنة فهذا حكمه حكم أهل الفترة، حكمهم عند أهل العلم أنهم يمتحنون يوم القيامة، فمن أجاب دخل الجنة ومن عصى دخل النار، وأما كونه بين المسلمين يسمع القرآن والسنة ثم يبقى على الشرك وعلى إنكار الصفات فهو غير معذور، نسأل الله العافية، وليس العذر بالجهل مسألة قياسية تختلف من زمان إلى زمان ومكان إلى آخر؛ لأن الجهل ليس بعذر بالنسبة للعقيدة، إلا إذا كان في محل لم تبلغه الدعوة: القرآن ولا السنة، أما في الأحكام فهو عذر: يعني جهل بالحكم الشرعي في بعض الأحكام التي تخفى، أو في دقائق الصفات، وبعض الصفات التي قد تخفى فهذا عذر، أما في الأمور الواضحة، الأمور التي تعد بالضرورة كالإيمان بتوحيد الله، وأنه الخلاق العليم، وأنه مستحق للعبادة، وأنه الكامل في أسمائه وصفاته، والإيمان بما جاء في القرآن العظيم والسنة المطهرة من أسماء الله وصفاته، هذا ليس محل عذر إذا كان ممن بلغه القرآن والسنة، نسأل الله السلامة.

التفصيل في مسألة العذر بالجهل

95 - التفصيل في مسألة العذر بالجهل س: ما موقف السلف رحمهم الله كالإمام ابن تيمية والإمام ابن عبد الوهاب من قضية العذر بالجهل؟ وهل هي واردة؟ وهل

تطرق إليها السلف أم أنها باطلة ولا أصل لها في قضية التوحيد؟ (¬1). ج: الجهل بالجملة قد يكون عذرا، وقد لا يكون عذرا، فإذا كان الشخص المكلف بعيدا عن أهل الإسلام وعن أهل العلم، كالذي ينشأ في بلاد بعيدة عن بلاد المسلمين، ولم تبلغه الرسالة ولا القرآن ولا السنة هذا يكون معذورا بالجهل، وله حكم أهل الفترات يوم القيامة يمتحنون، فإن أجاب دخل الجنة، وإن عصى دخل النار. وقد يكون معذورا أيضا في الأشياء الخفية في الفروع التي قد تخفى على مثله، كما عذر النبي صلى الله عليه وسلم صاحب الجبة لما تضمخ بالطيب وقد أحرم بالعمرة، قال له عليه الصلاة والسلام: «انزع عنك الجبة، واغسل عنك الخلوق، واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجتك (¬2)» ولم يأمره بفدية عن لبسه الجبة ولا عن تضمخه بالطيب للجهل. فالحاصل أن الجهل عذر في الأمور التي قد يخفى مثلها في المسائل الفرعية، أو في حق من كان بعيدا عن المسلمين وعن سماع القرآن والسنة، كأهل البلاد التي تبعد عن المسلمين في أطراف الدنيا ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (152). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب يفعل في العمرة ما يفعل في الحج برقم 1789، ومسلم في كتاب الحج، باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة، برقم 1180.

ومثل أهل الفترة الذين ما بلغتهم الرسالات، هؤلاء يعذرون بالجهل، والصحيح أنهم يمتحنون يوم القيامة، فمن أجاب الأمر دخل الجنة ومن عصى دخل النار، أما من بين المسلمين يسمع السنة ويسمع القرآن هذا غير معذور لا في العقيدة ولا في غيرها، قال الله جل وعلا: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (¬1) فالله جعل القرآن نذيرا، ومحمدا جعله نذيرا، فالقرآن نذير ومحمد نذير، فالذي يبلغه القرآن والسنة ويعيش بين المسلمين فهذا غير معذور، عليه أن يسأل وعليه أن يتفقه في الدين، وعليه أن يتعلم، والله المستعان. ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 19

حكم العذر بالجهل فيمن يستغيث بالأموات

96 - حكم العذر بالجهل فيمن يستغيث بالأموات س: لقد أجبت يا سماحة الشيخ على أحد الأسئلة المطروحة، من أحد السائلين فيما يتعلق بالعذر بالجهل، متى يعذر ومتى لا يعذر، وذكرت بأن الأمر فيه تفصيل، ومما ذكرت، بأنه لا يعذر أحد بالجهل في أمور العقيدة، أقول: يا سماحة الشيخ، إذا مات رجل وهو لا يستغيث بالأموات، ولا يفعل مثل هذه الأمور المنهي عنها، إلا أنه فعل ذلك مرة واحدة - فيما أعلم - حيث استغاث بالرسول صلى الله عليه وسلم في زيارته لمسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو لا يعلم أن ذلك حرام

وشرك، ثم حج بعد ذلك دون أن ينبهه أحد على ذلك، ودون أن يعرف الحكم فيما أظن، حتى توفاه الله، وكان هذا الرجل يصلي ويستغفر الله، لكنه لا يعرف أن تلك المرة التي فعلها حرام، فيا ترى هل من فعل ذلك، ولو مرة واحدة وإذا مات وهو يجهل ذلك، هل يعتبر مشركا؟ نرجو التوجيه والتوضيح جزاكم الله خيرا (¬1). ج: إن كان من ذكرته تاب إلى الله بعد المرة التي ذكرت، ورجع إليه سبحانه وتعالى، واستغفر من ذلك زال حكم ذلك، وثبت إسلامه، أما إن كان استمر على العقيدة التي هي الاستغاثة بغير الله، ولم يتب إلى الله من ذلك فإنه يبقى على شركه ولو صلى وصام، حتى يتوب إلى الله مما هو فيه من الشرك، وهكذا لو أن إنسانا يسب الله ورسوله، أو يسب دين الله أو يستهزئ بدين الله، أو بالجنة أو بالنار، في أنه لا ينفعه كونه يصلي ويصوم، إذا وجد الناقض من نواقض الإسلام، بطلت الأعمال حتى يتوب إلى الله من ذلك، هذه القاعدة، قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬2)، وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (¬3) {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (¬4)، وكانت أم النبي صلى الله عليه وسلم ماتت في ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (154). (¬2) سورة الأنعام الآية 88 (¬3) سورة الزمر الآية 65 (¬4) سورة الزمر الآية 66

الجاهلية، واستأذن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لها فلم يؤذن له، وهي ماتت في الجاهلية وقال: «إن أبي وأباك في النار (¬1)» لمن سأله عن أبيه، وأبوه مات في الجاهلية، المقصود أن الذي مات على الشرك لا يستغفر له، ولا يدعى له ولا يتصدق عنه، إلا إذا علم أنه تاب إلى الله من ذلك، هذه القاعدة المعروفة عند أهل العلم، أما الأشياء التي قد تخفى على الناس، مثل ما جرى للشخص الذي قال لأولاده: «إذا مت فأحرقوني، ثم اسحقوني ثم ذروني في البحر في يوم عاصف، فإنه إن قدر علي الله ليعذبني، أو كما قال، وسأله الله عن ذلك بعدما مات، فقال: حملني على هذا مخافتك، فغفر الله له (¬2)»، قال العلماء إن هذا خفي عليه كمال القدرة، كمال قدرة الله سبحانه وتعالى، وجهل هذا الأمر، وظن أنه بهذا الحرق والسحق، والذر في البحر أنه يفوت الله ويضيع، فهذا الجهل الذي جهل الشيء الدقيق، عفا الله عنه سبحانه وتعالى؛ لأنه حمله عليه خوف الله والحذر من عقابه سبحانه وتعالى، أما إنسان يستغيث بالأموات، وهذا جاءت الرسل بالنهي عنه، وبعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالنهي عنه، والله يقول سبحانه وتعالى: ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان من مات على الكفر، برقم 203. (¬2) البخاري أحاديث الأنبياء (3294)، مسلم التوبة (2756)، النسائي الجنائز (2079)، ابن ماجه الزهد (4255)، أحمد (2/ 269)، مالك الجنائز (568).

{وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ} (¬1) ويقول سبحانه: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬2) ويقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬3) هذه أمور معلومة من الدين بالضرورة، ومشهورة بين المسلمين فلا يعذر من قال: إني أجهل وهو بين المسلمين، لو كان في بلاد بعيدة عن المسلمين، في أطراف الدنيا بين أهل الكفر بالله، ما عندهم من يعلمهم، هذا يكون حكمه حكم أهل الفترة، أمرهم إلى الله يوم القيامة، إن شاء عذبهم وإن شاء رحمهم، فهو سبحانه يمتحنهم يوم القيامة، فمن أجاب دخل الجنة، ومن عصى دخل النار، هذا هو الصواب فيهم! إنهم يمتحنون ويؤمرون بشيء، فإن أجابوا وأطاعوا، دخلوا الجنة، وإن عصوا دخلوا النار. ¬

_ (¬1) سورة يونس الآية 106 (¬2) سورة الجن الآية 18 (¬3) سورة غافر الآية 60

حكم العذر بالجهل فيمن يعبد القبور

97 - حكم العذر بالجهل فيمن يعبد القبور س 1: في بلادنا ضل الكثير بسبب الطرق الصوفية، حيث يعبدون القبور، ويدعون غير الله، ومنهم حفظة لكتاب الله وأئمة للمساجد. السؤال يتكون من فقرات - سماحة الشيخ -: هل هؤلاء كفار بسبب ارتكابهم للشرك ولعدم معرفتهم للتوحيد، إذا كانوا يجهلون معنى لا إله إلا الله؟ وهل يعذرون بالجهل، أم هم كفارا وجهونا على ضوء هذا السؤال جزاكم الله خيرا (¬1). ج 1: الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد؛ لقد دل الكتاب العزيز والسنة المطهرة على بيان توحيد الله جل وعلا، وعلى أنواع الشرك الأكبر، فمن تلبس بالشرك من سائر الناس وهو بين المسلمين فيمن بلغه القرآن والسنة فإنه يحكم عليه بالشرك، قال الله جل وعلا: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (¬2)، وقال الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} (¬3)، وقال جل وعلا: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} (¬4)، فمن بلغه القرآن العظيم ¬

_ (¬1) السؤال الأول والثاني والثالث من الشريط رقم (382). (¬2) سورة الأنعام الآية 19 (¬3) سورة المائدة الآية 67 (¬4) سورة الرعد الآية 40

والسنة المطهرة، ثم تعاطى الشرك يحكم عليه بالشرك؛ لتساهله وعدم عنايته بما أوجب الله عليه من التفقه في الدين والبصيرة، فإذا كان يدعو الأموات، ويستغيث بالأموات، أو بالنجوم أو بالأشجار والأحجار أو بالأصنام أو بالجن، يدعوهم يستغيث بهم، ينذر لهم، فهذا شرك أكبر، يستتاب من ذلك، يستتيبه ولي الأمر، فإن تاب وإلا وجب قتله على شركه بالله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من بدل دينه فاقتلوه (¬1)»، والله بعث نبيه صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله، وجهاد المشركين، فإذا كان الرجل بين المسلمين وفي بلاد المسلمين أو بين قوم بلغهم القرآن والسنة، ثم تساهل واستمر على ما هو عليه فإنه يحكم عليه بالشرك، إذا كان يدعو الأموات، أو يستغيث بالأموات، وينذر لهم، أو بالجن أو بالملائكة، أو بالأنبياء يقول: يا سيدي فلان، أو يا نبي الله فلان، اغفر لي أو أنجني من النار، أو أغثني أو اشف مريضي، أو رد غائبي، أو أنا في جوارك، أو أنا في حسبك، يقول هذا لميت أو لجن أو للملائكة، أو لغيرهم هذا من الشرك الأكبر؛ لأن الله يقول سبحانه: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬2)، ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬3)، ويقول جل وعلا: ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم؛ باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم، برقم 6922. (¬2) سورة الجن الآية 18 (¬3) سورة المؤمنون الآية 117

{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬1) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (¬2)، ويقول عن المشركين وهم جهال: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (¬3)، ويقول جل وعلا عنهم: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬4)، وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (¬5)، فسماهم كذبة بزعمهم أن أصنامهم تقربهم إلى الله زلفى، وسماهم كفرة بعبادتهم إياها، وشركهم إياها. س 2: هل يعذر عباد القبور بالجهل، رغم وجود دعاة التوحيد بينهم؟ ج 2: تقدم أنهم لا يعذرون، بل يجب عليهم أن يطلبوا العلم، وأن يتبصروا وأن يتفقهوا في الدين، ويسألوا عما أشكل عليهم، هذا الواجب عليهم، إذا سكتوا واستمروا على عبادة الأموات أو الأشجار، ¬

_ (¬1) سورة فاطر الآية 13 (¬2) سورة فاطر الآية 14 (¬3) سورة يونس الآية 18 (¬4) سورة الزمر الآية 3 (¬5) سورة الزمر الآية 3

أو الأحجار أو الأنبياء أو الملائكة أو الجن؛ صاروا كفارا بذلك، في دعائهم إياهم، وطلبهم منهم الشفاعة أو شفاء المريض أو رد الغائب أو ما أشبه ذلك. س 3: هل تصح الصلاة خلف من عرف بدعاء غير الله؛ وما حكم من يصلي خلفه؟ ج 3: من صلى خلف من يشرك بالله لا تصح صلاته، ما دام يدعو غير الله، ويستغيث بغير الله، أو ينذر لغير الله، لا يصلى خلفه عند أهل العلم، لا يصلى خلف الكافر، ولا تصح الصلاة خلف الكافر، إنما الخلاف في الفاسق أما الكافر فلا. س: الأخ م. أ. ع. من القاهرة، يسأل ويقول: هل يعذر الإنسان بجهله؟ مثلا: رجل زار قبور الأولياء بنية التبرك بهم مع أنه لا يعلم أن ذلك الفعل من الشرك الأكبر، مع بيان وتوضيح الأدلة من الكتاب والسنة، جزاكم الله خيرا (¬1). ج: أمور العقيدة التي تتعلق بالتوحيد والشرك لا يعذر فيها بالجهل وهو بين المسلمين، ويسمع القرآن والأحاديث، ويستطيع أن يسأل، ما ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (240).

يعذر بدعوة القبور، والاستغاثة بالأموات وأشباه ذلك. بل يجب عليه أن يتعلم، وأن يتفقه، وليس له أن يتساهل في هذا الأمر. وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يستغفر لأمه، وهي ماتت في الجاهلية، فلم يؤذن له. وقال: «إن أبي وأباك في النار (¬1)» لما سأله رجل عن أبيه قال: «إن أبي وأباك في النار (¬2)». وقد مات في الجاهلية. قال جمع من أهل العلم: إنما ذلك لأنهما ماتا على علم بشريعة إبراهيم، وشريعة إبراهيم النهي عن الشرك! فلعل أمه بلغها ذلك، فلهذا نهي عن الاستغفار لها، ولعل أباه بلغه ذلك، فلهذا قال: «إن أبي وأباك في النار (¬3)». فإذا كان أبوه صلى الله عليه وسلم وأمه لم يعذرا وهما في حال الجاهلية، فكيف بالذي بين المسلمين وعنده العلماء ويسمع القرآن، ويسمع الأحاديث. فالحاصل أن هؤلاء الذين يعكفون على القبور، ويستغيثون بالأموات غير معذورين، بل يجب عليهم أن يتفقهوا في الدين، وأن يسألوا أهل العلم، وألا يبقوا على حالهم السيئة. والآيات تعمهم والأحاديث. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان من مات على الكفر، برقم 203. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان من مات على الكفر، برقم 203. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان من مات على الكفر، برقم 203.

بيان أن أصول الدين لا يعذر فيها بالجهل

98 - بيان أن أصول الدين لا يعذر فيها بالجهل س: الأخ ج. م. ع. من جمهورية مصر العربية، سيناء، يسأل ويقول: وقع خلاف بين شخصين حول تكفير من يطوف حول القبر ويستغيث به، فمنهم من يقول: إن هذا الفعل فعل شرك ولا خلاف، ولكن يعذر صاحب هذا الفعل لجهله بأمور التوحيد. والآخر يقول بكفر ذلك الشخص الذي يستغيث بغير الله، ولا يعذر بسبب الجهل بأمور التوحيد، ولكن يعذر في الفرعيات والأمور الفقهية. والسؤال هو: أي الرأيين صواب؟ وأيهما خطأ؟ جزاكم الله خيرا. (¬1). ج: الصواب قول من قال: إن هذا لا يعذر؛ لأن هذه أمور عظيمة وهي من أصول الدين، وهي أول شيء دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم، قبل الصلاة والصوم والزكاة وغير ذلك، فأصول الدين لا يعذر فيها بالجهل لمن هو بين المسلمين، ويسمع القرآن ويسمع الأحاديث. فالاستغاثة بأصحاب القبور والنذر لهم ودعاؤهم، وطلبهم الشفاء والمدد كل هذا من أعظم الشرك بالله عز وجل، والله سبحانه يقول في كتابه العظيم: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬2). فسماهم كفارا بذلك. وقال عز وجل: ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (156). (¬2) سورة المؤمنون الآية 117

{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬1) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (¬2)، سبحانه وتعالى فسمى دعاءهم إياهم شركا، والله يقول جل وعلا: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬3) ويقول سبحانه {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬4) والظالمون هم المشركون، إذا أطلق الظلم فهو الشرك، كما قال عز وجل: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (¬5). وهكذا الطواف بالقبور، إذا طاف يتقرب بذلك إلى صاحب القبر، فهو مثل إذا دعاه واستغاث به، يكون شركا أكبر. أما إذا طاف يحسب أن الطواف بالقبور قربة إلى الله، قصده التقرب إلى الله كما يطوف الناس بالكعبة، يتقرب إلى الله بذلك وليس يقصد الميت، هذا من البدع ومن وسائل الشرك المحرمة الخطيرة، ولكن الغالب على من طاف بالقبور أنه يتقرب إلى أهلها بالطواف، ويريد الثواب منهم والشفاعة منهم، وهذا شرك أكبر، نسأل الله العافية، كالدعاء. ¬

_ (¬1) سورة فاطر الآية 13 (¬2) سورة فاطر الآية 14 (¬3) سورة الجن الآية 18 (¬4) سورة يونس الآية 106 (¬5) سورة لقمان الآية 13

س: السائل ج. س. ط. من مصر يقول: ما حكم الشرع في نظركم في رجل مسلم ارتكب الشرك الأكبر، فهل يعذر بجهله أم لا؟ ومتى يعذر الإنسان بالجهل؟ وما الدليل في كلا الحالتين؟ جزاكم الله خيرا. (¬1). ج: من ارتكب الشرك الأكبر فقد أتى أعظم الذنوب، والواجب عليه البدار بالتوبة إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن الله يقول: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬2)، ويقول سبحانه: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} (¬3) يعني: بالشرك والمعاصي {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (¬4) هذه الآية أجمع العلماء على أنها في التائبين، فالواجب على من فعل شيئا من الشرك أو المعاصي أن يبادر بالتوبة، وألا يقنط ولا ييأس؛ لأن الله سبحانه وعد من تاب إليه بالتوبة عليه وهو الجواد الكريم سبحانه وتعالى، والرءوف الرحيم سبحانه وتعالى، وكل من كان بين المسلمين أو بلغه القرآن أو السنة فقد قامت عليه الحجة، فالواجب عليه التفقه والسؤال والتعلم حتى تبرأ ذمته، وحتى يكون على بصيرة، أما من كان في بلاد بعيدة لم يبلغه القرآن ولا السنة، فهذا يقال له: من أهل الفترة، حكمه حكم أهل الفترة، ليس بمسلم ولا كافر، بل هو من ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (394). (¬2) سورة النور الآية 31 (¬3) سورة الزمر الآية 53 (¬4) سورة الزمر الآية 53

أهل الفترة، موقوف أمره إلى يوم القيامة، يمتحن يوم القيامة فإن أجاب دخل الجنة، وإن عصى دخل النار؛ لأنه لم تبلغه الدعوة، وأما من كان بين المسلمين، قد سمع القرآن وسمع السنة وعنده العلماء ثم يعرض ولا يسأل ولا يتبصر فهذا غير معذور، نسأل الله العافية. س: ما حكم من مات على الشرك - والعياذ بالله - ولكنه لم يكن يعرف خطورة ذلك الأمر؟ وهو من جهل أهل القرى في ذلك الوقت، ولا يعرفون أن الشرك من أكبر الكبائر، ومات على ذلك الحال، سؤالي: هل يجب علينا أن ندعو لهم بالرحمة والمغفرة وأداء الحج والعمرة؟ وهل ينفعهم ذلك العمل؟ (¬1). ج: الشرك هو أعظم الذنوب وهو أكبر الكبائر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ " قلنا: بلى يا رسول الله. قال: " الإشراك بالله (¬2)». ويدل على هذا قوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬3)، ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (376). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب عقوق الوالدين من الكبائر، برقم 4976، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها، برقم 87. (¬3) سورة النساء الآية 48

فالشرك أعظم الذنوب وأقبح السيئات، فمن مات عليه لم يغفر له، وهو من أهل النار المخلدين فيها، ولا يحج عليه ولا يصلى عنه، ولا يتصدق عنه ولا يدعى له؛ لقول الله جل وعلا: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (¬1)، وقوله سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬2)، وقال في المشركين: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} (¬3). والشرك هو صرف العبادة أو شيء منها لغير الله، كالذي يدعو الأموات أو النجوم أو الملائكة، أو الأنبياء يستغيث بهم أو ينذر لهم، أو يذبح لهم، هذا هو الشرك، وهكذا من جحد شيئا مما أوجبه الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة، مما أجمع عليه المسلمون؛ كالذي يجحد وجوب الصلاة، أو وجوب الزكاة، أو يجحد وجوب صوم رمضان، أو يجحد وجوب الحج مع الاستطاعة، أو يستحل ما حرم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة، وأجمع المسلمون على تحريمه: كالزنى والخمر، فيقول: الزنى حلال أو الخمر حلال، أو يقول: عقوق الوالدين حلال، هذا كافر كفرا أكبر لا يصلى عليه، ولا يستغفر له ولا يحج عنه ولا يتصدق عنه؛ لأنه مات على غير الإسلام، ¬

_ (¬1) سورة الزمر الآية 65 (¬2) سورة الأنعام الآية 88 (¬3) سورة البقرة الآية 167

ما دام بين المسلمين: قد سمع القرآن، ورأى المسلمين، ورأى أعمالهم، هذا غير معذور، قد قامت عليه الحجة؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (¬1) من بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة، قال الله سبحانه: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ} (¬2) ولأنه معرض، ما تعلم ولا سأل، وأمره إلى الله لكن هذا حكمه في الدنيا، مثل عامة كفار قريش، الذين قتلوا يوم بدر وفي غيره، أو ماتوا في مكة، ومثل عامة كفار اليوم، عامة كفار النصارى، كفار اليهود كلهم جهال، لكن لما رضوا بما هم عليه ولم ينقادوا لما بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم، ولم يلتفتوا إليه صاروا كفارا، نسأل الله العافية والسلامة. ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 19 (¬2) سورة إبراهيم الآية 52

بيان المقصود بأهل الفترة

99 - بيان المقصود بأهل الفترة س: السائل يقول: من هم أهل الفترة؟ وهل صحيح بأنه يوجد منهم أحد الآن؟ (¬1) ج: أهل الفترة هم الذين لم تبلغهم الرسالة هؤلاء هم أهل الفترة، لا سمعوا بالقرآن ولا بالرسول صلى الله عليه وسلم، هؤلاء يقال لهم: أهل الفترة؛ أما من بلغه القرآن؛ أو بلغه خبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله بعثه إلى الناس، يدعوهم ولم ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (405).

يبال ليس من أهل الفترة، لكن من لم يبلغه ذلك يقال له: من أهل الفترة، والصواب فيهم أنهم يمتحنون يوم القيامة، يمتحنهم الله يوم القيامة، فمن أجاب دخل الجنة، ومن عصى دخل النار، نسأل الله العافية.

حكم العذر بالجهل في اقتراف المعاصي

100 - حكم العذر بالجهل في اقتراف المعاصي س: هل يعذر الشخص بالجهل إذا فعل فعلا مكفرا، وهو كبيرة من الكبائر بل من أكبرها؟ وجهونا حول هذا الموضوع، وكيف نقارن بين هذا وبين قوله وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬1) (¬2). ج: لا يعذر في اقتراف المعاصي وهو بين المسلمين، في إمكانه أن يسأل أهل العلم ويتبصر، لا يعنى بالتساهل، وعليه أن يتوب إلى الله من ذلك ويبادر بالتوبة من المعصية، والمعصية تختلف إن كانت كفرا كدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات أو سب الدين أو ترك الصلاة هذا عليه التوبة إلى الله جل وعلا منها والمبادرة بالتوبة، والله يتوب على التائبين. أما إن كانت معصية ليست كفرا مثل التدخين وشرب المسكر وأكل الربا هذه معاص، فالواجب عليه البدار بالتوبة والاستغفار والندم والإقلاع والعزم ألا يعود في ذلك، وإن مات عليها فهو تحت المشيئة مثل ما قال ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 48 (¬2) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (364)

سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬1) إذا مات على المعصية، مات وهو يأكل الربا، أو مات وهو يشرب الخمر، لكنه مسلم يصلي، مسلم، هذا تحت مشيئة الله، أو مات وهو عاق لوالديه، أو مات وهو قد زنا، أو ما أشبه ذلك، تحت مشيئة الله. إن شاء الله سبحانه غفر له، وإن شاء عذبه على قدر المعصية التي مات عليها، إذا كان غير تائب، ما تاب، أما إذا كان تائبا فالتوبة تجب ما قبلها - والحمد لله - التائب لا ذنب له، أما لو مات على الزنى ما تاب، أو على العقوق وما تاب، أو على شرب مسكر ما تاب، أو نحو ذلك، فهذا تحت مشيئة الله، إن شاء الله جل وعلا غفر له، فضلا منه، وإحسانا منه، جل وعلا، وإن شاء عذبه على قدر المعصية التي مات عليها؛ وبعد التعذيب والتطهير يخرجه الله من النار إلى الجنة، إذا كان مات مسلما موحدا، لا يخلد في النار إلا الكفار، لكن هذا الذي دخل النار بمعصيته إذا عذب التعذيب الذي أراده الله يخرجه الله من النار إلى الجنة بتوحيده، وإيمانه الذي مات عليه، لا يخلد في النار إلا الكفرة؛ هذا والله أعلم. س: متى يعذر الإنسان بالجهل، لو تكرمتم؟ (¬2). ج: يعذر بالأشياء الخفية، لا سيما في بعض الأحكام الشرعية، ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 48 (¬2) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (240).

قد تخفى على العامي حتى يتعلم، أما الذي بين المسلمين وقال: لا أدري عن الزنى، ما يعذر وهو بين المسلمين. الزنى معروف عند المسلمين أنه حرام، فلو قال: ما عرفت أن الزنى حرام، لا يعذر بهذا، أو قال: ما عرفت أن الخمر حرام وهو بين المسلمين، لا يعذر. لكن في بعض المسائل التي قد تخفى في مسائل الأحكام الدقيقة قد يعذر فيها الإنسان، لأجل كونه ليس من أهل العلم. كذلك لو قال: ما أعلم أن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات ممنوع، لا يعذر بهذا؛ لأن هذا هو أصل التوحيد وأصل الدين. والله أنزل القرآن للنهي عن هذه الأمور والقضاء عليها وبين حال المشركين، وحذر من أعمالهم. س: السائلة م. هـ مقيمة بالسعودية، تقول: أرجو توضيح هذه العبارة من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، قال رحمه الله: (إن القول قد يكون كفرا، فيطلق القول بتكفير صاحبه، ويقال: من قال كذا فهو كافر؛ لكن الشخص المعين لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها). هل هذا عام في الأقوال والأفعال الاعتقادية والعملية؟ أفتونا في ضوء هذا السؤال (¬1). ج: نعم هذا هو الصواب، فإذا سب الله، أو سب الرسول عليه الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (430).

والسلام، أو استهزأ بالدين فهذا كفر، لكن إذا كان في بلاد يجهل هذا، ولا يعلم أن هذا لا يجوز؛ وأن هذا كفر إذا كان يظن أنه جائز وهذا ليس بين المسلمين، بل في بلاد الكفرة، بلاد غريبة عن الإسلام؛ يظن أنه يخفى عليه الأمر؛ يبين له؛ فإذا عاد إلى هذا بعد ما يبين له أن هذا حرام وأن هذا لا يجوز، يكفر؛ إذا سب الله؛ أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم أو سب الدين أو سب الإسلام، يكون كفره أكبر، وهكذا لو سجد لغير الله، سجد للقبور وهو ما عنده مسلمون يرشدونه، في بلاد الكفرة، يعلم حتى يفهم أن هذا منكر وأنه لا يجوز؛ كما قال الله جل وعلا: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 15

باب ما جاء في الخوف من الشرك

باب ما جاء في الخوف من الشرك

باب ما جاء في الخوف من الشرك 101 - بيان الشرك وأنواعه س: يسأل عن الإشراك الذي لا يغفره الله، فيقول: الإشراك الذي لا يغفره الله، هل هو في العبودية فقط؟ أو حتى في الطاعة؟ وهل هناك إشراك في الطاعة، أم لا يوجد إشراك إلا في العبودية؛ ثم ما هو الإشراك؟ وكيف التخلص منه في أعمالنا ومعاملاتنا ومع بعضنا؟ ثم إذا أطعنا أشخاصا فيما فيه الخير، وما فيه طاعة الله فهل هذه الطاعة إشراك بالله؟، والعياذ بالله من كل عمل فيه شرك - أجيبوني عن هذه الأسئلة جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم. (¬1). ج: الشرك بالله بينه الله في كتابه العظيم وهو صرف العبادة لغير الله، كدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات أو الملائكة أو الجن أو الأصنام أو نحو ذلك، أو الصلاة لهم أو السجود لهم أو الذبح لهم تقربا إليهم، يرجو شفاعتهم، يرجو أنهم ينصرونه، يشفون مريضه تقربا ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (283).

إليهم، أما إذا ذبح الذبيحة يتقرب إلى الله كالأضحية يضحي عن أبيه، أو عن أخيه أو يتصدق بها عنه يرجو ثواب الله، لا يتقرب له، يتقرب إلى الله بالذبيحة في الضحية، هذا قربة إلى الله ليست للميت، أما إذا ذبح يريد التقرب لغيره، يشفع له الميت حتى ينصره حتى يشفي مريضه، هذه العبادة لغير الله، وهكذا النذر يقول: إن شفى الله مريضي، أو شفيت مريضي يا فلان فلك علي ذبيحة كذا وكذا، هذا الشرك بالله، أو يقول: يا سيدي فلان، أو يا فاطمة أو يا سيدي البدوي، انصرني أو اشف مريضي، أو يا سيدي عبد القادر أو يا شيخ عبد القادر، أو يا أبا ذر أو يا رسول الله، أو يا أبا بكر الصديق أو يا عمر أو عثمان، انصرني أو اشف مريضي، أو يا ابن عباس أو غيرهم من الناس، أو يا ملائكة الله انصروني، أو يا أيها الجن انصروني أو الجني فلان انصرني أو اشف مريضي، أو يا الشخص الفلاني أو الشجرة الفلانية، كل هذا شرك بالله، وعبادة لغيره، وهكذا إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة بالأدلة الشرعية، إذا أنكره يكون كافرا مشركا، كالذي ينكر أن الله أوجب الصلاة، يقول: الصلاة ليست واجبة، هذا كافر كفرا أكبر، أو قال: صلاة الفجر ما هي بواجبة، أو العصر ما هي بواجبة أو الظهر ما هي بواجبة، أو المغرب ما هي بواجبة أو الجمعة ما هي بواجبة على الناس، كل هذا كفر أكبر أو يقول: الزكاة ما هي بواجبة، أو شهر رمضان ما هو بواجب على الناس، أو الحج مع الاستطاعة ما هو بواجب، هذا كفر أكبر، أو يقول: الزنى حلال، أو الخمر حلال

إذا كان جاهلا يبين له الأمر الشرعي، فإذا أصر على أن الزنى حلال، والخمر حلال صار كافرا كفرا أكبر، أو قال: مساعدة المشركين على المسلمين واجبة، كونه يساعد الكفار على إخوانه المسلمين حتى يذبحوهم حتى يعذبوهم، هذه ردة، يقول الله سبحانه: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} (¬1) يعني يتولى الكفار، ينصرهم على المسلمين يكون ردة، وهكذا من يستحل السجود لغير الله، والصلاة لغير الله، ولو لم يفعله يقول: ما يخالف كونه يصلي للملائكة، يصلي للجن أو يصلي للأموات، أو يسجد لهم، ولو ما فعله يكفر بهذا الاعتقاد، وهكذا من يطيع غير الله في الشرك بالله، إذا أطاعه في الشرك بالله والسجود لغير الله صار مشركا؛ لأنه أطاعه فيما هو شرك بالله عز وجل، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (¬2)» فإن أطاعه في المعصية صار معصية، وإن أطاعه في الشرك صار مشركا، فإذا أطاعه في أن يذبح لغير الله، أو يسجد لغير الله صار شركا أكبر، وإذا أطاعه أنه يقتل بغير الحق، يقتل إنسانا بغير حق، أو يجلد بغير حق، يكون عاصيا ظالما، أو أطاعه في الظلم والمعصية، أو إن أطاعه في معصية الرسول فإن طاعته طاعة لله: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (¬3)، ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 51 (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، ومن مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم 1098. (¬3) سورة النساء الآية 80

طاعة الرسول واجبة، تطيع الرسول فيما أمر به وما نهى عنه، والله قال: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (¬1)، وقال سبحانه: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (¬2) كذلك طاعة العلماء في الحق وطاعة الأمراء في الحق طاعة لله، إذا أمرك الأمير تصلي في الجماعة، وأمرك أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وأمرك أن تحكم بالحق، وأن تحكم بما أنزل الله، يجب أن يطاع في ذلك؛ لأنه أمر بطاعة الله، أمرك ببر والديك، عليك أن تطيعه؛ لأن طاعته طاعة لله في هذا، نهاك عن السرقة، نهاك عن الظلم تطيعه؛ لأن الله أمر بهذا، فولي الأمر إذا أطعته في هذا أنت مطيع لله؛ لأنه أمرك بطاعة الله ورسوله، لكن إذا قال لك: اضرب والديك لا تطيعه، إذا قال: اشرب الخمر! لا، لا تطيعه. إذا أطعته في هذا أنت عاص مثله؛ لأن الرسول يقول: «إنما الطاعة في المعروف، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (¬3)» سبحانه وتعالى، فإذا أطعته في الشرك صرت مشركا، وإذا أطعته في معصية صرت عاصيا، وإذا أطعته في طاعة الله فأنت مأجور، وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 92 (¬2) سورة النساء الآية 80 (¬3) أخرجه البخاري في صحيحه بلفظ: (إنما الطاعة في المعروف)؛ في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم 7145 ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، برقم 1840 وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير بلفظ: " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " ج 18 برقم 381.

س: سائلة من جمهورية مصر العربية، من ضمن أسئلتها سؤال في العقيدة، وتذكر سماحة الشيخ فتقول: هل هناك فرق بين شرك الاعتقاد وشرك العبادة؟ وما هو الشرك؟ وما هي أنواعه؟ (¬1). ج: شرك الاعتقاد هو شرك العبادة، لكن الاعتقاد قد يكون بالقلب، وقد يكون بشيء في العبادة كإحداث بدعة يعبد بها غير الله، فالاعتقاد كأن يعتقد في أهل القبور، أو في الأنبياء أو في غيرهم أنهم يتصرفون في الكون، وأنهم يعلمون الغيب، هذه بدعة في الاعتقاد وشرك أكبر وكفر أكبر، وقد يفعل ما هو كفر أكبر، ليس من جنس هذا بل يدعو الميت أو يستغيث به أو يسجد له أو يذبح له، هذه أيضا كفر أكبر، نسأل الله العافية، وهكذا اعتقاده أن الميت يعلم الغيب أو أنه يشفي من المرض، ولو ما دعاه، إذا اعتقد أن فلانا يعلم الغيب، الحي أو الميت أو الأنبياء أنهم يعلمون الغيب، أو أن فلانا يعلم الغيب، أو فلانة أو يشفي المرضى أو ما شابه ذلك هذا كفر أكبر، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (406).

توضيح أنواع الشرك

102 - توضيح أنواع الشرك س: أرجو من سعادتكم توضيح أنواع الشرك، وهل الحلف بغير الله شرك يخرج صاحبه من الملة أم لا؟ (¬1). ج: الشرك نوعان: شرك أكبر وشرك أصغر، الشرك الأكبر صرف العبادة لغير الله، أو بعضها: كدعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم أو الجن أو الملائكة، أو غيرهم؛ لأن الأموات من الغائبين، هذا هو الشرك الأكبر كما كانت قريش وغيرها من العرب يفعلون ذلك عند أصنامهم وأوثانهم، ومن ذلك أيضا إذا جحد الإنسان أمرا معلوما من الدين بالضرورة وجوبا أو تحريما، من جحده كان كافرا أو مشركا شركا أكبر، أو قال: إن الصلاة لا تجب على المكلفين من المسلمين، أو قال: إن الزكاة لا تجب على من عنده أموال زكاة، أو قال: إن صوم رمضان لا يجب على المسلم المكلف؛ هذا يكون كافرا مشركا شركا أكبر، أو أحل ما حرمه الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة مما أجمع عليه المسلمون، كأن يقول: الزنى حلال أو شرب المسكر حلال أو عقوق الوالدين حلال أو السحر حلال أو ما أشبه ذلك؛ يكون كافرا أو مشركا شركا أكبر. والقاعدة أن من صرف العبادة أو بعضها لغير الله من أصنام أو أشجار أو أموات أو جن أو غيرهم من الغائبين؛ هذا مشرك شركا أكبر، وهكذا من جحد ما أوجب الله ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (297).

أو ما حرم الله بما هو معلوم من الدين بالضرورة، ومما أجمع عليه المسلمون، هذا يكون كافرا كفرا أكبر، ومشركا شركا أكبر، وكل من أتى ناقضا من نواقض الإسلام يكون مشركا شركا أكبر، كما أسلفنا، أما الشرك الأصغر فهو أنواع أيضا، مثل الحلف بغير الله، بالنبي بالأمانة برأس فلان، هذا شرك أصغر لقوله صلى الله عليه وسلم: «من حلف بشيء غير الله فقد أشرك (¬1)»، وهكذا الرياء كونه يقرأ يرائي أو يتصدق يرائي هذا شرك أصغر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أخوف ما أخاف عليكم من الشرك الأصغر. فسئل عنه، فقال: الرياء (¬2)». وهكذا قول: ما شاء الله وشاء فلان بالواو، أو لولا الله وفلان، أو من الله ومن فلان، من الشرك الأصغر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان (¬3)»، ولما قال رجل: يا رسول الله: ما شاء الله وشئت! قال: «أجعلتني لله ندا، ما شاء الله وحده (¬4)». ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه، برقم 27742. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم برقم 22754. (¬4) أخرجه الإمام أحمد، مسند بني هاشم، بداية مسند عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، برقم 1842.

وقد يكون الأصغر شركا أكبر إذا اعتقد صاحبه أنه والحالة هذه أي مع الله، أو قال فيه: ما شاء الله وشاء فلان، أنه له تصرف في الكون، وأن له إرادة تحول عن إرادة الله، وعن مشيئة الله، أو القدرة فيضر وينفع دون الله، أو اعتقد أنه يصلح أن يعبد من دون الله، وأن يستغاث به، يكون شركا أكبر بهذا الاعتقاد، أما إذا كان مجرد حلف بغير الله، من غير اعتقاد آخر، لكن جرى على لسانه الحلف بغير الله تعظيما لهذا الشخص، يرى أنه أهل لأن يحلف به: نبي أو صالح، أو حياة أبيه أو أمه أو ما أشبه ذلك، فهذا من الشرك الأصغر لا من الشرك الأكبر عند أهل العلم.

بيان بعض أنواع الشرك التي توجب الخلود في النار

103 - بيان بعض أنواع الشرك التي توجب الخلود في النار س: تسأل أختنا وتقول: ما هي الأعمال أو الكبائر التي تجعل الإنسان خالدا في النار؟ وهل صحيح أن كل شخص غير مسلم لا يدخل الجنة وهو خالد في النار؟ (¬1). ج: نعم، الأعمال التي توجب الخلود في النار أبد الآباد هي أعمال الكفر، من مات كافرا بالله عز وجل فهو مخلد في النار، أبد الآباد. كاليهود والنصارى والشيوعيين، وهكذا كل من أتى بمكفر، ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (147).

ومثل ذلك من ترك الصلاة، أو من سب الدين أو استهزأ بالدين، أو استهزأ بالجنة أو بالنار، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم، أو تنقص الرسول أو سب الله، أو تنقصه وطعن في دينه، كل هذا ردة عن الإسلام، إذا مات عليها الإنسان صار مخلدا في النار، أبد الآباد، كسائر الكفرة. أما العصاة، المسلم العاصي هذا لا يخلد في النار، إذا دخل النار لا يخلد فيها، مثل من مات وهو على الزنى، وما تاب من الزنى، أو مات وهو يشرب الخمر، ولكنه موحد مسلم يعبد الله وحده، ولا يسب الإسلام ولا يسب الدين، بل هو مسلم، ولكنه أطاع الهوى في بعض المعاصي، كشرب الخمر، كالعقوق للوالدين، أو أحدهما. كأكل الربا، كالزنى. هذه وأشباهها من المعاصي إذا مات عليها وهو مسلم يعبد الله وحده، وليس بكافر، فهذا تحت مشيئة الله جل وعلا، إن شاء الله غفر له وعفا عنه بتوحيده وإسلامه وإيمانه الذي معه، وإن شاء سبحانه عذبه على قدر الجرائم والذنوب التي مات عليها، ثم بعد ما يمحص في النار ويعذب ما شاء الله، يخرجه الله من النار إلى الجنة، كما قال الله سبحانه في كتابه العظيم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬1) فأبان سبحانه أن الشرك لا يغفر، من مات على شرك لا يغفر له، نعوذ بالله. أما من مات على ما دون الشرك من المعاصي فهذا تحت مشيئة الله. وقد أجمع العلماء، علماء المسلمين على أن العاصي ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 48

الذي هو مسلم موحد مؤمن. لكنه عنده معصية لا يخلد في النار أبد الآباد، بل متى دخل النار بهذه المعصية، فإنه لا يخلد؛ بل يعذب فيها ما شاء الله، ثم يخرجه الله من النار إلى الجنة. هذا هو الذي عليه أهل السنة والجماعة، وهو الحق. أما من مات على كفره بالله فهذا يخلد في النار، أبد الآباد. نسأل الله السلامة والعافية. ومن الكفرة اليهود والنصارى المعروفون، والشيوعيون المعروفون وعباد الأوثان، عباد أصحاب القبور؛ ومن ذلك من يسب الدين أو يستهزئ بالدين، أو يسب الله؛ أو يسب رسوله عليه الصلاة والسلام؛ هؤلاء إذا ماتوا على ذلك، ولم يتوبوا فهم من أهل النار المخلدين فيها أبد الآباد؛ نعوذ بالله.

بيان بعض ظواهر الشرك القولية والعملية

104 - بيان بعض ظواهر الشرك القولية والعملية س: ما هي ظواهر الشرك القولية والعملية الموجودة في أي مجتمع؟ نرجو منكم الإفادة (¬1). ج: ظواهر الشرك تارة تكون بالكلام؛ وتارة تكون بالفعال، إذا كان في محل تدعى فيه القبور من دون الله؛ ويجتمع الناس لدعوة الأموات، والاستغاثة بالأموات، هذه مظاهر الشرك؛ وإذا كان الناس يجهرون بدعاء الأموات، أو بدعاء الأنبياء، أو الأولياء، أو الأصنام، ¬

_ (¬1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (372).

أو الجن، هذه مظاهر الشرك: يستغيثون بهم، ينذرون لهم، يذبحون لهم، هذه مظاهر الشرك، فالواجب الحذر من ذلك. المقصود أن الشرك له مظاهر، تارة عند دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات عند القبور، وتارة بعبادة الأشجار، أو الأحجار، وتارة أصنام مصورة توضع في محلات معينة، يدعونها من دون الله، تارة بدعاء الجن والاستغاثة بالجن، إلى غير ذلك، تارة بدعاء الأموات، وإن كان في بيته أو في السيارة أو في الطائرة يا سيدي فلان يا رسول الله انصرني، أو يا سيدي البدوي انصرني أو يا حسين أو يا حسن انصرني أو اشف مريضي، ويا شيخ عبد القادر الجيلاني أو يا فلان أو يا فلان، كل هذا شرك أكبر، ولو في السيارة، ولو في الطريق، ولو في الطائرة، ولو عند قبر كذلك. نسأل الله العافية.

توضيح الفرق بين الشرك والكفر

105 - توضيح الفرق بين الشرك والكفر س: السائل ح. م. ح. من الرياض يقول: ما الفرق بين الشرك والكفر؟ (¬1) ج: كل شرك يسمى كفرا، دعوة غير الله والاستغاثة بغير الله، وصرف العبادة لغير الله يسمى شركا، ويسمى كفرا، وقد يسمى كفرا، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (394).

وشركا أيضا، كمن جحد وجوب الصلاة، أو قال: الزنى حلال، يسمى كافرا ويسمى مشركا، ولكن الغالب على ما كان جحدا لواجب، وجحدا لمحرم يسمى كفرا، والغالب ما كان دعوة لغير الله، والاستغاثة بغير الله، والنذر لغير الله، يسمى شركا، وإلا فكل شرك يسمى كفرا، وكل كفر أكبر يسمى شركا.

بيان معنى النفاق

106 - بيان معنى النفاق س: ما هو النفاق؟ وكيف الخلاص منه؟ (¬1) ج: النفاق نفاقان: نفاق أكبر ونفاق أصغر، النفاق الأكبر كون الإنسان يتعاطى الدين، ويتظاهر بالدين وهو يكذب، لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، ولا يؤمن بالدين، ولكن يصلي مع الناس، أو يذكر الله مع الناس رياء كفعل المنافقين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وإلا لا يؤمن بالدين، ولا يؤمن بالجنة، ولا بالنار، ولا بتوحيد الله، هذا كافر كفرا أكبر، أعظم من الكفار من اليهود والنصارى، قال الله في حقهم: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} (¬2) نسأل الله العافية، وهناك نفاق أصغر وهو من صفات المنافقين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (427). (¬2) سورة النساء الآية 145

«آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان (¬1)»، هذه من خصال المنافقين، وقال صلى الله عليه وسلم: «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا (¬2)» نفاقا عمليا معنى إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر، هذه من أعمالهم التي تجعله نفاقا أصغر، كذلك التكاسل عن الصلاة، وعدم الإكثار من ذكر الله من خصال المنافقين: كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬3)، هذه خصالهم، لكن هذا يسمى النفاق الأصغر، ما يخرج من الإسلام، مسلم، لكن ناقص الإيمان، ناقص التوحيد، فهو مسلم لكن يعتبر بهذه الخصال منافقا نفاقا أصغر، نسأل الله العافية، ويخشى عليه من النفاق الأكبر. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب علامة المنافق، برقم 33، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق، برقم 59. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب علامة المنافق، برقم 34، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق، برقم 58. (¬3) سورة النساء الآية 142

باب ما جاء في الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله

صفحة فارغة

باب ما جاء في الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله

باب ما جاء في الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله 107 - بيان أهمية الدعوة إلى توحيد الله تعالى س: نريد من سماحتكم أن توجهوا نداء للناس، تبينوا فيه أهمية الدعوة إلى الله وتبصير الناس بمعنى لا إله إلا الله (¬1). ج: في كتاب الله العظيم الكفاية العظيمة والدعوة إلى هذا الحق العظيم، فقد دعاهم مولاهم سبحانه في كتابه العظيم في آيات كثيرة إلى أن يعبدوه وحده، وهكذا رسوله صلى الله عليه وسلم دعاهم إلى ذلك في مكة والمدينة مدة ثلاث وعشرين سنة، يدعو إلى الله ويبصر الناس بدينهم، كما قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (¬2) وقال سبحانه: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (¬3) وقال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬4) وقال جل وعلا: ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (156). (¬2) سورة البقرة الآية 21 (¬3) سورة البقرة الآية 163 (¬4) سورة الإسراء الآية 23

{فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬1) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (¬2) وقال سبحانه: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (¬3) وقال عز وجل: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} (¬4)، في آيات كثيرات قال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬5)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا (¬6)» متفق على صحته. وقال عليه الصلاة والسلام: «من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار (¬7)». وقال عليه الصلاة والسلام: «من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار (¬8)». فالواجب على جميع أهل الأرض من المكلفين أن يعبدوا الله وحده وأن يقولوا لا إله إلا الله وأن يشهدوا أن محمدا رسول ¬

_ (¬1) سورة الزمر الآية 2 (¬2) سورة الزمر الآية 3 (¬3) سورة غافر الآية 14 (¬4) سورة محمد الآية 19 (¬5) سورة البينة الآية 5 (¬6) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الجهاد والسير، باب اسم الفرس والحمار برقم 856، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة برقم: 30. (¬7) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا} برقم: 4497. (¬8) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من خص بالعلم قوما دون قوم، برقم 129، ومسلم في كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، برقم 93.

الله، وأن يخصوا الله بدعائهم وخوفهم ورجائهم واستغاثتهم وصومهم وصلاتهم وسائر عباداتهم، وهكذا طوافهم بالكعبة يطوفون بالكعبة تقربا إلى الله وعبادة له وحده سبحانه وتعالى، وأن يحذروا دعوة غير الله من أصحاب القبور أو الأصنام أو الأنبياء وغير ذلك، فالعبادة حق الله وحده، لا يجوز أن يصرفها لغيره سبحانه وتعالى، والعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، والصلاة عبادة والصوم عبادة والصدقة عبادة والحج عبادة وخوف الله عبادة ورجاؤه عبادة، والنذر عبادة والذبح عبادة، وهكذا يجب أن تكون كلها لله وحده، فلا يذبح المسلم إلا لله ولا يصلي إلا لله، ولا يسجد إلا لله، ولا يخاف خوف السر خوف القلوب إلا من الله سبحانه وتعالى، وهكذا لا يستغيث إلا بالله، ولا يطلب المدد إلا منه سبحانه وتعالى؛ لأنه خالقه وربه ومعبوده الحق سبحانه وتعالى، وقد بعث الله الرسل كلهم بذلك، من أولهم إلى آخرهم من أولهم نوح إلى آخرهم محمد عليه الصلاة والسلام، كلهم يدعون الناس إلى توحيد الله كما قال عز وجل: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (¬1) وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (¬2)، ¬

_ (¬1) سورة النحل الآية 36 (¬2) سورة الأنبياء الآية 25

وكان يقول صلى الله عليه وسلم لأهل مكة: «يا قوم قولوا لا إله إلا الله تفلحوا (¬1)» هذا هو الواجب على جميع المكلفين من الرجال والنساء، من العجم والعرب، من الجن والإنس، في جميع أرض الله، يجب عليهم أن يعبدوا الله وحده، وأن يقولوا لا إله إلا الله وأن يخصوه بالعبادة سبحانه وتعالى وأن لا يعبدوا معه سواه لا صنما ولا نبيا ولا ملكا ولا جنيا ولا شجرا ولا غير ذلك، العبادة حق الله وحده: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬2) {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬3) {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (¬4) لكن خوف الإنسان ما يضره واتخاذ الأسباب هذا غير داخل في العبادة، وخوفه من اللص حتى يغلق الباب ويتخذ الحرس لا حرج في ذلك، كما قال الله عن موسى لما خاف فرعون قال: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} (¬5) يعني خائفا من شر فرعون، فخوف الأمور الحسية، وخوف الظلمة واتخاذ الأسباب هذا غير داخل في العبادة، فإذا خاف من اللصوص وأغلق بابه أو جعل حارسا على ماله، أو خاف حين سفره من اللصوص أو من قطاع الطريق وحمل السلاح وسلك الطريق الآمنة، كل هذا لا بأس به، وهكذا إذا ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، من حديث ربيعة بن عبادة الديلي رضي الله عنه، رقم 15593. (¬2) سورة الإسراء الآية 23 (¬3) سورة الفاتحة الآية 5 (¬4) سورة البينة الآية 5 (¬5) سورة القصص الآية 21

خاف الجوع أكل، وخاف الظمأ شرب، وخاف البرد لبس ما يدفئه وما أشبهه، هذه كلها أمور حسية معروفة لا حرج فيها، وهكذا إذا استعان بأخيه في مزرعته، في إصلاح سيارته، في بناء بيته، هذه أمور عادية، غير داخلة في العبادة، كما قال تعالى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (¬1) يعني موسى، هذه أمور عادية يقدر عليها المخلوق، فالتصرف مع المخلوق الحي الحاضر في أشياء يقدر عليها من تعاون في بناء، في مزرعة، في جهاد، وفي غير ذلك، هذا غير داخل فيما يتعلق بالعبادة، لكن دعاؤه وهو ميت، دعاء الشجر، دعاء الصنم، دعاء الجن، دعاء الملائكة، دعاء الأنبياء؛ يستغيث، هذا هو الشرك الأكبر، أو دعاء الحي في أمور لا يقدر عليها، يعتقد فيه أنه له تصرف في الكون، كما يفعل بعض الصوفية مع مشايخهم يدعونهم مع الله، ويعتقدون أن لهم تصرفا في الكون، وأن لهم سرا يستطيعون معه أن يعلموا الغيب، أو ينفعوا الناس بما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل، هذه أمور شركية حتى مع الأحياء. نسأل الله السلامة، والله ولي التوفيق. ¬

_ (¬1) سورة القصص الآية 15

الواجب على العلماء أن يرشدوا الناس إلى حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك

108 - الواجب على العلماء أن يرشدوا الناس إلى حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك س: أنا أعيش في مكان يوجد فيه أناس يدعون أنهم من المسلمين، يصلون ويزكون ويصومون ويحجون، ولكنهم يعتقدون في الأموات، ويقولون: إن الولي الميت أو الشيخ واسطة عند الله، ويتبركون به، ويستغيثون بهذا الميت الولي ويزورونه وينذرون له النذر ويشدون إليهم الرحال، وإذا نصحتهم قالوا: هؤلاء أولياء يجب التقرب إليهم، ويكرهون من يمنعهم وينصحهم بأن لا يعبدوا الأموات والأولياء، ماذا نفعل؟ وهل نتركهم على ما هم عليه؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: هذه مصيبة عظيمة، واقعة في بلدان كثيرة، والواجب على أهل العلم أن يرشدوا الناس إلى حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك، حتى يعلم هؤلاء العوام بطلان ما هم عليه، فكونه يصلي ويحج ويصوم، ويزكي ثم يعبد غير الله، هذا يبطل عمله، قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬2)، وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (¬3). ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (63). (¬2) سورة الأنعام الآية 88 (¬3) سورة الزمر الآية 65

فدعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم، والذبح لهم، هذا شرك أكبر، ينافي التوحيد الذي هو معنى لا إله إلا الله، وينافي ما دلت عليه الآيات من وجوب إخلاص العبادة لله، كما في قوله سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬1)، وقوله سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (¬2). وقوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (¬3). وقوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬4) وقوله سبحانه: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬5) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (¬6) وقوله عز وجل: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬7) وقوله تبارك وتعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬8) وقال سبحانه: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬9) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (¬10) سبحانه وتعالى. فجعل دعاءهم للأموات والأصنام والأشجار والأحجار شركا بالله عز وجل، فالواجب تنبيه هؤلاء وتحذيرهم وحث العلماء على ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 5 (¬2) سورة البينة الآية 5 (¬3) سورة البقرة الآية 21 (¬4) سورة الإسراء الآية 23 (¬5) سورة الزمر الآية 2 (¬6) سورة الزمر الآية 3 (¬7) سورة الجن الآية 18 (¬8) سورة المؤمنون الآية 117 (¬9) سورة فاطر الآية 13 (¬10) سورة فاطر الآية 14

تنبيههم وتحذيرهم، حتى يتبصروا ويعلموا أنهم على باطل، وعلى شرك، وأن صلاتهم تحبط بذلك، وهكذا صومهم، وزكاتهم، وحجهم، وأعمالهم الأخرى، حتى يخلصوا العبادة لله وحده، وقد بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم إلى الناس ليخلصهم من هذا الشرك، فأقام في مكة عشر سنين يدعوهم إلى توحيد الله وترك دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والأصنام، والأشجار والأحجار ويقول: «يا قوم قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا (¬1)» قبل أن تفرض الصلاة، ثم فرضت الصلاة في مكة، ومكث بعد ذلك مدة يدعوهم إلى توحيد الله، ثم هاجر إلى المدينة ولم يزل يدعو إلى الله، وإلى توحيده سبحانه وتعالى. فالواجب عليك يا أخي أن تحرص على دعوة هؤلاء وإرشادهم بالحكمة والصبر والأسلوب الحسن، لعل الله يهديهم بأسبابك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (¬2)» ويقول صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر لدعوة اليهود: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم (¬3)»، فدعوة ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، من حديث ربيعة بن عبادة الديلي رضي الله عنه، رقم 15593. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله، برقم 1893. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب فضل من أسلم على يديه رجل برقم 3009، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي رضي الله عنه، برقم 2406.

الأموات، كأن يقول: يا سيدي فلان، اشف مريضي، انصرني أو المدد المدد يا فلان، أو النذر لهم أو ما أشبه ذلك من أنواع العبادة، كله شرك بالله، وهكذا الذبح لهم، ذبح البقر أو الدجاج أو غير ذلك، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله (¬1)»، والله يقول سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬2) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (¬3). فالذبح لغير الله مثل الصلاة لغير الله، والذي يذبح للأموات يتقرب إليهم مثل الذي يصلي لهم، وهكذا من ينذر لهم القرابين إن شفى الله مريضي للسيد فلان كذا، أو يا سيدي البدوي اشف مريضي، أو المدد المدد، أو يا سيدي الحسين أو يا شيخ عبد القادر، أو يا رسول الله اشف مريضي، أو انصرنا، أو ما أشبه ذلك، كل هذا من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر، والواجب على أهل العلم أينما كانوا أن يبلغوا الناس ذلك، وأن ينصحوهم وأن يرشدوهم إلى الحق وإلى الصواب، وأن يصبروا على جهلهم وأذاهم حتى يتعلموا ويستفيدوا، هكذا كان الرسل عليهم السلام يصبرون وهم أفضل الخلق عليهم السلام، وآذاهم أقوامهم، وربما قتلوهم على ذلك ومع هذا صبروا عليهم الصلاة والسلام، وبلغوا الرسالة وأدوا الأمانة حتى قبضهم الله، عليهم ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى، برقم 1978. (¬2) سورة الأنعام الآية 162 (¬3) سورة الأنعام الآية 163

الصلاة والسلام، وخاتمهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وهو أفضلهم قد صبر على قومه ثلاثا وعشرين سنة، وهو يدعوهم إلى الله حتى هدى الله على يديه من هدى، وحتى أكمل الله به الدين وأتم عليه النعمة، فالواجب التأسي به في ذلك، عليه الصلاة والسلام، والصبر على الدعوة والتوجيه والإرشاد، رجاء ما عند الله من المثوبة.

كيف نبدأ الدعوة إلى الإسلام؟

109 - كيف نبدأ الدعوة إلى الإسلام؟ س: إذا أردنا دعوة إنسان ما إلى الدين الإسلامي كيف نبدأ معه الدعوة؟ وما هي الخطوات الرئيسية حتى يستجيب هذا الإنسان ويدخل في الدين الإسلامي الحنيف؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: الخطوة الأولى: تبيين فضل الإسلام، وأن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بدين الإسلام الذي بعث به الأنبياء الماضين، والرسل كلهم. تبين له أن هذا هو دين الحق، وأن الله بعث محمدا بالحق وأن على العاقل أن يجتهد في أسباب السلامة والحيطة لدينه حتى إذا مات مات على طريقة سليمة، وعلى دين مستقيم، فيفوز بالجنة والنجاة من النار، تشرح له الدين الإسلامي وأنه طريق النجاة وأنه الصراط المستقيم، وأن جميع ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (352).

الأديان الأخرى يهودية أو نصرانية كلها باطلة، وليس هناك دين حق إلا دين الإسلام {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (¬1) لكن بالأسلوب الحسن، باللطف والكلام الطيب، وترغبه في ذلك، وتحرص على أنه بحمد الله ميسر ليس فيه صعوبة، ولا آصار ولا أغلال، بل هي أعمال صالحة ميسرة بحمد الله، حتى يقبل منك إن شاء الله، ويدخل في الإسلام، أما إن كان مسلما لكن عنده معاص، تبين له شر المعاصي، وأخطارها وأنها من أسباب قسوة القلب، وموت القلب من أسباب غضب الله عليك، ومن الأسباب التي تبقى عليها حتى تموت، وتحذره من البقاء عليها، تحرضه على التوبة، يعني توصيه بالتوبة والمسارعة إليها قبل أن يموت؛ لأن بقاءه على المعاصي من أسباب غضب الله، ومن أسباب سوء الخاتمة، ومن أسباب العذاب يوم القيامة إلا من رحمه الله. الخطوة الثانية: أن يشرح له الإسلام، إذا كان كافرا يشرح له الإسلام، بأن يقال له: الإسلام هو كذا وكذا، الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، تبين له معنى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن معناها أن لا يعبد إلا الله وحده، وأن لا يدعو معه صنما ولا نبيا ولا قبرا ولا شجرا ولا حجرا، بل يخلص العبادة لله وحده، صلاته ودعاءه وذبحه ونذره وصومه، إلى غير ذلك، وكذلك أن يشهد أن محمدا رسول الله، يعني يشهد أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، ¬

_ (¬1) سورة آل عمران الآية 19

الهاشمي القرشي هو رسول الله حقا، بعثه الله إلى الناس عامة وختم به الأنبياء، وأنزل عليه شريعة كاملة من تمسك بها فله الجنة، ومن ضيعها وتركها فله النار، يبين له بقية أركان الإسلام: الصلاة والزكاة والصيام والحج وأركان الإيمان، ويوصيه بأن يبادر إلى هذه الأشياء، ويستقيم على طاعة الله ورسوله، وإذا مات على هذا فله الجنة. الخطوة الثالثة: أن يجتهد بتوصيته في الأعمال الصالحات، والحرص على الحفظ للوقت عن النقص وعن الأشياء التي لا نفع فيها، والحرص على عمارة الوقت بذكر الله، بالأعمال الصالحة، بالتطوع حتى تكون هذه الأعمال الصالحة جبرا، لما قد يقع من النقص في الفرائض، ومن أسباب علو الدرجات، وكثرة الحسنات، تكون أوقاته معمورة بالخيرات، وبالصلوات وبالذكر وقراءة القرآن، وصحبة الأخيار، إلى غير ذلك، والدعوة إلى وجوه الخير.

الضابط الشرعي لتعليم وإرشاد المسلم الجديد

110 - الضابط الشرعي لتعليم وإرشاد المسلم الجديد س: بعض الناس تستعجل في بعض الأمور في توضيحها لمن يسلم مجددا، فربما ذكروا مثلا أمورا، ربما تكون فرعية كالالتزام بالحجاب الكامل بالنسبة للنساء وكالالتزام بإعفاء اللحية، من أول وهلة وكالختان، وما أشبه ذلك. هل لسماحتكم من كلمة حول هذا الموضوع؟ (¬1). ج: هذه فروع إن بينها له فلا بأس، وإن أخرها إلى وقت آخر فلا بأس، المهم الأصول حتى يدخل في الإسلام، أما الفروع الأخرى: حلق اللحية أو قصها، وكذلك الحجاب، وكذلك ما يتعلق بالختان وما أشبه ذلك، هذه لو أجلت لئلا ينفر من الإسلام، ويكون التعليم بأصول الإسلام ومبانيه العظام، فإذا دخل بالإسلام بعد ذلك يرغب في بقية أعمال الإسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (352).

ما يشرع البدء به في دعوة وإرشاد المجتمعات الإسلامية

111 - ما يشرع البدء به في دعوة وإرشاد المجتمعات الإسلامية س: نحن نعيش في مجتمع يكثر فيه الدجل والشعوذة والشركيات، كبناء القباب على القبور، وكذلك دعاء

الأموات لتفريج الكروب. هل يشرع أولا في مجتمع كهذا الدعوة إلى التوحيد وتصحيح العقائد من أدران الشرك والاهتمام بتربية الفرد تربية دينية، حتى يصبح عضوا صالحا في المجتمع، أم يشرع المناداة بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، كما يفعل الكثير من الجماعات الإسلامية؟ (¬1). ج: إذا كنت في بلد إسلامي وبين المسلمين، تعلمهم ما جهلوا من الشرك وغيره من المعاصي، أما إذا كنت في بلد كافرة بين النصارى أو بين اليهود، بين الوثنيين الذين لا يعرفون الإسلام، ولا يدعون الإسلام، فإنك تبدأهم بالتوحيد، تدعوهم إلى توحيد الله، فإذا أسلموا ودخلوا في دين الله، تعلمهم الصلاة والزكاة وغير ذلك، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم معاذا بذلك، لما بعثه إلى اليمن عليه الصلاة والسلام، أما إذا كنت بين المسلمين، في مصر، في الشام، في الأردن، في السعودية، في أي مكان، فإنك تنكر عليهم ما وقع منهم من شرك أو غيره، وتعلمهم دينهم، وتعلمهم ما جهلوا، وتبصرهم بالحق الذي جهلوه. سواء كان شركاء أو تهاونا بالصلاة، أو عقوقا للوالدين، أو تعاطيا للربا، أو غير ذلك مما يقع من بعض المسلمين. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (182).

الصفات الواجب توافرها في الداعية المسلم

112 - الصفات الواجب توافرها في الداعية المسلم س: ما هي الصفات الواجب توفرها في الداعي المسلم، لدعوة ملحد أو يهودي أو نصراني؟ أي هل باستطاعة أي مسلم أن يكون داعيا إلى الله؟ (¬1). ج: ليس في استطاعة كل مسلم الدعوة إلى الله إلا بعد التعلم، الدعوة إلى الله تحتاج إلى علم، وتحتاج إلى لغة المخاطب أيضا، والله يقول سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} (¬2) يعني على علم، فمن أراد أن يدعو الناس إلى الله، فليتعلم ويتفقه في الدين، وليعتن بالقرآن الكريم وتفسيره، ومعرفة معانيه، وليحضر عند أهل العلم، يحضر حلقات العلم ويسأل أهل العلم عما أشكل عليه، حتى يصلح للدعوة، فإذا وجد من نفسه قوة على ذلك، واستشار من يطمئن إليه من أساتذته ليبين له، حتى يصلح للدعوة وحتى يوجهه إلى ما ينبغي وحتى يشير عليه بما ينبغي أن يستعمل، فإذا وجد من نفسه القدرة، لأن عنده حصيلة من الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة، في أي موضوع من الموضوعات التي يريد أن يدعو إليها، أو يناقش فيها فليتكلم، وإذا كانت اللغة غير العربية، فلا بد أن يستعين بمن يفهم اللغة من الثقات، حتى يكون واسطة بينه وبينه في توجيه الخير، وإرشاده إلى ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (173). (¬2) سورة يوسف الآية 108

الحق باللغة التي يفهمها بواسطة من يعرف اللغة المذكورة، من الثقات المعروفين بالعلم والفضل، وإذا كان الداعي يعرف اللغة هذا نعمة كبيرة، يدعو إلى الله باللغات التي يفهمها ويعرفها المخاطب، وبكل حال فالصفات التي يجب توافرها في الداعي: أن يكون عنده علم وعنده حلم وبصيرة، حتى يدعو إلى الله على بينة ورفق ولين، وبأسلوب يؤثر على المدعو، وأن يكون في نفسه صالحا، حتى لا يحتج عليه المدعو، يقول: أنت تدعونا إلى كذا وأنت فاسد تخالف أقوالك أعمالك، وأعمالك أقوالك، ينبغي له أن يكون حريصا بأن يعمل بما يدعو إليه، وأن يحذر ما ينهى عنه، فالداعي يمثل دعوته بأفعاله وأخلاقه، وسيرته مع الناس، وينبغي أيضا أن يكون عنده حصيلة محفوظة من الأحاديث الصحيحة، ومن آثار السلف الصالح الذين قاموا بالدعوة، حتى يتأسى بهم مع كتاب الله عز وجل، والعناية بحفظه وتدبر معانيه، والاستعانة بكلام أئمة التفسير المعروفين بالعلم والفضل والعقيدة الصالحة، كالإمام ابن جرير والبغوي وابن كثير، وغيرهم من أئمة التفسير الذين يستفاد من كلامهم في تفسير كلام الله عز وجل، فالحاصل أنه لا بد من بصيرة ولا بد من أخلاق فاضلة، وأن يكون ذا خلق كريم في حلمه، وقوله وعمله وأساليبه، حتى لا يجد المدعو ثغرة يدخل منها عليه، لينتقصه أو ليهجن دعوته، ويقول: إنك لست كما تقول.

الفروق بين دعوة الملحد والكتابي

113 - الفروق بين دعوة الملحد والكتابي س: سماحة الشيخ، كأن السائلة تفرق بين دعوة الملحد ودعوة اليهودي، ودعوة النصراني، هل فيها فروق معينة؟ (¬1) ج: نعم لا شك أن اليهودي والنصراني عندهم إيمان بالآخرة، وعندهم إيمان بالرسل وإن كان إيمانهم مدخولا، وإن كان لا ينفعهم لأنهم خلطوا كفرا وإيمانا، لكن دعوتهم أسهل لأنهم يخاطبون بالكتب التي نزلت على الأنبياء، يخاطبون بالإيمان باليوم الآخر، وأن الواجب الإعداد لليوم الآخر، وأن الواجب طاعة الرسل، هم يعرفون أن طاعة الرسل لازمة، وأن محمدا من الرسل عليه الصلاة والسلام، وتقام الحجج على رسالته عليه الصلاة والسلام، ويدعون إلى الإيمان به، واتباع شريعته وأنه ليس هناك نجاة إلا باتباع محمد عليه الصلاة والسلام، فالحجة قائمة على اليهود والنصارى، لما عندهم من العلم السابق، من عهد الأنبياء، وإنما حملهم على الترك الهوى والحسد والبغي، ولا سيما اليهود فإنهم أمة الحسد، وأمة البغي وأمة الغضب، وأمة العناد، وهكذا أئمة النصارى الذين عرفوا الحق، ولكن آثروا الدنيا على الآخرة، فصاروا مشابهين لليهود في عنادهم، وفي جحدهم الحق، وهم يعلمون. نسأل الله العافية، لكن الغالب على النصارى الضلال والجهل، وهم يحتاجون إلى التعليم والتوجيه، بالأدلة الشرعية ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (173).

حتى يدخلوا في الحق، وعندهم أصل الإيمان بالآخرة، وأصل الإيمان بوجود الله، وإن كان إيمانا فاسدا مشوشا لا ينفعهم في الآخرة؛ لأن اليهود اعتقدوا عزيرا ابن الله، والنصارى اعتقدوا المسيح ابن الله، ثالث ثلاثة، وعندهم أيضا غلو في أحبارهم ورهبانهم، كلهم عندهم غلو في أحبارهم ورهبانهم، وعندهم أنواع من التحريف والشر، لكنهم أسهل في الدعوة، من دعوة الملحد الشيوعي، أما الملحد فيحتاج لإقامة الأدلة على وجود الله، وعلى صحة ما جاء به الرسل من العقل الذي يفهمه هو، فدعوتهم تحتاج إلى مزيد من البصيرة والحكمة والتجارب، وبيان ما فطر الله عليه العباد حتى يخاطبه بمقتضى الفطرة والعقل. والله المستعان.

الواجب على جميع أهل الأرض الدخول في الإسلام والالتزام به

114 - الواجب على جميع أهل الأرض الدخول في الإسلام والالتزام به س: إذا أردنا دعوة إنسان إلى الدين الإسلامي، كيف نبدأ هذه الدعوة؟ وجهونا حول هذا الموضوع جزاكم الله خير (¬1) ج: البداءة: تبدأ بترغيبه في الإسلام. والبيان له أن الإسلام هو دين الله الذي بعث به الرسل؟ وأنزل به الكتب، وبعث به آخر الأنبياء، ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (352).

وخاتمهم محمدا عليه الصلاة والسلام، وأنه واجب على جميع أهل الأرض الدخول في الإسلام والالتزام به، هذا الواجب على جميع أهل الأرض، من اليهود والنصارى، والشيوعيين وغيرهم. جميع أهل الأرض رجالا ونساء، يجب عليهم الدخول في الإسلام واعتناقه، والتمسك به والثبات عليه، لأن الله خلق الخلق ليعبدوه، وهذه العبادة التي خلقوا لها هي الإسلام الذي بعث الله به الرسل، وبعث به محمدا عليه الصلاة والسلام، وجعل شريعته ناسخة لجميع الشرائع، ناسخة لشريعة التوراة، والإنجيل، وجميع ما في الأرض من تعبدات، شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ناسخة لذلك، يجب الأخذ بها، والتمسك بها على جميع أهل الأرض، فتبين له أن الإسلام هو دين الله، وأنه هو الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم، وهو دين الأنبياء قبله جميعا وأصله وأساسه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فتعلمه الشهادتين أولا وتعلمه معناهما، ثم الصلاة والزكاة والصيام والحج وأركان الإيمان الستة، وتفهمه معناها، وتعلمه أن عليه البراءة من جميع الأديان المخالفة للإسلام، من دين النصارى وغيرهم، عليه أن يتبرأ من كل دين يخالف الإسلام، وأن يؤمن بأن عيسى هو عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، إذا كان نصرانيا، تعلمه أن عيسى هو عبد الله ورسوله، خلقه الله من أنثى بلا ذكر، قال الله له كن فكان، فالواجب الإيمان بأنه عبد الله ورسوله، وليس هو الله، وليس هو ابن الله، وليس هو ثالث ثلاثة، بل هو عبد الله ورسوله، خلقه الله من

أنثى، وهي مريم البتول الصديقة رضي الله عنها، وليس له أب، قال الله له: كن فكان، فعلى العبد أن يؤمن بهذا، ويصدق بهذا، ويتبرأ من طريقة اليهود والنصارى في ذلك.

الإسلام يدعو للعقيدة الصحيحة

115 - الإسلام يدعو للعقيدة الصحيحة س: إذا كان الإسلام قد أقر حرية العقيدة، فلماذا يحارب الوثنية والارتداد والإلحاد؟ (¬1). ج: الإسلام لا يقر حرية العقيدة، وإنما الإسلام يأمر بالعقيدة الصالحة، ويلزم بها ويفرضها على الناس، ولا يجعل الإنسان حرا يختار ما شاء من الأديان، لا، القول بأن الإسلام يجيز حرية العقيدة، هذا غلط، الإسلام يوجب توحيد الله، والإخلاص له سبحانه، والالتزام بدينه والدخول في الإسلام، والبعد عما حرم الله، وأعظم الواجبات وأهمها: توحيد الله، والإخلاص له، وأعظم المعاصي وأعظم الذنوب: الشرك بالله عز وجل، وفعل ما يكفر العبد من سائر أنواع الإلحاد، والله سبحانه يقول: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (¬2)، ويقول سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬3) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (37). (¬2) سورة النساء الآية 36 (¬3) سورة الإسراء الآية 23

ويقول سبحانه {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬1) ويقول عز وجل: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬2) ويقول سبحانه {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (¬3). ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله عز وجل (¬4)» متفق على صحته. وبين الرب عز وجل، وبين الرسول صلى الله عليه وسلم وجوب العقيدة، ووجوب الالتزام بشرع الله، وأن لا حرية للإنسان في هذا، فليس له أن يختار دينا آخر، وليس له أن يعتنق ما حرم الله، وليس له أن يدع ما أوجب الله عليه، بل يلزمه ويفترض عليه أن يستقيم على دين الله وهو الإسلام، وأن يوحد الله بالعبادة، وأن لا يعبد معه سواه سبحانه وتعالى، وأن يؤمن برسوله محمد عليه الصلاة والسلام، وأن يستقيم ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 5 (¬2) سورة الزمر الآية 2 (¬3) سورة البينة الآية 5 (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب " فإن تابوا وأقاموا الصلاة "، برقم 25، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، برقم 21.

على شريعته، ويوالي على هذا ويعادي على هذا، وأن يقيم الصلاة كما أمر الله، ويؤدي الزكاة كما أمر الله، وأن يصوم كما أمر الله، ويحج كما أمر الله، وهكذا يلتزم، وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أنه قال: «يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قلت: ثم أي؟ قال: " أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك " قلت: ثم أي؟ قال: " أن تزني بحليلة جارك (¬1)». فأنزل الله بهذا قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (¬2) {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (¬3) {إِلَّا مَنْ تَابَ} (¬4) الآية. فدل ذلك على أن توحيد الله، والإخلاص له وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وتحريم القتل وتحريم الزنى؛ أمر مفترض لا بد منه، وليس لأحد أن يشرك بالله، ليس له أن يزني، وليس له أن يسرق، وليس له أن يقتل نفسا بغير حق، وليس له أن يشرب الخمر، وليس له أن يدع الصلاة، وليس له أن يدع الزكاة وعنده مال، وليس له أن يدع الصيام وهو قادر، صيام رمضان إلا في السفر والمرض، وليس له أن يترك الحج وهو قادر، بل يحج مرة في العمر، إلى غير ذلك، فلا حرية ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحدود، باب إثم الزناة، برقم 6811، ومسلم في كتاب الإيمان، باب كون الشرك أقبح الذنوب؛ برقم 86. (¬2) سورة الفرقان الآية 68 (¬3) سورة الفرقان الآية 69 (¬4) سورة الفرقان الآية 70

في الإسلام بين العقائد، بل يجب أن يلتزم الإنسان العقيدة الصحيحة، ويذر ما حرم الله، نعم له حرية في الأمور المباحة التي أباح الله له، وإنما له حرية في الأمور المستحبة التي لا تجب إذا شاء تركها فلا بأس، والمباح إن شاء فعله وإن شاء تركه، وليس له أن يعتنق الشيوعية ولا النصرانية أو اليهودية أو الوثنية أو المجوسية، ليس له ذلك، بل متى ما اعتنق النصرانية أو اليهودية، أو المجوسية أو الشيوعية صار كافرا، حلال الدم والمال، يجب أن يستتاب، يستتيبه ولي الأمر الذي هو في بلده، ولي الأمر المسلم يستتيبه، فإن تاب ورجع إلى الحق وإلا قتله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من بدل دينه فاقتلوه (¬1)» رواه البخاري في الصحيح، من بدل دينه دين الإسلام بالكفر، يجب أن يقتل إذا لم يتب، فلهذا يعلم أن ليس للمسلم حرية أن يترك الحق وأن يدخل الباطل أبدا، بل يلزمه الاستقامة على الحق، ويلزمه ترك الباطل، وعليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وينصح لله ويدعو لله عز وجل، وأن يدعو الناس إلى ترك ما حرم الله عليه، كل هذا أمر مفترض حسب الطاقة، النفس فيها حركة، إن لم تلتزم بالحق دعته إلى الباطل، واللسان كذلك إن لم يتكلم بالحق تكلم بالباطل، وهكذا الجوارح فالعبد إن لم يلزمها ويأخذ عليها بالحق، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بعذاب الله، برقم 3017.

وإلا انقاد لهواها وباطلها وللشيطان، فوقع فيما حرم الله عليه، فالواجب أن يلتزم ما أوجب الله عليه بلسانه، وأفعاله وفي سائر شئونه، وأن لا يدع للشيطان مجالا، ولا لنفسه الأمارة بالسوء مجالا، بل يحارب ذلك ويستعين بالله، بترك الباطل وعلى أداء الحق.

حكم اقتناء وقراءة التوراة والإنجيل

116 - حكم اقتناء وقراءة التوراة والإنجيل س: هل يجوز إذا وقع كتاب الإنجيل في يدي أن أقرأه؟ وإذا كان جائزا فأين أجده (¬1) ج: ما يتعلق بالإنجيل والتوراة مثلا، فلا ينبغي قراءتها ولا اقتناؤها، إلا لطالب علم يريد الرد على ما فيها من أباطيلهم وأكاذيبهم، فإن التوراة والإنجيل قد غيرتا، وبدل منها شيء كثير، وحرف كثير منهما أولئك الضالون من اليهود والنصارى. فهذان الكتابان لا ينبغي اقتناؤهما؟ لأنه ربما تشوش بقراءتهما، وربما اشتبه عليه شيء من ذلك، فيضر بدينه، أما طالب العلم فيحتاج إليهما لرد شبه، أو لإنكار منكر أو لبيان حق، أو للرد على اليهود والنصارى، فهذا كله لا بأس به، إذا كان من أهل العلم، يأخذ منهما ما يحتاج إليه عند الحاجة لرد باطل وإنكار منكر، كما فعل هذا كثير من أهل العلم ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (18).

رحمة الله عليهم، وأما العامة فلا حاجة لهم في ذلك، ولا ينبغي لهم اقتناؤهما، ولا التماسهما في أي مكان، لأن الله سبحانه قد أغنانا - وله الحمد والمنة - بكتابه العزيز القرآن، أغنانا عن جميع الكتب الماضية، فلا حاجة لنا بها بل علينا أن نعنى بكتاب الله، وأن نتدبر كتاب ربنا، وفيه الكفاية، ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أنكر على عمر لما رأى في يده شيئا من ذلك، يعني من التوراة، وقال: «أفي شك يا ابن الخطاب، لقد جئتكم بها بيضاء نقية، والله لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي (¬1)» يروى هذا عنه عليه الصلاة والسلام، المقصود أن التوراة والإنجيل ليس لنا حاجة إليهما، ولا إلى اقتنائهما، ولا إلى مراجعتهما، ولا سيما عامة المسلمين، أما أهل العلم فقد يحتاجون إلى شيء من ذلك في بعض الأحيان عند رد شبه يوردها النصارى، أو اليهود، أو يوردها غيرهم ممن يحتجون بالتوراة والإنجيل، أو يزعمون أن في التوراة والإنجيل كذا وكذا، فيريد طالب العلم أن يوضح الأمر، وأن يبطل شبهتهم هذه التي شبهوا بها، كما طلب النبي التوراة لما ترافع إليه اليهود في شأن الرجم، طلبها وأحضروها، ووجد بها آية الرجم، ليحتج عليهم بذلك. فالحاصل أنه لا ينبغي لعامة المسلمين شراؤهما، ولا اقتناؤهما ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنهم، برقم 14736.

ولا مراجعتهما، بل ذلك منكر بحق عامة الناس، وقد كفى الله وشفى بإنزال كتابه العزيز القرآن الكريم، الذي فيه نبأ ما قبلنا، وحكم ما بيننا، وفيه الكفاية، وهو أفضل كتاب وخير كتاب. والحمد لله. أما أهل العلم فقد يحتاجون شيئا من ذلك، لكن لهم شأنهم في ذلك.

باب ما جاء في أن لبس الحلقة أو الخيط لرفع البلاء أو دفعه شرك

باب ما جاء في أن لبس الحلقة أو الخيط لرفع البلاء أو دفعه شرك

باب ما جاء في أن لبس الحلقة أو الخيط لرفع البلاء أو دفعه شرك 117 - حكم تعليق الخيط لرفع البلاء أو دفعه س: ما حكم الذي يعلق خيطا لرفع البلاء أو دفعه؟ (¬1) ج: هذا ينكر عليه؛ لأنه من الشرك الأصغر، من جنس التمائم، قال عليه الصلاة والسلام: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬2)». وفي رواية: «من تعلق تميمة فقد أشرك (¬3)». ولما دخل حذيفة رضي الله عنه على رجل، قد علق عليه خيطا قطعه حذيفة وأنكر عليه، وتلا قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} (¬4) ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (38). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16951. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه؛ برقم 16969. (¬4) سورة يوسف الآية 106

بين له أن هذا من الشرك، فتعليق الخيوط والتمائم من الودع، أو من العظام أو من شعر الذئب، أو من عظام الذئب أو أسنانه كل هذا من خرافات الجاهلية، وهو من المنكرات. وهكذا تعليق الحجب، من القرآن يسمونها حجبا، يسمونها حرزا، يسمونها جامعات، كل هذا لا يجوز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم عمم النهي ولم يستثن من القرآن ولا غيره، ولأن استعمال القرآن يفضي إلى استعمال غيره، يعني فتح باب الشرك، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (¬1)» يعني الرقى المجهولة التي ليست على الطريقة الشرعية، هكذا التمائم ما يعلق على الأولاد عن العين، أو يعلق على النساء عن العين، كل هذا منكر ومن عمل الجاهلية، والتولة الصرف والعطف، وهو السحر، فبين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه من الشرك؛ لأنه يستعان فيه بالجن والشياطين، فالساحر والساحرة إنما يتم لهما ما يتعاطيانه من السحر بواسطة عبادتهم للجن والشياطين، وتقربهم إليهم بما يرضيهم، والخيوط من جنس التمائم، إذا علق على يده خيطا، أو على رقبته يزعم أنه من أسباب الشفاء، هذا من المنكرات يجب أن يقطع. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604.

حكم تعليق رجل الذئب على من به مس

118 - حكم تعليق رجل الذئب على من به مس س: وجدت بعض الناس إذا أصيب أحدهم بجني يعلق رجل ذئب على يد المصاب، فما مدى صحة ذلك؟ وما رأي فضيلتكم فيه. وفقكم الله؟ (¬1) ج: تعليق رجل الذئب أو شعر الذئب على المريض، الذي يظن به مس من الجن أو غير ذلك هذا لا يجوز، بل هذا من التمائم التي نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنها وحذر منها، حيث قال عليه الصلاة والسلام: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬2)»، «من علق تميمة فقد أشرك (¬3)» فلا يجوز تعليق التمائم، سواء كانت عظاما أو ودعا أو شعرا أو حلقات من حديد أو غير ذلك أو من أي جنس، كل هذا لا يجوز، ولا يختص بالذئب. بل قد يكون ذئبا أو أسدا أو كلبا أو فهدا أو غير ذلك كل هذا لا يجوز، وكل هذا يعتبر من التمائم التي نهى الرسول عن تعليقها. ولكن يعالج بالقرآن الكريم بالقراءة وبالأدوية الطيبة النافعة. أما التعليق على الأطفال، وعلى المريض، تعليق التمائم من عظام، أو من رجل الذئب، أو يد الذئب، أو شيء من شعر ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (31). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969.

الذئب، أو الكلب، أو الأسد أو غير ذلك، كل هذا لا يجوز، وهكذا مثل ما يفعل بعض الناس من كونه يضع آيات في قرطاس، أو يضع معها بعض الدعوات أو بعض المسامير أو بعض الطلاسم، ثم يجعلها في جلد أو في غير ذلك، يعلقها على الطفل أو على المريض، كل هذا لا يجوز، التعليق التي يراد بها دفع المرض أو دفع الجن أو دفع العين، كل هذا لا يجوز، والنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى على أعرابي حلقة فقال: «انزعها فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا (¬1)». وقال: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (¬2)». فالرقى يعني المجهولة أو التي فيها أشياء منكرة، وهكذا التمائم كلها لا تجوز، وما يعلق على الأولاد والمرضى عن العين، وعن الجن كل هذا لا يجوز، وهكذا التولة وهي الصرف والعطف، وهي ما يفعله بعض النساء لتحبيب الأزواج إلى نسائهم وتحبيب المرأة إلى زوجها، كل هذا لا يجوز وهو من السحر، هذه كلها محرمة نبه عليها النبي عليه الصلاة والسلام، وإنما الرقى الجائزة، الرقى الشرعية بالقرآن، وبالدعوات الطيبة، وبما جاء في الأحاديث، الرقى الطيبة يرقى بها المريض، ويدعى له وينفث عليه ويدعى له، أما يعلق عليه شيء فهذا لا يجوز. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند البصريين حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما برقم 19498. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604.

حكم تعليق رجل الذئب أو ضرسه على رقاب الأولاد

119 - حكم تعليق رجل الذئب أو ضرسه على رقاب الأولاد س: بعض الناس يعلقون رجل الذئب على رقاب أبنائهم أو ذويهم، ويعتقدون أنه يذهب الجنون. فما رد فضيلتكم على هذا وفقكم الله؟ (¬1) ج: هذا من الخرافات تعليق رجل الذئب أو أذنه، أو ضرسه أو شيء من شعره على المريض، أو على غير المريض للصيانة والحفظ، كل هذا منكر كله خرافات لا أصل له، وهذا من التمائم التي حرمها الله جل وعلا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق شيئا فقد أشرك (¬2)» فتعليق التمائم لا يجوز، سواء كانت التمائم من رجل الذئب، أو من شعره أو من عظامه، أو من غير هذا من الحيوانات الأخرى، أو حديدة أو شيء مقروء فيه في ورقة، أو رقعة أو غير ذلك، معلق على الطفل أو على المرأة أو على المريض، كل هذا لا يجوز؛ لأن الرسول نهى عن هذا - عليه الصلاة والسلام - وحذر منه، وأخبر أنه من الشرك، وقال: «من علق تميمة فلا أتم الله له (¬3)». وكان في الجاهلية تعلق التمائم، يسمونها الحرز يسمونها الحجب، يسمونها الجوامع، تعلق على المريض وعلى الأطفال يزعمون أنها تدفع العين عنهم، أو تدفع الجن، وهذا لا يجوز بل هو منكر، يجب إزالته، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (30). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969.

فلا يجوز تعليق تميمة من عظام الذئاب، أو من شعر الذئاب أو من رجل الذئب أو الضبع أو الأسد أو النمر أو غير ذلك، ولا يجوز أيضا تعليق تمائم من القرآن، كأن تجعل ورقة يكتب فيها شيء، ويعلقها في قطعة جلد، أو غير ذلك، أو مسامير أو غير ذلك، مما يفعله بعض الناس أو طلاسم وحروف مقطعة، يجعلونها في وريقات ثم يجعلونها في جلد أو غيره تعلق، كل هذا لا يجوز. ويجب الحذر من ذلك.

حكم لبس الخاتم لقصد الشفاء

120 - حكم لبس الخاتم لقصد الشفاء س: المستمع أ. ع. م. وحرمه بعثوا برسالة يقولون فيها: إن والدهم توفي وقد كان يلبس خاتما يعتقد أنه يشفي من العقم، وحينئذ كان يلبسه وهو لا يدري أن هذا العمل محرم، ويسألون كيف يتصرفون الآن، بعد أن توفي ذلك الرجل، وهو على ذلكم الجهل؟ وبماذا توصونهم؟ (¬1) ج: يدعى له بالعفو والمغفرة؛ لأن هذا جاهل يحسب أن هذا التعلق ينفع، التعلق بالخاتم، وأنه ينفع من باب الدواء ومن باب الطب، لو كان حيا نبه عليه، وأخبر بما في تعليق التمائم والخواتم، لمن يعتقد فيها أنها من أسباب الشفاء، ولا تجوز على ما هو معروف عند أهل ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (345).

العلم، المقصود أن تعليق خرقة أو ورقة أو خاتم، أو حلقة لقصد الشفاء لا يجوز، والنبي نهى عنه - عليه الصلاة والسلام - لكن ما دام جاهلا فإنه يدعى له بالمغفرة والرحمة، ويصلى عليه والحمد لله.

باب ما جاء في الرقى والتمائم

باب ما جاء في الرقى والتمائم

باب ما جاء في الرقى والتمائم 121 - بيان معنى العزائم والرقى س: جاء في فتح الباري أن العزائم والرقى لها آثار عجيبة، ما هي العزائم والرقى؟ وما هي آثارها العجيبة؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: العزائم والرقى هي القراءة على المرضى بأن يقرأ على المريض، قرأ يعني عزم عليه، يقرأ من الآيات ومن الدعوات الطيبة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وغير هذا من الدعوات الطيبة، لها أثر عجيب في شفاء المريض، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على المريض وكان الصحابة كذلك، فالرقية للمريض والدعاء له من أسباب الشفاء، من الدعوات التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن أسباب الشفاء، وقوله صلى الله عليه وسلم في رقية المريض: «اللهم رب الناس أذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما (¬2)» هذا الدعاء من أنفع الدعاء، ومن ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (277). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب رقية النبي صلى الله عليه وسلم برقم 5742.

ذلك رقية جبرائيل للنبي بهذه الرقية: «بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك (¬1)» هذه من الرقى العظيمة، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا ألم بأحدكم شيء من جسده فليضع يده على محل الألم، وليقل: بسم الله، ثلاثا، أعوذ بعزة الله وقدرته، من شر ما أجد وأحاذر سبع مرات (¬2)» هذا من أسباب الشفاء، وهكذا قوله: اللهم اشفني، اللهم عافني اللهم من علي بالعافية، اللهم ارزقني العافية، يدعو ربه بالكلمات الطيبة، اللهم اشفني من هذا المرض، اللهم اشفني من كل داء. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب الطب والمرض والرقى، برقم 2186. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند القبائل، حديث كعب بن مالك رضي الله عنه، برقم 26638.

بيان الرقية الشرعية

122 - بيان الرقية الشرعية س: السائل مصري ومقيم بتبوك يقول: ما هي الحدود والضوابط في الرقية الشرعية؟ وهل يجوز للراقي أن يرقي مجموعة من الأشخاص في وقت واحد؟ وبماذا تنصحون المرضى مأجورين؟ (¬1). ج: الرقية تكون بالقرآن وبالدعوات الطيبة، هذه الرقية مع رجاء أن ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (431).

الله يتقبل وينفع بها، فينفث عليه بريقه ويقرأ الفاتحة أو بعض الآيات، أو آية الكرسي، أو قل هو الله أحد والمعوذتين، القرآن كله شفاء: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (¬1)، فالرقية تكون بالقرآن، وبالدعوات الطيبة على محل الألم، ينفث على محل الألم: في صدره، أو رأسه، أو يده، أو رجله، ويقرأ الفاتحة وما تيسر معها من القرآن، ويدعو: اللهم رب الناس أذهب البأس، اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما، ويقول: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس وعين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك، هذه الرقية الشرعية، مع رجاء أن الله ينفع بذلك، وسؤاله أن يتقبل وأن ينفع وأن يشفي المريض، يكون عنده إيمان بأن الله هو الشافي، وأن هذه أسباب، فهو يسأل الله أن يشفي المريض، ويقرأ عليه، ويرجو من الله أن ينفع برقيته، يجوز له أن يرقي أشخاصا: اثنين، ثلاثة، قدامه، ينفث على هذا، وهذا وهذا، يقرأ، لا بأس إذا استطاع ذلك، يكون اثنين أو ثلاثة قدامه، ينفت عليهم، على صدورهم، أو في أيديهم، أو على رءوسهم، على حسب المرض، لا بأس، ما هو بشرط واحد، لو كانوا اثنين قدامه، أو ثلاثة، نفث على هذا وهذا لا حرج فيه، ولا أعلم في هذا حرجا. ¬

_ (¬1) سورة فصلت الآية 44

س: يسأل هذا المستمع ويقول: ما هي الآيات التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرقي بها المرض؟ وكيف تكون؟ وهل يرقي بها عند بداية المرض، أو تكون دائمة حتى يزول المرض؟ وما نصيحتكم للقراء؟ مأجورين (¬1) ج: كل القرآن مبارك كله رقية، ومن الرقية الفاتحة، وآية الكرسي، قل هو الله آحد والمعوذتين، مما كان يستعمله النبي صلى الله عليه وسلم ويحث عليه، والفاتحة لأنها أم القرآن، وهي أفضل السور، وآية الكرسي، فالرسول أرشد إلى قراءتها بعد كل صلاة، وعند النوم، وكذلك قل هو الله، والمعوذتين، كان يقرؤها صلى الله عليه وسلم عند النوم ثلاث مرات، عند النوم وينفث في يديه ويمسح بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، كل هذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، وقال: من قرأ هذه السور الثلاث في أول الليل، أو في أول النهار لم يمسه شيء، أو لم يصبه شيء، فهذا كله مما يشرع، وثبت أن بعض الصحابة رقى بعض المرضى بالفاتحة فقط فشفاه الله. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (429).

س: سماحة الشيخ يستفسر الكثير من الناس عن كيفية الرقية الشرعية؟ (¬1) ج: الرقية الشرعية هي الرقية بالآيات والدعوات الطيبة، هذه الشرعية، الرقية بالقرآن أو بالدعوات الطيبة، يرقي بالفاتحة، بآية الكرسي بغيرها من الآيات: قل هو الله أحد المعوذتين، بغيرها، هذه الرقية الشرعية، أو بالدعاء، يدعو له: اللهم رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما، بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك، أو: اللهم اشفه وعافه، اللهم أنزل عليه الشفاء اللهم أبرئه من مرضه، وما أشبه ذلك من الدعوات الطيبة. س: السائل أبو عبد الله يقول: القرآن فيه شفاء للناس ورحمة، نرجو أن تذكروا الآيات التي يشرع قراءتها على المريض وعدد المرات، وكيفية النفث، جزاكم الله خيرا؛ لأن عندنا شخصا مصابا بمرض ونريد أن نقرأ عليه (¬2). ج: كل القرآن شفاء من أوله إلى آخره، وإذا قرأ الفاتحة فهي أعظم سورة في القرآن، كررها، كما قرأها الصحابة على اللديغ، لما ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (405). (¬2) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (409).

مروا عليه في بعض أحياء العرب قرأ عليه بعض الصحابة سورة الفاتحة، وكررها فشفاه الله، فإذا قرأ سورة الفاتحة، وقرأ معها آية الكرسي، أو بعض الآيات الأخرى كله طيب، وإذا قرأ قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، ثلاث مرات، كان حسنا أيضا من أسباب الشفاء، وكل القرآن شفاء، إذا قرأ منه ما يسر الله من البقرة، من آل عمران، من النساء من المائدة، من بقية القرآن، كله شفاء كما قال الله جل وعلا: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (¬1) وقال سبحانه: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (¬2) يعني كله شفاء، فإذا تحرى بعض الآيات وقرأها كله طيب، ولكن من أهم ما يقرأ: الفاتحة وآية الكرسي وقل هو الله أحد، وسورتا المعوذتين، كل هذه من أهم ما يقرأ على المريض. س: الأخ يسأل ويقول: هل يجوز في الرقية أن يقرأ المسلم القرآن الكريم وبعض الأدعية النبوية على الماء أو الزيت، ويقوم المريض بشرب ذلك الماء والاغتسال به، وإذا كان لا يجوز فما الرقية الشرعية، والشروط التي يجب أن تتوفر في الرقية، ويجوز أن يستعملها المسلم بعد ذلك (¬3). ¬

_ (¬1) سورة فصلت الآية 44 (¬2) سورة الإسراء الآية 82 (¬3) من ضمن أسئلة الشريط رقم (425).

ج: لا حرج في الرقية في الماء ثم يشرب منه المريض أو يغتسل به، كل هذا لا بأس به، الرقية تكون على المريض بالنفث عليه، وتكون في ماء يشربه المريض أو يتروش به، كل هذا لا بأس به، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رقى لثابت بن قيس بن شماس في ماء ثم صبه عليه، فإذا رقى الإنسان أخاه في ماء ثم شرب منه، أو صبه عليه يرجى فيه العافية والشفاء، وإذا قرأ على نفسه على العضو المريض: يده أو رجله، أو صدره، ونفث عليه ودعا له بالشفاء، فهذا كله حسن. س: يسأل المستمع ويقول: ما كيفية الرقية بالدعاء يا سماحة الشيخ؟ وما هي الأدعية التي تقرأ؟ (¬1) ج: ينفث على المريض على محل المرض ويدعو له، ينفث عليه من ريقه، ويقرأ الفاتحة ويكررها سبع مرات، يقرأ آية الكرسي ويقرأ ما تيسر من القرآن، ويقرأ قل هو الله أحد، والمعوذتين يكررها ثلاثا، هذه الرقية، وينفث معها ويدعو الله ويقول: اللهم رب الناس أذهب البأس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما؛ كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول: «بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك، بسم الله أرقيك (¬2)». هكذا رقى جبريل النبي عليه الصلاة والسلام، كما أخبر بذلك النبي عليه الصلاة والسلام، كل ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (430). (¬2) مسلم السلام (2186)، الترمذي الجنائز (972)، ابن ماجه الطب (3523)، أحمد (3/ 56).

هذا حسن، وإذا قال: اللهم اشفه، اللهم عافه، اللهم يسر له العافية، والدعوات المناسبة لا بأس، لكن هذا الدعاء الثسرعي الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا رقى بدعوات آخرى للمريض، بطلب العافية فلا بأس.

بيان علاج العين

123 - بيان علاج العين س: السائل أخوكم أبو سعد الدين، مقيم في هذا البلد الطيب، يقول: سماحة الشيخ، المشكلة ملخصها: ذهبت زوجتي لزيارة إحدى جاراتها من باب المودة والصلة والرحمة، وبعد يومين فوجئنا بدعوة من هذه الجارة التي زارتها زوجتي تقول لزوجتي: نريد منك أن تتوضئي، ونأخذ منك ماء الوضوء؛ لأنني مصابة بورم في ساقي، وأظنه حسدا، فقامت زوجتي في الحال، وتوضأت وهي لا تعلم عن هذا الأمر شيئا، وجاءتني وهي تبكي من هذا الأمر، ولأول مرة يحصل لها هذا الأمر، فذهبت إلى جاري وقلت له: يا أخي ما الأمر؟ قال لي: لأن زوجتي محسودة، وأخذنا ماء من كل من دخل عليها، وقال بأن هذا الأمر وارد، وذكر لي حادثة سهل بن حنيف عندما صرعه عامر بن ربيعة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. السؤال: هل من علاج الحسد أن نأخذ ماء الوضوء من الحاسد؟ مع العلم

بأن الحاسد غير معلوم؟ وهل الأسلوب الذي تعاملت به هذه الجارة مع زوجتي صحيح بدون علمي؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: العين حق كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم قد تقع العين من المرأة والرجل، إذا رأت المرأة ما يعجبها من جارتها، أو من غيرها، قد تقع العين، وهكذا الرجل قد تقع منه العين لأخيه ولجاره ولغيرهما، فإذا طلب الرجل أو المرأة من الشخص الآخر أن يتوضأ له فلا حرج في ذلك والحمد لله، قد تقع العين بغير اختيار الإنسان، فلا ينبغي له أن يتكدر من هذا، فإن العين حق وليست باختيار الإنسان، قد تقع منه من غير اختياره، ينظر إلى شخص فيعجبه فتقع العين، يعجبه وجهه يعجبه مشيه، يعجبه غير ذلك، فتقع العين، إما مرض في رجل، أو في رأس أو ينصرع أو ما أشبه ذلك، قد يقع، فإذا قال الرجل لأخيه: توضأ لي أو اغسل وجهك أو يديك، أو قالت المرأة لأختها في الله: أصابني كذا، وأخشى من شيء وقع منك بغير اختيارك، بأسلوب حسن، توضئي لي، أو اغسلي وجهك ويديك وأعطنيه لعل الله يشفيني بذلك، كما وقع لسهل بن حنيف وعامر بن ربيعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر عامرا أن يتوضا لسهل، فصب عليه وشفاه الله، فالمقصود أن العين حق ولا حرج أن يقول الإنسان لأخيه، أو المرأة لأختها في ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (397).

الله: اغسلي يديك أو وجهك، أو توضئي، حتى يصب على من يظن أنه أصابته العين فلا حرج في ذلك، وينبغي أن لا يتكدر من قيل له ذلك، فإنه ليس باختياره، العين تقع بغير الاختيار، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.

حكم قول: الفاتحة، بنية الشفاء لطالب الشفاء

124 - حكم قول: الفاتحة، بنية الشفاء لطالب الشفاء س: يقول السائل: ما حكم من يقول بعد الصلاة: الفاتحة، بنية الشفاء لطالب الشفاء؟ (¬1) ج: هذا بدعة لا أصل له، وإنما المشروع أن يقرأ على المريض، إذا قرأ عليه الفاتحة أو غيرها لا بأس، أما أن يقول: الفاتحة، بهذا الشكل هذا بدعة. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (431).

الأسباب المعينة على إزالة الهموم التي تصيب الإنسان

125 - الأسباب المعينة على إزالة الهموم التي تصيب الإنسان س: ما هي الأمور التي تساعد على إزالة الهموم والغموم التي تصيب المسلم؟ وهل يشرع أن يرقي المسلم نفسه من أجل ذلك؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: من أعظم الأسباب التي يزيل الله بها الهموم والغموم، الإكثار من ذكر الله سبحانه، والصلاة على نبيه عليه الصلاة والسلام، والإكثار من قراءة القرآن، فإن ذلك من أسباب انشراح الصدر وزوال الهم والغم، فأكثر من ذكر الله، ومن قراءة القرآن، ومن الصلاة والسلام على رسول الله عليه الصلاة والسلام، مع الاستغفار والتوبة من المعاصي والحذر منها، فاحذر المعاصي كلها وتب إلى الله من سالفها، وأكثر من الاستغفار، وأبشر بالانشراح وزوال الهموم والغموم، فطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم أعظم سبب في شرح الصدر وزوال كل ما يضرك ويسوؤك، ولا بأس أن ترقي نفسك؟ تقرأ على نفسك بالفاتحة، أو آية الكرسي أو قل هو الله أحد والمعوذتين، أو بكلها، هذه رقية طيبة، كان النبي صلى الله عليه وسلم عند النوم يجمع كفيه ويرقي نفسه، يقرأ فيهما، قل هو الله أحد والمعوذتين، ثلاث مرات، ثم يمسح بهما ما أقبل من جسده، رأسه ووجهه وصدره، فإن رقيت نفسك بما ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (308).

يسر الله، يعني قرأت على نفسك بما يسر الله من القرآن فذلك من أحسن الأسباب، ومن ذلك الرقية بالفاتحة، وآية الكرسي وقل هو الله أحد، والمعوذتين، كل هذا طيب، والنبي صلى الله عليه وسلم مثل ما تقدم كان يرقي نفسه، قل هو الله أحد، والمعوذتين ثلاث مرات، يقرؤها في كفيه عند النوم عليه الصلاة والسلام، ويمسح بكل مرة ما أقبل من جسده على رأسه ووجهه وصدره.

بيان علاج ضيق الصدر

126 - بيان علاج ضيق الصدر س: الشخص الذي بشتكي من ضيق في الصدر، هل يقرأ عليه؟ (¬1) ج: ينبغي له أن يكثر من ذكر الله ومن قراءة القرآن، وإذا قرئ عليه لا بأس، لكن الأفضل له أن يكثر من قراءة القرآن ومن ذكر الله؛ لأن هذا يشرح الصدر: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (¬2) يكثر من قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله اكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، سبحان الله وبحمده سبحان الله ¬

_ (¬1) من ضمن أسئلة الشريط رقم (423). (¬2) سورة الرعد الآية 28

العظيم، يكثر من قراءة القرآن إذا كان يحفظ، أو من المفصل إذا كان ما يحفظ إلا القليل، أو يردد السورة التي يحفظها، كل هذا من أسباب شرح الصدر، مع دعاء الرب، يقول: اللهم اشرح صدري اللهم يسر أمري، اللهم اشرح لي صدري اللهم أزل عني كل بأس، اللهم اشفني من كل سوء.

حكم كتابة آيات القرآن على ورق وشرب مائه

127 - حكم كتابة آيات القرآن على ورق وشرب مائه س: يقول السائل: هل كتابة القرآن في لوح وشرابه، أو التمسح به مشروع، أم به بدعة؟ وهذا العمل كثير في بلادنا (¬1). ج: لا حرج في ذلك، أن يكتب في لوح أو قرطاس آيات أو دعوات بالزعفران، ثم يغسلها ويشربها لا بأس، فعله أهل العلم وأجازه أهل العلم والتحقيق، فلا حرج في ذلك، لكن أفضل من ذلك أن يقرأ على نفسه، أو يقرأ عليه غيره وينفث عليه، أو في ماء ويشربه، وهذا أحسن من الكتابة والله أعلم. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (181).

حكم القراءة على المرأة بلا خلوة

128 - حكم القراءة على المرأة بلا خلوة س: يقول السائل: هل تجوز القراءة والنفث على المرأة المصروعة أو الملدوغة بحية أو عقرب، مع وجود جمع من النساء ولا محرم هناك؟ (¬1) ج: نعم لا بأس إذا حصل عدم الخلوة، إذا حصل وجود شخص ثالث كأبيها أو أخيها أو امرأة أخرى، المقصود لا يخلو يكون معهم ثالث أو أكثر فلا حرج وإن كان الحاضر من النساء ليس بشرط المحرم، المحرم في السفر فقط. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (331).

حكم كتابة القرآن وشربه للعلاج

129 - حكم كتابة القرآن وشربه للعلاج س: هل يجوز كتابة القرآن وشرابه للعلاج؟ (¬1) ج: لا نعلم مانعا من ذلك، وإن كان الأفضل أن يقرأ على المريض وينفث المريض على نفسه، أو يقرأ عليه أخوه، على يده أو رجله أو موضع الألم منه، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، لكن إذا قرأ في ماء وشربه، أو رش به أو كتب آيات ودعوات في إناء بالزعفران أو في ورقة وغسله وشربه لا بأس، فعله جمع من السلف وذكره ابن القيم وغيره عن السلف فلا حرج في ذلك، ولكن الأفضل والأولى والأنفع ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (57).

هو ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه، كان يقرأ على المريض وينفث على المريض، وكان يقرأ على نفسه وينفث على نفسه إذا أحس بشيء عليه الصلاة والسلام، وكان إذا أراد النوم نفث في يديه ومسح بهما ما أقبل من جسده، ولما مرض مرضه الأخير عليه الصلاة والسلام صارت عائشة تفعل ذلك، تأخذ يديه وتقرأ فيهما وتمسح بهما على ما أقبل من جسده عليه الصلاة والسلام؛ عملا بما كان يعمله في صحته عليه الصلاة والسلام، وقد قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في ماء لثابت بن قيس بن شماس ثم صبه عليه، عليه الصلاة والسلام.

حكم كتابة آيات من القرآن بالزعفران وشرب مائه

130 - حكم كتابة آيات من القرآن بالزعفران وشرب مائه س: هذا سؤال من مستمعة من الرياض، تقول: سماحة الشيخ جاء لمنزلنا رجل لمعالجة إحدى قريباتي، وذلك بأن يقرأ عليها آيات من القرآن، وعندما دخلت لأستمع فقط لقراءته، وأنا ألبس الحجاب الشرعي طلب أخي من الشيخ أن يقرأ علي، مع العلم بأنني لم أكن أريد ذلك، ولكنه قرأ علي ووضع يده على أنحاء متفرقة من جسدي، مثل الرأس وأيضا الأيدي وأعلى الساق، ولكن من وراء الحجاب، وأعطاني بعض الأوراق التي كتب عليها آيات من القرآن الكريم،

وطلب مني التبخر بها، والسؤال: هل هذا العمل مشروع؟ وهل يجوز؟ وهل علي إثم في ذلك؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: إذا قرأ على المرأة ونفث عليها من القرآن، أو قرأ على الرجل، هذا مشروع، أو في ماء وتشرب منه، أو تتروش به، أو كتب لها قرآنا بزعفران ونحوه، وغسله وشربته، فلا بأس، لكن لا يضع يده على شيء من جسدها! لأنها عورة، ولكن من دون ذلك، يقرأ على محل الألم، محل اليد محل الرأس، محل القدم، يقرأ على محل الألم من غير لمس، وإذا تيسر أن يكون الراقي امرأة فهذا أولى وأحسن، المرأة للمرأة والرجل للرجل، ولكن إذا دعت الحاجة للرجل يقرأ من غير مس، وأما كونه يكتب ذلك في ورقة تغسل بالزعفران فلا بأس أيضا، أو في صحن ونحوه، يكتب آيات بالزعفران ثم يغسل ويشرب كل هذا لا بأس به. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (411).

بيان حكم التمائم

131 - بيان حكم التمائم س: ما حكم الشرع في التمائم والرقى؟ (¬1) ج: التمائم ممنوعة وهي ما يعلق على الإنسان سواء كانت من القرآن أو من غير القرآن، والصواب منعها إذا كان من غير القرآن ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (372).

فلا خلاف، تمنع كالطلاسم أو أشياء منكرة عن كتابات منكرة أو عظام أو أشياء غير ذلك هذا منكر، أما إن كانت من القرآن فاختلف فيها العلماء والصواب أنها أيضا تمنع لأمرين: الأمر الأول: عموم الأحاديث مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬1)»، «من تعلق تميمة فقد أشرك (¬2)»، هذا عام. والأمر الثاني: أنه وسيلة لتعليق التمائم الأخرى، صار وسيلة لتعليق التمائم الأخرى فإن التمييز بين هذا وهذا فيه صعوبة، فالواجب سد الباب ومنع التمائم كلها. س: ما حكم الشرع في التمائم والرقى؟ (¬3) ج: التمائم لا تجوز الحروز لا يجوز وتعليق التمائم لا يجوز، الرسول نهى عنها، قال: «من علق تميمة فلا أتم الله له (¬4)»، «من تعلق ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16951. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (¬3) السؤال الرابع من الشريط رقم (427). (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969.

تميمة فقد أشرك (¬1)» فلا يجوز تعليق التمائم، لا من الحديد ولا من غيره، ولا من الرقى، أما كونه يرقى عليه، ينفث عليه إن كان مريضا فلا بأس، رقية شرعية، أما كونه يكتب كتابا يعلقه عليه، أو معضدا يعلقه عليه، أو حديدة يعلقها عليه، كل هذا لا يجوز؛ لأن الرسول نهى من هذا، قال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬2)». ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969.

حكم تعليق التمائم والحلف بغير الله تعالى

132 - حكم تعليق التمائم والحلف بغير الله تعالى س: عندنا في العراق عندما يمرض شخص يذهب إلى السادة، ويكتبون له أوراقا يعلقونها في رءوسهم، فهل يجوز هذا أم لا؟ كذلك الحلف هناك من يحلف بغير الله أو يحلفون بهؤلاء السادة فما حكم ذلك؟ (¬1) ج: تعليق التمائم على الأولاد خوف العين، أو خوف الجن، أمر لا يجوز، وهكذا تعليق التمائم على المرضى، وإن كانوا كبارا لا يجوز! لأن هذا فيه نوعا من التعلق على غير الله، فلا يجوز لا مع السادة المنسوبين إلى الحسن والحسين، أو غيرهما ولا مع غيرهم من العلماء ولا مع غيرهم من العباد، لا يجوز هذا ابدأ؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (42).

قال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬1)». وفي رواية عنه أنه قال: «من تعلق تميمة فقد أشرك (¬2)». والتميمة هي ما يعلق على الأولاد، أو على الكبار عن العين أو عن الجن من خرز أو ودع أو عظام ذئب أو ذيله، أو أوراق مكتوب فيها كتابات، حتى ولو من القرآن الكريم، على الصحيح، حتى ولو آية الكرسي أو غيرها، لا يجوز التعليق مطلقا ولو كان من القرآن؛ لأن الأحاديث عامة، فالرسول صلى الله عليه وسلم عمم وأطلق، ولم يستثن شيئا فدل ذلك على أن التمائم كلها ممنوعة، وأن ما يعلق على الأولاد عن العين أو عن الجن، أو يعلق على المرضى الكبار كله لا يجوز، والمشروع في هذا أن الإنسان يسأل ربه العافية، ولا بأس أن يقرأ عليه المؤمن العارف بالقراءة يقرأ عليه آيات، يدعو له بدعوات شرعية، ينفث عليه برقية طيبة، هذا لا بأس، أما أن يعلق في قرطاس، أو في رقعة في عضده، أو في رقبته هذا لا يجوز، وهذا من الشرك الأصغر، وقد يكون من الأكبر إذا اعتقد صاحبه أنها تدفع عنه وأنها تكفيه الشرور، هذا يكون من الشرك الأكبر، أما إذا اعتقد أنها من الأسباب فهذا شرك أصغر، والواجب قطعها وإزالتها. وكذلك الحلف بغير الله لا يجوز ومن الشرك الأصغر أيضا، وقد يكون من الشرك الأكبر إذا اعتقد الحالف بغير الله أن هذا المحلوف به مثل الله، أو أنه يصلح أن يتصرف من دون الله، أو أنه يتصرف في الكون ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969.

هذا يكون شركا أكبر، نعوذ بالله، الحاصل أن الحلف بغير الله لا يجوز، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (¬1)»، وقال: «لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم، ولا بالأنداد (¬2)». وقال عليه الصلاة والسلام: «من حلف بغير الله فقد كفر (¬3)» وفي لفظ: «فقد أشرك (¬4)» وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من حلف بالأمانة فليس منا (¬5)». وقال ذات يوم لبعض أصحابه في السفر وهم يحلفون بآبائهم: قال لهم عليه الصلاة والسلام: «إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله أو ليصمت (¬6)». وقال ابن عبد البر - الإمام المغربي المعروف - المتوفى سنة 463 هـ: (إن العلماء أجمعوا على أنه لا يجوز الحلف بغير الله). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات؛ باب كيف يستحلف، برقم 2679، ومسلم في كتاب الإيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله، برقم 1646. (¬2) أخرجه النسائي في كتاب الأيمان، باب الحلف بالأمهات، برقم 3769. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم 6036. (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم 4886. (¬5) أخرجه أبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب كراهية الحلف بالأمانة، برقم 3253. (¬6) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا، برقم 6108.

هذا يفيدنا أن الحلف بالأمانة أو بالنبي أو بالكعبة أو بحياة فلان أو شرف فلان، هذا لا يجوز، وإنما يكون الحلف بالله وحده، يقول: بالله، تالله، والله، هذا هو المشروع، أما الحلف بغير الله كائنا من كان فلا يجوز.

حكم تعليق الحجب والحرز

133 - حكم تعليق الحجب والحرز س: تعليق الحجاب على الجسم بقصد أنه ينفع، هل هو حلال أم حرام، وهي آية من الآيات، وعليها بعض المربعات. إذا كانت حراما فهل أدفنها أم أقوم بحرقها؟ (¬1) ج: تعليق الحجب أمر لا يجوز، سواء من الآيات أو من غير الآيات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬2)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (¬3)». التمائم هي الحجب التي تعلق على الناس، والرقى الشركية التي ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (213). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، برقم 3604. (¬3) أبو داود الطب (3883)، ابن ماجه الطب (3530)، أحمد (1/ 381).

لا نعرف معانيها، أو بلسان مجهول، أو فيها إثم، وتوسلات منكرة، أما الرقى الشرعية التي ليس فيها منكر فلا بأس أن يرقي أخاه بالآيات، أو بالدعوات الطيبة، وأما التمائم فهي الحجب، لا يجوز تعليقها مطلقا، لا على الرقبة ولا في العضد، ولا في غير ذلك، ويجب إتلافها بإحراقها أو دفنها في أرض طيبة، إذا كانت آيات.

الحكمة التشريعية من تحريم التمائم والحروز

134 - الحكمة التشريعية من تحريم التمائم والحروز س: الأخ ش. ك. ع. من جمهورية السودان، يسأل ويقول: ما حكم التمائم مع ذكر الدليل لكي تتضح المسألة؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: تعليق التمائم من المحرمات الشركية، والتمائم هي ما يكتب في الرقاع من خرق أو قراطيس أو رقاع من الجلد، أوغير ذلك، يكتب فيها طلاسم لا تعرف معناها، وربما يكتب فيها بأسماء لبعض الشياطين، بعض الجن، وربما كتب فيها دعوات أو آيات، ثم تعلق على المريض أو على الطفل، يزعمون أنها تدفع عنهم الجن، وبعضهم يعلقها لدفع العين، وكانت الجاهلية تفعل ذلك، تعلق التمائم على الأولاد والأوتار ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (148).

على الإبل، ويزعمون أنها تدفع عنهم البلادة وهذا من الجهل بالله وقلة البصيرة، ولهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام بقطع التمائم، وقال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬1)». «من تعلق تميمة فقد أشرك (¬2)» ونهى عن تعليق الأوتار على الدواب، وبعث في الجيوش من يزيل ذلك، ويقطع الأوتار التي تعلق على الإبل أو الخيل، المقصود أن تعليق الأوتار والتمائم أمر كان معروفا في الجاهلية، فنهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وأبطله، والتعليق للتمائم والأوتار عند أهل العلم من الشرك الأصغر، إذا كان قصد المعلق أنها سبب، أما إذا كان قصد المعلق أنها تدفع بنفسها، وأنها تصرف السوء بنفسها فهذا شرك أكبر نعوذ بالله، وهناك مسألة اختلف فيها العلماء؛ وهي ما إذا كانت التمائم من القرآن أو من الدعوات الطيبة، وليس فيها طلاسم ولا شركيات ولا أشياء منكرة، هل تجوز أم لا تجوز؟ أجازها بعض السلف، وقالوا: إنها من جنس الرقية، وأجازوا تعليق التمائم التي من القرآن، أو من دعوات لا بأس بها. وقال آخرون من أهل العلم: لا تجوز بل جوازها فتح لباب الشرك، وقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن التمائم وأطلق ولم يخص شيئا دون شيء، بل قال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له (¬3)»، «من تعلق تميمة فقد أشرك (¬4)»، هذا عام. وقال:، «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (¬5)» فإذا أجزنا التمائم من القرآن فقد خالفنا ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (¬5) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604.

هذه الأحاديث العامة، والعموم حجة يجب الأخذ به، ثم إذا أجزنا هذه التمائم من القرآن صار فتحا لباب الشرك؛ لأنها تلتبس الأمور وتختلط هذه بهذه، ويلبس الناس هذه بهذه فيقع الشرك، وقد جاءت الشريعة بسد الذرائع بأدلة كثيرة، كل شيء يفضي إلى الشرك أو إلى المحرمات يمنع، ولا شك أن تعليق التمائم من القرآن، أو من الدعوات المباحة يخالف الأحاديث العامة والنهي العام، ويسبب فتح باب الشرك واختلاط الأمور، فلهذا كان الصواب منع الجميع، الصواب منع التمائم كلها من القرآن وغير القرآن؛ أخذا بعموم الأحاديث وسدا لباب الشرك، والله المستعان.

حكم تعليق الحجب من القرآن

135 - حكم تعليق الحجب من القرآن س: هل يجوز لبس الورقة (الحجاب)؛ وهي عبارة عن ورقة من دفتر عادي، ويكتب عليها الشخص الذي يدعونه؛ يكتب عليها آية الكرسي وسورة الفاتحة والمعوذتين؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: تعليق التمائم لا يجوز لا أوراق ولا خرق ولا غير ذلك؛ وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، ولم يرشد إلى هذا عليه الصلاة والسلام ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (335).

وإنما أرشد إلى القراءة، قراءة القرآن والعلاج بالقرآن بالنفث بحيث ينفث الإنسان على نفسه، وكان صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى نفث في كفيه وقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين ثلاث مرات، ثم مسح بذلك ما أقبل من جسده من رأسه ووجهه وصدره، أما ما يكتب فيها أوراق تعلق فهذا لا يجوز، بل هذا من وسائل الشرك والاعتماد على غير الله سبحانه وتعالى، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬1)»، «من تعلق تميمة فقد أشرك (¬2)». هذه يقال لها: التمائم، ويقال لها: الحروز ويقال لها: الحجب، وليس منها شيء من المباحات فكل هذا لا يجوز، لا يجوز تعليق قرآن ولا غير قرآن، وإذا كان من غير القرآن صار أشد في الإنكار؛ كالطلاسم أو العظام أو الحديد أو ما أشبه ذلك، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم على إنسان حلقة فقال: «ما هذا؟ " قالوا: من الواهنة، فقال: " انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا (¬3)». فالمقصود أن المؤمن يتجنب هذه الأشياء، ولا يعلق تميمة ولا ورقة ولا خرقة ولا غير ذلك، مما يرى أنها حرز ينفع من الجن أو ينفع من العين أو ما أشبه ذلك، ويسمونها الحروز ويسمونها التمائم ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند البصريين حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما برقم 19498.

ويسمونها الحجب كل هذا لا يجوز، والصواب أنها لا تجوز حتى ولو كانت من القرآن، والصواب منعها سدا للذريعة وعملا بالأحاديث عامة، في منع التمائم والتعليقات، وهي من الشرك الأصغر، فإن كان صاحبها يعتقد أنها تدفع عنه الشر بنفسها صار ذلك من الشرك الأكبر، أعوذ بالله من ذلك.

حكم تعليق الحرز من القرآن

136 - حكم تعليق الحرز من القرآن س: يقول السائل: أرى بعض الناس يكتبون آيات من القرآن، ويربطونها في أعناقهم، ويقولون: هذا حجاب من كذا وكذا. هل هذا مشروع؟ وهل الصحابة فعلوا شيئا من هذا؟ (¬1) ج: هذا ليس بمشروع، هذا يسمى التميمة ويسمى الحرز، يسميه بعض الناس الجوامع، هذا لا يجوز فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬2)»، فلا يجوز تعليق التمائم وهي الحروز، وهي أن يكتب آيات أو دعوات أو أحاديث، ويعلقها في عنقه أو في عضده، هذا لا يجوز والواجب الحذر من ذلك، أما كونه يتعاطى الورد الشرعي يقرأ على ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (181). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969.

نفسه عند النوم، ويتعاطى الأوراد الشرعية، هذا مطلوب مأمور به شرعا، وعند النوم يقرأ آية الكرسي، ويقرأ قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، ثلاث مرات عند النوم، كل هذا من أسباب العافية والسلامة، كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من قرأ آية الكرسي لا يزال معه من الله حافظ، ولا يقريه شيطان حتى يصبح (¬1)». فأنت استعمل هذا، تقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (¬2) تقول: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات، (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات، صباحا ومساء، تقرأ: قل هو الله أحد ثلاثا وقل أعوذ برب الفلق ثلاثا وقل أعوذ برب الناس ثلاثا، بعد المغرب، وعند النوم، وبعد صلاة الفجر؛ كل هذا من أسباب السلامة، والحمد لله، والله يغنيك بهذا عن التميمة المكتوبة المعلقة. ¬

_ (¬1) أخرجه الدارمي في كتاب فضائل القرآن، باب فضل أول سورة البقرة وآية الكرسي برقم 3386. (¬2) سورة البقرة الآية 255

حكم لبس القلائد من القرآن

137 - حكم لبس القلائد من القرآن س: يقول السائل: ما رأي سماحتكم في القلائد؛ أي كتابة الآيات القرآنية، ووضعها في قطعة قماش، وتعليقها على جسم الشخص أو تحت الوسادة؟ (¬1) ج: تعليق التمائم ويقال لها: الحروز، ويقال لها أيضا: الجوامع، لا يجوز؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬2)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من علق تميمة فقد أشرك (¬3)». وقال: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (¬4)». فهذه الأحاديث وما جاء في معناها تدل على منع التمائم، وأنه لا يجوز تعليقها على المريض ولا على الطفل، ولا جعلها تحت الوسائد كل ذلك لا يجوز! لأنه من عمل الجاهلية، ولأنه يسبب تعلق القلوب بهذه القلائد وصرفها عن الله عز وجل، ولأنه أيضا يفضي إلى التعلق بها والاعتقاد فيها، وأنها تصرف عنه البلاء وكل شيء بيد الله ليس بيد التمائم شيء، بل الله هو النافع الضار وهو الحافظ لعباده، وهو مسبب الأسباب، فلا يجوز للمسلم أن يتعاطى شيئا من الأسباب التي يظن أنها أسباب إلا بإذن الشرع كالقراءة على المريض، والتداوي بالأدوية المباحة، هذه أذن فيها الشرع، أما التمائم ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (154). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604.

فلم يأذن فيها الشرع، وتعليقها على الأطفال لم يأذن به الشرع، بل نهى عنه للأسباب التي سبق ذكرها، واختلف أهل العلم فيما يتعلق بالتمائم التي تكون من القرآن أو من الدعوات المباحة، هل تجوز أم لا؟ والصواب أنها لا تجوز؛ لأمرين: أحدهما أن الأدلة التي تمنع التمائم مطلقة عامة، ليس فيها استثناء بخلاف الرقى، فإنه يجوز منها ما ليس فيه شرك، لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا (¬1)». وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (¬2)». هذا عام لكن جاءت الأحاديث باستثناء الرقى التي ليس فيها بأس، وهي ما يكون من القرآن ومن الدعوات الطيبة، تقرأ على المريض هذه لا بأس بها! لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا (¬3)» ولأنه رقى ورقي عليه الصلاة والسلام، فلا بأس بذلك، أما التمائم فلم يأت فيها استثناء فتبقى على العموم والمنع، وهكذا التولة وهي نوع من السحر يتعاطاه النساء وتسمى الصرف والعطف، صرف الرجل عن زوجته إلى غيرها، أو عطفه عليها دون غيرها، وهو من السحر وهو منكر لا يجوز بل من المحرمات الشركية، سواء الصرف أو العطف كله من السحر لا يجوز، وأما التمائم التي من العظام أو من الودع أو من شعر ¬

_ (¬1) أخرجه الامام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604. (¬2) أبو داود الطب (3883)، ابن ماجه الطب (3530)، أحمد (1/ 381). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك، برقم 2200.

الذئب أو من حيوانات أخرى، هذه كلها محرمة لا تجوز وليس فيها نزاع بل هي ممنوعة، وإنما النزاع والخلاف إذا كانت التمائم من القرآن، أو من دعوات معلومة لا بأس بها، هذه هي محل الخلاف، والصواب أنها ممنوعة أيضا، لما تقدم من كون الأحاديث عامة في منع التمائم ولم يستثن منها الرسول عليه الصلاة والسلام شيئا. والأمر الثاني سد الذرائع التي تفضي إلى الشرك، فإنه متى سمح للتمائم التي من القرآن، أو الدعوات المباحة التبس الأمر وعلقت هذه وهذه، ولم يتميز الممنوع من الجائز وقد جاءت الشريعة بسد الذرائع، والنهي عن وسائل الشرك كلها، فوجب منع التمائم كلها لهذين المعنين والسببين: لعموم الأدلة وسد الذرائع. وذكر بعض أهل العلم مانعا ثالثا، وهو: أن تعليقها وسيلة إلى أن يدخل بها صاحبها إلى محلات قضاء الحاجة، ولا يبالي وفيها آيات قرآنية، فيكون ذلك من أسباب امتهانها، وعلى كل حال فهذا وجه من المنع، لكن المعنيين الأوليين أبلغ في الحجة وأبين في المنع وهما عموم الأدلة، وليس هناك استثناء لشيء من التمائم، والمعنى الثاني سد الذرائع التي تفضي إلى الشرك، ولا ريب أن إجازة التمائم التي من القرآن، أو من الدعوات المباحة والأسباب المباحة لا شك أنها وسيلة إلى تعليق النوعين، ولا حول ولا قوة الا بالله.

حكم صلاة من صلى بالحجب والحرز

138 - حكم صلاة من صلى بالحجب والحرز س: السائل يقول: بأنني كنت مريضا، وكتب لي أحد الإخوان حجابا، ولبسته، هل تصح صلاتي في ذلك وأنا أرتدي الحجاب؟ وهل الحجاب محرم يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: الصلاة صحيحة والحجاب يقطع ويزال؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن التمائم، وهذا من التمائم، يقول صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬2)» والتميمة يسمونها الحجاب، يسمونها الجوامع، جامعة ويسمونها أسماء أخرى، فالمقصود أنه لا يعلق، لا خيط ولا خرقة ولا شيء يقرأ فيه ويعلقه، كل هذا يسمى حجابا، ويسمى تميمة لا يجوز تعليقها، والواجب قطع ذلك. أما الصلاة فهي صحيحة. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (359). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969.

بيان الحكم في تعليق القرآن على المرضى

139 - بيان الحكم في تعليق القرآن على المرضى س: سائل يقول: إن إمام المسجد متفرغ للإمامة، ويقوم بكتابة القرآن وإعطائه للمرضى؛ ليلبسوه بما يسمى بالحجاب، وهذه الإمامة متوارثة، أي عن جد وأب، ونفس العمل - أقصد الرقى وكتابة القرآن - هو مصدر كسبهم، فما هو.

تعليق سماحتكم على هذا؟ أرجو أن توجهونا، وكيف أتصرف فيما إذا كان من قرابتي؟ (¬1) ج: تعليق القرآن الكريم على المرضى، أو على الأطفال كل ذلك لا يجوز في أصح قولي العلماء، وبعض أهل العلم أجاز ذلك، ولكن لا دليل عليه، والصواب أنه لا يجوز تعليق القرآن، ولا غيره من الدعوات أو الأحاديث لا على الطفل، ولا على غيره من المرضى، ولا على كبير السن؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن التمائم، والتمائم: هي ما يعلق على الأولاد أو على الكبار، وتسمى الحروز وتسمى الحجب، والصواب أنها لا تجوز؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له (¬2)»، «من تعلق تميمة فقد أشرك (¬3)»، ويقول: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (¬4)». ولم يستثن شيئا، فما قال: إلا القرآن، بل عمم عليه الصلاة والسلام، فوجب الأخذ بالعموم، ولأن تعليق القرآن وسيلة إلى تعليق غيره؛ لأن الناس يتوسلون بالمباحات إلى ما حرم الله، فكيف بشيء فيه شبهة، وإن أفتى بذلك بعض أهل العلم، فهذا يسبب التساهل؛ فالواجب الحذر من ذلك أخذا بالعموم، وسدا للذرائع؛ ذريعة الشرك، فإن تعليق التميمة من القرآن وسيلة إلى تعليق تميمة أخرى، هكذا الناس لا يقفون عند حد في الغالب، والواجب الأخذ بالعموم، وليس هناك. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (443). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604.

دليل يخص الآيات القرآنية أو يستثنيها، والرسول صلى الله عليه وسلم أفصح الناس وأنصح الناس، ولو كان يستثني من ذلك شيء لقال: إلا كذا وكذا، أما الرقية فلا بأس، فيرقي بالقرآن وبالدعوات الطيبة، كان النبي عليه الصلاة والسلام يرقي، وقال: «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا (¬1)»، وقوله: «الرقى والتمائم والتولة شرك (¬2)» يعني: الرقى المجهولة، أو الرقى الشركية التي فيها التوسل بغير الله، أو دعاء غير الله، فالرقى المذكورة في هذا الحديث هي الرقى المخالفة للشرع، أما الرقى الشرعية فلا بأس بها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا (¬3)». أما التمائم فكلها ممنوعة سواء كانت من القرآن، أو من غير القرآن، هذا هو الأصح من أقوال أهل العلم. أما التولة فهي السحر، ويسمى العطف والصرف، والسحر لا يجوز كله، ولا يجوز لأحد أن يتعاطى السحر، بل يجب الحذر منه، والسحر في الحقيقة لا يتوصل إليه إلا بالشرك، إلا بعبادة الجن والاستغاثة بهم وخدمتهم، وبطاعتهم بمعاصي الله؛ ولهذا قال الله سبحانه في حق الملكين: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (¬4) بين أن الملكين يخبران أن تعلم السحر كفر، والله يقول جل وعلا: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} (¬5). فتعليم السحر وتعلمه ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك، برقم 2200. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك، برقم 2200. (¬4) سورة البقرة الآية 102 (¬5) سورة البقرة الآية 102

منكر عظيم، ومن الشرك الأكبر؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الجن، والاستغاثة بهم والتقرب إليهم، وما يهديهم من الذبائح والنذر، نسأل الله السلامة والعافية.

حكم كتابة بعض آيات القرآن على جسم المريض

140 - حكم كتابة بعض آيات القرآن على جسم المريض س: مريض يكتب له رجل صالح القرآن يعالجه به من أي مرض، هل يمكن أن يحدث العكس، لو استعمل آيات القرآن واستغفز الله على صورة معكوسة، وأقصد بذلك قول العامة: فلان حب فلانا، فإذا كان العلاج عكسه ممكنا حدوثه؟ أرجو شرح ذلك وذكر كيفية التحصن من العبث، ثم شرح أسبابه (¬1). ج: كتابة الآيات لعلاج المريض هذا غير مشروع لا تعلق عليه ولا تكتب على جسده، كل هذا غير مشروع، إنما المشروع أن يقرأ عليه، ينفث عليه ويدعو له بالشفاء والعافية، يقرأ عليه بعض الآيات على بعض من جسده على يده، على رأسه يدعو له هذا لا بأس، الرقية مشروعة، كونه يرقي المريض فيدعو له يقرأ عليه القرآن حتى يشفيه الله، فالنبي رقى ورقي عليه الصلاة والسلام، وقال: «لا بأس بالرقى ما لم ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (39).

تكن شركا (¬1)» الرقى الشرعية، كونه يقرأ على المريض من القرآن يدعو له بالشفاء، هذا كله مشروع، كله سنة، أما أن يكتب الآيات وتعلق برقبته، أو في عضده فهذا ليس من الشرع، أو يكتب له أحاديث أو كلمات أخرى دعوات أو مسامير أو طلاسم أو حروف مقطعة، أو أشباه ذلك كل هذا لا يجوز، حتى القرآن لا يعلق؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬2)» فالحجب والحروز والأشياء التي يفعلها بعض الناس، يعلقونها على المرضى في أعناقهم، أو يعلقونها في أعضدهم أو في غير ذلك، هذا لا يجوز، لكن الرقية لا بأس بها، كونه يرقي المريض يدعو له، يقرأ عليه آيات هذا طيب، هذا يسمى الرقية لا بأس بها، أو يرقيه في ماء يشرب، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء من هذا أيضا، كما في سنن أبي داود عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قرأ في ماء لثابت بن قيس، هذا لا بأس به، وأما التعليق فلا يعلق لا قرآن ولا غيره، لا يعلق في الرقبة ولا في اليد؛ كل هذا ليس بعلاج وليس مشروعا، بل منهي عنه. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك، برقم 2200. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969.

حكم حمل المصحف في الجيب للوقاية من العين

141 - حكم حمل المصحف في الجيب للوقاية من العين س: أريد أن أحمل مصحفا صغيرا في جيبي؛ ليحميني من نظرات السوء وخواطر الشيطان، فهل يجوز ذلك، علما بأن الإنسان لا يستطيع أن يبقى متوضئا دائما؟ فهل يصح حمله بدون وضوء، وبدون مسه باليد؟ (¬1). ج: حمله بهذه النية لا يجوز؛ لأن هذا معناه أنك جعلته تميمة، جعلته حجابا ليقيك العين وغيرها، وهذا باطل، ليس حمله مما يقي العين، ولكن تحمله للقراءة لا بأس، تحمله في جيبك حتى تقرأ إذا تيسر في المسجد أو في بيتك لا بأس، وتحمله بالغلاف إذا كنت على غير طهارة، يكون له غلاف تحمله به، أما أن تحمله ليقيك شر العين بزعمك، أو الآفات هذا غلط، هذا باطل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له (¬2)» وهذا يعم كل شيء؛ فليس لك أن تحمل المصحف بهذه النية وهذا القصد، ولكن تحمله لتقرأ فيه لا بأس بهذا، تقرأ فيه إذا كنت على طهارة، وإذا كنت على غير طهارة تبقيه في جيبك حتى تتوضأ، وتقرأ لا بأس وتحمله بعلاقة أو بغلاف. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (215). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969.

حكم وضع المصحف في السيارة خشية العين

142 - حكم وضع المصحف في السيارة خشية العين س: السائل أحمد أ. أ. يقول: بالنسبة لبعض الشباب يضعون في السيارة المصحف؟ وذلك خشية من العين (¬1). ج: هذا لا أصل له بل بدعة من جنس التميمة، من جنس الحروز، ولكن يقرأ إذا ركب يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، يسأل ربه العافية، أما وضع المصحف أو آيات؛ بناء على الحرز هذا لا أصل له، بل هذا من البدع، وهذا من جنس تعليق التمائم لا يجوز. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (404).

حكم وضع المصحف عند الطفل لقصد الحرز

143 - حكم وضع المصحف عند الطفل لقصد الحرز س: يقول السائل: هل يجوز وضع مصحف عند الطفل، أو تعليقه في السرير؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: هذا لا أصل له، إذا كان المقصود من ذلك أن يكون حرزا له، فهذا لا أصل له، ثم أيضا وضعه عنده قد يعبث فيه، ويستهين به؛ لأنه طفل، فلا ينبغي وضعه عنده، إذا كان يستهين به أو يلعب به فلا يوضع عنده، إذا كان القصد من ذلك أن يكون حرزا له من ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (242).

الشياطين أو الجن كل هذا لا أصل له، وإنما أهله يعيذونه بكلمات الله التامات من شر ما خلق، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في الليل يعوذ الحسن والحسين عند النوم، يقول: «أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة (¬1)»، فوالده أو أمه تقول له عند النوم: أعيذك بكلمات الله التامة من شر ما خلق، أعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة. أما جعل المصحف عند رأسه، أو عند سريره لأجل أن يكون حرزا له، أو كتابة أوراق تعلق عليه، كل هذا لا يجوز. والله المستعان ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا)، برقم 3371.

حكم تعليق حرز الحصن الحصين

144 - حكم تعليق حرز الحصن الحصين س: السائلة س. م. ص. من الأردن، تقول: كثير من الناس يشترون كتابا صغيرا اسمه (الحصن الحصين)، وتوجد في هذا الكتاب آيات قرآنية وأدعية، ومكتوب في أوله أنه من قرأ هذا الحصن، إذا كان مدانا انقضى دينه، وإذا كان مسجونا خرج من سجنه، وإذا كان مريضا شفي من مرضه، وأنه دواء لكل داء، وأنه نافع للطفل إذا مرض، فعلى والدته أن تعلقه على صدره، وأنه نافع للفتيات البكر،

اللائي لم يتزوجن، فإنها تضعه في قطعة حرير خضراء، وتعلقه على رأسها، حتى تتزوج مبكرا، فما حكم ذلك بارك الله فيكم؟ (¬1) ج: كل هذا غير صحيح، بل منكر والتمائم نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم وحذر منها، فلا تعلق على المرأة ولا على الرجل ولا على الطفل، لا هذا الحصن الحصين، ولا غيره ولا آية ولا حديث ولا دعاء، لا يعلق، الصواب أنه ينهى عن التعليق، ولكن يفعل المسلم ما شرع الله من التعوذات الشرعية، كأن يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق صباحا ومساء، يكررها ثلاثا، وإذا دخل المنزل يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك (¬2)»، «وقال له بعض الصحابة في بعض الليالي: ما رأيت الليلة من مرض أو أذى من عقرب لدغتني؟ قال: " أما إنك لو قلت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك (¬3)». وقال صلى الله عليه وسلم: «من قال: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (273). (¬2) كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب في التعوذ من سوء القضاء، ودرك الشقاء وغيره، برقم 2709. (¬3) مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2709)، أحمد (2/ 375)، مالك الجامع (1774).

الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات صباحا، لم يضره شيء حتى يمسي، وإن قالها مساء لم يضره شيء حنى يصبح (¬1)». هذه الأذكار الشرعية والتعوذات الشرعية مستحبة، وفيها خير عظيم، وهكذا آية الكرسي، إذا قرأها عند النوم: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (¬2). إذا قرأها عند النوم لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح، هكذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآية العظيمة، وهي أعظم آية في القرآن، آية الكرسي من قرأها عند النوم لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح، فنوصي بقراءتها عند النوم، وبعد كل صلاة كما جاء في الحديث أيضا، كذلك قراءة قل هو الله أحد والمعوذتين بعد كل صلاة مستحبة، ويستحب تكرارها ثلاثا بعد المغرب والفجر، هذه السور الثلاث وعند النوم كذلك، نوصي بهذه الأشياء. أما تعليق آيات أو أحاديث أو دعوات أو حرز الحصن الحصين، ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه، برقم 529. (¬2) سورة البقرة الآية 255

هذا كله لا أصل له، بل هو من البدع ومن التمائم المنكرة، وهكذا أن من قرأه أنه ما يضره شيء كل هذا لا دليل عليه، بل هو من خرافات بعض من ينتسب إلى العلم.

حكم تعليق الأدعية على الجسم

145 - حكم تعليق الأدعية على الجسم س: هل يجوز تعليق بعض الأدعية الواردة في الكتاب والسنة على صدر الرجل أو المرأة؛ لتكون حرزا لهم من الجن والشياطين؟ (¬1) ج: هذا لا يجوز، لا من القرآن ولا من السنة ولا من غيرهما، وتسمى التمائم، وتسمى الجامعات، وتسمى الحجب، لا يجوز تعليقها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له. ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬2)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (¬3)». فالرقى هي الرقى المجهولة، التي لا تعرف أو فيها شرك، وفيها منكر فهي ممنوعة! والتمائم ممنوعة كلها وهي ما يكتب في الرقع والقراطيس ونحوها، ثم يجعل في رقعة. أو كيسة تعلق على الطفل أو على المريض كل هذا لا يجوز بل هذه التمائم حتى ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (195). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604.

ولو كانت من القرآن، حتى ولو كانت من الأدعية المباحة، فإن الصحيح أن التمائم تمنع مطلقا، لكن من غير القرآن أشد في التحريم، أما القرآن فهو من باب سد الذرائع، يجب على المؤمن أن يمتنع من ذلك؛ لئلا يقع فيما حرم الله جل وعلا، فالله سبحانه شرع لعباده ما فيه سعادتهم، وفيه نجاتهم وفيه صلاحهم، ولم يشرع لهم ما فيه ضررهم، بل شرع لهم سبحانه ما فيه الصلاح والسعادة في العاجل والآجل، فليس للإنسان أن يبتدع في الدين ما لم يأذن به الله سبحانه وتعالى؛ لأنها من البدع فليس له أن يعلقها ولو كانت من القرآن، أو من السنة كما تقدم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم منع من التمائم وتوعد من تعلقها بأن الله لا يتم له، ومن تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له، فالواجب على المؤمن والمؤمنة التحرز بالأدعية الشرعية لا لتعليقه، فالمريض يدعى له بالشفاء والعافية، والطفل يدعى له بالشفاء، والعافية ويعوذ يقال: «أعيذك بكلمات الله التامات، من شر ما خلق (¬1)» عند النوم، كما «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين، يقول لهما:، أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة (¬2)»، ويعود أن يعتاد الذكر والدعاء، والتعوذ بالله إن كان يعقل حتى يتعوذ بنفسه عند نومه، وعند دخوله، وفي خروجه، المقصود ليس ¬

_ (¬1) مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2708)، الترمذي الدعوات (3437)، ابن ماجه الطب (3547)، أحمد (6/ 409)، الدارمي الاستئذان (2680). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا) برقم 3371.

هناك حاجة إلى تعليق التمائم، وقد أجاز بعض العلماء تعليق التميمة التي من القرآن أو من الأدعية المباحة وقال: إنها من جنس الرقية، كما أن الرقية تجوز إذا كانت من القرآن والدعوات الطيبة كذلك التميمة إذا كانت من القرآن، والجواب: إن هناك فرقا بين هذا وهذا، الرقية جاء فيها أن النبي رقى ورقي عليه الصلاة والسلام، وقال: «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا (¬1)» فدل على استثناء الرقية الجائزة، وأنها مستثناة من قوله: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (¬2)»؛ لأن الرسول رقى ورقي. أما التمائم فلم يرد فيها استثناء ولم يرد أنه علق تميمة على أحد، فلا يجوز أن تلحق التمائم بالرقى، بل التمائم ممنوعة مطلقا، ولأن تعليق التمائم من القرآن ومن الأدعية المباحة وسيلة إلى تعليق التمائم الأخرى، ومن يدري أن هذا سليم وهذا ليس بسليم، فينفتح باب الشرك والتعليق للتمائم الأخرى، والشريعة الكاملة جاءت بسد الذرائع التي توصل إلى الشرك، فالأحاديث عامة في تعليق التمائم والنهي عن ذلك، وسد الذرائع أمر لازم واجب، فتعين من هذا وهذا منع جميع التمائم مطلقا، حتى ولو كان من القرآن أو من الدعوات المباحة؛ سدا لذريعة الشرك، وعملا بالعموم وحتى يعتاد المؤمن الثقة بالله، والاعتماد عليه وسؤاله والضراعة إليه، أن يعيذه من شر ما يضره، وأن يكفيه شر ما يهمه، وأن لا يعتمد على شيء يعلقه في رقبته، أو عضده، فالذي جاء به ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك، برقم 2200. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604.

الشرع فيه الخير كله والصلاح كله، للصغار والكبار والمريض وغير المريض، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.

حكم تعليق الأدعية على الميت

146 - حكم تعليق الأدعية على الميت س: هناك بعض الأدعية تعلق على الميت؛ لتكون في قبره مذكرة ومعينة على سؤال منكر ونكير، ما حكم مثل هذا؟ (¬1) ج: هذا أيضا لا أصل له، بل منكر وبدعة إن مات على استقامة لقنه الله، وأجاب منكرا ونكيرا، وإن مات على غير الاستقامة ما نفعته هذه الأشياء التي معه، إنما هو تثبيت الله جل وعلا، من ثبته الله بالقول الثابت أجاب ومن لم يثبت لم يجب، من مات على هدى واستقامة أجاب: ربي الله والاسلام ديني، ومحمد نبيي، وإذا مات على غير هدى قال: هاه هاه لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته، فيضرب بمرزبة من حديد فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان؛ فليست التعليقات التي تعلق عليه بنافعة له، ولا قيمة لها؛ بل هذه من البدع التي أحدثها الناس، والله المستعان. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (195).

حكم وضع الحجب والحروز تحت فراش النوم

147 - حكم وضع الحجب والحروز تحت فراش النوم س: يقول السائل: لي والدان على قيد الحياة والحمد لله، ولكنهم يكتبون لي حجبا عند العرافين، ويضعونها تحت فراشي الذي أنام عليه، وعندما قمت بتنظيف ذلك الفراش وجدت حجابا، وهو عبارة عن قطعة من القماش بها خيط معقود وكزبرة وشبة وغيرها من الحبوب الأخرى، فقمت بحرقه ولم أخبرهم بهذا العمل، فهل عملي هذا معصية لهم؟ وبماذا توجهون الآباء جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: قد أحسنت فيما فعلت في إتلاف هذا الحجاب، ووضع الحجب منكر لا يجوز، لا تحت الفراش ولا تحت الوسادة، ولا وضعه في الرقبة أو في العضد كل ذلك منكر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له، ومن تعلق تميمة فقد أشرك (¬2)» فالواجب على كل مسلم أن يحذر ما نهى الله عنه ومن ذلك الحروز وهي التمائم، والحجب التي تعلق على الصبيان أو على المرضى أو توضع تحت الوسائد كل هذا لا يجوز، وإنما المشروع القراءة على المريض، كونه يقرأ عليه يرقيه ينفث عليه بالفاتحة وغيرها من السور، من الآيات بالدعاء، هذا أمر مشروع، وأما ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (329). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969.

الحجاب المسمى الحرز، وما أشبه ذلك مما يعلق فهذا لا يجوز سواء سمي حجابا أو حرزا أو غير ذلك من الأسماء، هو التميمة التي نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم، وسواء كانت تحت الوسادة أو مربوطة في العنق أو في العضد أو في غير ذلك. نسأل الله للجميع الصلاح والهداية، وعلى والديك أن يتوبا إلى الله ويستغفراه، وعليك أن تنصحهما بالرفق والكلام الطيب، أو تأتي لهما بطالب علم فينصحهما ويوجههما، أو ترشدهما إلى سؤال أهل العلم المعروفين بالعقيدة الطيبة والبصيرة حتى يعلم والداك العقيدة الصحيحة والعمل الذي يرضاه الله.

تحريم تعليق التمائم والحروز لدفع العين

148 - تحريم تعليق التمائم والحروز لدفع العين س: سائلة تقول: عند زيارتي لبيت جدتي أرى أنهم يعلقون خنجرا على الحائط؛ ظنا منهم أنه يمنع الحسد، ويسمى لدينا صبايون، ولقد أوضحت لجدتي أن هذا شرك بالله، وإنه يجب أن يكون التوكل على الله وحده ولا نستعين بغيره، إلا أنها لم تأخذ بنصيحتي، وبعد فترة وبدون علم منها أخذته وحطمته، وهي حتى الآن لا تعلم من أخذه، فهل علي إثم في عدم إخبارها بأني أنا فعلت ذلك، مع

علمي بأنها ستغضب علي لو قلت لها: أنا فعلت ذلك، هل لي أجر فيما فعلت؟ (¬1) ج: قد أحسنت في هذا وجزاك الله خيرا ولا تخبريها، وقد أحسنت في نصيحتها والحمد لله، قد أفهمتيها ونصحتيها، ولا حاجة إلى إخبارها بمن أزاله، وهو يشبه التميمة التي تعلق على الأولاد، أو غير الأولاد من باب الشرك الأصغر؛ لأنهم يعتقدون أن الحرز يدفع عنهم العين أو الحسد، فهذا شيء لا أصل له، بل هو من جنس تعليق التمائم على الأولاد من حروز، واعتقاد أنها تدفع العين أو تدفع الجن، وهذا من الشرك الأصغر، فهو من المنكر وهذا يشبهه وقد أحسنت بإزالته، أما لو اعتقد الإنسان أن هذا الحجر أو هذه التميمة تتصرف بغير إذن الله عز وجل فهذا شرك أكبر، لكن في الغالب على الناس أنهم يقصدون أنها خير، فهو باطل لا أصل له، لا في التميمة ولا في الأشياء التي تعلق على الأولاد أو غيرهم، ولا في الحجر أو الخنجر الذي يعلق على باب أو جدار، نسأل الله السلامة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (303).

حكم لبس الحجب والتمائم لدفع الشر والمرض

149 - حكم لبس الحجب والتمائم لدفع الشر والمرض س: السائلة من السودان تقول: أمي ترتدي التمائم، مع أنها مؤمنة بأن ما يريده الله عز وجل سيقع، ولكن حسب ما تقول: الإنسان مطالب أن يبحث من عافيته وصحة نفسه. ولقد نصحناها بأن التمائم شرك وحرام، فنهرتني وغضبت. علما بأن التمائم منتشرة بين أقاربي ونساء القرية، فما رأيكم بذلك يا مساحة الشيخ؟ (¬1) ج: تعليق التمائم لا يجوز بنص الرسول صلى الله عليه وسلم، ووصيتي لك ولأمك ولجميع أهل البلد أن يتقوا الله، وأن يحذروا تعليق التمائم لا من القرآن ومن غيره، يجب قطع التمائم وإزالتها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له، ومن تعلق تميمة فقد أشرك (¬2)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (¬3)». فالرقى يعني المجهولة أو الرقى بغير الشرع، أما الرقى الشرعية فهي مستثناة غير داخلة في الحديث، والتمائم جمع تميمة: وهي ما يعلق على الأولاد وغيرهم، من الحروز من القرآن وغير القرآن، أو من الودع أو من خرزات أو من طلاسم، كل ذلك منكر لا يجوز. وهكذا التولة وهي تسمى الصرف والعطف، نوع من السحر لا يجوز فعله، لا من النساء ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (373). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604.

ولا من الرجال، فالسحر من المحرمات بل من الشرك؛ لقوله جل وعلا في السحرة: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (¬1) فجعله كفرا. فالواجب الحذر من التمائم كلها من القرآن وغير القرآن؛ لأن تعليقها منكر عمته الأحاديث، ولأن تعليق التميمة من القرآن وسيلة لتعليق غيرها أيضا فالذين أجازوا تعليق التمائم من القرآن قد غلطوا في هذا، والصواب المنع لأمرين أحدهما: عموم الأحاديث الدالة على تحريم تعليق التمائم؛ لأن الرسول لم يستثن، ما قال: إلا إذا كانت من القرآن، بل عمم. والمعنى الثاني: أن تعليق التمائم من القرآن لو أجيز لكان وسيلة لتعليق التمائم الأخرى؛ لأنه ما كل أحد سيفتش على هذا وعلى هذا؛ وسدا للذرائع صار الترك أمرا لازما وواجبا. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 102

حكم تعليق الحرز لدفع الأمراض

150 - حكم تعليق الحرز لدفع الأمراض س: يوجد أشخاص يقومون بتعليق الخرز على عيونهم ورقابهم وآذانهم، بسبب الأمراض كما يقولون، فهل هذا شرك يخرج من الملة أم ماذا؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: هذا من الشرك الأصغر وهر من تعليق التمائم، والحروز سواء أكان خرزا أو أوراقا أو ودعا أو غير ذلك، يقول صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬2)»، وفي حديث آخر: «من تعلق تميمة فقد أشرك (¬3)». فالتمائم هي الحروز التي يعلقها بعض الناس، ويقال لها: الحجب سواء أكان من خرز أو من ودع أو من عظام، أو من أوراق يكتب فيها آيات أو أحاديث، والصواب حتى الآيات والأحاديث لا يجوز تعليقها، بل العلاج يكون بالقراءة على المريض، والدعاء له، أما أن يعلق عليه أوراق أو خيوط أو عظام، أو خرز أو غير هذا فهذا لا يجوز وهو من الشرك الأصغر، لا يخرج من الملة، ولكنه ينافي كمال التوحيد، مثل قول: ما شاء الله وشاء فلان، هذا من الشرك الأصغر، ومثل الحلف بالنبي والأمانة من الشرك الأصغر، ويجب الحذر منه، وقد يكون شركا أكبر، إذا اعتقد صاحبه أن هذه الأمور تنفع بعينها دون الله، فهذا شرك أكبر نعوذ بالله. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (342). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969.

حكم اتخاذ الحجب والحرز لتحقيق المصالح الدنيوية

151 - حكم اتخاذ الحجب والحرز لتحقيق المصالح الدنيوية س: سائل من سوريا يقول: يقوم بعض الناس بحمل الحجب للدخول على المسئولين والقضاة؛ بحجة أن هذه الحجب تنفعهم في أغراضهم، ولا يرد لهم طلب، أو ينتصر على خصمه، ما صحة ذلك مأجورين وما حكمه؟ (¬1) ج: هذا باطل ليس له أصل، واتخاذ الحجب لا يجوز، وهي الحروز ويقال لها: التمائم، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬2)» وفي لفظ آخر: «من تعلق تميمة فقد أشرك (¬3)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (¬4)» فالرقى التي لا تعرف لا تجوز، أما الرقى الشرعية فلا بأس بها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا (¬5)»، والتمائم هي الحروز وهي الحجب، لا تجوز سواء كانت من القرآن أو غير القرآن أو مخلوطة كلها لا تجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عنها وحذر منها، وأخبر أنها من الشرك سواء كان المتخذ لها رجلا أو امرأة لا يجوز اتخاذها أبدا، بل يجب الإنكار على من فعل ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (367). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604. (¬5) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك، برقم 2200.

حكم كتابة بعض آيات القرآن لجلب الرزق

152 - حكم كتابة بعض آيات القرآن لجلب الرزق س: يقول السائل: عندي خالة تعمل بالتجارة في السوق، وذهبت للذين يكتبون القرآن للناس، ويقول: هذا يجلب للرزق ويزيد البيع، وكتب لها ورقة فيها آيات قرآنية، وقال لها: هذه ورقة للمال والأرزاق، هل هذا صحيح أم لا؟ (¬1) ج: هذا ليس بصحيح، هذا غلط ولا يجوز فعل هذا، ولا تصديق فاعله، بل هذا من المنكرات والبدع. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (181).

حكم تعليق آيات القرآن على جدران الغرف

153 - حكم تعليق آيات القرآن على جدران الغرف س: تقول السائلة: ما حكم من يعلق آيات من القرآن الكريم على جدران غرفة النوم، وهذه الآيات منقوشة بفصوص لامعة، معمولة باليد على قطعة قماش؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1). ج: إذا كان المقصود التذكير بها والأنس بقراءتها فلا بأس، وإذا كان تعليقها لدفع الجن هذا لا أصل له، وإنما تعلق للذكرى وقراءتها وما فيها من الخير لا حرج في ذلك في أصح قولي العلماء. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (174).

حكم تعليق آيات القرآن والأحاديث في المنزل

154 - حكم تعليق آيات القرآن والأحاديث في المنزل س: ما حكم كتابة الآيات القرآنية والأحاديث النبوية؟ وما حكم تعليقها في المنزل؟ (¬1) ج: أما العناية بحفظ القرآن فهذا شيء مطلوب ومن السنة، وهكذا حفظ الأحاديث وكتابتها، يكتب الأحاديث الصحيحة؛ ليحفظها، والأحاديث الضعيفة ليعرفها، فكونه يكتب ذلك ويعتني به هذا طيب، ولا سيما الأحاديث الصحيحة حتى يعمل بها، أما تعليقها على المريض، أو الصبيان فهذا لا يجوز، لا أحاديث ولا آيات، لا على المرضى ولا على الصبيان ولا على غيرهم، هذه هي التمائم التي حرمها الرسول ونهى عنها، وقال: «من علق تميمة فلا أتم الله له (¬2)». ويقول: «من تعلق تميمة فقد أشرك (¬3)». ولا يجوز تعليق التمائم لا من الآيات ولا من الأحاديث، ولا من الدعوات الأخرى ولا من أي مادة، فهو أمر منكر ولا يجوز. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (321). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969.

حكم تعليق السور القرآنية على الحائط

155 - حكم تعليق السور القرآنية على الحائط س: الأخ ع. ر. من بلاد زهران، يقول: يا سماحة الشيخ، هناك من يقول بأن تعليق السور القرآنية أو الآيات على الحائط حرام، مع العلم أن هذه الآيات أو السور لم توضع إلا لفضائلها، مثل سورة يس وآية الكرسي وغيرها، لذا نأمل من سماحتكم بيان حكم ذلك. جزاكم الله خيرا (¬1). ج: تعليق الآيات أو السور في الجدران في المكتب، أو في المجلس للتذكير والعظة لا بأس بذلك على الصحيح، قد كره بعض علماء العصر وغيرهم تعليق ذلك، ولكن لا حرج فيه إذا كان للتذكير بذلك، والعظة فلا بأس بذلك، إذا كان المحل محترما، كالمجلس والمكتب ونحو ذلك، أو علق حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحاديث، كل ذلك فيه مواعظ وذكرى، أما إذا كان القصد غير ذلك؛ القصد أنها تحفظه من الجن، أو تحفظه من العين أو كذا، فلا يجوز بهذا القصد وبهذا الاعتقاد؛ لأن هذا لم يرد في الشرع، وليس له أصل يعتمد عليه. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (136).

س: هل يجوز تعليق الآيات في البيوت، أم أن ذلك بدعة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1). ج: لا حرج في تعليق الآيات والأحاديث في المكاتب والمجالس ونحو ذلك للفائدة والذكرى، وأما تعليقها على الإنسان كالمريض أو الصغير كتميمة لحفظه من الجن أو كذا فهذا لا يجوز، ولهذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬2)»، وفي رواية أخرى: «من تعلق تميمة فقد أشرك (¬3)»، فالتمائم هي التي تعلق على الأولاد وعلى المرضى، إما لقصد حفظهم - بزعم المعلق - من الجن أو من العين، كل هذا لا يجوز أما تعليق آيات أو أحاديث في المكاتب أو نحوها، لقصد الفائدة والذكرى فلا بأس بذلك. س: ما هو رأي سماحتكم في تعليق السور القرآنية على الحائط؟ (¬4) ج: إذا علقها للفائدة ليقرأها أو علق أحاديث أو كلاما طيبا فلا بأس بذلك، أما أن يعلقها كحرز فهذا لا يجوز. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (143). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (¬4) السؤال السادس من الشريط رقم (338).

حكم تعليق الآيات القرآنية والأحاديث للتذكير

156 - حكم تعليق الآيات القرآنية والأحاديث للتذكير س: هل يجوز تعليق السور من القرآن الكريم أو الأحاديث الشريفة على جدران المنازل، مثل آية الكرسي أو المعوذات أو أي شيء من القرآن، والقصد من ذلك المحبة للقرآن والأحاديث النبوية هل يجوز ذلك، علما بأن هذه الظاهرة منتشرة في كثير من الأماكن؟ (¬1) ج: لا مانع من تعليق الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية في المجالس والمكاتب كل ذلك لا بأس به؛ للتذكير والعظة والفائدة، لا اتخاذها حروزا تمنع من الجن، ونحو ذلك، وإنما تعلق للفائدة والذكرى. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (177).

حكم استعمال الساعات والتحف التي كتب عليها آيات من القرآن الكريم

157 - حكم استعمال الساعات والتحف التي كتب عليها آيات من القرآن الكريم س: ما حكم تعليق الآيات القرآنية على الجدران، أو ما كتب على الساعات أو التحف وغير ذلك؟ (¬1) ج: أما تعليق الآيات في المجالس فلا حرج فيه إذا كان لقصد ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (304).

القراءة والاستفادة منها فلا بأس بها، أو تعليق أحاديث أو كلمات طيبة أو أشعار طيبة لا بأس في ذلك، أما جعلها في الساعة فهذا خطأ؛ لأنها قد تمتهن وقد تطرح في محل غير مناسب، فلا ينبغي أن يكون لا في الساعة ولا في الحلي شيء، من ذلك، لا ذكر الله ولا آيات! لأنها قد تطرح على وجه يقتضي الامتهان، ولكن المعلق في الجدار في المكتب أو في المجلس من أحاديث أو آيات أو أشعار طيبة فلا بأس في هذا.

حكم الاستشفاء بمياه الآبار

158 - حكم الاستشفاء بمياه الآبار س: هل الذهاب إلى بعض الأماكن التي بها مياه، يقال: إنها تشفي من الأمراض الجلدية بإذن الله، هل هذا جائز أو لا؟ (¬1) ج: إذا كان شيء مجربا فلا حرج، وقد أخذ منه مثل ما يأخذ الناس من ماء زمزم، ماء مبارك، فإذا وجد ماء مجرب لعلاج بعض الأمراض، فلا بأس أن يأخذ منه. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (325).

حكم الذبح عند المياه التي تقصد للاستحمام والشفاء

159 - حكم الذبح عند المياه التي تقصد للاستحمام والشفاء س: توجد في جنوب الأردن المياه المعدنية، والتي يطلق عليها برك سليمان بن داود، فيقصدها الناس للاستحمام والشفاء، ويحضرون معهم الذبائح لذبحها حال وصولهم، فما حكم ذبح مثل هذه الذبائح؟ (¬1) ج: إذا كان الماء المذكور مجربا معروفا ينفع في بعض الأمراض فلا بأس بذلك؛ لأن الله جعل في بعض المياه فائدة لبعض الأمراض، فإذا عرف بالتجارب أن هذا الماه ينفع من بعض الأمراض المعينة، كالروماتيزم أو غيره فلا بأس في ذلك. أما الذبائح ففيها تفصيل: فإن كانت عندما تذبح من أجل حاجتهم وأكلهم ونحو ذلك، وما يقع لهم من ضيوف فلا بأس بذلك، أما إن كانت تذبح لأجل شيء آخر، لأجل التقرب إلى الماء أو التقرب إلى الجن، أو التقرب إلى الأنبياء أو ما أشبه ذلك من الاعتقادات الفاسدة فهذا لا يجوز؛ لأن الله يقول سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬2) {لَا شَرِيكَ لَهُ} (¬3). ويقول سبحانه: ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (69). (¬2) سورة الأنعام الآية 162 (¬3) سورة الأنعام الآية 163

{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (¬1) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (¬2). فالذبح لله والنسك لله والصلاة لله، فليس لأحد أن يذبح للجن أو للكوكب الفلاني، أو النجم الفلاني أو الماء الفلاني، أو النبي الفلاني، أو أي شخص، بل التقرب كله لله وحده سبحانه وتعالى بالذبائح والصلوات وسائر العبادات، يقول الله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬3). ويقول سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (¬4)، ويقول سبحانه: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬5) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (¬6). والذبح من أهم العبادات ومن أفضل العبادات، فإذا كان المقصود من هذه الذبائح الأكل؛ لأنهم جالسون هناك فيذبحونها للأكل والحاجة فلا بأس، وأما إن كان الذبح لأمر آخر ولقصد آخر؛ إما لأجل المكان، أو مسألة الماء من أجل الماء، أو من أجل الجن أو من أجل ملك من الملائكة يقصدونه، أو نبي من الأنبياء يقصدونه، ويتقربون إليه أو أي شخص كان، أو أي كوكب أو أي صنم، أو أي وثن هذا كله شرك بالله، فيجب الحذر والله المستعان، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله (¬7)» خرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث علي أمير المؤمنين رضي الله عنه. ¬

_ (¬1) سورة الكوثر الآية 1 (¬2) سورة الكوثر الآية 2 (¬3) سورة الفاتحة الآية 5 (¬4) سورة البينة الآية 5 (¬5) سورة الزمر الآية 2 (¬6) سورة الزمر الآية 3 (¬7) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله، برقم 1978.

حكم لبس السوار لقصد النفع أو دفع الضر

160 - حكم لبس السوار لقصد النفع أو دفع الضر س: تقول السائلة: مشكلتي كما يأتي: أنا امرأة محجبة بحمد الله وأداوم على الصلاة في أوقاتها، وأخاف الله عز وجل، وأومن بأن الأعمار بيد الله، وكنت عندما أنجب طفلا يموت، فأشار علي بعض الناس بشيء متعارف هنا في ليبيا، وهذا الشيء هو أن أجمع قطعة نقود من كل بيت، يوجد فيه شخص يسمى باسم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أي أنه يسمى محمدا سواء كان هذا الشخص طفلا أو صبيا أو رجلا، وتجمع النقود ويشترى بثمنها سوارة تضعها المرأة التي عندما تنجب طفلا يموت تضعها في يدها، السوارة عادة تكون من الحديد، وفعلت ذلك فعلا، فشاء الله عز وجل أن يعيش الأطفال الذين أنجبتهم بعد ذلك، فلما رأت أختي السوارة وعرفت لماذا وضعتها أنا، وعرفت كذلك قصة السوارة، قالت لي: اخلعيها فورا من يدك؛ إن هذا شرك صريح بالله عز وجل، ولو توفاك الله وأنت تلبسينها باعتقادك أنها تفيدك وتضرك فإنك تموتين وأنت مشركة، فهل هذا صحيح؟ أي: هل يعتبر لبسي لها على هذا، الأساس شركا بالله عز وجل أم لا؟ وإن كان شركا فكيف أكفر عن ذنبي العظيم هذا؟ وهل صلاتي وصيامي وحسناتي السابقة ذهبت هباء منثور أم لا؟ ثالثا: إذا مكنكم الله من

إذاعة رسالتي هذه فأرجو أن تكون الإجابة واضحة مفصلة! لكي أستفيد ويستفيد من يسمعها جزاكم الله خيرا (¬1). ج: إن هذا الذي فعلتيه أيتها السائلة وأرشدك إليه بعض الناس؛ رجاء أن يعيش الولد شيء لا أصل له، ولا أساس له، بل هو منكر وبدعة، ولا دليل عليه، ويسمى مثل هذا تميمة، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن التمائم، وأمر بقطعها، يقول عليه الصلاة والسلام: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬2)»، «من تعلق تميمة فقد أشرك (¬3)». وبعث عليه الصلاة والسلام في بعض غزواته من يقطع القلائد التي تعلق على الدواب؛ خشية العين وهي الأوتار، وقال: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (¬4)». وهي الرقى التي لا توافق الشرع، والتمائم ما يعلق على الإنسان، خشية العين أو خشية الجن، والتولة نوع من الصرف، والعطف نوع من السحر. فبين صلى الله عليه وسلم أنها كلها من الشرك، وفي مسند أحمد رحمه الله بإسناد جيد عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنهما، «أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا في يده حلقة من صفر فقال: " ما هذا؟ فقال: من الواهنة - يعني: علقتها من أجل الواهنة - قال: " انزعها؛ فإنها لا تزيدك إلا وهنا، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (96). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604.

أبدا (¬1)». فهذا وعيد عظيم في جعل هذه الحلقة الذي يزعم أنه جعلها من أجل الواهنة، مرض باليد يقال له: الواهنة. وجاء عن حذيفة رضي الله عنه أنه دخل على رجل قد علق خيطا في يده، فسأله فقال: من أجل الحمى، فقطعه حذيفة وتلا قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} (¬2). وجاء عن إبراهيم النخعي قال: كان أصحاب ابن مسعود يكرهون التمائم كلها، من القرآن ومن غير القرآن يحرمونها، وقال سعيد بن جبير - تابعي جليل رحمه الله -: من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة. كأنه أعتق رقبة؛ لأنه خلصه من رق الشرك. وبهذا تعلمين - أيتها السائلة - الذي قيل لك: تجمعين نقودا من كل بيت فيه اسم محمد، ثم يشترى بها حاجة كالسوار، ويعلق لعله يعش الولد، هذا شيء لا أصل له، وهذا باطل، وعليك التوبة إلى الله من ذلك، والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، ومن تاب تاب الله عليه، وهذا الذي يسره الله من كون الأطفال عاشوا بعد ذلك، هذا من فضل الله صادف قدرا، لا من أجل السوارة هذه، بل صادف قدر الله الماضي، وأن أولادك يعيشون بعد الأولاد الذين ماتوا سابقا، وليس من أجل السوارة، لكنه أمر الله الماضي في قدره السابق؛ فإنه سبحانه وتعالى قدر ما يكون من أولاد ومن عقم، ومن موت طفل ومن حياة. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند البصريين حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما برقم 19498. (¬2) سورة يوسف الآية 106

طفل إلى غير ذلك، كله مقدر كما في الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماء والأرض بخمسين ألف سنة، وعرشه على الماء (¬1)»، رواه الإمام مسلم في صحيحه، وفي الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أن العبد إذا أكمل في الرحم - يعني الإنسان، إذا اكمل في الرحم - مائة وعشرين يوما - ثلاثة أطوار - يرسل إليه ملك، فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد (¬2)»، فالعمر بيد الله جل وعلا فقد سبق في علم الله وفي قدره السابق، أن أولادك يعيشون بعد الذين ماتوا، وليس من أجل السوارة، ولكنه ابتلاء وامتحان وقع لك، فعليك التوبة إلى الله جل وعلا، والرجوع إليه والندم على ما مضى، وهذا شرك أصغر، تعليق التمائم من الشرك الأصغر لا تحبط معه صلاتك ولا صومك ولا عبادتك السابقة، أعمالك الطيبة السابقة التي لله فعلتيها، لا تبطل بهذا! لأنه شرك أصغر لا تبطل به الأعمال، وإن كنت أردت بهذا السوار وقصدت أنه ينفع ويضر دون الله، فهذا شرك أكبر، لكن ليس المسلم يقصد هذا، ولا يظن هذا ولا يعتقد هذا، وإنما يعتقد أنها ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام، برقم 2653. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، برقم 3208، ومسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته، برقم 2643.

أسباب، كما يكفي عن المرض، وكما يتعاطى الأدوية من الحبوب والإبر، كلها أسباب، وهكذا تعليق السوار، الذي نعتقد فيك أنك ظننتيها أسبابا، أنها من الأسباب فبكل حال عليك التوبة من ذلك، وإن كنت تعتقدين فيها أنها تنفع وتضر فعليك التوبة إلى الله من ذلك أيضا، والرجوع إليه بالتوبة النصوح، ولعل جهلك بذلك يكون شافعا في سلامة أعمالك الصالحة، والعبد متى تاب أيضا إلى الله، ورجع عن شركه وباطله، فإن أعماله الصالحة تبقى له، ولا تبطل إلا إذا مات على الكفر بالله سبحانه وتعالى، ولهذا لما أسلم حكيم بن حزام، وذكر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم أنه سبق منه عتاقة في الجاهلية، وصدقة في الجاهلية، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أسلمت على ما أسلفت من خيرا (¬1)». والله سبحانه قال عن الكفار إنما أعمالهم تحبط إذا ماتوا على الكفر: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (¬2)، الآية. وقال سبحانه: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} (¬3). فقيد فيمن مات وهو كافر، فدل ذلك على أن من لم يمت كافرا، بل مات على الإسلام فإن أعماله الصالحة تبقى له، ولا تفوت عليه والحمد لله ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب من تصدق في الشرك ثم أسلم، برقم 1436، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم، برقم 123. (¬2) سورة البقرة الآية 161 (¬3) سورة البقرة الآية 217

ونوصيها بتقوى الله عز وجل، والأخذ بالأسباب التي أباحها الله، كعرض الطفل على الطبيب، وتعاطي الأدوية المباحة، والقراءة على المريض والنفث عليه، والكي إذا دعت الحاجة إليه، وأشباه ذلك من الأدوية النافعة، والأسباب المباحة، أما الشيء الذي حرمه الله كتعليق التمائم، أو دعاء غير الله، أو الاستغاثة بالجن، أو إتيان الكهان والمنجمين، كل هذا باطل لا يجوز، وإنما يجوز للمؤمن الأسباب المباحة، والوسائل المباحة فقط، والله سبحانه جعل لكل داء دواء، كما في الحديث الصحيح: «ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله (¬1)». وقال عليه الصلاة والسلام: «لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله (¬2)». والمؤمن إذا أصابه شيء يعرضه على أهل الخبرة من الأطباء، أو غيرهم من أهل العلم والبصيرة، فإن كان هناك طبيب يعرف هذا الداء عالجه، وإن كان يحتاج إلى قراءة قرأ عليه بعض إخوانه المسلمين وعالجوه بالقراءة والدعاء هكذا المشروع، أما أن يعلق حديدة، أو قرطاسة أو خشبة أو شيئا يقرأ فيه، يقرأ ويعلق كل هذا ما يجوز حتى ولو من القرآن على الصحيح، وإن كان بعض السلف خالف في ذلك، فإن الصحيح الذي عليه المحققون أن تعليق التمائم لا يجوز، ولو كان من القرآن، لسد ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لكل داء دواء، برقم 2204. (¬2) مسلم السلام (2204)، أحمد (3/ 335).

الذريعة، وعملا بالعموم الوارد بالأحاديث التي فيها النهي عن التمائم، والتحذير منها، ولم يفصل عليه الصلاة والسلام. والله المستعان.

بيان خرافة أم الصبيان من الجان

161 - بيان خرافة أم الصبيان من الجان س: تقول السائلة: إنها قرأت كلاما طويلا عن أم الصبيان، مروي عن سليمان عليه السلام، وترجو من سماحة الشيخ التوجيه، وهل لهذه المسميات تأثير على الإنسان؟ (¬1) ج: فهذه الأشياء التي يقولها الناس عن أم الصبيان، كلها لا أصل لها ولا تعتبر، وإنما هي من خرافات العامة، يزعمون أنها جنة مع الصبيان، وهذا كله لا أصل له، وهكذا ما ينسبون إلى سليمان، كله لا أساس له ولا يعتبر، ولا يعتمد عليه، فكل إنسان معه ملك وشيطان، كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، كل إنسان معه قرين، ليس خاصا بزيد ولا بعمرو، فمن أطاع الله واستقام على أمره كفاه الله شر شيطانه، كما قال النبي - لما قيل له: وأنت يا رسول الله معك شيطان؟ قال: «نعم إلا أن الله أعانني عليه فأسلم (¬2)». ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (174). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه، برقم 2814.

أما أم الصبيان فلا أساس لها، ولا صحة لهذا الخبر ولا لهذا القول، ولا يجوز اتخاذ الحجاب من أجلها، يعني كأن يضع الإنسان على ولده أو على بنته كتابا، يكتب فيه كذا وكذا تعوذا بالله من أم الصبيان، أو طلاسم أو أسماء شياطين أو شيوخ شياطين أو غير ذلك، لا يجوز اتخاذ ذلك ولا تعليقه على الصبية ولا الصبي، كل هذا منكر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التمائم وهي الحجب، وقال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬1)». وقال: «إن الرقى والتمائم والتولة من الشرك (¬2)». فالتمائم هي ما يعلق على الأولاد ذكورهم وإناثهم، أو على المرضى لدفع المرض أو لدفع الجن، يسمى تميمة ويسمى حجابا قد يكون من طلاسم، وقد يكون من أسماء شياطين وقد يكون من حروف مقطعة، لا يعرف معناها، وقد يكون من آيات معها غيرها، فلا يجوز اتخاذ هذه الحجب لا مع الصبي ولا مع الصبية، ولا مع المريض، لكن يقرأ عليه الرقى الجائزة. والرقى الممنوعة هي رقى مجهولة أو يرقى فيها بمنكر؛ أما الرقى بالقرآن العظيم والدعوات الطيبة فهي مشروعة، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي أمته، وقد رقاه جبرائيل عليه السلام، وقال صلى الله عليه وسلم: «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا (¬3)». كون الصبي يقرأ عليه إذا أصابه مرض، أو الصبية يقرأ ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه برقم 3604. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك، برقم 2200.

عليها أبوها أو أمها، أوغيرهما بالفاتحة وبآية الكرسي، قل هو الله أحد، المعوذتين، ويدعون له بالعافية، أو على المرضى يقرأ عليهم ويدعى لهم بالعافية، أو على اللديغ، كما قرأ الصحابة على اللديغ، كل هذا لا بأس به، هذا مشروع، أما أن يقرأ عليه برقى شيطانية، لا يعرف معناها أو بأسماء شياطين، أو بدعوات مجهولة؛ هذا لا يجوز، وكذلك الحجب التي يسمونها الحروز، وتسمى الجوامع ولها أسماء، هذه لا يجوز تعليقها، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تعليق التمائم، وقال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬1)». وروي عن حذيفة رضي الله عنه أنه رأى رجلا بيده خيط من الحمى فقطعه، يعني خيط علقه في يده عن الحمى فقطعه وتلا قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} (¬2)، وعن عمران بن الحصين رضي الله عنه، أن «النبي صلى الله عليه وسلم وجد في يد إنسان حلقة صفر، فقال: " ما هذا؟ " قال: من الواهنة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا وضعفا، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا (¬3)». وهذا وعيد وتحذير من تعليق الحجب والحلقات وأشباه ذلك، مما يعلقه الجهلة أو الخيوط تعلق على المريض، أو على غيره كل ذلك ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (¬2) سورة يوسف الآية 106 (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند البصريين حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما برقم 19498.

ممنوع ولا يجوز تعليقه، لا ما يدعونه عن أم الصبيان ولا غير ذلك، ولكن الإنسان يتحرز بما شرع الله من التعوذات، فإذا أصبح الإنسان وقرأ آية الكرسي بعد صلاة الفجر، وقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين، ثلاث مرات، هذا من التعوذات الشرعية، وهكذا إذا قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، ثلاث مرات صباحا ومساء، هذا من التعوذات الشرعية، وهكذا بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات، لم يضره شيء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، يقولها صباحا ومساء، وهكذا: «أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة (¬1)»، يقولها. كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ بها الحسن والحسين، فإذا استعمل الإنسان هذه التعوذات الشرعية، وهكذا إذا قال: أعيذ نفسي وذريتي وأهل بيتي بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة، بسم الله، أعوذ بكلمات الله التامات، من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون هذا أيضا جاء، وهكذا: «أعوذ بكلمات الله التامات اللاتي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وبرأ وذرأ، ومن شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا) برقم 3371.

كل طارق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن (¬1)»، هذا أيضا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وتعوذ به عندما هجم عليه بعض الشياطين، وأعاذه الله من شرهم، هذه تعوذات شرعية، ينبغي للمؤمن أن يفعلها في صباحه ومسائه، وعند نومه وهكذا قراءة قل هو الله أحد، والمعوذتين بعد كل صلاة، هي من التعوذات الشرعية مع آية الكرسي، ولكنها تكرر بعد الفجر والمغرب ثلاث مرات، قل هو الله أحد والمعوذتين تكرر ثلاث مرات بعد الفجر والمغرب، وتقال عند النوم ثلاث مرات، كل هذا جاءت به السنة. هذه حروز شرعية، ليس فيها تعليق شيء، لكنه يقولها المؤمن والله جل وعلا ينفعه بها، ويحفظه بها من الشر الكثير من شر الدنيا والآخرة. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، حديث عبد الرحمن بن خنبش رضي الله عنه برقم 15460.

حكم الذهاب إلى المشعوذين والتداوي بالمحرم

162 - حكم الذهاب إلى المشعوذين والتداوي بالمحرم س: يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما معناه: «إن الله عز وجل لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها»، وبعض الناس عندما يصاب ببعض الأمراض المزمنة يذهبون لبعض المشعوذين؛ أي من

يسمون أنفسهم بالأطباء العرب، فينصحونهم إما بأكل لحم الخنزير، أو بشرب الخمر، وقد حدث هذا كثيرا، ويستدل هؤلاء المشعوذون بالقاعدة الثسرعية التي تقول: (إن الضرورات تبيح المحظورات)؛ ما حكم التداوي بما ذكرت؟ وهل القاعدة تتعارض مع معنى الحديث السابق؟ (¬1) ج: هذا غلط من بعض الناس، فإن الله جل وعلا لم يجعل شفاء الناس فيما حرم عليهم، وليس داخلا في القاعدة، وليس هناك شفاء، الشفاء فيما أباح الله جل وعلا؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام لما «سأله سائل قال يا رسول الله: إني أصنع الخمر للدواء، قال علية الصلاة والسلام: " إنها ليست بدواء، ولكنها داء (¬2)»، وفي الحديث: «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم (¬3)». فلا يجوز للمريض أن يأتي للمشعوذين الذين يتهمون باستخدام الجن ودعوى علم الغيب ونحو ذلك، أو يتهمون بأنهم يعالجون بالحرام أو كلحم الخنزير، أو شرب الخمر أو غير هذا مما حرم الله، فهو منكر لا يجوز، بل يجب على المريض أن يبتعد عما حرم الله، وأن لا يتعاطى إلا ما أباح الله في علاجه، فلا يأتي السحرة ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (168). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأشربة، باب تحريم التداوي بالخمر برقم 1984. (¬3) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ج 23 برقم 749.

والكهان والمشعوذين، ولا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم، ولا يجوز أن يتعالج بما حرم الله من خمر أو خنزير أو دخان أو غير هذا مما حرم الله، وفيما أباح الله غنية عما حرم الله، والحمد لله، نسأل الله السلامة.

حكم رش المريض بالدم المسفوح

163 - حكم رش المريض بالدم المسفوح س: ما حكم من مرض عندنا يدعون له الشيخ ليداويه وهو يعمل حرزا؟ وذلك إذا كان المرض من جنون أو من سحر، ويرش عليه الدم المسفوح؟ وهل كان هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ (¬1) ج: هذا منكر - نعوذ بالله - رشه بالدم المسفوح منكر؛ لأنه نجس فلا يجوز هذا، ولا أن يكتب له حروزا ويعلقها في رقبته، أو في عضده أو في غير ذلك هذا كله لا يجوز، والرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬2)». المقصود أن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن تعليق الحروز وهي التمائم؛ في أوراق أو في خرق أو في جلود فيها دعوات أو آيات ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (317). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969.

أو طلاسم، كل هذا لا يجوز، ولا يعلق لا في يد المريض ولا في رقبته، ولا في غير ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا؛ قال صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬1)»، وفي لفظ: «من تعلق تميمة فقد أشرك (¬2)»، فالواجب على أهل الإسلام ترك هذه الأشياء المنكرة؛ لأن الرسول نهى عنها عليه الصلاة والسلام، أما صب الدم المسفوح فهذا منكر ظاهر، والمسفوح هو المراق الذي يخرج من البهيمة عند الذبح، هذا نجس محرم، فالواجب على المسلم أن يحذر ما حرم الله عليه، أما إذا قرأ عليه القرآن، الفاتحة، آية الكرسي، ونفث عليه ودعا له، فإن هذا طيب، وهكذا لو أخذ له دواء من بعض الأطباء العارفين، وعالجه ببعض الطب لا بأس، والرسول عليه الصلاة والسلام قال: «ما أنزل الله داء إلا وأنزل له شفاء (¬3)»، فالدواء لا بأس به. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب: الطب، باب: ما أنزل الله داء، برقم 5678. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969. (¬3) البخاري الطب (5354)، ابن ماجه الطب (3439).

حكم تبخير المنزل لطرد الشياطين

164 - حكم تبخير المنزل لطرد الشياطين س: هل صحيح من بخر منزله باللبان السحري يذهب الشياطين من المنزل؟ وهل يوجد دليل على ذلك؟ لأن كثيرا ممن حولنا يبخرون منازلهم عند الغروب؛ اعتقادا منهم أنه يذهب الشياطين، وأنا لست مقتنعا بعملهم هذا (¬1). ج: هذا شيء لا أصل له، وإنما يذهب الشياطين ذكر الله، والتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، هكذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ يقول صلى الله عليه وسلم: «من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك (¬2)»؛ وقال: «إذا دخل الإنسان منزله مساء وقال: بسم الله، قال الشيطان: لا مبيت، وإذا سمى عند الأكل، قال: لا مبيت ولا عشاء (¬3)». فالتسمية بالله، والتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق هذه من أسباب الحفظ من الشياطين، وهكذا قراءة القرآن كل ذلك من أسباب السلامة، فينبغي للمؤمن أن يفعل ما شرعه الله من التعوذ بكلمات الله التامات من شر ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (190). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب في التعوذ من سوء القضاء، برقم 2708. (¬3) أخرجه مسلم بنحوه في كتاب الأشربة، باب آداب الطعام والشراب، برقم 2018.

ما خلق، ومن التسمية عند الدخول، يقول: بسم الله عند دخول المنزل، والتسمية عند الأكل وعند الشرب، هكذا السنة، وإذا كرر أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات، كان أولى وأفضل، كذلك يقول: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات، صباحا ومساء، هذا من أسباب السلامة من كل شر، وهكذا أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، إذا قالها لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك، وإن كرر ثلاث مرات أولى وأكمل، كما جاء في بعض الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فالحاصل أنه هذه التعوذات وهذه الأذكار هي التي يقي الله بها العبد من شر الشياطين، ومن كل ما يضره، أما البخور الذي ذكره السائل فلا أصل له.

حكم من ادعى لقاءه بالخضر وتعلم منه علاج المرضى

165 - حكم من ادعى لقاءه بالخضر وتعلم منه علاج المرضى س: في قريتي رجل يدعي أنه قابل الخضر عليه السلام في المدينة المنورة وأعطاه تمرة، كما يدعي أنه يعالج المرضى، ولهذا فالناس يتوافدون عليه ليل نهار ليعالجهم عن طريق المسح على مكان الألم مقابل بعض النقود، فهل

هذا صحيح، أم أنه نوع من الشعوذة، واستغلال السذج والبسطاء؟ (¬1) ج: أما الخضر فالصحيح أنه مات من دهر طويل، قبل مبعث النبي عليه الصلاة والسلام وليس لوجوده حقيقة، بل هو كله باطل وليس له وجود، هذا هو الصحيح الذي عليه المحققون من أهل العلم، فالخضر عليه الصلاة والسلام قد مات قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، بل قبل أن يرفع عيسى عليه الصلاة والسلام، والصحيح أن الخضر نبي، كما دل عليه ظاهر القرآن الكريم، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «أنا أولى الناس بابن مريم، والأنبياء أولاد علات ليس بيني وبينه نبي (¬2)». هكذا يقول نبينا محمد عليه الصلاة والسلام إنه أولى الناس بابن مريم، ليس بينه وبينه نبي، فدل على أن الخضر قد مات قبل ذلك، ولو فرضنا أنه ليس بنبي وأنه رجل صالح لكان اتصل بالنبي صلى الله عليه وسلم، ثم لو فرضنا أنه لم يتصل لكان مات على رأس مائة سنة، كما قال عليه الصلاة والسلام في آخر حياته: «أريتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (167). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: (واذكر في الكتاب مريم)، برقم 3442، ومسلم في كتاب: الفضائل، باب: فضائل عيسى عليه السلام، برقم 2365

سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد (¬1)». فدل ذلك على أن من كان موجودا في ذلك الوقت، لا يبقى بعد مائة سنة على نص النبي عليه الصلاة والسلام، وأنهم يموتون قبل انخرام المائة. فالحاصل أن الخضر قد مات وليس بموجود، والذي يزعم أنه رآه إما أنه كاذب، وإما أن الذي قال: إنه الخضر قد كذب عليه، وليس بالخضر إنما هو شيطان من شياطين الإنس أو الجن، أما هذا الذي يعالج الناس بأن يمسح على محل المرض فهذا ينظر في أمره، إذا كان من الناس الطيبين المعروفين بالاستقامة والإيمان، وأنه يقرأ عليه مثل الفاتحة، ومثل غيرها من القرآن، يدعو الله لهم فلا بأس، وإن أخذ شيئا من الأجرة فلا بأس، أما إن كان لا يعرف بالخير بل يتهم بالسوء فإنه يمنع ولا يؤتى ولا يمكن من ذلك، يمنع بواسطة المسئولين في البلد؛ لأن هذا في الغالب يكون خرافيا أو مشعوذا، أو يستخدم الجن، أو كذابا يأخذ أموال الناس بالباطل. نسأل الله السلامة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تأتي مائة " برقم 2537.

حكم طاعة الوالدين فى المحرم

166 - حكم طاعة الوالدين فى المحرم س: لي والد يكتب للناس من كتب عديدة، منها كتاب الرحمة في الطب والحكمة، وكذلك كتب فيها طلاسم، ثم إنه يكتب آيات من القرآن الكريم ليتعلقها الناس على أجسامهم، ما هو توجيهكم؟ وهل إذا لم يطع والده في هذا الموضوع يعتبر عاقا أو لا؟ (¬1) ج: الواجب نصيحة والدك، وإخباره أنه لا يجوز تعليق الطلاسم، ولا تعليق ما حرم الله عز وجل، ولا تعليق الآيات؛ لأن هذه من التمائم، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬2)»، «من تعلق تميمة فقد أشرك (¬3)». فلا يجوز تعليق الحروز على المريض ولا على الأطفال، لا من الطلاسم ولا من الحرز أو الودع، ولا من الآيات القرآنية ولا غير ذلك، الواجب على المؤمن أن يستعمل ما شرعه الله من التعوذات الشرعية، مثل: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، وإذا كان صغيرا عوذه أهله، أمه، وأبوه بالقول له عند النوم: أعيذك بكلمات الله التامات من شر ما خلق، أعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (163). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم 16969. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه، برقم 16969.

وهامة ومن كل عين لامة، أما تعليق التمائم على الأطفال، أو على المرضى هذا لا يجوز؛ لأن الرسول نهى عن ذلك عليه الصلاة والسلام، وهكذا تعليق الطلاسم والأشياء التي لا تعرف، لا يجوز ذلك ولا يجوز لوالدك أن يفعل ذلك، وليس لك أن تطيعه فيما حرم الله، إنما الطاعة في المعروف، نسأل الله للجميع الهداية.

المجلد الثاني

بسم الله الرحمن الرحيم

باب ما جاء في الذبح لغير الله

باب ما جاء في الذبح لغير الله 1 - حكم الذبح والنذر لغير الله تعالى س: ما رأي سماحة الشيخ في العائلة التي عندما يولد لها مولود تقوم بذبح شاة لأحد الأئمة دون الله، وذلك لنذر قد نذروه، علما أنهم يذبحون للذكر فقط، ولا يذبحون للأنثى، وهل على المولود بعد بلوغه من ذنب؟ ماذا عليه أن يفعل جزاكم الله خيرا؟ (¬1). ج: هذا من الشرك الأكبر، والواجب على من فعله التوبة إلى الله، والندم وعدم العودة إلى ذلك، كونه ينذر ذبيحة للولي فلان إذا جاءه ولد هذا شرك أكبر، نعوذ بالله؛ فالنذر عبادة لله سبحانه وتعالى، فالذي يفعل هذا عليه التوبة إلى الله، وعدم العودة إلى مثل هذا، وأما الطفل فليس عليه شيء، لأنه ليس من عمله، والله يقول سبحانه: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (¬2). لكن الذي فعل من رجل أو امرأة عليه التوبة ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط، رقم 201. (¬2) سورة فاطر الآية 18

والرجوع إلى الله والندم على ما مضى، وألا يعود إلى ذلك، والله يقول سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬1)، ويقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} (¬2). فدعاء غير الله والاستغاثة بغير الله من الأولياء والأنبياء من أصحاب القبور، أو الاستغاثة بالجن أو بالملائكة، أو بالنجوم والكواكب، كل هذا من الشرك الأكبر، كل هذا من عبادة غير الله سبحانه وتعالى، وهكذا النذر لهم والذبح لهم، كونه ينذر للأموات أو للملائكة أو للجن، أو للكواكب ليشفعوا له، أو يخلصوه من النار أو يشفوا مريضه، أو يردوا غائبه أو ما أشبه ذلك، كل هذا من الشرك الأكبر، يقول الله سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (¬3) (¬4) {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬5) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (¬6)؛ ويقول سبحانه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (¬7) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (¬8) {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} (¬9)، ويقول عز وجل: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} (¬10). فالنذر عبادة، التزام بعبادة الله: من صدقة أو صلاة أو غير ذلك، لا تجوز إلا لله وحده سبحانه وتعالى، فالذي ينذر ذبيحة إن رزقه الله مولودا ذكرا للبدوي، أو للشيخ عبد القادر أو للنبي - صلى الله عليه وسلم - أو للحسن أو ¬

_ (¬1) سورة النور الآية 31 (¬2) سورة التحريم الآية 8 (¬3) سورة الأنعام الآية 162 (¬4) " ونسكي "، يعني: ذبحي. (¬5) سورة الأنعام الآية 162 (¬6) سورة الأنعام الآية 163 (¬7) سورة الكوثر الآية 1 (¬8) سورة الكوثر الآية 2 (¬9) سورة الكوثر الآية 3 (¬10) سورة البقرة الآية 270

للحسين، أو لعلي بن أبي طالب أو لغيرهم، فهذا يعتبر من الشرك الأكبر، وهكذا لو قال: يا علي انصرني، أو اشف مريضي، أو يا سيدي الحسين أو الحسن، أو يا رسول الله أو يا سيدي البدوي، أو يا سيدي عبد القادر أو ما أشبه ذلك، انصرني أو اشف مريضي، أو أنا في جوارك وحسبك، أو المدد المدد؛ كل هذا من الشرك الأكبر، كل هذا من عبادة غير الله سبحانه وتعالى، والله يقول جل وعلا: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬1)، ويقول سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬2)، ويقول عز وجل: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (¬3)، ويقول عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬4)، ويقول سبحانه: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬5)، ويقول عز وجل: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬6)، يعني: المشركين. والآيات في هذا كثيرة ويقول عليه الصلاة والسلام: «الدعاء هو العبادة (¬7)». والله يقول سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬8) ¬

_ (¬1) سورة البينة الآية 5 (¬2) سورة الفاتحة الآية 5 (¬3) سورة غافر الآية 14 (¬4) سورة الإسراء الآية 23 (¬5) سورة الجن الآية 18 (¬6) سورة يونس الآية 106 (¬7) أخرجه الإمام أحمد في مسند الكوفيين، حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، برقم 17888. (¬8) سورة غافر الآية 60

فالواجب على جميع المسلمين وعلى جميع المكلفين الحذر من ذلك، وأن تكون العبادة لله وحده كما قال سبحانه وتعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (¬1)، وقال: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬2). هو الذي يدعى هو الذي يرجى سبحانه وتعالى، هو الذي يتقرب إليه بالذبائح والنذور، دون غيره سبحانه وتعالى، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق، ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يعيذهم من كل ما يخالف شرعه، والله المستعان. ¬

_ (¬1) سورة البينة الآية 5 (¬2) سورة الجن الآية 18

حكم الذبح عند قبور الأولياء

2 - حكم الذبح عند قبور الأولياء س: رسالة من المستمع م. ص. أ. من أرتيريا يقول: في بلدنا بعض الناس يذبح عند قبور الأولياء، وإذا سألتهم أليس الذبح يجب أن يكون لله، وأن يكون خالصا لله، وأن هذا العمل من الشرك، لا يستمعون إليك، وجهودهم لعلهم يستمعون رأي الشرع في ذلك، وفقكم الله وجزاكم خيرا؟ (¬1). ج: الذبح لغير الله من الشرك بالله، سواء كان عند القبور، أو بعيدا عن القبور، إذا نوى بالذبيحة التقرب للمخلوقين، أو إلى النجوم، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط، رقم 307.

أو إلى الأصنام، أو إلى الجن، أو الأولياء أو الملائكة، صار بذلك شركا بالله، لقول الله سبحانه في كتابه العظيم: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (¬1) (¬2) {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬3) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (¬4)؛ ويقول سبحانه في كتابه العظيم مخاطبا نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (¬5) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (¬6)، والنحر عبادة مثل الصلاة، كما أنه لا يحل الذبح لغير الله، فلا يحل أن يصلي لغير الله، فمن صلى للمخلوقين، أو سجد لهم أشرك، وهكذا إذا ذبح للأولياء؛ ليتقرب إليهم، أو للأصنام، أو للجن أو للملائكة، أو للنجوم أو لغير ذلك من المخلوقين، فذبح لهم أو صلى لهم، أو سجد لهم أو نذر لهم القرابين، ينذر للولي الفلاني أنه يذبح كذا أو يتصدق بكذا، أو يسجد أو يصلي أو يصوم، المقصود النذر لغير الله، من أولياء أو من الجن، أو الأصنام كأن يقول: نذر علي للقبر الفلاني، أو الولي الفلاني، أن أتصدق بكذا، أو أن أصوم كذا، أو أصلي كذا، أو أذبح كذا، كل هذا من النذور الشركية، فالصلاة لغير الله، والسجود لغير الله، والذبح لغير الله، والنذر لغير الله، كله من الشرك بالله، فإن صلى لله عند قبر، ما قصد صاحب القبر، يصلي لله، ولكن ينذر للصلاة عند القبر بأن فيها فائدة، وأنها أفضل، يعني ما قصده أن يصلي للمخلوقين ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 162 (¬2) " ونسكي "، يعني: ذبحي. (¬3) سورة الأنعام الآية 162 (¬4) سورة الأنعام الآية 163 (¬5) سورة الكوثر الآية 1 (¬6) سورة الكوثر الآية 2

ولا قصده الذبح لهم، قصده الذبح لله والصلاة لله، ولكن يظن أنها عند هذا القبر فيها فائدة، فيها ثواب أكثر، هذه بدعة، فلا تجوز فهي وسيلة للشرك، ولكن لا تكون شركا إذا كان قصد به وجه الله، والتقرب إلى الله فتكون بدعة؛ لأنه فعلها في محل لا يجوز التعبد فيه كالصلاة أو الذبح، بل هذا يفضي إلى الشرك، ووسيلة إلى أن يذبحها للمخلوق صاحب القبر.

حكم الدعاء والصدقة عن الميت إذا شك في صلاح عقيدته

3 - حكم الدعاء والصدقة عن الميت إذا شك في صلاح عقيدته س: سائل يقول: إن والده كان يذبح لغير الله فيما قيل له عن ذلك، ويريد الآن أن يتصدق عنه ويحج عنه، ويعزو سبب وقوع والده في تلك المعصية إلى عدم وجود علماء ومرشدين وناصحين له، ويرجو التوجيه يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: إذا كان والدك أيها السائل، معروفا بالخير والإسلام والصلاة، فلا تصدق القائلين إنه يذبح لغير الله، إلا على بصيرة، فعليك الدعاء له والصدقة عنه ونحو ذلك، حتى تعلم يقينا أنه قد أتى بالشرك، أما مجرد قيل وقال من دون بصيرة لا يكفي، إلا إذا ثبت لديك بشهادة الثقات اثنين فأكثر من الثقات، أخبروك بأنهم رأوه ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط، رقم 78.

وشاهدوه يذبح لغير الله، من أصحاب القبور أو يدعو غير الله، فعند ذلك تمسك عن الدعاء له، وأمره إلى الله سبحانه وتعالى، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما أراد أن يستغفر لأمه لم يأذن الله له لأنها ماتت في الجاهلية على دين الكفار، فاستاذن ربه ليستغفر لها فلم يؤذن له، لأنها ماتت على ظاهر الكفر، وإن كانت في جهل، فأنت كذلك، إذا بلغك من طريق الثقات أنه مات على ظاهر الشرك، من دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، والذبح لهم والنذر لهم، فإنه حينئذ لا يستغفر له ولا يدعى له، لكن لا يدعى عليه، ولا يسب ولكن يمسك عنه، وأمره إلى الله سبحانه وتعالى، إن كانت قامت عليه الحجة استحق ما وعد الله به أمثاله، وإن كانت لم تقم عليه الحجة امتحن يوم القيامة.

حكم أكل الذبائح التي تذبح عند القبور

4 - حكم أكل الذبائح التي تذبح عند القبور س: يسأل المستمع ويقول: هل يجوز أكل لحم البهائم أو الغنم التي تذبح على القبر، وهذا الشخص متعمدا الذبح لمن في القبر، وجهونا في ضوء السؤال؟ (¬1) ج: ما يذبح لغير الله لا يؤكل، يكون ميتة، ما يذبح لأصحاب القبور، أو للأصنام، أو للجن هذا يكون ميتة، لا يحل أكله، قال الله ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط، رقم 428.

جل وعلا: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} (¬1)، ما ذبح لغير الله يكون ميتة نسأل الله العافية، وصاحبه مشرك عليه التوبة إلى الله جل وعلا، الذبح لغير الله من الشرك، فعليه التوبة إلى الله، والرجوع إليه، والذبيحة حرام، نسأل الله العافية. س: تسال المستمعة وتقول وهي من اليمن: هناك قبور تزار من قبل بعض الناس، فهل يجوز لهم ذلك، حيث إنهم يذبحون عندها، وهل يجوز أن يأكلوا اللحم عند هذه القبور؟ (¬2) ج: الذبح عند القبور لا يجوز، ولا الجلوس عندها للقراءة والدعاء، بل يجب الحذر من ذلك، بل هذا من وسائل الشرك، وإذا ذبح يتقرب إلى أصحاب القبور، أو دعاهم، أو استغاث بهم، أو نذر لهم، فإن هذا شرك أكبر، والعياذ بالله. أما زيارة القبور للسلام عليهم، والدعاء لهم فلا بأس، سنة، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬3)»، فإذا زارها المؤمن ليدعو لهم، ويسلم عليهم ويستغفر لهم فلا بأس، أما أن يزورهم للذبح ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 3 (¬2) السؤال التاسع والعشرون من الشريط، رقم 433. (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569.

عندهم، أو للقراءة عندهم، أو للدعاء عند قبورهم، فهذا منكر لا يجوز، هو من وسائل الشرك، فإذا ذبح لهم، أو دعاهم، أو استغاث بهم، أو نذر لهم، فقد صار هذا شركا أكبر، نعوذ بالله، أما النساء فلا يزرن القبور، يدعين لأمواتهن في البيوت، لا حاجة إلى زيارة القبور.

حكم البقاء بين من يذبح لغير الله لقصد دعوتهم لتوحيد الله تعالى

5 - حكم البقاء بين من يذبح لغير الله لقصد دعوتهم لتوحيد الله تعالى س: أنا أعيش في قرية يعم فيها الشرك والجهل، وكلما نصحت لأهلها لا يسمعون لنصحي، فهم يقومون بالذبح والنذر لغير الله سبحانه وتعالى، ويقولون لي عندما أمنعهم أو أنصحهم: أنت مشرك بالله، ماذا أفعل؟ وهل أنا على حق، وهل أبتعد عنهم، أم أبقى في القرية مع مجاهدتي لنفسي ولهم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ننصحك أيها الأخ بالبقاء معهم، والجهاد لنفسك ولهم بالتعليم والتوجيه والإرشاد والنصيحة؛ لعل الله أن يهديهم بأسبابك، ولك مثل أجورهم إذا هداهم الله على يديك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (¬2)» فاصبر واحتسب ولا تعجل وادع الله ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط، رقم 324. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله، برقم 1893.

لهم بالهداية فأنت على خير عظيم، هكذا صبر الرسل عليهم الصلاة والسلام، فتأس بالرسل عليهم الصلاة والسلام، والله يقول: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (¬1)، وقد أوذي نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وأوذي الأنبياء، فصبروا، فكن أنت متأسيا بهم عليهم الصلاة والسلام، فإذا كان أهل هذه القرية يتعاطون الشرك، ودعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات وأصحاب القبور، أو النذر لهم أو الذبح لهم، فهذا شرك أكبر، هذا دين المشركين؛ فالواجب عليهم ترك ذلك، والتوبة إلى الله من ذلك، وعليك أن تنصحهم دائما، وأن تصبر حتى يهديهم الله بأسبابك، فأنت على خير عظيم، فلا تجزع ولا تمل ولا تغادر القرية، إلا إذا وجد من يقوم مقامك، ويحصل به المقصود، وإلا فابق في القرية، واجتهد في الدعوة، واحرص على أن تلتمس من يساعدك ويعينك على هذه الدعوة العظيمة، يسر الله أمرك وبارك في جهودك وهدى أصحابك. ¬

_ (¬1) سورة الزمر الآية 10

حكم الادعاء بمعرفة قبور الأنبياء عليهم السلام

6 - حكم الادعاء بمعرفة قبور الأنبياء عليهم السلام س: لدينا من يدعي بأن قبور الأنبياء: عمران وصالح وأيوب وهود عليهم السلام موجودة عندنا في سلطنة عمان، وخاصة في المنطقة الجنوبية صلالة حيث توجد قبور بهذه الأسماء، فهل هذا صحيح أم لا؟ (¬1) ج: لا يعرف قبر نبي من الأنبياء سوى نبينا عليه الصلاة والسلام، أما من ادعى أن هناك قبورا في عمان أو في غير عمان، معروفة للأنبياء فهو كاذب، وليس بصحيح إلا قبر نبينا محمد - عليه الصلاة والسلام - في المدينة، وهكذا قبر الخليل في فلسطين معروف هناك محل القبر، وأما بقية الأنبياء فلا تعرف قبورهم: لا نوح ولا هود ولا صالح ولا غيرهم، ما عدا إبراهيم في الخليل، المقصود أن جميع الأنبياء ما عدا النبيين الكريمين عليهما الصلاة والسلام، محمد وإبراهيم لا تعرف قبورهم، محمد - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، وهذا معروف بإجماع المسلمين، وهكذا إبراهيم الخليل معروف أيضا بالمغارة بالخليل، وأما من سواهما من الأنبياء فقد نص أهل العلم أنه لا تعرف قبورهم. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط، رقم 198.

حكم التقرب للأولياء والطواف حول قبورهم

7 - حكم التقرب للأولياء والطواف حول قبورهم س: الأخ م. م. خ من مصر، يقول: هل يجوز الذبح لأولياء الله الصالحين، وإقامة الموالد لهم والطواف حول قبورهم، أم لا؟ (¬1) ج: التقرب للأولياء والأنبياء بالذبائح والنذور، هذا من الشرك الأكبر، وهكذا الاستغاثة بهم والنذر لهم ودعاؤهم بطلب تفريج الكروب أو شفاء المرضى، أو صلاح الأولاد أو صلاح المال كل هذا من الشرك الأكبر، وهكذا الطواف بقبورهم والتقرب إليهم بالطواف هذا من الشرك الأكبر؛ لأن الله يقول سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬2)، ويقول جل وعلا: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬3)، ويقول سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬4)، ويقول عز وجل: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬5)، ويقول جل وعلا: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬6)، ويقول صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة (¬7)». فالذي يدعو الأموات أو الملائكة أو الأنبياء قد عبدهم، فلا يجوز ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط، رقم 210. (¬2) سورة غافر الآية 60 (¬3) سورة الجن الآية 18 (¬4) سورة الفاتحة الآية 5 (¬5) سورة البينة الآية 5 (¬6) سورة يونس الآية 106 (¬7) أخرجه الإمام أحمد في مسند الكوفيين، حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، برقم 17888.

للمسلم أن يتقرب للأولياء بالذبائح والنذور، أو بالدعاء والاستغاثة، أو بالطواف حول قبورهم، كل هذا من المنكرات الشركية، ومن عمل الجاهلية، ومن عمل عباد الأوثان والأصنام، فالواجب الحذر من ذلك. أما كونه يضحي لأخيه، لأبيه، أضحية يذبحها أيام عيد النحر، ينويها عن أبيه أو عن أخيه، أو عن رجل صالح يحبه في الله، يضحي له حتى يثيبه الله على ذلك، يقصد بها وجه الله، التقرب إلى الله، حتى يثيبه على ذلك، ويثيب من ذبحها له أجرا، فقد كان النبي يضحي عن أهل بيته عليه الصلاة والسلام، فلا بأس. أما أن يذبح الذبائح يتقرب إلى القبور، حتى يشفعوا له، حتى يشفوا مريضه، هذا الشرك الأكبر؛ لأن الله سبحانه يقول: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي} (¬1) يعني: قل يا محمد للناس {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (¬2) يعني: ذبحي {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬3) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (¬4) ويقوله سبحانه {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (¬5) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (¬6). ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله (¬7)»، رواه مسلم في صحيحه من حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 162 (¬2) سورة الأنعام الآية 162 (¬3) سورة الأنعام الآية 162 (¬4) سورة الأنعام الآية 163 (¬5) سورة الكوثر الآية 1 (¬6) سورة الكوثر الآية 2 (¬7) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله، برقم 1978.

فالمقصود أنه لا يجوز للمسلم أن يتقرب إلى القبور وأصحاب القبور بالذبح أو النذر، نذر الذبائح أو نذر الصدقات، أو ما أشبه ذلك، أو يستغيث بأهل القبور، أو يسألهم قضاء الحاجة، أو شفاء المريض، أو النصر على الأعداء أو حصول الولد، أو ما أشبه ذلك كل هذا لا يجوز، كله من عبادة غير الله، والله سبحانه أنكر ذلك، وأمر عباده أن يعبدوه. قال سبحانه {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬1)، وقال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬2)، وقال: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬3)، وقال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬4). فالواجب على كل مكلف أن يتفقه في الدين وأن يتعلم، وعلى كل مسلم أن يصون دينه عن الشرك بالله، وأن يعبد الله وحده ويتوجه إليه في كل حاجاته، بالدعاء والخوف والرجاء والنذر والاستغاثة، والذبح وغير هذا، كله لله وحده. أما الأولياء فحقهم أن يدعى لهم، المؤمنون يدعى لهم بالمغفرة، الأولياء هم المؤمنون سواء كانوا ذكورا أو إناثا، هم المؤمنون بالله، هم المسلمون، يقال لهم أولياء لطاعتهم لله، كما قاله سبحانه: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (¬5) {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (¬6)، ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 23 (¬2) سورة الفاتحة الآية 5 (¬3) سورة الجن الآية 18 (¬4) سورة البينة الآية 5 (¬5) سورة يونس الآية 62 (¬6) سورة يونس الآية 63

وقال سبحانه: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} (¬1). فأولياء الله هم أهل التقوى والإيمان، المطيعون لله ورسوله، فحقهم أن يدعى لهم بالمغفرة والرحمة، ويحبون في الله. أما أن يعبدوا من دونه فلا، لا يجوز أن يعبدوا من دون الله، لا بالدعاء ولا بالطواف بقبورهم، ولا بالذبح لهم ولا بالنذر، كل هذا لا يجوز، وهكذا الرسل، وهكذا الجن، وهكذا الملائكة، لا يعبدون مع الله سبحانه وتعالى، العبادة حق الله وحده، ليس لأحد أن يصرفها لغيره جل وعلا. يقول سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬2)، وقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (¬3). نسأل الله للجميع الهداية. ¬

_ (¬1) سورة الأنفال الآية 34 (¬2) سورة الذاريات الآية 56 (¬3) سورة البقرة الآية 21

حكم تسييب البهائم للقربى للزار أو غيره

8 - حكم تسييب البهائم للقربى للزار أو غيره س: يسأل ويقول: بقرة معتقة للزار، لا يحرثون بها ولا يبيعونها، ولا يذبحونها لأي ضرورة. أفيدونا عن حكم الشرع فيها؟ مأجورين جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: هذا من جنس عمل المشركين الأولين، والله أبطل هذا بقوله: ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط، رقم 183.

{مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} (¬1) فلا يسيب البقر لا للزار ولا للميت فلان، ولا للجني فلان، ولا لغير ذلك. فالتسييب للزار تقرب للشياطين، الزار شيطان. فالتقرب للشياطين بتسييب البقر أو الإبل شرك بالله وتشبه بالجاهلية. فلا يتقرب إلى الجن لا بتسييب ولا بذبح، ولا بدعاء واستغاثة، كل هذا من الشرك الأكبر؛ فإذا قال: يا الجني فلان، أو يا سبعة، أو يا تسعة، خذوا فلانا اذبحوه، اقتلوه، انصرونا على فلان، اشفوا مرضانا من كذا، كل هذا من الشرك الأكبر، كما لو قال: يا سيدي عبد القادر انصرني، أو يا سيدي الحسين انصرني، أو يا سيدي البدوي انصرني، أو المدد المدد، أو يا سيدي سفيان الثوري، أو يا سيدي أبا حنيفة، أو ما أشبه ذلك، كل هذا من الشرك الأكبر. وهكذا لو قال: يا رسول الله، أو يا نوح أو يا هود، أو يا عيسى، أو يا داود انصرنا، أو اشف مرضانا، أو يا عائشة أم المؤمنين، أو يا صفية أم المؤمنين، أو يا فاطمة بنت رسول الله انصرينا أو أغيثينا، أو المدد المدد، أو ما أشبه ذلك مما يفعله المشركون، كل هذا من الشرك بالله، كله كفر وشرك أكبر، لا يجوز لا مع الصالحين ولا مع الطالحين، لا مع الإنس ولا مع الجن. نسأل الله السلامة. ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 103

حكم تلطيخ الرأس بدم الدجاجة أو نحوها

9 - حكم تلطيخ الرأس بدم الدجاجة أو نحوها س: في قريتنا إمام يصلي بهم، وهو يتعاطى أمرا، كثيرا ما حيرهم، وهو عندما يتزوج أحد في القرية لم يجعله يتم الزواج الكامل، حيث إن العروسين يحصل بينهما غضب شديد، ويقال: اذهبوا إلى هذا الشيخ لكي يعمل لهما ورقة وهما يرضيان على بعض، وعندما يحضر الشيخ يأتي بكتب من الإنس والجن ويقرأ فيها، ويمسح على رأس العروسين بزيت الطيب ويحضر معه حبرا أحمر، ويقول: هذا الحبر تدفعه هكذا في الماء وتشربه، وبعد هذا يقول ايتوني بدجاجة كي أذبحها، فيأخذ دمها ويضعه على رأس العروسين، بعد ذلك ينصرف الغضب، ما هو توجيه سماحتكم على هذا السؤال؟ (¬1) ج: هذا العمل الذي يعمله هذا الرجل تخريف وغلط وتلبيس على الناس، لا وجه له ولا أساس له من الصحة، بل الواجب على من أحس بشيء من الغضب أن يتعوذ بالله من الشيطان، حتى يهدأ غضبه، ويشرع له الوضوء الشرعي، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الشيطان خلق من النار، والنار تطفئ بالماء، والغضب من الشيطان، فالمؤمن يفعل الأشياء الشرعية، يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويتوضأ، هذا ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط، رقم 72.

مشروع كذلك، ومن أسباب إطفاء الغضب أن يجلس إن كان قائما، ويضطجع إذا كان قاعدا، أو يخرج من المحل حتى يهدأ الغضب، أما ما يعمله هذا الشيخ من تلطيخ رؤوسهم بالزيت، أو بدم الدجاجة أو بغير ذلك مما يقول، كل هذا لا أصل له، كله غلط وكله تلبيس وخداع لا وجه له، وإذا كان قصده ذبح الدجاجة للجن صارت شركا أكبر، ففي الحديث الصحيح: «لعن الله من ذبح لغير الله (¬1)»، والله يقول سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (¬2) (¬3) {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬4) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (¬5)، ويقول سبحانه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (¬6) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (¬7)، والنحر هو الذبح؛ المقصود أن هذا العمل الذي يعمله هذا الرجل غلط وينبغي أن يعرضوا عنه، ولا يقبلوا منه وينصحوه، فإن لم ينتصح ينبغي أن يتفقوا على رجل غيره يصلي بهم، ولا يصلي بهم هذا؛ لأن هذا متهم بالشركيات، عمله لذبح الدجاج هنا يوهم شرا كبيرا، فالحاصل أن مثل هذا لا ينبغي أن يكون إماما لهم إن لم يتب، فإن تاب فالحمد لله، وإلا فليزيلوه ويلتمسوا إماما آخر لمسجدهم، ولا يلتفتوا إليه في مسألة، إذا حصل بين العروسين شيء من الغضب، أو من الجفوة لا يلتفت إليه، بل يعالج ما بين العروسين بالطرق الأخرى، بالنصيحة، بالتوجيه، بقراءة القرآن، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله، برقم 1978، والنسائي في كتاب الضحايا، باب من ذبح لغير الله عز وجل، برقم 4422، والإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 857. (¬2) سورة الأنعام الآية 162 (¬3) يعني: ذبحي. (¬4) سورة الأنعام الآية 162 (¬5) سورة الأنعام الآية 163 (¬6) سورة الكوثر الآية 1 (¬7) سورة الكوثر الآية 2

بأن يقرأ لهم إذا كان نوع المرض الذي أصابهم، بتوقف الزوج عن زوجته، هذا يقرأ له القرآن، يقرأ له: قل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، والمعوذتين، وآية الكرسي، وآيات السحر من سورة الأعراف ويونس وطه، ويشرب من ذلك ويغتسل من ذلك، ويزول ما قد يصيبه من المنع والحبس، الحاصل أنه قد يقع لبعض الناس حبس عن زوجته فيعالج بالقرآن والأدوية الشرعية، أما عمل هذا الرجل فهو عمل باطل.

حكم الذبح لله في أماكن مخصوصة

10 - حكم الذبح لله في أماكن مخصوصة س: عندنا في قريتنا حصن ريمان، الناس يذهبون إلى جبل ويأخذون معهم ذبيحة، ويذبحونها في الجبل، من أجل الله سبحانه وتعالى، ولعل الله يرحمهم وينزل عليهم المطر، هل هذا يحل أم لا؟ أفيدونا أفادكم الله؟ (¬1) ج: هذا العمل فيه تفصيل، إذا كان الذبح لله وحده، وليس هناك مقصد آخر، ليس هناك قبر يذبحون عنده، وليس هناك اعتقاد آخر في الجبل، وإنما فعلوه كذا صدفة، من غير قصد فلا حرج، والذبيحة لله وحده، ولكن لا حاجة إلى مجيء الجبل؛ لأن هذا يوهم أن هناك أشياء تنفع وتضر من دون الله، بل يذبحونها في بيوتهم أو في أي مكان تذبح فيه الدواب، ويكفي لله سبحانه تقربا إلى الله جل وعلا، ثم يوزع ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط، رقم 63.

هذا اللحم على الفقراء، والمساكين أو يأكلونه إذا أرادوا أكله، أو إن كانوا أرادوا الفقراء قسموا بين الفقراء، أو أعطوا الفقراء منه ما شاءوا، المقصود أن قصدهم الجبل فيه شيء من الإيهام، فإذا كان المقصود من الجبل إظهار الذبيحة وأنها تذبح لله على رؤوس الأشهاد فلا حاجة إلى قصد الجبل، يذبحونها في مكان بارز، ويقسمونها بين الفقراء، في قريتهم ويكفي ولا يقصدون الجبل، هذا الذي يوهم أن وراءه شيئا أما إن كانوا أرادوا في الجبل أن هناك ميتا مدفونا هناك، أو أن هناك محلا لرجال صالحين جلسوا فيه أو غارا جلس فيه رجال صالحون يتبركون به، هذا لا يجوز ويجب التنبيه لهذا، وإذا كان المقصود فقط إظهار الذبيحة، فإظهارها يكون في كل مكان، سواء الجبل أو غيره ولا حاجة إلى الجبل، ولو في بيوتهم، يذبحونها في محل الذبح، أو في حوش عندهم فيه محل للذبح، أو في محل حول الطريق يراه الناس، ولا يؤذي أحدا من الناس، لا بأس المقصود إظهارها بأي طريق، لكن لا يكون إظهارا يوهم أن هناك قصدا كقصد جبل معين، أو شجرة معينة، حتى لا يتهموا بالشرك، أو بالبدعة ولا حول ولا قوة إلا بالله.

حكم الدوران بالدواب حول الجبال والوديان وذبحها للاستسقاء

11 - حكم الدوران بالدواب حول الجبال والوديان وذبحها للاستسقاء س: سماحة الشيخ يحكي لنا الآباء عن شيء في منطقتنا قبل أن تنتشر الدعوة من جديد بعد حكم آل سعود، يقولون: كانوا يقودون الأبقار ويلفون بها حول الجبال، وحول الأودية، وبعد ذلك يذبحون واحدة منها، وهم بذلك يريدون الاستسقاء، فهل هذا شبيه بالصدقة سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: هذا غلط لا أصل له، بل هذا من البدع، المقصود التقرب إلى الله بصلاة الاستسقاء والدعاء فيستغيثون الله ويصلون الصلاة الشرعية، وإذا ذبحوا ذبائح وتصدقوا بها، أو صاموا أو تصدقوا بنقود، أو بأطعمة من الحبوب، أو من التمور كل هذا طيب، لكن لا يقصدون مكانا يوهم أنهم يتعبدون فيه لأنه قد سكنه رجل صالح، أو أقام به رجل صالح، أو دفن فيه رجل صالح لا يوهمون هذه الأشياء، ولا يقصدون هذه الأشياء، أما كونهم يدورون بها في الوادي، أو في الجبال هذا لا أصل له، هذه بدعة ولا حاجة إلى هذا، المقصود التقرب إلى الله، في أي مكان ذبحوها كفى، بقرة أو ناقة أو غنما، كل هذا طيب، إذا قصدوا به الصدقة والتقرب إلى الله؛ رجاء أن يرحمهم الله، كما رحموا الفقراء، وأحسنوا إليهم، الصدقة في وقت الاستسقاء مطلوبة؛ ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط، رقم 63.

لأن الله جل وعلا يرحم عباده الرحماء، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما يرحم الله من عباده الرحماء (¬1)»، «من لا يرحم لا يرحم (¬2)» فإذا تصدقوا على الفقراء بالنقود، أو بالذبائح أو بالملابس، أو بالأطعمة وقت الحاجة، وقت الجدب هذه من أسباب رحمة الله لهم لما رحموا عباده. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم يعذب، برقم 1284، ومسلم في كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت، برقم 923. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله، برقم 5997، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، برقم 2318.

حكم الذبح لأجل بناء المنزل

12 - حكم الذبح لأجل بناء المنزل س: توجد في بلدنا عادة وهي أن المرء إذا شرع في بناء منزل له، يذبح ذبيحة عندما يصل البناء إلى العتاب، أو تؤجل هذه الذبيحة حتى اكتمال البناء وإرادة السكن في المنزل، ويدعى لهذه الذبيحة الأقارب والجيران، فما رأي فضيلتكم في هذا العمل، وهل هناك عمل مشروع يفضل عمله قبل السكن في المنزل الجديد، أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1). ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط، رقم 58.

ج: هذا التصرف فيه تفصيل، فإن كان المقصود من الذبيحة اتقاء الجن أو مقصدا آخر يقصد به صاحب البيت أن هذا الذبح يحصل به كذا ويحصل به كذا في البيت، سلامة البيت أو كذا أو كذا، هذا لا يجوز، بل هو من البدع، وإن كان للجن فهو شرك أكبر؛ لأنه عبادة لغير الله، أما إن كان من باب الشكر لنعم الله، لما من الله عليه بالوصول إلى السقف، أو بإكمال البيت من باب شكر الله على النعم، يجمع أقاربه وجيرانه ويدعوهم لهذه النعمة، فلا بأس بهذا، وهذا يفعله كثير من الناس، من باب الشكر لنعم الله، حيث من عليه بتعمير البيت، وسكن البيت بدلا من الاستئجار، هذا من باب الشكر لا بأس بذلك، شكرا لله عز وجل، أما إذا كان لقصد آخر كاتقاء شر الجن، أو مقاصد أخرى جاهلية فلا تجوز. والذي يعمل هذا من باب شكر النعم، حيث من الله بتعميره وسكناه للبيت، فهذا مثل ما يسمى النزالة لإكرام الأقارب والجيران، والشكر لله على ما من به من تمام البناء، ومثل ما يفعله الناس في العرس، ومثل ما يفعلونه في مسائل أخرى إذا قدموا من السفر، قد ينحرون أشياء ويدعون الأقارب، وكان النبي إذا قدم من سفر نحر جزورا، ودعا الناس عليه الصلاة والسلام.

حكم من أظهر الإسلام ويذبح لغير الله

13 - حكم من أظهر الإسلام ويذبح لغير الله س: الأخ خ. م. س. يسأل ويقول: ما حكم الإسلام فيمن يشهد: أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويصوم ويصلي، ولكنه يقرب الذبائح لغير الله، ويحلف بغير الله، ويشد الرحال إلى قبور الصالحين، ويدعوهم ويستغيث بهم، المطلوب بيان هوية من يفعل ذلك، هل هو مسلم، وهل صلاته صحيحة، أم غير ذلك؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: هذه مسألة قد وقع فيها جمع غفير ممن ينتسب إلى الإسلام، جهلا منهم وتقليدا لآبائهم وأسلافهم، فالذي شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويصلي ويصوم، ولكنه مع ذلك يتقرب إلى أصحاب القبور بالذبائح ويستغيث بهم وينذر لهم، أو إلى الجن، أو إلى الأصنام، هذا مشرك وصلاته باطلة، وشهادته باطلة؛ لأنه نقضها بأفعاله الشركية، مثل المنافقين الذين يصلون مع الناس ويصومون ويشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ولكن يقولون: محمد ما هو بصادق في باطنهم، وينكرون البعث والنشور في الباطن، هؤلاء في الدرك الأسفل من النار، كما قال الله جل وعلا: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} (¬2)، وقال عنهم سبحانه: ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط، رقم 235. (¬2) سورة النساء الآية 145

{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬1) {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} (¬2) لا مع المسلمين ولا مع الكفار. وقال في الآية الأخرى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} (¬3). فسماهم كفرة ولم يقبل منهم أعمالهم مع أنهم يصلون، لماذا؟ لأنهم في الداخل والباطن قد كذبوا الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأنكروا البعث والنشور، فلهذا صاروا كفارا لاعتقادهم الباطل، فلا ينفعهم صلواتهم وشهاداتهم الظاهرة؛ لأن باطنهم يخالف ذلك. فهكذا الذي يتقرب للقبور بالذبائح والنذور ويستغيث بهم ويذبح لهم هذا ليس بمسلم، يكون كافرا، وإن صلى وصام، وإن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، عند أهل العلم، عند جميع أهل السنة والجماعة، ليس في هذا خلاف بحمد الله؛ لأن نواقض الإسلام متى وجد منها ناقض بطلت أعمال العبد، ومن ذلك مما يبين هذا الأمر: لو أن إنسانا يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويصلي ويصوم، ولكنه يسب الله ويلعن الله ويلعن الرسول، هذا كافر ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 142 (¬2) سورة النساء الآية 143 (¬3) سورة التوبة الآية 54

عند جميع العلماء ولو شهد، لو لعن الله أو لعن الرسول كفر بإجماع المسلمين. أو قال: إن الرسول بخيل، ذمه، قال: بخيل، أو قال: جبان، كفر عند جميع العلماء ولو شهد أن محمدا رسول الله، وهكذا لو سب الله كفر إجماعا، أو قال كما قالت اليهود: إن الله بخيل، كفر إجماعا، أو قال: يداه مغلولتان كفر بإجماع المسلمين، لو صلى وصام، أو قال: في باطن الأمر إنه ما هناك جنة ولا نار، هذا كذب، كما يقول المنافقون، كفر بالإجماع، ولو شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، هذه مسألة مهمة عظيمة. وهكذا لو أن إنسانا يصلي ويصوم ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقول: إن الزنى حلال، ليس فيه حرج أن الإنسان يزني، أو لا حرج أنه يشرب الخمر، أو لا حرج أنه يعق والديه، لا بأس لا حرج، صار كافرا بإجماع المسلمين، فينبغي للعاقل أن ينتبه لهذا، وهكذا كل مسلم ومسلمة، فيجب الانتباه لهذا الأمر، والتقرب للقبور بالذبائح والنذور والاستغاثة بأهل القبور شرك أكبر، كما يفعله بعض الناس عند قبر ابن علوان في اليمن أو عند العيدروس في اليمن، أو عند ابن عربي في الشام، أو عند الشيخ عبد القادر الجيلاني في العراق، أو عند قبر أبي حنيفة في العراق، أو يفعله مع البدوي في مصر، أو مع الحسين في مصر، أو مع غيرهم، كل هذا كفر وشرك أكبر، فالذي يستغيث بهؤلاء وينذر لهم ويذبح لهم ويسألهم الغوث والنصر والشفاء كافر عند جميع أهل السنة والجماعة، ولا تنفعه صلاته

ولا صومه ولا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، كالمنافقين الذين يقولونها وهم يسبون الرسول ويكذبون الله في الباطن. هذه المسائل عظيمة يجب التنبه لها من جميع المسلمين، ويجب على العلماء في أي قطر وفي أي مكان أن ينبهوا الناس على هذا الأمر، حتى يتبصر المسلمون وحتى يتبصر عباد القبور وغيرهم، وحتى يكونوا على بينة، وحتى يقلعوا من هذا العمل السيئ وحتى يتوبوا إلى الله من ذلك، هذا هو واجب العلماء أينما كانوا، في هذه المملكة وفي الشام، وفي مصر، وفي إفريقيا وفي العراق وفي كل مكان يجب على علماء الشريعة علماء السنة أن يبينوا للناس أحكام هذه الأمور، وأن يرشدوهم إلى توحيد الله والإخلاص له؛ كما قال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬1)، وقال سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬2)، وقال عز وجل: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬3)، وقال عن الكفار من قريش وغيرهم: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (¬4) جعل طلبهم الشفاعة من آلهتهم كفرا وشركا أكبر، فكيف بالذي يذبح لهم وينذر لهم ويستغيث بهم؟ أعظم وأعظم. فالواجب على جميع المسلمين وعلى جميع من وقع في هذه الأمور ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 23 (¬2) سورة الفاتحة الآية 5 (¬3) سورة البينة الآية 5 (¬4) سورة يونس الآية 18

أن ينتبه وأن يتوب إلى الله وأن يخلص العبادة لله وحده، وألا يذبح إلا لله، وألا يستغيث إلا بالله، وألا ينذر إلا لله، يقول سبحانه في سورة الأنعام في آخرها: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي} (¬1) يعني: قل يا محمد للناس {إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (¬2) يعني: ذبحي. {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬3) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (¬4)، ويقول سبحانه يخاطب نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (¬5) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (¬6) الصلاة لله والذبح لله جل وعلا، ويقول جل وعلا: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (¬7)، قال جل وعلا: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬8). هذا يعم الأنبياء وغيرهم: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬9). يعني: المشركين. والآيات في هذا المعنى كثيرة. ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا (¬10)». ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 162 (¬2) سورة الأنعام الآية 162 (¬3) سورة الأنعام الآية 162 (¬4) سورة الأنعام الآية 163 (¬5) سورة الكوثر الآية 1 (¬6) سورة الكوثر الآية 2 (¬7) سورة غافر الآية 14 (¬8) سورة الجن الآية 18 (¬9) سورة يونس الآية 106 (¬10) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب اسم الفرس والحمار، برقم 2856، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة، برقم 30.

ويقول لابن عباس: «إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله (¬1)»؛ فالعبادة حق الله وحده، هو الذي يستعان به ويستغاث به، أما المخلوق إذا كان حيا فلا بأس أن يستعان فيما يقدر عليه الحي الحاضر تقول له: أعني على إصلاح سيارتي، لا بأس، أعني على تعمير بيتي لا بأس، حاضر يسمع كلامك ويعينك، أما سؤال الأموات والاستغاثة بالأموات، أو بالأحجار، أو بالأصنام، أو بالأشجار أو بالجن فهذا كفر أكبر وشرك أعظم، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق، باب منه، برقم 2516.

حكم الذبح عند المنزل بعد الانتهاء من بنائه

14 - حكم الذبح عند المنزل بعد الانتهاء من بنائه س: سائلة تقول: لدينا عادة، إذا بنى الإنسان منزلا جديدا وأراد أن يسكنه، لا بد أن يذبح ذبيحة يسمونها فتحة الدار، هل هذا الكلام صحيح، وهل له أصل؟ (¬1) ج: إذا كان المقصود شكر الله جل وعلا على نعمته، فيدعو إخوانه وأحبابه وجيرانه، فلا بأس؛ أما إذا كان عن اعتقاد أنه يذبح من أجل الجن، أو من أجل خوف الجن، هذا لا يجوز. وهذه عادة معروفة عند بعض الناس إذا نزلوا بيتا جديدا، عمروه، أو اشتروه، في الغالب يدعون إخوانهم، وأقاربهم ويدعون جيرانهم، يكرمونهم شكرا لله على ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط، رقم 243.

نعمة السكن، فإذا كان بهذه المثابة فلا شيء في ذلك، هذا من شكر الله، أما إن كان عن اعتقاد سيئ، يذبحها من أجل الجن أو خوف شر الجن، فلا يجوز. س: الأخ أ. م. ب. من السودان. يسأل ويقول: في قريتنا عادات، أنا أشك كثيرا في صحتها شرعا، فمثلا عندما يبني الرجل منزلا جديدا، وحين وضع العتب، لا بد أن يذبح ذبيحة يجعلونها كشيء واجب، ويقولون: الليلة يوم العتب؛ والعتب هو عبارة عن الأعواد التي توضع للشبابيك والأبواب، فهل هناك شيء إذا لم أقم بهذا العمل من الناحية الشرعية؟ (¬1). ج: هذا العمل منكر ولا يجوز، وكثير من الناس في بلدان كثيرة يقصد به الذبح للجن، والسلامة من شرهم، ويقول: إن هذا يتقى به شر الجن، فلا يجوز فعل ذلك، ولو زعم صاحبه أنه ما قصد الجن؛ لأن تعاطي هذا الأمر على هذا الوجه عند التأسيس، يدل على قصد سيئ؛ فالواجب الحذر من ذلك وترك ذلك، ولكن يستعين بالله ويسأله التوفيق ويدع العادات الجاهلية التي يفعلها أهل الجهل، كانت هذه عادة قديمة في الذبح عند تأسيس البيوت للجن، يتقون بهذا شرهم ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط، رقم 197.

بزعمهم، فإذا كان قصد الجن، فهذا شرك أكبر وعبادة لغير الله، نعوذ بالله. أما إذا كان فعله تقليدا لغيره ولم يقصد الجن، فهذا بدعة ومنكر، لا يجوز.

باب ما جاء في النذر لغير الله

باب ما جاء في النذر لغير الله

باب ما جاء في النذر لغير الله 15 - حكم النذر لغير الله س: ورد في بعض المجلات الناطقة باسم الإسلام، مقالا جاء فيه: إن بعض المسلمين ينذرون، إن حصل لهم كذا وكذا، فسوف يقدمون بعض الأموال لصناديق النذور الموضوعة في المساجد، المقامة على أضرحة الأولياء والصالحين، وهذه الأموال تجرد كل عام، وتقسم على العاملين بهذه المساجد كالإمام وغيره، ويرجو من سماحتكم التوجيه في هذا الموضوع؟ (¬1) ج: هذه النذور التي يتقرب بها الناس إلى أصحاب القبور، والسدنة التي على القبور كلها باطلة، وكلها شرك بالله عز وجل، لأن النذر عبادة، فلا يجوز أن يصرف لغير الله سبحانه وتعالى، فلا يجوز أن ينذر لقبر البدوي أو الحسين، أو فلان أو فلان لا دراهم ولا شمعا ولا خبزا ولا غير ذلك، كل ذلك منكر لا يجوز، كما أن دعاء الأموات والاستغاثة بهم منكر، وهكذا الذبح لهم والتقرب إليهم بالذبائح ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط، رقم 109.

منكر، فهكذا النذر. قال الله عز وجل لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (¬1) والنسك العبادة، يعم النذر وغيره، {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬2) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (¬3) وقال عز وجل: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (¬4) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (¬5) وقال سبحانه: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} (¬6)، يعني فيجازيكم عليه، فالنذور قرب وطاعات، فإن كانت لله فلصاحبها ثوابها، مع أن الرسول نهى عن النذر وقال: «إنه لا يأتي بخير (¬7)» فلا ينبغي النذر، لكن لو فعل النذر طاعة لله، وجب عليه أن يفعل الطاعة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه (¬8)». أخرجه البخاري في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها. فإذا نذر طاعة لزمه الوفاء، وأجره على الله سبحانه وتعالى، ولكن ينصح ألا يعود إلى ذلك، فإذا قال: لله علي أن أصلي ركعتين، هذه الليلة، أو لله علي أن أصوم يوم الاثنين، أو يوم الخميس، أو لله علي أن أتصدق بكذا وكذا على الفقراء، أو لله علي أن أحج هذا العام أو عام كذا، أو عام كذا فهذه كلها نذور عبادة وطاعة، فعليه أن يوفي ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 162 (¬2) سورة الأنعام الآية 162 (¬3) سورة الأنعام الآية 163 (¬4) سورة الكوثر الآية 1 (¬5) سورة الكوثر الآية 2 (¬6) سورة البقرة الآية 270 (¬7) أخرجه مسلم في كتاب النذر باب النهي عن النذر برقم 1639. (¬8) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور باب النذر في الطاعة برقم 6696.

بها، أما إذا نذر أن يتصدق بكذا وكذا للشيخ البدوي، أو للسيد حسين أو للشيخ عبد القادر الجيلاني، أو لفلان أو لفلان هذه نذور باطلة، نذور شركية باطلة، وهذا المال الذي يوضع في الصناديق يجب أن يفرق على الفقراء، ولا يعطى إمام مسجد ولا خدم المسجد، ولا السدنة لأنهم أعانوا على الشرك، ودعوا إلى الشرك، فهم بدعائهم إلى الشرك ورضائهم بالشرك، يكونون مشركين بهذا العمل، فإن من دعا إلى الشرك ورضي بالشرك فهو مشرك، نسأل الله العافية، وهؤلاء السدنة الذين يدعون الناس إلى التقرب إلى أصحاب القبور، معناه أنهم يضلونهم ويدعونهم إلى الشرك بالله عز وجل، فلا يجوز أن تدفع إليهم هذه الأموال، بل يجب أن تؤخذ من الصناديق، يأخذها ولي الأمر وتدفع إلى الفقراء والمساكين، الذين لا تعلق لهم بهذه القبور، وعلى ولي الأمر وعلى الدعاة إلى الله، وعلى العلماء أن ينصحوا الناس وأن يعلموهم، أن هذه النذور باطلة، وأنه لا يجوز لهم أن يتقربوا إلى هذه الصناديق بشيء، وأن ترفع هذه الصناديق وتقفل، وأن يمنع السدنة من أعمالهم الخبيثة، وهكذا أئمة المساجد التي فيها القبور، ويبين لهم أن هذا باطل، وعلى ولاة الأمور أن يزيلوا القبور من المساجد، وأن ينقلوها إلى مقابر المسلمين، وإذا كان المسجد مبنيا على القبر وجب هدم المسجد، وألا يصلى فيه ويبقى القبر على حاله من دون مسجد، رزق الله الجميع التوفيق والهداية، وأرشد الأئمة والعلماء والأمراء لكل ما فيه صلاح العباد والبلاد، ومنح الجميع الفقه في الدين والثبات

عليه، وهدي العامة لما فيه صلاحهم ونجاتهم، وأعاذهم من كل ما يغضبه سبحانه، ويوقعهم في الهلاك والعذاب، في العاجل والآجل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

بيان حكم النذر للأولياء والصالحين

16 - بيان حكم النذر للأولياء والصالحين س: يسأل السائل ويقول: هل النذر للأولياء والصالحين محرم، وكيف يكون حلالا، وكيف يكون حراما، وما حكمه مأجورين؟ (¬1) ج: النذر للصالحين والتقرب إليهم بالذبائح أو النذور أو بالدعاء شرك أكبر من الشرك الأكبر، فالذي ينذر الصلاة أو الذبيحة للصالحين أو للنبي - صلى الله عليه وسلم - أو لعبد القادر الجيلاني أو للصديق، أو لعلي بن أبي طالب، أو يستغيث بهم أو يذبح لهم أو يسجد لهم يكفر بالله كفرا أكبر، أو يستغيث بهم، يا سيدي علي أو يا نبي الله، أو يا رسول الله اغفر لي، أو انصرني، أو يا سيدي البدوي اغفر لي أو انصرني، أو يا علي أو يا أبا بكر أو يا عمر، أو يا فلان كل هذا من الشرك الأكبر، فدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم والذبح لهم، والاستنصار بهم، كل هذا من الشرك الأكبر، هذا دين المشركين، نعوذ بالله من ذلك، وهكذا السجود لهم، وهكذا الذبح لهم، وهكذا طلب الغوث منهم، ¬

_ (¬1) من ضمن أسئلة الشريط، رقم 423.

وهكذا الغائبون، ولو كانوا أحياء، إن كانوا غائبين يعتقد أنهم يسمعونه ويجيبونه وهم في البلاد البعيدة، يستغيث بهم، يستعين بهم، يسألهم قضاء الحاجات؛ لأنه يعتقد فيهم أنهم يعلمون الغيب أو أنهم يغيثونه من بعيد هذا الشرك الأكبر كالاستغاثة بالأموات نسأل الله العافية، أما من طريقة الكتابة، كونه يكتب كتابا يقول لفلان: اشتر لي كذا، أو أعطني كذا، أو أقرضني كذا، يكتب له كتابا لا بأس، وهو حي، أو بالتلفون يكلمه بالتلفون، هذا لا بأس، أما أن يعتقد في الغائب في بلاد بعيدة، لا يسمع كلامه، ويعتقد فيه أنه يسمعه، أو يعلم الغيب أو يسمع كلامه من بعد لاعتقاده السر فيه فيستغيث به، أو يطلب قضاء الحاجة، أو العون على كذا، هذا شرك أكبر، كالميت، كسؤال الميت نسأل الله العافية.

حكم نذر الذبائح للأئمة والصحابة

17 - حكم نذر الذبائح للأئمة والصحابة س: بعض الناس ينذرون النذور من الذبائح وغيرها للأئمة والصحابة، فهل هذا جائز، وهل من الصحيح أن يأخذوا من النذور لأنفسهم أفيدونا؟ (¬1) ج: النذور والذبائح التي تنذر للأموات أو الأنبياء أو غيرهم، هذه النذور والذبائح من المحرمات الشركية، كما ينذر لغير الله ذبيحة، أو شمعا أو صدقات أو ما أشبه ذلك سواء كان المنذور له نبيا أو وليا، ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط، رقم 27.

إماما أو غير إمام، لا يجوز النذر إلا أن يكون لله، والذبيحة تكون لله، قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬1) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (¬2)، ويقول سبحانه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (¬3) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (¬4)، وثبت عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه قال: «لعن الله من ذبح لغير الله (¬5)» خرجه مسلم في الصحيح، وقال سبحانه: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} (¬6) يعني يجازيكم عليه، وقال النبي - عليه الصلاة والسلام -: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه (¬7)»، فالنذور عبادات فيها تعظيم الله، وفيها تعظيم المخلوق إذا نذر له، كما أن الذبح عبادة يعظم بها الرب، ويعظم بها المخلوق، فلا تليق إلا لله سبحانه وتعالى، فليس له أن يذبح للجن ولا للأنبياء يتقرب إليهم بذلك، يريد شفاعتهم أو شفاء مريضه أو رد غائبه أو قضاء دينه أو ما أشبه ذلك، لا للأنبياء ولا للملائكة ولا للجن ولا للأولياء ولا لغيرهم، بل يكون الذبح لله وحده يتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى، وهكذا النذر كما يقول بعض الجهلة: إن شفى الله مريضي، فللشيخ كذا وكذا، وللولي الفلاني كذا وكذا، ويقول: إن شفى الله مريضي فلك يا شيخ فلان كذا وكذا يتقرب إليه لأنه واسطة بزعمه في ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 162 (¬2) سورة الأنعام الآية 163 (¬3) سورة الكوثر الآية 1 (¬4) سورة الكوثر الآية 2 (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله، برقم 1978، والنسائي في كتاب الضحايا، باب من ذبح لغير الله عز وجل، برقم 4422، والإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 857. (¬6) سورة البقرة الآية 270 (¬7) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور باب النذر في الطاعة برقم 6696.

الشفاء، هذا من الشرك الأكبر، لا يجوز بل يجب على من فعل هذا أن يتوب إلى الله، وأن يقلع عن هذا العمل السيئ، وأن يندم على ما مضى منه، ومن تاب تاب الله عليه سبحانه وتعالى، وهذا غير الذبيحة التي يذبحها الإنسان كرامة للضيف أو لأهله ليأكلوا، هذا لا بأس به إذا ذبح ذبيحة للضيف الذي نزل به لإكرامه فإكرام الضيف حق، كالذي ذبح ذبيحة ليأكلها هو وأولاده أو يجعلها موزعة على أيام، كل هذا لا بأس به، وهذا غير الضحية التي تذبح أيام النحر، هذه ذبيحة لله، الضحية يتقرب بها الذابح إلى الله سبحانه وتعالى فإن ذبحها عنه أو عن أبيه أو أمه فلا يقال: إنه ذبحها لغير الله، هذه ذبحها لله يتقرب بها إلى الله يريد ثوابها له أو لأهل بيته، أو له ولأهل بيته، هذا لا حرج فيه، وإنما المنكر أن يتقرب بالذبيحة لغير الله، يذبحها للنبي أو الولي أو للجن أو للملائكة يقصد أنه بهذه الذبيحة يتوسط بهم في قضاء حاجاته في شفاعتهم به إلى الله ليشفي مريضه، ليرد غائبه ليشفيه هو من مرضه، يرى أن هذه العبادة تكون سببا لوساطتهم وتقريبهم له إلى الله سبحانه وتعالى. س: يسأل المستمع من السودان ويقول: هل يجوز لي أن أمنع الهبة كالنخيل التي وهبها جدي تقربا للسيد أو الولي، وإرشادي إلى بعض الكتب التي تنهى عن البدع؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط، رقم 413.

ج: إذا كان جدك أو أبوك وقف نخلات أو بيتا على الضريح الفلاني يبنى منه عليه، أو ينفق منه على تطييب المحل، أو البناء عليه، أو تجصيصه، أو ما أشبه ذلك، فالوقف باطل ويكون للورثة، ولا يلتفت إلى الهبة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)»، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)»، فلا بد أن تكون الأوقاف على الوجه الشرعي، فالوقف الذي لا يوافق الشرع يكون باطلا. وعن طلب إرشادك إلى الكتب التي تنهى عن البدع وهل هناك بدع حسنة، فنرشدك إلى كتاب فتح المجيد، وشرح كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، وفتح المجيد لحفيده الشيخ عبد الرحمن بن حسن، والبدع والنهي عنها للشيخ ابن وضاح رحمه الله، والاعتصام للشاطبي رحمه الله، كل هذه فيها التحذير عن البدع، ويكفي قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة (¬3)»، كل بدعة ضلالة، فما أحدث ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة برقم 1718. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة برقم 867.

الناس في الدين من عبادة لم يشرعها الله اجتنبها واحذرها، ولكن تستعين بالكتب التي ذكرنا وغيرها من الكتب المعروفة في بيان السنة وبيان البدعة، وإذا أشكل عليك شيء تسأل أهل العلم من أهل السنة والجماعة.

حكم الأموال التي تنذر للأولياء

18 - حكم الأموال التي تنذر للأولياء س: ما حكم الشرع في الأموال التي تنذر للأولياء، وتوضع في صناديق، هل لأحد حق فيها لانتسابه إلى هذا الولي؟ (¬1) ج: النذر من العبادات التي يجب إخلاصها لله، وحده، لأنها التزام المكلف ما ليس لازما له، من جهة الشرع، هي تعظيم للمنذور له وتقربا إليه، وهذا لا يصلح إلا لله وحده، فليس لأحد أن يلتزم صلاة ولا صوما، ولا صدقة ولا غير ذلك، لا لملك مقرب ولا لنبي مرسل، ولا لنجم ولا لشجر ولا لحجر، ولا لجني ولا لغير ذلك، فهذه النذور التي يقدمها بعض الجهال، إلى الأولياء من أصحاب القبور، تعتبر شركا أكبر، كالذبح لغير الله، والاستغاثة بالأموات، كل ذلك من قسم الشرك الأكبر قال الله عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬2) قال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬3) وقال عز وجل: ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط، رقم 131. (¬2) سورة الإسراء الآية 23 (¬3) سورة البينة الآية 5

{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬1) وقال سبحانه: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} (¬2). المعني فيجازيكم عليه سبحانه وتعالى، فالنذور عبادات وقرب، يجب أن تكون لله وحده، ومع ذلك فالرسول نهى عن النذر، قال: «إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل (¬3)»؛ فلا ينبغي للمؤمن النذر، ولكن متى نذر فليكن لله وحده، لا لغيره سبحانه وتعالى، فإذا قال: لله علي أن أصلي كذا، أو أصوم كذا، أو يتصدق بكذا، لزمه الوفاء لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه (¬4)» خرجه البخاري في صحيحه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها، فإذا قال: لله علي أن أصلي الضحى ركعتين وجب عليه الوفاء، أو لله علي أن أتصدق بكذا وكذا درهما، أو بكذا وكذا صاعا من بر أو شعير أو أرز أو غير ذلك وجب عليه الوفاء، أو قال: لله علي أن أحج وجب عليه الحج، أو لله علي أن أعتمر وجب عليه العمرة، وهكذا لقوله عليه الصلاة والسلام: «من نذر أن يطيع الله فليطعه». أما أن ينذر للأولياء، لأصحاب القبور للجن، للكواكب، للرسل عليهم الصلاة والسلام، أو لغيرهم من المخلوقين فهذا شرك بالله، كما لو ذبح لغير الله، أو استغاث بغير الله، من الأموات أو من الجن أو من الكواكب أو ما أشبه ذلك، كله شرك بالله بإجماع أهل ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 5 (¬2) سورة البقرة الآية 270 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب النذر باب النهي عن النذر برقم 1639. (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور باب النذر في الطاعة برقم 6696.

العلم، وإنما وقع هذا من المتأخرين الذين جهلوا توحيد الله، وجهلوا أحكام شريعته ووقعوا في الشرك، وقد يقع في هذا بعض من ينتسب إلى العلم، لعدم بصيرته في العقيدة الصحيحة التي درج عليها سلف الأمة، وهذه النذور التي تكون من الأموال، وتجمع في الصناديق حول القبور، هذه حكمها حكم الأموال التي لا رب لها، تؤخذ لبيت مال المسلمين، أو يأخذها ولي الأمر يصرفها في مصالح المسلمين، كمساعدة الفقراء والمساكين أو إصلاح الطرق، أو دورات المياه أو ما أشبهها من المصالح العامة، ولا ترد على أهلها، وليس لأحد أن يأخذها من الناس، بل هذه ترجع لولي الأمر، إذا كان ولي الأمر صالحا، ينفذ شرع الله، وإلا فلأصحاب البصيرة من أهل العلم أن يأخذوها، ويوزعوها في وجوه البر والخير، على الفقراء والمحاويج ونحو ذلك، يبصرون الناس ويحذرونهم منها، وأنها منكر، وأنها من الشرك حتى لا يعودوا إليها، وتزال هذه الصناديق وترفع من المساجد وغيرها، لأنها منكر ولأنها دعوة للشرك بالله، عز وجل فالواجب إزالتها والتحذير منها، وتوعية الناس وتبصيرهم، بأن هذا من الشرك الأكبر، وما وجد فيها حين إزالتها، من نقود وغيرها تصرف في أعمال الخير كما تقدم، مع إزالتها من المساجد، ومع تنبيه العامة وتحذيرهم من مثل هذا، وأنه لا يجوز التقرب إلى غير الله، لا بالصلاة ولا بالنذور ولا بالصدقات ولا غير هذا، لا لأصحاب القبور، ولا للأصنام، ولا للكواكب ولا للجن ولا لغير هذا، العبادة لله وحده

سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬1)، وقوله: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (¬2) والعبادة كل ما أمر الله به ورسوله، قال بعض أهل العلم: معناها اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، وتكون قولية وتكون عملية، وتكون بالقلب، وتكون باللسان، وتكون بالجوارح، خوفا لله وتعظيمه ومحبته، هذه عبادات قلبية وهكذا رجاؤه سبحانه، ونحو ذلك من سائر العبادات القلبية، وهناك عبادات عملية: كالصلاة والزكاة والصدقات والذبح، والنذر هذه عبادات عملية وتكون قولية، كالنذر من جهة القول، فالنذر عبادة قولية، وما يحصل به من صدقات ونحو ذلك، عبادات مالية، فالحاصل: أن جميع العبادات قولية أو عملية أو قلبية أو لسانية يجب أن تكون لله وحده سبحانه وتعالى، ولا يجوز لأي أحد أن يصرفها لأي مخلوق، من ولي أو رسول أو ملك، أو جني أو صنم أو غير ذلك، نسأل الله للجميع الهداية والسلامة. ¬

_ (¬1) سورة الزمر الآية 2 (¬2) سورة البينة الآية 5

بيان حكم النذر

19 - بيان حكم النذر س: هل النذر الذي يعود أجره للأئمة حلال، أم حرام وصفته أن يقول صاحب النذر لتأديته له، يقول: النذر لله وثوابه للإمام الفلاني مثلا؟ (¬1) ج: هذا السؤال فيه إجمال، والنذور قسمان: قسم شرعي وقربة إلى الله عز وجل، وإن كان أصله ينهى عنه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه (¬2)»، لكن جنس النذر ينبغي أن يدعه المؤمن، لقوله عليه الصلاة والسلام لما سئل عن النذور قال: «لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل (¬3)» متفق على صحته. وفي اللفظ الآخر من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه نهى عن النذر وقال: «إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل (¬4)» هذا يدل على أن جنس النذر لا ينبغي، لأن فيه إلزاما، وقد يشق على المسلم أداؤه، فينبغي له أن يدع النذر، لكن متى نذر نذر طاعة وجب عليه ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط، رقم 42. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي هريرة رضي الله عنه برقم 7167. (¬3) البخاري الأيمان والنذور (6316)، مسلم النذر (1640)، الترمذي النذور والأيمان (1538)، النسائي الأيمان والنذور (3805)، أبو داود الأيمان والنذور (3288)، ابن ماجه الكفارات (2123)، أحمد (2/ 314). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب النذر باب النهي عن النذر برقم 1639.

الوفاء؛ لأن الله سبحانه مدح الموفين بالنذر، فقال عز وجل: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} (¬1)، وقال سبحانه: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (¬2). وقال عليه الصلاة والسلام: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه (¬3)». فإذا قال: لله علي أن أصوم ثلاثة أيام، أو يصوم شهر شعبان، أو يصوم يوم الاثنين ويوم الخميس من كل أسبوع، أو ما أشبه ذلك هذا كله نذر طاعة، يجب عليه الوفاء، أو قال: لله عليه أن يصلي الضحى، أو هذه الليلة ركعتين، أو أربع ركعات، أو ما أشبه ذلك، هذا نذر طاعة، أو قال: لله علي أن أتصدق بكذا وكذا، على الفقراء والمساكين هذا نذر طاعة، وإذا كان نوى بذلك أن هذا النذر صدقة، عن أبيه أو أمه أو نفسه، فهو على ما نوى من نيته، أو نواه عن الإمام مالك، أو عن فلان أو فلان من أهل العلم هو على نيته، لكن هنا أمر آخر ينبغي التنبه له، وهو أنه قد يقصد بالنذر غير الله، والتقرب إلى غير الله، كما يفعله بعض عباد القبور، أو عباد الأموات، فيقول: إن شفى الله مريضي، فللشيخ البدوي كذا من الطعام، وللشيخ عبد القادر الجيلاني كذا وكذا من النقود أو من الشمع، هذا شرك بالله، لأن هذا نذر لمخلوق، والنذور عبادة، ¬

_ (¬1) سورة الإنسان الآية 7 (¬2) سورة البقرة الآية 270 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور باب النذر في الطاعة برقم 6696.

والعبادة لله وحده، كما قال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬1)؛ وقال: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬2)، وقال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬3). فالنذر للمشايخ وأصحاب القبور، أو للجن أو للكواكب، والتقرب إليهم هذا من عبادة غير الله، هذا لا يجوز بل نص العلماء أنه من الشرك بالله عز وجل، لأنه تقرب بهذه العبادة لغير الله، من الأموات أو من الجن، أو من المشايخ الأموات أو غيرهم، ممن يتقرب إليهم بالنذور، هذا لا يجوز، أما إذا تقرب به لله، قال: لله علي كذا وكذا، صدقة بكذا دراهم، بكذا من الطعام، ينويها عن نفسه أو عن أبيه أو عن أمه، أو عن بعض أحبائه، صدقة لله يتقرب بها إلى الله وحده سبحانه وتعالى هذا لا بأس به، ولكن تركه أولى لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النذر فينبغي تركه، ويكره النذر مع كونه لله يكره، أما إذا أراد به النذر لغير الله يعتقد أن هذا الشيخ يشفي مريضه، يرد الغائب بما أعطاه الله من الولاية، أو من الكرامة فلهذا ينذر له، ينذر للبدوي بالطعام، ينذر له عجل، ينذر له شاة، أو للشيخ عبد القادر الجيلاني أو للدسوقي، أو لفلان أو لفلان، ممن يغلو فيهم الصوفية، وغيرهم هذا كله من الشرك بالله عز وجل، أو ينذر للجن أو يسألهم، أو يستغيث بهم أو يستعين بهم أو يستغيث بالأموات، يقول: يا سيدي ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 23 (¬2) سورة البينة الآية 5 (¬3) سورة الذاريات الآية 56

فلان انصرني، أو اشف مريضي، أو رد غائبي أو أنا في حسبك، أو أنا في جوارك، كما يفعله عباد الأموات، أو عباد القبور، هذا لا يجوز هذا من الشرك بالله سبحانه وتعالى، ومن النذور البطالة أيضا التي تحرم، كأن ينذر أن يشرب الخمر، أو يزني أو يتعامل بالربا، هذه نذور معصية والنبي عليه السلام قال: «ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه (¬1)». واختلف العلماء هل فيه كفارة أم لا على قولين، والأرجح أن نذر المعصية فيه كفارة، إنه لا يعصي ولكن فيه كفارة يمين، لأنه جاء في بعض الروايات أنه لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين، فينبغي لمن فعل ذلك أن يتوب إلى الله، وعليه كفارة يمين، إذا قال: لله عليه أن يشرب الخمر، أو يزني أو يسرق أو يضرب فلانا بغير حق، هذا نذر باطل منكر ومعصية، ولا يجوز له فعله، وعليه كفارة يمين على الصحيح. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور باب النذر في الطاعة برقم 6696.

حكم التبرع للمساجد التي حولها قبور

20 - حكم التبرع للمساجد التي حولها قبور س: يوجد عندنا مسجد بجانبه قبران خارج المسجد، أحدهما يوجد داخل حجرة مبنية له، بحجة أنه ولي صالح، ويوجد بداخل الحجرة صندوق مخصص للتبرعات، يضع فيه الزوار النقود وتنفق هذه النقود فيما ينقص المسجد، السؤال ما الحكم في إنفاق هذه النقود، وما الحكم بالنسبة للصلاة فيه، وبماذا تنصحوننا أفتونا أثابكم الله؟ (¬1) ج: إذا كان القبر خارج المسجد، فلا حرج من الصلاة في المسجد، لأنه مستقل حينئذ والرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن اتخاذ المساجد على القبور، قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)». فإذا كان القبر خارج ذلك المسجد، في حجرة خارج المسجد فلا حرج، لكن هذا القبر يجب أن يبعد إلى مقابر المسلمين، حتى لا يغلى فيه وحتى لا يعبد من دون الله، وهذا الصندوق يجب أن يزال، لأن الجهلة يسلمون الأموال تقربا إلى صاحب القبر، لأنه بزعمهم ولي، فكونهم يتقربون إليه بالنذور والصدقات، هذا شرك أكبر ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط، رقم 119. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور برقم 1330، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور برقم 529.

لا يجوز، فالواجب على المسؤولين في البلد أن يتصلوا بالعلماء، وأن يزيلوا هذا القبر، ويزيلوا رفاته إلى مقابر المسلمين، مع المقابر وتزال هذه الحجرة التي قد يفتن بها الناس، ويزال الصندوق وهذه الأموال التي في الصندوق تصرف في مصالح المسلمين، في مصالح المسجد أو مصالح المدارس، أو يعطاها الفقراء ونحو ذلك، لأنها أموال ضائعة ليس لها مالك في الحقيقة، فتصرف في المصالح العامة، ويزال هذا الصندوق ويخبر الناس بأنه لا يجوز التقرب لأهل القبور، لا بالذبائح ولا بالنذور، ولا يصلى عند القبور ولا يصلى لهم، ولا يدعون من دون الله، ولا يستغاث بهم، ولا ينذر لهم، لأن هذا لا يجوز، النذر لهم شرك بالله، ودعاؤهم من دون الله، كأن يقول يا سيدي أنا بجوارك، يا سيدي المدد المدد هذا شرك أكبر من جنس عمل المشركين في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل مكة وغيرهم، الميت يدعى له ويستغفر له، ويترحم عليه، ولا يدعى من دون الله، ولا يستغاث به، ولا ينذر له ولا يذبح له، فمن فعل هذا مع الأموات فقد أشرك، قال الله عز وجل: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬1) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (¬2)، وقال سبحانه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (¬3) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (¬4)، وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح، عن علي رضي الله عنه - أمير المؤمنين - أنه قال: ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 162 (¬2) سورة الأنعام الآية 163 (¬3) سورة الكوثر الآية 1 (¬4) سورة الكوثر الآية 2

«لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثا - يعني مبتدعا أو غيره ممن يحدثون حدثا في الدين، وينصرون ويجارون - لعن الله من غير منار الأرض (¬1)». يعني مراسيمها وحدودها. والشاهد قوله: «لعن الله من ذبح لغير الله (¬2)». فالذبح لغير الله تقرب لغير الله، كالصلاة لغير الله، فلا يجوز أن يذبح لفلان أو فلان، تقربا إلى الميت الفلاني، والنبي الفلاني أو للجن أو للملائكة، يتقربون إليهم أو للأنبياء يعبدونهم، بهذا من دون الله هذا لا يجوز، الذبيحة لله وحده والدعاء كذلك لا يدعى مع الله أحد. ¬

_ (¬1) مسلم الأضاحي (1978)، النسائي الضحايا (4422)، أحمد (1/ 118). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله، برقم 1978، والنسائي في كتاب الضحايا، باب من ذبح لغير الله عز وجل، برقم 4422، والإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 857.

حكم الأموال التي يتبرع بها للقبور

21 - حكم الأموال التي يتبرع بها للقبور س: سؤال يقول سماحة الشيخ: ما حكم الشرع في الأموال التي تنذر للأولياء، وتوضع في صناديق أضرحتهم، وهل لأحد فيها حق لانتسابه إلى هذا الولي؟ (¬1) ج: هذه الأموال التي تنذر للموتى، ويتقرب بها إليهم، هذه نذور شركية باطلة، وعلى من فعلها أن يتوب إلى الله، وأن ينيب إليه وأن يستغفره سبحانه، لأن النذر عبادة كالصلاة والذبح، كلها عبادات، فالذي ينذر لأصحاب القبور، أو للأصنام أو للجن كالذي يدعوهم ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط، رقم 114.

ويستغيث بهم، وكالذي يذبح لهم كله شرك بالله عز وجل، فالواجب الحذر من ذلك، وهذه الأموال التي توضع في الصناديق من النذور، يجب أن يأخذها ولي الأمر وأن تصرف في وجوه البر والخير، كالصدقة على الفقراء أو في مشاريع خيرية، وأن تمنع منعا باتا إذا عثر عليها ولي الأمر المسلم، يزيلها ويمنع الناس من هذا الأمر، ويعلمهم أن هذا لا يجوز، وما كان موجودا فيها يوزع بوجوه الخير كما تقدم، ولا يجوز أن يقر هذا الصندوق، بل يجب أن يمنع وتمنع السدنة الذين يدعون إلى ذلك، ويعاقبوا بما يردعهم وأمثالهم، وينادي في الناس في المساجد والخطب والصحف المحلية أن هذا شرك وأنه لا يجوز حتى يرتدع الناس، وحتى يعلم الناس بذلك، والواجب على العلماء أن يفعلوا ذلك، الواجب على أهل العلم في كل مكان أن يرفعوا هذا اللبس عن الناس بالكلام الطيب في الإذاعة وفي الصحافة وفي التلفاز، حتى يكون الناس على بينة وعلى بصيرة، والله يقول جل وعلا في كتابه العظيم: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (¬1)، ويقول سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} (¬2)، ويقول عز وجل: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (¬3)؛ فالدعوة إلى الله من أهم الأمور وهي فرض على المسلمين فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط عن الباقي، فإن ¬

_ (¬1) سورة النحل الآية 125 (¬2) سورة يوسف الآية 108 (¬3) سورة فصلت الآية 33

تركها العلماء والدعاة أثموا جميعا، فالواجب على أهل كل بلد وكل قرية من أهل العلم أن ينشروا العلم وأن يبينوا للناس ما أوجب الله عليهم من الدعوة ومن الإخلاص لله، وتوحيد العبادة وعدم صرفها لغير الله كائنا من كان، وتحريم الشرك قليله وكثيره، صغيره وكبيره، وهكذا بقية الأوامر والنواهي، يوضحوا للناس وجوب الصلاة وأدائها في الجماعة، وجوب الزكاة ووجوب صوم رمضان، وحج البيت مع الاستطاعة، بر الوالدين صلة الرحم، صدق الحديث، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى غير هذا مما أوجب الله، كما أنه يجب عليهم أن يبينوا للناس ما حرم الله عليهم من الشرك وترك الصلاة، أو التساهل بها أو العقوق للوالدين أو أحدهما، أو قطيعة الرحم أو أكل الربا أو الغيبة والنميمة، أو قتل النفوس بغير الحق أو شهادة الزور، أو غير هذا مما حرم الله، هذا واجب العلماء والله سائلهم سبحانه وتعالى، عما كتموا وعما لديهم من العلم، وهذا أوان نشر العلم، هذا وقت الغربة الآن، وقبل هذا العام بأزمان كثيرة، فالغربة للإسلام عظيمة ومنتشرة والعلماء قليل، العلماء بالله ودينه، أهل البصائر قليلون، الواجب عليهم مع قلتهم أن ينشروا العلم، وأن يتقوا الله في جميع الدول، في الدول الإسلامية وفي الأقليات الإسلامية، وفي كل مكان يجب عليهم أن ينشروا العلم، وأن يعلموا الناس من طريق وسائل الإعلام، فقد يسر الله للناس اليوم وسائل الإعلام، طريق الإذاعة والصحافة والتلفاز، والخطابة ومن سائر الأمور الممكنة،

كالنصيحة في المجتمعات والمحافل ونحو هذا، مما يتيسر لطالب العلم إذا اجتمع بإخوانه أو في حفلة وليمة، أو حفلة عرس أو غير هذا من أنواع الاجتماعات، المؤمن يستغل الفرص، العالم يستغل الفرص حتى ينشر العلم، وحتى يوضح للناس ما أوجب الله عليهم، وحتى يشرح للناس ما حرم الله عليهم، وبذلك تبرأ ذمته، وينتشر العلم وتقوم الحجة، ويحصل له من الأجور مثل أجور من هداه الله على يديه، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (¬1)». ويقول عليه الصلاة والسلام: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا (¬2)». والعكس بالعكس لا حول ولا قوة إلا بالله، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا (¬3)». ويقول - صلى الله عليه وسلم - لعلي رضي الله عنه - أمير المؤمنين - لما بعثه إلى خيبر لدعوة اليهود، وقتالهم إن أبوا، قال له عليه الصلاة والسلام: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم (¬4)». هكذا يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام لابن عمه ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله برقم 1893. (¬2) مسلم العلم (2674)، الترمذي العلم (2674)، أبو داود السنة (4609)، أحمد (2/ 397)، الدارمي المقدمة (513). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب العلم، باب من سن سنة حسنة أو سيئة برقم 2674. (¬4) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 3701

أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، والخليفة الراشد رابع الخلفاء، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة رضي الله عنه، يقول له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فوالله " - يحلف وهو الصادق وإن لم يطلب منه الحلف، لكن للتأكيد - لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم (¬1)»، فلا يليق بطالب العلم ولا بالعالم، بل يجب أن يشمر أينما كان، وأن يتقي الله وأن يراقبه، وأن ينشر العلم يريد ما عند الله من المثوبة، يريد أن يهدي الناس وأن يرشدهم، وأن ينقذهم مما هم فيه من الباطل، وأن يخرجهم من الظلمات إلى النور، تأسيا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعملا بأمره، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. ¬

_ (¬1) البخاري الجهاد والسير (2847)، مسلم فضائل الصحابة (2406)، أبو داود العلم (3661)، أحمد (5/ 333).

حكم النذر لأصحاب القبور ودعائهم من دون الله

22 - حكم النذر لأصحاب القبور ودعائهم من دون الله س: ما حكم النذر على القبور والدعاء لأصحاب القبور، مثلا يدعو صاحب القبر، يا شيخ فلان ويا شيخ فلان، وما حكم هؤلاء الناس الذين يدعون أصحاب القبور؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، أما النذر للأموات والاستغاثة بهم ودعاؤهم، فهذا من الشرك الأكبر ومن العبادة لغير الله، فإذا قال: لله علي كذا وكذا من المال للبدوي أو للرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو للصديق أو للشيخ عبد القادر، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط، رقم 97.

أو عليه ذبيحة أو ذبيحتان للشيخ عبد القادر، أو للسيد الحسين أو للبدوي أو للرسول - صلى الله عليه وسلم -، هذا من الشرك الأكبر، لأن النذر عبادة، لا ينذر إلا لله وحده سبحانه وتعالى، أو قال: يا رسول الله أغثني أو اشف مريضي، أو يا سيد الحسين أو يا علي أو يا فاطمة، أو يا سيدي البدوي أو يا فلان أو يا فلان، كل هذا من الشرك الأكبر، لأنه دعوة لغير الله، والله يقول سبحانه في كتابه العظيم: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬1)، فقول سبحانه أحدا نكرة في سياق النهي، تعم الأنبياء وتعم الصالحين، وتعم الملائكة وتعم الأصنام عامة، ويقول سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬2). يعني المشركين وجميع المخلوقات لا ينفعون ولا يضرون إلا بالله، هو الذي ينفع ويضر سبحانه وتعالى، ويقول عز وجل: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬3) فسمى من دعا غير الله كافرا، فدل ذلك على أنه من الشرك الأكبر، وقال عز وجل: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬4)؛ القطمير: اللفافة التي على النواة، على عجمة التمر: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬5) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬6) ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 18 (¬2) سورة يونس الآية 106 (¬3) سورة المؤمنون الآية 117 (¬4) سورة فاطر الآية 13 (¬5) سورة فاطر الآية 13 (¬6) سورة فاطر الآية 14

فسماه شركا، سمى دعاءهم إياهم شركا، ونفى أنهم يسمعون، لأنهم ما بين ميت لا يستطيع السمع، وما بين ملك مشغول بما هو فيه، أو جني مشغول أو لا يعرف شيئا من ذلك، ولا يدري عن شيء من ذلك، أو ميت أو صنم أو شجرة، كلها لا تجيب داعيها، كل هؤلاء لا يجيبون داعيهم، لا يسمعون ولا يستجيبون، وهم مع هذا لو قدر أنهم سمعوا، كالملك أو غيره، لا يستطيعون أن يجيبوا، لأن أمرهم بيد الله سبحانه وتعالى، هو مالكهم ومالك غيرهم سبحانه وتعالى، فإذا كانوا أمواتا فلن يستطيعوا، وإذا كانوا جمادا لا يستطيعون وإذا كانوا ملائكة أو جنا فهم لم يشرع لنا أن ندعوهم من دون الله، وهم لا يتصرفون إذا كانوا ملائكة إلا بإذن الله، والله لا يأذن لهم أن يعبدوا من دون الله، ولا يرضوا بذلك وهكذا الجن المؤمنون، لا يرضون بذلك، والكافرون لا يجوز أن يعبدوا، فلا يعبد هؤلاء ولا هؤلاء، فالمؤمنون من الجن والإنس، لا يرضون بذلك ولو رضوا لكفروا بذلك، والجن لا يرضون بذلك، إذا كانوا مؤمنين، وأما كفار الإنس وكفار الجن، فليسوا أهلا لأن يعبدوا من دون الله، ولو عبدوا من دون الله، لكان عابدهم كافرا من باب أولى، ولهذا قال سبحانه: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬1). هؤلاء المعبودون كلهم يكفرون بشرك العابدين، من جن وإنس وملائكة، كلهم يكفرون بعبادة عابديهم، فعلم بذلك أن عبادة غير الله ¬

_ (¬1) سورة فاطر الآية 14

من جن أو إنس، أو ملائكة أو صنم أو شجر أو غير ذلك، كله كفر بالله، كله شرك بالله عز وجل، ولهذا يقول سبحانه: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} (¬1) {قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} (¬2). قال سبحانه: {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} (¬3). نسأل الله العافية، فالخلاصة أنه لا يجوز دعاء غير الله، ولا النذر لغير الله، ولا الاستغاثة بغير الله، ولا سؤالهم شفاءهم المرضى، ولا رد الغياب ولا الرزق ولا غير هذا، مما يحتاجه الناس سوءا كانوا أنبياء أو ملائكة، أو شجرا أو صنما أو جنا أو غير ذلك، يجب أن تكون العبادة لله وحده سبحانه وتعالى، أما كونه يدعو للميت، ويستغفر له فلا بأس، إذا كان الميت مسلما قال: اللهم اغفر لفلان، اللهم اغفر للحسين، اللهم ارض عن الحسين، اللهم اغفر لأبي بكر، اللهم ارض عن أبي بكر أو دعا لغيرهم، من الصالحين من المسلمين هذا مأجور عليه، دعاء المسلم لأخيه فيه أجر عظيم، وخير كثير قال الله تعالى عن الصالحين إنهم قالوا: {اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} (¬4)؛ فالدعاء للميت المسلم والاستغفار له، هذا طيب لكن المنكر أن يدعوه من دون الله، أن يستغيث به أن ينذر له أن ¬

_ (¬1) سورة سبأ الآية 40 (¬2) سورة سبأ الآية 41 (¬3) سورة الأحقاف الآية 6 (¬4) سورة الحشر الآية 10

يسأله الشفاعة ويسأله شفاء المريض، هذا هو المنكر هذا هو الشرك، أما إذا دعا له قال: اللهم اغفر له، الله ارحمه، اللهم ارفع درجته في الجنة، اللهم اغفر سيئاته، هذا لا بأس به وهذا طيب مأمور به.

حكم النذر بالذبح عند القبر

23 - حكم النذر بالذبح عند القبر س: يقول هذا السائل: مرضت وأنا صغير، فنذرت أمي إن شفيت وكبرت أن تذبح ماعزا عند قبر الولي، ويجتمع عليها الناس، وعندما كبرت أحضرت ماعزا لتفي بنذرها، فأخذت الماعز وبعتها في السوق، وقلت لها إن هذا شرك بالله، هل ما قمت به صحيح أم لا؟ أرجو الإفادة، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: قد أحسنت، هذا هو الصواب، ليس لها أن تذبح عند قبر الولي لا عن نذر ولا عن غير نذر، إذا كان الذبح للولي كان شركا أكبر، إذا كان القصد التقرب للولي، لفلان أو فلان، عند قبر البدوي، أو فلان أو الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو ابن عربي، أو فلان أو فلان، كل هؤلاء لا يجوز التقرب إليهم بالذبائح، ولا يدعى أحد من دون الله ولا يستغاث به، ولا ينذر له، كل ذلك من الشرك الأكبر، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط، رقم 208.

وهكذا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، لا يجوز للمسلم أن يذبح للنبي، يتقرب إليه، أو يسأله أن يغيثه أو ينصره، أو يشفي مريضه، لا نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ولا غيره، هذا حق الله سبحانه وتعالى، والله يقول: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (¬1)، ويقول عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬2)، ويقول سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (¬3)، ويقول عز وجل: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬4) والنبي عليه السلام يقول: «الدعاء هو العبادة (¬5)» فلا يدعى أحد مع الله، لا نبي ولا ملك ولا جن ولا إنس ولا ولي ولا غير ذلك. وهكذا الذبح، لا يذبح للأنبياء ولا للملائكة ولا للأولياء، ولا يتقرب إليهم بالنذور، ولا غير هذا من العبادات. يقول الله سبحانه: {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (¬6)، ويقول سبحانه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (¬7) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (¬8)، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله من ذبح لغير الله (¬9)»، فالتقرب للأولياء بالذبيحة من الشرك الأكبر، كونه يذبح عند قبره أو في غير قبره، حتى ولو في مكان بعيد، ولو ببيت الإنسان، كونه يذبح ينوي الولي، فلانا أو فلانا، هذا شرك أكبر، مثل لو صلى له وسجد له فهو شرك، فهكذا إذا ذبح له، أو دعاه أو استغاث به أو نذر له، أو قال: يا سيدي اشف مريضي، أو ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 21 (¬2) سورة الإسراء الآية 23 (¬3) سورة البينة الآية 5 (¬4) سورة الجن الآية 18 (¬5) أخرجه الإمام أحمد في مسند الكوفيين، حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، برقم 17888. (¬6) سورة الأنعام الآية 163 (¬7) سورة الكوثر الآية 1 (¬8) سورة الكوثر الآية 2 (¬9) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله، برقم 1978، والنسائي في كتاب الضحايا، باب من ذبح لغير الله عز وجل، برقم 4422، والإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 857.

انصرني أو دلني على كذا، أو ما أشبه ذلك، سواء عند قبره أو بعيدا عن قبره، هذا كله لا يجوز، هذا حق الله، هو الذي يدعى سبحانه وتعالى، هو الذي يسأل؛ أما الحي الحاضر كونه يذبح له ذبيحة، كرامة له لأنه ضيف، جاء من سفر، أو لأنه قريب له زاره وذبح له، من أجل الكرامة، ضيف، هذا لا بأس به، وهكذا لو قال لأخيه الذي عنده: ساعدني على كذا، الحي الحاضر، ساعدني على إصلاح سيارتي، على إصلاح مزرعتي، يتعاون هو وإياه في المزرعة، لا بأس؛ أما الأموات أو الغائبون أو الملائكة، أو الأنبياء، أو الجن يدعوهم مع الله، أو يستغيث بهم أو ينذر لهم هذا لا يجوز، هذا من الشرك الأكبر، لا يدعى الغياب ولا الموتى ولا الجمادات، كالأشجار والأحجار والأصنام ولا الملائكة كلهم ما يدعون مع الله، ولا يستغاث بهم ولا ينذر لهم، بل هذا من الشرك الأكبر، نعوذ بالله من ذلك. أما إذا كان بالطرق الحسية مع الأحياء، مثل أن يكتب برقية، يقول: أقرضني كذا أو يكلمه بالهاتف، أقرضني كذا أو ساعدني على كذا، مع إنسان حي يكلمه، أو يكتب له رسالة، هذا مثل الحي الحاضر، مثل المشاهد، لا حرج في ذلك كما قال الله عز وجل في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (¬1) فالناس يتعاونون، الأحياء يتعاونون، لا حرج في ذلك، لكن دعاء الميت أو الغائب لأنه يعتقد فيه ¬

_ (¬1) سورة القصص الآية 15

السر، أنه يسمع ولو بعد، أو دعاء الجمادات كالأصنام والكواكب هذا كله شرك أكبر، أو دعاء الملائكة والجن، هذا شرك أكبر؛ لأنهم غائبون عنك، مشغولون بشؤونهم، ليس من جنس الحاضر بين يديك، الذي تخاطبه، وتسأله أن يعينك على كذا، أو كذا. وبهذا ينبغي للمؤمن أن يحتاط ويبتعد عن أسباب الشرك، وعن ذرائعه وعن أعماله. وقد أحسنت أيها السائل في إخبار أمك، وإيضاح الحق لها، فقد أحسنت في ذلك، بارك الله فيك.

حكم أكل الذبيحة التي تذبح لغير الله

24 - حكم أكل الذبيحة التي تذبح لغير الله س: يسأل السائل ويقول: عندنا في القرية إذا حصل للإنسان مكروه يقول: إذا أزال الله عني هذا المكروه سوف أذبح ذبيحة على قبر الشيخ فلان، هل يصح الأكل من هذه الذبيحة؟ وهل يصح الوفاء بهذا النذر إذا زال المكروه؟ (¬1) ج: النذر فيه تفصيل، فإذا كان النذر طاعة لله، كأن يقول: لله علي إن شفى الله مريضي فلانا أن أصلي كذا وكذا، أو أصوم أيام كذا وكذا، أو شهرا، أو ما أشبه ذلك، أو أتصدق بكذا، هذا نذر طاعة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه (¬2)»، فإذا قال: إن شفى ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط، رقم 252. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور باب النذر في الطاعة برقم 6696.

الله مريضي، أو رد غائبي، أو شفيت من كذا، صمت لله خمسة أيام أو عشرة أيام، تصدقت بألف درهم، صليت كذا وكذا، كل هذا نذر طاعة متى حصل المطلوب وجب عليه الوفاء. أما إذا كان النذر معصية لله فالنذر لا يجوز، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يعصي الله فلا يعصه (¬1)»، فلو قال: لله علي إن شفى الله مريضي أن أذبح للشيخ فلان ذبيحة للبدوي، أو للحسين، أو الشيخ عبد القادر، أو لغيرهم، هذا شرك أكبر، هذا لا يجوز، هذا لا يحل الوفاء به، وعليه التوبة إلى الله من ذلك، لأن هذا هو الشرك الأكبر، الذبح للأموات والتقرب إليهم بالذبائح، أو النذور، هذا الشرك الأكبر. العبادة حق الله وحده؛ يقول سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬2). ويقول سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي} (¬3) يعني قل يا محمد للناس: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (¬4) يعني ذبحي، {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬5) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (¬6)، ويقول سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (¬7) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (¬8)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله (¬9)» فلا يجوز الذبح للجن ولا للمشايخ أصحاب القبور، ولا لغيرهم من أصنام أو أشجار أو أحجار أو ملائكة أو أنبياء، لا. الذبح يكون لله وحده، التقرب لله بالذبح، الضحايا والهدايا لله وحده سبحانه وتعالى. فيقول: لله علي إن شفى الله مريضي أن أذبح كذا وكذا، لله وحده ناقة أو بقرة أو ذبيحة ¬

_ (¬1) البخاري الأيمان والنذور (6318)، الترمذي النذور والأيمان (1526)، النسائي الأيمان والنذور (3807)، أبو داود الأيمان والنذور (3289)، ابن ماجه الكفارات (2126)، أحمد (6/ 36)، مالك النذور والأيمان (1031)، الدارمي النذور والأيمان (2338). (¬2) سورة الإسراء الآية 23 (¬3) سورة الأنعام الآية 162 (¬4) سورة الأنعام الآية 162 (¬5) سورة الأنعام الآية 162 (¬6) سورة الأنعام الآية 163 (¬7) سورة الكوثر الآية 1 (¬8) سورة الكوثر الآية 2 (¬9) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله، برقم 1978، والنسائي في كتاب الضحايا، باب من ذبح لغير الله عز وجل، برقم 4422، والإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 857.

من الغنم، لله وحده، هذا قربة وطاعة. عليه أن يوفي بذلك. أما أن يذبح للشيخ الفلاني يتقرب إليه، حتى يشفع له، أو يشفي مريضه، فهذا الشرك الأكبر وهكذا إذا قال: يا شيخ فلان اشف مريضي، أو انصرني، أو يا رسول الله اشفني، أو انصرني، أو يا شيخ عبد القادر انصرني، أو اشف مريضي، أو رد غائبي كل هذا من الشرك الأكبر، لا يجوز دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات ولا النذر لهم، ولا سؤال الجن، ولا النذر لهم، ولا التقرب إلى الأصنام من الحجارة أو غيرها، كل هذا منكر عظيم، وشرك أكبر. الله يقول سبحانه: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬1)، ويقول سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬2) يعني المشركين. قال عز وجل: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬3) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (¬4)، ويقول سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬5) الواجب إخلاص العبادة لله وحده. ومن ذلك الدعاء والخوف والرجاء والذبح والنذر، كله عبادة، يجب أن تكون لله وحده، ولا يصرف منها شيء، لا للأصنام ولا للشيوخ ولا للأنبياء ولا للجن ولا للأشجار ولا للملائكة ولا لغيرهم العبادة حق الله وحده سبحانه وتعالى. وهكذا لو قال: لله علي إن شفى الله مريضي أو رد غائبي أن أشرب الخمر، أو أزني هذه معصية لله لا يوفي ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 18 (¬2) سورة يونس الآية 106 (¬3) سورة الزمر الآية 2 (¬4) سورة الزمر الآية 3 (¬5) سورة البينة الآية 5

بها، هذا منكر عظيم. يتقرب لله بالمعاصي، هذا منكر عظيم، لا يجوز له الوفاء بذلك، وعليه كفارة يمين عن هذا النذر الباطل عن هذا النذر المعصية. والخلاصة أن النذر أقسام، فما كان لله وحده، إذا كان طاعة لله وجب الوفاء به، وما كان معصية أو شركا لا يوفى به. المعصية يجب التوبة منها والشرك يجب التوبة منه. أما إذا كان ليس شركا، ولا معصية، ولا طاعة مثل لله علي أن أزور فلانا، أو آكل طعام فلان، هذا مخير إن شاء زار فلانا وإن شاء كفر عن نذره ولم يزره ولم يأكل طعامه، مخير؛ لأن هذا مباح أو لله علي أن أعزم فلانا، أو أصنع له طعاما، هو مخير، إن شاء عزمه ودعاه وإن شاء ترك. لكن إذا لم يعزمه ولم يوف بنذره عليه كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فإن عجز صام ثلاثة أيام، هذا كفارة اليمين، كما نص على ذلك ربنا عز وجل في سورة المائدة.

حكم النذر بذبح الدجاج بناء على نصائح المشعوذين

25 - حكم النذر بذبح الدجاج بناء على نصائح المشعوذين س: بعض الناس إذا مرض نذر أن يذبح بعض الدجاج بناء على نصائح بعض المشعوذين الذين يحددون لهم ألوانه، هل هذا جائز أم لا؟ (¬1) ج: إذا كان على طريقة المخرفين والدجالين والكهنة ونحو هذا ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط، رقم 208.

فلا يجوز، أما إذا أراد التقرب إلى الله إن الله شفاه أن يذبح دجاجا أو ناقة، أو شاة للفقراء والمحاويج هذا قربة إلى الله، ولكن النذر مكروه، ما ينبغي النذر، لكن لو نذر عليه أن يوفي بنذره؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه (¬1)»، ولقول الله سبحانه: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} (¬2)، لكن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر، قال: إنه لا يأتي بالخير، فينبغي له ألا ينذر، لكن إذا نذر طاعة لله كصلاة وصوم وصدقة يوفي بنذره إذا حصل الخير، أما أن ينذر دجاجا على رأي المخرفين الذين قد يجرونه إلى الشرك، ويقول له: إذا نذرت دجاجة صفتها كذا، أو دجاجة صفتها كذا أو كذا يشفى مرضك، هذا كله باطل لا أصل له، هذا منكر فلا يطيعهم في ذلك، وإنما الذبح صدقة، وإذا نذر على أنه صدقة لله، لعل الله ينفعه بهذه الصدقة لا بأس، أما على اعتقاد أن هذا الشيء يحصل به الشفاء بأسباب قول المخرفين هذا لا يجوز. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور باب النذر في الطاعة برقم 6696. (¬2) سورة الإنسان الآية 7

باب ما جاء في دعاء غير الله تعالى

باب ما جاء في دعاء غير الله تعالى

باب ما جاء في دعاء غير الله تعالى 26 - حكم دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عند زيارة قبره س: نسمع الكثير من بعض الحجاج وغيرهم، إذا دخلوا المسجد النبوي، نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بقوله: يا رسول الله أتيتك من بلاد كذا وكذا، فاشف مريضي واقض حاجتي، وارزقني كذا وكذا إلى آخره فما هو توجيه سماحتكم لهؤلاء؟ (¬1) ج: الزيارة للمسجد النبوي سنة، وقربة وطاعة ويشد لها الرحال، لقول صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى (¬2)». فهذه الثلاثة المساجد أفضل مساجد الدنيا ولهذا شرع الله شد الرحال لها، للعبادة في المسجد ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط، رقم 90. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب حج النساء، برقم 1864، ومسلم في كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، برقم 1397.

الحرام في الحج والعمرة والصلاة فيه، والقراءة والاعتكاف، والمسجد النبوي للصلاة فيه والقراءة والذكر، والاعتكاف والتعلم والتعليم كما في المسجد الحرام، لكن يختص المسجد الحرام بالطواف، لأن الله شرع الطواف فيه، ويقصد بأداء الحج والعمرة، أما المسجد النبوي فيقصد للعبادة، لا يقصد من أجل القبر بل من أجل المسجد من أجل الصلاة فيه، والقراءة فيه، والذكر والاعتكاف ونحو ذلك، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة في مسجدي هذا، خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام، أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمائة صلاة (¬1)»؛ هذا فضل عظيم، والسنة للزائر إذا زار المسجد أن يسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى صاحبيه يقف على قبره وقبر صاحبيه، ويسلم على الجميع عليه الصلاة والسلام، فيقف على القبر الشريف ويقول: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، أشهد أنك قد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة ونصحت الأمة، وجاهدت في الله حق جهاده، فجزاك الله عن أمتك أفضل الجزاء، وأحسنه وإن اكتفى بالسلام فقط وانصرف فلا بأس ثم يأخذ عن يمينه قليلا، فيسلم على الصديق، فيقول: السلام عليك يا أبا بكر الصديق ورحمة الله وبركاته، جزاك الله عن أمة محمد خيرا، ورضي الله عنك، فلقد نصحت وأديت الأمانة ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المدنيين، حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، برقم 15685.

ونحو ذلك، وهكذا ينحرف قليلا عن يمينه أيضا، ويسلم على عمر الفاروق - رضي الله عنه - كما سلم على الصديق، ويدعو لهم رضي الله عن الجميع، هذا السنة. أما أن ينادوا من قريب، أو من بعيد يقول: يا رسول الله أغثني أو اشف مريضي، أو جئت من بلاد بعيدة لتشفيني أو لتعطيني كذا وكذا، هذا هو الشرك الأكبر، هذا لا يجوز لا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا مع غيره، ولا مع الصديق ولا مع عمر ولا مع أي أحد من الناس، لأن العبادة حق الله وحده، والدعاء هو العبادة فلا يجوز صرفه لغير الله، كائنا من كان. والأموات لا يسألون ولا يدعون ولا يستغاث بهم، سواء كانوا من الأنبياء أو من غير الأنبياء، فالواجب إخلاص العبادة لله وحده كما قال الله سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬1)، وقال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬2)، وقال سبحانه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬3). فقوله سبحانه أحدا نكرة في سياق النهي، تعم الأنبياء وتعم الصالحين، وتعم الأصنام والأشجار والملائكة وغير ذلك، فلا يدعو مع الله أحدا، يعني كائنا من كان. وهكذا قوله سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬4) يعني: المشركين، وكل ما سوى الله لا ينفع ولا يضر، الله سبحانه هو النافع الضار، وهو الذي يجعل المنفعة فيمن يشاء، ويسلبها عمن يشاء، ¬

_ (¬1) سورة الذاريات الآية 56 (¬2) سورة الإسراء الآية 23 (¬3) سورة الجن الآية 18 (¬4) سورة يونس الآية 106

ويجعل العزة فيمن يشاء، ويسلبها عمن يشاء، وهو سبحانه النافع الضار، المعطي المانع القوي العزيز جل وعلا، فهو الذي يسأل ويطلب، سبحانه وتعالى، فإذا جئت للرسول - صلى الله عليه وسلم - للسلام عليه، أو إلى أي مقبرة للسلام على القبور والدعاء لهم، فاحذر أن تدعوهم مع الله لا تقول يا سيدي فلان اشف مريضي، أو اقض حاجتي، أو أنا في حسبك أو أنا في جوارك، أو قد جئت قاصدا لك لتغفر لي، أو لترحمني أو لتشفي مريضي، أو لتسهل كربتي، لا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا مع غيره، هذا حق الله سبحانه وتعالى، ولكن تسلم على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعلى صاحبيه، وتترضى عنهما، وتصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتشهد له أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، هذا حق. أما الزيادة على هذا الوضع: بأن تقول يا رسول الله اشفع لي في كذا أو انصرني، أو اشف مريضي أو أنا في جوارك، أو أنا في حسبك، أو أنا مظلوم، فانصرني، أو أمتك قد أصابها ما أصابها فانصرها، أو اشفها مما أصابها، أو ما أشبه ذلك، فهذا لا يجوز. هذا من الشرك بالله سبحانه وتعالى، ولكن هذا يطلب من الله، تطلب في صلاتك في المسجد النبوي وغيره، أو في بيتك تقول: يا رب انصرني، يا رب أصلح أمة محمد، يا رب وفقهم يا رب اجمع كلمتهم على الحق، يا رب احمهم من شر أعدائهم، يا رب اغفر لي، يا رب اشف مريضي، هذا بينك وبين الله سبحانه وتعالى في المساجد في الصلاة في غير ذلك، أما المخلوق وإن كان نبيا لا يملك هذا، كله بيد الله عز وجل، يقول الله سبحانه

لنبيه - صلى الله عليه وسلم - لما قنت مدة من الزمن يدعو على أحياء من العرب، أنزل الله في حقه: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} (¬1). فالأمر لله سبحانه وتعالى، هو الذي بيده الهداية والإضلال، والضر والنفع والعطاء والمنع، وغير ذلك، كله بيده، سبحانه وتعالى، وهو المالك لكل شيء والشفاعة حق الله سبحانه وتعالى، {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} (¬2) هي ملك له سبحانه وتعالى، يعطيه من يشاء وقد أخبر رسوله - صلى الله عليه وسلم -، أن الله يشفعه يوم القيامة، ليس هناك حاجة أن تسأله أنت، وهو في قبره، إذا كان يوم القيامة، إن كنت من أهل الجنة، دخلت بشفاعته، وكذلك يشفع لأهل الموقف ليقضى بينهم، وأنت منهم، فلا حاجة إلى أن تسأله إياها، تسأل الله وتقول: اللهم شفع في نبيك، اللهم اجعلني من أهل شفاعته، اللهم اجزه عنا خيرا، وما أشبه ذلك، أما أن تطلبها من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا. أما في حياته فلا بأس، إن كان حيا بين الناس عليه الصلاة والسلام، تقول: يا رسول الله اشفع لي أن الله يهديني، أن الله يرزقني. كان يشفع لأصحابه، ولما أصابهم الجدب (القحط) في بعض السنوات، أتى بعضهم إليه وهو يخطب يوم الجمعة، فقال: يا رسول الله، هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله أن يغيثنا، فرفع يديه عليه الصلاة والسلام، وقال: «اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا (¬3)»؛ فأنشأ الله السحاب ثم أمطر فخرج الناس في مطر كل قد ¬

_ (¬1) سورة آل عمران الآية 128 (¬2) سورة الزمر الآية 44 (¬3) البخاري الجمعة (968)، مسلم صلاة الاستسقاء (897)، النسائي الاستسقاء (1518).

ابتل قبل أن يصل البيت، ولم يزل المطر إلى الجمعة الأخرى، ثم جاء ذلك الرجل أو غيره في الجمعة الأخرى، وقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله أن يمسكها عنا فرفع يديه - صلى الله عليه وسلم - وقال: «اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر (¬1)» فانقشع السحاب ووقف المطر عن المدينة، وأجاب الله دعوته في الحال في الأولى والأخرى عليه الصلاة والسلام، وذلك من علامات نبوته، وأنه رسول الله حقا، عليه الصلاة والسلام، ففي حياته لا مانع أن يطلب منه أن يستغيث للمسلمين، فيشفع لهم وهكذا يوم القيامة، وهو بين أظهرهم يوم القيامة، يتوجه إليه المؤمنون ويسألون: أن يشفع حتى يريح الله الناس من هول الموقف، وحتى يقضي بينهم، ثم يطلب من الله تعالى للمؤمنين أن يدخلوا الجنة، يشفع إلى الله بدخول أهل الجنة الجنة، هذا حق جاءت به النصوص، فإنه لا يطلب منه شيء، بل يصلى عليه، عليه الصلاة والسلام، وتتبع سنته ويعظم أمره ونهيه، أما أن يسأل شفاء المرضى، أو قضاء الحاجات عند قبره، أو في أي بلد، هذا الذي لا يجوز، هذا هو الشرك الأكبر الذي حرمه الله على عباده، بقوله سبحانه: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (¬2)، وفي قوله عز وجل: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (¬3)، وفي قوله ¬

_ (¬1) البخاري الجمعة (968)، مسلم صلاة الاستسقاء (897)، النسائي الاستسقاء (1518)، أبو داود الصلاة (1174)، أحمد (3/ 194). (¬2) سورة لقمان الآية 13 (¬3) سورة المائدة الآية 72

سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬1) وفي قوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬2)، فالواجب على كل مكلف، وكل إنسان أن ينتبه لهذا الأمر، سواء كان حاجا أو غير حاج، فليحذر الاستغاثة بالأنبياء أو بالصالحين، أو بالملائكة أو بالجن في أي مكان، بل يجعل دعاءه لله وحده، ويخص ربه بالدعاء والاستغاثة، ويلجأ إليه سبحانه ويسأله قضاء حاجاته، وتفريج كروبه، فهو سبحانه القادر على كل شيء سبحانه وتعالى، أما الأنبياء والملائكة والجن وسائر الخلق، فليس في أيديهم شيء، الملك لله وحده سبحانه وتعالى، هو المالك لكل شيء جل وعلا: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (¬3) فاتق الله يا عبد الله، واحذر ما حرم الله عليك، وانصح من معك وبين لهم ما شرع الله لهم في الحج وفي غيره، وحذرهم مما حرم الله عليهم، وهكذا النساء يعلمن ويوجهن إلى ما يرضي الله، ويقرب إليه ويبين لهن أيضا ما شرع الله لهن في الحج حتى يكون الجميع على بصيرة في حجهم، وفي زيارتهم للمسجد النبوي، على صاحبه أفضل الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 88 (¬2) سورة النساء الآية 48 (¬3) سورة المائدة الآية 120

حكم دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - والاستغاثة به

27 - حكم دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - والاستغاثة به س: لي جدة تدعو الله وتدعو معه النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعض الأشخاص؛ وإني لأغضب لذلك بشدة، مع أن جدتي قليلة السمع، لا تسمع إلا برفع الصوت. كيف أتصرف معها لو تكرمتم؟ (¬1) ج: عليك أن تعلمها ولو برفع الصوت، لأنها لا تسمع، هذا الرفع لا يضر؛ لأنك إنما رفعت لتسمعها، لا لإهانتها ولا لإدخال السوء عليها. والنهي الذي جاء في القرآن: {وَلَا تَنْهَرْهُمَا} (¬2) هذا إذا كان على سبيل الإيذاء والإهانة. أما إذا كان على سبيل التفهيم لأنها ضعيفة السمع، فلا حرج في ذلك. المقصود أنك تفهمها وتعلمها، أن دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، والاستغاثة بالنبي شرك أكبر، وأنه لا يجوز لها أن تستغيث بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أن تدعوه مع الله، ولا تقول المدد المدد، أو انصرني، أو اشف مريضي، أو عافني يا رسول الله، أو رد علي كذا وكذا. هذا من خصائص الله، لا يجوز طلبه من الموتى لا من النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا من غيره. فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يصلى عليه ويدعى له، أما أنه يطلب منه شفاء المرضى، أو يطلب منه النصر على الأعداء، أو ما أشبه ذلك، هذا ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط، رقم 193. (¬2) سورة الإسراء الآية 23

شرك أكبر. لا يجوز معه، ولا مع غيره من الناس. وهكذا طلب المدد، أو شفاء المرض، أو الرزق، أو طول الأجل، أو ما أشبه ذلك، كل هذا لا يطلب إلا من الله سبحانه، لا يطلب من غيره، لا من الأنبياء ولا من غيرهم.

بيان أن قبر الخضر عليه السلام لا يعرف مكانه

28 - بيان أن قبر الخضر عليه السلام لا يعرف مكانه س: يوجد عندنا مقام ويدعي الناس أنه موجود فيه قبر الخضر عليه السلام فيأتون إلى هذا المقام ويأخذون معهم الشموع والحلوى، وعندما يدخلون فيه يضيئون الشموع، ويبدءون بالدعاء والنذر عند هذا القبر، فهل هذا بدعة؟ (¬1) ج: الخضر مات من دهر طويل، والصواب أنه مات قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام، وهو رجل صالح، وذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه نبي، وهو الأرجح لظاهر القرآن الكريم، ولكن لا يعرف قبره، الذي يقال عندكم إنه قبر كذب لا صحة له ولو عرف ما جاز أن يغلا فيه ولا ينذر له، ولا يدعى من دون الله، ولا يتبرك به، ولا يبنى عليه، بل هذا منكر عظيم، بل النذر للخضر أو دعاؤه من دون الله من الشرك الأكبر، كدعاء الأنبياء والصالحين، والاستغاثة بهم، كله شرك أكبر، ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط، رقم 274.

الله يقول سبحانه: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬1)، ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬2)، فلا يجوز للرجل ولا للمرأة دعاء الخضر ولا الاستغاثة به، ولا النذر له ولا الطواف بما يدعى أنه قبر له، كل هذا لا يجوز بل من الشرك الأكبر، الدعاء والنذر له والاستغاثة به من الشرك الأكبر، والطواف بالقبر الذي يدعى أنه قبر الخضر أو غيره، الطواف بالقبور طلبا للثواب من أهلها أو الفائدة من أهلها شرك أكبر؛ فالواجب على جميع من يأتي هذا القبر أن يترك ذلك وأن يحذره، والواجب على الدولة إن كانت مسلمة أن تهدم هذا وتزيله؛ لأنه كذب لا صحة له. ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 18 (¬2) سورة المؤمنون الآية 117

حكم دعاء غير الله تعالى

29 - حكم دعاء غير الله تعالى س: إذا كان المسلم قد وقع في محنة أو ضيق، فدعا الله عز وجل ومن ثم دعا أحد الصالحين، مثال الشيخ عبد القادر الجيلاني، قدس الله سره أو غير ذلك من الصالحين، فهل هذا جائز أم لا، فقد دار جدال بيننا حول هذا الموضوع، وذكر أحد الإخوة بأنه سمع بأذنه، بأن إحدى الإذاعات ذكرت بأن المؤمن إذا وقع في ضيق يجب عليه أن يقول: يا عبد القادر ثلاث مرات، ويقول: يا ساكن بغداد يا راعي الحمراء، وحينئذ يفرج كربه في هذه الحالة، أو يدعو أحد الرجال الصالحين دون ذكر الله، أفيدونا أفادكم الله وشكر الله لكم؟ (¬1) ج: الواجب على المسلم إذا وقع في ضيق وحاجة، أن يضرع إلى الله سبحانه، ويتوجه إليه جل وعلا، ويسأله حاجته وكشف كربته، كما قال الله عز وجل: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} (¬2)، فهو سبحانه يجيب المضطر، والقائل عز وجل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (¬3)، وهو القائل سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬4) ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط، رقم 123. (¬2) سورة النمل الآية 62 (¬3) سورة البقرة الآية 186 (¬4) سورة غافر الآية 60

فالواجب على المؤمن في هذه الحال إذا اضطر: أن يضرع إلى الله، وأن يفزع إليه سبحانه وتعالى، وأن يسأله تفريج كربته، وتيسير أمره، أما الفزع إلى عبد القادر أو إلى غيره من الناس، فهذا هو الشرك الأكبر، هذا شرك أكبر نعوذ بالله من ذلك، فلا يجوز أن يفزع الإنسان إلى عبد القادر، أو إلى السيد البدوي أو إلى الحسين أو إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أو إلى غيره من الناس، بل يجب الفزع إلى الله وحده، وهو القائل سبحانه: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬1) وهو القائل عز وجل: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬2) فهو جل وعلا الذي يجيب المضطر، ويكشف السوء ويجود على عباده سبحانه وتعالى، ولا ينبغي لأحد أن يغتر بما يفعله بعض الناس، من الفزع إلى الشيخ عبد القادر، أو إلى غيره، أو أنها تقضى حاجته في بعض الأحيان، هذا من باب الاستدراج، وقد يقضيها له بعض الجن، يستدرجه بذلك حتى يوقعه في الشرك الأكبر دائما، فلا ينبغي لعاقل أن يغتر، فكون حاجته قضيت لما دعا الشيخ عبد القادر أو غيره قد تقضى الحاجة بأسباب قدرها الله سبحانه وتعالى صادفت وقت دعائه لعبد القادر، وقد تكون حاجة يستطيعها بعض شياطين الجن، فيقضيها لك لأجل يستدرجك في الشرك، ويوقعك في الشرك مرة أخرى، ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 18 (¬2) سورة يونس الآية 106

والمقصود أن الواجب على المكلف أن يخلص لله عبادته، وأن لا يدعو معه أحدا سبحانه وتعالى، لا نبيا ولا غيره وهو يقول جل وعلا: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬1) ويقول سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬2)، ويقول عز وجل: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬3) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (¬4). وبهذا تعلم أيها السائل أن هذا الذي قيل لك، قول باطل ومنكر ومن الشرك الأكبر، وأن الواجب على جميع المسلمين، وعلى جميع المكلفين الإخلاص لله في العبادة، وألا يدعى أحد معه جل وعلا، لا ملك ولا نبي ولا صالح ولا غيرهم، ولا يدعى إلا الله وحده سبحانه وتعالى، لكن الأحياء لا بأس أن تدعو الحي القادر، يساعدك في شيء من الزكاة أو غيره لا بأس تقول لأخيك الحاضر: يا أخي ساعدني على إصلاح سيارتي، أو على عمارة بيتي، أو على قضاء الحاجة الفلانية، وهو حي حاضر يسمع كلامك، هذا لا بأس به كما قال الله عز وجل في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (¬5)، وكما هو معلوم بين المسلمين أنهم يتساعدون في أمور دنياهم، وفي أمور دينهم والله يقول سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (¬6) ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «والله في عون ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 5 (¬2) سورة البينة الآية 5 (¬3) سورة الزمر الآية 2 (¬4) سورة الزمر الآية 3 (¬5) سورة القصص الآية 15 (¬6) سورة المائدة الآية 2

العبد ما كان العبد في عون أخيه (¬1)» فالتعاون بين المسلمين فيما يقدرون عليه مشافهة، أو من طريق الكتابة أو من طريق الهاتف: (التلفون)، أو من غيره من الطرق الحسية المعروفة لا بأس بهذا، هذا شيء معروف جائز، لأنه طلب من مخلوق ما يقدر عليه، وهو حي حاضر يسمع كلامه، أو تكاتبه بذلك مكاتبة أو من طريق الهاتف، ونحو ذلك أما دعاء الأموات أو دعاء الغائبين من الملائكة والجن، أو دعاء الأحجار والأصنام والأشجار، هذا شرك أكبر. نسأل الله العافية والسلامة. وهذا دين المشركين الأولين، دين أبي جهل وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة، وأبي لهب ونحوهم، هذا دينهم، يعبدون الأنبياء والأولياء ويستغيثون بهم، وينذرون لهم ويذبحون لهم، فكفرهم الله بهذا وقاتلهم نبيه محمد عليه السلام حتى أسلم من أسلم منهم، حتى ظهر دين الله عز وجل، فالواجب على كل مكلف أن يخص ربه بالعبادة، أينما كان يفزع إليه في جميع الشؤون، وجميع الحاجات وجميع الكربات، دون كل ما سواه سبحانه وتعالى، ولكن مثل ما تقدم لا بأس أن تستعين بأخيك الحاضر الحي، تستعين به في مزرعتك تحط عمالا في مزرعتك تستعين بهم في شؤونك، تستعين بإخوانك وهم أحياء يسمعون كلامك، أو بالكتابة أو بالبرقية أو بالهاتف أو بالتلكس، هذه أمور عادية غير داخلة في الشرك، إذا صارت في أمور يقدر عليها ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، برقم 2699.

المستعان به. أما دعاء الأموات كالشيخ عبد القادر، والشيخ البدوي أو الحسين أو علي رضي الله عنه أو الأنبياء أو غيرهم من الصالحين. فهذا لا يجوز هذا من الشرك الأكبر، وهكذا دعاء الجن أو دعاء الملائكة، أو دعاء الأصنام والأشجار والأحجار، هذا هو الشرك الأكبر، هذا دين أهل الشرك، هذا الدين الذي بعث الله الرسل عليهم الصلاة والسلام بإنكاره، والتحذير منه.

حكم دعاء الأولياء

30 - حكم دعاء الأولياء س: قال شيخ لمريده، الذي يريد أن يدرس في أوربا، قال له وهو يودعه: يا بني إذا سولت لك نفسك بالمعصية، هناك فتذكر شيخك؛ يصرف الله عنك هذا السوء وهذه الفاحشة، فهل هذا شرك بالله؟ (¬1) ج: هذا منكر عظيم وشرك بالله جل وعلا، لأنه فزع إلى الشيخ لينقذه من هذا الشيء، والواجب أن يقول: فاذكر الله واسأل ربك العون والتوفيق، واعتصم بالله ونحو ذلك، فأما أن يوصيه بأن يذكر شيخه، هذا من شأن الصوفية، يوجهون مريديهم وتلاميذهم على أن يعبدوهم من دون الله، ويلجأوا إليهم ويتوكلوا عليهم، ويسألوهم قضاء ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط، رقم 98.

الحاجات، وتفريج الكروب وتعليمهم الشرك، نعوذ بالله من ذلك، فالواجب على هذا الشخص أن يتقي الله، وأن يفزع إلى الله فيما يهمه، ويسأله العون والتوفيق، لا إلى شيخه الذي علمه أن يفزع إليه، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.

حكم من يدعو أصحاب القبور

31 - حكم من يدعو أصحاب القبور س: ما حكم أولئك الذين يدعون أصحاب القبور؟ (¬1) ج: حكمهم أنهم مشركون، إذا دعوا أصحاب القبور، أو دعوا الأصنام أو الأشجار، أو الأحجار أو الملائكة أو الجن، كلها طريقها واحد، كله كفر بالله عز وجل، يستثنى من هذا شيء واحد، وهو أنه لا بأس أن يستعين المؤمن بأخيه الحاضر، أو بغير المؤمن كما لو اشترى سلعة من كافر، أو قال له يبني له المحل، أو يصلح السيارة وهو يسمع كلامه، ويقدر هذا أمر مستثنى ليس من الشرك، مثل ما قال الله سبحانه في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (¬2)، فإذا قال الإنسان لأخيه الحاضر، أو لغير أخيه من كافر، قال له: اصنع لي كذا أو اعمل لي كذا، أو اعمر لي هذا البيت، أو أصلح لي هذه ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط، رقم 97. (¬2) سورة القصص الآية 15

السيارة، أو احرث لي هذه الأرض بكذا وكذا، اتفق معه على شيء لا بأس، هذه أمور عادية يقدر عليها المخلوق الحي الحاضر، المنكر هو أن يدعو غائبا أو ميتا، أو إنسانا حيا لكن يعتقد فيه السر، أمورا ما يقدر عليها بطبيعته يعتقد أنه سر، وأنه إذا دعي مع الله، إذا سئل أن يغفر الذنوب، أو سئل أن يدخل الجنة، أنه يستطيع هذه الأمور لسر فيه، هذا هو المنكر ولو كان حيا، فكمن يعبد من بعض الصوفية شيوخهم، وكبارهم الموتى ويستغيثون بهم، ويطلبونهم شفاء المرضى، هذا من الشرك الأكبر ولو كان حيا، لأنه سأله شيئا ليس من طاقته، وليس من قدرته، بخلاف إذا قال: سلفني كذا أقرضني كذا، اعمر لي هذه الدار بكذا أصلح هذه الأرض، أصلح هذه السيارة، ناولني هذا المتاع الذي في السيارة، أمور بين الناس عادية لا بأس بها.

حكم الاستعانة والاستغاثة بالأموات

32 - حكم الاستعانة والاستغاثة بالأموات س: هناك جماعة من الناس يستعينون بالأموات والمشايخ، وهناك بعض الإخوة يقولون لهم: إنكم مشركون بهذا العمل، ويقاطعونهم بالرد، فما هو توجيهكم جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: نعم الاستعانة بالأموات والاستغاثة بالأموات أو بالأشجار ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط، رقم 270.

والأحجار أو بالأصنام أو بالجن أو بالملائكة، كله شرك أكبر، أو بالرسل كله شرك أكبر، كله من الشرك بالله عز وجل، وهكذا بالمشايخ إذا كانوا أمواتا أو غائبين، يعتقد فيهم أنهم ينفعونه أو يشفعون له، يدعونهم من دون الله، يستغيث الإنسان بهم، كل هذا من الشرك الأكبر، وقد أنزل الله في ذلك كتابه العظيم، وبعث به رسله الكرام عليهم الصلاة والسلام، قال عز وجل في كتابه العظيم: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬1)، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬2)، وقال جل وعلا: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬3) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬4) يسمي دعاءهم شركا، فلا يجوز للمسلم أن يدعو الأموات أو يستغيث بهم أو ينذر لهم أو يذبح لأئمتهم، يتقرب إليهم بالذبائح أو يستغيث بهم عند الشدائد، كل هذا من الشرك الأكبر، وهذا عمل كفار قريش وغيرهم، هذا عمل الكفار عند قبور الأموات، وعند أصنامهم وأشجارهم التي يعبدونها من دون الله، والقريب والغائب مثل الميت، الغائب عنك مثل الميت، يدعو غائبا يعتقد أنه يسمع دعاءه في السر، يدعوه مثلا في مصر أو في مكة، أو في أي مكان يدعوه من بعيد، هذا من دعاء الميت وهو شرك أكبر، ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 18 (¬2) سورة المؤمنون الآية 117 (¬3) سورة فاطر الآية 13 (¬4) سورة فاطر الآية 14

أما الحاضر الذي يسمع كلامك تقول له عبد الله أعني على كذا، أقرضني كذا، ساعدني على إصلاح السيارة، أعني على رفع الحجر، ارفع هذا الباب علي، ارفع هذه الخشبة لا بأس حاضرا يسمع كلامه، ويقدر على أن يعينك لا بأس بهذا، كما قال الله في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (¬1)؛ لأن موسى يسمع الكلام ويستطيع فلا بأس، وهكذا خوفكم من العدو تغلق الباب، أو تخرج من بلد إلى بلد، تخاف من العدو لا بأس كما قال الله جل وعلا في قصة موسى: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} (¬2) خرج من مصر خائفا من شيعة آل فرعون، لما قتل قتيلا، الشيء الذي يفعله الإنسان مع الحاضر، أو مع الجماعة الحاضرين أو خوفا من العدو الحاضر، يبتعد عنه لئلا يعاقبه، ويهرب إلى جهة بعيدة حتى يكون أسلم له، كل هذا لا بأس به، هذه أمور عادية وأمور متعلقة بالأسباب، حسية معروفة لا حرج فيها، أما دعاء الأموات والغائبين عنك، والأصنام والأشجار والأحجار هذا هو الشرك الأكبر، هذا عمل المشركين الأولين، من عباد اللات والعزى ومناة، ومن عمل قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وغيرهم من الكفرة، هذه أعمالهم، فالواجب على العاقل أن يميز بين الأمرين، وأن يكون على بصيرة، فإذا قلت لأخيك يا أخي ناولني هذه السجادة، أو ناولني هذا الإناء، أو أقرضني كذا، حاضرا يسمع كلامك لا بأس بإجماع المسلمين، لا حرج ¬

_ (¬1) سورة القصص الآية 15 (¬2) سورة القصص الآية 21

في ذلك، أو في البناء، أو في الحرب، أو الجهاد تستعين به تقول بعد السلام: تقدم إلى المحل الفلاني، أمسك المحل الفلاني، احرس المحل الفلاني، كل هذا لا بأس فيه، هذه أمور عادية مشروعة، مأمور بها ليس صاحبها عبدا لغير الله، بل أمور حسية مقدورة يتعامل بها الناس. س: ما حكم من قال: إن من يدعون الأولياء الصالحين هم مسلمون؟ (¬1) ج: حكمه أنه يبين له أن هذا كفر وضلال، إذا أصر صار كافرا مثلهم يبين له كفرهم وضلالهم، والأدلة على ذلك يقول الله جل وعلا: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬2)، ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬3) سماهم كفرة؛ قال سبحانه: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬4) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬5) سمى دعاءهم شركا يبين لهم، أن دعاءهم واستغاثتهم بالأموات، هذا شرك المشركين، هذا شرك قريش مع اللات مع غيرهم من الصالحين ومع الملائكة، نسأل الله العافية والسلامة. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط، رقم 372. (¬2) سورة الجن الآية 18 (¬3) سورة المؤمنون الآية 117 (¬4) سورة فاطر الآية 13 (¬5) سورة فاطر الآية 14

حكم كتابة أسماء بعض الأولياء على السيارة لقصد سلامة الرحلة

33 - حكم كتابة أسماء بعض الأولياء على السيارة لقصد سلامة الرحلة س: ما هو رأي الشرع في الذين يكتبون على جنبات عرباتهم بعض العبارات - وما أكثرهم في بلدي - مثل أن يقولوا يا الشيخ التوم ودنباقا، يا الشيخ الياقوت، يا الشيخ المكاشفي. علما بأن هؤلاء كما يقولون أولياء الله، وهم ميتون، وقبورهم عليها قباب وتزار للتبرك على حد زعمهم. وجهونا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذا العمل لا يجوز، بل هو منكر، بل هو شرك، لأن قصدهم التوجه إلى هؤلاء ليحفظوا سياراتهم، وليحفظوا ركابهم، ولهذا يكتبون عليها يا فلان، يا فلان، أو يا رسول الله، أو يا علي، أو ما أشبه ذلك، كل هذا لا يجوز، وكله من الشرك الأكبر؛ لأنه استغاثة بغير الله، ولجوء إلى غير الله، ودعاء لغير الله، يقصدون من هذا أن يمدهم بما يسبب سلامة رحلتهم، وسيرهم في الداخل أو في الخارج، فلا يجوز مثل هذا العمل. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط، رقم 197.

حكم التلفظ بكلمة (أرجو منك)

34 - حكم التلفظ بكلمة (أرجو منك) س: تقول هذه السائلة: هل كلمة أرجو أو الرجاء لغير الله جائزة، أم إن الرجاء لا يكون إلا لله عز وجل؟ (¬1) ج: لا بأس أن تقول لأخيك: أرجو منك يا أخي أن تعطيني كذا، أو أرجو من والدي أن يعطيني كذا أو أرجو من والدتي أو أرجو من فلان صاحب له أن يعطيني أو أن يقرضني أو يعينني على كذا وكذا، لا بأس بهذا، لكن الشخص الذي لا يستطيع أو ليس من شأن الإنسان، لا يرجى منه، إنما هذا فيما يستطاع أرجو منه أن يقرضني كذا أرجو منه أن يعينني وهو يستطيع، أما أن تقول أرجو من الميت، فلا. هذا شرك أن رجوت أنه يعينك بكذا أو رجوت من الغائب الذي لا يسمع كلامك، ولا تخاطبه، إنما تعتقد فيه أنه يساعدك، وهو ميت؛ إذا رجوته أو خفته هذا من الشرك لا يجوز. أما إذا رجوته بمكاتبة وهو غائب، بالهاتف التليفون وهو غائب، أو خاطبته وهو حاضر، تقول: أرجو أن تقرضني كذا، أرجو أن تعينني على كذا وكذا؛ هذا لا حرج فيه، لأن دعاء الحاضر السامع فيما يقدر عليه، لا حرج فيه. كما قال الله سبحانه في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (¬2)؛ لأن موسى قادر حاضر، فاستغاثه شخص من بني إسرائيل، على خصم له من القبط، فأغاثه موسى، فالمقصود ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط، رقم 372. (¬2) سورة القصص الآية 15

أن الاستغاثة بالحي الحاضر، القادر مشافهة أو بالمكاتبة، لا حرج في ذلك إذا كان قادرا.

حكم الغلو في محبة النبي صلى الله عليه وسلم

35 - حكم الغلو في محبة النبي صلى الله عليه وسلم س: هذا السائل يقول: ما معنى الغلو في حب النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ (¬1) ج: الغلو: الزيادة بأن تفعل شيئا ما شرعه الله، هذا هو الغلو، يقال غلا القدر إذا ارتفع الماء بسبب النار. فالغلو: معناه الزيادة في غير المشروع. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين (¬2)»، والله يقول سبحانه: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} (¬3)، فالغلو الزيادة في المحبة في الأعمال التي شرعها الله، يقال لها: غلو، مثلا تقول: الله شرع لنا خمس صلوات، أنا أجعل سادسة، الضحى أوجبها على الناس، أنت مثلا سلطان أو أمير تقول: أزيد - الزيادة خير - صلاة سادسة. هذا لا يجوز، الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. (¬4)» هذا غلو؛ أو تقول: ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط، رقم 367. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، رقم 3238. (¬3) سورة النساء الآية 171 (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، برقم 1718.

أنا أحب النبي - صلى الله عليه وسلم - فأدعوه من دون الله، أقول: يا رسول الله، اشف مريضي، انصرني، بعد موته، هذا غلو. ادع الله لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: «فليدع الله (¬1)» أمرك أن تدعو الله، ما أمرك أن تدعوه هو، أمرك أن تدعو الله، الله سبحانه الذي يقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬2)؛ فعليك أن تدعو الله، لا تسأل الرسول، ويقول جل وعلا: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬3)، فدعاء غير الله من الأموات والأشجار والأحجار حتى النبي كفر أكبر. هذا من الغلو، ومن الغلو أن تزيد فيما شرع الله في سائر العبادات، شرع الله أن تتوسل بأسمائه وصفاته والأعمال الصالحة، تزيد أنت التوسل بجاه النبي، أو ببركة النبي، أو بحق النبي. هذا بدعة وغلو، لكن توسل بالأعمال الصالحة، حبك للنبي، نعم، اللهم إني أسألك بحبي لنبيك، بإيماني بنبيك، هذا طيب، هذه وسيلة شرعية، لكن بجاه نبيك، هذا ما له أصل، بحق نبيك، هذا ما هو بمشروع، ببركة نبيك، هذا ما هو بمشروع. المشروع أن تتوسل بمحبته، بإيمانك به، باتباعك له، بطاعتك له، هذه الوسيلة الشرعية أو بأسماء الله وصفاته، أو بالإيمان بالله ورسوله. ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في كتاب التطبيق، باب كيف التشهد الأول، برقم 1163. (¬2) سورة غافر الآية 60 (¬3) سورة المؤمنون الآية 117

باب ما جاء في الشفاعة

باب ما جاء في الشفاعة

باب ما جاء في الشفاعة 36 - بيان أنه لا يشفع أحد عند الله تعالى إلا بإذنه س: حدثونا عن شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذ إني سمعت عن هذا بعض الشيء وأريد أن أستدرك كثيرا مما فاتني حول هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: النبي - صلى الله عليه وسلم - له شفاعات، منها شيء يختص به، ومنها شيء يشترك معه الناس فيه، فأما الشفاعة التي تختص به، فهي الشفاعة العظمى لأهل الموقف يشفع لهم، يسجد عند ربه ويحمده محامد عظيمة، ويأذن الله له بالشفاعة، فيشفع لأهل الموقف حتى يقضى بينهم، وهذه من خصائصه عليه الصلاة والسلام، وهذا هو المقام المحمود، الذي ذكر الله جل وعلا في سورة بني إسرائيل: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} (¬2) وهذا المقام هو مقام الشفاعة، يحمده فيه الأولون والآخرون، عليه الصلاة والسلام، فإنه ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط، رقم 216. (¬2) سورة الإسراء الآية 79

تتوجه إليه الخلائق يوم القيامة، المؤمنون يتوجهون إليه، بعدما يتوجهون إلى آدم ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، فكلهم يعتذرون، ثم يقول لهم عيسى: اذهبوا إلى عبد قد غفر الله له من ذنبه ما تقدم وما تأخر، يعني محمدا عليه الصلاة والسلام، فيتوجهون إليه فإذا طلبوا منه، تقدم عليه الصلاة والسلام إلى ربه، وسجد بين يدي العرش، وحمده سبحانه بمحامد عظيمة، يفتحها الله عليه، ثم يقال له: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع، واسأل تعطه، واشفع تشفع، فيشفع عند ذلك، بعد إذن الله سبحانه وتعالى، لأنه يقول جل وعلا: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} (¬1)، فلا أحد يشفع عنده إلا بإذنه سبحانه وتعالى. وهناك شفاعات أخرى خاصة به، عليه الصلاة والسلام، وهي الشفاعة في أهل الجنة ليدخلوا الجنة فإنهم لا يدخلون ولا تفتح لهم إلا بشفاعته، عليه الصلاة والسلام، هذه خاصة به عليه الصلاة والسلام، وهناك شفاعة ثالثة خاصة به لأبي طالب عمه وهو أن شفع له حتى صار في ضحضاح من النار، وهو قد مات على الكفر بالله، وصار في غمرات من النار، فيشفع له - صلى الله عليه وسلم - أن يكون في ضحضاح من النار، بسبب نصره إياه، لأنه نصره وحماه لما تعدى عليه قومه، فيشفع له - صلى الله عليه وسلم - أن يكون في ضحضاح من النار، وهذه شفاعة خاصة بأبي طالب، مستثناة من قوله جل وعلا: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} (¬2) إلا في هذه الخصلة، مع أبي طالب خاصة ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 255 (¬2) سورة المدثر الآية 48

وأبو طالب مخلد في النار مع الكفرة، لكنه في ضحضاح من النار، يغلي منه دماغه، نسأل الله العافية، وهو أهون أهل النار عذابا، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن أهون الناس عذابا يوم القيامة، من له نعلان من نار، يغلي منهما دماغه (¬1)»، نسأل الله السلامة. وفي رواية: «يوضع على قدميه جمرتان من نار، يغلي منهما دماغه، ويرى أنه أشد الناس عذابا، وهو أهونهم عذابا (¬2)» وأبو طالب من هذا الصنف نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، برقم 3885، ومسلم في كتاب الإيمان، باب أهون أهل النار عذابا، برقم 213. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، برقم 6562، ومسلم في كتاب الإيمان، باب أهون أهل النار عذابا، برقم 213.

حكم طلب الشفاعة من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو غيره

37 - حكم طلب الشفاعة من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو غيره س: كثير من الناس يقولون: الشفاعة يا محمد، هل هي شرك؛ وإن كانت شركا ماذا يقولون؟ (¬1) ج: طلب الشفاعة من النبي - صلى الله عليه وسلم - أو من غيره، من الأموات لا يجوز، وهو شرك أكبر عند أهل العلم، لأنه لا يملك شيئا بعدما مات عليه الصلاة والسلام، والله يقول: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} (¬2) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط، رقم 35. (¬2) سورة الزمر الآية 44

الشفاعة ملكه سبحانه وتعالى، والنبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره من الأموات لا يملكون التصرف بعد الموت، بشفاعة ولا بدعاء ولا بغير ذلك، الميت إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، وإنما جاء أنها تعرض عليه الصلاة، عليه الصلاة والسلام، ولذا قال: «فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم (¬1)»؛ «صلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم (¬2)»، وأما حديث أنها تعرض عليه الأعمال، فإن وجد خيرا حمد الله، وإن وجد شرا استغفر لنا، فهو حديث ضعيف، لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو صح لم يكن فيه دلالة أن نطلب منه الشفاعة، فالحاصل أن طلب الشفاعة من النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو من غيره من الأموات أمر لا يجوز، وهو على القاعدة الشرعية، من الشرك الأكبر، لأنه طلب من الميت شيئا لا يقدر عليه، كما لو طلب منه شفاء المريض، أو النصر على الأعداء، أو غوث المكروبين، وما أشبه ذلك، فكل هذا من أنواع الشرك الأكبر، ولا فرق بين طلب هذا من النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو من الشيخ عبد القادر أو فلان أو فلان أو من البدوي، أو من الحسين أو من غير ذلك، طلب هذا من الموتى أمر لا يجوز، وهو من أقسام الشرك، وإنما الميت يترحم عليه إذا كان مسلما، ويدعى له بالمغفرة والرحمة، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم عليه المسلم، يصلي عليه، عليه الصلاة والسلام، ويدعو له إما أن يطلب منه المدد، أو الشفاعة أو ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب زيارة القبور، برقم 2042. (¬2) أبو داود المناسك (2042)، أحمد (2/ 367).

النصر على الأعداء، كل هذا لا يجوز، وهذا من عمل أهل الجاهلية، ومن عمل أهل الشرك، فيجب على المسلم أن ينتبه لهذا وأن يحذر من هذا.

باب ما جاء في التوسل

باب ما جاء في التوسل

باب ما جاء في التوسل 38 - بيان معنى التوسل والوسيلة س: حدثونا عن التوسل والوسيلة، ووضحوا لنا الشبه والرد عليها، ولا سيما أن هناك من يستدل بمثل قوله تعالى: {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} (¬1) ويستدلون أيضا بالتوسل بالعباس رضي الله عنه، وما الفرق بين التوسل بالأنبياء والصالحين، والتوسل بالأعمال الصالحة؟ جزاكم الله خيرا (¬2). ج: هذا السؤال سؤال مهم، وجدير بالعناية، لأنه يشتبه الموضوع فيه على كثير من الناس، فالوسيلة وسيلتان: وسيلة جائزة، بل مشروعة مأمور بها، ووسيلة ممنوعة، أما الوسيلة المشروعة، فهي التوسل إلى الله بالإيمان، والعمل الصالح، وسائر ما شرعه الله جل وعلا، وهي المراد في قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} (¬3) يعني: القربة إليه بطاعته، كالصلاة والصوم والصدقة، والحج، وإخلاص ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 35 (¬2) السؤال الثالث عشر من الشريط، رقم 266. (¬3) سورة المائدة الآية 35

العبادة لله ونحو ذلك، فقوله سبحانه: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ} (¬1) يعني: من دون الله، من أصنام ومن أشجار، وأحجار، وأنبياء وغير ذلك، {فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} (¬2)، يعني: أولئك المدعوون لا يملكون كشف الضر عن داعيهم من مرض أو جنون أو غير ذلك، {وَلَا تَحْوِيلًا} (¬3) يعني: ولا تحويلا من حال إلى حال، ومن شدة إلى سهولة، أو من عضو إلى عضو، لا يملكون ذلك، بل هم عاجزون عن ذلك، وإنما هو بيد الله سبحانه وتعالى، ثم قال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ} (¬4)، يعني: أولئك الذين يدعوهم هؤلاء المشركون، من أنبياء وصالحين أو ملائكة: {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} (¬5)، يعني: هم يبتغون يطلبون من الله الوسيلة، وهي القربة إليه بطاعته من صلاة وصوم وصدقات وغير ذلك، ويرجون رحمته، لهذا عملوا واجتهدوا بطاعته، ويخافون عذابه سبحانه وتعالى، فهذه الوسيلة هي القيام بحقه من توحيده وطاعته، بفعل الأوامر وترك النواهي، وهي الإيمان والهدى والتقوى، وهي ما بعث الله به الرسل، عليهم الصلاة والسلام، من قول وعمل، فهذه الوسيلة واجبة من الواجبات، ومستحبة من المستحبات، فالتوسل إليه بتوحيده، والإخلاص له وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان وحج البيت، هذا أمر لازم، وفريضة، في الحجة الأولى من العمر، وكذلك التوسل إليه بترك المعاصي أمر لازم، ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 56 (¬2) سورة الإسراء الآية 56 (¬3) سورة الإسراء الآية 56 (¬4) سورة الإسراء الآية 57 (¬5) سورة الإسراء الآية 57

فريضة، والتوسل إليه، بالنوافل من صلاة النافلة، وصوم النافلة وصدقة النافلة، والإكثار من ذكر الله، أيضا مستحب، وقربة وطاعة، وذلك جعله الله من أسباب دخول الجنة، والنجاة من النار، أما الوسيلة الأخرى التي لا تجوز، فهي التوسل إليه بدعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، هذه وسائل شركية، يسميها المشركون وسيلة، وهي شرك أكبر وهي المراد في قوله سبحانه: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (¬1)، ويقول جل وعلا: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬2)، يعني يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فاتخذوهم وسيلة بهذا المعنى، يعني بدعائهم وسؤالهم، وطلب الشفاعة منهم، والنصر على الأعداء وشفاء المرضى ونحو ذلك، وزعموا أنهم بهذا يكونون لهم وسيلة، وهذا هو الشرك الأكبر، وهذا هو دين المشركين، نسأل الله العافية، فإن المشركين يزعمون: أن عبادتهم للأنبياء، والملائكة والصالحين والجن، وسيلة إلى مقاصدهم، وأن هذه المعبودات تشفع لهم عند الله، وتقربهم من الله زلفى، فأبطل الله ذلك، وأكذبهم بذلك، قال تعالى في حقهم: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (¬3)، بعد قوله سبحانه: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (¬4). ¬

_ (¬1) سورة يونس الآية 18 (¬2) سورة الزمر الآية 3 (¬3) سورة يونس الآية 18 (¬4) سورة يونس الآية 18

وقال في آية الزمر: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬1)؛ فأكذبهم الله سبحانه وتعالى، بقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (¬2)، فسماهم كذبة في قولهم: إنها تقربنا إلى الله زلفى، كفرة بهذا العمل، بدعائهم إياهم واستغاثتهم بهم ونذرهم لهم ونحو ذلك، فالواجب على جميع المكلفين بل على جميع الناس، الحذر من هذه الوسيلة، فلا يفعلها المكلف ولا غير المكلف، يجب على المكلف أن يحذرها، وعليه أن يحذر غير المكلفين، من أولاده أن يفعلها أيضا، فالله هو الذي يعبد سبحانه وتعالى، وهو الذي يدعى، وهو الذي يرجى وهو الذي يسأل النصر على الأعداء، والشفاء للمرضى، وغير ذلك من حاجات العباد، يقول سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬3) {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} (¬4) {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (¬5)، ويقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (¬6)، ويقول عن نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (¬7). ونذير وبشير، ليس بمعبود من دون الله، وليس بإله مع الله، سبحانه وتعالى، وقال ¬

_ (¬1) سورة الزمر الآية 3 (¬2) سورة الزمر الآية 3 (¬3) سورة الذاريات الآية 56 (¬4) سورة الذاريات الآية 57 (¬5) سورة الذاريات الآية 58 (¬6) سورة البقرة الآية 21 (¬7) سورة الأعراف الآية 188

جل وعلا: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬1)، {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} (¬2) قل يا محمد للناس: {إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} (¬3)، {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا} (¬4) {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} (¬5) {إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ} (¬6) بل ذلك بيده سبحانه وتعالى، هو الذي يملك النفع والضر، والعطاء والمنع والشفاء من الأمراض، والنصر على الأعداء، بيده سبحانه وتعالى، وهناك نوع ثان: من الوسيلة الممنوعة، هو التوسل بجاه فلان، وحق فلان، هذه الوسيلة ممنوعة، لكنها ليست شركا أكبر، بل هي من وسائل الشرك، كأن يقول: اللهم إني أسألك بجاه محمد، بجاه فلان وحق أنبيائك، هذا لا يجوز، هذه بدعة ليس عليها دليل، الله يقول: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (¬7) يدعى بأسمائه وصفاته، وما كان يتوسل إلا بالأعمال الصالحة، بالصلاة والصوم، وبر الوالدين، وصلة الرحم، والعفة عن الفواحش، هذه وسائل شرعية، كما في قصة أصحاب الغار، الذين آواهم المبيت والمطر إلى غار فدخلوا فيه، فانطبقت عليهم صخرة، سدت عليهم فم الغار، فقالوا فيما بينهم: لا ينجيكم من هذا إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فاسألوا الله وتوجهوا إليه بصالح أعمالكم، فأحدهم: دعا وسأل ربه ببره لوالديه، والآخر توسل إلى الله بعفته عن الزنا بعد قدرته على المرأة، والثالث توسل إلى الله ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 18 (¬2) سورة الجن الآية 19 (¬3) سورة الجن الآية 20 (¬4) سورة الجن الآية 21 (¬5) سورة الجن الآية 22 (¬6) سورة الجن الآية 23 (¬7) سورة الأعراف الآية 180

بأداء الأمانة، بأجير كان له أجر عنده، نمى أجره، فلما جاء أعطاه إياه كاملا فانفرجت عنهم الصخرة، بهذه الوسيلة الصالحة، العملية، وهذا من لطف الله وإحسانه، وآياته العظيمة، أن فرج عنهم وجعل انطباق هذه الصخرة، سببا لتوسلهم بهذه الأعمال، وليعلم الناس فضل الأعمال الصالحة، وأنها من أسباب تفريج الكروب وتيسير الأمور، وأن الواجب على العبد، أن يحذر غضب الله، وأسباب عقابه، متى أقام على المعصية فليحذر، وليبتعد عنها، ومتى قدر على البر والخير فليفعل، أما توسل عمر رضي الله عنه بالعباس، فهذا توسل بدعاء العباس، فإنه كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أجدب الناس كان يسأل الله عز وجل الغيث، وكان الناس يفزعون إليه ويقولون: يا رسول الله استغث لنا، هلكت الأموال وانقطعت السبل، يعني بسبب الجدب فيستغيث الله، ويسأله سبحانه أن يغيث العباد، فيغيثهم سبحانه وتعالى، فلما أجدبوا في عهد عمر، قال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا حين كان بين أيدنا، فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قم يا عباس فادع الله لنا، فقام العباس ودعا لهم واستغاث فسقاهم الله، والعباس عم النبي - صلى الله عليه وسلم -، هذا توسل بدعاء العباس، مثلما كان يتوسل بدعاء النبي في حياته، - صلى الله عليه وسلم -، فدل ذلك على أنه بعد وفاته، لا يستغاث به ولا يطلب منه الغوث، عليه الصلاة والسلام، لأنه لا يستطيع ذلك، انقطع عمله المتعلق بالدنيا، ولهذا طلب عمر رضي الله عنه من العباس، أن يدعو الله أن يغيث الناس، فقام العباس ودعا الله فأغاث الله الناس، وهكذا فعل معاوية رضي الله عنه في الشام طلب من يزيد بن

الأسود، الصحابي الجليل أن يسأل الله الغوث، فقام يزيد وسأل الله، فأغاث الناس، هذا لا بأس به شرعي، أن يقول ولي الأمر، أو خطيب المسجد لعالم من العلماء، أو بعض الأخيار: ادع الله يا فلان للمسلمين، أن الله يغيثهم فلا بأس، كما فعل عمر مع العباس، وكما فعل معاوية مع يزيد بن الأسود، وهكذا الإنسان يقول: اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى، وصفاتك العلا، أن تغيثنا وأن ترحمنا، وأن تغفر لنا، الله يقول سبحانه: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (¬1) فأنت تسأل، وهكذا غيرك يسأل يتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته، ويدعو الله للمسلمين، في الجدب وفي غيره، وبهذا يتضح أن الوسيلة: ثلاثة أقسام: قسم مشروع، وهو التوسل إلى الله بتوحيده، والإيمان به وبالأعمال الصالحة، وبأسمائه وصفاته، وقسم شرك، وهو التوسل إلى الله بدعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم، والذبح لهم، والتوسل بالأصنام، أو بالأشجار والأحجار، أو بالجن هذا شرك أكبر، القسم الثالث بدعة لا يجوز، وليس بشرك، وليس مشروعا، بل هو بدعة، وهو التوسل بحق فلان، أو بجاه فلان، أو حق الأنبياء، هذا منكر وبدعة، ومن وسائل الشرك، أما الوسائل الشرعية، فكما تقدم: التوسل بالأعمال الصالحات، وبأسماء الله وصفاته، هذا كله من التوسل الشرعي. ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 180

بيان بعض شبه المتوسلين بالمخلوقين والرد عليها

39 - بيان بعض شبه المتوسلين بالمخلوقين والرد عليها س: هل يتعرض سماحتكم لشبه أولئك، الذين يتوسلون بالمخلوقين؟ (¬1) ج: هذه الشبه لا أساس لها، بل هي باطلة، بعضهم يشبه يقول: إذا جاز التوسل بجاه فلان، وحق فلان، دل على أنه يدعى ويسأل، هذا باطل لأن هذا التوسل بدعة، ثم لو جاز ما صلح أن يكون دليلا على أن يستغاث بالإنسان، لأن التوسل بالجاه، سؤال لله، يسأل الله بجاه فلان، وهذا سؤال لله، ليس سؤالا للمخلوق، لكن الوسيلة هي التي منكرة وبدعة بجاه فلان وحق فلان، أما لو سأل الله بأسمائه وصفاته، أو سأل الله ولم يتوسل بشيء، قال: اللهم أنجنا من النار، اللهم أغثنا كله طيب، أو اللهم أغثنا بفضلك، أو بأسمائك وصفاتك ورحمتك، هذا طيب أما الشبهة بأن الأنبياء لهم جاه ولهم عند الله منزلة، فندعوهم حتى يشفعوا لنا، هذا باطل، لأن جاههم ومنزلتهم، التي عند الله لم يجعلها الله مسوغة للمشركين أن يعبدوهم بل أنكر عليهم لما استغاثوا بهم، وطلبوا منهم الشفاعة، أنكر عليهم ذلك، وسماهم كذبة كفرة، وذكر أن ما فعلوه باطل يتنزه الله عنه، بقوله سبحانه: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (¬2)، ثم قال عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (¬3) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط، رقم 266. (¬2) سورة يونس الآية 18 (¬3) سورة الزمر الآية 3

هذه الوسيلة التي فعلها المشركون مع الأصنام، ومع الأنبياء ومع الجن استغاثوا بهم ونذروا لهم، وزعموا أنهم يشفعون لهم، هذه باطلة، أبطلها الله وأبطلها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحذر منها الأمة، وأمرهم أن يخلصوا العبادة لله، وحده سبحانه وتعالى.

حكم قول (بجاه سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -) في الدعاء

40 - حكم قول: (بجاه سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -) في الدعاء س: الأخ ع. ع. من مصر يقول: ما حكم الوجاهة؟ وهل يصح أن نقول: بجاه سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - اغفر لي، أو اغفر لوالدي، وما أشبه ذلك؟ (¬1) ج: السؤال بالجاه بدعة، لا يجوز، ولكن تسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، وبإيمانك، وأعمالك الصالحة، هذا المشروع. أما أن تقول: اللهم إني أسألك بجاه محمد - صلى الله عليه وسلم - أو بجاه نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، أو بجاه الأنبياء، أو بجاه الصالحين، هذا منهي عنه، ليس من الوسائل الشرعية. الله يقول جل وعلا: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (¬2) ما قال فادعوا بجاه الأنبياء، أو بجاه الصالحين. فتقول اللهم إني أسألك ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط، رقم 258. (¬2) سورة الأعراف الآية 180

بأسمائك الحسنى أن تغفر لي، وأن ترحمني، وأن تعلمني العلم النافع، وأن تفقهني في الدين، وأن تغنيني عن خلقك، وما أشبه ذلك، اللهم إني أسألك: لأنك الرحمن الرحيم، ولأنك العزيز الحكيم أن تغفر لي وترحمني، اللهم إني أسألك برحمتك وفضلك وإحسانك، أن تغفر لي وترحمني، اللهم إني أسألك لأنك الجواد الكريم، ولأنك العفو الغفور، إلى غير هذا من الأدعية مثل ما في الحديث الصحيح؛ فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قال للصديق رضي الله عنه لما قال الصديق: «يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي وفي بيتي؟ قال: " قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (¬1)». هكذا علم الصديق، رواه الشيخان في الصحيحين، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو ربه، يقول: «اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (¬2)». ويدعو الله بأسمائه سبحانه وتعالى وصفاته، فلا ينبغي لأحد أن يدعو الله بغير ما شرع، لا بجاه فلان ولا بحق فلان؛ لا بحق الأنبياء والصالحين، ولا بجاه الأنبياء والصالحين، ولا بأس أن تتوسل بالإيمان، تقول: ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب الدعاء قبل السلام برقم 834، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة باب استحباب خفض الصوت برقم 2705. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة باب ما يقال في الركوع والسجود برقم 483.

اللهم إني أسألك بإيماني بك وبنبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - أن تغفر لي، أو تعطيني كذا وكذا؛ اللهم إني أسألك بمحبتي لك، ومحبة نبيك وعبادك الصالحين أن تغفر لي وترحمني، لا بأس. التوسل بالإيمان والمحبة لله ولرسوله أو بالتوحيد، أو تقول: اللهم إني أسألك، بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول: اللهم إني أسأل بتوحيدي لك وإيماني بك، وهكذا بالأعمال الصالحة الأخرى، تقول: اللهم إني أسألك ببري لوالدي، وبأدائي الأمانة، وبعفتي عما حرم الله، تسأل بأعمالك الطيبة، كله طيب. أما أن تسأله بجاه فلان، ليس عملك هذا، حق فلان ليس عملك، ولا هو من أسماء الله وصفاته، فلا تسأل به. وقد ثبت في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن ثلاثة ممن قبلنا آواهم مبيت ومطر إلى غار، فدخلوا فيه، من أجل المبيت والوقاية من المطر، فأراد الله جل وعلا أن أنزل عليهم صخرة، انحدرت عليهم بإذن الله، فغطت عليهم باب الغار، عظيمة ما استطاعوا دفعها؛ فقالوا فيما بينهم لن ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم (¬1)»؛ الله جل وعلا قدر سقوط هذا الحجر على الغار، ليتوسلوا بهذه الوسائل وليعلم الناس فضل البر وفضل العفة عن الفواحش وفضل أداء الأمانة حتى يتأسوا بهؤلاء، ويستفيدوا من عمل هؤلاء، هذه نعمة من الله، فضل من الله. والنبي - صلى الله عليه وسلم - خبرنا بهذا، حتى نستفيد من هذه القصة، وأن بر الوالدين والعفة عن الفواحش، وأداء الأمانة من أعظم الأسباب في تفريج الكروب وتيسير الأمور، ومن ¬

_ (¬1) البخاري الإجارة (2152)، مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2743)، أحمد (2/ 116).

أعظم الأسباب في النجاة من النار، لأن الكربة يوم القيامة، أعظم من كربة الدنيا، فالإنسان إذا اتقى الله وابتعد عن محارم الله وأدى ما أوجب الله عليه، فهذا من أسباب التفريج في الدنيا والنجاة في الآخرة، كما قال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (¬1) {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (¬2)، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (¬3)، فأنت يا عبد الله وأنت يا أمة الله تذكرا جميعا في هذه القصة، قصة هؤلاء الثلاثة، واستفيدا من هذه القصة الفائدة العظيمة، وليتيقن كل واحد منا أن بر الوالدين من أعظم القربات ومن أفضل الطاعات، ومن أسباب تفريج الكروب، وتيسير الأمور. وهكذا العفة عما حرم الله، عن الزنى والفواحش من أفضل القربات ومن أعظم أسباب تيسير الأمور، وتفريج الكروب والنجاة من النار. وهكذا أداء الأمانة والعناية بالأمانة، وعدم الخيانة، كل ذلك من أسباب تفريج الكروب وتيسير الأمور ومن أسباب رضا الله سبحانه، وتيسير أمرك وإدخالك الجنة وإنجائك من النار. نسأل الله للجميع التوفيق والهداية. ¬

_ (¬1) سورة الطلاق الآية 2 (¬2) سورة الطلاق الآية 3 (¬3) سورة الطلاق الآية 4

بيان أقسام التوسل الجائز والممنوع

41 - بيان أقسام التوسل الجائز والممنوع س: السائل من السودان ع. م. ط. يقول في هذا السؤال: سماحة الشيخ ما هو التوسل، وهل يصح العمل به عندما يقول العبد طالبا من ربه: اللهم ارحمني وارزقني بجاه المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وربما البعض من الإخوة في الإسلام يذهب للشيخ يقول له مثلا: اسأل لنا الله عز وجل في بعض الأمور، فما حكم الشرع في نظركم سماحة الشيخ في هذه القضية؟ (¬1) ج: التوسل أقسام: منها أقسام ممنوعة، وأقسام جائزة، فالأقسام الممنوعة: التوسل الذي هو الشرك يسميه المسؤول توسلا وهو دعوة الأموات، والاستغاثة بالأموات والنذر لهم، هذا يسميه المسؤول توسلا وهو الشرك الأكبر، فالواجب الحذر منه، دعوة الميت والاستغاثة به، والنذر له ونحو ذلك، هذا كله من الشرك الأكبر، وإن سماه توسلا، قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (¬2) ويقول سبحانه: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬3). والنوع الثاني: شرك أصغر وهو التوسل بجاه فلان وبفلان، كأسألك بجاه نبيي محمد أو بجاه الأنبياء أو بجاه الشيخ عبد القادر ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط، رقم 400. (¬2) سورة يونس الآية 18 (¬3) سورة الزمر الآية 3

أو بجاه أبي بكر أو عمر أو بذواتهم، أسألك بعمر أو عثمان هذه من التوسل الذي هو منكر ويسمى شركا أصغر وهو من وسائل الشرك الأكبر، هذا من وسائل الشرك الأكبر. وهناك توسل ثالث جائز: وهو التوسل بدعاء الحي والاستغاثة وطلب أن يدعو لك، مثلما قال الرجل لرسول الله: يا رسول الله ادع الله لي أن يرد علي بصري، تقول لأخيك ادع الله لي أن يشفيني، هذا توسل بدعائه هو، ما هو بدعائك أنت، بدعائه هو لك، وهو حي موجود، جائز، توسل جائز، تقول: يا أخي ادع الله لي أن يشفيني، ادع الله يرزقني ولدا، ادع الله أن يغنيني من الفقر، مثلما ما يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعمر لما ذهب إلى العمرة: «لا تنسنا من دعائك (¬1)» رواه الترمذي والجماعة وفي سنده ضعف، ومن هذا قوله - صلى الله عليه وسلم - للصحابة: «إنه يقدم عليكم رجل من اليمن يقال له أويس القرني، كان بارا بأمه، فمن لقيه منكم فليطلب منه أن يستغفر له (¬2)». ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 196 واللفظ له، والترمذي في كتاب الدعوات، باب دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، برقم 3562، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم 1498، وابن ماجه في كتاب المناسك، باب فضل دعاء الحاج، برقم 2894. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل أويس القرني رضي الله عنه، برقم 2542.

أما التوسل الشرعي فهو التوسل بأسماء الله وصفاته وتوحيده والإيمان به، هذا توسل شرعي، تقول: اللهم إني أتوسل بتوحيدك واتباع نبيك وطاعتي لك أن تغفر لي، اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا، اللهم إني أسألك بأنك الرحمن الرحيم، بأنك رب كريم، بأنك خالق كل شيء، فالتوسل بالله وبأسمائه وصفاته هذا مشروع، ومن هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم إني أسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد (¬1)»، هذا كله من التوسل الشرعي، اللهم إني أسألك بإيماني بك، وبمحبة نبيك أن تغفر لي، ومن هذا قوله عليه الصلاة والسلام في تعليمه لبعض الصحابة، لما علمهم أن يتوسلوا، علمهم أن يقولوا: «اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت (¬2)»، وفي لفظ آخر: «اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم (¬3)». كل هذا توسل بأسمائه وصفاته، والنبي - صلى الله عليه وسلم - أقر الصحابة على ذلك، وذكر أن هذه توسلات من أسباب الإجابة في بعضها: «لقد سأل الله باسمه الأعظم (¬4)». . فالتوسل بتوحيد الله، والإيمان بالله، وبأسماء الله، وبصفات الله توسل شرعي من أسباب الإجابة. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم 22442، والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 3475. (¬2) الترمذي الدعوات (3475)، أبو داود الصلاة (1493)، ابن ماجه الدعاء (3857)، أحمد (5/ 349). (¬3) النسائي السهو (1300)، أبو داود الصلاة (1495). (¬4) أخرجه النسائي في كتاب السهو، باب الدعاء بعد الذكر، برقم 1300.

س: هل يجوز للإنسان يا سماحة الشيخ أن يدعو في دعائه اللهم بحق محمد عندك، لأني سمعت بعض الناس يقولون بأن آدم عليه السلام عندما أذنب دعا وقال لربه بجاه محمد عندك اغفر لي؟ (¬1) ج: الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: التوسل لا يجوز لأن المسائل توقيفية عبادة لا يجوز منها إلا ما أجازه الشرع والله يقول سبحانه: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (¬2)، فلا يدعى إلا بأسمائه وصفاته والإيمان به وتوحيده جل وعلا ولا يدعى بما يراه الإنسان من توسلات ولا بجاه فلان ولا بحق فلان ولا بحق محمد ولا بجاه محمد ولا بجاه الأنبياء ولا بحق الأنبياء أو الملائكة، كل هذا لا يجوز هذا هو الصواب؛ لأن التوسل عبادة والعبادة توقيفية لا تثبت بالرأي المجرد والاختيار. لا، لا بد من الدليل على ذلك قال جل وعلا: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (¬3) أنكر عليهم الله سبحانه وتعالى، قال عز وجل: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا} (¬4). وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملا ليس ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط، رقم 359. (¬2) سورة الأعراف الآية 180 (¬3) سورة الشورى الآية 21 (¬4) سورة الجاثية الآية 18

عليه أمرنا فهو رد (¬1)»؛ وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد (¬2)»؛ والشريعة جاءت بالتوسل بأسماء الله وصفاته والإيمان به وتوحيده: اللهم إني أشهد بإيماني بأني أؤمن بك، بتوحيدي لك بإخلاص عبادتك إلى غير ذلك بأسمائك وصفاتك وبصلاتي وبصومي وبحجي ببري والدي إلى غير ذلك، فالتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته والإيمان به أو بالأعمال الصالحات كل هذا لا بأس به فهو وسيلة شرعية. ومن هذا حديث الغار أن أصحاب الغار الثلاثة كانوا في سفر فيمن قبلنا فأخبر عنهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فآواهم "المبيت" إلى غار، وفي رواية " المطر"، فلما دخلوا الغار انحدرت الصخرة فسدت عليهم الغار وكانت عظيمة لم يستطيعوا دفعها، فقالوا فيما بينهم: إنه لن ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم فتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم ففرج الله عنهم الصخرة، الأول توسل ببر والديه، والثاني توسل بعفته عن الزنا، والثالث توسل بأدائه الأمانة، ففرج الله عنهم، هذه وسيلة شرعية، أسماء الله وصفاته وتوحيده والإيمان به وعمل الصالحات. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم 2697، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ومحدثات الأمور، برقم 1718.

أما التوسل بجاه النبي أو بحق النبي أو بجاه الأنبياء أو بحق الأنبياء أو بجاه المؤمنين كل هذا غير مشروع، بل هو بدعة. وأما حديث أن تتوسل بمحمد وبحق محمد فهذا حديث موضوع غير صحيح، بل نبه العلماء على أنه موضوع لا صحة له ولا أساس له.

حكم التوسل بحق الأنبياء وذوات الملائكة

42 - حكم التوسل بحق الأنبياء وذوات الملائكة س: ما حكم من يصلي بالناس الجمعة ويقول في خطبته: اللهم ربنا عليك توكلنا وبنبيك إليك توسلنا؟ وما حكم هذا التوسل؟ أفيدونا بارك الله فيكم (¬1). ج: هذا التوسل بدعة عند جمهور أهل العلم لكن الصلاة صحيحة التوسل بجاه نبينا أو بنبينا، أو بحق نبينا، أو بحق الأنبياء أو بحق الملائكة، أو بذات الملائكة أو بحق فلان، أو بحق أبي أو ما أشبه ذلك كلها ليس من الشرع، الوسيلة تكون بأسماء الله وصفاته والأعمال الصالحات كما قال الله جل وعلا: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (¬2)، فيقول: اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا أن ترحمنا وتغفر لنا وأن تسقينا الغيث، إلى غير ذلك أو اللهم إني أسألك بإيماني بك وطاعتي لك واتباعي نبيك، يتوسل بأعماله الطيبة، أما التوسل بجاه ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط، رقم 230. (¬2) سورة الأعراف الآية 180

فلان أو بنبينا أو بجاه نبينا أو بحق نبينا أو بحق الأنبياء والملائكة هذا كله بدعة عند أهل السنة. وليس عليه دليل، وقد ثبت في الحديث الصحيح أنه قال عليه الصلاة والسلام «لما سمع رجلا يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، قال - صلى الله عليه وسلم -: " لقد سأل الله باسمه الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب (¬1)». لأنه توسل بصفات الله وأسمائه. وهكذا التوسل بالأعمال الصالحات كما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن ثلاثة آواهم المبيت والمطر، إلى غار في البرية فدخلوا فيه، ليبيتوا فيه ويتقوا المطر، فانحدرت عليهم صخرة من الجبل، فسدت عليهم فم الغار بإذن الله عز وجل ليسن لعباده ويشرع لعباده ما فعله أهل الغار وليعلم الناس علاج الكروب بما شرعه الله، فما انطبقت عليهم الصخرة أرادوا دفعها فلم يستطيعوا فقالوا فيما بينهم: إنه لن ينجيكم من هذا البلاء إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فدعوا فانفرجت الصخرة وخرجوا يمشون بأسباب هذه الوسيلة العظيمة على أعمال صالحة فعلوها لله فنفعتهم عند الحاجة توسلوا بها عند الحاجة فنفعتهم، هذا يدل على أن التوسل بالأعمال ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم 22443، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب اسم الله الأعظم، برقم 3857، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم 1493.

الصالحة من أعظم الوسائل، ولا سيما عند الحاجة والشدة، وهو القائل جل وعلا: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} (¬1) سبحانه وتعالى، وهو القائل جل وعلا: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬2)، فهو سبحانه قدر هذه الصخرة ليتوسل هؤلاء، وليعرفوا فضل أعمالهم، وليعرف الناس أيضا فضل أعمالهم، وليتوسلوا كما توسل هؤلاء إذا وقعت عليهم الشدائد، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قص علينا هذه القصة لنعلمها ونعمل بها ونستفيد منها، وهو حديث صحيح متفق على صحته عند البخاري ومسلم، رحمة الله عليهما والله ولي التوفيق. ¬

_ (¬1) سورة النمل الآية 62 (¬2) سورة غافر الآية 60

بيان الفرق بين التوسل والوسيلة

43 - بيان الفرق بين التوسل والوسيلة س: ما الفرق بين التوسل والوسيلة؟ (¬1) ج: التوسل دعاء الشخص، فالتوسل دعاء، قال: أسألك بأسمائك، هذا التوسل أسألك بالإيمان بك، هذا توسل، والوسيلة هي الإيمان والتقوى، والأسماء الحسنى وسيلة إلى الله جل وعلا، الدعاء بها وسيلة، وأنت المتوسل، التوسل دعاؤك، والوسيلة ما دعوت به، إذا قلت اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى، وصفاتك العلا، أن تغفر لي، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط، رقم 307.

فأنت بدعائك متوسل، وهذا الدعاء يسمى توسلا، والمدعو به بأسمائه وصفاته، هذا يقال له وسيلة، يعني الدعاء بالأسماء والصفات وسيلة، وهذا نص الدعاء يسمى توسلا، وهو توسل بالإيمان، أو الأسماء والصفات أو أعمالك الأخرى الصالحة.

حكم التوسل بصفة من صفات الله تعالى

44 - حكم التوسل بصفة من صفات الله تعالى س: ما حكم التوسل بجاه الله سبحانه وتعالى؟ (¬1) ج: التوسل بجاه الله إلى الله سبحانه وتعالى كأن تقول: أسألك بجاهك العظيم، بعلمك العظيم، برحمتك بإحسانك، بجبروتك بعزتك، كله طيب، جاهه عظمته سبحانه وتعالى. فإذا سأل الله بذلك فلا بأس، يقول: اللهم إني أسألك بجاهك العظيم، بعلمك العظيم، بقدرتك بعزتك، أن تغفر لي وأن ترحمني. أما سؤال الناس بالله، فإن تركه أولى، لا يسأل الناس بالله، لا بجاه الله، لا يقول: أسألك بالله، وبجاهه سبحانه أن تفعل كذا إن ترك هذا أولى وأحوط. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط، رقم 325.

بيان ما يجوز من التوسل وما لا يجوز

45 - بيان ما يجوز من التوسل وما لا يجوز س: أرجو أن تفيدنا كثيرا عن حقيقة التوسل، وما يجوز وما لا يجوز، لأن عندنا أكثر الدعاء بالتوسل، إما بالأنبياء، أو بالأولياء، أو أهل بدر، وأنا بنفسي لست أحبها، فأنا بحاجة إلى المساعدة والإرشاد؟ أرجو الإجابة جزاكم الله خيرا (¬1) ج: التوسل قسمان: قسم شرعي مأمور به، وقسم منكر منهي عنه. فأما التوسل الشرعي فهو أنواع أربعة: النوع الأول: التوسل بتوحيد الله والشهادة له بالوحدانية، ولنبيه بالرسالة كما في حديث بريدة، عند أهل السنن بإسناد صحيح، «أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يدعو، ويقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد بأنك أنت الله، لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد. فقال عليه الصلاة والسلام: لقد سأل الله باسمه الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب (¬2)»، هذا أفضل التوسل، تسأله بتوحيدك إياه، تقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد بأنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، اللهم إني أسألك بإيماني بك، وتوحيدي لك وشهادتي، بأنك الواحد الأحد، وبأنك المستحق ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط، رقم 184. (¬2) الترمذي الدعوات (3475)، أبو داود الصلاة (1493)، ابن ماجه الدعاء (3857)، أحمد (5/ 349).

للعبادة، اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت، وأن محمدا عبدك ورسولك، اللهم إني أسألك بإيماني بك وإيماني بجميع المرسلين، أن تغفر لي وأن ترحمني أو ترزقني، كذا أو تمنحني العلم النافع والعمل الصالح، أو ترزقني زوجة صالحة، أو ذرية طيبة أو ما أشبه ذلك. النوع الثاني: التوسل بالعمل الصالح، بأن تسأل الله بصلاتك وصيامك وبر والديك، وصلة أرحامك كفعل أهل الغار، الذين آواهم المبيت والمطر إلى غار، فلما دخلوه قدر الله عليهم بصخرة فانحدرت عليهم، فسدت عليهم باب الغار، فلم يستطيعوا الخروج، فقالوا فيما بينهم لن ينجيكم من هذا إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم. النوع الثالث: التوسل إلى الله سبحانه بحبه له وحبه لأنبيائه، وحبه لعباده الصالحين، وهو نوع من العمل الصالح، فإن الحب عمل صالح، فالتوسل إلى الله بقولك: اللهم إني أسألك بحبي لك، وحبي لأنبيائك، أن تفعل بي كذا وكذا، فهذا أيضا توسل شرعي من جنس التوسل بالتوحيد والعمل الصالح. النوع الرابع: التوسل بالدعاء، دعاء الحي كأن تقول: يا عبد الله ادع الله لي، بأن الله يشفيني، بأن الله يصلحني، كما كان الصحابة يقولون: يا رسول الله ادع الله لنا، ادع الله أن يغيثنا، ادع الله أن يصلحنا، هذا أيضا توسل شرعي، تقول لأخيك: ادع الله لي أن

يشفيني، ادع الله أن يغفر لي أن يهب لي ذرية صالحة، ومن هذا استغاثة المسلمين بالرسول، في حال حياته لما أجدبوا، خطب الناس يوم الجمعة، واستسقى ومرة خرج إلى الصحراء، وصلى ركعتين واستسقى عليه الصلاة والسلام، فهذا توسل شرعي، بدعاء أخيك الحي الحاضر، يطلب الله لك شيئا معينا. أما القسم الثاني: التوسل المنكر البدعي، فهذا توسل بجاه الناس، وأسمائهم، تقول: اللهم إني أسألك بجاه محمد، عليه الصلاة والسلام أو بجاه آل البيت، أو بجاه فلان، هذا لا يجوز، فهو بدعة، أو اللهم إني أسألك بحق فلان، هذا بدعة وأعظم من ذلك أن نسأله بدعاء الأموات، أو بالاستغاثة بالأموات، هذا من الشرك الأكبر كما فعله المشركون، فإنهم يسمونه توسلا وتشفعا، فيقولون: يا فلان أغثنا، يا فلان انصرنا، اشف مرضانا، المدد المدد، وهذا من الشرك الأكبر وإن سموه توسلا، هذا من الشرك الأكبر؛ والتوسل بالجاه والحظ من البدع ومن وسائل الشرك وليس من الشرك، لكن من وسائل الشرك، وبهذا تعلم الفرق بين التوسل الشرعي، والتوسل البدعي المنكر. فالتوسل الشرعي أقسام وأنواع، أعظمه التوسل بتوحيد الله، الذي هو دين الله، التوسل بتوحيد الله والإخلاص له، والإيمان به وبرسله ثم التوسل بالأعمال الصالحات ثم التوسل بحبك لأنبيائه ورسله، وعباده الصالحين كحب آل البيت المؤمنين، وحب الرسل وحب الصحابة كل هذا من الوسائل الشرعية؛ الرابع: التوسل بدعاء أخيك لك، أن تقول

له: ادع الله لي يا أخي، ومنه دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - للناس واستسقاؤه بالناس واستغاثته عليه الصلاة والسلام للناس لما أجدبوا. أما القسم الثاني: المنكر فهو، التوسل بالشرك، ودعاء الأموات والاستغاثة بالأصنام، هذا شرك أكبر، وهذا معنى قوله جل وعلا في حق المشركين: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (¬1)، ومعنى قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬2). هذا توسل بالشرك وعبادة غير الله، نعوذ بالله، وهذا شرك أكبر، ومنه التوسل البدعي وهو التوسل بجاه الأنبياء أو جاه الصالحين، أو حق الأنبياء أو حق الصالحين، أو ذوات الأنبياء أو ذوات الصالحين، اللهم إني أسألك بنبينا، أو بعمر أو بأبي بكر، هذا من البدع وفق الله الجميع وصلى الله وسلم على نبينا محمد. ¬

_ (¬1) سورة يونس الآية 18 (¬2) سورة الزمر الآية 3

س: السائل من جمهورية مصر العربية يقول: اختلط على كثير من الناس مفهوم التوسل الجائز والتوسل الممنوع، نرجو من سماحة الشيخ أن يبين لنا ما هو التوسل، وما هو الجائز منه، وما هو الممنوع، وأمثلة على ذلك مأجورين؟ (¬1) ج: التوسل كما ذكر ابن القيم وغيره رحمة الله عليه، بأن التوسل أقسام ثلاث: توسل هو الشرك الأكبر، كدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والذبح لهم والنذر لهم، هذا هو الشرك الأكبر، يقول المشركون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬2)، ويقولون: {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (¬3)، يتوسلون بدعائهم واستغاثتهم بهم، وهذا هو الشرك الأكبر. التوسل الثاني: التوسل بذواتهم، تقول: اللهم إني أسألك بذات فلان، أسألك بنبيك فلان، اللهم إني أسألك بعبادك الصالحين، اللهم إني أسألك بمحمد، بموسى، هذا توسل ممنوع، بدعة، لأنه وسيلة للغلو والشرك. التوسل الثالث: الجائز المشروع: وهو التوسل بأسماء الله وصفاته، التوسل بأعمالك الصالحة بإيمانك، هذا التوسل المشروع، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط، رقم 412. (¬2) سورة الزمر الآية 3 (¬3) سورة يونس الآية 18

مثل ما قاله الله جل وعلا: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (¬1)، ومثل ما كان النبي يدعو الله بأسمائه وصفاته، هذا يقال له التوسل المشروع، مثل ما في الحديث: «أعوذ بعزتك أن تضلني (¬2)»، فالتوسل بصفات الله أمر مشروع، أسألك برحمتك، أسألك بعلمك، أسألك بإحسانك، أسألك بقدرتك أن تغفر لي، ومنه حديث الدعاء الذي سأله عثمان بن أبي العاص واشتكى إليه مرضا، قال: «ضع يدك على ما تشتكي، وقل: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر (¬3)»، فتوسل بعزة الله وقدرته من شر ما يجد ويحاذر، استعاذ بذلك، ومنه: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصي ثناء عليك، أما التوسل بالإيمان والأعمال الصالحة والتقوى لله، فهذا هو التوسل الشرعي، فالتوسل بصفات الله وبأسماء الله، وبإيمانك وتقواك هذا التوسل الشرعي. أما التوسل بالذوات، ذات فلان، وذات فلان، أو جاه فلان، أو حق فلان، هذا توسل بدعي، ولا يتوسل بجاه فلان، ولا بحق فلان، ولا بالنبي فلان، ولا بذات فلان، هذا توسل بدعي. ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 180 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل، برقم 2717، والإمام أحمد في مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن العباس، برقم 3743. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب استحباب وضع يده على موضع الألم مع الدعاء، برقم 2202.

أما التوسل بعلم الله، بطاعة الله، باتباع شرع الله، هذا كله لا بأس به، توسل بصفات الله، وتوسل بأسماء الله وصفاته: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (¬1). ومنه التوسل بالأعمال الصالحة، كأن يقول: اللهم إني أسألك بإيماني بك، وبتوكلي عليك، وبثقتي بك، وببري لوالدي، وبأدائي الأمانة، وما أشبه ذلك، هذا توسل شرعي، ومنه حديث أصحاب الغار الذين انطبقت عليهم الصخرة فقالوا فيما بينهم: لن ينجيكم من هذا البلاء إلا أن تسألوا الله بصالح أعمالكم، فسألوا الله بصالح أعمالهم، فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا فنأى بي في طلب شيء ذات ليلة، فلم أرح عليهما إلا وقد ناما، فوقفت على رؤوسهما، والقدح في يدي أنتظر استيقاظهما، ولم أستحسن استيقاظهما حتى برق الصبح، فلما استيقظا شربا غبوقهما، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة شيئا لا يستطيعون الخروج منه، وقال آخر: اللهم إنه كانت لي ابنة عم، كنت أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء، وإني راودتها على نفسها فأبت، فألمت بها سنة - يعني حاجة شديدة - فجاءت إلي تقول يا ابن العم أعني، فقال: لا حتى تمكينيني من نفسك، فطاوعته من أجل حاجتها، فلما جلس بين رجليها قالت له: يا عبد الله اتق الله ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 180

ولا تفض الخاتم إلا بحقه، قال: فقمت عنها خوفا منك، وهي أحب الناس إلي، وتركت لها المال، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة بعض الشيء، لكنهم لا يستطيعون الخروج، ثم قال الثالث: اللهم إني استأجرت أجراء فأعطيت كل أجير حقه، إلا واحدا ترك أجره، فنميته له وثمرته له، حتى صار منه إبل وبقر وغنم وعبيد، فجاء إلي بعد ذلك وقال: يا عبد الله أعطني أجري، فقلت له: كل ما ترى من أجرك، من الإبل والبقر، والغنم، والعبيد، قال: يا عبد الله لا تستهزئ بي، قلت: إني لا أستهزئ بك إنه من أجرك نميته لك فخذه فاستاقه كله، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك، فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة حتى خرجوا. (¬1) هذا توسل من هؤلاء الثلاثة بأعمالهم الطيبة التي فعلوها لله عز وجل، فنفعهم الله بها عند الشدة. س: السائل عبد الرءوف من الجزائر يقول: ما هو التوسل، وأيهما الجائز، وأيهما الممنوع، وما حكم الشرع في نظركم سماحة الشيخ في التوسل ببركة رمضان؟ (¬2) ج: التوسل أقسام، توسل كفري، وهو أن يتوسل بدعاء الأموات، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإجارة، باب من استأجر أجيرا برقم 2272. (¬2) السؤال التاسع والعشرون من الشريط، رقم 405.

والاستغاثة بالأموات، كونه يأتي الميت يسأله أن يغيثه، أو أن ينصره، أو أن يقضي حاجته، أو يفرج كربته، هذا شرك، ويسميه بعض الناس توسلا، يسمون شركهم توسلا، هذا شرك أكبر، إذا دعا الأموات أو استغاث بالجن، أو بالأموات، أو بالغائبين يطلبهم الغوث، أو العون، أو النصر على الأعداء، هذا الشرك الأكبر، والتوسل الثاني: التوسل بجاههم وحقهم، يقول: اللهم إني أسألك بجاه فلان، أو بحق فلان، أو بفلان، هذا بدعة، من وسائل الشرك، لا يجوز. التوسل الثالث: التوسل بالإيمان، أو بالعمل الصالح أو بالأسماء والصفات، هذا سنة، مطلوب، اللهم إني أسألك بأنك الرحمن الرحيم، اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى أن تغفر لي، اللهم إني أسألك بإيماني بك ومحبتي لك أن تغفر لي، اللهم إني أسألك ببر والدي وصلة رحمي أن تغفر لي، كل هذا وسيلة شرعية، هذا توسل بالإيمان، والتوحيد، أو بالأعمال الصالحات، كله طيب، كله مشروع، ومن هذا الحديث: «اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت (¬1)» توسل شرعي. ومن هذا توسل أصحاب الغار لما انطبقت عليهم الصخرة توسلوا إلى الله بأعمالهم الطيبة، أحدهم توسل ببره لوالديه، والثاني توسل بعفته عن الزنا، والثالث توسل بأدائه الأمانة، ففرج الله عنهم الصخرة. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم 22442، والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 3475.

بيان أن الصحابة كانوا يتوسلون بالنبي لنزول الغيث وبعد وفاته توسلوا بعمه العباس

46 - الصحابة كانوا يتوسلون به - صلى الله عليه وسلم - لنزول الغيث، وبعد وفاته توسلوا بعمه العباس أن يستغيث لهم س: يوجد حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الصحابة كانت تتوسل به لنزول الغيث، وعندما مات - صلى الله عليه وسلم - كانت الصحابة تتوسل بالعباس رضي الله عنه، لنزول الغيث، فلماذا لا يجوز لنا التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ليشفع لنا وغير ذلك من الأمور؟ (¬1) ج: كان الصحابة رضي الله عنهم يتوسلون به في حياته، يعني بدعائه وشفاعته، لا بالذات، يتوسلون بدعائه وشفاعته إلى الله عز وجل، فكان يخطب ويدعو ويستغيث، فيغيث الله المسلمين أو يدعو للشخص بدعوات صالحة ينفعه الله بها، وهكذا يوم القيامة يطلب الناس منه الشفاعة فيشفع لهم في الموقف حتى يريحهم الله من هول الموقف ويشفع في أهل الجنة، حتى يدخلوا الجنة، بعدما يتقدم الناس إلى آدم، ثم إلى نوح ثم إلى إبراهيم، ثم إلى موسى، ثم إلى عيسى، كلهم يعتذرون كل واحد يقول: اذهبوا إلى غيري لست لها، حتى يقول لهم عيسى وهو الأخير منهم: اذهبوا إلى محمد عليه الصلاة والسلام، عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال: فيأتوني يعني يأتيه الناس، يأتيه المؤمنون فيقول: أنا لها أنا لها، عليه الصلاة والسلام، ثم يتقدم إلى ربه فيسجد بين يديه، ويحمده بمحامد عظيمة يفتحها الله ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط، رقم 333.

عليه، ثم يقول له الرب جل وعلا: ارفع رأسك فقل يسمع واسأل تعط، واشفع تشفع، فبعد الإذن يشفع عليه الصلاة والسلام، في أهل الموقف حتى يقضى بينهم، ثم يشفع في أهل الجنة حتى يدخلوا الجنة، وفي حياته - صلى الله عليه وسلم -، يطلب منه المسلمون أن يستغيث لهم، أن يدعو لهم، وأن يستشفعوا بدعائه، لا بذاته؛ فلهذا لما توفي - صلى الله عليه وسلم - تركوا ذلك واستسقى عمر بالعباس وقال: عمر رضي الله عنه: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل بعم نبينا فاسقنا. ولو كان التوسل بذاته جائزا لتوسلوا به بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، ولم يحتاجوا إلى العباس، فلما عدل عمر والصحابة إلى العباس، ليدعو لهم دل على أن التوسل بالدعاء والشفاعة لا بالذوات، فالمسلمون اليوم يتوسلون إلى الله بالدعاء يسألون الله ويدعونه، أن يسقيهم وأن يرحمهم وأن يغفر لهم، لا بذات النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا بغير ذات النبي، وإذا رأى المسلمون أن يدعو لهم فلان أو فلان، لما فيه من الصلاح والخير، فقالوا له: تقدم فادع الله لنا، أو وجدوا من أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - من هو معروف بالخير والفضل والعلم، وطلبوا منه أن يدعو الله لهم، كله طيب كما فعله عمر مع العباس.

حكم طلب الإنسان من شخص أن يدعو له

47 - حكم طلب الإنسان من شخص أن يدعو له س: الأخت / أم البراء من أبها تقول: طلب الإنسان من شخص أن يدعو له، كأن يقول: ادع لي في سفرك، أو لا تنسنا من الدعاء، أو غير ذلك، هل هذا من التوسل بغير الله، وجهونا في ضوء هذا الدعاء مأجورين؟ (¬1) ج: طلب الدعاء من الأخ في الله أو الأخت في الله لا حرج فيه، وليس من التوسل المذموم، النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في بعض أيامه لأصحابه: إنه يقدم عليكم شخص من اليمن يقال له أويس القرني كان بارا بأمه، فمن لقيه منكم فليطلب منه أن يستغفر له، ويروى عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لعمر لما أراد العمرة: «لا تنسنا من دعائك (¬2)». فالمقصود أن كون الإنسان يقول لأخيه: ادع الله لي في سفرك، أو في سفري، ادع الله لي بأن يرزقني الولد الصالح، أو الزوجة الصالحة، أو تقول له أخته أو أمه أو غيرهم ادع الله لي، كل هذا لا بأس به، المقصود أن الإنسان إذا طلب من أخيه أو من أخته في الله الدعاء لا حرج. ¬

_ (¬1) من ضمن أسئلة الشريط، رقم 423. (¬2) سنن الترمذي الدعوات (3562)، سنن أبي داود الصلاة (1498)، سنن ابن ماجه المناسك (2894)، مسند أحمد (1/ 29).

حكم التوسل بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -

48 - حكم التوسل بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - س: ما حكم التوسل بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدعاء؟ (¬1) ج: من أسباب الإجابة: حمد الله، والصلاة على النبي من أسباب الإجابة، شيء مشروع. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط، رقم 298.

حكم التوسل بحق فلان

49 - حكم التوسل بحق فلان س: ما حكم من يقول: أسألك بجاه فلان، أو حق فلان، هل يكون هذا كفرا أم لا؟ (¬1) ج: السؤال بالجاه والحق، ليس بكفر، لكنه وسيلة من وسائل الكفر، إذا قال: أسألك يا ربي بجاه فلان، بجاه الأنبياء، بجاه محمد، بحق الأنبياء، بحق محمد، أو بحق فلان، هذا من وسائل الشرك، بدعة ولا يجوز، لعدم الدليل عليه، والعبادات توقيفية، لا يجوز منها إلا ما أجازه الشرع، والله سبحانه قال: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (¬2) ندعوه بأسمائه، نتوسل بالإيمان، كما قال تعالى: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} (¬3). ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط، رقم 308. (¬2) سورة الأعراف الآية 180 (¬3) سورة آل عمران الآية 193

فالتوسل بالإيمان، مثل: اللهم إني أسألك بإيماني بك بمحبتي لك، بمحبتي لنبيك، هذا طيب لأن هذه أعمال صحيحة، يتوسل بها إلى الله، وهكذا أهل الغار، الذين انطبقت عليهم الصخرة، لما آواهم المبيت إلى غار، وآواهم المطر أيضا مع المبيت، انحدرت صخرة من فوق الجبل، وسدت عليهم باب الغار، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم قالوا فيما بينهم، لن ينجيكم من هذا إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم، فأحدهم توسل ببره لوالديه، والثاني توسل بعفته عن الزنا، والثالث توسل إلى الله بأدائه الأمانة، ففرج الله عنهم، سبحانه وتعالى. فالمقصود أن التوسل إلى الله يكون بأسمائه الحسنى، وبالإيمان ومحبة الله ورسوله، ويكون بالأعمال الصالحة، هذه الوسيلة الشرعية، أما التوسل بجاه فلان، وحق فلان بدعة لا تجوز.

حكم التوسل بشرف فلان

50 - حكم التوسل بشرف فلان س: رجل يقول أحيانا في بعض دعواته: اللهم بشرف الرسول اشفني، ويسر أموري بجاه محمد - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته أن هذا لا يجوز، وأن الدعاء يكون لله عز وجل، بعظمته ومقدرته وبجاهه، وإذا أردت أن تقول بدلا من هذا، فافعل وقل: اللهم شفع في نبيك محمدا - صلى الله عليه وسلم - هل ما قلت للرجل صحيح؟ وما حكم الدعاء بشرف وجاه الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ وماذا أفعل إذا كنت مخطئا في قولي؟ هذا وجهوني جزاكم الله خيرا (¬1). ج: كلامك طيب، وأنت مصيب فيما فعلت، فلا يشرع التوسل بشرف الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا بحق الرسول ولا بجاهه، ولا بجاه فلان ولا بحق الأنبياء، ولا بشرف الأنبياء لأن الله تعالى ما شرع ذلك، وإنما شرع لنا التوسل بأسمائه، وصفاته، وبالأعمال الصالحات، هذا الوسيلة في الدعاء، قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (¬2) وشرع لنا التوسل بصفاته، فعند السؤال تقول: اللهم إني أسألك برحمتك، وبجودك وكرمك أن تغفر لي، وبعلمك الغيب وبقدرتك على الخلق، أن تغفر لي وأن ترحمني، أو تتوسل بأعمالك الصالحة، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط، رقم 220. (¬2) سورة الأعراف الآية 180

بتوبتك إليه، وإيمانك به، سبحانه وتوحيدك له، ومحبتك له، أو بطاعتك للرسول - صلى الله عليه وسلم -، ومحبتك للرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو بأدائك الصلاة لله وحده، وما أشبه ذلك من الأعمال الصالحات، أما التوسل بجاه فلان أو شرف فلان، أو حق فلان، هذا لا يجوز على الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم، والأصل في هذا قوله سبحانه: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (¬1) وهكذا ما صح عن رسول الله من تعليم الناس التوسل إلى الله بصفاته وأسمائه، ومن الأعمال الصالحات، وقد وقع لثلاثة في غار انسد عليهم الغار، بصخرة عظيمة لم يستطيعوا دفعها، فقالوا فيما بينهم: إنه لا يخلصكم من هذه المصيبة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فدعوا الله وسألوه بصالح أعمالهم، ففرج الله عنهم، وأزاح عنهم الصخرة، أحدهم توسل ببره لوالديه، والثاني توسل بعفته عن الزنا، والثالث توسل بأدائه الأمانة ففرج الله عنهم سبحانه وتعالى، فهذه الوسيلة الشرعية. ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 180

حكم التوسل ببركة رمضان

51 - حكم التوسل ببركة رمضان س: ما حكم التوسل بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم - وببركة رمضان؟ (¬1) ج: التوسل بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم - بدعة، إذا توسل يقول: اللهم إني أسألك بإيماني بنبيك، بمحبتي له، هذا طيب، هذه وسيلة شرعية، ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط، رقم 405.

اللهم إني أسألك باتباعي نبيك - صلى الله عليه وسلم -، بمتابعته للنبي - صلى الله عليه وسلم -، بإيمانه بالنبي، هذا كله طيب، كله وسيلة شرعية، أما بجاه نبيك أو بحق نبيك هذا ليس بوسيلة شرعية. أما التوسل ببركة رمضان فلا، لا يتوسل بذلك، يتوسل بصيامه لرمضان، هذا بالعمل، أما بركة رمضان ما هو بعمل له، بركة رمضان شيء جعله الله في رمضان، لكن يقول: اللهم إني أسألك بصيامي وبقيامي أن تغفر لي، أو بحجي لبيتك، أو بطاعتي لك، أو باتباعي لشريعتك، يتوسل بأعماله الطيبة هو.

حكم التوسل بالقرآن الكريم

52 - حكم التوسل بالقرآن الكريم س: هل يجوز الدعاء بجاه الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - أو بجاه القرآن أو بجاه الإنجيل، والتوراة، أو بجاه رمضان، أو بجاه الصالحين من الناس؟ (¬1) ج: ليس للمسلم أن يدعو متوسلا بجاه فلان، أو حق فلان كجاه الأنبياء أو جاه الصالحين، أو جاه النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، أو جاه جبرائيل أو حق فلان، ليس هذا بمشروع عند جمهور أهل العلم، بل هو من البدع ومن وسائل الشرك، أما التوسل بالقرآن الكريم، أن يقول: أسألك ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط، رقم 152.

يا ربي بكلامك، أو بكتابك العزيز، فلا بأس، أو أسألك بكلامك المنزل على موسى وعلى عيسى، فلا بأس، لكن التوسل بأسماء الله وصفاته أكمل، مثل: أسألك بأسمائك يا ربي بصفاتك، والقرآن من كلامه والتوراة من كلامه والإنجيل من كلامه المنزل، لا المحرف الكلام المنزل على موسى من كلام الله، والكلام المنزل على عيسى من كلام الله، فإذا توسل المؤمن بكلام الله المنزل على أنبيائه فلا بأس، أو بالقرآن نفسه فلا بأس، لأنه من صفاته سبحانه وتعالى، وإذا قال أسألك بأسمائك الحسنى، أو بصفاتك العلا مجملا فهذا كله طيب، وكلها وسائل شرعية كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (¬1) وهكذا التوسل بالإيمان بالله ورسوله، ومحبة الله ورسوله، والتوسل بأعمالك الصالحة، كالتوسل ببرك لوالديك، وبعفتك عما حرم الله، وبأدائك الأمانة التي عليك، فالتوسل بالأعمال الصالحة لا بأس به. ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 180

حكم التوجه إلى الله بالدعاء عند قبور الصالحين

53 - حكم التوجه إلى الله بالدعاء عند قبور الصالحين س: يقول أحد الأشخاص: الذي يتوجه بالدعاء إلى الله عند قبور الصالحين فهذا هو التوسل بالأولياء والصالحين والتوسل جائز شرعا، وهو يطلب من الله متوسلا إليه بهذا الولي عسى أن يكون هذا الدعاء أو دعاء السائل مقبولا، وليس في ذلك ما يتنافى مع العقيدة، لا فرق في ذلك بين الحي والميت، والدليل على ذلك بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جاءه أعمى فقال له: يا رسول الله اطلب من الله أن يرد علي بصري فقال له: اذهب فتوضأ وصل لله ركعتين ثم قل: اللهم إني أتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا سيدي يا رسول الله توسلنا بك إلى ربي ليرد علي بصري، فرد الله عليه بصره، ويقول أيضا: بأنه يجوز الاستعانة بالأحياء والأموات؛ لأن السائل يسأل الله ببركة هذا الصالح من نبي أو ولي وليس طالبا من ذات الشخص أن تفعل شيئا، نرجو من سماحتكم الإفادة عن هذا الموضوع؟ (¬1) ج: هذا السؤال جدير بالعناية وفيه تفصيل: فالحي الحاضر لا بأس أن يسال بأن يشفع للسائل، كما كان الصحابة يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يشفع لهم إذا أجدبوا ويستغيث لهم، وكما سأله الأعمى، فأمره أن ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط، رقم 381.

يسأل ربه أن يقبل شفاعة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وأمره أن يتوضأ ويسأل ربه، هذا لا بأس به سؤال الأحياء أن يشفعوا لك فتقول: يا أخي ادع الله لي، اسأل الله لي، اشفع لي أن الله يشفيني، اشفع لي أن الله يرزقني، أن الله يمنحني زوجة صالحة وذرية طيبة لا بأس، تقول لأخيك هو يدعو ربه، يرفع يديه ويدعو ربه: اللهم اشف فلانا، اللهم يسر أمره، اللهم ارزقه الزوجة الصالحة، اللهم ارزقه الذرية الطيبة، لا بأس، كما كان الصحابة يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكما كان الصحابة أيضا فيما بينهم، كل هذا لا بأس به، «والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: إنه يقدم عليكم رجل بر بأمه يقال له: أويس القرني، كان برا بأمه، فمن لقيه منكم فليطلب منه أن يستغفر له، (¬1)» فهذا شيء لا بأس به، أما سؤال الأموات والاستغاثة بالأموات، والنذر للأموات، فهذا شرك أكبر، هذا عمل الجاهلية، عمل قريش في جاهليتها، وعمل غيرهم من الكفرة، سؤال الأموات وأصحاب القبور والاستغاثة بهم والاستعانة بهم هذا الشرك الأكبر، هذا عبادة غير الله، التي قال فيها جل وعلا: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬2)، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬3) ومن دعا الأنبياء أو دعا نبينا - صلى الله عليه وسلم - أو استغاث بالصديق أو بعمر أو بعثمان أو بعلي أو بغيرهم فقد اتخذهم ¬

_ (¬1) مسلم فضائل الصحابة (2542)، أحمد (1/ 39). (¬2) سورة الجن الآية 18 (¬3) سورة المؤمنون الآية 117

آلهة، جعلهم آلهة مع الله، قال الله جل وعلا: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬1)، سماه شركا، وقال جل وعلا: {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} (¬2)، فأخبر سبحانه أنه لا أضل من هؤلاء دعاة غير الله. المقصود أن الواجب على المؤمن أن يحذر دعاء الأموات أو الغائبين كالملائكة والجن، يدعوهم يسأل جبرائيل أو إسرافيل، أو جن البلاد الفلانية، أو جن الجبل الفلاني، هذا شرك أكبر، قال جل وعلا: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} (¬3) {قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} (¬4)، قال جل وعلا في سورة الجن: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (¬5). فالواجب الحذر فلا يسأل الأموات ولا الغائبين من الملائكة ولا غيرهم، ولا يسألون الأصنام ولا الجمادات من الأشجار والأحجار والنجوم، بل يسأل الله وحده، يسأل الله، يستعين بالله، يستغيث بالله، قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬6)، وقال سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬7)، وقال جل وعلا: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬8) ¬

_ (¬1) سورة فاطر الآية 14 (¬2) سورة الأحقاف الآية 6 (¬3) سورة سبأ الآية 40 (¬4) سورة سبأ الآية 41 (¬5) سورة الجن الآية 6 (¬6) سورة الإسراء الآية 23 (¬7) سورة غافر الآية 60 (¬8) سورة البينة الآية 5

وقال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (¬1)، وقال سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (¬2) (¬3) {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬4) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (¬5)، وقال سبحانه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (¬6) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (¬7). وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله (¬8)»؛ وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله من ذبح لغير الله (¬9)». فهذه أمور عظيمة خطيرة، والجلوس عند القبور، يدعو ربه عند القبور، هذه وسيلة للشرك، كونه يجلس عنده يقرأ أو يدعو هذه وسيلة ما يجوز من وسائل الشرك، أما إذا دعا المقبور واستغاث به هذا ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 186 (¬2) سورة الأنعام الآية 162 (¬3) (ونسكي)، يعني: ذبحي. (¬4) سورة الأنعام الآية 162 (¬5) سورة الأنعام الآية 163 (¬6) سورة الكوثر الآية 1 (¬7) سورة الكوثر الآية 2 (¬8) أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن العباس، برقم 2664، والترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق، باب: منه، برقم 2516. (¬9) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله، برقم 1978، والنسائي في كتاب الضحايا، باب من ذبح لغير الله عز وجل، برقم 4422، والإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 857.

الشرك الأكبر، هذا الذنب الذي لا يغفر إلا بالتوبة، أما الحي الحاضر، يقول: ادع الله لي، أو يسأل منه أن يعينه على كذا لا بأس، إذا كان حيا حاضرا قادرا، لا بأس، مثلما كان الصحابة يسألون النبي وهو حاضر أن يعينهم، وأن يواسيهم مما أعطى الله من المال، وأن يدعو لهم لا بأس، ومثلما قال الله عن موسى في قصة موسى مع القبطي: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (¬1)، فأغاثه موسى وقتل القبطي، لأن موسى حي حاضر، يسمع الكلام. وهكذا في الحرب، الإنسان مع إخوانه، في الحرب، في الجهاد يتعاونون في قتال الأعداء، هذا يعين بالسلاح، وهذا يعين بالسوط، وهذا يعين بفرس، وهذا يعين بالدرقة إلى غير ذلك، وهكذا في الدنيا يتعاونون في المزرعة يعينه في مزرعته، يعينه في بيعه وشرائه، حي قادر حاضر، يتعاونون في المزرعة، في البيع والشراء في بناء البيت لا بأس، حي قادر حاضر، لا بأس، أما ميت أو غائب فلا يستعان به، هذا من الشرك الأكبر، والمشركون ما كانوا يعتقدون أنهم يخلقون أو يرزقون بل المشركون يبعدونهم لأنهم بزعمهم يشفعون لهم، يقربونهم إلى الله زلفى - هذا زعمهم - ما كانوا يعتقدون فيهم أنهم يخلقون أو يرزقون، قال الله جل وعلا: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (¬2)، قال سبحانه: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ} (¬3) يعني قل لهم يا محمد: ¬

_ (¬1) سورة القصص الآية 15 (¬2) سورة الزخرف الآية 87 (¬3) سورة يونس الآية 31

{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ} (¬1) يعترفون بهذا. وقال جل وعلا: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (¬2) ما قال يقولون هؤلاء خلقونا، أو رزقونا، لا، يقولون: {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (¬3)، هم يعلمون أن الخلاق الرزاق هو الله سبحانه، وإنما يعبدون الأصنام لأنها تشفع لهم بزعمهم، وقد أبطلوا في هذا، وقال الله جل وعلا: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬4)، وقال الله جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (¬5)، سماهم كذبة، وسماهم كفرة، كذبة فيما قالوا: {لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬6)، وهم كفرة بهذا بدعائهم إياهم، وذبحهم لهم، ونذرهم لهم، هم كفرة بهذا سواء كانوا أنبياء أو صالحين أو ملائكة، من عبدهم كفر، بالشفاعة لهم، بنذره لهم، بذبحه لهم، يقول: إنهم يقربونه إلى الله زلفى، إنهم يشفعون له، هذا دين المشركين، هذا دين عباد الأصنام، يزعمون أنها تقربهم إلى الله، وتشفع لهم، لا أنها تخلق، وترزق، فالذي يأتي البدوي، أو السيد الحسين، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو يأتي غيرهم يسألهم، يستغيث بهم، هذا قد ¬

_ (¬1) سورة يونس الآية 31 (¬2) سورة يونس الآية 18 (¬3) سورة يونس الآية 18 (¬4) سورة الزمر الآية 3 (¬5) سورة الزمر الآية 3 (¬6) سورة الزمر الآية 3

جعلهم آلهة مع الله، وهذا هو الشرك الأكبر، وهكذا إذا أتى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعوه، يستغيث به، هذا من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر، الواجب على السائل وعلى غير السائل الحذر من هذه الشركيات، وعدم الالتفات إلى دعاة الشرك من علماء السوء، وقادة السوء، نسأل الله العافية والسلامة.

حكم الاستغاثة بالرسول - صلى الله عليه وسلم -

54 - حكم الاستغاثة بالرسول - صلى الله عليه وسلم - س: هل تجوز الاستغاثة بالرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ (¬1) ج: أما في حياته فيما يقدر عليه، فلا بأس، كأن يقال يا رسول الله أغثنا من هذا الأمير، الذي ظلمنا، أو من هذا الشخص الذي ظلمنا، فالرسول يستطيع بأن يأمر بعض الصحابة، أن يزيل الشر وأن يغيثه من ذلك، أما بعد الوفاة فلا. لا يستغاث بأحد، لا الرسول ولا غيره، بعد الوفاة لا يستغاث بالأموات، لا الرسول ولا غيره عليه الصلاة والسلام، ومن باب الجواز قوله سبحانه: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (¬2) استغاث الإسرائيلي بموسى على القبطي، لأن موسى حي يسمع كلامه ويستطيع إغاثته، ومن هذا استغاثة الإنسان بإخوانه في الحرب، في قتال الأعداء، هذا لا بأس به. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط، رقم 204. (¬2) سورة القصص الآية 15

أما طلب الأموات، والاستغاثة بالأموات أو بالأصنام، أو بالجمادات أو بالأشجار والأحجار أو بالنجوم، هذا كفر بالله شرك أكبر. وهكذا الاستغاثة بالحي، فيما لا يقدر عليه، كأن يستغيث به في أن يصلح قلبه، بأمر سري في نفسه يرى أن له سرا، أو بأن ينقذه من النار… لسر فيه، أو يدخله الجنة لسر فيه، هذا كفر بالله. أما إذا قال: أعني على أسباب دخول الجنة، يعلمه ويتفقه في الدين، أو على إصلاح قلبي، بالتذكير والوعظ والتوجيه إلى الخير، هذا أمر مطلوب، يعظه ويذكره وينصحه، أما أن يعتقد أن هذا الولي، وإن كان حيا يعتقد أنه يستطيع إدخال الجنة، وإنجاء الناس من النار، وشفاء المرضى بسره بشيء فيه، هذا كفر بالله، نعوذ بالله.

باب ما جاء في التبرك

باب ما جاء في التبرك

باب ما جاء في التبرك 55 - تبرك الصحابة بآثاره عليه الصلاة والسلام من خصائصه س: رأيت في بعض الكتب المنتشرة عندنا في الصومال أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يزدحمون على ماء وضوء سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، يتبركون به، وإذا تنخم أو بصق يأخذون ذلك ويتمسحون به، وازدحموا على الحلاق عند حلق رأسه صلى الله عليه وسلم، واقتسموا شعره يتبركون به، وشرب عبد الله بن الزبير دمه صلى الله عليه وسلم لما احتجم، وشربت أم أيمن بوله فقال لها: صحة يا أم أيمن، فما صحة ذلك؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا، وهل يجوز أن يقيس الناس على مثل هذه الأحوال، إن كان ما ورد صحيحا؟ (¬1) ج: لا ريب أنه قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتبركون بماء وضوئه، وبشعره عليه الصلاة والسلام، وببصاقه عليه الصلاة والسلام وبنخامته، كل هذا ثابت عنه عليه الصلاة والسلام، ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط، رقم 120.

وعن الصحابة، وقد ثبت في حديث أبي جحيفة في الصحيحين، في حجة الوداع، أنه لما خرج بلال بوضوئه صلى الله عليه وسلم، كان الصحابة يتناولون منه ما تيسر، هذا يأخذ قليلا وهذا يأخذ كثيرا من وضوئه عليه الصلاة والسلام، وثبت في صلح الحديبية، أنه إذا تنخع نخاعة أو بصق تلقاها الصحابة وجعلوا يدلكون بها أجسادهم، لما جعل الله فيها من البركة، ولما حلق في حجة الوداع، قسم نصف الشعر بين الصحابة، والنصف الثاني أعطاه أبا طلحة رضي الله عنه، كل هذا ثابت عنه صلى الله عليه وسلم، وليس هناك شك عند أهل العلم في بركة جسمه صلى الله عليه وسلم، وشعره وما مس جسمه ووضوئه، وعرقه عليه الصلاة والسلام. لكن لا يقاس عليه غيره، إذ إن الصحابة رضي الله عنهم، ما فعلوا هذا مع الصديق ولا مع عمر، ولا مع عثمان، ولا مع علي، وهم أفضل الصحابة هم أفضل الناس بعد الأنبياء، فلو كان هذا مشروعا أو جائزا، مع غير النبي صلى الله عليه وسلم لفعله المسلمون، مع هؤلاء الأخيار، ولأن ذلك قد يكون وسيلة للشرك والغلو، فلهذا منعه أهل العلم في الصحيح من أقوال أهل العلم أنه لا يقاس على الرسول صلى الله عليه وسلم أحد بل خاص به صلى الله عليه وسلم، لما ثبت وعلم من بركته صلى الله عليه وسلم، في جسمه وعرقه وشعره، وسائر أجزائه عليه الصلاة والسلام، ولأنه أقر الصحابة على ذلك، فلولا أنه جائز لما أقرهم، فلا يقاس عليه غيره لأمور كثيرة، أما التبرك بالعلماء والعباد، الذي يفعله بعض الناس، فهذا غلط ولا يجوز، لأنه خالف هدي الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولم يفعله المسلمون مع فضلائهم ولا كبارهم، كالخلفاء الراشدين ولم يفعله مع بقية الصحابة،

ولو كان خيرا لسبقونا إليه، ولأن العبادات توقيفية، ولأن هذا قد يفضي إلى الشرك والغلو، ولهذا رجح المحققون من أهل العلم منعه مع غير النبي عليه الصلاة والسلام، أما شرب ابن الزبير دمه، وأم أيمن بوله، فهذا محل نظر، وقد ورد هذا ولكن في صحته نظر، فهو يحتاج إلى تمحيص ونظر في أسانيد القصة، والأصل تحريم الدم وتحريم البول، الله حرم علينا البول لأنه نجس، وحرم الدم لأنه من الخبائث، وهو نجس، فإن صح فهذا يستثنى، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم له خصائص، كما قلنا في العرق ومسألة الشعر، ومسألة البصاق هذا خاص به، فهكذا إذا صح حديث أم أيمن، وصح حديث ابن الزبير، صار من الخصائص، وسوف نبحثه إن شاء الله، ونعتني به ويكون في حلقة أخرى إن شاء الله.

قياس التبرك بآثار الصالحين بما فعله الصحابة برسول الله باطل ولا يصح

56 - قياس التبرك بآثار الصالحين بما فعله الصحابة برسول الله صلى الله عليه وسلم باطل ولا يصح س: يقيس الذين يرون التبرك بالصالحين، يقيسون عملهم بما كان يفعله الصحابة رضي الله عنهم من التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم، وشعره وملابسه، وفضلات جسمه، فبينوا لنا المعتقد الصحيح، في هذا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذا القياس باطل، النبي صلى الله عليه وسلم شرع الله لنا أن نقتدي به ونتأسى ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط، رقم 266.

به صلى الله عليه وسلم، وشرع الله جل وعلا التبرك بما مس جسده من شعر وعرق ونحو ذلك، لأنه صلى الله عليه وسلم لما حلق رأسه في حجة الوداع، وزعه على الصحابة، هذا يدل على أنه هذا جائز بالنسبة إليه، عليه الصلاة والسلام، وهكذا ملابسه التي تلي جسده، فيها بركة، لأن الله جعله مباركا وجعل ما أصاب جسده فيه بركة، أما غيره فلا يقاس عليه، ولا يدعى من دون الله، ولكن نفس العرق، أو نفس الشعر من النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، لا بأس أن يجعل في طيب الإنسان، أو يلبسه على جسده، يرجو أن الله يجعل فيه بركة له، كما جعل ماء زمزم مباركا، سبحانه وتعالى، هذا فضل منه جل وعلا. وكما جعل في الأطعمة واللحوم بركة للمسلمين، فليس هذا بمستنكر أما أن يتبرك بفلان، أو شعر فلان، أو عرق فلان فلا، لأنه لا يقاس عليه غيره، عليه الصلاة والسلام، القياس لا بد أن يكون الفرع مساويا للأصل، وليس أحد يساوي النبي صلى الله عليه وسلم، هو أفضل الخلق وسيد الخلق، وله خصائص، ولهذا لم يفعل الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم هذا التبرك مع الصديق ولا مع عمر ولا مع عثمان، ولا مع علي، ولا مع غيرهم من سادات الصحابة وكبارهم لعلمهم أن هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، لا بغيره صلى الله عليه وسلم، وهم القدوة والأسوة، وهم أعلم الناس، بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ورضي الله عنهم.

حكم التبرك بتراب قبور الأولياء

57 - حكم التبرك بتراب قبور الأولياء س: يسأل أخونا ويقول: هل يجوز التبرك بالتراب الموجود على ضريح الولي المتوفى؟ وهل هذا التراب يفيد شيئا؟ وما هو رأي سماحتكم في هذا؟ (¬1) ج: التبرك بتراب القبور منكر ومن المحرمات الشركية لأنه لا يجوز التبرك بتراب الولي ولا غير الولي لأن البركة من الله عز وجل إنما التبرك بالشيء الذي شرعه الله مثل التبرك بماء زمزم لأن الله قد جعل فيه البركة، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه مبارك أو كونه مثلا يسأل ربه أن الله يجعل هذا المال مباركا يدعو ربه أنه يبارك فيه له أو أن الله يبارك له في هذا الولد، فالبركة من الله عز وجل ولم يكن الصحابة يتبركون لا بالصديق ولا بعمر ولا بعثمان ولا بعلي إنما هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم كانوا يتبركون بعرقه وريقه عليه الصلاة والسلام، أما من بعده فلا يتبرك بهم، وجميع الأولياء لا يتبرك بهم، إنما هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، فالتبرك بالأشخاص ترابهم أو آثارهم كله منكر لا يجوز، بل من وسائل الشرك الأكبر. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط، رقم 338.

التعريف بأولياء الله تعالى

58 - التعريف بأولياء الله تعالى س: أرجو تعريفا كاملا لأولياء الله، ومن هم؟ وهل عندهم علامات مميزة؟ وهل تصح زيارتهم للتبرك، وقضاء الحوائج سواء كانوا أحياء أم أمواتا؟ جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: أولياء الله هم أهل التقوى والإيمان هم أهل الصلاح والاستقامة على دين الله، وعلى ما جاء به رسوله عليه الصلاة والسلام، هؤلاء هم أولياء الله، وهم أهل التقوى، وهم أهل الإيمان، كما قال الله سبحانه: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (¬2)، ثم فسرهم فقال: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (¬3)، هؤلاء هم أولياء الله، هكذا في سورة يونس. وقال في سورة الأنفال: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} (¬4)، فأولياء الله هم أهل التقوى، هم أهل الإيمان، هم الذين أطاعوا الله ورسوله، واستقاموا على دين الله وتركوا الشرك والمعاصي، هؤلاء هم أولياء الله، يجب حبهم في الله، ولكن لا يجوز دعاؤهم من دون الله، ولا الاستغاثة بهم، ولا البناء على قبورهم، هذا منكر، ولا البناء على قبور الأنبياء أيضا، يقول ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط، رقم 197. (¬2) سورة يونس الآية 62 (¬3) سورة يونس الآية 63 (¬4) سورة الأنفال الآية 34

النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم - يعني: من الأمم - كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (¬2)» رواه مسلم في الصحيح فنهى الناس عن اتخاذ المساجد على قبور الأنبياء والصالحين، وحذرهم من ذلك، ولعن من فعل هذا. وروى مسلم في الصحيح، عن جابر رضي الله عنه، قال: «نهى رسول الله أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه، (¬3)» فلا يبنى عليه قبة ولا غرفة ولا مسجد، بل يجب الحذر من ذلك، بل تترك القبور بارزة شامسة، كما كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في البقيع وفي غيره، في الأرض الواضحة التي ليس فيها بناء، يكون القبر بارزا عن الأرض قدر شبر ونحوه، حتى يعرف أنه قبر، ولا يبنى عليه، ولا يجصص، ولا يبنى عليه قبة ولا مسجد، كل هذا لا يجوز وهذه القباب والمساجد التي توضع على القبور من أسباب الشرك، إذا رآها العامي معظمة بالقباب والمساجد، وربما فرشوها، وربما طيبوها صار هذا من أسباب الشرك، بدعة يترتب عليها شرك أكبر، نسأل الله العافية، فإن العامة إذا رأوا هذا العمل، دعوها من دون الله واستغاثوا بها، وتمسحوا بها إلى غير ذلك؛ أما زيارة ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد، برقم 532. (¬2) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532. (¬3) مسلم الجنائز (970)، الترمذي الجنائز (1052)، النسائي الجنائز (2027)، أبو داود الجنائز (3225)، أحمد (3/ 339).

المؤمن، أن يسلم على أخيه، يعني على قبره، إذا كان ظاهرا، بارزا، ليس فيه قبة ولا مسجد، فلا بأس، بل سنة النبي عليه السلام قال: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬1)»، فإذا زار القبور ليسلم عليهم، ويدعو لهم، فهذا مشروع، وهذا سنة؛ أما أن يزورهم ليدعوهم من دون الله، أو يستغيث بهم، أو يطلبهم المدد، فهذا شرك أكبر، لا يجوز، فالذي يقول لصاحب القبر: المدد المدد، أو يا سيدي فلان أغثني، أو انصرني، أو اشف مريضي، أو أنا في جوارك، أو أنا في حمايتك، هذا دعاء لغير الله، وشرك بالله سبحانه وتعالى هذا من جنس عمل الجاهلية الأولى، أبي جهل وأشباهه. الواجب على المسلمين أن يحذروا هذه الأمور، وأن يتواصوا ويتناصحوا بتركها أينما كانوا، وأما الأحياء منهم إذا زارهم يسلم عليهم لحبهم في الله، فلا بأس يزورهم لحبهم في الله، لا للتبرك بهم، والذي يزورهم يسلم عليهم ويعرف أحوالهم، ويتذاكر معهم في الخير، أو في العلم، كل هذا طيب، أو ليدعوا ويستغفروا له، لا بأس، إذا قال: ادعوا لي أو استغفروا لي، لا بأس أما أن يزوره لأجل الاعتقاد فيه، أنه يدعى من دون الله، أو أنه يصلح أن يعبد من دون الله حيا أو ميتا، لأنه ينفع أو يضر، أو أنه يتصرف في الكون، أو ما أشبه هذا من اعتقاد الجهلة، فهذا لا يجوز يقول الله جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم: ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569.

{قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (¬1)، فإذا كان صلى الله عليه وسلم وهو سيد ولد آدم، وأفضل الخلق، لا يملك لغيره نفعا ولا ضرا، ولا يعلم الغيب، فكيف بغيره من الناس، فعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى، هو النافع الضار، المعطي المانع، جل وعلا، فليس لأحد أن يدعو غير الله من الأموات أو الغائبين، أو الأشجار أو الأحجار أو الجن، أو الملائكة، بل هذا من الشرك بالله سبحانه وتعالى، وليس له أن يعتقد في أحد من أنه ينفع ويضر دون الله، أو أنه يصلح أن يعبد من دون الله، ويدعى من دون الله، كل هذا اعتقاد باطل وكفر، نسأل الله العافية؛ أما الحي الحاضر، القادر، يقول: يا أخي أعني على كذا، لا بأس. الحي الحاضر، تقول له: ساعدني على إصلاح سيارتي، على عمارة بيتي، على مزرعتي، وهو قادر يسمعك ويستطيع أن يساعدك بما يسر الله، لا بأس. هذه أمور جائزة فيما بين الناس، قال تعالى في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (¬2)؛ لأنه حي يسمع كلامه، وموسى يقدر أن يغيثه، فلا بأس بهذا أما دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، أو الغائبين يعتقد فيهم أنهم يسمعون دعاءه وينفعون ويضرون، هذا هو الشرك الأكبر، هذا عمل الجاهلية الأولى، نسأل الله العافية ولو قال: إني ما قصدت أنهم ينفعون ويضرون، ولو قال: أقصد أنهم شفعاء عند ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 188 (¬2) سورة القصص الآية 15

الله، هذا شرك المشركين، المشركون ما قصدوا أنهم ينفعون ويضرون، بل أرادوهم شفعاء عند الله، وأرادوهم أن يقربوهم إلى الله، كما قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (¬1)، قال الله سبحانه: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (¬2)، فسمى عملهم هذا شركا، وقال سبحانه وتعالى في سورة الزمر: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬3) ما قالوا لأنهم ينفعون ويضرون، لا، قالوا: يقربونا إلى الله زلفى، هذه عقيدتهم، يعلمون أن النافع الضار هو الله وحده، ولكنهم يطلبون من الأولياء أو من الأنبياء، أو من الملائكة الشفاعة إلى الله، ليعطيهم مطالبهم، ويزعمون أنهم شفعاء وأنهم يقربون إلى الله، ولا يعتقدون أنهم يتصرفون في الكون، أو ينفعون أو يضرون، لا، ليس هذا من اعتقاد الجاهلية، ومع هذا كفرهم الله وقاتلهم الرسول صلى الله عليه وسلم على شركهم هذا، فالواجب على كل من يدعي الإسلام أن يتبصر ويتفقه في دينه، وأن يحذر التعلق بأهل القبور ودعائهم من دون الله، والاستغاثة بهم والنذر لهم والذبح لهم، وأن هذا هو شرك الجاهلية، كما يفعل هذا بعض الناس عند قبر السيد البدوي، أو السيد الحسين، أو الشيخ عبد القادر في العراق، أو غيرهم كل هذا شرك بالله لا يجوز لا مع الحسين، ولا مع البدوي، ولا مع ¬

_ (¬1) سورة يونس الآية 18 (¬2) سورة يونس الآية 18 (¬3) سورة الزمر الآية 3

الشيخ عبد القادر الجيلاني، ولا مع غيرهم من الناس، ولا مع ابن عربي في الشام، ولا مع غيرهم؛ الواجب الإخلاص لله في العبادة؛ لأنه حقه سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬1)، وقال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬2)، يعني أمر وأوصى ألا تعبدوا إلا إياه، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (¬3)، وقال جل وعلا: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬4) هذا أصل الدين وأساس الملة، وهذا أعظم واجب وأهم واجب، أن تعبد الله وحده، بدعائك ونذرك وذبحك وصلاتك وصومك وغير ذلك، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬5) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (¬6)، والنسك يطلق على الذبح وعلى العبادة، فكما أن الصلاة لله، هكذا الذبح لله، فالذي يذبح للجن، أو يتقرب لأصحاب القبور، أو الأشجار والأصنام بالذبائح، هذا شرك بالله عز وجل. وهكذا دعاؤهم والاستغاثة بهم وطلبهم المدد، الذي يقف على قبر ويقول: المدد، أو يدعوهم من قريب، يا سيدي البدوي، أو يا سيدي الحسين المدد المدد، أو يا سيدي عبد القادر المدد المدد، هذا الشرك الأكبر، هذا شرك بالله عز وجل وعبادة لغيره. قال سبحانه وتعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬7)، ¬

_ (¬1) سورة البينة الآية 5 (¬2) سورة الإسراء الآية 23 (¬3) سورة البقرة الآية 21 (¬4) سورة الذاريات الآية 56 (¬5) سورة الأنعام الآية 162 (¬6) سورة الأنعام الآية 163 (¬7) سورة الجن الآية 18

(أحدا) عام يعم الأنبياء وغيرهم، نكرة في سياق النهي تعم الأنبياء والملائكة والجن والإنس، وقال سبحانه وتعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬1)، يعني: المشركين، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬2)، فسمى دعاة غير الله: كفارا، ولو قالوا: ما نسميه إلها، ولو قالوا: نسميهم سادة، أو نسميهم أولياء، متى دعوهم واستغاثوا بهم، فقد جعلوهم آلهة، وإن لم يسموهم آلهة، فلا عبرة بالأسماء، العبرة بالحقائق، فالذي يعبده من دون الله ويستغيث به، قد جعله إلها، وإن لم يسمه إلها، وإن قال: هو السيد، أو هو الولي، أو هو كذا، أو كذا بأسماء أخرى، الاعتبار في الأمور بالحقائق، والمعاني، لا بالألفاظ. نسأل الله أن يهدي إخواننا جميعا المسلمين، ونسأل الله أن يرشد الجاهل للحق على الهدى، وأن يكثر في المسلمين علماء الحق، وعلماء الهدى، حتى يبصروا الناس، وحتى يرشدوهم إلى توحيد الله، وإلى الحق الذي بعث الله به نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام، ونسأل الله أن يهدي الجاهل إلى أن يتعلم، ويسأل، ويتبصر، ولا يرضى بالتقليد الأعمى، ونصيحتي لجميع من يتصل بالقبور، أو يدعو القبور، أو يجهل أحكام الله، نصيحتي ¬

_ (¬1) سورة يونس الآية 106 (¬2) سورة المؤمنون الآية 117

للجميع أن يسألوا العلماء، علماء الحق، علماء السنة، أهل البصيرة، يسألوهم، مثل أنصار السنة في مصر، مثل علماء السنة في الشام، في الأردن، في أي مكان، علماء الحق المعروفين بالسنة والتوحيد، والإخلاص، والبصيرة، وهكذا في كل مكان، في إفريقيا، وفي أوروبا، وفي أمريكا، في كل مكان. الواجب على من جهل الحكم أن يسأل، ولا يقدم على شيء على غير بصيرة، والله يقول سبحانه في كتابه العظيم: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (¬1). وروي عنه عليه السلام أنه قال لقوم أفتوا من غير علم: «ألا سألوا إذا لم يعلموا، إنما شفاء العي السؤال (¬2)» وكان الصحابة يسألونه عليه الصلاة والسلام، ويعلمهم ويجيبهم، حتى النساء يسألونه ويجيبهم. وقال له بعض النساء: يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا يوما نسألك ونتحدث إليك، فوعدهن وجمعهن في مكان، وأتاهن وسألنه عن حاجاتهن، عليه الصلاة والسلام. فالواجب على العلماء أن ينبسطوا للجهلة حتى يعلموهم، وأن يعتنوا بالكتاب والسنة، وأن تكون الفتاوى من الكتاب والسنة، لا من التقليد الأعمى، بل من كتاب الله العظيم، وسنة رسوله ¬

_ (¬1) سورة النحل الآية 43 (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم، مسند ابن عباس رضي الله عنهما، برقم 3048، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب: في المجروح يتيمم، واللفظ له، برقم 337، وابن ماجه في كتاب الطهارة، باب: في المجروح تصيبه الجنابة فيخاف على نفسه، برقم 572.

الأمين، على العالم أن يتبصر من طريق الكتاب والسنة، وأن يعلم الناس على ضوء الكتاب والسنة، ويرشدهم إلى أحكام الله التي دل عليها كتابه العظيم، وسنة رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام، وأن يحذر التساهل في هذه الأمور. رزق الله الجميع الهداية التوفيق.

حكم الطواف بالقبور

59 - حكم الطواف بالقبور س: ما حكم من يطوف بالقبور للتبرك، ولا يدعو أصحابها من دون الله، هل يعذر بالجهل أم لا؟ (¬1) ج: إذا طاف بالقبور يتقرب إلى الميت، ويرجو شفاعته عند الله بذلك، فهذا كفر أكبر، مثل إذا دعاه واستغاث به، أما إذا طاف يحسب أن هذا مشروع، وهو يتقرب إلى الله، لا إلى الميت، وهو يحسب أنه مشروع، فهذا من الكبائر ومن البدع العظيمة، والواجب تعليمه حتى يبتعد عن هذا الأمر، والغالب على عباد القبور، التقرب إلى أهلها بالطواف، والدعاء والاستغاثة، وهذا هو الشرك الأكبر، نعوذ بالله من ذلك، وهذه هي عبادة المشركين، وهذه حالهم يتصرفون هذا التصرف، حول القبور، يرجون شفاعة أهلها عند الله، وهذا هو الشرك الأكبر، يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فلم يعذرهم الله سبحانه بل قال: {أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (¬2) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط، رقم 308. (¬2) سورة يونس الآية 18

فسماه شركا، وقال في سورة الزمر في حق عباد غير الله، قال: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬1)، ثم قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (¬2)، فسماهم الله كذبة كفرة، بقولهم ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، هم كذبة في قولهم: {لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬3) وهم كفرة بهذا الفعل، بدعائهم إياهم واستغاثتهم بهم، ونذرهم لهم، وذبحهم لهم، وطوافهم بقبورهم، والتقرب إليهم إلى غير هذا من العبادات، كله كفر بالله، وكله شرك أكبر، نعوذ بالله من ذلك، ومن كان بين المسلمين لا يعذر بالجهالة بل هو مشرك، لأن عليه أن يسأل ويتبصر، أما إذا كان في بلاد لا يبلغها الإسلام، ولم يبلغها دعاة الإسلام، فهو كسائر أهل الفترات، الذين تبلغهم الدعوة، هؤلاء أمرهم إلى الله، يوم القيامة، والصواب فيهم أنهم يمتحنون يوم القيامة، ويؤمرون بأي شيء، فإن أجابوا دخلوا الجنة، وإن عصوا دخلوا النار، ولكن إذا كانوا أحياء في هذه الدنيا، يعاملون معاملة الكفرة، لا يصلى عليهم، ولا يغسلون إذا ماتوا على الكفر بالله على عبادة الأصنام ونحوها، أما إذا كانوا بين المسلمين يسمعون القرآن، يسمعون السنة هؤلاء لا يعذرون، بل هم كفار بهذا العمل، نعوذ بالله، ويعاملون معاملة الكفرة. ¬

_ (¬1) سورة الزمر الآية 3 (¬2) سورة الزمر الآية 3 (¬3) سورة الزمر الآية 3

حكم التبرك بقبور الأولياء

60 - حكم التبرك بقبور الأولياء س: سماحة الشيخ لدينا أشخاص يحافظون على الصلوات في أوقاتها، ويتصدقون ويصومون، ولكنهم يتبركون بأناس يدعون بأنهم أولياء، ويذبحون عند قبورهم، ما الحكم في هؤلاء، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: الذي يتعاطى الشرك تبطل أعماله ولو صلى وصام، فالذي يتصل بأهل القبور، يدعوهم من دون الله أو يذبح لهم أو يتبرك بقبورهم ويتمسح بها ويقبلها؛ يرجو بركتها هذا كفر أكبر والعياذ بالله، وهكذا من يتمسح بمن يظن أو يقول: إنهم صالحون، يعتقد فيهم البركة، وأنه إذا تمسح بهم جاءته بركة من عندهم، أو أنهم يشفعون له عند الله، أو يقربونه إلى الله، مثل فعل الكفار هذا لا يجوز، قال الله جل وعلا في الكفرة: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (¬2)، وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬3)، هم يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬4)، {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (¬5) سماهم الله كذبة كفرة، ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط، رقم 377. (¬2) سورة يونس الآية 18 (¬3) سورة الزمر الآية 3 (¬4) سورة الزمر الآية 3 (¬5) سورة الزمر الآية 3

فالواجب الحذر من هذا، فلا يذبح عند القبور، ولا يتمسح بالقبور، أما إذا أراد الذبح، الذبح لله ولكن يحسب أن الذبح عند القبور طيب، وهو أراد لله هذه بدعة، تصير بدعة ما يصير كفرا، أما إذا ذبح يتقرب لأصحاب القبور، يريد أنهم يشفعون له أو ينفعونه يوم القيامة بهذه الذبيحة هذا هو شغل المشركين، والله يقول: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (¬1)، ويقول سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬2) {لَا شَرِيكَ لَهُ} (¬3) المقصود به الذبح. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله (¬4)». الخلاصة: أن الواجب إخلاص العبادة لله وحده: في الدعاء والخوف والرجاء والتوكل والذبح والنذر، وغير ذلك يكون لله وحده، فلا يذبح لصاحب القبر ولا للصنم ولا للنجوم ولا للجن، ولا يستغيث بهم ولا ينذر لهم، ولا يلجأ إليهم عند الملمات، بل يستغيث بالله وحده، وينذر لله وحده سبحانه وتعالى هو المستحق أن يعبد جل وعلا، وهكذا لا يتبرك بالقبور، ولا يتمسح بها يرجو بركتها، ولا بالناس بفلان وفلان، يرجو بركته، كل هذا لا يجوز، وإذا ظن أن هذا الرجل بنفسه يحصل له البركة منه صار شركا أكبر، أما إذا ظن أن ¬

_ (¬1) سورة الكوثر الآية 2 (¬2) سورة الأنعام الآية 162 (¬3) سورة الأنعام الآية 163 (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله، برقم 1978، والنسائي في كتاب الضحايا، باب من ذبح لغير الله عز وجل، برقم 4422، والإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 857.

هذا مناسب وأنه مستحب يكون بدعة، ما كان يفعل إلا مع النبي خاصة، هذا لا يجوز إلا مع النبي خاصة لأنه أقرهم على التبرك بوضوئه، وبشعره وبعرقه عليه الصلاة والسلام؛ لأن الله جعله مباركا، أما غيره فلا، ولهذا لم يفعله الصحابة مع الصديق، ولا مع عمر، ولا مع عثمان، ولا مع علي ولا مع غيرهم، لعلمهم أن هذا خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم دون غيره: التبرك بشعره، التبرك بعرقه وبوضوئه هذا خاص به صلى الله عليه وسلم، أما غيره فبدعة لا يجوز، وإذا اعتقد أنه يحصل له البركة من هذا الشخص صار كفرا أكبر، نسأل الله العافية.

حكم الدعاء ببركة النبي صلى الله عليه وسلم

61 - حكم الدعاء ببركة النبي صلى الله عليه وسلم س: السائل يقول: ما رأي فضيلتكم فيمن يقول في دعائه: نسأل الله التوفيق والسداد والنجاح ببركة سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، وهل يعد ذلك من التبرك بجاه النبي (¬1). ج: هذا من الوسائل غير الشرعية، هذه بدعة من وسائل الشرك إذا قال: اللهم إني أسألك ببركة النبي أو بجاه النبي أو بحق النبي أو بحق الأنبياء، هذه بدعة، ولكن يسأل الله بأسمائه وصفاته؛ قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (¬2)، فيقول: اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط، رقم 367. (¬2) سورة الأعراف الآية 180

بأنك الرحمن الرحيم بأنك العزيز الحكيم وما أشبه ذلك، أو يسأله بإيمانه وتوحيده، اللهم إني أسألك بإيماني بك وبرسولك وبإخلاص العبادة لك، يسأل بتوحيده وإيمانه أو بالأعمال الصالحة بإقامتي الصلاة بأدائي للزكاة، بحبي لله ولرسوله، كل هذه وسائل شرعية، ومن هذه قصة أهل الغار الذين توسلوا إلى الله بأعمالهم الصالحة وهي قصة غريبة عظيمة ثابتة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وهي «أن ثلاثة كانوا في البرية، فاضطرهم الليل والمطر إلى غار، بجبل فدخلوا فيه للمبيت وأثناء المطر انحدرت صخرة عظيمة من أعلى الجبل فسدت عليهم الغار ابتلاء وامتحانا، فأرادوا زحزحتها فلم يستطيعوا لأنها عظيمة فقالوا فيما بينهم: إنه لا ينجيكم من هذا البلاء إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق قبلهما لا أهلا ولا مالا - الغبوق اللبن الذي يشرب بعد العشاء - الحليب - فجئت ذات ليلة بغبوقهما فوجدتهما نائمين فكرهت أن أوقظهما وكرهت أن أسقي قبلهما أهلا أو مالا فوقفت بالقدح أنتظر لعلهما يستيقظان فلم يزل ذلك بي حتى طلع الفجر فلما استيقظا أسقيتهما، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة بعض الشيء حتى رأوا السماء لكن لا يستطيعون الخروج، ثم قال الثاني: اللهم إنه كانت لي ابنة عم، وكنت أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء وإني أردتها على نفسها ذات يوم - أراد الزنا منها - فأبت فألمت بها سنة، ألمت بها حاجة وجاءت

إليه تطلبه الرفد فقال: لا حتى تمكنيني من نفسك، فعند الضرورة وافقت، فلما جلس بين رجليها قالت: يا عبد الله اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، وكان قد أعطاها مائة وعشرين دينارا - يعني مائة وعشرين جنيه ذهب - فلما قالت هذا الكلام له خاف الله وقام ولم يجامعها وترك لها الذهب كله، ثم قال: اللهم إن كنت تعلم إني فعلت هذا ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة بعض الشيء أيضا لكن لا يستطيعون الخروج؛ ثم قال الثالث: اللهم إنه كان عندي أجراء فأعطيتهم أجورهم إلا واحدا بقي أجره عندي فنميته وثمرته حتى صار منه إبل وبقر وغنم ورقيق وإن كان طعاما فهو مثلا: قمح أو شعير أو أرز فجاءه الرجل يقول: يا عبد الله أعطني مالي، جاءه بعد مدة يقول: يا عبد الله مالي عندك أجرتي. فقال له هذا الذي ترى كله مالك، الإبل والبقر والغنم والرقيق كلها من مالك، فقال الرجل يا عبد الله لا تستهزئ بي أعطني مالي أجرتي. قال كل هذا من أجرتك فأخذه واستاقه كله، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فأفرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة وخرجوا (¬1)». هذا كله يدل على أن التوسل بالأعمال الصالحات من أسباب الإجابة، أما التوسل بجاه محمد وببركات النبي أو بحق النبي محمد أو بحق الأولياء أو بحق الأنبياء هذا بدعة ليس من الشرع إنما التوسل بأسماء الله وبصفاته وبالأعمال الصالحات. ¬

_ (¬1) البخاري الإجارة (2152)، مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2743)، أحمد (2/ 116).

حكم سؤال الأشخاص الذين يتنبئون بأشياء مستقبلية

63 - حكم سؤال الأشخاص الذين يتنبئون بأشياء مستقبلية س: يقول: يوجد لدينا أشخاص، يقال عنهم أناس صالحون، يزورهم الناس في بيوتهم، للتعرف على أشياء معينة، مثل أن يذهب إليهم الشخص، فيقول له: أنت ناجح في دراستك، أو إذا أراد إنسان أن يحفر بئرا يأتي به فيقول: احفر في هذا المكان، وبالفعل يحفر ويخرج الماء، مع أنه حفر قبل ذلك في نفس المنطقة وعلى بعد أمتار قليلة ولم يجد ماء، ونجد أن هؤلاء الأشخاص يتنبئون بأشياء مستقبلية، فيقول مثلا: لن يعمر هذا المبنى كثيرا، أو أن هذا العام سيكون خصبا، ويسألون عن الأحكام في مثل هذه القضايا، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هؤلاء فيهم تفصيل. إن كانوا يدعون هذا من دون أسباب فهؤلاء مخرفون ومن جنس الكهنة والمنجمين، لا يصدقون ولا يسألون، وينكر عليهم، ويجب على ولاة الأمور أن يستتيبوهم وأن يعاقبوا من فعل هذه الأمور، لأن هؤلاء ظاهرهم دعوى علم الغيب، ودعوى ما يعظمهم عند الناس، فيغرون الناس ويشبهون عليهم، بأن عندهم معلومات غيبية. أما إذا كان أسباب ذلك واضحة، مثل إنسان يتعاطى علم مواضع الماء وقد جرب، ويذهب إلى المحل وينظر فيه، ويتأمل ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط، رقم 258.

الأسباب، مما حوله من الأودية والأشجار، والنباتات، ويقول: هذا محل ماء، هذا لا بأس به، يعرف بالقرائن، لأن لمعرفة الماء أسبابا، كذلك إذا كان يقول له: ناجح في دراستك، إذا اختبره وسأله عن مسائل وظهر له من حاله أنه جيد، فقال: إن شاء الله إنك تنجح، هذا له وجه. أما أن يقولها على الغيب، وهو ما اختبره ولا عرف ما عنده، هذا باطل، ودعواه باطلة. الله هو الذي يعلم الغيب سبحانه وتعالى، لا يعلمه سواه جل وعلا. المقصود أن هؤلاء يدعون علم الغيب ويتنبئون بأشياء بدون أسباب هؤلاء مخرفون ضلال، يجب القضاء عليهم بالتأديب، ومنعهم من هذا الأمر، إلا إنسان يتعاطى ذلك بأسبابه الشرعية، مثل ما تقدم، يختبر الولد ويعرف قوته في الدراسة، وفي الدرس الذي يقرأ فيه، يقول له: إن شاء الله تنجح، لأنه ظهر له نوع من النبوغ والحذق، أو إنسان ذهب به إلى محل الماء، إلى الأرض التي يحفر فيها وتأمل موضع الماء وما حوله من الجبال، وما حوله من الأشجار، وظهر له أن المحل فيه ماء، لأنه قد جرب هذه الأمور، وعرف أمرها، هؤلاء قد يصيبون كثيرا، وقد يغلطون ولا يصيبون، وهذا واقع، لكن هذا ممكن كما ذكر ابن القيم وغيره، من أهل العلم أن الماء له علامات. أما إنسان يدعي هكذا من دون أن يذهب، ومن دون أن يراجع، هذا كذاب.

باب ما جاء في الغلو في قبور الصالحين

باب ما جاء في الغلو في قبور الصالحين

باب ما جاء في الغلو في قبور الصالحين 63 - تعريف الولي س: يسأل عن الأولياء في بلدهم وعن طرقهم، ويرجو التوجيه من سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: الأولياء هم المؤمنون، وهم الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأتباعهم بإحسان هم الأولياء هم أهل التقوى هم أهل الصلاح المطيعون لله ورسوله، هؤلاء هم أولياء الله سواء كانوا عربا أو عجما بيضا أو سودا، أغنياء أو فقراء، حكاما أو محكومين، هم أولياء الله، قال سبحانه وتعالى في كتابه العظيم من سورة يونس: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (¬2) {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (¬3) هؤلاء هم أولياء الله الذين أطاعوا الله ورسوله واتقوا غضبه فأدوا حقه، وابتعدوا عما نهى عنه سبحانه وتعالى، هؤلاء هم الأولياء، وهم المسلمون الصالحون، وهم المهتدون، وهم أهل الإيمان والتقوى، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط، رقم82. (¬2) سورة يونس الآية 62 (¬3) سورة يونس الآية 63

ليسوا أهل الشعوذة ودعوى الخوارق الشيطانية، أو الكرامات المكذوبة، لا. هم المؤمنون، سواء أعطوا كرامة، أو ما أعطوا كرامة، أكثر الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وهم أتقى الناس، وأفضل الناس بعد الأنبياء وهم أولياء الله ليس لهم كرامات خارقة؛ لأن إيمانهم قوي لا يحتاجون معه إلى خوارق، فليس من شرط الولاية أن يعطى خارقا يخرق العادة بأن يعطى طعاما من طريق لا يعرف أو شرابا من طريق لا يعرف أو أموالا أو غير ذلك لا، العلامة والصفة هي تقوى الله والإيمان بالله هذا هو الولي، إذا اتقى الله جل وعلا وأطاع أوامره وترك نواهيه، هؤلاء هم أولياء الله. وقال سبحانه وتعالى في سورة الأنفال: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} (¬1) إن نافية معناه: ما أولياؤه إلا المتقون، هؤلاء هم أولياء الله أهل التقوى، الذين وحدوا الله وأخلصوا له العبادة، وآمنوا برسوله محمد صلى الله عليه وسلم وبسائر المرسلين وصدقوا بكل ما أخبر به الله ورسوله، وانقادوا لشرع الله فأدوا ما فرض عليهم، وتركوا ما حرم عليهم، هؤلاء هم أولياء الله، ولكن مع ذلك ليس لأحد أن يعبدهم مع الله، فهم مخلوقون، ليس لهم تصرف في الكون، بل هم عبيد من عبيد الله كالملائكة كما قال سبحانه في الملائكة: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} (¬2) هؤلاء كذلك من الإنس عباد مكرمون، لا يجوز أن يعبدوا مع الله، فلا ينذر لهم ولا يتمسح بقبورهم ولا يطاف بهم، ولا يدعون مع الله، كأن يقول: يا سيدي ¬

_ (¬1) سورة الأنفال الآية 34 (¬2) سورة الأنبياء الآية 26

اشفع لي أو اشف مريضي، أو أنا في حسبك، أو أنا بالله وبك أو ما أشبه ذلك، أو يقول: المدد المدد عندما يقف على قبره أو من بعيد ويتوجه إلى جهة بلده ويقول: المدد المدد يا سيدي، أو يا فلان كل هذا من الشرك الأكبر، لا يجوز لأي إنسان أن يعبد الأولياء، أو يستغيث بهم، أو ينذر لهم، أو يطلب منهم المدد والعون والغوث، هذا لا يجوز، هذا لله وحده سبحانه وتعالى، يطلب من الله ويجوز طلبه من المخلوق الحي القادر لا بأس يكون حيا حاضرا قادرا، تقول يا أخي أغثني في هذا الأمر، أنا عندي عائلة كبيرة، وعلي دين أغثني بقرض أقرضني بكذا وكذا، أو ساعدني بكذا وكذا أو ساعدني على إصلاح السيارة تعطلت السيارة ساعدني إذا كان عنده قطع غيار، عنده معرفة يساعدك في إصلاحها، أو في المزرعة يساعدك على حصد أو على بذر، أو في عمارة بيت يساعدك على تعمير بيتك، وما أشبه ذلك من الأمور الحسية فلا بأس بهذا كان الصحابة يتعاونون يستغيث بعضهم ببعض في الحرب، يقول: أعني على كذا إذا تجمع عليهم جند من المشركين، تجمعوا وتعاونوا بصده، هكذا يتعاونون فيما ينوبهم من الحاجات والديون والحاجات الأخرى، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته (¬1)» هكذا يقول صلى الله عليه وسلم ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإكراه، باب يمين الرجل لصاحبه إنه أخوه إذا خاف عليه برقم 6951، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم برقم 2580.

في الحديث الصحيح المتفق على صحته من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الآخر: «كان الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه (¬1)» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه؛ فالتعاون بين المسلمين أمر مطلوب كما قال الله عز وجل: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (¬2) هذا ليس من الشرك أما إذا دعوت الميت أو الغائب الذي تعتقد أن فيه سرا أو الجبل أو الصنم أو الشجر أو الملائكة أو إنسانا حيا، ولكن تعتقد فيه أن له تصرفا ليس من جهة الأمور الحسية لا؛ وأنك لو دعوته ولو في ظهر الغيب، سمع كلامك ونفعك، وأن له خصوصية في قضاء الحاجات وأنه يعلم الغيب وأن له سرا يقضي به الحاجات، هذا هو الشرك الأكبر، هذا اعتقاد أهل الشرك في معبوداتهم من دون الله. فالواجب التنبه لهذا الأمر، وأن يكون المؤمن عنده ميزة، عنده فرق يفرق بين حال الميت وبين حال الحي، حال الشجرة والحجر والصنم، وحال الحي القادر الذي يسمع كلامك، أو تكاتبه مكاتبة، أو تكلمه بالهاتف تقول: ساعدني على كذا، أو بالتلكس من هذه الوسائل الجديدة، كأنه حاضر، أما أن تقول للميت أو للشجر أو للحجر أو ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر برقم 2699. (¬2) سورة المائدة الآية 2

للجن، وتطلبهم وتسألهم هذا هو شرك المشركين، هذا لا يجوز؛ لأنه يقع عن اعتقاد وعن سر فيهم، ترى أنهم أهل لأن يتصرفوا في الكون وأنه عندهم مزية خاصة يستطيعون بها كذا وكذا، وإن لم تباشرهم بالكلام وإن لم يحصل لهم قوة حسية، هذا يقع لكثير من المشركين يعتقدون في معبوداتهم أنها تتصرف في الكون، وأن لها كرامات بحيث تقضي لهم حوائجهم وتسعفهم بطلباتهم، وإن كانوا أمواتا وإن كانوا غائبين لا يسمعون ولا يعون، وهذا من الشرك الأكبر، الذي قال الله فيه سبحانه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬1)، وقال فيه سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬2)، وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬3) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (¬4)، تبين أن دعاء الأموات من دون الله ودعاء الأصنام ودعاء الأشجار والأحجار كله شرك وفي الآية الأخرى قال كفر: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬5). ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 18 (¬2) سورة المؤمنون الآية 117 (¬3) سورة فاطر الآية 13 (¬4) سورة فاطر الآية 14 (¬5) سورة المؤمنون الآية 117

فوجب على كل من له أدنى بصيرة، وكل مكلف وكل عاقل أن يحذر الشرك بالله بجميع أنواعه وصوره وألا يدعو إلا ربه سبحانه وتعالى، ويخصه بالعبادة دون سواه جل وعلا، وأما الأمور العادية التي تقع بين الناس من طريق الأسباب الحسية، فقد عرفت أيها المستمع أن هذه لا حرج فيها، هذه أمور حسية تقع بين الناس، في أمور يحتاجون إليها، فيقول الإنسان لأخيه، وهو يسمع كلامه، يقول: يا أخي أقرضني كذا، ساعدني على كذا، أو يكتب له أو يكلمه هاتفيا أنك تساعدني بكذا أو تشتري لي كذا، هذه أمور عادية حسية لا حرج فيها.

مذهب أهل السنة والجماعة في كرامات الأولياء

64 - مذهب أهل السنة والجماعة في كرامات الأولياء س: هناك بعض من الناس لا يعترفون بكرامة الأولياء، فهل من توجيه حولهم جزاكم الله خيرا، وكيف يكون الاعتراف بكرامة الأولياء؟ (¬1) ج: الأولياء هم أهل الإيمان، هم المؤمنون بالله ورسوله، والرسل وأتباعهم هم أولياء الله؛ قال تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (¬2) ثم قال سبحانه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (¬3)، فأولياء الله هم أحباؤه، هم الرسل وأتباعهم ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط، رقم 341. (¬2) سورة يونس الآية 62 (¬3) سورة يونس الآية 63

المستقيمون على الحق، ولهم كرامات هي في حق الأنبياء تسمى معجزات، وفي حق الأولياء تسمى كرامات، يعني خرقا للعادة لحجة أو حاجة، إما لإقامة حجة لإظهار الحق، وإما لحاجة أصابتهم لفقر أو غيره، فيسهل الله لهم ما يعينهم بأسباب خارقة للعادة، مثل قصة أهل الكهف لما أنامهم الله النومة الطويلة ثم أحياهم، وكفاهم شر أعدائهم، ومثل عباد بن بشر وأسيد بن حضير، لما أتيا النبي صلى الله عليه وسلم في الليل، ثم خرجا منه في ليلة ظلماء أضاءت لهما أسواطهما نورا، حتى وصلا إلى بيوتهما هذه من آيات الله. وقصة الطفيل بن عمرو الدوسي، لما أسلم وطلب من النبي آية لقومه لعلهم يهتدون دعا الله له، وجعل الله له آية، نورا بين عينيه، فقال يا رب في غير هذا فجعله الله في سوطه، إذا رفعه صار له نور عظيم، آية لقومه لعلهم يهتدون، فهداهم الله بأسبابه ولهذا أمثال. س: هذا السائل يقول: هل صحيح أن الأولياء تحدث لهم كرامات خارقة للعادة، كالمشي على الماء، والمكاشفات كالنظر إلى اللوح، وظهور الملائكة وغير ذلك؟ (¬1) ج: نعم الأولياء لهم كرامات خرقا للعادة، إذا كانوا مستقيمين على طاعة الله ورسوله، قد تقع لهم كرامات عند حاجتهم، أو عند ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط، رقم 401.

إقامة الحجة على غيرهم، قد يخرق الله لهم العادة بكرامة، ومن ذلك ما وقع لعباد بن بشر، وأسيد بن حضير، كانا زارا النبي في ليلة مظلمة، فلما خرجا من عنده أضاءت لهما أسواطهما كالسراج في الطريق حتى وصلا إلى أهلهما، كرامة من الله لهما، ومن هذا قصة الطفيل الدوسي رئيس دوس، لما أسلم وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل الله له آية حتى يصدقه قومه، فصار له نور في وجهه مثل السراج لما أتى أهله، فقال يا ربي في غير وجهي فجعلها الله في سوطه، إذا رفعه استنار كالسراج، فأسلم قومه على يديه، وهداهم الله بأسبابه، وهناك وقائع أخرى لأولياء الله، عند الشدائد مثل ما وقع لجريج، لما ظلمته البغي، قالت: إنه زنى بها وأنها حملت منه، وهي كاذبة، فجاءه أهل بلده، وهدموا عليه صومعته، فقال: ما بالكم؟ قالوا: زنيت بهذه، فقال: سبحان الله ما زنيت بها، هاتوا الغلام؟ فجاءوا بالغلام، ووضع إصبعه على الغلام، وهو لتوه مولود، فقال: من أبوك يا هذا؟ فقال: أبي فلان الراعي، الذي زنى بالمرأة، فلما أنطقه الله وهو صغير، قالوا: نعيد لك صومعتك من الذهب؟ فقال: لا، ردوها طينا كحالها الأولى، المقصود براءتي مما رميتموني به، الحمد لله؛ والقصص كثيرة في هذا.

س: ماذا عن الكرامات التي وهبها الله سبحانه وتعالى لأوليائه الصالحين، وهل هناك ما يثبت أن لبعض الناس كرامة معينة، وأن هناك أدلة تثبت أن لهذا المرء كرامة وإلا لما حصل ما هو كذا وكذا؟ (¬1) ج: الكرامات للأولياء ثابتة عند أهل السنة والجماعة، ومن عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بكرامات الأولياء وأنها حق، وهي خوارق العادات التي يخرقها الله لبعض أوليائه إما لحاجة أو لإقامة حجة على أعداء الله، لنصر الدين وإقامة أمر الله عز وجل، فتكون لأولياء الله المؤمنين، تارة لحاجتهم كأن يسهل الله له طعاما عند جوعه، أو شرابا عند ظمئه، لا يدري من أين أتى، أو في محل بعيد عن الطعام والشراب أو نحو ذلك، أو بركة في طعام تكون واضحة، أو غير ذلك من الخوارق للعادة، والميزان في ذلك أن يكون مستقيما على الكتاب والسنة لا تكون كرامة خارقة إلا إذا كان الشخص معروفا بالاستقامة على دين الله ورسوله، أما إذا كان منحرفا عن الشريعة فليست كرامة، ولكنها من خوارق الشياطين، ومن فتن الشياطين، وإنما تكون الكرامة لأولياء الله المؤمنين، الذين عرفوا بالاستقامة على دين الله، واتباع شريعته، فما خرق الله لهم من العادات تسمى كرامة، ومن ذلك قصة الصديق، والطعام الذي قدمه لأضيافه، فصاروا كلما أخذوا لقمة ربا ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط، رقم 304.

من تحتها ما هو أكثر منها، حتى فرغوا من الأكل، وبقي الطعام أكثر مما كان، فهذا من آيات الله سبحانه وتعالى، ومن ذلك ما جرى لعباد بن بشر، وأسيد بن الحضير في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لما خرجا من عنده في ليلة ظلماء، أضاءت لهما أسواطهما في الظلمة، فلما انصرف كل واحد منهما إلى بيته، أضاء له سوطه حتى وصل إلى بيته، فهذا من كرامات الله لأوليائه سبحانه وتعالى، وهكذا ما أشبه ذلك مما يقع لأولياء الله. س: السائل: أ. أ. من السودان يقول: هل هناك أشخاص يعلمون الغيب بعد ارتضاء الله لهم غير الرسل والأنبياء؟ وما الفرق بين ذلك؟ وأيضا عن كرامات الأنبياء التي يجريها الله عز وجل على ألسنتهم، وهي في الحقيقة غائبة عن النظر، كتلك التي قالها عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " يا سارية الجبل " وغير ذلك؟ (¬1) ج: الغيب لا يعلمه إلا الله، لا يعلمه الرسل ولا غيرهم، وإنما يعلم الرسول ما أوحي إليه، قال تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (¬2)، وقال: عالم {الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} (¬3) {إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (¬4) ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط، رقم 396. (¬2) سورة النمل الآية 65 (¬3) سورة الجن الآية 26 (¬4) سورة الجن الآية 27

فقد يخبره بعض المغيبات، كما أخبر الله نبينا عن أشراط الساعة، وعن بعض أمور الجنة والنار إلى غير ذلك، فالغيب لا يعلمه إلا الله، لكنه سبحانه يطلع بعض أنبيائه ورسله على بعض الغيب، والأنبياء لهم معجزات وهي كرامات ومعجزات تدل على صدقهم وأنهم رسل الله كالعصا لموسى واليد التي أظهرها موسى لفرعون تخرج يده بيضاء من غير سوء والعصا، بينما هي عصا صارت حية تسعى، آيتان من آيات الله، ومعجزتان لموسى على أنه نبي عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك ما وقع لنبينا عليه الصلاة والسلام، ينبع الماء بين أصابعه يراه الناس في الإناء ويشربون ويأخذون في أوعيتهم، ومنها أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم تبوك وكانت العين تبض ماء قليلا، فتوضأ وصب الماء، رمى سهمه في البئر حتى جاشت بالماء عليه الصلاة والسلام. كل هذه من معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والأولياء الصالحون لهم كرامات، أتباع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لهم كرامات يكرمهم الله بها، تخرق العادة، لكنها ليست معجزة إنما هي كرامة للولي الذي هو من الصالحين، وليس نبيا، كما جرى لعباد بن بشر وأسيد بن حضير في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لما سريا من عند النبي في آخر الليل، قاما من عنده صلى الله عليه وسلم بعد ما سمرا عنده، وخرجا على بيوتهما في

ليلة مظلمة، فأضاءت لهما أسواطهما كالسراج كل واحد سوطه صار سراجا له، هذه من آيات الله ومن كرامات أوليائه، وهكذا الطفيل الدوسي لما طلب من النبي آية يدعو بها قومه، سأل الله أن يعطيه آية، فصار نور له في جبهته في وجهه، فقال: يا رب في غير وجهي، فجعله الله في سوطه، إذا رفعه استنار فدعا قومه، فأسلموا.

أولياء الله هم أهل التقوى

65 - أولياء الله هم أهل التقوى س: هناك بعض الذين يدعون أنهم أولياء، وهم يقومون بأعمال غريبة، وبعض الناس يصدقونهم، فأرجو منكم توضيح حقيقتهم؟ (¬1) ج: ولي الله هو المؤمن الذي يطيع الله ورسوله، هذا هو ولي الله، يقول الله سبحانه: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (¬2)، ثم قال: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (¬3)، هؤلاء هم أولياء الله، وقال سبحانه في سورة الأنفال: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} (¬4)، فأولياء الله هم أهل التقوى، أهل ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط، رقم 299. (¬2) سورة يونس الآية 62 (¬3) سورة يونس الآية 63 (¬4) سورة الأنفال الآية 34

طاعة الله ورسوله، هؤلاء هم أولياء الله، أما الخرافيون المشعوذون، الذين يأتون بالمعاصي أو يلبسون على الناس بأنهم أولياء، بأشياء مبتدعة أو بدعوة أصحاب القبور، أو بالصلاة عند القبور وما أشبه ذلك، هؤلاء ليسوا من الأولياء، أولياء الله هم أهل الإيمان والتقوى، المطيعون لله ورسوله، هؤلاء هم أولياء الله. أما أهل الخرافات والشرك بالله، وأهل البدع أو المتصوفة الذين يأتون بالبدع المخالفة لشرع الله، هؤلاء ليسوا بأولياء الله؛ إنما أولياء الله الملتزمون بطاعة الله ورسوله، التاركون لما حرم الله ورسوله من البدع والمعاصي. س: هناك من يخلط بين الكرامة وشعوذة المشعوذين ومعجزات الأنبياء، فهل من توجيه في هذا، بارك الله فيكم؟ (¬1) ج: القاعدة لا تكون كرامة إلا إذا كان العبد مستقيما على دين الله معروفا بالخير والاستقامة على طاعة الله، وطاعة رسوله ومن أهل التوحيد والإيمان، فهذه كرامة وإلا فهي من الشعوذة ومن تزيين الشيطان، ومن أعمال الشياطين يغر بها الناس، فإذا كان الرجل غير مستقيم فهذه علامة أن ما جرى على يديه من الشعوذة وليست بكرامة. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط، رقم 341.

حكم التقرب للأولياء بالذبائح

66 - حكم التقرب للأولياء بالذبائح س: هل يصح زيارة الولي في المسجد للرجل أو للمرأة؟ وحينئذ يكون هناك شرك بالله، إذا وضعت أو حملت له في مرة قادمة خروفا لهذا الولي ومبلغا معينا من المال؟ (¬1) ج: الولي علمه عند الله عز وجل، والمؤمنون كلهم أولياء الله، فما يظنه بعض الخرافيين من أن الولي يكون له صفة أخرى زائدة على صفات أهل الإيمان، من بعض الخرافات وخرق العادات ونحو ذلك، فهذا ليس بصحيح، فكثير من الأولياء لا يجري على أيديهم خرق للعادات، فأولياء الله هم أهل الإيمان، وإن لم توجد لهم كرامات خاصة، قال الله جل وعلا: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (¬2). فالمؤمن ولي الله، سواء كان عربيا أو عجميا، ذكرا أو أنثى، عالما أو غير عالم، فأولياء الله هم أهل الإيمان والتقوى؛ فزيارتهم في الله للمحبة في الله في المسجد، أو في بيوتهم، التزاور بين المؤمنين سنة، قربة وطاعة. جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يقول الله عز وجل: وجبت محبتي للمتزاورين في والمتجالسين في ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط، رقم 176. (¬2) سورة يونس الآية 63

والمتحابين في والمتباذلين في (¬1)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «يقول الله جل وعلا يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي (¬2)». فالمؤمن يزوره أخوه في الله في بيته أو في المسجد، وتزوره أخته في بيته أو في المسجد، وتزوره أخته في الله إذا كانت الزيارة ليس فيها ريبة، كأن تزور أخاها أو عمها أو خالها أو قريبا لها أو جارا لها مريضا تعوده، أو تسأله عن علم، مع التحجب ومع عدم الخلوة، لا بأس بذلك. فالمؤمن يزوره إخوانه المؤمنون وتزوره أخته المؤمنة، على وجه شرعي ليس فيه ريبة ولا فتنة، مع التستر والحجاب وعدم الخلوة لمصلحة شرعية من عيادة مريض أو سؤاله عن علم أو غير هذا من المقاصد الشرعية. أما أن يذبح له من دون الله، أو يدعى من دون الله، لظن بعض الخرافيين أنه يتصرف في الكون، هذا باطل، هذا من الشرك الأكبر سواء كان حيا أو ميتا، فالذي يتقرب لقبور الأولياء يزعم أنهم يقضون حوائجه أو أنهم يعلمون الغيب، أو أنهم يتصرفون في الكون هذا شرك أكبر، حتى ولو ما تقرب لهم، هذا الاعتقاد نفسه شرك ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم، حديث معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه برقم 21497. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب: في فضل الحب في الله، برقم 2566.

أكبر، نسال الله العافية، فإذا ذبح لهم إبلا أو بقرا أو غنما أو دجاجا أو غير ذلك، هذا شرك أكبر أيضا، وإذا استغاث بهم، قال: يا سيدي فلان المدد أو اشفع لي، أو اقض حاجتي أو أغثني، يقوله عند قبره أو بعيدا عنه، كل هذا من الشرك الأكبر، أما إذا كان يقول لحي حاضر قادر، يقول: ساعدني على كذا، اشفع لي عند فلان، أو ساعدني على قضاء ديني، أو ساعدني على كف شر فلان ابن فلان، حتى يشفع له، حتى يتصل به، ويقول له: دع فلانا لا يؤذ فلانا، هذه أمور عادية لا بأس بها كما قال الله جل وعلا في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (¬1). فالناس ما داموا أحياء فيما بينهم يطلب بعضهم من بعض الرفد أو العون أو المساعدة، بالمشافهة أو بالمكاتبة أو من طريق الهاتف أو من طريق البرق " البرقية " أو ما أشبهه، لا بأس بهذا. أما أنه يدعوه من دون الله، يعتقد أنه ولي لله وأنه يتصرف في الكون، يدعوه من بعيد أو يدعوه عند قبره، أو يقدم له الذبائح، أو يستغيث به أو ينذر له وهو ميت أو غائب هذا شرك أكبر؛ فيجب الحذر من هذه الأمور التي يقع فيها العامة لجهلهم، أما الأمور الحسية العادية التي يفعلها الناس فيما بينهم، كأن تقول لأخيك الحاضر: يا فلان أقرضني كذا أو ساعدني على كذا أو عاوني في إصلاح سيارتي أو في بناء بيتي، وهو حاضر ¬

_ (¬1) سورة القصص الآية 15

يسمع كلامك، أو من طريق المكاتبة أو من طريق الهاتف، يعني التليفون، أو من طريق البرق، أو من طريق حسي، أو طرق أخرى تكلمه منه، هذا كله لا بأس به؛ لأنها أمور عادية، وقد جرى بين الناس الآن اتصالات هاتفية واتصالات رسمية، كانت لم تكن قبل ذلك وقد وقعت الآن، فإذا كان الاتصال بالشيء الحسي المعروف، سواء سمي هاتفا أو سمي باسم آخر، تلكس أو غير ذلك، كل ذلك من الأمور الحسية فيما يقدر عليه الإنسان؛ أما أن يعتقد فيه أنه يتصرف في الكون، أو أنه يعلم الغيب فهذا كفر وشرك أكبر، أو يتقرب لقبره إلى الميت يتقرب إليه بالذبائح أو يستغيث به أو ينذر له أو يذبح له قرابين، كل هذا شرك أكبر، فيجب التفريق بين ما جاز شرعا وما حرم الله شرعا. نسأل الله للجميع الهداية.

حكم التقرب للأولياء بالهدايا

67 - حكم التقرب للأولياء بالهدايا س: يوجد لدينا مقابر أولياء توفوا من قديم الزمان ويعتقد الكثير من الناس عندنا بأن لهم كرامات، فهم يأتون بالحلوى والأرز، والقهوة والتمر من بلد آخر ويقولون: إن هذه من كرامات هؤلاء الأولياء، ويؤكدون بأن ما كانت معجزة النبي كانت كرامة لولي، فهل هذا الاعتقاد صحيح، وهل من المعقول أن يحصل من هؤلاء الأولياء مثل هذه الأشياء، نرجو الإفادة والتوجيه. جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: كونهم يعتقدون أن الأولياء يأتونهم بكذا وكذا من الحلوى وغيرها هذا باطل، وهذا من لعب الشياطين، أما كونهم يتقربون إلى الأولياء بالحلوى إلى قبورهم، أو بالذبائح أو بغير هذا يرجون بركتهم أو شفاعتهم، هذا من الشرك الأكبر نسأل الله العافية. فالواجب على المؤمن أن يحذر هذه الخرافات التي يفعلها كثير من الناس، فلا يجوز له أن يعتقد في المقبورين، سواء سموا أولياء أم لم يسموا أولياء، لا يجوز أن يعتقد فيهم أنهم يشفعون لمن ذبح لهم، أو دعاهم من دون الله، بل هم يشفعون لأولياء المؤمنين، المؤمن يوم القيامة، يشفع للمؤمن لا للمشرك، فالأنبياء يشفعون والملائكة ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط، رقم 212.

يشفعون، والمؤمنون يشفعون، والأولياء يشفعون، والأفراط يشفعون لكن لمن رضي الله قوله وعمله، كما قال تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} (¬1)، فالشفاعة تكون لأهل التوحيد والإيمان، لا لأهل الشرك، والذي يظن أن الأولياء أو الأنبياء يشفعون للمشركين، الذين يعبدونهم مع الله ويدعونهم مع الله، فهذا غالط واعتقاده باطل، فلا يجوز أن يدعوا مع الله، ولا يسألوا الشفاعة ولا يستغاث بهم، ولا ينذر لهم ولا يذبح لهم، كل هذا من الشرك بالله عز وجل، وإذا أردت شفاعة الأنبياء والمؤمنين فعليك بطاعة الله وتوحيده، واتباع شريعته والاستقامة على دينه. فالأنبياء والأولياء والمؤمنون يشفعون لأهل التوحيد والإيمان، كما أن الملائكة تشفع والأفراط تشفع أيضا، لكن لمن رضي الله قوله وعمله، لأهل الإيمان، لأهل التوحيد، لا لأهل الشرك بالله سبحانه وتعالى، ولكن الشياطين تلعب بكثير من الناس، وتزين لهم أن هؤلاء الأولياء يتصرفون في الكون وأنهم ينفعون ويضرون، ويشفون مرضى الناس، إذا تقربوا إليهم بالذبائح أو النذور، هذا من الشرك الأكبر وهذا من ألاعيب الشيطان، وهذا من فعل الجاهلية، قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (¬2) ويتقربون لقبورهم وللأصنام التي صورت على صورهم، بقرابين من السجود والذبح وغير ذلك يزعمون أنهم بهذا ¬

_ (¬1) سورة الأنبياء الآية 28 (¬2) سورة يونس الآية 18

يشفعون لهم عند الله، وهذا عين الكفر، وهكذا قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬1) يعني عبدوهم مع الله، معتقدين أنهم يقربونهم إلى الله زلفى، بذبحهم لهم، وسجودهم لهم ودعائهم إياهم واستغاثتهم بهم، وهذا هو الشرك الأكبر، فيجب الحذر من هذه الخرافات والضلالات، التي هي من أعمال الشياطين، ومن أعمال المشركين فلا يدعى مع الله أحد، لا ولي ولا غيره، ولا نبي ولا غيره، ولا ملك ولا غيره، بل يدعى الله وحده، ويسأل ويطلب منه قضاء الحاجات، وتفريج الكرب سبحانه وتعالى، أما المؤمن الميت، يدعى له بالمغفرة والرحمة، والحي يدعى له بالثبات على الحق، والأنبياء يصلى عليهم، عليهم الصلاة والسلام، ويدعى الله لهم، أن يجزيهم عما قاموا به خيرا، ولا يعبدون مع الله سبحانه وتعالى، العبادة حق الله، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬2)، وقال تعالى: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬3)، وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬4) سماه شركا. ¬

_ (¬1) سورة الزمر الآية 3 (¬2) سورة البينة الآية 5 (¬3) سورة الجن الآية 18 (¬4) سورة فاطر الآية 13

فالواجب الحذر، وقال تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬1) ومن زعم أن الولي يأتي بحلوى، أو يأتي بكسوة أو يأتي بذبيحة، أو يأتي بلحم، فهو غلطان، هذا من عمل الشيطان، الشياطين هي التي تأتي بهذه الأمور، حتى تشجعهم على الشرك، وعبادة غير الله سبحانه وتعالى، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 117

تحريم أجساد الأنبياء على الأرض خاص بهم دون غيرهم من الصالحين

68 - تحريم أجساد الأنبياء على الأرض خاص بهم دون غيرهم من الصالحين س: الأخ: ع. ي. من المملكة الأردنية الهاشمية، عمان من دائرة التربية والتعليم، يقول: نعرف جميعا: أن الأرض قد حرمها الله على أجساد الأنبياء والشهداء، فهل حرمت أيضا على الصالحين؟ ومن هم الصالحون في التقييم الإسلامي وعند الله سبحانه وتعالى، وهل يعتبر سيف الله المسلول خالد بن الوليد من الصالحين؟ وهل حرمت الأرض على جسمه رغم أنه لم يمت شهيدا، ولكن قيمته بأكثر من قيمة الشهيد، وأيضا ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} (¬1) ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 130

وفي موضع آخر من القرآن الكريم قال الله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (¬1) {شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (¬2) {وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} (¬3) {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (¬4) صدق الله العظيم، هنا ذكر الله سبحانه وتعالى في هاتين الآيتين أن إبراهيم عليه السلام كان من الصالحين، فهل كان سيدنا إبراهيم عليه السلام نبيا، كما نعلم جميعا أم صالحا كما ذكر الله سبحانه وتعالى، في كتابه العزيز، أرجو التوضيح تجاه هذه القضايا، جزاكم الله خيرا وعن المسلمين؟ (¬5) ج: قد صح الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: «أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء (¬6)»، أما الشهداء الصالحون فلم يرد فيما نعلم ما يدل على تحريم أجسادهم على الأرض، وإنما ذاك في الأنبياء خاصة، كما جاء به الحديث، ولا ريب أن أصحاب ¬

_ (¬1) سورة النحل الآية 120 (¬2) سورة النحل الآية 121 (¬3) سورة النحل الآية 122 (¬4) سورة النحل الآية 123 (¬5) السؤال الأول من الشريط، رقم 112. (¬6) أخرجه الإمام أحمد في مسند المدنيين، حديث أوس بن أبي أوس الثقفي برقم 15739.

النبي صلى الله عليه وسلم كلهم من الصالحين، وهكذا خالد بن الوليد هو من أصلح الصالحين رضي الله عنه وأرضاه، وهكذا جميع الأنبياء والمرسلين كلهم من الصالحين وإن كانوا أنبياء فوصف الصالح يعم الجميع، وإذا أطلق الصالحون فهو يعم الأنبياء والمرسلين وجميع عباد الله المؤمنين الذين استقاموا على دينه، وأدوا حقه وحق عباده، يقال لهم صالحون كلهم، وهكذا قال الله جل وعلا في شأن إبراهيم سماه وأدخله في الصالحين لكونه ممن قام بحق الله وحق عباده؛ ولهذا قال جل وعلا: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} (¬1). فهو مصطفى مختار، وهو خليل الرحمن وهو أفضل الأنبياء وأكملهم بعد نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، ونبينا هو سيد ولد آدم، وهو خليل الله الثاني، فإبراهيم ومحمد هما الخليلان، وإبراهيم هو جده ومحمد حفيد إبراهيم، وهو أفضل الأنبياء ويليه في الفضل جده إبراهيم عليهم الصلاة والسلام جميعا، وعلى سائر أنبياء الله ورسله، والصالحون إذا أطلقوا عموا الأنبياء والصالحين والشهداء، وجميع من اتقى الله وأدى حقه وحق عباده يقال له صالح، وإذا أضيفوا إلى الأنبياء والصديقين والشهداء صاروا غيرهم، كما في قوله جل وعلا: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (¬2)، فجعل ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 130 (¬2) سورة النساء الآية 69

الصالحين في المرتبة الرابعة وهم غير الأنبياء وغير الصديقين وغير الشهداء، والمرتبة الأولى مرتبة الأنبياء والرسل، ثم يليهم مرتبة الصديقية، ثم يلي ذلك مرتبة الشهداء ثم عم الصالحين، والصالح من عباد الله هو الذي أدى حق الله وحق عباده، يقال له: صالح، أدى حق الله يعني أدى أوامره واجتنب نواهيه وأدى حق العباد فلم يظلمهم، بل أدى حقوقهم مثل حق الجوار، وحق المؤمن على أخيه، وحق الوالدين، وحق الرحم، إلى غير ذلك. فالصالح من عباد الله هو الذي أدى حق ربه رغبة فيما عنده، وإخلاصا له سبحانه، وأدى حق العباد ولم يظلمهم، ولم ينقصهم حقوقهم، فهذا يقال له: صالح ويقال له: مؤمن، ويقال له: مسلم ويقال له: تقي؛ ويقال: له بر، فالصالحون هم الأبرار وهم الأتقياء وهم المتقون، وهم المؤمنون وهم المسلمون وهذه الأوصاف تشمل الأنبياء والصالحين، الأنبياء يقال لهم مسلمون، ويقال: صالحون، ويقال: مؤمنون ويقال: متقون، ويقال: أبرار. لكنهم يمتازون بالنبوة والرسالة فهم في المرتبة العليا أعلى المراتب، وأفضلها مرتبة الأنبياء والرسل، والرسل أعلى مرتبة ثم يليهم النبيون، ثم يلي ذلك مرتبة الصديقين الذين كمل تصديقهم، وكمل إيمانهم حتى صارت منزلتهم فوق منزلة الشهداء والصالحين، بسبب كمال صدقهم وكمال تصديقهم وكمال إيمانهم، وكمال تقواهم لله سبحانه وتعالى، ثم يليهم الشهداء الذين باعوا نفوسهم على الله، وقدموها طاعة لله، واستشهدوا في سبيله، ثم

يليهم عموم المؤمنين وهم الصالحون، وبذلك يتضح لك أيها السائل أن الصالح يوصف به جميع المؤمنين، من أنبياء وغيرهم عند الإطلاق وعند ضمه إلى الرسل والأنبياء والصديقين والشهداء، يكون الصالح في المرتبة الرابعة، يعني الذي أدى حق الله وأدى حق عباده، ولكنه ليس نبيا ولا صديقا ولا شهيدا، ومنهم خالد بن الوليد رضي الله عنه ورحمه، وبقية الصحابة الذين لم يستشهدوا ولم يكونوا من الصديقين هم من هذه المرتبة. وكون إبراهيم الخليل عليه السلام من الصالحين، لا يخرجه عن كونه نبيا، فالأنبياء صالحون، وعلى رأسهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ثم الخليل إبراهيم هما أفضل الناس، وهما أفضل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ أما خالد بن الوليد رضي الله عنه فقد مات على فراشه، كما روي ذلك، وقد يقال إنه أفضل من كثير من الشهداء، أما كونه أفضل من الشهداء على العموم فلا يقال هذا، بل يقال: أفضل من كثير من الشهداء لما أعطاه الله من الفضل العظيم والبسالة في الجهاد، والصبر على الجهاد والقوة في دين الله، وما حصل على يده من النفع العظيم، في قتال أهل الردة وغيرهم، ومن قتال الروم وقتال الفرس، والله جل وعلا جعل له مراتب كبيرة، ومزايا عظيمة، فهو لا شك من الصالحين وهو لا شك أفضل من كثير من الشهداء.

حكم مدح الرسول عليه الصلاة والسلام بشعر فيه غلو

69 - حكم مدح الرسول عليه الصلاة والسلام بشعر فيه غلو س: الأخ أبو محمد، يقول: هل يجوز مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، بمثل هذا الشعر وإنشاده بالمجالس: يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم (¬1) ج: هذه أبيات منكرة شرك، هذه من أبيات البردة للبوصيري لا تجوز، بل هذه من الشرك الأكبر، أعوذ بالله، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس من جوده الدنيا وضرتها، ضرتها الآخرة، هذا من جود الرب جل وعلا، ما يملكه النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعلم ما في اللوح والقلم عليه الصلاة والسلام، ما يعلم الغيب عليه الصلاة والسلام، وفي قوله: ما لي من ألوذ به سواك، هذا معناه جعله المعاذ والملاذ، وهذا شرك أكبر، نعوذ بالله إن لم تكن في معادي آخذا بيدي ... فضلا ........................... ، يعني يوم القيامة، معناه: أنه هو الذي يجير من النار، وهذا شرك أكبر نعوذ بالله، الذي يجير من النار هو الله وحده، ولكن اتباع النبي من أسباب السلامة من النار؛ أما النبي فلا يملك الدنيا ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط، رقم 434.

والآخرة، ولا يجير من النار بل هو عبد مأمور عليه الصلاة والسلام.

حكم تقبيل القبور والاستغاثة بها

70 - حكم تقبيل القبور والاستغاثة بها س: أسألكم عن زيارة قبور الصالحين وتقبيل الحجر، يعني النصايب، هل هذا يجوز أم لا، وعن مديح المشايخ، هل هذا يجوز أم لا؛ وعن المدد أو الاستمداد من غير الله، مثل مدد يا شيخ الفلاني، هل هو في قبره يمدني أم لا؟ أفيدونا إننا غشماء عن هذه ولا ندري، هل هذا القول يجوز أم حرام؟ (¬1) ج: زيارة القبور للصالحين وللمسلمين عموما سنة، الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بزيارة القبور وحث عليها وقال: «إنها تذكر الآخرة (¬2)» وتزهد في الدنيا وتذكر الموت، وقال عليه الصلاة والسلام. «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬3)»؛ وكان يعلم أصحابه عليه الصلاة والسلام إذا زاروا القبور أن ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط، رقم 37. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه برقم 22496. (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569.

يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية (¬1)»، وفي حديث عائشة يقول: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬2)» وعلينا معشر المسلمين أن نعلم هذا الحكم ويشرع لنا أن نفعل ذلك بأن نزور القبور للذكرى والرغبة في الآخرة والزهد في الدنيا والإحسان للموتى بالدعاء لهم، الإنسان يزورهم ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة والعافية وليتذكر الآخرة؛ لأنه صائر إلى ما صاروا إليه من الموت حتى يستعد للآخرة، أما تقبيل القبور فلا. ما يقبل النصايب ولا التراب ولا الجدران إن كان عليها جدران ولا القضبان إن كان هناك قضبان، كل هذا منكر لا يجوز ومن الغلو، ولا يجوز البناء على القبور. القبور يجب أن تكون مكشوفة ليس عليها بناء، واتخاذ القباب عليها من البدع، وهكذا بناء المساجد عليها من البدع التي أنكرها الرسول صلى الله عليه وسلم ونهى عنها قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬3)»، وقال ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 974. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور .. برقم 529.

جابر رضي الله عنه: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المشي والقعود عليها والبناء عليها والكتابة عليها، فليس لأحد أن يبني على القبور، لا قبابا ولا مساجد ولا غير ذلك وليس له أن يقبلها ولا يتبرك بترابها ولا أن يطلب من الشيخ المدد كما سيأتي، ولا يجوز أن يقول: يا رسول الله مدد مدد؛ ولا يا فلان للشيخ عبد القادر أو يا شيخ سيد بدوي أو يا حسن أو يا حسين أو يا فلان أو يا أبا حنيفة أو يا أبا فلان، كل هذا لا يجوز، المدد لا يطلب من الميت بل يطلب من الله جل وعلا ويقول: يا رب أغثني يا رب ارحمني، يا رب اشف مريضي، يا رب ارزقني، أما طلب المدد من الموتى فهو من الشرك بالله عز وجل، من الشرك الأكبر، من عمل الجاهلية فلا يقبل الحجارة ولا النصايب ولا التراب ولا أخذ التراب للبركة. ولا يطلب المدد من المخلوق من الميت أم الحي الحاضر، تقول: يا أخي ساعدني في كذا، أعني على كذا، وتعني الحي الحاضر القادر، لا بأس لكن الميت لا نقل: المدد المدد؛ ولا نقل: اشف مريضي، انصرني على عدوي، لا يقول هذا للميت، الميت انقطع عمله، وليس له التصرف في الكون، بل التصرف لله وحده سبحانه وتعالى، وهو المتصرف في كل شيء، وهو القادر فوق عباده، هو النافع الضار، هو المعطي المانع سبحانه وتعالى. أما الميت فهو مرتهن بعمله ليس له تصرف، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية (مثل الأوقاف التي يوقفها في حياته)، أو علم ينتفع به (كتب ألفها أو طلبة علمهم، له أجر

ذلك) أو ولد صالح يدعو له (¬1)». أما كونه يتصرف في الكون، أو يمد هذا أو يضر هذا فهذا منكر لا حقيقة له، ولا صحة له؛ فالاستغاثة بالأموات والنذر لهم والتقرب إليهم بالذبائح الطلب منهم المدد والغوث كل هذا من فعل الجاهلية، من عمل أهل الشرك، وهو شرك أكبر يجب الحذر منه، ولذلك أيها السائل عليك أن تبلغ من يفعل هذا بأنه منكر وشرك يجب ترك ذلك، والتوبة إلى الله من ذلك لأن هذا من عمل الجاهلية، كذلك مديح المشايخ، المديح فيه تفصيل: ترك المديح أولى لأنه قد يسبب الغلو، وقد يعجب الممدوح بنفسه وربما أكسبه الكبر والخيلاء، ترك المديح أولى، النبي عليه الصلاة والسلام قال: «إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب (¬2)». فالمدح فيه خطر، قال سيد الخلق عليه الصلاة والسلام: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله (¬3)»، نهى عن الزيادة في مدحه، والإطراء والغلو؛ لأن هذا قد ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته برقم 1631. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط وخيف منه فتنة على الممدوح برقم 3002. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله: (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت .. ) برقم 3445.

يفضي إلى الشرك، ولهذا خاف على أمته عليه الصلاة والسلام نهاهم عن إطرائه كما فعلت النصارى حتى قالت في ابن مريم: إنه ابن الله، وحتى عبدوه من دون الله، بسبب الغلو والإطراء، فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الإطراء، وأن لا يمدح إلا بحق، يمدح بصفاته أنه رسول الله، أنه عبد الله ورسوله، أنه الأمين أن الله بعثه رحمة، أنه يشفع للناس يوم القيامة، أنه سيد الخلق عليه الصلاة والسلام، يمدح بما وصفه الله سبحانه به عليه الصلاة والسلام، لكن لا يجوز الغلو فيه أن يعبد من دون الله أو يستغاث به أو يطلب منه المدد أو النصر على الأعداء بعد موته عليه الصلاة والسلام، لا، هذا غلو هذا إطراء منكر، والمشايخ يجب عليهم اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، بكراهة المدح، وأن لا يتساهلوا في هذا؛ لأن إطلاق المديح لهم من أتباعهم أو من طلبتهم، قد يفضي إلى شر وإلى عجب، وإلى خيلاء وكبر. فينبغي للعلماء أن يكرهوا المدح وأن لا يسمحوا لأتباعهم ولا طلبتهم بالتوسع في هذا، أما المدح القليل، مما فيه التشجيع على الخير، والتقوية على الخير، والتنشيط عليه فلا بأس قد مدح النبي بعض الصحابة، وقال لعمر: الفاروق: «ما سلكت فجا إلا سلك الشيطان فجا غير فجك (¬1)» يعنيه رضي الله عنه، فالمدح القليل الذي ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الأدب، باب التبسم والضحك برقم 6085.

لا يخشى منه شر، لا بأس به للتشجيع على الخير، والدعوة إليه، أما التوسع في المديح والإكثار فيه، فالأولى تركه، ولو كان بحق لأنه يخشى منه الفتنة إذا كان الممدوح حيا يخشى عليه الفتنة. س: يسأل المستمع ويقول: ما هو حكم زيارة قبور من يقال بأنهم من الصالحين، أو الأولياء أو الأقطاب، أو الأسياد، أو المشايخ، ويقدم لهم الحلوى والمأكولات عند تلك القبور للزوار، بعضهم البعض، والدعاء بجاه أولئك السادة، أن يشفع الله للزائر ويقضي حاجته؟ (¬1) ج: زيارة القبور سنة، كما قال صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة (¬2)»، لكن كونه يستشفع بهم أو يتوسل بهم، لا يجوز، أو يقرأ عندهم، أو يزورهم ليطعم الطعام هناك، ويتصدق وغيره فلا، هذا ما هو بمشروع، هذا بدعة؛ ولكن يزورهم للسلام فقط، والدعاء لهم فيقول: «السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، نسأل الله لنا ولكم العافية (¬3)»، كما أمر النبي الصحابة قال: «زوروا القبور فإنها ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط، رقم 434. (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر برقم 1053. (¬3) مسلم الجنائز (975)، النسائي الجنائز (2040)، ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1547)، أحمد (5/ 353).

تذكركم الآخرة (¬1)»، وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية (¬2)»، وكان يقول في دعائه لهم: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين،» هذا هو السنة. أما أن يزورهم للصدقة عند قبورهم، أو لدعائهم من دون الله، أو للتوسل بهم، أو للطعام عندهم، كل هذا لا يجوز، ودعاؤهم والاستغاثة بهم شرك أكبر، إذا دعا أهل القبور قال: انصروني، أو أغيثوني من كذا، أو اشفعوا لي هذا منكر من المنكرات الشركية لا يجوز، أو قال: اللهم إني أسألك بجاههم، أو بفلان أو فلان، كل هذا منكر، ولكن يتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته وبأعماله الصالحة، كما توسل أهل الغار لما انطبقت عليهم الصخرة، توسلوا بأعمالهم الصالحة. أما التوسل بأسماء فلان وفلان فلا يجوز، ولكن يسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، كما قال جل وعلا: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (¬3)، وهكذا التوسل بالأعمال الصالحة، وبالدين وبمحبة الله ورسوله، كأن يقول: اللهم إني أسألك بإيماني بك وبرسولك، اللهم إني أسألك بمحبتي لك وبمحبتي لرسولك، اللهم إني أسألك ببري لوالدي، واجتنابي ما حرمت علي، يتوسل إلى الله بأسمائه وصفاته، وبالأعمال الصالحة، والثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة في الغار ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975. (¬3) سورة الأعراف الآية 180

توسلوا، واحد ببر والديه، والثاني توسل بعفته عن الزنا، والثالث توسل بأدائه الأمانة، ففرج الله عنهم.

حكم التبرع بالأموال لقبور الأولياء

71 - حكم التبرع بالأموال لقبور الأولياء س: يقوم بعض الناس بوضع نقود ليست بسيطة على القبور، بما يسمونها قبور الأولياء ثم تجمع هذه النقود ويصرفونها لتعمير القباب وزخرفتها ووضع الأنوار عليها واستعمال مكبرات الصوت على تلك القباب لمثل دعايات ذلك الولي، كما يؤدون هناك صلاة الفريضة أحيانا داخل المقابر حول ذلك الولي، فما حكم الدين الإسلامي في مثل هذه الأفعال حفظكم الله؟ (¬1) ج: أولا: التقرب بالنقود أو بالطعام، أو بالخبز إلى القبور هذا منكر، ومن الشرك الأكبر؛ لأنها تقرب إليهم، وعبادة لهم بالصدقات يتقرب إليهم، يرجو بهذا فضلهم وثوابهم وبركتهم مثل لو ذبح لهم، ومثل لو صلى لهم؛ لأن من تقرب بذلك يرى أنهم يصلحون لهذا الأمر، وأنه يتقرب إليهم بالصدقات، أو بالذبائح أو بغير ذلك حتى ينفعوه وحتى يشفعوا له، وحتى يبرئوا مريضه، وحتى يعطوه الولد أو إلى غير ذلك. ثانيا: اتخاذ القباب على القبور أيضا منكر، لا يجوز البناء عليها ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط، رقم 74.

مطلقا، بل يجب أن تبقى مكشوفة ليس عليها بناء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)»، ولما ثبت في الصحيح عن جابر رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبور، وعن القعود عليها، وعن البناء عليها، (¬2)» فالرسول نهى عن البناء عليها، ونهى عن الكتابة عليها. فالواجب أن لا يكتب عليها، وأن لا يبنى عليها لا قبة ولا غيرها. ثالثا: الصلاة عند القبور لا تجوز، الرسول صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذها مساجد، وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (¬3)»، رواه مسلم في الصحيح فنهاهم أن يتخذوها مساجد، ومن صلى عند القبر فقد اتخذه مسجدا، ولو ما بنى عليه قبة، ولو ما بنى عليه مسجدا، ما دام يصلي عند القبور وبين القبور، فإنه بهذا يتخذها مسجدا؛ لأن الرسول عليه الصلاة قال: «وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (¬4)» ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. (¬2) مسلم الجنائز (970)، الترمذي الجنائز (1052)، النسائي الجنائز (2028)، أبو داود الجنائز (3225)، أحمد (3/ 339). (¬3) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور .. برقم 532. (¬4) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الصلاة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا برقم 438.

فمن صلى في محل اتخذه مسجدا، ولهذا لا يصلى في المحل النجس، ولو صلى بين القبور، فإذا صلى عند القبور أو إلى القبر، أو في طرف المقبرة كل هذا من الاتخاذ لها مساجد، فالواجب الحذر من ذلك.

حكم الاعتكاف وإقامة حلقات الذكر عند القبور

72 - حكم الاعتكاف وإقامة حلقات الذكر عند القبور س: الأخ: ع. ي. يسأل ويقول: يأتي ناس لأحد القبور لدينا من جميع البلدان، ويقفون عند القبر، بل ويقيمون لفترة لا تقل عن أسبوع ويعملون حلقات الذكر، فكيف نوجه هؤلاء وبما توجهونهم؟ جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم (¬1) ج: هذا بدعة، من وسائل الشرك يوجهون بأنه لا يجوز لهم هذا، والمشروع أن يأتوا للسلام والزيارة، ويسلمون على أهل القبور ويدعون لهم، ثم ينصرفون. أما الجلوس عندهم لإقامة دروس، أو قراءة القرآن، أو لأجل الدعاء يوما أو يومين أو أقل أو أكثر فهذا لا يجوز، ليس من سنته عليه الصلاة والسلام، إنما يسلم ويدعو لهم ثم ينصرف، كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط، رقم 292.

العافية يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬1)»، وهكذا كان يفعل صلى الله عليه وسلم، يزور القبور ويسلم عليهم ويدعو لهم ثم ينصرف. أما الجلوس عندهم أسبوعا أو أسبوعين أو يوما أو يومين، للصلاة أو للدعاء أو للقراءة، أو للصدقات، هذا لا أصل له، بل هو من وسائل الشرك والغلو، فإن دعوا الأموات واستغاثوا بهم صار شركا أكبر، دعوهم أو نذروا لهم أو ذبحوا لهم، يتقربون إليهم بذلك أو استعانوا بهم هذا هو الشرك الأكبر، كما قال الله سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬2)، وقال عز وجل: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬3) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬4) فسماه شركا ثم دعاؤهم إياهم شرك بهم، فدل ذلك على أنه لا يجوز دعاء الأموات ولا الأصنام ولا الأحجار ولا الكواكب، ولا الملائكة ولا غيره، بل يدعى الله وحده، هو الذي يدعى جل وعلا، هو الذي يسأل سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬5)، فالمؤمن يجتهد في دعاء ربه والضراعة إليه وسؤاله، ولا يدعو معه لا ملكا ولا نبيا، ولا شجرا، ولا حجرا، ولا صنما، ولا جنا ولا كوكبا، ولا غير ذلك. العبادة حق الله وحده. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975. (¬2) سورة المؤمنون الآية 117 (¬3) سورة فاطر الآية 13 (¬4) سورة فاطر الآية 14 (¬5) سورة الجن الآية 18

أما الحي الحاضر الذي يسمع كلامك، أو من طريق المكاتبة، أو الهاتف تقول له: افعل كذا، وتأمره بكذا، لا بأس عن طريق الهاتف، عن طريق المكاتبة، أو حاضر عندك، تقول له افعل كذا، أصلح سيارتي، اسق نخلي، أرسل لي كذا وكذا لا بأس بهذا، هذه أمور عادية لا بأس بها، ولهذا قال الله سبحانه في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (¬1) يعني حاضرا عنده، يقدر على إغاثته، بخلاف دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات أو الغائبين، أو الجن، أو الملائكة أو الأشجار أو الأحجار، هذا كله من الشرك الأكبر. ¬

_ (¬1) سورة القصص الآية 15

الصلاة في المساجد التي فيها قبور

73 - الصلاة في المساجد التي فيها قبور س: في مدينة دنقلا بالسودان، مسجد كبير وبه ضريحان لشخصين، يعتقد الناس أنهما من الصالحين، وهذه الأضرحة تزار وتقدم لها القربان، والمقابر من جهة القبلة، ويفصل بينها وبين المصلين حائط المصلى فقط؛ هل يجوز لي أن أصلي في هذا المسجد، لتبليغ الدين، علما بأن المسجد يجمع ناسا كثيرين، من مناطق مختلفة وإذا صليت ما حكم صلاتي، هل أعيدها أم ماذا أفعل؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط، رقم 199.

ج: بناء المساجد على القبور منكر عظيم، وهو من وسائل الشرك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)»، فلا يجوز البناء على القبور ولا اتخاذ المساجد عليها، ولا جعلها مصلى، فالمسجد الذي فيه قبر أو أكثر، لا يصلى فيه والصلاة فيه غير صحيحة؛ لأن الرسول نهى عنها، ولعن من فعل ذلك، عليه الصلاة والسلام. وقال في الحديث الآخر الذي رواه مسلم، في الصحيح: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (¬2)»، فنهى عن اتخاذ القبور مساجد، قال: إنه ينهى عنها، ولعن من فعلها وذمه، فلا يجوز للمسلمين أن يصلوا في المساجد، التي فيها القبور بل يجب نبشها، فعلى الدولة وعلى أهل الحل والعقد، أن ينبشوها ويجعلوها في مقابر المسلمين؛ لتبقى المساجد ليس فيها قبور على الدولة إذا كانت تدين بالإسلام، أن تنبش هذه القبور التي في المساجد، وأن تجعلها مع المسلمين في مقابرهم، حتى تخلو المساجد من القبور، هذا إن كانت القبور بعد المسجد، أما إن كان المسجد بني عليها وهي قديمة، فالواجب أن يهدم المسجد، ولا يصلى فيه ويلتمس ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. (¬2) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور .. برقم 532.

أهل الحي أرضا أخرى، ليس فيها قبور فيعمرون فيها مسجدا، ويصلون فيه، أما المسجد الذي بني على القبور، فالواجب هدمه لأنه أسس على معصية الله، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه: «نهى عن تجصيص القبور، والقعود عليها والبناء عليها (¬1)»، رواه مسلم في الصحيح من حديث جابر رضي الله عنه، والخلاصة أن القبر إن كان جديدا، والمسجد هو الأسبق، وجب نبش القبر، ونقل الرفات إلى المقابر الأخرى، تجعل في حفرة ينصب ظاهرها كالقبر، وهكذا لو كان أكثر من قبر، قبرين أو ثلاثة، كلها تنقل كل رفات قبر تجعل في حفرة وحدها في المقابر العامة، يجعل ظاهرها كظاهر القبور، حتى لا تمتهن ويبقى المسجد خاليا. أما إن كانت القبور هي الأصل، والمسجد هو الحادث بني عليها فيهدم؛ لأنه أسس على غير التقوى، على المعصية فيهدم ويبنى لأهل الحي مسجد في محل آخر ليس فيه قبور، طاعة لله ورسوله عليه الصلاة والسلام، وعملا بما دلت عليه النصوص، وتحذيرا للمسلمين من الشرك وقطعا لوسائله؛ لأن وجود القبور في المساجد من وسائل الشرك، من وسائل الغلو فيها، ووسائل دعائها والاستغاثة بها، والطواف بها ولا حول ولا قوة إلا بالله، فيجب الحذر من ذلك، أما ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه برقم 970.

إن كان القبر خارج المسجد، عن يمينه أو شماله أو أمامه أو خلفه وليس في داخله، فالصلاة صحيحة، لكن لو تيسر إبعاده في المقابر، يكون أولى حتى لا يغلو فيه أحد، إذا كان خارج المسجد خارج بناء المسجد، عن يمين أو شمال أو أمام أو خلف، الأولى والأفضل أن ينقل لا يبقى القبر عند المسجد، لئلا يغلى فيه وينقل للمقابر العامة، ولكن الصلاة صحيحة؛ لأن المسجد سليم من القبور ليس في داخله قبور، ونسأل الله أن يوفق ولاة أمر المسلمين لتطهير بلادهم من آثار الشرك ووسائله وأن يعينهم على كل خير، وأن يصلح قلوبهم وأعمالهم، وأن يوفق العلماء للقيام بما يجب من النصيحة لولاة الأمور، وإرشادهم إلى الخير وإعانتهم عليه. فإن واجب العلماء عظيم في كل مكان، في السودان وفي غير السودان، وواجب العلماء عظيم، يجب عليهم أن يرشدوا الناس إلى أن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات أمر منكر، بل شرك أكبر، فإنه لا يجوز الطواف بالقبور، ولا دعاء أهلها، والاستغاثة بهم ولا أن يطلب منهم المدد، هذا منكر عظيم وشرك أكبر. فالواجب على أهل العلم في السودان، وفي مصر وفي الشام والأردن وفي كل مكان، وفي هذه الجزيرة كلها، في اليمن والخليج في كل مكان؛ الواجب على العلماء أن يبينوا أمر الله، ويرشدوا الناس إلى توحيد الله وطاعة الله، وأن ينكروا عليهم المنكرات، حتى يعرف الناس المنكر وحتى يحذروه، فالعلماء هم ورثة الأنبياء، وعليهم واجب عظيم هو واجب الدعوة والبلاغ، والأمر

بالمعروف والنهي عن المنكر، في كل بلد وفي كل دولة، وعلى العلماء إذا كانت الدولة كافرة، أن يرفعوا إليها ويبينوا لها أن هذا الأمر كذا وكذا، حتى تسمح لهم بعمل ما شرع الله، لأنه لا بد من قوة تعين على إزالة المنكر؛ لأن العامة الجهلة قد يعترضون على أهل العلم، فلا بد من الاستعانة بالله ثم بالدولة، حتى تعينهم على هدم المساجد التي بنيت على القبور، وحتى تعينهم على نقل القبور التي وضعت في المساجد تنقل رفاتها إلى المقابر العامة، وليس لأحد أن يفعل ما يحصل به التشويش، بل عليه أن يستأذن من ولاة الأمور، حتى تجري الأمور على طريقة حسنة مضبوطة من جهة ولاة الأمور. وإذا كان ولي الأمر قد جعل الأمر لأمير البلد، وعلماء البلد قاموا بالواجب: العلماء يرفعون لأمير البلد، وأمير البلد ينفذ ويتعاون الجميع على البر والتقوى، كما قال سبحانه وتعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (¬1)؛ ولا يجوز للعالم السكوت عن هذا الأمر العظيم، والخطر الكبير يجب على أنصار السنة في مصر والشام والسودان وفي كل مكان، وعلى العلماء جميعا في كل مكان أن يبينوا للناس أمر الله، وأن يشرحوا لهم حقيقة الدين، وأن يوضحوا لهم أنواع الشرك الأكبر والأصغر، وسائر المعاصي حتى يجتنبوها، وحتى يحذروها، ويجب على العلماء أن ينكروا على الناس دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات والنذر للأموات، والذبح لهم وأن يجعل صناديق للنذور، هذا منكر عظيم ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 2

وشر وخيم، يجب على العلماء أن ينكروه بغاية النشاط، وبالأساليب الحسنة التي يحصل بها إنكار المنكر، فلا يحصل بها تشويش مع ولاة الأمور، بل يتصلون بولاة الأمور، ويخبرونهم بما يجب حتى تتفق الكلمة مع ولاة الأمور في إنكار المنكر، والقضاء على أسباب الشرك والفساد والشرك، فالعلماء واجبهم عظيم، وهم مسئولون أمام الله يوم القيامة، مسئولون عما قصروا فيه، وعما لم يقوموا به من الواجب، هم ورثة الرسل، هم خلفاؤهم، يقول الله سبحانه: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} (¬1) {عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬2) ولا سيما ما يتعلق بالعقيدة والشرك والتوحيد، هي أعظم من غيره. وأصل الدين وأساس الملة عبادة الله وحده، وهو معنى لا إله إلا الله، فإن معناها لا معبود حق إلا الله، كما قال سبحانه: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (¬3)؛ وقال سبحانه في سورة لقمان: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ} (¬4) فدعوة الأموات والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم وطلب المدد منهم هذا من الشرك الأكبر، سواء كانوا أنبياء أو صالحين أو غيرهم، هذا حق الله، العبادة حق الله وحده لا يدعى إلا الله ولا يستغاث إلا به، الأموات قد انقطعت أعمالهم، إلا مما شرع الله من صدقة جارية، أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو لأبيه وأمه، ¬

_ (¬1) سورة الحجر الآية 92 (¬2) سورة الحجر الآية 93 (¬3) سورة البقرة الآية 163 (¬4) سورة لقمان الآية 30

المقصود أنهم لا يدعون مع الله، ولا يستغاث بهم ولا ينذر لهم، ولا يذبح لهم، ولا يطلب منهم المدد، ولو كانوا عظماء في الدين كالعلماء والرسل، لا يجوز هذا أبدا، بل دين الله سبحانه إخلاص العبادة لله وحده؛ قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬1)؛ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬2)؛ {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬3)، هكذا يقول سبحانه، ويقول عز وجل: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (¬4)؛ {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬5)، أما الحي القادر، لا بأس أن يستعان به، الحي القادر، تقول لأخيك: أعني على كذا يسمع كلامك، أو من طريق الكتابة تقول: يا أخي ساعدني على كذا، أعني على مزرعتي على إصلاح سيارتي، اشتر لي كذا، لا بأس بالتعاون بين الأحياء، أما دعاء الأموات أو دعاء الغائبين يسمعون وهم غائبون بدون واسطة، هذا شرك أكبر، أو دعاء الجن أو دعاء الملائكة، أو الاستغاثة بهم هذا هو الشرك الأكبر، بعث الله الرسل لإنكاره والنهي عنه والتحذير منه، وهو مصادم لقوله عز وجل: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬6)؛ ولقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬7)؛ ولقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬8) نسأل الله أن يوفق ولاة الأمور، من الأمراء والعلماء لكل ما فيه صلاح ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 23 (¬2) سورة الفاتحة الآية 5 (¬3) سورة الذاريات الآية 56 (¬4) سورة غافر الآية 65 (¬5) سورة الزمر الآية 2 (¬6) سورة الفاتحة الآية 5 (¬7) سورة الإسراء الآية 23 (¬8) سورة الذاريات الآية 56

العباد والبلاد، وأن يعينهم على كل خير ويصلح لهم البطانة، وأن يجعلهم هداة مهتدين، وإيانا وسائر إخواننا، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وإذا كان القبر في هذا المسجد لا يصلي معهم، إنما يجلس وينبههم أو في أوقات أخرى، في غير هذا المسجد، جماعات أخرى، أما إذا كان القبر خارج المسجد لا بأس يصلي معهم، ويذكرهم بالله، ويعلمهم دينهم، أما إذا كان القبر في داخل المسجد، فلا يصلي فيه: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)»، هكذا قال عليه الصلاة والسلام، ولكن المؤمن يتحرى الأوقات المناسبة، فإذا جاء وقد صلوا ذكرهم، أو ذكرهم قبل الصلاة، وقال: أحب أن أصلي معكم لولا هذا القبر، والمساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها، ويرشدهم أو بعد الصلاة يرشدهم ويعلمهم لا حرج في ذلك والحمد لله. س: ما حكم البناء على القبر بما في ذلك المسجد؟ (¬2) ج: أما البناء على القبور فهو محرم سواء كان مسجدا أو قبة أو أي بناء لا يجوز ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن اليهود، قال: «لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬3)» فعلل اللعنة ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. (¬2) السؤال الحادي عشر من الشريط، رقم 10. (¬3) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390.

باتخاذهم المساجد على القبور، فدل ذلك على تحريم البناء على القبور، وأنه لا يجوز، واتخاذها مساجد من أسباب الفتنة بها، لأنها إذا وضعت عليها المساجد افتتن بها الناس، وربما دعوها من دون الله واستغاثوا بأهلها فوقع الشرك، وفي حديث جندب بن عبد الله البجلي عند مسلم في صحيحه يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (¬1)»، هكذا يقول صلى الله عليه وسلم يحذرنا من اتخاذ المساجد على القبور، فينبغي لأهل الإسلام أن يحذروا ذلك، بل الواجب عليهم أن يحذروا ذلك، وفي حديث جابر عند مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تجصيص القبور وعن القعود عليها أو البناء عليها، فالبناء عليها منهي عنه مطلقا واتخاذ القباب والمساجد عليها كذلك؛ لأن ذلك من وسائل الشرك إذا بني على القبر المسجد أو القبة ونحو ذلك عظمه الناس، وفتن به الناس، وصار من أسباب الشرك به، ودعاء أصحاب القبور من دون الله عز وجل، كما هو واقع في دول كثيرة وبلدان كثيرة عظمت القبور، وبنيت عليها المساجد وصار الجهلة يطوفون بها، ويدعونها ويستغيثون بأهلها، وينذرون لهم ويتبركون بقبورهم ويتمسحون بها، كل هذا وقع بأسباب البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، وهذا من باب الغلو الذي حرمه الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إياكم والغلو في الدين فإنما ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532.

أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين (¬1)»، وقال: «هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون (¬2)»، يعني: المتشددين الغالين. والخلاصة أنه لا يجوز البناء على القبور لا مسجد ولا غير مسجد ولا قبة وأن هذا من المحرمات العظيمة، ومن وسائل الشرك، فلا يجوز فعل ذلك، وإذا وقع فالواجب على ولاة الأمور إزالته وهدمه وأن لا يبقى على القبور مساجد، ولا قباب بل تبقى ضاحية مكشوفة كما كان هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم والسلف الصالح، ولأن بناء المساجد على القبور من وسائل الشرك، كذلك القباب والأبنية الأخرى كلها من وسائل الشرك فلا تجوز بل الواجب إزالتها وهدمها؛ لأن ذلك هو مقتضى أمر النبي صلى الله عليه وسلم، هو أمر عليه الصلاة والسلام بأن تزار القبور للذكرى والعظة ونهى عن البناء عليها، واتخاذ المساجد عليها؛ لأن هذا يجعلها آلهة يجعلها أوثانا تعبد من دون الله، فوجب امتثال أمره بالزيارة يعني شرع لنا أن ننفذ الأمر بالزيارة المشروعة فالزيارة مستحبة، يشرع لنا أن نزورها للذكرى والدعاء لأهلها بالمغفرة والرحمة، لكن لا نبني عليها لا مساجد ولا قبابا ولا أبنية أخرى؛ لأن البناء عليها من وسائل الشرك، والفتنة ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن العباس رضي الله عنه برقم 1854. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب العلم، باب هلك المتنطعون برقم 2670.

بها من الجهة الأخرى، وهي وضع القبور في المساجد يدفن الميت في المسجد، هذا لا يجوز أيضا بعض الناس إذا مات قال: ادفنوني في المسجد هذا لا يجوز دفنه في المسجد بل يجب أن ينبش وينقل إلى المقبرة إذا دفن أحد في المسجد ينبش وينقل إلى المقبرة ولا يجوز بقاؤه في المسجد أبدا، هذا هو الواجب على أهل الإسلام ألا يدفنوا في المساجد يعني ليس لأحد أن يدفن في المسجد ينبش ينقل إلى المقبرة العامة. س: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ألا إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (¬1)»، وله أحاديث تنهى عن بناء المساجد على القبور، فإذا وجد القبر، فعلينا التسوية، والمسجد النبوي أسأل الله أن يطعمني زيارته، ولكن من زار المسجد النبوي، وجد أن قبر النبي بارز غير مسوى مع الأرض، ويصلى عليه أحيانا، أنا أسأل مع السائلين هل هناك رخصة لقبر النبي صلى الله عليه وسلم فقط وهذا غير وارد. أفتونا جزاكم الله خيرا؟ (¬2) ج: النبي صلى الله عليه وسلم دفن في بيته، والصحابة رأوا دفنه في البيت حتى لا يتخذ قبره مسجدا، هذا هو الأصل لكن لما وسع أمير المؤمنين في وقته الوليد بن عبد الملك في المائة الأولى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم أدخل ¬

_ (¬1) مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532). (¬2) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط، رقم 306.

الحجرة في المسجد، ومن ذلك الوقت دخلت في المسجد، وإلا فهو مدفون في بيته عليه الصلاة والسلام، فلا حجة فيه لأحد من الناس؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لم يدفن في المسجد، وإنما دفن في بيته، ودخلت الحجرة برمتها في التوسعة. أما الناس فلا يجوز لهم أن يدفنوا في المساجد، والرسول صلى الله عليه وسلم لعن من فعل ذلك، قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)»، فلا يجوز الدفن في المساجد، ولا يجوز بناء مساجد على القبور، فكل هذا منكر، لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله، والواجب الحذر من ذلك، أما قبر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يدفن في المسجد، بل دفن في بيته، ولكن عند التوسعة أدخل البيت في المسجد، وكان هذا من أخطاء الوليد عفا الله عنه. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390.

ما حكم من يقصد قبور الأولياء للغوث والشفاعة

74 - حكم من يقصد قبور الأولياء للغوث والشفاعة س: السائل من الجزائر يقول: تعلق بعض الناس بالصالحين وهم موتى، فترى هذا الإنسان يذهب إلى هؤلاء الموتى يطلب منهم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات مع أن هؤلاء ماتوا، ويزعم أنهم صالحون، ما حكم عمل هؤلاء مأجورين؟ (¬1) ج: ما يفعله بعض الناس من الذهاب إلى قبور الصالحين، أو قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ويستغيث، هذا من الشرك الأكبر، هذا شرك المشركين، هذا شرك الجاهلية نعوذ بالله، كان في الجاهلية، يطلبون من الموتى، كما كانوا يسألون اللات ويتقربون إليه وهو رجل صالح، يزعمون أنه كان يلت سويق الحاج فمات فعكفوا على قبره وصاروا يسألونه من دون الله يستغيثون به، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (¬2)». فالواجب على كل مكلف أن يتقي الله وأن يراقب الله، وأن يخص الله بالعبادة، فلا يدعو إلا الله ولا يستغيث إلا به، ولا يستجير إلا به هو سبحانه الذي يدعى ويرجى، قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬3) ¬

_ (¬1) السؤال من الشريط، رقم 419. (¬2) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532. (¬3) سورة الجن الآية 18

قال سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬1)، قال تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬2)، قال تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬3)، يعني: المشركين، فالذي يقصد أصحاب القبور وإن كانوا صالحين، ويسألهم الغوث أو الشفاعة أو غفران الذنوب، أو السلام من شر الأعداء كل هذا شرك بالله، شرك أكبر، وهكذا دعاء الجن والاستغاثة بالجن، أو بالأصنام والأوثان كل هذا من الشرك الأكبر، نسأل الله العافية. فالواجب الحذر من ذلك، هذا هو دين المشركين، دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات وبالأصنام وبالجن والنجوم هذا شرك المشركين، هذا دينهم الباطل، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) سورة غافر الآية 60 (¬2) سورة المؤمنون الآية 117 (¬3) سورة يونس الآية 106

حكم الصلاة عند القبور

75 - حكم الصلاة عند القبور س: يوجد عندنا في العراق، بدع وهي أن بعض الناس يقصدون إلى قبور أولياء الله والصالحين من مكان بعيد وعند زيارة القبر يخلعون أحذيتهم، والقبور مبني عليها شبه المساجد، هل هذا جائز، وعند دخولهم يصلون ركعتين وهي صلاة الزيارة، تقال سنة هل هذا جائز أم لا؟ (¬1) ج: هذا سؤال مهم وله شأنه العظيم وهو تعظيم القبور للزيارة البدعية، والبناء على القبور واتخاذ المساجد عليها هذه مسائل ذات أهمية، فينبغي أن يعلم أن الزيارة للقبور سنة؛ لأن النبي عليه السلام قال: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬2)»، ولكن ليس المقصود بهذه الزيارة أن يدعى الميت أو يستغاث به أو يطلب منه المدد أو يتمسح بالقبر أو ما أشبه ذلك، المقصود من الزيارة ذكر الآخرة ذكر الموت والدعاء للميت والترحم عليه إذا كان مسلما، هذا المقصود؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬3)»، وفي ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط، رقم 26. (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569.

لفظ آخر: «تذكركم الموت (¬1)»، فالسنة للزائر إذا زار المسلم أن يسلم على المقبورين وأن يدعو لهم بالمغفرة والرحمة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية (¬2)»، وفي لفظ: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬3)»، وكان يقول إذا زار البقيع: «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (¬4)»؛ السنة إذا زار القبور هكذا أن يدعو لهم بالمغفرة والرحمة يسلم عليهم ويدعو لهم، هذا هو المشروع، أما أن يزورهم ليدعوهم من دون الله، ويطلب منهم المدد ليستغيث بهم لينذر لهم، هذا من الشرك الأكبر والعياذ بالله، وهذا من عمل الجاهلية، أبي جهل وأصحابه عند القبور، هذا لا يجوز بل هو من الشرك الأكبر، وهكذا الصلاة عند القبور لا تجوز، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (¬5)»، بل لعن الله ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة قبور المشركين برقم 1572. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 974. (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 974. (¬5) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532.

اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، فلا يجوز الصلاة في القبور، ولا العكوف عندها ولا سؤال أهلها ولا الاستغاثة بهم ولا النذر لهم كما تقدم، ولما رأت أم حبيبة وأم سلمة كنيسة في الحبشة وما فيها من الصور أخبرت بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروه بتلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله (¬1)»، فأخبر أنهم شرار الخلق بسبب تعظيمهم للقبور بالبناء عليها واتخاذ المساجد عليها ونحو ذلك، فالذي يغفله بعض الناس من اتخاذ المساجد على القبور أو اتخاذ القباب على القبور المزينة بالذهب والفضة وغير ذلك كل هذا منكر. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تجصيص القبور وعن القعود عليها وعن البناء عليها، فلا يجوز للمسلمين أن يبنوا على القبور المساجد ولا القباب ولا غيرها من الأبنية بل تبقى ضاحية مكشوفة في الجبانة في المقابر إذ يأتي إليها الزائر ويسلم عليهم وهو واقف ثم ينصرف ولا يجوز الصلاة عندها ولا بين القبور ولا التمسح بالتراب، ولا الجلوس عندها للقراءة أو الدعاء كل هذا منكر، وإنما يسلم عليهم ويدعو لهم وينصرف كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وكما فعله أصحابه، وكما علمهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، والصلاة عند القبور من البدع، ومن وسائل الشرك أيضا، النبي صلى الله عليه وسلم قال: ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة برقم 434، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور. برقم 528.

«اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا (¬1)»، دل ذلك على أن القبور لا يصلى فيها ولا يصلى عندها، إنما الصلاة في المساجد، في البيوت، أم القبور فلا؛ لأن الصلاة عندها من وسائل الشرك، من وسائل العبادة من دون الله، وهكذا البناء عليها وهكذا اتخاذ المساجد عليها، وهكذا اتخاذ القباب عليها وفرشها وتطييبها، كل هذا من وسائل الشرك، ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بما يفعله الناس الجهلة من هذا الشيء كما في بلاد كثيرة يعظمون القبور ويبنون عليها المساجد والقباب، وهذا من المنكرات العظيمة ومن وسائل الشرك كما لا يخفى عند أهل العلم. فوصيتي ونصيحتي للسائل أن يحذر هذا وإذا زار القبور يزورها زيارة شرعية، يسلم عليهم ويدعو لهم إذا كانوا مسلمين وينصرف، أما الصلاة في مسجد على القبر أو عند القبور، فهذا منكر، كذلك الجلوس عندها للدعاء أو القراءة كذلك لا يجوز، وهكذا أعظم وأكبر دعاؤها والاستغاثة بها والنذر لها وطلبها المدد هذا يفعله بعض الجهلة وهو من الشرك الأكبر. فالواجب الحذر من ذلك غاية الحذر، وكثير من المسلمين عندهم ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الصلاة؛ باب كراهية الصلاة في المقابر برقم 432، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته .. برقم 777.

جهل كثير في هذه المسائل يفعلون ما يرون العامة يفعلونه عند القبور ولا يعلمون أحكام الشرع في ذلك. والواجب على العلماء في كل البلاد أن يعلموا الناس، ويرشدوا الناس إلى سنة نبيهم عليه الصلاة والسلام وأن يحذروهم من الشرك والبدع، هذا هو الواجب على أهل العلم، في كل مكان ولكن بسبب قلة العلماء وقلة أهل التحقيق، كثر هذا الشر في بلدان كثيرة وظنوه دينا وظنوه شيئا مشروعا وصاروا يسارعون إليه، يحسبون أنهم على هدى وعلى حق في ذلك، وهذه مصيبة، يجب التنبيه عليها ويجب على كل مسلم أن يسأل عما أشكل عليه، وألا يتساهل في الأمور العادية التي يرى عليها آباءه وأسلافه لا بل يسأل، فإن الكفار كان من عاداتهم اتباع أسلافهم على غير بصيرة كما حكى الله عنهم أنهم يقولون: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (¬1)؛ فلا ينبغي التأسي بالكفرة في ذلك، بل تسألون أهل العلم إن كانوا عندكم، فالمسلم مأمور بالسؤال أو تكتب إليهم في أي بلاد تسألهم عما أشكل عليك من أمور دينك حتى تكون بصيرة؛ لأن الله قال: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (¬2). فالواجب على أهل الإسلام إذا كان ما عندهم علم أن يسألوا، كل إنسان ما عنده علم يسأل عما أشكل عليه في أمور القبور في أمور صلاته في زكاته في صيامه في معاملاته في كل شيء. ¬

_ (¬1) سورة الزخرف الآية 23 (¬2) سورة النحل الآية 43

الرد على شبهة جواز الاستغاثة من الأموات

76 - الرد على شبهة جواز الاستغاثة من الأموات س: لقد استمعنا إلى برنامجكم في السعودية كثيرا والبرنامج هو نور على الدرب وأحسسنا على تركيزكم الكبير على زيارة القبور، والتبرك بما فيها من أهل الخير وهم بلا شك فيهم الخير الكثير، وخاصة أنهم يعيشون في كنف الله سبحانه وتعالى، وهم أقرب إليه من غيرهم؛ لأنهم في حضرته، لكن كثرة كلامكم عن عدم جدواهم، جعلتنا نضع عدة أسئلة عندما نريد أن نقوم بزيارة هؤلاء، نرجو منكم أن تصدقونا القول، وفقنا الله وإياكم؛ لأننا نريد إذا لم نكن على صواب، أن نتجنب ما نحن عليه؟ (¬1) ج: السائل مشكور في طلبه الحق، وهذا هو الذي ينبغي لكل مؤمن أن يسأل عما أشكل عليه، وأن لا يبقى على الجهل؛ لأن الله يقول سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (¬2)، والموتى في القبور أقسام: منهم ما هو قريب من الله، وفي كنف الله ومرحوم ومن أهل التقوى والإيمان، ومنهم معذب لما غلب عليه من الكفر، والفسق فليسوا على حد سواء، المؤمن الطيب الذي مات على طاعة الله ورسوله على خير عظيم، وموعود بالجنة، وقبره روضة من رياض ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط، رقم 23. (¬2) سورة النحل الآية 43

الجنة، أما الذي مات على الكفر بالله، كالذين يدعون الأموات، ويستغيثون بالأموات، ويطلبونهم المدد، فهذا كفر يبطل الأعمال، هذا على خطر عظيم، وهو متوعد بالنار والعذاب الأليم لكفره بالله وشركه بالله، وهكذا من مات على المعاصي غير تائب، كالذي يموت على الزنا، وعقوق الوالدين أو على أكل الربا، أو على شهادة الزور، أو على شرب الخمور، وسرقة أموال الناس ونحوها، هؤلاء على خطر عظيم من دخول النار، وعلى خطر أن تكون قبورهم حفرة من حفر النار، نعوذ بالله، فليسوا الموتى على حد سواء. فينبغي أن تعلم أيها السائل أن الأموات أقسام: منهم المرضي عنه، المستقيم الذي مات على تقوى وإيمان، فله الجنة والكرامة، وقبره روضة من رياض الجنة، ومنهم من مات على الكفر والضلال، كالذي يستهزئ بالدين، ويسب الدين، أو يدع الصلاة، أو يسأل الموتى ويستغيث بهم، وينذر لهم ويطلبهم المدد، وما أشبه ذلك، هذا هو الكفر بالله عز وجل، وهم متوعدون بالنار، إذا ماتوا على كفرهم، ومنهم مسلم، لكن مات على المعاصي، مات على شرب الخمر، مات على الربا، مات على الزنا، مات على السرقة، مات عاقا لوالديه، هذا على خطر من دخول النار وإن كان لا يخلد في النار إذا دخلها، لكن على خطر من العذاب في قبره، بسبب معاصيه. فينبغي لك أن تحذر، وأن تكون على بينة، أما زيارة القبور فهي أقسام: إن كانوا مسلمين يزارون للدعاء لهم، والترحم عليهم والاستغفار لهم، ويتذكر الزائر الآخرة والزهد في الدنيا، وقد

كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه، إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬1)»، وكان يقول: «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (¬2)»، فأنت تسأل الله لهم المغفرة والرحمة والعافية، إذا زرتهم، أما دعاؤهم، فتقول: يا سيدي فلان، اقض حاجتي، اشف مريضي، المدد المدد، فهذا شرك بالله، ولا يجوز هذا من عمل الجاهلية، من عمل أبي جهل وأشباهه من كفار الجاهلية كفار قريش وأشباههم، وأنت لا تطلب منهم شيئا فلا يقال لهم المدد، ولا يسألون ولا يطلبون الشفاء، هذا يطلب من الله سبحانه وتعالى، لا منهم، هو القادر على كل شيء جل وعلا، أو يقال: ألا تشفعون لنا، لا يطلب منهم هذا، أيضا، وإنما يستغفر لهم، يدعى لهم بالرحمة والمغفرة، فينبغي أن تعلم ذلك، وأن تكون على بينة، أما الكفار فلا يزارون مثل قبور اليهود، وقبور النصارى، وقبور المشركين الذين يعبدون غير الله ويستغيثون بالأموات، وينذرون لهم، هؤلاء لا تزار قبورهم، ومن زارها لقصد الاعتبار فلا بأس، مثل زيارة النبي للاعتبار، يعتبر، يتذكر الآخرة، لكن لا يدعى لهم، ولا يترحم عليهم، فقد زار النبي قبر أمه التي ماتت على الجاهلية، واستأذن أن يستغفر لها، فلم يؤذن له أن يستغفر لها عليه الصلاة والسلام، لكن ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 974.

زارها للاعتبار للذكرى فقط، فإن زيارة القبور، قبور الكفار، من النصارى وغيرهم للذكرى والاعتبار، والزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة، فلا بأس لكن لا تسلم عليهم ولا تدعو لهم؛ أما المسلمون فتزار قبورهم، ويدعى لهم بالمغفرة والرحمة، ولا يدعون مع الله ولا يستغاث بهم، ولا ينذر لهم ولا يسألون عن الشفاعة، ولا يذبح لهم ولا يطلب منهم النصر ولا المدد كل هذا لا يجوز، كل هذا من الشرك الذي حرمه الله، وهو من عمل أهل الجاهلية. فينبغي لك أيها السائل أن تحفظ هذا، وأن تبلغه لمن وراءك من الإخوان، ينبغي لك أن تحفظ هذا جيدا، وأن تبلغه من حولك، من جيرانك ومن أصحابك وجلسائك، حتى تكونوا على بينة وعلى بصيرة، لأن الله يقول: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬1) سبحانه وتعالى، فالموتى لا يدعون، وهكذا الملائكة، وهكذا الأنبياء بعد موتهم، وهكذا الكواكب وهكذا الأشجار والأحجار، وهكذا الأصنام كلها لا تدعى من دون الله، ولا يستغاث بها ولا ينذر لها، ولا يتمسح بها، أما النبي الحي، والصالح الحي، الذي يسمع كلامك لا بأس أن تقول له: اشفع لي ادع الله لي، كان الصحابة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم يدعونه، يقولون: اشفع لنا يا رسول الله، هذا في حياته صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت، كان الصحابة يطلبونه الدعاء والشفاعة صلى الله عليه وسلم، ولا بأس بذلك؛ لأنه في حياته، أما بعد موته فلا، وهكذا إخوانك ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 18

إذا كان فيهم رجل صالح، صاحب صلاة وصاحب تقوى، تقول: ادع الله لي يا أخي، وهو يسمع كلامك، حي، يطلب الله لك أن يصلح حالك، يصلح ذريتك لا بأس، المقصود أن الحي الحاضر القادر، لا بأس أن تطلبه بما يستطيعه، كأن يدعو لك، كأن يقرضك شيئا من ماله لحاجتك، كأن تعامله في شيء، لا بأس بهذه الأمور التي بينك وبين الحي الحاضر القادر، أما الموتى، فلا، الموتى لا يطلب منهم شيء ولا يسألون ولا يستغاث بهم، وهكذا الجمادات كالأزلام والأصنام، وكالكواكب وأشباه ذلك، لا تسأل ولا يستغاث بها، وهكذا الغائبون من الجن والملائكة، لا يسألون ولا يستغاث بهم، كل هذا من الشرك بالله عز وجل، لا يجوز فعله مع الملائكة، ولا مع الجن ولا مع الأموات ولا مع الجمادات ولكن تطلب ربك حاجتك، تسأله سبحانه وتعالى أن يشفي مريضك، وأن ينصرك على عدوك، وتسأله المدد من فضله، والعون والتوفيق والهداية، كل هذا يطلب من الله سبحانه وتعالى، وفقنا الله وإياك إلى الاستقامة والبصيرة.

س: سؤال عن أولئك الذين يزورون القباب وقبور بعض الصالحين كما يسميهم، ما هو توجيهكم شيخ عبد العزيز ? (¬1) ج: يعلمون الزيارة الشرعية، يعلمون زيارة القبور الزيارة الشرعية، كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور، أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية (¬2)»، وفي حديث آخر قال: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (¬3)»، وفي حديث آخر عليه الصلاة والسلام: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر (¬4)»، هذا وأشباهه يدعى به للموتى، أما وضع القباب على القبور أو بناء المساجد عليها، فهذا لا يجوز، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬5)»، ويقول صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: «لا تدع صورة ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط، رقم 151. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 974. (¬3) مسلم الجنائز (974)، أحمد (6/ 180). (¬4) أخرجه الإمام الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر برقم 1053. (¬5) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390.

إلا طمستها ولا قبرا مشرفا إلا سويته (¬1)»، وصح عنه عليه الصلاة والسلام من حديث جابر عند مسلم في صحيحه، أنه نهى عليه الصلاة والسلام عن تجصيص القبور والقعود عليها، والبناء عليها. فالقبور لا يبنى عليها بنص النبي عليه الصلاة والسلام، ولا يتخذ عليها مساجد ولا قباب، ولا تجصص ولا يقعد عليها ولا تمتهن، كل هذا ممنوع ولا تكسى بالستور، كل هذا ممنوع؛ وإنما يرفع القبر عن الأرض قدر شبر تقريبا، ليعرف أنه قبر حتى لا يمتهن ولا يوطأ. فالمؤمن يبلغ إخوانه ويعلمهم، وهكذا طالب العلم وهكذا العلماء، يعلمون الناس ما شرعه الله، والمؤمن يتعلم من العلماء ويعلم من يأتي القبور، يقول لهم: إن الزيارة الشرعية كذا وكذا، أما البناء على القبور، أو سؤال الميت، والتبرك بتراب القبر، أو تقبيل القبر، أو الصلاة عنده كل هذه بدع، لا يصلى عند القبور ولا تتخذ محلا للدعاء، تقصد للدعاء عندها، ولا القراءة عندها، كل هذا من البدع كذلك طلب البركة، منها أو الشفاعة منها أو الشفاء، هذا من أنواع الشرك الأكبر، إذا قال: يا سيدي فلان اشفع لي إلى الله، ويقول للميت: انصرني أو اشف مريضي، هذا لا يجوز؛ لأن الميت انقطع عمله بعد موته إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له، أما أنه يطلب منهم شفاء المرضى، أو النصر على الأعداء أو الشفاعة إلى الله ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام مسلم في كتاب الجنائز، باب الأمر بتسوية القبر برقم 969.

في كذا، أعماله قد انقطعت فلا يجوز طلبهم، بل يطلب من الله سبحانه وتعالى، يقول: اللهم اشفني، اللهم أعطني كذا، اللهم شفع في أنبياءك، اللهم شفع في نبيك محمدا صلى الله عليه وسلم اللهم شفع في أفراطي، اللهم شفع في الملائكة والمؤمنين، هذا لا بأس به، تطلب من الله جل وعلا. فالخلاصة أن المسلمين ينصح بعضهم بعضا، ويعلم بعضهم بعضا بأمر الشرع، والعلماء عليهم بيان ذلك وتوجيه العامة، لما شرع الله سبحانه وتعالى، ومن ذلك أن يعلموا الزيارة الشرعية للقبور، التي جاءت في الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام والتي تقدم بيانها ويعلمون أنه لا يجوز البناء على القبور، لا قباب ولا مساجد ولا أبنية أخرى، ولا تجصص ولا يقعد عليها، ولا تتخذ محلا للدعاء عندها، أو الصلاة عندها، والقعود عندها للدعاء أو القراءة، هذا من وسائل الشرك من البدع، أما دعاء الميت والاستغاثة بالميت والنذر له والذبح له، هذا من الشرك الأكبر، نعوذ بالله من عمل الجاهلية.

س: السائل من أديس أبابا، إريتريا يقول: التعلق بقبور الصالحين، وتعظيمها وزيارتها ما حكمه في الشرع جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، أما زيارة القبور فمشروعة، للدعاء لأهلها والترحم عليهم، والاستغفار لهم، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬2)»، زيارة قبور الصالحين والأخيار والأقارب والدعاء لهم، والاستغفار لهم هذا قربة وطاعة. أما التعلق بالقبور ودعاء أهلها، والاستغاثة بها، هذا شرك أكبر، كونه يدعوهم يا سيدي أغثني، انصرني أنا في جوارك، أنا في حسبك، اقض ديني، أو أصلح ذريتي، أو اشف مريضي، كل هذا من الشرك الأكبر، هذا من دعاء غير الله، فإذا فعل هذا مع قبور الصالحين، أو مع الجن، أو مع الغائبين، أو مع الملائكة، فإن هذا الشرك الأكبر، نسأل الله العافية؛ لقوله جل وعلا: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (¬3)، وقوله جل وعلا: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (¬4)، وقوله سبحانه: ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط، رقم 416. (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (¬3) سورة الزمر الآية 65 (¬4) سورة المائدة الآية 72

{وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬1) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬2) فسمى دعاءهم شركا، قال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬3)، هذا محل إجماع بين أهل السنة والجماعة، ليس فيه نزاع، الذي يدعو الأموات، ويستغيث بالأموات، أو بالجن أو بالملائكة، أو بالأنبياء أو ما أشبه ذلك، هذا كله شرك أكبر؛ لأن الأنبياء كلهم قد ماتوا، ولم يبق منهم إلا عيسى، مرفوع غائب في السماء والملائكة غائبون، فلا يجوز دعاؤهم ولا الاستغاثة بهم، وهكذا الغائبون من الناس لا يدعون ولا يستغاث بهم، إلا من طريق حسي، كالمكاتبة، أو التليفون وهو في بلد أخرى، يقول: أقرضني كذا، أو أرسل لي كذا، لا بأس مثل الحاضر، إذا كلمه بالتليفون أو بالمكاتبة، لا بأس كالحاضر. أما من يعتقد أن هذا الغائب له سر وأنه يعلم الغيب فيخاطبه من بعيد، اقض حاجتي، انصرني يعتقد فيه أنه يعلم الغيب، ويسمع دعاءه أو يدعو الملائكة، أو يدعو الأموات، ويستغيث بالأموات، كل هذا شرك أكبر، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) سورة فاطر الآية 13 (¬2) سورة فاطر الآية 14 (¬3) سورة المؤمنون الآية 117

حكم شد الرحال لزيارة قبور الصالحين

77 - حكم شد الرحال لزيارة قبور الصالحين س: في حضرموت يذهب الناس في وقت محدود من كل سنة إلى زيارة أحد القبور، يقولون: إنه قبر النبي هود، الكائن في شعب هود، وهناك تتم الصلاة، وتتم الزيارة والقراءة، والبيع والشراء فما حقيقة ذلك، وهل قبر النبي هود هناك أم لا؟ (¬1) ج: لا شك أن هودا عليه الصلاة والسلام كان في الأحقاف، كان منزلهم هناك، بعثه الله إلى قومه هناك، ولكن لا يعلم قبره ولا يدرى عنه، وليس هناك ما يدل على وجوده، فالذين يقصدون قبرا هناك، ليس معهم حجة على أنه قبر هود، ولا يحفظ قبر معلوم للأنبياء سوى قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فهو المحفوظ في المدينة، وهكذا قبر إبراهيم في المغارة التي في الشام في محله المعروف هناك، من دون أن يعلم عينه، لكنه موجود في المغارة المعروفة هناك في الخليل، وأما بقية الأنبياء فلا تعلم قبورهم، لا هود ولا صالح ولا نوح ولا غيرهم كلهم لا تعلم قبورهم، فمن زعم أن قبر هود في بقعة معينة هناك، وأشار إليه بأنه في المحل المعين، فليس حجة، وليس معه دليل، فقبور الأنبياء لا تعرف، ما عدا قبر نبينا صلى الله عليه وسلم وقبر إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ثم لو فرضنا أنه صحيح، وأنه قبر هود فإنه لا يجوز شد الرحال إليه، للسلام عليه أو الصلاة عنده أو غير ذلك، لكن لو مر إنسان به وهو ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط، رقم 22.

يعلم أنه قبره، وسلم عليه فلا بأس كما يسلم على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، أما أن يزار بشد الرحال فلا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى (¬1)»، فلا يشد الرحال لقبر أي أحد، لا قبر هود ولا غيره، ثم لو فرض أنه مر عليه وزاره، فليس له أن يصلي عند قبره؛ لأن الصلاة لا تجوز عند القبور، فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، قال: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (¬2)»، فالصلاة عند القبر اتخاذ له مسجدا فلا يجوز الصلاة عند القبور، ولا اتخاذها مساجد، لو فرضنا أنه علم قبر هود أو غيره، فلا يجوز للمسلمين أن يشدوا الرحال من أجل زيارة القبور، لا قبر هود ولا غيره، وليس للمسلمين أيضا أن يصلوا عند القبور، ولا أن يتخذوا عليها مساجد؛ لأن الرسول زجر عن ذلك عليه الصلاة والسلام فقال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة برقم 1189. (¬2) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الحج، باب حج النساء برقم 1864، وأخرجه الإمام مسلم في كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد برقم 1397.

ما صنعوا، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬1)»، فصرح صلى الله عليه وسلم أنه ينهى عن اتخاذ القبور مساجد، والصلاة عندها اتخاذ لها مساجد، فلا يجوز لأي مسلم أن يفعل ذلك، فلا يشد الرحل إلى قبر أيا كان ولا يصلي عنده، أما إذا مر عليه أو صار في البلد وزاره للسلام على القبور هذا سنة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬2)»، لكن من دون شد رحل، ومن دون أن تتخذ مساجد ويصلى عندها، أو تتخذ محل القراءة والدعاء، لا، بل يزورها ويسلم على المقبورين، ويدعو لهم وينصرف. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية (¬3)»، وفي لفظ: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬4)»، هذه هي السنة أن تزار القبور، من دون شد رحل ويدعى لهم، ويسلم عليهم، يدعى لهم بالرحمة والمغفرة، ولك معهم وفي زيارة القبور ذكرى وعظة، فإن الزائر يتذكر الموت، وما بعد الموت ويعتبر ويدعوه هذا إلى إعداد العدة والتأهب إلى الآخرة، أما اتخاذها مساجد أو اتخاذها محلا للدعاء والقراءة، فهذا لا يجوز، وليست محلا للدعاء ولا القراءة، ولا الصلاة، ولكن يسلم ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532. (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975. (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 974.

عليهم ويدعو لهم في عرض السلام، ويكفي ذلك، كما علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم، وبين لنا وحذرنا من خلاف ذلك، فشد الرحال إلى القبور منكر، ولا يجوز، وهكذا الصلاة عندها واتخاذها مساجد، والبناء عليها واتخاذ القباب عليها، كل هذا منكر، ولا ينبغي لك أيها السائل، ولا لغيرك أن يغتر بالناس، فإن أكثر الناس اليوم ليس عندهم بصيرة، وإنما تحكمهم العادات وما ورثوه عن الآباء والأجداد، فاتخاذ المساجد على القبور اليوم في بعض الدول الإسلامية، واتخاذ القباب عليها كله منكر، هو من وسائل الشرك، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)»، يحذر من أعمالهم، وكذلك نهى عن تجصيص القبور والقعود عليها، والبناء عليها، فلا يجوز أن تجصص ولا أن يبنى عليها، لا قبة ولا غيرها ولا يتخذ عليها مسجد، لأن هذا كله مصادم لما جاء عنه عليه الصلاة والسلام، ولأنه أيضا وسيلة من وسائل الشرك، والغلو في القبور، فالواجب على رؤساء الدول الإسلامية أن يزيلوا ما على القبور من أبنية من قباب ومساجد، وأن تكون القبور بارزة ليس عليها قبة وليس عليها مسجد، هذا هو الواجب في جميع الدول الإسلامية، الواجب عليهم جميعا أن يبرزوا القبور، وأن يزيلوا ما عليها من مساجد وقباب وأبنية، طاعة لله وللرسول صلى الله عليه وسلم، وامتثالا لأمره، وعملا بشرعه عليه الصلاة ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390.

والسلام، وأيضا في ذلك سد ذرائع الشرك وحسم موادها؛ لأن الناس إذا رأوا قبرا مشيدا معظما بالقباب والبناء والفرش غلت فيه العامة، وظنت أنه ينفع ويضر، وأنه يستجيب الداعي، وأنه يشفي المريض، وأنه يتوسط بينه وبين الله، فيقع الشرك بالله نعوذ بالله، كما قد وقع لعباد القبور في الزمن الأول، فإنهم عظموا القبور، وزعموا أنها لهم شفعاء عند الله، ودعوهم واستغاثوا بهم، وهذا هو الشرك الأكبر، نسأل الله العافية. وهذا واقع اليوم في كثير من البلاد الإسلامية، واقع فيها هذا الغلو في القبور، كما يقع في مصر عند قبر البدوي والحسين وغيرهما، وكما يقع في الشام عند قبر ابن عربي وغيره، وكما يقع في العراق عند قبر موسى الكاظم، وأبي حنيفة وغيرهما، وكما قد يقع من بعض الجهال عند قبر النبي في المدينة عليه الصلاة والسلام، بعض الجهال من الحجاج والزوار، قد يقع منهم الشرك عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: يا رسول الله اشف مريضي، انصرني، المدد المدد، اشفع لي، وهذا لا يجوز لا مع النبي ولا مع غيره من الأموات، عليه الصلاة والسلام، وإنما هذا في حياته، في حياته يقال: اشفع يا رسول الله، يعني ادع لنا، وهكذا، يوم القيامة إذا قام الناس من قبورهم يأتيه المؤمنون ويسألونه أن يشفع لهم إلى الله حتى يحكم بينهم وحتى يدخلوا الجنة. أما بعد الموت وقبل البعث في حال البرزخ فلا يطلب منه شفاعة، ولا يجوز أن يطلب منه المدد، ولا غوث ولا نصر على الأعداء؛ لأن هذا بيد الله سبحانه وتعالى، ليس بيد الأنبياء ولا غيرهم، بل النصر

والشفاء للمرضى والغوث، والمدد كله بيد الله سبحانه وتعالى، وهكذا قد يقع من بعض الجهلة عند قبر خديجة في المعلاه في مكة المكرمة إلا إذا لوحظوا ووجهوا وبين لهم ما يجب عليهم، فأنت أيها السائل ينبغي لك أن تحذر هذه المسائل، وأن تكون على بينة وأن تعلم أن القبور، لا قبر هود ولا غيره، لا يجوز أن تتخذ معابد ولا مصلى ولا مساجد، ولا أن تدعى مع الله، ولا يستغاث بأهلها ولا يطاف بقبورهم، ولا أن يبنى عليها قبة، ولا أن تفرش ولا أن تطيب، كل هذا لا يجوز؛ لأنه من وسائل الشرك، ودعاء الميت وطلب الغوث منه، والمدد وشفاء المريض، وهذا كله شرك بالله عز وجل.

س: الأخ: م. هـ. ع. ق. من حضرموت يقول: تقام في شهر شعبان في بلدتنا حضرموت زيارة لقبر النبي هود عليه السلام، المعتقد أن قبره بالأحقاف، حضرموت، إذ تشد الرحال إلى هناك بمسافة خمس ساعات بالسيارة، حيث يفد إلى هناك جمع غفير من الناس، تعد بالألوف المليئة بالاعتقاد الباطل، كما نعتقد؛ حيث يقومون بصعود جبل، ويصلون إلى غرفة في أعلاه بها قبران أو ثلاثة، وينكبون عليها تمسحا وبكاء ودعاء وتبركا، ثم ينزلون ويفعلون ذلك كل يوم لمدة أربعة أيام تقريبا، وهذا ما يشبهونه بالسعي، وجعلوا أماكن شخصوا فيها جسد النبي هود عليه السلام، فهناك حصاة يقال لها نخرة النبي، أي أنفه، وأخرى ملساء فيها أثر لقدمه وتسمى الدحقة، يبلغ طولها حوالي ثلاثة أذرع، وثالثة يقال لها: قدمية، تعلق فيها النساء اللاتي يردن أزواجا حصيات لكي تحصل على زوج، وكذلك تفعل الأم التي تريد أولادا، ويقولون من الوعظ في هذه الزيارة، إن السلف من الأولياء قد قاموا بتأسيس هذه الزيارة، وإنهم دعوا إليها مثل الفقيه المهاجر أحمد بن عيسى، وهكذا، ويستمرون على هذا المنوال، في شرح هذه الصفة يا شيخ عبد العزيز، في النهاية يرجو توجيهكم ونصحكم، وماذا عليهم أن يعملوا لو تكرمتم؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط، رقم 147.

ج: أولا: نبي الله هود عليه الصلاة والسلام، لا يعرف قبره وما يزعمون أنه قبر هود في الأحقاف هناك، ليس له أصل ولا يعرف من القبور التي تنسب للأنبياء، سوى قبر نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، وقبر الخليل في المغارة المعروفة في الخليل في الشام، فلسطين؛ وأما قبر هود وصالح ونوح وغيرهم من الأنبياء، فلا تعرف قبورهم، وما يدعى أن قبر هود موجود هناك في الأحقاف، وأنه في الغرفة التي أشار إليها السائل، كل هذا لا أصل له وليس بصحيح، ولا يعرف قبر هود ولا غيره من الأنبياء سوى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وسوى قبر الخليل. المقصود أن هذا الذي يفعلونه منكر ولا يجوز، بل هو من المحرمات الشركية، فإن دعاء نبي الله هود والتبرك بالحصى، الذي ينسب إلى أنه قبره، وأنه من جسده كل هذا شرك أكبر، فالتماس البركة من ذلك، أو الأزواج أو الذرية كل هذا منكر، وكله من المحرمات الشركية، فطلب الأولاد يكون من الله هو الذي يعطي الأولاد سبحانه وتعالى، وهكذا يطلب من الله تيسير الأزواج لا من أحجار تنسب إلى هود أو قبر ينسب إلى هود، بل لا يطلب من هود نفسه عليه الصلاة والسلام، لا يقال لهود: أعطنا أولادا أو بارك لنا في الأولاد. هذا إلى الله سبحانه وتعالى، وما يفعله الجهلة من هذه الأمور كله منكر، يجب إنكاره ويجب على العقلاء نهيهم عن ذلك، وعلى أهل العلم أن يحذروهم من ذلك، وأن لا يغتروا بفعل الجهلة، وما يقوله بعض الصوفية أو بعض عباد الأوثان في هذه المسائل، كل هذا غلط.

فالعبادة حق الله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬1) وهو سبحانه المبارك والذي تطلب منه البركة جل وعلا، ولا تطلب البركة من أحجار ولا من قبور ولا من أشجار، ولا من نبي الله هود ولا من غير ذلك. وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم، سأله جماعة من الصحابة لما رأوا شجرة يتعلق بها المشركون ويعلقون بها أسلحتهم، يرجون بركتها، «قالوا يا رسول الله: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، قال عليه الصلاة والسلام: " الله أكبر إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى، اجعل لنا إلها كما لهم آلهة (¬2)»، شبه قولهم " اجعل لنا ذات أنواط " بقول بني إسرائيل " اجعل لنا إلها "؛ ومعلوم أن اتخاذ الآلهة مع الله كفر أكبر، فلا يجوز أن يتخذ مع الله إلها، لا من الأصنام ولا من الأشجار، ولا من الملائكة ولا من الرسل، ولا من سائر الناس ولا من الجن، بل حق الله أن يعبد سبحانه وتعالى، حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وهو القائل سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬3)، وهو القائل عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬4)، وهو القائل سبحانه: ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 5 (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم، حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه برقم 21390. (¬3) سورة البينة الآية 5 (¬4) سورة الإسراء الآية 23

{فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (¬1)، وهو القائل عز وجل: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬2)، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لما سأل معاذا عن حق الله على العباد، قال له معاذ: الله ورسوله أعلم، فقال عليه الصلاة والسلام: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا (¬3)»، فحق الله على العباد أن يعبدوه وحده في دعائهم وسؤالهم، وصلاتهم وصومهم وذبحهم ونذرهم وطلب البركة، كل ذلك إلى الله وحده سبحانه وتعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (¬4)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله (¬5)»، وهكذا ما يفعله بعض الجهلة، عند قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من دعائه أو الاستغاثة به أو طلبه النصر أو المدد، كل ذلك من المحرمات الشركية وهكذا ما يفعله بعض الناس عند قبر البدوي، أو الحسين بن علي رضي الله عنه أو عند قبر ابن عربي في الشام، أو عند قبر الشيخ عبد القادر الجيلاني في العراق، فما يفعله الجهلاء من دعائهم والاستغاثة بهؤلاء وطلب المدد منهم، كل هذا من الكفر بالله، ومن الشرك بالله سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) سورة غافر الآية 14 (¬2) سورة الزمر الآية 2 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب اسم الفرس والحمار، برقم 2856، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة، برقم 30. (¬4) سورة البقرة الآية 163 (¬5) أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن العباس رضي الله عنهما برقم 2664.

فالواجب: إخلاص العبادة لله وحده، وأن لا يدعى سواه جل وعلا، وأن لا يطلب النصر من الأموات، ولا من الأشجار والأحجار، ولا المدد ولا الشفاء كل ذلك يطلب من الله وحده سبحانه وتعالى، أما المخلوق فيطلب منه ما يقدر عليه، إذا كان حيا حاضرا ما هو الميت، الميت ما يطلب منه شيء، ولا الغائب، إنما يطلب من الحي الحاضر، إذا كان يقدر يقال: يا أخي ساعدنا في كذا، أعنا على كذا فيما يقدر عليه، أقرضنا كذا، أو ساعدني علي إصلاح البيت، على إصلاح السيارة، يقوله له مشافهة أو من طريق المكاتبة أو الهاتف، لا بأس. أما الأموات والأشجار والأحجار والأصنام والنجوم، هذه كلها لا تسأل ولا تطلب منها شيء، بل ذلك من الشرك الأكبر نعوذ بالله، بل ذلك من عبادتها من دون الله سبحانه وتعالى، فيجب على أهل الإسلام أن يحذروا ما حرم الله عليهم، وأن يتثقفوا في دينهم، وأن يسألوا العلماء المعروفين بالسنة، والمعروفين بالعقيدة الصحيحة، على العامة أن يسألوهم عن دين الله، وعما أشكل عليهم، وألا يعملوا بمجرد العادات، والآراء التي يفعلها الجهلة، يقول الله سبحانه: {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (¬1)، ويقول عز وجل {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (¬2) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (¬3)، الصلاة لله والذبح لله، وهكذا الدعاء، ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 163 (¬2) سورة الكوثر الآية 1 (¬3) سورة الكوثر الآية 2

يقول سبحانه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬1)، فهو الذي يدعى ويرجى سبحانه وتعالى، وهو الذي يتقرب إليه بالنذور، والذبائح والصلاة والصوم ونحو ذلك، نسأل الله أن يوفق المسلمين للبصيرة في دينهم، وأن يصلح علماء المسلمين، وأن يوفقهم لتبصير إخوانهم وتعليمهم ما أشكل عليهم. ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 18

حكم غسل قبور الأولياء والتمسح بها

78 - حكم غسل قبور الأولياء والتمسح بها س: في حضرموت وفي مدينة سيئون يذهب الناس في وقت محدد من كل سنة إلى زيارة قبة علي حبشي يقال: إنه أحد الأولياء وفي هذه القبة قبره، والطريقة المتبعة هي غسل وتلبيس القبر ثم ثاني يوم وقفة مع خطبة لأحد العلماء، وذلك قبل شروق الشمس، نرجو أن تفتونا بذلك مع الدليل، وما حكم زيارة القبور والتمسح بالقبر أو الشخص العالم الولي؟ (¬1) ج: هذا القبر المسئول عنه لا نعلم له أصلا، ثم لو عرف فإن البناء على القبور وتخصيص يوم معين لزيارتها واتخاذها أعيادا أمر منكر، النبي عليه الصلاة والسلام قال: «لا تتخذوا قبري عيدا ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط، رقم 11.

ولا بيوتكم قبورا (¬1)»، فلا يجوز أن تعظم القبور بالبناء عليها ولا اتخاذها مساجد، ولا باتخاذها أعيادا يجتمع إليها في السنة مرة أو مرتين، كل هذا مما أحدثه الناس، وإنما المشروع أن تزار فيما يسر الله من الأيام، من غير تحديد يوم معين تزار ويدعى للميت، ويترحم عليه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬2)»، وفي لفظ: «تذكر الموت (¬3)»، فيزورها المؤمن، يزورها الرجال، أما النساء منهيات عن زيارة القبور، لكن يزورها الرجل، ويسلم على المقبورين، ويدعو لهم بالمغفرة والرحمة، هذا هو المشروع من دون شد رحل، أما شد الرحال إلى القبور فلا يجوز، وإنما تشد الرحال للمساجد الثلاثة فقط، المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى، هكذا بين النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى (¬4)». أما شد الرحال لقبر معين أو لقبور معينة، فهذا منكر وخلاف السنة، ثم قصد القبور للدعاء عندها، أو الصلاة عندها، أو القراءة عندها أمر منكر، ومن وسائل الشرك فلا تتخذ محلا للدعاء، والصلاة والقراءة، بل هذا من نوع اتخاذها مساجد، فلا يجوز ولا يجوز البناء ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي هريرة رضي الله عنه برقم 8804. (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة قبور المشركين برقم 1572. (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة برقم 1189.

عليها لا بقبة ولا بسقف، لا يتخذ القبر مصلى، ولا يبنى عليه قبة، ولا يفرش ولا يطيب؛ لأن هذا من وسائل الشرك، من وسائل الغلو فيه، فلا يجوز هذا العمل، الذي ذكره السائل من قصد القبر وتغسيله وتعظيمه، والاجتماع عنده والتبرك به كله من المنكرات التي حرمها الله عز وجل، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)»، وقال: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬2)»، فلا يجوز أن تتخذ مساجد ولا يبنى عليها ولا يصلى عندها، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام، في الحديث الصحيح: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورا، فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة»، فدل ذلك على أن القبور ما هي محل مساجد، ولا محل قراءة، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام، فيما رواه جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه نهى عن تجصيص القبور، وعن القعود عليها، وعن البناء عليها (¬3)»؛ رواه مسلم في الصحيح؛ فالقبور لا يبنى عليها لا قبة ولا غيرها، ولا يبنى عليها مسجد، ولا تتخذ محلا للدعاء والصلاة والقراءة، ولكن تزار في البلد من دون شد رحل، يزورها في البلد، أو المار عليها فيسلم عليهم، ويدعو لهم ويستغفر لهم، وفيها ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته… برقم 780. (¬2) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532. (¬3) مسلم الجنائز (970)، الترمذي الجنائز (1052)، النسائي الجنائز (2029)، أبو داود الجنائز (3225)، ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1562)، أحمد (3/ 332).

عبرة وذكرى للزيارة يذكر الموت ويذكر الآخرة، ويذكر ما صاروا إليه هؤلاء الأموات؛ فيستعد للقاء الله عز وجل، هذا هو المشروع، فينبغي الحذر مما أحدثه الجهال ومما يفعله الجهال من الغلو في القبور ودعاء أهلها والاستغاثة بهم، والنذر لهم وطلبهم المدد فإن هذا من الشرك الأكبر، بأن يقول: يا سيدي فلان المدد المدد الغوث الغوث، اشف مريضي انصرنا على أعدائنا، هذا من الكفر والشرك الأكبر، وإنما يطلب من الله، هو الذي يمد العباد وهو الذي ينصرهم، وهو الذي يشفي المرضى سبحانه وتعالى، أما الميت فليس عنده قدرة، لا يشفي نفسه ولا يشفي غيره، فدعاؤه والاستغاثة به، والنذر له والذبح له وطلبه المدد، كل هذا من عمل الجاهلية، ومن الشرك الأكبر، فيجب الحذر من ذلك، والله المستعان.

حكم نصب القباب على قبور الصالحين

79 - حكم نصب القباب على قبور الصالحين س: ما حكم نصب القباب على قبور الصالحين بقصد تشريفهم وتكريمهم، وما حكم التبرك بها والاستشفاء بها، والصلاة عندها وخاصة صلاة الأعياد، وبماذا تنصحون الناس جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: نصب القباب على القبور منكر، ومن وسائل الشرك، وهكذا ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط، رقم 291.

البناء عليها من مساجد، كله منكر من عمل اليهود والنصارى، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)». فالواجب الحذر من ذلك، وعدم التشبه بهم؛ لأنهم فعلوا ما يسبب الشرك، والرسول ذمهم على هذا ولعنهم عليه، والواجب هدمها، الواجب على ولاة الأمور إذا كانوا مسلمين أن يهدموها أو يزيلوها وتبقى القبور مكشوفة ليس عليها قباب ولا مساجد، كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الصحابة وكما كانت عند أهل السنة في مقابرهم، وكما في المملكة العربية السعودية بحمد الله فإنها مكشوفة وليس عليها بناء ولا يجوز التبرك بها، ولا دعاء أهلها ولا الاستغاثة بهم، ولا النذر لهم بل هذا من الشرك الأكبر، دعاؤهم والاستغاثة بهم والنذر لهم وطلب البركة منهم كله من الشرك الأكبر، نعوذ بالله، وهكذا الذبح لهم، فيجب على المسلم أن يحذر هذه الأمور وأن يحذر غيره. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390.

حكم ذبح الذبائح عند القبور وأكل لحمها

80 - حكم ذبح الذبائح عند القبور وأكل لحمها س: السائل يقول: يوجد مقابر بجوارها مقام يذبح عند هذا المقام ذبائح نذرت لله، ولكن لا تذبح إلا في هذا المكان وإذا نهاهم أحد قالوا: إنما نذبح لله ولكن بجوار الأولياء علما بأنهم يأتون من أماكن متفرقة وأماكن بعيدة للذبح في هذا المكان ثم يجلسون لتناول الطعام بنفس المكان، فهل هذا حلال أم حرام أفيدونا بذلك؟ (¬1) ج: هذا بدعة ووسيلة للشرك، مجيئهم للذبح عند القبور بدعة ولو قالوا: إنها لله، أما إن كانت لأصحاب القبور فشرك أكبر والعياذ بالله قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬2) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (¬3)، وقال سبحانه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (¬4) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (¬5)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله (¬6)»، فإذا ذبحوا للأموات يتقربون لهم صار شركا أكبر، كما يذبحون للأولياء يرجون شفاعتهم، أو شفاء مرضاهم، أو ما أشبه ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط، رقم 367. (¬2) سورة الأنعام الآية 162 (¬3) سورة الأنعام الآية 163 (¬4) سورة الكوثر الآية 1 (¬5) سورة الكوثر الآية 2 (¬6) أخرجه الإمام مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى، ولعن فاعله برقم 1978.

ذلك أو يدعونهم أو يستغيثون بهم، أو ينذرون لهم أو يطوفون بالقبور، كل هذا شرك أكبر؛ أما إن كان الذبح لله ولكن يرون أن هذا المحل مناسب أنه محل مبارك، هذا غلط، هذا بدعة لا يجوز لأنه وسيلة للشرك وبدعة في الدين؛ ولأنه كثيرا ما يرد مثل هذه الأسئلة؛ نوصي الدعاة أن يوجهوهم إلى الخير وأن يعلموهم ويرشدوهم حتى يكونوا على بينة وعلى بصيرة؛ يقول الله جل وعلا في كتابه العظيم: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (¬1)، ويقول جل وعلا: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (¬2)، وقال سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (¬3)، هكذا أتباع النبي صلى الله عليه وسلم يدعون إلى الله على بصيرة يعلمون الناس ويرشدون الناس لا يغفلون، ويقول صلى الله عليه وسلم في حديث علي: «لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم (¬4)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (¬5)». ¬

_ (¬1) سورة النحل الآية 125 (¬2) سورة فصلت الآية 33 (¬3) سورة يوسف الآية 108 (¬4) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 2942، والإمام مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 2406. (¬5) أخرجه الإمام مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره برقم 1893.

س: يسأل ويقول: ما حكم زيارة الأضرحة والتبرك عن الأضرحة؟ (¬1) ج: الزيارة تقدم الكلام فيها، والأضرحة هي القبور، والسنة الزيارة للدعاء لهم، والترحم عليهم والاعتبار والذكرى، أما للتبرك فلا يجوز فهذا شرك، التبرك بهم، ودعاؤهم من دون الله شرك أكبر، كونه يتبرك بقبورهم أو بترابهم، أو يستغيث بهم أو ينذر لهم أو يقول: يا سيدي فلان اقض حاجتي، أو انصرني، أو اشف مريضي، أو أنا في جوارك، أو أنا أرجو بركتك، أو ما أشبه ذلك، كل هذا من الشرك الأكبر عند أهل العلم، ولكن يزور القبور للذكرى والدعاء لهم، يدعو لهم اللهم اغفر لهم، اللهم ارحمهم، يتذكر الموت، مثل ما قال صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬2)».، وفي اللفظ الآخر: «تذكركم الموت (¬3)». ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط، رقم 292. (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة قبور المشركين برقم 1572.

حكم زيارة قبور الصالحين لجلب النفع ودفع الضر

81 - حكم زيارة قبور الصالحين لجلب النفع ودفع الضر س: يوجد عندنا قبور يقال: إنها قبور بعض الصالحين، ويقوم بعض الناس بزيارتها، لكي تبعد عنهم الشر، وتجلب لهم الخير وتشفي مرضهم بزعمهم؛ لأنهم يقولون: إن هذا الصالح له شأن في هذا الشيء، وعن نهاية زيارتهم يضعون بعض النقود على هذا القبر ما حكم عملهم هذا؟ (¬1) ج: الحمد لله وبعد: فإن الله شرع لعباده زيارة القبور للذكرى والاستغفار للميتين والدعاء لهم كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬2)»، ويقول لأصحابه عليه الصلاة والسلام، وكان يعلمهم إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬3)»، ويقول عليه الصلاة والسلام إذا زار البقيع: «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (¬4)»، ويقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون (¬5)»، ثم يقول: «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد»، هذه السنة أن يدعى لهم عند الزيارة ويترحم عليهم؛ لأنهم في حاجة إلى الدعاء، أما زيارتهم لطلب الشفاء للمرضى، أو لطلب المدد والنصر على الأعداء ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط، رقم 277. (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975. (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 974. (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم 974.

أو ما أشبه ذلك فهذا من الشرك الأكبر هذا كفر بالله هذا لا يجوز، هذه حال عباد الأوثان يعبدون الموتى والأصنام والأشجار والأحجار والكواكب ويسألونهم قضاء الحاجات وتفريج الكروب، وشفاء المرضى ويسألونهم المدد لكل ما يعينهم، هذا كله من الشرك الأكبر. فالواجب الحذر من هذا العمل السيئ، قبور الصالحين تزار للدعاء لهم، والترحم عليهم لا للدعاء من دون الله، ولا فرق بين العيدروس ولا ابن علوان، وغيرهما، جميع القبور حتى قبور الأنبياء، حتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقبر الصديق وعمر وأهل البقيع، كلهم لا يدعون مع الله، لا يستغاث بهم، ولا ينذر لهم، حتى النبي صلى الله عليه وسلم يقول الزائر له: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، جزاك الله عن أمتك أفضل الجزاء وأحسنه، ولا يدعى من دون الله، ولا يقال له: المدد، ولا اشف مرضانا ولا انصرنا، هذا شرك أكبر، وهكذا عند الصديق، وهكذا عند عمر، وهكذا عند عثمان وهكذا عند علي، وهكذا عند قبور آل البيت جميعا، لا يدعون مع الله، لا يقال: انصرونا أو اشفوا مرضانا، أو أنتم تعلمون حاجاتنا، هذا كله من الكفر الأكبر، والغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، قال الله عز وجل: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (¬1)، هو الذي يعلم الغيب جل وعلا ولما سقط عقد لعائشة في بعض الأسفار أناخ النبي عليه الصلاة والسلام وطلب العقد، وأرسل ¬

_ (¬1) سورة النمل الآية 65

من يطلبه ويلتمسه، ولم يعرف أين مكانه عليه الصلاة والسلام وهو سيد الخلق وأفضلهم، فلما أقام البعير الذي عليه عائشة وجدوه تحته، فلو كان يعلم الغيب لقال: انظروه تحت البعير، ولم يحتج إلى من يطلبه، ولما قذف المنافقون عائشة، وبعض الناس قلدهم وقذفها، لم يعلم الحقيقة، وتوقف حتى جاءه الوحي بسلامتها وبراءتها، رضي الله عنها وأرضاها؛ فالغيب لا يعلمه إلا الله، لا يعلمه نبي ولا ملك ولا غيرهما، إلا من علم الله عباده مثل ما أوحى الله إلى أنبيائه، وعلمهم إياه، هكذا لا يدعون مع الله ولا يستغاث بهم وهم أنبياء، قال الله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬1) هذا عام، نكرة في سياق النهي يعم الأنبياء وغيرهم، قال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬2)، فسمى دعاة غير الله كفرة، دعاة الأموات والأنبياء والأشجار والأصنام ونحو ذلك. قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬3)، يعني المشركين، المقصود تحذيره صلى الله عليه وسلم وتحذير الأمة، هو صلى الله عليه وسلم لا يشرك، بل عصمه الله من هذا، لكن المقصود تحذير الأمة، وبيان أن هذا الأمر خطير، وأنه لا يجوز لأحد أن يفعله وهكذا، وقوله ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 18 (¬2) سورة المؤمنون الآية 117 (¬3) سورة يونس الآية 106

سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (¬1)، أوحى الله إليه هذا الأمر ليعلم الناس أن الشرك محرم وأنه أعظم الذنوب وأنه محرم على الأنبياء وعلى غيرهم، وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬2) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (¬3) سبحانه وتعالى فجعل دعاء غير الله كائنا من كان من الشرك وأخبر أن المدعوين لا يسمعون دعاء الداعين وأنهم لو سمعوا ما استجابوا. فالواجب الحذر من هذا الشرك الوخيم، وتحذير الناس من ذلك، والواجب على العلماء في كل مكان أن يبينوا للناس هذا الأمر العظيم، وأن يحذروهم من التعلق على القبور، والتعلق على الأموات والاستغاثة بهم، والنذر لهم وطلبهم المدد والعون، كل هذا من المحرمات الشنيعة، بل من الشرك الأكبر؛ وإذا كان هذا لا يجوز مع النبي ولا مع الخلفاء الراشدين فكيف يجوز مع العيدروس، أو مع ابن علوان أو مع الشيخ عبد القادر، أو مع علي أو مع الحسن أو فاطمة أو غيرهم، لا يجوز أبدا مع أحد، العبادة حق الله وحده، قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬4) ¬

_ (¬1) سورة الزمر الآية 65 (¬2) سورة فاطر الآية 13 (¬3) سورة فاطر الآية 14 (¬4) سورة الذاريات الآية 56

وقال: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬1) وقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (¬2) وقال سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬3)؛ فهو المعبود بالحق، وهو المستعان جل وعلا فلا يدعى مع الله أحد، لا ملك ولا نبي ولا صنم ولا شجر ولا حجر ولا ميت، فالعبادة حق الله وحده سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬4)، وقال سبحانه: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬5)، وقال جل وعلا: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (¬6)، أما الحي فلا بأس يقال له: يا عبد الله أعني على كذا، الحي الحاضر، أعني على إصلاح سيارتي، أقرضني كذا وكذا، حي يسمعك ويقدر، تقول له: أعني على تعمير بيتي، أعني على إمساك دابتي، هذا لا بأس به، كما قال الله في قصة موسى عليه السلام: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (¬7)؛ لأنه حي قادر، أما الأموات فلا يدعون مع الله وهكذا الأصنام، وهكذا الأشجار، والأحجار، وهكذا النجوم، كل ذلك من الشرك الأكبر، نسأل الله العافية. فنصيحتي لكل مسلم أن يحذر هذا، وعلى العلماء أن يحذروا ¬

_ (¬1) سورة غافر الآية 60 (¬2) سورة البقرة الآية 21 (¬3) سورة الفاتحة الآية 5 (¬4) سورة البينة الآية 5 (¬5) سورة الزمر الآية 2 (¬6) سورة غافر الآية 14 (¬7) سورة القصص الآية 15

الناس من هذا الشرك الوخيم، وعليهم أن يتقوا الله وأن يعنوا بهذا الأمر، بالكتابة وفي خطب الجمعة، وفي غير ذلك، وهكذا زيارة القبور حتى ينبه الناس، القبر الذي يدعى من دون الله يزوره العالم ويقول: يا ناس هذا لا يجوز سلموا وادعوا له بالمغفرة والرحمة، أما أن تدعوه من دون الله، المدد، يا سيدي فلان اشفع لنا انصرنا، هذا ما هو من شأنه، هذا الشرك الأكبر. نعوذ بالله فيجب الحذر.

حكم الصلاة إلى القبور والتبرك بها

82 - حكم الصلاة إلى القبور والتبرك بها س: يوجد لدينا في القطر عادة ذلك بأنهم يصلون إلى قبر ويزورونه ويتبركون به، ويقولون: إنه من قبور الصحابة، نرجو أن توجهوا الناس، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: القبور فتن بها كثير من الناس فيما مضى وفي هذه الأمة كانت اليهود والنصاري فتنت بذلك، وعبدوا القبور، واتخذوها أوثانا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)»، وقال عليه الصلاة والسلام لما أخبرته اثنتان من نسائه، في الحبشة أنهما رأتا كنيسة في الحبشة وما فيها من الصور قال: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط، رقم 224. (¬2) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390.

الصور أولئك شرار الخلق عند الله (¬1)» فجعلهم بهذا العمل شرار الخلق؛ لأنهم يعظمونهم بالتصوير والبناء ويسألونهم قضاء الحاجات وتفريج الكروب، ويتبركون بتراب قبورهم إلى غير هذا من أعمالهم القبيحة، ولهذا استحقوا اللعنة على ذلك، وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم في الصحيح: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬2)»، وقال في حديث ابن مسعود: «إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء واللذين يتخذون القبور مساجد (¬3)». فالواجب الحذر من هذه الخصلة الذميمة التي سار عليها اليهود والنصارى، وهي تعظيم القبور بالبناء عليها، واتخاذ المساجد عليها والقباب، والتبرك بها، ودعاء أهلها، والاستغاثة بهم والذبح لهم، والنذر لهم، وطلبهم المدد، وهذا بلاء عظيم، بعضه بدعة وبعضه شرك، فاتخاذ المساجد على القبور بدعة، واتخاذ القباب وتجصيصها كل ذلك من البدع، ومن أسباب الشرك ووسائله، ولهذا ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه؛ لأن ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة برقم 434. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه برقم 4330. (¬3) أحمد (1/ 405).

تجصيصه والبناء عليه وسيلة للشرك والتعظيم، وهكذا اتخاذ القبة فوقه والمسجد فوقه كل هذا من أسباب الشرك، وهكذا القراءة عنده والصلاة عنده من البدع، أما السؤال بالمدد وطلبه الغوث هذا شرك أكبر، هذه عبادة لغير الله سبحانه وتعالى. فالواجب على الأمة الحذر من ذلك، والواجب على العلماء بيان ذلك للأمة، وتحذيرهم من هذا الشرك، ومن هذه البدع لعلهم يسلمون منها، وهكذا كل من لديه علم يبثه في الناس ويعلمه الناس يقول الله سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (¬1)، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «بلغوا عني ولو آية (¬2)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ثم أداها كما سمعها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه (¬3)»، وكان إذا خطب عليه الصلاة والسلام يقول للناس: «فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع (¬4)»، وهذه ¬

_ (¬1) سورة فصلت الآية 33 (¬2) أخرجه الإمام البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل برقم 3461. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أنس بن مالك رضي الله عنه برقم 12871. (¬4) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الحج، باب الخطبة أيام منى برقم 1741.

البلية انتشرت في العالم في البلاد الإسلامية وغيرها وهي التعلق على القبور، والبناء عليها والتمسح بها وسؤالها الحاجات وتفريج الكروب والمدد، وهذا بلاء عظيم وشر كبير، يجب الحذر منه، والبدعة دائما تكون وسيلة للشرك، فأسباب هذا الشرك تعظيم القبور بالبناء عليها واتخاذ المساجد عليها والقراءة عندها، فلما وجدت هذه البدع جرت الناس إلى الشرك والغلو في القبور وعبادتها من دون الله بالدعاء والاستغاثة، والذبح لها، والنذر لها، وطلبها المدد، وهذا هو الشرك الأكبر. فيجب الحذر من ذلك والتوبة إلى الله من ذلك ويجب هدم البناء الذي على القبور، من المساجد وغيرها أن تكون القبور بارزة، ليس عليها بناء كما كان هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في البقيع، وهكذا في البلاد الإسلامية السليمة من هذه الفتنة وعلى العلماء وعلى الأمراء أمراء المسلمين أن يعالجوا هذه الأوضاع، وأن يزيلوها من بينهم، وأن يحذروا الناس منها وأن تكون القبور بارزة ليس عليها بناء لا قبة ولا مسجد، ولا غير ذلك. رزق الله الجميع الهداية والبصيرة.

حكم من يعتقد النفع والضر في أهل القبور

83 - حكم من يعتقد النفع والضر في أهل القبور س: يقول السائل: لدينا أناس يعظمون القبور، ويرجون من أهلها النفع والضر، هل يكون هؤلاء كفارا مع أنهم يصلون ويقومون بباقي العبادات، وجهونا في ضوء هذا السؤال سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: التعلق بالقبور ورجاء نفعها، ودفع الضر منها بدعائها أو التمسح بها أو الاستغاثة بها أو الطواف بها كلها كفر أكبر، هذا شرك المشركين هذا ضلال الأولين، لا يجوز التعلق بالقبور لا بقبور الصالحين ولا بقبور الأنبياء ولا غيرهم، فالذي يتعلق بها ويطوف بها يرجو نفعها، أو يستغيث بأهلها أو ينذر لهم أو يتمسح بقبورهم يرجو منهم النفع أو يستعين بهم أو يذبح لهم أو يسجد لهم كل هذا من الكفر بإجماع أهل السنة والجماعة، بإجماع أهل العلم، هذا شرك المشركين الأولين، الله يقول جل وعلا: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬2)، سماهم كفارا، قال جل وعلا: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬3)، وقال سبحانه: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬4) سماه شركا وهو دعاؤهم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط، رقم 375. (¬2) سورة المؤمنون الآية 117 (¬3) سورة الجن الآية 18 (¬4) سورة فاطر الآية 14

«الدعاء هو العبادة (¬1)»، فالذي يدعوهم قد عبدهم، فإذا قال يا سيدي انصرني واشف مريضي أو اشفع لي أو أنا في جوارك أو أنا في حسبك أو أنا متوكل عليك أنا أرجوك أنا أخافك، هذا كله شرك أكبر، هذا ما يفعل إلا لله جل وعلا يخاطب الله سبحانه: يا رب انصرني اشف مريضي، أنا أخافك وأرجوك هذا مع الله سبحانه وتعالى، أما مع المخلوق فهذا شرك أكبر أو مع النجوم أو مع الجن أو مع الأصنام كل هذا كفر أكبر، هذا شرك المشركين وهكذا ما يفعله عباد الحسين أو عباد الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهما، أو عباد العيدروس أو السيدة زينب أو غير ذلك، كل هذا كفر أكبر إذا دعا العيدروس أو دعا الحسين أو الحسن أو استغاث بعلي رضي الله عنه أو بالنبي صلى الله عليه وسلم أو استعان بهم أو قال: يا رسول الله انصرني أو اشفع لي أو اشف مريضي أو ثبتني على الدين، كل هذا كفر أكبر. الشفاعة تطلب منه بوم القيامة بعد البعث والنشور وفي حياته قبل الموت، يقال: اشفع لي يا رسول الله لا بأس، أما بعد الموت فلا يطلب منه لا شفاعة ولا غيرها ولكن إذا كان حيا يقول: يا رسول الله اشفع لي، استغث لنا لا بأس؛ لأنه قادر. ويوم القيامة كذلك عندما يبعث الله الناس، وعند شدة الهول يذهبون إلى آدم يقولون: اشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الكوفيين، حديث النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم برقم 17888.

كرب الموقف يقضي بيننا، فيعتذر آدم ويحيلهم إلى نوح، ويعتذر نوح ويحيلهم إلى إبراهيم، ويعتذر إبراهيم ويحيلهم إلى موسى، ويعتذر موسى ويحيلهم إلى عيسى ويعتذر عيسى ويقول: اذهبوا إلى محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال صلى الله عليه وسلم: «فيأتونني؛ يأتيه الناس، فأقول: أنا لها أنا لها، ثم يذهب عليه الصلاة والسلام فيسجد بين يدي ربه، تحت العرش، ويحمد الله بمحامد يفتحها الله عليه ويثني عليه كثيرا حتى يقال له: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعط واشفع تشفع (¬1)»، لا يشفع إلا بعد الإذن؛ لأن الله تعالى يقول: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} (¬2)؛ فإذا أذن له شفع في الناس فيقضي بينهم، ويشفع في أهل الجنة فيدخلون الجنة ويشفع في أناس من العصاة دخلوا النار أن يخرجوا منها شفاعات كثيرة عليه الصلاة والسلام، وكذلك يشفع المؤمنون في العصاة، وتشفع الملائكة، ويشفع الأفراط، كل هذا جاءت به النصوص عنه صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب (ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا)، برقم 4712، ومسلم في كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها برقم 193. (¬2) سورة البقرة الآية 255

حكم الاستغفار لمن مات وهو يدعو أصحاب القبور

84 - حكم الاستغفار لمن مات وهو يدعو أصحاب القبور س: هل يجوز يا سماحة الشيخ الاستغفار لشخص من أحد أقاربي مات وأنا لا أدري أهو مات حسن الختام أم لا، علما بأنه كان يقدس الأولياء وأصحاب القبور والأضرحة، ويعتقد بأن هذا من الدين؟ (¬1) ج: إذا كان ظاهره الشرك، والغلو في الأموات والدعاء بالأموات والاستغاثة بالأموات لا يدعى له، ولكن إذا كان ظاهره الإسلام، ولا تعلم عنه إلا الإسلام، فلا بأس تدعو له وتستغفر لأخيك، هذا مشروع، فالمؤمن يدعو لإخوانه ويستغفر لهم، كما قال أتباع المهاجرين وأصحاب عيسى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} (¬2)، فأنت تستغفر لإخوانك، تدعو لهم بالرحمة، إذا كان ظاهرهم الإسلام، أما من كان ظاهره الشرك وهو الغلو في القبور، ودعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، فهذا لا يدعى له؛ لأن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، وطلب الحوائج منهم، هذا من الشرك الأكبر، هذا دين المشركين، نسأل الله العافية، وهكذا دعاء الجن، ودعاء الأصنام، ودعاء الكواكب، كل هذا من الشرك الأكبر، يقول الله جل وعلا: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (¬3) ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط، رقم 411. (¬2) سورة الحشر الآية 10 (¬3) سورة التوبة الآية 113

ولما مات أبو طالب على دين قومه قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لأستغفرن لك، ما لم أنه عنك (¬1)»؛ فأنزل الله في ذلك هذه الآية: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (¬2) من مات على الشرك، فهو من أصحاب الجحيم، المقصود أن من كان معروفا بدعاء الأموات، والاستغاثة بأهل القبور، أو بالأصنام أو بالجن، أو بالكواكب أو بالملائكة، أو بالأنبياء، هذا كله شرك أكبر، داخل في قوله جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} (¬3)، وداخل في قوله سبحانه: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (¬4)، وداخل في قوله سبحانه: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (¬5)؛ وفي قوله: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬6)، وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (¬7) {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (¬8) ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب إذا قال المشرك لا إله إلا الله .. برقم 1360، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت… برقم 24. (¬2) سورة التوبة الآية 113 (¬3) سورة النساء الآية 48 (¬4) سورة لقمان الآية 13 (¬5) سورة المائدة الآية 72 (¬6) سورة الأنعام الآية 88 (¬7) سورة الزمر الآية 65 (¬8) سورة الزمر الآية 66

، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬1)، وقال جل وعلا: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬2)، القطمير: اللفافة التي على النواة: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬3)، هذا يعم الجميع، يعم الغائبين، ويعم الموتى من الأنبياء وغيرهم، إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم، لو قدرنا أنهم سمعوا لم يستجيبوا، ويوم القيامة يكفرون بشرككم، ينكرونه ويتبرؤون منكم، يقول سبحانه: {تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ} (¬4)، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 117 (¬2) سورة فاطر الآية 13 (¬3) سورة فاطر الآية 14 (¬4) سورة القصص الآية 63

س: يقول هذا السائل من السودان، سماحة الشيخ: في الحديث: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (¬1)»؛ البعض من الناس يذهب لقبر أحد الأشخاص كأن يكون شيخا ويطلب منه كذا وكذا، هل يجوز ذلك، وما حكم من يفعل ذلك في الشرع، وكيف ندعو للميت من منطلق هذا الحديث: ابن صالح يدعو له، كيف ندعو بعد الممات، جزاكم الله خيرا؟ (¬2) ج: يقول: اللهم اغفر لأبي أو أمي، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم نجه من النار ونحو ذلك، هذا الدعاء له، أما دعاء الميت التوجه للميت، تقول: يا فلان انصرني أو أنا في حسبك، أو أغثني، هذا الشرك الأكبر، أو اشفع لي، أو أنا في جوارك أو ما أشبه ذلك، هذا الشرك الأكبر هذا فعل المشركين، مع اللات والعزى، ومع أصنامهم وهذا فعل المشركين مع الشيخ عبد القادر الجيلاني، ومع البدوي ومع الحسين لا يجوز هذا، لا يقول: سيدي فلان انصرني أو أنا في حسبك أو أنا في جوارك، أو اشفع لي هذا ما يقال للميت، يقال للحي، يقول للحي: اشفع لي، ادع الله لي، لا بأس الحي تقول له: ادع الله لي أن يغفر لي، ادع الله أن يرحمني هذا لا بأس، أما ¬

_ (¬1) مسلم الوصية (1631)، الترمذي الأحكام (1376)، النسائي الوصايا (3651)، أبو داود الوصايا (2880)، أحمد (2/ 372)، الدارمي المقدمة (559). (¬2) السؤال التاسع والعشرون من الشريط، رقم 400.

الميت تقول له: يا فلان يا شيخ عبد القادر، أو يا حسين أو يا ست زينب، أو يا فلان وهو ميت ادع الله لي، هذا لا يجوز؛ لأنه غير قادر، هذا لا يستطيع شيئا، أو اشفع لي، هذا توسل بميت، لا يقدر كالذي يقول للصنم: انصرني أو اشفع لي من الجماد، لا قدرة له على شيء، فسؤال الأموات والاستغاثة بالأموات والتشفع بالأموات هذا هو عمل المشركين، وهذا هو المنكر، ولا يجوز، بل هو من الشرك الأكبر، نسأل الله العافية. ومثله الغائبون: يا ملائكة الله يا جبريل، يا ميكائيل أو الجن الفلانيون، يا جن الظهران، يا جن الحساء، يا جن أمريكا، يا جن مصر، أو يا جن الفلاني، كل هذا من الشرك الأكبر، وقد ذم الله بعض المشركين، في هذا وقال عنهم: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (¬1)، يعني: زادوهم شرا وبلاء؛ فنسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 6

حكم من مات وهو يسأل أصحاب القبور شفاء المرضى وتفريج الكرب

85 - حكم من مات وهو يسأل أصحاب القبور شفاء المرضى وتفريج الكرب س: الأخ: ط إ. إ. يسأل ويقول: أرجو منكم التعليق على ما يقع فيه الكثير من الناس من عابدي القبور والأضرحة من صرف العمل لها وسؤال أصحابها شفاء المرضى وتفريج الكرب، فهل من مات وحالته هذه يكون خالدا في جهنم؟ وهل يعذر جاهل بهذه القضية؟ (¬1) ج: هذا سؤال عظيم، وجدير بالعناية؛ لأنه واقع في كثير من البلدان الإسلامية، وهو سؤال الأموات والاستغاثة بالأموات وطلبهم شفاء المرضى، أو النصر على الأعداء، وهذا من الشرك الأكبر، وهذا دين الجاهلية، دين أبي جهل وأشباهه من عباد القبور وعباد الأصنام، يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬2)؛ كما حكى الله عنهم سبحانه وتعالى، قال الله جل وعلا: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (¬3)؛ وقال سبحانه في سورة الزمر: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬4)، فالحاصل أن هذا العمل من الشرك الأكبر، وصاحبه إذا مات عليه يكون من أهل النار مخلدا ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط، رقم 243. (¬2) سورة الزمر الآية 3 (¬3) سورة يونس الآية 18 (¬4) سورة الزمر الآية 3

فيها، نسأل الله العافية، إلا إذا كان لم تبلغه الدعوة، كان من أهل الفترات الذين ما بلغتهم الدعوة، وما بلغهم القرآن، ولا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا حكمه إلى الله جل وعلا يوم القيامة، يمتحن يوم القيامة، فمن أجاب جوابا صحيحا دخل الجنة، ومن أجاب جوابا غير صحيح دخل النار. فالمقصود أنه يمتحن يوم القيامة، فمن أجاب بما طلب منه دخل الجنة، ومن عصى دخل النار. أما من كان في الدنيا وقد بلغه القرآن وبلغته السنة ويعيش بين المسلمين فهذا لا يعذر بدعواه الجهل، هو قد أسرف على نفسه وتساهل، ولم يسأل أهل العلم ولم يتبصر في دينه فهو مؤاخذ بأعماله السيئة الشركية، نسأل الله السلامة. العقائد التي هي أصل الإسلام ليس فيها عذر بالجهل؛ الله جل وعلا قال عن الكفار: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} (¬1) ما عذرهم بحسبانهم أنهم مهتدون ما عذرهم بجهلهم وقال في النصارى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} (¬2) {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} (¬3)، فالحاصل أنهم بهذا كفروا، قال بعد هذا سبحانه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} (¬4) {ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا} (¬5) ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 30 (¬2) سورة الكهف الآية 103 (¬3) سورة الكهف الآية 104 (¬4) سورة الكهف الآية 105 (¬5) سورة الكهف الآية 106

ما عذرهم بالجهل لتساهلهم وعدم عنايتهم بطلب الحق، قال سبحانه: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (¬1)، وقال عليه الصلاة والسلام: «والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار (¬2)». رواه مسلم في صحيحه، ولم يقل: " وفهم عني " أو " تبصر " أو " علم " بل علق بالسماع. ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 19 (¬2) أخرجه الإمام مسلم في كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم برقم 153.

حكم من يسأل أصحاب القبور الرحمة والخير

86 - حكم من يسأل أصحاب القبور الرحمة والخير س: يقول السائل: رأيت بعض الناس يزورون القبب التي فيها مقابر الأولياء ويطلبون منهم الرحمة والخير والعافية، ما حكم الإسلام في هؤلاء؟ (¬1) ج: إن الله جل وعلا شرع لعباده ما فيه صلاحهم وما فيه نجاتهم في الدنيا والآخرة، ونهاهم عن كل ما يضرهم في الدنيا والآخرة وبعث الرسل مبشرين ومنذرين عليهم الصلاة والسلام مبشرين من أطاعهم واستقام على ما دعوا إليه بالجنة والسعادة والنصر في الدنيا والنجاة في ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط، رقم 234.

الآخرة، ومنذرين من عصاهم بالذل في الدنيا والشقاء في الآخرة وأعظم ما بعث الله به الرسل وأهمه وأفرضه توحيد الله والإخلاص في العبادة له صرف العبادة له وحده جل وعلا، هذا أهم دعوة الرسل، هذا زبدتها إخلاص العبادة لله وحده كما قال جل وعلا: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (¬1)، وقال سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} (¬2) فهذه أعظم دعوة الرسل وأهمها، وهذا أساسها توحيد الله والإخلاص له وألا يعبد معه سواه لا نبي ولا ملك ولا شجر ولا حجر ولا صنم ولا غير ذلك، واتخاذ القباب على القبور والمساجد على القبور من وسائل الشرك، لأن هذا من تعظيم القبور، فإذا بني عليها القباب وبني عليها المساجد قصدها العامة ودعوها من دون الله، واستغاثوا بها ونذروا لها وهذا هو الشرك الأكبر، فدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم هذا هو الشرك الأكبر هذا ضد دعوة الرسل، ضد التوحيد الذي بعث الله به الرسل فلما بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم قال لقومه: «يا قومي قولوا لا إله إلا الله تفلحوا (¬3)» نهاهم أن يعبدوا مع الله سواه نهاهم أن يعبدوا مع الله العزى أو مناة أو ¬

_ (¬1) سورة الأنبياء الآية 25 (¬2) سورة النحل الآية 36 (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، من حديث ربيعة بن عبادة الديلي رضي الله عنه، رقم 15593.

اللات أو غير ذلك وأمرهم بإخلاص العبادة لله وحده، قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬1)، {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬2) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (¬3) {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬4)، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬5). فالواجب إخلاص العبادة لله وحده ولا يجوز اتخاذ القباب على القبور ولا المساجد عليها بل يدفن الميت ويرفع قبره قدر شبر عن الأرض حتى يعرف أنه قبر ميت حتى لا يمتهن، ولا يجوز أن يدعى من دون الله ولا أن يبنى عليه قبة ولا مسجد ولكن يترك ضاحيا بارزا كما كانت قبور الصحابة في المدينة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده ولا يجوز أن يدعى الميت مع الله ولا يستغاث به، ولا يقال يا سيدي يا فلان أغثني أو انصرني أو أنا في حسبك وجوارك أو يطلب منه الرحمة أو المغفرة أو شيئا من أمور الخير كالرزق أو الزواج أو النجاة من النار أو دخول الجنة أو ما أشبه ذلك كل هذا كفر بالله من الشرك الأكبر، قال الله جل وعلا: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬6) معنى يعبدون أي: يوحدوني بالعبادة يقصدونه بالعبادة وحده سبحانه وتعالى، وقال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬7) أي: أمر ألا تعبدوا إلا إياه، وقال سبحانه: ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 23 (¬2) سورة الزمر الآية 2 (¬3) سورة الزمر الآية 3 (¬4) سورة البينة الآية 5 (¬5) سورة الفاتحة الآية 5 (¬6) سورة الذاريات الآية 56 (¬7) سورة الإسراء الآية 23

{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (¬1)، وقال سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬2) يعني المشركين، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬3) سماهم كفارا، وقال عز وجل: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬4) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (¬5)، فأمر الله سبحانه بعبادته وحده جل وعلا وإخلاص العبادة له وحده سبحانه وتعالى، وأخبر أن المشركين اتخذوا من دونه أولياء يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، هم يعبدون اللات والعزى والأصنام ويدعونها ويستغيثون بها ويقولون: ما نقصد إلا أنهم يقربونا إلى الله زلفى، يشفعون لنا عند الله كما في آية يونس، ويقول سبحانه: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (¬6) فكذبهم الله سبحانه، بقوله: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (¬7) وفي آية الزمر يقول جل وعلا: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ} (¬8) أي: ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 36 (¬2) سورة يونس الآية 106 (¬3) سورة المؤمنون الآية 117 (¬4) سورة الزمر الآية 2 (¬5) سورة الزمر الآية 3 (¬6) سورة يونس الآية 18 (¬7) سورة يونس الآية 18 (¬8) سورة الزمر الآية 3

يقولون: ما نعبدهم {إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬1) فكذبهم الله سبحانه بقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (¬2)، فبين أنهم لا يقربون إلى الله، بل هم كفار بهذا كاذبون، القرب من الله بدعوته سبحانه وعبادته وحده وسؤاله، هذا هو الذي يقربهم إلى الله، وينجيهم بفضله سبحانه، يا رب أغثني يا رب يسر لي الزواج بالمرأة الصالحة يا رب اقض ديني، يا رب أدخلني الجنة يا رب اغفر لي يا رب ارحمني هذا هو الذي شرعه الله، وهذا هو العبادة لله والتوحيد، أما تقول: يا سيدي البدوي ارحمني أو أنا في جوارك أو أغثني هذا هو الشرك الأكبر أو يا سيدي الحسين أو يا سيدي علي بن أبي طالب أو يا سيدي الحسن أو يا فاطمة أو ما أشبه ذلك، هذا هو الشرك الأكبر، هذا عبادة غير الله التي أنكرها الرسل وأنكرها نبينا محمد عليه السلام. ولما خطبهم محمد صلى الله عليه وسلم في مكة في بعض الأيام قال: «يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار لا أغني عنكم من الله شيئا، يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس بن عبد المطلب أنقذ نفسك فإني لا أغني عنك من الله شيئا، يا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا (¬3)». فأخبرهم ¬

_ (¬1) سورة الزمر الآية 3 (¬2) سورة الزمر الآية 3 (¬3) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الوصايا، باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب برقم 2753، ومسلم في كتاب الإيمان، باب في قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) برقم 206

عليه الصلاة والسلام أنه لا يغني عنهم من الله شيئا بل لا بد من شراء أنفسهم من الله بالتوحيد والإيمان والطاعة هؤلاء أقرب الناس إليه بنته وعمه وعمته وأخبرهم أنه لا يخلصهم من الله ولا ينجيهم من عذاب الله ولا يغني عنهم من الله شيئا إلا أن يوحدوا الله ويعبدوه وحده حتى فاطمة بنته قال: «سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا (¬1)». فالواجب على الجميع عبادة الله وحده وسؤاله وحده سبحانه والاستغاثة به وحده وأداء حقه في صلاة وزكاة وصيام وحج وبر الوالدين وصلة الرحم وترك ما حرم الله من سائر المعاصي من جنس الزنا وشرب الخمر واللواط وعقوق الوالدين وقطيعة الرحم وشهادة الزور إلى غير هذا من المعاصي، يجب تركها طاعة لله وتعظيما لله وتقربا له سبحانه هذا هو الدين، وهذا الذي بعث الله به الرسل وأنزل به من الكتب، وبعث به خاتم الرسل محمدا عليه الصلاة والسلام بعثه يدعو الناس إلى توحيد الله والإخلاص له وإلى طاعة أوامره التي أمر بها عباده من صلاة وصوم وزكاة وحج وغير ذلك، ونهاهم عما حرم الله عليهم، ولهذا صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: يا رسول الله من يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى (¬2)» من أطاع الرسول واتبع الشريعة فله الجنة ومن عصاه فله النار نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الوصايا، باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب برقم 2753، ومسلم في كتاب الإيمان، باب في قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) برقم 206 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم برقم 7280.

فنصيحتي لكل من يخاف الله، لكل من يرجو الله: أن يعبد الله وحده، وأن يخصه بدعائه واستغاثته ونذره وذبحه وغير ذلك، كما يخصه بصلاته وصومه وسائر عباداته، لله وحده، هذا هو التوحيد، وهذا هو الإيمان، وهذا معنى قوله جل وعلا: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬1)، ومعنى قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (¬2) أي وحدوه أي خصوه بالعبادة بدعائكم وخوفكم ورجائكم وذبحكم ونذركم وصلاتكم وصومكم. أما من يأتي أصحاب القباب ويدعوهم مع الله فعمله هذا هو الشرك الأكبر سواء كانوا أنبياء أو غيرهم، إذا قالوا: يا رسول الله أغثني؛ هذا شرك أكبر بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، أما في حياته يقول: أعطني كذا، أعطني من مال الله الذي عندك ساعدني من كذا لا بأس في حياته صلى الله عليه وسلم كما يقال للملوك وغيرهم: ساعدونا، في حياتهم، لكن بعد وفاته يقول: أغثنا يا رسول الله انصرنا أو اشفع لنا هذا لا يجوز بل يطلب من الله يقول: يا رب اشفع في نبيك يا رب أغثني يا رب أنجني من النار، وهكذا لا يدعى عمر ولا الصديق ولا عثمان ولا علي ولا غيرهم، وهذا من بعد الصحابة من باب أولى لا يدعون مع الله ولا يستغاث بهم هذا حق الله، الأموات يترضى عنهم ويدعى لهم والأنبياء يتبعون ويدعى لهم لا يدعون ¬

_ (¬1) سورة الذاريات الآية 56 (¬2) سورة البقرة الآية 21

مع الله بل العبادة حق الله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬1)؛ {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬2)؛ {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬3)؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وهو يدعو لله ندا دخل النار (¬4)»؛ نده شبيهه أي نظيره يدعوه مع الله، يستغيث به وينذر له، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار (¬5)». فالواجب الحذر من هذا الشرك والواجب البصيرة والتفقه في الدين هذا الواجب على جميع المسلمين في كل مكان وعلى جميع المكلفين في كل مكان في البلاد العربية وغيرها في أوربا في أمريكا في أفريقيا في آسيا في كل مكان يجب على المكلفين أن يعبدوا الله وحده، يجب أن يخصوه بدعائهم ونذرهم واستغاثتهم ونحو ذلك؛ لأنهم لهذا خلقوا، خلقهم ليعبدوه ويعظموه ويخصوه بالعبادة وبه أمروا، وبهذا تعرف أيها السائل أن اتخاذ القباب منكر ومن وسائل الشرك وهكذا بناء المساجد على القبور، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 5 (¬2) سورة الإسراء الآية 23 (¬3) سورة البينة الآية 5 (¬4) أخرجه الإمام البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى: (ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا) برقم 4497. (¬5) أخرجه الإمام مسلم في كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة. برقم 92.

اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)»، يحذر ما صنعوا، متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام في حديث جندب بن عبد الله البجلي: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوها مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (¬2)» رواه مسلم في الصحيح فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس السابقين يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد يعظمونها يصلون عندها يدعون عندها يقرأون عندها فنهاهم عن هذا، نهاهم أن يفعلوا هذا الفعل، فوجب على العباد أن يتركوا هذا الفعل؛ لأنه وسيلة إلى الشرك إذا بني عليه المسجد أو القبة جاء الجاهل والعامي قال: هذا ولي، هذا ينفع، هذا يشفع؛ يدعوه من دون الله يستغيث به، وهذا هو الشرك الأكبر نعوذ بالله، وهكذا البناء على القبور حتى غير المساجد؛ يقول جابر رضي الله عنه: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه (¬3)» رواه مسلم في الصحيح زاد الترمذي وغيره وأن يكتب عليه، فالرسول نهى عن تجصيص القبر، وأن يبنى عليها وهذا يشمل القباب وغير القباب لا يبنى عليها شيء، نهى أن يجلس عليها؛ لأنه امتهان له فلا يجلس عليه لأنه امتهان ولا يبنى عليه ولا يجصص؛ لأن التجصيص والبناء عليه من وسائل التعظيم، فإذا جصص وبني عليه عظمه الناس حتى يقع الشرك ويدعونه من دون الله ويعظمونه. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. (¬2) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه برقم 970.

فالواجب أن يكون مكشوفا كسائر القبور ولو كان قبر نبي أو صالح حتى لا يدعى من دون الله أو يخص بشيء من العبادة لكن لما خاف الصحابة أن يدعى وأن يعبد دفنوه في حجرة عائشة لئلا يعبد من دون الله ولكن أهل الغلو ما تركوا ذلك، عبدوه خارج الحجرة وفي كل مكان يستغيثون به، وينذرون له عليه الصلاة والسلام، وهذا هو الشرك الأكبر الذي نهى عنه وحذر منه وقال: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله (¬1)» لا يجوز لأحد أن يغلو فيه بالدعاء ويدعوه من دون الله أو ينذر له أو يستغيث به أو يذبح له كل هذا شرك أكبر. وهكذا غيره من الأنبياء والصالحين لا يدعون مع الله ولا يستغاث بهم؛ لأن ذلك مما حرم الله سبحانه وتعالى. فينبغي لك يا عبد الله أن تكون على غاية من الحذر من هذا الشرك دقيقه وجليله قد عمت به البلوى في بلدان كثيرة في البلاد العربية وغيرها كما لا يخفى، على من له أدنى دراية بأحوال الناس ما يقع عند قبر البدوي والحسين والست زينب ونفيسة في مصر، وعند العيدروس في الجنوب اليمني وعند غيرها من القبور وعند قبور كثيرة، عند قبر ابن عربي في الشام وعند قبور كثيرة في العراق وغيرها، تدعى من دون الله ويستغاث بها، يجب الحذر، وهكذا من يأتي من الحجاج عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت.)

أو عند قبور البقيع أو الصحابة يدعوهم من دون الله هذا منكر، وشرك أكبر، يجب الحذر من ذلك ويجب على أهل العلم أن يبينوا ما يجب، على العلماء في كل مكان وفقهم الله، أن يبينوا للناس؛ لأن الناس قد يغلب عليهم الجهل يحسبونه دينا. فالواجب على العلماء أن يوضحوا للناس أن الواجب عبادة الله وحده إخلاص العبادة لله وحد وأن أصحاب القبور لا يدعون مع الله ولا يستغاث بهم ولا ينذر لهم ولا يذبح لهم ولا يبنى على قبورهم ولا يتخذ عليها مساجد، فالناس في ذمة العلماء يجب على العلماء أن يبينوا وأن يوضحوا للناس شرع الله ولا سيما ما يتعلق بالتوحيد، فهو أعظم الأمور وأهمها، كما أن الشرك أعظم الذنوب، وعلى العلماء البلاغ، مثل ما على الرسل، والله يهدي من يشاء، وعلى ولاة الأمور التنفيذ، على الحكام والرؤساء والملوك ورؤساء الجمهوريات ومن له قدرة التنفيذ أن يمنع العامة من الشرك بالله ويدعوهم إلى توحيد الله والإخلاص له ويبين لهم أن هذا لا يجوز وأن الواجب عبادة الله وحده والاستغاثة بالله وحده لا بالقبور، النذر لله وحده لا لأهل القبور، فأهل القبور الدعاء لهم هم محتاجون للدعاء، يزورهم يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين يدعو لهم؛ كان النبي يزور القبور ويدعو لهم عليه الصلاة والسلام وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور

يقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬1)»، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم زار قبور المدينة، فقال: «السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر (¬2)»، وكان يعلم أصحابه هذا عليه الصلاة والسلام، رواه مسلم في الصحيح. كان يعلمهم إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية (¬3)»، وفي الحديث الآخر: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬4)». فالواجب على أهل الإسلام التمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسير عليه في زيارة القبور وفي غيرها في جميع الأمور، كما قال الله سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (¬5)، وقال سبحانه: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} (¬6). فلذلك تجب طاعته عليه الصلاة والسلام، وما على الرسول إلا البلاغ المبين، وقال سبحانه: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (¬7) ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم 974. (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم 1053 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975. (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 974. (¬5) سورة الحشر الآية 7 (¬6) سورة النور الآية 54 (¬7) سورة النساء الآية 80

وقال عز وجل: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (¬1) فالخير كله في طاعة المصطفى عليه الصلاة والسلام واتباع شريعته وتعظيم أمره ونهيه، وذلك بتعظيم كتاب الله القرآن والتمسك به والأخذ بما فيه، وتعظيم السنة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم فإن الله أعطاه القرآن ومثله معه السنة. فالواجب على أهل الإسلام التفقه في كتاب الله والتفقه في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم والعمل بهما في جميع الأحوال ولا سيما في أصل التوحيد وأصل الدين وأساسه وأعظم الأمور وهو رأس المال، نسأل الله لجميع المسلمين ولنا التوفيق والهداية والفقه في الدين ولا حول ولا قوة إلا بالله. ¬

_ (¬1) سورة النور الآية 63

التفصيل بين زيارة القبور الشرعية والزيارة الشركية

87 - التفصيل بين زيارة القبور الشرعية والزيارة الشركية س: عندنا أناس يزورون القبور، وخاصة قبور الأولياء ويذبحون عندها الذبائح، فإذا قلت هذه بدعة يقولون: ليست بدعة نحن نعملها لله؛ هل هذا العمل وارد في السنة وهل هو صحيح، أفيدونا أفادكم الله وجزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: زيارة القبور على الوجه الشرعي سنة، النبي عليه الصلاة والسلام قال: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬2)»، فإذا زار قبرا ليدعو له وليتذكر الآخرة والموت، فهذا كله طيب، فقد زار النبي القبور عليه الصلاة والسلام ودعا لأهلها وأمر الناس فقال: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬3)» وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية (¬4)»، وفي حديث عائشة رضي الله عنها كان يقول: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬5)». أما زيارتها لغير ذلك زيارتها لدعاء الموتى والاستغاثة بهم وطلب الشفاعة منهم أو النصر على الأعداء، فهذه يقال لها: زيارة شركية، هذه زيارة منكرة، بل هي شرك أكبر؛ لأن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم شرك أكبر، وهكذا الذبح لهم كأن يذبح بقرة أو ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط، رقم 250. (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975. (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 974.

بعيرا أو شاة أو دجاجة يتقرب بها إلى الميت يرجو شفاعته أو يرجو بركته هذا شرك أكبر؛ لأن الله يقول سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬1) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (¬2)، والنسك يطلق على الذبح والعبادة، يقول جل وعلا: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (¬3) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (¬4)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله (¬5)»، فليس لأحد أن يذبح للأصنام أو للأولياء أو الجن لقصد التقرب إليهم لطلب شفاعتهم أو نصرهم على الأعداء أو لطلب إغاثتهم أو ليشفوا مريضه أو يردوا غائبه أو ليعطوه الولد أو ما أشبه هذا مما يفعله عباد القبور، وعباد الأولياء وعباد الأصنام، أما الذبح عند القبور لله لا للأولياء، لله يتقرب إلى الله، فهذه بدعة، فالقبور ليست محلا للذبح عندها، وإنما هو توسيخ لها وتقذير وإيذاء. الذابح يذبح في بيته أو المجزرة ويوزع على الفقراء والتقرب إلى الله، مثلما يذبح الضحية والهدية في منى والضحية في بيته هذا لا بأس، أما يأتي بالذبيحة عند القبور فهذا بدعة، وتلويث للقبور وإيذاء لها، وإيذاء للزوار أيضا، والغالب على هؤلاء أنهم ما يأتون بها للقبور إلا لاعتقادهم في أهل القبور وقصد التقرب إليهم بهذا، فإذا كانوا صادقين وأنهم ما قصدوا ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 162 (¬2) سورة الأنعام الآية 163 (¬3) سورة الكوثر الآية 1 (¬4) سورة الكوثر الآية 2 (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله، برقم 1978، والنسائي في كتاب الضحايا، باب من ذبح لغير الله عز وجل، برقم 4422، والإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 857.

إلا التقرب إلى الله والذبح لله لا للأموات هذا يكون بدعة، أما إن أرادوا بالذبيحة التقرب للميت ليشفع لهم أو ليشفي مريضهم أو ليعطيهم كذا، فهذا الشرك الأكبر والعقيدة فاسدة والذبح شرك كله، نسأل الله السلامة.

حكم زيارة الأضرحة في الإسلام

88 - حكم زيارة الأضرحة في الإسلام س: سائل من المغرب يقول: ما حكم الأضرحة في الإسلام، وهل تجب الزيارة لغير الأماكن المقدسة كزيارة ضريح مثلا، ما حكم الشرع في ذلك؟ (¬1) ج: الأضرحة فيها تفصيل، الأضرحة هي القبور، والسنة أن ترفع عن الأرض قدر شبر، حتى يعلم أنها قبور، حتى لا تمتهن، لحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أنه رأى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم قد رفع قدر شبر وأوصى أن يفعل بقبره مثل ذلك من حديث عثمان بن أبي سالم، أما ما يتعلق بالبناء عليه واتخاذ المساجد عليها والقباب فهذا لا يجوز، هذا منكر عند أهل العلم وبدعة ومن وسائل الشرك. ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)». ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط، رقم 306. (¬2) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390.

وفي صحيح مسلم جاء في حديث عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه: «نهى أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه (¬1)»، فلا يجوز البناء على القبور لا مسجد ولا قبة، ولا يجصص أيضا؛ لأن هذا من وسائل الشرك، ومن وسائل أنه يعظم ويدعى من دون الله ويستغاث به من دون الله فيقع الشرك، فالبناء على القبور واتخاذ القبب على القبور وبناء المساجد عليها من الوسائل المحرمة من وسائل الشرك، ولهذا حذر النبي عليه الصلاة والسلام ولعن أهلها، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك، وألا يبنى على القبر، لا مسجد ولا غيره ولا قبة، ولا يجصص ولا يتخذ عليه حجب ولا ستور، كل هذا لا يجوز، بل هو من وسائل الشرك؛ لأن اتخاذ البناء والستور أو السرج، أو المساجد أو القبة على القبور كل هذا من وسائل التعظيم والشرك، وإذا دعا الميت بقوله: أنجدني، أو يا فلان أغثني، أو انصرني أو اشف لي مريضا أو أنا في حفظك وجوارك، كل هذا من الشرك الأكبر. فالواجب الحذر من ذلك، وكذلك الطواف بالقبور، يطوف عليها، يرجو بركة أهلها ونفعهم، وفضل أهلها كل هذا من الشرك الأكبر، أما إذا كان الجاهل يظن أن الطواف سنة، ويتقرب بها إلى الله، فهذا بدعة ومنكر، ويكون من وسائل الشرك، أما إذا طاف ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه برقم 970.

يتقرب إلى القبر فهذا من الشرك الأكبر، مثل إذا دعاه أو استغاث به، أو نذر أو ذبح له، كل هذا من الشرك الأكبر. فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من ذلك، وإنما الزيارة الشرعية، أن للتسليم عليهم، والدعاء لهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬1)» فيأتيها فيقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله منا المستقدمين والمستأخرين (¬2)»، هكذا علم النبي الصحابة، إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله منا المستقدمين والمستأخرين (¬3)»، هذه هي الدعوة الشرعية ثم ينصرف، لا يصلي عند قبر ولا يقرأ عنده، ولا يطوف به ولا يسأل قضاء حاجة، كل هذا لا يجوز. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (¬2) مسلم الطهارة (249)، النسائي الطهارة (150)، أبو داود الجنائز (3237)، ابن ماجه الزهد (4306)، أحمد (2/ 300)، مالك الطهارة (60). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975.

حكم شد الرحال إلى قبور الأولياء والصالحين

89 - حكم شد الرحال إلى قبور الأولياء والصالحين س: إن كثيرا من الناس يشدون الرحال إلى قبور الأولياء والصالحين، سائلين أهلها من الأموات شفاء مرضاهم، أو قضاء حوائجهم، ويقدمون لأصحاب هذه الأضرحة النذور والذبائح، ويدعونهم ويستغيثون بهم، وما شابه ذلك من أعمال، وهذه القضية اختلفت فيها الآراء، فالذين يقومون بهذا العمل يقولون: إن لله في الأرض عبادا يستجيب الله الدعاء من أجلهم، والذين يعارضون هذا العمل قالوا: إن هذا شرك صريح، ومخرج لصاحبه من الملة، نرجو أن تلقوا مزيدا من الضوء على جوانب وزوايا هذا الموضوع، مع بيان هل يجوز الصلاة خلف مرتكبيه أو لا يجوز؟ وفقكم الله (¬1). ج: إن هذا السؤال مهم جدا وعظيم جدا، وهو شد الرحال إلى الأضرحة لطلب الحاجات وشفاء المرضى من أصحاب القبور، لدعائهم والاستغاثة بهم، والنذر لهم وتقديم الذبائح ونحو ذلك، أما شد الرحال لمجرد الزيارة للقبور، فهذا لا يجوز على الصحيح من أقوال العلماء؛ لأنه منهي عنه؛ ولأنه وسيلة إلى الشرك، والأصل في هذا قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «لا تشد الرحال ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط، رقم 5.

إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا - يعني مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة - والمسجد الأقصى (¬1)» هذه الثلاثة تشد لها الرحال للعبادة فيها، بنص النبي عليه الصلاة والسلام، وما سواها لا تشد إليه الرحال للعبادة فيها، فيدخل في ذلك بقية المساجد، ويدخل في ذلك أيضا الأضرحة من باب أولى؛ فإنه إذا كان لا تشد الرحال إلى المساجد غير الثلاثة، وهي أفضل البقاع، فغيرها من البقاع التي تشد لها الرحال، من أجل فضل المدفون بها، أو نحو ذلك المنع من ذلك من باب أولى، ولهذا أصح أقوال العلماء في هذا الباب تحريم شد الرحال لزيارة القبور، وإنما تزار من دون شد الرحال، فزيارتها سنة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬2)». فالسنة زيارة القبور، والدعاء لأهلها بالمغفرة والرحمة، للرجال خاصة دون النساء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بزيارة القبور، وقال إنها تذكر الموت، تذكر الآخرة، وكان يعلم أصحابه ذلك، يعلمهم إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية (¬3)» وكان يزور البقيع عليه الصلاة والسلام، ويترحم عليهم ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة. برقم 1189، ومسلم في كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره .. برقم 837. (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975.

ويدعو لهم بالمغفرة، أما بشد الرحال فلا، لا تشد الرحال لزيارة القبور، كما لا تشد لأجل زيارة المساجد الأخرى غير الثلاثة، أما إذا قصد بشد الرحال دعاء الميت، والاستغاثة بالميت فهذا منكر وحرام بالإجماع إجماع المسلمين ولو فعل هذا من دون شد الرحال، لو أتى القبور التي في بلده من دون شد رحل، يستغيث بها أو ينذر لها أو يذبح لها، أو يسألها قضاء الحاجات، شفاء المرضى، تفريج الكروب، كان هذا منكرا عظيما وشركا ظاهرا، وهذا هو شرك الأولين من الجاهلية كانوا يفعلون هذا مع الأموات، كانت الجاهلية، تشرك بالأموات، وتستغيث بهم وتنذر لهم: {وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (¬1) ويقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬2) كما حكى الله عنهم ذلك سبحانه وتعالى، فإنه سبحانه قال: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (¬3)، فرد الله عليهم بقوله: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (¬4)، وقال سبحانه: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬5) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (¬6) يعني يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، ¬

_ (¬1) سورة يونس الآية 18 (¬2) سورة الزمر الآية 3 (¬3) سورة يونس الآية 18 (¬4) سورة يونس الآية 18 (¬5) سورة الزمر الآية 2 (¬6) سورة الزمر الآية 3

فرد الله عليهم بقوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (¬1) فبين سبحانه وتعالى أن عبادتهم إياهم بالدعاء والضراعة والاستغاثة، والذبح والنذر والسجود على القبور أو نحو ذلك أن هذا هو الشرك بالله، وأن هو الكفر والضلال، وأن هذا لا ينفعهم بل يضرهم وإن زعموا أنهم شفعاء عند الله وإن زعموا أنهم يقربون إلى الله زلفى، فهو زعم باطل؛ لأن دعاء الأموات، أو الاستغاثة بالأموات، أو الأصنام أو الأشجار لا يقرب إلى الله ولا يدني من رضاه، بل يباعد من رحمته، ويوجب غضبه، ويوجب النار، وحرمان الجنة كما قال الله في كتابه الكريم: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (¬2)، وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬3) فبين سبحانه أنه لا يغفر الشرك، ولكن ما دونه لمن يشاء، فما دون الشرك معلق بمشيئة الله سبحانه وتعالى إن شاء غفر، وإن شاء عذب أصحابه إن ماتوا قبل التوبة، وأما الشرك فلا يغفر، إذا مات عليه صاحبه، وكذلك الشرك يحبط الأعمال، كما قال الله سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬4)، والشرك معناه صرف بعض العبادة لغير الله، من دعاء أو خوف أو رجاء، أو توكل أو ذبح أو نذر، أو صلاة أو صوم أو نحو ذلك، فالذي يدعو الأموات ¬

_ (¬1) سورة الزمر الآية 3 (¬2) سورة المائدة الآية 72 (¬3) سورة النساء الآية 48 (¬4) سورة الأنعام الآية 88

ويستغيث بهم، وينذر لهم ويزعم أنهم يشفعون له، أو يقربونه إلى الله زلفى، قد فعل فعل المشركين الأولين سواء بسواء، وهكذا إذا تقرب إليهم بالذبائح والنذور، فهذا كله شرك بالله عز وجل، ومنكر يجب على أهل العلم إنكاره، وبيان بطلانه، وتحذير العامة من ذلك، وهذا هو نفس الشرك الذي فعله أبو جهل وأشباهه، في الجاهلية مع اللات والعزى ومناة، وهذا هو شرك الأولين مع أصنامهم وأوثانهم في كل مكان، ومن المصائب أن يظن العامة أن هذا دين وأن هذا قربة ويسكت على ذلك من ينسب إلى العلم، ويتساهل في هذا الأمر، فإن هذا يضر العامة ضررا عظيما، إذا سكت من ينسب إلى العلم، ولم ينكروا هذا الشرك، فيظن العامة أنه جائز وأنه دين وأنه قربة فبقوا عليه واستمروا عليه. فالواجب على أهل العلم إنكار الشرك بالله، وإنكار البدع، وإنكار المعاصي والتحذير من ذلك، وتنبيه العامة على كل ما حرم الله عليهم، حتى يحذروه من الشرك فما دونه، ولا شك ولا ريب أن دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، وطلب شفاء المرضى وطلب المدد أن هذا شرك بالله عز وجل، وهذا يفعله كثير من الناس عند بعض القبور، كما يفعله بعض الناس عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم أيام الحج من بعض الجهلة، وكما يفعله كثير من الناس عند قبر السيد البدوي في مصر، وعند قبر الحسين في مصر وعند قبور أخرى، وهكذا يفعل عند قبر الشيخ عبد القادر الجيلاني، ويفعله بعض الناس وهم بعيدون عن هذه القبور، يدعونها من بعيد، ويسألونها قضاء الحاجات،

وشفاء المرضى من بعيد، وهكذا يفعل عند قبور أهل البيت من بعض من يزورها من الشيعة وغير الشيعة وهكذا عند قبر ابن عربي في الشام، وهكذا عند قبور أخرى في بلدان لا يحصيها إلا الله عز وجل، وهذه بلية عمت وطم شرها وعظم ضررها؛ لأسباب قلة العلم وقلة من ينبه على هذا الأمر الخطير، وإني أهيب بجميع أهل العلم في كل مكان أن يتقوا الله، وأن ينذروا الناس من هذا الشرك، وأن يحذروهم منه، وأن يبينوا لهم أن العبادة حق الله وحده، كما قال سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬1)، وقال عز جل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬2)، قال سبحانه وتعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (¬3) وقال عز وجل: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬4) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (¬5)؛ قال سبحانه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬6)، في آيات كثيرات تدل على وجوب إخلاص العبادة لله وحده، وأنه لا يجوز أبدا أن يعبد أحد من دونه، من الأشجار أو الأحجار أو الأموات أو الأصنام، أو الكواكب أو غير ذلك، فالعبادة حق الله وحده ليس لأحد فيها حق، لا الملائكة ولا الأنبياء، ولا الصالحون ولا غيرهم، أما العبادة فهي حق الله وحده، الرسل بعثوا ليعلموا الناس دينهم، ولينذروهم من الشرك بالله، وليوجهوهم إلى عبادة الله وحده، ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 5 (¬2) سورة الإسراء الآية 23 (¬3) سورة النساء الآية 36 (¬4) سورة الزمر الآية 2 (¬5) سورة الزمر الآية 3 (¬6) سورة الجن الآية 18

كما قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (¬1)، وقال عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (¬2)، في آيات كثيرة أخرى، وقال النبي عليه الصلاة والسلام لمعاذ: «أتدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم؛ قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا (¬3)»، فهنا حقان: حق الله على عباده، وحق العباد على الله، أما حق الله على عباده فهو مفترض، حق عظيم، وعليهم أن يؤدوه وقد خلقوا من أجله، كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬4) والله أرسل الرسل من أجله كما تقدم فوجب على العباد أن يعبدوا الله وحده هذا حقه عليهم، حق فرضه عليهم، فعليهم أداؤه، وعليهم أن يؤدوا كل ما أمرهم به الله ورسوله وأن ينتهوا عن كل ما نهاهم عنه الله ورسوله، كل هذا من عبادته سبحانه وتعالى، أداء الفرائض وترك المحارم، ابتغاء وجه الله وإخلاصا له سبحانه، كل ذلك ¬

_ (¬1) سورة النحل الآية 36 (¬2) سورة الأنبياء الآية 25 (¬3) أخرجه الإمام البخاري في كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم برقم 7373، ومسلم في كتاب التوحيد، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة برقم 30. (¬4) سورة الذاريات الآية 56

من عبادته ومن طاعته وتعظيمه، أما حق العباد على الله فهو حق تفضل، وإحسان وجود وكرم، فمن جوده وكرمه وإحسانه، أن من لقيه بالتوحيد والإيمان والهدى، فإن الله يدخله الجنة ولا يعذبه في النار، هذا فضله وإحسانه جل وعلا، كما يقول سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ} (¬1)، وقال: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ} (¬2)، وقال: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} (¬3). فالواجب على أهل الإسلام أن يعبدوا الله وحده، وأن يخلصوه بالعبادة، وأن يتفقهوا في دين الله، وأن يحذروا الشرك بالله عز وجل، فإن دعوى الإسلام مع وجود الشرك، لا تنفع، بل ينتقض إسلامه بشركه بالله، فالشرك ينقض الإسلام ويبطله، فوجب على من ينتسب للإسلام أن يحقق إسلامه وأن يتفقه في دين الله، وأن يحفظ دينه من أنواع الشرك بالله عز وجل، حتى يبقى له إسلامه، وحتى يبقى له دينه، وهكذا يجب على كل أهل الأرض من المكلفين من جن وإنس، وعرب وعجم يجب عليهم جميعا أن يعبدوا الله وحده، وأن ينقادوا بما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، فهو رسول الله حقا، وهو خاتم الأنبياء؛ لأن الله بعثه إلى أهل الأرض جميعا، من الجن والإنس، ومن العرب ¬

_ (¬1) سورة لقمان الآية 8 (¬2) سورة الطور الآية 17 (¬3) سورة الحجر الآية 45

والعجم، ومن سائر الأمم، يجب عليهم أن يعبدوا الله وأن ينقادوا لما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، كما قال الله سبحانه آمرا نبيه عليه الصلاة والسلام، أن يبلغ الناس: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (¬1)، وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (¬2)، وقال عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (¬3)، فهو رسول الله إلى الجميع، إلى الجن والإنس، إلى العرب والعجم، إلى اليهود والنصارى والفرس، وجميع أهل الأرض من الجن والإنس، عليهم جميعا أن يعبدوا الله ويوحدوه، ويخصوه بالعبادة وألا يعبدوا معه لا ملكا مقربا، ولا نبيا مرسلا، ولا شجرا ولا ميتا ولا صنما ولا وثنا ولا غير ذلك، بل عليهم أن يخصوا الله بالعبادة دون كل ما سواه، وعليهم أيضا أن ينقادوا لما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، وأن يحكموه بينهم وألا يخرجوا عن هديه وطريقه، كما قال سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (¬4)، وقال سبحانه: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (¬5)، ويقول ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 158 (¬2) سورة سبأ الآية 28 (¬3) سورة الأنبياء الآية 107 (¬4) سورة النساء الآية 65 (¬5) سورة النور الآية 54

عز وجل: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (¬1)، المفلحون: هم هؤلاء، هم أتباع النبي محمد عليه الصلاة والسلام، أما الذين خرجوا عن دين محمد صلى الله عليه وسلم ولم ينقادوا لشرعه، ولم يصدقوه فهؤلاء هم الخاسرون هم الهالكون هم الضالون هم الكافرون من أي جنس كانوا، وقال سبحانه: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (¬2)، فجعل الهداية في اتباعه فدل ذلك على أن من خرج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو الخاسر وهو الضال غير المهتدي، فالهداية والفلاح والنجاة في اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إخلاص العبادة لله وحده وبتحكيم شريعة الله التي جاء بها رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، وبهذا يعلم أن الواجب على جميع الأمم توحيد الله والإخلاص له، وعلى جميع الدول أن تعبد الله وأن تلزم شعوبها بعبادة الله وأن تدع ما هي عليه من الشرك والباطل، هذا عام لجميع الدول، لجميع الناس، ولكن المسلمين المنتسبين للإسلام الواجب عليهم أخص وأكبر؛ لأنهم انتسبوا إلى دين الله فوجب عليهم أن يحققوا دين الله وأن يعظموا دين الله وأن يصونوه عما حرم الله وأن يخلصوا ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 157 (¬2) سورة الأعراف الآية 158

العبادة لله وحده حتى يتحقق إسلامهم، وحتى يكونوا مسلمين حقا لا بالانتساب، فالانتساب لا يفيد ولا ينفع بل يجب أن يكون إسلامهم حقا بعبادة الله وحده والإخلاص له، وتعظيم أمره ونهيه واتباع رسوله محمد عليه الصلاة والسلام. ويجب على الأمم الأخرى التي لا تنتسب للإسلام من اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم من جميع الأمم التي لا تتبع محمدا عليه الصلاة والسلام، عليهم جميعا أن يعبدوا الله وحده، وعليهم جميعا أن ينقادوا للشرع الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، عليهم جميعا ذلك؛ لأنهم مأمورون بذلك مخلوقون لذلك، فالله بعث محمدا إلى الجميع عليه الصلاة والسلام إلى جميع أهل الأرض من الجن والإنس، فلا يجوز لأحد منهم أن يخرج عن شريعة محمد عليه الصلاة والسلام كائنا من كان، فنسأل الله للجميع الهداية والتوفيق والفقه في الدين ولا حول ولا قوة إلا بالله. ومن عرف أنه من عباد الأضرحة، من عرف بأنه يأتي القبور ويستغيث بأهلها ويسألهم شفاء المرضى ونحو ذلك، فهذا لا يصلى خلفه؛ لأن ظاهره الشرك، والمشرك لا يصلى خلفه، والصلاة خلفه باطلة، فلا يجوز أن يصلى خلف هؤلاء، بل يجب أن ينبهوا وأن يحذروا من الشرك وأن ينصحوا، فإذا تابوا ورجعوا عن الباطل ووحدوا الله سبحانه وتعالى وقبلوا النصيحة يصلى خلفهم، أما ما داموا يعبدون غير الله، ما داموا يتعلقون بالقبور ويسألونها شفاء المرضى والمدد

وقضاء الحاجات، فهؤلاء لا يصلى خلفهم، بل شركهم ظاهر وكفرهم ظاهر، وإن كان بعضهم قد غره الجهل وغره سكوت العلماء فإن هذا لا يعذره، بل يجب عليه أن يسأل وأن يتفقه في دين الله وأن يسأل أهل العلم ويتبصر في ذلك ولا يتساهل. س: ما حكم أولئك الذين يسافرون إلى القبور، وللطواف بها ويعملون الاحتفالات وما شابه ذلك؟ (¬1) ج: هؤلاء الذين يتوجهون إلى القبور، سواء كانت القبور في بلادهم، أو كانت في بلاد أخرى يسافرون إليها لسؤالها أو الاستغاثة بها، أو الطواف في قبورهم يدعوهم ويسألهم حاجاته، كل هذا من الشرك الأكبر وإن كانوا سافروا إليها لعبادة عندها، فقد شبهوا قبورهم بالكعبة المشرفة التي أمر الله بالسفر إليها لعبادته عندها، وهؤلاء صرفوا عباداتهم لهم دون الله عز وجل، والله يقول سبحانه في كتابه العظيم: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬2) ويقول سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬3)، ويقول عز وجل: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬4) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (¬5)، ويقول سبحانه: ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط، رقم 144. (¬2) سورة البينة الآية 5 (¬3) سورة الفاتحة الآية 5 (¬4) سورة الزمر الآية 2 (¬5) سورة الزمر الآية 3

{فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (¬1)، ويقول عز وجل: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬2)، إلى أمثال هذه الآيات الكريمات، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الدعاء هو العبادة (¬3)»، فالذي يدعو الأموات أو الأشجار أو الأحجار أو القبور، قد أشرك بالله سبحانه وتعالى، وهكذا إذا استغاث بهم، أو طاف في قبورهم يسألهم حاجته أو ما أشبه ذلك، أو يتعبد بالطواف ويتقرب به إليهم، كل هذا من الشرك الأكبر، نسأل الله العافية. س: هل يجوز أن يذهب الفرد من بلد إلى بلد ليصلي صلاة الجمعة في مسجد يقال له مسجد الشيخ فلان (¬4) ج: إذا كانت الصلاة لأجل أنه يقال مسجد فلان، فلا يشد الرحل لأجل مسجد فلان، ولا لأجل أنه ينسب إلى الشيخ فلان، وإن كان يقصد الصلاة خلف إمام ذلك المسجد الذي في بلده، فالعمدة على الإمام الحاضر، إذا كان إماما طيبا والصلاة خلفه جيدة، لأجل خشوعه، وحسن تلاوته، هذا إذا قصده من شأن أن يصلي خلفه، من أجل حسن تلاوته، ومن أجل إقامته للصلاة، هذا حسن، أما شد الرحل لأجل فضل ¬

_ (¬1) سورة غافر الآية 14 (¬2) سورة الجن الآية 18 (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الكوفيين، حديث النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم… برقم 17888. (¬4) السؤال، رقم 32 من الشريط، رقم 220.

المسجد؛ لأنه منسوب لفلان هذا لا يجوز؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى» (¬1) هكذا قال عليه الصلاة والسلام، أما المساجد الأخرى فلا يشد الرحل لها، ولو كان صاحبها معروفا بالخير، أما شد الرحل للتعلم أو للصلاة خلفه لا من أجل المسجد للإقامة عنده للتعلم عليه ويستفيد منه، لا بأس هذا من أجل طلب العلم. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

حكم توزيع الأطعمة عند الأضرحة وسؤالها قضاء الحوائج

90 - حكم توزيع الأطعمة عند الأضرحة وسؤالها قضاء الحوائج س: سائل يقول: تقوم بعض النساء عندنا بزيارة القبور والمساجد ومن خلال الزيارة يقمن بجمع الأطفال داخل المسجد أو على القبور، ويفرقن عليهم خبزا وبعض الأشياء، ويقلن لوجه الله ثم يقمن بدعاء الولي الذي زرن لأجله ويقلن يا ولي عافني، واحفظ أولادي؟ (¬1) ج: هذا عمل خطير يجب الحذر منه، النساء ممنوعات من زيارة القبور، وإنما الإذن للرجال، يقول صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬2)» ولعن زائرات القبور من النساء؛ لأنهن فتنة وصبرهن قليل. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط، رقم 200. (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569.

أما إذا كان مع ذلك دعوة الموتى والاستغاثة بالموتى صار شركا أكبر، وهكذا الذبح لهم، طلبهم المدد، هذا شرك أكبر من الرجال والنساء جميعا، فالذي يأتي القبور ليدعوها من دون الله، ويطلبها النصر والمدد والعون، هذا أتى شركا عظيما من الرجال والنساء جميعا، وهذا شرك المشركين، هذا شرك عباد القبور كأبي جهل وأصحابه من عباد القبور، وهكذا توزيع الصدقات إذا كان يقصد بهذا التقرب إلى الموتى بذلك، وأنه إذا تصدق ينوي التقرب بالصدقة لهم، يعتقد أنهم ينفعونه إذا تصدق عند قبورهم، وأنهم بهذه الصدقة التي يتقرب بها إليهم ينفعونه مثل لو صلى لهم، فهذا الشرك أكبر. أما إن كان فعل الصدقة عند القبر يطلب من الله ثوابها، ولكن يظن ويعتقد أنها عند القبور أفضل هذه بدعة، ما هي عند القبور أفضل، الصدقة يتصدق في بيته في أي محل، وإذا كانت عن طريق السر كانت أفضل، إلا إذا دعت الحاجة إلى الجهر، ولكن ليس محلها القبور، وإنما في الأسواق، في البيت، في أي مكان في المسجد لمن سأل، لا بأس. والخلاصة أن زيارة النساء للقبور لا تجوز، وكونهن يذبحن للأموات أو يطلبن منهم المدد، أو الغوث أو شفاء المرضى هذا شرك أكبر، سواء وقع من امرأة أو من رجل، حتى ولو فعله في بيته ما هو عند القبور، يا سيدي فلان، يا عبد القادر يا حسين، يا علي، يا رسول الله، ولو في بيته ولو في أي مكان بعيد عن المدن والقبور، هو شرك أكبر ولو أنه في الصحراء، ما عنده أحد إذا قال: يا رسول الله:

انصرني، أو يا رسول الله اشف مريضي، أو ما أشبه ذلك، فقد عبده من دون الله بهذا الدعاء، أو قال يا سيدي الحسين أو يا سيدي الحسن، أو يا سيدي علي، أو يا سيدي عبد القادر هذا من الشرك الأكبر، وهكذا إذا تقرب بالذبائح سواء عند قبره، أو بعيدا عن قبره، يذبح من أجل التقرب إليه، يرى أنه إذا ذبح له يمده بأشياء أو يعطيه أشياء أو يحصل له أشياء، فالذبح لغير الله شرك أكبر، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬1) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (¬2)، وقال سبحانه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (¬3) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (¬4)، فأمر بالصلاة والنحر لله عز وجل، قال عليه الصلاة والسلام: «لعن الله من ذبح لغير الله (¬5)» والذبح عبادة عظيمة كالصلاة، فإذا ذبح لأصحاب القبور، وتقرب إليهم بذلك، يرجو شفاعتهم ويرجو أنهم يقربونه إلى الله زلفى، أو تصدق يطلب الأجر منهم، والثواب منهم، أو حج لقبورهم أو ما أشبه ذلك من المقاصد التي يفعلها يتقرب بها إلى أصحاب القبور، هو يكون بهذا قد عبدهم وجعلهم آلهة، يعبدهم مع الله بصلاته لهم، أو دعائه لهم، أو ذبحه لهم أو نذره لهم أو غير ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 162 (¬2) سورة الأنعام الآية 163 (¬3) سورة الكوثر الآية 1 (¬4) سورة الكوثر الآية 2 (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله برقم 1978.

الرد على شبهة من أجاز دفن الميت في المسجد بحجة دفنه عليه الصلاة والسلام في مسجده

91 - الرد على شبهة من أجاز دفن الميت في المسجد بحجة دفنه عليه الصلاة والسلام في مسجده س: ما هي العلاقة بين كل من مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بما فيه قبره وقبر صاحبيه، ومسجد من المساجد التي توجد بها قبور، حيث إنه بعد سماعي للشيخ: عبد العزيز في هذه المسألة، فقد أوضح بأن ذلك كان خطأ عند توسعة المسجد، في عهد عبد الملك بن مروان، ولكن كثيرا من المسلمين يتساءلون، إذا كان هذا خطأ فإنه من الممكن تدارك الخطأ وعلاجه، وذلك بأن يفصل القبر عن المسجد تماما، حيث إنه لا يكفي السور؛ لأن باقي المقابر في المساجد الأخرى حولها أيضا سور، وبذلك من الصعب إقناعهم لاختلاف المسجد النبوي عن غيره، إن هذه المسألة إذا تفضلتم بحسمها، سوف تقضي قطعا على افتتان المسلمين، وسوف تمنع وتساعد على نبش القبور التي استجدت على المساجد، وندعو الله لكم بالتوفيق في بحث هذا الموضوع، وجزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: لا شك أن إدخال القبر الشريف في المسجد الشريف كان سببا لفتنة بعض الناس، من وضع القبور في المساجد والبناء على القبور، وسبق في حلقات مضت بيان الواقع وهو أن الوليد بن عبد الملك وليس ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط، رقم 75.

عبد الملك، بل الوليد في خلافته لما وسع المسجد النبوي، رأى إدخال الحجرة النبوية في المسجد، بسبب التوسعة وأنكر ذلك عليه بعض الناس، وبعض التابعين، ولكنه رأى أن التوسعة تدعو إلى ذلك، فلهذا أدخله وصار ذلك الإدخال فتنة لبعض الناس في البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، وليست العلاقة بين مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وحجرته، مثل العلاقة التي بين المساجد والقبور الأخرى، الفرق عظيم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم دفن في بيته بيت عائشة، ودفن معه صاحباه: أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، ولم يدفن في المسجد عليه الصلاة والسلام ولا صاحباه بل كلهم دفنوا في البيت، وأما القبور الأخرى غير قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه فهي تدفن في المساجد قصدا، ويظن أهلها أن هذا قربة، وأن هذا طاعة، وربما حدث المسجد بعد ذلك، يوجد قبر ثم يبنى عليه مسجد، كل هذا واقع فليس هذا كهذا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح بل في الأحاديث الصحيحة: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)» قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا. وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (¬2)» رواه مسلم. ولما قالت له عليه الصلاة والسلام أم سلمة وأم حبيبة رضي الله تعالى عنهما: إنهما رأتا ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. (¬2) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532.

في أرض الحبشة كنيسة، وذكرتا ما فيها من الصور، قال: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح، بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور (¬1)»، ثم قال عليه الصلاة والسلام: «أولئك شرار الخلق عند الله (¬2)» فأخبر عن الذين يبنون على القبور مساجد، ويصورون عليها الصور، أنهم شرار الخلق؛ لأنهم فعلوا أمرا يجر الناس إلى الشرك، ويوقعهم في الشرك؛ لأن البناء على القبور وبناء المساجد عليها واتخاذ الصور عليها، كل هذا من وسائل الشرك، ولهذا حذر من ذلك النبي عليه الصلاة والسلام، وأبدى وأعاد في ذلك، والوليد حين أدخل الحجرة النبوية، لم يكن على باله هذا الأمر، ولم يظهر له أن الناس يشتبه عليهم الأمر، ويعتقدون أن هذا مثل هذا، وأن إدخال الحجرة برمتها من جنس إدخال القبور في المساجد، أو من جنس إقامة المساجد على القبور، وليس هذا كهذا، فالحاصل أن إدخال الحجرة النبوية في المسجد ليس من جنس عمل الغلاة في القبور الذين بنوا عليها المساجد، أو أحدثوها في المساجد، هذا غير هذا، فإحداث القبر في المسجد أمر لا يجوز، ومنكر ووسيلة للشرك بصاحب القبر، وهكذا كون المسجد يبنى عليه كما فعلت بنو إسرائيل، هذا أيضا لا يجوز، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح المتفق عليه: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬3)». ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة برقم 434. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة برقم 434. (¬3) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390.

فالواجب على أهل الإسلام أينما كانوا في كل مكان ألا يبنوا على القبور مساجد، وألا يبنوا عليها قبابا، ولا غيرها وأن يجعلوها ضاحية بارزة، كما كانت القبور في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كذلك في البقيع وغيره ليس عليها بناء، وكما هو الحال في البقيع والحمد لله، قد أزيلت عنها المباني، وهكذا في مكة، المقصود أن الواجب أن تكون بارزة ظاهرة ليس عليها بناء، هذا هو الواجب ولا يبنى عليها قباب ولا مساجد ولا غير ذلك، وأما إدخال الوليد بن عبد الملك الحجرة النبوية، فكان لأجل التوسعة، وإن كان هذا غلطا ينبغي أنه لم يقع، حذرا من هذه الفتنة التي وقعت لبعض الناس، لكنه رحمه الله وعفا الله عنا وعنه، لم يتنبه لهذا الأمر الذي حصل للناس الآن، ولعل أسباب عدم إخراجه من المسجد بعد ذلك، أن كل وال يتولى المدينة يخشى أنه إن فعل ذلك أن يقام عليه الاحتجاج من الجهال وأن ينكر عليه، وأن يقال: أنت تبغض النبي صلى الله عليه وسلم، وأنت وأنت، فيتهم، فلهذا ترك الناس الحجرة بعدما أدخلت، لعل هذا هو السبب والله أعلم فيما أعتقد أن الولاة الذين تولوا الإمارة بعد الوليد، لعلهم خشوا إذا أخرجوا الحجرة من المسجد، أن يقال فيهم: إنهم كيت وكيت، إنهم ليسوا يحبون النبي صلى الله عليه وسلم، أو إنهم مقصرون في حق النبي عليه الصلاة والسلام، أو ما أشبه ذلك من الأقاويل التي يخشى منها، فلهذا ترك هذا الأمر ولم يخرج من المسجد، من أجل خوف قالة الناس، وفتنة الناس، في القيل والقال، في إخراجه من المسجد بعدما أدخل، ثم أيضا مثل ما تقدم، ليس هذا

من جنس ما يفعله الناس، بل هذه حجرة برمتها بيت برمته، أدخل فليس من المسجد وليس من أرض المسجد، وليس مدفونا في المسجد، وليس المسجد مقاما عليه، بل المسجد قائم مستقل، قبل إدخال الحجرة، فالمسجد قائم، وإنما جاءت التوسعة فقط، اليسيرة التي جاءت من جهة الشرق، هذا هو الواقع فلا يجوز لأحد أن يحتج بهذا، على البناء على القبور أو إدخال القبور في المساجد، لا حجة له في هذا، بل الواجب أن تكون القبور بعيدة عن المساجد، ليست في المساجد، كما تكون في أرض مستقلة وضاحية، شامسة مكشوفة ليس عليها بناء، وليس عليها مساجد، هذا الواجب على جميع المسلمين في كل مكان، طاعة للنبي صلى الله عليه وسلم، وامتثالا لأمره واتباعا لسنته، وحذرا من وسائل الشرك، ولهذا أبدى وأعاد عليه الصلاة والسلام، وأكثر في ذلك لئلا يقع الناس في الشرك، ومن ذلك ما تقدم في الأحاديث الصحيحة: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)» ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان من قبلكم يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (¬2)» رواه مسلم في الصحيح من حديث جندب بن عبد الله البجلي، وهكذا حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيح، يقول صلى الله عليه وسلم: «قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬3)». ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. (¬2) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532. (¬3) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390.

فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا ذلك، وألا يحتجوا بما فعله الوليد بن عبد الملك من إدخال الحجرة النبوية، فإنه أدخل بيتا ولم يدفن في المسجد، ولم يحدث الوليد قبرا في المسجد، وإنما أدخل الحجرة اجتهادا منه للتوسعة للمسلمين، فليس هذا مثل ما أحدثه الناس، ولا ينبغي أن يقاس هذا على هذا، بل الواجب الحذر مما نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولعن أهله الفاعلين له، ومن ذلك ما روى جابر بن عبد الله الأنصاري، رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن تجصص القبور، وعن القعود عليها والبناء عليها. فالرسول نهى أن يجصص القبر، ونهى أن يقعد عليه، أو يبنى عليه، وهذا يشمل القبر والمسجد وغيرها، فالواجب على جميع المسلمين طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وامتثال أمره والحذر مما نهى عنه في القبور وغيرها، فلا يبنى عليها، ولا يتخذ عليها قبة ولا مسجد ولا تجصص، كل هذا مما نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام، والمقصود من هذا كله سد الذرائع للشرك، والنهي عن وسائله؛ لأن الناس إذا رأوا قبرا معظما بالقبة، والفراش ونحو ذلك، عظموه بالدعاء والاستغاثة، دعوه واستغاثوا بصاحبه فوقع الشرك. فالواجب على المسلمين في أي مكان أن يتقوا الله، وأن يحذروا الدفن في المساجد، أو إقامة مسجد على القبر، وإن كان قبرا عظيما وإن كان صاحبه صالحا، فالأنبياء هم أصلح الناس، ولا يجوز البناء على قبورهم، فبقية الناس من باب أولى.

فالواجب هو امتثال أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتقيد بما قاله عليه الصلاة والسلام، والحذر مما نهى عنه عليه الصلاة والسلام، والحكمة في هذا واضحة، والحكمة ظاهرة وهي سد الذرائع الموصلة للشرك، فإن وجود المسجد على القبر، أو وجود القبر في المسجد، كل ذلك من وسائل الشرك بصاحب القبر نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق، ونسأل الله أن يبصر المسلمين ويمنحهم الفقه في الدين، وأن يعيذهم من أسباب الشرك، ووسائله وذرائعه. أما قوله: لماذا لا يعالج الخطأ الذي وقع فيه الوليد بن عبد الملك بإدخال الحجرة النبوية في المسجد، فقد بينا أن أسباب ذلك أن كل دولة تخشى أنها إذا قامت بهذا الأمر، تتهم وأن يقال فيها إنها قصرت في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنها تبغض النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنها جاهلة بالإسلام، قد يتحاشون الدخول في هذا الأمر، يقولون: ما دام قد سكت من قبلنا، فنتركه، ولأن الحكمة في ذلك والعلة في ذلك واضحة، فإنه لم يدفن في المسجد عليه الصلاة والسلام، وإنما أدخلت الحجرة برمتها، فليست هذه المسألة مثل المسائل التي وقع فيها الناس في بلدان كثيرة حيث دفنوا في المساجد، وأوجدوا قبورا في المساجد، وبنوا مساجد على القبور، هذا هو الواقع، وهذا غير ما فعله الوليد، هذا فرق عظيم، وخوف الفتنة بين المسلمين هذا هو السبب الذي جعل الناس يتركون الأمور على حالها، خشية من فتنة تقوم بين الناس، بسبب ظنهم

بمن أخرجه السوء، وأنه أراد بهذا تنقصا للنبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه أو أنه أراد بذلك شيئا آخر، قد لا يحمل على المعنى الشرعي، وقد يظن به خلاف ذلك، فلعل هذا السبب الذي من أجله تركته الدول السابقة، وقد يقوم حرب فكرية وغير فكرية من أعداء الإسلام، وقد يكون هذا من أسباب بعض الفتن، التي يوجدها بعض الناس، لأتفه الأسباب، وكيف هذا وهذا مما يتعلق بقبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه وأكثر الخلق ليس عنده العلم الكافي، والبصيرة الكافية بهذه الأمور بل يعتقدون أن البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها أنه دين وقربة، بل بعضهم وكثير منهم يرى أن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات دين وقربة نسأل الله العافية، ولما قيل له - صلى الله عليه وسلم - في حجر إسماعيل قال: «لولا أن قومك حديثو عهد بكفر، لنقضت الكعبة وبنيتها على قواعد إبراهيم (¬1)» فترك نقض الكعبة وإدخال الحجر فيها خوفا من الفتنة عليه الصلاة والسلام فأبقاها على حالها، وهذا من جنس هذا. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب فضل مكة وبيانها برقم 1583، ومسلم في كتاب الحج، باب نقض الكعبة وبنائها برقم 1333.

بيان الحكم في القبة الخضراء على قبره عليه الصلاة والسلام

92 - بيان الحكم في القبة الخضراء على قبره عليه الصلاة والسلام س: قد عرفنا من كلام سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز أن البناء والقباب على القبور لا يجوز، فما حكم القبة الخضراء على قبر الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في المدينة المنورة؟ (¬1) ج: لا ريب أن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن البناء على القبور ولعن اليهود والنصارى على اتخاذ المساجد عليها، فقال عليه الصلاة والسلام: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)»، وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه عنه مسلم في الصحيح، عن جابر أنه: نهى عن تجصيص القبور والقعود عليها، والبناء عليها وفي رواية للترمذي وغيره والكتابة عليها (¬3). فالبناء على القبور، واتخاذ مساجد عليها من المحرمات التي حذر منها النبي عليه الصلاة والسلام، وتلقاها أهل العلم بما قاله - صلى الله عليه وسلم - بالقبول، ونهى أهل العلم عن البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، تنفيذا للسنة المطهرة، ومع ذلك فقد وجد في كثير من الدول والبلدان، البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها، واتخاذ القباب عليها أيضا، وهذا كله ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط، رقم 40. (¬2) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. (¬3) سبق تخريجه.

مخالف لما جاءت به السنة عن الرسول عليه الصلاة والسلام وهو من أعظم وسائل وقوع الشرك، والغلو في أصحاب القبور، فلا ينبغي لعاقل ولا ينبغي لأي مسلم أن يغتر بهؤلاء وأن يتأسى بهم فيما فعلوا؛ لأن أعمال الناس تعرض على الكتاب والسنة، فما وافق الكتاب والسنة، أو وافق أحدهما قبل، وإلا رد على من أحدثه، كما قال الله سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (¬1)؛ وقال عز وجل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (¬2). أما ما يتعلق بالقبة الخضراء التي على قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا شيء أحدثه بعض الأمراء في المدينة المنورة، في القرون المتأخرة في القرن التاسع وما حوله. ولا شك أنه غلط منه، وجهل منه، ولم يكن هذا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا في عهد أصحابه ولا في عهد القرون المفضلة، وإنما حدث في القرون المتأخرة التي كثر فيها الجهل، وقل فيها العلم وكثرت فيها البدع، فلا ينبغي أن يغتر بذلك، ولا أن يقتدى بذلك، ولعل من تولى المدينة من الملوك والأمراء، والمسلمين تركوا ذلك خشية الفتنة من بعض العامة، فتركوا ذلك وأعرضوا عن ذلك، حسما لمادة الفتن؛ لأن بعض الناس ليس عنده بصيرة، فقد يقول: غيروا وفعلوا بقبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا كذا، وهذا كذا، فيثير إلى فتن لا حاجة ¬

_ (¬1) سورة الشورى الآية 10 (¬2) سورة النساء الآية 59

إلى إثارتها وقد تضر إثارتها، فالأظهر والله أعلم أنها تركت لهذا المعنى خشية رواج فتنة يثيرها بعض الجهلة، ويرمي من أزال القبة أنه يستهين بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أو بأنه لا يرعى حرمته عليه الصلاة والسلام هكذا يدعي عباد القبور، وأصحاب الغلو إذا رأوا من يدعو إلى التوحيد، ويحذر من الشرك والبدع، رموه بأنواع المعايب، واتهموه بأنه يبغض النبي عليه الصلاة والسلام، أو بأنه يبغض الأولياء، أو لا يرعى حرمته - صلى الله عليه وسلم -، أو ما أشبه هذه الأقاويل الفاسدة الباطلة، وإلا فلا شك أن الذي عملها قد أخطأ، وأتى بدعة وخالف ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - في التحذير من البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها. وأما البناء الأول فهو بيت عائشة؛ كان دفن عليه الصلاة والسلام في بيت عائشة والصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم خافوا على دفنه في البقيع من الفتنة، فجعلوه في بيت عائشة ثم دفنوا معه صاحبيه: أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، ولم يكن الدفن في المسجد بل كان في بيت عائشة، ثم لما وسع المسجد في عهد الوليد بن عبد الملك في آخر القرن الأول أدخل الحجرة في التوسعة، فظن بعض الناس الذين لا يعلمون أن الرسول دفن في المسجد وليس الأمر كذلك بل هو عليه الصلاة والسلام دفن في بيت عائشة في خارج المسجد، ولم يدفن في المسجد فليس لأحد حجة في ذلك أن يدفن في المساجد، بل يجب أن تكون المساجد خالية من القبور، ويجب ألا يبنى أي مسجد على قبر،

لكون الرسول حذر من ذلك عليه الصلاة والسلام فقال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. (¬1)» أخرجه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين، وروى مسلم في صحيحه رحمه الله، عن جندب بن عبد الله البجلي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سمعه يقول: قبل أن يموت بخمس يقول: «إن الله اتخذني خليلا، كما اتخذ إبراهيم خليلا، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (¬2)» فذم من اتخذ المساجد على القبور، ونهى عن ذلك بصيغتين إحداهما: قوله فلا تتخذوها مساجد، والثانية: فإني أنهاكم عن ذلك، وهذه مبالغة في النهي والتحذير منه عليه الصلاة والسلام، من وجوه ثلاثة: الوجه الأول: ذم من اتخذ المساجد على قبور الأنبياء والصالحين قبلنا، والثاني: نهى عن ذلك بصيغة لا تتخذوا، والثالث: أنه نهى عنه بصيغة وإني أنهاكم عن ذلك، وهذه مبالغة في التحذير، وسبق في حديث عائشة أنه نهى عنه باللعن، قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬3)»، هذا يبين لنا ويبين لكل مسلم ولكل ذي فهم أن البناء على القبور، واتخاذ ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور. برقم 532. (¬2) مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532). (¬3) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390.

القباب عليها والمساجد أنه مخالف لشريعة الله التي جاء بها النبي عليه الصلاة والسلام، وأنه منكر وبدعة في الدين، وأنه من وسائل الشرك، ولهذا لما رأى العامة والجهلة هذه القبور المعظمة، بالمساجد والقباب وغير ذلك، والفرش ظنوا أنها تنفعهم، وأنها تجيب دعاءهم، وأنها ترد عليهم غائبهم، وتشفي مريضهم، فدعوها واستغاثوا بها، ونذروا لها ووقعوا في الشرك، بسبب ذلك. فالواجب على أهل العلم والإيمان أين ما كانوا أن يحذروا الناس من هذه الشرور، وأن يبينوا لهم أن البناء على القبور من البدع المنكرة، وهكذا اتخاذ القباب والمساجد عليها من البدع المنكرة وأنها من وسائل الشرك، حتى يحذر العامة ذلك، ليعلم الخاص والعام أن هذه الأشياء، حدثت بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبعد أصحابه رضي الله عنهم، وبعد القرون المفضلة، حتى يحذروها وحتى يبتعدوا عنها والزيارة الشرعية للقبور هي أن يزوروها للسلام عليهم، والدعاء لهم والترحم عليهم، لا لسؤالهم، ودعائهم، وقضاء الحاجات وتفريج الكروب، فإن هذا شرك بالله، ولا يجوز إلا مع الله سبحانه وتعالى، ولكن الجهلة والمشركين بدلوا الزيارة الشرعية، بالزيارة المنكرة الشركية، جهلا وضلالا؛ ومن أسباب هذا الشرك والبدع وجود هذه البنايات، والقباب والمساجد على القبور، ومن أسباب ذلك سكوت كثير من العلماء عن ذلك، إما للجهل بالحكم الشرعي لذلك، من بعضهم وإما

يأسهم من قبول العامة، وعدم الفائدة من كلامه منهم لما رأوه من إقبالهم عليها، وإنكارهم على من أنكر عليهم، وإما لأسباب أخرى. فالواجب على أهل العلم أينما كانوا أن يوضحوا للناس ما حرم الله عليهم، وأن يبنوا ما أوجب الله عليهم، وأن يحذروهم من الشرك وأسبابه ووسائله، فإن العامة في ذمتهم، والله أوجب عليهم البلاغ والبيان، وحرم عليهم الكتمان. س: إنني أعلم أن بناء القباب على القبور لا يجوز، ولكن بعض الناس يقولون: إنها تجوز ودليلهم قبة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويقولون: إن محمد بن عبد الوهاب أزال كل القباب، ولم يزل تلكم القبة، أي قبة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فالمفروض أن تزال ما دام الناس غير متشككين، فيما يبدو فكيف نرد على هؤلاء أفيدونا بارك الله فيكم؟ (¬1) ج: لا شك أن القباب على القبور بدعة ومنكر، كالمساجد على القبور كلها بدعة وكلها منكر؛ لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)»، ولما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «ألا وإن من ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط، رقم 109. (¬2) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390.

كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬1)» رواه مسلم في الصحيح، ولما ثبت أيضا عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في صحيح مسلم عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها، فنص - صلى الله عليه وسلم - على النهي عن البناء على القبور والتجصيص لها، أو القعود عليها ولا شك أن وضع القبة عليها نوع من البناء، وهكذا بناء المسجد عليها نوع من البناء، وهكذا جعل سقوف عليها وحيطان نوع من البناء. فالواجب أن تبقى مكشوفة على الأرض مكشوفة كما كانت القبور في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في البقيع وغيره مكشوفة، يرفع القبر عن الأرض قدر شبر تقريبا، ليعلم أنه قبر لا يمتهن، أما أن يبنى عليه قبة أو غرفة أو عريش أو غير ذلك، فهذا لا يجوز، بل يجب أن تبقى القبور على حالها مكشوفة، ولا يزاد عليها غير ترابها، فيؤخذ القبر من ترابه، الذي حفر منه يرفع قدر شبر ويكفي ذلك، كما جاء في حديث سعد بن أبي وقاص أنه قال رضي الله عنه: الحدوا لي لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا كما صنع برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال في رواية: فرفع قبره عن الأرض قدر شبر، يعني قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -. فالحاصل أن القبور ترفع قدر شبر، للعلم بأنها قبور، ولئلا تمتهن ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532.

وتوطأ أو يجلس عليها، أما أن يبنى عليها فلا، لا قبة ولا غيرها، للأحاديث السابقة حديث جابر وحديث عائشة وغيرهما، وفي حديث جابر التصريح بالنهي عن البناء على القبور، وتجصيصها، أما قبة النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذه حادثة أحدثها بعض أمراء الأتراك، في بعض القرون المتأخرة في القرن التاسع أو الثامن وترك الناس إزالتها لأسباب كثيرة، منها جهل الكثير ممن يتولى إمارة المدينة ومنها خوف الفتنة؛ لأن بعض الناس يخشى الفتنة، لو أزالها لربما قام عليه الناس، وقالوا: هذا يبغض النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا كيت وكيت، وهذا هو السر في إبقاء الدولة السعودية لهذه القبة؛ لأنها لو أزالتها لربما قال الجهال، وأكثر الناس جهال: إن هؤلاء إنما أزالوها لبغضهم النبي عليه الصلاة والسلام ولا يقولون: لأنها بدعة، وإنما يقولون لبغضهم النبي - صلى الله عليه وسلم - هكذا يقول الجهلة وأشباههم، فالحكومة السعودية الأولى والأخرى إلى وقتنا هذا، إنما تركت هذه القبة المحدثة خشية الفتنة، وأن يظن بها السوء، وهي لا شك أنها والحمد لله تعتقد تحريم البناء على القبور، وتحريم اتخاذ القباب على القبور، والرسول - صلى الله عليه وسلم - دفن في بيت عائشة لئلا تقع الفتنة به، ولئلا يغلى فيه، فدفنه الصحابة في بيت عائشة حذرا من الفتنة والجدران قائمة من قديم، دفنوه في البيت حماية له من الفتنة عليه الصلاة والسلام لئلا يفتن به الجهلة، وأما هذه القبة فهي موضوعة متأخرة من جهل بعض الأمراء، فإذا أزيلت فلا بأس بذلك، بل هذا حق لكن قد لا يتحمل هذا بعض الجهلة، وقد يظنون بمن أزالها بأنه

ليس على حق، وأنه مبغض للنبي عليه الصلاة والسلام، فمن أجل هذا تركت الدولة السعودية هذه القبة على حالها؛ لأنها من عمل غيرها ولا تحب التشويش والفتنة التي قد يتزعمها بعض الناس من عباد القبور وأصحاب الغلو في الأموات من المشركين فيرمونها بما هي بريئة منه، من البغض للنبي - صلى الله عليه وسلم -، أو الجفاء في حقه والعلماء السعوديون منهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وغيره من العلماء كلهم بحمد الله على السنة، وعلى طريق أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتباعهم بإحسان في توحيد الله، والإخلاص له والتحذير من الشرك والبدع، أو وسائل الشرك، وهم أشد الناس تعظيما للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولأصحابه كالسلف الصالح هم من أشد الناس تعظيما للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم مشيا وسيرا على الطريق السلف الصالح، في محبته - صلى الله عليه وسلم - وتعظيم جانبه: التعظيم الشرعي، الذي ليس فيه غلو ولا بدعة بل تعظيم يقتضي اتباع شريعته وتعظيم أمره ونهيه، والذب عن سنته ودعوة الناس إلى اتباعه وتحذيرهم من الشرك به أو بغيره، وتحذيرهم من البدع المنكرة، فهم على هذا الطريق أولهم وآخرهم، يدعون الناس إلى اتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى تعظيم سنته وإلى إخلاص العبادة لله وحده، وعدم الشرك به سبحانه ويحذرون الناس من البدع التي كثرت بين الناس من عصور كثيرة، ومن ذلك بدعة هذه القبة التي وضعت على القبر النبوي، وإنما تركت من أجل خوف القالة والفتنة، والله ولي التوفيق.

بيان مكان قبر الحسين رضي الله عنه

93 - بيان مكان قبر الحسين رضي الله عنه س: كثر كلام الناس، واختل حول قبر سيدنا الحسين أين مكانه، وهل يستفيد المسلمون من معرفة مكانه بالتحديد؟ (¬1) ج: الصواب أنه كان بالعراق جسده؛ لأنه قتل في العراق، أما رأسه فاختلف فيه فقيل في الشام، وقيل في مصر وقيل غير ذلك، والصواب: أن الذي في مصر ليس قبره، إنما هو غلط وليس رأس الحسين، وقد ألف في هذا بعض أهل العلم، وبينوا أنه لا أصل لوجود رأسه في مصر، ولا وجه لوجوده في مصر، وإنما الأغلب أنه في الشام؛ لأنه نقل إلى يزيد بن معاوية وهو في الشام، فلا وجه للظن أنه في مصر، بل إما أنه في الشام؛ في مخازن الشام؛ وإما أعيد إلى جسده في العراق، وبكل حال فليس للناس حاجة في هذا، ليس للناس حاجة أن يعرفوا رأسه أين دفن، وأين كان، إنما الدعاء له بالمغفرة والرحمة، غفر الله له ورضي الله عنه قتل مظلوما، فيدعى له بالمغفرة والرحمة ويرجى له خير كثير، هو وأخوه الحسن، سيدا شباب الجنة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فهو مظلوم له الأجر العظيم، وترجى له الشهادة، مع أنه وأخاه كما تقدم جاء فيهما الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنهما سيدا شباب أهل الجنة (¬2)» ومن عرف ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط، رقم 95. (¬2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - برقم 10616.

قبره وسلم عليه، ودعا له فلا بأس، كما تزار القبور الأخرى إنما يزار قبره إذا عرف، مثل بقية قبور المسلمين بالدعاء لهم، والترحم عليهم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬1)» فمن زار قبر الحسين أو الحسن، أو فلان أو فلان للدعاء لهم، والترحم عليهم والاستغفار لهم، كما يفعل مع بقية القبور هذا سنة، أما زيارة القبور لدعائها من دون الله، أو الاستغاثة بها أو التمسح بترابها، هذا من المنكرات لا يجوز ولا يبنى عليها، لا قبة ولا مسجد ولا غير ذلك؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» وروى جابر في صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه نهى عن تجصيص القبور، وعن القعود عليها وعن البناء عليها (¬3)» فالرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن تجصيص القبر، وعن القعود عليه وعن البناء عليه، فلا يبنى عليه قبة ولا مسجد، ولا غير ذلك ولا يجوز أيضا أن يجصص أو يطيب، أو توضع عليه الستور، كل هذا ممنوع ولا يصلى عنده، يقول عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (¬4)» خرجه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي، وهذا يدل على أنه لا تجوز الصلاة عند القبور، ولا اتخاذها مساجد، لماذا؟ لأنه وسيلة للشرك ووسيلة لأن يعبد من ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (¬2) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه برقم 970. (¬4) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532.

دون الله، بدعائهم والاستغاثة بهم والنذر لهم، والتمسح بقبورهم، فلهذا حذر النبي من هذا عليه الصلاة والسلام، وإنما تزار القبور فقط بالسلام عليهم والدعاء لهم، والترحم عليهم: الدعاء لهم لا دعاؤهم من دون الله، وإنما يدعى لهم غفر الله لك يا فلان، رحمك الله رضي الله عنك، كفر الله سيئاتك. أما إذا قال يا سيدي أنا بجوارك، أنا في حسبك اشفع لي، انصرني اشف مريضي، هذا منكر لا يجوز هذا من دعاء غير الله، من أنواع الشرك الأكبر نسأل الله السلامة. الزيارة الشرعية جائزة، أما الزيارة البدعية التي تقصدها بالتمسح بالقبور أو دعائهم أو الاستغاثة بهم، هذا منكر لا يجوز مطلقا، والزيارة الشرعية تجوز لكن من دون سفر، من دون شد الرحل إذا كان في البلد نفسه زاره في البلد، أما أن يشد الرحل يسافر لأجل زيارة القبر، هذا لا يجوز؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى (¬1)» س: هل جثة الحسين في العراق أو في الشام أو في مصر؟ (¬2) ج: المعروف أن جثة الحسين في العراق وليست في مصر، وليست في الشام، وإنما دفن في العراق والذي في مصر، ليس له ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة برقم 1189. (¬2) السؤال الحادي والعشرون من الشريط، رقم 143.

أصل، وإنما هي دعوى لا حقيقة لها وأقبح من ذلك وأشد من ذلك دعاؤه والاستغاثة به والطواف بقبره، هذا من أعظم المنكرات والقبائح ومن الشرك الأكبر، فإن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم والتقرب إليهم، بالذبائح كل ذلك من المنكرات العظيمة، ومن الشرك الأكبر سواء كان المدفون الحسين، أو غير الحسين، وهكذا ما يفعل عند قبر البدوي، أو الست زينب، أو غير ذلك كله يجب تركه، وإنما تجوز الزيارة فقط، للميت ويدعى له بالمغفرة والرحمة، سواء كان الحسين أو غير الحسين. أما أن يدعى الأموات من دون الله ويستغاث بهم وينذر لهم، ويطلب منهم الشفاء أو النصر على الأعداء هذا كله من عمل الجاهلية، ومن عمل المشركين الأولين، من الشرك الأكبر، وهكذا الطواف بقبورهم، رغبة فيما عندهم من السر، كما يقول عبادهم من دون الله، كل هذا منكر عظيم، والطواف عبادة عظيمة لله، ولا يجوز إلا حول الكعبة المشرفة، القبور لا يطاف بها، ولا يسأل أهلها شفاء ولا نصرا على الأعداء، ولا غير هذا وإنما يزارون إذا كانوا مسلمين، ويدعى لهم بالمغفرة والرحمة، وفي ذلك عبرة وذكرى للزائر يذكر الموت ويذكر الآخرة، أما العبادة فحق الله وحده، هو الذي يدعى ويرجى سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬1)، وقاله سبحانه: ¬

_ (¬1) سورة البينة الآية 5

{فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬1)، وقال عز وجل: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬2)، والآيات في هذا المعنى كثيرة، كلها تدل على وجوب إخلاص العبادة لله وحده وأنه هو الذي يدعى سبحانه، ويرجى ويخاف وهو الذي يتقرب إليه بالذبائح والنذور، وغير هذا من العبادات كما قال سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (¬3) يعني: قل يا محمد للناس، قل يا أيها الرسول للناس: {إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (¬4) يعني ذبحي {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬5) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (¬6)، وقال سبحانه يخاطب نبيه عليه الصلاة والسلام: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (¬7) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (¬8)، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه علي رضي الله عنه: «لعن الله من ذبح لغير الله (¬9)». فالواجب على جميع المسلمين التفقه في الدين وتبصير الجاهل وتعليمه، وهذا من حق العلماء ومن واجب العلماء، أن يبصروا الناس سواء كان ذلك فيما يتعلق بقبر الحسين، أو غيره في مصر وغير مصر. الواجب على العلماء: علماء الحق، أن يبصروا الناس، وأن يعلموهم أن دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات والنذر للأموات أمر منكر، بل من الشرك الأكبر، وهكذا الطواف بقبورهم، أمر منكر، الطواف عبادة لله، ¬

_ (¬1) سورة الزمر الآية 2 (¬2) سورة الجن الآية 18 (¬3) سورة الأنعام الآية 162 (¬4) سورة الأنعام الآية 162 (¬5) سورة الأنعام الآية 162 (¬6) سورة الأنعام الآية 163 (¬7) سورة الكوثر الآية 1 (¬8) سورة الكوثر الآية 2 (¬9) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله، برقم 1978، والنسائي في كتاب الضحايا، باب من ذبح لغير الله عز وجل، برقم 4422، والإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم 857.

ولا تفعل إلا عند الكعبة عند البيت الشريف في مكة المكرمة، فالقبور لا يطاف بها، ولا يدعى أهلها من دون الله، ولا يستغاث بهم ولا ينذر لهم، ولا يذبح لهم إلا إذا كانوا مسلمين، فإنه يسلم عليهم ويدعى لهم بالمغفرة والرحمة، هكذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يزور البقيع ويدعو لأهله بالمغفرة والرحمة، ويقول لأصحابه يعلمهم إذا زاروا القبور، أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (¬1)». هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، وهذا هو السنة في زيارة القبور، أما قبور الكفار فلا يسلم عليهم إنما تزار للعظة والذكرى إذا زارها يتذكر الآخرة، يتذكر الموت لكن لا يسلم عليهم، ولا يدعو لهم، فقد زار النبي - صلى الله عليه وسلم - قبر أمه، فلم يستغفر لها، نهاه الله أن يستغفر لها؛ لأنها ماتت على دين الجاهلية، فاستأذن ربه أن يستغفر لها، فلم يأذن له سبحانه وتعالى، وإنما أذن في زيارتها للعبرة والاتعاظ، وبهذا يعلم السائل أن ما يدعى من وجود الحسين، في مصر ليس له أصل عند أهل العلم، وإنما جثته كانت في العراق، وهو قتل في العراق، ويقال إن رأسه نقل إلى يزيد في الشام فلا يدرى أين هذا الرأس، هل دفن في الشام أو أعيد إلى محله في العراق، مع جثته الحاصل أن وجود جثة الحسين في مصر أمر لا أساس له. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم 975.

حكم الاحتفال والذبح عند القبور

94 - حكم الاحتفال والذبح عند القبور س: أسألكم عن قبور الأولياء، أولياء الله الصالحين مثل مسجد الحسين والسيد البدوي، وهم كثيرون جدا وكل واحد يقام له الاحتفالات، وتنذر له النذور ولا أحد ينكر على الناس، أرجو من سماحة الشيخ توجيه الناس على ما فيه الخير، وإذا أمكن أيضا أن يكون التوجيه مكتوبا فلعله يكون مفيدا؟ (¬1) ج: لا شك أن هذا الأمر واقع في الناس، وهو من أعظم المصائب ومن أعظم الكبائر، بل هو الشرك الأعظم ولا حول ولا قوة إلا بالله، فإن الغلو في أصحاب القبور ودعاءهم من دون الله، والاستغاثة بهم والتقرب إليهم بالطواف بقبورهم كل هذا من الشرك الأكبر، وهكذا الذبح لهم والنذر لهم كله من الشرك الأكبر. أما الاحتفالات بمواليدهم فهذه من البدع التي يجب تركها، لكن لو وقع فيها دعاؤهم والاستغاثة بهم صار ذلك من الشرك الأكبر، وكثير من الناس في الاحتفالات قد يدعون المحتفل به ويستغيثون به، كما يفعل هذا بعض الناس عند احتفالهم بمولد النبي عليه الصلاة والسلام، فالبدع تجر إلى الشرك وهي بريد له، وهي أعظم المنكرات بعد الشرك، فإن المنكرات مراتب أعظمها الشرك بالله عز وجل، وأنواع الكفر به ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط، رقم 94.

سبحانه وتعالى، ثم يلي ذلك البدع؛ لأنها زيادة في الدين، واعتراض على الله فهي وسيلة إلى الشرك بالله عز وجل. فالواجب الحذر منها ومن ذلك البناء على القبور، واتخاذ القباب عليها وإقامة الموالد والاحتفال بها، كل هذا من وسائل الشرك، فإن القبر متى عظم بالبناء واتخاذ القبة عليه والمسجد، فإن العامة يظنون أن هذا يدل على أنه يدعى من دون الله، فيستغيثون به وينذرون له، ويظنون أنه يقضي حوائجهم، وأنه يشفع لهم عند الله، بهذا العمل السيئ وهذا هو عمل المشركين الأولين هو دينهم دين قريش وأشباههم، الغلو في الأموات والاستغاثة بأصحاب القبور، ودعاؤهم من دون الله والنذر لهم هذا هو دين قريش، كما قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (¬1)، فرد الله عليهم بقوله سبحانه: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (¬2) وبين سبحانه أنه لا يعلم له شريكا لا في السماء ولا في الأرض، وأنكر عليهم عملهم هذا، فليس المشركون على حق بل هم على باطل، وليست آلهتهم التي دعوها من دون الله بالتي تشفع لهم، قال الله تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} (¬3)، وهكذا قوله سبحانه في الآيات الأخرى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬4) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬5). ¬

_ (¬1) سورة يونس الآية 18 (¬2) سورة يونس الآية 18 (¬3) سورة المدثر الآية 48 (¬4) سورة الزمر الآية 2 (¬5) سورة الزمر الآية 3

يعني يقولون: ما نعبدهم إلا ليقربونا زلفى إلى الله فأخبر عن المشركين أنهم اتخذوا آلهتهم التي عبدوها من دون الله، يزعمون أنها تقربهم إلى الله زلفى، ولم يزعموا أنها تخلق أو ترزق، لا، وإنما أرادوا تقريبها لهم عند الله، وشفاعتها لهم عند الله، ومع هذا حكم الله عليهم بالشرك والكفر، قال تعالى في هذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (¬1)، سماهم كذبة في دعواهم، أنها تقربهم وكفرة في هذا العمل. فالواجب الحذر من هذا الغلو، وهذه البدع التي أحدثها الناس عند القبور، فإنها شر عظيم وفساد كبير، ووقوعها يجر إلى الشرك، فإنه متى عكف على القبر، وبنى عليه وعظمه بالستور والأطياب، فإن ذلك يجره إلى أن يدعوه من دون الله، وإلى أن يستغيث به، وهذا هو الشرك الأكبر عند جميع أهل العلم. فيجب الحذر من هذا البلاء العظيم، ويجب على العلماء أن يبينوا للناس هذه الشركيات، وهذه المنكرات وأن يرشدوهم إلى الحق، حتى يدعوا هذا الباطل، وحتى يدعوا هذا الشرك، وقد مكث النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة عشر سنين، يدعو الناس إلى توحيد الله، وينكر عليهم الشرك بالله ¬

_ (¬1) سورة الزمر الآية 3

وعبادة الأوثان، والأصنام وأصحاب القبور، ثم فرض الله عليهم الصلوات الخمس، فبقي بعدها في مكة نحو ثلاث سنين، يدعو إلى توحيد الله، والإخلاص له ثم هاجر إلى المدينة، عليه الصلاة والسلام ولم يزل يدعو إلى الله ويعلم الناس ما شرع الله لهم حتى توفاه الله عليه الصلاة والسلام، ونقله إلى الرفيق الأعلى عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم. فالواجب على الخلفاء وهم العلماء، أن يتقوا الله وأن يبينوا للناس دينهم على الوجه الذي لا خفاء فيه، ولا ريب أن سكوت العلماء ومن ينسب إلى العلم، عند العامة وهم يفعلون هذه الأفعال التي هي التعلق بالأموات والاستغاثة بالأموات، لا شك أن سكوتهم يشجع هؤلاء على هذا الشرك، ويعتقدون أن هذا السكوت دليل على أن هذا جائز، وأنه لا حرج فيه. فالواجب الحذر والواجب على العامة، أن يسألوا أهل العلم المعروفين بالعقيدة الصالحة، وتعظيم كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام. والواجب على العلماء أن يتقوا الله ويتبصروا، وأن ينكروا ما أنكره الله ورسوله من الشرك وسائر المعاصي، والله المستعان.

حكم الطواف بالقبور

95 - حكم الطواف بالقبور س: ما حكم من يطوف بالقبر ويدعو الله عنده؟ وهذا ألاحظه كثيرا في بعض الأماكن؟ (¬1) ج: الطواف عبادة لله عز وجل، من أفضل العبادات ولكنه يختص بالكعبة، لا يطاف بغير الكعبة، ومن طاف بالقبور يريد التقرب إلى أهلها فقد أشرك، مثل من يدعوها ويستغيث بها وينذر لأهلها. أما إذا طاف بالقبر يقصد التقرب إلى الله يحسب أنه جائز فهذا بدعة ومنكر، وعليه التوبة إلى الله عز وجل؛ لأنه ما قصد صاحب القبر، وإنما قصد التقرب إلى الله يظن أنه يجوز، فهذا بدعة ومنكر وعليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، ولا يكون بهذا مشركا، إلا إذا قصد التقرب بالطواف للميت، ليشفع له، فهذا يكون مثل قوله يا سيدي أغثني، أو اشف مريضي، أو المدد المدد، كل هذا من الشرك الأكبر، أو ينذر له؛ أو يذبح له. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط، رقم 193.

حكم إيقاد السرج على القبور وذبح النذور لها

96 - حكم إيقاد السرج على القبور وذبح النذور لها س: الأخ م. ش. ع. من محافظة مطروح، برج العرب، يسأل ويقول: بجوارنا الكثير من الأضرحة والقبور المرتفعة، التي أوقدت عليها السرج وتذبح لها النذور من دون الله، ويحلف بأصحابها والعياذ بالله. فإذا ما تحدثنا للناس وبينا لهم بأن هذا شرك، وأن عليهم أن يتوبوا إلى الله، قالوا بأنهم وجدوا آباءهم على هذه الحال التي وصفت فماذا تفعل إزاءهم؟ وجهونا ووجهوهم، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: الواجب عليكم وعليهم السعي عند ولاة الأمور في إزالة الأبنية التي على القبور وتركها ضاحية شامسة كما كانت القبور في بلاد أهل السنة والجماعة، من قديم الزمان ولا يجوز البناء عليها، ولا اتخاذ المساجد عليها؛ لأن الرسول نهى عن ذلك عليه الصلاة والسلام قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)»، وقال جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها (¬3)» ولا يجوز لأحد من الناس أن يدعوها من دون الله أو يستغيث بأهلها، أو ينذر لهم، أو يذبح لهم، أو يطلبهم المدد، أو يتبرك بتراب قبورهم، كل ذلك منكر ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط، رقم 182. (¬2) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه برقم 970.

ومن الشرك الأكبر نعوذ بالله. الواجب تنبيههم، وليس لهم حجة في تقليد آبائهم. هذه حجة المشركين، قال الله جل وعلا عن المشركين لما نهاهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن عبادة الأصنام: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (¬1)، هذه حجة باطلة، حجة ملعونة خبيثة، فلا يجوز الاحتجاج بها، هذه حجة الكفرة، إذا وجدت أباك على باطل فلا تتبع أباك، أما إذا كان على حق، فالواجب الأخذ بالحق سواء كان عليه أبوك أو غير أبيك، وأما ما يفعله الناس اليوم عند القبور، من الدعاء والاستغاثة بأهلها، والذبح لهم والطواف بقبورهم، كل هذا منكر عظيم، كل هذا من عمل أهل الشرك من عباد الأوثان. فالواجب على المسلم أن يحذر ذلك، وأن يحذره إخوانه وينذرهم، والواجب على العلماء في كل مكان أن يحذروا الناس وأن يرشدوهم وأن يوضحوا لهم حقيقة التوحيد، وحقيقة الشرك وأنه لا يجوز لأحد أن يدعو الميت من دون الله، ولا أن يستغيث به، ولا أن يذبح له، ولا أن يطلبه المدد، ولا أن يطوف في قبره، كل ذلك من الشرك الأكبر، كونه يطوف يتقرب إلى الميت بالطواف، هذا شرك أكبر. أو يقول: يا سيدي المدد المدد، أو الغوث الغوث، هذا من الشرك الأكبر، هذا من جنس عمل أبي جهل وأشباهه من عباد القبور، ¬

_ (¬1) سورة الزخرف الآية 23

عباد الأصنام. فالواجب عليكم أيها السائل أن تستمروا في النصيحة والإنكار، وأن تطلبوا من العلماء أن ينبهوهم ويوضحوا لهم ويرشدوهم حتى يتركوا هذا الشرك وحتى يزيلوا هذه الأبنية التي على القبور، وتبقى القبور ضاحية شامسة ليس عليها بناء. نسأل الله للجميع الهداية. س: والدي سمع من العلماء أنه لا يجوز البناء على القبور، وفي مقبرة قريبة منا توجد فيها قبور عليها بناء من الذين يدعون بالصوفية، وأنهم يقولون: إنهم يضرون وينفعون، ولا يضر ولا ينفع إلا الله سبحانه وتعالى، ويزورها الناس يوم الجمعة، وأيام الأعياد، هل ما فعل والدي على حق، أم ننهاه عن ذلك جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: البناء على القبور لا يجوز، والواجب إزالته وعلى الدولة والحكام أن يزيلوه، أما الأفراد فليس لهم أن يزيلوه، إلا بإذن حتى لا يكون اصطدام وفتنة بينهم وبين المسؤولين، بل على ولاة الأمور، من الأمراء والقضاة، وعلى العلماء أن ينكروا هذا المنكر، وأن يزال؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعن من بنى المساجد على القبور، وقال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)»؛ ونهى عن تجصيص ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط، رقم 195. (¬2) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390.

القبور والبناء عليها. فالواجب أن يزال البناء حتى تكون شامسة بارزة، كقبور المدينة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وحتى لا يغلى فيها، فإذا بني عليها صار من أسباب الغلو فيها، وعبادتها من دون الله وتعظيمها التعظيم غير الشرعي، فلا يبنى عليها لا قبة ولا مسجد ولا غير ذلك، وإذا وجد بناء يرفع الأمر إلى ولي الأمر المسلم، وإلى العلماء حتى يزال بطريقة شرعية، ليس فيها فتنة ولا تعرض لمشكلات تضر المجتمع، والله المستعان.

حكم قطع الأشجار التي على القبور

97 - حكم قطع الأشجار التي على القبور س: يوجد مقابر في اليمن، وعلى هذه المقابر أشجار، وقد مر عليها مئات السنين لا أحد يأخذ منها؛ لأنهم يدعونها حق الأولياء المقبورين في هذه المقابر، وأنه من أخذ منها تتصور له حنش كما يقولون، وأنه يعضه بنابه، ويخرج عليه من هذه الأشجار التي على القبور، هل هذا صحيح، وما مدى صحة قطع الأشجار من على القبور؟ (¬1) ج: لا بأس أن تؤخذ الأشجار يقطعها، ولا بأس أن يأخذ من ثمارها ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط، رقم 9.

إذا كان فيها ثمرة كالسدر ونحوه، ولا بأس أن يقطعها ويستفيد منها، إذا كانت ليس ملكا لأحد، ولا هي في أرض مملوكة لأحد، إنما نبتت على المطر مثلا، فلا بأس أن تقطع وينتفع بها، ولكن إذا كان هناك فتنة تقع بهذا الشيء فينبغي ألا يقدم على هذا إلا بمشاورة ولاة الأمور حتى لا تقع فتنة بينه وبين الناس، ولاة الأمور: لهم التصرف، يشاورهم في قطعها لمصلحة المسلمين، أو الفقراء أو ما أشبه ذلك. أما إذا كان لا يترتب على قطعها فتنة، ولا قتال ولا شرور، وأحب الإنسان أن يقطعها ليستفيد منها، وينتفع بها، فلا بأس بذلك، أما قوله إنها لحرمة القبور، أو كرامات الأولياء أو لكذا أو لكذا هذا لا أصل له، أو عندما يأخذ منها يصيبه حنش، هذا من تلبيس الملبسين، ولا أصل لهذا الشيء فلا بأس أن تؤخذ الأشجار وتقطع، ولا بأس أن تؤكل ثمارها إذا كان فيها ثمر، ولكن إذا كان قطعها يترتب عليه شيء من النزاع بينه وبين الناس، أو القتال أو شيء من الفتن. فينبغي له ألا يعجل في الأمور، حتى يستشير أهل العلم، أهل البصيرة، أهل الهدى والاستقامة وحتى يتفق مع ولاة الأمور، أمير بلد أو قاضي بلد، حتى يكون هذا على بصيرة وحتى لا تقع فتن بينه وبين الناس.

حكم اعتقاد النفع والضر في الأولياء

98 - حكم اعتقاد النفع والضر في الأولياء س: أختنا تقول: عندما استمعت لهذا البرنامج استفدت الكثير والكثير، وخاصة عندما عرفت أن الأولياء والموتى لا يفيدون الإنسان، وعندما أخبرت أهلي بذلك اتهموني بأنني كافرة، وأن الأولياء سيضرونني، وأنهم يرونني في المنام، بأن هؤلاء الرجال الصالحين يلومونني، بماذا تنصحون مثل هؤلاء الذين تشبعت عقولهم بالخرافات، والتي تكاد في كل البلدان العربية تنتشر؟ (¬1) ج: ننصح الجميع بأن يتقوا الله عز وجل ويعلموا أن السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة، باتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - والسير على منهاجه عليه الصلاة والسلام، فهو سيد الأولياء وأفضل الأولياء، فالأنبياء هم أفضل الناس وهم أفضل الأولياء وأفضل الصالحين ثم يليهم بعد ذلك الأتقياء من عباد الله من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. فالأولياء هم أهل الصلاح والاستقامة على طاعة الله ورسوله، وعلى رأسهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فحبهم دين، حبهم في الله والتأسي بهم في الخير والأعمال الصالحات هذا هو المطلوب، ولكنه لا يجوز التعلق بهم وعبادتهم من دون الله، لا يجوز أن يدعوا ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط، رقم 80.

مع الله فلا يستغاث بهم ولا يطلب منهم مدد، كأن يقول: يا سيدي عبد القادر أغثني، أو يا رسول الله أغثني، أو يا علي أغثني، أو انصرني أو يا حسين أو يا فاطمة أو يا ست زينب أو كذا، هذا لا يجوز. الدعاء لله وحده، الله يقوله سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬1) ويقول سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (¬2) ويقول سبحانه: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} (¬3)، ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬4) فسماهم كفرة بدعائهم غير الله، وقال سبحانه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬5)، وقال جل وعلا: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬6) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (¬7) سبحانه وتعالى فبين سبحانه أن من يدعونه من دون الله من الأولياء وغير الأولياء، لا يسمعون دعاءهم ما بين ميت وما بين مشغول بشأنه مع الله فلا يسمعون دعاءهم في موتهم أو غيبتهم، ولو سمعوا ما استجابوا لهم ولا يستطيعون أن يستجيبوا لهم؛ لأن غفران الذنوب وتفريج الكروب ¬

_ (¬1) سورة غافر الآية 60 (¬2) سورة البقرة الآية 186 (¬3) سورة النمل الآية 62 (¬4) سورة المؤمنون الآية 117 (¬5) سورة الجن الآية 18 (¬6) سورة فاطر الآية 13 (¬7) سورة فاطر الآية 14

بيد الله سبحانه وتعالى، ثم قال {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬1) سمى دعاءهم لأوليائهم شركا بالله سبحانه وتعالى كما سماه في الآيات الأخرى كفرا، فطلب المدد والغوث من الأموات والغائبين للاعتقاد أن لهم سرا وأنهم يسمعون مع البعد كل هذا باطل كله من الشرك بالله سبحانه وتعالى. فالواجب على كل مسلم أن ينتبه لهذا الأمر، وأن يعرف أن اعتقاد الجهلة في الأولياء أو في الأنبياء، أنهم ينفعون أو يضرون وأنهم يغيثون من استجار بهم واستغاث بهم بعد الموت، وأنهم يعطونه مطالبه من غفران الذنوب وشفاء المرضى وغير هذا، كل هذا جهل كله شرك بالله عز وجل، فيجب الحذر من ذلك، والنبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه الله لإنكار هذا، بعثه الله إلى العرب والعجم إلى الجن والإنس، يدعوهم إلى توحيد الله والإخلاص له، وكانت العرب تعبد الأصنام والأولياء والأشجار والأحجار، فدعاهم إلى ترك هذا وحذرهم من هذا، وأمرهم بأن يعبدوا الله وحده، فتلا عليهم قوله سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬2)، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬3)، {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬4) إلى غيرها من الآيات. فعلى المسلمين جميعا وعلى المكلفين وعلى كل من له أدنى بصيرة ¬

_ (¬1) سورة فاطر الآية 14 (¬2) سورة الإسراء الآية 23 (¬3) سورة الفاتحة الآية 5 (¬4) سورة البينة الآية 5

أن ينتبه لهذا الأمر، وألا يغتر بالمشركين وعباد الأوثان وعباد القبور، يجب أن يحذر من شبههم الباطلة، ويجب عليه أن يحذر من دعوتهم إلى الشرك، ويجب أن يلتزم بما شرعه الله لعباده، وما علمه عباده على يد الرسل عليهم الصلاة والسلام، وما أوضحه في كتابه العظيم، من وجوب العبادة لله وحده، وإخلاصها له وحده دون كل ما سواه، كما قال عز وجل: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (¬1) وأنت أيتها السائلة اشكري الله الذي علمك وأنقذك وبصرك حتى عرفت الحق، الذي جهله الناس، ولا تبالي بعيبهم لك أو وعيدهم لك، بالأولياء فإن هذا لا يضرك فهم جاهلون، ومتى اهتدوا عرفوا الحق الذي عرفته، وصاروا عونا لك إن شاء الله على الخير، نسأل الله أن يهدي الجميع. ¬

_ (¬1) سورة غافر الآية 14

حكم تقديم النذور لمزارات الأولياء

99 - حكم تقديم النذور لمزارات الأولياء س: في مدينة الموصل يوجد مزار يسمى مزار الشيخ فتحي أبي عبد الله، وهذا الشيخ له أثر كبير عند أهالي الموصل، وخاصة النساء وحيث إذا مرضن أو أصبن بأذى يذهبن إلى زيارة الشيخ فتحي، ويحصل لهن الشفاء العاجل، كما يدعين، وينذرن النذور للشيخ فتحي، عند شفائهن من المرض، والعبارات اللآئي يقلنها، هي النذر لوجه الله، والثاني لأبي عبد الله، أو يقول: نذر لله والشيخ فتحي، أو لله وثوابها لأبي عبد الله؛ وسؤالي هذا هل هو حرام أم حلال، أفيدونا أفادكم الله؟ (¬1) ج: هذا القبر الذي ذكره السائل لا أعرف صاحبه، ولكن بكل حال فلا يجوز إتيان القبور لدعائها والاستغاثة بأهلها والنذر لهم سواء كان هذا القبر أو غيره، لا قبر فتحي ولا غيره لا يجوز للمسلمين ذكورا أو إناثا أن يأتوا القبور لدعائها والاستغاثة بأهلها أو النذر لهم أو التمسح بقبورهم أو ما أشبه ذلك بل هذا منكر ولا يجوز ودعاء الميت والاستغاثة به شرك من أنواع الشرك الأكبر. فعلى أهل العلم أن يوضحوا للنساء وغير النساء أن هذا لا يجوز وأن عليهن أن يسألن الله جل وعلا، إذا نزل بهن بأس من مرض أو ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط، رقم 19.

غيره أن يسألن الله ويتضرعن إليه في سجودهن وفي آخر الصلاة، وفي آخر الليل، وبين الأذان والإقامة، يسألن الله جل وعلا الشفاء والعافية، ومن ذلك استعمال الرقية كونهن يرقي بعضهن بعضا بالرقية الشرعية وهي: اللهم رب الناس أذهب البأس اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما، ويقرأ: قل هو الله أحد، والمعوذتين والفاتحة، وآية الكرسي وغير هذا من الآيات القرآنية؛ المقصود أن إتيان القبور وسؤال أهلها الشفاء أو النصر أو ما أشبه ذلك، هذا منكر ومن الشرك الأكبر ومن عمل الجاهلية؛ وإنما تزار القبور للسلام على أهلها والدعاء لهم والترحم عليهم، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، (¬1)» ويدعو لهم يقول: اللهم اغفر لهم، اللهم ارحمهم ونحو هذا، هذه الزيارة الشرعية، وقد زار النبي - صلى الله عليه وسلم - قبور البقيع، فقال: «السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر (¬2)»، هذه الزيارة الشرعية، أما الزيارة لدعاء الميت، أو الاستغاثة بالميت، فهذا من الشرك الأكبر، أو الطواف لقبر يرجو شفاعته، يرجو نفعه يرجو أنه يشفي مرضه، هذا كله من الشرك الأكبر، وهكذا التمسح بتراب القبر، والاستشفاء بتراب القبر هذا من عمل الجاهلية وهو من الشرك الذي حرمه الله عز وجل. ¬

_ (¬1) البخاري صلاة التراويح (1920)، مسلم الاعتكاف (1174)، الترمذي الصوم (796)، النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1639)، أبو داود الصلاة (1376)، ابن ماجه الصيام (1768)، أحمد (6/ 68). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم 1053

فالواجب على أهل العلم أن ينبهوا العامة وأن يوضحوا لهم أن هذا لا يجوز وأن الله هو الذي يسأل سبحانه وتعالى ويرجى لشفاء المرض والنصر على الأعداء وغير ذلك سبحانه وتعالى، وهو القائل جل وعلا: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬1) وهو القائل: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬2)، كما قال سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬3) قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الدعاء هو العبادة (¬4)» فلا يجوز أن يدعى غير الله، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، بل الدعاء لله وحده، هو الذي يرجى ويدعى سبحانه وتعالى، ولا يجوز أن يقول: يا رسول الله: اشف مريضي، وانصرني، أو يا شيخ أبا عبد الله انصرني أو يا شيخ عبد القادر الجيلاني انصرني، أو اشف مريضي أو يا سيدي البدوي، أو سيدي الحسين، أو ما أشبه ذلك، كل هذا منكر وكله من الشرك الأكبر. فالواجب التنبه لهذا الأمر، من الإخوان في العراق وغيرها، والواجب على أهل العلم وفقهم الله أن يوضحوا للناس حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك، وأن ينكروا على العامة ما يقعون فيه من الشرك بالله عند قبور ما يسمونهم بالأولياء، فالحاصل أن هذه الأمور العظيمة يجب على أهل العلم أن يهتموا بها وأن يعنوا بها حتى يدرك العامة الشرك ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 18 (¬2) سورة غافر الآية 60 (¬3) سورة يونس الآية 106 (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند الكوفيين، حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، برقم 17888.

وحتى يوجهوهم إلى توحيد الله والإخلاص له ودعائه سبحانه ورفع الأيدي له جل وعلا، فهو الذي يشفي ويكفي سبحانه وتعالى، هو الشافي لعباده وهو المالك لكل شيء وهو القادر على كل شيء سبحانه وتعالى، وأما ما قد يقع لبعض الناس من كونه يدعو الميت، ويشفي، هذا قد يقع استدراجا وابتلاء وامتحانا، والله سبحانه وتعالى هو الشافي، وقد يكون المرض من أسباب الشياطين تسبب المرض للإنسان حتى إذا دعا الميت كفوا عنه، ما قد فعلوه به، الحاصل أن هذا ليس بحجة كونه يأتي المريض إلى الميت، فيدعوه ويستغيث به، فيشفى سريعا. هذا قد يكون استدراجا وابتلاء وامتحانا، حتى يمتحن صبره وإيمانه، فلا يغتر بهذا عاقل، وقد يصادف القدر الذي قدره الله بالشفاء فيظنه من أسباب الميت، وقد يكون بشيء من أسباب الشيطان، قد يقع من الشيطان للإنسان شيء، يعني يعمل معه عملا يؤذيه ويضره ويمرض منه، فإذا ذهب إلى الميت ودعاه وسأله كف عنه هذا الشيطان حتى يغريه بالشرك وحتى يوقعه بالشرك وحتى يظن هذا الجاهل أن هذا من عمل الولي وأنه هو الشافي، وهذا من أقبح الغلط والمنكر، والله هو الذي يشفي ويعافي سبحانه وتعالى، والولي وغير الولي لا يجلب لنفسه ضرا ولا نفعا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، مملوك لله سبحانه وتعالى، فالله هو النافع الضار عز وجل، فينبغي التنبه لهذا الأمر.

س: يوجد لدينا مساجد ونجد في بعض المساجد قبورا من قبور الصالحين أو الأولياء ليس داخل المسجد بل بالقرب منه، على ساحة واحدة، وحوش واحد، أفيدونا إن كان هذا صحيحا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: المساجد التي تبنى على القبور فإنه لا يصلى فيها، أو المساجد التي فيها موتى لا يصلى فيها؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (¬2)» فكل مسجد بني على قبر أو على قبور تحرم الصلاة فيه، ويجب هدمه، يجب على ولاة أمور المسلمين هدمه وإزالته، أما إذا وضعت القبور في المسجد وهو قائم، لكن وضعت فيه القبور، فإنها تنبش وتنقل إلى محلات القبور، فلا يبقى في المساجد قبور أبدا هذا هو الحق، وهذا هو دين الله عز وجل، الذي يجب العمل به، وهو ما جاء به نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - .. أما إذا كان القبر خارج المسجد عن يمينه أو شماله، أو خلفه أو أمامه، أو على خارج الحيطان فلا تضر الصلاة، ولكن إبعاد القبور عن المسجد إذا تيسر، يكون أفضل وإلا فلا تضر ما دامت خارج المسجد عن يمين أو شمال، أو أمام أو خلف أخرجتها جدران المسجد، أو حائط المسجد أخرجتها عنه فلا تضر. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط، رقم 306. (¬2) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390.

حكم الأكل من الذبائح التي يتقرب بها إلى أصحاب القبور

100 - حكم الأكل من الذبائح التي يتقرب بها إلى أصحاب القبور س: سائلة تقول: إن لوالدتنا أقارب، يتقربون إلى ذوي القبور وتأكل من ذبائحهم، وطلبنا منها أن تتبرأ منهم، ولكنها لم تستجب، فما هو توجيه سماحتكم، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: الذين يتقربون إلى أصحاب القبور بالدعاء أو الاستغاثة، أو الذبائح مشركون، لا تؤكل ذبيحتهم. فالواجب ترك ذبيحتهم، والإنكار عليهم، ودعوتهم إلى الله وتوجيههم إلى الخير لعلهم يهتدون، الله سبحانه وتعالى حرم ذبيحة الكافر إلا أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى إذا ذبحوها لغير آلهتهم، وإنما ذبحوها للحم، وذكروا اسم الله عليها. أما عباد القبور، ودعاة الأموات، المستغيثون بالأموات، هؤلاء ذبيحتهم حرام. فالواجب الحذر من أكلها مع دعوتهم إلى الله وإرشادهم وتعليمهم لعل الله يهديهم بأسبابكم. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط، رقم 335.

س: تسأل عن علاقة والدتها بأولئك الذين يتقربون بالموتى، وبوالدهم الذي ذكرت صفته ثم تقول: هل يؤثر ذلك على معتقدها؟ ج: على كل حال الواجب عليها الإنكار والتعليم ولا يضرها، إذا أنكرت عليهم وعلمتهم فقد أدت ما عليها، والحمد لله. س: أما الوالدة فكيف يكون معتقدها؟ ج: عليها تعليمها وإرشادها، وتعليم الوالد والاستعانة بأهل الخير الذين عندهم علم، حتى يساعدوها في دعوتهم إلى الله، والإحسان إليهم كما قال جل وعلا في حق ولد الكافرين: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (¬1)، فعليها أن تحسن إليهما وأن ترفق بهما، وأن تخاطبهما بالتي هي أحسن، مع الجد في دعوتهما إلى الخير، والاستعانة بالناس الطيبين في دعوة والديها إلى الخير، من العلماء والأخيار لعلهما يهتديان. ¬

_ (¬1) سورة لقمان الآية 15

س: إذا كان والدها متوفيا، فكيف يكون تصرفهم حينئذ؟ ج: لا يدعون له ولا يستغفرون له، إذا مات على الكفر، لا يدعى له، ولا يستغفر له؛ لأنه مات على الكفر، قال الله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} (¬1)، المقصود أنهم لا يستغفرون لهم، ولا يدعون لهم، ولا يتصدقون عنهم؛ لأنهم ماتوا على عبادة القبور، والاستغاثة بالأموات ونحو ذلك، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 113

حكم اتخاذ قبور الأولياء أعيادا

101 - حكم اتخاذ قبور الأولياء أعيادا س: الأخ: م. هـ. ع. ق. من حضرموت، يسأل ويقول: تقام زيارة لقبر أحد الأولياء كما يزعم العامة والله أعلم واسمه علي بن محمد الحبشي، وتسمى هذه الزيارة بزيارة الحول، ويمكثون على قبره الموجود تحت قبة إحدى عشرة ليلة، يصلون على المقابر حيث الإمام داخل المقبرة المحيطة بالقبة، ويمتد الجمع وخاصة المغرب والعشاء إلى مساحة خارج المقبرة، ويأمر الإمام من يصلي على المقبرة بفرش ردائه، وفي اليوم الثامن يجتمع الناس من الرجال والنساء، حيث الاختلاط وانتهاك الأعراض حاملين ثوبا على

النعش، من بيت أهل الولي إلى تابوت قبر الولي بالقبة بالطبول والأناشيد ثم يلبسون ذلك التابوت، مع العلم بأن التابوت مرتفع بقدر متر تقريبا، ويتمسحون بالثوب والتابوت والقبة، سائلين الولي قائلين يا علي، يا علي، بما يسأل الله به، وفي اليوم العاشر تكون الوقفة تشبها بالحج، يقفون في ذلك المكان، وتلقى الكلمات عن ذلك الولي وكراماته، وإذا نصحنا بعدم فعل ذلك، وأنه من البدع والشرك، قالوا أنتم أهل البدع الخارجين عن اتباع السلف، وأنتم تكرهون الأولياء، ما رأي الشرع في ذلك؟ وبم تنصحون هؤلاء جزاكم الله خيرا، ومتع بوجودكم. (¬1) ج: فينبغي أن يعلم أن شد الرحال للقبور من المنكرات، التي نهى عنها النبي عليه الصلاة والسلام، فالرحال لا تشد إلا لثلاثة مساجد: المسجد الحرام والمسجد النبوي وبيت المقدس، هذه هي المساجد الثلاثة التي تشد لها الرحال، كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى (¬2)». ثم الذهاب إلى ما يسمونهم بالأولياء، للجلوس عند قبورهم وطلب المدد منهم، أو الشفاء أو ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط، رقم 148. (¬2) مسلم الحج (1397)، النسائي المساجد (700)، أبو داود المناسك (2033)، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1409)، أحمد (2/ 234).

النصر على الأعداء، كل هذا من الشرك الأكبر؛ لأنه لا يجوز سؤال المخلوق، سواء سمي وليا أو ما سمي وليا، لا يجوز سؤاله ولا طلب شفاء المرضى منه، ولا طلب المدد؛ لأن هذا إلى الله سبحانه وتعالى ليس إلى الأولياء، ولا إلى الرسل ولا يطلب منهم مثل هذا الطلب، ولا يجوز التمسح بقبورهم، ولا التبرك بها ولو سموا أولياء، ولو كانوا صالحين ولو كانوا أنبياء، لا يجوز هذا في القبور، وهذا هو عمل المشركين الأولين، وعمل أهل الجاهلية مع القبور. فالواجب على أهل الإسلام الحذر من هذه الأمور، وألا يفعلوها وأن ينكروها على من فعلها من العامة، وألا يغتروا بما درج عليه الأسلاف والآباء من الشرك الأكبر، فالبناء على القبور واتخاذ القباب عليها منكر لا يجوز، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)»، وكان عليه الصلاة والسلام يأمر بتسوية القبر إذا رفع، يأمر بتسويته، قال عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه: «لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبرا مشرفا إلا سويته (¬2)». معنى سويته، يعني نقضته وهدمته حتى يستوي بالأرض، ما يبقى إلا علامة القبر قدر شبر ونحوه. هكذا شرع الله القبور أن ترفع قدر شبر من الأرض، حتى يعرف أنها قبور، لا توطأ ولا تمتهن ولا يبنى عليها، ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب الأمر بتسوية القبر برقم 969.

قبة ولا مسجد ولا غير ذلك، يقول جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تجصيص القبور، وعن القعود عليها وعن البناء عليها (¬1)».، فلا فرق بين قبر ولي أو نبي أو غيرهما، ولا يجوز لأحد أن يتبرك بالقبور، أو يتخذها أعيادا أو يسألها شفاء المرضى، أو المدد والعون أو النصر على الأعداء، أو البركة في الأولاد أو في الطعام أو ما أشبه ذلك، كل هذا لا يجوز. وهذه الإقامة عند قبر هذا الشخص منكرة وبدعة، ومن أسباب الشرك، سواء كان أحد عشر يوما أو أقل أو أكثر، إنما المشروع للمسلم أن يزور القبور، ويسلم عليهم ويدعو لهم وينصرف إذا كانوا مسلمين يزورهم للسلام عليهم، والدعاء لهم، وليس لطلب دعائهم من دون الله، أما الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، فإنهم محتاجون للدعاء، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية (¬2)»، وكان إذا زار القبور عليه الصلاة والسلام يقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، غدا مؤجلون وأتاكم ما توعدون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (¬3)»، وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه زار قبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه وقال: ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه برقم 970. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم 974. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم 974.

«السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر (¬1)»، هكذا الزيارة الشرعية، سلام على المقبورين ودعاء لهم بالمغفرة والرحمة والعافية. أما أنهم يدعون مع الله يقول: اشفعوا لنا، انصرونا، المدد المدد، هذا منكر لا يجوز، هذا نفس الشرك الذي فعلته قريش وغيرها. فالواجب على المسلم الانتباه واليقظة والحذر من أعمال الشرك، ثم النساء لا يزرن القبور، الرسول نهى عن زيارة القبور للنساء، ولعن زائرات القبور من النساء، إنما الزيارة للرجال للقبور خاصة، يزورونها ويدعون لأهلها بالمغفرة والرحمة، أما النساء فلا يزرن القبور، والحكمة في ذلك والله أعلم؛ لأنهن قد يفتن أو يفتن، ولقلة صبرهن أيضا، فمن رحمة الله أن نهاهن عن زيارة القبور، ويكفي أن يدعين لأمواتهن في بيوتهن، يدعين لأمواتهن ويترحمن عليهم وهن في البيوت، لا حاجة إلى زيارة القبور، إنما الزيارة للرجال، ولهذا جاء في الحديث الصحيح: «لعن رسول الله زائرات القبور (¬2)». فلا يجوز للنساء أن يذهبن إلى القبور، ولا يجوز للرجال أن يتوجهوا للقبور لقصد التبرك بالمقبورين، أو دعائهم أو الاستغاثة بهم، أو طلب منهم ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم 1053 (¬2) أخرجه أحمد في مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن العباس برقم 2031.

المدد أو الصلاة عند قبورهم، هذا منكر، بل هو من المحرمات الشركية، والصلاة عند القبور بدعة، وإذا كان يصلي للميت ويطلبه من دون الله، صار شركا أكبر، نسأل الله العافية. فالواجب على أهل الإسلام الحذر من هذه الأمور الشركية ومن هذه البدع التي أحدثها الجهال الذين ما فهموا الشريعة ولا فقهوا فيها، ونسأل الله للجميع الهداية.

جميع قبور الأنبياء لا تعرف سوى قبري نبينا وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام

102 - جميع قبور الأنبياء لا تعرف سوى قبري نبينا وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام س: عندنا في سلطنة عمان وخاصة في المنطقة الجنوبية يوجد مسجد وقبر في الجبل، أي جبل ظفار يدعي أهل ظفار بأنه قبر النبي أيوب، ومما لفت انتباهي أنهم يزورنه، ويتوافدون إليه، وكذلك قبر مماثل يوجد في صلالة، يدعون أنه قبر عمران، ويتجهون إليه مثل الذي في الجبل، أرجو من سماحتكم التكرم بالإجابة على هذا السؤال، ونشره في الإذاعة، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذا شيء لا صحة له، فجميع قبور الأنبياء لا تعرف ما عدا ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط، رقم 177.

قبر نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - في المدينة، وقبر إبراهيم في الخليل، وما سوى ذلك فهو غير معروف عند أهل العلم، ولا يصدق من قال ذلك، لا قبر أيوب ولا غير أيوب عليه الصلاة والسلام، ثم لو فرضنا أنه موجود قبر أيوب أو غير أيوب، وعمران أو غير عمران لم يجز لأحد أن يعبدهم من دون الله، ولا أن يدعوهم من دون الله، حتى الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو أفضل الخلق، لا يجوز لأحد أن يدعوه من دون الله أو يستغيث به أو ينذر له، أو يذبح له أو يتقرب إليه بالذبائح؛ لأن هذا من الشرك الأكبر. فالواجب الحذر من ذلك، فالقبور لا يجوز عبادتها من دون الله فلا تدعى من دون الله، ولا يستغاث بأهلها ولا ينذر لهم، ولا يذبح لهم ولا يطلب منهم المدد كل هذا لا يجوز، بل هو من الشرك الأكبر؛ فالواجب الحذر من ذلك، قال الله عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬1)، وقال سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬2)، وقال سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬3) وقال سبحانه وتعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬4) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (¬5) سبحانه وتعالى، فبين سبحانه أن دعاء غير الله، من الأموات والأصنام ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 23 (¬2) سورة الفاتحة الآية 5 (¬3) سورة يونس الآية 106 (¬4) سورة فاطر الآية 13 (¬5) سورة فاطر الآية 14

والأشجار والأحجار، كله شرك بالله سبحانه وتعالى، ولهذا قال: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬1) يعني يتبرؤون منكم، وينكرون عليكم ما فعلتم، وقال سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬2)، فسمى دعاة غير الله من الأصنام والأموات، سماهم كافرين. فالواجب الحذر من هذه الشركيات، والواجب التواصي بإنكارها وإبلاغ الجهلة ذلك، حتى يكونوا على بينة وعلى بصيرة، فالله سبحانه وتعالى أوجب على عباده التواصي بالحق، والدعوة إلى الله عز وجل، قال سبحانه: {وَالْعَصْرِ} (¬3) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (¬4) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (¬5)، وقال سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (¬6) رزق الله الجميع التوفيق والهداية. ¬

_ (¬1) سورة فاطر الآية 14 (¬2) سورة المؤمنون الآية 117 (¬3) سورة العصر الآية 1 (¬4) سورة العصر الآية 2 (¬5) سورة العصر الآية 3 (¬6) سورة النحل الآية 125

التحذير ممن يغالون في الأولياء

103 - التحذير ممن يغالون في الأولياء س: إذا كنت قد حذرت بعض الناس من الأشخاص الذين يقولون: نحن أبناء مشايخ، أو أبناء أولياء، ويعتقدون أنهم أبناء الصالحين وهم أحياء، هل أكون مغتابا أو نماما؛ لأن الآية تقول: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} (¬1) (¬2) ج: على كل حال الدين النصيحة، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الدين النصيحة (¬3)»، فإذا رأيت من بعض الناس ميلا عن الحق، ودعوة إلى الباطل، سواء كانوا يسمون مشايخ، أو يسمون أولياء أو كانوا ينسبون إلى مشايخ، وأولياء فإنك تحذر إخوانك من هؤلاء لئلا يضلوهم، وهذا ليس من باب الغيبة ولا من باب النميمة لكنه من باب النصيحة لله ولعباده، فالناصح لا يسمى مغتابا، «والنبي - صلى الله عليه وسلم - جاءته فاطمة بنت قيس، تقول: يا رسول الله إنه خطبني فلان، وخطبني فلان، نصحها، وقال لها: أما فلان فلا يضع عصاه عن عاتقه - أي ضراب للنساء - وأما فلان فصعلوك لا مال له (¬4)»، فنصحها ولم يكن هذا غيبة مع أنه سماهم، قال: فلان وفلان، معاوية وأبو جهم. ¬

_ (¬1) سورة الحجرات الآية 12 (¬2) السؤال التاسع من الشريط، رقم 40. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة برقم 55. (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الصداق، باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها برقم 1480.

فالمقصود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصحها وبين أن هذين الرجلين لا يصلحان لها، وأشار عليها بأسامة بن زيد، فدل ذلك على أن الناصح لا يسمى مغتابا ولا نماما يقول لك: لا تقرب فلانا ولا تجالس فلانا؛ لأنه يفعل كيت وكيت، وأخشى عليك منه فلا حرج في هذا، وإذا كان المقصود النصيحة والخوف عليه من الشر؛ والمشايخ والأولياء لا يقدسون، ولو ظهر منهم الصلاح أو الخير يدعى لهم ويترحم عليهم ويقتدى بهم في الأفعال الطيبة، مثل المحافظة على الصلاة مثل الإكثار من الصوم، مثل الإكثار من ذكر الله وفي طلب العلم، يقتدى بهم في الخير، وهؤلاء الذين يسمون أولياء ويسمون مشايخ، ويعتقد فيهم، هذا غلط حتى الأنبياء وهم أفضل الناس، لا يعتقد فيهم أنهم ينفعون أو يضرون، أو يدعون من دون الله، أو يستغاث بهم، لكن الرسل يتبعون فيما أمروا به ينتهي عما نهوا عنه ويطاع أمرهم وينتهى عن نهيهم، كما قال جل وعلا: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (¬1)، وقال سبحانه: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (¬2)، فالرسل وهم أفضل الناس، والأنبياء لا يقدسون تقديس العبادة، ولكن يعظمون التعظيم الذي شرعه الله، من محبتهم وتعظيم أوامرهم، والمسارعة إلى ما أمروا به والانتهاء عما نهوا عنه، وهكذا الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - أفضل الناس، وأفضل الرسل، لا يعبد من دون الله، ولكن يحب، يجب أن ¬

_ (¬1) سورة آل عمران الآية 31 (¬2) سورة المائدة الآية 92

تكون محبته فوق محبة النفس، والمال والولد والناس أجمعين، ولكن لا يغلى فيه لا يعبد من دون الله، لا يستغاث به بعد موته، لا يدعى بعد موته، لا يقال إنه يعلم الغيب، كل هذا منكر وهذا من الشرك؛ وفي حياته لا بأس أن تقول: ادع الله لي يا رسول الله، أغثني بكذا يغيثك بشيء يستطيعه، وهذا يوم القيامة يطلب الناس منه عليه الصلاة والسلام، أن يشفع إلى الله أن يريحهم من كرب الموقف، هذا لا بأس به، أما بعد الموت في حال البرزخ، فلا يدعى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا غيره، ما يسمون بالأولياء والمشايخ ولا غيرهم، العبادة حق الله وحده سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬1)، وقال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ} (¬2)، وقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (¬3) والعبادة حق الله وهي التذلل في طاعته، وترك نواهيه كالصلاة والصوم، والصدقة والحج والعمرة والصيام، ونحو ذلك من العبادات كلها لله، وهكذا الذبح لا يذبح إلا لله، ولا ينذر إلا لله، فلا يذبح للمشايخ، ولا للأنبياء ولا للأولياء ولا يتقرب إليهم بالذبائح، ولا يدعون من دون الله، ولا ينذر لهم ولا يستغاث بهم، ولا يدعى أنهم يعلمون الغيب، كل هذا باطل ولا يجوز، ولكن يترحم على الأولياء الصالحين المعروفين بالخير، ¬

_ (¬1) سورة الذاريات الآية 56 (¬2) سورة البينة الآية 5 (¬3) سورة البقرة الآية 21

يترحم عليهم ويدعى لهم، يتأسى بهم في الطيب، ولكن العبادة حق الله وحده وهكذا الرسل يتبعون ويطاعون ولكن لا يغلى فيهم ولا يعبدون مع الله، فيجب أن تفهم هذا أيها السائل، وأن تكون على بصيرة، فالعبادة حق الله، والرسل حقهم الطاعة والاتباع، والمحبة والأولياء والمشايخ الطيبون، هؤلاء يدعى لهم ويترحم عليهم، لا يقدسون بعبادة من دون الله ولا يستغاث بهم، ولا يتمسح بهم وهم أحياء ولا يتمسح بقبورهم ولا بترابها، ولا ينذر لهم ولا يذبح لهم، ولكن يدعى لهم بالمغفرة والرحمة، ويتبع طريقهم الطيب في طاعة الله ورسوله، ويتأسى بهم في المحافظة على الخير، وحفظ الأوقات من الشر، والإكثار من ذكر الله، والولي هو المؤمن من اتقى الله واستقام على أمره، فهذا ولي من أولياء الله قال الله سبحانه: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (¬1) {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (¬2) بين أنهم أهل الإيمان والتقوى، وقال سبحانه في سورة الأنفال: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} (¬3). فالمتقي لله هو المؤمن، وهو الولي أما ما يذهب إليه الصوفية من أن الولي يعبد من دون الله، أو أنه يعلم الغيب، أو أنه يتصرف في الكون، فهذا باطل، وكفر وضلال، نعوذ بالله، ليس هذا بولي الذي يدعي ¬

_ (¬1) سورة يونس الآية 62 (¬2) سورة يونس الآية 63 (¬3) سورة الأنفال الآية 34

أنه يعلم الغيب، أو يقول: ادعوني من دون الله، أو اذبحوا لي، هذا ليس بولي، هذا ضال، هذا كافر نعوذ بالله، والذي يدعي فيه بهذا المعنى، أنه يدعى من دون الله أو أنه يعلم الغيب، هذا يكون كافرا نعوذ بالله؛ لأنه ادعى دعوى كفرية، وبين الشرع أنها كفر، نسأل الله السلامة والعافية، فينبغي التنبه لهذا الأمر.

حكم العذر بالجهل في عباد القبور والأضرحة

104 - حكم العذر بالجهل في عباد القبور والأضرحة س: إنني من صعيد مصر، وأقيم في قرية صغيرة تكثر فيها المعتقدات الفاسدة، في أصحاب القبور والأضرحة والمقامات، ويهتفون بأسمائهم عند الشدائد ويلجئون إليهم عند الملمات، وينذرون لهم النذور، ويعتقدون فيهم النفع والضر، ويحلفون بأسمائهم، فهل تصح الصلاة خلف إمام مسجد يعتقد في تلك القبور، ويعتقد النفع والضر في أصحابها، ويهتف بأسمائهم، وهو أيضا يحلف بغير الله، وهل تصح صلاة الجمعة خلفه ولو لم يوجد من يصلى خلفه غيره، إلا من هو مثله، فهل صلاة الفرد تكون في مثل هذه الحالة أفضل، أم الصلاة خلفه، وهل يعذر أولئك القبوريون بجهلهم، أم لا يعذرون، فالجاهل منهم يحكم عليه بالإسلام، أم يحكم عليه بالكفر، وهو يصلى على ميتهم ويدفن في مقابر المسلمين، أم لا، أجيبوني عن هذه القضايا، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذا سؤال عظيم وله شأن كبير؛ لأنه يتعلق بالكفر والإيمان والإسلام والشرك، فهؤلاء الذين ذكرت أيها السائل عقيدتهم وأعمالهم هؤلاء يعتبرون كفارا مشركين وثنيين، مثل كفار قريش وأشباههم، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط، رقم 106.

لا يصلى عليهم ولا يصلى خلفهم؛ لكونهم يستنجدون بأهل القبور، ويسألونهم قضاء الحاجات، وتفريج الكروب هذا شرك أكبر، فليس لأحد أن يصلي خلفهم، أو يصلي عليهم إذا ماتوا، فحكمهم حكم أهل الشرك، وإذا كان بعض الناس يعتقد في الأولياء النفع والضر صار شركا آخر كونه يدعوهم ويسألهم ويستغيث بهم، هذا شرك أكبر، وكونه يعتقد فيهم النفع والضر والتصرف بالعباد شرك آخر زائد على شرك المشركين الأولين، فإن قريشا وأشباههم في جاهليتهم لا يعتقدون النفع والضر في الأموات ولا في الأصنام، وإنما يعتقدون أنهم شفعاء عند الله، وأنهم يقربونهم إلى الله زلفى فقط، كما قال الله عز وجل: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (¬1)، فرد الله عليهم بقوله: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (¬2) فسماهم مشركين بهذا، مع أنهم قالوا هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فدل ذلك على أنهم لم يعتقدوا فيهم النفع والضر، وإنما اعتقدوا أنهم وسطاء، وقال سبحانه في سورة الزمر: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬3) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (¬4). ¬

_ (¬1) سورة يونس الآية 18 (¬2) سورة يونس الآية 18 (¬3) سورة الزمر الآية 2 (¬4) سورة الزمر الآية 3

فبين سبحانه أنهم ما عبدوهم؛ لأنهم يضرون وينفعون وإنما عبدوهم ليقربوهم إلى الله زلفى قال سبحانه عنهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬1)، فعلم بذلك أن كفار قريش وغيرهم من كفار العرب في عهده - صلى الله عليه وسلم - لم يعتقدوا أن أصحاب القبور أو أن الأصنام أو الأشجار أو الأنبياء والصالحين ينفعونهم أو يضرونهم، وإنما اعتقدوا أنهم وسطاء ينفعونهم بالوساطة، ويقربونهم إلى الله زلفى، فلهذا عبدوهم وسألوهم واستغاثوا بهم، وذبحوا لهم ونحو ذلك، فهؤلاء كفار ما داموا على هذه الحال، وليس لك أن تصلي خلف أحد منهم، ولو صليت وحدك، فالجمعة تصلى ظهرا وحدك إلا أن تجد من الموحدين من يصلي معك، جمعة في مسجد إن تيسر في المسجد، أو في بيت أحدكم إن لم يتيسر في المسجد، أما أن تصلي خلف هؤلاء فلا؛ لأن هؤلاء شركهم مضاعف وكفرهم مضاعف، نسأل الله العافية. والواجب على الدعاة إلى الله أن يدعوهم إلى الله، وأن يوضحوا لهم الحق وأن يرشدوهم، والواجب عليهم أن يتعلموا ويسألوا ويستفيدوا وألا يصبروا على باطلهم، الواجب على من كان في هذه المثابة أن يسأل أهل العلم في بلاده، أو في غير بلاده بالمكاتبة أو بالهاتف (التليفون) أو بغير ذلك من الوسائل، يسأل الله سبحانه يقول سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (¬2) فالحريص على دينه ¬

_ (¬1) سورة الزمر الآية 3 (¬2) سورة النحل الآية 43

يسأل عنه ولو بالسفر ولو يرتحل من مكان إلى مكان كما فعل السلف الصالح يرتحلون من بلد إلى بلد، لطلب العلم وهذه أعظم مسألة، مسألة التوحيد والكفر هي أعظم مسألة، وأكبر مسألة. فالواجب على كل مكلف أن يسعى في خلاصه ونجاته، وأن يسأل أهل العلم فيما أشكل عليه، وألا يرضى بالعوائد التي درج عليها أسلافه، كما قال الله عن الكفرة: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (¬1) ما يصلح هذا، لا يصلح، بل يجب التعلم والتبصر والتفقه في الدين، والسؤال عما أشكل حتى تعبد ربك على بصيرة: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} (¬2)، فنسأل الله لك أيها السائل ولمن ذكرت عنهم هذه الأعمال، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق للعلم النافع والعمل الصالح، إنه سبحانه جواد كريم. ¬

_ (¬1) سورة الزخرف الآية 23 (¬2) سورة يوسف الآية 108

س: سماحة الشيخ: من خلال ما عرض على سماحتكم من الرسائل، التي تصل إلى هذا البرنامج، ظهر ظهورا واضحا أن عالمنا الإسلامي مليء بأشياء وأشياء مخالفة للدين، من ذلك هذا التصوف، ومن ذلك هذا التبرك بالقبور، وبما يسمونهم بالأولياء، وما أشبه ذلك، يبدو أن الأمر يحتاج من جديد إلى مثل الشيخ: محمد بن عبد الوهاب. (¬1) ج: لا شك أن هذا الأمر يحتاج إلى مصلحين، يحتاج إلى دعاة الهدى الذين يتصدون لهذه الأمور بالدعوة إلى الله وتبصير الناس وتوجيههم، وإلى أئمة وقادة يزجرونهم عن الباطل بالقوة، ويقبضون على أيدي السفهاء، ويلزمونهم بالحق كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك في هجرته - صلى الله عليه وسلم - وفي مكة عليه الصلاة والسلام، وهكذا قام خلفاؤه الراشدون وهكذا دعاة الإصلاح في كل زمان، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في زمانه، وابن القيم في زمانه وأشباههم من دعاة الهدى، ثم جاء دور الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - في القرن الثاني عشر، فقام بهذا الواجب، ودعا إلى الله وأرشد الناس إلى توحيد الله، وأنكر الشرك الذي يوجد في نجد ثم في الحجاز، أنكر ذلك ودعا إلى الحق وهكذا أنصاره من العلماء والأخيار، ومن دعاة الهدى في نجد والحجاز وفي اليمن، قاموا بهذا الواجب ودعوا إلى ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط، رقم 148.

الله سبحانه وتعالى وأرشدوا الناس إلى توحيد الله وحذروهم من عبادة القبور والأشجار، والأحجار والجن، وهكذا كل مصلح يجب عليه أن يفعل هذا العمل، بالدعوة إلى الله والتوجيه وبالجهاد الشرعي والقوة التي تردع المجرم، إذا لم يرتدع بالكلام والدعوة، فإنه يحتاج إلى الردع بالقوة، بالتأديب بالسجن بقتل المرتد إلى غير ذلك، مما قام به نبينا - صلى الله عليه وسلم - وقام به خلفاؤه الراشدون والأئمة المهديون بعدهم، والله المستعان.

المجلد الثالث

بسم الله الرحمن الرحيم

باب ما جاء في ذم البدعة

باب ما جاء في ذم البدعة 1 - بيان معنى البدعة س: سائلة تقول: ما معنى بدعة؟ وهل هي حرام، أم مكروهة؟ (¬1) ج: البدعة معناها المحدث في الدين الذي أحدثه الناس، ولم يكن شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم للناس، هذا يسمى بدعة. فالمحدثات في الدين هي البدع. وقد قال فيها المصطفى عليه الصلاة والسلام: «كل بدعة ضلالة (¬2)» وكان يقول في خطبة الجمعة: «أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة (¬3)» فالبدعة محرمة وممنوعة، لأنها ضلالة، مثل بدعة ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 183. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم 867. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين، مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنهما برقم 13924.

الاحتفال بالموالد، في أي يوم كان، أو بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول، وإن فعلها كثير من الناس، لكنها بدعة. لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه. فالواجب تركها، ومثل بدعة: " حي على خير العمل " في الأذان، أو أشهد أن عليا ولي الله في الأذان كل هذا بدعة، لا يجوز فعلها. لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما فعلها، ولا أصحابه. بل هي مما أحدثه الناس. والواجب في هذا التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يؤذن الناس كما أذن، وكما أقر على ذلك عليه الصلاة والسلام، وهناك بدع كثيرة أحدثها الناس، ضوابطها أنها غير موافقة لما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما أمر به عليه الصلاة والسلام، بل هي شيء ما شرعه الله ولا رسوله. والله يقول سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (¬1) ويقول عليه الصلاة والسلام: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (¬2)» ومن هذا كون الجماعة يذكرون الله جماعيا، بصوت واحد، بعد الصلاة. هذا من البدع أيضا، أو يكبرون في الأعياد بصوت جماعي، الله أكبر كبيرا، أو: الله أكبر ولله الحمد بصوت جماعي يتعمدونه، أو ما أشبه ذلك مما أحدثه الناس. ¬

_ (¬1) سورة الشورى الآية 21 (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694.

س: ما هو الفرق بين الاتباع والابتداع؟ (¬1) ج: الاتباع هو ما جاء به الشرع، اتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، من الأوامر والنواهي يقال له اتباع، لأن الله قال: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} (¬2)، وقال جل وعلا: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (¬3) فنحن مأمورون باتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وباتباع القرآن، فالتمسك بالقرآن بما قال الله، والتمسك بما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، أو فعل، هذا هو الاتباع، السير على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم، وطريقه في الأوامر والنواهي، هذا يسمى الاتباع وهو واجب في الواجبات، مستحب في المستحبات. وأما الابتداع: فهو إحداث شيء في الدين لم يأذن به الله، مثل إحداث عبادة ما شرعها الله، هذه يقال لها ابتداع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬4)»، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «شر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬5)» فلو أن الإنسان صلى صلاة ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 228. (¬2) سورة الأعراف الآية 3 (¬3) سورة الأعراف الآية 158 (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة برقم 867.

زائدة عن الصلوات الخمس، وقال نصلي ستا نحن نريد الخير، نصلي ستا إذا جاءت الساعة الرابعة من النهار، أو الخامسة من النهار بعد طلوع الشمس قبل الظهر، نصلي سادسة هذه بدعة باطلة، ولا يجوز أن يفعلها، ولا أن يدعو الناس إليها، بنية أنها فريضة، أما أنها بنية صلاة الضحى، لا بأس مستحبة، أو يقول: السجدتين ما تكفي، نجعل سجدة ثالثة في الركعة. هذه بدعة، إذا تعمدها تبطل الصلاة، أو قال: نجعل ركوعا ثانيا في الركعة، لتكون بركوعين. هذا بدعة إلا في صلاة الكسوف، وهكذا لو قال: نجعل ليلة من الليالي محل عبادة، نصلي فيها عشر ركعات، عشرين ركعة، ليلة الجمعة أو ليلة الخميس، من كل أسبوع. هذه بدعة، ما يخص ليلة من الليالي، بشيء ما شرعه الله، أو ليالي مولد النبي صلى الله عليه وسلم، أو ليلة مولد فاطمة أو الحسين، أو البدوي أو الصديق أو عمر، بدع الاحتفال يصلي فيه، يتحدث فيه، يذكر فيه هذه بدعة، لأنها ما شرعها الله ورسوله، فالابتداع هو إحداث عبادة ما شرعها الله، قولية أو فعلية يقال لها بدعة، لأن الله ما شرعها سبحانه وتعالى، ومن هذا ما فعله الناس، بالبناء على القبور واتخاذ المساجد عليها والقباب، يزعمون أنها قربة ودين، هذه بدعة لأن الرسول نهى عن البناء على القبور، فالبناء عليها بدعة من وسائل الشرك، كذلك تجصيصها بدعة إذا جصصت القبر تقربا إلى الله بذلك، هذا بدعة لأن الرسول نهى عن التجصيص، لأنه من وسائل الشرك، وهكذا من يتوسل بأصحاب القبور، يقول: أسألك بأصحاب القبور، أو أسألك بجاه النبي، أو حق النبي بدعة، أو أسألك بجاه الصالحين بدعة،

أما لو قال: أسألك بحبي لك، أو بإيماني بك أو بإيماني برسولك، أو بأسمائك الحسنى هذا طيب، الأسماء هذه وسيلة شرعية فالبدع ما أحدثه الناس في الدين، وهو ما لم يشرعه الله ولا رسوله، هذا يقال له بدعة. والاتباع هو السير على المنهج، الذي شرعه الله لعباده، وجاء به رسوله صلى الله عليه وسلم، هذا يقال له اتباع.

بيان أقسام البدعة

2 - بيان أقسام البدعة س: يسأل أيضا ويقول: هل هناك بدعة حسنة لا إثم علينا إن عملناها أم كل البدع سواء، فلقد استشهد لي بعضهم أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بعد حفظه لسورة البقرة غيبا، ذبح عدة نوق لوجه الله، أو أنه صام عدة أيام، لا أعلم بالضبط، أي أنه ابتدع من عنده بدعة، وهذه قال بأنها بدعة حسنة، فإذا فعلنا مثل فعله، ووزعنا اللحم لوجه الله، نكون عملنا عملا حسنا، فهل تكون هذه البدعة ضلالة، والضلالة في النار، أجيبونا أفادكم الله؟ (¬1) ج: البدعة كلها ضلالة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح في خطبة الجمعة: ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 311.

«أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬1)»، رواه مسلم في الصحيح، زاد النسائي: «وكل ضلالة في النار (¬2)» بإسناد حسن. وفي الحديث الآخر يقول عليه الصلاة والسلام «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (¬3)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا (أي في ديننا) ما ليس منه فهو رد (¬4)» أي مردود. متفق على صحته. ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬5)»، فالبدع كلها مردودة، كلها غير حسنة، كلها ضلالة وما ذكرته عن عمر ليس له أصل، فلا نعلم أحدا رواه يعتمد عليه، نعم ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه لما رأى الناس أوزاعا في المسجد، بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم في خلافته، يصلون في رمضان أوزاعا، جمعهم على إمام واحد، على أبي بن كعب، يصلي بهم، ثم إنه مر عليهم بعض الليالي، وهو يصلي بهم، فقال: نعمت البدعة هذه. سماها بدعة من جهة اللغة؛ لأن البدعة في اللغة: ما أحدث على غير مثال سابق، يقال له ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في كتاب صلاة العيدين، باب كيف الخطبة، برقم 1578. (¬2) النسائي صلاة العيدين (1578). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم. (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.

بدعة، وإلا فليست بدعة في الدين، والنبي صلى الله عليه وسلم فعل التراويح، صلاها بالناس، فليست بدعة وكان يقرهم على فعلها في المساجد، عليه الصلاة والسلام ولهذا جمعهم عمر عليها، واستقر الأمر على ذلك، إلى يومنا هذا فالتراويح ليست ببدعة، وإن سماها عمر بدعة، من جهة اللغة، وإلا فهي سنة وقربة وطاعة، أما الصدقة على الميت، فمن أراد أن يتصدق، فليس لها حد محدود، ولا وقت معلوم، يتصدق متى تيسر، بدراهم أو بإطعام، يعطيها الفقراء أو ذبيحة يذبحها يوزعها على الفقراء كل هذا طيب، لا حرج في ذلك، سواء في رمضان أو في غير رمضان، ليس لها حد محدود، ولا كيفية محدودة، بل متى تيسر له الصدقة بدراهم أو بملابس، أو بطعام أو بلحم كله طيب، ينفع الميت إذا كان مسلما ينفعه ذلك. س: السائل أبو أسامة من جمهورية مصر العربية، يقول: ما هي البدعة، وما هي أقسامها؟ وهل يجوز أن أصلي خلف إمام مبتدع، عنده بعض البدع؟ (¬1) ج: البدعة هي العبادة المحدثة، التي ما جاء بها الشرع، يقال لها بدعة، وكل بدعة ضلالة، ما فيها أقسام، كلها ضلالة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (¬2)»، وكان يقول هذا في خطبه، يقول ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم 409. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694.

صلى الله عليه وسلم: «أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها (¬1)»، ويقول: «كل بدعة ضلالة (¬2)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬3)»، «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬4)»، فالبدعة ما أحدثه الناس في الدين، من العبادات التي لا أساس لها، يقال لها بدع، وكلها منكرة، وكلها ممنوعة. أما تقسيم بعض الناس البدعة، إلى واجبة، ومحرمة ومكروهة ومستحبة، ومباحة، فهذا تقسيم غير صحيح، والصواب أن البدع كلها ضلالة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. وإذا كانت بدعة الإمام مكفرة، لا يصلى خلفه، كبدعة الجهمية والمعتزلة وأشباههم، أما البدعة غير المكفرة، كرفع الصوت بالنية: نويت أن أصلي، أو ما أشبه ذلك، فلا بأس بالصلاة خلفه، لكن يعلم، يوجه إلى الخير، يعلم فلا يرفع صوته بل ينوي بقلبه، والحمد لله نية القلب تكفي، وهكذا بدعة الاجتماع للموالد، إذا ما كان فيها شرك، هذه ليست بمكفرة، أما إن كان فيها ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، برقم 1718. (¬2) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (¬3) صحيح البخاري الصلح (2697)، صحيح مسلم الأقضية (1718)، سنن أبو داود السنة (4606)، سنن ابن ماجه المقدمة (14)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 256). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.

دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، أو دعاء صاحب المولد أو الاستغاثة به، سواء مولد علي أو مولد الحسن أو الحسين، أو النبي صلى الله عليه وسلم، أو فاطمة، إذا كان فيه دعاء لصاحب المولد أو استغاثة أو نذر له، أو ذبح له، هذا شرك أكبر. أما إذا كان مجرد اجتماع لقراءة القرآن، أو أكل الطعام، فهذه بدعة صاحبها لا يكفر. س: ما هو الحد أو القول الفصل بين البدعة والأمور الحديثة الجديدة، ومتطلبات العصر، أو بمعنى آخر كيف نميز بين الأمور الحديثة الموجودة في عصرنا الحاضر، وبين البدعة التي وردت في الأحاديث الشريفة، بينوا لنا هذا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: الأشياء الجديدة الحادثة قسمان: قسم يتعلق بأمور الدنيا، من ملابس ومآكل ومشارب، وأوان وأسلحة، هذه لا بأس بها، ولا تسمى بدعا كالطائرات والمدافع والصواريخ وغير ذلك، هذه ما تسمى بدعا هذه أمور دنيوية، والملابس والأواني وتنوع الأكل، هذه ما هي ببدع، البدع ما كان يتعلق بالدين، من المحدثات التي يراها أهلها دينا وقربة، وعبادة مثل إحداث الموالد والاحتفال في الموالد، ومثل إحياء ليلة الإسراء والمعراج، ومثل إحياء ليلة الرغائب، أول ليلة من رجب، وليلة أول جمعة من رجب، هذه يقال لها بدع، إحداث أشياء ما شرعها ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 352.

الله، تعبد يتعبد بها، مثل إحياء ليلة النصف من شعبان، كل هذه بدع ما أنزل الله بها من سلطان، يعني التعبد بأشياء ما شرعها الله، قولية أو فعلية، هذه: البدع، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا - يعني في ديننا هذا - ما ليس منه فهو رد (¬1)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» فالمراد به العبادات. فالذي يحدث من العبادات يسمى بدعة، الذي لا أصل له في الشرع يسمى بدعة، وكما قلنا: إن ما يتعلق بمتطلبات العصر كما سماها السائل ليس فيها بدع، وهذه من أمور الدنيا، ما تسمى بدعا، ولو سميت بدعة فهي بدعة لغوية، لا يتعلق بها منع. أنواع المآكل والمشارب، والأواني والملابس والسلاح، كل هذه أمور عادية. س: ما هي البدعة؟ وهل لها أقسام سماحة الشيخ؟ (¬3) ج: كل قربة تخالف الشرع بدعة، كل من يتقرب بشيء لم يشرعه الله يقال له بدعة مثل الاحتفال بالموالد، مثل الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، مثل الاحتفال في أول ليلة من رجب يسمونها الرغائب كل هذه بدعة، وهكذا ما أحدثه الناس من البناء على القبور بدعة، اتخاذ المساجد عليها بدعة، اتخاذ القباب عليها بدعة، منكر من أسباب ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (¬3) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 358.

الشرك من وسائله، وكلها ضلالة ما فيها أقسام. الصحيح كلها ضلالة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة (¬1)»، هذا الصواب جميع البدع ضلالة. س: يقول السائل: ما حكم من أتى إليه أناس وقال لهم بالسنة عيدان وهذا الثالث؟ (¬2) ج: ما نعلم فيه شيئا، معناه أن هذا عيد لنا نفرح بكم هذه عبارة يتساهل فيها ليس معناه أنه يقيم عيدا ثالثا، المقصود أننا نفرح بكم كأنه عيد عندنا ليس فيه شيء. س: يسأل البعض ويقول: هل هناك بدعة حسنة وبدعة سيئة؟ (¬3) ج: الصواب كل البدع ضلال، بعض الفقهاء قال: بدعة حسنة مثل جمع المصحف، مثل صلاة التراويح، والصواب أن البدع كلها ضلالة ما فيها حسن، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل بدعة ضلالة (¬4)» ولم يفرق عليه الصلاة والسلام. أما جمع المصحف فليس بدعة بل جمعه الصحابة؛ لأنهم مأمورون بحفظ كتاب الله فهذا مأمور به واجب حفظ المصحف والعناية به حتى لا يضيع منه شيء، وكذلك التراويح فعلها ¬

_ (¬1) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (¬2) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 236. (¬3) السؤال السابع من الشريط رقم 356. (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم.

النبي صلى الله عليه وسلم وليست بدعة، وقول عمر: نعمت البدعة لما جمعهم على إمام واحد يعني صورة ما فعله بدعة لغوية لما جمعهم على إمام واحد، ولم يكن هذا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم سماه بدعة من حيث اللغة وإلا فهي سنة النبي صلى الله عليه وسلم فعلها وصلى بالصحابة ليالي، وكانوا يصلون في المسجد أوزاعا، يصلي الرجل والرجلان والثلاثة فلم ينكر ذلك عليه الصلاة والسلام، ولكنه خاف أن تفرض عليهم فترك ذلك، فلما توفي صلى الله عليه وسلم واستخلف عمر رأى جمعهم على إمام واحد، لما رآهم أوزاعا في المسجد رأى جمعهم على إمام واحد، لأن الرسول قد فعل ذلك عليه الصلاة والسلام، فهي بدعة لغوية، لما قال عمر نعمت البدعة يعني: جمعهم على إمام واحد لما رآهم أوزاعا بعد النبي صلى الله عليه وسلم. س: هل هناك بدعة حسنة وبدعة سيئة؟ (¬1) ج: ليس هناك بدعة حسنة، كل البدع ضلالة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (¬2)» فالتقسيم إلى بدعة حسنة غلط وبدعة سيئة غلط لا يجوز، بل كل البدع ضلالة، والبدع هي ما خالف الشرع، كل عبادة تخالف الشرع فهي بدعة، قول عمر: " نعمت البدعة " يعني بها اللغة، سمى التراويح خلف ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 355. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694.

إمام واحد من جهة اللغة (بدعة)؛ لأنها حدثت بعد النبي صلى الله عليه وسلم فهي سنة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وفعلها أصحابه، فالعبادات المحدثة كلها بدعة، وكل بدعة ضلالة. س: يقول السائل: كيف نعرف البدعة وأقسامها يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: البدعة ما أحدثه الناس في الشرع ويخالف الشرع، هذا يقال له بدعة، ما أحدث في الدين يقال له بدعة، مثل ما مثلنا، مثل بدعة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وبدعة بناء المساجد على القبور واتخاذ القبب عليها، هذه بدعة كلها بدعة منكرة، ومثل بدعة الجهمية في الصفات والأسماء، وبدعة المعتزلة في الصفات، وقول المعتزلة إن صاحب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين، هذه البدع التي أحدثها المبتدعة. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 374.

حكم الذبح في المواسم كالنصف من شعبان

3 - حكم الذبح في المواسم كالنصف من شعبان س: جرت العادة في بلدنا الذبح في المواسم مثل النصف من شعبان وأول رمضان، وسبعة وعشرين من رجب. فهل يجوز الأكل من مثل هذه الذبائح؟ (¬1) ج: أما الذبح في النصف من شعبان أو في سبعة وعشرين من رجب فهذه بدعة ما لها أصل، لا يجوز فعلها ولا الأكل منها لعدم الدليل بل ذلك من البدع، أما كونه سيتقرب في رمضان بالذبائح ويتصدق بها، فرمضان شهر مبارك، مشروع فيه التوسع فيه بالصدقة والنفقة على الفقراء، فإذا ذبح لذلك في رمضان أو في شهر ذي الحجة، أو في غيرها من الأوقات، وتصدق فهذا كله طيب، أما تخصيص النصف من شعبان أو ليلة سبع وعشرين من رجب، كما يفعل بعض الناس من الاحتفال في هذه الليلة فهذا لا أصل له، بل هو بدعة. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 226.

حكم إطلاق لفظ البدعة على المخترعات الدنيوية

4 - حكم إطلاق لفظ البدعة على المخترعات الدنيوية س: سماحة الشيخ لا بد أن هناك حدا فاصلا وحدا دقيقا للفرق بين البدعة وبين السنة، بين ما هو في الدين وبين ما هو في الدنيا؟ (¬1) ج: أمور الدنيا ليس فيها بدع، وإن سميت بدعا، اختراع الناس السيارات أو الطائرات، أو الحاسب الآلي، أو شبه ذلك مما اخترعه الناس، أو الهاتف أو البرقية، كل ذلك لا يسمى بدعا وإن سمي البدع من حيث اللغة، فهو غير داخل في بدع الدين، لأن البدعة في اللغة في الشيء الذي لم يكن له مثال سابق اخترع، يسمى في اللغة بدعة؛ لقوله: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (¬2) يعني مخترعهما سبحانه وتعالى. هذا في اللغة يطلق على ما كان ليس له مثال سابق، وإذا كان في الدنيا لا يسمى بدعة، ما يذم وإن سمي بدعة من حيث اللغة، لكن ما ينكر، لأنه ليس في الدين، ليس في العبادات، فإذا سمي مثلا اختراع السيارة أو الحاسب الآلي أو الطائرة أو ما أشبه ذلك سمي بدعة، هذا من حيث اللغة وليس بمنكر ولا ينكر على الناس، وإنما ينكر على الناس ما أحدثوه في الدين من صلوات مبتدعة، أو عبادات أخرى مبتدعة، هذا هو الذي ينكر في الدين، لأن الشرع يجب أن ينزه عن البدع، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 176. (¬2) سورة البقرة الآية 117

فالشرع ما شرعه الله ورسوله لا ما أحدثه الناس في دين الله من صلاة أو صيام أو غير ذلك مما لم يشرعه الله سبحانه وتعالى، لأن الدين قد كمل يقول سبحانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 3

الأسباب التي تقضي على البدع

5 - الأسباب التي تقضي على البدع س: سماحة الشيخ متى بدأت البدع؟ وهل هناك من أمل في استئصالها؟ (¬1) ج: بدأت البدع من العهد الأول، فهي قديمة الوجود، من القرن الأول، نسأل الله السلامة. أما عن استئصالها فليس لها طريق إلا الدعوة إلى الله، وتعليم الناس الخير، وقوة ولاة الأمور في إنكارها، وتعزير من يفعلها، فإذا قوي السلطان والوازع السلطاني في بلد، وبين العلماء حقيقة البدع، في الغالب أنها تنتهي في البلد وتزول، وإن بقيت في بلاد أخرى أو في بلدة أخرى، فعلى حسب قوة السلطان وقوة الوازع، وببيان أهل العلم تقل البدع، وإذا قل أهل العلم أو قل الوازع السلطاني، كثرت الخرافات والبدع في البلاد والمناطق، وكلما زادت ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 76.

الجهالة وزاد الخرافيون في البلد، وقل الوازع السلطاني وقل العلماء، تكثر البدع وتنتشر، فإذا وجد العلماء أهل البصيرة في الدين، ووجد الوازع السلطاني في إنكار البدع، قلت البدع حتى تزول من البلد.

الفرق بين البدعة الاعتقادية والعملية

6 - الفرق بين البدعة الاعتقادية والعملية س: ما هي البدعة الاعتقادية، وما هي البدعة العملية؟ (¬1) ج: كل ما خالف الشرع فهو بدعة، إن كان في الاعتقاد يسمى بدعة مثل دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والاستغاثة بالجن أو بالملائكة، يظنها دينا، يعتقد أنها دين، يحسب أنها جائزة، هذه بدعية شركية: كفر أكبر، وتسمى بدعة، لأنه يظن أنها دين، كذلك البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها بدعة لكنها دون الكفر، وهي وسيلة للكفر، إذا بنى مسجدا على القبر، يحسب أنه دين أو بنى قبة على قبر، يحسب أن هذا جائز، هذه بدعة منكرة، من وسائل الشرك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)». أما دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم فهذه بدعة شركية، يكون صاحبها كافرا كفرا أكبر، ولو زعم أنه جاهل، لأن هذا ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 322. (¬2) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الحج، باب حج النساء برقم 1864.

أمر معروف من الدين بالضرورة، معروف بين المسلمين، فهو كافر بذلك، فعليه التوبة إلى الله من ذلك، يستتاب فإن تاب وإلا قتل من ولي الأمر أي الحاكم الشرعي، وهناك بدع كثيرة، مثل بدعة المولد، تسمى إحياء مناسبة مولد النبي صلى الله عليه وسلم، أو مولد غيره، ومثل بدعة ليلة الإسراء والمعراج 27 رجب الاحتفال بها هذه بدعة أيضا، عملية منكرة لا تجوز، ولكن ليست من الشرك الأكبر، إلا إذا كان فيها شرك، إذا كان في المولد، أو في الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، والاستغاثة به يكون ذلك شركا أكبر، أما إذا كان مجرد احتفال، على الأكل والشرب، والقهوة والشاي، وليس فيه دعاء ولا استغاثة بالنبي، فهذه بدعة منكرة، يمنعها قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا -يعني ديننا- ما ليس منه فهو رد (¬1)» فهو مردود، وقوله صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (¬3)» ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، برقم 1718. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694.

والبدعة هي الشيء المحدث في الدين الذي أحدثه الناس يتقربون به إلى الله، والله ورسوله ما شرعه، ما شرعه الله ولا رسوله يسمى بدعة مثل الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، أو الاحتفال بمولد الصديق أو عمر، أو عثمان، أو علي، أو الحسين أو غيرهم، أو الاحتفال بمولد أبي حنيفة، أو الشافعي أو مالك، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو السيدة نفيسة أو السيدة زينب، أو ما أشبه ذلك، كلها بدع منكرة لا تجوز ومن وسائل الشرك، نعوذ بالله من ذلك، فبعض الناس في المولد يشرك بالله، في مولد النبي يدعو النبي، ويستغيث به هذا من الشرك الأكبر، وبعضهم في مولد علي يستغيث بعلي، وينذر له ويدعوه من دون الله، هذا شرك أكبر، وهكذا في الموالد الأخرى، يدعون صاحب المولد، يستغيثون به، هذا شرك أكبر، نعوذ بالله من ذلك، ربنا يقول سبحانه: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬1)، ويقول سبحانه: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬2) القطمير: اللفافة التي على النواة نواة التمر، {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ} (¬3) يعني: الأموات والأصنام ونحوهم، {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} (¬4) ما عندهم قدرة يعطونك ما طلبت، {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬5) يسمى شركا، يسمى ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 18 (¬2) سورة فاطر الآية 13 (¬3) سورة فاطر الآية 14 (¬4) سورة فاطر الآية 14 (¬5) سورة فاطر الآية 14

دعاؤهم والاستغاثة بهم شركا أكبر، {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬1) والشرك إذا أطلق هو الأكبر، وقال سبحانه في آخر سورة المؤمنون: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬2) فسمى دعاة غير الله من الأموات، والأشجار والأحجار سماهم كفرة، قال: {إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬3) والنبي صلى الله عليه وسلم حكم على دعاة القبور والأموات، والاستغاثة بهم، حكم عليهم بأنهم كفار، وقاتلهم، قاتل أهل الطائف الذين يدعون اللات، ويعبدون اللات، وهو قبر أو صخرة يعبدونها، وقاتل عباد الشجر، عباد العزى، وعباد الحجر، وعباد المناة لأنهم كفار، حتى يدعوا ذلك، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وحتى يدعوا الشرك ويتبرأوا منه، وهكذا سائر البدع، إن كان فيها دعاء لغير الله، والاستغاثة بغير الله، أو الذبح لغير الله صارت شركا أكبر، وإن كان مجرد عمل لكن ما شرعه الله، تكون بدعة دون الشرك منكرة، ومن هذا الصلاة عند القبور، كونه يصلي عندها يقول: لعلها أفضل وهي عند القبر، يصلي في المقبرة، ويقول لعلها أفضل، هذه بدعة من وسائل الشرك، وهكذا الجلوس عند القبور للدعاء، يعني أن الأفضل الجلوس عند القبور للدعاء بدعة، كذلك وكقول بعضهم: نويت أن أصلي لله أربع ركعات، أو ثلاث ركعات، هذه بدعة التلفظ بالنية إذا ¬

_ (¬1) سورة فاطر الآية 14 (¬2) سورة المؤمنون الآية 117 (¬3) سورة المؤمنون الآية 117

قام للصلاة، وإنما ينوي بقلبه ويكفي، ينوي بقلبه أنه قام للظهر، للعصر، للمغرب، للعشاء، وهكذا جميع الصلوات النافلة ينوي بقلبه ويكفي، أما أن يقول بعد وقوفه: نويت أن أصلي لله أربع ركعات، يعني الظهر أو العصر أو ثلاث ركعات يعني المغرب، أو ركعتين يعني الفجر أو الجمعة، فهذه بدعة ما كان يبيح لهم الرسول ذلك، ولا الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، ولكن تقف خاشعا ناويا بقلبك الصلاة، والحمد لله يكفي فلا حاجة أن تقول نويت أن أصلي كذا وكذا، أو نويت أن أطوف أو أن أسعى، بل تأتي بنية الطواف وتبدأ بالحجر الأسود، ناويا الطواف وعند السعي كذلك، تبدأ بالصفا ناويا السعي ويكفي. س: سائل من مصر، هـ. أ. س. يقول: ما الفرق بين البدعة في العبادة، والبدعة في العقيدة؟ (¬1) ج: كلها بدعة، من أحدث شيئا في العقيدة كأن يحدث الأعياد البدعية، والاحتفال بها، أو البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، كل هذا بدعة، وهذه تتعلق بالعقيدة أيضا، تسبب شرا كثيرا، وهكذا البدعة في الصلاة، أو في الصيام، أو في الحج كلها منكرة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا - يعني الإسلام - ما ليس منه فهو رد (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 406. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، برقم 1718.

متفق على صحته. ويقول عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)» فالاعتقاد في الصالحين أو في أهل القبور، ودعاؤهم من دون الله، أو الاستغاثة بهم هذا كفر أكبر في العقيدة، والبناء على القبور. واتخاذ المساجد عليها، كذلك بدعة، لكنه دون الشرك، من وسائل الشرك. وتجصيصها كذلك، ومن وسائل اختلال العقيدة، والبدع الأخرى كونه يبتدع صلاة ما شرعها الله، أو اجتماعا ما شرعه الله، كبدعة الاحتفال بالمولد، أو ما أشبه ذلك من القرب التي يحدثها الناس، هذا يسمى بدعة، وهو من البدع في الفروع. أو يحدث في الصلاة بدعة، أو في الصيام أو في الحج، المقصود أن البدعة ضابطها: أن يأتي بعبادة ما شرعها الله كأن يصلي في الركعة ثلاث سجدات متعمدا، أو ركوعين هذا بدعة منكرة وباطلة، كذلك يحدث صوما ما شرعه الله، كأن يقول الصائم يصوم من الليل كذا، لا يفطر إلا بعد مضي كذا من الليل، أو يتقدم في الصوم بجزء من الليل، يأخذ قطعة من الليل قبل طلوع الفجر فهذه بدعة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.

س: يقال: إن هناك بدعة حسنة وبدعة سيئة، فما حقيقة ذلك مع الدليل، وإن صحت هذه العبارة. نرجو تطبيقها على الأسئلة السابقة؟ (¬1) ج: هكذا يقول بعض الناس: إن البدعة تنقسم إلى أقسام خمسة، تدور على أحكام التكليف: بدعة حسنة، بدعة محرمة، بدعة مكروهة، بدعة مندوبة، بدعة مباحة، وهذا التقسيم فيه نظر، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «كل بدعة ضلالة (¬2)». ولم يقسمها بل قال: «كل بدعة ضلالة (¬3)» والحق الذي لا ريب فيه أن البدع المخالفة للشرع كلها ضلالة، ومراد النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدثه الناس، ولهذا قال: «إياكم ومحدثات الأمور (¬4)» وقال: «وشر الأمور (¬5)» يعني: محدثات الأمور: «وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬6)» هكذا يقول صلى الله عليه وسلم، فالمحدثات التي تخالف شرع الله فإنها ضلالة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬7)»، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬8)»، فكل بدعة ضلالة، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. ومن ذلك الاحتفال بالموالد، فإنها بدعة ضلالة، وهكذا تعظيم القبور بالبناء عليها واتخاذ القباب عليها والاجتماع عندها، للنوح أو لدعائها والاستغاثة بها، كل هذا من البدع والضلالة، وبعضها من البدع الشركية، لكن بعض الناس قد ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 11. (¬2) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (¬3) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694. (¬5) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (¬6) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (¬7) صحيح البخاري الصلح (2697)، صحيح مسلم الأقضية (1718)، سنن أبو داود السنة (4606)، سنن ابن ماجه المقدمة (14)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 256). (¬8) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.

تلتبس عليه بعض الأمور، فيرى أن ما وقع في المسلمين من بعض الأشياء، التي لم تقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أنها بدعة حسنة، وربما يتعلق بقول عمر رضي الله عنه، في التراويح نعمت البدعة، لما جمع الناس على إمام واحد، وهذا ليس مما أراده النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ما يحدثه الناس، مما تدل عليه الشريعة، وترشد إليه الأدلة، لا يسمى بدعة منكرة، وإن سمي بدعة من حيث اللغة، لكون المسلمين نقطوا المصاحف، وشكلوا القرآن، حتى لا يشتبه على القارئ، وجمعوه في المصاحف، هذا وإن سمي بدعة لغوية، لكن هذا شيء واجب، شيء يحفظ القرآن، ويسهل قراءته على المسلمين، فهذا نحن مأمورون به، مأمورون بما يسهل علينا القرآن، وبما يحفظه على المسلمين، وبما يعين المسلمين على حفظه وقراءته قراءة مستقيمة، فليس هذا من باب البدعة المنكرة، بل هذا من باب الأوامر الشرعية، من باب الحفظ للدين، ومن باب العناية بالقرآن، فليس مما نحن فيه بشيء، وكذلك قول عمر: نعمت البدعة، يعني كونه جمعهم على إمام واحد، بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا بدعة من حيث اللغة، لأن البدعة في اللغة، هي الشيء الذي على غير مثال سابق، ما يحدثه الناس على غير فعل سابق، يسمى بدعة في اللغة، فهذا من حيث اللغة لا من حيث الشرع، فإن التراويح فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وصلى بالناس بعض الليالي، وأرشد إليها وحثهم عليها، فليست التراويح بدعة، ولكن لكونه جمعهم على إمام واحد، قال في ذلك: نعمت البدعة، من حيث اللغة فقط، فالحاصل أن ما أوجده المسلمون، مما يدل عليه

الشرع، ويرشد إليه الشرع، بعد النبي صلى الله عليه وسلم، لا يسمى بدعة، بل هو مما دعا إليه الشرع، ورغب فيه الشرع، من جنس جمع المصحف، وشكله ونقطه ونحو ذلك، هذا ليس من البدع في شيء، بل من جنس التراويح، وفعل عمر لها، رضي الله عنه وأرضاه، ليس في هذا الباب من شيء، وإنما الذي أنكره العلماء، وقصده النبي صلى الله عليه وسلم، هو ما يحدثه الناس مما يخالف شرع الله، مما يخالف أوامر الله ورسوله، مثل البناء على القبور، مثل اتخاذ المساجد عليها، مثل الغلو فيها، بدعائها والاستغاثة والنذر لها ونحو ذلك، هذه من البدع الشركية. مثل الاحتفال بالموالد، هذه من البدع المنكرة، التي هي من وسائل الشرك، وما أشبه ذلك مثل: بدعة إحياء مناسبة الإسراء والمعراج، يحتفلون بليلة سبع وعشرين من رجب، باسم الإسراء والمعراج، هذه بدعة لا أصل لها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بالإسراء والمعراج، ولا أصحابه ولأنها غير معلومة على الصحيح، بل أنسيها الناس، ولو علمت لم يجز الاحتفال بها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بها، ولا أصحابه رضي الله عنهم، فدل ذلك على أنه بدعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬1)» أي هو مردود. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697.

بيان معنى حديث: ' من سن في الإسلام سنة حسنة '

7 - بيان معنى حديث: " من سن في الإسلام سنة حسنة " س: لي زملاء يحتجون بما ابتدع في الدين، بأنها سنة، محتجين بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سن سنة حسنة (¬1)» إلى آخر الحديث الشريف، ويكررون دائما قول عمر بن الخطاب، عندما جمع الناس أن يصلوا التراويح على إمام واحد، بقوله: نعم البدعة. من صحيح البخاري. هل يثبت ذلك حجة لزملائي أم لا؟ (¬2) ج: هذا غلط ومغالطة، ولا يجوز أن يحتج على إيجاد البدع، وعلى إقرار البدع بهذا الحديث الصحيح، من سن في الإسلام سنة حسنة. يعني من سن في الإسلام والمراد بذلك إظهارها وإبرازها. والدعوة إليها بعد ما أميتت أو جهلها الناس ليس المراد بذلك الابتداع والإحداث؛ لأن هذا يناقض قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬3)» وقوله: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬4)» وقوله: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وإن كل بدعة ضلالة (¬5)»، فالأحاديث الصحيحة واضحة في منع البدع، والتحذير منها، وأنها من المنكر فلا يجوز لأحد أن يحكم على البدع بأنها حسنة لأجل فهمه السيئ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سن في الإسلام سنة حسنة (¬6)» ¬

_ (¬1) مسلم الزكاة (1017)، النسائي الزكاة (2554)، ابن ماجه المقدمة (203)، أحمد (4/ 362)، الدارمي المقدمة (514). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم 15. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب العلم، باب من سن سنة حسنة، برقم 1017. (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (¬5) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694. (¬6) مسلم الزكاة (1017)، النسائي الزكاة (2554)، أحمد (4/ 359).

هذا غلط في فهم السنة، وتحريف للمعاني فإن المراد إبراز السنن وإظهارها، فالذي أظهرها وأبرزها، وبينها للناس حتى اقتدوا به فيها، وحتى ساروا خلفه فيها، بعد ما جهلوها وبعدما غفلوا عنها، أما إحداث البدع فلا يجوز بل يجب على الناس أن يسيروا على ما رسمه الله لهم في كتابه، وعلى ما رسمه الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة، وليس لهم أن يحدثوا، في الدين ما لم يأذن به الله، قال الله جل وعلا: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (¬1)، قال النبي صلى الله عليه وسلم «شر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬2)»، وقال: «وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (¬3)»، وتقدم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬4)» يعني فهو مردود على صاحبه، أما قول عمر: نعمت البدعة. فقد وضح أهل العلم أن مراده في ذلك من حيث اللغة العربية؛ لأنه رضي الله عنه جمع الناس على إمام واحد، وكانوا متفرقين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهد الصديق، فلما كان عهده رضي الله عنه جمعهم على إمام واحد، ومر عليهم ذات ليلة وهم يصلون فقال: نعمت هذه البدعة، يعني: جمعه لهم على إمام واحد مستمر منتظم، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد جمعهم وصلى بهم في ليالي ثم ترك ذلك خوفا أن تفرض عليهم - عليه الصلاة والسلام - فأصل التراويح سنة، فعلها النبي صلى الله عليه وسلم ودعا إليها، وحث عليها لكن خاف أن تفرض على ¬

_ (¬1) سورة الشورى الآية 21 (¬2) مسلم الجمعة (867)، النسائي صلاة العيدين (1578)، ابن ماجه المقدمة (45)، أحمد (3/ 311)، الدارمي المقدمة (206). (¬3) أبو داود السنة (4607)، أحمد (4/ 126). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.

الناس، فتركها بعد ما صلاها ليالي - عليه الصلاة والسلام - بالناس جماعة ثم استمر الترك إلى عهد عمر، وكانوا يصلون في المسجد أوزاعا يصلي الرجل لنفسه. ويصلي معه الاثنان والثلاثة إلى أشباه ذلك، فلما رآهم عمر ذات ليلة قال: لو جمعناهم على إمام واحد. ثم جمعهم فلما رآهم بعد ذلك يصلون جميعا قال: نعمت هذه البدعة، يقصد جمعهم على إمام واحد بصفة مستمرة، هذا من حيث اللغة؛ لأن البدعة ما كان على غير الشرع. هذا من حيث اللغة العربية، وليس مقصوده أن هذه البدع، الأساس والأصل، فإنه رضي الله عنه لا يمكن أن يوجد البدع، ولا يقر البدع، هو يعلم أن رسول الله نهى عن البدع، عليه الصلاة والسلام، وهذه سنة وقربة، وطاعة معروفة في عهده صلى الله عليه وسلم بعد ذلك.

بيان معنى قول: العبادات توقيفية

8 - بيان معنى قول: العبادات توقيفية س: ما معنى العبادات التوقيفية؟ (¬1) ج: معناها أنها لا تثبت إلا بالشرع، لا بآراء الناس، لا يكون القول عبادة، ولا الفعل عبادة، إلا بنص من الله، أو من رسوله، من القرآن أو السنة، أما قول الناس هذه عبادة توقيفية يعني لا بد أن يكون ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم 307.

فيها نص شرعي، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬1)» أي مردود. وقال صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» أي مردود. وكان يقول في خطبه عليه الصلاة والسلام في الجمعة وغيرها: «أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬3)» فليس لأحد أن يأتي بتشريع جديد، بل لا بد من الوقوف مع شريعة الله، فلو قام الإنسان ليشرع للناس بأن يصلوا صلاة سادسة في أثناء النهار، في الساعة العاشرة ضحى، لا يجوز، أو قال: يلزمهم أن يصوموا شهرا آخر غير رمضان، أو يشرع لهم أن يصوموا شهرا ما شرعه الله، كل هذا بدعة، أو يقول: إنه يشرع لهم أن يصلوا صلاة خاصة، مقدارها ثلاث ركعات، أو خمس ركعات، في النهار بنية كذا أو بنية كذا، يتعبد بها، هذا باطل، الله شرع لعباده اثنتين أو أربعا المقصود شفعا، والسنة اثنتان اثنتان، في النهار والواجب اثنتان اثنتان في الليل، إلا ما شرعه الله في الوتر، ثلاثا أو خمسا، كما جاء في الحديث، المقصود ليس الحديث عن شيء جديد، وليس الحديث عن شيء لم يذكر في الكتاب والسنة ليقال: إنه مشروع سواء كان قوليا أو عمليا، فهذا لا أساس له ولا يعتد به، لأنه لم يأت عن الله، ولا عن رسوله، ولا يسمى توقيفا. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري الصلح (2697)، صحيح مسلم الأقضية (1718)، سنن أبو داود السنة (4606)، سنن ابن ماجه المقدمة (14)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 256). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (¬3) مسلم الجمعة (867)، ابن ماجه المقدمة (45)، أحمد (3/ 311).

بيان معنى الغلو في الدين

9 - بيان معنى الغلو في الدين س: ما هو التشدد المنهي عنه في الدين؟ (¬1) ج: التشدد: هو الغلو والتنطع، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين (¬2)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون (¬3)»، قالها ثلاثا عليه الصلاة والسلام، ومعناه الزيادة على ما شرعه الله، هذا هو التشدد يزيد على ما شرعه الله، ومن ذلك البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، والصلاة عندها، هذه زيادة على ما شرع الله، الذي شرعه الله زيارتها، والدعاء لأهلها بالمغفرة والرحمة، ولا يبنى عليها مساجد أو قباب، هذه الأعمال من وسائل الشرك، وهذا محرم، فالرسول صلى الله عليه وسلم أنكر ذلك، ولعن اليهود، والنصارى على فعل ذلك، والصلاة عند القبور من وسائل الغلو فيها والشرك، وهكذا الزيادة على ما شرعه الله، كأن يتوضأ أكثر من ثلاث مرات، هذا زيادة على ما شرعه الله، كذلك كونه يستعمل في صلاته ما لم يشرعه الله، غير الزيادة على الوضوء بل يستعمل أشياء ما شرعها الله في صلاته، بأن يركع الركوع الذي يضره أو يضر المأمومين، أو يسجد سجودا يضره ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 321. (¬2) أخرجه النسائي في كتاب مناسك الحج، باب التقاط الحصى برقم 3057. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب العلم، باب هلك المتنطعون، برقم 2670.

ويضر المأمومين، فالواجب أن يقتصد ويتحرى الاقتصاد، القصد في العبادة هو المطلوب، وعدم التشديد لا على المأموم، ولا على نفسه كذلك كونه يصوم دائما ولا يفطر، أو يصلي الليل كله ولا ينام، كل هذا من التشدد. والنبي نهى عن هذا عليه الصلاة والسلام قال: «هلك المتنطعون» ونهى عن التبتل كل ذلك منهي عنه لما في التبتل والتشدد من المضرة العظيمة.

حكم هجر المبتدع

10 - حكم هجر المبتدع س: متى تجوز مقاطعة المبتدع؟ ومتى يجوز البغض في الله؟ وهل تؤثر المقاطعة في هذا العصر؟ (¬1) ج: المؤمن ينظر في هذه المقامات بنظر الإيمان ونظر الشرع، ونظر التجرد من الهوى، فإذا كان هجره للمبتدع وبعده عنه لا يترتب عليه شر أعظم، فإن هجره حق وأقل أحواله أن يكون سنة، وهكذا من أعلن المعاصي وأظهرها، أقل أحواله أن هجره سنة، فإن كان عدم الهجر أصلح، لأنه يرى أن دعوة هؤلاء المبتدعين وإرشادهم إلى السنة، وتعليمهم ما أوجب الله عليهم، أن ذلك يؤثر فيهم وأنه يفيدهم، فلا يعجل في الهجر، ومع ذلك يبغضهم في الله، كما يبغض ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 82.

الكافر في الله، ويبغض العصاة في الله، على قدر معاصيهم وعلى قدر البدعة، وبغض الكافر أشد، وبغض المبتدع على قدر بدعته، إذا كانت بدعته غير مكفرة، على قدرها، وبغض العاصي على قدر معصيته، ويحبه في الله على قدر إسلامه، أما الهجر ففيه تفصيل يقول ابن عبد القوي رحمه الله، في قصيدته المشهورة: وهجران من أبدى المعاصي سنة ... وقد قيل إن يردعه أوجب وآكد وقيل على الإطلاق ما دام معلنا ... ولاقه بوجه مكفر ملبد وقيل على الإطلاق يعني يجب الهجر مطلقا، فالحاصل أن الأرجح والأولى النظر في المصلحة، فالنبي صلى الله عليه وسلم هجر قوما وترك آخرين لم يهجرهم، مراعاة للمصلحة الشرعية الإسلامية، فهجر كعب بن مالك وصاحبيه رضي الله عنهم، لما تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر هجرهم خمسين ليلة فتابوا فتاب الله عليهم، ولم يهجر عبد الله بن أبي بن سلول، وجماعة من المتهمين بالنفاق لأسباب شرعية اقتضت ذلك، فالمؤمن ينظر في الأصلح وهذا لا ينافي بغض الكافر في الله، وبغض المبتدع في الله، وبغض العاصي في الله، ومحبة المسلم في الله، ومحبة العاصي على قدر إسلامه، ومحبة المبتدع الذي لم يعلن بدعته على قدر ما معه من الإسلام لا ينافي ذلك، أما هجرهم فينظر للمصلحة، فإذا كان هجرهم يرجى فيه خير لهم، ويرجى أن يتوبوا من البدعة ومن المعصية، فإن السنة الهجر، وقد أوجب ذلك

جمع من أهل العلم، قالوا: يجب، وإن كان هجرهم وتركه سواء، لا يترتب عليه لا شر ولا خير، فهجرهم أولى أيضا، إظهارا لأمر مشروع، وإبانة لما يجب من إظهار إنكار المنكر، هجره بأي حال أولى وأسلم، وحتى يعلم الناس خطأهم وغلطهم. الحالة الثالثة: أن يكون هجرهم يترتب عليه مفسدة، وشر أكبر، فإنه لا يهجرهم في هذه الحالة، إذا كان هذا المبتدع إذا هجر زاد شره على الناس وانطلق في الدعوة إلى البدعة، وزادت بدعه وشروره، واستغل الهجر في دعوة الناس إلى الباطل، فإنه لا يهجر بل يناقش ويحذر الناس منه، ولا يكون الناس عنه بعيدين، حتى يراقبوا عمله وحتى يمنعوه من التوسع في بدعته، وحتى يحذروا الناس منه، وحتى يكرروا عليه الدعوة، لعل الله يهديه حتى يسلم الناس من شره، وهكذا العاصي المعلن، إذا كان تركه وهجره قد يفضي إلى انتشار شره، وتوسع شره وتسلطه على الناس، فإنه لا يهجر بل يناقش دائما وينكر عليه دائما ويحذر الناس من شره دائما، حتى يسلم الناس من شره، وحتى لا تقع الفتن بمعصيته. س: بم تنصحوننا في كيفية التعامل مع المبتدعة الذين نراهم ونتكلم معهم، ونتعامل معهم كل يوم؟ (¬1) ج: الواجب هجرهم على بدعتهم، إذا أظهروا البدعة فالواجب ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 185.

هجرهم بعد النصيحة والتوجيه، فإن المسلم ينصح أخاه، ويحذرهم مما حرم الله عليهم من البدع والمعاصي الظاهرة فإن تاب وإلا استحق أن يهجر ولا يعامل لعله يتوب لعله يندم لعله يرجع إلى الصواب، إلا إذا كان الهجر يترتب عليه ما لا تحمد عقباه فإنه يتركه إذا كان تركه أصلح في الدين، وأكثر للخير وأقرب إلى النجاح، فإنه لا يهجره بل يداوم على نصحه وتحذيره، من الباطل ولا يهجره قد يهديه الله بسبب ذلك، فالمؤمن كالطبيب إذا رأى العلاج نافعا فعله، وإذا رآه ليس بنافع تركه، فالهجر من باب العلاج، فإن كان الهجر يؤثر خيرا وينفع هجر، وكان ذلك من باب العلاج، لعله يتوب ولعله يرجع عن الخطأ، إذا رأى من إخوانه أنهم يهجرونه، أما إن كان الهجر يسبب مزيدا من الشر، وكثرة أهل الشر وتعاونهم، فإنه لا يهجر ولكن يديم النصح له، والتوجيه وإظهار الكراهة لما عمل، ويبين له عدم موافقته على باطله، ولكن يستمر في النصيحة والتوجيه.

المبتدعة ليسوا من الطائفة الناجية

11 - المبتدعة ليسوا من الطائفة الناجية س: هل المبتدع خارج عن الفرقة الناجية والطائفة المنصورة؟ (¬1) ج: المبتدعون ليسوا من الطائفة الناجية، كالرافضة والجهمية، والمعتزلة والكرامية، وأشباههم، الطائفة المنصورة هم أهل السنة والجماعة، هم أتباع الكتاب والسنة، الذين لم يبتدعوا في دين الله، ما لم يكن من أمر الله. لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عنهم قال: «هم مثل ما أنا عليه وأصحابي (¬2)»، وهم الجماعة، وهم الطائفة المنصورة، والفرقة الناجية، وهم أتباع النبي صلى الله عليه وسلم، الذين لم يحرفوا أو يغيروا، أو يبتدعوا بل تمسكوا بالكتاب والسنة، وساروا على منهج سلف الأمة، من الصحابة ومن تبعهم بإحسان، بالقول والعمل والعقيدة، هؤلاء هم أهل السنة والجماعة، فهم وحدوا الله، وعبدوه وحده، واستقاموا على شريعته، وعملوا بأسمائه وصفاته، وأمروها كما جاءت على الوجه اللائق بالله، من غير تحريف، ولا تعطيل ولا تأويل ولا تمثيل، واعتمدوا في أعمالهم ما جاء في الكتاب والسنة، في الأقوال والأفعال. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 307. (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة، برقم 2641.

حكم الاحتفال بالمواليد

12 - حكم الاحتفال بالمواليد س: بعض العلماء يقولون: إن الموالد ليست صحيحة، فهل هذا صحيح أم لا؟ (¬1) ج: نعم الاحتفال بالموالد بدعة، فلا يجوز الاحتفال بالموالد، لا مولد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا غيره، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (¬2)» وقال عليه الصلاة والسلام: في خطبة يوم الجمعة: «أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬3)» والاحتفال بالموالد بدعة، ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، ويكفي المؤمن التأسي بسنته صلى الله عليه وسلم، والسير على منهاجه وعدم الإحداث فمحبة النبي صلى الله عليه وسلم ليست بالبدع، ولكن باتباع طريقه عليه الصلاة والسلام، وامتثال أوامره، وترك نواهيه والصلاة والسلام عليه عند ذكره، عليه الصلاة والسلام في كل وقت، أما إحداث البدع فذلك مما يغضبه، عليه الصلاة والسلام، ومما نهى عنه وأنكره، عليه الصلاة والسلام، وهو مما يغضب الله عز وجل، الله سبحانه أنكر على أهل البدع، قال سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (¬4). ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 215. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401. (¬4) سورة الشورى الآية 21

فالواجب على كل مسلم أن يتبع ولا يبتدع، عليه أن يتبع الشريعة ويكفي والحمد لله، أما الابتداع فهو شر وبلاء، فالدين كامل بحمد الله، فليس لأحد أن يحدث شيئا ما شرعه الله، لا الاحتفال بالموالد ولا غيرها، ومن ذلك البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها، هذه بدعة ومن وسائل الشرك، ومن ذلك تجصيصها واتخاذ القباب عليها والستور هذا بدعة أيضا، ومن أسباب الشرك ووسائله، فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا البدع، وأن يبتعدوا عنها، حتى لا يخالفوا نبيهم عليه الصلاة والسلام، وحتى يتبعوه فيما أمر به وفيما نهى عنه عليه الصلاة والسلام.

حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم

13 - حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم س: يوجد لدينا في جميع البلاد في مصر أنهم يحتفلون بمولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فما حكم ذلك؟ (¬1) ج: هذه المسألة قد وقعت في بلدان كثيرة من بلدان المسلمين، كثير من المسلمين يحتفلون بالمولد النبوي، ورغم وجود ذلك في بلاد كثيرة فهو بدعة، فالبدع لا تنقلب سننا لكثرة الفاعلين لها، سواء كان في المغرب أو في المشرق، أو في مصر أو في غير ذلك، الاحتفال ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 8.

بالموالد من البدع التي أحدثها الشيعة، وتبعهم عليها بعض أهل السنة، وذكر بعض المؤرخين أن أول من أحدثها الفاطميون، بنو عبيد بن القداح، المعروفون الذين ملكوا مصر والمغرب، في القرن الرابع والخامس، هم أول من أحدثوا في القرن الرابع موالد للنبي صلى الله عليه وسلم، وللحسن والحسين وفاطمة ولحاكمهم، ثم وقع بعد ذلك الاحتفال بالموالد بعدهم، فهو بدعة بلا شك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو المعلم المرشد، وأصحابه هم أفضل الناس بعد الأنبياء، وهو قد بلغ البلاغ المبين، ولم يحتفل بمولده عليه الصلاة والسلام، ولا أرشد إلى ذلك، ولا احتفل به أصحابه، وهم أفضل الناس، وأحب الناس للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا التابعون لهم بإحسان، في القرون المفضلة الثلاثة، فعلم أنه بدعة، وهو وسيلة للغلو والشرك، ووسيلة للغلو في الأنبياء والصالحين، فإنهم قد يعظمونهم بالغلو والمدائح، التي فيها الشرك بالله، الشرك الأكبر كوصفهم لهم بأنهم يعلمون الغيب، أو أنهم يدعون من دون الله أو يستغاث بهم أو ما أشبه ذلك، فيقعون في هذا الاحتفال في أنواع من الشرك، وهو لا يشعرون أو قد يشعرون، فالواجب ترك ذلك، وليست الاحتفالات بالمولد دليلا على حب المحتفلين للنبي صلى الله عليه وسلم، وعلى اتباعهم له، وإنما الدليل والبرهان على ذلك، هو اتباعهم لما جاء به عليه الصلاة والسلام، هذا هو الدليل على حب الله ورسوله، الحب الصادق، كما قال عز وجل: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (¬1) ¬

_ (¬1) سورة آل عمران الآية 31

فمن كان يحب الله ورسوله، فعليه باتباع الحق بأداء فرائض الله وترك محارم الله والوقوف عند حدود الله والمسارعة إلى مراضي الله والحذر من كل ما يغضب الله عز وجل، هذا هو الدليل وهذا هو البرهان، وهذا هو الذي كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، أما الاحتفالات بالموالد للنبي صلى الله عليه وسلم، أو للشيخ عبد القادر الجيلاني، أو للبدوي أو لفلان وفلان، فكله بدعة وكله منكر يجب تركه؛ لأن الخير في اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، واتباع أصحابه والسلف الصالح، والشر في الابتداع والاختراع، ومخالفة ما عليه السلف الصالح، هذا هو الذي يجب وهذا هو الذي أفتي به، وهذا هو الحق الذي عليه سلف الأمة، ولا عبرة لمن خالف ذلك وتأول في ذلك، فإنما هدم الدين في كثير من البلدان، والتبس أمره على الناس، بسبب التأويل والتساهل وإظهار البدع، وإماتة السنة ولا حول ولا قوة إلا بالله، والله المستعان. اهـ.

حكم الاحتفال بمولد الحسين رضي الله عنه

14 - حكم الاحتفال بمولد الحسين رضي الله عنه س: لقد سمعت لكم إجابة عن سؤال في برنامج نور على الدرب: بخصوص إقامة الموالد والاحتفال بها. مثل المولد النبوي الشريف، وقد تفضلتم بالإجابة، بعدم إقامة مثل هذه الموالد وغيرها بما ورد في الكتاب والسنة. وعلينا أن نتبع ما أمر به ونهى عنه الله ورسوله، وأنا في نفسي مقتنع بذلك تمام الاقتناع. ولكن نشاهد بمصر الإسلامية أن أصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ يحضرون هذه الاحتفالات والموالد، أمثال الحسين، والسيدة زينب، والبدوي وغيرهم بل حتى عندنا في صعيد مصر كثير والسؤال الأول هو: ما هو الصواب في هذا الموضوع؟ (¬1) ج: الصواب هو ما سمعت فيما نقلت عن جوابي السابق، وأن هذه الموالد التي يحتفل بها الناس بدعة لا أصل لها، ولا ينبغي للعاقل وطالب العلم، أن يغتر بالناس، فإن فعل الناس لا يقاس عليه، ولا يحتج به، إنما يحتج بما قاله الله ورسوله، فأقوال الناس، وأعمال الناس، واحتفالاتهم كلها تعرض على الكتاب والسنة، وما وافق كتاب الله، أو سنة رسوله الصحيحة، عليه الصلاة والسلام فهو المتبع وهو الحق. وما خالفهما وجب رده، وإن فعله الناس، قال الله تعالى: ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 12.

{وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} (¬1)، وقال عز وجل: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (¬2)، وقال سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (¬3) فالحاصل أن أفعال الناس، وأقوال الناس ليست ميزانا توزن بها الأحكام، وتعرف بها الأحكام الشرعية، وإنما الميزان هو ما قال الله جل وعلا: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (¬4). وفيما قال سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (¬5). هذا هو الميزان، الميزان هو ما قاله الله ورسوله، فالاحتفالات بالموالد ليس لها أصل في كتاب الله ولا في سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وقد مضى على المسلمين قرون كثيرة لم يحتفلوا فيها بالموالد، فلم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، وهو خاتم النبيين ليس بعده نبي يعلمنا، هو خاتم النبيين، وهو أنصح الناس عليه الصلاة والسلام، وهو أعلم الناس وأخشى الناس لله وأتقاهم لله عليه الصلاة والسلام. فلو كان الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم أو بالموالد الأخرى أمرا مشروعا لبينه للأمة عليه الصلاة والسلام، أو فعله بنفسه حتى يقتدى به، ثم لو تركه بنفسه عليه الصلاة والسلام، ¬

_ (¬1) سورة يوسف الآية 103 (¬2) سورة الأنعام الآية 116 (¬3) سورة سبأ الآية 20 (¬4) سورة النساء الآية 59 (¬5) سورة الشورى الآية 10

لأنه غير واجب ولكن هو سنة في نفسه لفعله الصحابة أخذا من فعله أو من قوله عليه الصلاة والسلام، فلم يفعله صلى الله عليه وسلم. ولم يدع إليه ولم يأمر به ولم يفعله صحابته، لا الخلفاء الراشدون ولا غيرهم، ثم جاء القرن الثاني، قرن التابعين وكبار أتباع التابعين، فلم يفعلوه ثم جاء من بعدهم القرن الثالث فلم يفعلوه، فدل ذلك على أنه بدعة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)»، وقال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)»، وكان يقول في خطبته عليه الصلاة والسلام: أما بعد: «فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة (¬3)»، هكذا كان يقول في خطبته عليه الصلاة والسلام في الجمعة اللهم صل عليه، فلو كانت الاحتفالات بالموالد أمرا مطلوبا أو أمرا مشروعا لما فات على أولئك الأخيار السادة، ثم حظي به ووفق له من بعدهم، فإن القرون السابقة قد اشتملت على الحق. ولا يمكن أن يكون الحق في غيرها وتحرم هي من الحق، بل قال عليه الصلاة والسلام، لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، وأولى القرون بهذه الطائفة القرون الأولى، القرن الأول ثم الثاني ثم الثالث، بل قال عليه الصلاة والسلام: «خير أمتي القرن الذين يلونني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم (¬4)» الحديث. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة رضي الله تعالى عنهم…، برقم 3533. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401. (¬4) البخاري الشهادات (2509)، مسلم فضائل الصحابة (2533)، الترمذي المناقب (3859)، ابن ماجه الأحكام (2362)، أحمد (1/ 434).

فلا يجوز أبدا أن يعتقد أحد أن الحق يفوت هذه القرون المفضلة العظيمة، ثم يدركه ويحوزه من بعدهم، هذا لا يقوله من يؤمن بالله واليوم الآخر. فالحاصل أن الاحتفالات بالموالد: مولد النبي صلى الله عليه وسلم، مولد الحسين، مولد فلان، مولد البدوي، إلى غير ذلك كلها بدع لا أصل لها، وإنما أحدثها من أحدثها في القرن الرابع وبعده، كما ذكر ذلك صاحب كتاب الإبداع في مضار الابتداع، وذكر أن الذين بدأوا بإحداثها هم حكام مصر الفاطميون، حكام المغرب الذين انتسبوا لآل البيت كذبا، وليسوا منهم في شيء بل قال أبو العباس ابن تيمية شيخ الإسلام رحمة الله عليه: إن ظاهرهم الرفض وباطنهم الكفر المحض، فالحاصل أنهم هم الذين أحدثوا هذا في القرن الرابع ثم أحدثه بعدهم أناس آخرون، من الشيعة ومن غير الشيعة ممن ينتسب إلى السنة غلطا وجهلا، ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بهذا الأمر، الذي فعله كثير من الناس. فهذه أيضا المساجد تبنى على القبور، والقباب توضع على القبور، فهل يقول من يؤمن بالله واليوم الآخر، إن هذا شرع، وإنه سنة، وإنه قربة، بل هو بدعة منكرة، ومع ذلك وجد في الناس، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم برقم 1390.

مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬1)» خرجه مسلم في الصحيح، وقال جابر رضي الله عنه: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تجصص القبور، وأن يقعد عليها وأن يبنى عليها (¬2)» فأخبر جابر أن الرسول نهى عن تجصيص القبور، وعن البناء عليها، وهي الآن تجصص ويبنى عليها وتوضع عليها القباب والمساجد فهل يقول من يعرف الحق: إن هذا جائز أو إنه مشروع لأن الناس فعلوه، بل هو بدعة ومن وسائل الشرك، ولو فعله الناس، اتخاذ المساجد على القبور، والبناء عليها واتخاذ القباب عليها، وتجصيصها كل هذا محرم كله من وسائل الشرك. ولو فعله الناس وكذلك كثير من الجهلة يأتون القبور المعظمة، ويدعونها ويستغيثون بأهلها، ويطلبون منها المدد، فهل يقول قائل: إن هذا جائز، لأن الناس فعلوا هذا، أو لأن كثيرا من الناس فعلوا هذا، لا يقول هذا من يعرف الدين، فإن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، وطلب المدد من الأموات هو فعل الجاهلية الأولى، هو فعل أهل الشرك المعروف سابقا، هو من الشرك الأكبر، ومع ذلك فعله كثير من الجهال عند القبور، عند قبر الحسين، وعند قبر غير الحسين، وعند قبر البدوي، وربما فعله بعض الجهال، عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فهل يقول من يؤمن بالله واليوم الآخر: إن هذا جائز، أو إن هذا قربة، أو إنه لا بأس به، بل هو من الشرك ومن عبادة غير الله، ومن عمل الجاهلية الأولى وإن فعله كثير من الناس، فينبغي لكل مسلم أن يعقل هذا وينتبه لهذا الأمر. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم 532. (¬2) مسلم الجنائز (970)، الترمذي الجنائز (1052).

س: أيضا يقول هذا السائل: نشاهد في مصر أصحاب الفضيلة العلماء يحضرون هذه الاحتفالات فما رأي سماحتكم؟ (¬1) ج: كون بعض العلماء يشهد بعض البدع فلا يستنكر هذا، وهل أهلك الناس إلا علماء السوء؟ وعلماء الجهل، وهل هلكت اليهود إلا بعلماء السوء فيها، وهل هلكت النصارى إلا بعلماء السوء فيها وأغلاطهم، وهذه الأمة كذلك إنما هلك أكثرهم بسبب علماء السوء وعلماء الجهل، والعالم وإن كان كبيرا وعظيما قد يغلط، فيغتر بغلطه بعض الناس، وزلة العالم لها خطر عظيم، كما حذر الصحابة وغيرهم من زلة العالم، فإذا زل عالم بفعله أو بقوله، وإن كان يشار إليه بالعلم، لكن غلطه في مسألة من المسائل في حضور الاحتفالات، تأول في ذلك المكان، أو قصد أن ينصحهم، أو يبين شيئا من أمور الدين، فحضر وغاب عنه أن حضوره قد يحتج به، فلا يكون هذا حجة، إذا حضر العالم بعض الاجتماعات المنكرة، أو حضر بعض الاحتفالات المنكرة لا يكون هذا حجة على جوازها، فقد يكون له عذر، وقد يكون جهل هذا الأمر وقت حضوره، وإن كان عنده علوم، وعنده فضل، فلا ينبغي أن يغتر بأغلاط العلماء ولا زلات العلماء لا قولا ولا فعلا نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 12.

س: أرجو منكم أن تخبروني عن حكم المولد النبوي، وعن حكم من يقوم به، وخاصة إذا كان إماما وخطيبا لمسجد؟ وهل تجوز الصلاة خلفه، حيث إني إذا قلت لأحدهم إن هذا الأمر بدعة منكرة، انزعج كثيرا واحتج بحديث في مسلم، في فضل صيام يومي الخميس والاثنين، والشاهد من الحديث: «وهو يوم ولدت فيه (¬1)» الحديث؟ فماذا نفعل تجاه هؤلاء الناس، وخاصة أنهم من أصحاب المساجد وإنا لله وإنا إليه راجعون؟ (¬2) ج: الاحتفال بالموالد من البدع التي حدثت في الناس ومنها مولد النبي صلى الله عليه وسلم، الاحتفال به من البدع التي حدثت في المسلمين ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه لا الخلفاء الراشدون ولا غيرهم، وهكذا لم يفعله المسلمون في القرون المفضلة الثلاثة، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬3)» يعني فهو مردود، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬4)» أي فهو مردود. فالواجب على المسلم ترك ذلك، وأن يعتني بسنته صلى الله عليه وسلم واتباع سيرته والاستقامة على هديه عليه الصلاة والسلام. أما الاحتفال بالمولد ¬

_ (¬1) مسلم الصيام (1162). (¬2) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 271. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697.

فلا وجه له فهو بدعة من البدع التي يجب تركها والمطلوب من المسلم اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، وتعظيم شرعه وتعظيم سنته والسير على منهاجه كما قال الله عز وجل: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (¬1)، وقال سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (¬2). فالواجب محبته واتباعه والأخذ بما جاء به والحذر مما نهى عنه هذا هو واجب المسلم. أما البدع فلا، المولد وغير المولد، لا تجوز البدع في الدين. بل يجب تركها فالاحتفال بالموالد والبناء على القبور، واتخاذ المساجد على القبور والصلاة عند القبور كل هذه من البدع التي أحدثها الناس وهكذا بدعة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب والاحتفال بها هذه من البدع أيضا لا أصل لها في الشرع. وينبغي أن ينصح الإمام الذي يصلي بالناس أن يدع هذا، والصلاة خلفه صحيحة، إذا كان ليس عنده إلا بدعة المولد، فالصلاة خلفه صحيحة؛ لأنها بدعة وليست كفرا، لكن إذا كانوا في المولد يدعون الرسول ويستغيثون به، فهذا كفر أكبر إذا كانوا يدعون الرسول ويستغيثون به، وينذرون له هذا كفر أكبر. ¬

_ (¬1) سورة آل عمران الآية 31 (¬2) سورة الحشر الآية 7

أما مجرد الاحتفال بالمولد وجمع الطعام، والاجتماع على الطعام وتلاوة القصائد التي ليس فيها شرك فهذه بدعة. أما القصائد التي فيها الشرك، مثل البردة إذا أقروا ما فيها من الشرك، مثل قوله: يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم إن لم تكن في معادي آخذا بيدي ... فضلا وإلا فقل يا زلة القدم فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم من يعتقد هذا فهو كافر. نسأل الله العافية. فالمقصود أن الواجب على المسلمين، أن يحذروا الشرك والبدع جميعا، وأن يتواصوا بتركها ويتفقهوا في الدين ويتعلموا ويسألوا أهل العلم، أهل السنة، يسألوهم عن هذه البدع. أما حديث أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه سئل عن صوم يوم الاثنين فقال: «ذاك يوم ولدت فيه وبعثت فيه (¬1)» هذا لا حجة فيه، إنما يدعو إلى شرعية صومه، صوم يوم الاثنين، ويوم الاثنين يصام؛ لأنه يوم ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه فيه، ولأنه تعرض فيه الأعمال على الله مع الخميس، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم الاثنين والخميس ويقول: ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر برقم 1162.

«إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم (¬1)» فصوم يوم الاثنين لا بأس به، طيب مثلما صامه النبي صلى الله عليه وسلم، ما قال: احتفلوا به واجعلوا فيه عيدا. إنما شرع صومه فقط، فمن صامه فقد أحسن ومن أحدث المولد بالاحتفال وجمع الناس على الطعام وقراءة القصائد فإن هذه هي البدعة، وفرق بين هذا وهذا. س: لماذا لا يحدث اجتماع مثلا بين العلماء جميعا وشرح وجه الحقيقة حتى يغير ما يحدث في جميع البلدان الإسلامية من هذه العادات؟ (¬2) ج: قد جرى اجتماعات كثيرة، وبحث هذا الموضوع في اجتماعات كثيرة، ولكن لا تزال العقول تختلف في فهمها، ولا يزال من ينظر في المسائل العلمية يحصل بينهم خلاف لوجه النظر، بعضهم يستحسنها لأن فيها دراسة السيرة، للنبي صلى الله عليه وسلم، وبعضهم يقول لأن فيها فرصة لتوعية الناس وتعليمهم بعض أمور الدين، وبعضهم يحتج بأشياء أخرى، ولكن من نظر في الأدلة الشرعية عرف أن هذه الأمور التي يحتج بها لا وجه لها، وأن الواجب منع هذه الاحتفالات، وفي ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في المسند، مسند الأنصار رضي الله عنهم، حديث أسامة بن زيد، برقم 21246. (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم 12.

الإمكان أن يعلم الناس أحكام الشرع في المجالس العلمية والحلقات العلمية، وبدراسة السيرة النبوية من دون حاجة إلى هذه الاحتفالات فليست هذه الاحتفالات هي الوسيلة للتعليم، بل هناك وسائل أخرى كالإذاعة والصحافة والحلقات العلمية التي توضح فيها أحكام الشرع، وتوضح فيها سيرة النبي عليه الصلاة والسلام من دون حاجة إلى هذه البدع.

الاحتفال بالمولد ليس له أصل

15 - الاحتفال بالمولد ليس له أصل س: ما رأيكم في الاحتفال بمولد النبي الشريف، ولقد تكرر في قول الناس إن بعض العلماء أجازوه، ويقومون به أفيدونا عن هذا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: الاحتفال بالمولد ليس له أصل، لكونه من البدع التي أحدثها الناس في القرن الرابع وما بعده، ومشهور أن أول من أحدثه الطائفة المشهورة الذين يقال لهم الفاطميون، وهم حكام المغرب ومصر في المائة الرابعة والخامسة، أحدثوه في المائة الرابعة باسم علي والحسن والحسين وفاطمة واسم النبي صلى الله عليه وسلم، واسم حاكمهم ثم انتشر بعدهم، ولم يكن هذا في القرون المفضلة، ولا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلهذا ذكر ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 100.

المحققون من أهل العلم أنه بدعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)» يعني فهو مردود، ولا عبرة بمن يفعلونه اليوم وكثرتهم، لأنهم توارثوا هذا عن أسلافهم، والقاعدة التي درج عليها العامة والكفرة، قبل النبي صلى الله عليه وسلم قوله سبحانه: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (¬3) فليس في اتباع الآباء حجة، إذا كان عملهم ليس على أساس متين ليس على دليل، كما أن أعمال الكفار ليست حجة، ولهذا أنكر الله عليهم ذلك، وأمرهم باتباع النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يجعل لهم عذرا في اتباع أسلافهم، بل عابهم على ذلك، فأنت أيها المؤمن كذلك ليس لك أن تتبع أباك ولا جدك، ولا أهل بلدك إلا فيما شرعه الله، أما ما نهى الله عنه فليس لك أن تتبعهم ولو كثروا، فلو أن أهل بلدك صاروا يشربون الخمر، فليس لك أن تفعله معهم، ولو كانوا يزنون كذلك، ولو كانوا يعقون والديهم، ليس لك أن تفعل مثلهم، فهكذا إذا فعلوا البدع ليس لك أن تتبعهم، بل تدعو لهم بالهداية، تنصحهم وتوجههم إلى الخير، ولا تفعل معهم ما حرم الله من البدعة، كما أنك لا يجوز لك أن تفعل معهم الزنى، أو الخمر أو العقوق أو الربا، أو ما أشبه ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (¬3) سورة الزخرف الآية 23

الرد على قول: إن المولد بدعة حسنة

16 - الرد على قول: إن المولد بدعة حسنة س: نسألكم عن مولد النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم هل هو بدعة وإني سمعت في بعض البلدان ومن بعض العلماء يقولون: إنها بدعة حسنة والله أعلم وفقكم الله؟ (¬1) ج: الاحتفال بالموالد مما حدث في القرون المتأخرة بعد القرون المفضلة بعد القرن الأول والثاني والثالث وهو من البدع التي أحدثها بعض الناس استحسانا وظنا منهم أنها طيبة، والصحيح والحق الذي عليه المحققون من أهل العلم أنها بدعة، الاحتفالات بالموالد كلها بدعة ومن جملة ذلك الاحتفال بالمولد النبوي، ولماذا؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله، ولا أصحابه ولا خلفاؤه الراشدون ولا القرون المفضلة كلها لم تفعل هذا الشيء، فالخير في اتباعهم لا في ما أحدثه الناس بعدهم، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إياكم ومحدثات الأمور (¬2)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة (¬3)» وقال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 37. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم 7277، ومسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم 867. (¬3) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206).

ما ليس منه فهو رد (¬1)»، «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» أي مردود، فالنبي صلى الله عليه وسلم وضح الأمر وبين أن الحوادث في الدين منكرة، وأنه ليس لأحد أن يحدث في الدين ما لم يأذن الله وذم الله سبحانه هذا بقوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (¬3) والاحتفال أمر محدث لم يأذن به الله ولا رسوله عليه الصلاة والسلام، والصحابة أفضل الناس بعد الأنبياء وأحب الناس للنبي صلى الله عليه وسلم وأسرع الناس إلى كل خير ولم يفعلوا هذا لا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا بقية العشرة ولا بقية الصحابة وهكذا التابعون ما فعلوا هذا، وإنما حدث من بعض الشيعة الفاطميين في مصر في المائة الرابعة كما ذكر هذا بعض المؤرخين، ثم حدث في المائة السادسة في آخرها وفي أول السابعة، على يد من ظن أن هذا طيب ففعل ذلك، والحق أنه بدعة، لأنها عبادة لم يشرعها الله سبحانه وتعالى، والرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين ولم يكتم شيئا مما شرعه الله بل بلغ كل ما شرعه الله وما أمر به، وقال الله سبحانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (¬4) فالله قد أكمل الدين وأتمه وليس في ذلك الدين الذي أكمله الله الاحتفال بالموالد، فعلم بهذا أنه بدعة منكرة لا حسنة وليس في الدين بدعة ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (¬3) سورة الشورى الآية 21 (¬4) سورة المائدة الآية 3

حسنة، فكل البدع ضلالة كلها منكرة، النبي عليه الصلاة والسلام يقول: «كل بدعة ضلالة (¬1)» فلا يجوز لأحد من المسلمين أن يقول: إن في البدع شيئا حسنا والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: إن كل بدعة ضلالة؛ لأن هذه مناقضة ومحادة للرسول صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت عنه أنه قال: «كل بدعة ضلالة (¬2)» فلا يجوز لنا أن نقول خلاف قوله عليه الصلاة والسلام وما يظن الناس أنه بدعة وقد جاء به الشرع فهو ليس بدعة مثل كتابة المصاحف، مثل التراويح ليست بدعة كل هذه مشروعة فتسميته بدعة لا أصل لذلك، وأما ما يروى عن عمر أنه قال في التراويح: نعمت البدعة فالمراد بهذا أنها بدعة في اللغة، ليست من جهة الدين، ثم قول عمر لا يناقض ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يخالفه، وقول الرسول مقدم عليه، عليه الصلاة والسلام: «كل بدعة ضلالة (¬3)»، وقال: «وإياكم ومحدثات الأمور (¬4)»، وقال عليه الصلاة والسلام في خطبة الجمعة: «أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة»، هذا حكمه، عليه الصلاة والسلام، رواه مسلم في الصحيح فلا يجوز لمسلم أن يخالف ما شرع الله ولا أن يعاند ما جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام بل يجب عليه الخضوع لشرع الله والكف عما نهى الله عنه من البدع والمعاصي، نسأل الله للجميع الهداية. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (¬2) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (¬3) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (¬4) أبو داود السنة (4607)، أحمد (4/ 126).

س: هل يجوز الاحتفال بالمولد النبوي نرجو منكم التوجيه؟ (¬1) ج: لقد سبق منا جوابات كثيرة في هذا البرنامج وفي غيره وكتبنا في هذا كتابات كثيرة فهذا الاحتفال بالمولد بدعة، الاحتفال بالمولد بدعة عند أهل العلم، عند أهل التحقيق بدعة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وغيره فلا يجوز الاحتفال بالموالد لا بمولده صلى الله عليه وسلم ولا بغيره من الأنبياء والأخيار فما يفعله الناس بمولد النبي صلى الله عليه وسلم أو البدوي أو الشيخ عبد القادر أو الحسن أو الحسين أو غيرهم كله بدعة لا يجوز. والواجب الترضي عنهم واتباع طريقهم الطيب والإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم واتباع سبيله والحث على سنته وتعليم دينه والقيام بحقه من طاعة أمره وترك نهيه والسير على منهاجه صلى الله عليه وسلم هذا هو الواجب على المؤمن قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} (¬2) ما قال: فاتخذوا مولدا لي احتفلوا بي قال: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (¬3) فعلامة المحبة اتباعه وطاعة أوامره وترك نواهيه، أما إقامة الموالد والبدع التي ما أنزل الله بها من سلطان فهذا لا يجوز بل هو من وسائل الشرك، كثير من هؤلاء الذين يتخذون الموالد يقعون في الشرك في دعاء النبي والاستغاثة به، وبعضهم يقع في بدعة التوسل بجاهه وبحقه وهذا لا يجوز أما التوسل بمحبته والإيمان به لا بأس ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 359. (¬2) سورة آل عمران الآية 31 (¬3) سورة آل عمران الآية 31

اللهم إني أسألك بمحبة نبيك والإيمان بنبيك أن تغفر لي هذا لا بأس به، أما التوسل بجاه النبي أو بحق النبي هذا بدعة ليس عليه دليل بل هو من البدع والتوسل بمحبته والإيمان به والسير على منهاجه هذا توسل شرعي، فالمقصود أن الاحتفال بالموالد من البدع سواء كان ذلك بمولد النبي صلى الله عليه وسلم أو بمولد غيره من الأنبياء أو الصالحين أو الصحابة أو غيرهم كله من البدع، وهكذا الاحتفال بليلة النصف من شعبان أو بليلة تسع وعشرين من رجب يسمونها ليلة الإسراء والمعراج هذه بدعة أو الاحتفال بأول ليلة من رجب أول ليلة جمعة من رجب يسمونها صلاة الرغائب بدعة، المقصود أن الاحتفال بما لم يشرعه الله، يتقرب به إلى الله، هذا من البدع، ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، النبي صلى الله عليه وسلم هو أصدق الناس وأنصح الناس، علم الأمة كل خير ودعاها إلى كل خير ولم يحتفل بمولده في حياته صلى الله عليه وسلم مكث في المدينة عشر سنين وهو رئيس المؤمنين وأميرهم ليس له معارض ولم يحتفل بمولده عليه الصلاة والسلام ثم الصديق بعده ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم الخلفاء بعدهم ما احتفلوا بالمولد، ولو كان خيرا لسبقونا إليه فجميع القرون المفضلة لم يحدثوا الموالد إنما أحدثها الرافضة الفاطميون في القرن الرابع ثم تابعهم بعض المسلمين جهلا منهم وعدم بصيرة.

الرد على شبه تجويز إقامة الموالد

17 - الرد على شبه تجويز إقامة الموالد س: لقد سمعت منكم مؤخرا أن المولد الشريف من المنكر والبدع، وأود أن أقول وأسأل هنا، إن في المولد الشريف يجتمع الناس على الأخوة والتقوى، وقراءة شيء من القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، وقراءة شيء من الشعر الذي قيل قديما، إما بمدح الإسلام، أو الرسول العظيم، وهذا كل ما يحدث، وليس في ذلك ما يعارض الشريعة الإسلامية، أرجو توضيح ذلك ولكم كل تقديري واحترامي؟ (¬1) ج: لا ريب أن الاحتفال بالمولد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والسلام قد يقع فيه شيء مما ذكره السائل بالنسبة لأهل العلم وأهل البصائر، ولكن ينبغي أن يعلم أننا عبيد مأمورون لا مشرعون، علينا أن نمتثل أمر الله، وعلينا أن ننفذ شريعة الله. وليس لنا أن نبتدع في ديننا ما لم يأذن به الله، يجب أن نعلم هذا جيدا، الله سبحانه يقول: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (¬2) ويقول المصطفى عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح، الذي رواه الشيخان عن عائشة رضي الله عنها: «من أحدث في أمرنا هذا ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 6. (¬2) سورة الشورى الآية 21

ما ليس منه فهو رد (¬1)» يعني: فهو مردود على من أحدثه، وفي لفظ آخر عند مسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)»، وجاء في هذا المعنى أحاديث كثيرة، تدل على تحريم البدع، وأن البدع هي المحدثات في الدين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته عليه الصلاة والسلام: «أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬3)»، وتعلمون أيها المستمعون من أهل العلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام، عاش بعد النبوة ثلاثا وعشرين سنة، ولم يحتفل بمولده عليه الصلاة والسلام، ولم يقل للناس احتفلوا بالمولد، لدراسة السيرة أو لغير ذلك، ولا سيما بعد الهجرة؛ فإنها وقت التشريع، وكمال التشريع، فمات صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا من ذلك، وأما حديث أنه سئل عن صوم يوم الاثنين؟ قال: «ذلك يوم ولدت فيه، وبعثت فيه (¬4)»، فهذا لا يدل على الاحتفال بالموالد، كما يظن بعض الناس، وإنما يدل على فضل يوم الاثنين، وأنه يوم شريف، لأنه أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه ولأنه ولد فيه عليه الصلاة والسلام، ولأنه يوم تعرض فيه الأعمال على الله عز وجل، فإذا صامه الإنسان، لما فيه من المزايا، فهذا حسن، أما أن يزيد شيئا غير ذلك، فهذا عمل ما شرعه الله، إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ولدت فيه "؛ لبيان فضل صومه، ولما سئل ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401. (¬4) مسلم الصيام (1162).

في حديث آخر عن صوم يوم الاثنين والخميس، أعرض عن الولادة، وقال في يوم الاثنين والخميس: «إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم (¬1)»، وسكت عما يتعلق بالمولد، فعلم بذلك أن كونه يوم المولد، جزء من أسباب استحباب صومه، مع كونه تعرض فيه الأعمال على الله، وكونه أنزل عليه الوحي فيه، فهذا لا يدل على الاحتفال بالموالد، ولكن يدل على فضل صيام يوم الاثنين، وأنه يصام لهذه الأمور، كونه ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم، ولكونه أنزل عليه الوحي فيه، ولأنه تعرض فيه الأعمال على الله عز وجل، ولو كان الاحتفال بالموالد، أو بمولده عليه الصلاة والسلام، أمرا مشروعا أو مرغوبا فيه لما سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو المبلغ عن الله، وهو أنصح الناس، ولا يمكن الظن به أنه يسكت، عن أمر ينفع الأمة، وينفعه عليه الصلاة والسلام، وهو في طاعة الله عز وجل، وهو أنصح الناس، وهو ليس بغاش الأمة، وليس بخائن ولا كاتم، لقد بلغ البلاغ المبين عليه الصلاة والسلام، وأدى الأمانة ونصح الأمة، وكل شيء لم يكن في وقته مشروعا، فلا يكون بعد وقته مشروعا، فالتشريع من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أوحى الله إليه جل وعلا، وصحابته المبلغون عنه، ويحملون عنه ما بلغه الأمة، فهو لم يبلغ الناس أن الاحتفال بمولده مطلوب، لا فعلا ولا قولا، وصحابته ما فعلوا ذلك، ولا أرشدوا إليه، ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في المسند، مسند الأنصار رضي الله عنهم، حديث أسامة بن زيد، برقم 21246.

لا بأفعالهم ولا بأقوالهم وهم أحب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهم أعلم الناس بالسنة، وهم أفقه الناس، وهم أحرص الناس على كل خير، فلم يفعلوه ثم التابعون لهم كذلك، ثم أتباع التابعين، حتى مضت القرون المفضلة، فكيف يجوز لنا أن نحدث شيئا ما فعله هؤلاء الأخيار، وما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا أرشد إليه ولا فعله صحابته رضي الله عنهم، ولا أتباعهم بإحسان في القرون المفضلة، وإنما أحدثه بعض الشيعة، بعض الرافضة، أحدثه أول من أحدثه شيعة بني عبيد القداح، شيعة الفاطميين، الذين قال فيهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن ظاهرهم الرفض، وباطنهم الكفر المحض، هم الفاطميون الذين ملكوا المغرب ومصر والشام، على رأس المائة الثالثة، وبعدها إلى القرن الخامس، وأول السادس فالمقصود أن هؤلاء هم الذين أحدثوا الأعياد، بالاحتفال بالموالد كما ذكر جماعة من المؤرخين، أحدثوا ذلك في المائة الرابعة ثم جاء بعدهم من أحدث هذه الأشياء، أحدثوها لمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وللحسن والحسين وفاطمة وحاكمهم، فالمقصود أنهم هم أول من أحدث هذه الموالد، فكيف يتأسى بهم المؤمن في بدعة أحدثها الشيعة، هذا من البلاء العظيم، ثم أمر آخر وهو أنه قد يقع في هذه الاحتفالات، في بعض الأحيان في بعض البلدان، شرور كثيرة، قد يقع فيها من الشرك بالله، والغلو في النبي صلى الله عليه وسلم، ودعائه من دون الله، والاستغاثة به ومدحه بما لا يليق إلا بالله، كما في البردة، فإن صاحب البردة قال فيها:

يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم إن لم تكن في معادي آخذا بيدي ... فضلا وإلا فقل يا زلة القدم فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم فأي شيء أبقاه لله عز وجل بهذا الغلو العظيم؟! وكثير من الناس يأتون بهذه القصيدة في احتفالاتهم وفي اجتماعاتهم، وهي قصيدة خطيرة فيها هذا الشرك العظيم، المقصود أن كثيرا من الاحتفالات في بعض البلدان، يقع فيها الشرك الأكبر، بسبب الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم، والغلو في مدحه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله (¬1)»، ويقع فيها في بعض الأحيان أيضا منكرات أخرى، من شرب الخمور ومن الفواحش والزنى، واختلاط الرجال بالنساء، هذا يقع في بعض الأحيان، وقد أخبرنا بهذا من لا نتهم، وإن كانت بعض الاحتفالات سليمة من هذا، والحاصل أنه بدعة مطلقا، حتى ولو كان على أحسن حالة، لو كان ما فيه إلا مجرد قراءة السيرة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فهو بدعة بهذه الطريقة، أن يحتفل به في أيام مولده، ربيع الأول على طريقة خاصة، كل سنة أو في يوم يتكرر، يعتاد باسم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، هذا يكون بدعة لأنه ليس في ديننا هذا الشيء، وأعيادنا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله: (واذكر في الكتاب مريم) برقم 3445.

عيدان: عيد النحر وعيد الفطر وأيام النحر ويوم عرفة، هذه أعياد المسلمين، فليس لنا أن نحدث فيها شيئا ما شرعه الله عز وجل، وإذا أراد الناس دراسة السيرة فيدرسوها بغير هذه الطريقة، يدرسونها في المساجد، وفي المدارس، سيرة النبي صلى الله عليه وسلم مطلوبة، تجب دراستها والتفقه فيها في المدارس وفي المعاهد، وفي الكليات، وفي البيوت، وفي كل مكان، لكن بغير هذه الطريقة، وبغير طريقة الاحتفال بالمولد، هذا شيء وهذا شيء فيجب على أهل العلم التنبه لهذا الأمر، وعلى طالب العلم أن يتنبه لهذا الأمر، وعلى محب الخير التنبه لهذا الأمر ففي السنة خير وسلامة، والبدعة كلها شر وبلاء. رزق الله الجميع العافية والهدى، ولا حول ولا قوة إلا بالله. س: ما قولكم فيمن يقول إن إقامة الموالد، وقراءة القرآن على الأموات وإهداء ثوابه إليهم جائز؟ (¬1) ج: الصواب أنه بدعة، ما فعله الرسول ولا أصحابه، ولا أمر به ولا دعا إليه ولا أقره عليه الصلاة والسلام، ولا فعله السلف الصالح والقرون المفضلة، فهو بدعة من وسائل الشرك، فالاحتفال بالموالد بدعة منكرة، ولا فرق بين مولد النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره، وهو من وسائل الشرك، لأن الناس إذا احتفلوا بالمولد يدعون صاحب المولد، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 227.

يستغيثون به، كما يفعل الجهال في النبي عليه الصلاة والسلام وبعضهم يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم يخرج من قبره ويحضرهم، هذا من المنكر؛ لأن النبي لا يخرج من قبره إلى يوم القيامة، لكن روحه في الجنة في أعلى عليين عليه الصلاة والسلام، ترد إلى جسده إذا شاء الله ذلك، عند السلام عليه، عليه الصلاة والسلام كما في الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: «ما من أحد يصلي علي إلا رد الله علي روحي، حتى أرد عليه السلام (¬1)»، المقصود أن الاحتفال بالموالد، سواء كان للأنبياء أو بعض الصالحين أو غيرهم، أو للملوك كله بدعة، لا يجوز الاحتفال بالموالد، لأنه محدث، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)» يعني هو مردود، «وقال عليه الصلاة والسلام في خطبة الجمعة: " أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬3)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (¬4)»، وهي أحاديث صحيحة، بعضها في مسلم وبعضها في الصحيحين، وبعضها في السنن فالواجب على علماء الإسلام إنذار الناس وتعليمهم، والواجب على العامة سؤال أهل العلم عما أشكل عليهم، والتفقه في الدين، وسؤالهم يكون لأهل العلم، من أهل السنة، ليسوا علماء البدعة وأهل الخرافة، يكون لعلماء السنة الذين يعرفون ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب زيارة القبور، برقم 2041. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401. (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694.

سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ويحكمون القرآن والسنة ويعملون بهما، أما علماء السوء وعلماء البدع، فليسوا محل السؤال، وليسوا أهلا للسؤال، إنما السؤال يكون لأهل العلم الذين يحكمون كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويعملون بهما يتأسون بالسلف الصالح باتباع السنة والحذر من البدعة، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

حكم توزيع الأطعمة في الموالد

18 - حكم توزيع الأطعمة في الموالد س: تسأل الأخت وتقول: في يوم مولد النبي الشريف، يتم في بعض مناطق قطرنا توزيع الطعام والحلوى على الناس؛ إحياء لهذا اليوم العزيز، ويقولون: إن توزيع الطعام والحلوى وبالأخص الحلوى لها أجر كبير عند الله عز وجل، هل هذا صحيح؟ (¬1) ج: الاحتفال بالمولد هذا مما اتخذه الناس وليس مشروعا، ولم يكن معروفا عند السلف الصالح، لا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد التابعين، ولا في عهد أتباع التابعين، ولا في القرون المفضلة، ولم يكن معروفا في هذه العصور العظيمة، وهي القرون الثلاثة المفضلة، وإنما أحدثه الناس بعد ذلك، وذكر المؤرخون أن أول من أحدثه، هم ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 108.

الفاطميون الشيعة حكام مصر والمغرب، وهم أول من أحدث هذه الاحتفالات، الاحتفال بالمولد النبوي، وبمولد الحسين ومولد فاطمة، وحكامهم جعلوا هناك احتفالات بعدة موالد، منها مولد النبي عليه الصلاة والسلام، هذا هو المشهور أنهم أول من أحدثه في المائة الرابعة من الهجرة، ثم حدث بعد ذلك من الناس الآخرين تأسيا بغيرهم، والسنة في ذلك عدم فعل هذا المولد، لأنه من البدع المحدثة في الدين، والرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬1)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» والاحتفال قربة وطاعة، فلا يجوز إحداث قربة وطاعة إلا بدليل، وما يفعله الناس اليوم ليس بحجة، ما يفعله الناس في كثير من الأمصار في اليوم الثاني عشر، من ربيع الأول، من الاحتفال بالموالد، مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وتوزيع الطعام أو الحلوى، أو قراءة السيرة في ذلك اليوم وإقامة الموائد، كل هذا ليس له أصل فيما علمنا، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم، ولا عن السلف الصالح في القرون المفضلة، وهذا هو الذي علمناه من كلام أهل العلم، وقد نبه على ذلك أبو العباس ابن تيمية رحمه الله شيخ الإسلام، ونبه على ذلك الشاطبي رحمه الله في (الاعتصام بالسنة)، ونبه على ذلك آخرون من ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.

أهل العلم، وبينوا أن هذا الاحتفال أمر لا أساس له، وليس من الأمور الشرعية، بل هو مما ابتدعه الناس، فالذي ننصح به إخواننا المسلمين، هو ترك هذه البدعة وعدم التشاغل بها، وإنما حب النبي صلى الله عليه وسلم يقتضي اتباعه وطاعة أوامره، وترك نواهيه، كما قال الله سبحانه: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (¬1)، فليس العلامة على حبه أن نحدث البدع، التي ما أنزل الله بها من سلطان، من الاحتفال بالمولد أو الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو الدعاء والاستغاثة به، أو الطواف بقبره أو ما أشبه ذلك، كل هذا مما لا يجوز وليس من حبه صلى الله عليه وسلم، بل هو من مخالفة أمره عليه الصلاة والسلام، فحبه يقتضي اتباعه وطاعة أوامره، وترك نواهيه والوقوف عند الحدود، التي حدها عليه الصلاة والسلام، هكذا يكون المؤمن، كما قال الله عز وجل: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (¬2)، وقال عز وجل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (¬3)، وقال جل وعلا: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (¬4) ولو كان الاحتفال بالمولد أمرا مشروعا، لم يكتمه النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه ما كتم شيئا، فقد بلغ البلاغ المبين عليه الصلاة والسلام، ¬

_ (¬1) سورة آل عمران الآية 31 (¬2) سورة آل عمران الآية 31 (¬3) سورة الحشر الآية 7 (¬4) سورة النور الآية 54

فلم يحتفل بمولده ولم يأمر أصحابه بذلك، ولم يفعله الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، ولا بقية الصحابة رضي الله عنهم، ولا التابعون وأتباعهم بإحسان في القرون المفضلة، فكيف يخفى عليهم ويعلمه من بعدهم هذا مستحيل، فعلم بذلك أن إحداثه من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان، ومن قال: إنه بدعة حسنة فهذا غلط لا يجوز، لأنه ليس في الإسلام بدع حسنة. الرسول عليه السلام قال: «كل بدعة ضلالة (¬1)» وكان يخطب بالناس يوم الجمعة، ويقول: «إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة (¬2)»، فلا يجوز للمسلم أن يقول في بدعة: إنها حسنة، يعني يناقض النبي صلى الله عليه وسلم ويعاكسه، هذا لا يجوز للمسلم بل يجب عليه أن يتأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويحذر مخالفة أمره صلى الله عليه وسلم ومخالفة شريعته في هذا وغيره، فلما قال صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة (¬3)». فهذه الجملة جملة عامة وصيغة عامة، تعم الموالد وغير الموالد من البدع، وهكذا ما أحدثه بعض الناس من الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، ليلة سبع وعشرين من رجب، أو ليلة النصف من شعبان، هذه أيضا من البدع، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما فعلها ولا فعلها أصحابه، فتكون بدعة وهكذا جميع ما أحدثه الناس من البدع في الدين، كلها داخلة في هذا المعنى، فليس لأحد من المسلمين أن يحدث شيئا من العبادات، بغير ¬

_ (¬1) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401. (¬3) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206).

ما شرعه الله بل يجب على أهل الإسلام الاتباع، والتقيد بالشرع أينما كانوا والحذر من البدعة، ولو أحدثها من أحدثها من العظماء والكبار، فالرسول صلى الله عليه وسلم فوقهم، فوق جميع العظماء هو سيد ولد آدم، وهو الذي أوجب الله علينا طاعته، واتباع شريعته، فليس لأحد أن يقدم على هديه هدي أحد من الناس، ولا طاعة أحد من الناس، ثم الله فوق الجميع سبحانه وتعالى، هو واجب الطاعة وهو إله الحق سبحانه وتعالى، هو الذي بعث الرسول يعلم الناس ويرشد الناس، والرسول هو المبلغ عن الله عز وجل، فلو كان الاحتفال بهذه الأمور مما أمره الله به لم يكتمه بل يبلغه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قد بلغ البلاغ المبين، وهكذا أصحابه، لو كان بلغهم وأعلمهم لبلغوا أيضا، فلما لم يأتنا هذا عنه، علمنا يقينا أنه من البدع التي أحدثها الناس، وأن الواجب على أهل الإسلام ألا يوافقوا على البدع، بل عليهم أن يسيروا على النهج الذي سار عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسار عليه أصحابه الكرام رضي الله عنهم، ثم أتباعهم بإحسان في القرون المفضلة، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

س: يقول السائل: س. ف. ك. من ليبيا: عندنا عادة في بلادنا وهي في اليوم الثاني عشر، من ربيع الأول نعمل وجبة إفطار منذ الصباح الباكر ونقوم بتوزيعها على الجيران، ونحن نهنئ الجيران والأقرباء بعضهم بعضا، بحجة الفرح بالمولد النبوي، فهل لنا أن نستمر في عمل هذه الأطعمة، والأكل منها ونعمل تلك الاحتفالات؟ (¬1) ج: هذا العمل ليس مشروعا بل هو بدعة، ولو فعله كثير من الناس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يفعلوا ذلك، فلم يحتفل صلى الله عليه وسلم بمولده في حياته، ولم يأمر بذلك وهو أنصح الناس، عليه الصلاة والسلام وأعلم الناس، وأحرص الناس على الخير عليه الصلاة والسلام، فلو كان هذا العمل مشروعا وحسنا، لفعله صلى الله عليه وسلم، أو أرشد إليه، وهكذا الخلفاء الراشدون، وهم أفضل الناس بعد الأنبياء، لم يفعلوه ولم يأمروا به، وهكذا بقية الصحابة رضي الله عنهم لم يفعلوه ولم يأمروا به، وهكذا سلف الأمة في القرون المفضلة، لم يفعلوه وهم خير الناس بعد الأنبياء، كما قال عليه الصلاة والسلام: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 273. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور، برقم 2652، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة رضي الله عنهم، برقم 2533.

فالواجب عليكم ترك هذه البدعة، والحرص على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، في أقواله وأعماله، هذا هو الواجب على المسلمين، أن يتبعوه وأن ينقادوا لشرعه، ويعظموا أمره ونهيه، ويسيروا على سنته ونهجه، عليه الصلاة والسلام، أما البدع فلا خير فيها، فهي شر، يقول عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)» أي فهو مردود، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)» متفق على صحته. وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه، قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم، يقول في الخطبة خطبة الجمعة: " أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬3)»، هذا العمل الذي فعلته من إهداء الطعام، والاحتفال وغير ذلك، في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول، بالطعام أو بالصلوات، أو بالتزاور كله بدعة لا أصل له، يقول الرب عز وجل: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (¬4)، فاتباع النبي هو دليل الحب الصادق، ويقول عليه الصلاة والسلام: «من رغب عن سنتي فليس مني (¬5)» ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401. (¬4) سورة آل عمران الآية 31 (¬5) البخاري النكاح (4776)، مسلم النكاح (1401)، النسائي النكاح (3217)، أحمد (3/ 285).

فنوصيكم وغيركم من إخواننا المسلمين، بترك هذه البدعة، وهي الاحتفالات بالمولد النبوي، أو بغير المولد النبوي، بالموالد الأخرى كلها غير مشروعة، ولكن نوصيكم باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم دائما، والتفقه في الدين وتعليم الناس السنة، والحرص على طاعة الله ورسوله، في كل شيء هذا هو الواجب، على جميع المكلفين أن يخلصوا لله العبادة، وأن يعظموه وأن ينقادوا لشرعه، وأن يسيروا على نهج نبيه، صلى الله عليه وسلم في القول والعمل، في جميع الأحوال، قال تعالى في كتابه العظيم: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (¬1)، وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله. (¬2)» فالواجب طاعته واتباع هديه، عليه الصلاة والسلام، والحذر مما خالف هديه، عليه الصلاة والسلام في كل شيء. ¬

_ (¬1) سورة الحشر الآية 7 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يقاتل من وراء الإمام ويتقي به، برقم 2957، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء، برقم 1835.

حكم إلقاء القصائد التي فيها غلو وإطراء في حفلات الموالد

19 - حكم إلقاء القصائد التي فيها غلو وإطراء في حفلات الموالد س: المولد في المساجد ليلة كل جمعة ما حكمه؟ ويوجد كتاب اسمه المولد الربيعي، جاء فيه قصائد عدة، تمدح الرسول صلى الله عليه وسلم، ويكثر فيه الصلاة على النبي والمدح، وسيرته من قبل مولده إلى وفاته، نرجو توضيح ذلك مع الدليل؟ (¬1) ج: أما الاحتفال بالموالد فهذا لا أصل له، وليس عليه دليل ولم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته ولا فعله خلفاؤه الراشدون رضي الله عنهم، وهم أعلم الناس به وأحب الناس له عليه الصلاة والسلام، وهكذا بقية الصحابة لم يفعلوه، ولا التابعون في جميع القرون المفضلة، فدل ذلك على أنه بدعة، ولكن دراسة السيرة النبوية، كون العالم يدرس السيرة بين الناس في أي وقت في الليل أو النهار، في الأسبوع مرة أو مرتين أو أكثر أو أقل، هذا كله طيب درس السيرة وبيان سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه في أسفاره وإقامته، وبيان أخلاقه وأعماله عليه الصلاة والسلام، هذا حق حتى يتأسى به الناس، أما العناية بالقصائد التي فيها غلو وإطراء، وجعل وقت معين لهذا المولد، في ربيع الأول في الثاني عشر أو في غيره، بقصد دراسة هذا المولد من حين ولد عليه الصلاة والسلام، ويؤتى في ذلك بالقصائد الشركية، ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 11.

كالبردة وغيرها، فهذا منكر لا أصل له، وإنما المشروع أن يؤتى بالدروس الشرعية، التي يقرؤها الناس في البيوت، أو في المساجد، كسائر الدروس، لبيان سيرته صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه، كيف ولد وكيف عاش ثم بعد بعثته وهو المهم، أعماله بعد البعثة كيف أعماله، كيف سيرته حتى يتأسى به المؤمنون وحتى يستفيدوا، أما ما اعتاده الناس من إيجاد المولد، يحتفل به في ربيع الأول، وتذبح فيه الذبائح وتقام فيه الولائم، ويؤتى فيه بالقصائد التي فيها الإطراء والغلو، ويقوم الناس في وقت معين، يقولون: إنه حضر عليه الصلاة والسلام، ويقومون له، هذا كله لا أصل له، كله من البدع المنكرة ومن وسائل الشرك، لأنهم يقع عندهم في بعض الأحيان غلو كثير، وإطراء ويستغيثون بالنبي صلى الله عليه وسلم، ويسألونه المدد والنصر، إلى غير ذلك، وربما وقع في ذلك أحاديث موضوعة مكذوبة، لا أساس لها، وفي بعض البلدان يقع اختلاط بين الرجال والنساء، ويقع أشياء منكرة في الاجتماع والاحتفال، في بعض البلدان، فيجب الحذر من ذلك، ولا يجوز إقامة هذه الموالد، وهذه الاحتفالات لأنها خلاف ما شرعه الله عز وجل، ولأنها لو كانت خيرا، لسبقنا إليها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، والتابعون لهم بإحسان، وإنما أحدثها الفاطميون، في القرن الرابع، ثم انتشرت بعدهم، فلا ينبغي للعاقل أن يغتر بالفاطميين، المعروفين بالرفض والتشيع، وأن يكونوا هم أئمته في هذا الشيء، نسأل الله للجميع الهداية، والسلامة من مضلات الفتن.

حكم إلقاء التواشيح والابتهالات الصوفية في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم

20 - حكم إلقاء التواشيح والابتهالات الصوفية في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم س: يسأل م. ح. مصري ويقول: هناك ما يسمى بالتواشيح، والابتهالات الشرعية، وهي عبارة عن عبادات مدح للرسول صلى الله عليه وسلم، وشيء من الأدعية يؤديها بعض الأشخاص الذين يملكون صوتا حسنا، هذه التواشيح إذا صحبها شيء من المعازف، ما رأي سماحتكم فيها؟ وما حكم الاستماع إليها؟ (¬1) ج: هذه التواشيح لا نعرف تفصيلها فإذا كانت قد توقع في الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم، ووصفه بما لا يجوز وصفه به حرمت، أو كانت بألفاظ مبتدعة حرمت، وإنما السنة عند الدعاء، أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويكفي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح: لما سمع رجلا يدعو ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحمد الله، قال: «إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه، والثناء عليه ثم ليصل على النبي، ثم يدعو (¬2)»، هذه خير من التواشيح، التواشيح لا حاجة إليها، قد يكون فيها شر، قد يكون فيها بدعة، النبي علمنا كيف الصلاة، قال: «قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم 401. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، مسند فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه، برقم 23419.

مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (¬1)» فالمؤمن إذا أراد الدعاء يدعو بحمد الله، اللهم لك الحمد، اللهم لك الحمد على كل حال، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة المشروعة ثم يدعو، ولا حاجة إلى تواشيح ما أنزل الله بها من سلطان كأشعار أو كلمات قد يكون فيها غلو، لا، بل يحمد الله، ويثني عليه ثم يصلي على النبي الصلاة الشرعية، ثم يدعو بما أحب من خيري الدنيا والآخرة. س: نعلم أن في بعض الدول تقام حفلة بمناسبة مولد من الموالد، كمولد النبي أو كمولد علي كرم الله وجهه، ويقوم موظفو وزارة العدل بإحياء هذه الذكرى، هل إحياؤها يعتبر من البدع، وإذا كانت بدعا فكيف لهؤلاء أن يصدوا عنها وفقكم الله؟ (¬2) ج: الاحتفال بالموالد ليس بمشروع، بل هو من البدع ولم يثبت ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى: " إن الله وملائكته يصلون على النبي. . . " برقم 4797، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 406. (¬2) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 33.

عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه أنهم احتفلوا بالمولد، وهكذا القرون المفضلة، الأول والثاني والثالث، لم يوجد في هذه القرون المفضلة من يحتفل بالمولد النبوي، فهو من البدع التي أحدثها الناس، وقال بعض أهل العلم: إن أول من أحدثها حكام المغرب ومصر، وهم بنو القداح المسمون الفاطميين وهم من الشيعة، قال فيهم شيخ الإسلام ابن تيمية: إن ظاهرهم الرفض وإن باطنهم الكفر المحض. قال بعض الناس: إنهم أحدثوا الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ومولد علي رضي الله عنه والحسين وفاطمة. وهؤلاء ليسوا قدوة، فلا يقتدى بهم، ثم أحدث بعد ذلك عند ملك أربل، وهذا كله لا يجعل هذا الشيء سنة، بل هو حدث وبدعة، ولو فعله هؤلاء وليس هؤلاء بقدوة، إنما القدوة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون وصحابته رضي الله عنهم وأرضاهم فهذا لم يقع منهم، والرسول صلى الله عليه وسلم يجب أن تعظم سنته وأن يتأسى به المسلم دائما في جميع الأيام والليالي، لا في ربيع أول فقط، الواجب أن يعتنى بسنته وتدرس في كل زمان، وأن يتعلمها المسلمون وأن يدرسوا أوامره ونواهيه، وما كان عليه، حتى يعملوا بذلك، أما أن يحتفل بالمولد في ربيع الأول، في الثاني عشر منه أو قبل ذلك أو بعد ذلك، بالطريقة المعروفة، بجمع الناس وإقامة الولائم، وقراءة المولد، هذا بدعة لا أصل له، ولذا يجب تركه، أما تدريس سنته ومولده، بالدرس المعروف في المساجد والمدارس، هذا طيب وسنة، مطلوب حتى يعرف الناس مولده، وما جاء فيه، وسنته وسيرته عليه الصلاة والسلام،

هذا هو الذي قرره المحققون من أهل العلم، ونبه عليه أبو العباس ابن تيمية رحمه الله في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم، ونبه عليه أيضا الإمام الشاطبي رحمه الله، في كتابه الاعتصام ونبه عليه آخرون، ثم هذا المولد، وهذا الاحتفال يقع فيه بعض الأحيان من بعض الناس أمور شركية وأمور منكرة علاوة على أنه بدعة يقع فيه منكرات وغلو بعض الأحيان وربما وقع فيه شركيات ودعاء الرسول صلى الله عليه وسلم، واستغاثة به كما في البردة التي ينشدها كثير من الناس في المولد، قصيدة فيها أنواع من الشرك، هذا كله من آفات هذا المولد ومن آفات هذه البدعة، فينبغي للمسلمين تركها والواجب عليهم عدم حضور هذا الاحتفال، وهكذا بقية الموالد: مولد علي رضي الله عنه والحسين وفاطمة أو غيرهم أو مولد البدوي أو عبد القادر الجيلاني أو غيرهم، كل هذه الموالد لا يجوز إحداثها ولا الاحتفال بها وهكذا غيرها من الموالد، كالذي يحتفل بمولد أمه أو أبيه تأسيا بالنصارى وغيرهم، كلها بدعة لا وجه لها، لا يجوز، وفيه تشبه أيضا بالنصارى وغيرهم والله المستعان.

الصحابة أكثر الناس حبا واتباعا للنبي ولم يحتفلوا بمولده

21 - الصحابة أكثر الناس حبا واتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم، ولم يحتفلوا بمولده س: أسأل عن مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، نحن عندنا عندما يموت شخص، وبعد ثلاثة أيام يقوم أهل الميت، يعملون مولدا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، أو بعد شهر يعملون أو بعد سنة، يذبحون بقرة أو يشترون لحما ويعملون أكلا ويوزعونه على القرية، وبعد ذلك يعملون مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، هل هذا جائز أو سنة، أو الصحابة فعلوا ذلك أو أحد من السلف نرجو توضيح ذلك جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: الاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين، ولا فرق بين مولد النبي عليه الصلاة والسلام وغيره، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق، وهو المعلم والناصح، لم يحتفل بالمولد عليه الصلاة والسلام، وهكذا خلفاؤه الراشدون، لم يحتفلوا بالمولد، وهكذا بقية الصحابة رضي الله عنهم، وهم أعلم الناس، وأكثر حبا منا للنبي صلى الله عليه وسلم، وأعلم بالسنة ومع هذا لم يحتفلوا بالمولد، فدل ذلك على أنه بدعة، والبدع كلها ضلالة كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة (¬2)» وقد مضت القرون المفضلة الثلاثة ولم يحتفل بالمولد ولا فعله من السلف الصالح فيما نعلم بذلك ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 31. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم.

فهو بدعة وأن هذا مما أحدثه الناس من بعد القرون المفضلة، يقال: إن أول من أحدثه حكام مصر، من العبيديين وهم من الشيعة مما ذكره جماعة من المؤرخين، أحدثوه في المائة الرابعة، ويقال إنهم أول من أحدثه وعلى كل حال فهو محدث بدعة لا أصل له، وقد زعم بعض الناس في بعض القرون الماضية وفي عصرنا هذا زعموا أنه سنة. وأنه لا بأس به وأنه من البدع الحسنة، وهذا قول فاسد لا وجه له، بل هو فاسد وفي الحقيقة فيه اعتراض على الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه وهم أعلم الناس، وأفضل الناس، ولم يفعلوا هذه البدعة، فالواجب ترك ذلك، وفي الإمكان أن تدرس السيرة في الحلقات العلمية، وفي الدروس اليومية والأسبوعية، فيتعلم الناس السنة، سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان عليه من أعمال وأقوال، كما يتعلمون أحكام الشريعة التي جاء بها عليه الصلاة والسلام هذا هو المطلوب في الدروس المدرسية، في الحلقات العلمية في المساجد، في الوعظ والتذكير يتعلم فيها السنة والسيرة وإنكار المولد وما يحدث في المولد، كل هذا ممكن وهو شاف كاف، أما إيجاد موالد يحتفل بها ويقام بها موائد الطعام فهذا لا أصل له، وهو من البدع المحدثة، وكل بدعة ضلالة، ولا ينبغي لعاقل أن يغتر بفعل الناس فإن فعل الناس ليس بحجة وأكثر الناس ليس على بصيرة في أمور الدين قال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} (¬1)، فالعمدة: الحجة والدليل، وقد قال عليه الصلاة ¬

_ (¬1) سورة يوسف الآية 103

والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬1)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» والدراسة لحال النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته، ومولده وفي هجرته كل هذا يفعله العلماء في المدارس وفي الحلقات العلمية وفي التذكير والمواعظ، من غير حاجة إلى إقامة الموالد التي ابتدعها المبتدعون، ويقع فيها بعض الأحيان شيء من الشرك والغلو ما لا يعلمه إلا الله يقع فيها أنواع من الشرك، ويقع فيها أنواع من الشرور، بعض الأحيان فيجب قفل هذا الباب، وسد هذا الباب، ويكتفى بالدروس الإسلامية في المساجد، وفي حلقات العلم، في التذكير والوعظ في جميع شئون الدين، وفي كل ما يتعلق بالسنة وأحكامها، هذا هو الحق، وما فعله بعض الناس اليوم، وقبل اليوم من احتفالات بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، أو بمولد البدوي أو الشيخ عبد القادر أو فلان أو فلان كله بدعة كله لا أصل له، والواجب تركه عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬3)»، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «كل بدعة ضلالة (¬4)». ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (¬4) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206).

س: ما حكم المولد النبوي؟ وما حكم الذي يحضره؟ وهل يعذب فاعله إذا مات وهو على هذه الصورة؟ (¬1) ج: المولد لم يرد في الشرع ما يدل على الاحتفال به، لا مولد النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره، فالذي نعلم من الشرع المطهر وقرره المحققون من أهل العلم، أن الاحتفال بالموالد بدعة، لا شك في ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أنصح الناس، وأعلمهم لشرع الله، وهو المبلغ عن الله لم يحتفل بالمولد مولده صلى الله عليه وسلم، ولا مولد غيره، ولا احتفل أصحابه بذلك لا خلفاؤه الراشدون ولا غيرهم، فلو كان حقا وخيرا وسنة لما تركوه، ولما تركه النبي صلى الله عليه وسلم، ولعلمه أمته وفعله بنفسه، ولفعله أصحابه وخلفاؤه رضي الله عنهم، فلما تركوا ذلك، علمنا يقينا أنه ليس من الشرع، وهكذا في القرون المفضلة، لم يفعل ذلك، فاتضح بذلك أنه بدعة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬3)»، وفي أحاديث أخرى تدل على ذلك. وبهذا يعلم أن هذه الاحتفالات بالمولد النبوي، في شهر ربيع الأول أو في غيره، وهكذا الاحتفالات بالموالد الأخرى: كالبدوي، والحسين وغير ذلك، كلها من البدع المنكرة، التي يجب على أهل ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 8. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.

الإسلام تركها، وقد عوضهم الله، بعيدين عظيمين: عيد الفطر وعيد الأضحى، ففيهما الكفاية عن إحداث أعياد، واحتفالات منكرة مبتدعة، وليس حب النبي صلى الله عليه وسلم يكون بالموالد، وإقامتها، وإنما حبه صلى الله عليه وسلم يقتضي اتباعه، والامتثال بشريعته، والذب عنها والدعوة إليها، والاستقامة عليها، هذا هو الحب يقول سبحانه: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (¬1)، فحب الله ورسوله، ليس بالموالد ولا بالبدع، ولكن حب الله ورسوله يكون بطاعة الله، ورسوله والاستقامة على شريعة الله، والجهاد في سبيل الله بالدعوة إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتعظيمها والذب عنها والإنكار على من خالفها، هكذا يكون حب الرسول صلى الله عليه وسلم، ويكون بالتأسي به في أقواله وأعماله، والسير على منهاجه عليه الصلاة والسلام، والدعوة إلى ذلك، هذا هو الحب الصادق الذي يدل عليه العمل الشرعي، والعمل الموافق لشرعه سبحانه، وأما كونه يعذب أو لا يعذب، هذا شيء آخر، هذا إلى الله جل وعلا، فالبدع والمعاصي من أسباب العذاب، لكن قد يعذب الإنسان بفعل معصيته، وقد يعفو الله عنه، إما لجهله، وإما لأنه قلد من فعل ذلك، ظنا منه أنه مصيب، أو لأعمال صالحة قدمها، صارت من أسباب العفو من الله، أو لشفاعة الشفعاء، من الأنبياء والمؤمنين أو الأفراط، فالحاصل أن المعاصي والبدع من أسباب العذاب، وصاحبها تحت مشيئة الله جل وعلا، إذا لم تكن بدعته مكفرة، أما إذا كانت ¬

_ (¬1) سورة آل عمران الآية 31

البدعة مكفرة، مثل الشرك الأكبر، فصاحبها مخلد في النار، نعوذ بالله، لكن إذا كانت البدعة ليس فيها شرك أكبر، وإنما هي فروع فيها خلاف الشريعة، من صلوات مبتدعة، أو احتفالات مبتدعة، ليس فيها شرك، فهذا تحت مشيئة الله كالمعاصي.

بيان أن حفلات أعياد المواليد من البدع

22 - بيان أن حفلات أعياد المواليد من البدع س: ما حكم حفلات أعياد الميلاد وما توجيهكم فيها؟ (¬1) ج: حفلات أعياد الميلاد من البدع التي بينها أهل العلم، وهي داخلة في قوله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)»، متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬3)»، خرجه الإمام مسلم في صحيحه، «وقال عليه الصلاة والسلام في خطبة الجمعة: " أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬4)»، خرجه مسلم في صحيحه، زاد النسائي بإسناد صحيح: «وكل ضلالة في النار (¬5)»، فالواجب على المسلمين ذكورا كانوا أو إناثا، الحذر من البدع كلها، والإسلام ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم 149. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (¬4) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401. (¬5) النسائي صلاة العيدين (1578).

بحمد الله فيه الكفاية، وهو كامل، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (¬1)، فقد أكمل الله لنا الدين بما شرع من الأوامر والعبادات، وما نهى عنه من النواهي، فليس الناس في حاجة إلى بدعة يبتدعها أحد، لا احتفال بالميلاد، ولا غيره، فالاحتفالات بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم، أو بميلاد الصديق أو عمر أو عثمان، أو علي، أو الحسن، أو الحسين، أو فاطمة، أو البدوي، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو فلان أو فلان كل ذلك لا أصل له، كله منكر كله منهي عنه، وكله داخل في قوله عليه الصلاة والسلام: «وكل بدعة ضلالة (¬2)»؛ فلا يجوز للمسلمين تعاطي هذه البدع، ولو فعلها من فعلها من الناس، فليس فعل الناس تشريعا للمسلمين، وليس فعل الناس قدوة، إلا إذا وافق الشرع، فأفعال الناس وعوائدهم، كلها تعرض على الميزان الشرعي: كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فما وافقهما قبل وما خالفهما ترك، كما قال سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (¬3) وفق الله الجميع، وهدى الجميع صراطه المستقيم. ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 3 (¬2) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (¬3) سورة النساء الآية 59

الواجب عند النزاع وإحداث البدع الرد إلى كتاب الله وسنة رسوله

23 - الواجب عند النزاع وإحداث البدع الرد إلى كتاب الله وسنة رسوله س: هل من ذنب عليك إذا استمعت للمولد ملزما، أو مجبرا احتراما لأبيك، وإذا كان لا فماذا أعمل؟ أفيدوني أفادكم الله؟ (¬1) ج: الاحتفال بالموالد من البدع، التي أحدثها الناس في القرن الرابع الهجري، فلا ينبغي لأحد أن يتأسى بمن أحدث البدع، وهكذا ما ذكر عن ملك إربل أنه أحدث ذلك، كل هذا لا يليق بأهل العلم أن يتأسوا بمن أحدث البدع، ولو كان معروفا ولو كان كبيرا كبعض الملوك والأمراء، أو بعض من يغلط من أهل العلم، فإن القاعدة التي يجب الالتزام بها ويجب السير عليها، أن ما تنازع فيه الناس، وما أحدثه الناس، يعرض على كتاب الله وعلى سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فما وافقهما قبل وما خالفهما رد، كما قال الله عز وجل في كتابه العظيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (¬2)، قال العلماء رحمهم الله: الرد إلى الله هو الرد إلى القرآن العظيم، والرد إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، هو ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 3. (¬2) سورة النساء الآية 59

الرد إليه في حياته، وإلى سنته بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، وفي آية أخرى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (¬1). فالواجب على أهل الإيمان عند النزاع وعند الاختلاف، وعند إحداث البدع أن يرد ما تنازع فيه الناس، وما اختلفوا فيه إلى كتاب ربهم، وسنة نبيهم فما شهدا له بالقبول قبل، وما لا فإنه يرد، وقد نظرنا وسبرنا ما وقع فيه الناس من هذه الموالد، ودرسنا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة أصحابه، فلم نجده صلى الله عليه وسلم احتفل بمولده، لا في المدينة ولا في مكة، لا قبل الهجرة ولا بعد الهجرة، لا قبل الفتح ولا بعد الفتح، ولا شك أن الموالد التي أحدثها الناس يقع فيها منكرات متنوعة، منها ما تقدم من الاستغاثة بصاحب المولد، وطلبه المدد سواء كان النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره، ومنها ما قد يقع من التوسل به أو بجاهه وحقه وهذا بدعة، ومنها ما يقع من بعضهم أنهم يقومون له، يقولون: حضر النبي صلى الله عليه وسلم، يقومون وهذا منكر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحضرهم ولا يخرج من قبره إلى يوم القيامة، عليه الصلاة والسلام، كما قال الله عز وجل: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ} (¬2) {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} (¬3)، ويقول عليه الصلاة والسلام: «أنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة (¬4)». ¬

_ (¬1) سورة الشورى الآية 10 (¬2) سورة المؤمنون الآية 15 (¬3) سورة المؤمنون الآية 16 (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه، برقم 16، والبخاري في كتاب الخصومات، باب ما يذكر في الإشخاص والخصومة بين المسلم واليهود، برقم 2412.

، فهو أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، أول من يخرج من القبور يوم القيامة، فقولهم إنه يحضر ويقومون له، هذا من المنكر ومن الباطل ومن التلبيس على العامة، والواجب على أهل الإيمان اتباع سنته وتعظيم أمره ونهيه، لا إحداث الموالد. فما الفائدة من الموالد؟ التي فيها البدع والشر. الله يقول سبحانه: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (¬1)، ويقول سبحانه وتعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (¬2)، ويقول سبحانه: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (¬3)، ويقول جل وعلا: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (¬4). ويقول سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (¬5) الآية. فالذي يحب الرسول صلى الله عليه وسلم صادقا يتبعه، ويستقيم على طريقته في أداء الأوامر، وترك النواهي والوقوف عند الحدود، والدعوة إلى سبيله وإلى سنته، والذب عنها والتحذير من خلافها، هكذا يكون المؤمن هكذا يكون طالب النجاة، هكذا يكون المعظم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يعظم سنته ويدعو إليها ويستقيم عليها، قولا وعملا وعقيدة، وينهى الناس عن خلافها وعن الخروج عليها، هكذا المؤمن الصادق وهكذا العالم الموفق، يعظم السنة ويدعو ¬

_ (¬1) سورة آل عمران الآية 31 (¬2) سورة الحشر الآية 7 (¬3) سورة النساء الآية 80 (¬4) سورة النور الآية 56 (¬5) سورة الأحزاب الآية 21

إليها، ويستقيم عليها ويحافظ عليها، ويمثلها بأخلاقه وأعماله، هكذا الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا الحب لله: توحيده وطاعته وخوفه ورجاؤه، والشوق إليه والمسارعة إلى مراضيه، والحذر من مناهيه والوقوف عند حدوده، هكذا يكون المؤمن الصادق في حبه لله ورسوله، أما إحداث البدع فليست من دلائل الإيمان، ولا من دلائل الصدق، ولكنها من تزيين الشيطان ومن تلبيسه على الناس، حتى يحدثوا ما لم يأذن به الله، ولهذا قال سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (¬1)، والمحب له صلى الله عليه وسلم، يجتهد في اتباع شريعته واتباع طريقه، فيعلم الناس سنته وأخلاقه وأعماله، في المدارس، وفي المساجد، وفي البيوت، وفي السفر، وفي الحضر، وفي الطائرة، وفي السيارة، وفي القطار، وفي كل مكان، هكذا المؤمن الصادق، العالم يعتني بالسنة ويعلمها الناس، ويعمل بها وفي غنية عن إحداث البدع، المسلمون في غنية كاملة عن البدع: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (¬2). ويقول سبحانه يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم: {إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} (¬3) هكذا أمر الله نبيه، ليستقيم على الشريعة التي بينت له وأمر بها، وهكذا أمته عليهم أن يستقيموا على الشريعة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم، وعليهم أن يلزموها ولا يزيدوا ولا ينقصوا. ¬

_ (¬1) سورة الشورى الآية 21 (¬2) سورة الشورى الآية 21 (¬3) سورة الجاثية الآية 19

س: من أسئلة هذا المستمع يقول: هل الشيء الحسن بدعة مثل الموالد التي فيها ذكر الله، ومثل إقامة مولد كل سنة لمن مات أبوه، أو قريبه وكذلك الجلوس في المقبرة ثلاثة أيام يذكرون الله فيها إلى روح الميت؟ (¬1) ج: العبادات تكون بالشرع، وليس بالرأي والاستحسان ما قاله الله ورسوله، وما شرعه الله ورسوله، أما ما أحدثه الناس فهو بدعة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)»، والله يقول سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (¬3)، فالاجتماع للموالد بدعة، لا مولد النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره، وهكذا كونه يحدث بدعة لأبيه مولد لأبيه أو لأمه، هذا بدعة لا يجوز، وهكذا الجلوس عند القبور والدعاء والقراءة بدعة لا يجوز، لأنها من وسائل الشرك، فالقاعدة أن العبادة هي ما شرعها الله، توقيفية، أو شرعها رسوله صلى الله عليه وسلم، أما ما أحدث الناس فيقول صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا - يعني في ديننا - هذا ما ليس منه فهو رد (¬4)»، ويقول عليه الصلاة والسلام: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (¬5)» ¬

_ (¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم 411. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (¬3) سورة الشورى الآية 21 (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (¬5) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694.

حكم رفع الرايات للأولياء أثناء احتفالات الموالد

24 - حكم رفع الرايات للأولياء أثناء احتفالات الموالد س: يقوم بعض الناس أثناء الأعياد برفع أعلام ملونة، ويكتبون عليها آيات قرآنية، وأسماء كثيرة منها: القطب والغوث الأعظم، الجبار العالم أحمد الرفاعي، أحمد البدوي، عبد القادر الجيلاني، ويرفع هؤلاء الناس هذه الأعلام، بأعمدة وهم يضربون الدفوف ويمشون في الشوارع، ويضربون أنفسهم بالسيوف، ولكن الأمر الغريب منهم، أن هذه الأعلام تتحرك كما تريد، أي أنها تطير في الهواء، ما حكم الإسلام في ذلك، وما هو مدى الضرر لتشويه الدين الإسلامي؟ (¬1) ج: كل هذا منكر يجب على ولاة الأمور منعهم من ذلك، وهذا من تلبيس الشيطان، تعينهم الشياطين على هذه الأفعال القبيحة، المنكرة هذه التي يفعلونها، من ضرب الدفوف وتسمية هؤلاء، الذين يزعمون أنهم الأقطاب، وأنهم كبار، وكذلك ما يفعلونه من طعن أنفسهم، بالرماح أو بالسكاكين أو الخناجر أو غير ذلك، كله منكر ولا يجوز لأحد أن يتعاطى هذه الأمور، بل يجب على ولاة الأمور أن يمنعوهم من هذه الأشياء، ويبصروهم بدين الله، ويلزموهم بالحق، والشيخ عبد القادر الجيلاني، وأحمد البدوي، وأحمد الرفاعي وغيرهم ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 146.

لا يجوز أن يعبدوا من دون الله، ولا يغلى فيهم ولا يدعون من دون الله، ولا يستغاث بهم فهم من جنس غيرهم، عباد مخلوقون مربوبون لله عز وجل، لا يجوز أن يعبدوا من دون الله، ولا يستغاث بهم ولا يذبح لهم، ولا ينذر لهم، ولا يجعل لهم بيارق تكتب فيها أسماؤهم لتعظيمهم، وعبادتهم من دون الله، ودعوة الناس إلى الغلو فيهم، كل هذا من أعمال ضعفاء البصيرة، ضعفاء العقول من الصوفية، التي صارت أعمالها تنادي عليها، بأنهم أشباه المجانين، نسأل الله السلامة. س: السائل محمد حسين يقول في هذا السؤال: فضيلة الشيخ هل الموالد التي تقام للأولياء مثل السيد البدوي أو السيدة زينب أو الإمام الحسين رضي الله عنه أو الأضرحة التي بالقرى، أو الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك تدار الزفة بالمدن والريف والنجوع وتدق الطبول والدفوف والمزامير وعلى جميع الأشكال المخلة بالدين وما تجلبه هذه التجمعات من صبية ورجال واختلاط فما حكم الشرع في نظركم في هذا مأجورين؟ (¬1) ج: هذه الأشياء بدعة ما أنزل بها من سلطان ولا يجوز الاحتفال بالموالد سواء مولد النبي صلى الله عليه وسلم ومولد البدوي والحسين وغيرها كلها بدع ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 357.

لا يجوز الاحتفال بها، لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم، ولا صحابته رضي الله عنهم فهي من البدع وما يقع فيها من آلات الملاهي والطبول واختلاط الرجال بالنساء ومنكرات أخرى كلها يجب منعها والواجب أن يسعى الناس في عملهم مسعى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فيدعى للميت ويزار من غير احتفال بمولده، تزار القبور يدعى لأهلها بالمغفرة والرحمة، أما أن يوجد احتفال بالسنة أو بغير السنة أو بالشهر أو بالسنتين بمولد هذا كله منكر لا أصل له بل هو من البدع التي أحدثها الناس، ومن أسباب الشرك ومن أسباب الغلو في المحتفل به حتى يدعى من دون الله وحتى يستغاث به وربما تمسح الناس بقبره وطافوا به وهذا شر، ويجر إلى شرور كثيرة نسأل الله العافية.

حكم الاحتفال بذكرى الهجرة النبوية الشريفة

25 - حكم الاحتفال بذكرى الهجرة النبوية الشريفة س: ما حكم الاحتفال بذكرى الهجرة النبوية الشريفة، وجميع المناسبات الإسلامية العظيمة، كالإسراء والمعراج وليلة القدر، وليلة النصف من شعبان، أثابكم الله وحفظكم للإسلام والمسلمين؟ (¬1) ج: القاعدة الشرعية أن العبادات توقيفية، ليس لأحد أن يحدث ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 109.

عبادة لم يأذن بها الشرع، والله جل وعلا يقول سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (¬1)، ويقول سبحانه وتعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا} (¬2)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا (يعني الإسلام) ما ليس منه فهو رد (¬3)» يعني فهو مردود، متفق على صحته. ويقول عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬4)» يعني مردود، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وعلقه البخاري رحمه الله في الصحيح جازما به، فالاحتفالات يتعبد بها، فلا يجوز منها إلا ما دل عليه الدليل، فالاحتفال بليلة القدر، في الليالي العشر من رمضان، أمر مشروع، شرع الله لنا أن نعظم هذه الليالي، وأن نقيم ليلها بالعبادة والذكر، والطاعة والقراءة ونصوم نهارها، لأنه من رمضان فهذه الليالي العشر، فيها ليلة القدر ومشروع للمسلمين أن يعظموها بالصلاة، والعبادة في المساجد وفي البيوت للنساء أيضا، كل هذا أمر مشروع أما الاحتفال بالمولد النبوي، أو بأي مولد كان كمولد البدوي، ومولد الحسين ومولد علي رضي الله عنهما، إلى غير هذا، فهذه الاحتفالات من البدع التي أحدثها الناس، وليست مشروعة وإن فعلها كثير من الناس في كثير من الأمصار، فإنها لا تكون سنة بفعل الناس، وليس في ¬

_ (¬1) سورة الشورى الآية 21 (¬2) سورة الجاثية الآية 18 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، برقم 1718. (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.

الإسلام بدعة حسنة، بل كل البدع منكرة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة (¬1)» وكان يخطب يوم الجمعة عليه الصلاة والسلام، ويقول: «أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬2)»، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، زاد النسائي رحمه الله بإسناد صحيح، «وكل ضلالة في النار (¬3)» فالبدع كلها ضلالة، وإن سمى بعض الناس بعض البدع بدعة حسنة، فهو قول اجتهادي لا دليل عليه، ولا يجوز أن يعارض قول الرسول صلى الله عليه وسلم، بقول أحد من الناس فالرسول صلى الله عليه وسلم، حكم على البدع بأنها ضلالة، فليس لنا أن نستثني شيئا من هذا الأمر إلا بدليل شرعي، لأن هذه جملة عامة محكمة: «كل بدعة ضلالة (¬4)» وهكذا الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، وبليلة النصف من شعبان، والاحتفال بالهجرة النبوية، أو بفتح مكة أو بيوم بدر، كل ذلك من البدع، لأن هذه الأمور موجودة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يحتفل بها، ولو كانت قربة إلى الله لاحتفل بها عليه الصلاة والسلام، أو أمر بها الصحابة أو فعلها الصحابة بعده، فلما لم يكن شيء من هذا علمنا أنها بدعة وأنها غير مشروعة، وهذه الاحتفالات، لا يبرر فعلها أن فلانا وفلانا فعلها، أو فعلها البلد الفلاني كل ذلك لا يبرر، إنما الحجة ما قاله الله ورسوله، أو أجمع عليه سلف الأمة أو فعلها الخلفاء الراشدون، رضي الله عنهم، وقد ¬

_ (¬1) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401. (¬3) النسائي صلاة العيدين (1578). (¬4) صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206).

ثبت أن هذا الاحتفال، إنما حدث في المائة الرابعة في القرن الرابع، أعني الاحتفال بالمولد النبوي، فعله الفاطميون حين ملكوا المغرب ومصر، وبعض البلاد الإسلامية وهم شيعة، ثم تبعهم بعض الناس بعد ذلك، فلا يليق بأهل الإسلام أن يتأسوا بأهل البدع في بدعهم بل يجب على أهل الإسلام وأصحاب السنة أن يحاربوا البدع وأن ينكروها، وألا يوافقوا على فعلها اقتداء بالمصطفى عليه الصلاة والسلام وبخلفائه الراشدين وبصحابته المرضيين رضي الله عنهم، ثم بالسلف بعدهم في القرون المفضلة، هذا هو الذي نعتقده وندين به شرعا، وننصح إخواننا المسلمين به ونوصيهم به أينما كانوا، ونسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق لما يرضيه، والسلامة من أسباب غضبه، والثبات على السنة والحذر من البدعة إنه سميع عليم.

بيان الإسراء والمعراج

26 - بيان الإسراء والمعراج س: أخيرا يسأل سماحتكم ويقول أرجو إعطاءنا فكرة عن الإسراء والمعراج بالرسول صلى الله عليه وسلم؟ (¬1) ج: الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ما مضى عليه عشر سنين في مكة، يدعو الناس إلى توحيد الله وترك الشرك أسري به إلى بيت المقدس ثم عرج ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 315.

به إلى السماء وجاوز السبع الطباق وارتفع فوق السماء السابعة عليه الصلاة والسلام، مع جبرائيل فأوحى الله إليه ما أوحى، وفرض عليه الصلوات الخمس: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، فرضها الله خمسين فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ربه التخفيف حتى جعلها خمسا سبحانه فضلا منه سبحانه وتعالى، فنادى مناد إني قد أمضيت فرضيتي وخففت عن عبادي، فنزل بها عليه الصلاة والسلام، في ليلة الإسراء وأنزل الله في هذا قوله سبحانه: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} (¬1)، هذه الآية العظيمة بين فيها سبحانه الإسراء، أسرى به من مكة على البراق، وهو دابة فوق الحمار، ودون البغل، خطوه عند منتهى طرفه، كما أخبر بذلك عليه الصلاة والسلام، فركبه وجبرائيل حتى وصلا بيت المقدس، وصلى هناك بالأنبياء ثم عرج به إلى السماء واستأذن له جبرائيل عند كل سماء فيؤذن له، فوجد في السماء الدنيا آدم أباه، عليه الصلاة والسلام، فرحب به، وقال: مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح، ثم لما أتى السماء الثانية وجد فيها عيسى ويحيى ابني الخالة فرحبا به، وقالا: مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح، ثم عرج به إلى السماء الثالثة، فوجد فيها يوسف عليه الصلاة والسلام فرحب به، وقال: مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح، ثم عرج به إلى السماء الرابعة ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 1

فوجد فيها إدريس عليه الصلاة والسلام فرحب به، وقال: مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح، ثم عرج به إلى السماء الخامسة فوجد فيها هارون عليه الصلاة والسلام فرحب به، وقال: مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح، ثم عرج إلى السادسة فوجد فيها موسى عليه الصلاة والسلام فرحب به، وقال: مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح، ثم عرج به إلى السماء السابعة فوجد فيها إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أباه عليه الصلاة والسلام، وهو من ذرية إبراهيم فرحب به إبراهيم، وقال: مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح، مثل ما قال آدم ثم عرج به إلى مستوى رفيع، فوق السماء السابعة سمع فيها النبي صلى الله عليه وسلم صريف الأقلام التي يكتب بها القضاء والقدر، فكلمه الله عز وجل.

حكم تخصيص شهر رجب ببعض العبادات

27 - حكم تخصيص شهر رجب ببعض العبادات س: يسأل المستمع ويقول: في شهر رجب تكثر البدع، هل من كلمة من سماحتكم للذين يحدثون بدعا، وعبادات في هذا الشهر؟ (¬1) ج: شهر رجب ليس له سنن، لكن لا بأس بالعمرة فيه، فقد كان السلف يعتمرون في رجب، وثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 428.

«إن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب (¬1)»، فالعمرة في رجب لا بأس فيها، أما تخصيصه بعبادة أخرى فلا أصل لذلك، ولكن كسائر الشهور، إذا صلى فيه، أو صام منه ثلاثة أيام من كل شهر، أو صام الاثنين والخميس، مثل بقية الشهور، لا يخص منه شيء إلا إذا اعتمر فيه فلا بأس. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 1776، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان عدد عمر النبي صلى الله عليه وسلم 1255.

حكم الاحتفال بليلة السابع والعشرين من رجب وليلة النصف من شعبان

28 - حكم الاحتفال بليلة السابع والعشرين من رجب وليلة النصف من شعبان س: بالنسبة لليلة السابع والعشرين من رجب، من كل عام وليلة النصف من شعبان، تعود المسلمون الاحتفال بهما، وعمل الأكلات الدسمة، وما أشبه ذلك فما رأيكم في هذا؟ (¬1) ج: هاتان بدعتان: الاحتفال بالنصف من شعبان، والاحتفال بليلة السابع والعشرين من رجب، كلتاهما بدعة ليس عليهما دليل، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم، أن ليلة السابع والعشرين من رجب، هي ليلة الإسراء والمعراج، وما جاء فيها من بعض الأحاديث غير صحيح، عند أهل العلم ولو ثبت أنها ليلة المعراج، لم يجز الاحتفال بها، حتى لو ثبتت لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، لم يحتفل بها ولا أصحابه، وهم قدوة، والله سبحانه ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 103.

يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (¬1). يعني في الفعل والترك، فما ترك نترك، وإذا فعل فعلنا، عليه الصلاة والسلام، فالاحتفال بليلة النصف من شعبان، أو بليلة سبع وعشرين من رجب، لأنها ليلة الإسراء والمعراج، أو بالمولد النبوي في اثني عشر ربيع الأول، أو بالموالد الأخرى، للبدوي أو للحسين أو لعبد القادر الجيلاني، أو لفلان أو فلان، كله لا يجوز، وكله تشبه باليهود والنصارى، في أعيادهم ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم، وقال: «من تشبه بقوم فهو منهم (¬2)» فلا يليق بالمسلمين أن يتشبهوا بأعداء الله، في هذه الأمور ولا في غيرها، ولو كان الاحتفال بليلة النصف من شعبان أمرا مشروعا، لبادر إليه سيد ولد آدم، وأفضل خلق الله، وخاتم رسل الله عليه الصلاة والسلام، ولشرعه لأمته وعلمهم إياه، لأنه أنصح الناس، وهو الناصح الأمين عليه الصلاة والسلام، ما ترك من خير إلا دل عليه، وما ترك من شر إلا نبه عليه، وحذر منه كما ثبت في الصحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه، أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم (¬3)»، ونبينا أكملهم وأفضلهم وخاتمهم، ¬

_ (¬1) سورة الممتحنة الآية 6 (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 5093. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء، برقم 1844.

ليس بعده نبي، فهو أولى بهذا الوصف، فما ترك من خير إلا دلنا عليه، وما ترك من شر إلا حذرنا منه، فلو كان الاحتفال بليلة النصف من شعبان أو بالمولد النبوي أو بليلة سبع وعشرين من رجب أمرا مشروعا لبادر إليه عليه الصلاة والسلام، قولا وفعلا ولعلمه أمته عليه الصلاة والسلام، ولو فعل لنقله الصحابة رضي الله عنهم، فإنهم الأمناء وهم خير الناس بعد الأنبياء وهم الذين نقلوا لنا القرآن، ونقلوا لنا السنة الصحيحة عنه عليه الصلاة والسلام، فهم الأئمة والقدوة بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز أن نخالفهم ونحدث شيئا لم يفعلوه من القربات والطاعات، ثم التابعون لهم بإحسان لم يفعلوا ذلك فلو كان الصحابة فعلوا لفعله التابعون، ثم أتباع التابعين فلما لم يفعلوا ذلك ومرت القرون الثلاثة المفضلة، لم يقع فيها احتفال بمولد، ولا ليلة النصف من شعبان، ولا في ليلة السابع والعشرين من رجب، علم أن ذلك من البدع التي أحدثها الناس، ثم لو أحدث بعض الناس شيئا من البدع في القرن الثاني أو الثالث، لم يكن حجة لأن الحجة فيما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لكن هذه البدعة - بدعة المولد - لم تفعل لا في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، ولا في عهد القرن الأول، ولا في عهد القرن الثاني ولا الثالث، إنما جاءت في القرن الرابع، وهكذا القول في جميع البدع، الواجب تركها والحذر منها، ومن جملتها ما تقدم، بدعة المعراج بدعة السابع والعشرين من رجب، بدعة الاحتفال بها، كذلك بدعة الاحتفال بليلة النصف من شعبان، كذلك

بدعة يقال لها صلاة الرغائب، يسمونها صلاة الرغائب يفعلها بعض الناس، في أول جمعة من رجب، وهي بدعة أيضا، والبدع كثيرة عند الناس، نسأل الله أن يعافي المسلمين منها، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يوفقهم للتمسك بالسنة، والاكتفاء بها والحذر من البدعة.

حكم إقامة الرجل عيد ميلاد لنفسه

29 - حكم إقامة الرجل عيد ميلاد لنفسه س: ما حكم الاحتفال بعيد الميلاد، أي اليوم الذي يولد المرء فيه، وتكراره بالاحتفال كلما مر على هذا اليوم عام؟ (¬1) ج: الاحتفالات بالموالد بدعة، لا أصل لها، وتشبه باليهود والنصارى، فلا يجوز ذلك لا بميلاد الأنبياء، كنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا بغير ذلك، ولا يجوز للإنسان أن يحتفل بمولده ولا بمولد أبيه ولا أمه، كل هذا من البدع المنكرة إذا تعبد بها فهي بدعة، وإذا فعلها استحسانا قد شابه المشركين من اليهود والنصارى في ذلك فهي ممنوعة للتعبد، وممنوعة للتشبه، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬3)» أي مردود وليس هذا من عمله عليه الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 223. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.

والسلام وليس في دينه، هو أنصح الناس عليه الصلاة والسلام، وأكملهم بلاغا فلم يقل للناس احتفلوا بمولدي، ولم يفعله هو صلى الله عليه وسلم، ولا فعله الخلفاء الراشدون، ولا بقية الصحابة، ولا السلف في القرن الأول والثاني والثالث، فهو بدعة منكرة، وهو من أسباب الشرك، لأن بعض من يحتفل بالمولد يدعو النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو المحتفل به، يستغيث به ويطلبه المدد، وهذا شرك أكبر، وربما ظن بعضهم أن النبي يحضر، فيقومون له، ويقولون: حضر النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا أيضا من الجهل العظيم والباطل الواضح، فلاحتفال بالموالد إن كان على سبيل التعبد فهو بدعة منكرة، وإن كان على سبيل التشبه بأعداء الله اليهود والنصارى فهو أيضا منكر، فهو بين أمرين بين بدعة وتشبه بأعداء الله فلا يجوز مطلقا، لا بمولدك ولا بمولد أبيك ولا بمولد أخيك، ولا بمولد الأنبياء ولا بمولد الصالحين، بل هذا كله من البدع التي أحدثها الناس نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. س: بالنسبة للأشخاص، هناك أيضا من يجعل له عيدا لميلاد هذا الشخص ما حكم ذلك؟ (¬1) ج: كل هذا منكر عيدا له أو لأمه، أو لبنته أو لولده كل هذا الذي أحدثوه الآن تشبها بالنصارى واليهود، لا أصل له ولا أساس له، عيد ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 8.

الأم، أو عيد الأب أو عيد العم، أو عيد الإنسان نفسه، أو عيد بنته أو ولده كل هذه منكرات، كلها بدع كلها تشبيه بأعداء الله، لا يجوز شيء منها أبدا بل يجب سد الباب والحذر من هذه المحدثات، ولكن بعض الناس كثرت عليه النعم واجتمعت عنده الأموال، فلا يدري كيف يتصرف فيها، لم يوفق لصرفها في طاعة الله، بتعمير المساجد أو مواساة الفقراء، وصار يلعب في هذه الأعياد وأشباهها، وإذا كان المراد إحياء سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فليس بالموالد، يحييها بدروس إسلامية، في المدارس والمساجد والمحاضرات، هذا ليس بدعة، بل مشروع ومأمور به، يدرس السيرة النبوية، ويبين ما جاء في الموالد من أخبار، في الدروس الإسلامية في المدارس، في المعاهد في المساجد في المحاضرات، أما أن يجعل لها وقتا مخصوصا، تقام فيه الاحتفالات في ربيع الأول أو في غيره، والمآكل والمشارب وغير ذلك، هذا لا أصل له، بل هو من البدع المحدثة.

حكم تعليق الصور الفوتوغرافية على الجدران

30 - حكم تعليق الصور الفوتوغرافية على الجدران س: ما حكم تعليق الصور الفوتوغرافية على الجدران؟ وهل يجوز تعليق صورة الأخ أو الأب أو ما شاكلهما؟ (¬1) ج: تعليق الصور ذوات الأرواح على الجدران أمر لا يجوز، سواء كان ذلك في بيت، أو في مجلس أو في مكتب، أو شارع أو غير ذلك، كله منكر وكله من عمل الجاهلية، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون (¬2)»، وقال: «إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم أحيوا ما خلقتم (¬3)»، وبعث عليا رضي الله عنه، قائلا له: «لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبرا مشرفا إلا سويته (¬4)» ونهى عن الصورة في البيت، وأن يضع ذلك، فالواجب طمسها ولا يجوز تعليقها، ولما رأى في بيت عائشة صورة معلقة في ستر غضب وتغير وجهه، وهتكها عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 8. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب عذاب المصورين، برقم 5950، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم صورة الحيوان، برقم 2109. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قوله تعالى: (والله خلقكم وما تعملون)، برقم 7557، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير الحيوان، برقم 2107. (¬4) مسلم الجنائز (969)، الترمذي الجنائز (1049)، النسائي الجنائز (2031)، أبو داود الجنائز (3218)، أحمد (1/ 139).

أنه لا يجوز تعليق الصور، سواء كانت صور الملوك، أو الزعماء، أو العباد، أو العلماء، أو الطيور، أو الحيوانات الأخرى، كله لا يجوز وكل ذي روح تصويره محرم، وتعليق صورته في الجدران، أو في المكاتب كله محرم، ولا يجوز التأسي بمن فعل ذلك، والواجب على أمراء المسلمين، وعلى علماء المسلمين، وعلى كل مسلم أن يدع ذلك وأن يحذر ذلك، وأن يحذر منه، طاعة لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، وعملا بشرع الله في ذلك، والله المستعان.

حكم إقامة عيد المعلم

31 - حكم إقامة عيد المعلم س: في كل عام تأتيني هدايا، بمناسبة عيد المعلم من بعض الطالبات، والحقيقة أني لا أدري عن حكمها، فأرجو إفادتي بارك الله فيكم؟ (¬1) ج: عيد المعلم ليس له أصل، ما للناس إلا أعياد معروفة، عيد الفطر، وعيد الأضحى، وأيام منى أيام عيد، ويوم عرفة يوم عيد اجتماع للمسلمين، أما عيد المعلم، أو عيد المولد على رأس كل سنة، كل هذا لا أصل له، لا موالد ولا غير موالد إلا الأعياد الشرعية المعروفة، والعيد ما يعود ويتكرر، بالشهر أو بالأسبوع أو بالسنة، فمن ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 214.

جعل عيدا غير ذلك لمولد ابنه، أو عيدا للمعلم أو للمعلمة، هذا لا أصل له بل تعتبر بدعة، والهدايا لا تقبليها وقولي لهم: لا يصلح هذا، ولا ينبغي أن يجعل عيد للمعلم. س: لي أهل وجيران وأعمام وأخوال، ولديهم بدعة يسمونها الدستور، ويسأل عن هذا لو تكرمتم ولا سيما وقد عرف قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن كل بدعة ضلالة وإن كل ضلالة في النار (¬1)» ج: لم يشر لنا إلى هذه البدعة فكونها تسمى الدستور ما نعرف هذه البدعة لكن القاعدة الشرعية أن كل عبادة أحدثها الناس لم تكن فيما شرعه الله على لسان نبيه، عليه الصلاة والسلام، فإنها بدعة سواء سميت دستورا، أو سميت باسم آخر، فلا عبرة بالأسماء الله أكمل الدين وأتمه سبحانه وتعالى، فمن أحدث في الدين ما لم يأذن به الله، فبدعته مردودة عليه، قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (¬2)، وقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (¬3)، وقال عليه الصلاة ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم. (¬2) سورة الشورى الآية 21 (¬3) سورة المائدة الآية 3

والسلام في الحديث الصحيح: «من أحدث في أمرنا هذا - يعني في ديننا هذا - ما ليس منه فهو رد (¬1)»، يعني فهو مردود، متفق على صحته، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» يعني مردود، وكان يقول في الجمعة عليه الصلاة والسلام: «أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬3)» خرجه الإمام مسلم في صحيحه زاد النسائي بإسناد صحيح، «وكل ضلالة في النار (¬4)» هذه الأحاديث وما جاء في معناها، كلها تدل على أن جميع البدع يجب اطراحها، والحذر منها ولا عبرة بأسمائها، بل متى صارت بدعة لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه فإنها تطرح وينهى عنها، سواء كانت تتعلق بالصلاة، أو بالحج أو بالصيام أو بغير ذلك، مثل بدعة البناء على القبور، واتخاذ القباب عليها، هذا منكر يجب إزالته، يجب على ولاة الأمور إزالة ذلك، ومثل بدعة الاحتفال بالموالد، مولد الأم أو مولد الولد، أو مولد النبي صلى الله عليه وسلم، أو مولد الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو مولد الحسين أو مولد البدوي، أو غير ذلك هذه الاحتفالات بهذه الموالد لا أصل لها، بل هي مما ابتدعه الناس، وأول من ابتدع ذلك الطائفة المعروفة المسماة الفاطميين حكام المغرب، ومصر في المائة الرابعة والخامسة، هؤلاء من الرافضة أحدثوا هذه البدع، والموالد ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401. (¬4) النسائي صلاة العيدين (1578).

فلا يجوز الاقتداء بهم، ولا التأسي بهم في ذلك لأنهم هم أهل بدع، فلا يجوز التأسي بهم، ومن تأسى بهم بعدهم فقد غلط، والواجب على المؤمن أن تكون أسوته رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال الله عز وجل: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (¬1) ثم صحابته رضي الله عنهم وأرضاهم، وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون، فشيء لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا خلفاؤه الراشدون، لماذا نفعله يجب علينا أن نطرحه. ¬

_ (¬1) سورة الممتحنة الآية 6

حكم الذبح وتقريب القرابين لبيت الحضرة لطلب نزول المطر

32 - حكم الذبح وتقريب القرابين لبيت الحضرة لطلب نزول المطر س: الأخ ع. ح. م، من غلمسكو في أثيوبيا، يسأل ويقول: إذا انقطع المطر عن البلد، يأخذ الفلاحون أصول الخشب اليابس على ظهورهم، ويأتون به إلى بيت الحضرة التي يزورونها، وهم يرتجزون به، فغالبا ما يمطرون إثر مجيئهم بهذه الصفة، أو يذبحون الشياه: الأحمر أو الأسود. ويضعون قوائمها أو فرسنها على شجرة يجتمعون تحتها. فيأتي طائر كبير من جهة القبلة فيأخذها، ويأكلها فيمطرون. فربما لا يأكلها ولا يمطرون، فيذبحون أخرى، بزعم أنها لم تقبل منهم الأولى.

ما رأيكم في هذا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذا من البدع التي لا أصل لها في الشرع، وإنما المشروع أن يستغيث المسلمون إذا أجدبوا وأن يدعو الله عز وجل ليسقيهم، تارة في المساجد وتارة في البيوت، وتارة بعد خطبة الجمعة، في أثناء خطبة الجمعة، يدعو الإمام، خطباء المساجد، يستغيثون الله عز وجل، تارة يخرج أمير البلد وأهل البلد إلى المصلى، من خارج البلد ويصلي ركعتين، ويستغيث بالمسلمين إمامهم، سواء كان القاضي أو غيره، ويسأل الله الغوث، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان ربما استغاث في خطبة الجمعة عليه الصلاة والسلام، وربما خرج إلى المصلى وصلى ركعتين وخطب بالناس واستغاث لهم. هذا هو المشروع. وربما استغاث في غير صلاة، كما وقع في بعض الأحيان في المدينة، استغاث لهم في مجلسه عليه الصلاة والسلام. ولا مانع أن يستغيث الإنسان في بيته ويدعو الله للمسلمين، أو وهو في الطريق يسأل الله أن يغيث المسلمين، كل ذلك لا بأس به، أما أن يأخذ خشبا أو أشياء خاصة، يحملها ويذهب إلى حضرة إنسان معين، كأمير البلد، أو قاضي البلد ويرتجزون، هذا لا أصل له، هذا من البدع والخرافات التي أحدثها الناس. أو يذبحون ذبائح، يجعلون بعضها عند بعض الشجر، أو عند بعض الجبال، أو ما أشبه ذلك، كل هذا لا أصل له، لكن تشرع الصدقة، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 183.

كونهم يتصدقون على الفقراء قبل الاستغاثة أو بعدها، يعني يتصدق أهل الغنى منهم، للفقراء والمساكين بالنقود، بالطعام، بالملابس. هذا طيب، ومن أسباب الرحمة. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من لا يرحم لا يرحم (¬1)»، والصدقة تطفئ الخطيئة، والصدقة من أسباب الفرج ومن أسباب الإحسان، كما قال عز وجل: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (¬2)، قال سبحانه: {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (¬3)، فإذا تصدق الموسرون على الفقراء، وواسوهم قبل الاستغاثة أو بعدها، فكل هذا طيب، ومن أسباب الغيث، وهكذا الدعاء والاستغفار، والتوبة إلى الله والصدق في ذلك، والبكاء من خشيته جل وعلا، والإكثار من العبادات والطاعات، والحذر من المعاصي كل هذا من أسباب الغوث. أما أن يحدثوا شيئا ما شرعه الله، من حملهم الأخشاب المعينة أو أشجارا معينة أو ذبائح تذبح على وجهه معين، تجعل رؤوسها أو أشياء منها في مكان معين، كعند بعض الشجر، حتى يجيء طائر يأخذها، أو عند بعض الجبال، أو بالذهاب إلى بعض المشايخ أو غير ذلك، كل هذا لا أصل له، بل هو من البدع والخرافات. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله، برقم 5997، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان، برقم 2318. (¬2) سورة البقرة الآية 195 (¬3) سورة الأعراف الآية 56

س: رسالة من أحد المستمعين يقول: إنني سائق سيارة أجرة، ويأتيني بعض الركاب يطلبون توصيلهم إلى أماكن لم تؤثر زيارتها من الرسول صلى الله عليه وسلم، قاصدين زيارتها فما الحكم إذا حملتهم إلى تلك الأماكن، وأنا بقصدي المعيشة، وإذا لم أحملهم فسوف يتأثر مستوى معيشتي، وجهوني جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: ليس لك أن تعين على البدع، إذا كان هناك محلات غير مشروع زيارتها، فلا تحملهم إليها لا تبرعا ولا بأجرة، ولا تعن على الباطل والبدع، يقول الله سبحانه: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (¬2)، فنقلك الناس إلى محلات لم يشرع الله زيارتها، هذا لا يجوز ولا يحل لك فعله ولا أخذ الأجرة عليه جميعا، ولكن تنصحهم وتوجههم تقول: ليس فيه حاجة للزيارة. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 345. (¬2) سورة المائدة الآية 2

س: حدث في قرية في مصر، أن امرأة صعدت النخلة، وتعيش فوقها ليل نهار، وهذا في فصل الشتاء والبرد قارس، علما بأن النخلة يزيد ارتفاعها، عن خمسة وثلاثين مترا تقريبا وابن هذه المرأة يتولاها من طعام وشراب، وكل الناس قالوا: إن هذه المرأة من أولياء الله الصالحين، ويقولون لها: ادعي لنا بكذا وكذا ويذهبون إليها للتبرك فما رأي الشرع في هذه الاعتقادات، وهل المرأة فعلا من أولياء الله الصالحين أم لا؟ (¬1) ج: هذا العمل إن صح فهو من أعمال الشياطين، والشياطين هم الذين رفعوها إلى هذا المكان، وجعلوا يثبتونها فيه، ليضلوا الناس ويوهموا الناس، أنها ولية لله، حتى تدعى من دون الله، وحتى يستغاث بها وحتى يتبرك بها، فهذا من الباطل الواضح، ومن المنكر الفاضح، فالواجب على أوليائها أن ينزلوها، من هذه الشجرة وأن يضعوها في البيت، وأن يحافظوا عليها ويحسنوا إليها، ويرشدوها إلى الحق والصواب، وأن يحضروا من أهل العلم الشرعي المعروفين، من أنصار السنة حتى يعظوها ويذكروها، ويعلموها ولا يجوز لأحد أن يغلو فيها، أو يعتقد أن هذه كرامة أو أنها ولية لله، بل هي من أولياء الشيطان، بهذا العمل، فالواجب على ذوي العقول وعلى ذوي ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 126.

البصيرة، أن يحذروا من هذه الخرافات، ومن هذه الترهات وهذه الوسائل الشيطانية، التي تضل الناس عن الحق، والشياطين لهم جهود في إضلال الناس، ولهم أعمال كثيرة في إضلال الناس عن الحق، وكل عاقل يعلم أن هذا العمل ليس عمل امرأة، عاقلة مؤمنة، ولكنه عمل امرأة مجنونة قد سلب عقلها، أو لعبت بها الشياطين، نسأل الله السلامة، وقد يكون الخبر مكذوبا، لكن إذا كانت تشاهد، فقد يكون الجن صوروا لهم امرأة، قد تكون معروفة عندهم، حملها الشياطين، والشياطين قد يحملونها إلى الجبال، وإلى الغيران وإلى بلدان كثيرة، وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية، على هذا وغيره: أن الشياطين قد تحمل بعض الناس إلى أماكن كثيرة. س: إنه إذا ولد المولود عندنا قطع سره، ويوضع بداخل الكتب من أجل إذا كبر يحب العلم، وأيضا يوجد لدينا عادة على وجه آخر، وهو أن يرمى سره بعد قطعه في البحر، من أجل أن يحب البحر ويعمل فيه، ما هو توجيهكم حول هذه العادات؟ (¬1) ج: هذه العادة المذكورة كلها باطلة، ولا أساس لها بل هي من الخرافات، فقطع سره ووضعه في البحر، أو في بلاد أبيه، أو نحو ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 163.

هذا، كل هذا باطل ولا أساس له، ولا يجوز فعله وهو من الخرافات التي يجب تركها. س: من العادات لدينا أن المولود بعد تمام الأسبوع الأول، من الولادة يخرج به شخص معروف بالشجاعة والحذاقة، وكتمان السر، ووالدته تبقى أربعين يوما في الحجبة، لا تطلع من بيتها بل تبقى داخل غرفة مغلقة، وحدها حتى تنتهي هذه المدة ما هو الحكم الشرعي في هذه العادة؟ (¬1) ج: هذا كالذي قبله كله باطل، كله لا أساس له، لا حمل الولد من جهة إنسان معروف بالشجاعة، ولا شيء معين يحمله إلى كذا أو إلى كذا، يذهب به إلى كذا، كل هذا لا أساس له، بل المولود يبقى عند والدته لإرضاعه، والعناية به من أول ولادته، أو يدفع إلى من تحضنه وتربيه وترضعه، إذا كانت أمه لا تستطيع ذلك وليس فيها لبن، وأمه كذلك ليس لها أن تحبس نفسها في غرفة ولا في غيرها، بل كسائر النساء يخرجن من محل الولادة، تذهب إلى حاجاتها ولا تغلق عليها غرفة ولا غيرها، بل هذا كله باطل وكله تشديد لا وجه له، بل هو من الشيطان نسأل الله السلامة. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 163.

س: أحد الإخوة من جيزان بعث برسالة يقول فيها: إنه يوجد في القنفذة ناس لديهم عادة يتوارثونها من القدم، وهي عندما يولد المولود يقطع سره، ويؤخذ ويدفن في بلاد والده، من أجل إذا كبر يحب البلاد، فما حكم ذلك؟ (¬1) ج: هذا باطل، هذه خرافة من الخرافات، لا يجوز، هذه الخرافة لا تجوز، يقطع سره في محله ولا ينقل إلى بلد آخر، وهذا الاعتقاد باطل، لا أصل لهذا، بل هذا يعتبر من الخرافات الفاسدة. س: يقول بعض الناس إذا الشخص تحرك حاجبه، أو تحرك أسفل عينه اليمنى، بدون إرادته فهذا من دواعي الشر، لهذا الشخص، وإذا شخص تحرك حاجبه، أو أسفل عينه اليسرى بدون إرادته، فهذا من دواعي الخير لهذا الشخص، فهل هذا الشيء صحيح جزاكم الله خيرا؟ (¬2) ج: هذا شيء لا أصل له، بل هو من الخرافات، خرافة لا أساس لها ولا يلتفت إليها. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 162. (¬2) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 143.

س: بعض الناس يقولون بأن الخطوط التي في كفي الإنسان إنها على شكل رقمين، ثمانية عشر في اليد اليمنى، وواحد وثمانون في اليد اليسرى، والمجموع تسعة وتسعون، ويقول إنها بعدد أسماء الله الحسنى، فهل لهذا أثر صحيح؟ (¬1) ج: هذا الذي قاله بعض الناس لا أصل له، ولم يبلغنا أن أحدا من أهل العلم قاله، بل هو شيء مؤتفك لا أصل له ولا ينبغي التعويل عليه. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 82.

حكم تخصيص الذبيحة على الميت بوقت معين

33 - حكم تخصيص الذبيحة على الميت بوقت معين س: كانت عندنا عادة في بلادنا كنا نذبح ليلة الحج، أي ليلة التاسع من ذي الحجة، من كل عام اعتقادا بأن هذه الذبيحة حج للأموات، وفي صباح اليوم نفسه أي اليوم التاسع، تذبح ذبيحة أخرى، وهذه تسمى حجا للأحياء، ولكن بعد أن عرفنا أن الذبح لغير الله لا يجوز، لا زال البعض من الإخوان، يذبح هذه الذبائح، فإذا أنكرنا عليه قال: إنما هي لله وثوابها للميت، والله يعلم نيته. فهل يجوز أكل

لحوم مثل هذه الذبائح، علما بأنهم يخصون بها هذا اليوم، دون غيره في الأيام؟ جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذا العمل بدعة، لأن الذبيحة ليست حجة، لا لحي ولا لميت، الذبيحة سنة صدقة وتخصيصها بعرفة وعلى أنها حجة، هذا باطل بدعة ولا ينبغي أن يؤكل منها، حجرا لهم وتأديبا لهم، وإلا فلا تحرم، لأنهم ذبحوها لله، فلا تحرم لكن من باب التأديب، ويعلمون إذا أرادوا الصدقة، أن يتصدقوا بها في أي وقت، من باب الصدقة، يذبحها في يوم العيد وإذا ذبح عن الميت وعن الحي، في أيام العيد ضحايا، كان هذا أفضل، يذبح ذبيحة عن أخيه، أو عن أبيه الميت، أو عنه وعنهم جميعا، كل هذا مستحب أما اعتقاد أنها عن حجة، في الليل عن الميت وفي النهار عن الحي، فهذا لا أصل له، أو كونها في هذا الوقت خاصة تكون عن حجة كل هذا لا أصل له، فينبغي للمؤمن أن يتأدب بالآداب الشرعية، يذبح الذبيحة للصدقة، ليتصدق بها، أو ليجود بها على أهل بيته، ويحسن إليهم ويطعمهم، أو ليطعم معهم جيرانه وأقاربه لا بأس على أنها صدقة فقط لا حجة. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 261.

باب ما جاء في الفرق والطوائف

باب ما جاء في الفرق والطوائف

باب ما جاء في الفرق والطوائف 34 - بيان الفرقة الناجية س: حدثونا عن الفرقة الناجية، وما هي أوصافها، وهل هي طائفة معينة أو اسم معين كي نتبعها أم ماذا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: الفرقة الناجية هم أهل السنة والجماعة، هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، يقال لهم: الفرقة الناجية، وهي الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: «ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة (¬2)»، هذه الواحدة هي الفرقة الناجية وهي الطائفة المنصورة، وهم أهل العلم والإيمان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعهم بإحسان، يتبعهم في ذلك العامة الذين هم على طريق أهل السنة من أمهاتهم وأخواتهم وأولادهم وعلى ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 352. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه، برقم 16490.

رأسهم العلماء علماء الحديث علماء السنة وعلى رأس الجميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، هؤلاء هم الطائفة المنصورة، وهم الفرقة الناجية، وهم الذين عملوا بالكتاب والسنة، دينهم الكتاب والسنة، لا آراء الرجال وهم أهل التوحيد، والإيمان الذين عرفوا الله وخصوه بالعبادة، وآمنوا بأسمائه وصفاته، وأنه لا شبيه له ولا كفؤ له، ولم يأولوها بل أمروها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، هؤلاء هم أهل السنة والجماعة، آمنوا بالله ربا وخالقا ومعبودا بالحق، وله الأسماء الحسنى وله الصفات العلا، لا شبيه له ولا كفؤ له ولا ند له، ولا يقاس بخلقه عز وجل، وقد وضح الأئمة صفاتهم، مثل شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية، وفي التدمرية وفي الحموية نقل كلام العلماء في ذلك، مثل الطحاوي رحمه الله وشرح الطحاوية لابن أبي العز، ومثل كتاب السنة، لعبد الله بن أحمد، ومثل كتاب عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على بشر المريسي، إلى غير ذلك ومثل كتاب التوحيد لابن خزيمة، كلهم بينوا عقيدة أهل السنة والجماعة، والخلاصة أن الفرقة الناجية والطائفة المنصورة هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، الذين وحدوا الله وآمنوا به، واتبعوا رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم، وآمنوا بأسمائه وصفاته على الوجه اللائق بجلال الله، أمروها كما جاءت، وآمنوا بها، ولم يتأولوها ولم يحرفوها، بل أمروها كما جاءت، من غير تحريف ولا تعطيل

ولا تكييف ولا تمثيل بل آمنوا بأنها صفات الله، وأنها لائقة بالله لا يشابهه فيها خلقه سبحانه، ولا يجوز تأويلها ولا تكييفها، هؤلاء هم أهل السنة والجماعة.

بيان أهل السنة والجماعة

35 - بيان أهل السنة والجماعة السائل: ص. ع من اليمن: من هم أصحاب السنة والجماعة، وما هي صفاتهم ومتى نكون منهم، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: أصحاب السنة والجماعة هم الذين يعملون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويتمسكون بهما، ويدعون إليهما، وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعهم بإحسان هؤلاء هم أهل السنة، الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ومن سار في ركابهم واتبع طريقهم قولا وعملا وعظم الكتاب والسنة، واحتج بهما واعتمد عليهما، هذا هو صاحب السنة وهم أهل السنة الذين يأخذون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويعتمدون عليهما ويتبعون من سلك هذا السبيل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، هؤلاء هم أهل السنة والجماعة، الصحابة ومن سلك سبيلهم، كمالك والشافعي وأحمد والثوري والأوزاعي ومن تبعهم بإحسان، هؤلاء هم أهل السنة والجماعة، الذين وحدوا الله ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم 387.

سبحانه، واعتقدوا أنه المستحق للعبادة، وآمنوا بأسمائه وصفاته، ووصفوه بها جل وعلا، ومن غير تحريف ولا تمثيل ولا تكييف، هؤلاء هم أهل السنة والجماعة، وحدوا الله واستقاموا على دينه، وآمنوا به وبصفاته وخصوه بالعبادة، وآمنوا بأنه رب العالمين وخالقهم، وبأنه سبحانه ذو الأسماء والصفات العلي: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬1)، وخالفوا الجهمية والمعتزلة والرافضة وغيرهم، من أهل البدع هؤلاء هم أهل السنة الذين اتبعوا الصحابة واستقاموا على طريق الصحابة قولا وعملا وعقيدة، وعقيدة الصحابة هي توحيد الله، وإخلاص العبادة له سبحانه وتعالى، واتباع أوامر الله وترك نواهيه والوقوف عند حدوده، والإيمان بأسمائه وصفاته، ووصف الله بها على الوجه اللائق به سبحانه، وليس بذلك تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، بل يؤمنون بذلك، ويمرونها كما جاءت بقوله سبحانه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (¬3) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (¬4) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (¬5)، وبقوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬6) سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) سورة الشورى الآية 11 (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة الإخلاص الآية 2 (¬4) سورة الإخلاص الآية 3 (¬5) سورة الإخلاص الآية 4 (¬6) سورة الشورى الآية 11

موقف المسلم من تعدد فرقة أهل السنة والجماعة

36 - موقف المسلم من تعدد فرقة أهل السنة والجماعة س: إذا تعددت الفرق المدعية بأنها هي من أهل السنة والجماعة؟ (¬1) ج: ينظر في عقيدتها، إن وافقت السنة فهم أهل السنة والجماعة، ولو سموا أنفسهم بصفات كثيرة، وإن خالفوا العقيدة فهم أهل بدع، العبرة في الحقيقة الواقعة، لا بالدعوى، لو يعطى الناس بدعواهم لادعى أناس دماء رجال وأموالهم، لكن البينة على المدعي، من ادعى أنه من أهل السنة يسأل عن عقيدته، ما هي عقيدته؟ فإذا كان يوحد الله يعبده وحده، وليس من عباد القبور ولا عباد الأصنام، ويؤمن بأسماء الله وصفاته، ويمرها كما جاءت، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، فهو من أهل السنة والجماعة. س: هل بين هذا للناس في وقتنا الحاضر سماحة الشيخ؟ (¬2) ج: نعم، كثيرا ما تكون محاضرات في هذا الباب، في المساجد وأنا أنصح الطلبة والشباب بحفظ القرآن الكريم، لأنه فيه بيان هذه العقيدة العظيمة، أنصح كل مسلم يستطيع وكل مسلمة أن يحفظ ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 352. (¬2) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 352.

القرآن، فالقرآن فيه البيان الشافي، بيان العقيدة الكاملة، عقيدة أهل السنة والجماعة، وذلك بالإلمام بتوحيد الله وأسمائه وصفاته وأخبار الجنة والنار، وأخبار يوم القيامة، إلى غير ذلك، وكذلك العقائد المؤلفة في هذا الباب من أهل السنة، ومن أخصرها وأطيبها العقيدة الواسطية، مختصرة طيبة فأوصي الرجال والنساء بحفظها فهي كافية شافية.

بيان خصائص الفرقة الناجية

37 - بيان خصائص الفرقة الناجية س: السائل: إبراهيم من الرياض يقول: من هي الفرقة الناجية، وما خصائصها؟ (¬1) ج: الفرقة الناجية هي المتمسكة بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، هم أهل السنة والجماعة، الفرقة الناجية: هم الذين آمنوا بالله ورسوله، واستقاموا على دين الله، وآمنوا بكل ما أخبر الله به ورسوله، وساروا على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم بأداء فرائض الله، وترك محارم الله، والإيمان بأن الله سبحانه فوق العرش، قد استوى عليه استواء يليق بجلاله وعظمته، وأنه سبحانه مسمى بالأسماء الحسنى موصوف بالصفات العلى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬2) هم أهل السنة والجماعة، وهم الفرقة الناجية، الأمة افترقت على ثلاث وسبعين فرقة ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 417. (¬2) سورة الشورى الآية 11

كلها في النار إلا واحدة، وهذه الواحدة هي الفرقة الناجية، هي التي آمنت بالله ورسوله، وآمنت بأسماء الله وصفاته، وآمنت بأنه سبحانه هو المستحق العبادة، وأنه الإله الحق، وأنه فوق العرش قد استوى عليه استواء يليق بجلاله، وأنه مسمى بالأسماء الحسنى، موصوف بالصفات العلا الواردة في الكتاب العزيز وفي السنة الصحيحة، المطهرة هم أهل السنة والجماعة، وهم الفرقة الناجية، وهم الطائفة المنصورة، إلى قيام الساعة، وإن قلوا، في أي مكان، أما الثنتان والسبعون فرقة فمتوعدون بالنار، فيهم الكافر، وفيهم المبتدع الذي ليس بكافر، هم الذين حادوا عن طريق السلف، لكن تارة يكون الذي حاد عنها كافرا، وتارة يكون دون ذلك، اثنتان وسبعون فرقة كلها متوعدة بالنار، فيهم الكافر والمبتدع، وفيهم من بدعته تلحقه بالكفرة، ومنهم من بدعته ما دون ذلك. س: الأخ: ع. م. ع. من اليمن يقول: من هم الفرقة الناجية؟ (¬1) ج: الفرقة الناجية هم الذين ساروا على منهج النبي صلى الله عليه وسلم واستقاموا على دينه يقول صلى الله عليه وسلم: «ما أنا عليه وأصحابي (¬2)»، فالفرقة الناجية هم ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 430. (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة، برقم 2641.

الذين استقاموا على دين الله، وساروا على نهج النبي صلى الله عليه وسلم ونهج أصحابه في توحيد الله والإخلاص له، وطاعة أوامره وترك نواهيه، والإيمان بأسمائه وصفاته، على وجه لائق بالله، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، هؤلاء هم أهل السنة والجماعة وهم الفرقة الناجية. س: السائل: أ. أ. أ. من المنطقة الشرقية يقول: ما المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم عن الأمة حيث يقول في حديث: " كلهم في النار إلا واحدة " وما هي الواحدة؟ وهل الاثنتان والسبعون فرقة كلهم خالدون في النار؟ أفيدونا مأجورين (¬1) ج: النبي صلى الله عليه وسلم قال: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة (¬2)» (يعني كلها هالكة إلا واحدة)، «وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة (¬3)»، فالواحدة هم أهل السنة والجماعة، هم الصحابة وأتباعهم بإحسان، أهل التوحيد والإيمان، والثنتان والسبعون، متوعدون بالنار، فيهم الكافر وفيهم العاصي، وفيهم المبتدع. فمن مات منهم على الكفر، فله النار مخلدا فيها، ومن مات على بدعة دون كفر، أو على معصية ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 404. (¬2) ابن ماجه الفتن (3992). (¬3) أحمد (4/ 102).

دون كفر، فهذا تحت مشيئة الله، هم متوعدون بالنار، وبهذا يعلم أنهم ليسوا كلهم كفارا، بل فيهم الكافر وفيهم غيره من العصاة والمبتدعة.

صفات الفرقة الناجية

38 - صفات الفرقة الناجية س: ما الفرق بين الطائفة المنصورة والفرقة الناجية وما صفات كل منهما؟ (¬1) ج: الفرقة الناجية هي الطائفة المنصورة، وصفاتها اتباع السلف، والسير على منهج الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وأتباعهم بإحسان، وهم مذكورون في قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (¬2) فالفرقة الناجية هي التي اتبعت الرسول صلى الله عليه وسلم وسارت على نهجه ونهج أصحابه حتى الموت، وهم الطائفة المنصورة، وهم السلف الصالح، وهم أهل السنة والجماعة، كل هذه العبارات عن فرقة واحدة الفرقة الناجية، ويقال: الطائفة المنصورة، ويقال السلف الصالح، وهم أصحاب النبي وأتباعهم ويقال أهل السنة والجماعة، ولكن رأسهم ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 329. (¬2) سورة التوبة الآية 100

العلماء، رأسهم هم أئمة الحديث وأئمة العلم هم رأسهم وهم أئمتهم، ولهذا قال بعض السلف لما سئل عن الطائفة المنصورة قال: هم أهل الحديث، وقال: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم، مقصوده أن أهل الحديث هم الأئمة، في هذه الطائفة، وهم الأساس والعامة والأميون تبع لهم، من سار على نهجهم فهو منهم، وإن كان عاميا ما دام سار على منهج السلف، واستقام على دين الله، فهو من الطائفة المنصورة، وإن كان عاميا ليس بعالم، فهو تابع لهم وداخل في خلتهم، وله ما وعدوا به. س: سائلة تقول: أحب أن أعرف الفرقة المنصورة إلى يوم الدين، كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وهل هي موجودة في بلد واحد، أو موزعة مع بلاد المسلمين، ماذا أفعل لكي أكون منهم؟ (¬1) ج: الفرقة المنصورة هي القائمة بأمر الله، والمستقيمة على دين الله يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة " قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: " من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي "، وفي رواية: " وهي ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 376. (¬2) أخرجه أبو داود كتاب السنة، باب شرح السنة، حديث رقم 4597، وابن ماجه كتاب الفتن، باب افتراق الأمم، حديث رقم 3992.

الجماعة (¬1)»، أي المجتمعة على الحق، وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم ممن سار على نهجهم، هؤلاء هم الفرقة الناجية، وهم الطائفة المنصورة، الذين وحدوا الله، واستقاموا على دينه وأدوا فرائضه، وتركوا مناهيه وتواصوا بالحق والصبر عليه، الذين اتبعوا الرسل، واستقاموا على دينه، وأفضلهم وإمامهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فالفرقة الناجية من أمته: هي التي استقامت على دينه قولا وعملا وعقيدة، هؤلاء هم الفرقة الناجية، وهم الطائفة المنصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2)

حكم التسمي بالأثري

39 - حكم التسمي بالأثري س: حصل عند بعض الشباب إنكار للتسمي بالأثري والانتساب إلى الأثر، ويقولون: إن هذه النسبة تفرق المسلمين، فهل هذا صحيح؟ أم إنها مجرد نسبة إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم وإلى الحق، وخاصة أن بعض العلماء الأعلام كالحافظ العراقي تسمى بذلك، هل صحيح أنكم تراجعتم عن التسمي بذلك؟ جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: لا أعلم حرجا في ذلك، إذا قيل فلان إنه أثري، إذا كان ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 323.

صحيحا، إذا كان يعتمد الأحاديث النبوية، والسنة المطهرة، ويسير على منهج السلف الصالح، فيقال أثري، أو يقال من أهل السنة والجماعة، كل هذا لا حرج فيه، ومما درج عليه أهل السنة، إذا كان صادقا في ذلك. س: معنى هذا أن سماحتكم لم يتراجع عن التلفظ بهذا اللفظ؟ ج: أنا لم أتسم به، ولكن سماني بعض الناس، أي ما قلت لنفسي إنني أثري، وإنما بعض الناس قال عني ذلك، أما أنا فنعم، أنا إن شاء الله من أهل السنة والجماعة، وأنا إن شاء الله أثري أقوله الآن.

نبذة عن الدعوة السلفية

40 - نبذة عن الدعوة السلفية س: من الجمهورية العربية السورية - دمشق ع. ع. أخونا يسأل ثلاثة أسئلة في أحدها يقول: أريد نبذة عن الدعوة السلفية وعن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب؟ (¬1) ج: الحمد لله فإن الدعوة السلفية الدعوة إلى ما بعث به الله نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام، هي الدعوة إلى التمسك بالقرآن العظيم والسنة المطهرة، هذه الدعوة السلفية الدعوة إلى السير على المنهج ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 315.

الذي درج عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة ثم المدينة لإبلاغ الدعوة إلى المسلمين وغيرهم، وتوجيه الناس إلى الخير وتعليمهم ما بعث الله به نبيه من توحيد الله والإخلاص له والإيمان برسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وترك الإشراك بالله عز وجل والقيام بما أمر الله به ورسوله وترك ما نهى الله عنه ورسوله، هذه الدعوة السلفية وعليها درج أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فأصحاب النبي عليه الصلاة والسلام بعد وفاته ساروا على نهجه في الدعوة إلى توحيد الله وإنكار الشرك، وتوجيه الناس إلى توحيد الله في أقوالهم وأعمالهم، كما أمرهم الله بذلك بقوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (¬1)، وفي قوله سبحانه: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (¬2)، وفي قوله سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (¬3). فالرسول دعا إلى هذا وكان المشركون يتعلقون بالقبور والأموات والأصنام والأحجار والأشجار، يدعونها ويتمسحون بها، ويتبركون بها، ويستشفعون بها، ويذبحون لها، وينذرون لها، فنهاهم الرسول عليه الصلاة والسلام عن ذلك، وأخبرهم أنها لا تنفع ولا تضر، وأن الواجب إخلاص العبادة لله وحده، وقال: «يا قومي قولوا ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 21 (¬2) سورة النساء الآية 36 (¬3) سورة البينة الآية 5

لا إله إلا الله تفلحوا (¬1)»، فلما فتح الله عليه مكة بعد الهجرة، كسر الأصنام وهدم العزى، وكانت شجرة تعبد، وهدم مناة وكانت صخرة تعبد، وهدم اللات وكانت تعبد في الطائف، وهكذا جميع الأصنام كسرها، وبعث إلى القبائل والرؤساء يدعوهم إلى توحيد الله، ويأمرهم بترك عبادة الأصنام والأوثان، والأولياء والأنبياء والملائكة، فالعبادة حق الله وحده؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬2)، ويقول سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (¬3). ومعنى اعبدوا الله: أي وحدوا الله، يعني خصوه بالعبادة، هو الذي يدعى ويرجى، ويسأل ويسجد له، ويركع له ويذبح له، وينذر له، أما القبور فلا يتعلق بها، ولا يبنى عليها لا مساجد ولا غيرها، ولا يدعى أهلها من دون الله، ولا يستغاث بهم، ولا يطلب منهم الشفاعة، الشفاعة لله وحده، {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} (¬4). وقد أنكر الله على المشركين بقوله سبحانه: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (¬5)، وقد ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، من حديث ربيعة بن عبادة الديلي رضي الله عنه، رقم 15593. (¬2) سورة الذاريات الآية 56 (¬3) سورة النحل الآية 36 (¬4) سورة الزمر الآية 44 (¬5) سورة يونس الآية 18

أنكر الله عليهم بقوله: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (¬1)، وقال سبحانه: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬2) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (¬3)، ثم قال سبحانه: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (¬4)، أي: ما عبدنا اللات والعزى، والأنبياء والملائكة ودعوناهم واستغثنا بهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فأنكر الله عليهم ذلك، وأكذبهم، وقال الله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (¬5)، بين سبحانه أنهم كذبة في قولهم، إنها تقربهم إلى الله زلفى، فهم كفرة بعبادتهم الأصنام، والملائكة والأنبياء، فلا يجوز أن يؤتى صاحب القبر، ويقول: يا سيدي فلان انصرني، أو أغثني أو اقض حاجتي أو اشفع لي أو أنا في جوارك، كل هذا منكر، كل هذا من الشرك الأكبر، في حياته لا بأس أن تقول: يا فلان اشفع لي، مثلما كان الصحابة في حياة النبي عليه الصلاة والسلام يقولون: اشفع لنا يا رسول الله، ادع الله لنا، كان يستغيث لهم إذا أجدبوا في خطبة الجمعة وفي غيرها وكان يدعو لهم، لا بأس في حياته، وهكذا يوم القيامة، إذا بعثه الله يشفع للناس يوم القيامة، أما بعد موته في البرزخ فلا يدعى لا هو ولا غيره من الأنبياء، ¬

_ (¬1) سورة يونس الآية 18 (¬2) سورة الزمر الآية 2 (¬3) سورة الزمر الآية 3 (¬4) سورة الزمر الآية 3 (¬5) سورة الزمر الآية 3

ولا الملائكة ولا الصالحين، لا يدعون ولا يستغاث بهم، لكن تقول يا رب اغفر لي، يا رب ارحمني، يا رب أصلح قلبي، يا رب ارزقني، يا رب فرج كربتي، يا رب أصلح أولادي، يا رب انصرني على عدوي، يا رب شفع في نبيك، يا رب اجعلني من أهل شفاعة نبيك عليه الصلاة والسلام، يا رب وفقني لطاعتك، واتباع شريعتك، هكذا تقول تسأل ربك، هذا هو الطريق الصحيح، هذه الطريقة السلفية التي درج عليها النبي صلى الله عليه وسلم، ودرج عليها أصحابه رضي الله عنهم، ثم التابعون بعدهم بإحسان، درجوا على هذا، وكان الصحابة ومن بعدهم يدعون إلى هذا الطريق، والتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإلى إخلاص العبادة لله وحده، لا يدعى معه ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا صاحب قبر، ولا جني، ولا شجر، ولا صنم، ولا غير ذلك. العبادة حق الله وحده: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (¬1)، وقال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬2)، وقال: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬3)، مع الإيمان بأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء، لا نبي بعده، أرسله الله إلى الناس كافة؛ لا بد من هذا الإيمان، أن تؤمن أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي العربي المكي، ثم المدني، هو رسول الله حقا عليه الصلاة السلام، ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 21 (¬2) سورة الذاريات الآية 56 (¬3) سورة البينة الآية 5

وهو أفضل الخلق، وهو سيد ولد آدم، تؤمن بهذا، وتؤمن أن الله أرسله إلى الناس عامة والجن والإنس، من أجاب دعوته واتبع ما جاء به فله الجنة، ومن حاد عن سبيله فله النار، هو خاتم الأنبياء، ليس بعده نبي، من ادعى النبوة بعده، كالقاديانية، يكون كافرا؛ لأن الله سبحانه يقول: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (¬1)، وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه خاتم الأنبياء، يقول: «إني خاتم الأنبياء لا نبي بعدي (¬2)»، عليه الصلاة والسلام. ثم من تمام الدعوة السلفية طاعة الله، فكل أوامره تؤتى، وتترك النواهي، فالصلاة تصلي كما شرع الله، وتزكي كما شرع الله، وتصوم كما شرع الله، وتحج كما شرع الله، وتبر والديك، وتصل أرحامك، تدعو إلى الله بالعلم والهدى، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر بالأسلوب الحسن، بالرفق والحكمة، وتدع المعاصي كالزنى والعقوق والربا، وقطيعة الرحم، وشرب المسكر، إلى غير هذا من المعاصي تدعها وتحذرها طاعة لله وتعظيما لله، اتباعا لشريعته، ترجو ثوابه وتخاف عقابه، كل هذا داخل في الدعوة السلفية. أما الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فهو إمام عالم، دعا ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب الآية 40 (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الفتن، باب ما جاء لا تقوم الساعة حتى يخرج كذابون، برقم 2219.

إلى الله عز وجل، دعا إلى هذه الكلمة كان رحمة الله عليه في نجد ثم انتقل إلى العيينة وهي بلدة معروفة قرب الدرعية، فتعلم العلم وتفقه في الدين، ثم سافر إلى الحرمين وتعلم في مكة والمدينة، ثم شرح الله صدره للدعوة السلفية، كان أهل نجد يتعلق بعضهم بالأوثان، وبالقبور والأشجار والأحجار، كما هو واقع في بلدان كثيرة، فشرح الله صدره لحقيقة التوحيد، وللدعوة السلفية التي درج عليها الرسول وأصحابه، فلما انشرح صدره لهذا الأمر، وعرف أدلته إلى هذا، دعا قومه ودعا الناس في نجد إلى توحيد الله، وكان في نجد قبر لزيد بن الخطاب رضي الله عنه في الجبيلة يدعى ويعبد من دون الله، كانت هناك أحجار وأشجار تعبد من دون الله، فنهاهم عنها، ونهى عن التعلق بالأموات، والقبور والأشجار والأحجار، وأخبرهم أن هذا شرك بالله، وأن الله بعث نبيه صلى الله عليه وسلم يدعو إلى توحيد الله وينكر هذا الشرك، وأن الصحابة كذلك، فدعا إلى الله في نجد أولا في حريملاء ثم في العيينة، وانتقل إلى الدرعية وساعده محمد بن سعود أمير الدرعية، واستمر في الدعوة إلى توحيد الله، والإخلاص له واتباع النبي صلى الله عليه وسلم وهدم القباب التي على القبور، وقطع الأشجار التي تعبد من دون الله، وهدم القبة التي على قبر زيد بن الخطاب إلى غير هذا من آثار الشرك، فأعانه الله على ذلك، وأعانه الأمير محمد بن سعود ثم نسله من بعده، جزاهم الله خيرا ولم يزالوا عونا للتوحيد إلى يومنا هذا، يدعون إلى الله ويساعدون أهل العلم في الدعوة إلى توحيد الله وإنكار الشرك وإقامة

الدين، هذه دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - إمام عالم سلفي العقيدة يدعو إلى توحيد الله وإلى اتباع شريعته، وينهى عن الشرك والبدع والخرافات، وعن المعاصي مثلما كان الصحابة يدعون إلى الله، مثلما كان الشافعي وأحمد بن حنبل ومالك، وغيرهم من أئمة الإسلام يدعون إلى توحيد الله والإخلاص له، مثلما كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، في زمانه في القرن السابع والثامن، وابن القيم رحمه الله في القرن الثامن، وابن كثير، وأشباههم يدعون إلى الله، هو على طريقهم رحمه الله، فهو سلفي إمام يدعو إلى توحيد الله، وطاعة الله، واتباع شريعته، وأما أعداؤه من القبوريين الذين يرمونه بأنه مبتدع، أو أنه يبغض الأولياء، هذا باطل، يكذبون عليه، مثلما كذبوا على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى غيره، فهو يدعو إلى توحيد الله، وإلى اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو إلى الحق والهدى، وإلى الإخلاص لله، ونبذ البدع والخرافات التي بلي بها كثير من الناس، فهو إمام مهتد موفق يدعو إلى توحيد الله وطاعته، ويدعو إلى العقيدة السلفية، وهكذا أنصاره من آل سعود ومن العلماء والأخيار وكلهم دعاة إلى الحق، وأما تسمية أتباعه بالوهابية فهذا لقبه به أعداؤهم للتنفير، فهم محمدية، هو محمد ليس عبد الوهاب، هو محمد بن عبد الوهاب، أبوه اسمه عبد الوهاب الصواب أن يقال: محمدية؛ لأنه محمد، والنبي محمد عليه الصلاة والسلام، فهو من أتباع محمد عليه الصلاة والسلام، لكن أعداؤه من الجهال أو الذين قلدوا الجهال أو قلدوا الأعداء، سموهم الوهابية

جهلا أو عنادا، وتنفيرا من الحق، فلا ينبغي لعاقل أن يغتر بهذا اللقب الذي يرميهم به الأعداء، وبأنهم أعداء للدين أو أنهم أعداء للحق، أو أنهم أهل بدعة، كل هذا باطل، والشيخ وأتباعه دعاة للحق، دعاة للسلفية، دعاة لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه الصحابة ومن بعدهم من أئمة الإسلام، فالشيخ محمد بن عبد الوهاب وذريته وأتباعه إلى يومنا هذا يدعون إلى توحيد الله، وإلى اتباع شريعته سبحانه، وينهون عن الشرك بالله، وعن البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان، ومن البدع: البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها؛ لأنها وسيلة للشرك، وإقامة الموالد واحتفالات الموالد؛ لأنها وسيلة للشرك لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه فالخير كله في اتباعهم؛ لأن الله يقول جل وعلا: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (¬1)، فأتباعهم بإحسان هم الذين ساروا على نهجهم، لم يزيدوا على ذلك، ولم ينقصوا بل ساروا على نهجهم في توحيد الله والإخلاص له واتباع الشريعة وتعظيمها وترك ما نهى الله عنه من البدع وترك المعاصي، والدعوة إلى توحيد الله وإلى اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم قولا وعملا، هذه هي طريقة السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وهذه طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وطريقة أتباعه من آل سعود وغيرهم من العلماء الذين ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 100

ساروا على نهجه، وهكذا أتباعه من العلماء الذين ساروا على نهجهم من الهند والشام وفي العراق وفي مصر، وفي كل مكان، له أتباع كثيرون، في أقطار كثيرة في أماكن كثيرة من العالم عرفوا الحقيقة عرفوا دعوته الطيبة من كتبه ومن كتب أتباعه، وأنها دعوة سلفية، دعوة إلى توحيد الله واتباع شريعته، واتباع نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فنصيحتي لكل مسلم أن يتقي الله، وأن يعرف الحق بدليله، لا بالتقليد وقول الجهال، وأتباع الجهال، ولكن بالدليل ينظر كتب القوم، ينظر ماذا قرروه في الدرر السنية، من كتبهم: فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، تيسير العزيز الحميد، إلى غير هذا من كتبهم، وردودهم حتى يعرف الحقيقة، يعلم أنهم على الحق والهدى، وأنهم دعاة إلى توحيد الله، وإلى اتباع شريعته، وإلى ترك ما نهى الله عنه ورسوله، هذه دعوة الشيخ محمد، هذا طريق الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وهذه طريقة أتباعه وأنصاره، من علماء نجد وغيره من آل سعود وغيرهم. نسأل الله أن يثبت الجميع على الهدى وأن يصلح قلوب الجميع وأعمال الجميع وأن يهدي الضال حتى يستقيم على الحق، نسأل الله أن يهدي الضالين، وأن يعلم الجاهلين حتى يعرفوا الحق بدليله، وأن يهدي المتعصبين وأصحاب الهوى، حتى يدعوا التعصب والهوى وحتى ينقادوا للحق، ويتبعوا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن ينقادوا له بالدليل، لا بتقليد الجهلة، وتقليد أصحاب الهوى، فالتقليد لأصحاب الهوى والجهلة يضر ولا ينفع، فالواجب على طالب العلم أن يأخذ الحق

بالدليل، وأن ينظر في كتب القوم الذين يسمع عنهم أشياء تخالف الشرع، حتى يعرف الحقيقة بأدلتها، وحتى يتكلم عن علم وعن بصيرة، لا عن تقليد زيد وعمرو، ونحو ذلك، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية، وأن يصلح أحوال المسلمين وأن يمنحهم الفقه في الدين وأن يهدينا وإياهم صراطه المستقيم، وأن يمن على جميع المسلمين الفقه في دين الله، والتمسك بكتاب الله، وسنة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، والوقوف عند حدودهما، إنه سبحانه وتعالى جواد كريم. س: سمعت بالوهابية فمن هم؟ (¬1) ج: الوهابية يطلقها أعداء السلفية على أتباع الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي، المتوفي سنة (1206هـ) ست ومائتين وألف من الهجرة في الدرعية، وقد قام بالدعوة إلى الله في النصف الثاني من القرن الثاني عشر في نجد الدرعية وما حولها، دعا إلى توحيد الله وأنكر على الناس التعلق بالقبور والأموات والأصنام، وتصديق الكهان والمنجمين وعبادة الأشجار والأحجار، على طريقة السلف الصالح، على الطريقة التي بعث الله بها نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام، وعلى الطريقة التي درج عليها أصحابه رضوان الله عليهم، فدعا إلى الله، ودعا معه العلماء ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 218.

الذين وفقهم الله لمعرفة الحق من أقاربه وأولاده وغيرهم، وأظهر الله به الدين، وأزال الله به الشر من نجد وما حولها ثم انتشرت دعوته في اليمن والشام، والعراق ومصر والهند وغير ذلك، وعرف المحققون صحة دعوته واستقامتها، وأنه على الهدى والطريق القويم، وأنه في الحقيقة مجدد لما اندرس من معالم الإسلام، وليس مبتدعا وليس له دين جديد، ولا مذهب جديد، إنما دعا إلى توحيد الله، واتباع شريعته والسير على منهج السلف الصالح من الصحابة ومن سلك سبيلهم، هذا هو مذهب الشيخ محمد وأتباعه، ساروا على منهج النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه من الصحابة ومن بعدهم من أهل العلم والإيمان، ولكن لهم خصوم، فكذب عليهم الكذابون حتى يستبيحوا دماءهم، وكذبوا عليهم وقالوا: إنهم مذهب خامس، وأنهم يسبون الرسول، ويسبون الصحابة وكلها كذب وباطل، بل هم من أحب الناس للرسول صلى الله عليه وسلم، وهم على طريق الصحابة، والرسول أحب إليهم من أنفسهم وأولادهم، وأموالهم وهم يدعون إلى ما دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، يدعون إلى توحيد الله واتباع شريعته، وتعظيم أمره ونهيه والسير على منهج الرسول صلى الله عليه وسلم، وكتبهم طافحة بذلك، وكتب الشيخ محمد وأتباعه واضحة في ذلك، من قرأها عرف ذلك، كتاب التوحيد، فتح المجيد، كشف الشبهات، ثلاثة الأصول، تيسير العزيز الحميد لحفيده سليمان بن عبد الله، والدرر السنية في فتاوى أهل نجد واضحة في ذلك، وهكذا كتبهم الأخرى ورسائلهم الأخرى، كلها تبين ما هم عليه من الهدى والحق، وكلها

تبين كذب أعدائهم وخصومهم، من الصوفية وغير الصوفية ومن عباد القبور، الذين كذبوا عليهم، لأنهم أنكروا عليهم عبادة القبور، فكذبوا عليهم، وخصومهم هم عباد القبور، أو جهلة ما عرفوا الحقيقة، وصدقوا عباد القبور، أما أهل العلم والإيمان، في مصر والشام والعراق وغير ذلك، فقد عرفوا صحة ما هم عليه وشهدوا لهم بالحق، كالشيخ محمد رشيد رضا، وغيرهم ممن عرف دعوتهم - رحمة الله عليهم - وشهد لهم بالحق من علماء مصر والشام والعراق، وغير ذلك وكتبهم انتشرت وعمت الأوطان والحمد لله.

بيان دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب

41 - بيان دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب س: يسأل المستمع: ع. ف. غ. ويقول: هل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب مذهب خاص؟ وهل ما يقال عن دعوته من ترك عبادة القبور، ودعوة الأموات يعد جفاء للصالحين؟ (¬1) ج: الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، من علماء السنة ومن علماء أهل الحق، ودعوته ليست مذهبا خامسا، وإنما هي دعوة إلى العقيدة السلفية، وإلى ما كان عليه سلف الأمة من الصحابة وأتباعهم، فهو يدعو إلى توحيد الله واتباع شريعته، وتعظيم أمره ونهيه، وليس ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 267.

يدعو إلى مذهب جديد كما يزعمه الجهلة، أو خصومه المعادون، عباد الأوثان، إنما دعا إلى عبادة الله وحده، وقد كانت دعوته في القرن الثاني عشر في النصف الثاني من القرن الثاني عشر، وتوفي رحمه الله في سنة 1206هـ، في أول القرن الثالث عشر وكتبه موجودة تبين عقيدته، مثل كتاب التوحيد، ومثل كشف الشبهات ومثل الثلاثة الأصول كلها تبين دعوته وأنه دعا إلى توحيد الله، وإخلاص العبادة لله وألا يدعى مع الله أحد، لا ملك ولا رسول ولا صنم ولا جن ولا إنس، بل العبادة حق الله وحده، وكان في الأحكام الفقهية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، إلا أن يترجح عنده بالدليل قول آخر ذهب إليه، أما ما رماه به خصومه، أو الجهلة بأنه مذهب خامس، أو أنه يحتقر الصالحين والأنبياء فهذا كله باطل، وليس في ترك الإشراك بهم احتقار لهم ولا تنقص لهم، فالأنبياء كلهم جاؤوا بالدعوة إلى توحيد الله، والنهي عن دعوة الأنبياء والصالحين وإنما المتنقص لهم الذي دعاهم من دون الله، وظن أنهم يرضون بهذا وهم لا يرضون، بأن يعبدوا مع الله، بل نهوا الناس عن ذلك، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (¬1)، وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} (¬2) فالرسل كلهم عليهم الصلاة والسلام، دعوا إلى ¬

_ (¬1) سورة النحل الآية 36 (¬2) سورة الأنبياء الآية 25

توحيد الله وإخلاص العبادة له جل وعلا، وإلى اتباع الرسول فيما جاء به، وهكذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، دعا إلى توحيد الله، وتعظيم أمره ونهيه، وهكذا العلماء من أهل السنة والجماعة، دعوا إلى ما دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من توحيد الله والإخلاص له، كمالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة والثوري، والأوزاعي وغيرهم من أئمة الإسلام، كلهم دعوا إلى توحيد الله وإخلاص العبادة له جل وعلا، وطاعة الأوامر التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم، وترك النواهي، هذا هو الحق وهذا هو دين الله، والشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله دعا إلى ما دعوا إليه، دعا إلى توحيد الله، وإلى طاعة الله فيما أمر، وترك ما نهى عنه، واتباع القرآن والسنة، وترك ما خالف ذلك، فليس له مذهب خامس وليس له دعوة خامسة، بل هو يدعو إلى ما دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم ودعا إليه الصحابة، ودعا إليه أئمة الإسلام، بالأقوال والأعمال والعقيدة، هذا هو الحق الذي لا ريب فيه، ومن قرأ كتبه عرف ذلك، والله المستعان. س: يوجد طائفة من الناس إذا دعوناهم إلى الله سبحانه وتعالى، وإلى ترك الشرك بالله، اتهمونا بالوهابية، كيف نواجههم لو تكرمتم؟ (¬1) ج: لا يوجد مذهب وهابي، إنما هو طاعة الله ورسوله، الوهابية ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 124.

تدعو إلى ما قاله الله ورسوله، الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الذي تنسب إليه الوهابية هو رجل قام في النصف الثاني من القرن الثاني عشر، يدعو الناس إلى ما قاله الله ورسوله، يدعو الناس إلى عقيدة السلف الصالح، من أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم والسير على منهج أصحابه في الأقوال والأعمال، وهو حنبلي المذهب ولكنه وفقه الله لدعوة الناس إلى إصلاح العقيدة، وترك الشرك بالله عز وجل، وترك البدع والخرافات التي قام بها وتخلق بها المتصوفة، أو أصحاب الكلام، فهو يدعو إلى عقيدة السلف الصالح، في العمل وفي العقيدة، وينهى عما عليه أهل الكلام من بدع، وما عليه بعض الصوفية الذين خرجوا عن طريق الصواب إلى البدع، فليس له مذهب يخالف مذهب أهل السنة والجماعة، بل هو يدعو إلى مذهب أهل السنة والجماعة فقط، فإذا دعوت أحدا إلى التوحيد ونهيته عن الشرك فقالوا الوهابية، قل نعم أنا وهابي وأنا محمدي أدعوكم إلى طاعة الله وشرعه، أدعوكم إلى توحيد الله، فإذا كان من دعا إلى توحيد الله وهابيا فأنا وهابي، وإذا كان من دعا إلى توحيد الله ناصبيا فأنا ناصبي، المهم الدعوة إلى ما كان عليه رسول الله وأصحابه، والتقليد الذي ينفر به الناس عن الدعوة لا قيمة له. الواجب على المؤمن أن يتقي الله وأن يستقيم على أمر الله ولو قال له الناس ما قالوا ولو قالوا منافق، ولو قالوا وهابي ولو قالوا كذا، إذا عرف أنه يدعو إلى توحيد الله، وإلى طاعة الله ورسوله كما قال الله

ورسوله، فلا يضره المشاغبون والمنفرون بالألقاب التي يخترعونها له، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له الكفار: صابئ، وقالوا له: مجنون، وقالوا له: شاعر، وقالوا: كاهن، وقالوا: ساحر، ما ضره ذلك، واستمر في دعوته إلى الله وعلم الناس توحيد الله، ولم يبال بقولهم له إنك ساحر، أو كاهن أو ما أشبه ذلك، فهكذا أتباع الحق لا يضرهم إذا قيل لهم: وهابي، أو قيل لهم كذا أو قيل لهم كذا، أو قيل: متشدد أو قيل: منفر، أو قيل: متطرف أو كذا أو كذا يلقبونه حتى ينفروا منه الناس، ما يضره هذا، عليه أن يصبر وأن يوضح للناس الحق وأنه ليس عنده شيء يخالف شرع الله المطهر الذي جاء به محمد عليه الصلاة والسلام، فالوهابية هم هذا، الوهابية دعاة إلى توحيد الله، وإلى طاعة الله ورسوله وليس لهم مذهب جديد، إنما هم دعاة إلى توحيد الله وإلى اتباع رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وهو في الفقه في الغالب على مذهب الحنابلة، إلا إذا وجدوا شيئا في المذهب الحنبلي يخالف الأرجح من أقوال العلماء لوجود الدليل الذي يؤيد ما قاله الآخرون أخذوا بالدليل.

بيان ما يلزم المسلم إذا كثرت الفرق

42 - بيان ما يلزم المسلم إذا كثرت الفرق س: يقول السائل: في هذا الزمان كثرت الفرق، وكل يقول: إنه على الحق، ونريد منكم أن تتفضلوا وتعطونا ميزانا من كتاب الله، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يأخذ به كل إنسان ناصحا لنفسه، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: الميزان هو أن يسير على ما دل عليه القرآن الكريم، والسنة المطهرة، وما درج عليه سلف الأمة والصحابة، ومن سلك سبيلهم، ينظر في كلام أهل العلم إذا كان عنده علم، ويسلك مسلك الصحابة وأتباعهم بإحسان ويحكم شرع الله باتباع كتاب الله والسنة، هذا هو الطريق هذا هو طريق النجاة، وهذا هو معتقد أهل السنة والجماعة: السير على ما سار عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وسار عليه أصحابه رضي الله عنهم، والعمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والاستقامة على ذلك قولا وعملا وعقيدة، وإذا كان عنده جهل يسأل أهل العلم، ويتحرى أهل العلم والبصيرة، وأهل السنة والجماعة المعروفين بالخير، يسألهم عما أشكل عليه هذا هو طريق النجاة، أن يستقيم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قولا وعملا، قال جل وعلا: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} (¬2)، وقال تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (¬3)، وقال تعالى: ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 346. (¬2) سورة الأنعام الآية 153 (¬3) سورة الفاتحة الآية 6

{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (¬1)، وقال جل وعلا: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (¬2)، هذا هو الطريق الواضح، الصراط المستقيم هو توحيد الله والإخلاص له، والسير على النهج الذي سار عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، واستقاموا عليه مع نبيهم صلى الله عليه وسلم وبعد نبيهم، وتابعهم عليه أهل السنة والجماعة قولا وعملا وعقيدة. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 59 (¬2) سورة الشورى الآية 10

بيان طائفة الأشاعرة

43 - بيان طائفة الأشاعرة س: هل الأشاعرة من أهل السنة أرجو التوضيح؟ (¬1) ج: الأشاعرة عندهم أشياء خالفوا فيها أهل السنة من تأويل بعض الصفات، فهم في بعض التأويل ليسوا من أهل السنة؛ لأن أهل السنة لا يؤولون، وهذا غلط من الأشاعرة ومنكر، وعندهم مخالفات غير ذلك، والواجب على المؤمن هو طريق أهل السنة والجماعة، وهو الإيمان بأسماء الله كلها، وصفاته الواردة في القرآن الكريم، وهكذا الثابتة في السنة، يجب الإيمان بها، وإمرارها كما جاءت، بلا تحريف ولا تعطيل ولا تكييف، ولا تمثيل ولا تأويل، بل يجب أن تمر كما جاءت، مع الإيمان بها على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، ليس ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 20.

فيها تشبيه لأحد، يقول سبحانه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (¬2) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (¬3) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (¬4). ويقول سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬5)، فيجب أن تمر أسماؤه وصفاته كما جاءت، من غير تحريف ولا تأويل ولا تعطيل، ولا تكييف فهو سبحانه: الرحيم، والعزيز، والقدير، وهكذا سائر الأسماء والصفات، وهكذا قوله: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (¬6)، وقوله سبحانه: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} (¬7)، وقوله: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا} (¬8) {وَأَكِيدُ كَيْدًا} (¬9)، كل هذه الصفات تليق بالله، على وجه يليق بالله سبحانه وتعالى، ولا تشابه كيد المخلوقين ولا مكرهم، ولا خداعهم بل على وجه يليق بالله سبحانه وتعالى، لا يشابه الخلق في ذلك، وهكذا قوله في الحديث الصحيح: «من تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة (¬10)»، كل هذه الصفات تليق بالله، يجب الإيمان بها وإثباتها لله، على الوجه اللائق بالله تقربا يليق ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1 (¬2) سورة الإخلاص الآية 2 (¬3) سورة الإخلاص الآية 3 (¬4) سورة الإخلاص الآية 4 (¬5) سورة الشورى الآية 11 (¬6) سورة آل عمران الآية 54 (¬7) سورة النساء الآية 142 (¬8) سورة الطارق الآية 15 (¬9) سورة الطارق الآية 16 (¬10) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وروايته، برقم 7526، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب الحث على ذكر الله تعالى، برقم 2675.

بالله، وهرولة تليق بالله، ليس فيها مشابهة لخلقه، تقربه وهرولته، وإنما هو شيء يليق به سبحانه، لا يشابه صفة المخلوقين سبحانه وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬1)، وهكذا قوله في الحث على الأعمال الصالحة: «فإن الله جل وعلا لا يمل حتى تملوا (¬2)»، ملل يليق بالله لا يشابه صفات المخلوقين في مللهم، فالمخلوقون لديهم نقص وضعف، وأما صفات الله فهي كاملة تليق به سبحانه لا يشابه خلقه، وليس فيها نقص ولا عيب، بل هي صفات تليق بالله سبحانه وتعالى، لا يشابه فيها خلقه جل وعلا. س: سائل من ليبيا وصلته الرسالة المزعومة؛ من الشيخ أحمد؛ ما تعليقكم سماحة الشيخ على هذا؟ (¬3) ج: نعم هذه وصية تذاع من مدة طويلة، من عشرات السنين، قد كتبنا فيها من مدة طويلة، حين كنت في الجامعة وبعد ذلك، وقلت: إنها منكرة وإنها باطلة لا أساس لها، فهي مكذوبة على الشيخ أحمد، ¬

_ (¬1) سورة الشورى الآية 11 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب أحب الدين إلى الله عز وجل وأدومه. . .، برقم 43، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره، برقم 782. (¬3) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 219.

وهي: مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم، لا أساس لها بل هي باطلة، ويقول فيها من يكتبها ويوزعها، ومن لم يوزعها، ومن لم يكتبها، يجري عليه كذا ويحصل له كذا، كل هذا باطل كل هذا لا أساس له، فالواجب على من وجدها أن يحرقها ويتلفها، وقد كتبنا فيها رسالة توزع من قديم في بيان إنكارها وبطلانها.

بيان مذهب أهل السنة والجماعة في نصوص الوعيد والرد على فرقة الخوارج

44 - بيان مذهب أهل السنة والجماعة في نصوص الوعيد والرد على فرقة الخوارج س: سماحة الشيخ: لعلها مناسبة أن تتكرموا بالحديث عن كل ما ورد بشأن الوعيد سواء في القرآن الكريم أو في الأحاديث النبوية؟ (¬1) ج: ما ورد في الوعيد عند أهل السنة والجماعة يكون فيه حث للمؤمن والمؤمنة على الحذر، مما جاء فيه الوعيد من ترك واجب أو فعل محرم، كالوعيد في ترك الصلاة، ترك الصيام، ترك الزكاة، ترك الحج مع القدرة، ترك بر الوالدين، ترك صلة الرحم، ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأشباه ذلك من باب الوعيد للحث على فعل الواجب، وهكذا ما جاء في وعيد الزنى وشرب الخمر واللواط، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 252.

والعقوق وقطيعة الرحم والربا، كل هذه أنواع من الوعيد، والمقصود منها التنفير والتحذير من معاصي الله جل وعلا، فإذا فعل المسلم واحدا منها صار نقصا في إيمانه وضعفا في إيمانه وهو على خطر من دخول النار، لكن لا يكفر إذا كان ما أتى به ليس كفرا، لا يكفر بهذا بل يكون تحت مشيئة الله، إن شاء الله غفر له، وإن شاء عذبه يوم القيامة إذا كان ما تاب؛ لأن الله سبحانه يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬1)، فما كان دون الشرك فالله يغفره سبحانه وتعالى لمن يشاء، وأما إذا مات على الكفر بالله والشرك بالله فإذن هذا لا يغفر، بل صاحبه مخلد في النار، نعوذ بالله، قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬2)، قال سبحانه: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (¬3). فالحاصل أن المعاصي التي يفعلها الإنسان من ترك واجب، أو فعل محرم إذا كانت ليست من قسم الكفر بالله، والشرك الأكبر، فإنها تكون نقصا في الإيمان، وضعفا في الإيمان ولا يكفر بها الإنسان كما تقول الخوارج، الخوارج تقول: يكفر من أتى المعصية، من زنى كفر عندهم، من شرب الخمر كفر، من عق والديه كفر، هذا غلط قول الخوارج باطل، أهل السنة والجماعة يقولون: المعصية تنقص الإيمان ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 48 (¬2) سورة الأنعام الآية 88 (¬3) سورة المائدة الآية 5

وتضعف الإيمان، ولا يكفرون بالذنب، ولكن يقولون: إنه تحت المشيئة إذا مات على المعصية، مات وهو على الزنى، مات وهو عاق، مات وهو يشرب الخمر، هذا تحت مشيئة الله، لا يكون كافرا، إذا كان يعتقد أنها حرام، ما استحلها، يعتقد أنها حرام وأنها معصية، لكن غلبه الشيطان، غلبه الهوى، فهذا يكون تحت مشيئة الله، ويكون ناقص الإيمان، وضعيف الإيمان، لكنه لا يكفر بذلك، ولا يخلد في النار، بل متى دخل النار، فإنه يعذب فيها ما شاء الله ثم يخرجه الله من النار لتوحيده وإسلامه الذي مات عليه، هكذا أجمع أهل السنة والجماعة رحمة الله عليهم، فالمعاصي تنقص الإيمان وتضعف الإيمان، والطاعة تزيد الإيمان، والإيمان عند أهل السنة والجماعة يزيد وينقص، يزيد بالطاعة والذكر، وينقص بالغفلة والمعصية، وإذا مات الإنسان على معصية فهو تحت مشيئة الله إن شاء الله غفر له وأدخله الجنة، وإن شاء عذبه على قدر معصيته من الزنى أو السرقة أو شرب الخمر، أو العقوق أو غير هذا إذا مات ولم يتب فإنه تحت مشيئة الله، إن شاء الله غفر له وعفا عنه بتوحيده وإيمانه وبالحسنات التي عنده، وإن شاء ربنا عز وجل عذبه على قدر المعاصي التي مات عليها، ثم بعد أن يطهر ويمحص في النار المدة التي يكتبها الله عليه بعد هذا يخرج من النار إلى الجنة بسبب التوحيد الذي مات عليه، والإسلام الذي مات عليه هذا قول أهل الحق، قول أهل السنة والجماعة، خلافا للخوارج والمعتزلة ومن سار على نهجهم فإنهم قد خالفوا الحق، والصواب قول أهل السنة

والجماعة أن المعصية لا تخرج من الإسلام، ولا توجب الخلود في النار إذا كان صاحبها مسلما موحدا، ولكن أتى بعض المعاصي كالزنى أو شرب الخمر، أو العقوق أو الربا، ولم يستحل ذلك، يرى أنه عاص، ما استحله يرى أنه عاص وظالم لنفسه لكنه غلبه الهوى والشيطان، فهذا تحت مشيئة الله، قد يعفي عنه إذا مات على توحيد الله، قد يكون له حسنات عظيمة صدقات، أشياء من الخير، فيغفر الله له بذلك، وقد يعذب على قدر معاصيه التي مات عليها وهو مسلم ثم يخرجه الله بعد التعذيب والتمحيص إلى الجنة وقد ثبتت الأحاديث المتواترة عن رسول الله في ذلك، الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر في الأحاديث المتواترة «أنه يشفع للعصاة من أمته، ويعطيه الله منهم جمعا غفيرا، يشفع عدة شفاعات في العصاة من أمة محمد عليه الصلاة والسلام والله يحد له حدا فيخرجهم من النار ويلقون في نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل (¬1)»، فإذا تم خلقهم أدخلوا الجنة، فله صلى الله عليه وسلم عدة شفاعات، كلما شفع أعطاه الله جملة من الناس وحد له حدا، وهكذا يشفع المؤمنون، تشفع الملائكة، يشفع الأفراط، تشفع الأنبياء المقصود أن هذا هو الحق. فينبغي أن يعلم هذا، وأما ما قالته الخوارج من كفر العاصي، ¬

_ (¬1) متفق عليه، أخرجه البخاري، كتاب الرقاق، باب صفة الجنة، برقم 6560، ومسلم، كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية، برقم 183.

الزاني ونحوه أنه يخلد في النار وهكذا تبعتهم المعتزلة على خلوده في النار والإباضية قالوا مثل قولهم في خلوده في النار، هذا منكر، هذا باطل يجب على من قال هذا القول أن يتوب إلى الله وأن يأخذ بقول أهل السنة والجماعة، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.

بيان معنى الصوفية

45 - بيان معنى الصوفية س: من هم الصوفيون وما موقف الإسلام منهم، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: الصوفيون: جماعات اشتهروا بإحداث طرق في العبادة والتنسك ما شرعها الله في صلواتهم وفي أذكارهم وفي خلواتهم يقال لهم: الصوفية، قال بعضهم: معناه من التصوف يعني يلبسون الصوف، وقال بعضهم: إنها من الصفاء وإن النسبة غير لغوية، يعني غير مستقيمة على الطريق السوي في النسبة، وأنها من الصفاء، وأنهم يعتنون بصفاء القلوب من كدر الذنوب وكدر كسب الحرام ونحو ذلك، فالتصوف هو التعبد على طريقة خاصة، لم تأت بها الشريعة، ولهذا غلب على المتصوفة البدع، ويسمى الزاهد الذي يحرص على التفرغ للعبادة والزهد في الدنيا وطلبها يسمى أيضا صوفيا، لكن إذا ما أحدث بدعة، وإنما صفته الزهد، والرغبة في الآخرة والتقلل من الدنيا، والحرص ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 226.

على أعمال الآخرة، هذا لا يسمى صوفيا، في الحقيقة يسمى زاهدا فإذا كان زهده لا يوقعه فيما حرم الله ولا يزيد في أعماله عما أوجب الله، ولا يبتدع بل يتحرى الشريعة، في أعماله وأقواله، فهذا مشكور ويثنى عليه كالجنيد بن محمد، وكسليمان الداراني، وبشر الحافي وجماعة، زادوا في العبادة والزهد في الدنيا، فهؤلاء يثنى عليهم كثير، من أجل زهدهم ورغبتهم في الآخرة وعدم ابتداعهم.

الطرق الصوفية وبيان ما فيها من البدع

46 - الطرق الصوفية وبيان ما فيها من البدع س: هنالك طرق كثيرة جدا، مثل الطريقة البرهانية، والطريقة الشاذلية والطريقة الدسوقية، والطريقة التيجانية إلى آخر هذه الطرق. ومن بينها جماعة أنصار السنة المحمدية، وهي جماعة التوحيد التي تقتدي بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، أرجو من سماحة الشيخ أن يتفضل بنصيحة مطولة إلى مشايخ وعوام هذه الطرق، لكي يسيروا في درب المصطفى صلى الله عليه وسلم، كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «ستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة (¬1)»؟ ج: الطرق الصوفية كثيرة لا تحصى، وهي تزيد على طول الزمان، وأكثرها فيه من الشر والفساد والبدع ما لا يحصيه إلا الله عز وجل، ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود كتاب السنة، باب شرح السنة، حديث رقم 4597، وابن ماجه كتاب الفتن، باب افتراق الأمم، حديث رقم 3992.

وكل طريقة فيها قسط من الباطل، وقسط من البدع، لكنها متفاوتة، بعضها شر من بعض، وبعضها أخبث من بعض، والواجب على جميع المتصوفة أن يرجعوا إلى الله، وأن يتبعوا طريق محمد عليه الصلاة والسلام، وأن يأخذوا بما جاء في الكتاب والسنة، ويسيروا على نهج سلف الأمة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، بطاعة الأوامر وترك النواهي والوقوف عند حدود الله، وعدم إحداث أشياء ما شرعها الله، ليس لهم أن يوجدوا طرقا يتعبدون بها لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، بل يجب أن يحاسبوا أنفسهم، وأن يدعوا كل ما خالف الشرع المطهر، من طقوسهم وأذكارهم الاجتماعية وغير هذا مما أحدثوه في الدين سواء كانوا من القدامى في القرن الثالث والرابع أو من المحدثين، الواجب على جميع المسلمين أن يلتزموا الطريق الذي بعث الله به نبيه عليه الصلاة والسلام، وهو توحيد الله والإخلاص له، وطاعة الأوامر وترك النواهي ظاهرا وباطنا، وأن يلتزموا بذلك، وأن يحذروا البدع والخرافات التي أحدثها الناس، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)»، وقال في خطبة الجمعة: «إن خير الحديث كتاب الله، وإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.

بدعة ضلالة (¬1)»، سواء كانت الطرق التي أحدثها الناس قديمة أو جديدة الواجب تركها، واعتماد الطريق الذي سلكه المسلمون في عهده صلى الله عليه وسلم، إلى يومنا هذا، وهو اتباع كتاب الله والسنة والاستقامة على دين الله، كما جاء عن الله وعن رسوله، من غير زيادة ولا نقصان. وأما إحداث طقوس أو طوائف جديدة، لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه فهذا لا يجوز وهذا هو الذي يسمى البدعة، وأنصار السنة المحمدية من خيرة الناس في مصر وفي السودان، أنصار السنة هم الذين يدعون إلى التمسك بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وليسوا من الفرق الضالة، بل هم من فرقة أتباع الكتاب والسنة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الفرق: «وستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قيل من هي يا رسول الله؟ قال: الجماعة (¬2)» الذين اجتمعوا على الحق وساروا على نهج النبي صلى الله عليه وسلم، وهم الصحابة ومن سلك سبيلهم، وفي رواية أخرى: «هم من كان على ما أنا عليه وأصحابي (¬3)»، يعني الذين تمسكوا بطريق النبي صلى الله عليه وسلم وطريق أصحابه، وساروا عليه. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم 867. (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الفتن، باب افتراق الأمم، برقم 3992. (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة، برقم 2641.

فالواجب على المسلمين أن يلزموا هذا الطريق، وهو طريق النبي صلى الله عليه وسلم، باتباع الأوامر وترك النواهي، وعدم إحداث أي شيء من الحوادث، لا في الأذكار ولا في الصلوات، ولا في الصوم ولا في غير ذلك، بل يجب السير على ما سار عليه الصحابة رضي الله عنهم، وأتباعهم بإحسان، هذا هو الحق، ولما تفرق الناس كثرت بينهم البدع والأهواء، وكل اخترع لنفسه طريقة من كيسه، لم يشرعها الله له، ولهذا تعددت الطرق حتى وصلت إلى ثنتين وسبعين فرقة غير الفرقة الناجية، ومنهم الجهمية والمعتزلة والروافض، وجماعات أخرى كثيرة كلها داخلة في هذه الفرق الضالة. فيجب على المؤمن أن يحذر كل بدعة أحدثها الناس، وأن يلزم طريق النبي صلى الله عليه وسلم، وطريق أصحابه وما سار عليه صحابته رضي الله عنهم وأرضاهم وأتباعهم بإحسان، في طاعة الأوامر وترك النواهي والوقوف عند حدود الله، وعدم إحداث شيء ليس له أصل في الشرع، والله المستعان.

س: عندنا بالسودان كثير من الطرق الدينية مثل الطرق الصوفية والإخوان المسلمين وأنصار السنة والإخوان الجمهوريين والزعيم محمد محمود طه، والذي يدعي بأن الصلاة رفعت عنه، وأن اللحمة محرمة، فما رأيكم في ذلك، وما هو موقفنا نحن هل نقف مع أحد هذه الفرق، أم نقف منحازين ومنفردين وفقكم الله؟ (¬1) ج: الطريق السوي هو طريق محمد صلى الله عليه وسلم، ليس هناك طريق سديد ولا صالح إلا طريق محمد صلى الله عليه وسلم، هو الطريق السوي هو الصراط المستقيم، أما الطرق التي أحدثتها الصوفية، أو أحدثها غيرهم مما يخالف شريعة الله، فهذه لا يعول عليها، ولا يلتفت إليها، بل الطرق كلها مسدودة، إلا الطريق الذي بعث الله به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، هو الطريق الصحيح، وهو الطريق الموصل إلى الله وإلى جنته وكرامته، أما الألقاب ما يلقب بأنصار السنة أو الإخوان المسلمين أو جماعة المسلمين، أو جمعية كذا لا بأس بهذه الألقاب، الألقاب لا تضر، المهم العمل، إذا كانت الأعمال تخالف شريعة الله تمنع، وهكذا طرق الصوفية، كل الطرق التي أحدثها الصوفية، مما يخالف شرع الله، كله منكر لا يجوز، وليس للصوفية ولا غيرهم أن يحدثوا طريقا يسلكونه غير طريق محمد صلى الله عليه وسلم، لا في الأذكار ولا في العبادات الأخرى، بل ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 32.

لا بد أن يسلكوا طريق محمد صلى الله عليه وسلم، طريق نبينا عليه الصلاة والسلام ليس للناس طريق آخر، بل الواجب على جميع أهل الأرض أن يسلكوا طريق نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم، في أقوالهم وأعمالهم وهو الطريق الذي قال الله فيه: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (¬1)، وهو الذي قال فيه جل وعلا: وإنك يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (¬2) {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} (¬3)، هكذا قال جل وعلا في سورة الشورى، هذا طريق الله، وهو صراط الله الذي بعث الله به نبيه، وخليله نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم. فالواجب على جميع أهل الأرض أن يأخذوا بهذا الطريق، ويستقيموا عليه، وليس للصوفية ولا لغير الصوفية أبدا أن يحدثوا طريقا آخر لا في أذكارهم الصباحية ولا المسائية ولا في غير ذلك ولا في استحضارهم شيوخهم عند صلاتهم لا، كل هذا منكر ولكن إذا أقيمت الصلاة أو في الأذكار يستحضر ربه يكون في قلبه ربه جل وعلا، يستحضر عظمته وكبرياءه وأنه واقف بين يديه فيعظمه جل وعلا ويخشاه ويراقبه ويكمل صلاته ويكمل عبادته على خير وجه، حسب ما جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، هذا هو الواجب، أما كون بعض الجماعات تلقب نفسها بشيء علامة لها، مثل أنصار السنة ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 6 (¬2) سورة الشورى الآية 52 (¬3) سورة الشورى الآية 53

في السودان، أو في مصر، فلا حرج في ذلك إذا استقام الطريق، إذا سلكوا طريق نبينا صلى الله عليه وسلم، واستقاموا عليه أو مثل الإخوان المسلمين، لقبوا أنفسهم بهذا اصطلاحا بينهم لا يضر لكن بشرط أن يستقيموا على طريق محمد صلى الله عليه وسلم وأن يسلكوه وأن يعظموه وأن يعتقدوا أن جميع المسلمين إخوانهم من أنصار السنة من جماعة المسلمين من أي مكان لا يتحزبون بأصحابهم، فيعادوا غيرهم من المسلمين، لا، بل يجب أن تكون هذه الألقاب غير مؤثرة في الأخوة الإسلامية أما إذا أثرت فصار هذا يغضب لحزبه ويرضى لحزبه، ويقرب حزبه ويبعد غير حزبه، ولو كانوا أفضل من حزبه، ولو كانوا أهل الإيمان والتقوى، هذا منكر هذا لا يجوز، هذا تفرق في الدين، والله يقول سبحانه: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (¬1)، فإذا كان التلقيب بأنصار السنة وبالإخوان المسلمين أو بكذا أو بكذا يؤثر في الأخوة الإيمانية يؤثر في التعاون على البر والتقوى، هذا لا يجوز، هم إخوة في الله يتعاونون على البر والتقوى ويتناصحون مهما تنوعت ألقابهم، أما إذا أوجدوا لقبا يوالون عليه ويعادون عليه، ويعتبرون من دخل فيه هو وليهم، ومن لا فلا، هذا لا يجوز. ¬

_ (¬1) سورة آل عمران الآية 103

حكم بيعة أفضال الناس ورؤساء الجمعيات

47 - حكم بيعة أفضال الناس ورؤساء الجمعيات س: يوجد جماعة، يدعون أنهم ذرية الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقوم بعض الناس بمبايعتهم كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع، والسؤال هل للنبي عليه أفضل الصلاة والتسليم ذرية، وهل تجوز مبايعتهم على هذا الأساس، علما بأنهم متخذون لوالدهم ضريحا، ويسكنون بجواره، نرجو التوضيح وتبيان حكم الدين في هذا الادعاء، ولكم الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى؟ (¬1) ج: نعم له صلى الله عليه وسلم ذرية من جهة بناته، أما أولاده الذكور فماتوا صغارا، ليس لهم ذرية، إنما ذريته من جهة البنات، من جهة الحسن والحسين أولاد فاطمة رضي الله تعالى عن الجميع، لهم ذرية للحسن والحسين ذرية، وهم إذا حفظ نسبهم وضبط بالبينة، يعتبرون من بني هاشم، ولا تحل لهم الصدقة - الزكاة - لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنها لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس (¬2)». فالصدقة لا تحل لآل محمد، إذا كانوا من ذرية الحسن أو الحسين، أو غيرهما ممن ينتسب لآل هاشم، كأولاد علي مطلقا، وكأولاد محمد بن علي وغيره. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 194. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب ترك استعمال آل النبي على الصدقة، برقم 1072.

فالحاصل أن من كان من ذرية بني هاشم، فهم من آل بيته صلى الله عليه وسلم، ومن كان من ذرية الحسن والحسين، فإنهم يعتبرون من ذريته صلى الله عليه وسلم من جهة البنات كما قال في الحسن: «إن ابني هذا سيد (¬1)». فسماه ابنه وهو ولد بنته، فهؤلاء البنات ذرية، وقد سمى الله عيسى من ذرية آدم، وهو من ذرية مريم، وليس له أب عليه الصلاة والسلام، وأدخله الله في الذرية ذرية آدم، وذرية إبراهيم. فالحاصل أن أولاد البنات من ذرية جدهم الذي هو والد أمهم، كما أن من عرف بالبينة الشرعية أنه من بني هاشم سواء كان من أولاد الحسن أو الحسين أو غيرهما فإنه يعتبر من آل البيت، ولا يجوز لهم الأخذ من الزكاة بنص النبي عليه الصلاة والسلام. وأما البيعة فلا أصل لها، لا يبايعون إلا من استولى على مسلمين، ورضيه المسلمون وبايعوه، هذا لا بأس مثلما بويع علي رضي الله عنه لما تولى أمر المسلمين بعد عثمان رضي الله عنه، البيعة لا تكون إلا لولي الأمر، إما بالقهر والغلبة إذا تولى على المسلمين وقهرهم بسيفه بايعوه، كما بايع المسلمون عبد الملك بن مروان، وبايعوا آخرين، أو باتفاق أهل الحل والعقد على بيعة إنسان، يتولى عليهم لكونه أهلا لذلك، أما بيعة أفضال الناس هذا شيء لا أصل له، أو بيعة رؤساء ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنه (ابني هذا سيد)، برقم 2701.

الجمعيات، البيعة لا تكون إلا من جهة أهل الحل والعقد في البلاد التي فيها دولة ليس فيها سلطان، ليس فيها أمير، فيجتمع أهل الحل والعقد على بيعة إنسان أهلا لذلك بأن يكون سلطانهم قد مات، فيتفقون على بيعة إنسان بدلا من الميت، أو يبايع إنسان استولى عليهم بالقوة والغلبة، فصار أميرا عليهم بالقوة والغلبة، فإنه يبايع حينئذ. س: هذا السائل من القاهرة يقول في سؤال طويل بعض الشيء: سماحة الشيخ، هل يجب على الإنسان أن يكون بينه وبين الله عز وجل واسطة، فمثلا أنا لا أصل لمرضاة الله إلا عن طريق الشيخ، ويستشهدون بذلك الحديث كما يقولون: " من لا شيخ له فشيخه الشيطان "، كما أنهم يقولون: هذا الشيخ يمشي على طريقة الشيخ الرفاعي، وهذا الشيخ يمشي على طريقة الشيخ الشاذلي هل هؤلاء الأولياء لهم كرامات عند الله، بعد أن ماتوا ولهم طرق يجب علينا اتباعها ليرضوا عنا في قبورهم، فنبقى على طرقهم كما يقولون، ويستمر في السؤال عن هذه القضية جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذه الطرق كلها مبتدعة، الشاذلية والرفاعية والنقشبندية ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 311.

والخلوتية والقادرية وغير ذلك، كلها طرق صوفية مبتدعة يجب تركها، والطريق الذي يجب سلوكه هو طريق النبي صلى الله عليه وسلم، طريق أهل السنة والجماعة، طريق الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، الذي تلقوه عن نبيهم عليه الصلاة والسلام، فأنت تتبع ما في كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتسأل علماء السنة عما أشكل عليك، هذا هو الواجب عليك، أما قولهم: " من لا شيخ له فشيخه الشيطان " فهو باطل، ليس له أصل، وليس بحديث، وليس لك أن تتبع طريقة الشيخ إذا كانت مخالفة للشرع، بل عليك أن تتبع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، ومن تبعهم بإحسان، في صلاتك وفي دعائك وفي سائر أحوالك، يقول الله جل وعلا: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (¬1)، ويقول سبحانه وتعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (¬2) الآية. فأنت عليك أن تتبعه بإحسان، باتباع الشرع الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، والتأسي به في ذلك وعدم البدعة التي أحدثها الصوفية، وغير الصوفية. ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب الآية 21 (¬2) سورة التوبة الآية 100

حكم المبايعة على الطرق الصوفية

48 - حكم المبايعة على الطرق الصوفية س: أنا شاب من الهند جئت إلى المملكة العربية السعودية الرياض، لمنحة دراسية للدراسة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بكلية أصول الدين قسم العقيدة، والحمد لله تخرجت منها العام الماضي، وبفهمي لما درسته عرفت ما عليه بلادنا في الهند، من المسلمين من الشرك والطرق الصوفية، والبدع المنتشرة، فذهبت بعزم على الدعوة إلى الله، وتصحيح العقيدة وتخليصها من كل ما يشوبها من شرك أو طرق صوفية، لكن عندنا في الهند مشهور، المبايعة على الطرق وكأنهم يعتقدون أنه من لم يبايع فليس بمسلم، لذلك وجدت صعوبة في الدعوة، وجاءت في نفسي فكرة ولكن لم أفعلها، وأنا أستشيركم فيها، وهي أن أبايع من يأتي على صورة قول الصحابي، بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة. الحديث، لكن في هذه البيعة نبين لهم فيها أن المطلوب، هو إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له، وأبين فيها البدع وتحريم الطرق الصوفية بأسلوب حسن، وأحثهم على التمسك بالسنة والمحافظة على الصلوات الخمس، وقراءة القرآن وذكر الله، الذكر المشروع عن النبي صلى الله عليه وسلم، في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما، وهذا

الفعل يكون عندهم مبايعة ويغنيهم عن الذهاب للصوفية، وهو في الحقيقة أمر بما جاء عن الله عز وجل، وعن النبي صلى الله عليه وسلم، ما هو رأي سماحتكم في هذا الفعل أفتونا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: لا نعلم أصلا لهذه البيعة، إلا ما يحصل لولاة الأمور فإن الله شرع سبحانه أن يبايع ولي الأمر، على السمع والطاعة في المنشط والمكره، والعسر واليسر وفي الأثرة على المبايع، كما بايع الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم نبينا عليه الصلاة والسلام، فالبيعة تكون لولاة الأمور، على مقتضى كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وأن يقولوا بالحق أينما كانوا، وألا ينازعوا الأمر أهله، إلا أن يروا كفرا بواحا، عندهم من الله فيه برهان، أما بيعة الصوفية بعضهم لبعض، فلا أعلم لها أصلا، وهذا قد يسبب مشكلات، فإن البيعة قد يظن المبايع، أنه يلزم المبايع طاعته في كل شيء، حتى ولو قال بالخروج على ولاة الأمور، وهذا شيء منكر لا يجوز. فالواجب على الداعي إلى الله عز وجل، والمبلغ عن الله أن يبين للناس الحق ويحثهم على التزامه، ويحذرهم من مخالفة أمر الله ورسوله، من غير حاجة أن يبايعوه على ذلك، فإن البيعة على هذا الأمر قد يظن بها، ويعتقد فيها أنها لازمة لهذا الشخص، بالنسبة للشخص ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 120.

المبايع، وأنه لا يخالفه فيما يقول له، وأنه يسمع له ويطيع، كما يكون لولاة الأمور، وهذا يسبب الفرقة والاختلاف بين المسلمين، والنزاع والفساد، ولكن يأمره بطاعة الله ويوصيه بطاعة الله، ويحثه على الالتزام بأمر الله، ويحذره من محارم الله هكذا الداعية إلى الله عز وجل، وهذا هو الذي أعلم من الشرع المطهر، ولا أعلم من الشرع المطهر بيعة لغير ولاة الأمور، على السمع والطاعة وعلى اتباع الكتاب والسنة، وفي إمكان الداعية إلى الله جل وعلا، أينما كان أنه يبصر الناس ويرشدهم، إلى توحيد الله وطاعته ويحذرهم من البدع، ويتلو عليهم النصوص من الآيات الكريمات، والأحاديث النبوية التي فيها بيان الحق، والدعوة إليه وفيها التنبيه على أنواع الباطل، والتحذير منه وهذا هو الذي أراه لازما ومتعينا في حق الدعاة، إلى الله عز وجل حتى لا يتأسوا بالصوفية، فيما يفعلون وحتى لا يفتحوا على الناس باب شر لكل من أراد أن يبايع أحدا، قال: بايعني كما بايع فلان وكما بايع فلان، والله المستعان. والذي أوصي به إخواني جميعا، ترك هذه الطريقة وهي المبايعة، وأن يكتفي الداعية إلى الله جل وعلا، بالدعوة إلى الله وإرشاد الناس إلى الخير، والنصيحة والحث على اتباع الحق ولزومه، وترك ما خالفه أينما كان، وليس المقصود بيعة فلان أو فلان، المقصود اتباع الرسول بما جاء به، والالتزام بذلك، الله ألزم الناس بطاعة الله ورسوله، وترك

ما نهى الله عنه ورسوله، ولم يكن هناك بيعة، فإن المؤمن يلزمه طاعة الله ورسوله، في كل شيء وترك ما نهى الله عنه ورسوله في كل شيء، سواء كان من الصحابة أو من غير الصحابة، لكن البيعة من باب التأكيد على التزام الحق الذي بعث الله به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، وهكذا ولاة الأمر بعده، الصديق وعمر وعثمان وعلي وغيرهم، يلزم الرعية أن يطيعوهم في المعروف وإن لم يكن بيعة، لكن البيعة من باب التأكيد ومن باب الإلزام بالحق لهذا الذي ولاه الله أمر المسلمين، حتى يكون ذلك حافزا للمبايع على السمع والطاعة بالمعروف، وعلى التزام الحق، أما غير خليفة المسلمين، وغير ولي أمر المسلمين، فليس هناك حاجة لهذه البيعة، المقصود إنما هو تنبيهه إلى الخير، ودعوته إليه وتحذيره من الشر فقط، وليس المقصود أن يبايع على هذا الشيء، ويلتزم برأي فلان أو قول فلان، إنما اللازم أن يلتزم الحق، ويستقيم على الحق الذي دعاه إليه فلان، أو بلغه من كتاب الله سبحانه وتعالى، أو من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، هذا هو الواجب، والمعول على الكتاب والسنة لا على رأي فلان وفلان، إنما العلماء يبينون ويرشدون، وينقلون للناس الآيات والأحاديث، ويبصرونهم بمعناها، وليس المقصود تحكيم رأي فلان أو فلان. والذي أعلمه من الشرع، أنه لا بيعة إلا لولاة الأمور، أو نوابهم لأخذ البيعة لهم، كأميرهم في الأقطار، نائب عنهم في أخذ البيعة،

سواء كان عالما أو أميرا أو قاضيا، المقصود إذا استنابه ولي الأمر، أن يأخذ البيعة من البلد الفلاني أو القرية الفلانية، أخذ البيعة لولي الأمر بالنيابة. س: يسأل ويقول: كثيرا ما أسمع أن أحد الأشخاص أخذ طريقة من أحد السادة، أو المشايخ وبعد ذلك يستطيع أن يضرب نفسه بالسيف ويأكل الزجاج، أريد من سماحتكم السر في هذه الطريقة؟ وماذا يقال له؟ وبماذا توجهونني وأنا شاب في مقتبل العمر، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذه الطريقة من الطرق الصوفية الباطلة، وهذه كلها تخييل وكلها كذب، لا يطعن نفسه ولا يذبح نفسه، كلها كذب، كلها باطلة كلها تخييل على الناس من أعمال الشياطين وعمل أعداء الله الذين زينوا لهم هذا الباطل. فالشياطين تحسن لهم أن يفعلوا هذه الأشياء وتعمل ما يجعل الحاضرين يظنون أن هذا واقع، وليس بواقع يقتل نفسه ويطعن نفسه بالجنبية، بالسكين، بالرمح، يقطع رأسه ويزيله كل هذه خرافات، كلها باطلة. والذين يعملونها هم مبطلون، ضالون ومضلون، يجب أن يعاقبوا على ذلك، يجب على ولاة الأمور إذا كانوا مسلمين أن يعاقبوهم، وأن يمنعوهم من هذه الطريقة الخبيثة. وبعضهم يسميها ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 231.

الطريقة الرفاعية. المقصود أن هذه الطريقة باطلة وما يزعمون من طعنهم أنفسهم بالسكاكين، أو بالرماح، أو بالخناجر كلها باطلة، وكأكلهم الزجاج، كله باطل، يكذبون. فلو طعن نفسه لهلك، ولو أكل الزجاج لهلك. لكن هذه من خدع الشيطان ومن مكايد الشيطان التي يلعب بها على الناس، نسأل الله العافية.

بيان الطرق الصوفية

49 - بيان الطرق الصوفية س: هل كل الطرق الصوفية على خطأ، أرجو ردا قاطعا أفادكم الله؟ (¬1) ج: الطرق الصوفية محدثة، وهي من البدع وهي متفاوتة، بعضها شر من بعض، والرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬3)» فالطرق لا نحصيها، وإحصاؤها يحتاج إلى تعب كثير، ومراجعة كتب كثيرة، لكنها في الجملة محدثة: التيجانية والبرهانية والخلوتية، والقادرية والنقشبندية، وطرق أخرى، ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 144. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (¬3) صحيح البخاري الصلح (2697)، صحيح مسلم الأقضية (1718)، سنن أبو داود السنة (4606)، سنن ابن ماجه المقدمة (14)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 256).

لكنها متفاوتة بعضها شر من بعض، فينبغي لك يا أخي اجتنابها كلها، وأن تلزم طريقة نبيك محمد عليه الصلاة والسلام، التي درج عليها أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم والتابعون لهم بإحسان من الأئمة الأربعة وغيرهم، الزم طريق محمد عليه الصلاة والسلام، وهي فعل ما أمر الله به ورسوله، وترك ما نهى الله عنه ورسوله، هذه هي الطريقة المحمدية التي جاء بها نبينا عليه الصلاة والسلام، وعليك بسؤال أهل العلم المعروفين بالاستقامة على دين الله والبعد عن طرق الصوفية، عليك بسؤالهم عما أشكل عليك، والجامع لهذا هو أن تلزم ما أمر الله به ورسوله، وأن تنتهي عما نهى الله عنه ورسوله، مما بينه أهل العلم، كما في الصحيحين صحيح البخاري ومسلم، والسنن الأربع وفي كتاب المنتقى لابن تيمية، وبلوغ المرام للحافظ ابن حجر، وعمدة الحديث للشيخ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي، وغيرها من كتب الحديث وهكذا مثل زاد المعاد في هدي خير العباد، للعلامة ابن القيم رحمه الله، كل هؤلاء أوضحوا طريقه عليه الصلاة والسلام، وبينوا سبيله عليه الصلاة والسلام.

بيان ضلال ابن عربي الصوفي

50 - بيان ضلال ابن عربي الصوفي س: رسالة من المستمع ع. ب. د. من الجمهورية العربية السورية يسأل سماحتكم فيقول: أسألكم عن الصوفية وعن حقيقتهم وخرافاتهم إذ أننا نسمع كثيرا عنهم، ولا سيما فيما يكتب في كتب محيي الدين ابن عربي الصوفي، وجهونا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: الصوفية أقسام، وهم في الأغلب مبتدعة، عندهم أوراد وعبادات يأتون بها ليس عليها دليل شرعي، ومنهم ابن عربي، فإنه صوفي مبتدع ملحد، وهو المعروف بمحيي الدين ابن عربي، وهو صاحب وحدة الوجود، وله كتب فيها شر كثير، فنحذركم من أصحابه وأتباعه؛ لأنهم منحرفون عن الهدى، وليسوا على الطريق المستقيم، وهكذا جميع الصوفية الذين يتظاهرون بعبادات ما شرعها الله، أو أذكار ما شرعها الله، مثل الله الله الله، هو هو هو، هذه أذكار ما شرعها الله، المشروع لا إله إلا الله، سبحان الله، الحمد لله، أما هو هو هو، الله الله الله، فهذا ما هو بمشروع، وهكذا ما يفعلون من الأغاني التي يرقصون عندها، التي يفعلها بعضهم، أغان مع الرقص، وضرب على آلات اللهو، أو ضرب تنكة، أو صحن أو جاعد أو غير ذلك، كل هذه لا أصل لها، كلها من البدع. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 311.

والضابط أن كل إنسان يتعبد بغير ما شرعه الله، يسمى مبتدعا فاحذروا، وعليكم باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن كان من أهل السنة والجماعة الذين يسيرون على نهج النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى ما كان عليه في أعماله عليه الصلاة والسلام، يصلون كما يصلي، ويصومون كما يصوم، ويحجون كما يحج، من دون إحداث بدع، فأنتم تحروا أهل السنة، واسألوا عنهم، وتعلموا منهم، وعلامتهم أنهم يتحرون ما قاله الله ورسوله، ويتحرون سيرة الصحابة وما درجوا عليه، ويحذرون من البدع.

حكم الانتساب للجماعة الصوفية

51 - حكم الانتساب للجماعة الصوفية س: الأخ: ح. ن. أ. الصومالي، من بقيق، يسأل عن الصوفية وعن بعض مشايخهم مثل: السيد البدوي، والشيخ عبد القادر الجيلاني، والشيخ يوسف الكونين، يرجو توجيهه، ويذيل رسالته في نهايتها فيقول: هل تصدقون أنني طفت حول خشبة مصنوعة بشكل تابوت، ولم أكن وحدي وكان احتفالا نظمته إحدى الجهات، وجهونا تجاه هذه الجماعات، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: الجماعات المعروفة بالصوفية، جماعات محدثة وجماعات مبتدعة، وهم متفاوتون في البدع، فيهم من بدعته تصل إلى الشرك ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 144.

الأكبر، وفيهم من بدعته دون ذلك، فوصيتي لك أيها السائل، ألا تنتسب إليهم، وألا تغتر بهم، وألا تكون معهم، بل عليك باتباع السنة، والالتزام بما شرع الله، وما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وسؤال أهل العلم المعروفين بالعقيدة الطيبة، والاستقامة على طريق أهل السنة والجماعة، مثل أنصار السنة في مصر، أنصار السنة في السودان، ومن عرف بالعلم والفضل من سائر العلماء، تسألهم وتستفيد منهم، هذا هو الذي ينبغي لك، أما الصوفية فلا؛ لأن الغالب عليهم البدع والخرافات، وأشياء أحدثوها لأنفسهم، وجعلوها نظاما لهم ليس له أساس في الشرع المطهر، وبعض بدعهم تصل إلى الشرك، كعبادة الأموات والاستغاثة بالأموات من أصحاب القبور وغيرهم، وكدعاء البدوي والسيدة زينب، والاستغاثة بالبدوي أو بالحسين أو ما أشبه هذا، كل هذا من الشرك الأكبر، وهكذا الطواف بالقبور، أو بخشبة تصنع يطاف حولها، كل هذا من المنكرات العظيمة، والطواف عبادة لله حول الكعبة، من طاف على قبر أو خشبة أو غير ذلك: يطوف تعبدا لغير الله، بل لصاحب القبر أو لمن وضع الخشبة، أو للخشبة نفسها يدعوها أو يعتقد فيها، صار عمله كفرا أكبر، نسأل الله العافية، فالواجب عليك أن تتبصر في دينك، وأن تجتهد في تدبر القرآن الكريم والإكثار من تلاوته، مع السنة المطهرة والعناية بها، كحفظ بلوغ المرام، وعمدة الحديث؛ حتى تستفيد، مع سؤال أهل العلم المعروفين بالعقيدة الطيبة، والسيرة الحميدة وأذكر لك من جملتهم

أنصار السنة في مصر، وأنصار السنة في السودان، وهكذا من يعرف بالعلم في بلادك، علم السنة والبعد عن الصوفية والغلو في القبور، هذه علامات أهل السنة، فعلامات أهل السنة البعد عن الصوفية، والبعد عن الغلو في القبور، هذه من الدلائل على أن العالم من أهل السنة، إذا دعا إلى القرآن العظيم، والسنة المطهرة وحذر من عبادة القبور والاستغاثة بأهلها ونحو ذلك، وابتعد عن بدع الصوفية فهذه علامات العالم الملتزم صاحب السنة، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.

حكم سرد قصص أصحاب الفرق الصوفية

52 - حكم سرد قصص أصحاب الفرق الصوفية س: الأخ: ح. م. ح، سوداني يعمل بمنطقة المدينة المنورة، يسأل ويقول: قرأت كتابا عنوانه كتاب الطبقات للشيخ محمد بن ضيف الله، ويشتمل هذا الكتاب على قصص أصحاب الطرق الصوفية ومشايخها، وقرأت بهذا الكتاب قصة غريبة وهي أن أحد المشايخ قد توفي عند وقت العصر، وحينما أراد الحاضرون أن يذهبوا به إلى المقبرة، وكان بينهم وبينها البحر وعندما وصلوا إلى شاطئ البحر كادت الشمس أن تغرب وفكروا في أن يرجعوا بالجنازة ويصبروها حتى الصبح، وحين تشاورهم في ذلك الأمر فإذا بالشمس ترجع إلى المشرق حتى ذهبوا بالجنازة، وقطعوا

بها البحر ودفنوها. أسأل عن مثل هذا القصص هل يقع لأولياء الله؟ أفتونا عظم الله مثوبتكم (¬1). ج: هذه القصة من موضوعات الصوفية وكذبهم الكثير، فلا ينبغي أن يغتر بهم، ولا نعلم هذا وقع لأحد من الأولياء، وإنما وقع ليوشع بن نون فتى موسى، وهو نبي من الأنبياء، لما حاصر الجبارين، فالمقصود أن هذا لم يقع لأحد من الأولياء فيما نعلم، والصوفية يكذبون كثيرا ولا ينبغي أن يغتر بما يقولون، ولا يعتمد على ما ينقلون من الوقائع، والله على كل شيء قدير، لكن لا نعلم لهذا أصلا، وهو سبحانه وتعالى القادر على كل شيء، ولم يقع هذا لأحد فيما نعلم، فيما صحت به السنة سوى ما علم من قصة يوشع بن نون فتى موسى. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 172.

الطاعة الواجبة هي طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم

53 - الطاعة الواجبة هي طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم س: يقول السائل: في بلدنا طوائف متفرقة كل طائفة تتبع شيخا يرشدها ويعلمها أشياء، ويعتقدون أنهم يشفعون لهم عند الله يوم القيامة، ومن لم يتبع أحد هؤلاء المشايخ يعتبر ضائعا في الدنيا والآخرة، فهل علينا اتباع هؤلاء أم مخالفتهم، أفيدونا بارك الله فيكم؟ (¬1) ج: يذكر السائل أن لديهم ثلاثة مشايخ يتبعونهم وأن من ليس له شيخ فهو ضائع في الدنيا والآخرة إذا لم يطع هذا الشيخ، والجواب عن هذا أن هذا غلط ومنكر لا يجوز اتخاذ هذا الشيء ولا اعتقاده، وهذا واقع في كثير من الصوفية، يرون أن مشايخهم هم القادة، وأن الواجب اتباعهم مطلقا، وهذا غلط عظيم وجهل كبير، وليس في الدنيا أحد يجب اتباعه إلا رسول الله عليه الصلاة والسلام، هو المتبع عليه الصلاة والسلام، أما العلماء وكل واحد يخطئ ويصيب، فلا يجوز اتباع قول أحد من الناس كائنا من كان إلا إذا وافق شريعة الله، وإن كان عالما كبيرا، فقوله لا يجب اتباعه، إلا إذا كان موافقا لشرع الله، الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، لا الصوفية ولا غير الصوفية، واعتقاد الصوفية في هؤلاء المشايخ أمر باطل غلط، والواجب عليهم التوبة إلى الله من ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 49.

ذلك، وأن يتبعوا محمدا صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الهدى، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (¬1)، المعنى: قل يا أيها الرسول للناس إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم، والمراد هو محمد صلى الله عليه وسلم، قل يا أيها الناس أي قل يا محمد لهؤلاء الناس المدعين المحبة: إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله، يعني خاطبهم بهذا بصرهم وبين لهم، قال سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (¬2)، وقال سبحانه: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (¬3)، وقال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (¬4). فالطاعة الواجبة هي الطاعة لله ورسوله، ولا يجوز طاعة أحد من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا إذا وافق قوله شريعة الله، وكل واحد يخطئ ويصيب ما عدا الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن الله عصمه وحفظه فيما يبلغه للناس من شرع الله عز وجل، قال تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (¬5) فعلينا جميعا أن نتبع ما جاء به عليه الصلاة والسلام، وأن نعتصم بدين الله، ونحافظ عليه، وألا نغتر برأي الرجال، ولا نأخذ بأخطائهم، بل يجب أن نعرض أقوال الناس وآراء الناس على كتاب الله، وعلى سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ¬

_ (¬1) سورة آل عمران الآية 31 (¬2) سورة الحشر الآية 7 (¬3) سورة النساء الآية 59 (¬4) سورة النور الآية 56 (¬5) سورة النجم الآية 4

فما وافق الكتاب والسنة أو أحدهما قبل، وما لا فلا، قال الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (¬1)، وقال سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (¬2)، وقال عز وجل: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (¬3). فتقليد المشايخ واتباع آرائهم حقا كانت أم باطلا هذا أمر لا يجوز عند جميع العلماء، بل ذلك منكر بإجماع أهل السنة والجماعة، وبإجماع أهل العلم، لكن ما وافق الحق من أقوال العلماء أخذ به لأنه وافق الحق، لا لأنه قول فلان، وما خالف الحق من أقوال العلماء أو مشايخ الصوفية أو غيرهم وجب رده والأخذ بالحق الذي جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 59 (¬2) سورة الشورى الآية 10 (¬3) سورة الأنعام الآية 153

حكم اعتقاد أن يسلك كل مسلم طريقة صوفية معينة

54 - حكم اعتقاد أن يسلك كل مسلم طريقة صوفية معينة س: الرسالة التالية من الجمهورية العراقية، وباعثها يقول: سؤالي عن بعض الطرق الصوفية، التي تنتشر في بلادنا، ويقول العلماء: يجب على كل مسلم أن يسلك طريقة صوفية معينة، وإلا فهو على ضلالة من أمره، ويقولون من ذاق عرف ومن لم يذق انحرف، أي من ذاق الإيمان عن طريق الصوفية، وكما يوجد رجل يقال له: خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلان النقشبندي، وطريقته تسمى النقشبندية، ومنتشرة بشكل واسع في بلادنا، ويقول العلماء من لم يسلك هذه الطريقة فهو خاسر، وكما ينكرون أكثر أقوال علماء السلف الصالح، وخاصة في العقيدة، أفيدونا مأجورين، جزاكم الله خير الجزاء؟ (¬1) ج: الواجب على كل مسلم أن يسلك طريق نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، الذي درج عليه أصحابه رضي الله عنهم، ثم سلف الأمة من التابعين، وأتباعهم من الأئمة الأربعة وغيرهم، هذا هو الواجب. أما الطرق التي أحدثها الناس ويسمونها الطرق الصوفية، هذه لا يجوز سلوكها، ولا يلزم أحد سلوكها: لا نقشبندية ولا قادرية ولا تيجانية، ولا خلواتية ولا شاذلية ولا غير ذلك، جميع الطرق ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 101

لا يجوز سلوك شيء منها، لأنها محدثة، قد سار الصحابة قبلها على ما عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل أن تحدث هذه الطرق، وهكذا من بعدهم من أئمة السلف، أفكانوا خاسرين؟ لأنهم قد تركوها، بل كانوا ناجحين وكانوا سعداء، وكانوا هم على الحق والطريق القويم، وعلى صراط الله المستقيم، فأنت يا عبد الله قدم نفسك معهم وكأنك موجود قبل هذه الطريقة، فهل يضرك عدم وجود هذه الطريقة، هذه مما أحدثها الناس، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬1)» يعني مردود، وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» فلا يلزمك أن تسلك الطريقة النقشبندية أو التيجانية، أو القادرية، أو الشاذلية، أو البرهانية، أو غير ذلك، بل عليك أن تسلك طريق محمد عليه الصلاة والسلام، طريقة سلف الأمة، بأن تعبد الله وحده، وتستقيم على دينه وتحافظ على الصلوات الخمس، وتؤدي الزكاة وتصوم رمضان، وتحج البيت الحرام مع الاستطاعة، وتبر والديك وتصل أرحامك، وتحفظ لسانك عما حرم الله، وتحفظ جوارحك عما حرم الله، وتجتهد في ذكر الله، وطاعته والتقرب إليه بأنواع الطاعات، من صلاة النافلة وصوم النافلة، والصدقات والإكثار من ذكر الله، والاستغفار ولا تلتفت إلى هذه الطرق التي أحدثها الناس، وتنصح إخوانك أن يتجنبوها، وما كان فيها ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.

من خير وافق شرع الله يؤخذ، وما كان فيها من شيء جديد وشر يترك، يقول مالك بن أنس رحمه الله إمام دار الهجرة في زمانه، يقول: لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، وهكذا قال العلماء جميعهم: مثل قوله: لا صلاح لهذه الأمة إلا بما صلح به الصحابة ومن بعدهم، إلا بالسير على طريق محمد عليه الصلاة والسلام، والتمسك بصراط الله المستقيم، الذي قال فيه جل وعلا: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (¬1)، وقال عز وجل في سورة الفاتحة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (¬2) {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} (¬3) هذا هو الصراط المستقيم، هو دين الله هو الإسلام، وما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، من الأعمال والأقوال، هو الصراط المستقيم، وهو صراط من أنعم عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وهم أهل العلم والعمل، الذين عرفوا دين الله وعملوا به، هذا هو الصراط المستقيم، أن تعرف دين الله وأن تتفقه في دين الله، من القرآن والسنة وأن تعمل بذلك، على النهج والطريق الذي سلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلكه أصحابه رضي الله عنهم، وأتباعهم بإحسان، وإياك أن تترك ذلك من أجل قول الشيخ فلان، أو الشيخ فلان، أو الشيخ فلان، ويقول من لا شيخ له فالشيطان ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 153 (¬2) سورة الفاتحة الآية 6 (¬3) سورة الفاتحة الآية 7

إمامه أو شيخه كل هذا باطل، لكن أهل العلم يستعان بكلامهم ويستفاد من كلامهم في تفسير القرآن، وتفسير السنة وبيان الأحكام لكن لا تقدم آراؤهم المخالفة لشرع الله، على ما قاله الله ورسوله، كتب العلماء المعروفين بالسنة والاستقامة، هؤلاء يستفاد من كلامهم وينظر في كتبهم، سواء كانت من كتب الشافعية أو الحنفية، أو المالكية، أو الحنبلية، أو الظاهرية، أو كتب أهل الحديث المتقدمين، كل هؤلاء يستفاد من كتبهم وينظر فيها، ويستعان بها على فهم كلام الله، وفهم كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، ويدعى لهم ويترحم عليهم، لفضلهم وعلمهم، لكن لا يجوز لأحد أن يقول الطريقة التي أحدثها فلان، أو فلان هي الطريقة المنجية، وما عداها فهو خطأ، لا، الواجب عليك أن تتبع طريق الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة (¬1)» وهي الجماعة التي سارت على نهج النبي صلى الله عليه وسلم، وفي رواية الترمذي: «قيل: يا رسول الله من؟ قال: من كان على ما أنا عليه وأصحابي (¬2)» فالذين ينجون عند الافتراق، وعند التغير هم الذين سلكوا مسلك النبي صلى الله عليه وسلم، وساروا على نهجه واتبعوا صحابته، فيما كانوا عليه، هؤلاء هم الناجون، فعليك بلزوم هذا الطريق، لزوم طريق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعهم من أئمة الإسلام، كمالك والشافعي وأحمد وغيرهم من أئمة الإسلام، وكن ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود كتاب السنة، باب شرح السنة، حديث رقم 4597، وابن ماجه كتاب الفتن، باب افتراق الأمم، حديث رقم 3992. (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة، برقم 2641.

على طريقهم الطيب، وما اختلف فيه الناس، أو تنازع فيه الناس من بعض المسائل فإنه يرد إلى كتاب الله، وإلى سنة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، فما وافق كتاب ربنا أو سنة نبينا، وجب الأخذ به والسير عليه، وفي كلام أهل العلم ما يعينك على ذلك، إذا نظرت فيه وتأملته رحمة الله عليهم.

حكم قول: من لا شيخ له فالشيطان شيخه

55 - حكم قول: من لا شيخ له فالشيطان شيخه س: شائع لدينا في السودان أن الذي ليس له شيخ، شيخه شيطان فهل هذا صحيح؟ (¬1) ج: هذا غلط وهو كلام عامي وجهل فإن الإنسان إذا تعلم وتبصر في دينه، بسماع الحلقات العلمية أو بالتدبر للقرآن والاستفادة من ذلك، أو بقراءة السنة والاستفادة من ذلك، لا يقال: شيخه شيطان، يقال قد اجتهد وقد فعل ما ينبغي، لكن ينبغي له أن يجتهد في قصد العلماء، وفي سؤال العلماء المعروفين بالعقيدة الطيبة؛ لأنه إذا كان لا يسأل أهل العلم، فقد يغلط كثيرا، لاعتماده على فهمه، وإذا حضر حلقات العلم، وحضر المواعظ فله شيوخ كثيرون، فإن صاحب الحلقة العلمية وخطبة الجمعة شيخ للسامعين، فهذا لا يقال بأنه ليس بشيخ ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 58.

لهم، والذي يحضر حلقات العلم، ويسمع خطب الجمع وخطب الأعياد، والمحاضرات التي تعرض في المساجد وفي غيرها، هؤلاء كلهم شيوخ له، يستفيد منهم وإذا اتصل بأحد من علماء السنة ليسأله عما أشكل عليه كان هذا من الكمال والتمام، ولا يقال: إنه ليس له بشيخ، وشيخه الشيطان، كل هذا ما له أصل، فإن طالب العلم لا بد أن يكون له شيوخ يسألهم ويستفيد منهم، والإنسان لا يتعلم بنفسه فقط، لا بد أنه يحتاج إلى سماع العلماء في حلقاتهم وفي خطبهم وفي غير ذلك.

حكم اعتقاد أن لبعض عباد الله تصرفا في الكون

56 - حكم اعتقاد أن لبعض عباد الله تصرفا في الكون س: يقول لنا أحد الناس: إن من عباد الله الصالحين من يفني قسما من هذه الدنيا بكلمة واحدة، هل هذا القول يجوز أم لا؟ (¬1) ج: هذا باطل، التصرف يكون لله وحده، والعبد لا يملك ولو كان أصلح الصالحين، ولو كان من الرسل لا يملك التصرف بالكون، ولا إغناء الناس، ولا إفقارهم، بل هذا بيد الله سبحانه وتعالى، هو الذي يغني ويفقر، جل وعلا وهو المتصرف في الأمور سبحانه، وهو ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 37.

مدبر الأمر جل وعلا، وهو خالق كل شيء سبحانه وتعالى، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، سبحانه وتعالى، أما العباد وإن كانوا أصلح الناس فليس لهم التصرف في الكون، ولا يملكون تدبير الكون، نعم قد يدعو المؤمن دعوة مباركة فيستجاب له، يدعو لأخيه أن الله يشفيه فيشفى، قد يدعو له بالمغفرة فيغفر له، هذا من باب استجابة الدعاء، بفضل الله سبحانه وتعالى، قد يجيب دعوة المؤمن والمؤمنة لأخيهما فلا بأس هذا وقع، لكن ليس لأحد من الصالحين أو غيرهم التصرف في الكون، أو تدبير الكون، هذا لله وحده سبحانه وتعالى، وما قد يقع لبعض الصوفية أو غيرهم من اعتقاد هذا في بعض مشايخهم، وأن يقول الشيخ كن فيكون، وأنه يدبر الأمور، هذا كله غلو، كله إطراء زائد، وكله كفر وضلال، لا يجوز هذا، بل هذا من الكفر بالله سبحانه وتعالى.

حكم التعبد بضرب الطبول والأغاني

57 - حكم التعبد بضرب الطبول والأغاني س: في بلادنا بأفريقيا صوفية يزعمون أنهم من أولياء الله فيدعون ذلك لكنهم حسب الظاهر يفعلون المنكرات والفحشاء، ويتطاولون على الخالق بكونهم شركاء له، فهل يا ترى يجب هجرانهم ماداموا على تلك الحال، وهجران من يؤمن بهم، علما بأن عندنا واحدا منهم يزورونه ويعظمونه، ويتوسلون به عساه يحقق لهم مآربهم، وقضاء حوائجهم، هذا المخلوق يسكنه جن، بحيث يكشف لهم عن أسرار الغيوب، والولي المزيف بدوره يكشفها لمريديه وأحبابه إلا أنه ذو شذوذ واضح حيث يعمل كما أسلفت المنكرات، أرجو أن تتفضلوا بمعالجة هذا الموضوع؟ (¬1) ج: التصوف من البدع التي أحدثها الناس، فهو إحداث طرق غير الطريق الشرعي من العبادات التي أحدثها كثير من الناس، وأطلق عليه الصوفية، فهم الذين أحدثوا طرقا في العبادة، وأذكارا خاصة، وأعمالا خاصة، لم يشرعها الله عز وجل فهم من أهل البدع، فقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام قوله: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)» فالتعبد بضرب الطبول والأغاني وفعل آلات الملاهي ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 309. (¬2) أخرجه النسائي في كتاب صلاة العيدين، باب كيفية الخطبة، برقم 1578

الأخرى كل ذلك مما أحدثه المتصوفة، ومما أحدثوه أنهم يزعمون أنهم يعلمون الغيب، وأنهم لهم مكاشفات يستطيعون بها إنقاذ الناس مما قد يقع لهم من المعارك والأضرار، وأنهم يدعون من دون الله، ويستغاث بهم أحياء وأمواتا، كل هذا من منكراتهم الشركية، فمن زعم أنه يعلم الغيب، أو أنه يتصرف في الكون مع الله، أو أنه شريك لله في العبادة، أو أنه يجوز له أن يدعى من دون الله، حيا وميتا ويستغاث به، فهذا كله من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر من هؤلاء وهجرهم، والإنكار عليهم، وتحذير الناس منهم، وعلى ولاة الأمور إذا كانوا مسلمين أن يأخذوا على أيديهم، وأن يستتيبوهم، فإن تابوا وإلا قتلوا لردتهم وكفرهم، فليس هناك من يستحق العبادة سوى الله عز وجل، قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (¬1)، وقال سبحانه: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (¬2). فمن زعم أنه يجوز أن يدعى أحد من دون الله، من الملائكة أو الجن أو الأنبياء، أو سائر الخلق وأن يستغاث به وينذر له حيا أو ميتا، وأن يطلب منه تفريج الكروب وتيسير الأمور، هذا كله من الشرك الأكبر وكله من عمل عباد الأوثان، عباد الأصنام، عباد اللات والعزى، وأشباههم وهكذا ما يفعله الكثير من الجهلة عند القبور من دعاء الميت، والاستغاثة بالميت، والنذر له والذبح له، هذا من الشرك ¬

_ (¬1) سورة الحج الآية 62 (¬2) سورة البقرة الآية 163

الأكبر، ومن جنس عمل المشركين عند اللات في الطائف في الجاهلية، وإنما يجوز شيء واحد هو الاستعانة بالمخلوق الحي الحاضر القادر، بما يقدر عليه خاصة، هذا هو الجائز، كما قال الله جل وعلا في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (¬1)، فإذا كان حيا حاضرا واستعنت به في شيء يقدر عليه، كإصلاح سيارتك أو التعاون معه في المزرعة، في حش الحشيش في حطب الحطب، في أشباه ذلك من الأشياء المقدورة، فلا بأس، يسمع كلامك تكلمه يقدر، أو تكتب له كتابة، أو من طريق الهاتف بالتلفون، تقول له أقرضني كذا أو ساعدني في كذا، لا بأس هذه أمور عادية طبيعية، ليس فيها شيء، من جنس ما ذكر الله عن موسى في قوله سبحانه: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (¬2)، مثلما يستغيث الإنسان في الحرب بإخوانه في قتال الأعداء يتعاونون في قتال الأعداء لمحاصرتهم، هذه أمور طبيعية عادية حسية، ليس فيها شيء، وليس فيها بأس، أما دعاء الميت والاستغاثة بالأموات، أو بالأحجار أو بالأصنام، أو بالكواكب أو بالغائب كالجن والملائكة أو إنسان غائب يعتقد فيه، وهو لا يسمع كلامه تعتقد فيه السر بأنه يسمع من غير الطريق الحسي، هذا كله من الشرك الأكبر كاعتقاد الصوفية، في بعض رجالها، فالواجب الحذر من هذه الأمور الشركية، والتحذير منها، ¬

_ (¬1) سورة القصص الآية 15 (¬2) سورة القصص الآية 15

والتعاون الكامل في فضيحة أهلها، والتحذير منهم، فالعبادة حق الله وحده، ليس لأحد أن يشاركه في ذلك، قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬1)، وقال سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬2)، وقال عز وجل: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬3) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (¬4)، وقال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬5)، وقال عز وجل: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (¬6). هو سبحانه الإله الحق، فليس هناك إله آخر يعبد معه بالحق، بل هو إله بالباطل، كل الآلهة بالباطل غير الله، بينما الإله الحق هو الله وحده سبحانه وتعالى. ولما سمعت قريش من النبي صلى الله عليه وسلم قوله لها: «قولوا لا إله إلا الله (¬7)» استكبروا، وقالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (¬8)، وقال سبحانه: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} (¬9)، زعموا أن لهم آلهة، وأنهم لن يتركوها؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا من جهلهم وضلالهم، وفساد عقيدتهم، فالإله الحق هو ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 23 (¬2) سورة الفاتحة الآية 5 (¬3) سورة الزمر الآية 2 (¬4) سورة الزمر الآية 3 (¬5) سورة البينة الآية 5 (¬6) سورة الحج الآية 62 (¬7) الترمذي تفسير القرآن (3232)، أحمد (1/ 228). (¬8) سورة ص الآية 5 (¬9) سورة الصافات الآية 35

الله وحده، القادر على نفعك وضرك وإغاثتك، هو الذي يقدر على كل شيء سبحانه، قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (¬1)، أما الآلهة المدعوة من دون الله كلها باطلة، كلها عاجزة لا تملك لنفسها ضرا ولا نفعا، ولا لعابديها، ولكنه الشيطان زين لأهل الشرك وأملى لهم، حتى عبدوا غير الله ودعوا غير الله، واستغاثوا بغير الله فوقعوا في أعظم الذنوب، وفي أعظم أنواع الكفر، قال الله سبحانه: {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (¬2). هذه مسألة عظيمة هذه أعظم مسألة، أكبر مسألة، مسألة التوحيد والشرك فيجب على كل إنسان أن يتفقه فيها من رجل وامرأة، أن يتفقهوا في هذه المسألة وفي جميع أمور الدين حتى يكونوا على بينة وعلى بصيرة، فيما يأتي المسلم ويذر، فيعمل بالحق الذي شرعه الله، ويخلص له العبادة، ويحذر ما حرمه الله عليه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (¬3)» فمن علامات الخير أن تفقه في الدين وأن تكون على بصيرة، ومن علامات الهلاك أن تكون جاهلا بدينك، معرضا عن دينك، نسأل الله لجميع المسلمين الهداية والتوفيق، ونسأل الله أن يصلح أحوال ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 20 (¬2) سورة الزمر الآية 66 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، برقم 71، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، برقم 1037.

المسلمين جميعا، ونسأل الله أن يوفق جميع الناس للتفقه في الدين، والدخول في دين الله والحذر من الشرك بالله عز وجل، فدين الله هو الحق وما سواه باطل، قال الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (¬1)، فالإسلام هو توحيد الله والإخلاص له، وترك عبادة ما سواه، وطاعة أوامره وترك نواهيه، هذا هو الإسلام، وهذا هو دين الله الذي جاءت به الرسل جميعا، وجاء به خاتمهم محمد عليه الصلاة والسلام، وما سواه فهو باطل، سواء كانت يهودية أو نصرانية أو وثنية أو مجوسية أو شيوعية أو غير ذلك، كلها باطلة، أما دين الحق فهو الإسلام، الذي بعث الله به الرسل، وهو إخلاص العبادة لله وحده، وطاعة أوامره وترك نواهيه التي جاء بها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) سورة آل عمران الآية 19

حكم التعبد باستعمال الناي ودق الطبول في المساجد

58 - حكم التعبد باستعمال الناي ودق الطبول في المساجد س: يوجد عندنا الكثير من علماء الدين يقومون بدق الطبول داخل المساجد مع استعمال الناي، وهو نوع من الموسيقى وينشدون معه الأناشيد المعبرة عن أشخاص مقبورين، يسألونهم ويطلبون منهم العون، فبماذا ترشدون هؤلاء حفظكم الله؟ (¬1) ج: هؤلاء يسمون الصوفية، والتصوف الذي أحدثه هؤلاء بدعة في الدين، وكان أصل ذلك أنه وجد في المسلمين زهاد وأهل ورع وزهد يتعبدون ويحرصون على العبادات والقراءة والذكر في المساجد والبيوت حرصا منهم على الخير، ثم تطورت الأحوال حتى حدث هؤلاء الذين أحدثوا بدعا ومنكرات في الدين، منهم هؤلاء الذين ذكرهم السائل، الذين يتعبدون بالطبول، والدفوف والأناشيد والأغاني، وآلات اللهو، هذا منكر من القول بدعة، وقد أنكر ذلك العلماء، وأطال في ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله وغيره من أهل العلم في كتابه (إغاثة اللهفان)، وأطال غيره من أهل العلم، وبينوا بطلان ذلك وأن هذا منكر عظيم يجب تركه، ولا يجب أن يسمى هؤلاء علماء، ليسوا بعلماء بل هؤلاء جهال في الحقيقة، وليسوا بعلماء بل ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 74.

أضلوا الناس ولبسوا على الناس، فلا يجوز اتباعهم في هذا الأمر، ولا تقليدهم في هذا الأمر، بل يجب أن ينصحوا وأن يوجهوا إلى الخير، وأن يحذروا من هذه البدعة المنكرة، وأشنع من هذا وأكبر دعاؤهم الأموات والاستغاثة بالأموات، هذا شرك أكبر، هذا شرك الجاهلية، شرك أبي جهل وأشباهه، دعاء الأموات كالعيدروس أو الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو البدوي أو الحسين أو غيرهم من الناس هذا شرك أكبر هذا مثل فعل المشركين الأولين مع اللات، ومع العزى، ومثل فعل النصارى مع عيسى وغيرهم، هذا شرك أكبر فإذا قال: يا سيدي فلان اشف مريضي أو رد علي غائبي، أو اقض حاجتي أو أنا في حسبك، أو المدد المدد يا سيدي، سواء كان هذا مع النبي عليه الصلاة والسلام أو مع الحسين بن علي رضي الله عنهما، أو مع الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو مع العيدروس، أو مع البدوي، أو مع السيدة نفيسة، أو مع السيدة زينب، أو غيرهم ممن اشتهروا في مصر وغيرها، وفي الجنوب العيدروس وأناس آخرون، وفي العراق الجيلاني وأناس آخرون، كل هذا من الشر العظيم، وكل هذا مما أحدثه الجهال، وأشباه الجهال، فدعوة الأموات والاستغاثة بالأموات، والنذور لهم والذبح لهم، هذا من الشرك الأكبر بإجماع أهل العلم، يقول الله سبحانه: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي} (¬1) قل يا محمد للناس: {إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (¬2) يعني ذبحي {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬3) {لَا شَرِيكَ} (¬4)، فجعل ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 162 (¬2) سورة الأنعام الآية 162 (¬3) سورة الأنعام الآية 162 (¬4) سورة الأنعام الآية 163

الصلاة لله، والذبح لله لا شريك له، وقال سبحانه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (¬1) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (¬2)، فالصلاة لله والذبح لله، فمن صلى لغير الله كفر، وهكذا من ذبح لغير الله، وقال جل وعلا: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬3)، فنهى أن يدعى مع الله أحد، والأحد يعم الأنبياء والأولياء وغيرهم، نكرة في سياق النهي تعم الناس كلهم، تعم الخلائق، وقال عز وجل: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬4) يعني المشركين، وكل مخلوق لا ينفع ولا يضر، هذا وصف عام لجميع المخلوقات لا تنفع ولا تضر إلا بالله، هو الذي جعل فيها النفع والضر، سبحانه وتعالى فلا يجوز دعاء أي مخلوق دون الله، لا صنم ولا شجر ولا حجر، ولا النبي ولا ولي ولا صاحب قبر ولا غير ذلك، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬5)، فسمى هذا كفرا وسماهم كافرين - نعوذ بالله - بدعائهم الأموات وبدعائهم الأصنام والأحجار والأشجار، وقال سبحانه في كتابه العظيم: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬6) جميع الأصنام والأولياء ¬

_ (¬1) سورة الكوثر الآية 1 (¬2) سورة الكوثر الآية 2 (¬3) سورة الجن الآية 18 (¬4) سورة يونس الآية 106 (¬5) سورة المؤمنون الآية 117 (¬6) سورة فاطر الآية 13

والأنبياء وغيرهم {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬1)، والقطمير: اللفافة التي على النواة، كلها ملك لله سبحانه وتعالى، {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} (¬2) ما يقدرون، {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬3) فسمى عملهم شركا، سمى دعاءهم إياهم شركا، قال: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬4)، ثم قال سبحانه: {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (¬5) وهو الله سبحانه، هو الذي أخبر عن هذا، هو العالم بأحوالهم سبحانه وتعالى، فسماهم بهذا شركاء، وفي آية المؤمنين سماه كفرا، فقال: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬6)، وقال عز وجل: {وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} (¬7)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة (¬8)» فجعل الدعاء هو العبادة نفسها، وهذا يدل على عظيم شأن الدعاء، فإذا قالوا: يا سيدي اشف مريضي، اقض حاجتي، رد غائبي اشف لي، المدد المدد، أو ذبح له فقد وقع منه أنواع من الشرك. ¬

_ (¬1) سورة فاطر الآية 13 (¬2) سورة فاطر الآية 14 (¬3) سورة فاطر الآية 14 (¬4) سورة فاطر الآية 14 (¬5) سورة فاطر الآية 14 (¬6) سورة المؤمنون الآية 117 (¬7) سورة الأحقاف الآية 6 (¬8) أخرجه الإمام أحمد في أول مسند الكوفيين، حديث النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم برقم 17924

وفي هذا المعنى يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله (¬1)» رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات، «لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثا، لعن الله من غير منار الأرض (¬2)» أربع مسائل لعن أصحابها، لعنهم الله جل وعلا، وأعظمها الذبح لغير الله، يتقربون بالبقر أو بالإبل، أو بالغنم أو بالعجول، أو بالدجاج إلى غير الله، من الأموات والغائبين هذا شرك أكبر، وروى الإمام أحمد رحمه الله بإسناد جيد عن طارق بن شهاب رضي الله عنه، قال: «مر رجلان على قوم لهم صنم، لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا، فقالوا لأحدهما: قرب، قال ليس عندي شيء أقرب، قالوا: قرب ولو ذبابا، فقرب ذبابا فخلوا سبيله، فدخل النار، وقالوا للآخر قرب: فقال: ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله عز وجل، فضربوا عنقه فدخل الجنة (¬3)». هذا يدل على أن التقرب لغير الله بالعبادات، من ذبح أو دعاء أو استغاثة أو نذر أو نحو ذلك شرك أكبر بالله سبحانه وتعالى، حتى ولو كان قرب حقيرا، كعصفور أو حمامة أو ذباب أو ما أشبه ذلك، كيف بالذي يقرب الإبل والبقر والغنم والعجول، يكون شركه أكبر نعوذ بالله وأشد. ¬

_ (¬1) مسلم الأضاحي (1978)، النسائي الضحايا (4422)، أحمد (1/ 108). (¬2) مسلم الأضاحي (1978)، النسائي الضحايا (4422)، أحمد (1/ 108). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في كتاب الزهد ص15

فالحاصل أن هذا العمل من هؤلاء من دعائهم للأموات والاستغاثة بالأموات وهو شرك أكبر، وضربهم بالدفوف وقيامهم بالأغاني والناي وأنواع الملاهي، هذا من المنكرات وتعبدهم بهذا من البدع التي أحدثها الصوفية، والصوفية شرهم عظيم نسأل الله أن يهديهم، قد أحدثوا بدعا كثيرة، نسأل الله أن يهديهم ويردهم للصواب، والواجب عليهم وعلى غيرهم الرجوع إلى كتاب الله، وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يسيروا على ما كان عليه النبي وأصحابه، هذا هو الهدى هذا هو الصراط المستقيم، لا يجوز لهم هذا التصرف ولا لغيرهم، بأن يتركوا طريق النبي صلى الله عليه وسلم وأن يحدثوا طريقا آخر، فباب العبادة توقيفي، ليس لأحد أن يحدث شيئا في دين الله عز وجل، ولهذا يقول الله سبحانه: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (¬1). روى الإمام أحمد وغيره، ومحمد بن نصر المروزي في (كتاب السنة)، وجماعة آخرون بإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: «خط الرسول صلى الله عليه وسلم خطا مستقيما، فقال: هذا سبيل الله، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله، فقال: هذه السبل وعلى كل سبيل منها شيطان يدعو إليه (¬2)». هكذا البدعة التي أحدثها الصوفية ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 153 (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، برقم 4131

وأشباههم كلها من الشياطين كلها طرق دعا إليها الشيطان، فالواجب الحذر، والشياطين قسمان: شياطين الإنس وشياطين الجن، وكل من خرج عن طريق الله وتمرد على شرع الله فهو من الشياطين، فشياطين الإنس من جنس دعاة الشرك من الصوفية وغيرهم هم شياطين الإنس، وشياطين الجن كثيرون، فالواجب الحذر من شياطين الإنس والجن، وكل من دعا إلى غير الله، أو دعا إلى البدع، فهو من شياطين الإنس، وإن كان من الجن فهو من شياطين الجن، فالواجب على هؤلاء الذين ذكرهم السائل في الجنوب أو في غير الجنوب، في أي مكان الواجب عليهم التوبة إلى الله، والرجوع إلى الله والاستغفار مما فعلوا، والندم على ذلك، وأن يجددوا دينهم، وأن يسلكوا ما سلكه الرسول وأصحابه، والذي سار عليه التابعون لهم بإحسان، والاستقامة على دين الله، وعبادته كما شرع الله سبحانه وتعالى، وترك البدع، رزق الله الجميع الهداية والتوفيق، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

حكم الانتساب لطريقة الختمية

59 - حكم الانتساب لطريقة الختمية س: يقول السائل: وقف لدينا بعض الخطباء في مسجدنا في بور سودان، ونصحنا بعد الاستماع إلى تفسير القرآن، وشرح الأحاديث النبوية، وطلب إليهم الاقتصار على كتب الفقه، وبالأخص كتاب الأخضري والعشماوي والعزية لما في تلك الكتب من أحكام الطهارة والعبادات؛ ولأنها هي الأصل حسب زعمه وما سواها فروع، وحضهم على بعض البدع، مثل: اللهم صل أفضل صلاة وبالمصطفى وبالمرتضى وابنيهما وفاطمة دبر الصلاة المكتوبة، فهل هذا المرشد الديني محق فيما قال، وفي هذا المسجد تمارس كثير من البدع والتوسلات بالرسول صلى الله عليه وسلم، وبعض الصالحين ولا يقدم القائم على هذا المسجد إلا من يعتقد الطريقة الختمية علما بأن أتباع هذه الطريقة وغيرها من الطرق الصوفية لا يتعلمون القرآن ولا يحسنون حتى سورة الفاتحة، ويستمر على هذا المنوال ويطلب النصح والإرشاد يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: لا ريب أن هذا العمل عمل منكر، لا ينبغي اتباع الطريقة الختمية؛ لأنه بلغنا عنها أنها تقر دعوة غير الله، والشرك بالله سبحانه ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 71

وتعالى، فالواجب اجتنابها والحذر منها، ونصيحة المعتنقين لها بأن يتقوا الله ويسألوه وحده ويعبدوه وحده سبحانه وتعالى، ولا يسألوا سواه، فالله سبحانه هو الذي يدعى ويرجى سبحانه وتعالى، وهو القائل سبحانه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬1)، وهو القائل عز وجل: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬2)، والذي ينبغي للواعظ أن يذكر الناس بالقرآن والسنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ويعلمهم إياها وأن ينصحهم بأن يتعلموا القرآن وتفسيره، وأن يتعلموا السنة وشروحها المعتمدة، حتى يستفيد الناس من كلام ربهم، وسنة نبيهم عليه الصلاة والسلام، أما كتب الفقه الخالية من السنة والأدلة فهذا غلط لأنها لا تفيدهم علما، الكتب التي ليس فيها الأدلة عن الله وعن رسوله لا تفيد الناس علما، بل هي كتب تقليد، فالعالم يعلم الناس الكتب التي تنفعهم، وأعظم ذلك أن يعلمهم القرآن، ويدعوهم إلى العناية بالقرآن الكريم حفظا وتلاوة وتدبرا وتعقلا وعملا، فهو أعظم كتاب وأشرف كتاب، فعلى المسلمين أن يتعلقوا به، ويتعلموه ويدرسوه ويتلوه حق التلاوة، ويتدبروه ويعقلوه كما قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (¬3)، ويقول سبحانه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (¬4)، ويقول سبحانه: ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 18 (¬2) سورة يونس الآية 106 (¬3) سورة الإسراء الآية 9 (¬4) سورة ص الآية 29

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (¬1)، ويقول سبحانه: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (¬2). فكتاب الله فيه الهدى والنور، جعله الله هدى للناس، كما قال سبحانه: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (¬3)، وهكذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تفسر القرآن وتبين معانيه، فعلى أهل العلم أن يذكروا الناس بذلك، وأن يحثوهم على التمسك بالقرآن والسنة وبيان معانيهما والعناية بتفسير القرآن وشروح الحديث المعتمدة التي تفيد الناس وتنفعهم كفتح الباري، وشرح النووي، وأشباهها من الكتب، وسبل السلام، ونيل الأوطار، والكتب المفيدة النافعة للناس، وما في بعض الشروح من أخطاء فطالب العلم ينبه عليه، وكذا ما في بعض التفاسير من الأخطاء يجب على أهل العلم من أهل السنة، وأهل العقائد الطيبة أن ينبهوا عليه عند تلاوة التفسير، وعند تلاوة شروح الحديث، الواجب التنبيه على ما قد يقع من أخطاء في التفسير، أو في الأحاديث وشرحها، أو فيما يتعلق بالعقيدة والصفات، العالم ينبه عند تفسير الآية، وعند ذكر الحديث الشريف وشرحه، ويبين ما قد يقع فيه الناس من الخطأ، أما حث الناس على الكتب الفقهية التي ليس فيها الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهذا ليس من النصح، بل هذا في الحقيقة ¬

_ (¬1) سورة محمد الآية 24 (¬2) سورة الأنعام الآية 155 (¬3) سورة فصلت الآية 44

من الغش ليس من النصح، وعلى طالب العلم أن ينصح الناس بما ينفعهم على الطريقة التي سلكها أهل السنة والجماعة في بيان معاني كلام الله ومعاني كلام رسوله صلى الله عليه وسلم والنصيحة في ذلك ويعلمون العامة ما يحتاجون إليه في أمور دينهم.

بيان الطريقة التيجانية

60 - بيان الطريقة التيجانية س: يقول السائل: مرسل هذه الرسالة منفعل أشد الانفعال، ويتلفظ بعبارات أسأل الله تعالى أن يغفر لنا وله، ملخص ما في الرسالة الدفاع عما يسمى بالطريقة التيجانية، أرجو أن تتفضلوا بتبصير أخينا جزاكم الله خيرا، وحبذا لو بعثتم إليه ما توصل إليه البحث العلمي حول هذه الطريقة جزاكم الله خيرا ونفع بكم؟ (¬1) ج: الطريقة التيجانية بدعة لا أساس لها ومنكر لا أساس له، نسأل الله أن يعافي إخواننا في أفريقيا وفي السنغال وفي غيرها، نسأل الله أن يعافيهم من شرها وأن يخلصهم منها، وأن يوفقهم لاتباع نبيهم ورسولهم محمد عليه الصلاة والسلام، فطريقته بحمد الله كافية، وقد بعثه الله رحمة للعالمين، وأتم له الإسلام، فالواجب على جميع ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 96

الأمة التمسك بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه ففيهم الأسوة والقدوة كما قال الله عز وجل في كتابه العظيم: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (¬1)، وقال سبحانه وتعالى في سورة التوبة: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (¬2) التابعون لهم بإحسان هم السائرون على منهجهم من دون زيادة ولا اختراع بدع، وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (¬3)، فأمر الله نبيه بأن يقول للناس هذا الكلام، قل يعني: قل يا أيها الرسول للناس: إن كنتم تحبون الله فاتبعوني - يعني محمدا عليه الصلاة والسلام يحببكم الله، فاتباع النبي هو طريق محبة الله، وهو طريق السعادة، من يطع الرسول فقد أطاع الله، قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (¬4). فطريق الجنة والسعادة في اتباع محمد عليه الصلاة والسلام، ليس في اتباع أحمد التيجاني، أحمد التيجاني متأخر إنما ولد في عام 1150 للهجرة، يعني بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فهو ولد كما في كتب التيجانيين ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب الآية 21 (¬2) سورة التوبة الآية 100 (¬3) سورة آل عمران الآية 31 (¬4) سورة النساء الآية 13

ذكروا أنه ولد في عام 1150 هـ، يعني في القرن الثاني عشر من الهجرة، ويزعم أنه طاف في بلدان كثيرة، وتعلم الطرق الصوفية، ثم رأى النبي صلى الله عليه وسلم عام 1196 هـ، فعلمه الورد الذي يعلمه الناس، وأنه يعلم الأمة هذا الورد من الدعاء والاستغفار، قال: أنت ابني علم الأمة، ورأى عام 1200 هـ بعد أربع سنين من لقاء النبي صلى الله عليه وسلم من علمه أن يشفع للدعاء والاستغفار، قل هو الله أحد، وأن يعلم الأمة ذلك، وزعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم مشافهة ويقظة لا نوما، وكل هذا باطل فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يرى يقظة بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، فإنما يرى في المنام، فإن الله جل وعلا لا يبعثه إلا يوم القيامة، قال الله تعالى في سورة المؤمنون: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ} (¬1) {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} (¬2)، فالبعث يوم القيامة، وقال عليه الصلاة والسلام: «أنا أول من ينشق عنه القبر يوم القيامة (¬3)»، فبعثه يكون يوم القيامة، فمن قال: إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة، وعلمه كذا وكذا فقد كذب، أو كذب عليه أو رأى شيطانا، زعم أنه رسول الله عليه الصلاة والسلام، والشيطان قد يتمثل بصور كثيرة، ويزعم للجاهلين أنه النبي صلى الله عليه وسلم، أما أن يتمثل بصورته فلا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي (¬4)»، فدل على أنه قد يتمثل في ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 15 (¬2) سورة المؤمنون الآية 16 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الفضائل، باب تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم، برقم 2278 (¬4) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 110، ومسلم في كتاب الرؤيا، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم " من رآني. . . "، برقم 2268

غير صورته عليه الصلاة والسلام، كما أخبر به العلماء، ولكن التيجاني لم يرض بهذا، بل قال إنه رآه يقظة، وأنه علمه يقظة، هذا كله باطل سواء كان كذبه هو، أو كذب عليه وغره شيطان قال له ذلك، ثم أيضا قد بين النبي صلى الله عليه وسلم طريق الجنة وطريق السعادة للأمة، ودرج عليه الصحابة، فهل هناك دين جديد يأتي به أحمد بعد اثني عشر قرنا يخالف ما عليه الصحابة أصحاب النبي الذين هم أفضل الناس، وخير الناس، ثم من يليهم، فالدين الذي درج عليه الصحابة هو الدين الصحيح وهو دين الله وهو الصراط المستقيم فمن جاء بشيء بعده جديد فهو مردود عليه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬1)». متفق على صحته، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)»، ويقول صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة: «أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬3)»، رواه مسلم في الصحيح، زاد النسائي: «وكل ضلالة في النار (¬4)». ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في كتاب صلاة العيدين، باب كيفية الخطبة، برقم 1578 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401. (¬4) النسائي صلاة العيدين (1578).

فلا ينبغي لعاقل أن يغضب عندما ينبه على الباطل، وعندما ينبه على البدع، بل ينبغي له أن يقول: الحمد لله الذي هداني، الحمد لله الذي عرفني أن هذا بدعة، الحمد لله الذي أرشدني إلى الخير، وعليه أن يتعلم ويتبصر، ولا يقلد الناس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (¬1)» رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة (¬2)». والعالم مهما كان فضله ليس معصوما، قد يغلط كثيرا، ويلبس عليه، فإذا كان التيجاني عالما فالعالم ليس معصوما، يقول مالك رحمه الله الإمام المشهور: " ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر ". ويقول الشافعي رحمه الله: " أجمع الناس على أنه من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس، بل يلزمه اتباعها ". ويقول أبو حنيفة رحمه الله: " إذا جاء الحديث عن رسول الله فعلى العين والرأس، وإن جاء عن الصحابة فعلى العين والرأس، وإذا جاء عن التابعين فهم رجال ونحن رجال "؛ لأن أبا حنيفة كان في عصر التابعين، وروي أنه رأى أحدا من الصحابة فيكون من التابعين، إذا ثبت ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، برقم 71، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، برقم 1037 (¬2) مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2699)، الترمذي القراءات (2945)، ابن ماجه المقدمة (225)، أحمد (2/ 252).

ويقول الإمام أحمد رحمه الله أيضا: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته، يعني عن النبي صلى الله عليه وسلم، يذهبون إلى رأي الرجال، يعني الثوري، والله يقول سبحانه: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (¬1) يعني عن النبي عليه الصلاة والسلام، فعجب من قوم يذهبون إلى قول سفيان الثوري، وأشباهه من العلماء ويدعون الحديث، وهذا لا شك أنه مستنكر، وهكذا ينبغي لكل مسلم في السنغال أو في غير السنغال، ولكل مكلف، أن يتبصر في دينه، وأن يسأل عن طريقة النبي صلى الله عليه وسلم، وعن دين الرسول وعما جرى عليه الصحابة، ودرجوا عليه، لا عما قاله التيجاني أو الشيخ عبد القادر أو الشاذلي أو فلان أو فلان، لا. نحن مأمورون باتباع نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، نحن مأمورون باتباع القرآن، وباتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، لسنا مأمورين باتباع الشيخ عبد القادر، أو الشيخ أحمد التيجاني أو الشاذلي أو فلان أو فلان، أو مالك أو الشافعي أو أحمد أو أبي حنيفة، أو غيرهم، هؤلاء علماء رضي الله عنهم ورحمهم، الأئمة الأربعة علماء معروفون، لكن كل واحد يصيب ويخطئ، وهكذا غيره من العلماء، فإذا كان أحمد التيجاني من العلماء، وكان له فضل العلم، إذا قدرنا ذلك وقلنا: إنه من العلماء، فالعالم يخطئ ويصيب، وقد أخطأ في ¬

_ (¬1) سورة النور الآية 63

هذا بزعمه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد شبه عليه بأنه قد رآه يقظة، وبزعمه أنه يعلم الأمة جميعا، وأنه يرشدهم إلى طريقته التي جاء بها، يعني الأمة كانت ضالة، حتى جاء أحمد التيجاني يعلمهم، كانت الأمة على طريق الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهم أهل السنة والجماعة، من كان على هذا الطريق فهو على طريق الرسول وأصحابه، قبل التيجاني وبعده، فأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تلقوا طريقهم عن رسول الله، ثم التابعون لهم بإحسان، هكذا إلى وقت الأئمة الأربعة، ثم بعدهم إلى وقتنا هذا من التزم القرآن، واتبع السنة وسار على نهج الصحابة، فهو المتبع حقا وهو المهدي حقا، ومن انفرد عن ذلك إلى طريقة جديدة أحدثها التيجاني أو غير التيجاني، أو الشاذلي أو الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو المريسي أو فلان أو فلان، كل ذلك لا وجه له ولا يجوز اتباعه، بل يجب عرض كل شيء يدعيه أحد من الناس أنه من الشرع يجب عرضه على القرآن، وعلى ما صح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما شهد له القرآن بالصحة، أو السنة الصحيحة بالصحة، وجب أخذه وقبوله وإن خالف رأي شيخك، أو إمامك المعين كالتيجاني وغيره؛ لقول الله سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (¬1)، ولقوله سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي} (¬2). ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 59 (¬2) سورة الشورى الآية 10

والتيجاني جاء في القرن الثاني عشر كما تقدم، ولد سنة 1150 هـ فما حال الناس قبل ذلك هكذا ذكر صاحب جواهر المعاني، وهكذا قال صاحب الرماح، فقد ذكر ذلك أنه ولد في عام 1150 هـ، وذكر ما قال: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة وعلمه الورد وهو الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه الأمة ويرشدهم، ثم علمه زيادة أن يقول لهم وأن يعلمهم: قل هو الله أحد ويرشدهم إلى ذلك الورد، وكل هذا معلوم عند المسلمين يعرفون أن الدعاء مشروع، والاستغفار مشروع وقراءة: هل هو الله أحد والمعوذتين مشروعة أيضا، وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، كما جاء به الحديث، وقد شرع الله قراءتها بعد كل صلاة وبعد المغرب والفجر ثلاث مرات مع المعوذتين وأخبر النبي أنها تعدل ثلث القرآن، هذا شيء معلوم قبل أن يأتي التيجاني، فينبغي للعاقل أن ينتبه وألا يغتر بتقليد الناس، أو الدعايات التي لا وجه لها بل يتأمل قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (¬1). وأنت تسأل ربك أن يهديك الصراط المستقيم في كل صلاة في الفاتحة، والصراط المستقيم هو دين الله، وليس دين التيجاني، دين الله هو ما بعث به الله نبيه عليه الصلاة والسلام، وما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله، وهو الصراط المستقيم، فالواجب على جميع الناس ولا سيما المسلمون في كل مكان أن يلتزموا ما جاء بالكتاب والسنة، وأن يستقيموا عليه، ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 6

وألا يحيدوا عنه لقول التيجاني أو الشاذلي أو فلان أو فلان أو آبائهم أو أسلافهم، بل عليهم اتباع الحق، رزق الله الجميع التوفيق والهداية ولا حول ولا قوة إلا بالله.

حكم اتباع الطريقة التيجانية

61 - حكم اتباع الطريقة التيجانية س: عندنا أناس كثيرون متمسكون بالطريقة التيجانية، وأنا سمعت في برنامجكم أن الطريقة التيجانية مبتدعة، لا يجوز اتباعها، لكن أهلي عندهم ورد الشيخ أحمد التيجاني، وهي صلاة الفاتح، ويقولون: إن صلاة الفاتح هي الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأسأل الآن هل صلاة الفاتح هي الصلاة على النبي أم لا، أرجو توضيح ذلك حيث يقولون: إن من كان يقرأ صلاة الفاتح وتركها يعتبر كافرا، ويقولون: إذا ما كنت تتحمل هذا وتركتها ما عليك شيء، وإذا تحملتها وتركتها تعتبر كافرا، وقد قلت لوالدي: إن هذا لا يجوز فقالوا: أنت وهابي وشتموني، ويستمر على هذا المنوال سماحة الشيخ ويرجو منكم التوجيه والإرشاد؟ (¬1) ج: الطريقة التيجانية لا شك أنها طريقة مبتدعة، ولا ينبغي لأهل ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم 71

الإيمان أن يتبعوا الطرق المبتدعة لا التيجانية ولا غيرها، بل الواجب اتباع ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن الله يقول: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (¬1)، يعني: قل يا محمد للناس إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم، ويقول سبحانه: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} (¬2)، ويقول سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (¬3)، ويقول عز وجل: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (¬4). والسبل هي الطرق المحدثة من البدع والأهواء والشبهات، فالله أوجب علينا أن نتبع صراطه المستقيم، وهو ما دل عليه كتابه العظيم وهو القرآن، وما دلت عليه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام الصحيحة الثابتة، هذا هو الطريق الذي يجب اتباعه، أما طريق التيجاني أو الشاذلي، أو فلان أو فلان، فهذا لا يجب اتباعه ولا يجوز اتباعه إلا ما وافق شرع الله منه، ما وافق شرع الله من هذه الطرق قبل؛ لأنه موافق شرع الله، لا لأنه طريق التيجاني أو الشيخ عبد القادر أو الشاذلي أو فلان أو فلان، لا، ما في الطريقة من خير إلا ما وافق الشرع المطهر، وما في هذه الطرق من أشياء تخالف شرع الله يجب تركها، وصلاة ¬

_ (¬1) سورة آل عمران الآية 31 (¬2) سورة الأعراف الآية 3 (¬3) سورة الحشر الآية 7 (¬4) سورة الأنعام الآية 153

الفاتح هي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما ذكر لكنها صيغة لم ترد عن الشارع حيث قالوا فيها: اللهم صل وسلم على سيدنا ونبينا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق، ناصر الحق بالحق، هذا لفظ اخترعوه من أنفسهم ليس له أصل، والنبي صلى الله عليه وسلم لما سألوه كيف يصلون عليه قال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (¬1)»، وفي صيغة أخرى قال لهم صلى الله عليه وسلم: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد (¬2)»، وفي لفظ ثالث: قال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد (¬3)». ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا)، برقم 3370، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 406 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا)، برقم 3369، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 497 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 405

فهذه الألفاظ التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما جاء في معناها هي الصلاة التي ينبغي الأخذ بها وفعلها، أما صلاة الفاتح فيها العدول عما بينه النبي صلى الله عليه وسلم، وأرشد إليه الأمة، وفيها نوع من الإعراض عما أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام، فكأن التيجاني أعلم بما شرع الله وأولى بما ذكر هو مما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأعلمه الأمة وأرشدهم إليه، ولا ينبغي لعاقل أن يقول هذا الكلام، ولا ينبغي لمسلم أن يقول هذا الكلام، فالرسول صلى الله عليه وسلم أعلم بما ينفع أمته، وأعلم بما هو أقرب إلى رضا الله، وأعلم بالشرائع؛ لأنه معلم مبلغ والذي يأتيه الوحي من السماء، عليه الصلاة والسلام، فهو أعلم بما شرع الله، وهو أعلم بما يرضي الله، وهو أعلم بالألفاظ المناسبة من غيرها، عليه الصلاة والسلام، ثم في قول الفاتح " لما أغلق " فيه شيء من الإجمال، قد يقال: إنهم أرادوا بذلك من النبوة، لما انقطعت برفع عيسى عليه السلام، انفتحت ببعثه صلى الله عليه وسلم، فيكون حقا، وقد يكون أرادوا شيئا ما بينوه ولا أوضحوه، فإن الفاتح لما أغلق فيه إبهام، فإن كانوا أرادوا بأن الله فتح به النبوة بعدما أغلقت برفع عيسى عليه السلام، وأنه ليس بعد عيسى نبي إلا محمد صلى الله عليه وسلم فهذا معنى صحيح، هو النبي بعد عيسى، مثلما قال صلى الله عليه وسلم: «ليس بيني وبينه نبي (¬1)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «أنا أولى الناس بابن مريم والأنبياء أولاد علات ليس بيني وبينه نبي عليه الصلاة والسلام»، فهذا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واذكر في الكتاب مريم)، برقم 3442، ومسلم في كتاب الفضائل، باب عيسى عليه السلام، برقم 2365.

معنى صحيح، وإن كانوا أرادوا بقولهم: " الفاتح لما أغلق " معنى آخر فلم يبين حتى ينظر فيه، أما الخاتم لما سبق فهذا صحيح، هو الخاتم للنبوة، خاتم الأنبياء كما قال جل وعلا في كتابه العظيم: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (¬1)، وهو أيضا نصر الحق بالحق، عليه الصلاة والسلام، وهدى إلى الصراط المستقيم، كل هذا حق إنما الإجمال في قولهم: " الفاتح لما أغلق " هذه فيها بعض الإجمال، وبكل حال لو كانت في غاية من السلامة، وليس فيها شيء من الإجمال، فاستعمال اللفظ الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وأرشد إليه ودل عليه الأمة أولى وأولى، فلا ينبغي للأمة أن يعدلوا في شيء قاله النبي صلى الله عليه وسلم وأرشد إليه وهو المعصوم فيما يبلغه عن الله عز وجل وهو أنصح الأمة وأنصح الناس وأعلم الناس بشرع الله، فما ينبغي للعاقل من المسلمين أن يعدل عما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم إلى شيء قاله غيره، سواء كان القائل أحمد التيجاني، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو فلانا أو فلانا، أو حتى من الصحابة ولو كان أبو بكر الصديق، وهو أفضل الخلق بعد المرسلين رضي الله عنه، فلو قال الصديق كلمة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم كلمة وأرشد إليها لكان قول النبي عليه ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب الآية 40

الصلاة والسلام مقدما على أبي بكر وعلى عمر وعلى عثمان، فكيف لا يقدم على من كان في القرن الثاني عشر وهو أحمد التيجاني، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.

حكم الذكر بالطبول والرقص

62 - حكم الذكر بالطبول والرقص س: يوجد لدينا في كل ليلة من يوم الخميس ويوم الاثنين يذكر الله أهل الطرق الصوفية بالطبول إلى ساعات متأخرة من الليل، هل الذكر بالطبل جائز، وهل الطرق الصوفية هذه جائزة أم لا، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذه الطرق الصوفية بدعة منكرة، فإن كان الذكر على الطبول أو الدفوف، أو العود أو الموسيقى، أو التصفيق بالأيدي، أو الضرب بالأرجل، أو الرقص والتقرب بهذا الأمر، هذا من البدع سواء في ليلة الخميس أو ليلة الاثنين أو غيرهما في أي وقت، والواجب على أهل الإسلام التقرب بالقرب التي شرعها الله كالتسبيح والتهليل، والتحميد والذكر والاستغفار وغيرها بغير الطبول، وبغير ضرب الأرجل، وبغير الصياح والصفير، وبغير الموسيقى والعود، وقد بسط العلامة ابن القيم رحمه الله هذا البحث في كتابه (إغاثة اللهفان) بسطا جيدا حيث بسط ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 306

فيه الكلام على طرق الصوفية والتحذير منها، وهذا منها، والسنة للمؤمن أن يفعل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من الصلاة أن يذكر الله كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ويستغفر الله ثلاثا، ثم يقول: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (¬1)»، ثم ينصرف للناس إن كان إماما، ويقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد (¬2)»، كل هذا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام، كما روى هذا ابن الزبير في صحيح مسلم وروى بعضه ثوبان كما جاء في الصحيحين بعد كل صلاة يستغفر ثلاثا مع قول: «اللهم أنت السلام (¬3)»، وروى بعضه مسلم عن عائشة فيه: «اللهم أنت السلام، ثم انصرف إلى الناس هذه سنة، ثم بعد ذلك يقول سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثا وثلاثين، ويختم المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير (¬4)»، فهذا ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «من فعل هذا غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (¬5)»، هذا فضل عظيم، فيستحب للمؤمن بعد الصلوات الخمس أن يأتي بهذا بعد الأذكار السابقة: سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثا وثلاثين، ثم يأتي بتمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ¬

_ (¬1) مسلم المساجد ومواضع الصلاة (591)، الترمذي الصلاة (300)، أبو داود الصلاة (1512)، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (928)، أحمد (5/ 280)، الدارمي الصلاة (1348). (¬2) مسلم المساجد ومواضع الصلاة (594)، النسائي السهو (1340)، أبو داود الصلاة (1506)، أحمد (4/ 4). (¬3) مسلم المساجد ومواضع الصلاة (591)، الترمذي الصلاة (300)، أبو داود الصلاة (1512)، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (928)، أحمد (5/ 280)، الدارمي الصلاة (1348). (¬4) مسلم المساجد ومواضع الصلاة (591)، الترمذي الصلاة (300)، أبو داود الصلاة (1512)، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (928)، أحمد (5/ 280)، الدارمي الصلاة (1348). (¬5) مسلم المساجد ومواضع الصلاة (597)، أبو داود الصلاة (1504)، أحمد (2/ 371)، مالك النداء للصلاة (488).

وإن شاء زاد، وقال: يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، كله جاء، ثم يقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (¬1) إلى آخرها، إلى قوله: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (¬2). هذه الآية أعظم آية يستحب أن تقرأ بعد كل صلاة فريضة ثم يقرأ: قل هو الله أحد والمعوذتين بعد كل فريضة بعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر أفضل لكن يكررها ثلاثا عليه الصلاة والسلام يقرأها ثلاث مرات بعد المغرب وبعد الفجر وعند النوم جاءت السنة بهذا عن النبي صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 255 (¬2) سورة البقرة الآية 255

حكم التعبد بالطريقة المرغنية والضيفية

63 - حكم التعبد بالطريقة المرغنية والضيفية س: سائل يقول: ما حكم القصائد في المدح النبوي خاصة الطريقة المرغنية والضيفية، وخاصة هذه الطرق لها أنصار ومتفقهون في هذه الناحية، يكادون يتركون القرآن الكريم والسنة المحمدية، نرجو نصيحتهم جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: الطرق الصوفية على العموم طرق مبتدعة، مرغنية أو شاذلية أو برهانية أو قادرية، أو تيجانية أو غير ذلك، كل هذه الطرق مبتدعة ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 116

وبعضها أشد من بعض، كلما كانت الطريقة أكثر مخالفة للشرع صار إثمها أكثر وشرها أعظم، والواجب تركها والاكتفاء بما قاله الله ورسوله، هذا هو الواجب أن يسير المؤمن على طريقة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان بأقواله وأفعاله وحركاته وسكناته، ولا يحدث طريقة جديدة في عباداته أو في أذكاره أو غير ذلك، بل يكفيه ما كفى الأولين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، ولا يجوز لأحد أن يحدث طريقة جديدة يتعبد عليها دون الطريقة التي سار عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، هذه من المصائب العظيمة التي بلي بها الناس. فالواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة أن يكتفي بالطريقة التي درج عليها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودرج عليها أتباعهم بإحسان، وألا يحدث في دين الله ما لم يأذن به الله، قال الله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (¬1)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)» متفق عليه، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬3)» يعني مردود. فكل الطرق هذا طريقها، إلا طريق النبي صلى الله عليه وسلم الذي درج عليه أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم وأتباعهم بإحسان من بعده. ¬

_ (¬1) سورة الشورى الآية 21 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.

س: يقول السائل: هناك بعض المشايخ - كما سماهم السائل - يضربون أجسامهم بالسكاكين، والخناجر والسيوف، وبعضهم يحاد الآخر أحيانا، متوسلا كل واحد منهم بشيخه، فما حكم الشرع في هذا العمل، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذا عمل الصوفية، يدعون أنهم لا يضرون أنفسهم، وأن هذا من كراماتهم، وهو باطل إنما هو تلبيس ولا حقيقة لذلك، إنما هو تلبيس وتغطية على العيون، كونه ضربه بالسيف أو كسر رأسه أو كسر رجله، كله تلبيس لا حقيقة له، وهم بهذا كفار لأنهم يسحرون أعين الناس، كما قال الله عن سحرة فرعون: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (¬2)، وقال سبحانه: {قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} (¬3)، هؤلاء الذين يلبسون على الناس هم كفرة بذلك، سحرة مجرمون. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 339 (¬2) سورة طه الآية 66 (¬3) سورة الأعراف الآية 116

بيان كذب جماعة رجال الخطوة

64 - بيان كذب جماعة رجال الخطوة س: يقال: إن هناك رجالا من رجال الخطوة وهم يحجون بدون أي وسيلة مواصلات، ويقال: إنهم يحضرون الجنازة في مكة وهم أصلا موجودون في منطقة بعيدة جدا، فهل سخرت لهم الريح مثلا في تنقلاتهم، نرجو التوجيه؟ (¬1) ج: هذه من خرافات الناس وضلالاتهم، وقد يدعيها بعض الصوفية الذين يزعمون أن لهم كرامات يستطيعون بها أن يصلوا إلى مكة من دون سيارات ولا طائرات ولا غير ذلك، هذه من خرافاتهم وضلالاتهم وقد يكون لبعضهم اتصال بالجن وعبادة للجن فتحمله الجن إلى مكة وإلى غيرها، كما ذكر ذلك أبو العباس ابن تيمية شيخ الإسلام وغيره، هذا قد يقع لبعض عباد الجن، وخدمة الجن، وهؤلاء لا عبرة بهم، ولا يعول عليهم؛ لأن من عبد الجن فهو من المشركين، وحجه باطل فالحاصل أن هذه الأخبار إما أن تكون من قبيل الخرافات التي يقولها الصوفية وأشباههم ممن يزعم أن ولي وأنه له كرامات وهو يكذب، وإما أن يكون من أولياء الشيطان ممن تحمله الشياطين وتنقله من مكان إلى مكان؛ لأنه عبدها وأطاعها فلما عبدها وخدمها خدمته بنقله من مكان إلى مكان نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 82

بيان حال الطريقة البرهانية

65 - بيان حال الطريقة البرهانية س: هناك طريقة استحدثت تسمى بالبرهانية، تابعة لرجل يدعى محمد عثمان البرهاني، وهذه الطريقة تؤول القرآن العظيم، وهي سريعة الانتشار، فما حكم الشرع في هذه الطريقة، وهل هي كافرة أم كما تدعي هي أنها هي الفرقة الناجية، وما الأدلة الشرعية في تكفيرها، إذا كانت كافرة، وجهونا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: جميع الطرق الصوفية البرهانية والشاذلية وغير ذلك من الطرق الصوفية كالتيجانية كلها خطيرة، يجب الحذر منها والبعد منها، وعدم الثقة بها وهم أقسام منهم الكافر ومنهم غير الكافر، فينبغي للمؤمن أن يبتعد عن كتب الصوفية وقراءتها؛ لأنها تضره وفيها من الباطل والشر الشيء الكثير، فينبغي لك يا عبد الله أن تبتعد عنها، وأن تقرأ كتب أهل السنة والجماعة التي فيها الخير فيها بيان ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وفيها الكفاية، وفي الإقبال على القرآن والإكثار من تلاوته وتدبر معانيه الخير العظيم والسعادة، وفي كتب السنة الصحيحة الثابتة عن الرسول عليه الصلاة والسلام الخير والبركة فإن السنة تشرح القرآن وتفسر معناه، وتبين ما أشكل على طالب العلم في ذلك، فالله أنزل كتابه هدى للناس كما قال عز وجل: ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 201

{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (¬1)، وقال سبحانه: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (¬2)، وقال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} (¬3)، وقال سبحانه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (¬4)، وقال عز وجل: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (¬5). والنبي صلى الله عليه وسلم بين لنا ما قد يشكل علينا، وأوضح للأمة ما يحتاجون إليه، فعليك يا عبد الله أن تكتفي بما جاء في الكتاب والسنة، وأن تبتعد عن الكتب التي فيها الخرافات والضلالات والبدع وهي كتب الصوفية وغيرها مما جمعه الكفرة أو المتكلمون أو أصحاب الطرق المنحرفة، فإن فيها من الشر والبلاء والمخالفة لشرع الله ما يضر العبد إذا تمسك به، أو أخذ به أو قرأه وهو على غير بصيرة، نسأل الله السلامة. ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 9 (¬2) سورة فصلت الآية 44 (¬3) سورة النحل الآية 89 (¬4) سورة ص الآية 29 (¬5) سورة الأنعام الآية 155

بيان حال الطريقة القادرية والنقشبندية

66 - بيان حال الطريقة القادرية والنقشبندية س: بعض الناس عندنا يدعون الشيخية الطرقية كطريقة النقشبندية والقادرية وغيرها، يجتمعون بالناس في المساجد ويدعونهم إلى التوبة والتوجد، ويقول أحدهم: أنا مأذون لذلك فيوهمون بعضا منهم ويتكلمون بألفاظ مهملة، مثل ها هي هو، ويتكلمون بالغيب، فهل لهذا حقيقة وكرامة، أم أن هذه من باب البدع والضلالة، نرجو التوجيه في الإجابة وفقكم الله؟ (¬1) ج: هذه الطرق وأشباهها كلها من الطرق البدعية، ولا يجوز الموافقة عليها، ولا المشاركة فيها؛ لأنها بدع وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬3)»، وليس هذا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، الاجتماع على: هو، هو، هو، أو على كلام ليس بظاهر وليس بمعلوم، وإذا كان فيه دعوى علم الغيب صار هذا أعظم نكارة وأخبث عملا، بل هذا هو الشرك لأن دعوى علم الغيب منكر وكفر، الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، والحاصل أن الطرق الصوفية كالنقشبندية والقادرية، وهذه وأشباهها كلها طرق مبتدعة ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 39 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.

لا يجوز إقرارها في الشرع المطهر، فالواجب تجنبها وعدم الاشتراك فيها وألا تفعل إلا الشيء المعروف الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم كذكر الله وحدك أو مع الإخوان إذا كان بينه وبين نفسه، أما ذكر الله الجماعي على طريقة الصوفية، أو هو، هو، هو، أو الله، الله، الله، أو ما أشبه ذلك، أو الإتيان بدعوات منكرة ليس لها أصل، بل فيها ما يدل على دعوى علم الغيب، أو فيها ما يدعو إلى منكر، أو فيها ما يدل على تعظيم المخلوق تعظيما لا يليق به، بل لا يليق إلا بالله، كل هذا لا يجوز، فهذه الطرق يجب الحذر منها، ويجب تمييزها، وألا يقر منها إلا ما وافق الشرع المطهر، وما خالف ذلك ينهى عنه، وينكر، والله المستعان. س: عندنا في السودان مشائخ الطرق الصوفية، وبعض من الناس يزورهم ويشكون لهم حاجاتهم، مثلا لو كان هناك مريض أو أنه قد حصل عليه حاجة، في وقت ضيق يشكو لهم، ويأخذ من عند الشيخ البخورات والمحايا والبركة، كما هي: تراب من حجرة الشيخ أو تراب من الغار، فإذا تجادلت مع بعض هؤلاء الناس الذين يزورون هذا الشيخ ويشكون حاجتهم للشيخ، فيقولون لنا: هذا الشيخ من أولياء الله، كما يقولون لنا في مجادلتهم قوله تعالى:

{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (¬1)، فهذا هو الأمر الذي وضحته لكم، هل ما يقولونه صحيح أم لا، من هم أولياء الله الصالحون، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، أرجو أن توضحوا جزاكم الله خيرا؟ (¬2) ج: مشايخ الصوفية فيهم تفصيل، منهم من هو كافر لأنه يتعاطى الشرك بالله عز وجل، ودعوة غير الله من أصحاب القبور، أو الجن أو يرى وحدة الوجود، كأصحاب ابن عربي هؤلاء كفار، ولا يجوز دعاؤهم ولا زيارتهم، ولا أخذ توجيهاتهم لأنهم منحرفون عن الطريق، ولا يجوز موالاتهم ولا تصديقهم فيما يقولون، ولا أخذ توجيهاتهم في أي شيء، ومنهم أناس عندهم بدع وأشياء، لا أساس لها في الشرع المطهر، ولكنهم ليسوا كفارا ولكن عندهم بدع ما أنزل الله بها من سلطان. فالواجب نصيحتهم وتوجيههم إلى الخير، وإنكار البدع التي كانت عندهم أما أن يطلب منهم البركة، أو من تراب حجرتهم، هذا منكر لا يجوز ولم يفعل هذا الصحابة فيما بينهم رضي الله عنهم، وإنما كان يفعل مع النبي صلى الله عليه وسلم التبرك بما انفصل من جسده، يأخذون شعره وعرقه، لما جعل الله فيه من البركة، عليه الصلاة والسلام، أم الناس فلا، ¬

_ (¬1) سورة يونس الآية 62 (¬2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 142

فلم يفعلوه مع الصديق ولا مع عمر، ولا مع عثمان ولا مع علي، وهم أفضل الناس بعد الأنبياء، فلا يجوز لأحد أن يأتي الصوفي الفلاني، أو الشيخ الفلاني يطلب بركة ثيابه، أو بركة شعره أو بركة أظفاره، كل هذا منكر لا يجوز فإذا اعتقد أنه ينفعه ويضره، أو أنه يحصل له فيه بركة في هذا الشيء، هذا خطر عظيم قد يصل به إلى الشرك، إذا طلب البركة منه واعتقد أنه ينفع أو يضر من دعاه، أو من طلب منه، أو أنه استغاث به دون الله، أو أنه يطلب منه الشفاء للمرض وأشباه ذلك، كل هذا من الشرك الأكبر، فالحاصل أن من طلب البركة من هؤلاء، أو دعاهم أو استغاث بهم، أو اعتقد أنهم يشفون المرض، أو ينفعون غيرهم، أو يضرون في سرهم، كل هذا من المنكرات العظيمة، بل من المنكرات الشركية، أما أولياء الله فهم المؤمنون المتقون، المطيعون لله ولرسوله، هؤلاء هم أولياء الله، ليسوا أهل البدع، أولياء الله هم أهل الإيمان والتقوى، الذين وحدوا الله واتبعوا سبيله وساروا على نهج نبيه محمد عليه الصلاة والسلام، هؤلاء هم أولياء الله، وليس هم الصوفية، ولكنهم المتقون، قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (¬1)، هؤلاء هم أولياء الله، أهل الإيمان والتقوى، الذين آمنوا بالله ورسوله، ووحدوا الله وعبدوه وحده، ولم يعبدوا أهل القبور ولم يستغيثوا بهم ولم ينذروا لهم، بل عبدوا الله وحده وساروا على ¬

_ (¬1) سورة يونس الآية 63

نهج نبيه صلى الله عليه وسلم، فأدوا فرائض الله وتركوا محارم الله، ووقفوا عند حدود الله هؤلاء هم أولياء الله، وإن كانوا فقراء، وإن كانوا عمالا يعملون عند الناس في طلب الرزق وإن كانوا يبيعون ويشترون في الأسواق، ما عندهم تصوف، هؤلاء هم أولياء الله، وقال تعالى في سورة الأنفال: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} (¬1)، فأولياء الله هم أهل التقوى, هم أهل الإيمان هم الذين أطاعوا الله ورسوله، وتركوا ما نهى الله عنه ورسوله، ووحدوا الله وعبدوه جل وعلا، أما الصوفية فهم أقسام: وهم يشتركون في البدعة، ولكنهم أقسام في الأحكام، منهم الكافر ومنهم المبتدع، الضال الذي يجب الحذر منه، ونصيحته وتنبيهه على بدعته، وكلهم مشتركون في البدع، لأنهم أحدثوا بدعا ما أنزل الله بها من سلطان، فالواجب الحذر منهم وعدم الاغترار بهم، وعدم زيارتهم لأخذ دعائهم، أو التبرك بهم أو أخذ توجيهاتهم أو نحو ذلك، ومن أمكنه أن ينصحهم وأن يوجههم إلى الخير، وأن ينكر عليهم بدعهم فليفعل ذلك والله المستعان. ¬

_ (¬1) سورة الأنفال الآية 34

س: يوجد في بلدتنا رجل متوفى صالح، وبني له مقام على قبره، وله عادة عندنا في كل عام، نذهب مع الناس إليه رجالا ونساء، ويقيمون عنده ثلاثة أيام، بالمدح والتهاليل والأذكار، ما هي صحة أعمالنا هذه؟ (¬1). ج: هذا العمل لا يجوز، وهو من البدع التي أحدثها الناس، فلا يجوز الإقامة على قبره ولا البناء، سواء سمي مقاما، أو سمي قبة أو سمي غير ذلك، كانت القبور في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد الصحابة مكشوفة ليس عليها بناء، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يبنى على القبر، وأن يجصص وقال: «لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» متفق على صحته. وقال جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه (¬3)»، فالبناء على القبور منكر، وهكذا تجصيصها، ووضع الزينات عليها أو الستور، كله منكر ووسيلة إلى الشرك، فلا يجوز وضع القباب أو الستور أو المساجد عليها، وهكذا زيارتها على الوجه الذي ذكره السائل، للجلوس عندها والتهاليل وأكل الطعام، والتمسح بالقبر أو الدعاء عند القبر، أو الصلاة عند القبر، كل هذا منكر، كله بدعة ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 89 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 1290، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور. . .، برقم 520 (¬3) مسلم الجنائز (970)، الترمذي الجنائز (1052)، النسائي الجنائز (2027)، أبو داود الجنائز (3225)، أحمد (3/ 339).

لا يجوز، إنما المشروع زيارة القبور، كونه يزورها ويدعو لهم ثم ينصرف، يمر على القبور ويقول: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬1)»، وما أشبهه من الدعوات فقط، هذا هو المشروع الذي علمه النبي أصحابه عليه الصلاة والسلام، لحديث عائشة: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين» ولحديث ابن عباس: «السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر (¬2)» هذا المشروع وأما الإقامة عند القبر للأكل والشرب، أو للتهاليل أو للصلاة، أو لقراءة القرآن، كل هذا منكر وإنما يسلم ويذهب ويدعو للميت، ويترحم عليه أما اتخاذه محل دعاء، أو محل قراءة، أو محل طواف أو محل تهاليل للجلوس عنده، أو أكل يوما أو يومين، أو ثلاثة هذا ليس له أصل، هذا بدعة من وسائل الشرك، فيجب الحذر من ذلك، ويجب ترك ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم 974 (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم 1053

حكم الاجتماع باسم أحد الأولياء

67 - حكم الاجتماع باسم أحد الأولياء س: يسأل أيضا ويقول: ما تقولون في قوم يجتمعون في بيت حضرتهم أو تحت الشجرة، باسم من مات قبل قرون، ولم يروه هم ولا آباؤهم، وإنما سموه هم وآباؤهم: عبد القادر الجيلاني وشيخ حسين البالي، وفلان وفلان. وإن أنكر عليهم منكر لا يقبلون عنه، بحجة أن العالم الفلاني لم ينكر عليهم، وأن الكافرين الذين هم في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كفروا بعد إيمانهم بالرسول، ونحن نؤمن به وبما جاء به عليه السلام. فما تقولون في هذا أيضا؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: هذا الاجتماع باسم الشيخ عبد القادر , أو باسم الشيخ حسن ابن فلان، أو باسم البدوي، أو باسم حسين بن علي، أو باسم علي بن أبي طالب، أو باسم عمر، أو باسم الصديق، أو بأسماء أخرى. أو باسم حضرتهم، كلمة حضرتهم هذه كلمة مجملة لا نعرف معناها، فإذا كان المقصود رئيس الجماعة أو عالم الجماعة أو ما أشبه ذلك، فكل هذا من البدع. لا أصل لهذا. وكونهم يجتمعون باسم الشيخ عبد القادر يدعون له، أو يصلون عليه، أو يتوسلون به، هذا لا أصل له. ما كان الرسول يفعل هذا وأصحابه، وإنما الدعاء للمسلمين الأموات لا بأس به، يدعو لعلماء المسلمين وإن كانوا ماتوا قديما، كما تدعو للصحابة ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 183

وغيرهم، تقول: اللهم ارض عنهم، اللهم اغفر لأموات المسلمين، اللهم اغفر للشيخ عبد القادر، اللهم اغفر لحسين بن علي، اللهم ارض عنه وعن إخوانه، لا بأس، كل هذا طيب لكن تجتمع عند شجرة أو عند جبل، أو عند الشيخ فلان من أجل الاجتماع للدعاء لفلان، أو الترضي عن فلان، هذا لا أصل له. وأن يخص اجتماع على هذا الوجه، هذا من البدع. تدعو له وأنت في الطريق وأنت في المجلس العادي، وأنت في بيتك، لا بأس، تدعو لعلماء المسلمين، للشيخ عبد القادر الجيلاني، الشيخ عبد القادر عالم من علماء المسلمين، تدعو لأبي حنيفة، تدعو لمالك، للشافعي، لأحمد بن حنبل، لسفيان الثوري، لأصحاب النبي، للتابعين، لغيرهم من المهمين لا بأس. لكن تخص واحدا منهم باجتماع خاص، عند شجرة خاصة، أو عند جبل خاص، أو عند شخص خاص تخصه بهذا الاجتماع في يوم معين أو في شهر معين أو في أسبوع معين، كل هذا لا أصل له.

بيان معنى الحضرة

68 - بيان معنى الحضرة س: هناك شيء منتشر لدينا، ويسمى الحضرة ربما لا تفهمون ما هي الحضرة، ولكن سأشرح ما يحدث في هذه الحضرة، وسوف تعرفونها بعد ذلك. الحضرة هي: شيخ يأتي ومعه أتباعه، ومعهم بناديق دف، ويجتمع عليهم الناس، من حدب وصوب، ويكون في يوم الخميس في الليل، ثم يشعل نارا كبيرة ثم يبدأ ذلك الشيخ، بالقرع على الدف هو وأتباعه، ويقولون كلاما غريبا، ويستنجد بالله وبالأولياء الصالحين، الذين لدينا في ليبيا، مثل سيدي عبد السلام الأسمر، وسيدي مرعي وغيرهم، ثم يبدأ بعض الحاضرين بالمدح، مع الشيخ ويغمى على كثير من الحاضرين من النساء، والرجال ويبدأ الشيخ بالضرب المبرح، على من يغمى عليهم، ويقول له اخرج من المسلم يا كافر، ويقصد بذلك أنه يكلم الجني الذي سكن الإنسي، المغمى عليه، ويمسك المرأة من شعر رأسها، ويبدأ بالضرب على وجهها، وهكذا تبدأ هذه المسرحية وتنتهي، السؤال: هل هذه الأفعال محرمة على من يفعلها؟ الرجاء منكم الإفادة، علما بأن الحاضرين كما يقال بالآلاف، ويبنون

خياما، وكل عائلة تذبح شاة، أو ماعزا فالرجاء منكم توجيهنا، وتوجيه المسلمين الذين توجد عندهم مثل هذه الأحوال، جزاكم الله خيرا (¬1). ج: هذا العمل منكر عظيم، وهذا من أعمال بعض الصوفية، ولا يجوز حضور هذا العمل، والاستنجاد بالأولياء والاستغاثة بالأولياء من الشرك الأكبر، ومن عبادة غير الله سبحانه وتعالى، وضرب الطبول أو الدفوف هذه من طرق الصوفية المنكرة المحدثة، فالواجب الحذر من ذلك، والواجب ترك هذا العمل وعدم حضوره، وإنكاره على من حضر، لما فيه من الشرور الكثيرة وهو بدعة، وفيه أيضا منكر وهو ضرب الدفوف، وفيه منكر أعظم وهو الشرك بالله، والاستنجاد بالأولياء، هذا كله شر عظيم. فالواجب على المسلمين ترك هذا العمل، والحذر منه وعدم حضوره، وإنكاره على من فعله لأنه بدعة منكرة، مشتملة على نوع من الشرك الأكبر، وهو الاستنجاد بالأولياء ودعاؤهم، والاستغاثة بهم وهذا من الشرك الأكبر، فإذا قال: يا سيدي فلان، يا عبد السلام، يا سيدي الحسين، أو يا سيدي رسول الله، أو يا سيدي الشيخ عبد القادر، أغثني أو انصرني، أو اشف مريضي أو رد غائبي، أو أنا في جوارك أو حسبك، أو ما أشبه ذلك هذا كله من الشرك الأكبر، ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 213

والله يقول جل وعلا: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬1)، ويقول سبحانه وتعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬2)، ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬3) هؤلاء قد اتخذوا مع الله آلهة أخرى، ينادونهم ويستغيثون بهم، فوقع الشرك الأكبر مع ما هم فيه من البدع، والخرافات الضالة التي لا أساس لها، فالواجب الحذر من ذلك غاية الحذر، والواجب عدم حضور مثل هذا المنكر، وإنكاره على من فعله، مع ما فيه من الشرك الأكبر، نعوذ بالله من ذلك. ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 18 (¬2) سورة يونس الآية 106 (¬3) سورة المؤمنون الآية 117

حكم إقامة المديح النبوي مع دق الدفوف

69 - حكم إقامة المديح النبوي مع دق الدفوف س: المديح النبوي مع دق الدفوف، والضرب على البطون بالسيوف والعصي، على الطريقة الرفاعية هل هي حرام أم حلال؟ (¬1). ج: هذا منكر وحرام، وبدعة في الدين من خرافات الصوفية، المديح يكون بالكلام الطيب من دون دفوف، ومن دون ضرب للبطون ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 217

والرؤوس، بل بالكلام الطيب، يقال له خاتم النبيين، وأفضل الأنبياء وأعبد الناس، وأصدق الناس كلام طيب، أما الزيادة بأن يدعى من دون الله، أو ليستغاث به من دون الله، هذا شرك أكبر، أو يقال إنه يعلم الغيب فهذا كفر، لكن يمدح بالحق، يمدح بما ثبت عنه أنه أهل له عليه الصلاة والسلام، من كونه أصدق الناس، من كونه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، من كونه أفضل الرسل عليهم الصلاة والسلام، إلى أمثال هذه الأشياء الصادقة، أما أن يمدح بأنه يعلم الغيب، أو أنه يدعى من دون الله، أو أنه خلق من النور، أو من عرش الرحمن، هذا باطل كذب، خلق من ماء مهين مثل غيره من الناس، ولم يخلق من النور، وليس يعلم الغيب عليه الصلاة والسلام، وليس يعبد من دون الله، ولا يدعى من دون الله، ولا يستغاث به ولا يحلف به، عليه الصلاة والسلام كل هذا منكر، وفق الله الجميع.

حكم أخذ الطرق الصوفية

70 - حكم أخذ الطرق الصوفية س: الأخ: أحمد من الله بابكر، من السودان. يسأل ويقول: هناك أشخاص أحياء يرزقون، يذهب إليهم أهلنا البسطاء لأخذ ما يسمى بالطرق، وأخذ الفاتحة منهم، لأن دعوتهم مستجابة، على حد تعبير أهلنا البسطاء. علما بأن أهلي يركبون العربات لزيارتهم، لأن مكانهم بعيد عن القرية. ويكلفهم هذا مبالغ هم في أشد الحاجة لها. أفيدونا وجزاكم الله خيرا، ووفقكم (¬1). ج: الطرق الصوفية مما أحدثها الناس. والمتصوفون غالبهم أهل بدع وأهل جهل، وكونهم يشرعون للناس طرقا خاصة في الأذكار، هذا لا أصل له، بل هو من البدع، فالواجب ألا يتصل بهم لهذا الأمر، وألا يسألوا عن هذا الأمر، وألا يقتدى بهم، والواجب على أهل العلم أن ينبهوهم ويشرحوا لهم الحق ويدلوهم عليه، لأن غالبهم جهال مقلدة لغيرهم. فالواجب تعليمهم وإرشادهم وأن البدع أنكرها الله عز وجل، بقوله سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (¬2)، والنبي الكريم عليه الصلاة والسلام قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬3)» يعني مردود. فالواجب على أهل العلم ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 196 (¬2) سورة الشورى الآية 21 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.

والعباد أن يتقيدوا بالشريعة، وألا يشرعوا للناس شيئا ما شرعه الله سبحانه وتعالى لا في الأقوال ولا في الأعمال، ومن كان معروفا بالتصوف لا يقتدى به، ولا يعمل بقوله وتوجيهه، لأنه ليس عنده علم، بل إنما هي طرق تلقاها بعضهم عن بعض، وأحدثوها وساروا عليها، فلا ينبغي أخذها عنهم، بل يجب إرشادهم وتوجيههم إلى الخير، وتعليمهم ما ينفعهم وشرح السنة لهم، حتى يستقيموا عليها، وحتى يدعوا البدع. ومن ذلك ختمهم الدعوات بالفاتحة، أو تعليمهم الفاتحة للتثويب، حتى يثوبها لفلان أو فلان، هذا ليس له أصل. الإنسان يقرأ القرآن ويقرأ الفاتحة ليستفيد ويتعلم ويطلب الثواب من الله عز وجل، نعم قال بعض العلماء إنه لا بأس بالقراءة للموتى، وتثويبها للموتى أو للأحياء، كونه يقرأ ويهدي ثوابها لفلان، ولكن ليس عليه دليل، ولم يفعله المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، وما كان النبي يقرأ للناس، يقرأ حتى يثوب لهم، وما كان الصحابة يفعلون هذا رضي الله عنهم، فالأولى للمؤمن أن يدع هذا الشيء، وأن يكتفي بما درج عليه الصحابة رضي الله عنهم وتلقوه عن نبيهم عليه الصلاة والسلام، ولكن يدعو لموتاه بالمغفرة والرحمة. يتصدق عنهم بالمال، يحج عمن لم يحج من موتاه ويعتمر، لا بأس إذا كان قد حج عن نفسه واعتمر لنفسه. أما أن يقرأ لهم قرآنا يثوبه لهم، فليس عليه دليل، والذي ينبغي ترك ذلك، لأن البدع لا خير فيها وشرها عظيم. فكونه يقرأ قراءة يقصد ثوابها لفلان أو فلان، هذا ليس عليه دليل، فيخشى عليه أن يكون أتى بدعة

منكرة، فالأولى له ترك ذلك، وإن قال بعض أهل العلم بجواز ذلك، لأن العبرة بالدليل، لا بأقوال الناس، والله يقول سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (¬1)، ويقول جل وعلا: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (¬2) فإذا قال بعض أهل العلم: إنه يقرأ للموتى وقال آخرون لا، ترد المسألة إلى كلام الله وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام، وإذا رجعنا إلى كلام الله وإلى كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، لم نجد في ذلك ما يدل على أن القرآن يثوب للموتى أو لغير الموتى، بل الإنسان يقرأ القرآن ليستفيد ويتدبر ويتعقل، وليحصل له الثواب من الله عز وجل، وإذا دعا لإخوانه المسلمين، أو لموتاه المسلمين، أو لوالديه المسلمين بالمغفرة والرحمة حال قراءته، أو في أوقات أخرى، كل هذا لا بأس به، لكنه يقرأ لطلب الثواب من الله لنفسه وليستفيد من القرآن، ويتعلم أحكام الله ويتدبر ويتعقل، هذا هو المشروع. وفق الله المسلمين لكل خير. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 59 (¬2) سورة الشورى الآية 10

حكم اتباع الطريقة الصوفية الخلوتية

71 - حكم اتباع الطريقة الصوفية الخلوتية س: إنني سالك طريقا من شيخ خلوتي، وإنني على علم يقين أنه رجل طيب، وتقي جدا جدا ودائما كل إنسان سلك معه الطريق صار صالحا وتاب، كما كان فيه من يحمل المنكر، وهذا السؤال بناء على أنكم ذكرتم أن جميع الطرق الصوفية من البدع، أفيدوني أفادكم الله عن الوضع الذي أنا فيه، هل أستمر أم أتخلى عنه جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: نعم جميع الطرق الصوفية من البدع، ولكن يقع فيها أشياء توافق الحق، فما وافق الحق وجب أخذه، لأنه وافق الحق، لا لأنه من طريق خلوتي، أو القادري، أو الشاذلي أو فلان أو فلان لا، ما وقع في طرقهم من الخير يقبل، لأنه وافق الشرع، وما خالفه يترك وإذا أردت أن نبين لك ما هو الخير والشر، فاذكر لنا الطريقة التي أنت عليها، اشرحها لنا في سؤال آخر، ونوضح لك ما هو الخير وما هو الشر إن شاء الله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 219

حكم التشبه بأهل الفرق في لباسهم

72 - حكم التشبه بأهل الفرق في لباسهم س: إذا كان هناك فرقة من المتصوفة يلبسون لباسا معينا فما الحكم في لبسه؟ ج: إذا كان القصد التشبه بهم فإنه لا يجوز التشبه بأهل البدع ولا بالكفار، إذا كان المقصود من الأسود التشبه بطائفة من الصوفية أو طائفة من الكفرة فلا يجوز، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم (¬1)». ¬

_ (¬1) أبو داود اللباس (4031).

حكم استعمال الطبل والمزمار لعلاج المريض من المس

73 - حكم استعمال الطبل والمزمار لعلاج المريض من المس س: عندنا في مصر في بعض القرى الريفية، أناس يقومون بأعمال الطبل والمزمار، يقولون: إننا نخرج الجن من الناس ومن النساء، فما حكم ما يفعلون؟ (¬1) ج: هذا من عمل بعض الصوفية، وهو منكر وغلط لا يجوز فعله، ولا يجوز تقليدهم بل يجب الإنكار عليهم، لأنهم يتعبدون بالطبل والمزامير والغناء، هذا منكر وهذا من فعل بعض طوائف الصوفية، فأنت يا أخي تنكر عليهم ذلك، وإخوانك ينكرون عليهم، وتعلمونهم ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 215

وترشدونهم أن هذا لا يجوز، وأن الواجب الاشتغال بما شرع الله من العبادة، من صلاة وقراءة وذكر، لا بالطبل والمزامير.

بيان حال طائفة الدراويش من الصوفية

74 - بيان حال طائفة الدراويش من الصوفية س: ما رأيكم في هؤلاء الذين يسمون أنفسهم بالدراويش، ويطعنون أنفسهم بالخناجر والسكاكين، وغيرها وهم في ذلك قبل أن يقول أحدهم: يا الله، يقول: يا رفاعي، فما رأي الشرع في ذلك، هل يوجد دليل على عملهم؟ (¬1) ج: هؤلاء كذابون محتالون، ليس لعملهم أصل بل هم كذبة يستعملون أشياء تلبس على الناس، حتى يظن الناس أنهم يطعنون أنفسهم، وليس الأمر كذلك، وإنما هو تلبيس وتزوير على العيون، وسحر للناس كما قال الله عن سحرة فرعون، إنهم استرهبوا الناس وسحروا أعينهم، فالمقصود أن هذا الصنف من الناس الفجرة المحتالين، الذين لا أصل لما يفعلون ولا يجوز أن يصدقوا، بل هم كاذبون محتالون ملبسون على الناس، وإذا كانوا يدعون الرفاعي وغير الرفاعي، صار هذا شركا أكبر، يا رفاعي أو يا رسول الله انصرنا، أو اشفع لنا أو يا علي أو يا سيدي علي، أو يا حسين، أو يا فلان أو ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 154

يا سيدي البدوي، كل هذا من الشرك الأكبر، كل هذا من العبادة لغير الله، وكل هذا من جنس عمل عباد القبور، عباد اللات والعزى، وأشباههم، فهو شرك أكبر نعوذ بالله من ذلك، وأنهم يطعنون أنفسهم بالخناجر والسكاكين، كله تلبيس وخداع ليس له أصل، بل هم بهذا كذبة فجرة، يجب على ولاة الأمور إذا كان هناك ولي أمر مسلم، في بلدهم أن يأخذ على أيديهم وأن يعزرهم ويؤدبهم، حتى يتوبوا من أعمالهم الخبيثة.

حكم شد الرحال إلى قبور الأولياء

75 - حكم شد الرحال إلى قبور الأولياء س: نرجو إفادتنا عن شيخ عندنا في البلاد، له أتباع كثيرون، يتفانون في خدمته وطاعته، والسفر إليه معتقدين أنه من أولياء الله، فيأخذون منه الطريقة السمانية الصوفية، وتوجد قبة كبيرة لوالده، يتبرك بها هؤلاء الأتباع، ويضعون فيها ما تجود بها أنفسهم من النذور، ويقيمون الذكر بضرب الدفوف، والطبول والأشعار، وفي هذا العام أمرهم شيخهم بزيارة شيخ آخر، فسافروا رجالا ونساء بمائة سيارة. كيف توجهونهم سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: هذا منكر عظيم، وشر كبير، فإن السفر لزيارة القبور منكر، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 73

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى (¬1)» فالرحال لا تشد لزيارة القبور، وإنما تشد للمساجد الثلاثة، لقصد القربة والطاعة ثم التقرب لأصحاب القبور بالنذور أو بالذبائح، أو بالصلوات أو بالدعاء والاستغاثة، كله شرك بالله عز وجل، فلا يجوز للمسلم أن يدعو صاحب القبر، ولو كان عظيما كالرسل عليهم الصلاة والسلام، ولا يجوز أن يستغيث بهم كما لا يجوز أن يستغيث بالأصنام ولا بالأشجار، ولا بالكواكب فهكذا أصحاب القبور، ليس لأحد أن يستغيث بهم أو ينذر لهم، أو يتقرب إليهم بالذبائح أو النذور، كل هذا من المحرمات الشركية، كذلك لعبهم بالدفوف، وتقربهم بالدفوف، التي يفعلها كثير من الصوفية، كل هذا بدعة، ومنكر، وليس في العبادة لله، التقرب بالدفوف لا في القبور ولا في المساجد، ولا في غير ذلك، إنما يشرع الدف للنساء في العرس، إظهارا للنكاح أنه نكاح وليس بسفاح، كذلك البناء على القبور منكر، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تجصيص القبور، والبناء عليها، والقعود عليها، كما رواه مسلم في الصحيح، عن جابر رضي الله عنه، قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب مسجد بيت المقدس، برقم 1197، ومسلم في كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، برقم 1397

وأن يبنى عليه (¬1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» فلا يجوز البناء على القبور، لا المساجد ولا غيرها، بل يجب أن تكون ضاحية مكشوفة، ليس عليها بناء ولا يجوز التبرك، بالقبور وأهلها والتمسح بهم، كما لا يجوز دعاؤهم والاستغاثة بهم والنذر لهم، والذبح لهم كل هذا من عمل الجاهلية. فالواجب على أهل الإسلام الحذر من ذلك، والواجب على أهل العلم، أن ينصحوا هذا الشيخ وأن يعلموه، أنه في عمل باطل وأنه منكر، وأن حثه للناس وترغيبه للناس، في دعوة الأموات والاستغاثة بالأموات، أن هذا هو الشرك الأكبر، نعوذ بالله ويجب على المسلمين ألا يقلدوه، وألا يتبعوه، ولا يتغبروا به، فالعبادة حق الله وحده، هو الذي يدعى ويرجى، كما قال سبحانه {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬2)، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬3)، سماهم كفرة بدعوتهم ¬

_ (¬1) مسلم الجنائز (970)، الترمذي الجنائز (1052)، النسائي الجنائز (2027)، أبو داود الجنائز (3225)، أحمد (3/ 339). (¬2) سورة الجن الآية 18 (¬3) سورة المؤمنون الآية 117

غير الله، من الجن والملائكة والأنبياء، وأصحاب القبور، والكواكب أو الأصنام، كل هذه دعوتها مع الله شرك أكبر، وهكذا يقول سبحانه وتعالى: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬1) يعني المشركين، وعلى جميع من يستطيع إنكار هذا المنكر، أن يساهم في ذلك وعلى الدولة إذا كانت مسلمة، أن تمنع ذلك، وأن تعلم الناس ما شرع الله لهم وما أوجب عليهم من أمر الدين، حتى يزول هذا المنكر وحتى يزول هذا الشرك، نسأل الله الهداية للجميع. ¬

_ (¬1) سورة يونس الآية 106

بيان كذب وصية خادم الحجرة النبوية

76 - بيان كذب وصية خادم الحجرة النبوية س: بين وقت وآخر تعود إلينا هذه الوصية المزعومة، والتي تصدر دائما تحت اسم وصية حامل مفاتيح حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه الوصية تنتشر كما قلت، وكلما غابت عادت، يقول في بدايتها هذه المرة: إنه كان في ليلة يقرأ القرآن، في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي تلك الليلة غلبه النوم، ورأى في نومه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آت، وقال له: إنه قد مات في هذا الأسبوع أربعون ألفا من الناس، ومن غير الجان إنهم

ماتوا موتة الجاهلين، ويستمر على هذا الأسلوب، الملاحظ أنه بأسلوب قريب من العامية، نرجو من سماحة الشيخ أن يتفضل بتنبيه الناس عن هذه الوصية خاصة، وعلى ما ماثلها، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: فهذه الوصية: قد علمناها من دهر طويل، وهي كما ذكرتم في السؤال كلما ذهبت عادت، ولكما نسيت بعثت، ولها مروجون من الناس، في سائر أقطار الدنيا، باسم خادم الحجرة النبوية، وتارة باسم حامل مفاتيح الحجرة النبوية، أو المسجد النبوي وله فيها عبارات وألفاظ، متنوعة ويقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: كذا وكذا وأنه مات أربعون ألفا ميتة جاهلية، ويقول: إنه يطلع نجم حول الشمس، وأنه إذا طلع هذا النجم ترونه، ولا تقبل الصلوات والعبادة بعد ذلك، ويقول: إنه من جاءته هذه الوصية فأهملها، وأضاعها يأثم إثما كبيرا، ومن بلغته ولم ينشرها، يخرج من رحمة الله، ويقول من وزع منها خمسا وعشرين نسخة، حصل له كذا وكذا، إلى غير هذا من الخرافات، وهذه الوصية باطلة لا أساس لها، وليس هناك من اسمه أحمد خادم حجرة النبي صلى الله عليه وسلم، كل هذا كذب ليس هناك شخص يقال له: أحمد، وليس هناك وصية وإنما هذه من كذب الكذابين، أناس يفترون الكذب، ويكتبون مثل هذه الوصايا الباطلة، وينسبونها إلى من ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 87

شاءوا من الناس، وكل ذلك لا أصل له، وقد سبق أن كتبنا في إبطال هذه الوصية كتابة من أكثر من عشر سنوات، ووزعناها في الداخل والخارج بعدة لغات، وأنها لا أساس لها، وأن الواجب على من وقعت في يده أن يمزقها ويتلفها، وينبه الناس على بطلانها، المصحف الذي هو كلام الله عز وجل، لو أن إنسانا لم يكتبه ليس عليه شيء ولا بأس عليه، وهذا يقول من بلغته ولم ينشرها يخرج من رحمة الله، هذا من أبطل الباطل، ويقول من كتب منها خمسا وعشرين نسخة، يحصل له كذا وكذا فوائد كذا وكذا، ومن أعرض عنها يفقد فوائد، ويموت ولده أو يموت كذا أو يصيبه كارثة، كل هذا باطل، القرآن نفسه لو وزع منه مائة نسخة أو كذا أو كذا، فهو مأجور لكن لا يحصل له هذا الذي قال هذا الكذاب، ولا يكون عليه خطر لو لم يوزع، أو عاش الدهر كله ولم يوزع المصحف، لا بأس عليه هذا للمصحف من يوزعه ومن يبيعه ومن ينشره بين الناس، ولو أنه اشتراه من السوق، وقرأ فيه ولم يوزعه فلا حرج عليه، ولو كتبه وقرأه ولم يوزعه فلا حرج عليه، فكيف بهذه الوصية المكذوبة الباطلة، من لم يوزعها يكون عليه كذا وكذا فالمقصود: أن هذه الوصية باطلة ومكذوبة، ولا أساس لها ولا يجوز اعتقاد هذا الكلام، ولا يجوز توزيعها ولا نشرها بين الناس، بل يجب إتلافها والتنبيه على بطلانها، رزق الله الجميع العافية والهدى، ونحن نحاربها من عشرات السنين، ولم نر إلا خيرا، كل هذا شيء باطل لا ينبغي التعلق به.

حكم الشرع في مرتكب الكبيرة

77 - حكم الشرع في مرتكب الكبيرة س: ما هو حكم الشرع في مرتكب الكبيرة، هل يخرج من الملة؟ (¬1) ج: حكم الشرع فيه أنه عاص فاسق، لكن لا يخرج من الملة خلافا للخوارج، عند أهل السنة والجماعة الزاني فاسق وشارب الخمر فاسق، إذا لم يستحل ذلك، العاق لوالديه فاسق، المرابي فاسق، هذه كلها كبائر لكن لا يكفر فاعلها وعند الخوارج يكفر بذلك نسأل الله العافية والصواب أن قولهم باطل وأنه ليس بكافر ولكنه عاص، عليه التوبة إلى الله والرجوع إلى الله والإنابة ومن تاب تاب الله عليه وإذا مات على ذلك مات عاصيا على خطر من دخول النار إلا أن يعفو الله عنه لكن لو دخلها لا يخلد فيها خلافا للخوارج والمعتزلة، الخوارج يقولون: يكفر ويخلد في النار إذا مات عاقا لوالديه أو على الزنى لم يتب أو على شرب الخمر يقولون: هو كافر ومخلد في النار والمعتزلة مثلهم في أمر الآخرة مخلد في النار لكن يقولون في الدنيا لا كافر ولا مسلم في منزلة بين المنزلتين وقولهم: باطل أيضا. أما أهل السنة والجماعة فيقولون: هو مسلم عاص، عليه التوبة إلى الله، فإن تاب تاب الله عليه، وإن مات على معصيته فهو تحت مشيئة الله إن شاء الله عفا عنه وأدخله الجنة بسبب توحيده وإسلامه وإن شاء عذبه على قدر ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 356

المعاصي التي مات عليها، ثم يخرج من النار بعد التطهير، يخرجه الله من النار إلى الجنة؛ لقول الله سبحانه في كتابه العظيم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬1) أي ما دون الشرك لمن يشاء أي بعضهم لا يغفر له ويدخل النار ويعذب على قدر المعاصي وبعد التطهير والتمحيص يخرجهم الله من النار إلى نهر يقال له: نهر الحياة فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل فإذا تم تطهيرهم أدخلهم الله الجنة. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 48

باب ما جاء في السحر

باب ما جاء في السحر

باب ما جاء في السحر 78 - بيان أن السحر كفر وضلال س: تسأل: ف. أ. من ليبيا فتقول: ماذا نقول عن السحر؟ وكيف نقي أنفسنا منه؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: السحر محرم على المسلمين، وهو من عمل الشياطين وأتباع الشياطين، وهو كفر وضلال؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الجن، من دون الله عز وجل قال الله سبحانه: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} (¬2) فأخبر أنهم كفروا بهذا التعليم، وقال بعدها: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ} (¬3)، يعني: هاروت وماروت، يقول الله سبحانه: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (¬4) ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 344 (¬2) سورة البقرة الآية 102 (¬3) سورة البقرة الآية 102 (¬4) سورة البقرة الآية 102

فدل على أن تعليمه كفر، لأنهما يقولان للمتعلم فلا تكفر فدل على أن تعلمه له كفر، فالواجب الحذر من ذلك، وقال بعده: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} (¬1)، يعني: من حظ ومن نصيب، ثم قال بعده: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (¬2)، فدل على أن السحر ضد الإيمان، وضد التقوى، المقصود أن تعلم السحر يكون بعبادة الشياطين والاستغاثة بهم والذبح لهم والنذر لهم ونحو ذلك، فهو من الكفر الأكبر فلا يجوز تعليمه ولا تعلمه ولا العمل به، ولا المجيء إلى أهله وسؤالهم ولا تصديقهم، بل يجب الحذر من ذلك ويكفي في هذا قول الله جل وعلا: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} (¬3)، وقول الملكين له للمتعلم: لا تكفر دل على أن تعلمه كفر، وقوله في حق الشياطين: يعلمون الناس السحر، المقصود أنه محرم وشره عظيم، وفيه فساد كبير مع كونه فيه عبادة لغير الله، وكفر بالله عز وجل. فالواجب توقيه والحذر منه ومن أسباب التوقي أن يتعوذ المسلم بكلمات الله التامات من شر ما خلق، صباحا ومساء ثلاث مرات ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 102 (¬2) سورة البقرة الآية 103 (¬3) سورة البقرة الآية 102

يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، صباحا ومساء، وفي كل وقت، هذا من أسباب الوقاية يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك (¬1)»، وقال له رجل: «يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني هذه الليلة؟ فقال: " أما وإنك لو قلت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك (¬2)»، وهكذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يصبح وحين يمسي: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم. ثلاث مرات، لم يضره شيء (¬3)». فيستحب للمسلم أن يقول هذا صباحا ومساء، ثلاث مرات «بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم (¬4)» هذا من أسباب الوقاية، ومن أسباب الوقاية أيضا قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة، وعند النوم، فهي من أسباب السلامة من الشياطين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الذي يقرؤها عند النوم لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح». قالها الشيطان لأبي ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، برقم 2708 (¬2) أخرجه الإمام مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء، برقم 2709 (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه، برقم 448 (¬4) الترمذي الدعوات (3388)، ابن ماجه الدعاء (3869).

هريرة وقد صدقه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: «لقد صدقك وهو كذوب (¬1)»، وكذلك قراءة: قل هو الله أحد والمعوذتين ثلاث مرات، بعد صلاة الفجر وبعد صلاة المغرب، من أسباب السلامة من كل سوء وقراءة هذه السور الثلاث، بعد الظهر وبعد العصر وبعد العشاء، مرة واحدة كذلك من أسباب السلامة، ونوصي السائلة وغيرها ممن يستمع إلى هذا البرنامج، أن يستفيد من هذه الأشياء التي بينها النبي عليه الصلاة والسلام، وأن يتوقى الشر بتعاطي هذه الأذكار الشرعية وهذه التعليمات الشرعية، التي بينها النبي عليه الصلاة والسلام. ونوصي جميع إخواننا في ليبيا وأخواتنا في ليبيا، وفي غيرها في أفريقيا وفي أوروبا وفي كل مكان، نوصي الجميع بالعناية بهذا البرنامج: " نور على الدرب " لأنه برنامج مفيد ويقوم عليه علماء معروفون بالخير والعلم والفضل، ونوصي جميع إخواننا في كل مكان وجميع أخواتنا في كل مكان، في ليبيا وفي غيرها نوصي الجميع بالاستماع لهذا البرنامج، والاستماع إلى إذاعة القرآن من الإذاعة السعودية، فإن برنامج نور على الدرب، وكذلك ما يذاع في إذاعة القرآن من المحاضرات والخطب، كله مفيد وهكذا ما يذاع من القرآن الكريم، الذي هو أصل كل خير، القرآن نوصي الجميع بالاستماع إليه ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن، باب فضل سورة البقرة، برقم 5010

من هذه الإذاعة إذاعة القرآن وغيرها، والاستماع إلى هذا البرنامج نور على الدرب، والاستماع إلى محاضرات علماء السنة، علماء الحق علماء العقيدة الطيبة، في كل مكان؛ لأن هذا من باب تعلم العلم، من باب التفقه في الدين، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (¬1)» متفق على صحته، هذا حديث عظيم وسماع هذا البرنامج نور على الدرب من التفقه في الدين، وسماع إذاعة القرآن من المملكة العربية السعودية وغيرها، من التفقه في الدين، والتعلم على علماء السنة، والأخذ عنهم في كل مكان من التفقه في الدين، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة (¬2)» رواه مسلم في الصحيح. فنوصي جميع إخواننا وأخواتنا في كل مكان، بالتعلم والتفقه في الدين والعناية بالقرآن الكريم، والإكثار من تلاوته وتدبر معانيه عن ظهر قلب، أو من المصحف، واستماعه من الأشرطة والإذاعة لمن لا يستطيع قراءته أو حال دونه مانع. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، برقم 71، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، برقم 1037 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم 2699

وسؤال أهل العلم من علماء السنة، المعروفين بالعلم والفضل والعقيدة الطيبة، وسؤالهم عن كل ما أشكل، مع سماع هذا البرنامج والمحافظة على سماعه: نور على الدرب في أوقاته، وسماع إذاعة القرآن في كل مكان فإن في ذلك خيرا كثيرا، وعلما جما. نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.

العلامات التي يعرف بها الساحر

79 - العلامات التي يعرف بها الساحر س: السائل: م. و. يقول: ما العلامات التي يعرف بها الساحر، والكاهن والمشعوذ؟ (¬1) ج: يعرفون بما يقولون من الكلام الباطل، والأعمال الباطلة، يعرفون بدعواهم الباطلة المخالفة للشرع، فهذا دليل ظاهر، فيعرف المشعوذ والكاهن والرمال والمنجم والساحر، بأعمالهم التي يعملونها كل واحد يعرف بعمله. فالذي يدعي علم الغيب أو يدعي أشياء لا أساس لها، هذه من الدلائل على أنه يستخدم الجن، ويستعين بالجن، أو كذاب، يكذب على الناس لأكل أموالهم، وهكذا الذي يستعمل أشياء تضر الناس، ينبغي أن يرفع أمره إلى الجهة المختصة كالهيئة أو المحكمة؛ لأنه قد يتعاطى السحر، وقد يتعاطى أشياء تضر الناس بغير علم، لجهله وعدم بصيرته. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 428

بيان أن السحر كفر أكبر

80 - بيان أن السحر كفر أكبر س: هل السحر والغيبة والنميمة، تلحق بالكبائر أم لا؟ (¬1) ج: السحر كفر أكبر، لأنه لا يتوصل إليه إلا بالشرك، بعبادة الجن ودعوتهم من دون الله، ولهذا قال سبحانه في السحر عن الملكين: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (¬2). وقال في هذه الآيات سبحانه وتعالى: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ} (¬3)، يعني: السحر {مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} (¬4)، يعني: من حظ ولا نصيب، وقال: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (¬5)، فدل على أن السحر ضد الإيمان، وضد التقوى نسأل الله العافية، فالسحر يتوصل إليه بعبادة الجن من دون الله، والتقرب إليهم بالذبائح والنذور ونحو ذلك، فلهذا روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من سحر فقد أشرك (¬6)» وقال عليه الصلاة والسلام: «اجتنبوا السبع الموبقات "، قلنا وما هن يا رسول الله؟ قال: " الشرك بالله والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا وأكل مال ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 79 (¬2) سورة البقرة الآية 102 (¬3) سورة البقرة الآية 102 (¬4) سورة البقرة الآية 102 (¬5) سورة البقرة الآية 103 (¬6) أخرجه النسائي في كتاب تحريم الدم، باب الحكم في السحرة، برقم 4079

اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات (¬1)» رواه البخاري ومسلم في الصحيحين، فجعل السحر قرين الشرك، وقدمه على القتل لأنه ظلم، من الشرك، ولأنه عبادة للجن من دون الله، وتقرب إليهم بما يريدون منه من دعاء أو استغاثة، أو ذبح أو نذر، حتى يعلموه بعض الشيء، وهو ممن يطيع الشياطين، كما قال سبحانه: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} (¬2)، فجعل تعليمهم السحر كفرا وضلالا نسأل الله العافية، وكذلك الغيبة والنميمة، من الكبائر، لما جاء فيهما من الوعيد، والغيبة: ذكر الإنسان أخاه بما يكره، كأن يقول: بخيل، جبان، شرس، أخلاقه كذا، وكذا، والنميمة نقل الكلام الذي يسبب الفتنة، من شخص إلى شخص، أو من جماعة إلى جماعة، أو من قبيلة إلى قبيلة، كأن يقول: سمعت فلانا يقول فيكم كذا، إنكم بخلاء، إنكم جبناء، أو يقول لزيد: سمعت فلانا يقول فيك، إنك زناء، إنك خبيث، إنك جبان، إنك تتبع مواقع التهم، إنك إنك. يعني يأتي بأشياء تسبب الفتنة، بينه وبين المنقول عنه، هذه هي النميمة، والله يقول سبحانه: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ} (¬3) {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} (¬4)، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب قول الله تعالى: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى)، برقم 2767، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها، برقم 89. (¬2) سورة البقرة الآية 102 (¬3) سورة القلم الآية 10 (¬4) سورة القلم الآية 11

ويقول الله جل وعلا: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} (¬1)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم يصف الغيبة، قال: «ذكرك أخاك بما يكره " قيل يا رسول الله إن كان في أخي ما أقول؟ قال: " إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته (¬2)»، فصار المغتاب على شر إن صدق فهو مغتاب، وإن كذب فهو باهت، وقال صلى الله عليه وسلم: «رأيت ليلة أسري بي رجالا، لهم أظفار من نحاس، يخدشون بها وجوههم وصدورهم فقلت: من هؤلاء، فقيل لي: إن هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم (¬3)»، هذا يدل على شدة الوعيد في هذا، وأنها من الكبائر، وقال عليه الصلاة والسلام: «لا يدخل الجنة نمام (¬4)» متفق على صحته، فدل ذلك على أن النميمة والغيبة، من الكبائر، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) سورة الحجرات الآية 12 (¬2) أخرجه الإمام مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الغيبة، برقم 2589. (¬3) أخرجه أحمد في مسند أنس بن مالك رضي الله عنه (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب ما يكره من النميمة، برقم 6056، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم النميمة، برقم 105

بيان أن شياطين الجن هم الذين يعلمون السحر للسحرة

81 - بيان أن شياطين الجن هم الذين يعلمون السحر للسحرة س: الأخ: ص. ش. من الجمهورية العربية السورية، يسأل ويقول: هل يستطيع الساحر الاتصال بالشياطين كما يزعم فعلا؟ وبالتالي يستطيع أن يغير ما يريده الشخص المسلم الواعي، والذي يحفظ قدرا كبيرا من القرآن وذلك بواسطة هؤلاء الشياطين؟ وإن كان ذلك ممكنا، فماذا يترتب على الشخص أن يفعل إذا ابتلي بالسحر؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: السحر بين الله جل وعلا في كتابه العظيم، وهكذا رسوله صلى الله عليه وسلم أنه موجود، وأن السحرة موجودون، وأن الشياطين هم الأساتذة، هم الذين يعلمونهم السحر، شياطين الجن هم الذين يعلمون شياطين الإنس السحر، والسحر يكون بالرقى الشيطانية والتعوذات الشيطانية والعقد والنفث، كما قال تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} (¬2) يعني السواحر اللاتي ينفثن في العقد، بكلمات ضالة، خاطئة، يردن بها إيذاء المسحور، ويقع بالتخييل، كما قال تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (¬3) فيخيلون للإنسان أن الحبل حية، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 267 (¬2) سورة الفلق الآية 4 (¬3) سورة طه الآية 66

والعصا حية، والكلب نوع آخر، والقط نوع آخر إلى غير ذلك، يسميه العامة التقمير، يعني يقمر على العيون، كما قال جل وعلا: {فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} (¬1) وسحروا أعين الناس، يعني لبسوا عليهم، حتى صار الإنسان ينظر الشيء على غير وجهه، ويظنه غير المعروف، بسبب ما وقع من التلبيس، الذي شوش على العين، حتى ظن الناس أن الحبال والعصي، بسبب سحرة فرعون، ظنوا أنها حيات، واعتقدوا أنها حيات، والساحر يتلقى من الشياطين، قال تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} (¬2) هكذا بين سبحانه وتعالى، ثم قال: {وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ} (¬3) يعني ويعلمونهم ما أنزل على الملكين، {بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ} (¬4) يعني الملكين هاروت وماروت {حَتَّى يَقُولَا} (¬5) للمتعلم {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (¬6) يعني أن الملكين فتن بهما الناس، فلا تكفر بتعاطي السحر، فدل ذلك على أن تعاطي السحر كفر بعد الإيمان، وردة بعد الإسلام إذا كان مسلما؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الشياطين، والتقرب إليهم بالذبح والنذر، والاستغاثة والسجود لهم، ونحو ذلك، فيكون الساحر بهذا كافرا مرتدا، لكونه يتعاطى مع الشياطين ما هو من حق الله، من العبادة؛ ولهذا قال ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 116 (¬2) سورة البقرة الآية 102 (¬3) سورة البقرة الآية 102 (¬4) سورة البقرة الآية 102 (¬5) سورة البقرة الآية 102 (¬6) سورة البقرة الآية 102

جل وعلا: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا} (¬1) يعني ينصحانه، حتى يقولا له {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا} (¬2) يعني من هاروت وماروت {مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} (¬3) يعني يتعلمون من الملكين أشياء من السحر تلبس على الزوج والزوجة، حتى يعتقد الزوج أن المرأة هي التي ساءت حالها وتغيرت طباعها، حتى يبغضها ويطلقها، وهكذا المرأة يلبسون عليها ويقمرون عليها ويسحرون عينها، بالنسبة إلى زوجها حتى تتخيل أنه غير زوجها وأن صورته تغيرت وحاله تغيرت، فتنكره وتطلب الفراق. قال تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} (¬4) يعني لا يقع السحر إلا بإذن الله، يعني بإذن الله الكوني القدري لا الشرعي. لأن الله سبحانه ما أذن فيه شرعا، بل حرمه وحذر منه. ولكنه يقع بإذنه الكوني القدري، كل شيء بقدره، الطهور والإيمان والسحر والقتل والأكل والشرب والموت والحياة، كلها بقدره، كلها بإذن الله وقدره، فلهذا قال سبحانه: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} (¬5)، ثم قال سبحانه وتعالى: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ} (¬6)، دل على أن السحر يضر ولا ينفع، والمضرة على الساحر وعلى المسحور جميعا، وشره عظيم، وقدره الله لحكمة بالغة، وابتلاء وامتحان، ثم قال سبحانه: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ} (¬7) يعني: السحر {مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} (¬8) ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 102 (¬2) سورة البقرة الآية 102 (¬3) سورة البقرة الآية 102 (¬4) سورة البقرة الآية 102 (¬5) سورة البقرة الآية 102 (¬6) سورة البقرة الآية 102 (¬7) سورة البقرة الآية 102 (¬8) سورة البقرة الآية 102

يعني من الجزاء {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} (¬1) معنى شرى يعني باع، يعني باعوا أنفسهم على الشيطان {لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (¬2)، ثم قال سبحانه: {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (¬3) فدل على أن السحر ضد الإيمان والتقوى، وضد الآخرة. فالواجب على كل إنسان أن يحذره، على كل مسلم أن يحذر السحر ويتباعد عنه، وعن أسبابه وعن أهله، وفي إمكان المؤمن أن يتعوذ بالله من السحرة ويبتعد عنهم بالاعتصام بحبل الله والاستقامة على دين الله، وعدم الركون لهم، وعدم التعلم منهم، ويتحرز من ذلك بالأشياء المشروعة، مثل: آية الكرسي عند النوم وبعد كل صلاة، ومثل: قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، بعد كل صلاة وبعد المغرب والفجر ثلاث مرات، وعند النوم ثلاث مرات، كل هذا من أسباب السلامة من السحر، وهكذا كونه يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، هذا أيضا من أسباب العافية. فالمؤمن يتحرز من كل شر بما شرعه الله، ومن ذلك السحر، لأنه شر عظيم، خطره كبير، فالواجب على المؤمن أن يحذر كل شر، وأن يتعاطى الأسباب التي جعلها الله أسبابا للسلامة، ويعلم أنها بيد الله سبحانه وتعالى، فلا يضرك ساحر ولا غيره إلا بإذن الله، فالجأ ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 102 (¬2) سورة البقرة الآية 103 (¬3) سورة البقرة الآية 103

إلى الله واستقم على دينه، والتزم التعوذات الشرعية والأسباب الشرعية، وبذلك تسلم بإذن الله، ولا يضرك السحرة ولا الشياطين، ومن أسباب السلامة: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات، صباحا ومساء، وبسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات، صباحا ومساء. هذه من أسباب السلامة من كل سوء، «جاء رجل للرسول صلى الله عليه وسلم فقال له: لدغتني عقرب البارحة، فقال: " أما إنك لو قلت: أعوذ بكلمات الله التامات، من شر ما خلق، لم تضرك (¬1)» وقال صلى الله عليه وسلم «من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك (¬2)»، وقال صلى الله عليه وسلم «من قال بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم، ثلاث مرات صباحا لم يضره شيء حتى يمسي، وإن قالها مساء لم يضره شيء حتى يصبح (¬3)»، هذه نعمة من الله عز وجل، فعليك يا عبد الله أن تجتهد في التعوذات الشرعية، والأسباب الشرعية، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار والتعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، برقم 2709 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار والتعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، برقم 2708 (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه، برقم 476

وبذلك تسلم من شر أعدائك ومكائد أعدائك، من الشياطين ومن السحرة ومن غيرهم، والله يقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} (¬1)، فأنت مأمور بأخذ الحذر من كل سوء، مما يضرك في الدنيا ومما يضرك في الآخرة، بالتحرزات الشرعية، والأسباب الشرعية في جميع الأحوال. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 71

بيان الحكم الشرعي في الساحر

82 - بيان الحكم الشرعي في الساحر س: هل الساحر الذي يعلم بأنه ساحر، يكفر كفر المعين أم كفر العمل؟ (¬1) ج: إذا عرف أنه ساحر فهو كافر عند أهل العلم، يجب قتله ولا يستتاب، ويجب على ولي الأمر ولي أمر المسلمين، أن يقتله لقول الله عز وجل، في الملكين اللذين يعلمان السحر: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (¬2) يعلمانه: بأن ما يقال لك فتنة، وأنه كفر، فالواجب على العبد أن يحذر السحر، وتعاطيه والعمل به كله شر، وكله ضرر وكله كفر، وقال في السحرة سبحانه: ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 28 (¬2) سورة البقرة الآية 102

{وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (¬1) فدل على أن عملهم ضد الإيمان، وضد التقوى. فالواجب على ولاة الأمور، إذا عرفوا أن فلانا ساحر، أو فلانة الواجب قتلهم، لما فيهم من الشر ولما في بقائهم من الشر والفساد، وقد ثبت عن عمر رضي الله عنه، أنه كتب إلى عماله في الشام أن يقتلوا السحرة، وثبت عن حفصة أم المؤمنين أنها قتلت ساحرة، كانت عندها تخدمها قتلتها، فالمقصود أن السحرة شرهم عظيم، وفسادهم كبير. فالواجب على ولاة أمر المسلمين أنهم إذا عرفوا ذلك، وثبت عندهم ذلك، أن يحكموا عليهم بالإعدام، لما في ذلك من الخير العظيم، للمسلمين ولما في بقائهم من الشر على المسلمين. س: الأخ: آدم من السودان، يسأل عن رجل، يقول إنه سحره ثلاث مرات. واكتشف ذلك السحر. هل له قتله؟ (¬2) ج: ليس له قتله، ولكن يحاكمه إلى المحكمة التي عندهم أو إلى أمير بلده، إن كان بلده فيه أمير حتى ينظر في الأمر، وحتى تجرى ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 103 (¬2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 138

عليهم الأحكام التي تجرى على أمثالهم، إن كانت محكمة شرعية ففيها الكفاية والحمد لله، وإن كانت محاكم قانونية ليست محاكم شرعية طلب من ولاة الأمور أن ينظروا في الأمر، الذي ينصفه من هذا الرجل، هذا الساحر ويزيل عنه السحر، بالطريقة التي ليس فيها ظلم ولا عدوان على أحد، بل بالطريقة التي يرجع فيها لأهل العلم وأهل الشرع، حتى ينظروا في أمرهم وحتى يحكموا بينهم وإن كان في غير محكمة، يعني تحال إلى العالم الشرعي، حتى ينظر في الأمر، أو يصلح بينهم وبينه بصلح يحصل به المقصود، من استسماحه أو إعطائه مالا يرضيه، أو فك السحر بغير السحر عنه، إن كان السحر لا يزال، أو ما أشبه ذلك. المقصود يرجع إلى أعيان الناس وكبار الناس والمسؤولين في البلد، حتى يصلحوا بينه وبينه ويحلوا مشكلته، إن كان ما فيه محكمة شرعية.

حكم الصلاة خلف من يتعاطي بعض أعمال السحر

83 - حكم الصلاة خلف من يتعاطى بعض أعمال السحر س: في قريتنا رجل يحفظ القرآن الكريم كاملا، ويؤم الناس في الصلاة، ولكنه يعمل بعض أعمال السحر، ويقول إنها أعمال حب فقط، أي جمع بين اثنين، فهل تحل الصلاة وراءه، وإن لم يكن فهل ننصرف عنه إلى مسجد آخر؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا عرف أنه يتعاطى السحر يجب أن يرفع أمره إلى المحكمة حتى يستتاب وحتى تحكم المحكمة بما يقتضيه الشرع المطهر، والصواب أيضا أنه لا يستتاب بل يقتل ولا يصلى خلفه، الساحر كافر إذا ثبت السحر عند المحكمة، والمحكمة أعلم بهذا، فارفعوا أمره إلى المحكمة ولا تصلوا خلفه، واطلبوا من المسؤولين في الأوقاف، أن يعينوا بدلا منه، من أهل الخير، ولا يجوز لكم الصلاة خلفه، ولا تركه، بل يجب الرفع عنه، للمحكمة حتى تعمل معه ما يلزم، من جهة إثبات سحره والحكم عليه بما يقتضي الحكم الشرعي فنسأل الله السلامة والعافية. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم 320

السحر يؤثر في المسحور بإذن الله تعالى

84 - السحر يؤثر في المسحور بإذن الله تعالى س: الأخت: هدى، تقول: كيف يؤثر السحر على الناس؟ مع أنه لا يحصل شيء إلا بإذن الله تعالى. وهل يجوز أن أذهب إلى شيخ لأرى، هل من أحد ضرني إذا كنت أشك في ذلك؟ أرجو الإفادة والتوضيح جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: قد دل كتاب الله عز وجل وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، على أن السحر قد يقع بالنسبة إلى بعض الناس، وقد يؤثر في المسحور بإذن الله عز وجل، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} (¬2) فبين سبحانه أنهم قد يضرون به، لكن بإذن الله، بقضاء الله وقدره، ثم قال بعده: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (¬3) يعني باعوا أنفسهم لو كانوا يعلمون، {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (¬4) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 129 (¬2) سورة البقرة الآية 102 (¬3) سورة البقرة الآية 102 (¬4) سورة البقرة الآية 103

هذا يدل على خطر السحر، وأن صاحبه لا خلاق له عند الله، يعني لا حظ له ولا نصيب وأنه ضد الإيمان، وضد التقوى وأنه كفر كما قال عن الملكين إنهما يقولان، لمن يتعلم: إنه كفر فلا تكفر، {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (¬1) يعني لمتعلمه، {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (¬2) فدل ذلك على أن تعلم السحر وتعليمه، والعمل به كفر نسأل الله العافية، وما ذلك إلا لأنه عبادة للشياطين، وتقرب إليهم بالذبائح والنذور والدعاء والاستغاثة ونحو ذلك، فلا يكون الساحر ساحرا إلا بتقربه للشياطين والجن وعبادتهم من دون الله عز وجل. فقد يقع تأثر في المسحور ببغضه لزوجته، أو بغضها لزوجها إذا كانت هي المسحورة، ولهذا قال سبحانه: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} (¬3) بين المرء يعني الرجل وزوجه يعني زوجته، {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} (¬4) يعني لا يضر السحرة أحدا إلا بإذن الله بمشيئته سبحانه وتعالى. فدل ذلك على أن ما يقع من الضرر بمشيئة الله، ليس من قدرة الساحر بل الساحر سبب، والله جل وعلا هو مقدر الأمور سبحانه وتعالى، وهو الذي قضاها بحكمته وقدره السابق سبحانه وتعالى. وكل ما في الوجود هو بمشيئة الله. ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن من كفر وسحر ومعاص وطاعات، كله بقدر الله سبحانه ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 102 (¬2) سورة البقرة الآية 102 (¬3) سورة البقرة الآية 102 (¬4) سورة البقرة الآية 102

وتعالى وله الحكمة البالغة جل وعلا، كما قال سبحانه وتعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (¬1)، وقال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (¬2)، فالأمور كلها بيده سبحانه وتعالى. ولا يقع منها شيء في هذه الدنيا إلا بمشيئته سبحانه وتعالى وقدره السابق، فالطاعات بقدره السابق، والمعاصي بقدره السابق، والعبد له اختيار وله مشيئة، يفعل ويختار، ويعرف ما يضره وما ينفعه، فهو مؤاخذ باختياره إن اختار ما يضره، كما أنه مثاب إذا اختار ما ينفعه من طاعات الله عز وجل، ولكنه مع هذا تابع لمشيئة الله، كما قال سبحانه: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} (¬3) قال سبحانه: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} (¬4) سبحانه وتعالى، وقد يكون السحر تخييلا وتدبيرا ليس له أثر في بدن الإنسان، كما قال جل وعلا في قصة موسى وفرعون: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (¬5) فهم أوجدوا حبالا وعصيا أمام الناس فظنها الناس حيات في الأرض، وإنما هي حبال وعصي، لكن خيل للناس أنها حيات لما فعلوا من التزوير، والتضليل على عيونهم بأشياء عرفوها وأقدرهم ¬

_ (¬1) سورة الحديد الآية 22 (¬2) سورة القمر الآية 49 (¬3) سورة التكوير الآية 28 (¬4) سورة عبس الآية 12 (¬5) سورة طه الآية 66

الله عليها، حتى ظنها المشاهدون حيات، وخافوا منها، والحقيقة أنها ليست حيات ولكنها حبال وعصي، ولهذا يقول سبحانه: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (¬1)، بخلاف يد موسى فإنها حقيقة وبخلاف عصاه، فإنها حقيقة، جعل الله العصا حية تسعى، ثم أعادها سبحانه لصفتها الأولى جل وعلا وهكذا يده جعلها بيضاء ليس فيها مرض ولكنه آية، فعرفت بهذا أيها السائل وأيها المستمع أن السحر له حالان: إحداهما: حقيقية تؤثر في المسحور، بمرض أو قتل أو بغضاء بينه وبين صاحبه، أو بينه وبين زوجته، والحال الثاني: تخييل وتزوير وليس لها آثار في نفس الإنسان، ولكنه يخيل إليه أن زوجته غير زوجته، وأن أخاه غير أخيه، وأن صاحبه غير صاحبه، وهكذا يخيل له أشياء تنفره من صاحبه وتنفره من زوجته، أو تنفرها من زوجها بسبب ما وضعوا من الأشياء، التي شوهت منظر الزوج أو الزوجة، أو الصاحب حتى صار غير حاله الأولى، فوقعت البغضاء والتغير والتكدر لما حصل من التزوير والتخييل من الساحر، بين هذا وهذا. والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله. له علاج والحمد لله، الله جعل له علاجا من القرآن الكريم، فإن الله جعل في القرآن شفاء من كل داء، فالقراءة على المسحور من آيات الله، التي نزلت في السحر وآية الكرسي، وقل يا أيها الكافرون، قل هو الله أحد، وسورتي ¬

_ (¬1) سورة طه الآية 66

المعوذتين، هذه إذا قرئت على المسحور ودعي له بالعافية ينفعه الله بذلك، أو تقرأ في ماء ينفث في الماء آيات السحر، التي في الأعراف والتي في يونس والتي في طه ثم يقرأ معها آية الكرسي، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، والمعوذتين، ثم يشرب منها المسحور أو المسحورة، أو المحبوس عن زوجته ثلاث حسوات، ثم يغتسل بالباقي هذا بإذن الله مجرب لزوال السحر، وزوال الحبس للذي حبس عن زوجته، هذا مجرب وواقع والحمد لله، ومن الدواء النافع المجدي الناجع والحمد لله، وقد يعرف المسحور من سحره، ويكون السحر في مسامير ينظم بعضها في بعض، أو في شعر عقد بعضه في بعض، أو خرق أو أشباه ذلك، وقد يعرفها المسحور فإذا عرفها وأزالها، بطل السحر، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله. والآيات التي تقرأ من سورة الأعراف قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} (¬1) {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬2) {فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ} (¬3)، ومن سورة يونس: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} (¬4) {فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ} (¬5) {فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} (¬6) {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} (¬7)، وفي سورة طه يقول سبحانه: ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 117 (¬2) سورة الأعراف الآية 118 (¬3) سورة الأعراف الآية 119 (¬4) سورة يونس الآية 79 (¬5) سورة يونس الآية 80 (¬6) سورة يونس الآية 81 (¬7) سورة يونس الآية 82

{قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى} (¬1) {قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (¬2) {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} (¬3) {قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} (¬4) {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} (¬5)، فهذه الآيات وآية الكرسي، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، كلها تقرأ في الماء أو على المسحور أو المحبوس عن زوجته، ويدعى له بالشفاء والعافية، بالدعاء المشهور، الذي علمه النبي أصحابه عليه الصلاة والسلام: «اللهم رب الناس أذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما (¬6)»، وإذا كررها ثلاثا كان أحسن، لأنه عليه الصلاة والسلام، كان إذا دعا دعا ثلاثا. وهكذا الدعاء المشهور الذي رقى به جبرائيل النبي عليه الصلاة والسلام: «بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك» هذا أيضا ينبغي أن يكرر ثلاثا، كما فعل جبرائيل مع النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه رقاه بهذه الرقية العظيمة. وإذا دعا له معه بدعوات أخرى فلا بأس، من الدعوات الطيبة، قال: اللهم اشفه وعافه، اللهم أبعد عنه السوء، اللهم أبرئه من مرضه ونحو هذا لا بأس، كله طيب. ¬

_ (¬1) سورة طه الآية 65 (¬2) سورة طه الآية 66 (¬3) سورة طه الآية 67 (¬4) سورة طه الآية 68 (¬5) سورة طه الآية 69 (¬6) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب الطب والمرض والرقى، برقم 2186

والسحر لا يقع إلا بمشيئة الله، مثل ما قال سبحانه: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} (¬1)، فالشيء كله بإذن الله وقضائه، إذا أراده سبحانه وقع، وإذا ما أراده لم يقع، ولو فعل الساحر ما فعل وهناك أشياء، ينبغي التحرز منها ومن غير هؤلاء التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق: صباحا ومساء ثلاث مرات، وقول: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم ثلاث مرات صباحا ومساء، كل هذا من أسباب السلامة من السحر والعين وغير ذلك، كذلك قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة، وقراءتها عند النوم، كذلك قراءة قل هو الله أحد والمعوذتين، بعد كل صلاة مرة وبعد الفجر والمغرب ثلاث مرات، كل هذا من أسباب العافية من كل سوء بإذن الله عز وجل. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 102

حكم إنكار وقوع السحر

85 - حكم إنكار وقوع السحر س: شيخ عبد العزيز، سمعت من بعض طلبة العلم إنكاره للسحر، حتى إنه قال: ائتوا بالسحرة ليسحروني إن كانوا صادقين، توجيهكم لو سمحتم ولا سيما إذا كانت هذه العبارة من شخص مشهور وله شعبية لا بأس بها؟ (¬1) ج: هذا جهل وغلط، هذه العبارات تصدر عن جهل، فقد سحر النبي صلى الله عليه وسلم وهو أفضل الخلق، وقد صحت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سحر، وعافاه الله من ذلك وشفاه الله سبحانه وتعالى، هذا شيء معروف وأجمع المسلمون على أنه يقع بإذن الله سبحانه وتعالى، لكن بعضه يؤثر على المريض وبعضه بالتخييل كما تقدم. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 129

الأوراد والتعوذات الشرعية سبب للعافية والسلامة من السحر

86 - الأوراد والتعوذات الشرعية سبب للعافية والسلامة من السحر س: فيما يتعلق بالجن أو السحر، وما يحدث بسببهما سماحة الشيخ ماذا ترون من وقاية؟ (¬1) ج: السحر قد يقع من الناس لا شك فيه، وهو في الغالب يكون ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 344

في عمل من شياطين الإنس الذين ينقلونه عن الجن، فيعقدون عقدا وينفثون فيها بريقهم الخبيث وكلماتهم الشيطانية، فقد يقع بإذن الله ما يريدون، كما قال جل وعلا: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬1) {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} (¬2) {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} (¬3) {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} (¬4) {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} (¬5) هن السواحر اللاتي ينفثن في العقد من الريق الخبيث، والكلمات الخبيثة، والدعوات الخبيثة، فقد يقع ما أرادوا بإذن الله، وقد لا يقع، ولهذا قال سبحانه: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ} (¬6). فالسحر حق، قد يقع وهو منكر عظيم، والرسول قرنه بالشرك، قال صلى الله عليه وسلم: «اجتنبوا السبع الموبقات "، قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: " الشرك بالله، والسحر (¬7)»، وفي لفظ قبل الشرك هكذا جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة، والله جل وعلا قال: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} (¬8) هو من تعليم الشياطين ومن تعديهم على بني ¬

_ (¬1) سورة الفلق الآية 1 (¬2) سورة الفلق الآية 2 (¬3) سورة الفلق الآية 3 (¬4) سورة الفلق الآية 4 (¬5) سورة الفلق الآية 5 (¬6) سورة البقرة الآية 102 (¬7) أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب قول الله تعالى: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى)، برقم 2767، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها، برقم 89 (¬8) سورة البقرة الآية 102

آدم وإيذائهم لهم وإيقاعهم في أنواع الباطل، فينبغي للمؤمن أن يتحرز عن ذلك بما تقدم من التعوذات الشرعية من آية الكرسي، ومن قراءة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1) والمعوذتين بعد الصلوات وقراءتها عند النوم، وقراءة " أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق " يقول صلى الله عليه وسلم: «من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك (¬2)»، وجاءه رجل فقال: لقد لقيت كذا وكذا هذه الليلة من لدغة عقرب، أو كما قال الرجل فقال صلى الله عليه وسلم: «أما إنك لو قلت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضرك (¬3)»، وجاء في حديث آخر أنه قال: «من قال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات لم تضره حمة (¬4)» يعني: سم السموم. المقصود أن هذه التعوذات جعلها الله جل وعلا سببا للعافية والسلامة من هذه الشرور، فينبغي للمؤمن أن يكون عنده قوة إيمان وثقة بالله وحسن الظن بالله، مع الإتيان بهذه الأوراد الشرعية ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، برقم 2708 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، برقم 2709 (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 7838

والتعوذات الشرعية، والله جل وعلا هو الكافي المعافي سبحانه وتعالى بيده كل شيء {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} (¬1)، كذلك الجن التعوذ بالله منهم، من أسباب السلامة، فإن الجن مخلوقون مربوبون، فالذي خلقهم هو الذي يعيذ منهم سبحانه وتعالى، فإذا لجأ الإنسان إلى الله وتعوذ بكلماته التامة من شر ما خلق أعاذه منهم ومن غيرهم، وهكذا آية الكرسي عند النوم من أسباب السلامة منهم ومن غيرهم، وهكذا قراءة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) والمعوذتين من أسباب السلامة من كل شر ومن الشياطين أيضا، والله سبحانه هو الخلاق وبيده تصريف الأمور جل وعلا، وبيده الضر والنفع والعطاء والمنع، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، سبحانه وتعالى، قد ذكر عن السحرة أنهم يتعلمون من السحر الذي تفعله الشياطين وتلقيه الشياطين، يفعلون بذلك ما يفرقون بين المرء وزوجه، يعني: يفعلون أشياء تسبب كراهية الزوج لزوجته، أو كراهيتها له حتى يفارقها، ثم قال بعده: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} (¬3) يعني: من حظ ولا نصيب، {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (¬4) {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (¬5). ¬

_ (¬1) سورة الزمر الآية 36 (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة البقرة الآية 102 (¬4) سورة البقرة الآية 102 (¬5) سورة البقرة الآية 103

فدل على أنه خلاف التقوى وخلاف الإيمان، وبين أيضا أنه كفر، قال سبحانه: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (¬1)، وهذا يدل على أن تعلم السحر وتعليم السحر واستعماله كفر بعد الإيمان نعوذ بالله؛ لأنه إنما يكون بطاعة الشياطين وعبادتهم من دون الله، فإذا أطاع الشياطين من الجن وعبدهم من دون الله، علموه بعض الأشياء التي تضر الناس، يروى عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سحر فقد أشرك (¬2)». فالمقصود أن السحر من أسباب الشرك؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الجن والاستغاثة بهم، والاستعانة بهم، والتقرب إليهم بذبح أو نذر أو سجود أو غير ذلك، فلهذا حكم العلماء على السحرة بأنهم كفار هذا هو المعروف عند جمهور أهل العلم، أن كل ساحر كافر، وقال بعض أهل العلم: يسأل عن صفة سحره، فإن وصف شيئا يدل على الكفر صار كافرا، وإلا صار من جملة المعاصي، ومن جملة الظلم للناس، وبكل حال هذا المعنى لا يخالف ما قاله الجمهور، فإن مراد الجمهور هو السحر الذي لا يعرف له أسباب تبعده عن الكفر، فالساحر في الغالب إنما يكون ساحرا بخدمته للجن، وعبادته لهم، أما من ادعى سحرا في شيء لا يكون من جنس السحر لكنه قد يضر ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 102 (¬2) أخرجه النسائي في كتاب تحريم الدم، باب الحكم في السحرة، برقم 4079

الناس في عمل آخر غير عبادة الجن وخدمة الجن وطاعتهم، والاستغاثة ونحو ذلك كأشياء يستعملها من مواد تؤكل أو تشرب أو يدخن بها أو يدهن بها، فتضر بعض الناس هذا من باب الظلم من باب الإيذاء ليست من باب عبادة الجن. س: ما هي الآيات التي تدفع السحر؟ (¬1) ج: ذكر بعض أهل العلم أن من أسباب العافية مما قد يمس الإنسان من السحر ومس الجن وما قد يمسه أيضا من حبسه عن زوجته أن من أسباب الشفاء من ذلك: قراءة آية الكرسي، ينفث بها في الماء، وسورة الفاتحة، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، والمعوذتين، فإذا قرأ هذه السور، والآية الكريمة آية الكرسي، وقرأ مع ذلك أيضا آيات السحر الموجودة في سورة الأعراف، وسورتي يونس وطه كان ذلك من أسباب الشفاء، إذا شرب من الماء واغتسل به فإنه من أسباب سلامته من السحر، ومن أسباب إطلاقه عن حبسه عن أهله، وآيات الأعراف هي قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} (¬2) {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬3) {فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ} (¬4)، هذه الآيات في الأعراف من ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 76 (¬2) سورة الأعراف الآية 117 (¬3) سورة الأعراف الآية 118 (¬4) سورة الأعراف الآية 119

أسباب الشفاء قراءتها في الماء، أو ينفث بها على المريض مع الفاتحة ومع آية الكرسي ومع {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬1)، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) والمعوذتين، إما أن ينفث بها على المصاب، وإما أن يقرأها في ماء ثم يشرب منه ويغتسل بالباقي، وفي سورة يونس يقول جل وعلا: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} (¬3) {فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ} (¬4) {فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} (¬5) {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} (¬6)، يعني إما أن يقرأها عليهم وإما بقراءتها في الماء ونحوه، أما آيات طه فهي قوله سبحانه: {قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى} (¬7) {قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (¬8) {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} (¬9) {قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} (¬10) {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} (¬11). ¬

_ (¬1) سورة الكافرون الآية 1 (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة يونس الآية 79 (¬4) سورة يونس الآية 80 (¬5) سورة يونس الآية 81 (¬6) سورة يونس الآية 82 (¬7) سورة طه الآية 65 (¬8) سورة طه الآية 66 (¬9) سورة طه الآية 67 (¬10) سورة طه الآية 68 (¬11) سورة طه الآية 69

س: السائل: أ. ر. يقول: كثر في هذه الأيام التحدث عن السحر أعاذنا الله وإياكم منه، فما هي الوقاية الصحيحة من القرآن والسنة حول هذا الأمر جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: السحر يقع وهو معروف، ولا شك أنه قد يقع من بعض الناس، والساحر مشرك يجب قتله إذا عرف نسأل الله العافية، قد أمر عمر رضي الله عنه أمراءه أن يقتلوا السحرة، ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «حد الساحر ضربة بالسيف (¬2)»؛ لأنه كافر يدعو إلى الكفر، وأما التوقي: فالتوقي بالتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، كونه يتعوذ صباحا ومساء بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات صباحا ومساء كما جاءت الأحاديث بذلك، من أتى بهذا كفاه الله شر كل شيء، أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، ثلاث مرات صباحا ومساء، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم: ثلاث مرات، كذلك قراءة قل هو الله أحد، والمعوذتين صباحا ومساء ثلاث مرات من أسباب السلامة من السحر وغيره. وهكذا عند ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 405 (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الحدود، باب ما جاء في حد الساحر، برقم 1460

النوم يقرؤها ثلاث مرات، آية الكرسي عند النوم من أسباب السلامة من السحر والشيطان قراءتها بعد كل صلاة كل هذا من أسباب العافية والسلامة، نسأل الله السلامة والعافية.

بيان ما يتحصن به الإنسان من السحر قبل وقوعه

87 - بيان ما يتحصن به الإنسان من السحر قبل وقوعه س: هذا سائل: سماحة الشيخ يقول كيف يتقي الإنسان السحر قبل وقوعه، وما العلاج في ذلك مأجورين؟ (¬1) ج: إن المشروع لكل مسلم أن يتقي الشر بالتعوذات الشرعية التي شرعها الله لعباده السحر وغيره فهو مأمور بالتعوذ بالله، ومن ذلك أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات صباحا ومساء، ومن ذلك قوله: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات صباحا ومساء كل هذا من أسباب العافية من كل سوء كما جاءت به الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ومن ذلك قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة وعند النوم هي من أسباب العافية أيضا والسلامة ومن ذلك قراءة قل هو الله أحد والمعوذتين صباحا ومساء ثلاث مرات من أسباب العافية من كل شر، وقراءة هذه السور الثلاث عند النوم مع النفث في الكفين عند ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 422

النوم والمسح على الرأس والوجه والصدر هذا من أسباب العافية من كل سوء من السحر وغيره، وهكذا بقية الدعاء: اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة كما في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اسألوا الله العفو والعافية فإن أحدا لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية (¬1)»، أو كما قال عليه الصلاة والسلام: «اللهم إني أعوذ بك من الشر كله، اللهم إني أعوذ بك من كل داء، أعوذ بك من كل ما يسخطك (¬2)»، أو اللهم إني أعوذ بك من كل ما يضرني المقصود يتعوذ بالله من كل شر لكن استعمال التعوذات الشرعية والأدعية الشرعية يكون أفضل وأيضا من العلاج يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تصبح بسبع تمرات من عجوة المدينة لم يضره سم ولا سحر (¬3)»، وفي لفظ: «مما بين لابتيها (¬4)»، يعني من تمر المدينة كله لم يضره سم ولا سحر، ويرجى في بقية التمر كذلك إذا تصبح بسبع تمرات أن الله ينفعه بذلك أيضا. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 3558 (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الدعاء، باب الجوامع من الدعاء، رقم 3846، بجزء منه (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأطعمة، باب العجوة، برقم 5445، ومسلم في كتاب الأشربة، باب فضل تمر المدينة، برقم 2047 (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الأشربة، باب فضل تمر المدينة، برقم 2047

أسباب وقوع المس وضيق الصدر والسحر

88 - أسباب وقوع المس وضيق الصدر والسحر س: هذه السائلة تقول: يعاني البعض من الناس من المس أو الضيق في الصدور، أو السحر، ما هي الأسباب يا سماحة الشيخ؟ وما هو العلاج؟ جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: الأسباب في الغالب الغفلة عن الله وعدم العناية بالطاعات والأوراد الشرعية أما من كان يستعمل الأوراد الشرعية والتعوذات الشرعية ويستقيم على طاعة الله فالغالب أنه يسلم من هذه الأمور ولا يكون للشياطين عليه سلطان لكن مع المعاصي والغفلة عن الله يبلى بشيء من الشياطين والوسوسة. والعلاج: التعوذ من الشيطان، والاجتهاد في طاعة الله، وسؤال العافية والاستكثار من التعوذ بالله من الشيطان الرجيم حتى في الصلاة إذا حصل وسوسة ينفث من يساره ثلاث مرات يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثلاث مرات، ويزول البأس. فالمقصود: أن العلاج من الوسوسة التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، والاجتهاد في طاعة الله ورسوله والاستكثار من قراءة القرآن، كل هذا من أسباب العافية، وهناك أوراد شرعية منها أن يحافظ على قراءة آية الكرسي عند النوم، وبعد الصلاة بعد الأذكار الشرعية، ومن ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 370

ذلك أن يقرأ: قل هو الله أحد والمعوذتين بعد كل صلاة ويكررها ثلاث مرات صباحا ومساء وعند النوم: قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، تكفيه من كل شيء، ومن ذلك قراءة الآيتين من سورة البقرة أول الليل {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} (¬1) إلى آخر السورة قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «من قرأهما في ليلة كفتاه (¬2)»، يعني من كل سوء، ومن ذلك أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه من قالها في الصباح لم يضره شيء حتى يمسي، ومن قالها مساء لم يضره شيء حتى يصبح. الإنسان يتعاطى هذه الأمور، يتعاطى هذه الأدعية الشرعية، والأذكار الشرعية، ويبشر بالخير. س: يقول السائل سمعت أنه لا يجوز علاج السحر ما هو توجيهكم جزاكم الله خيرا؟ (¬3) ج: السحر يعالج، السحر نوعان: نوع خيالي كما قال جل وعلا: ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 285 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب شهود الملائكة بدرا، برقم 4008، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة. . .، رقم 807 (¬3) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 351

{يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (¬1) تقمير على العيون، تقمير لا حقيقة له. ونوع ثان: حقيقة قد يمرض الإنسان قد يذهب عقله قد يفرق بينه وبين زوجته، فيعالج بالقراءة وبالأدوية الشرعية المباحة. ¬

_ (¬1) سورة طه الآية 66

بيان الآيات القرآنية التي تبطل السحر

89 - بيان الآيات القرآنية التي تبطل السحر س: سمعت من برنامجكم: بأن تقرأ بعض آيات القرآن الكريم لإبطال عمل السحر، فما هي هذه الآيات؟ وهل يجوز قراءتها من قبل الشخص نفسه أم من قبل شخص آخر؟ (¬1) ج: نعم قراءة الآية ينفع الله بها من الشخص نفسه، ومن غيره من أهل الإيمان والتقوى، فإذا ظن الإنسان أن به سحرا أو علم بأنه به سحر، وقرأ على نفسه آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (¬2) مع فاتحة الكتاب ومع {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬3) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬4) و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬5) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 172 (¬2) سورة البقرة الآية 255 (¬3) سورة الكافرون الآية 1 (¬4) سورة الإخلاص الآية 1 (¬5) سورة الفلق الآية 1

و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬1) ينفث على صدره، ويقرأ هذه السور والآيات، كل ذلك يفيده إن شاء الله، ومن أسباب عافيته وسلامته من السحر، ويحسن أن يكرر {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) والمعوذتين ثلاث مرات، مع النفث على صدره، ويحسن أيضا أن يقرأ آيات السحر، المعروفة في سورة الأعراف وفي سورة يونس وفي سورة طه، يقرؤها أيضا مع ذلك في الماء ويشرب منه، ويغتسل بالباقي كل هذا من أسباب العافية، فإن نفث على نفسه بذلك على صدره بذلك فهذا من أسباب العافية، وإن قرأ ذلك في ماء ثم شرب منه واغتسل به فذلك أيضا من أسباب الشفاء، وإن جعل في الماء سبع ورقات من السدر الأخضر، دقها وجعلها في الماء فذلك أيضا مفيد في علاج السحر. وهكذا في علاج الرجل الذي حبس عن زوجته ينفعه هذا بإذن الله، وإن قرأها غير المصاب، قرأها بعض إخوانه في الله، في ماء وشرب منه واغتسل به، فذلك نافع إن شاء الله، وينبغي أن يختار لذلك من أهل الخير المعروفين بالخير والعلم والفضل، حتى يقرأ هذه الآيات في الماء. ¬

_ (¬1) سورة الناس الآية 1 (¬2) سورة الإخلاص الآية 1

بيان الأذكار الشرعية والعلاجات المباحة لإزالة أثر السحر

90 - بيان الأذكار الشرعية والعلاجات المباحة لإزالة أثر السحر س: المرسلة ح. ع. س. ط. من حوطة سدير، تقول: لقد اكتشفنا أن إحدى أخواتي أصيبت بالسحر، بعد أن تعطلت خطبتها، واضطرت للبحث عن علاج لهذا الموضوع، فأجابتها إحدى النساء بأنك مسحورة، وأن مكان السحر تحت عتبة الباب، وتسأل كيف يتقى شر هؤلاء جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: لقد دل القرآن الكريم وهو كلام الله عز وجل، على أن السحر موجود، وبعضه تخييل، وبعضه له حقيقة وأثر، ومن هذا قوله سبحانه في قصة موسى مع السحرة: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (¬2)، ومنها قوله جل وعلا في سورة البقرة: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (¬3) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 319 (¬2) سورة طه الآية 66 (¬3) سورة البقرة الآية 102

فالسحر حقيقة لكن بعضه تخييل وتلبيس، ولا حقيقة له واقعية، كما جرى من السحرة لما فعلوا من التخييل بالحبال والعصي، ويقع بعضه مؤثرا كما ذكر الله في سورة البقرة، أن السحرة يتعلمون منهما من الملكين ما يفرقون به بين المرء وزوجه، لكن بإذن الله، ولهذا قال سبحانه: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} (¬1)، يعني بعلم الله الكوني القدري، فهذا يدل على أن السحر قد يقع منه ضرر قد يحصل منه شيء من التفريق بين الرجل وزوجته، ولكن كثيرا من الناس قد يتوهم هذا الشيء ويظن أنه سحر وليس بسحر، ولكنها أوهام ووساوس، والصواب في مثل هذا توقي السحر بالتعوذات الشرعية والأذكار الشرعية التي جعلها الله واقية منه، فالمشروع للمؤمن والمؤمنة توقي ذلك بالأسباب الشرعية، ومنها قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة، وعند النوم، ومنها قراءة قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، بعد كل صلاة وبعد الفجر والمغرب ثلاث مرات، وعند النوم ثلاث مرات، كل هذه من أسباب الوقاية من السحر ومن شر الشيطان، ومن ذلك أيضا التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق صباحا ومساء، ثلاث مرات، يقول: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، ومن ذلك ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح. وهو أن يقول صباحا ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 102

ومساء: «بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم. ثلاث مرات، إذا قالها لن يضره شيء (¬1)». ثلاث مرات صباحا وثلاث مرات مساء، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، من حديث عمر رضي الله عنه، أن من قالها ثلاث مرات صباحا، لا يضره شيء حتى يمسي، ومن قالها مساء لم يضره شيء حتى يصبح، ومن ذلك أخذ ورقات سدر أخضر سبع ورقات تدق وتجعل في ماء ويقرأ فيها آية الكرسي، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، وإذا قرأ الفاتحة، فحسن لأن الفاتحة أم القرآن، ولها شأن عظيم وهي أفضل السور، ويقرأ فيه أيضا آيات السحر في سورة الأعراف، ومن سورة طه، وسورة يونس. الأعراف قوله جل وعلا: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} (¬2) {فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬3) {فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ} (¬4)، وفي سورة يونس يقول سبحانه: {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} (¬5) {فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ} (¬6) {فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} (¬7) {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} (¬8). ومن ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه، برقم 476 (¬2) سورة الأعراف الآية 117 (¬3) سورة الأعراف الآية 118 (¬4) سورة الأعراف الآية 119 (¬5) سورة يونس الآية 79 (¬6) سورة يونس الآية 80 (¬7) سورة يونس الآية 81 (¬8) سورة يونس الآية 82

سورة طه يقول سبحانه: {قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى} (¬1) {قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (¬2) {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} (¬3) {قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} (¬4) {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} (¬5). وينفث أيضا في الماء: اللهم رب الناس أذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما، أي لا يترك سقما، ثلاث مرات، ويقول أيضا: بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك ثلاث مرات بسم الله أرقي فلانا أو صاحب هذا الماء، بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، ومن شر كل نفس أو عين حاسد، الله يشفيك بسم الله أرقيك، يقوله ثلاث مرات، كل هذا حسن، وإذا قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، ثلاث مرات حسن، ثم يشرب من هذا الماء حسوات، ويغتسل بالباقي، يصب عليه ماء يكفي للاغتسال ويغتسل بالباقي، والغالب بإذن الله أنه يزول الأثر، إن كان هناك سحر حقيقي، يزول بإذن الله وهكذا المحبوس عن زوجته، ينفعه هذا العلاج أيضا، يغتسل به، ويشرب منه ثلاث حسوات، ويغتسل بالباقي، فإن زال الأثر وحصلت العافية، فالحمد لله وإلا يشرع له أن يعيد الغسل مرتين أو ثلاثا أو أكثر، حتى يزول الأثر من سحر أو حبس ¬

_ (¬1) سورة طه الآية 65 (¬2) سورة طه الآية 66 (¬3) سورة طه الآية 67 (¬4) سورة طه الآية 68 (¬5) سورة طه الآية 69

عن الزوجة، والغالب أنه يزول في المرة الأولى، وقد يحتاج له مرة ثانية أو ثالثة والحمد لله العلاج بحمد الله ميسر فأنا أنصح بهذا العلاج، من ظن أنه مسحور أو أنه مصاب بعين، أو محبوس عن زوجته والله جل وعلا جعل هذا من أسباب الشفاء سبحانه وتعالى، وإذا قرأ على نفسه آية الكرسي، وقل هو الله أحد، والمعوذتين، ومسح على رأسه وصدره ووجهه عند النوم، فهذا ينفع أيضا، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى قرأ في كفيه: قل هو الله أحد والمعوذتين، ينفث في كفيه ثلاث مرات، يمسح بكل مرة على وجهه وصدره ورأسه هذا ينفع بإذن الله، وإذا قرأ معها آية الكرسي كان أيضا من أسباب الشفاء، كل هذه أدوية شرعية، من أصيب بشيء مما يكره، من مرض أو حبس عن الزوجة، أو ظن أنه مسحور أو وجد بغضاء بينه وبين زوجته، فيستعمل هذا والغالب بإذن الله أن الله ينفعه بذلك، وليكن صابرا ويرضى بما عند الله، ويعلم أن الله على كل شيء قدير، وأنه سبحانه هو الشافي المعافي من كل سوء وأنه يصرف العباد كيف يشاء، فليحسن ظنه بربه، ويسأله سبحانه أن ينفع بالأسباب، ويضرع إليه جل وعلا، وهو القائل سبحانه: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} (¬1) فليضرع إلى الله صادقا، وليسأله أن يشفيه ويعافيه، وأن ينفع بهذه الأسباب، وهو سبحانه الجواد الكريم، القائل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (¬2) ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 102 (¬2) سورة البقرة الآية 186

وهو القائل سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬1) نسأل الله أن يوفق المسلمين جميعا لما فيه رضاه، وأن يشفي مريضهم من كل سوء، وأن يفقههم لكل ما ينفعهم في الدين والدنيا. س: لقد ذكر السحر في كتاب الله، وهذا يؤكد كل التوكيد أن السحر شيء لا بد أن نؤمن بوجوده، وهذه هي مشكلتي أنا أبلغ من العمر ثماني وعشرين سنة، ولم أتزوج بعد وعندي شك بأنني مسحورة، ما هو الطريق الذي أسلكه حتى يبتعد عني ما أخافه، جزاكم الله خيرا؟ (¬2) ج: هذه يا بنتي أوهام، لا ينبغي لك أن تعتقديها، هذه أوهام وليست سحرا، ولكنها الأوهام التي تصيب الناس إذا تعطل شيء من شؤونهم، توهموا أشياء فلا ينبغي لك أن تعتقدي هذا، نعم، السحر موجود وله أسباب، لكن ليس تعطل الزواج أو تعطل بيع السلعة، أو طول المرض يدل على السحر، فقد يقع بأسباب أخرى، وإذا كنت شعرت من أحد، أنه فعل شيئا أوجب لك ما يضرك تعالجي، والحمد لله، العلاج موجود في كلام الله، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، فأحسن علاج ¬

_ (¬1) سورة غافر الآية 60 (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم 126

وأولى علاج القرآن الكريم، وتلاوة الآيات والنفث بها، على المسحور فإن هذا من أسباب شفاء الله، فقد جعل كتابه شفاء من كل داء، وشفاء من كل سوء، كما قال عز وجل: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (¬1) وقال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (¬2)، وقال سبحانه: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (¬3) فالقرآن كله شفاء، ولا سيما إذا قرأه القارئ المؤمن، المعروف بالاستقامة إذا قرأه على المريض، ونفث عليه ودعا له، فلا شك أن هذا من أسباب الإجابة، قد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرقي بعض أصحابه، بل رقاه جبرائيل فالرقى معروفة، والحديث: «لا رقية إلا من عين أو حمة (¬4)» يعني لا رقية أولى وأشفى إلا من عين أو حمة، والعين عين العائن والحمة سم ذوات السموم، فالسحر مثل ذلك إذا ظنت المرأة أنها مسحورة، أو الرجل ذكر عائنا رجلا أو امرأة، فليستعن بما شرع الله من الدعاء، وسؤال الله العافية، ولا مانع أن يستعين ببعض أهل العلم، المعروفين بالخير في القراءة عليه، والنفث عليه وذلك من ¬

_ (¬1) سورة فصلت الآية 44 (¬2) سورة يونس الآية 57 (¬3) سورة الإسراء الآية 82 (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب من اكتوى أو كوى غيره وفضل من لم يكتو. . .، برقم 5705، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة، برقم 220

أسباب الشفاء، ومن أسباب الشفاء أيضا قراءة آيات السحر التي في سورة الأعراف، ويونس، وطه في إناء به ماء ثم يقرأ معها آية الكرسي، وقل هو الله أحد والمعوذتين، ثم يشرب من هذا الماء ثلاث حسوات، ثم يغتسل بالباقي هذا مجرب في زوال السحر، إذا كان موجودا عنده سحر، ومجرب في شأن الرجل إذا حبس عن زوجته، وإن جعل في الماء سبع ورقات من السدر الأخضر جعلها في الماء كان ذلك من أسباب الشفاء، نبه على هذا كثير من أهل العلم، ونبه عليه الشيخ عبد الرحمن بن حسن في كتاب فتح المجيد، في شرح باب ما جاء في النشرة، المقصود أن هذا بحمد الله مثل سائر الأمراض له علاج، فالعلاج من أعظم الأسباب التي يشفي الله بها العبد، إذا صدق وأخلص لله، وحسنت نيته وضرع إلى الله، وسأله العافية هو سبحانه قريب مجيب، وهو القائل {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬1)، والله المستعان. س: يسأل هذا المستمع ويقول: هل توجد آيات من القرآن الكريم، معينة تقرأ على المسحور والذي به مس، ومن أصيب العين، هل هم سواء؟ (¬2) ج: القرآن كله شفاء، ولكن من أنفع ذلك الفاتحة، كونه يقرأ ¬

_ (¬1) سورة غافر الآية 60 (¬2) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 435

الحمد سبع مرات يكررها وآية الكرسي وآيات السحر التي في الأعراف ويونس وطه والشعراء، آيات، كل هذا من أنفع العلاج مع قراءة: (قل هو الله أحد)، والمعوذتين ثلاث مرات، كل هذا من العلاج العظيم، وكل القرآن شفاء كل ما قرأ فهو من أسباب الشفاء والعافية لكن هذه بوجه أخص من أعظم أسباب الشفاء، الفاتحة تقرأها سبع مرات، آية الكرسي كذلك، آيات السحر التي في طه وغيرها، في سورة يونس وغيرها، وفي سورة الشعراء كل هذه من أسباب الشفاء مع قراءة (قل هو الله أحد) والمعوذتين.

حكم الذهاب إلى السحرة والمنجمين والمشعوذين من أجل العلاج

91 - حكم الذهاب إلى السحرة والمنجمين والمشعوذين من أجل العلاج س: الأخ: م. ع. من جدة يتكلم عن امرأة، يقول: أرسل إلى سماحتكم هذه الرسالة، والتي أرجو أن أسمع الرد عليها في أسرع وقت ممكن لأنني مريضة، وقد أشير علي أن أعمل بعض الأعمال التي أشك في عدم جوازها، لذلك سارعت بالإرسال إليكم. امرأة لا تحب أن تعمل في بيتها أي شيء، مهملة لنفسها ولزوجها، ولبيتها، بسبب لا يد لها فيه، مرض ليس كالأمراض التي تعالج في المستشفيات وقيل لها: إنه معمول لها سحر، فلا بد من

إخراجه إذا دفعت مبلغا من المال، فماذا تعمل؟ هل تذهب إلى ساحر، أو كاهن، أو عراف وتزيل هذا المرض؟ أم تبقى مريضة طيلة حياتها؟ وهل يجوز الذهاب لمن يفك ويحل السحر، إذا كان على البرهان، كما يقال؟ وهل الشيوخ الذين يقرءون القرآن، على الماء والزيت والذين يخنقون مرضاهم ويقولون: هذا، أو هذه معهما جني لا بد أن يخرج بالضرب، أو بالخنق، ولا يأخذون مالا على هذا العمل؟ هل يجوز الذهاب لهم؟ وإذا وجد شخص مسحور، معمول له في بيته، ماذا يعمل به؟ يحرقه في النار أم يدسه في التراب، أم يرميه في البحر؟ وما حكم من يقول ممكن أن أكون أنا مسحورا، هل يكفر أم لا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: أولا: ليس لمن يظن السحر في نفسه أن يذهب إلى السحرة والكهنة ليسألهم، لا يجوز له أن يتعاطى هذا عند السحرة أو الكهنة أو المنجمين، الرسول صلى الله عليه وسلم منع من إتيانهم، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (¬2)»، وقال: «من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم 257 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230

أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام (¬1)»، وليس للرجل ولا للمرأة إتيان السحرة، يقول عليه السلام: «ليس منا من سحر أو سحر له أو تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له (¬2)»، ولكن على من ظن السحر في نفسه أو اتهم بالسحر أن يعالج بالقرآن والدعوات الطيبة، والأدوية النافعة المباحة، هذا هو الواجب، والحمد لله. إذا فعل ذلك يزول السحر بحمد الله، وقد جربنا هذا كثيرا وعلمه وجربه أهل العلم والبصيرة، فهو يزول بالقراءة وبالأدوية النافعة، بل كتبنا رسالة في هذا توزع، واستعملها كثير من الناس ونفع الله بها، فمن أرادها وجدها في دار الإفتاء في المكتب عندنا، يأخذها ويستعمل ما فيها من الدعوات والقراءة، أو يستعمل ذلك له أخوه أو أبوه، أو زوجها إن كانت امرأة، أو أخوها، وهكذا أنت أيتها السائلة في إمكانك أن ترسلي من يأخذ هذه النشرة، التي فيها البيان بالآيات والدعوات، التي تفعل وتفعلينها أنت، أو يفعلها زوجك أو أخوك أو أبوك، ويزول هذا السحر إن شاء الله. والعلاج بما شرع الله هو الواجب، ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، سبحانه وتعالى، علمه من علمه وجهله من جهله. والله جعل كتابه العظيم شفاء لكل داء، قال تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (¬3) فإذا قرأ به المصاب أو قرأ عليه غيره من أهل الإيمان والتقوى نفع الله بذلك، آية الكرسي، قل يا أيها الكافرون، قل هو الله ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد، مسند أبي هريرة، برقم 9252 (¬2) أخرجه الطبراني في الأوسط ج5، برقم 4844 (¬3) سورة فصلت الآية 44

أحد، قل أعوذ برب الفلق، قل أعوذ برب الناس، آية السحر في سورة الأعراف، سورة طه، في سورة يونس إذا قرئت على من أصيب بالسحر، مع النفث، نفعه الله بذلك، أو في ماء ثم شرب منه وتروش به، نفعه الله بذلك. وهذا بيناه في النشرة التي ذكرنا لك آنفا، وإذا وجد شيء يدل على أنه أداة السحر، يمزق، يتلف إذا وجد شعر معقد، أو خيوط معقدة أو أشياء أخرى يظن أنها من عمل الساحر، فإنها تتلف، يجب إتلافها بإحراقها وإتلافها ويبطل السحر، بإذن الله. وإذا ذهب المسحور إلى من عرف بالخير والقراءة ليقرأ عليه، أو امرأة معروفة بالخير وذهبت إليها المرأة، وقرأت عليها، كل هذا طيب. أما الذهاب إلى السحرة والمنجمين والمشعوذين والمتهمين فلا يجوز أبدا بل هو منكر. نسأل الله لنا ولك العافية والسلامة.

مسألة في حكم الذهاب للعلاج عند السحرة

92 - مسألة في حكم الذهاب للعلاج عند السحرة س: يسأل هذا المستمع ويقول: رجل أصيب بمرض، وقد عالج بالدواء وقراءة القرآن، ولم يشف، ولقد أشار عليه البعض بالذهاب إلى أحد السحرة، وعلل بأنه إذا لم يشف فالذهاب للسحرة لا بأس به، فما الجواب؟ (¬1) ج: هذا منكر لا يجوز، الرسول نهى عن ذلك وقال: «من أتى ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 431

عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (¬1)» عليه الصلاة والسلام، والحديث الآخر: «ليس منا من سحر أو سحر له، أو تكهن أو تكهن له (¬2)»، وكذلك في الحديث الآخر: «ثلاث لا يدخلون الجنة، مدمن الخمر، وقاطع رحم، ومصدق بالسحر (¬3)». فالواجب على المسلم الحذر من ذلك، وأن يقرأ القرآن ويذهب إلى العلماء الأخيار، قراء القرآن الطيبين، ويسأل ربه الشفاء والعافية، يلجأ إلى الله في سجوده وفي الليل، وفي آخر الليل، وفي آخر الصلاة، يسأل ربه العافية والشفاء، أما الذهاب إلى العرافين، أو الكهنة أو المنجمين أو السحرة فكله منكر والعياذ بالله. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 9252 (¬2) أخرجه الطبراني في الأوسط ج5، برقم 4844 (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الكوفيين، حديث أبي موسى الأشعري، برقم 19075

حكم الذهاب إلى السحرة لسؤالهم والعلاج عندهم

93 - حكم الذهاب إلى السحرة لسؤالهم والعلاج عندهم س: السائل: أبو هاجر من الخرج يقول: هل يجوز للإنسان أن يذهب للعلاج عند السحرة، وذلك في الضرورة القصوى؟ وجهونا في ضوء هذا السؤال؟ (¬1) ج: لا يجوز للمسلم أن يذهب إلى السحرة والكهنة، لا لسؤالهم، ولا للعلاج، يجب الحذر منهم وعدم تصديقهم وعدم إتيانهم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حذر من ذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم حذر من المجيء إلى السحرة والكهنة والعرافين، وقال: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (¬2)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أتى عرافا أو كاهنا، فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (¬3)» صلى الله عليه وسلم. فالواجب الحذر من السحرة وغيرهم: من الكهنة والعرافين وغيرهم ممن يتكلم في الأمور بالطرق الغيبية ويتخرص، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والأربعون من الشريط رقم 392 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (¬3) أخرجه الإمام أحمد، مسند أبي هريرة، برقم 9252

بيان الوعيد الشديد في المجيء إلى السحرة وتصديقهم

94 - بيان الوعيد الشديد في المجيء إلى السحرة وتصديقهم س: إن أبي وعمي يذهبون إلى السحرة، ويصدقونهم وقد نهيتهم عن ذلك، ولكن لم يستجيبوا لنهيي فكيف بي وأنا ساكن معهم جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: الواجب عليك الاستمرار في النصيحة لهم وتحذرهم من ذلك، فإن امتنعوا فينبغي لك بل واجب عليك الخروج منهم والانتقال إلى محل آخر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «ليس منا من سحر أو سحر له (¬2)»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما (¬3)»، رواه مسلم في الصحيح، وقوله صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (¬4)» صلى الله عليه وسلم، هذا وعيد عظيم، الساحر من العرافين، وأشد من الكهنة وأخبث، فيجب الحذر من المجيء إليهم وسؤالهم. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 298 (¬2) أخرجه الطبراني في الأوسط ج5، برقم 4844 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (¬4) أخرجه الإمام أحمد، مسند أبي هريرة، برقم 9252

حكم التداوي عند السحرة ونحوهم.

95 - حكم التداوي عند السحرة ونحوهم. س: هل يجوز التداوي من عند الساحر، أو من عند الكاهن، وهل هذا يعد من الشرك المحبط للعمل أم لا؟ (¬1) ج: لا يجوز التداوي من عند السحرة والكهنة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إتيان السحرة والكهنة، قال لا تأتوهم، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما (¬2)» رواه مسلم في الصحيح، الكاهن والمنجم والساحر والرمال، وأشباههم وقال صلى الله عليه وسلم: «من أتى كاهنا وصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (¬3)»، عليه الصلاة والسلام، وقال: «ليس منا من سحر أو سحر له، وليس منا من تكهن أو تكهن له (¬4)»، فلا ينبغي للمؤمن أن يأتي العرافين، ولا الكهنة ولا المنجمين بل يحذرهم، غاية الحذر، ولا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم، سؤالهم منكر وليس من الشرك، لكنه منكر وتصديقهم في علم الغيب، وأنهم يعلمون الغيب، هذا كفر أكبر، لأن علم الغيب إلى الله تعالى، إذا زعم أن أحدا يعلم الغيب، ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم 38 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 9252 (¬4) أخرجه الطبراني في الأوسط ج5، برقم 4844

الرسول صلى الله عليه وسلم أو غيره، فهو كافر لأن علم الغيب إلى الله تعالى، قال تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (¬1)، فالغيب عنده سبحانه وتعالى ليس إلى غيره. ¬

_ (¬1) سورة النمل الآية 65

حكم علاج السحر بسحر مثله

96 - حكم علاج السحر بسحر مثله س: هل يصح أن يعالج السحر بسحر؟ أرجو الإفادة، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: السحر لا يعالج بالسحر، لأن السحر إنما يتوصل إليه بعبادة الشياطين، ودعائهم من دون الله والتقرب إليهم بالعبادات، والسحر: من أعظم المحرمات، بل من المحرمات الشركية، فلا يجوز حل السحر بسحر، ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن النشرة، قال هي من عمل الشيطان، وهي النشرة التي كان يعتادها أهل الجاهلية، وهي حل السحر بالسحر، فلا يجوز حل السحر بالسحر، بل يجب أن يحل بشيء آخر من الرقية الشرعية، والأدوية الشرعية، هكذا نص أهل العلم، ولا يجوز أبدا أن يحل بالسحر الذي هو تقرب للشياطين وعبادة لهم، وعمل يسخط الله عز وجل. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 214

س: الأخ: م. غ. ص. بعث برسالة يقول فيها: جاءني رجل، وقال لي: إن في بيتي ثعبانا، وإنه يستطيع أن يخرجه، وبالفعل ذهب إلى أحد الغرف، وطرق بعصاه على جدارها فخرج له ثعبان عظيم. كما أنه أخرج من بيت جاري عدة ثعابين، ولا أدري هل هذا نوع من السحر، أم أنها مزية يخص الله بها بعضا من عباده؟ نرجو توجيهنا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا أعلم في هذا شيئا، إذا كان قد جرب في إخراجه الثعابين، لأنه يتكلم بدعاء يدعو به الله عز وجل، ويسأل الله عز وجل أن يخرجها أو عمل واضح ظاهر، ليس فيه شبهة، يفعله مع الثعابين حتى يخرجها من البيت أو من المزرعة أو من كذا، هذا لا حرج في ذلك أما إذا كان يتهم بالشعوذة، أو بالسحر أو بطاعة الجن، أو استخدام الجن فهذا يمنع ولا يستعان في هذه الأشياء، أما إن كان عمله بارزا ظاهرا، يدعو الله، يقول: اللهم أخرجه، اللهم اكفنا شره اللهم سلطني عليه، يعني كلمات يعقل منها أنه لا حرج في كلامه، ولا محذور في كلامه ولا يرى الناس منه شيئا يخالف ذلك فلا بأس بذلك، لأن الله قد يعين بعض الناس على مثل هذه الأمور، بصدق إيمانه وصدق دعائه لله عزل وجل، فلا مانع من ذلك إلا أن يرى منه شيء يدل على الريبة فيمنع. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 167

بيان أن ضرب الجسم بالسيوف والسكاكين أعمال سحرية وشعوذة

97 - بيان أن ضرب الجسم بالسيوف والسكاكين أعمال سحرية وشعوذة س: الأخ: ع. ص. م. من العراق، يقول: حيرني، وحير جميع أهلي، قضية رأيناها، وهي: تقام في قريتنا بعض الاحتفالات والموالد، وأرى بعض الأشخاص يقومون بأعمال غريبة جدا، وهي أن يقوم بعض الأشخاص بضرب أنفسهم بسيف أو الخنجر، وتقطيع أيديهم وأصابعهم، هل هذه الأفعال معقولة؟ وهل هي من عمل الشيطان؟ ونوع من السحر والشعوذة؟ وإذا كانت من عمل الشيطان، كيف نرى أن الشخص الذي يقول لهم: إن هذا العمل غير صحيح، وأنه سحر وشعوذة يصاب في اليوم التالي بمرض خطير لا يشفى منه، إلا إذا اعتذر منهم، وجهونا شيخ عبد العزيز لأنها فتن ابتلينا بها جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذه الأشياء التي ذكرها السائل، من كون بعض الناس يقيمون أعيادا واحتفالات، ويعملون أعمالا منكرة من تقطيع أيديهم وأصابعهم ونحو ذلك، وأن من أنكر عليهم ذلك قد يصيبه بعض الأمراض، كل ذلك من عمل الشيطان، وكل ذلك من تزيينه للناس حتى يطيعوه، وحتى يعملوا ما يدعوهم إليه من طاعة الشيطان، وعصيان الرحمن، ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 167

وهذه الأعمال التي يفعلها هؤلاء المخرفون، هؤلاء يقمرون على الناس ويسحرون أعينهم، فيظن الناس أنهم قطعوا أيديهم أو قطعوا أرجلهم، أو أصابعهم وليس شيء من ذلك، كله كذب وكله سحر، كله مخرج من الملة كما قال الله في قصة السحرة مع موسى: {فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} (¬1) فالساحر قد يسحر الناس، حتى يرى الحبل حية ويرى العصا حية، كما قال تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (¬2). المقصود أن هذه الأعمال أعمال سحرية وشعوذة وباطل، والواجب إنكارها على أهلها، وعلى الحاكم الإسلامي والحاكم العاقل، الذي يريد صلاح جماعته وصلاح رعيته، أن يمنع هؤلاء وأن يقضي عليهم بالقوة، حتى لا يعودوا لمثل هذه الأعمال الخبيثة، كما أن عمل الأعياد والاحتفال بالأعياد، مولد فلان أو فلان كل ذلك لا أصل له، كله من البدع التي أحدثها الناس، وليس في الإسلام أعياد لمولد فلان أو مولد فلان، وإنما فيها الأعياد الشرعية: عيد الفطر، وعيد الأضحى، والاجتماع في موسم الحج في عرفة، وأيام النحر هذه أعياد المسلمين، أما عيد مولد فلان أو عيد مولد فلان أو مولد النبي عليه الصلاة والسلام، أو مولد الحسين أو مولد فلان، كل ذلك لا أصل له، كل ذلك مما أحدثه الناس وابتدعه الناس بعد القرون المفضلة، ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 116 (¬2) سورة طه الآية 66

فالواجب على المسلمين ترك ذلك والتوبة من ذلك، والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق والرجوع إلى ما شرعه الله، وجاء به رسوله عليه الصلاة والسلام، فالخير كله في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، والشر كله في مخالفة هديه، وما كان عليه أصحابه رضي الله عنهم، فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام، أنه قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬1)» يعني فهو مردود، وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)»، وفي الصحيح عن جابر بن عبد الله الأنصاري، رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة ويقول: " أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة (¬3)»، زاد النسائي بإسناد حسن: «وكل ضلالة في النار (¬4)»، وفي حديث العرباض بن سارية ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، فالصلح مردود، برقم 2697، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، رقم 1718 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم، برقم 7277، ومسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم 867 (¬4) أخرجه النسائي في كتاب صلاة العيدين، باب كيفية الخطبة، برقم 1578

رضي الله عنه، يقول صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (¬1)». ووصيتي لإخواني في كل مكان في العراق وفي كل مكان، ترك هذه الأعياد المنكرة، والاكتفاء بالأعياد الإسلامية، وأن تكون اجتماعاتهم في درس القرآن والأحاديث النبوية، والعلم النافع في الأوقات المناسبة، من الليل والنهار للتعلم والتفقه في الدين، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (¬2)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة (¬3)»، أما اجتماع باحتفال مولد فلان أو فلان، فهذا بدعة يجب الحذر منها، وتركها والتعاون في ذلك بالأسلوب الحسن: بالنصيحة الطيبة حتى يفهم المؤمن والمؤمنة الحقيقة، ويكون الاجتماع لطاعة الله ورسوله، للعلم والتفقه في الدين، للتعاون على البر والتقوى، أما الاحتفال بمولد فلان أو فلان أو فلان، فهذا كله من البدع التي لا تجوز، وأعظم ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أشرف الخلق وأفضلهم، ولا يجوز الاحتفال بمولد لم يشرعه عليه الصلاة والسلام، ولو كان الاحتفال بمولده مشروعا لفعله صلى الله عليه وسلم، ولعلمه الناس وعلمه أصحابه، ولفعله أصحابه بعده وعلموه الناس، فلما لم يقع شيء من ذلك علم أنه بدعة ولم يكن هذا مفعولا في ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث العرباض بن سارية، برقم 16694. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، برقم 71، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، برقم 1037 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم 2699

القرون المفضلة، القرن الأول والثاني والثالث، بل حدث بعد ذلك في القرن الرابع، وما بعده من بعض الناس، ووصيتي لجميع إخواني المسلمين، في كل مكان ترك هذه البدعة، وهي بدعة الموالد، والحرص على التفقه في الدين، وحضور حلقات العلم، في أي وقت، يتعلم ويتفقه، يقرأ القرآن، يتعلم التفسير يقرأ السنة ويسأل أهل العلم في الحلقات المعتادة، من الليل والنهار لطلب العلم والتفقه في الدين، أما إقامة احتفالات الموالد، فهذا كله لا أصل له، وأما هؤلاء الصوفية المخرفون الذين يطعنون أنفسهم بالسلاح، بالسيوف، أو بالخناجر أو يقطعون أيديهم أو أصابعهم، فيما يراه الناس فكل هذا منكر وكله تزييف وكله سحر وكله تضليل، فيجب الإنكار عليهم ومحاربة أعمالهم، وهجرهم والتحذير منهم والاستعداء عليهم، من جهة ولاة الأمور حتى يمنعوهم من هذا العمل الباطل، الخبيث المنكر. نسأل الله للجميع الهداية. س: ينوه صاحب الرسالة في نهايتها، إلى أن من أنكر عليهم أنه يصاب بمرض شديد، وهذه فتنة كما وصفها؟ (¬1) ج: هذا يقع ببعض الناس، وهذا من عمل الشيطان، لأن الشياطين تدعو إلى هذه المسائل، تدعو إلى هذه المنكرات وهذه ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 167

الاجتماعات الباطلة، وربما أصابوا من أنكرها بشيء من الأذى، حتى لا ينكر المنكر ولكن متى اعتصم بحبل الله، ومتى اعتصم بدين الله، واستعاذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، وتوكل على الله لا يضره الجن ولا يضره الشياطين، ولا يضره أحد، فعلى المنكر أن يخلص لله، وأن يستعين بالله وأن يعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، فإذا استعان بالله واعتمد عليه وسأله العافية كفاه شر الشياطين، ولا ينبغي له أن يتأثر بذلك، فالشياطين من الجن مثل شياطين الإنس، يتعاونون على الإثم والعدوان، ويؤذون من أنكر عليهم بالباطل، حتى يستمروا في باطلهم، فلا ينبغي للمؤمن أن يتأثر بذلك، بل ينكر المنكر وإن أصابه شيء ففي سبيل الله، بعض الأنبياء قد قتل فكيف بك أنت يا أيها المؤمن التابع للأنبياء، عليك أن تتحمل وأن تصبر وأن تستعين بالله، وأن تعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، وأن تفعل الأسباب التي تستطيعها، وأبشر بالخير، أبشر بأنهم لن يضروك شيئا، وسوف يبطل الله كيدهم ويرد كيدهم في نحورهم، إذا اعتصمت بالله واستعنت به، وتوكلت عليه وأخذت بالأسباب النافعة. وهذا: له صلة وثيقة بالاعتقاد وصلة وثيقة بتعاون الشياطين شياطين الإنس وشياطين الجن، على من أنكر المنكر حتى يردوه عن ذلك، وحتى يضعفوه، ولكن متى استقام على طاعة الله، واستعان بالله

وصدق مع الله، كفاه الله شرهم، كما قال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (¬1)، وقال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (¬2). ¬

_ (¬1) سورة الطلاق الآية 2 (¬2) سورة الطلاق الآية 4

بيان أن التولة من أنواع السحر

98 - بيان أن التولة من أنواع السحر س: ما حكم من يزور الأولياء أو السادة، ويطلب منهم حاجته، أو يكون عنده مريض مصروع، علما أن الأولياء يذبحون للجن، وما حكم من اضطر إلى ذلك بسبب الصرع أي الجنون، وما حكم من يعمل المحبة والكراهية بين الزوجين؟ (¬1). ج: هذه أمور خطيرة فإن زيارة الأولياء والصالحين أو الأنبياء، ليطلبهم ويستغيث بهم وينذر لهم، هذا هو الشرك الأكبر، وهكذا من يسمون السادة، كونه يزورهم ليستغيث بهم أو ليسألهم المدد والعون عند قبورهم، أو بعيدا من قبورهم، كل هذا منكر كل هذا من الشرك الأكبر، فالذي يستغاث به والذي يطلب الشفاء منه، هو الله وحده سبحانه وتعالى، أما الذهاب إلى السادة أحياء أو أمواتا، يطلب منهم أن يشفوا مريضه فيعتقد فيهم أنهم يشفون المرضى، وأن لهم سرا أو ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 124

يطلب منهم عند قبورهم أو يسألهم المدد، والعون أو شفاء المريض أو إغناء الفقير أو ردع الظالم أو ما أشبه ذلك، من الأمور هذا معناه يعتقد فيهم أنهم يتصرفون، فيكون عمله كفرا أكبر، وهذا عمل المشركين مع اللات والعزى نعوذ بالله من ذلك، فالواجب الحذر من هذا، والبعد عنه لأنه شرك أكبر، وهكذا الذبح للجن والتقرب إليهم بالذبائح شرك أكبر، أو الذبح لأصحاب القبور كالبدوي والحسين أو ابن علوان، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهم ممن قبلهم وبعدهم، ويذبح لهم يتقرب إليهم، ليشفوا مريضه أو ليقضوا حاجته أو ليدفعوا عنه الظلم أو يردوا ضالته أو ما أشبه ذلك، كل هذا من الشرك الأكبر وهكذا قول: المدد المدد، المدد المدد هذا من الشرك الأكبر، نسأل الله السلامة، وهكذا سؤال من يدعي الكهانة عن حاجات، هذا لا يجوز أيضا، فإن صدقه في دعوى علم الغيب كان الشرك أكبر، فإنه يوجد من يدعي علم الغيب بواسطة النجوم، والنظر في سيرها واجتماعها وافتراقها، وهذا يسمى المنجم هذا إذا صدق في دعوى علم الغيب كان كفرا أكبر، وهكذا الكاهن الذي له رئي من الجن، أصحاب من الجن يستحضرهم ويسألهم، فإذا صدقهم الإنسان فقد كفر بما أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام، لأن الرسول قال: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (¬1)» صلى الله عليه وسلم، يعني صدقه في علم الغيب، لأن هؤلاء يدعون علم ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 9252

الغيب، بما يحصل لهم من الأخبار من أصحابهم من الجن، فيظن الظان أنهم عندهم شيء من علم الغيب، فيصدقونهم فيما يدعون، وهذا خطر عظيم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أصحابه، أنهم كفار بما أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام، وهكذا من يتعاطى أسباب العطف والمحبة، يعني يتعاطى أشياء يسمونها الصرف والعطف، يعني يحبب الرجل إلى امرأته والمرأة إلى زوجها، وهو نوع من السحر ويسمى التولة كما ذكر في الحديث: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك (¬1)». فالتولة معناها أن تعمل المرأة أو الرجل ما يسبب بغض الزوج لامرأته، أو بغضها لزوجها وذلك بواسطة الجن، ودعائهم والاستغاثة بهم ونحو ذلك، حتى يتسلطوا على هذا الرجل، أو على المرأة بأشياء تجعلها تبغض زوجها، أو تجعله يبغض زوجته وينفر منها، هذا من أقبح المنكرات، وظلم للعباد ومع ذلك هو في نفسه شرك لأنه إنما يتوسل إليه بواسطة الجن، ودعائهم والاستغاثة بهم. نسأل الله العافية، فقد جمع بين الشرك والظلم للعباد. نعوذ بالله. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، برقم 2604

س: هناك من يدعي أنه يتعامل مع الملائكة وليس مع الجن، فهل يجوز ذلك؟ (¬1) ج: هذا شيء لا أصل له، ومن أين له أن يعلم ذلك، هذا لا أصل له، فإنه قد يشتبه عليه الأمر، وقد يدعي الجني أنه ملك، والجني لا يؤمن: فيهم الفساق وفيهم الكفار، لا يؤمنون في أن يقولوا كذا وكذا. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 204

بيان حكم الطرق والعيافة

99 - بيان حكم الطرق والعيافة س: تقول السائلة: أم عبد الرحمن جدتي امرأة كبيرة في السن وليس عندها ما تشتغل به وقت الفراغ وتتسلى بما يسمى الخط علما بأننا نصحناها كثيرا بالابتعاد عن هذا الخط، لكنها تقول: بأنها أخذت ذلك من باب التسلية ولا أصدق ما يأتي فيه، وتقول: بأن السيدة فاطمة رضي الله عنها، كانت تتسلى به فهل هذا صحيح؟ وما يجب عليها ونلاحظ أن هناك أمورا تقولها فتحدث في الواقع، فما تفسير ذلك مأجورين؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل: إن كان الخط عن اعتقاد أنه يقع شيء، هذا ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 374

هو الذي أنكره النبي صلى الله عليه وسلم وسماه من السحر قال: «إن العيافة والطرق من الجبت (¬1)». فالمقصود أن الطرق في الأرض والخطوط في الأرض إذا كان لمقصد أن تستعلم بها بأمور الغيب وتريد أن هذا يفيدها في شيء من الغيب، هذا باطل وهذا من أعمال الجاهلية قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن العيافة والطيرة والطرق من الجبت (¬2)»، من الواجب على المؤمن ترك ذلك، أما إذا كانت الخطوط من باب العبث من باب التسلي، خطوط تخطط في الأرض للتسلي والعبث وليس عن عقيدة فهذا لا يضر، كونها تتسلى بخطوط أو بأحجار تصنعها وتلعب بها أو ما أشبه ذلك، هذا كله لا بأس، هذا كله من باب التسلي والعبث ليس عن اعتقاد شيء، أما أن تخط أو تعمل بحصى أو بودع أو غيره، تعتقد أن هذا يكون فيه، يترتب عليه شيء هذا لا يجوز، لأن هذا من عمل السحرة ومن عمل العرافين ومن عمل الجاهلية ولا يجوز، وسماه النبي صلى الله عليه وسلم طرقا: «إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت (¬3)» قال عمر: الجبت: السحر والطاغوت: الشيطان، قال بعضهم الجبت معناه الشيء الذي لا خير فيه، والشر لا خير فيه، فإذا فعلت ما يفعله جهال العرب، وهي العيافة إذا مر بهم طائر أو رأوا حيوانا، مقطوع الذنب، ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين حديث قبيصة بن مخارق رضي الله عنه، برقم 15485 (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين حديث قبيصة بن مخارق رضي الله عنه، برقم 15485 (¬3) أبو داود الطب (3907)، أحمد (5/ 60).

تشاءموا ورجعوا عن أهوائهم، هذه الطيرة هذه العيافة التي أنكرها الرسول صلى الله عليه وسلم، يقال: عاف يعيف إذا زجر الطير أو " خير يا طير " أو رجع عن قصده أو توقف عن قصده هذا كله من العيافة من التشاؤم منكر، وهكذا الطرق الخط في الأرض إذا كان يتعلم علوم الغيب أو يظن أن هذا يعطي شيئا من علم الغيب، فهذا من الجبت من الشيء الذي لا خير فيه ومن أعمال السحر المنكرة فلا يجوز كما تقدم وأما ما تقوله عن فاطمة فلا أعلم له أصلا، ما أذكره عن فاطمة رضي الله عنها، هذا لا أعلم له أصلا.

حكم استعمال وقراءة كتب السحر والتنجيم

100 - حكم استعمال وقراءة كتب السحر والتنجيم س: أرجو من فضيلتكم أن تبينوا استعمال وقراءة كتب السحر والتنجيم حيث إنها موجودة بكثرة، وبعض زملائي يريدون شراءها ويقولن: إذا لم تستعمل فيما يضر فليس في ذلك حرام. أرجو الإفادة وفقكم الله؟ (¬1) ج: هذا الذي قاله السائل حق، يجب على المسلمين أن يحذروا كتب السحر والتنجيم، ويجب إتلافها لأنها تضر المسلم وتوقعه في الشرك، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «من اقتبس شعبة من ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 16

النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد (¬1)»، والله يقول في كتابه العظيم عن الملكين: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (¬2)، فدل على أن تعلم السحر والعمل به كفر فيجب على أهل الإسلام أن يحاربوا الكتب التي تعلم السحر والتنجيم وأن يتلفوها أين ما كانت هذا هو الواجب ولا يجوز لطالب العلم ولا غيره أن يقرأها أو يتعلم ما فيها أو غير طالب العلم كذلك ليس له أن يقرأها ولا يتعلم ما فيها ولا يقرها لأنها تفضي إلى الكفر بالله فالواجب إتلافها أين ما كانت كل الكتب التي تعلم السحر والتنجيم، مثل شمس المعارف وأشباهها يجب إتلافها. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد، مسند عبد الله بن العباس، برقم 2836 (¬2) سورة البقرة الآية 102

حديث: 'تعلموا السحر ولا تعملوا به' لا أصل له

101 - حديث: "تعلموا السحر ولا تعملوا به" لا أصل له س: ما رأي الدين الإسلامي في الأساليب والطرق السحرية، التي تنتشر في بعض الكتب في المكتبات، والتي تغري كل شاب لقراءتها والعمل بما فيها؟ وخصوصا أن هناك حديثا شريفا يقول: "تعلموا السحر ولا تعملوا به". فكيف يمكن تعلم السحر وعدم العمل به؟ أرجو الإجابة عن هذا الاستفسار جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: الكتب التي تعلم السحر يجب إتلافها والقضاء عليها، ولا يجوز تعلمها ولا العمل بما فيها، وهذا الحديث الذي ذكره السائل لا أصل له، بل هو حديث غير صحيح: "تعلموا السحر ولا تعملوا به"، هذا باطل ليس له أصل، هذا الحديث الذي ذكره السائل ليس له أصل، والذي عليه أهل العلم أنه لا يجوز تعلم السحر، ولا العمل به. بل يجب الحذر من ذلك، لأن تعلمه وتعليمه كفر؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الشياطين من دون الله، والاستغاثة بالجن ونحو ذلك، والله ذكر عن الملكين في سورة البقرة، قال سبحانه: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (¬2) فبين أن تعلمه كفر فدل ذلك على أن تعلم السحر من أمور الكفر. فالواجب على كل مسلم أن يحذر ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 190 (¬2) سورة البقرة الآية 102

ذلك، وألا يتعلم السحر، وألا يذهب إلى السحرة والكهنة والمنجمين، ولا يجوز له سؤالهم، ولا تصديقهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (¬1)» رواه مسلم في الصحيح، وإن لم يصدقه. قال: من أتى عرافا فسأله عن شيء ولم يقل: فصدقه، فدل ذلك على أن سؤاله لا يجوز , وتصديقه أكبر في الإثم , فلا يسأله ولا يصدقه، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام (¬2)» فلا يجوز إتيان الكهان، وهم الذين يدعون علم الغيب، ولا العرافين الذين يدعون علم الغيب بالمقدمات يدعونها، وأشياء يدعونها. كل هذا باطل. فلا يجوز سؤالهم، ولا يجوز تصديقهم. ولا يجوز شراء الكتب، التي فيها علومهم. بل يجب إتلافها وإحراقها. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة رضي، برقم 9252 (¬2) الترمذي الطهارة (135)، أبو داود الطب (3904)، ابن ماجه الطهارة وسننها (639)، أحمد (2/ 429)، الدارمي الطهارة (1136).

باب ما جاء في الكهان ونحوهم

باب ما جاء في الكهان ونحوهم

باب ما جاء في الكهان ونحوهم 102 - حكم الذهاب إلى الكهان والمنجمين والعرافين س: الأخ: ع. م. د. يسأل عن الكهان والمشعوذين، حيث انتشر أمرهم حتى بين الطلبة في الامتحانات، وبين أولئك الذين يبحثون عن عمل ولا يجدون، فهؤلاء يكتبون لهم أوراقا ويأمرونهم بأشياء وأشياء يعتقدون من ورائها أنها ستكون مجلبة للعمل، ويرجون من سماحة الشيخ التوجيه جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: قد أوضح النبي عليه الصلاة والسلام حكم الكهان والمنجمين والعرافين ومن في حكمهم ممن يدعي علم الحوادث وعلم المستقبل بالتنجيم أو بضرب الحصى أو بغير هذا من الطرق الخفية التي يزعم أنها تطلعه على علم الغيب، وقد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن حكم هؤلاء أنهم لا يجوز أن يؤتوا، ولا أن يسألوا ولا أن يصدقوا، فقد ثبت في ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 165

صحيح مسلم عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (¬1)» هذا الحديث الصحيح يدل على تحريم مجرد السؤال من دون تصديق، فكيف إذا كان مع التصديق، فلا يجوز سؤال الكهان ولا إتيانهم ولا تصديقهم، وفي الحديث الثاني يقول عليه الصلاة والسلام: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (¬2)» أخرجه أهل السنن بإسناد صحيح. وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «ليس منا من سحر أو سحر له، أو تكهن أو تكهن له، أو تطير أو تطير له (¬3)». فالذين يدعون علم المغيبات، أو الحظ أو الكف، أو متى ينجح فلان، أو متى يقبل في وظيفة أو غير هذا، من هؤلاء وأشباههم كل ذلك مما حرم الله سؤالهم إياه واللجوء إليهم أو تصديقهم، وإنما المؤمن يسأل ربه التوفيق والتسهيل والتيسير، يسأل ربه أن يقضي له حاجته من نجاح في اختبار، من حصول وظيفة تنفعه إلى غير ذلك، أما إتيان الكهان الذين يدعون علم الغيب بأي طريقة فلا يجوز ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252 (¬3) أخرجه الطبراني في الأوسط ج5، برقم 4844

إتيانهم، ولا سؤالهم ولا تصديقهم؛ لما ثبت في حقهم من الأحاديث الصحيحة التي سبق بعضها، والله المستعان.

بيان عقوبة الكهنة والعرافين

103 - بيان عقوبة الكهنة والعرافين س: يوجد أشخاص يقال لهم عرافون، ويدعون أنهم يعرفون علم الغيب، ما حكم الدين في ذلك، وهل يمكن تصديقهم؟ (¬1) ج: العرافون الكهنة والسحرة لا يجوز تصديقهم، ولا سؤالهم ولا إتيانهم، بل يجب الحذر منهم والإنكار عليهم، ويجب على ولاة الأمر من المسلمين تتبعهم وعقابهم بما يردعهم وأمثالهم، وإذا ادعوا علم الغيب يستتابون فإن تابوا وإلا قتلهم ولي الأمر؛ لأن دعوى علم الغيب كفر أكبر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (¬2)»، هذا مجرد سؤال من دون تصديق، فكيف إذا صدقه، فإذا صدقه صار الإثم أعظم، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (¬3)»، فإذا صدقه في العلم للغيب كفر مثله، فالذي يدعي ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 192 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (¬3) أخرجه الإمام أحمد، مسند أبي هريرة، برقم 9252

علم الغيب، أو يصدق من يدعي علم الغيب يكفر كفرا أكبر نعوذ بالله، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، يعني يستتيبه ولي الأمر، السلطان أو نائبه من القضاة، فإن تاب وإلا قتل كافرا، نسأل الله العافية، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «ليس منا من تطير أو تطير له، أو سحر أو سحر له، أو تكهن أو تكهن له (¬1)». فهؤلاء لا يسألون ولا يؤتون ولا يصدقون، بل يجب الإنكار عليهم، والتحذير منهم كما تقدم، وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في الأوسط ج5، برقم 4844

حكم سؤال الكاهن والعراف

104 - حكم سؤال الكاهن والعراف س: ما حكم من لجأ إلى المشعوذين الذين يدعون أن لهم القدرة على رفع بعض الأمراض العقلية، عن بعض الناس وقد لجأ إليهم بعض الناس وشفي من مرضه، ويقال إنهم يستعينون بالجن في ذلك، فما جزاؤهم عند الله وما حكم من لجأ إليهم؟ (¬1) ج: من لجأ إلى المشعوذين وسؤالهم عما ابتلي به بعض الناس من الأمراض لا يجوز، وقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 29

«من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل منه صلاة أربعين يوما (¬1)» خرجه مسلم في الصحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أتى كاهنا - وفي لفظ - عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (¬2)»، في أحاديث أخرى والعراف والكاهن ونحوهما هو الذي يدعي علم الغيب بواسطة الجن، هذا يقال له: عراف، ويقال له: كاهن، فلا يجوز فعل هؤلاء ولا يجوز إتيانهم بل يجب ترك سؤالهم، ومن سألهم وأتاهم يستحق أن يؤدب ويعزر حتى يدع ذلك، وكذلك هم والكهان والعرافون يجب أن يزجروا ويؤدبوا ويمنعوا من أعمالهم هذه ويستتابوا مما فعلوا ومن دعواتهم أنهم يعرفون ما يصيب الناس بواسطة من يتوسطون به من الجن، هذا كله باطل وكله منكر، أما كون بعض الناس قد يشفى فهذا قد يكون عن أمراض سببها له الجن وشياطين الجن ثم إذا قرب إليه وتقرب إليهم هذا الذي يدعي أنه طبيب يتقرب إليهم بما يريدون قد يزيلون ما فعلوه بأنفسهم من أسباب مرض هذا الشخص. فالحاصل أنهم قد يتعاطون أشياء تؤذي الإنسان فإذا اتصل بهم من يعبدهم ويخدمهم أزالوا ذلك الشيء الذي يفعلونه، فيسكن المرض، وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال لامرأته لما كانت تذهب إلى يهودي فيرقيها ويرقي عينها، قال لها: إنه الشيطان ينخسها بيده، فإذا قرأ عليك ذاك اليهودي كف عنها النخس والألم. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 9252.

فالمقصود أن الذين يدعون أنهم يتصلون بالجن ويسألونهم عن بعض الحاجات هؤلاء لا يسألون ولا يصدقون بل يجب أن يبتعد عنهم المسلم ويحذرهم، وعلى ولاة الأمور إذا عرفوهم أن يزجروهم ويؤدبوهم حتى يمتنعوا من هذه الأعمال، وإذا كانوا يدعون الغيب يستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا كفارا؛ لأن دعوى علم الغيب كفر، والغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.

حكم تصديق الكهان والعرافين.

105 - حكم تصديق الكهان والعرافين. س: ما حكم الذهاب إلى الكهان والعرافين، وتصديق ما يقولون؟ فلدي أخ يذهب إليهم، ويستشيرهم في ذلك، أفتونا مأجورين؟ (¬1) ج: هذا منكر عظيم، لا يجوز الذهاب إلى الكهان والعرافين والمنجمين لا يجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم زجر عن هذا وقال: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (¬2)»، وقال صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (¬3)»، ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم 376 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (¬3) أخرجه الإمام أحمد، مسند أبي هريرة، برقم 9252

وقال: «ليس منا من سحر أو سحر له، أو تكهن أو تكهن له، أو تطير أو تطير له (¬1)» فالواجب الحذر من هذا العمل، وعدم السماح بذهابه إليهم، ونصيحته وتوجيهه؛ لأن هذا قد يجره إلى شر عظيم، قد يصدقهم، وقد يسألهم. فالواجب الحذر، لا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم، نسأل الله العافية. س: السائل: ح. م. س. من سوريا يقول: هل يجوز للمؤمن أن يذهب إلى عراف من أجل مشكلة ما اشتكى منها؟ علما بأن هذا العراف يفتتح بالقرآن الكريم، فأريد منكم التوجيه مأجورين؟ (¬2) ج: العرافون: هم الذين يدعون علم المغيبات، وعلم الحوادث بطرق غير شرعية، هؤلاء لا يؤتون يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (¬3)» رواه مسلم في الصحيح، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (¬4)» عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز إتيان العرافين ولا الكهنة، ولا المنجمين ولا السحرة، ولا يجوز سؤالهم ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، ج18، برقم 355 (¬2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 410 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (¬4) أخرجه الإمام أحمد، مسند أبي هريرة، برقم 9252

ولا تصديقهم، بل يجب الحذر منهم، والإنكار عليهم ورفع أمرهم إلى الجهات المسؤولة حتى يعاقبوا بما يستحقون.

حكم من مات وهو يصدق بعض أخبار الكهنة جهلا منه

106 - حكم من مات وهو يصدق بعض أخبار الكهنة جهلا منه س: والدتي كانت تصدق السحرة والكهان والمشعوذين ولكنها كانت لا تعلم أن هذا حرام، وفيه إثم عظيم، وتوفيت وهي على جهلها بذلك، فهل يلحقها إثم، وهل يجوز لي أن أحج عنها، عسى الله أن يغفر لها، مع العلم أنها كانت تصوم وتصلي، أفيدونا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: إذا كانت والدتك موحدة تعبد الله وحده، ولا تتعلق بأصحاب القبور، ولا تدعوهم من دون الله، ولا تستغيث بالأولياء والأنبياء، ولكنها قد تصدق بعض السحرة بما يخبرون به، أو بعض الكهنة عن جهل منها، فنرجو أن إسلامها باق، إذا كنت لا تعلم منها ما يوجب كفرها من دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، أو أن السحرة يعلمون الغيب، أما إن كانت تصدق أن السحرة يعلمون الغيب، أو تدعو الأموات أو تستغيث بالأموات، كابن علوان وغيره فهذا كفر أكبر، لا ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 201

يدعى لها ولا يحج عنها، أما إذا كنت تعلم منها أنها لا تفعل ذلك، بل هي موحدة لا تعبد إلا الله، ولا تدعو إلا الله، ولا تعتقد أن أحدا يعلم الغيب، ولكنها قد تصدق بعض أخبار المشعوذين الذين يسمون بالسحرة أو الكهنة جهلا منها فلا حرج في الحج عنها والدعاء لها إن شاء الله.

حكم من يدعي معرفة أحوال الموتى وما يعرض لهم من عذاب أو نعيم

107 - حكم من يدعي معرفة أحوال الموتى وما يعرض لهم من عذاب أو نعيم س: الأخ: أ. أ. ع. ع. يقول: يوجد في بلادنا بعض الرجال والنساء يدعون أنهم في أثناء الليل ينزلون إلى القبور، أو بمعنى أصح أنهم يعلمون من أقوال الموتى، وماذا يعانون في قبورهم من العذاب، إذا كانوا مذنبين أو من نعيم، إذا كانوا صالحين، ويقولون أيضا لأهل الميت: إن ميتك فلانا كذا وكذا، وهو يعذب في القبر بسبب سيئة أصابها وعليك أن تقضي عنه دينه، وحاول أن تكفر عنه. أفيدونا عن هؤلاء هل يتكلمون بالصدق، أو أنهم من المشعوذين الذين يريدون ابتزاز أموال الناس، جزاكم الله عنا خيرا، وإذا كان هؤلاء يتكلمون افتراء وكذبا فما يجب علينا نحوهم؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 144

ج: هؤلاء يعتبرون من الكذابين والمشعوذين والذين يريدون أن يبتزوا أموال الناس بالباطل، أو أن يعظمهم الناس ويقولون عنهم إنهم يعلمون الغيب، هذا لا يعلمه إلا الله، والله أخفى عن الناس عذاب المقبورين ونعيمهم، فالذي يدعي أنه يعرف المعذب من المنعم كذاب أشر، يجب أن يهجر ويزجر ويعاقب، إن كان في دولة مسلمة حتى يتوب من عمله السيئ، ولا يصدق ولا يلتفت إليه بالكلية؛ لأنه مجرم كاذب، نسأل الله السلامة والعافية. س: تسأل المستمعة من اليمن وتقول: البعض من الناس، يزعمون بأنهم يشاهدون الموتى، وما آلوا إليه، وما آل إليه مصيرهم، ويقومون بإخبار أهل الميت، أين مصير أبنائهم، أو ميتهم ويخبرونهم بأن الميت يقول لهم أن يفعلوا أشياء يذكرونهم بها، فهل هذا العمل صحيح؟ وما نصيحتكم سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: هذا باطل، وهؤلاء كذابون، ودجالون، ومن ادعى هذا فهو كافر، يدعي أنه يعلم الغيب، هذا لا يجوز، هذا باطل، ولا يصدقون، والعياذ بالله، فلا يعلم حال الموتى ومنازلهم عند الله، إلا الله سبحانه وتعالى، لكن المؤمن يرجى له الخير، والكافر إلى النار ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم 396

نسأل الله العافية، والمؤمن مشهود له بالخير ومصيره إلى الجنة، لكن أخبارهم وأنه جرى عليهم كذا، وأن منازلهم في الجنة كذا، هذا لا يقوله عاقل، هذا كذاب، ولكن المؤمنون موعودون الجنة، ومنازلهم الجنة، وأرواحهم في الجنة في شكل طير، أرواحهم تكون طيورا في الجنة، كما جاء في الحديث، والشهداء تكون في أجواف طير خضر، تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش فمن يقول: إنه يعلم أحوال الموتى وما هي شؤونهم ومنازلهم بأنه يشاهد ذلك فهذا كذاب دجال يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل.

حكم سؤال المنجمين والرمالين وأصحاب الشعوذة

108 - حكم سؤال المنجمين والرمالين وأصحاب الشعوذة س: ينوه الأخوان من خوفهما على عقيدتهما عند اللجوء إلى أولئك الذين يجسمون الأمور، وقد يتكهنون بأشياء، فما توجيه سماحتكم ولا سيما فيما يتعلق بخوف الناس من السحر ومن الجن؟ (¬1) ج: أما ما يتعلق بسؤال الكهنة والمنجمين والعرافين والرمالين وأشباههم من أصحاب الشعوذة ودعوى علم الغيب، ودعوى أنهم يدركون أشياء بواسطة الجن ما أدركها غيرهم، هذا كله لا يجوز, ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 76

والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن إتيانهم ونهى عن سؤالهم، «سئل عن الكهان عليه الصلاة والسلام فقال: " إنهم ليسوا بشيء (¬1)»، «وقال: لا تأتوهم (¬2)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما (¬3)» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وفي لفظ: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (¬4)» صلى الله عليه وسلم. هذا يدل على أن هؤلاء لا يؤتون ولا يسألون ولا يصدقون؛ لأن عمدتهم الخرص والتكهنات التي لا أساس لها، أو الاعتماد على ما يقوله الجن، وخرافات الجن وشياطينهم، فلا ينبغي أن يعتمد عليه، وقد قال صلى الله عليه وسلم لما قيل له إن الكهان قد يصدقون، قال: «إنهم يصدقون في كلمة، ويكذبون في مائة (¬5)»، وفي لفظ آخر: «في أكثر من مائة (¬6)»، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قراءة الفاجر والمنافق وأصواتهم وتلاوتهم، برقم 7561 (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه، برقم 23250 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252 (¬5) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2228 (¬6) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2228

وبين عليه الصلاة والسلام أن هذه الكلمة التي يصدقون فيها هي التي يسمعونها من السماء، يسمعها مسترقو السمع من السماء من الملائكة فيكذبون معها الكذب الكثير، في إحدى الروايات: «فيكذبون معها مائة كذبة (¬1)»، وفي اللفظ الآخر: «"فيكذبون ويزيدون"، وفي بعضها: "فيكذبون أكثر من مائة كذبة"، فيقال: قد صدقوا في كذا وكذا، فيصدقون بسبب تلك الكلمة التي سمعت من السماء (¬2)». والناس من عادتهم الميل إلى الشعوذة، وإلى كل ما يظنون أنه ينفع، فيتشبثون بكل شيء، والمريض يتشبث بكل شيء أيضا، فبهذه يصدقون الكهنة والمنجمين في كذبهم الكثير لأسباب أنهم قد صدقوا في واحدة، أو نفعوا في واحدة أو ثنتين مثلا، وهذا كله من طبيعة البشر الميل إلى من ظنوا أن عنده شيئا، ولا سيما إذا كان قد عرف أنه نفع، ولو في واحدة، فيتعلقوا به ويصدقوه في كل شيء، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، برقم 3210 (¬2) البخاري تفسير القرآن (4424)، ابن ماجه المقدمة (194).

حكم من أرغمه والده للذهاب إلى الكهنة

109 - حكم من أرغمه والده للذهاب إلى الكهنة س: يقول السائل: إن له أختا كانت مع رجل وطلقها بسبب والدته، ثم إنها بعد الطلاق أصيبت بحالة مرضية، أرغمه والده ووالدته إلى الذهاب بها إلى أحد الأشخاص يعتقد أنه مشعوذ، ومنذ ذلك الوقت وهو يفكر في أمره، ويرجو من سماحتكم توجيهه كيف يتصرف؟ وهل يكون قد وقع في الإثم؟ (¬1) ج: نعم لا يجوز له ذلك، ليس له طاعة والديه فيما حرم الله، والذهاب بأخته لمشعوذ لا يجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن إتيان الكهان، وعن سؤالهم، والمشعوذين من العرافين والمنجمين والكهنة، فلا يجوز إتيانهم ولا سؤالهم، وإذا أمره بذلك والده لم يجز له طاعته؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الطاعة في المعروف (¬2)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (¬3)». فيعتذر ويقول: يا والدي هذا لا يجوز، لكن نذهب بها لمن يقرأ عليها من ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 249 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم 7145، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، برقم 1840 (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم 1098

الطيبين، أو امرأة صالحة تقرأ عليها، رجل صالح يقرأ عليها، بدون خلوة أو إلى الطبيب، أما إلى المشعوذين من كهنة ومنجمين وسحرة ونحو ذلك فهذا لا يجوز، فإنه لا يجوز إتيانهم ولا سؤالهم ولا العلاج عندهم بالكلية، بل يجب على ولي الأمر أن يمنعهم من ذلك، وأن يؤدبهم حتى يرتدعوا عن تعاطي العلاج، لذا عليك التوبة والندم، والعزم ألا تعود في هذا الشيء، وإذا صدقت التوبة بالندم على الماضي والإقلاع من الذنب، والعزم الصادق ألا تعود فيه، فإن الله يغفر لك سبحانه وتعالى، والإنسان إذا قلق من أجل خوف الله والرغبة فيما عنده فهو على خير عظيم. س: كما توقعنا في حلقة ماضية شيخ عبد العزيز أن هناك عددا من السادة المستمعين سيسألون عن هؤلاء الكهان والدجالين، هذا هو المستمع إ. م. ف. يسأل أيضا عن هذا الموضوع، ويبدو أن القضية موجودة حتى في السودان، فهم يتعلقون بهم ولا سيما أولئك الذين ابتلي بعض أقاربهم بالمرض أو بضياع شيء من الأموال وما أشبه ذلك، ويرجو التوجيه جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: سبق التنبيه على هذا وأنه لا يجوز لأي مسلم أن يسأل الكهنة ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 165

والمنجمين والعرافين والمشعوذين الذين يدعون علم الغيب أو يعرفون بأشياء تدل على ذلك، فمن كان يتهم بذلك أو يعرف بذلك لا يسأل ولا يصدق، بل يلتمس أهل الخير والعلم والإيمان، حتى يقرأ على المريض ينفث على المريض أو الطبيب المعروف بالحذق والفهم، يسأل عن المرض الطبيب المعروف، أما الكهان والمنجمون والرمالون والمشعوذون والعرافون وكل من يدعي شيئا من أمور الغيب ويزعم أنه يعرف هذا بكذا وكذا منهم، فهذا كله منكر يجب الحذر منهم، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (¬1)»، وقال صلى الله عليه وسلم «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام (¬2)». فالأمر عظيم، «وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الكهان، قال: " لا تأتوهم وليسوا بشيء (¬3)» فالكاهن والعراف والرمال ونحوهم يدعون علم الغيب بأمور وأشياء يشبهون بها على الناس ويخدعون بها الناس، من ضرب بالحصى أو سؤال عن اسم أمه، واسم فلانة وفلانة، أو غير ذلك من ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2228

الأسئلة التي يزعمون بها أنهم يعلمون الغائب، أو يعلمون كذا وكذا من أسباب مرضه، غير الطريقة المعروفة من سؤاله عن صفة المرض، وأسباب المرض الذي أصابه، حتى يهتدوا إلى علاج، الذين يدعون أشياء خارجة عن ذلك من جهة النجوم أو من جهة اسم أمه أو من جهة الأشياء التي لا تعلق لها بالمرض، هذا كله من أمارات أنهم مشعوذون، وأنهم كهنة يجب الحذر منهم، وإنما يؤتى المعروف بالخير والاستقامة والدين، ومن يتعاطى طبا واضحا ليس فيه شبهة، وليس فيه ما يوهم دعوى علم الغيب، أو كلمة الجن أو دعاء الجن أو هبة الجن، نسأل الله العافية. س: نسمع كثيرا عن الكهنة والمنجمين، فما صحة ديانة من يذهب إليهم، والإيمان بأقوالهم، ذلك بأنهم يأتون بما يثبت الصحيح، فمن ذلك أنهم يخبرون المرء باسم قريب له من أقاربه، ويصفون له منزله، وربما وصفوا له ما عنده من المال والأولاد، أرجو من سماحتكم التوجيه وفقكم الله؟ (¬1) ج: هذا موجود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقبله وبعده، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان الكهان وعن سؤالهم، قال عليه الصلاة والسلام: ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 76

«من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما (¬1)» رواه مسلم في صحيحه، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (¬2)» صلى الله عليه وسلم، وسأله بعض الناس عن إتيان الكهان، قال: «لا تأتوهم، وقال: ليسوا بشيء» قالوا: يا رسول الله إنهم يصدقون في بعض الأحيان، قال: «تلك الكلمة يسمعها الجني المسترق للسمع من السماء فيقرها في أذن وليه من الإنس، وهو الكاهن والساحر فيصدق تلك الكلمة، ولكنهم يقذفون ويزيدون عليها مائة كذبة» وفي رواية «أكثر من مائة كذبة»، فيقول الناس إنه صدق يوم كذا وكذا، فيصدقونه بتلك الكلمة التي سمعت من السماء وتكون وسيلة إلى تصديقه في كذبه الكثير. فالكهان لهم أصحاب من الشياطين من الجن، فالكاهن هو الذي له رئي، يعني صاحبا من الجن، يخبره عن بعض المغيبات وعن بعض ما يقع في البلدان، وهذا معروف في الجاهلية وفي الإسلام، هو الكاهن الذي له صاحب من الجن يشعره ويخبره عما يلقاه من شياطينه وإخوانه فيقول: جرى كذا وقع كذا في البلدة الفلانية؛ لأن الجن ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب قول الرجل للشيء ليس بشيء. . .، برقم 6213 وأخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2228 (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252

يتناقلون الأخبار فيما بينهم، والشياطين تتناقل الأخبار فيما بينها، فيخبر بعضهم بعضا بسرعة هائلة، من الشام إلى اليمن ومن اليمن إلى الشام، إلى مصر إلى نجد إلى أمريكا، إلى أي مكان بينهم تناقل للأخبار، فلهذا قد يغتر بهم من يسمع صدقهم في بعض المسائل، وكذلك قد يعرف الشيطان قريب هذا المبتلى، أخاه، عمه، من الشياطين التي بينهم، كل إنسان منا معه شيطان، معه قرين من الإنس وقرين من الجن، كل واحد من بني آدم، فالشياطين يخبر بعضها بعضا ويدل بعضها على عورات بعض، وتخبر عما عندهم من المال، ما عندهم من الأولاد، ما عندهم من الأثاث، كل هذا يقع بين الناس، وقد يسترقون السمع، فيسمعون بعض ما يقع في السماء بين الملائكة مما يتكلم الله به جل وعلا من أمور أهل الأرض وما يحدث في الأرض فيتسامعون تلك الكلمة فإذا سمعوها قروها في أذن أصحابهم من الكهنة والسحرة والمنجمين فيقول المنجم والساحر والكاهن سوف يقع كذا، سوف يقع كذا عن تلك الكلمة التي سمعت من السماء، ولا يكتفي بهذا بل يكذب معها الكذب الكثير، حتى يروج بضاعته، وحتى يأخذ أموال الناس بالباطل، بسبب هذا الكلام الذي ينقله إليهم، سوف يجري كذا، سوف يقع كذا، فإذا صدقه في موضوع نقل الناس هذا الصدق الذي وافق فيه الخبر الذي وقع في السماء أو وافق فيه الحوادث التي وقعت في بعض البلدان، فعند هذا الناس يغلب عليهم

تصديقهم بسبب هذه الحوادث فيقولون صدق في يوم كذا، صدق في كذا، صدق في كذا، والمرضى يتعلقون بخيط العنكبوت، ويتشبثون بكل شيء، فلهذا يأتون الكهنة ويأتون المنجمين ويأتون السحرة بسبب ما قد يسمعون عنهم أنهم صدقوا في كذا وصدقوا في كذا، فالواجب عدم إتيانهم وعدم سؤالهم، وعدم تصديقهم، ولو قدر أنهم صدقوا في بعض الشيء، الواجب تركهم بالكلية؛ لأن الرسول نهى عن إتيانهم، ونهى عن سؤالهم، ونهى عن تصديقهم، فالواجب على المسلمين ألا يصدقوهم، وألا يسألوهم، وألا يأتوهم بالكلية، هذا هو الواجب على الجميع، وأن يسلكوا في علاج المرضى ما شرعه الله من القراءة والدواء المباح ونحو ذلك مما يعرفه الأطباء، فبين الأطباء وبين القراء الذين يرقون المرضى ويعرفون بإسلامهم ودينهم، هذه هي الأسباب الشرعية والوسائل الشرعية، أما إتيان الكهان والمنجمين والرمالين والعرافين وسؤالهم هذا منكر لا يجوز، نسأل الله العافية والسلامة.

س: من خلال ما يعرض على سماحتكم من الرسائل من الإخوة المسلمين هنا وهناك، يلاحظ أن الأمة في حاجة إلى توعية أكثر وأكثر، ولا سيما فيما يتعلق بهؤلاء الدجالين والنصابين، الذين يبتزون أموال الناس بكلام لا أساس له، ولا توثيق لديه، نرجو من سماحتكم التوجيه كيف نرتفع بمستوى الأمة، حتى تدرك أن هؤلاء لا صحة لما يدعونه؟ (¬1) ج: لهذا نص النبي صلى الله عليه وسلم على التحذير منهم، من هؤلاء النصابين والكذابين، فقال عليه الصلاة والسلام: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (¬2)» فهذا تحذير شديد من العرافين الذين يدعون علم المغيبات، وقال صلى الله عليه وسلم: «من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (¬3)» صلى الله عليه وسلم، وقال: «ليس منا من سحر أو سحر له، وليس منا من تكهن أو تكهن له، وليس منا من تطير أو تطير له (¬4)» فالواجب على الأمة أن تحذر هؤلاء الكذابين والنصابين والدجالين، وألا تصدقهم وألا تسألهم، وإنما تسأل عما شرع الله لها، وما حرم الله عليها، تسأل أهل العلم، هكذا الأمة تسأل أهل العلم؛ لأن الله سبحانه يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (¬5) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 317 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252 (¬4) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، ج18، برقم 355 (¬5) سورة النحل الآية 43

أهل الذكر هم أهل القرآن، وهم أهل الحديث الشريف، فعلى الإنسان المحتاج للسؤال من رجل أو امرأة عليهما سؤال أهل العلم، أهل الذكر الذين عرفوا بالعلم النافع، معرفة القرآن والسنة وأحكام الشرع، الرجل يسألهم والمرأة تسألهم، عن طريق الهاتف، عن طريق نور على الدرب، من طريق المكاتبة، ومن طريق حلقات العلم، أما النصابون الدجالون والسحرة والكهنة فهؤلاء لا يجوز سؤالهم أبدا، ولا يجوز تصديقهم أبدا؛ لأنهم كذبة فجرة، وبعضهم قد يكون كافرا إذا ادعى علم الغيب يكون كافرا، نسأل الله العافية، وكذا الساحر الذي يعبد الشياطين ويتقرب إليهم هو من الكفرة أيضا. فالحاصل أن الواجب على المسلمين أن يحذروا هؤلاء الدجالين العرافين من الكهنة، فلا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم أبدا، وإذا أراد الإنسان أن يسأل فليسأل أهل العلم، علماء الشرع، علماء القرآن والسنة، يسألهم عما أشكل عليه من أحكام الله، عن الحلال والحرام، يسألهم عن رؤياه إذا كان له رؤيا، يجب أن يسأل عنها أهل العلم {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (¬1) فسؤال أهل العلم هو المطلوب، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (¬2)»، ¬

_ (¬1) سورة النحل الآية 43 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله، برقم 1893

المسلم يدل على الخير، يوصي بالخير، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (¬1)»، ويقول عليه الصلاة والسلام: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة (¬2)»، ويروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه أنكر على قوم أفتوا بغير علم، وقال: «ألا سألوا إذا لم يعلموا، إنما شفاء العي السؤال (¬3)» أي سؤال أهل العلم. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، برقم 71، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، برقم 1037 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم 2699 (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في المجروح يتيمم، برقم 336

حكم صاحب الودع وقارئة الفنجان

110 - حكم صاحب الودع وقارئة الفنجان س: ما رأيكم فيما يقوله صاحب الودع وقارئة الفنجان، وقراءة الكف، ما حكم هذه الأشياء؟ (¬1) ج: كل هذه بدعة، كل هذه أمور لا صحة لها، صاحب الفنجان وقراءة الكف، والرمي بالودع، أي الضرب بالودع، أو بالحصى كله من تعاطي علم الغيب، كله باطل منكر ولا صحة له، بل هو دجل وكذب ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 39

وافتراء، ويدعون علم الغيب، بأشياء أخرى غير هذا كذبا، وإنما يعتمدون على ما يقول لهم أصحابهم من الجن، فإن بعضهم يستخدم الجن، ويقول ما تقول له الجن فيصدقون ويكذبون، يصدقون في بعض الأشياء التي اطلعوا عليها في بعض البلدان، أو سرقوها من السمع، ويكذبون في الغالب، والأكثر يكذبون ويتحيلون على الناس حتى يأخذوا أموالهم بالباطل وهكذا من جنس الذين يخدمونهم، قد يكذبون أيضا ويفترون فيقولون هذا كذا وهذا كذا وهم كذبة، إنما يأكلون أموال الناس بالباطل، وعلم الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.

حكم استعمال نثر الودع

111 - حكم استعمال نثر الودع س: توجد امرأة تقوم بنثر الودع أمامها، وتخبر أنه سوف يحدث كذا وكذا من الأمور الغيبية ولكنها لا تقول إنها تعلم الغيب، لكن تقول: إن ما تفعله مجرد تسلية، وأن ما تقول قد يحدث وقد لا يحدث، ما حكم ذلك؟ (¬1) ج: لا يجوز لها هذا العمل، هذا من عمل أهل السحر والشعوذة، لا يجوز هذا، بل يجب الإنكار عليها ومنعها من هذا العمل، وإخبارها أن هذا لا يجوز وأن هذا يفضي إلى دعواها علم الغيب ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم 362

والتلبيس على الناس هذا لا يجوز فالواجب على هذه المرأة أن تخاف الله وتراقب الله وتحذر هذا العمل السيئ الذي أنكره النبي صلى الله عليه وسلم وحذر منه، يقول صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬1)». فالواجب الحذر من هذا العمل السيئ وهو وسيلة إلى دعوى علم الغيب وهو وسيلة للتلبيس على الناس، نسأل الله للجميع العافية والهداية. س: هذا الشخص يشتكي من كثرة هؤلاء المشعوذين في بلده السودان، ويقول: إذا تحقق ما يقولون، هل في هذا علم بالغيب أم لا؟ ج: كله باطل، وقد يتكرر لأنه شيء يوجد في بلادهم، قد يخبرون عن إنسان فعل كذا، وفعل كذا وهم قد شاهدوه في بلاد أخرى، من السودان أو أشياء أخبرهم بها الجن، أن هذا وقع في بلد كذا، وعمله كذا، وصار كذا، هم يأخذون عن الجن أخبارا ألقتها الجن في بعض البلدان، فيخبرون بها أولياءهم، هذا كله لا صحة له ولا يحكى فيه بأنهم يعلمون الغيب أبدا، علم الغيب إلى الله سبحانه ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد، مسند الشاميين حديث عقبة بن عامر الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 16951

وتعالى، ولكن هناك أمور تقع في بعض البلدان، فينقلها الجن بعضهم إلى بعض، أو فيه استراق من السماء، كونهم يسمعونها من الملائكة، إذا استرقوا السمع من السماء، فينقلونها إلى أوليائهم من الإنس، فقد تكون حقا سمعوه، ما لبس عليهم فيه، فيقع ويظن الناس أن كل ما فعلوه وقالوه صحيح، ويكذبون مع ذلك الكذب الكثير، كما في الحديث: «إنهم يكذبون معه مائة كذبة "، وفي بعض الروايات: " أكثر من مائة كذبة (¬1)»، فلا يلتفت إليهم؛ لأن عمدتهم الكذب أو الاستعانة بالجن في كذب الجن وفيما يتعاطونه من الباطل الذي يشوشون به على الناس، نسأل الله العافية، والجن كالإنس فيهم الكافر وفيهم المبتدع وفيهم الفاسق وفيهم الطيب، فالفساق للفساق، والكفار للكفار، والطيبون للطيبين، فالجن الذين يخدمون بعض شياطين الإنس بإخبارهم ببعض المغيبات التي سمعوها من السماء أو سمعوها من بعض البلدان، هؤلاء لأنهم خدموهم بعبادتهم من دون الله، والذبح لهم ونحو ذلك، فالجن يخدمون بهذه الأخبار وهذه الأسرار التي يكذبون فيها، وقد يصدقون فيها شيئا قليلا فيظنهم الناس صادقين في البقية. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب قول الرجل للشيء ليس بشيء برقم 6213، ومسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2228

حكم قراءة الكف

112 - حكم قراءة الكف س: ما حكم قراءة الكف، سواء كان ذلك جدا أو هزلا؟ (¬1) ج: هذه باطلة ومن الكهانة ولا يجوز، الكف والفنجان وأشباه ذلك وضرب الحصى والودع، كل هذا ضلال ومن دعوى علم الغيب، فإذا زعم أنه يعلم الغيب بهذه الأمور صار كافرا كفرا أكبر، نعوذ بالله؛ لأن الغيب لا يعلمه إلا الله، ولا يعلم بضرب الحصى ولا بقراءة الكف ولا الفنجان، ولا بغير ذلك مما يتعاطاه المشعوذون، علم الغيب إلى الله سبحانه وتعالى، فمن زعم أنه بقراءة الكف أو ضرب الحصى أو الحساب بالأصابع أو بأي شيء من الأشياء أنه يعلم الغيب كل هذا من الكفر بالله عز وجل، والله يقول سبحانه: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (¬2)، ويقول جل وعلا في كتابه العظيم لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ} (¬3). فمن ادعى علم الغيب بعمل الكف أو الحصى أو الودع، أو غير هذا من الحسابات فكله باطل وكله كفر وضلال، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 218 (¬2) سورة النمل الآية 65 (¬3) سورة الأنعام الآية 50

حكم من يزعم أنه يتعرف على السارق ومكان المسروقات

113 - حكم من يزعم أنه يتعرف على السارق ومكان المسروقات س: السائل ط. ع. من السودان يقول: يزعم أحد الدجالين بأنه يستطيع أن يتعرف على السارق، بعد أن يسرق وذلك بأمور، لا يعلمها كثير من الناس، منها بأنه يأمر بإحضار، صحن ماء وطفل دون سن البلوغ، ويكون قد رضع من ثديي أمه حولين كاملين، ولم يخفه كلب، ثم يقوم بقراءة شيء من القرآن، وبعض الكلمات التي لا تفهم، ثم يسأل الطفل هل رأيت شيئا في الماء، الذي في الصحن فيصف الطفل السارق بالتفاصيل وأين أخفى المسروقات، فما حكم الشرع في مثل هذا، وهل تجوز الصلاة خلفه؟ وهل يجوز لنا أن نقوم بوصله في السراء، والضراء، علما بأننا نصحناه، ولكنه لا يقبل النصيحة، ويقول بأنه على حق؟ (¬1) ج: هذا من باب التلبيس والخداع والكذب، وإنما هو يستخدم الجن، ويسأل الجن وقد يخبرونه، وقد يطلعون على السارق، ويخبرونه ومثل هذا لا يصلى خلفه، يجب أن يرفع أمره إلى المحكمة، أو إلى الهيئة، أو للإمارة حتى يردع عن هذا العمل؛ لأن هذا من باب دعوى علم الغيب، وذكر الطفل والصبي، كل هذا من ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 386

باب التلبيس والخداع، وإنما الحقيقة أنه يسأل الجن، ويستعين بالجن، ويخبر عنهم وقد يغلطون وقد يصدقون. س: إننا في زمن كثرت فيه الخرافات والشعوذة وإن هناك رجلا يدعي أنه يعلم المخفيات مثل السرقة وغير ذلك، والأمر أنه في حالة عجز المواطنين في معرفة أي شيء حصل في البلد فإن العمدة يرسل بعض الأشخاص إلى هذا الرجل؛ ليعرفوا منه ما حدث، وقد يكذب أو يصدق، ولكن المؤسف أنهم يحكمون على الناس بما قال هذا الدجال، ولا يحق لأحد أن يتكلم أو يدافع عن نفسه بعد هذا، نرجو من سماحة الشيخ التوجيه جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذا غلط عظيم لا يجوز الاعتماد على الكهنة والمشعوذين والعرافين، بل يجب أن يقضى عليهم عن طريق الدولة، إذا كانت مسلمة تخاف الله، يجب عليها أن تقضي عليهم وأن تلتمسهم، وأن تؤدبهم وتعاقبهم حتى يتركوا هذا العمل، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام «أنه سئل عن الكهان فقال: لا تأتوهم، فقيل له: إنهم قد يصدقون في بعض الشيء، فقال: تلك الكلمة يسمعها الجني من الملائكة إذا استرق السمع، فيقرها في أذن أولئك الكهنة فيصدق ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 164

الكاهن والساحر بسبب تلك الكلمة التي سمعت من السماء في كذبهم الكثير، ويقولون: قد قال كذا وكذا، وصدق فيصدقون فيما يكذب فيه من مئات الكذبات (¬1)» التي لا أساس لها، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام (¬2)»، وقال عليه الصلاة والسلام، «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (¬3)» كما في المسند الصحيح رواه مسلم في صحيحه رحمه الله. وقال عليه الصلاة والسلام: «ليس منا من سحر أو سحر له، أو تكهن أو تكهن له، أو تطير أو تطير له (¬4)». فهؤلاء لا يصدقون ولا يعتمد عليهم، وإذا صمموا وأقروا أنهم يعلمون الغيب، أو يدعون علم الغيب صاروا كفارا بذلك، ومن ادعى أنه يعلم المغيبات يكون كافرا، كما قال الله عز وجل: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (¬5)، فمن زعم أنه يعلم الغيب فإنه مكذب لله، ومشارك لله فيما اختص فيه سبحانه وتعالى، وهذا كفر أكبر وضلال بعيد، علم الغيب لا يعلمه إلا الله حتى الأنبياء لا يعلمونه، حتى محمد عليه الصلاة والسلام وهو أفضل الخلق لا يعلم الغيب، إلا ما علمه الله إياه، كما قال عز وجل: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (¬6)، ¬

_ (¬1) البخاري الطب (5429)، مسلم السلام (2228)، أحمد (6/ 87). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (¬4) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، ج18، برقم 355 (¬5) سورة النمل الآية 65 (¬6) سورة الأعراف الآية 188

وقال جل وعلا: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى} (¬1) فمن زعم أنه يعلم الغيب من الكهنة وغيرهم فهو كافر ضال ومن صدقه بذلك فهو مثله يكون كافرا مثله، نسأل الله العافية. المقصود أن هؤلاء المشعوذين والكهنة يجب أن يحاربوا وأن يقضى عليهم من جهة الدولة، وأن يؤدبوا وأن يعاقبوا حتى يتركوا هذا الأمر، فإذا أصروا على هذا الباطل وجب قتلهم؛ لأنهم من المفسدين في الأرض، ويجب أن يقاطعوا ويجب على من عرفهم أن يعرف عنهم ولاة الأمور: من الهيئة والمحكمة والإمارة، لا سيما في هذه المملكة التي هي بحمد الله تحكم بالشرع، والواجب على من عرف أحدا من هؤلاء الكهنة والمنجمين والرمالين والمشعوذين أن يرفع أمره إلى الإمارة في بلده أو المحكمة أو الهيئة أو إلى الجميع؛ حتى تبرأ ذمته وحتى يحصل التعاون ولا يجوز التستر عليه، ولا إخفاء أمره بل يجب إعلان أمره وفضيحته؛ حتى لا يضر الناس، وهكذا في اليمن يجب على من عرف ذلك أن يرفعه إلى ولاة الأمر حتى يمنعوه من التعدي على الناس، والكذب عليهم بل يجب على ولاة الأمور في اليمن وفي غيرها أن يقضوا على هؤلاء المشعوذين والرمالين والكهنة، ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 50

وأن يمنعوهم من تعاطي هذه الأعمال القبيحة المنكرة التي فيها تضليل الناس وخداعهم وأخذ أموالهم بالباطل، والكذب عليهم. المقصود أن هذا الواجب على المسلمين أن يتعاونوا فيه في الدول الإسلامية، وفي غير الدول الإسلامية مع المسلمين، في القليات الإسلامية إذا وجد بينهم من يفعل هذا، يتعاونون في نصيحته وفي بيان باطله حتى يرجع إلى الحق والصواب، أما في الدول الإسلامية فالواجب عليهم القضاء عليه، كما يجب على الدول الإسلامية القضاء على كل ما حرم الله من المنكرات الظاهرة وأعظمها الشرك بالله عز وجل، من دعوة أصحاب القبور والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم والذبح لهم كل ذلك يجب القضاء عليه؛ لأنه منكر عظيم وشرك وخيم، وهكذا البدع المنكرة المخالفة لشرع الله يجب القضاء عليها وهكذا وجود الكهنة والمنجمين والمشعوذين يجب القضاء عليهم وإعلان أن الدولة ضدهم، حتى يفضحهم الناس وحتى يرفعوا بأمرهم إلى ولاة الأمور للقضاء عليهم وحماية المجتمع الإسلامي من شرهم ومكائدهم.

حكم من يزعم أنه يضع الجمر على لسانه فلا يحرقه

114 - حكم من يزعم أنه يضع الجمر على لسانه فلا يحرقه س: بعض العامة يقولون: إن سيدي فلانا قد ظهر من قبره نور، وإن سيدي فلانا يضع الجمر على لسانه فلا يحرقه، وإن سيدي فلانا نادى ولده في بلد آخر فسمعه ابنه ولبى النداء، وأن الكاهن فلانا سئل عن بهيمة مسروقة فدل على مكانها، وعندما نقول لهم: بأن هذه من أفعال الشيطان، بعضهم يكذب وينكر ذلك، والبعض يقول أقولا قبيحة. فهل نجتنبهم لأنهم يسخرون من أهل التوحيد ودعاته، أم نجابههم، رغم ما سنتعرض له من أذى وسخرية، أفيدونا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: كل هذا خرافات يجب الإنكار على من فعله، ولا يجوز التساهل في ذلك وعليكم الصبر، وأن يكون الكلام بالحكمة والأسلوب الحسن، لعل الله أن يهديهم بأسبابكم، فإن هذه من شعوذة الشيطان وتزيينه الباطل، خرج من قبر فلان نور، أو أنه كلم أباه في المحل الفلاني وأجاب، أو البهيمة موجودة في محل كذا، هذه من أعمال الشياطين، والشياطين يتناقلون الأخبار ويوصي بعضهم بعضا بالباطل، فلا يجوز الاحتجاج بهم ولا الاغترار بهم، والكهنة هم عباد ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم 182

الشياطين، لهم أصحاب من الجن يخبرونهم ويخبرون الناس، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (¬1)»، فلا يجوز تصديق مثل هذه الخرافات، ولا يجوز الأخذ بها، بل يجب إنكارها والتحذير منها، والله المستعان. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252

حكم من يدعي الوساطة بين الجن والإنس لعلاج الأمراض المستعصية

115 - حكم من يدعي الوساطة بين الجن والإنس لعلاج الأمراض المستعصية س: سمعت خبرا بأن هناك امرأة تتعامل مع الجن، وأخبرها الجن بأنها ستكون وسيطة خير بين الجن والإنس لتعالج الأمراض المستعصية في الإنس والتي عجز عنها طب الإنس، والمرأة هي الوسيط والجن يعطون الأدوية، ويعملون العمليات لبني الإنسان، ولكن الإنسان لا يراهم. ما رأي سماحتكم في مثل هذا؟ (¬1) ج: ليس لهذا أصل ولا يعتمد عليه، فإن أخبار الجن وأخبار العجائز، وأخبار من يخدم الجن لا يوثق بها، ولا يعتمد عليها، ولا يجوز أن يعتمد على قول عجوز أو شيخ أو شاب أو غير ذلك، ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 173

ينقل عن الجن أشياء بل يجب أن يحذر منهم، وألا يستخدمهم في شيء؛ لأنهم إذا استخدموه قد يجرونه إلى الشرك بالله عز وجل، إذا كانوا غير مؤمنين وليس المؤمن منهم معروفا معرفة يقينية فقد يكون منافقا، وقد يكون يدس السم في الدسم؛ لأنك لا تعرفهم ولا تخالطهم مخالطة جهرية، وتعرف أحوالهم وأحوال قرنائهم من الأخيار، حتى تعرف الثقة من غير الثقة، فالحاصل أن بيننا وبينهم جهلا كبيرا، وأخلاقا متباينة، وصفات متباينة لا نستطيع معها أن نتحقق ما هم عليه ومن عرفنا منهم بما يظهره من الإيمان ندعو له بالتوفيق وندعو له بالصلاح، ولكن لا نثق به ولا نطمئن إليه في أن نأخذ منه طبا أو غير ذلك، أو نستشيره في شيء أو ما أشبه ذلك فإن هذا قد يفضي إلى دعوى علم الغيب، وقد يبتلى الإنسان بذلك ويظن أن عنده شيئا من علم الغيب بواسطة الجن وقد يدعو إلى ذلك، فيكون ممن قال الله فيهم جل وعلا: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (¬1). فهو مع الجن على خطر فقد يستخدمونه في الشرك، وقد يستخدمونه في البدع، وقد يستخدمونه في المعاصي فيضر نفسه وهو لا يدري، ويضر غيره وهو لا يدري، فلا تجوز المعاملة معهم في الطب ولا في غيره، بل من عرف منهم أحدا أو اتصل به أحد يدعوهم إلى الله، يعلمه الخير، يدعوه على توحيد الله، وإلى طاعة الله ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 6

وينصحه أن يعلم من عنده الخير وطاعة الله عز وجل، ولا يطمئن إليه في شيء ولا يطلب منه شيئا للناس؛ لأنه قد ينقل منه شيئا يضر الناس، وقد يعطيه شيئا طيبا ثم يغشه بعد ذلك، فالحاصل أنه على خطر لأنك لا تعلم أحوالهم على اليقين وهم يرونك ولا تراهم ويخفون عنك أشياء كثيرة وقد يدعون الإيمان وهم منافقون وقد يتصلون بك لأغراض أخرى حتى يأخذوها منك ثم يفعلوا بك ما يريدون، فأنت على خطر فالواجب الحذر منهم إلا بالدعوة إلى الله عز وجل، وتبصيرهم بالحق ودعوتهم إليه وإرشادهم. س: توجد امرأة في قرية، وملقبة مصاصة، يذهب إليها الرجال والنساء، وكل واحد يشتكي مرضا في بطنه أو ظهره أو صدره وكل واحد يعطيها مبلغ مائة ريال، وإذا كان المريض يشتكي من بطنه، ترقده على ظهره وتمص بطنه بفمها، يعني تجعل فمها على بطنه وصدره أو ظهره، وتمص مثل المحجم، دون أن تستعمل شيئا بفمها، وبعد ذلك تخرج من فمها حصاة أو عرقا أو غير ذلك، هل هذا الأمر صحيح أفيدونا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذه المرأة المسؤول عنها يظهر أنها دجالة وأنها تعمل أعمالا ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 12

تغر بها الناس؛ ليظنوا أن عندها علما، وأن عندها شيئا خارقا، أو شيئا لا يعرفه الأطباء، فتعمل ما ذكر من مص بطن الرجل ثم إخراج أشياء من فمها كحصى أو نحوه، هذه إما أن تكون تستخدم الجن، وتلعب على أبصار الحاضرين، فتريهم أنها تخرج من بطنه شيئا، وليس هناك شيء، وإنما هو تقمير على عيون الناس، وسحر لأعينهم، كما فعل السحرة في وقت موسى عليه الصلاة والسلام مع فرعون وإما أن تكون تجعل في فمها شيئا عند مجيئها للمريض، من حصى أو غيره وتخرجه عندما تمص بطنه لتري الناس أن هذا شيء خرج من بطنه، والذي نرى في هذه وأمثالها أنه لا يجوز أن يذهب إليها ولا أن تستطب؛ لأن هذه وأشباهها من المشعوذين، وممن يتلاعب على الناس بالكذب، أو باستخدام الجن وتعاطي ما حرم الله عز وجل من الشرك وغيره من المنكرات التي تفعل مع الجن بسؤالهم عن مرض الشخص الذي يراد تطبيبها له، فالحاصل أن هذه المرأة يظهر من عملها هذا أنها دجالة، وأنها متلاعبة، وأنها كذابة أو مستخدمة للجن، فلا يجوز إتيانها، ولا أشباهها، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما (¬1)» أخرجه مسلم في الصحيح، وفي لفظ آخر: «من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (¬2)» صلى الله عليه وسلم، فهذه وأشباهها من ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252

العرافين الذين يكذبون ويتعاطون أمورا لا صحة لها، بل هي أشياء مكذوبة أو مأخوذة عن الجن لتغرير الناس وإدخال السوء عليهم من دون أن يعلموا الحقيقة، والله المستعان. س: حدثت قصة سأرويها لكم، وأريد تفسيرا أو نصحا عن موضوعها، لنا جار له ابنة تبلغ من العمر الثامنة عشرة، مرضت بمرض نفسي وذهب بها إلى الأطباء ولم تستفد شيئا، ثم ذهب بها إلى الكهنة والمشعوذين، وقالوا: إن بها جنا ونحن سوف نخرجه، ولبثت البنت عندهم فترة وجيزة من يوم واحد، وعادت إلى البيت طبيعية ليس فيها شيء، وهي الآن تعيش حالة طبيعية مستقرة في بيت أبيها وجهونا لو تكرمتم جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذا قد يقع من الجن وشياطينهم، فقد يتعدون على امرأة أو على رجل بأسباب المرض، فيمرض، ثم إذا فزع إليهم وهرع إليهم ولي المرأة أو ولي الرجل وطلب منهم النجدة ساعدوا في ذلك وأزالوا ما فعلوا من الشر؛ حتى يغروا الناس ويخدعوهم، وحتى يدعوهم بهذا إلى الشرك، وإلى تعظيم الجن والشياطين، واللجوء إليهم ودعائهم والاستغاثة بهم ونحو ذلك، هذا من مكائد الشياطين ومن خبثهم ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 131

وأعمالهم الخبيثة، فالواجب على المؤمن ألا يغتر بهذا، وألا يذهب إليهم، وألا يلتجئ إليهم وألا يسألهم، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما (¬1)»، «وقال عليه الصلاة والسلام، لما سئل عن الكهان، قال: لا تأتوهم، قال: ليسوا بشيء (¬2)»، وقال: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (¬3)»، وقال: «ليس منا من سحر أو سحر له، أو تكهن أو تكهن له، أو تطير أو تطير له (¬4)»، ووجود هذا منهم وكيدهم للناس، وهذا العمل منهم ولعبهم لهم، هذا لا يسوغ الذهاب إليهم والمجيء إليهم بل يجب أن يحذروا، وأن يبتعد عنهم، وأن يعالج من أصيب بهذه الأمراض بالعلاج الشرعي بالقراءة التي شرعها الله، فإن القراءة دواء تداوي به المرضى من الجن وغيرهم، يقرأ عليه المؤمن طالب العلم بما تيسر من القرآن ويدعو له، ويزول الضرر بإذن الله، وهذا أمر مجرب، قد فعله الأئمة والعلماء من قديم الزمان وحديثه، ونفع الله بذلك، ولو قدر أنه مات بسبب ذلك، فإنه ما مات إلا بأجله، حيث قدر الله أن يموت بهذا المرض، وبهذا الشيء الذي يتوهمون أنه من عمل السحرة أو الجن، فلا ينبغي لعاقل أن يؤثر حظه العاجل بتوهم الصحة على أيديهم، أو العلاج على أيديهم بما يضره في دينه ويغضب الله عليه ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (¬2) البخاري الطب (5429)، مسلم السلام (2228)، أحمد (6/ 87). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252 (¬4) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، ج18، برقم 355

سبحانه وتعالى، فكونه يلتزم بالأمر الشرعي، والعلاج الشرعي، ولو فرض أنه مات، ما مات إلا بأجله، هذا هو الواجب عليه، وليس له أن يلجأ إلى السحرة أو الكهنة، بزعمه خوفا من الموت كل هذا من أبطل الباطل، ومن أعظم الفساد في الأرض، وأيضا من أعظم المحادة لدين الله، والتعدي لما شرعه الله سبحانه، والله المستعان.

حكم الخط بالحصى

116 - حكم الخط بالحصى س: هل الرسول عليه الصلاة والسلام قال في أحد أحاديثه: إنه كان أحد الأنبياء يخط بالحصى، وهل يجوز الآن فعل هذا الأمر؟ (¬1) ج: نعم، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان هناك نبي يخط، أما نحن فليس لنا أن نخط؛ لأننا لا نعلم الشيء الذي فعله النبي، فالخطوط الآن التي يفعلها الناس ضرب من الغيب، ولا يجوز تعاطيها ولا فعلها، يعني يجب ترك ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 328

حكم العلاج عند من يستعمل كتب استخدام الجن

117 - حكم العلاج عند من يستعمل كتب استخدام الجن س: تقول السائلة: أنا امرأة مصابة بالعين منذ ست سنوات، ولم يفد معي أي علاج، والآن أخبرتني امرأة عن رجل لديه بعض العلاج، وأنا أتعالج عنده دون علم زوجي، فما رأي سمحاتكم فيمن يستعمل القراءة وفيها استعمال بفتش الكتاب، ويحتوي هذا الكتاب على جمع الجن وتفريقهم، إذا من أين هذا المرض، هل هو منهم أو من غيرهم، وغير ذلك من علاجات ضدهم، أي طردهم إن كان منهم المرض أو غيرهم، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذا العلاج عند مثل هذا الرجل لا يجوز، وهذا يسمى عرافا ويسمى كاهنا، فلا يجوز المجيء إليه ولا سؤاله ولا العلاج عنده، ولا يجوز لك أن تفعلي هذا حتى لو أذن لك الزوج، فكيف وهو لم يعلم، لا يجوز لك أبدا، حتى لو قال لك الزوج، لم يجز لك طاعته فيما حرم الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة (¬2)» رواه مسلم في الصحيح. وقال عليه الصلاة والسلام: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (¬3)»، «ولما سئل عن العرافين والكهنة؟ قال: لا تأتوهم (¬4)». ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 194 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230 (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252 (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه، برقم 23250

فالواجب عليك التوبة إلى الله، وعدم المجيء إليه لأنه بهذا العمل كاهن، يستعين بالجن ويعبدهم من دون الله، فإنهم لا ينفعونه ولا يطيعونه إلا إذا تقرب إليهم بالذبح لهم، أو النذر لهم أو دعائهم، أو الاستغاثة بهم أو نحو ذلك وهذا من الشرك الأكبر، فليس لك أن تعالجي عند هذا وأمثاله، وعليك التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، وسؤاله جل وعلا أن يشفيك مما أصابك، ولا مانع من العلاج عند الأطباء المعروفين، وعند الأخيار من الناس الذين يقرءون عليك، وينفثون عليك بالآيات القرآنية والدعوات النبوية، وإذا تيسرت امرأة صالحة، ذات علم تقرأ عليك نفعت إن شاء الله، فإن لم تتيسر فرجل صالح يقرأ عليك، وينفث عليك ولكن لا يخلو بك، بل يقرأ عليك وعندك زوجك، أو أمك أو أختك أو نحو ذلك؛ لأن الخلوة لا تجوز، فلا يجوز للرجل أن يخلو بالمرأة الأجنبية التي ليست محرما له، أو يقرأ لك في ماء وتشربينه أو تغتسلين به، كل هذا لا بأس به والحمد لله، وإذا عرفتم من يتهم بالعين تتصلون به، وتطلبون منه أن يغسل لكم، يغسل وجهه ويديه ويتمضمض في الماء، ثم تغتسلين به، وينفع بإذن الله، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «العين حق وإذا استغسلتم فاغسلوا (¬1)»، يعني إذا قيل لمن يتهم بالعين: اغسل لنا وجهك ويديك فلا يمتنع، يغسل لهم أطرافه فذلك ينفع بإذن الله، إذا صب ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب الطب والمرض والرقى، برقم 2188 "

على المعين كما أمر بذلك النبي عليه الصلاة والسلام، وأما إتيان الكهان والمنجمين ومن يستخدم الجن فلا يجوز أبدا لا من جهة العين ولا من جهة غيرها من الأمراض.

حكم الاعتقاد أن الشرب في آنية معينة فيها شفاء

118 - حكم الاعتقاد أن الشرب في آنية معينة فيها شفاء س: يوجد عند بعض الناس في وادي قديد إناء مصنوع من النحاس، ويسمونه طاسة السم، وعندما يمرض إنسان فإنه يذهب إلى من توجد عنده هذه الطاسة ويملؤها بالماء ويشرب ذلك الماء معتقدا أنه يوجد شفاء في هذه الماء ولا سيما إذا كان هذا المرض في المعدة، فقد لاحظت وجود صور محفورة على الإناء وهي للعقرب والحصان والقط والغزال والحمير - أجلكم الله - والحية والثعلب والفيل، والأسد وللرجال وبعض صور أخرى لا أعرفها، وهي جميعها منقوشة نقشا على هذا الإناء، كما توجد أسماء وكتابات مثل الشهيد وهكذا، ما توجيهكم جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذه الطاسة التي أشار لها السائل طاسة منكرة وفيها من ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 89

دلائل المنكرات، هذه الصور التي ذكرها السائل، ولا نعلم أن أي طاسة من حديد أو نحاس أو ذهب أو فضة يحصل بها شفاء أمراض المعدة، وإنما هي دعوى يدعيها صاحب الطاسة، وإنما الظاهر والله أعلم أنه يستخدم الجن، ويعمل شعوذة يزعم بها أنه يعالج حتى يأخذ أموال الناس بالباطل، حتى يغرهم بأنه يعالجهم بهذه الطاسة، فالواجب أن تصادر هذه الطاسة، وأن يعالج الأمر بتأديب صاحبها ومعرفة الحقيقة التي يتعاطاها حتى يقام عليه ما يستحق من التعزير، وهذا واجب على المسؤولين قي قديد، الأمير والقاضي والهيئة يجب أن يرفع الأمر إلى المحكمة والهيئة والإمارة؛ حتى يقوموا بما يجب في هذا الموضوع، ولا يجوز السكوت عن صاحب هذه الطاسة؛ لأن عمله منكر لا وجه له من الشرع، وعليك أيها السائل أن تقوم بهذا الأمر، أنت وإخوانك العارفون بهذا الأمر، حتى تخلصوا بلدكم من هذا المنكر، وحتى يقضى على هذه المفسدة وهذا الشر بأسبابكم إن شاء الله.

باب ما جاء في التطير

باب ما جاء في التطير

باب ما جاء في التطير 119 - حكم التشاؤم بالمسكن س: هناك أناس لهم منزل، كانوا في خير، ثم تعاقبت عليهم الحوادث في هذا المنزل حتى تشاءموا منه وقاموا ببيعه. ومن ضمن تلك الحوادث فتن حصلت لهم وانتحار بعض أفراد الأسرة، هل هذا من التشاؤم؟ وجهوا الناس جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ليس هذا من التشاؤم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «الشؤم في ثلاث: في البيت والدابة والمرأة (¬2)»، قد يكون الشؤم في هذه الثلاث، وفي لفظ آخر: «إن كان الشؤم في شيء، ففي ثلاث ثم ذكرها (¬3)» هذا يدل على أنه يقع، قد تكون بعض النساء ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 176 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب الطيرة، برقم 5753، ومسلم في كتاب السلام، باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم، برقم 2225 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب ما يتقى من شؤم المرأة، برقم 5094، ومسلم في كتاب السلام، باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم، برقم 2225

مشؤومة على زوجها، فإذا ظهر منها ما يدل على شؤمها في سوء أخلاقها معه، وسوء سيرتها معه أو ترادف الحوادث عليه لما تزوجها، من خسارة وكساد في تجارته، أو فساد في مزرعته، وتلف في مزرعته تتابع عليه أو ما أشبه ذلك، فلا مانع من طلاقها، وهكذا الدار إذا توالت عليه الحوادث فيها، وسوء الأحوال فيها والأمراض عليه وعلى أولاده، فلا بأس بالانتقال عنها والاستئجار لغيرها أو بيعها؛ لهذا الحديث الصحيح. وهكذا الدابة من ناقة أو فرس ونحو ذلك، إذا لم ير فيها فائدة، ورأى منها شرا كمن توالت عليه حوادث بأسبابها، فلا بأس أن يبيعها ويستبدلها حسب نص الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.

حكم التشاؤم بيوم الجمعة إذا وافق يوم عيد

120 - حكم التشاؤم بيوم الجمعة إذا وافق يوم عيد س: سائل من السودان يقول: هنالك عدة تناقضات وتشاؤم في يوم الجمعة، عندما تقع يوم عيد، ما هو السبب في هذه التشاؤمات والتردد، مع أن كل الأيام هي أيام الله أرجو إفادتي؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم 94

ج: هذه الأشياء التي أشرت إليها إنما تكون عن جهل، وقلة بصيرة ولا أعلم فيما بلغني عن البلدان، التي بلغنا عنها سيرة أهلها، أنهم يتشاءمون بالجمعة، الجمعة يوم فاضل، يوم محبوب عند المسلمين، فيه اجتماعهم، وإذا صادف مع يوم العيد صار عيدا مع عيد، فكيف يكون التشاؤم، هذا شيء غريب، فإذا كان وقع عند السائل في بلاده، فهذا يدل على جهل من الذين وقع منهم، وقلة بصيرة، فيوم الجمعة يوم عيد، فإذا صادف يوم عيد الفطر، أو يوم عيد الأضحى، فقد اجتمع عيدان فالمطلوب: الفرح بهما، والسرور بهما، وعمل ما شرع الله فيهما، أما التشاؤم في ذلك، فهذا شيء منكر ولا وجه له ولا سبب له، فهما يومان عظيمان فاضلان، اجتمع فيهما خير عظيم، وفيهما اجتماع على طاعة الله وعبادته، وسماع الخطبة فأي وجه لهذا التشاؤم؟ لا وجه لذلك بل هو أمر باطل وأمر منكر لا وجه له.

حكم التشاؤم بشهر صفر

121 - حكم التشاؤم بشهر صفر س: أحسن الله إليكم في الحديث: «لا عدوى ولا طيرة (¬1)» يتشاءم الناس من بعض الشهور، كشهر صفر، هل له أصل؟ (¬2) ج: قال صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر (¬3)» فصفر مثل بقية الشهور، لا يجوز التشاؤم به، قد أبطل التشاؤم به النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر (¬4)» الهامة: طائر يتشاءم به أيضا في الجاهلية، يزعمون أنه إذا صاح على البيت، هلك أهله وهو باطل، وصفر الشهر المعروف، كان بعضهم في الجاهلية يتشاءمون به، فأبطل النبي هذا، وبين أنه مثل بقية الشهور، ليس فيه شؤم، والطيرة معروفة، التطير بالمرئيات، والمسموعات، كان أهل الجاهلية يتطيرون بالغراب أو بغيره، فأبطل النبي هذا وقال: «لا طيرة (¬5)». ¬

_ (¬1) البخاري الطب (5425)، أبو داود الطب (3911)، أحمد (2/ 434). (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم 411 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب لا صفر وهو داء يأخذ البطن، برقم 5717، ومسلم في كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء، برقم 2220 (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب لا هامة، برقم 5717، ومسلم في كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء. . .، برقم 2220 (¬5) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب لا هامة، برقم 5717، ومسلم في كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء. . .، برقم 2220

بيان معنى حديث: ' لا عدوى ولا طيرة '

122 - بيان معنى حديث: "لا عدوى ولا طيرة" س: ورد في الحديث الصحيح قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل (¬1)» ماذا يقصد الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: " لا عدوى " أهي عدوى المرض نرجو التوضيح؟ (¬2). ج: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، ويعجبني الفأل "، قيل يا رسول الله: وما الفأل؟ قال: " الكلمة الطيبة (¬3)» فقد كانت العرب تعتقد العدوى، ويقولون: إنه إذا خالط المريض الأصحاء، أصيبوا بمثل مرضه، وقالوا للنبي: «يا رسول الله، الإبل تكون كذا وكذا فيخالطها البعير الأجرب فتجرب، فقال عليه الصلاة والسلام: " فمن أعدى الأول: لا عدوى ولا طيرة (¬4)»، والمعنى نفي العدوى التي يعتقدها الجهال من المشركين، وأن المرض كالجرب ونحوه يعدي بطبعه، هذا باطل، أما كون الخلطة تؤثر، فهذا ما نفاه النبي صلى الله عليه وسلم، الخلطة قد تؤثر، قد ينتقل المرض من المريض إلى الصحيح، بسبب الخلطة بإذن الله جل وعلا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ¬

_ (¬1) البخاري الطب (5425)، أبو داود الطب (3911)، أحمد (2/ 434). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم 411 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم، برقم 2224 (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة رقم 9329

«لا يورد ممرض على مصح (¬1)» يعني لا يورد صاحب الإبل المراض على صاحب إبل صحاح، من باب تجنب أسباب الشر، وقال: «فر من المجذوم فرارك من الأسد (¬2)»، هذا من أسباب اجتناب الشر، فالعدوى التي يعتقدها الكفار باطلة، وهو كون المرض ينتقل بنفسه، ويعدي بطبعه من دون قدر الله، ولا مشيئته هذا باطل، أما كون المرض ينتقل من المريض إلى الصحيح بإذن الله، فهذا قد يقع، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «فر من المجذوم فرارك من الأسد» يعني لا تجالسه، قد ينتقل مرضه إليك، وقال: «لا يورد ممرض على مصح»، يعني إذا ورد الجميع الماء. فالممرض صاحب الإبل المراض، لا يوردها مع صاحب الإبل الصحاح، بل يكون هذا له وقت، وهذا له وقت، بعدا عن العدوى، وبعدا عن انتقال المرض من المريضة إلى الصحيحة. والخلاصة: أن الشريعة جاءت باجتناب أسباب الشر، مع الإيمان بأن الأمور بيد الله، وأنه لا يقع شيء إلا بقضائه وقدره سبحانه، فاعتقاد المشركين أن العدوى تنتقل حتما بنشرها وطبعها هذا باطل، أما كونه ينتقل بإذن الله، إذا شاء فهذا واقع، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأسباب ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب لا هامة، برقم 5771 (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9429

الوقاية، وقال: «لا يورد ممرض على مصح (¬1)»، «وفر من المجذوم فرارك من الأسد (¬2)» مع أنه صلى الله عليه وسلم أخذ بيد المجذوم، وأكل معه وقال: «كل بسم الله، ثقة بالله (¬3)»؛ ليبين أن الأمور بيد الله سبحانه وتعالى وأن الله هو الذي يقدر الأمور، فإذا اجتنب مخالطة المجذومين، هذا هو المشروع بعدا عن الشر، ولو فعل ذلك وأكل معهم، لبيان أن الأمور بيد الله، وليتضح للناس أن المرض لا يعدي بطبعه، وإنما ينتقل بقدر الله، إذا فعل هذا بعض الأحيان، لإبطال العدوى التي يعتقدها الجاهليون، هذا حسن كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن الواجب الأخذ بالأسباب فالإنسان يبتعد عن أسباب الشر، ويحذر أسباب المرض، ولا يعرض نفسه للخطر، ومع هذا يعتمد على الله ويتوكل عليه، ويعلم أن الأمور بيده سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (¬4)، {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (¬5) ولكن مع اجتناب أسباب الشر، فلا يخالط المرضى الذين قد جرت العادة بإذن الله، أن مرضهم ينتقل ولا يخالط أهل الشر؛ لأنه قد ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الأطعمة، باب ما جاء في الأكل مع المجذوم، برقم 1817. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9429 (¬3) الترمذي الأطعمة (1817)، أبو داود الطب (3925)، ابن ماجه الطب (3542). (¬4) سورة المائدة الآية 23 (¬5) سورة الطلاق الآية 3

يصيبه ما أصابهم من الشر فيفعل أفعالهم، ويحرص على صحبة الأخيار؛ لأن ذلك من أسباب أن يتخلق بأخلاقهم، ولا يأكل الأشياء التي يعلم أنها قد تضر، وما أشبه ذلك. س: الأخ: ر. س. س. يسأل ويقول: قرأت في كتاب التوحيد، هذا الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر (¬1)» السؤال: ماذا يقصد صلى الله عليه وسلم بقوله: لا عدوى؟ والعلم الحديث قد أثبت أن كثيرا من الأمراض تنتقل بالعدوى. وضحوا لي هذا الأمر، جزاكم الله خيرا؟ (¬2) ج: الحديث المذكور صحيح، أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين، زاد مسلم: «ولانوء ولا غول (¬3)» في الحديث أيضا: «ويعجبني الفأل " قيل يا رسول الله ما الفأل؟. قال: " الكلمة الطيبة (¬4)» فالعدوى: التي نفاها الرسول صلى الله عليه وسلم، هي ما يعتقده أهل الجاهلية من الكفرة، أن الأمور تعدي بطبعها من دون قضاء الله وقدره سبحانه، وأن ¬

_ (¬1) البخاري الطب (5425)، أبو داود الطب (3911)، أحمد (2/ 434). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم 280 (¬3) أخرجه الإمام البخاري في كتاب الطب، باب لا عدوى، برقم 5776، ومسلم في كتاب السلام، باب الطيرة والفأل وما يكون فيه الشؤم، برقم 2224 (¬4) البخاري الطب (5440)، مسلم السلام (2224)، الترمذي السير (1615)، أحمد (3/ 178).

انتقال الجرب أو الجذام من شخص إلى شخص، أو من دابة إلى دابة، أن هذا طبعي، لا دخل لقدر الله في ذلك، ولا لفعله إياه سبحانه وتعالى، هذا باطل. فلا انتقال من عين إلى عين في الجرب وغيره إلا بإذن الله وقدره السابق، وحكمته سبحانه وتعالى، ولهذا لما قال بعض أهل البادية، لما سمع: «لا عدوى " قال: يا رسول الله الإبل كثيرة، يكون فيها البعير الأجرب، فتجرب كلها. قال صلى الله عليه وسلم: " فمن أعدى الأول (¬1)» يعني من الذي أنزل الجرب بالأول، الله هو الذي أنزله، بحكمة بالغة. فالذي أنزله بالأول، هو الذي أنزله بالبقية، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «لا يورد ممرض على مصح (¬2)» يعني لا يورد صاحب إبل مراض إبله على صاحب الإبل الصحاح، لأن هذا وسيلة لانتقال المرض، وقال عليه الصلاة والسلام: «فر من المجذوم فرارك من الأسد (¬3)»؛ لأن الجذام ينتقل، وهذا معناه إقرار الانتقال للمرض بالعدوى لكن ليس العدوى التي تقولها الجاهلية، بل ينتقل بإذن الله عند المخالطة، قد ينتقل عند المخالطة. إذا خالط الأجرب الصحيح، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب لا صفر وهو داء يأخذ البطن، برقم 5717 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب لا هامة، برقم 5771، ومسلم في كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء، برقم 1222. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9429

والمجذوم الصحيح، قد ينتقل. وهكذا الأمراض الأخرى عند الاختلاط قد ينتقل، وقد لا ينتقل، هو ليس بلازم. لكن إذا أبعد الصحيح عن المريض، يكون هذا هو الأفضل، هذا نهي من النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يورد ممرض على مصح (¬1)» وقال آمرا: «فر من المجذوم فرارك من الأسد (¬2)» فالمعنى أبعدوا المريض عن الصحيح، إذا كان يخشى منه العدوى، لا يخلط هذا مع هذا، فهذا معناه تجنب الأسباب التي تسبب انتقال المرض، ولكن ينبغي اعتقاد أنه لا عدوى، بطبعها وأن انتقاله إذا انتقل، ليس لأنه يعدي بطبعه، وأنه ليس بإذن الله ولا بمشيئة الله، بل ينتقل، لكن بمشيئة الله، وبإذنه، وقدره سبحانه وتعالى، لا أحد يستطيع أن ينقل شيئا إلى شيء إلا بإذن الله وقدره، لا حيوان ولا إنسان ولا مثل ذلك، كل شيء بقضاء وقدر. يقول النبي صلى الله عليه وسلم «كل شيء بقدر حتى العجز والكيس (¬3)»، ويقول الله في كتابه العظيم: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} (¬4)، ويقول جل وعلا: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (¬5)، المقصود أن الله سبحانه قدر الأشياء كلها، الصحة، والمرض، والسفر، والإقامة، والولد، ذكرا كان أو أنثى، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب كل شيء بقدر، برقم 2655 (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9429 (¬3) مسلم القدر (2655)، أحمد (2/ 110)، مالك الجامع (1663). (¬4) سورة الحديد الآية 22 (¬5) سورة القمر الآية 49

والحياة، والموت، وغير ذلك. كلها بأقدار ماضية من الله عز وجل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله قدر مقادير الخلائق، قبل أن يخلق السماوات والأرض، بخمسين ألف سنة، وعرشه على الماء (¬1)»، فالأمور كلها مقدرة. فكون هذا البعير يمرض، أو هذا الفرس، أو هذا الإنسان، كله بقدر، وكون هذا الصحيح يخالط المريض، فيصاب بمرضه، هذا بقدر، وليس بلازم قد يقع، وقد تكون الصحيحة مع الجرب ولا تجرب، وقد يكون إنسان مع المجذوم ولا يصاب بالجذام، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه أخذ بيد مجذوم وهو يأكل، فقال: «كل بسم الله، ثقة بالله (¬2)» ولم يجذم عليه الصلاة والسلام، فالإنسان إذا خالطهم، في بيان أن الله جل وعلا هو المقدر، وليعلم الناس أن هذا ليس بمشيئة العدوى، ولكن بمشيئة الله، فيفعل ذلك حتى يعلم الناس أن هذه الأمور بقضاء الله، فهو سبحانه الجواد الكريم، الذي يصونه ويحفظه حتى يعلم الناس الحقيقة، التي بينها رسوله صلى الله عليه وسلم، والخلاصة أنه لا عدوى على طريقة الجاهلية، يعني لا عدوى بالطبع، ولكن قد تقع العدوى وهي الانتقال، قد تقع بمشيئة الله وإذنه، بسبب الاختلاط بين المرضى والأصحاء، في بعض الأحيان. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام، برقم 2653 (¬2) الترمذي الأطعمة (1817)، أبو داود الطب (3925)، ابن ماجه الطب (3542).

حكم الاعتقاد في البروج والنجوم

123 - حكم الاعتقاد في البروج والنجوم س: أرى في بعض المجلات، أنه من ولد في برج كذا فسيكون له ما هو كذا وكذا، أو سيكون عليه ما هو كذا وكذا، ما هو توجيهكم للمسلمين حيال ذلك جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذا كله باطل لا أصل له، بل هو من الطيرة المنكرة، والمذمومة والتشاؤم المنهي عنه، فالحاصل أنه لا خصوصية لبرج كذا أو نجم كذا، لأن من ولد في نجم كذا، وبرج كذا صار له كذا وكذا، كل هذا باطل. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 270

المجلد الرابع

باب ما جاء في التنجيم

باب ما جاء في التنجيم 1 - بيان حكم التنجيم س: أنا شاب متزوج، وقد أصابني مرض شبيه بالجنون، فأنا دائم القلق والتشنج وكثير الوساوس وأعيش بين أسرة تؤمن بالتنجيم والتطير ولذلك فقد أشاروا علي أن أطلق زوجتي فهي السبب في كل ما أصابني؛ لأن نجمها نحس كما يقولون، ولا يزول مرضه إلا بفراقها، وطمعا في الشفاء فقد نطق بطلاقها بالثلاث، وليس عنده أحد، ولا حتى زوجته، ولم يخبر أحدا بذلك؛ خوفا من خروجها من بيته، وعدم عودتها إليه، وبقيت مدة عنده إلى أن وضعت مولودا، فقد سألت عن هذا فقيل لي: عليها عدة بعد أن تخبرها ثم تسترجعها، ومضى إلى الآن أربع سنين، وقد سألت أيضا آخر فقال: ليس عليك طلاق، وليس عليها عدة، ولكن تب إلى الله. فأرجو إفادتي عما يترتب على هذا الطلاق والزوجة لا زالت عندي في البيت،

وحالتي الصحية كما هي، لم أستفد شيئا من فعلي ذلك، وما هي نصيحتكم لمن يعتقد الصحة والنفع في مثل تلك الأعمال؟ (¬1) ج: إن التنجيم أمر منكر، وهو من شعب السحر، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد (¬2)» والتنجيم محرم عند أهل العلم إجماعا، وهو اعتقاد أن النجوم لها أثر في الحوادث، من صحة ومرض، وفقر وغنى أو غير ذلك، بل هذا من أوهام المنجمين، فإن هذه النجوم خلقها الله زينة للسماء، ورجوما للشياطين وعلامات يهتدى بها في البر والبحر، وليس لها أثر فيما يتعلق بالحوادث، لا في الصحة ولا المرض، ولا في الغنى، ولا في الفقر، ولا في نزول المطر ولا في غير ذلك، وإنما هي أوهام باطلة من أصحابها لا أساس لها من الصحة، ولا يجوز للمسلم أن يأتي المنجمين، ولا أن يسألهم لا المنجمين، ولا الرمالين، ولا جميع الكهنة والعرافين، الذين يدعون بعض علوم الغيب بهذه الأشياء، فيجب هجرهم وتأديبهم، والقضاء عليهم من جهة ولاة الأمور، حتى لا يضروا الناس، ولا يضلوهم، ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 51. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن العباس رضي الله عنهما، برقم 2836.

، ولا يجوز سؤالهم، ولا تصديقهم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين يوما (¬1)» والعراف هو المنجم والرمال والكاهن ونحوهم، ممن يدعي علم بعض المغيبات، بالطرق التي سلكها، بالطرق الشيطانية: من تنجيم أو ضرب بالحصى، أو أشباه ذلك، من طرقهم الفاسدة، وقال عليه الصلاة والسلام أيضا: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد (¬2)» عليه الصلاة والسلام. فأخبارهم باطلة، ولا يجوز سؤالهم، ولا تصديقهم وعلى من فعل هذا التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، والإنابة إليه، والندم على ما مضى، وعدم العود إلى ذلك، أما هذا الرجل المطلق فإن كان عقله معه، فإنه يقع الطلاق، لكن يكون واحدة؛ لأن الصحيح من أقوال العلماء أن الطلاق بالثلاث بكلمة واحدة، كتابة أو لفظا لا يقع به إلا واحدة؛ لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس، أن الطلاق كان على عهد رسول الله طلاق الثلاث واحدة، وهكذا على عهد الصديق، وعهد عمر في أول خلافته، ثم إن عمر رضي الله عنه أمضى ذلك، أمضى الثلاث، فقال: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلأمضينه عليهم. فأمضاه عليهم. أما في عهده صلى الله عليه وسلم، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب السلام باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 9252.

فإن الثلاث بلفظ واحد تعتبر واحدة، لكن إن كان عقله غير مستقيم بسبب ما أصابه، وعرف الثقات العارفون به أن مثله يعتبر معتوها، فإنه لا يقع منه طلاق، أما إن كان عقله مضبوطا، والمرض لم يؤثر على عقله، فإنه يقع على زوجته طلقة بهذا الطلاق، ويكون بقاؤها عنده من غير رجعة غلطا منه، ويعتبر جماعه لها مراجعة لها، إذا كان أراد بمجامعتها مراجعتها وردها إليه، فإن الجماع على الصحيح يكون مراجعة لها مع النية، أما من غير نية فهذا فيه خلاف قوي بين أهل العلم، ولعل الصواب أنه يتم بذلك الرجعة لجهله بذلك، فيكون راجعها بالجماع حال حملها، وتكون زوجة له، ويكون مضى عليها طلقة، تعتبر هذه طلقة واحدة، أما إن كان لم يراجعها، ولا اتصل بها حتى الآن فإنها بوضعها الحمل قد خرجت من عدته، ومضى عليها طلقة وله أن يعود إليها بنكاح جديد ومهر جديد، كخاطب من الخطاب، كأنه أجنبي يخطبها لنفسه، فإذا وافقت فإنه يتزوجها بزواج جديد؛ لكونها خرجت من العدة بوضع الحمل، هذا إذا كان ما جامعها بعد الطلاق، أما إن كان جامعها بعد الطلاق فإنه يعتبر رجعة لها، وتبقى عنده على طلقتين، ومضى عليها طلقة، إذا كان ما طلقها قبل ذلك، سوى هذه الطلقة. نسأل الله للجميع الهداية.

حكم التحدث عن وقت وقوع الكسوف والخسوف

2 - حكم التحدث عن وقت وقوع الكسوف والخسوف س: أحيانا يقول العلماء: سيحدث كسوف أو خسوف يوم كذا أو كذا، شهر كذا في منطقة كذا، الساعة كذا. ويتحقق ما يقولون، هل هذا من العلم بالغيب، أم لا؟ وفقكم الله. (¬1) ج: ليس التحدث عن وقت الكسوف والخسوف من علم الغيب، إنما هذا من علم الحساب، كثير من أصحاب الفلك يعرفون هذا الشيء، بمراقبة سير الشمس والقمر في منازلهما، فإذا صار في الشمس ميزة معينة، أو القمر قد عرفوا بالحساب أنها تكسف بإذن الله في ذلك الوقت، هذا من علم الحساب، وليس من علم الغيب، بل هذا حساب دقيق، يعرفه أصحاب الفلك بالنظر في سير الشمس والقمر، وقد يكون ذلك، وقد يغلطون، فقد يغلطون في بعض الأحيان، وقد يصيبون، قال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله: إن أخبارهم من جنس أخبار بني إسرائيل، لا تصدق، ولا تكذب، فقد يقولون: تكسف الشمس في كذا، ثم لا يقع، وقد يقع ذلك ويكون قد ضبطوا الحساب. فالحاصل أن أخبارهم قد يعتريها الخطأ والغلط، فلا يصدقون، ولا يكذبون، ولكن ينظر فيما أخبروا عنه، فإن وقع الكسوف شرع للناس ذكر الله عند الكسوف، واستغفاره والصلاة والصدقة وإعتاق الرقاب، وذكر الله ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم 39.

وتكبيره سبحانه وتعالى، لأن الرسول أمر بذلك، قال: «إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله، ودعائه واستغفاره (¬1)» وقال: «إذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا (¬2)»، وأمر بالتكبير، وأمر بإعتاق الرقاب، هذا كله سنة ومشروع، وثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام، أما أخبار الحسابين فإنها ليست من علم الغيب، لكنها تخطئ وتصيب، قد يغلطون، وقد يصيبون. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الذكر من الكسوف، برقم 1059، ومسلم في كتاب الكسوف، باب ذكر النداء بصلاة الكسوف الصلاة جامعة، برقم 912. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة في كسوف الشمس، برقم 1040، ومسلم في كتاب الكسوف، باب ذكر النداء بصلاة الكسوف، الصلاة جامعة، برقم 911.

باب ما جاء في التوكل

باب ما جاء في التوكل

باب ما جاء في التوكل 3 - بيان حقيقة التوكل س: السائل: أ. أ. مصري مقيم بالمنطقة الشرقية، يقول: أود أن أتعرف على حقيقة التوكل على الله، ما حقيقة التوكل على الله؟ (¬1) ج: حقيقة التوكل على الله هو الاعتماد عليه، سبحانه وتعالى في كل شيء، تعلم أنه مقدر الأمور ومسبب الأسباب، وأن كل شيء بقضائه وقدره، وتعمل الأسباب، تصلي وتصوم، وتعمل الأسباب متوكلا على الله جل وعلا في حصول المطلوب، من دخول الجنة والنجاة من النار، من ثمرة الزرع، ونتاج الحيوان، وربح التجارة، تعمل تأخذ بالأسباب الشرعية التي شرعها الله، وتعمل معتمدا على الله جل وعلا، ومتوكلا عليه في حصول النتيجة المطلوبة، من قبول العمل ومن نجاح الزراعة، ومن نجاح التجارة، إلى غير ذلك، تعمل وأنت تعلم أن كل شيء بيده سبحانه، وأنه مسبب الأسباب، ولكنك ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 404.

تأخذ بالأسباب الشرعية، والمباحة، معتمدا على الله، راجيا منه أن يسدد خطاك، وأن ينفع بأسبابه. ... س: يقول السائل: ما هي حقيقة التوكل؟ وهل التوكل على الله يكون بالإلحاح بالدعاء، مع كثرة الاجتهاد في فعل الصالحات؟ (¬1) ج: التوكل على الله هو الاعتماد عليه، والتفويض إليه في أمورك كلها، مع العمل، تفوض أمورك إلى الله، وتعلم أنه سبحانه العالم بحالك، وأن كل شيء بيده، وأنه إن لم يعنك لم تنفع أعمالك، ولم تستطع أن تعمل فتعتمد عليه جل وعلا، كما قال تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (¬2)، تعتمد عليه في إعانتك وفي قبول عملك، وتسأله العون والتوفيق والقبول، وهكذا مع فعل الأسباب، تعتمد على الله، وتسأله العون والتوفيق مع البدار بالسبب، مع الجد في العمل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز (¬3)». ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 432. (¬2) سورة المائدة الآية 23 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة، برقم 266.

بيان أن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل

4 - بيان أن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل س: تقول السائلة: أقرأ في القرآن الكثير من الآيات التي تحث على التوكل على الله، أسأل كيف يكون هذا التوكل في حياتنا، مع رجاء ضرب أمثلة لذلك؟ (¬1) ج: التوكل من أهم الواجبات على المؤمن، والله يقول سبحانه: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (¬2) ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (¬3) ويقول جل وعلا: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} (¬4) التوكل من أهم العبادات، ومن أوجب العبادات، وهو التفويض إلى الله، والاعتماد عليه، والثقة به سبحانه، مع تعاطي الأسباب، تعلم أنه مسبب الأسباب، وأنه مصرف الأمور، وأن كل شيء بيده، جل وعلا، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، هو النافع الضار، هو المعطي المانع، ولكنك مع هذا تأخذ بالأسباب التي تفيدك، فتأكل عند الجوع، وتشرب عند الظمأ، وتتزوج، وتكسب الكسب الحلال، بالبيع والشراء أو بغير ذلك، لا تعطل الأسباب، وأنت مع هذا متوكل على الله، تعلم أنه لن يصيبك إلا ما قدر الله لك، وأنك لن تنجح إلا بتوفيقه وتيسيره سبحانه وتعالى، فتأخذ بالأسباب، وتعمل بالأسباب مع الثقة بالله والاعتماد ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 255. (¬2) سورة المائدة الآية 23 (¬3) سورة الطلاق الآية 3 (¬4) سورة إبراهيم الآية 12

عليه، فتعالج المريض، وأنت متوكل على الله، تعلم أنه هو الذي يشفي المريض، تعالجه تذهب به إلى الطبيب، تفعل ما قال الطبيب من إعطائه دواء، أو كيه أو حمية، أو ما أشبه ذلك، تبيع وتشتري وأنت متوكل على الله في ذلك، تعلم أنه لن يحصل لك إلا ما كتب الله لك، تؤجر ما عندك من العمارات، على من يرغبها منك لتنتفع بالأجرة، تسقي حرثك، تسقي دوابك، تعلفها حتى تستفيد منها، وأنت متوكل على الله في كل شيء، يعني تأخذ بالأسباب في كل شيء، مع الثقة بالله والاعتماد عليه، وأنه هو مسبب الأمور ومصرفها، وهو النافع الضار، المعطي المانع، وأنت إنما تفعل الأسباب المأمور بها، كما أنك تسافر إلى الحج، وإلى العمرة وللتجارة، أخذا بالأسباب وأنت تعلم أن الله سبحانه هو المسبب، وهو الذي بيده إيصالك إلى الحج، وبيده إعانتك على مناسك الحج، وبيده إعانتك على مقاصد التجارة، والرجوع من السفر، إلى غير ذلك. ... س: السائلة: ف. أ. ي. من الأردن تقول: هل من أساس التوكل على الله عدم الاستعانة بالآخرين لقضاء أمور الدنيا؟ (¬1) ج: التوكل على الله معناه الاعتماد عليه، والأخذ بالأسباب الشرعية لهذا وهذا، فالتوكل على الله التفويض إليه، والاعتماد عليه، والإيمان به، وأنه مدبر الأمور وقاضي الحاجات سبحانه وتعالى، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم 412.

ولكن مع هذا يأخذ بالأسباب، فالتوكل يجمع الأمرين: الاعتماد على الله، ثم الأخذ بالأسباب، فيعتمد على الله ويأكل ويشرب ويتزوج، يجامع أهله لطلب الولد، ويسافر لحاجات التجارة، ولا بأس: يتوكل على الله، ويستعين بإخوانه في إصلاح سيارته، في إصلاح مزرعته، في بناء بيته، لا بأس بهذا. فالتوكل يجمع الأمرين، كما قال صلى الله عليه وسلم: «احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز (¬1)»، فأمر بالحرص على ما ينفع، وأمر بالاستعانة بالله، فالتوكل أن تستعين بالله وتعتمد عليه، تعلم أنه سبحانه مصرف الأمور، ومدبر الأمور، وأن ما دبره وقضاه وشاءه كان، ومع هذا تأتي بالأسباب تحرص على ما ينفعك، تبيع تشتري، تحرث الأرض، تسافر للتجارة، تستعين بأخيك في إصلاح السيارة في المزرعة، كل هذا لا بأس به. ... س: أرجو أن تتكرموا بشرح بعض المعاني بالتفصيل، ليطبقها الإنسان في حياته تطبيقا عمليا، مثل التوكل على الله (¬2). ج: التوكل على الله معناه: التفويض إليه والاعتماد عليه سبحانه، فهو يخرج من بيته متوكلا على الله، يصوم متوكلا على الله، يصلي ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة، برقم 266. (¬2) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 409.

متوكلا على الله، يعتمد عليه في أدائه هذه الأمور لا على نفسه، ولا على زيد ولا عمرو، بل هو يصلي ويتوكل على الله أن الله يعينه على أدائها، يصوم ويتوكل على الله أن الله يعينه على أداء الصيام، يخرج يبيع ويشتري يتوكل على الله أن الله ينفع بأسبابه، يستدين ويتوكل على الله أن الله يعينه على أداء الدين، يخرج إلى الحج وهو يتوكل على الله أن الله يعينه على أداء الحج، وهكذا يستعين الله في كل أموره، ويتوكل عليه، بل مع فعل الأسباب مع تعاطي الأسباب التي شرعها الله وأمره بها. ... س: ن. ع. ح: من القصيم، تقول: إنها امرأة متزوجة، وعندها ثلاثة من الأطفال، ومدرسة وتحمد الله على ذلك، المشكلة عند دخولها إلى المدرسة ينتابها شيء من الخوف، وهذا الخوف يتحول إلى وسوسة حيث تقول: لا أستطيع أن أتكلم مع زميلاتي وعندما أتكلم مع إحداهن أشعر بالخجل والخوف الشديد، ولا أستطيع أن أرد كلمة واحدة، وأنا أشكو إلى الله قبل كل شيء ثم لكم أن توجهوني إلى الأمر الذي يفرج عني بالدعاء الخالص وأن يزيد إيمانا إلى إيماني جزاكم الله خيرا، وما سبب ذلك مأجورين؟ (¬1) ج: هذا الكرب الذي يصيبك كله من الشيطان، فالواجب التعوذ ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 409.

بالله من الشيطان الرجيم، والثقة بالله والاعتماد على الله وسؤاله التوفيق والإعانة، هكذا يجب عليك وعلى أمثالك، أن يكون عندك القوة والنشاط، والهمة العالية، والتوكل على الله، وأن تسأله سبحانه أن يعينك وأن يثبت قلبك على الهدى، وأن يعينك على أداء الواجب وعلى تعاطي ما شرعه وعلى ترك ما نهى الله عنه، وإذا صدقت يسر الله أمرك هم نساء مثلك، يجب ألا تهتمي بهذا الأمر، وأن يكون عندك القوة والنشاط في الدروس، وفي السلام، وفي التحدث مع زميلاتك ونحو ذلك واضرعي إلى الله أن يعينك على هذا، وأن يثبت قلبك ولسانك على الحق، وأن يعينك على كل خير، وأن يمنعك من نزغات الشيطان، وعليك أن تحذري هذه الوساوس، وإذا أحسست بشيء من هذا، قولي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله من الشيطان، ويزول هذا الأمر إن شاء الله، كل هذا من الشيطان، فأنت عليك الصدق في اللجوء إلى الله وسؤاله التوفيق والإعانة والعافية من كل سوء، وعليك مع هذا التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، والجد في هذا والتكرار، نسأل الله لك التوفيق والهداية، ونسأل الله لك العافية من كل سوء. ... س: سماحة الشيخ: تشكو الكثير من الأخوات من الوسوسة في الصلاة والطهارة، البعض منهن تجلس ما يقارب من نصف ساعة في الحمام، تعيد وتكرر الوضوء، ما العلاج الناجح

في ذلك، سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: هذا من الشيطان، الواجب الحذر من وساوسه والصدق في ذلك، وسؤال الله العافية بصدق، وبذلك يزول هذا الوسواس، لا في الصلاة، ولا في الطهارة، الواجب على المصلي أن يعرض عن هذه الوساوس رجل أو امرأة، وأن يتعوذ بالله من الشيطان ولو في الصلاة، ولما «اشتكى عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا"، فقال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني (¬2)». فوصيتي للجميع من الرجال والنساء التعوذ بالله من الشيطان من هذا الوسواس، عند الصلاة، أو في الطهارة أو في الطواف، أو في غير ذلك، يكون عند الرجال وعند المرأة القوة والنشاط والهمة العالية، والتعوذ بالله من الشيطان وسؤال الله الإعانة والتوفيق والثبات على الحق والعافية من نزغات الشيطان، ويتفل عن يساره ثلاث مرات، ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات، إذا أحس بهذا الشيء، وإذا صدق مع الله في التعوذ، وسأل الله العافية، أعاذه الله وكفاه شر عدوه، وأورده الصباح ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 409. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة برقم 2203.

والمساء لها الأثر في ذلك، يكثر من الأوراد التي فيها الدعاء وسؤال الله العافية من كل سوء، وسؤال الله العافية من الشيطان، سؤال الله الهداية والسداد، فالأوراد لها أثرها العظيم.

الأخذ بالعلاج أفضل من تركه

5 - الأخذ بالعلاج أفضل من تركه س: حقيقة التوكل على الله، منها: الأخذ بالأسباب، ولكن سمعت بعض المشايخ يقول: لو أن الإنسان أصيب بمرض، ولم يستعمل الدواء لكان أجره أعظم من الذي استعمل الدواء، ولا يصبر على الألم. ما رأي سماحتكم في ذلك؟ (¬1) ج: الصواب أن العلاج أفضل، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، وقد عالج النبي صلى الله عليه وسلم، وعالج الصحابة، وهم أفضل الناس، فالمريض إذا ترك الدواء فلا حرج عليه، ولكن لو عالج فهو أفضل، وأخذ الدواء النافع المباح هو أفضل، ومن الدواء القراءة على المريض، هذا من الدواء، ومنه الكي لمن يناسبه الكي، والحجامة لمن تناسبه الحجامة، وشرب العسل لمن يناسبه شرب العسل، والفصد لمن يناسبه الفصد إلى غير ذلك، فتعاطي الأسباب أمر مشروع، للحديث: «عباد الله تدووا (¬2)»، «ولما قالوا: يا رسول الله، إن لنا رقى نسترقي ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 154. (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الطب، باب ما جاء في الدواء والحث عليه، برقم 2038.

بها، ودواء نتداوى به، هل يرد من قدر الله شيئا؟ قال: هو من قدر الله (¬1)». تعاطي الأسباب من قدر الله، ولما رجع عمر من الشام لما وقع بها الطاعون، وأشار إليه بعض المسلمين بالرجوع، وعزم على ذلك، فقيل له في ذلك: أتفر من قدر الله؟ قال: نفر من قدر الله إلى قدر الله، يعني: نفر من قدر الله الذي فيه الخطر، إلى قدر الله الذي فيه السلامة، ثم جاءه عبد الرحمن بن عوف، فحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا سمعتم الطاعون في بلد فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنت بها فلا تخرجوا فرارا منه (¬2)»، فحمد الله أن الله وفقه لموافقة الحديث، وانصرف إلى المدينة. فالحاصل أن التداوي وتعاطي الأسباب أمر مشروع ومطلوب، وهو أفضل من ترك ذلك، وقد يكون بعض الأسباب واجبا، يأكل لئلا يموت ويشرب، هذا واجب، وتوقي ما يضره كأن لا يلقي نفسه في بئر كل هذا لازم له، فتعاطي الأسباب التي يحتاج إليها أمر مطلوب ومشروع، وتوقي أسباب الهلاك أمر واجب متحتم، والله فطر العباد على هذا الشيء، وجاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام، وهو لا ينافي التوكل. التوكل: الثقة بالله ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، حديث ابن أبي خزامة رضي الله عنه، برقم 15047 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب ما يذكر في الطاعون، برقم 5728، ومسلم في كتاب السلام، باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها، برقم 2218.

والاعتماد عليه، والتفويض إليه، والإيمان بأنه مسبب الأسباب، وأن كل شيء بقضائه وقدره، ومن ذلك فعل الأسباب، المتوكل يعتمد على الله ويثق به، ويعلم أن كل شيء بقضائه وقدره، ومع ذلك يأخذ بالأسباب، يأكل لئلا يجوع، يشرب لئلا يهلك، يستدفئ في الشتاء عن البرد، إلى غير هذا من الأسباب التي شرعها الله لعباده. ***

حكم تعطيل الأسباب بزعم قوة اليقين

6 - حكم تعطيل الأسباب بزعم قوة اليقين س: أمن الممكن ألا يأخذ المؤمن بالأسباب إذا وصل إلى درجة معينة من الإيمان، لقوة يقينه؟ (¬1) ج: ليس كذلك، لا بد من الأخذ بالأسباب، مهما كان المؤمن، حتى الرسل عليهم الصلاة والسلام، وهم أفضل الخلق وأرفع الناس درجة في الإيمان، كانوا يأخذون بالأسباب، وهم أكمل الناس إيمانا، وأرجحهم ميزانا، وأكملهم عقولا، ومع هذا يأخذون بالأسباب، والنبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد أخذ بالأسباب، حمل السلاح، وجعل على رأسه البيضة تقيه السلاح، وظاهر بين درعين عليه الصلاة والسلام، وهو سيد ولد آدم وأفضل الخلق، وأكملهم إيمانا، وأكملهم توكلا عليه الصلاة والسلام، وكان يأكل ويشرب ويجامع النساء، يأخذ بالأسباب، ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط 166.

فلا يجوز تعطيل الأسباب لأي أحد من الناس، مع القدرة، فعلى كل أحد، وإن بلغ في الإيمان القمة، فإنه يأخذ بالأسباب، كما أن الرسل وهم أفضل الناس، وأكمل الناس إيمانا، وهم القمة في كل شيء يأخذون بالأسباب، عليهم الصلاة والسلام. ***

حكم قول إني متوكل على الله ثم عليك

7 - حكم قول إني متوكل على الله ثم عليك س: بعض الناس يردد عبارة: إني متوكل على الله ثم عليك أن تنجز لي هذه المعاملة، ما رأيكم بهذه العبارة سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: لا بأس بـ: ثم. أما: وعليك. فلا يصلح، لكن لو قال: وكلتك أحسن من توكل، لأن أهل العلم يمنع التوكل على المخلوق مطلقا، فيقول: وكلتك على كذا، أو أنت وكيلي، أو اعتمدت على الله ثم عليك، أو بالله ثم بك، إذا جاءت ثم زال المحذور، لكن ترك لفظة: متوكل أحسن، وإلا فالمعنى صحيح، متوكل يعني أنت معتمدي في هذا الأمر، يعني أعتمد على الله ثم عليك بعد الله جل وعلا. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 367.

بيان الفرق بين التوكل والوكالة

8 - بيان الفرق بين التوكل والوكالة س: هل يجوز إعطاء وكالة من شخص لآخر، ليدير أعماله في فترة غيابه، والذي عرفنا أنه لا يجوز التوكل إلا على الله وحده؟ (¬1). ج: الوكالة غير التوكل أيها السائل: الوكالة معناها أن يقوم شخص مقامه في إدارة عمله، في بناء بيته، في إصلاح سيارته، في غير ذلك، هذا لا بأس به، هذه وكالة، تفويض منه، إذن له، يأذن له: افعل كذا وكذا. أما التوكل فهو الاعتماد على الغير بأنه يتصرف في الأمور بقدرته. فالله هو الذي يعتمد عليه سبحانه وتعالى، والتوكل يكون على الله، ومعنى التوكل أن يعتمد عليه، لأنه قادر على كل شيء ومسبب الأسباب، والاعتماد على الله والتوكل عليه سبحانه وتعالى، ثم الإنسان يفعل الأسباب، يعتمد على الله بأنه مصرف الأمور، ومسبب الأسباب، وأنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا يعتمد على المخلوق، ولا على نفسه، بل يعتمد على الله وحده، ويتوكل عليه، ومع هذا يأخذ بالأسباب، ويتعاطى الأسباب، فيزرع الأرض، ويغرس الغرس، ويبني ما يحتاج إليه، ويوكل من يحتاج إليه حتى ينوب عنه في الغرس، في الزراعة، في البناء، ليس في هذا بأس، الوكالة شيء، والتوكل شيء آخر. أما كونه يتوكل على إنسان بأن يعتقد فيه أنه يتصرف في الكون، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 29.

وأنه يدبر الأمور، وأنه له القدرة على التصرفات بدون مشيئة الله وما أشبه ذلك. هذا لا يجوز مع المخلوق أبدا، يتوكل على الله وحده سبحانه وتعالى.

باب ما جاء في الخوف والرجاء

باب ما جاء في الخوف والرجاء

باب ما جاء في الخوف والرجاء 9 - شرح معنى الخوف من الله تعالى س: سائل يرجو شرح معنى الخوف من الله (¬1). ج: المؤمن يخاف الله في كل شيء، لا يكون آمنا من مكر الله، يقول سبحانه: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} (¬2)، ويقول سبحانه: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (¬3)، ويقول سبحانه: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} (¬4)، ويقول عن عباده الصالحين: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (¬5)، ويقول سبحانه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} (¬6)، ويقول سبحانه: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (¬7). ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم 362. (¬2) سورة الأعراف الآية 99 (¬3) سورة آل عمران الآية 175 (¬4) سورة المائدة الآية 44 (¬5) سورة الأنبياء الآية 90 (¬6) سورة الإسراء الآية 57 (¬7) سورة آل عمران الآية 175

فالواجب خوف الله مع فعل ما أوجب، وترك ما حرم الله، يكون خوف يحمل على فعل الأسباب، يخاف الله خوفا حقيقيا، يحمله على أداء الواجب، وعلى ترك المحرم، كما يرجوه أنه يدخله الجنة، وينجيه من النار، إذا أدى حقه، فهو يخاف الله، فيعمل ما أوجب الله، ويدع ما حرم الله، وهو يرجو ويخاف، لكن مع العمل، مع أداء الواجبات، وترك المحارم، هذا هو الصادق الذي يخاف الله، ويرجوه، هو الذي يخاف ويرجو مع العمل مع أداء الفرائض، وترك المحارم، والوقوف عند حدود الله، يرجو ثوابه، ويخشى عقابه، سبحانه وتعالى، هكذا جاءت الرسل، وهكذا جاء القرآن الكريم. ***

بيان مذهب أهل السنة والجماعة في الرجاء والخوف

10 - بيان مذهب أهل السنة والجماعة في الرجاء والخوف س: المستمع: أ. ل. ع. يسأل ويقول: ما مذهب أهل السنة والجماعة في الرجاء والخوف؟ (¬1) ج: أهل السنة والجماعة يقولون: يجب الرجاء والخوف، والعبد يسير إلى الله بين الرجاء والخوف، كجناحي الطائر، يخاف الله ويرجوه، يصلي، ويصوم، ويتصدق، ويحج، ويجاهد، وهو مع ذلك يخاف الله ويرجوه، كما قال تعالى عن الرسل وأتباعهم، يقول سبحانه: ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 51.

{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} (¬1) رغبا يعني رجاء، ورهبا يعني خوفا: {وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (¬2) وقال سبحانه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} (¬3). فالمؤمن يرجو رحمة ربه، ويخاف عذابه، ويتقيه دائما، فلا يقنط، ولا يأمن، قال تعالى: {إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (¬4) وقال: {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} (¬5)، وقال عز وجل: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} (¬6). فالواجب الخوف والرجاء، لا أمن، ولا قنوط، يرجو ربه، ولا ييأس، ولا يقنط، ولا يخاف، ولا يأمن أيضا، يخاف عقوبته، يخاف الذنوب وشرها، هكذا المؤمن، وهذا قول أهل السنة والجماعة قاطبة، يجب على المؤمن أن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء حتى يلقى ربه. قال بعض أهل العلم: ينبغي أن يغلب الرجاء في حال المرض، والخوف في حال الصحة، حتى ينشط في العمل الصالح، وحتى يحذر محارم الله، ولكن المعتمد في هذا أن يسير إلى الله بين الخوف والرجاء دائما. ¬

_ (¬1) سورة الأنبياء الآية 90 (¬2) سورة الأنبياء الآية 90 (¬3) سورة الإسراء الآية 57 (¬4) سورة يوسف الآية 87 (¬5) سورة الزمر الآية 53 (¬6) سورة الأعراف الآية 99

س: قرأت في أحد الكتب وهو كتاب: (حكم وإرشادات)، يقول صاحب الكتاب هذه الوصية: كن راجيا عفو الله تعالى ورحمته، وحسن الظن بالله عز وجل، أرجو من سماحتكم أن تتفضلوا بشرح هذه العبارة، جزاكم الله خيرا (¬1). ج: يجب على المؤمن دائما وهكذا المؤمنة، أن يسير إلى الله في أعماله وأقواله بين الخوف والرجاء، وحسن الظن بالله سبحانه وتعالى، لأن الله جل وعلا أمر عباده بأن يحسنوا به الظن، وبأن يخافوه ويرجوه، فقال جل وعلا: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (¬2)، وقال سبحانه: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا} (¬3)، وقال: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} (¬4)، فالمؤمن مأمور برجاء ربه وخوفه سبحانه، فيخافه ويرجوه، قال تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (¬5) {وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} (¬6)، وقال سبحانه: {غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ} (¬7). ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 396. (¬2) سورة آل عمران الآية 175 (¬3) سورة الكهف الآية 110 (¬4) سورة البقرة الآية 40 (¬5) سورة الحجر الآية 49 (¬6) سورة الحجر الآية 50 (¬7) سورة غافر الآية 3

والمعنى حث الناس على الخوف والرجاء، فلا يقنط ولا يأمن، ولكن يرجو الله ويخافه، ويجتهد في العمل الصالح، وترك ما حرم الله عليه، ويحسن ظنه بربه، وأنه سبحانه يوفي بما وعد، وهو الكامل وهو الكريم الجواد، فمن أدى ما عليه فالله جل وعلا سيوفي له بما وعده من الخير، أما إن قصر ولم يقم بالواجب فلا يلومن إلا نفسه، وصح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أنه قال: «يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني (¬1)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «لا يبيتن أحد منكم إلا وهو يحسن ظنه بالله»، ولا يستقيم له هذا إلا إذا أحسن الفعل، إذا أحسن العمل إذا اتقى ربه وجاهد نفسه، وحاذر محارمه، فإن هذا هو الذي يستطيع أن يحسن ظنه بربه. أما من ساءت أعماله وساءت أقواله فكيف يستطيع أن يحسن ظنه بربه، وقد بارزه بالمحاربة، وتعدى حدوده، وترك أوامره، وارتكب نواهيه، فتحسين الظن بربه في هذه الحالة غرور، وفيه أداء من الشيطان، فمن ساء فعله ساء ظنه، فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يراقب الله سبحانه، وأن يجتهد في طاعته وترك معصيته، وأن يحسن الظن به سبحانه، لكونهما قاما بما يجب وتركا ما نهى الله عنه. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله تعالى، برقم 2675.

التفصيل في مسألة تغليب الخوف على الرجاء

11 - التفصيل في مسألة تغليب الخوف على الرجاء س: سائلة تقول: يا سماحة الشيخ: عندي الخوف أكثر من الرجاء، هل لا بد أن يتساويا في ذلك؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك، بعض أهل العلم يقول: ينبغي أن يكون الخوف أغلب في حال الصحة، لأن الله قال جل وعلا: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} (¬2)، وقال: {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} (¬3)، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} (¬4)، وقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} (¬5) {جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} (¬6)، كون الخوف يغلب في الصحة، هذا أفضل عند أهل العلم، وإن تعادلا فلا بأس، الرجاء والخوف، أما عند المرض وعند الموت فينبغي أن يكون الرجاء أغلب، وحسن الظن بالله يكون بالرجاء أغلب في حال المرض وقرب الأجل، ينبغي للإنسان أن يحسن ظنه بربه دائما، ولا سيما عند المرض، يكون الرجاء أغلب وحسن الظن أغلب، نسأل الله لنا وللمسلمين العافية والسلامة. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 411. (¬2) سورة الرحمن الآية 46 (¬3) سورة إبراهيم الآية 14 (¬4) سورة الملك الآية 12 (¬5) سورة البينة الآية 7 (¬6) سورة البينة الآية 8

بيان معنى القنوط

12 - بيان معنى القنوط س: ما معنى القنوط من رحمة الله وذلك من الكتاب والسنة؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: القنوط من رحمة الله هو اليأس، كونه لا يرجو الله يقنط أن الله يرحمه، هذا من الكبائر من كبائر الذنوب، ربنا جل وعلا نهانا عن هذا، قال جل وعلا: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} (¬2)، وقال تعالى: {إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (¬3) هذا لا يجوز لأحد أن يقنط من رحمة الله، يعني ييأس لكفره، أو لمعاصيه، بل عليه التوبة والرجوع إلى الله والإنابة إليه، وله البشرى بأن الله يقبل توبته، ويعظم أجره، ويجازى على ما فعل من الخير، أما اليأس والقنوط لأجل سوء العمل فهذا من تزيين الشيطان، ولا يجوز، بل يجب على العبد الحذر من ذلك، وألا يقنط وألا ييأس، بل يرجو رحمة ربه، وأن الله يتوب عليه، يرجو أن الله يقبل عمله ولا ييأس. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 379. (¬2) سورة الزمر الآية 53 (¬3) سورة يوسف الآية 87

مسألة في الوعد والوعيد

13 - مسألة في الوعد والوعيد س: هل تتفضلون بالحديث ولو موجزا عن الوعد والوعيد في شريعة الله؟ وقد تطرقتم إلى هذا في إجابة هذا المستمع. (¬1) ج: نعم الوعد والوعيد وردا في الكتاب الكريم والسنة المطهرة، فالوعد يوجب حسن الظن بالله، والوعد للموحدين وعدهم الله بالمغفرة والرحمة، إذا ماتوا على التوحيد وعدهم الله بالمغفرة والرحمة والجنة، وتوعد العاصين بالنار. فالواجب على المسلم ألا يقنط ولا يأمن، ويكون بين الرجاء والخوف، لأن الله ذم الآمنين، وذم القانطين، فقال سبحانه: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} (¬2)، وقال سبحانه: {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} (¬3). فالواجب على المكلف ذكرا كان أو أنثى ألا ييأس، ولا يقنط ويدع العمل، بل يكون بين الرجاء والخوف يخاف الله، ويحذر المعاصي، ويسارع في التوبة، ويسأل الله العفو، ولا يأمن من مكر الله، ويقيم على المعاصي ويتساهل، ولكن يحذر معاصي الله، ويخافه ولا يأمن، بل يكون بين الخوف والرجاء، يحسن الظن بربه، ولكن ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 323. (¬2) سورة الأعراف الآية 99 (¬3) سورة الزمر الآية 53

لا يأمن ولا يقنط وييأس، بل يخاف ويحذر ولا يقنط ولا ييأس، فلا قنوط ولا يأس ولا أمن من مكر الله، ولكن بين ذلك، يعبد الله بين الخوف والرجاء، ويحسن ظنه بربه، ويرجو رحمته مع خوفه من عقابه وغضبه ومعاقبته، بسبب معاصيه وسيئاته، وهكذا الواجب على المؤمن أن يكون في سيره إلى الله بين الرجاء والخوف، لكن في حال الصحة، رأى بعض السلف أن يغلب جانب الخوف حتى يحذر وحتى يتباعد عن المعاصي، وبكل حال الواجب أن يسير إلى الله بين الرجاء والخوف، لا أمن ولا قنوط، وفق الله الجميع.

بيان أن تعظيم حرمات الله والحذر من الوقوع فيها من علامات الخوف منه تعالى

14 - بيان أن تعظيم حرمات الله والحذر من الوقوع فيها من علامات الخوف منه تعالى س: أمامي رسالة تصور بعض الحالات النفسية التي تنتاب بعض الشباب، هذا شاب يقول: إنني فتى في السابعة عشرة، أؤدي ولله الحمد ما افترضه الله جل وعلا على عباده من أركان الإسلام وواجباته، وأجاهد نفسي على جعلها في أتم صورة، إلا أن في نفسي شعورا أحس من خلاله أنني أرتكب معصية موبقة، وأيضا توقعني في عذاب الله وسخطه، وقد ارتكبته من حيث لا أشعر، وأحس أنني مثل عبد كان عند النبي صلى الله عليه وسلم الذي أصابه سهم من الكفار،

في حرب خيبر، فاقل المسلمون: هنيئا له الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كلا والذي نفسي بيده، إن الشملة التي أخذها من المغانم يوم خيبر، لم تصبها القسمة لتشتعل عليه نارا (¬1)» خلاصة الأمر أنني في معصية لا أعرفها، أرجو إجابتي نحو هذا الشعور، هل هو دليل خير وتقوى، أم دليل على غير ذلك؟ وأرجو التعليق على هذا جزاكم الله خيرا (¬2). ج: هذا من الدلائل على شدة خوفك من الله عز وجل، وتعظيمك لحرماته، فأنت على خير إن شاء الله، وعليك أن تبتعد عن هذا الخوف الذي لا وجه له، لأنه من الشيطان ليتعبك ويقلقك، ويضيق عليك حياتك، فاعرف أنه من عدو الله، لما رأى منك المحبة للخير، ورأى منك الغيرة لله، ورأى منك المبادرة للخيرات، أراد أن يتعبك، فاعصه وابتعد عما أراده منك، واطمئن إلى ربك واعلم أن التوبة كافية، وإن كان الذنب أعظم من كل عظيم فتوبة الله فوق ذلك، وليس هناك ذنب أعظم من الشرك، والمشرك متى تاب تاب الله عليه، وغفر له، فأنت ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب هل يدخل في الأيمان والنذور الأرض والغنم، برقم 6707، ومسلم في كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم الغلول وأنه لا يدخل الجنة، برقم 115. (¬2) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 88.

عليك بالتوبة مما قد علمت أنك فعلته، وبعد التوبة ينتهي كل شيء، ولا ينبغي لك أن توسوس أو تطيع عدو الله في هذا الخجل، أو في هذا الخوف الذي قد يضرك، ولكن تعلم أنك بحمد الله قد فزت فوزا عظيما بالتوبة الصادقة النصوح، كما قال المولى سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (¬1) وهناك آيات أعظم في المعنى وهي: أن العبد متى تاب وأتبع التوبة بالإيمان والعمل الصالح أبدل الله تلك السيئة حسنة، جعل مكان كل سيئة حسنة، كما قال سبحانه في سورة الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (¬2) {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (¬3) {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (¬4) فأخبر سبحانه أنه يبدل سيئات هؤلاء حسنات، بسبب توبتهم الصادقة وإيمانهم وعملهم الصالح، فأنت بذكرك ذنبك الذي أشرت إليه، وتوبتك فيه من متابعتك ما جرى منك، من الأعمال الصالحة وبالإيمان والتصديق، والرغبة فيما عند الله، فالله سبحانه يبدلك بدل تلك السيئة حسنة، وهكذا جميع السيئات التي يتوب منها العبد، ويبدلها بالإيمان والعمل الصالح، الله يبدلها له حسنات سبحانه وتعالى فضلا منه وإحسانا. ¬

_ (¬1) سورة طه الآية 82 (¬2) سورة الفرقان الآية 68 (¬3) سورة الفرقان الآية 69 (¬4) سورة الفرقان الآية 70

باب ما جاء في الرياء

باب ما جاء في الرياء

باب ما جاء في الرياء 15 - بيان معنى الرياء وكيفية تجنبه س: أرجو أن تعرفوا لنا الرياء شرعا، وكيف نتجنبه؟ (¬1) ج: الرياء مصدر راءى يرائي رياء فهو مراء، والمعنى أن يفعل العمل ليراه الناس، يصلي ليراه الناس، يتصدق ليراه الناس، قصده أن يمدحوه ويثنوا عليه، ويعرفوا أنه يتصدق أو أنه يصلي، أو يحج أو يعتمر لذلك، أو ما أشبه ذلك، وهكذا إذا قرأ ليمدحوه، ويسمى السمعة، إذا كان بالأقوال يسمى السمعة، أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر ليمدح، ويثني عليه، لا لله وحده سبحانه وتعالى، فهذا من الرياء في الأفعال، ويقال لما يسمع سمعة، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع سمع الله به، ومن راءى راءى الله به (¬2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. فسئل عنه، فقال: الرياء (¬3)». ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 164. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله، برقم 2986. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه، برقم 27742.

يقول الله يوم القيامة للمرائين: «اذهبوا إلى ما كنتم تراءون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم من جزاء؟ (¬1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «يقول الله عز وجل: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه (¬2)». فالواجب على المؤمن أن يحذر ذلك، وأن تكون أعماله لله وحده، يصلي لله، يصوم لله، يتصدق لله، يرجو ثوابه، يرجو مغفرته سبحانه، وهكذا يأمر بالمعروف، ينهى عن المنكر، يحج، يعتمر، يعود المريض، يطلب ما عند الله من الأجر، لا رياء الناس، ولا سمعتهم، هذا هو الواجب على المؤمن، كما قال الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (¬3) نسأل الله لجميع المسلمين الهداية والتوفيق. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث محمود بين لبيد رضي الله عنه، برقم 2319. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله، برقم 2985. (¬3) سورة الكهف الآية 110

بيان المقصود بالشرك الخفي

16 - بيان المقصود بالشرك الخفي س: ما هو الشرك الخفي أو الشرك الأصغر؟ (¬1) ج: ما يكون في القلوب من الرياء يسمى خفيا، لكونه يصلي يرائي، أو يقرأ يرائي الناس، أو يسبح ويهلل حتى يمدحوه، أو يتصدق حتى يمدحوه، وهو في نيته لمراءاتهم، هذا يقال له: شرك خفي. ويسمى الشرك الأصغر شركا خفيا، مثل: لولا الله وفلان، هذا من الله وفلان. يسمى شركا خفيا ويسمى شركا أصغر، وهكذا الحلف بغير الله، والنبي أو بالنبي، أو بأبيك أو بشرفك، هذا شرك أصغر، ويسمى شركا خفيا، لأنه يخفى على بعض الناس، ويقول كذلك بالأمانة، هذا شرك خفي، لأنه حلف بالأمانة أو بحياة فلان، أو بالأنبياء، كله شرك أصغر، وكله محرم، وكله لا يجوز. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 218.

الرياء يحبط العمل إذا قارنه

17 - الرياء يحبط العمل إذا قارنه س: أخاف كثيرا من الرياء، والسؤال: هل المرائي يخلد في النار؟ وإذا تصدقت أو صليت أخاف كثيرا من الرياء، فبماذا توجهونني حول هذا الإشكال، جزاكم الله خيرا؟. (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 334.

ج: عليك أن تحذر الرياء، تجاهد نفسك وأن تتقي الله، وتعمل لله وحده، ولا ترائي الناس، لا بصدقات ولا بصلواتك، ولا بغيرها، لا بد من الجهاد، قال الله جل وعلا: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (¬1). فالشرك يحبط العمل، والرياء يحبط العمل إذا قارنه، فمن صلى يرائي فلا صلاة له، ومن قرأ يرائي فلا قراءة له، ومن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، يرائي فلا أجر له، وهكذا، بل عليه إثم وليس من الشرك الأكبر، فهو شرك أصغر، قد يدخل به النار، ويعذب على قدره، ويخرج من النار، وقد تكون له حسنات عظيمة، يرجح بها ميزانه ويسلم، فالمقصود أن الرياء، إذا كان الإنسان راءى، وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليس بمنافق هو مؤمن، لكن يعرض له الرياء في بعض الصلوات، أو القراءة، هذا شرك أصغر، ولا يخرج من دائرة الإسلام، بل هو مسلم، عليه أن يجاهد نفسه في ترك هذا الرياء، حتى يخلص لله في أعماله. ¬

_ (¬1) سورة الكهف الآية 110

س: أعاني كثيرا من الرياء، مع أنني أصلي وأصوم وأزكي وأعمل الأعمال الصالحة، فهل آثم في ذلك؟ وهل أدخل في الشرك الأصغر؟ (¬1). ج: عليك أن تحذر الرياء، والرياء: مراءاة الناس بأعمالك، قراءة أو صلاة، أو صدقات أو غير ذلك، يجب أن تحذره، وأن تعتمد الإخلاص لله في أعمالك، وألا تبالي بالمخلوق، يكون عملك لله وحده، لا تقصد به أحدا من الناس، لا في قراءة، ولا في أمر بالمعروف، ولا في نهي عن منكر، ولا في صلاة ولا في غير ذلك، تقصد وجه الله، تقصد بأعمالك وجه الله، والقربة لديه سبحانه وتعالى، ولو كان عندك أمك، أو أبوك أو أقرباؤك الآخرون، تجعل القصد وجه الله جل وعلا، واعمل ابتغاء مرضاته، سواء كان العمل مع أمك أو مع أبيك، أو مع غيرهم، فالواجب أن تكون أعمالك كلها لله وحده، ويقصد بها وجهه الكريم. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 381.

حكم الامتناع عن العمل الصالح بحجة الخوف من الرياء

18 - حكم الامتناع عن العمل الصالح بحجة الخوف من الرياء س: يقول السائل: إنه كان يصلي بالناس، وله صوت حسن وجميل، وكان يتعمد أيضا تحسين صوته، وخوفا من الرياء امتنع عن الإمامة، وجعل أناسا آخرين يصلون بالناس، رغم أنهم لا يقرءون ولا يكتبون، كيف توجهونه؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: نوجهه بأن يصلي بالناس ويحسن صوته والحمد لله، ويجاهد نفسه بعدم الرياء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لم يتغن بالقرآن (¬2)» أي يحسن صوته به، ومر ذات ليلة على أبي موسى الأشعري وهو يقرأ، فاستمع له النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح أتاه أبو موسى، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أني سمعت صوتك، وقال: «لقد أوتي أبو موسى مزمارا من مزامير آل داود (¬3)» يعني صوتا من أصواتهم، فقال أبو موسى رضي الله عنه: لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيرا، أي حسنته ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم 293. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (وأسروا قولكم أو اجهروا به) برقم 7527. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن، باب حسن الصوت بالقراءة للقرآن، برقم 5048، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن، برقم 793.

لك تحسينا، فتحسين الصوت الذي فيه منفعة للمسلمين ليستمعوا وينصتوا ويتدبروا، هذا أمر مطلوب، وليس هذا من الرياء، هذا من الإحسان، والرسول عليه الصلاة والسلام قال: «زينوا القرآن بأصواتكم (¬1)» فتزيين الصوت ينفع الأمة، وينفع المستمعين، وأنت تفعله لنفعهم لا ليمدحوك، دع عنك الرياء، ولكن تفعله حتى يستفيدوا وينتفعوا. س: تسأل المستمعة وتقول: كيف يكون الرياء داخل الإنسان؟ وكيف يتجنب الإنسان ذلك الشعور؟ جزاكم الله خيرا (¬2). ج: الرياء كونه يصلي حتى يمدحه الناس، أو يقرأ ليمدحه الناس، أو يتصدق ليمدحه الناس بالجود، هذا الرياء، يعني يفعل العمل الصالح حتى يثني عليه من الناس، يرائيهم، ما هو لأجل الله، بل يتصدق حتى يقال: إنه جواد، يصلي ليقال إنه يصلي، يقرأ كذلك، قصده ثناء الناس ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الكوفيين، حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه، برقم 18024، والنسائي في كتاب الافتتاح، باب تزيين القرآن بالصوت، برقم 1015، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب استحباب الترتيل في القراءة، برقم 1468، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب حسن الصوت بالقرآن، برقم 1342. (¬2) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 431.

عليه، وليمدحوه هذا الرياء وهو شرك، يقول صلى الله عليه وسلم: «أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. فسئل عنه، قال: الرياء (¬1)». فالواجب الحذر، وأن تكون العبادات لله وحده، من صلاة أو قراءة، أو صدقة، أو تسبيح، أو تهليل، أو غير هذا، يجب أن يكون لله وحده لا رياء ولا سمعة. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه، برقم 27742.

حكم صاحب الرياء إذا مات ولم يتب

19 - حكم صاحب الرياء إذا مات ولم يتب س: هل الشرك الأصغر وهو الرياء مخلد صاحبه في النار أم لا؟ (¬1). ج: الشرك الأصغر لا يخلد صاحبه، فهو مثل الكبائر لا يخلد صاحبه في النار، مثل قوله: لولا الله وأنت، ما شاء الله وشئت، ومثل يسير الرياء، ومثل الحلف بغير الله، كل هذه من باب الشرك الأصغر، لا توجب الخلود في النار، ولا تبطل الأعمال، ولكنها محرمة، من جنس كبائر الذنوب، بل أشد من كبائر الذنوب، ولكنها لا توجب خلوده في النار، ولا توجب اليأس من المغفرة. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 20.

وجوب الحذر من الوقوع في الرياء

20 - وجوب الحذر من الوقوع في الرياء س: ما حكم من يداخله الرياء في بعض الأعمال القليلة؟ وللعلم هو يتألم أشد الألم بسبب هذا، وهو في قلق مستمر، ما نصيحته سماحتكم؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: نوصي كل مسلم بالحذر من الرياء، دقيقه وجليله، كثيره وقليله، نوصي بالحذر، والرياء هو كونه يعمل عملا لأجل الناس، لأجل يسمعونه أو يرونه، حتى يمدحوه، ونحو ذلك، يصلي حتى يروه أو يتكلم بوعظ حتى يثني عليه، أو يقرأ حتى يثني عليه أو ما أشبه ذلك، يعني يعمل من أجل رياء الناس وحمدهم وثنائهم ونحو ذلك، يجب الحذر، وهذا الرياء يبطل العمل، فلا يكون له ثواب، يكون صاحبه آثما، وهذا من الشرك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم آمرا للصحابة: «أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر. فسئل عنه فقال: الرياء (¬2)» خافه عليهم وهم أفضل الناس بعد الأنبياء، وسماه شركا أصغر. فالواجب الحذر منه، فالذي يقرأ يرائي الناس قد أشرك شركا أصغر، أو يصوم لأجل أن يقول الناس: هذا صائم يرائي الناس أو يتصدق يرائي الناس، أو يحج يرائي الناس، أو ما أشبه ذلك الواجب الإخلاص لله وأن يعمل لله احتسابا، لا يرائي أحدا من الناس. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 340. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه، برقم 27742.

بيان أن الرياء شرك ومن أعمال المنافقين

21 - بيان أن الرياء شرك ومن أعمال المنافقين س: أنا شاب في الخامسة والعشرين من عمري، وأنا مستقيم ومؤد لواجباتي الدينية ولله الحمد، إلا أنني أشعر بأنني أميل للرياء والسمعة في أعمالي كالصلاة وغيرها من الأعمال، وهذا والله رغما عني وأنا ألح على الله بالدعاء، بأن يخلصني من هذا البلاء، ولكن دون جدوى، سؤالي: هل أعتبر مشركا بالله؟ وهل اعتبر كمن يرائي بأعماله عامدا متعمدا، أم أن الله سبحانه وتعالى لا يؤاخذني، حيث إن ذلك بغير إرادتي؟ أرجو الإجابة على سؤالي هذا، وأن تدلوني على ما يخلصني من هذه البلوى. (¬1) ج: لا شك أن الرياء منكر، وشرك، ومن أعمال المنافقين، فالواجب عليك الحذر منه وجهاد نفسك حتى تتخلص منه، مع سؤال الله سبحانه وتعالى، والضراعة إليه أن يعافيك من ذلك ولا تيأس، بل استمر في الدعاء والضراعة إلى الله في أن يوفقك، وأن يهديك حتى تدعه، وجاهد نفسك واصبر وصابر في ذلك، حتى يعافيك الله من ذلك، وهو من خلق أهل النفاق، كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬2). ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 152. (¬2) سورة النساء الآية 142

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يقول الله عز وجل: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه (¬1)»، ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الشرك الخفي، يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر فلان إليه (¬2)» فأنت جاهد نفسك، وأبشر بالخير، ومن جاهد أعانه الله، يقول سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (¬3) فإذا جاهدت نفسك في هذا السبيل فأبشر بالخير، والله سوف يعينك ويهديك السبيل القويم، ولا تيأس ولا تقنط واصبر وصابر، واسأل ربك العون، وأبشر بالخير الذي وعد الله به الصادقين والصابرين، وهذا شرك أصغر، وليس بشرك أكبر، بل هو من الشرك الأصغر، كما قال عليه الصلاة والسلام، يخاطب الصحابة: «أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر (¬4)» فهو قد أصاب غيرك كما أصابك، فعليك بالصبر وسؤال الله العافية، وهو ليس من الشرك الأكبر الذي يحبط الأعمال، ولكنه شرك أصغر، يحبط العمل الذي قام به، فإذا قمت تصلي صلاة من أجل الرياء بطلت هذه الصلاة التي فعلتها للرياء، وإذا تصدقت للرياء بطل ثوابها، وإذا سبحت أو ذكرت الله للرياء، أو قرأت القرآن للرياء، ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب الرياء والسمعة، برقم 4202. (¬2) ابن ماجه الزهد (4204). (¬3) سورة العنكبوت الآية 69 (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه، برقم 27742.

ما لك ثواب، بل عليك إثم، وإذا جاهدت نفسك في تركه والحذر منه أعانك الله ويسر أمرك: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (¬1) {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (¬2) فأبشر بالخير واصبر وصابر والله يعينك. ¬

_ (¬1) سورة الطلاق الآية 2 (¬2) سورة الطلاق الآية 4

وجوب مجاهدة النفس للتخلص من العجب والرياء

22 - وجوب مجاهدة النفس للتخلص من العجب والرياء س: أولا يا سماحة الشيخ، أعرفك أنني أحبك في الله تعالى، وأرجو الله ثم منك أن تدعو الله لي بظهر الغيب، أن يرزقني الإخلاص في كل أعمالي الدينية والدنيوية، حيث إنني دائما أشعر أن عملي يخالطه شيء من الرياء، وإذا ما قرأت القرآن وسمعت الناس ينصتون إلي ينتابني حالة من العجب، وجهوني سماحة الشيخ حتى أكون مخلصا لله تعالى، وهل يؤثر ذلكم الإحساس على عملي؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: نقول: أحبك الله الذي أحببتنا له، ونسأل الله أن يمنحك الإخلاص والتوفيق والهداية، نسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية، وأن تكون مخلصا في أعمالك كلها، ونوصيك بالحذر من العجب والرياء، وأن تجاهد نفسك، فإذا جاهدت نفسك فأبشر بالخير إن شاء الله، إذا قرأت القرآن أو صليت أو فعلت شيئا من الخير فاحرص على أن يكون ذلك ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 309.

لله وحده، ليس فيه رياء ولا سمعة، وإذا خطر لك شيء فاطرده بالاستعاذة بالله من الشيطان، وبالحذر، فإن المجاهد يعان، ربنا يقول سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (¬1)، فكلما عرض لك شيء من الرياء فعليك بالمجاهدة والطرد له بالتعوذ بالله من الشيطان، والحرص على الإخلاص لله سبحانه في قراءتك وفي صلاتك وفي جميع العبادات. ¬

_ (¬1) سورة العنكبوت الآية 69

وجوب إحسان الظن بالله ومحاربة الوساوس الشيطانية

23 - وجوب إحسان الظن بالله ومحاربة الوساوس الشيطانية س: إنسان دوما مشغل نفسه باليوم الآخر، وبالموت وبالحساب يوم القيامة، ويخاف أن يكون من أهل النار، وأن عمله لا يقبل منه، وأنه قد يكون فيه شرك، ويخاف أن يدخل عليه الشرك من حيث لا يدري، ودوما يردد قوله: «اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئا وأنا أعلم، وأعوذ بك أن أشرك بك شيئا وأنا لا أعلم»، ماذا عليه؟ وهل عليه إثم؟، جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: عليه أن يجتهد في محاربة الشكوك، وهو إن شاء الله على خير، لأن هذا حمله عليه الخوف من الله، والحذر من الشرك، فعليه أن يحاسب نفسه، وأن يسأل ربه العون والتوفيق، وأن يحذر مكائد ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 335.

الشيطان، فإن الشيطان يؤذي الناس بالوساوس، فعليه أن يحذر مكائد الشيطان، ويحسن ظنه بربه، ويجتهد في العمل الصالح، ولا يشغل نفسه بهذه الوساوس، فإذا أحس به يتعوذ بالله من الشيطان، ويجتهد في أن تكون أعماله لله وحده، ليس فيها رياء ولا سمعة، والشيطان عدو مبين، يجب أن يتحرز منه بالتعوذ بالله من الشيطان، كلما أشغله بهذه الوساوس.

بيان كفارة الرياء

24 - بيان كفارة الرياء س: ما كفارة الرياء؟ وما هو الرد على من أثنى علي بالمدح كمن يقول: فلان يصلي ويذكر الله، حتى لا يدخل في عملي رياء؟ وقانا الله وإياكم شر هذا المرض. (¬1) ج: كفارة الرياء التوبة إلى الله، وهكذا كل معصية وكل شرك، توبته ودواؤه التوبة إلى الله التوبة النصوح، من ندم على الماضي والإقلاع عن الرياء ونحوه، والعزم الصادق ألا يعود فيه، وإذا مدحك أحد تقول: يا أخي اتق الله، لا ينبغي المدح، والرسول عليه الصلاة والسلام قال: «إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب (¬2)»، لأن المدح قد ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 331. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط، وخيف منه فتنة على الممدوح، رقم (3002).

يفضي إلى العجب والكبر، فينبغي للأخ إذا دعت الحاجة ألا يستطيل في المدح، بكلمات قليلة إذا دعت إليها الحاجة. س: رسائل من مجموعة من أخوات في الله يقلن: سماحة الشيخ نحن مجموعة فتيات على طريق خير إن شاء الله، ونحاول جاهدات عمل كل خير يرضي وجه الله، ولكن مع ذلك يصيبنا من الشرود وعدم التدبر والتركيز أثناء العبادة، وخاصة قراءة القرآن الكريم، والصلاة مما يجعلنا في حالة عدم استقرار نفسي، وإحساس بعدم قبول أعمالنا، ونحن نخشى الرياء في بعض الأعمال التي نقوم بها والله المستعان. نرجو من سماحتكم توجيهنا والدعاء لنا والنصح، جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: نسأل الله أن يمنحكن التوفيق وسداد الرأي والهداية لأقوم طريق، وأوصيكن بتقوى الله والاستمرار في عمل الخير والحذر من وساوس الشيطان وتزيينه، فإن الشيطان عدو مبين يريد أن يثبطكن عن الخير، فاحرصن على الحذر من وساوسه واستقمن على الخير، واجتهدن في إحضار القلوب في الصلاة، والإقبال على الصلاة، والتواصي بالحق، والصبر عليه، والحذر من وساوس الشيطان مع ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 355.

الاستمرار في الخير الذي تردن أن يصل إلى غيركن من صدقات أو غيرها، من تعليم أو غير ذلك من وجوه الخير، فالواجب الحذر من الشيطان ونزغاته في جميع الأمور، أسأل الله لكن التوفيق والإعانة على كل خير وصلاح القلوب والأعمال.

بيان معنى الإخلاص

25 - بيان معنى الإخلاص س: السائلة س. ع. تقول: ما هو الإخلاص؟ وكيف يحصل العبد على الإخلاص لله؟ وأنا يا فضيلة الشيخ أرى نفسي تخاف من الرياء، وكأن شيئا يحجبني ويحبب لي الرياء، وأني تركت بعض الطاعات، وتراني أفكر في هذه الأشياء، فماذا أفعل وجهونا جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: أيتها السائلة وفقني الله وإياك لكل خير وأعاذنا جميعا من نزغات الشيطان ووساوسه، الإخلاص هو: قصد الرب جل وعلا بالعمل، هذا هو الإخلاص، أن يقصد المسلم بعمله وجه الله والدار الآخرة، هذا المخلص، قال الله جل وعلا: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (¬2) قال سبحانه: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (¬3) فالمخلص هو: الذي يقصد بعمله وجه الله، بصلاته ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 372. (¬2) سورة البينة الآية 5 (¬3) سورة غافر الآية 14

بصومه بصدقاته بحجه، بغير ذلك من العبادات، يقصد وجه الله، يقصد التقرب إلى الله، لا لغيره لا رياء ولا سمعة، ولا لقصد الدنيا، دائما يفعل ما يفعل، يرجو ثواب الله ويرجو إحسانه سبحانه وتعالى، هذا هو الإخلاص. أما الرياء فهو أن يفعل لأجل أن يرائي الناس، من أجل أن يمدحه الناس، هذا منكر ومن الشرك، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬1) فالرياء منكر ومن الشرك، يجب الحذر منه، كون الإنسان يصلي حتى يمدح، أو يتصدق حتى يمدح، أو يقرأ حتى يمدح، هذا الرياء لا يجوز، هذا يجب الحذر من ذلك، والواجب عليك الحذر من الوساوس دائما، يجب عليك إخلاص العمل لله، وأن يكون قصدك وجه الله بصلاتك، وقراءتك وصومك، وغير ذلك، وتجاهدي نفسك في ذلك وتتعوذي بالله من الشيطان، كل ما خطر شيء من الوساوس، أو الرياء قولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم صدقا، وإذا فعلت ذلك صدقا كفاك الله شر الشيطان وأعانك عليه. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 142

باب ما جاء في الحلف بغير الله

باب ما جاء في الحلف بغير الله

باب ما جاء في الحلف بغير الله 26 - جواز الحلف بصفات الله س: ما رأيكم - حفظكم الله - في الحلف على المصحف؟ هل يعتبر يمينا؟ وهل إذا حلف صادقا يكون آثما، وإذا حلف كاذبا كذلك؟ وجهونا، جزاكم الله خيرا (¬1). ج: إذا حلف بالمصحف قصده القرآن كلام الله فلا بأس؛ لأن القرآن كلام الله، فإذا قال: وعزة الله، أو كلام الله، أو بالمصحف، وقصده القرآن؛ لأنه كله كلام الله عز وجل - فهذه يمين لا بأس بها، ولا حرج في ذلك والحمد لله. مثل لو قال: وعزة الله، وعلم الله، وكلام الله - لا بأس أن يحلف بصفة من صفات الله سبحانه، كما لو قال: والرحمن والرحيم والعليم والعزيز والحكيم، وهكذا لو قال: وعزة الله، ورحمة الله، وعلم الله، وكلام الله، - فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 302.

حكم الحلف بالقرآن

27 - حكم الحلف بالقرآن س: ما حكم الحلف بالقرآن؟ (¬1) ج: القرآن كلام الله، الحلف به لا بأس به، وكلام الله والقرآن، ما فعلت كذا. القرآن كلام الله، كما يقال: والله، أو بالله، أو وعلم الله، أو رحمة الله، يقصد وصفه بالرحمة سبحانه، أو وكلام الله. كل ذلك لا بأس به، الحلف بالله وبصفاته. س: السائل س، من جمهورية مصر العربية يقول: سمعت من بعض الناس بأنه لا يجوز الحلف بصفات الله، وخاصة بصفة الحياة، فقلت لهم بأن الحلف بحياة الله جائز، بناء على ما قرأت، فهل كلامي صحيح؟ (¬2) ج: نعم، الحلف بالله وبصفاته وبأسمائه كله حق، كله جائز، مثل ما جاء في الحديث: «أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر (¬3)» ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 427. (¬2) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم 410. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب استحباب وضع يده على موضع الألم مع الدعاء، برقم 2202. وابن ماجه في كتاب الطب، باب ما عوذ به النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 3522 واللفظ له.

«اللهم أعوذ برضاك من سخطك (¬1)»، «أعوذ بكلمات الله التامات (¬2)» فالتعوذ بصفات الله، والتعوذ بكلمات الله، والحلف بها، كل ذلك جائز. يحلف بالله، يحلف بصفاته، وعزة الله، وقدرة الله، وعلم الله، وحياة الله، كله جائز. كما يقول: والله، أو بالله، أو تالله، أو والرحمن، أو والرحيم، أو والعزيز، أو والحكيم، كل هذا جائز. وهكذا إذا قال: وعزة الله، أو بعزة الله، أو بعلم الله، أو ما أشبه ذلك. س: في يوم جمعة يقول السائل قبل صعود الخطيب للمنبر: صليت ركعتين، وقمت بمسك المصحف الشريف، وقلت: بحق هذا القرآن لا أشرب السجائر والدخان أبدا طول عمري. فإذا شربت مثل الشيشة، هل أكون قد وقعت في اليمين؟ وهل علي كفارة؟ (¬3) ج: لا يجوز لك أن تحلف بحق القرآن، حق القرآن تعظيمه، وتعظيمه من أعمالك، لكن أن تقول: بالله، أو بكلام الله، تحلف ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم 486. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء، برقم 2708. (¬3) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 395.

بالله أو بكلامه وصفاته، لا بأس. أما بحق القرآن، حق القرآن فيجب أن تعظمه، وأن تعمل به، وهذا من عملك، وعملك مخلوق. فلا تقسم بالمخلوقات، لكن تقسم بنفس القرآن، بالله، بكلام الله، بعلم الله، بعزة الله. تقسم بالله أو بصفاته، لا بأس. وعليك أن تجتنب الدخان وسائر المحرمات، عليك أن تحذر الدخان والشيشة والخمر، وجميع المخدرات والمسكرات، وإن لم تحلف، وإن لم تقسم. يجب عليك أن تجتنبها وتحذرها؛ لأنها منكرة ومحرمة. فالواجب عليك الحذر منها وتركها مطلقا، ولو لم تحلف. س: يسأل المستمع، ويقول: هل يجوز الحلف بكتاب الله؟ (¬1) ج: نعم؛ لأن القرآن كلام الله، فإذا قال: وكتاب الله، يقصد القرآن، أو كلام الله، أو وعزة الله - فلا بأس؛ لأن الله جل وعلا يحلف به وبصفاته، كما قال عليه الصلاة والسلام: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (¬2)»، فمن حلف بالله أو بصفة من صفاته فقد حلف بالله، بعزة الله، بعلم الله، بكلام الله، بكتاب الله، كل هذا حق. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 392. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب كيف يستحلف، برقم 2679، ومسلم في كتاب الأيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، برقم 1646.

حكم الحلف بغير الله تعالى

28 - حكم الحلف بغير الله تعالى س: لقد قرأت في كتاب جليل للعلامة الفاضل الشيخ عبد العزيز المحمد السلمان أن الحلف بغير الله شرك أصغر، ولكن بعض الأئمة قالوا: إنه شرك أكبر، ومن فعل ذلك فقد خرج عن الملة. أفيدونا بارك الله فيكم! (¬1) ج: إن الشرك نوعان: أكبر وأصغر بإجماع المسلمين، قال الله عز وجل في الشرك الأكبر: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬2). وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (¬3). وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬4). فهذه الآيات وأشباهها في الشرك الأكبر. ومنه دعاء الأموات والأصنام والأشجار، والأحجار، والنجوم، والجن، والملائكة، ونحوهم. والاستغاثة بهم، والنذر لهم، والذبح لهم ونحو ذلك. هذا من الشرك الأكبر، وهكذا اعتقاد أن هؤلاء يصلحون للعبادة، وإن لم يدعهم. إذا اعتقد أن هؤلاء يدعون من دون الله، ويستغاث بهم، وأنه لا بأس بذلك - فإن هذا شرك أكبر وإن لم يفعل. وهكذا اعتقاد السر ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (109). (¬2) سورة الأنعام الآية 88 (¬3) سورة الزمر الآية 65 (¬4) سورة النساء الآية 48

في حي من الأحياء أنه ينفع ويضر دون الله، وأنه يصلح لأن يعبد من دون الله، ولو كان حيا، كما يفعله بعض ضلال الصوفية لمشايخهم. هذه وأشباهها من الشرك الأكبر، وهكذا ما يفعله بعض الناس مع الجن، يدعوهم أو ينذر لهم، ويذبح لهم خوفا من شرهم، هذا أيضا من الشرك الأكبر. وهكذا ما يفعله بعض الناس مع الرسل والأنبياء والملائكة، يدعونهم ويستغيثون بهم وينذرون لهم - هو من الشرك الأكبر، قال الله عز وجل: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬1)، يعني المشركين. وقال سبحانه وتعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬2)، وقال عز وجل: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬3) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (¬4) فسماه شركا، دعوة غير الله سماها شركا. وقال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬5)، فسمى دعاة غير الله كفارا. أما الشرك الأصغر فقد بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - في عدة أحاديث، منها حديث محمود بن لبيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر! فسئل عنه، فقال: الرياء، يقول الله يوم القيامة ¬

_ (¬1) سورة يونس الآية 106 (¬2) سورة الجن الآية 18 (¬3) سورة فاطر الآية 13 (¬4) سورة فاطر الآية 14 (¬5) سورة المؤمنون الآية 117

للمرائين: اذهبوا إلى ما كنتم تراءون في الدنيا، فانظروا هل تجدون عندهم من جزاء (¬1)» وهذا حديث صحيح، رواه جماعة من أهل العلم بأسانيد صحيحة، فهو يدل على أن الشرك فيه أصغر وأكبر. فالرياء من جنس الشرك الأصغر، هو الذي يقرأ يرائي، أو يصلي بعض الصلوات يرائي الناس، أو يسبح ويهلل يرائي، أو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يرائي. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع سمع الله به، ومن راءى راءى الله به (¬2)» وقال جماعة من علماء التفسير: إن قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (¬3) - نزلت في المرائين. فهذا الرياء إذا وقع من المسلم في بعض الأعمال فهو شرك أصغر، وهكذا إذا عاد المريض، أو فعل أي عبادة من العبادات التي يتقرب بها إلى الله، فعلها من أجل الرياء، أو من أجل السمعة - كان شركا أصغر. أما إذا كان فاسد العقيدة كالمنافقين الذين يعتقدون تكذيب الرسول - صلى الله عليه وسلم - وإنكار ما جاء به من الهدى، أو الشك في ذلك، ثم يصلون مع الناس، ويصومون، ويراءونهم بهذا - فهذا شرك أكبر، وهذا رياء أكبر؛ لأنهم فاسدو العقيدة، وإنما أظهروا ما أظهروا تقية ورياء، فهو كفار كفرا ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه، برقم 23119. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب من أشرك في عمله غير الله، برقم 2986. (¬3) سورة الكهف الآية 110

أكبر لفساد العقيدة، كما قال عز وجل: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬1) {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ} (¬2). عندهم شك وريب وتردد، فصاروا كفارا كفرا أكبر. وقال في حقهم في الآخرة: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (¬3). بسبب كفرهم الأكبر واعتقادهم الفاسد. ومن الشرك الأصغر الحلف بغير الله، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (¬4)» رواه الإمام أحمد من حديث ابن عمر - رضي الله عنه - بإسناد صحيح. وأخرجه أبو داود والترمذي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من حلف بغير الله فقد أشرك أو كفر (¬5)» هكذا شك الراوي، أو المعنى: وكفر، بأن تكون أو بمعنى الواو، يعني وقع في الشرك والكفر جميعا. هذا عند أهل العلم شرك أصغر؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أقرهم على الحلف بغير الله في أول الإسلام، ولم ينههم عن ذلك، ثم نهاهم بعد ذلك. فلو كان شركا أكبر لم يقرهم عليه؛ لأن الله بعثه بإنكاره من حين ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 142 (¬2) سورة النساء الآية 143 (¬3) سورة النساء الآية 145 (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم 4886. (¬5) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 6036.

بعث في مكة. فعندما أقرهم عليه دهرا من الزمان، ثم نهاهم في المدينة بعد ذلك دل على أنه شرك أصغر. لو كان أكفر لما أذن فيه أبدا، بل نهى عنه من أول وهلة. وهكذا قول: ما شاء الله وشاء فلان، وهو من الله وفلان. هذا أيضا من الشرك الأصغر؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان (¬1)» ولما جاء في حديث قتيلة عند النسائي: «أن اليهود كانوا يقولون للمسلمين: إنكم تشركون (وفي لفظ: إنكم تنددون)، تقولون: ما شاء الله وشاء محمد، وتقولون: والكعبة. فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، وأن يقولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد، وفي لفظ: أن يقولوا: ما شاء الله ثم شئت، وفي لفظ: قال لهم: قولوا: ما شاء الله وحده (¬2)». هذا كله يدل أن هذه الأمور من الشرك الأصغر، وأن الكمال أن يقول: ما شاء الله وحده، فإن قال: ما شاء الله ثم شاء فلان، لولا الله ثم فلان - فلا بأس بذلك. وفي حديث الأبرص والأقرع والأعمى في الصحيحين، أن الملك الذي جاءهم بعدما عافاهم الله من البرص ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 22754. (¬2) أخرجه النسائي في كتاب الأيمان والنذور، باب الحلف بالكعبة، برقم 3773.

والقرع والعمى، جاءهم يسألهم يقول: «لا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك (¬1)» فدل على جواز مثل هذه العبارة. لكن لو اعتقد من حلف بغير الله أن هذا المحلوف به تصرف في الكون، أو ينفع ويضر دون الله، أو أن له مثل عظمة الله - صار شركا أكبر. ومن قال من العلماء: إنه شرك أكبر - فمرادهم إذا عظمه كتعظيم الله، أو اعتقد فيه أنه يصلح لما يعبد الله به، أو أنه ينفع ويضر دون الله، أو ما أشبهه من العقائد الباطلة. فمن حلف به على هذا الاعتقاد صار شركا أكبر، أما إذا جرى على لسانه الحلف بغير الله كعادة جرت عليها جماعته وأهله وبلاده، أو جرى عليها سابقا هو واعتادها سابقا، ولم يقصد أنه معظم كعظمة الله، أو أنه يتصرف في الكون، أو أنه يصلح أن يعبد من دون الله. لم يعتقد هذا الاعتقاد، ولكن جرى على لسانه الحلف بغير الله كعادة كثير من الناس - فهذا من الشرك الأصغر. ويوجد كثير من الناس اعتادوا هذا البلاء، وقد نسبوا إلى أهل العلم، لكن لأن العادة غلبت عليهم يتكلمون بهذا، فتجدهم يقولون: والنبي والأمانة، مع أنهم من طلبة العلم ومن أهل العلم، لكن غلبت على لسانه، واعتادها، فينسى عند الكلام، فيتكلم بها. فهذا كله من المنكر، وكله غلط، وكله من الشرك الأصغر. والواجب التنبيه على ذلك والتحذير منه، وألا يتساهل في ذلك. فمن قال: إنه شرك أكبر - فله وجه كما تقدم، ومن قال: إنه شرك ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، برقم 2964.

أصغر - فهذا هو الأصل، أنه شرك أصغر، كما قال الشيخ عبد العزيز السلمان. ومن قال: إنه شرك أكبر، كما حكاه السائل عن بعض العلماء - فمراده، والله أعلم، ما ذكرنا، يعني أنه حلف بغير الله معظما له كتعظيم الله، أو معتقدا فيه أنه يصلح للعبادة، أو ينفع ويضر، أو ما أشبه ذلك من العقائد الباطلة، والله أعلم.

حكم الحلف بالنجاح

29 - حكم الحلف بالنجاح س: نلاحظ - فضيلة الشيخ - أن بعض الناس وبالذات طلاب المدارس يحلف بالنجاح، فيقول: بنجاحي، ويقول: بتوفيقي. فهل هي شرك بالله؟ أرشدونا، جزاكم الله خيرا! (¬1) ج: الحلف بغير الله من المنكرات ومن المحرمات الشركية، وقد أوضح النبي ذلك عليه الصلاة والسلام، وكان الناس أولا يحلفون بآبائهم، فكانت العرب تحلف بآبائها وأمهاتها، فأنكر النبي بعد ذلك. وأدرك بعض الصحابة وهم يحلفون بآبائهم، فنهاهم، وقال: «إن الله نهاكم أن تحلفوا بآبائكم (¬2)» وقال: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (14). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا، برقم 6108.

ليصمت (¬1)»، وقال: «لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون (¬2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك (¬3)»، وقال: «من حلف بالأمانة فليس منا (¬4)»، ولما قال سعد: «يا رسول الله، إن حلفت وقلت في يميني: واللات والعزى، فقال له: قل: لا إله إلا الله ثلاث مرات، وفي رواية أخرى: تعوذ بالله من الشيطان (¬5)». المقصود أن الحلف بغير الله منكر من المحرمات الشركية، فلا يجوز أن يحلف بنجاحه ولا بأبيه ولا بأمه ولا بحياة فلان، ولا برأس فلان، ولا بالنبي ولا بالكعبة، ولا بشرف فلان. كل هذه المنكرات محرمات شركية، ليس لأحد أن يتعاطاها أبدا. ومن فعل شيئا من هذا فعليه البدار بالتوبة من المحرمات الشركية؛ لأن هذا من ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في كتاب الأيمان، باب الحلف بالأمهات، برقم 3769، وأبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب في كراهية الحلف بالآباء، برقم 3248. (¬2) أخرجه النسائي في كتاب الأيمان، باب الحلف بالأمهات، برقم 3769، وأبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب في كراهية الحلف بالآباء، برقم 3248. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 6036. (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم 22741، وأبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب كراهية الحلف بالأمانة، برقم 3253 واللفظ له .. (¬5) أخرجه النسائي في كتاب الأيمان والنذور، باب الحلف باللات والعزى، برقم 3777.

الشرك الأصغر، وقد يكون شركا أكبر إذا كان في قلبه تعظيم محلوفه، وأنه يعظمه كما يعظم الله، أو أنه يعتقد فيه شيئا من العبادة والسر. كل هذا يكون شركا أكبر، نسأل الله العافية! أما إذا جرى على اللسان من غير قصد، ولكنه عادة - هذا من الشرك الأصغر، فينبغي الحذر من هذا، وألا يحلف بأبيه ولا بأمه ولا بنجاحه ولا بتوفيقه ولا بغير ذلك. أما إذا قال: بتوفيقي، يعني بتوفيق الله لي، قصده بتوفيق الله - هذا شيء آخر، سأنجح بتوفيق الله أو كذا. أما بتوفيقي، يقصد بالتوفيق الحلف بذلك، هذا لا يجوز، ومن المحرمات الشركية. فالحاصل أن الواجب على المسلم أن يحذر غلطات اللسان.

حكم الحلف بالأمانة والذمة

30 - حكم الحلف بالأمانة والذمة س: ما حكم الحلف بالأمانة والذمة، كقول الناس: أمانة عليك أخبرني بهذا الشيء، أو في ذمتك؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: الحلف بالأمانة أو بالذمة لا يجوز، ولا بغيرهما من المخلوقات. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (¬2)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «من حلف بشيء دون الله ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (208). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 3310.

فقد أشرك (¬1)» رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح من حديث عمر رضي الله عنه. وفي الصحيحين عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لا تحلفوا بآبائكم، من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (¬2)» وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون (¬3)» قال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من حلف بالأمانة فليس منا (¬4)». فلا يجوز للمسلم ولا للمسلمة الحلف بغير الله، فلا يقول: بالأمانة ما فعلت كذا، ولا بذمتي ما فعلت كذا، ولا بحياتك ما فعلت كذا. أو وحياتك ما فعلت كذا، أو وشرفك، أو بالنبي، أو بالكعبة. كل هذا لا يجوز، كله من الشرك. لكن إذا قال: في ذمتي هذا - ما يسمى يمينا، أو قال: أن أعطيك هذا الشيء، وأنا مؤتمن عليه. ما يحلف بالأمانة، يقول: لك في هذا ذمتي، لك في هذا أمانتي، لا أخونك، هذا ما يسمى يمينا. أما إذا قال: بأمانتي، أو برأس فلان، أو بذمتي، أو والأمانة - فهذا كله لا يجوز؛ لأن الحلف يكون بالباء أو بالواو أو بالتاء: تالله، والله، بالله. فهكذا إذا قال: بالأمانة، والأمانة، والكعبة، بالكعبة، وحياة فلان، وشرف فلان، وحياة أبيك، ونحو هذا - كل هذا يسمى حلفا بغير الله، لا يجوز. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 3310. (¬3) أخرجه النسائي في كتاب الأيمان، باب الحلف بالأمهات، برقم 3769، وأبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب في كراهية الحلف بالآباء، برقم 3248. (¬4) أخرجه أبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب كراهية الحلف بالأمانة، برقم 3253.

حكم الحلف بالشرف أو بالذمة

31 - حكم الحلف بالشرف أو بالذمة س: الأخ: ب. س. يسأل ويقول: لدينا عادة مستجدة، وهي الحلف بالذمة أو بالشباب بدل الحلف بالله، فهل هذا جائز؟ (¬1) ج: الحلف بغير الله لا يجوز؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (¬2)» وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله أو ليصمت (¬3)»، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (¬4)» خرجه الإمام أحمد رحمه الله في المسند بإسناد صحيح عن عمر رضي الله عنه، وخرجه أبو داود والترمذي رحمهما الله بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك (¬5)» وهذا يحتمل أنه شك من الراوي، هل قال النبي: "كفر" أو قال: "أشرك"، أو المعنى أنه حصل له هذا وهذا، وتكون "أو" بمعنى الواو، يعني كفر وأشرك. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (114). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، برقم 1646. (¬3) البخاري الأدب (5757)، مسلم الأيمان (1646)، الترمذي النذور والأيمان (1534)، النسائي الأيمان والنذور (3766)، أبو داود الأيمان والنذور (3249)، ابن ماجه الكفارات (2101)، أحمد (2/ 76)، مالك النذور والأيمان (1037)، الدارمي النذور والأيمان (2341). (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331. (¬5) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 6036.

وبهذا يعلم أن الحلف بغير الله أمر لا يجوز مطلقا، لا بالأنبياء ولا بالملائكة، ولا بالكعبة، ولا بالأمانة، ولا بذمة فلان ولا برأس فلان، ولا بشرف فلان، ولا حياة فلان ولا غير ذلك. فإذا قال: بذمتي، أو برأسي، أو بشرفي، أو بحياتي، أو حياة فلان، أو ما أشبه ذلك - كل هذا لا يجوز. أو قال: بالأمانة، أو بالنبي، أو بالكعبة - كل ذلك لا يجوز. وفي الحديث الصحيح يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «من حلف بالأمانة فليس منا (¬1)» وبهذا يعلم أن الواجب على المسلم الحذر من هذه الأيمان الباطلة، وأن يعود نفسه بالحلف بالله وحده سبحانه وتعالى، وأن يحذر من الحلف بغيره عز وجل، كائنا من كان. وهكذا لا يقول: ما شاء الله وشاء فلان، ولا يقول: لولا الله وفلان، ولا يقول: هذا من الله ومن فلان. بل يأتي بـ: ثم. يقول: ما شاء الله ثم شاء فلان، إذا كان له تسبب على الشخص. مثلا: دفع عنك شرا وحماك من شر، تقول: ما شاء الله ثم شاء فلان، جرى كذا وكذا، لولا الله ثم فلان؛ لأنه فعل معه معروفا. هذا من الله ثم من فلان، لا بأس. أما أن تقول: لولا الله وفلان، أو هذا من الله وفلان، أو ما شاء الله وشاء فلان - هذا لا يجوز، بل هو من المحرمات الشركية، فالواجب الحذر من هذه ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب كراهية الحلف بالأمانة، برقم 3253.

الكلمات، ومن الحلف بغير الله سبحانه وتعالى تعظيما لله، وطاعة لأمره وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام، ووقوفا عند حدود الله عز وجل.

حكم قول المرء لأخيه: بذمتك إن فعلت كذا ونحوه

32 - حكم قول المرء لأخيه: بذمتك إن فعلت كذا ونحوه س: يسأل أخونا من الزلفى بالمملكة العربية السعودية، فيقول: هل يجوز التذميم بقوله لأخيه: بذمتك، أو بصلاتك. أو بقوله: بحرج إن فعلت كذا؟ فمثل هذه العادات منتشرة عند النساء والأطفال، نرجو التوجيه جزاكم الله خيرا! (¬1). ج: لا يجوز الحلف لا بالصلاة ولا بالذمة ولا بالحرج، ولا بغير ذلك من المخلوقات، الحلف يكون بالله وحده، فلا يقول: بذمتي ما فعلت كذا ولا بذمة فلان، ولا بحياتي ولا بصلاتي. ولا يطالب، يقول: قل: بذمتي، ويقول: بصلاتي، ويقول: بزكاتي - كل هذا لا أصل له، ولا يجوز؛ لأن الصلاة فعل العباد والزكاة فعل العباد، وأفعال العباد لا يحلف بها، وإنما الحلف بالله وحده سبحانه وتعالى. يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (¬2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (¬3)» ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (158). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 3310. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331.

أخرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن عمر رضي الله عنه. وأخرجه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك (¬1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «من حلف بالأمانة فليس منا (¬2)». فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يحذروا ذلك، وألا يحلف إلا بالله وحده سبحانه وتعالى، يقول: بالله ما فعلت هذا، والله ما فعلت هذا، إذا دعت الحاجة. والمشروع أن يحفظ يمينه، ولا يحلف إلا عند الحاجة، قال تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} (¬3). فإذا دعت الحاجة ليحلف، يقول: والله ما فعلت كذا، إذا كان صادقا. والله ما ذهبت إلى فلان، بالله ما فعلت كذا، تالله ما فعلت كذا. إذا كان صادقا يحلف بالله سبحانه وتعالى، أما الحلف بغير ذلك: بالأمانة، أو بذمتي، أو بالكعبة، أو بحياة فلان، أو بشرف فلان، أو صلاتي، أو ذمتي - فلا يجوز. أما إذا قال: في ذمتي - هذا ليس بيمين. في ذمتي، يعني: هذا الشيء في ذمتي أمانة، أو ما أخون فيه، أو ما أشبه ذلك. هذا ليس يمينا. وأما إذا قال: بذمتي، أو بصلاتي، أو بزكاتي، أو حياتي، أو حياة والدي. هذا ما يجوز، هذا من الحلف بغير الله سبحانه وتعالى، نسأل الله للجميع الهداية. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 6036. (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب كراهية الحلف بالأمانة، برقم 3253. (¬3) سورة المائدة الآية 89

حكم استعمال كلمة (بالعون) و (بالحيل)

33 - حكم استعمال كلمة (بالعون) و (بالحيل) س: يقول السائل: نستعمل كلمة بالعون للتأكيد على الشيء، ويقال: إن بالعون هذا اسم صنم كان يعبده المشركون، ويقال: إنه في منطقة بيشة، فهل نقع في الشرك إذا كررنا ذلكم اللفظ؟ (¬1) ج: هذه كلمة جارية على ألسنة كثير من الأعراب وغيرهم، وما أعرف أصلها، هل أصلها أن هناك صنما يسمى بهذا الاسم؟ أم لا؟ ولكن بكل حال ينبغي تركها. الحلف يكون بالله وحده، يقول: بالله، وبالرحمن، أو بربي، أو بربنا جميعا، أو ما أشبه ذلك. يترك كلمة بالعون، لا حاجة إليها؛ لأن العون كلمة لا يعرف معناها بالنسبة لمن يحلف بها. وهي اسم مصدر من أعان يعين عونا، اسم مصدر من أعان. فالأفضل بل يجب ترك ذلك؛ لأن الحلف بهذا العون لا يجوز، داخل في الحديث: «من حلف بغير الله فقد أشرك (¬2)» وداخل في الحديث الآخر: «من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله، أو ليصمت (¬3)». مثل قول بعضهم: بالحيل، قول بعض الناس: بالحيل. ينبغي تركه، ولا يجوز فعله؛ لأن هذا نوع من الحلف؛ لأنهم يقصدون به التأكيد بالكلام، بالحيل، بالعون، ينبغي ترك هذه الكلمات. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (103). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 6036. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا، برقم 6108.

حكم الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم

34 - حكم الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم س: يقول السائل: عندنا كثير من الناس حينما يحلف يقول: والنبي. هل الحلف بالنبي - صلى الله عليه وسلم - يعتبر شركا بالله؟ وهل إذا لم يكن شركا عليه إثم؟ أم هو خير؟ أرجو التوضيح. أو الحلف بغير ذلك، كمن يقول: وحياتي، بشرفي، وغير ذلك. ومن الناس من يقول لمن يريد أن يأخذ منه شيئا: بفضل الله ثم بفضلي كذا وكذا، فتقضي حاجتي. وجهوني لهذه الأمور! ج: لا ريب أنه من الشرك الحلف بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، أو بالأولياء أو بالملائكة أو بالجن أو بالنجوم، أو بشرف فلان أو بحياته، كله لا يجوز. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (¬1)»، ويقول أيضا: «من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله أو ليصمت (¬2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (¬3)» ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك (¬4)» ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «من حلف بالأمانة فليس منا (¬5)» ويقول: «من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله (¬6)» ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 3310. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا، برقم 6108. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331. (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 6036. (¬5) أخرجه أبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب كراهية الحلف بالأمانة، برقم 3253. (¬6) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب " أفرأيتم اللات والعزى"، برقم 4860، ومسلم في كتاب الأيمان، باب من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله، برقم 1647.

والمقصود أن الحلف بغير الله لا يجوز، وهو من المحرمات الشركية، لكنه شرك أصغر ليس بشرك أكبر. فالواجب على المسلم الحذر من ذلك، ويكون الحلف بالله وحده أو بصفة من صفاته، ولا يحلف بغير الله كائنا من كان، لا بالأنبياء ولا بغيرهم. ومن فعل هذا فعليه التوبة إلى الله والإنابة إليه، والندم على ما مضى، والعزم الصادق ألا يعود في ذلك. والله سبحانه بعث الرسل عليهم الصلاة والسلام لبيان الحق وإيضاح الحق، فختمهم بمحمد عليه الصلاة والسلام. وقد أوضح في ذلك، وكان الناس في أول الإسلام وأول الهجرة يحلفون بآبائهم، ثم نهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد، ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون (¬1)» فإن قصد الحالف بغير الله أن هذا المحلوف به يتصرف في الكون، أو أنه يصلح أن يعبد من دون الله صار شركا أكبر، نسأل الله العافية! أما إذا جرى على لسانه بغير قصد لمحبة محبوبه أو لتعظيمه له فقط، من دون أن يعتقد فيه أنه يصلح أن يعبد من دون الله، أو أنه يتصرف في الكون هذا شرك أصغر، يجب تركه والتوبة إلى الله منه. ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في كتاب الأيمان، باب الحلف بالأمهات، برقم 3769، وأبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب في كراهية الحلف بالآباء، برقم 3248.

حكم الحلف بحياة النبي صلى الله عليه وسلم

35 - حكم الحلف بحياة النبي صلى الله عليه وسلم س: هل يجوز الحلف بهذه العبارات التالية: ورب الكعبة، وحياة النبي؟ (¬1) ج: وحياة النبي، ما يصلح. رب الكعبة، ورب البيت ما يخالف. أما حياة النبي، إنسان، مخلوق - ما يجوز، الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (¬2)» وقال صلى الله عليه وسلم: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (¬3)» يكون الحلف بالله أو بأسمائه وصفاته، أما الحلف بحياة النبي، أو بالنبي أو بالأمانة، أو بشرف فلان - كل هذا لا يجوز. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 416. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 3310. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331.

حكم قول: وحرام بالله أن تعمل كذا

36 - حكم قول: وحرام بالله أن تعمل كذا س: بعض الناس عندهم عبارة يرددونها، يقول: الله يحرمني من أهلي إن كنت كاذبا، ويقول: حرام بالله أن تعمل كذا. فما رأي سماحتكم؟ (¬1) ج: هذا دعاء، ما هو بظهار، يعني الله يحول بيني وبينهم بموت أو بغيره، هذا دعاء على نفسه وعلى أهله، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 416.

أما قوله: وحرام بالله أن تعمل كذا - فهذا معناه: علي حرام، هذا يكون فيه كفارة يمين، إذا لم ينفذ الذي قاله، عليه كفارة يمين. إذا قال: حرام بالله أن تقوم، ولا قام - عليه كفارة يمين. حرام بالله أن تأكل طعاما، ولا أكل - عليك كفارة يمين؛ لقول الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ} (¬1) {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (¬2). قال جماعة من المفسرين: إنها جاءت في العسل، ثم قال بعضهم: في تحريم جارية، فأمره الله أن يكفر عن يمينه. جعل التحريم يمينا، تحريم الجارية أو الطعام، أو ركوب الدابة، أو ما أشبه ذلك - يكون حكمه حكم اليمين. علي الحرام ما أركبها، علي الحرام ما آكل معك هذا الطعام، علي الحرام ما أجلس - يكون حكمه حكم اليمين. ¬

_ (¬1) سورة التحريم الآية 1 (¬2) سورة التحريم الآية 2

حكم قول: عليك بالنبي صلى الله عليه وسلم

37 - حكم قول: عليك بالنبي صلى الله عليه وسلم س: بماذا تنصحون من يقول: أشهد أن محمدا يا رسول الله؟ وهل عبارة: يا رسول الله، صحيحة؟ أم لا؟ وهل توقع الإنسان في الشرك؟ والبعض أيضا يقولون: عليك بالنبي، هل تعتبر حلفا؟ (¬1) ج: هذا المقام فيه تفصيل: إذا قال المسلم: السلام عليك يا ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (107).

رسول الله، أو عليك السلام يا رسول الله، أو صلى الله عليك يا رسول الله وسلم، أو جزاك الله يا نبينا خيرا عما قمت به من البلاغ والبيان والنصح للأمة - فهذا ليس بدعاء للرسول، إنما هو إخبار بالصلاة والسلام عليه، ودعاء له عليه الصلاة والسلام، مثلما نقرأ في التحيات: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. تدعو له بالسلامة والرحمة والبركة، تخصه بهذا وتستحضره بقلبك، تقول: السلام عليك، يعني أدعو لك يا رسول الله بالسلامة والرحمة والبركة. وهكذا كما يقول المسلم عند القبور عند قبره - صلى الله عليه وسلم - أو غيره: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليكم يا أهل القبور. معناه استحضارهم، وأنه يدعو لهم بالسلامة والرحمة والبركة. وهذا ليس من الشرك، بل هذا جائز ولا شيء فيه. أما إذا قال: يا رسول الله، انصرنا على أعدائنا. يا رسول الله، أنا في جوارك، الغوث الغوث، المدد المدد. أو قال: عليك بالنبي، يعني ادعه من دون الله، واستغث به - هذا أمر من الشرك. أما إذا قال: بالنبي ما أفعل كذا، أو بالرسول ما أزورك، أو بالنبي ما أكلمك - هذا يعتبر حلفا بغير الله، هو شرك أصغر، كما قول قال: بالأمانة لا أفعل كذا، أو بجاه النبي، أو بحرمة النبي، أو بحرمة أبيك لا أفعل كذا، أو ما أشبه ذلك. هذا كله يسمى حلفا بغير الله، والرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد (¬1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «من كان ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في كتاب الأيمان، باب الحلف بالأمهات، برقم 3769، وأبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب في كراهية الحلف بالآباء، برقم 3248.

حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (¬1)» وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (¬2)» وفي لفظ: «فقد أشرك أو كفر (¬3)» كلها أحاديث صحيحة عن النبي عليه الصلاة والسلام. فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة أن يحفظ لسانه عما حرم الله عليه من الحلف بغير الله كائنا من كان، فالحلف يكون بالله وحده سبحانه وتعالى. كما يجب أن يصون لسانه عن دعاء غير الله من الأموات أو الأصنام أو الكواكب أو الأشجار أو الجن، فلا يقول: يا سيدي يا رسول الله أغثني، أو المدد المدد. أو يا ملائكة الله، أو يا معشر الجن أغيثونا، انصرونا. أو يا سيدي البدوي أو يا سيدي علي أو الحسين، أو فلان أو فلان. أو يا سيدي عبد القادر أغثنا أو انصرنا. كل هذا من الشرك بالله بإجماع أهل العلم والإيمان؛ لأن هذه أمور شركية، كما قال الله عز وجل: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬4)، وقال سبحانه وتعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا} (¬5)، وقال سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬6). وقال عز وجل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (¬7)، وقال سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬8) ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 3310. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 6036. (¬4) سورة الجن الآية 18 (¬5) سورة الأعراف الآية 55 (¬6) سورة غافر الآية 60 (¬7) سورة البقرة الآية 186 (¬8) سورة يونس الآية 106

وقال عز وجل: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬1)، فسمى دعاة غير الله كافرين. وقال عز وجل: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬2) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (¬3)، يعني نفسه سبحانه وتعالى. فأخبر سبحانه أن المدعوين من دون الله من الأموات وغيرهم لا يسمعون دعاء داعيهم: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ} (¬4) ما بين ميت وجماد، ومشغول بما أمره الله به كالملائكة والجن، أو مشغول بحاجاتهم كبعض الجن، أو غائبين لا يسمعون، ليسوا عند الداعي ولا يسمعون دعاءه. ثم بين سبحانه أنهم لو سمعوا، لو كانوا حاضرين - لم يستجيبوا، لم يقدروا على طلبات الطالبين. كلهم مأمورون مخلوقون، أمرهم بيد الله سبحانه وتعالى: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} (¬5)، ثم قال سبحانه: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬6) فهؤلاء المدعوون من دون الله من الأموات والجمادات والأصنام والأشجار والأحجار والملائكة والجن، كلهم يوم القيامة يكفرون بشرك المشرك، ويتبرؤون منه. ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 117 (¬2) سورة فاطر الآية 13 (¬3) سورة فاطر الآية 14 (¬4) سورة فاطر الآية 14 (¬5) سورة فاطر الآية 14 (¬6) سورة فاطر الآية 14

فالواجب على جميع المسلمين، بل على جميع المكلفين في جميع الأرض، الواجب عليهم أن يعبدوا الله وحده، وأن يدعوه وحده سبحانه وتعالى، وأن يتبعوا رسوله محمدا عليه الصلاة والسلام بما جاء به؛ لأنهم خلقوا لهذا، يقول سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬1)، وأمرهم بهذا فقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} (¬2). وقال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬3)، فليس لأحد أن يدعو غير الله، من الجن أو الملائكة أو الأموات، أو الأصنام أو الكواكب أو غير ذلك. بل يجب أن تكون الدعوة لله وحده، والعبادة لله وحده، كما قال سبحانه: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬4)، وقال عز وجل: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (¬5). لكن يجوز دعاء الحي الحاضر القادر فيما يقدر عليه، سواء كان هذا مشافهة، أو من طريق المكاتبة، أو من طريق الإبراق، أو من طريق الهاتف، أو نحو ذلك من الاتصالات الجديدة التي تمكن الإنسان من الاتصال بمن يريد مشافهة في طلب الحاجة التي يريد، كأن يقول: يا أخي فلان أقرضني كذا وكذا، أو أعني على تعمير بيتي، أو على إصلاح سيارتي، يخاطبه. هذا لا بأس به، كما قال عز وجل: ¬

_ (¬1) سورة الذاريات الآية 56 (¬2) سورة البقرة الآية 21 (¬3) سورة البينة الآية 5 (¬4) سورة الزمر الآية 2 (¬5) سورة النساء الآية 36

{فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (¬1)، في قصة موسى، كان موسى حاضرا قادرا على أن يغيث هذا الإسرائيلي. وكما قال سبحانه: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} (¬2)، يعني خرج موسى من مصر خائفا يترقب، خائفا من شر فرعون. وكذا خوف الإنسان من اللصوص حتى يغلق بابه ويتحرز من شرهم، أو من قطاع الطريق حتى يحمل السلاح. هذا جائز، لا بأس به؛ لأنه خوف في محله من المؤذيات طبعا، أو المؤذيات بما يستطيعون، كإيذاء الظالم وإيذاء السارق، وإيذاء المعتدي عليك. فتتحرز من شر الناس حتى لا يتعدوا عليك، أو من شر السباع أو من شر الحيات ونحوها، أو اللصوص. كل هذا مما شرع الله التحرز منه، وهو جائز شرعا وعقلا. كذلك اقتراضك ممن يسمع كلامك، تقول: أقرضني كذا وكذا فلوسا أو طعاما لحاجتك، ثم ترد عليه ما أقرضك إياه - هذا جائز بين المسلمين، ليس فيه شيء، مثل ما سمعت في قوله تعالى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} (¬3). وهذا جائز بين المسلمين، سواء كان ذلك مشافهة للشخص الحاضر، أو بواسطة الاتصالات المعروفة من هاتف وكتابة وغير ذلك. وإنما الشرك أن تدعو ميتا أو غائبا بغير الاتصالات المعروفة، وتعتقد فيه السر وأنه ¬

_ (¬1) سورة القصص الآية 15 (¬2) سورة القصص الآية 21 (¬3) سورة القصص الآية 15

يسمع كلامك وينفعك وإن غاب عنك، وإن كان ليس بينك وبينه اتصال حسي معروف، لا من طريق الكتابة ولا من طريق الهاتف، ولا من طريق التلكس مثلا. بل تعتقد أنه سر كما يعتقد عباد القبور، وعباد الأوثان والأصنام. هذا هو الشرك الأكبر، وهذا الذي منعه الله ورسوله. أما الأشياء العادية بين الناس في تعاونهم بينهم، والله يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (¬1). ويقول صلى الله عليه وسلم: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه (¬2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته (¬3)» فالرسول - صلى الله عليه وسلم - وضح لنا أن التعاون مطلوب، كما وضحه الله في قوله عز وجل: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (¬4). والنبي - صلى الله عليه وسلم - وضح ذلك أيضا فيما تقدم من الحديث: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته (¬5)». فالتعاون بين المسلمين جائز بشرط أن يكون ذلك مع حاضرين يسمعون، أو بالوسائل المعروفة التي توصلهم كلامك ومرادك كتابة أو ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 2 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم 2699. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، برقم 2442. (¬4) سورة المائدة الآية 2 (¬5) مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2699)، الترمذي القراءات (2945)، أبو داود الأدب (4946)، ابن ماجه المقدمة (225)، أحمد (2/ 252).

إبراقا أو عن طريق الهاتف أو نحو ذلك. أما دعاء الأموات، ودعاء الأصنام ودعاء الغائبين؛ لاعتقاد السر فيهم، كدعاء الملائكة أو دعاء الجن - فهذا هو الذي نص عليه أهل العلم، وبينوا أنه شرك وضلال، كما دل عليه كتاب الله، ودلت عليه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، والله ولي التوفيق.

حكم حلف المرء بأبيه أو أمه

38 - حكم حلف المرء بأبيه أو أمه س: أرى البعض من الناس يحلفون بغير الله، وهذا طبعا شرك والعياذ بالله. فمنهم من يحلف بالطلاق وبالحرام وبأولاده وبالنعمة، وهم يصلون ويصومون ويزكون ويداومون على الفرائض، فكيف يجتمع ذلك؟ (¬1) ج: الحلف بغير الله من الشرك الأصغر، كالحلف بأبيه أو بأمه أو برأس فلان، أو بحياة فلان، هذا من الشرك الأصغر، فالواجب التوبة إلى الله من ذلك، والحذر من ذلك، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (365).

حكم قول: والنبي أعطني كذا ونحوه

39 - حكم قول: والنبي أعطني كذا ونحوه س: تقول السائلة: هناك عادة لدينا، وهي إذا ترجى أحد من أحد شيئا فإنه يقول له مثلا: والنبي أعطني هذا الشيء، أو والنبي ارفع هذا الشيء، أي يستعطفه بالنبي صلى الله عليه وسلم، فهل مثل هذا القول جائز؟ أم لا؟ (¬1). ج: لا يجوز، هذا من الحلف بغير الله، الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حلف بغير الله فقد أشرك (¬2)» وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله أو ليصمت (¬3)» فليس لأحد أن يحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا بالأمانة، ولا بالملائكة، ولا بأبيه، ولا بحياة أبيه، ولا بشرف أبيه، ولا بالملوك. الحلف يكون بالله وحده سبحانه وتعالى، فعليه التوبة إلى الله من ذلك والحذر من العود إلى مثل هذه الأيمان. فلا يقول: والنبي أن تعطيني كذا، ولا والنبي أن تفعل كذا، ولا والأمانة، ولا بالأمانة. كل هذه الأمور لا تجوز، الحلف يكون بالله وحده سبحانه وتعالى. يقول صلى الله عليه وسلم: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (¬4)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «من حلف بالأمانة فليس منا (¬5)» ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (243). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 6036. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا، برقم 6108. (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331. (¬5) أخرجه أبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب كراهية الحلف بالأمانة، برقم 3253.

فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من الحلف بغير الله كائنا من كان. س: هل يجوز الحلف أو القسم بالرسول صلى الله عليه وسلم؟ (¬1) ج: لا يجوز الحلف بغير الله، لا بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولا بغيره من الخلق. هذا من خصائص الله، هو الذي يقسم بما يشاء سبحانه وتعالى، كما أقسم بالطور والسماء ذات البروج، والليل إذا يغشى، وغير ذلك. أما المخلوق فليس له أن يحلف إلا بالله وحده سبحانه وتعالى؛ لأن هذا تعظيم لا يليق إلا بالله عز وجل، وهو الذي يعلم سر العبد وصدقه وكذبه، وهو الذي يجازي على الصدق والكذب سبحانه وتعالى. ولهذا صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (¬2)» متفق على صحته. وفي لفظ يقول صلى الله عليه وسلم: «من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله أو ليصمت (¬3)»، وفي مسند أحمد بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (¬4)» وإسناده صحيح. هذا عام، يعم الأنبياء وغير الأنبياء. وفي السنن، سنن أبي داود والترمذي، بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (274). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 3310. (¬3) البخاري الأدب (5757)، مسلم الأيمان (1646)، الترمذي النذور والأيمان (1534)، النسائي الأيمان والنذور (3766)، أبو داود الأيمان والنذور (3249)، ابن ماجه الكفارات (2101)، أحمد (2/ 76)، مالك النذور والأيمان (1037)، الدارمي النذور والأيمان (2341). (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، أول مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331.

تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك (¬1)» شك من الراوي أقال: كفر أو قال: أشرك، وهذا يدل على تحريم الحلف بغير الله تحريما شديدا، وأنه من المحرمات الكفرية، وهو عند أهل العلم كفر أصغر، وشرك أصغر إلا أن يقوم بقلبه تعظيم المخلوق مثل تعظيم الله، أو يعتقد فيه أنه يصلح أن يعبد من دون الله، يكون شركا أكبر، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 6036.

باب ما جاء في نواقض الإسلام

باب ما جاء في نواقض الإسلام

باب ما جاء في نواقض الإسلام 40 - بيان أمور من نواقض الإسلام س: سماحة الشيخ: هل تذكرون السادة المستمعين بالأشياء التي تخرج الإنسان من الملة، تخرجه من كونه مسلما إلى كونه كافرا؟ (¬1) ج: الإسلام له نواقض، فيجب على المسلم أن يحذرها، وقد ذكرها العلماء في باب حكم المرتد، قالوا: وهو المسلم يكفر بعد إسلامه، وذكروا أشياء كثيرة تنقض الإسلام، مثل دعوة الأموات والاستغاثة بالأموات، مثل سب الدين، سب الرسول صلى الله عليه وسلم، وسب القرآن، الاستهزاء بالقرآن، الاستهزاء بالدين، ترك الصلاة، وجحد وجوبها، وجحد وجوب الزكاة، جحد وجوب صوم رمضان، جحد وجوب الحج مع الاستطاعة، إذا جحد وجوب ذلك كفر، كذلك إذا استحل الزنا كفر، إذا استحل اللواط كفر، إذا قال: الخمر حلال كفر، إذا قال: الربا حلال كفر، وهكذا أشياء ذكروها كثيرة، سموها نواقض ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 182.

الإسلام، يعني موجبة للردة، نسأل الله العافية. وهذا العصر عصر خطير، ولا سيما في كثير من الدول التي لا تحكم الشريعة، فإن دعاة الباطل فيها كثيرون، ونواقض الإسلام فيها منتشرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله. س: من مصر إ. ص: ما هي مبطلات الإسلام؟ وإذا وقع أحد في هذه المبطلات فكيف يرجع إلى الإسلام مرة أخرى؟ (¬1) ج: هذا سؤال عظيم، يجب على كل مؤمن أن يفهمه وأن يعتني به، لأن نواقض الإسلام اليوم كثيرة، وخطرها عظيم، وهذا السؤال فيه فائدة كبيرة لكل مسلم، وقد ألف العلماء في نواقض الإسلام مؤلفات، وذكروا في كتب الفقه بابا مستقلا في هذه المسألة، سموه باب حكم المرتد، وهو الذي يكفر بعد إسلامه، ثم ذكروا النواقض التي يحصل بها الردة، يقال لها: نواقض الإسلام، مبطلات الإسلام، أسباب الردة، وهي كثيرة، ذكرها العلماء في هذا الباب في مذهب الحنابلة والشافعية والمالكية وغيرهم، وذكرها جماعة في مؤلفات خاصة مستقلة، فيجب على المؤمن والمؤمنة الحذر من ذلك، والتفقه في ذلك، حتى لا يقع فيه، ومنها الشرك بالله عز وجل، وهو أعظمها كدعاء ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم 356.

أصحاب القبور كالبدوي والحسين أو غيرهم والاستغاثة بهم، والنذر لهم، والذبح لهم وسؤال الأصنام، والاستغاثة بالجن والملائكة أو بالنجوم، كل هذا من الشرك بالله ناقض من نواقض الإسلام، ومن أسباب بطلان الإسلام. كذلك سب الله أو سب الرسول عليه الصلاة والسلام، أو الاستهزاء بدين الله، أو الاستهزاء بالقرآن، أو بالرسول صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (¬1)، من ذلك ترك الصلاة، لأن الصلاة عمود الإسلام وهي أعظم الأركان بعد الشهادتين، وإذا جحد وجوبها كفر إجماعا، إذا قال: ليست واجبة كفر إجماعا، وإن تركها تساهلا وتكاسلا كفر على الصحيح من قولي العلماء، وهكذا لو جحد وجوب الزكاة، قال: الزكاة ليست واجبة على الناس، أو قال: صيام رمضان ليس بواجب على الناس كفر عند الجميع، أو قال: إن الحج مع الاستطاعة لا يجب على المكلفين كفر إجماعا، لأن الله أوجب الحج مع الاستطاعة، أو قال: إن الزنا حلال استحلالا لما حرم الله، كفر عند الجميع ردة من نواقض الإسلام، أو قال: إن الخمر والمسكرات حلال كفر عند الجميع، أو قال: إن الربا حلال ما فيه ربا، كل الربا حلال، هذا كفر عند الجميع، أو قال: اللواط حلال، إتيان الذكور هذا ردة عند الجميع والعياذ بالله، أو قال: إن الحكم بغير الشريعة جائز، ولا بأس بتحكيم القوانين ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 65

الوضعية وترك الكتاب والسنة، إذا أجاز هذا وأباحه كفر إجماعا، وهي نواقض كثيرة حتى عدها بعضهم أربعمائة ناقض، إذا تدبرها الإنسان وتقصاها فهي كثيرة. فالواجب على المؤمن الحذر وأن يتفقه في دين الله ويتبصر، وكذلك يراجع هذا الباب: باب حكم المرتد، طالب العلم يراجع هذا الباب ويتأمل حتى يستفيد ويفيد، نسأل الله للجميع العافية والسلامة، لا حول ولا قوة إلا بالله. إذا وقع في ناقض من نواقض الإسلام فعليه أن يرجع بالتوبة، يندم على الماضي ويعزم ألا يعود ويترك هذا الناقض، فإذا كان كفره بدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والأصنام ترك ذلك، وتاب إلى الله جل وعلا، وبهذا يرجع إلى الإسلام، وإذا كان كفره بأن جحد وجوب الصلاة يقر بقول: لا، أنا غلطان، الصلاة فرض على المكلفين وأتوب إلى الله من ذلك، ويندم ويعزم ألا يعود فيتوب الله عليه، وإذا كان يترك الصلاة لا يصلي، التوبة أن يفعل الصلاة ويندم على الماضي ويستغفر مما مضى، ويعزم ألا يعود فيه، فهذه التوبة، كذلك إذا كان كفره بقول: الزنا حلال إذا تاب قال: لا، الزنا حرام، وأنا أتوب إلى الله وأستغفر الله، وقد أخطأت، والله يعلم من قلبه أنه صادق يتوب الله عليه وهكذا.

س: ما هي مبطلات الإسلام؟ وإذا وقع أحد في أحد هذه المبطلات فكيف يعود إلى الإسلام مرة أخرى؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: مبطلات الإسلام هي نواقض الإسلام، النواقض أسباب الردة قد بينها العلماء في باب مستقل في كتب الفقه، سموه باب حكم المرتد، ذكروه في أواخر كتب الفقه عندما ذكروا الديات والقود والحدود، ذكروا هذا الباب، ففي إمكانك أن تراجع هذا الباب في كتب الحنابلة والشافعية والمالكية والحنفية وكتب أهل الحديث، حتى تستفيد من هذه الكتب العظيمة، المقصود: أن هذا الباب باب عظيم ذكروا فيه نواقض الإسلام، وأعظمها الشرك بالله عز وجل، أن يدعو الأوثان، يدعو أصحاب القبور، أو يدعو النجوم أو يدعو الأصنام، أو يدعو الأشجار والأحجار، يستغيث بها أو ينذر لها أو يذبح لها، هذا من الشرك الأكبر بالله تعالى. ومن نواقض الإسلام سب الدين، كونه يسب الدين يسب الإسلام أو يعيبه أو يتنقص الإسلام، هذا من نواقض الإسلام، ومن نواقض الإسلام الاستهزاء بالدين، الاستهزاء بما قاله الله ورسوله، أو الاستهزاء بالرسول أو بالقرآن، هذا من نواقض الإسلام، كذلك إذا استحل ما حرم الله، إذا قال: الزنا حلال أو الخمر حلال أو الربا ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 361.

حلال. يكون ردة عن الإسلام بإجماع المسلمين، كذلك إذا أسقط ما أوجب الله مثل الذي يقول: الصلاة ما هي واجبة، أو صوم رمضان ما هو بواجب على المكلفين، الزكاة غير واجبة، أو الحج ما هو بواجب على المستطيع. هذا كله ردة عن الإسلام، وذكروا أنواعا كثيرة. س: يسأل سماحتكم عن الأفعال والأعمال التي تقرب العبد من الجنة وتبعده عن النار؟ (¬1) ج: الأفعال والأعمال التي تقرب من الجنة طاعة الله ورسوله، كل ما أمر الله به ورسوله وشرعه الله يقرب من الجنة، الصلاة النافلة والفريضة، وصوم النافلة والفريضة، حج النافلة والفريضة، الصدقة النافلة والفريضة، الإكثار من ذكر الله والتسبيح والتهليل، الدعوة إلى الله، تعليم الناس الخير، عيادة المريض الأمر بالمعروف، النهي عن المنكر، قراءة القرآن كل هذه من أسباب دخول الجنة وتقرب من الجنة، المعاصي كلها تباعد من الجنة وتقرب من النار، نسأل الله العافية كالغيبة والنميمة والتكاسل عن الصلاة في الجماعة، يصلي في البيت، وقص اللحية، تطويل الشوارب، إسبال الثياب كل هذه معاص تقرب من النار، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم 361.

بيان أن نواقض الإسلام ليست محددة بعدد معين

41 - بيان أن نواقض الإسلام ليست محددة بعدد معين س: هل نواقض الإسلام محددة بعدد معين؟ وما هي؟ (¬1) ج: نواقض الإسلام كثيرة وليس لها حصر، لأن عددها قد يحصره زيد، ولا يحصره عمرو حسب آراء العلماء واجتهادهم واستنباطهم الأحكام من الأدلة الشرعية، فقد يعدها زيد مثلا أربعمائة ناقض، ويعدها الآخر خمسمائة ناقض، لأنه استنبطها من أدلة أخرى، فهذا يخضع للأدلة الشرعية، نواقض الإسلام تخضع للأدلة الشرعية، وقد ذكرها العلماء في باب حكم المرتد، من أرادها وجدها في باب حكم المرتد، يراجع هذا الباب العظيم ويعتني به حتى يعرف نواقض الإسلام، كالشرك بالله وعبادة الأصنام والقبور من دون الله، والاستغاثة بهم والنذر لهم، كل هذا من الردة عن الإسلام، كل هذا من نواقض الإسلام، كذلك سب الدين من نواقض الإسلام، سب الله من نواقض الإسلام، سب الرسول من نواقض الإسلام، التنقص من الإسلام من نواقض الإسلام، القول بأن الزنا ليس حراما من نواقض الإسلام، إذا قال: الربا ليس بحرام من نواقض الإسلام، إذا قال: الظلم للناس ليس بحرام هذا من نواقض الإسلام، إذا قال: الصلاة ليست واجبة هذا من نواقض الإسلام، إذا قال: الزكاة ليست واجبة هذا من نواقض الإسلام، إذا قال: صوم رمضان ليس واجبا هذا من نواقض الإسلام، إذا قال: ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 366.

الحج ليس بواجب مع الاستطاعة هذا من نواقض الإسلام، إذا قال: الغيبة حلال والنميمة حلال هذا من نواقض الإسلام، وهكذا نواقض الإسلام كثيرة، لكن من أراد أن يعرفها على الحقيقة فعليه أن يراجع باب حكم المرتد، وأن يدرس هذا الباب في جميع المذاهب الأربعة: الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي وغيرهم، أن يدرس هذا الباب ويتأمل وينظر في الأدلة الشرعية حتى يعرف النواقض.

حكم الركوع والسجود لغير الله تعالى

42 - حكم الركوع والسجود لغير الله تعالى س: من المدينة النبوية أ. ش. يقول في سؤال طويل: نعلم أن الركوع والسجود لغير الله شرك أكبر، مخرج من الملة عياذا بالله، لكونهما عبادة تعبدنا الله بها، فمن صرفها لغير الله فقد أشرك به سبحانه، وهناك من قاس القيام لغير الله على الركوع والسجود، من حيث كونه شركا أكبر، واستدل على ذلك بأن القيام عبادة لله، والدليل قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (¬1)، وقوله سبحانه: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬2) لكن ما نعلم من كلام أهل العلم أنهم يقولون: إن القيام لغير الله محرم فقط، فنود من سماحتكم التوضيح (¬3). ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 238 (¬2) سورة المطففين الآية 6 (¬3) السؤال الثالث من الشريط رقم 331.

ج: القيام لغير الله فيه تفصيل، إذا قام الإنسان للصنم أو لميت يتعبد بذلك هذا شرك بالله عز وجل، أما إذا قام لأخيه يسلم عليه ويصافحه إذا أقبل عليه، أو قام عند دخول من جرت العادة بالقيام له فليس بشرك، لكن يكره القيام للناس إذا دخلوا، كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقوم له الصحابة إذا دخل، لما يعلمون من كراهته لذلك، لكن إذا قام لمقابلة أخيه الوافد الذي زاره، فقابله وصافحه فلا بأس بذلك، وليس من العبادة في هذا، إنما قام للتحية والإكرام، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوم لابنته فاطمة، إذا دخلت عليه قام لها، وأخذ بيدها وقبلها وأقعدها في مكانه، وكانت رضي الله عنها إذا دخل عليها أبوها قامت إليه، وأخذت بيده وقبلته وأجلسته في مكانها، ولما تاب الله على كعب بن مالك وصاحبيه، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، ورآه طلحة بن عبيد الله قام إليه يهرول، حتى صافحه وهنأه بالتوبة، ولم ينكر عليه النبي عليه الصلاة والسلام، ولما جاء سعد بن معاذ للحكم في بني قريظة قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة: «قوموا إلى سيدكم (¬1)»، يعني إلى سعد لمقابلته وإكرامه، وإنزاله من على الحمار، فبهذا يعلم أن القيام لغير الله أقسام، منها: قيام للتعظيم على رأسه، وهو جالس تعظيما هذا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب إذا نزل العدو على حكم رجل، برقم 3043، ومسلم في كتاب الجهاد والسير، باب جواز قتال من نقض العهد، وجواز إنزال أهل الحصن على حكم حاكم عدل أهل للحكم، برقم 1768.

لا يجوز، وليس بكفر لكنه لا يجوز. ومنها قيام للصنم أو الميت أو الشجر أو الحجر على سبيل العبادة، كالركوع والسجود هذا عبادة لا يجوز وهو من الشرك الأكبر، النوع الثالث: قيام للإكرام، إذا دخل وهم في أمكنتهم هذا مكروه كبعض الطلبة إذا دخل المدرس، أو دخل بعض الأمراء هذا مكروه، القيام الرابع: إذا قام إلى أخيه الوافد عليه كالزائر ليصافحه ويأخذ بيده، هذا لا بأس به بل هو مشروع كما سبق، أما كونه يقف فقط هذا مكروه، أما إذا قام إليه وقابله، وأخذ بيده هذا مستحب، والكراهة محتملة، لكن الأقرب فيها المنع، يقول أنس رضي الله عنه: لم يكن أحد أحب إلينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا لا يقومون إذا دخل عليهم لما يعلمون من كراهته لذلك، فهي محتملة تطلق على التحريم، وتطلق على التنزيه، والغالب عليها عند السلف التحريم، فالمقصود أن الواجب ترك ذلك، وهو أن يقف فقط للمدرس، أو للأمير تركه أولى وأقل أحواله الكراهة الشديدة غير التحريم.

بيان أن سجود الملائكة لآدم وسجود أبوي يوسف وإخوته له تحية وإكرام

43 - بيان أن سجود الملائكة لآدم وسجود أبوي يوسف وإخوته له تحية وإكرام س: قرأت في كتاب يسمى بدائع الزهور، في وقائع الدهور: لما دخل نبي الله يعقوب إلى مصر مشى العسكر بين يديه، حتى وصل إلى قصر ابنه يوسف، حيث كان وزير عزيز مصر في ذلك الوقت، وعندما دخل القصر رفع يوسف أباه وخالته على سريره، وأمر العسكر أن يسجدوا لهما، وكان ذلك عادة أهل مصر في التحية، فهل سجود التحية مباح في مثل هذه المواقف؟ أرجو من سيادتكم تفسيرا عن ذلك، حفظكم الله وزادكم من علمه، ونفعنا بكم والمسلمين آمين (¬1). ج: ينبغي أن يعلم أن هذا الكتاب، وهو بدائع الزهور ليس من الكتب المعتمدة، بل هو حاطب ليل يذكر الغث والسمين، والصحيح والباطل فلا يعتمد عليه، وأخبار بني إسرائيل أخبار قديمة، لا يعتمد عليها إلا ما ثبت عن الله سبحانه، أو عن رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، ونص القرآن أن يوسف عليه الصلاة والسلام رفع أبويه على العرش وهما: أبوه وأمه لا خالته، بل أبوه وأمه، لأن الله سبحانه قال: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} (¬2)، وكانت السجدة ذلك الوقت ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 123. (¬2) سورة يوسف الآية 100

مباحة للإكرام والتحية وليست للعبادة، وكما سجد الملائكة لآدم إكراما، وتعظيما لا عبادة، فهذه السجدة ليست من باب العبادة، بل هي من باب التحية والإكرام، وهي جائزة في شرع من قبلنا، ولكن في شريعة محمد عليه الصلاة والسلام ممنوع ذلك، ولهذا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، لعظم حقه عليها (¬1)». وبين أن السجود لله سبحانه وتعالى، فلا يسجد إلا لله سبحانه وتعالى، وقال عز وجل في آخر سورة النجم: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} (¬2)، وقال في سورة اقرأ: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} (¬3). فالسجود لله وحده، وشريعة محمد عليه الصلاة والسلام هي أكمل الشرائع وأتمها، فلا يجوز فيها السجود لغير الله لا تحية ولا عبادة، أما العبادة فلا تصح إلا لله وحده في جميع الشرائع، لأن الله جل وعلا قال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (¬4)، وقال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬5) ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم 12203، والترمذي في كتاب الرضاع، باب ما جاء في حق الزوج على المرأة، برقم 1159. (¬2) سورة النجم الآية 62 (¬3) سورة العلق الآية 19 (¬4) سورة الإسراء الآية 23 (¬5) سورة الذاريات الآية 56

فالعبادة حق الله وحده في كل زمان ومكان، ولكن كان السجود فيما مضى يستعمل تحية وإكراما، كما فعل أبوا يوسف وإخوته، وكما فعلت الملائكة لآدم، هذا من باب التحية والإكرام، وليس من باب العبادة، أما في شريعة محمد عليه الصلاة والسلام، فإن الله عز وجل منع من ذلك، وجعل السجود لله وحده سبحانه وتعالى، ولا يجوز أن يسجد لأحد لا للأنبياء ولا غيرهم، حتى محمد عليه الصلاة والسلام، منع أن يسجد له أحد، وأخبر أن السجود لله وحده سبحانه وتعالى، فعلم بهذا أن جميع أنواع العبادة كلها لله وحده سبحانه وتعالى، ومن أعظمها السجود فإنه ذل وانكسار لله سبحانه وتعالى، فهو من أفضل العبادات، فلا يصرف لغيره من الناس، لا للأنبياء ولا للجن ولا للإنس ولا غيرهم، والله المستعان.

حكم من يؤدي بعض أركان الإسلام ويترك البعض الآخر

44 - حكم من يؤدي بعض أركان الإسلام ويترك البعض الآخر س: ما رأيكم في المسلم الذي يؤدي بعض أركان الإسلام، ويترك البعض الآخر، كأن يزكي ولا يصوم، أو يصوم ولا يصلي وهكذا؟ (¬1) ج: أما ترك الصلاة فكفر أكبر في أصح قولي العلماء، والعياذ بالله ردة عن الإسلام، أما الزكاة والصوم والحج فليس بردة، بل كبيرة من كبائر الذنوب، فلا يكفر بذلك إلا إذا جحد الوجوب، يعني جحد ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 316.

وجوب الصلاة، أو الصوم أو الزكاة أو الحج مع الاستطاعة، فهذا كفر بإجماع المسلمين، أما إذا كان لا يجحد الوجوب فهذا يختص بالصلاة، يكفر إذا تركها ولو لم يجحد وجوبها بأصح قولي العلماء. أما الزكاة فلا يكفر إذا كان يؤمن بوجوبها، إذا كان يتساهل ويبخل بها فهذا متوعد بالنار، فقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يعذب يوم القيامة بالمال الذي بخل بزكاته، يعذب به يوم القيامة من نقود تحمى عليه، وهكذا الإبل والبقر والغنم يبطح لها في قاع قرقر، تمر عليه تطؤه الإبل بأخفافها وتعضه بأفواهها، وتطؤه البقر والغنم بأظلافها، وتنطحه بقرونها، كلما مرت عليه أخراها عادت عليه أولاها، نسأل الله العافية في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة أو إلى النار، ثم قال صلى الله عليه وسلم: «ثم يرى سبيله إما إلى الجنة أو إلى النار (¬1)» يدل على عدم الكفر، ويدل على أنه قد يدخل الجنة، قد يعفى عنه ويدخل الجنة، فدل على أنه ليس بكافر، إذا كان تركها بخلا، ولم يجحد وجوبها، وهكذا صوم رمضان إذا ترك الصوم تساهلا ولم يجحد وجوبه، وهكذا الحج، أما من جحد وجوب الزكاة أو جحد وجوب الصيام، يعني صيام رمضان، أو جحد وجوب الحج مع الاستطاعة، هذا يكفر، لأنه مكذب لله ورسوله نسأل الله العافية، هذا يكفر عند الجميع، لأنه بجحده الوجوب قد كذب الله ورسوله، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم 987.

حكم تكفير تارك الصلاة والمستهزئ بالقرآن

45 - حكم تكفير تارك الصلاة والمستهزئ بالقرآن س: يقول السائل: هل يجوز للمسلم أن يكفر رجلا مسلما لا يصلي الصلوات المكتوبة، أو استهزأ بالقرآن؟ فهل يجوز أن نقول لمثل هؤلاء: كفار، وهم يشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله؟ (¬1) ج: نعم أيها السائل، إذا وجدت من يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، يعمل عملا يقتضي كفره وجب أن يكفر، لأن المسلم يكفر بشيء من نواقض الإسلام، فليس من قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. معصوما من أن يقع منه مكفر، لا بل متى وجد المكفر كفر به، فالذي يستهزئ بالقرآن أو يستهزئ بالرسول صلى الله عليه وسلم أو يستهزئ بالصلاة، أو بالصيام أو بشيء مما شرعه الله يكون كافرا عند جميع العلماء، وقد ذكر العلماء ذلك في باب حكم المرتد. فينبغي لك إذا كنت طالب علم أن تراجع كلام أهل العلم، وإلا فلتعلم أن هذا كفر وضلال، وردة عن الإسلام، كما قال الله جل وعلا: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (¬2) {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (¬3) وهكذا الذي يترك الصلاة عمدا ولا يصلي، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 25. (¬2) سورة التوبة الآية 65 (¬3) سورة التوبة الآية 66

هذا كافر أيضا في أصح قولي العلماء، وإن لم يجحد وجوبها، متى تركها تهاونا وتكاسلا فإنه يكفر بذلك في أصح قولي العلماء، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة (¬1)» فمن ترك عمود الإسلام فقد كفر، ولقوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم في الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)»، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)»، هذا هو الصواب من أقوال أهل العلم، وقال بعض أهل العلم: إنه لا يكفر كفرا أكبر، بل كفره كفر أصغر ما لم يجحد وجوبها، فإن جحد وجوبها كفر بالإجماع. أما ما دام يعلم أنها فريضة ولكن يغلب عليه الكسل والتساهل، ولا يصلي فلا يكفر بذلك عند جمع من أهل العلم، ولكن يكون عاصيا معصية عظيمة أعظم من معصية الزنا، وشرب الخمر ونحو ذلك، ويكون كافرا كفرا دون كفر، هذا قول جمع من أهل العلم، والصواب القول الأول أنه كافر كفرا أكبر، للأحاديث السابقة ولأدلة أخرى دلت على ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم 2616. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم 82. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم 22428.

فالواجب على أهل الإسلام الحذر من ذلك، والمحافظة على الصلوات والعناية بها والعناية بأدائها بالجماعة، هذا هو الواجب على كل مسلم، وليس قوله: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. عاصما من تكفيره إذا وجد منه ناقض من نواقض الإسلام، كما هو معروف - أيها السائل - فإن الاستهزاء بالدين كفر بالإجماع، ولو قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وهكذا لو أنكر البعث بعد الموت، أو أنكر الجنة أو أنكر النار، كفر بإجماع المسلمين، ولو قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، لأن إنكاره لهذه الأمور تكذيب للرسول صلى الله عليه وسلم، وتكذيب لله فيما أخبر به في كتابه، وهكذا لو سب الدين، أو سب الله سبحانه، أو سب الرسول، كفر بالإجماع، ولو أقر بالشهادتين، وهكذا لو قال: إن صوم رمضان غير واجب، أو الزكاة مع توافر شروطها غير واجبة، أو الحج مع الاستطاعة غير واجب، كفر بالإجماع. فينبغي لك - أيها السائل - وينبغي لكل مسلم التنبه لهذه الأمور، والحذر من كل ما يسبب الكفر والخروج عن دائرة الإسلام، وينبغي للمؤمن أيضا أن يتفقه في دينه ويتبصر، وأن يحذر من الوقوع فيما حرم الله عليه وهو لا يشعر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

شرح قاعدة: 'من لم يكفر الكافر أو يشك في كفره فهو كافر'

46 - شرح قاعدة: "من لم يكفر الكافر أو يشك في كفره فهو كافر " س: الأخ: م. أ. أ. من ليبيا، يقول: سمعت مؤخرا أن من لم يكفر الكافر أو يشك في كفره فهو كافر، كما أن من يشك في كفر تارك الصلاة أو المستهزئ بحد من حدود الله فهو كافر، فهل هذا صحيح؟ ج: لقد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على وجوب البراءة من المشركين واعتقاد كفرهم، متى علم المؤمن ذلك واتضح له كفرهم وضلالهم، كما قال الله عز وجل في كتابه العظيم: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} (¬1) {إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ} (¬2) {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (¬3) لعلهم يرجعون إليها في تكفير المشركين والبراءة منهم، والإيمان بأن الله هو المعبود بالحق سبحانه وتعالى، وقال عز وجل: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} (¬4) فهذا هو دين إبراهيم وملة إبراهيم والأنبياء جميعا، البراءة من عابدي غير الله واعتقاد كفرهم وضلالهم، حتى يؤمنوا بالله وحده سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) سورة الزخرف الآية 26 (¬2) سورة الزخرف الآية 27 (¬3) سورة الزخرف الآية 28 (¬4) سورة الممتحنة الآية 4

فالواجب على المسلم أن يتبرأ من عابدي غير الله، وأن يعتقد كفرهم وضلالهم حتى يؤمنوا بالله وحده سبحانه وتعالى، كما حكى الله عن إبراهيم والأنبياء جميعا، وهكذا قوله سبحانه وتعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (¬1)، والكفر بالطاغوت معناه البراءة من عبادة غير الله، واعتقاد بطلانها، وهذا الواجب على كل مكلف أن يعبد الله وحده، وأن يؤمن به ويعتقد أنه سبحانه هو المستحق للعبادة، وأن ما عبده الناس من دون الله، من أصنام أو أشجار أو أحجار، أو أموات أو جن أو ملائكة أو كواكب أو غير ذلك، أنه معبود بالباطل، قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (¬2) الآية من سورة الحج. فالمؤمن إذا علم أن فلانا يعبد غير الله وجب عليه البراءة منه، واعتقاد بطلان ما هو عليه وتكفيره بذلك، إذا كان ممن بلغته الحجة، ممن كان بين المسلمين أو علم أنه بلغته الحجة، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (¬3)، وقال تعالى: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} (¬4) فالله أوحى القرآن إلى نبيه صلى الله عليه وسلم وجعله بلاغا للناس، فمن بلغه القرآن أو السنة، ولم يرجع عن كفره وضلاله وجب اعتقاد بطلان ما هو عليه وكفره، ومنه هذا الحديث الصحيح، يقول ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 256 (¬2) سورة الحج الآية 62 (¬3) سورة الأنعام الآية 19 (¬4) سورة إبراهيم الآية 52

عليه الصلاة والسلام: «والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت، ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار (¬1)». فبين عليه الصلاة والسلام أنه متى بلغه ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم، ثم مات ولم يؤمن بذلك صار من أهل النار، يعني صار كافرا من أهل النار، لكونه لم يستجب لما بلغه عن الله وعن رسوله، وهذا هو معنى قوله سبحانه: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} (¬2)، وقوله سبحانه: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ} (¬3) وفي الصحيح، صحيح مسلم، عن طارق بن أشيم رضي الله عنه، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه (¬4)» وفي لفظ آخر: «من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه (¬5)» فجعل تحريم الدم والمال مربوطا بقوله: لا إله إلا الله، وبتوحيده الله وكفره بالطاغوت، فلا يحرم ماله ودمه حتى يوحد الله ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، برقم 153. (¬2) سورة الأنعام الآية 19 (¬3) سورة إبراهيم الآية 52 (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، برقم 23. (¬5) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكيين، حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم 15448.

وحتى يكفر بالطاغوت، يعني حتى يكفر بعبادة غير الله، الطاغوت كل ما عبد من دون الله، يعني حتى يكفر بعبادة غير الله، ويتبرأ منها ويعتقد بطلانها، وهو معنى الآية الكريمة السابقة: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (¬1) والذي يعلم الكافر وما هو عليه من الباطل، ثم لا يكفره أو يشك في كفره، معناه أنه مكذب لله ولرسوله غير مؤمن بما حكم الله عليه به من الكفر، فاليهود والنصارى كفار بنص القرآن ونص السنة. فالواجب على المكلفين من المسلمين اعتقاد كفرهم وضلالهم، ومن لم يكفرهم أو شك في كفرهم يكون مثلهم، لأنه مكذب لله ولرسوله، شاك فيما أخبر الله به ورسوله، وهكذا من شك في الآخرة، بأن شك هل هناك جنة ولا ما هناك جنة؟ هل هناك نار ولا ما هناك نار؟ هل هناك بعث ولا ما هناك بعث؟ يعني عنده شك، هل هناك بعث ونشور؟ هل يبعث الله الموتى؟ هل هناك جنة؟ هل هناك نار؟ ما عنده إيمان ويقين، بل عنده شك، هذا يكون كافرا، حتى يؤمن بالبعث والنشور وبالجنة والنار، وأن الله أعد الجنة للمتقين المؤمنين، وأعد النار للكافرين، لا بد من إيمانه بهذا بإجماع المسلمين. وهكذا من شك في أن الله يستحق العبادة يكون كافرا بالله عز وجل، لأن الله سبحانه، يقول: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (¬2) ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 256 (¬2) سورة الحج الآية 62

ويقول سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬1)، وقال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬2)، وقال: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬3)، والآيات في هذا كثيرة، وهكذا من شك في الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: لا أعلم أن محمدا رسول الله، أو ما هو برسول الله، عندي شك. يكون حكمه حكم من أنكر رسالته أو كذب به، يكون كافرا حتى يؤمن يقينا أن محمدا رسول الله، وهكذا المرسلون الذين بينهم الله، كنوح وهود وصالح وموسى وعيسى وإبراهيم ونحوهم، من شك في رسالتهم أو كذبهم يكون كافرا، نسأل الله العافية، وهكذا من استهزأ بالدين، ومن سب الدين أو استهزأ بالحدود يكون كافرا، كما قال تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (¬4)، والذي يسب الدين ويسب الرسول مثل المستهزئ، أو أقبح وأكفر. أما من ترك الصلاة ولم يجحد وجوبها فهذا فيه خلاف بين العلماء، منهم من يرى تكفيره وهو الصواب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬5)»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬6)»، وقال آخرون من أهل ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 23 (¬2) سورة الفاتحة الآية 5 (¬3) سورة البينة الآية 5 (¬4) سورة التوبة الآية 65 (¬5) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم 22428. (¬6) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم 82.

العلم: إنه لا يكفر بذلك إذا كان لا يجحد وجوبها، بل يكون عاصيا، ويكون كافرا كفرا دون كفر وشركا دون شرك، لكن لا يكون كافرا كفرا أكبر. هذا قاله جمع من أهل العلم، ومن شك في كفر هذا لا يكون كافرا لأجل الخلاف الذي فيه، من شك في كفر تارك الصلاة ولم يجحد وجوبها لا يكون كافرا، بل هذا محل اجتهاد بين أهل العلم، فمن عرف بالأدلة الشرعية أنه كافر وجب عليه تكفيره، ومن شك في ذلك ولم تظهر له الأدلة، ورأى أنه لا يكفر كفرا أكبر بل كفرا أصغر، هذا معذور في اجتهاده ولا يكون كافرا بذلك، أما من جحد وجوبها، وقال: الصلاة غير واجبة! هذا كافر عند الجميع، ومن شك في كفره فهو كافر نعوذ بالله، وهكذا من قال: إن الزكاة لا تجب، وجحد وجوبها، أو صيام رمضان جحد وجوبه، أو قال: إن الحج مع الاستطاعة لا يجب، هذا يكفر بذلك، لأنه مكذب لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، ومكذب لإجماع المسلمين فيكون كافرا، ومن شك في كفره فهو كافر بعد ما يبين له الدليل، ويوضح له الأمر يكون كافرا بذلك، لكونه كذب الله ورسوله، وكذب إجماع المسلمين، وهذه أمور عظيمة يجب على طالب العلم التثبت فيها وعدم العجلة فيها، حتى يكون على بينة وعلى بصيرة، وهكذا العامة يجب عليهم أن يتثبتوا وأن لا يقدموا على شيء حتى يسألوا أهل العلم، وحتى يتبصروا؛ لأن هذه المسائل عظيمة، مسائل تكفير ليست مسائل خفيفة، بل مسائل عظيمة. فالواجب على أهل العلم وعلى طلبة العلم أن يوضحوها للناس

بالأدلة الشرعية، والواجب على من أشكل عليه شيء ألا يعجل، وأن ينظر في الأدلة، وأن يسأل أهل العلم حتى يكون على بصيرة، وعلى بينة في ذلك، رزق الله الجميع التوفيق والهداية والعلم النافع والعمل الصالح.

التفصيل في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله تعالى

47 - التفصيل في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله تعالى س: تقول السائلة: لقد تعرفت خلال دراستي الجامعية، بجامعة الخرطوم على فتاة تقول: إن المجتمعات الآن كلها مجتمعات جاهلية، أي كافرة وتستدل بالآتي: إن هذه المجتمعات تحكم بغير ما أنزل الله، وقد قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (¬1) وتقول: إن قول ابن عباس في هذه الآية كان مربوطا بحادثة معينة، ولا يجب أن يؤخذ به الآن في الحكم على حكام هذا الزمان، إنهم يتحاكمون إلى غير شريعة الله، أي يتحاكمون إلى الطاغوت، وقد قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} (¬2) وأيضا تستدل بقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (¬3) ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 44 (¬2) سورة النساء الآية 60 (¬3) سورة النساء الآية 65

فهل هذا الكلام صحيح، وأنه كل من تحاكم إلى قوانين المحاكم التي توجد ببلده الوضعية يصبح كافرا، خارجا من ملة الإسلام تحت جميع الظروف، وأنه لا عذر له أمام الله؟ أتمنى يا سماحة الشيخ أن تجيب على هذا الموضوع الذي يقلقني بتفصيل شديد جدا، وأن تعطيني الأدلة الكافية بإقناع أي إنسان يحمل مثل هذا الفكر، وأنا أشعر أن تكفير المجتمع كله غير صحيح، وأحب أن أهدي صديقتي هذه إلى الطريق القويم، ويا حبذا لو تمكنتم، ودللتموني على بعض الكتب التي تفيدني في مثل هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا (¬1). ج: لا شك أن هذا الإطلاق من هذه الفتاة ليس بصحيح، فليست المجتمعات كلها جاهلية، بل فيها بحمد الله من أهل الخير والعلم والصلاح والاستقامة ما فيها، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله (¬2)». فالطائفة ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 113. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة"، برقم 1037.

موجودة والحمد لله، وموجودة بكثرة في محلات كثيرة، فلا يجوز أن يقال: إن جميع المجتمعات في الشرق والغرب كلهم جاهلية وليس فيها إسلام، هذا غلط ومنكر، نعم الأغلب جاهلي، الأكثر والأغلب جاهلية على خلاف الشرع، لكن يوجد بحمد لله طائفة منصورة، يوجد من هو على الحق وإن كانوا لا يحصرون في مكان معين، لكنهم بحمد الله موجودون، وإن خلا منهم بعض الأماكن، وبعض البلاد، لكنهم بحمد الله موجودون في دول كثيرة، وفي بلدان كثيرة، ولا سيما بحمد الله في هذا العصر، في أول هذا القرن وآخر القرن الماضي، قد اتسعت الدعوة إلى الله، وكثر الدعاة إلى الله ونشط الشباب الإسلامي في كل مكان - إلا ما شاء الله - في الدعوة إلى الله، والترغيب في الخير، والدلالة على الخير، والعناية بالقرآن والسنة. فالإطلاق الذي قالته الفتاة غير صحيح، وعليها التوبة إلى الله من ذلك، والرجوع إليه، وأن تخاف الله وتراقبه سبحانه وتعالى، أما وجود التحكيم بغير الشريعة فهذا إثمه على من فعل ذلك ورضي به، أما من كرهه ولم يرض به فليس عليه إثم منه، الله سبحانه يقول: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (¬1)، ومن حكم غير الشريعة من الدول وأعوانهم، ورضوا بذلك فهم الآثمون. أما من لم يرض بهذا من الرعية من رجال ونساء، في أي بلد فليس مأخوذا بعمل غيره، ولا آثما بعمل غيره، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ¬

_ (¬1) سورة فاطر الآية 18

«لا يجني جان إلى على نفسه (¬1)» وهذا ما قاله سبحانه: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (¬2) فالواجب التثبت في الأمور وعدم إطلاق الأحكام جزافا بغير بصيرة، ولا ريب أن الحكم بغير ما أنزل الله منكر عظيم ومن أنواع الكفر، كما بينه الله سبحانه وتعالى، وهو من حكم الجاهلية، كما قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} (¬3) وليس لأحد أن يحكم بغير ما أنزل الله، بل هذا منكر عظيم، وجريمة شنيعة، أما كونه كفرا مخرجا من الملة فهذا هو محل التفصيل عند أهل العلم، فمن فعل الحكم بغير ما أنزل الله يستجيزه، ويرى أنه لا بأس به، أو يرى أنه مثل حكم الله، أو يرى أشنع من ذلك: أن الشريعة لا تناسب اليوم، وأن القوانين أنسب منها وأصلح، هذا كله كفر أكبر على جميع الأحوال الثلاثة، ومن زعم أن حكم غير الله أحسن من حكمه، أو مثل حكمه في أي وقت كان، أو أنه يجوز الحكم بغير ما أنزل الله، ولو قال: إن الشريعة أفضل وأحسن، ففي هذه الأحوال الثلاث يكون قائل ذلك كافرا، وهكذا معتقد ذلك، من اعتقد أن حكم غير الله جائز، أو مماثل لحكم الله، أو أفضل من حكم الله فهو مرتد عند جميع أهل الإسلام، أما من فعل ذلك لغرض من الأغراض، وهو يعلم أنه مخطئ ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد، في مسند المكيين، حديث سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أبيه، برقم 15634. (¬2) سورة فاطر الآية 18 (¬3) سورة المائدة الآية 50

وأنه مجرم، ولكن فعل ذلك لغرض الرشوة، أو مجاملة قوم أو لأسباب أخرى، الله يعلم من قلبه أنه ينكر هذا، وأنه يرى أنه باطل، وأنه معصية هذا لا يكفر بذلك، يكون عاصيا ويكون كافرا كفرا دون كفر، وظالما ظلما دون ظلم، وفاسقا فسقا دون فسق، كما قال ابن عباس رضي الله عنه، ومجاهد بن جبر وجماعة آخرون، وهو معروف عند أهل العلم، وإن أطلق من أطلق كفره فمراده كفر دون كفر. أما من اعتقد جواز حكم بغير ما أنزل الله ولو قال: إن الشريعة أفضل، أو قال: إنه مماثل لحكم الله، أو قال: إنه أفضل من حكم الله، ففي هذه الأحوال الثلاث يكون كافرا، نسأل الله العافية، كما تقدم وأرشدك في هذا إلى مراجعة تفسير ابن كثير رحمه الله وابن جرير والبغوي وغيرهم، على آيات المائدة: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (¬1) {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (¬2) {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (¬3)، وإلى مراجعة كتب ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين، وفي الطرق الحكمية، ومراجعة شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه وفي فتاواه وغيرها، وهكذا مراجعة كتب أهل العلم في مذهب الشافعي والمالكي والحنفي وغيرهم من أهل العلم، حتى تعلمي الحكم الشرعي، ومن أنسب ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 44 (¬2) سورة المائدة الآية 45 (¬3) سورة المائدة الآية 47

ما يكون في هذا باب حكم المرتد، فإنهم بينوا فيه كل شيء في جميع المذاهب الأربعة، وفي غيرها من كلام أهل العلم، وأوضحوا تفصيل الحكم بغير ما أنزل الله، ولعلك بهذا والفتاة التي نقلت عنها، لعله يحصل لها بذلك الطمأنينة، والرجوع إلى الحق وترك التعميم الذي يخالف الشرع المطهر، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. س: نأمل التوضيح حول الحكم بغير ما أنزل الله (¬1). ج: هذا الموضوع من أهم الموضوعات، ومن أخطرها؛ لأن غالب الدول المنتسبة إلى الإسلام لا تحكم شرع الله في كل شيء، وإنما في بعض الشيء كالأحوال الشخصية أو العبادات، وهذا لا شك خطأ عظيم وجريمة كبيرة. فالواجب على جميع حكام المسلمين التوبة إلى الله من ذلك، والرجوع إلى الصواب والحق، وأن يحكموا شرع الله في عباد الله، في كل شيء في العبادات والمعاملات، والجنايات والأحوال الشخصية وفي كل شأن من شئونهم، لقول الله جل وعلا: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (¬2)، ولقوله سبحانه: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} (¬3)، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 98. (¬2) سورة النساء الآية 65 (¬3) سورة المائدة الآية 50

بعد قوله: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} (¬1) ثم قال بعدها: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (¬2) ليس هناك حكم أحسن من حكم الله عز وجل، وسبق قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (¬3)، وقوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (¬4)، وقوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (¬5) هل يرضى مسلم أن يكون موصوفا بهذا الوصف، وأي شيء يرجى من قوانين البشر وآرائهم وعوائدهم التي درجوا عليها، ففي شرع الله الكفاية والغنية والمقنع في كل شيء. فالواجب على كل حاكم سواء كان ملكا أو رئيس جمهورية، أو بأي اسم سمي أو أميرا، الواجب عليه أن يحكم شرع الله، وأن يلزم من لديه بذلك، يلزم الشعب بالتحاكم إلى شرع الله، وأن ينصب القضاة، وأن يهيئ ما يعينهم على ذلك، وأن يوجد من الأسباب ما يحصل به وجود القضاة، العارفين بشرع الله عز وجل، فلا بد من إيجاد الدراسة الكافية في العلوم الشرعية في الجامعات وغير الجامعات ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 49 (¬2) سورة المائدة الآية 50 (¬3) سورة المائدة الآية 44 (¬4) سورة المائدة الآية 45 (¬5) سورة المائدة الآية 47

وفي المساجد، فليس من شرط التعلم أن يكون هناك جامعة، بل في أي مكان في مسجد أو مدرسة، أو جامعة لا بد من إيجاد من يتعلم علوم الشريعة، حتى يصلح لأن يكون قاضيا يحكم بين الناس، ولا يجوز أبدا أن يحكم بين الناس بالقوانين الوضعية التي وضعها الرجال بآرائهم، بل يجب أن يسند الحكم إلى شرع الله، وأن يؤخذ الحكم من شرع الله بين عباد الله، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

حكم التحاكم إلى من يسمى بالمرضي

48 - حكم التحاكم إلى من يسمى بالمرضي س: عندما يحدث نزاع بين قبيلتين على أمر ما من مصالح الدنيا، فإن المتنازعين لا يتحاكمون إلى الشرع حتى ولو على حكم الشرع، بل يتحاكمون - وهذا سائد بين كل أفراد القبيلتين - لما يسمى المرضي، وهو شخص من قبيلة غير قبيلتي المتنازعين، فيحكم هذا الشخص بما وجد عليه الآباء والأجداد، وقد يحكم بيمين تؤدى في ضريح، فمثلا: إذا اتهم شخص بسرقة وأنكر فإنه يقسم بالشيخ فلان أنه ما سرق، ويحلف معه خمسة أو عشرة من أهله أو قبيلته، تختارهم القبيلة التي لها اليمين، وبالفعل يحلفون بأن صاحبهم صادق حتى ولو لم يروا شيئا، فما رأي سماحتكم؟ وما هو موقفنا كدعاة إلى الله؟ وإذا كان والدي

من هؤلاء الذين يحكمون الناس بما سبق وأن وصفته، فما هو وجه النصح له؟ رغم أني نصحته أكثر من مرة، فبرر عمله بأنه طالما أنه يحلف الناس من بعضهم فلا شيء في ذلك، هل أقاطعه؟ وإذا ما قاطعته هل أكون عاقا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1). ج: لا يجوز التحاكم إلى غير شريعة الله، بل يجب الحكم بشريعة الله والتحاكم إليها، كما قال الله سبحانه: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ} (¬2) يعني النبي صلى الله عليه وسلم {فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (¬3) ويقول سبحانه: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (¬4) {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (¬5) {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (¬6)، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (¬7). فالواجب التحكيم إلى شرع الله، ولا يجوز لأي أحد أن يحكم بين القبيلة بحكم الطاغوت والأجداد والأسلاف، ولا يجوز الحلف بغير الله بالسيد فلان، ولا بأبي فلان، ولا بالنبي فلان، الحلف ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 182. (¬2) سورة النساء الآية 65 (¬3) سورة النساء الآية 65 (¬4) سورة المائدة الآية 50 (¬5) سورة المائدة الآية 44 (¬6) سورة المائدة الآية 45 (¬7) سورة المائدة الآية 47

لا يجوز إلا بالله وحده سبحانه وتعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (¬1)»، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «من حلف بشيء من دون الله فقد أشرك (¬2)»، فالحلف بغير الله لا يجوز لا بالأنبياء ولا بالأولياء ولا بغيرهم، ولا يجوز تحكيم شيوخ القبائل، ولا أشخاص معينين من أي قبيلة، كل هذا منكر، وكل هذا لا يجوز وباطل، والذي يراه جائزا، ويراه أمرا معتبرا يكون كافرا، نسأل الله العافية، كل من أجاز حكم غير الله فإنه يكون كافرا، ولو قال: إن حكم الشريعة أحسن. إذا قال: إنه يجوز تحكيم القوانين، أو آراء الأجداد، وأنها جائزة. فهذا كله شرك أكبر، ولو قال: إن الشريعة أحسن وأفضل، فالأحوال الثلاثة، تارة يحكم بغير ما أنزل الله، ويقول: إنه أحسن وأفضل، فالأحوال ثلاثة، تارة يحكم بغير ما أنزل الله، ويقول: إنه أحسن من حكم الله، وتارة يقول: إنه مثل حكم الله، وتارة يقول: حكم الله أحسن، ولكن هذا جائز. ففي الأحوال الثلاثة كلها يكون كافرا، نسأل الله العافية، لأنه استجاز أمرا محرما بالإجماع، مخالفا للشريعة المطهرة، ولنص الكتاب والسنة، ومن استحل ما حرمه الله وأجمع عليه المسلمون فهو كافر، نعم يجوز الإصلاح بين الناس بما ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب كيف يستحلف، برقم 2679، ومسلم في كتاب الأيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، برقم 1646. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند العشرة، مسند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم 331.

لا يخالف الشرع، فإذا تنازع اثنان في سرقة أو مضاربة، وأصلح بينهما شخص وتراضوا على أن هذا السارق يعطي فلانا كذا وكذا، ولا يترافعون للمحكمة، يعطيه سرقته أو يزيده كذا وكذا، ولا يترافعون فلا بأس، أو يطلب منه المسامحة وسمح، ولا بأس، أما أن يلزمه بحكم أحد فلا، لا يجوز الإلزام بحكم أحد من الناس أبدا إلا بحكم الشرع. أما الإصلاح بين الناس بأن يطلب منه السماح فيسمح، أو يرضيه بماله الذي أخذه منه، أو نهب منه، أو عن ضربة ضربه إياها، يرضيه بمال، أو بوجاهة فلا بأس، على سبيل الرضا فقط من دون الإلزام.

حكم الاستهزاء بالرسول صلى الله عليه وسلم وبالمؤمنين

49 - حكم الاستهزاء بالرسول صلى الله عليه وسلم وبالمؤمنين س: ما حكم من استهزأ بشيء من دين الإسلام، أو الرسول صلى الله عليه وسلم أو المؤمنين؟ (¬1) ج: هذا ترجم له الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، ترجمة في كتاب التوحيد، وبين فيها كفره، فالهزل بذكر الله أو بالقرآن، أو الاستهزاء بذلك هذا كفر أعظم، إذا استهزأ بالرسول أو بالله سبحانه أو بالقرآن أو بالجنة أو بالنار، أو ما أشبه ذلك، أو استهزأ بالصلاة أو بالصوم، أو بالجهاد، أو ما أشبه ذلك صار كافرا بذلك، إلا أن يكون ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 38.

جاهلا لا يفهم، فيعلم ويوجه، فإذا أصر ولم يتب كفر، لقول الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (¬1) {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (¬2)، فكفرهم الله باستهزائهم، فدل ذلك على أن الاستهزاء بشيء من ذكر الله، أو القرآن أو السنة أو نحو ذلك، يعتبر كفرا بعد الإيمان، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 65 (¬2) سورة التوبة الآية 66

حكم الرجل المسلم يسب دين الإسلام

50 - حكم الرجل المسلم يسب دين الإسلام س: ما حكم الإسلام في الرجل المسلم الذي يسب الدين؟ (¬1) ج: سب الدين من أعظم الكبائر، ومن نواقض الإسلام نسأل الله العافية والسلامة، فمن سب الإسلام أو سب نبي الإسلام أو سب رسولا من الرسل فقد ارتد عن الإسلام نعوذ بالله، فإذا لعن الرسول، أو لعن الإسلام، أو سب الإسلام بأنواع السب بأن قال: الإسلام دين جامد أو دين ناقص أو أفيون الشعوب أو ما أشبه ذلك من التنقصات، فإن هذا يسمى سبا، ويكون صاحبه مرتدا عن الإسلام، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وذهب بعض أهل العلم بأنه لا يستتاب، بل يقتل مطلقا، كمن سب الله سبحانه وسب رسوله عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أن السب لله أو لرسوله أو لدينه ردة عن الإسلام، وقد قال ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 68.

النبي عليه الصلاة والسلام: «من بدل دينه فاقتلوه (¬1)». فالواجب على من فعل ذلك أن يبادر بالتوبة والرجوع إلى الله والإنابة إليه، والندم على ما صدر منه، والاستكثار من العمل الصالح؛ لعل الله يتوب عليه، أما ولاة الأمور فالواجب عليهم استتابته على ما فعل وتوبيخه وتأديبه بما يردعه وأمثاله عن ذلك. أما قبول التوبة فهي محل نظر وخلاف بين أهل العلم، فمن رأى قبول توبته فله وجه، ومن رأى قتله وعدم قبول توبته فله وجه، ردعا للناس عن التساهل بهذا الأمر، وحماية لدين الله وحماية لجنابه سبحانه، وحماية لجناب رسوله عليه الصلاة والسلام، وبكل حال فالسب ردة عن الإسلام. أما قوله: تقبل توبته في الحكم الظاهر، أم لا تقبل فهذا محل خلاف بين أهل العلم، وأما فيما بينه وبين الله فإنها تقبل توبته، إذا صدق بتوبته ورجع إلى الله وأناب إليه وندم على ما مضى منه، فإن الله يقبلها منه، لعموم الأدلة الدالة على قبول التوبة، فهو سبحانه الذي يقبل التوبة عن عباده، وهو القائل سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬2)، فالتوبة لها شأن عظيم، فإذا فعلها العبد صادقا نادما مقلعا تاركا لما فعل من الذنب ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بعذاب الله، برقم 3017. (¬2) سورة النور الآية 31

كبيرا أو صغيرا، واستقام فالله يقبل منه سبحانه وتعالى، لكن هل يقبلها ولي الأمر في الدنيا ولا يقتله؟ هذا محل خلاف؛ فمن رأى عدم قبول توبة الساب قال: لأن السب عظيم، ولأن قبولها قد يجرئ الناس على التساهل بها، فلهذا رأى جمع من أهل العلم أن يقتل ولا تقبل توبته من جهة الحكم، حسما لمادة هذا الشر، وحماية لدين الله وحماية لرسوله، وحماية لجنابه سبحانه عن سب السابين وشتم الشاتمين وسخرية الساخرين، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وسب الدين يقع من كثير من السفهاء، فالواجب على جميع المسلمين أن يحذروا ذلك، وأن يصونوا ألسنتهم عما يتعلق بسب الدين أو سب الله أو سب رسوله، أو سب الجنة أو غير هذا مما شرعه سبحانه وتعالى، وهكذا الاستهزاء، لا يجوز الاستهزاء لا بشرع الله ولا بالجنة ولا بالنار، ولا بالله ولا برسوله، ولا بشيء مما شرع الله ولا باللحية، بل يجب أن يصون الإنسان لسانه، وأن تصون المرأة لسانها عن كل ما حرم الله عز وجل، من سب أو شتم، أو استهزاء، قال الله عز وجل: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (¬1) {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (¬2)، ولما بلغه صلى الله عليه وسلم أن شخصا قتل جاريته، وكانت تسب النبي صلى الله عليه وسلم فقتلها، لما استتابها فأبت قتلها، ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 65 (¬2) سورة التوبة الآية 66

قال عليه الصلاة والسلام: «ألا اشهدوا أن دمها هدر (¬1)»؛ لأنها سبت الرسول عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أن الواجب على أهل الإسلام من الرجال والنساء أن يحذروا هذا الأمر وهذه الجريمة العظيمة، وأن يحذروها الناس وأن يصرفوا ألسنتهم عن سب الله ورسوله، أو الاستهزاء بالله ورسوله أو الاستهزاء بشرعه، أو بما أخبر به عن الآخرة، يجب على أهل الإسلام أن يصونوا ألسنتهم، وأن يحفظوها عن كل ما يتعلق بالسب والشتم والاستهزاء، رزق الله الجميع العافية والسلامة. ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في كتاب تحريم الدم، باب الحكم فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 4070.

حكم العذر بالجهل فيمن يسب الدين

51 - حكم العذر بالجهل فيمن يسب الدين س: يقول: سمعت أن الذي يسب الدين كافر، فهل يتساوى في ذلك الذي يعرف أن سب الدين يخرج من الملة، مع الذي لا يعرف أنه يخرج من الملة، وفي أمور الدين يعذر الإنسان بجهله؟ وأي الأمور التي لا يعذر فيها الإنسان بجهله؟ أرجو من الله ثم منكم أن تشرحوا هذه القضية شرحا وافيا؛ لأن أناسا يشيعون ويقولون: إن العذر بالجهل وارد، فيدعون الجهل.

ج: من كان بين المسلمين لا يعذر بالجهل في مثل هذا، سب الدين ردة عن الإسلام، وترك الصلاة ردة عن الإسلام، وجحد وجوبها ردة عن الإسلام، هكذا سب الله، سب الرسول، الاستهزاء بالله، أو الاستهزاء بالرسول كل هذه ردة، لا يعذر فيها بالجهل، وهو بين المسلمين؛ لأن هذه معروف بين المسلمين، ومضطر ضرورة، معرفة هذا بين المسلمين، لا يخفى على أحد، ولو قال: إن الزنى حلال أو الخمر حلال. كذلك ردة عن الإسلام، يعني هذا شيء لا يخفى، أما إنسان في جاهلية لا يعرف الإسلام، وليس عند المسلمين، هذا حكمه حكم أهل الفترة، إذا مات على ذلك فأمره إلى الله، يمتحن يوم القيامة، لكن من كان بين المسلمين وسب الدين أو استهزأ بالله أو بالرسول، أو ترك الصلاة أو جحد وجوب الصلاة، أو جحد وجوب الزكاة، أو جحد وجوب صوم رمضان، أو جحد وجوب الحج مع الاستطاعة، أو قال: إن الزنى حلال، أو الخمر حلال، أو العقوق للوالدين حلال. كل هذا ردة، ما يعذر فيه بالجهل؛ لأن هذه أمور ظاهرة من الدين، معلوم من الدين بالضرورة، يعرفها الخاص والعام بين المسلمين.

س: ما الحكم الشرعي للشخص الذي يرتكب جريمة سب الدين وهو متزوج؟ إذا كنت حوله أو قريبا منه فما الواجب الذي أقوم به نحو هذا الشخص؟ وشكرا (¬1). ج: سب الدين من أعظم الجرائم في الإسلام، وهو من الجرائم الكفرية، ومن نواقض الإسلام، ومن أنواع الردة عن الإسلام، فالذي يسب الدين أو يسب الله أو يسب الرسول عليه الصلاة والسلام، هذا قد أتى كفرا عظيما، وردة عن الإسلام، والواجب على من سمعه أو كان يعلم ذلك منه أن ينكر عليه، وأن يعلمه أن هذا ناقض من نواقض الإسلام، وكفر بواح، فعليه المبادرة بالتوبة، لعل الله يتوب عليه، وأما حكمه في الدنيا بالنسبة لولاة الأمور، فالواجب عليهم استتابته، فإن تاب فالحمد لله، وإلا وجب عليه أن يقتل، وقال جمع من أهل العلم: لا يستتاب، بل يقتل حدا كافرا، فإن تاب بينه وبين الله تاب الله عليه، ولكن يجب أن يقتل ردعا له ولأمثاله عن سب الله ورسوله، وعلى سب دين الله، والقولان معروفان لأهل العلم، ومن نظر إلى حالة الناس اليوم بسبب الجهل واختلاطهم بالمشركين والكفار وضعفاء البصيرة يتضح له أن هذا الشيء قد يكثر في هذا الزمان لكثرة المخالطة للكفرة، ولكثرة الجهل وغلبته للناس، ولضعف الإيمان في قلوب الكثير من الناس، ولهذا قد يقع منهم هذا الشيء كثيرا. فالواجب أن يردع عن هذا ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 15.

الشيء بغاية التأديب الذي يردع الناس عن هذا، ثم يستتاب لعله يندم على ما فعل، ولكن لا بد من التعزير، لا بد من الأدب عما أقدم عليه، ثم استتابته بعد ذلك فيستتاب، فإن تاب الحمد لله مع التأديب والتعزير حتى لا يعود لمثل هذا، وإن لم يتب قتل كفرا ردة عن الإسلام. القول الثاني: لا يستتاب، بل يقتل فورا، ولا يستتاب؛ لأن هذه جريمة عظيمة، فلا يستتاب أهلها، كما لا يستتاب الساحر على الصحيح، فهكذا من سب الله ورسوله، وسب دينه من باب أولى، لظهور كفره، ولأنه هتك أمرا عظيما، وأتى جريمة عظمى بسب الدين وسب الله ورسوله، وبكل حال الواجب أن يستتاب، فإن تاب وندم وأقلع، وأظهر الخير وأظهر العمل الصالح فالحمد لله وإلا قتل، ولكن التعزير لا بد منه، لا بد أن يعزر ويؤدب، حتى لا يعود إلى مثل هذا، ولو تاب، وإن قتل فورا ولم يستتب فهو قول جيد، وقول قوي ولا غبار عليه، ولكن الاستتابة لها وجهها، والله جل وعلا أمر باستتابة الكفار، ودعوتهم إلى ذلك، فإذا استتيب لأن الجهل يغلب على الناس، ويغلب عليهم أيضا التساهل في هذه الأمور، بسبب الجلساء الضالين وبسبب غلبة الجهل، وبسبب المخالطة الخبيثة للكفرة والمجرمين، فإذا استتيب وتاب توبة صادقة وأظهر خيرا فالحمد لله، وإلا أمكن قتله إذا عاد لمثل هذا، ولم يتأثر بالاستتابة، ولا بالتعزير الذي فعل معه من ولاة الأمور، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.

س: الأخت ص. م. ر. من ليبيا، تسأل عن حكم الذي يسب الدين والعياذ بالله؟ وترجو توجيه النصيحة. جزاكم الله خيرا (¬1). ج: حكم الذي يسب الدين عند أهل العلم أنه كافر، فالذي يسب الإسلام أو يسب الله أو يسب الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم، أو يتنقصه ويعيبه ويطعن فيه أو يسب الجنة، أو يقول: إنها غير حقيقية أو ينكر النار ويقول: إنها غير حقيقية، كل هؤلاء كفار عند أهل العلم بإجماع المسلمين، فالذي يسب الرسول ويشتم الرسول، أو يقول: إنه ما بلغ الرسالة، أو يقول: إنه يجهل بعض الأمور، ما يعرف كل شيء جاهل أو عنده جهل، أو مقصر في حق الله أو مقصر في البلاغ، أو ما أشبه ذلك من الاستهزاء، كله كفر أكبر وردة عن الإسلام، أو يسب الله ويتنقص الله أو يقول: إنه يجهل أو يقول: إنه ظالم، أو يقول: إن شرعه ناقص، أو يقول: إن الإسلام غير صحيح أو إنه دين خرافة، أو لا يجوز التزامه أو لا الدخول فيه، أو لا يلزم طاعته، كل ذلك كفر أكبر، نسأل الله العافية. والخلاصة: أن سب الإسلام أو سب الله أو سب الرسل، أو تنقصهم أو الطعن فيهم أو الاستهزاء بهم كله كفر أكبر عند جميع أهل العلم، نسأل الله العافية، يوجب القتل، يوجب على ولي أمر المسلمين أن يأخذ هذا الساب، وهذا المتنقص ويقتله على ردته عن الإسلام، أما ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 176.

إذا تاب فتوبته فيها تفصيل بين أنواع الكفر، والساب لله ولرسوله لا يستتاب عند جمع من أهل العلم، لعظم جريمته نعوذ بالله، بل يقتل حدا، أما أنواع الكفر الأخرى كدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، والنذر للأموات وترك الصلاة، هؤلاء يستتابون، فإن تابوا وإلا قتلوا، نسأل الله العافية. س: لو سب إنسان الدين والعياذ بالله، نتيجة غضب انتابه فهل عليه كفارة؟ وما هي؟ (¬1) ج: عليه التوبة إلى الله، عليه التوبة والندم والإكثار من الأعمال الصالحة، والله يتوب على التائبين سبحانه وتعالى. س: ما الحكم الشرعي في رجل سب الدين، وعندما قلنا له بأنك خرجت من الإسلام قال بأن ذلك في ساعة غضب لا تلومني؟ هل له من توبة؟ (¬2) ج: ليس له توبة في قول جمع من أهل العلم من سب الدين، بل يستحق أن يقتل، ولكن الصواب إن شاء الله أنه إذا تاب توبة صادقة أنه يقبل، وكثير من أهل العلم يقولون: إن من سب الدين أو سب الله، أو ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 175. (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم 376.

سب الرسول لا تقبل توبته، لعظم الجريمة، الجريمة عظيمة، ولكن الأرجح إن شاء الله أنه تقبل توبته، ولكن إذا رأى ولي الأمر أن يعزر، رأت المحكمة أو الأمير أن يعزر عن تساهله بجلدات أو سجن فهذا حسن، لئلا يجسر الناس على هذا الأمر، ويدعوا أنهم مخطئون، وأنهم تابوا؛ لأن الجريمة عظيمة، فإذا أجبر عليها، وقبلت توبته فلعله إن شاء الله الأحسن، وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يقتل ولا يستتاب، لعظم الجريمة، نسأل الله العافية والسلامة.

وجوب مقاطعة وهجران من سب الدين أو الرب

52 - وجوب مقاطعة وهجران من سب الدين أو الرب س: ما رأيكم في المسلم الذي يسب الدين والرب والعياذ بالله؟ هل تجوز مقاطعته أو محاربته؟ وهل تبلغ عنه جهات الاختصاص؟ (¬1) ج: قد نص أهل العلم في باب حكم المرتد، من كتب الفقهاء جميعا أن من سب الله، أو سب الرسول أو سب الدين، فقد أتى ناقضا من نواقض الإسلام، فيكون كافرا مرتدا عن الإسلام، فالذي يسب الدين ويسخر به، ويستهزئ أو يسب الرسول أو يسخر به، أو يتنقصه كافر بإجماع المسلمين، يجب أن يقاطع ويهجر، ويجب على الدولة إذا بلغها ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 195.

ذلك أن تستتيبه، فإن تاب وإلا قتل، وقال جمع من أهل العلم: إنه لا يستتاب بل يقتل مطلقا، ولو أظهر التوبة، قالوا: إن ساب الله، وساب الرسول لا يستتاب لعظم الجريمة والعياذ بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، أما ما دام لم يرفع أمره إلى السلطان فإنه ينصح ويوجه إلى الخير، ويعلم ويدعى للتوبة، فإذا تاب إلى الله وأناب إليه فلا يرفع أمره لعل الله يمن عليه بالاستقامة فيسلم من شر هذا البلاء الذي وقع منه، فإن استمر في السب والاستهزاء فيجب الرفع عنه إلى ولاة الأمور حتى يقام عليه حد الله، ولا يجوز التساهل في حقه، بل يرفع أمره إلى المحكمة، أو إلى أمير البلد، حتى ينفذ فيه حكم الله عز وجل؛ لأن سبه للدين يسبب شرا كثيرا، وفسادا عظيما، فلا ينبغي أن يتساهل معه، لكن إن بادر بالتوبة والإصلاح والرجوع إلى الله، والندم قبل أن يرفع أمره، فلا حرج في ذلك، والله يتوب على التائبين سبحانه وتعالى. س: سائلة تقول: ما حكم من سب الدين، أو سب الرب في إحدى الساعات، ولما حان وقت الصلاة توضأ وصلى الفريضة؟ فهل أداء الفريضة في ذلك الوقت يعتبر بمثابة إعلان التوبة؟ (¬1) ج: سب الدين وسب الرب ردة عظمى عن الإسلام، نعوذ بالله، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 206.

فالواجب على من فعل ذلك أن يبادر بالتوبة والندم والإقلاع، ولا تكفي الصلاة، فعل الصلاة لا يكفي، بل لا بد من توبة صادقة، وندم على ما وقع منه وعزم صادق على ألا يعود في ذلك؛ لأن الجريمة عظيمة، فلا يجوز له أن يتساهل في هذا الأمر، بل يجب أن يبادر بالتوبة، وحقيقتها الندم على الماضي منه، الندم الحقيقي، والحزن على ما وقع منه، والعزم الصادق ألا يعود في ذلك، وقبل أن يفعل هذا صلاته غير صحيحة، لأنها صلاة كافر، فلا بد من توبة قبل الصلاة.

حكم من سب الدين وقد اشتد به الغضب

53 - حكم من سب الدين وقد اشتد به الغضب س: إذا غضب شخص واشتد به الغضب، وحصل منه سب للدين، ما حكمه؟ وإن كان متزوجا فهل يلحق زوجته شيء، كأن تفارقه مثلا، إذا كان الحكم بخروجه عن الإسلام؟ (¬1) ج: هذه المسألة عظيمة، ولها شأن خطير، سب الدين من أعظم الكبائر، والنواقض للإسلام، فإن سب الدين ردة عند جميع أهل العلم، وهو شر من الاستهزاء، قال تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (¬2) {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (¬3)، وكانت جارية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم تسب الدين، فقتلها سيدها لما لم تتب، فقال صلى الله عليه وسلم: ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 51. (¬2) سورة التوبة الآية 65 (¬3) سورة التوبة الآية 66

«ألا اشهدوا أن دمها هدر (¬1)». فسب الدين يوجب الردة عن الإسلام، وسب الرسول كذلك يوجب الردة عن الإسلام، ويكون صاحبه مهدر الدم وماله لبيت المال، لكونه مرتدا أتى بناقض من نواقض الإسلام، لكن إذا كان عن شدة غضب واختلال عقل فلها حكم آخر، فالغضب عند أهل العلم له ثلاث مراتب: المرتبة الأولى: أن يشتد غضبه حتى يفقد عقله، وحتى لا يبقى معه تمييز من شدة الغضب، فهذا حكمه حكم المجانين والمعاتيه، لا يترتب على كلامه حكم: لا طلاقه ولا سبه ولا غير ذلك، يكون كالمجنون لا يترتب عليه حكم. القسم الثاني: دون ذلك، اشتد معه الغضب، وغلب عليه الغضب جدا حتى غير فكره وحتى لم يضبط نفسه، واستولى عليه استيلاء كاملا حتى صار كالمكره والمدفوع الذي لا يستطيع التخلص مما في نفسه، لكنه دون الأول لم يفقد شعوره بالكلية، ولم يفقد عقله بالكلية، لكن مع شدة غضب بأسباب المسابة والمخاصمة والنزاع الذي بينه وبين بعض الناس، أو بينه وبين أهله، أو زوجته أو أبيه أو أميره أو غير ذلك، فهذا اختلف فيه العلماء، فمنهم من قال: حكمه حكم الصاحي العاقل تنفذ فيه الأحكام، ويقع طلاقه ويرتد بسبه الدين، ويحكم بقتله وردته، ويفرق بينه وبين زوجته، ومنهم من قال: يلحق بالأول، الذي ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في كتاب تحريم الدم، باب الحكم فيمن سب النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 4070.

فقد عقله؛ لأنه أقرب إليه، ولأن مثله مدفوع مكره إلى النطق، لا يستطيع التخلص من ذلك لشدة الغضب، وهذا القول أظهر وأقرب، وأن حكمه حكم من فقد عقله في هذا المعنى، في عدم وقوع طلاقه وفي عدم ردته، لأنه يشبه بفاقد الشعور، بسبب شدة غضبه، واستيلاء سلطان الغضب عليه، حتى لم يتمكن من التخلص من ذلك، واحتجوا على هذا بقصة موسى عليه الصلاة والسلام، فإنه لما وجد قومه على عبادة العجل اشتد غضبه عليهم، وجاء وألقى الألواح، وأخذ برأس أخيه يجره إليه، من شدة الغضب، فلم يؤاخذه الله لا بإلقاء الألواح، ولا بجر أخيه وهو نبي مثله، من أجل شدة الغضب، ولو ألقاها تهاونا بها، وهو يعقل لكان هذا عظيما، ولو جر النبي بلحيته أو برأسه فآذاه صار كفرا، هذا إذا جره إنسان، لكن لما كان موسى في شدة الغضب العظيم، غضبا لله عز وجل مما جرى من قومه سامحه الله، ولم يؤاخذه بإلقائه الألواح، ولا بجر أخيه، هذه الحجة للذين قالوا: إن طلاق الذي اشتد به الغضب لا يقع، وهكذا سبه لا تقع به ردة، وهو قول قوي ظاهر، وله حجج أخرى كثيرة، بسطها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله والعلامة ابن القيم، واختارا هذا القول، وهذا القول أرجح عندي وهو الذي أفتي به؛ لأن من اشتد غضبه ينغلق عليه قصده، ويشبه المجنون في تصرفاته وكلامه القبيح، فهو أقرب إلى المجنون والمعتوه منه إلى العاقل السليم، هذا القول أظهر وأقوى، لكن لا مانع من كونه يؤدب إذا فعل شيئا من وجوه الردة من باب الحيطة، ومن باب

الحذر من التساهل بهذا الأمر، ووقوعه مرة أخرى، إذا أدب من باب الضرب أو السجن أو نحو ذلك، هذا قد يكون فيه مصلحة كبيرة، لكن لا يحكم عليه بحكم المرتدين، من أجل ما أصابه من شدة الغضب التي تشبه حال الجنون، والله المستعان. أما المرتبة الثالثة، القسم الثالث: فهو الغضب العادي الذي لا يزول معه العقل، ولا يكون معه شدة تضيق عليه الخناق، وتفقده ضبط نفسه، بل هو دون ذلك غضب عادي يتكدر ويغضب، لكنه سليم العقل سليم التصرف، فهذا عند جميع أهل العلم تقع تصرفاته، بيعه وشراؤه وطلاقه وغير ذلك؛ لأن غضبه لا يغير عليه قصده ولا قلبه، والله أعلم.

من سب الدين وجب قتله غيرة لله وحماية لدينه

54 - من سب الدين وجب قتله غيرة لله وحماية لدينه س: الأخ: م. ك. أ. من جمهورية مصر العربية، يسأل ويقول: ما كفارة سب الدين؟ أعاذنا الله وإياكم من ذلك (¬1). ج: سب الدين الواجب فيه القتل، لأنه ردة عظيمة، فمن سب الدين وثبت عليه ذلك وجب أن يقتل، نصرة لدين الله وحماية له من سب السابين وإلحاد الملحدين، إذا ثبت لدى الحاكم الشرعي وجب ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 172.

عليه الحكم بقتله، غيرة لله وحماية لدينه، ولا تقبل توبته في الحكم الشرعي، أما فيما بينه وبين الله، فإن كان صادقا في توبته تقبل عند الله عز وجل، إذا تاب توبة صادقة، وأما في الحكم الشرعي فلا تقبل، بل يجب قتله إذا ثبت لدى القاضي بالبينة الشرعية أنه سب الدين سبا واضحا، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يقتل ردة، يقول صلى الله عليه وسلم: «من بدل دينه فاقتلوه (¬1)» هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، ولا سيما بالسب لله ولرسوله، أما لو تاب فيما بينه وبين الله، وندم فيما بينه وبين الله فهذا إلى الله سبحانه وتعالى، لكن لو تاب قبل القدرة عليه، لو تاب ورجع إلى الله قبل أن نقدر عليه، لا يجوز قتله حينئذ، لو جاءنا تائبا نادما مستغفرا، يقول: لقد جرى مني كذا وكذا. فإنه لا يقتل، أما توبته بعد إمساكه، وبعد إقامة الحجة عليه، والبينة عليه، قال: تبت. فإنها لا تقبل، بل يجب قتله إذا ثبت لدى الحاكم الشرعي أنه سب الدين، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه يقتل ويحكم بردته، ولا تقبل منه التوبة بعد القدرة عليه، كما قال الله عز وجل في حق المحاربين: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (¬2)، أول الآية يقول سبحانه: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (¬3) ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بعذاب الله، برقم 3017. (¬2) سورة المائدة الآية 34 (¬3) سورة المائدة الآية 33

{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (¬1) والذي يسب الدين أو يسب الرسول صلى الله عليه وسلم من أعظم الناس محاربة لله ورسوله، ومن أعظم الناس فسادا في الأرض، فلا تقبل توبته بعد القدرة عليه، بل يجب تنفيذ حكم الله فيه، وهو القتل حتى لا يتجرأ الناس على سب الدين، أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد صنف أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كتابا جليلا في هذا المعنى سماه: الصارم المسلول على شاتم الرسول عليه الصلاة والسلام. وذكر الأدلة في ذلك وكلام أهل العلم، وذكر حكم ساب الله ورسوله، فينبغي أن يراجع فإنه مفيد جدا. ونخلص إلى أن من سب الله ورسوله، ثم قدر عليه وقامت الحجة عليه، فإن الحاكم الشرعي يحكم بردته وقتله، أما لو تاب قبل ذلك، قبل أن نعلم، وجاء إلينا تائبا نادما، يخبر عن توبته فإن الصحيح أنه تقبل توبته والحمد لله. ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 34

حكم ادعاء علم الغيب

55 - حكم ادعاء علم الغيب س: أختنا تسأل وتقول: إن في قريتنا رجلا يدعي علم الغيب، وأنه يضر وينفع ويشفي المريض، والناس يذهبون إليه ويسألونه حوائجهم، وهو يقول لهم: إنكم إذا نذرتم للصالحين، مثلا للحسين أو علي أو العباس، فيجب عليكم الوفاء بهذا النذر، فإن لم تفعلوا سينزل بكم عقاب شديد، وهم يفعلون ما يقول، بدون تردد ويخشونه كثيرا، ويدعي النذر لغير وجه الله، ويقول: أنا متكئ على العباس، وهو الذي يصيح في رأسي، ويخبرني بالحقيقة، لأني رجل صالح. وهم عندما يسمعون هذا الكلام يرتعدون، خوفا منه ويتضرعون منه خوفا من أن يصيبهم غضبه، أفتونا ووجهونا جزاكم الله خيرا (¬1). ج: هذا الذي يدعي علم الغيب، ويزعم أن العباس يصيح في رأسه، ويعلمه بكل شيء، ويرى النذر للحسين أو لعلي أو لغيرهم من الموتى، يتقرب إليهم، هذا ضال مضل وكافر، ولا ينبغي الالتفات إليه ولا التعلق به ولا الخوف منه، بل هو مدجل مشوش مشعوذ لا خير فيه، يأتي بهذه الألفاظ للترويج وتخويف العامة، وليأكل من أموالهم ويلعب عليهم في هذه الأشياء، فهذا الرجل يجب أن يرفع أمره إلى ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 117.

الجهة المسئولة إذا كان في البلد جهة مسئولة عن مثل هذا، حتى يردع عن عمله السيئ، وحتى يحاسب على عمله القبيح، وحتى يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا.

حكم من ادعى أن الشيخ عبد القادر يتصرف في الكون ويجيب السائلين

56 - حكم من ادعى أن الشيخ عبد القادر يتصرف في الكون ويجيب السائلين س: لدينا مسجد نصلي فيه الفريضة والسنة، والإمام يقول عندنا: إن الشيخ عبد القادر يقول: إن شاء الله إن فلانا يموت فيموت في ساعته، كيف ترون هذا سماحة الشيخ؟ وبماذا توجهون المسلمين في ذلك المكان؟ (¬1) ج: الشيخ عبد القادر من جنس سائر أهل العلم، لا يعلم الغيب لا في حياته ولا بعد وفاته، ومن ادعى أن الشيخ عبد القادر يعلم الغيب أو يتصرف في الكون، أو يغيث السائلين فهو كافر، نعوذ بالله من ذلك؛ لأن الأموات قد انقطعت أعمالهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له (¬2)» ولأنهم مرتهنون بأعمالهم، وليس لهم تصرف ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 59. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم 1631.

في أمور الناس، بل الله هو المتصرف فيها جل وعلا، فمن زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم أو الشيخ عبد القادر أو البدوي أو الحسين، أو علي بن أبي طالب أو غيرهم يتصرفون في الكون، ويعطون من يشاءون ويمنعون من يشاءون، أو أنهم يعلمون الغيب من يموت ومن لا يموت هذا كافر بالله عز وجل نعوذ بالله؛ لأن الله سبحانه يقول: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (¬1)، ويقول سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (¬2) فبين سبحانه على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في كتابه العظيم أنه بشير ونذير، وليس يعلم الغيب إن أنا إلا بشير ونذير، يعني ما أنا إلا بشير ونذير. فمن زعم أن عبد القادر يعلم أن فلانا يموت اليوم أو غدا فهذا كله باطل وكله منكر، وكله من وحي الشيطانين لهذا الشخص، ويكذب على عبد القادر، وإنما الشياطين تقول له: أما عبد القادر فلا يتكلم، ولا يقول لهم شيئا وهو مرتهن بعمله، فالحاصل أن هذا الشيء من وحي الشياطين إلى هؤلاء الضلال، توحي إليهم ما يسترقون من السمع، قد يكون يسمعون أن فلانا يموت مما استرقوه من السماء، فيوحونه إلى بعض أوليائهم، فيخبرون بذلك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كالسلسلة على صفوان، قال ¬

_ (¬1) سورة النمل الآية 65 (¬2) سورة الأعراف الآية 188

علي وقال غيره: صفوان ينفذهم ذلك، فإذا للذي قال: فيسمعها مسترقو السمع ومسترقو السمع هكذا واحد فوق آخر ووصف سفيان بيده وفرج بين أصابع يده اليمنى نصبها بعضها فوق بعض فربما أدرك الشهاب المستمع قبل أن يرمي بها إلى صاحبه فيحرقه، وربما لم يدركه حتى يرمي بها إلى الذي يليه إلى الذي هو أسفل منه، حتى يلقوها إلى الأرض وربما قال سفيان: حتى تنتهي إلى الأرض فتلقى على فم الساحر فيكذب معها مائة كذبة، فيصدق فيقولون ألم يخبرنا يوم كذا وكذا يكون كذا وكذا فوجدناه حقا للكلمة التي سمعت من السماء (¬3)». فالحاصل أن هذا ليس من عبد القادر وليس من الأموات ولكنه مما توحيه الشياطين إلى أوليائها من الإنس الأحياء فيكذبون ويقولون: هذا من عبد القادر وهذا من الرسول وهذا من فلان وكله كذب وافتراء ولا صحة له وقد يكون الشيطان كذب عليهم وقال: إن عبد القادر قال لهم كذا أو قال: أنا عبد القادر، أو قال: أنا الرسول صلى الله عليه وسلم يكذب عليهم كل هذا قد يقع فيأتي الشيطان فيتصور في غير صورة النبي صلى الله عليه وسلم، الشيطان لا يستطيع أن يتصور في صورته عليه الصلاة والسلام، ولا يتمثل في صورته لكن قد يأتي إلى بعض الناس في غير صورة النبي ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى: {إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين} برقم 4701. (¬2) سورة سبأ الآية 23 (¬1) {فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا} (¬3) سورة سبأ الآية 23 (¬2) {الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}

عليه الصلاة والسلام، ويزعم أنه النبي، أو أنه الخضر، أو أنه عبد القادر، أو أنه علي، أو أنه عمر، أو أنه فلان، أو أنه البدوي، إلى غير هذا من كذب الشياطين، فلا يجوز تصديقهم في هذه الأمور أبدا، ولو وافق قولهم قد يكون هذا الذي وافق فيه مما سمع من السماء، مما استرقته الشياطين وأوحته إلى أوليائها، نسأل الله العافية.

حكم دعاء الأموات والاستغاثة بهم

57 - حكم دعاء الأموات والاستغاثة بهم س: يوجد لدينا بعض الإخوان يقعون في بعض الشرك ويقول بأن الولي أو الرجل الصالح هذا الذي يميل إليه أنه يعلم الغيب، أو أن لديه بعض الغيبيات، هل يجوز أن نجلس مع أمثال هؤلاء؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: أصحاب هذا العمل وأشباهه لا يجوز الجلوس إليهم إلا على سبيل الدعوة والتعليم، ومن جانب النصيحة، أما دعاء الأولياء والاستغاثة بالأولياء أصحاب القبور أو الغائبون من الشرك الأكبر الذي جاءت الرسل عليهم الصلاة والسلام بالنهي عنه، ودل القرآن الكريم على النهي عنه وأنه من الشرك الأكبر، فدعاؤهم والاستغاثة بهم كل هذا من الشرك الأكبر، والطواف بقبورهم كل هذا من الشرك الأكبر، واعتقاد أنهم يعلمون الغيب هذا من الشرك الأكبر، فلا يعلم الغيب ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 306.

إلا الله وحده سبحانه، الرسل وغيرهم لا يعلمون الغيب إنما يعلمه الله، ولا يعلمون إلا ما علمهم الله إياه، كما عملهم أشياء من أمر الآخرة، وأمر آخر الزمان، وما مضى من الزمان، فليس لهم من علم الغيب إلا ما علمهم الله إياه، كما قال الله عز وجل في كتابه: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (¬1)، ويقول عز وجل: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} (¬2) وأمر الله النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول للناس: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (¬3)، هكذا الرسول صلى الله عليه وسلم، إنما هو بشير ونذير ليس عنده علم بالغيب، فيقول الله جل وعلا لنبيه ليعلم الناس: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} (¬4) فإن هذا من الله سبحانه، ومن قال إن هذه للولي فلان ابن العربي أو للحسين رضي الله عنه أو علي رضي الله عنه إن قال: إنهم وغيرهم يعلمون الغيب فقد كفر وأشرك وكذب الله عز وجل، وهكذا من زار قبور هؤلاء يدعوهم، أو يستغيث بهم أو دعاهم بعيدا عن قبورهم، في أي مكان دعاهم واستغاث بهم، ونذر لهم أو اعتقد أنهم ينفعون أو يضرون، أو أنهم يعلمون الغيب، أو أنهم يستجيبون لمن دعاهم، لكشف الضر أو جلب النفع أو ما أشبه ذلك، ¬

_ (¬1) سورة النمل الآية 65 (¬2) سورة الأنعام الآية 59 (¬3) سورة الأعراف الآية 188 (¬4) سورة الأنعام الآية 50

هذا هو الشرك الأكبر هذا دين الجاهلية دين قريش في حال جهلها وكفرها، دين أبي جهل وأشباهه، فدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، والذبح للأموات، وطلبهم للشفاء وطلب الغائبين من الجن والملائكة، وغيرهم كله من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر من ذلك أشد الحذر.

حكم الاستغاثة بالجن ودعائهم

58 - حكم الاستغاثة بالجن ودعائهم س: يدور حولنا أن عندنا في شمال اليمن، بعض الناس وهم ليسوا بقلة يدعون بالجن حينما يكون هناك أمطار أو رعد أو برق أو في وقت غير مناسب، مثل أن يكون أحدهم متخاصما مع شخص آخر، فلذلك يبدأ بدعاء الجن وما إلى ذلك، ويعتقد البعض أن هذا الدعاء يضر به نفسه، لذا نرجو من فضيلتكم إفادتنا حسب ما جاء في القرآن، وما جاءت به الشريعة الإسلامية، وما هي صحة هذه الأقوال وهل هي صحيحة، أم مجرد عادات جرى عليها بعض الناس عن جهل أو قلة معرفة من الدين؟ وفقكم الله (¬1). ج: الدعاء والاستعانة والتعوذ يكون بالله وحده لا بالناس ولا بالجن ولا بالملائكة ولا بالأنبياء. التعوذ بالله والاستعانة بالله ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 29.

والدعاء كله لله وحده سبحانه كما قال سبحانه وتعالى: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬1)، وقال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬2) {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬3) وتستعين بالله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬4) فلا يجوز لأحد أن يستعين بالجن ولا أن يدعوهم ولا أن يستغيث بهم كأن يقول: يا كذا يا كذا أغثني أو انصرني من الجن أو من العباد أو من الأنبياء أو من الملائكة كل هذا لا يجوز، والله ذم من فعل ذلك وقال: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (¬5) أي زادوهم طغيانا وضلالا أو زادوهم شرا إلى شرهم بسبب دعائهم إياهم فالمقصود أن الدعاء والاستعاذة والاستغاثة والاستعانة كلها لله وحده، فلا يجوز أن يستعان بالجن، ولا يستعاذ بهم ولا يدعو مع الله كأن يقول: يا جن خذوه أو يا شيطان فلان يسميه افعل كذا وافعل كذا، وانصرني على كذا أو أعذني من كذا، أو عاوني على كذا، كل هذا لا يجوز بل هذا من الشرك الأكبر كذلك ما يفعله بعض الجهال عند الأموات، يقول: يا سيدي البدوي، افعل كذا يا سيدي الحسين أنا في جوارك، أنا في حسبك انصرني، أو ارحمني، أو اشف مريضي كل هذا من الشرك الأكبر، وهكذا لو قال لغير هؤلاء كأن يقول: يا رسول ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 18 (¬2) سورة الفلق الآية 1 (¬3) سورة الناس الآية 1 (¬4) سورة الفاتحة الآية 5 (¬5) سورة الجن الآية 6

الله انصرني، أو يا رسول الله اشف مريضي، أو يا رسول الله أغثني، كل هذا من الشرك الأكبر؛ لأن الميت إذا مات انقطع عمله فليس له تصرف لا الأنبياء ولا غيرهم ولا يجوز دعاء الأنبياء ولا الاستغاثة بهم ولا النذر لهم ولا الذبح لهم، بل هذا من أعمال الجاهلية ومن الشرك بالله تعالى. فالواجب على جميع المسلمين وعلى من يرغب في الإسلام أن يحذر هذه الأمور وأن يتباعد عنها وأن يخلص لله العبادة وهذا هو معنى لا إله إلا الله، فإن معناها لا معبود حق إلا الله، فالله الذي يدعى ويرجى ويستعان به ويستغاث به ويتقرب له بالنذور والذبائح لا غيره، فالذين يتقربون بالذبائح والنذور للأموات أو للجن أو للملائكة أو يستعينون بهم أو يسألونهم قضاء الحاجات أو تفريج الكروب أو النصر على الأعداء أو شفاء المرض، كله شرك بالله سواء مع الجن، أو مع الأموات كالبدوي وغيره أو مع الملائكة أو مع الرسل وأقربهم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، كل هذا لا يجوز بل يدعو ربه وحده، يا رب افعل بي كذا، يا رب انصرني، يا رب اشف مريضي، يا رب أغثني، يا رب عافني، يسأل ربه جل وعلا: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬1)، {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬2) {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (¬3). ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 18 (¬2) سورة غافر الآية 60 (¬3) سورة البقرة الآية 186

فلا يدعى إلا الله، ولا يستغاث إلا به سبحانه وتعالى، هذه أمور نشأ عليها بعض الناس واعتادوها تبعا لأسلافهم وقد غلطوا في ذلك، والله سبحانه بعث نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم يبين للناس أن العبادة حق الله، وأنه لا يدعى مع الله أحد سبحانه وتعالى. فالواجب على العاقل أن ينتبه لهذا الأمر، وأن ينصح من ابتلي بهذا الشيء، وأن يذكرهم بأن هذا منكر وشرك ومن أعمال الجاهلية، والله المستعان.

بيان معنى قول أهل السنة: لا يكفر المسلم بذنب

59 - بيان معنى قول أهل السنة: لا يكفر المسلم بذنب س: الأخ: م. ع. إ. من السودان، من كسلا، يسأل ويقول: بعض العلماء يرى أنه لا يجوز تكفير أهل القبلة، وكل من قال: لا إله إلا الله، لكن السؤال، هل كل من قال: لا إله إلا الله، مع الاعتقادات الخاطئة من الشرك بالله، بدعاء غيره وتقديم الشعائر لغيره، هل يعتبر هذا ضمن ما قالوا، ولا يجوز تكفيرهم؟ نرجو الإيضاح جزاكم الله خيرا (¬1). ج: نعم أهل السنة رحمهم الله يقولون: لا يكفر المسلم بذنب، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 114.

ومرادهم الذنوب التي دون الشرك، ودون الكفر كالزنى والسرقة والعقوق للوالدين أو أحدهما، وشرب المسكر ونحو ذلك، إذا فعل المسلم شيئا من هذا، ما يكون كافرا كفرا أكبر، ولكن يكون عاصيا، ويكون فاسقا، ولا يكفر بذلك ما دام موحدا مؤمنا، وإنما فعل هذا طاعة للهوى، وليس مستحلا لما حرم الله من السكر والربا ونحو ذلك، فهذا يكون عاصيا، ويكون فاسقا، ويكون ضعيف الإيمان عند أهل السنة، ولا يكون كافرا، لكن اختلف العلماء في ترك الصلاة كسلا، هل يعتبر من هذا الصنف، أو يعتبر من أنواع الردة، على قولين لأهل العلم، والصواب: أنه يعتبر من نواقض الإسلام ومن أعمال الردة، وإن لم يجحد وجوبها، لأنها عمود الإسلام، وأعظم أركانه بعد الشهادتين، ولما ورد فيها من الأدلة على تعظيمها، وأن تركها كفرا أكبر، وهكذا كل عمل أو قول يتضمن تنقص الإسلام، أو الطعن في الإسلام، أو الاستهزاء بالإسلام، أو جحد ما جاء به الإسلام، من واجب من المحرم، يكون ردة عن الإسلام، كما لو استهزأ بالصلاة، أو استهزأ بالصيام أو بالحج، أو بأخبار يوم القيامة أو بغير ذلك من أمور الدين، يكون كفره أكبر، كما قال سبحانه: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (¬1)، وهكذا سب الدين كفر أكبر، الذي يسب الإسلام أو يسب الصلاة أو ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 65

يسب الرسول عليه الصلاة والسلام، يكون فعله كفرا أكبر، نعوذ بالله من ذلك، وهكذا من استغاث بالأموات أو بالأصنام، أو دعاهم لكشف ضر أو جلب النفع، أو طلبهم المدد، المدد المدد يا سيدي فلان، أو من الأصنام أو من الأحجار أو من الجن، كل هذا يكون كفرا أكبر، لأن هذا مما يناقض لا إله إلا الله، فلا بد في حق من قال: لا إله إلا الله، ألا ينقضها بأعماله، ولا بأقواله، ولا بد أن يعتقد ما دلت عليه، من توحيد الله وأنه مستحق للعبادة سبحانه وتعالى، فإذا قالها ولم يعتقد معناها أو لم يعمل بمقتضاه صار كافرا، كالمنافقين يقولون: لا إله إلا الله، وهم في الدرك الأسفل من النار، لأنهم قالوها باللسان فقط، وهكذا كثير من المرتدين ممن ينتسب للإسلام، يقول: لا إله إلا الله، ولكنه يتعاطى ضدها من القول والعمل، فلا ينفعه دعوى الإسلام، ولا ينفعه قول: لا إله إلا الله، مع كونه أتى بما يناقضها من الذبح لغير الله كالجن، أو دعاء غير الله كالأموات، أو الأصنام أو ما أشبه ذلك، أو الاستغاثة بغير الله عند الشدائد، أو ما أشبه هذا من أنواع العبادة التي يصرفها لغير الله، فإنه يكون بذلك مشركا شركا أكبر وعليه أن يبادر بالتوبة قبل أن يموت على ذلك.

حكم تكفير المعين

60 - حكم تكفير المعين س: أريد تفسيرا لقاعدة كفر المعين؟ (¬1) ج: يمكن أن يقال في هذا: إن المعين يكفر إذا تعاطى أسباب الكفر، فإنه يكفر كفرا معينا، فإذا علم أنه يسب الدين، أو يسب الرسول صلى الله عليه وسلم، أو يترك الصلاة عمدا، أو جحدا لوجوبها فيقال: فلان كافر لما أظهره من الكفر، لكن عند قتله لا بد أن يستتاب، لعله يندم لعله يرجع، فإن تاب وإلا قتل على الصحيح، الذي عليه جمهور أهل العلم، فإنه يقتل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من بدل دينه فاقتلوه (¬2)» قال بعض أهل العلم: يسجن ويعذب حتى يموت أو يتوب، والصواب الذي يراه أهل العلم، أنه لا يسجن إلا ريثما يستتاب فقط، فإذا تاب فالحمد لله، وإن لم يتب وجب قتله بعد الاستتابة، وذهب كثير من أهل العلم، إلى أنه يستتاب ثلاثة أيام، يضيق عليه ثلاثة أيام لعله ينتبه لعله يرجع، فإن لم يمهل ثلاثة أيام، بل استتيب ثم قتل في الحال، إذا لم يتب فلا بأس بذلك، لكن الاستتابة ثلاثة أيام يكون أولى، كما جاء ذلك عن عمر رضي الله عنه، كونه يستتاب ثلاثة أيام يكون له فيها فسحة لعله يتراجع لعله يندم لعله يتذكر ما فيه سعادته، فالحاصل أن من أتى بأعمال الكفر بعينه قيل: هذا كافر، إلا إذا كان مثله يجهل ذلك كالذين عاشوا في ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 114. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بعذاب الله، برقم 3017.

بلاد بعيدة عن الإسلام، ومجاهل أفريقيا وأمريكا ونحو ذلك، فهؤلاء لا بد أن يعلموا ويوجهوا ويبصروا حتى إذا عرفوا ذلك، ثم استمروا على الكفر كفروا وإلا فالذي بين أهل الإسلام، ويسمع الآيات ويسمع الأحاديث، أو في أمور ظاهرة لا تخفى على أهل الإسلام كالزنى ونحوه، فهذا يكفر كفرا معينا إذا قال الزنى حلال، أو الخمر حلال أو الربا حلال، هذا قد كذب الله وكذب رسوله فيكون كافرا، أو قال: الصلاة ما هي بواجبة، أو الزكاة ما هي بواجبة، أو صوم رمضان ما هو بواجب على المكلفين، هذا مكذب لله ولرسوله، شيء معلوم من الدين بالضرورة يكون كافرا، نسأل الله العافية، لكن إذا استتيب قبل أن يقتل، هذا هو المشروع، يستتاب قبل أن يقتل وأن تكون المدة ثلاثة أيام، لعله يتراجع لعله يتوب. س: إذا كفر أحد الأشخاص بالله والرسول، فهل يحرم على الشخص أن يقول له استغفر الله؟ (¬1) ج: من كفر فإن الواجب على من حوله من المسلمين أن ينصحه، وأن يوبخه على ما فعل، ويبين له سوء عمله، ويأمره بأن يستدرك أمره، ويتوب مما فعل، هذا هو المشروع، هذا هو الواجب، لقول ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 38.

النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده (¬1)» الحديث، ولأن هذا من الدعوة إلى الله ومن النصيحة لعباد الله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (¬2)» وأعظم الخير الدلالة على الإسلام، والدعوة إلى التوبة من الردة، هذا أعظم الخير، وقال عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه: «لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خيرا لك من حمر النعم (¬3)» ينصحه ويوجهه، ويقول استغفر الله، تب إلى الله، هذه جريمة عظيمة، هذا منكر عظيم، هذا كفر وضلال، لعله يرجع فيتوب، هذا خير عظيم، وعمل صالح. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من لإيمان، برقم 49. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب غيره، برقم 1893. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب فضل من أسلم على يديه رجل، برقم 3009.

حكم من تكلم بما يوجب ردته

61 - حكم من تكلم بما يوجب ردته س: من يتلفظ بكلمة الكفر من المسلمين والعياذ بالله هل تكفيه التوبة والاستغفار، أم يجب عليه الغسل بعد ذلك؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم 321.

ج: من يتكلم بما يوجب ردته عليه التوبة ويستحب له الغسل، وقال بعض أهل العلم يجب الغسل، وقول الوجوب فيه خلاف بين العلماء، والأحوط والأقرب أنه مسنون مشروع، وإنما الواجب التوبة والرجوع إلى الله والإنابة إليه والندم على ما مضى منه، والإقلاع من معصيته وكفره، والتوبة إلى الله والعزم الصادق على ألا يعود لذلك. وبذلك يتوب الله عليه، وقال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬1)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (¬2)». فإذا تكلم بكفر، بأن سب الدين أو تنقص الدين، أو سب الصحابة أو ما أشبه ذلك، يجب أن يرجع إلى التوبة، وإذا علم ولي الأمر وثبت لولي الأمر ذلك، فإنه يعزر ويؤدب ولو تاب، وإذا أصر ولم يتب وجب قتله مرتدا، نسأل الله العافية. المقصود إذا أتى بناقض من نواقض الإسلام، ثم تاب إلى الله توبة صادقة تاب الله عليه. الله يتوب عليه لكن بعضها فيه خلاف، ومن جهة الحكم الشرعي: هل يقتل؟ أو لا يقتل؟ أما فيما بينه وبين الله فكل من تاب إلى الله تاب الله عليه، إذا استوفى الشروط وأخلص في التوبة وصدق فيها، فالله يتوب عليه من كل ذنب، حتى الشرك، لكن هناك أمورا قد توجب قتله وإن تاب، كسب الله أو سب الرسول عليه الصلاة ¬

_ (¬1) سورة النور الآية 31 (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم 4250.

والسلام، والسحر فإن جمعا من أهل العلم قالوا: لا يستتاب الساحر بل يقتل لأن شره عظيم، لكن توبته فيما بينه وبين الله صحيحة إذا كان صادقا فيما بينه وبين الله، والحمد لله.

حكم الإكراه على ناقض من نواقض الإسلام

62 - حكم الإكراه على ناقض من نواقض الإسلام س: كيف يحاسب الإنسان على أمور لا يملكها مثل الكره والحب والحسد وما إلى ذلك؟ (¬1) ج: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬2) {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬3) فالشيء الذي فعله مكرها يعني يكره بالقوة مع اطمئنان قلبه بالإيمان، أكره على شرب الخمر، أكره على الكفر بالضرب والوعيد، أكرهه قادر على فعله الذي يغلب على ظنه أنه يفعله، لا يضره ذلك إذا كان قلبه مطمئنا بالإيمان ثابتا على الحق، لقول الله سبحانه: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} (¬4) فلو أكره على أن يسب الدين أو يسب الرسول بالضرب أو بالوعيد بالقتل يظن أن المكره يفعله، فإنه عذر أن يتكلم ولكن مع ثبات قلبه على الإيمان مع ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم 338. (¬2) سورة البقرة الآية 286 (¬3) سورة التغابن الآية 16 (¬4) سورة النحل الآية 106

إيمانه بقلبه أنه على الحق، وأن هذا الإكراه هو الذي حمله على ما فعل، لو قال باللسان دون القلب، وهكذا لو أكره على شرب الخمر صب في فمه أو قيل له: إن لم تشرب قتلناك أو ضربناك يكون الإثم عليهم ولا عليه شيء إذا كان قلبه مطمئنا بتحريمه وأنه ما فعله إلا لدفع الشر.

الفرق بين الكفر الأكبر والكفر الأصغر

63 - الفرق بين الكفر الأكبر والكفر الأصغر س: يسأل أيضا عن الكفر الأكبر - سماحة الشيخ - وعن الكفر الأصغر، وعن الفسوق الأكبر والفسوق الأصغر، والشرك الأكبر، والشرك الأصغر؟ (¬1) ج: ما أوجب الردة هذا كفر أكبر، وما لم يوجب الردة من أنواع الشرك كالرياء في الصلاة أو في القراءة، هذا يسمى شركا أصغر، وهكذا ما ساعد الناس على الكفر، مثل النياحة على الميت والطعن في الأنساب سماه النبي كفرا، قال: «اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت (¬2)» سماها كفرا يعني كفرا أصغر، فالمقصود أن الكفر كفران: أكبر وأصغر، والشرك شركان، والنفاق نفاقان، فإذا تأملت النصوص والأدلة عرفت ذلك فالنفاق الأصغر مثل ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 361. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب إطلاق اسم الكفر على الطعن في النسب والنياحة، برقم 67.

الكذب، خيانة الأمانة، الفجور في الخصومة، إخلاف الوعد، هذه خصال النفاق الأصغر، أما النفاق الأكبر هو كونه يضمر الكفر ويظهر الإسلام يعني في الباطن لا يرى وجوب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يوحد الله في الباطن ولا يرى أن الدين حق ولا يرى تحريم الزنى ولا تحريم ما حرم الله، في الباطن مع المنافقين مع الكفرة، هذا هو النفاق الأكبر، نسأل الله العافية، كونه يعتقد خلاف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم يعتقد أن الدين ما هو بصحيح أو أن الصلاة ما هي بواجبة أو أن صيام رمضان ما هو بواجب، لكن لا يبين ذلك سرا بينه وبين أصحابه، هذا ردة عن الإسلام ونفاق أكبر. س: شخص استهزأ بلسانه بشيء من الدين ثم ندم وبعد ذلك تاب هل تقبل توبته، إذا كانت له أعمال صالحة قبل التوبة، فهل يحتسبها الله عز وجل أم لا؟ وهل يأثم إذا استهزأ من غير قصد في نفسه، واستعاذ من الشيطان، ماذا يلزمه في هذه الصورة؟ (¬1) ج: نعم، إذا أسلم وتاب تاب الله عليه وأبقى له عمله السابق، وإنما تبطل أعماله إذا مات على الردة، أما لو استهزأ بالدين أو بالنبي صلى الله عليه وسلم أو بالقرآن ثم تاب إلى الله وندم، فإن الله يتوب عليه ويحفظ عليه أعماله السابقة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام: «أسلمت ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 359.

على ما أسلفت (¬1)»، والله يقول جل وعلا: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ} (¬2)، فشرط في بطلان أعمالهم أن يموتوا وهم كفار، فلا بد من هذا الشرط، المقصود أنه إذا مات على الكفر بطلت أعماله ولهذا قال في الآية: {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} (¬3). أما إذا مات وهو مسلم وقد تاب الله عليه وهداه فإن أعماله الطيبة من حج وصلاة وغير ذلك كلها تبقى له والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم بعده، برقم 123. (¬2) سورة البقرة الآية 161 (¬3) سورة البقرة الآية 217

حكم مظاهرة المشركين على المسلمين

64 - حكم مظاهرة المشركين على المسلمين س: من نواقض الإسلام مظاهرة المشركين ومعونتهم على المسلمين، نرجو أن توضحوا ذلك، وهل كل الطوائف غير المسلمة تدخل في ذلك؟ (¬1) ج: مظاهرة المشركين على المسلمين ردة عن الإسلام، لقوله جل وعلا: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} (¬2) كونه يظاهر الكفار من اليهود والنصارى والشيوعيين أو غيرهم، كونه يظاهرهم ضد المسلمين ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 372. (¬2) سورة المائدة الآية 51

وينصرهم ضد المسلمين، هذا تول للكفار وردة عن الإسلام نعوذ بالله، كما نص عليه أهل العلم في باب أحكام المرتد، نسأل الله العافية. س: ما حكم من يستهزئ بالمؤمنين المتمسكين بالسنة؟ وخاصة موضوع اللحية، ويقول أيضا: أولئك الذين يرفعون الثوب إلى الكعبين؟ (¬1) ج: الاستهزاء من أقبح الكبائر، ومن أقبح الشرور، لا يجوز الاستهزاء بالمسلم، فيما فعله من الشرع، وإذا استهزأ بالدين قصده أن هذا الشرع ليس بشيء أو أنه هزئ بنوع من العبادات صار كافرا، نعوذ بالله، يقول الله جل وعلا: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (¬2) فالاستهزاء بالصلاة أو باللحى أو غير المسبلين، أو بالصيام أو بالحج، يكون كفرا، ردة عن الإسلام، إذا كان قصده الاستهزاء بالشرع. أما إذا كان قصده الإنسان نفسه، وليس قصده اللحية، بل استهزأ بمشيته أو سوء تصرفه هذا لا يجوز، لكن لا يكون كفرا. أما إذا كان قصده استنكار اللحية، واستقباح عمله، أو استقباح منع الإسبال فهذا كفر، يعني استهزاء بالشرع. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 258. (¬2) سورة التوبة الآية 65

فالواجب الحذر من هذا الأمر العظيم، يعني خطير، يجب الحذر منه، فلا يجوز الاستهزاء بشيء من الشرع، لا باللحى ولا بمنع الإسبال ولا بالصلاة ولا بالصوم ولا بغير ذلك، يجب على المؤمن أن يخضع لشرع الله، وأن يؤمن به، وأن يعظمه، وألا يستهزئ به، نسأل الله العافية.

حكم معاملة من يسب الدين

65 - حكم معاملة من يسب الدين س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم سب الدين؟ وهل يجوز معاملة من يسب الدين؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: سب الدين، سب الإسلام، كفر أكبر وردة عن الإسلام عند جميع العلماء، ما فيه خلاف، ذكروا هذا في باب حكم المرتد، من سب الله أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم، أو سب بعض الرسل غير محمد صلى الله عليه وسلم كأن يسب نوحا أو هودا أو آدم، أو غيرهم من الرسل والأنبياء كفر بإجماع المسلمين، وهكذا إذا سب دين الإسلام، أو استهزأ به، يكون كافرا عند جميع أهل العلم، لقول الله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (¬2) ولأن سب الدين مضمونه الكراهة له، وإنكاره، والله يقول سبحانه وبحمده: ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 280. (¬2) سورة التوبة الآية 65

{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} (¬1). فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر وأن يحفظ لسانه، ويصون لسانه عما يجره إلى الردة عن الإسلام، سب الدين والاستهزاء بالدين، أو الاستهزاء بالقرآن، أو سب القرآن، أو سب الرسول، أو سب الله، أو سب بعض الأنبياء الآخرين، كله ردة وكفر بعد الإسلام نعوذ بالله، واختلف العلماء، هل يستتاب أو لا يستتاب، فقال بعضهم: يستتاب فإن تاب وإلا قتل، يعزر أيضا، ولو تاب يعزر عن فعله القبيح بالجلد والسجن ونحو ذلك، وقال آخرون: لا يستتاب، بل يقتل حدا، يقتل كافرا، ولا يستتاب، ولا يغسل ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، لأن جريمته عظيمة، وكفره عظيم، والأقرب عندي والله أعلم القول باستتابته، لأنه قد يقع عن جهل، وقد يقع عن غضب شديد، وقد يقع عن استهزاء ببعض الناس، فكونه يستتاب ويبين له خطؤه وظلمه لنفسه، وأنه أتى جريمة عظيمة، وكفرا عظيما، فإذا تاب رفع عنه القتل، لكن لا مانع من أن يؤدب، يؤدبه ولي الأمر، الأمير أو القاضي، يؤدبه عن هذا بجلدات، أو بسجن، أو نحو ذلك، مع التوبيخ، حتى لا يعود لمثل ذلك. ¬

_ (¬1) سورة محمد الآية 9

باب ما جاء في الإيمان بالغيب

باب ما جاء في الإيمان بالغيب

باب ما جاء في الإيمان بالغيب 66 - معرفة علم الغيب من خصائص الله عز وجل س: الأخ: م. ح. ب، من ليبيا، يقول: أتقدم إليكم بالسؤال التالي والذي يقول: علم الغيب يقتصر على المولى عز وجل دون سواه، وهناك آيات قرآنية تؤكد انفراد المولى عز وجل دون غيره بذلك، ولكن نجد في الكثير من الكتب عند اطلاعنا عليها، أنه يكتب في نهاية الحديث أو العبارة أو الصفحة " الله ورسوله أعلم " فما معنى ذلك؟ هل إن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب في حياته ومماته، أيضا؟ نرجو من سماحتكم إجابتنا وإفادتنا، والاستدلال إذا أمكن بالقرآن الكريم، جزاكم الله خيرا (¬1). ج: نعم مثل ما ذكر السائل، علم الغيب إلى الله عز وجل، وليس عند الرسول صلى الله عليه وسلم ولا غيره علم الغيب، بل هو مختص بالله عز وجل، ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم 147.

كما قال الله سبحانه: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (¬1) الآية من سورة النمل. قال سبحانه وتعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (¬2) هكذا في سورة الأعراف. ويقول سبحانه: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} (¬3) فالغيب إلى الله عز وجل، مختص به سبحانه وتعالى، يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون، ويعلم ما يكون في الآخرة، وما في الجنة والنار، ويعلم الناجين من الهالكين، ويعلم أهل الجنة ويعلم أهل النار، ويعلم كل شيء سبحانه وتعالى، والرسل إنما يعلمون ما جاءهم به الوحي، ما أوحى الله به إليهم، يعلمونه كما قال سبحانه وتعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} (¬4) فالله يوحي إلى الرسل ما شاء، كما أوحى إلى نبينا صلى الله عليه وسلم أشياء كثيرة، من أمر الآخرة وأمر القيامة وأمر الجنة والنار، وما يكون في آخر الزمان، من الدجال ونزول المسيح وهدم الكعبة، ويأجوج ومأجوج وغير ذلك مما يكون في آخر الزمان، كل هذا من علم الغيب، أوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم فعلمنا إياه، وصار معلوما للناس، وهكذا ما يعلمه الناس من أمور الغيب، عند وقوعه، في ¬

_ (¬1) سورة النمل الآية 65 (¬2) سورة الأعراف الآية 188 (¬3) سورة الأنعام الآية 59 (¬4) سورة الجن الآية 26

بلادهم، أو في غير بلادهم فيكون معلوما لهم بعد وقوعه، وكانوا لا يعلمونه قبل ذلك، أما ما يقع في كتب أهل العلم: الله ورسوله أعلم، فهذا فيما يتعلق بأمور الشرع، وأحكام الشرع، ومرادهم يعني في حياته، يعلم هذه الأشياء عليه الصلاة والسلام، أما بعد وفاته فلا يعلم ما يكون في العالم، ولا يدري عما يحدث في العالم، لأنه بالموت انقطع علمه بأحوال الناس، عليه الصلاة والسلام، إلا ما يعرض عليه من الصلاة والسلام عليه، حيث قال صلى الله عليه وسلم: «صلوا علي فإن الصلاة تبلغني حيث كنتم (¬1)» في الحديث الصحيح: «إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام (¬2)». عليه الصلاة والسلام، أما أمور الناس وحوادث الناس وما يقع منهم من أغلاط وظلم أو حسنات، كل هذا لا يعلمه الرسول ولا غيره، ممن مضى، ممن مات، ولا يعلمه من يأتي، وقد يعلمه من حولهم من الناس، بمطالعتهم إياه ومشاهدتهم أعمالهم، من جلسائهم وأهل بلادهم. المقصود أن علم الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، وما أوحاه الله إلى الرسل فهو من علم الغيب، الذي أطلعهم عليه سبحانه وتعالى، وهم أطلعوا الناس عليه وعلموه ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 8804، وأبو داود في كتاب المناسك، باب زيارة القبور، برقم 2042. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، برقم 3657.

الناس. وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أنه قال: «يذاد أناس عن حوضي يوم القيامة، فأقول: يا ربي، أمتي أمتي، وفي لفظ فأقول: أصحابي أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم (¬1)». فبين صلى الله عليه وسلم أنه لا يعلم، يقال له: «لا تدري ما أحدثوا بعدك (¬2)» وفي اللفظ الآخر: «يذاد أناس عن حوضي، فأقول: يا رب أمتي أمتي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا من بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح: (¬4)» فهو صلى الله عليه وسلم إنما يعلم ما أوحاه الله إليه، وما كان عند الله من الغيب لا يعلمه سواه سبحانه وتعالى، وبعد موته لا يعلم حوادث الناس. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: " واتخذ الله إبراهيم خليلا " برقم 3349. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب: " كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا "، برقم 4740، ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة، برقم 2860. (¬3) البخاري أحاديث الأنبياء (3171)، الترمذي تفسير القرآن (3167)، النسائي الجنائز (2087)، أحمد (1/ 235). (¬4) سورة المائدة الآية 117 (¬3) {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}

حكم من يخبر بالمغيبات

67 - حكم من يخبر بالمغيبات س: ما حكم من يخبر بالمغيبات، ويعمل البخور والشعوذة؟ (¬1) ج: يجب على المسلم أن يحذر هؤلاء المخرفين، الذين ينسبون إلى التصوف والشعوذة، إما بدعوى علم الغيب، أو بدعوى أخرى يدعونها، أنهم بينهم وبين شيوخهم صلة، تمكنهم أن يفعلوا كذا وكذا فيشوشوا على الناس، ويوهموهم أنهم لهم قدرة على إشفاء المرضى، أو قضاء الحاجات بالطرق غير الشرعية، فهؤلاء يجب الحذر منهم، لأنهم مخرفون ودعاة باطل، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل صلاته أربعين يوما (¬2)»، وقال: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (¬3)» صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء الذين يدعون أمور الغيب، أو يدعون أن مشايخهم يرشدونهم إلى أشياء تتعلق بالغيب، وأن ما يقول مشايخهم صحيح، وأنهم معصومون وأن أخبارهم لا بد أن تقع، وما أشبه هذا مما يقع لبعض الصوفية، أو يعتقد أنه يأتيه الوحي من السماء، يقول: ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 185. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 9252.

حدثني قلبي عن ربي، بكذا وكذا. فكل هذه خرافات، والذي يدعيها كافر، الذي يدعي أنه يعلم الغيب، أو يأتيه الوحي من السماء ما عدا محمدا صلى الله عليه وسلم فيما أطلعه الله عليه، كل هذا كفر وضلال، وهكذا من يصدقه بدعوى علم الغيب، من صدقه فهو مثله، وإذا جعل بخورا من الأشياء التي يشوش بها أو يلبس بها فلا يلتفت إليه، العمدة على ما يقول، إذا كان يدعي علم الغيب أو يدعي أنه يخدم الجن، وأن الجن هم الذين يخبرونه بالمغيبات، أو ما أشبه ذلك، هذا من الخرافيين، ومن المشعوذين، فيجب الحذر منهم وعدم سؤالهم، وعدم تصديقهم، ومتى ظهر منه أنه يدعي علم الغيب أو أنه يعبد الجن ويخدمهم بالطاعات والذبح لهم، صار مشركا، إما بدعوى علم الغيب، وإما لكونه يعبد الجن، ويستغيث بهم وينذر لهم ونحو ذلك، وإذا زعم أنه يعرف الأشياء بالطرق الأخرى، فهو كذاب لقصده التلبيس، لأنه لا يعلم الغيبيات إلا الله سبحانه وتعالى، أما إذا كان يداوي المريض بالأدوية المعروفة الحسية، كما يفعل الأطباء المعروفون، يداوي بالكي، يداوي بأشياء يستعملها مأكولات أو مشروبات أو مروخات، جربت ونفعت، ولا يدعي علم الغيب، ولا يخدم الجن، هذا لا حرج عليه، هذا طب شعبي، قد اعتاده الناس فيما بينهم، من أنواع من المأكولات أو المشروبات، أو الدهونات أو المروخات أو الكي، هذا لا بأس به، إذا كان سليما ليس معه دعوى علم الغيب، وليس معه عبادة للجن، قد كانت العرب، وغالب الناس على هذا فيما مضى يعرفون عادات

يفعلونها، ويعالجون بها، ويتطببون بها، وقد تنفع وقد لا تنفع، وليست من علم الغيب، ولا من خدمة الجن، بل هي أمور اعتادوها، من أشربة أو مأكولات، أو بخور يتبخرون به، وينفع الله به، أو ما أشبه ذلك، من الأمور الواضحة الظاهرة، التي ليس فيها تلبيس ولا عبادة للجن، ولا دعوى علم الغيب وهكذا الكي. س: يقوم رجل صالح حينما تحضر لهم في إحدى المشكلات، يقول: نستخير لك الله، أو نفتح لك الكتاب، أو نشوف لك الخيرة، ويحدثونك عن المستقبل، ويعالجونك عما بك من مصائب، هل هذا صحيح أم لا؟ (¬1) ج: هذا غلط فإنهم لا يعلمون الغيب، فإذا أرادوا أن يفكروا في الدواء والعلاج فلا بأس، أما أن ينظروا في أمر معناه أنهم يعلمون الغيب، بطريق يقرءونها أو يكتبونها، أو تكتب لهم فهذا لا صحة له أبدا، يقول الله سبحانه: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (¬2) فهو سبحانه يعلم الغيب، ولقول النبي عليه الصلاة والسلام: «مفاتح الغيب خمسة لا يعلمهن إلا الله، ثم قرأ قوله تعالى: (¬4)» ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 39. (¬2) سورة النمل الآية 65 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: " عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا "، برقم 7379، سورة لقمان، الآية 34. (¬4) سورة لقمان الآية 34 (¬3) {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}

سبحانه وتعالى، ويقول الله له: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (¬1) فهو عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب، وإنما هو نذير وبشير لعباد الله، فالذي يدعي أنه يستخير للمريض، أو يستفتح للمريض، أو يفكر للمريض، حتى يعلم ما وراء علم الأسباب، بل علم آخر وهو علم الغيب، هذا لا يجوز وهذا باطل، ومن ادعى علم الغيب فهو كافر نعوذ بالله، أما إن أراد أن يفكر في الدواء المناسب، والعلاج المناسب، فهذا لا بأس به، والطبيب قد يخفى عليه المرض، فيفكر كذلك، بقوله: أستخير، هذا إن كان قصده يستخير الله في الصلاة ركعتين، ويستخير الله في كيفية علاجه، هذا لا بأس، أما يستخير بمعنى أن ينظر في علم الغيب فهذا باطل. ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 188

حكم تصديق من يدعي معرفة أحوال الموتى

68 - حكم تصديق من يدعي معرفة أحوال الموتى س: مستمعة يمنية مقيمة في المملكة ل. م. أ، تقول: يوجد عندنا امرأة تسمى متسفلة، وتعني هذه الكلمة أنها تزور القبور في الليل، وتعرف أحوال الموتى من أقربائها ومن غيرهم، وقد لوحظ أن هناك بعض الناس يذهبون إلى هذه المرأة، وإعطاؤها نقودا لتقوم بزيارة أبنائهم أو إخوانهم، ولمعرفة أحوالهم، وعندما تذهب هذه المرأة كما تدعي، بأنه يقوم هؤلاء الأموات، بطلب أشياء من أقربائهم، وعليهم تنفيذها في الدنيا، وليس الذهب إليهم في القبور، ثم تستمر في سرد هذه القضية، لتصل إلى هذه النتيجة، فتقول: إن هذه المرأة، عندما تزور القبور تنام، وتذهب الروح فقط، وتبقى الجثة في المنزل، وسؤالنا هل عمل هذه المرأة صحيح؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فعمل هذه المرأة عمل منكر وباطل، وكله تمويه وتضليل وكذب، أولا: زيارتها للقبور لا تجوز، لأن النساء لا يزرن القبور، والرسول لعن زائرات القبور عليه الصلاة والسلام، فليس للنساء زيارة القبور، وإنما هي للرجال، أما النساء فقد نسخت زيارتهن للقبور، واستقر الأمر على أنهن لا يزرن القبور، لقوله صلى الله عليه وسلم: ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 317.

«زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬1)» هكذا للرجال، وجاء في الحديث الصحيح: «لعن رسول الله زائرات القبور (¬2)» أما قولها إنها تعرف أحوال المقبورين، وترفع طلباتهم لأقربائهم، فهذا كله باطل، لا يعلم الغيب إلا الله، ولا يعلم أحوال القبور إلا الله سبحانه، هو الذي يعلم أحوالهم وبما هم فيه، وليس هناك دليل على ما تقول، بل هو كذب وأخذ لأموال الناس بالباطل، وترويج للباطل، ولا يجوز أن تصدق، بل يجب أن يرفع أمرها إلى ولي الأمر الشرعي، حتى تعاقب بما تستحق ولا يجوز تصديقها، ولا أن تعطى شيئا مما تقول، نعم قد يرى الإنسان بعض أقاربه في النوم في خير، أو يراهم في شر، هذا قد يحدث في الرؤيا، أما المرأة إذا زارت القبور، أو الرجل إذا زار القبور، يعلم أحوال المقبورين من خير وشر، وأنهم يوصونه بأشياء، ويأمرونه بأشياء، هذا باطل لا صحة له، وقد يطلع الله بعض الناس على بعض أحوال المقبورين، إذا كشف القبر لحاجة في القبر، إما نسيان لأداة حفر، أو شيء آخر ينسونه في القبر، فقد ذكر ابن رجب رحمه الله أن بعض الناس حفر عنه القبر، فوجد يعذب في قبره، هذا ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم 1569. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن العباس، برقم 2598.

قد يقع ليري الله عباده العبر، وقد يوجد ما يدل على أنه في خير ونور، ولكن ليس هناك ما يدل على أن أحدا يطلع على أحوال المقبورين، بدون أسباب حسية، أو أن أهل القبور يبلغون كذا وكذا يعلمون كذا وكذا كل هذا باطل، إنما قد تقع الرؤيا إما رؤيا صالحة، أو رؤيا غير صالحة، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الرؤيا الصالحة من الله، فإذا رأى الإنسان ما يسره، يخبر بها من أحب، والرؤيا المكروهة من الشيطان، فإذا رآها إنسان، يتفل عن يساره ثلاث مرات، ويتعوذ بالله من الشيطان، ومن شر ما رأى ثلاث مرات، ثم ينقلب على جنبه الآخر، فإنها لا تضره، ولا يخبر بها أحدا، هكذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام، والمقصود أنها يعني: هذه المتسفلة هي على اسمها متسفلة خبيثة، لا يجوز تصديقها والالتفات إليها، بل يجب ردعها وتأديبها عن هذا العمل السيئ، نسأل الله العافية.

معرفة مستقبل الناس من علم الغيب

69 - معرفة مستقبل الناس من علم الغيب س: ما هو مستقبل العالم الإسلامي، من حيث القوة والضعف، حسبما نظرت السنة الشريفة، وكذلك مستقبل أعداء الإسلام، في هذه الحياة الدنيا؟ (¬1) ج: هذا يا أخي من علم الغيب، هذا أمره إلى الله عز وجل، وهو ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 140.

من علم الغيب، ولا يعلم مستقبل الناس إلا الله سبحانه وتعالى، لكن مقتضى الأدلة الشرعية أن الغربة تزداد، ولا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ (¬1)». لكن قد تقع فجوات في الدهر، ينتصر فيها الإسلام على غيره، ويظهر فيها الإسلام في بعض الأوقات، وفي بعض الجوانب من الدنيا، كما جرى في عهد عمر بن عبد العزيز، كان عهده أحسن من عهد الأمير الذي قبله، بسبب ما قام به من الدعوة إلى الله، وإلزام الناس بالحق، وكما جرى في نجد في عهد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، من ظهور الإسلام والقضاء على أسباب الكفر، واجتماع المسلمين على الجهاد في سبيل الله، وعلى إخلاص العبادة لله وحده، وهدم مباني القبور المعبودة من دون الله، والقضاء على الأوثان، وكانت الحال في النصف الثاني من القرن الثاني عشر وما بعده، أحسن من الحالة في قرون كثيرة مضت ظهر فيها الشرك، وظهر فيها الفجور والمعاصي، الحاصل أن الأصل أن الإسلام تشتد غربته عاما بعد عام، وقرنا بعد قرن في الجملة، كما قال جماعة من أهل العلم، وقد يأتي الله بزمان ينفس فيها الله عن المسلمين، فيحصل فيه خير كثير، وتكون الحالة أحسن من الزمن الذي قبله، رحمة من الله ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا، برقم 146.

جل وعلا، وقد يكون ذلك في جانب دون جانب، وفي إقليم دون إقليم، كما جرى في وقت الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وفي بلدان أخرى خرج فيها المصلحون، وصارت الحالة في بلادهم أحسن من الحالة التي قبلها، وقتا ما. والله جل وعلا أخبرنا أن هذا الإسلام، ينتهي في آخر الزمان، وأن هناك ريحا تخرج يرسلها الله عز وجل، يقبض بها أرواح المؤمنين والمؤمنات، ثم يبقى الأشرار فعليهم تقوم الساعة، وفي آخر الزمان يرفع القرآن، ويقبض المؤمنين والمؤمنات، ويبقى الأشرار فعليهم تقوم الساعة، لكن في أول هذا القرن وفي آخر القرن السابق، حصل بحمد الله يقظة للمسلمين، وحركة مباركة للمسلمين، صار فيها المسلمون أحسن حالا من قبلها، في أوقات بسبب الحركة الإسلامية من الشباب وغيرهم، وبسبب كثرة الدعاة إلى الله، والجمعيات الإسلامية والمراكز الإسلامية في شتى بقاع الأرض، وانتشر الدعاة من هنا وهنا، من الجامعة الإسلامية ومن هذه الرئاسة، الرئاسة العامة للبحوث العلمية والدعوة والإرشاد، ومن الرابطة ومن جهات أخرى، فالحاصل أن هذا الوقت الآن يبشر بخير، من حركة إسلامية قوية، وتكاتف ودعوة إلى الله، ونشاط، فنرجو أن يكون المستقبل القريب أحسن مما مضى بكثير، أما ما بعد ذلك فالله أعلم، جل وعلا، والأدلة معروفة في هذا الباب، وأما مستقبل الكفرة فكذلك، كلما نشط الإسلام ضعف جانب الكفر، وأما تفصيل الأشياء وعلم نهاياتها، هذا إلى الله سبحانه وتعالى، لكن الواجب على المسلمين أن

يجتهدوا في نصر دين الله، والدعوة إلى الله، وأن يتعاونوا على البر والتقوى، وأن يحرصوا على جهاد الأعداء، ونشر تعاليم الإسلام حتى يظهر دين الله، وحتى يبقى دينه، وحتى يستعيدوا ما سلبه الأعداء منهم، هذا واجب المسلمين، وهذا واجب على الدول الإسلامية أن تتقي الله، وأن تحكم شريعته سبحانه، وأن تجتهد في إصلاح أوضاع بلادها، وإقامة حكم الله في بلادها، وفي شعبها، هذا هو الواجب على جميع المسلمين، وقد سرنا ما سمعنا من حكومة بنجلاديش، من إعلانهم تحكيم الشريعة، واجتماعهم على هذا الأمر، وهذا يبشر بخير كثير، ونرجو أن يوفقهم الله لهذا الأمر، وأن يعينهم على تحكيم الشريعة، وأن يوفق الباقين لهذا الأمر، وأن يقتدوا بغيرهم ممن سعى، وبادر بتحكيم الشريعة، وهكذا حكومة الباكستان عندها عزم كبير على تحكيم الشريعة، ونسأل الله أن يعينها على ذلك، وهكذا نرجو لبقية الدول الإسلامية: كحكومة مصر والأردن وغيرها، نسأل الله لهم العون والتوفيق، حتى يحكموا شريعة الله، وحتى يدعوا النظم المخالفة لشرع الله، هذا هو الواجب عليهم وبذلك ينصرهم الله ويعينهم، ويحسن لهم العاقبة، ويجمع شملهم على الخير. والله المسئول سبحانه أن يوفق المسلمين جميعا، حكاما ومحكومين، وقادة وشعوبا لكل ما فيه رضاه وصلاح عباده، وأن يعينهم على تحكيم الشريعة والتمسك بها، وترك ما يخالفها، إنه سبحانه وتعالى سميع قريب.

بيان أن التقاويم لها حسابات معروفة وليست من علم الغيب

70 - بيان أن التقاويم لها حسابات معروفة وليست من علم الغيب س: التقويم السنوي الذي يكتب به التاريخ، ومواعيد الصلاة مقدما، هل من يكتبه يعلم بالمواعيد مقدما، ولا يعلم الغيب إلا الله، وهل استعمال التقويم حرام، وما حكم من يعمل التقويم؟ (¬1) ج: التقاويم معروفة لها طرق معروفة وحساب معروف، ليس هو من علم الغيب، لها حساب معروف في ضبط دخول الشهر وخروج الشهر، وضبط الأيام والليالي والدقائق والساعات، لها طرق حسابية معروفة ليس من علم الغيب، ولا ينبغي أن تظن أنه من علم الغيب أيها السائل، هذه أمور معروفة لها طرق ولها حسابات معروفة يسير عليها الحاسبون ويدركون معناها، فليس فيها من علم الغيب شيء. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 29.

بيان معنى القضاء والقدر

71 - بيان معنى القضاء والقدر س: تقول السائلة: م. غ. ما الفرق بين القضاء والقدر؟ (¬1) ج: القضاء هو القدر، والقدر هو القضاء، ومعناهما واحد وهو الشيء الذي قضاه الله سابقا وقدره سابقا، يقال لهذا قضاء، ولهذا قدر ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 360.

يعني ما سبق في علم الله أنه قدره من موت وحياة وعز وذل وأمن وخوف، كله وغيره يسمى قضاء ويسمى قدرا.

بيان أن شكوى الهموم لأجل التعاون ليس من الاعتراض على القدر

72 - بيان أن شكوى الهموم لأجل التعاون ليس من الاعتراض على القدر س: ما حكم الشرع في نظركم - سماحة الشيخ - فيمن يشكو بعضا من همومه لصديقه، هل يعتبر ذلك من الاعتراض على قضاء الله وقدره؟ (¬1). ج: إذا كان الشكوى عن الهموم لأجل التعاون يظهر ما لديه لعل الله ينفعه برأيه واجتهاده من باب المشورة، من باب الاستعانة بالرأي، فلا بأس بذلك يشكو همومه وحاجاته ليستعين برأيه، وإذا كان مضطرا وسأل المساعدة، فلا بأس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة - مسألة المال يعني - لا تحل إلا لأحد ثلاثة، رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة، اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش - أو قال: سدادا من عيش - ورجل أصابته فاقة يعني كان غنيا وكان بخير ثم أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة، يعني حتى يشهدوا له، قال: وما سواهن يا قبيصة سحت يأكله ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 358.

صاحبه سحتا (¬1)» فالإنسان إذا سأل من أجل جائحة أصابته أو فقر طرأ عليه لذهاب أمواله فلا حرج عليه في ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب من تحل له المسألة، برقم 1044.

حكم قول: حصل هذا صدفة

73 - حكم قول: حصل هذا صدفة س: يقول السائل: ما حكم قول الإنسان حصل هذا الشيء صدفة؟ (¬1) ج: ليس فيه شيء، لأن المراد حصل من دون ميعاد له مثلما لو وافق فلانا في الطريق وسلم عليه وهو ما واعده وافقه عند إنسان زاره ففرح به ليس عن موعد، الصدفة عن غير ميعاد يعني أنه حصل الشيء عن غير ميعاد بينه وبين زيد أو عمر أو فلان أو فلان هذا معنى الصدفة عني من غير ميعاد. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 236.

باب ما جاء في حقيقة الإيمان

باب ما جاء في حقيقة الإيمان

باب ما جاء في حقيقة الإيمان 74 - الكلام على الإيمان والإسلام س: ما الفرق بين الإيمان والإسلام؟ (¬1) ج: الإيمان هو الإسلام، والإسلام هو الإيمان عند الإطلاق، لأن الإيمان تصديق القلوب، وكل ما يتعلق بالإسلام من قول وعمل، والإسلام كذلك هو: الانقياد لله والخضوع له بتوحيده والإخلاص له وطاعة أوامره وترك نواهيه، فإذا أطلق أحدهما شمل الآخر، كما قال عز وجل: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (¬2) يعني والإيمان داخل في ذلك، أما إذا جمعا فإن الإسلام هو الأعمال الظاهرة، والإيمان هو الأعمال الباطنة، إذا جمع بينهما كما في حديث جبريل، لما سأل النبي عن الإسلام والإيمان، فسر له النبي الإسلام بأمور ظاهرة، كالشهادتين والصلاة والزكاة والصيام والحج، وفسر له الإيمان بأمور باطنة، فقال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وبالقدر خيره ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 114. (¬2) سورة آل عمران الآية 19

وشره (¬1)»، هذا هو الفرق بينهما عند الاجتماع، يكون الإسلام بالأعمال الظاهرة، والإيمان الأعمال الباطنة، وإن الكفر بأحدهما يدخل فيه الآخر، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، وأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان (¬2)»، فالإيمان بضع وسبعون شعبة، يدخل فيه الإسلام، ولهذا ذكر أفضل خصاله، لا إله إلا الله، وهي أصل الإسلام، فدل ذلك على أن الإيمان إذا أطلق، دخل فيه الإسلام، وهكذا إذا أطلق الإسلام، دخل فيه الإيمان عند أهل السنة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الإيمان والإسلام والإحسان، برقم 8. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها، برقم 35.

علامات الإيمان

75 - علامات الإيمان س: يسأل المستمع، من ليبيا، ويقول: ما هي علامات الإيمان؟ وما هي الأشياء التي تقسي القلب، وما هي الأشياء التي ترقق القلوب؟ (¬1) ج: من علاماته ذكر الله جل وعلا، وتسبيحه، وتهليله، والتفكير ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 410.

فيما أوجب الله عليك، ومصيرك يوم القيامة، كل هذا مما يرقق القلب، ومجالسة الأخيار والصالحين، كل هذا مما يرقق القلب. فعلامات الإيمان وعلامات الخير، المحافظة على الصلوات والإكثار من ذكر الله، وصحبة الأخيار كل هذا من علامات الخير، ومن علامات الشر صحبة الأشرار، والكذب والخيانة، وأشباه ذلك وخلاف الوعد، كما أخبر النبي عن المنافقين: «إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان (¬1)»، ومن علامات الإيمان الاستقامة على الخير، والإكثار من ذكر الله، وصحبة الأخيار، والإكثار من قراءة القرآن، والمحافظة على الصلاة في الجماعة، وبر الوالدين، وصلة الرحم، إلى غير هذا. ومن علامات الشر صحبة الأشرار، الغفلة عن ذكر الله، الإعراض عما أوجب الله، ارتكاب المعاصي والتساهل بها، كل هذه من علامات الشر نسأل الله العافية. س: السائل: أبو أحمد، يقول: كيف يعرف المسلم مقدار إيمانه؟ (¬2) ج: على قدر خوفه من الله، وتعظيمه لله، ومسارعته لما أوجب ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب من أمر بإنجاز الوعد، برقم 2682. (¬2) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 428.

الله، وتركه لما حرم الله، يدل هذا على قوة الإيمان، وإذا تساهل بالمعاصي، فهذا يدل على ضعف الإيمان، فالإيمان القوي هو الذي يتضمن خوف الله، ومراقبته، والمسارعة إلى ما أوجب والحذر مما حرم، هذا دليل على قوة الإيمان وأن صاحبه على خير، أما إذا كان يتساهل بالمعاصي، وترك الصلاة في الجماعة، وعقوق الوالدين، والغيبة والنميمة، وتعاطي الربا، فهذا يدل على ضعف الإيمان، وقلة الإيمان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

شرح معنى محبة الله

76 - شرح معنى محبة الله س: سائل يرجو شرح معنى محبة الله (¬1). ج: يجب أن يحب الله بكل قلبه محبة لا يعادلها شيء يكون الله أحب إليه من كل ما سواه، محبة صادقة تقتضي طاعته وترك معصيته، وحب أوليائه ورسله، وكراهة أعدائه وبغضهم في الله عز وجل فهو يحب، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} (¬2)، وقال في المؤمنين: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} (¬3)، فالواجب أن يحب الله بكل قلبه محبة صادقة وأن يكون الله أحب إليه مما سواه قال ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 362. (¬2) سورة آل عمران الآية 31 (¬3) سورة المائدة الآية 54

النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما (¬1)»، فهو يحب الله فوق كل شيء وأحب من كل شيء ثم يحب الرسول صلى الله عليه وسلم محبة صادقة بعد محبة الله يحبه في الله لأنه رسول الله ويحب المؤمنين لأنهم أولياء الله وأحباء الله ويكره الكافرين ويبغضهم لأنهم أعداء الله هكذا المؤمن. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب حلاوة الإيمان، برقم 16.

شرح معنى اليقين

77 - شرح معنى اليقين س: سائل يرجو من سماحتكم شرح معنى اليقين بالله (¬1). ج: اليقين معناه أن يكون مؤمنا بالله عن جزم وعن يقين، يؤمن بأن الله ربه المعبود بحق، وأنه لا يستحق العبادة سواه، وأنه خالق كل شيء وأنه الكامل، في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، وأن الله سبحانه يجب أن يعبد وحده ويخص بالعبادة، ويجب على المؤمن أن يحذر شر لسانه، في تنقص ربه أو نفي صفاته أو التهاون بما أوجب عليه، يكون المؤمن متيقنا أنه سبحانه هو المستحق للعبادة، وأنه رب العالمين، وأنه الخلاق العليم، وأنه المستحق للعبادة، وأنه لا رب سواه ولا خالق سواه، ولا يستحق العبادة غيره سبحانه وتعالى، فيتيقن أنه سوف يجمع الناس يوم القيامة سوف يجازيهم بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 362.

ويتيقن أن الله سبحانه سوف يفي بوعده سيدخل المؤمنين الجنة كما وعدهم ويدخل الكفار النار كما وعدهم سبحانه وتعالى، وهكذا كل ما أخبر الله به ورسوله في القرآن أو بالأحاديث الصحيحة يكون المؤمن مؤمنا بذلك يصدق بذلك ولا يشك في ذلك.

بيان أن الإيمان بالقلب لا يكفي عن العمل بالبدن

78 - بيان أن الإيمان بالقلب لا يكفي عن العمل بالبدن س: هل الإيمان بالقلب كفاية أن يكون الإنسان مسلما بعيدا عن الصلاة والصوم والزكاة؟ (¬1) ج: لا يكفي الإيمان بالقلب، ولا يكفي عن الصلاة وغيرها، يجب أن يؤمن بقلبه، أن الله واحد لا شريك له، وأنه ربه وخالقه، يجب أن يخصه بالعبادة، سبحانه وتعالى، ويؤمن بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه رسول الله حقا إلى جميع الناس، كل هذا لا بد منه، هذا أصل الدين وأساسه، لكن لا بد من ذلك من الصلاة، وبقية أمور الدين، إذا صلى فقد أدى ما عليه، وإن لم يصل كفر، لأن ترك الصلاة كفر، أما الزكاة والصيام والحج وبقية الأمور، إذا اعتقدها وأنها واجبة، ولكن تساهل فيها فلا يكفر بذلك، يكون عاصيا، يكون إيمانه ضعيفا ناقصا، لأن الإيمان يزيد وينقص، يزيد الإيمان بالطاعات، والأعمال ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 17.

الصالحات، وينقص بالمعاصي، أما الصلاة وحدها خاصة، فإن تركها كفر عند جمع من أهل العلم، وهو أصح قولي العلماء، بخلاف بقية أمور العبادات، من الزكاة والصوم والحج، ونحو ذلك، فإن تركها ليس بكفر أكبر على الصحيح، ولكن تكون نقصا في الإيمان وضعفا في الإيمان، وكبيرة عظيمة، ترك الزكاة كبيرة عظيمة، وترك الصيام كبيرة عظيمة، وترك الحج بعد الاستطاعة كبيرة عظيمة، ولكن لا يكون كفرا أكبر، إذا كان مؤمنا بأن الزكاة حق، وأن الصيام حق، وأن الحج بعد الاستطاعة حق، ما كذب بذلك ولا أنكر ذلك، ولكنه تساهل في الفعل فلا يكون كافرا بذلك، على الصحيح، أما الصلاة فإنه إذا تركها يكفر، في أصح قولي العلماء، كفرا أكبر نعوذ بالله، إذا تركها بالكلية. وأما الشهادتان الشهادة بأن الله رب الجميع، وإله الجميع وأنه لا إله سواه، يعني لا معبود بحق سواه، والشهادة بأن محمدا رسول الله، هاتان الشهادتان هما أصل الدين، وهما أساس الملة، فذهب جمع من أهل العلم، وهو قول الأكثر من الفقهاء، أنه يكون مسلما بذلك، ولو لم يصل، إذا كان يعتقد وجوب الصلاة، والصوم، والحج وإلى غير ذلك، لكن لا يفعل تساهلا، فإن الأكثر من الفقهاء يرون أنه لا يكون كافرا كفرا أكبر، إذا ترك ذلك يبقى مسلما عاصيا، عليه خطر من دخول النار، ولا يكفر بذلك، وذهب جمع من أهل العلم إلى أن ترك الصلاة كفر أكبر، وهو الأرجح كما تقدم، وهو الأصح، لقول

النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)»، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك، ترك الصلاة (¬2)»، كما تقدم في جواب سؤال سابق، فينبغي الانتباه لهذا، أما بقية أمور الدين الواجبة، من الزكاة والصوم والحج ونحو ذلك، إذا كان المؤمن بالله ورسوله يعتقد وجوبها، وأنه لا ينكر وجوبها، لكنه قد تساهل في فعلها فهذا لا يكون كفرا أكبر، لكن يكون نقصا في الإيمان، ويكون ضعفا في الإيمان، ويكون عاصيا مستحقا لدخول النار، وغضب الله إلا أن يعفو الله عنه سبحانه وتعالى، لقوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬3)؛ فجعل ما دون الشرك، تحت مشيئة الله، على قول أن المعاصي تحت مشيئة الله، ولا يكون بها كافرا كفرا أكبر، بل يكون عاصيا ويكون ضعيف الإيمان. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم 22428. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على ترك الصلاة، برقم 82. (¬3) سورة النساء الآية 48

بيان ما يتم به الدخول في الإسلام

79 - بيان ما يتم به الدخول في الإسلام س: بعض الناس يقولون مثلا الصلاة يشترط لها الإسلام، والحج أيضا يشترط له الإسلام، فإن الإنسان قد يكون مسلما ولو لم يأت ببقية أركان الإسلام، وأنتم أجبتم على هذا، لكن نريد أيضا تجلية هذا الموضوع؟ (¬1) ج: واضح أنه يكون مسلما بالشهادتين، متى أقر بالشهادتين ووحد الله عز وجل، وصدق رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم، دخل في الإسلام، ثم ينظر فإن صلى تم إسلامه وإن لم يصل صار مرتدا، وهكذا لو أنكر الصلاة بعد ذلك صار مرتدا، أو أنكر الصيام قال: ما هو بواجب صيام رمضان، صار مرتدا، أو قال عن الزكاة: زكاة الإسلام ما هي بواجبة، صار مرتدا، أو قال: الحج مع الاستطاعة غير واجب، صار مرتدا، أو استهزأ بالدين، أو سب الرسول صار مرتدا، ينبغي أن يكون واضحا، فهو إذا دخل في الإسلام بالشهادتين، حكم له بالإسلام ثم ينظر بعد ذلك في بقية الأمور، فإن استقام على الحق، تم إسلامه، وإن وجد لديه ما ينقض الإسلام، من سب الدين، من تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم، من جحد لما أوجب الله، من صلاة أو صوم، من جحد ما حرم الله، كما لو قال: الزنى حلال، فإنه يرتد عن الإسلام بهذا، ولو صلى وصام ولو قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، لو قال إن الزنى ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 17.

حلال وهو يعلم بالأدلة، وقد قامت عليه الحجة، يكون كافرا بالله كفرا أكبر نعوذ بالله، أو قال: الخمر حلال وقد بين له، وقد وضحت له الأدلة ثم أصر على القول بأن الخمر حلال يكون كافرا كفرا أكبر، ومرتدا عن الإسلام، نعوذ بالله أو قال مثلا أن العقوق ليس محرما، وهو يعق والديه يقول إنها حلال، يكون مرتدا عن الإسلام نعوذ بالله، أو قال إن شهادة الزور حلال، يكون هذا ردة عن الإسلام، بعد أن يبين له الأدلة الشرعية، كذلك إذا قال: الصلاة ما هي بواجبة، الزكاة ما هي بواجبة، صيام رمضان ما هو بواجب، أو الحج مع الاستطاعة ما هو بواجب، كل هذه نواقض من نواقض الإسلام، يكون بها كافرا، إنما الخلاف إذا قال: الصلاة واجبة، ولكن لا يصلي، هذا محل الخلاف، يكفر أو ما يكفر؟ هو يقول: الصلاة واجبة ولكن أنا أتساهل ما أصلي، فجمهور الفقهاء يقولون: لا يكفر، ويكون عاصيا يستتاب، فإن تاب وإلا قتل حدا، وذهب آخرون من أهل العلم، وهو المقول عن الصحابة رضي الله عنهم، أنه يكفر بها كفرا أكبر، فيستتاب، فإن تاب وإلا قتل كافرا، لقول الله جل وعلا: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (¬1)، فدل ذلك على أن الذي لا يقيم الصلاة، لا يخلي سبيله بل يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وقال: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} (¬2)، فدل على أن الذي لا يقيم الصلاة ولا يصلي ليس بأخ في الدين. ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 5 (¬2) سورة التوبة الآية 11

س: السائلة: أم محمد من الرياض، تقول: سماحة الشيخ يتردد على ألسنة بعض الناس بأن الدين في القلب، هل يصح هذا القول؟ (¬1) ج: الإيمان أصله في القلب، مثلما قال صلى الله عليه وسلم: «التقوى هاهنا، وأشار إلى صدره (¬2)» يعني في القلب، وإذا صلح القلب صلح الجسد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح سائر الجسد، وإذا فسدت فسد الجسد كله (¬3)» هذا صحيح متى صلح القلب وعمره الله بالتقوى، والخشية لله استقام البدن، استقامت الجوارح، في طاعة الله، ومتى خبث القلب بالنفاق والكفر والضلال خبثت الجوارح، وانقادت له. فالأساس هو القلب، متى أصلحه الله وعمره بالتقوى انقادت الجوارح لطاعة الله، ورسوله والكف عن محارم الله، ومتى خبث القلب بالكفر والنفاق والفجور واتباع الهوى، انقادت الجوارح لأعماله السيئة، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 403. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، برقم 52، ومسلم في كتاب المساقات، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، برقم 1599.

حكم قول: أنا مؤمن إن شاء الله

80 - حكم قول: أنا مؤمن إن شاء الله س: سمعت من بعض الناس أنه يقول: إذا فعلت عملا كالصلاة أو كالصوم، أو أي عمل ثان في الدين أو الدنيا، وسئلت هل صليت؟ أو هل صمت؟ أو عملت كذا وكذا؟ لا تقل: إن شاء الله، بل قل: نعم، لأنك عملته فعلا فما رأيكم في مثل هذا؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، أما في العبادات فلا مانع أن يقول: إن شاء الله صليت، إن شاء الله صمت، إن شاء الله تصدقت، لأنه لا يدري هل كملها وقبلت منه أم لا، وكان المؤمنون يستثنون في إيمانهم وفي صومهم، ونحو ذلك نظرا لأنه لا يدري هل كمل أم لم يكمل، فيقول: إن شاء الله يعني إن شاء الله إني صمت صوما طيبا سليما. ويقول: أنا مؤمن إن شاء الله يعني إيمانا صحيحا أو إيمانا أموت عليه، أما الشيء الذي لا يختلف مثل ما يقال: بعت إن شاء الله لا يحتاج إن شاء الله، بعت هذا إن شاء الله، أو تغديت أو تعشيت إن شاء الله، لا يحتاج إن شاء الله في هذا، لأن هذه أمور لا تحتاج إلى المشيئة في الخبر، وإنما هي أمور عادية قد فعلها وانتهى فيها، بخلاف أمور العبادات التي لا يدري هل وفى حقها أم بخسها حقها، فإذا قال: إن شاء الله فهو للتبرك باسمه سبحانه، وللتحرر من دعواه شيئا قد يكون ما أكمله ولا أداه حقه. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 85.

بيان ما يقوى به الإيمان

81 - بيان ما يقوى به الإيمان س: كيف يكون المؤمن قوي الإيمان؟ (¬1) ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير (¬2)» رواه مسلم في الصحيح. المؤمن القوي هو قوي الإيمان، بما عنده من العلم والبصيرة، والخوف من الله مما يجعله قوي الإيمان حتى يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، وينصح الناس ويأمر بالخير، ويكف الأذى، وكلما قوي إيمانه كثرت أعماله الصالحة، وكلما ضعف الإيمان قلت الأعمال الطيبة، فالمؤمن القوي هو الذي رزق بسطة في الدين، وغيرة لله، وتعظيما لله، فهو يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، وينصح لعباد الله، ويحذر السيئات، هكذا يكون المؤمن القوي، والمؤمن الضعيف، هو ضعيف الإيمان، ضعيف البصيرة. ضعيف الخوف من الله، فهذا تقع منه المعاصي في الغالب، لضعف إيمانه وقلة خوفه من الله، نسأل الله السلامة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 332. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله، وتفويض المقادير لله، برقم 2664.

بيان أن الإيمان يزيد وينقص

82 - بيان أن الإيمان يزيد وينقص س: ما كيفية زيادة الإيمان؟ (¬1) ج: الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، فإذا صلى الصلوات الخمس وحافظ عليها مع السنن الرواتب زاد إيمانه، وإذا أخل بالرواتب نقص إيمانه، وإذا أخل بالزكاة نقص إيمانه أو بالصوم نقص إيمانه أو بصلة الرحم نقص إيمانه، وهكذا بالمعصية ينقص الإيمان والطاعات يزيد الإيمان يزيد في صحائف أعماله وفي ميزانه وعند ربه عز وجل كلما أدى طاعة زاد الإيمان، وكلما أدى معصية نقص الإيمان، وكلما ترك كثيرا من الواجبات نقص إيمانه وهكذا. س: سؤالها الثاني تقول كيف أجد حلاوة الإيمان؟ (¬2) ج: بالإقبال على الله والعناية بالعبادة وإحضار القلب فيها وتكفر في عظمة الله وإحسانه وتذكر الجنة والنار والموت كل هذا من أسباب وجود حلاوة الإيمان ... والتلذذ بالمناجاة لربه بالقراءة والدعاء عند استحضار عظمة الله وعند استحضار ذهاب هذه الدنيا وأن العبد صائر إلى ما قدم من خير وشر عند استحضار الإنسان هذه الأمور وعند ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 372. (¬2) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 357.

استحضاره عظمة الله، وأن الله يطلع عليه ويراقبه يحصل له ما يحصل له من خشوع.

بيان ما يزيد به الإيمان ويقوى

83 - بيان ما يزيد به الإيمان ويقوى س: تسأل أختنا وتقول: ما هي نصيحتكم لمن يريد أن يزيد إيمانه بالله ويقويه؟ (¬1) ج: نصيحتي لكل مسلم ولكل مسلمة الإقبال على القرآن العظيم والإكثار من تلاوته، فهو يزيد الإيمان ويزيد التقوى ويحصل به الهدى والثبات كما قال الله عز وجل: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (¬2)، قال سبحانه: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ} (¬3)، وقال عز وجل: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (¬4)، فنصيحتي لكل مسلم ومسلمة الإقبال على كتاب الله والاستكثار من تلاوته بالتدبر والتعقل ليلا ونهارا، ولا سيما في الأوقات المناسبة، كأول النهار وفي أثناء الليل وفي آخر الليل وفي الصلوات مع تدبر ومع سؤال الله التوفيق وأن يعينه على الفهم الصحيح والعمل بكتابه عز وجل، ثم الدعوات ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 138. (¬2) سورة الإسراء الآية 9 (¬3) سورة فصلت الآية 44 (¬4) سورة ص الآية 29

الطيبة، الإنسان يدعو ربه كثيرا ويسأله في أوقات الإجابة بين الأذان والإقامة وكآخر الليل وجوف الليل، وكذلك في السجود وفي آخر الصلاة قبل السلام، كل الأوقات ترجى فيها الإجابة فينبغي للمسلم والمسلمة الإلحاح في هذه الأوقات بالدعوات الطيبة وسؤال الله أن يقوي إيمان العبد وأن يعينه على الخير ويثبته على الهدى. ثم أمر آخر وهو مجالسة الأخيار وصحبة الأخيار والاستفادة من نصائحهم ومواعظهم، هذا أيضا مما يقوي الإيمان ومما يعين على الثبات على الحق والعمل به. نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. س: أنا ولله الحمد أحاول أن أكون ملتزمة، بكل ما أمرني به الله، وبكل ما نهاني عنه فأدعو أن يزيدني الله من فضله، لكن كل ما يؤرقني ويؤلمني أنني لا أبكي من خشية الله، أرجوكم أن ترشدوني إلى العمل الذي يجعلني أبكي من خشية الله (¬1). ج: من أسباب ذلك التفكر في عظمة الله وما أعده إلى أوليائه من النعيم وما أعده لأعدائه من العذاب في دار الهوان في النار، التفكير في هذا كون المسلم والمسلمة يجعل هذا على باله وأنه على خطر في هذه الحياة إلا إذا قبضه الله على الإسلام، والاستقامة يفكر في هذا كثيرا، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 361.

ويسأل ربه أن الله يمنحه رقة القلب وخشوع القلب والبكاء من خشيته سبحانه، يسأل ربه ويضرع إليه فهذا من أسباب حصول البكاء من خشية الله، ومن أسباب ذلك العناية بطيب المطعم كونه يتحرى الكسب الحلال الطيب يبتعد عن الكسب الحرام، كذلك مجالسة الأخيار والحرص على صحبتهم، هذا من أسباب خشوع القلب ودمع العين.

من أسباب ذوق حلاوة الإيمان

84 - من أسباب ذوق حلاوة الإيمان س: يقول هذا السائل عن نفسه سماحة الشيخ أنا مؤمن والحمد لله وقد أديت مناسك الحج والعمرة ومع ذلك لا أشعر بحلاوة الإيمان، فبماذا تنصحونني؟ (¬1) ج: ننصحك باستعمال ما شرع الله جل وعلا من الحرص على الطاعات، وقراءة القرآن الكريم، والإكثار من ذكر الله عز وجل، فإن هذا من أسباب ذوق المحبة، ذوق حلاوة الإيمان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار (¬2)»، فالصدق في محبة الله ورسوله، والإيمان بالله ورسوله، ومحبة إخوانك ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 308. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب حلاوة الإيمان، برقم 16.

في الله، وكراهة الكفر بالله، من أسباب ذوق طعم الإيمان، ويقول صلى الله عليه وسلم: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا (¬1)» ويقول من حديث ابن عباس رضي الله عنه: «من أحب في الله، وأبغض في الله، وأعطى لله، ومنع لله، وجد حلاوة الإيمان (¬2)»، أو قال: «ذاق طعم الإيمان». المقصود أن الإكثار من ذكر الله، ومن قراءة القرآن، والاستقامة على طاعة الله ورسوله، ومحبة الله ورسوله، وأن تحب إخوانك في الله، وأن تكره الكفر وسائر المعاصي، كل هذا من أسباب ذوق طعم الإيمان، ووجود حلاوة الإيمان في قلبك، وأنسك بطاعة الله ورسوله، وتلذذك بذلك، بسبب صدقك في طاعة الله، ومحبة الله سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا، فهو مؤمن، وإن ارتكب المعاصي الكبائر، برقم 34. (¬2) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط، ج9، برقم 9083.

س: منذ سنتين ونصف ابتليت بالوساوس والهواجس والخواطر، التي بعضها لا أستطيع دفعه وأصابني معها شيء من الخوف والقلق، والاضطراب حتى استولت علي هذه الخواطر والوساوس، وأنا خائف منها خوفا شديدا، حيث أخاف أن تضرني في ديني، لأن بعضها في عقيدتي، وإذا سألت بعض أهل العلم، يقول لي: الوسوسة من الإيمان، وإلى الآن لم تزل عني هذه الوساوس والخواطر، وأحيانا يصيبني بعض القنوط، بسبب كثرة الوساوس، فأرجو من سماحتكم توجيهي إلى النجاة من تلك البلية، وبيان الوسوسة التي ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنها من الإيمان، جزاكم الله خيرا (¬1). ج: أصل الوساوس من الشيطان، هو الذي يملي على الإنسان ما يضره، ويشوش عليه دينه وقلبه، كما قال الله جل وعلا: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬2) {مَلِكِ النَّاسِ} (¬3) {إِلَهِ النَّاسِ} (¬4) {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} (¬5)، وهو وسواس عند الغفلة، وخناس عند الذكر، يصغر ويخنس عند ذكر الله عز وجل، فعليك يا أخي أن تكثر من ذكر الله وقراءة القرآن والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فالنبي صلى الله عليه وسلم، لما قال له ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 198. (¬2) سورة الناس الآية 1 (¬3) سورة الناس الآية 2 (¬4) سورة الناس الآية 3 (¬5) سورة الناس الآية 4

الصحابة: يا رسول الله، إن أحدنا ليجد ما لأن يخر من السماء، أحب إليه من أن ينطق به، يجد من الوسوسة أشياء يفضل أن يخر من السماء، ولا ينطق بها لشدتها، فقال: «ذلك صريح الإيمان (¬1)» المعنى أن الشيطان لما يئس منهم، أتاهم بوساوس شديدة خطيرة في دينهم وعقيدتهم لأن يخروا من السماء، أهون عليهم من أن ينطقوا بها، فهذا من كيده الخبيث، فهو صريح الإيمان من جهة ما في قلب المؤمن من كراهتها، وإنكارها والحذر منها، هذا صريح الإيمان ليست الوسوسة من صريح الإيمان، بل كراهتها والخوف منها، كون المؤمن لأن يخر من السماء أسهل عليه من أن ينطق بها، هذا صريح الإيمان في قلوبهم، يعني أن قلوبهم أنكرت تلك الوساوس، ورأت أن السقوط من السماء أهون من النطق بها، كأن يقول له: إن الله غير موجود، أو إن الله لا بأس أن يشرك معه في الدعاء والعبادة، أو يقول كما جاء في الحديث: الله خلق الأشياء فمن خلق الله، وأشباه هذه الوساوس المتعلقة بوجود الله واستحقاقه العبادة، وأنه الخلاق العليم أو متعلقة بالجنة والنار، بأن يوسوس أنه ليس هناك جنة ولا نار، ولا بعث ولا نشور كل هذا من وساوس عدو الله، وإنكار هذه الوساوس من صريح الإيمان، إنكارها واعتقاد بطلانها، هذا هو صريح الإيمان، ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسند المكثرين، مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 8911.

فالمؤمن أرشده النبي صلى الله عليه وسلم: إذا رأى مثل هذا أن يقول: آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، هكذا أمر الصحابة رضي الله عنهم، قال لهم: «إذا وجدتم ذلك فليقل أحدكم: آمنت بالله ورسله وليتعوذ بالله ولينته (¬1)»، هذا هو الدواء لهذا الوساوس الخبيثة، إذا رآها المؤمن يقول: آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويمضي في حاجته، يستمر في حاجته ولا يركن إليها، ولا يلتفت إليها، أما الوساوس الأخرى في صلاته ووضوئه، فهي أيضا من الشيطان يجب ألا يلتفت إليها يجب أن يحذرها، ويتوضأ لا يعيد الوضوء، وإذا صلى لا يعيد الصلاة، بسبب الوساوس، بل يعتقد بأن صلاته صحيحة، ووضوءه صحيح، ولا يلتفت إلى وساوس عدو الله، فإنه حريص على إفساد أعمال بني آدم، وتشويش قلوبهم وإحراجهم، فالواجب الحذر منه بالتعوذ بالله من شره، تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وإذا كنت في الصلاة وكثرت عليك الوساوس، تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وتنفث عن يسارك ثلاث مرات، تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وقد اشتكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه، وقال: يا رسول الله إن الشيطان قد لبس علي صلاتي، فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم أن يتفل عن ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، برقم 3276، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها، برقم 134.

يساره ثلاث مرات، ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات، ففعل عثمان ذلك وزال عنه ذلك الوسواس، فأنت يا أخي إذا كثر الوسواس عليك في صلاتك، أو في وضوئك تتفل عن يسارك تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثلاث مرات والله يعيذك منه سبحانه وتعالى، وهكذا في جميع الأمور تتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وتكثر من ذكر الله وتقول: آمنت بالله ورسله، إذا كان في العقيدة، آمنت بالله ورسله، وبهذا تسلم من عدو الله، ويبطل كيده كما فعله الصحابة، بإرشاد النبي صلى الله عليه وسلم، وأبطل الله كيده عنهم وعافاهم من هذه الوساوس. س: السائل ص. ص. ع. سوداني مقيم في ساجر: في بعض الأحيان وبالذات عندما أكثر من العبادة، وقراءة القرآن يحصل لي وساوس، ولكن دون أن يلفظ لساني، وساوس تريد مني أن أسب الدين مثلا، أو أسب كل شيء من الدين، هل يحاسب الإنسان على وساوس القلب إذا لم يتلفظ بشيء؟ ج: هذا من الشيطان، وليس عليه بأس، لكن يحارب ذلك ويتعوذ بالله من الشيطان، سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا فقال له بعض الصحابة: (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 268.

«يا رسول الله، إن أحدنا يجد في نفسه ما لأن يخر من السماء أهون عليه من أن ينطق به، فقال: تلك الوسوسة فإذا وجد أحدكم ذلك فليقل: آمنت بالله ورسله وليستعذ بالله ولينته (¬1)»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم (¬2)»؛ فالمؤمن لا يضره ذلك لكن يحارب هذه الأشياء، يحارب هذه الخطوات، ويقول: آمنت بالله ورسله، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وينتهي. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الطلاق، باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون، برقم 5269. (¬2) البخاري الطلاق (4968)، مسلم الإيمان (127)، الترمذي الطلاق (1183)، النسائي الطلاق (3433)، أبو داود الطلاق (2209)، ابن ماجه الطلاق (2040).

الذنوب تؤثر على توحيد الله والإيمان به

85 - الذنوب تؤثر على توحيد الله والإيمان به س: ارتكاب بعض المعاصي ولا سيما الكبائر هل تؤثر على الركن الأول من أركان الإسلام؟ (¬1) ج: نعم ارتكاب الكبائر كالزنى وشرب الخمر وقتل النفس بغير حق، وأكل الربا والغيبة والنميمة وما أشبه هذا من المعاصي والكبائر، تؤثر على توحيد الله وفي الإيمان بالله، وتضعفه، وأن الإيمان يكون ضعيفا، لكن لا يكفر كما تقول الخوارج، الخوارج تكفره تجعله كافرا ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (74).

إذا زنا أو سرق أو عق والديه، أو أكل الربا تجعله كافرا، وإن لم يستحل ذلك، هذا غلط من الخوارج، أما أهل السنة والجماعة يقولون: هو عاص، هو ضعيف الإيمان، وناقص الإيمان، وناقص التوحيد، وهذا يضعف شهادته، ويضعف إيمانه، لكن لا يكفر كفرا أكبر، فيكون فيه نقص وفيه ضعف، ولهذا شرع الله في الزاني حدا، إذا كان بكرا يجلد مائة، ويغرب عاما، فلو كان الزنى ردة كان قتل، فدل على أنه ليس بردة، والسارق ما يقتل، تقطع يده، فدل ذلك على أن هذه المعاصي ليست ردة، ولكنها تضعف الإيمان، ونقص في الإيمان، فلهذا شرع الله تأديبهم وتعزيرهم بهذه الحدود، ليتوبوا ويرجعوا إلى ربهم، ويرتدعوا عما حرم عليهم ربهم سبحانه وتعالى، وقالت المعتزلة: إنه في منزلة بين منزلتين، ولكن يخلد في النار إذا مات عليها خالفوا أهل السنة، في تخليد العاصي في النار، ووافقوا الخوارج في ذلك، والخوارج قالوا: يكفر ويخلد في النار جميعا، وطائفة يقال لها المعتزلة هؤلاء قالوا: يخلد في النار، ولكن لا نسميه كافرا، يعني كفرا أكبر، وكلتا الطائفتين قد ضلتا عن السبيل، والصواب قول أهل السنة والجماعة إنه لا يكون كافرا، يعني كفرا أكبر، ولكن يكون عاصيا، ويكون ضعيف الإيمان، ناقص الإيمان، على خطر عظيم من الكفر، ولكن ليس بكافر إذا كان ما استحل ذلك، إذا لم يستحل هذه المعصية بل فعلها وهو يعلم أنها معصية، ولكن حمله عليها الشيطان والهوى، والنفس الأمارة بالسوء، هذا هو قول الحق،

فيكون إيمانه ضعيفا، ويكون توحيده ضعيفا، ولكن لا يكون كافرا، الكفر الأكبر الذي هو ردة عن الإسلام، نعوذ بالله من ذلك، ولا يخلد في النار أيضا، لو مات عليها، إذا مات الزاني على الزنى ما تاب أو على السرقة ما تاب، أو على الرياء ما تاب وهو يعلم أنه محرم، هذا يكون تحت مشيئة الله، إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه على قدر معاصيه، سبحانه وتعالى، العذاب الذي تقتضيه حكمته سبحانه وتعالى، ثم بعد مضي ما حكم الله به يخرجه الله من النار إلى الجنة، هذا هو قول أهل الحق، وهذا الذي تواترت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خلافا للخوارج والمعتزلة، والله يقول سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬1)، فعلق ما دون الشرك بمشيئته سبحانه وتعالى، أما من مات على الشرك فإنه لا يغفر له أبدا، والجنة عليه حرام، نعوذ بالله من ذلك، وهو مخلد في النار أبد الآباد، أما العاصي فإن دخل النار فإنه لا يخلد أبد الآباد، بل يبقى فيها ما شاء الله، قد تطول مدته، ويكون هذا خلودا لكنه خلود مؤقت، ليس مثل خلود الكفار، كما قال تعالى في آية الفرقان لما ذكر المشرك والقاتل والزاني، قال سبحانه: {وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (¬2)، هو خلود مؤقت له نهاية، يعني طويلا، نسأل الله العافية، أما المشرك فخلوده دائم نعوذ ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 48 (¬2) سورة الفرقان الآية 69

بالله، أبد الآباد، ولهذا قال سبحانه في المشركين: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} (¬1)، هكذا في سورة البقرة، وقال في سورة المائدة في حق الكفرة: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} (¬2) نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 167 (¬2) سورة المائدة الآية 37

وجوب الإيمان بالرسل والملائكة

86 - وجوب الإيمان بالرسل والملائكة س: السائل إ. ح، يقول: هل يجب الإيمان بجميع الملائكة والمرسلين؟ (¬1) ج: يجب على كل مؤمن أن يؤمن بالله وملائكته، وكتبه ورسله، هذا من أصول الإيمان لا بد أن يؤمن بالملائكة، وإن لم يعرف أسماءهم، يؤمن أن لله ملائكة أخبر عنهم، سبحانه وتعالى في طاعته، وتنفيذ أوامره من جبرائيل وميكائيل، حملة العرش وغيرهم ويؤمن بالرسل جميعا، وإن لم يعرف أسماءهم، يؤمن بأن الله أرسل الرسل، وأنهم بلغوا الرسالات. ومن سماه الله يؤمن به، كنوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، وداود، وسليمان، من سماه الله آمن به، ومن لم يسم يؤمن بأن لله رسلا، وإن لم يعرف أسماءهم كما يؤمن بخاتمهم ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 427.

محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه رسول الله إلى الجميع، إلى جميع الثقلين، وأنه خاتم الأنبياء لا بد من الإيمان بهذا، من لم يؤمن بهذا فهو كافر، نسأل الله العافية.

بيان أن مع كل إنسان حفظة من الملائكة

87 - بيان أن مع كل إنسان حفظة من الملائكة س: يقول السائل: هل صحيح أنه يوجد كرام كاتبون، يدافعون وينافحون عن المؤمن، إذا خاصمه أحد وهو ساكت ولم يرد؟ ج: ورد في هذا بعض الأحاديث، لكن لا أذكرها على أسانيدها، أما الكتاب فموجودون لأن الله يقول: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ} (¬1) {كِرَامًا كَاتِبِينَ} (¬2) {يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} (¬3)، مع الإنسان حفظة يكتبون أعماله وأقواله، أما الدفاع عنه، والروايات التي فيها الدفاع عنه، هذه محل نظر، يحتاج إلى مراجعة أسانيدها. ¬

_ (¬1) سورة الانفطار الآية 10 (¬2) سورة الانفطار الآية 11 (¬3) سورة الانفطار الآية 12

وجوب الإيمان بالكتب التي أنزلها الله تعالى على رسله

88 - وجوب الإيمان بالكتب التي أنزلها الله تعالى على رسله س: السائل: إ. ح. يقول: ما حكم الإيمان بالكتب السماوية وكم عددها؟ (¬1) ج: الواجب الإيمان بها إجمالا وتفصيلا، إجمالا فيما لم يسم، يؤمن بأن الله أنزل الكتب، على الرسل والأنبياء كما قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} (¬2). يؤمن المؤمن بأن الله أنزل كتبا، على الرسل عليهم الصلاة والسلام، فيها العدل وفيها الشرائع، ويؤمن بما يسمى الله، من التوراة والإنجيل، والزبور، يؤمن بما سمى الله، سمى لنا التوراة على موسى، والإنجيل على عيسى، والزبور على داود، يؤمن بما سمى الله وما بين سبحانه، والقرآن على محمد صلى الله عليه وسلم، فما سمى الله سميناه، وآمنا به نصا، وما أجمله الله أجملناه، وتقول: الله جل وعلا أنزل كتبا على أنبيائه، ورسله نؤمن بها، ونصدق بها، ونعلم أنها حق من عند الله، عز وجل، لكن لا نعلم تفصيلها، إنما نعلم أنه أنزل كتبا، إقامة للحجة، وقطعا للمعذرة، ومنها التوراة، والإنجيل، والزبور، والقرآن، التوراة على موسى، والإنجيل على عيسى، والزبور على داود، والقرآن على خاتم الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 389. (¬2) سورة الحديد الآية 25

بيان أن الإسراء ثابت بالقرآن والسنة

89 - بيان أن الإسراء ثابت بالقرآن والسنة س: سؤال يوجد بعض الناس الذين يقولون بأن الرسول صلى الله عليه وسلم، أسري به ولم يعرج به إلى السماء وذلك لأن الإسراء ذكر في القرآن الكريم والمعراج لم يذكر، ما هو توجيه سماحتكم جزاكم الله خيرا (¬1). ج: الإسراء ثابت بالقرآن والسنة والمعراج، ثبت بالسنة المتواترة عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه عرج به إلى السماء وجاوز السبع الطباق وجاوز السماء السابعة حتى وصل إلى موضوع يسمع فيه صرير الأقلام، وسمع من ربه جل وعلا فرضية الصلوات الخمس، فمن أنكر ذلك يعرف ويبين له بالأدلة الشرعية فإذا أصر وأنكرها كفر، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 355.

بيان أن الإسراء كان بجسده وروحه عليه الصلاة والسلام

90 - بيان أن الإسراء كان بجسده وروحه عليه الصلاة والسلام س: هل كان الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم بالجسد والروح أم بالروح فقط؟ (¬1) ج: كان الإسراء بالجسد والروح جميعا عليه الصلاة والسلام ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم 369.

أسري بجسده وروحه، من مكة إلى الشام ومنها إلى السماء عرج به إلى السماء، حتى جاوز السبع الطباق، حتى جاوز السماء السابعة وانتهى إلى موضع يسمع فيه صرير الأقلام، وكلمه ربه وفرض عليه الصلوات الخمس، سبحانه وتعالى المقصود أنه أسري بروحه وجسده، من مكة إلى الشام ثم عرج به من الشام إلى السماء بروحه وجسده عليه الصلاة والسلام، هذا هو الصواب الذي عليه عامة أهل العلم، والقول بأنه بالروح قول شاذ مخالف للآية الكريمة والأحاديث الصحيحة.

باب ما جاء في القضاء والقدر

باب ما جاء في القضاء والقدر

باب ما جاء في القضاء والقدر 91 - وجوب الإيمان بالقضاء والقدر س: يا شيخ عبد العزيز، الناس يخوضون في موضوع القضاء والقدر، لعل لكم توجيها في ذلك (¬1). ج: هذا باب خاضه الأولون أيضا وغلط فيه الغالط، والواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة التسليم لله والإيمان بقدره سبحانه والحرص على الأخذ بالأسباب النافعة الطيبة والبعد عن الأسباب الضارة، كما علم الله عباده وكما جعل لهم هدى على ذلك بما أعطاهم من العقول والأدوات التي يستعينون بها على طاعته، وترك معصيته سبحانه وتعالى، ولا ننصح بالخوض في القضاء والقدر، بل ينبغي عدم الخوض في هذا الباب، والإيمان بأن الله قدر الأشياء، وعلمها وأحصاها وأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه الخلاق العظيم القادر على كل شيء، وأن جميع الموجودات كلها بخلقه وتكوينه سبحانه وتعالى، وأن الله سبحانه أعطى العبد عقلا ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 150.

وتصرفا وأسبابا وقدرة على الخير والشر، كما يأكل ويشرب، ويلبس وينكح، ويسافر ويقيم وينام ويقوم إلى غير ذلك. كذلك يطيع ويعصي، والذي نخشى على الخائضين في القضاء والقدر أن ينكروه؛ لأن قوما خاضوا فيه فأنكروه كالقدرية النفاة، وقالوا: لا قدر، زعموا أنهم يخلقون أفعالهم، وأن الله ما تفضل عليهم بالطاعة ولا قدر عليهم المعصية، وقوم قالوا: بل تفضل الله بالطاعة، ولكن ما قدر المعصية فوقعوا في الباطل أيضا، وقوم خاضوا في القدر فقالوا: إنا مجبورون، وقالوا: إنهم ليس عليهم شيء، عصوا أو أطاعوا لا شيء عليهم؛ لأنهم مجبورون ولا قدرة لهم، فضلوا وأضلوا، نسأل الله العافية.

بيان أن القدرية مجوس هذه الأمة

92 - بيان أن القدرية مجوس هذه الأمة س: من هم مجوس هذه الأمة شيخ عبد العزيز؟ (¬1) ج: هم القدرية النفاة، الذين نفوا القدر وقالوا: الأمر أنف، فإن المجوس يقولون: إن للعباد إلهين، النور والظلمة، ويقولون: النور خلق الخير، والظلمة خلقت الشر، فشابههم نفاة القدر، حيث جعلوا لله شريكا في أفعالهم، وأنهم يخلقون أفعالهم، نسأل الله العافية. ونصيحتي لكل المسلمين ألا يخوضوا فيه، بل يؤمنون بالقدر ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 150.

ولا يخوضوا في ذلك خوض المبتدعة بل يؤمنون بذلك ويسلمون لذلك، ويعلمون أن الله قدر الأشياء، وعلمها وأحصاها وأن العبد له مشيئة، وله إرادة وله اختيار لكنه لا يخرج بذلك عما قدره الله سبحانه وتعالى.

بيان أن الإنسان مسير ومخير جميعا

93 - بيان أن الإنسان مسير ومخير جميعا س: مستمع يسأل، ويقول: أرجو أن تتفضلوا بإجابتي عن السؤال التالي: هل الإنسان في هذه الحياة مسير أو مخير؟ مع اصطحاب جميع الأدلة؟ وجزاكم الله خيرا (¬1). ج: الإنسان مسير ومخير جميعا، له الوصفان فهو مخير؛ لأن الله أعطاه عقلا وأعطاه مشيئة، وأعطاه إرادة يتصرف بها، فيختار النافع ويدعو الله، يختار الخير ويدع الشر، يختار ما ينفعه، ويدع ما يضره، كما قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} (¬2) {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (¬3)، وقال عز وجل: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} (¬4). فالناس لهم إرادة ولهم مشيئة، ولهم أعمال، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (¬5)، {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (¬6) فلهم أعمال ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 270. (¬2) سورة التكوير الآية 28 (¬3) سورة التكوير الآية 29 (¬4) سورة الأنفال الآية 67 (¬5) سورة الحشر الآية 18 (¬6) سورة النور الآية 30

ولهم إرادات، ولهم مشيئة هم مخيرون فإذا فعلوا الخير، استحقوا الجزاء من الله فضلا منه سبحانه وتعالى، وإذا فعلوا الشر استحقوا العقاب، فهم إذا فعلوا الطاعات فعلوها باختيارهم، ولهم أجر عليها وإذا فعلوا المعاصي، فعلوها باختيارهم وعليهم وزرها وإثمها، والقدر ماض فيهم، هم أيضا مسيرون بقدر سابق، قال جل وعلا: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (¬1)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل شيء بقدر حتى العجز والكيس (¬2)»، وقال سبحانه: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} (¬3)، وقال جل وعلا: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} (¬4)، ولما سأل جبرائيل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره (¬5)»، وقال عليه الصلاة والسلام: «إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء (¬6)». ¬

_ (¬1) سورة يونس الآية 22 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب: القدر، باب: كل شيء بقدر، برقم 2655. (¬3) سورة الحديد الآية 22 (¬4) سورة التغابن الآية 11 (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم 8. (¬6) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام، برقم 2653.

فالله قدر الأشياء سابقا، وعلم أهل الجنة وأهل النار، وقدر الخير والشر والطاعات، والمعاصي كل إنسان يسير فيما قدر الله له، وكل مسير لما خلق له، جاء في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأصحابه ذات يوم: «ما منكم من أحد إلا ويرى مقعده من الجنة ومقعده من النار. قالوا: يا رسول الله، ففيم العمل؟ يعني ما دامت مقاعدنا معروفة من الجنة والنار، ففيم العمل، قال عليه الصلاة والسلام: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسروا لعمل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسروا لعمل الشقاوة، ثم تلا قوله سبحانه: (¬7)»، فأنت يا عبد الله عليك أن تعمل، ولن تخرج عن قدر الله سبحانه وتعالى، عليك أن تعمل وتجتهد بطاعة الله، وتسأل ربك التوفيق، وعليك أن تحذر ما يضرك، وأسأل ربك الإعانة على ذلك، وأنت ميسر لما خلقت له، كل ميسر لما خلق له، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب: (فسنيسره للعسرى)، برقم 4949، أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي، في بطن أمه، وكتابه رزقه وأجله وعمله، وشقاوته وسعادته، برقم 2647، سورة الليل، الآيات 5 - 10. (¬2) سورة الليل الآية 5 (¬1) {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} (¬3) سورة الليل الآية 6 (¬2) {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} (¬4) سورة الليل الآية 7 (¬3) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (¬5) سورة الليل الآية 8 (¬4) {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} (¬6) سورة الليل الآية 9 (¬5) {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} (¬7) سورة الليل الآية 10 (¬6) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}

س: يسأل السائل ويقول: حدث نقاش بيني وبين صديق لي حول مسألة، هل الإنسان مخير أو مسير؟ أفيدونا عن هذا القول، جزاكم الله خيرا (¬1). ج: الإنسان مخير؛ لأن الله أعطاه مشيئة، وأعطاه إرادة فهو يعلم ويعمل، وله اختيار، وله مشيئة، وله إرادة يأتي الخير عن بصيرة وعن علم وعن إرادة، وهكذا الشر، كما قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} (¬2) {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (¬3)، قال سبحانه: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} (¬4) فجعل لهم إرادة، جعل لهم مشيئة، قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (¬5)، {إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} (¬6)، {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (¬7)، فجعل لهم عملا، وجعل لهم صنعا، وجعل لهم فعلا، هم يفعلون الشر والخير، ولهم اختيار، يختار المعصية ويفعلها ويختار الطاعة فيفعلها، له إرادة، وله اختيار، كذلك يختار هذا الطعام ليأكل منه، وهذا الطعام لا يريده يريد هذه السلعة أن يشتريها والأخرى لا يريدها، يستأجر هذه الدار، والأخرى لا يستأجرها، ولا يريدها يزور فلانا والآخر لا يزوره، بمشيئته ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 241. (¬2) سورة التكوير الآية 28 (¬3) سورة التكوير الآية 29 (¬4) سورة الأنفال الآية 67 (¬5) سورة النور الآية 30 (¬6) سورة النمل الآية 88 (¬7) سورة الحشر الآية 18

واختياره، ولكن هذه المشيئة وهذا الاختيار وهذه الإرادة وهذه الأعمال كلها بقدر، فمسير من هذه الحيثية، وأنه بمشيئته واختياره، وأعماله لا يخرج عن قدر الله، بل هو تحت قدر الله كل شيء بقدر حتى العجز والكيس، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول الله عز وجل: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (¬1). فالإنسان في تصرفاته مخير له مشيئة وله اختيار وله إرادة، ولهذا يستحق العقاب على المعصية، ويستحق الثواب على الطاعة؛ لأنه فعل ذلك عن مشيئة وعن إرادة وعن قدرة، ويستحق الثناء على الطاعة والعقاب على المعصية، ولكنه بهذا لا يخرج عن قدر الله، هو ميسر من هذه الحيثية، كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (¬2)، وقال جل وعلا: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} (¬3)، وقال سبحانه: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (¬4)، وقال: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (¬5) فكل شيء لا يقع من العبد إلا بقدر الله. الماضي الذي سبق به علمه، وثبت في الصحيح عن ¬

_ (¬1) سورة القمر الآية 49 (¬2) سورة يونس الآية 22 (¬3) سورة الحديد الآية 22 (¬4) سورة القمر الآية 49 (¬5) سورة التكوير الآية 29

عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وعرشه على الماء (¬1)»، وقال صلى الله عليه وسلم: «كل شيء بقدر حتى العجز والكيس (¬2)» رواه مسلم في الصحيح، كله بقدر، فأنت مخير ومسير جميعا، مخير لأنه لك إرادة ومشيئة وعمل باختيارك، تفعل هذا وهذا، تفعل الطاعة باختيار، تصلي باختيار، وتصوم باختيار، تقع المعصية منك باختيار من الغيبة، أو النميمة، أو الزنى، أو شرب المسكر، كله باختيار منك وفعل وإرادة، تبر والديك باختيار، وتعقهما كذلك، فأنت مأجور على البر ومستحق للعقاب على العقوق، وهكذا تثاب على الطاعات، وتستحق العقاب على المعاصي، وهكذا تأكل وتشرب، وتذهب وتجيء، وتسافر وتقيم، كله باختيار، فهذا معنى كونك مخيرا، ومسير يعني: أنك لا تخرج عن قدر الله، هو الذي يسيرك سبحانه وتعالى له الحكمة البالغة فكل شيء لا يخرج عن قدر الله، والله ولي التوفيق. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام، برقم 2653. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب كل شيء بقدر، برقم 2655.

س: لا أدري هل يجوز أن أسأل مثل هذا السؤال أم لا؟ هل الإنسان مخير أو مسير في هذه الحياة؟ وجزاكم الله خيرا (¬1). ج: الإنسان مخير ومسير جميعا؛ مخير له الأعمال وله عقل وتصرف وله سمع وبصر يختار الخير ويبتعد عن الشر يأكل ويشرب باختياره، يجتنب ما يضره باختياره يأتي ما ينفعه باختياره، وإنه مسير بأنه لا يتعدى قدر الله يقول سبحانه: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (¬2)، قال تعالى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (¬3)، {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (¬4)، فله مشيئة وله اختياره: {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (¬5)، {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (¬6)، له فعل وله اختيار، وله إرادة، يقول سبحانه: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} (¬7)، ويقول جل وعلا: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} (¬8) {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (¬9)، فمشيئة الله نافذة وقدره نافذ، فهو من هذه الحيثية مسير لا يخرج عن قدر الله، وهو مع ذلك مخير له فعل وله مشيئة وله إرادة، يأتي الخير بإرادته ويدع الشر بإرادته، يأكل بإرادته، ويمسك بإرادته، يسافر بإرادته، ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 371. (¬2) سورة يونس الآية 22 (¬3) سورة الكهف الآية 29 (¬4) سورة الإنسان الآية 30 (¬5) سورة الحشر الآية 18 (¬6) سورة الصف الآية 3 (¬7) سورة الأنفال الآية 67 (¬8) سورة التكوير الآية 28 (¬9) سورة التكوير الآية 29

ويقيم بإرادته، يخرج إلى السيارة وغيرها بإرادته، يجلس بإرادته، ولهذا يستحق العقاب على المعاصي، ويستحق الثواب على الطاعات، له اختيار وله فعل مثاب على صلاته وعلى صومه وصدقاته وطاعاته لله وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ومثاب على هذا إذا فعله لله يستحق العقاب على معاصيه؛ من الزنى، من التهاون بالصلاة، ومن أكل الربا والغيبة والنميمة إلى غير هذا، وله فعل وله اختيار، ولكن بفعله واختياره لا يسبق مشيئة الله ولا يخرج عن قدر الله. س: هل الإنسان مسير أم مخير؟ (¬1) ج: هو مخير ومسير، هو مخير كما قال الله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (¬2)، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (¬3)، فهو مسير من جهة أن قدر الله نافذ فيه، وأن الله قد سبق فيه علمه، كل ما يفعله العباد قد قدر الأمور وقضاها وكتبها عنده، ولكن أعطى العبد عقلا وسمعا وبصرا واختيارا وفعلا، فهو يعمل ويكدح بمشيئته وإرادته، ولكنه بذلك لا يخرج عن مشيئة الله، ولا عن قدر الله السابق، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة رضي الله عنهم ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 216. (¬2) سورة التكوير الآية 29 (¬3) سورة يونس الآية 22

وأرضاهم: «ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة، ومقعده من النار، قالوا: يا رسول الله أفنتكل على كتابنا، وندع العمل؟ قال عليه الصلاة والسلام: اعملوا فكل ميسر لما خلق له؛ أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم تلا قوله سبحانه: (¬7)». فعلى العبد أن يعمل ويكدح ويجتهد في طاعة الله، ويحذر معاصيه سبحانه وتعالى، وليس له أن يحتج بالقدر، قدر الله نافذ في عباده، ولكنه جعل للناس أسماعا وأبصارا وعقولا، وأعطاهم قوى وأمرهم بالأسباب. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب: (فسنيسره للعسرى)، برقم 4949، ومسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله عمله وشقاوته وسعادته، برقم 2647. (¬2) سورة الليل الآية 5 (¬1) {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} (¬3) سورة الليل الآية 6 (¬2) {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} (¬4) سورة الليل الآية 7 (¬3) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (¬5) سورة الليل الآية 8 (¬4) {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} (¬6) سورة الليل الآية 9 (¬5) {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} (¬7) سورة الليل الآية 10 (¬6) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}

س: يقول هذا السائل: قرأت في كتاب إحياء علوم الدين للغزالي، بأن الإنسان خلق ملزما بأعماله سواء كانت خيرا أم شرا، وليس له الاختيار واستدل بقوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (¬1)، واستدل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول: «بأنه يكتب على كل إنسان وهو في بطن أمه عمله شقي أم سعيد (¬2)» وقرأت في بعض الكتب بأن الإنسان مخير في أعماله بدليل قول الله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} (¬3) فأنا الآن في حيرة فما هو القول الصحيح؟ ج: أهل السنة والجماعة على أن العبد مخير ومسير، لا يخرج عن قدر الله، والله أعطاه سبحانه العقل يتصرف يأكل ويشرب، ويعمل ويأمر وينهى، يسافر ويقيم له أعمال، كما قال تعالى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} (¬4) {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (¬5) فجعل لهم مشيئة، ¬

_ (¬1) سورة التكوير الآية 29 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، برقم 3208، ومسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، برقم 2643. (¬3) سورة فصلت الآية 40 (¬4) سورة التكوير الآية 28 (¬5) سورة التكوير الآية 29

فقال: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} (¬1)، وقال: {إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (¬2)، {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (¬3) فالعباد لهم أفعال، يأمرون وينهون، ويسافرون ويقيمون، ويصلون وينامون، ويعادون ويحبون، لهم أعمال لكنهم لا يخرجون عن قدر الله، الله قدر الأشياء في سابق علمه سبحانه وتعالى، لا يخرجون عن قدر الله، لكن ليسوا مجبورين، بل هم مختارون، لهم اختيار ولهم عمل، ولهذا خاطبهم الله وأمرهم ونهاهم، وأخبر عن أعمالهم: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} (¬4) {عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬5)، {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (¬6)، «اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم (¬7)»، لأهل بدر إلى غير ذلك. فالواجب على المؤمن أن يعرف هذا، فأهل السنة والجماعة يقولون: العبد مختار، له فعل وله اختيار، وله إرادة وله عمل، لكنه لا يخرج عن قدر الله، ثبت في الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ¬

_ (¬1) سورة المدثر الآية 55 (¬2) سورة البقرة الآية 110 (¬3) سورة النور الآية 30 (¬4) سورة الحجر الآية 92 (¬5) سورة الأعراف الآية 139 (¬6) سورة النور الآية 30 (¬7) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب الجاسوس، برقم 3007، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل أهل بدر رضي الله عنهم، برقم 2494.

«إن الله قدر مقادير الخلائق، قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء (¬1)»، وكذا قدر أعمال العبد في بطن أمه بعد مضي الشهر الرابع، يكتب رزقه وأجله وعمله، وشقي أو سعيد، ما يخرج عن قدر الله، لكن له أعمال وله تصرفات، لا يخرج بها عن قدر الله، فهو يسافر، يصلي، يصوم، يزني، يسرق، يعق، يقطع الرحم، يطيع، يسافر، يصل فلانا، يقطع فلانا، يرحم فلانا ويؤذي فلانا، يحسن إلى فلان ويسيء إلى فلان، له أعمال طيبة وخبيثة فهو مأجور على الطيبة، ومأزور على الخبيثة، والله يجازيه على أعماله الطيبة والخبيثة، على الطبية بالجزاء الحسن، وعلى أعماله الرديئة، بما يستحق وقد يعفو إذا كان موحدا، فهو سبحانه العفو العظيم جل وعلا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني (¬2)»، لما سئل فقيل: «يا رسول الله، إذا كانت منازلنا في الجنة معلومة، لما قال لهم: ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة، ومقعده من النار، قالوا: يا رسول الله إذا كان هذا قد سبق في علم الله، ففيم العمل؟ كيف نعمل؟ قال: اعملوا، فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام، برقم 2653. (¬2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار، برقم 24856.

الشقاوة، ثم قرأ قوله تعالى: (¬7)»، ويقول جل وعلا: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (¬8)، فالعبد مسير بقدر الله، لكن له اختيار وله مشيئة، وله عمل، يجازى على عمله الطيب، ويستحق العقاب على عمله الرديء، إلا أن يعفو الله، كما أخبر سبحانه بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬9) قد يغفر عن بعض المعاصي لمن يشاء سبحانه وتعالى، إذا مات على التوحيد، وهكذا في الدنيا قد يعفو ويصفح عن بعض عباده فضلا منه وإحسانا سبحانه وتعالى، وقد يعاقب على السيئات في الدنيا قبل الآخرة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب: (فسنيسره للعسرى) برقم 4949، ومسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، برقم 2647. (¬2) سورة الليل الآية 5 (¬1) {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} (¬3) سورة الليل الآية 6 (¬2) {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} (¬4) سورة الليل الآية 7 (¬3) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (¬5) سورة الليل الآية 8 (¬4) {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} (¬6) سورة الليل الآية 9 (¬5) {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} (¬7) سورة الليل الآية 10 (¬6) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} (¬8) سورة يونس الآية 22 (¬9) سورة النساء الآية 48

س: هل الإنسان مسير أم مخير، في أعماله الصالحة وغير الصالحة، وجهونا في ضوء هذا السؤال؟ (¬1) ج: الإنسان مسير ومخير، مسير لا يخرج عن قدر الله، مهما فعل فهو تحت قدر الله، ومخير لأن له عقلا وفعلا واختيارا، أعطاه الله عقلا وأعطاه الله فعلا واختيارا، فهو يفعل باختياره ويدع باختياره، ولهذا تعلقت به التكاليف، واستحق الجزاء على أعماله الطيبة بالجزاء الحسن والرديء بالجزاء السوء: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} (¬2)، {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} (¬3)، {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} (¬4)، ويقول جل وعلا: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} (¬5) {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} (¬6) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (¬7) {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} (¬8) {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} (¬9)، ويقول جل وعلا: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (¬10)، والنبي سئل لما قال لصحابته: «ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة، ومقعده من النار (¬11)»، وفي اللفظ الآخر: «قد كتب مقعده من الجنة، ومقعده من النار، قالوا: يا رسول الله، ففيم العمل؟ ما دامت مقاعدنا معلومة، ما دمنا مكتوبين ففيم العمل؟ قال: ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 381. (¬2) سورة الرحمن الآية 60 (¬3) سورة الشورى الآية 40 (¬4) سورة النجم الآية 31 (¬5) سورة الليل الآية 5 (¬6) سورة الليل الآية 6 (¬7) سورة الليل الآية 7 (¬8) سورة الليل الآية 8 (¬9) سورة الليل الآية 9 (¬10) سورة يونس الآية 22 (¬11) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب: (فسنيسره للعسرى) برقم 4949، ومسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، برقم 2647.

اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة، فييسرون لعمل السعادة، وأما أهل الشقاوة، فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ قوله سبحانه: (¬7)»، وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (¬8) {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (¬9)، وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (¬10)، وقال تعالى: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} (¬11)، فدل على أن الأسباب يترتب عليها مسبباتها، فمن يتقي الله يسر الله أموره، ويفرج كرباته، ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن عصى الله وخالف أوامره، فقد تعرض لغضب الله وسخطه، وتعسير أموره، نسأل الله العافية. س: هناك قسم من الناس، يقولون: إن كل الأعمال التي يعملها الإنسان، هي من إرادة الله، رجاء أن توضحوا هذه المسألة، هل الإنسان مخير أو مسير؟ (¬12) ج: هذه المسألة قد يلتبس أمرها على بعض الناس، والإنسان ¬

_ (¬1) البخاري تفسير القرآن (4664)، مسلم القدر (2647)، الترمذي تفسير القرآن (3344)، أبو داود السنة (4694)، ابن ماجه المقدمة (78)، أحمد (1/ 133). (¬2) سورة الليل الآية 5 (¬1) {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} (¬3) سورة الليل الآية 6 (¬2) {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} (¬4) سورة الليل الآية 7 (¬3) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (¬5) سورة الليل الآية 8 (¬4) {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} (¬6) سورة الليل الآية 9 (¬5) {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} (¬7) سورة الليل الآية 10 (¬6) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} (¬8) سورة الطلاق الآية 2 (¬9) سورة الطلاق الآية 3 (¬10) سورة الطلاق الآية 4 (¬11) سورة الأنفال الآية 29 (¬12) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 56.

مخير ومسير، مخير لأن الله أعطاه إرادة اختيارية، وأعطاه مشيئة يتصرف بها في أمور دينه ودنياه، فليس مجبرا ومقهورا، فله اختيار وله مشيئة، وله إرادة كما قال عز وجل: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} (¬1) {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (¬2)، وقال سبحانه: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} (¬3) {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} (¬4)، وقال سبحانه: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (¬5)، وقال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} (¬6). فالعبد له اختيار، وله إرادة وله مشيئة لكن هذه الإرادة وهذه المشيئة لا تقع إلا بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى، فهو جل وعلا المصرف لعباده والمدبر لشئونهم، فلا يستطيعون أن يشاءوا شيئا، أو يريدوا شيئا إلا بعد مشيئة الله لهم وإرادته الكونية القدرية سبحانه وتعالى، فما يقع في العباد وما يقع منهم، كله بمشيئة من الله سابقة وقدر سابق، فالأعمال والأرزاق والآجال والحروب، وانتزاع الملك وقيام الملك، وسقوط دولة وقيام دولة، كله بمشيئة الله سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (¬7) فالمقصود أنه جل وعلا له إرادة في ¬

_ (¬1) سورة التكوير الآية 28 (¬2) سورة التكوير الآية 29 (¬3) سورة المدثر الآية 55 (¬4) سورة المدثر الآية 56 (¬5) سورة الأنفال الآية 67 (¬6) سورة الإسراء الآية 18 (¬7) سورة آل عمران الآية 26

عباده، وله مشيئة لا يتخطاها العباد، ويقال لها الإرادة الكونية، والمشيئة فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ومن هذا قوله سبحانه: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} (¬1)، وقال تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (¬2)، فالعبد له اختيار، وله إرادة ولكن اختياره وإرادته تابعتان لمشيئة الله، وإرادته سبحانه وتعالى، فالطاعات بقدر الله، والعبد مشكور عليها مأجور، والمعاصي بقدر الله والعبد ملوم عليها، ومأزور والحجة قائمة، والحجة لله وحده سبحانه وتعالى: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} (¬3)، سبحانه وتعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} (¬4)، فهو سبحانه لو شاء لهداهم جميعا، ولكن له الحكمة البالغة حيث جعلهم قسمين: كافرا ومسلما، وكل شيء بإرادته سبحانه وتعالى ومشيئته. فينبغي للمؤمن أن يعلم هذا جيدا، وأن يكون على بينة في دينه، فهو مختار له إرادة وله مشيئة يستطيع أن يأكل ويشرب، ويضارب ويتكلم ويطيع ويعصي ويسافر ويقيم ويعطي فلانا ويحرم فلانا إلى غير هذا هو له مشيئة في هذا، وله قدرة وليس مقهورا ولا ممنوعا، ولكن هذه الأشياء التي تقع منه لا تقع إلا بعد سبقها من الله بعد أن تسبق ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 125 (¬2) سورة يس الآية 82 (¬3) سورة الأنعام الآية 149 (¬4) سورة الأنعام الآية 35

إرادة الله ومشيئته لهذا العمل: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} (¬1) {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (¬2) وهو سبحانه المسير لعباده كما قال عز وجل: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (¬3) هو المسير لعباده وبيده نجاتهم وسعادتهم، وضلالهم وهلاكهم، هو المصرف لعباده، يهدي من يشاء ويضل من يشاء سبحانه وتعالى، يعطي من يشاء، ويحرم من يشاء، ويسعد من يشاء، ويشقي من يشاء، لا أحد يعترض عليه سبحانه وتعالى، فينبغي لك يا عبد الله أن تكون على بصيرة في هذا الأمر، وأن تتدبر كتاب ربك وسنة نبيك عليه الصلاة والسلام، حتى تعلم هذا واضحا في الآيات والأحاديث، فالعبد مختار وله مشيئة، وله إرادة، وفي نفس الأمر ليس له شيء من نفسه، بل هو مملوك لله عز وجل، مقدور لله سبحانه وتعالى، يدبره كيف يشاء سبحانه وتعالى، مشيئة الله نافذة، وقدره السابق ماض فيه ولا حجة له في القدر السابق، فالله يعلم أحوالهم، ولا تخفى عليه خافية سبحانه وتعالى، وهو المدبر لعباده والمصرف لشؤونهم جل وعلا، وقد أعطاهم مشيئة وإرادة واختيارا يتصرفون بذلك. ¬

_ (¬1) سورة التكوير الآية 28 (¬2) سورة التكوير الآية 29 (¬3) سورة يونس الآية 22

حكم سب الإنسان الحظ والبخت

94 - حكم سب الإنسان الحظ والبخت س: ما رأي سماحتكم في سب الإنسان حظه أو بخته؛ لأن هذا كثيرا ما يتردد على ألسنة البعض هل في ذلك إثم؟ (¬1) ج: نعم، لا يجوز سب الحظ، وكذا البخت لا يجوز سبه، فهذا قدر الله وما شاء فعل، يسأل ربه التوفيق والإعانة، وأن يسهل أموره، ويقضي حاجاته، ولا يسب حظه ولا بخته. السب ممنوع، لا يسب الإنسان زمانه، ولا حظه وبخته ولا مكانه، ولكن يستغفر الله، ويسأل ربه التوفيق، ويتوب إلى الله من معاصيه وما أصابه فقد يكون بذنب، يجب عليه التوبة إلى الله منه مثل ما قال الله جل وعلا: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (¬2)، وقال سبحانه: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} (¬3) المقصود أن المؤمن والمؤمنة، عليهما أن يتوبا إلى الله دائما وأن يحاسبا أنفسهما، وأن يحذرا المعصية من سب أو غيره. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 325. (¬2) سورة الشورى الآية 30 (¬3) سورة النساء الآية 79

بيان أن الله خلق للجنة أهلا وخلق للنار أهلا فكل ميسر لما خلق له

95 - بيان أن الله خلق للجنة أهلا وخلق للنار أهلا فكل ميسر لما خلق له س: سؤال الأخ فيه شيء من الغرابة، وهو: يقول بعض الناس: كيف أن الله لا يهديك إلى الإسلام ويدخلك النار؟ (¬1) ج: الله حكيم عليم سبحانه وتعالى، خلق خلقا إلى الجنة بأسمائهم وأسماء آبائهم، وقدر أعمالهم وخلق خلقا آخرين إلى النار، وقدر أعمالهم وهو الحكيم العليم، سبحانه وتعالى فالذين قدر لهم أنهم من الجنة يوفقون لأعمال أهل الجنة، والذين كتب الله أنهم من أهل النار يسيرون لأعمال أهل النار فيعملون بذلك، كما قال عز وجل: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} (¬2) {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} (¬3) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (¬4) {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} (¬5) {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} (¬6) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} (¬7) " فالجنة أهلها معلومون، والنار أهلها معلومون، وكل ميسر لما خلق له، وقد مضى في علم الله وقدره السابق كتابة هؤلاء وكتابة هؤلاء، وكل ميسر لما كتب الله له، كل له مشيئة وله اختيار، وله إرادة وله عمل، هذا يعمل بعمل أهل الجنة فيكون لها، وهذا يعمل بعمل أهل النار فيكون من أهل النار، وقدر الله سابق للجميع، وحجته غالبة قائمة سبحانه وتعالى، وهو لا يعذب أحدا إلا بعمله لا بمجرد القدر، القدر سابق لا يقع في علم الله إلا بأمره ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 100. (¬2) سورة الليل الآية 5 (¬3) سورة الليل الآية 6 (¬4) سورة الليل الآية 7 (¬5) سورة الليل الآية 8 (¬6) سورة الليل الآية 9 (¬7) سورة الليل الآية 10

سبحانه وتعالى، ولا يقع في ملكه إلا ما يريد، قد قضى علمه وقدره، لكن هؤلاء الناس منهم من يعمل بأعمال أهل الجنة فيدخلها، ومنهم من يعمل بأعمال أهل النار فيدخلها بمشيئته وإرادته واختياره، كما أنه يأكل باختياره ويشرب باختياره، ويزور من يشاء باختياره، يخرج ويدخل باختياره، وهكذا يفعل المعصية باختياره، يشرك باختياره، يزني باختياره، يعق والديه، يزني، يشرب الخمر بأعمال يختارها هو كما أنه يصلي ويصوم ويتصدق باختياره، فكما يثاب على هذه الطاعات، يعاقب على هذه المعاصي، إلا أن يعفو الله عنه، إذا كان مسلما فقد يعفى عن بعض سيئاته لحسنات فعلها ولأعمال صالحة قدمها، وقد يعفو الله عنه فضلا منه وإحسانا، وقد يعاقب على بعض السيئات التي يموت عليها، لم يتب لكن كل شيء بقدره، القدر ماض ولا حجة في القدر؛ لأن العبد له مشيئة وله اختيار، وله إرادة وله عمل يستحق الثواب عليه والعقاب عليه.

حكم قول: من حسن الحظ

96 - حكم قول: من حسن الحظ س: تسأل أختنا وتقول: قول صدفة وقول من حسن الحظ هل هو جائز أو لا؟ (¬1) ج: لا أعلم فيه شيئا إذا صادف شيئا، بأن وافق أخا له في الله من غير موعد في الطريق أو عند بعض الإخوان، فقال: وافقت فلانا صدفة، يعني من غير موعد، لا بأس بهذا، أو قال: من حسن الحظ، أو من توفيق الله أن صادفت فلانا، أو سلمت على فلان، أو طفت بالبيت العتيق، أو صليت الضحى أو أمرت بالمعروف أو نهيت عن المنكر ونحو هذا الكلام، لا بأس بذلك هذا من حظه الطيب، كما قال تعالى في الصابرين المتقين: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (¬2) فمن رزقه الله الاستقامة أو يسر الله له ما يحبه، فهو من حسن الحظ الذي يسره الله له، وإذا لقي أخا له من غير موعد، وقال: لقيته صدفة، أو لقيت الجماعة الفلانية صدفة، فلا بأس بذلك؛ لأنه من غير موعد. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 148. (¬2) سورة فصلت الآية 35

حكم قول: شاء الحظ التعيس

97 - حكم قول: شاء الحظ التعيس س: يقول السائل: عبارات كثيرة تتردد على ألسنة بعض الناس من هذه الأقوال: شاء الحظ التعيس (¬1). ج: لا يجوز أن يقول: شاء الحظ، ولا شاءت قدرة الله، ولا شاءت إرادة الله، يقول: شاء الله سبحانه، شاء الله كذا، شاء ربي كذا، شاء الرحمن كذا، ولا يقول: شاء الحظ، أو شاءت إرادة الله، أو شاءت الظروف، كل هذا لا يجوز. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم 409.

بيان أن الدعاء من القدر

98 - بيان أن الدعاء من القدر س: هل الدعاء يغير المكتوب عند الله تعالى؟ (¬1) ج: الدعاء من القدر، والمكتوب لا يتغير، فالقدر قدران قدر محتوم لا حيلة فيه، وقدر معلق، فيكون بعض القدر معلقا بالدعاء فإن دعا زال المعلق، قد يكون معلقا: أن الله جل وعلا يتوب عليه إذا صلى، إذا صام، إذا فعل كذا، هذا قدر معلق الله جل وعلا يرفعه عنه بما فعل من الطاعات، والأعمال الصالحات والتوبة، فالأقدار تعالج بالأقدار، مثل ما قال عمر لما أشار عليه الصحابة في غزوته للشام ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 380.

ووقوع الطاعون أشاروا عليه بالرجوع وأشار بعضهم بعدم الرجوع، ثم استقر أمره على الرجوع إلى المدينة وعدم القدوم على الطاعون فقالوا: تفر من قدر الله، فقال رضي الله عنه: نفر من قدر الله إلى قدر الله، الله أمرنا بألا نقدم على هذا المرض فإذا تركنا القدوم عليه فقد فررنا من قدر الله إلى قدر الله، ثم جاء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فأخبر عمر: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بألا يقدم عليه، ففرح عمر بذلك (¬1) بأن الله وفقه لما جاء به النص بعد ما استشار الصحابة، وهكذا الإنسان تصيبه الحمى فيتعاطى الأسباب يفر من قدر الله إلى قدر الله، يجوع يأكل حتى يزول الجوع يفر من قدر الله إلى قدر الله، يصيبه الحر فيشرب الماء البارد، أو يستحم يفر من قدر الله إلى قدر الله، يصيبه مرض في عينيه فيعالجها، بأنواع العلاج يفر من قدر الله إلى قدر الله، وهكذا أنواع كله يفر من قدر الله إلى قدر الله. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب ما يذكر في الطاعون، برقم 5729، ومسلم في كتاب السلام، باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها، برقم 2219.

بيان أن الدعاء من أسباب رد القدر المعلق

99 - بيان أن الدعاء من أسباب رد القدر المعلق س: في الحديث يا سماحة الشيخ يقول: هل الدعاء يرد القدر؟ وكيف ذلك؟ (¬1) ج: نعم، الدعاء من أسباب رد القدر المعلق، والقدر يكون معلقا ويكون مبتوتا، فإذا كان قدرا معلقا، قد قدر الله جل وعلا، أن يهبه ولدا، إذا دعا ربه، فدعا ربه واستجاب دعوته، هذا معلق بالدعاء، أو قدر الله له مالا، إذا دعا ربه في طلب ذلك المال، فإذا دعا ربه يسر الله له المال المعلق، على هذا الدعاء، أو طلب زوجة، طلب أن يزوجه فلانة، والله قد قدر له ذلك بهذا الطلب، قد علق القدر بهذا الطلب، أن فلانا قدر الله في سابق علمه، أنه يسأل ربه أن الله يزوجه فلانة بنت فلان، فإذا ألهمه الله الدعاء ووفقه للدعاء، حصل المقدور المعلق، أما الأقدار المبتوتة التي ليست معلقة، هذه ما تتعلق بالدعاء، الموت المحدود في يوم معلوم، دون دعاء، إذا جاء يوم موته، المحدود مات، دعا أو لم يدع. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والخمسون من الشريط رقم 43.

س: م. س. من العراق رسالة ضمنها سؤالين: سؤاله الأول يقول: سمعت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال حديثا معناه: إن الجنين في بطن أمه يكتب له الشقاء والسعادة، فهل الشقاء على وتيرة واحدة، أو السعادة على وتيرة واحدة أم أنها درجات؟ وهل في الدنيا أم في الآخرة، أم في الآخرة والدنيا؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: هذا حديث صحيح رواه البخاري ومسلم في الصحيح من حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخبر أن الجنين إذا مضى عليه ثلاثة أطوار: كل طور أربعون يوما، يعني أربعة أشهر، يدخل عليه ملك، ويأمر الله بكتب رزقه وأجله، وعمله ويكتب شقي أو سعيد، إما من أهل النار أو من أهل الجنة، فالشقي من أهل النار، والسعيد من أهل الجنة، والله جل وعلا يكتب أعماله كلها، ولا يمنع في هذا الأمر والنهي، فالقدر ماض في أمر الله، ولكن على العبد أن يعمل، مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما قال الصحابة لرسول الله: «إذا كانت الأعمال تكتب شقاء وسعادة، فلماذا العمل؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فميسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فميسرون لعمل أهل الشقاوة (¬2)»، فالعبد ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 279. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب: (فسنيسره للعسرى) برقم 4949، ومسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، برقم 2647.

على ما كتب له، إن كتب له الشقاوة في الدنيا والآخرة فهو شقي، وإن كتب له السعادة فهو سعيد في الدنيا والآخرة، يكتب له شقاوة في الدنيا دون الآخرة، أو شقاوة في الآخرة دون الدنيا وقد يعمل بعمل أهل الجنة في الدنيا، ثم يموت على أعمال أهل النار، فيدخل النار، نسأل الله السلامة، وقد يكون شقيا في الدنيا بأعمال أهل النار، ثم يكتب الله له التوبة، فيتوب عند موته، قبل أن يموت، فيكون من أهل السعادة، فكل شيء يكتب عليه، شقاوته وسعادته في الدنيا والآخرة، لكن مع هذا كله الواجب عليه العمل الواجب عليه أن يتقي الله، وألا يقول هذا كتب علي وأنا أجلس، لا، مثل ما أمر النبي الصحابة قال: «اعملوا فكل ميسر لما خلق له (¬1)»، والله يقول سبحانه: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} (¬2). فالإنسان مأمور بالعمل، ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن (¬3)» فكل إنسان مأمور بأن يطيع الله ورسوله، مأمور بأن يكسب الحلال، مأمور بأن يبتعد عن أسباب الشر، مأمور بأن يحذر الخطر، منهي أن يقتل نفسه، مأمور ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب: (فسنيسره للعسرى) برقم 4949، ومسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه، برقم 2647. (¬2) سورة التوبة الآية 105 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز، برقم 2664.

بالكف عن المعاصي إلى غير ذلك، فعليه أن يمتثل للأوامر، ويحذر النواهي ويجتهد في ذلك، ولا يتأخر عن شيء أمر الله به، ولا يقدم على شيء نهى الله عنه، وهو مع هذا ميسر لما خلق له. س: الأخت: أ. ح. تسأل وتقول: أيهما يتحكم في الآخر، الأجل أم الصحة؟ (¬1) ج: الأمر إلى الله في هذا سبحانه وتعالى، ليس لهذا ولا لهذا تحكم، بل الأمر راجع إلى قدر الله وحكمته سبحانه وتعالى، فمن قدر الله له تمام الصحة واستمرارها حصل ذلك، ومن قدر الله عليه الأمراض حصل ذلك، كل شيء بقضائه وقدره سبحانه وتعالى، «كل شيء بقدر حتى العجز والكيس (¬2)» يقول جل وعلا: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (¬3)، ويقول سبحانه: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (¬4)، فإذا نزل المرض فهو بمشيئة الله، وقد شرع الله علاجه، واتخاذ الأسباب التي تزيله، كما شرع الأسباب التي تقي منه قبل وقوعه من توقي أسباب الشر والبعد عن أسباب ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 280. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب كل شيء بقدر، برقم 2655. (¬3) سورة التغابن الآية 11 (¬4) سورة الحديد الآية 22

الشر، ليتوقى ما يضره ويبتعد عما يضره بالأسباب التي شرعها الله، كما يتعاطى أسباب الصحة والعافية بالأسباب التي شرعها الله، فيأكل ويشرب، ويتقي ما يضره، لأن الله أمر بذلك، ويعالج الأمراض، لقوله صلى الله عليه وسلم: «تداووا ولا تداووا بحرام (¬1)»، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله (¬2)»، فإذا أراد الله غلبة المرض: استمر المرض، وصار لا يرجى برؤه، وإذا أراد الله استمرار الصحة، استمرت الصحة وقل المرض، وقد يبتلى الإنسان بهذا وهذا تارة وهذا تارة، ولا سيما المسلم، يبتلى بالأمراض ليكفر الله بها من خطاياه، ويحط بها من سيئاته، كما في الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يصب منه (¬3)»، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أصاب مسلما من هم ولا غم ولا نصب، ولا وصب، ولا أذى إلا كفر الله به من خطاياه حتى الشوكة (¬4)». ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الطب، باب في الأدوية المكروهة، برقم 3874. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الكوفيين، حديث أسامة بن شريك رضي الله عنه، برقم 17988. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب المرض، باب ما جاء في كفارة المرض، برقم 5645. (¬4) أخرجه البخاري في كتاب المرض، باب ما جاء في كفارة المرض، برقم 5642.

حكم قول: شاءت الأقدار

100 - حكم قول: شاءت الأقدار س: السائل ي. ع. ع. من الدمام يقول في هذا السؤال: كثيرا ما نسمع هذه الأيام عبارة شاءت الأقدار، لو شاءت الظروف، فهل في هذه العبارات شرك بالله عز وجل؟ (¬1). ج: لا يجوز هذا الكلام شاءت الظروف أو شاءت الأقدار، كل هذا لا يصح، بل يقال: شاء الله سبحانه، شاء ربنا، شاء الرحمن، شاء الملك العظيم، قال جل وعلا: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (¬2) ولو قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله، المقصود أن المشيئة تنسب إليه سبحانه لا إلى الظروف ولا إلى الأوقات، ولا إلى الأقدار ولا إلى غير هذا من الشؤون لكن تنسب إلى الله وحده سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 357. (¬2) سورة التكوير الآية 29

حكم التضجر والتأفف من أجل آلام المرض

101 - حكم التضجر والتأفف من أجل آلام المرض س: تقول بأنها امرأة ضعيفة ومريضة، وكثيرا ما تشعر بالآلام الشديدة، وأحيانا تقول: تمنعني الآلام من النوم أو الراحة في الصلاة أو الراحة في الحياة العامة، لكن أحيانا تزيد الآلام فأتضجر، وأتأفف من هذه الحياة، بل أبكي، فهل هذا العمل يدل على تضجري بالقضاء والقدر؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: لا حرج في ذلك إذا أصابها ما يؤلمها ويشق عليها فلا حرج من الضجر أو نحو ذلك أو وارأساه أو واجنباه أو واظهراه لا بأس لكن الممنوع الصياح أو ضرب الوجوه وشق الجيوب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من ضرب الخدود أو شق الجيوب أو دعا بدعوى الجاهلية (¬2)»، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة (¬3)» الصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها عند ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 360. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ليس منا من شق الجيوب، برقم 1294، ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب، برقم 103. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب، برقم 104.

المصيبة، والشاقة التي تشق ثيابها عند المصيبة، هذا هو الممنوع، أما كونها تتضجر، النبي صلى الله عليه وسلم لما أحس برأسه قال: وارأساه، لا حرج، وقالت عائشة: وارأساه، كل هذا لا بأس به، كون الإنسان يقول: أنا أشكو شدة حرارة الحمى أو أشكو مرض كذا أو مرض كذا، كونه تدمع عينه يبكي بدون صياح ولا نياحة كل هذا لا حرج فيه، والحمد لله فيه متنفس للمريض.

باب ما جاء في أشراط الساعة

باب ما جاء في أشراط الساعة

باب ما جاء في أشراط الساعة 102 - بيان بعض أشراط الساعة س: ما هي أشراط الساعة وماذا تحقق منها حتى الآن؟ (¬1). ج: أشراط الساعة كثير منها ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم لجبرائيل أن تلد الأمة ربتها، الأمة: يعني المملوكة ربتها، وفي رواية أخرى ربها، يعني سيدها منها، لكثرة الإماء بسبب السبي، وقد وقع هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده كثر السبايا وتملك الناس الإماء واستولدوهن هذا واقع من قديم، وكذلك قوله ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاة، يتطاولون في البنيان، هذا وقع أيضا من أزمان طويلة، ولها أشراط تأتي في آخر الزمان حتى الآن لم تقع وسوف تقع كما أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أشراط متصلة عشرة أولها عند أهل العلم، خروج المهدي، وهو من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو إلى توحيد الله واسمه محمد بن عبد الله يدعو إلى توحيد الله وإلى اتباع الشريعة يملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت جورا وهذا قبل نزول المسيح بقليل، الثانية: خروج الدجال ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 315.

الذي يأتي من بلاد الشرق من خراسان يدعي أنه نبي، يدعي أنه رب العالمين، وله خوارق بينها النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث، والثالث: عيسى ابن مريم ينزل من السماء موجود في السماء مرفوع لم يقتل ولم يصلب، ولكن رفع إلى السماء ينزل في آخر الزمان، فيقتل الدجال، ويدعو إلى توحيد الله عز وجل واتباع شريعة محمد عليه الصلاة والسلام، يحكم بشريعة محمد عليه الصلاة والسلام، والرابعة: يأجوج ومأجوج يخرجون في عهد عيسى عليه السلام، ثم يقتلهم الله في زمن عيسى عليه السلام، ويريح الله العباد منهم، ثم بعد ذلك ستة أشراط الدخان، وهدم الكعبة، ورفع القرآن وخروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، والعاشرة: نار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى محشرهم إلى الشام، تبيت معهم حيث يبيتون، تقيل حيث يقيلون، وبعد ذلك قيام الساعة في الوقت الذي يشاؤه الله سبحانه وتعالى لكن بعد خروج الدابة وطلوع الشمس من مغربها، وقبل النار يرسل الله ريحا طيبة قبل خروج النار يقبض الله بها روح كل مؤمن ومؤمنة، فلا يبقى إلا الأشرار فعليهم تقوم الساعة، ما يبقى إلا الأشرار، فيبقون أهل الأرض على الشرك بالله وعبادة الأوثان والأصنام، في مدة يعلمها الله، ثم تقوم الساعة على شرار الخلق، تقوم الساعة على قوم لا يعبدون الله، ولا يعرفونه، على قوم مشركين كفار، نسأل الله العافية والسلامة.

بيان علامات الساعة

103 - بيان علامات الساعة س: السائل الذي رمز لاسمه: م. ج. يقول في هذا السؤال: ما هي علامات الساعة الصغرى التي تبقت؟ (¬1) ج: يقال علاماتها الكبرى ليس هي بالصغرى، علاماتها الكبرى بقي عشر آيات: خروج المهدي، وخروج الدجال، ونزول عيسى ابن مريم، وخروج اليأجوج والمأجوج، وهدم الكعبة، ورفع القرآن، وآية الدخان، وخروج الدابة، وطلوع الشمس من مغربها، وآخر الآيات نار تحشر الناس إلى محشرهم، هذه الآيات التي بقيت نسأل الله السلامة، وآخرها طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة بعدها لا يقبل عمل من إنسان، إذا جدد عملا، لا يقبل، يقول سبحانه: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} (¬2)، إذا طلعت الشمس من مغربها، الإيمان الجديد لا يقبل، وبعدها الآية الأخيرة وهي حشر الناس، خروج النار من المشرق تحشرهم إلى محشرهم، تبيت معهم حيث باتوا وتقيل حيث قالوا حتى يصلوا إلى محشرهم، الذي تقوم فيه الساعة. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 395. (¬2) سورة الأنعام الآية 158

س: يقول السائل: تحدثوا يا سماحة الشيخ عن علامات الساعة الصغرى والكبرى (¬1). ج: علامات الساعة كثيرة ومنوعة، منها العلامات الصغرى التي وقعت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، فالنبي صلى الله عليه وسلم من علامات الساعة، هو نبي الساعة عليه الصلاة والسلام، وهكذا أخبر عن تطاول الناس في البنيان، هذا من أشراط الساعة، وهو كون الحفاة العراة العالة من العرب، يكونون رؤوس الناس، هذا من علامات الساعة، كثرة السراري بين الناس، كون الإماء يكثرن بين الناس، ويتسراها الرجل، ويولدها بسبب السبي الكثير، هذا من علامات الساعة، كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث جبرائيل لما سأل عن أمارات الساعة، قال: «أن ترى الحفاة العراة العالة، رعاء الشاة يتطاولون في البنيان، وقال: إذا ولدت الأمة ربتها (¬2)» وفي لفظ: «ربها (¬3)» يعني سيدها، يعني إذا حملت من سيدها فولدت منه بنتا أو ابنا، كل هذا من أشراط الساعة، وقد وقع في عهده صلى الله عليه وسلم، وبعد ذلك، ومن أشراط الساعة كثرة الشح بين الناس، والبخل ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 245. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم 8. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم 9.

وكذلك قلة العلم، وكثرة الجهل، وفشو المعاصي، وظهور المعاصي في البلدان، كل هذا من علامات الساعة المنتشرة التي هي غير الكبرى، كذلك كثرة القتال والفتن، من أشراط الساعة، كل هذا بينه عليه الصلاة والسلام، وكثرة النساء وقلة الرجال من علامات الساعة. أما علاماتها الكبرى التي تكون بقربها فهي عشر بينها العلماء: المهدي: وهو رجل من بيت النبوة، يخرج في آخر الزمان، يملأ الأرض عدلا وقسطا، بعدما ملئت جورا، المستقيم على دين الله يحكم بشريعة الله، ويقيم أمر الله في أرض الله، هذا يكون في آخر الزمان، عند نزول عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام. الدجال: وهذا يقع بعد المهدي، خروج الدجال من المشرق من جهة الشرق، من جهة الصين وخراسان ويسيح في الأرض ويطوف بها، ويدعو إلى اتباعه، يتظاهر بأنه نبي أولا ثم يقول: إنه رب العالمين، ومعه خوارق شيطانية، تلبس على الناس أمره، لكن أهل الإيمان وأهل البصيرة يعرفونه مكتوب بين عينيه كافر، يعرفه كل من يقرأ كل مؤمن ممن عصمه الله يرى ذلك بين عينيه، معه خوارق يعرفها أهل الإيمان، أنها باطلة، وأنها تدل على أنه الدجال، وينتهي أمره إلى فلسطين، ثم ينزل عيسى ابن مريم في الشام فيحاصره، في فلسطين، ويقتله، يعني عيسى ابن مريم ينزل من السماء، ويقتل الله به الدجال، ويتولى بنفسه عليه الصلاة والسلام قتله.

والعلامة الثالثة من أشراط الساعة الكبرى هو نزول عيسى عليه السلام، وقتله الدجال ويهلك الله في زمانه الأديان كلها ولا يبقى إلا الإسلام، ويضع الجزية ويتركها ولا يقبل إلا الإسلام، يكسر الصليب ويقتل الخنزير، لأن الصليب باطل، عيسى ما صلب، ولم يقتل عليه الصلاة والسلام، وهو كذب ولهذا إذا نزل كسر الصليب، وبين أمر الله في عباده، ودعاهم إلى الإسلام وحكم بشريعة محمد عليه الصلاة والسلام، ولا يقبل من الناس إلا الإسلام، ولا يبقى في زمانه يهودية، ولا نصرانية، ولا وثنية، بل يدخل الناس في دين الله أفواجا، ويستقر الإسلام في الناس، ثم بقية علامات الساعة من الدخان، وهدم الكعبة، ونزع القرآن من الصدور، والمصاحف، ثم طلوع الشمس من مغربها ثم خروج الدابة، ثم الدخان، ثم آخر العلامات خروج النار، نار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى محشرهم، نسأل الله السلامة والعافية. س: مستمع يسأل عن علامات الساعة، ويقول: إن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، حدد لنا بعضا منها، وقال في ذلك: أن تلد الأمة ربتها فما معنى هذه العبارة؟ (¬1) ج: أشراط الساعة كثيرة، ولكنها قسمان: قسم مطلق، وجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، وقسم خاص يقع عند قربها وعند دنوها، أما ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 259.

المطلق العام فهذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو نبي الساعة، ووجوده من أشراطها عليه الصلاة والسلام، وهكذا ما قال صلى الله عليه وسلم: أن تلد الأمة ربتها (¬1) ربتها يعني سيدتها، وفي اللفظ الآخر: ربها يعني سيدها، ومعنى ذلك أنها تكثر الإماء والسراري، فإذا حملت من سيدها، وهو مالكها، فإذا حملت من سيدها، وهو مالكها، فإن المولودة البنت تكون سيدة، ربة والمولود الذكر يكون ربا لها، سيدا لها، هذا معنى الحديث يعني تكثر السراري ويكثر الإماء، والناس يكثر تسريهم بسبب كثرة الجهاد وكثرة الغنائم، فتكثر السراري بين الناس والسيد يطأ أمته، لأنها ملكه، مباح له، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} (¬2) {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} (¬3) الملك الذي هو ملكه للأمة، يقال له ملك اليمين فإذا ملكها بغنيمة، أو بالشراء أو بالورث، فله أن يطأها، وهي ملك اليمين، وإذا ولدت يقال للمولود إن كان ذكرا ربها وسيدها، والمولودة ربتها وسيدتها، هذا معنى الحديث، أن تلد الأمة ربها أو ربتها، يعني سيدتها، لأن بنت السيد سيدة، وولد السيد سيد لأمه في المعنى، والمعنى أنه تكثر السراري في الناس، وهذا من علامات الساعة، كثرة السراري وكثرة الإماء والولادة، ومثل حديث: «أن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في النبيان (¬4)» هذا أيضا من ¬

_ (¬1) سبق تخريجهما. (¬2) سورة المؤمنون الآية 5 (¬3) سورة المؤمنون الآية 6 (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم 8.

أشراطها العامة، تطاول العرب في البناء بعدما كانوا أهل خيام، بنوا البنايات وطولوها، هذا من أشراط الساعة، وقد وقع هذا، العرب تحضروا وجاهدوا، وبنو البنايات، وعمروا العمائر، أما أشراطها الخاصة القريبة منها، فقد بينتها الأحاديث، وهي عشر علامات، أولها: المهدي، رجل من أهل البيت في آخر الزمان، يملك الدنيا، يملك الأرض، ويملأها عدلا، بعدما ملئت جورا، وهو من أهل البيت، من بني هاشم، من ذرية فاطمة رضي الله عنها، جاءت فيه أحاديث كثيرة، الثاني: الدجال يخرج دجال في آخر الزمان، يدعي أنه نبي، ثم يدعي أنه رب العالمين، وصحت فيه الأحاديث، وتواترت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والثالث: نزول المسيح ابن مريم من السماء عليه الصلاة والسلام، ويقتل الدجال، ويحصل به الخير العظيم للأمة، ويملأ الله به البركات في الأرض عليه الصلاة والسلام، ويهلك الله في زمانه الأديان، فلا يبقى إلا الإسلام، تذهب اليهودية والنصرانية، والشيوعية وغيرها، ولا يبقى إلا الإسلام في عهده عليه الصلاة والسلام، والرابع: خروج يأجوج ومأجوج من الشرق: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} (¬1) في عهد عيسى عليه الصلاة والسلام، ثم يميتهم الله بعد ذلك ثم بعد ذلك: آية الدخان، وهدم الكعبة، رفع القرآن من الأرض ومن الصدور، ومن الصحف، ثم خروج الدابة، دابة الأرض، وطلوع ¬

_ (¬1) سورة الأنبياء الآية 96

الشمس من مغربها، وإذا طلعت لا تقبل التوبة بعد ذلك من أحد، وآخرها: نار تحشر الناس إلى محشرهم، هذه يقال لها الآيات الخاصة القريبة من الساعة جاءت بها الأحاديث وبينها أهل العلم. س: يسأل سماحتكم عن علامة القيامة الكبرى (¬1). ج: العلامة الكبرى: طلوع الشمس من مغربها هذه العلامة الكبرى، حينئذ لا يقبل من نفس إسلامها ولا إيمانها وليس لها إلا ما قدمت كما قال جل وعلا: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} (¬2). المقصود أن هذه الآية هي أكبر الآيات طلوع الشمس من مغربها فإذا طلعت لم يقبل من الإنسان دخول في الإسلام ولا الزيادة في العمل ليس له إلا ما قدم، المقصود الواجب الحذر وأن يستعد للقاء الله وألا يتساهل. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 355. (¬2) سورة الأنعام الآية 158

س: سائل يستوضح عن علامات الساعة، وهل هذا الجيل آخر جيل كما يقول بعض الناس؟ (¬1) ج: الساعة لا يعلم قيامها إلا الله، ولا يعلم الجيل الذي تقوم فيه إلا الله سبحانه وتعالى، وهي لا تقوم إلا على الأشرار حين لا يبقى في الأرض مسلم، وما تقوم إلا على الكفار، ولا تقوم وفي الأرض مسلم واحد، بل جميع المسلمين يموتون قبل قيامها، يبعث الله عليهم ريحا طيبة في آخر الزمان تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة، فلا يبقى إلا الكفار، فعليهم تقوم الساعة، ولها شروط لم تأت، من شروطها خروج الدجال من جهة المشرق، وهو آدمي يدعي أنه نبي، ثم يدعي أنه رب العالمين، ثم ينزل الله عيسى ابن مريم من السماء، فيقتله في فلسطين، وهو رئيس اليهود، الدجال رئيس اليهود، يذهب إليهم في فلسطين، وينزل الله عيسى فيقتله عند باب اللد، الباب المعروف هناك في فلسطين، ومن أشراطها خروج يأجوج ومأجوج، وهم أيضا من الشرق، أخبر الله عنهم في كتابه العظيم، ومن شروطها، عدم الكعبة في آخر الزمان، ونزع القرآن من الصدور، ومن الصحف حتى لا يبقى في أيدي الناس قرآن، ومن شروطها الأخيرة دخان يغشى الناس، ويعمهم ومن شروطها طلوع الشمس من مغربها، بعد المشرق تطلع من المغرب، فإذا طلعت من مغربها آمن الناس، لكن لا يقبل الله إيمانهم ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 243.

بعد طلوع الشمس من مغربها، يبقى المسلم على إسلامه، والكافر على كفره، وآخر الآيات نار تحشر الناس إلى محشرهم، تخرج من المشرق، وفي بعض الأحاديث من قعر عدن من الجنوب، ثم تسوقهم إلى محشرهم، هي آخر الآيات، وفي آخر الزمان، كما تقدم قبل أن تقوم الساعة يرسل الله ريحا طيبة، لينة، فتقبض روح كل مؤمن ومؤمنة ولا يبقى في الأرض إلا الكفار، في خفة الطير وأحلام السباع، يتناكحون في الأسواق، ويعبدون الأوثان، والأصنام، ولا يعرفون الله طرفة عين، بل هم في كفر وضلال وجهل، وأخلاق خبيثة، فعليهم تقوم الساعة، نسأل الله العافية والسلامة.

الكلام على نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان

104 - الكلام على نزول عيسى عليه السلام آخر الزمان س: كثيرا ما نتحاور أنا ورفاقي عن نزول عيسى عليه السلام، فأرجو أن تزودونا بمعلومات، إذا كان يوجد أي دلالة أو إشارة في القرآن الكريم، أو السنة النبوية الشريفة إلى هذا المعنى، ويقال بأن هناك حديثا شريفا بهذا الخصوص، فهل هذا صحيح؟ وفقكم الله وبارك فيكم (¬1). ج: قد تواترت الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام للإخبار عن نزول عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، ينزل في آخر ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 41.

الزمان في دمشق، وأنه يتوجه إلى فلسطين بعد نزول الدجال، وأنه يقتله هناك في باب اللد والمسلمون معه، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم: «أنه يأتي المسلمين وهم قائمون للصلاة، ويريد أميرهم أن يتأخر حتى يؤم الناس نبي الله عيسى عليه السلام، فيأتي عيسى عليه السلام ويقول: إنها أقيمت، فصل بهم (¬1)». وجاء في بعض الروايات الجيدة أن أميرهم ذاك الوقت المهدي، وهو محمد بن عبد الله من بيت النبي عليه الصلاة والسلام، ومن ذرية فاطمة، فيقول له المهدي: تقدم يا روح الله، فيأتي ويقول: صل أنت، لأنها أقيمت لك. ثم يتولى القيادة بعد ذلك عيسى عليه السلام. ونزوله أمر مجمع عليه عند أهل العلم، وثابت بالنصوص الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد تواترت به الأحاديث، وليس به شك بحمد الله، هو ينزل في آخر الزمان بعد خروج الدجال الكذاب، فيبين للناس كذبه وضلاله، ويتولى عليه الصلاة والسلام قتله، وقد أشار القرآن إلى هذا بقوله جل وعلا، لما ذكر عيسى قال: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا} (¬2) أي نزوله ومجيئه، وقرأ بعض القراء: علم، بفتح العين واللام، أي دليل على قربها، وقال جل وعلا في سورة النساء: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} (¬3)، ثم قال ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه، برقم 14954. (¬2) سورة الزخرف الآية 61 (¬3) سورة النساء الآية 158

بعده: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} (¬1) يعني ما من أحد من أهل الكتاب، وقت نزوله إلا يؤمن به قبل موت عيسى عليه السلام، فيكون الضمير في موته يعود على عيسى، وقيل: يعود على اليهودي أو النصراني، أنه قبل موته يؤمن بنزول عيسى عليه السلام، وبكل حال فالآية تشير إلى ذلك سواء قيل: إنه الضمير يعود إلى الواحد من أهل الكتاب، أنه يؤمن قبل خروج روحه، أو معنى أن عيسى عليه السلام إذا نزل آمن به أهل الكتاب ذلك الوقت، قبل أن يموت عيسى عليه السلام، فإنه يموت بعد ذلك، يمكث في الأرض ما شاء الله، ثم يموت ويصلي عليه المسلمون ويدفنونه، وجاء في بعض الروايات ما يدل على أنه يدفن في الحجرة النبوية، ولكن في صحة ذلك نظر، وبكل حال فهو ينزل بلا شك، ويحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم في الأرض، ويتبعه المسلمون ويفيض المال في وقته، وتأمن البلاد ويسلم الناس كلهم، فإنه لا يقبل من الناس إلا الإسلام أو السيف، يكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، يترك الجزية لا يأخذها من أحد، وتكون العبادة لله وحده في زمانه، بسبب ما حصل به من الأمارة العظيمة، والدلالة القاطعة على قرب الساعة، فالناس يؤمنون في زمانه، وهو يجاهدهم بالسيف حتى يدخل الناس في دين الله، فمنهم من يدخل بسب ظهور أدلة الحق، وصدق النبي محمد صلى الله عليه وسلم فيما أخبر ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 159

به، ومنهم من يكون إسلامه على أثر الجهاد الذي يقوم به عيسى عليه السلام والمسلمون. والخلاصة أن نزوله حق وثابت بإجماع المسلمين، وأصله الأحاديث المتواترة القطعية بنزوله عليه السلام، وأشار القرآن الكريم إلى ذلك كما تقدم. فالواجب على جميع المسلمين الإيمان به، واعتقاد نزوله في آخر الزمان وأنه ينزل حقيقة، وأنه يدعو إلى توحيد الله والإيمان به، وأنه يعمل بشريعة محمد عليه الصلاة والسلام، ويحكم بها في الأرض، لأنه لا نبي بعد محمد عليه الصلاة والسلام، ينزل تابعا لمحمد عليه الصلاة والسلام حاكما بشريعته لا بشريعة التوراة السابقة، ولكن يحكم بشريعة محمد عليه الصلاة والسلام، يحكم بالقرآن، هذا هو الذي أجمع عليه أهل الإسلام، ودلت عليه الأحاديث الصحيحة المتواترة، وأشار إليه القرآن الكريم. فالواجب على جميع المسلمين اعتقاد هذا، وعدم الالتفات إلى ما قد قاله بعض المتأخرين من إنكار نزوله، وتأويل ذلك بأنه يظهر خير في آخر الزمان، وأنه عبر بهذا عن ظهور الخير، وأنه عبر بالدجال عن ظهور الشر، كل هذه أقوال فاسدة وباطلة، ويخشى على قائلها بالكفر بالله عز وجل، لأنهم كذبوا بأمر واضح، جاءت به السنة الصحيحة المتواترة، فلا يجوز الالتفات إلى ذلك، بل يجب الإيمان والقطع،

لأن خروج الدجال حق في آخر الزمان، وهو كذاب من بني آدم يخرج في آخر الزمان، يدعي أنه نبي، ثم يدعي أنه رب العالمين، وهكذا ينزل عيسى في إثر ذلك، فيقتل هذا الدجال، لأنه إذا رأى عيسى تحير وتوقف، ويكون إمام المسلمين في زمانه، ويأخذ بشريعة الله، هذا هو الحق الذي لا ريب فيه، وأجمع عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون بعده. ومعنى تركه الجزية هو أنه لا يقبلها من اليهود والنصارى، وهذا يدل على أن الجزية مؤقتة في شريعة محمد، يعني مؤقتا إلى نزول عيسى عليه السلام، فإذا نزل عيسى فلا تقبل، هذا شرع من شرع الله عز وجل، بينه النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة، بأن عيسى لا يقبلها، لأنه انتهى أمرها، وليس هناك حاجة إليها، بل يجب على من بلغ أن يسلم، ويترك التمرد عن الإسلام، والتشبث باليهودية والنصرانية، وعلى عيسى عليه السلام أن يقاتل من أبى ذلك حتى يدخل في دين الله. ويظهر من هذا أن الخنزير من الحيوانات التي ينبغي إتلافها، لأنه من المحرمات في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ولأن بقاءه وسيلة، لأن يأكله اليهود والنصارى أو غيرهم، وهو محرم بنص الكتاب العزيز، وقد يستفاد من هذا الحديث أنه يقتل بإتلافه وإزالته من الوجود، وإنما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في قصة عيسى، ليشير على هذا المعنى ويفيده، ويحتمل أن يقال: إنه لا يقتل، إلا بعد نزول عيسى عليه الصلاة والسلام، لأنه ذكر في قصة عيسى ونزوله، فيكون قتله مؤجلا، كما أن وضع الجزية مؤجل إلى نزوله عليه الصلاة والسلام، هذا محل احتمال، ويحتاج إلى مزيد

بحث وعناية من جهة الأدلة الشرعية، فإنه ليس كل ما حرم يقتل، الكلب محرم ولا يقتل، إلا إذا آذى بالعقر أو غيره، والهر محرم الأكل ومع هذا لا يقتل، إلا إذا آذى والحمر محرمة الأكل، ولا تقتل وهكذا الخنزير محرم الأكل، ولا يلزم من تحريمه أن يقتل، إلا إذا اعتمد على هذا الحديث، ولم يكن له معارض، وهو قتل عيسى للخنزير، هذا محل نظر ومحل احتمال ويحتاج إلى مزيد بحث.

البرهان على أن عيسى عليه السلام بشر من خلق الله

105 - البرهان على أن عيسى عليه السلام بشر من خلق الله س: ما هو البرهان على أن عيسى عليه السلام، بشر من خلق الله؟ (¬1) ج: القرآن الكريم، والسنة المطهرة، كلها تدل على أن عيسى بشر، خلقه الله من مريم، بين الله جل وعلا خلقه من مريم، من أنثى بلا ذكر، فهو بشر من بني البشر، أمه مريم بنت عمران، وليس له أب، بل قال الله له: كن فكان، كما قال جل وعلا، في كتابه الكريم: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} (¬2) {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (¬3) {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (¬4) {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (¬5) ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 217. (¬2) سورة آل عمران الآية 33 (¬3) سورة آل عمران الآية 34 (¬4) سورة آل عمران الآية 35 (¬5) سورة آل عمران الآية 36

{فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (¬1) فهي وذريتها من بني آدم، خلقها الله وخلق ابنها عيسى، ودعت ربها أمها: أن الله يعيذها وذريتها من الشيطان الرجيم، وأرسل الله الملك جبريل، فنفخ في جيب درع مريم وحملت بعيسى عليه الصلاة والسلام، كما قال جل وعلا: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} (¬2) في آيات كثيرات في سورة مريم وغيرها بين فيها سبحانه أن الله جل وعلا يسر لها هذا الولد من دون زوج، ومن دون زنى، بل هي البتول العفيفة حملت به من أمر الله، وبالنفخة التي نفخها جبرائيل بأمر الله سبحانه وتعالى في فرجها، فصار ولدا سويا، ونبيا كريما بأمر الله عز وجل، فليس في هذا إشكال، وهذا قد أجمع عليه المسلمون أخذا من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فهو بشر لأن أمه بشر، وهي من بنات آدم، وخلق منها من دون أب، قال الله له: كن فكان. ¬

_ (¬1) سورة آل عمران الآية 37 (¬2) سورة التحريم الآية 12

بيان أن المسلمين يقاتلون اليهود في آخر الزمان وينصرون عليهم

106 - بيان أن المسلمين يقاتلون اليهود في آخر الزمان وينصرون عليهم س: قال صلى الله عليه وسلم: «يقاتلكم اليهود وتنصرون عليهم (¬1)»، فالسائل: يتوقع إذا كان هذا الحديث صحيحا، فعهدنا الآن هو العهد الذي يتحدث عنه صلى الله عليه وسلم، فما رأيكم؟ أرجو أن توضحوا لي هذا الحديث، لأنه دائما بيننا مشادة بالكلام عنه، وفقكم الله (¬2). ج: الحديث صحيح رواه البخاري ومسلم في الصحيحين وغيرهما ولفظه: «يقاتل المسلمون اليهود، فينتصرون عليهم حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي تعال فاقتله (¬3)» أو قريب من هذا اللفظ، المقصود أنه ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن المسلمين يقاتلون اليهود، وأنهم ينصرون عليهم، حتى إن الحجر والشجر، يقول للمسلم: يا عبد الله هذا يهودي تعال فاقتله، أما كون ذلك في وقتنا هذا فهو محل نظر فإن الذي يقاتلهم المسلمون، والمقاتلون الآن ليسوا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، برقم 3593، ومسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل، برقم 2921. (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم 41. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل، برقم 2922.

على المستوى الكامل، من جهة الإسلام فيهم المسلم وفيهم غير المسلم، وليس هناك تطبيق فيما بلغنا من المسلمين هناك للشريعة المطهرة كما ينبغي بل هناك العاصي، وهناك الكافر وهناك المسلم المستقيم، فالقتال الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم يكون من المسلمين الملتزمين المستقيمين، فلهذا ينصرهم الله على اليهود، بسبب استقامتهم على دين الإسلام ونصرهم لدين الله، فيحتمل أن يكون هذا بعد وقت يتحسن فيه أحوال المسلمين، ويجتمعون على الحق والهدى، فينصرون عليهم، ويحتمل أن يكون هذا في وقت عيسى، كما هو معلوم فإنه وقت عيسى يقتل اليهود، وينصر الله عيسى والمسلمين عليهم، ويقتل الدجال هذا لا شك فيه، في وقت عيسى، لكن يحتمل أن يقع قبل عيسى، وأن المسلمين تتحسن أحوالهم، وتستقيم أمورهم على شريعة الله، ويقودهم أمير صالح، أو إمام صالح، يقودهم إلى الحق والهدى، ويستقيمون على شريعة الله، ثم يتوجهون لقتال اليهود، فينصرون عليهم، هذا كله محل احتمال، أما في وقت عيسى فلا شك فيه أنه يقتلهم وينصره الله عليهم، عليه السلام مع المسلمين عند قتله للدجال.

باب ما جاء في المهدي المنتظر والمسيح الدجال

باب ما جاء في المهدي المنتظر والمسيح الدجال

باب ما جاء في المهدي المنتظر والمسيح الدجال 107 - الكلام على المهدي المنتظر س: هل صحيح أن المهدي المنتظر سوف يظهر، أم أنها بدعة مع العلم أنه لا يوجد بعد وفاة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم معجزات، أرشدونا جزاكم الله خيرا مع التحيات؟ (¬1) ج: المهدي المنتظر صحيح، وسوف يقع في آخر الزمان، قرب خروج الدجال ونزول عيسى عند اختلاف بين الناس، عند موت خليفة فيخرج المهدي، ويبايع ويقيم العدل في الناس سبع سنوات أو تسع سنوات، وينزل في وقته عيسى ابن مريم، عليه الصلاة والسلام، هذا جاءت به أحاديث كثيرة، أما المهدي الذي يدعي الرافضة هذا لا أصل له، مهدي الشيعة صاحب السرداب هذا لا أصل له عند أهل العلم، بل هو خرافة لا أساس لها ولا صحة لها. أما المهدي المنتظر الذي جاءت به الأحاديث الصحيحة، ومن ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 30.

بيت النبي صلى الله عليه وسلم، من أولاد فاطمة رضي الله عنها، وهو سمي النبي محمد وأبوه عبد الله فهذا حق وجاءت به الأحاديث الصحيحة، وسيقع في آخر الزمان، ويحصل بسبب خروجه وبيعته مصالح للمسلمين في إقامة العدل ونشر الشريعة، وإزالة الظلم عن الناس، وجاء في الأحاديث أن الأرض تملأ عدلا، بعدما ملئت جورا في زمانه وأنه يخرج عند وجود فتنة بين الناس واختلاف على أثر موت الخليفة القائم فيبايعه أهل الإيمان والعدل بما يظنه فيه من الخير والاستقامة وأنه من بيت النبوة. س: ما رأي الشرع في ظهور المهدي المنتظر في نهاية الزمان؟ (¬1) ج: المهدي جاءت به أحاديث كثيرة، وصنف فيه بعض العلماء مصنفات، وذكر أنها متواترة عن النبي عليه الصلاة والسلام وهي فيها الصحيح وفيها الحسن، وفيها الضعيف وفيها الموضوع، لكن الحجة في الأحاديث الصحيحة والحسنة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، ما يدل على أنه يكون شخص يقال له: المهدي في آخر الزمان، يواطئ اسمه اسم النبي صلى الله عليه وسلم واسم أبيه اسم أبي النبي صلى الله عليه وسلم، يعني محمد بن عبد الله، وهو من أهل بيته عليه الصلاة والسلام، فالصواب أنه سوف يكون وسوف يقع، قرب نزول المسيح ابن مريم، وجاء في بعض الروايات أنه يكون أميرا على الجيش الذي يدعو إلى الله ويملأ الأرض عدلا، عند نزول ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 154.

المسيح عليه الصلاة والسلام، فهو رجل صالح من أهل البيت، يدعو إلى الله وينشر العدل، ويمنع الجور ويقيم شعائر الله في أرض الله، حتى ينزل عيسى عليه الصلاة والسلام. أما المهدي الذي تزعمه الرافضة فهو باطل ولا حقيقة له، بل هو سراب لا حقيقة له، وهو صاحب السرداب الذي يزعمون، هذا شيء باطل لا أساس له ولا حقيقة له، وإنما المهدي المنتظر شخص آخر غير مهدي الرافضة، وهو محمد بن عبد الله من آل البيت، وهو من ذرية فاطمة، كما صرح به في بعض الروايات، وهو يملأ الأرض عدلا بعدما ملئت جورا، كما جاءت به الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عدة من الصحابة رضي الله عنهم.

الكلام على خروج الدجال في آخر الزمان

108 - الكلام على خروج الدجال في آخر الزمان س: حدثونا بحديث صحيح عن الدجال، ومن أين يأتي؟ وكم حكمه؟ (¬1) ج: الدجال جاءت به أحاديث متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان، وأنه يكون من جهة المشرق، من ناحية بين العراق والشام، وأنه يعيث في الأرض فسادا، ويطأ الأرض كلها، إلا مكة والمدينة، فإن ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 266.

الله يحميهما منه، ثم ينتهي إلى الشام، إلى فلسطين إلى اليهود هناك، وينزل الله عيسى ابن مريم فيحصره هناك، ثم يقتله هناك غرب الأردن، كما جاءت به الأحاديث الصحيحة، ويقتله المسلمون معه، فإن عيسى عليه الصلاة والسلام يغزوه، ومعه المسلمون فيقتله بباب اللد، باب هناك في فلسطين، قرب القدس، يقتله بحربته كما جاء في الحديث الصحيح، والمسلمون معه يقتلون اليهود قتلة عظيمة، جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المسلمين يقاتلون اليهود، فيقتلونهم، ويسلطون عليهم، ينادي الشجر والحجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي تعال فاقتله، فيقتل عيسى الدجال وينتهي أمره، ويبقى المسلمون مع عيسى في أرغد عيش وأطيب نعمة، ويهلك الله الأديان كلها في زمان عيسى، ولا يبقى إلا الإسلام والحمد لله، ثم يميت الله عيسى، كما توفي من قبله من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهو حين ينزل من السماء يحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم لا بشريعة الإنجيل، بل هو كأحد أمته، لكنه أفضلها، نبي من الأنبياء ويحكم بشريعة محمد عليه الصلاة والسلام، لا بشريعة التوراة والإنجيل، ولهذا جاء في الحديث أنه قال عليه الصلاة والسلام: «ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا (¬1)»، يعني: يؤمكم بكتاب الله وبسنة الرسول عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب نزول عيسى ابن مريم حاكما بشريعة نبينا، برقم 155.

الكلام على فتنة المسيح الدجال

109 - الكلام على فتنة المسيح الدجال س: الأخ: ق. ش. ح. من الجمهورية العربية السورية، يقول: إن بعض العلماء عندنا في سوريا يدعون أحيانا، ويقولون: اللهم أجرنا من فتنة المسيح الدجال، والذي نفهمه أن المسيح هو عيسى ابن مريم، فوجهونا حول الصحيح، جزاكم الله خيرا (¬1). ج: كلاهما يقال له مسيح، فالدجال مسيح، وعيسى ابن مريم مسيح، المسيح الدجال مسيح ضلالة، ومن دعاة الفتنة والشر والفساد في آخر الزمان، يخرج على الناس من جهة الشرق، ويدعي أنه نبي، ثم يدعي أنه رب العالمين، ومعه بعض الخوارق، فالنبي صلى الله عليه وسلم حذر من فتنته، وشرع لنا أن نستعيذ من فتنته في آخر كل صلاة، وفي دعائنا، وقال صلى الله عليه وسلم: «ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أعظم من الدجال (¬2)» وفي لفظ: «أمر أعظم من أمر الدجال (¬3)»، فالدجال له فتنة عظيمة، وهو أعور العين اليمنى مكتوب بين عينيه كافر، فالمشروع للمؤمن سؤال الله العافية من فتنته في صلاته، كما شرع الله لنا ذلك، يجب على المؤمنين والمؤمنات أن يعرفوا الفرق بين هذا وهذا، فالدجال مسيح ضلالة، ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 200. (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند المدنيين، حديث هشام بن عامر الأنصاري رضي الله تعالى عنه، برقم 27770. (¬3) أحمد (4/ 20).

ومن دعاة الباطل والشر والكفر والضلال، يدعو الناس إلى أنه رب العالمين. فالواجب على من أدركه أن ينكره وأن يكذبه، وأن يبتعد عن فتنته، ويسأل ربه العافية، وأما المسيح ابن مريم فهو عبد الله ورسوله، أرسله الله إلى بني إسرائيل، وأنزل عليه كتابا عظيما وهو الإنجيل، يدعوهم إلى توحيد الله، وإلى اتباع التوراة وما فيها، والمسيح عيسى خلقه الله من أنثى بلا ذكر، من مريم الصديقة رضي الله عنها، قال الله له: (كن فكان) فليس له أب، بل خلقه الله بقدرته العظيمة، أرسل جبرائيل إلى مريم فنفخ فيها، فحملت بإذن الله، وهو عبد الله ورسوله، وهو آخر أنبياء بني إسرائيل، ليس بعده إلا نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، فنبينا هو خاتم الأنبياء، وعيسى عليه السلام هو خاتم أنبياء بني إسرائيل، هو آخرهم، ثم بعث الله بعده نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم من العرب، هو خاتم الأنبياء جميعا ليس بعده نبي، وينزل عيسى في آخر الزمان يحكم بشريعة محمد عليه الصلاة والسلام، ويقتل الدجال، يلتقي به في فلسطين ويقتله، ومعه المسلمون، مع عيسى المسلمون، ثم يموت عيسى عليه الصلاة والسلام، كما قال عز وجل في قصة عيسى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} (¬1) يعني في آخر الزمان عند نزوله، قال قبل ذلك: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} (¬2). ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 159 (¬2) سورة النساء الآية 157

فالمؤمن يؤمن بأن عيسى ابن مريم هو رسول الله وعبد الله ورسوله، ويصدق برسالته عليه الصلاة والسلام، وأنه سوف ينزل في آخر الزمان، وسوف يحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، وسوف يقتل الله على يديه الدجال، ويعيش الناس في زمانه عيشة عظيمة في غاية من الاستقامة على الهدى، ويعم التوحيد والإسلام الأرض، ثم يموت كما مات غيره من الأنبياء والأخيار، وهو يحكم بشريعة محمد عليه الصلاة والسلام لا بشريعة الإنجيل ولا التوراة، والله المستعان.

بيان أن المسيح الدجال من بني آدم

110 - بيان أن المسيح الدجال من بني آدم س: الأخت: ع. ع. د. أ. من الرياض، تسأل عن المسيح الدجال، عندما يظهر في آخر الزمان، هل هو يتكلم؟ وإذا كان يتكلم فبأي لغة؟ أفيدونا أفادكم الله (¬1). ج: نعم، يكون في آخر الزمان، هو من بني آدم، ويتكلم اللغة العربية على ظاهر الأحاديث الواردة في حقه، أنه يتكلم بالعربية، ومعه خوارق تفتن الناس، معه نهر، يزعم أنه النار، ومعه نهر آخر يزعم أنه الجنة، ويجري على يديه خوارق كثيرة، ابتلاء وامتحان، ولهذا شرع الله لنا أن نتعوذ من فتنته في آخر كل صلاة، شرع لنا أن نقول: أعوذ ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 197.

بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، وهو أعور، أعور العين اليمنى، مكتوب بين عينيه كلمة كافر، يقرؤها كل مؤمن، يكرهه كل مؤمن، يكره المقالة، يقرؤها سواء كان عاميا أو قارئا، وهذا من رحمة الله أن جعل علامة يعرفها المؤمن، حتى لا يخدع به، «يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال (¬1)» فتنة عظيمة، فالواجب على من أدركه أن يحذره، وألا يغتر به، وأن يكذبه. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب في بقية من أحاديث الدجال، برقم 2946.

باب ما جاء في الإيمان باليوم الآخر

باب ما جاء في الإيمان باليوم الآخر

باب ما جاء في الإيمان باليوم الآخر 111 - سبل تقوية الإيمان باليوم الآخر س: ما هو السبيل إلى تقوية الإيمان بالله واليوم الآخر؟ (¬1) ج: هذا سؤال مهم وجدير بالعناية، وهو ما هو السبيل إلى تقوية الإيمان بالله واليوم الآخر، السبيل إلى ذلك من جهات كثيرة، أولا: من جهة تدبر القرآن الكريم والعناية بقراءته والإكثار من ذلك، لما فيه من القصص العظيمة حول الآخرة والجنة والنار، وعن أسماء الله وصفاته، وعن أحوال الرسل عليهم الصلاة والسلام وأممهم، فمن تدبر القرآن قوي إيمانه واستقام له دينه إذا وفقه الله، فالنصيحة لكل مؤمن ولكل مؤمنة العناية بالقرآن من الإكثار من تلاوته ومن تدبر معانيه والإقبال على ذلك بنية صالحة وقصد صالح، بقصد العلم بالله وقوة الإيمان بالله، ولقصد الإيمان بالآخرة وقوة ذلك، ولقصد العمل بما يرضي الله ويقرب لديه وينفع في الآخرة، هو من أسباب النجاة والسعادة في الآخرة، ومن أسباب ذلك العناية بالأحاديث، وأخلاق ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 304.

النبي صلى الله عليه وسلم، وأخلاق الصحابة والأخيار، وسماع الأحاديث. . تسمع هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأعماله، وأعمال الصحابة، ونشاطهم في الخير، وحبهم لله عز وجل حتى يتأسى الإنسان بهم، يتأسى بالأخيار، يعمل بأعمالهم ويجتهد في ذلك، ومن أسباب تقوية الإيمان أيضا، أن يحاسب نفسه ويتذكر الموت الذي يأتي بغتة، ماذا عمل؟ ماذا قدم لآخرته؟ حتى يعد العدة قبل أن يهجم عليه الأجل، فإن محاسبة النفس والنظر فيما أعده العبد للآخرة مما يقوي الإيمان، ومما يعينه على طاعة الله ورسوله، ومما يعينه على المبادرة بالتوبة إلى الله، من سيئات أعماله وتقصيره، كل هذا من أسباب تقوية الإيمان، ومن أسباب ذكر الآخرة والاستعداد لها، وهنالك أمر رابع أيضا، وهو صحبة الأخيار، أن يصحبهم ويجالسهم ويستفيد من أخلاقهم وعلمهم، الذين يذكرونه بالآخرة ويعينونه على ذلك، وهكذا أيضا أمر خامس، حضور حلقات العلم يلتمسها ويحضرها ويستفيد منها، وكذلك يقبل عند سماع الخطب - خطب الجمعة - وغيرها من الخطب النافعة، من إذاعة القرآن، يستمع إلى القرآن الكريم، ويستمع إلى الندوات والمواعظ المفيدة حتى يستفيد من ذلك، وحتى يرق قلبه ويقوى إيمانه، وفق الله الجميع للعمل الصالح.

س: في الحياة الدنيا يختلف الناس في مراتب الإيمان بالله، فمنهم من إيمانه قوي، ومنهم من إيمانه متوسط، ومنهم من إيمانه ضعيف، هل يتساوى هؤلاء الناس في نعيم الجنة في الآخرة؟ (¬1) ج: لا يتساوون، كما أنهم لم يتساووا في الدنيا في إيمانهم وأعمالهم، فهكذا في الجنة، وهكذا أهل النار لا يتساوون، أهل النار على حسب أعمالهم، وأهل الجنة على حسب أعمالهم. س: هل هذا الحديث صحيح: من قرأ آية الكرسي عقب كل صلاة، ليس بينه وبين الجنة إلا أن يموت؟ وما معنى هذا الحديث؟ (¬2) ج: جاء في هذا عدة أحاديث، مجموعها حسن، يستحب بعد الصلاة، بعد التسبيح والتهليل قراءة آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (¬3) ويرجى له بذلك دخول الجنة إذا استقام، إذا استقام على دينه، وحافظ على دينه، يرجى له دخول الجنة؛ «لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 182. (¬2) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 403. (¬3) سورة البقرة الآية 255

والصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن، ما لم تؤت الكبائر (¬1)»، وفي اللفظ الآخر: «إذا اجتنب الكبائر (¬2)» فإذا حافظ على ما أوجب الله عليه، وترك ما حرم الله عليه، وقرأ آية الكرسي، كل هذا من أسباب دخول الجنة، إذا قرأها بعد كل صلاة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، برقم 233. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، برقم 233.

وجوب الإيمان بعذاب القبر ونعيمه

112 - وجوب الإيمان بعذاب القبر ونعيمه س: إنني مؤمن بالله وأصدق بما جاء في الكتاب العزيز، ولكن الذي يثير الشك عندي هو إحياء الميت في القبر، سؤال هل هي نفس حياته الأولى، وكم حاسة ترجع إليه، وإلى متى تبقى حياته في القبر، وإذا كان الميت تسأل جثته، فما مصير الذين يحرقون مثل الهنود والبوذيين وغيرهم، وأين يتم سؤالهم؟ إن الطبيب يا سماحة الشيخ، عندما يجري العملية يبعد حواس الإنسان عنه بمخدر، أما هذا الموت فإنني لا زلت أتساءل، وأبدي لكم أني غير

ساخر، لكنني في حيرة، وأرجو الإيضاح عبر هذا البرنامج المفيد، جزاكم الله خيرا (¬1). ج: أولا ينبغي أن يعلم أن الواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة التصديق بما أخبر الله به في كتابه، أو على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، في جميع الأمور، فيما يتعلق بالآخرة والحساب والجزاء، والجنة والنار، وفيما يتعلق بالموت، والقبر وعذابه ونعيمه، وعلى المؤمن أن يصدق بما أخبر الله به ورسوله، وما جاء بالقرآن العظيم، وما صحت به السنة، فعلينا الإيمان والتسليم والتصديق، لأننا نعلم أن ربنا هو الصادق في قوله، قال سبحانه: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} (¬2) {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} (¬3) ونعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم أصدق الناس وأنه كما قال الله: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (¬4) {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (¬5) فما ثبت عنه في الأحاديث الصحيحة وجب التصديق به، وإن لم نعرف كنهه، وإن لم نعرف حقيقته، نصدق بما أخبر به من أمر الآخرة، أمر الجنة، أمر النار، عذاب أهل النار، نعيم أهل الجنة، كون العبد في قبره يعذب أو ينعم، ترد إليه روحه ويسأل كل هذا حق، جاءت به النصوص والأحاديث ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 78. (¬2) سورة النساء الآية 122 (¬3) سورة النساء الآية 87 (¬4) سورة النجم الآية 3 (¬5) سورة النجم الآية 4

الصحيحة، فعلى العبد أن يسلم ويصدق، بكل ما علمه من القرآن العظيم، أو بما صحت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أجمع عليه علماء الإسلام، ثم إذا من الله على المؤمن والمؤمنة بالعلم، والحكم، والأسرار، فهذا خير إلى خير، ونور إلى نور، وعلم إلى علم، فليحمد الله وليشكره على ما أعطاه من البصيرة في الحكم والأسرار التي من الله عليه بها، حتى زاد علمه وحتى زادت طمأنينته، أما ما يتعلق عن حال القبر، وعن حال الميت فإن السؤال حق، فإن الميت ترد إليه روحه إذا مات، فقد صحت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ترد إليه روحه فيسأل في قبره، على كيفية الله أعلم بها، حياة غير حياته الدنيوية، حياة خاصة برزخية ليست من جنس حياته في الدنيا، التي يحتاج فيها إلى الطعام والشراب، ونحو ذلك، لا، بل حياة خاصة يعقل معها السؤال والجواب، ثم ترجع روحه بعد ذلك إلى عليين، إن كان من أهل الإيمان إلى الجنة، وإن كان من أهل النار إلى النار، لكنها تعاد إليه وقت السؤال والجواب، فيسأله الملكان: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فالمؤمن يقول: ربي الله، والإسلام ديني، ومحمد نبيي، هكذا المؤمن والمؤمنة، ويقال له: ما علمك بهذا الرجل؟ يعني محمدا، يقول: هو رسول الله جاء بالهدى فآمنا به، وصدقناه، واتبعناه، فيقال له: نم صالحا قد علمنا إن كنت لمؤمنا، ويفتح له باب إلى الجنة فيأتيه من روحها ونعيمها، ويقال له: هذا مكانك من الجنة، حتى يبعثك الله إليه، ويفتح له باب إلى النار، فيرى مقعده من النار، والله

على كل شيء قدير، هذه أمور عظيمة غيبية، فيرى مقعده فيقال له: هذا مكانك لو كفرت بالله، أما الآن فقد عافاك الله منه، وصرت إلى الجنة، وهكذا يقال للكافر، إذا سئل قال الكافر: هاه هاه، لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته، فيضرب بمرزبة - يعني: مطرقة - من حديد، فيصيح صيحة يسمعها كل شيء، إلا الثقلين الإنس والجن، تسمعها البهائم، ويقال له: قد علمنا أنك غير مؤمن، وعلى هذا عشت، وعليه مت، فيفتح له باب إلى النار، ويضيق عليه قبره، حتى تختلف عليه أضلاعه، ويكون قبره عليه حفرة من حفر النار، نعوذ بالله، ويفتح باب إلى النار فيأتيه من سمومها وعذابها، ويقال: هكذا مكانك حتى يبعثك الله إليه، ويفتح له باب إلى الجنة، فيرى مقعده من الجنة، لو هداه الله، ولكن الله صرفه عنه لما كفر بالله، وربك أحكم وأعلم سبحانه وتعالى، فالقبر إما روضة من رياض الجنة، وإما حفرة من حفر النار، والعذاب والنعيم للروح والجسد جميعا في القبر للروح والجسد، وهكذا في الآخرة في الجنة بالروح والجسد، في النار بالروح والجسد، أما من مات بالغرق ومن مات بالحرق ومن مات بأكل السباع، فإن الروح يأتيها نصيبها من العذاب والنعيم، والتي جسدها في البحر أو بالحرق، أو في بطون السباع يأتيه نصيبه من ذلك، على الوجه الذي يعلمه الله سبحانه وتعالى، لكن المعظم والمهم على الروح، التي تبقى، فهي إما منعمة وإما معذبة، فإذا أكلته السباع ذهبت روحه إلى مكانها من خير وشر، وهكذا من أحرقته النار، أو سقط في البحار،

وأكلته حيتان البحر، أو غير ذلك، الأرواح تذهب إلى مكانها، المؤمن تذهب روحه إلى الجنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن روح المؤمن طائر معلق في شجر الجنة، يأكل من ثمارها (¬1)» والكافر تذهب روحه إلى النار، وإلى ما شاء الله من عذاب الله، وإن ذهب جسده بالحرق أو بالسباع، أو بغير ذلك، فينبغي لك أيها السائل، أيها المؤمن، أيتها المؤمنة، أن تطمئن قلوبكم إلى ما قال الله ورسوله، وأن كون الإنسان يحرق، أو تأكله السباع، أو يذهب في البحار، أو غير ذلك، كل هذا لا يمنع من العذاب والنعيم، فالنعيم والعذاب يصل إليه، كما يشاء الله سبحانه وتعالى، ومعظمه في القبر على الروح نعيما أو شرا، وينال الجسد نصيبه من ذلك، وعند بعثه ونشوره يجمع الله له ما وعده به، من خير وشر لروحه وجسده، فالروح والجسد يوم القيامة، منعمان أو معذبان جميعا، إما في النار وهم الكفار، وإما في الجنة وهم أهل الإيمان، أما العصاة فلهم نصيبهم بين هؤلاء وهؤلاء، إن عفا الله عنهم لحقوا بأهل الإيمان، وصاروا إلى الجنة والكرامة، وسلموا من عذاب القبر، وعذاب النار، وإن لم يعف عنهم بسبب معاصيهم، من الزنى، أو شرب الخمر، أو عقوق الوالدين، أو قطيعة الرحم، أو أكل الربا، أو غير هذا، إذا لم يعف عنهم نالهم نصيبهم من عذاب القبر، على قدرهم لكنهم ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب أرواح الشهداء في الجنة بلفظ: " أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش "، برقم 1887.

دون الكفار، أقل من الكفار، ويوم القيامة يدخلهم الله النار، ويعذبون على قدر معاصيهم، إذا لم يعف عنهم، فإذا طهروا في النار وخلصوا من خبث معاصيهم، أخرجهم الله من النار إلى الجنة، بفضل رحمته سبحانه وتعالى، وقد يخرجون بشفاعة الشفعاء، كشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وشفاعة الملائكة والأنبياء والمؤمنين والأفراط، ويبقى في النار من العصاة من شاء الله، فيدخلهم الله برحمته بغير شفاعة أحد، بل لمجرد فضله ورحمته جل وعلا؛ لأنهم ماتوا على التوحيد، فيخرجهم الله من النار بعدما يجازون، إذا لم يعف عنهم قبل ذلك، ولا يبقى في النار إلا الكفرة مخلدين فيها أبد الآباد، يبقى الكفار مخلدين في النار أبد الآباد، أما العصاة الذين ماتوا على المعاصي لم يتوبوا فهم تحت مشيئة الله سبحانه وتعالى، إن شاء عفا عنهم بأعمالهم الطيبة وتوحيدهم، وإن شاء عاقبهم وعذبهم في القبر وفي النار على قدر معاصيهم، ولكنهم لا يخلدون خلودا دائما أبدا، لا، بل يقيمون في النار إذا دخلوها مددا متفاوتة، على حسب أعمالهم السيئة، فإذا انتهت عقوبتهم أخرجهم الله من النار إلى الجنة، هذا قول أهل السنة والجماعة قاطبة، خلافا للخوارج والمعتزلة، فإن الخوارج والمعتزلة يقولون: العصاة إذا دخلوا النار لا يخرجون أبدا، كالكفار، وهذا قول باطل، والذي عليه أهل السنة والجماعة، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعهم بإحسان، أن العصاة إذا لم يعف عنهم ودخلوا النار لا يخلدون، بل يعذبون عذابا متفاوتا على قدر معاصيهم، مددا يشاؤها الله سبحانه وتعالى ويعلمها،

فإذا انتهت المدة التي قدرها الله لهم أخرجوا من النار وصاروا إلى نهر يقال له: نهر الحياة، فينبتون فيه كما تنبت الحبة في مجرى السيل، فإذا تم خلقهم أذن لهم بدخول الجنة، فضلا منه سبحانه وتعالى، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية والعلم النافع. وكل ما عرض للإنسان من شكوك وأوهام، يعرضها على الكتاب والسنة، حتى تزيل ذلك، فما في الكتاب والسنة من المعين الصافي، هو الذي يزيل الشكوك والأوهام، ويجعل المؤمن في راحة وطمأنينة، مرتاحا لما قاله الله ورسوله، وإن كان لا يفهم ذلك، أو لم يعرف الحكمة في ذلك، فالله أحكم وأعلم: {إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (¬1) لا يعذب إلا لحكمة، ولا ينعم إلا لحكمة، ولا يعطي إلا لحكمة، ولا يمنع إلا لحكمة، هو الحكيم العليم في كل شيء سبحانه وتعالى. وكل هذه الأشياء التي حدثت في الوقت الحاضر، فيها عبرة، فبعض الناس كانوا يتساءلون، ويقولون: كيف ينادي أصحاب الجنة أصحاب النار، وأصحاب الجنة في أعلى عليين، وأصحاب النار في أسفل سافلين، بينهم التباعد العظيم، فأراهم الله هذه العجائب، هذا المذياع الذي من أقصى الدنيا، إلى أقصى الدنيا، يسمعون منه الأخبار ويريهم الله منه العبرة، وهذا الهاتف التليفون يتخاطبون به، من بعد إلى بعد، هذه آية وعبرة تدلهم على صحة ما أخبر به الرسل، من كون أهل ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 83

الجنة ينادون أهل النار، ويسمعون عواءهم وشرهم، إذا أرادوا ذلك، كل هذا من آيات الله، وكذلك رؤيته في التلفاز وغيره، فأهل الجنة يرون أهل النار: {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ} (¬1) مع البعد العظيم، الله أقدره أن يرى أهل النار، هذه من آيات الله، كما أنه يرى الإنسان، يتكلم من محل بعيد، تنقله الأقمار الصناعية في مكان آخر، هذه آيات من آيات الله: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} (¬2) وهو على كل شيء قدير سبحانه وتعالى، وبكل شيء عليم سبحانه وتعالى، يري عباده العبر ويوضح لهم الآيات، لعلهم يعقلون، ولعلهم يفهمون، لإقامة الحجة، وهذه الأشياء تقرب وتعين على فهم الكتاب والسنة فيما أشكل من هذه الأمور. ¬

_ (¬1) سورة الصافات الآية 55 (¬2) سورة فصلت الآية 53

بيان أن العالم الأخروي عالم مادي إلا أنه لا ندرك كنهه في الدنيا

113 - بيان أن العالم الأخروي عالم مادي إلا أنه لا ندرك كنهه في الدنيا س: من المعروف أن معنى المادة، هو كل شيء يشغل حيزا من الفراغ، وله كتلة، وتوجد بثلاث حالات: وهي الحالة الصلبة، والحالة السائلة، والحالة الغازية، ومن المعروف أيضا وعلى ما أعتقد، أن هناك صورتين للوجود فقط، وهي

الصورة المادية والصورة الروحانية، أي الروح، وهذا العالم، عالم الدنيا الذي نعيش فيه، هو عالم مادي ملموس؛ لأن كل شيء فيه يرى ويلمس، أو تتحسس به كالهواء مثلا، والسؤال هو: هل عالم الآخرة عالم مادي أم عالم روحاني أم غير ذلك؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: العالم الأخروي عالم مادي، لكننا لم نصل إليه الآن، وإنما نصل إليه بعد البعث والنشور، ولكنا علمناه بالأدلة القاطعة، التي لا ريب فيها ولا شك فيها، بطريق الرسل عليهم الصلاة والسلام، ومن طريق الفطرة التي فطر الله عليها الناس، ومن طريق ما جاءت به الرسل من الكتب، وأعظمها وأرفعها شأنا القرآن الكريم، فقد تواترت الأدلة النقلية والعقلية، التي فطر الله عليها العباد: على الإيمان بالآخرة والجنة والنار، وأنها حق وأنها كائنة، وأن أهل الجنة ينعمون بنعم محسوسة، يأكلون ويشربون ويتمتعون بالزوجات، من الحور العين وغيرهن، ويتمتعون بما هناك من أنواع النعيم، كما أن أهل النار يتألمون بما أعد الله لهم من العذاب، ويذوقون مسه وشره وبلاءه، كل هذا أمر معلوم مقطوع به، بالأدلة القطعية التي لا ريب فيها ولا شك، ومن كذبها فهو كافر، حلال الدم والمال مأواه النار وبئس المصير، نعوذ بالله من ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 132.

بيان أن كل مخلوق له أجل محدود لا يعلمه إلا الله

114 - بيان أن كل مخلوق له أجل محدود لا يعلمه إلا الله س: هل الأجل مكتوب عند مرحلة معينة للإنسان؟ (¬1) ج: الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم الآجال، وقتها جل وعلا، وليس له حد محدود بالنسبة للمخلوق، ولكنه له حد عند الله، كل واحد له أجل محدود، متى وصل إليه انتهى، لكن المخلوق لا يعرف هذا، هو ليس له حد محدود بالنسبة للإنسان، قد يبلغ المائة، وقد يكون أقل، وقد يكون أكثر، فهذا الشيء إلى الله جل وعلا، البشر لهم آجال ضربها سبحانه وتعالى إلى أجل مسمى، ثم إذا جاء الأجل انتهى، {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا} (¬2) {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} (¬3) المقصود أن الآجال لها حدود، عند الله عز وجل، والمخلوق لا يعرفه. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 277. (¬2) سورة المنافقون الآية 11 (¬3) سورة الأعراف الآية 34

س: عندما يقترب الأجل هل يشعر الإنسان أم يفاجأ به عندما يحضره الموت؟ (¬1) ج: الإنسان لا يعلم الغيب، ولا يشعر بالأجل، لكن قد يعرف الأمارات إذا رأى المرض الشديد، أو الجرح الشديد، قد يحس بأن هذا في الغالب سوف يقضي عليه، يحصل بعده الموت، وإلا فالعلم عند الله عز وجل، لكن الإنسان على حسب حال المرض، قد يظن الموت من أمراض ظاهرة خطيرة، وقد يظن الموت من شيء ولا يحصل الموت، يبلغه الله العافية، سبحانه وتعالى، فالأمر بيده جل وعلا، هو الذي عنده علم الغيب سبحانه وتعالى، لكن الأمراض تختلف، والجروح تختلف، فقد يكون المرض خطيرا والجرح خطيرا، ويظن أن يموت به الإنسان، وقد يبطل الظن ولا يموت الإنسان بذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 277.

بيان أن روح المؤمن ترفع إلى الجنة

115 - بيان أن روح المؤمن ترفع إلى الجنة س: الأخ: ع. م. من مدينة الطائف، يسأل ويقول: عند موت المسلم تنتزع الروح، فأين تذهب؟ (¬1) ج: روح المؤمن ترفع إلى الجنة، ثم ترفع إلى الله سبحانه ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 254.

وتعالى، ثم ترد إلى جسدها للسؤال، ثم بعد ذلك جاء الحديث أنها تكون في الجنة طائرا يعلو فوق شجر الجنة، روح المؤمن، ويردها الله إلى جسدها إذا شاء سبحانه وتعالى، أما روح الكافر فتغلق عنها أبواب السماء، وتطرح طرحا إلى الأرض، وترجع إلى جسدها للسؤال، وتعذب في قبرها مع الجسد، نسأل الله العافية. أما روح المؤمن فإنها تنعم في الجنة، وترجع إلى جسدها إذا شاء الله، وترجع إليه في أول ما يوضع في القبر، حتى يسأل، كما جاءت في ذلك الأحاديث الصحيحة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمؤمن إذا خرجت روحه يخرج منها كأطيب ريح، يحسها الملائكة، ويقولون: ما هذه الروح الطيبة؟ ثم تفتح لها أبواب السماء، حتى تصل إلى الله، فيقول الله لها: ردوها إلى عبدي: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} (¬1) فتعاد روحه إلى جسده ليسأل، ثم جاءت الأحاديث بأن هذه الروح تكون في الجنة بشبه طائر، في صورة طائر، تعلو في أسفل الجنة، وأرواح الشهداء في أجواف الطيور الخضر، أما أرواح المؤمنين فهي نفسها تكون طائرا، كما روى ذلك أحمد وغيره بإسناد صحيح عن كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) سورة طه الآية 55

بيان المقصود بالبرزخ

116 - بيان المقصود بالبرزخ س: يقول السائل: قرأت وسمعت عن البرزخ، عرفوه لنا جزاكم الله خيرا (¬1). ج: البرزخ هو ما بين وضع الإنسان في قبره إلى قيام الساعة هذا هو البرزخ، فالذين وضعوا في قبورهم في عهد آدم وبعده هم في البرزخ إلى الآن إلى يوم القيامة، وهكذا من بعدهم، وهكذا في يومنا من مات الآن صار إلى البرزخ، ويستمر في ذلك إلى أن تقوم الساعة، فالبرزخ ما بين موتك وما بين قيام الساعة، وهكذا ما بين موت الناس، إذا قامت القيامة ومات الناس، هم في برزخ حتى يبعثوا، فإذا بعثوا انتهوا من البرزخ، وتوجهوا للحساب. س: يقول السائل: هل هناك تعارف بين الذين في البرزخ من أهل النعيم وأهل الجحيم؟ (¬2) ج: لا أعلم أن هناك تعارفا بينهم في البرزخ، ولا يحضرني شيء في هذا المعنى. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 236. (¬2) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 245.

س: يقول هذا السائل: القبر أول منازل الآخرة، وفيه يكون السؤال لابن آدم عن ربه ودينه، والرجل الذي بعث إليهم، وبعد السؤال يقال للعبد إن كان من أهل الجنة: انظر إلى مقعدك في النار، أبدلك الله به مقعدا في الجنة، وإن كان من أهل النار يقال له عكس ذلك، وعليه يكون العبد قد علم هل هو من أهل الجنة أم من أهل النار، لكن سماحة الشيخ: الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، التي تتناول يوم القيامة، بما فيها من بعث، واستلام للصحائف، والحساب، والميزان، والصراط كلها تبين بأن ابن آدم لا يعلم هذا المكان، من الجنة أو من النار، إلا بعد المرور على الصراط، نرجو من سماحتكم أن توضحوا لنا ذلك مأجورين (¬1). ج: لا منافاة في هذا كله، المؤمن يرى مقعده من الجنة، حتى يستبشر بذلك، ويجيئه من طيبها وريحها، ويرى مقعده من النار التي عافاه الله منها، حتى يسر بذلك، وهذا للمؤمن في قبره، وفي الآخرة يرى حسابه، ويعطى كتابه بيمينه، إن صار إلى منزله في الجنة، والحمد لله، لا منافاة يبشر به في القبر، ويوم القيامة يرشده الله إلى منزله في الجنة، بعد انتهاء الحساب، وبعد تجاوز الصراط، الله يرشده حتى ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 401.

يصل إلى منزله في الجنة، هو أدل عليه من منزله في الدنيا، وهذا من رحمة الله وتيسيره جل وعلا، ولا منافاة هو يعلم بمنزله في الجنة بإخبار الملائكة له، وهكذا ما وقاه الله من النار، ولكن بعد الصراط، وبعد الحساب والجزاء، يرشده الله إلى منزله في الجنة.

بيان أن عذاب القبر حق

117 - بيان أن عذاب القبر حق س: يقول: يوجد أناس لا يصدقون بعذاب القبر، وذلك لأنه لم يذكر في القرآن الكريم، فوجهونا جزاكم الله خيرا (¬1). ج: عذاب القبر حق، فقد تواترت به النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأجمع عليه المسلمون، ودل عليه القرآن الكريم في قوله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} (¬2) هذا معناه في البرزخ {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (¬3)، وقوله: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} (¬4) هذا في البرزخ، نسأل الله العافية. فالمقصود أن من أنكر عذاب القبر يستتاب، وإن تاب وإلا قتل كافرا، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 355. (¬2) سورة غافر الآية 46 (¬3) سورة غافر الآية 46 (¬4) سورة غافر الآية 46

س: نلاحظ في رسالة أخينا السائل أنه يكثر من قوله: إنه لم يرد في القرآن شيء عما يسأل عنه. . هل من تعليق عن هذا؟ جزاكم الله خيرا. ج: نعم، هذا قول طائفة من الناس ترى أنه لا يحتج بالسنة، وإنما يحتج بالقرآن فقط، وأن السنة فيها الضعيف وفيها الصحيح، وأنها عندهم ملتبسة فلا يحتج بها، وهذا معناه عصيان قوله: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (¬1) ومعناه أطيعوا الله فقط، ولا تطيعوا الرسول، السنة هي أمر الرسول ونهيه عليه الصلاة والسلام، والله يقول: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (¬2) ويقول جل وعلا: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (¬3) «ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: إني أوتيت القرآن ومثله معه (¬4)» فهذه الطائفة التي ترى أن السنة لا يحتج بها جميعها طائفة كافرة وضالة. فالواجب على من يعرفهم أن يهجرهم، وأن يعرفهم أنهم على باطل، وأنهم كفار بهذا العمل بإنكارهم السنة، يكفرون ويخرجون من دائرة الإسلام، بل يجب على كل مسلم أن يقبل السنة، وأن يعمل بما ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 92 (¬2) سورة النور الآية 63 (¬3) سورة الحشر الآية 7 (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين، حديث المقدام بن معدي كرب، برقم 16722.

صح منها، وأن يحذر إنكارها، فإنكارها بالكلية، وألا يحتج إلا بالقرآن، فهذا من أبطل الباطل، وأعظم الكفر نسأل الله العافية.

بيان أن الإنسان يمتحن في قبره

118 - بيان أن الإنسان يمتحن في قبره س: عندما يموت الإنسان وعند دفنه هل يعذب مدى موته حتى يوم القيامة، وذلك إذا كان مسيئا فعلا وقولا وعملا، أم لفترة حسب الأعمال، أو حسب أعماله؟ نرجو منكم التوجيه، جزاكم الله خيرا (¬1). ج: الحمد لله، أما بعد: فقد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن العبد إذا وضع في قبره أتاه الملكان يسألانه، عن ربه ودينه ونبيه، فإن ثبته الله وأجاب الجواب الصحيح فتح له باب إلى الجنة، يأتيه من نعيمها وطيبها، ويفتح له باب إلى النار، يقال: هذا مقعدك لو كفرت بالله، قد أبدلك الله به هذا المقعد من الجنة، يراهما جميعا، والكافر بعكس ذلك، يفتح له باب إلى النار يأتيه من عذابها وشرها وسمومها، وباب إلى الجنة يقال له: هذا مقعدك لو هداك الله، ولكنك كفرت بالله فحرمت هذا المقعد، فظاهر السنة والكتاب أن المهتدي ينعم والكافر يعذب، لكن كيف يعذب؟ كيف يستمر العذاب؟ ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 358.

هذا إلى الله سبحانه وتعالى، وهكذا كيفية النعيم إلى الله، ليس عند المؤمن إلا ما جاءت به الأحاديث، يؤمن بما جاءت به الأحاديث، أما كيفية النعيم واستمراره وكيفية العذاب واستمراره هذا إلى الله سبحانه، يقول الله في حال فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (¬1) دلت الآية على أنهم يعرضون غدوا وعشيا ليس دائما، فالمقصود أن التعذيب والنعيم هذا يرجع إلى الله في التفصيل والكيفية إليه سبحانه وتعالى، لكن نعلم أن المؤمن منعم في قبره، والكافر معذب في قبره، وكيف النعيم وكيف العذاب هذا إلى الله سبحانه وتعالى، ليس عندنا إلا ما جاء به النص أنه يفتح باب إلى الجنة للمؤمن يأتيه من نعيمها وطيبها، والكافر يفتح له باب إلى النار، نسأل الله العافية. وفي الصحيحين من حديث ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم أطلعه الله على قبرين قال: إنهما ليعذبان، ثم قال:، وما يعذبان في كبير، ثم قال:، بلى، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول - يعني لا يتنزه من البول - وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة (¬2)» وأخبر أنهما يعذبان في هذين الأمرين، أما كيفية العذاب فلم يبين لنا، أما العاصي فهو ذو الشائبتين ليس في السنة وكتاب الله ما يوضح فيما ¬

_ (¬1) سورة غافر الآية 46 (¬2) أخرجه البخاري كتاب الوضوء، باب من الكبائر ألا يستتر من بوله، برقم 216، ومسلم في كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه، برقم 703.

نعلم كيفية نعيمه ولا كيفية عذابه، هو على خطر، الذي يموت على معاص لم يتب منها؛ كالزنى أو الخمر أو العقوق هو على خطر من العذاب، لكن لا يعلم كيفية ذلك إلا الله سبحانه وتعالى، لكن ليس من جنس الكافر، وليس من جنس المؤمن السليم، بل هو بينهما، وفي الآخرة كذلك، قد يعذب وقد يعفو الله عنه ويدخل الجنة، قد يدخل النار لكن لا يخلد فيها، يعذب بقدر معاصيه، ثم يخرجه الله من النار إلى الجنة، فحاله بين حالين هو الظالم لنفسه، لكن مصيره إلى الجنة، منتهاه إلى الجنة والسلامة. س: هل الذي ينعم في قبره يستمر نعيمه إلى دخول الجنة، أم أنه من الممكن أن يعذب يوم القيامة؟ (¬1) ج: قد ثبتت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الدالة على أن الميت يمتحن في قبره، فيسأل عن ربه، وعن دينه، وعن نبيه، فإن نجح وأجاب جوابا صحيحا فتح فتح له باب إلى الجنة، يأتيه من نعيمها وريحها وطيبها، وصار قبره روضة عليه من رياض الجنة، ويستمر هذا النعيم إلى أن يبعث يوم القيامة، ثم من قبره إلى الجنة، أما إذا لم ينجح في الاختبار، كالذي يقول: هاه، هاه، لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا فقلت، فهذا يعذب في قبره والعياذ بالله، ثم بعد ذلك فهو تحت ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 414.

مشيئة الله، إن كان من أهل المعاصي فتحت مشيئة الله، وإن كان من أهل الكفر بالله نقل إلى النار، نسأل الله العافية، كما قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 48

بيان أن النعيم والعذاب على الروح والجسد جميعا

119 - بيان أن النعيم والعذاب على الروح والجسد جميعا س: السائل: م. ن، يقول في سؤاله: ما الفرق بين الروح والنفس؟ وأيهما تتعذب الروح أم النفس؟ أفيدونا مأجورين (¬1). ج: الروح هي النفس، والنفس هي الروح، والعذاب على النفس والجسد جميعا، لكن نصيب الروح أكثر من النعيم والعذاب، وإلا فالجسد يناله نصيبه من العذاب في القبر، وهكذا بعدما تعاد الروح إلى الجسد، يكون لهما الجميع العذاب ويكون لهما النعيم. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 403.

س: يقول هذا السائل من اليمن: البعض من الناس قد يموتون بسبب تهدم عمارة عليهم، وبالتالي يصعب نقلهم ودفنهم في قبور المسلمين، فهل يعذب هؤلاء بعذاب القبر وهم في أماكنهم أم ماذا؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: كل ميت يمتحن في أي مكان في البر أو البحر، أو في هدم أو في غيره، يأتيه الملك فيمتحنه، فإن كان سعيدا حصل له النعيم ونقلت روحه إلى الجنة، وإن كان شقيا حصل له العذاب، وصارت روحه إلى النار، نسأل الله العافية، فالمؤمن على خير مهما كان في هدم، أو في بحر، أو في أي مكان، على خير عظيم، ويصل إليه النعيم في محله، وروحه تنقل إلى دار الكرامة في الجنة، كما جاء في الحديث الصحيح أن أرواح المؤمنين طائر يسيح في الجنة، وأرواح الشهداء في أجواف طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش، والمؤمن يرى مقعده من الجنة ومقعده من النار، فيقال: هذا مقعدك من الجنة، ويأتيه من ريحها ونعيمها، وهذا مقعدك من النار، كفاك الله إياه، ومنعك منه، بسبب طاعتك وتوحيدك، والكافر ضد ذلك، فالمقصود أن الميت في أي مكان، في هدم أو في غيره، يناله ما وعده الله من خير وشر. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 379.

س: بعد موت كل الخلائق ومنهم الملائكة، وبقاء المولى عز وجل، كيف حال بني آدم في هذه اللحظة؟ وهم هم ينعمون أم يعذبون؟ (¬1) ج: الله أعلم، هذا إلى الله جل وعلا، إذا قامت القيامة خرج الناس من قبورهم، ثم يصيرون إلى ما يستحقون، هذا يصير إلى النار، وهذا يصير إلى الجنة، كل منهم على حسب أعمالهم، أما حال خروجهم فهم في خوف شديد، ويوم عظيم، شديد الأهوال، لكن الله يسهله على المؤمن، وعسير على الكافرين، أما تفصيله فإلى الله سبحانه وتعالى، لكنه يوم عظيم يوم عسير، يوم شديد الأهوال، لكن الله يسهله على المؤمن، قال جل وعلا: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} (¬2) {فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ} (¬3) {عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} (¬4) لكن المؤمن يسهل الله عليه كل شيء، بسبب إيمانه وتقواه. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 401. (¬2) سورة المدثر الآية 8 (¬3) سورة المدثر الآية 9 (¬4) سورة المدثر الآية 10

س: يسأل المستمع ويقول: تنقسم حياة الإنسان إلى ثلاثة: حياة الدنيا، وهي التي نعيشها، حياة الآخرة، وهي معروفة، وبين الحياة الدنيا وبين الآخرة حياة البرزخ، فما هي حياة البرزخ؟ وهل الإنسان يكون بجسده وروحه فيها؟ (¬1) ج: حياة البرزخ على حسب حياته في الدنيا، المؤمن ينعم في البرزخ، وروحه في الجنة، وجسده يناله بعض النعيم، والكافر روحه تعرض على النار، ويناله نصيبه من العذاب، وينال جسده نصيبه من العذاب، هذه حياة البرزخ. المؤمن في سعادة ونعيم، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أرواح المؤمنين في الجنة، تسرح في الجنة حيث شاءت، وأما الكفار فمثل ما أخبر الله عن آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (¬2) الكفار أرواحهم معذبة، وأجسادهم ينالها نصيبها من العذاب، حيث يبعث الله الجميع، ثم تصير أرواح المؤمنين إلى الجنة، وأرواح الكفار إلى النار، نسأل الله العافية، هؤلاء مخلدون في الجنة، وهؤلاء مخلدون في النار. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 404. (¬2) سورة غافر الآية 46

بيان أن القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار

120 - بيان أن القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار س: هل هو الحساب فوري يدخل على الجنة أم على النار؟ أم يتأجل الحساب إلى يوم القيامة؟ أفيدونا هداكم الله (¬1). ج: جاء في النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم، ما يدل على أن القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، وأن العبد إذا قبض يبشر عند قبضه بالجنة إن كان مؤمنا، ويبشر بالنار إن كان كافرا، فإذا دخل الكافر قبره، وسئل عما يجب، عذب في قبره، وهذا العذاب من عذاب الآخرة، كما أن المؤمن إذا دخل قبره ينعم فيه ويفتح له باب من الجنة يأتيه من نعيمها وطيبها ويرى مقعده منها، ويرى مقعده من النار وأن الله كفاه من ذلك، عافاه من ذلك، والكافر كذلك يرى مقعده من الجنة، ويحال بينه وبينها بسبب كفره ويرى مقعده من النار، ويأتيه من سمومها وعذابها ونكالها، وقبره حفرة من حفر النار، يعذب فيه على قدر أعماله السيئة، وكفره بالله عز وجل، فالقبر مبدأ من مبادئ النعيم في حق المؤمن ومبدأ من مبادئ العذاب في حق الكافر، والعاصي على خطر، فالعاصي إذا مات على المعاصي فقد يعذب في قبره، وإن كان غير كافر، قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنه اطلع على قبرين يعذبان وما يعذبان في كبير، فأما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 7.

فكان لا يستتر من بوله (¬1)»، يعني أنه: لا يستنجي من البول، فأخبر أنهما عذبا بسبب هذه المعصية، وفي الحديث الآخر: «أكثر عذاب القبر من البول (¬2)»، وقوله: «استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه (¬3)» فدل ذلك على أن المعاصي قد يعذب أهلها في القبر بسببها، وبهذا تعلم أن القبر إما محل عذاب، وإما محل نعيم، ولكنه عذاب مقدم، ونموذج لعذاب النار، ونعيم القبر نموذج من نعيم الجنة فينبغي للمؤمن الحذر، والاستعداد للآخرة وأن يتأهب للقاء الله، وأن يحذر أسباب العذاب، وذلك بالاجتهاد في طاعة الله، والاستقامة على أمر الله، والبعد عن معاصي الله، والتواصي بالحق والصبر عليه، حتى تلقى ربك، وأنت على هذا الحال، تلقى ربك وأنت مجتهد في طاعة الله، مبتعد عن محارم الله، واقف عند حدود الله، تعين إخوانك على الخير، وتوجههم إلى الحق والصبر عليه، هكذا يكون المؤمن حتى ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري كتاب الوضوء، باب من الكبائر ألا يستتر من بوله، برقم 216، ومسلم في كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه، برقم 703. (¬2) أخرجه الدارقطني في كتاب الطهارة، باب نجاسة البول والأمر بالتنزه منه، برقم 464. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب ما جاء في غسل البول، برقم 218، ومسلم في كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول، ووجوب الاستبراء منه، برقم 292.

يلقى ربه عز وجل، صابرا مصابرا، يتباعد عن كل ما حرم الله، ويسارع إلى مراضي الله، حتى يلقى ربه عز وجل، وبهذا يكون في قبره في نعيم، وخير عظيم، وفي روضة مستمرة من رياض الجنة، حتى يلقى ربه عز وجل، فيحصل له ما هو أكبر وأعظم من نعيم الجنة، والعكس بالعكس، الكافر بخلاف ذلك، إذا مات صار في عذاب ونكال وما بعده شر منه نسأل الله العافية.

لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله

121 - لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله س: هل القيامة قامت من قبل أم لا؟ وإذا لم تكن قد قامت فمن هم الناس الذين رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يعذبون؟ (¬1) ج: القيامة حتى الآن لم تقم، سوف تقوم إذا أراد الله قيامها، وهذا إلى علم الغيب، هذا من علم الله سبحانه وتعالى، هو الذي يعلم متى تقوم، لكنها سوف تقوم وسوف يبعث الناس من قبورهم، وسوف يجازون بأعمالهم، وسوف يصيرون إلى الجنة أو إلى النار، أهل الإيمان إلى الجنة وأهل الكفر إلى النار، ولها شرائط تقع قبلها، منها طلوع الشمس من مغربها، ومنها خروج الدجال، وهو شخص يدعو إلى أنه نبي، ثم يدعو إلى أنه رب العالمين، كافر خبيث، وكذلك هناك ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 101.

أمور أخرى كنزول المسيح ابن مريم، من السماء وطلوع الشمس من مغربها كما تقدم، وهدم الكعبة، ونزع القرآن من الصدور، ومن المصاحف، كل هذه تقع قبل يوم القيامة، أما الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم فهذا ليلة أسري به، عرض عليه بعض الشيء، عرضت عليه الجنة والنار، رأى بعض من يعذب في النار، ورأى الجنة وما فيها من النعيم، عرض عليه أشياء من أمور الغيب، اطلع عليها بإذن الله عز وجل، سبحانه وتعالى وأشياء أطلعه عليها جبرائيل، جاءه الوحي وأطلعه عليها عليه الصلاة والسلام، هذه أمور اطلع عليها من جهة الله عز وجل، بعضها ليلة المعراج، حين عرج به إلى السماء، وبعضها في أوقات أخرى بواسطة الوحي، وما يأتي به جبرائيل إليه عليه الصلاة والسلام. س: من هم الناس الذين رآهم الرسول صلى الله عليه وسلم يعذبون في النار؟ (¬1) ج: هذا شيء كثير منوع لا يحصر، فقد رأى من يعذب في النار. . . رأى امرأة عذبت في النار في هرة، حبستها لم تطعمها ولم تسقها ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض، حتى ماتت جوعا، رآها تعذب في النار لما عرضت عليه النار، ورأى شخصا يعذب في النار كان يسرق الناس بمحجنه، المحجن مثل: المشعاب، يمر عند الحجاج السائرين، فإذا غفلوا استغفلهم وأخذ شيئا من متاعهم بهذا ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 101.

المشعاب، وإذا انتبهوا له قال: تعلق بمحجني ما أردته ولا قصدته، فرآه يعذب بمحجنه في النار، ورأى ناسا يعذبون من الزناة والزواني، ورأى ناسا يعذبون لهم أظفار من نحاس، يخمشون بها وجوههم وصدورهم، فسأل عنهم فقيل له: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم، يعني أهل الغيبة، ورأى أشياء غير ذلك، أشياء كثيرة عليه الصلاة والسلام.

معنى النفخ في الصور

122 - معنى النفخ في الصور س: النفخ في الصور، ما هو الصور؟ وهل هو قرن، أم ماذا؟ (¬1) ج: نعم، قرن عظيم، ينفخ فيه إسرافيل النفخة الأولى للموت والفزع، والنفخة الثانية للبعث والنشور. هذه النفختان جاء بهما القرآن الكريم. إحداهما يقال لها: نفخة الصعق، ويقال لها: نفخة الفزع، وبها يموت الناس، والثانية نفخة البعث. وقال جماعة من العلماء: إنها ثلاث: نفخة الفزع، وقد يفزع الناس فقط، ثم تأتي بعدها نفخة الموت، ثم نفخة البعث والنشور. وقد جاءت هذه الثلاث في حديث الصور، ولكن حديث الصور ضعيف والمحفوظ نفختان فقط، كما دل عليهما كتاب الله العظيم، سورة النمل، وفي سورة الزمر نفختان، نفخة ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 240.

الموت، ويقال لها: نفخة الفزع أو الصعق، والثانية: نفخة البعث والنشور.

بيان عدد النفخات في الصور

123 - بيان عدد النفخات في الصور س: هل النفخات في الصور ثلاث أم اثنتان؟ (¬1) ج: الصواب أنها اثنتان، هذا هو المحفوظ كما جاء في القرآن الكريم وفي الأحاديث الصحيحة، نفخة الفزع وهي نفخة الصعق والموت، والثانية: نفخة البعث. فالأولى يقال لها: نفخة الفزع، ويقال لها: نفخة الصعق، ويقال لها: نفخة الموت، تسمى بأسماء، وهي المذكورة في قوله جل وعلا: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} (¬2) وهي المذكورة في قوله جل وعلا: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ} (¬3) وقال آخرون: إنها ثلاث: نفخة الفزع يفزع الناس ولا يموتون، ثم نفخة الصعق والموت، ثم نفخة البعث. وجاء هذا في حديث الصور من حديث إسماعيل بن رافع الأنصاري ولكنه ضعيف، والصواب أنها نفختان: نفخة الفزع يمدها إسرافيل، يمدها طويلا. فأول ما يسمعها ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 183. (¬2) سورة المؤمنون الآية 101 (¬3) سورة النمل الآية 87

الناس، كل منهم يصغي ليتا ويرفع ليتا، يعني يصغي عنقه هكذا وهكذا يستمع، ثم لا يزال إسرافيل يمدها حتى ترتفع، وحتى يصعق الناس فيموتون. س: السائل: أ. إ، من الرياض، يقول: كيف يقوم الناس من قبورهم يوم القيامة؟ (¬1) ج: أخبر الله عنهم بما بين سبحانه وتعالى: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} (¬2) فهم يخرجون من الأجداث إذا سمعوا الصيحة، وهي نفخة البعث، النفخة الثانية يخرجهم الله من قبورهم ومن كل مكان، ويجمعهم جل وعلا يوم القيامة، والله أعلم بكيفية ذلك سبحانه وتعالى. المقصود أنهم يخرجون حفاة، عراة، غرلا، كما جاءت به الأحاديث، حفاة لا نعال عليهم، عراة لا لباس عليهم، غرلا غير مختونين، حتى يقضى بينهم، وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم، كما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 404. (¬2) سورة المعارج الآية 43

أقسام الناس يوم القيامة

124 - أقسام الناس يوم القيامة س: يوم القيامة هناك فئة من الناس يعذبون في النار، ولكنهم لا يخلدون، ما مصير هؤلاء الناس في القبور؟ (¬1) ج: الناس بالنسبة إلى القيامة ثلاثة أقسام: قسم مؤمنون أتقياء، فإلى الجنة، وقبورهم روضة من رياض الجنة، يفتح لهم باب إلى الجنة يأتيهم من نعيمها وروحها وطيبها، كما جاءت به الأخبار عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والقسم الثاني: كفار قد استحقوا عذاب الله وغضبه، والسجن في دار الهوان وهي النار، فهؤلاء قبورهم عليهم عذاب، وهي حفر من حفر النار نسأل الله العافية، عذاب معجل، والقسم الثالث: أهل المعاصي ليسوا كفارا وليسوا بمسلمين كمل أتقياء، بل لهم ذنوب ولهم معاص، فهؤلاء أمرهم بين الأمرين، فقد يعذبون في قبورهم، وقد ينجون، وهكذا يوم القيامة، قد يعفو الله عنهم، فيدخلهم الجنة لإسلامهم، وتوحيدهم وما معهم من الإيمان بفضله سبحانه، أو بواسطة الشفعاء من ملائكة وأنبياء وأفراط ونحو ذلك، وقد يعذبون في النار على قدر جرائمهم، ثم بعدما يطهرون من خبثهم في النار، ينتقلون إلى الجنة، هذه حال أهل المعاصي عند أهل السنة والجماعة، أما الخوارج والمعتزلة فلهم رأي آخر، الخوارج يرون العصاة كفارا، ويرونهم مخلدين في النار، نعوذ بالله وهكذا ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 97.

المعتزلة ومن سار في طريقهم، يرون من مات على الكبائر، يرونه مخلدا في النار ولا يخرج منها، ويحتجون بما ورد في الآيات والأحاديث، من الوعيد بقوله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (¬1) مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إن على الله عهدا لمن مات وهو يشرب الخمر، أن يسقيه من طينة الخبال"، قيل: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال: "عصارة أهل النار"، أو قال: "عرق أهل النار (¬2)»، وأحاديث لعن الخمر وشاربها، كذلك حديث: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن (¬3)» الحديث. فيحتجون بهذه وأمثالها على كفر العاصي، على رأي الخوارج، وعلى خلودهم في النار، على رأي الخوارج وأتباعهم كالمعتزلة، أما أهل السنة والجماعة فيرون: أن العاصي ليس بكافر خلافا للخوارج، وليس بمخلد في النار، خلافا لهم وللمعتزلة، ولكنه ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 93 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأشربة، باب بيان أن كل مسكر خمر وأن كل خمر حرام، برقم 2002. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحدود، باب لا يشرب الخمر، برقم 6772، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان نقصان الإيمان بالمعاصي ونفيه عن المتلبس بالمعصية على إرادة نفي كماله، برقم 57.

معرض للخطر، وعلى خطر من وعيد الله، قد يعذب في النار، ويعذب في قبره، وقد ينجو بسبب أعماله الصالحة، أما إذا تاب قبل أن يموت، فإنه يلحق بالقسم الأول، بالمتقين ويكون من أهل الجنة، من أول وهلة إذا تاب توبة صادقة قبل أن يموت، لكن لو مات ولم يتب، فهذا هو محل الخطر، فهو تحت مشيئة الله سبحانه وتعالى، إن شاء ربنا جل وعلا عفا عنه لإسلامه وتوحيده، وإيمانه وإن شاء ربنا عاقبه في النار، على قدر الجرائم التي مات عليها، ثم بعدما يطهر ويمحص في النار، يخرج منها إلى نهر الحياة، كما في الأحاديث الصحيحة، أنه يخرجون من النار، وقد امتحشوا قد احترقوا، فيلقون في نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، فإذا تم خلقهم وكمل خلقهم، نقلوا إلى الجنة، هذه حال القسم الثالث، وهم العصاة من أهل المعاصي، وهم في الدنيا كذلك في قبورهم، كذلك قد يعذبون وقد لا يعذبون، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى شخصين يعذبان في قبريهما فقال: «وما يعذبان في كبير" – ثم قال-: "بلى أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول" وفي لفظ آخر: "لا يستتر من البول"، يعني: لا يتنزه منه ولا يتحفظ، "وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة (¬1)». هذا يدل على أن بعض العصاة قد يعذبون بمعاصيهم، كالنميمة وعدم التنزه من ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه، برقم 292.

البول، ومثل عقوق الوالدين، مثل أكل الربا وما أشبه ذلك، وقد يعفو الله عنهم، بأعمال صالحة أتوا بها، ولتوحيدهم وإسلامهم، فهو سبحانه وتعالى الجواد الكريم جل وعلا، وفي هذا المعنى يقول سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬1) فأخبر سبحانه أن الشرك لا يغفر لمن مات عليه، وأما من مات على ما دون الشرك من المعاصي، فهو تحت مشيئة الله، إن شاء سبحانه غفر له، بما معه من التوحيد والإسلام، والأعمال الصالحات، ومن شاء عذبه على ما معه من المعاصي من زنا، أو سرقة أو عقوق لوالديه أو أحدهما، أو قطيعة رحم أو أكل الربا، أو شهادة الزور أو قذف للمحصنة أو المحصن بغير حق، أو ما أشبه ذلك من المعاصي، هو فيها تحت مشيئة الله، إن شاء مولانا سبحانه غفر له، بأعمال صالحة قدمها، أو بشفاعة الشفعاء أو بدعاء المؤمنين له، أو بغير هذا وإن شاء مولانا سبحانه، عذبه في النار على قدر المعاصي التي مات عليها، وبعدما يطهر في النار، ويمحص يخرج من النار، ولا يخلد فيها خلود الكفار، لا يخلد العاصي، قد يطول مكثه في النار عند كثرة أعماله السيئة، ويسمى خلودا، كما قال الله في حق القاتل: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (¬2) كونه خالدا فيها، يعني خلودا ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 48 (¬2) سورة النساء الآية 93

غير خلود الكفار، خلود له نهاية، وهكذا قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (¬1) {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (¬2) {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (¬3) قوله: {وَيَخْلُدْ} (¬4) هذا خلود يليق بحال الشخص، فإن كان مشركا فهو خلود دائم، نعوذ بالله، لا يخرج منها أبدا، كما قال سبحانه: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} (¬5) وقال في الكفرة: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} (¬6) هذه حالهم نعوذ بالله، أما إن كان عاصيا كالزاني والقاتل، فهذا خلوده دون الإقامة، وله نهاية ينتهي إليها، إذا كان لم يستحل المعصية، بل فعلها وهو يعلم أنه عاص يعلم أنه مخطئ، ولكن فعلها لشيء من الهوى، والغرض العاجل فهو يعلم أنه مخطئ، وأنه عاص ولكن أقدم على المعصية، فهذا لا يخلد خلود الكفار، ولكنه يخلد خلودا يليق بجريمته، وله نهاية ثم يخرجه الله من النار، برحمته سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) سورة الفرقان الآية 68 (¬2) سورة الفرقان الآية 69 (¬3) سورة الفرقان الآية 70 (¬4) سورة الفرقان الآية 69 (¬5) سورة البقرة الآية 167 (¬6) سورة المائدة الآية 37

بيان أن أهل الجنة مخلدون وأهل النار مخلدون

125 - بيان أن أهل الجنة مخلدون وأهل النار مخلدون س: يقول المستمع في سؤاله: هل يوجد كتاب لابن تيمية رحمه الله، يقول فيه بأن الجنة والنار لا خلود فيهما؟ (¬1) ج: ابن تيمية وغيره من السلف، كلهم يقولون: إن أهل الكفر مخلدون في النار، وأهل الجنة مخلدون في الجنة، هذا بإجماع أهل السنة والجماعة، أن أهل الجنة مخلدون أبد الآباد، ولا موت فيها ولا فناء، بل هي دائمة وأهلها دائمون، وذهب بعض السلف إلى أن النار لها نهاية، وأنها بعد مضي الأحقاب، {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} (¬2) لها نهاية تفنى، ولكنه قول ضعيف ساقط، مردود، والذي عليه جمهور أهل السنة والجماعة أن النار باقية ومستمرة ولا تفنى أبدا، وأهلها كذلك أهلها من الكفرة، معذبون فيها دائما، نسأل الله العافية، كما قال الله جل وعلا في كتابه العظيم، في سورة البقرة: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} (¬3) وقال عز وجل: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} (¬4) وقال تعالى: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} (¬5) إلى أن قال: {فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا} (¬6) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 395. (¬2) سورة النبأ الآية 23 (¬3) سورة البقرة الآية 167 (¬4) سورة المائدة الآية 37 (¬5) سورة النبأ الآية 23 (¬6) سورة النبأ الآية 30

يعني أحقابا كل ما مضى أحقاب، جاء بعده أحقاب، قال تعالى: {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا} (¬1) فهي مستمرة نسأل الله العافية، وأهلها كذلك يقيمون فيها أبدا وهم الكفار، أما العصاة فلهم أمد، عصاة الموحدين لهم أمد، إذا دخلوها يخرجون منها بعدما يطهرون، العصاة منهم من يعفى عنه ولا يدخلها، ومنهم من يدخلها وإذا طهر أخرجه الله منها، وصار إلى الجنة، ولا يبقى في النار ويخلد فيها، أبد الآباد إلا الكفار الذين ماتوا على الكفر بالله نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 97

بيان أن الحسنات توزن والسيئات كذلك

126 - بيان أن الحسنات توزن والسيئات كذلك س: هل يحاسب الإنسان على سيئاته إذا كانت حسناته أكثر؟ (¬1) ج: أخبر الله جل وعلا في كتابه العظيم، بقوله سبحانه وتعالى: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} (¬2) {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} (¬3) {وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} (¬4) {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} (¬5) فهو توزن حسناته وسيئاته، كل إنسان يوازن بين حسناته وسيئاته، ومتى رجحت الحسنات أفلح ونجا، وقد يعفو الله سبحانه وتعالى عن العبد، ويدخله الجنة من دون أن يحاسبه على سيئاته، إما لتوبة فعلها، وإما لحسنات عظيمة، أتى بها قبل موته، وإما لأسباب أخرى، اقتضت رحمة الله عز وجل وفضله، ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 185. (¬2) سورة القارعة الآية 6 (¬3) سورة القارعة الآية 7 (¬4) سورة القارعة الآية 8 (¬5) سورة القارعة الآية 9

سبحانه وتعالى بإدخاله الجنة وعدم محاسبته على السيئات، لكن الأصل الموازنة، كما أخبر الله به في كتابه العظيم فالحسنات توزن، والسيئات توزن، فمن رجحت حسناته نجا ومن رجحت سيئاته هلك، إلا من رحم الله لكن قد يعفو سبحانه وتعالى عن العبد ويتجاوز عن سيئاته، فضلا منه وإحسانا، إما للتوبة لأنه وعد التائبين بالمغفرة، قال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (¬1) وإما بحسنات عظيمة، صارت سببا لمغفرة ذنوبه، وإما بأسباب أخرى، اقتضت حكمة الله أن تكون سببا للمغفرة. س: هل يحاسب الشهيد الذي لم يستشهد في ساعة المعركة، والشهداء أقسام كما نعلم؟ وهل يشفع في سبعين فردا؟ وهل يعفى عنه في كل شيء إلا عن الدين؟ (¬2) ج: جاء في الحديث الصحيح: «أن الشهيد يغفر له كل شيء إلا الدين (¬3)»، فالشهيد الذي يقتل في سبيل الله صابرا محتسبا، مقبلا غير مدبر يغفر له كل شيء، كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام ¬

_ (¬1) سورة طه الآية 82 (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم 185. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب من قتل في سبيل الله كفرت خطاياه إلا الدين، برقم 1885.

«إلا الدين، قال: " إن جبرائيل أخبرني بذلك (¬1)»، وأن صاحب الدين لا يضيع حقه، بل يرضيه الله عن حقه، ويعطيه حقه يوم القيامة، ولا يضيع عليه شيء، والشهيد يغفر له كل شيء، لكن الدين الذي عليه يقضيه الله عنه، سبحانه وتعالى لا يضيع على صاحبه، وما دام مات بسبب الجراحات التي أصيب بها في سبيل الله، صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر، سواء مات في المعركة أو تأخر موته، أياما وليالي لكنه مات، بسبب الجراحات التي أصابته فهو شهيد. والشهداء أقسام لكن أفضلهم شهيد المعركة في سبيل الله عز وجل، ومنهم المطعون، الموت بالطاعون، والمبطون الذي يموت بالإسهال في البطن، وصاحب الهدم الذي يموت بالهدم، يسقط عليه جدار أو سقف، وفي حكمه من يموت بدهس السيارات، وانقلاب السيارات، وصدام السيارات، هذا من جنس الهدم. وكذلك الغرق كل هذه أنواع من الشهادة، لكن أفضلهم شهيد المعركة وهو الذي لا يغسل، ولا يصلى عليه، أما البقية فيغسلون ويصلى عليهم، وإن كانوا شهداء. أما الشفاعة فقد جاء الحديث الصحيح في شهيد المعركة إذا كان صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر، هذا جاء في شهيد المعركة، أما غيره فالله أعلم، له فضل ولهم خير، ولكن كونهم يشفعون في كذا، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب من قتل في سبيل الله كفرت خطاياه إلا الدين، برقم 1885.

وكونهم يغفر لهم كل شيء، هذا محل نظر، يحتاج إلى دليل خاص، لكن لهم فضل الشهادة.

مقدار وقوف الخلق في المحشر

127 - مقدار وقوف الخلق في المحشر س: كم يدوم وقوف الخلق في المحشر، قبل أن يقضي بينهم؟ (¬1) ج: على كل حال الموقف عظيم، ومدته كما أخبر الله جل وعلا، أن مقدار ذلك اليوم خمسون ألف سنة، فهو يوم طويل عظيم، أما المقدار للوقوف قبل انصرافهم فالله أعلم به، لكنه طويل، موقف طويل عظيم، أما مقداره وضبطه فالله أعلم به سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 9.

تجمع الأرواح بين الركن والمقام لا أصل له

128 - تجمع الأرواح بين الركن والمقام لا أصل له س: هل من دليل شرعي على تجمع أرواح المؤمنين، في منتصف كل ليلة جمعة عند الركن والمقام، وتجمع أرواح أهل النار في نفس الوقت في بئر بأرض العراق كما قرأت في إحدى الصحف؟ (¬1) ج: لا أعلم أصلا لما ذكره السائل، من تجمع الأرواح بين الركن ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 159.

والمقام، في أي ليلة وفي أي يوم، كل ذلك لا أصل له، كله من الخرافات الباطلة، وهكذا تجمع أرواح الكفار في بئر في العراق، أو في غير العراق أو عدن أو في غير ذلك، كل ذلك لا أصل له، فلا ينبغي أن يعول عليها.

بعض الحكم في ابتلاء الأطفال

129 - بعض الحكم في ابتلاء الأطفال س: كثيرا ما يتحدث الناس عن الأطفال، وعن أمراضهم وعن عاهاتهم، وأيضا عن مصيرهم في الآخرة ماذا يقول سماحتكم؟ حتى يصحح عقيدة بعض الذين يخطئون ويقولون: إن الأطفال لا ذنب لهم، فكيف يمرضون؟ وكيف يصابون بالعاهات؟ وما هو مصيرهم في الآخرة؟ (¬1) ج: إن الله عز وجل أخبر عن نفسه أنه حكيم عليم، وأنه جل وعلا يبتلي عباده بالسراء والضراء، والشر والخير، يختبر صبرهم ويختبر شكرهم، والأطفال وإن كانوا لا ذنب عليهم، فالله يبتليهم بما يشاء، لحكمة بالغة منها اختبار صبر آبائهم، وأمهاتهم وأقاربهم، واختبار شكرهم، وليعلم الناس أنه جل وعلا حكيم عليم، يتصرف في عباده كيف يشاء، وأنه لا أحد يمنعه من تنفيذ ما يشاء، سبحانه وتعالى ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 58.

في الصغير والكبير، والحيوان والإنسان، فما يصيبهم من أمراض وعاهات لله فيه حكمة بالغة، والتي منها يعلم الناس قدرته على كل شيء، وأنه يبتلي بالسراء والضراء، حتى يعرف من رزق أولادا سالمين فضل نعمة الله عليه، وحتى يصبر من ابتلي بأولاد أصيبوا بأمراض، فيصبر ويحتسب فيكون له الأجر العظيم، والفضل الكبير على صبره واحتسابه وإيمانه بقضاء الله وقدره، وحكمته، وأما مصيره في الآخرة فهم تبع أهليهم، فأولاد المسلمين في الجنة مع أهليهم أجمع على هذا أهل السنة والجماعة، حكى الإمام أحمد وغيره إجماع أهل السنة والجماعة على أن أولاد المسلمين في الجنة، أما أولاد الكفار فقد سئل عنهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل له: «يا رسول الله ما ترى في أولاد المشركين قال: الله أعلم بما كانوا عاملين (¬1)»، قال أهل العلم: معناه أنهم يمتحنون يوم القيامة، حتى يظهر علم الله فيهم يوم القيامة، وهم من جنس أهل الفترات، الذين لم تأتهم الرسل، ولم تبلغهم الرسل وأشباههم، ممن لم يصل إليهم رسول، فإنهم يمتحنون ويختبرون يوم القيامة بأوامر توجه إليهم، فإن أجابوا صاروا إلى الجنة، وإن عصوا صاروا إلى النار، وقد ثبت هذا في أحاديث صحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فعند هذا يظهر علم الله فيهم، فيكونون على حسب ما ظهر من علم الله فيهم، إن أطاعوا صاروا إلى ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين، برقم 1384.

الجنة، وإن عصوا صاروا إلى النار، هذا هو المعتقد فيهم، وهذا هو القول الصواب فيهم، وقال جماعة من أهل العلم: إنهم يكونون في الجنة، لأنهم لا ذنب عليهم فيكونون في الجنة كأولاد المسلمين، ولكنه قول مرجوح، والصواب أنهم يمتحنون ويختبرون يوم القيامة، لأن الله قال سبحانه: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (¬1) وهو لا يعذب إلا بمعصية من المعذب، أو كفر من المعذب، والأطفال ليس منهم معصية ولا كفر، فلهذا يمتحنون يوم القيامة، كما يمتحن الذين لم تبلغهم دعوة الرسل، فيمتحنون يوم القيامة، بما يظهر أمر الله فيهم، من طاعة أو معصية والله ولي التوفيق. س: في إحدى خطب الجمعة، قال الخطيب: إن بعض الناس عند الحساب يوم القيامة يؤتى بصحيفته وفيها جميع الأعمال الصالحة، من الصلاة والزكاة والصدقة، والنوافل والأذكار وغيرها، وفي أخرى يقال له: إن جميع أعمالك ردت عليك، ولم يقبل الله شيئا منها، ما هي أسباب عدم قبول الأعمال؟ وما هي أسباب عدم الإجابة في الدعاء، أو موانع الإجابة؟ جزاكم الله خيرا (¬2). ج: هذا التعبير من هذا الخطيب فيه نظر، لأن الله سبحانه بين أن ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 15 (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم 270.

المؤمن يعطى كتابه بيمينه، فيه حسناته وفيه بيان نجاته وسعادته، ورجحان ميزانه، وأما الكافر فيعطى كتابه بشماله، وفيه بيان سيئاته وأسباب هلاكه، وخفة ميزانه فمن أعطي كتابه بيمينه، فهو سعيد، وأما من أعطي كتابه بشماله فهو شقي، لا يعطى كتابه بيمينه إلا موحد ومستقيم، ولا يعطى كتابه بشماله إلا من هو مشرك حابط الأعمال، والذي يحبط الأعمال هو الشرك، والردة عن الإسلام، قد يكون له أعمال صالحة من صلاة وصوم، وغير ذلك ثم أشرك وارتد عن الإسلام، فتبطل أعماله كلها، كما قال الله سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬1) لكن من حبط عمله لا يعطى كتابه بيمينه، بل يعطى كتابه بشماله، وفيه بيان بطلان أعماله، التي أفسدها بالشرك والكفر، بالله عز وجل، فالحاصل أن الإنسان قد تكون له أعمال صالحات، ثم أفسدها بالشرك والردة فحبطت، قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬2) وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (¬3) {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (¬4) وقال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} (¬5) {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} (¬6) {وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا} (¬7) {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ} (¬8) {فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا} (¬9) {وَيَصْلَى سَعِيرًا} (¬10) فالمقصود أن العبد المؤمن يعطى كتابه ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 88 (¬2) سورة الأنعام الآية 88 (¬3) سورة الزمر الآية 65 (¬4) سورة الزمر الآية 66 (¬5) سورة الانشقاق الآية 7 (¬6) سورة الانشقاق الآية 8 (¬7) سورة الانشقاق الآية 9 (¬8) سورة الانشقاق الآية 10 (¬9) سورة الانشقاق الآية 11 (¬10) سورة الانشقاق الآية 12

بيمينه، والمشرك والكافر يعطى كتابه بشماله، أو من وراء ظهره، فالسعيد يعطى كتابه باليمين، والشقي يعطى كتابه بالشمال، أو من وراء الظهر، والذي تحبط أعماله بشركه وكفره لا يعطى كتابه بيمينه، وإنما يعطى كتابه بشماله، ويبين له أن أعماله حبطت بسبب شركه وكفره، نسأل الله العافية، ولهذا أعطي كتابه بشماله.

بيان أن الإنسان يعاد بعد موته كما كان في الدنيا

130 - بيان أن الإنسان يعاد بعد موته كما كان في الدنيا س: هل يخلق الله الإنسان بعد موته، مثلما كان في الدنيا أم يخلق الروح فقط؟ (¬1) ج: يعاد خلقه كما كان في الدنيا لحما، يعاد جسما تاما وروحا، يعني يعاد: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} (¬2) تعاد الروح والجسد جميعا: فالجسد الذي أطاع الله ينعم مع الروح، والجسد الذي عصى الله يعذب مع الروح: كلاهما يعاد الجسد والروح للنعيم والعذاب جميعا. لكن في البرزخ الروح عليها الثقل، ثقل العذاب ولها النعيم العظيم أكثر، لأن الجسد يذهب ولا يبقى منه إلا عجم الذنب، كما في الحديث الصحيح يفنى ويأكله الدود، وإن ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 271. (¬2) سورة الأنبياء الآية 104

كان أجسام الأنبياء تبقى عليهم الصلاة والسلام، لكن ينال الجسد نصيبه من العذاب والنعيم كما يشاء الله سبحانه وتعالى في البرزخ قبل البعث والنشور، لكن معظم النعيم للروح في الجنة روح المؤمن، والعذاب كذلك في البرزخ معظمه للروح، لأن الجسد يفنى ولا يبقى منه إلا الشيء اليسير وهو عجم الذنب، لكن يناله نصيبه من العذاب عند أهل السنة والجماعة، لكن في الآخرة يجتمع العذاب على الجسد والروح والنعيم للجسد والروح جميعا، يوم القيامة النعيم للمؤمن في الجنة لجسده وروحه، والكافر له العذاب في النار لجسده وروحه جميعا. أما في البرزخ فينعم الجسد ويعذب، ولكن معظم النعيم والعذاب للروح، لأن الجسد يعتريه ما يعتريه من الفناء والذهاب.

صفة الجنة ونعيمها

131 - صفة الجنة ونعيمها س: السائل يقول: حدثونا عن نعيم الجنة، وعن الطرق الموصلة إليها، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم (¬1). ج: إن الله جل وعلا بين في كتابه الكريم، صفة الجنة وصفة نعيمها، وصفة أهلها، كما بين سبحانه صفة النار وأغلالها، وأنواع شرها وصفات أهلها، فالواجب على كل مكلف أن يحذر صفات أهل النار، وأن يجتهد بالتخلق والاتصاف بصفات أهل الجنة كما يقول جل وعلا: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} (¬2) {آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} (¬3) {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (¬4) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (¬5) {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (¬6) ويقول سبحانه: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} (¬7) {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ} (¬8) {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} (¬9) {لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} (¬10) ويقول سبحانه: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ} (¬11) {فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} (¬12)، وقال جل وعلا: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ} (¬13) في آيات كثيرة، فالواجب على المؤمن أن يهتم بهذا الأمر، وأن يعنى بصفات أهل ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 389. (¬2) سورة الذاريات الآية 15 (¬3) سورة الذاريات الآية 16 (¬4) سورة الذاريات الآية 17 (¬5) سورة الذاريات الآية 18 (¬6) سورة الذاريات الآية 19 (¬7) سورة الحجر الآية 45 (¬8) سورة الحجر الآية 46 (¬9) سورة الحجر الآية 47 (¬10) سورة الحجر الآية 48 (¬11) سورة الطور الآية 17 (¬12) سورة الطور الآية 18 (¬13) سورة القلم الآية 34

الجنة، وأهم شيء أداء الواجبات، وترك المحارم فيعتني بأداء فرائض الله، وترك محارم الله، والوقوف عند حدود الله، هذا هو الطريق الذي جعله الله موصلا للجنة، بفضله ورحمته سبحانه وتعالى ولنحذر كل الحذر من صفات أهل النار، الذين بين الله حالهم، في كتابه العظيم، فقال: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} (¬1) {لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} (¬2) {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ} (¬3) {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} (¬4) {لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} (¬5) هذه حالهم نسأل الله العافية، بينت لهم الحقيقة، ودعوا إلى أسباب السعادة، وبلغتهم الرسل، وأنزل الله عليهم الكتب، ولكنهم تابعوا الهوى والشيطان فندموا غاية الندامة، قال تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} (¬6) {قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} (¬7) {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} (¬8)، هذه حال هؤلاء، وحال هؤلاء، فجدير بالمؤمن وجدير بالمؤمنة العناية بأخلاق المؤمنين، والاتصاف بصفاتهم العظيمة، من توحيد الله والإخلاص له، ¬

_ (¬1) سورة الزخرف الآية 74 (¬2) سورة الزخرف الآية 75 (¬3) سورة الزخرف الآية 76 (¬4) سورة الزخرف الآية 77 (¬5) سورة الزخرف الآية 78 (¬6) سورة الزمر الآية 71 (¬7) سورة الزمر الآية 72 (¬8) سورة الزمر الآية 73

والمحافظة على الصلاة، وأداء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، الاجتهاد في كل خير، وبر الوالدين، وصلة الرحم، والإكثار من ذكر الله، الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، إلى غير هذا من وجوه الخير، ثم الحذر من جميع ما نهى الله عنه، وأعظمه الشرك، أعظم ما نهى الله عنه الشرك الأكبر، قال جل وعلا: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (¬1) وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬2) وقال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (¬3) {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} (¬4) وقال في صفات أوليائه المؤمنين، صفات عباد الرحمن: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} (¬5) هذه صفات عباد الرحمن، هذه من صفاتهم العظيمة، فينبغي للمؤمن أن يتصف بصفات أولياء الله، وليحذر من صفات أعداء الله أينما كان، وعباد الرحمن، هم المتقون هم أولياء الله، هم المحسنون هم الذين أطاعوا الله ورسوله، واستقاموا على دينه: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} (¬6) ويقول سبحانه في صفات عباده المتقين: ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 72 (¬2) سورة النساء الآية 48 (¬3) سورة الزمر الآية 65 (¬4) سورة الزمر الآية 66 (¬5) سورة الفرقان الآية 63 (¬6) سورة الفرقان الآية 63

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ} (¬1) {فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} (¬2) {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (¬3) {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ} (¬4) {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} (¬5) {وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} (¬6) {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ} (¬7) {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ} (¬8) {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} (¬9) {قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} (¬10) {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} (¬11) {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} (¬12) فأنت يا عبد الله الآن في دار المهلة في دار العمل، وهكذا أنت يا أمة الله في دار المهلة في دار العمل، فالواجب على كل منكما تقوى الله سبحانه وتعالى، وذلك بتوحيده والإخلاص له في جميع الأعمال: الصلاة، الصوم، الصدقة، الاستغفار، الذكر، الإنسان هكذا يتوجه بقلبه إلى الله، ويخلص عمله لله، إن تصدق، لله، إن صلى، لله، إن صام، فلله، إلى غير ذلك، كله لله؛ كما قال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (¬13) ويقول سبحانه: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬14) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (¬15) ويقول جل وعلا في كتابه الكريم: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (¬16) ومن أهم المهمات أيضا الحذر من جميع المعاصي، من الزنا، السرقة، الغش للمسلمين، ¬

_ (¬1) سورة الطور الآية 17 (¬2) سورة الطور الآية 18 (¬3) سورة الطور الآية 19 (¬4) سورة الطور الآية 20 (¬5) سورة الطور الآية 21 (¬6) سورة الطور الآية 22 (¬7) سورة الطور الآية 23 (¬8) سورة الطور الآية 24 (¬9) سورة الطور الآية 25 (¬10) سورة الطور الآية 26 (¬11) سورة الطور الآية 27 (¬12) سورة الطور الآية 28 (¬13) سورة البينة الآية 5 (¬14) سورة الزمر الآية 2 (¬15) سورة الزمر الآية 3 (¬16) سورة غافر الآية 14

الكذب، الربا، عقوق الوالدين، أو أحدهما، قطيعة الرحم، الغيبة، النميمة، إلى غير هذا مما حرم الله، فالإنسان يحاسب نفسه في أداء فرائض الله، والإكثار من طاعة الله، ويحاسب نفسه في الحذر من محارم الله، ومعاصيه، يرجو ثوابه ويخشى عقابه، سبحانه وتعالى، نسأل الله أن يوفقنا وجميع المسلمين لكل ما يرضيه، وأن يعيذنا وجميع المسلمين من أسباب غضبه وأسباب نقمته، إنه جل وعلا جواد كريم. س: ما هو نعيم أهل الجنة الذي يجدونه يوم القيامة سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: نعيم أهل الجنة لهم ما يشتهون ويطلبون من كل أنواع النعيم، من اللحوم والفواكه وغير ذلك، وأنواع الثمار لهم ما يشتهون وما يطلبون، الله يجعلنا وإياكم من أهلها. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 403.

الكلام عن الحور العين

132 - الكلام عن الحور العين س: الحور العين في الجنة من أي جنس هن؟ (¬1) ج: الحور العين نساء لا يعلم مقدار حسنهن وجمالهن إلا الذي ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 218.

خلقهن، ولكنهن جميلات طيبات حسنات الأخلاق والسيرة، وإذا رآها المؤمن عرف حالها، إذا دخل الجنة رآهن وعرفهن، وعرف أخلاقهن وجمالهن، لكن الآن يعرفن بإخبار النبي عليه الصلاة والسلام، وما ذكر الله عنهن في القرآن وأنهن حور عين، والحوراء البيضاء الجميلة الحسنة العين، هذا من جمالها، وأما كمال الجمال يعرفه الإنسان إذا دخل الجنة، جعلنا الله وإياكم من أهلها، المقصود أنهن نساء خلقهن الله جل وعلا، لإكرام أهل الجنة ولنعيم أهل الجنة من الرجال، ولا يعلم المادة التي خلقن منها إلا الله الذي خلقهن سبحانه وتعالى، بخلاف نساء الدنيا خلقن من ماء مهين معروفات، ويكن في الجنة في غاية من الجمال، وتزوج النساء في الجنة على حسب ما تقتضيه أعمالهن الصالحة، فالله جل وعلا هو الكريم الجواد، وهو الذي يزوجهن في الجنة، سواء كان بأزواجهن في الدنيا أو بغير أزواجهن في الدنيا، أما أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فهن له في الآخرة، عليه الصلاة والسلام، وأما الناس فالله أعلم، جاء في هذا أحاديث فيها نظر، وأن المرأة إذا كان لها أزواج تخير وتختار أحسنهم خلقا، ولكن لا يعلم الحقيقة إلا الله سبحانه وتعالى، فقد تكون لزوجها وقد تكون لغير زوجها، ويعطى كل زوج من الحور العين ما شاء الله منهن، على حسب أعماله الصالحة وتقواه لله جل وعلا، ولكل واحد زوجتان من الحور العين، غير ما يعطى منهن زيادة على ذلك، كل واحد له زوجتان من الحور العين، هذا أمر معلوم، لكن الزيادة الله الذي يعلم مقدارها، يختلفون

المجلد الخامس

بسم الله الرحمن الرحيم تنويه الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين. فبحمد الله وتوفيقه قد صدر هذا الجزء الخامس من فتاوى نور على الدرب لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – وهو في كتاب الطهارة، وقد يلاحظ القارئ أن هناك تشابها في بعض الفتاوى وهو تشابه في المعنى وفي مضمون الفتوى وليس تكرارا لفظيا، وقد تميز سماحة الشيخ – رحمه الله – في أجوبته بالتوسع تارة بذكر عدد من الأدلة من الكتاب والسنة أو بالاقتضاب والاختصار على المعنى المقصود أحيانا، ولو كان هناك تشابه في السؤالين، ولكن ربما أضاف سماحته بعض الفوائد التي يخلو منها السؤال الآخر، وكان رحمه الله يحرص على إجابة كل سائل بما يناسبه وبما يقتضيه المقام. لذا فمن باب الأمانة العلمية واستجابة لرغبته رحمه الله فقد أثبتت جميع الفتاوى كما وردت في الأشرطة والله تعالى أسأله أن يغفر لشيخنا مغفرة واسعة ويسكنه فسيح جناته، أمين. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كتاب الطهارة

صفحة فارغة

كتاب الطهارة

باب المياه 1 - حكم استعمال الماء المتغير بالمخالط الطاهر س: ما هو حكم استعمال الماء المتغير لونا وطعما، بسبب إضافة مادة طبية لقتل الحشرات المسببة للأمراض؟ هل ذلك حينئذ يؤثر على الماء، أم لا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد. فهذا الماء الذي تغير بالمخالط الطاهر لمصلحة الشارب لا حرج في ذلك، ولا يضر ما دام الماء باقيا باسمه ماء، فإنه يستعمل للشرب وغيره، ولا يضره هذا المخالط الذي غيره، كما لا يضره لو تغير بالعشب والأوراق التي تسقط فيه والتراب وما أشبه ذلك، أما إذا غيره تغييرا يخرجه عن اسمه حتى يسمى باسم آخر كالشاهي واللبن والحليب فهذا لا يسمى ماء، ولا يتوضأ به، ولا يزيل النجاسة، أما ما دام اسمه باقيا فإنه يعتبر ماء طيبا ولو خالطه شيء من الأدوية. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (352).

س: عندنا في اليمن، في قريتنا بركة يتوضأ منها الناس، والماء الذي فيها قد تغير لونه وطعمه، هل الوضوء صحيح أم لا؟ نرجو منكم التوجيه (¬1) ج: إذا كانت البركة مصونة عن النجاسات، وإنما تغيرها لطول المكث فلا يضر ذلك، أما إن كان يقع فيها نجاسات، أو يستنجي الناس فيها عن الغائط والبول، ويكون ذلك يسقط فيها حتى تغير طعمها، أو ريحها، أو لونها بذلك فإنها تنجس، وقد أجمع العلماء على أن الماء إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه بالنجاسة نجس، أما مجرد من يتوضأ منها من خارج لا فيها، أو يتمسح مسوحا فقط، يعني: يغسل وجهه ويديه من دون استنجاء هذا لا يضرها ولو تغير من طول المكث، كالمياه التي في البراري والصحاري، فإن الأحواض التي في البراري والصحارى قد تتغير بالتراب وبأوراق الشجر، وغير هذا مما تلقيه الريح، فلا يضر ذلك، بل يكون الماء طهورا سليما ولو تغير بهذه الأوراق أو بالتراب أو غير ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (12).

حكم الوضوء بماء تغيرت إحدى أوصافه الثلاثة بطاهر

2 - حكم الوضوء بماء تغيرت إحدى أوصافه الثلاثة بطاهر س: هل يجوز أن أتوضأ بماء قد تغيرت إحدى أوصافه الثلاثة بطاهر؟ مثلا: تغير بليمون أو بحليب أو بصابون أو ما شابه ذلك. جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إن كان الشيء يسيرا ما غير الماء، فإن التغير اليسير بالشيء الطاهر كالصابون أو غيره لا يضر، أما إذا كان قد صار حليبا أو صار صابونا، أو صار نوعا آخر فإنه ما صار ماء، بل صار شيئا آخر كالمرق والشاهي، فلا يجوز استعماله للوضوء، لكن إذا كان خالطه شيء يسير لم يسلبه اسمه، فيه شيء يسير من صابون أو غيره فلا بأس، أما إذا تغير فصار بما خالطه صابونا، أو صار سدرا، أو صار شاهيا، أو حليبا، أو لبنا فلا يجوز استعماله في إزالة الحدث، ولا يحصل به رفع الحدث الأصغر والأكبر؛ لأن اسم الماء ذهب عنه. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (335).

باب الآنية

صفحة فارغة

باب الآنية 3 - حكم استعمال جلد الميتة بعد الدباغ س: وجدنا في بعض كتب الفقه: أن جلد الميتة لا يجوز استعماله إلا إذا دبغ؟ أرجو الإجابة الصحيحة جزاكم الله خيرا (¬1) ج: قد ثبت في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ما يدل على أن جلد الميتة يطهر بالدباغة، متى دبغ طهر، ثبت في صحيح مسلم رحمه الله، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا دبغ الإهاب فقد طهر (¬2)» قال أهل اللغة: الإهاب: جلد الميتة؛ جلد مأكول اللحم. فإذا أخذ الإنسان الجلد من الميتة، من البقرة، أو الشاة، أو البعير ودبغه طهر، ويستعمل في اليابسات والمائعات جميعا، هذا هو الصواب؛ لأنها وصفت ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (232). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب طهارة جلود الميتة بالدباغ، برقم (366).

بالطهارة، وفي لفظ آخر يقول عليه الصلاة والسلام: «أيما إهاب دبغ فقد طهر (¬1)» وفي الصحيح أيضا «أن ميمونة كان عندها شاة فماتت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هلا أخذتم إهابها، فدبغتموه فانتفعتم به (¬2)» فالحاصل أنه يجوز الانتفاع بجلود الميتة، مما يؤكل لحمه بعد الدباغة في كل شيء: في الرطب واليابس، في اللبن والماء، وفي غير ذلك، هذا هو الصواب. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب اللباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت برقم (1728)، والنسائي في المجتبى كتاب الفرع والعتيرة باب جلود الميتة برقم (4241). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب طهارة جلود الميتة بالدباغ، برقم (363).

حكم اقتناء جلود السباع للزينة

4 - حكم اقتناء جلود السباع للزينة س: هل جلد الثعلب حرام؟ وهل يجوز اقتناؤه للزينة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا، وشكرا. ويقول المقدم: وفي الحقيقة أننا همتنا كثيرا بهذا السؤال؛ لأن جلود السباع تباع الآن في الأسواق بكثرة (¬1) ج: فيها خلاف كثير بين أهل العلم، في جلود السباع وجلود ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (13).

الثعلب والذئب والنمر فيها خلاف بين أهل العلم كثيرا. والذي ينبغي أن لا يقتنى، وأن لا يستعمل؛ لأنه جاءت أحاديث تدل على النهي عن جلود السباع، وعن افتراشها، وعن ركوبها، وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الدباغ طهارة وزكاة، فدل ذلك على أن الدباغ إنما يكون لما يطهر بالزكاة، كمأكول اللحم من الإبل والبقر والغنم ونحو ذلك، فهذه جلودها طيبة، ولو كانت جلود ميتة إذا دبغت. أما السباع فهي النجسة ولو ذبحت، فلا يؤثر فيها الدباغ، فينبغي للمؤمن أن لا يستعمل جلود السباع، لا الثعلب ولا غيره، وهذا هو أرجح الأقوال لأهل العلم، وهو أحوطها للمؤمن.

حكم استخدام الأواني المطلية بالذهب والفضة

5 - حكم استخدام الأواني المطلية بالذهب والفضة س: السائلة: أم نعيم، من دمشق، تقول: هل يجوز استخدام آنية النحاس المطلية بالذهب والفضة، وقد طليت بطبقة رقيقة بقصد حمايتها من التلف، أو الفساد الذي يطرأ على النحاس مثلا؟ وهل يجوز استخدام آنية الفضة للزينة فقط، كوضعها على الطاولات أو الحائط؟ (¬1) ج: ليس لأحد أن يستعمل أواني الذهب والفضة مطلقا؛ لا للاستعمال ولا للزينة، والمطلية كذلك، سواء بذهب أو فضة؛ ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (386).

لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة (¬1)» يعني الكفار. وقال صلى الله عليه وسلم: «الذي يشرب في إناء الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم (¬2)» ووجودها على الطاولات أو في أي مكان وسيلة إلى استعمالها، فالواجب الحذر من ذلك، سواء كانت من ذهب محض، أو فضة محضة، أو كانت مطلية بذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأشربة، باب آنية الفضة برقم (5633)، ومسلم كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة برقم (2067). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأشربة، باب آنية الفضة برقم (5634)، ومسلم كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال أواني الذهب والفضة برقم (2065).

باب دخول الخلاء

باب دخول الخلاء 6 - حكم استقبال القبلة عند قضاء الحاجة س: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولكن شرقوا أو غربوا (¬1)» الحديث، والسؤال هنا: أن بعض المراحيض والحمامات في البيوت والمنازل تجاه القبلة، فما الحكم؟ (¬2) ج: الأحاديث الصحيحة في النهي عن استقبال القبلة واستدبارها حول قضاء الحاجة كثيرة، تدل على تحريم استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة؛ البول أو الغائط، وهذا في الصحراء، وهو أمر واضح، وهو الحق؛ لأن الأحاديث صريحة في ذلك، فلا ينبغي ولا يجوز أبدا استقبال القبلة واستدبارها في الصحراء بالبول أو الغائط، أما ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب قبلة أهل المدينة وأهل الشام والمشرق برقم (394)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب الاستطابة برقم (264). (¬2) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (8).

في البنيان فاختلف العلماء في ذلك، فقال بعضهم: يجوز في البناء؛ لأنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنه في بيت حفصة قضى حاجته مستقبل الشام، مستدبر الكعبة (¬1)»، كما رواه البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما. قالوا: هذا يدل على أنه لا بأس في استقبالها واستدبارها في البناء، لأن الإنسان مستور بالأبنية، والأصل أنه يفعل ذلك للتشريع، ويتأسى به عليه الصلاة والسلام في أفعاله، فلما فعل ذلك دل على جوازه؛ لأنه عليه الصلاة والسلام «قضى حاجته على لبنتين مستقبل الشام مستدبر الكعبة»، هذا يدل على جوازه في البناء، وقال آخرون: هذا خاص به صلى الله عليه وسلم؛ لأنه إنما فعله في البيت، ولم يشتهر، ولم يفعله في الصحراء، فيدل هذا على أنه خاص به، وأنه يجب على المسلمين عدم استقبالها وعدم استدبارها حتى في البناء؛ عملا بالأحاديث العامة في هذا التعميم، وعدم التخصيص، وهذا القول أظهر أنه ينبغي عدم الاستقبال، وعدم الاستدبار مطلقا في البناء والصحراء، لكن كونه محرما في البناء محل نظر؛ لأن الأصل عدم التخصيص بالنبي صلى الله عليه وسلم، لكنه يحتمل أن يكون هذا قبل النهي، ويحتمل أنه خاص به عليه الصلاة والسلام، فلهذا لا يكون التحريم فيه مثل التحريم في الصحراء، فالأولى بالمؤمن أن لا يستقبل في الصحراء، ولا في البناء، وأن لا يستدبر، لكن البناء أسهل وأيسر، ولا سيما عند عدم تيسر ذلك؛ لوجود المراحيض الكثيرة إلى القبلة، فحينئذ يكون الإنسان معذورا لأمرين؛ الأمر الأول: وجود المراحيض التي في القبلة ¬

_ (¬1) صحيح مسلم الطهارة (266)، سنن الترمذي الطهارة (11)، مسند أحمد (2/ 12، 2/ 13).

ويشق عليه الانحراف عنها، والأمر الثاني: ما عرفت من حديث ابن عمر في استقبال النبي صلى الله عليه وسلم الشام، واستدبارها الكعبة في قضاء حاجته في بيت حفصة، هذا يدل على الجواز، والأصل عدم التخصيص له صلى الله عليه وسلم بذلك، فيكون فعلا جائزا، مع أن الأولى ترك ذلك في البناء، ويكون في الصحراء محرما؛ لعدم ما يخص ذلك، هذا هو الأقرب في هذه المسألة، والله جل وعلا أعلم.

حكم استقبال القبلة عند قضاء الحاجة في البنيان

7 - حكم استقبال القبلة عند قضاء الحاجة في البنيان س: هذا السائل الذي رمز لاسمه بـ: ع. ع. ج، من الرياض، يقول في هذا السؤال: سماحة الشيخ، هل وجود دورات مياه في المنزل على جهة القبلة مع وجود ساتر هل في ذلك شيء؟ (¬1) ج: الصواب أنه لا حرج في ذلك إذا كان في البيوت؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه قضى حاجته في بيت حفصة مستقبل الشام مستدبر الكعبة (¬2)»، لكن ترك جعلها على غير القبلة يكون أحسن؛ جعل المراحيض في غير القبلة يكون أحسن، أما في الصحراء فلا يجوز في الصحراء، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (391). (¬2) صحيح البخاري الوضوء (145)، صحيح مسلم الطهارة (266)، سنن الترمذي الطهارة (11)، سنن النسائي الطهارة (23)، سنن أبي داود الطهارة (12)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (322)، موطأ مالك النداء للصلاة (455)، سنن الدارمي الطهارة (667).

لا يجوز للمسافر أن يستقبل القبلة بغائط ولا بول، لكن يجعلها عن يمينه أو شماله، أما في البيوت والستر فلا بأس، لكن إذا تيسر أن تكون حتى في البيوت إلى غير القبلة يكون أفضل وأحسن.

س: يقول هذا السائل في حديث جابر رضي الله عنه: بأنهم عند فتح بلاد الشام كانوا يجدون حمامات متجهة إلى القبلة، قال: فكنا ننحرف عنها ونستغفر الله (¬1) فهل يجوز استقبال القبلة عند التخلي؟ (¬2) ج: هذا الحديث عن أبي أيوب الأنصاري، بعض أهل العلم يرى الانحراف عن القبلة ولو كانت في البناء، والصواب أنه لا بأس إذا كانت في البناء، النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه «أنه قضى حاجته في بيت حفصة مستقبل الشام، ومستدبر الكعبة (¬3)»، لكن يحرم في الصحراء أن يستقبل القبلة بغائط أو بول، أو يستدبرها، أما إذا كان في البيوت والبناء فلا حرج إن شاء الله، وإذا تيسر في البيوت أن تكون لغير القبلة فهذا أحسن، مثل ما قال أبو أيوب رضي الله عنه. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب استقبال القبلة، برقم (9) عن أبي أيوب. (¬2) السؤال الأربعون من الشريط رقم (430). (¬3) صحيح البخاري الوضوء (145)، صحيح مسلم الطهارة (266)، سنن الترمذي الطهارة (11)، سنن النسائي الطهارة (23)، سنن أبي داود الطهارة (12)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (322)، موطأ مالك النداء للصلاة (455)، سنن الدارمي الطهارة (667).

باب الاستنجاء

باب الاستنجاء 8 - بيان معنى حديث: «استنزهوا من البول» س: يسأل السائل ويقول بأنه سمع بأن أغلب عذاب أمه محمد صلى الله عليه وسلم في قبرها من البول، فهل هذا الكلام صحيح سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «استنزهوا من البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه (¬2)» ويقول: صلى الله عليه وسلم: «إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما كان لا يستتر من البول (¬3)» يعني لا يتنزه من البول، فالواجب على المسلم والمسلمة الحذر من البول والتنزه منه، فإذا استنجى من البول يعتني، فإذا أصاب فخذه شيء أو ثوبه غسله، هذا هو الواجب على ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (413). (¬2) أخرجه الدارقطني في السنن (464/ 1 / 232). (¬3) أخرجه البخاري، في كتاب الوضوء، باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله، برقم (216)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول، برقم (292).

الرجل والمرأة عند البول؛ أن يتنزه من البول، ويحرص أن لا يصيب ثيابه ولا بدنه شيء.

حكم الاستجمار مع وجود الماء

9 - حكم الاستجمار مع وجود الماء س: هل يجزئ الاستجمار عن الاستنجاء وإن كان الإنسان قريبا من الماء؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم، يجزئ الاستجمار، إذا استعمل اللبن، أو الخرق، أو المناديل، أو الحجر ثلاث مرات، أو أكثر حتى يزال الأذى، كفى. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار، فإنها تجزئ عنه (¬2)» فالمقصود أنه إذا استجمر بثلاثة، أو بأكثر حتى أزال الأذى وتنظف المحل فإنه يجزئ عنه، ويطهر المحل، فإن استعمل الماء مع ذلك كان أفضل وأكمل. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (324). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالحجارة برقم (40)، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، باب الاجتزاء في الاستطابة بالحجارة دون غيرها، برقم (44).

حكم الاستنجاء عند كل وضوء

10 - حكم الاستنجاء عند كل وضوء س: نحن نجهل ما يجب أن نعرفه، فكيف عملية الاستنجاء؟ وفقكم الله. هل الإنسان لازم عليه أن يغسل ذكره كل مرة؟ نريد إحاطتنا وإحاطة المستمعين بذلك، جزاكم الله خير الجزاء (¬1) ج: الاستنجاء يجب إذا خرج منه البول أو الغائط وجاءت الصلاة، فإن المسلم يغسل ذكره إذا بال، يغسل ذكره من البول ويستنجي من الغائط، وهذا يكفيه في أي وقت كان، فإذا جاء وقت الصلاة يتوضأ وضوء الصلاة؛ يبدأ بالمضمضة والاستنشاق ويكفي، ولا حاجة للاستنجاء إذا كان قد غسل ذكره من البول وغسل دبره من الغائط، أو استجمر بالحجارة ثلاث مرات أو أكثر حتى أنقى المحل، كفى، فلا يلزمه أن يعيد ذلك إذا جاء وقت الظهر قد استنجى الضحى بالماء وغسل ذكره وغسل دبره، أو استجمر بحجارة الضحى وأنقى المحل ثلاث مرات فأكثر لا يعيده الظهر إذا كان لم يحصل منه غائط ولا بول إلا الأول الذي طهر منه، لا يعيده، بل يتمسح، يسميه بعض العامة التمسح، وهو الوضوء الشرعي، يعني يبدأ بغسل الكفين ثلاثا، ثم يتمضمض ويستنشق إلى آخره، ولا يعيد الاستنجاء ولو أنه ما نوى شيئا تلك الساعة، غسله الضحى مثلا لا يعيده، هكذا لو أتى الغائط ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (29).

العصر بال وغسل ذكره من البول، واستنجى من الغائط وغسل دبره حتى أنقى المحل، ثم جاءت صلاة المغرب ولم يأته بول ولا غائط بعد ذلك فإنه يتوضأ وضوءه الشرعي، يعني يتمسح؛ يبدأ بالمضمضة والاستنشاق، ولا يعيد الاستنجاء، وهكذا لو نام وحصل منه ريح، أو أكل لحم الإبل لا يستنجي، بل يكفيه أن يتمسح؛ يبدأ بالمضمضة والاستنشاق؛ لأن النوم وأكل لحم الإبل ومس الذكر ليس فيه استنجاء، الاستنجاء عن بول وغائط خاصة، أما هذه الأشياء خاصة التي تنقض الوضوء؛ مثل الريح، ومثل مس الفرج وأكل لحم الإبل هذا لا يوجب الاستنجاء، بل يتوضأ وضوءا شرعيا؛ يبدأ بالمضمضة والاستنشاق ولا يغسل دبره ولا ذكره إلا من بول أو غائط.

حكم الجمع بين الاستنجاء والاستجمار

11 - حكم الجمع بين الاستنجاء والاستجمار س: هل يغني الماء عن الحجر مع الغسيل الكامل، أم لا بد من الحجر؟ وإذا كان هناك ما نجهله في هذا الخصوص. نرجو الإفادة، ولكم منا الشكر الجزيل (¬1) ج: الماء عند جميع أهل العلم يكفي عن الحجر، النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه كان يستنجي بالماء، فدل ذلك على أنه يكفي، والحجر وحده ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (16).

يكفي، إذا استجمر بالحجر، أو باللبن، أو بالمناديل الطيبة الطاهرة الخشنة حتى يزيل الأذى، ويتمسح بهذا ثلاث مرات أو أكثر فإنه يجزئ، كما جاءت به السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا تمسح عن الأذى، عن الغائط والبول بالحجر، أو باللبن، أو بخرق نظيفة طاهرة ثلاث مرات، أو أكثر حتى أنقى المحل نقاء تاما يجزئه عن الماء، وإن جمع بينهما فاستنجى بالحجر أو باللبن، ثم استنجى بالماء مع ذلك كان أكمل وأطهر، وإذا كان الماء مجهولا فالأصل فيه الطهارة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الماء لطهور لا ينجسه شيء (¬1)» فالأصل الطهارة حتى تعلم أنه نجس. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء، برقم (66)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب ما جاء في بئر بضاعة، برقم (67)، والنسائي في المجتبى كتاب المياه، برقم (325).

س: هل المناديل الورقية التي تستخدم للحمامات في دورة المياه تكفي للاستجمار أم لا؟ (¬1) ج: تكفي إذا تمسح بها ثلاثا أو أكثر حتى أنقى المحل يكفي. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (16).

حكم الجمع بين الاستنجاء والتيمم

12 - حكم الجمع بين الاستنجاء والتيمم س: يقول السائل: بعض الناس إذا كان الماء قليلا يستنجي به، ثم يتيمم فهل يجوز له ذلك؟ (¬1) ج: نعم، يستنجي بالماء ثم يتيمم؛ لأن الاستنجاء ليس فيه تيمم، لا بد من إزالته، لكن لو تيسر أن يستجمر إذا تيسر له تراب أو لبن يستجمر، ويترك الماء للوضوء، يكون هذا أولى إذا كان يعرف الاستجمار، يستجمر ثلاث مرات فأكثر حتى ينقي المحل؛ من لبن، أو بالمناديل، أو بالتراب حتى ينقي محل الدبر والذكر بالتراب، أو بالمناديل الخشنة، أو باللبن ثلاث مرات فأكثر، ثم يترك الماء للوضوء؛ لغسل وجهه ويديه ومسح رأسه وغسل رجليه، يكون هذا أولى إذا تيسر ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (432).

حكم التيمم للعاجز عن الوضوء بالماء

13 - حكم التيمم للعاجز عن الوضوء بالماء س: هذه السائلة تقول: سماحة الشيخ، والدتي مريضة، ولا تستطيع الذهاب إلى دورات المياه، وتقوم بالتيمم في كل الأوقات، ولكن عندما تجد نفسها نشيطة تتوضأ بالماء؛ لأنها معاقة، فما توجيهكم لها؟ (¬1) ج: يقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، عليها أن تتقي الله ما استطاعت، إن استطاعت أن تذهب إلى دورة المياه فلا بأس، وإلا تستجمر بالمناديل ثلاث مرات، أو أكثر حتى تنقي محل البول، والغائط وتتيمم، وإن استطاعت إن كان عندها أحد يوضئها توضأت بالماء، أو التيمم إن عجزت؛ بضرب التراب ضربة واحدة، ثم تمسح وجهها وكفيها. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (430). (¬2) سورة التغابن الآية 16

حكم اشتراط الاستنجاء لكل وضوء

14 - حكم اشتراط الاستنجاء لكل وضوء س: هل يشترط الاستنجاء لكل وضوء؟ (¬1) ج: لا يشترط، إنما الاستنجاء لما قد يقع من بول أو غائط. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (72).

حكم الوضوء بعد كل حدث

15 - حكم الوضوء بعد كل حدث س: السائلة: ك. ع. س. تقول: هل يجب الوضوء بعد كل استنجاء من الحدث الأصغر؟ (¬1) ج: يجب الوضوء للصلاة، أو لمس المصحف، أو للطواف إذا كان في مكة، أما إذا أحدث حدثا أصغر، وليس في نيته صلاة فليس عليه وضوء، لو أحدث في الضحى ببول، أو ريح، أو غائط ما عليه وضوء، لكن إذا حضره الظهر يتوضأ، أو أحدث بعد الظهر ليس عليه وضوء، فإذا جاء وقت العصر توضأ للعصر، وهكذا الوضوء لموجباته: للصلاة، أو لمس المصحف، أو للطواف، أو إذا أراد النوم حتى ينام على طهارة، هذا هو المسنون، أما كونه يحدث الضحى ما يلزمه الوضوء، يستنجى من البول والغائط ويكفي، فإذا حضرت الصلاة توضأ. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (406).

الريح لا توجب الاستنجاء

16 - الريح لا توجب الاستنجاء س: إذا خرج من الإنسان ريح هل يجب عليه أن يستنجي أم يتوضأ مباشرة؟ (¬1) ج: الريح لا توجب الاستنجاء، الريح فيها الوضوء، ويسمونه ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (413).

التمسح، غسل الوجه واليدين، ومسح الرأس والأذنين، وغسل الرجلين، هذا التمسح وهو الوضوء المطلق، إذا كان ريح، أو مس الفرج باليد، أو نوم ليس فيه استنجاء، الاستنجاء يكون من البول أو الغائط، إذا كان خرج البول من الذكر أو الغائط من الدبر فهذا محل الاستنجاء، أما إذا انتقض وضوؤه بالريح، أو بالنوم المستغرق كل هذا ليس فيه استنجاء، وإنما يتمسح؛ يعني: يتوضأ الوضوء الشرعي بالتمضمض والاستنشاق وغسل الوجه وغسل اليدين مع المرفقين، ومسح الرأس مع الأذنين، وغسل الرجلين مع الكعبين، هذا هو الوضوء، إذا أطلق الوضوء.

حكم الدخول بالعملات المكتوب عليها لفظ الجلالة إلى الحمام

17 - حكم الدخول بالعملات المكتوب عليها لفظ الجلالة إلى الحمام س: يسأل عن العملة التي يوجد عليها بعض العبارات أو بعض الآيات القرآنية، فمثلا يقول: إن هناك عملة مكتوب عليها: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، محمد رسول الله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله. هل على من يدخل بها إلى دورات المياه إثم بذلك؟ وهل تتكرمون بكتابة رسالة حول هذا الموضوع – سماحة الشيخ – إذا كنتم ترون أن فيه شيئا محرما؟ (¬1) ج: ليس على من دخل محل قضاء الحاجة بهذه العملة، أو بالرسائل التي فيها شيء من ذكر الله ليس عليه حرج؛ لأن هذا يشق، وفيه تعب كثير، والتحرز من ذلك فيه صعوبة، فلا حرج في ذلك، لكن إذا تيسر أن يجعله في مكان خارج محل الحاجة، ولا يخشى من شيء، ولا يخشى نسيانه، ولا يخشى أن يسرق فهو أحسن، أما إن كان يخشى نسيانه، أو أنه يسرق فلا حرج عليه في ذلك، وقد جاء في حديث أنس رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه (¬2)» وكان في خاتمه ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (67). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب الختم يكون فيه ذكر الله، برقم (19)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ذكر الله عز وجل على الخلاء والخاتم في الخلاء، برقم (303).

نقش: محمد رسول الله. وقد تنازع العلماء في صحة هذا الحديث، فمنهم من أعله وقال: إنه معلول. وقال: إنه لا حرج في دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله ولا سيما عند الحاجة. ومنهم من صححه وقال: يستحب للمؤمن أن يتحرز من ذلك، ويكره دخوله الخلاء بشيء فيه ذكر الله، لكن عند وجود الحاجة تزول الكراهة. إذا كان هناك حاجة بأنه يخشى أن ينساه، أو يخشى أن تذهب به الرياح، أو يلعب به الأطفال، أو يأخذه أحد فلا حرج في الدخول؛ لأن المشقة تجلب التيسير.

س: عندما أدخل الكنيف يوجد لدي دنانير عراقية، علما بأن هذه الدنانير مكتوب عليها سورة الإخلاص، فهل هذا جائز أم لا؟ وإن كان غير جائز فماذا أفعل وخاصة عندما أكون خارج المنزل في مكان لا أمن فيه؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل: إذا كنت في محل آمن فاجعل نقودك خارج المرحاض؛ الكنيف عند أهلك، أو في مكان آخر حتى تخلص؛ تعظيما لكتاب الله وكلامه سبحانه وتعالى، وهكذا إذا كان فيها ذكر الله فالأفضل إخراجها، كالخاتم الذي فيه ذكر الله، أو رسائل فيها ذكر الله ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (61).

فاجعله خارجها إذا تيسر ذلك، أما إذا كنت في محل غير آمن فلا حرج عليك؛ لأن الله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1)؛ ولأن عليك خطرا في كونها في الخارج، قد تؤخذ، فالحاصل إنه إذا كنت محتاجا إلى ذلك، ولم يتيسر جعلها خارج الكنيف فلا حرج عليك، والحمد لله. ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16

حكم الدخول بالخاتم المكتوب عليه لفظ الجلالة إلى الحمام

18 - حكم الدخول بالخاتم المكتوب عليه لفظ الجلالة إلى الحمام س: هل حرام إذا دخلت الحمام وعلى إصبعي خاتم مكتوب عليه: الله؟ (¬1) ج: قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه (¬2)» وكان مكتوبا عليه: محمد رسول الله. فالأفضل للرجل والمرأة عند دخول الحمام إذا كان عليهما خاتم فيه ذكر الله أن يوضع خارج الحمام، وأن لا يدخل به الحمام إذا تيسر ذلك، فإن خاف عليه الضياع فلا بأس بدخوله الحمام؛ لأن الحديث فيه علة، وبعض أهل العلم لا يثبته، لكن إذا تيسر العمل به فهو أولى، فإن خاف الإنسان على خاتمه أن يسرق، أو ينساه دخل به ولا حرج إن شاء الله. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (11). (¬2) سنن أبي داود الطهارة (19)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (303).

هل الملائكة تلازم الإنسان عند دخول الخلاء

19 - هل الملائكة تلازم الإنسان عند دخول الخلاء س: هل الملائكة تدخل مع الإنسان عند دخوله الحمام أم لا؟ (¬1) ج: أما الحفظة فالظاهر من الدليل أنهم معه دائما، الحفظة الذين يحفظون حسناته وسيئاته، ظاهر الدليل أنهم معه دائما، وأما غير الحفظة، فالله أعلم، جاء في بعض الأحاديث على أنهم يفارقونه عند قضاء حاجته، ولكن لا أعلم حال أسانيدها، هذه المسألة تحتاج إلى إعادة نظر إن شاء الله، حتى يحقق ما يتعلق بها إن شاء الله. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (23).

س: هل يلزم الإنسان أن يستنجي كلما أراد أن يتوضأ؟ (¬1) ج: لا، لا يلزمه ذلك، إنما يتوضأ في الوجه واليدين وشعر الرأس والأذنين وغسل الرجلين، إذا كان لم يخرج منه بول أو غائط، إنما هو ريح مثلا، أو مس فرج، أو أكل لحم الإبل، أو النوم هذا ما فيه استنجاء، إنما يتوضأ، يسميه بعض الناس التمسح، يعني: يغسل يديه وكفيه ثلاث مرات، ثم يتمضمض ويستنشق، ثم يغسل وجهه ثلاثا، ثم يغسل يديه ثلاثا مع المرفقين، ثم يمسح رأسه مع أذنيه مسحة واحدة، ثم يغسل رجليه مع الكعبين ثلاثا، هذا يقال له الوضوء الشرعي، وإن ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (250).

غسل أقل من ذلك غسل وجهه مرة ويديه مرة أو مرتين، وغسل رجليه مرة أو مرتين لا بأس، لكن السنة: ثلاثا. الأفضل: ثلاثا ثلاثا.

حكم الكلام والتحدث داخل بيت الخلاء

20 - حكم الكلام والتحدث داخل بيت الخلاء س: السائلة: أ. م. س. تقول: ما هو حكم الكلام؛ كلام الشخص داخل الحمام في بيت الخلاء؟ (¬1) ج: إذا دعت الحاجة إليه فلا بأس، وإن لم تدع الحاجة فتركه أولى، فإذا دعت الحاجة أن ينبه أحدا، أو يقول: افعلوا كذا لحاجة فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (405).

باب السواك وسنن الفطرة

باب السواك وسنن الفطرة 21 - فضل السواك وبيان الأوقات المستحب فيها استعماله س: الأخ: ع. ب. م، من المدينة المنورة، يقول: نحن نعلم جميعا فضل السواك، ونعلم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة (¬1)» لكني ألاحظ يا سماحة الشيخ أن كثيرا من الناس لا يحرصون على نظافة السواك، ولا يحرصون على الأوقات المستحب فيها استعمال السواك، فهم يستعملونه مثلا بعد أن يكبر الإمام، ويستعملونه أثناء الخطبة، أرجو أن يتفضل سماحتكم بتوجيه الناس حول الأوقات المناسبة لاستعمال السواك، جزاكم الله خيرا (¬2) ج: قد صحت الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في ¬

_ (¬1) صحيح البخاري التمني (7240)، صحيح مسلم الطهارة (252)، سنن النسائي الطهارة (7)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (287)، موطأ مالك الطهارة (147)، سنن الدارمي الصلاة (1484). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (200).

فضل السواك والترغيب فيه، ومن ذلك ما رواه الشيخان؛ البخاري ومسلم في الصحيحين، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة (¬1)» وهذا يدل على تأكد السواك وشرعيته؛ لأنه صلى الله عليه وسلم رغب فيه وحرض عليه، وإنما أراد أمر الوجوب، يعني: لأمرتهم أمر إيجاب، وإلا فأمر الاستحباب، ثبت عنه عليه الصلاة والسلام ما يدل على استحبابه وشرعيته، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب (¬2)» أخرجه النسائي وغيره بإسناد صحيح، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء (¬3)» ومن ذلك ما ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان عليه الصلاة والسلام يبدأ بالسواك إذا دخل منزله (¬4)» وكان يستعمل السواك كثيرا – عليه الصلاة والسلام – «وكان إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك (¬5)» رواه الشيخان من حديث أبي حذيفة رضي الله عنه، والأحاديث في هذا كثيرة، تدل ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب السواك، برقم (252). (¬2) أخرجه النسائي في كتاب الطهارة، باب الترغيب في السواك، برقم (5). (¬3) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، برقم (9928)، ومالك في كتاب الطهارة، باب ما جاء في السواك، برقم (148). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب السواك، برقم (235). (¬5) متفق عليه رواه البخاري في كتاب الوضوء، باب السواك، برقم (246)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب السواك، برقم (255).

على شرعية السواك واستحبابه. ويتأكد عند الصلاة قبل أن يكبر الإمام، يستاك قبل أن يكبر، السنة أنه يستاك عند الصلاة قبل أن يكبر، فإذا كبر الإمام بادر وكبر بعده، كذلك عند المضمضة، عند الوضوء في أول الوضوء، وهكذا عند دخول المنزل، وهكذا إذا تغير الفم والأسنان، يستحب أن يستاك حتى يزيل الرائحة السيئة من الفم، وحتى يحصل بذلك تنظيف الأسنان، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب (¬1)» وهذا يعم الصائم وغير الصائم، في آخر النهار وفي أوله، وفي الليل والنهار، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكره في آخر النهار للصائم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك (¬2)» قالوا: السواك قد يزيل هذا الخلوف أو يخففه. والصواب أنه لا يكره للصائم في آخر النهار، بل يستحب دائما؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء وعند كل صلاة (¬3)» وهذا يعم الصائم وغيره، ويعم صلاة الظهر والعصر في حق الصائم وغيره؛ ولأن الخلوف لا يزول بل يبقى؛ لأن الخلوف شيء يتصاعد من الجوف في ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في كتاب الطهارة، باب الترغيب في السواك، برقم (5). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب هل يقول إني صائم إذا شتم، برقم (1904)، ومسلم في كتاب الصيام، باب حفظ اللسان للصائم، برقم (1151). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب السواك، برقم (252).

حق الصائم، فالسواك لا يزيله، بل بعد رفع السواك يحصل تصاعد هذا الخلوف الذي هو مفضل عند الله سبحانه وتعالى، ثم خبر الخلوف خاص بمعنى يقتضي ترغيب الصائم في الصيام وبيان فضل الصيام، وأنه له عند الله منزلة عظيمة، ولا ينافي مسألة السواك، فالمشروع لكل مؤمن أن يعتني بالسواك كما شرعه الله جل وعلا على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام، وأن يحرص عليه إحياء للسنة، وتعظيما لها، وترغيبا فيها حتى يتأسى به غيره، وهكذا بقية السنن، مثل الوتر فإنه متأكد ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، يستحب للمؤمن أن يوتر في السفر والحضر، وأقله ركعة، وليس له حد، لكن أقله ركعة، وإن أوتر بثلاث أو بخمس أو بأكثر كان أجره أعظم، والأفضل أن يوتر بوتر النبي صلى الله عليه وسلم؛ إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، وإن أوتر بأقل أو بأكثر فلا حرج في ذلك، وهكذا صلاة الضحى سنة مؤكدة، وأقلها ركعتان، وإن صلى أكثر فلا بأس، وهكذا سنة الظهر سنة المغرب، سنة العشاء، سنة الفجر، وهكذا بقية السنن، سنة الظهر أربع قبلها واثنتان بعدها، يعني: تسليمتان قبلها وركعتان بعدها، سنة المغرب ركعتان، سنة العشاء ركعتان بعدها، سنة الفجر ركعتان قبلها، ويستحب قبل العصر أربع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله من صلى أربعا قبل العصر (¬1)» يصليها ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب التطوع، وركعات السنة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430).

بتسليمتين، ويستحب أن يصلي أمام كل صلاة ركعتين؛ قبل المغرب، قبل العشاء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، ثم قال في الثالثة: لمن شاء (¬1)» هكذا عيادة المريض، وتشميت العاطس إذا حمد الله، البدء بالسلام وإفشاء السلام، نصيحة المسلمين، واتباع الجنائز، والصلاة على الجنائز، كل هذه سنن عظيمة ينبغي للمؤمن العناية بها، وهكذا صدقة التطوع ولو بشق تمرة، الدعوة إلى الخير والتشجيع عليه، حفظ اللسان عن فضول الكلام التي لا فائدة فيها، إلى غير هذا مما ينبغي للمؤمن أن يعتني به. وقد تقدم التنبيه على أن السنة أن يستاك قبل أن يكبر الإمام، حتى إذا كبر الإمام بادر بالتكبير؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا كبروا فكبروا (¬2)» فيستحب للمؤمن أن يستاك قبل تكبير الإمام، إذا قام للصلاة يستاك وإذا كبر إمامة كبر، وهكذا يوم الجمعة؛ لا يستاك وقت الخطبة، بل ينصت ويقبل على الخطبة ولا يستاك، ولا يعبث، حتى السواك لا يستعمله ولا يرد السلام، ولا يشمت العاطس والإمام يخطب، بل يقبل على ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب تقصير الصلاة، باب صلاة القاعد، برقم (1114)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (411).

الخطبة ويستمع لها وينصت لها، ويحفظ السواك حتى تأتي الحاجة إليه عند إقامة الصلاة عندما ينتهي من الخطبة. وهكذا لا يعبث بثيابه أو بلحيته أو بغير ذلك، بل يقبل على خطبة الإمام، ويستمع لها وينصت، ويكون قلبه حاضرا حتى يستفيد.

حكم استعمال السواك أثناء خطبة الجمعة

22 - حكم استعمال السواك أثناء خطبة الجمعة س: نرى بعض الناس يستعملون المسواك داخل المسجد، وأثناء الخطبة وقبلها مع أن بعض الناس يشمئزون من ذلك، فما هو قولكم لمثل هؤلاء؟ وهل هو جائز استعمال السواك أثناء الخطبة؟ (¬1) ج: إن استعمال السواك من السنن التي فعلها المصطفى عليه الصلاة والسلام، ورغب فيها، فصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة (¬2)» وفي اللفظ الآخر: «لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء (¬3)» وصح عنه عليه ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (85). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب السواك، برقم (252). (¬3) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، برقم (9928)، ومالك في كتاب الطهارة، باب ما جاء في السواك، برقم (148).

الصلاة والسلام أنه قال: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب (¬1)» فلا حرج في استعماله في المسجد وغير المسجد، ويسن استعماله عند الدخول في الصلاة قبل أن يكبر، وعند أول الوضوء، وعند دخول المنزل. قالت عائشة رضي الله عنها لما سئلت: «بأي شيء يبدأ إذا دخل البيت عليه الصلاة والسلام؟ قالت: كان يبدأ بالسواك (¬2)». يعني: إذا دخل بيته عليه الصلاة والسلام، فالسواك من السنن المشروعة، وفيه من تطيبب النكهة، وتنظيف الأسنان، والتشجيع على الخير ما هو معلوم، لكن وقت الخطبة لا يستعمل، وقت الخطبة يكون المؤمن منصتا تاركا للحركة لا يعبث بشيء ولا يستاك، ولكن ينصت للخطيب، ويستفيد من الخطبة، ويتدبر ويتعقل، أما قبل الخطبة فلا بأس، قبل الصلاة لا بأس حال كونه جالسا في المسجد، والسواك عند الصلاة مشروع، وعند الوضوء مشروع أيضا. ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في كتاب الطهارة، باب الترغيب في السواك، برقم (5). (¬2) صحيح مسلم الطهارة (253)، سنن النسائي الطهارة (8)، سنن أبو داود الطهارة (51)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (290)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 237).

فضيلة السواك قبل الوضوء وبعده

23 - فضيلة السواك قبل الوضوء وبعده س: يقول السائل: أسألكم عن فضيلة السواك، هل هي قبل الوضوء أم بعد الوضوء؟ (¬1) ج: السواك يشرع استعماله عند الوضوء، في أول الوضوء، وفي أول الصلاة هذا السنة، وعند المضمضة، وعند الإحرام. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (255).

حكم استعمال السواك للنساء

24 - حكم استعمال السواك للنساء س: تقول السائلة: سمعت بأن السواك حرام بالنسبة للنساء، هل هذا صحيح؟ (¬1) ج: ليس بصحيح، السواك مشروع للجميع؛ الرجال والنساء عند الصلاة، وعند الوضوء، وعند الدخول في الصلاة، وعند دخول المنزل، وعند تغير الفم عند القيام من النوم مشروع، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب (¬2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (113). (¬2) أخرجه النسائي في كتاب الطهارة، باب الترغيب في السواك، برقم (5).

صلاة (¬1)» وفي اللفظ الآخر: «مع كل وضوء (¬2)» ولم يخص الرجال، بل عم الأمة، فهو مشروع للرجال والنساء جميعا، ولكن كثيرا من الناس يقول على الله بغير علم، ويكذب ولا يبالي، نسأل الله العافية، والواجب على المؤمن والمؤمنة الحذر مما حرم الله من الكذب، فلا يقول الإنسان: هذا حرام وهذا حلال، إلا عن دليل وبينة، ولا يجوز للمرأة أو الرجل أن يقول على الله بغير علم لا في السواك، ولا في غير السواك. يقول سبحانه: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (¬3)، فجعل القول عليه بغير علم فوق الشرك، فوق المرتبة التي هي أعظم خطرا وهي الشرك بالله عز وجل، فالمقصود أن القول على الله بغير علم له خطر عظيم حتى ذكره الله في هذه الآية فوق مرتبة الشرك؛ لأن الشرك قول على الله بغير علم، وفي سورة البقرة أن الشيطان يأمر بذلك، فقال سبحانه في الشيطان: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (¬4)، هكذا أخبر سبحانه وتعالى، وقبلها قوله تعالى: ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب السواك، برقم (252). (¬2) أخرجه أحمد في كتاب مسند المكثرين، برقم (9928)، ومالك في كتاب الطهارة، باب ما جاء في السواك برقم (148). (¬3) سورة الأعراف الآية 33 (¬4) سورة البقرة الآية 169

{يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (¬1) {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (¬2)، هذا هو أمر عدو الله، يأمر الناس بأن يقولوا على الله بغير علم، لما يترتب على ذلك من الضلال والإضلال والفساد الكبير، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 168 (¬2) سورة البقرة الآية 169

باب سنن الوضوء

باب سنن الوضوء 25 - حكم تكرار غسل أعضاء الوضوء إلى ثلاث مرات س: هل التكرار في الوضوء – مثلا: تكرار غسل الوجه ثلاث مرات – واجب أم مستحب؟ (¬1) ج: التكرار سنة مستحبة، والواجب مرة مرة، يتمضمض مرة، يستنشق مرة، ويغسل وجهه مرة، وذراعيه مرة مرة، يمسح رأسه وأذنيه مرة، ويغسل رجله اليمنى مرة مع الكعبين، واليسرى مرة مع الكعبين، هذا الواجب، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم وتوضأ مرة مرة، كما في البخاري في الصحيح، وإن توضأ مرتين مرتين فهذا أفضل من المرة، وإن توضأ ثلاثا فهي النهاية وهو الكمال، لكن الرأس لا يمسح إلا مرة واحدة، ويأخذ ماء بيديه يمسح أذنيه مرة واحدة؛ لأن هذا هو المحفوظ من فعله صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (127).

س: تسأل السائلة وتقول: حدث مرة أن رأيت أختي أثناء الوضوء تغسل الوجه مرة واحدة وليس ثلاث مرات، وكذلك الأذرع مرة واحدة وليس ثلاث مرات، فسألتها: لماذا مرة واحدة؟ فقالت لي: إن ذلك سنة وليس بفرض. فهل ذلك صحيح؟ وهل هو جائز؟ (¬1) ج: نعم، الواجب مرة واحدة، النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة، وتوضأ مرتين مرتين، وتوضأ ثلاثا ثلاثا. فالمرة واجبة وفرض لا بد منها؛ أن يغسل وجهه مرة في الوضوء، ويتمضمض ويستنشق مرة، ويغسل وجهه مرة يعمه بالماء، وهكذا الذراعان يعمهما بالماء مرة مرة، يمسح رأسه مرة مع الأذنين، ويغسل رجله اليمنى ويعمها بالماء مرة، واليسرى مرة هذا كاف إذا عم العضو الماء كله، والمرتان أفضل إذا غسل العضو مرتين، والثلاث أكمل وأفضل، كان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب يغسل ثلاثا ثلاثا، إلا الرأس يمسحه مرة واحدة مع الأذنين. وأما الوجه واليدان والرجلان فكان في الغالب صلى الله عليه وسلم يغسلها ثلاثا، كل عضو ثلاث مرات، وهذا هو الأكمل والأفضل، فإن غسلهما مرتين، أو بعض الأعضاء مرتين وبعض الأعضاء ثلاث مرات، أو بعضها واحدة وبعضها مرتين وبعضها ثلاث كل هذا لا بأس به، والحمد لله لكن الغسلة الواحدة هي الواجبة؛ مرة واحدة؛ يتمضمض ويستنشق مرة واحدة، يعم وجهه ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (240).

بالماء مرة واحدة، يمسح ويغسل ذراعية كل ذراع بغسلة واحدة، يعمه بالماء من أطراف الأصابع إلى المرفق، يعمهم بالماء حتى يشرع في العضد، وهكذا اليد اليسرى، هذا مجزئ، وهكذا الرجل يعمها بالماء من الكعبين إلى أطراف الأصابع، ويغسل الكعبين يجزئه، ولكن إذا أعاده مرة ثانية أفضل، وإذا أعاد الثالثة يكون أفضل وأفضل.

حكم غسل أعضاء الوضوء أكثر من ثلاث مرات

26 - حكم غسل أعضاء الوضوء أكثر من ثلاث مرات س: هل يجوز للمسلم أن يزيد في مرات الاستنشاق عن الثلاث إذا كان مصابا بالرشح؛ الزكام، أم يعد هذا مخالفا للسنة؟ (¬1) ج: هذا في الحقيقة غير مشروع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا؛ تمضمض واستنشق ثلاثا، غسل وجهه ثلاثا، غسل يديه ثلاثا، مسح شعر رأسه وأذنيه مرة واحدة، غسل رجليه ثلاثا ثلاثا، هذا هو السنة أن يكتفي بالثلاث، وإن توضأ مرة مرة، أو مرة مرتين فلا حرج، قد فعله النبي صلى الله عليه وسلم، أو توضأ مرة في بعض الأعضاء ومرتين في بعض الأعضاء، أو مرتين في بعض الأعضاء وثلاثا في بعض الأعضاء كل ذلك لا حرج فيه، أما الزيادة فلا، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: أنه لما توضأ لما ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (85).

سأله سائل عن الوضوء علمه إياه؟، ثم قال: «فمن زاد فقد أساء وتعدى وظلم (¬1)» أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما وإسناده صحيح، وهو يدل على أنه لا تجوز الزيادة، قال: «فقد أساء وتعدى وظلم (¬2)»، والإساءة والتعدي والظلم أمر غير جائز فالحاصل أن الحديث يدل على أنه لا تجوز الزيادة على الكمال الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الثلاث، يعني إسباغ الوضوء ثلاثا ليس المراد غرفة، المراد غسلة، فلو أنه غرف المرتين لكل غسلة صارت ست غرفات لا يكون مسيئا، إنما المسيء الذي قد كمل العضو بالغسل ثم أعاده أكثر من ثلاث، لكن لو غسل رجله مثلا بغرفة، لكن ما كملت الغسلة احتاج إلى غرفة ثانية حتى يكمل رجله، ثم غسلها ثانية، ثم غسلها ثالثة، وزادت الغرفات لا يضر، المهم أن تكون غسلة تامة، ثم ثانية، ثم ثالثة، فلا يزيد على الثلاث، وهكذا في الوجه، وهكذا في اليدين، أما الرأس فالسنة أن تكون واحدة فقط، هذا المحفوظ في الأحاديث الصحيحة، يمسح مرة واحدة فقط مع الأذنين. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، برقم (135)، والترمذي في باب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الرمل من الحجر إلى الحجر، برقم (857). (¬2) سنن النسائي الطهارة (140)، سنن أبي داود الطهارة (135)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (422)، مسند أحمد (2/ 180).

س: عند الوضوء نغسل أعضاءنا ثلاثا، هل إذا زادت عن الثلاث تنقض الوضوء أم لا؟ (¬1) ج: السنة في الوضوء مرة مرة، مرتين مرتين، ثلاثا ثلاثا، هذا هو الثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، توضأ مرة مرة، توضأ مرتين مرتين، توضأ ثلاثا ثلاثا، توضأ في المرة مرتين، وفي بعضها ثلاثا، أما الزيادة عن الثلاث فلا ينبغي، لا في الوجه، ولا في اليدين، ولا في الرجلين، أما الرأس فإنه يمسح مسحة واحدة، الرأس يمسح ولا يغسل، يمسح مسحة واحدة من المقدمة إلى قفاه، ثم يرد اليدين من المحل الذي بدأ منه الرجل والمرأة سواء، لكن المحافظة على الثلاث أفضل، كونه يغسل يديه ثلاثا ووجهه ثلاثا ورجليه ثلاثا هذا هو الكمال، فإن اقتصر على غسلة واحدة أو غسلتين فلا بأس بذلك لا سيما للتعليم، وبيان أن هذا جائز، كل هذا لا بأس به، أو ليعود نفسه الأخذ بالرخصة، كل هذا لا بأس به، أو غسل بعض الأعضاء مرتين، وبعضها واحدة، أو بعض الأعضاء مرتين وبعضها ثلاثا كل هذا لا حرج فيه، والحمد لله، لكن لا تنبغي الزيادة؛ لأنه جاء عنه عليه الصلاة والسلام ذكر الوضوء والغسل ثلاثا، فقال: «فمن زاد فقد أساء وتعدى وظلم (¬2)» وهذا يدل على أنه لا ينبغي الزيادة عن الثلاث أبدا. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (7). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، برقم (135)، والترمذي في باب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الرمل من الحجر إلى الحجر، برقم (857).

س: هل الزيادة في الوضوء لأكثر من ثلاث مرات للعضو يعتبر بدعة، أم لا؟ سماحة الشيخ (¬1) ج: لا يجوز، فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا، السنة ثلاث فأقل، واحدة مجزية، واثنتان أفضل، والثلاث أفضل، في الحديث في بعض الروايات: «من زاد فقد تعدى وأساء وظلم (¬2)» فلا ينبغي الزيادة، لا تنبغي الزيادة، أما إذا زاد في الوضوء أكثر من ثلاث كأربع أو خمس فينبغي أن ينبهه من حوله، يقول: هذا لا يجوز، أو مكروه كراهة شديدة ينبهه. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (399). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، برقم (135)، والترمذي في باب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الرمل من الحجر إلى الحجر، برقم (857).

حكم استنشاق الماء أثناء الوضوء أكثر من ثلاث مرات

27 - حكم استنشاق الماء أثناء الوضوء أكثر من ثلاث مرات س: إذا استدعت الحاجة أن استنشق أثناء الوضوء أكثر من ثلاث مرات، أو أتمضمض أكثر من ثلاث مرات فهل يصح الوضوء؟ (¬1) ج: يصح الوضوء لكنك أخطأت، ويجب عليك التوبة من ذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال – لما ذكر الثلاث – قال: «فمن زاد على ذلك فقد تعدى وأساء وظلم (¬2)» فالسنة الثلاث الغسلات، لا زيادة، والاستنشاق كذلك ثلاث، تستنشق وتستنثر ثلاثا ولا تزيد. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (218). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، برقم (135)، والترمذي في كتاب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الرمل من الحجر إلى الحجر، برقم (857).

حكم استنشاق الماء للوضوء لمن به مرض في أنفه

28 - حكم استنشاق الماء للوضوء لمن به مرض في أنفه س: عندما أبالغ في الاستنشاق أثناء الوضوء ينتابني ألم شديد في أعصاب الأنف والرأس يستمر عدة ثوان، فهل لهذا حكم في الشريعة الإسلامية؟ (¬1) ج: لا تبالغ مبالغة تضرك، الرسول قال: «بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما (¬2)» فإذا كان يشق عليك استنشق واطرح الألم من أنفك، ولا تبالغ مبالغة تضرك. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والستون من الشريط رقم (217). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في الاستنثار، برقم (142)، والترمذي باب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم، برقم (788)، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، المبالغة في الاستنشاق، برقم (87).

حكم المضمضة والاستنشاق في آن واحد

29 – حكم المضمضة والاستنشاق في آن واحد س: المضمضة والاستنشاق هل تكون في آن واحد، أم كل على حدة؟ (¬1) ج: السنة جميعا، يتمضمض ويستنشق في غرفة واحدة، هذا هو ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (404).

السنة، «كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمضمض ويستنشق في غرفة واحدة ثلاث مرات (¬1)»، وإن أخذ لكل مرة غرفة؛ للمضمضة غرفة، وللاستنشاق غرفة فلا حرج. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري الوضوء (140)، سنن النسائي الطهارة (101)، سنن أبو داود الطهارة (137)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (403)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 268).

س: يسأل المستمع ويقول: أفيدونا عن المضمضة والاستنشاق في الوضوء، هل يتمضمض الإنسان ويستنشق في غرفة واحدة، أم يغرف للمضمضة ويغرف للاستنشاق؟ وهل يلزم للمضمضة أن يدخل الأصبع في الفم؟ أو يكتفي بتحريك الماء في الفم؟ (¬1) ج: المشروع غرفة واحدة لهما جميعا، يكرر ثلاثا كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وإن أفرد الفم بغرفة، والأنف بغرفة فلا حرج، لكن الأفضل أن يأخذ غرفة يتمضمض منها ويستنشق منها، ولا يلزم إدخال أصبعه في فمه، إذا أدخل الماء في الفم ثم تمضمض كفى. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (435).

حكم المضمضة للمتوضئ إذا أكل أو شرب شيئا

30 - حكم المضمضة للمتوضئ إذا أكل أو شرب شيئا س: هل تجب المضمضة على المتوضئ المحتفظ بوضوئه إذا أكل أو شرب شيئا ما؟ (¬1) ج: لا تجب، لكن تستحب، إذا كان فيه دسم، أو فيه شيء له رائحة يتمضمض حتى تذهب الرائحة الكريهة، أو الدسم الذي قد يؤذيه ويشغله، والنبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان «لما شرب لبنا تمضمض، وقال: إن له دسما (¬2)» فالمضمضة مستحبة إذا دعت الحاجة إليها. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (128). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب هل يمضمض من اللبن، برقم (211)، ومسلم في كتاب الحيض، باب نسخ الوضوء مما مست النار، برقم (358).

حكم أداء الصلاة أكثر من فرض بوضوء واحد

31 - حكم أداء الصلاة أكثر من فرض بوضوء واحد س: هل كان غالب أحواله صلى الله عليه وسلم البقاء على وضوئه يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: كان الغالب على أحواله عليه الصلاة والسلام الوضوء، وكان يتوضأ لكل صلاة، ثم شرع له السواك، فكان يصلي الصلاتين بوضوء ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (140).

واحد، «وفي يوم الفتح صلى عدة صلوات بوضوء واحد، فسأله عمر عن ذلك، فقال: عمدا فعلت (¬1)» ليعلم الناس أنه لا حرج أن يجمع الصلوات بوضوء واحد، وكان يجمع بين الصلاتين بوضوء واحد في أسفاره – عليه الصلاة والسلام – وفي غيرها. فالحاصل أنه كان لا يتكلف بالوضوء ولا الغسل، ولا يتنطع، وكان ربما صلى الصلوات بوضوء واحد، عليه الصلاة والسلام، والغالب عليه أن يتوضأ لكل صلاة، عليه الصلاة والسلام، وربما قضى حاجته ولم يتوضأ كما ثبت في صحيح مسلم: «أنه خرج من محل قضاء الحاجة وقدم له طعام، فقيل: أفلا تتوضأ؟ فقال: إني ما أريد الصلاة (¬2)» ثم أكل. فدل ذلك على أنه لا حرج أن يأكل الإنسان وهو على غير طهارة، ولكن يستحب إذا كان جنبا أن يتوضأ قبل الأكل، وقبل النوم. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في المسند، مسند الأنصار، حديث بريدة الأسلمي، برقم (23029). (¬2) أخرجه مسلم كتاب الحيض، باب جواز أكل المحدث الطعام، برقم (374).

حكم الوضوء للصلاة قبل دخول الوقت

32 - حكم الوضوء للصلاة قبل دخول الوقت س: السائل: أبو عبد الرحمن، من الرياض، يقول: ما حكم الوضوء للصلاة قبل دخول الوقت؟ (¬1) ج: لا بأس أن يتوضأ قبل الوقت، كأن يتوضأ العصر ويصلي بها المغرب، أو يتوضأ الظهر ويصلي بها العصر إذا بقيت معه الطهارة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعض الأحيان عدة أوقات بوضوء واحد، اللهم صل وسلم عليه. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (433).

حكم الاحتفاظ بالوضوء ليوم كامل

33 - حكم الاحتفاظ بالوضوء ليوم كامل س: هل الاحتفاظ بالوضوء ليوم كامل يجوز؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك إذا استطعت، أما إذا كان ذلك فيه مشقة فلا، فإنك تحدث وتتوضأ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان (¬2)» يعني البول والغائط، فإذا بقيت على الطهارة من دون مشقة صليت بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء فلا بأس، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (217). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام، برقم (560).

لكن إذا كان عندك مشقة، مثل: الريح، أو البول، أو غيرهما فاقض حاجتك، ولا تشق على نفسك، هذا هو الأفضل، وهذا هو السنة؛ حتى تصلي وأنت مطمئن خاشع.

س: السائل يقول: إنني أتوضأ دائما لصلاة العصر، وأصلي بهذا الوضوء ثلاثة فروض: العصر والمغرب والعشاء، حيث إن عندي عملا، فهل هذا يجوز دائما؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك، إذا توضأ الإنسان للعصر، ثم صلى بوضوئه العصر والمغرب والعشاء فالحمد لله، النبي صلى الله عليه وسلم صلى عدة صلوات عام الفتح بوضوء واحد، وقال: عمدا فعلت (¬2)؛ حتى يعلم الناس أن هذا جائز، لكن إذا جدد للمغرب والعشاء كان أفضل إذا تيسر له ذلك، وإلا فالأمر واسع، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (210). (¬2) أخرجه أحمد في المسند، حديث بريدة الأسلمي، برقم (23029).

حكم الوضوء بماء تغير برائحة غير نجسة

34 - حكم الوضوء بماء تغير برائحة غير نجسة س: ما حكم الوضوء بماء فيه رائحة الغاز، أو أي رائحة أخرى؟ (¬1) ج: إذا كان شيئا طاهرا فلا يضر ولو فيه رائحة الغاز، أما إذا تنجس بشيء يغير رائحته نجاسة فلا يتوضأ به، أما رائحة الغاز أو غيرها من الرائحات التي ليست بنجاسة فلا يضر. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (432).

حكم الوضوء والصلاة في ملابس النوم

35 - حكم الوضوء والصلاة في ملابس النوم س: يقول: نحن نعلم أن المسلم يجب أن يصلي في ملابس طاهرة، ولكننا لا نعلم هل يجوز للمسلم أن يتوضأ في ملابس غير طاهرة، ولكنها في الحقيقة غير نجسة نجاسة عينية، كملابس النوم مثلا؟ (¬1) ج: ليس له أن يصلي في ملابس نجسة، أما الملابس التي يشك فيها فلا بأس، وملابس النوم ما هي بنجسة إلا إذا علم أنه أصابها نجاسة يغسل النجاسة، وأما كونه ينام فيها فإن النوم لا ينجسها إلا إذا أصابها بول، أو مذي، أو شيء من النجاسات الأخرى، يغسل ما ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (399).

أصابها، فإذا علم أن فيها نجاسة لا يصلي فيها، أما إذا لم يعلم فالأصل الطهارة، والحمد لله.

حكم رد السلام أثناء الوضوء

36 - حكم رد السلام أثناء الوضوء س: يقول السائل: هل الرد على المسلم، والرد على الأسئلة أثناء الوضوء جائز؟ (¬1) ج: لا حرج إذا كان في غير محل قضاء الحاجة، إذا كان في محل غير محل قضاء الحاجة يسلم ويسلم عليه، ويجيب على الأسئلة وهو في محل الوضوء، لا في محل قضاء الحاجة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (242).

بيان حدود اللحية

37 - بيان حدود اللحية س: يقول: ص. ع، من اليمن: البعض من الناس يقولون: إن المقصود باللحية هو الشعر النابت على الذقن، أما ما يوجد على الخدين فليس من اللحية، فهل هذا صحيح؟ (¬1) ج: اللحية: ما نبت على الخدين والذقن. هذا هو الصحيح، اللحية هي الشعر الذي ينبت على الخدين والذقن، هكذا قال أئمة ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (387).

اللغة: كصاحب القاموس، وصاحب اللسان وغيرهما، قالوا: اللحية: ما نبت على الخدين والذقن، وهما أعلم بلغة العرب.

تحديد وقت إزالة شعر الإبط وحلق العانة وتقليم الأظافر

38 - تحديد وقت إزالة شعر الإبط وحلق العانة وتقليم الأظافر س: بالنسبة لشعر الإبط، كم هي المدة التي يجب على المرء أن يقضيها، ثم يعاود تنظيف الإبط من الشعر؟ (¬1) ج: يقول أنس رضي الله عنه فيما رواه مسلم في الصحيح: «وقت لنا في قص الشارب، وحلق العانة، ونتف الإبط، وقلم الأظفار، أن لا نترك ذلك أكثر من أربعين ليلة (¬2)» ورواه أحمد وجماعة بلفظ: «وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك أربعين ليلة (¬3)» فالحد النهائي أربعون ليلة فقط، فإذا قارب الوقت يأخذ شاربه، يأخذ أظفاره، ينتف إبطه أو يزيله بغير النتف من الأدوية، يقص شاربه، هذه السنة، وإذا تعاهد ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (274). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (258). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (258)، وأحمد في مسنده، مسند أنس بن مالك برقم (13677)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب التوقيت في ذلك، برقم (14).

الشارب قبل الأربعين؛ لأنه يطول، وبعض الناس يطول شاربه بسرعة إذا تعاهده ولو قبل الأربعين، تعاهده وهو في العشرين يوما، أو خمسة وعشرين يوما يكون أفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «قصوا الشوارب (¬1)» يقول صلى الله عليه وسلم: «من لم يأخذ من شاربه فليس منا (¬2)» فإذا تعاهده قبل الأربعين: الشارب والإبط والعانة والأظفار فهو طيب، لكن لا يؤخر أكثر من الأربعين. ¬

_ (¬1) أحمد في مسنده، مسند أبي هريرة برقم (7132). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الأدب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في قص الشارب، برقم (2761).

س: ألاحظ بعض المصلين وقد طالت أظافرهم وأحبست بالأوساخ النجسة، فهل هذا يتفق مع الدين؟ وهل يصح وضوءهم؟ (¬1) ج: الأظفار ينبغي قلمها وتعاهدها قبل الأربعين، فالرسول صلى الله عليه وسلم وقت للناس في قلم الظفر، وحلق العانة، ونتف الإبط، وقص الشارب، أن لا يترك ذلك أكثر من أربعين ليلة، هكذا ثبت الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أنس رضي الله عنه – وهو خادم الرسول صلى الله عليه وسلم – قال: «وقت لنا في قص الشارب، وقلم الظفر، ونتف الإبط، وحلق ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (69).

العانة أن لا نترك ذلك أكثر من أربعين ليلة (¬1)» خرجه مسلم في صحيحه، وخرجه الإمام أحمد والنسائي والجماعة، وفي لفظ: «وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نترك الأظفار والشارب، وحلق العانة، ونتف الإبط أكثر من أربعين ليلة (¬2)» فالواجب على الرجال والنساء أن يلاحظوا هذا الأمر، فلا يترك الظفر، ولا الشارب، ولا العانة، ولا الإبط أكثر من أربعين ليلة، الرجل يتعاهد والمرأة تتعاهد، الرجل يتعاهد ظفره وشاربه وعانته وإبطه، حتى لا تجتمع الأوساخ هناك، وهي ليست نجسة، ولكن مستقذرة، ينبغي ملاحظة ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم. وكذلك المرأة تلاحظ ذلك في ظفرها وعانتها وإبطها، كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، من باب النظافة والنزاهة، والنبي صلى الله عليه وسلم جاء بكل خير، ودل على كل خير، ونهى عن كل شر. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (258)، وأحمد في مسنده، مسند أنس بن مالك برقم (13677)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب التوقيت في ذلك، برقم (14). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (258).

حكم دفن الأظفار بعد قصها وقراءة بعض السور عليها

39 - حكم دفن الأظفار بعد قصها وقراءة بعض السور عليها س: الأخت: م. م. من سلطنة عمان تسأل وتقول: سمعت بعض الناس يقولون: إنه عند الانتهاء من قص الأظافر لا بد من أخذها ودفنها في مكان، وقراءة بعض السور عليها، مثل الإخلاص والمعوذتين، وعدم رميها. فما حكم ذلك؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا شيء لا أصل له، إذا قص الإنسان أظفاره يرميها ولا بأس، ولا حاجة إلى دفنها، ولا قراءة القرآن عليها، كل هذا خرافة لا أصل لها، ولا أساس لها، متى قص الإنسان أظفاره رجلا أو امرأة فلا حرج في إلقائها في أي مكان. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (278).

س: تقول: عندنا عادة موجودة في بلدتي، وهي عند تقليم الأظافر نقوم بدفن الأظافر في الأرض، ونقول: يا تراب، أشهد يوم الحساب، فما هو رأيكم؟ (¬1) ج: هذا لا أصل له، لو رمت الأظافر في القصاصة لا بأس، لو ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (240).

رمتها في الأرض، أو مع القمامة لا حرج، أما دفنها في الأرض وقول: يا تراب، اشهد يوم الحساب. هذا لا أصل له، بل هذا من البدع التي لا أصل لها.

س: السائلة: ف. م. من فيفاء: لقد سمعت أن رمي بقايا شعر الرأس والأظافر غير جائز، وأنه يجب دفنها. وضحوا لي هذا الأمر. جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا يجب الدفن، ما يقلم من الأظافر، أو يقطع من الشعر لا يجب دفنه، إذا ألقي في القمامة لا بأس ولا حرج، إن دفنه فلا حرج، وإن ألقاه في القمامة فلا حرج، الأمر واسع، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (275).

س: هل يجب دفن الشعر المتساقط، والأظافر المقصوصة في التراب (¬1) ج: ليس بلازم، يلقيها في القمامة، والحمد لله، ما فيه دليل على دفنها، إذا ألقاها في القمامة كفى، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (378).

حكم تطويل أظافر المرأة

40 - حكم تطويل أظافر المرأة س: ما حكم تطويل أظافر المرأة؟ علما بأنها تصلي وتؤدي جميع فرائضها (¬1) ج: تطويل الأظافر ممنوع في حق الرجل والمرأة جميعا، ليس للمرأة أن تطول أظافرها، وليس للرجل أن يطول أظافره، والحد في ذلك أربعون ليلة، فما زاد على هذا يجب عليها قلم الظفر، وعلى الرجل كذلك، وهكذا نتف الإبط، وحلق العانة، وقص الشارب، يقول أنس رضي الله عنه: «وقت لنا في قص الشارب، وقلم الظفر، ونتف الإبط، وحلق العانة أن لا نترك ذلك أكثر من أربعين يوما (¬2)» رواه مسلم في الصحيح: والذي وقته النبي صلى الله عليه وسلم وهكذا جاء في رواية أحمد والنسائي والجماعة وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (¬3) بالتصريح أنه وقته صلى الله عليه وسلم، فالواجب على الرجال والنساء أن لا يطيلوا الأظافر أكثر من هذه المدة، أما في هذه المدة فأقل فالأمر واسع، لكن لا يزدن على أربعين، لا في الظفر، ولا في الإبط، ولا في العانة، وهكذا الرجل في الشارب. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (222). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (258). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (258)، وأحمد في مسنده، مسند أنس بن مالك برقم (13677)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب التوقيت في ذلك، برقم (14).

باب في فرائض الوضوء

صفحة فارغة

باب في فرائض الوضوء 41 - متى شرع الوضوء والتيمم س: الأخ: ع. ب. س. من قرى المدينة المنورة، يقول: عرفنا أن فريضة الصلاة قد فرضت قبل الهجرة، أي في ليلة الإسراء والمعراج، هل فريضة الوضوء ومشروعية التيمم أيضا قبل الهجرة، أم بعدها؟ وإذ كانت بعد الهجرة ففي أي السنين جاءت فريضة الوضوء ومشروعية التيمم؟ وجهونا حول هذا الموضوع، وجزاكم الله خيرا (¬1) ج: أما الوضوء فالأصل في ذلك أنه شرع مع الصلاة؛ لأن النبي عليه السلام قال: «لا تقبل صلاة بغير طهور (¬2)» فالأصل في هذا أن الله شرع الوضوء مع الصلاة، أما التيمم فلم يشرع إلا في المدينة بعد مدة طويلة، شرع التيمم بعد ذلك في المدينة، وأما الوضوء فهو مشروع مع الصلاة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (169). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (224).

بيان أحكام الوضوء

42 - بيان أحكام الوضوء س: يقول السائل: ما هي أحكام الوضوء؟ وهل هناك أدعية واردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء الوضوء؟ (¬1) ج: الوضوء له فرائض وله شرائط، ويستحب في أوله التسمية، وفي آخره الشهادة، بعدما يفرغ يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين. وفي أوله يقول: بسم الله. عندما يغسل يديه ليتوضأ يغسل كفيه ثلاثا قبل أن يتوضأ يسمي عند ذلك، وله شرائط عشرة: الإسلام. العقل. التمييز. نية رفع الحدث. واستصحاب حكم النية. وانقطاع الموجب الذي يوجب الوضوء ونحوه. الاستنجاء أو الاستجمار قبله؛ استنجاء بالماء، أو استجمار بالحجارة أو بالمناديل وباللبن ونحو ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (249).

وطهورية الماء؛ يكون الماء طهورا. ويكون مباحا. وإزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة؛ يعني إزالة الذي يمنع وصول الماء إلى البشرة من عجين، أو صمغ، أو غير هذا مما يمنع وصول الماء إلى الجلدة. وهناك شرط حادي عشر في حق من حدثه دائم: أن لا يتوضأ إلا بعد دخول الوقت، وهذا أمر به النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة، وحكم صاحب السلس مثلها، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال للمستحاضة: «وتوضئي لوقت كل صلاة (¬1)» فألحقوا بها جميع من حدثه دائم؛ كصاحب السلس الدائم، مثل البول، أو الريح الدائمة، هذا مثل صاحب الدم، فالمستحاضة تتوضأ إذا دخل الوقت. وبعض أهل العلم نازع في إباحة الماء، هل يجوز الطهور بماء غير مباح؟ لأن المقصود يحصل به من إزالة أثر النجاسة، ومقتضى الحدث، والتحريم ليس خاصا بالوضوء، خاصا بجنس الماء، لا بد أن يكون مباحا، لا يجوز له شربه، ولا الوضوء به ولا استعماله إلا إذا كان ملكا له، والقاعدة ما كان تحريمه عاما، لا يخص الصلاة فإنه لا يبطل الصلاة، وهكذا الصلاة في الثوب ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في المستحاضة برقم (624)، والإمام أحمد في المسند مسند الصديقة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها، برقم (25681).

المغصوب، والأرض المغصوبة؛ لأنه عام لا يخص الصلاة، ليس له أن يستعمل الثوب المغصوب، وليس له أن يجلس في الأرض المغصوبة ولو كان في غير الصلاة، فإذا كان النهي عاما فإنه لا يضر الصلاة، وإن كان لا يجوز له الفعل، فعلى هذا لو صلى في الأرض المغصوبة، أو توضأ بالماء المغصوب، أو صلى في الثوب المغصوب صحت صلاته مع الإثم، يأثم وتصح صلاته، هذا القول الأرجح. وهكذا النجاسة لو أزالها بماء طهور، لكنه مغصوب زالت ولكن يأثم، لو كان في ثوبه نجاسة وغسله بماء طهور، لكنه مغصوب زالت النجاسة، وطهر الثوب مع كونه آثما؛ لأن المقصود حصل. ولا يشرع في الوضوء أدعية، ما عدا التسمية في أوله، والشهادة في آخره، أما أثناء الوضوء فلم يرد شيء صحيح.

بيان الفرق بين وضوء الفرض والسنة

43 - بيان الفرق بين وضوء الفرض والسنة س: حددوا لنا الوضوء الفرض والسنة؟ (¬1) ج: إن الله جل وعلا شرع لعباده الوضوء عند إرادة الصلاة، قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (¬2) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (34). (¬2) سورة المائدة الآية 6

فهذا يدل على وجوب استعمال الوضوء الشرعي على ضوء ما ذكرته الآية الكريمة، وفسر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بفعله عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أنه لا بد لمن قام إلى الصلاة من الوضوء الشرعي إذا كان على غير طهارة، وهو كما بينه الله: غسل الوجه، ثم غسل اليدين مع المرفقين، ثم مسح الرأس، ثم غسل الرجلين. وهذا فرض ومفترض مرة مرة، والسنة أن يغسل اليدين ثلاث مرات قبل إدخالهما في الإناء، كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام، فقد كان يغسل يديه ثلاث مرات – يعني كفيه – ثم يشرع في الوضوء، وينبغي أن يقدم التسمية على غسل اليدين، فيقول: بسم الله. قبل أن يغسل يديه، والجمهور على أنها سنة، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب التسمية مع الذكر، وسقوطها مع الجهل والنسيان، ومما جاء عنه عليه السلام أنه قال: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه (¬1)» وهو حديث له طرق وفيها ضعف لكن مجموعها يدل على أن له أصل وأنه حسن، فينبغي لمن أراد الوضوء أن يسمي الله عند بدئه لغسل يديه، ثم يتمضمض ويستنشق، ثم يغسل وجهه من منابت الشعر من أعلى إلى الذقن من أسفل، والعرض ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في التسمية عند الوضوء، برقم (25)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب في التسمية على الوضوء، برقم (102)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في التسمية على الوضوء، برقم (397).

إلى فروع الأذنين، هذا هو الوجه فيغسله جميعا، ثم يغسل يديه إلى المرفقين، ومعنى: إلى يعني: مع المرفقين. ويدل على ذلك فعله صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يغسل يديه حتى يشرع في العضد، يعني: يغسل مرافقه مع الذراع، ثم يمسح رأسه مع أذنيه – كما جاءت به السنة، وهذا فرض أيضا – ثم يغسل رجليه إلى الكعبين، يعني مع الكعبين، ويدل على هذا فعله صلى الله عليه وسلم، فإنه كان يغسل رجليه حتى يشرع في الساقين، كما رواه مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة، هذا هو الوضوء المفترض: غسل الوجه مع المضمضة والاستنشاق مرة مرة، غسل اليدين مع المرفقين مرة، مسح الرأس مع الأذنين مرة، غسل الرجلين مع الكعبين مرة. هذا مفترض، فإن كرره مرتين فهو أفضل؛ يعني سنة، وإن كرره ثلاثا فهو أكمل، كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام في عمله وفعله، والفرض أن يستنشق مرة واحدة، هذا فرض، وإن كرر المضمضة والاستنشاق ثلاث مرات فهو أكمل وأفضل، ثم بعد ذلك يقول: «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين (¬1)»، هكذا جاء في الحديث الصحيح، وهذا سنة بعد الفراغ، رواه مسلم في الصحيح عن عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من عبد يتوضأ ويسبغ الوضوء – أو قال: يبلغ الوضوء – ثم يقول: ¬

_ (¬1) سنن الترمذي الطهارة (55)، سنن النسائي الطهارة (148)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (470).

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء (¬1)» هذا فضل عظيم في هذه الشهادة بعد الوضوء، ويستحب أن يزيد: «اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين (¬2)»؛ لما رواه الترمذي رحمه الله بإسناد صحيح عن المغيرة بهذه الزيادة، وبهذا يعلم المفترض من الوضوء والسنة منه، فالتسمية في أول الوضوء سنة، تكرار المضمضة والاستنشاق مرتين أو ثلاثا سنة، غسل الوجه أكثر من مرة سنة، غسل اليدين مع المرفقين مرة هذا فرض، تكرار ذلك مرتين أو ثلاثا سنة، ومسح الرأس مع الأذنين فرض، ولا يشرع التكرار، وغسل الرجلين مع الكعبين مرة فرض، وتكرار ذلك مرتين أو ثلاثا سنة، والشهادة بعد الوضوء والدعاء سنة، الذي تقدم ذكره. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء، برقم (234). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما يقال بعد الوضوء، برقم (55).

صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

44 - صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم س: ما هي الكيفية الصحيحة للوضوء؟ (¬1) ج: النبي صلى الله عليه وسلم وضح للأمة الوضوء بفعله عليه الصلاة والسلام مفسرا لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (¬2)، فسره النبي صلى الله عليه وسلم بفعله للصحابة، فكان عليه الصلاة والسلام إذا قام للوضوء غسل كفيه ثلاث مرات أولا – وهذا مستحب – ثم يبدأ يتمضمض ويستنشق، ويغسل وجهه عموما من منابت شعر الرأس إلى الذقن طولا وعرضا إلى فروع الأذنين، ثم يغسل ذراعيه مع المرفقين، ثم يمسح رأسه مع الأذنين، ثم يغسل الرجل مع الكعبين. هكذا كان يفعل عليه الصلاة والسلام، هذه صفة وضوئه، يغسل كفيه ثلاثا أولا ولا سيما إذا قام من النوم يتأكد ذلك، فيجب أن يغسل كفيه ثلاث مرات قبل إدخال يده في الإناء، ثم يبدأ فيتمضمض ويستنشق ويستنثر ويغسل وجهه، والواجب مرة، ورد أنه توضأ مرة مرة، ثم يغسل ذراعيه مرة مرة مع المرفقين، ثم يمسح رأسه كله مرة واحدة مع الأذنين؛ يدخل إصبعيه في صماخ أذنيه، ويمسح ظاهر أذنيه بالإبهامين، ثم يغسل الرجلين مع الكعبين، مرة واحدة الواجب. وتوضأ ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (328). (¬2) سورة المائدة الآية 6

لهم مرتين مرتين، وتوضأ لهم ثلاثا ثلاثا حتى يعلموا السنة، فالمرة الواحدة فريضة، والمرتان سنة، والثلاث هي التمام، أفضل أن تكون ثلاثا ثلاثا، وهو الغالب من فعله عليه الصلاة والسلام، إلا الرأس مسحة واحدة لا يكرر ثلاثا، الرأس يمسحه مرة، بدأ بالمقدمة إلى قفاه، ثم يرده إلى المكان الذي يبدأ منه، فهكذا كان يفعل عليه الصلاة والسلام، والواجب أن تكون المرفقان داخلين في غسل اليدين، وهكذا الكعبان تدخلان في غسل الرجلين. قال أبو هريرة رضي الله عنه: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غسل يديه أشرع في العضد، وإذا غسل رجليه أشرع في الساق (¬1)» حتى يدخلا في ذلك؛ أعني المرفقين والكعبين؛ لقوله جل وعلا: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} (¬2) إلى يعني: مع المرافق. وقوله: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (¬3)، معناه: مع الكعبين. فالكعب مغسول والمرفق مغسول، هذا صفة وضوئه عليه الصلاة والسلام، مرة مرة، أو مرتين مرتين، أو ثلاثا ثلاثا، وربما غسل بعض الأعضاء مرتين وبعضها ثلاثا، فالأمر واسع، الواجب مرة مرة، وليتمضمض مرة وليستنشق مرة، ويغسل وجهة مرة، يعمه بغسل، ثم اليدين مرة مرة، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء، برقم (246). (¬2) سورة المائدة الآية 6 (¬3) سورة المائدة الآية 6

ويمسح رأسه مع الأذنين مرة، ثم يغسل رجليه مع الكعبين مرة، هذا هو الواجب، والأفضل أن يزيد فيكرر غسل الوجه واليدين والرجل مرتين أو ثلاثا، والثلاث أكمل وأفضل، أما الرأس فإنه يكفيه مرة واحدة لا يكرر، يمسحه مرة واحدة بيديه مع أذنيه، والأفضل أن يبدأ بمقدم رأسه ثم يمر بيديه إلى قفاه، ثم يعيدهما إلى المكان الذي بدأ منه مع إدخال إصبعيه في أذنيه ومسح ظاهرهما بإصبعيه.

تعريف الوضوء الشرعي

45 - تعريف الوضوء الشرعي س: أيضا يسأل أخونا: م. ح. د. من المنطقة الشرقية بقيق، فيقول: هل مطلوب من المسلم إذا أراد أداء الصلاة أن يغسل وجهه ويديه، وأن يمسح على رأسه، ويغسل الرجلين إلى الكعبين فقط دون أن يقوم بالاستنجاء، أم أن ذلك كاف؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الوضوء الشرعي إذا أطلق في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فالمراد به أن يغسل وجهه ويديه، ويمسح رأسه وأذنيه، فيغسل رجليه، هذا هو الوضوء الشرعي، وهو المذكور في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (¬2)، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (162). (¬2) سورة المائدة الآية 6

الآية من سورة المائدة، وهكذا في سورة النساء هذا المعنى. المقصود أن الواجب على المؤمن إذا كان على غير طهارة من ريح، أو بول، أو نحو ذلك أن يتوضأ الوضوء الشرعي، وهو المذكور في قوله سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (¬1)، لكن إن كان الحدث بولا، أو غائطا فإنه يستنجي، يعني يغسل الدبر عن الغائط، ويغسل الذكر عن آثار البول، ثم يتوضأ الوضوء الشرعي، يعني: يغسل كفيه ثلاث مرات، يتمضمض ويستنشق، يغسل وجهه، يغسل يديه مع المرفقين، يمسح رأسه مع الأذنين، ويغسل رجليه مع الكعبين. هذا هو الوضوء الشرعي، والواجب مرة واحدة، فإن كرر ثلاثا فهو أفضل، يتمضمض ثلاثا، يستنشق ثلاثا، يغسل وجهه ثلاثا، ويديه مع المرفقين ثلاثا، يمسح رأسه وأذنه مرة واحدة، المسح يكون مرة، يغسل رجليه مع الكعبين ثلاثا، والمرة كافية، والمرتان كذلك، لكن الأفضل والكمال ثلاثا ثلاثا، إلا الرأس فإنه يمسح مسحة واحدة مع الأذنين، وهذا كله بعد الاستنجاء إن كان هناك بول أو غائط، أما إن كان الحدث ريحا فلا يحتاج استنجاء، يبدأ بالغسل؛ المضمضة والاستنشاق، لا يحتاج استنجاء، وهكذا لو كان الحدث نوما، أو مس ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 6

الفرج، أو أكل لحم الإبل، هذا ما يحتاج استنجاء، إنما يبدأ بالمضمضة والاستنشاق.

حكم النية عند الوضوء

46 - حكم النية عند الوضوء س: الأخ: ع. م. من القصيم، يسأل ويقول: من شروط الوضوء النية، والنية محلها القلب، لكن إذا ذهب شخص لدورة المياه؛ الحمام – أعزكم الله والسامعين – لقضاء الحاجة ولم ينو الوضوء، وحين ما فرغ أراد الوضوء؛ بأن غسل وجهه ويديه إلى آخر الأعضاء، أي أكمل الوضوء، فهل وضوؤه صحيح؟ (¬1) ج: نعم، نية الوضوء عند البدء بالمضمضة والاستنشاق؛ لأن ذلك يسمى قضاء حاجة، يسمى استنجاء، فإذا استنجى من البول أو الغائط وليس عنده نية وضوء، ثم بعد ذلك أراد أن يتوضأ فالنية تكفي بعد ذلك، فإذا بدأ فإنه يتمضمض ويستنشق بنية وضوء كفى، والأفضل أن ينوي عند غسل الكفين، عند غسل الكفين يسمي الله وينوي الوضوء، ثم يشرع في المضمضة والاستنشاق، وغسل الوجه ثم يديه، ثم مسح رأسه إلى آخره، فالنية عند بدئه؛ غسل اليدين قبل المضمضمة ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (136).

والاستنشاق، أما ذاك الذي يسمى الاستنجاء فليس محل النية، هذا كإزالة أذى؛ إزالة خبث، يزيل الأذى بالماء أو بالاستجمار، ولا يحتاج إلى نية، إنما النية عند بدئه غسل أطرافه الأربعة: الوجه واليدين والرأس والرجلين، هذا محل النية، ويسمى الوضوء، ويسمى التطهر والطهور.

حكم التلفظ بالنية عند الوضوء

47 - حكم التلفظ بالنية عند الوضوء س: يسأل عن النية، ويقول: هل النية أن أقول في قلبي – عند الوضوء، أو عندما أريد صيام رمضان مثلا في كل يوم: نويت أن أفعل كذا. أم أن ذلك في القلب والعزم يكفي؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: النية: قصدك أنك تفعل كذا حين تسحرت، وتسحرت لتصوم اليوم، هذه النية، حين تقوم للصلاة هذه النية، النية كون القلب يقصد أنه قام في هذا الشيء، أو شرع في هذا الشيء، أو سيشرع في هذا الشيء يريد وجه الله سبحانه وتعالى، ولا يحتاج إلى تلفظ، فلا يقول: نويت بلسانه، بل بقلبه، أما التلفظ بالنية كأن يقول: نويت أن أصلي، نويت أن أطوف. فهذا بدعة لا أصل له. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (342).

س: يقول السائل: إنني أنوي للوضوء، بحيث أقول بدون تلفظ: اللهم نويت الوضوء في هذا الماء الطاهر للطهارة للصلاة , وعند الصلاة أنوي بدون تلفظ أيضا: نويت أن أصلي صلاة الظهر – مثلا – حاضرا لله تعالى. وسؤالي هنا: هل النية صحيحة في هذا؟ وهل التلفظ جائز أو لا؟ (¬1) ج: النية لا بد منها للعبادات كلها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (¬2)» فالنية بالقلب في الصلاة، في الحج، في الصيام، في جميع العبادات، في الصدقة، إلى غير ذلك، لكن التلفظ غير مشروع؛ أن يقول: نويت بلسانه، فلا يتكلم ويقول: نويت أن أصلي الظهر كذا، نويت أن أصلي العصر كذا , هذا غير مشروع، ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ولا السلف الصالح، وإنما النية بالقلب، فما يفعله بعض الناس: نويت الصلاة كذا، نويت أن أصلي الظهر أربع ركعات إماما أو مأموما – إلى آخره – كل هذا لا أصل له، فهو من البدع، وإنما النية تكون بالقلب، لا باللسان. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (242). (¬2) أخرجه البخاري في باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (1).

س: إذا تلفظت في داخل المسجد، وقلت: اللهم إني نويت الوضوء لصلاة العصر – مثلا – أو: نويت للصلاة. بهذه الطريقة هل هذا يعتبر بدعة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم، ليس له التلفظ بالنية، لا في الصلاة، ولا في الوضوء، لأن النية محلها القلب، فإنه يأتي إلى الصلاة بنية الصلاة ويكفي، يقوم للوضوء بنية الوضوء ويكفي، وليس هناك حاجة إلى أن يقول: نويت أن أتوضأ. أو: نويت أن أصلي. أو: نويت أن أصوم. أو: نويت أن أحج. أو ما أشبه ذلك، إنما النية محلها القلب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (¬2)» ولم يكن عليه الصلاة والسلام ولا أصحابه يتلفظون بالنية في الصلاة، ولا في الوضوء، وعلينا أن نتأسى بهم في ذلك، ولا نحدث في ديننا ما لم يأذن به الله، يقول عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬3)» يعني: فهو مردود، وبهذا يعلم أن التلفظ بدعة، التلفظ بالنية بدعة. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (67). (¬2) أخرجه البخاري في باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (1). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

س: الأخ: خ. س. س. من حقل، يسأل ويقول: ما حكم من كان في نيته أن يتوضأ لصلاة العشاء، ولكنه نسي وتذكر ذلك بعد أن أدى الصلاة؟ هل يجب عليه قضاء هذه الصلاة؟ (¬1) ج: إذا كان يعلم أنه أحدث فعليه القضاء، أما إذا كان نوى أن يتوضأ للتجديد والنشاط، وإلا هو يعلم أنه على طهارة، ولكن عزم أنه يتوضأ لمجرد الفضل والنشاط فهذا لا إعادة عليه؛ لأنه صلى وهو على طهارة، أما إذا كان يعلم أنه محدث، وإنما أراد الوضوء لأجل أنه محدث، فهذا صلى على غير طهارة، فعليه أن يعيد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقبل صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول (¬2)» رواه مسلم في صحيحه، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ (¬3)» فلا بد من الطهارة إذا كان على غير طهارة، فإذا صلى وهو على غير طهارة فهو آثم، وقد أتى معصية وصلاته باطلة. نسأل الله السلامة. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (210). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (224). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحيل، باب في الصلاة، برقم (6954)، أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (225).

حكم أداء صلاة الفرض بوضوء صلاة النافلة

48 - حكم أداء صلاة الفرض بوضوء صلاة النافلة س: إذا توضأت لصلاة النافلة فهل يجوز أن أصلي بذلك الوضوء الفريضة؛ لأن النية كانت للنافلة؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك، إذا توضأ الإنسان الضحى – مثلا – لصلاة الضحى، وجاء الظهر وهو على طهارة يصلي الظهر، والحمد لله، المقصود أن يصلي بالطهارة سواء كانت الطهارة لنافلة، أو لقراءة في المصحف، أو لغير ذلك، يصلي بها الصلوات؛ الفريضة والنوافل الأخرى، ولو ما نواها؛ لأن الطهارة حاصلة، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (399).

حكم ذكر البسملة داخل دورة المياه عند الوضوء

49 - حكم ذكر البسملة داخل دورة المياه عند الوضوء س: سمعت حديثا من برنامجكم، وهو: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه (¬1)» فما الحكم لو أن أحدا توضأ في دورة المياه؟ ونحن نعلم أنه لا يجوز ذكر اسم الله فيها (¬2) ج: نعم، قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم بعدة طرق، عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أنه قال: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه (¬3)» ولكن أسانيدها فيها بعض الضعف، ومجموعها يرتقي إلى درجة الحسن، فينبغي للمؤمن عند الوضوء أن يسمي الله في ابتداء الوضوء، فيقول: بسم الله عندما يغسل كفيه بقصد الوضوء، أو عند ابتداء المضمضة والاستنشاق، يسمي الله جل وعلا عملا بهذه الأحاديث ولو كان في دورة المياه، فإن تيسر أن يكون وضوؤه خارجها فعل، وإلا فلا مانع أن يقول: بسم الله عند وضوئه، وإن كان في الدورة وذكر الله في الدورة ليس بحرام، لكنه يكره كراهة فقط عند ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في التسمية عند الوضوء، برقم (25)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب في التسمية على الوضوء، برقم (102)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في التسمية على الوضوء، برقم (397). (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (205). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في التسمية عند الوضوء، برقم (25)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب في التسمية على الوضوء، برقم (102)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في التسمية على الوضوء، برقم (397).

بعض أهل العلم، لكن إذا دعت الحاجة إلى ذلك زالت الكراهة؛ كالتسمية عند بدء الوضوء، أما إن نسي ذلك، أو جهل ذلك فلا حرج عليه ووضوؤه صحيح، لكن لا ينبغي أن يتعمد ذلك، بل ينبغي له أن يسمي الله في أول الوضوء حتى ولو كان في الدورة؛ لأجل شدة الحاجة إلى ذلك، وقول بعض أهل العلم بوجوب ذلك يمنع من الكراهية حينئذ، وتزول الكراهة بذلك، ويسمي الله عند بدء وضوئه، أما إذا لم يكن هناك حاجة فإنه يكره ذكر الله في حال وجوده في الدورة التي هي محل قضاء الحاجة؛ تعظيما لذكر الله جل وعلا، وتقديسا له، ولو ترك المتوضئ التسمية عند الوضوء جهلا منه، أو نسيانا منه فوضوؤه صحيح، أما إن تركها عمدا مع العلم والمعرفة بالحكم الشرعي فالأحوط له أن يعيد الوضوء؛ لأن بعض أهل العلم ذهب إلى وجوب ذلك لهذه الأحاديث وإن كان فيها ضعف، لكن يشد بعضها بعضا. نسأل الله للجميع التوفيق.

حكم التسمية عند الوضوء

50 - حكم التسمية عند الوضوء س: هل التسمية عند الوضوء سنة أم فريضة؟ وإن كانت فريضة ونسي إنسان أن يسمي فما الحكم؟ (¬1) ج: الجمهور من أهل العلم على أنها سنة، هذا قول أكثر أهل العلم، أن التسمية سنة، وقال بعض أهل العلم: إنها واجبة. لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه (¬2)» لكن هذا الحديث أعله العلماء، وقالوا: إنه لا يثبت كما قاله أحمد رحمه الله وجماعة، ولهذا قالوا: يستحب فقط؛ لأن مجموع الأحاديث قد يشد بعضها بعضا، فيؤخذ منها السنية. وقال بعضهم: يؤخذ منها الوجوب لأنها متعددة، فيشد بعضها بعضا. كما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله، فالقول بالوجوب فيه نظر، أما السنية فلا شك فيها، يستحب عند البدء في الوضوء أن يسمي، يقول: بسم الله عند بدء الوضوء، فإن نسي فلا شيء عليه، وهكذا عند الغسل يسمي، فإن نسي فلا شيء عليه، {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (¬3) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (136). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في التسمية عند الوضوء، برقم (25)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب في التسمية على الوضوء، برقم (102)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في التسمية على الوضوء، برقم (397). (¬3) سورة البقرة الآية 286

حكم ترك التسمية عند الوضوء عمدا

51 - حكم ترك التسمية عند الوضوء عمدا س: يقول هذا السائل من الرياض: هل عدم التسمية عند الوضوء يبطل الوضوء؟ (¬1) ج: جمع من أهل العلم يرونها واجبة؛ التسمية مع الذكر، فإذا تركها ناسيا أو جاهلا لا يضره، أما التعمد فلا ينبغي تعمد تركها. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (430).

س: كيف يسمي من أراد الوضوء في داخل دورة المياه؟ وهل له أن يذكر اسم الله وهو داخل الدورة؟ (¬1) ج: نعم، يسمي عند بدء الوضوء، عند غسل كفيه، عند بدء الوضوء، يقول: بسم الله ثم يشرع؛ لأنها حاجة واجبة، وجمع من أهل العلم يراها واجبة؛ هذه التسمية، فعند وجوبها وتأكدها تزول الكراهة ولو أنه في دورة المياه. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (227).

حكم نسيان التسمية عند الوضوء

52 - حكم نسيان التسمية عند الوضوء س: إذا بدأت الوضوء، ولكنني نسيت التسمية فما حكم وضوئي ذلك؟ وكيف تنصحون من كان مثلي؟ (¬1) ج: إذا توضأ الإنسان ونسي التسمية، أو كان جاهلا فلا شيء عليه، وضوؤه صحيح، إنما الخلاف بين العلماء إذا كان تعمد مع العلم، فالجمهور على أن وضوؤه صحيح ولو تعمد؛ لأن الأحاديث عندهم ضعيفة في ذلك، وذهب بعض أهل العلم إلى أن وضوؤه غير صحيح إذا تعمد مع العلم؛ لأن الأحاديث وإن كان في أسانيدها مقال لكن يشد بعضها بعضا، كما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله عند تفسير قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (¬2)، الآية من سورة المائدة، قال: إن الأسانيد يشد بعضها بعضا، وهي الحديث المعروف المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه (¬3)» جاءت من عدة أحاديث عن عدد من الصحابة، عن أبي سعيد وأبي هريرة وآخرين، لكن في أسانيدها مقال. قال الحافظ: إنه يشد بعضها بعضا، وقد تكون من قبيل الحسن لغيره. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (191). (¬2) سورة المائدة الآية 6 (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في التسمية عند الوضوء، برقم (25)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب في التسمية على الوضوء، برقم (102)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في التسمية على الوضوء، برقم (397).

ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب هذه التسمية في أول الوضوء مع الذكر، أما مع النسيان ومع الجهل فلا شيء عليه، وضوؤه صحيح.

حكم من تذكر التسمية بعد الوضوء

53 - حكم من تذكر التسمية بعد الوضوء س: المستمع: ح. ن. ش. يسأل ويقول: ماذا أفعل إذا نسيت التسمية وأنا في الوضوء؟ هل أسمي بعد إكمال الوضوء؟ (¬1) ج: لا حرج، إذا نسيتها سقطت والحمد لله، ولا شيء عليك، إذا نسيت التسمية في الوضوء في هذه الحالة مع النسيان تسقط، والحمد لله، وإذا ذكرتها في الأثناء سم عند ذكرها عند غسل اليدين، وعند مسح الرأس سم بالله، كله طيب. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (311).

س: من إحدى الأخوات المستمعات رسالة تقول فيها: ما حكم من نسي التسمية عند الوضوء؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: من نسيها عند الوضوء فلا شيء عليه، ولو تعمدها فوضوؤه صحيح عند أكثر أهل العلم، وقال بعض أهل العلم: إذا تعمدها وهو ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (318).

يعلم الحكم الشرعي فإنه يعيد الوضوء. والصواب أنه لا يعيد إذا كان عنده جهل أو شك في وجوبها عليه، أو يعتقد أنها مستحبة فقط، ليس عليه إعادة الوضوء، ولكن يشرع له أن يسمي عند الوضوء، فإن نسي ذلك، أو جهل ذلك، أو شك في وجوب ذلك فوضوؤه صحيح، والحمد لله.

س: عند الوضوء دائما أنسى البسملة في بدايته مع علمي بصحة الحديث في ذلك، فما حكم الوضوء، وبالتالي الصلاة فيما مضى؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الوضوء صحيح، والصلاة صحيحة والحمد لله؛ لقول الله عز وجل: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (¬2) , فليس عليك حرج حتى ولو تركت عمدا، عند أكثر العلماء على أنها سنة، وذهب بعض أهل العلم إلى أنها واجبة مع الذكر، أما مع النسيان تسقط، أو مع الجهل الحمد لله , والصلاة صحيحة والحمد لله، والوضوء صحيح كذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (286). (¬2) سورة البقرة الآية 286

حكم من نوى التسمية بالقلب داخل الدورة عند الوضوء

54 - حكم من نوى التسمية بالقلب داخل الدورة عند الوضوء س: يقول السائل: أكثر الأحيان أتوضأ في الحمام وبدون أن أسمي، ولكني أنوي التسمية بقلبي، فهل يصح الوضوء؟ (¬1) ج: الوضوء صحيح على الصحيح، لكن السنة أن تسمي ولو في الحمام، تقول: بسم الله عند بدء الوضوء؛ لأن التسمية يراها واجبة جمع من أهل العلم، التسمية تجب عند جمع من أهل العلم، فلا تتركها، تسمي عند أول الوضوء ولو كنت في الحمام؛ لأن هذا عذر شرعي، ولا تدع التسمية، والذي مضى نسأل الله أن يعفو عنا وعنك، ولا حرج إن شاء الله. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (249).

س: عن ذكر الله والإنسان يتوضأ داخل الحمام، كيف يكون؟ (¬1) ج: السنة: الإنصات وعدم الذكر، يكره الذكر في الحمام؛ لأنه محل قضاء الحاجة، لكن إذا أراد الوضوء والمغسلة التي يتوضأ منها في الحمام فإنه يسمى عند أول الوضوء؛ لأن التسمية واجبة عند جمع ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (156).

من أهل العلم، فلا يتركها من أجل الكراهة، الواجب مقدم وتزول الكراهة، ويسمي عند بدء الوضوء، عند غسل اليدين، قبل أن يتمضمض ويستنشق، أو عند المضمضة والاستنشاق، المقصود أن يسمي في أول الوضوء ولو أنه في أول الحمام إذا دعت الحاجة إلى الوضوء في الحمام؛ لأن التسمية واجبة عند جمع من أهل العلم، سنة – عند الأكثر – مؤكدة، فلا ينبغي له تركها.

حكم الوضوء داخل دورة المياه

55 - حكم الوضوء داخل دورة المياه س: هل يصح الوضوء في الحمام؟ (¬1) ج: نعم، لا حرج أن يتوضأ في الحمام، ويسمي في أول الوضوء عندما يبدأ الوضوء بالتمضمض والاستنشاق، أو عند غسل الكفين ثلاثا، يقول: بسم الله ويبدأ؛ لأن الكراهة التي ذكرها العلماء في كراهة ذكر الله في الحمام تزول عند الحاجة، وهو محتاج إلى أن يسمي الله في أول الوضوء، وقد أوجب ذلك بعض أهل العلم، فحينئذ تزول الكراهة ويسمي الله عند بدء وضوئه، فإن تيسر أن يكون ذلك خارج الحمام فهذا أفضل وأكفى. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (158).

حكم التلفظ بالشهادتين داخل الخلاء

56 - حكم التلفظ بالشهادتين داخل الخلاء بعد الفراغ من الوضوء س: إذا فرغ المسلم من الوضوء هل يجوز أن ينطق بالشهادتين في الخلاء؟ وما الحكم إذا تأخر النطق بالشهادتين حتى الخروج؛ للانشغال بغسل ثوب أو نحوه؟ (¬1) ج: الأفضل للمؤمن أن لا ينطق بهما في الخلاء، يعني في الحمام، بل ينتظر حتى يخرج؛ لأن ذكر الله في الحمام مكروه؛ تعظيما له وتنزيها له سبحانه وتعالى، ومتى خرج ولو تأخر لغسل ثوب أو حاجة أخرى نطق بالشهادتين، فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين. هذا هو المشروع بعد الفراغ من الوضوء عند خروجه من الحمام، والله ولي التوفيق. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (86).

حكم الترديد وراء الأذان أثناء الوضوء

57 - حكم الترديد وراء الأذان أثناء الوضوء س: هذه رسالة وصلت من المستمع للبرنامج يقول: سماحة الشيخ، أنا أعلم بأن الكلام أثناء الوضوء مكروه، ولكن هل يكون أيضا مكروها إذا رددنا وراء الأذان أثناء الوضوء؟ (¬1) ج: لا حرج أن يتكلم بالأمر الشرعي وهو يتوضأ إذا كان في محل خارج الحمام، لا بأس، يردد مع المؤذن الأذان ويتوضأ. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والستون من الشريط رقم (425).

حكم الوضوء داخل دورة المياه

58 - حكم الوضوء داخل دورة المياه س: ما حكم من يتوضأ داخل الحمام؟ وهل يجوز وضوؤه؟ (¬1) ج: إذ توضأ داخل الحمام فلا بأس، ويسمي عند أول الوضوء، يقول: بسم الله ,ويتوضأ؛ لأن التسمية واجبة عند بعض أهل العلم، ومتأكدة عند الأكثر، فيأتي بها وتزول الكراهة؛ لأن الكراهة تزول بوجود الحاجة، والإنسان مأمور بالتسمية عند أول الوضوء، فيسمي ويكمل وضوءه، وأما التشهد فيكون بعد الخروج من محل الوضوء؛ محل الحمام الذي فيه قضاء الحاجة، إذا فرغ يخرج ويتشهد في ¬

_ (¬1) السابع عشر من الشريط رقم (154).

الخارج، أما إذا كان الحمام لمجرد الوضوء ليس للغائط والبول هذا لا بأس أن يتوضأ فيه؛ لأنه ليس محلا لقضاء الحاجة.

س: هل يجوز أن يتوضأ الشخص في دورة المياه أكرمكم الله؟ (¬1) ج: لا بأس في ذلك، ولا حرج فيه، ولا بأس أن يسمي الله عند بدء الوضوء، وإذا خرج يتشهد؛ لأن بدء الوضوء بالتسمية واجب عند جمع من أهل العلم ومتأكد، فلا يمنعه كونه في الدورة، وإذا توضأ خارج الدورة كان أفضل إذا تيسر ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (325).

س: يسأل السائل س. من اليمن، ويقول: هل يصح الوضوء في الحمام إذا لم توجد مغسلة أخرى خارج الحمام؟ (¬1) ج: يتوضأ في الحمام ولا بأس، والحمد لله، ويسمي عند بدء الوضوء؛ لأنه مضطر لهذا، تزول الكراهة عند الحاجة، زالت الكراهة، يسمي الله ويتوضأ والحمد لله، والتسمية تكون جهرا أو سرا، كله واحد، يتلفظ بها. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (304).

س: السائلة من قطر تقول: أسألكم عن الوضوء داخل دورات المياه، هل هو جائز؟ وكيف توجهونا بالنسبة للأذكار؟ ثم إني أذكر سماحتكم بنظافة هذه المحلات، فهي تختلف عن سابقتها فيما عرف قديما (¬1) ج: إذا كان في الحمام – هذا مقعد لقضاء الحاجة – فالأولى والأحوط الخروج وقت الوضوء؛ الوضوء الشرعي إلى الخارج إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر توضأ في الداخل، لكن يسمي عند بدء الوضوء، عند غسل يديه، أو عند المضمضة والاستنشاق، فلا كراهة في ذلك؛ لأن التسمية مهمة، قد أوجبها جماعة من العلماء في أول الوضوء؛ لما يروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه (¬2)» فالإنسان يسمي ولو كان داخل الحمام؛ لأن التسمية مهمة متأكدة، أو واجبة عند بعض أهل العلم، فلا يدعها لقول بعض أهل العلم بكراهة الذكر داخل الحمامات، وهو يكره، لكن إذا دعت الحاجة إليه كالوضوء تزول الكراهة؛ لأن التسمية متعينة متأكدة؛ إما وجوبا، وإما سنة متأكدة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (306). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في التسمية عند الوضوء، برقم (25)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب في التسمية على الوضوء، برقم (102)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في التسمية على الوضوء، برقم (397).

بيان أن الترتيب بين أعضاء الوضوء واجب

59 - بيان أن الترتيب بين أعضاء الوضوء واجب س: تقول السائلة: توضأت وقدمت عضوا على عضو، أي: قدمت غسل اليدين ثم الوجه، وذلك دون علم بصحة ذلك وعدم صحته، فما حكم وضوئي؟. جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الوضوء لا يصح إلا بالترتيب بغسل الوجه، ثم اليدين، ثم الرأس، ثم الرجلين، هذا الوضوء الشرعي، فالصلاة التي صليتها بهذا الوضوء المنكس عليك أن تعيديها إذا كنت تعرفينها، وإلا فبالظن والاجتهاد، أعيدي الصلاة التي تظنين أنك صليتها بهذا مع التوبة والاستغفار؛ لأنك لم تسألي ولم تتعلمي، والواجب عليك التعلم والسؤال ولو من طريق الهاتف، تحصلي على العلم من طريق الهاتف، من طريق المكاتبة، تسألي أهل العلم عندك إن كان عندك من يعرف، لا تسكتي، الواجب السؤال، فالله يقول سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (¬2)، يروى عنه عليه السلام أنه قال: «ألا سألوا إذ لم يعلموا، إنما شفاء العي السؤال (¬3)» فالواجب على الرجل والمرأة أن يسألا، كل مسلم أن يسأل عما أشكل عليه، عما يهمه في دينه. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (340). (¬2) سورة النحل الآية 43 (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في المجروح يتيمم، برقم (336)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب في المجروح تصيبه الجنابة، برقم (572).

تحديد مدة وقت الوضوء والاغتسال

60 - تحديد مدة وقت الوضوء والاغتسال س: هل ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم حديث يحدد الوقت الذي كان يتوضأ فيه النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل ورد حديث يحدد وقت الاغتسال؟ (¬1) ج: لا أعلم شيئا في هذا، لا أعلم أنه ورد عنه صلى الله عليه وسلم حديث يحدد زمان غسله وزمان وضوئه بالدقائق، لكنه ما كان يتكلف، عليه الصلاة والسلام، السنة دالة على أنه غير متكلف، وغير موسوس، عليه الصلاة والسلام، بل كان يتوضأ في مدة يسيرة، ويغتسل في مدة يسيرة، وليس من جنس أعمال الموسوسين، الذين يتنطعون ويتكلفون ويعذبون أنفسهم، بل الرسول صلى الله عليه وسلم في غاية من الكمال في أخلاقه وأعماله، فما كان يتكلف ولا يتنطع، لا في غسله، ولا في وضوئه، عليه الصلاة والسلام، وهذا هو الواجب على المؤمن؛ أن يكون بعيدا عن التنطع والتكلف في الوضوء والغسل، بل يتوضأ في حالة حسنة ليس فيها تنطع، وليس فيها جفاء، بل يتوضأ كما توضأ النبي صلى الله عليه وسلم: مرة مرة، أو مرتين مرتين، أو ثلاثا ثلاثا، ولا يزيد على ذلك، وهكذا في الغسل؛ يستنجي ثم يتوضأ وضوء الصلاة في حال الجنابة، ثم يغتسل؛ يفرغ ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (140).

الماء على رأسه ثلاث مرات، ثم على بدنه، يبدأ بالأيمن ثم الأيسر، هذا هو المعروف من فعله عليه الصلاة والسلام، ولم يكن عنده تكلف، ولم يعرف عنه أنه كان يطيل في البقاء في الحمام لهذا الأمر، بل كان عليه الصلاة والسلام وسطا في كل أقواله وأعماله، عليه الصلاة والسلام.

الموالاة في غسل الأعضاء فرض من فروض الوضوء

61 - الموالاة في غسل الأعضاء فرض من فروض الوضوء س: هل يجوز قطع الوضوء لفترة تكون بسيطة، ثم بعد ذلك يعود لإكمال الوضوء؟ (¬1) ج: إذ كانت يسيرة عرفا والأعضاء على حالها لم تجف، بل قطعه يكلم شخصا أو كذا فلا يضر، أما إذا طال الفصل لا بد من التوالي عرفا، والأحوط أن لا يتساهل في هذا؛ لأنه قد يعتقد أنها ليست بطويلة وهي طويلة، والأحوط أن يتابع الوضوء، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل هذا، إذا دخل فيه يتابعه حتى ينهيه. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (355).

حكم الفصل بين غسل أعضاء الوضوء لعذر

62 - حكم الفصل بين غسل أعضاء الوضوء لعذر س: يقول السائل: أ. ع. ب. من الرياض: شخص بدأ في الوضوء لبعض أعضاء جسمه، فانقطع عليه الماء، فذهب إلى مكان آخر وأكمل ما تبقى من أعضاء جسمه، فهل هذا الوضوء صحيح؟ (¬1) ج: إذا كانت المدة غير طويلة؛ بأن لا يغسل الآخر حتى يجف ما قبله فلا بأس، إذا كانت المدة الفاصلة خفيفة فلا بأس، وإلا فليعده من أوله. ¬

_ (¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (399).

حكم التيمم مع وجود الماء لإدراك صلاة الجماعة

63 - حكم التيمم مع وجود الماء لإدراك صلاة الجماعة س: عندما هممت بإكمال الوضوء بإحدى الصلوات قامت الصلاة، فتيممت وقمت للصلاة مع الجماعة؛ وذلك لازدحام المتوضئين، وخشيت أن صلاة الجماعة تفوتني، فهل علي إثم فيما فعلت؟ (¬1) ج: نعم، عليك إثم، وعليك الإعادة؛ لأن عليك الوضوء ولو ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (336).

فاتتك الصلاة، عليك أن تتوضأ ولو فاتتك الجماعة، ولو صليت وحدك، فعليك أن تبادر وتتوضأ قبل خوف فوات الجماعة، أو قبل الأذان؛ حتى تكون مستعدا للصلاة، أما أن تتأخر وتتكاسل فإذا قامت الصلاة تيممت هذا غلط كبير، الواجب عليك أن تتوضأ ولو فاتتك الصلاة، وتصلي بوضوء، فإذا صليت مع الناس بتيمم وأنت قادر على الماء فهذا منكر، وعليك الإعادة والتوبة أيضا.

حكم صلاة من نسي غسل أحد أعضاء الوضوء

64 - حكم صلاة من نسي غسل أحد أعضاء الوضوء س: يقول: ذهبت إلى الجامع للصلاة، وعند الانتهاء من الصلاة تذكرت بأن أحد أعضاء الوضوء لم أقم بغسله، فهل تجوز صلاتي؟ (¬1) ج: عليك أن تعيد الوضوء، وتعيد الصلاة إن كانت فريضة؛ لأنك لم تأت بوضوء صحيح؛ لأن الوضوء غير صحيح؛ لأنك صليت بلا وضوء. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (357).

حكم الإخلال بالترتيب بين أعضاء الوضوء نسيانا

65 - حكم الإخلال بالترتيب بين أعضاء الوضوء نسيانا س: الأخت: ز. ع. تقول: إذا توضأ الفرد المسلم، فانتقل إلى غسل عضو، ونسي أن يغسل العضو الذي قبله، مثلا: أن يغسل يديه إلى المرفق، وينسى غسل الوجه فما الحكم؟ هل يعيد الوضوء؟ أم أنه يعود للعضو الذي لم يغسله؟ (¬1) ج: يعود للعضو الذي لم يغسله، ويغسله ثم يغسل ما بعده، يعيد الوضوء كله من أول، إذا ترك الوجه يعود للوجه، ثم يعود يغسل اليدين، ثم يمسح رأسه، ثم يغسل رجليه؛ لأنه لا بد من الترتيب، فإذا نسي وغسل يديه قبل وجهه يعود يغسل وجهه، ثم يغسل يديه. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم (428).

س: ما حكم من نسي شيئا في الوضوء، سواء كان ذلك الشيء فرضا أو كان سنة؟ هل يعيد العضو نفسه، أو يعيد الوضوء كله؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كانت المدة قريبة يعيد العضو وما بعده، أما إذا كان طال الفصل فإنه يعيد الوضوء كله، فلو نسي – مثلا – يده اليسرى عند الوضوء، ثم تنبه بعدما مسح رأسه، أو عند غسل رجليه يعود ويغسل ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (334).

يده اليسرى، ثم يمسح رأسه، ثم يغسل رجليه، أما إن طال الفصل فإنه يعيد الوضوء كله.

حكم خلع طقم الأسنان المركبة أثناء الوضوء

66 - حكم خلع طقم الأسنان المركبة أثناء الوضوء تقول السائلة: لدي طقم أسنان، هل يجزئ وضوء واحد، أم عند كل وضوء لا بد من خلعها، ثم الوضوء؟ (¬1) ج: لا حاجة إلى خلعها، تمضمضي عند الوضوء الأول، وما دامت على الطهارة فإنها تصلي بالطهارة، وإذا أرادت الوضوء مرة أخرى تمضمضت والأسنان في فمها، لا حاجة إلى خلعها. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (236).

حكم تخليل اللحية أثناء الوضوء

67 - حكم تخليل اللحية أثناء الوضوء س: الأخ: م. ع. ع. من شرورة يسأل ويقول: هل وصول الماء إلى بشرة اللحية واجب ضروري، أم يكفي مرور الماء فوق الشعر؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كانت اللحية كثيفة كفى مرور الماء عليها، وإن خللها فهو أفضل، بأن خللها وعركها فهو أفضل، وإلا كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر الماء ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (230).

عليها، وربما خللها بعض الأحيان، عليه الصلاة والسلام، أما إن كانت صغيرة، لا تستر البشرة فإنه يعركها حتى يصل الماء إلى البشرة، إذا كانت صغيرة لا تستر البشرة فإنه يغسل البشرة مع الشعر؛ لأنها حينئذ وجودها كعدمها؛ قليلة، أما الكثيفة التي تستر البشرة لكثافتها فإنه يكفي مرور الماء عليها جميعها، إذا أجرى عليها الماء كفى، وإن خللها فهو أفضل.

س: يقول السائل: بالنسبة للمتوضئ ذي اللحية الكثيفة، هل يشترط أن يصل الماء إلى منابت الشعر؟ (¬1) ج: يكفيه أن يمر الماء عليها، إذا أمر الماء عليها كفى، فقد جاءت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دالة على أن إجراء الماء على اللحية يكفي، وأنه إذا غسل وجهه حتى أجرى الماء على اللحية كفى، ذلك وإن خللها فهذا أفضل، إذا تيسر تخليلها فهو أفضل، فقد فعل النبي هذا وهذا، عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (75).

بيان حدود الوجه في الوضوء

68 - بيان حدود الوجه في الوضوء س: ما تحديد الوجه في الوضوء لمن لا لحية له، ولمن له لحية؟ وذلك بالتفصيل وبيان معنى ذلك؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الوجه هو الذي تحصل به المواجهة، فيغسل ما بين الأذنين، ومن منابت الشعر فوق إلى اللحية أسفل، هذا هو الوجه، يغسل وجهه ومعه اللحية، يجري عليها الماء والخدين ما أقبل من الأذنين، الأذنان من الرأس ليستا من الوجه، لكن ما بينهما كله من الوجه، ومن منابت الشعر فوق وأسفل، كله من الوجه إلى اللحية، واللحية إن خللها بالماء فهو أفضل، وإن أجرى عليها الماء كلها كفى، والحمد لله، ومن لم يكن له لحية فإنه يغسل محل اللحية. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (352).

حكم غسل اليدين من المرفق إلى أعلى الكتف

69 - حكم غسل اليدين من المرفق إلى أعلى الكتف س: هل يجب عند غسل اليد عند الوضوء من المرفق إلى الكف من الأعلى إلى الأسفل، أم أنه يجب التقيد باتجاه معين؟ (¬1) ج: الواجب: غسل اليد من أطراف الأصابع إلى المرفق في الوضوء، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يغسل ذراعيه مع المرفقين حتى يشرع في العضد، يعني: يدخل المرفقين في الغسل سواء بدأ من أعلى، أو من أسفل، المهم أن يجري الماء على اليد من أطراف الأصابع إلى المرفق إلى أول العضد، وهكذا في الرجل، يجري الماء على الرجلين حتى يستدخل الكعبين، يشرع في الساق، فتكون المرفقان والكعبان كلها داخلة في المغسول. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (373).

حكم المسح على المرفق إذا كانت الثياب ضيقة

70 - حكم المسح على المرفق إذا كانت الثياب ضيقة س: سائلة تقول: إنها طالبة في المدرسة، وعندما تريد أن تتوضأ لا يرتفع ثوبها إلى ما فوق المرفق؛ نظرا لضيق الكم، فهل لها أن تمسح؟ (¬1) ج: ليس لها ذلك، وليس لها لبس الضيق، وهذا لا يجوز، بل ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (158).

عليها أن تلبس لباسا يمكن حسره عن مرفقها حتى تغسل المرفق، المرفق من الذراع لا بد منه، لا بد أن تغسل ذراعها مع المرفق، والواجب عليها ترك هذا الضيق، وأن تلبس لباسا تستطيع معه غسل مرافقها. نسأل الله الهداية للجميع.

حكم الاكتفاء بمسح مقدم الرأس في الوضوء

71 - حكم الاكتفاء بمسح مقدم الرأس في الوضوء س: هذه السائلة تقول: سماحة الشيخ، هناك موضوع أود أن استفسر من سماحتكم عنه، وهو أننا كنا نتعلم في المدرسة بأن المسح على الرأس بالنسبة للمرأة في الوضوء سنة، وأنه يكون من الأمام فقط، وأن تاركه لا يأثم، وعلى ذلك فقد كنت نادرا ما أمسح رأسي في الوضوء، وإذا مسحت أمسح من الأمام فقط، وطبعا هذا نتيجة للجهل، ولكن منذ مدة بدأت أقرأ القرآن والكتب الشرعية، وعلمت ما كنت عليه من خطأ، فماذا علي أن أفعل؟ وهل يجب علي الإعادة في صلواتي الفائتة؟ مأجورين (¬1) ج: الواجب عليك التوبة إلى الله من ذلك، والاستقامة على المسح على جميع الرأس من مقدمه إلى أسفله إلى آخره مما يلي ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (400).

الرقبة، هذا الواجب عليك، وعلى الرجل مسح جميع الرأس، من منابته من أعلى إلى منابته من أسفل هذا هو الواجب عليك، وعلى غيرك، وعلى الرجال أيضا، والماضي ليس عليك إعادة، عليك التوبة إلى الله من ذلك، وليس عليك إعادة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الذي أساء في صلاته أن يعيد الوقت الحاضر، ولم يأمره بأن يعيد ما مضى لجهله، فأنت جهلت الأمر الشرعي، فعليك التوبة إلى الله من ذلك، وعليك الاستقامة في المستقبل.

س: السائل: أبو أحمد يقول: هل يكفي مسح بعض الرأس عند الوضوء للصلاة؟ (¬1) ج: الواجب مسحه كله، كان النبي يمسحه كله، عليه الصلاة والسلام، فعلينا أن نتأسى به، عليه الصلاة والسلام، فالواجب مسح الرأس كله مع الأذنين؛ مسح داخلهما وظاهرهما، أما المرأة فلا يلزمها تخليل شعرها، وإنما عليها أن تعمه بالماء، ولا يلزمها النقع، تعمه بالماء والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والأربعون من الشريط رقم (428).

س: السائل: ف. أ، مقيم بالرياض، يقول: كثيرا ما نقرأ أو نسمع القول بأنه لا اجتهاد مع النص، وكثيرا ما نرى الأئمة الفقهاء يختلفون في المسألة الواحدة؛ كاختلافهم بالقدر المسموح من الوضوء – مثلا – عملا بقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} (¬1)، فهل هذا الخلاف يا سماحة الشيخ اجتهاد مع النص، أم يمكن أن نسميه اجتهادا في فهم النص؟ وجهونا في ضوء هذا السؤال (¬2) ج: هذا الاختلاف نشأ عن الاجتهاد في معنى النص؛ هل معناه أنه يكفي مسح بعض الرأس، أو معناه أنه يعم الرأس كله؟ قوله: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} (¬3)، اختلف العلماء في هذا، قال بعضهم: يكفي مسح البعض. وقال آخرون: لا بد من جميعه. والصواب أنه يرجع في تفسير ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه هو المفسر للقرآن بأعماله وأقواله، فلما رجعنا لسنته صلى الله عليه وسلم رأيناه يمسح الرأس كله مع الأذنين، فدل على أن المراد مسح الرأس كله؛ لأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم يفسر المعنى، فالواجب على من يتوضأ أن يمسح الرأس كله مع الأذنين تأسيا بعمل الرسول صلى الله عليه وسلم، وعملا بنص الآية: برؤوسكم، يعني المسح بها ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 6 (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (387). (¬3) سورة المائدة الآية 6

كلها مع الأذنين، وفعل النبي يفسر المراد، ولهذا قال جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (¬1)، فكما أن الوجه يعم، واليد تعم، والرجل تعم فهكذا الرأس يعم، وكان إذا مسح رأسه بدأ بالمقدمة ومر بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه ومسح بأذنيه، هذا يدل على أن هذا المراد بقوله: {وَامْسَحُوا} (¬2)، ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 6 (¬2) سورة المائدة الآية 6

حكم مسح شعر الرأس وعليه زيوت

72 - حكم مسح شعر الرأس وعليه زيوت س: ما حكم استعمال زيت الشعر؟ وهل يمنع وصول الماء أثناء الوضوء؟ وأنا أترك خصلة شعر جانب كل أذن دون وضع الزيت عليها حتى أمسح بالماء، فما الحكم في ذلك؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: يمسح عليه ولا حرج، كان نساء النبي صلى الله عليه وسلم يمسحن على ما يكون في رءوسهن من المشوطات، فلا حرج في ذلك والحمد لله، يمسح عليهما مع الأذنين ويكفي، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (286).

حكم ترك مسح الرأس بسبب المرض

73 - حكم ترك مسح الرأس بسبب المرض س: تقول هذه السائلة بأنها تشتكي من ألم رأسها عند مسحه للوضوء، وأحيانا تقول: أمسح على شيء فوق رأسي بحيث لا يلامس رأسي الماء، هل علي شيء في ذلك والحال ما ذكر؟ (¬1) ج: هذا يختلف: إن كان عليها ضرر بين فلا تمسحه وتتيمم، فإن كان الضرر خفيفا فإنه يلزمها المسح على نفس الشعر، لا تجعل شيئا فوقه وتمسح عليه وإنما تمسح على نفس الشعر، لكن لها أن تتخذ خمارا، يعني تلفه، تتحنك به، وتضبطه، تمسح ليوم وليلة إذا لبسته على طهارة، ثم إذا أتمت اليوم والليلة تخلعه وتتطهر، ثم تلبسه، وهكذا، حتى يدفع عنها بعض الأضرار، الخمار المضبوط تطويه على رأسها وتحت حنكها حتى يثبت، وتلبسه على طهارة، تمسح عليه يوما وليلة مثل الخفين، فإذا أتمت اليوم والليلة نقضته، ثم تطهرت، ثم لبسته لبسا محكما لأجل مضرة الرأس، فإذا تيسر الخمار هذا، ولبسته على طهارة فإنها تمسح على الخمار ليوم وليلة، ثم تنقضه وتتطهر، ثم تعيد لبسه، وهكذا كالخفين لا بأس، وإذا شق عليها هذا، ولم تستطع لبس الخمار فإنها تتيمم إذا كان يضرها الماء، إذا توضأت وغسلت رجليها وتنشفت تضرب التراب بيديها بالنية عن الرأس. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (424).

صفة مسح الرأس

74 - صفة مسح الرأس س: ما هي صفة مسح الرأس؟ (¬1) ج: يمسح رأسه بيديه، يمسح بيديه، يديرهما ويقبل، يبدأ بالمقدمة إلى قفاه ثم يردهما، هذا هو الأفضل، وإن مسح على غير هذه الصفة؛ بأن مسح بيده اليمنى أو بيده اليسرى وعمم، أو بيديه من وسط الرأس وعمم كله لا يضر، يكفي، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (147).

صفة مسح المرأة لرأسها

75 - صفة مسح المرأة لرأسها س: تسأل المستمعة: ف. من مصر، وتقول: هل مسح الرأس في الصلاة يكون مرة واحدة؟ وماذا تفعل المرأة؟ هل تمسح جميع الرأس؟ وماذا تفعل إذا كان الشعر طويلا؟ (¬1) ج: مسح الرأس فرض من فروض الوضوء على الرجل والمرأة، تمسح رأسها كما يمسح الرجل رأسه، والمقصود منابت الشعر من مقدمه إلى مؤخره، أما الذوائب لا حاجة إلى مسحها، لكن تمسح من مقدمه إلى مؤخره على منابت الشعر، وأما الذوائب النازلة عن ذلك فلا يجب مسحها، وإذا كان عليها ضمادات؛ من حناء أو غيره ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (388).

فلا يضر، قالت عائشة: «كنا نمسح على الضمادات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم (¬1)» فإذا مسحت على ما في رأسها من ضماد؛ من حناء أو غيره فلا بأس. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب: الطهارة، باب: في المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل، برقم (254).

حكم مسح الأذنين حال الوضوء

76 - حكم مسح الأذنين حال الوضوء س: سائلة تقول: ما حكم المسح على الأذنين حال الوضوء؟ هل هو سنة؟ (¬1) ج: لا بد منه، فهو فرض مع مسح الرأس، لأنه جزء من مسح الرأس، الرسول كان يمسح رأسه وأذنيه، فمسحهما مع الرأس أمر مفترض. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (365).

س: ما حكم مسح الأذنين حال الوضوء؟ (¬1) ج: يجب مسح الأذنين؛ لأنهما من الرأس، جزء من الرأس، والرأس يجب تعميمه، الرأس كله من أوله إلى آخره مع الأذنين، يدخل إصبعيه في الصماخين، ويمسح بإبهاميه ظاهر أذنيه، وهذا هو الواجب عليه في كل وضوء. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (362).

حكم غسل الأذن حال الوضوء

77 - حكم غسل الأذن حال الوضوء س: يسأل عن غسل الأذن بالذات والفم والأنف، هل هو واجب؟ ولا سيما أن الأذن قد تتضرر بالغسل، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الأذن لا تغسل، وإنما تمسح بالأصبع بالوضوء، لا تغسل لا بالوضوء، ولا بالغسل، إنما يمسح ظاهرها، وصماخها بالإصبع، والحمد لله، يمسحها ويكفي، ولا يخاطر. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (352).

س: تقول السائلة: عند القيام بفرض الوضوء هل واجب على المرأة مسح جميع الرأس، أم يكفي الناصية؟ (¬1) ج: المرأة مثل الرجل، تمسح جميع الرأس من مقدم الرأس إلى مؤخره، مؤخر الرأس المنبت، أما ما نزل من الضفائر فلا يمسح، ما يجب مسحه، لكن تمسح المرأة – كالرجل – منبت الشعر من مقدم الرأس إلى آخر الرأس، والرقبة وما بعدها، الضفائر لا تمسح، إنما هو منبت الشعر من مقدم الرأس إلى مؤخر الرأس، تمسح عليه، ويمسح الرجل كذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (242).

حكم مسح الرأس وعليه لصوقات

78 - حكم مسح الرأس وعليه لصوقات س: سائلة تقول: إذا وضعت الحنا على الرأس هل يمنع وصول ماء الوضوء إلى فروة الرأس؟ وهل اكتفي بالمسح عليها أثناء الوضوء فقط؟ (¬1) ج: الصواب أنه يكفي إذا كان على الرأس لصوقات من حنا وغيرها، يمسح عليها، يكفي والحمد لله، كما قالت عائشة رضي الله عنها، أخبرت أنهم يضعون اللصوقات على رءوسهم، ويمسحون عليها، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (372).

س: هل الزيوت التي تضعها المرأة على رأسها تمنع وصول الماء إلى الرأس، بحيث يكون الوضوء والغسل باطلا؟ (¬1) ج: لا، لا يمنع الزيت الذي يكون في الرأس وأشباهه، لا يمنع كالحناء أو نحوه. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (226).

حكم تخليل المرأة شعرها أثناء الوضوء

79 - حكم تخليل المرأة شعرها أثناء الوضوء س: هل يجب على المرأة أن تخلل شعرها أثناء الوضوء؟ (¬1) ج: ليس عليها أن تخلل الشعر، بل تمر الماء على شعرها ويكفي، «سألت أم سلمة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني امرأة أشد شعر رأسي، أفأنقضه لغسل الجنابة والحيض؟ فقال عليه الصلاة والسلام: إنما يكفيك أن تحثي ثلاث حثيات، ثم تغتسلي فتطهري (¬2)» أي: في غسل الجنابة والحيض تحثي المرأة على شعرها ثلاث مرات، وفي الوضوء تمر يديها عليه بالمسح، ويكفي ولا حاجة إلى النقض؛ لا في الغسل، ولا في الوضوء، لكن في الغسل تحثي عليه ثلاث حثيات؛ ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (321). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب: الطهارة، باب: في المرأة تستحاض، برقم (280)، والنسائي في كتاب: الطهارة، ذكر الأقراء، برقم (211).

لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ويكفي، وفي الوضوء تمسح؛ تمر يديها عليه على ظاهر الرأس ويكفي، وتمسح أذنيها أيضا؛ بأن تجعل إصبعيها السبابتين في أذنيها الصماخين، وتمسح بإبهاميها عليهما؛ ظاهر الأذنين ويكفي، والحمد لله.

س: إذا كان على شكل ضفائر هل يلزمها أن تفك تلك الضفائر؟ (¬1) ج: لا، ليس عليها إلا حدود أسفل الرأس ومنابت الرأس، أما أطوال الضفائر؛ فلا تمسح عليها، إلا في الغسل، تمرر الماء عليه كله، أما في الوضوء فتمسح منابت الشعر إلى أسفل الرأس في المنابت وإذا طال الشعر فوق ذلك فلا يضر، لكن في الغسل لا يجب عليها فك الضفائر، لا تفكها، ولكن تعمه، أي تسيل عليه الماء كله. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (321).

حكم المسح على الشعر الطويل وعليه مشابك

80 - حكم المسح على الشعر الطويل وعليه مشابك؟ س: تقول إحدى الأخوات: شعرها طويل، تقوم بلفه حول رأسها بحيث يكون كالطاقية، ثم تشبكه بالمشابك الخاصة بالشعر، فهل يصح المسح عليه وهو على هذه الحالة عند الوضوء؟ (¬1) ج: عليها أن تنقضه حتى تمسح الرأس الذي هو المنابت من أوله إلى منتهاه، أما أطراف الشعر الطويل فلا يلزمها مسحها، لكن تزيل هذا الذي على الجمة، حتى تمسح الجمة من منابت الشعر من مقدم الرأس إلى نهاية منابت الشعر مما يلي مؤخر الرأس، أما الجدايل التي تنزل عند ذلك لا يلزمها في الوضوء مسحها، لكن يجب إجراء الماء عليها في الغسل من الجنابة والحيض، أما في الوضوء يكفي المسح من منابت الشعر وإزالة هذا المجموع على الرأس. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (337).

س: هل ينبغي إخراج ما يكون في الرأس من دبابيس الشعر عند المسح عليه حال الوضوء؟ (¬1) ج: لا حرج أن تمسحي عليه وفيه الدبابيس، مثل ما يمسح على ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (339).

الملصقات على الرأس؛ من حناء وغيره، هذه أمور قد يشق نزعها، وإن نزعتها فلا بأس، لكن قد يشق نزعها، دبابيس أو حناء أو أشياء عادية تمسح عليها، والحمد لله.

حكم المسح على الرقبة

81 - حكم المسح على الرقبة س: تسأل الأخت أ. أ. هل مسح الرقبة في الوضوء غير مستحب؛ لأنه تشبه باليهود كما سمعت؟ (¬1) ج: نعم، لا يستحب ولا يشرع، المسح يكون للرأس فقط من منابت الشعر إلى منتهى الشعر، تمسح المرأة والرجل، أما الرقبة فليست محل المسح. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (80).

س: يقول السائل: هل الرقبة من أعضاء الوضوء؟ (¬1) ج: الرقبة ليست من أعضاء الوضوء، وإنما المسح ينتهي بآخر الرأس، يبدأ بمقدمته إلى قفاه؛ آخر منابت الشعر، هكذا كان النبي يفعل، عليه الصلاة والسلام، كان صلى الله عليه وسلم إذا مسح رأسه بدأ بمقدمته إلى قفاه بيديه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه، هذا هو أفضل المسح، وحيثما مسح أجزأ، لو بدأ بمؤخره أو بوسطه، وعمم المسح أجزأه ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (242).

ذلك، لكن كونه يبدأ بالمقدم، ثم يمر يديه إلى قفاه إلى آخر منابت الشعر، ثم يعيدهما للمكان الذي بدأ منه هذا هو السنة التي فعلها المصطفى عليه الصلاة والسلام، أما الرقبة فليست محلا للمسح، وليست من أعضاء الوضوء، وجانبا الرأس يمسحان مع أعلى الرأس والمقدمة، يمسح الجميع.

س: ما حكم مسح الرقبة في الوضوء؟ (¬1) ج: غير مشروع، المشروع الرأس فقط، يمسح رأسه مع الأذنين، أما الرقبة فلا تمسح. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (378).

بيان ما يكفي من غسل الرجلين في الوضوء

82 - بيان ما يكفي من غسل الرجلين في الوضوء س: يقول السائل: سمعت بأن الشخص المسلم إذا لم يغسل رجليه إلى الكعبين ثلاث مرات فإن ذلك محرم، فما مدى صحة ذلك؟ وحيث إني أقوم بغسل رجلي تحت بزبوز الماء دون عدد الغسل فهل أكون آثما؟ (¬1) ج: هذا قول على الله بغير علم، وهو غلط، الواجب غسل الرجل مرة واحدة، والثلاث أفضل، النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة، توضأ مرتين ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (234).

مرتين، وتوضأ ثلاثا ثلاثا، عليه الصلاة والسلام، فإن توضأ مرة غسل وجهه مرة، وتمضمض مرة، واستنشق مرة، وغسل يديه مرة، ومسح رأسه مرة، وغسل رجليه مرة، كفى إذا عمم الغسل، إذا عمم العضو، إذا أجرى عليه الماء مرة واحدة كفى، يتمضمض ويستنشق مرة واحدة، يصب الماء على وجهه مرة واحدة، يعمه بالماء يكفي، وهكذا يداه اليمنى واليسرى يعمهما بالماء مرة واحدة، يكفي وهكذا رأسه، يمسح رأسه وأذنيه مرة واحدة يكفي، ويغسل قدمه اليمنى مرة واحدة، واليسرى كذلك يكفي، لكن إذا كرر ثلاثا فهو أفضل وأكمل، والثنتان أكمل من الواحدة، ومعنى غسله يعني: يعمه بالماء ولو بغرفة، ولو بثلاث غرفات، ولو تحت الكباس (البزبوز)، يعمه بالماء، هذه مرة، فإذا أعاد تعميمه بالماء هذه ثانية، فإذا أعاد رجله تحت البزبوز هذه ثالثة، ولكن ليس بشرط الثلاث، يكفي مرة واحدة إذا عمه بالماء تحت البزبوز، مرة واحدة كفى، أو بالماء الذي يأخذه من الإناء يغرف من الإناء، ويصب على أعضائه، يكفي مرة واحدة، وقول من قال: لا بد من ثلاث. خطأ، الصواب: يكفي مرة واحدة إذا عم العضو بالماء، سواء عمه بغسلة أو بغسلتين أو بأكثر، لا بد يعمه بالماء، الوجه واليدين والرجلين، أما الرأس السنة واحدة مطلقا، السنة ألا يمسح إلا مرة واحدة مطلقا مع الأذنين، أما الأعضاء الثلاث: الوجه واليدين والرجلين فالسنة تعميمها بالماء ثلاث مرات، فإن اقتصر على مرتين أو واحدة كفى، والحمد لله.

معنى إسباغ الوضوء

83 - معنى إسباغ الوضوء س: ما معنى إسباغ الضوء وإطالة الغرة؟ (¬1) ج: معنى إسباغ الوضوء: إتمامه وإكماله على كل عضو بإبلاغ الماء بسيل الماء عليه، فإسباغ الوضوء في الوجه: أن يعمه بالماء ولو مرة واحدة، بل إن عمه ثلاثا فهو أفضل، وإسباغ الماء في اليدين أن يعم اليدين بالماء؛ من أطراف الأصابع إلى المرافق، مع غسل طرف العضد، حتى يدخل المرفق، والواجب مرة فقط، فإن كرر ذلك مرتين فهو أفضل، وإن كرر ذلك ثلاثا فهو أفضل وأكمل، وإن دلك فلا بأس، الدلك أفضل، ولكن لا يلزم الدلك، يكفي إمرار الماء، والواجب الغسل، والرأس يمسحه مرة واحدة، يمسح رأسه مرة واحدة مع الأذن، يبدأ بالمقدمة إلى قفاه، ثم يعيد يديه إلى المقدمة، ويدخل أصابعه السبابتين في أذنيه، ويمسح بإبهاميه ظاهر أذنيه، هذا هو السنة، ولا حاجة إلى التكرار، أما القدمان فيغسلهما ثلاثا، هذا هو الأفضل، ثلاثا ثلاثا، كل قدم ثلاثا، يعم الماء القدم كله من الكعبين إلى أطراف الأصابع، فإذا عمه بالماء فهذا إسباغ، وإن كرره مرتين فهو أفضل، وإن كرره ثلاثا فهو أكمل وأفضل، ولا يزيد على ثلاث، وإن دلك فهو أفضل وأكمل، وليس بواجب. أما إطالة الغرة فمعناها: الاستكمال للوجه، أما أن يزيد على ذلك ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (257).

فلا، وهو من إدراج أبي هريرة، المعروف أنه موقوف على أبي هريرة، وهكذا التحجيل، السنة أن لا يطيل، بل يقتصر على المرافق والكعبين، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ، فلما غسل يديه أشرع في العضد – يعني أدخل المرافق – ولما غسل رجليه أشرع في الساق، يعني أدخل الكعبين، هذا هو السنة. وكان أبو هريرة يطيل في التحجيل إلى الآباط في اليدين، وإلى حول الركبتين في الرجلين، وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه، والسنة خلاف ذلك، السنة هو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فقوله في الحديث: «من استطاع منكم أن يطيل غرته وتحجيله فليفعل (¬1)» الصواب أنه مدرج من كلام أبي هريرة، وليس من نفس المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الغرة ما يمكن إطالتها؛ الغرة محدودة من منابت الشعر من فوق وفي الذقن من الأسفل، والأذنان من الرأس، هذا غسل الوجه، فكونه يغسل شيئا من الرأس فغير مشروع، بل يمسح، وهكذا الرجلان واليدان، السنة أن يغسل المرافق والكعبين، أما أن يغسل العضد كله أو الساق فلا، غير مشروع هذا، لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، وفعله هو القدوة، عليه الصلاة والسلام، وإنما ما فعله أبو هريرة اجتهاد منه رضي الله عنه، والصواب أن هذا موقوف عليه. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب فضل الوضوء، برقم (136)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء، برقم (246).

حكم النطق بالشهادتين في الحمام بعد الوضوء

84 - حكم النطق بالشهادتين في الحمام بعد الوضوء س: ما حكم نطق الشهادة أثناء الوضوء في داخل دورة المياه؟ (¬1) ج: السنة إذا فرغ من الوضوء أن يتشهد خارج الحمام؛ لأنه ليس هناك ضرورة إلى أن يتشهد داخل الحمام، بل إذا فرغ يخرج ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، ويكره أن يقول هذا في الداخل، أما عند بدء الوضوء فيسمي ولو في الداخل: بسم الله. ثم يتوضأ؛ لأنه محتاج إلى التسمية، وقد أوجبها جمع من أهل العلم، فلا يدعها، والكراهة تزول عند الحاجة. أما الشهادة فليس هناك حاجة إلى أن يأتي بها في الحمام، يخرج ثم يأتي بالشهادة بعد ذلك، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (162).

حكم الدعاء أثناء الوضوء

85 - حكم الدعاء أثناء الوضوء س: خ. س. من سوريا. هل الدعاء أثناء الوضوء صحيح ومفروض، مثل: اللهم اسقنا من ماء الكوثر، اللهم أنشقنا رائحة الجنة، إلى آخره؟ وماذا يقول أثناء الوضوء؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الوضوء ليس له دعاء مشروع، وإنما المشروع أن يسمي الله في أوله، ثم يتشهد في آخره، في أوله يقول: بسم الله. عند غسل كفيه، عند أول الوضوء، وإذا فرغ يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، استغفرك اللهم وأتوب إليك. أما في أثناء غسل الوجه واليدين فليس منه دعاء مشروع، ولكن لو دعا وهو يتوضأ: اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني فقال: اللهم أجرني من النار، لكن ليس فيه شيء مشروع في أثناء الوضوء. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (325).

حكم التلفظ بالشهادة

86 - حكم التلفظ بالشهادة عند غسل الوجه في الوضوء س: هل يشترط ذكر: لا إله إلا الله عند غسل الوجوه وعند الوضوء، أم أنه لا يلزم ذلك؟ (¬1) ج: ليس هذا مشروعا، لا أصل له، لكن يسمي عند البداءة بالوضوء، يقول: بسم الله. عندما يتوضأ، وبعد الفراغ يقول: «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين (¬2)» هذا سنة، وفي الحديث الآخر يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، استغفرك اللهم وأتوب إليك (¬3)» بعد الوضوء أيضا مثل ذكره إذا قام من المجلس: «سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك اللهم وأتوب إليك (¬4)». كل هذا مستحب بعد الوضوء، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ الوضوء – أو قال: يسبغ الوضوء – ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (228). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما يقال بعد الوضوء، برقم (55). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما يقول إذا قام من مجلسه، برقم (3433) في كفارة القيام من المجلس. (¬4) سنن النسائي السهو (1344).

إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء (¬1)» رواه مسلم في صحيحه، زاد الإمام الترمذي رحمه الله في هذا الحديث في آخره: «اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين (¬2)» وهذه الزيادة صحيحة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء، برقم (234). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما يقال بعد الوضوء، برقم (55).

الأفضل ترك تنشيف أعضاء الوضوء حتى يكمل

87 - الأفضل ترك تنشيف أعضاء الوضوء حتى يكمل س: هل يجوز تنشيف عضو قبل غسل العضو الذي قبله في الوضوء؟ (¬1) ج: الأفضل ترك ذلك حتى يكمل، حتى يحصل التوالي كاملا. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (350).

س: يقول السائل: هل تجفيف الماء بعد الوضوء جائز؟ (¬1) ج: لا بأس، ولا حرج في ذلك، تجفيف الأعضاء من الماء لا حرج، ولا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (242).

حكم من صلى الصلوات الخمس بوضوء واحد

88 - حكم من صلى الصلوات الخمس بوضوء واحد س: ما حكم من صلى الصلوات الخمس بوضوء واحد؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فلا حرج على من صلى الصلوات الخمس بوضوء واحد؛ لأن المقصود أن يؤديها على طهارة، فإذا كان على طهارة فلا حرج، فلو صلى الفجر بالطهارة وبقي على طهارته الظهر والعصر والمغرب والعشاء صح، صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «صلى الصلوات الخمس يوم الفتح بوضوء واحد، فسأل عمر عن ذلك، فقال: عمدا فعلته (¬2)» – اللهم صل عليه وسلم – يعني فعل ذلك للتعليم؛ لتعليم الناس. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (358). (¬2) أخرجه أحمد في المسند، حديث بريدة الأسلمي، برقم (23029).

هل الغسل يكفي عن الوضوء

89 - هل الغسل يكفي عن الوضوء س: المستمع غ. يقول: إنني أعمل في مزرعة، وإذا ما صادف أن اغتسلت في مصب مكينة، أو في بركة المكينة، أو اغتسلت في الدش هل يجزئ ذلكم عن الوضوء؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا رتبت أعضاءك لما انغمست في الماء؛ أخرجت وجهك ناويا بذلك الوضوء، ثم أخرجت ذراعك الأيمن ثم الأيسر ناويا الوضوء، ثم أخرجت رأسك ناويا الوضوء، ثم أخرجت رجليك ناويا الوضوء فأنت على نيتك بالترتيب، وإلا فإنه لا يجزئك، إلا إذا كان عن غسل الجنابة ونويت الغسل من الحدثين؛ نويت غسل الجنابة ونويت الوضوء، يكون الوضوء داخلا بهذا الغسل على الصحيح دخل الأصغر في الأكبر. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (338).

الوضوء بالماء المالح

90 - الوضوء بالماء المالح س: ما حكم الوضوء بالماء المالح؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك، النبي صلى الله عليه وسلم قال في البحر: «هو الطهور ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (216).

ماؤه، الحل ميتته (¬1)» ماء البحر مالح، فلا حرج في الوضوء بالماء المالح، والغسل منه من الجنابة، فلا حرج في ذلك والحمد لله، وكذلك الآبار المالحة، أو ليست حلوة لا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور، برقم (69)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء بماء البحر، برقم (83)، والنسائي في كتاب المياه، باب الوضوء بماء البحر، برقم (332).

حكم الوضوء من ماء غير صالح للشرب

91 - حكم الوضوء من ماء غير صالح للشرب س: أقيم في إحدى القرى، والماء المستخدم للغسل والوضوء ليس صالحا للشرب، بل إنما الذي يصلح للشرب نشتريه شراء، فهل يجوز الوضوء من ذلك الماء إذا كان غير صالح للشرب؟ (¬1) ج: كل ماء يجوز منه الوضوء والغسل فهو صالح للشرب، وما المانع إذا كان طهورا صالحا للغسل والوضوء من ماء الأمطار، أو ماء الأنهار، أو ماء العيون، أو ماء الآبار، فكما يصلح للوضوء والغسل لا مانع من الشرب إلا إذا كان ماء مالحا، مثل ماء البحار، أو فيه مرارة على الإنسان، إن استطاع أن يجعل فيه ماء يحليه ويزينه ويشرب منه ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (319).

فالحمد لله، وإن كان لا يستطيع فلا بأس، المقصود أنه ما صلح للوضوء والغسل جاز للشرب، إن كان به علة من مرارة أو ملوحة يمكن تحليته بشيء من المعدلات من التحلية، والحشرات إذا كانت فيه لا تنجسه فلا تضره، وإذا كانت تضر الإنسان يتركه. الرسول أمر بغمس الذباب والشرب إذا وقع في الماء واللبن، يغمسه لا بأس.

س: بعض المياه الراكدة تكثر فيها الديدان (¬1) ج: المقصود إذا كان الماء يضره لا يشرب منه، أما إذا كان لا يضره لكن فيه مرارة أو ملوحة فإنهم يزيلون ما فيه، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (319).

حكم الوضوء بماء مختلط بصدأ الأنانبيب

92 - حكم الوضوء بماء مختلط بصدأ الأنانبيب س: السائلة: ع. ف. تقول: سماحة الشيخ، عندما نريد أن نتوضأ من أحد المساجد، وعندما نقوم بفتح الماء يخرج لنا مياه مختلطة بالصدإ بفعل الأنابيب، أو أنابيب المياه، هل نتوضأ من هذه المياه المصدية، أم نقوم بصرف الماء بكثرة حتى يخرج لنا ماء صاف (¬1) ج: الغسل بالماء المتغير بالصدإ لا يضر، يغتسل به ويتوضأ منه ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (397).

ولا يضره الصدأ والحمد لله، وهكذا إذا تغير بالتراب، أو بأوراق الشجر لا يضر ذلك.

حكم الوضوء من ماء الآبار المتغير بالملوحة أو المرارة

93 - حكم الوضوء من ماء الآبار المتغير بالملوحة أو المرارة س: الأخ: أ. ن. أ. من جمهورية مصر العربية، يعمل في دولة العراق، يقول: إنني أعمل سائقا، وعملي دائما في الصحراء، وحيث إنه يأتي علي وقت الظهر والعصر ولا يوجد ماء إلا ماء الآبار، وحيث إن ماء الآبار يتغير طعمه؛ إما يكون مالحا أو مرا، هل يجوز الوضوء منه، أم أن لي التيمم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: يلزمك الوضوء من ماء الآبار إذا قدرت على ذلك، سواء كان حلوا، أو مرا، أو مالحا، حتى ماء البحر يجب عليك الوضوء منه إذا كنت في البحر، وليس لك التيمم وأنت تجد الماء؛ لأن الله سبحانه يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (¬2)، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «جعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء (¬3)» فلو وجد الماء ولو مالحا، ولو ماء البحر وجب عليه الوضوء. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (176). (¬2) سورة المائدة الآية 6 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد، ومواضع الصلاة، برقم (522).

حكم التيمم للمرأة التي لا تجد مكانا ساترا للوضوء

94 - حكم التيمم للمرأة التي لا تجد مكانا ساترا للوضوء س: امرأة تريد الوضوء، ولكنها لم تجد مكانا مستورا عن الرجال الأجانب، فهل يجوز لها التيمم في هذه الحالة (¬1) ج: هذا محل نظر، والغالب أنها بإمكانها أن تجد مكانا في بيتها، أو في بيت إخوانها في الله، ولا ينبغي لها التساهل في هذا الأمر، وأنه يجب أن تسعى في وجود محل الوضوء، أو قضاء الحاجة في بيت إخوانها، أو في بيت غيرها من المسلمين، أو في بيت أهلها، ولو تأخرت إلى آخر الوقت ولم تصل في أول الوقت عليها أن تجتهد في وجود المكان الذي يمكنها أن تتوضأ فيه، وأنه غالبا أنها تجد. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (337).

حكم التيمم لمن لا يستطيع الوضوء بسبب برودة الماء

95 - حكم التيمم لمن لا يستطيع الوضوء بسبب برودة الماء س: أنا طالب في الإعدادية، ساكن في القسم الداخلي، نهضت في الصباح لكي أؤدي صلاة الصبح، وكان الجو باردا جدا، وليس لدي أي وسيلة لتسخين الماء، وتمسحت دون أن أغسل رجلي بالماء، فهل هذه الصلاة مقبولة أم تنصحوني بقضائها؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل: إن كنت تستطيع أن تجد ماء دافئا، أو ماء لا خطر فيه، أو تسخينه من جيرانك، أو بالشراء من جيرانك، أو من غير الجيران بالشراء فالواجب عليك أن تعمل ذلك؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، فعليك أن تعمل ما تستطيع من الشراء، أو التسخين، أو غير هذا من طرق التمكن من الوضوء الشرعي بالماء، فإن عجزت وكان البرد شديدا عليك فيه خطر ولا حيلة لك في تسخينه، ولا في شراء شيء من الماء الساخن ممن حولك فأنت معذور بهذا، إذا كان عليك خطر تعتقده من ذلك في صحتك بالموت، أو المرض فأنت معذور وليس عليك قضاء، وعليك التيمم بالتراب، لا تتوضأ بالماء عليك التيمم بالتراب، تضرب بيدك التراب، وتمسح وجهك وكفيك، ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (58). (¬2) سورة التغابن الآية 16

ويكفيك عن الماء عند العجز عن استعماله؛ بسبب برودته وشدة البرد، وعدم وجود ما يدفئك أو يدفئ الماء، وعليك في هذا العناية والحرص وخوف الله ومراقبته.

حكم الوضوء بالماء الساخن

96 - حكم الوضوء بالماء الساخن س: في الشتاء كنت دائما استعمل الماء الساخن في الوضوء، فقال لي صديق: إن هذا ليس من السنة. فما هو تعليق سماحتكم؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك، كونه يستعمل الماء الدافئ حتى يتمكن من الكمال والتمام في وضوئه والإسباغ، وهذا الذي قال لك ليس عنده علم، ليس عنده بصيرة، أما حديث: «ألا أخبركم بما يرفع الله به الدرجات، ويحط به الخطايا: إسباغ الوضوء على المكاره (¬2)» هذا عند الحاجة إليه عند الحاجة إلى البارد وعدم وجود الدافئ، لا بأس الحمد لله، أما إذا تيسر الماء الدافئ فهو أولى؛ لأنه بلغ في الوضوء وأكمل. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (119). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب فضل إسباغ الوضوء على المكاره، برقم (251).

س: هل يجوز الوضوء بالماء الدافئ، وخاصة في أيام البرد القارص؟ (¬1) ج: نعم، هو الأفضل، أفضل بالماء الدافئ؛ لأنه أبلغ في الإسباغ، لكن إذا احتاج الماء البارد وصبر عليه له فضل عظيم؛ لما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ألا أدلكم على ما يرفع الله به الدرجات، ويغفر به الخطايا؟، قالوا: بلى يا رسول الله قال: إسباغ الوضوء على المكاره (¬2)» –وفي لفظ قال: «في السبرات – يعني في البرد – وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط (¬3)» أخرجه مسلم في صحيحه، فإسباغ الوضوء في المكاره في حالة شدة البرد عند الحاجة إليه هذا يدل على قوة الإيمان، ويكون الأجر أعظم، لكن إذا تيسر له الماء الدافئ يكون أفضل؛ لأن هذا الماء الدافئ أعون له على الإسباغ، وإكمال الوضوء كما شرعه الله سبحانه وتعالى، وأبلغ أيضا في إزالة الأوساخ والنظافة. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (354). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب فضل إسباغ الوضوء على المكاره، برقم (251). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب فضل إسباغ الوضوء على المكاره، برقم (251).

كيفية وضوء من لا تستطيع الحركة بالشلل

97 - كيفية وضوء من لا تستطيع الحركة بالشلل س: تقول السائلة: رأيت امرأة كبيرة في السن، لا تستطيع القيام من فراشها أو الحركة، وهي مصابة بالشلل، سألت نفسي: كيف تتوضأ هذه؟ وكيف تصلي؟ أردت أن أسأل سماحتكم، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: عليها أن تتقي الله ما استطاعت، تتوضأ كما أمر الله، يقرب لها الماء وتتوضأ إذا كانت يداها صالحتين، أو يوضئها غيرها كأبيها أو أخيها، أو أختها أو زوجها؛ لأن الله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، أما الاستجمار فينبغي إذا كانت تستطيع بيدها أن تستعمل الحجر، أو اللبن، أو المناديل حتى تنظف القبل والدبر من أثر الغائط والبول ثلاث مرات، أو أكثر حتى يتنقى المحل من الأذى، ويكفي ذلك عن الماء، فإذا استطاعت أن تفعل هذا بيدها، يعني تطهر محل الغائط بالمناديل، حتى تنقي المحل من أثر الغائط ثلاث مرات فأكثر لا يقل عن ثلاث، وهكذا المسح للقبل ثلاث فأكثر، حتى يتنقى المحل من أثر البول، وهكذا الذكر الرجل، ولو أنه صحيح، ولو أنه سليم، ولو أنها سليمة، المرأة إذا فعلت هذا يكفي عن الماء، وأما ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (191). (¬2) سورة التغابن الآية 16

الوجه واليدان والرأس والرجلان لا بد من وضوء إن استطاعت بنفسها، وإلا وضأها غيرها من زوج، أو خادم، أو أم، أو أخت، أو نحو ذلك، فإن لم يتيسر لها أحد يوضئها تيممت إن استطاعت؛ تضرب التراب بيديها، وتمسح بهما وجهها وكفيها بنية الطهارة، فإن لم تستطع يممها غيرها أيضا، تأذن لغيرها ويقوم مقامها، يضرب التراب بيديه ويمسح بهما وجهها وكفيها بالنية عنها، إذا لم يتيسر من يوضئها فالحاصل أنها تتقي الله ما استطاعت في الوضوء، والتيمم بنفسها أو بمن يقوم مقامها إن عجزت، وأما الاستنجاء فيكفي بالحجارة، باللبن، أو المناديل، وليس من اللازم أن تستعمل الماء، فإذا استجمر الإنسان بالحجارة، أو باللبن، أو بالمناديل ثلاث مرات، أو أكثر حتي ينقي المحل كفى ذلك، ولو كان صحيحا فالمريض من باب أولى.

حكم وضوء من قطع بعض أعضاء الوضوء منه

98 - حكم وضوء من قطع بعض أعضاء الوضوء منه س: رجل رجله مقطوعة من الساق، كيف يكون وضوؤه؟ هل يتيمم أم يتوضأ؟ جزاكم الله خيرا ج: يغسل أعضاءه الباقية: الوجه واليدين والرجل الباقية، مع مسح الرأس قبل غسل الرجل، أما المقطوعة فلا يلزمه شيء عنها، مادمت

مقطوعة فوق الكعب، المقطوع، ليس عليه إلا أن يغسل وجهه، ويديه مع المرفقين ثم يمسح رأسه وأذنيه، ثم يغسل رجله الباقية والحمد لله.

كيفية وضوء المعاق وصلاته

99 - كيفية وضوء المعاق وصلاته س: يسأل الأخ، من المملكة الأردنية الهاشمية، ويقول: إذا كنت معاقا إعاقة شديدة، ولا أستطيع الحركة كيف لي أن أتوضأ أو أصلي؟ (¬1) ج: عليك أن تصلي وتتوضأ بالإعانة، تكلف غيرك كزوجتك وولدك، أو شخصا آخر بالأجرة يوضئك، يغسل وجهك ويديك. . . إلخ، ويجمرك بالمناديل عن الأذى، والحمد لله، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، هذا تأمره أن يزيل الأذى من الدبر والقبل بالجمار، بالحصى، بالمدر، بالمناديل ثلاث مرات فأكثر، حتى يزيل الأذى، ثم يمضمضك وينشقك، ويغسل وجهك ويديك، ويمسح رأسك وأذنيك، ويغسل رجليك، فإن كان يشق عليك الماء يممك، يمسح وجهك بالتراب، ويدك بالتراب بالنية عنك، أنت تنوي وهو يعمل، والنية منك والعمل منه، هذا هو الواجب عليك، وتصلي على حسب حالك، تكبر ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (183). (¬2) سورة التغابن الآية 16

بالنية أنك دخلت في الصلاة، وتركع بالنية إذا كنت تستطيع الركوع، تحني رأسك وأنت واقف، وإن كنت لا تستطيع القيام ولا الحركة لا رأسك ولا غيره، تنوي نية، تكبر وتقرأ، ثم تكبر وتنوي الركوع، وتقول: سبحان ربي العظيم. ثم تقول: سمع الله لمن حمده. إذا كنت وحدك ناويا الرفع، ثم تكبر ناويا السجود، تقول: سبحان ربي الأعلى. ثم ترفع ناويا الجلوس بين السجدتين، وتقول: رب اغفر لي. ثم تكبر ناويا السجود وتقول: سبحان ربي الأعلى. وهكذا، تكبر بالنية والقول؛ لقوله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1)، إذا لم يجد من يعينه فإنه يصلي على حسب حاله، يصلي بالتيمم إن قدر، وإن لم يقدر بالتيمم ولا يستطيع الحركة صلى على حسب حاله، ولا يضيع الصلاة، ولا يدعها حتى يخرج الوقت، يصلي في الوقت ولا يعيد: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، ويقول تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬3)، وقد صلى الصحابة بغير وضوء ولا تيمم لما بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم يلتمسون عقد عائشة، لم يجدوا ماء، ولم يشرع التيمم، فصلوا بغير ماء ولا تيمم، ولم يأمرهم النبي بالإعادة؛ لأن هذه قدرتهم قبل مشروعية التيمم، وليس عندهم ماء. ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16 (¬2) سورة التغابن الآية 16 (¬3) سورة البقرة الآية 286

حكم التيمم بغير عذر مع وجود الماء

100 - حكم التيمم بغير عذر مع وجود الماء س: السائل: ل. ع. ل. من السودان، يقول: نرى البعض من الناس يصلون بدون وضوء نهائيا، وأحيانا لا يتمون التيمم مع توفر الماء، وعند مناقشتهم يحتج هؤلاء بأنهم يعيشون في الصحراء، والماء قليل، مع أن مصادر جلب الماء موجودة، والماء متوفر. والسؤال: هل الصلاة بمثل هذه الحالة صحيحة؟ (¬1) ج: الواجب على كل مسلم أن يتوضأ للصلاة عند وجود الماء، أو القدرة على استعماله، فإن عجز لبعد الماء وعدم وجوده، أو لمرض يمنعه من ذلك وجب عليه التيمم بالتراب، يضرب الأرض بيديه، ويمسح وجهه وكفيه، هذا هو الواجب، فمن صلى بدون وضوء ولا تيمم فصلاته باطلة، لا بد من أحد الأمرين، الوضوء عند القدرة، وعند وجود الماء والقدرة على استعماله، وإذا كان قريبا أمكن نقله يذهب ويتوضأ، أو ينقل الماء في سيارته، أو على دابته يقدر يشرب ويتوضأ، أما من عجز عن الماء لمرض يضره الماء، أو لعدم وجود الماء ليس معه إلا ماء قليل لشأن حاجته، لأكله وشربه فإنه يتيمم والحمد لله؛ لأن الله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (¬2)، ويقول صلى الله عليه وسلم: ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (396). (¬2) سورة المائدة الآية 6

«الصعيد وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين (¬1)» يتيمم في الأرض التي هو فيها، يضرب التراب بيديه، ويمسح وجهه وكفيه، هذا هو الواجب على كل مسلم، ومن عجز عن التيمم وعن الماء فهو معذور، لو كان إنسان مربوط في سارية أو عمود ولا يستطيع لا يتيمم ولا يتوضأ، صلى على حسب حاله، أو مريض لا يستطيع التحرك، وليس عنده من يوضئه، ولم يجد من ييممه صلى على حسب حاله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬3) ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، برقم (124)، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد برقم (322). (¬2) سورة التغابن الآية 16 (¬3) سورة البقرة الآية 286

حكم من يتهاون في الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر

101 - حكم من يتهاون في الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر س: هل من يتهاون في طهارته من الحدث الأكبر، أو الحدث الأصغر يكون حكمه كحكم تارك الصلاة، أي كافر؟ وهل يؤثر ذلك في عقد الزواج، مع أنه محافظ على الصلوات في أوقاتها ومع الجماعة؟ (¬1) ج: الواجب على المؤمن أن يتقي الله في طهارته، وأن يتوضأ كما أمره الله، ويلتزم كما أمره الله، ولا أظن مسلما يتعمد النقص في غسله ووضوئه وهو يعلم، فإذا كان يتعمد ذلك ولا يغسل إلا بعض بدنه عند الجنابة، ولا يغسل إلا بعض الأعضاء في الوضوء فصلاته باطلة، حكمه حكم من لا يصلي إذا تعمد ذلك، أما إذا قدر أنه قد يقع منه خلل لم يفطن له هذا لا يضره، ولا يكون حكمه حكم من ترك الصلاة، ولكن يرشد ويعلم؛ ويوجه حتى يحتاط لغسله ووضوئه، حتى ينتبه لما قد يقع منه، المقصود: أن الواجب على المؤمن والمؤمنة العناية بالغسل، والعناية بالوضوء، وأن يغتسلا كما أمرهما الله، وأن يتوضأ كما أمرهما الله، أما من تعمد التلاعب بالغسل والوضوء فهذا حكمه حكم من ترك الصلاة، نعوذ بالله. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (292).

حكم الإسراف في ماء الوضوء

102 - حكم الإسراف في ماء الوضوء س: شخص يستعمل الماء بكثرة في الوضوء والغسل حيث يغسل الأعضاء أكثر من اللازم، هل يؤثر ذلك على العبادة؟ (¬1) ج: نعم، لا ينبغي الإسراف، ذهب بعض أهل العلم إلى تحريم الإسراف في الزيادة على الثلاث. ينبغي للمؤمن أن يقتصر على ثلاث فأقل في وضوئه، ويحذر الإسراف في الماء، هذا هو الواجب، هذا هو المشروع للمؤمن؛ أن يقتصد وأن يحذر الإسراف، بل ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ مرة مرة، وثنتين ثنتين، وثلاثا وثلاثا، وفي رواية: «من زاد فقد أساء وتعدى وظلم (¬2)» فالمشروع للمؤمن الاقتصار على المسنون، وهو ثلاث فأقل. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (366). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الرمل من الحجر إلى الحجر، برقم (857)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، برقم (135).

حكم الوسوسة في الطهارة وعلاجها

103 - حكم الوسوسة في الطهارة وعلاجها س: إذا كان طاهرا يشك بأنه تنجس بمجرد أن يلمس شخصا نجسا، أو جلس مع جماعة لا يعلم أنهم طاهرون، مما يجعلني أعيد السباحة أو الوضوء (¬1) ج: هذه وساوس لا وجه لها، فلا وجه للتنجس، إذا كان أصله الطهارة، ثم شك هل أحدث؟ وهل خرج منه ريح أو غيره؟ فالأصل الطهارة، لا يلتفت إلى هذا، أو كان بدنه طاهرا وثيابه طاهرة، ثم شك هل أصابه أحد بنجاسة في ثوبه؟ فالأصل الطهارة، لا يلتفت إلى هذا، هذه من وساوس الشيطان، ومن الأوهام التي لا وجه لها، وكونه يجلس مع قوم يشك في طهارتهم لا يضره ذلك، والأصل الطهارة فيه وفيهم، فلا ينبغي أن يوسوس أو يتوهم هذه الأشياء الباطلة، والأصل الطهارة في ثيابه وبدنه، والطهارة من الحدث، فلا تزول هذه الطهارة إلا بيقين أنه أحدث، فيتوضأ، أو بيقين أنه أصاب ثوبه نجاسة معلومة فيطهر ما أصابه، أما هذه الأوهام فلا وجه لها. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (23).

حكم وضوء المصاب بالوسوسة القهرية

104 - حكم وضوء المصاب بالوسوسة القهرية س: إنه أصيب بالوسوسة في كثير من الأمور، وأهمها الوضوء، حيث وصل به الحال إلى أن يترك من يتابعه، ويعد مرات غسله لأعضائه، ويناقش في الإجابة المتوقعة، حتى إنه يقول: ستقول سماحة الشيخ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1)، فكيف تكون استطاعتي، ويقول: إن مرضه لخصه الأطباء؛ بأنه من الوسوسة القهرية، ويرجو توجيهه؟ جزاكم الله خيرا (¬2) ج: هذه الوساوس التي يبتلى بها بعض الناس في الوضوء، أو في الصلاة، أو في غير ذلك كلها من الشيطان، والله أرشدنا سبحانه للتعوذ منه، فقال عز وجل: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬3) {مَلِكِ النَّاسِ} (¬4) {إِلَهِ النَّاسِ} (¬5) {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} (¬6)، فعليك أن تتعوذ بالله من شر هذا العدو دائما، عند الوضوء، وعند الصلاة، وفي غير هذا من شؤونك، إذا هجم عليك بالوسوسة فهو عدوك، كما قال الله سبحانه: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (¬7) ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16 (¬2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (101). (¬3) سورة الناس الآية 1 (¬4) سورة الناس الآية 2 (¬5) سورة الناس الآية 3 (¬6) سورة الناس الآية 4 (¬7) سورة فاطر الآية 6

، ويقول عز وجل: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} (¬1)، فعليك أن تستعيذ بالله عند الوضوء، وعند الصلاة، حاربه محاربة قوية، فإذا توضأت فلا ترجع، وتقول: ما توضأت وأنت ترى يديك مغسولة، ترى وجهك مغسولا، ترى رجليك مغسولة، تكذب عينك وترجع إلى طاعة الشيطان، استقم إذا توضأت، لا ترجع سواء مرة أو مرتين أو ثلاثا، النهاية ثلاث، إذا غسلت العضو ثلاث مرات انتهى، لا تزد على هذا شيئا، النبي صلى الله عليه وسلم ما زاد على الثلاث، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من زاد فقد أساء وتعدى وظلم (¬2)» فليس لك الزيادة، إذا تمضمضت واستنشقت مرة أو مرتين أو ثلاثا فالحمد لله يكفي، ولا توسوس واحذر وإذا غسلت وجهك ثلاثا فهذا هو النهاية، يمر الماء عليه ثلاث مرات هكذا إذا غسلت يديك كذلك اليمني واليسرى كل واحدة ثلاث ويكفي مرة أن يعمها الماء أو مرتان، يكفي لكن الثلاث هي النهاية، ثم تمسح رأسك مع أذنيك مرة واحدة بالماء ثم تغسل رجليك اليمني ثلاث واليسرى ثلاث ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 200 (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الحج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الرمل من الحجر إلى الحجر، برقم (857)، وأبو داود في كتاب الطهارة باب الوضوء ثلاثا ثلاثا برقم (135).

ويجوز مرتين ويجوز مرة إذا عمها الماء، فلا تطع الشيطان، لا بد من حرب مع عدو الله، لتكن قويا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف (¬1)» لا تكن ضعيفا للشيطان عدوك، لو جاء واحد من الناس يخاصمك أو يطالبك بشيء ألا تكون قويا في دفع الشر عنك في الخصومة، أو يريد ضربك ألا تكون قويا في دفعه، هذا أعدى، هذا خبيث يريد هلاكك، يريد دخولك النار، فلا بد أن تكون قويا في حربه، في الوضوء وفي الصلاة وفي كل شيء، استحضر عقلك، اعرف أنك معاديه وأنه خصمك، وأنه عدوك وأنه حرب لك، فكيف تطاوعه؟ لا بد من قوة، ولا بد من تعوذ بالله من الشيطان، حتى تسلم من شره ومكايده، واسأل ربك العافية من شره، وكن قويا لا تتساهل مع ذلك العدو، ولا تمل إليه، تقول: أخاف، أخاف، أخاف، ما كملت. لا، اجزم أنك كملت، وأنك أديت الواجب، وانتقل إلى العضو الثاني، وهكذا إذا كملت فلا ترجع، تقول: ما توضأت أو ما صليت. لا، الحمد لله، اجزم بأنك فعلت، حتى لا يغلبك عدوك، حتى لا يستولي عليك، فيجعلك ضمن المجانين. نسأل الله لك التوفيق والهداية. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز، برقم (2664).

س: هل تنصحونه بأوراد معينة سماحة الشيخ، لعل الله سبحانه وتعالى يشفيه من هذا البلاء؟ (¬1) ج: ننصحه بأن يقول بعد كل صلاة إذا فرغ من الذكر، يقرأ آية الكرسي، ويقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) مع المعوذتين بعد كل صلاة، هذا من أسباب السلامة، ويكرر {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3) والمعوذتين بعد المغرب والفجر ثلاث مرات، وعند النوم يقرأ آية الكرسي أيضا، ويقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬4) والمعوذتين ثلاث مرات عند النوم، كل هذا من أسباب السلامة، وإذا أحس بشيء يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وإذا اشتد عليه ينفث عن يساره ثلاث مرات، يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ويذهب عنه إن شاء الله إذا كان قويا، ولا بد من القوة، فالشيطان هو عدو، والعدو يحتاج إلى قوة؛ لأن العدو إذا رأى من خصمه الضعف استولى عليه وهجم عليه وأخذ سلاحه، فلا بد أن يكون قويا، حتى يستطيع أن يرده ويصده عنه بقوة إيمانه وقوة تقواه، وثقته بالله وإيمانه به، وأنه سبحانه مع من اتقى، مع من صلح، والله يقول: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (¬5)، من اتقى فهو معه، يعينه على عدوه، ويقول: {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (¬6)، يصبر على محاربته، والقوة في جهاده حتى يسلم من مكايده، والمسلم يجب أن يكون قويا ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (101). (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة الإخلاص الآية 1 (¬4) سورة الإخلاص الآية 1 (¬5) سورة البقرة الآية 194 (¬6) سورة الأنفال الآية 46

في كل شيء، قويا في صلاته، في صومه، في وضوئه، في ذكره لله، في تركه للمحارم، في حذره من الوساوس، وجهاده لها، وعلمه بأنها باطلة، وأنها من عند عدو الله، حتى يطرحها وحتى يعاديها، وحتى يحذرها غاية الحذر، هكذا يكون المؤمن أبدا قويا في أموره كلها.

س: مستمعة تقول في سؤالها: إنها تشكو من الوساوس في الطهارة والوضوء منذ ما يقرب من اثني عشر عاما، فما هو توجيهكم؟ (¬1) ج: عليها أن تتقي الله، عليها أن تتقي الله، وأن تتعوذ بالله من الشيطان، وأن تحذر من ميل الشيطان، والخضوع له: لا في الطهارة ولا في الصلاة، ولا في غير ذلك، حاربيه بقوة واتركي الشكوك والأوهام، إذا توضأت فاعتمدي على أن الوضوء قد تم، وإذا صليت اعتمدي أن الصلاة تمت، ولا تعيدي شيئا ولا توسوسي؛ لأن هذا يهين الشيطان وييئسه منك، ولا تكثري الوساوس، أما إذا ضعفت، وتساهلت معه فإنه يزداد في إيذائك، فعليك التعوذ بالله من الشيطان، حتى ولو في الصلاة، إذا وسوس إليك انفثي عن يسارك ثلاث مرات، وقولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ثلاث مرات، ويزول وهكذا إذا أحسست به عند الوضوء، أو غير ذلك، عليك بالمجاهدة والقوة ضد عدو الله الشيطان، وبهذا تسلمين إن شاء الله. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (397).

باب المسح على الخفين

باب المسح على الخفين 105 - حكم صلاة المقيم إذا مسح أكثر من يوم وليلة س: ما الحكم إذا مسح المقيم أكثر من يوم وليلة ناسيا، هل يعيد صلاته أم لا؟ (¬1) ج: عليه أن يعيد هذا هو الصواب؛ لأن مدته محدودة بيوم وليلة، فإذا مرت المدة ونسي وصلى بالمسح فإنه يعيد ما زاد؛ لأنه صلاها في الحقيقة بغير وضوء فيعيد. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (188).

بيان بداية الوقت المحدد للمسح ونهايته

106 - بيان بداية الوقت المحدد للمسح ونهايته س: كما نعرف بالنسبة للمسح على الخفين فإنه يجوز المسح للمقيم يوما وليلة، أي بمعنى خمسة أوقات، والسؤال هو متى يبدأ وقت المسح؟ هل يبدأ من لبس الخف، أم يبدأ من بداية المسح؟ (¬1) ج: الصواب أنه يبدأ من المسح بعد الحدث، إذا لبسته على طهارة، ثم أحدثت ببول أو ريح أو غيرهما، ثم توضأت أول وضوء، هذا هو المبدأ، فإذا أحدثت – مثلا – بعد الظهر، ثم توضأت للعصر فوضوء العصر هو أول شيء، فإذا جاء العصر الثاني تخلع، وهكذا لو أحدثت الضحى، ومسحت على الخفين بعد الطهارة للظهر يكون المبدأ الظهر، فإذا جاء الظهر غدا خلعت وتوضأت للظهر، وهكذا، البدء يكون من المسح بعد الحدث، في الطهارة التي بعد الحدث أول ما لبست. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (215).

س: يسأل س. س: متى يبدأ المسح على الخفين؟ أهو من حين اللبس، أم من حين الحدث، أم من حين أول مسح بعد الحدث؟ فأيهما الراجح يا سماحة الشيخ؟ وما الدليل مأجورين؟ (¬1) ج: هذا هو الراجح أن يكون من المسح بعد الحدث؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «يمسح المسافر ثلاثة أيام بلياليهن، والمقيم يوما وليلة (¬2)» فالبدء يكون من مسحه بعد الحدث، إذا أحدث ثم تطهر يكون هذا أول شيء، حتى يكمل ثلاثة أيام بلياليهن إن كان مسافرا، أو يوما وليلة أربعا وعشرين ساعة إن كان مقيما. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم (393). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح، برقم (157)، والنسائي في كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين للمقيم، برقم (128).

س: هذا السائل يقول: يا سماحة الشيخ حدثونا حفظكم الله عن المسح على الخفين متى يبدأ ومتى ينتهي؟ (¬1) ج: المسح على الخفين سنة والجوربان كذلك، إذا لبسهما على طهارة، يبدأ من الحدث بعد اللبس، إذا أحدث يمسح عليهما يوما ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (430).

وليلة للمقيم، وثلاثة أيام ولياليها للمسافر، إذا كان الجورب ساترا، والخف ساترا، ويلبسهما على طهارة، ويمسح على الخفين وفوق الجوربين، يوما وليلة إذا كان مقيما بدءا من الحدث، أما المسافر فثلاثة أيام بلياليها.

تعريف الخف وصفة المسح عليه وتوقيته

107 - تعريف الخف وصفة المسح عليه وتوقيته س: تقول أيضا: قرأت عن مشروعية المسح على الخفين، فما هو وصف الخف؟ وما هي صفة المسح وتوقيته؟ وهل ينطبق ذلك على الجورب حتى ولو كان رقيقا؟ (¬1) ج: الخف ما يتخذ من الجلد للرجلين يستر الرجلين يقال له خف يستر القدم والكعبين هذا يقال له خف. يمسح عليه المسلم ثلاثة أيام بلياليها، إذا كان مسافرا ويوما وليلة إذا كان مقيما، والمرأة كذلك إن كانت مقيمة يوما وليلة، وإن كانت مسافرة ثلاثة أيام بلياليها، والجورب حكمه حكم الخف إذا كان جوربا من قطن أو صوف أو غيرهما ساترا للقدمين فإنه يمسح عليه كالخف يوما وليلة للمقيم وثلاثة أيام للمسافر بشرط أن يكون ساترا، أما إن كان شفافا لا يستر فلا يمسح عليه، لا بد أن يكون الجورب ساترا كالخف للرجل للقدم والكعبين، والمسح يكون يوما وليلة للمقيم، يبدأ من المسح، يبدأ اليوم والليلة من المسح ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (365).

بعد الحدث، في حق المسافر ثلاثة أيام بلياليها، يبدأ من المسح بعد الحدث، أما لو لبسهما لبس الخفين الظهر، وبقي على طهارته العصر والمغرب والعشاء، ولم يحدث إلا بعد العشاء، فإن المدة تبدأ من المسح بعد العشاء، إذا مسح في التهجد من الليل أو في آخر الليل يبدأ من المسح بعد الحدث، وما مضى قبل ذلك لا يحسب.

بيان عدد المسح على الجوربين عند الوضوء

108 - بيان عدد المسح على الجوربين عند الوضوء س: بالنسبة للمسح يا سماحة الشيخ، هل يكفي أن يكون المسح مرة واحدة، أو أكثر من مرة على الجوربين؟ (¬1) ج: إذا مسح مرة كفى، إذا مسح الجورب، أو مسح الرأس مرة كفى. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (405).

مسألة في بيان مدة المسح على الخفين

109 - مسألة في بيان مدة المسح على الخفين س: كم مرة يحق للمسلم أن يمسح على خفيه أو جوربيه؟ فإذا كان مقيما وتوضأ ولبس الجورب السميك ومضى عليه يوم فهل يحق له التجديد؟ وكم مرة يحق له ذلك؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا لبس الخفين على طهارة يمسح عليهما يوما وليلة بعد ¬

_ (¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (359).

المسح من الحدث إذا كان مقيما، أما إذا كان مسافرا فإنه يمسح ثلاثة أيام بلياليها، هكذا وقت النبي صلى الله عليه وسلم، وما قبل الحدث لا يحسب، لو لبسها – مثلا – الضحى، وبقي على طهارته الظهر والعصر والمغرب والعشاء ما تحسب، لكن يحسب من حيث مسح بعد الحدث فلو أحدث بعد العشاء، تبدأ اليوم والليلة من حيث مسح بعد الحدث، فالمسح بعد الحدث يكون يوما وليلة، المقصود أنه يحسب عليه، تحسب عليه المدة بعد مسحه من حدثه من مسحه بعد الحدث.

حكم التلفظ بالنية عند مسح الخفين

110 - حكم التلفظ بالنية عند مسح الخفين س: سائل يقول يا سماحة الشيخ: هل هناك نية يتلفظ المسلم بها عند المسح على الجوارب؟ (¬1) ج: ليس له نية، تكفيه نية الوضوء والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (359).

شروط المسح على الخفين

111 - شروط المسح على الخفين س: هل هناك شروط للمسح على الخفين، كأن يكون الخف سميكا، أو أي شروط أخرى؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم لا بد من شروط: ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (269).

الأول: أن يكون على طهارة، تلبسه على طهارة. الثاني: لا بد أن يكون ساترا غير مخروق إلى الكعبين، إلى أطراف الأصابع ساترا لها. الثالث: أن يكون طاهرا. الرابع: أن يكون مباحا غير مغصوب، لا بد أن يكون شيئا مباحا. فالحاصل إذا كان ساترا طاهرا مباحا في يومه وليلته فلا بأس، تمسح عليه. أما إذا كان على غير طهارة تخلعه، أو كان نجسا تخلعه، أو كان مغصوبا تخلعه وتعطيه أهله، أو كان رقيقا لا يستر، أو مخرقا خروقا كثيرة، هذا لا تمسح عليه، أما إذا كان الخرق يسيرا، خروقا يسيرة صغيرة فالصحيح أنه يغتفر إن شاء الله.

حكم المسح على الجوارب

112 - حكم المسح على الجوارب س: يقول السائل: حدثونا بالتفصيل عن المسح على الجوارب؟. ج: الصواب أنه لا حرج في المسح على الجوارب، كالخفين من الجلد، وقد مسح عليها النبي صلى الله عليه وسلم في النعلين، ومسح عليها جماعة من الصحابة، فلا بأس بذلك، والجورب ما يلبس في الرجل من القطن، أو الصوف، أو الشعر، أو غيرهما غير الجلود إذا كان ساترا للقدم

يمسح عليه يوما وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر بعد الحدث، يعني: يبتدئ المسح من مسح بعد الحدث، فيمسح يوما وليلة بعد الحدث في حق المقيم، ويمسح ثلاثة أيام بلياليها بعد الحدث في حق المسافر على الجورب، وعلى الخف من الجلد كله واحد، هذا هو الصواب، والشقوق اليسيرة يعفى عنها في أصح قولي العلماء، الشقوق اليسيرة عرفا يسمح عنها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «يسروا ولا تعسروا (¬1)» والله يقول سبحانه: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (¬2)؛ ولأن الناس قد لا تسلم خفافهم من الشقوق أو الفتوق، لكن إذا تحرز واعتنى بالخف وبالجورب، حتى لا يكون فيه شيء يكون هذا أسلم لدينه وفيه خروج من خلاف العلماء القائلين بأنه لا يسمح بالخروق ولو يسيرة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب ما كان النبي يتخولهم بالموعظة، برقم (69)، ومسلم في كتاب الجهاد، والسير، باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير، برقم (1734). (¬2) سورة الحج الآية 78

بيان صفة المسح على الخف والجوارب

113 - بيان صفة المسح على الخف والجوارب س: تقول السائلة: ما هي كيفية المسح على الجورب؟ مثلا: أتوضأ لصلاة الفجر، ثم ألبس الجورب وأمسح عليه عند صلاة الظهر للمدرسة، حيث إني أعمل معلمة، وعند

عودتي للمنزل أخلعه وأتوضأ بعد ذلك الوضوء العادي، فهل هذا جائز؟ (¬1) ج: لا بأس ولا حرج في ذلك، من لبس الخفين أو الجوربين إن شاء أبقاهما يوما وليلة وهو مقيم غير مسافر، وإن شاء خلعهما متى شاء، ولو لم يصل فيهما إلا مرة واحدة، لكن الأفضل أن تبقي عليه أربعا وعشرين ساعة بعد المسح يوما وليلة، والمسافر له ثلاثة أيام، يعني اثنتين وسبعين ساعة؛ ثلاثة أيام بلياليها بعد الحدث والمسح، فالحاصل أنه لا بأس أن يمسح عليها وقتا أو وقتين ثم يخلع، لا حرج في ذلك، ومن شروط المسح على الخفين: أولا: أن يلبسهما على طهارة، قال صلى الله عليه وسلم لما أراد المغيرة أن ينزع خفيه، قال: «دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين (¬2)» فإذا أراد أن يمسح فليلبسهما على طهارة، رجلا كان أو امرأة، مسافرا أو مقيما. ثانيا: لا بد أن يكونا ساترين؛ الخفان أو الجوربان لا بد أن يكونا ساترين صفيقين، ويسمح بالخروق الصغيرة على الصحيح. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (160). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب جبة الصوف في الغزو، برقم (5799)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين، برقم (274).

ثالثا: أن يكون المسح المدة المعينة؛ يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، لا يمسح في أكثر من ذلك، فإذا توافرت هذه الشروط فالمؤمن يمسح على الخفين والجوربين، والمرأة كذلك، ولا بد أن يكون المسح على الجورب، فإذا كان المسح على النعل مع الجورب وخلع النعل؛ بطل الوضوء، فإذا مسح عليهما جميعا يبطل الوضوء بخلع أحدهما، أما إذا خص المسح بالجورب، ثم لبس الكندرة أو النعل فإذا خلعها لا بأس، يكون الحكم للجورب، فإذا خلع الكندرة أو النعل لا يضر، أما إذا مسح عليهما جميعا فالحكم يتعلق بهما جميعا، إذا خلع واحدا خلع الآخر وبطل الوضوء. ومما ينبغي التنبه له: أن المسح على أعلى القدم فقط لا يحتاج إلى العقب ولا أسفل الخف، متى ما مسح على أعلى قدميه كفى، كان النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر الخفين. فقط على ظاهر القدم، فلا يجب مسح العقب، ولا مسح الأسفل، إنما السنة مسح الظاهر فقط، مثل ما قال علي رضي الله عنه: «لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت النبي عليه الصلاة والسلام يمسح على ظاهر خفيه (¬1)» فالحاصل أن هذا هو محل المسح، ظاهر الخف وظاهر الجورب، وهنا مسألة قد تخفى، وهي مسألة الجبيرة، إذا كان الإنسان ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب كيف المسح، برقم (162).

عليه جبيرة في قدمه، أو في ذراعه، أو في وجهه لجرح فإنه يمسح عليها، وليس لها وقت معين، ما دامت موجودة يمسح ولو طالت المدة، حتى يشفى مما تحتها ويزيلها، وليس لهذا حد محدود إلا العافية، ويمسح عليها كلها على الجبيرة كلها ولو كانت وضعت على غير طهارة، لو جرح – مثلا – في يده أو في رجله وهو على غير وضوء، وقد وضع عليه الطبيب الجبيرة فإنه يمسح مطلقا على الراجح ولو كان وضعها حين وضعها على غير طهارة، وهكذا في الغسل من الجنابة، إذا كان في ظهره لزقة؛ في ظهره، أو في جنبه، أو جبيرة فإنه يمر عليها الماء ويكفي عند الغسل، ولا حاجة إلى أن يزيلها، بل متى ما مر عليها الماء كفى، حتى يعافيه الله.

س: السائل مصري الجنسية، ويعمل في المنطقة الشرقية، يقول: أشاهد أثناء الوضوء أن البعض من الناس يمسحون على الشراب (الجورب) أي ما يلبس في الأقدام، فما حكم ذلك وظروف وشروط المسح على الشراب؟ (¬1) ج: لا مانع من المسح على الشراب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم مسح على جوربين، ومسح الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، والجوربان ما يتخذ للرجلين من صوف، أو قطن، أو غيرهما، إذا كانا ساترين للقدم ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (379).

والكعب فلا بأس، يمسح عليهما يوما وليلة للمقيم بعد الحدث، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، هكذا جاءت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، المقيم يمسح يوما وليلة ابتداء من مسحه بعد الحدث، أول مسحة بعد الحدث هذا المبدأ، وفي السفر ثلاثة أيام بلياليها، تبدأ من المسح بعد الحدث أول المسح حتى يكمل المدة ثلاثة أيام، والجوربان مثل الخفين الذي يكون من الجلد مثلا، والجورب يكون من الصوف والقطن ونحو ذلك، فكما يمسح على الخف يمسح على الجورب إذا كان كل منهما ساترا للقدم والكعبين، يوما وليلة للمقيم، وثلاثة أيام للمسافر بلياليها إذا لبسها على طهارة.

س: يسأل هذا المستمع سماحتكم، فيقول: ما كيفية المسح على الجوارب؟ (¬1) ج: كيفية المسح على الجوارب مثل الخفين، الخفان من الجلد والجوارب من القطن ونحوه، فيمسح على ظاهرهما؛ يضع يده اليمنى على قدمه اليمنى ويده اليسرى على قدمه اليسرى، يمسح عليها إذا مسح رأسه وأذنيه، فإنه يمسح الجوربين والخفين؛ يضع كفه اليمنى على ظاهر قدمه ويمسح على قدمه اليمنى، ويضع يده اليسرى على قدمه اليسرى ويمسح، ويكفي. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (299).

مسألة في بيان مدة المسح على الجوارب

114 - مسألة في بيان مدة المسح على الجوارب س: المسح على الجوارب هل يصح أكثر من ثلاثة أوقات؛ أتوضأ وأمسح؟ فهل يصح – مثلا – ذلك العصر والمغرب والعشاء؟. ج: يوم وليلة لمن لبس الجوارب على طهارة، يمسح يوما وليلة كالخفاف، فإذا لبس الجوربين الساترين بعد الطهارة مسح عليهما يوما وليلة، الرجل والمرأة، فإذا تم اليوم والليلة خلعهما وتوضأ، والجوارب تكون من القطن، أو من الصوف إذا كانت ساترة.

حكم اشتراط النية للمسح على الخف والجوارب

115 - حكم اشتراط النية للمسح على الخف والجوارب س: هل يشترط في المسح على الجورب النية؟ أي: إنني إذا لبسته على طهارة وحان وقت الظهر، ولم أنو أن أمسح عليه فهل تصح الصلاة وإن مسحت عليه، أم لا بد من وجود النية قبل المسح؟ (¬1) ج: لا حاجة إلى ذلك، لا يشترط النية، إذا لبسته على طهارة تنوي المسح عليه، وإن كنت لم تنو عند اللبس أنك تمسح عليه، المهم أن ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (289).

تكون قد لبسته على طهارة، فلك المسح عليه حتى تمضي المدة، وهي يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر بعد الحدث، يعني من أول مسح بعد الحدث، ولا يشترط في هذا أن تسبق النية أنك تريد أن تمسح عليه، لا يشترط، ولا دليل على ذلك.

حكم المسح على ظاهر القدمين

116 - حكم المسح على ظاهر القدمين س: يسأل المستمع ويقول: هل يصح مسح الأرجل أثناء الوضوء من خلف الجوارب؟ (¬1) ج: تمسح من فوق، السنة مسحها من فوق، النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح على خفيه على ظاهرهما فقط، أما المسح على العقب وأسفل الخف فهذا ليس بصحيح، خبره ضعيف، الصواب أنه صلى الله عليه وسلم كان يمسح على ظاهر خفيه كما رواه أبو داود بإسناد جيد، عن علي رضي الله عنه قال: «كان النبي يمسح على ظاهر خفيه، عليه الصلاة والسلام (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (403). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب كيف المسح، برقم (162).

حكم من خلع الخفين بعد الوضوء

117 - حكم من خلع الخفين بعد الوضوء س: إذا لبس الشخص جوربا على وضوء، ثم انتفض الوضوء وتوضأ ومسح عليه، ثم خلعه فهل يبقي على وضوئه؟ (¬1) ج: إذا خلعه بطل الوضوء، إذا خلعه بعد الحدث بطل الوضوء. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (321).

س: مسحت على الخفين والشراريب معا، ولكن نزعت الخفين خارج المسجد، وصليت بالشراريب فقط، هل صلاتي صحيحة؟ (¬1) ج: إذا كنت مسحت عليهما جميعا؛ على الخف، وعلى ما ظهر من الشراب فاخلعهما جميعا، أما إذا كنت مسحت على الشراب فقط، والشراب ساتر ومسحت عليه فإنه يكفي والحمد لله، ولو خلعت الخف، وما دام مسح عليهما جميعا فإنه يخلعهما جميعا، أما إذا مسح على الجوربين، ثم أدخلهما في الكندرة، أو في الخف، فليبن على الجوربين إذا خلع الخف، لا بأس ولا يضر. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (295).

حكم لبس أكثر من جوربين والمسح عليه

118 - حكم لبس أكثر من جوربين والمسح عليه س: مستمع يسأل عن الجوارب ولبسها، ولا سيما في الشتاء، ويقول: هل لبس زوجين من الجوارب يقومان مقام الخفين؟ وحتى إذا كان إحدى الجوربين قد تشقق، أو فيه بعض الخروق وتظهر منه البشرة؟ وماذا إذا أصابته نجاسة؟ هل تؤثر على المسح عليه؟ وهل الماء المستعمل في الاستنجاء إذا أصابه أثناء الاستنجاء، هل يغسل الجوربين، أم لا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا مانع من المسح على الجوربين ولو تعددت، ولو لبس عدة جوارب إذا سترت القدمين، فلا بأس أن يمسح عليهما إذا لبسهما على طهارة، والجورب الواحد يكفي إذا كان ساترا للقدمين، إذا كان صفيقا ساترا للقدمين، ولبسه على طهارة فإنه يمسح عليه يوما وليلة بعد الحدث؛ يوما وليلة إذا كان مقيما، أما إذا كان مسافرا فيمسح ثلاثة أيام بلياليها ولو جمع جوربين، أو ثلاثة للدفء؛ بأن جعل بعضها فوق بعض وهي ساترة فيمسح عليها، ولو كان بعضها لا يستر إذا ستر أحدها فالباقي تبع، المهم أن يستر أحدها، فإذا ستر من الكعب إلى أطراف القدم؛ ستر القدم كله مع الكعبين يمسح عليهما مثلما يمسح على الخفاف من الجلد، أما إذا كانت تصف البشرة؛ ما ستر البشرة لا ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (270).

يمسح عليه، لا بد أن يكون واحد منها ساترا، أو كلها ساترة، وإذا كانت نجسة لا يمسح عليها، بل يجب إزالتها حتى تغسل، وتتطهر من النجاسة، وإذا أصابه شيء من ماء الاستنجاء قبل أن تزول النجاسة يطهرها بغسلها، أما إذا كانت النجاسة قد زالت وأصابه ماء بعد الطهر، ماء يعني استعمله المستنجي بعدما زالت النجاسة ماء نظيفا فلا يضر إذا كانت النجاسة قد زالت، وطهر المحل، أما إن أصابه رشاش من الماء الذي تلطخ بالنجاسة فإنه ينجسه، وعليه غسل الجورب، ولا يمسح عليه حتى يغسله.

بيان كيفية المسح إذا لبس أكثر من جورب

119 - بيان كيفية المسح إذا لبس أكثر من جورب س: في فصل الشتاء تبرد قدماي، وتصبح في برودة الثلج، وتتورم ويسبب لي ألما شديدا خاصة في الليل، فأذهب إلى الطبيب، ونصحني بلبس جوارب عليها حتى تصبح دافئة، ولذلك أضطر إلى لبس أكثر من جورب في وقت واحد. وسؤالي عن المسح كيف يكون؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: تلبس جوربا أو جوربين عليها للدفء، وتمسح عليها إذا لبستها على طهارة كل يوم وليلة، فإذا مضى يوم وليلة تخلع، ثم تتوضأ، ثم تلبسها مرة أخرى، وهكذا كل ما مضى يوم وليلة، تخلع، تحسب بعد ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (298).

الحدث يوما وليلة، يعني خمس صلوات في الغالب، ثم تخلعها، ثم تتطهر وتغسلها، ثم تلبسها؛ تلبس الجوارب، وهكذا، وتمسح على الأعلى منها.

س: هل هناك من إرشاد حول المسح على الجوربين؟ (¬1) ج: نعم، يمسح عليهما يوما وليلة في حق المقيم، وثلاثة أيام بلياليها في حق المسافر إذا كانا ساترين لمحل الفرض؛ الكعبين وما دونهما من القدم، ساترين يعني صفيقين، فإنهما يمسح عليهما بشرط أن يكونا طاهرين مباحين، لا مغصوبين، ولا نجسين، فالمقصود أنه إذا كان الجوربان، أو الخفان طاهرين مباحين ساترين مسح عليهما، يوما وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر إذا كان هذا على طهارة؛ إذا لبسهما على طهارة. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (88).

حكم عدم غسل القدمين عند الوضوء بسبب المرض

120 - حكم عدم غسل القدمين عند الوضوء بسبب المرض س: تقول السائلة: تصاب أصابع قدمي بفطور؛ وذلك من أثر الماء، وقد منعني الطبيب من استعمال الماء، ومن استعمال الجوارب أيضا، كيف تنصحونني وحالتي والصلاة؟ (¬1) ج: إذا كان يضرك الماء فلا بأس مثل ما قيل لك، إذا كان يضر قدميك فلا بأس، وإذا كانت الجوارب تضرك فلا بأس بتركها، وإذا كانت لا تضر تلبسينها على طهارة، وتمسحين على الجوارب، أما إن كانت الجوارب تضر – كما قيل لك – وهكذا الماء فيكفيك التيمم؛ تغسلين وجهك ويديك، وتمسحين رأسك، ثم تستعملين التراب بعد التنشيف، تضربين التراب مرة واحدة، وتمسحين وجهك وكفيك بالنية عن القدمين، هذا هو المشروع، وهذا هو الواجب، إذا كان هناك ضرر بين في غسل القدمين، ولبس الجوربين عليهما فإنك تتوضئين وضوءك الشرعي، يعني: تتمضمضين وتستنشقين، وتغسلين وجهك ويديك، وتمسحين رأسك وأذنيك، ثم بعد ذلك إذا حصل التنشف بعد ذلك تضربين التراب ضربة واحدة بيديك، وتمسحين بهما وجهك وكفيك بنية عن القدمين؛ لأن العاجز عن استعمال الماء حكمه حكم فاقد الماء، والله سبحانه وتعالى يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (¬2) ¬

_ (¬1) السؤال من الشريط رقم (191). (¬2) سورة المائدة الآية 6

فالذي يعجز عن استعمال الماء لمرض، أو جراحات حكمه حكم فاقد الماء، يتيمم والحمد لله، وهكذا الجريح وصاحب الجبيرة؛ الجريح إن تيسر المسح على الجرح مسح على الجرح وكفى، وإن كان يضره المسح تيمم إذا كان ليس على جرحه جبيرة، تيمم بعد غسله الأعضاء السليمة، ثم إذا يبست يداه يضرب التراب مرة واحدة، ويمسح بهما وجهه وكفيه بالنية عن الجريح، أما إذا كان عليه جبيرة فإنه يمسح الجبيرة ويكفي عن التيمم، وإذا مسح على الجبيرة عند غسل العضو الذي فيه الجبيرة كفى، إذ كانت الجبيرة في الذراع مسح عليها مع غسل بقية الذراع، وإذا كانت الجبيرة في القدم غسل القدم السليمة وبعض القدم التي عليها الجبيرة، ومسح على الجبيرة والحمد لله، ويكفي عن التيمم، هذا هو الصواب.

حكم من لبس الخفين على طهارة ثم نزعهما

121 - حكم من لبس الخفين على طهارة ثم نزعهما س: إذا لبس إنسان جوربين على طهارة، ثم تطلب الأمر نزعهما، مثل: إجراء كشف طبي يتطلب نزعهما، ثم عاد ولبسهما مرة أخرى بدون وضوء، علما أنه لا زال على طهارة، فما حكم ذلك بالتفصيل؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كان ما زال على طهارته الأولى، ولكن لبس خفين، أو ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (264).

جوربين لا بأس، فإن تطهر مثلا لصلاة الظهر، ولبس الجوربين أو الخفين، ثم دعت الحاجة لكشفهما بعد الصلاة لمرض أو غيره، ثم أعادهما على طهارته فلا بأس، يمسح عليهما يوما وليلة إذا كان مقيما، وثلاثة أيام بلياليها إذا كان مسافرا، أما إن كان أحدث بعد ما لبسهما فإنه لا يعيدهما إلا بعد الطهارة.

بيان شرط سماكة الجوارب عند المسح

122 - بيان شرط سماكة الجوارب عند المسح س: هل يشترط سمك معين للمسح على الجوربين؟ (¬1) ج: ليس لهذا شرط، وليس لهذا حد محدود، ولكن المطلوب الستر، إذا سترت القدم – حتى لا يرى لون القدم؛ هل هو أبيض أو أحمر أو أسود، يعني: إذا كان الجورب ساترا القدم كفى. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (316).

س: إذا توضأ الإنسان للصلاة، ثم لبس جوربا ثم صلى العصر، ثم خلع الجورب وتوضأ لصلاة المغرب هل فعله هذا صحيح؟ (¬1) ج: لا حرج عليه إذا كان لا يرغب في بقائها في رجله، لا بأس ولا حرج، إن شاء أبقاها، وإن شاء خلعها والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (317).

بيان مسح من به سلس البول

123 - بيان مسح من به سلس البول س: ما حكم المسح على الجوارب بالنسبة لحالة من به سلس بول؟ (¬1) ج: لا بأس مثل غيره، يمسح الجوارب والخفين، يمسح عليهما يوما وليلة مثل غيره، وهكذا مسألة الإمامة، لا يؤم الناس، بل يترك ذلك لغيره؛ لأن حدثه دائم، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه لا يؤم، فينبغي له أن لا يؤم، وإنما يؤمهم غيره، ولو أم صحت صلاته على الصحيح؛ لأن طهارته مجزئه بحقه، لكن كونه يدع الصلاة لغيره أحوط، وبالنسبة لإمامته المصلين؛ لأنه أفضل الموجودين وأقرؤهم فالأفضل أن يؤمهم غيره، ممن هو دونه السالم من هذا الحدث. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (307).

حكم المسح على الجوارب الرقيقة

124 - حكم المسح على الجوارب الرقيقة س: تقول السائلة: اختلف العلماء في حكم المسح على الجوارب الرقيقة، فما هو الصحيح؟ وما الدليل على عدم جواز المسح؟ (¬1) ج: الصواب أن المسح يكون على ساتر صفيق، الذي يستر ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (203).

القدمين؛ لأن الله أباح لنا المسح على الخفين رحمة لنا، فإذا كان الخفان غير ساترين لم يحصل المقصود؛ لأن الأقدام بائنة ظاهرة، والظاهر حكمه الغسل، والنبي صلى الله عليه وسلم مسح والصحابة على خفين ساترين، فالواجب التأسي بهم في ذلك؛ لأنهم مسحوا على خفاف وعلى جوارب ساترة، فلا يجوز المسح على جوارب أو خفاف غير ساترة، لكن ذكر جمع من أهل العلم أن الخروق اليسيرة عرفا لا تضر، تغتفر؛ لأنه قل أن يسلم الخف، أو الجورب من شيء يسير يعتريه من فتق، أو خرق، أو نحو ذلك، إذا كان يسيرا عرفا لا يستفحش، وإذا صارت الأخفاف سليمة والجوارب سليمة كان ذلك أحوط، وفيه الخروج من خلاف العلماء، والبعد عن الشبهة، وبكل حال فالشيء اليسير يعفى عنه إن شاء الله.

س: تقول هذه السائلة: ما حكم المسح على الجوارب الرقيقة، وذلك للصلاة عندما أكون في المدرسة؟ ذلك لأن وقت الصلاة محدد بعشر دقائق، ومنها وقت الوضوء، فأمسح على جواربي وإن كانت خفيفة؛ من أجل استغلال الوقت، فبماذا توجهونني؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الوقت هذا قصير، العشر دقائق قصيرة، فننصح القائمة بالمدرسة بأن تزيد المدة إلى نصف الساعة، أو إلى نصف إلا خمسا؛ ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (292).

لعل الطالبة تستطيع أن تقضي حاجتها، وتتوضأ بسهولة، وتصلي بطمأنينة؛ لأن العشر دقائق قليلة جدا، وليس كل طالبة على وضوء، فقد تحتاج إلى وضوء، وإلى قضاء حاجة، وعليك أن لا تمسحي على الجوارب الرقيقة، لا بد أن تكون ساترة، وإلا فاخلعيها واغسلي الرجل، لا بد أن تكون ساترة تستر الرجل، لا تعرف من ورائها الرجل؛ هل هي حمراء، أو سوداء؟ بل تسترها سترا كاملا، وتستر الكعبين أيضا.

س: ما حكم المسح على الشراب الخفيف الذي يبين لون البشرة؟ (¬1) ج: إذا كان الشراب لا يستر لا يمسح عليه، لا يمسح إلا على جورب يستر القدم، أما الذي لا يستر فلا يمسح عليه. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (383).

س: الأخ: م. ب. ص. س. ض. المهموم، من بريدة، يسأل ويقول: إنسان يمسح على شراب خفيف ترى من خلاله البشرة، هل هذا جائز أو لا؟ (¬1) ج: لا بد في الشراب والخفاف أن تستر القدم من الكعب إلى ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (117).

أطراف الأصابع، فإذا كان الشراب خفيفا شفافا، يرى منه ما تحته من لحم وحمرته وسواده ونحو ذلك فإنه لا يمسح عليه، بل يجب خلعه وغسل الرجل، وإنما يمسح على الشراب والخف الساتر، لكن لو وقع فيه خروق يسيرة عرفا فإنه يعفى عنها في أصح قولي العلماء، الخرق اليسير الذي كالمخيط وطرف الإصبع ونحو ذلك فهذا يعفى عنه على الصحيح، وينبغي للمؤمن وللمؤمنة تفقد الخفاف والشراب، حتى تكون ساترة، والخروق ينبغي أن ترفى، أو ترقع، أو تبدل بشيء ساتر خروجا من خلاف العلماء واحتياطا للدين، فإن الصلاة عمود الإسلام، فتجب الحيطة لذلك، أما إذ اتسع الخرق فإنه يخلع وتغسل الرجل، وهكذا إذا كان شفافا فإنه يخلع وتغسل الرجل.

حكم المسح على جوارب النايلون

125 - حكم المسح على جوارب النايلون س: هل يجوز المسح على جوارب النايلون أو لا يجوز؟ (¬1) ج: يجوز المسح على الجوارب من أي جنس كانت؛ من صوف، أو وبر، أو أي شيء لكن تكون ساترة للرجلين؛ الكعبين والقدمين، فإذا كانت ساترة يجوز المسح عليها من أي جنس؛ سواء كانت من الصوف، أو من الوبر، أو من القطن، أو من أي مادة أخرى تستر القدمين. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (363).

حكم المسح على الخف الساتر إلى نصف الساق

126 - حكم المسح على الخف الساتر إلى نصف الساق س: إنني ألبس حذاء – أجلكم الله – طويلا يصل إلى الركبة، وهو مصنوع من البلاستيك، هل يجوز أن أصلي به صلاة الفجر إذا أدخلت رجلي طاهرة؟ (¬1) ج: إذا لبسته على طهارة لك مدة يوم وليلة إذا كنت مقيما، وإن كنت مسافرا فلك ثلاثة أيام بلياليها إذا كان هذا ساترا للقدم مع الكعبين، فالحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (338).

حكم المسح على الخف وخلعه عند الصلاة

127 - حكم المسح على الخف وخلعه عند الصلاة س: يقول هذا السائل: عندما أتوضأ في المدرسة لتأدية صلاة الظهر أمسح على الحذاء؛ وذلك لصعوبة خلع الحذاء ولبسه مرة أخرى، ولبعد المسجد عن دورة المياه، فإذا وصلت إلى المسجد خلعت الحذاء وصليت، فما حكم ذلك؟ (¬1) ج: لا يجوز هذا، يكون الوضوء باطلا، لا بد من لبس خف يستر القدمين، أو جورب يستر القدمين، ويمسح عليه ويبقى حتى يصلي، أما أن يمسح على ظاهر الخف، ثم يخلعها عند المسجد هذا ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (430).

يبطل الوضوء، ولا تصلح الصلاة، لا بد من بقائه حتى يصلي فيه إذا كان ساترا للقدمين؛ كخف أو جورب من الصوف أو القطن يستر القدم، ويلبس على طهارة ويمسح عليه، ثم يصلي فيه، ولا يخلعه قبل الصلاة.

حكم المسح على الحذاء أو الشراب الوسخ

128 - حكم المسح على الحذاء أو الشراب الوسخ س: يقول السائل: ما حكم المسح على الشراب، أو المسح على الحذاء، أجلكم الله؟ وإذا كان يعلق بها بعض الأوساخ فهل تجوز الصلاة بها؟ (¬1) ج: المسح على الخفين أو الجوربين رخصة وسنة، فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وفعلها أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «إذا توضأ أحدكم فلبس خفيه فليمسح عليهما (¬2)» وقال فيما رواه مسلم عن علي رضي الله عنه: «يمسح المقيم يوما وليلة، والمسافر ثلاثا بلياليها (¬3)» وهكذا رواه البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أمرهم إذا لبسوا الخفاف على طهارة أن ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (237). (¬2) أخرجه الدارقطني، والبيهقي في السنن الكبرى، وابن خزيمة في صحيحه. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين، برقم (276).

يمسحوا يوما وليلة للمقيم، وثلاثة أيام للمسافر بلياليها (¬1)» وهو صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، كان يمسح على الخفين، وفي بعض أسفاره - صلى الله عليه وسلم – توضأ ومعه المغيرة يصب عليه، فلما مسح رأسه أراد المغيرة أن ينزع خفيه، فقال: «دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين (¬2)» فمسح عليهما، عليه الصلاة والسلام. والجورب من جنس الخف، يكون من الصوف ومن القطن، أو من الشعر، أو غير ذلك، فهو من جنس الخف. الخف من الجلد، والجورب من غير الجلد، والصواب أنه يجوز المسح على الجورب كالجلد إذا ستر القدمين مع الكعبين، كالخف يوما وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، وإذا كان الجورب في النعل ومسح عليهما جميعا فلا بأس، لكن إذا خلع النعل يخلع الجورب، أما إذا مسح الجورب وحدها فإنه يخلع النعل متى شاء، فيكون الحكم معلقا بالجورب؛ يمسح عليها يوما وليلة في الإقامة، وثلاثة أيام بلياليها في السفر. أما النعل وحدها فلا يمسح عليها؛ لأنها لا تستر، وإنما يمسح على ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب جبة الصوف في الغزو، برقم (5799)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين، برقم (276). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب جبة الصوف في الغزو، برقم (5799)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين، برقم (274).

الجورب بالنعل؛ لأنه ثبت عنه عليه الصلاة والسلام «أنه مسح على الجوربين والنعلين (¬1)». فإذا مسح عليهما جميعا صار الحكم لهما؛ يخلعهما جميعا ويبقيهما جميعا، أما إذا مسح على الجورب وحده فإنه يكون الحكم للجورب والنعل متى شاء خلعها ومتى شاء لبسها، فإذا مضى على الجورب في رجله يوم وليلة بعد الحدث وبعد المسح خلع، وهكذا الخف، يبدأ من المسح بعد الحدث، فإذ مضى يوم وليلة؛ أربع وعشرون ساعة بعد المسح الأول عليه بعد الحدث تمت المدة، وهكذا المسافر ثلاثة أيام بلياليها، يعني اثنتين وسبعين ساعة في حق المسافر، ولكن لا بد أن يكون لبسهما على طهارة، ولا بد أن يكون من الحدث الأصغر من الجنابة، لا يمسح، والحائض والنفساء لا تمسح؛ لأن المسح للحدث الأصغر، أما الجنب فيخلع والحائض تخلع والنفساء تخلع؛ لأن الحائض والنفساء لا طهارة لهما إلا بعد الغسل. فالحاصل أن الجوارب يمسح عليها للوضوء، أما في الجنابة فلا، بل يخلع. ¬

_ (¬1) سنن الترمذي الطهارة (99)، سنن النسائي الطهارة (125)، سنن أبو داود الطهارة (159)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (559)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 252).

حكم المسح على الجوربين بعد خلعهما ولبسهما مرة أخرى بعد الحدث

129 - حكم المسح على الجوربين بعد خلعهما ولبسهما مرة أخرى بعد الحدث س: هل يجوز فسخ الشراب بعد أداء الفروض الخمسة للماسح عليها يوما وليلة؟، وعند اتساخها هل يصح لي تغييرها قبل إكمال الفروض، ومتابعة المسح عليها؟، والقصد من سؤالي

هو إراحة الأرجل عند النوم؛ وذلك بعد أداء الفروض جميعها، ابتداء من صلاة الفجر حتى العشاء، والفترة ما بين العشاء والفجر راحة، أرجو إفادتي بذلك؟، والله يوفقكم (¬1) ج: المشروع للمؤمن أن يمسح يوما وليلة إذا كان مقيما، وثلاثة أيام بلياليها إذا كان مسافرا، كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يمسح المقيم يوما وليلة، والمسافر ثلاثة أيام ولياليهن (¬2)» وهكذا جاء في أحاديث أخرى عن النبي عليه الصلاة والسلام، والبدء يكون بعد المسح من الحدث، إذا مسح بعد الحدث هذا البدء، فإذا أحدث الضحى – مثلا – ثم توضأ للظهر ولبسها، ثم مسح العصر فإنه يستمر إلى العصر الآتي، فإذا جاء العصر الآتي خلعها، وغسل رجليه قبل العصر ثم لبسهما بعد ذلك، ثم يمسح يوما وليلة بعد ذلك، أما إذا خلعهما للراحة – مثلا – لبسهما بعد الظهر على الطهارة، ثم مسح عليهما بعد العصر، ثم مسح بعد المغرب والعشاء، ثم خلعهما بعد العشاء للنوم؛ فإنه يغسل قدميه إذا قام للفجر، ولا يلبسهما إلا على طهارة؛ يتوضأ وضوء الصلاة، ويغسل ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (70). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين، برقم (276).

قدميه ثم يلبسهما على طهارة، فيمسح عليهما بعد ذلك إذا صلى الضحى، أو يمسح عليهما الظهر أو العصر، وهكذا يوما وليلة مرة أخرى، وهكذا إذا خلعهما بعد ما أحدث فإنه يبطل حكم المسح، فليس له أن يعيدهما إلا على طهارة جديدة، ولا يلبسهما على طهارة سبقت قبل الخلع، ومتى خلعهما بطل حكم المسح حتى يتوضأ وضوءا جديدا، ثم يلبسهما بعد الوضوء الجديد، ولهذا لما توضأ النبي صلى الله عليه وسلم وعليه الخفان، وأراد أن يمسح عليهما أراد المغيرة أن ينزعهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين (¬1)» وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا توضأ المؤمن، ثم لبسهما يمسح»، وهكذا جاء في حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه، قال: «أمرنا رسول الله إذا كنا سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام، ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم (¬2)» فالمؤمن يمسح ثلاثة أيام بلياليهن بنفس السفر، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب جبة الصوف في الغزو، برقم (5799)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب التوقيت في المسح على الخفين، برقم (274). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم، برقم (96)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب الوضوء من الغائط والبول، برقم (158)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء من النوم، برقم (478).

ويمسح للإقامة يوما وليلة، لكن في غير الجنابة، أما الجنابة فلا، لا بد من الخلع حتى يغسل قدميه من الجنابة.

مسألة في كيفية المسح على الجوربين

130 - مسألة في كيفية المسح على الجوربين س: ما الحكم فيمن يقوم بالمسح على الشراب، بدلا من غسل الرجلين في الوضوء؛ وذلك بحجة البرد، وأنه لبس الشراب على وضوء؟ ومتى يصح؟ وكيف؟ (¬1) ج: إذا كان الجورب (الشراب) صفيقا ساترا للقدم، ولبسه على طهارة جاز المسح عليه؛ كالخف من الجلد يوما وليلة للمقيم بعد المسح، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، هكذا جاءت السنة عن الرسول عليه الصلاة والسلام، والصواب أنه يجوز المسح على الجورب – وهو الشراب – من الصوف، ومن القطن، أو الوبر مثل الجلد، مثل الخف سواء بسواء على الصحيح، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه مسح على الجوربين والنعلين، كما جاء في السنن من حديث المغيرة، وثبت عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أنهم مسحوا على الجوربين، فلا حرج في ذلك، إذا كان لبسهما على طهارة وكانا صفيقين ساترين فإنه يمسح عليهما يوما وليلة، يبدأ المسح من المسح بعد الحدث، إذا أحدث ومسح بدأ المسح هذا أول المدة؛ يوم وليلة، إذا أحدث ريحا ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (41).

أو بولا أو نحو ذلك، ثم مسح هذا أول المدة؛ يوم وليلة، وهكذا في السفر يبدأ مدة المسح بعد المسح من الحدث ثلاثة أيام بلياليهن في السفر، ويوما وليلة في الإقامة، أما المدة التي قبل ذلك ما تحسب مثل لو لبسها الظهر على الطهارة، ثم صلى الظهر بالطهارة، ثم صلى العصر بالطهارة والمغرب بالطهارة والعشاء بالطهارة، ثم أحدث بعد العشاء لا يحسب له إلا بعد العشاء إلا بعد المدة التي مضت على الطهارة، الأولى ما تحسب؛ لأنه ما أحدث فيها.

س: هل يجوز المسح على الجورب في الوضوء؟ وذلك كالمسح على الخفين؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم يمسح على الجورب، من القطن أو الصوف كما يمسح على الخفين من الجلد، وكان جماعة من الصحابة يمسحون على الجوارب، جاء عنه صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح «أنه مسح على الجوربين والنعلين، عليه الصلاة والسلام (¬2)» فلا حرج في ذلك إذا لبسهما على ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (325). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في المسح على الجوربين والنعلين، برقم (99)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب المسح على الجوربين، برقم (159)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب المسح على الجوربين والنعلين، برقم (125)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في المسح على الجوربين والنعلين برقم (560).

طهارة، وكانا ساترين يمسح عليهما، يوما وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، ويبدأ المسح بعد مسحه من الحدث يوما وليلة، يعني أربعا وعشرين ساعة، المسافر ثلاثة أيام بلياليها، اثنتين وسبعين ساعة بعد الحدث.

مسألة في كيفية المسح على الجورب

131 - مسألة في كيفية المسح على الجورب س: كيف يكون المسح على الجورب عند الوضوء؟ هل يبدأ برجل ويلبس الجورب، أو بعد الوضوء والتمسح؟ وهل يجوز حسب الظروف فرضا؟ (¬1) ج: يمسح على الشراب مثل ما يمسح على الخف الجلد، إذا كان عليه جوربان وقد لبسهما على طهارة يمسح عليهما مثل ما يمسح على الخفين، يمسح على اليمنى باليمنى، ثم يمسح على اليسرى باليسرى، ويكفي ذلك والحمد لله، على ظاهر القدم، يمسح ظاهر الخفين أو ظاهر الجوربين ويكفي ذلك، أما عند البدء فلا يمسح عليهما إلا إذا كان لبسهما على طهارة، أي لا بد أن يتوضأ أولا ثم يلبسهما، وإذا لبس الخف أو الجورب في الرجل اليمنى قبل أن ينتهي من الوضوء، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (328).

ثم غسل اليسرى ولبس فالأحوط له أن يخلع اليمنى، ثم يلبسها بعد تمام الوضوء؛ لأنه لبسها قبل تمام الوضوء، فيخلعها بعد أن غسل اليسرى، ثم يعيد لبسهما حتى يكون لبسها على طهارة كاملة.

س: نرجو من سماحتكم أن تتفضلوا ببيان أحكام المسح على الشراريب؟ (¬1) ج: المسح على الخفين والشراب مشروع، إذا كان الخف ساترا والشراب ساترا، ولبسهما على طهارة، والخف يكون من الجلد والشراب والجورب يكون من الصوف أو الوبر أو القطن أو نحو ذلك، فإذا كان الجورب ساترا والخف ساترا، ولبسهما على طهارة، شرع له المسح يوما وليلة بعد الحدث وبعد المسح في حال الإقامة، وثلاثة أيام بلياليها في حال السفر، فالمقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام بلياليها، بدءا من المسح بعد الحدث، إذا كان لبسهما على طهارة، وكانا ساترين، الخفان أو الجوربان، والخروق اليسيرة جدا يعفى عنها إن شاء الله. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (320).

حكم المسح على الحذاء ثم خلعه قبل الصلاة

132 - حكم المسح على الحذاء ثم خلعه قبل الصلاة س: إنني امرأة كفيفة وكبيرة ومن الصعب علي خلع الكنادر، ثم المسح على الشراب، ثم لبس الكنادر، فهل يجوز أن أمسح على الكنادر فقط وحينما أصل إلى السجادة أخلع الكنادر وأصلي (¬1) ج: المسح على ما يستر الرجلين من كنادر أو شراب جائز ورخصة من الله جل وعلا، وفيه تخفيف على الأمة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على خفيه وعلى الجوربين، ويصلي يوما وليلة في الحضر في الإقامة، وفي السفر ثلاثة أيام بلياليها، هذا مشروع والحمد لله، لكن يكون المسح على الشيء الساتر، إما جورب ساتر، أو خف من الجلد ساتر، يمسح عليه يوما وليلة في الإقامة بعد الحدث والمسح، يوما وليلة، أما الكندرة فلا يمسح عليها، إذا كانت غير ساترة لا يمسح عليها إلا أن يمسح عليها مع الجورب لا بأس، يمسح عليهما جميعا على الكندرة وعلى ما ظهر من الجورب، يمسح عليهما جميعا لا بأس، وإذا مسح عليهما جميعا لا يخلع، لأنه إذا خلع بطل الوضوء، فيصلي بالكندرة والشراب جميعا، فإذا خلع الجميع أو خلع الكندرة بطل الوضوء، وإذا أرادت هذه المرأة السلامة فعليها أن تمسح على الجورب فقط، وتخلي الخف أو غيره من شبشب أو غيره مما يخف عليها خلعه، أو في كندرة ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (34).

يخف خلعها تمسح على الجورب، وإذا جاءت المصلى خلعت الكندرة وكفاها الجورب، ولا تمسح على الكندرة، تمسح على الجورب الذي يستر القدم والحمد لله، وأما الكندرة لا تمسح عليها حتى تخلعها متى شاءت، أو تجعل الجورب في شبشب يقيها في الأرض، ثم تخلع الشبشب، المقصود أنها إذا مسحت على الكندرة لا يجزئ؛ لأن الكندرة لا تستر إذا كانت قصيرة، أما إذا كانت الكندرة واسعة تستر القدم كله مع الكعبين، فتمسح على الكندرة ومتى مسحت عليها فلا تخلعها إلا بعد الصلاة، تصلي أولا: أما إن خلعتها قبل الصلاة بطل الوضوء، فينبغي التنبه لهذا، ينبغي التنبه للمرأة، والذي يقرأ عليها يسمعها هذا الجواب، ويفهمها بأن المسح على الكندرة لا يجزئ، إذا كانت قاصرة لا تستر الكعبين، وإذا كانت ساترة وخلعتها بطل وضوؤها، فالذي ينبغي لها أن تمسح الجورب، وتكتفي به والكندرة تخلعها متى شاءت.

س: يقول السائل: إني عامل في السعودية، وفقني الله بالصلاة مع عمالي، ولكن الرجل الذي يؤم الناس بصلاة الجماعة وجدته في الوضوء يمسح رجله بالماء من فوق الشراب، فقلت له: لماذا لم تخلع الشراب؛ لتعم الماء على رجلك؟ فقال لي: سألت المطوع، قال: يجوز المسح فوق الشراب، فهل تكون الصلاة صحيحة أم لا؟ وفقكم الله (¬1) ج: نعم يجوز المسح على الشراب، إذا كان ساترا، يجوز المسح عليه إذا لبس على طهارة، فلا حرج في ذلك، الرسول صلى الله عليه وسلم مسح على جوربين ونعلين، وثبت عن جماعة من الصحابة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام أنهم كانوا يمسحون على الجوارب، والجوارب هي الشراب من القطن أو من الصوف، ونحو ذلك، أما الخف فهو من الجلد، والنبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين، ومسح على الجوربين أيضا، فلا حرج في ذلك، ومن قال: إنه لا يمسح إلا على الخف فقط، أو على الجلد فهو قول ضعيف مرجوح، والصواب أنه يمسح على الجلد وعلى الجورب، الذي هو الشراب، من القطن أو الصوف، إذا كان ساترا للقدم، وإذا كان لبسهما على طهارة فإنه يمسح يوما وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر بعد الحدث، هذا هو المشروع، وبذلك تعلم أن مسحه لا حرج فيه، وأن صلاته صحيحة، وأن قول من قال: إن المسح يكون في الخف الذي هو الجلد ليس بجيد. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (25).

باب المسح على الجبيرة

باب المسح على الجبيرة 133 - حكم المسح على العضو المصاب لمدة زمنية طويلة س: أصاب إصبع رجلي الإبهام جرح تعفن، وأدخلت المستشفى، وأجريت لي عملية، وبقي هذا الجرح ستة أشهر لم يبرأ، يغير له الأطباء يوما بعد الآخر، ويربطونه بالشاش، وكلما توضأت أمسح على الإصبع، فهل يجزئ هنا المسح عن التيمم؟ مع العلم أن الماء يصل جميع محلات الوضوء، ما عدا الإصبع المربوطة، وإذا ربط الشاش فوق الدواء لم يخرج منها شيء (¬1) ج: لا شك أن مسح الجبيرة كاف عن التيمم، فإذا مسح على الجبيرة التي على الجرح عند غسل الرجل، التي فيها الجرح كفى ذلك والحمد لله، ولا يحتاج إلى التيمم، وهذا هو الواجب عليه عند وجود ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (9).

الجرح الذي عليه الشاش، أي عليه الجبيرة يمسح على الجبيرة يعمها بالمسح، ويكفي عند غسل الرجل والحمد لله.

س: تعرضت لكسر في ساقي ووضع عليه الجبس، وعند الوضوء أمسح على الجبس، فهل وضوئي صحيح؟ (¬1) ج: نعم، عليك أن تمسح على الجبس كالجبيرة حتى يزال إذا كان الجبس على القدم، أما إذا كان على الساق فلا تمسح عليه، إذا كان الجبس بضعه على القدمين، أو على أحد القدمين تمسح عليهما عند الوضوء، مثل لو كانت الجبيرة بخرقة أو غيرها على قدمك، تمسح عليها حتى تزال، ولا يشترط أن يوضع الجبيرة والجبس على طهارة على الصحيح. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (328).

س: أصيب شخص بجرج في إصبعه وقام الطبيب بربط الجرح حتى لا يصل الماء إلى الجرح، فكيف يتوضأ المصاب في هذه الحالة أم أنه يتيمم؟ (¬1) ج: يتوضأ ويمسح على الجبيرة، وليس له حد محدود. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (337).

س: كنت ذات يوم ألعب بالكرة، وقد حدث أن جرحت رجلي جرحا مؤلما، ودخل وقت الصلاة فتوضأت الوضوء الكامل، غير أني لم أغسل مكان الجرح، فكنت أصلي والدم ينزف مني، ودمت على ذلك خمسة أيام، فهل صلاتي صحيحة مع العذر أم لا؟ أفيدونا بارك الله فيكم (¬1) ج: الواجب في هذا أنك تجعل للجرح شيئا يمسك الدم؛ جبيرة يعني خرقة تلفها عليه أو ما أشبهها مما يحبس الدم ويوقف الدم، حتى تمسح على هذه الجبيرة، فإن لم يتيسر تيمم عن ذلك بعد الوضوء، تتيمم عن ذلك ويكفي عن محل الجرح، ولكن ضبطه بلفافة أو جبيرة ثم تمسح عليها هذا هو الواجب؛ لأنه هو الطريق المتبع، فإذا لم تفعل ذلك فإن قضيت هذه الصلوات فهو أحوط، إن قضيت الأيام الخمسة التي فعلتها من دون مسح ولا تيمم فهذا هو الأحوط لك؛ لأنك فرطت في هذا الأمر، وهو أمر واضح، إما بربط الجرح والمسح عليه، وإما بالتيمم بعد ذلك؛ لأنك تستطيع التيمم عن هذا الجرح الذي بقي محله لم يغسل، والله ولي التوفيق. ¬

_ (¬1) السؤال الثمانون من الشريط رقم (65).

باب المسح على العمامة

صفحة فارغة

باب المسح على العمامة 134 - حكم المسح على العمامة والربطة للنساء وشرط ذلك س: هل تشترط الطهارة عند المسح على العمامة أو الربطة بالنسبة للمرأة؟ وكيفية المسح عليها؟، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: العمامة كالخفين لا بد من الطهارة، فإذا لبس العمامة المحنكة على طهارة مسح عليها يوما وليلة، وهكذا المرأة إذا أرادت الخمار على رأسها وشق عليها نزعه تمسح يوما وليلة، إذا كانت لبستها على طهارة كالخفين سواء، أما إذا كان لا يشد كالعمامة العادية، أو الغترة فهذه ليس عليها مسح؛ لأن خلعها لا يكلف، كذلك الخمار العادي. أما إذا كانت العمامة تحنك على الرأس، وتربط على الرأس ففي حلها بعض المشقة، فيمسح عليها يوما وليلة إذا لبسها على طهارة، وهكذا إذا كانت المرأة تدير الخمار على رأسها بشريطة على رأسها فإنها ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (316).

تمسح عليه يوما وليلة، إذا لبستها على طهارة، أي لبست الخمار على طهارة.

حكم مسح المرأة على الخمار

135 - حكم مسح المرأة على الخمار س: تقول السائلة: هل يجوز للمرأة أن تمسح رأسها من فوق الملابس التي على رأسها؟ (¬1) ج: ليس لها ذلك، بل عليها أن تمسح الرأس نفسه، كما أن الرجل يمسح رأسه أيضا، لكن إن كان عليها خمار حنكت به رأسها ويشق عليها نزعه مسحت عليه يوما وليلة إذا كان لبسته على طهارة، مثل الرجل إذا لبس العمامة على طهارة يوما وليلة يمسح عليها يوما وليلة بعد الحدث إذا كانت عمامة محنكة؛ لأن حلها قد يشق بعض المشقة، وهكذا الخمار المحنك على المرأة، إذا حنكته على رأسها ولبسته على طهارة فإن لها أن تمسح يوما وليلة كالخفين، كما تمسح الخفين يوما وليلة كالرجل، أما خمار مطروح هكذا على الرأس عادي فهذا لا يمسح عليه، بل يزال، ويمسح على الرأس، أو لبستها على غير طهارة لا تمسح عليها تزيلها، أو زاد عن الوقت يوما وليلة تزيلها كالرجل سواء. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (281).

حكم المسح على التحجيبة إذا لبست على طهارة

136 - حكم المسح على التحجيبة إذا لبست على طهارة؟ س: سائلة تقول: توضأت على التحجيبة الموضوعة على الرأس؛ لأنه لا يوجد وقت في العمل برفع التحجيبة من على الرأس للوضوء، ووضعها مرة أخرى، فهل الوضوء صحيح أم لا؟ (¬1) ج: إذا كان المراد من التحجيبة هنا الخمار (الشيلة) التي على الرأس هذه تنزع وقت مسح الرأس، أما إذا كان المقصود بالتحجيبة آثار المشاط الذي في الرأس، أو الحناء الذي في الرأس هذا يمسح عليه والحمد لله، أما التحجيبة التي أردت إذا كانت غير ذلك فلا بد من بيانها، أما إذا كان الخمار محنكا على الرأس، ويشق نزعه، وقد لبس على الطهارة فإنه يمسح عليه يوما وليلة، كالخفين وهكذا عمامة الرجل، إذا جعلها على رأسه، وحنكها تحت حنكه ولفها على رأسه فإن مثلها يشق نزعه، فإذا مسح عليها يوما وليلة فلا بأس إذا كان لبسها على طهارة، فالعمامة والخمار للمرأة كلاهما إذا لبس على طهارة، وقد حنكها أو حنكتها المرأة، أي ربطتها على رأسها، وربطها على رأسه فإن هذا عذر في المسح عليها، إذا كان لبسها على طهارة يوما ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (282).

وليلة في الحضر، وبثلاثة أيام بلياليها للسفر، كالخفين، أما لبس الخمار عاديا، والغترة عاديا، فلا يمسح عليها عند المسح، يزيل الغترة ويمسح، وتزيل المرأة الخمار العادي، وتمسح، أو كان لبسها على غير طهارة ينزعها ويمسح على الرأس، وشرط ذلك أن يكون لبسها على طهارة، وأن تكون يشق نزعها؛ لأنها محنكة مطوية، ملفوفة على الرأس، مداراة على الرأس. إذا كان يشق على المرأة، ولبست التحجيبة على طهارة، إذا لبست التحجيبة وهي التي تلف على الرأس والذقن فهذا فيه مشقة، فإذا كان على طهارة تمسح عليها – والحمد لله – يوما وليلة في حق المقيم، وثلاثة أيام بلياليها في حق المسافر.

س: تقول السائلة: بعض أخواتنا الطبيبات والممرضات يرتدين ما يسمى لديهن بالتحجيبة، وهذه التحجيبة ينطبق عليها الوصف، وهو أنها تكون من تحت الذقن، وتغطي جميع الرأس، هل لمثل هؤلاء الأخوات أن يمسحن على هذه التحجيبة إذا لبست على الطهارة؟ (¬1) ج: نعم، إذا لبسنها على طهارة، وكان حلها مما يشق بعض الشيء فإنها تمسح على هذه التحجيبة، التي يسمونها خمارا محنكا، ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (432).

نعم تمسح إذا كان لبستها على طهارة يوما وليلة فقط بعد الحدث، ثم تنزعها بعد اليوم والليلة، وأما إن كانت ملبوسة على غير طهارة فإنها لا تمسح عليها.

حكم المسح على الضماد الذي على الرأس

137 - حكم المسح على الضماد الذي على الرأس س: تقول السائلة: إذا أردت وضع الحناء على رأسي لمدة يوم، أو يومين فهل يجوز أن أمسح على الغطاء، أم لا بد من مسح الرأس نفسه؟ (¬1) ج: تمسح على الضماد الذي على الرأس، تقول عائشة: «كنا نمسح على الضماد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم (¬2)». ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (281). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل، برقم (254).

138 - حكم من توضأ ولم يستنشق س: تسأل هذه المستمعة، وتقول: إذا توضأت وضوءا كاملا، إلا أنني لم أستنشق فهل يبطل وضوئي وصلاتي؟. ج: نعم الاستنشاق والمضمضة لا بد منهما في غسل الوجه، من

جملة غسل الوجه، فلا يصلح غسل الوجه إلا بالمضمضة والاستنشاق ولو مرة واحدة، والأفضل ثلاث مرات، فالذي لم يستنشق ولم يتمضمض، وضوؤه غير صحيح، يعيده من أوله.

باب ما جاء في نواقض الوضوء

باب ما جاء في نواقض الوضوء 139 - بيان الخلاف في نقض الدم للوضوء س: هل إذا خرج الدم من جرح في الجسم هل ينقض الوضوء؟ أفيدونا أفادكم الله (¬1) ج: أما الدم القليل فلا ينقض، والرعاف القليل لا ينقض، أما إذا كثر فالأحوط الوضوء؛ لأنه فيه خلاف بين أهل العلم، منهم من يرى النقض، ومنهم من لم ير النقض، والآثار في هذا والأحاديث فيها بعض التعارض، وليس في المقام حديث صحيح يدل على النقض، لكن من باب الاحتياط من باب: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (¬2)». إذا كثر فإنه يتحفظ عن الدم ويتوضأ، هذا هو الأفضل والأحوط له؛ خروجا من خلاف العلماء وعملا بالنصوص كلها، أما إذا كان الشيء قليلا؛ نقطات قليلة من الرعاف، والنقط القليلة من الجرح، وهكذا عصر البثرة في العين، وما يقع ويخرج من الأسنان في بعض الأحيان عند السواك ونحوه كل هذا يعفى عنه، ولا حرج فيه. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (36). (¬2) سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2518)، سنن النسائي الأشربة (5711)، مسند أحمد (3/ 153)، سنن الدارمي البيوع (2532).

س: رجل توضأ وذهب إلى المسجد وهو في الطريق أصيب بالرعاف، فخرج من أنفه الدم، هل ينتقض وضوؤه والحال ما ذكر؟ (¬1) ج: إذا كان كثيرا ينبغي أن يتوضأ خروجا من خلاف العلماء؛ لأن خروج الدم الكثير فيه خلاف بين أهل العلم، فإذا كان كثيرا فالأحوط له أن يتوضأ، أما إن كان قليلا فيعفى عنه. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (302).

س: هل نزيف الدم من الأنف وبشكل متكرر يبطل الوضوء؟ حيث إنه ينزف أحيانا خلال الوضوء نفسه، فهل أعيده من جديد؟ أفيدونا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: إذا كان قليلا يعفى عنه، وإن كان كثيرا فالأحوط الإعادة إعادة الوضوء، وأما إن كان قليلا فيعفى عنه، والحمد لله، لأن في نقض الوضوء بالرعاف الكثير خلافا بين العلماء، فإذا كثر الدم فالأحوط أن تعيد الوضوء إذا وقف الدم، وأما إن كان قليلا تمسحه ويعفى عنه. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (378).

س: قرأت لصاحب فقه السنة، أن الدم لا يفسد الوضوء، واستدل ببعض أعمال الصحابة، حيث صلى بعضهم وجروحهم تثعب دماء، وقد قال: إن الحجامة لا تفسد الصوم، فما قولكم في هذا؟ (¬1) ج: هذه مسألة خلاف بين أهل العلم، والأرجح أنه إذا كان الشيء قليلا من الدم، لا ينقض الوضوء يعفى عن اليسير، أما الكثير فالأحوط للمؤمن أن يتوضأ خروجا من خلاف العلماء لأن الأدلة في هذا ليست واضحة، فإذا توضأ الإنسان من الدم الكثير من الجراح الكثيرة كان أحوط إلا إذا استمر فإنه يصلي على حسب حاله كالمستحاضة، تتوضأ لوقت كل صلاة، وتصلي، فهكذا من كان معه الجرح الدائم، يتوضأ لكل صلاة ويكفي، وهكذا صاحب السلس الذي معه البول الدائم، يتوضأ لكل صلاة، أما الدماء اليسيرة، التي تعتري الإنسان مثل رعاف يسير، أو جرح يسير، هذا يعفى عنه، ولا يجب معه وضوء، والحجامة تعتبر من الدم الكثير فالوضوء أحوط. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (188).

س: يقول السائل: عند الوضوء وإذا استنشقت وجئت لأستنثر يخرج دم، فكيف أتصرف وهل الوضوء حينئذ صحيح؟ (¬1) ج: الوضوء صحيح، وتغسل ما خرج من الدم إذا كان الشيء يسيرا، أما إن كان كثيرا فتعتني بإزالته وإيقافه ثم تكمل الوضوء، أما إن كان يسيرا فإنك تزيله بالغسل، وتستمر في إكمال وضوئك. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (247).

حكم انتقاض الوضوء بسبب قتل الحشرات

140 - حكم انتقاض الوضوء بسبب قتل الحشرات س: يدعي البعض أن قتل البراغيث أو القمل يبطل الوضوء، هل هذا صحيح؟ (¬1) ج: ليس بصحيح، ولا حرج في ذلك، قتل البرغوث أو القمل أو العقرب عنده أو حوله وهو يصلي، أو حية ضربها أو قتلها، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب (¬2)» كذا البرغوث والبعوض لا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (328). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب العمل في الصلاة، برقم (921)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب قتل الحية والعقرب في الصلاة، برقم (390).

حكم خروج الدم من الفم أثناء الوضوء وأثناء الصيام

141 - حكم خروج الدم من الفم أثناء الوضوء وأثناء الصيام س: السائل: س. ظ، من عفيف، يقول: أعرض عليكم قضية، وهي أنه ينزل من فمي عند الوضوء دم، فهل يؤثر ذلك على الوضوء، وكذلك الحال بالنسبة للصيام؟ هل يؤثر ذلكم الدم على الصيام (¬1) ج: لا يؤثر على الصيام، لا الدم من فمك، ولا من سائر بدنك، الجراحات لا تؤثر على الصيام، وهكذا الوضوء، ما يخرج من الدم من الشفتين أو من اللثة لا يضر الوضوء، لكن تنظفه حتى يزول، وأما الوضوء فهو صحيح، وهكذا الصيام صحيح، إنما الذي يفطر الصائم الحجامة، لو احتجم على الصحيح يفطر بها على أصح قولي العلماء، أما ما قد يقع من جراحات من البدن، أو ما يخرج من دم من الأسنان، أو من الشفة عند بعض الأسباب فهذا كله لا يضر الصوم، ولا يضر الوضوء. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (263).

حكم خروج الدم من الجسم بعد الطهارة

142 - حكم خروج الدم من الجسم بعد الطهارة س: إذا كان الإنسان على وضوء، وخرج من جسمه دم هل يبطل وضوؤه؟ (¬1) ج: إذا كان الدم يسيرا؛ الجراحات اليسيرة فهو لا يبطل، فالوضوء صحيح، أما إن كان الدم كثيرا فاختلف العلماء في ذلك، منهم من رآه يبطل الوضوء، ومنهم من رأى أنه لا يبطل الوضوء؛ لأن الأحاديث في ذلك ليست صريحة، والصريح منها ليس بصحيح، فالأحوط للمؤمن إذا كان الدم كثيرا أن يقضي الصلاة خروجا من الخلاف واحتياطا للدين، أما إن كان الدم يسيرا وخفيفا وقليلا فيعفى. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (295).

حكم وضوء من نام وهو جالس

143 - حكم وضوء من نام وهو جالس س: تقول هذه السائلة: نسمع كثيرا أن من نام وهو على طهارة وهو جالس ولو نوما كثيرا بأن الوضوء لا ينتقض. ما مدى صحة هذا الكلام سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: هذا غير صحيح، هذا الكلام ما هو بصحيح، متى نام نوما مستغرقا زال معه شعوره سواء كان جالسا أو مضطجعا بطل وضوؤه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح حديث صفوان بن عسال، يقول ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (368).

رضي الله عنه: «كان النبي يأمرنا أن نمسح على خفافنا، ولا ننزع خفافنا إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم (¬1)» كان يأمرنا أن يمسحوا، يعني: يتوضؤوا ويمسحوا على الخفاف من الغائط والنوم، ولم يفصل، والنوم المستغرق ينقض الوضوء بلا شك، سواء كان جالسا، أو مضطجعا، أو ساجدا، أو قائما لهذا الحديث، ولكن من غائط ونوم بول، وروي عن النبي أنه قال: «من نام فليتوضأ (¬2)» لكن أصحها حديث صفوان، قال: «كان يأمرنا أن لا ننزع خفافنا إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم (¬3)»، وقد أمرنا أن نمسح على الخفاف، ولا ينزعوها لكن إذا أصابتهم جنابة ينزعونها، ولكن يمسحونها عند الوضوء من الغائط والبول. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله، باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم، برقم (96)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب الوضوء من الغائط والبول، برقم (158)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء من النوم، برقم (478). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في الوضوء من النوم، برقم (203)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء من النوم، برقم (477). (¬3) سنن الترمذي الدعوات (3535)، سنن النسائي الطهارة (126)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (478)، مسند أحمد (4/ 240).

س: الأخ: ع، من جدة، يسأل ويقول: إنني قرأت أن استتار العقل بسكر ينقض الوضوء، لكن هناك من يسكر ولا يستتر عقله، هل ينتقض وضوؤه؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل: النوم إذا استثقل الإنسان في نومه، وذهب شعوره ينقض الوضوء بنص السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أصيب الإنسان بما يغطي عقله؛ من سكر أو غشية أو إغماء فإنه ينتقض وضوؤه؛ لأنه مظنة الحدث كالنوم، فالغشية التي تصيب الناس، وهي الإغماء بسبب بعض الحوادث، أو صرع يصرع الإنسان حتى يغمى عليه، أو يشرب مسكرا يذهب بعقله هذا عليه الوضوء، أما إذا كان المسكر لم يذهب بعقله، بأن كان شيئا يسيرا، أو بأن كان قد اعتاد هذا الشيء، فلا يسكر منه ولا يذهب عقله فلا ينتقض وضوؤه، الضابط زوال العقل، فإذا زال عقله بإغماء أو بنوم، أو شرب مسكر أو حبوب أزالت عقله فإنه ينتقض وضوؤه، فأما إذا كان يعقل ما يخرج منه ولم يذهب عقله بهذه الحبوب، أو بهذا الشراب، بل يعقل ما خرج منه، من ريح أو بول فإنه لا ينتقض وضوؤه، فالحكم يدور مع بقاء العقل، وإن بقي العقل فلا ينتقض الوضوء، وإن زال بسبب هذا الإغماء، أو النوم، أو السكر فإنه يكون منتقض الوضوء. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (136).

س: الذين يعيشون لحظات غيبوبة هل ينتقض وضوؤهم أو لا؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، مثل النوم إن كان شيئا يسيرا ما يذهب الوعي، ولا يمنع الإحساس من خروج الحدث، فلا يضر كالنائم الذي ينعس النعاس الخفيف، ما يستغرق في نومه، يسمع الناس، يسمع الحركة، هذا لا يضره وطهارته صحيحة، حتى يعلم أنه خرج منه شيء، هكذا إذا كان في غيبوبة لا تمنع الإحساس، مثل تعاطي بعض الأدوية، أو بعض الأشياء التي قد يحصل له بها شيء من الغيبوبة، لكنها غير تامة، بل يحس معها بالحدث، يسمع الكلام، هو مثل الناعس، أما إن كانت غيبوبة تمنع شعوره بما يخرج منه كالسكران والمصاب بمرض أفقده شعوره، وصار في غيبوبة هذا ينتقض وضوؤه، كمن أغمي عليه بأي سبب من الأسباب فإنه أعظم من النوم، ينتقض معه الوضوء، وكذلك من ابتلى بالصرع إذا صرع، ثم عافاه الله وزال عنه الصرع فإنه يتوضأ. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (74).

حكم انتقاض الوضوء لمن مس فرجه

144 - حكم انتقاض الوضوء لمن مس فرجه س: يسأل سماحتكم سؤالا آخر فيقول: هل مس الفرج دون حائل ينقض الوضوء ولو بدون شهوة؟ (¬1) ج: مس الفرج ينقض الوضوء إذا كان من غير حائل، مس اللحم اللحم ولو بدون شهوة، هذا هو الصواب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بين أنه ينقض الوضوء، ولم يشترط الشهوة فقال صلى الله عليه وسلم: «من مس ذكره فليتوضأ (¬2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «أيما رجل أفضى بيده إلى فرجه ليس دونهما ستر فقد وجب عليه الوضوء، وأيما امرأة أفضت بيدها إلى فرجها ليس دونها ستر فقد وجب عليها الوضوء (¬3)» ولم يشترط الشهوة، فدل ذلك على أن مس الفرح ينقض الوضوء مطلقا بشهوة وبغير شهوة، سواء كان الرجل أو المرأة، إذا مس الرجل فرجه أو فرج امرأته، أو فرج الطفل انتقض الوضوء، وهكذا المرأة إذا مست ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (301). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (82)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (181)، والنسائي في كتاب الغسل والتيمم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (447). (¬3) أخرجه النسائي في كتاب الغسل والتيمم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (445).

فرجها، أو فرج زوجها، أو فرج أطفالها انتقض الوضوء، فهذا مهم حتى لا تغفل عنه الأمهات عند تطهيرهن أولادهن ذكورا أو إناثا، فيجب إعادة الوضوء إن كانت الأم على وضوء.

س: الأخ: أ. ح. من محافظة الشرقية، جمهورية مصر العربية، يقول: إذا مس الإنسان فرجه، أو فرج أحد أطفاله مثلا، أو الأم لامست أحد أطفالها هل يجب عليها إعادة الوضوء؟ (¬1) ج: نعم، إذا مس الإنسان فرجه مباشرة، يعني مس اللحم اللحم، مس الفرج الذكر أو الدبر انتقض الوضوء، وهكذا المرأة إذا مست فرجها، أو فرج بعض أولادها انتقض الوضوء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من مس ذكره فليتوضأ (¬2)» ولقوله عليه الصلاة والسلام: «من أفضى بيده إلى فرجه ليس بينهما ستر فقد وجب عليه الوضوء (¬3)» فإذا مسه مباشرة فإنه ينتقض وضوؤه، أما إذا كان من وراء الثياب من وراء الإزار، أو من وراء السراويل فلا يضر، وإنما يضر إذا مس اللحم اللحم، مست يده الفرج وليس دونهما حائل. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (147). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (82)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (181)، والنسائي في كتاب الغسل والتيمم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (447). (¬3) أخرجه النسائي في كتاب الغسل والتيمم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (445).

حكم انتقاض وضوء من مس فرجه فوق ساتر

145 - حكم انتقاض وضوء من مس فرجه فوق ساتر س: هل لمس العضو من فوق الثياب ينقض الوضوء وأيضا الثياب سميكة؟ (¬1) ج: مس الفرج من وراء الثياب لا يضر، النبي عليه السلام قال: «وليس دونهما حائل (¬2)» فإذا مس فرجه، ومست المرأة فرجها من وراء حائل فإن هذا لا ينقض الوضوء، وإنما ينقض الوضوء إذا كان مس اللحم اللحم، مس فرجه بيده من دون حائل، والمرأة كذلك مست فرجها بيدها من دون حائل، فهذا هو الذي ينقض الوضوء، أما إن كان المس من وراء الحائل كالسراويل، أو الإزار، أو القميص فإن هذا لا ينقض الوضوء، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (36). (¬2) أخرجه النسائي في كتاب الغسل والتيمم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (445).

س: ما حكم مس القبل أو الدبر؟ وما حكمه في الوضوء؟ (¬1) ج: من مس فرجه دبرا كان أو قبلا انتقض الوضوء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أفضى بيده إلى فرجه ليس دونهما حائل فقد وجب عليه الوضوء (¬2)» وفي لفظ آخر: «من مس ذكره فليتوضأ (¬3)» فإذا مس الرجل فرجه دبرا أو قبلا انتقض وضوءه، وهكذا المرأة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (36). (¬2) أخرجه النسائي في كتاب الغسل والتيمم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (445). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (82)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (181)، والنسائي في كتاب الغسل والتيمم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (447).

حكم انتقاض الوضوء من مس فرج طفل

146 - حكم انتقاض الوضوء من مس فرج طفل س: هل تنظيف الطفل والتغيير له ينقض الوضوء؟، إذا أجريت ذلك وكنت على وضوء (¬1) ج: نعم، إذا نظفت المرأة طفلها، ومست فرجه انتقض الوضوء، كما لو مست فرجها، ولو كان الطفل دون البلوغ؛ لأن النص عام. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (136).

س: هذه السائلة من الرياض، تقول: إذا قمت بتنظيف طفلي فهل يلزمني تجديد وضوئي بعد ذلك، أم أن طهارتي باقية؟ (¬1) ج: إذا كان التنظيف فيه مس العورة ينتقض الوضوء فيه، فإذا مست المرأة عورة طفلها انتقضت الطهارة، كما لو مست عورتها هي فعليها تجديد الوضوء. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (406).

س: هل تؤثر نظافة الطفل الرضيع على وضوء أمه؟ (¬1) ج: نعم، إذا مست فرجه فإنها تتطهر، ينتقض وضوؤها إذا مست فرجه؛ ذكره؛ أو قبل الأنثى أو الدبر، فإن هذا ينقض الوضوء، إذا كانت على وضوء تعيد الوضوء كالرجل وكالمرأة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (157).

س: ملامسة عورات الأطفال هل تنقض وضوء اللامس؟ (¬1) ج: نعم، عورة الطفل تنقض وضوء من مسها، إذا مستها أمه أو أبوه، انتقض الوضوء للحديث: «من مس الذكر فليتوضأ (¬2)». ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (104). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (82)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (181)، والنسائي في كتاب الغسل والتيمم، باب الوضوء من مس الذكر، برقم (447).

س: إذا غسلت طفلا وأنا متوضئة فهل ينتقض وضوئي؟ (¬1) ج: نعم، إذا مسست فرج الطفل انتقض الوضوء، فإن مس الفرج من الطفل ومن الكبير ينقض الوضوء، إذا كان من دون حائل، أما مع الحائل من وراء الحائل، فلا ينقض الوضوء. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (332).

حكم انتقاض الوضوء من مس المرأة

147 - حكم انتقاض الوضوء من مس المرأة س: هل لمس المرأة ينقض الوضوء؟ (¬1) ج: لمس المرأة فيه اختلاف بين العلماء، منهم من قال: ينقض الوضوء. ومنهم من قال: لا ينقض الوضوء. ومنهم من فصل، فقال: من مسها بشهوة بتلذذ انتقض وضوؤه، وإلا فلا، والصواب أنه لا ينقض الوضوء مطلقا، مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا، هذا هو الصواب، هذا هو الراجح؛ لأن الأصل عدم نقض الوضوء بذلك؛ ولأنه عليه الصلاة والسلام «كان يقبل بعض نسائه، ثم يصلي ولا يتوضأ (¬2)»، ولم يأمر الناس بالوضوء من مس المرأة، ولو كان مسها ينقض لأمر به الناس، الله بعثه معلما ومرشدا، عليه الصلاة والسلام، ولم يتوفه الله إلا وقد بلغ البلاغ المبين عليه الصلاة والسلام، فلو كان مس المرأة ينقض الوضوء لبينه النبي عليه الصلاة والسلام، أما قول الله عز ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (329). (¬2) سنن النسائي الطهارة (170)، سنن أبو داود الطهارة (178)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (503)، مسند أحمد (6/ 62).

وجل فيما يوجب الوضوء: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬1) النساء، فالمراد بذلك الجماع، قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬2)، فقوله سبحانه: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} (¬3)، هذا فيه الوضوء الحدث الأصغر وقوله {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬4) النساء هذا فيه الجنابة، ويعني إتيان النساء، والله يكني عن الجماع بالملامسة واللمس، وليس المراد لمس اليد ولا مس القبلة، فالمراد الجماع، هذا هو المعنى الصحيح لتفسير الآية. ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 6 (¬2) سورة المائدة الآية 6 (¬3) سورة المائدة الآية 6 (¬4) سورة المائدة الآية 6

س: هل مس يد المرأة ليد الرجل، وليس هناك قصد هل يؤثر ذلك على وضوئهما أو لا؟ (¬1) ج: مس المرأة فيه تفصيل، وله ثلاث حالات: إحداها: أن يمسها بشهوة. الثانية: ألا يمسها بشهوة، بل مس عادي. الثالثة: أنه سواء بشهوة، أو بغير شهوة، لا يضر. والصواب أن مسها لا ينقض الوضوء، سواء كان عن تلذذ أو من غير تلذذ هذا هو الصواب، وأما قوله سبحانه {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬2) النساء ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (362). (¬2) سورة المائدة الآية 6

، فالمراد به الجماع، جامعتم النساء، فمس المرأة إذا مسها لغير شهوة لا ينقض الوضوء، وهكذا لو مسها متلذذا مس يدها، أو قبلها فإنه لا ينتقض وضوؤه لذلك، قد قالت عائشة رضي الله عنها: «إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها، ثم يصلي ولا يتوضأ (¬1)» فالمقصود أن تقبيل المرأة، أو مس يدها، أو قدمها، أو وجهها لا ينقض الوضوء على الصحيح مطلقا، إلا إذا خرج منه شيء كالمذي انتقض وضوءه، أما ما دام مس من دون شيء لا يخرج شيء، فالصواب أن هذا المس لا ينقض الوضوء؛ لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها: «كان يقبل بعض نسائه، ثم يصلي ولا يتوضأ (¬2)». اللهم صل وسلم عليه. ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170)، بلفظ يقبل بعض أزواجه. (¬2) سنن الترمذي الطهارة (86)، سنن النسائي الطهارة (170)، سنن أبو داود الطهارة (178)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (502)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 210).

س: إذا حصل أن لمست يدي يد زوجتي عفوا أو العكس فهل ينقض الوضوء أم لا؟ (¬1) ج: مس المرأة سواء كان ذلك عمدا، أو من غير عمدا لا ينقض الوضوء على الصحيح، قد اختلف العلماء في ذلك، فقال بعضهم: إن مسها ينقض الوضوء مطلقا. وقال بعضهم: لا ينقض الوضوء مطلقا. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (8).

وقال بعض أهل العلم: ينقض مع الشهوة، وهي التلذذ بمسها، ولا ينقض المس بدون ذلك، والصواب: قول من قال: إنه لا ينقض مطلقا؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قبل بعض نسائه، ثم صلى ولم يتوضأ. ولأن الأصل سلامة الطهارة وعدم انتقاضها إلا بدليل، وليس هناك دليل واضح ثابت يدل على انتقاضها بمس المرأة، فوجب حينئذ أن تبقى الطهارة على حالها، ولا تنتقض بالمس لعدم الدليل على ذلك، بل لوجود الدليل على أن مسها لا ينقض ولو كان بشهوة؛ لأن القبلة في الغالب لا تكون إلا عن شهوة عن تلذذ، فالحاصل أن الصواب والراجح من أقوال العلماء أن مس المرأة بشهوة، أو بغير شهوة لا ينقض الوضوء، سواء إن كانت زوجته أو غير زوجته، هذا هو الصواب، وأما قوله جل وعلا: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬1)، وفي قراءة: (أو لمستم النساء)، فالمراد بذلك على الصحيح الجماع، هذا قول ابن عباس وجماعة من أهل العلم وهو الصواب، أما قول من قال: إن المراد به مس المرأة كما يروي عن ابن مسعود رضي الله عنه، يعني مسها باليد فهذا مرجوح، والله جل وعلا يعبر عن الجماع بالمسيس واللمس والمباشرة، كما في قوله جل وعلا: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (¬2)، وقال هنا: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬3)، فالمراد ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 6 (¬2) سورة البقرة الآية 187 (¬3) سورة المائدة الآية 6

به هنا الجماع، وهكذا قراءة من قرأ: أو لمستم (¬1) أو {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} (¬2)، في طلاق غير المدخول بها، فالمراد كله الجماع، هذا هو الصواب، وهو الحق إن شاء الله. ومن يقول: إن تقبيل الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقاس عليه؛ لأن الرسول يستطيع أن يمسك نفسه، وألا يقع فيما يقع فيه العامة الآن. فهذا القول ليس بشيء، هو المشرع لنا، هو القدوة عليه الصلاة والسلام، ولما قيل في مثل هذا قال: «إني أخشاكم لله وأتقاكم له (¬3)» عليه الصلاة والسلام، لما سأله سائل قال: إنك يا رسول الله قد غفر الله لك في مسائل عديدة، قال: «إني أخشاكم لله وأتقاكم له (¬4)» عليه الصلاة والسلام، فالحاصل أنه القدوة والأسوة في كل شيء عليه الصلاة والسلام، إلا ما دل الدليل على أنه خاص به عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف العاشر. (¬2) سورة البقرة الآية 237 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب، برقم (1110). (¬4) صحيح البخاري النكاح (5063).

س: هل لمس الرجل ليد الزوجة، أو ليد المرأة الأجنبية عنه بغير قصد ناقض للوضوء؟ (¬1) ج: مس المرأة لا ينقض الوضوء، زوجته أو محرمه أو غيرهما، لا ينقض الوضوء، إلا إذا خرج مني أو مذي، إذا خرج المذي يغسل ذكره ويتوضأ، أو خرج مني بشهوة عليه غسل الجنابة، أما إذا مسها أو قبل زوجته أو مسها ولم يحصل شيء لا ينتقض الوضوء، أما قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬2)، فالمراد به الجماع، يكني به الرب عن الجماع، هذا هو الصواب، لمس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا، هذا هو الصواب سواء عن شهوة أو عن غير شهوة، هذا هو القول الحق، لكن لو لمسها؛ قبل زوجته فخرج منه مذي هذا يوجب الوضوء، يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ، أما إذ أمنى خرج منه المني يعني سبقته الشهوة هذا عليه غسل الجنابة، والنبي صلى الله عليه وسلم «كان يقبل نساءه ويصلي، ولا يتوضأ (¬3)»، «كان يباشرهن ويقبلهن ويصلي ولا يتوضأ عليه الصلاة والسلام (¬4)». ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والخمسون من الشريط رقم (418). (¬2) سورة المائدة الآية 6 (¬3) سنن النسائي الطهارة (170)، سنن أبو داود الطهارة (178)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (503)، مسند أحمد (6/ 62). (¬4) سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (503).

س: هذا السائل يقول: هل لمس الزوجة يبطل الوضوء؟ (¬1) ج: الصواب أنه لا يبطل الوضوء، لا الزوجة ولا غيرها، إذا كان ما خرج شيء من الذكر من الفرج، مجرد مس، أو قبلة، «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل بعض نسائه ثم يصلي ولا يتوضأ (¬2)» أما قوله سبحانه: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬3)، فالمراد به الجماع، ما هو باللمس، المراد به لامستم: جامعتم، أما لمسها وتقبيلها، أو مصافحتها أو ما أشبه ذلك فهذا لا ينقض الوضوء مطلقا، ولو عن شهوة، ولو عن تلذذ، الصواب أنه لا ينقض الوضوء، هذا هو الراجح من أقوال العلماء. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والأربعون من الشريط رقم (428). (¬2) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170). (¬3) سورة المائدة الآية 6

س: يقول السائل: إذا مس الإنسان، أو صافح زوجته هل ينتقض الوضوء؟ (¬1) ج: الصواب أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا، سواء زوجته، أو أخته أو عمته، أو أمه، أما قوله سبحانه: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬2)، فالمراد في الجماع. وذهب بعض أهل العلم إلى أن مس ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (424). (¬2) سورة المائدة الآية 6

المرأة ينقضه مطلقا، وبعضهم قال: مسها إذا كان بشهوة، عن تلذذ ينقض. والصواب أنه لا ينقض مطلقا، إلا إذا خرج منه شيء مذي أو مني، وإلا فإنه لا ينقض، مجرد لمس المرأة زوجته، أو غير زوجته الصواب أنه لا ينقض. وقد «كان النبي يقبل بعض نسائه ثم يصلي ولا يتوضأ (¬1)» اللهم صل وسلم عليه. أما قوله جل وعلا: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬2)، فهذا المراد به الجماع. ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170). (¬2) سورة المائدة الآية 6

س: هل لمس الزوج لزوجته، أو العكس يبطل الوضوء؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل: إذا كان اللمس ليس عن شهوة؛ أخذ منها شيئا أو ناولها شيئا هذا لا يبطل الوضوء، وهكذا لو كان عن شهوة عن تلذذ فالصواب أنه لا يبطل الوضوء أيضا في أصح قولي العلماء، أما قوله جل وعلا: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬2)، فالمراد بالآية الجماع في أصح قولي العلماء، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما والجماعة: ليس المراد اللمس باليد، وفي قراءة: (أو لمستم)، فالمراد باللمس والملامسة المراد بذلك في أصح قولي العلماء الجماع. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (262). (¬2) سورة المائدة الآية 6

بيان أقوال أهل العلم في مسألة انتقاض الوضوء من مس المرأة

148 - بيان أقوال أهل العلم في مسألة انتقاض الوضوء من مس المرأة س: هل ملامسة المرأة تنقض الوضوء أم لا؟ (¬1) ج: لا شك أن لمس النساء اختلف فيه العلماء، فقال جمع من أهل العلم: إن لمس المرأة من دون ساتر، من دون حجاب ينقض الوضوء مطلقا. وهو مشهور من مذهب الشافعي رحمه الله وجماعة، وقال آخرون: لا ينقضه مطلقا، وإنما المراد باللمس الجماع، كقوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬2)، والمراد هنا الجماع، كما قال ابن عباس وجماعة، وقال آخرون: ينقض الوضوء إن كان بشهوة، ولا ينقض إن كان بغير شهوة. وهو مشهور من مذهب أحمد رحمه الله وجماعة، والأرجح عندي بعد التأمل هو قول من قال: إنه لا ينقض مطلقا، وإنما الذي ينقض مس الفرج، أما مس المرأة فقط؛ كيدها ورجلها فلا ينقض لعدم الدليل، أما قوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬3) فالمراد بع الجماع، كما تقدم؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة من أهل العلم، أما قول ابن مسعود: المراد به المس فقط. فليس بظاهر، بل الصواب ما قاله ابن عباس في هذا، وهو أن المراد به الجماع خاصة، والدليل على هذا أنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه قبل بعض نسائه، ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (21). (¬2) سورة المائدة الآية 6 (¬3) سورة المائدة الآية 6

ثم صلى ولم يتوضأ (¬1)» ثم أمر آخر وهو أن اللمس أمر واقع من الناس في بيوتهم، والحاجة ماسة إلى بيانه من النبي صلى الله عليه وسلم تبيينا شافيا عاما، حتى يعلمه الناس، فلو كان ينقض الوضوء لبينه النبي صلى الله عليه وسلم تبيانا واضحا كافيا شافيا، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه ينقض الوضوء، فعلمنا بذلك أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا، سواء كان عن تلذذ وشهوة، أم لم يكن كذلك، بل الذي ينقض هو الجماع وكذلك مس الفرج، هذا هو الذي ينقض، أما مجرد لمس المرأة فقط من غير خروج شيء فإنه لا ينقض، أما لو خرج منه شيء كالمذي فإنه ينتقض الوضوء، إذا مسها بشهوة وخرج المذي انتفض الوضوء، وعليه حينئذ أن يغسل فرجه وأنثييه ويتوضأ للصلاة ونحوها، أما اللمس بدون خروج شيء، مسها ولم يخرج منه شيء فإنه لا ينقض الوضوء على الصحيح، والدليل ما تقدم؛ «أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه، ثم صلى ولم يتوضأ (¬2)» وهذا ثابت عنه بإسناد جيد، رواه أحمد وغيره، وله شاهد مرسل عند النسائي، ثم الأصل عدم النقض، هذا هو الأصل، فمن قال بالنقض مطلقا فعليه الدليل، وهكذا من قال بالنقض بالشهوة عليه الدليل، ولا دليل، فالصواب أنه لا ينقض الوضوء، وكثير من إخواننا في الطواف يتحرجون إذا مست يده يد امرأة أو رجله رجل امرأة، فإنه يذهب يتوضأ ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170). (¬2) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170).

أخذا بقول من قال: إنه ينقض مطلقا. وهذا فيه حرج كثير بدون دليل، ولا حجة، والصواب إن شاء الله أنه لا ينقض الوضوء مطلقا.

س: البعض يقول: إن لمس المرأة ينقض الوضوء. والبعض منهم يقول: إن كانت صغيرة لا تنقض، أي إذا كانت دون السابعة. فما هو توجيه سماحة الشيخ؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: اختلف العلماء في مس المرأة، هل ينقض الوضوء؟ على أقوال ثلاثة: أحدها: أنه ينقض مطلقا؛ لعموم قوله جل وعلا: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬2)، وحملوا الملامسة على اللمس باليد. والقول الثاني: أنه ينقض إذا كان معه شهوة تلذذ، وإذا كان بغير شهوة فلا ينقض؛ لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلمس نساءه، ولا يتوضأ، وكان يلمس قدم عائشة حتى تكفه وهو يصلي، فدل ذلك على أنه إذا كان بغير شهوة لا ينقض. والقول الثالث: أنه لا ينقض مطلقا، سواء بشهوة أو بغير شهوة، ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (339). (¬2) سورة المائدة الآية 6

وهذا هو الراجح والصواب، أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء في أرجح أقوال العلماء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم «كان يقبل بعض نسائه، ثم يصلي ولا يتوضأ (¬1)» والتقبيل يكون عن تلذذ فالحاصل أن الصواب أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء، سواء كان عن تلذذ وشهوة، أو عن أي داع، إلا إذا خرج منه مذي فإنه ينقض الوضوء ويغسل ذكره ويتوضأ، أما إذا مسها بشهوة أو بغير شهوة، ولم يخرج منه شيء فإن وضوءه صحيح،، ولا ينتقض، أما قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬2)، في سورة النساء وسورة المائدة فالمراد بذلك الكناية عن الجماع، (أو لامستم) يعني: جامعتم، ليس المراد: باللمس باليد، المراد الجماع، والله يكني عن الجماع بالملامسة وبالمسيس، هذا هو الصواب. ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170). (¬2) سورة المائدة الآية 6

س: هل مصافحة المرأة الأجنبية تنقض الوضوء؟ (¬1) ج: اختلف العلماء في ذلك: بعضهم ذهب إلى أن مصافحتها ومسها ينقض الوضوء مطلقا بشهوة وبغير شهوة. وقال بعضهم: مسها لا ينقض الوضوء مطلقا بشهوة وبغير شهوة. وقال بعضهم: بالتوسط؛ إن كان بشهوة نقض، وإلا فلا. والأرجح من أقوال أهل العلم: أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا لعدم الدليل، بل الدليل يدل على أن مسها لا ينقض؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ (¬2)» فلو كان المس ينقض لتوضأ عليه الصلاة والسلام، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان في صلاة الليل إذا أراد أن يسجد غمز عائشة، فكفت رجلها، وإذا رفع مدت رجلها. فدل ذلك على أن مس المرأة لا ينقض الوضوء، أما قوله سبحانه: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬3)، في آية النساء وآية المائدة فالصحيح من معناها أن المراد الجماع، والله يكني عن الجماع بالمسيس واللمس والمباشرة، فقوله جل وعلا: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬4) أي: جامعتم النساء، وهكذا قراءة (أو لمستم)، أي جامعتم؛ لأنه ذكر قبل ذلك ما يتعلق بالحدث الأصغر، قال سبحانه: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} (¬5) ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (131). (¬2) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170). (¬3) سورة المائدة الآية 6 (¬4) سورة المائدة الآية 6 (¬5) سورة المائدة الآية 6

، هذا يتعلق بالحدث الأصغر {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬1) هذا يتعلق بالحدث الأكبر وهو الجماع، فذكر سبحانه ما يدل على الحدث الأصغر بقول: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ} (¬2) وما يدل على الحدث الأكبر، وهو قوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬3)، يعني: جامعتم النساء، فهذا هو الصواب الذي قاله ابن عباس وجماعة من أهل العلم، وهو أولى من قول من قال: إن المراد بالمس باليد. هذا هو الصواب، الصواب أن المراد: الجماع، ولهذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ (¬4)» ولأن هذا أمر تعم به البلوى، الإنسان يكون في بيته الزوجة، ويكون في بيته غير الزوجة، فقد يمسها وهو على وضوء، فلو كان هذا ينقض الوضوء لبينه النبي صلى الله عليه وسلم بيانا شافيا، وأوضحه للأمة، فلما لم يبين في ذلك شيئا علم أنه ليس من النواقض، والله المستعان. ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 6 (¬2) سورة المائدة الآية 6 (¬3) سورة المائدة الآية 6 (¬4) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170).

حكم انتقاض الوضوء من مس امرأة أجنبية

149 - حكم انتقاض الوضوء من مس امرأة أجنبية س: هل يستوي الأمر بالنسبة للأجنبية وغير الأجنبية في المس؟ (¬1) ج: نعم، زوجته والأجنبية في ذلك سواء، فكل مس النساء لا يضر، إلا إذا خرج منه شيء، إذا خرج منه المذي انتقض وضوؤه بالمذي، أما مجرد مسه لأمه أو لأخته أو زوجته أو أجنبية كل هذا لا ينقض الوضوء، مع أنه لا يجوز له مس الأجنبية، لكن لو قدر أنه مسها لا ينقض الوضوء. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (131).

س: هل ملامسة النساء الأجنبيات تبطل الوضوء؟ (¬1) ج: الله يقول: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬2)، اختلف العلماء فيها: قال بعضهم: المراد بالملامسة المس باليد عن شهوة، هذا ينقض الوضوء مع المرأة، مع الزوجة، ومع غيرها، والصواب أن الملامسة: الجماع، وأن قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬3) يعني جامعتم النساء، أما اللمس بدون جماع فلا يبطل الوضوء، هذا الصحيح سواء عن ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (395). (¬2) سورة المائدة الآية 6 (¬3) سورة المائدة الآية 6

شهوة أو غير شهوة، لا يبطل الوضوء لا مع الزوجة ولا مع غيرها، إذا لم يخرج شيء، أما إذا خرج مذي أو مني بطل، لكن ما دام لم يخرج شيء، إنما هو مجرد مس ولو بشهوة، الصحيح أنه لا يبطل الوضوء؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان ربما قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ (¬1)» والتقبيل يكون عن شهوة وعن تلذذ، فكونه يقبل بعض نسائه، ثم يصلي ولا يتوضأ يدل على أن المس لا ينقض الوضوء، وإنما المراد بالملامسة الجماع. ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170).

س: يقول السائل: هل مصافحة الأجنبي تنقض الوضوء؟ مع العلم بأن المرأة التي صافحتها، ليس من عادتها أن تصافح الأجانب؟ (¬1) ج: ليس للرجل أن يصافح المرأة الأجنبية، أما أن يصافح أمه أو أخته فلا بأس، أم مصافحة الأجنبية فلا تجوز، وليس للمرأة أن تصافح الأجنبي؛ لأن هذه المصافحة من وسائل الشر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إني لا أصافح النساء (¬2)» وتقول عائشة رضي الله عنها: ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (395). (¬2) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب البيعة، بيعة النساء، برقم (4181)، وابن ماجه في كتاب الجهاد، باب بيعة النساء، برقم (2874).

«والله ما مست يد رسول الله يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام (¬1)» أما مع المحارم فلا بأس أن يصافح زوجته، وأمه، وأخته وبنته، لا بأس. ¬

_ (¬1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات، برقم (4891)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب كيفية بيعة النساء، برقم (1866).

س: هل لمس المرأة يبطل الوضوء؟ (¬1) ج: الصواب أنه لا يبطل الوضوء مطلقا ولو كان بشهوة، ولو كان بتلذذ، ولو قبلة لزوجته مثلا، أو مسها. هذا غير صحيح، هذا هو الصواب. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه ينتقض الوضوء إذا كان بشهوة، والصواب أنه لا ينتقض الوضوء في ذلك، بل الوضوء صحيح؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه قبل بعض نسائه ثم صلى، ولم يتوضأ عليه الصلاة والسلام (¬2)». أما قوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬3)، فهذا المراد به الجماع في أصح قولي العلماء، كما قال ابن عباس وجماعة: إن المراد بـ (لامستم) يعني: جامعتم. ولهذا قال قبل ذلك سبحانه وتعالى ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (395). (¬2) سنن النسائي الطهارة (170)، سنن أبو داود الطهارة (178)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (503)، مسند أحمد (6/ 62). (¬3) سورة المائدة الآية 6

{أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} (¬1)، هذا هو الحدث الأصغر، ثم قال: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬2) هذا الحدث الأكبر؛ الجماع، أما مسها بقبلة أو يد فهذا لا ينقض الوضوء مطلقا عن شهوة أو عن غير شهوة لا ينقض الوضوء، بل وضوءه صحيح، هذا هو الصواب. ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 6 (¬2) سورة المائدة الآية 6

لمس العورة من وراء حائل لا ينقض الوضوء

150 - لمس العورة من وراء حائل لا ينقض الوضوء س: زوجي بحكم عمله كطبيب نسائي، يكشف على عورات النساء، مما يضطره إلى لمسهن وهو يلبس قفازين نايلون، فهل إذا كان متوضئا ولمس عورة المرأة، وهو يلبس القفاز ينتقض وضوءه أم لا؟ (¬1) ج: إذا لمس العورة من وراء الحائل لا ينتقض؛ لا هو ولا غيره، إذا لمس الرجل عورته من وراء الإزار، أو من وراء السراويل لا ينتقض، هكذا المرأة إذا لمست عورتها من وراء الإزار أو السراويل لا تبطل الطهارة، وهكذا الرجل الطبيب إذا دعت الحاجة في كشفه على المرأة لعلاج فرجها فإنه إذا مس الفرج من وراء حائل لا ينتقض وضوءه، بخلاف إذا مس اللحم اللحم فإنه ينتقض وضوءه. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (38).

بيان الدليل في انتقاض الوضوء من أكل الإبل

151 - بيان الدليل في انتقاض الوضوء من أكل الإبل س: ما هو الدليل الذي استند عليه الإمام أحمد رحمه الله بإلزام آكل لحم الجزور بالوضوء، وكذلك الدليل باستثناء الأجزاء التي لا تنقض الوضوء من لحم الجزور (¬1)؟ ج: هذه المسألة ليست خاصة بأحمد، بل قاله أحمد وجماعة كبيرة من أهل الحديث، وحجتهم ما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من حديث جابر بن سمرة: أنه سئل عليه الصلاة والسلام، قيل: «يا رسول الله، أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم، وقيل له: أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت (¬2)» فخيره في لحوم الغنم ولم يخيره من لحوم الإبل، بل أوجب ذلك. وحديث البراء بن عازب أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «توضؤوا من لحوم الإبل، ولا تتوضؤوا من لحوم الغنم (¬3)» فأمر بالتوضؤ من لحوم الإبل دون غيرها، هذا هو الحجة لأحمد ولغيره من أئمة الحديث، الذين قالوا بهذا، وقولهم هو الصواب، والذي خالف منهم احتج بحديث لا حجة فيه، وهو حديث جابر، وهو قوله: «أنه كان آخر أمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (38). (¬2) أخرجه مسلم كتاب الحيض، باب الوضوء من لحوم الإبل، برقم (360). (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل، برقم (497).

مست النار (¬1)» فقوله: كان آخر أمر النبي صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار. لا حجة فيه؛ لأن هذا عام، ويفسر بأنه أكل لحم غنم، وتوضأ ثم صلى، ثم أكل من بقية اللحم، ثم صلى الصلاة الثانية، ولم يتوضأ. وجاء في عدة أحاديث أنه أكل من لحم الغنم، ولم يتوضأ. فدل ذلك على أن ما مست النار نسخ الوضوء منه؛ لأنها جاءت أحاديث كثيرة عنه عليه الصلاة والسلام، أنه أكل مما مست النار، ثم أكل ولم يتوضأ، فدل ذلك أن الأمر بالوضوء مما مست النار قد نسخ، وقال قوم: إنه لم ينسخ، ولكنه بقي للندب فقط. ولكن الأظهر النسخ؛ لأنه قال للبراء: «توضؤوا من لحوم الإبل، ولا تتوضؤوا من لحوم الغنم (¬2)» فدل على أنه غير مشروع، ولا مستحب، قال: «لا تتوضؤوا من لحوم الغنم (¬3)». وفي لفظ آخر: «إن شئت (¬4)» فدل ذلك على أنه لا يجب، ولا يشرع، وإنما الواجب الوضوء من لحوم الإبل خاصة، وأما الوضوء مما مست النار، مثل ما قال جابر فقد نسخ، وكان آخر أمر للنبي صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار، هذا هو القول الفصل لهذه المسألة. ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء مما غيرت النار، برقم (185). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل، برقم (497). (¬3) سنن الترمذي الطهارة (81)، سنن أبي داود الطهارة (184)، مسند أحمد (4/ 304). (¬4) أخرجه مسلم كتاب الحيض، باب الوضوء من لحوم الإبل، برقم (360).

س: امرأة تسأل: تقول سمعنا في هذا البرنامج أن لحم الجزور ينقض الوضوء. فهل علينا إعادة الوضوء كاملا؟ وهل مرق الجزور ينقض الوضوء أيضا؟ وهل إذا صلى الشخص بدون وضوء فهل صلاة هذا الشخص صحيحة، أم يعتبر على طريقة غير صحيحة؟ أي: بعد أكل لحم الجزور، جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: لحم الإبل ينقض الوضوء وهو لحم الجزور؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء من لحم الإبل، قال: «توضؤوا من لحم الإبل (¬2)» ولحومها الهبر، أما الكرش والمصران فهذه ليست داخلة، والشحم كذلك، لكن إن توضأ منه من باب الاحتياط فهو حسن، أما اللبن والمرق فلا وضوء منهما. وإنما الوضوء من اللحم خاصة، إذا أكله يتوضأ وضوء الصلاة، ليس فيه استنجاء، مثل من خرج منه الريح، يعني: يتمضمض ويستنشق ويغسل وجهه وذراعيه ويمسح رأسه وأذنيه، ويغسل رجليه، ليس فيه استنجاء، الاستنجاء يكون من البول والغائط، أما خروج الريح، والنوم، ولحم الإبل، ومس الفرج، هذا ليس فيه إلا الوضوء؛ التمسح، يعني: غسل الأطراف الأربعة؛ غسل الوجه واليدين مع المرفقين، مسح الرأس مع الأذنين، غسل الرجلين مع الكعبين، في ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (316). (¬2) أخرجه مسلم كتاب الحيض، باب الوضوء من لحوم الإبل، برقم (360).

مس الفرج، وفي أكل لحم الإبل، وفي النوم في خروج الريح، هذه ليس فيها إلا الوضوء فقط، الذي ليس فيه استنجاء.

حكم انتقاض الوضوء من شرب حليب ومرقة لحم الإبل

152 - حكم انتقاض الوضوء من شرب حليب ومرقة لحم الإبل س: سمعنا في برنامج نور على الدرب أن لحم الإبل ناقض للوضوء، هل تصح الصلاة على بساط من وبر الإبل؟ ثم يا حبذا لو تفضلتم ببيان هذا الأمر، وذكرتم لنا الدليل، وهل اللبن أيضا يؤثر في الوضوء؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم، لحم الإبل ينقض الوضوء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أمر بالطهور من لحم الإبل، وسئل عن الغنم فقال: «إن شئت (¬2)» وقال: «توضؤوا من لحوم الإبل (¬3)» فدل على وجوب الوضوء من لحوم الإبل، يعني الهبر، أما الكرش والمصران والشحم فلا وضوء عليه، إن توضأ فحسن احتياطا، أما اللبن والمرق فلا وضوء عليه، اللبن لبن الإبل والمرق فليس منه وضوء، إنما الوضوء من اللحم لصحة الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما بقية اللحوم كالبقر والغنم ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (320). (¬2) أخرجه مسلم كتاب الحيض، باب الوضوء من لحوم الإبل، برقم (360). (¬3) أخرجه مسلم كتاب الحيض، باب الوضوء من لحوم الإبل، برقم (360).

والطيور وغيرها فلا وضوء منها، إنما هذا خاص بالإبل، أما من أكل لحم الإبل فعليه الوضوء، يعني التمسح، يعني: يتمضمض ويستنشق، ويغسل وجهه ويغسل يديه إلى المرفقين، ويمسح رأسه مع أذنيه، ويغسل رجليه، وليس عليه استنجاء؛ الاستنجاء من البول والغائط، أما لحم الإبل، وخروج الريح وهكذا النوم وهكذا مس الفرج فهذا ليس فيه إلا التمسح، الوضوء الذي هو غسل الوجه واليدين ومسح الرأس وغسل الرجلين، وأما الصلاة على بساط من وبر الإبل فلا بأس به إذا لم يكن فيه نجاسة ظاهرة؛ لأن وبر الإبل سواء كان فراشا أو لباسا لا يمنع الصلاة.

حكم انتقاض وضوء من أكل من شحم أو كرش أو مصران الإبل

153 - حكم انتقاض وضوء من أكل من شحم أو كرش أو مصران الإبل س: هل أكل لحم الجزور ينقض الوضوء (¬1)؟ ج: نعم، أكل لحم الإبل ينقض الوضوء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «توضؤوا من لحوم الإبل، ولا تتوضؤوا من لحوم الغنم (¬2)» ولحم الإبل الهبر، أما الشحم أو الكرش أو المصير أو المرق أو ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (363). (¬2) أخرجه مسلم كتاب الحيض، باب الوضوء من لحوم الإبل، برقم (360).

اللبن هذا لا ينقض الوضوء، الذي ينقض اللحم، بالنسبة للكبد والطحال والكلى لا تنقض، وإن توضأ احتياطا فهو حسن، أما المرق والحساء واللبن لا ينقض.

بيان الحكمة من انتقاض وضوء من أكل من لحم الإبل

154 - بيان الحكمة من انتقاض وضوء من أكل من لحم الإبل س: يقول السائل من السودان، سمعت بأنه إذا كان الشخص متوضئا، وأكل من لحم الإبل قبل الصلاة بأن الوضوء ينتقض، فهل هذا صحيح؟ ولماذا ينتقض الوضوء من لحم الإبل (¬1)؟ ج: نعم، إذا توضأ وأكل لحم الإبل أمره النبي بالوضوء، قال صلى الله عليه وسلم: «توضؤوا من لحوم الإبل (¬2)» فالرسول أمر بالوضوء منها، كما أمر بالوضوء من مس الفرج، ومن الريح التي تخرج من الدبر، ومن البول والغائط، فالحكمة لله جل وعلا، هو الحكيم العليم سبحانه وتعالى، والرسول مبلغ يبلغنا عن الله عز وجل، فعلينا أن نمتثل، وإن لم نعرف العلة، علينا أن نطيع الله ورسوله، فإذا أكل الإنسان من لحم ¬

_ (¬1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (406). (¬2) أخرجه مسلم كتاب الحيض، باب الوضوء من لحوم الإبل، برقم (360).

الإبل فإن عليه أن يتوضأ، كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا أحدث بالريح أو البول أو الغائط كذلك، لكن مع البول والغائط يستنجي زيادة، ثم يتوضأ، أما الريح ومس الفرج فهذا الوضوء فقط، يغسل الوجه واليدين، ويمسح الرأس ويغسل الرجلين، أما البول والغائط فلا بد من الاستنجاء قبل الوضوء، المقصود أن العبد عليه الامتثال والطاعة، وإن لم يعرف الحكمة.

س: السائل: أ. ع. يسأل ويقول: هل أكل لحم الإبل يبطل الوضوء (¬1)؟ ج: نعم، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم الأمر بالوضوء من لحم الإبل، فإذا أكل الإنسان لحم الإبل وجب عليه الوضوء. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (388).

مسألة في بيان الحكمة من انتقاض الوضوء من أكل لحم الإبل

155 - مسألة في بيان الحكمة من انتقاض الوضوء من أكل لحم الإبل س: تقول السائلة: لماذا أكل لحم الإبل ينقض الوضوء (¬1)؟ ج: الله أعلم، المعروف عند أكثر الفقهاء أنه تعبدي، وأنه غير معلوم الحكمة والعلة، وأن الله سبحانه شرع لنا أن نتوضأ من لحوم الإبل، والله أعلم بالحكمة، والعلة في ذلك كما قال بعض أهل العلم: إنها خلقت من الشياطين، فلها نفور يشبه حال الشياطين إذا استنفرت، وأن هذا من أجل أن لحومها تسبب شيئا من القسوة، وشيئا من الشيطنة فيكون في الوضوء إطفاء لذلك. ولكن ليس هذا بأمر واضح. ولا أعلم دليلا واضحا عليه، فالأقرب ما قاله الأكثرون: إنه تعبدي والله سبحانه هو الأعلم بالحكمة والعلة في ذلك، والمؤمن عليه أن يمتثل أمر الله ورسوله، وإن لم يعرف الحكمة، كما أنا نصلي الظهر أربعا، والعصر أربعا والعشاء أربعا والمغرب ثلاثا والفجر ثنتين، وليس عندنا علم يقيني بالحكمة من جعلها أربعا، أي: الظهر والعصر والعشاء، والمغرب ثلاثا والفجر ثنتين، فبالإمكان أن يفرضها الله سبحانه لو شاء تكون الظهر ثمانيا أو سبعا أو ستا، وهكذا العصر والعشاء، وبالإمكان أن تكون المغرب بدل الثلاث تكون خمسا، وهكذا فلله الحكمة البالغة ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (110).

سبحانه وتعالى فيما فرض وعين جل وعلا، وهكذا فرضه رمضان في شهر واحد، وإن كانت العلة التخفيف على الأمة لكن لا نعلم الحكمة العينية في جعل رمضان فرضا دون غيره من الشهور، وكونه شهرا كاملا، لو شاء ربنا لجعله خمسة عشر يوما، أو عشرين يوما، فلله الحكمة البالغة في تخصيص هذا الشهر، وهكذا أشياء كثيرة من العبادات لا نعلم علتها وحكمتها.

س: ما الحكمة من الوضوء من لحم الجزور عن بقية اللحوم (¬1)؟ ج: الله أعلم، المشهور عند العلماء أنها تعبدية، أمرنا الله بها تعبدا، فعلينا أن نمتثل أمر الله سبحانه وتعالى، ولو لم نعلم الحكمة، والمشهور عند أهل العلم أن هذا تعبد لا نعلم الحكمة فيه، والله جل وعلا، هو الحكيم العليم، في كل ما يأمر به وينهي عنه، سبحانه وتعالى وإن لم نعرف الحكمة، علينا أن نعمل بما أمرنا جل وعلا، وإن لم نعرف الحكمة. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (378).

س: يسأل المستمع ويقول: ما الحكمة في أن لحم الإبل من نواقض الوضوء (¬1)؟ ج: الله أعلم، علينا أن نستجيب للرسول وأن نتمثل، وإن لم نعرف الحكمة، والله لا يأمر إلا لحكمة سبحانه وتعالى: {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} (¬2)، وقد أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم: أن نتوضأ من لحوم الإبل، فعلينا الامتثال. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والسبعون من الشريط رقم (432). (¬2) سورة الزخرف الآية 84

س: سائل يقول ما الحكمة من أن لحم الجزور ينقض الوضوء (¬1)؟ ج: الله أعلم، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك أمرنا أن نتوضأ من لحوم الإبل وعلينا أن نتوضأ ولو لم نعرف الحكمة ربنا حكيم عليم لا يأمر إلا عن حكمة ولمصلحة سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (360).

حكم صلاة من لا يتوضأ من لحم الإبل

156 - حكم صلاة من لا يتوضأ من لحم الإبل س: هل الذين لا يتوضؤون من لحم الجزور صلاتهم باطلة أم لا (¬1)؟ ج: كذلك سبق أنه سئل عن الأجزاء الأخرى التي لا تنقض من لحم الجزور كالكرش والأمعاء، وأشباه ذلك، فالمشهور من مذهب أحمد وجماعة، أنه لا يتوضأ منها، بل يتوضأ من اللحم، لأن الرسول قال: «توضؤوا من لحوم الإبل (¬2)» والكرش ما تسمى لحما عند العرب، ولا تسمى الأمعاء لحما، والكبد والطحال وأشباه ذلك، وإنما اللحوم معروفة، الهبر المعروف، فلهذا قال أهل العلم يتوضأ من الهبر، من اللحم ولا يتوضأ من الكرش، والأمعاء ونحو ذلك، هذا هو المشروع عند أهل العلم القائلين بنقض الوضوء من لحوم الإبل، وقال جماعة: يلحق بذلك الكرش ونحوه، وأنها كلها تابعة للحم، لأن الله لما حرم الخنزير حرم لحمه وشحمه، وكل شيء فيه، قالوا: وهذا يلحق باللحم، والقول الأول أظهر، من جهة تعليق الحكم باللحم، «وتوضؤوا من لحوم الإبل (¬3)» أما الخنزير فقد حرمه الله كله، فلا ينظر في أمره، بل كله حرام، أما هذا فهو شيء يتعلق بالعبادات ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (24). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل، برقم (497). (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل، برقم (497).

واللحم وتوابعه ليس بنجس، بل هو لحم أباحه الله من لحم الإبل مباح لنا، لكن الله علق باللحم منه الوضوء، دون البقية، فلا بأس أن يستثنى منه ما لا يسمى لحما، عند العرب، وإذا توضأ الإنسان من بقية الإبل، مثل الكرش والمصير والأمعاء، وأيضا مثل اللسان، إذا توضأ منها فهو حسن من باب الاحتياط، ومن باب الخروج من الخلاف، ومن باب أخذ الحيطة، لأن هذه تابعة لكل اللحوم، وليست اللحوم تابعة لهذه من باب الاحتياط، فهو حسن أما الوضوء الذي يلزم بلا شك، فهو إذا أكل من اللحم، والذين لا يتوضؤون من لحوم الجزور وهم يعتقدون أن لحم الإبل ينقض، ثم تساهلوا تبطل صلاتهم، أما الإنسان الذي يعتقد أنه لا ينقض، ويرى أنه منسوخ، وأنه تابع المنسوخات، يعتقد هذا، أو من قال ذلك باجتهاده، رأى أن هذا هو الأصوب عن تقليد، أو عن اجتهاد، وهذا الذي في نفسه، هو اعتقاده أن هذا هو الأولى، فإن صلاته غير باطلة، صلاة صحيحة، حسب اعتقاده، لأنه طالب علم، اجتهد ورأى أن لحم الإبل لا ينقض، فصلاته ليست باطلة، لأن هذا هو مقتضى علمه، واجتهاده، أو جماعة مقلدين لمذهب الشافعي أو مذهب أبي حنيفة أو مالك ممن لا يرى النقض، للحم الإبل ويرى أن هذا لا حرج عليه فيه، حسب اعتقادهم، تقليدا أو اجتهادا، هؤلاء صلاتهم صحيحة، لكن إنسان يعلم أن لحم الإبل ينقض الوضوء، وليس عنده شبهة في ذلك، ثم يتساهل تكون صلاته باطلة لأنه صلى بغير وضوء.

حكم وضوء المرأة مع وجود مادة المناكير على الأظافر

157 - حكم وضوء المرأة مع وجود مادة المناكير على الأظافر س: ما حكم وضع المناكير قبل الوضوء، هل تصح الصلاة، والوضوء لمن وضعته، علما بأنه يكون طبقة مانعة كما تعلمون وهل يجوز لمن وضعته دخول المسجد (¬1)؟ ج: الواجب أنها لا تفعله إلا على طهارة إذا كان ولا بد مع أن تركه أولى مطلقا لأنها قد تتساهل فيها وقد تمنعها من الوضوء فينبغي تركها بالكلية، لكن إذا كان ولا بد وفعلتها على طهارة فإنها إذا انتقضت الطهارة وأرادت الوضوء تزيلها مرة أخرى حتى يبلغ الماء أصل البشرة وأصل الظفر هذا هو الذي ينبغي وهذا هو الواجب عليها فيما أعتقد أنها تزيل هذه المناكير، عند إرادة الوضوء ولا تصلي بها وقد وضعتها على غير طهارة، أما إذا كان وضعتها على طهارة وجاء الوقت، وهي على طهارة صلت، لكن لو وضعتها على طهارة ثم انتقضت الطهارة تزيلها، ليست هي مثل الخفين: الخفان يمسح عليهما، هذه المناكير تزال، حتى تغسل ما تحتها وقت الوضوء. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (20).

س: الأخت: ش. ش من أبها، تقول: هل صبغ الوجه بالمكياج بالنسبة للمرأة، والكريمات السائلة يمنع من وصول الماء للبشرة، أثناء الوضوء (¬1)؟ ج: الشيء الذي يمنع الماء لا يجوز، فإذا مسحت وجهها بشيء لا يمنع الماء فلا بأس، أما شيء يبقى له جسم، يمنع الماء لا يجوز، لا في الوجه، ولا في الذراع ولا في الرجل، بل يجب أن يكون الذراع والوجه والقدم خاليا مما يمنع الماء، فإذا استعملت شيئا ينور الوجه، ويطيب الوجه ويحسنه، لكن ليس له جسم يمنع الماء، فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (435).

حكم الوضوء بعد طلاء الأظافر بمادة المناكير

158 - حكم الوضوء بعد طلاء الأظافر بمادة المناكير س: تسأل أختنا وتقول: بالنسبة لطلاء الأظافر، سمعت أن المرأة إذا وضعته على أظافرها وهي طاهر، جاز لها أن تصلي، وإن انتقض الوضوء بعد ذلك، فنريد الجواب الصحيح بارك الله فيكم (¬1)؟ ج: إذا كان الطلاء الموضوع على الأظافر لا جسم له، فلا يضر مثل الحناء الذي لا جسم له، بل تغمس أصابعها بالحناء من غير أن يكون له جسم، أو ما أشبه ذلك من الدهونات التي لا جسم لها فإنه لا ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (158).

يضر، إذا توضأت ثم انتقضت الطهارة وأعادت الوضوء، وذلك عليها لا يضر. أما إذا كان له جسم كالذي يسمونه المناكير أو غير ذلك مما يكون له جسم على الظفر فهذا لا بد من إزالته، إذا أرادت الوضوء تزيله عن أظفارها، لأنه يمنع وصول الماء إلى الظفر فيزال، ولا بد من إزالته، كما لو كان على ذراعها عجين أو طين يزال، وهكذا على رجلها أو وجهها يزال، أما ما كان على الأظافر من الشيء الذي له جسم، من عجين أو مناكير أو قطعة من الحناء لها جسم، أو ما أشبه فهذا يزال أما مجرد الصبغ، إذا صبغ الحناء في الأظفار، وصار له آثار صفرة أو حمرة أو غير ذلك، من الأصباغ لا يضر، هذا لأنه لا جسم له.

س: ما حكم طلاء الأظافر هل يجوز أو لا (¬1)؟ ج: طلاء الأظافر بالحناء أو غيره مما يحسنها لا بأس به، إذا كان طاهرا ليس بنجس، وكان رقيقا لا يمنع الوضوء، والغسل أما إذا كان له جسم، فلا بد من إزالته عند الوضوء والغسل، لئلا يمنع وصول الماء إلى حقيقة الظفر، فالمقصود أن استعمال ما يغير الظفر من الحناء وغيره، أو ما يسمونه المناكير، لا بأس به إذا أزيل لأن له جسما يمنع وصول الماء عند الوضوء والغسل، أما إذا كان ليس له جسم كالحناء التي تجعل الظفر أحمر أو أسود، ولكن لا يبقى له جسم، هذا لا ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (314).

يضر، أما إذا كان له جسم يمنع وصول الماء إلى البشرة، فلا بد من إزالته.

حكم وضع البيض والعسل على الشعر للعلاج

159 - حكم وضع البيض والعسل على الشعر للعلاج س: ما رأيكم في وضع البيض والزيت والعسل على الشعر، ثم غسله في الحمام؟ لأنه مقو للشعر. وما رأيكم في الوضوء وهو على الرأس (¬1)؟ ج: لا أعلم مانعا منه إذا كان فيه مصلحة، استعمال البيض أو الحليب أو العسل أو غير ذلك للشعر، لا بأس وإذا غسله في الحمام فلا بأس لأنه لا ينتفع به حينئذ، لأنه صار مثل بقية الأشياء التي لا ينتفع بها، وإذا غسل في محل نظيف من باب الاحتياط فهو حسن إن شاء الله، لكن فيما يظهر لنا إذا غسله في الحمام في الغسالات لا بأس لأنه والحال ما ذكر ما يكون له صفة النعمة، صفة العسل السليم صفة الطعام السليم لأنه حينئذ لا ينتفع به ولا يستفاد منه. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (138).

حكم وضوء من ادهن بمادة الفازلين

160 - حكم وضوء من ادهن بمادة الفازلين س: هل طبقة الدهون خاصة الفازلين تمنع وصول الماء إلى البشرة؟ وماذا على من توضأ وصلى في هذا عدة صلوات وما زالت موجودة على يده دون علمه بأن الدهن يمنع وصول الماء إلى البشرة؟ وكيف يتخلص الإنسان من ذلك (¬1)؟ ج: المروخات التي لا جرم لها لا تمنع من الماء، بالزيت أو بالدهن أو بغير هذا من أنواع المروخات التي لا جرم لها، فإنها لا تمنع، أما إذا كان شيء له جرم، له أثر يمنع الماء تزيله، في يدك أو في وجهك، أو في رجلك تزيله، أما إذا مسحت يدك، أو وجهك، أو رجلك بشيء لا جرم له، لا يبقى له إنما يبقى له أثر فقط من الملوسة ونحو ذلك، فهذا لا يمنع الماء ولا حرج في ذلك، الذي يمنع هو الذي يكون له جرم يحول بين الماء وبين الجلد. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (409).

حكم استعمال ما يمنع وصول الماء إلى البشرة عند الوضوء

161 - حكم استعمال ما يمنع وصول الماء إلى البشرة عند الوضوء س: الخضاب على اليدين والرجلين، هل يمنع وصول الماء إلى البشرة أم لا (¬1)؟ ج: إذا لم يكن له جرم، فلا يمنع ولا بأس، الحناء وأشباهه والدسم وأشباهه ذلك لا يمنع، أما إذا كان له جرم يعني غليظا، بحيث يمكن إزالته وحكه، فإنه يزال كالمناكير التي يكون على الأظفار، يكونة لها جرم تزال، أما إذا كان مجرد صبغ فقط فإنه لا يمنع الماء. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (212).

حكم وضوء من على شفتيه حمرة

162 - حكم وضوء من على شفتيه حمرة س: هل الحمرة التي توضع على الشفتين تمنع وصول الماء عند الوضوء إلى الشفتين، وهل استعمالها محرم (¬1)؟ ج: الحمرة والديرم وأشباهه لا تمنع الماء ولا حرج في ذلك أما إذا كان الشيء له جرم يمنع الماء يزال عند الوضوء كالمناكير وأشباهها في الأظفار أما إذا كان حمرة فقط كحمرة الحناء ونحوه والديرم فهذا لا يضر ولا يمنع الماء. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (351).

حكم وضوء من على عينيه كحل

163 - حكم وضوء من على عينيه كحل س: هل الكحل السائل يمنع من وصول ماء الوضوء (¬1)؟ ج: الكحل كحلان إن كان له جرم يمنع الماء لا بد من إزالته وقت الوضوء، أما إن كان ليس له جرم بل هو خفيف ليس له جرم يمنع فإنه لا يمنع الوضوء. تغسل وجهها ولا حاجة إلى إزالته، إذا كان مجرد سواده، ووجود سواده ليس له جرم يمنع الماء. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (355).

الكريم لا يمنع وصول الماء إلى البشرة

164 - الكريم لا يمنع وصول الماء إلى البشرة س: أقوم بوضع الكريم على وجهي لحدوث بعض الجفاف به فهل يلزم بأن أكون أغسل وجهي بالصابون، حتى أتأكد من وصول الماء إلى البشرة؟ (¬1) ج: الكريم لا يمنع الماء مثل الدهن الخفيف معروف لا يمنع ولا يحتاج إلى الغسل بالصابون فالماء يتصل بالبشرة ولا يمنعه الكريم وأشباهه. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (286).

حكم وضوء من على وجهه مكياج

165 - حكم وضوء من على وجهه مكياج س: هل المكياج يمنع وصول الماء أثناء الوضوء؟ بمعنى هل يجب أن نزيل هذا المكياج عند كل وضوء؟ (¬1) ج: إذا كان المكياج له جسم، يمنع الماء يزال، وإن كان ليس له جسم بل هو مجرد صبغ، لا يكون له جرم، فلا يلزم إزالته، أما إذا كان له جسم يحصل له منع، يعني يمنع الماء، فهذا يجب أن يزال من الوجه، وهكذا من الذراع، إذا كان فيه شيء كالعجين يزال، أما إذا كان الشيء مجرد صبغ ليس له جسم ولا جرم، هذا ما تجب إزالته. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (399).

حكم وضوء من على يديه حبر

166 - حكم وضوء من على يديه حبر س: السائل: ش، من الشام، يقول: أنا طالب في المدرسة، عندما أكتب يصب في يدي الحبر، وذلك من القلم، فأتوضأ والحبر على يدي، ثم أتذكر وجود ذلك الحبر، فأزيله وأتوضأ من جديد، لكن ذلك تكرر معي كثيرا، وشق علي أكثر، بعد ذلك أغتسل ثم أذكر وجود الحبر، فأغسل يدي، هل وضوئي وغسلي صحيح يا فضيلة الشيخ (¬1)؟ ج: إن كان الحبر له جسم يمنع الماء، فلا بد أن تعيد الوضوء إذا ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (399).

كان في ذراعك، أو في رجلك لا بد أن تعيد الوضوء، أما إن كان ما له جسم مجرد صفرة، أو سواد، صبغ، لا يمنع الماء فلا بأس ولا حرج. أما إن كان له جسم يمنع الماء، فهذا لا بد من إزالته قبل الوضوء، وإذا نسيت ولم تزله فإنك تعيد الوضوء، وهكذا في الغسل لا بد أن تزيله، عند غسل الجنابة، إذا كان له جسم. أما إذا كان ليس له جسم، إنما هو مجرد صورة سواد، صورة حمرة، هذا ما يضر، لأنه ما له جسم.

س: هناك كحل على شكل قلم، هل يمنع هذا الكحل من وصول الماء إلى الجلد عند الوضوء (¬1)؟ ج: لا يمنع مجرد كحل، هذا صبغ لا يمنع والحناء في اليد صبغ أما إذا كان له جسم بحيث يمنع الماء يزال الجسم، إذا كان هناك متلبد جسم له متلبد من الحناء أو من الكحل فإنه يزال عند الوضوء أما مجرد وجود سواد كحل أو حمرة حناء أو شبه ذلك هذا لا يمنع الحناء في الرجل أو الكحل في العين هذا لا يمنع الوضوء لأنه صورة لا جسم لها. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (366).

س: سائلة تقول عن نفسها: أستعمل الكحل السائل، الكحل السائل هو عبارة عن خط أسود تستطيع أن تبعده ويصبح على شكل شريط وبعضه يتراكم فهل يصح الوضوء مع استعمال هذا الكحل (¬1)؟ ج: إذا كان الكحل يبقى له جسم يمنع الماء فيحك ويزال ولا يجوز بقاؤه في الوضوء والغسل أما إذا كان مجرد سواد ومجرد لون لا يمنع شيئا مثل لون الحناء ولا غيره فلا بأس أما إذا كان له جسم يتجمع يمنع الماء، هذا يزال عند الوضوء وعند الغسل وهكذا الحناء إذا كان له جسم يزال أما إذا كان مجرد لون وإلا فلا جسم له فلا يمنع. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (364).

حكم وضوء من عليه عطور تحتوي على كحول

167 - حكم وضوء من عليه عطور تحتوي على كحول س: أخونا يسأل عن استخدام بعض العطور، التي يشك في احتوائها على الكحول، هل ينقض الوضوء (¬1)؟ ج: أولا الأصل الإباحة والسلامة، فلا يقال للعطور إنها فيها كذا وكذا إلا بدليل، الله جل وعلا: أباح لعباده ما في الأرض، قال: ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (133).

{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (¬1)، فالأصل الإباحة للعباد، إلا إذا ثبت أن هذا العطر استخرج من شيء يسكر كثيره، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما أسكر كثيره فقليله حرام (¬2)» هكذا يقول عليه الصلاة والسلام. فإذا علم المؤمن علما لا شك فيه، أن هذا العطر من مادة كثيرها يسكر، فإنه لا يستعمله، أما إذا لم يعلم ذلك، فإنه لا حرج عليه، في استعمال العطر بأنواعه، ولا حرج فيه عليه في بيعه وشرائه، وكونه في ملابسه، كل ذلك لا حرج فيه، لأن الأصل هو الإباحة والحمد لله. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 29 (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الأشربة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء ما أسكر كثيره فقليله حرام، برقم (1865)، وأبو داود في كتاب الأشربة، باب النهي عن المسكر، برقم (3681)، والنسائي في كتاب الأشربة، باب تحريم كل شراب أسكر كثيره، برقم (5607).

س: انتشر قول البعض من الناس أن من تطيب بالروائح العادية المنتشرة وكان متوضئا انتقض وضوؤه، هل هذا صحيح (¬1)؟ ج: هذا لا أصل له هذا كلام باطل، التطيب لا ينقض الوضوء مطلقا لكن الذي يسكر من الكولونيا لا يستعمل لكن أطيب الأطياب ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (418).

المسك، الورد، العود، الزباد لا بأس به طيب مشروع، الطيب مشروع وهو من سنة الأنبياء.

حكم وضوء من على جسمه دهون

168 - حكم وضوء من على جسمه دهون س: إذا كان على جسمي شيء من الدهون وليس على أعضاء الوضوء، ثم توضأت ونسيت أو تركت إزالته، هل وضوئي صحيح أم لا (¬1)؟ ج: وجود الدسم على البدن، على أعضاء الوضوء أو البدن، لا يمنع الماء ولا حرج في ذلك، وإذا كان على غير أعضاء الوضوء، فليس له تعلق بالوضوء، ولكن في الجنابة لا يضر أيضا، إذا كان في البدن دسم، آثار زيت أو سمن أو شبه ذلك من الدسم، هذا لا يمنع وصول الماء إلى البشرة، فلا يضر في ذلك، فإذا توضأت وفي يدها أثر دسم أو في ذراعها أو في قدمها، فإنه لا يضرها وهكذا غسل الجنابة، أو غسل الحيض، إذا كان في البدن آثار الدسم لا يمنع الماء، الدسم المعروف الذي ليس له جسم، دسم ليس له جسم، وإنما هي لزوجة في البدن، هذا لا يمنع صحة الغسل ولا صحة الوضوء والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (11).

حكم الكلام أثناء الوضوء

169 - حكم الكلام أثناء الوضوء س: هل صحيح أن الكلام أثناء الوضوء يبطل ذلك (¬1)؟ ج: هذا غلط الكلام وقت الوضوء لا يبطل الوضوء، الحمد لله إذا توضأ وهو يتكلم مع أحد، فإذا أتم الوضوء الشرعي، تمضمض واستنشق وغسل وجهه، وغسل يديه مع المرفقين ومسح رأسه مع الأذنين وغسل رجليه مع الكعبين، هذا هو الوضوء الصحيح ولو أنه يتكلم لا حرج في الكلام أثناء الوضوء. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (308).

حكم انتقاض الوضوء إذا وقعت النجاسة على البدن

170 - حكم انتقاض الوضوء إذا وقعت النجاسة على البدن س: هل وقوع النجاسة على جسم الإنسان، تلزمه بإعادة الوضوء أم أنه يكفي إزالة النجاسة، والصلاة دون إعادة الوضوء (¬1)؟ ج: إذا وقع على الإنسان نجاسة، بعد الوضوء بأن وقع عليه شيء من بول صبي أو غير ذلك من أنواع النجاسة، فإنه يغسل محل النجاسة، ويكفي ولا يعيد الوضوء، بل يغسل ما أصاب النجاسة من ثوب أو بدن، وليس عليه أن يعيد الوضوء. أما إن كانت النجاسة من نفسه، بأن خرج منه البول، فهذا يستنجي ويعيد الوضوء، أما لو أصابه ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (186).

نجاسة من طفل عنده أو من غيره أو سقط عليه دم يغسل ما أصابه، ويكفي والوضوء صحيح.

حكم وضوء من داس على نجاسة وقدمه رطبة

171 - حكم وضوء من داس على نجاسة وقدمه رطبة س: أختنا تسأل وتقول: ما الحكم إذا دعست قدمي على نجاسة بعد انتهائي من الوضوء، هل أغسل القدم وحدها أم أعيد الوضوء (¬1)؟ ج: إذا كانت النجاسة رطبة، كالبول والعذرة الرطبة، فعليك أن تغسلي القدم فقط، ولا يعاد الوضوء، إنما تغسل القدم التي أصابها النجاسة، أما إذا كانت النجاسة يابسة والقدم يابسة فليس عليك شيء، ولا يضر، أما إذا كانت النجاسة رطبة أو القدم رطبة، فإن عليك أن تغسلي ما أصاب القدم فقط، والوضوء صحيح، والله المستعان. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (151).

س: إذا توضأ الإنسان، وكانت قدماه مبتلة بالماء ومشى على فراش به نجاسة جافة، فهل يلزمه أن يغسل قدميه؟ وهل تصح الصلاة في مكان به نجاسة جافة (¬1)؟ ج: إذا مشى على النجاسة الجافة، ورجله رطبة وجب عليه أن ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (382).

يغسلها إذا تجاوز المحل هذا، وهكذا لو مشى على محل رطب فيه نجاسة ورجله يابسة، ولكن المحل رطب وفيه نجاسة، وطأ عليه يغسل رجله أيضا.

س: تقول: كنت متوضئة، وحملت طفلي ولم أنتبه لطهارته، مما أثر ذلك من جسمه على جسمي هل يلزمني إعادة الوضوء حينئذ أم أغسل المكان فقط، جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: إذا حملت الطفل وفيه نجاسة، وأصابك منها شيء في ثوبك أو في يدك، أو رجلك، فاغسلي محل النجاسة، أما الوضوء فهو صحيح، والحمد لله، الطهارة صحيحة لكن ما أصابك من النجاسة إذا كنت جازمة أن هناك نجاسة في اليد أو أصاب الرجل أو أصاب بعض الثوب يغسل محلها، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (292).

س: أختنا تسأل وتقول: إذا بال طفل في مكان ما، أي ليس في الحمام – أعزكم الله والسامعين – فمر شخص وهو لا يعلم أن هذا المكان به بول، وكان ذلك الشخص متوضئا فداس على ذلك البول أو مشى عليه، فهل ينتقض وضوؤه (¬1)؟ ج: إذا داس الإنسان على البول، أو على غيره من النجاسات لا ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (150).

ينتقض وضوؤه، ولكن إذا كان البول رطبا أو رجله رطبة، غسلها إذا علم، أما إذا لم يعلم فلا شيء عليه، لكن إذا علم وكان البول أو غيره رطبا غسل رجله، أو كانت رجله رطبة وداس على البول ونحوها غسلها، غسل ما أصابها، أما إن كان محل البول يابسا، أو غيره من النجاسة يابسا ورجله يابسة، فلا شيء عليه، لأنه لا يتأثر بذلك، وهكذا لو لم يعلم أن هذا نجس وصلى فإنه لا يضره ذلك، كما لو صلى في ثوب نجس لم يعلم بذلك، حتى فرغ من الصلاة فإنه لا يعيد على الصحيح. وهكذا لو صلى في بقعة نجسة، ويظنها طاهرة ولكن لم يعلم إلا بعد الصلاة، فصلاته صحيحة على الصحيح. وهكذا لو صلى وقد أصاب رجله أو يده نجاسة ما علم بها إلا بعد الصلاة، صلاته صحيحة على الصحيح. والحجة في ذلك أنه صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم في نعليه وكان فيهما قذر، فأخبره جبرائيل عليه الصلاة والسلام، أن فيهما قذرا فخلعهما ولم يعد أول الصلاة، فدل ذلك على أن الذي لم يعلم معذور، فهكذا إذا أكمل.

حكم انتقاض وضوء من لمس كلبا

172 - حكم انتقاض وضوء من لمس كلبا س: يقول السائل: كلب المزرعة أجلكم الله عندما أقدم له الطعام، قد يلمسني وقد يلمس ملابسي، فهل يجب علي حين ملامسته لملابسي أن أغيرها؟ وهل يجب علي أن أعيد الوضوء؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ليس عليك إعادة الوضوء، لكن إذا مس رطوبة منه شيء من ثوبك فإنك تغسل محل الرطوبة أما إذا مس ثوبك جلده وهو يابس فلا يضر لكن إذا كان فيه رطوبة من بوله أو ريقه، لعابه فإنك تغسل ما أصابه سبع مرات، كأن أصاب رجلك أو ثوبك فإنك تغسله سبع مرات، ويكون فيها واحدة بالتراب وفي الأولى أفضل. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (340).

حكم وضوء من به سلس البول

173 - حكم وضوء من به سلس البول س: إنني مصاب بسلس، وأحيانا ينزل مني ما يقدر بقطرة أو قطرتين، وأحيانا أصلي بالناس إماما، فهل يجوز لي ذلك أو لا (¬1)؟ ج: إذا كان السلس مستمرا معك، وهو خروج الماء كالبول فلا ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (328).

تتوضأ إلا إذا دخل الوقت، إذا دخل الوقت توضأ، وإذا توضأت تصلي بهذا الوضوء ما دمت في الوقت، مثل المستحاضة فقد أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تتوضأ لكل صلاة؛ لأن حدثها دائم وهو خروج الدم، وهكذا من كان بوله مستمرا معه فإنه يتوضأ لكل صلاة، يعني إذا دخل الوقت فيتوضأ للعصر، إذا دخل وقتها، ويصلي حتى يخرج الوقت، ويقرأ القرآن من المصحف، وهكذا يتوضأ للمغرب ويصلي حتى يغيب الشفق وهكذا بعد العشاء ويتوضأ حتى يدخل الوقت، المقصود أن لكل وقت وضوءا هذا لصاحب السلس والأحوط لك أن لا تصلي بالناس إماما؛ لأن جمعا من أهل العلم يرون أنه لا يصلي صاحب السلس إماما بالناس، وإن صليت فصلاتك صحيحة إن شاء الله، هذا على الصحيح لكن إن تركت ذلك فهو أولى.

س: يسأل الأخ ويقول: تعرضت لحادث سيارة، وأصبحت الآن مقعدا لا أتحرك إلا بواسطة العربية، ولا أتحكم في السبيلين، ولا أستطيع السيطرة عليهما. كيف تنصحونني في الوضوء أو التيمم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: مثلك مثل صاحب السلس والمستحاضة، عليك أن تتوضأ لوقت كل صلاة والحمد لله، إذا دخل وقت الصلاة تستنجي وتتوضأ ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (187).

وضوء الصلاة، وتصلي في الوقت، حتى يجيء الوقت الآخر. ولو خرج شيء منك {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1)، هكذا كل وقت، تستنجي وتتوضأ وتصلي على حسب حالك وتقرأ من المصحف ولا حرج عليك في ذلك، لأنك معذور. ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16

حكم من يخيل له أنه يخرج منه الريح عند الوضوء

174 - حكم من يخيل له أنه يخرج منه الريح عند الوضوء س: عندما أريد أن أتوضأ للصلاة يخيل لي أنه سوف يخرج مني رائحة عن طريق السبيلين فما هو الحل لذلك؟ ولكم جزيل الشكر؟ (¬1) ج: هذا من الشيطان، والحل لهذا أن يعرض عن هذا الشيء، وأن لا يلتفت إليه، بل هو من الوساوس، فيتوضأ الوضوء الشرعي وهو التمسح، يبدأ بالمضمضة والاستنشاق، ويكفي ولا يلتفت إلى هذا الذي يظنه خرج من دبره من الريح بعد ما شرع في الوضوء، بل يستمر في وضوئه ولا يلتفت إلى هذه الوساوس، حتى يأتي مثل الشمس، أنه خرج منه شيء، فإذا جزم وتيقن أنه خرج منه شيء، يعيد الوضوء، يعني يعيد التمسح، الذي هو غسل الوجه واليدين، ومسح الرأس ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (11).

وغسل اليدين، هذا يسمى الوضوء الشرعي، أما غسل القبل والدبر، فهذا يسمى الاستنجاء، فينبغي أن نتنبه للفرق، بعض العامة قد يشتبه عليه هذا، فغسل الدبر والقبل يسمى استنجاء، عن الغائط والبول، وإن كان بالحجارة يسمى استجمارا، أما الوضوء الشرعي فالمراد به غسل الوجه، مع المضمضة والاستنشاق، وغسل اليدين مع المرفقين، ومسح الرأس مع الأذنين، وغسل الرجلين هذا يسمى الوضوء الشرعي، ويسميه بعض الناس التمسح.

بيان وقت وضوء من به سلس البول

175 - بيان وقت وضوء من به سلس البول س: يسأل السائل ويقول: إنه مصاب بمرض سلس البول، كيف يتوضأ للصلاة؟. يقول: لأنني سمعت من بعض أهل العلم وقرأت بأنه يجب أن أتوضأ لكل وقت صلاة، ولكن أنا والحمد لله، أصلي في المسجد، وإذا أردت أن أتوضأ عند دخول الوقت فإن تكبيرة الإحرام والركعة الأولى والثانية قد تفوتني، خاصة في صلاتي المغرب والعشاء، فهل يجوز لي أن أتوضأ قبل دخول الوقت، ولو لخمس دقائق؟ وما الحال بالنسبة لصلاة الجمعة (¬1)؟ ج: النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة أن تتوضأ لوقت كل صلاة، قال: ¬

_ (¬1) السؤال الراب والثلاثون من الشريط رقم (416).

«توضئي لوقت كل صلاة (¬1)» والمستحاضة هي التي معها الدم الدائم، أو الغالب معها. أمرها أم تتوضأ لوقت كل صلاة. وصاحب السلس، سلس البول، أو الريح الدائمة أو الغالبة، مثل المستحاضة يتوضأ لكل صلاة، ويلف على ذكره شيئا، إذا كان البول يلف عليه بعض الشيء يحفظه. وإذا دخل الوقت توضأ، كما تفعل المستحاضة سواء في الجمعة أو في المغرب، أو في غير ذلك ولو فاته بعض الصلاة: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، لأن الطهارة شرط للصلاة، فإذا أذن المؤذن للمغرب، والأذان الأخير للجمعة، يتوضأ ويأتي المسجد ولو فاته بعض الصلاة، ولو فاته بعض الخطبة، لأن هذا شرط الطهارة شرط للصلاة، والحمد لله، وإذا تيسر العلاج أنه يعالج هذا السلس عند بعض الأطباء المختصين، أو خروج الريح الدائم، كل داء له دواء يعالج والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب غسل الدم، برقم (228). (¬2) سورة التغابن الآية 16

س: يسأل الأخ ويقول: هل يجوز لمن به عذر كسلس وغيره أن يتوضأ قبل دخول وقت الصلاة لكي يدرك تكبيرة الإحرام في المسجد، خاصة في صلاتي المغرب والعشاء في المسجد وصلاة الجمعة، وأيضا إذا كان المسجد بعيدا،

أي هل يجوز الوضوء قبل دخول وقت الصلاة ولو بدقائق معدودة (¬1)؟ ج: الرسول صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة أن تتوضأ لوقت كل صلاة والعلماء ذكروا أصحاب السلس مثل المستحاضة، لا يتوضأ إلا بعد دخول الوقت لجميع الأوقات، يتوضأ لدخول الوقت ولو فاته بعض الصلاة. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والأربعون من الشريط رقم (421).

نصيحة من يخيل له أنه يخرج منه شيء عند الوضوء

176 - نصيحة من يخيل له أنه يخرج منه شيء عند الوضوء س: أخونا يقول: إنه عندما يتوضأ، يشعر وكأن به سلسا ويشعر بقطرات من الماء، كيف توجهونه وتوجهون أمثاله شيخ عبد العزيز لو تكرمت (¬1)؟ ج: كثير من الناس قد يبتلى بهذا عن وسوسة لا عن حقيقة، فنصيحتي لهذا وأمثاله، أن لا يلتفت إلى هذا الشيء، وأن يعرض عنه ما دام عنده شك ولو قليل، ولو واحد في المائة أنه ما خرج منه شيء فلا يلتفت إلى هذا لأن التفاته إلى هذا يجره إلى الوسواس المستمر، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (148).

فينبغي الإعراض عن ذلك، أما إذا جزم وتيقن مائة في المائة، أنه خرج منه شيء فإنه يستنجي، يعيد الاستنجاء والوضوء الشرعي، ولا يصلي وقد خرج منه بول، إذا كان يقينا مائة في المائة. ويستحب له أن يرش موضع الفرج، بعد فراغه من الوضوء، يرشه بالماء، حتى يحمل ما قد يقع له من وساوس على هذا الماء، وبهذا ينتهي الوسواس، وينقطع إن شاء الله.

حكم وضوء من به سلس البول والصلاة به أكثر من وقت

177 - حكم وضوء من به سلس البول والصلاة به أكثر من وقت س: يقول: هل سلس البول الذي ينزل بعد الوضوء يؤثر على طهارة البدن والثياب (¬1)؟ ج: إذا كان في الوقت بعدما توضأ في الوقت وهو معه السلس، لا يؤثر، لكن متى خرج الوقت يطهر ثيابه، ينظف ثيابه وما أصاب بدنه. أما لو توضأ في الوقت ثم خرج منه البول فإنه يصلي ولو خرج، ولو أصاب ثيابه، حتى ينتهي الوقت، كما في المستحاضة يخرج منها الدم وتصلي، ولو خرج الدم منها، فإذا خرج الوقت طهر ثيابه وطهر بدنه وأعاد الوضوء للوقت الآخر. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (423).

نصيحة لمن أصابه الوسواس في الوضوء

178 - نصيحة لمن أصابه الوسواس في الوضوء س: تقول السائلة: إنني أشتكي يا شيخ من كثرة الوساوس، في الوضوء، وعند قراءة الفاتحة، والتشهد فإني منذ أصبت بهذه الوساوس، وأنا لا أعرف الخشوع في صلاتي، بسببها ولا أرتاح، وإنني خائفة ألا تقبل صلاتي، والدتي تغضب علي كثيرا إذا رأتني أطلت الصلاة، أكثر من اللازم، وربما تكون قد اكتشفت هذه الحالة، وجهوني سماحة الشيخ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نصيحتي لك أيتها الأخت في الله، أن تتقي الله وأن تحذري عدو الله الشيطان، فإن مكائده كثيرة، ونزغاته متعددة، فالواجب عليك الحذر من ذلك، فاتقي الله في صلاتك ووضوئك، وقراءتك، احذري وساوس الشيطان، إذا توضأت فلا تكرري الوضوء، اجزمي بأنك توضأت والحمد لله، وهكذا في الصلاة لا تكرري الصلاة، اجزمي أنك صليت والحمد لله، وهكذا في القراءة ولا تكرريها، اجزمي أنك قرأت والحمد لله، ولا يحملنك ما يمليه الشيطان من الوساوس، على التكرار في القراءة والصلاة أو الوضوء، اعلمي أن هذا من الشيطان، وما حصل في ظنك أنك قرأت، كما ينبغي أو صليت أو توضأت، يكفي، ودعي الوسوسة، أنك لم تقرئي أو لم تصلي أو لم تتوضئي، ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (245).

اتركي هذه الوسوسة، احذريها، ابني أمرك على أنك قرأت، وأنك توضأت وأنك صليت، والحمد لله، واستمري في أشغالك الأخرى، واحذري اللين والتساهل، مع عدو الله لا تليني له، متى لنت طمع فيك وآذاك، وربما جعلك في عداد المجانين، فاتقي الله، واحذري عدو الله، واتركي الوساوس، وبادري بالوضوء من غير تأخير، والصلاة من غير تأخير، مع الطمأنينية في الصلاة والإقبال عليها مع الإسباغ في الوضوء، لكن من دون تكرار، ومن دون إعادة للوضوء، وهكذا في القراءة اطمئني في القراءة، وتدبري من غير حاجة إلى تكرار، تقولين ما قرأت أعيد القراءة، ما صليت أعيد، ما توضأت أعيد، لا، كل هذا من الشيطان، نسأل الله أن يعيذنا وإياك من الشيطان.

س: تقول السائلة: إن لها أختا، تشكو من الوسوسة، وخاصة في الوضوء، وترجو من سماحة الشيخ، أن يدلها على العمل الأمثل، الذي يمكن أن يكون عونا بإذن الله على الشفاء من هذا المرض (¬1)؟ ج: هذا المرض وهو مرض الوسوسة، يشكو منه كثير من الناس، من الرجال والنساء، والعلاج له هو: التعوذ بالله من الشيطان، لأنه من نزغات الشيطان، ومن أعماله وهو عدو الله، قال فيه سبحانه: ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (247).

{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (¬1)، وقال سبحانه: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (¬2) فالعلاج لهذا الداء، هو التعوذ بالله من الشيطان الرجيم، في الوضوء وفي الصلاة وفي غيرهما، كل ما أحس بشيء من الوساوس، يتعوذ بالله من الشيطان، يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويكون عنده قوة وصدق، والرغبة إلى الله سبحانه وتعالى، فإن هذا العدو يحتاج إلى قوة، وإلى صدق ولا ينجيك منه إلا ربك، الذي هو قادر على كل شيء، سبحانه وتعالى، فعلى المؤمن والمؤمنة، اللجوء إلى الله بصدق، والاستغاثة بالله أن يعيذهم منه، عند الوسوسة وهكذا في الأوقات الأخرى، يستجير بالله يا رب أجرني من الشيطان ومن وساوسه، يا رب اكفني شره، يستعين بالله يلجأ إليه سبحانه وتعالى، اللهم أعذني من الشيطان الرجيم، اللهم اكفني شره، اللهم عافني من وساوسه ونزغاته، يسأل ربه ويستعين بالله، والله سبحانه وتعالى يجيره منه متى صدق العبد، فالله سبحانه وتعالى يقول: ادعوني استجب لكم، ولن يخلف الله وعده سبحانه وتعالى، ولكن الإنسان قد يتساهل وقد يغفل وقد يدعو بدعاء ليس فيه صدق، ¬

_ (¬1) سورة فاطر الآية 6 (¬2) سورة فصلت الآية 36

فالواجب الصدق والرغبة فيما عند الله، واللجوء والانطراح بين يديه، بصدق وإخلاص ورغبة حتى يجيرك من هذا العدو المبين. وإذا توضأ الإنسان لا يعيد الوضوء بالوسوسة، ولا يعيد صلاته بالوسوسة، يبني على أن وضوءه صحيح، وصلاته صحيحة ولا يعيد شيئا من ذلك لأنه متى أطاع الشيطان في تكرار الوضوء، زيادة أو إعادة الصلاة، طمع فيه عدو الله، ولكن أنت متى فعلت الوضوء، وأنت تشاهد نفسك، فعلت الوضوء فاتق الله، ولا تعد ولا تطع الوسوسة، وهكذا في الصلاة، كملها ولا تطع الوسوسة، وهكذا في كل شيء تعاند عدو الله وتخالفه.

حكم من يكرر الوضوء بسبب الشك

179 - حكم من يكرر الوضوء بسبب الشك س: يسأل السائل ويقول: كثيرا ما أكرر الوضوء في صلاتي، فهل يجوز لي هذا لأنني أشك في وضوئي؟ وماذا تنصحونني يا سماحة الشيخ، مأجورين (¬1)؟ ج: الواجب عليك الحذر من الوساوس، إذا توضأت فلا تعد الوضوء، وإذا صليت فلا تعد الصلاة، دع عنك الوساوس، تعوذ بالله من الشيطان الرجيم، إذا توضأت فالحمد لله، لا تطاوع الشيطان، وإذا ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (420).

صليت فالحمد لله، لا تطاوع الشيطان، وإذا غلب عليك أنفث عن يسارك، ولو كنت في الصلاة أنفث عن يسارك ثلاث مرات قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، مل عن يسارك قليلا بالوجه وانفث عنه وقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وهكذا أكثر من التعوذ بالله من الشيطان، حتى في خارج الصلاة، عن الوساوس؛ لأن العدو إذا رأى منك اللين، طمع فيك، وآذاك بالوساوس، عدوك. فالواجب الحذر منه {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة فاطر الآية 6

س: كثر في زماننا هذا أولئك الذين يعانون من إعادة الصلاة ومن إعادة الوضوء، ما هو التوجيه السليم لهم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: كلها من طاعتهم للشيطان، كلها من ضعفهم، وإلا لو كانوا أقوياء غلبوا عدو الله، الواجب عليهم أن يكونوا أقوياء، وأن يعادوا عدو الله ويتعوذوا بالله منه ولا يلينوا مع الوساوس، فإذا توضأ ثم قال: أخاف أني ما سويت كذا، لا، لا يعود، أخاف أني ما تمضمضت، أخاف أني ما تنشقت، بعد ما توضأ، انتهى، تم الوضوء والحمد لله. أو صلى، بعدما يصلي يقول أخاف أني خليت شيئا، ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (420).

أخاف أني كذا، لا، إذ صلى، الحمد لله، انتهت الصلاة، يحملها على أنها تمت، ويدع الوساوس هذه.

حكم من يشك في انتقاض وضوئه

180 - حكم من يشك في انتقاض وضوئه س: ما حكم من شك في انتقاض الوضوء، هل يتوضأ أم لا؟ أثابكم الله (¬1) ج: إذا شك الإنسان هل انتقض وضوؤه، ليس عليه الوضوء إذا كان عرف الطهارة قد توضأ عرف أنه متطهر للظهر مثلا ثم شك بعد ذلك هل انتقضت طهارته أم لا ليس عليه وضوء بل يصلي العصر بالطهارة الأولى، وهكذا أشباه ذلك توضأ الضحى ليصلي الضحى ثم شك، هل انتقضت طهارته، لا يلزمه الوضوء للظهر، بل يصلي بطهارته التي أتى بها ضحى وهكذا في الليل مثلا، تهجد فلما جاء الفجر شك هل أحدث أم لا، لا حرج عليه ولا وضوء عليه، بل يصلي بوضوئه السابق الذي أتى به آخر الليل ولا يحتاج وضوءا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الرجل يجد الشيء في الصلاة، قال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا (¬2)» متفق عليه وفي لفظ آخر لما سئل أن رجلا قال: ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (14). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب من لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن، برقم (137)، ومسلم في كتاب الحيض، باب من تيقن الطهارة، ثم شك في الحدث، برقم (361).

يا رسول الله، رجل ويشير إلى بطنه، قال: «لا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا (¬1)» فالحاصل ليس عليه أن يجدد وضوءه، حتى يتحقق. ويعلم أنه أحدث، بريح أو بول أو غائط، أو أكل لحم إبل أو ما أشبهه من النواقض، الحاصل أنه لا يلزمه الوضوء، إلا إذا تحقق وجود الناقض. كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم «فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا (¬2)» يعني حتى يتحقق الحدث فإذا لم يتحقق فالأصل الطهارة. وله ثلاث حالات: حالة إذا تحقق أنه أحدث فإن عليه الوضوء، حالة يتحقق أنه لم يحدث فالحمد لله هذا يصلي بوضوئه الأول، الحالة الثالثة شك يعني تردد هل أحدث أم لا؟ قد يغلب على ظنه الحدث وقد يغلب على ظنه عدم الحدث، وقد يستوي الطرفان. فبهذه الأحوال الثلاثة لا يلزمه الوضوء حتى يتيقن أنه أحدث. وإذا توضأ لكل صلاة فهو أفضل لما في الوضوء من الخير والفائدة الوضوء فيه فضل عظيم فإذا توضأ لكل صلاة. هذا فيه فضل عظيم، وإن صلى بوضوء واحد عدة صلوات فلا بأس، قد فعله النبي في بعض الأحيان اللهم صل وسلم عليه، كما يصلي الإنسان مجموعة الظهر والعصر بوضوء واحد في السفر والمغرب والعشاء بوضوء واحد في السفر أو في المرض. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب من لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن، برقم (137)، ومسلم في كتاب الحيض، باب من تيقن الطهارة، ثم شك في الحدث، برقم (361). (¬2) صحيح البخاري الوضوء (137)، صحيح مسلم الحيض (361)، سنن النسائي الطهارة (160)، سنن أبو داود الطهارة (176)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (513)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 39).

س: أحيانا لا أدري هل أنا محدث أم لا وأتوضأ قطعا للشك فهل أنوي بهذا الوضوء بأنه لرفع الحدث أم أنوي أنه وضوء شرعي فقط (¬1)؟ ج: كله طيب إذا نويت عن رفع الحدث أو نويت الوضوء الشرعي كفى، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (388).

حكم الوضوء بالماء المستعمل في الطهارة

181 - حكم الوضوء بالماء المستعمل في الطهارة س: تقول هذه السائلة: إذا توضأ إنسان بماء ثم توضأ بذلك الماء آخر لضرورة أو لغير ضرورة فهل هذا جائز (¬1)؟ ج: إذا كان الماء مجموعا وتوضأ به الإنسان ثم بقي منه ماء، يكفي لوضوء الثاني، فالصواب أنه لا حرج، ولا ينجس بذلك، ولا تزول طهوريته، وقال بعض أهل العلم: إنه يكون طاهرا لا طهورا ولا تحصل به الطهارة، وليس عليه دليل، والصواب أنه طهور، فلو أن إنسانا تطهر من حوض صغير، أو من إناء كبير، ثم صب ماءه الذي تطهر فيه في إناء آخر، فتوضأ به آخر فلا بأس إذا كان ليس به نجاسة، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (429).

إنما غسل وجهه وذراعيه ومسح رأسه وأذنيه، هذا لا ينجسه ولا يسلبه الطهورية، على القول الراجح، لكن تركه أحسن من باب دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.

الواجب على طالب العلم أن يعتني بالأدلة وأن يأخذ بما يقوم عليه الدليل

182 - الواجب على طالب العلم أن يعتني بالأدلة وأن يأخذ بما يقوم عليه الدليل س: أحسن رجل الوضوء، مقلدا الإمام الشافعي رحمه الله، ثم مس امرأة أجنبية، وقال: قلدت الإمام مالكا، وصلى فهل صلاته صحيحة بهذا الخلط بين المذهبين أم لا (¬1)؟ ج: ينبغي للمؤمن ألا يكون عمله هكذا بالتقليد بل ينبغي له أن يسأل أهل العلم، أو يتفقه، إذا كان عنده فقه، ينظر في الأدلة الشرعية حتى يأخذ بالدليل لا بالآراء المجردة، فيتابع هواه في مسألة ويتابع هواه في مسألة أخرى، فيقلد هذا تارة وهذا تارة، هذا ليس من شأن أهل العلم، وليس من شأن أهل الورع والاجتهاد في الدين، فالواجب على طالب العلم أن يعتني بالأدلة، وأن يأخذ بما يقوم عليه الدليل، فإن كان قاصرا عن ذلك نظر في كلام أهل العلم، وأخذ بما يراه أقرب إلى الصواب، من أقوالهم وتحرى الحق في ذلك، والصواب في هذه المسألة، أن مس المرأة لا ينقض الوضوء، هذا هو الصواب لأن ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (15).

النبي صلى الله عليه وسلم كان ربما قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ ولأن الأصل صحة الطهارة وسلامتها. ولا يجوز أن يقال بفسادها إلا بالدليل، وليس هناك دليل واضح مع من قال: إن مس المرأة ينقض الوضوء مطلقا سواء بشهوة أو بغير شهوة، هذا هو الصواب وهذا هو الأرجح من حيث الأدلة، والعلماء لهم ثلاثة أقوال في هذا، منهم من قال: إن مسها ينقض مطلقا، ومنهم من قال: لا ينقض مطلقا، ومنهم من قال: ينقض بشهوة، ولا يكون ناقضا بغير شهوة، والقول الأرجح هو قول من قال: لا ينقض مطلقا. لعدم الدليل على النقض، أما قوله جل وعلا: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬1)، وفي قراءة (أو لمستم النساء) فقد فسر ذلك ابن عباس، بأنه الجماع وهو الصواب، المراد به الجماع، ليس المراد به المس باليد، وقوله: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} (¬2)، هذا إشارة إلى الحدث الأصغر، {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (¬3) إشارة إلى الحدث الأكبر، وهو الجنابة فأشار إلى هذا بما يناسبه، وهو الملامسة، وأشار إلى الحدث الأصغر، بقوله {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} (¬4)، الحاصل أن الصواب في هذه المسألة هو مع من قال: إن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا، لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم كما تقدم «أنه كان يقبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ (¬5)» صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 6 (¬2) سورة المائدة الآية 6 (¬3) سورة المائدة الآية 6 (¬4) سورة المائدة الآية 6 (¬5) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170).

باب الغسل

صفحة فارغة

باب الغسل 183 - الفرق بين غسل الاحتلام وغسل الجنابة س: هل الغسل من الاحتلام يشابه الغسل من الجنابة (¬1)؟ ج: نعم سواء إذا رأى الماء المني وجب عليه الغسل، المرأة والرجل في هذا سواء، لما في الصحيحين عن أم سلمة رضي الله عنها، أن أم سليم سألت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: «يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال صلى الله عليه وسلم: نعم إذا هي رأت الماء (¬2)» - يعني المني - وأجمع العلماء أنه إذا لم تر الماء، أو الرجل إذا لم ير الماء – يعني المني – فلا غسل عليه، إنما الغسل من الماء، الماء من الماء، إلا في الجماع في اليقظة، إذا جامع ولم ير الماء، يغتسل إذا أولج فرجه في فرجها، فإنه يغتسل وهي تغتسل، ولو ما ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (218). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الحياء في العلم، برقم (130)، ومسلم في كتاب الحيض، باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها، برقم (313).

حصل إنزال، ولو ما حصل مني، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل (¬1)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل وإن لم ينزل (¬2)» ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب نسخ الماء من الماء، برقم (349). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الغسل، باب إذا التقى الختانان، برقم (291) ومسلم في كتاب الحيض، باب نسخ الماء من الماء، برقم (348).

حكم صلاة من أصابته الجنابة ولم يجد مكانا يغتسل فيه

184 - حكم صلاة من أصابته الجنابة ولم يجد مكانا يغتسل فيه س: إذا تناوم الإنسان في منى ووجب عليه الماء للغسل، إلا أنه لكثرة الحاج يقل الماء فماذا يفعل بدل الماء؟ وكيف إذا أراد أن يصلي وهو جنب؟ وهل يكفي أن يتطهر بالتراب؟ أرجو توضيح هذه المسألة؛ لأن كثيرا من الناس يقعون في مثل هذا. ولكم منا جزيل الشكر (¬1). ج: إذا احتلم الإنسان في مزدلفة أو في أي مكان فيه الناس مع الناس فيلتمس الماء. يعني إذا احتلم ورأى الماء، يعني المني قد خرج منه في النوم، هذا الاحتلام يعني أنه جامع المرأة أو استيقظ ورأى المني خرج من ذكره على فخذيه في سراويله، فهذا يلزمه الغسل؛ غسل ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (32).

الجنابة، فعليه أن يلتمس الماء، يطلب الماء ولو بالشراء، في أي مكان يستطيعه في أطراف منى في أي جهة، أو يجد محلا يغتسل فيه من دون شيء يلزمه ذلك، فإذا لم يتيسر له؛ لا بالثمن ولا بالتبرع، ما وجد مكانا للغسل فإنه يتيمم بالتراب ويصلي؛ يضرب بيده التراب ويمسح بهما وجهه وكفيه بنية الجنابة وبنية الحدث الأصغر، يعني ينوي بالتيمم جميع المحدثين؛ الحدث الأصغر الذي يوجب الوضوء، والحدث الأكبر الذي يوجب غسل الجنابة، ينويهما جميعا، وأنه يتيمم حتى يصلي، ويكفيه ذلك ويصلي، وصلاته صحيحة. والحمد لله، فاتقوا الله ما استطعتم، والله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (¬1)، ولكن عليه أن يجتهد، لا يتساهل، يجتهد ويسأل، إن وجد ماء ولو بالشراء بأخذ الماء بسطل ونحوه، ويبتعد عن الناس بعض الشيء، أو يلتمس خيمة إذا كان هناك خيمة ليس فيها أحد، أو في محل بعيد عن أنظار الناس ويغتسل. ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 6

س: إذا احتلم الرجل وخرج منه شيء فهل يغتسل ويلبس لبسا جديدا أم يعيد هذا اللباس عليه (¬1)؟ ج: إذا احتلم الرجل أو المرأة فإنهما يغتسلان إذا رأيا الماء؛ وهو المني، أما الاحتلام بدون ماء فليس فيه غسل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سألته أم سليم قالت: «يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فأجابها عليه الصلاة والسلام بقوله: نعم إذا هي رأت الماء (¬2)» يعني المني، فإذا رأى الرجل أو المرأة المني بعد الاحتلام أو رأى المني ولم يكن احتلام فإنه يغتسل، والمني معروف: ماء غليظ ينتج عن الشهوة، فإذا رأى الرجل أو المرأة ماء – وهو المني – بعد احتلامهما، أو استيقظا ورأياه وإن لم يكن احتلام فإنهما يغتسلان؛ أمر بهذا النبي عليه الصلاة والسلام، أما الاحتلام الذي ليس معه مني فإنه لا يوجب الغسل، سواء كان في الليل أو في النهار، ولا يؤثر على الصيام ولا على الحاج، الاحتلام ليس باختياره، فإذا احتلم في نهار الصيام، أو احتلم في عرفة أو في منى قبل أن يرمي الجمرة فإنه لا يضره ذلك؛ لأنه ليس باختياره، والله سبحانه لا يكلف نفسا إلا وسعها، سبحانه. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (32). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الحياء في العلم، برقم (130)، ومسلم في كتاب الحيض، باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها، برقم (313).

فروض الغسل من الحيض والجنابة

185 - فروض الغسل من الحيض والجنابة س: السائلة و. و. و. من الرياض، تقول: ما هي فروض الغسل من الحيض والجنابة (¬1)؟ ج: الفرض: تعميم الجسم من الجنابة والحيض والنفاس، يعمه بالماء، إذا عم الجسد بالماء بنية الطهارة كفى المرأة والرجل عن الجنابة، والمرأة عن الحيض والنفاس، إذا عمت جسمها بالماء واغتسلت بنية الطهارة كفى، ولكن الأفضل أن يبدأ بالوضوء إذا كان غسل الجنابة، ثم يعم بدنه بالماء. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (398).

حكم من اغتسل من الجنابة بدون وضوء ونوى الطهارة من الحدثين

186 - حكم من اغتسل من الجنابة بدون وضوء ونوى الطهارة من الحدثين س: يقول السائل: ما حكم من اغتسل من الجنابة دون أن يتوضأ في أول الغسل؟ وهل لمن يتوضأ في أول الغسل عليه أن يغسل رجليه أم لا (¬1)؟ ج: إذا اغتسل من الجنابة ناويا الحدثين الأصغر والأكبر أجزأ عنهما، أما إذا ما نوى إلا الأكبر فقط فالذي ينبغي أن يتوضأ، وقد ذهب ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (243).

بعض أهل العلم إلى إجزائه عن الوضوء؛ لأن الأصغر يدخل في الأكبر، ولكن ظاهر الأحاديث خلاف ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (¬1)» وهذا لم ينو إلا الأكبر، فالواجب عليه أن يتوضأ بعد ذلك الوضوء الشرعي، والسنة أن يبدأ بالوضوء ثم يغتسل، هذا هو السنة، وإذا توضأ قبل ذلك فإن ترك الرجلين ثم كمل الغسل فلا بأس، وإن كمل الرجلين فهو أفضل، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم هذا وهذا، ثبت عنه من حديث عائشة رضي الله عنها أنه توضأ وكمل الوضوء، وحديث ميمونة أنه ترك الرجلين حتى فرغ ثم غسلهما مكانا آخر. فكونه يتوضأ وضوءا كاملا ثم يغتسل ثم بعد هذا يغسل رجليه مرة أخرى يكون هذا أفضل، وإن تركهما حتى كمل الغسل ثم كملهما فلا حرج في ذلك؛ لأن الغسل صار الآن مشتركا بين الوضوء والغسل، فإذا توضأ الوضوء الشرعي إلا الرجلين ثم كمل غسله ثم كمل رجليه فلا حرج. لكن مثل ما تقدم كونه يكمل الوضوء حتى الرجلين ثم يكمل الغسل يكون هذا هو الأفضل، ثم بعد ذلك يغسل قدميه مكانا آخر إذا تيسر ذلك، وإذا كان مكانا واحدا وليس فيه شيء يتعلق بالرجلين إذا كان مبلطا غسلهما في المكان، والحمد لله، وكونه غسلهما في مكان آخر عليه الصلاة والسلام محمول على انتقاله عن محل الذي قد يكون قد علق بهما شيء من الطين والتراب، فيغسلهما في مكان آخر لهذه العلة، وهذا هو الظاهر والله أعلم. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (1).

كيفية الغسل

187 - كيفية الغسل س: حدثوني عن الطريقة الصحيحة للغسل، جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: تقدم غير مرة الطريقة الصحيحة للغسل؛ أنه يبدأ في غسل الجنابة، يبدأ بالاستنجاء، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يفيض الماء على رأسه ثلاث مرات، ثم على جنبه الأيمن ثم الأيسر، ثم يعمم على بدنه الماء، هذه الطريقة التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم؛ يبدأ بالوضوء الشرعي والاستنجاء والوضوء الشرعي، ثم يفيض الماء على رأسه ثلاث مرات ويفركه بأصابعه – وإن كانت امرأة فشدت رأسها كذلك وتفيض الماء على رأسها، ولو كان رأسها مشدودا يكفي – ثم يفيض الماء على شقه الأيمن ثم الأيسر، ثم يعمم بقية بدنه بالماء. هذا كله طيب، وهذا هو الأفضل، ولو غسل على غير ذلك؛ بدأ بأسفله أو لم يتوضأ أجزأه ذلك، لكن كونه يبدأ بالوضوء الشرعي من الاستنجاء والوضوء الشرعي، ثم يفيض الماء على رأسه ثلاث مرات ثم الشق الأيمن ثم الأيسر، ثم يعمم. هذا هو الأفضل، هذا هو السنة. هذا هو الكمال. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (250).

س: من الجزائر، يقول السائل: وضحوا لنا الاغتسال من الجنابة والحيض؟ (¬1) ج: الاغتسال من الجنابة فرض لا بد منه، وهكذا من الحيض، فيجب على المسلم إذا أتى أهله أن يغتسل من الجنابة، لأن الله جل وعلا يقول: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (¬2)، وهكذا المرأة، وهكذا من الحيض والنفاس إذا انتهى الدم، وانقطع الدم ولو لأقل من أربعين وجب على النفساء والاغتسال، وإذا انتهت أيام الحيض، ورأت الطهارة تغتسل وجوبا، لقوله جل وعلا. {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} (¬3)، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر الحائض والنفساء بالغسل، فإذا انتهت مدة حيضها وجب عليها الغسل، وإذا رأت الطهارة لأقل من ذلك وجب الغسل أيضا، والنفساء كذلك، إذا كملت الأربعين وجب الغسل، وإذا رأت الطهارة قبل ذلك وجب عليها الغسل. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (435). (¬2) سورة المائدة الآية 6 (¬3) سورة البقرة الآية 222

حكم الشروع في الوضوء قبل الاغتسال

188 - حكم الشروع في الوضوء قبل الاغتسال س: إنني أتوضأ وضوءا كاملا قبل أن أغتسل، ثم بعد ذلك أفيض الماء على جسمي جميعا، وأخرج من الحمام وأذهب للصلاة، ولا أتوضأ مرة ثانية بعد الغسل، بل أكتفي بالوضوء السابق قبل الغسل، فهل عملي هذا صواب أم خطأ؟ لأنني سمعت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ قبل الغسل ويكتفي بذلك، أفيدونا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: الذي فعلته هو السنة، وقد وفقت للسنة، هذه السنة: الوضوء ثم الغسل، وهكذا كان النبي يفعل صلى الله عليه وسلم: يتوضأ ثم يغتسل عليه الصلاة والسلام، فأنت بهذا وافقت السنة، والحمد لله، إلا إذا حدث منك شيء ينقض الوضوء في حال الغسل؛ يعني إذا استخرجت أو خرج منك ريح هذا يوجب عليك إعادة الوضوء، أما ما دمت لم تمس فرجك ولم يخرج منك شيء ينقض الوضوء فإن عملك طيب، وهو الموافق للسنة. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (250).

حكم إجزاء الغسل عن الوضوء

189 - حكم إجزاء الغسل عن الوضوء س: هل يجزئ الاغتسال عن الوضوء؟ حيث إنه يقوم بإفراغ الماء على بدنه كله؟ (¬1) ج: لا يجزئ الغسل، لا بد من الوضوء، يبدأ: يتمضمض، يستنشق، ويغسل وجهه ثم يديه، ثم يمسح راسه وأذنيه، ثم يغسل رجليه، أما كونه يصب الماء على بدنه فلا يكفي، إلا إذا كان عن جنابة ونواهما جميعا، إذا كان غسل جنابة ونوى الحدثين صار الأصغر تبعا للأكبر، مع أن الأولى والأفضل حتى في الجنابة أن يتوضأ ثم يغتسل، كفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان يتوضأ ثم يغتسل عليه الصلاة والسلام، هذا هو المشروع ولو في الجنابة، لكن لو نواهما جميعا في الجنابة أجزأ عند جمع من أهل العلم، وصار الأصغر تبعا للأكبر، لكن بكل حال الأولى له والأفضل أن يتوضأ أولا، ثم يعمم بالغسل للجنابة، أما الغسل المستحب للجمعة أو لغسل التبرد فالغسل مستقل والوضوء مستقل. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (349).

س: إذا اغتسل الإنسان هل يلزمه الوضوء لأداء الصلاة؟ أم الاغتسال كاف؟ (¬1) ج: السنة إن كان عليه جنابة، أو كانت حائضا تغتسل من حيضها أو ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (170).

نفاسها، الوضوء أولا، يبدأ بالوضوء، يستنجي الإنسان، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يغتسل، ويكتفي بذلك عن الوضوء من بعد ذلك، فإن اغتسل بنية الأمرين؛ نية الطهارتين؛ الكبرى والصغرى دخلت الصغرى في الكبرى، أما الاغتسال بنية الجنابة فإنه يتوضأ بعد ذلك الوضوء الشرعي، كذلك إذا اغتسلت بنية الحيض والنفاس، فإنها تتوضأ بعد الوضوء الشرعي للصلاة أو مس المصحف أو نحو ذلك، والأفضل كما تقدم أن يبدأ بالوضوء الشرعي؛ بأن يستنجي من الجنابة، وأن تستنجي المرأة من الحيض والنفاس، ثم تتوضأ الوضوء الشرعي؛ بأن تتمضمض وتستنشق، وتغسل وجهها وذراعيها، وتمسح رأسها، وتغسل رجليها. وهكذا الرجل في الجنابة، ثم يكون الغسل بعد ذلك، كما كان النبي يفعل - صلى الله عليه وسلم – إذا اغتسل من الجنابة، اللهم صل عليه وسلم.

س: إذا اغتسل الإنسان من أي حدث أثناء دخول وقت الصلاة، هل يجزئ ذلك عن الوضوء للصلاة؟ أم إنكم توجهونه بشيء آخر (¬1)؟ ج: السنة لمن أصابه حدث الجنابة أن يبدأ بالوضوء؛ يستنجي أولا، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يكمل غسله، يحثي على رأسه ثلاث مرات، ثم على جنبه الأيمن ثم على الأيسر، ثم يكمل غسله، ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (177).

هذا هو السنة، لكن لو أنه غسل بنية الحدثين؛ الجنابة والحدث الأصغر كفاه ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (¬1)» ويدخل الأصغر في الأكبر، لكن السنة والأفضل أن يبدأ بالوضوء بعد الاستنجاء، ثم يكمل غسله، بشرط نية الأمرين. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (1).

س: يقول سائل: في غسل الجنابة إذا استحم الشخص بالماء أولا ثم الصابون في نفس المكان، هل في ذلك شيء؟ وهل لا بد من الوضوء (¬1)؟ ج: ليس في ذلك شيء إذا اغتسل من الجنابة بالصابون، أو بالسدر أو بالأشنان أو بغيره فلا بأس، لكن كونه يتوضأ وضوء الصلاة أولا، ثم يغتسل غسل الجنابة يكون أكمل، كفعل النبي عليه الصلاة والسلام، لكن لو غسل هذه الجنابة فقط، ولم يتوضأ ولم ينو الوضوء فلا حرج، يغتسل من الجنابة، وإذا أراد الصلاة يتوضأ وضوء الصلاة، أما إذا جمع بينهما فهذا هو الأكمل، يتوضأ وضوء الصلاة ثم يغتسل في جميع بدنه بالصابون أو بغيره ولكن لا يمس العورة، فإن مسها يعيد الوضوء إذا مس عورته، يعني الفرج: الذكر، أو الدبر، إذا مسه يعيد الوضوء الشرعي، يغسل وجهه ويديه، ويمسح رأسه وأذنيه، ويغسل رجليه، ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (392).

هذا الوضوء الشرعي، أما إذا كان عم الماء على بدنه، ولكن ما مس فرجه حين الغسل فوضوؤه الأول صحيح.

س: يقول هذا السائل: يا سماحة الشيخ، عندما أريد الغسل من جنابة، أو لصلاة جمعة، أو لصلاة عيدين أبدا دائما بالغسل من السرة إلى الركبة بالصابون، ثم بعد ذلك أنوي الغسل، وأشرع في الماء فقط، فهل عملي هذا صحيح (¬1)؟ ج: يكفي، لا بأس به، لكن ما فيه حاجة للصابون، الماء يكفي، وإذا فعلت الصابون فلا بأس، لكن لا بد أن يغسل بالماء الصابون حتى يزول ويبلغ الماء البشرة، وتعم البدن بالماء عن الجنابة، وهكذا في غسل الجمعة، حتى تحصل لك السنة. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والخمسون من الشريط رقم (376).

س: إذا اغتسل الإنسان للجنابة فهل يكفيه ذلك عن الوضوء (¬1)؟ ج: إذا جمعهما جميعا فلا بأس، إذا نوى الوضوء والغسل في غسل الجنابة أجزأه، لكن الأفضل أن يتوضأ، ثم يغتسل هذا الأفضل أن يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يغتسل، يعني يفيض الماء على رأسه، ثم على جسده، على رأسه ثلاثا، ثم على شقه الأيمن، ثم على شقه ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (376).

الأيسر، والمرأة كذلك: تستنجي، ثم تتوضأ وضوءها للصلاة، ثم تغتسل، سواء كان من الجنابة أو لغير ذلك، هذا هو الأفضل.

س: الأخ: ع. ط. ج. يقول: ما حكم الوضوء أثناء الاستحمام، وتعميم كافة الجسد بالماء. وهل يختلف الحكم إذا كان في جنابة أو غير ذلك (¬1)؟ ج: الجنب والحائض السنة أن يبدأ كل منهما بالوضوء؛ الوضوء الشرعي، ثم يفيض الماء على جسده، وهكذا في غسل الجمعة؛ يتوضأ قبل، وإن لم يتوضأ قبل توضأ بعد، أما إذا كان للتبرد يصب الماء على جسده، والحمد لله، لكن إذا كان لجمعة، أو عن الجنابة فيستحب له البدء في الوضوء، ثم يغتسل الغسل الشرعي. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (428).

حكم المضمضة والاستنشاق في الغسل

190 - حكم المضمضة والاستنشاق في الغسل س: يقول السائل: هل المضمضة والاستنشاق واجبة أثناء الغسل من الجنابة (¬1)؟ ج: نعم، المضمضة والاستنشاق واجبتان في الغسل من الجنابة، ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (428).

والغسل من الحيض وفي الوضوء الشرعي، لا بد من المضمضة في الوضوء والغسل من الجنابة والغسل من الحيض والنفاس، لا بد من ذلك، لأنهما في حكم الوجه.

حكم نقض المرأة شعرها عند الغسل

191 - حكم نقض المرأة شعرها عند الغسل س: السائلة: أ. أ. ع. جدة، تقول: في الحديث عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قلت: «يا رسول الله، أني امرأة أشد شعر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة؟ - وفي رواية: والحيضة؟ - فقال: لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات (¬1)» رواه مسلم. هل هذا يعني أن أغسل فروة الرأس ثلاث حثيات دون غسل باقي الشعر من الخلف (¬2)؟ ج: هذا معناه أنها لا تنقضه، ما يلزمها النقض، تحثي على رأسها ثلاث حثيات، وتسيل الماء على الجدايل، تعمها بالماء، ولا يلزمها النقض إذا عمته بثلاث حثيات، فإن الغالب أن هذا ما يصل إلى جوف الشعر، ثم تفيض الماء على بقية جسدها، فتطهر بإذن الله، الحمد لله، ولكن النقض في الحيض – كما جاء في رواية: أنه أمر بعض الحيض أن ينقضن شعرهن: – نقضة أولى في الحيض وأكمل، وإن لم تنقض فلا ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب حكم ضفائر المغتسلة، برقم (330). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (412).

بأس، كما في حديث أم سلمة، أما في الجنابة فلا حاجة إلى النقض، يفيض الماء على رأسه وعلى بدنه – والحمد لله – الرجل والمرأة.

حكم تخليل المرأة شعرها دون الغسل بالماء

192 - حكم تخليل المرأة شعرها دون الغسل بالماء س: هل يجوز تخليل المرأة شعر رأسها سبع مرات أثناء الغسل من الجنابة، دون أن تصب الماء على شعرها (¬1)؟ ج: لا يكفي ذلك، لا بد من صب الماء على شعرها ثلاثا، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تحثي عليه ثلاث حثيات، أما إذا كانت واقفة، لكنها عمت الرأس أجزأت بتعميمه، وأما مجرد التخليل من دون صب الماء فلا يكفي، لا بد من جريان الماء على الرأس، ومجرد تخليله بالأصابع التي فيها رطوبة من غير صب الماء لا يكفي، لا بد من صب الماء ولو مرة، لكن السنة ثلاث، لأن في حديث أم سلمة، قالت: يا رسول الله، إنني أشد شعر رأسي، أفأنقضه لغسل الجنابة؟ - وفي رواية له: والحيضة؟ عند مسلم رحمه الله – قال: «يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين (¬2)» فبين لها صلى الله عليه وسلم أنه يكفيها أن تحثي عليه ثلاث حثيات، فلو أنها روته بالماء من دون ثلاث حثيات صبت عليه الماء لكفى، لكن الثلاث أفضل – كما قال النبي عليه الصلاة والسلام – وأكمل في الإبلاغ. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (118). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب حكم ضفائر المغتسلة، برقم (330).

حكم الشروع في الوضوء قبل بداية الغسل

193 - حكم الشروع في الوضوء قبل بداية الغسل س: هل الوضوء في أول غسل الجنابة لازم وضروري، أم لا؟ ونرجو شرح الغسل بالتفصيل، وفقكم الله (¬1) ج: السنة أن يبدأ بالاستنجاء، ذكره وما حوله، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، هذه السنة كما كان يفعل النبي عليه الصلاة والسلام: كان يتوضأ وضوءه للصلاة بعد أن يستنجي، ثم يغتسل بعد ذلك؛ يدخل الماء في أصول شعر رأسه، ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات، ثم يفيض الماء على باقي جسده؛ الشق الأيمن ثم الشق الأيسر، ثم يكمل غسله. هذا هو السنة التي روتها عائشة وميمونة رضي الله عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولو أنه اغتسل من دون وضوء؛ عم جسده بالماء بنية الجنابة كفى وطهر بذلك، عم بدنه من قدمه إلى رأسه بالماء بنية غسل الجنابة كفى، ولكن الأفضل أن يبدأ بالوضوء الشرعي، هذا هو الأفضل، ليس بواجب، بل أفضل، ولو توضأ بعد ذلك ولم يتوضأ قبل ذلك فلا بأس، لكن تركت الأفضل؛ ترك السنة، السنة: أن يبدأ بالاستنجاء وغسل الفرج وما حوله، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يأخذ الماء ويدخله في أصول الشعر، ثم يحثي على رأسه ثلاث حثيات، ثم بعد هذا يغسل بقية جسمه؛ يغسل الشق الأيمن ثم الأيسر، ثم يكمل بقية الغسل. هذا هو الأفضل، وهذا هو الكمال، أما الإجزاء فيجزي، ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (41).

إذا عم بدنه بالماء – سواء بدأ برأسه أو برجليه أو بطنه وظهره، لا فرق متى عم بالماء جسده بالماء – أجزأه ذلك، لكن الأفضل أن يفعل كفعل النبي عليه السلام، وإذا نوى بالغسل الحدثين – نوى الطهارة الصغرى والكبرى – أجزأه ذلك على الصحيح، ولكن الأفضل أن يبدأ بالوضوء، ثم يكمل الغسل، هذا هو السنة.

وجوب الوضوء لمن اغتسل للتبرد

194 - وجوب الوضوء لمن اغتسل للتبرد س: من المعروف أن الوضوء يشترط على أمور معينة، مثل: غسل الوجه، والمضمضة، والاستنشاق، وغير ذلك. وسؤالي: هل يجوز لي – بعد الخروج من الحمام وبعد الاغتسال مباشرة – الصلاة دون أداء الشروط المذكورة؟ أجيبوني، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الوضوء طهارة مستقلة، والغسل طهارة مستقلة عن الجنابة، وعن الحيض – في حق المرأة – والنفاس، فإذا اغتسل المؤمن عن الجنابة بنية الطهارتين؛ الكبرى والصغرى أجزأه ذلك، ودخلت الصغرى في الكبرى، وإذا اغتسل بنية الجنابة فقط فالأرجح أنه لا يدخل، فعليه أن يتوضأ، وإذا توضأ قبل غسله يكون أفضل؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يتوضأ قبل الغسل، كان إذا أتى أهله ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (178).

يستنجى ويتوضأ وضوء الصلاة ثم يغتسل، هذا هو السنة: يستنجي، يغسل ذكره وما حوله، ويتوضأ وضوء الصلاة، ثم يغتسل، فإذا اغتسل من غير ترتيب ونوى الطهارتين؛ الصغرى والكبرى أجزأه ذلك على الصحيح. أما إن كان الغسل مستحبا فلا يدخل فيه الوضوء، لا بد من الوضوء، أو كان للتبرد.

س: هل يتوضأ من اغتسل أولا إذا أراد الدخول في الصلاة؟ أم يكفي الاغتسال عن الوضوء (¬1)؟ ج: الوضوء مع الغسل أفضل، إذا توضأ – إذا كان عن غسل جنابة، أو غسل حيض على المرأة – توضأ وضوء الصلاة، تستنجي ويستنجي الرجل، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يفرغ الماء على رأسه ثلاث مرات، ويخلل رأسه بأصابعه، ثم يفيض الماء على جسده؛ على شقه الأيمن ثم الأيسر، هذه السنة من جنابة، وفي غسل الحيض، وفي غسل الجمعة: يبدأ بالوضوء، يعني بعدما يستنجي من بوله أو نحوه، يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يكمل غسله بادئا بالرأس؛ يفيض عليه بماء ثلاث مرات، ثم يغسل شقه الأيمن ثم الأيسر، ثم يكمل، هذا هو المشروع، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله في غسل من الجنابة، لكن لو نوى الغسل ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (251).

والوضوء، نواهما جميعا؛ نوى الجنابة والحدث الأصغر جميعا، وأفاض الماء على جسده مرة واحدة، وعمم بالماء أجزأه ذلك، ولكن كونه يفعل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيتوضأ، ثم يغتسل يكون هذا هو الأكمل والأفضل، ولا بد من الاستنجاء إذا كان أراد أن يغتسل غسلا واحدا بدون وضوء، لا بد من الاستنجاء، يستنجي عما خرج من بول أو غائط أو مني، ويعم بدنه بالماء، ويكفي بنية الجنابة والوضوء جميعا، ينويهما جميعا، أما إذا كان ما نوى إلا الجنابة فإنها ترتفع الجنابة، فيبقى عليه الوضوء، يتوضأ وضوءا خاصا عن الحدث الأصغر، والكمال: أن يتوضأ أولا بعد الاستنجاء ثم يغتسل هذا هو الكمال.

حكم الوضوء داخل الحمام أثناء الغسل

195 - حكم الوضوء داخل الحمام أثناء الغسل س: هل للإنسان أن يتوضأ داخل الحمام أثناء الاستحمام، قبل أن يرتدي ملابسه (¬1)؟ ج: لا نعلم بأسا في ذلك إذا اغتسل من الجنابة أو يوم الجمعة، لكن السنة والأفضل أن يبتدئ بالوضوء لغسل الجنابة، يتوضأ ثم يغتسل للجنابة، ويكفيه الوضوء الأول، كان النبي يتوضأ أولا عليه الصلاة والسلام، يعني يستنجي، ويغسل ما أصاب فرجه وما حوله، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يغتسل، حتى إذا انتهى من الغسل انتهى من كل ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (160).

شيء، ليس عليه وضوء بعد ذلك، إلا إذا أحدث أو مس فرجه، أو خرج منه ريح فإنه يعيد الوضوء، أما إذا اغتسل ولم يمس فرجه، ولم يحدث فإن وضوءه الأول كاف، أما غسل الجمعة فإنه إن شاء توضأ قبله، وإن شاء توضأ بعده، لا يكفي الغسل وحده، فهو إما أن يتوضأ قبله، وإما أن يتوضأ بعده، وإذا توضأ بعده وقبله وهو عريان فلا حرج في ذلك، لأنه تجرد ليغتسل، فإذا توضأ قبل الغسل أو بعد الغسل، وهو لم يلبس الثياب في غسل الجنابة، أو في غسل الجمعة ونحوه فلا بأس إن شاء الله، ولا حرج.

حكم الاكتفاء بالغسل عن الوضوء

196 - حكم الاكتفاء بالغسل عن الوضوء س: أقوم لصلاة الفجر وأغتسل من الجنابة إذا كانت، فهل يجزئ الغسل عن الوضوء والذهاب إلى الصلاة (¬1)؟ ج: المشروع لك أن تتوضأ وضوء الصلاة ثم تغتسل؛ تستنجي، ثم تتوضأ وضوء الصلاة، ثم تغتسل، هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، لكن لو نويت بالغسل هذا وهذا؛ الحدثين الأصغر والأكبر وأنه يقوم مقام الوضوء أجزأ على الراجح، ولكن الأفضل لك أن تتوضأ أولا وضوء الصلاة، ثم تكمل الغسل، هذا هو الذي كان يفعله النبي عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (219).

س: هل الاغتسال من الجنابة كاف لأداء الصلاة؟ أم لا بد من الوضوء بعد الغسل ولبس الثياب (¬1)؟ ج: السنة أن يتوضأ أولا ثم يغتسل، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم؛ كان يتوضأ من الجنابة، ثم يفيض الماء على جسده؛ يتوضأ وضوءه الصحيح، يستنجي، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يفيض الماء على رأسه ثلاثا، ثم على بدنه هذا هو السنة، وإن اغتسل ونوى في غسله الحدثين: حدث الجنابة والحدث الأصغر ولم يتوضأ، بل نوى في غسله الأمرين أجزأه ذلك، وصحت بذلك صلاته، لكن الأفضل له والسنة: أن يتوضأ أولا، أن يستنجي، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يكمل الغسل تبعا للنبي عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (256).

س: هل الاستحمام يكفي أو يمنع من الوضوء؟ أرشدونا في ذلك (¬1) ج: السنة: أن يتوضأ أولا وضوء الصلاة كاملا – أو: إلا رجليه – ثم يغتسل للجنابة، ثم يغسل رجليه بعد ذلك إذا كان لم يغسلها، وإن كان قد غسلها يغسلها أيضا مرة أخرى عملا بالسنة، هذا إذا كان في الجنابة، وإن نوى الحدثين جميعا، واغتسل غسلا كاملا، ولم يخص ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (355).

الوضوء بأعماله أجزأ عند جمع من أهل العلم بنية الحدثين، ولكن الأولى والأفضل والسنة أن يتوضأ وضوء الصلاة كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بعد الاستنجاء؛ يستنجي ذكره وما حوله، ويتوضأ وضوء الصلاة، ثم يكمل غسل الجنابة، هذا هو السنة، وهذا هو الأفضل، أما غسل التبرد أو غسل الجمعة فهذا لا يكفي عن الوضوء، بل لا بد من الوضوء ثم الغسل، أو الغسل أولا ثم الوضوء.

س: هل الاستحمام يجزئ عن الوضوء للصلاة (¬1)؟ ج: إذا كان الاستحمام عن جنابة وأراد إزالة الحدثين الأكبر والأصغر، أي: المغتسل أراد بغسله الغسل والوضوء جميعا الوجوب أجزأ. أما الاستحمام من غير جنابة لا، لا بد من الوضوء قبلها أو بعدها، لا بد أن يتوضأ، نعم. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (355).

حكم من اجتمع عليه غسل الجنابة وغسل الجمعة

197 - حكم من اجتمع عليه غسل الجنابة وغسل الجمعة س: يقول السائل من اليمن: إذا اجتمع على الإنسان مثلا: غسل الجمعة وغسل الجنابة، فهل يغتسل غسلا واحدا أو غسلين؟ وكيف ينوي النية في هذه الحالة (¬1)؟ ج: يكفي غسل واحد بنية الجنابة؛ لأن المقصود النظافة والنشاط، وقد حصل بغسل الجنابة، فإن نواهما جميعا فهو طيب، إن نواهما: غسل الجنابة وغسل الجمعة كله طيب، وإن نوى غسل الجنابة فقط كفى. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (387).

حكم صلاة من اكتفى بغسل الجمعة دون الوضوء

198 - حكم صلاة من اكتفى بغسل الجمعة دون الوضوء س: الأخ: م. م. س، يقول: رجل اغتسل غسل الجمعة وصلى مع الجماعة وهو لم يتوضأ وضوء الصلاة، ولم يذكر ذلك إلا وهو في الصلاة، فصلى معهم، فهل صلاته صحيحة؟ أم ماذا يجب عليه إذا كانت صلاته غير صحيحة بعد مضي وقت طويل (¬1)؟ ج: عليه أن يعيد الصلاة ظهرا، يصلي ظهرا؛ لأن الغسل لا يكفي ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (206).

عن الوضوء، غسل الجمعة لا يكفي، بل لا بد من الوضوء الشرعي، لكن لو كان غسل الجنابة ونوى الحدثين أجزأ، وأما الغسل المستحب؛ غسل الجمعة، فهذا لا يكفي، بل عليه أن يعيد الصلاة ظهرا، لأن الجمعة لا تقضى إلا ظهرا، والغسل المستحب لا يجزئ عن الوضوء حتى ولو نوى إلا إذا رتب: غسل وجهه ثم يديه، ثم مسح رأسه وأذنيه، ثم غسل رجليه في أثناء الغسل فلا بأس، يكفي، يعني توضأ وهو يغتسل بالترتيب والنية.

الفرق بين الغسل المفروض والمسنون

199 - الفرق بين الغسل المفروض والمسنون س: هل الغسل المسنون كالغسل الواجب في أحكامه (¬1)؟ ج: نعم، الغسل المسنون كالغسل الواجب، يعني في التعميم، يستحب تعميم البدن بالغسل كالغسل الواجب. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (332).

س: يسأل المستمع ويقول: هل الاغتسال غير الغسل من الجنابة يجزئ عن الوضوء (¬1)؟ ج: لا يجزئ عن الوضوء، لا بد من الوضوء المرتب، أما في ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (276).

الجنابة إذا اغتسل بجنابة ونواهما فإنه يجزئ عند جمع من أهل العلم، والأفضل أن يتوضأ حتى في الجنابة، يتوضأ ثم يكمل غسله، هذا هو الأفضل، كان النبي صلى الله عليه وسلم في غسله من الجنابة: يستنجي، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يفرغ الماء على رأسه ثلاثا، ثم على بدنه، هذا هو السنة، وهذا هو الأفضل.

س: إذا اغتسل المسلم بنية النظافة فهل تكفي عن الوضوء (¬1)؟ ج: لا بد من الوضوء، الوضوء الشرعي لا بد منه، أما إذا نوى النظافة مع الوضوء فلا بأس إذا نواهما جميعا: وضوء مع النظافة، لا بأس مثل لو اغتسل للجنابة والجمعة حصل المقصود. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (232).

حكم استقبال القبلة عند الاغتسال

200 - حكم استقبال القبلة عند الاغتسال س: يقول بعض الناس: إنه يجب عند الاغتسال أن يكون المرء مستقبل القبلة، فهل ما قيل صحيح (¬1)؟ ج: ليس بصحيح، يغتسل سواء كان مستقبل القبلة أو غير مستقبل القبلة، الأمر في هذا واسع، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (269).

حكم حلق الشعر وتقليم الأظافر للجنب قبل الاغتسال

201 - حكم حلق الشعر وتقليم الأظافر للجنب قبل الاغتسال س: هل يجوز للمرء أن يحلق شعره، أو يقص أظافره وهو جنب ولم يغتسل بعد (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك أن يقلم أظافره، أو يقص شيئا من شعره إذا دعت الحاجة إلى قصه؛ كأن يحلق رأسه أو يقصر رأسه، لا بأس بذلك، أو شعرا آخر، لكن ليس له أخذ لحيته، إنما قص شاربه أو شيئا من بدنه أو إبطه أو عانته، ولو أنه كان على غير طهارة، ولو كان جنبا لا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (256).

س: إذ نام الإنسان وحلم في الليل وأصبح عليه جنابة، وأراد أن يحلق ذقنه، أو يقص أظافره قبل أن يغتسل هل هذا حرام خاصة إذا لم يجد ماء عند قيامه من النوم (¬1)؟ ج: إذا احتلم الإنسان في الليل أو في النهار ورأى المني خرج منه فإنه يغتسل وجوبا، عليه الاغتسال من الجنابة كما لو جامع أهله، سواء كان نومه ليلا أو نهارا إذا رأى المني، أما إذا احتلم أنه يأتي المرأة ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (36).

ولكن ما رأى المني فليس عليه غسل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن ذلك قال: «إذا رأت الماء (¬1)» سألته أم سليم عن ذلك، وقالت: «يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق، هل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال النبي: نعم، إذا هي رأت الماء (¬2)»، يعني المني، فدل ذلك على أن من لم ير الماء من رجل أو امرأة فإنه لا غسل عليه، ولا بأس أن يقلم أظفاره ويقص شاربه ويحلق عانته قبل الغسل، لا حرج في ذلك سواء فعله قبل الغسل أو بعده، لا يضر تقليم أظفاره، حلق عانته – وهي الشعرة – قص شاربه، نتف إبطه، لا يضر ولو قبل الغسل، أما حلق اللحية فلا يجوز مطلقا، لا قبل الغسل ولا بعده، حلق اللحية حرام منكر، الواجب إعفاؤها وإكرامها وتوفيرها، وليس للمسلم أن يحلق لحيته، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «قصوا الشوارب، وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين (¬3)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس (¬4)» والخلاصة أن اللحية يجب توفيرها وإعفاؤها وإرخاؤها، ولا يجوز أبدا حلقها ولا تقصيرها، وما يفعله بعض الناس اليوم منكر، لا ينبغي التأسي بهم في ذلك ولا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الحياء في العلم، برقم (130)، ومسلم في كتاب الحيض، باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها، برقم (313). (¬2) صحيح البخاري الأدب (6091)، صحيح مسلم الحيض (313)، سنن الترمذي الطهارة (122)، سنن النسائي الطهارة (197)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (600)، مسند أحمد (6/ 306)، موطأ مالك الطهارة (118). (¬3) أحمد في مسنده، مسند أبي هريرة برقم (7132). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (260).

الاغترار بهم، بل هذا منكر لا يجوز فعله، نسأل الله للجميع العافية والهداية.

حكم إرضاع المرأة طفلها وعليها جنابة

202 - حكم إرضاع المرأة طفلها وعليها جنابة س: إذا كانت المرأة عليها جنابة هل ترضع طفلها؟ أم لا يجوز إلا بعد الغسل (¬1)؟ ج: لا حرج، ترضعه وهي على جنابة، لا بأس بذلك. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والخمسون من الشريط رقم (429).

حكم الاستحمام والوضوء بماء البحر

203 - حكم الاستحمام والوضوء بماء البحر س: إذا كان بالقرب مني نهر أو بحر، وكنت أستحم فيه، وبعد ذلك حان وقت الصلاة وليس عندي ماء غيره أتوضأ منه، فهل يكفي استحمامي ذلك عن الوضوء وأصلي به، أم لا (¬1)؟ ج: عليك أن تتوضأ مما حولك من النهر أو البحر، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من البحر، فقال: «هو الطهور ماؤه، الحل ميتته (¬2)» والحمد لله، إذا تحممت للتبرد، أو لإزالة الوسخ وما أشبه ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (53). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور، برقم (69)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء بماء البحر، برقم (83)، والنسائي في كتاب المياه، الوضوء بماء البحر، برقم (332).

ذلك فلا يكفي، لا بد من الوضوء، أما إذا كان عن جنابة ونويت الحدثين: الأصغر والأكبر بالغسل كفى، لكن الأفضل أنك تتوضأ وضوءك للصلاة، ثم تغتسل غسل الجنابة، وهكذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعل، كان النبي عليه الصلاة والسلام يستنجي أولا، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يغتسل، هذا هو السنة، ويكفي ذلك، لكن لو نواهما جميعا ولم يبدأ بالوضوء، بل نوى الغسل والوضوء جميعا بنية واحدة أجزأه عند جمع من أهل العلم، ولكن الأفضل أن يفعل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، يعني: يتوضأ أولا، يستنجي، ويتوضأ وضوء الصلاة، ثم يسبغ الماء على بدنه، يكمل غسله، هذا هو السنة عن الجنابة، وهكذا المرأة عن الحيض؛ إذا طهرت من حيضها تستنجي، وتتوضأ وضوء الصلاة، ثم تغتسل؛ تعم البدن بالماء، وهذا هو الأمر الشرعي، فيجزئها هذا عن وضوئها وعن غسلها جميعا، والماء سواء كان ماء البحر، أو ماء النهر، أو من ماء الآبار، الحمد لله، الأمر واسع، الله سبحانه قال: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} (¬1)، والماء يعم النهر والبحر والعيون والآبار، كله داخل في الماء. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 43

حكم التطهر من ماء زمزم

204 - حكم التطهر من ماء زمزم س: ماء زمزم هل له تأثير على الرجل عندما يغتسل به أو لا (¬1)؟ ج: ماء زمزم ماء مبارك، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «إنها مباركة (¬2)» وقال فيها: «إنها طعام طعم وشفاء سقم (¬3)» فهو ماء مبارك، ومن أسباب الشفاء لكثير من الأمراض، ولا مانع من أن يغتسل به المؤمن، أو يتوضأ منه، لا حرج وقد توضأ منه النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا توضأ منه الإنسان أو اغتسل منه للتبرد أو للجنابة، أو لما جعل الله فيه من البركة فلا حرج في ذلك، وله أن يستنجي منه أيضا، وإن كان مباركا فلا مانع من الاستنجاء به؛ لأنه ماء طهور ماء طيب، فلا مانع من أن يستنجي منه، كالماء الذي ينبع من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم، فإن الماء نبع من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم مرات كثيرة، وهو من المعجزات الدالة على نبوته صلى الله عليه وسلم، وأنه رسول الله حقا، ومع ذلك أعطاه الصحابة وحملوا في أوعيتهم يغتسلون، ويستنجون، ويتوضؤون، وهو ماء عظيم مبارك، فهكذا ماء زمزم، ماء عظيم مبارك، ولا حرج في الوضوء منه والاغتسال منه، وإزالة النجاسة، ومن قال بكراهية ذلك من الفقهاء فقوله ضعيف مرجوح. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (60). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب من فضائل أبي ذر رضي الله عنه، برقم (2473). (¬3) أخرجه الطبراني في الصغير عن أبي ذر.

حكم الاغتسال بالماء الموجود في البيوت المتروكة

205 - حكم الاغتسال بالماء الموجود في البيوت المتروكة س: أقرأ القرآن الكريم، وعندي بيت أجلس فيه أصلي، وبعض الأحيان يصير عندي جنابة، هل يجوز أن أغتسل في هذا البيت؟ علما بأن البيت متروك، وفيه كتب دينية (¬1) ج: لا حرج في ذلك، لا بأس بأن يغتسل في هذا البيت، إذا كان فيه ماء وتيسر له الغسل فيه، فلا بأس، والحمد لله، لأن جعله للمطالعين والمراجعين نوع من الإذن في استعماله للوضوء والغسل والشرب، لما ترك للمطالعين والمراجعين في هذه الكتب، فالمعنى أنهم يتوضؤون من هذا الماء، ويغتسلون منه، ولا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (9).

حكم الجمع بين الوضوء والتيمم للجنب

206 - حكم الجمع بين الوضوء والتيمم للجنب س: من سوريا، يسأل أ. ش، يقول: إذا توفر الماء، وهذا الماء يكفي للوضوء، ولا يكفي لرفع الجنابة فهل يجوز التيمم بالتراب لرفع الجنابة، والوضوء بالماء لكل صلاة (¬1)؟ ج: نعم، إذا كان الماء قليلا، لم يستطع أن يكمل به الغسل، ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (401).

يتوضأ وضوء الصلاة ويتيمم للباقي، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (¬1)» وهذا معنى قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، إذا كان الماء قليلا توضأ به وتيمم، ومن هذا قصة عمرو بن العاص رضي الله عنه، لما اشتد عليه البرد، وخاف من ذلك توضأ ثم تيمم للجنابة، هذا إذا كان الماء قليلا، توضأ منه وتيمم للجنابة، وهكذا لو كان الماء عنده، لا يكفيه إلا لشربه وأكله يتيمم للجنابة وغيرها، فإنه يعمل ما يستطيع، إذا كان الماء قليلا لا يتمكن من الاغتسال به توضأ به، وإن كان الوضوء أيضا قد يشق عليه؛ لأن الماء قليل لا يتوضأ، يتركه لشربه ويتيمم، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288). (¬2) سورة التغابن الآية 16

كيفية غسل من عليه جبيرة

207 - كيفية غسل من عليه جبيرة س: إذا احتاج الشخص لوضع جبيرة ثم أصابته جنابة فكيف يغتسل؟ هل يمسح على الجبيرة ويتيمم ويغسل باقي الأعضاء وجسمه؟ أم ماذا يفعل (¬1)؟ ج: إذا وضع الجبيرة لحاجة يمر عليها الماء – والحمد لله – مثل ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والخمسون من الشريط رقم (414).

بقية الأعضاء، إذا كان لحاجة يغسل عن الجنابة ويمر على الجبيرة الماء، ويكفي.

حكم من عليه جبيرة واغتسل للجنابة ثم نزعها

208 - حكم من عليه جبيرة واغتسل للجنابة ثم نزعها س: الأخ ع. م. يقول: شخص وضع على يده جبيرة، وأصابته جنابة واغتسل منها، ثم بعد ذلك نزع الجبيرة، فهل يجب عليه أن يغسل يده التي كانت عليها الجبيرة، أم يجب عليه إعادة الغسل للجنابة (¬1)؟ ج: الجبيرة تقوم مقام غسل ما تحتها، طهارته طيبة، لأن المسح عليها ضروري، أما الخف فلا، لا يمسح على الخف وهو عليه جنابة، يخلع، أما الجبيرة يمسح عليها ولو في الجنابة، ولو في الحيض، إذا برئ ما تحتها لم يجب الغسل، بل يتوضأ كالعادة، ويغسل كالعادة في بقية أوقاته زال حكمها. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (428).

حكم من وجد لمعة من جسده لم يصبها الماء

209 - حكم من وجد لمعة من جسده لم يصبها الماء س: يقول السائل: رجل وامرأة اغتسل واغتسلت المرأة غسلا واجبا، ولكنهما وجدا بعد ذلك لمعة في جسده لم يصلها الماء، فهل يجب عليهما إعادة الغسل (¬1)؟ ج: أما إذا تأكد المغتسل عن وجود لمعة فتغسل اللمعة فقط. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (428).

حكم استماع الجنب للقرآن

210 - حكم استماع الجنب للقرآن س: هل يجوز للجنب الاستماع للقرآن الكريم، أو إلى الأناشيد الدينية؟ كما سماها (¬1) ج: نعم، لا حرج على الجنب والحائض والنفساء، كلهم لا حرج عليهم أن يسمعوا القرآن والأذكار الشرعية، إنما المحرم قراءة القرآن للجنب، كونه يقرأ ولو من غير المصحف حتى يغتسل، أما الحائض والنفساء فالصواب أن لهما القراءة؛ لأنهما مدتهما تطول، لكن لهما أن تقرآ عن ظهر قلب، وتراجعا المصحف من طريق القفازين، من طريق الحاجب، يعني يكون هناك وقاية بينهما وبين المصحف إذا دعت الحاجة إلى المراجعة لآية أو آيات، أما الجنب فلا، ليس له أن يقرأ ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (352).

حتى يغتسل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقرأ القرآن إذا كان جنبا، قال علي رضي الله عنه: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يحجزه عن القرآن شيء إلا الجنابة (¬1)»، وفي لفظ قال عليه الصلاة والسلام: «أما الجنب فلا، ولا آية (¬2)» يعني: لا يقرأ ولا آية. ¬

_ (¬1) سنن الترمذي الطهارة (146)، سنن النسائي الطهارة (265)، سنن أبو داود الطهارة (229)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (594)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 124). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (872).

حكم التبول قبل الوضوء والغسل

211 - حكم التبول قبل الوضوء والغسل س: هل يجب على الرجل أن يتبول بعد الجماع وقبل الوضوء والغسل؟ مع الدليل، وفقكم الله، وجزاكم عنا كل خير (¬1) ج: النبي صلى الله عليه وسلم أمر الجنب أن يتوضأ قبل النوم إذا فرغ من الجماع في الليل، السنة له أن يتوضأ قبل أن ينام، ومعلوم أنه في وضوئه يستنجي، يعني يبول بعد الجماع ويستنجي ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ولا أعلم شيئا فيه النص على البول، وإنما هذا تابع، إذا فرغ من جماعه مشروع له أن يتوضأ، ومعلوم أن الذي يريد الوضوء لا بد أن يغسل فرجه عما أصابه، ويحصل البول حين يتبول ويستنجي ثم يتوضأ وضوء الصلاة، أما شيء موصوف عن البول خاصة فلا أعلم له أصلا، ولكن المشروع له أن يستنجي، يعني يبول بعدما يفرغ من حاجته، إذا ذهب إلى الوضوء يبول ويستنجي ويغسل ما أصابه من الأذى، ثم ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (21).

يتوضأ وضوء الصلاة، كما أخبرت عائشة رضي الله عنها بقولها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ يغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم ينام ويغتسل في آخر الليل (¬1)» في الغالب عليه الصلاة والسلام، وربما اغتسل في أول الليل، لكن الغالب أنه يغسل فرجه ويتوضأ وضوء الصلاة ثم ينام، وقد أمر بهذا عليه الصلاة والسلام، سأله عمر فأمر عليه الصلاة والسلام الجنب أن يتوضأ ثم ينام. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في الجنب يؤخر الغسل، برقم (226).

حكم نوم الجنب قبل الغسل

212 - حكم نوم الجنب قبل الغسل س: الذي ينام وهو جنب دون أن يغتسل ودون أن يتوضأ فما الحكم في ذلك (¬1)؟ ج: مكروه، السنة أن يتوضأ، أقل شيء يتوضأ، السنة أن يتوضأ ثم ينام، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى أهله يغسل فرجه ويتوضأ ثم ينام عليه الصلاة والسلام، وربما اغتسل قبل ذلك، فإذا اغتسل فهو أكمل، وإن نام واغتسل آخر الليل فلا بأس، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، أما أن ينام بدون وضوء ومن دون غسل هذا مكروه، وقد سأل عمر النبي عن ذلك، فقال: «توضأ ثم نم (¬2)» قال: «أينام أحدنا جنب، قال: إذا توضأ فليرقد (¬3)» ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (369). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الغسل، باب الجنب يتوضأ ثم ينام، برقم (290)، مسلم في كتاب الحيض، باب جواز نوم الجنب، واستحباب الوضوء له، برقم (306). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الغسل، باب نوم الجنب، برقم (287).

وفي لفظ: «توضأ ثم ارقد (¬1)» والمقصود أنه يشرع للمؤمن إذا فرغ من حاجته أن يتوضأ، يغسل فرجه ويتوضأ وضوء الصلاة ثم ينام، وإن اغتسل كان ذلك أكمل، فالنبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا وهذا، ربما اغتسل قبل أن ينام، وربما توضأ ونام ثم اغتسل آخر الليل، عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمر برقم (5056).

حكم صلاة الجنب إذا لم يجد ماء يكفي إلا للوضوء

213 - حكم صلاة الجنب إذا لم يجد ماء يكفي إلا للوضوء س: إذا كان الإنسان عليه جنابة، وبحث فوجد ماء يكفي للوضوء فقط، ولا يكفي للغسل فهل يجوز الوضوء (¬1)؟ ج: نعم، يلزمه الوضوء ويتيمم للباقي؛ لقول الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (¬3)» فإذا كان في السفر أو في محل مسجون فيه، لا يستطيع ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (262). (¬2) سورة التغابن الآية 16 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288).

الخروج منه للغسل وعنده ماء قدر الوضوء يتوضأ ويتيمم، وهكذا لو كان في برد شديد وليس عنده ما يدفئ الماء، ويخشى من الغسل فإنه يتوضأ إذا استطاع الوضوء، ويتيمم كما فعل عمرو بن العاص رضي الله عنه في بعض أسفاره لما اشتد بهم البرد، توضأ وتيمم خوفا من مضرة الماء، فالمقصود أن الإنسان إذا خاف من مضرة الماء لشدة البرد وليس عنده ما يدفئ به الماء، وليس عنده محل أيضا مناسب للغسل فإنه يتيمم ويتوضأ؛ لأنه يقدر على الوضوء، وهكذا الذي ما عنده إلا ماء قليل يستطيع أن يتوضأ منه، يتوضأ ويتيمم لبقية الغسل.

س: إذا كان هناك إنسان في مكان، لا يوجد به ماء كاف للغسل من الجنابة، ووجد شيئا قليلا ما الحكم؟ أرجو إرشادي، جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: يقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (¬3)» فإذا كان الإنسان في مكان ليس فيه ماء إلا قليل لا يكفي للغسل فإنه يغسل ما ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (121). (¬2) سورة التغابن الآية 16 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288).

أمكن به من جسده، ثم يتيمم عن الباقي؛ لأنه معذور كالذي في البرية، أو في سجن لا يعطى ماء إلا لشربه، وليس عنده ماء يكفيه للغسل، ولا يعطى ماء للغسل، فإنه يغتسل بالذي عنده، فيغسل بعض بدنه؛ رأسه وصدره ونحو ذلك، ويستنجي منه، ويتيمم للباقي؛ يعني يضرب التراب بيديه بنية الطهارة، فيمسح بهما وجهه وكفيه عن بقية بدنه ناويا بذلك الطهارة من الجنابة، وإن نوى الطهارة من الجنابة وجميع الأحداث صح ذلك، وصارت طهارته كاملة عن الحدث الأصغر والأكبر جميعا، عملا بقوله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1)، فإذا كان الماء الذي عنده يحتاجه للشرب، ويخشى من العطش فإنه لا يغتسل منه، بل يتيمم عن الجميع، ويبقى الماء عنده لحاجته، عملا بقوله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، وعملا بقوله عز وجل: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (¬3). ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16 (¬2) سورة التغابن الآية 16 (¬3) سورة البقرة الآية 195

حكم ترك الغسل والوضوء لمدة طويلة بسبب المرض

214 - حكم ترك الغسل والوضوء لمدة طويلة بسبب المرض س: أصبت بمرض، بسببه أجري لي عملية في المستشفى، وعند طلوعي من المستشفى أفادني الطبيب المختص بأنه يجب علي عدم الغسل بالماء لمدة خمسة شهور بما فيها شهر رمضان المبارك، أرجو إفادتي، هل أبقى على ما قال الطبيب خمسة شهور، أم أغتسل وأصلي وأصوم رمضان؟ وما الحكم في الفروض التي أصليها بدون وضوء (¬1)؟ ج: الظاهر أن لك عذرا في ذلك بعدم الغسل، تتيمم عن الجنابة، لكن من باب الاحتياط ينبغي سؤال غيره من الأطباء الذين لهم خبرة في هذا الأمر، يبنغي التأكد من سؤال طبيب ثان، ولا سيما الأطباء المسلمون الذين يوثق بهم، إذا أخذت الحيطة بسؤال ثان أو ثالث هذا طيب، أما إذا كان هذا الذي أخبرك هو الطبيب المختص وهو الذي تولى العلاج، وأنت مطمئن إلى خبره، لا يظهر لك منه ما يدل على التساهل بالإسلام أو كراهة للإسلام – الحمد لله، هذا من أمور الطب، ومما يخشى منه الخطر لو خالفته – فلا بأس أن تأخذ بقوله، ولا تغتسل حتى تمضي المدة احتياطا لصحتك ولسلامتك، ولكن من باب الاحتياط ومن باب التوثق ينبغي أن تسأل طبيبا آخر أو طبيبين إذا تيسر ذلك من باب الحيطة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (32).

كيفية الجمع بين غسل الجنابة والتيمم عن عضو مريض

215 - كيفية الجمع بين غسل الجنابة والتيمم عن عضو مريض س: إذا كان الإنسان عليه جنابة ويجب أن يغتسل، ولكن الطبيب منعه من الغسل بالماء؛ بأن يصيب رأسه بحسب أنه مريض فماذا يفعل (¬1)؟ ج: إذا كان مريضا يضر الماء رأسه يغتسل في جميع بدنه، وإذا فرغ من ذلك يتيمم بالنية عن رأسه؛ يضرب التراب بيديه ويمسح وجهه وكفيه بالنية عن رأسه، وهكذا لو كان الطبيب منعه من غسل إحدى يديه أو إحدى رجليه يغسل السليم، ويتيمم بالنية عن الجزء الذي لم يغسل؛ لأن التيمم يقوم مقام الماء عند العجز عن الماء، فالله جعل الأرض طهورا ومسجدا سبحانه وتعالى، فالذي لا يستطيع غسل رأسه أو عضو من أعضائه يغسل الباقي، ثم يتيمم بضرب التراب بيديه ضربة واحدة، ويمسح بهما وجهه وكفيه بالنية عن العضو الذي لم يغسل، سواء رأس أو يد. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (36).

حكم تأخير غسل الجنابة لغير عذر

216 - حكم تأخير غسل الجنابة لغير عذر س: السائل: ص. ص. ع. سوداني، مقيم في ساجر: ما حكم من يجلس أو يظل على الجنابة فترة من الزمن بعذر أو بدون عذر (¬1)؟ ج: لا حرج، ما دام لم يحضر وقت الصلاة، فإذا حضر وقت الصلاة لزمه الغسل وأداء الصلاة، كالظهر أو العصر، أما في الضحى مثلا: تأخر حتى لم يغتسل إلا عند الظهر فقد ثبت في الصحيحين من حديث حذيفة، ومن حديث أبي هريرة: «أنهما لقيا النبي صلى الله عليه وسلم، ثم انخنسا منه، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: ما شأنكما؟، قالا: كنا على جنابة، فكرهنا أن نجالسك ونحن على غير طهارة، فقال صلى الله عليه وسلم: إن المسلم لا ينجس (¬2)» ولم ينكر عليهما بقاءهما على غير طهارة. والذي ننصح به أن المبادرة بالغسل طيب، إذا بادر فحسن، ولكن لا يلزمه، قد يعيقه عائق: يخرج للسوق لحاجة يشتريها أو كذا فلا حرج عليه، إنما يلزمه المبادرة إذا حضر ما يوجب ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (268). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الغسل، باب عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس، برقم (283)، ومسلم في كتاب الحيض، باب الدليل على أن المسلم لا ينجس، برقم (372).

باب التيمم

صفحة فارغة

باب التيمم 217 - الأسباب الموجبة للتيمم ومدته س: ما هي أسباب التيمم؟ وهل هناك مسافة محدودة إلى الماء (¬1)؟ ج: أسباب التيمم هي أسباب الوضوء، فإذا وجب الوضوء على الشخص، ولم يجد الماء وجب عليه التيمم، وهكذا إذا عجز عن الماء لمرضه وجب عليه التيمم للصلاة، لمس المصحف، للطواف، والمقصود أن التيمم يقوم مقام الوضوء، فإذا وجد أسباب الوضوء ولم يوجد الماء فإنه يتيمم بالصعيد؛ يضرب التراب بيديه ضربة واحدة يمسح بهما وجهه وكفيه، وهكذا المريض الذي لا يستطيع؛ يضره الماء يفعل التيمم، والصحيح أنه يقوم مقام الطهارة، يرفع الحدث إلى وجود الماء، فإذا تيمم للظهر صلى به العصر إذا كان على طهارة، وهكذا لو تيمم للمغرب صلى به العشاء إذا كان على طهارة، أو تيمم لصلاة الضحى وبقي على طهارة حتى جاء الظهر وصلى بذلك، كما في ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (185).

الحديث: «الصعيد وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين (¬1)» والله جل وعلا سمى التيمم طهارة، وقال جل وعلا: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (¬2)، ويقول صلى الله عليه وسلم: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (¬3)» فجعل التيمم طهورا كما أن الماء طهور، هذا هو الصواب في هذه المسالة عند المحققين من أهل العلم: أن التيمم يقوم مقام الماء في رفع الحدث إلى وجود الماء، وأنه لا يبطل بدخول الوقت ولا بخروجه. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، برقم (124)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب الجنب يتيمم، برقم (332)، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد برقم (322). (¬2) سورة المائدة الآية 6 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله: فلم تجدوا ماء فتيمموا، برقم (335)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الباب، برقم (523).

كيفية التيمم المشروع

218 - كيفية التيمم المشروع س: الأخ: م. م. أ، من العراق، يسأل عن الطريقة الصحيحة للتيمم. جزاكم الله خيرا، ونفع بعلمكم (¬1). ج: الطريقة الصحيحة بينها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمار بن ياسر في الصحيحين، قال له: «إنما يكفيك أن تضرب بيديك هكذا (¬2)» ثم ضرب بهما الأرض، ضرب بيديه الأرض بكفيه ثم مسح بهما وجهه وكفيه. وهذا مطابق لقوله سبحانه: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (¬3)، فإذا كان في السفر وليس عنده ماء، أو مريضا لا يستطيع استعمال الماء ضرب بكفيه الأرض ضربة واحدة ضربة خفيفة، ثم مسح بهما وجهه وكفيه، وإذا علق بهما التراب نفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه، هكذا المشروع ويكفي، ضربة واحدة تكفي، هذا هو السنة، ولو ضرب ضربتين إحداهما لوجهه والثانية ليديه لا بأس، لكن الأفضل والسنة واحدة كما في حديث عمار، يضرب بهما الأرض، أو إذا كان عنده إناء فيه تراب أو كيس أو ما أشبه ذلك يضرب بيديه التراب، ثم يمسح بهما وجهه وكفيه، هذا هو التيمم ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (158). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب التيمم ضربة، برقم (347) ومسلم في كتاب الحيض، باب التيمم، برقم (368). (¬3) سورة المائدة الآية 6

الشرعي بالنية؛ بنية الطهارة، ويسمي الله، يقول: بسم الله. كما يسمي في الماء؛ الوضوء، وإذا ضرب بيديه التراب مسح بهما وجهه وكفيه، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من الطاهرين. كما يفعل في الماء؛ لأن هذا يقوم مقام الماء، وفق الله الجميع.

س: ما هي الطريقة الصحيحة للتيمم؟ وهل يجوز مسح اليد إلى المرفقين بالتيمم؟ هل هو جائز أم لا (¬1)؟ ج: التيمم الشرعي المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم ضربة واحدة، كما في الصحيحين من حديث عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما، قال لما علمه التيمم: قال: «أن تقول هكذا (¬2)» ثم ضرب يديه ضربة واحدة، فمسح بهما وجهه وكفيه، هكذا التيمم الشرعي، يبدأ بوجهه ثم كفيه، فيكفي ذلك، ولا حاجة إلى الذراعين، وجاء في بعض الروايات مسح الذراعين، وهكذا إلى الآباط، ولكن هذا كان من اجتهاد بعض الصحابة قبل أن يعلم الحكم الشرعي، فلما علم بالحكم الشرعي اكتفوا فيه؛ وهو مسح الوجه والكفين، وجاء عن ابن عمر أنه كان يضرب ضربتين ويمسح إلى المرفقين، ولكن الصواب ضربة واحدة كما ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (166). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب التيمم ضربة، برقم (347) ومسلم في كتاب الحيض، باب التيمم، برقم (368).

في حديث عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما، ويكفي هذا، وهو الذي نص عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وعلمه أمته عليه الصلاة والسلام، وهو الأفضل، ضربة واحدة يمسح بذلك وجهه وكفيه، كما علم النبي صلى الله عليه وسلم أمته ذلك، من حديث عمار رضي الله تعالى عنهما.

بيان عدد مرات التيمم عند التطهر من الحدث الأصغر والأكبر

219 - بيان عدد مرات التيمم عند التطهر من الحدث الأصغر والأكبر س: أصابتني جنابة في البرية وليس عندي ماء للغسل، فتيممت وصليت الفجر أنا وجماعة معي، فلما رجعت إلى الخيمة سألتني زوجتي: كم مرة تيممت؟ فقلت: مرة واحدة، فقالت: إنه يلزمك تيممان؛ أحدهما عن الجنابة، والثاني للصلاة. فهل ذلك صحيح (¬1)؟ ج: لا، ليس بصحيح، الذي عليه جنابة يكفي تيمم واحد، النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمارا أن يتيمم تيمما واحدا للصلاة وهو عليه جنابة، فإذا ضرب التراب بيديه ومسح بهما وجهه وكفيه كفى ذلك عن الجنابة، وعن الحدث الأصغر؛ لأن الله قال: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} (¬2)، فالتيمم للحدث الأصغر والأكبر ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (10). (¬2) سورة المائدة الآية 6

تيمم واحد، وكذا المرأة التي أصابها الحيض والنفاس، ثم طهرت من حيضها أو نفاسها فإنه يكفيها تيمم واحد عن الحيض، وعن الحدث الأصغر، وبعدها تصلي، هذا هو الواجب، ولا يلزم تيممان؛ واحد عن الحدث الأصغر، والثاني عن الأكبر، لا يلزم هذا، النية تكفي عن الجميع، إذا نوى الجميع كفاه تيمم واحد، مثل إذا نوى الغسل للطهارتين كفاه، وإن كان أفضل الغسل أن يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يغتسل، أما التيمم فيكفي تيمم واحد؛ يضرب بالتراب بيديه ضربة واحدة، ثم يمسح بهما وجهه وكفيه بنية الحدثين: الأكبر والأصغر جميعا، ويكفيه ذلك، والحمد لله.

شروط الصعيد الطيب للتيمم

220 - شروط الصعيد الطيب للتيمم س: يقول: السائل: أرجو من سماحة الشيخ بيان كيفية التيمم الصحيح، وهل يشترط في الصعيد الطاهر أن يكون ترابا، أم يكفي التيمم على الحجارة (¬1)؟ ج: الواجب التراب إذا وجد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «جعل التراب لي طهورا (¬2)» وقول الرب جل وعلا: ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (428). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (763).

{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (¬1)، والصعيد: وجه الأرض، قوله منه يدل على أنه يكون له غبار يتصل باليد والوجه، قوله: منه، فإذا لم يتيسر ذلك تيمم من الأرض التي عنده، سواء كانت الأرض صفاء، أو رملا، أو طينية، أو سبخة، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (¬3)» فالأرض تعم الأرض السبخة والرمل وذات الحصى كله، وإذا ما تيسر التراب {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬4)، لكن إذا وجد التراب فإنه يتيمم من التراب. ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 6 (¬2) سورة التغابن الآية 16 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله: فلم تجدوا ماء فتيمموا، برقم (335)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الباب، برقم (523). (¬4) سورة البقرة الآية 286

بيان عدد ضربات التيمم

221 - بيان عدد ضربات التيمم س: التيمم للحاجة، هل هو ضربة في الأرض واحدة، أو أكثر؟ ذلك أن بعض الأشخاص قال: لا بد من ضربات ثلاث، وجهونا إلى الصواب، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الصواب أن يكون التيمم ضربة واحدة، هذا هو الأفضل، ولو ضرب ضربتين فلا بأس، لكن الصواب والأفضل ضربة واحدة؛ لما في الصحيحين من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه: «أنه سأل النبي عن ذلك – عليه الصلاة والسلام – فبين له النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: أن تقول هكذا (¬2)» ثم ضرب النبي بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح بهما وجهه وكفيه، فدل ذلك على أن هذا هو السنة؛ ضربة واحدة، ثم تمسح بالكفين وجهك والكفين إلى الرسغ، الذراع ما يمسح، ولكن الكف فقط من أطراف الأصابع إلى الرسغ، هذا هو السنة، ولو ضرب ضربتين: واحدة للوجه وواحدة لليدين فلا حرج في ذلك، لكن الأفضل ضربة واحدة، هكذا جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (264). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب التيمم ضربة، برقم (347) ومسلم في كتاب الحيض، باب التيمم، برقم (368).

حكم من تطهر بالتيمم وصلى به أكثر من فرض

222 - حكم من تطهر بالتيمم وصلى به أكثر من فرض س: هل التيمم يصلح للصلوات كلها، أم يتيمم المرء لكل صلاة (¬1)؟ ج: التيمم فيه خلاف بين أهل العلم، هل يقوم مقام الماء في كل شيء، أم يكون مبيحا فقط في الوقت نفسه، لا رافعا للحدث؟ والصواب أنه يقوم مقام الماء، وأنه طهور، وأنه يرفع الحدث ما دام الماء غير موجود، أو كان المكلف غير قادر عليه من أجل مرض ونحوه. فالحاصل أن التيمم يقوم مقام الماء، وهو طهور، تصلى به الصلوات الكثيرة، حتى يهتدي المرء إلى الماء أو يجد الماء إن كان مفقودا، أو يستطيع استعماله إن كان عاجزا قبل ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (¬2)» فسمى التراب طهورا، ويقول صلى الله عليه وسلم: «الصعيد وضوء المسلم ولو لم يجد الماء عشر سنين (¬3)» ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (271). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله: فلم تجدوا ماء فتيمموا، برقم (335)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الباب، برقم (523). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، برقم (124)، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد برقم (322).

فالصواب أنه طهور، وأنه وضوء، وأنه يقوم مقام الماء في الجنابة وفي الحدث الأصغر، وأنه يصلى به الصلوات كلها حتى يجد الماء، أو يستطيع استعماله إن كان عاجزا عن استعماله؛ لمرض أو جراحات، هذا هو الصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم.

س: يقول السائل: هل التيمم يصلح للصلوات كلها، أم يتيمم المصلي لكل صلاة (¬1)؟ ج: الصواب أنه كالماء، يكفي للصلوات كلها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال في الحديث الصحيح: «وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (¬2)» سماها طهورا وفي اللفظ الآخر: «وجعلت تربتها لنا طهورا (¬3)» وفي اللفظ الثالث: «وجعل التراب لي طهورا (¬4)» كلها أحاديث صحيحة، وقال عليه الصلاة والسلام: «الصعيد وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين (¬5)» فإذا تيمم عند عدم الماء للمغرب مثلا، وبقي على طهارته حتى جاء العشاء يصلي به العشاء، والحمد لله، هذا هو الصواب، وهكذا لو تيمم للظهر وجاء العصر وهو على ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (281). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله: فلم تجدوا ماء فتيمموا، برقم (335)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الباب، برقم (523). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (522). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (522). (¬5) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، برقم (124)، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد برقم (322).

طهارته، أو جاء العصر والمغرب وهو على طهارته صلى بذلك، والحمد لله، هذا هو الصواب؛ لأنه كالماء.

س: هل التيمم يكفي لصلاة واحدة فقط، أم أكثر من ذلك؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: التيمم كالوضوء، هذا هو الأصح من أقوال أهل العلم، التيمم كالوضوء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصعيد وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين (¬2)» ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (¬3)» فسمى ترابها طهورا، فإذا تيمم للظهر وجاء العصر وهو على طهارة صلى بالتيمم العصر إذا كان معذورا لمرض يضره الماء، أو لعدم وجود الماء، المقصود أن التيمم يقوم مقام الماء، فإذا تيمم لصلاة الضحى وجاء الظهر صلى به، أو تيمم للظهر وجاء العصر وهو على طهارة صلى به، وهكذا كالماء، إلا إذا وجد ما يبطل التيمم؛ كوجود الماء، أو كونه مريضا يضره الماء ثم شفي يستعمل الماء. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (316). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، برقم (124)، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد برقم (322). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله: فلم تجدوا ماء فتيمموا، برقم (335)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الباب، برقم (523).

حكم من تيمم للنافلة وصلى به الفريضة

223 - حكم من تيمم للنافلة وصلى به الفريضة س: من تيمم ليصلي نافلة هل له أن يصلي بذلكم التيمم فريضة، أو لا (¬1)؟ ج: نعم، له أن يصلي الفريضة إذا كان ما وجد ماء، فالمرء عادم الماء له أن يتيمم، مثل التيمم لصلاة الضحى؛ لأن ما هناك ماء، أو لأنه مريض لا يستطيع استعمال الماء ثم جاء الظهر فلا بأس أن يصلي الظهر بالتيمم، إلا إذا برئ من المرض، أو إذا ما وجد ماء. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (326).

حكم التحدث بعد التيمم

224 - حكم التحدث بعد التيمم س: غالبا ما أسمع أن من يتيمم لا يجوز له أن يتحدث مع أحد حتى يدخل في الصلاة، فإن تحدث فسد تيممه، هل هذا صحيح (¬1)؟ ج: هذا لا أصل له، وهو باطل، فله أن يتحدث ولو بعد التيمم مثل الوضوء، له أن يتحدث مع الناس، وله أن يقرأ القرآن، وله أن يصلي النافلة قبل الفريضة، لا بأس بهذا مثل الوضوء، نعم. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (371).

بيان عدم وجوب اتصال التيمم بالصلاة

225 - بيان عدم وجوب اتصال التيمم بالصلاة س: أحيانا أتيمم في مكان وأصلي في مكان آخر قريبا منه، هل تصح هذه الصلاة (¬1)؟ ج: لا حرج أن تتيمم في مكان وتصلي في مكان آخر، لا بأس في ذلك، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (330).

بيان كيفية التيمم عن الحدث الأكبر إذا عدم الماء أو كان البرد شديدا

226 - بيان كيفية التيمم عن الحدث الأكبر إذا عدم الماء أو كان البرد شديدا س: يسأل عن كيفية التيمم من الجنابة إذا عدم الماء، أو كان موجودا ولكن البرد شديد (¬1) ج: مثل التيمم عند عدم الماء، ومثل التيمم مع الوضوء، إذا فقد الماء يتيمم عن الجنابة والوضوء بضرب التراب بيديه، فيمسح بهما وجهه وكفيه ضربة واحدة عن الوضوء، وعن الغسل، وعن الحيض أيضا عند عدم الماء؛ يضرب التراب بيديه ضربة واحدة يمسح بهما وجهه وكفيه ناويا الوضوء، أو ناويا الغسل من الجنابة، أو نوت المرأة غسل الحيض أو النفاس عند عدم الماء، وهكذا عند وجود الماء، لكن ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (270).

مع المرض الذي يمنع من استعمال الماء، أو مع البرد الشديد وليس عنده ما يسخن به الماء فهذا معذور، فالتيمم عن الجنابة والحيض والحدث الأصغر كله واحد؛ ضربة واحدة، هذا هو الأفضل، يمسح بهما وجهه وكفيه، يمسح بأطراف أصابعه وجهه، وبيديه كفيه ظاهرهما وباطنهما، هذا هو التيمم الشرعي كما قال الله جل وعلا: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (¬1)، فالذي يجد الماء يمسح، يضرب التراب بيديه، ثم يمسح بهما وجهه وكفيه: ظاهرهما وباطنهما بنية الوضوء، أو بنية الجنابة، أو بنية الحيض والنفاس للمرأة، وإن ضرب ضربتين إحداهما لوجهه، والثانية لكفيه فلا بأس، لكن الأفضل ضربة واحدة، كما صح عن النبي في حديث عمار في الصحيحين: أنه علم عمارا، قال: «إنما يكفيك أن تضرب الأرض ضربة واحدة، ثم تمسح بهما وجهك وكفيك (¬2)» لما سئل عن التيمم عن الجنابة، الضربة الواحدة هي الكافية وهي السنة، يمسح بأطراف أصابعه وجهه ويعمه، ثم يمسح بكلتا يديه الواحدة للأخرى ظاهرهما وباطنهما. ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 6 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب التيمم ضربة، برقم (347) ومسلم في كتاب الحيض، باب التيمم، برقم (368).

حكم إجزاء التيمم عن الغسل لحدث أكبر إذا وجد الماء

227 - حكم إجزاء التيمم عن الغسل لحدث أكبر إذا وجد الماء س: التيمم هل يسقط عن الجنب الاغتسال بتاتا؟ وكم صلاة يمكن أن أصلي به؟ وما هي نواقضه (¬1)؟ ج: التيمم يقوم مقام الماء، الله جعل الأرض مسجدا وطهورا للمسلمين، فإذا فقد المسلم الماء أو عجز عنه لمرض قام التيمم مقامه، فلا يزال كافيا حتى يجد الماء، فإذا وجد الماء وجب عليه الغسل عن جنابته السابقة، وهكذا المريض إذا برئ وعافاه الله اغتسل عن جنابته السابقة التي طهرها بالتيمم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصعيد طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، ثم قال: فإذا وجدت الماء فمسه ببشرتك (¬2)» فإذا وجد الجنب الماء أمسه ببشرته، اغتسل بعد ذلك عما مضى، وأما صلواته كلها فصحيحة بالتيمم عند عجزه عن الماء لعدم وجود الماء، أو عند عجزه بوجود المرض الذي يمنعه من الماء، حتى ينتهي المرض ويشفى منه، وحتى يجد الماء ولو طالت المدة. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (48). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، برقم (124)، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد برقم (322).

حكم من يستعمل الماء للغسل ويتيمم للصلاة

228 - حكم من يستعمل الماء للغسل ويتيمم للصلاة س: أخي يصلي ولكنه يتيمم بحجر، ولا يتوضأ بالماء مع أنه يستعمل الماء في الاغتسال، وعندما أقول له: لم تفعل ذلك؟ يقول: إن الطبيب منع علي استعمال الماء، فهل صلاته صحيحة بهذا التيمم (¬1)؟ ج: إذا كان يستعمل الماء في الغسل ولا يضره الماء في الغسل فمن باب أولى أن لا يضره في الوضوء؛ لأن الوضوء أقل ماء وأقل كلفة، فالواجب عليه أن يصلي بالماء وأن يتوضأ، فإذا كان لا يضره الغسل فإنه لا يضره الوضوء، الواجب عليه أن يتوضأ وأن يعصي هذا الطبيب؛ لأنه جرب الماء ولم يضره، وليس له التيمم، ثم التيمم بالحجر لا ينفع، الواجب التيمم بالتراب في صعيد الأرض، لا بالحجر ما دام يجد التراب، فإنه يضرب وجه الأرض ويتيمم منها إذا عجز عن الماء؛ لمرض يضره معه الماء، أو لأنه في سفر لا يجد الماء، والواجب على المؤمن أن يترك الشبهات والوساوس التي لا وجه لها، وليس كل طبيب يطاع قوله، إنما يطاع قول الطبيب الأمين العارف الذي أرشدك لما ينفعك، وحذرك مما يضرك، فلا بأس، وما دمت أيها المريض استعملت الماء في الغسل، وهو لا يضرك فمن باب أولى أن لا يضرك الوضوء. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (181).

حكم التيمم بضرب يده على فرشة المسجد مع وجود الماء

229 - حكم التيمم بضرب يده على فرشة المسجد مع وجود الماء س: عندما دخلت المسجد رأيت رجلا يضرب بيديه على الأرض المفروشة حتى أخرجت الغبار، ثم مسح يديه ووجهه، ودخل في الصلاة. السؤال: هل تجوز وتصح صلاة هذا على هذه الطريقة، مع أن المياه قريبة من المسجد، ولم أر عليه أي أثر يمنعه من الوضوء؟ وهل إذا كانت صلاته غير صحيحة يجب علي أن أخبره كي يعيدها (¬1)؟ ج: نعم، ليس له التيمم إذا كان يستطيع الوضوء بالماء، فالماء موجود، والصلاة باطلة حتى يتوضأ؛ لأن الله سبحانه يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (¬2)، فواجد الماء لا يجوز له التيمم، إلا إذا كان عاجزا مريضا يضره الماء، فهذا الذي رأيته تنصحه وتقول له: لا يجزئك التيمم إذا كنت صحيحا سليما لا يضرك الماء. أما لو كان يضره الماء أجزأه التيمم من الفرش التي فيها غبار، ولكن كونه يتيمم من التراب في رحبة المسجد، أو غيرها من المواضع التي فيها التراب الطاهر يكون أولى من غبار الفراش؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «وجعلت تربتها لنا ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (199). (¬2) سورة المائدة الآية 6

طهورا إذا لم نجد الماء (¬1)» فكونه يتيمم من التربة نفسها أولى من الغبار الذي في الفراش، والغبار يجزئ كما نص عليه أهل العلم؛ لأنه كونه يتيمم من التراب الموجود الطاهر يكون أكمل وأوفق للسنة، أما إذا كان الرجل عنده مانع من الوضوء؛ لأن به مرضا يمنعه من استعمال الماء، ويضره استعمال الماء فإن التيمم يجزئه، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (522).

حكم التيمم بتراب مستعمل في التيمم

230 - حكم التيمم بتراب مستعمل في التيمم س: حديثه التالي يقول: سمعنا أنه لا يجوز التيمم بتراب قد استعمل، فما الحكم للمرضى الذين يتيممون بالتراب عدة مرات؟ وهل النهي للكراهة أم لا (¬1)؟ ج: المراد: لا تيمم بالتراب المستعمل، أو بالماء المستعمل لا يتوضأ به. مرادهم: التراب الذي يتساقط من يد الإنسان، أما التراب الذي في الإناء هذا ما يسمى مستعملا؛ لأن المستعمل التراب الذي أخذته اليدان، أما الباقي في الإناء من الماء فليس هو مستعملا، فلا ينبغي أن يشكل هذا، فالتراب الذي في الصحن أو في الكيسة لا يكون مستعملا، المستعمل هو التراب الذي أخذه المتيمم في يده ثم تساقط، هذا هو المستعمل الذي علق في يديه، مثل الماء الذي علق في اليدين ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (19).

وتقاطر في إناء آخر هذا هو المستعمل، والمشهور عند العلماء أنه لا يستعمل، وقال بعضهم: يجوز أن يستعمل أيضا حتى ولو أنه سقط من اليدين إذا كان نظيفا ما أصابته النجاسة فهو طهور، وقال قوم: إنه طاهر، وليس بطهور، فلا يستعمل. وليس هناك حجة واضحة على منع استعماله، ولكن تركه من باب الحيطة حسن، أما التراب الذي يبقى في الإناء هذا ما هو مستعمل، وهكذا الماء الذي في الإناء بعدما توضأ منه الإنسان ما هو مستعمل.

س: عندما أصلي بالتيمم هل أعمل الباقيات الصالحات؛ من تسبيح وتهليل وتكبير (¬1)؟ ج: نعم، تعمل ما تعمله للوضوء، مثل ما تعمل للوضوء تعمل للتيمم: التهليل والتسبيح والتكبير، والصلاة الراتبة إذا كنت مقيما أكثر من أربعة أيام ولا تيمم: تصلي الرواتب، تصلي بالتيمم الضحى، وتسبح وتهلل، تأتي بكل مشروع، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (56).

س: الأخ: ع. م. ي. م. من السودان، يقول: إذا حضرت تشييع جنازة في منطقة يتعذر فيها وجود الماء فهل يجوز لي التيمم (¬1)؟ ج: هذا فيه إجمال، إذا كنت في البرية ولا عندك ماء فلا بأس أن تصلي بالتيمم، أما إذا كنت في البلد ولكن المنطقة ليس فيها ماء فليس لك أن تتيمم، بل تذهب إلى المكان الآخر وتتوضأ، فإن أمكن أن تصلي على الجنازة فالحمد لله، وإلا فلا حرج عليك، وليس لك أن تتيمم من أجل عدم قرب الماء منك، بل لا بد من الماء؛ لأن الله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (¬2)، وأنت واجد الماء في القرية وفي البلد، لكنك في محل ليس فيه ماء، مثلا قرب البلد، في محل قريب من البلد، أو في بيت ليس فيه ماء، ولكن لو ذهبت إلى الآبار القريبة وجدت الماء، أو إلى البيوت القريبة وجدت الماء، فليس لك أن تصلي بالتيمم إلا عند عدم الماء، كالذين في البرية، أو في مكان بعيد عن البلد، ويشق عليه الذهاب إلى محل الماء، فيتيمم ويصلي مثل المسافر الذي قدم من سفره، وصلى قرب البلد بالتيمم؛ لأنه ما عنده ماء، وجب أن يصلي الصلاة في وقتها، أو في أول وقتها لا بأس، أما أنت تصلي في البلد بالتيمم لا لمجرد عدم قرب الماء منك في وقت تشييع الجنازة. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (179). (¬2) سورة المائدة الآية 6

بيان المسافة التي تبيح التيمم

231 - بيان المسافة التي تبيح التيمم س: كم هي المسافة التي تقدرونها لكي يباح للإنسان التيمم (¬1)؟ ج: ليس فيه مسافة معينة، إنما هو المشقة وعدم تيسر ذلك، في وقت قريب مثل فوات أول الوقت للفريضة، فلا حرج في ذلك، وإن صلاها في آخر الوقت بالماء فلا حرج أيضا، المقصود إذا كان يفوت أول الوقت، مثلا: بينه وبين البلد كيلوان أو ثلاثة، وهو ليس هو في السيارة، بل يمشي، وقد يفوته غالب الوقت أو معظم الوقت، يعني نصف الوقت، فكونه يصلي في أول الوقت بالتيمم أفضل مبادرة إلى الصلاة، أما إذا كان في السيارات فالأمر فيها واسع؛ لأنه لا يشق الأربعة الكيلو والخمسة الكيلو والعشرة الكيلو، في الإمكان إنهاؤها والوصول إلى الماء بسهولة، الحاصل إذا كان التأخير يفوت عليه أول الوقت، وله حكم السفر فلا بأس أن يصلي بالتيمم، أو خرج في نزهة وبعد عن البلد، وأنه لو رجع لفاته مثلا أول الوقت فيصلي بالتيمم كذلك؛ استدراكا واغتناما للوقت الذي هو وقت الفضيلة، وإن أخر – ولو فاته أول الوقت من أجل الماء – فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (179).

حكم التيمم في الأماكن التي يندر فيها الماء

232 - حكم التيمم في الأماكن التي يندر فيها الماء س: بعض الأماكن تكون نادرة المياه إلا ما يكفي للشرب، خاصة في المواقع العسكرية النائية، وقد يحتاج الأمر إلى الاغتسال أحيانا، فهل يكفي التيمم في هذه الحالة (¬1)؟ ج: إذا كان في مكان ليس فيه ماء، كالمسافر والسجين الذي لا يعطى ماء فإنه يكفيه التيمم {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، يضرب التراب بيديه، ويمسح بهما وجهه وكفيه عن الجنابة، وعن الحدث الأصغر، أما إذا كان يستطيع الماء بالطلب، أو بالشراء المعتاد، أو بالذهاب إليه في الوقت فإنه يتوضأ ولا يتيمم، لأن الله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (¬3)، والرسول صلى الله عليه وسلم قال في التيمم: «إذا لم يجد الماء (¬4)» فالمقصود أنه إذا وجد الماء في السفر، أو في الحضر وجب عليه الغسل والوضوء ولو بالشراء الذي ليس فيه إجحاف، أما إذا عجز عن ذلك فإنه يتيمم؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬5)، ويقول جل وعلا: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (¬6). ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (168). (¬2) سورة التغابن الآية 16 (¬3) سورة المائدة الآية 6 (¬4) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، برقم (124)، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، باب الصلوات بتيمم واحد برقم (322). (¬5) سورة التغابن الآية 16 (¬6) سورة المائدة الآية 6

س: الأخ: س. س. ش. يسأل ويقول: نحن عرب بادية، وفي بعض الأحيان نفقد الماء، ولا نجد ما نغتسل به، فكيف نصلي؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الله يقول سبحانه: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (¬2)، فإذا كنتم في البادية أو في الأسفار ولم تحصلوا على الماء صلوا بالتيمم؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (¬3)، وقال عليه الصلاة والسلام: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (¬4)» فالمسلم متى جاء وقت الصلاة وليس عنده ماء إلا ماء يسيرا لشرابه أو لطعامه، أو لشرابه وشراب بهائمه فإنه يصلي بالتيمم، والتيمم ضربة واحدة؛ يضرب بيديه الأرض، ثم يمسح بيديه وجهه وكفيه، هذا هو التيمم، ضربة واحدة يضرب بها الأرض، ثم يمسح بهما وجهه وكفيه، هذه الضربة تقوم مقام الماء، حتى يجد الماء. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (231). (¬2) سورة المائدة الآية 6 (¬3) سورة المائدة الآية 6 (¬4) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله: فلم تجدوا ماء فتيمموا، برقم (335)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الباب، برقم (523).

حكم التيمم مع وجود ماء للشرب فقط

233 - حكم التيمم مع وجود ماء للشرب فقط س: السائل يقول: أنا راعي غنم، ومعظم وقتي أقضيه في الصحراء، حيث يندر المطر صيفا، ويشتد البرد شتاء، وقد أحتاج إلى الغسل، فهل يصح لي التيمم مع وجود الماء الذي هو للشرب فقط؟ ج: الله سبحانه يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (¬1)، الآية فإذا كان الماء الذي لديك قليلا، لا يكفي إلا للشرب، وليس بقربك ماء تستطيع الذهاب إليه وتتوضأ منه فلا حرج في التيمم؛ لأن الماء القليل وجوده كالعدم؛ لأنك في حاجة إليه، أما إذا كان في الإمكان الذهاب إلى الماء لقربه منك فإنك تذهب إليه وتتوضأ، ولا تتيمم؛ لأن الله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} (¬2)، وإذا كنت تجد الماء حولك أو أنت حول قرية تستطيع الذهاب إليها، أو إلى ماء من ماء المطر، أو غير هذا من المياه التي تستطيع الحصول عليها قريبا منك فعليك أن تتوضأ، وأما إذا لم تستطع {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬3)، لا حرج عليك في التيمم، بل يجب عليك التيمم وأن تصلي، لأنك فاقد للماء. ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 6 (¬2) سورة المائدة الآية 6 (¬3) سورة التغابن الآية 16

حكم التيمم خوفا من البرد

234 - حكم التيمم خوفا من البرد الأخ: م. ع، من السودان، يقول: إذا كان الماء موجودا هل يجوز أن يتيمم الإنسان مع ذلك خوفا من البرد (¬1)؟ ج: إذا كان الماء موجودا فليس للمسلم أن يتيمم، بل عليه أن يستعمل الماء؛ لقوله الله عز وجل: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (¬2)، وفي الحديث الصحيح: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا إذا لم نجد الماء (¬3)» لكن إذا كان البرد شديدا يخشى على نفسه منه، وليس هناك ما يسخنه به فله عذر؛ لأن الله يقول: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (¬4)، ويقول عز وجل: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (¬5)، فإذا كان الماء باردا وليس هناك ما يدفئه به فإنه لا يلزمه الغسل بالماء؛ لما فيه من الخطر، وله التيمم حينئذ، وقد وقع هذا لعمرو بن العاص رضي الله عنه في بعض أسفاره، أصابته جنابة والبرد شديد، فلم يستطع أن يغتسل فتيمم، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (423). (¬2) سورة المائدة الآية 6 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله: فلم تجدوا ماء فتيمموا، برقم (335)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الباب، برقم (523). (¬4) سورة الأنعام الآية 119 (¬5) سورة البقرة الآية 195

س: السائل من السودان، يذكر بأنه يعمل في البرية راعيا للأغنام، والبرد في الشتاء – وخاصة في الصحراء – قارص، يقول: هل يجوز لي أن أصلي النافلة، وأقرأ من المصحف بالتيمم رغم وجود الماء معي (¬1)؟ ج: يلزمك أن تتوضأ بالماء، وإذا دعت الحاجة إلى تسخينه تسخنه بالنار، فإذا لم يوجد نار والماء شديد يضرك استعماله ولا تستطيع تتيمم، تصلي بالتيمم الفرض والنفل، واقرأ من المصحف، أما إذا كنت تستطيع تسخينه أو تستطيع استعماله لأن برودته لا تضرك فلا بد من استعمال الماء؛ إما بالتسخين، وإما بنفسه إذا كانت برودته لا تضرك. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (413).

س: أنا عندما أكون مع الغنم يكون معي ماء يكفي لشربي فقط، وأنا بعيد من مصدر الماء، هل أتركه للشرب أم أتوضأ به (¬1)؟ ج: تتركه للشرب وتتيمم، والحمد لله، الله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (¬2)، والماء للشرب كالمعدوم؛ لأنك محتاج ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (256). (¬2) سورة النساء الآية 43

له، فهو كالمعدوم؛ لأنه خاص بحاجتك وإنقاذ نفسك، فلا يلزمك الوضوء، ولكن تتيمم – والحمد لله – حتى تجد الماء.

حكم من صلى بالتيمم ثم وجد الماء

235 - حكم من صلى بالتيمم ثم وجد الماء س: رجل لم يجد الماء فتيمم ثم صلى وأكمل الصلاة، وبعد ذلك وجد الماء، هل عليه إعادة (¬1)؟ ج: ليس عليه إعادة، قد سئل النبي عن مثل هذا فأجاب بأن لا إعادة عليه. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (350).

حكم التيمم لمن لم يجد الماء وهو في البلد

236 - حكم التيمم لمن لم يجد الماء وهو في البلد س: سائل يقول: إذا فقد المؤمن الماء، وذهب إلى المسجد فلم يجد به ماء، هل له أن يتيمم أم عليه أن يبحث عن الماء عند جيرانه، ويبحث عنه في حوالي كيلو متر مربع كما يقول بعض الخطباء (¬1)؟ ج: ما دام في البلد فعليه أن يبحث عن الماء، وليس له التيمم، بل يبحث عن الماء ويشتريه، إن تيسر بغير شراء فالحمد لله، وإلا فليبحث عنه ويشتريه ويتوضأ ويشرب، أما في الصحراء وفي الأسفار فإنه إن ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (147).

كان في مظنة ماء التمس الماء، وإن كان ليس في مظنة ماء، لا حوله غدران ولا حوله آبار فإنه يتيمم، والحمد لله. أما تحديد المسافة فليس لها حد محدود ولكن تحدد عرفا، إذا كانت المسافة عرفا؛ يعني ما يشق عليه الذهاب إلى الماء ذهب إلى الماء في السفر، أما في البلد فيلزمه الشراء، ولا يتحدد بشيء؛ لأن الماء موجود، لكن هذا في السفر إذا كان يعلمه قريبا؛ لو ذهب إليه لا يشق عليه ذهب إليه وتوضأ، وإلا صلى بالتيمم.

حكم من تيمم ثم وجد الماء قبل الصلاة

237 - حكم من تيمم ثم وجد الماء قبل الصلاة س: السائل: م، من السودان، يقول: تيممت للصلاة، ولما أقيمت الصلاة وجدنا الماء قبل تكبيرة الإحرام، فهل يجوز أن نواصل الصلاة أو نرجع للوضوء (¬1)؟ ج: الواجب: الرجوع للوضوء؛ لأنك وجدت، والله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا} (¬2)، وأنت وجدت، فالواجب الرجوع للوضوء، ويبطل التيمم. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (394). (¬2) سورة المائدة الآية 6

حكم من تيمم لإدراك الجماعة

238 - حكم من تيمم لإدراك الجماعة س: السائل: أ. ع. ب. من الرياض، يقول: كنت أريد أن أصلي الظهر في مسجد على الطريق من مقر عملي، فلم أجد ماء في دورة مياه المسجد، وكان البيت بعيدا عن المسجد، فخشيت أن تفوتني صلاة الجماعة، فخرجت إلى جوار المسجد، ووجدت ترابا نظيفا، فتيممت وصليت جماعة مع المسلمين، فهل ما فعلته صحيح أم علي أن أعيد الصلاة (¬1)؟ ج: ليس بصحيح، وعليك أن تعيد الصلاة؛ لأن الله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (¬2)، وأنت واجد الماء، والحمد لله، بدل هذا المسجد تجد في مسجد آخر، اذهب إلى مسجد آخر أو إلى بيتك تتوضأ ثم تذهب إلى المسجد، وإن فاتت الصلاة صليت في بيتك، والحمد لله، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬3)، أما أن تتيمم لا والماء موجود، هذا لا يجوز، هذا باطل، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (399). (¬2) سورة المائدة الآية 6 (¬3) سورة التغابن الآية 16

حكم تيمم المسافر مع وجود الماء

239 - حكم تيمم المسافر مع وجود الماء س: سائل يقول: سافر مجموعة من الناس ومعهم ماء كثير محمول فوق السيارات، وهو زائد عن حاجتهم تقريبا إلا أنهم تيمموا، فاختلفوا حينئذ: البعض قال بالجواز، والبعض الآخر يقول: لا يجوز، بل يجب أن نتوضأ من هذا الماء، ما هو رأي سماحتك (¬1)؟ ج: الصواب أن عليهم الوضوء، إذا كان الماء فيه فضل الصواب أن عليهم وضوءا ولا يصلون بالتيمم، أما إذا كان الماء قليلا حد شرابهم وحاجاتهم فلا بأس أن يصلوا بالتيمم، أما إذا كان الماء – كما قال السائل – كثيرا، وفيه فضل عن حاجتهم فإن الواجب أن يصلوا بالوضوء، لا بالتيمم، ومن صلى بالتيمم يعيد. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (295).

حكم من تيمم وصلى جاهلا بوجود الماء ثم علم بوجود الماء بعد الانتهاء من الصلاة

240 - حكم من تيمم وصلى جاهلا بوجود الماء ثم علم بوجود الماء بعد الانتهاء من الصلاة س: ما الحكم إذا تيمم الإنسان جاهلا بوجود الماء، ثم علم بوجود الماء بعد الانتهاء من الصلاة، هل يعيد صلاته أم لا (¬1)؟ ج: إذا كان التمس الماء وطلبه حوله ولم يجد شيئا ثم صلى بالتيمم، ثم لما سار من مكانه وجد غديرا أو نحو ذلك فإنه لا إعادة عليه، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: «أن رجلين أدركتهما الصلاة، فتيمما وصليا، ثم لما سارا حتى وجدا ماء بعد ذلك فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء، ولم يعد الآخر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للذي لم يعد: أصبت السنة، وقال للآخر: لك الأجر مرتين (¬2)» فدل ذلك على أن الذي لم يعد هو الذي أصاب السنة؛ لأنه أدى ما عليه، وذاك احتاط فأعاد الصلاة، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «لك الأجر مرتين (¬3)» من أجل اجتهاده وحرصه، والذي أصاب السنة هو المقدم، فالحاصل أنه إذا كان اجتهد في طلب الماء، ولكن ما وجد حوله شيئا، ثم لما انتهى من صلاته وسار في طريقه وجد ماء ليس ببعيد فإنه لا شيء عليه. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (188). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في المتيمم يجد الماء، برقم (338). (¬3) سنن أبي داود الطهارة (338)، سنن الدارمي الطهارة (744).

حكم التيمم مع وجود الماء لمسافة قريبة

241 - حكم التيمم مع وجود الماء لمسافة قريبة س: إذا كنت في عمل أو سفر ثم حان وقت الصلاة، ولكن بيني وبين الصلاة مسافة عشر دقائق أو ربع ساعة فهل يجوز أن أتيمم في مكان طاهر، أو أنتظر حتى أصل الماء (¬1)؟ ج: هذه المسافة تعتبر قريبة عرفا، فالواجب: الذهاب إلى الماء، والوضوء من الماء، والغسل إن كان هناك غسل، ولا يجوز التيمم في هذه الحال؛ لأن مسافة عشر دقائق، ربع ساعة تعتبر شيئا قريبا، وهو يعتبر في العرف ليس ببعيد، ولا عذر في ترك الوضوء، بل يلزمك سواء إن كنت في عمل، أو في سفر يلزمك أن تذهب، وأن تتوضأ الوضوء الشرعي، وإن كان عليك جنابة تغتسل وتصلي، وليس هذا يعد عذرا في التيمم؛ لأنه في العرف قريب. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (2).

س: هل يجوز لنا التيمم إذا كان البحر قريبا منا؟ علما بأن الماء الذي معنا مخصص للشرب والأكل (¬1)؟ ج: ليس لكم التيمم، ما دام البحر قريبا توضؤوا من البحر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته (¬2)» البحر ماؤه طهور ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (322). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور، برقم (69)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب الوضوء بماء البحر، برقم (83)، والنسائي في كتاب المياه، الوضوء بماء البحر، برقم (332).

والحمد لله، ولو كان مالحا يلزمكم الوضوء والغسل للجنابة من ماء البحر.

س: رأيت بعض الناس وهم يتيممون بوجود الماء، فهل لهم صلاة؟ ومتى يجوز التيمم الشرعي (¬1)؟ ج: إذا كان المسلم يجد الماء ليس له التيمم لا في السفر، ولا في الحضر، ولا في البادية، يجب أن يتوضأ بالماء، ويغتسل بالماء من الجنابة، والمرأة كذلك من الحيض والنفاس، وإنما يجوز له التيمم عند فقد الماء، أو عند العجز عنه؛ بسبب المرض والقروح ونحو ذلك، كما قال الله عز وجل: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (¬2)، فالمؤمن إنما يتيمم عند فقد الماء، أو عند العجز عنه؛ بسبب الأمراض والجراحات والقروح التي تمنع من استعمال الماء، وليس له أن يتيمم والماء موجود، فالذين يتيممون والماء موجود، وليس بهم علة صلاتهم غير صحيحة، ويجب تنبيههم أن هذا منكر ولا يجوز، وأن صلاتهم غير صحيحة، أما إن كان بهم علة؛ أمراض، قرر الأطباء أنها تمنع استعمال الماء فهم معذورون، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (205). (¬2) سورة المائدة الآية 6

س: تقول السائلة: ما حكم من كان عنده ماء وهو في الخلاء، ولكنه يتيمم؟ هل صلاته باطلة؟ وهل عليه كفارة (¬1)؟ ج: إن كان ما عنده ماء يستطيع أن يتوضأ منه، ويزيد عن حاجة الشراب والأكل فإنه يلزمه الوضوء، ولا تصح صلاته، يلزمه القضاء ولا كفارة عليه، وعليه التوبة والاستغفار والندم، وعليه عدم العودة إلى مثل هذا، أما إذا كان الماء الذي عنده قليلا، فقط لحاجة الطعام والشراب فإنه لا يلزمه الوضوء، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2). ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (209). (¬2) سورة التغابن الآية 16

حكم من لا يستطيع مس الماء لشدة البرد وعليه حدث أكبر

242 - حكم من لا يستطيع مس الماء لشدة البرد وعليه حدث أكبر س: من احتاج للغسل، ولكنه لم يستطع لشدة البرد، وعدم وجود وسيلة لتسخين الماء فهل يتيمم لصلاة الفجر؟ ومن فعل ذلك فما الحكم (¬1)؟ ج: إذا كان في محل لا يستطيع فيه تدفئة الماء، وليس هناك مكان يستكن به للغسل بالماء الدافئ، وخاف على نفسه فإنه يصلي بالتيمم ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (79).

ولا حرج عليه؛ لقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1)، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (¬2)» وقد ثبت «أن عمرو بن العاص رضي الله عنه كان في غزوة السلاسل أصابته جنابة، وكان في ليلة باردة شديدة البرد، فلم يغتسل، بل توضأ وتيمم وصلى بالناس، وسأل النبي بعد، لما قدم من الغزوة، فقال: يا رسول الله، إني خفت على نفسي وتأولت قول الله سبحانه:، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقل له شيئا (¬4)»، ولم يأمره بالإعادة، فدل ذلك على أنه عذر شرعي. ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16 (¬2) أخرجه البخاري كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288). (¬3) سنن أبي داود الطهارة (334)، مسند أحمد (4/ 204). (¬4) سورة النساء الآية 29 (¬3) {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}

س: هل يجوز التيمم في وقت البرد (¬1)؟ ج: إذا وقع البرد وأنت في مكان لا حيلة لك في ماء دافئ، كالذي في الصحراء وليس عنده ما يسخن به الماء، ويخشى المضرة عليه من استعمال الماء فإنه يتيمم، والحمد لله، مثل ما تيمم عمرو بن العاص في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لما اشتد البرد خاف على نفسه، تيمم، وأقره ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (218).

النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا تيسر للإنسان ما يسخن به الماء، أو محل فيه ركن يستطيع أن يغتسل فيه فإنه يتوضأ بالماء المسخن، ويغتسل به، أما إذا كان في مكان يخشى على نفسه من الخطر؛ لكونه في مكان بارد ظاهر للبرد، لا حيلة له في الركن ولا في الماء المسخن فالله جل وعلا يقول: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (¬1)، ويقول سبحانه: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} (¬2)، ويقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬3). ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 195 (¬2) سورة النساء الآية 29 (¬3) سورة التغابن الآية 16

س: غالبا ما يكون مني في وقت البرد أنني أتوضأ لصلاة الظهر والعصر، أما بقية الفروض فأتيمم تيمما خوفا من البرد هل علي إثم في ذلك أم لا (¬1)؟ ج: لا يجوز هذا، الواجب أن تصلي بالوضوء، ولا تتيمم لأجل البرد، وعليك أن تسخن الماء وتصلي بالوضوء، ولا يجوز لك أن تتيمم والماء موجود والقدرة موجودة على تسخينه، نسأل الله السلامة. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (336).

س: يسأل هندي من دير الزور بسوريا، ويقول: أنا مصاب في يدي اليمنى، وعند الوضوء لصلاة الفجر أشعر بألم شديد من الماء البارد، فهل يجوز لي التيمم؟ أو كيف توجهونني؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: عليك أن تسخن الماء حتى يكون دافئا، تسخنه والحمد لله، أو تأمر من يسخنه لك حتى تستعمل ماء دافئا لا يؤذيك، ولا يجوز لك التيمم، بارك الله فيك، بل عليك أن تدفئ الماء وتستعمل الماء. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (344).

حكم من أمره الطبيب بألا يمس الماء

243 - حكم من أمره الطبيب بألا يمس الماء س: أفيد فضيلتكم بأنني قد أصبت بمرض، وأجريت لي عملية بالمستشفى، وعند خروجي من المستشفى أفادني الدكتور المختص بأنه يجب علي عدم الغسل بالماء لمدة خمسة شهور بما فيها شهر رمضان، أرجو إفادتي، هل أبقى على ما قال الدكتور خمسة أشهر، أم أغتسل واصلي وأصوم رمضان؟ وما الحكم بالنسبة للفروض التي فاتت ولم أصلها (¬1)؟ ج: الواجب هو الأخذ بهذا؛ لأن المرض الذي فيه عملية وجراحات قد يتأثر بالماء، فإذا أوصى الطبيب المختص بعدم استعمال ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (27).

الماء فلا بأس، هذه رخصة لك في ترك الماء واستعمال التيمم ويكفي، هذا التيمم كاف، فإذا جاء وقت الصلاة يتيمم الإنسان؛ تضربين التراب بيدك، ثم تمسحين وجهك وكفيك للصلاة، ويكفي هذا، ولا تغتسلين بالماء حتى تنتهي المدة التي قررها الطبيب، أما الصوم فإن كان نهاك عن الصوم؛ قال: إنه يضرك، فلا تصومي، وتقضين بعد ذلك، وإن كان ما قال لك عن الصوم شيئا فإنك تصومين رمضان مع الناس، فالحاصل أن الطبيب معتمد في هذه المسائل، إذا كان الطبيب ثقة، وهو مختص في المسائل معروف فإنه يعمل بقوله في هذه المسألة في ترك الماء، وفي ترك الصيام؛ لأن المريض قد يضره الصوم، وقد يضره الماء، والطبيب المختص هو الذي يعرف هذه الأشياء، فإذا قرر على المريض أنه لا يستعمل الماء، أو لا يصوم فلا مانع من العمل بذلك، يعمل بذلك حفاظا على صحته، وربنا عز وجل هو أرحم الراحمين، سبحانه وتعالى، وقد رحم عباده، وأذن لهم في ما ينفعهم، وترك ما يضرهم، فجعل المريض والمسافر مفطرين، حيث شرع للمريض والمسافر الفطر حفظا لصحة المريض، وتسهيلا على المسافر؛ لأنه قد يعتريه مشقة، فالله سبحانه وتعالى أرحم الراحمين، فالذي سامح المريض ورخص له في الإفطار؛ لئلا يضره الصوم كذلك هو من حيث أن يدع الماء؛ لئلا يضره الماء، والحكم في ذلك واحد، وهكذا إذا ضره الصوم بنص القرآن.

أما الحكم في الفروض التي فاتت من المدة التي ذكرت فإن الواجب على السائلة أن تصلي دائما؛ لأن منع الماء لا يمنع الصلاة، فإذا كانت ضيعت بعض الفروض فعليها قضاؤها؛ لأن الماء إذا لم يتيسر يصلي المسلم بالتيمم؛ يضرب التراب ويمسح وجهه وكفيه بنية الطهارة من الأحداث الصغرى والكبرى ويصلي، وهو ليس له عذر في ترك الصلاة بسبب عدم الماء، الحمد لله، الماء له بدل، والبدل هو التيمم، كما قال جل وعلا: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (¬1)، فالمسلم إذا عجز عن الماء يتيمم بالصعيد الطيب ويصلي، هذا هو الواجب على المريض، وفاقد الماء يكفيه التيمم، فيتيمم ويصلي ما أوجب الله عليه، فإذا كنت أيتها السائلة قد فرطت في شيء من الصلوات فعليك أن تصلي ما فرطت فيه جميع الأوقات التي تركت، فعليك أن تصليها جميعا؛ أن تقضيها. ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 6

بيان الواجب على المريض العاجز عن استعمال الماء والتيمم

244 - بيان الواجب على المريض العاجز عن استعمال الماء والتيمم س: كان لي والد مريض، وكان عاجزا عن استعمال الماء وعن التيمم، ولم يصل فترة مرضه، وهي خمسة عشر يوما، ولما شفي من مرضه قضى الصلوات تلك؛ كل فرض مع ما يقابله من الفروض، فما هو رأيكم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: أولا: هو غلطان، الواجب عليه أن يفعل المستطاع، إن استطاع الماء توضأ، وإلا تيمم، وإن عجز يممه غيره: أخوه، أو زوجته، أو غير ذلك، يضرب التراب بيديه ويمسح به وجهه وكفيه بالنية عنه، يأمره وهو ينوي، المريض ينوي والوكيل يضرب التراب بيديه، ويمسح بهما وجهه وكفيه إذا كان عاجزا، أما أنه يصلي بدون تيمم، أو بدون وضوء هذا ما يجوز، وكونه يترك الصلاة لا يجوز أيضا، كل ذلك غلط منه، فإذا كان تركه لها لهذه العلة؛ يظن أنه معذور بعجزه عن التيمم هذا عليه القضاء، ويقضي حالا، ليس كل صلاة مع صلاة، يقضيها جميعا في وقت واحد، ولو في ضحوة واحدة يسردها، أما قول العامة: كل صلاة مع صلاة، هذا لا أصل له، الذي عليه الصلوات يسردها سردا، الضحى أو الظهر، الحمد لله، أو في الليل حسب طاقته، وليس لأحد أن يؤخر الصلاة لأجل أنه ما عنده ماء، ولا لمدة ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (232).

التيمم، بل يلزمه الوضوء، فإن لم يتيسر الماء تيمم، يحضر له التراب الطيب، ويضرب به يديه ويمسح وجهه وكفيه، فإن عجز؛ لم يستطع الحركة كالمريض فالخادم الذي عنده الثقة، أو أبوه، أو أمه ييممونه، يأمرهم بأن ييمموه وينوي هو بقلبه التيمم، ويضرب التراب ويمسح وجهه وكفيه بالنية بالنيابة عنه.

س: أنا فتاة أصبت بحادث سيارة منذ أربع سنوات، تسبب لي هذا الحادث في شلل كامل، ما عدا الذراعين فهما سليمتان، والحمد لله، بعد إصابتي بهذا الحادث كنت أصلي بدون تيمم ولا وضوء، وسمعت من بعض الأخوات أنه يجب علي أن أتيمم وأستعين في ذلك بخادمة، أو أي أحد يقوم بالضرب على التراب مرة واحدة، ثم أمسح على وجهي وكفي، مع العلم أنه بعد التيمم لا أدري هل ظهر أثر التراب على مناطق التيمم أو لا؟ ثم إنه عندما أشرع في الصلاة في بعض الأوقات لا أضبط نفسي بحكم الشلل، وقد ينتقض وضوئي، أرجو من سماحتكم توجيهي، جزاكم الله خيرا، وكما أرجو من سماحتكم الدعوات الطيبة، لعل الله أن ينفع بها (¬1) ج: نسأل الله لك الشفاء والعافية، نسأل الله أن يمنحك الشفاء ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (262).

والعافية، ويجمع لك بين الأجر والعافية، متى فعلت التيمم كفى ولو ما ظهرت آثار التراب عليك حين ضربت التراب بيديك، أو من ينوب عنك وضرب التراب بأمرك وبنيتك، ومسح على وجهك وعلى كفيك، كفى ذلك – والحمد لله – وإن لم تعلمي ظهور آثار التراب، المهم أن يضرب التراب النائب عنك أو أنت بنفسك، ثم تمسحين أنت أو النائب وجهك والكفين بنية الطهارة والحمد لله، وأما ما يتعلق بخروج الحدث في الصلاة فهذا فيه تفصيل؛ إن كان الحدث دائما معك في كل وقت فلا يضرك خروجه في الوقت ما بعد الطهارة، أما إن كان ليس بدائم فإنه متى خرج تبطل الصلاة، وعليك أن تعيدي التيمم.

حكم استماع القرآن على غير طهارة للمريض العاجز

245 - حكم استماع القرآن على غير طهارة للمريض العاجز س: تقول: بما أن هذا حالي فإنني لا أستطيع الحركة، وكذلك الخروج من البيت، وأقضي وقتي كاملا في المنزل، فبماذا تنصحونني والحال ما ذكر، هل أسمع القرآن الكريم وإن كنت على غير طهارة (¬1)؟ ج: نعم، ننصحك بالإكثار من ذكر الله، وقراءة ما تحفظين من القرآن، وسماع القرآن من المذياع وإن كنت على غير طهارة؛ لأن ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (262).

الطهارة ليست شرطا في سماع الذكر والقرآن، وإنما هي شرط في لمس المصحف، والقراءة من المصحف، أما السماع فالإنسان يستمع للقرآن ولو كان جنبا ولو كانت المرأة حائضا، يستمع القرآن ويستفيد، لكن لا يمس المصحف إلا وهو على طهارة من الحدثين جميعا، أما كونه يقرأ على ظهر قلب فلا بأس أن يقرأ وإن كان على غير طهارة من جهة الحدث الأصغر، والحيض كذلك، الحائض والنفساء لهما قراءة عن ظهر قلب، لأن المدة ربما تطول، أما الجنب فلا، ليس له أن يقرأ حتى يغتسل، ولا يمس المصحف ولا يقرأ أيضا حتى يغتسل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يمنعه شيء عن القرآن إلا الجنابة، وقال في قراءة الجنب: «أما الجنب فلا، ولا آية (¬1)» يعني حتى يغتسل، ونوصيك بالإكثار من ذكر لله؛ كالتسبيح والتحميد والتهليل والاستغفار، وقراءة ما تيسر معك من القرآن، ولو الفاتحة ترددينها مع ما تيسر معك، ولك بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، وهذا خير عظيم. وتركزين على سماع القرآن الكريم، والله يقول – سبحانه – في كتابه العظيم: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (¬2)، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على أصحابه القرآن وهم ينصتون ويستمعون ويستفيدون، والمستمع شريك القارئ في الأجر إذا أراد ذلك وقصد ذلك، والقارئ ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (872). (¬2) سورة الأعراف الآية 204

له بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها كما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم، والمستمع نرجو له ذلك.

حكم المريض الذي يتألم من استعمال الماء

246 - حكم المريض الذي يتألم من استعمال الماء س: منذ كان عمري اثني عشر عاما وأنا أصوم وأصلي الفروض الواجبة علي، وبعد خمس وعشرين سنة وقعت في المرض، والآن أشعركم بأنني أتألم كثيرا من الماء وأقوم بالتيمم، وحين ما يأتي إلي المرض أنقطع عن الصلاة، وجهوني تجاه هذه القضية، وجزاكم الله خيرا (¬1) ج: شفاك الله وعافاك، ونسأل الله لك الشفاء والعافية من كل سوء، وأن يصلح قلبك ودينك، وأن يعيذنا وإياك من كل سوء، وإذا كنت يضرك الماء لا مانع من التيمم، والله يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، والذي يضره الماء حكمه حكم من لم يجد الماء؛ يتيمم، والحمد لله، يضرب التراب بيديه ويمسح وجهه وكفيه بذلك، ويكتفي بهذا عن الماء، أما الصلاة فعليك أن تصلي على حسب طاقتك؛ إن استطعت قائمة صليت قائمة، وإن استطعت قاعدة صليت ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (224). (¬2) سورة التغابن الآية 16

قاعدة بدلا من القيام إذا عجزت عن القيام، فإن لم تستطيعي القيام ولا القعود فعليك أن تصلي على جنب، والأفضل على الجنب الأيمن إذا تيسر ذلك، فإن عجزت فصلي مستلقية ورجلاك للقبلة، ولا يجوز ترك الصلاة أبدا، بل عليك أن تصلي على أحد هذه الصفات حسب الطاقة ما دام العقل موجودا، هكذا أجاب النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله بعض المرضى، قال له: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (¬1)» هكذا رواه البخاري في الصحيح بدون ذكر الاستلقاء، وزاد النسائي بإسناد جيد ذكر الاستلقاء على الظهر، فالحاصل أن هذا هو الواجب على كل مريض؛ أن يصلي على حسب طاقته ما دام العقل موجودا، أما إذا زال العقل سقط التكليف؛ كالمجانين وأشباههم، نسأل الله لك الشفاء والعافية، وأن يمن عليك بالصحة التي تعينك على طاعة الله كما شرع سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب تقصير الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117).

س: أنا: ع. ح. ر، المقيم بمنطقة حائل، أرجو الرد منك على سؤالي: أنا مصاب بكسر في أسفل الظهر، وعن هذا نتج العجز الكلي؛ لأنه مضى على الإصابة حتى الآن ثلاثون عاما، ومع كل سنة يزيد العجز، ومع هذا فأنا مصاب بأمراض نفسية، فإذا جلست مدة لا تتجاوز ربع ساعة يخدر الجزء الأسفل ككل، ومن ضمنها الأرجل، فلا أستطيع السير إلا بعكازين، وينتج مع هذا توتر في الأعصاب ونزول العرق بغزارة من الأرجل، مما يزيد حالتي النفسية تعبا، ومع هذا فأنا لا أستطيع الصلاة أداء مع الجماعة في المسجد، فأصلي في البيت، مع العلم بأنني ساكن في قرية، لا يوجد في البيت المقام به سخان كهربائي للماء، فهل يجوز لي أن أتيمم والحال كما ذكرت لكم؟ أرجو أن تتفضلوا بتوجيهي وإرشادي، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نسأل الله للسائل الشفاء والعافية من كل سوء، وأن يكفر عنا وعنه السيئات، والحمد لله على كل حال، الله يقول: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (¬2) {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (¬3) {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (¬4)، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (147). (¬2) سورة البقرة الآية 155 (¬3) سورة البقرة الآية 156 (¬4) سورة البقرة الآية 157

وأنت يا أخي عليك أن تتقي الله ما استطعت، كما قال الله عز وجل {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1)، عليك أن تصلي بالماء، وأن تصلي حسب طاقتك؛ قائما أو قاعدا، إن استطعت القيام ولو بعكازة صليت قائما، وإن لم تستطع ذلك صليت جالسا، وليس عليك الذهاب إلى المسجد إذا كنت تعجز عن ذلك، كما ذكرت في سؤالك. أما ما يتعلق بالماء فالواجب الوضوء بالماء، فإذا عجزت عن ذلك لشدة البرد وعدم وجود ما تسخن به فهذا عذر شرعي لاستعمال التيمم، لكن من كان في قرية فهو لا يعجز في الحقيقة عن التسخين، ولو بغير الكهرباء يسخن بالحطب، بالفحم، بغير ذلك، فأنت ما دمت في قرية الواجب عليك أن تسخن الماء إذا شق عليك من جهة البرودة، يسخن بالطرق الأخرى؛ بالنار التي تستعمل في الحطب والفحم، وغير ذلك مما يوقد به النار، وليس لك عذر في التيمم مع وجود ما تسخن به الماء، أما لو كنت في صحراء في السفر ولم تستطع تسخين الماء فهذا عذر من عجز عن الماء لبرودته وشدة الشتاء، فإنه يتيمم، لكن أهل القرى والمدن في استطاعتهم تسخين الماء بأي وجه من الوجوه. ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16

بيان الواجب على المريض والمسن تجاه الطهارة والصلاة

247 - بيان الواجب على المريض والمسن تجاه الطهارة والصلاة س: تقول السائلة: لي جدة كبيرة في السن، لا تستطيع الوضوء بحجة الرطوبة في رجليها، وتترك الصلاة بحجة عدم الوضوء، رغم أننا بينا لها التيمم وكيفيته، أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب على المريض وعلى كبير السن مثل الواجب على غيرهما مع الاستطاعة، فعليهما الاستنجاء أو الاستجمار عما يخرج من السبيلين، وعليهما الوضوء الشرعي، وعليهما الغسل إذا حصل جنابة، كل هذا معروف في الشرع المطهر، ومن عجز عن الوضوء لمرض يمنعه من ذلك، أو عجز يمنعه من ذلك، وتيسر من يوضئه وجب ذلك، وإن تعسر هذا وهذا تيمم؛ بأن يقرب له التراب في إناء، يضرب التراب بيديه، ويمسح بهما وجهه وكفيه بنية الغسل من الجنابة، والحدث الأصغر، أما ما يتعلق بالسبيلين يكفي أن يمسحهما بالمناديل أو نحو ذلك حتى ينقيهما، ولا يلزم الماء، إن استنجى بالماء فالحمد لله، وإن لم يستنج بالماء كفاه أن يستنجي بالحجارة، باللبن، والخرق حتى ينقي المحل بمسحات ثلاث أو أكثر، لا بد من ثلاث مسحات أو أكثر، حتى ينقي المحل من الأذى ومن الغائط والبول، وإذا فعل ذلك يتوضأ للصلاة بعد ذلك، يتمضمض. . . . . . . . إلى آخره. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (145).

بيان طهارة المريض الذي لا يتحكم في الخارج منه

248 - بيان طهارة المريض الذي لا يتحكم في الخارج منه س: أنا شاب أبلغ من العمر السادسة والعشرين، حصل لي حادث منذ ثلاث سنوات، ومن بعدها لم أستطع أن أتحكم بالخروج، مع ذلك حصل لي أيضا شلل نسبي، هل يجوز لي أن أقرأ القرآن وأصلي بالتيمم؟ وهل يصلح التيمم على جدار المنزل (¬1)؟ ج: هذا سؤال مجمل، فإذا كان مراد السائل: أنه لا يستمسك البول فإنه يصلي على حسب حاله، فإذا صار لا يستمسك بوله بل إنه يخرج فإنه يستنجي إذا دخل الوقت، يتوضأ إذا دخل الوقت مثل المستحاضة، إذا دخل الوقت استنجى وتوضأ وضوء الصلاء، ثم صلى ولو خرج شيء، فإن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، لكن يتحفظ؛ بأن يعصب على ذكره شيئا حتى يخفف عنه النجاسة، كالمستحاضة تجعل قطنا على فرجها؛ شيئا يسد الدم في وقت الاستحاضة، وهو الدم الذي يجيء معها دائما غير دم الحيض، فهذا هو حكم المستحاضة وأشباهها، الواجب عليهم أنهم يستعملون ما يخفف الخارج من قطن ونحوه، ويتوضأ الواحد منهم إذا دخل الوقت، ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (100). (¬2) سورة التغابن الآية 16

يستنجي ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يصلي على حسب حاله، وإذا كان معه ما يمنع الوضوء لأن معه مرضا يشق معه الماء فإنه يتيمم؛ يضرب التراب بيديه، أو الجدار الذي فيه تراب يضرب التراب، ويمسح به وجهه وكفيه إذا كان يوجد على الجدار لبن، إذا حكه وفيه غبار ضربه، وإلا ضرب الأرض، هذا إذا عجز عن الماء.

باب إزالة النجاسة

باب إزالة النجاسة 249 - حكم النجاسة في الثوب التي لا يعرف مكانها س: إذا سقط في ثوب إنسان نجاسة، وهو لا يدري مكان النجاسة فماذا يفعل (¬1)؟ ج: إذا يمكن التحري تحرى، فإن كان لا يدري ولا يغلب على ظنه شيء فإنه يغسله كله، يلزمه غسله كله، أما إذا تحرى النجاسة في محل معين منه فإنه يغسل المحل المعين الذي تحراه؛ في طرفه الأسفل، في كمه، في أي محل يتحراه، ويكفي هذا. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (14).

حكم وضع الثياب النجسة مع غيرها في الغسالة

250 - حكم وضع الثياب النجسة مع غيرها في الغسالة س: السائلة: م. ط. ع. من المدينة المنورة، تقول: هل يجوز أن نضع الثياب التي يوجد بها نجاسة مع الثياب الأخرى التي لا يوجد بها نجاسة، وذلك في الغسالة معا (¬1)؟ ج: إذا كان الغسل يحصل به المطلوب فلا بأس، إذا كان الغسل يحصل به المطلوب؛ وهو تنظيف الجميع فلا بأس؛ لأنه يطهر هذه وهذه، ويطهر النجاسة وينظف السليمة، والغسل يزيل ما فيها من النجاسة مع وجود التنظيف، فلا يضر ذلك، إذا كان غسلا تحصل به إزالة النجاسة، يعني: يعصر الثوب ثم يغسل ثم يعصر، حتى يغلب على الظن أن النجاسة زالت فلا بأس، وإذا غسلت هذه وحدها وهذه وحدها هذا أحسن وأسلم، تغسل النجسة وحدها والطاهرة وحدها أسلم، ولكن إذا غسلت جميعا وعمل ما يلزم من جهة غلبة الظن أن أثر النجاسة زال كفى، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (392).

س: كيف تنصحون من وقع على بعض ملابسه نجاسة، والبعض الآخر لم يقع عليه شيء؟ هل يغسلهما جميعا؟ أم يغسل كل جزء على حده (¬1)؟ ج: يغسل موضع النجاسة، فقط، إذا أصاب ثوبه نجاسة غسل موضعها، مثل قطرة بول على طرف ثوبه غسل ما أصابه، أو قطرة دم أصاب المرأة من حيضها أو غيره تغسل محل القطرة، وباقي الثوب طاهر، المقصود أنه يغسل ما أصاب الثوب من بول أو غيره من النجاسة، وباقي الثوب طاهر ليس فيه شيء، ولو غسل النجس مع غير النجس فلا حرج، لكن لا يكون للوسواس، إذا كان من طريق الوسوسة لا، أما إذا كان من باب النظافة، يعني: وسخ، وأراد أن يغسله كله فلا بأس، أما التكلف والوساوس كما يفعل بعض الناس، فيغسل الثوب كله من أجل الوسوسة لا، ما ينبغي هذا، يغسل ما أصاب الثوب فقط. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (133).

حكم الملابس المبلولة إذا لامست شيئا نجسا

251 - حكم الملابس المبلولة إذا لامست شيئا نجسا س: إذا كانت ملابس الشخص مبللة بالماء – أو بدنه – ولامس ما هو نجس – أو يشك في نجاسته – هل يؤثر ذلك على طهارة البدن أو الملابس خاصة (¬1)؟ ج: إذا لمس بيده وهي رطبة ما يشك في نجاسته ما عليه شيء، الأصل الطهارة، أما إن لمس شيئا رطبا نجسا، أو يده رطبة بها ماء ولمس النجس فإنه يغسل يده فقط، والباقي لا يضر، ولا يلمس باقي جسده بالنجاسة، فإن لمس شيئا من جسده بالنجاسة غسل ما أصابه؛ ما لمسه فقط من بدنه، ولا ينبغي له الوسوسة، ينبغي له أن يتقيد بما حصل له، النجاسة فقط في يده يغسلها، لمس طرف ثوبه يغسل أطراف ثوبه، لمس رجله برطوبة النجاسة يغسل طرف رجله، وهكذا. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (270).

حكم نجاسة الثياب التي أصابها المني

252 - حكم نجاسة الثياب التي أصابها المني س: إذا وضعت الملابس التي احتلمت فيها وفيها المني، ووضعتها في صحن كبير، أو في الغسالة للغسيل، وأثناء عملية الغسل تقع علي وعلى ثيابي بعض القطرات من هذا الماء فهل أتنجس أنا وثيابي؟ وهل غسله واحدة تكفي؟ وما مقدار القلتين (¬1)؟ ج: اعلم يا أخي أن المني طاهر وليس بنجس، فإذا وضعت الثوب الذي فيه المني في صحن كبير أو في غيره، ونالك من غسله رشاش لا يضرك، وليس بنجس، المني هو أصل الإنسان، وهو طاهر، وكانت عائشة رضي الله عنها ربما حكته من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم من دون غسل، ولو كان نجسا لاحتاج إلى غسل، المقصود أن الصحيح أنه طاهر فقط وليس بنجس، فلا يضر ما يقع من رشاش في غسله، وكذلك الماء الذي لا تعرف نجاسته الأصل فيه الطهارة، هذا هو الأصل لجميع المياه؛ الطهارة، إلا ما عرفت نجاسته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الماء طهور لا ينجسه شيء (¬2)» والقلتان فسرت القلتان: بأنهما خمس قرب ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (16). (¬2) أخرجه الترمذي أبواب الطهارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء أن الماء لا ينجسه شيء، برقم (66)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب ما جاء في بئر بضاعة، برقم (67)، والنسائي في المجتبى كتاب المياه، برقم (325).

تقريبا، وقيل: إن القلتين كل واحدة بقدر ما يقله الرجل المعتدل الخلقة، فهما قريب من خمس قرب تقريبا، هذا معنى ما قاله أهل العلم في القلتين، واختلف العلماء هل القلتان وما يقاربهما ينجسان بمجرد الملاقاة، أم لا بد من التغير؟ والصواب: أن الماء لا ينجس إلا بالتغير، هذا الذي عليه المحققون من أهل العلم، لا ينجس الماء إلا بالتغير، إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه بالنجاسة يتنجس، وإلا فلا ينجس بمجرد الملاقاة للنجاسة القليلة التي لا تؤثر فيه شيئا ولو كان أقل من القلتين، اللهم إلا إذا ما كان قليلا عرفا، كالذي يقع في الأواني المعتادة، هذا ينبغي أن يراق إذا وقع فيه نجاسة ولو لم تغيره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يراق ما ولغ فيه الكلب من الأواني، فهذا وأمثاله يدل على أن الإناء المعتاد إذا وقع فيه نجاسة قليلة لا تغير لونه ولا ريحه ولا طعمه، إنه يراق كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإراقة الإناء الذي ولغ فيه الكلب؛ لأنه في الغالب يتأثر بما وقع فيه، وإن لم يظهر فيه أثر التغير بالريح أو اللون أو الطعم، لكن في الغالب أن الإناء الصغير يتغير، أما ما كان كبيرا كما يقارب القلتين أو قريب من ذلك هذا لا ينجس إلا بالتغير، لكن إذا ترك ذلك من باب الاحتياط إذا كان عنده مياه نقيه استغنى عن ذلك، وترك استعمال ما وقع فيه نجاسة لم تغيره وهو أقل من القلتين، هذا من باب الاحتياط ومن باب الورع، من باب: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. فالحاصل من هذا أن القلتين وهما خمس قرب تقريبا عند جمع من أهل العلم لا تنجس إلا بالتغير، وما كان أقل من

القلتين ينجس بالملاقاة عند جمع من أهل العلم، والصواب أن الجميع لا ينجس إلا بالتغير؛ بالطعم أو اللون أو الريح، إذا لم يتغير فهو باق على طهوريته، اللهم إلا الشيء القليل الذي يكون في الأواني، فهذا إذا وقع فيه نجاسة وهي لم تغيره فالأولى إراقته؛ عملا بالحديث الصحيح الذي فيه أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإراقة الإناء الذي ولغ فيه الكلب، وقد خرجه مسلم في الصحيح (¬1) ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، برقم (279).

حكم من يصيبه رشاش من غسل الملابس النجسة

253 - حكم من يصيبه رشاش من غسل الملابس النجسة س: عندما أغسل بعض الثياب التي بها نجاسة في وعاء مليء بالماء أثناء الدعك تتناثر المياه على ثيابي، وليست أدري هل ذلك ينجسها أم لا (¬1)؟ ج: إذا كانت المياه المتناثرة حال وجود النجاسة فإنها تغسل ثيابها منها، أما إذا كان تناثر هذه المياه بعد طهارة الثياب فلا يضره، أما إذا كان هذا التناثر من المياه على ثيابها وقت وجود النجاسة قبل أن تزول فإنها تغسل ما أصابها. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (337).

س: المستمعة: أم محمد تقول: امرأة بعد تغسيل أطفالها من النجاسة يأتيها رذاذ ماء، فهل يعتبر نجسا أم لا؟ ج: إذا كان فيه النجاسة قبل أن تطهر من النجاسة يكون نجسا، أما إذا كان قد زالت النجاسة من أبنائها يكون طاهرا، فعليها التحرز عند غسل الطفل أو ثيابه حتى لا يأتيها شيء من النجاسة.

بيان كيفية التطهر من بول الغلام

254 - بيان كيفية التطهر من بول الغلام س: إذا بال طفل صغير على ملابس أبيه فهل يلزم الأب أن يغسل الثوب كله؟ أو يغسل الجزء المبتل فقط؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كان الطفل يأكل الطعام، يتغذى بالطعام يغسل ما أصاب الثوب منه غسلا، ولا يغسل الثوب كله، ولكن يغسل ما أصابه البول، وهكذا بقية النجاسات يغسل محل النجاسة فقط؛ من البدن، ومن الثوب، ومن البقعة في الأرض، وما سوى ذلك طاهر، وأما إذا كان الصبي لا يأكل الطعام ولا يتغذى على الطعام، أي: يتغذى على الحليب أو اللبن أو يرضع من أمه فإنه لا يجب غسله، بل يرش مكان البول رشا، بل يمر عليه الماء فقط، ويكفي بمر الماء عليه من غير ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (328).

حاجة لفرك ولا غسل، فإذا مر عليه الماء كفى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بال على ثوبه طفل لا يأكل الطعام، فأتبعه الماء ولم يغسله عليه الصلاة والسلام، وقال عليه الصلاة والسلام: «بول الرضيع الذي لا يأكل الطعام ينضح، وبول الجارية يغسل (¬1)» فبول الغلام الذي لا يأكل الطعام إنما يرش وينضح محله، يتبع بالماء ويكفي. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم، برقم (527).

حكم النجاسة إذا جفت قبل غسلها

255 - حكم النجاسة إذا جفت قبل غسلها س: السائلة: أم علي تقول: نجاسة الأطفال الصغار إذا نزلت على الأرض، ثم جفت دون غسلها فهل يطهر المكان بمجرد الجفاف؟ وهل تجوز الصلاة في هذا المكان الجاف من النجاسة (¬1)؟ ج: لا يطهر حتى يراق عليه الماء، إذا عرف مكان النجاسة يراق عليها الماء، مثل ما أراق النبي صلى الله عليه وسلم على بول الأعرابي سجلا من ماء، فإذا عرف محل البول يراق عليه الماء من الصبي أو من غير الصبي، حتى يطهر المحل. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (389).

بيان كيفية طهارة السجاد إذا أصابته النجاسة

256 - بيان كيفية طهارة السجاد إذا أصابته النجاسة س: كيف نقوم بتطهير البسط، وما يسمى بالموكيت عندما تصيبه نجاسة؟ هل يجب علينا غسله كله بأكمله، أو يكفي أن نغسل مكان النجاسة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: مثل الأراضي، يصب عليه الماء، ويكاثر بالماء ويكفي، والنبي صلى الله عليه وسلم لما بال الأعرابي في المسجد أمر أن يصب عليه دلو من ماء، وهكذا في الفرش، يصب عليها ماء أكثر من البول تكاثر ويكفي، والحمد لله، ولا داعي لغسل البساط أو الموكيت بأكمله، بل صب الماء يكفي على المحل. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (292).

حكم استخدام المواد الكيماوية والماء الحار في غسل الحمام مع وجود الحشرات

257 - حكم استخدام المواد الكيماوية والماء الحار في غسل الحمام مع وجود الحشرات س: السائلة: أم علي تقول: هل يجوز استخدام المواد الكيماوية والماء المغلي في الحمامات، وذلك لتنظيفها مع وجود الكائنات التي نتعوذ منها (¬1)؟ ج: ما أعلم بأسا في غسل الحمامات بالماء الدافئ وفيه المواد ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (389).

التي تمنع الصراصير وغيرها، والأشياء المؤذية، لا مانع من ذلك، إذا كان المقصود من الأشياء المؤذية من عقارب وحيات وصراصير، أو شيء يؤذيهم لا بأس، لكن لا يكون بالنار، يكون بالمواد المزيلة، النار لا يعذب بها إلا الله، الماء الحار الذي يقتل لا، لكن يستعملون المواد التي تبيد الحشرات، لكنها ليست نارا.

حكم تأثير القيء على طهارة الملابس

258 - حكم تأثير القيء على طهارة الملابس س: هل القيء يؤثر على طهارة الملابس أم لا (¬1)؟ ج: يعفى عن قليله، وأما الكثير فينبغي فيه الغسل؛ لأن كثيرا من أهل العلم ألحقوه بالبول، فينبغي أن ينظف منه الملابس، وما أصاب البدن، أما الشيء القليل فيعفى عنه كما يعفى عن يسير الدم، ويسير الصديد، ونحو ذلك، سواء كان من الكبار أو من الصغار، الحال واحد. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (216).

بيان تطهير ما ولغ فيه الكلب

259 - بيان تطهير ما ولغ فيه الكلب س: يقول السائل: بالنسبة للغسل بالسبع لما ولغ فيه الكلب ما قولكم في هذا (¬1)؟ ج: هذا مثل ما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «يغسل سبعا إذا ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (244).

كان ولغ في الإناء، يغسل سبع مرات إحداها بالتراب (¬1)» وهي الأولى الأفضل، يعني أولاهن بالتراب، أما إذا ولغ في مياه كثيرة، أو أوان كبيرة فإنها طاهرة، ولا تتأثر بذلك، ولا يحتاج هذا الغسل، إنما هذا في الأواني المعتادة الصغيرة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، برقم (279).

حكم من لمس كلبا على رطوبة

260 - حكم من لمس كلبا على رطوبة س: يقول السائلة: إذا لمسنا الكلب، ثم أردنا أن نصلي فما الحكم (¬1)؟ ج: إن كان الكلب يابسا واليد يابسة فلا شيء، ليس على من لمسه شيء، أما إن كان الكلب رطبا، أو اليد رطبة، فليغسلها سبع مرات، وإذا جعل في ذلك ترابا يكون أحسن، كالولوغ؛ لأن الرسول أمر بالتراب في الولوغ في إحدى الغسلات السبع، فإذا لمس الكلب أو لمس لعابه أو بوله يغسله سبع مرات، ويكون فيها تراب، وإن لم يتيسر فصابون أو أشنان يقوم مقام ذلك، والتراب أولى؛ لأنه جاء به النص، ولا ينبغ أن تربى الكلاب، ولا يبنغي أن تقتنى الكلاب إلا في ثلاث: للصيد، والمزارع، وللماشية (الغنم)؛ لأنه يحميها بإذن الله من الذئاب، وينبه أهلها حتى يلاحظوها، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من اقتنى ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (145).

كلبا إلا كلب صيد، أو ماشية، أو زرع فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان (¬1)» كيف يرضى المسلم أن ينقص من أجره كل يوم قيراطان لاقتناء كلب لا حاجة إليه؛ لا لماشية، ولا صيد، ولا زرع، فإذا كنت تقتنين الكلاب فأبعديها ولا تقتنيها أبدا، إلا لأحد الثلاث: للصيد، أو للمزرعة، أو للغنم (الماشية). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب من اقتنى كلبا ليس بكلب صيد أو ماشية، برقم (5481)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب الأمر بقتل الكلاب، وبيان نسخه، برقم (1574).

حكم نجاسة الكلب المشروع تربيته

261 - حكم نجاسة الكلب المشروع تربيته س: سمعت من أناس أن الكلب – أكرمكم الله – الكلب السلاقي ليس بنجس، فهل هذا صحيح (¬1)؟ ج: ليس بصحيح، كل الكلاب نجسة، كلاب الصيد وغيرها كلها نجسة، ولكن الله أباح صيدها فضلا منه وإحسانا، ولكن إذا ولغت في الإناء يغسل سبع مرات، وإذا أصابك شيء منها من بول، أو لعاب يغسل سبع مرات، وهكذا كلب الماشية وكلب الحرث وجميع الكلاب كلها نجسة، يقول الرسول: «طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات (¬2)» فدل على أنه نجس، ويغسل منه سبع مرات ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (256). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، برقم (279).

من ولوغه، لكن أباح الله صيده، وأباح الله اقتناءه لأمور ثلاثة: للصيد، وللحرث، وللماشية، للصيد: يصاد به ويعلم ما يصاد به، وللحرث: يحمي المزارع عن السراق وغيرهم بنباحه حتى ينتبه صاحب المزرعة، وهكذا الماشية عند الغنم عن الذئب، يحميها إذا سمع صوته الذئب ابتعد عنها وانتبه أهله؛ أهل الماشية حتى يدافعوا عن ماشيتهم.

حكم اقتناء الكلاب والوعيد في ذلك

262 - حكم اقتناء الكلاب والوعيد في ذلك س: وجدت أناسا من إخواننا المسلمين يستخدمون الكلاب العادية غير المعلمة، وذلك في مأكلهم ومشربهم، وأيضا يركب الرجل في السيارة ويضع الكلب أمامه ويداعبه بيديه، فوقفت أمامهم وقلت لهم: إن هذا الكلب لا يجوز استخدامه لما فيه من النجاسة المغلظة. فأجابوا قائلين: إنه يوم ولد هذا الكلب أخذوه وغسلوه بالصابون والماء بعدما كان نجسا، وقد أصبح اليوم طاهرا. وقد استدلوا بأصحاب الكهف وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد، كما وصفهم الله بقوله: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} (¬1)، فما هو الحكم في هؤلاء؟ وهل يطهر الكلب بعد نجاسته (¬2)؟ ج: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من اقتنى ¬

_ (¬1) سورة الكهف الآية 18 (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (65).

كلبا إلا كلب صيد، أو ماشية، أو زرع فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان (¬1)» يعني من الأجر، وهذا يدل على أنه لا ينبغي اقتناء الكلب، ولا يشرع اقتناؤه، بل ظاهر الحديث منع ذلك ما دام ينقص الأجر قيراطين، هذا أمر خطير، هو يدل على كراهة ذلك أو تحريمه، ومعلوم أن المؤمن ينبغي له أن يبتعد عن كل ما ينقص أجره، فلا يقتني الكلب إلا لهذه الثلاث: إما لصيد، وإما لماشية، وإما لزرع، يكون مع الماشية يطرد عنها الذئاب، إذا سمعه أهل الماشية قاموا وطردوا الذئاب أيضا، والذئاب تهاب صوته إذا سمعته؛ لأنها تعلم أنه ينبه أهل الماشية، وهكذا الزرع؛ للتنبيه لما يرد عليها من سراق أو بهائم تعثو فيها، أو ما أشبه ذلك، وما زاد على ذلك لا يقتني الكلب فيه، هذا الذي اقتناه وصار يحمله في السيارة هذا قد غلط، وهو على خطر من نجاسته، وعلى خطر من نقص أجره الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم: أنه ينقص كل يوم من أجره قيراطان، فلا ينبغي أبدا اقتناؤه لغير هذه الثلاث المصالح، التي بينها النبي عليه الصلاة والسلام، وتغسيله لا يطهره، ولو غسله كل يوم، نجس بالذات، مثل لو غسل الخنزير فإنه لا يطهر، فالخنزير لا يطهر، والكلب لا يطهر، فهو نجس ولو غسل بالصابون كل يوم هو نجس، فلو ولغ في الإناء وجب أن يغسل الإناء منه سبع مرات؛ إحداها بالتراب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا ولغ الكلب في إناء ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الذبائح والصيد، باب من اقتنى كلبا ليس بكلب صيد أو ماشية، برقم (5481)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب الأمر بقتل الكلاب، وبيان نسخه، برقم (1574).

أحدكم فليغسله سبع مرات، أولاهن بالتراب (¬1)» المقصود أن الكلب نجس، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «طهور إناء أحدكم أن يغسله سبع مرات، أولاهن بالتراب (¬2)» فجعلها طهورا، فدل ذلك على أنه نجس، وأن هذا الماء إذا غسل به سبع مرات يطهر الإناء، وكذلك ما يتعلق بكلب أهل الكهف، هذا لا يدل على جواز اقتناء الكلاب، فلعلهم اقتنوه لصيد، أو لماشية عندهم، والأغلب أنهم اقتنوه للصيد، يصيدون به ما يتقوتون به، فلا حرج في ذلك إذا حبسوا عندهم الكلب وربوه وعلموه، حتى يصيدوا به، أو حتى يحمي المزرعة، أو الماشية، لا بأس بهذا كما تقدم، ولا يحمل على أنهم اقتنوه للعب، أو لحاجات أخرى. يحمل على محمل حسن؛ لأنهم أهل خير، وأهل استقامة، وأهل طاعة، ثم هذا شرع لمن قبلنا، ليس شرعا لنا؛ هؤلاء قبلنا؛ قبل بعث محمد عليه الصلاة والسلام، فلو قدر أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الكلاب لكان وجود كلبهم عندهم لا يكون شرعا لنا، لكن ما دام شرعنا أجاز الكلب للماشية والصيد والزراعة فنحمل كلبهم على أنه كان عندهم لواحدة من هذه الأشياء، والله ولي التوفيق. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، برقم (279). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، برقم (279).

حكم الغبار المنبعث من مكان نجس

263 - حكم الغبار المنبعث من مكان نجس س: تقول السائلة: الغبار المنبعث في مكان نجس هل يعتبر من النجاسة (¬1)؟ ج: الغبار لا يضر، والدخان لا يضر، هذا مما يعفى عنه، ولا ينبغي الوسوسة في هذا. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (247).

حكم سؤر البهائم

264 - حكم سؤر البهائم س: تقول السائلة: أسألكم عن سؤر البهائم، هل لنا أن نتوضأ منه أم لا (¬1)؟ ج: البهائم مختلفة تتنوع، منها: سؤر الإبل، والغنم، والبقر، وغيرها مما يؤكل لحمه، هذا لا بأس به، سؤر الطاهر منها من الإبل، والبقر، والغنم، والظباء، والجواميس لا بأس بها؛ لأنها طاهرة، أما سؤر الكلب فلا، بل يجب إراقته، ولا يتوضأ منه؛ لأنه نجس، وقد أمرنا بغسل الإناء منه سبع مرات، إحداهن بالتراب وهي الأولى، وأما سؤر الحمار والبغل فالصواب أنه لا حرج فيه؛ لأنه تعم به البلوى، وإن كان محرما، ولكن تعم به البلوى، وهكذا الهرة (القط) سؤرها لا ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (157).

بأس به، وأما سؤر الحيوانات الأخرى كالأسود، والنمور، والذئاب فيما تمر عليه من الحيضان ومجامع الماء في البر فلا يضر ذلك، والحمد لله.

حكم طهارة أبوال وروث ما يؤكل لحمه

265 - حكم طهارة أبوال وروث ما يؤكل لحمه س: يقول السائل: نعرفكم بأننا نعمل في الصحراء رعاة للإبل، ونشك في طهرنا؛ لأننا بعض المرات نتوضأ بلا أحذية – أجلكم الله – وندوس على فضلات الإبل، وأحيانا نصلي عليها، وسمعنا من بعض الناس أن أي شيء تصل إليه الشمس فهو طاهر، فحدثونا عن الحكم الصحيح وفقكم الله (¬1) ج: دوس أبوال الإبل وأرواث الإبل لا يضر؛ لأن أرواثها طاهرة، وبولها طاهر، وهكذا الغنم والبقر وبقية مأكولي اللحم، فلا يضركم ما يصيب أرجلكم من ذلك، ولا ينبغي لكم الشك بلا دليل، فالأصل الطهارة، فما أصاب الأرجل مما لا تعرفون الأصل فيه الطهارة حتى تعلموا النجاسة، فإذا علمتم النجاسة فاغسلوا الرجل عما أصابها، والحمد لله، وعليكم بالحذر من الوسوسة وسوء الظن، أما الشمس فلا ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (273).

تطهر الأرض، بل لا بد من صب الماء على البول، إن كان فيها بول يصب عليه الماء، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: «أن أعرابيا دخل المسجد – مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فبال فيه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصب على بوله سجلا من ماء، ولما هم الصحابة بزجره قال عليه الصلاة والسلام: لا تزرموه، ثم لما فرغ دعاه وعلمه عليه الصلاة والسلام، قال: إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من هذا البول والقذر؛ لأنها بنيت لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن (¬1)» فعلمه صلى الله عليه وسلم حتى لا يعود لمثل هذا، وأمر الصحابة أن يكفوا عنه؛ لئلا ينجس نفسه، أو ينجس بقاعا كثيرة من المسجد، حتى يكمل بوله، ثم علمه صلى الله عليه وسلم وأرشده، ثم أمر بدلو من الماء أن يصب على بوله، ولم يقل: الشمس تطهره. فالحاصل أن البول وغيره من النجاسات لا تكفي الشمس في التطهير، بل إن كان بولا يصب عليه الماء، وإن كان عذرة – غائط – أو بعرا نجسا، كبعر الحمير أو البغال ينقل بعيدا عن المسجد، وإن كان له رطوبة يصب عليه الماء، محل الرطوبة، وإن كان يابسا ينقل ولا يضر المسجد، أما إن كان رطبا: عذرة رطبة، أو روثا مثل روث الحمير، أو البغال رطبا ينقل ويبعد عن المسجد، ويصب على محله الرطب شيء من الماء يكاثر به يكون طهرة له. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب غسل البول إذا حصلت في المسجد، برقم (285).

س: نسأل سماحتكم عن وسخ البهائم – أجلكم الله، وأجل السامعين – على الملابس، وعن (الدمن) كما يعبر عنه، وهل يؤثر ذلك على طهارة الملابس أو لا (¬1)؟ ج: إذا كان البعر من الحيوانات المأكولة كالإبل والبقر والغنم لا يضر، لا حرج فيه ولو أصاب الثياب، أو البدن؛ لأنه طاهر، أما إذا كان من أرواث الحيوانات التي لا تؤكل كالحمار، أو البغل أو الكلب، أو القط هذه نجسة، لا بد أن يزيلها من الثياب، ويطهر الثياب منها والبدن كذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (301).

س: يقول السائل: ما حكم الماء الذي شرب منه الحيوان؟ هل يجوز الوضوء منه (¬1)؟ ج: هذا يختلف إذا كان الحيوان من مأكول اللحم، كالإبل والبقر والغنم والطيور المباحة لا بأس، يستعمل ويشرب منه ولا حرج في ذلك، أما إذا كان الماء الذي ولغ فيه حيوان نجس كالكلب فإنه يراق إذا كان قليلا، أما إذا كان كثيرا فإنه لا يضر، وهكذا إذا كان الحيوان طاهرا في الحكم الشرعي كالهر والحمار والبغل الصحيح أنهما طاهران في الحياة؛ لأنهم من الطوافين علينا، الحمر والبغال والسنور فالصواب ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (244).

أن سؤره وما يشرب منه له حكم الطهارة، وكانت الحمر والبغال تستعمل في عهده صلى الله عليه وسلم، ولم يكونوا يتركون أسآرها، بل يستعملون أسآرها، كان النبي يركبها، يكون الحمار عاريا، ومعلوم أنه يعرق، ولو كان نجسا ما فعل ذلك، فدل على أن عرقه وسؤره وما يصدر من فمه ليس بنجس، وهكذا الهر، قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «إنها من الطوافين عليكم والطوافات (¬1)» أما السباع كالنمور والأسود والذئاب فإن كان قليلا أريق كالكلب، وإن كان كثيرا كالحيضان والأماكن التي فيها مياه كثيرة فإنه لا يضره شربه منه، بل يستعمله ولا يضره ذلك، أما الشيء القليل الذي في الأواني الصغيرة إذا ولغت فيه فإنه يراق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الإناء الذي ولغ فيه الكلب، قال: «أرقه (¬2)» هذا عند أهل العلم، في الأواني الصغيرة التي تتأثر بولوغ الكلاب ونحوها، أما الأواني الكبيرة التي فيها المياه الكثيرة والحيضان والبرك فهذه لا يضرها الكلاب، ولا يضرها غير الكلاب، تستعمل، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في سؤر الهرة، برقم (92)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب سؤر الهرة، برقم (75)، والنسائي في المجتبى كتاب الطهارة، سؤر الهرة، برقم (68). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، برقم (279).

س: س. ع. من بريدة: هل يجوز الوضوء من ماء شربت منه الدابة مثل: الإبل والغنم والبقر؟ وما هي الدواب التي لا يجوز الوضوء من سؤرها؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا حرج في الشرب من الماء الذي تشرب منه الدواب من الإبل، أو البقر، أو الغنم؛ لأنها طيبة ومباحة، وهكذا الحمر والبغال لو شربت فإنها لا تضر الماء، فالماء طهور ولو شرب منه البغل والحمار، كانت تشرب من مياه الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة. والصواب أن سؤر البغل والحمار لا حرج فيه، أما إذا كانت الدواب غير المعتادة – كالكلب – لا يستعمل، بل يراق، وهكذا الأسود والنمور وأشباهه من السباع سؤرها يراق، وإذا كان ماء كثيرا من حياض وغدران لا يضرها، ولا يلتفت إليها ولو وردوه، لا يضر ذلك، أما إذا شربت في إناء يراق. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (355).

حكم الوضوء من حوض الإبل والصلاة في معاطنها

266 - حكم الوضوء من حوض الإبل والصلاة في معاطنها س: السائل: م. ف. س،: هل يجوز الوضوء من حوض الإبل؟ وهل تجوز الصلاة في معاطنها (¬1)؟ ج: لا مانع من الوضوء في حوض الإبل، والشرب من حوض ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (275).

الإبل، وحوض الغنم، وحوض البقر، لا بأس بذلك إذا لم يكن فيه نجاسة، أن يتغير بالنجاسة لكونها تشرب منه الإبل، أو البقر، أو الغنم، أو غيرها حتى السباع، إذا وجد سيلا تشرب منه الإبل أو الغنم أو السباع فله أن يتوضأ منه، ويغتسل منه، ويشرب منه، والحمد لله، لا حرج في ذلك، وكذلك مراح الغنم والبقر له أن يصلي فيه، أما الإبل فلا، معاطنها ما يصلي فيها، معاطنها التي تقيم فيها، تعطن فيها لا يصلي فيها، أما مناخ عارض فصل فيه، لكن إذا كان معطنا لها لا يصلي فيه، الرسول نهى عن الصلاة في معاطن الإبل – عليه الصلاة والسلام – وهي محلاتها التي تقيم فيها، وتعطن فيها عند المياه، أو المحلات التي تقوم فيها عن المراح وغيره؛ لأكلها وعلفها ونحو ذلك.

باب الحيض والنفاس

صفحة فارغة

باب الحيض والنفاس 267 - بيان عدد أيام الحيض للمرأة س: كم هي عدد الأيام شرعا، وفي السنة المطهرة لتلك التي يأتيها؛ العذر الشرعي (¬1)؟ ج: الصواب: لا حد لأقله ولا لأكثره، لكن الأغلب أن العادة تكون ستا أو سبعا، هذا هو الأغلب، وقد تصل إلى خمسة عشر، والذي عليه جمهور أهل العلم أنها لا تزيد على خمسة عشر، فإذا زادت فهي استحاضة؛ تصلي معها وتصوم وتحل لزوجها، أما خمسة عشر فأقل فإنها تكون عادة تستمر عليها، وإن نقصت تطهرت بعد ذلك، فعلى كل حال العادة تزيد وتنقص، قد تكون ستا أو سبعا، وقد تزيد يوما وتنقص يوما، فالمؤمنة تجلس فيما ترى من الدم ولو زادت العادة أو نقصت على الصحيح تجلس ولا تصلي، ولا تصوم، ولا تحل لزوجها، حتى تطهر وتغتسل، لكن متى استمرت معها إلى خمسة عشر هذه النهاية على الصحيح، وما زاد تعتبره استحاضة وتصلي، وتصوم، وتحل ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (226).

لزوجها، وترجع إلى عادتها المعروفة قبل هذه الزيادة، وتستمر عليها سواء كانت ستا أو سبعا أو ثمانيا أو عشرا؛ لأنها لما زادت على نصف الشهر اتضح أنها استحاضة، وأنها ليست العادة المعروفة، والعادة الشرعية لا تزيد على نصف الشهر، أقصاها ونهايتها نصف الشهر.

حكم من توقف عنها الدم قبل سبعة أيام

268 - حكم من توقف عنها الدم قبل سبعة أيام س: فتيات من ينبع يسألن ويقلن: هل صحيح بأن وقت العادة هو سبعة أيام لا تزيد ولا تنقص؟ وإذا طهرت قبل السبعة أيام هل تصلي سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: السبعة ليست حدا، الحيض يزيد وينقص، قد تكون سبعة، قد تكون ثمانية، وقد تكون خمسة، وقد تكون ثلاثة، العادة تختلف، لكن المرأة المبتدئة التي ليس لها عادة سابقة تحيض ستة أيام، أو سبعة أيام إذا استمر معها الدم ستة أو سبعة كعادة نسائها ثم تغتسل، أما المرأة التي لها عادة تمشي على عادتها، ست، خمس، سبع، ثمان، عشر، تبقى مع عادتها، ولا يتحدد بسبع، ولا بخمس، ولا بثمان، وحسب العادة مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم حبيب: «امكثي قدر ما كانت حيضتك، ثم اغتسلي (¬2)» فإذا كانت عادتها عشرا جلست عشرا، وإذا كانت ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (399). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب المستحاضة وغسلها وصلاتها، برقم (334).

عادتها ثلاثا جلست ثلاثا، وهكذا، وإذا رأت دما في حال الطهر فهذا دم فساد، أو صفرة، أو كدرة، هذا دم فساد، تتوضأ لكل صلاة، وإنما تمشي على عادتها التي استقرت لها، خمس، ست، سبع، ثمان، عشر، أقل، أكثر إلى خمسة عشر، لا تزيد عن خمسة عشر، وهي العادة عند جمهور أهل العلم، فالحاصل أنها تقف مع عادتها، إذا كانت العادة خمسا تحيض خمسة أيام، إن كانت عادتها سبعا تحيض سبعا، وهكذا.

حكم المبتدأة وكم تجلس للعادة للشهرية

269 - حكم المبتدأة وكم تجلس للعادة للشهرية س: تقول الأخت، وتسأل: لقد قرأت في أحد الكتب الفقهية: أن البنت إذا بلغت لأول مرة تترك الصلاة لمدة يوم وليلة، ثم تغتسل وتصلي حتى لو كان الدم باقيا، وتستمر على هذه الحالة لمدة ثلاثة أشهر، حتى تستقر مدة حيضتها، فهل هذا صحيح (¬1)؟ ج: هذا قول بعض أهل العلم، ولكنه ليس بصحيح، والصواب: أنها لا تصلي لمدة الأيام التي ترى فيها الدم، يومين، أو ثلاثا، أو أربعا، أو خمسا، أو ستا، أو سبعا إلى خمسة عشر لا بأس، وهكذا كلما جاءت الدورة تجلس، لا تصلي، ولا تصوم، ولا يقربها زوجها ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (325).

إن كانت ذات زوج حتى تنتهي المدة، وليس لها حد يوم أو يومين، لكن نهايتها وآخرها عند أكثر أهل العلم خمسة عشر يوما، فإذا زادت صارت استحاضة، تعتبر دما فاسدا، وهذه الحالة ترجع إلى عادة النساء، أما إذا كانت تنقطع لست، أو سبع، أو ثمان، أو عشر فالحمد لله، هي عادتها، ولا تصلي، ولا تصوم، ولا يقربها زوجها.

بيان ما تقضيه الحائض والنفساء

270 - بيان ما تقضيه الحائض والنفساء س: يقول السائل: هل تقضي الحائض والنفساء الصوم والصلاة (¬1)؟ ج: الحائض والنفساء تقضيان الصوم فقط عند جميع العلماء، أما الصلاة فلا تقضي عند جميع أهل العلم، قالت عائشة رضي الله عنها: «كنا نؤمر بقضاء الصوم – يعني الحيض – ولا نؤمر بقضاء الصلاة (¬2)»، وهذا من رحمة الله وتيسيره جل وعلا وإحسانه، فإنه أحسن إليهن بوضع الصلاة عنهن؛ لأن الصلاة تتكرر في اليوم والليلة خمس مرات، والحيض قد يبقى معها أسبوعا أو أكثر أو أقل، فيشق عليها القضاء، وهكذا النفساء، قد تبقى في النفاس أربعين يوما، ويشق عليها القضاء، فمن رحمة الله أن أسقط عن الحيض والنفساء الصلاة، فلا تقضي ولا تفعلها في حال الحيض والنفاس، ولا تقضي، أما الصوم فإنها لا تفعله ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (237). (¬2) صحيح مسلم الحيض (335)، سنن النسائي الحيض والاستحاضة (382)، سنن أبي داود الطهارة (262)، سنن ابن ماجه الصيام (1670)، مسند أحمد (6/ 32).

في حال الحيض والنفاس، ولكنها تقضي، لا يجزئها الصوم وهي حائض ونفساء، ولكن عليهن القضاء إذا طهرت صامت في رمضان وتقضي ما عليها في رمضان، تقضي ما أفطرت بسبب الحيض والنفاس، تقضي بعد رمضان ما بين رمضان ورمضان القادم تقضي بينهما، لها أن تؤخر إلى رجب وشعبان لا بأس، فإذا بادرت فهو أفضل حذرا من العوائق.

حكم من مضت عليها أعوام وهي تجهل أحكام الحيض

271 - حكم من مضت عليها أعوام وهي تجهل أحكام الحيض س: تقول السائلة: إذا كان هناك فتاة لم تعلم بأحكام الحيض، وما يجب على المرأة أن تفعله، إلا بعد سنوات، فكيف تنصحونها فيما مضى من حياتها (¬1)؟ ج: إذا كانت لا تصلي لا تقضي الصلاة، وإذا كانت لا تصوم ولا تقضي الصوم فهذا الأحوط لها أن تصوم؛ لأنها مكلفة وتساهلت في الأمر، وهذا شيء لا يجهل، يعرفه المسلمون، فتساهلها لا يسقط عنها الصيام، فالذي نرى لها أن تصوم ولو طالت المدة، تقضي وإن لم يكن غير متتابع، تقضي ما أوجب الله عليها من رمضانات مضت، ولو ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (305).

مفرقة لا تتابع، لا حرج في ذلك، هذا هو الأطهر والأبين في الأدلة الشرعية، أما الصلاة فليس عليها صلاة، فالحائض لا صلاة عليها، فلو صلت وهي حائض صلاتها باطلة، ليس عليها في الصلاة قضاء، ولا شيء عليها إلا التوبة إلى الله، فصلاتها باطلة لا تصلي وهي حائض، عليها التوبة إلى الله، أما الصوم فعليها أن تقضي الصوم ولو كانت قد صامت أياما في الحيض، فصومها في أيام الحيض غير صحيح فعليها أن تقضيه. والواجب على الأمهات تنبيه بناتهن، وكذا الأخوات الكبيرات تنبيه أخواتهن، وهكذا العمات والخالات التعاون على البر والتقوى، كل واحدة تنبه الصغيرة على ما يجب عليها من جهة الصوم في رمضان، من جهة عدم الصلاة في أيام الحيض، من جهة الطمأنينة في الصلاة، والخشوع فيها، من جميع الوجوه، كل واحدة تعلم أختها في الله وأختها وابنتها وبنت أخيها وبنت أختها وجيرانها وجليساتها، وتلاميذاتها في المدرسة، عليها أن تعلم وتوضح لهن ما قد يخفى عليهن من أمور الصلاة، وأمور الصيام، وأمور الزكاة، وأمور الحج، وأمور بر الوالدين. . . . إلى غير ذلك، على كل الأخوات والعمات والخالات والأمهات والمعلمات التوجيه للبنات الشابات، وإرشادهن إلى ما قد يخفى عليهن من أمور الدين.

بيان الواجب على الحائض

272 - بيان الواجب على الحائض س: تقول السائلة: كثير من النساء عند بداية الدورة الشهرية تضطرب أفكارهن ولا يعرفن الأحكام، وترجو التوجيه لمثل هؤلاء، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب عليهن إذا بدأت الدورة ترك الصلاة والصيام، وكذلك مسك المصحف للقراءة؛ لأن الحائض ممنوعة من الصلاة والصوم، كما أنها ممنوعة من الجماع، ولا ينبغي في هذا التردد؛ لأن الله يقول – سبحانه وتعالى -: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} (¬2)، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح (¬3)» في حق الحائض، وهكذا النفساء، فليس له أن يجامعها، لكن له أن ينام معها، وله أن يقبلها، وله أن يباشرها، لا بأس، ولكن ليس له الجماع في حق الحائض والنفساء، وعليهن؛ على الحيض والنفساء تقوى الله سبحانه وتعالى، بأن يجتنبن ما حرم الله عليهن من الصلاة أثناء الحيض والصوم والجماع، كل هذا ممنوع، وإذا طهرن صلين بعد ذلك، وقضين الصيام الذي عليهن من رمضان، الذي يسقط عنهن فعله، لكن ما يسقط وجوبه بل عليهن قضاؤه بعد ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (249). (¬2) سورة البقرة الآية 222 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله، برقم (302).

ذلك، قضاء الصوم خاصة، أما الصلاة فتسقط ولا تقضى، وإذا جاءت الدورة فعليها أن تمسك بالحال عن الصلاة والصوم، وإذا كانت صائمة بطل الصوم.

حكم من ينقطع عنها الدم ثم يعود

273 - حكم من ينقطع عنها الدم ثم يعود س: إذا كانت الدورة الشهرية تأتيني عدة ثلاثة أيام، وفي اليوم الرابع تأتي متقطعة، أي أنها تكون في الظهر قليلا ثم العصر أقل وهكذا، وأحيانا بعد الغسل ينزل دم ولكنه قليل، وليس مثل دم العادة في أول وقتها، هل أغتسل بعد اليوم الرابع أم الثالث (¬1)؟ ج: ما دام يأتي دم في الضحى أو الظهر، أو في الظهر والعصر المعنى حتى الآن لم تطهر، فينبغي أن لا تعجل حتى ترى الطهر الكامل، لكن لو رأت طهرا واضحا فإنها تغتسل وتصلي، فإذا عاد الدم تجلس حتى ينقطع الدم بذهاب أيام العادة، ولو زادت الأيام فلا يضر؛ لأن العادة تزيد وتنقص فلا تعجل، لكن لو كان الحدث صفرة أو كدرة بعد الطهارة فإنه لا يعول عليها الصفرة والكدرة بعد الطهارة، لا يلتفت إليها، كالبول، تصلي وتصوم وتتوضأ لوقت كل صلاة، ولا تحسب حيضا، أما إن كان الدم لا يزال مثلا: رأت الطهر عند الضحى، ثم أتى الدم الظهر فهي لا تزال في حكم الحيض؛ لأن الدم يسيل تارة ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (138).

ويقف تارة، لا يستمر سائلا سائلا، فإذا عليها أن تنتطر حتى ترى القصة البيضاء، أو ترى طهرا كاملا باستعمال القطن ونحوه مما يتنظف به في الفرج، فإذا رأته نظيفا سليما اغتسلت، فإن عاد إليها دم جلست ولم تصل، ولم تصم حتى ينقطع ما دام في حدود العادة، وما يقاربها إلى خمسة عشر يوما، فإن زاد على خمسة عشر يوما ولو ملفقة صلت وصامت، ولم تلتفت إليه، وصارت بهذا مستحاضة، ترجع إلى عادتها الأولى، وتقضي ما تركت من الصلوات الزيادة التي زادتها، أما إذا انقطع لثمان، لتسع، لعشر، لاثني عشر، يعني زاد على العادة، لكنه انقطع فإن هذا يسمى حيضا على الصحيح؛ لأن العادة تزيد وتنقص، وقد تتصل وتفترق، مثلا: ترى يوما دما ويوما طهارة، يكون هذا ملفقا، تغتسل في يوم الطهارة، وتجلس في يوم الدم، وتكون عادتها ملفقة، فإذا بلغ الجميع خمسة عشر يوما، أربعة عشر يوما فأيام الدم حيض وأيام الطهارة طهر، فإذا زاد على خمسة عشر يوما تعتبر ذلك استحاضة، كما نص عليه جمهور أهل العلم رحمة الله عليهم، وهذا هو المعتمد، النهاية خمسة عشر يوما، فإذا زاد صار استحاضة، تصلي وتصوم وتتوضأ لوقت كل صلاة، وتقضي أيام الصلوات التي تركتها بعد العادة إلى خمسة عشر يوما، وإن كانت صامت في هذه الأيام فصومها صحيح ما زاد على العادة؛ لأنه بان أنها استحاضة ليست حيضا. أما إذا كان الحيض مضى واغتسلت بعده ثم جاءها صفرة أو كدرة هذا لا يضر، ولا يلتفت إليه، بل يعتبر طهارة كالبول.

حكم من رأت الطهر ثم عاد الدم إليها

274 - حكم من رأت الطهر ثم عاد الدم إليها س: هذه السائلة: ن. س. ب. من الرياض، تقول: سماحة الشيخ، عندما تأتيها الدورة الشهرية يستمر نزول الدم حوالي أربعة أيام، ثم ينقطع، وتأتي بعد ذلك كدرة وتستمر تقريبا ثلاثة أيام، ثم يعادوها الدم مرة أخرى، ولكنه دم مختلف عن الذي يأتيها في بداية الدورة، ويستمر تقريبا، ثم ينقطع، وتأتيها بعد ذلك كدرة ثم صفرة، وتستمر حوالي أربعة أيام، ويكون المجموع اثني عشر يوما، والسؤال هو: هل تدع الصلاة طوال اثني عشر يوما كلها؟ أم ماذا تفعل (¬1)؟ ج: تدع الصلاة أيام الحيض أيام عادتها، فإذا انتهت ورأت الطهارة تصلي وتصوم، ولا تلتفت إلى هذه الدماء الأخرى: النقط أو الصفرة أو ما أشبه ذلك، كل هذا دم فساد، تحفظ بشيء من القطن وتتوضأ لكل صلاة حتى تأتي الدورة الأخرى، وهذه الأشياء التي تقطعت عليها هذا دم فاسد، لا يلتفت إليه، بل عليها أن تصوم وتصلي وتتوضأ لكل صلاة، قالت أم عطية رضي الله عنها: كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا، ولما اشتكى بعض النساء إليه صلى الله عليه وسلم قال: «امكثي قدر ما كانت تأتيك حيضتك، ثم اغتسلي، وصلي (¬2)»، المقصود ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (411). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله، برقم (302).

أنها تمكث أيام العادة، وما بعدها تصلي وتصوم، وإذا كان معها دم أو قطرات أو صفرة أو شيء تحفظ وتتوضأ لكل صلاة، كلما دخل الوقت تتوضأ وتصلي.

س: تسأل السائلة من سوريا وتقول: امرأة تأتيها الدورة الشهرية بعد ثمانية أيام فينقطع عنها الدم، وترى الطهر الأبيض ثم تغتسل وتصلي، بعد ذلك تراودها حالة لمدة خمسة أيام أو أكثر، ترى الطهر الأبيض في الصباح وفي نفس اليوم أثرا، وتتكرر مثل هذه الحالة في اليوم عدة مرات، ما حكم ذلك مأجورين (¬1)؟ ج: إذا مضت العادة وتطهرت لا تلتفت إلى هذه النقاط التي تأتيها بعد ذلك، أو الصفرة أو غير ذلك، حتى تأتي العادة، والحمد لله، تقول أم عطية: كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا. وأم عطية صحابية من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا استكملت العادة ورأت الطهارة تغتسل، وتبقى طاهرة إلى العادة الأخرى، وما يقع بينهما من رطوبات، أو صفرة، أو كدرة، أو قطرات دم هذه ما تعتبر، لكن تستنجي منها، تتحفظ منها بالقطن ونحوه، تتوضأ إذا حدث شيء في أوقات الصلاة، تتوضأ للصلاة، وإذا استمر معها يوما أو يومين تتوضأ لكل صلاة إذا دخل الوقت ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (410).

حكم من زادت أيام عادتها عن الأيام المعروفة

275 - حكم من زادت أيام عادتها عن الأيام المعروفة س: امرأة استعملت حبوب منع الحمل فتغيرت مدة العادة الشهرية لديها، بدل خمسة أيام صارت عشرة أيام، هل يجوز لها ترك الصلاة في الأيام الخمسة الإضافية (¬1)؟ ج: نعم، العادة تنتقل وتتغير من خمسة إلى ثمانية وإلى عشرة وإلى سبعة، لا بأس إذا انتقلت العادة إلى هذا المقدار، فلا تصلي ولا تصوم، فإن العادة تنتقل وتنقص أيضا، وقد تكون العادة سبعا فينقطع الدم لخمس، وقد تكون العادة سبعا فتستمر إلى عشر، فعليها أن تترك الصلاة وقت الدم إلى خمسة عشر، فإذا بلغت خمسة عشر فإن الجمهور يقولون: تكون استحاضة بعد ذلك. ترجع إلى عادتها ستة أو سبع المعروفة، والباقي استحاضة تصلي فيه وتصوم، وتتوضأ لكل وقت للصلاة، وتستنجي بالماء، وتتحفظ القطن ونحوه، وتصلي حتى تأتي العادة المعتادة. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (65).

س: إذا جاءت العادة الشهرية وزادت مدتها على كل شهر كالنزيف فهل جائز للمرأة أن تصلي وتصوم أم لا (¬1)؟ ج: إذا زادت العادة فالصواب أنها تبع العادة، إذا كانت عادتها ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (24).

خمسة أيام فصارت ستة أو سبعة أو ثمانية فإنها تجلس ما دام الدم مستمرا، وتحسبها من العادة، ولا تصلي ولا تصوم ولا يحل لزوجها أن يقربها في هذه الحالة؛ لأن عادة النساء تزيد وتنقص، فإذا زاد الدم جلست ولم تصل، ولا تصوم، وإذا نقص ورأت الطهارة اغتسلت، وحلت لزوجها، وصلت، وصامت، هذا هو الصواب في هذه المسألة، أما إذا طهرت واغتسلت من حيضها، ثم رأت صفرة أو كدرة فإن هذه الصفرة والكدرة لا تسمى حيضا، ولا تعد شيئا، بل تصلي معها، وتصوم كما قالت أم عطية رضي الله عنها: كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا. فإذا اغتسلت بعد حيضها ثم رأت صفرة أو كدرة فإن هذا لا يضر عليها، ولا تمنعها من الصلاة، ولا من الصوم، ولا من زوجها، أما الدم الصافي؛ الدم الواضح فإنها تجلسه حتى لو انفصل إذا اتصل، أو انفصل فإنها تجلسه تبعا للعادة.

س: الأخت: ع. ش. ش. من أبها، تقول: إن عذرها زادت أيامه من أربعة أيام إلى ثمانية أيام، مما جعلها تضطرب في أدائها للعمرة، وتسأل سماحة الشيخ: كيف تتصرف لو تكرر ذلكم الحال معها (¬1) ج: العادة تزيد وتنقص، فإذا كانت العادة أربعة أيام أو خمسة، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (124).

وزادت ستة، سبعة، ثمانية، تسعة فلا بأس، لا تصلي ولا تصومي، اجلسي ودعي الصلاة والصيام؛ لأن العادة تزيد وتنقص، وإذا كنت في حج أو عمرة لا تطوفي حتى تطهري؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: «افعلي ما يفعله الحاج، غير أن لا تطوفي حتى تطهري (¬1)» فالحائض والنفساء تمتنعان من الطواف حتى تطهرا، وهكذا الصلاة؛ لأن العادة تزيد وتنقص، وأكثر مدة الحيض خمسة عشر يوما عند جمهور أهل العلم، فإذا استمر معك الحيض إلى خمسة عشر يوما فهذا حيض، فإن زاد على ذلك صار استحاضة؛ ترجعين إلى عادتك الأولى، وما زاد عليها تصلين فيه وتصومين وتحلين لزوجك؛ لأنه علم أنه استحاضة، وترجعين إلى العادة الأولى، التي هي أربع أو خمس أو نحو ذلك، إذا جاءت دعي الصلاة والصيام، وإذا ذهبت فاغتسلي، ويكون الدم الذي معك المستمر هذا دم استحاضة، يعني دم فساد، لا يمنع الصلاة، ولا يمنع الصوم، ولا يمنع الزوج، ولكنك تتوضئين لكل صلاة، تستنجين وتتوضئين لكل صلاة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب تقضي الحائض المناسك، برقم (305)، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، برقم (1211).

حكم من رأت الطهر واغتسلت ثم نزل معها دم

276 - حكم من رأت الطهر واغتسلت ثم نزل معها دم س: في أحد الأيام اغتسلت وتطهرت من الدورة وذهبت للصلاة وصليت الظهر، وبعد الصلاة لاحظت أن هناك أثرا من النجاسة لا زال موجودا، فماذا أفعل في الصلاة التي صليتها (¬1)؟ ج: إذا كنت رأيت الطهارة واغتسلت فالصلاة صحيحة، وما رأيت من الدم بعد ذلك يكون دما تابعا للحيض، فلا تصلي حتى يزول، ما دام موجودا فأمسكي عن الصلاة، والزوج يمسك عن الجماع – إذا كان لك زوج – حتى تطهري، أما إن كان الذي رأيت صفرة أو كدرة فهذه لا عمل عليها، تعتبر كالبول، تتوضئين لكل صلاة ما دامت الكدرة معك والصفرة، وصلاتك صحيحة، وصيامك صحيح إذا صمت، وتحلين لزوجك، الصفرة لا تمنع، قالت أم عطية رضي الله عنها – الصحابية الجليلة: كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا. إلا إذا كانت الصفرة تطلع في زمن العادة، أو زمن النفاس، فإنها تعتبر، أما إذا كانت بعد الأربعين هي النفاس، أو بعد الطهر من العادة فلا تعتبر، بل تعتبر شيئا لاغيا كالبول. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (214).

حكم الصفرة والكدرة بعد الطهر

277 - حكم الصفرة والكدرة بعد الطهر س: الأخت من ليبيا تسأل، وتقول: في اليوم السادس وبعد انقضاء مدة العذر الشرعي يخرج منها سائل أبيض مائل إلى الاحمرار فهل يجب الغسل منه أم لا (¬1)؟ ج: إذا كان هذا بعد الطهر، لا يجب عليك، بل هذا مثل البول، عليها أن تستنجي وتتوضأ وضوء الصلاة؛ لقول أم عطية رضي الله عنها – وهي صحابية جليلة: - كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا. فإذا كان بعد الطهر ورأت سائلا فيه صفرة أو كدرة فلا عبرة به، بل هو كالبول، تستنجي وتتوضأ وضوء الصلاة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (243).

س: سائلة تقول: إذا اغتسلت من الحيض وبعد أن رأيت الطهر ينزل مني دم، وذلك يكون في يوم الغسل، أو بعد الغسل بيوم أو يومين، وأحيانا ثلاثة، وهذا وراثة بيننا، وأنا عند كل صلاة أغتسل لهذا الدم؛ لأنه ينزل مني بين الوقتين، هل إذا رأيت الطهر ثم ينزل مني هذا الدم أغتسل عندما أراه، أم يكفي الوضوء؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كان النازل دما واضحا، فهو في تمام الحيض؛ لقول أم ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (282).

عطية رضي الله عنها – وهي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا (¬1)». هذا يدل على أن غير الكدرة والصفرة تعد من الحيض، وتمنع الصلاة والصيام والجماع من الزوج، أما إذا كان النازل ليس بدم صحيح، بل كدرة وصفرة؛ شيء ملتبس فهذا لا يلتفت إليه، ولا مانع من الصلاة، بل عليك أن تصلي وتصومي وتباشري زوجك، ولا حرج في ذلك مثل ما في الحديث المتقدم. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري الحيض (326)، سنن النسائي الحيض والاستحاضة (368)، سنن أبو داود الطهارة (307)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (647)، سنن الدارمي الطهارة (871).

الدم الذي يخرج من المرأة بعد غسلها من الحيض

278 - العلامات التي يعرف بها الطهر س: هل الدم الذي يخرج من المرأة بعد غسلها من الحيض، وبعد أن ترى الطهر، وقد تراه بنفس يوم اغتسالها أو بعده بيوم أو يومين، هل يجزئ الوضوء فقط أم الاغتسال؟ مع العلم أنه في بعض الأحيان يكون في كل الأوقات، وإذا كان يوجب الغسل فما العمل في الصلوات التي في الماضي؟ مع العلم أن الدم قليل جدا، أفيدوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كان الدم صفرة أو كدرة ليس بالدم الصريح فهذا مثل البول، يكفي فيه الوضوء والحمد لله. أما إذا طهرت وجاءها دم العادة، ليس بالصفرة ولا بالكدرة فهذا تجلس ولا تصلي حتى يزول ثم تغتسل؛ ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (269).

لأن هذا تبع الحيض السابق، الحيضة تزيد وتنقص، هذا هو الصواب، إلا إذا طال معها وزاد أو استمر معها، هذا يسمى استحاضة، استمر معها ليس له حد، بل يستمر معها، هذا تجلس العادة ويكفي خمسا، ستا، سبعا عادتها في الحيض، وما زاد على ذلك ليس بشيء، تغتسل وتصلي وتصوم ويأتيها زوجها. أما إذا كان عادتها خمسا ثم اغتسلت، ثم جاءها الدم مثل الدم الأول دم صحيح هذا تدع الصلاة والصيام وتجلس حتى ينتهي، إلا إذا زاد عليها عن خمسة عشر يوما فأكثر، زاد على ذلك فهذا يكون استحاضة، أما إذا كان في حدود خمسة عشر يوما فأقل فإنه حيض؛ لأن الحيضة قد تبلغ خمسة عشر، وأربعة عشر وثلاثة عشر، لكن الغالب ستا سبعا ثمانيا أو نحو ذلك، لكن بعض النساء إذا كانت عادتها طويلة ثم رأت الطهر، ثم عاد الدم فإنه يكون حيضا، إلا إذا كان صفرة أو كدرة، هذا لا تلتفت إليه، فتصلي وتصوم وتتوضأ وضوء الصلاة، أما الدم الصحيح فإنها تجلس ولا تصلي ولا تصوم، إلا إذا كان قد استمر معها أكثر من خمسة عشر يوما، فإن طال عليها هذا يكون استحاضة، ترجع إلى عادتها المعروفة سبعا أو خمسا أو أكثر من ذلك، فلا تصلي فيها، وما زاد عليها يكون استحاضة.

العلامات التي يعرف بها الطهر

279 - العلامات التي يعرف بها الطهر س: كيف تعرف المرأة بأنها طهرت (¬1)؟ ج: إذا رأت الطهارة، أو إذا رأت القصة البيضاء، هذه علامة الطهارة، تغتسل وتصلي والحمد لله، ما دام معها صفرة أو كدرة لا تعجل حتى تكمل عادتها ثم تغتسل وتصلي، أما ما يحصل لها بعد الطهر من صفرة أو كدرة هذا يعتبر دم فساد، تتوضأ لكل صلاة وتصلي – والحمد لله – حتى تأتي العادة المعروفة. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (412).

س: من المعروف أن علامة طهر المرأة القصة البيضاء، تقول السائلة: ولكنني لا أدري هل هذه العلامة؟ وبعد الاغتسال أرى لونا بنيا فاتحا جدا، هل يمكن اعتبار هذا اللون هو الطهر (¬1)؟ ج: الطهر: زوال آثار الدم، فإذا تنظفت بقطنة أو شيء آخر، ولم يكن فيه أثر للدم تغتسل، ولو ما رأت القصة البيضاء، أما القصة البيضاء فهو ماء أبيض يعتري بعض النساء عند نهاية الحيض، تجد ماء أبيض علامة أن الحيض انتهى، وبعض النساء لا يجد هذا، فالعبرة ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (420).

بوجود النظافة، فإذا تنظفت بقطن أو غيره ورأت النظافة، ولم يبق صفرة ولا كدرة تغتسل، ولو ما رأت القصة البيضاء.

حكم الكدرة التي قد تسبق الحيض

280 - حكم الكدرة التي قد تسبق الحيض س: الأخت: ف. ف. من أبها، تقول: إذا أتى موعد الحيض، وسبق ذلك آلام في البطن ثم كدرة، هذه الكدرة تبدأ مثلا من الفجر حتى الليل، ثم بعد ذلك ينزل الدم، هل تصلي فترة الكدرة، أم لا؟ علما بأنها لا تستعمل حبوب منع الحمل (¬1) ج: هذه الكدرة تبع الحيض ما دام أنها عادة لها، تبدأ الكدرة ثم الحيض فهي من تبع الحيض، قبله أو بعده، لا تصلي ولا تصوم، ما خرج منها من الكدرة هذا حكمه حكم الحيض، وما بعد الحيض كذلك إذا كان متصلا به حكمه حكم الحيض، إذا كان عادته ذلك يكون من العادة، الكدرة في أوله، أو الكدرة في آخره تابعة له. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (435).

س: السائلة: أ. أ. أ. تقول: هل الصفرة والكدرة في بداية الدورة الشهرية من الحيض؟ حيث إن ذلك حصل لها في

أيام الدورة المعتادة، وتركت الصلاة والصيام، ماذا عليها (¬1)؟ ج: نعم تعتبر من العادة، الصفرة والكدرة المتصلة بالحيض قبله أو بعده من جملته تعتبر من الحيض، أما المنفصلة التي تأتي قبل وتنقطع هذه لا تعتبر، أو يأتيها بعد الطهر صفرة أو كدرة ما تعتبر، هذه تصلي وتصوم وتتوضأ لكل صلاة في الصفرة والكدرة التي قبل العادة أو بعدها غير متصلة، تصوم وتصلي وتتوضأ لكل صلاة، أما العادة تبدأ بصفرة وتنتهي بصفرة هذا من جملة الحيض. ¬

_ (¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (409).

حكم الكدرة التي تأتي في نهاية الدورة الشهرية

281 - حكم الكدرة التي تأتي في نهاية الدورة الشهرية س: السائلة تقول: ما حكم الكدرة التي تنزل في نهاية الدورة الشهرية؟ حيث إن بعض الناس يرون أنها طاهرة (¬1) ج: هذه تختلف إن كانت بعد رؤية الطهر، فهي تصلي وتصوم، ولا عمل عليها، تتوضأ لكل صلاة والكدرة ليست بحيض، إذا رأت كدرة بعد الطهر تصلي وتصوم وتحل لزوجها، وتتوضأ لكل صلاة ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (420).

كالبول، أما إن كانت كدرة في آخر الحيض فلا تعجل حتى تزول الكدرة، ثم تغتسل من الكدرة المتصلة بالحيض، فهي من الحيض حتى ترى القصة البيضاء أو الطهر النقي ثم تغتسل.

س: قالت أم سلمة: كنا لا نعد الكدرة والصفرة من الحيض. هل هذا قول صحيح (¬1)؟ ج: هذا قول أم عطية الأنصارية، ما هو بقول أم سلمة، وهي من الصحابة، تقول رضي الله عنها: كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا. ومعنى ذلك أن المرأة إذا طهرت من عادتها ثم رأت كدرة أو صفرة فإنها لا تعدها، بل تصلي وتصوم، وتعتبر هذه الصفرة مثل البول، تستنجي منها وتتوضأ لوقت كل صلاة. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (277).

حكم الوضوء للمرأة عندما تريد الغسل من الحيض

282 - حكم الوضوء للمرأة عندما تريد الغسل من الحيض س: عندما تريد المرأة أن تغتسل للطهارة هل يلزمها الوضوء أو لا (¬1)؟ ج: السنة: الوضوء إذا كان عن حيض أو جنابة، الوضوء أولا، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (263).

تستنجي إن كان في غسل الحيض والجنابة، تستنجي ثم تتوضأ وضوء الصلاة؛ تتمضمض وتستنشق وتغسل وجهها وذراعيها مع المرفقين، ثم تمسح وجهها وأذنيها، ثم تغسل رجليها، هذا هو الأفضل، كان النبي يفعله في غسل الجنابة عليه الصلاة والسلام، وربما يترك القدمين إلى آخر الغسل، وربما غسل وجهه ويديه وشعر رأسه وأخر الرجلين، هذا جائز وهذا جائز، والمرأة الحائض كذلك، فإن بدأت بالغسل أو بدأ الجنب بالغسل، ثم توضأ بعد ذلك فلا بأس، لكن الأفضل أن يكون الوضوء هو الأول، يستنجي، وهكذا المرأة الحائض والجنب تستنجي ثم وضوء الصلاة ثم الغسل؛ بأن يحثو على رأسه ثلاثا وهي كذلك، ثم يفيض على جنبيه الأيمن ثم الأيسر، والرجل والمرأة كذلك، هذا هو السنة.

بيان الواجب على المرأة إذا طهرت وحكم ملابسها

283 - بيان الواجب على المرأة إذا طهرت وحكم ملابسها س: هل المرأة إذا طهرت من الدورة الشهرية تغتسل وتغير ملابسها أم أنها لا تغير الملابس؟ أفيدونا بذلك (¬1) ج: المرأة إذا طهرت من حيضها، أو نفاسها عليها أن تغتسل عند جميع أهل العلم، كما قال الله جل وعلا: ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (399).

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} (¬1)، فلا بد من التطهر، لا تصلي ولا يقربها زوجها حتى تغتسل، أما الملابس إذا جاءها دم يغسل ما أصابه الدم فقط، والملابس طاهرة، وعرقها طاهر، لكن إذا أصاب ملابسها شيء من الدم يغسل محل الدم، كما أخبرت عائشة رضي الله عنها: أنهن كن يغسلن ما أصابه الدم في ذلك. الحاصل أن ملابس المرأة التي حاضت فيها، أو نفست فيها طاهرة، ولا يضرها كونها تعرق فيها أو تنام فيها، إلا إذا أصابها دم، فما أصابه الدم يغسل منها، أي بقعة أصابها الدم تغسل، وإذا غسلت الثوب كله فلا بأس، لكن لا ينجس إلا الذي أصابه الدم فقط، فإذا غسلت بقع الدم كفى، وإن غسلت الثوب كله فلا بأس. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 222

حكم الغسل من الحيض وكيفيته

284 - حكم الغسل من الحيض وكيفيته س: تقول الأخت السائلة التي رمزت لأسمها: أ. س. م. طالبة في المدرسة الثانوية، تقول: سماحة الشيخ، ما هو الغسل؟ وما هي أحكامه وكيفيته؟ وهل إهماله أو بطلانه له تأثير بالنسبة لأداء الصلاة، أو الصيام؟ ج: الغسل، إفاضة الماء على البدن كله، هذا يسمى غسلا، وهو

واجب من الجنابة، وهكذا من الحيض، إذا انتهت المرأة من الحيض ورأت الطهارة وجب عليها الغسل، وهكذا من النفاس إذا انقطع الدم ورأت الطهارة وجب الغسل من النفاس، هذه الأغسال الواجبة، أما غسل الجمعة مستحب أن الرجل يغتسل عند ذهابه إلى الجمعة، هذا مستحب، والغسل من الحجامة، والغسل من غسل الميت، هذه أغسال مستحبة.

بيان ما يشرع للحائض فعله من العبادات

285 - بيان ما يشرع للحائض فعله من العبادات س: بعض الفتيات يتوهمن أن المرأة الحائض أصبحت نجسة، فلا يجوز لها الذكر، ولا استماع القرآن، وإنما الاتجاه لسماع الغناء واللهو، نرجو تبيين هذا الحكم، وما الذي يجوز أيضا للحائض (¬1)؟ ج: هذا توهم لا ينبغي، الحائض مشروع لها ما يشرع لغيرها: من ذكر الله عز وجل، وتسبيحه، وتحميده، وتهليله، وتكبيره، والاستغفار، والتوبة، وسماع القرآن ممن يتلوه، وسماع العلم، والمشاركة في حلقات العلم، وسماع ما يذاع من حلقات العلم ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (1).

وحلقات القرآن، والاستفادة من ذلك مثل غيرها. والنبي صلى الله عليه وسلم قال للحائض: «افعلي ما يفعله الحاج، غير أن لا تطوفي حتى تطهري (¬1)» أقر لها أن تفعل ما يفعله الحجاج؛ من التلبية والذكر وسائر الأمور الشرعية، ما عدا الطواف، فدل ذلك على أن الحائض مثل غيرها؛ ترمي الجمار، تلبي، تذكر الله بتسبيح، تحمد الله، تهلل، تستغفر، يعني: تفعل كل شيء ما عدا الطواف إذا كانت محرمة بالحج أو العمرة حتى تطهر، كذلك في بيتها تستعمل ما تستطيع من ذكر الله عز وجل، وتسبيحه، وتحميده، وتهليله، وتكبيره، والاستغفار، والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتجلس للعلم ومطالعة الأحاديث وغير ذلك، أما قراءة القرآن ففيه خلاف، بعض أهل العلم يرى أنها تمنع من قراءة القرآن، والقول الثاني أنها لا تمنع من قراءة القرآن عن ظهر قلب، وهذا هو الأقرب والأظهر؛ أنه لا يمنعها أن تقرأ القرآن عن ظهر قلب من دون مس المصحف، كالمعلمة تعلم البنات القرآن عن ظهر قلب، وكالتلميذة التي تحتاج إلى قراءة القرآن من غير مس المصحف، كذلك الصحيح أنه لا حرج في قراءتها عن ظهر قلب؛ لأن مدة الحيض تطول، وهكذا النفاس بخلاف الجنب، فالجنب لا يقرأ القرآن لا في المصحف، ولا عن ظهر قلب حتى يغتسل؛ لأن ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب تقضي الحائض المناسك، برقم (305)، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، برقم (1211).

النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقرأ القرآن وهو جنب، عليه الصلاة والسلام، ولأن الجنب يعني وقته قصير يستطيع في الحال أن يغتسل ويقرأ، ما هناك له موانع، لكن الحائض تحتاج إلى أيام وليال، ليس باختيارها، وهكذا النفساء أطول وأطول، فلهذا الصحيح أنه لا حرج عليها في قراءة القرآن عن ظهر قلب، من المصحف، وبهذا تعلم أن الحائض تشارك في كل شيء من الخير، ولا تمنع ما عدا مس المصحف وما عدا الصلاة؛ لأنها لا تصلي ولا تصوم حتى تنتهي من حيضها ونفاسها، ثم تقضي الصوم دون الصلاة، وليس عليها قضاء الصلاة؛ لأن الله سامحها، سامح الحائض والنفساء، فالصلاة لا تقضيها، ولا تجب عليها مدة الحيض والنفاس، لكن الصوم تقضيه بعد طهرها بعد رمضان، تقضي ما أفطرت من الأيام. سئلت عائشة رضي الله عنها، قالت السائلة: يا أم المؤمنين، ما بالنا نقضي الصوم ولا نقضي الصلاة؟ فقالت عائشة رضي الله عنها: «كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة (¬1)». يعني من النبي صلى الله عليه وسلم، كان يأمرهن بقضاء الصوم، ولا يأمرهن بقضاء الصلاة، وبهذا علم أن الصوم يقضى والصلاة لا تقضى، وهذا محل إجماع عند المسلمين، فقد أجمع العلماء على أن الصلاة لا تقضى في حق الحائض والنفساء، ولكنهما تقضيان الصوم فقط؛ صوم رمضان، فالحاصل أن الحائض والنفساء يشرع لهما ذكر الله، وتسبيحه، وتحميده، وتهليله، وتكبيره، وحضور حلقات العلم، وسماع القرآن ممن يتلوه، والإنصات لذلك، ¬

_ (¬1) صحيح البخاري الحيض (321)، صحيح مسلم الحيض (335)، سنن الترمذي الطهارة (130)، سنن النسائي الصيام (2318)، سنن أبو داود الطهارة (262)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (631)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 232)، سنن الدارمي الطهارة (986).

والمشاركة في كل خير ما عدا أنها لا تصلي حتى تطهر، ولا تصوم حتى تطهر، ولا تقرأ القرآن من المصحف، أما عن ظهر قلب فالصحيح أنه يجوز لها ذلك في أصح قولي العلماء، ولا سيما عند الحاجة.

س: تقول السائلة: ما الذي يجوز للمرأة أن تعمله وهي جنب؟ كإعداد الطعام، وإرضاع الأطفال، وما شابه ذلك، هل هذا يؤثر أو لا تأثير له (¬1)؟ ج: الحائض والجنب والنفساء تعد كل شيء، مثل غيرها من النساء الطاهرات، تعد كل شيء ما عدا مس المصحف، ما عدا قراءة القرآن في حق الجنب، تمنع من ذلك، وإلا فهي تطبخ وتقرب الطعام وتقرب القهوة والشاي، وتقدم الماء وتقدم اللبن، ما هي بنجسة، طاهرة، إنما هذا حدث، وحدث الجنابة يوجب الغسل فقط، وإلا عرقها طاهر، وبدنها طاهر، ويدها طاهرة، ورأسها طاهرة، وكذا الحائض والنفساء، كلتاهما طاهرة، وإنما النجاسة في الدم، فما أصاب بدنها من الدم، أو أصاب ثيابها غسلته، وأما يدها إذا لم يكن فيها شيء من الدم فهي طاهرة، عرقها طاهر، شعرها طاهر، ريقها طاهر، كل ذلك طاهر، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعرض لأعمال من عائشة وهي حائض، تأكل منه ويأكل منها – عليه الصلاة والسلام – ويأكل معها ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (174).

وتأكل معه وهي حائض، وتغسل رأسه – عليه الصلاة والسلام – وهي حائض، كل ذلك لا حرج فيه، والحمد لله. المقصود أن المرأة الحائض والنفساء والجنب كلهم طاهرون بالنسبة للحكم الشرعي، عرقهم طاهر، وثيابهم طاهرة، وبدنهم طاهر، ولو مس بيده ماء لا ينجسه، ليس بنجس، وليست بنجسه الحائض والنفساء، إنما عليها الغسل؛ غسل الواجب، الجنب يغتسل رجلا كان أو امرأة، والحائض والنفساء كذلك تغتسلان إذا رأتا الطهارة في وقت الطهارة، وما أصاب الحائض من دم في ثيابها ويديها غسلته، وهكذا النفساء، وأما الجنب فعليه الغسل وعرقه طاهر، وبدنه كله طاهر، والحمد لله، وترضع طفلها وهي جنب لا بأس، كما ترضعه وهي حائض، لا حرج في ذلك.

حكم مس الحائض للرياحين والحناء

286 - حكم مس الحائض للرياحين والحناء س: تقول السائلة: عندنا بعض النساء الكبيرات في السن يقلن: إذا حاضت المرأة فإنه يحرم عليها مس بعض أنواع الرياحين، ومس شجرة الحناء فهل هذا القول صحيح (¬1)؟ ج: ليس بصحيح، هي مثل غيرها من النساء، لها مس الرياحين، ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (110).

ولها مس شجرة الحناء، ولها غير ذلك مما يباح للنساء ما عدا الصلاة، فإنها لا تصلي حتى تطهر، وما عدا الصوم فإنها لا تصوم حتى تطهر، وما عدا مس المصحف فإنها لا تمس المصحف حتى تطهر، أما قراءة القرآن عن ظهر قلب ففيها خلاف بين أهل العلم، والصواب أنه لا حرج عليها أن تقرأ عن ظهر قلب، وليست مثل الجنب، الجنب مدته قصيرة يغتسل متى فرغ من حاجته، أما الحائض والنفساء فمدتهما تطول، فلا حرج عليهن بالقراءة عن ظهر قلب من دون مس المصحف في أصح قولي أهل العلم، وأما كون الحائض تمس الرياحين، أو تمس شجرة الحناء، أو تمس شيئا آخر مما يمسه الناس مما يباح كمس الحبوب، أو الفواكه، أو اللبن، أو غير ذلك فلا حرج في ذلك.

حكم إزالة الأظافر والشعر للحائض

287 - حكم إزالة الأظافر والشعر للحائض س: سائلة تقول: هل يجوز قص أظافر المرأة أو شيء من شعرها وهي معذورة (¬1)؟ ج: لا بأس أن تقص أظافرها، أو تنتف إبطها، أو تزيله بالأدوية، أو العانة كل ذلك لا بأس به، وإن كانت في الحيض أو النفاس، كالرجل له أن يزيل كل ذلك وإن كان على جنابة، المقصود أن هذه الأشياء لا يشترط لها الطهارة، للمرأة أن تقص أظافرها، وأن تزيل ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (276).

العانة بالحلق أو بغيره، تزيل شعر الإبط بالنتف أو بغيره، سواء كانت طاهرة، أو في حيض، أو في نفاس، أو على جنابة، والرجل كذلك، له أن يزيل هذه الشعور وإن كان على جنابة؛ كنتف الإبط، وحلق العانة، وقص الشارب وقلم الظفر.

س: بالنسبة لقص الأظافر وتمشيط الشعر أثناء الدورة الشهرية هل فيه شيء (¬1)؟ ج: لا بأس من قص الأظافر، والمشط في أثناء الدورة، لا حرج فيه، وكذلك في النفاس، كل هذا لا حرج فيه، الحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (414).

حكم طلاء الأظافر والحناء للحائض

288 - حكم طلاء الأظافر والحناء للحائض س: ما حكم طلاء المرأة لأظافرها وهي لا تصلي، أو عندها العذر الشهري؟ وبمجرد انتهاء أيام الدورة تزيل هذا الطلاء، هل تكون آثمة (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك إذا كان في وقت ما فيه صلاة، تجعل شيئا تحتاجه في مواضع الوضوء ثم يزال عند وقت الوضوء. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (249).

س: تقول السائلة: هل يجوز للمرأة أن تستعمل الحناء وهي حائض، أو في النفاس (¬1)؟ ج: لا حرج في استعمال الحناء في الحيض والنفاس. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (237).

حكم دخول الحائض للمسجد

289 - حكم دخول الحائض للمسجد س: سائلة تقول: إننا ذهبنا إلى مكة المكرمة، وقد أتتني العادة الشهرية، وحيث إنه لا يوجد لدينا في مكة من أبقى عنده فقد دخلت في الحرم، وجلست فيه، فهل علي شيء أم لا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب على من أصابها الحيض أن تبقى في محلها، في مخيمها، في منزلها، في الأبطح، أو في غيره، ولا تأتي إلى المسجد؛ لأن دخول الحائض المسجد لا يجوز إلا على سبيل المرور، أما الجلوس عمدا في المسجد الحرام أو غيره من المساجد فلا يجوز، لكن لو اضطرت أو جاءت وهي سليمة ليس فيها حيض ثم بليت بالحيض وهي في المسجد، ولا تعرف أحدا تذهب إليه فإن الأولى بها أن تخرج، وتجلس عند باب المسجد حتى يفرغ أصحابها، ولا تجلس في المسجد، بل تعدهم محل باب معروف تجلس فيه حتى يأتوا فتذهب ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (27).

معهم مهما استطاعت إلى ذلك سبيلا، ولا تجلس في المسجد وهي حائض؛ لأن الرسول نهى عن ذلك، عليه الصلاة والسلام، يقول: «لا يحل المسجد لا لحائض ولا جنب (¬1)» فالمسجد لا يجلس فيه لا تجلس فيه الحائض ولا الجنب، لكن عابر السبيل الذي يمر مرورا لا بأس بذلك، فهي تجتهد وتحرص على أن تنتظرهم خارج المسجد عند الأبواب. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في الجنب يدخل المسجد، برقم (232)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب في ما جاء في اجتناب الحائض المسجد، برقم (645).

حكم زيارة الحائض للأماكن المقدسة

290 - حكم زيارة الحائض للأماكن المقدسة س: هل يجوز زيارة الأماكن المقدسة للفتاة الحائض (¬1)؟ ج: إذا كان قصدها المساجد فلا يجوز؛ لأن الحائض لا تدخل المسجد، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب (¬2)» فلا تزورها لقراءة القرآن فيها أو الجلوس ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (39). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في الجنب يدخل المسجد، برقم (232)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب في ما جاء في اجتناب الحائض المسجد، برقم (645).

فيها، لكن لو مرت بالمسجد لحاجة عبورا؛ لتأخذ منه حاجة؛ مصلى أو كتابا، أو لتنبه أحدا في المسجد نائما تدعوه، أو ما أشبه هذا لا بأس؛ لأنه جاء في القرآن: {إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} (¬1)؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عائشة وهي حائض أن تناوله الخمرة من المسجد، والخمرة: حصير في المسجد، أمرها أن تناوله إياه، قالت له عائشة: «يا رسول الله، إني حائض قال: إن حيضتك ليست بيدك (¬2)» فأمرها أن تأتي بالخمرة إلى المسجد وهي حائض؛ لأنه ممر، فلا حرج في ذلك إن شاء الله، أما إن كانت تقصد أماكن أخرى غير المساجد فلا بد من بيانها، ما هي الأماكن المقدسة؟ المقابر لا تزورها المرأة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور، ولا يقال فيها مقدسة، ولا أعلم شيئا غير المساجد تمنع منه، إنما الممنوع المساجد، أما أي مكان تزوره المرأة لحاجة فلا بأس ولا يقال: فيه شيء مقدس إلا بدليل. فالمساجد مقدسة منزهة عن النجاسات، فيقال لها: مقدسة من هذا المعنى، أما بيوت الناس أو المقابر فلا يقال لها: مقدسة. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 43 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله، برقم (298).

حكم ذكر اسم الله للحائض

291 - حكم ذكر اسم الله للحائض س: تسأل الأخت، وتقول: أثناء العادة الشهرية هل يجوز أن أذكر اسم الله تعالى في القلب مثل أن أقول: بسم الله الرحمن الرحيم. أو أستغفر الله، أو أستمع إلى القرآن الكريم، أو أقول بعد كل أذان: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدت. أو أن أدعو الله في قلبي؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الحائض والنفساء يشرع لهما ما يشرع للناس؛ من التسبيح، والتهليل، والتكبير، والذكر، والدعاء، والاستغفار بالقلب واللسان، لا بالقلب وحده، بل حتى باللسان، مشروع لها أن تذكر الله وتسبحه وتعظمه، وتجيب المؤذن والمقيم تجيبهما، وتقول مثل قولهما، وتقول عند: حي على الفلاح: لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وتصلي على النبي بعد الأذان، عليه الصلاة والسلام، وتقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة. . . إلخ، كل هذا مشروع للجميع؛ الحائض والنفساء وغيرهما، وإنما الخلاف في القرآن: هل تقرأ أو ما تقرأ هذا؟ محل الخلاف، أما الأذكار والدعوات والاستغفار فليس فيها خلاف، وتلبي إذا كانت حاجة، تقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (108).

شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. وتسمي عند الأكل وعند الشرب، تحمد الله وتستغفره وتذكره كثيرا، هذا لا شيء فيه عند جميع أهل العلم، وإنما اختلف العلماء رحمة الله عليهم فيما يتعلق بالقرآن: هل تقرأ أو ما تقرأ؟ فذهب جمع من أهل العلم وحكم بعضهم: القول الأكثر أنها لا تقرأ واحتجوا بحديث روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كتب إلى أهل اليمن: «أن لا يمس القرآن إلا طاهر (¬1)» قالوا: والحائض تدخل في هذا، والجواب أن هذا إنما هو في المس، لا تمسه، وأما القرآن فإنها تقرؤه كما يقرأ المحدث الذي لم يتوضأ، وإنما النهي عن مسه، فهي لا تمسه، كما لا يمسه الجنب والمحدث، ولكن لا مانع من القراءة للمحدث حدثا أصغر غير الجنابة، يقرأ القرآن عن ظهر قلب، فهكذا الحائض تقرؤه عن ظهر قلب، لا بأس، واحتج المانعون أيضا لحديث رواه الترمذي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لا تقرأ حائض ولا جنب شيئا من القرآن (¬2)» والجواب عن هذا أنه حديث ضعيف؛ لأنه من رواية إسماعيل بن عياش رحمه الله عن الحجازيين، ورواياته عنهم ضعيفة ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب النداء للصلاة، باب الأمر بالوضوء لمن مس القرآن، برقم (468). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب الجنب والحائض لا يقرآن القرآن، برقم (131)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم (596).

عند أهل العلم، فالصواب أن الحائض والنفساء لهما القراءة عن ظهر قلب من غير مس المصحف، كالمحدث حدثا أصغر يقرأ ولكن لا يمس المصحف، أما الجنب فلا يقرأ لا عن ظهر قلب، ولا عن مس المصحف حتى يغتسل؛ لأن الجنب مدة قصيرة متى فرغ من حاجته اغتسل، فلهذا كان أمره خاصا، والحجة في ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أصابته جنابة لا يقرأ القرآن، كما ثبت من حديث علي رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يحجزه شيء عن القرآن إلا الجنابة (¬1)». وفي رواية أنه لما خرج من قضاء الحاجة قرأ بعض القرآن، وقال: «هذا لمن ليس جنبا، أما الجنب فلا ولا آية (¬2)» فدل ذلك على أن الجنب لا يقرأ القرآن حتى يغتسل، والحائض والنفساء لا تقاسان عليه؛ لأن مدتهما تطول، ففي حرمانهما من القرآن مشقة عظيمة، فلهذا الصواب أنهما تقرآن، لكن من دون مس المصحف، ولا يجوز قياسهما على الجنب، فإن دعت الحاجة إلى القراءة من المصحف جازت من وراء حائل، كأن تمسه من وراء قفازين، أو يمسه لها غيرها، تمسكه عليها بنتها، أو أختها الطاهرة، وتقرأ بالنظر إليه من غير أن تمسه، لا بأس بهذا، ولكن مسها له لا يجوز حتى تطهر، كالمحدث وكالجنب أيضا حتى يغتسل، أما هي فإنها تقرؤه عن ظهر قلب كالمحدث حدثا أصغر، هذا ¬

_ (¬1) سنن الترمذي الطهارة (146)، سنن النسائي الطهارة (265)، سنن أبو داود الطهارة (229)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (594)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 124). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (872).

هو الصواب، وأما التسبيح والتهليل والأذكار والدعاء والاستغفار فهذه مشروعة للجميع؛ للجنب والحائض والنفساء والمحدثين، كلهم لا يمنعون من هذا، وإنما الخلاف في القرآن فقط، هذا محل الخلاف بين أهل العلم، وفق الله الجميع.

حكم قراءة القرآن للحائض

292 - حكم قراءة القرآن للحائض س: إننا طالبات ندرس في مدرسة بنات، وفي حصة القرآن الكريم يأمرنا الأستاذ بقراءة القرآن ونكون في حالة العذر، ونستحيي أن نخبر الأستاذ، فنقرأ مرغمات، هل يجوز لنا هذا؟ وإذا كان لا يجوز فكيف نعمل في أيام الامتحانات إذا صادفتنا ونحن في أيام الامتحان؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: اختلف العلماء رحمة الله عليهم في قراءة الحائض والنفساء للقرآن الكريم، فذهب بعض أهل العلم إلى تحريم ذلك وألحقوهما بالجنب، وقالوا: ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن الجنب لا يقرأ، لأن الجنابة حدث أكبر، والحيض مثل ذلك، والنفاس مثل ذلك، فقالوا: لا تقرأ الحائض ولا النفساء حتى تطهرا. واحتجوا أيضا بحديث رواه الترمذي عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (82).

القرآن (¬1)» وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه يجوز للحائض أن تقرأ، والنفساء كذلك عن ظهر قلب؛ لأن مدتهما تطول، النفساء تأخذ أياما كثيرة، والحائض كذلك تأخذ أياما وإن كانت النفساء أكثر منها، فلا يصح أن يقاس على الجنب، الجنب مدته قصيرة إذا فرغ من حاجته، في إمكانه أن يغتسل ويقرأ، أما الحائض فليس في إمكانها ذلك حتى ينقطع الدم، وهكذا النفساء، فهما في حاجة إلى القراءة، قالوا: والحديث: «لا تقرأ الحائض ولا النفساء من القرآن شيئا (¬2)» حديث ضعيف، وعلل أهل العلم لكونه برواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، وروايته عنهم ضعيفة، وهذا القول هو الصواب: أنه يجوز للحائض القراءة، وهكذا النفساء لما تقدم؛ لأن مدتهما تطول، ولأن القياس على الجنب لا يصح، ولأن الحديث الذي فيه النهي عن القراءة ضعيف، فعلى هذا لا بأس أن تقرأ الطالبة القرآن، وهكذا المدرسة في الامتحان وغير الامتحان عن ظهر قلب، لا من المصحف، بل عن ظهر قلب، أما إذا احتيج إلى المصحف فيكون من وراء حائل، تلبس قفازين تلمسه من وراء القفازين، أو من وراء ثيابها الأخرى الصفيقة، وتفتش عند الحاجة المصحف وتنظر الآية، أو يحفظ عليها بعض زميلاتها ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة عن رسول الله، باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن، برقم (131)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم (596). (¬2) أخرجه الدارقطني في كتاب الطهارة رقم 7، الجزء 1.

حتى تقرأ إذا كانت لا تستطيع القراءة عن ظهر قلب، فالحاصل أنه لا بأس أن تقرأ عن ظهر قلب على الصحيح، وهكذا من المصحف من وراء حائل القفازين في اليدين، أو ثوب يجعل على اليدين تلمس به عند الحاجة، أو تمسك لها أختها الطاهرة حتى تطالع المصحف وهو في يد أختها الطاهرة، كل هذا لا حرج فيه إن شاء الله على الصحيح من أقوال أهل العلم.

س: هل يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن الكريم في أيام عذرها؟ وهل لها أن تقرأ القرآن الكريم إذا آوت إلى النوم؟ وتقرأ آية الكرسي بدون أن تلمس المصحف (¬1)؟ ج: سبق أن تكلمت في هذا الموضوع غير مرة في هذا البرنامج، وبينت أنه لا بأس ولا حرج أن تقرأ المرأة وهي حائض أو نفساء ما تيسر من القرآن عن ظهر قلب؛ لأن الأدلة الشرعية دلت على ذلك، وقد اختلف العلماء رحمة الله عليهم في هذا، فمن أهل العلم من قال: إنها لا تقرأ كالجنب , واحتجوا بحديث ضعيف رواه الترمذي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن (¬2)» وهذا الحديث ضعيف عند أهل العلم؛ ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (95). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن، برقم (131)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم (596).

لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، وروايته عنهم ضعيفة، وبعض أهل العلم قاسها على الجنب، قال: كما أن الجنب لا يقرأ فهي كذلك؛ لأن عليها حدثا أكبر يوجب الغسل، فهي مثل الجنب. والجواب عن هذا: أن هذا قياس غير صحيح؛ لأن حالة الحائض والنفساء غير حالة الجنب، الحائض والنفساء مدتهما تطول، وربما شق عليهما ذلك، وربما نسيتا كثيرا من حفظهما من القرآن الكريم، أما الجنب فمدته يسيرة، متى فرغ من حاجته اغتسل وقرأ، فلا يجوز القياس، والحاصل أن الراجح والصواب من قولي العلماء: أنه لا حرج على الحائض والنفساء أن تقرأ ما تحفظان من القرآن، ولا حرج أن تقرأ الحائض والنفساء آية الكرسي عند النوم، ولا حرج أن تقرأ ما تيسر من القرآن في جميع الأوقات عن ظهر قلب، هذا هو الصواب وهذا هو الأصل، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم لما حاضت عائشة، قال: «افعلي ما يفعله الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت (¬1)» ولم يقل لها: غير أن لا تقرئي. قال: غير أن لا تطوفي، فمنعها من الطواف؛ لأن الطواف كالصلاة، فهي لا تصلي، وسكت عن القراءة، فدل ذلك على أنها غير ممنوعة من القراءة، ولو كانت القراءة ممنوعة لبينها ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب تقضي الحائض المناسك، برقم (305)، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، برقم (1211).

لعائشة، ولغيرها من النساء في حجة الوداع، وفي غير حجة الوداع. ومعلوم أن كل بيت في الغالب لا يخلو من الحائض والنفساء، فلو كانت لا تقرأ القرآن لبينه صلى الله عليه وسلم للناس بيانا عاما واضحا حتى لا يخفى على أحد، أما الجنب فإنه لا يقرأ القرآن بالنص، ومدته يسيرة، متى فرغ تطهر وقرأ، «كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه (¬1)»، إلا إذا كان جنبا احتبس عن القرآن، حتى يغتسل عليه الصلاة والسلام، كما قال علي رضي الله عنه: «كان عليه الصلاة والسلام لا يحبسه شيء عن القرآن سوى الجنابة (¬2)». وجاء عنه عليه الصلاة والسلام: «أنه قرأ بعد محل الحاجة، قرأ وقال: هذا لمن ليس جنبا، أما الجنب فلا ولا آية (¬3)» فدل ذلك على أن الجنب لا يقرأ حتى يغتسل، لذا فلتقرأ الأخوات القرآن والكتب والبحوث التي تحتوي على آيات حتى ولو كانت حائضا أو نفساء. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم الحيض (373)، سنن الترمذي الدعوات (3384)، سنن أبي داود الطهارة (18)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (302)، مسند أحمد (6/ 70). (¬2) سنن الترمذي الطهارة (146)، سنن النسائي الطهارة (265)، سنن أبو داود الطهارة (229)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (594)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 124). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (872).

حكم قراءة القرآن للحائض التي تحفظ القرآن

293 - حكم قراءة القرآن للحائض التي تحفظ القرآن س: تسأل السائلة وتقول: إنني كما علمت من فتاوى العلماء – جزاهم الله خيرا -: أن قراءة القرآن للحائض والنفساء لا تجوز، إلا للضرورة مثل أن تكون طالبة تدعى للاختبار. لكن ماذا تفعل من تحفظ القرآن وهي كل يوم تحفظ وتراجع ما حفظت؟ ماذا تعمل وهي تجلس في الدورة أربعة عشر يوما؟ وهذا يؤدي إلى النسيان إن لم تقرأ وتذاكر، ثم إنها تتعطل عن الحفظ كثيرا، وإذا كان يجوز لها القراءة فهل يجوز مس المصحف بحائل؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (¬1). ج: هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء، من أهل العلم من أجاز لها القراءة؛ لأن مدتها تطول، وهكذا النفساء، قالوا: وليست مثل الجنب، الجنب يمكنه أن يغتسل في سرعة من غير بطء؛ لأنه متى فرغ من حاجته أمكنه أن يغتسل ويقرأ ويصلي، أما الحائض والنفساء فإن مدتهما تطول، فليستا مثل الجنب. وهذا هو الصواب: أن لها القراءة عن ظهر قلب؛ لأنها تحتاج إلى ذلك، وقد تنسى ما حفظت، فلا مانع من القراءة في حق الحائض والنفساء عن ظهر قلب، وإذا دعت الحاجة إلى مراجعة المصحف من وراء حائل فلا بأس، هذا هو الصواب؛ لأن الفرق عظيم بين الجنابة وبين الحيض والنفاس، فلا يجوز القياس على ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (239).

الجنابة، وأما حديث: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن (¬1)» فهو حديث ضعيف لا تقوم به الحجة. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن، برقم (131)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم (596).

س: تقول هذه الأخت السائلة أ. م. ش، من المدينة المنورة: هل للحائض أو النفساء أن تقرأ شطر آية، مثل أن تقول: إنا لله وإنا إليه راجعوان، و {حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (¬1) بنية الذكر، أو إذا كانت تطلب العلم فتقرأ على شخص جهرا، أو مرت بآية فتقرأ هذه الآية سردا فهل يجوز لها ذلك؟ وهل يجوز لها أن تقرأ القرآن قراءة قلبية دون التلفظ باللسان؟ ج: إذا قرأ الإنسان بعض الآيات على سبيل الدعاء، مثل: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً} (¬2)، أو عند المصيبة: إنا الله وإنا إليه راجعوان، ولو كان جنبا، أو حائضا، أو نفساء لا حرج في ذلك لقصد المقام يناسب ذلك، لا لقصد القراءة، والحائض على ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 129 (¬2) سورة البقرة الآية 201

الصحيح لها أن تقرأ؛ لأن مدتها تطول، لها أن تقرأ من غير مس المصحف، بخلاف الجنب فإنه ليس له أن يقرأ حتى يغتسل؛ لأن مدته قصيرة يمكن أن يغتسل في الحال.

حكم قراءة الأذكار والأدعية للحائض

294 - حكم قراءة الأذكار والأدعية للحائض س: ما هي الأعمال التي تقوم بها الحائض والنفساء؛ من الذكر والدعاء وغير ذلك؟ ج: تعمل مثل غيرها؛ من الذكر والدعاء وغير ذلك النفساء والحائض، إلا القرآن فهو محل الخلاف بين العلماء، والصواب أنه لها أن تقرأ عن ظهر قلب؛ لأن مدتها تطول، لكن لا تمس المصحف، فإذا دعت الحاجة إلى مراجعة المصحف يكون من وراء حائل، من وراء القفازين مع الطهارة.

حكم قراءة الكتب الدينية للحائض

295 - حكم قراءة الكتب الدينية للحائض س: هل يباح للحائض أن تقرأ الكتب الدينية أو الصحف الإسلامية (¬1)؟ ج: نعم، لا بأس عليها أن تقرأ الصحف الدينية والكتب ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (119).

الإسلامية، مثل كتب الحديث وكتب الفقه وكتب التفسير، حتى ولو فيها القرآن، لا بأس بذلك؛ لأن الكتاب كتاب تفسير ليس مصحفا، والصحيح أيضا أن لها أن تقرأ القرآن في حال الحيض والنفاس من دون مس المصحف؛ لأن حدثها يطول بخلاف الجنب، أما الجنب فلا يقرأ حتى يغتسل؛ لأن مدته لا تطول، متى فرغ من حاجته أمكنه الغسل، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام لا يقرأ القرآن حال كونه جنبا، ويقول: «أما الجنب فلا ولا آية (¬1)» أما الحائض والنفساء فمدتهما تطول، وقد تنسى حفظها، ويشق عليها ترك القرآن في هذه المدة الطويلة، فلهذا كان الصحيح من قولي العلماء في هذا الجواز، وبعض أهل العلم منعها من هذا وقاسها على الجنب، والصواب أنها ليست مثل الجنب والقياس غير صحيح؛ لأن الجنب مدته قصيرة، وأما الحائض فمدتها طويلة، والنفاس أطول، فلا يقاس الطويل على القصير، ولا يقاس ما فيه مضرة كبيرة على ما لا مضرة فيه، أما ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن (¬2)» فهو حديث ضعيف لا تقوم به الحجة عند أهل العلم؛ لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، والرواية عنهم ضعيفة لا يحتج بها عند أهل العلم، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعائشة لما حاضت في حجة الوداع: «دعي العمرة وأحرمي بالحج واغتسلي، وافعلي ما يفعله الحجاج غير أن لا تطوفي ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (872). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن، برقم (131)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم (596).

بالبيت حتى تطهري (¬1)» ولم يمنعها من القرآن، ولم يقل لها: لا تقرئي، وإنما منعها من الطواف والصلاة، فدل ذلك على أن القرآن لا حرج فيه للحائض والنفساء من دون مس المصحف. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب تقضي الحائض المناسك، برقم (305)، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، برقم (1211).

حكم جلوس الحائض في المسجد لسماع الذكر

296 - حكم جلوس الحائض في المسجد لسماع الذكر س: تقول السائلة: أنا طالبة في مدرسة، ويوجد في المدرسة مسجد، وتقام فيه الصلاة، وتلقى فيه المحاضرات والدروس، فهل يجوز أن أجلس للاستماع وللاستفادة وأنا معذورة أم لا يجوز (¬1)؟ ج: إذا كان هذا المصلى عاديا فلا بأس أن تجلس فيه الحائض والنفساء والجنب، أما إذا كان مصلى للصلوات الخمس، فهو مسجد بني للصلاة تقام فيه الخمس في الدائرة، تصلون فيه الصلوات الخمس هذا لا تجلس فيه الحائض ولا النفساء ولا الجنب، أما المصلى العادي غرفة تصلون فيها أو صالة يصلون فيها هذه ليس لها حكم المساجد، لا بأس أن تجلس فيها الحائض والنفساء والجنب، وليس لها تحية مسجد فيقال له: مصلى، إلا إذا كان معدا للصلوات الخمس، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (316).

كالمسجد الذي يصلى فيه الصلوات الخمس؛ مبنى موقوف مسجد تصلى فيه جميع الفروض أو للظهر فقط وخصص ليكون مسجدا فهذا له حكم المساجد، أما إذا كان مصلى عاديا من الغرف أو صالة من الصالات فهذا يسمى مصلى، وليس له حكم المساجد.

س: تقول السائلة: ما حكم الذهاب للمسجد لحضور الندوات والمحاضرات إذا كانت المرأة حائضا؛ وذلك للاستفادة من الدروس التي غالبا ما تكون قيمة (¬1)؟ ج: إذا كان لها مكان قرب المسجد تسمع منه عند المحراب، أو بجانب المسجد، أو في آخر المسجد تسمع فلا بأس، أما في داخل المسجد فلا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب (¬2)» وقال في حق الجنب: «إلا في عابر سبيل»، وقال لعائشة لما أمرها أن تأتي بالخميرة للمسجد، قالت: إني حائض، قال: «إن حيضتك ليست في يدك (¬3)» فأمرها أن تعبر وتأخذ الخميرة (يعني الحصير) من المسجد. أما المرور للجنب والحائض فلا بأس، أما الجلوس فلا، لكن إذا وجد مكانا خارج المسجد تسمع منه الدروس هذا لا بأس به. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (236). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في الجنب يدخل المسجد، برقم (232)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب في ما جاء في اجتناب الحائض المسجد، برقم (645). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله، برقم (298).

حكم قراءة الحائض وردها اليومي من القرآن

297 - حكم قراءة الحائض وردها اليومي من القرآن س: تقول السائلة: سمعت من يقول في قراءة المرأة للقرآن وهي في عذرها: إنه يجوز للمرأة القراءة ووردها من القرآن وإن كانت معذورة، فما هو الورد (¬1)؟ ج: نعم، يجوز لها أن تقرأ القرآن على الصحيح، لكن من دون مس المصحف، عن ظهر قلب، تقرأ آية الكرسي عند النوم، تقرأ المعوذتين عند النوم ثلاث مرات، كل هذا مشروع، تأتي بالأذكار الشرعية في الصباح والمساء، كل ذلك مشروع وإن كانت في نفاس أو في الحيض. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (191).

س: هل يجوز للحائض أن تقرأ الورد اليومي من القرآن الكريم (¬1)؟ ج: الصواب أنه لا يحرج عليها أن تقرأ الآيات عن ظهر قلب، وليست كالجنب، الجنب مدة قصيرة، يغتسل في الحال وينتهي، لا يجوز أن يقرأ القرآن الجنب، أما الحائض والنفساء فمدتهما تطول، وقد اختلف العلماء في أمرهما: هل يلحقان بالجنب فيمنعان من قراءة القرآن عن ظهر قلب أم لا؟ والصواب: أنهما لا يلحقان الجنب؛ ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (355).

لأنهما ليسا مثله، المدة تطول، وليس في منعهما حديث صحيح يمنعهما من القراءة، فلهما أن تقرآ من غير مصحف عن ظهر قلب، وتراجعا المصحف إذا دعت الحاجة من وراء حائل؛ كالقفازين ونحوهما عند الحاجة.

حكم قراءة القرآن للحائض خشية النسيان

298 - حكم قراءة القرآن للحائض خشية النسيان س: هل يجوز للمرأة أن تسجد إذا مرت بآية فيها سجدة وهي في عذرها الشهري، أو من غير وضوء (¬1)؟ ج: نعم، سجود التلاوة لا يجب له الوضوء، سجود التلاوة من جنس الذكر، يجوز أن يسجد الإنسان وهو على غير طهارة، هذا هو الصواب، فإذا قرأت الحائض القرآن سجدت للتلاوة إذا مرت بسجدة التلاوة، وهكذا المحدث إذا قرأ وهو على غير طهارة – ليس بجنب – فإنه إذا مر بالسجود يسجد، أما الجنب لا، لا يقرأ. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (355).

حكم سجود التلاوة للحائض ولغير المتوضئ

299 - حكم سجود التلاوة للحائض ولغير المتوضئ س: هل يجوز استغلال فترة العذر الشرعي لمراجعة القرآن الكريم لمن تحفظه خوفا من النسيان (¬1)؟ ج: الصواب أنه لا حرج في ذلك: أن تقرأ عن ظهر قلب في الحيض والنفاس؛ لأنها ليست مثل الجنب، الجنب بإمكانها أن تغتسل بسهولة، إذا فرغ من حاجة اغتسل وقرأ أو صلى، أما الحائض والنفساء فليس بإمكانهما؛ لأن مدته طويلة، فإذا قرأت عن ظهر قلب فلا بأس بذلك على الصحيح، فبعض أهل العلم ذهب إلى منعها من ذلك كالجنب، والصواب أنها لا تمنع من ذلك، لكن لا تمس المصحف، بل تقرؤه عن ظهر قلب، وإذا دعت الحاجة إلى مراجعة المصحف من وراء جلباب فتلبس قفازين أو نحوهما فلا حرج عند الحاجة، وهذا هو الصواب، أما حديث: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن (¬2)» فهو حديث ضعيف، إنما الثابت في الجنب خاصة: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج بأصحابه ذات يوم قرأ وهو على غير طهارة، قال: هذا لمن لم يكن جنبا، أما الجنب فلا ولا آية (¬3)» المقصود أن الجنب لا يقرأ حتى يغتسل، أما الحائض والنفساء فمدتهما تطول، والصحيح من قول ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (310). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن، برقم (131)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم (596). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (872).

العلماء أنه لا بأس أن تقرأ الحائض والنفساء عن ظهر قلب؛ لأن المدة تطول، وفي ذلك مشقة وحرج وتفويت لمصالح كثيرة في حق الحائض والنفساء بدون دليل، والقياس لا يصلح؛ قياس الحائض على الجنب؛ لأن الجنب مدته لا تطول، وفي إمكانه الغسل متى فرغ من حاجته، والحائض ليس بإمكانها الغسل إلا بعد انتهاء المدة، وهكذا النفساء ليس في إمكانها الغسل حتى ينقطع الدم وتطهر، أو تبلغ الأربعين.

س: مما حفظته منكم – يحفظكم الله – أن المسلمة لا تترك قراءة القرآن في فترة الحيض والنفاس، هل تذكرنا بهذا القول (¬1)؟ ج: هذه مسألة خلاف بين أهل العلم: أن تقرأ الحائض والنفساء أم لا؟ والأرجح أنها تقرأ عن ظهر قلب؛ لأنها قد تنساه وتطول المدة، وقال بعض أهل العلم: ليس لها أن تقرأ إلا إذا خشيت النسيان، إذا خافت فلها أن تقرأ وإلا فلا، والأرجح والأقرب أن لها أن تقرأ عن ظهر قلب، ولها أن تراجع المصحف من وراء القفازين، من وراء ستر، يعني عند الحاجة، هذا هو الأرجح لعدم الدليل على المنع، أما حديث: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب القرآن (¬2)» فهو ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (364). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن، برقم (131)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم (596).

حديث ضعيف في حق الحائض، أما الجنب فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه «كان لا يقرأ إذا كان جنبا، كان لا يمنعه من القرآن شيء إلا الجنابة (¬1)»، عليه الصلاة والسلام، ولم يحفظ عنه فيها شيء من الأحاديث أنه منع الحائض من القراءة أو النفساء، وقياسه مع الجنب لا يصح؛ لأن الجنب مدة يسيرة يغتسل ويقرأ، أما الحائض مدته طويلة؛ أسبوع أو أكثر، والنفساء مدته طويلة أكثر وأكثر، هذا قد يسبب النسيان لما حفظت، وأيضا قد يسبب قسوة القلب، وكونها تقرأ وتتدبر القرآن عن ظهر قلب وتراجع المصحف عند الحاجة هذا خير لها في دينها ودنياها. ¬

_ (¬1) سنن الترمذي الطهارة (146)، سنن النسائي الطهارة (265)، سنن أبو داود الطهارة (229)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (594)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 107).

س: إذا خافت المرأة على نفسها الفتور من الانقطاع من تلاوة القرآن فما هو توجيهكم، حفظكم الله (¬1)؟ ج: تحدث هذه القراءة، وتجاهد نفسها على القراءة والذكر مهما أمكن، هذا من باب المجاهدة، والله يقول: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (¬2)، مع المجاهدة يعينها الله إذا مع خوف الفتور، هذا يعني: يبيح لها قراءة القرآن وإن كانت معذورة، أي نعم، لكن مثل ما تقدم التفصيل، الجنب لا يقرأ حتى يغتسل، وهي تقرأ، لها قراءة، وإذا كانت تخشى النسيان آكد وآكد. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (364). (¬2) سورة العنكبوت الآية 69

حكم قراءة كتب التفسير للحائض

300 - حكم قراءة كتب التفسير للحائض س: إنني طالبة، وفي درس القرآن إذا كنت لست طاهرة لا أقرأ ولا ألمسه، ولكن في دروس التفسير والفقه والتوحيد وغيرهم من الدروس التي تكثر فيها الآيات القرآنية فأنا أقرأ وأكتب وأحل الأسئلة، فهل يجوز لي ذلك؟ وإذا كان لا يجوز فماذا أفعل إذا توقفت كل شهر عن المذاكرة وخاصة أيام الامتحان (¬1)؟ ج: الصواب من أقوال العلماء أنه لا حرج في ذلك، أنه لا حرج على الحائض أن تقرأ، والنفساء كذلك، أما الجنب فلا، النبي صلى الله عليه وسلم «كان لا يحجزه شيء عن القرآن إلا الجنابة (¬2)»، ولم يثبت عنه النهي عن قراءة الحائض للقرآن، والفرق بينهما: أن الحائض مدتها تطول وهكذا النفساء، أما الجنب فمدته لا تطول، في إمكانه إذا فرغ من حاجته أن يغتسل ويقرأ ويصلي، أما الحائض فلها مدة لا تستطيع فيها الغسل حتى تنتهي الدورة، حتى ينقطع الدم ويظهر الطهر، فهي محتاجة إلى أن تقرأ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال في حق الحائض في الحج: «افعلي ما يفعله الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت (¬3)» فلم ينهها إلا عن الطواف، لا تطوف حتى تطهر، ولم يقل لها: لا تقرئي. فدل ذلك على أنها لا بأس ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (36). (¬2) سنن الترمذي الطهارة (146)، سنن النسائي الطهارة (265)، سنن أبو داود الطهارة (229)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (594)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 124). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب تقضي الحائض المناسك، برقم (305)، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام، برقم (1211).

أن تقرأ القرآن، ولا بأس أن تقرأ كتب التفسير والآيات في كتب التفسير، وهكذا الآيات التي في الكتب الأخرى من كتب الفقه وكتب الحديث، لا حرج في ذلك، لكن لا تمس المصحف حتى تطهر، وإذا احتاجت يكون من وراء حائل، أو يمسه غيرها لها حتى تراجع ما أشكل عليها من الآيات، وأما أن تقرأ عن ظهر قلب فلا حرج في ذلك على الصحيح من أقوال العلماء كما تقدم.

حكم حمل المصحف للحائض وأشرطة القرآن الكريم

301 - حكم حمل المصحف للحائض وأشرطة القرآن الكريم س: هل يجوز حمل المصحف دون وضوء، أو الكتب الدينية أو التفسير؟ وكذلك في حالة الحيض هل يمكن قراءة الكتب الدينية أو التفسير؟ وما الحكم في حمل أشرطة القرآن الكريم (¬1)؟ ج: حمل المصحف إذا كان في جراب لا بأس ولو كان على غير وضوء، في جراب أو غيره، أو في علاقة في طرف العلاقة مربوط فيه فلا بأس، ينقل من محل إلى محل، أما حمله باليد من دون معلاق، أو دون معلاقة فلا إلا على وضوء. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (269).

أما كتب التفسير وكتب الحديث فلا بأس، يحملها الجنب والحائض، ولا حرج في ذلك، تقرأ في ذلك، ويقرأ الجنب كتب التفسير، وكتب الحديث، وكتب الفقه، لا حرج في ذلك، والحائض أيضا لها أن تقرأ عن ظهر قلب القرآن؛ لأن مدتها تطول، والنفساء كذلك، ليستا مثل الجنب، الجنب لا يقرأ حتى يغتسل لا عن ظهر قلب، ولا من المصحف حتى يغتسل، أما الحائض فلا، ما هي مثل الجنب، لا تقرأ من المصحف، لكن تقرأ عن ظهر قلبها حفظا؛ لأن مدتها تطول، فالصواب أنه لها أن تقرأ، هذا هو الصواب، والنفساء كذلك. والأشرطة ما لها حكم القرآن، له أن يحملها الحائض والنفساء والجنب وغيرهم.

حكم دخول الحائض المسجد إذا طهرت ولم تغتسل

302 - حكم دخول الحائض المسجد إذا طهرت ولم تغتسل س: تسأل السائلة، وتقول: هل يجوز للحائض دخول المسجد؟ وإذا كان الدم قد انقطع عنها ولكنها لم تغتسل بعد فما الحكم (¬1)؟ ج: إذا كان الدخول لحاجة، تأخذ حاجة من المسجد، تأخذ ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (239).

سجادة من المسجد، تأخذ نعلين، تأخذ عصا، تأخذ حاجة من المسجد لا بأس، أما الجلوس فيه لا تجلس، النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: «ناوليني الخمرة – الحصير الذي يصلي عليه؛ السجادة – قالت: يا رسول الله، إني حائض. قال: إن حيضتك ليست في يدك (¬1)» فأمرها بالدخول وأخذ الخمرة وهي حائض، وقال الله جل وعلا في هذا المعنى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} (¬2)، والجنب كالحائض لا يدخل المسجد إلا عابر سبيل، لا يجلس، فأذن الله في عابر السبيل، الذي يمر مرورا، يأخذ الحاجة ويمر، سواء من الجنب، أو حائض، أو نفساء، أما الجلوس لا، جاء في الحديث: يقول صلى الله عليه وسلم: «إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب (¬3)» يعني الجلوس فيه، ولهذا قال سبحانه: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} (¬4)، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله، برقم (298). (¬2) سورة النساء الآية 43 (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في الجنب يدخل المسجد، برقم (232)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب في ما جاء في اجتناب الحائض المسجد، برقم (645). (¬4) سورة النساء الآية 43

حكم اغتسال المستحاضة

303 - حكم اغتسال المستحاضة س: الأخت: س. من الرياض، تسأل وتقول: هل تغتسل المرأة من الاستحاضة التي بعد الحيض؟ وإذا كان يجب الغسل فما الحكم إذا كانت جاهلة بهذا (¬1) ج: الاغتسال من الاستحاضة مستحب وليس بواجب، الغسل واجب من الحيض، إذا انتهت مدته وأرادت الطهارة تغتسل وجوبا كالجنب، أما الاستحاضة؛ الدماء التي تأتيها بعد النزيف المستمر فهذا يستحب منه الغسل، لصلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء غسلة واحدة، والفجر غسلة واحدة، وإن تركت فلا حرج عليها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بهذا فاطمة بنت أبي حبيش، أما الواجب فلا يجب عليها إلا غسل الحيض وغسل الجنابة، أما الاستحاضة فيها الوضوء، على المرأة أن تتوضأ لكل صلاة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش – وكانت مستحاضة -: «توضئي لوقت كل صلاة (¬2)» لكن إذا اغتسلت فهو أفضل، والأفضل أن تغتسل للظهر والعصر غسلة واحدة، وأن تغتسل للمغرب والعشاء غسلة واحدة، وللفجر غسلة واحدة، هذا أفضل؛ لأن الرسول أوصى به فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (241). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب غسل الدم، برقم (228).

بيان مدة النفاس

304 - بيان مدة النفاس س: تسأل عن مدة النفاس الشرعية (¬1). ج: مدة النفاس أربعون يوما، هذا أقصاه عند جمهور أهل العلم، حكاه غير واحد، حكاه الترمذي رحمه الله وصاحب المغني وغيرهما، وأكثر النفاس أربعون يوما، وقال بعض أهل العلم: خمسون. وقال بعضهم: ستون. لكنها أقوال ضعيفة، فهي مخالفة للدليل، فقد ثبت من حديث أم سلمة عن النفساء: أنها كانت تقعد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين يوما. يعني: أقصى ما تقعد، أكثر ما تقعد. وهذا الذي عرفته الصحابة: أنها تقعد أربعين يوما، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك، إن رأت الطهر في العشرين، أو في الثلاثين تغتسل وتصلي وتصوم وتحل لزوجها، لكن إن استمر معها الدم فإنها تبقى أربعين يوما، فإذا تمت الأربعون تغتسل وتصلي ولو معها الدم، وتحل لزوجها إلا إذا وافقت دم حيض؛ عدة حيض تجلس لها، ولا تصوم ولا تصلي وقت الحيض، أما إذا لم يصادف إلا زيادة بعد الأربعين وقت الحيض فإنها تغتسل وتصلي وتصوم ولو معها الدم؛ لأنه دم فساد ليس بدم نفاس، هذا هو الصواب الذي عليه أكثر أهل العلم، هذا هو الذي عمله الصحابة، وأفتى به الصحابة، رضي الله عنهم وأرضاهم. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (305).

حكم انقطاع دم النفاس قبل الأربعين

305 - حكم انقطاع دم النفاس قبل الأربعين س: كم هي المدة التي تبقاها المرأة بدون صلاة بعد الولادة؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: المدة أربعون يوما إذا كان معها الدم، أما إذا انقطع الدم لأقل من أربعين فإنها تغتسل وتصلي، وإذا كانت حاملا فإن العدة تنتهي بوضع الحمل، أما النفاس فيكون أربعين يوما ما دام الدم موجودا سواء كانت صغيرة أو كبيرة، أو عربية أو أعجمية، لا فرق في ذلك، العدة أربعون يوما لجميع النساء مادام الدم موجودا، تبدأ هذه المدة من وضع الحمل، فإن انقطع الدم وهي في العشر الأول، في العشرين، أو الشهر تغتسل، وطهرت، ليس للنفاس أقل حد محدود، فإذا رأت الطهارة على رأس الشهر، أو على رأس العشرين يوما، أو أقل أو أكثر فإنها تغتسل وتصلي والحمد لله، وتحل لزوجها أيضا، أما إن استمر الدم معها، ولم ينقطع فإنها تغتسل بعد تمام الأربعين ولو كان معها الدم، بعد تمام الأربعين ينتهي حكم النفاس؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها، قالت: «كانت النفساء تقعد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين يوما (¬2)». يعني هذه النهاية إذا كان معها الدم، أما إذا رأت الطهر قبل ذلك فإنها تغتسل وتصلي وتصوم وتطوف إن كانت في الحج وتحل لزوجها، والحمد لله، ولو ما مر عليها إلا عشرة أيام، أو خمسة أيام منذ ولدت وليس ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (220). (¬2) سنن الترمذي الطهارة (139)، سنن أبو داود الطهارة (312)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (648)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 300)، سنن الدارمي الطهارة (955).

معها دم اغتسلت وصلت وصامت، كما قد يقع لبعض النساء، أما الدم الذي بعد الأربعين فهو دم فساد كدم الاستحاضة، تصلي معه وتصوم، وتتحفظ بثوب ونحوه أو قطن، وتحل لزوجها ولو كان معها الدم بعد الأربعين مثل المستحاضة، تصلي وتصوم وتحل لزوجها، وتتوضأ لكل صلاة، وتصلي في الوقت، وتقرأ القرآن، وتطوف إن كانت في الحج أو العمرة، لها حكم الطاهرات، وتحل لزوجها حتى ينقطع عنها هذا الدم، فإذا جاء وقت العادة الشهرية جلست لم تصل ولم تصم، ولم تحل لزوجها حتى تنتهي العادة الشهرية، ثم تغتسل وتصلي وتصوم وتحل لزوجها، ولا تلتفت للدم الزائد الذي هو دم الفساد، هذا ليس له حكم الحيض، ولا حكم النفاس.

س: سمعت أن دم النفاس إن زاد عن أربعين يوما بعد الولادة فإنه لا يوجب الصلاة حتى تطهر، ويعتبر دم حيض إذا زاد عن مدته فما هو الصحيح في ذلك (¬1)؟ ج: دم النفاس نهايته أربعون، فإذا زاد عن أربعين فهو دم فساد لا يعتبر، ولا يمنع الصلاة ولا الصوم، ولا يمنع الزوج من إتيان أهله؛ لأنه دم فاسد، والنفاس نهايته أربعون، لكن لو طهرت قبل الأربعين لعشرين أو ثلاثين فإنها تحل لزوجها إذا طهرت قبل الأربعين، ولها أن ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (44).

تصوم في هذه المدة، ولو عاد لها الدم قبل نهاية الأربعين فإن صومها صحيح في أيام الطهارة، أما ما زاد عن الأربعين فإنه دم فساد، تغتسل وتتحفظ بالقطن ونحوه، حتى لا يؤذيها الدم، وتصلي وتصوم، وتحل لزوجها؛ لأن الدم يعتبر دما فاسدا، لكن إن جاء الدم بعد الأربعين ووافق الحيض فإنه يسمى حيضا، ويعتبر حيضا، لا تصلي ولا تصوم من أجل الحيض، أما الدم المتصل بالنفاس بعد الأربعين فليس بحيض، يعتبر دما فاسدا، تصلي وتصوم وتتحفظ بالقطن ونحوه إلى أن ينقطع.

حكم صلاة وصيام من انقطع عنها دم النفاس قبل الأربعين

306 - حكم صلاة وصيام من انقطع عنها دم النفاس قبل الأربعين س: سمعنا في حلقة ماضية مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز لقاء، وقد قال في هذا اللقاء: إن المرأة إذا طهرت قبل الأربعين فلها أن تصلي وتصوم. لكن لو عاد إليها الدم خلال الأربعين فهل يعتد بصومها الذي صامته؟ وهل يجوز لزوجها مباشرتها في الأربعين (¬1)؟ ج: نعم، إذا طهرت المرأة في الأربعين – كما تقدم – تصلي وتصوم وتحل لزوجها ولو ما كملت الأربعين؛ لأن الحكم مناط بالطهارة، فإذا ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (14).

رأت الطهارة في يوم عشرين يوما في النفاس، أو ثلاثين يوما في النفاس فطهارتها صحيحة، وعليها أن تغتسل غسل النفاس، وتتوضأ وضوء الصلاة وتصلي وتصوم، وتحل لزوجها ولو أنها ما كملت الأربعين بسبب وجود الطهارة، فلو عاد الدم خلال الأربعين وهي طهرت مثلا في شهر، وبقيت ثلاثة أيام، أربعة أيام طاهرة، ثم عاد عليها الدم في الخامسة والثلاثين، في السادسة والثلاثين فالصحيح أن هذا الدم يعتبر نفاسا، لا تصلي فيه ولا تصوم ولا تحل لزوجها، لكن صومها الذي في أيام الطهارة وصلاتها صحيحة لا تعاد، ليس عليها أن تعيده بعد ذلك أو تقضيه، إلا صوم وقع في محله وصلاة وقعت في محلها، وكون زوجها باشرها في ذلك كذلك لا حرج عليه؛ لأنه باشرها في وقت الحل في الطهارة، أما بعد رجوع الدم في الأربعين فإن هذا الدم الذي رجع قال بعض أهل العلم: إنه مشكوك فيه. فالصواب أنه ليس مشكوكا فيه، بل هو دم نفاس، يعتبر دم نفاس مثل الدم الذي يعود وقت الحيض، فلا تصلي ولا تصوم، فإذا مضت الأربعون ولم ينقطع قد تقدم أن الدم الزائد يعتبر فاسدا، بعد الأربعين تصلي وتصوم فيه وتعتبره دم استحاضة، عليها أن تتحفظ فيه بقطن ونحوه، وتتوضأ لوقت كل صلاة، وتصلي الصلوات في أوقاتها، أو تجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء ولا بأس، وتحل لزوجها كما تقدم، والجمع بين الصلاتين: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء أفضل للمستحاضات ومن في حكمهن، هو أفضل لهن، ومع ذلك

يغتسلن للظهر والعصر غسلا واحدا، والمغرب والعشاء غسلا واحدا والفجر غسلا واحدا إذا تيسر ذلك، كما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض المستحاضات.

س: إذا صامت عشرة أيام خلال الأربعين في رمضان، ثم عاد عليها الدم خلال الأربعين هل يعتد بصومها الذي صامته (¬1)؟ ج: نعم، صومها صحيح، ولا تقضيه؛ لأنه وقع في وقت الطهارة، وصومها صحيح. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (14).

حكم دم النفاس إذا استمر أكثر من أربعين يوما

307 - حكم دم النفاس إذا استمر أكثر من أربعين يوما س: إذا تأخرت المرأة؛ لم تطهر أثناء النفاس، وأنهت الأربعين يوما وهي لم تطهر هل تصلي أم تبقى دون صلاة (¬1)؟ ج: إذا استمر الدم مع النفساء حتى كملت الأربعين فإن هذا الدم الذي زاد معها يعتبر دم فساد، فتغتسل وتصلي وتصوم ولا تلتفت إليه، يكون مثل دم المستحاضة، دم فاسد، تتوضأ لكل صلاة، تتحفظ بقطن ونحوه عن أذى الدم لها في ثيابها وبدنها، وتصلي على حسب حالها، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (12).

ولا مانع من أن تصلي الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا كالمستحاضات، ولا يعتبر نفاسا، ومن حين تتم الأربعين لا يعتبر الدم الذي معها نفاسا، بل هو دم فساد، هذا هو المعتمد.

حكم دم الإجهاض ومدته

308 - حكم دم الإجهاض ومدته س: من المستمعة مها، بمكة المكرمة: إذا أجهضت المرأة فما حكم دم الإجهاض؟ هل حكمه كالنفاس أم كالحيض؟ وما هي أكثر مدته وأقلها (¬1)؟ ج: إن كان الإجهاض بعدما تخلق الطفل، ووجد فيه علامة الإنسان؛ من رجل، أو رأس، أو يد ولو خفيا فإنه نفاس، حكمه حكم النفاس، عليها أن تبقى حتى تطهر ولو إلى أربعين يوما؛ لأن هذه نهاية النفاس أربعون يوما، هذه هي النهاية، فإن طهرت قبل ذلك؛ لعشرين، أو لشهر اغتسلت وصلت وصامت وحلت لزوجها، فإن استمر معها الدم تركت الصلاة والصوم ولم تحل لزوجها حتى تكمل أربعين، إذا كملت الأربعين اغتسلت وصلت وصامت وحلت لزوجها ولو كان معها الدم؛ لأنه دم فساد حينئذ، فإن النفاس نهايته وأكثره أربعون يوما، فما زاد عليه يعتبر دم فساد، تصلي وتصوم بعد الغسل، وتحل لزوجها، وتتحفظ بقطن ونحوه، وتتوضأ لوقت كل صلاة، كالمستحاضات ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (54).

وكصاحب السلس، أما لو طهرت لأقل من ذلك؛ لعشرين، أو لخمسة عشر، أو لثلاثين، أو نحو ذلك فإنها تغتسل وتصلي وتصوم ولو كانت في أثناء الأربعين، وتحل لزوجها أيضا. أما إن كان هذا الإجهاض لم يتخلق، بل أجهضته دما أو لحمة ليس فيها خلق إنسان بين فإن هذا يعتبر دم فساد، تصلي وتصوم كصاحب السلس، وتتوضأ لوقت كل صلاة إذا دخل الوقت، وتعتبر نفسها كالمستحاضات، وكصاحب السلس، وكالمريض، إذا شق عليها ذلك تصلي الظهر والعصر جمعا، والمغرب والعشاء جمعا من أجل كثرة الدم، والمقصود أنها في هذه الحالة كالمستحاضة وكصاحب السلس، تصلي وتصوم وتحل لزوجها؛ لأن ليس بنفاس حتى ينقطع عنها ذلك، وتتوضأ لوقت كل صلاة كما تقدم.

س: لدي زوجة أسقطت في الشهر الثالث، أي قبل أن يتمثل الجنين، وبقي الدم معها لما يقارب من ثلاثة أشهر، وخلال المدة المذكورة لم تستطع أن تؤدي الفرائض المطلوبة في الصلاة بسبب سيلان الدم؛ وذلك لأن الغسل لكل صلاة صعب جدا عليها، لدى سؤال بعض العلماء عن ذلك أفاد بأن المرأة التي تسقط في الثلاثة الشهور من الحمل، ونزل منها الجنين عبارة عن لحمة فإن عليها أن تؤدي الفرائض؛ من الصلاة، والفرائض الأخرى، حتى الزوج له حق في جماعها، والسؤال: هل هناك نص شرعي بذلك؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا أسقطت المرأة جنينها ففيه تفصيل: إذا كان إسقاطها للجنين قبل أن يتخلق؛ قبل أن يوجد فيه علامة الإنسان؛ من رأس، أو رجل، أو ما أشبه ذلك بل دم، أو دم متجمع لم يظهر فيه ولو خفيا، ما ظهر فيه خلق الإنسان هذا يعتبر دما فاسدا كالمستحاضة، تصلي وتصوم وتحل لزوجها، كما أفتى السائل بعض العلماء بذلك، هذا مثل ما قال له المفتي الذي أفتاه من أهل العلم صحيح، إذا كان سقط دما ما فيه لحم الإنسان المتخلق، أو لحمة ما فيها خلق إنسان لا خفي ولا ظاهر هذا يعتبر دما فاسدا، وتعتبر المرأة في حكم المستحاضة التي عليها أن ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (13).

تصلي وتصوم، وتباح لزوجها، وعليها مع ذلك أن تعتني بالطهارة، تغتسل إذا تيسر لها ذلك لكل صلاة، أو الظهر والعصر جمعا في غسل واحد، والمغرب والعشاء غسلا واحدا، هذا يكون أكمل وليس بواجب، وإنما الواجب الوضوء، إذا دخل الوقت تتوضأ وضوء الصلاة؛ تستنجي بالماء في فرجها، تغسل ما أصابها من الدم، تستثفر بشيء من القطن ونحوه، وتتوضأ وضوء الصلاة بغسل وجهها ويديها، ومسح رأسها، وغسل رجليها، وضوء الصلاة المعروف بعد الاستنجاء، بعد غسل ما في الفرج من النجاسة، ثم تصلي كل وقت في وقته، وإن جمعت صلاة الظهر والعصر جميعا، وأخرت الأولى الظهر مثلا وعجلت العصر وصلتهما بغسل واحد هذا أفضل، وكذلك المغرب والعشاء؛ تؤخر المغرب عن وقتها بعض الشيء، وتعجل العشاء في وقتها، تكون صلاتها متقاربة، العشاء والمغرب جمعا يسمى صوريا، وليس بجمع حقيقة، هذا لا بأس به، وأفضل لها حتى يتيسر لها غسل واحد، هذا من باب الفضائل، هذا هو الصواب من أقوال أهل العلم أنه من باب الفضائل، لم يكن بالوجوب، والواجب عليها غسل واحد للحيض فقط، ما دامت هذه المرأة قد أصابها النزيف، وليس عندها نفاس شرعي فإن هذا الدم يعتبر دما فاسدا؛ دم استحاضة، تصلي وتصوم وتحل لزوجها، ولا حرج عليها في ذلك، إلا أنها تؤمر بأن تستنجي وتتوضأ لوقت كل صلاة، ولا بأس عليها أن تجمع – وهو أفضل – بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، وتغتسل

لهما غسلا واحدا لهاتين ولهاتين، والفجر وحده غسلا واحدا إذا تيسر ذلك، وإلآ فليس بلازم، هذا هو حكم هذه المسألة وأشباهها، هذه المسألة التي يبتلى بها كثير من النساء، تسقط في شهرين، أو ثلاثة وما فيه خلق إنسان؛ لا رأس، ولا رجل، ولا شيء من ذلك هذا دم فاسد، تتحفظ فيه وتصلي وتصوم وتحل لزوجها، أما إن كان فيه خلق إنسان؛ فيه رأس بين، أو رجل، أو يد، أو ما أشبه ذلك مما يبين أنه إنسان هذا نفاس، تمكث لا تصلي ولا تصوم حتى تطهر، ولا تحل لزوجها أيضا، فإذا طهرت بعد إسقاط هذا الجنين، ولو بعد خمسة أيام، عشرة أيام، عشرين يوما متى طهرت تغتسل وتصلي وتصوم وتحل لزوجها، ولو ما مضى عليها إلا عشرة أيام، أو عشرون يوما ما هو لازم أن تكمل أربعين يوما، فإن مضى معها الدم واستمر معها الدم حتى كملت أربعين فهو نفاس، ولكن لا يزيد على أربعين، لو استمر معها تغتسل وتصلي، تصوم ولو كان معها الدم، يعتبر دما فاسدا، ما زاد على الأربعين يعتبر دما فاسدا على الصحيح، تصلي فيه وتصوم وتحل لزوجها، تتوضأ لوقت كل صلاة، وتتنظف عند دخول الوقت بالاستنجاء، وتتحفظ بقطن ونحوه، هذا هو الواجب عليها بعد الأربعين ولو سال معها الدم، كالمستحاضة التي معها الدم من غير إسقاط. بعض النساء قد يصيبها الدم وهي ما فيها حمل وتسمى مستحاضة، فإذا جاء وقت حيضها توقفت عن الصلاة والصوم، وحرمت على زوجها، تبقى هكذا في حكم الحيض، فإذا مضى وقت الحيض الذي تعرفه بعده تغتسل وتصلي

وتصوم وتحل لزوجها مدة الطهارة الحكمية، حتى يأتي وقت الحيض المعتاد، وهكذا التي أنزلت دما وهي تعتبر نفسها حاملا، ثم أراد الله عليها إسقاط هذا الحمل بأسباب، فإن هذا الدم يكون دما فاسدا إلا إذا علمت القابلة الثقة التي قبلتها أنه خرج منها لحم فيه خلق إنسان؛ من رأس أو رجل أو ما أشبه ذلك فهذه تكون نفساء، تعتبر نفسها نفساء إذا كان فيه خلق الإنسان ولو خفيا فلا تصلي ولا تصوم حتى تطهر، والطهارة ليس لها حد محدود، ليس بلازم أن تكمل الأربعين، لا، لو طهرت وهي بنت عشرة أيام أو عشرين يوما أو شهر، الطهارة صحيحة وتصلي وتصوم في هذه الطهارة، فلو عاد الدم عليها في الأربعين تجلس أيضا، تعتبره نفاسا ولا تصلي في الأربعين إذا عاد عليها الدم فيها على الصحيح، فإذا استمر معها الدم إلى كمال الأربعين تعتبر هذا الدم الزائد دما فاسدا بعد الأربعين، تصلي فيه وتصوم، وتحل لزوجها وتتوضأ لوقت كل صلاة تتحفظ في فرجها بشيء من القطن ونحوه إذا استنجت، هذا هو الحكم في ذلك كالمستحاضة سواء، ولا تزال على هذا العمل حتى يخلصها الله من هذا النزيف، وإذا جمعت بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء فلا بأس كما تقدم وتغتسل لهما غسلا واحدا أفضل وتغسل الفرج غسلا واحدا إن تيسر ذلك وإلا فالغسل الواجب إنما هو غسل الحيض أو غسل النفاس، هذا الواجب أو الغسل من الجنابة كما هو معروف.

حكم الإجهاض الذي لم يتخلق فيه الجنين

309 - حكم الإجهاض الذي لم يتخلق فيه الجنين س: تقول هذه السائلة: امرأة أسقطت أربع مرات وعمر الجنين أقل من شهرين، ولا تصلي حتى تطهر هل عليها قضاء؟ ج: إذا كان فيه علامة إنسان؛ رأس، أو يد، أو رجل فهو نفاس، تترك الصلاة أربعين ليلة إلا أن تطهر قبل الأربعين، أما إذا كان دم فقط، ما فيه رأس ولا رجل فالواجب عليها الصلاة وقضاء الصلاة التي تركت؛ لأنه ما هو بنفاس، نزول الدم ليس بنفاس إلا إذا كان فيه علامة إنسان؛ من يد، أو رجل، أو رأس، شيء يبين أنه طفل. انتهى الجزء الخامس من كتاب الطهارة ويليه بإذن الله الجزء السادس وأوله كتاب الصلاة

المجلد السادس

بسم الله الرحمن الرحيم

صفحة فارغة

باب شروط الصلاة

صفحة فارغة

باب شروط الصلاة 1 - بيان سن التكليف بالعبادات س: ما هي السن التي لا حساب فيها هل هي ما قبل الخامسة عشرة أو أقل أو أكثر (¬1) جزاكم الله خيرا؟ ج: سن التكليف خمس عشرة إذا أكمل الرجل أو المرأة خمس عشرة سنة فقد دخل في التكليف للصلوات الخمس وصوم رمضان، وحج البيت مع الاستطاعة وسائر التكاليف أما الزكاة فيلزمه الزكاة في ماله ولو كان صغيرا لأنها حق المال فيخرج الزكاة عنه وليه وإن كان صغيرا وهكذا النفقات اللازمة في المال فيخرجها الولي عن الصغير إذا كانا عاقلين، أما المجنون والمعتوه فليس عليه تكليف ولو بلغ مائة سنه إذا كان عقله زائلا سواء سمي جنونا أو عتها فلا تكليف عليه، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم: 329.

وهكذا كبير السن إذا زال عقله، إذا كبرت سن الإنسان حتى خرف وزال عقله ارتفع عنه التكليف سواء كان رجلا أو امرأة أصيب باختلال العقل لكبر السن، وفق الله الجميع.

حكم صلاة وصوم الأولاد الذين لم يبلغوا الحلم

2 - حكم صلاة وصوم الأولاد الذين لم يبلغوا الحلم س: هل الصلاة والصوم وغيرهما من العبادات فرض على الأولاد الذين لم يبلغوا أم لا: وهل يعاقبون على ترك الصلاة مثلا (¬1)؟. ج: من شرط الوجوب التكليف، أن يبلغ الحلم الرجل والمرأة، والحلم يكون بإكمال خمس عشرة سنة للذكر والأنثى أو إنبات الشعر الخشن حول الفرج الشعرة أو إنزال المني بالاحتلام أو بالنظر أو بغير هذا من أسباب إنزال المني، إذا نزل المني بأي سبب عن شهوة صار رجلا مكلفا، وصارت البنت مكلفة هذه أمور ثلاثة يحصل بها البلوغ للرجل والمرأة: الأول: إكمال خمس عشرة سنة هجرية. الثاني: إنبات الشعرة التي حول الفرج - يعني الشعر الذي حول ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم: 274.

الفرج ويسمى: الشعرة والعانة - للرجل والمرأة. الثالث: إنزال المني عن شهوة باحتلام أو بغيره. وهناك رابع في حق المرأة وهو الحيض، إذا حاضت ولو بنت تسع أو عشر تكون امرأة مكلفة، تجب عليها الصلاة والصوم صوم رمضان والحج مع الاستطاعة وهكذا الرجل. فالمقصود أن بهذه الأمور الثلاثة في حق الرجل والمرأة يجب عليهما الصلاة - الصلوات الخمس - وصوم رمضان وحج البيت مع الاستطاعة وعلى المرأة إذا حاضت كذلك يجب عليها الصلوات الخمس وصوم رمضان والحج مع الاستطاعة أما من قبل البلوغ فإنه لا يجب عليه لكن يشرع له إذا بلغ سبعا يؤمر بالصلاة ويؤمر بالصوم إذا أطاق ذلك، يأمره وليه بالصلاة والصوم وهكذا ابن عشر وما فوقه حتى يبلغ، حتى يعتاد الخير وحتى يعتاد الصلاة، وحتى يعتاد الصوم، يأمره وليه ويأمرها وليها بهذا وإذا بلغ الرجل عشرا والمرأة عشرا فللولي أن يضربهما إذا تخلفا؛ لأن النبي عليه السلام قال: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر (¬1)» والأولاد يشمل ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495).

الذكر والأنثى، «وفرقوا بينهم في المضاجع (¬1)» إذا بلغ الذكر عشرا والأنثى عشرا فإنه مأمور بأن يضربهما وأن يؤدبهما إذا تخلفا عن الصلاة، وهكذا الصوم - صوم رمضان - حتى يتمرنا ويعتادا فعل هذا الواجب، فإذا بلغا فإذا هما قد اعتادا وصار من سجيتهما وخلقهما، وهكذا وليهما يزجرهما عن المعاصي، عن الغيبة والنميمة والسب والشتم، وغير ذلك من المعاصي التي نهى الله عنها ورسوله، الولي ينهاهما عنها قبل البلوغ وبعده. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495).

حكم أمر الأولاد الذين دون العاشرة بالصلاة

3 - حكم أمر الأولاد الذين دون العاشرة بالصلاة س: يقول السائل: بالنسبة إلى صلاة الأولاد دون العاشرة، هل على الوالدين إثم إذا لم يلتزموا بهذه الصلاة (¬1)؟ ج: يأمرونهم بها فقط، ولا إثم عليهم فإذا بلغوا عشرا وجب أمرهم وتأديبهم حتى يصلوا أما دون العشر ما فوق السابعة ودون العشر فالمشروع الأمر فقط، إذا بلغ سبعا يؤمر ولا يضرب حتى إذا بلغ عشرا فأكثر يضرب عليها. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم: 435.

س: الطالبات في الصف الأول والثاني والثالث وعدم تأديتهن الصلاة كما ينبغي فما الحكم يا سماحة الشيخ؟. ج: لا بد من التعليم، ولا بد من التوجيه للطالبات والطلبة جميعا، فعلى المعلم وعلى المعلمة التوجيه والإرشاد وليس المقصود التعليم فقط مع التعليم أمر آخر وهو التوجيه والإرشاد والتربية الصالحة، فالمعلم يعلم الأولاد الصلاة ويعلمهم الأخلاق الفاضلة ويحذرهم من الأخلاق الذميمة كالكذب والرياء والغيبة والنميمة والسب والشتم ونحو ذلك، وهكذا المعلمة تعلم الطالبات الأخلاق الفاضلة، تحثهن على الصلاة، وتحثهن على الأمانة، وعلى حفظ اللسان عما لا ينبغي هكذا ينبغي للمعلمة وهكذا ينبغي للمعلم أن يكون التعليم معه إرشاد ومعه توجيه قولي وعملي.

حكم ترك الفرائض لمختل الشعور

4 - حكم ترك الفرائض لمختل الشعور س: يقول السائل: هل الإنسان الذي هو غير مكلف والذي هو مختل الشعور هل يؤاخذ على تركه للفرائض والنوافل أم لا (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم: 285.

ج: إذا كان مختل الشعور لا يؤاخذ بشيء يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يفيق، والصغير حتى يبلغ (¬1)» فالنائم لو تكلم في نومه بالسب والشتم أو طلق لا يؤاخذ ولا يقع الطلاق لعدم العقل، هكذا المجنون والمعتوه الذي غير مضبوط العقل أو تكلم في حال جنونه والصرع، كل هذا لا يلتفت إليه، وهكذا إذا كان معتوها، ولو كان ما فيه جنون، معتوه العقل لكبر سنه، أو لأنه أصابه خلل في عقله لا يحسن التصرف فلا يؤاخذ بشيء؛ لأنه مرفوع عنه القلم وهكذا الصغير إلى أن يبلغ لا يؤاخذ، وإنما يؤاخذ بعد البلوغ، لكنه يعلم ويؤمر وينهى ويؤمر بالصلاة، ويؤمر بالصيام إذا استطاع الصيام، ويمنع عن الفحش والكلام السيئ، ويؤدب على ذلك، لكنه لا يؤاخذ بذلك من جهة الرب عز وجل، وإنما وليه يؤدبه ويعلمه حتى يعتاد الخير وحتى يتجنب الشر؛ لقول النبي صلى ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود، في كتاب الحدود باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا، برقم (4399)، والترمذي في كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد، برقم (1423)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطلاق، باب من لا يقع طلاقه من الأزواج، برقم (3432)، وابن ماجه في كتاب الطلاق، باب طلاق المعتوه" والصغير والنائم، برقم (2041) ".

الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر (¬1)» حتى يعتادوا الخير ويتمرنوا عليه، وحتى يبتعدوا عن الشر. ولما أخذ الحسن أو الحسين رضي الله عنهما تمرة من الصدقة قال النبي صلى الله عليه وسلم للحسن: «دعها كخ كخ أما علمت أنها لا تحل لنا الصدقة؟ (¬2)» وهو صغير الحسن ابن سبع سنين وأشهر حينما أتى النبي صلى الله عليه وسلم، والحسين أقل من ذلك فالحاصل أن تعليم الصبيان الخير وتحذيرهم من الشر أمر مطلوب ولكن لا إثم عليهم لو ماتوا على ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب ما يذكر في الصدقة للنبي، برقم (1491)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب تحريم الزكاة على رسول الله وعلى آله، برقم (1069).

س: هل الإنسان الذي غير مكلف ومختل الشعور هل له صلاة إذا صلى وصام وإذا زكى وهل عليه حرج إن لم يفعل ذلك؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم: 284.

ج: الذي ليس له شعور بل قد زال عقله لا يسمى مكلفا، المكلف هو البالغ العاقل، هذا الذي يسمى مكلفا سواء كان رجلا أو امرأة، أما من كان غير بالغ وقد كان قد بلغ الحلم ولكنه زائل العقل بجنون أو غيره من أسباب زوال العقل، فإنه لا يكون مكلفا، وليس عليه صلاة ولا صوم ولا غيرهما من الواجبات إلا الواجب المالي كالزكاة، يجب على وليه أن يخرجه، فإذا حال الحول على مال الصبي أو المجنون وجب على وليه أن يخرج زكاته وهكذا لو أتلف شيئا على الناس وجبت قيمة المتلف في ماله؛ لأن هذا لا تشترط له نية، فيستوي فيه المكلف وغير المكلف.

حكم ترك الفرائض لضعيف العقل

5 - حكم ترك الفرائض لضعيف العقل س: هناك رجل ضعيف العقل ولكنه ليس مجنونا، إلا أنه لا يستطيع التمييز بين أشياء كثيرة، فهو لا يستطيع العد من الواحد إلى العشرة مثلا مهما حاولنا معه، هل يجب على مثل هذا الرجل الصيام والصلاة وضبطها عليه، حيث إنه يكلف ببعض الأعمال، مما يؤدي إلى عطشه كالرعي؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1). ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم: 270.

ج: إذا كان يعقل أن الله أوجب عليه الصوم والصلاة، يفهم أنه خلق ليعبد الله ويميز فيما يتعلق بماله في ضبط ماله والتصرفات في ماله، فهذا من العقلاء يلزمه أن يؤدي ما أوجبه الله عليه من صلاة وغيرها، أما إن كان عقله قد اختل وتبين خلل عقله وأنه من جملة المعتوهين الذين ليس لهم عقل يميزون به بين الحق والباطل أو بين الخير والشر وبين ماله ومال غيره ونحو ذلك، فالعاقل بين إن كان عاقلا فعليه التكاليف، وان كان غير عاقل سقطت عنه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصغير حتى يبلغ (¬1)» فالذي يشبه المجنون بعدم ضبطه للأمور وعدم حسن التصرف لأن عقله مفقود فلا تكليف عليه. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود، في كتاب الحدود باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا، برقم (4399)، والترمذي في كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد، برقم (1423)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطلاق، باب من لا يقع طلاقه من الأزواج، برقم (3432)، وابن ماجه في كتاب الطلاق، باب طلاق المعتوه" والصغير والنائم، برقم (2041) ".

حكم ترك الصلاة والصوم لكبير السن ضعيف البدن

6 - حكم ترك الصلاة والصوم لكبير السن ضعيف البدن س: لي أب كبير في السن لا يستطيع الصلاة أو الصيام، بل لا يتقن الصلاة ولا يقوى على الصيام، هل أصوم عنه أو أطعم عنه كل يوم مسكينا؟ وهل يصح أن يصوم عنه أولاده منفردين أي

متقاسمين الشهر؟ أفيدونا بارك الله فيكم (¬1) ج: إن كان عقله قد اختل فليس عليه صلاة ولا صوم إن كان قد اختل العقل بسبب الكبر، صار لا يحفظ الأمور ولا يتقنها بل يظهر عليه التخريف ونقص العقل وعدم ضبطه للأمور فلا شيء عليه لا صلاة ولا صوم؛ لأن هذه الأمور مناطة بالعقل، فإذا اختل العقل سقط التكليف بالصوم والصلاة وغير ذلك سوى الحق المالي من الزكاة فيزكى من ماله إذا كان عنده مال، هذا الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم. أما إن كان عقله باقيا ليس فيه خلل بل يعقل فإن الواجب عليه أن يصلي ولو على جنبه ولو مستلقيا يصلي بالكلام والنية، وهكذا يصوم إن كان يستطيع الصوم فإن كان لا يستطيع لكبر السن فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكين، ولا يصام عنه بل يطعم عنه عن كل يوم مسكين نصف الصاع من قوت البلد كيلو ونصف تقريبا من قوت البلد تمر أو أرز أو حنطة أو غير هذا مما يتقوته البلد. وإذا اختل شعوره فلا شيء عليه، أما إذا كان لم يتقن من أجل المرض - يعني يضعف - فإنه يوجه ويرشد حتى يصلي على حسب ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم: 88.

حاله، إذا كان ما يستطيع على جنبه يكون مستلقيا، فيكبر ناويا الصلاة ويقرأ الفاتحة مثلا ويكبر ناويا الركوع ويقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. ثم يقول: سمع الله لمن حمده، ناويا الرفع وهو على حاله وهو مستلق أو على جنبه وهكذا يكبر ناويا السجود إلى آخره.

س: يسأل المستمع من سلطنة عمان ويقول: معظم المسنين في مرحلة معينة تقدم بهم العمر لا يستطيعون التمييز بين أوقات الصلاة، فتجد البعض منهم في بعض الأحيان قائما يصلي صلاة العصر في حوالي الساعة الثانية ونصف ولم يدخل الوقت في مثل هذه الحالة، وأحيانا في الثالثة بالرغم من إقناعهم أن وقت الصلاة لم يحن بعد ولكنهم لا يقتنعون بسهولة، فهل يقبل منهم وهم على هذه الحالة، كبر السن والتقدم في العمر، وأحيانا يكونون على غير وضوء بسبب تقدمهم في السن (¬1)؟. ج: يعلمون ويوجهون، إذا كانوا يعقلون يعلمون، لا تجوز لهم صلاة إلا بعد دخول الوقت إذا سمعوا الأذان يصلون، إذا كانوا ما يستطيعون الذهاب إلى المساجد يقال لهم: لا يجوز، الصلاة باطلة. إلا إذا كان ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم: 417.

مريضا له أن يجمع إذا كان كبير السن عاجزا، يصلي الظهر والعصر لا بأس في وقت إحداهما تصح، أو المغرب والعشاء في وقت إحداهما تصح؛ لأنه عاجز عن صلاة كل صلاة في وقتها فإذا صلى الظهر في وقت العصر أو العصر في وقت الظهر وجمع بينهما فلا بأس أو المغرب والعشاء لكبر سنه وعجزه، أما إذا كان شعوره قد زال ولا يعقل، ذهب عنه العقل فلا شيء عليه ليس عليه صلاة، ولا يشتغل به إذا كان عقله قد تغير واختل. أما إذا كان عقله مضبوطا فإنه يعلم، ويجب عليه أن يصلي الظهر والعصر في وقتها والمغرب والعشاء في وقتها ولا بأس بالجمع إذا كان يشق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها وإذا كان يستطيع الصلاة مع الناس يلزمه الخروج حتى يصلي مع الناس في المساجد والله المستعان.

بيان وجوب تعليم كبير السن لتأدية الصلاة

7 - بيان وجوب تعليم كبير السن لتأدية الصلاة س: الأولاد والبنات إذا قاموا على والدهم الكبير في السن، هل لهم أجر إذا قاموا بتعليمه في تأدية الصلاة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم: 417.

ج: بل يجب عليهم إذا كان يجهل، يجب عليهم أن يعلموه لكن بالرفق بالكلام الطيب والرفق لا بالشدة حتى يقبل منهم، وهكذا مع غيره من كبار السن ومع غيرهم يتحرى المعلم الرفق؛ لأن هذا أقرب إلى القبول كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يحرم الرفق يحرم الخير كله (¬1)» فالولد مع والده ومع أخيه الكبير ومع جده ومع أمه يرفق كثيرا على أنه يقبل منه وهكذا مع غيرهم فإن الشدة قد تسبب الحرمان وعدم الفائدة، لكن يرفق. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الرفق، برقم (2592).

حكم صلاة كبير السن مختل العقل

8 - حكم صلاة كبير السن مختل العقل س: السائل ن. م، الفرعة يقول: امرأة كبيرة في السن تصلي فروضا وتترك أخرى، وإذا صلت يكون عليها نجاسة وتفوت بعض الأشياء، هل يلحقها شيء، في ذلك (¬1) ج: إذا كان عقلها قد اختل فليس عليها شيء، ما هي بمكلفة أما إذا كان عقلها ناقصا؟ يعني قد تنسى شيئا فإنه يبين لها إذا كانت عاقلة ¬

_ (¬1) السؤال الثاني الثلاثون من الشريط رقم: 400.

وتفهمه، أما إذا كان قد اختل عقلها لكبر السن أو لمرض أو ما أشبه ذلك فالله جل وعلا رفع عنها القلم والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق (¬1)» ومن كان عقله مختلا فهو مثل المجنون سواء. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود، في كتاب الحدود باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا، برقم (4399)، والترمذي في كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد، برقم (1423)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطلاق، باب من لا يقع طلاقه من الأزواج، برقم (3432)، وابن ماجه في كتاب الطلاق، باب طلاق المعتوه" والصغير والنائم، برقم (2041) ".

س: هـ. من الدمام تقول: جدتي في الخامسة والثمانين من العمر، تصلي لكن بدون طهارة، وتزيد في الركعات وتنقص، وتصلي وهي جالسة حيث إنها اختلطت عليها الأمور وكانت قبل ذلك تصلي صلاة صحيحة ووضوءا صحيحا، فهل علينا حرج في ذلك. (¬1). ج: ليس عليكم شيء - والحمد لله - قد اختل شعورها ولا عليها شيء لا عليها صلاة ولا صيام، هذه المرأة بهذا العمل اتضح أنه اختل شعورها وسقط عنها التكليف والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم: 370.

حكم صلاة كبير السن الذي لا يدرك أوقات الفرائض

9 - حكم صلاة كبير السن الذي لا يدرك أوقات الفرائض س: والدي كبير في السن وهو الآن مريض جدا، ودائما يريد أن

يجلس عنده أي فرد من الأسرة. ثم تستمر في وصف حاله إلى أن تقول: إنه كان يصلي وكان يقوم الليل، لكنه الآن لا يصلي نتيجة لعدم معرفته للأوقات لكونه لا يسمع ولا يرى فبماذا توجهوننا ولاسيما وخوفنا عليه شديد جدا (¬1)؟. ج: إذا كان عقله معه، يعني لم يتغير عقله - يعلم بالكتابة أو بالإشارة التي يفهمها إذا دخل الوقت حتى يصلي وهكذا جميع الشؤون التي تحتاج إلى تعليم، يعلم إياها بالإشارة أو بالكتابة أو بأي طريقة يفهمها، إذا كان عقله معه، أما إذا كان قد اختل عقله فليس عليه شيء. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم: 333.

حكم صلاة المرأة ضعيفة العقل

10 – حكم صلاة المرأة ضعيفة العقل س: تقول السائلة: إنني أنجبت بنتين معوقتين وهما أختان من الأب والأم، البنت الأولى عمرها ثلاث عشرة سنة وهي تسمع وترى لكنها لا تعرف أن تتكلم أو تنطق اسمها، ولا تعرف حتى الليل من النهار، ودرست ست سنوات في المعهد الفكري في جدة ولم تستفد شيئا ولا حتى حرفا واحدا من القرآن الكريم، فبماذا

تنصحونني يا فضيلة الشيخ، ولاسيما في أمر الصلاة ذلك أنها لا تعرف شيئا عنها، وإنني احترت معها وأنا أعلمها، هل علي إثم إذا تركتها؟ أرجو إرشادي، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كانت تعقل بالإشارة فعلموها بالإشارة كيف تصلي وكيف تتطهر وإن كانت لا عقل لها فالحرج منتف حينئذ، ولا تكليف عليها حينئذ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يبلغ، وعن المعتوه حتى يفيق (¬2)» فهي الآن بين أمرين: إما أن تكون تعقل فعلموها ولو بالإشارة كيف تصلي، كيف تتوضأ، كيف تستنجي علموها، فإذا تعلمت كفى والحمد لله، وهي تصلي بقلبها ولو لم تنطق: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬3) وأحسنوا إليها وأبشروا بالخير، وارحموها يرحمكم الله أما إن كانت لا تعقل ولا تفهم الإشارة ولا تستفيد فليس عليكم شيء، والتكليف عنها مرفوع كالمجنون ونحوه. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم: 121. (¬2) أخرجه أبو داود، في كتاب الحدود باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا، برقم (4399)، والترمذي في كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد، برقم (1423)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطلاق، باب من لا يقع طلاقه من الأزواج، برقم (3432)، وابن ماجه في كتاب الطلاق، باب طلاق المعتوه" والصغير والنائم، برقم (2041) ". (¬3) سورة التغابن الآية 16

س: عندي أخت من أمي مرضت عند ولادتها حيث إنها أصبحت لا تأكل مثل الناس ولا تتكلم مع أحد، ودائما تفكر في الدنيا مثل الناس وهي لا تصلي، فماذا علينا تجاهها، هل يسقط عنها التكليف (¬1)؟ ج: تعلم وتنصح وتوجه لعلها تهتدي لعل هذا عارض، توجه إن ثبت أن عقلها معها تؤدب حتى تستقيم، أما إن ثبت أن عقلها قد ذهب رفع عنها القلم، صارت مثل المجانين المرفوع عنهم القلم، لكن يعالج موضوعها، تختبر حتى يتبين إن كانت عاقلة تؤدب وتضرب حتى تصلي، فإن كانت ليست عاقلة اتضح أن عقلها قد ذهب، حكمها حكم المجنون والمعتوه. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم: 371.

حكم صلاة شارب الخمر

11 - حكم صلاة شارب الخمر س: يقول السائل: رجل يشرب الخمر بحجة أنها غذاء للدم كما يزعم، وهي لا تسكره، وهو يصلي فما حكم صلاته؟ وما حكم ما يفعل؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم: 237.

ج: إذا كانت تسكر غيره، فيها مادة السكر فإنه يحرم عليه أن يشربها ولو كانت لا تسكره؛ لأن بعض الناس إذا اعتادها قد لا يسكر فهي محرمة سواء سكر أم لم يسكر إذا كانت في إمكانها الإسكار لغيره لأنها خمر فالواجب عليه تركها والحذر منها وهي ليست غذاء للدم ولا غيره، «فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له رجل: يا رسول الله، إني أشرب الخمر للدواء، قال عليه الصلاة والسلام: إنها ليست بدواء ولكنها داء (¬1)» خرجه مسلم في الصحيح. ولكن هذه أوهام يتوهمون أنها تنفعهم، وهذا من تزيين الشيطان حتى ولو فرضنا أنه قال ذلك طبيب فقول النبي عليه الصلاة والسلام مقدم عليه، فلا يجوز شربها لا للدواء ولا لغير الدواء، ولو قال ألف طبيب إنها تنفع لا يجوز شربها لا للتداوي ولا لغيره، بل هي داء عضال ومنكر عظيم ومن كبائر الذنوب، وليس لأحد أن يشربها لا للتداوي ولا لغير التداوي أسكرته أم لم تسكره إذا كانت من شأنها أن تسكر غيره، ولكنه بسبب اعتياده لها قد لا تسكره بعض الأحيان، هذا لا يحلها له، ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الطب، باب ما جاء في كراهية التداوي بالمسكر، برقم (2046).

هي حرام عليه مطلقا ولو لم تسكره، وصلاته صحيحة إذا كان صلى وهو عاقل قد ذهب عنه السكر يتوضأ ويصلى، أما في حال السكر فصلاته غير صحيحة لأنه غير عاقل.

حكم تارك الصلاة

12 - حكم تارك الصلاة س: يسأل السائل ويقول: ما حكم تارك الصلاة (¬1)؟. ج: حكم تارك الصلاة فيه تفصيل عند أهل العلم: إن تركها جاحدا لوجوبها يقول: ما هي بواجبة، وهو عاقل؟ كفر بإجماع المسلمين لأنه مكذب لله ولرسوله والله سبحانه يقول: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} (¬2) ويقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬3) ويقول جل وعلا: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (¬4) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم: 235. (¬2) سورة البقرة الآية 43 (¬3) سورة البقرة الآية 238 (¬4) سورة النساء الآية 103

وحج البيت (¬1)» متفق عليه. ولما سأله جبرائيل عن الإسلام قال عليه الصلاة والسلام: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا (¬2)» والصلاة عمود الإسلام، فمن جحد وجوبها كفر بإجماع المسلمين، فإن كان بعيدا عن الإسلام في محلات لا تعرف الإسلام بين له وأقيمت عليه الحجة وذكر له الآيات فإن أصر على جحده وجوبها كفر إجماعا، أما الذي بين المسلمين يسمع القرآن والسنة، هذا إذا جحدها كفر، أما من تركها وهو لا يجحد لكن تكاسل، فذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر أيضا إذا تركها ولو لم يجحد وجوبها لأنها عمود الإسلام، وقد صح فيها أحاديث تدل على كفر من تركها، وقد نقل ذلك عبد الله بن شقيق العقيلي عن الصحابة رضي الله عنهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا لا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب بني الإسلام على خمس، برقم (8)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام، برقم (16). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم (8).

الإسلام، وعموده الصلاة (¬1)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» رواه مسلم في صحيحه. والكفر والشرك إذا عرف فالمراد به الكفر الأكبر والشرك الأكبر، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» وهذا هو الأرجح، وأصح القولين أنه يكفر كفرا أكبر - نعوذ بالله - ولو ما جحد وجوبها، سواء تركها كلها أو ترك الفجر أو الظهر أو العصر أو تارة يصلي وتارة لا يصلي يكفر بذلك وعليه أن يجدد توبة نصوحا. وذهب الأكثرون من الأئمة الأربعة من المالكية والحنفية والشافعية إلى عدم كفره، وأنه كفر أصغر وشرك أصغر، وهو قول جماعة من الحنابلة أيضا، ولكن الصواب الأول، أنه كفر أكبر؛ لأن الأدلة الشرعية تدل على كفره؛ لأنها عمود الإسلام، فيجب الحذر من ذلك، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ترك الصلاة، وأن يحافظ عليها في جميع الأوقات، المغرب والعشاء والفجر والظهر والعصر، يجب أن ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

يحافظ عليها جميعا، وأن يصليها في الجماعة أيضا إذا كان رجلا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (¬1)» ولما سأله رجل أعمى قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال له صلى الله عليه وسلم: هل تسمع النداء للصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب (¬2)» أعمى ليس له قائد يقوده، ومع هذا يقال له: أجب، صل في الجماعة، فكيف بحال البصير؟ يكون الوجوب عليه أشد وأعظم؟ ولأن عدم الصلاة في الجماعة وسيلة إلى تركها بالكلية والتهاون بها، فالواجب على كل مكلف وكل مسلم الحذر من ذلك وأن يصليها في الجماعة ويحافظ عليها، ويحذر التأسي بأهل الباطل، يحذر صحبة الأشرار الذين يتركونها ويتهاونون بها ليحذرهم غاية الحذر والتهاون بها من صفات المنافقين فلا يجوز للمسلم أن يتأسى بهم، يقول الله سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬3) ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653). (¬3) سورة النساء الآية 142

فاحذر أن تشابه أعداء الله المنافقين، يقول الله في حقهم: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (¬1) فالواجب الحذر من صفات المنافقين، والواجب على الرجال والنساء جميعا المحافظة على الصلاة في أوقاتها والرجل يؤديها في الجماعة، والمرأة تؤديها في بيتها وتحافظ عليها في وقتها، تحذر الكسل والتهاون فهي عماد الإسلام، وهي الفارقة بين الكفر والإسلام، في الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أول ما يحاسب عنه العبد من عمله صلاته - يعني يوم القيامة - فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر (¬2)» وهذا من الأدلة ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 145 (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما جاء أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، برقم (413)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب قول النبي: «كل صلاة لا يتمها صاحبها تتم من تطوعه»، برقم (846)، والنسائي في كتاب الصلاة، باب المحاسبة على الصلاة، برقم (465)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في أول ما يحاسب به العبد الصلاة، برقم (1425).

على كفر تاركها. فالواجب على كل مسلم أن يتقي الله وأن يحافظ على الصلاة في الجماعة، وهكذا كل مسلمة عليها أن تتقي الله وأن تراقب الله وأن تحافظ على الصلاة في وقتها، كل وقت، ولا يجوز تأخير الفجر حتى طلوع الشمس إلى أن يذهب إلى العمل، يجب أن يصليها في الوقت مع الجماعة في مساجد الله، فإن صلاها في البيت صحت مع الإثم لكن ليس له أن يؤخرها إلى طلوع الشمس، ولا يؤخر العصر إلى أن تصفر الشمس، ولا يؤخر المغرب إلى أن يغيب الشفق، يجب أن يصلي في الوقت ويجب أن يصلي في الجماعة إذا كان رجل يصليها في المساجد، فإذا أهملها وضيعها كفر - نسأل الله العافية - بنص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» والحكم عام للرجل والمرأة، ولهذا في الحديث الآخر: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» فالأحكام مشتركة، ما ثبت في حق الرجل ثبت ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

في حق المرأة، وما ثبت في حق المرأة ثبت في حق الرجل، إلا ما دل عليه الدليل بالخصوصية، فنصيحتي لكل مسلم ومسلمة تعظيم الصلاة والعناية بها والمحافظة عليها وعلى طهارتها وعلى جميع شؤونها وعلى الطهور فيها، الطهارة شرط لا بد منها والوقت كذلك، واستقبال القبلة كذلك، فالواجب على الجميع العناية بهذه الأمور، وأن يعتني بالطهارة والسترة، ويستر العورة، وأن يعتني باستقبال القبلة وأن يصليها في الوقت، والرجل يؤديها في الجماعة في مساجد الله مع إخوانه، «كان عمر رضي الله عنه يكتب إلى عماله - إلى أمرائه - ويقول: إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع (¬1)» يعني متى ضيع الصلاة ضيع دينه - نسأل الله العافية - ولا تجد إنسانا يتهاون بالصلاة إلا وهو متهاون بالدين، فهي علامة التهاون وعلامة المحافظة من حافظ عليها حافظ على بقية الدين واستقام أمره، ¬

_ (¬1) أخرجه مالك في الموطأ في كتاب وقوت الصلاة، باب وقوت الصلاة، برقم (6).

ومن ضيعها وتهاون بها، تهاون ببقية الدين، ولا حول ولا قوة إلا بالله وثبت في مسند أحمد رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوما لأصحابه: «من حافظ على الصلاة كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (¬1)» نسأل الله العافية، وإنما يحشر مع هؤلاء الكفرة لأنه إن ضيعها من أجل الرئاسة لأنه ملك أو لأنه رئيس جمهورية، أو شيخ قبيلة فقد شابه فرعون، فيحشر مع فرعون إلى النار يوم القيامة، وإن ضيع الصلاة من أجل الوزارة شابه هامان وزير فرعون، فيحشر معه إلى النار يوم القيامة - نسأل الله العافية - وإن ضيع الصلاة بأسباب الأموال والشهوات شابه قارون الذي خسف الله به الأرض وبأهله فيكون معه يوم القيامة في النار - نسأل الله العافية - وإن ضيعها بأسباب المعاملات والتجارة شابه أبي بن خلف تاجر أهل مكة، أبي بن خلف كان من تجار أهل مكة، قتل يوم أحد، قتله النبي صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة عليه الصلاة ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721).

والسلام كافرا، فمن ضيع الصلاة من أجل البيع والشراء والمعاملات شابه عدو الله أبي بن خلف فيحشر معه إلى النار يوم القيامة فيجب الحذر أيها الإخوة في الله يجب الحذر أيها المسلمون، أيها المسلمون نوصيكم بالصلاة احرصوا عليها، حافظوا عليها في أوقاتها بالخشوع والطمأنينة وعدم النقر وعدم العجلة، اتقوا الله في صلاتكم، حافظوا عليها، اركدوا فيها اخشعوا فيها لله لا تعجلوا، أدوها بالطمأنينة والخشوع في القراءة وفي الركوع وفي السجود وفي الرفع بعد الركوع وبين السجدتين، إذا ركع يقرأ: سبحان ربي العظيم - لا يعجل - سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي - لا يعجل يطمئن - وإذا رفع يقرأ: سمع الله لمن حمده. إن كان الإمام أو منفردا وإن كان مأموما يقول: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد. يكون مطمئنا، يعتدل واقفا، ثم ينحط ساجدا، ويعتدل السجود على السبعة الأعضاء، على جبهته وعلى أنفه، ويديه وركبتيه، وأطراف قدميه يطمئن، يقول: سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي يدعو ربه في سجوده، ويخشع لله في السجود،

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب؟ وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (¬1)» يعني: حري أن يستجاب لكم. ويقول عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء (¬2)» وهكذا بين السجدتين يطمئن ولا يعجل، يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني لا يعجل، ثم يسجد الثانية ويطمئن ويدعو بما تيسر لا يعجل، هكذا المؤمن فالرجل يؤديها في الجماعة في مساجد الله ويسارع إليها إذا سمع الأذان حي على الصلاة، حي على الفلاح بادر سارع إلى هذه العبادة العظيمة، والمؤمنة كذلك في بيتها، تصليها في بيتها في وقتها بخشوع وطمأنينة وإقبال وإحضار قلب، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482).

بيان أقوال العلماء في تارك الصلاة

13 - بيان أقوال العلماء في تارك الصلاة س: الأخ. ع. يسأل ويقول: ما حكم تارك الصلاة؟ فنسمع البعض يقول بأنه كافر، والبعض يقول: غير كافر، ما دام ينطق بالشهادتين، والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» يقول البعض من الأئمة في هذا الحديث: الكفار هنا هم الكفار في عهد الرسول الذين كانوا في الجاهلية، أما الآن فمن ينطق بالشهادتين فهو مسلم. فوجهونا في ضوء ذلك سماحة الشيخ (¬2). ج: هذه المسألة التي سأل عنها السائل اختلف فيها العلماء رحمة الله عليهم على قولين: أحدهما أن من ترك الصلاة وإن لم يجحد وجوبها فإنه يكون كافرا ولو صلاة واحدة إذا تركها حتى خرج وقتها يكون كافرا فلو تعمد ترك الفجر حتى طلعت الشمس أو تعمد ترك العصر حتى غابت الشمس، أو تعمد ترك المغرب حتى غاب الشفق يكفر ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم: 385.

بذلك؛ للحديث المذكور وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة بن الخصيب رضي الله عنه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» أخرجه مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (¬3)» أخرجه البخاري في صحيحه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (¬4)» فالصلاة هي عمود الإسلام، فمن تركها كمن ترك الشهادتين، وهذا هو القول المختار وهو الأصح. وذهب بعض أهل العلم وهم الأكثرون إلى أنه كفر دون كفر يكون كافرا لكن كفر دون كفر لا يخرج من الملة يكون عاصيا لكن معصيته أكبر من الزاني وأكبر من السارق، وأكبر من شارب الخمر، معصية ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553). (¬4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616).

عظيمة، لكن لا يكون كافرا كفرا أكبر إذا لم يجحد وجوبها، إذا كان يقر بأنها واجبة، ولكن حمله الكسل على تركها فهذا عند الأكثرين لا يكفر كفرا أكبر، ولكن كفر أصغر، والواجب استتابته، فإن تاب وإلا قتل، والصواب هو الأول، الصواب كفره كفر أكبر للأحاديث المذكورة، وليس عليه قضاء إذا هداه الله وتاب، ليس عليه قضاء، فسائر الكفرة إذا تابوا ليس عليهم شيء ليس عليهم قضاء ما تركوا، من صوم. ولا صلاة وإنما تكفي التوبة.

مسألة في حكم تارك الصلاة

14 - مسألة في حكم تارك الصلاة س: هل تارك الصلاة يكفر كفرا يخرجه من ملة الإسلام أم لا (¬1)؟. ج: تارك الصلاة على حالين: إحداهما أن يترك الصلاة مع الجحد للوجوب، يرى أنها غير واجبة عليه، وهو مكلف هذا يكون كافرا - نعوذ بالله - لأن من جحد وجوبها كفر بالإجماع - بإجماع المسلمين - وهكذا من جحد وجوب الزكاة أو جحد وجوب صوم رمضان - وهم مكلفون - أو جحد وجوب الحج مع الاستطاعة، أو جحد تحريم الزنا وقال: إنه ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم: 160.

حلال، أو جحد تحريم الخمر وقال: إنه حلال أو جحد تحريم الربا وقال: إنه حلال، كل هؤلاء يكفرون - نعوذ بالله - بإجماع المسلمين. أما من تركها تهاونا وكسلا وهو يعلم أنها واجبة فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، منهم من كفره كفرا أكبر وقال: إنه يخرج من الإسلام ويكون مرتدا كمن جحد وجوبها لا يغسل ولا يصلى عليه إذا مات، ولا يدفن مع المسلمين ولا يرثه المسلمون من أقاربه، لقوله صلى الله علمه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» رواه مسلم. وهذا صريح منه صلى الله علمه وسلم في تكفيره يقول: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» رواه مسلم في صحيحه. والكفر والشرك إذا أطلق بالتعريف فهو الكفر الأكبر والشرك الأكبر. وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه مع أحاديث أخرى جاءت في الباب. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

وقال آخرون من أهل العلم: إنه لا يكفر بذلك كفرا أكبر بل كفرا أصغر؛ لأنه موحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويؤمن بأنها فريضة عليه، وجعلوها كالزكاة والصيام والحج لا يكفر من تركها، وإنما هو عاص وأتى جريمة عظيمة ولكنه لا يكفر بذلك. والصواب القول الأول؛ لأن الصلاة لها شأن عظيم غير شأن الزكاة والصيام والحج، فهي أعظم من الزكاة، وأعظم من الصيام، وأعظم من الحج، وهي تلي الشهادتين، وهي عمود الإسلام كما قال عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة (¬1)» فلها شأن عظيم، ومن ذلك ما ثبت في الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما في مسند أحمد بإسناد جيد أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الصلاة يوما بين أصحابه، فقال: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (¬2)» قالوا: يدل على أن حشره مع هؤلاء يكون كفرا بالله؛ لأن ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721).

حشره مع هؤلاء الكفرة، مع رؤوس الكفرة، يدل على أنه كفر كفرا أكبر، نسأل الله السلامة والعافية.

س: سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز؟ نرجو من سماحتكم أن تقولوا لنا رأيكم في مسألة احترنا فيها بسبب تعدد الآراء، وهي: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة (¬2)» فنرجو من سماحتكم أن توضحوا لنا معنى كلمة الكفر، ومتى يعد المرء كافرا، وهل المقصود من الحديث أن تارك الصلاة يعتبر كافرا إذا تركها تكاسلا وخمولا أم إذا تركها جحودا وإنكارا؟ أم إذا تركها بأي حال من الأحوال: أفتونا في ذلك جزاكم الله خيرا؟ أخوكم في الله: ح. ك، الكويت (¬3) ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم: 127.

ج: ترك الصلاة من أعظم الجرائم ومن أعظم الكبائر؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، ولأنها أعظم الأركان بعد الشهادتين، فإن تركها جاحدا لوجوبها أو مستهزئا بها ساخرا بها، ولو فعلها فهذا يكون كافرا بإجماع المسلمين، ويكون مرتدا عن الإسلام إذا تركها جاحدا لوجوبها أو استهزأ بها وسخر منها فإن هذا يعتبر كافرا كفرا أكبر، ومرتدا عن الإسلام بإجماع المسلمين. أما إذا تركها تكاسلا وتساهلا وهو يعلم أنها واجبة، وليس ساخرا بها ولا مستهزئا بها، ولكنه يحترمها ولكنه ربما تركها في بعض الأوقات تساهلا وتكاسلا كما يفعل بعض الناس في صلاه الفجر لا يصليها وربما ترك صلاة العصر أو صلاة العشاء ونحو ذلك، فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، ومن أهل العلم من قال: إنه يكون كافرا كفرا أكبر ويحتج بالحديثين اللذين ذكرتهما أيها السائل، وهما حديثان صحيحان عن النبي عليه الصلاة والسلام، أحدهما قوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» خرجه الإمام أحمد بن حنبل في المسند بإسناد جيد وخرجه أيضا أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وآخرون بإسناد صحيح ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

عن بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬1)» والحديث الثاني قوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام، قالوا: والكفر إذا عرف فهو الكفر الأكبر وهكذا الشرك إذا عرف هو الشرك الأكبر فالمعنى: بين الرجل وبين الوقوع في الكفر الأكبر والشرك الأكبر تركه الصلاة، وهذا يعم من تركها جاحدا ومن تركها متكاسلا وهذا القول هو الصواب وهو الأصح من قولي العلماء، أن من تركها تكاسلا يكون كافرا كفرا أكبر، ويدل على هذا أيضا الحديث الثالث وهو قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الأمراء الذين يخلون بالدين بعده عليه الصلاة والسلام، قال: «إنه سيجيء عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون قالوا: يا رسول الله، أفلا نقاتلهم:؟ قال: لا ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (¬1)» هكذا جاء الحديث في الصحيحين. وفي رواية قال: «ما أقاموا فيكم الصلاة (¬2)» فدل على أن ترك الصلاة وعدم إقامتها يعتبر من الكفر البواح الذي يوجب القيام على الوالي إذا ترك ذلك ويعتبر بذلك كافرا كفرا بواحا يجب أن يقاوم من المسلمين حتى يولى غيره على المسلمين، فالمقصود أن ترك الصلاة على الأصح يعتبر كفرا بواحا. وذهب آخرون من أهل العلم إلى تأويل هذين الحديثين وأن المراد كفر دون كفر وشرك دون شرك، وأنه لا يكفر بذلك إلا إذا جحد وجوبها أو استهزأ بها بل يكون عاصيا وقد أتى جريمة عظيمة وكبيرة عظيمة، ولكن لا يكون كافرا كفرا أكبر. وأيضا هذا هو المعروف في مذهب الإمام مالك والشافعي وأبي حنيفة والجماعة، ولكن القول الأول أصح وأصوب وأقرب للدليل، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك وأن يستقيم على أداء الصلاة وأن لا تمنعه وظيفته أو شهواته من إقامة الصلاة في وقتها، بل يجب أن يحذر ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855).

ذلك، وكذلك لا يجوز له أن يطاوع جلساء السوء في ذلك، بل يجب أن يحذر ذلك، وأن يكون قويا على جلساء السوء يأمرهم بالصلاة ويعينهم عليها، وإذا تركوا فارقهم وخالفهم وأداها في وقتها، هذه نصيحتي لكل مسلم، فليتق الله كل مسلم وليحذر ترك الصلاة، فإن تركها من أعظم الجرائم بل تركها كفر أكبر في أصح قولي العلماء بل بسببه لا يجوز له أن تبقى معه زوجة مسلمة، بل عليها أن تفارقه وأن تمتنع منه حتى يتوب إلى الله سبحانه وتعالى من ترك الصلاة، رزق الله الجميع العافية والهداية، لكن من تركها جاحدا هذا كافر بالإجماع، لقد أجمع المسلمون على أنه كافر كفرا أكبر لكن من تركها تكاسلا وهو يعلم أنها واجبة ويعترف أنها واجبة، ولكن يحمله الكسل والتهاون وقلة المبالاة على تركها، فهذا هو الذي فيه الخلاف، والصواب أنه يكون كافرا كفرا أكبر؛ للأحاديث التي سمعت في الجواب.

س: يقول السائل: نأمل أن تتكرموا بإفادتنا عن تارك الصلاة يكفر أم لا يكفر؟ نريد منكم تفصيلا كاملا حول هذا، ونريد سرد الأدلة من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة في ذلك جزاكم الله خيرا؛ لأن هذا الموضوع شغل بال

الكثير من المسلمين، وفقكم الله. (¬1) ج: هذه المسألة من المسائل العظيمة التي اختلف فيها العلماء، وهي مسألة ترك الصلاة متهاونا وكسلا لا عن جحد لوجوبها، فذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر بذلك، بأدلة كثيرة منها قوله جل وعلا: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} (¬2) {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (¬3) {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} (¬4) الآية، ومنها قوله جل وعلا: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} (¬5) فدل على أن من لم يصل ليس بأخ في الدين وإن لم يجحد الوجوب، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬6)» خرجه الإمام أحمد وأصحاب السنن بإسناد صحيح. وقوله عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬7)» خرجه مسلم في ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم: 244. (¬2) سورة المدثر الآية 42 (¬3) سورة المدثر الآية 43 (¬4) سورة المدثر الآية 44 (¬5) سورة التوبة الآية 11 (¬6) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬7) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

صحيحه، وهذا كفر معرف بأل وشرك معرف بأل يدل على أنه كفر أكبر وشرك أكبر، وقوله صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (¬1)» فشيء ترك عموده لا يبقى بل يسقط وقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الأمراء الذين يحدثون في الدين ويغيرون، قالوا: أفنقاتلهم؟ قال: «لا ما أقاموا فيكم الصلاة (¬2)» وفي لفظ آخر قال: «لا حتى تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (¬3)» فجعل ترك الصلاة من الكفر البواح الذي يوجب كفر من فعله وقد ذكر عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أنهم لا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة. فحكي عن الصحابة جميعا أنهم يرون ترك الصلاة كفرا، ولم ينقل عنهم اشتراط جحد الوجوب، فدل ذلك على أن تركها من غير جحد الوجوب كفر، وإطلاق الكفر في هذا المقام يقتضي أنه كفر أكبر؛ لأن هناك أعمالا عند الصحابة تركها كفر وفعلها كفر، لكنه ليس كفرا أكبر مثل الطعن في النسب، والنياحة ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709).

على الميت، سماه النبي عليه الصلاة والسلام كفرا، ولكنه كفر أصغر، وهكذا البراءة من النسب سماه النبي كفرا، براءة الإنسان من أبيه، «وانتسب إلى غير أبيه (¬1)» وهو كفر أصغر، فدل على أن الكفر الذي حكاه عبد الله بن شقيق عن الصحابة أنه كفر أكبر. وقال عمر رضي الله عنه: «لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة (¬2)» هذا القول هو أصح القولين وأرجح القولين من جهة الدليل، أما من جحد الوجوب فهو كافر عند الجميع من جحد وجوب الصلاة فهو كافر عند الجميع وإن صلى مع الناس؛ لأنه مكذب لله ولرسوله إذا جحد الوجوب، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة أن يبادر وأن يسارع إلى الصلاة ويحافظ عليها في أوقاتها، وأن يتقي الله في ذلك، ويحذر أن يكون مع الكافرين ومن ضمن الكافرين وهو لا يدري فالصلاة عمود الإسلام وأعظم أركانه بعد الشهادتين فالواجب على المسلمين جميعا أن يحافظوا عليها وأن يعتنوا بها وأن يؤدوها في ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الحدود، باب من ادعى إلى غير أبيه، برقم (2609). (¬2) أخرجه مالك في الموطأ في كتاب الطهارة، باب العمل فيمن غلبه الدم، برقم (84).

أوقاتها، وأن يصليها الرجل في جماعة في مساجد الله طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وحذرا مما وصف به من تركها من الكفر، ونسأل الله لجميع المسلمين التوفيق والهداية والعافية.

س: صدرت عدة فتاوى من هذا البرنامج بتكفير تارك الصلاة سواء تركها جاحدا أم متهاونا فتتبعنا الأقوال والأدلة في ذلك فرجح لدينا هذا الحكم، لكن وقفت أمامنا مجموعة من الشبهات، نرجو من سماحتكم ردها وهي: أولا: مصير تارك الصلاة هل هو إلى الجنة أو إلى النار؟ وذلك لتعارض هذا الحكم مع عدة أحاديث منها حديث أبي ذر، وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة. فسأل أبو ذر الرسول: وإن زنى وإن سرق؟ قال الرسول: وإن زنى وإن سرق (¬1)» فعل ذلك أبو ذر مرتين فأجابه الرسول نفس الإجابة وقال في الثانية: على رغم أنف أبي ذر. (¬2) الحديث، رواه البخاري. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري اللباس (5827)، صحيح مسلم الإيمان (94)، مسند أحمد (5/ 166). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب اللباس البيض، برقم (5827)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات مشركا دخل النار، برقم (94).

ثانيا: صدرت الفتوى بأن تارك الصلاة إن مات لا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، وهذا يعارض الحديث الذي رواه الدارقطني والبيهقي، وهو قول الرسول: «صلوا خلف من قال: لا إله إلا الله، وعلى من قال: لا إله إلا الله (¬1)» ثالثا: تعارض هذه الفتوى مع حديث آخر لا يحضرني نصه، ولكن معناه أن من أدى الصلاة وحافظ عليها كان له عهد عند الله أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له عهد، إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه، فجعل تارك الصلاة في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له. هذه ثلاث شبهات نرجو ردها مع التفصيل، وبيان الأدلة على ذلك، جزاكم الله خير الجزاء (¬2) ج: إن الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة كلها قائمة على كفر تارك الصلاة، سواء كان جاحدا أو متساهلا، أما من كان جاحدا لوجوبها فهذا ¬

_ (¬1) أخرجه الدارقطني في السنن (2/ 401/1761) والبيهقي في السنن الكبرى، جماع أبواب الشهيد باب الصلاة على من قتل نفسه غير مستحل لقتلها، (4/ 19) بنحوه. (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم 101.

كافر بإجماع المسلمين؛ لأنه مكذب لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، ومن كذب الله أو كذب رسوله كفر بإجماع المسلمين، أما من تركها تهاونا لا جحدا فهذا هو محل الخلاف بين أهل العلم، والسائل قد عرف ذلك، والصحيح كما عرفه السائل أن تاركها تهاونا يكفر كفرا أكبر وهذا قول جماعة من أهل العلم وقد حكاه التابعي الجليل عبد الله بن شقيق العقيلي عن الصحابة رضي الله عنهم، أنهم ما كانوا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة، وقد دل على ذلك أحاديث منها قوله عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» أخرجه مسلم في صحيحه. وقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (¬3)» ومنها قوله صلى ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616).

الله عليه وسلم في الصلاة: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (¬1)» وهؤلاء من صناديد الكفرة وكبارهم، فحشر تارك الصلاة معهم يدل على كفره، نسأل الله العافية والسلامة. وإن كان لم يتركها بالكلية، بل يترك بعضا ويؤدي بعضا وهناك أدلة أخرى دالة على ذلك، أما الشبهات الثلاث التي ذكرها السائل فجوابها بحمد الله ميسر، أما حديث أبي ذر فهو دليل على أن من مات على التوحيد لا يشرك بالله شيئا فإنه من أهل الجنة وإن زنى وإن سرق، وهكذا لو فعل معاصي أخرى كالعقوق والربا وشهادة الزور ونحو ذلك، فإن العاصي تحت مشيئة الله إن شاء ربنا غفر له، وإن شاء عذبه على قدر معاصيه إذا مات غير تائب، ولو دخل النار وعذب فيها فإنه لا يخلد، بل سوف يخرج منها إلى الجنة بعد التطهير والتمحيص، فمراد النبي صلى الله عليه وسلم أنه وإن زنى وإن سرق فمصيره إلى الجنة إذا مات على التوحيد، وإن جرى عليه قبل ذلك ما يجري على بعض العصاة من العقوبات، وهكذا الأحاديث ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721).

الأخرى الدالة على أن أهل التوحيد من أهل الجنة كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث عتبان: «إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله (¬1)» متفق عليه. وفي حديث جابر عند مسلم يقول صلى الله عليه وسلم: «من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار (¬2)» والأحاديث كثيرة فهذا يدل على أن أهل التوحيد مصيرهم إلى الجنة وإن جرى منهم بعض المعاصي فإنهم تحت مشيئة الله فقد يعفى عنهم ويدخلون الجنة من أول وهلة لأعمال صالحة اكتسبوها رجحت بها موازينهم، وقد يدخلون النار ويعذبون فيها على قدر المعاصي ثم يخرجون منها، كما ثبتت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتواترت، وأجمع على ذلك أهل السنة أن العصاة لا يخلدون في النار إذا ماتوا مسلمين على التوحيد والإيمان، فإنهم لا يخلدون في النار خلافا للخوارج والمعتزلة ومن سلك ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب المساجد في البيوت، برقم (425)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا، برقم (33). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات مشركا دخل النار، برقم (93).

مسلكهم، فيكون من دخل النار من أهل التوحيد وهو عاص غير مخلد بخلاف الكفار، فإنهم يخلدون في النار أبد الآباد فحديث أبي ذر وما جاء في معناه إنما هو في حق العصاة الذين لم تصل معصيتهم إلى الكفر أما من وصلت معصيته إلى الكفر كتارك الصلاة، وسب الدين، والمستهزئ بالدين وأشباههم، هؤلاء نقضوا توحدهم ونقضوا إسلامهم، فلم يبق معهم إسلام ولم تنفعهم كلمة التوحيد إذا فعلوا ما ينقض الإسلام، فالذي ترك الصلاة ليس مثل الزاني والسارق، بل شأنه فوق ذلك وأعظم من ذلك فهو من جنس من سب الدين أو سب الله أو سب الرسول أو استهزأ بالدين أو نحو ذلك، هؤلاء كفار بإجماع المسلمين، ولو قالوا: لا إله إلا الله، ولو ماتوا غير مشركين؛ لأن سبهم للدين يدل على احتقارهم له وعدم مبالاتهم به، وهكذا استهزاؤهم به، قال الله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (¬1) {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (¬2) وهكذا لو جحد وجوب الصلاة كفر وإن كان موحدا، وإن كان يقول: لا إله إلا الله، وإن كان لا يشرك بالله شيئا عند جميع العلماء، إذا جحد وجوبها أو جحد وجوب الزكاة، أو جحد ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 65 (¬2) سورة التوبة الآية 66

وجوب صيام رمضان، أو جحد وجوب الحج مع الاستطاعة، أو جحد تحريم الزنى أو تحريم الخمر، كفر إجماعا ولو قال: لا إله إلا الله، ولو كان لا يشرك بالله شيئا؛ لأن فعله هذا يجعله كافرا في حكم المشركين، فيكون داخلا فيمن أشرك، وهكذا تركه للصلاة يجعله داخلا في الكفار، والرسول صلى الله عليه وسلم إنما حكم بالجنة لمن مات لا يشرك بالله شيئا، يعني من قال: لا إله إلا الله موحدا غير مشرك، ومن ترك الصلاة خرج من أهل التوحيد إلى أهل الكفر، وهكذا من سب الدين خرج من أهل التوحيد إلى أهل الكفر، وهكذا من استهزأ بالدين، هكذا من جحد وجوب الصلاة ومن جحد وجوب الزكاة ومن جحد وجوب صوم رمضان، ومن جحد تحريم الزنى ومن جحد تحريم المسكر، ومن جحد تحريم العقوق للوالدين ومن جحد تحريم دم المسلم بغير حق، ومن جحد هذه الأمور كفر إجماعا، ولم ينفعه قوله: لا إله إلا الله، ولم ينفعه كونه لا يشرك بالله شيئا من جهة الأصنام أو القبور أو غير ذلك؛ لأنه أتى بناقض من نواقض الإسلام، ومن أتى بناقض من نواقض الإسلام لن تنفعه بقية الأمور التي عنده، وهكذا لو استهان بالمصحف، كفر إجماعا ولو قال: لا إله إلا الله، ولو كان لا يشرك بالله شيئا فلو جلس عليه إهانة له أو بال عليه كفر إجماعا؛ لأنه استهان بكلام الله،

واحتقر كلام الله فهو يدل على عدم احترامه لله وعدم احترامه لكلامه سبحانه وتعالى، وبهذا تعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم: «من مات لا يشرك بالله دخل الجنة (¬1)» «من قال: لا إله إلا الله صدقا من قلبه دخل الجنة (¬2)» إنما هذا في حق من قالها ولم يأت بناقض من نواقض الإسلام، أما إذا قالها وأتى بناقض كفر إجماعا ولم تنفعه هذه الكلمة كما أن من توضأ الوضوء الشرعي فقد أتى بالطهارة الشرعية له أن يصلي، لكن لو أتى بناقض، لو خرج منه الريح بعد ما توضأ أو بال بطل هذا الوضوء ولم تنفعه هذه الطهارة؛ لأنه أتى بناقض ينقضها، فهكذا من أتى بناقض من نواقض الإسلام لم ينفعه قوله: لا إله إلا الله أو شهادة أن لا إله إلا الله، أو كونه لا يشرك بالله؛ لأنه أتى بشي، ينقض دينه، وينقض إسلامه. الشبهة الثانية: حديث عبادة في: «إن على الله عهدا لمن أتى يحافظ على الصلوات أن يدخل الجنة، ومن لم يأت يحافظ عليها ليس له عند ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب: المكثرون هم المقلون، برقم (6443)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات مشركا دخل النار، برقم (94). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده مسند الكوفيين، حديت أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه، برقم (19689).

الله عهد (¬1)» هذا حديث ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، هو من أحاديث الفضائل، ولو صح فهو محمول على من حافظ عليها، ولكن أتى بشيء من النقص لم يتركها إنما حصل فيها خلل من بعض الشؤون التي لا تجعله تاركا لها، ولا جاحدا لها، فهذا شأنه شأن من أتى بالمعاصي تحت مشيئة الله إذا كان يصلي ولكنه أخل بشيء مما يجب فيها من جهة نقره لها بعض الأحيان، أو أشياء أخل بها لا تجعله في حكم التاركين، فهذا الإنسان قد يحصل منه نقص في صلاته، فيكمل له عمله بتطوعاته، كما في الحديث الثاني حديث أبي هريرة أن العبد إذا أتى بالصلاة أمر الله أن ينظر فيها فإن كملت كتبت كاملة وإلا قال سبحانه: «انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل به فرضه (¬2)» فلو ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في المحافظة على وقت الصلاة، برقم (425)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في فرض الصلوات الخمس والمحافظة عليها، برقم (1401) بمعناه. (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم كل صلاة لا يتمها صاحبها تتم من تطوعه، برقم (864)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء أن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، برقم (413)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب المحاسبة على الصلاة، برقم (465) مع اختلاف في اللفظ.

صح حمل على أنه أتى بشيء من النقص فيكمل فرضه، ولا يكون حكمه حكم من ترك بخلاف من تركها دائما أو ترك بعضها كمن يصلي الظهر دون الفجر، أو يصلي العصر دون المغرب، والعشاء أو ما أشبه ذلك، فمن ترك بعضها له حكم من تركها كلها نسأل الله العافية. وأما الشبهة الثالثة: حديث: «صلوا على من قال: لا إله إلا الله، وصلوا خلف من قال: لا إله إلا الله (¬1)» فهذه أحاديث ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولو صحت لكان المعنى: صلوا على من قال: لا إله إلا الله، إذا قالها بحق واستقام عليها، وهكذا صلوا خلف من قال: لا إله إلا الله، يعني إذا قالها والتزم معناها وأدى حقها، فأما من قالها ونقضها بالشرك أو نقضها بأنواع من الكفر لم تنفعه، فالمنافقون يقولون: لا إله إلا الله ويصلون مع الناس ويصومون ويحجون وهم كفار؛ لأنهم نقضوها بكفرهم الباطن، واعتقادهم الباطن، وتكذيبهم لله في الباطن، فهكذا من قالها كما تقدم وسب الدين أو ¬

_ (¬1) أخرجه الدارقطني في السنن برقم (1762) والبيهقي في السنن الكبرى بنحوه (4/ 19).

سب الرسول، أو سب الله، أو استهزأ بالدين، أو استهان بالمصحف، أو ما أشبه ذلك فإن قوله: لا إله إلا الله لا ينفعه؛ لأنه أتى بناقض ينقض هذا الكلام، ويدل على كفره، وأن قوله: لا إله إلا الله ليس بصادق، بل عنده من الاستهانة بالله، وبحقوق أحكامه وبشريعته ما يجعله معدوم الإيمان، باطل هذا القول لأنه قال قولا لا حقيقة له ولا يعضده إيمان وتصديق، ونسأل الله العافية.

مسألة في تارك الصلاة

15 – مسألة في تارك الصلاة س: سمعت في برنامج نور على الدرب أن تارك الصلاة تهاونا كافر كفرا مخرجا من الملة، ولكن الشافعية يقولون في كتاب النفحات الصمدية: إنه – أي تارك الصلاة – يستتاب ويقتل ويصلى عليه ويغسل ويدفن في مقابر المسلمين، فما رأي سماحتكم؟ وجزاكم الله خير الجزاء (¬1) ج: قد علم أن ترك الصلاة تهاونا من أكبر الكبائر ومن أعظم الجرائم؛ لأن الصلاة عمود الإسلام والركن الأعظم بعد الشهادتين، ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 79.

فلهذا صار تركها من أقبح القبائح ومن أكبر الكبائر، واختلف العلماء رحمة الله عليهم في حكم تاركها هل يكون كافرا كفرا أكبر أو يكون حكمه حكم أهل الكبائر على قولين لأهل العلم، منهم من قال: إنه يكون كافرا كفرا أصغر، كما ذكره السائل عن الشافعية، وهكذا عن المالكية والحنفية وبعض الحنابلة، وقالوا: إن ما ورد في تكفيره يحمل على أنه كفر دون كفر، وتعلقوا بالأحاديث الدالة على أن من مات على التوحيد وترك الشرك فله الجنة، وهذا موحد مات على توحيد الله، فلا يكون كافرا كفرا أكبر، أما لو جحد وجوبها قال: إنها غير واجبة هذا قد أجمع العلماء على كفره كفرا أكبر عند الشافعية والحنبلية والمالكية والحنفية وغيرهم من أهل العلم، وإنما الخلاف فيما إذا تركها تهاونا فقط وهو يؤمن بوجوبها. وقال بعض أهل العلم: إنه يكون كافرا كفرا أكبر، وهو المنقول عن الصحابة عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فإنه ثبت من حديث عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل قال: لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون شيئا تركه كفر غير الصلاة ومعلوم أنهم يرون أن الطعن في الأنساب والنياحة على الميت نوع من الكفر، والبراءة من الأنساب نوع من الكفر، لكنه كفر أصغر، وعلم أن مراده بذلك أن ترك الصلاة كفر أكبر ليس من

جنس ما ورد في النصوص تسميته كفرا وهو كفر أصغر، واحتجوا أيضا بما ثبت في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» واحتجوا أيضا بما رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» وبقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الأئمة الذين يتركون بعض ما أوجب الله ويتعاطون بعض ما حرم الله سأله السائل عن قتالهم، قال: «لا ما أقاموا فيكم الصلاة (¬3)» وفي اللفظ الآخر: «إلا أن تروا كفرا بواحا (¬4)» فدل ذلك على أن ترك الصلاة كفر بواح، في أدلة أخرى، وهذا هو القول الصواب، وإن كان القائلون به أقل من القائلين بأنه كفر أصغر، لكن العبرة بالأدلة لا بكثرة الناس، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709).

يقول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (¬1)، ويقول سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (¬2)، فالأدلة الشرعية قائمة على أن تركها كفر أكبر ولو كان تهاونا وغير جاحد للوجوب، وأما ما يتعلق بالموت على التوحيد فيقال: إن من ترك الصلاة ما يكون مات على التوحيد يكون مات على الكفر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها (¬3)» فالصلاة من حقها، ويدل على هذا قوله في الحديث الآخر في ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 59 (¬2) سورة الشورى الآية 10 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة، برقم (1400)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويؤمنوا بجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وأن من فعل ذلك عصم نفسه وماله إلا بحقها ووكلت سريرته إلى الله تعالى وقتال من منع الزكاة أو غيرها من حقوق الإسلام واهتمام الإمام بشعائر الإسلام، برقم (20).

الصحيحين، يقول صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله (¬1)» ويقول جل وعلا عن أهل النار: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} (¬2) {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (¬3) {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} (¬4) {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} (¬5)، {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} (¬6)، فذكر من موجبات دخولهم النار تركهم الصلاة، - نسأل الله العافية - فالواجب على أهل الإسلام من الرجال والنساء الحذر من ترك الصلاة، تهاونا أو جحدا لوجوبها، فمن جحد وجوبها كفر إجماعا، ومن تركها تهاونا وتساهلا بها كفر في أصح قولي العلماء، فالواجب الحذر، نسأل الله للمسلمين العافية والسلامة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم، برقم (25)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويؤمنوا بجميع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وأن من فعل ذلك عصم نفسه وماله إلا بحقها ووكلت سريرته إلى الله تعالى وقتال من منع الزكاة أو غيرها من حقوق الإسلام واهتمام الإمام بشعائر الإسلام، برقم (22). (¬2) سورة المدثر الآية 42 (¬3) سورة المدثر الآية 43 (¬4) سورة المدثر الآية 44 (¬5) سورة المدثر الآية 45 (¬6) سورة المدثر الآية 46

س: بالنسبة للمتأولين بعلم أو بغير علم كقولهم مثلا: الجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان، والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما. بعضهم مثلا نوقش في موضوع الصلاة، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما (¬1)» نرجو من سماحة الشيخ توجيه الناس لفهم النصوص وما يجب عليهم تجاه النصوص التي فيها مثل هذه القواعد؟ (¬2) ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهما إذا اجتنب الكبائر (¬3)» كذا جاء الحديث: إذا اجتنب الكبائر. وترك الصلاة من أكبر الكبائر، حتى على القول بأنها ليس تركها كفرا أكبر، فتركها من أكبر الكبائر، وفي لفظ آخر قال: «ما لم تغش الكبائر (¬4)» فمن أتى الكبائر لم ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم 79. (¬3) سبق تخريجه. (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، برقم (233).

تكفر عنه الصلاة، ولا الصوم، ولا الزكاة، ولا الجمعة، ولا غير ذلك؛ ولهذا قال جمهور أهل العلم: إن أداء الفرائض وترك الكبائر يكفر السيئات الصغائر، أما الكبائر فلا يكفرها إلا التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، ولهذا قال جل وعلا: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (¬1) يعني الصغائر، {وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} (¬2) فإذا سمعت النصوص التي فيها ذكر تكفير السيئات ببعض الأعمال الصالحة فاعرف أن هذا بشرط اجتناب الكبائر مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما (¬3)» ومثل: «من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه (¬4)» يعني إذا ترك المعاصي وترك ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 31 (¬2) سورة النساء الآية 31 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، برقم (1773)، ومسلم في كتاب الحج، باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة، برقم (1349). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب قول الله عز وجل "ولا فسوق ولا جدال في الحج "، برقم (1820).

الكبائر، ولهذا قال: «ولم يرفث ولم يفسق (¬1)» وهكذا قوله: «والحج المبرور ليس له جزاء الله الجنة (¬2)» المبرور ليس معه إصرار على الكبائر وهكذا بقية الأعمال التي يعلق فيها الرسول صلى الله عليه وسلم تكفير السيئات بالعمل الصالح، يعني عند اجتناب الكبائر، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن صوم يوم عرفة يكفر السنة التي قبله والتي بعده (¬3)» يعني عند اجتناب الكبائر وهكذا قوله في صوم يوم عاشوراء «إنه يكفر السنة التي قبله (¬4)» يعني عند اجتناب الكبائر لقوله سبحانه وتعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (¬5)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «الصلوات الخمس والجمعة إلى ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب قول الله عز وجل "ولا فسوق ولا جدال في الحج"، برقم (1820). (¬2) سبق تخريجه. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، برقم (1162). (¬4) سبق تخريجه. (¬5) سورة النساء الآية 31

الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن ما لم تغش الكبائر (¬1)» إذا اجتنب الكبائر، ما اجتنبت الكبائر كلها ألفاظ جاءت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولما ذكر وضوءه عليه الصلاة والسلام، وأن من توضأ مثل وضوئه صلى الله عليه وسلم غفر له، قال: «ما لم تصب المقتلة (¬2)» قال العلماء: المقتلة يعني الكبيرة، يعني: ما اجتنب الكبائر، نسأل الله السلامة والعافية. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه، بلفظ: (ما اجتنبت المقتلة)، برقم (23729).

تعريف الكبيرة من المعاصي

16 – تعريف الكبيرة من المعاصي س: الكبائر التي لا يكفرها إلا الإقلاع عنها حبذا لو تكرمتم بذكر بعض منها وأخطرها سماحة الشيخ (¬1) ج: هذه المعاصي العظيمة الكبيرة هي التي جاء فيها الوعيد إما بغضب أو لعنة أو نار، أو جاء فيها حد في الدنيا كالسرقة، والزنا، وشرب المسكر، وعقوق الوالدين، وقطيعة الرحم، وأكل الربا، وأكل ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 79.

أموال اليتامى، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات وقتل النفس بغير حق، وأشباه ذلك مما جاءت فيه النصوص بالوعيد، إما بغضب من الله على فاعله، أو لعنة أو وعيد بالنار، أو حد في الدنيا كحد السرقة والزنا ونحو ذلك، هذه الكبائر في أرجح أقوال أهل العلم، وقال بعض أهل العلم: يلحق بذلك المعاصي التي ينفى الإيمان عن صاحبها أو يتبرأ منه النبي صلى الله عليه وسلم، يعني تلحق بالكبائر، كقوله صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة (¬1)» يعني عند المصيبة، والصالقة التي ترفع صوتها عند المصيبة عند موت أبيها أو أخيها، والحالقة التي تحلق شعرها أو تنتفه، والشاقة التي تشق ثوبها، وفي اللفظ الآخر: «ليس منا من شق الجيوب، أو ضرب الخدود، أو دعا بدعوى الجاهلية (¬2)» هذا يدل على أن هذه من الكبائر عند جمع من أهل العلم؛ لأجل هذا الوعيد: ليس منا. أنا بريء، مثل نفي الإيمان، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية، برقم (104). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ليس منا من ضرب الخدود، برقم (1297)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود، وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية، برقم (103).

مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه (¬1)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من لا يأمن جاره بوائقه (¬2)» يعني ظلمه وعدوانه، وما أشبه ذلك من النصوص، هذا ما يقول به بعض أهل العلم أنها تلحق بالكبائر، إذا نفي الإيمان عن صاحبه، أو تبرأ منه النبي صلى الله عليه وسلم، أو قال فيه: ليس منا. فيلحق بالذنوب التي فيها اللعنة، أو الغضب، أو الوعيد بالنار، أو فيها الحد، كحد السرقة، وحد الزنا والقذف ونحو ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، برقم (13)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير، برقم (45). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب إثم من لا يأمن جاره بوائقه، برقم (6016).

حكم تارك الصلاة تهاونا أو جاحدا لوجوبها

17 – حكم تارك الصلاة تهاونا أو جاحدا لوجوبها س: أحاديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم يبين فيها أن تارك الصلاة كافر، فهل هذا الكفر يخرج عن الملة؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 313.

ج: باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد: فالصلاة عمود الإسلام، وأعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وتركها كفر أكبر عند جميع العلماء إذا جحد وجوبها وإن صلى، إذا جحد وجوبها كفر بإجماع المسلمين؛ لأنه مكذب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، الله يقول سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (¬1) ويقول جل وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬2). ويقول جل وعلا: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (¬3) وإن تركها ولم يجحد وجوبها أو ترك بعضها كفر أيضا في أصح قولي العلماء سواء الخمس أو ترك الظهر وحدها أو العصر وحدها أو الفجر وحدها أو الجمعة وحدها يكفر بذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬4)» رواه مسلم في الصحيح. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 43 (¬2) سورة البقرة الآية 238 (¬3) سورة العنكبوت الآية 45 (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

والكفر والشرك إذا أطلق المعرف يكون شركا أكبر، هذا هو الأصح من قولي العلماء في هذا، وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬1)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، وسأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم عن الأمراء الذين لا يقيمون الصلاة في وقتها، الذين يؤخرون الصلاة عن أوقاتها قالوا: أفنقاتلهم يا رسول الله؟ قال: «لا ما أقاموا فيكم الصلاة (¬2)» وفي لفظ: «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (¬3)» فدل على أن الأمراء والملوك والخلفاء الذين لا يقيمون الصلاة كفرهم كفر بواح لا شبهة فيه، فالواجب على جميع المسلمين من الأمراء والملوك والوزراء وغيرهم رجالا ونساء، الواجب على الجميع العناية بالصلاة والمحافظة عليها في أوقاتها، فمن تركها وأعرض عنها فقد كفر كفرا أكبر في أصح قولي العلماء وقال جماعة من أهل العلم: إنه كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، إذا كان يقر بوجوبها ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709).

ولا يجحده، ولكن هذا قول ضعيف، والصواب أنه كفر أكبر، فيجب الحذر من ذلك، ويجب التواصي بالمحافظة عليها وإقامتها بجماعة في أوقاتها، يجب على الرجال أن يقيموها في جماعة في بيوت الله جميع أوقاتها الخمسة: الفجر، الظهر، العصر، والمغرب، والعشاء، كثير من الناس قد يتساهل بالفجر فيصليها في البيت أو بعد طلوع الشمس، فهذا منكر عظيم يجب الحذر من ذلك، والتواصي بترك ذلك؛ لأن هذا من عمل المنافقين، وهكذا النساء يجب عليهن أن يصلينها في وقتها جميع الأوقات الخمسة مع المحافظة على الطمأنينة والخشوع فإن الصلاة عمود الإسلام، من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من حافظ على الصلاة كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (¬1)» خرجه الإمام أحمد رحمه الله بإسناد صحيح، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وهذا الحديث يبين أن تارك الصلاة قد أتى جريمة عظيمة، وأنه كافر يحشر ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721).

مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف، هؤلاء من صناديد الكفرة هم من رؤساء الكفرة، ووجه حشره معهم لأنه إن ضيعها من أجل الرئاسة والملك تركها مثل فرعون؛ لأنه شغله ملكه وكبره عن اتباع الحق، وإن شغله عن الصلاة الوزارة والوظيفة شابه هامان وزير فرعون فيحشر معه يوم القيامة - نسأل الله العافية - وإن شغله عن الصلاة المال والشهوات شابه قارون الذي خسف الله به وبداره الأرض بسبب كبره واشتغاله بالمال عن طاعة الله ورسوله، وإن شغلته التجارة والبيع والشراء عن الصلاة، شابه أبي بن خلف تاجر أهل مكة من الكفرة الذي قتل يوم أحد، قتله النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه. فالواجب الحذر من التساهل بالصلاة، فقد أخبر الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم أن التكاسل عنها والتثاقل عنها من صفات أهل النفاق، قال تعالى في سورة النساء: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬1) هذه من صفاتهم الخبيثة، وقال جل وعلا في سورة التوبة: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} (¬2) ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 142 (¬2) سورة التوبة الآية 54

فالواجب الحذر والعناية بالصلاة والمحافظة عليها في أوقاتها من الرجال والنساء، ويجب الحذر بوجه خاص من تضييع صلاة الفجر في جماعة بسبب السهر، يجب الحذر من السهر الذي يحملك على ترك الصلاة في الوقت أو في الجماعة، وهذا عام للرجال وللنساء، يجب الحذر من ترك الصلاة كلها، والحذر من إضاعتها في الجماعة بحق الرجل، والحذر بوجه أخص من إضاعة صلاة الفجر للرجال والنساء جميعا؛ لأنه شبهه الله بأهل النفاق، ويجب التواصي بهذا لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَالْعَصْرِ} (¬1) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (¬2) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (¬3) ويقول سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (¬4) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة. قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (¬5)» ومن النصيحة لأهل بيتك ¬

_ (¬1) سورة العصر الآية 1 (¬2) سورة العصر الآية 2 (¬3) سورة العصر الآية 3 (¬4) سورة المائدة الآية 2 (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (55)، مع اختلاف اللفظ، وأخرجه النسائي بلفظه في المجتبى في كتاب البيعة، باب النصيحة للإمام، برقم (4199).

ولإخوانك أن تحذرهم من السهر والعكوف على التلفاز أو الدش أو غير ذلك، أما السهر بطاعة الله والتهجد أو قراءة القرآن أو مطالعة العلم للدراسة فلا بأس إذا كان سهرا قليلا لا يحمل على ترك الصلاة في الجماعة، إذا سهر قليلا في العلم لطاعة الله ورسوله في مطالعة العلم في التهجد، هذا مطلوب وهو مأجور، لكن يحذر أن يكون هذا السهر يشغله عن الفريضة، فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء أن يوترا في أول الليل لما كانا يتدارسان العلم، فيشق عليهما القيام في آخر الليل لكن من قوي أن يقوم في آخر الليل فلينم مبكرا حتى يقوم آخر الليل، ويصلي من الليل ما تيسر، ويصلي صلاة الفجر في الجماعة حتى يجمع بين الخير كله، نسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق والهداية وصلاح النية والعمل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

بيان حكم حديث: ' تارك الصلاة لا يقبل منه عمل '

18 - بيان حكم حديث: " تارك الصلاة لا يقبل منه عمل " س: أرجو إفادتي هل هذا الحديث صحيح؟ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: تارك الصلاة لا يقبل منه عمل، وإن مات لا

يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين (¬1) ج: ليس هذا بحديث، هذا من كلام بعض العلماء وليس حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم، هذا من كلام من يرى أن تارك الصلاة كافر كفرا أكبر، يقول: لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» رواه مسلم في الصحيح. ولقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» هذا الكلام يقوله من قال بأن تارك الصلاة كافر، يقول: لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين، لكن يدفن في محل بعيد عن مقابر المسلمين في أرض يحفر فيها ويدفن كسائر الكفار مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب لما مات أبو طالب وجاء علي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 319. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

«إن عمك الشيخ الضال قد مات. قال: اذهب فواره، اذهب فواره (¬1)» أي فادفنه، ما قال: كفنه وصل عليه لا؛ لأنه مات على الكفر، مات أبو طالب على دين قومه، اجتهد النبي صلى الله عليه وسلم في إسلام أبي طالب، لكن لم يهتد، وأنزل الله في كتابه: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (¬2) وقال سبحانه: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (¬3) المقصود أن الكافر من أقارب وغيرهم لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين. ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في كتاب الطهارة، باب الغسل من مواراة المشرك، برقم (190). (¬2) سورة القصص الآية 56 (¬3) سورة البقرة الآية 272

بيان الفرق بين من يترك الصلاة عمدا أو تهاونا

19 - بيان الفرق بين من يترك الصلاة عمدا أو تهاونا س: هل هناك فرق بين من يترك الصلاة عمدا أو تهاونا أو تكاسلا (¬1)؟ ج: الفرق بينهما أن من ترك الصلاة عمدا جاحدا لوجوبها أو مستهزئا بها، فهذا يكون كافرا عند جميع العلماء، مرتدا عن الإسلام يجب قتله لأنه بدل دينه، ولأنه كذب الله ورسوله باعتقاده عدم وجوبها ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 96.

أو باستهزائه بها، والله سبحانه يقول: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (¬1) {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (¬2) أما الذي يتركها تهاونا، ويقول: أنا أؤمن بها أنا أعرف أنها واجبة وفريضة، يعترف بهذا ولكنه يتساهل فلا يصلي أو يصلي الجمعة دون غيرها، أو يصلي في رمضان دون غيره فهذا هو محل الخلاف، ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكون كافرا كفرا أصغر، وظلما أصغر وفسقا أصغر ما دام يقر بالوجوب فلا يكون كفره كفرا أكبر مثل ما جاء في الحديث الآخر: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض (¬3)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم (¬4)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «اثنتان في الناس هما من الكفر: الطعن في النسب، والنياحة ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 65 (¬2) سورة التوبة الآية 66 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الإنصات للعلماء، برقم (121)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، برقم (65). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الحدود، باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت، برقم (6830).

على الميت (¬1)» قالوا: هذا كفر دون كفر فيكون قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حق التارك للصلاة: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬2)» يعني كفرا أصغر وهكذا يقولون في الحديث الأخر: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬3)» قالوا: يكون المراد بهذا الكفر والشرك، الكفر الأصغر والشرك الأصغر، وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه كفر أكبر وإن لم يجحد وجوبها؛ لأنها عمود الإسلام، ولأنها أعظم الأركان بعد الشهادتين ولأن من ضيعها أضاع دينه، فلهذا قالوا: إنه كفر أكبر وإن لم يجحد وجوبها. قالوا: ولأن إطلاق النبي صلى الله عليه وسلم: «فقد كفر (¬4)» يدل على الكفر الأكبر، ولأن قوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬5)» يدل على الكفر الأكبر؛ لأنه كفر معرف بأل، وشرك معرف بأل، فهذا ينصرف إلى الكفر الأكبر، قالوا: ولأن أصحاب النبي ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

صلى الله عليه وسلم اتفقوا على تكفير تارك الصلاة ولم يتفقوا على تكفير تارك الزكاة والصيام إذا لم يقاتل دون ذلك، ولم يستهزئ بذلك، وذلك لما رواه التابعي الجليل عبد الله العقيلي رضي الله عنه، قال: لم يكن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. فذكر عن الصحابة جميعا أنهم يرون ترك الصلاة كفرا، يعني وإن لم يجحد الوجوب والله المستعان.

حكم ترك الصلاة تكاسلا حتى يخرج وقتها

20 - حكم ترك الصلاة تكاسلا حتى يخرج وقتها س: ما حكم من ترك الصلاة تكاسلا حتى يخرج وقتها، هل عليه إثم في ذلك؟ وهل ينطبق عليه صفات المنافقين (¬1)؟ ج: تأخير الصلاة جريمة عظيمة ومنكر عظيم، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أن من ترك الصلاة عمدا حتى خرج وقتها أنه يكفر بذلك كفرا أكبر وردة عن الإسلام - نعوذ بالله - ويحتجون على هذا بما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» رواه مسلم في الصحيح، هذا ظاهره أنه يكفر ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 12. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

بذلك إذا أخرها حتى خرج وقتها. وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» وقال: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (¬2)» فتأخيرها جريمة عظيمة ومنكر عظيم، فالذي مثلا يؤخر الفجر حتى يصليها الضحى، هذا منكر عظيم، يجب أن يصليها قبل طلوع الشمس، ويجب أن يهتم بذلك وهو مع كونه أتى جريمة قد تشبه بالمنافقين، وقد كفره جماعة من أهل العلم بذلك، فالواجب على المسلم أن يعتني بالصلاة، وأن يؤديها في الوقت مع المسلمين في الجماعة في المساجد، وليس له تأخيرها أبدا لا مع المسلمين ولا في البيت، بل يجب أن يبادر حتى يؤديها في الوقت مع المسلمين في مساجد الله والمرأة كذلك عليها أن تبادر بأن تصلي الصلاة في وقتها في بيتها، ولا يجوز لها التأخير، كما يفعل بعض الطالبات تؤخر الصلاة حتى تقوم بعد طلوع الشمس للمدرسة، ثم تصلي، هذا لا يجوز، هذا منكر عظيم، وهكذا بعض المدرسات تؤجل صلاة الفجر إلى أن تطلع الشمس، ثم تقوم ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616).

للتدريس وللصلاة، هذا منكر عظيم، يجب أن تصلي الصلاة في وقتها قبل طلوع الشمس، وإذا كانت يغلبها النوم يجب أن تتخذ ما يعين على اليقظة، مثل ساعة منبهة تركد على الوقت للصلاة، أو تستعين بأهل البيت يوقظونها حتى تصلي الصلاة في وقتها وهكذا العشاء لا تؤخر إلى ما بعد نصف الليل، وقت العشاء ينتهي نصف الليل، هذا وقتها الاختياري وكذلك المغرب لا تؤخر حتى يغيب الشفق، بل تصلى قبل الشفق، والشفق الحمرة التي في المغرب يجب أن تصلى المغرب قبل ذلك قبل أن يغيب الشفق، وهكذا الظهر لا تؤجل حتى يصير ظل كل شيء مثله بعد فيء الزوال، بل تصلى في أول الوقت بعد الزوال، والعصر لا تؤجل حتى تصفر الشمس، بل تؤدى في وقتها، النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤديها في الوقت، ولما سئل عن ذلك صلى الصلاة يوما في أول وقتها، ثم صلاها في آخر وقتها، يعني الصلوات الخمس، ثم قال: «الصلاة بين هذين الوقتين (¬1)» والله يقول سبحانه: ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في المواقيت، برقم (393)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة، برقم (149).

{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (¬1) يعني مفروضا في الأوقات، الله يخبر أنها مفروضة في الأوقات، فلا يجوز لأهل الإسلام أن يؤخروها عن أوقاتها، بل يجب أن تؤدى في الوقت ويروى عن عمر رضي الله عنه ما يدل على الشدة في ذلك، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أيضا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، أنه قال عليه الصلاة والسلام: «من حافظ على الصلاة كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (¬2)» نسأل الله العافية، هؤلاء كبار الكفار وصناديدهم - نعوذ بالله - قال بعض أهل العلم: إنما يحشر من ضيع الصلاة مع هؤلاء؛ لأنه إذا ضيعها من أجل الرئاسة حشر مع فرعون، وإن ضيعها من أجل الوزارة ونحوها حشر مع هامان وزير فرعون، وإن ضيعها في الشهوات والنعم والمال حشر مع قارون الذي أعطاه الله المال فبطر وتكبر وعصى نبي الله موسى، فخسف الله به وبداره الأرض، نسأل الله العافية، هذه عقوبة عاجلة مع النار، ومن ترك ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 103 (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721).

الصلاة وضيعها بسبب أعمال التجارة والبيع والشراء حشر يوم القيامة مع أبي بن خلف تاجر أهل مكة، فالواجب على أهل الإسلام الحذر غاية الحذر من التساهل بالصلاة، والواجب أن تؤدى في أوقاتها، المرأة تؤديها في الوقت والرجل يؤديها في الجماعة في المساجد، ولا يجوز التشبه بالمنافقين في التساهل بالصلاة، وعرفت أن بعض أهل العلم يقول: إن من تركها تهاونا حتى خرج الوقت يكفر بذلك وهذا قول صحيح، ترك الصلاة تهاونا وتساهلا بها كفر أكبر - نسأل الله العافية - فإن السنة تؤيده، السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تؤيد هذا القول، فإن الباب فيه أحاديث صحيحة كما تقدم، فيجب على المسلم أن يحذر هذا الأمر الخطير، وأن يحافظ على الصلاة في وقتها، وأن يستعين على ذلك بكل ما يستطيع من ساعة وغيرها حتى يؤدي الصلاة في وقتها مع إخوانه المسلمين، وحتى تؤدي المرأة صلاتها في وقتها في بيتها قبل خروج الوقت، فهي عمود الإسلام، وهي أهم الفرائض بعد الشهادتين، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

حكم تارك الصلاة متعمدا مع إقراره بالشهادتين

21 - حكم تارك الصلاة متعمدا مع إقراره بالشهادتين س: هل تارك الصلاة متعمدا مع شهادته بأن لا إله إلا الله وأن محمدا

رسول الله يعد كافرا مخلدا في النار (¬1)؟ ج: نعم، إذا ترك الصلاة تعمدا يعد كافرا، هذا هو الصحيح إلا أن بعض أهل العلم قال: يكون قد أتى كبيرة إذا لم يجحد وجوبها، ولكن ظاهر النصوص أنه يكفر بذلك إذا تركها ولو شهد أن لا إله إلا الله، ولو زكى ولو صام إذا ترك الصلاة يكفر بذلك تساهلا وكسلا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» رواه مسلم في الصحيح. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (¬4)» والله يقول: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬5) فعاملهم معاملة الكافر، أما إذا جحد وجوبها قال: ما هي بواجبة الصلاة هذا يكفر عند الجميع، عند جميع المسلمين وعند ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 377. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553). (¬5) سورة الأنعام الآية 88

جميع العلماء ولو صلى، إذا قال: ما هي بواجبة كفر عند الجميع لأنه مكذب لله ولرسوله، نسأل الله العافية.

مسألة في حكم تارك الصلاة تكاسلا

22 – مسألة في حكم تارك الصلاة تكاسلا س: الأخ: ع. ح، يسأل ويقول: إذا كان الشخص يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، ومات وهو تارك للصلاة كسلا، هل هو مخلد في النار أم لا؟ نرجو الإجابة جزاكم الله خيرا (¬1) ج: مر في سؤال سابق أن من ترك الصلاة تهاونا فقد اختلف فيه العلماء، هل هو كافر كفرا أكبر أم كفرا أصغر، وسبق أنه كافر كفرا أكبر في الصحيح من قولي العلماء، وإذا كان كفره أكبر فهو إذا مات على ذلك يكون حكمه حكم الكفار مخلدا في النار كسائر الكفرة، وقد قال الله عز وجل في كتابه العظيم لما سئل عن أهل النار عن أسباب دخولهم النار؟ أجابوا بأنهم لم يكونوا من المصلين، قال تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} (¬2) {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (¬3)، ما قالوا: كنا من الجاحدين، قالوا: لم نك من ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 114. (¬2) سورة المدثر الآية 42 (¬3) سورة المدثر الآية 43

المصلين، فدل على أن عدم الصلاة من أسباب دخولهم النار، نعوذ بالله من ذلك، فيجب على المؤمن أن يحذر هذا العمل السيئ، وأن يصلي كما أمره الله، وأن يحذر هذا التساهل الذي يحصل لمن اعتقد بزعمه أنه كفر أصغر، حتى ولو كان كفرا أصغر الواجب الحذر من جميع ما حرم الله عز وجل، فكيف وقد سمي كفرا، فإن الواجب هو الحذر منه أكثر من غيره، وإذا كان تركها كفرا أكبر فالأمر أعظم وأعظم، وهذا هو الصواب أنه كفر أكبر لما تقدم في قوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» رواه مسلم في الصحيح. وقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، وهناك أدلة أخرى على ذلك، وفي هذه الآية الكريمة وهي قوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} (¬3) {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (¬4) {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} (¬5) {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} (¬6) {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} (¬7) {حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} (¬8) فجعل ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬3) سورة المدثر الآية 42 (¬4) سورة المدثر الآية 43 (¬5) سورة المدثر الآية 44 (¬6) سورة المدثر الآية 45 (¬7) سورة المدثر الآية 46 (¬8) سورة المدثر الآية 47

تارك الصلاة مع هؤلاء، فدل ذلك على أنه كفر أكبر؛ لأن الشك في الدين والخوض فيه على سبيل الشك والريب، وهكذا التكذيب بيوم الدين - بيوم القيامة - كله كفر أكبر، نعوذ بالله، فيجب على المؤمن أن يحذر ترك الصلاة مطلقا، أما إن جحد وجوبها فالأمر أعظم، فإنه كافر بالإجماع، نسأل الله العافية.

بيان الراجح في اختلاف العلماء في تكفير تارك الصلاة

23 – بيان الراجح في اختلاف العلماء في تكفير تارك الصلاة س: اختلف العلماء رحمهم الله في تكفير تارك الصلاة، فقال مالك والشافعي بأنه ليس بكافر، فما حكم من مات وهو لا يصلي تهاونا وكسلا، معتمدا على هذه الفتوى ومعتقدا بصحتها، وما هو مصيره عند الله بيوم القيامة، وهل هذا الاعتقاد في التمسك بهذه الفتوى أو تلك مصدره الحديث القائل: «ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن»؟ (¬1) ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، برقم (3600).

ج: المسألة كما قال السائل فيها خلاف بين العلماء إذا كان التارك للصلاة لم يجحد وجوبها، أما إن كان يجحد وجوبها فهو يكفر عند الجميع - والعياذ بالله - كسائر الكفرة، وهو كفر أكبر، أما إذا تركها تكاسلا نائما، أو في بعض الأحيان، فهذا هو محل الخلاف، والصواب أنه يكفر كفرا أكبر، هذا هو الصواب في قول الأكثر، والصواب قول من قال: إنه يكفر كفرا أكبر، وأنه لا يغسل ولا يصلى عليه، حكمه حكم الكفار؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬2)» ولقول عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل: لم يكن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة. ولقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الأئمة الذين يؤخرون الصلاة عن أوقاتها أو يتعاطون بعض المعاصي أن يقاتلهم نهى عن قتالهم، قال: «إلا أن تروا ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (¬1)» وفي رواية: «ما أقاموا فيكم الصلاة (¬2)» فدل على أن ترك الصلاة من الكفر البواح فالواجب على كل مسلم أن يحذر ترك الصلاة، وهكذا كل مسلمة يجب عليها المحافظة على الصلاة في وقتها والحذر من تركها فإن تركها كفر، ومن هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (¬3)» فحبوط العمل يدل على الكفر الأكبر فالواجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة على الصلاة في أوقاتها، والحذر من تركها لا جحدا ولا تهاونا نسأل الله للمسلمين الهداية والتوفيق. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553).

حكم من مات وهو يجهل أن ترك الصلاة كفر

24 - حكم من مات وهو يجهل أن ترك الصلاة كفر س: إذا كان هناك إنسان مات وهو لا يصلي ولم يكن يعلم أن تارك الصلاة كافر، فهل يغفر الله له بجهله؟ (¬1) ج: ظاهر الأدلة الشرعية أنه لا يغفر له، فليس بشرط أن يعلم الحكم ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 305.

فهو مأمور بالصلاة فعليه أن يصلي ومأمور بالزكاة فعليه أن يزكي وهكذا الحاصل أنه إذا ترك الصلاة عمدا فهو كافر على الصحيح من أقوال العلماء وإن لم يجحد وجوبها أما إن جحد الوجوب فهو كافر عند جميع العلماء، نسأل الله العافية. لكن إذا تركها تكاسلا وتساهلا فالصحيح أنه يكفر بذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» أخرجه مسلم في صحيحه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬2)» رواه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح ولأدلة أخرى، ولأن تركه لها يدل على قلة الإيمان أو عدم الإيمان - نسأل الله العافية - لأنها عمود الإسلام، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

حكم من قتل في الحرب وهو لا يصلي

25 - حكم من قتل في الحرب وهو لا يصلي س: الأخت أم هـ. من العراق تقول: قتل زوجها في الحرب في اليوم العاشر من شهر رمضان المبارك، وكان لا يصلي، ولكنه ينوي أن

يصلي بعد انتهاء الحرب، ولكنه قتل قبل أن يصلي، فهل يجوز أن أصلي بدلا عنه؟ وإنني أنفق كثيرا بغية الثواب له، فهل تصله النفقات التي أنفقها من راتبي وليس من راتب ابنتي الوحيدة التي عمرها سنتان؟ بعض الناس يقولون: لا يجوز أن تنفقي لأن في عصمتك قاصرة، علما بأني غير محتاجة، وجهوني جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: الذي مات وهو لا يصلي لا يصلى له، الصلاة ما يفعلها أحد عن أحد، الصلاة لا تفعل عن أحد والذي مات وهو لا يصلي تقدم في الجواب السابق أنه كافر - نسأل الله العافية - ترك الصلاة كفر أكبر على الصحيح وإن لم يجحد الوجوب كونه يعزم أنه يصلي في المستقبل هذا ليس هو عذرا له، الواجب البدار بالصلاة، فلا تتصدقي عنه ولا تصلي له ولا تدعي له ما دام مات على ترك الصلاة - نعوذ بالله من ذلك - ولا تنفقي من مال اليتيمة لا له ولا لغيره، مال اليتيمة احفظيه لها وثمريه لها أو أعطيه إنسانا من التجار الطيبين يثمرونه لها تصدقي من مالك أنت، أما الزوج الذي توفي على هذه الحالة - وهي ترك الصلاة - لا تتصدقي عنه بشيء ولا تدعي له ولا تستغفري له؛ لأنه مات على كفر - نسأل الله ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 200.

العافية - أما الصدقة من مالك في وجوه البر في الفقراء والمساكين ليس عن زوجك، بل لنفسك مصلحتك أنت تتصدقين على الفقراء والمساكين، في عمارة مسجد، في جهاد في سبيل الله، كل هذا لك أجره، أما هو فلا، ما دام مات وهو لا يصلي لا تتصدقي عنه.

حكم قضاء الصلوات عن الميت الذي كان لا يصلي قبل وفاته

26 - حكم قضاء الصلوات عن الميت الذي كان لا يصلي قبل وفاته س: سائلة تقول: كان لي ولد لا يصلي ولا يصوم وقد توفي وأراه في المنام يناقشني في موضوع صلاته، وترجو من سماحتكم التوجيه هل تقضي عنه ما لم يصل (¬1)؟ ج: لا يقضى عنه ولا يدعى له ولا عليه يترك أمره إلى الله؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر فلا يدعى له ولا يدعى عليه ولا يتصدق عنه؛ لأن الصدقة والدعاء إنما تكون لأهل الإسلام، أما من مات على غير الإسلام فإنه لا يدعى له وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه استأذن ربه أن يستغفر لأمه وقد ماتت في الجاهلية فلم يؤذن له مع أنها ماتت في الجاهلية، فلا يجوز للمسلم أن يستغفر لمن مات على أعمال الكفر ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم 109.

كترك الصلاة وعبادة أصحاب القبور، وسب الدين والاستهزاء بالدين ونحو ذلك، كل هؤلاء لا يصلى عليهم ولا يدعى لهم إذا ماتوا على هذه الحال ولم يتوبوا، نسأل الله السلامة.

حكم قبول سائر العبادات من تارك الصلاة

27 – حكم قبول سائر العبادات من تارك الصلاة س: السائل أحمد من سوريا يقول: إذا كان بين الكافر والمؤمن ترك الصلاة، فهل هذا يعني بأن تارك الصلاة كافر لا يقبل منه أي عمل (¬1)؟ ج: هذا هو الصواب، اختلف العلماء في هذا بعض أهل العلم يقولون: لا يكفر إلا بالجحد، إذا جحد وجوبها كالزكاة والصوم ونحو ذلك، والصواب أنه يكفر بذلك، هذا الراجح، وإن كان هذا قول الأقل إذا تركها حتى خرج وقتها عمدا فإنه يكفر بذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» رواه مسلم في الصحيح والكفر المعرف والشرك المعرف يطلق على الكفر الأكبر ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 413. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

والشرك الأكبر وفي اللفظ الآخر يقول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬1)» أخرجه الإمام أحمد في المسند وأهل السنن الأربعة أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، وكان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يفرقون بين المسلم والكافر بترك الصلاة، إذا ترك الصلاة عرفوا أنه كافر، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

حكم القول بتخليد تارك الصلاة في النار

28 – حكم القول بتخليد تارك الصلاة في النار س: السائل ب. ع، من جمهورية مصر العربية يقول: التارك للصلاة هل يخلد في النار (¬1)؟ ج: التارك للصلاة إذا كان قد جحد وجوبها كفر عند جميع أهل العلم ويخلد في النار إذا مات على ذلك أما إذا كان لا يعلم أنها واجبة ولكن يتساهل بتركها بعض الأحيان، فهذا قد أتى ذنبا عظيما وكبيرة عظيمة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم 419.

وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (¬3)» ولأن الله يقول سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (¬4)، فالتثاقل عنها والكسل من صفات المنافقين، لكن إذا تركها جحدا لوجوبها كفر عند الجميع وصار مخلدا في النار إذا مات على ذلك أما إذا تركها وهو يعلم أنها واجبة، ولكنه يتركها تكاسلا وتهاونا فهذا عند الأكثرين لا يكفر كفرا أكبر يكون كفرا أصغر، وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر كفرا أكبر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬5)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬6)» فالواجب الحذر من ذلك نسأل الله العافية والسلامة. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (¬4) سورة النساء الآية 142 (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬6) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

حكم ذبح الأضحية عن الميت التارك للصلاة قبل وفاته

29 – حكم ذبح الأضحية عن الميت التارك للصلاة قبل وفاته س: السائل هـ. م. ع، من العراق يقول: أنا وأخي قد آمنا بالله الواحد الأحد، فله الحمد أن هدانا، ونحن نعيش في قرية مملوءة بالكفر والشرك، خصوصا للعائلة التي نعيش فيها أنا وأخي، إني أطرح عليكم مشكلتي وهي: لقد توفي أبونا ونحن أطفال وكانت لنا أم لا تؤمن بالله تعالى وكثيرة الكفر، وعندما سألناها عن أبينا، هل هو مؤمن أم لا فقالت لنا: إنه كان يسرق الناس أشياءهم وليس مؤمنا بالله، بل يقول بلسانه: الله ربنا، محمد نبينا، لكن لا يقيم الصلاة، بصراحة إنه كما يقول الناس وخصوصا أمنا إنه لا يؤمن باليوم الآخر عندما مات ولم يترك لي ولأخي مالا ولا حلالا. سؤالي هو: أولا: هل أقوم بذبح الأضاحي له أم يكون ذلك حرجا علي (¬1)؟ ج: إذا كانت الوالدة ما هناك ما يكذبها فإن مثل هذا لا يضحى له، ولا يستغفر له؛ لأنه يترك الصلاة، وتارك الصلاة كافر في أصح قولي ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 7.

العلماء أما إن وجد غيرها ممن يعرف فيسأل عنه، إذا وجد من يعرفه يسأل عنه: هل يصلي؟ هل هو مستقيم؟ فلا بأس أن يضحى له ولا بأس أن يدعى له ويستغفر له، ويتصدق عنه أما والدتك ما دامت كافرة فهي ليست ثقة ما دامت لا تؤمن بالله واليوم الآخر فليست ثقة في الخبر، لكن إذا وجد من يصدقها من الأقارب، أو شهادة بعض الناس فإنه لا يضحى له، ولا يتصدق عنه، أما إذا ما هناك إلا شهادة الوالدة ليس هناك من يؤيدها وقد عرف أنه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن ظاهره الإسلام فينبغي الصدقة عنه والدعاء له. ولو عرف أنه كان يتعاطى شيئا من الأمور التي تكفره وتخرجه عن الإسلام إما ترك الصلاة وإما الاستهزاء بالدين وإما سب الدين أو ما شابه ذلك من نواقض الإسلام هذا لا يدعى له ولا يتصدق عنه ولا يضحى عنه، أما الواحدة لا تكفي لأن شهادة الكافر لا تعتبر، لكن إذا وجد شهادة تؤيدها من قرائن أو شهادة آخرين بأنه لا يصلي فلا يضحى له ولا يتصدق عنه ولا يستغفر له.

عقوبة تارك الصلاة

30 – عقوبة تارك الصلاة س: الأخ ف. أ، من حائل يسأل ويقول: أرجو أن توضحوا عقوبة تارك الصلاة، وهو مؤمن بوجوبها، وأن توضحوا لنا - عافاكم الله -

فضل صلاة الفجر، وعقوبة من لم يؤدها في وقتها جزاكم الله خيرا (¬1) ج: من ترك الصلاة فعقوبته القتل يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، قال الله سبحانه: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (¬2)، فدل على أن من لا يقيم الصلاة لا يخلى سبيله بل يقتل، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وقال عليه الصلاة والسلام: «إني نهيت عن قتل المصلين (¬3)» فالمصلي لا يقتل إذا استقام، أما من ترك الصلاة فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا وجب قتله مرتدا على أصح القولين، وعند جماعة من أهل العلم لا يكون مرتدا ولكن يكون قتله حدا إذا قلنا بأن تركها ليس بكفر أكبر إذا كان يقر بوجوبها ولا يجحده، والصواب أنه يقتل كفرا إذا كان تاركا لها، يستتاب، فإن تاب وإلا قتل كفرا لا حدا ويبعد جدا أن يكون يقر بوجوبها ثم يصر على عدم فعلها حتى يقتل، هذا بعيد جدا المقصود أنه يقتل كفرا مطلقا ما دام أبى أن يصلى واستتيب وأبى فإنه يقتل كفرا - نسأل الله العافية - لا يرثه ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 156. (¬2) سورة التوبة الآية 5 (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب في الحكم في المخنثين، برقم (4928).

المسلمون سواء كانت الصلاة فجرا أو ظهرا أو عصرا أو مغربا أو عشاء، والفجر لها شأن خاص لأنه يتكاسل عنها المنافقون، وجاء فيها أحاديث كثيرة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا (¬1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله بشيء من ذمته فإنه من يطلبه بشيء من ذمته يدركه، ثم يكبه في النار (¬2)» فالصلاة لها شأن عظيم، سواء كانت صبحا أو ظهرا أو عصرا أو مغربا أو عشاء، ولكن للصبح خصائص لأنها تكون في آخر الليل عند حلاوة النوم في الصيف، وعند شدة البرد في الشتاء، وربما تثاقل عنها الكسالى، وتشبهوا بأهل النفاق، فجاء فيها تأكيد، يجب على المؤمن أن يعتني بها حتى يتباعد عن مشابهة المنافقين، ولا يجوز له تركها حتى تطلع الشمس كما يفعل بعض الناس يصليها إذا قام للعمل هذا منكر عظيم وشر ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم (651). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة، برقم (657).

مستطير يجب على صاحبها أن يتقي الله، وأن يصليها في الوقت مع المسلمين في جماعة المسلمين في مساجد الله ومن علم بهذا وجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل؛ لأن تركها حتى يخرج وقتها منكر عظيم، بل كفر عند جمع من أهل العلم إذا تعمد ذلك، نسأل الله للجميع الهداية والسلامة.

بيان الأدلة الدالة على كفر تارك الصلاة

31 - بيان الأدلة الدالة على كفر تارك الصلاة س: ما هو ذنب تارك الصلاة (¬1)؟ ج: ذنب تارك الصلاة عظيم؛ لأن الصلاة عمود الإسلام وهي الركن الثاني من أركان الإسلام الخمسة، فمن تركها فقد كفر. ومن جحد وجوبها فقد كفر ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 210. (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» أخرجه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. وفي الباب أحاديث كثيرة تدل على كفر تارك الصلاة، وهذا هو القول الصحيح من أقوال أهل العلم أن تاركها يكفر وإن لم يجحد وجوبها، وقد نقله التابعي الجليل عبد الله العقيلي عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا تركه كفر غير الصلاة. نقل هذا عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. وقال نافع مولى عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: «كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب إلى عماله ويقول: إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع (¬2)» وكان عليه الصلاة والسلام يوما بين أصحابه لما ذكر الصلاة قال: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون، وأبي بن خلف (¬3)» ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) أخرجه مالك في الموطأ في كتاب وقوت الصلاة، باب وقوت الصلاة، برقم (6). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721).

وهؤلاء من صناديد الكفرة - نعوذ بالله - وذلك يدل على أن تاركها كافر يحشر مع هؤلاء - نعوذ بالله - لأنه إن شغله عنها الرئاسة والملك شابه فرعون فيحشر مع فرعون - نعوذ بالله - إلى النار، وإن شغله عنها الوزارة والوظيفة شابه هامان وزير فرعون، فيحشر معه إلى النار يوم القيامة - نسأل الله العافية - وإن ترك الصلاة بأسباب أمواله وشهواته شابه قارون تاجر بني إسرائيل الذي حمله كبره وتعظيمه للمال وللدنيا، حمله ذلك على الامتناع من أتباع موسى والبقاء على كفره بالله - نعوذ بالله من ذلك - فخسف الله به وبداره الأرض - نعوذ بالله - وإن شغله عن الصلاة تجارته شابه أبي بن خلف، فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، وأبي هذا تاجر أهل مكة من الكفار، قتل يوم أحد، فالواجب الحذر من إضاعتها، والواجب المحافظة عليها والاستقامة عليها، فهي عمود الإسلام، من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، نسأل الله للجميع الهداية.

بيان عدم صحة حديث 'من تهاون في الصلاة عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة'

32 – بيان عدم صحة حديث "من تهاون في الصلاة عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة" س: ما حكم ما ينشر في بعض النشرات عن عقوبة تارك الصلاة؟ وفيها: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول: من

تهاون في الصلاة عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة: ستة منها في الدنيا، وثلاثة عند الموت، وثلاثة في القبر، وثلاثة عند خروجه من القبر إلى نهاية هذه النشرة (¬1) ج: هذا الحديث ليس بصحيح، هذا الحديث قد نبه أهل العلم منهم الحافظ ابن حجر في اللسان والحافظ الذهبي في الميزان وغيرهما على أنه موضوع ولا صحة له، بل هو موضوع من الأحاديث المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد غلط الذهبي رحمه الله في ذكره في الكبائر والصواب أنه لا أصل له بل هو حديث موضوع مكذوب ليس له أصل، ومعلوم أن الصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام، والله قال فيها سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (¬2)، وقال فيها سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (¬3) وقال فيها سبحانه: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} (¬4) {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} (¬5). ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 20. (¬2) سورة البقرة الآية 43 (¬3) سورة البقرة الآية 238 (¬4) سورة الماعون الآية 4 (¬5) سورة الماعون الآية 5

وقال عز وجل في شأنها وتعظيمها: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (¬1)، يعني خسارة ودمارا، فالصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام، ومن ضيعها ضيع دينه، ومن حفظها حفظ دينه فالواجب على أهل الإسلام من الذكور والإناث أن يحافظوا عليها وأن يستقيموا عليها وأن يؤدوها في أوقاتها بالطمأنينة والطهارة والخشوع وغير ذلك من شؤونها، هذا هو الواجب على الذكور والإناث جميعا من المسلمين تعظيم هذه الصلاة والحفاظ عليها وأداؤها في أوقاتها والعناية بطهارتها وسائر ما شرع الله فيها؛ لأنها عمود الإسلام، من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، والرجل يزيد في ذلك أنه يؤديها في جماعة، يلزمه أن يؤديها في جماعة في مساجد الله وليس له أن يؤديها في البيت كالمرأة، لا بل هذا من خصال أهل النفاق ومن التشبه بهم كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «لقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق (¬2)». والله قال سبحانه في شأن المنافقين: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬3) ¬

_ (¬1) سورة مريم الآية 59 (¬2) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (654)، سنن النسائي الإمامة (849)، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (777)، مسند أحمد (1/ 415). (¬3) سورة النساء الآية 142

فالآيات تغني عما وضعه الوضاعون، وكذبه الكذابون، وهكذا ما جاء في السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام في شأن الصلاة كاف شاف، قال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» رواه مسلم في الصحيح. وقال أيضا عليه الصلاة والسلام فيما رواه أحمد ومسلم بإسناد جيد لما ذكر الصلاة فيما بينه وبين أصحابه قال: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور وبرهان ولا نجاة وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (¬3)» نسأل الله العافية، هؤلاء من كبار الكفرة ومن صناديدهم، فيجب الحذر من إضاعة الصلاة والتشبه بأعداء الله بالتخلف عنها قال بعض أهل العلم: إنما يحشر من ضيع الصلاة مع هؤلاء الكفرة ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721).

لأنه من يضيعها من أجل الرئاسة والملك فيكون شبيها بفرعون، فيحشر معه يوم القيامة - نعوذ بالله - وأما من يضيعها بسبب الوزارة فيكون شبيها بهامان وزير فرعون فيحشر معه يوم القيامة، وأما من يضيعها بسبب المال والشهوات فيكون شبيها بقارون الذي خسف الله به وبداره الأرض لما تكبر وطغى وامتنع عن طاعة موسى عليه الصلاة والسلام في زمانه، وأما من يضيعها بسبب التجارات والمعاملات فيكون شبيها بأبي بن خلف تاجر أهل مكة فيحشر معه يوم القيامة، فالحاصل أن الحفاظ على الصلاة من أهم المهمات ومن أوجب الواجبات، والتخلف عنها وإضاعتها من خصال أهل النفاق ومن أعظم المنكرات، ومن أسباب دخول النار، بل تركها بالكلية من أنواع الكفر بالله من الكفر الأكبر في أصح قولي العلماء فيجب الحذر من ذلك، ويجب على الرجال والنساء جميعا المحافظة على الصلوات وأداؤها كما شرع الله، كما تجب العناية بالطمأنينة فيها وعدم العجلة وعدم النقر، وأن تؤدى في الوقت، وأن يعتني بالطهارة وتكميلها وأن يعتني بالخشوع، كما قال سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬2) حتى قال سبحانه بعد ذلك: ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 1 (¬2) سورة المؤمنون الآية 2

{وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (¬1) {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} (¬2) {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (¬3) فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يوفقهم بالمحافظة على هذه الصلاة العظيمة، والعناية بها والحذر من التهاون بها وتركها. ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 9 (¬2) سورة المؤمنون الآية 10 (¬3) سورة المؤمنون الآية 11

حكم إطلاق كلمة الكفر على تارك الصلاة

33 – حكم إطلاق كلمة الكفر على تارك الصلاة س: ما الحكم إذا قال شخص عن جهل بأن حكم تارك الصلاة كافر دون أن يقصد شخصا بعينه هل يلزمه أن يتوب من ذلك ويأثم على قوله أم كيف توجهونه (¬1)؟ ج: الذي يقول هذا الكلام مصيب، فقد قاله النبي عليه الصلاة والسلام سيد الخلق عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح، يقول عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» رواه مسلم في الصحيح. ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» خرجه الإمام أحمد، وأهل السنن أبو داود ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 333. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

والترمذي والنسائي وابن ماجه بسند صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه فالواجب الحذر، والصلاة عمود الإسلام من تركها فقد كفر - نعوذ بالله من ذلك - فالواجب على الرجال والنساء الحذر من تركها والتهاون بها، والواجب المحافظة عليها في أوقاتها بالخشوع والطمأنينة كما قال الله سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬1)، وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (¬2) {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} (¬3) {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (¬4)، وقال في سورة المعارج: {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ} (¬5) {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (¬6). والواجب على جميع المسلمين العناية بالصلاة والحرص عليها والمحافظة عليها في أوقاتها بالخشوع والطمأنينة والعناية، وعلى الرجل أن يؤديها في جماعة في مساجد الله مع إخوانه، وليحذر كل الحذر من صفات المنافقين الذين يتكاسلون عنها، قال الله تعالى في حقهم: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬7)، ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 238 (¬2) سورة المؤمنون الآية 9 (¬3) سورة المؤمنون الآية 10 (¬4) سورة المؤمنون الآية 11 (¬5) سورة المعارج الآية 33 (¬6) سورة المعارج الآية 34 (¬7) سورة النساء الآية 142

فالواجب عليك يا عبد الله، وعليك يا أمة الله الحذر من صفات المنافقين، والواجب العناية بالصلاة والمحافظة عليها غاية المحافظة بالطمأنينة في ركوعها وسجودها وفي كل أحوالها، وأداؤها في الوقت: الرجل يؤديها مع إخوانه في المساجد في الجماعة ولا يتشبه بأهل النفاق، والمرأة تؤديها في بيتها في الوقت ولا تؤخرها عنه، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

حكم صيام من لا يصلي

34 – حكم صيام من لا يصلي س: يلاحظ بكل أسف سماحة الشيخ من بعض المسلمين أنهم يصومون لكنهم لا يصلون، كيف تقولون (¬1)؟ ج: هذه مسألة عظيمة قد تنازع أهل العلم فيمن ترك الصلاة كسلا وتثاقلا لا عن جحد الوجوب، فقال جمع: إنه لا يكفر بذلك، وقد أتى منكرا عظيما أعظم من الزنى وأعظم من الربا وأعظم من سائر المعاصي. قالوا: لكن لا يكفر كفرا أكبر بل يكون فيه كفر وفيه شرك، ولكن لا يكون ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 84.

كفرا أكبر وهذا هو المشهور بمذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة والجماعة وقال آخرون من أهل العلم: يكفر بذلك إذا ترك الصلاة عمدا وإن لم يجحد وجوبها وهذا هو المعروف عن الصحابة والمنقول عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال التابعي الجليل عبد الله بن شقيق العقيلي: «كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة (¬1)» يعني كفرا أكبر؛ لأن هناك أعمالا فيها كفر لكن أصغر مثل الحلف بغير الله ومثل البراءة من الأنساب وما أشبه ذلك، لكن مراده رضي الله عنه أنهم يرونه كفرا أكبر هذا هو الظاهر من سياق كلام عبد الله بن شقيق العقيلي وأعظم من هذا ما ثبت في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» هذا صريح، والكفر معرف بالألف واللام، الكفر والشرك، ومتى عرف الكفر والشرك بالألف واللام فالمراد به الكفر الأكبر والشرك الأكبر وثبت في المسند والسنن الأربع بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ¬

_ (¬1) سنن الترمذي الإيمان (2622). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» وفي المسند وسنن الترمذي عن معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (¬2)» فبيت سقط عموده هل يبقى؟ ما يبقى البيت إذا سقط عموده. وثبت أيضا في الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قيل له لما ذكر الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن أوقاتها: «وتعرف منهم وتنكر قال الصحابة: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة (¬3)» وفي لفظ آخر: «حتى تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (¬4)» فجعل ترك الصلاة كفرا بواحا فيه البرهان فهذا هو القول الأرجح أنه متى تركها تكاسلا عامدا كفر كفرا أكبر لا يصح صومه ولا غيره من عباداته، فمن صام ولم يصل فلا صوم له - نسأل الله العافية - أما إذا ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709).

جحد وجوب ذلك وقال: ما علي صلاة، أو استهزأ بها، استهزأ بالصلاة واستهزأ بالمصلين فهذا كفره أكبر عند جميع العلماء إذا استهزأ بها ولو صلى أو جحد وجوبها كفر إجماعا عند جميع أهل العلم؛ لأنه مكذب لله ورسوله عليه الصلاة والسلام.

حكم صيام من لا يصلي إلا في شهر رمضان

35 – حكم صيام من لا يصلي إلا في شهر رمضان س: شيخ عبد العزيز، ما حكم صيام ذلكم الذي لا يصلي إلا في رمضان، بل ربما صام ولم يصل (¬1)؟. ج: كل من حكم بكفره بطلت أعماله، عندما نحكم بكفره تبطل أعماله، قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬2)، وقال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (¬3)، وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه لا يكفر كفرا أكبر إذا كان يقر بالوجوب ولكنه يكون كفرا أصغر ويكون عمله هذا أقبح وأشنع من عمل الزاني والسارق ونحو ذلك، ومع هذا يصح صيامه وحجه عندهم وزكاته ونحو ذلك إذا ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 167. (¬2) سورة الأنعام الآية 88 (¬3) سورة المائدة الآية 5

أداها على الوجه الشرعي، ولكن تكون جريمته عدم المحافظة على الصلاة فهو على خطأ عظيم من وقوعه في الكفر الأكبر عند جمع من أهل العلم وحكاه بعضهم وهو قول الأكثرين أنه لا يكفر بذلك إذا كان لا يجحد الوجوب وإنما يتركها تكاسلا وتهاونا فإنه يكون بذلك قد أتى كفرا أصغر وجريمة عظيمة ومنكرا شنيعا أعظم من الزنى وأعظم من السرقة وأعظم من العقوق وأعظم من شرب الخمر نسأل الله العافية والسلامة، ولكن الصواب والصحيح من قولي العلماء في ذلك أنه يكفر كفرا أكبر - نسأل الله العافية - لما تقدم من الأدلة الشرعية. المقصود أن من صام وهو لم يصل فلا صيام له ولا حج له، نسأل الله السلامة والهداية لنا ولجميع إخواننا المسلمين، ولا شك أن الأمر خطير وعظيم وجدير بالعناية من أهل العلم في كل مكان جدير من أهل العلم أن يوضحوا هذا دائما وأن يحذروا الناس من التكاسل عن الصلاة حتى ولو قلنا إنه كفر أصغر يجب الحذر من هذه الجريمة العظيمة التي تجره إلى الكفر الأكبر ولو أن الإنسان حاسب نفسه لرأى أن إقراره بوجوبها ضعيف؛ لأنه لو أقر بوجوبها على الكمال لما تركها، لكن هذا الإقرار بالوجوب قد اعتراه الضعف والنقص ما جعله يتساهل بتركها - نسأل الله العافية - وربما أفضى به ذلك إلى جحد الوجوب - نسأل الله العافية - فيكفر بإجماع المسلمين،

نسأل الله العافية.

نصيحة لمن لا يصلي إلا في شهر رمضان

36 – نصيحة لمن لا يصلي إلا في شهر رمضان س: الأخ س. س، من العراق يقول: إنني ألاحظ أن كثيرا من الناس لا يصلون إلا في رمضان، وقد نصحتهم بنصائح كثيرة إلا أنني لم أجد الاستجابة منهم، نبهوا الناس حول هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا يا شيخ عبد العزيز (¬1) ج: الصلاة هي عمود الإسلام، وهي أعظم الفرائض بعد الشهادتين، فالواجب على كل مسلم ومسلمة العناية بذلك والمحافظة عليها في أوقاتها، وعلى الرجال بصفة خاصة أن يؤدوها في الجماعة في بيوت الله عز وجل ولا يجوز لأحد التخلف عنها أو التساهل بها، بل ذلك من دلائل النفاق، وقد قال الله عز وجل في كتابه المبين: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (¬2)، وقال عز وجل: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (¬3)، وقال عز وجل: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (¬4)، ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 167. (¬2) سورة البقرة الآية 238 (¬3) سورة البقرة الآية 43 (¬4) سورة مريم الآية 59

قال جماعة من أهل العلم معناه: يعني سوف يلقون خسارا ودمارا وعذابا، فالواجب على المؤمن وعلى المؤمنة العناية بالصلاة والمحافظة عليها والتواصي بذلك وأن تكون في أوقاتها، قال ابن مسعود رضي الله عنه: لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق. وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» وذكر الصلاة يوما عليه الصلاة والسلام بين أصحابه فقال: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (¬3)» وهذا وعيد عظيم يدل على كفره فمن ضيع الصلاة حشر مع هؤلاء الكفرة فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف. قال بعض العلماء: إنما ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721).

يحشر من ضيع الصلاة مع هؤلاء لأنه إن ضيعها من أجل الملك والرئاسة شابه فرعون فحشر معه يوم القيامة إلى النار وإن ضيعها بسبب الوزارة والوظيفة شابه هامان وزير فرعون فيحشر معه يوم القيامة إلى النار وإن ضيعها بأسباب المال وما أعطاه الله من الدنيا شابه قارون الذي بغى وطغى وتكبر ولم يستجب للحق حتى خسف الله به الأرض، وإن ضيعها بسبب التجارة والبيع والشراء شابه أبي بن خلف تاجر أهل مكة من قريش - الذي قتل يوم أحد، قتله النبي عليه الصلاة والسلام - فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، نسأل الله العافية. فالواجب على كل مؤمن وعلى كل مؤمنة العناية التامة بهذه الفريضة العظيمة، والمحافظة عليها في أوقاتها، والحذر من التخلف عنها أو التكاسل عنها في أي وقت، والذي لا يصليها إلا في الجمعة أو في رمضان يعتبر كافرا في الحقيقة عند جمع من أهل العلم - رحمة الله عليهم - ولو أقر بالوجوب، أما إذا جحد وجوبها كفر إجماعا، لكن إذا كان يعلم وجوبها عليه ويقر بذلك ولكنه يتكاسل فيدع بعض الأوقات أو لا يصلي إلا الجمعة أو لا يصلي إلا في رمضان هذا في أصح قولي العلماء يعتبر كافرا لما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي

بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» خرجه مسلم في صحيحه. ولما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الأمراء الذين يغيرون، وقال له الصحابة: «يا رسول الله أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة (¬3)» وفي لفظ آخر قال: «لا إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (¬4)» هذا يدل على أن ترك الصلاة من الكفر البواح نسأل الله العافية. فوصيتي ونصيحتي لكل مسلم ولكل مسلمة في أي مكان أن يتقي الله وأن يحافظ على هذه الصلوات الخمس وأن يهتم بها كثيرا ويعنى بها كثيرا في أوقاتها، وأن يحذر طاعة الشيطان وجلساء السوء، ويبتعد عنهم. هي عمود الإسلام وأهم الفرائض بعد الشهادتين، فليتق الله كل مسلم في ذلك، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709).

مسألة في حكم من لا يصلي إلا في شهر رمضان

37 - مسألة في حكم من لا يصلي إلا في شهر رمضان س: ما حكم الإسلام في رجل يصلي في رمضان ويصوم ولكنه في بقية الأيام لا يصلي رغم إعداد النصح له (¬1)؟ ج: من لا يصلي إلا في رمضان هو كافر، أو ما يصلي إلا الجمعة فقط كافر حتى يصلي الجميع؛ لأن الصلاة عمود الإسلام فرض على كل مسلم ومسلمة، فالذي يتركها إلا في رمضان أو إلا في الجمعة هذا كافر يجب على ولي الأمر أن يستتيبه - يعني الأمير أو المحكمة - فإن تاب وإلا قتل كافرا، هذا هو الصحيح من أقوال العلماء، وقال بعضهم: إنما يكفر إذا جحد الوجوب أما إذا كان لا يجحد فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل حدا، لا كفرا، والصواب أنه يقتل كفرا، أما القتل فإنه يقتل على كل حال، إذا لم يتب يقتل على كل حال من جهة ولي الأمر، لكن الصحيح أنه يكفر أيضا، حتى ولو ما جحد الوجوب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» رواه مسلم في الصحيح. ويقول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 218. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

فقد كفر (¬1)» وهذا يعم من تركها جاحدا أو تركها متساهلا ويعم الرجال والنساء جميعا، فالواجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة على الصلاة في وقتها، والحذر من تركها، فلو صلى المغرب والظهر والعصر والعشاء ولكن ترك الفجر كفر حتى يصلي الجميع، أو صلى الجميع وترك الجمعة كفر حتى يصلي الجميع، لا بد أن يصلي الجميع، هذا هو الصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» وهذا يعم الواحدة والاثنتين والثلاث والأكثر، فالواجب التوبة إلى الله ممن ترك ذلك، وأن يقلع وأن يستقبل توبة صادقة نصوحا ولا يلزمه قضاء ما فات، بالتوبة يكفر الله ما فات، ويعفو الله عما فات إذا تاب توبة صادقة نصوحا؛ لقوله جل وعلا في كتابه العظيم: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (¬3)، ولقوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} (¬4)، وقوله جل وعلا: ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) سورة الأنفال الآية 38 (¬4) سورة التحريم الآية 8

{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬1)، وهذه مصيبة عظيمة - التهاون بالصلاة - وقع فيها كثير من الناس، من الرجال والنساء، فالواجب الحذر والواجب التوبة إلى الله من ذلك، وأن لا يغتر الإنسان بقول بعض الناس إنه لا يكفر. حتى ولو كان ما كفر فهي معصية عظيمة أعظم من الزنى، وأعظم من اللواط، وأعظم من الخمر حتى ولو كان ما كفر على قول الآخرين من أكبر الكبائر ترك الصلاة ما بعد الكفر بالله والشرك بالله إلا ترك الصلاة، والصحيح أنه من الكفر بالله أيضا، وأنه كفر أكبر - نسأل الله العافية - فهي عمود الإسلام يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من حفظها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (¬2)» نسأل الله العافية. وكان عمر رضي الله عنه أمير المؤمنين يكتب إلى أمرائه ويقول: إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها فقد حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع نسأل الله السلامة. ويقول رضي الله عنه: «لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، (¬3)» ¬

_ (¬1) سورة النور الآية 31 (¬2) سبق تخريجه. (¬3) سبق تخريجه.

نسأل الله العافية.

حكم من يصلي أحيانا ويترك الصلاة أحيانا

38 – حكم من يصلي أحيانا ويترك الصلاة أحيانا س: الأخ ح. ع. ح، من الإقليم الشمالي في السودان يسأل ويقول: ما حكم من يصلي أحيانا ويترك الصلاة أحيانا؟ وجهونا ووجهوا الناس، جزاكم الله خيرا (¬1). ج: الصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي عمود الإسلام، وقد نزل فيها من الآيات الكريمات الشيء الكثير كما قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (¬2)، وقوله: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (¬3)، وقوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (¬4)، وقوله: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (¬5)، ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 162. (¬2) سورة البقرة الآية 43 (¬3) سورة البقرة الآية 238 (¬4) سورة النور الآية 56 (¬5) سورة العنكبوت الآية 45

إلى غير ذلك مثل قوله سبحانه: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (¬1)، وفيها آيات كثيرة فمن تركها وتهاون بها فهو دليل على فساد دينه وفساد عقيدته، وأنه ليس من الإسلام في شيء ولو زعم أنه يقر بها وأنها واجبة ما دام لا يحافظ عليها بل يدعها تارة ويصليها أخرى، أو يدعها بالكلية هذا كافر في أصح قولي العلماء حتى يتوب إلى الله ويحافظ عليها والحجة في ذلك ما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه ولم يقل صلى الله عليه وسلم: إذا جحد وجوبها؛ فهو أفصح الناس عليه الصلاة والسلام وأنصح الناس لو كان جحد الوجوب شرطا لبينه، فهو المبلغ عن الله وهو الدال على الحق عليه الصلاة والسلام، ومع هذا يقول: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬3)» والمرأة مثل الرجل سواء ولهذا في الحديث ¬

_ (¬1) سورة مريم الآية 59 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

الثاني يقول عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وهذا عام يعم الرجال والنساء ويعم من جحد الوجوب أو أقر بالوجوب، وما له أي فائدة في الإقرار بالوجوب إذا كان لا يصلي، لا ينفع به هذا الإقرار إذا كان ضيعها وأهملها واتصف بصفات المعرضين عنها، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم فيما تقدم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة العناية بالصلاة والمحافظة عليها والاستقامة عليها في جميع الأوقات خوفا من الله، وتعظيما له وطلبا لمرضاته، وحذرا من عقابه سبحانه وتعالى وابتعادا عن مشابهة المشركين التاركين لها وعلى الرجل مع ذلك أن يحافظ عليها في المساجد في بيوت الله مع إخوانه المسلمين، لا يصلي في بيته، الصلاة في البيت فيه مشابهة لأهل النفاق يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

لأتوهما ولو حبوا (¬1)» يعني لأتوهما في المساجد. ويقول عليه الصلاة والسلام: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم (¬2)» وما ذلك إلا لعظم الخطر، وعظم الجريمة لتركهم الصلاة مع الجماعة في مساجد الله، وقال عليه الصلاة والسلام: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (¬3)» هذا وعيد شديد، وقد جاءه رجل أعمى فقال: «يا رسول الله: ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب (¬4)» رواه مسلم في صحيحه وفي رواية أخرى خارج مسلم يقول صلى الله عليه وسلم: «لا أجد لك رخصة (¬5)» فإذا كان رجل أعمى ليس له قائد يلائمه ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم (651). (¬3) سبق تخريجه. (¬4) سبق تخريجه. (¬5) سبق تخريجه.

ومع هذا يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: أجب. ويقول: «لا أجد لك رخصة (¬1)» فكيف بحال الرجل البصير الصحيح؟ الأمر عظيم فالواجب على الرجال أن يتقوا الله، وأن يحضروا الصلاة مع المسلمين في مساجد الله، فهي شعيرة عظيمة يقيمها مع إخوانه في بيوت الله ويظهر هذا العلم العظيم من أعلام الإسلام، ويجتمع بإخوانه ويشاهدهم ويتعاون معهم على الخير، ويشجع الكسول، فإنه إذا صلى هذا في المسجد وهذا في المسجد وهكذا تشجع الناس وتعاونوا على الخير، وأدوا هذه الفريضة العظيمة في بيوت الله وإذا كسل هذا وكسل هذا تابعه غيره من أولاد وإخوة وخدم وغير ذلك، فيكون عليه مثل آثامهم لاقتدائهم به؛ لأنه قد دعاهم بالفعل إلى ترك هذه الفريضة في المساجد فالواجب على كل إنسان أن يتقي الله وأن يراقب الله وأن يصلي في المسجد مع المسلمين وإن كان كبيرا في نفسه، وإن كان تاجرا وإن كان أميرا فأمر الله فوق الجميع، الواجب على كل إنسان من المؤمنين أن يتقي الله وأن يراقب الله، وأن يؤدي هذه الصلاة في بيوت الله مع إخوانه، وأن يقوم على أولاده وخدمه حتى يصلوا معه في المساجد، هكذا المسلم يتقي الله ويوصي ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

بتقوى الله ويلزم من تحت يده بتقوى الله، وهكذا المرأة تعتني بذلك تصلي الصلاة في وقتها وتعتني ببناتها وخادماتها وأخواتها، تقوم عليهن وتلزمهن بما أوجب الله عليهن من الصلاة في وقتها ولعظم شأنها ولكونها عمود الإسلام بين النبي صلى الله عليه وسلم أن من تركها كفر، حتى ولو أقر بالوجوب هذا هو الصحيح الذي عليه أئمة الحديث المعروفون وقد ذكره التابعي الجليل عبد الله بن شقيق العقيلي عن الصحابة قال: «كانوا لا يرون شيئا تركه كفر من الأعمال غير الصلاة (¬1)» يعني لعظم شأنها. نسأل الله لإخواننا المسلمين ولنا جميعا الهداية والتوفيق. ¬

_ (¬1) سنن الترمذي الإيمان (2622).

حكم من يصلي وينقطع مرارا عنها

39 – حكم من يصلي وينقطع مرارا عنها س: شخص يصلي وينقطع مرارا عنها، وهذا حاله، ما هي نصيحتكم له (¬1)؟. ج: الواجب على كل مسلم ومسلمة تقوى الله في كل شيء، والصلاة عمود الإسلام وهي أعظم الفرائض، وأهم الفرائض بعد الشهادتين، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة العناية بالصلاة والمحافظة ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 164.

عليها كما قال الله عز وجل: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬1)، وقال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (¬2)، وقال سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (¬3)، والصلاة أعظم عمل وأهم عمل بعد الشهادتين، من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع والذي يفعلها تارة ويضيعها تارة كافر في أصح قولي العلماء - نسأل الله العافية - ولو لم يجحد وجوبها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬4)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه. ولقوله عله الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬5)» خرجه مسلم في صحيحه. ولأحاديث أخرى جاءت في الباب، فالواجب على المسلمين ذكورا وإناثا الحذر من التهاون بالصلاة والتساهل بها والواجب المحافظة عليها في الوقت والعناية بها ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 238 (¬2) سورة البقرة الآية 43 (¬3) سورة النور الآية 56 (¬4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

بطمأنينة وخشوع حتى تؤدى كما أمر الله، وعلى الرجل أن يحافظ عليها في الجماعة في مساجد الله مع إخوانه المسلمين، وليحذر من التشبه بالمنافقين الذين لا يؤدون الصلاة في الجماعة إلا رياء، وإذا غابوا عن الناس تساهلوا بها وتركوها، يقول الله سبحانه وتعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬1) {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ} (¬2)، يعني: ليسوا مع المسلمين حقا ولا مع الكافرين حقا، بل هكذا وهكذا مترددون بشكهم وكفرهم وضلالهم، ويقول سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (¬3) لكفرهم ونفاقهم وشكهم وريبهم وإبطانهم الكفر، فالواجب الحذر من صفاتهم والحذر من أخلاقهم الذميمة. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 142 (¬2) سورة النساء الآية 143 (¬3) سورة النساء الآية 145

حكم قضاء من يترك الصلاة أحيانا

40 – حكم قضاء من يترك الصلاة أحيانا س: أنا الآن أبلغ من العمر الثامنة والعشرين، ومنذ كان عمري سبع عشرة سنة وأنا أصلي وأصوم ولكن أحيانا أترك الصلاة مدة، ثم أعود إليها فماذا علي الآن؟ هل علي قضاء أم تكفي التوبة؟

وكيف أعمل وأنا ربما أجهل عدد الأيام التي تركت الصلاة فيها وكذلك بالنسبة للصيام، فقد أفطرت بعض الأيام بدون عذر، وأفطرت خلال أربع سنوات بسبب مرض ولم يمنعني الأطباء من الصيام، ولكني أنا شعرت بضعف شديد وهبوط في صحتي فأفطرت، فماذا أفعل الآن؟ أرشدوني بارك الله فيكم (¬1) ج: ترك الصلاة كفر أكبر - نعوذ بالله - يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (¬2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬3)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬4)» فترك الصلاة وإن كان تهاونا كفر أكبر في أصح قولي العلماء أما إن كان عن جحد لوجوبها فهذا كفر أكبر عند جميع العلماء ولكن إذا كان عن تساهل وتهاون فهذا كفر أكبر في ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 49. (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

أصح قولي العلماء فعليك التوبة إلى الله، وليس عليك القضاء عليك التوبة الصادقة النصوح، تندم على ما مضى منك، والعزم الصادق على ألا تعود لهذا الشيء والاستمرار في الصلاة، وليس عليك القضاء فما فات من الصيام والصلوات السابقة التي تركتها تهاونا فالصوم تابع لذلك؛ لأن ترك الصلاة كفر فليس عليك قضاء الصلاة ولا الصيام، أما ما تركت من الصيام وأنت تصلي بعدما تاب الله عليك وتركت هذا الذنب العظيم فإنك تقضي الصيام، وأما إذا كان ترك الصيام في وقت ترك الصلاة فإنك لا تقضيه، ولا تقضي الصيام لأن المسلم إذا ارتد عن دينه لا يقضي قال الله جل وعلا: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (¬1)، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تجب ما قبلها، (¬2)» فإذا تاب الرجل من ترك الصلاة بعدما تركها ورجع إلى الله فإنه يستمر في العبادة والعمل الصالح ويسأل ربه المغفرة والعفو، وليس عليه قضاء لا لصلاة ولا لصومه السابق الذي تركه في حال ترك الصلاة، نسأل الله السلامة. ¬

_ (¬1) سورة الأنفال الآية 38 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (121).

وعليك الصدق مع الله ودعاؤه جل وعلا أن يثبتك على الحق، وعليك الإكثار من العمل الصالح كما قال الله جلا وعلا: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (¬1)، ولما ذكر الله سبحانه الشرك والقتل والزنى قال تعالى بعد هذا: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (¬2)، فنوصيك وجميع المسلمين بالتوبة إلى الله الصادقة النصوح من جميع الذنوب، ولا سيما ترك الصلاة فإنه ذنب عظيم وكفر عظيم فعليك بالمبادرة والمسارعة للتوبة الصادقة، والعزم الصادق ألا تعود والاستمرار في الصلاة وهكذا نوصى جميع من ترك الصلاة أن يتوب إلى الله وإن يبادر بالتوبة الصادقة النصوح، وليس عليه قضاء فما ترك إلا الصيام الذي تركه وهو يصلي، فيصوم ما يغلب على ظنه أنه تركه إذا لم يعلم العدد. ¬

_ (¬1) سورة طه الآية 82 (¬2) سورة الفرقان الآية 70

حكم من يترك بعض الصلوات تكاسلا

41 – حكم من يترك بعض الصلوات تكاسلا س: الأخ ع. أ. ي. ن، من اليمن يسأل ويقول: ما قولكم في الشخص الذي يصلي بعض الصلوات ويترك بعضها تكاسلا منه ويقول:

إن الله غفور رحيم، وبم تنصحون حيال هذا الشخص المهمل لدينه؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب على المسلم أن يحافظ على الصلوات الخمس في الجماعة، فهي عمود الإسلام، وليس له أن يتساهل في شيء منها بل متى ترك شيئا منها عمدا كفر عند جمع من أهل العلم إذا كان مقرا بوجوبها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬3)» الأمر عظيم، فالواجب نصيحته، وأن يبادر بالتوبة إلى الله سبحانه وتعالى لعل الله يتوب عليه جل وعلا، وهذا من صفات أهل النفاق، نسأل الله العافية، يجب الحذر ويجب تحذيره ونصيحته. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 272. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

حكم التساهل بصلاة الفجر والعصر

42 – حكم التساهل بصلاة الفجر والعصر س: يتساهل كثير من الناس بهذين الوقتين وهما الفجر والعصر، هل

من نصيحة لهؤلاء؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم الواجب على كل مؤمن ومؤمنة الحرص على المحافظة على الصلاة في وقتها جميع الصلوات الخمس، وأن يخص الفجر والعصر بمزيد عناية، الفجر في الحقيقة كثير من يتكاسل عنها وينام حتى طلوع الشمس، وربما لا يقوم لها إلا إذا قام لعمله إن صلى، وهذه مصيبة عظيمة ومنكر عظيم الواجب أن يصلي في الوقت قد ذهب جمع من أهل العلم أنه إذا تعمد تركها حتى تطلع الشمس كفر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» وهذا قد تعمد تركها حتى خرج وقتها وهكذا من تعمد ترك صلاة العصر حتى غابت الشمس يكفر عند جمع من أهل العلم لهذا الحديث الصحيح، وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬3)» فالواجب على المؤمن وعلى المؤمنة العناية بالصلوات الخمس، والمحافظة عليها في أوقاتها، وأن يخص الفجر بمزيد عناية حتى يقوم لها ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 397. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

ويصليها مع المسلمين في وقتها وتصليها المرأة في وقتها وهكذا العصر، بعض الناس إذا جاء من العمل سقط نائما وترك صلاة العصر وهذا منكر عظيم - والعياذ بالله - وكفر أكبر عند بعض أهل العلم إذا تعمد ذلك، فالواجب الحذر وهكذا بعض الناس يسهر على القيل والقال أو اللعب، ثم نام عن صلاة الفجر، هذا منكر عظيم، الواجب عدم السهر، وأن يتحرى بنومه ما يعينه على القيام لصلاة الفجر، وأن يصليها في الجماعة، ولا يجوز له التشبه بالمنافقين، أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر وهكذا صلاة العصر كل الصلوات ثقيلة عليهم، {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (¬1)، فالواجب الحذر من مشابهتهم، والواجب المحافظة عليها في وقتها كلها، الصلوات الخمس جميعا يجب أن يحافظ عليها في أوقاتها مع إخوانه في المساجد، وأن يخص الفجر والعصر والعشاء بمزيد عناية حتى يحذر من صفات المنافقين، نسأل الله للجميع العافية والهداية. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 142

حكم ترك صلاة الفجر

43 - حكم ترك صلاة الفجر س: أحد الإخوة المستمعين من الرياض رمز لاسمه بالحروف م. م.

ع، يقول: ما حكم ترك صلاة الفجر (¬1)؟. ج: هذا فيه تفصيل، ترك صلاة الفجر مع الجماعة لا يجوز؛ لأنه مشابهة لأهل النفاق، الواجب أن تصلي في الجماعة في المساجد، هذا هو الواجب كبقية الصلوات، الواجب أن تؤدى في الجماعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» قيل لابن عباس ما العذر؟ قال خوف أو مرض، وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى يستأذنه أن يصلي في بيته، فقال عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب (¬3)» هذا أعمى يستأذن أن يصلي في البيت ليس له قائد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب (¬4)»، فإذا كان هذا أعمى ليس له قائد يؤمر بالصلاة في الجماعة في المسجد فالمبصرون من باب أولى، المقصود أن الواجب على المسلم أن يصلي في المسجد جميع الصلوات الخمس مع الجماعة ولو كان كفيفا، يجب عليه أن يصلي ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 342. (¬2) سبق تخريجه. (¬3) سبق تخريجه. (¬4) صحيح مسلم الإيمان (82).

مع الناس، ولا يجوز له الجلوس في البيت والصلاة في البيت، أما تركها بالكلية - ترك الفجر أو الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء - هذا كفر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» فالواجب الحذر ووصيتي لكل مسلم ولكل مسلمة المحافظة على الصلاة في وقتها وعلى الرجل أن يؤديها مع الجماعة في المساجد وأن يتقي الله وأن يتقي مشابهة المنافقين، وأن يحذر تركها، وأما تعمد تركها فهذا من الكفر، نعوذ بالله. س: بعض الأشخاص لا يصلون صلاة الفجر ويصلون الصلوات الأخرى، فهل صلاتهم هذه مقبولة (¬3)؟ ج: الصحيح من أقوال العلماء أن من ترك واحدة من الصلوات كفر، ولا تقبل بقية صلواته ولا بقية أعماله؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وقد صح عن رسول الله ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬3) السؤال الثاني من الشريط رقم 226.

صلى الله عليه وسلم أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» وليس لقوله: بين الرجل وبين الكفر مفهوم، فالأحكام تعم الرجال والنساء فكل حكم يرد للرجل فهو للنساء وكل حكم يرد في النساء فهو للرجل إلا ما خصه الدليل، والخلاصة أن من ترك الصلاة من الرجال والنساء كفر بذلك ولو لم يجحد وجوبها. هذا هو الصواب من قولي العلماء وهو المعروف عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فالواجب على من ترك الصلاة أو ترك فرضا منها أن يتوب إلى الله، وأن يبادر بالرجوع إليه والتوبة إليه توبة نصوحا، والله يتوب على التائبين سواء كانت صلاة الفجر أو المغرب أو العشاء أو الظهر أو العصر أو الجمعة والواجب على أقاربه وإخوانه وزملائه أن ينصحوه وأن يوجهوه إلى الخير، وأن ينكروا عليه فيما يتساهل فيه من الصلاة، وإن لم يبال رفع أمره إلى ولي الأمر حتى يعاقب بما يستحق، ولا يجوز السكوت عنه والتساهل معه؛ لأن الله يقول جل وعلا: ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (¬1) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (¬2)» وترك الصلاة أعظم المنكرات بعد الشرك، وتركها من الكفر، داخل في الشرك والكفر للحديث السابق: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬3)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬4)» وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما سئل عن بعض الأمراء الذين يخالفون بعض الشرع، سأله السائل: هل نقاتلهم؟ قال: «لا ما أقاموا فيكم الصلاة (¬5)» وفي رواية: «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (¬6)» فجعل ترك الصلاة برهانا على الكفر الأكبر الذي يبيح الخروج على ولاة الأمور وجعل إقامتها برهانا على الإسلام، وأنه لا يجوز ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 71 (¬2) سبق تخريجه. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855). (¬6) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تكرونها، برقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709).

الخروج على من أقام الصلاة، فالحاصل أن الواجب على كل مسلم أن يؤدي الصلاة في أوقاتها، وهكذا المسلمات من النساء يجب على كل مسلم ومسلمة مكلف أن يؤدي الصلاة في أوقاتها، ومتى ترك واحدة من هذه الصلوات الخمس كفر بذلك فإن تركها كلها كفر أيضا من باب أولى - نسأل الله السلامة - وقد يفعل بعض الناس منكرا آخر وهو أنه يصلي في رمضان ولا يصلي في غير رمضان أو يصلي الجمعة ولا يصلي غيرها وهذا أشد كفرا ممن ضيع صلاة الفجر، نسأل الله العافية، فالحاصل أن من ترك الصلاة يوما أو شهرا أو سنة أو في الأسبوع مرة أو في الأسبوع مرتين هو كافر بكل حال؛ لأن كل ما كان الترك أكثر صار الكفر أشد، نسأل الله العافية.

حكم التساهل بأداء الصلاة حتى يخرج وقتها

44 – حكم التساهل بأداء الصلاة حتى يخرج وقتها س: يقول: إذا سمعت المؤذن يرفع الأذان عند صلاة الصبح، واستحوذ علي الشيطان ولم أقم للصلاة، وصليتها بعد طلوع الشمس، فما حكمها، هل هي قضاء ويسقط الفرض أم أني أكون آثما؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 347.

ج: أنت بهذا آثم؛ لأنه ما يجوز لك التساهل، بل يجب القيام إذا أذن بالواجب، يجب أن تقوم وتصلي مع المسلمين إلا إذا كنت عاجزا مريضا صليت في البيت في الوقت أما تأجيلها إلى طلوع الشمس فهذا منكر لا يجوز وقال بعض أهل العلم: إنه كفر من فعل ذلك، إذا تعمد ذلك يكفر لأنه أخرها عن وقتها عمدا وتساهلا. فالواجب عليك الحذر، وأن تصليها في وقتها إذا دخل الوقت ولو ما سمعت الأذان ولو أريته بالساعة وجب عليك أن تقوم وأن تصلي مع المسلمين في المساجد والمرأة تصلي في البيت في وقت الصلاة ومن أخرها عمدا فهو آثم إثما عظيما، وكافر كفرا أصغر عند الجميع عند جمهور أهل العلم، وكفرا أكبر عند بعض أهل العلم، وهو الصواب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬2)» وهو عام للرجال والنساء، إذا تركت المرأة الصلاة عمدا حتى خرج الوقت كفرت، وهكذا الرجل على الصحيح فالواجب التوبة والبدار بالتوبة من تركها، ومن قضاها وإن كان ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

متعمدا فلا حرج عليه خروجا من الخلاف لكن لا يلزم القضاء على الصحيح وإنما يلزمه التوبة والرجوع إلى الله والعمل الصالح والاجتهاد في الخير؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (¬1) فالواجب على من تركها أن يتوب إلى الله وأن يقلع وأن يندم ندما عظيما، وأن يكثر من التطوعات والاستغفار والعمل الصالح لعل الله أن يتوب عليه سواء كان رجلا أو امرأة، نسأل الله العافية والسلامة. ¬

_ (¬1) سورة طه الآية 82

حكم تأخير صلاة الفجر عن وقتها وقضائها عند قيامه للعمل

45 – حكم تأخير صلاة الفجر عن وقتها وقضائها عند قيامه للعمل س: الأخ ع. م. ص. ع، من اليمن يقول: ما حكم من سكن مع مجموعة من الشباب، لكنهم لا يصلون صلاة الصبح في وقتها بل يتركونها حتى قيامهم للعمل ثم يصلون؟ آمرهم بهذا ولم يستجيبوا، ويسأل توجيهكم، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر والإنكار عليهم وتحذيرهم من مغبة ذلك، وأنه لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها، الله كتب ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 257.

على المسلمين الصلاة موقوتة: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (¬1) وأمر أن تؤدى في وقتها، وهكذا رسوله عليه الصلاة والسلام، يقول جل وعلا: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} (¬2) يعني صلاة الفجر {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (¬3) الواجب أن تؤدى في الوقت، ولا يجوز للمسلم أن يؤخر صلاة الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس حتى يقوم لعمله، بل يجب عليه أن يصليها في الوقت، وإذا تعمد ذلك يكفر عند جمع من أهل العلم، تعمد ذلك، قصد ذلك، كفر عند جمع من العلماء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬4)» ومن أخرها عن وقتها عمدا فقد تركها، ويقول صلى الله عله وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬5)» فيجب الحذر، الواجب على المؤمن أن يحذر هذه المحارم العظيمة ولو قيل بعدم كفره، يجب أن يحذر؛ لأنها معصية ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 103 (¬2) سورة الإسراء الآية 78 (¬3) سورة الإسراء الآية 78 (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬5) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

عظيمة وكبيرة عظيمة حتى ولو قلنا بعدم الكفر مع أن القول القوي والقول الراجح كفر من ترك الصلاة وإن لم يجحد وجوبها لهذا الحديث الصحيح وما جاء في معناه، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» رواه مسلم في الصحيح. فالذي ترك الصبح حتى طلعت الشمس قد تعمد تركها، وإذا ترك العصر حتى غابت الشمس فقد تعمد تركها وإذا ترك العشاء حتى طلع الفجر فقد تعمد تركها يقال له: إنه ما صلى، ويقال له: ترك الصلاة، وإذا ترك الخمس جميعا صار أشد في الكفر فالذي يترك واحدة أو ثنتين حكمه حكم من ترك الجميع، والله يقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬2) يعني حافظوا عليها في وقتها يجب أن تحافظوا عليها في وقتها ولا يجوز التشبه بأهل النفاق. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) سورة البقرة الآية 238

حكم قضاء صلاة الفجر بعد شروق الشمس تهاونا

46 - حكم قضاء صلاة الفجر بعد شروق الشمس تهاونا س: يقول هذا السائل من اليمن: ما حكم من كان مقصرا في أداء صلاة الفجر تهاونا بها حيث إنه لا يصليها إلا بعد شروق

الشمس، وهل يعد من المنافقين (¬1)؟ ج: من تعمد ترك الصلاة حتى يفوت وقتها كفر في أصح قولي العلماء يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» والذين يتعمدون تأخير الفجر حتى طلوع الشمس يكفرون عند جمع من أهل العلم؛ لأن الحديث يعمهم، فالواجب الحذر من ذلك، والواجب أن تصلى في وقتها مع الجماعة في المساجد وإن صلاها في البيت أجزأته، وسلم من الكفر، لكنه عاص لأنه ترك الجماعة ولم يصل مع المسلمين في مساجدهم، والنبي عليه الصلاة والسلام أمر بالصلاة في المساجد وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (¬3)» قيل لابن عباس: ما هو العذر؟ قال: خوف أو مرض، وجاءه رجل أعمى قال: «يا رسول الله، هل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: هل تسمع ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والخمسون من الشريط رقم 434. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) سبق تخريجه.

النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب (¬1)» أعمى أمره أن يجيب، يصلي في الجماعة، وقال عليه الصلاة والسلام: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم انطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم (¬2)» وقال ابن مسعود رضي الله عنه: لقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني الجماعة في المساجد - إلا منافق معلوم النفاق أو مريض، نسأل الله العافية. فالواجب الحذر والواجب أن تؤدى مع المسلمين في المساجد ولا يجوز التخلف عنها في البيوت، نسأل الله للجميع الهداية. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) سبق تخريجه.

حكم قضاء صلاة الفجر بعد العاشرة صباحا

47 - حكم قضاء صلاة الفجر بعد العاشرة صباحا س: يقول السائل: ما حكم صلاة الفجر بعد الساعة العاشرة صباحا (¬1)؟. ج: الواجب أن يصلي مع المسلمين في وقتها بعد الأذان يصلي في المساجد وليس له التخلف ولا يجوز تأخيرها إلى طلوع الشمس. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 435.

حكم تأخير قضاء صلاة الفجر مع الظهر لغير عذر

48 - حكم تأخير قضاء صلاة الفجر مع الظهر لغير عذر س: يقول السائل: ما حكم من لم يصل صلاة الفجر ويؤدي صلاة الفجر مع الظهر بدون سبب أو عذر، هل تصح صلاته (¬1)؟. ج: عند جمهور أهل العلم عليه القضاء مع التوبة إلى الله، عليه أن يتوب إلى الله ويندم على ما فعل من الجريمة السيئة ويقضيها، وذهب بعض أهل العلم أنه إذا تعمد هذا يكون كافرا وعليه التوبة، ولا يلزمه القضاء؛ لأن جريمته عظيمة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» وهذا تعمدها حتى خرج وقتها فيكفر بذلك ولا يلزمه القضاء وعليه التوبة، ولكن إذا قضى احتياطا خروجا من الخلاف مع التوبة إلى الله يكون حسنا إن شاء الله. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 244. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

الأسباب المعينة على صلاة الفجر

49 – الأسباب المعينة على صلاة الفجر س: تقول الأخت أم ع. من الرس: ما الأسباب المعينة على قيام صلاة الفجر (¬1)؟. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والستون من الشريط رقم 433.

ج: الأسباب المعينة: التبكير بالنوم بعد صلاة العشاء، الإنسان يبكر بالنوم ولا يسهر؟ ويركد الساعة قبل الأذان حتى يستفيد منها؟ وينتفع بها، أو يوصي من حوله من أهل بيته بإيقاظه، لا بد من بذل الأسباب مع سؤال الله الإعانة والتوفيق.

حكم قضاء الصلوات لمن تركها تعمدا

50 - حكم قضاء الصلوات لمن تركها تعمدا س: السائل ي. إ، من سوريا يقول: أسأل عن قضاء الصلاة في حال كون الإنسان لم يكن يصلي، وبلغ من العمر بعد سن البلوغ والتكاليف، وهداه الله إلى الصلاة، هل يجب عليه أن يقضي ما فاته من صلاة أم أن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يجب ما قبله (¬1)» يشمل (¬2)؟. ج: نعم إذا كان الإنسان لا يصلي ثم هداه الله فالتوبة تجب ما قبلها، والإسلام يجب ما قبله وهكذا المرأة إذا كانت لا تصلي ثم هداها الله ليس عليها القضاء التوبة تكفي والحمد لله، يقول صلى الله عليه وسلم: ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم برقم (17813). (¬2) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم 420.

«الإسلام يجب ما قبله والتوبة تجب ما قبلها، (¬1)» فمن كان لا يصلي فالواجب عليه التوبة إلى الله والرجوع إلى الله والإنابة إليه، وليس عليه قضاء ما فات، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم برقم (17813).

مسألة في حكم قضاء الصلوات لمن تركها تعمدا ثم تاب

51 - مسألة في حكم قضاء الصلوات لمن تركها تعمدا ثم تاب س: يقول السائل: هل يقضي الصلاة من تركها عمدا إذا وفقه الله للتوبة، سواء كان ما تركه وقتا واحد أو أكثر (¬1)؟. ج: التوبة تجب ما قبلها، ليس عليه قضاء، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 412.

س: هل تارك الصلاة، إذا تاب يقضي ما عليه من الصلوات (¬1)؟. ج: التارك للصلاة عامدا الصواب أنه لا إعادة عليه، وعليه التوبة لأنه يكفر بذلك والكافر يكفيه الإسلام والتوبة فمن كفر فلا يعيد ما مضى من صلاة ولا رمضان ولا غير ذلك وعليه العمل من جديد هذا هو الواجب على من ارتد عن دينه قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬2)، ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 382. (¬2) سورة الأنعام الآية 88

وقال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (¬1)، فالواجب عليه التوبة إلى الله، والرجوع إليه والإنابة إليه، والعناية بالصلاة والمحافظة عليها مستقبلا، وليس عليه قضاء ما مضى؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» أخرجه مسلم في صحيحه. ولقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬3)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، وقوله صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (¬4)» والأدلة في هذا كثيرة، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة العناية التامة بالصلاة والمحافظة عليها في أوقاتها هذا هو الواجب على جميع المسلمين رجالا ونساء، الواجب العناية بالصلاة والمحافظة عليها في الوقت؛ لقول الله عز وجل: ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 5 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616).

{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬1)، يعني العصر، {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (¬2) ولقوله جل وعلا: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (¬3)، ولقوله سبحانه {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (¬4)، ولما تقدم من الأحاديث. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 238 (¬2) سورة البقرة الآية 238 (¬3) سورة النور الآية 56 (¬4) سورة العنكبوت الآية 45

بيان الحكمة من عدم قضاء الصلوات لمن تركها تعمدا ثم تاب

52 – بيان الحكمة من عدم قضاء الصلوات لمن تركها تعمدا ثم تاب س: السائل: س. ف، يسأل ويقول: لماذا إذا لم يصل الشخص يكون خارجا عن الملة، وإذا تاب لا يقضي صلواته التي لم يصلها؟ ولماذا يقضي صومه إذا تاب علما بأني لم أكن أصلي من قبل؟ أفيدوني عن هذه القضايا، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ينبغي أن يعلم أن الأحكام الشرعية إنما تؤخذ عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام لا عن آراء الناس الأحكام التي يحكم بها على العباد في كفر أو إيمان أو طاعة أو معصية إنما تؤخذ عن الله وعن رسوله ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 263.

عليه الصلاة والسلام، فمن ترك الصلاة فقد حكم عليه الرسول عليه الصلاة والسلام بأنه كافر كما أن من أشرك بالله وعبد ما هو غيره فقد حكم عليه الله ورسوله بأنه كافر وهكذا من استهزأ بالله ودينه حكم الله عليه بأنه كافر أما من ترك الصيام فإنه عاص؛ لأن الله ما حكم عليه بالكفر ولا رسوله فهو عاص، يؤمر بالقضاء أما من ترك الصلاة فإنه يكفر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» رواه مسلم، وقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬2)» خرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربعة بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، وهناك أحاديث أخرى كلها تدل على كفر تارك الصلاة؛ لأنها عمود الإسلام، وأعظم الأركان بعد الشهادتين، فلهذا كفر تاركها، وإذا أسلم لا يطلب منه القضاء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر الذين ارتدوا ثم أسلموا أن يقضوا بل قبل منهم إسلامهم ولم يأمروهم بالقضاء وهكذا الصحابة رضي الله عنهم، لما قاتلوا أهل الردة لم يأمروهم بالقضاء بعدما أسلموا؛ ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

لأن الإسلام يجب ما قبله، الإسلام توبة عظيمة تهدم ما قبلها، ولأن مطالبة الإنسان بقضاء ما فاته في حال الردة قد ينفره في الإسلام، وقد يحول بينه وبين الدخول في الإسلام، وكان من حكمة الله ومن إحسانه إلى عباده أن جعل الإسلام يهدم ما كان قبله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يهدم ما كان قبله (¬1)» فمن أسلم غفر الله له، ما مضى من شرك وغيره. أما من ترك الصيام فإنه مسلم لا يكون كافرا إذا كان لم يجحد الوجوب، إذا كان ما جحد وجوب صوم رمضان بل يعلم أنه واجب عليه ولكن تكاسل فأفطر في بعض الأحيان، هذا يكون عاصيا، وعليه القضاء والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

مسألة في قضاء الصلاة والصيام لمن تركهما تعمدا ثم تاب

53 - مسألة في قضاء الصلاة والصيام لمن تركهما تعمدا ثم تاب س: أفيدكم - أفادكم الله - عن هذه القضية، عمري يتجاوز الثلاثين كنت لا أعرف صلاة ولا صياما - والعياذ بالله - وكنت من الضائعين، ولكن الله من علي والحمد لله فالتزمت، وشرعت في

كتاب الله حفظا، هل في السنين التي انتهت في عمري علي صلاة وصيام وأنا بدأت الصوم قبل ثلاث سنوات فقط، وأما بقية السنين فبدون صيام ولا صلاة، وجهوني حول حالتي السابقة، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الحمد لله الذي هداك وردك إلى الصواب، وأوصيك بتقوى الله، والصبر والثبات والاستقامة، وسؤال الله سبحانه دائما أن يثبتك على الحق، وأن يعينك على ذكره وشكره، وحسن عبادته وأن يمنحك التوفيق، وتدعو ربك كثيرا في السجود وفي آخر الصلاة، وفي آخر الليل، وبين الأذان والإقامة تجتهد في الدعاء، تسأله سبحانه أن يمنحك التوفيق، وأن يمنحك الاستقامة وأن يمنحك الفقه في الدين، وأن يعفو عنك عما سلف وليس عليك قضاء لا صلاة ولا صيام؛ لأن التوبة تجب ما قبلها، ولأن من ترك الصلاة كفر، فلا يقضي ما مضى لقوله سبحانه: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (¬2)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «التوبة تهدم ما كان قبلها (¬3)». وقوله صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 246. (¬2) سورة الأنفال الآية 38 (¬3) صحيح مسلم الإيمان (121)، مسند أحمد (4/ 204).

كمن لا ذنب له (¬1)» فإذا كان الإنسان على حالة كفرية، ثم تاب فإنه لا يقضي ما مضى من صلاة ولا صوم، وإذا أسلم وتاب فهو على ما أسلم من خير، ما كان قبل ذلك من الخير يبقى له، وليس عليه قضاء لما فاته من صلاة أو صوم في حال كفره بتركه الصلاة. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250).

مسألة في قضاء الصلوات التي تركت تعمدا

54 - مسألة في قضاء الصلوات التي تركت تعمدا س: أثناء فترة الشباب كان يفوتني البعض من الصلوات مثل العصر والفجر على سبيل المثال، والحمد لله الآن أقضي جميع الصلوات الخمس في المسجد، وأصلي مع الجماعة وأحرص على أن لا يفوتني أي فرض وأفكر كيف أقضي ما فاتني في فترة الشباب، هل ممكن أن أقضي مع كل فرض فرضا لما فاتني حتى ولو بين الأذان والإقامة؟ أرجو منكم بيان ذلك (¬1) ج: ليس عليك قضاء والتوبة تجب ما قبلها - والحمد لله - لأن ترك الصلاة كفر، ولا خلاص من ذلك إلا بالتوبة، وما دمت تبت من ذلك ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 380.

فالحمد لله ولا قضاء عليك، التوبة تجب ما قبلها؛ لأن من ترك الصلاة كفر فإذا تاب ورجع إلى الحق والهدى فليس عليه قضاء ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم المرتدين أن يقضوا والصحابة لم يأمروا المرتدين أن يقضوا لما أسلموا لم يأمروهم أن يقضوا ما فاتهم من صيام أو صلاة، والحمد لله.

س: تقول السائلة: كنت من قبل أضيع بعض الصلوات وأؤخرها عن وقتها، ولكنني الآن تبت إلى الله توبة نصوحا، وأحافظ على الصلوات الخمس، ماذا علي أن أفعل فيما سبق، هل أعيد ما تركت (¬1)؟ ج: التوبة كافية، الإنسان الذي ما يصلي أو يصلي تارة ويخلي تارة إذا تاب كفاه وليس عليه القضاء قال الله جل وعلا: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (¬2)،، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تجب ما قبلها، (¬3)» وفي الحديث الآخر: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (¬4)» ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 408. (¬2) سورة الأنفال الآية 38 (¬3) صحيح مسلم الإيمان (121)، مسند أحمد (4/ 204). (¬4) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250).

فليس على من ترك الصلاة ثم هداه الله وتاب الله عليه ليس عليه القضاء لما مضى ويكفيه التوبة - والحمد لله - التوبة والعمل الصالح والاجتهاد في الخير، كما قال تعالى في كتابه العظيم: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة طه الآية 82

س: يقول السائل: إذا كان إنسان لا يصلي ولا يصوم في فترة من حياته، ثم تاب وأقام الصلاة وصام رمضان، هل يلزمه قضاء الصلاة والصيام أم لا (¬1)؟ ج: الصواب أنه لا يلزمه ذلك والتوبة تكفي والحمد لله التوبة الصحيحة النصوح تكفي والحمد لله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تجب ما قبلها والإسلام يهدم ما كان قبله وتارك الصلاة يكفر بذلك، (¬2)» فإذا أسلم وتاب ليس عليه إعادة كسائر الكفار إذا ارتد كسائر من ارتد ثم رجع لا يقضي. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 293. (¬2) صحيح مسلم الإيمان (121)، مسند أحمد (4/ 204).

س: هل على الإنسان الذي كان لا يصلي سابقا هل عليه قضاء

الأوقات التي لم يصلها سابقا؟ وهل يجوز القضاء في الأوقات الخمسة التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها (¬1)؟. ج: ليس عليه قضاء إذا تاب الله عليه ليس عليه قضاء التوبة تكفي تجب ما قبلها، والحمد لله، والذي عليه قضاء للصلاة يقضيها، ما لها وقت نهي يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك (¬2)» فإذا نسي مثلا صلاة الظهر ولا يذكرها إلا بعد العصر يبادر بقضائها أو نسي صلاة العشاء ولم يذكرها إلا بعد صلاة الفجر يبادر بقضائها. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والخمسون من الشريط رقم 418. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684).

س: كيف يقضي المسلم صلاته التي لم يؤدها منذ بلوغه والتي فاتت عليه، وهل يحاسب على تركها؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: عليه أن يتوب فيما مضى من ذلك، وليس عليه قضاء، وإن تاب ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 294.

توبة صادقة محا الله عنه ذلك الكفر وذلك الضلال يقول الله جل وعلا: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬1). ومن تاب صادقا أفلح، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تمحو ما قبلها (¬2)»، «والتائب من الذنب كمن لا ذنب له (¬3)» والصحيح أن تارك الصلاة تكاسلا كافر كفرا أكبر أما إن كان تركها جحدا لوجوبها فإنه يكون كافرا بإجماع المسلمين والكافر إذا أسلم لا يؤمر بالقضاء فيما ترك من صلاة وصوم. س: من. م. ص، بعث يسأل ويقول: من ترك الصلاة بخدعة الشيطان لمدد قد تصل لأشهر عديدة، هل يقضيها وكيف يكون القضاء، وهل يصلي كل فرض مع فرضه أم كيف يكون الحال (¬4)؟. ج: من تعمد ترك الصلاة فقد كفر في أصح قولي العلماء وإن لم يجحد الوجوب، من تعمد تركها كفر بذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم ¬

_ (¬1) سورة النور الآية 31 (¬2) صحيح مسلم الإيمان (121)، مسند أحمد (4/ 204). (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). (¬4) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 327.

في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» وقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬2)» وهناك أحاديث أخرى تدل على هذا المعنى، فإذا تاب ورجع فالتوبة تجب ما قبلها - والحمد لله - وليس عليه قضاء ما فات، الصحيح أنه لا قضاء عليه، الإسلام يجب ما قبله، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الذين أسلموا أن يقضوا ما قبل إسلامهم، ولم يأمر الذين ارتدوا ثم أسلموا أن يقضوا بل التوبة تكفي والحمد لله تجب ما قبلها ولا قضاء عليه. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

حكم من بلغت سن الحيض ولم تصل ولم تصم إلا بعد سنوات

55 – حكم من بلغت سن الحيض ولم تصل ولم تصم إلا بعد سنوات س: تقول هذه السائلة: سماحة الشيخ، لقد بلغها الحيض وهي في الرابعة عشرة من العمر، ومنذ أن بلغها الحيض إلى التاسعة

عشرة من عمرها لم تصل ولم تصم، والآن تقول بأنها تابت إلى الله توبة نصوحا، وبدأت تصلي وتحافظ على الصلوات، وتصوم وتكثر من النوافل، وتحمد الله وتقول: وجهوني سماحة الشيخ تجاه ما فرطت فيه، هل أقضي الصوم والصلاة عما مضى (¬1)؟. ج: ليس عليك قضاء، التوبة تكفي وتجب ما قبلها، أسلمت على ما أسلفت من خير الحمد لله، نسأل الله لنا ولك الثبات على الحق الذين أسلموا لم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء صوم ولا صلاة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم 426.

س: رسالة من مستمع بالزبداني في سوريا يسأل ويقول: رجل بلغ من العمر خمسة وخمسين عاما ولم يكن يصلي ولا يصوم، فسأل شخصا فأجابه قائلا: عليك بقضاء ما فاتك من صلاة وصيام، وإن لم تقض ما فاتك فسوف تصلي على بلاط جهنم، هل ما قيل صحيح؟ وبماذا ترشدون هذا الرجل؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 307.

ج: الواجب عليه أن يتوب إلى الله، وليس ما قيل بصحيح، من تاب تاب الله عليه وليس عليه قضاء عليه أن يتوب إلى الله بما ترك من الصلاة والصيام ويكفيه ذلك، والتوبة تجب ما قبلها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (¬1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «التوبة تهدم ما كان قبلها (¬2)»، والله سبحانه يقول: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬3)، فالكافر إذا تاب ليس عليه قضاء، بل عليه أن يستقبل أمره بالعمل الصالح والتوجيه بتقوى الله وطاعة الله وأداء حقه وترك محارمه أما إذا كان المسلم تاركا للصيام ليس الصلاة، تاركا الصيام أو تاركا الزكاة يقضي لأنه مسلم، أما إذا ترك الصلاة صار كافرا، ترك الصلاة كفر أكبر، والكافر عليه أن يتوب توبة جديدة ولا يقضي ما فاته، وليس عليه قضاء ما مضى من زكوات حال كفره، أو صلوات في حال كفره أو صيام حال كفره، فلا تقضى؛ لأن كفره أعظم، فإذا تاب إلى الله فإنه يستقبل بالأعمال الصالحة والتوبة تجب ما قبلها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يأمر الذين أسلموا أن يقضوا والصحابة لم يأمروا ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). (¬2) صحيح مسلم الإيمان (121)، مسند أحمد (4/ 204). (¬3) سورة النور الآية 31

المرتدين أن يقضوا، لما ارتد جماعة من الناس في عهد الصديق قاتلهم الصديق وقاتلهم الصحابة، وتاب بعضهم ولم يؤمروا بالقضاء.

س: الأخ: خ. ش من المملكة الأردنية الهاشمية يسأل ويقول: أنا شاب عمري خمسة وعشرون عاما انقطعت عن الصلاة تهاونا لمدة تسع سنوات، والآن قد تبت إلى الله، لكنني حائر في أمر الصلوات الماضية، هل أقضيها؟ وإذا كنت سأقضيها هل أصلي مع كل فرض جديد فرضا قديما حتى تنتهي المدة؟ أفيدوني أفادكم الله (¬1) ج: الحمد لله الذي من عليك بالتوبة، ونوصيك بلزوم التوبة والاستقامة عليها وشكر الله على ذلك سبحانه وتعالى والحذر من صحبة الأشرار الذين قد يجرونك إلى العودة إلى ترك الصلاة وأما القضاء فليس عليك قضاء التوبة كافية؛ لأن التوبة تجب ما قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله، والذين ارتدوا في عهد الصحابة رضي الله عنهم لما تابوا لم يأمرهم الصحابة بالقضاء المقصود أن التوبة تكفي والحمد لله، يقول ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 197.

النبي صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها (¬1)» فليس عليك قضاء للصلوات الماضية السنوات التسع، وعليك أن تلزم التوبة، وهي الندم على ما مضى التوبة حقيقتها الندم على الماضي من الفعل السيئ والإقلاع عن ذلك، والحذر منه مع العزم الصادق أن لا تعود في ذلك، فنوصيك يا أخي بلزوم التوبة والاستقامة عليها وسؤال الله الثبات على الحق والاستقامة عليه، كما نوصيك بالمحافظة على الصلاة وأدائها في الجماعة في المساجد والحذر من صحبة الأشرار الذين قد يجرونك إلى ما حرم الله من ترك الصلاة أو غير ذلك من الشرور نسأل الله لنا ولك التوفيق والثبات على الحق. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

س: الأخ س. ر. من القصيم يقول: إنه شاب يبلغ من العمر الثالثة والعشرين، يقول: كنت فيما مضى من الأيام من عمري متهاونا في أداء الصلوات وحتى الصوم، فقد مرت علي شهور من رمضان أفطر فيها أياما بدون عذر شرعي وإنما تهاونا فإذا شعرت بالجوع أو العطش أفطرت، وبعد أن من الله علي بالتوبة والهداية وأيقنت بخطورة هذا الأمر واظبت على الصلاة، ولكن الذي يؤلمني يا

سماحة الشيخ هذه الأيام التي مضت من عمري عن تلك الصلوات وعن أيام الصيام التي أفطرت فيها، كيف أبرئ ذمتي؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب عليك يا أخي التوبة إلى الله والحمد لله ما دمت تبت إلى الله وندمت وأقلعت وأصلحت، كفى ذلك والحمد لله ولا يلزمك قضاء الصلوات ولا قضاء الصيام؛ لأن ترك الصلاة كفر والتوبة تجب ما قبلها، ما دمت تبت إلى الله فالتوبة تجب ما قبلها يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تجب ما قبلها، (¬2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (¬3)» فالذي تاب عن ترك الصلاة وتاب من ترك الصيام لا قضاء عليه، أما الصيام الذي تركته بعد ما حافظت على الصلاة، إذا كنت تركت شيئا من الصيام بعد أن حافظت على الصلوات فإنك تقضي، أما الصيام الذي تركته مع ترك الصلاة فالتوبة تكفي فيه والحمد لله أما إذا كان هناك أيام تركت صومها بعد ما من الله عليك بالتوبة من ترك الصلاة فإنك تقضيها. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 421. (¬2) صحيح مسلم الإيمان (121)، مسند أحمد (4/ 204). (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250).

س: كنت لا أصلي ولكني الآن والحمد لله أنا محافظ على الصلاة وعندما كان أهلي يحثونني على الصلاة كنت أقول لهم: - حسب ما يصف نفسه - إنه كافر، ولكن ندمت عليها بعد أن هداني الله، فهل لي توبة؟ أفيدوني أفادكم الله (¬1) ج: نعم كل ذنب له توبة حتى الشرك الأكبر لذا فعليك التوبة إلى الله عز وجل، والندم على ما مضى منك، والعزم الصادق أن لا تعود، والله يتوب على من تاب سبحانه، والحمد لله الذي من عليك بالتوبة. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 152.

س: الأخ س. س. س. مصري من المملكة الأردنية الهاشمية يقول: أنا شاب مصري الجنسية، لم أكن أصلي حتى بلغت العشرين عاما؛ لأنني في هذه الفترة لم أجد من يرشدني، ولم أعرف عن الصلاة شيئا، فارتكبت عدة معاص كثيرة، ثم من الله علي بالتوبة، وجهوني - جزاكم الله خيرا - حول ما فات من حياتي كيف يكون التصرف (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 204.

ج: يكفيك يا أخي التوبة، والحمد لله لما من الله عليك بالتوبة، تكفيك التوبة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تجب ما قبلها (¬1)»، يعني: تمحو ما قبلها، ويقول صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (¬2)» فليس عليك قضاء الصلاة الماضية، ولا الصوم الماضي، والتوبة تجب ذلك، والحمد لله. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم الإيمان (121)، مسند أحمد (4/ 204). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250).

س: يقول هذا السائل: بدأت الصلاة وعمري سبعة عشر عاما فهل علي قضاء ما فاتني من صلوات (¬1)؟. ج: ليس عليك قضاء وعليك التوبة، التوبة مما سلف من التقصير؛ لأن الواجب عليك بعد إكمال خمس عشرة سنة، بعد البلوغ يجب عليك أن تصلي وهكذا الجارية المرأة، والمرأة تزيد أمرا رابعا وهو الحيض فإذا تركت الصلاة بعد البلوغ فعليك التوبة إلى الله من ذلك، وليس عليك قضاء؛ لأن ترك الصلاة كفر، فالواجب التوبة من ذلك، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 427.

حكم قضاء الصلوات لمن تركها جاهلا أو متهاونا

56 - حكم قضاء الصلوات لمن تركها جاهلا أو متهاونا س: شاب كان تاركا للصلاة فمن الله عليه بالتوبة، أفتى له بعض العلماء أن يقضي الصلاة التي فاتته وإن لم يقضها قضاها في جهنم، أفتونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كان تاركا للصلاة جاهلا بوجوبها فهذا لا قضاء عليه وعليه التوبة، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر الذين أسلموا أن يقضوا ما مضى من الصلوات، والمرتدون في عهد الصحابة لما أسلموا لم يأمرهم الصحابة أن يقضوا ما فاتهم من الصلوات أما إن كان غير جاحد لوجوبها بل تساهل وتكاسل وترك بعض الصلوات هذا في كفره خلاف، من أهل العلم من قال: يكفر كفرا أكبر وهو الأصح لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» رواه مسلم في الصحيح. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬3)» قال الجمهور: لعلها كفر دون كفر، إذا كان ما ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 284. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

جحد الوجوب يكون كفرا دون كفر وعليه القضاء، وإن قضى من باب الاحتياط حسن، أما قول المفتي هذا أنه يقضيها في جهنم فهذا لا أعلم له أصلا، لكن على كل حال الصحيح أنه لا يلزمه القضاء، فإن قضى من باب الاحتياط وخروجا من الخلاف إذا كان ما جحد الوجوب لكن تكاسل إن قضى فهذا حسن من باب الاحتياط وإلا فلا يلزمه القضاء.

حكم من ترك الصلاة

57 – حكم من ترك الصلاة س: منذ ولادتي حتى سن الخامسة عشرة لم أؤد فرض الصلاة، ولكني الآن مواظب على الصلاة منذ سبعين سنة، وقد قضيت عن المدة التي فاتتني، غير أن سادتنا العلماء قالوا: إن ذلك لا ينفع، أرشدوني أثابكم الله (¬1) ج: الحمد لله الذي من عليك بالاستقامة حتى أكملت هذه المدة الطويلة وأنت تحافظ على الصلاة، أما ما تركته من الصلوات قبل إكمال خمس عشرة سنة فهذا فيه تفصيل: فإن كنت قد بلغت الحلم بإكمال الخمس عشرة سنة أو بإنبات الشعر الخشن حول الفرج - وهو الشعرة - أو ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 125.

بإنزال المني عن احتلام أو تفكير أو نظر أو نحو ذلك، فأنت بهذا قد بلغت الحلم والذي تركته من الصلوات بعد ذلك معفو عنه إذا كنت قد تبت إلى الله من ذلك وندمت، فالتوبة تجب ما قبلها فإذا كنت قد تبت إلى الله وندمت على ما قصرت فيه من ترك الصلاة، وعزمت على أن لا تعود في ذلك ثم استمررت على ذلك كما ذكرت فالحمد لله وكل ما تركته من ذلك يمحى عنك بالتوبة، فالتوبة تجب ما قبلها، كما قال النبي عليه السلام: «الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تجب ما كان قبلها (¬1)» يعني تمحو ما كان قبلها، والذي قال لك من العلماء إن التوبة لا تنفع، هذا كلام باطل غلط، وليس هذا من العلماء فالتوبة يمحو الله بها الكفر، ويمحو الله بها جميع الذنوب. أما إن كنت لم تبلغ بأن تبت إلى الله واستقمت على الصلاة قبل إكمال خمسة عشر عاما ولم يسبق منك إنزال ولا إنبات قبل خمس عشرة سنة فأنت في حكم الأطفال وليس عليك صلاة واجبة؛ لأن الصلاة إنما تجب بالبلوغ - بلوغ الحلم - فإذا كنت لم ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها).

تبلغ حين تركت الصلوات فليس عليك شيء لأنك غير مكلف بها تكليف الوجوب وإن كنت مأمورا بها وعلى وليك أن يأمرك بها ويضربك إذا تركتها لكنها لا تجب عليك وجوب المكلفين، لا، وإنما يشرع لك فعلها والمحافظة عليها ويجب عليك أن تعتاد ذلك وعلى وليك أن يحاسبك عن ذلك، لكن لو تركت منها شيئا قبل البلوغ فلا شيء عليك لا قضاء ولا توبة لأنك حينئذ لست من أهل التكليف إنما التكليف بعد بلوغ الحلم فاحمد الله على ما من به عليك من التوبة واطمئن، واعلم أنك بحمد الله على خير وأن توبتك عما تركته من الصلوات قبل خمس عشرة سنة سواء كنت بلغت أو لم تبلغ فهو معفو عنك وممحى عنك بالتوبة، والتوبة يمحو الله بها ما قبلها من الذنوب كما قال الله سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬1)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (¬2)» ونسأل الله أن يمن علينا وعليك وعلى جميع المسلمين بالتوبة النصوح، وأن يتقبل منا ومنك ومن كل مسلم. ¬

_ (¬1) سورة النور الآية 31 (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250).

س: إنني لم أبدأ الصلاة إلا بعد سن العشرين فماذا علي في المدة السابقة: جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ليس عليك يا أخي إلا التوبة إلى الله عز وجل والندم على ما فعلت من ترك الصلاة، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (¬2)، وترك الصلاة كفر، وإنما علاجه بالتوبة إلى الله، فإذا تاب الرجل من ذلك أو المرأة من ذلك كفى ولا قضاء لقول الله عز وجل: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (¬3)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تجب ما كان قبلها (¬4)» فاحمد الله يا أخي على الهداية، واسأله الثبات، واندم على ما مضى من تقصيرك، وألزم التوبة النصوح، واستكثر من الخير والعمل الصالح، وأبشر بالخير، والعاقبة الحميدة، نسأل الله لنا ولك الثبات على الحق. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 111. (¬2) سورة طه الآية 82 (¬3) سورة الأنفال الآية 38 (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها).

س: الأخ: ف. ع. س، من جمهورية مصر العربية يقول: إنني شاب،

هناك بعض فروض الصلاة لم أقم بتأديتها من قبل، هل أقضيها الآن؟ وكيف يكون القضاء إذا كان واجبا؟ وكيف تكون النية (¬1)؟ ج: الصلاة هي عمود الإسلام، وهي أعظم الفرائض، وأهم الفرائض بعد الشهادتين فمن تركها جاحدا لها كفر بإجماع المسلمين ومن تركها تكاسلا وليس بجاحد فإنه كافر في أصح قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬3)» خرجه مسلم في صحيحه في أحاديث أخرى تدل على ذلك، ومن ضيعها أو ضيع بعضها ثم تاب فلا قضاء عليه، وعليك أن تستقيم أيها السائل وتسأل ربك التوفيق والإعانة وتتوب إلى الله مما مضى من الترك، وليس عليك القضاء؛ لأن الكافر إذا أسلم ليس عليه قضاء، وتاركها تهاونا كافر في الأصح فليس عليه قضاء ولكن عليه التوبة الصادقة عليه أن يندم على ما مضى ويحزن على ما مضى ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 277. (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

ويعزم عزما صادقا على أنه يستقيم في المستقبل، ويحافظ عليها وبذلك يتوب الله عليه سبحانه وتعالى كما قال عز وجل: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬1)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (¬2)» فأنت يا أخي ليس عليك قضاء هذا هو الصواب. ¬

_ (¬1) سورة النور الآية 31 (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250).

مسألة في حكم من ترك الصلاة جهلا

58 – مسألة في حكم من ترك الصلاة جهلا س: تقول السائلة: إن والدتها وهي صغيرة كانت تترك الصلاة، ليس تساهلا ولكن جهلا، ولا تعلم كم كان عدد هذه الصلوات؛ والآن تسأل بعد أن تابت والحمد لله، وأصبحت تحافظ على الصلوات، كيف التصرف فيما مضى (¬1)؟ ج: يكفيها التوبة والحمد لله، ليس عليها قضاء، عليها التوبة، والتوبة حصلت والحمد لله؛ لأن ترك الصلاة كفر، والتوبة تكفيها في ذلك، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 201.

حكم صلاة الجاهل بصفة الصلاة

59 – حكم صلاة الجاهل بصفة الصلاة س: كنت أصلي وما زلت - والحمد لله - ولكن بداية صلاتي كنت أصلي نصف صلاة؛ أي مثل صلاة الفجر سجدتين، أتصور أني أصلي صلاة كاملة، وكذلك صلاة الظهر أربع ركعات كنت أصليها أربع سجدات، وكذلك الفرض لصلوات أخرى استمررت على هذا المنهج أربع سنوات، والأمر الذي جعلني أستمر على هذا الخطأ هو الحياء، أستحيي أن أسأل أحدا حتى والدي الذي هو معي في البيت، وإني مقتنع إذا سألت أنه سوف يجيبني بالحقيقة لكن لم أسأله، ولكن بعد هذه الفترة الطويلة - أي أربع سنوات أو أقل أو أكثر - فإني سألت أحد الأشخاص وقال لي إن صلاتك نصف الفرض، سؤالي: هل علي قضاء؟ وكيف أصليها قضاء؟ الله يوفقكم لما فيه الخير (¬1) ج: هذه المسألة غريبة جدا، رجل بين المسلمين تخفى عليه صفة الصلاة، ويصلي في كل ركعة سجدة واحدة لا حول ولا قوة إلا بالله، لا ريب أن هذا من ثمرات التخلف عن صلاة الجماعة، لو كان السائل يصلي ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 40.

في الجماعة لعرف كيف يصلي ورأى الناس يصلون سجدتين في كل ركعة، ولكن بسبب صلاته في البيت وعدم السؤال وقع في هذا الخطأ الكبير، والعلم يطلب ويسأل عنه ولا يستحيا في طلبه، يقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} (¬1)، ويقول سبحانه: {وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} (¬2)، والله سبحانه لا يستحي أن يقول الحق، ويأمر بالحق جل وعلا وتقول أم سليم لما سألت النبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله «إن الله لا يستحي من الحق هل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ فقال النبي: نعم إذا هي رأت الماء (¬3)» فالحق ليس فيه حياء أن يسأل عنه ويتفقه فيه المسلم والمسلمة قال مجاهد بن جبر التابعي الجليل رحمه الله: لا يتعلم العلم مستح ولا مستكبر فالمستحيي لا يتعلم والمتكبر لا يتعلم، فلا يليق بالمؤمن أن يستحي في العلم وهذا ليس بحياء في الحقيقة، ولكنه ضعف وخور وتهاون وتكاسل وإلا ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 26 (¬2) سورة الأحزاب الآية 53 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الحياء في العلم، برقم (130)، ومسلم في كتاب الحيض، باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها، برقم (313).

فالحياء الصحيح والحياء المشروع يدعو للخير، ولا يمنع من الخير مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحياء خير كله (¬1)» الحياء لا يأتي إلا بخير، الحياء من الإيمان، فالحياء كله خير وهو خلق كريم يدعو إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، وينهي عن سفاسف الأخلاق وسيئ الأعمال، والذي يظهر من الشريعة أنك أيها السائل ليس عليك قضاء لأنك في حكم المتعمد، لعدم سؤالك مع تيسير السؤال، وعلى فرض أنك جاهل وأنك تظن أن هذا هو الصواب فإن المدة قد طالت، والجهل بهذا عظيم، فعليك التوبة والإنابة إلى الله والاستغفار وعدم العود إلى مثل هذا العمل، وعليك أن تسأل أهل العلم عن كل شيء، وأن تصلي مستقبلا كما يصلي المسلمون، كل ركعة فيها ركوع وفيها سجدتان، كل ركعة الفريضة والنافلة فيها ركوع في الهواء وفيها سجدتان في الأرض، لا بد من هذا، فعليك أن تستقبل حياتك بهذه الصلاة كل ركعة فيها ركوع وسجدتان، وعليك أن تصلي مع المسلمين في المساجد ولا تصل في البيت، الصلاة مع المسلمين في المساجد أمر لازم، وأمر مفترض كما في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان، برقم (37).

من عذر (¬1)» وسأله عليه الصلاة والسلام رجل أعمى قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء في الصلاة، قال: نعم، قال: فاجب (¬2)» فأمره أن يجيب النداء، ولم يرخص له مع أنه أعمى بعيد الدار، ليس له قائد يلائمه ومع هذا أمر أن يصلي في المسجد ولم يرخص له في أن يصلي في بيته، فكيف بحال البصير الصحيح؟ حاله أقل عذرا من ذاك، بل لا عذر له ما دام صحيحا يسمع النداء بصيرا فهو أعظم من ذاك الذي ليس له قائد، وهو أعمى فالواجب عليه أعظم، فإذا كان الأعمى لا يعذر فالذي هو بصير قوي قادر من باب أولى، والنبي صلى الله عليه وسلم لما سأله الأعرابي الذي دخل المسجد فنقر الصلاة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ارجع فصلي فإنك لم تصلي، فصلاها ثلاث مرات، ثم قال: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا، فعلمني، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر من القرآن، ثم اركع حتى ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) سبق تخريجه.

تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها (¬1)» هكذا أمره عليه الصلاة والسلام، يصلي هكذا بالطمأنينة والاعتدال والخشوع وعدم العجلة، ولم يأمره بقضاء الماضي، ما أمره بقضاء الصلاة الماضية التي لم يكملها بل نقرها لجهله وقلة بصيرته، فلهذا أمره أن يستقبل أمره، ويصلي صلاة مستقيمة، يطمئن فيها لربه ويخشع، ولم يأمره بقضاء الماضي، هكذا أنت لأنك تركت الصلاة في الحقيقة عن جهل وقلة بصيرة وتفريط، فعليك التوبة إلى الله والإنابة إليه، ولا يلزمك القضاء عن المدة الماضية فيما يظهر من قواعد الشرع، وفي هذا الحديث الشريف، والله يتوب عليك، وعليك بالإكثار من الأعمال الصالحات والاستغفار، والاستكثار من ذكر الله عز وجل، فإن الحسنات يذهبن السيئات والله المستعان ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (757)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (397).

نصيحة لمن يصلي ثم يترك الصلاة لغير عذر

60 – نصيحة لمن يصلي ثم يترك الصلاة لغير عذر س: من دولة الكويت الأخ: ع. س، يقول: قصتي أنني أريد شيئا أمسك به ونصيحة منكم تفيدني في ديني ودنياي وآخرتي، مشكلتي أنني أصلي وأعزم التوبة النصوح، ثم أعود وأترك الصلاة، ثم أصلي وأترك حوالي أسبوع وهكذا وهكذا، أرجو أن توجهوني سماحة الشيخ حتى أستقيم استقامة مستمرة، جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم (¬1) ج: وصيتي لك أن تتقي الله عز وجل وأن تراقبه سبحانه في جميع الأحوال، وأن تعلم أن الصلاة هي عمود الإسلام، وأنها الركن الثاني من أركانه، وأن تركها كفر بالله عز وجل، فالواجب عليك الحذر، وأن تسأل ربك الثبات والتوفيق للاستقامة، وأن تراقبه، وتستحضر أنك مسؤول، وأنك على خطر أن تموت في تلك الحالة التي تركت فيها الصلاة فتكون إلى النار يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 340. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬1)» ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (¬2)» يعني إلى النار، وما ذاك - والله أعلم - إلا لأن التارك للصلاة إما أن يتركها من أجل الرئاسة فيحشر مع فرعون إلى النار؛ لأن فرعون شغلته الرئاسة عن طاعة الله ورسوله وإما أن يتركها من أجل الوظيفة فيحشر مع هامان وزير فرعون لأنه شغله عمله مع فرعون عن طاعة الله وتصديق رسوله عليه الصلاة والسلام، وإما أن يترك الصلاة من أجل المال والشهوات فيكون شبيها بقارون الذي خسف الله به وبداره الأرض فيحشر معه إلى النار، وإما أن يدعها من أجل التجارة والبيع والشراء فيكون شبيها بأبي بن خلف تاجر أهل مكة الكافر، فيحشر معه إلى النار، فالواجب على كل مسلم أن يتقي الله وأن يراقب الله في كل أموره، وأن يجتهد في المحافظة على الصلوات في أوقاتها في الجماعة، فإن من حافظ عليها فقد حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721).

فاتق الله، واسأل ربك التوفيق وحافظ عليها في أوقاتها في الجماعة، وتب إلى الله مما سلف توبة صادقة، ومن تاب تاب الله عليه، نسأل الله لك الصلاح والهداية والتوفيق للتوبة النصوح.

س: إحدى الأخوات تقول: أنا من ليبيا. تسأل عن قضية وقد طولت في السؤال عنها، وملخص ما سألت عنه أنه مر فترة من عمرها وكانت تصلي مرة وتترك مرة حتى إنها أحصت عدد الركعات التي فاتتها فما هو توجيهكم لها؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: عليها التوبة، ويكفي - والحمد لله - التوبة مما سلف، ومن تاب تاب الله عليه، ومن ترك الصلاة كفر فالتوبة تكفي ولا يلزمها القضاء فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يلزم من ارتد ثم أسلم بالقضاء والصحابة كذلك لما أسلم من أسلم من المرتدين لم يأمروهم بقضاء الصلاة، فالمقصود أنه إذا أسلم بعد تركه الصلاة فإن عليه التوبة الصادقة والحمد لله والعمل الصالح يكفيه، يقول سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (¬2)، فليس على من أسلم قضاء لما ترك من صيام ولا صلاة إذا ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 308. (¬2) سورة طه الآية 82

كان قد أتى ناقضا من نواقض الإسلام كترك الصلاة أو جحد بعض ما أوجب الله من صلاة أو زكاة أو نحو ذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة وقد أجمع عليه المسلمون كلهم بالحكم بكفره ثم بعد ما أسلم فإنه لا يقضي ما سبق.

حكم قضاء من ترك الصلاة لغير عذر ثم تاب والتزم بها

61 – حكم قضاء من ترك الصلاة لغير عذر ثم تاب والتزم بها س: رسالة ممن رمز إلى اسمه - خ - من المدينة المنورة يقول: أنا شاب كنت أصلي كل الفرائض في وقتها ثم ابتعدت عن ذلك فترة ثم إني تبت إلى الله سبحانه وتعالى ورجعت عما كنت فيه من الشر، ولكني أشعر بعد هذه التوبة أشعر بالألم والأسى لذلكم الماضي الأسود وجهوني يا شيخ عبد العزيز جزاكم الله خيرا هل أقضي ما فاتني أو بم توجهونني؟ شكر الله لكم (¬1) ج: عليك أن تحمد ربك وتشكره كثيرا على ما من به عليك من التوبة، واعلم يا أخي أن التوبة تجب ما قبلها وتمحو ما قبلها إذا كانت التوبة تامة مستوفية لشروطها، يقول الله جل وعلا في كتابه الكريم: ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 307.

{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬1)، فدل ذلك على أن من تاب التوبة الشرعية أفلح، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (¬2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «التوبة تهدم ما كان قبلها (¬3)» فاحمد الله جل وعلا واشكره سبحانه وأحسن به الظن فالذنوب الماضية تمحى بالتوبة، وليس عليك قضاء، إنما عليك لزوم التوبة، والتوبة النصوح هي المشتملة على أمور ثلاثة: الندم على الماضي من السيئات، والإقلاع عنها وتركها خوفا من الله وتعظيما له، والعزم الصادق على ألا تعود إليها، إذا اشتملت التوبة على هذه الأمور الثلاثة: الندم، والإقلاع، والعزم الصادق ألا تعود؛ محا الله سبحانه عنك الذنب الماضي، وأفلحت، فاستقم واثبت على الحق، وهناك شرط رابع لصحة التوبة وسلامتها إذا كان الحق للمخلوقين كالدماء والأموال والأعراض فلا بد من استحلالهم، أو إعطائهم حقوقهم، فمن تمام التوبة التخلص من حق الآدمي بأن تعطيه حقه المال أو الدم أو القصاص، وهكذا العرض، فتقول: أرحني يا أخي، سامحني جرى مني كذا، وجرى مني كذا، سامحني. فإذا سامحك بحقه ¬

_ (¬1) سورة النور الآية 31 (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). (¬3) صحيح مسلم الإيمان (121)، مسند أحمد (4/ 204).

من مال أو دم أو عرض صحت التوبة وبرئت من هذا الحق، وإن لم يسمح سقط ما كان لله، وبقي حق الآدمي بينك وبينه يوم القيامة وإذا استقامت توبتك أرضاه الله عنك يوم القيامة سبحانه وتعالى لكن عليك أن تجتهد في الدنيا في إعطائه حقه، أو تحليله، فإذا عجزت وصدقت في التوبة أوفى الله عنك يوم القيامة، وهكذا العرض إذا كنت تخشى إذا أخبرته أن يكون ما هو أشد وأن يترتب عليه ما لا تحمد عقباه فلا تخبره، ولكن استغفر له واذكره بالخصال الحميدة التي تعرفها عنه بدلا من الخصال الذميمة التي اغتبته بها فهذه بهذا تذكر ما تعلم من أعماله الطيبة في المجالس التي ذكرته فيها بالسوء، وتدعو له وتستغفر له، وهذا يقوم مقام استحلالك، إذا خشيت من الاستحلال أمرا أخطر وأكبر، والله المستعان.

س: أنا أصلي منذ خمس سنوات ولكني تركت الصلاة لمدة عشرة أشهر بين السنة الثالثة والرابعة، إلا أنني الآن مستمر في الصلاة والحمد لله هل علي القضاء أم ماذا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: التوبة كافية؛ لأن ترك الصلاة كفر والكفر قضاؤه التوبة، والنبي ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 265.

عليه الصلاة والسلام قال: «الإسلام يجب ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها (¬1)» والله يقول في كتابه العظيم: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (¬2)، ذلك بالجد في طاعة الله والاستقامة والاستكثار من العمل الصالح، والاستغفار والتوبة الصادقة ولا قضاء عليك، هذا هو الواجب أن تستقيم على التوبة، وأن تثبت عليها وأن تحذر ترك الصلاة، وأن تحذر أيضا جلساء السوء لا تجالس من يترك الصلاة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬4)» والصلاة عمود الإسلام أعظم فرائض الإسلام الصلاة بعد الشهادتين، يقول صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (¬5)» فالواجب على الرجال والنساء جميعا المحافظة على الصلوات الخمس والعناية بها في أوقاتها وعلى الرجل أن يصليها في الجماعة في المساجد ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) سورة طه الآية 82 (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬5) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616).

مع المسلمين وعلى الجميع الحذر من تركها والتساهل بها؛ لأن تركها كفر أكبر، نسأل الله العافية.

حكم تارك الصلاة والصوم بعد البلوغ جهلا

62 - حكم تارك الصلاة والصوم بعد البلوغ جهلا س: ما قول سماحتكم فيمن بلغت في سن صغيرة، ولم تتعرف على أحكام الدين وأمور الشرع المتعلقة بها بالقدر الذي وصلت إليه من المعرفة بها حاليا فلم تصل ولم تصم، ولم تتحجب عن الأجانب، ثم بعد أن عرفت عن أحكام الدين في هذا الأمر احتجبت، وأصبحت تصلي وتصوم بعد أن كانت تصوم صيام الأطفال، تفطر متى شاءت وتصوم متى شاءت، وطاقت ذلك الآن، هل يلزمها قضاء ما فاتها من الصيام والصلاة؟ وهل يلزمها إلى جانب قضاء الصيام الصدقة؟ وإذا كان هناك صدقة فما مقدارها علما بأن الفترة التي أمضتها وهي جاهلة بأحكام الشرع ولا تلتزم بها سنتان ونصف (¬1)؟ ج: الصواب أنه لا يلزمها شيء، ويكفي التوبة؛ لأن الرسول عليه ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 310.

الصلاة والسلام لم يأمر الذين أسلموا أن يقضوا ما فاتهم من الصلاة والصيام؛ ولأن ترك الصلاة كفر فالتوبة تكفي في هذا فإذا كانت لا تصلي ولا تصوم فالتوبة تكفي وليس عليها قضاء.

س: رسالة بعث بها المستمع ع. ب، مصري الجنسية، يقول: أنا بلغت من العمر السادسة والعشرين، وكنت تاركا للصلاة، أقوم أحيانا وأترك أحيانا، ولما سافرت إلى المملكة هنا وسمعت برنامج نور على الدرب، وسمعت فيه أن تارك الصلاة كافر عدت والحمد لله أقوم بالصلاة المفروضة في أوقاتها، لكني أسأل عما فات من عمري كيف يكون حالي - جزاكم الله خيرا - هل يلزمني القضاء أم تكفى التوبة؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الحمد لله الذي هداك ووفقك للعودة إلى الخير والمحافظة على الصلاة، نسأل الله لنا ولك الثبات على الحق، أما الماضي فتكفي التوبة والحمد لله؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (¬2)، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 338. (¬2) سورة طه الآية 82

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تهدم ما كان قبلها (¬1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (¬2)» نسأل الله أن يمن على الجميع بالتوبة الصادقة النصوح. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250).

حكم قضاء الصلوات التي تركت جهلا وتكاسلا ولا يعرف عددها

63 - حكم قضاء الصلوات التي تركت جهلا وتكاسلا ولا يعرف عددها س: إذا كان الشاب في بداية حياته قد ضيع بعض الصلوات وتركها وكذلك الصيام جهلا وتكاسلا، ثم تاب بعد ذلك وندم، فهل عليه الإعادة لما ترك في الصلوات والصيام، علما بأنه لا يستطيع تحديدها؟ أفتونا مأجورين جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ليس عليه قضاء والتوبة كافية إذا كان لا يصلي ولا يصوم أو عنده أنواع في الكفر الأخرى فإن التوبة تكفي يقول الله جل وعلا: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (¬2)، ويقول جل وعلا: ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 246. (¬2) سورة الأنفال الآية 38

{قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (¬1)، أجمع العلماء على أن الآية المذكورة في التائبين، فإذا كان لا يصلي ولا يصوم أو كان يسب الدين أو كان يشرك مع الله غيره، يدعو الأموات، يستغيث بأهل القبور أو بالأصنام والأشجار فإنه متى تاب توبة صادقة تاب الله عليه، والتوبة الصادقة تشمل أمورا ثلاثة: الندم على الماضي، الندم الصادق، والإقلاع عن المعصية أو الشرك وترك ذلك، والعزم الصادق ألا يعود رغبة فيما عند الله وإخلاصا له ومحبة له وتعظيما له، فإن هذه التوبة تمحو ما قبلها من جميع أنواع الشرك والمعاصي الأمر الأول: الندم على الماضي خوفا من الله وتعظيما له، والأمر الثاني: الإقلاع عن الذنوب من الكفر والمعاصي، الأمر الثالث: العزم الصادق ألا يعود في ذلك، ومتى فعل ذلك خوفا من الله وتعظيما له ورغبة فيما عنده وإخلاصا له سبحانه تاب الله عليه، ومحا عنه جميع الذنوب، وليس عليه قضاؤها لا الصيام ولا الصلاة ولا غير ذلك، التوبة تجب ما قبلها، وإن كان عنده حق للمخلوقين فلا بد من الرابع وهو رد حقوقهم إليهم، كالسرقات والغصوب، يعطيهم حقوقهم، وهكذا في القصاص إذا قتل لهم ¬

_ (¬1) سورة الزمر الآية 53

أحدا يعطيهم حقهم في القصاص أو الدية، لا بد من أداء الحق للمخلوق أو استحلاله إذا تحلله وسامحه لا بأس، وأما إذا كان فعله ليس بكفر أكبر كترك الصيام فقط، وإلا فهو يصلي فهو مفرط في بعض الصيام فإنه يقضي إذا كان يصلي ولكنه فرط في بعض الصيام أو في الزكاة ما زكى ليس بكافر، ترك الصيام ليس بكفر إذا كان يؤمن بالوجوب، وأن رمضان واجب عليه، ولكن تساهل ففرط في بعض الصيام فإن عليه القضاء والتوبة إلى الله، وعليه أداء الزكاة عما مضى إذا كان لا يزكي مع التوبة الصادقة، والله يتوب على التائبين. أما ترك الصلاة فكفر أكبر - نعوذ بالله من ذلك - كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» الصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام، من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها ضيع دينه - نسأل الله العافية - فالواجب على كل مسلم أن يحذر تركها والتساهل فيها على الجميع ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

رجالا ونساء أن يتقوا الله وأن يحافظوا على الصلوات الخمس في أوقاتها، وأن يؤديها الرجل في الجماعة هذا هو الواجب على الجميع، فمن ضيعها وتهاون بها وتركها كفر في أصح قولي العلماء نسأل الله العافية. أما من جحد وجوبها وقال: إنها ليست واجبة، هذا يكفر عند جميع أهل العلم، عند جميع الأمة من قال: إنها غير واجبة أو أن واحدة منها غير واجبة كالظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء أو الفجر، كفر إجماعا، وأما إن كان يؤمن بأنها واجبة ولكن يتساهل ويتركها أو بعضها فإنه يكفر بذلك نسأل الله العافية. أما إذا كان يصلي ولكن في البيت فهذا يكون عاصيا، فعليه التوبة إلى الله وأن يصلي في الجماعة وصلاته مجزئة، ولكن لا يعيدها لكن عليه أن يصلي في الجماعة، ويتوب عما سلف إذا كان لا يصلي في جماعة بل يصلي في البيت يجب أن يصلي مع الجماعة وأن يتوب إلى الله مما سلف، وأما النساء فعليهن الصلاة في البيت، السنة لهن صلاة البيوت، ومن صلت مع الجماعة صلاتها صحيحة لكن الأفضل في حق النساء الصلاة في البيت.

بيان كيفية قضاء الصلوات الفائتة

64 – بيان كيفية قضاء الصلوات الفائتة س: في فترة شبابي تمر علينا بعض الأيام ولا نصلي فيها الفروض، الأيام كثيرة - سامحنا الله وإياكم - ولقد قرأت في إحدى الصحف بأنه لا بد من قضائها رغم فوات المدة عليها وذلك بعد الصلوات المفروضة، أنا والحمد لله الآن أصلي جميع الفروض في أوقاتها، دلوني على الجواب الصحيح، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب التوبة من ذلك وليس عليه القضاء هذا هو الصحيح من قولي العلماء؛ لأن ترك الصلاة كفر، والكفر لا يزول إلا بالتوبة، فإذا ترك الإنسان الصلاة ثم تاب فإنه لا قضاء عليه، هذا هو المختار والصواب، وليس عليك شيء إن شاء الله إلا التوبة، فعليك التوبة الصادقة والندم على ما مضى منك وتعزم على ألا تعود في ذلك والاستكثار من الحسنات والأعمال الصالحة كما قال الله سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬2)، «والتوبة تجب ما كان قبلها (¬3)» كما قال النبي ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 145. (¬2) سورة النور الآية 31 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها).

عليه الصلاة والسلام، نسأل الله أن يمنحنا وإياك التوبة الصادقة، وأن يعيذنا وإياك والمسلمين من نزغات الشيطان. س: كنت قاطعة للصلاة منذ مدة طويلة، وفي الوقت الحالي رجعت إلى الصلاة، كيف أعوض؟ أرجو الإجابة على هذا السؤال (¬1) ج: الإنسان إذا قطع الصلاة ثم من الله عليه بالتوبة فإن التوبة تجب ما قبلها، فإذا كان الإنسان لا يصلي من رجل أو امرأة ثم هداه الله ورجع إلى الصواب وصلى فإن التوبة تجب ما قبلها فعليه التوبة والندم والاستغفار والإكثار من العمل الصالح ولا قضاء عليه فيما مضى؛ لأن الكافر لا يقضي إذا أسلم والمرتد لا يقضي إذا أسلم، ولكن التوبة تجب ما قبلها كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها (¬2)» والله جل وعلا يعفو عما سلف بالتوبة الصادقة النصوح، وهذا من فضله سبحانه وتعالى، يقول سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (¬3)، ويقول جل وعلا لما ذكر الشرك والقتل ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم 36. (¬2) سبق تخريجه. (¬3) سورة طه الآية 82

والزنى قال: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} (¬1)، المقصود أن التوبة يكفر الله بها ما مضى وليس عليه القضاء بعد إسلامه، وتوبته ورجوعه إلى الله سواء كان كافرا أصليا أو كان مرتدا بتركه الصلاة، أو بسبه الله ورسوله، أو باستهزائه بالدين أو بغير هذا من المكفرات فإنه متى تاب إلى الله من الناقض الذي نقض إسلامه، وصدقت توبته فإن الله سبحانه يمحو عنه ما مضى وليس عليه إعادة لصومه ولا صلاته. ¬

_ (¬1) سورة الفرقان الآية 70

س: لقد دار النقاش بين اثنين عما إذا كانت الصلاة تقضى، فهل تقضى مع العلم أنه لا يعرف كم عدد الفروض التي تركت (¬1)؟ ج: إذا كان الإنسان تاركا الصلاة عمدا فإنه يكفر بذلك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬3)»، ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم 14. (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

رواه مسلم في الصحيح. وقال عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (¬1)» وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من حافظ على الصلاة كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (¬2)» نسأل الله العافية. هؤلاء من كبار الكفار ومن صناديدهم فمن يضيع الصلاة يحشر مع هؤلاء، والأمر يدل على كفره العظيم؛ لأن من ضيعها شغلا بالرئاسة قد أشبه فرعون وإن ضيعها شغلا بالوزارة والوظيفة قد شابه هامان وزير فرعون، وإن ضيعها شغلا بالمال والشهوات فقد شابه قارون الذي خسف الله به وبداره الأرض بسبب استكباره عن الحق واشتغاله بالشهوات، وإن تركها تشاغلا بالمعاملات والبيع والشراء فقد شابه أبي بن خلف تاجر أهل مكة، فيكون كافرا محشورا مع هؤلاء الكفرة، نسأل الله العافية. الحاصل أن تركها كفر فلا تقضى إذا أسلم، ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721).

وهداه الله وتاب، ليس عليه قضاء، هذا هو الصواب، ليس عليه قضاؤها ولا قضاء غيرها كالصوم وغيره، إذا تاب بعد ذلك فإن التوبة تجب ما قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله كما قال الله سبحانه: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (¬1)، فالتائب من تركه الصلاة ليس عليه قضاء؛ لأنه أسلم من جديد هذا هو الصواب. ¬

_ (¬1) سورة الأنفال الآية 38

س: م. ش، من سوريا: هل يقضي المسلم الصلاة التي فاتته وكانت بإرادته وكان عامدا متعمدا؟ ماذا يلزمه في هذه الحالة، وهل يقضي ما فاته؟ مأجورين (¬1) ج: الصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام، قال الله جل وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (¬2)، وقال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (¬3)، قال جل وعلا: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (¬4)، ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 371. (¬2) سورة البقرة الآية 238 (¬3) سورة النور الآية 56 (¬4) سورة العنكبوت الآية 45

والآيات في أمر الصلاة كثيرة جدا، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (¬1)» ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس - أي على خمس دعائم - شهادة أن لا إله الله، وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت (¬2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬3)» أخرجه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما. ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬4)» أخرجه أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه فمن يتعمد ترك الصلاة يكفر بذلك على الصحيح وإن لم يجحد وجوبها وأما إذا جحد وجوبها يكفر عند الجميع ولو صلى إذا قال: إنها غير واجبة فهو كافر ولو صلى ولكن إذا تكاسل يعرف أنها واجبة، يعلم ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (¬2) سبق تخريجه. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

أنها واجبة ولكن تكاسل، هذا أيضا كافر على الصحيح؛ لهذه الأحاديث السابقة فإن تاب تاب الله عليه، ما عليه قضاء، يبتدئ من جديد يصلي من جديد وليس عليه قضاء إن تركها عمدا عدوانا، أما إذا كان ناسيا أو نائما يقضي، أما إن تركها عمدا متساهلا فعليه التوبة، وليس عليه قضاء، فإن قضى فلا بأس لكن ليس عليه قضاء.

بيان شروط التوبة النصوح

65 – بيان شروط التوبة النصوح س: ما حكم تارك الصلاة لمدة سنتين، ثم العودة إلى الصلاة دون انقطاع، وكيف يعوض هاتين السنتين اللتين لم يصلهما (¬1)؟. ج: إذا ترك المسلم الصلاة سنة أو أكثر أو أقل ثم تاب تاب الله عليه؛ فإن التوبة تجب ما قبلها، وليس عليه أن يعيد ما ترك، بل عليه التوبة إلى الله والصدق في ذلك بالندم على ما مضى من عمله، والعزم أن لا يعوده ثم الاستكثار من العمل الصالح، من ذكر الله واستغفاره والتطوع بالصلوات وغيرها من الصدقات والصيام ونحو ذلك، ويكفي هذا؛ لأن الله قال جل وعلا في كتابه العظيم لما ذكر المشرك والقاتل بغير حق ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 39.

والزاني، قال بعد ذلك: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} (¬1)، وقال سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (¬2)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تجب ما قبلها (¬3)» وقال: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (¬4)» فالذي ترك الصلاة، ثم هداه الله ورجع إلى دينه وإلى إسلامه فإن توبته صحيحة إذا كان صادقا نادما عازما ألا يعود في ذلك، فإن توبته صحيحة، والله سبحانه يمحو بها ذنبه الماضي، وليس عليه أن يقضي تلك الصلوات هذا هو الصواب من أقوال أهل العلم. ¬

_ (¬1) سورة الفرقان الآية 70 (¬2) سورة طه الآية 82 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها). (¬4) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250).

حكم من فاتته أيام لم يصل فيها

66 – حكم من فاتته أيام لم يصل فيها س: إنني إذا سمعت القرآن أحلف يمينا أنني لن أترك الصلاة بعد اليوم لكن فاتتني أيام لم أصل فيها، كيف النصيحة في العمل

الذي فات (¬1)؟ ج: أولا عليك التوبة إلى الله؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، وهي أعظم أركانه بعد الشهادتين، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» فعليك أن تتوب إلى الله من هذا العمل وهو ترك الصلاة في أيام، وعليك أن تبادر وتسارع إلى المحافظة عليها وإن قضيتها خروجا من الخلاف فحسن، وإلا الصواب أن من تركها عمدا يكفر وليس عليه قضاء، لكن إذا كانت قليلة وقضيتها من باب الاحتياط فلا بأس، وعليك كفارة يمين؛ لأنك حلفت ألا تترك وقد تركت، فعليك كفارة يمين عما فعلت من الترك، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة هذا هو الواجب عليك، وأهم شيء وأعظمه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى والبدار بالمحافظة على الصلاة مع إخوانك في مساجد الله جل وعلا والحذر كل الحذر من تركها بعد ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 83. (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

س: أنا فتاة في التاسعة عشرة من عمري بلغت في الثانية عشرة وقد كنت عندما أسمع درس ديانة بخصوص الصلاة أصلي أياما ثم أقطع ربما سنوات، أما الآن فقد اقتنعت بالصلاة، وإن شاء الله لن أتركها، وسؤالي هو: ماذا أفعل بالفروض التي فاتتني هل أحصيها ثم أصليها قضاء؟ وهل واجب علي أن أصلي السنة التي فاتتني والسنة الآن (¬1)؟. ج: إذا ترك المسلم الصلاة سواء رجلا أو امرأة فإن الواجب عليه التوبة إلى الله والندم والإقلاع والعزم الصادق ألا يعود في ذلك، ويكفيه ذلك وليس عليه قضاء؛ لأن الصلاة عمود الإسلام من تركها كفر كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» والكافر تكفيه التوبة فإذا تاب الرجل أو المرأة من ترك الصلاة فلا قضاء، هذا هو الصواب، فأنت أيتها السائلة ليس عليك قضاء - والحمد لله - والتوبة تجب ما قبلها، توبتك مما سلف تجب ما قبلها وتسقط عنك الصلوات الماضية، وليس عليك إلا الاستقامة في المستقبل ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (31). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

والمحافظة وسؤال الله الثبات على الحق والعناية بالدروس الإسلامية، وسماع الدروس الإسلامية من نور على الدرب وغيره؛ لأن هذا يعين المرأة والرجل على الحق، ويثبت الإيمان ويذكر بالله وبالآخرة، فسماع الدروس الإسلامية من أفضل الأعمال ومن أسباب الاستقامة والثبات، وينبغي للقائم على البرنامج إذا ما تيسر له أن يجيب السائلين والسائلات بالكتابة فإن بعضهم قد لا يسمع سؤاله في البرنامج، هذا طيب، إذا تيسر الإجابة بما أجاب به المسؤول في الرسالة على العنوان إذا كان لهم عنوان واضح، فهذا حسن وفيه جمع بين المصلحتين، يذاع للمسلمين وينتفعون به، ويجاب السائل كتابة على عنوانه حتى يستفيد لأنه ربما لم يوفق لسماعه في البرنامج، أو يرسل له الشريط المسجل ليستمع لصوت المسؤول، هذا من باب ضم الخير إلى الخير وضم الحسنة إلى الحسنة إذا أمكن ذلك.

س: تقول المرسلة ف، عن نفسها: إنني امرأة متزوجة، لم أصل منذ سبعة وثلاثين عاما، جاء لي الأبناء، وأصبحوا يعلمونني الصلاة - جزاهم الله خيرا - لكنني محتارة في المدة الماضية، هل سيحاسبني الله عليها، أم توصونني بقضائها، أم كيف يكون

توجيهكم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نوصيك بالتوبة النصوح، التوبة والندم على الماضي، والعزم على ألا تعودي فيه، والمحافظة على الصلاة من حين هداك الله، الزميها وحافظي عليها في أوقاتها بالطمأنينة والخشوع، وأبشري بالخير، والتوبة تجب ما قبلها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «التوبة تجب ما قبلها (¬2)» أي تهدم ما قبلها وتمحوه، ويقول عليه الصلاة والسلام: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (¬3)» فأبشري بالخير، التوبة بحمد الله تكفي معناها الندم على ما مضى منك من الترك، والحزن على ذلك، والعزم ألا تعودي إليه، وتستمري على المحافظة والاستقامة على الصلاة وأبشري بالخير، وليس عليك قضاء، والذنب ممحو، يمحى بالتوبة، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 312. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها). (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250).

حكم من ترك الصلاة بسبب المرض

67 – حكم من ترك الصلاة بسبب المرض س: إنني أصلي والحمد لله، وعمري يبلغ ثلاثا وعشرين سنة،

وقطعت الصلاة فترة بسبب مرض، ولكن شفاني الله، وبعدها استمررت في قطعها - يعني الصلاة - والآن أصلي والحمد لله، هل علي إثم أو كفارة، وما هي الكفارة حتى أؤديها؟ ولكم الشكر (¬1) ج: عليك يا أخي التوبة إلى الله - والحمد لله - لزوم التوبة ما دمت تبت والحمد لله، فعليك أن تلزمها وأن تكثر من العمل الصالح، وتسأل ربك الثبات على الحق، وعليك أن تحرص على صحبة الأخيار وأن تبتعد عن صحبة الأشرار، وليس عليك سوى ذلك، التوبة تجب ما قبلها كما قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (¬2)، وقال سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬3)، ولما ذكر سبحانه الشرك والزنى والقتل في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} (¬4)، قال بعدها: ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 192. (¬2) سورة طه الآية 82 (¬3) سورة النور الآية 31 (¬4) سورة الفرقان الآية 68

{وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (¬1) {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (¬2) {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (¬3)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (¬4)» فاحمد ربك على التوبة والزمها، واسأل ربك الثبات، واحذر أسباب الفتنة واحذر العودة إلى ترك الصلاة، فإن الصلاة عمود الإسلام وتركها كفر بالله عز وجل فاحذر ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة (¬5)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬6)» خرجه مسلم في صحيحه. ويقول عليه الصلاة والسلام أيضا: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬7)» فاحذر يا أخي من تركها ومن مجالسة من يتركها لعلك تنجو واسأل ربك الثبات على الحق حتى تلقاه سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) سورة الفرقان الآية 68 (¬2) سورة الفرقان الآية 69 (¬3) سورة الفرقان الآية 70 (¬4) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). (¬5) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (¬6) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬7) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

بيان كيفية دعوة من لا يصلي

68 - بيان كيفية دعوة من لا يصلي س: يوجد معي أخي وهو أكبر مني سنا، ولا يصلي وأحاول معه أكثر من مرة بأن يصلي وهو يقول: كثير من الناس لا يصلون، ماذا أفعل معه لإرغامه حتى يصلي مع العلم أنه يعمل في كل شيء حتى في المسكن، يعمل معي، أرجو إرشادي، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: عليك أن تستمر في نصيحته والاستعانة أيضا بخواص إخوانك الطيبين حتى ينصحوه معك، مع سؤال الله جل وعلا أن يهديه، تسأل ربك أن يهديه في صلاتك وفي آخر الليل وفي غير ذلك من الأوقات، تسأل الله أن يهديه وأن يشرح صدره للحق وأن يعينه على جهاد نفسه وشيطانه، ولا تيأس بل اجتهد في نصيحته لعل الله يمن عليه بالهداية، فإن أصر فابتعد عنه وقاطعه في الله، واهجره في الله لعل الله ينفع بذلك أيضا. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 192.

بيان ما يلزم تارك الصلاة بغير عذر إذا تاب

69 - بيان ما يلزم تارك الصلاة بغير عذر إذا تاب س: الأخت م. م. ع، من الرياض، تسأل وتقول: لي صديقة في سن

المراهقة كانت تصوم ولا تصلي، وقبل مدة تابت إلى الله ورجعت إلى الصواب، ولكن ضميرها يؤنبها ويعذبها على ما بدر منها من ترك للصلاة كسلا وتساهلا وجهلا بالدين، ووالداها لا يعرفان ذلك، أما هي فلا تعرف ماذا تفعل، هل تصلي الصلوات التي تركتها أم تكثر من صلاة السنة بعد وقبل كل فرض لعل الله أن يغفر لها؟ أفيدونا جزاكم الله كل خير (¬1) ج: من نعم الله عليها أن من عليها بالتوبة، ورزقها الندم على ما مضى - والحمد لله - على ذلك فعليها أن تستمر في الخير وأن تلزم طاعة الله ورسوله، وأن تحافظ على الصلاة في وقتها وأن تستكثر من الخير من صلاة النافلة من الصدقة من الدعاء من الذكر وهكذا جميع أنواع الخير، ويكفي هذا والحمد لله، وليس عليها قضاء الصلاة؛ لأن التوبة تهدم ما كان قبلها، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تجب ما كان قبلها (¬2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (¬3)» ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 114. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها). (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250).

فلتطمئن ولتحمد الله على ما هداها له من التوبة، ولتعلم أنه لا شيء عليها عما مضى بل التوبة تمحو ذلك مع الصدق والنصح في التوبة، والتوبة الصادقة تشمل أمورا ثلاثة: الندم على الماضي من الذنب، والإقلاع منه وتركه، والعزيمة الصادقة ألا يعود المذنب لفعله سواء كان رجلا أو امرأة، هذه الأمور الثلاثة لا بد منها في التوبة: الندم على الماضي والإقلاع من الذنب والعزم الصادق ألا يعود في فعله. وهناك شرط رابع إذا كانت الجريمة والذنب يتعلق بالغير، فمن تمام التوبة أن يعطي الحق لصاحبه، ويرد عليه حقه أو يستحله من ذلك، كما لو كان الذنب خيانة في مال أو سرقة أو نحو ذلك، فإن من شرط التوبة وتمامها أن يرد المال إلى صاحبه، أو يستحله من ذلك، يقول الله سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (¬1) ويقول سبحانه لما ذكر الشرك والقتل والزنى في آية الفرقان في قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (¬2) {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (¬3) ¬

_ (¬1) سورة طه الآية 82 (¬2) سورة الفرقان الآية 68 (¬3) سورة الفرقان الآية 69

ثم قال بعد هذا: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (¬1) فذكر سبحانه أن من تاب من الشرك أو القتل أو الزنى أبدل الله سيئاته حسنات، هذه من نعم الله العظيمة وفضله الكبير، فعلى التائب أن يحمد ربه وأن يصدق في التوبة وأن يلزمها حتى يلقى ربه والله ولي التوفيق. ¬

_ (¬1) سورة الفرقان الآية 70

س: تقول عن نفسها: في بداية حياتي لم أكن أصلي ولا أصوم بعض أيام رمضان، والآن من الله علي بالهداية، فماذا أفعل فيما مضى (¬1)؟ ج: التوبة كافية إذا كانت لا تصلي فالذي لا يصلي كافر، فالواجب التوبة إلى الله والندم على ما مضى والعزم الصادق أن لا تعود في ذلك، وليس عليها قضاء. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 355.

س: سائلة تقول: أنا عمري الآن سبع وعشرون سنة، وكنت فيما مضى أصلي وأقطع، لكني الآن والحمد لله أثابر على الصلاة دون انقطاع وإنني أصلي كل فرض في وقت الصلاة المكتوبة، مع السنة القبلية والبعدية والقضاء أيضا؛ لذلك أطيل في صلاتي، وأنا في بعض الأحيان أكون مشغولة ولا أملك متسعا من الوقت لأداء القضاء، فما هو رأي سماحتكم في ذلك؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: التوبة كافية وليس عليك قضاء وإنما عليك أن تستقيمي على طاعة الله، وأن تحافظي على الصلاة في أوقاتها حتى الموت أما على الماضي فعليك التوبة الصادقة والندم وعليك أن تسألي الله المغفرة والعفو، يكفي ذلك والحمد لله؛ لأن الله يقول جل وعلا: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬2) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 325. (¬2) سورة النور الآية 31

«التوبة تهدم ما كان قبلها (¬1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (¬2)» ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله برقم 121 ولفظه: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها.) وأخرجه الإمام أحمد في مسند الشاميين من حديث عمرو بن العاص برقم 17357 ولفظه: (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250).

س: رسالة وصلت إلى البرنامج من الجزائر من أخت تسأل سماحتكم عن فتاة تركت الصلاة فترة من عمرها، ثم عادت وتابت وندمت، هل تنصحونها بقضاء ما فات أم كيف يكون توجيهكم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الحمد لله الذي هداها ومن عليها بالتوبة وليس عليها قضاء؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر فإذا تابت الآن من ذلك فليس عليها قضاء، هذا هو الصواب هذا هو الحق فعليها التوبة النصوح والاستقامة والصبر والإكثار من العمل الصالح والحمد لله يقول الله عز وجل: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (¬2) فليس عليها قضاء ولكن عليها لزوم التوبة، وعليها ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم 348. (¬2) سورة طه الآية 82

كثرة الاستغفار والإكثار من العمل الصالح والحمد لله على كل حال.

التوبة النصوح تجب ما قبلها من الذنوب والمعاصي

70 – التوبة النصوح تجب ما قبلها من الذنوب والمعاصي س: السائل يقول: سمعت بأن شابا لم يصل إلا عندما بلغ العشرين وأجيب له بأن الإسلام يجب ما قبله فهل معنى ذلك بأنه لا يحاسب على ما فات (¬1)؟ ج: من تاب توبة نصوحا تاب الله عليه عن المعاصي أو ترك الصلاة أو أنواع الشرك والتوبة تجب ما قبلها، فإذا تاب وهو ابن عشرين سنة أو ابن ثلاثين سنة أو ابن خمسين سنة أو ابن مائة سنة توبة صحيحة من الشرك من المعاصي كلها تاب الله عليه إذا تاب توبة صحيحة وندم على ما مضى، وأقلع منه وعزم عزما صادقا على ألا يعود فيه، فإن الله يتوب عليه، وإن كان عنده مظالم للناس فعليه أن يؤديها لأصحابها، لا بد أن يعطى الناس حقوقهم أو يتحلل منهم، والله جل وعلا يقول: ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 374.

{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬1) ويقول سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (¬2) وعسى من الله واجبة، ويقول جل وعلا: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (¬3) {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (¬4) {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (¬5) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يهدم ما كان قبله، والتوبة تهدم ما كان قبلها، (¬6)» والحمد لله. ¬

_ (¬1) سورة النور الآية 31 (¬2) سورة التحريم الآية 8 (¬3) سورة الفرقان الآية 68 (¬4) سورة الفرقان الآية 69 (¬5) سورة الفرقان الآية 70 (¬6) سبق تخريجه.

حكم تأخير الصلاة بسبب العمل

71 – حكم تأخير الصلاة بسبب العمل س: كثيرا ما تفوتني صلاة الظهر والعصر بحكم العمل الذي نقضي فيه ما يقرب من ثماني ساعات، فبماذا تنصحونني، وهل يجوز

لي القضاء (¬1)؟ ج: الواجب عليك المحافظة على جميع الصلوات، وأن تتقي الله عز وجل في ذلك وأن تتوب مما سلف، ومن تركها عامدا تاركا لها قصدا يكفر بذلك، وعليه التوبة إلى الله من ذلك، ولا يقضي وإن قضى فلا بأس خروجا من الخلاف لمن قال: لا يكفر إذا كان لم يجحد وجوبها أما من جحد وجوب الصلاة كفر بإجماع المسلمين لكن من لم يجحد وجوبها ولكن يتكاسل بعض الأحيان هذا جملة من أهل العلم يقولون: لا يكفر وعليه القضاء. لكن الصواب أنه يكفر بذلك وأن التوبة تكفي فإذا قضى فلا بأس نسأل الله السلامة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 216.

حكم من ترك الصلاة إذا كان متعبا أو مشغولا

72 – حكم من ترك الصلاة إذا كان متعبا أو مشغولا س: الأخ ي. ع، من مصر يقول: أنا والحمد لله أصلي منذ أن كان عمري عشر سنين، ولكن تأتي علي أيام أكون فيها إما تعبان أو مشغولا فلا أصلي ولا أقضي، فما الحكم في ذلك؟ أرجو

الإفادة جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب عليك التوبة إلى الله من ذلك والبدار بالصلاة دائما ولزوم ذلك، وليس لك عذر بالتعب والكسل، بل يجب أن تصلي وإن كنت تعبان أو كسلان، عليك أن تبادر بالصلاة وتصليها في وقتها مع المسلمين، وإذا كنت عاجزا عن الصلاة في المسجد لمرض صليت في البيت ولو على جنبك أو مستلقيا إذا عجزت عن القيام والقعود أما تركها فلا يجوز أبدا ما دمت عاقلا تستطيع أن تصلي ولو على جنبك أو مستلقيا وعليك التوبة إلى الله عما سلف والتوبة تجب ما قبلها. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 176.

بيان كيفية زيادة العمل الصالح

73 - بيان كيفية زيادة العمل الصالح س: المرسل ر. ع، من سكاكا الجوف يسأل فيقول: أخبركم بأنني كنت أصلي ولكن لم أحافظ على الصلوات، ولله الحمد أحمده حمدا كثيرا طيبا مباركا بأن من الله علي بالهداية وأنا الآن أحافظ على صلواتي الخمس في أوقاتها، وأقوم الليل لأداء صلاة التهجد وأقرأ كل يوم جزأين أو ثلاثة أجزاء ويوم

الجمعة أقرأ فيه من ستة إلى سبعة أجزاء وأتصدق ببعض المال إذا كان معي، وأصوم الاثنين والخميس والأيام البيض، أحمد الله على ذلك، سؤالي: بماذا تنصحونني لزيادة العمل الصالح؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الحمد لله الذي من عليك بالتوبة والرجوع إليه جل وعلا ونوصيك شكره والثناء عليه، وسؤاله الثبات على الحق وسؤاله التوفيق والاستقامة على الحق وأبشر بالخير نوصيك بالاستمرار في هذه الأعمال الطيبة والاستزادة من الخير مهما استطعت والله جل وعلا لا يضيع للعاملين أعمالهم بل يوفرها لهم ويضاعفها لهم على حسب إخلاصهم وصدقهم فاستعن بالله واجتهد في أعمال الخير وأنت على خير من صدقة وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر ودعوة إلى الله عز وجل، والعناية ببر الوالدين وصلة الرحم وإكرام الجار وغير هذا من وجوه الخير وأبشر بالخير، رزقنا الله وإياك الاستقامة والقبول. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 320.

شرح حديث 'أول ما يحاسب العبد من عمله صلاته'

74 – شرح حديث "أول ما يحاسب العبد من عمله صلاته" س: الأخ ش، من الرياض يقول: أسأل وأقول: أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة عن الصلاة، فإن صلحت، صلح عمله، ما المقصود بصلاح الصلاة (¬1)؟ ج: جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أول ما يحاسب العبد من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر (¬2)» يعني إن صحت صلاته واستقامت وقبلها الله منه، فذلك من أسباب قبول بقية أعماله، وإن أضاع الصلاة ولم تستقم الصلاة فهو من أسباب ضياع أعماله الصلاة كالميزان لبقية الأعمال، فينبغي للمؤمن أن يحرص على إتقانها وإكمالها وحفظها حتى لا يتطرق إليها نقص؛ لأن هذا من أسباب توفيق الله له في جميع أعماله بعد ذلك، ومن حافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، ولهذا يقول جل وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬3) ويقول صلى ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 438. (¬2) سبق تخريجه. (¬3) سورة البقرة الآية 238

الله عليه وسلم: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (¬1)» نسأل الله العافية، فالمحافظة عليها والعناية بها من أسباب توفيق الله لصلاح أعماله كلها. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721).

الواجب على الأبناء دعوة ونصح آبائهم إذا كانوا لا يصلون

75 – الواجب على الأبناء دعوة ونصح آبائهم إذا كانوا لا يصلون س: يقول عن والدته: والدتي تبلغ من العمر خمسين سنة، إلا أنها - هداها الله - ضعيفة في أداء الصلوات الخمس - هكذا يقول - وقد نصحتها عدة مرات وسنين طويلة، ووالدي كذلك، وهو الآن حي والحمد لله، لكني ألاحظ أن الأمر كما هو فبماذا توجهوننا جميعا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب عليها أن تتقي الله وأن تحافظ على الصلوات في أوقاتها؛ لأن الصلاة عمود الدين، وأعظم الفرائض وأهمها بعد الشهادتين، فالواجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة على الصلاة في أوقاتها بكل ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 320.

عناية؛ لقول الله عز وجل: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬1) وقوله سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (¬2) وقوله جل وعلا: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬3) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬4) ثم قال في آخر الآيات: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (¬5) المقصود أن الواجب على المؤمن والمؤمنة العناية بالصلاة والمحافظة عليها أينما كانت في السفر والإقامة، في الشدة والرخاء، في الصحة والمرض، في الغنى والفقر، حتى ولو كان على فراشه يصلي إن كان يستطيع قاعدا صلى قاعدا فإن عجز صلى على جنبه فإن عجز صلى مستلقيا ليس له عذر في الترك أبدا ما دام عقله معه، ويقول عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (¬6)» ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل والكفر والشرك ترك الصلاة (¬7)» يعني الرجل والمرأة، والمعنى ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 238 (¬2) سورة النور الآية 56 (¬3) سورة المؤمنون الآية 1 (¬4) سورة المؤمنون الآية 2 (¬5) سورة المؤمنون الآية 9 (¬6) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (¬7) سبق تخريجه.

واحد؛ لأن الخطاب للرجل والمرأة يعم الجميع ويقول عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» فالواجب عليك أنت يا ولدها النصيحة وهكذا الزوج يجب عليه أن ينصحها وأن يؤدبها أيضا ولو بالضرب حتى تستقيم على المحافظة وإذا تعمدت تركها تكفر بذلك - نسأل الله العافية - وينبغي له فراقها حينئذ الواجب عليه فراقها، لا يبقى المسلم مع الكافرة غير الكتابية، المقصود أن الواجب عليكما جميعا أنت وأبوك العناية بها أنت تنصح بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، وأبوك كذلك وله سلطان عليها بأن يؤدبها إذا تخلت وتساهلت بالصلاة نسأل الله لها الهداية، وأن يعيذها مولاها من الشيطان الرجيم. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

حكم من يترك الصلاة بحجة أنه يفعل المعاصي

76 – حكم من يترك الصلاة بحجة أنه يفعل المعاصي س: م. م. أ، من العراق، محافظة نينوى يسأل ويقول: إن أكثر الشباب عندما أنصحهم بالصلاة يقولون: لا نستطيع أن نصلي؛ لأننا ننظر إلى النساء وخاصة المتبرجات، فهل النظر يمنع

الصلاة أو يبطلها؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا عذر باطل، الواجب عليهم أن يصلوا مع المسلمين ويحافظوا على ما أوجب الله عليهم من الصلاة ومن غض البصر والصلاة في الجماعة في المساجد فريضة، يقول صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» فيجب على المسلم أن يؤديها إذا كان مكلفا وتركها كفر بالله وضلال، وليس رؤية النساء في الطريق أو في المسجد إذا كن يصلين في المسجد ليس هذا عذرا في ترك الصلاة أو ترك الجماعة بل هذا غلط ومنكر واعتذار لمنكر عن منكر وهو ترك الصلاة - نسأل الله العافية - والواجب على المسلم غض البصر وأن يتقي الله ويغض بصره عن النساء في الأسواق وفي كل مكان، وليس عذرا له إذا ذهب إلى الصلاة أن يصادفه في الطريق نساء فإذا صادفه في الطريق نساء يغض بصره ويجاهد نفسه قال الله عز وجل: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (¬3) فالمسلم ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 158. (¬2) سبق تخريجه. (¬3) سورة النور الآية 30

يغض بصره ويتقي الله ويحفظ فرجه ويؤدي ما أوجب الله عليه من الصلاة في مساجد الله مع المسلمين، يخاف الله ويرجوه قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} (¬1) وقال عليه الصلاة والسلام: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» وقال في شأن الصلاة وعظمتها: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح. وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬4)» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه رحمه الله في أحاديث أخرى دالة على عظم شأنها، ويقول صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة (¬5)» وقد هم عليه الصلاة والسلام أن يحرق على المتخلفين بيوتهم المتخلفين عن الصلاة في الجماعة، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة أن يتقي الله وأن يحافظ على الصلاة في أوقاتها وأن يحذر التخلف عنها، فإن ¬

_ (¬1) سورة النور الآية 36 (¬2) سبق تخريجه. (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬5) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616).

التخلف عنها من صفات أهل النفاق ومن صفات الكفرة، ومن أسباب دخول النار قال الله تعالى في كتابه العظيم عن الكفار: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ} (¬1) {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (¬2) فأجابوا بأنهم دخلوا النار لأنهم لم يكونوا من المصلين - نسأل الله العافية - فالمؤمن يتقي الله في كل شيء فيغض البصر ويحفظ الفرج، ويحفظ جوارحه عما حرم الله، ويؤدي ما أوجب الله من الصلاة والزكاة وبر الوالدين وصلة الرحم وغير ذلك، يجمع بين هذا وهذا، هذه الدار دار العمل دار التكليف دار الابتلاء والامتحان، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة أن يتقي الله وأن يحافظ على ما أوجب الله، ويتباعد عن محارم الله، وأن يقف عند حدود الله يرجو ثواب الله ويخشى عقاب الله ولهذا خلق يقول سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬3) وهذه العبادة: الصلاة الزكاة، الصيام، الحج، الجهاد، الأمر بالمعروف، النهي عن المنكر، الدعوة إلى الله، بر الوالدين، صلة الرحم، إلى غير هذا مما شرع الله، وهكذا ترك المحارم التي حرم الله على عباده تركها طاعة لله وتعظيما له من أفضل القربات. ¬

_ (¬1) سورة المدثر الآية 42 (¬2) سورة المدثر الآية 43 (¬3) سورة الذاريات الآية 56

حكم بقاء الزوجة مع زوجها الذي لا يصلي

77 – حكم بقاء الزوجة مع زوجها الذي لا يصلي س: المستمعة تقول في هذا السؤال: سماحة الشيخ، ما حكم الشرع في نظركم في المرأة التي تصلي وزوجها لا يصلي وهي متمسكة بالصلاة، مع العلم بأنها بذلت مجهودا كبيرا في إقناعه ليصلي ولكنه لا يركع ولو ركعة واحدة، لديها أطفال منه وهي تؤمل في صلاحه خيرا، فماذا توجهونها؟ مأجورين (¬1) ج: الذي لا يصلي يعتبر كافرا - نسأل الله العافية - هذا هو أصح قولي العلماء في الموضوع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» أخرجه مسلم في الصحيح. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» فالصلاة عمود الإسلام فالذي لا يصلي لا خير فيه ولا يعتبر مسلما وعليها أن تفارقه ولا تمكنه من نفسها عليها أن تفارقه وتمنعه من نفسها، وتذهب إلى أهلها حتى يتوب إلى الله، وحتى يسلم ويدع عمله السيئ ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 400. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

هذا هو الصواب.

حكم بقاء الزوجة مع زوجها المتهاون في أداء الصلاة

78 – حكم بقاء الزوجة مع زوجها المتهاون في أداء الصلاة س: السائلة: م. م. ط، من الرياض تسأل وتقول: زوجي يحافظ على الصلاة في بعض الأوقات، ويهملها في بعض الأوقات، وإذا خالط تاركي الصلاة تركها معهم، هل يجوز لي العيش معه، وكيف أعمل؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كان زوجك يفعل هذا العمل فهو كافر - نسأل الله العافية - الذي ما يصلي كافر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬3)» الصلاة عمود الإسلام من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع. ويقول في الصلاة عليه الصلاة والسلام: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 197. (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (¬1)» نسأل الله العافية، هؤلاء من كبار الكفار وصناديدهم - نسأل الله العافية - لأنه إذا ضيعها من أجل الرئاسة صار شبيها بفرعون، وإن ضيعها من أجل الوزارة صار شبيها بوزيره هامان، وإن ضيعها بأسباب المال والشهوات وجلساء السوء صار شبيها بقارون الذي خسف الله به وبداره الأرض، وإن ضيعها بأسباب التجارة والبيع والشراء صار شبيها بأبي بن خلف تاجر أهل مكة الكفار فيحشر معه يوم القيامة، فالواجب عليك مغادرة البيت والذهاب إلى أهلك، ومعك أولادك، وأنت أولى بأولادك؛ لأنه بهذا يكفر لكن إن تاب ورجع وأناب فالحمد لله، والواجب عليه هو أن يتوب إلى الله، وأن يبادر بالتوبة، وأن يحذر جلساء السوء، جلساء السوء شرهم عظيم، فالواجب الحذر من مجالسة أهل السوء، تراك الصلاة أو أصحاب الخمور والمعاصي، الواجب الحذر منهم، وعليه أن يبادر بالتوبة إلى الله، فيحافظ على الصلوات في الجماعة، ويتوب مما سلف منه، وليس عليه قضاء ما سلف، عليه التوبة، والندم والإقلاع، والعزم الصادق ألا يعود ويكفي هذا وأنت زوجته، لكن إذا أبى التوبة ولم يرجع عما هو عليه من ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن عمرو، برقم (6576)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب المحافظة على الصلاة، برقم (2721).

الباطل، فأنت تمتنعين منه حتى يتوب أو تذهبين إلى أهلك هذا هو الصحيح من أقوال العلماء وقد حكاه التابعي الجليل عبد الله بن شقيق العقيلي حكاه عن الصحابة جميعا قال: «كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا تركه كفر غير الصلاة (¬1)». فالصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام وقال عليه الصلاة والسلام: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (¬2)» هذا مثال لترك الصلوات صلاة العصر مع أن الناس قد يشغلون عنها بمجيئهم من الأعمال ونحو ذلك، ومع هذا إذا تركها حبط عمله فكيف بغيرها؟ فالمقصود أن تارك الصلاة ولو بعض الأحيان يكفر وعليه التوبة إلى الله والرجوع إلى الله ومن تاب تاب الله عليه سبحانه وتعالى، نسأل الله للجميع الهداية. ¬

_ (¬1) سنن الترمذي الإيمان (2622). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553).

مسألة في حكم بقاء الزوجة مع زوجها الذي يصر على ترك الصلاة

79 - مسألة في حكم بقاء الزوجة مع زوجها الذي يصر على ترك الصلاة س: أحببت أن أعرض على سماحتكم مشكلتي التي تؤرقني وتحرمني لذة العيش وراحة البال، فأنا امرأة متزوجة منذ تسعة أعوام، وأنا والحمد لله أصلي، وأتعبد لله، وألبس اللباس

الشرعي وأسير على هدى القرآن الكريم والسنة المحمدية في حياتي، تقبل الله مني ومنكم ومن جميع المسلمين، أما زوجي وعمره أربعون سنة فلا يصلي ولا يتعبد، فقط يصوم شهر رمضان، وقد حاولت كثيرا أن أهديه إلى الطريق الصحيح، وأحثه على الصلاة والعبادة، وأقرأ له بعض الآيات والأحاديث النبوية التي تحث وتدعو إلى الصلاة، وترغب فيها وعقاب تارك الصلاة، ولكنه لا يقبل الهداية، وإن أنا ألححت عليه بدأ يسب ويلعن، وقال لي عدة مرات: إنني إن ألححت عليه فسوف يطردني من البيت، وأنا فكرت عدة مرات بطلب الطلاق منه، ولكن أهلي لا يستقبلونني وأولادي الثلاثة، وأنا في حيرة من أمري وخاصة بعد أن سمعت أنه محرم على الزوجة أن تبقى مع زوج لا يصلي ماذا أفعل؟ إنني في حيرة من أمري، وأكاد أفقد عقلي من كثرة التفكير، أفتني يا سماحة الشيخ، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب عليك الذهاب لأهلك والتخلص من هذا الزوج الظالم ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 270.

لنفسه؛ لأن ترك الصلاة كفر وضلال، وذهب جمع من أهل العلم رحمة الله عليهم إلى أن من تركها كفر كفرا أكبر وإن لم يجحد وجوبها وزوجك هذا ليس ببعيد أنه يجحد وجوبها بسبب عناده وتركه لها وبكل حال فالصواب أن من ترك الصلاة عمدا كفر ولو لم يجحد وجوبها، أما إذا جحد وجوبها أو استهزأ بها هذا كافر بالإجماع وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» خرجه مسلم في صحيحه وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح. وقال عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل رضي الله عنه ورحمه: «كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة (¬3)». ذكر عن الصحابة أنهم يرون ترك الصلاة كفرا دون بقية الأعمال كالصوم ونحوه، فالواجب عليك البعد عن هذا الرجل، والذهاب إلى أهلك أو إلى مكان تستقلين فيه أنت وأولادك، وأبشري بالخير والعاقبة الحميدة نسأل الله له الهداية وأن يعيذه من شر نفسه وشر ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬3) سنن الترمذي الإيمان (2622).

الشيطان، وعليك بالاجتهاد في نصيحته بواسطة من يعرفه من العلماء والطيبين لعل الله أن يهديه بأسبابهم، أما أنت فلا تمكثي عنده ولا تمكنيه من نفسك لا في الفراش ولا في غيره هذا هو الصواب، وهذا هو أرجح أقوال العلماء في هذه المسألة ونسأل الله لك تفريج الكربة وتيسير الأمور، ونسأل الله له الهداية والرجوع إلى الصواب ونسأل الله له أن ييسر له من الإخوان الطيبين من يرشده ويعينه على طاعة الله ورسوله، وأن يرزقه الاستقامة والبصيرة، إنه سميع مجيب، متى صدقت يسر الله أمرها أو تستقل في بيت وحدها - والحمد لله - مع أولادها.

س: امرأة تصلي وتصوم وصاحبة طاعة إلا أنها مع رجل لا يصلي (¬1)؟ ج: الواجب عليها أن تبتعد عنه وأن تمنعه من نفسها حتى يتوب إلى الله عز وجل؛ لأن تارك الصلاة كافر في أصح قولي العلماء وإن لم يجحد وجوبها. أما إن جحد وجوبها فهو كافر بإجماع العلماء؛ لأنه مكذب لله ولرسوله لكن ما دام يقر أنها واجبة ولكن يتركها فهو كافر أيضا على الصحيح من قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 271.

الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» رواه مسلم في الصحيح. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» فعليها أن تذهب إلى أهلها أو تمنعه من البيت إن كان البيت لها أو من نفسها إن كانت تستطيع الذهاب إلى أهلها أو غيرهم، تمنعه من نفسها وتطلب منه الطلاق أو التوبة، وإن كان هناك محكمة شرعية ترفع الأمر إلى المحكمة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

حكم ترك الصلاة بسبب سلس البول

80 - حكم ترك الصلاة بسبب سلس البول س: السائلة أ. م، من الرياض تقول: زوجي يعاني من سلس البول، ويعرف حكم الوضوء وحكم الصلاة في الشرع، ولكنه يترك الصلاة بسبب وسوسة الشيطان له بعد طهارته، ولقد جاهدت في ذلك كثيرا، وهو لا يصلي إلا الجمعة، وهو حريص على الصلاة وعلى صلاتي أنا والأولاد، والسؤال: ما حكم بقائي معه سماحة الشيخ (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 413.

ج: ما يجوز البقاء معه، من ترك الصلاة كفر - نعوذ بالله - الواجب عليه أن يصلي مع السلس يتوضأ لكل صلاة والحمد لله ويصلي مع الناس ولو خرج منه بول معذور إذا أذن المؤذن يتوضأ ويصلي مع الناس - والحمد لله - ولا يجوز ترك الصلاة من أجل السلس، كالمستحاضة التي معها الدم الدائم تتوضأ لكل صلاة وتصلي كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، أما البقاء مع إنسان لا يصلي إلا الجمعة هذا ضلال وكفر - نسأل الله العافية - ما يجوز يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» نسأل الله العافية ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

حكم ترك الصلاة بحجة عدم القراءة والكتابة

81 – حكم ترك الصلاة بحجة عدم القراءة والكتابة س: زوج أختي لا يصلي أبدا حتى أيام الجمعة، ولا أظنه إنكارا لوجوب الصلاة، إنما بحجة أنه عامي لا يقرأ ولا يكتب، فهل في بقاء أختي معه شيء؟ وإنني لما أسمع عقوبة تارك الصلاة يشفق عليه قلبي ويحن، كما أنني أعانقه أحيانا كأيام الأعياد

وغيرها، انصحوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: تركه للصلاة كفر بنص النبي عليه الصلاة والسلام، والصحيح من أقوال أهل العلم أنه كفر أكبر يخرج من الملة، وإن لم يجحد وجوبها، لكن إن جحد وجوبها كفر عند جميع المذاهب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، من تركها فقد كفر (¬3)» ولا يجوز بقاء أختك معه، بل يجب التفريق بينهما إلا أن يتوب، والواجب عليك هجره وعدم معانقته وعدم صحبته حتى يتوب إلى الله عز وجل، هذا ومثله من أهم المهمات، وأقل الأحوال له سنة مؤكدة والقول بالوجوب قول قوي، القول بالوجوب غير من أظهر المعصية والكفر قول قوي، فعليك يا أخي أن تنصحه لله، وأن تخوفه من الله وأن تجتهد في توبته لعل الله يهديه بأسبابك فإن أصر على الباطل وأبى أن يقبل منك فاهجره هذا هو المشروع وإن رأيت المواصلة ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 265. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

للنصيحة بين وقت وآخر فذلك خير، من باب النصح لله ولعباده من دون أن تتخذه صاحبا أو صديقا أو عشيرا لك، ولكن بين وقت وآخر تمر عليه وتنصحه تقول: اتق الله، راقب الله يا عبد الله، الصلاة عمود الإسلام، من تركها فقد كفر. لعل الله يهديه بأسبابك وإذا تيسر أن تقول لإخوانه أو أبيه أو أصدقائه أن ينصحوه أيضا حتى يساعدوك، فهذا أمر مطلوب، والمسلمون إخوة يتناصحون، وهذا إنسان قد تعاطى ما يخرجه من الإسلام فالواجب نصيحته وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وإلى الخروج إلى الصواب، لعل الله يأتي بأسبابه، وقد قال الله عز وجل في كتابه العظيم: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (¬1) وقال سبحانه في كتابه العظيم: {وَالْعَصْرِ} (¬2) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (¬3) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (¬4) {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (¬5) وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «الدين النصيحة. قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (¬6)» نسأل الله للجمع الهداية. وكونه لا يقرأ ولا يكتب فهذه ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 2 (¬2) سورة العصر الآية 1 (¬3) سورة العصر الآية 2 (¬4) سورة العصر الآية 3 (¬5) سورة العصر الآية 3 (¬6) سبق تخريجه.

ليست حجة؛ لأنه يجب عليه أن يصلي ولو كان عاميا ليس من شرط الصلاة أن يكون يقرأ ويكتب عليه أن يصلي ويتعلم ويتثقف في دينه ولا يدع الصلاة، عليه أن يصلي ويؤدي الزكاة، وأن يصوم رمضان وأن يحج البيت إن استطاع، وإن كان غير عالم وإن كان عاميا، لكن يلزمه التثقف في دينه، والسؤال عما أشكل عليه؛ لأنه مخلوق لعبادة الله، والواجب عليه أن يتعلم هذه العبادة، ويتبصر فيها لقول الله سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬1) ويقول سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (¬2) هذه العبادة التي خلقنا لها وأمرنا بها يجب أن نفقهها، وأن نعلمها، وأن نسأل أهل العلم عنها حتى نكون في هذا على بصيرة، وحتى نؤديها على علم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (¬3)» فمن يعرض فلا يتفقه هذا من علامة أن الله ما أراد به خيرا، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) سورة الذاريات الآية 56 (¬2) سورة البقرة الآية 21 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا، برقم (71)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، برقم (1037).

حكم أكل طعام تارك الصلاة

82 – حكم أكل طعام تارك الصلاة س: السائل يقول: زوج أختي لا يصلي، وقد ألححت عليه كثيرا للصلاة فلم يجب، ويقول: إن الإسلام ليس الصلاة. وهم يسكنون في قرية بعيدة عني وأقوم بصلتهم، علما أن والدي متوفى وأنا الذي أحل محله، فإذا أحضروا لي الطعام فهل يصح أن آكل منه؟ وإذا اقترضت منهم مبلغا من المال وعلى طول أقوم بسداده، فهل هذا المال يحرم علي (¬1)؟ ج: هذا لا يجوز هذا غلط كبير، الإسلام هو التوحيد والصلاة والزكاة والصيام والحج، هذا الرجل جاهل يجب أن يعلم ويرشد ويوجه إلى الخير الإسلام مبني على أركان والصلاة أعظم عموده بعد التوحيد فهي عموده العظيم بعد الشهادتين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (¬2)» فالواجب أن يحذر من ذلك، وعلى الزوجة أن تفارقه حتى يتوب على أختك أن تفارقه حتى يتوب ولا تبقى عنده يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 233. (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616).

ترك الصلاة (¬1)» ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» وينبغي أن يرفع أمره إلى ولي الأمر إذا لم يتب حتى يحال إلى المحكمة وحتى تجري المحكمة ما يلزم من استتابته، فإن تاب وإلا قتل، ولا مانع أن تصلهم بالمعروف رجاء أن يهديه الله ويسلم ولا سيما إذا كان فقيرا، لا بأس أن تحسن إليهم لأن معه أختك لعل الله يهديه ويرجع إلى الحق بأسباب حسن خلقك وطيب عملك معهم، والاقتراض منه ينبغي أن تستغني عنه ما دام بهذه الحالة وألا تعاشره وألا تتخذه صاحبا وألا تزوره، بل تهجره لعله يتوب، لكن إذا أحسنت إليه لا بأس، أما الطعام فينظر فيه فإن كان الطعام فاكهة أو نحوه فلا بأس، أما إن كان شيئا يذبح هو الذي ذبحه بنفسه فذبيحته لا تحل، أما إن كان طعاما من غير ذبحه لحم من السوق أو فاكهة أو نحو هذا مما ليس فيه ذبح فلا حرج في قبوله إذا رأيت ذلك، وإن رأيت رده إليه من باب الهجر ومن باب إظهار كراهتك لعمله وغضبك عليه فهذا حسن إن شاء الله، وإن رأيت أن قبول الهدية فيه مصلحة لتأليفه ودعوته إلى التوبة أنت ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

بهذا تجتهد وتعمل ما هو الأصلح لكن مع كراهتك لعمله وهجرك إياه وتحذيرك إياه من هذا العمل السيئ لعل الله يتوب عليه بأسبابك؛ لأن عمله عظيم الجرم وشديد الخبث وهو ترك الصلاة - نعوذ بالله - والصلاة عمود الإسلام من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع. والمقصود أن تعالج الأمر بما ترجو فيه الخير، مع هجره وعدم زيارته إلا على وجه تزوره فيه للدعوة فقط، لا للطعام والشراب والأنس معه ولكن تزوره إذا رأيت المصلحة للدعوة والتوجيه إلى الخير وتحذيره غضب الله وإخباره بأن هذا العمل ردة عن الإسلام في أصح قولي العلماء على هذا السبيل تكون مأجورا إن شاء الله أما على سبيل التحاب أو الأنس به فلا تزره على هذا الوجه بل يستحق الهجر.

مسألة في حكم الإقامة مع زوج تارك الصلاة

83 – مسألة في حكم الإقامة مع زوج تارك الصلاة س: المستمعة ح. خ. من الخفجي تقول: لي أخت متزوجة وعندها ثمانية أطفال أصغرهم عمره سنة، وهذه الأخت زوجها لا يقيم الصلاة وقد دخل السجن عدة مرات بجرائم السرقة والنصب وغير ذلك ولا يتورع عن القيام بأي عمل حرام، وأنا أعرف أن أختي تعرف حكم الزواج به، وهي أيضا متأذية وأولادها ولكنني

أبشركم أنهم يصلون جميعا، لكن لا يقيمون لأبيهم هذا أي وزن، فما الحكم في إقامتها وأولادها معه وحاله ما ذكر؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كان لا يصلي فالواجب عليها مفارقته والذهاب إلى أهلها إن قدرت وإن لم تستطع امتنعت من جماعه لها ورفعت أمرها إلى المحكمة حتى يعاقب بما يستحق؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر من ترك الصلاة كفر - نسأل الله العافية - يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» والصواب أنه يكفر بتركها وإن لم يجحد وجوبها، هذا هو الأصح من قولي العلماء فعليها أن تبتعد عنه إلى أهلها فإذا لم يكن لها أهل تمتنع من جماعه لها حتى يتوب وحتى يرجع إلى الله عز وجل، وإن لم تستطع رفعت الأمر للمحكمة للتفريق بينهما ولو عن طريق المحكمة، أما الأكل ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 331. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

في بيته فلا حرج فيه، لكن يجب أن يهجر وأن يظهر له البغضاء والعداوة، لكن الأكل من بيته لا يحرم مثل من يأكل من طعام اليهود والنصارى وغيرهم، لكن ذبيحته لا تؤكل، أما الخبز والفاكهة فلا بأس أو ذبيحة ذبحها غيره، لكن يجب هجره وتوبيخه ونصيحته لعله يتوب فيتوب الله عليه.

حكم كشف حجاب المرأة أمام المرأة التي لا تصلي

84 - حكم كشف حجاب المرأة أمام المرأة التي لا تصلي س: زوج خالتي تارك للصلاة رغم أنه حج إلى بيت الله، وقد ذكرت له خالتي ما سمعته من البرنامج من حكم تارك الصلاة تهاونا من أنه يكون كافرا كفرا يخرج من الملة، ولكنه ظل تاركا للصلاة، وهي سكتت عن ذلك، فهل معاشرته لها حرام عليها؟ وهل تاركة الصلاة من النساء يجوز كشف الوجه أمامها والنساء هل يكشفن أمامها باعتبار أنها كافرة بتركها للصلاة، وخرجت عن ملة الإسلام؟ أفيدونا عن هذه القضايا وفقكم الله (¬1) ج: لا شك أن الذي يترك الصلاة كافر وإن لم يجحد وجوبها في أصح ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 103.

قولي العلماء؛ لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» والمرأة كذلك في الحكم الشرعي والقاعدة الشرعية أن الأحكام التي تثبت للرجال تكون للنساء، وهكذا العكس؛ لأن الجميع مكلف، والرسول صلى الله عليه وسلم بعث للجميع، وهكذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» فالذي لا يصلي ليس لزوجته البقاء معه، وهي مسلمة ليس لها أن تبقى معه، بل عليها أن تفارقه، وأن تمنعه من الاتصال بها حتى يتوب فيتوب الله عليه وهكذا المرأة التي تترك الصلاة ليس لزوجها المسلم أن يبقى معها، بل يجتنبها حتى تتوب، فإن تابت وإلا فارقها وسوف يعوضه الله خيرا منها؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (¬3) {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (¬4) ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (¬5) وهذه من المصائب العظيمة وترك الصلاة من المصائب العظيمة، فالواجب على المسلمين جميعا أن يحذروا ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬3) سورة الطلاق الآية 2 (¬4) سورة الطلاق الآية 3 (¬5) سورة الطلاق الآية 4

ذلك، وأن يتناصحوا في ذلك وأن يهجروا من ترك الصلاة، وألا يقبلوا دعوته، وألا يسلموا عليه، وألا يردوا عليه السلام وألا يدعوه إلى وليمة ولا غيرها، بل يجب أن يهجر كالبعير الأجرب، لا يقرب ولا يزار إلا للدعوة إلى الله، إذا كان للدعوة يدعى وينصح فلا بأس. وأما طرح الخمار عند الكافرة فلا بأس على الصحيح سواء كانت تاركة للصلاة أو يهودية أو نصرانية أو وثنية، لا حرج على المسلمة أن تراها الكافرة ولا تحتجب منها، هذا هو الصواب وهذا هو الصحيح من قولي العلماء أن التحجب إنما يكون عن الرجل الأجنبي، أما عن المرأة فلا أما قوله سبحانه: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} (¬1) فالمراد نساء بني آدم فالمرأة لا يحجب عنها على الصحيح، وإنما يحتجب عن الرجل الأجنبي الذي ليس بمحرم وأما المرأة فإنها من جنس المرأة وإن كانت كافرة لا حرج على المسلمة ألا تحتجب عنها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر نساءه أن يحتجبن عن اليهوديات اللاتي كن في المدينة ولا غيرهن من الوثنيات ولا نعلم أن امرأة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أو بناته احتجبت عن امرأة كافرة وقد ثبت في الصحيحين عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما ¬

_ (¬1) سورة النور الآية 31

«أن أمها وفدت إليها في المدينة في وقت الصلح بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة وهي كافرة، جاءت تطلب من بنتها الرفد والمساعدة، فاستأذنت أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم أن تصلها، فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام: صليها (¬1)» ولم يأمرها أن تحتجب عن أمها لأنها كافرة والقضايا في هذا كثيرة كلها دالة على أن ليس على المرأة المسلمة أن تحتجب عن المرأة الكافرة، والله ولي التوفيق. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجزية، باب إثم من عاهد ثم غدر، برقم (3183).

س: كانت والدتي لا تصلي ثم إنا علمناها الصلاة، والحمد لله استجابت وداومت على الصلاة بفضل من الله ثم إنها أيضا تخلصت من المعتقدات الشركية مثل الاعتقاد بنفع الموتى وما أشبه ذلك، إلا أن لنا والدا لا يصلي ولا زالت ترتبط به نفسيا ومعنويا فما هو رأي سماحتكم في هذا الموضوع؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الحمد لله على هدايتها، ولكن ليس لها أن تمكن زوجها الذي لا يصلي من نفسها؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر فعليها أن تبتعد عنه وتخبره ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 335.

بأنها لا تحل له، وأخبروه أنتم أيضا حتى يتوب، فإذا تاب وصلى فهي زوجته، وإن استمر في ترك الصلاة فهي تحرم عليه، ونسأل الله لنا وله الهداية.

حكم التعامل مع الزوجة والبنات اللاتي لا يصلين

85 - حكم التعامل مع الزوجة والبنات اللاتي لا يصلين س: زوجتي لا تصلي وبناتي أيضا، ولا يتحجبن، فماذا أفعل؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب عليك نصيحة الزوجة والبنات، وتأديبهن على ترك الصلاة حتى يستقمن، هذا واجب عليك، الصلاة عمود الإسلام وهي الركن الثاني من أركان الإسلام الخمسة، وهي أعظم الأركان بعد الشهادتين من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، والله يقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬2) ويقول جل وعلا: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (¬3) ويقول سبحانه: ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 220. (¬2) سورة البقرة الآية 238 (¬3) سورة البقرة الآية 43

{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (¬1) فالواجب على المؤمنين والمؤمنات التناصح والتآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر، وزوجتك وبناتك من أحق الناس بنصيحتك، وأمرك لهن بالمعروف، ونهيك لهن عن المنكر، ولا يجوز التساهل بهذا الأمر أبدا، ولو بضرب الزوجة ضربا غير مبرح، وضرب البنات ضربا غير مبرح حتى يستقمن؛ لأن الصلاة عمود الإسلام من تركها كفر - نسأل الله العافية - يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» نسأل الله العافية، فاتق الله أيها السائل، واحرص على هداية زوجتك وبناتك، واستعن على ذلك أيضا بأقاربك مثل أخوال بناتك إخوان الزوجة، أبيها، أعمامها، يساعدونك، اتفق معهم على أن يساعدوك على زوجتك، وعلى بناتك حتى يقمن الصلاة، حتى يستقمن في دينهن، لا تتساهل في هذا الأمر فإن لم تستقم الزوجة ففارقها طلقها، ولا يجوز بقاؤها معك وهي لا تصلي، فإما أن تتوب وإما أن تفارقها وهكذا البنات لا بد من تأديبهن حتى يتبن إلى الله ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 71 (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

وحتى يستقمن على الصلاة.

حكم الاستمرار مع زوجة لا تصلي ولا تلتزم بالزي الإسلامي

86 - حكم الاستمرار مع زوجة لا تصلي ولا تلتزم بالزي الإسلامي س: أنا متزوج وزوجتي لم تعرف شيئا من القرآن الكريم، ولم تقم الصلاة وقد حاولت فيها منذ عشر سنوات لكنها لم تستجب حتى الآن وهي أيضا لا تلبس الزي الإسلامي ولم تقبل مني أي نصح أو توجيه حول هذا الموضوع، فما رأي سماحتكم في أمرها؟ (¬1) ج: إذا كانت لا تصلي فالأمر منته، الذي لا يصلي لا دين له بل هو كافر نسأل الله العافية، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» خرجه الإمام أحمد في المسند وأبو داود والترمذي والنسائي، وابن ماجه بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه. ويقول صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (¬3)» فمن ترك العمود فماذا بقي ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 95. (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616).

له؟ ويقول صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» رواه مسلم في الصحيح. والتعبير بالرجل لا يخرج المرأة لأن هذا كعادة النبي صلى الله عليه وسلم، قد يعبر بالرجل وقد يعبر بالمرأة، والحكم عام للجميع، ما ثبت في حق الرجال ثبت في حق النساء إلا بدليل يخص أحدهما، فالحاصل أن هذه المرأة علاوة على أنها لا تصلي مع ذلك أنها أيضا لا تلبس الزي الإسلامي فهذا يدل على مرض في قلبها يميلها إلى الكفرة وزي الكفرة، فنصيحتي لك أيها السائل فراقها ما دمت معها من عشر سنين وأنت لم تنجح في توجيهها إلى الخير، فماذا ترجو من ورائها؟ النساء كثير والحمد لله {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (¬2) {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (¬3) ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (¬4) ففارقها وأبشر بالخير والعاقبة الحميدة، ومع هذا تسأل الله لها الهداية، نسأل الله لنا ولها الهداية، وإن نصحتها آخر شيء وبينت لها إن لم تستجب فإنك سوف تفارقها، فهذا لعله يجدي فيها بعض الشيء، وهو ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) سورة الطلاق الآية 2 (¬3) سورة الطلاق الآية 3 (¬4) سورة الطلاق الآية 4

أحق بأولاده لا حضانة لها ما دامت بهذه الصفة، هو أولى بأولاده بكل حال، وبقاء أولادها عندها يضرهم، وربما جرتهم إلى شر كثير، فالحاصل أن المسلم هو أولى بأولاده مطلقا.

س: تزوجت ابنة عمي في عام 1400 هـ وكان عمرها آنذاك ثنتي عشرة سنة، ولم تنجب أولادا حتى الآن، وأنا أعاملها معاملة حسنة، وهي تبادلني هذه المعاملة الحسنة بالمعاملة السيئة، حتى إنها لا تقوم بفرائض الصلاة، وقد نصحتها عدة مرات ولم تستجب بحجة أنها لا تزال صغيرة، وتقول: إنها ستقوم بواجب الصلاة عند بلوغها سن العشرين، أو واحد وعشرين، وهي أيضا لا تقوم بواجبها نحو الزوج، ويستمر في الشكوى من هذه الزوجة، وأهم ما في الموضوع هي أنها كانت متربية على غير تأدية الصلاة، ويرجو من سماحة الشيخ التوجيه (¬1) ج: ما دامت بهذه الصفة فلا خير لك فيها، بل يجب أن تفارقها، وليس لك أن تستمتع بها، وهي لا تصلي وهي بهذا السن، ما دامت بلغت سن النساء المكلفات أكملت خمس عشرة سنة أو أتاها الحيض أو أنزلت عند ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم 103.

الجماع أو في الاحتلام أو أنبتت الشعر، المعروف عند الفرج الشعرة، فبهذه الأمور الأربعة تكون بالغة بأي واحد منها فإذا كانت لا تصلي فلا يجوز بقاؤها عندك، يجب إبعادها وعدم الاستمتاع بها حتى يمن الله عليها بالتوبة ولك أن تضربها على هذا وتؤدبها حتى تستقيم؛ لأن ضربها في هذا المقام مهم جدا، ولعل الله يهديها بأسبابك، ومع ذلك لم تنجب فعيوبها كثيرة، هذه المرأة عيوبها كثيرة والسلامة منها خير لك في الدنيا والآخرة، ولا يجوز لك البقاء معها أبدا إلا أن تتوب، نسأل الله أن يهديها ويردها للتوبة، أو يبدلك خيرا منها.

حكم عقد النكاح على امرأة تبين أنها لا تصلي

87 - حكم عقد النكاح على امرأة تبين أنها لا تصلي س: تقول السائلة: توفيت والدتي منذ خمسة عشر عاما وتزوج أبي من أختها، ومنذ تزوجها أبي وهي لا تصلي، ولم أرها صلت ولو مرة واحدة رغم ما قلت لها من عقوبة تارك الصلاة، وهي لا تصلي كسلا وتهاونا وتقول بتهاون شديد: صلي أنت نيابة عني، فماذا أفعل معها وما هي حدود تعاملي معها (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 242.

ج: إن الواجب هو الإنكار عليها وتعليمها وتنبيهها، وعلى الزوج أيضا أن يؤدبها في ذلك حتى تصلي وإذا كانت حين العقد لا تصلي وجب تجديد العقد إذا كان هو يصلي وهي لا تصلي، فالعقد غير صحيح على الصحيح، بعض أهل العلم يراه صحيحا إذا كانت لا تنكر وجوبها ولكنها تتساهل وتتكاسل، ولكن الصواب أن العقد غير صحيح، فالواجب امتناعه منها حتى تصلي ويجدد العقد، وإلا فليطلقها لأن شرها كثير، ولها حكم الكفرة بتركها الصلاة - نسأل الله العافية - لكن إذا تابت فإنه يجدد العقد بمهر جديد وعقد جديد بحضرة شاهدين.

حكم قضاء الصلاة والصيام لمن لم يصل منذ بلوغه حتى بلغ خمسين عاما

88 – حكم قضاء الصلاة والصيام لمن لم يصل منذ بلوغه حتى بلغ خمسين عاما س: الأخت ج. ب من الجزائر العاصمة تقول: امرأة تبلغ من العمر خمسين سنة، ولم تصل طيلة حياتها أبدا حتى يومنا هذا، ولم تقض ما أفطرت من رمضان أثناء الحيض أبدا، ماذا يجب عليها أن تفعل إذا أرادت التوبة؟ وهل تصوم جميع تلك السنين التي أفطرتها من رمضان أثناء الحيض، ولم تقض مع العلم بأنها لم تكن تصلي، وما تزال لا تصلي حتى الآن، وهذه المرأة قريبة

لأمي، وجارة لنا في نفس الوقت، كيف ننصحها لكي تتوب إلى الله، لأننا نصحناها عدة مرات بدون جدوى، لقد نصحناها برفق وبالتي هي أحسن، هل نكون بريئين من ذمتها إذا لم تتب؟ وجهوها مأجورين (¬1) ج: الواجب نصيحتها وإخبارها بأنها إذا تابت تاب الله عليها، عليها التوبة مما مضى ويسقط عنها الصوم والصلاة الماضيان، عليها التوبة الصادقة بالندم على ما مضى والإقلاع من ذلك، والعزم ألا تعود في ذلك مع الضراعة إلى الله وسؤاله أن يقبل منها توبتها، وعليها أن تصلي وتصوم بعد التوبة إلا في وقت الحيض، فالله أسقط عنها الصلاة فإذا جاء الحيض فلا صلاة عليها وإذا جاء الحيض في رمضان أفطرت وقضت، فالواجب أن تعلموها وأن ترشدوها وأن تنصحوها ومن تاب تاب الله عليه، يقول الله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} (¬2) ويقول جل وعلا في كتابه العزيز: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬3) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والخمسون من الشريط رقم 435. (¬2) سورة التحريم الآية 8 (¬3) سورة النور الآية 31

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (¬1)» فإذا تابت عفا الله عنها، وليس عليها قضاء، لا للصلاة ولا للصوم عليها التوبة فقط ولا قضاء عليها، وعليها أن تجتهد في المستقبل في المحافظة على الصلوات والصيام. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250).

مسألة في إطلاق كلمة الكفر على تارك الصلاة

89 - مسألة في إطلاق كلمة الكفر على تارك الصلاة س: هناك أحاديث كثيرة تكفر تارك الصلاة، ويوجد معي إنسان قدمت له النصح أكثر من مرة، ولكنه مصر على ترك الصلاة، فإذا قلت له: أنت كافر بسبب تركك للصلاة، فهل يشملني حديث الرسول صلى الله علبه وسلم الذي يقول: «من قال لأخيه المسلم: يا كافر، فقد باء بها أحدهما. (¬1)»؟ وجهوني، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال، برقم (6104)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان حال من قال لأخيه المسلم يا كافر، برقم (60).

جزاكم الله خيرا (¬1) ج: قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» رواه مسلم في صحيحه. وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬3)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح فأنت إذا قلت له: كافر، فأنت صادق على الصحيح؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كفره. أما الحديث: «إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما (¬4)» فالمعنى إذا كان ليس أهلا لذلك إذا قال له: يا كافر وليس أهلا لذلك، أما إذا كان أهلا لذلك فإنه يبوء بها هو، المقول له. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 175. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬4) سبق تخريجه.

حكم هجر تارك الصلاة

90 – حكم هجر تارك الصلاة س: المستمع: س. ع. أ، بعث يسأل ويقول: لي صديق تارك للصلاة، وقد قدمت له النصيحة ولم يستجب، بل قابل ذلك بالقطيعة

بيني وبينه، فما هو توجيهكم لي؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: قد أحسنت فيما فعلت، وأديت الواجب في النصيحة، والواجب أن يهجر هو، فإذا قاطعك فأنت تقطعه أيضا لأنه يستحق الهجر، وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الصحابة لما تأخروا عن غزوة تبوك بغير عذر، فالذي يتأخر عن الصلاة ولا يصلي من باب أولى؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر، فالواجب هجره إذا لم يقبل النصيحة، ويرفع أمره إلى ولي الأمر إذا كان في بلاد تحكم بالإسلام، يرفع أمره إلى ولي الأمر حتى يعاقب بما يستحق، وحتى يستتاب، فإن تاب وإلا وجب قتله إذا ترك الصلاة؛ لأن الله سبحانه يقول: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (¬2) فدل على أن الذي لا يؤدي الصلاة لا يخلى سبيله، بل يرفع أمره إلى ولي الأمر للمحكمة، للهيئة، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى تنظر في أمره، وأنت قد أديت ما عليك من نصيحته وتوجيهه إلى الخير. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 299. (¬2) سورة التوبة الآية 5

بيان كيفية التعامل مع الأبناء إذا امتنعوا عن الصلاة

91 - بيان كيفية التعامل مع الأبناء إذا امتنعوا عن الصلاة س: السائلة أم نايف من حائل تقول: لها ولد في الثامنة عشرة من العمر، تقول: آمره بالصلاة ولا يعمل بها ولا يرد علي، وعجزت عن ذلك كثيرا ومرارا ثم تركته، فهل علي إثم في ذلك (¬1)؟ ج: الواجب عليك أمره بالصلاة وتحريضه ونصيحته، وإذا كان أبوه موجودا فالواجب على أبيه كذلك أن يقوم عليه حتى ولو بالضرب، حتى يستقيم حتى يصلي، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر (¬2)» فإذا كان ابن عشر يضرب فالذي قد بلغ أولى وأولى بالضرب، بل يستحق أن يقتل، يستتاب فإن تاب وإلا قتل، الأمر عظيم، فإذا عجزت ارفعي بأمره إلى الهيئة أو إلى المحكمة أو إلى الإمارة حتى يؤدبوه، المقصود أن هذا الأمر عظيم لا يجوز السكوت عنه، فإن كان أبوه موجودا أو له أخ أكبر منه يساعدك في ذلك وإلا ارفعي أمره، وإلا قولي له: ابعد عني، البيت يتعذرك، لا تجلس ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 405. (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495).

عندي بالكلية. ترفعين أمره إلى الهيئة أو الإمارة أو المحكمة حتى يؤدب وحتى يعامل بما يستحق لكونه قد بلغ الحلم.

حكم إجابة دعوة وليمة من لا يصلي

92 – حكم إجابة دعوة وليمة من لا يصلي س: يسأل المستمع ويقول: إذا كان هناك شخص من أحد أقاربنا لا يصلي، فهل يجوز لنا أن نأكل من ماله، وهل نستجيب لدعوته إذا دعانا في المناسبات (¬1)؟ ج: الذي لا يصلي يستحق الهجر، ينبغي أن يهجر، ينصح ويوجه إلى الخير ويؤمر بطاعة الله، فإذا أصر ولم يصل يهجر؛ لأنه يستحق الهجر، ولأنه ترك أمرا عظيما، ترك واجبا عظيما، فإن الصلاة عمود الإسلام، والواجب أن يصلي في المسجد مع الناس فإذا تساهل في ذلك وجب هجره، وإن تركها كفر نسأل الله العافية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» وإن ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 403. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

صلى في البيت عصى، كان معصية؛ لأن الواجب أن يصليها مع الناس في المسجد إلا المعذور كالمريض، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (¬1)» قيل لابن عباس: ما هو العذر؟ قال: خوف أو مرض. وفي الصحيح أن رجلا أعمى قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب (¬2)» هذا أعمى ليس له قائد يقوده ومع هذا قال له: أجب، يعني التمس من يقودك وأجب إلى الصلاة في المسجد فحضورها في المسجد واجب وترك ذلك معصية أما تركها بالكلية كونه ما يصلي هذا كفر أكبر - أعوذ بالله - على الصحيح من أقوال العلماء وإن لم يجحد وجوبها أما من جحد وجوبها كفر عند الجميع نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653).

س: السائل أ. أ. يقول: عندي اثنان من إخواني لا يصلون، أخلاقهم سيئة مع الجميع حتى مع الوالد والوالدة، وهما منعزلان عنا فلا

يخالطوننا، ما حكم مقاطعتهم أنا وإخوتي لهم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كان أخواك لا يصليان فالواجب نصيحتهما والحرص على توجيههما إلى الخير وعلى والدك أن يجتهد في نصيحتهما وأنتم معه أيضا، لعل الله يهديهما بأسبابكم، وإن استطاع أبوك تأديبهما أدبهما يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر (¬2)» فإذا كان أبو العشر يضرب فالكبير يضرب، فإن تاب وإلا يقتل، فإذا كان أبوك لا يستطيع وأنتم لا تستطيعون ارفعوا الأمر إلى الهيئة أو إلى المحكمة حتى يقام عليهما أمر الله، فالذي لا يصلي يستتاب فإن تاب وإلا قتل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬3)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬4)» ويقول صلى الله عليه وسلم: ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 420. (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

«نهيت عن قتل المصلين (¬1)» فدل على أن من لا يصلي يقتل، والله يقول جل وعلا: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (¬2) دل على أن الذي لا يؤدي الصلاة لا يخلى سبيله بل يقتل، ويقول صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬3)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (¬4)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬5)» المقصود أن الواجب عليكم وعلى الوالد العناية بهذا نصيحتهما وتوبيخهما والحرص على هدايتهما فإن استقاما وإلا ارفعوا أمرهما إلى الهيئة حتى يؤدبا لعلهما يصليان، فإن لم يصليا يرفعان للمحكمة حتى يجري عليهما حكم الله بالاستتابة فإن تابا وإلا قتلا. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب في الحكم في المخنثين، برقم (4928). (¬2) سورة التوبة الآية 5 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬4) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (¬5) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

حكم ضرب الابن إذا امتنع عن الصلاة وبلغ خمس عشرة سنة

93 – حكم ضرب الابن إذا امتنع عن الصلاة وبلغ خمس عشرة سنة س: الأخت ع. ع. د. من جازان تقول: تذكر بأنها لها أخ يبلغ من العمر خمس عشرة سنة، تارك للصلاة، تقول السائلة: وإخواني لا يتعاملون معه إلا بالضرب حتى يصلي مجبرا وعلى ذلك فهو شديد العقوق لوالديه، فما رأي سماحتكم في التعامل معه؟ وما هي الطريقة الصحيحة التي نتعامل معه؟ مأجورين (¬1) ج: ما دام الرجل قد بلغ خمس عشرة سنة فقد أحسن إخوانه في تأديبه وضربه حتى يستقيم حتى يصلي هذا رجل مكلف الآن فالواجب أن يستتاب، يرفع أمره إلى المحكمة، فإن تاب واستقام وإلا استحق القتل، فالوصية أن تجتهدوا في توجيهه إلى الخير وحثه على التوبة، وعلى إخوانه أن يجتهدوا في توجيهه إلى الخير، ونصيحته وتأديبه حتى يستقيم، وحتى يصلي مع المسلمين في بيوت الله وإلا فمن ترك الصلاة كفر واستحق القتل فإن استقام وإلا يرفع أمره إلى المحكمة حتى تجري فيه حكم الله جل وعلا، نسأل الله لنا وله الهداية. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 428.

حكم من ترك الصلاة ويخشى أنه لو تاب لربما رجع للفسق

94 – حكم من ترك الصلاة ويخشى أنه لو تاب لربما رجع للفسق س: السائل يقول: يا سماحة الشيخ، لي مجموعة من الأصدقاء لا أحد منهم يصلي وهم يقطنون معي في نفس القرية، وأنا ملازم لهم لغياب الإخوان في الله في هذه القرية، ولأن لي فيهم مصالح دنيوية ولأنهم جيراني وأصدقاء الطفولة، حاولت مرارا أن أدعوهم فيكون الرد منهم: نخاف أن نتوب وبعد مدة نفسق، نخاف ألا نحافظ على الصلاة فنتركها، ونحن أحسن من فلان لأنه يصلي ويفعل كذا وكذا، ونحن لا نصلي إطلاقا، فعجزت عن جوابهم، ولا أجد ما أقوله لهم إلا: هدانا الله وإياهم، كيف توجهون لهم النصيحة مأجورين سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: نصيحتي لهؤلاء وأشباههم أن يخافوا الله وأن يراقبوه، وأن يصلوا مع المسلمين جميع الصلوات الخمس؛ لقول الله عز وجل: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬2) ولقوله سبحانه: ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 426. (¬2) سورة البقرة الآية 238

{وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (¬1) ولقوله عز وجل: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (¬2) والآيات في هذا كثيرة، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (¬3)» قيل لابن عباس: ما هو العذر؟ قال: خوف أو مرض. ولقوله صلى الله عله وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬4)» رواه مسلم في الصحيح. وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬5)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (¬6)» فالواجب على هؤلاء الذين سألت عنهم أن يتقوا الله وأن يراقبوا الله وأن يصلوا وألا يتعذروا بأنهم يخافون أن يتركوا الصلاة، فالواجب عليهم ألا يتركوها، أن يحافظوا ¬

_ (¬1) سورة العنكبوت الآية 45 (¬2) سورة البقرة الآية 43 (¬3) سبق تخريجه. (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬5) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬6) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616).

عليها وإن تركوها فالواجب التوبة ومن تاب تاب الله عليه لا ييأسوا فالله يقول جل وعلا: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} (¬1) فالواجب عليهم التوبة إلى الله والإنابة إليه والصلوات الخمس مع المسلمين في مساجدهم، وعليك أن تحذرهم، وألا تجتمع بهم، وألا تصاحبهم، عليك أن تهجرهم حتى يتوبوا إلى الله جل وعلا لئلا يصيبك ما أصابهم، فالواجب عليك التوبة إلى الله من صحبتهم والحذر منهم ما داموا لم يستجيبوا، فالواجب الحذر منهم، أما إذا استجابوا ورجعوا إلى الله وتابوا فالحمد لله، نسأل الله لنا ولهم الهداية. ¬

_ (¬1) سورة الزمر الآية 53

بيان الهجر المشروع لتارك الصلاة

95 - بيان الهجر المشروع لتارك الصلاة س: هل إذا كان لك أخ أو أخت لا يصلي إلا في رمضان، ونصحته عدة مرات في الصلاة، ولكنه لم يقبل النصيحة، إذا قاطعه ولم يعد يكلمه ولا يزوره في بيته، ولا يرد عليه السلام، وكان أكبر منه بعدة سنوات، هل يعتبر ذلك قطيعة للرحم أم لا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم 298.

ج: هذا هو المشروع، هذا هو الهجر المشروع، وليس بقطيعة بل هذا من إنكار المنكر، من الجهاد في سبيل الله، هجران أهل المعاصي أمر مشروع، وإذا نصحته واجتهدت ومع هذا لم ينفع فيه فهو كافر بهذا الترك، ترك الصلاة كفر أكبر، وهو يستحق الهجر والابتعاد عنه، والقطيعة له حتى يتوب، نسأل الله السلامة والعافية.

س: لي خالة تجاوزت العقد الثالث من عمرها لكنها لا تصلي بالرغم من أنها طيبة المعشر حميدة الخصال، ولقد أمرتها ولكن لم تمتثل لأمري فما هو توجيهكم نحوها وما هو توجيهكم لها؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب عليها أن تصلي؛ لأن الصلاة عمود الإسلام وهي فرض على كل مسلم ومسلمة، وهي الركن الثاني من أركان الإسلام الخمسة، قال الله جل وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬2) قال سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (¬3) وقال جل وعلا: ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 286. (¬2) سورة البقرة الآية 238 (¬3) سورة النور الآية 56

{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬2) إلى أن قال في آخر الآيات: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (¬3) {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} (¬4) {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (¬5) وهذا يعم الرجال والنساء جميعا وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة (¬6)» وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬7)» فالواجب عليها أن تصلي الصلوات الخمس، وأن تحافظ عليها في أوقاتها وعليكم أن تنصحوها دائما وعلى أبيها وأمها وأعمامها وأخوالها وإخوتها عليهم أن ينصحوها، وأن يجتهدوا في ذلك لأن هذا واجب الجميع، وإذا أصرت فالواجب تأديبها من أبيها وإخوتها الكبار ولو بالضرب حتى تستقيم حتى تصلي؛ لأن من ترك الصلاة يستتاب، فإن تاب وإلا قتل كافرا - نسأل الله العافية - من الرجال والنساء فالواجب عليها أن تبادر بالصلاة، وعلى أقاربها أن ينصحوها وعلى أبيها أو جدها أو إخوتها الكبار أن يقوموا عليها بذلك بالقوة ولو بالتأديب بالضرب حتى تستقيم، ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 1 (¬2) سورة المؤمنون الآية 2 (¬3) سورة المؤمنون الآية 9 (¬4) سورة المؤمنون الآية 10 (¬5) سورة المؤمنون الآية 11 (¬6) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (¬7) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

وينبغي أيضا هجرها إذا كان الهجر ينفع، تهجر بعدم الكلام معها، وعدم السلام عليها وعدم زيارتها لكن الأب ونحوه ما يكفيهم الهجر، بل يجب أن يقوم بما يجب من التأديب اللازم، المقصود أن على الأقارب العناية بهذا الأمر والنصيحة لأن هجرها قد يسبب بقاءها على هذه الحالة الباطلة، لكن العناية بها والحرص على استقامتها هذا هو الواجب على الجميع نسأل الله لنا ولها الهداية.

بيان كيفية تعليم كبير السن أحكام الطهارة والصلاة

96 - بيان كيفية تعليم كبير السن أحكام الطهارة والصلاة س: لي جدة لا تصلي، وهي جاهلة لا تقرأ ولا تكتب، كيف أعلمها الصلاة وأعلمها الطهارة فأنا ألاحظ عليها أنها لا تعرف حتى الطهارة الشرعية لجهلها؟ وضحوا لنا ذلك، وهل تبرأ ذمتنا (¬1)؟ ج: علمها أنت وأحد أولادها أو غيركم، علموها كيف تصلي وكيف تتوضأ، العلم بالتعلم، هذا واجب عليكم، إذا كانت جاهلة علموها، الله أوجب على من عنده علم أن يعلم، وهذا من برها أيضا، فيجب عليكم تعليمها وإرشادها بالكلام الطيب، والرفق والحلم لا بالشدة والعنف، بل ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم 383.

عليكم الرفق بها، وتعليمها وتوجيهها للخير، هذا شيء لازم لكم.

وجوب تعليم المسلم أهله لأحكام العبادات

97 – وجوب تعليم المسلم أهله لأحكام العبادات س: سماحة الشيخ، يتساهل الكثير من الناس حيث يرون أهلهم وذويهم يخطئون في العبادات، كيف توجهون مثل هؤلاء سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: الواجب عليهم أن يعلموا جميع من تحت أيديهم وألا يتساهلوا في هذا الأمر يعلم بنته، يعلم أخته، يعلم جدته وأمه، يعلم خالته، يعلم جميع من تحت يده حتى الخدم الذين عنده يعلمهم ويرشدهم إلى الحق، الله أخذ على أهل العلم أن يعلموا كل من كان عنده علم عليه أخذ العهد والميثاق أن يعلم ويتقي الله ولو كان ليس بعالم لكن يعلم مما علمه الله، هو يعرف الصلاة ويعرف كيفيتها والحمد لله يعلم الناس يعلم بنته وأخته وجدته وأمه يعرف أن الغيبة حرام ويعلمهم أن هذا لا يجوز يعرف أن الزنى حرام، يعلمهم أن الزنى محرم، يعرف أن المسكر حرام، فيعلمهم أنه محرم، وهكذا يعلمهم مما علمه الله؛ لأن الأمور قسمان: قسم يحتاج إلى ¬

_ (¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم.

أهل العلم؛ لأنه يخفى دليله، وقسم لا يحتاج إلى أهل العلم بل هو واضح، الصلاة واضحة يعرفها الخاص والعام من أهل الإسلام الذين تعلموا وتبصروا تحريم الخمر، تحريم الزنى تحريم العقوق للوالدين أو أحدهما وهكذا الشيء الواضح يعلمه، والذي ما هو بواضح يسأل أهل العلم، ثم يعلم أهل بيته.

مسألة في هجر ذوي الأرحام إذا امتنعوا عن أداء الصلاة

98 - مسألة في هجر ذوي الأرحام إذا امتنعوا عن أداء الصلاة س: أبعث إليكم كتابي هذا وأرجو من الله أن ترشدوني إلى الصواب، أنا رجل مجتهد فيما أمرني ربي وأسرتي - والحمد لله - تشاركني في ذلك حسب الاستطاعة، ولكن يوجد لي أخت لا تصلي من مدة طويلة، وزوجها يشاركها أيضا في ذلك الحال، وقد أخبرني كثير من الناس أن ذلك هو سلوكهما، وأنهم لا يرضيان الله في ذلك الجانب، وعندما عرفت بنفسي أنها على ذلكم الحال أخذتها وأخبرتها بما حرم الله ورسوله، وأخبرتني بنفسها أنها فعلا كانت تعمل ذلكم العمل، وبعد هذا الموقف قامت وعاهدتني على كتاب الله، ووعدتني أن تتوب من الآن، ولكن للأسف لم توف بالعهد فعندئذ قاطعتها حتى تعود

كسائر المؤمنات اللاتي يردن وجه الله تبارك وتعالى أفيدوني - جزاكم الله خيرا - عن حكم ما فعلت، ولا سيما عن حكم مقاطعتي لأختي تلكم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: قد أحسنت فيما فعلت من نصيحتها ودعوتها إلى الخير وقد أساءت في رجوعها إلى الباطل وعدم صلاتها؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، من ضيعها ضيع دينه ومن تركها كفر نعوذ بالله من ذلك، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬2)» وهذا يعم الرجال والنساء. وقال عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (¬3)» وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬4)» فقد أحسنت في مقاطعتها وهجرها حتى تتوب إلى الله عز وجل؛ لأن هذا منكر عظيم بل كفر ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 104. (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

فالواجب هجرها وهجر زوجها حتى يتوبا إلى الله عز وجل، وإن ظهر أمرهما وعرف أنهما لا يصليان فيجب رفع أمرهما إلى ولاة الأمور إذا كانا في بلاد إسلامية يقيمون الصلاة ويعاتبون عليها يرفع بأمرهما حتى يستحقا أن يعاقبا على ذلك بالقتل، فإن من ترك الصلاة يستتاب، فإن تاب وإلا قتل يقتله ولي الأمر ولي أمر المسلمين أو نائبه، المقصود أن عليك العناية بنصيحتهما جميعا، ولو من طريق الهاتف أو المكاتبة، أو توكيل من ينصحهم لعل الله يهديهم بأسبابك، أما قطعك لهم وهجرك لهم فهذا كله طيب وواجب إذا كان يرجى فيه خير أما إذا كنت لا ترجو من وراء الهجر خيرا فلا مانع من الاتصال بهم لا للأكل عندهم والشرب والأنس بهم لا ولكن لمجرد الدعوة والتوجيه والإرشاد، وتلقاهم بوجه غير منبسط بل بوجه مكفهر حتى يرجعا إلى الحق وحتى يتوبا إلى الله عز وجل وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الصحابة في أقل من هذا تخلفوا عن غزو بغير عذر في يوم تبوك، فهجرهم النبي صلى الله عليه وسلم وأمر المسلمين بهجرهم، فهجروا خمسين ليلة حتى تاب الله عليهم، فإذا كان من تخلف عن الغزو بغير عذر يهجر فالذي يتخلف عن الصلاة التي هي عمود الإسلام أولى بهذا:؛ لكن لو رجوت فيهم خيرا فلا مانع من

الاتصال بهم ودعوتهم إلى الله ونصيحتهم لعل الله يهديهم بأسبابك.

س: مستمعة من الجزائر بعثت تسأل وتقول: لي أخ تارك للصلاة، مع أنه كان في صغره يحافظ عليها ولكنه الآن تركها، وقد نصحته وخوفته من تركها، فما هو توجيهكم؟ وبماذا تنصحونه؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نسأل الله لنا وله الهداية، ننصحه بأن يؤدي الصلاة، ويتقي الله ويتوب إلى الله مما سلف؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬3)» فالواجب عليه أن يصلي وأن يتوب إلى الله مما سلك، وعليكم نصيحته باستمرار في نصيحته فإن أصر فالواجب هجره، والمشروع لك هجره حتى يتوب إلى الله وإذا أمكن رفع أمره إلى الهيئة أو إلى المحكمة حتى تجري ما يلزم شرعا فعليك أن تفعلي ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 348. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

حكم قطع النفقة عن تارك الصلاة

99 - حكم قطع النفقة عن تارك الصلاة س: أختنا م. ص. ع. من المملكة الأردنية الهاشمية تسأل فتقول: هل يجوز أن أقطع عن أخي المصروف اليومي لأنه لا يصلي (¬1)؟ ج: إذا رأيت مصلحة في ذلك لعله يتوب لعله يستقيم بهذا القطع فهذا طيب أما إذا كان فقيرا ولا يبالي بهذا القطع فإذا أحسنت إليه فلعل هذا أقرب إلى النجاة، لعل الله أن يهديه بأسباب ذلك، المقصود أن تفعلي ما هو الأصلح، إن رأيت بأن القطع أصلح فاقطعي، وإن رأيت أن الاستمرار في الهدية والإحسان إليه أصلح لعله يتوب ولعله يهتدي فافعليه افعلي ما هو الأصلح باجتهادك واعتقادك. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 326.

حكم العيش والسكن مع أناس لا يصلون

100 – حكم العيش والسكن مع أناس لا يصلون س: يقول في سؤال آخر: هل أفرق في معيشتي بين إخوتي الذين لا يصلون علما بأنهم أفقه مني؟ كما يقول (¬1) ج: نعم، ينبغي أن تكون على حدة ما داموا لا يصلون، لا تصحبهم ولا ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 361.

تجالسهم بل يستحقون الهجر حتى يتوبوا إلى الله ويصلوا، وأنت خلك على حدة الطعام يكون على حدة اللهم إلا أن تقع صدفة في ضيافة أو دعوة أو نحو ذلك الشيء، القليل العارض مع النصيحة ومع التوجيه، لا يضر إن شاء الله.

حكم الموالاة وإظهار المودة لتارك الصلاة

101 – حكم الموالاة وإظهار المودة لتارك الصلاة س: المستمع ع. ك. بعث يسأل ويقول: إذا كان أخي لا يصلي فهل لي أن أبدي له المودة علما بأنني قد نصحته كثيرا (¬1)؟ ج: عليك أن تنصحه كثيرا وأن تبدي له عدم المودة والبغضاء على عمله ويشرع لك هجره أيضا إذا لم يتب حتى يتوب إلى الله ويرجع عن عمله السيئ، وهذا من باب التعاون على البر والتقوى وعليك أيضا أن تستعين بإخوانك الآخرين وأقربائك عليه لعل الله يهديه بأسبابكم. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 320.

س: لي أخ لا يصلي وغير ملتزم بشرع الله، وقد نصحته كثيرا لكنه لا يسمع، وجهوني كيف أتصرف معه (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم 364.

ج: عليك أن تنصحه لله، وأن تجتهد في ذلك، تبين له ما يجب على المؤمن، وأن الصلاة فريضة، وأنها عمود الإسلام وأن تركها كفر لعله يستجيب، أنت وإخوانك وأعمامك فإن لم يستفد ولم يقبل ارفعوا أمره إلى الهيئة أو إمارة البلد إذا كان ما فيه هيئة حتى تقيم عليه الأمر حتى يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، لا يجوز بقاؤه بل يجب أن يستتاب وإلا قتل، الذي لا يصلي يقتل كافرا نسأل الله العافية رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «نهيت عن قتل المصلين (¬1)» والله يقول: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (¬2) فدل على أن الذي ما يتوب من ترك الصلاة لا يخلى سبيله بل يقتل، هذه جريمة عظيمة، ترك الصلاة جريمة عظيمة بل كفر وضلال، فإذا لم يقبل النصح فالواجب رفع أمره إلى الهيئة أو إلى المحكمة أو إلى الإمارة حتى يحال إلى المحكمة إن تاب وإلا قتل. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) سورة التوبة الآية 5

حكم تزويج من لا يصلي

102 – حكم تزويج من لا يصلي س: تقول سائلة: إن لديها أخا لا يصلي ولا يصوم، وعمره خمس

وعشرون سنة، وهو من يوم أن بلغ وهو لا يعرف الصلاة ولا الصوم، فهل يجوز أن نأكل معه؟ وهل يجوز أن أخطب له زوجة تصلي عسى أن تعينه على العودة إلى دينه أو نخطب له زوجة مثله لا تصلي، وهل هو خال لبناتي يجوز لهن أن يكشفن عليه؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: عليكم أن تنصحوه؛ لأن هذا منكر عظيم فعليكم أن تنصحوه لعل الله يهديه بأسبابكم؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» ولقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬3)» فالواجب أن ينصح وأن يوجه إلى الخير، فإن لم يستجب يرفع أمره إلى المحكمة إلى ولاة الأمور حتى يستتاب فإن تاب وإلا قتل، أما كشف الوجه له فلا بأس؛ لأنه محرم ولو كان كافرا محرم لأخواته وبنات أخيه وبنات أخته، هو محرم لكن يجب أن يهجر وأن يشدد عليه إذا ما نفع ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم 301. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

الكلام الطيب، ويجب أن يهجر وأن يبين له الكراهة لعمله والمقت لعمله، وأنه أتى منكرا عظيما لعل الله يهديه بأسباب ذلك. وأما بالنسبة للخطبة له - يعني يريدون أن يزوجوه - فهل يزوجونه مصلية أو تاركة للصلاة؟ فلا يجوز أن يتزوج مصلية؛ لأنه ما يحل له أن يتزوج المصلية، لا يحل لها أن تتزوج إنسانا لا يصلي، بل عليه أن يتوب إلى الله عز وجل، فينبغي أن يترك لعل الله يمن عليه بالتوبة، ولا يغر به أحد؛ لأن التي لا تصلي قد يزيدها شرا؛ إذا كانت لا تصلي تحل له، التي لا تصلي مثله كافرة مثله تحل له، لكن كونه يساعد في ذلك قد يضرها هي أيضا، وقد يزيدها شرا إلى شرها، والتأني في تزويجه أولى لعل الله يهديه، ولعله يرجع إلى الصواب.

حكم السلام على تارك الصلاة

103 – حكم السلام على تارك الصلاة س: يقول السائل: هل يجوز السلام على تارك الصلاة، وإذا لم نسلم عليه ماذا يجب علينا (¬1)؟ ج: تارك الصلاة يجب أن يهجر ويرفع أمره إلى ولي الأمر إن كان في ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 370.

البلد حكومة إسلامية يرفع الأمر إليها حتى يستتاب فإن تاب وإلا قتل، تارك الصلاة لا يترك، يرفع إلى المحكمة إلى الإمارة الشرعية حتى يعترف بالحق ويستتاب فإن تاب وإلا قتل؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (¬1) دل على أنهم إذا لم يتوبوا لم يخل سبيلهم وهكذا الزاني إذا عرف زناه يقام عليه الحد، وهكذا سائر المعاصي إذا أظهرها صاحبها يقام عليه حدها أو تعزيرها، ولا يترك إذا أعلنها وأظهرها. ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 5

حكم الجلوس والأكل مع تارك الصلاة

104 – حكم الجلوس والأكل مع تارك الصلاة س: الأخ ت. إ. خ، من السودان يقول: تارك الصلاة هل يجوز الجلوس معه والأكل والشرب مع العلم أنه لا يصلي كسلا ويصلي فقط الجمعة والعيدين (¬1)؟ ج: تارك الصلاة يجب هجره، وألا يجالس، وألا تجاب دعوته، وألا يدعى إلى وليمة حتى يتوب إلى الله ويرجع؛ لأن ترك الصلاة جريمة ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 167.

عظيمة، ومنكر عظيم وكفر بالله عز وجل وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح. وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» خرجه الإمام مسلم في صحيحه في أحاديث أخرى تدل على ذلك. فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك، وأن يحافظ على الصلاة في وقتها وأن يصلي مع المسلمين في بيوت الله وهكذا المرأة يجب أن تحافظ عليها وأن تحرص عليها في أوقاتها، الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، يجب على جميع المؤمنين والمؤمنات المحافظة على الصلوات في أوقاتها، هي عمود الإسلام، وهي الركن الأعظم بعد الشهادتين، فالواجب على كل مسلم ومسلمة العناية بالصلاة، والمحافظة عليها وأن تصلي بطمأنينة وإقبال عليها وبصبر وخشوع لا بنقر وعجلة، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬3) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬4) ولما رأى النبي صلى الله عليه ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) سورة المؤمنون الآية 1 (¬4) سورة المؤمنون الآية 2

وسلم رجلا ينقر صلاته، أمره أن يعيد الصلاة وأمره أن يطمئن في صلاته، فالواجب على المسلمين أن ينكروا على من ترك الصلاة وأن يبينوا له خطأه العظيم ومنكره العظيم حتى يعود إلى رشده وإذا استمر في ذلك فإنه يهجر ولا تجاب دعوته ولا يجالس، ولا يدعى إلى وليمة ولا إلى غيرها حتى يتوب إلى الله، وحتى يرجع عما هو عليه من الباطل، وقد اختلف العلماء رحمة الله عليهم هل كفره كفر أكبر أو كفر أصغر على قولين والصواب من القولين أنه كفر أكبر حسب ظاهر السنة؛ لأنه ظاهر السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، فيجب الحذر من ذلك غاية الحذر، نسأل الله للجميع الهداية والسلامة.

حكم تقبيل رأس تارك الصلاة

105 – حكم تقبيل رأس تارك الصلاة س: ما حكم تقبيل رأس تارك الصلاة إذا كان كالأب والعم، وحاله قد يصلي الجمعة فقط، وقد يصلي بعض الفروض ويترك الفروض الأخرى، هل يجوز بدؤهم بالسلام، وما هو توجيهكم حول هذا الموضوع الخطير؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 227.

ج: ترك الصلاة جريمة عظيمة ومنكر شنيع، وقد اختلف العلماء رحمة الله عليهم في كفر صاحبه إذا لم يجحد وجوبها إنما فعله تكاسلا وتهاونا، فقال بعضهم: يكفر كفرا أصغر. قال بعضهم: بل يكفر كفرا أكبر. وهذا هو الصواب ولو صلى الجمعة بعض الأحيان، ولو صلى بعض الأوقات؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬1)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» فالصواب أن الكفر كفر أكبر، لكن إذا كان التارك أحد الوالدين فإنك ترفق بهما وتنصحهما، كما قال الله عز وجل في الكافرين: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (¬3)؛ لأن الوالد له حق عظيم ولو كان كافرا عليك أن ترفق به وتصحبه بالمعروف لعل الله يهديه بأسبابك، ولو قبلت رأسه ترجو أن الله يهديه بذلك فلا بأس بذلك عملا بقوله: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (¬4) والدعاء له أن الله يوفقه ويهديه ويشرح صدره للحق، والإنفاق عليه إذا كان محتاجا، كل ذلك من أسباب هدايته، ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) سورة لقمان الآية 15 (¬4) سورة لقمان الآية 15

أما غير الوالدين إذا لم يقبل الحق فإنه يهجر، حقه الهجر، لا تجاب دعوته لا عرس ولا غيره، ولا يدعى إلى وليمة، ولا يصافح ولا يسلم عليه، بل يهجر حتى يتوب، وينبغي أن يرفع أمره إلى ولي الأمر إذا كان من أهل البلاد الإسلامية حتى يستتاب، فإن تاب وإلا وجب قتله عند جمهور أهل العلم.

حكم التعامل مع تارك الصلاة

106 – حكم التعامل مع تارك الصلاة س: أخي الأصغر مني وهو بالغ، تارك للصلاة، فهو لا يصلي إلا صلاة الجمعة، ونصحته ولكن بدون فائدة، ماذا أفعل تجاهه؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب عليك نصيحته والتكرار في ذلك والجد في ذلك لعل الله يهديه بأسبابك، ولا تمل ولا تيأس؛ لأن المسلم عليه النصيحة لغيره وعليه التوجيه، والله يقول جل وعلا {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (¬2)، ويقول سبحانه: ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 213. (¬2) سورة النحل الآية 125

{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (¬1) فأحسن إليه بالنصيحة، واجتهد، وليكن ذلك عن صدق وعن عناية وتبين له أن ترك الصلاة كفر وأنه ضلال، وأن الواجب على كل مكلف أن يتقي الله، وأن يؤدي الصلاة إذا كان ينتسب إلى الإسلام، وإلا فلا صحة لدعواه الإسلام فإن إسلامه بدون صلاة ليس بإسلام، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» رواه مسلم في صحيحه. ويقول عليه الصلاة والسلام «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» فالواجب على أخيك أن يتقي الله وأن يصلي، وعليك أن تنصحه كثيرا، وتبلغه كثيرا لعل الله يهديه بأسبابك، فإن أصر ولم يبال فعليك أن تهجره إذا رأيت أن الهجر أصلح، وإن رأيت أن عدم الهجر أصلح وأن تستمر معه بالدعوة والتوجيه مع كراهة عمله وإظهار الكراهة والغضب على عمله فلعل الله أن يهديه بأسبابك. ¬

_ (¬1) سورة فصلت الآية 33 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

حكم إقامة الوليمة لتارك الصلاة

107 – حكم إقامة الوليمة لتارك الصلاة س: هناك عادة وهي عند قدوم الطالب أو الموظف المبتعث من البعثة إلى أهله تكون هناك وجبات متتابعة من الأقارب، وقد يكون هذا المبتعث لا يصلي أو يصلي، هل يجوز عمل الوجبات له، وهل نحضر هذه الوجبات إذا دعينا إليها؟ وضحوا لنا بالتفصيل - وفقكم الله – مع العلم أن والد هذا المبتعث لا يصلي، هل نأثم إذا حضرنا أو لا (¬1)؟ ج: هذه مسألة عظيمة ومهمة، إذا كان الوافد يصلي فلا بأس بدعوته وإقامة وجبات له فرحا بقدومه وفرحا بسلامته ولا بأس، أما إذا كان لا يصلي فلا يجوز أن تجاب دعوته، ولا دعوة من احترمه وعظمه بإقامة الوليمة له؛ لأن الذي لا يصلي كافر فهو يجب أن يهجر، ويجب أن يعادى في الله بعد أن ينصح ويوجه إلى الخير، ويعلم أن هذا أمر خطير، وأن الواجب عليه أن يصلي كما أمره الله، فإذا أصر على ذلك فإن الواجب هجره مع أن هذا الشيء، لا يخفى على الناس، أمر الصلاة معلوم، فالذي لا يصلي يهجر ولا تجاب دعوته، ولا ينبغي أن يحضر مع من حضر من ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 21.

المدعوين لإكرامه؛ لأن الواجب هجره من الجميع حتى يتأدب وحتى يرجع إلى الصواب وإلى الحق، ولا مانع من نصيحته في ذلك، ينصح ويوجه إلى الخير، ويحذر من الباطل، ويخبر أن ترك الصلاة كفر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» فتركها كفر نعوذ بالله كفر أكبر في أصح قولي العلماء، فالواجب على من عرف ذلك أن يهجر من فعل هذا المنكر العظيم، وأن لا يجيب دعوته، ولا يحضر وليمته التي دعي إليها وأقيمت من أجله. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

س: يسأل ويقول: هل يجوز التعامل مع رجل لا يصلي لكنه غير منكر للصلاة (¬1)؟ ج: يجوز التعامل معه للحاجة في شراء سلعة أو بيع شيء عليه كما يباع على الكفار الآخرين الرسول باع على الكفار واشترى منهم واشترى من اليهود واشترى من الوثنيين، لا بأس من غير محبة ولا موالاة، لكن يبيع عليهم أو يشتري منهم لا بأس وتارك الصلاة كافر على الأصح، وإن لم يجحد وجوبها إذا تركها عمدا كفر في أصح قولي العلماء ولا بأس ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم 347.

بالشراء منه مع الإنكار عليه ومع دعوته إلى الله لكن إذا دعت الحاجة إلى شراء شيء منه فلا بأس، لكن هجره وعدم الشراء منه هو الذي ينبغي، لعله يتوب، ينبغي هجره وألا يباع عليه، ولا يشترى منه لعل الله جل وعلا أن يرده إلى التوبة.

س: هذا السائل م. أ. أ، من الدمام يقول: ما حكم التعامل مع شخص تارك للصلاة، ومتهاون في أداء العبادات؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: يكره التعامل مع هذا ومع بقية الكفرة؛ لأن فيه خطرا قد يجرك إلى ما هو عليه من الباطل فلا ينبغي التعاون معه، بل ينبغي هجره حتى يتوب إلى الله، وإن كان كافرا أصليا ينبغي إبعاده وعدم صحبته حتى لا يجرك إلى الباطل وإن كان مرتدا مشركا فالمرتد أقبح وأقبح يجب الحذر منه، لكن مع دعوته إلى الله، مع نصيحته لعله يرجع، لعله يتوب إلى الله، لعله يرجع إلى الإسلام، وإن كان كافرا أصليا لعله يتوب، لعله يقبل بالحق فإذا نصحته لله ورجع فالحمد لله، وإلا فاتركه والتمس الطيب من المسلمين. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 391.

حكم العمل عند تارك الصلاة

108 – حكم العمل عند تارك الصلاة س: من الأخ م. ز. س يقول: أعمل في مزرعة أحد الأثرياء الذي يزكي وينفق في سبيل الله ويعطي المحتاجين، وأخلاقه حميدة مع الناس ولكنه لا يصلي كسلا منه وتهاونا في الصلاة، وأنا أقيم في مزرعته على أنني حارس، وهو مقيم في مكان يبعد عن المزرعة عشرين كيلو مترا ولا يأتي إلى المزرعة إلا يومين في الأسبوع، فهل علي إثم في العمل في مزرعته علما بأنني محافظ على صلواتي وملتزم والحمد لله، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الذي لا يصلي كافر - نسأل الله العافية - ولو كان طيب الأخلاق ولو كان يتصدق ولو كان يفعل أشياء كثيرة من الخير؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر - نعوذ بالله - قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬2) وقال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} (¬3) ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 340. (¬2) سورة الأنعام الآية 88 (¬3) سورة المائدة الآية 5

وقال صلى الله عليه وسلم: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (¬1)» فالإنسان إذا ترك الصلاة حبط عمله وكفر فالواجب على هذا الرجل أن يتوب إلى الله ويحذر ترك الصلاة وأن يستقيم على طاعة الله ورسوله، وأن يشكر الله على نعمه أما أنت فالجلوس عنده فيه خطر يخشى عليك من شره، وأن تقتدي به في الباطل فنصيحتي لك أن تنتقل عنه إلى غيره، وأن تلتمس عملا آخر لئلا تعمك مصيبته وشؤمه - نسأل الله العافية - المقصود أن قرب هذا وخدمته أمر لا ينبغي، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553).

مسألة في حكم العيش مع تارك الصلاة

109 – مسألة في حكم العيش مع تارك الصلاة س: يسأل ويقول: إن هناك أحد الأشخاص يسكن معنا لكنه لا يصلي بينما جميع الإخوة يصلون، كيف نتصرف؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ح، عليكم أن تنصحوه وتوجهوه إلى الخير، وتعلموه أن الصلاة عمود الإسلام، وأنها ركن من أعظم أركان الدين بعد الشهادتين، بل هي أعظم ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 258.

أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي عمود الإسلام، وهي الفارقة بين الكفر والإسلام فعليكم أن تعلموه وتنصحوه وتوجهوه إلى الخير ولا تملوا حتى يهديه الله على أيديكم ولكم مثل أجره إذا هداه الله على أيديكم فإن أبى وأصر يرفع أمره إلى المحكمة أو إلى الإمارة حتى تشوفه المحكمة، أو إلى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا كان في البلد هيئة حتى يلزموه ويؤدبوه، فإن تاب وإلا وجب قتله حسب ما تحكم به المحكمة؛ لأن هذا لا يجوز التساهل معه، إذا كنت في بلد إسلامي فيه محكمة شرعية أما إذا كنت في بلد كافرة فوجهوه وانصحوه فقط، عليكم بنصيحته والاجتهاد في نصيحته من توجيه إلى الخير، وأبشروا بالخير ولكم مثل أجره إذا هداه الله على أيديكم.

س: ماذا أفعل مع بعض أفراد البيت الذين لا يصلون مثل أخي أو زوجة أخي أو أخي زوجتي؟ ماذا أفعل تجاههم إذا لم تنفع فيهم النصيحة (¬1)؟ ج: الواجب الاستمرار في النصيحة، وأن تنصحهم لأن الصلاة عمود الإسلام من تركها كفر - نعوذ بالله من ذلك - فالواجب أن تنصح لهم وأن ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 240.

تجتهد في ذلك حسب الطاقة، ولا تضعف ولا تدع النصيحة، ولعل الله يهديهم بأسبابك، والذي لا يقبل وتابعت النصيحة ولم يقبل يستحق أن يهجر حتى لا يسلم عليه، ولا يرد عليه السلام ولا تقبل دعوته للطعام، ولا يدعى للطعام، يستحق أن يهجر؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، من تركها كفر - نعوذ بالله من ذلك - فالواجب عليك أن تناصحهم، وإذا كنت تستطيع أن تؤدبه لكونه زوجة أو ولدا أدبته حتى يستقيم، حتى يصلي، حتى تصلي وتقوم بالواجب وأما زوجة أخيك أو زوجة أبيك أو نحوهما ممن لا تستطيع تأديبه فهذا على أخيك وعلى أبيك أن يقوما بالواجب، على أخيك أن يؤدب زوجته حتى تستقيم وحتى تصلي وعلى أبيك كذلك، وهكذا عمك، وهكذا جيرانك تنصحهم وتدعوهم إلى القوة في هذا الأمر والنشاط في هذا الأمر لعل الله يهديهم بأسباب النشاط والقوة، والتوجيه والتأديب من الزوج إلى زوجته تأديبا ينفعها ويعينها على طاعة الله، ولا يسبب خطرا، والله جل وعلا أمر بالتعاون على البر والتقوى، قال سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (¬1) وقال جل وعلا: ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 2

{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (¬1) هذا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقال سبحانه: {وَالْعَصْرِ} (¬2) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (¬3) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (¬4) {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (¬5) التواصي بالحق والتناصح أمر واجب، أمر لازم، وهكذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر لازم مع الزوجة، مع زوجة الأب، مع الأخوات، مع البنات لكن من تستطيع تأديبها تؤدبها كالزوجة والبنت والولد تؤدب الجميع أدبا يردع الزوجة عن التساهل بالصلاة، ويردع الولد ويردع البنت مثل ما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «مروا أولادكم للصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر (¬6)» فالأولاد يضربون إذا تخلفوا عن الصلاة وهم أبناء عشر، يضربون على ذلك سواء كانوا ذكورا أو إناثا؛ لأن هذا مما يعينهم على طاعة الله ومما يسبب لهم المبادرة إلى الحق، فعلى وليهم أن يأمرهم بذلك ويضرب من بلغ عشرا على ذلك ضربا غير مبرح ضربا يعين على طاعة الله ضربا يشجعهم على الخير ولا يكون فيه ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 71 (¬2) سورة العصر الآية 1 (¬3) سورة العصر الآية 2 (¬4) سورة العصر الآية 3 (¬5) سورة العصر الآية 3 (¬6) سبق تخريجه.

خطر وهكذا له أن يضرب المرأة، يؤدبها إذا تساهلت، فإذا خاف نشوزها ضربها، فكيف إذا تركت الصلاة؟ ترك الصلاة أعظم فإذا لم يجد فيها النصح والتوجيه والدعوة إلى الخير فله أن يضربها ويؤدبها ضربا غير مبرح حتى تصلي حتى تقوم بهذا الواجب العظيم فإن أصرت ولم تستقم وجب فراقها؛ لأن من ترك الصلاة كفر ترك الصلاة كفر أكبر - نعوذ بالله من ذلك - فالتي لا تصلي تكون كافرة - نعوذ بالله - يجب فراقها بالكلية، وهكذا الزوج الذي لا يصلي وامرأته تصلي لا تبقى معه بل يجب أن تفارقه وأن تطلب الطلاق لأنه لا يجب بقاؤها معه وهو لا يصلي لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» وقوله عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة (¬3)» فالحاصل أن الصلاة أمرها عظيم وهي عمود الإسلام، فلا بد من التأديب عليها من الزوج لزوجته ومن الوالد لولده ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616).

والأخ لأخيه الصغير حتى يستقيموا على الصلاة حتى ولو كانوا دون البلوغ كابن عشر وابن ثنتي عشرة من الأولاد، والإخوة يؤدبون ويعلمون ويوجهون إلى الخير والزوجة يجب أن تؤدب على هذا الأمر العظيم حتى تستقيم وحتى تحافظ على الصلاة، فإذا أصرت على ترك الصلاة فحينئذ يجب أن يفارقها كما أنها إذا أصر زوجها على ترك الصلاة يجب أن تتركه وتذهب إلى أهلها حتى يتوب توبة صادقة أو يفرق بينهما الحاكم الشرعي نسأل الله للجميع الهداية ولا حول ولا قوة إلا بالله.

حكم زيارة القريب تارك الصلاة

110 – حكم زيارة القريب تارك الصلاة س: الأخ يسأل ويقول: إن بعض الأقارب لا يصلون، هل زيارتهم ومجاملتهم واجبة علما أننا ننصحهم، ولكنهم يحاولون الهرب من الموضوع ولا يتأثرون؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كان قريبك أو جارك لا يصلي فالواجب نصيحته منك ومن إخوانك، تنصحونه بالكلام الطيب، والتخويف من الله، وأن الصلاة عمود الإسلام، وأن تركها كفر بالله عز وجل أكبر على الصحيح من أقوال ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 280.

العلماء وإن لم يجحد بوجوبها، فالصلاة عمود الإسلام، وفيها الخير العظيم والأجر الكبير، فعليك أن تنصح قريبك أو جارك، وتجتهد في ذلك منك ومن إخوانك؛ لأن الله يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (¬1) فإذا كان معك بعض إخوانك تكون النصيحة أكثر وأجدى، فإن أبوا ولم يقبلوا استحقوا الهجر، يجب هجرهم عند جمع من أهل العلم، وقال جماعة: يستحب هجرهم. فبكل حال هجرهم مشروع إلا إذا رأيت أن الاتصال بهم بين وقت وآخر للدعوة أنفع فلا بأس للدعوة إلى الله والإرشاد والنصيحة لعلهم يهتدون، وهكذا من تعرفه من جيرانك يشرب الخمر أو يتعامل بالربا أو تعرف منه منكرا آخر قد أظهره وبينه للناس ولم يبال ولم يستح، يجب نصحه وتوجيهه إلى الخير، وتخويفه من الله عز وجل منك ومن إخوانك تعاونوا على البر والتقوى إذا كانت النصيحة من اثنين أو ثلاثة يكون أنفع لعله يتأثر وتكرارها عليه كذلك لعله يستجيب، فإن أصر ولم يبال استحق أن يهجر كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الصحابة: كعب بن مالك وصاحباه، هجرهم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا وخمسين ليلة؛ لأنهم تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر شرعي وقد ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 2

أمرهم بالغزو عليه الصلاة والسلام واستنفرهم، إذا كان الصحابة قد حصل منهم معصية يهجرون فغيرهم من باب أولى في المعصية الظاهرة أما الذي بينه وبين ربه، الله الذي يعلمها سبحانه وتعالى المعصية المستورة، لكن المقصود المعصية الظاهرة كترك الصلاة والتعامل بالربا وشرب الخمر علانية، وما أشبه ذلك يستحق الهجر على ذلك، إلى أن يستجيب ويهتدي، فالحمد لله.

س: الأخ إ. ح، يسأل ويقول: ولدي تارك للصلاة، قلت له: إذا لم تصل فحرام علي أن أحادثك لكني لم أصبر وحادثته، فماذا علي (¬1)؟ ج: يجب عليك أن تنكر عليه وأن تؤدبه على ذلك بالضرب حتى يصلي وعليك أن تهجره أيضا؛ لأنه مستحق لذلك والصلاة عمود الإسلام من تركها كفر - نسأل الله العافية - لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» خرجه مسلم في صحيحه. وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 254. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

فمن تركها فقد كفر (¬1)» خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح في أحاديث أخرى تدل على كفر تارك الصلاة، فالواجب عليك الإنكار عليه والتشديد عليه في ذلك حتى يصلي وهجره من أهم المهمات إذا لم تنفع فيه النصيحة، وإذا استطعت تأديبه بالضرب فلك أن تؤدبه، بل عليك أن تؤدبه، إذا كان الصغير يضرب عليها إذا بلغ عشرا، فالكبير يضرب أشد إذا تركها، ولك أن ترفع أمره إلى ولاة الأمور حتى يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا، لكن مهما أمكن أن تستر عليه وأن تنصحه حتى يستقيم قبل أن يرفع إلى ولي الأمر فلعل الله يهديه بأسبابك ولك أن تعمل ما تستطيع من الأسباب من هجر وضرب وغير ذلك من الأسباب التي تراها مجدية ونافعة في طلب هدايته. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

حكم استضافة وإسكان القريب تارك الصلاة

111 – حكم استضافة وإسكان القريب تارك الصلاة س: ع. ع من المدينة تقول: عندي مشكلة بسبب إحدى قريباتي التي جاءت من إحدى القرى لتعيش معنا في منزل واحد في بيتنا من أجل إكمال الدراسة في الكلية، فمنذ حضورها زادت من

همومي؛ ذلك لإهمالها الكثير من أوامر الإسلام وخاصة الصلاة، وقد حاولت معها بشتى الوسائل بيان خطر ذلك، تارة بالنصح وتارة بالكتب وتارة بالأشرطة الإسلامية، فهي قد تصلي فرضا وتترك أياما لمدة، وعندما أذكرها بالصلاة تغضب مني وتقول: أنا التي سوف أدخل النار لست أنت، وإنك بريئة من ذنبي اتركيني لوحدي. مع العلم بأنها تعرف عقاب ذلك في الدنيا والآخرة، هل أستمر معها في ذلك النصح، وقد استمررت معها من سنتين دون فائدة فهي لم تلتزم بذلك، ثم تعود لما كانت عليه، وبعد تلك المحاولات تركتها، فهل علي إثم في تركي لها؟ وجهوني سماحة الشيخ (¬1) ج: الواجب إبعادها منكم وأن لا تبقى عندكم وهذه تستحق الإبعاد، وتستحق أن يرفع أمرها إلى ولي الأمر للمحكمة، فإن تابت وإلا قتلت، ترك الصلاة يوجب القتل ردة عن الإسلام - نعوذ بالله - فالواجب عدم تركها لديكم وإبعادها ورفع أمرها إلى ولي الأمر حتى يستتيبها فإن تابت وإلا قتلت، لا يجوز التساهل في هذا الأمر فالصلاة عمود الإسلام من ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم 370.

ضيعها فقد ضيع الإسلام، ومن حفظها فقد حفظ الإسلام، وهذه امرأة خبيثة يجب أن تجاهد فإن استقامت وصلت فالحمد لله وإلا وجب عليها أن يقام عليها حد الشرع بالقتل حتى يستراح منها ومن أمثالها، وقد أحسنت في نصيحتها ولك الأجر العظيم، ولكن يجب أن تستمري في نصيحتها والسعي في إبعادها عنك وعن بيتك ورفع أمرها إلى ولي الأمر.

س: إنني أعاني من مشكلة ربما يعاني منها الكثير من الناس، ألا وهي أن معظم أصدقائي ومن أعاشرهم في المدرسة وأحيانا في البيت لا يؤدون الصلاة، وكثيرا ما أسمع في برنامجكم أن الذي لا يصلي يعتبر كافرا، فلا يسلم عليه وما إلى هنالك، ولقد قمت بنصحهم ولكن بدون جدوى مع أنهم ذوو خلق عال، معاملتهم لي ولغيري كلها جيدة لم أر منهم إلا كل خير غير ما ذكرت، أفيدوني في هذا الأمر الذي طالما يضايقني ما هي نصيحتكم لتارك الصلاة، وماذا أعمل معهم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب نصيحة من عرف بترك الصلاة وتحذيره من مغبة ذلك؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 221.

لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة (¬1)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» وقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» فهذه الأحاديث العظيمة تدل أن من تركها يكفر وإن لم يجحد وجوبها، أما إن جحد وجوبها فإنه كافر عند جميع العلماء - نسأل الله العافية - والله جل وعلا يقول في كتابه العظيم: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬4) ويقول سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (¬5) ويقول عز وجل: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬6) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬7) إلى أن قال سبحانه: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (¬8) {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} (¬9) {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (¬10) نعمة عظيمة ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬4) سورة البقرة الآية 238 (¬5) سورة البقرة الآية 43 (¬6) سورة المؤمنون الآية 1 (¬7) سورة المؤمنون الآية 2 (¬8) سورة المؤمنون الآية 9 (¬9) سورة المؤمنون الآية 10 (¬10) سورة المؤمنون الآية 11

وفضل كبير لمن حافظ على الصلاة أن يكون من أهل الفردوس من أهل الجنة، الفردوس أعلى الجنة وأوسطها وخيرها، فمن تخلق بهذه الأخلاق التي ذكرها الله في سورة المؤمنون في قوله جل وعلا: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬2) {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ} (¬3) {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} (¬4) {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} (¬5) {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} (¬6) {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} (¬7) {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} (¬8) {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (¬9) {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} (¬10) {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (¬11) هذه صفات عظيمة، من حافظ عليها صار من أهل الفردوس، وأعظمها الصلاة، وقال في سورة المعارج: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} (¬12) {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا} (¬13) {وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} (¬14) {إِلَّا الْمُصَلِّينَ} (¬15) {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} (¬16) {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} (¬17) {لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (¬18) {وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ} (¬19) {وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ} (¬20) {إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ} (¬21) {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} (¬22) {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} (¬23) {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} (¬24) {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} (¬25) {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ} (¬26) {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (¬27) {أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ} (¬28) ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 1 (¬2) سورة المؤمنون الآية 2 (¬3) سورة المؤمنون الآية 3 (¬4) سورة المؤمنون الآية 4 (¬5) سورة المؤمنون الآية 5 (¬6) سورة المؤمنون الآية 6 (¬7) سورة المؤمنون الآية 7 (¬8) سورة المؤمنون الآية 8 (¬9) سورة المؤمنون الآية 9 (¬10) سورة المؤمنون الآية 10 (¬11) سورة المؤمنون الآية 11 (¬12) سورة المعارج الآية 19 (¬13) سورة المعارج الآية 20 (¬14) سورة المعارج الآية 21 (¬15) سورة المعارج الآية 22 (¬16) سورة المعارج الآية 23 (¬17) سورة المعارج الآية 24 (¬18) سورة المعارج الآية 25 (¬19) سورة المعارج الآية 26 (¬20) سورة المعارج الآية 27 (¬21) سورة المعارج الآية 28 (¬22) سورة المعارج الآية 29 (¬23) سورة المعارج الآية 30 (¬24) سورة المعارج الآية 31 (¬25) سورة المعارج الآية 32 (¬26) سورة المعارج الآية 33 (¬27) سورة المعارج الآية 34 (¬28) سورة المعارج الآية 35

هذه صفات الأخيار، هذه صفات أهل السعادة، على رأسهم المحافظون على الصلوات، والمحافظة على الصلاة من أسباب الاستقامة، فإن من حافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع قال نافع مولى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: كان عمر رضي الله عنه أمير المؤمنين يكتب إلى عماله يقول: «إن أهم أمركم عندي الصلاة فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع (¬1)». والذي لا يصلي يجب أن يهجر إذا لم تجد فيه النصيحة يجب أن يهجر ولا يسلم عليه، ولا تجاب دعوته، ولا يدعى إلى وليمة ولا إلى غيرها لأنه أتى منكرا عظيما وكفرا بواحا - نسأل الله العافية - ويجب أن يرفع أمره إلى ولاة الأمور حتى يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، فإن أمره عظيم وخطير، وهو يجر غيره إلى مثل فعله، يجر غيره من زملائه وجلسائه إلى مثل فعله، فالواجب أن يناصح وأن ينكر عليه من أقاربه وجلسائه وزملائه إنكارا واضحا وشديدا حتى يعلم خطورة ما هو عليه، وحتى يعلم بشاعة ما فعل، وحتى يعلم أنه أتى كفرا بواحا ومنكرا عظيما لعله يستجيب، لعله يهتدي فإن أبى وجب هجره ورفع أمره إلى ولاة الأمور حتى يستتاب، فإن تاب وإلا قتل ¬

_ (¬1) موطأ مالك وقوت الصلاة (6).

كافرا على الصحيح وإن لم يجحد الوجوب، أما إن جحد وجوبها فإنه يكون كافرا مرتدا عن الإسلام عند جميع العلماء - نسأل الله العافية - والغالب أن الذي لا يصلي ولا يبالي ولا يهتم بالصلاة الغالب عليه أنه لا يقر بالوجوب ولا يهتم بوجوبها فهو في عمله يدل عليه أنه مكذب، فالواجب على المسلمين جميعا أن يعنوا بهذا الأمر، وأن ينكروا على من يتخلف عن الصلاة، وأن يبينوا له خطورة ما فعل وشناعته لعله يهتدي لعله يرجع إلى الصواب.

بيان كيفية تعامل الموظف مع زميله الموظف تارك الصلاة

112 – بيان كيفية تعامل الموظف مع زميله الموظف تارك الصلاة س: الأخت أ. ش. أ. ح، تقول: لي زميلات في العمل بعضهن يصلي والبعض لا يصلي بعضهن متبرجات وبعضهن يلبسن الحجاب ولكن غير كامل، أي غطاء الرأس فقط مع اللبس المحتشم، ولكن ليس الطويل جدا، حاولت إفهامهن وإرشادهن مع إعطائي لهن الكتب الدينية، وطلبت منهن الاستماع إلى برنامجكم نور على الدرب لكي يطبقن الشريعة الإسلامية السمحاء ولكن دون جدوى فتركتهن ولم أتصل بهن أو أجلب لهن الكتب الدينية، ورغم ذلك فإننا في غرفة واحدة نجلس

ونتحدث ونأكل معا؛ لأني أحتاج لهن بطبيعة عملنا، وأيضا لمصاحبتهن في الطريق لأني لا أستطيع أن أذهب لوحدي إلى العمل، فهل علي ذنب؟ وما رأي سماحتكم في ذلك؟ أرجو التوجيه والإرشاد لهن؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب عليهن التزام الحجاب وعدم التبرج وعليهن قبول النصيحة وتقوى الله في ذلك، وعليك المتابعة للنصيحة والحرص على ما فيه سعادتهن ونجاحهن وبراءة ذمتك، ولا تيأسي عليك بالمواصلة حتى يجعل الله فرجا ومخرجا وإذا تيسر لك مفارقتهن وعدم صحبتهن في الغرفة لوجود معلمات أو موظفات صالحات فهو الواجب عليك؛ لأنهن بإصرارهن يستحققن الهجر، لكن ما دمت في ضرورة إلى وجودك معهن فاستعملي النصيحة والتوجيه والإرشاد وكراهة ما يفعلن حتى يجعل الله فرجا ومخرجا أما كون بعضهن يصلي والبعض الآخر لا يصلي وبعضهن يحتجب والبعض الآخر لا يحتجب فعليك أن تبدئي بالنصيحة فيما يخص الصلاة، وفيما يخص الحجاب افعلي هذا وهذا فمن لا تحتجب تنصح بأن تحتجب، ومن لا تصلي تنصح بأن تحافظ على ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 175.

الصلاة، فالصلاة أعظم وأكبر فعليها أن تنصح هؤلاء وهؤلاء وتنكر على هؤلاء وهؤلاء والله يأجرها ويثيبها على ذلك.

س: اكتشفت أن إحدى صديقاتي لا تصلي إلا في رمضان، هل أستمر معها كصديقة لها أو أقاطعها (¬1)؟ ج: الواجب نصيحتها وتعليمها ما ينفعها، وإفهامها أن الصلاة فرض دائم في رمضان وفي غيره وأنها عمود الإسلام، وأنها واجبة على المرأة المكلفة أن تصليها وأن تحافظ عليها كالرجل في رمضان وفي غيره، وأن تركها للصلاة في غير رمضان كفر أكبر - نعوذ بالله - كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬2)» خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح. وقال عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (¬3)» فالصلاة عمود الإسلام وأعظم أركانه بعد الشهادتين، فالتي لا تصلي كالرجل الذي لا يصلي سواء بسواء كلاهما كافر حتى يتوبا إلى ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 118. (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616).

الله ويرجعا عن عملهما السيئ فإن هداها الله واستجابت لك وتابت إلى الله فلا مانع من اتخاذها صديقة، والبقاء على صحبتها، أما إن أصرت على ترك الصلاة فهي كافرة، ويجب عليك أن تعاديها في الله، وأن تقاطعيها، وأن لا تقربيها بالكلية، لا تجيبي دعوتها ولا تدعيها إلى زيارتك، ولو زارتك لا تقابليها ولا تسلمي عليها حتى ترجع مما هي عليه من الباطل، وحتى تتوب إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن عملها عظيم الشر عملها كفر - نسأل الله العافية - والمسلم واجبه النصيحة لإخوانه في الله وأخواته في الله، فإذا كانت لا تقبل النصيحة ولا تنتفع بالنصيحة وجبت المقاطعة، نسأل الله لنا ولها الهداية، ونسأل الله لك التوفيق في نصيحتها.

بيان ضوابط الولاء والبراء في معاملة تارك الصلاة

113 - بيان ضوابط الولاء والبراء في معاملة تارك الصلاة س: هناك من الأصدقاء من أسير معهم وأعتبرهم كالأخوة، وهم أوفياء ومخلصون ولكنهم لا يصلون والعياذ بالله، وبعضهم يصلي في رمضان فقط، والبعض الآخر يأتي الفواحش ما نهى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عنه، وأنا بصفتي مسلما أحاول مع بعض الأصدقاء جذبهم إلى الصلاة والعبادة، فهل أقاطعهم التزاما بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بين المسلم

والكافر ترك الصلاة فمن تركها فقد كفر» وإن قاطعتهم فهل معنى ذلك أن أقاطع معظم الزملاء من منطقتي ومن في مرحلتي الدراسية الذين لا يصلون وأبقى منعزلا عن هؤلاء الناس؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم، عليك أن تقاطعهم إذا لم يقبلوا النصح ولم يستفيدوا منك، ولم يسترشدوا منك فعليك ألا تصحبهم، وألا يكونوا زملاء لك في الزيارات أو الأكل ونحو ذلك بل تقاطعهم ولا يضرك أن تدرس في المدرسة الذين هم فيها لكن لا تتخذهم أصحابا ولا زملاء في الأكل والشرب، بل قاطعهم حتى يعلموا أنك تهجرهم وأنك تبغضهم في الله؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر على الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» الذين لا يصلون، وقد نصحتهم لله، وأعذرت فيهم عليك أن تقاطعهم، لا تجب دعوتهم ولا تدعهم إلى وليمة عندك، ولا تكن معهم في الزيارات بل تقاطعهم حتى يعلموا صدقك في بغضهم في الله، وإنكارك عليهم، وتسأل الله مع هذا أن ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 232. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

الله يهديهم في صلاتك وفي سجودك وفي الأوقات الأخرى تسأل الله أن يهديهم ويمن عليهم بالتوبة فأنت تحب لهم الخير، تسأل الله لهم الهداية لكن تظهر لهم الجفاء والكراهة والهجر لعلهم يهتدون فإن رجوت إسلامهم ورجوت هدايتهم فلا تقطع عنهم الزيارة للدعوة فقط، تزورهم بين وقت وآخر للدعوة لا لأنهم أصحاب بل للدعوة والتوجيه لعلهم يهتدون.

حكم التعامل مع تارك الصلاة رغبة في دعوته ونصحه

114 - حكم التعامل مع تارك الصلاة رغبة في دعوته ونصحه س: الأخ ح. س. ن يقول: يوجد بعض الناس الذين يقومون بأداء الصلاة، ويكونون تاركين للصلاة في نفس الوقت، وأضطر أن آكل معهم، هل يجوز أن نأكل مع الذين لا يؤدون الصلاة أو يتركون الصلاة (¬1)؟ ج: إذا دعت الحاجة إلى ذلك مع النصيحة مع نصيحتهم، فإن لم يقبلوا فاهجرهم، ولا تأكل معهم، لكن إذا دعت الضرورة إلى الأكل معهم فكن ناصحا لهم موجها لهم إلى الخير محذرا لهم من ترك الصلاة مبينا ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والستون من الشريط رقم 432.

لهم أن من تركها كفر، لعل الله أن يهديهم بأسبابك، فإن لم يستجيبوا فاهجرهم، ولا تجالسهم ولا تأكل معهم، نسال الله العافية.

س: يقول السائل: إن لي صديقا لا يصلي هل أمشي معه أم أتركه في حال سبيله وأبقى في سبيلي (¬1)؟ ج: الرفيق الذي لا يصلي لا تجوز مرافقته بل يجب الحذر منه وهجره مع نصيحته وحثه على تقوى الله وإرشاده إلى الخير مع إعلامه أن الصلاة عمود الإسلام وأنها أحد الأركان الخمسة بل هي أعظم الأركان وأكبر الأركان بعد الشهادتين، فعليك أن تنصحه وأن تبلغه أمر الله وأن تجتهد بدعوته إلى الخير لعله يهتدي بأسبابك حتى يكون لك مثل أجره، فإن أبى وأصر فارفض صحبته، ولا تزره ولا يزرك ولا تتخذه صاحبا بل اتخذه عدوا وفارقه واهجره حتى يتوب إلى الله سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 237.

باب الأذان والإقامة

باب الأذان والإقامة 115 - حكم الأذان للصلاة س: هل الأذان واجب في الصلاة؟ وهل تركه ينقص الصلاة؟ وهل الفرد المصلي يجب عليه أن يؤذن للصلاة وهو منفرد (¬1)؟ ج: الأذان فرض كفاية للصلاة، يجب على الجماعة في الحضر وفي السفر أن يؤذن واحد منهم ويقيم الأذان هذا هو الصواب، إنهما فرض كفاية إذا قام به واحد من الجماعة في قرية أو في سفر كفى عن الباقين ولكن ليس شرطا للصلاة، بل هما فرض كفاية خارج الصلاة، فإن فعلهما البعض فقد أحسن ويؤجر وإن تركهما أثم وصلاته صحيحة، وصحتها لا تتوقف على الأذان والإقامة لكن تعتبر ناقصة بدون أذان وبدون إقامة عمدا تكون ناقصة بدون أذان أنقص من الصلاة بأذان وإقامة فهي أكمل ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 7.

وأفضل، ولا يجوز للمسلم تعمد ترك الأذان والإقامة، بل الواجب أداء الأذان والإقامة من أحد الجماعة الحاضرين من أهل المدارك ظاهر العدالة، ممن يقيم الأذان مؤذن واحد منهم إذا كان بهذه الصفة بألفاظه وظاهر العدالة فإنه يعتمد عليه في الأذان، وينبغي له أن يكون معروفا بعدالة ظاهرة، وأن يكون يقيم الأذان ليؤذن في الحضر أو في السفر، أما إذا كان فردا واحدا في السفر فله أن يؤذن أيضا أما الوجوب عليه ففيه خلاف ونظر والأفضل له الأذان والسنة في حقه أن يؤذن لما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع صوت المؤذن حجر ولا شجر إلا شهد له يوم القيامة (¬1)» فدل ذلك على الأكيد بحق الواحد أما الوجوب فلا يجب عليه وفيه خلاف ومحل نظر ولكن ينبغي ألا يدع الأذان، وإذا كانوا جماعة يجب عليهم أن يؤذنوا يؤذن واحد منهم، ويقيموا كذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالنداء، برقم (609).

بيان كيفية الأذان

116 – بيان كيفية الأذان س: ما هي الكيفية الصحيحة للأذان لأنني سمعت أن هناك طرقا متعددة، قرأت عنها أيضا؟ أرجو من سماحتكم التوجيه، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الأذان على أنواع، أفضلها ما كان يفعله بلال رضي الله عنه بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام حتى توفاه الله، وهو الأذان المعروف اليوم بين الناس، وهو خمس عشرة جملة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. هذا هو الأذان الذي كان يؤذن به بلال رضي الله عنه بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام، وثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله تعالى عنه قال: «أمر بلال رضي الله عنه أن يشفع الأذان ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 166.

ويوتر الإقامة (¬1)» يشفع الأذان يعني ثنتين ثنتين، هذا شفع الأذان، ما عدا التكبير الأول فإنه أربع كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه علمه بذلك بعدما رأى الرؤيا الصالحة المعروفة عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه، لكن في أذان الفجر يزيد جملتين: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. فيكون أذان الفجر سبع عشرة جملة، الأذان عند طلوع الفجر يقول فيه: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. بعد الحيعلة، ثم بعدها يقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. والأفضل أن يكون في الأذان الأخير، ويسمى الأذان الأول بالنسبة للإقامة، أما الأذان الأول الذي يكون في آخر الليل هذا ليس فيه: الصلاة خير من النوم - على الراجح - الأفضل أن يكون في الأخير، وهذا الأخير يسمى الأذان الأول بالنسبة للإقامة؛ لأن الإقامة أذان ثان، والأذان بعد طلوع الفجر هو الأذان الأول، وهو الذي يقال فيه: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. كما في حديث بلال رضي الله عنه، وحديث أبي محذورة رضي الله عنه قد ظن بعض الناس أن تسميته الأول أنه يراد به الأذان الذي في آخر الليل، وليس ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان مثنى مثنى، برقم (605)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الأمر بشفع الأذان، برقم (378).

كذلك سمي أولا لأنه يكون قبل الإقامة والإقامة هي الأذان الثاني كما في الحديث الصحيح، يقول عليه الصلاة والسلام: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (¬1)» الأذانان يعني الأذان والإقامة وجاء في حديث أبي محذورة رضي الله عنه نوع آخر وهو تكرار الشهادة، وفي لفظ الشهادتين مرة أخرى، فيكون بتسع عشرة جملة، يأتي بالشهادتين ثم يعيدها، يقول بصوت منخفض: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول، ثم يعيدها بصوت أرفع حتى تكون الجمل تسع عشرة، وهذا صحيح لا بأس به، علمه النبي صلى الله عليه وسلم أبا محذورة رضي الله عنه، وأذن به في مكة، فلا حرج في ذلك، لكن الأفضل ما عليه العمل اليوم، وهو الذي كان يؤذن به بلال رضي الله عنه بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام، وهكذا الإقامة أفراد كما في حديث أنس المتقدم: «أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة (¬2)» يوتر يعني يفرد الإقامة، إلا التكبير فإنه مثنى فيها ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب كم بين الأذان والإقامة، برقم (624)، ومسلم في كتاب صلاة المسافر وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). (¬2) سبق تخريجه.

كما في حديث عبد الله بن زيد وحديث بلال، يقول في أول الإقامة: الله أكبر الله أكبر. وفي آخرها: الله أكبر الله أكبر. والبقية أفراد: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة، حي على الفلاح. أفراد، والإقامة يكررها يقول: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، يثنيها كالتكبير في أولها وفي آخرها يكون مثنى. وجاء في حديث أبي محذورة تكرار الشهادتين مرتين كالأذان ولا حرج في ذلك إنما هو أفضلية فقط، وهذا يقال له: اختلاف التنوع، ولكن الأفضل مثل ما تقدم في حديث بلال.

حكم الزيادة على الأذان المشروع بقول حي على خير العمل

117 – حكم الزيادة على الأذان المشروع بقول حي على خير العمل س: كيف يكون الأذان الصحيح، وما هو رأيكم في الزيادة التي تقال بعد: لا إله إلا الله (¬1)؟ ج: الأذان الصحيح هو الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم أمته، وكان يؤذن به بلال بين يديه حتى توفي عليه الصلاة والسلام، وكان يؤذن به المؤذنون في حياته في مكة والمدينة وغيرها وهو الأذان المعروف ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 157.

الآن، وهو خمس عشرة جملة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. هذا هو الأذان الذي كان يؤذن به بلال بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم حتى توفاه الله، وفي الفجر زيادة: الصلاة خير من النوم. وهو الذي ينادى به بعد طلوع الفجر، وهو أذان الصبح، تقول بعد الحيعلة: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. ثم يقول بعدها: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. هذا خاص بصلاة الفجر الذي ينادى به عند طلوع الفجر: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. أما ما يزيده بعض الناس: حي على خير العمل. أو: أشهد أن عليا ولي الله. وكذلك ما يزيد بعض الناس من الصلاة على النبي مع الأذان عندما يقول: لا إله إلا الله. يزيد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم رافعا بها صوته مع الأذان أو في المكبر هذا لا يجوز هذا بدعة، ولكن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين نفسه لا في الأذان، إذا ختم الأذان مشروع للمسلم أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف

الميعاد. هذا مشروع لكل مسلم ولكل مسلمة بعد الأذان، والمؤذن كذلك إذا قال: لا إله إلا الله، شرع للجميع بعد ذلك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وهي: اللهم صل على محمد، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه. وإن قال: اللهم صل وسلم - كان أكمل - على نبينا وعلى آله وأصحابه، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة. إلى آخره، لكن لا مع الأذان بل بصوت غير صوت الأذان، بصوت منخفض يسمعه من حوله لا بأس لكن ليس مع الأذان، الأذان ينتهي إذا قال: لا إله إلا الله، يقفل الميكرفون، إذا انتهى الأذان وإن كان بغير الميكرفون كذلك انتهى لا يلحقه شيء ثم يصلي على النبي بينه وبين نفسه، ولا مانع أن يسمعه من حوله ليقتدي به، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي؛ فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (¬1)» هكذا قال عليه الصلاة والسلام، رواه مسلم ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384).

في الصحيح. وهذه سنة للجميع للمؤذن والمستمع من الرجال والنساء في الحاضرة والبادية في كل مكان بعد الفراغ من الأذان، يقول: اللهم صل على محمد، اللهم صل وسلم على نبينا وعلى آله وأصحابه. بصوت غير صوت الأذان، بصوت منخفض ليس مع الأذان، ثم بعد هذا يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته. لما روى البخاري في الصحيح - رحمه الله - عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة (¬1)» هكذا جاء الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، زاد البيهقي في آخره: «إنك لا تخلف الميعاد (¬2)» بإسناد حسن، هذا هو المشروع، أما الزيادة في الأذان: حي على خير العمل. أو: أشهد أن عليا ولي الله. فهذا لا يجوز لأنه بدعة، وهكذا الزيادة مع الأذان الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع: لا إله ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) أخرجه البيهقي في الدعوات الكبير، برقم (49).

إلا الله، بصوت الأذان هذا لا يجوز بل هو من البدع، ولكن مثل ما تقدم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم المؤذن والمستمع بصوت غير صوت الأذان، صوت منخفض غير صوت الأذان، وفي أذان أبي محذورة الترجيع، والترجيع هو أن يأتي بالشهادتين بصوت منخفض، ثم يأتي بهما بصوت مرتفع، فيكون على هذا تسع عشرة جملة يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله. بصوت منخفض، ثم يرفع صوته بهما ويعيدهما، هذا يقال له: الترجيع وهذا علمه النبي صلى الله عليه وسلم أبا محذورة رضي الله عنه وكان يؤذن به في مكة رضي الله عنه، فمن فعله فلا بأس، فهو نوع من أنواع الأذان الشرعي، ولكن الأفضل هو أذان بلال رضي الله عنه الذي كان يؤذن به بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام، كان بلال رضي الله عنه يؤذن بدون ترجيع بين يدي النبي عليه الصلاة والسلام في المدينة حتى توفاه الله، وكلا النوعين بحمد الله مشروع إلا أن الأفضل هو ما كان يفعل بين يديه عليه الصلاة والسلام وهو عدم الترجيع، ومن رجع فلا بأس.

حكم الاكتفاء بأذان واحد للفجر

118 – حكم الاكتفاء بأذان واحد للفجر س: هل يجوز أن يكون الفجر بأذان واحد وهو الأخير (¬1)؟ ج: لا بأس بذلك وإن أذن الأول فلا حرج، وإن اكتفى بأذان الفجر فلا حرج وإن جعلوا أذانين الأول لتنبيه الناس، حتى يعلموا أن الصبح قريب كما قال صلى الله عليه وسلم في أذان بلال: «ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم (¬2)» هذا أفضل حتى ينتبه الناس ويستعدوا للفجر وإن اكتفوا بأذان واحد فلا حرج. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 377. (¬2) سبق تخريجه.

بيان مشروعية أذانين للفجر

119 - بيان مشروعية أذانين للفجر س: السائل من اليمن يقول: البعض في المساجد يقوم القائمون عليها في أذان الصبح بأذانين، ما الدليل على ذلك بصحة هذا العمل؟ مأجورين (¬1) ج: يشرع للفجر أذانان: أذان قبل الصبح، وأذان بعد الصبح؛ لما ثبت ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 419.

في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن بلالا يؤذن بالليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم (¬1)» وقال: «إن بلالا يؤذن ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم (¬2)» كان بلال يؤذن في آخر الليل حتى ينتبه القائم أن الصبح قريب حتى يوتر وحتى يوقظ النائم ليستعد لصلاة الفجر، فلا بأس أن يؤذن أذان أول قبل الفجر بوقت بنصف ساعة ونحوها أو ساعة حتى ينتبه الناس أن الفجر قريب، الذي يقوم مثلا يريد الإيتار والتهجد الذي يستعد لصلاة الفجر ثم الأذان الأخير بعد طلوع الفجر. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب أذان الأعمى، برقم (617)، ومسلم في كتاب الصيام، باب أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، برقم (1092). (¬2) سبق تخريجه.

بيان قول 'الصلاة خير من النوم' في الأذان الثاني من الفجر

120 - بيان قول "الصلاة خير من النوم" في الأذان الثاني من الفجر س: قول: الصلاة خير من النوم، في صلاة الصبح هل هذا القول في الأذان الأول أم الأذان الثاني؟ مع توضيح الأدلة، جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 371.

ج: الأفضل أنه في الأذان الأخير عند طلوع الفجر لأنه موعد الصلاة هنا الفريضة، وهي تجب بعد طلوع الفجر، فالأولى أن يكون في الأذان الأخير، ومما يدل على هذا أن عائشة رضي الله عنها كما في البخاري أخبرت «أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمع النداء في أذان الفجر كان يقول فيه: الصلاة خير من النوم إذا سمع ذلك صلى ركعتي الفجر ثم خرج يصلي بالناس، (¬1)» فدل هذا القول أنه يقول في الأذان الأخير الذي بعد طلوع الفجر ولأن هذا هو الأنسب؛ لأن المراد صلاة الفريضة، أما صلاة الليل فقد يكون النوم خيرا منها إذا كان يشق عليه القيام، الإنسان ينام في الليل حتى يستطيع أن يصلي الفريضة، المقصود أن قول الصلاة خير من النوم يكون في الأذان الأخير الذي يؤتى به بعد طلوع الفجر، هذا هو الأولى هذا هو الأرجح. ¬

_ (¬1) سنن الترمذي الصلاة (198)، سنن النسائي الأذان (647)، سنن أبي داود الصلاة (504)، سنن ابن ماجه الأذان والسنة فيه (716)، مسند أحمد (4/ 43)، سنن الدارمي الصلاة (1192).

س: أخبروني عن هذه الجملة في الأذان وهي: الصلاة خير من النوم. هل هي في الأذان الأول أم في الأذان الثاني (¬1)؟ ج: هذه الجملة في الأذان الثاني عند طلوع الفجر كما بينته عائشة رضي الله عنها، وجاء ذكرها في عدة أحاديث، ويسمى الأذان الأول، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 324.

والإقامة هي الأذان الثاني. أما الأذان الأول الذي يؤذن به بعض الناس في آخر الليل فهذا لتنبيه القائم وإيقاظ النائم، كما في الحديث الصحيح حديث بلال: «ليوقظ نائمكم (¬1)» أمره النبي صلى عليه وسلم أن يؤذن بليل، يقول صلى الله عليه وسلم: «فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإن بلالا يؤذن بليل ليوقظ نائمكم ويعلم قائمكم (¬2)» يعني بقرب الفجر حتى يستعد للفجر. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) سبق تخريجه.

حكم قول 'الصلاة خير من النوم' عند الأذان الأول من الفجر

121 – حكم قول "الصلاة خير من النوم" عند الأذان الأول من الفجر س: لدينا في قريتنا جماعة أنصار السنة المحمدية، ولهم مسجد، وفي أذان الفجر يقولون: الصلاة خير من النوم، في الأذان الأول علما بأن المساجد تقولها في الأذان الثاني، وبسؤالنا لهم قالوا لنا: هذا هو الأصل، حيث إنهم قدموا لنا الدليل من كتاب زاد المعاد، قلنا لهم هذا رأي الإجماع كما قال العلماء، فقالوا: إذا كان الإجماع مخالفا للأصل فلا يتبع. أرجو أن تفيدونا

بالصواب، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ليس في المسألة إجماع فيما نعلم وإذا فعلوا ذلك في الأول أو في الثاني فلا حرج إن شاء الله، المهم أنه لا يكون في الاثنين يكون في أحدهما حتى لا تلتبس الأمور على الناس، والأفضل أن يكون في الأخير، هذا هو الأفضل؛ لأن الأحاديث الصحيحة تدل على أنه في الأخير وهو الأذان بعد طلوع الفجر، وسمي في بعض الأحاديث الأول؛ لأنه الأول بالنسبة إلى الإقامة، ولهذا ظن إخواننا من أنصار السنة أن الأول يكون قبل الفجر وليس الأمر كذلك، الأول هو الذي بعد طلوع الفجر، سمي أولا لأنه بعده الأذان الثاني وهو الإقامة، وهكذا جاء في حديث أبي محذورة الأول، وأبو محذورة يؤذن بعد الصبح، فسمي أولا في أذانه، يعني خلاف الأذان الأخير وهو الإقامة، وهكذا أخبرت عائشة رضي الله عنها كما في صحيح البخاري أن الأذان الأول هو الأذان الذي بعد طلوع الفجر الذي بعده تصلى الراتبة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الراتبة ثم يذهب إلى الصلاة، سمته أولا لأن بعده الأذان الثاني وهو الإقامة، فينبغي أن يفهم هذا جيدا حتى يزول الإشكال، وحتى تجتمع الكلمة بين إخواننا في ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 181.

السودان، فيكون قول: الصلاة خير من النوم في الأذان الأخير عند الجميع حتى لا يختلفوا وهذا هو الأفضل والأولى.

حكم قطع المؤذن أذانه لعذر

122 – حكم قطع المؤذن أذانه لعذر س: إذا أذن مؤذن في البلدة أذان الفجر الأول والثاني، وجاء في اليوم الثاني فعندما أذن الأذان الأول قاموا برشقه بالحجارة أهل البلد، هل يجوز قطع الأذان ليدافع عن نفسه أم ماذا يعمل (¬1)؟ ج: يستحب أن يكون هناك أذان أول للصبح حتى ينتبه الناس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في أذان بلال قبل الصبح: «ليوقظ نائمكم، ويرجع قائمكم (¬2)» للتنبيه إلى أن الصبح قريب، أما الأذان الواجب فهو بعد الصبح، هذا فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، إذا طلع الفجر يؤذن حتى يعلم الناس طلوع الفجر، وحتى يحضروا لصلاة الجماعة في المساجد، والذي يؤذي من يؤذن للأول هذا له حالان: إحداهما أن يكون الأذى يمكن تلافيه بعد فراغ الأذان، فهذا يكمل أذانه ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 176. (¬2) سبق تخريجه.

ولا بأس، أن يشتكيهم، أما إذا كانوا يؤذونه في الأذان ربما ناله الحجر، ربما أصابوه فله أن يقطع الأذان ويدافع عن نفسه، ولا حرج في ذلك.

حكم تعطيل المسجد من الأذان

123 – حكم تعطيل المسجد من الأذان س: أنا أسكن في إحدى القرى، ومحافظ - والحمد لله - على أداء الصلوات في المسجد، وبعد حضوري لهذه المنطقة في المملكة، وهي منطقة القصيم توجهت إلى المسجد لأداء الصلاة، وبعد أن جلست في المسجد مدة طلب مني أحد المواطنين بأن أؤذن لأن المسجد ليس به مؤذن، فقمت على الفور وأديت الأذان، وظللت مدة أؤذن حين لم يحضر المؤذن، وفي يوم من الأيام أذنت لصلاة العشاء فحضر الإمام وقال: من أذن؟ فقلت له: أنا. فقال: لا نريد أحدا أن يؤذن. فمن ذلك اليوم لم أؤذن حتى ولو طلب مني علما بأنني متعلم والحمد لله، ولا أشك في أداء الأذان، أرجو أن تفيدوني لأن هذا الإمام حرمني أجرا عظيما، علما بأنني لا أتقاضى شيئا مقابل هذا الأذان، وما فضل الأذان؟ وما حكم هذا الإمام بالنسبة لي (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 16.

ج: الأذان فرض كفاية، والواجب على أهل المسجد أن يؤذن أحدهم، إذا لم يكن هناك مؤذن من وزارة الأوقاف فالواجب أن يؤذن أحدهم، فإذا أذن أحدهم كفى؛ لأنه فرض كفاية وهو يقيم أيضا فالإقامة والأذان فرض كفاية، إذا قام به واحد منهم كفى، أما تركهم للمسجد بدون أذان فهذا لا يجوز اللهم إلا إذا كان قربه مسجد آخر يكتفى بأذانه؛ لأنه يعم جيران المسجد هذا ويسمعونه، فهذا قد يقال بإجزائه، ولكن لا بد أن يقيم أحدهم الإمام أو غيره يقيم الصلاة وبكل حال، فلا ينبغي ترك الأذان بل ينبغي لأهل المسجد أن يؤذنوا فيه من الجماعة، وإذا كان السائل يتبرع بذلك ويقيم الأذان فلا ينبغي للإمام ولا لغيره أن يمنعه من ذلك إلا إذا وجدوا من يقوم مقامه فلهم النظر في ذلك، الإمام ينظر في ذلك والجماعة، فيعينون من يحصل به المقصود من أداء هذه الفريضة، أما أن يعطلوا الأذان بالكلية فهذا لا يجوز ويأثمون بذلك، فالواجب أن يؤذن واحد منهم ممن يقيم الأذان - يعني يحسن الأذان - فإذا لم يتيسر واحد منهم سمحوا لهذا السائل المتبرع - وجزاه الله خيرا - يجب عليهم أن يسمحوا له بأن يؤذن أو يقوموا بالأذان هم، أما تعطيل المسجد بدون أذان فهذا لا يجوز.

حكم الاكتفاء بالأذان في المسجد الكبير دون غيره من المساجد

124 - حكم الاكتفاء بالأذان في المسجد الكبير دون غيره من المساجد س: إذا كنا نصلي في مسجد صغير ونسمع أذان مسجد كبير، فهل السنة أن يؤذن في هذا المسجد الصغير أم نكتفي بالأذان الذي سمعناه بالمسجد الكبير (¬1)؟ ج: ما دام المسجد يصلى فيه فالسنة أن يكون فيه أذان، ويكون فيه إقامة ولو سمعتم أذان المسجد الآخر، فإن المساجد في الغالب ولا سيما مع المكبرات يسمع بعضهم بعضا، فالسنة أن كل مسجد يؤذن فيه ويقام فيه، فقد يتعطل هذا أو يتعطل هذا فالحاصل أن السنة أن يؤذن في كل مسجد وأن تقام فيه الصلاة، ومن سمع الأذان في أي مسجد أجابه. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 38.

حكم الاكتفاء بأذان واحد في المدينة وينقل عبر المذياع

125 – حكم الاكتفاء بأذان واحد في المدينة وينقل عبر المذياع س: السائل يقول: سماحة الشيخ، إذا كنت في مدينة لا يؤذن فيها إلا مؤذن واحد ويذاع ذلك الأذان من خلال المذياع ومكبر الصوت في جميع مساجد تلك المدينة فما حكم هذا الأذان وهل أردد

معه، وهل يجزئ أم لا بد أن يؤذن كل شخص لنفسه (¬1)؟ ج: إذا كان يعم المساجد يردد معه أي يجاب، إذا كان جعل سماعات للمساجد أخرى يسمعونه ويجيبونه ويكتفى به ولكن الأفضل أن يكون كل مسجد له مؤذن، كل مسجد له مؤذن ومقيم لكن لو قلت: إن قرية من القرى جعل مؤذن واحد في أحد مآذنها وجعلت مكبرات أخرى في مساجد يسمعون وجب شرعا الإجابة لهذا المؤذن حيث يقول ما يقول، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا كما يقول (¬2)» ويقول صلى الله عليه وسلم لما قالوا: يا رسول الله، إن المؤذنين يغلبوننا، قال: «فقولوا كما يقولون، ثم سلوا الله لي الوسيلة، ثم صلوا علي فإن من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن كون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (¬3)» المقصود أنه إذا كان الأذان يسمع من المساجد فإنهم يجيبونه ويصلون على النبي بعد النهاية، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 368. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). (¬3) سبق تخريجه.

ويدعون له بالوسيلة: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه اللهم المقام المحمود الذي وعدته. وهكذا من كانوا في البيوت والطرقات إذا كانوا يسمعون يجيبون مثل ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا كما يقول (¬1)» اللهم صل عليه وسلم. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري الأذان (611)، صحيح مسلم الصلاة (383)، سنن الترمذي الصلاة (208)، سنن النسائي الأذان (673)، سنن أبي داود الصلاة (522)، سنن ابن ماجه الأذان والسنة فيه (720)، مسند أحمد (3/ 78)، موطأ مالك النداء للصلاة (150).

س: هذا سائل للبرنامج من الأردن يقول: ما حكم الأذان الموحد ومثال ذلك أن يوضع جهاز راديو يربط على مسجد ويؤذن ذلك المسجد ويبث الأذان إلى أكثر من مائتي مسجد هل يجوز ذلك؟ وحديث النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «المؤذنون أطول أعناقا يوم القيامة (¬1)». (¬2) ج: إذا دعت الحاجة إلى ذلك لا أعلم به بأسا أما إذا وجد المؤذنون فالسنة أن يكون لكل مسجد مؤذن هذا هو السنة لما في رفع الأذان من الخير والمصالح العظيمة والأجر للمؤذنين للحديث المذكور وغيره، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب فضل الأذان وهرب الشيطان عند سماعه، برقم (387). (¬2) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 416.

فالسنة أن يكون لكل مسجد مؤذن معروف بالأمانة وحسن الصوت هذا هو المشروع، وهذا هو المعروف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد من بعده من الخلفاء الراشدين والسلف الصالح إلى يومنا هذا، السنة أن يكون لكل مسجد مؤذن، لكن لو وجد حاجة لهذا بأن لم يوجد مؤذنون ودعت الحاجة إلى بث الأذان لعدة مساجد للحاجة إلى هذا فلا أعلم به بأسا.

حكم الاكتفاء بسماع الأذان من شريط المسجل

126 - حكم الاكتفاء بسماع الأذان من شريط المسجل س: إذا سجلت صوت أحد المؤذنين في بيت الله الحرام لأن أصواتهم جميلة جدا، ووضعت المسجل أمام الميكروفون وقت الأذان، ثم خرج من المسجل بواسطة الميكرفون، فهل يجوز ذلك أم لا؟ وفقكم الله (¬1) ج: لا ينبغي هذا الأذان في المسجد الحرام أما كونه ينقله لبلدان أخرى لا يصح، ولا يجعله على الميكرفون حتى يسمعه الناس، هذا يشوش على الناس ويحصل فيه تلبيس، فكل بلد لها أذانها ولها وقتها ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 35.

ومؤذنوها يكفونها، أما أنه ينقل أذان شخص من مكة إلى الرياض أو إلى كذا وكذا فلا يصح.

س: إن بعض المؤذنين لا يتقيدون بتوقيت واحد في الصلوات الخمس وخاصة صلاة الفجر بالرغم أن هناك توقيتا معمولا لكل مدينة، فماذا تنصحونهم به؟ وفقكم الله (¬1) ج: ننصح المؤذنين بأن يتقيدوا بالوقت دائما الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر هذا هو الواجب عليهم يجب عليهم أن يتقيدوا بالوقت، وأن يتحروا دخول الوقت، ولا يقلدوا التقويمات لأن فيها أخطاء وأغلاطا ينبغي لهم العناية والحرص على ضبط الوقت الظهر يعرف بزوال الشمس، والغروب بغروب الشمس في المغرب، والعشاء بغروب الشفق، والفجر بطلوع الفجر ينبغي أن يتحروا إذا أمكنهم ذلك فإذا ما أمكنهم ذلك يضبطون التقويم ويتحرون صحة التقويم، وإذا كان التقويم يبكر أخروا عنه زيادة خمس دقائق، عشر دقائق حسبما يتضح لهم بالتجارب، وهكذا حتى يضبطوا الأمر بشيء واضح إن كان التقويم يتأخر ضبطوا التأخر وتقدموا عليه، وإن كان التقويم يبكر قبل الوقت ضبطوا النقص ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 9.

الذي في التقويم وزادوه من بعد التقويم، ثم أذنوا على البصيرة، فالحاصل أن الواجب عليهم التحري للوقت بكل عناية؛ لأن الناس في ذمتهم، وهم أمناء في الصلاة وفي الفطر في رمضان، فالواجب عليهم التحري للوقت والعناية، وهو في الظهر وفي العصر وفي المغرب والعشاء والفجر بين بحمد الله إذا اعتنوا الظهر بزوال الشمس بعد فيء الزوال، إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر، والعصر إذا صار ظل كل شيء مثله بعد فيء الزوال دخل وقت العصر، والمغرب بغروب الشمس، والعشاء إذا غاب الشفق الأحمر الذي من جهة المغرب، والفجر بطلوع الفجر المستطيل في الأفق المعترض الصادق المنتشر، هذا هو الفجر الصادق، فالواجب عليهم التحري في هذه الأشياء بالعين أو بالتقويم المضبوط الذي قد درس واعتني به وعرف مطابقته للوقت.

حكم تأخير الأذان لمدة خمس دقائق

127 - حكم تأخير الأذان لمدة خمس دقائق س: هل يجوز تأخير الأذان خمس دقائق لعذر (¬1)؟ ج: الأمر واسع، خمس دقائق قليلة لا يضر إذا شغل بشيء، ولكن ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 298.

الأحرى والأولى للمؤمن أن يحافظ حتى يؤذن مع الناس، والتأخير خمس دقائق ثلاث دقائق، لا يضر إن شاء الله.

بيان المدة بين الأذان الأول والثاني من الفجر

128 - بيان المدة بين الأذان الأول والثاني من الفجر س: كم يكون الوقت الفارق بين الأذان الأول والأذان الثاني سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: الأفضل أن يكون قريبا، جاء في بعض الروايات أنه ليس بينهما إلا أن ينزل هذا ويصعد هذا - يعني: قريب - يكون الأذان قبل نصف ساعة أو ما يشبه ذلك حتى ينتبه الناس أن الوقت قريب والذي في الصلاة حتى يبادر بالإيتار ونحو ذلك، أما الأذان في منتصف الليل أو في الواحدة ليلا فلا ينبغي بل يكون قريبا من الفجر حتى تحصل الفائدة من التنبيه. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 176.

حكم إعادة الأذان لمن فاتته صلاة الجماعة

129 - حكم إعادة الأذان لمن فاتته صلاة الجماعة س: يقول السائل: إذا أذن المؤذن ولم أسمعه وفاتتني صلاة الجماعة هل يجب علي الأذان (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 288.

ج: يكفي أذان المسلمين، تقيم وتصلي فقط، لا حاجة إلى أذان.

س: ما رأي سماحتكم إذا حان وقت الصلاة وتوجهت للمسجد ووجدت الجماعة قد أدوا الصلاة، هل يجب علي الأذان والإقامة أم أقيم فقط، وإذا صليت بدون ذلك هل صلاتي تعتبر صحيحة سواء سمعت الأذان أم لم أسمع (¬1)؟ ج: السنة لك أن تقيم، أما الأذان فلا، قد سبق الأذان والحمد لله، فإن صليت بدون إقامة فلا حرج، صلاتك صحيحة. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 211.

حكم الإقامة عند كل صلاة

130 – حكم الإقامة عند كل صلاة س: هل الإقامة واجبة عند كل صلاة (¬1)؟ ج: الإقامة والأذان فرضا كفاية يجب على المصلين أن يكون واحد منهم يؤذن ويقيم، فلو صلوا بلا أذان ولا إقامة صحت الصلاة مع الإثم، الواجب أن يؤذنوا ويقيموا لكن لو صلوا بدون أذان وبدون إقامة، أو بدون إقامة أذنوا ولم يقيموا صحت الصلاة لكن مع الإثم؛ لأن الرسول ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 187.

صلى الله عليه وسلم كان يؤذن، أمر بلالا يؤذن وغيره من المؤذنين، ويقيم وقد استقرت الشريعة على أنه لا بد من أذان وإقامة في الصلوات الخمس خاصة أما العيد فليس له أذان ولا إقامة وهكذا صلاة الاستسقاء ليس لها أذان ولا إقامة، لكن هذا في الصلوات الخمس، إذا دخل الوقت وجب الأذان في البلد وعلى المسافرين كذلك وعند الدخول في الصلاة يقيم الإقامة المعروفة وهذا كله فرض كفاية إذا أقامه واحد منهم من أهل البلد أو من الجماعة في السفر سقط عن الباقين لكن لو تركوه ولم يفعلوا أثموا كلهم والصلاة صحيحة.

حكم إطلاق كلمة الأذان على الإقامة

131 - حكم إطلاق كلمة الأذان على الإقامة س: الإقامة هل تعتبر أذانا (¬1)؟ ج: نعم تسمى أذانا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة (¬2)» والأفضل أن يجيبوا المقيم كالمؤذن يكبرون معه، يتشهدون معه، وإذا قال: حي على الصلاة، يقولون: لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 35. (¬2) سبق تخريجه.

قال: قد قامت الصلاة، يقولون: قد قامت الصلاة، مثل المقيم: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ثم يأتي بعد هذا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة. كالأذان سواء هذا هو الأفضل أما قول: أقامها الله وأدامها أو: اللهم أقمها وأدمها. فهذا لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه حديث ضعيف لا يصح، والسنة أن يفعلوا بالإقامة مثل ما يفعلون بالأذان سواء بسواء إلا أن في الإقامة يقول: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة. مثل صلاة الفجر يقول: الصلاة خير من النوم. يقول المتابع: الصلاة خير من النوم. مثل المؤذن؛ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «إذا أذن المؤذن فقولوا مثل ما يقول (¬1)» وبعضهم في أذان الفجر عند قول المؤذن: الصلاة خير من النوم. يقولون: حقا الصلاة خير من النوم. وبعضهم يقول: صدق الله ورسوله. وبعضهم يقول: صدقت وبررت. والصواب أن يقولوا مثلما يقول المؤذن: الصلاة خير من النوم. لا يزيد شيئا، هذا هو الأفضل عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (¬2)» ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384).

- حكم الصلاة بدون إقامة

132 - حكم الصلاة بدون إقامة س: هل تصح الصلاة بدون إقامة أم لا (¬1)؟ ج: نعم تصح، ولكنه يأثم إذا ترك الإقامة لأنها فرض كفاية، فإذا تركها يأثم ولكن الصلاة صحيحة، وهكذا الأذان فرض كفاية فلو صلوا بدون أذان ولا إقامة صحت صلاتهم، لكن يأثمون؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بالأذان والإقامة. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 219.

حكم الأذان والإقامة للمنفرد

133 - حكم الأذان والإقامة للمنفرد س: إذا صلى الإنسان منفردا فهل عليه أن يؤذن ويقيم أم ليس عليه بواجب (¬1)؟ ج: نعم، إذا صار في السفر مثلا أو في بلد ليس فيها أحد شرع له الأذان والإقامة، شرع له أن يؤذن ويقيم، أما الوجوب ففيه نظر لكن يشرع له أن يقيم وأن يؤذن، وهكذا في السفر ولو وحده يؤذن ويقيم. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 187.

س: أصلي الفروض أحيانا كثيرة لوحدي نظرا لعدم وجود مسجد بالقرب مني ولكن هل يلزمني الأذان والإقامة لكل صلاة أم يجوز أن أصلي بدون أذان أو بدون إقامة (¬1)؟ ج: السنة أن تؤذن وتقيم هذه السنة، أما الوجوب ففيه خلاف بين أهل العلم، ولكن الأولى بك والأحوط لك أن تؤذن وتقيم؛ لأنه مدعوم بالأدلة، ولكن يلزمك أن تصلي مع جماعة مهما أمكن إذا وجدت جماعة أو سمعت النداء في مسجد بقربك فعليك أن تجيب المؤذن، وأن تحضر مع الجماعة فإن لم تسمع النداء ولم يكن بقربك مسجد فالسنة أن تؤذن أنت وأن تقيم. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 48.

س: إذا فاتتني صلاة الفجر ولم أستيقظ إلا في الثامنة صباحا فهل أؤذن وأقيم أم أصلي بدون أذان ولا إقامة، وما حكم الراتبة حينئذ؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: تصلي الراتبة ثم تصلي الفريضة وتقيم للفريضة ولا حاجة للأذان ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 289.

في هذا، تكفي الإقامة، أما إذا كنتم جماعة مؤذنون ويقيمون مثل أناس في السفر ناموا فإنهم إذا استيقظوا يؤذنون ويقيمون كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، أو كنت في السفر أنت وحدك كذلك ونمت عن الفجر ولم تستيقظ إلا بعد الشمس أو قبل الشمس تؤذن وتقيم وتصلي الراتبة أما في الحضر بين الناس فالأقرب - والله أعلم - يكفيك الإقامة إن شاء الله، ولا حاجة للأذان؛ لأن الحضر قد أذنوا، المساجد قد أذنوا صلوها في وقتها فأنت تقيم فقط، وهذا يكفي إن شاء الله في الحضر تقيم الصلاة بعد ما تصلي الراتبة تقيم وتصلي الفريضة ولعل هذا يكفي إن شاء الله عن الأذان، ولو أذنت أذانا لا يسمع من الخارج أذانا لا يشوش على الناس ولا يستنكر في محلك فلا أعلم فيه بأسا كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم لما نام عن الصلاة في السفر، أمر بالأذان وبالإقامة وصلى الراتبة، وصلى الفريضة، لكن في الحضر وبين الناس لا، لعله يكفي الإقامة إن شاء الله؛ لأن المساجد قد أذن أهلها وصلوا الصلاة في وقتها والحمد لله.

حكم صلاة من نسي الأذان والإقامة

134 – حكم صلاة من نسي الأذان والإقامة س: لو نسي الرجل الأذان أو الإقامة فما الحكم (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 21.

ج: لو نسي فلا يضر حتى لو تركها عمدا صلاته صحيحة، لكنه يأثم إذا تركه في الجماعة إذا كانوا اثنين أو ثلاثة ولم يؤذنوا في السفر أو في القرية التي ما فيها إلا هم في مسجدهم، ولم يؤذنوا أثموا وهكذا إذا لم يقيموا لكن الصلاة صحيحة؛ لأن هذا الواجب خارج الصلاة لا يبطلها وليس في داخلها بل هو خارج منها فإذا ترك المسلم الأذان وترك الإقامة فالصلاة صحيحة لكنه قد يأثم إذا كان في جماعة تركوا الأذان يأثمون جميعا، أما إذا كان واحدا ففي تأثيمه نظر إذا كان في السفر واحد لحاله كونه يؤذن ويقيم هذا هو السنة، لكن لو ترك ذلك هل يأثم أو لا يأثم محل نظر، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لمالك بن الحويرث وصاحبه: «إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما (¬1)» وفي لفظ: «فليؤذن أحدكما (¬2)» الحاصل أن الأذان مطلوب من الجميع، حتى من الاثنين، والواحد كذلك مطلوب منه الأذان؛ لأنه شعيرة معروفة للصلاة ومعروفة في حق الرجال، فلا ينبغي تركه حتى للواحد في السفر أو في القرية إذا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب اثنان فما فوقهما جماعة، برقم (658)، مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (674). (¬2) أخرجه النسائي في كتاب الأذان، باب إقامة كل واحد لنفسه برقم (669).

كان ما فيها إلا هو، يستحب له أن يؤذن ويقيم، أما إذا كانا اثنين فأكثر وجب الأذان والإقامة، يؤذن واحد منهما ويقيم أحدهما، المؤذن أو غيره.

س: السائل: ح. ص، يقول: ما حكم من نسي إقامة الصلاة ولم يذكر إلا بعد قطع التكبيرة، هل يكمل الصلاة أم ماذا يفعل؟ وما حكم الصلاة التي صلاها بدون إقامة؟ وجهونا سماحة الشيخ (¬1) ج: لا حرج عليه في ذلك تسقط الإقامة - والحمد لله - لأنها فرض كفاية، فإذا لم يقم الصلاة فلا حرج عليه، وصلاته صحيحة، ولا ينقضها لأجل الإقامة، بل يستمر ويكملها، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 408.

حكم من نسي قول 'الصلاة خير من النوم' في أذان الفجر

135 – حكم من نسي قول "الصلاة خير من النوم" في أذان الفجر س: يقول هذا السائل: أنا في بعض المرات أنسى في أذان الفجر قول: الصلاة خير من النوم. وأذكر بعد أن أنتهي من الأذان، ماذا علي في ذلك (¬1)؟ ج: قول: الصلاة خير من النوم. في أذان الفجر، فإذا ذكرتها قريبا فأت ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 408.

بها ثم أعد: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. وإذا أعدت الأذان كله فهو طيب وحسن؛ لأنها سنة مهمة، يعرف بها أذان الفجر، وطلوع الفجر، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر أن تجعل في أذان الفجر: الصلاة خير من النوم.

الأفضل أن يقيم من أذن

136 – الأفضل أن يقيم من أذن س: يوجد عندنا من يقول: الذي يؤذن هو الذي يقيم الصلاة، وتوجد عندنا ظاهرة قراءة آية الكرسي قبل التسبيح الذي بعد الصلاة، ما رأيكم في هذا (¬1)؟ ج: الأفضل أنه يتولى الإقامة من يتولى الأذان هذا هو الأفضل ولو أقام غيره فلا حرج، ولكن الأفضل أن المؤذن هو الذي يقيم كما كان بلال يؤذن ويقيم رضي الله عنه، لكن لو أقام غيره بأن شغل المؤذن أو سمح بأن يقيم غيره فلا بأس بذلك، وكذلك ظاهرة قراءة آية الكرسي قبل التسبيح لا حرج في ذلك، الرسول صلى الله عليه وسلم ندب إلى قراءة آية الكرسي بعد الصلاة، فإن قرأها قبل الذكر فلا بأس لكن الأفضل أن ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم 119.

تكون بعد الذكر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر الله بعد السلام، فالأفضل أن يبدأ بالذكر ثم يأتي بها سرا بعد الأذكار هذا هو الأفضل، ويقرؤها سرا بينه وبين نفسه لا جماعيا يقرؤها الإنسان بعد السلام وبعد الذكر سرا بينه وبين نفسه، ولا يقرؤها جماعيا مع الناس، لا يجوز قراءتها جماعيا، فهو بدعة، لكن تقرأ بينه وبين نفسه بعد الأذكار، وكذلك قراءة: قل هو الله أحد والمعوذتين يقرؤها بينه وبين نفسه بعد كل صلاة وبعد الفجر ثلاثا وبعد المغرب ثلاثا أما بعد الظهر والعصر والعشاء فمرة واحدة بينه وبين نفسه.

بيان جواز أن يأتي بلفظ الإقامة كالأذان

137 - بيان جواز أن يأتي بلفظ الإقامة كالأذان س: إننا نعيش في مؤسسة وكثير من العاملين فيها من الأتراك المسلمين جزاهم الله عنا خيرا، هؤلاء الأتراك مسلمون بمعنى الكلمة يحضوننا على الصلاة، ويؤذنون ويقيمون ويؤموننا في الصلاة، لكن المؤذن عندهم يقيم الصلاة كالأذان - أي إنه يأتي بالإقامة كالأذان بالضبط - فهل هذا جائز أم لا؟ وفقكم الله (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 41.

ج: لا حرج في ذلك؛ لأن الأذان جاء على نوعين: نوع بالتكبير في أوله أربع والشهادتين، الشهادة مرتين مرتين، والتكبير في آخره مرتين، والحيعلة كل واحدة مرتين، وجاءت الإقامة على نحوه في حديث أبي محذورة وجاء في حديث أنس في أذان بلال الإيتار في الإقامة، فمن أوتر الإقامة فهو أفضل على حديث بلال، وإقامة بلال: الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. هذا هو الأفضل كما جاء في أذان بلال وفيما رواه عبد الله بن زيد لما أري الأذان فمن أتى بالإقامة على شبه الأذان فلا بأس؛ لأن هذا جاء في حديث أبي محذورة: علمه الإقامة كما علمه الأذان عليه الصلاة والسلام فالأمر في هذا واسع من باب اختلاف التنوع، والأذان كذلك تنوع لأنه جاء فيه كما تقدم، وجاء فيه إعادة الشهادتين مرة أخرى يأتي بها بصوت خفي ليس بجهوري وليس برفيع جدا ثم يأتي برفع الصوت بذلك مرة أخرى بالشهادتين أرفع من اللفظ الأول، وهذا يسمى ترجيعا.

حكم التكلف واللحن في الأذان

138 – حكم التكلف واللحن في الأذان س: يلاحظ أن كثيرا من المؤذنين يمططون الأذان، آمل التوجيه (¬1) ج: ينبغي للمؤمن في أذانه أن يكون سمحا غير ممطط ولا متكلف، وهكذا في الإقامة، السنة في ذلك ألا يلحن فيه وأن يحفظه أيضا من اللحن، لا يلحن ولا يلحن، اللحن كونه يخل بالإعراب، كأن يقول: أشهد أن محمدا رسول الله - بفتح اللام - والمشروع أن يقول: أن محمدا رسول الله؛ لأن رسول الله خبر أن مرفوع، هذا إذا نصب يكون من اللحن، وإن كان لا يخل بالمعنى في الحقيقة؛ لأن مقصود المؤذن الإخبار بأنه رسول الله عليه الصلاة والسلام ولأن بعض أئمة اللغة ينصبون المعمولين، لكن هذا لحن عند جمهور أئمة اللغة وعند جمهور العرب، العرب ينصبون الاسم ويرفعون الخبر في أن، كذلك من اللحن أن يقول مثل: اهدنا الصراط المستقيم - يكسرها - هذا غلط بكسر المفعول، فالمفعول منصوب: الصراط، لكن لا يخل بالمعنى فلا يضر في الأذان أن يقول مثلا: حي على الصلاة، أو: حي على الفلاح. لا يخل بالمعنى لكن ينبغي أن يكون فاهما عربيا لا يلحن في الأذان وأما التلحين وهو ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 76.

تمطيطه كأنه يغني، هذا مكروه لا ينبغي.

حكم استقبال القبلة عند الأذان

139 - حكم استقبال القبلة عند الأذان س: هل يجب على المؤذن أن يكون مستقبلا للقبلة حين الأذان (¬1)؟ ج: هو السنة، ولكن ليس هو واجبا، ولكن هو السنة. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 374.

حكم الأذان بغير وضوء

140 – حكم الأذان بغير وضوء س: هل يصح الأذان بغير وضوء (¬1)؟ ج: نعم الصحيح أنه لا بأس الأذان والإقامة جميعا ثم يتوضأ لكن الأفضل أن يؤذن على وضوء ويقيم على وضوء لكن لو أذن على غير وضوء ثم أقام على غير وضوء صح وإقامته صحيحة، والنقص عليه هو عندما يقوم ليتوضأ حيث يفوته كثير من فضل الصلاة والجماعة، ونصيحتي للمؤذنين - وهو السنة - أن يؤذنوا على وضوء وأن يقيموا على وضوء هذا هو السنة، جاء في حديث ضعيف: «لا يؤذن إلا متوضئ (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 352. (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب كراهية الأذان بغير وضوء، برقم (200).

لكنه ضعيف.

س: ما حكم من يؤذن للصلاة بدون وضوء (¬1)؟ ج: الأذان ليس من شرطه الوضوء إذا أذن وهو على غير وضوء أجزأ حتى ولو كان على جنابة، الأذان ليس بقرآن، وإنما هو ذكر والنبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه والمسلم يذكر الله دائما حتى ولو كان على جنابة وحتى الحائض تذكر الله والنفساء تذكر الله والأذان من ذكر الله، فإذا أذن وهو على جنابة أو أذن وهو على غير وضوء فأذانه صحيح لكن الأفضل أن يكون على طهارة، أما حديث: «لا يؤذن إلا وهو متوضئ (¬2)» فهو حديث ضعيف، فالسنة والأفضل أن يكون حين الأذان على طهارة كاملة للحدثين هذا هو الأفضل ولكن لو أذن وهو على جنابة أو أذن وهو على غير طهارة من الحدث الأصغر فأذانه صحيح ولا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 41. (¬2) سبق تخريجه.

حكم الأذان بالنعال

141 – حكم الأذان بالنعال س: هل الأذان والرجل لابس الحذاء مكروه أم حرام؟ نرجو الإفادة، ولكم من الله الشكر (¬1) ج: الأذان والإنسان لابس نعليه ليس فيه بأس، لا مكروه ولا حرام، بل جائز ولا بأس به، يصلي في نعليه فكيف الأذان؟ الرسول عليه الصلاة والسلام صلى في نعليه، والأذان غير الصلاة، فإذا كانت قد جازت الصلاة في النعلين فالأذان من باب أولى، فالحاصل أنه لا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 32.

حكم الإنابة في الأذان بدون أجرة

142 – حكم الإنابة في الأذان بدون أجرة س: يقول السائل: أنا مؤذن، والآن أنبت ابني في الأذان، وأنا الذي أستلم الراتب، فهل يجوز هذا (¬1)؟ ج: إذا كانت الجهات المسئولة التي أنت ترجع إليها ترضى بهذا فلا مانع من ذلك إن كان ولدك يصلح لذلك عدلا يقيم الأذان، فإذا كان ولدك يقيم الأذان ويصلح لهذا الأمر والجهة المسئولة التي وظفتك ترضى بذلك ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 244.

فلا بأس.

حكم أخذ الأجرة على الأذان

143 - حكم أخذ الأجرة على الأذان س: أنا رجل أشغل وظيفة مؤذن بمسجد، ولي مرتب من الأوقاف، ويقال لي: إنك استلمت راتبا فليس لك أجر. وأنا لا أرغب ذلك وإنما أرغب الأجر من الله أحسن من الراتب علما أني في حاجة إلى هذا الراتب حيث ليس لي أي دخل آخر، ولكن أفضل أجر الآخرة على أجر الدنيا (¬1)؟ ج: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعثمان بن العاص رضي الله عنه لما سأله أن يكون إمام قومه، قال: «أنت إمامهم واقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا (¬2)» فدل ذلك على أن المؤذن الذي يتبرع بالأذان يتطوع به يريد ما عند الله أنه أفضل وأولى من غيره، لكن ذكر العلماء أن الذي يعطى من بيت المال ما يعينه على ذلك لا ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 27. (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب أخذ الأجر على التأذين، برقم (531)، والنسائي في المجتبى في كتاب الأذان، باب اتخاذ المؤذن الذي لا يأخذ على أذانه أجرا، برقم (672).

حرج عليه في ذلك ولا بأس عليه؛ لأن بيت المال لمصالح المسلمين، وهكذا الأوقاف التي يوقفها المسلمون على المؤذنين والأئمة لا حرج عليهم إذا أخذوا منها ما يعينهم على هذا العمل الصالح فإذا أخذت أيها السائل من بيت المال المخصص للأوقاف ما يعينك فلا حرج عليك، ونرجو أن يكون لك الأجر كاملا لأنك تأخذ شيئا يعينك على هذا الواجب وعلى هذا العمل الصالح، وربما لو تركت ذلك لتركت هذا العمل لالتماس الرزق قد يتعطل العمل، فالحاصل أن المؤذن إذا دفع إليه ما يعينه على أداء الأذان لحاجته إليه فلا حرج عليه في ذلك؛ لأن الأذان يحبسه يحتاج إلى أوقات فإذا أخذ ما يعينه على ذلك فلا حرج عليه في ذلك لكن من وسع الله عليه وأحب أن يعمل من دون شيء من بيت المال فذلك أفضل وأكمل؛ لأنه حينئذ تكون قربته كاملة ليس فيها شيء من النقص بل عمل عمله لله، يعني كاملا ومن دون شائبة، أما من أخذ من بيت المال فلا حرج عليه؛ لأن بيت المال للمسلمين عامة ولا سيما المصالح كالأذان والإمامة وأشباه ذلك، وهكذا الأوقاف التي توقف على المؤذنين والأئمة هذه كلها من باب التعاون على البر والتقوى ومن باب تسهيل الإمامة والأذان؛ لأنه ليس كل واحد يتفرغ لهذا الشيء فإذا أمنت حاجته كان هذا أدعى إلى أن يلتزم ويقوم بهذا الأمر العظيم الواجب، أما

هذا الأجر الذي يساق اليوم للمؤذنين فالذي يظهر أنه غير داخل في الحديث السابق ذكره، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يؤاجر فيقول: لا أؤذن إلا بأجر. يأخذ أجرا على ذلك - يعني مشارطة بينه وبين أهل المسجد أو بينه وبين بعض الناس الآخرين - فهذا هو الأقرب في ظاهر النص، أما المال الذي يعطاه من بيت المال كما يعطى لمدرس ويعطى الإمام ويعطى المجاهدون هو غير داخل في هذا إن شاء الله، لكن لا شك أن الذي يريد ألا يأخذ شيئا بالكلية وأن يتفرغ لهذا الشيء من جهة نفسه لأن الله قد أعطاه مالا ووسع عليه فهذا أكمل في الإخلاص.

حكم الأذان لغير الصلاة

144 – حكم الأذان لغير الصلاة س: هل يسن الأذان في غير الصلاة كالأذان في أذن المولود وعند الحريق وعند تزاحم الجيش وعند المصروع وعند الغضبان وغير ذلك؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: أصل الأذان للصلاة إعلام بالصلوات الخمس، هذا هو الأصل، والجمعة منها، ويشرع الأذان في أذن الصبي عند تسميته يوم السابع أو قبل ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 103.

أو بعد في اليمنى والإقامة في اليسرى وإن سموه بدون ذلك فلا بأس ولكن الأفضل أن يؤذن في الأذن اليمنى ويقام في اليسرى، وهكذا الأذان عند رؤية غول أو شبح من الجن كما في الحديث: «إذا تغيلت الغيلان فبادورا بالأذان (¬1)» إذا رأى شيئا من الجن فإنه يؤذن فإن الأذان يطردها، وذكر الله يطردها والتكبير عند الحريق، لأنه ما ورد الأذان، وإنما ورد التكبير عند الحريق هذا هو الذي نعلم في هذا الأمر. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده مسند جابر بن عبد الله، برقم (13865).

حكم الأذان والإقامة للمرأة

145 - حكم الأذان والإقامة للمرأة س: هل يلزم المرأة أذان أو إقامة عند الصلاة (¬1)؟ ج: الرجل عليه أن يؤذن ويقيم، هذا المشروع له أن يؤذن ويقيم ولو كان واحدا وهو فرض كفاية على الجماعة إذا قام به واحد منهم سقط عن الباقين، إذا أذن واحد وأقام كفى، أما الواحد فاختلف في وجوبه عليه، والذي ينبغي أن يفعل ذلك ولو أنه واحد يؤذن ويقيم أما المرأة فلا يشرع لها أذان ولا إقامة؛ لأن هذا من شأن الرجال للدعوة إلى حضور الجماعة ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 21.

والعلم بالأوقات والمرأة تصلي في بيتها وليست بحاجة إلى هذا الشيء المقصود أن المرأة ليس عليها إقامة ولا أذان، ولا يشرع لها ذلك، تبدأ صلاتها بالتكبير الله أكبر تستفتح وتصلي كما يصلي الرجال لكنها لا يشرع لها أذان ولا إقامة لعدم الدليل على ذلك.

س: قرأت كتابا تحت عنوان: السيدة عائشة رضي الله عنها، وفيه أن السيدة عائشة كانت تؤذن وتقيم الصلاة لنفسها أو لمن يصلي معها من النساء فهل على المرأة أن تؤذن وتقيم الصلاة لنفسها (¬1)؟ ج: المشروع أن الأذان يكون للرجال وهكذا الإقامة؛ لأن الأذان دعوة إلى حضور الصلاة وإعلام بالوقت فهو يكفي للنساء؛ لأنهن علمن بالوقت بالأذان فليس هناك حاجة إلى أن يؤذن والإقامة إنما تشرع للحاضرين حتى يعلموا حضور الصلاة وإقامتها، والنساء صلاتهن في البيوت ولسن في حاجة إلى ذلك فالمشروع هو أن تصلي بدون أذان وإقامة، أما ما يروى عن عائشة فلا نعلم صحته، لا نعلم أنه يصح عن عائشة ولا غيرها في هذا شيء من جهة الأذان والإقامة من ادعى ذلك فعليه الدليل، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 212.

والأصل عدم ذلك وإنما شرع الله الأذان والإقامة للرجال.

س: السائلة أ. س، من جدة تقول: هل يشرع للنساء أذان وإقامة سواء كن في الحضر أو في السفر أو البرية (¬1)؟ ج: لا يشرع لهن أذان ولا إقامة، هذا من خصائص الرجال، الأذان والإقامة من خصائص الرجال تصلي بدون أذان وبدون إقامة، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 412.

س: هل يشرع للمرأة الأذان، وهل تشرع لها الإقامة؟ وضحوا لنا ذلك جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الأذان والإقامة من خصائص الرجال أما المرأة فهي تصلي بدون أذان ولا إقامة، ولم يرد في الشرع أنها تؤذن ولا تقيم، وإنما هذا للرجال فقط. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 250.

س: ما حكم الأذان والإقامة للنساء (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 322.

ج: غير مشروعة، لا يشرع للنساء لا الأذان ولا الإقامة بل الأذان والإقامة مما يتعلق بالرجال، فالمرأة تصلي بدون أذان ولا إقامة، هذا هو المشروع.

س: هل على المرأة المسلمة أذان وإقامة عند الصلاة، وما حكم صلاتها لو فعلت ذلك (¬1)؟ ج: ليس على النساء أذان ولا إقامة، لأن هذا للرجال، فالسنة أن تصلي بلا أذان ولا إقامة، فلو صلت بأذان وإقامة أساءت، وفعلت أمرا غير مشروع، وصلاتها صحيحة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 15.

س: هل على المرأة أذان وإقامة حين تريد الشروع في الصلاة أم تكفيها الإقامة بنفسها أو الإقامة في المسجد المجاور (¬1)؟ ج: ليس على المرأة أذان ولا إقامة إنما هذا من خصائص الرجال، أما المرأة فتصلي بدون أذان ولا إقامة والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 301.

س: هذا السائل السوداني ويقيم ويعمل بالمملكة يقول: بالنسبة

لصلاة المرأة هل تقيم الصلاة أم تكبر وتصلي الأوقات المكتوبة عليها؟ ج: المرأة ليس عليها أذان، ولا إقامة، ولا يشرع لها أذان ولا إقامة، تصلي بدون أذان ولا إقامة، والأذان والإقامة من شأن الرجال أما المرأة فتصلي بدون أذان ولا إقامة، تبدأ بالتكبير والنية القلبية.

س: عندما تصلي المرأة في بيتها هل تؤذن وتقيم للصلاة سرا أم جهرا؟ وهل يصح للرجل أن يصلي مع زوجته؟ إذا كان ذلك جائزا فأين تقف، خلفه أم عن يمينه؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: النساء ليس عليهن أذان ولا إقامة، الأذان والإقامة من اختصاص الرجال، تصلي بلا أذان ولا إقامة، وإذا صلى هو وامرأته في الليل صلاة الليل أو كان مريضا وصلى هو وإياها فلا بأس، وإلا فهو يجب عليه أن يصلي مع الجماعة في المساجد لكن إذا كان في صلاة الليل أو مريضا لا يستطيع الصلاة في المسجد وصلوا جماعة فلا بأس، لكن تكون خلفه، ما تكون عن يمينه ولا عن شماله يكون موقفها خلفه في الفريضة أو النافلة. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 353.

س: يسأل عن المرأة والأذان والإقامة، هل لها أن تؤذن وتقيم في بيتها كالرجل أم تصلي كحال النساء (¬1)؟ ج: الأذان والإقامة للرجال أما المرأة فتصلي بدون أذان ولا إقامة، وإن صلت مع الناس فلا بأس إذا خرجت متحجبة متسترة وصلت مع الناس فلا بأس، لكن بيتها خير لها وأفضل ولا يشرع لها أذان ولا إقامة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 327.

س: رسالة من إحدى الأخوات من ليبيا تقول: أختكم في الله أ. ب. أ، إن أمي تقيم للصلاة، فأخبرتها أن ذلك ليس واجبا عليها لكنها تجاهلت، فهل عليها شيء؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ليس عليها شيء لكن تخبر أنه غير مشروع لها الإقامة، الإقامة تشرع في حق الرجال، الأذان والإقامة للرجال أما هي فغير مشروع لها ذلك، ونخشى عليها من الإثم وأن تكون أتت ببدعة، فالمقصود أن الذي ينبغي لها ترك الإقامة. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 320.

حكم ترديد الأذان خلف عدد من المؤذنين

146 - حكم ترديد الأذان خلف عدد من المؤذنين س: إذا سمع السامع الأذان أكثر من مرة لفرض واحد فهل يردد ما يقول المؤذنون أم يكتفي بالترديد خلف مؤذن واحد (¬1)؟ ج: السنة أن يجيب الجميع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (¬2)» فهذا عام يعم جميع المؤذنين، فيقول مثل قوله إلا عند الحيعلة يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. وإذا ختم الأذان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. رواه البخاري في الصحيح لكن بغير زيادة: إنك لا تخلف الميعاد. أما هذه الزيادة فرواها البيهقي بإسناد حسن. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 177. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384).

بيان ما يقال عند قول المؤذن: 'الصلاة خير من النوم'

147 – بيان ما يقال عند قول المؤذن: "الصلاة خير من النوم" س: إذا قال المؤذن: الصلاة خير من النوم. فماذا نقول (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 302.

ج: السنة أن تقول مثل المؤذن: الصلاة خير من النوم. وهكذا لو قال المؤذن: قد قامت الصلاة - في الإقامة - تقول مثله: قد قامت الصلاة.

س: ماذا عن أذان الفجر ولا سيما عند جملة: الصلاة خير من النوم (¬1)؟ ج: سبق الذي قلنا عند الأذان وهكذا الإقامة، الإقامة تجاب أيضا لأنها أذان، أما في الفجر فيقول عند: الصلاة خير من النوم. مثلها: الصلاة خير من النوم. مثل المؤذن في صلاة الفجر يقول: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. مثل المؤذن. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 354.

س: يسال السائل ويقول: هل ورد عندما يقول المؤذن: الصلاة خير من النوم. صدقت وبررت وبالحق نطقت (¬1)؟ ج: هذا يقوله بعض الفقهاء والصواب أنه يقول مثله: الصلاة خير من النوم. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (¬2)» هذا يعم كلمة: الصلاة خير من النوم. ولا يقول: صدقت وبررت. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 409. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384).

ولا غير هذا بل يقول: الصلاة خير من النوم. عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (¬1)» هذا هو المشروع، إلا الحيعلة فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. عند قوله: حي على الصلاة، حي على الفلاح. يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. لأنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول ذلك عند الحيعلة، كما رواه مسلم من حديث عمر رضي الله عنه. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384).

حكم قول: 'أقامها الله وأدامها' عند إقامة الصلاة

148 – حكم قول: "أقامها الله وأدامها" عند إقامة الصلاة س: بعض الناس عند إقامة الصلاة يقول: أقامها الله وأدامها، هل ورد ذلك (¬1)؟ ج: هذا ورد في حديث ضعيف والصواب أن يقول مثله: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة. لقوله صلى الله عيه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (¬2)» والإقامة أذان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 409. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384).

«بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (¬1)» فسمى الإقامة أذانا فيقول إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة. يقول مثله: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة. هذا هو الصواب، أما حديث: «أقامها الله وأدامها (¬2)» فهو حديث ضعيف عند أهل العلم. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) سبق تخريجه.

حكم البيع عند الأذان

149 – حكم البيع عند الأذان س: ما حكم الاستماع للأذان، وما حكم البيع حين الأذان (¬1)؟ ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (¬2)» السنة أن يستمع للأذان يستمع ويقول مثل قوله إلا في الحيعلة، يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. وإذا أذن المؤذن ينبغي له أن يبادر بالصلاة يتوضأ ويذهب إلى المسجد، وإذا كان في الجمعة وجب عليه ذلك؛ لقوله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (¬3)، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم 382. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). (¬3) سورة الجمعة الآية 9

هذا واجب، وفي غير الجمعة كذلك يشرع له في غير الجمعة إذا سمع الأذان أن يدع البيع ويشتغل بالوضوء إن كان ما هو على وضوء حتى يتوجه للمسجد يصلي مع المسلمين، وإذا كان الذي بين الأذان والإقامة لا يتسع إلا لذهابه وجب عليه ذلك وجوبا أما إذا كان فيه سعة فلا مانع أن يكمل ما في يده، إن كان في يده سلعة وباعها لا حرج، ثم يبادر إلى الصلاة.

حكم الاستماع إلى القرآن والمؤذن يؤذن

150 – حكم الاستماع إلى القرآن والمؤذن يؤذن س: السائل أ. م.، يقول: إذا كان المؤذن يؤذن وأنت تسمع للقران، هل يطفأ المسجل والقرآن يتلى (¬1)؟ ج: نعم إذا سمعت الأذان تمسك عن القراءة وتقفل المسجل، وتجيب المؤذن؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 405. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384).

ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الآخر: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد حلت له شفاعتي يوم القيامة (¬1)» أخرجه البخاري في صحيحه. وفي حديث عمر رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن العبد إذا سمع الأذان وقال مثل قوله كلمة كلمة، وقال عند الحيعلة: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر. مثل المؤذن ثم قال: لا إله إلا الله. مثل المؤذن من قلبه دخل الجنة. هذا فضل عظيم والمقصود أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (¬2)» هذا أمر، وهو يدل على السنة المؤكدة، فإذا كان يقرأ يمسك، وإذا كان يسمع المسجل يمسك يقفل المسجل حتى يجيب المؤذن هذا هو السنة. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384).

س: السائلة من السودان تقول: إذا كنت أستمع إلى تلاوة قرآنية وكان المؤذن يؤذن هل أستمع إلى التلاوة أم أردد مع

المؤذن (¬1)؟ ج: السنة إيقاف القراءة وإجابة المؤذن، ثم بعد ذلك يقرأ القارئ فالذي يقرأ إذا سمع الأذان يقف فإن كانت تسمع القرآن من إذاعة تغلق الإذاعة وتسمع المؤذن، حتى إذا فرغ المؤذن عادت إلى السماع من الإذاعة أو المسجل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (¬2)» فإن كان القارئ موجودا سكت حتى يجيب المؤذن وإن كانت تسمع من الراديو قفلت الراديو حتى تستمع للأذان ثم تكمل استماع القرآن. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 388. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384).

حكم الكلام أثناء الأذان

151 – حكم الكلام أثناء الأذان س: الأخت: أ. ع، من الرياض تسأل وتقول: هل يجوز الكلام أثناء الأذان أو بعد الأذان (¬1)؟ ج: نعم يجوز الكلام في الأذان وبعد الأذان، لا بأس، لكن السنة ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 254.

الإنصات للمؤذن وإجابته، وإذا تكلم مع ذلك في حاجة من الحاجات فلا حرج في ذلك، يجيب المؤذن وإذا رد السلام أو شمت عاطسا أو طلب حاجة فلا حرج في ذلك.

س: رجل أذن، وأثناء الأذان قام يخاطبه رجل آخر ففصل بين الأذان، فما حكم ذلك (¬1)؟ ج: إذا كان شيئا يسيرا يعفى عنه ويتمم الأذان. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم 425.

حكم تحية المسجد أثناء الأذان

152 - حكم تحية المسجد أثناء الأذان س: إذا دخلت المسجد والمؤذن يؤذن فهل أشرع في تحية المسجد أم أتابع المؤذن حتى ينتهي ثم أصلي؟ وإذا كنت أقرأ القرآن والمؤذن يؤذن هل أقف عن القراءة لأتابع المؤذن أم كيف؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم الأفضل لك أن تتابع المؤذن إن كنت تقرأ تمسك وإن كنت دخلت والمؤذن يؤذن تقف حتى تكمل الإجابة، ثم تصلي تجمع بين ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 213.

المصلحتين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (¬1)» متفق على صحته. وهذا يعم القارئ ويعم غير القارئ إذا دخلت والمؤذن يؤذن فإنك تجيب أذانه في يوم الجمعة وفي غير يوم الجمعة، تجيب الأذان ثم تصلي ركعتين ثم تنصت للخطيب إذا كان يوم الجمعة، الحاصل أنك إذا دخلت المسجد والمؤذن يؤذن فالمشروع لك أن تجيب المؤذن ثم تصلي تحية المسجد وهكذا إذا كنت تقرأ القرآن أو تتحدث مع غيرك تنصت حتى تجيب المؤذن، ثم تعود إلى القراءة أو الحديث مع غيرك عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (¬2)» هذا عمل عظيم وفائدة كبيرة. وفي صحيح البخاري رحمه الله عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384).

والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (¬1)» هذا خير عظيم وفضل كبير فلا ينبغي للمؤمن أن يضيع هذا الخير العظيم. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

س: إذا دخل الإنسان المسجد والمؤذن يؤذن، هل يمكث حتى يؤذن المؤذن ويصلي تحية المسجد أم يصليها والمؤذن يؤذن (¬1)؟ ج: الأفضل أنه يقف حتى يكمل الأذان يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (¬2)» وهذا أمر وأقل أحواله التأكد والسنية، لأنه صلى الله عليه وسلم إذا سمع الأذان أجاب المؤذن كلمة كلمة إلا في الحيعلة يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. وجاء في حديث عمر رضي الله عنه أن العبد إذا أجاب المؤذن في كلماته إلا في الحيعلة يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله ثم يكبر ثم يقول مثله: لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة. وهذا فضل عظيم ما ينبغي له أن يفوته فإذا فرغ من إجابة المؤذن يصلي تحية المسجد هذا هو الأفضل، وهذا هو السنة ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 34. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384).

حتى يجمع بين السنتين: سنة الإجابة للمؤذن، وسنة تحية المسجد.

س: م. ع. ب.، إذا دخل المسلم إلى المسجد وعند وصوله إلى الصف شرع المؤذن في الأذان، فهل على المسلم أن يبدأ بأداء تحية المسجد أم ينتظر واقفا حتى يفرغ المؤذن حتى يتابعه ويحصل على فضل المتابعة وخاصة الأذان الأول من يوم الجمعة حيث سوف يؤدي تحية المسجد أثناء خطبة الإمام، وقد يفوته بعض الخطبة؟ نرجو إفادتنا لأن كثيرا من الناس يتشككون عند هذه المسألة (¬1) ج: الأفضل لمن دخل المسجد وشرع المؤذن في الأذان أنه يقف حتى يجيب المؤذن، ثم يصلي تحية المسجد هذا هو الأفضل إذا تيسر ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (¬2)» هكذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام، فالسنة لك أيها الداخل أن تقف وأن تجيب المؤذن، ثم تصلي ركعتين إذا تيسر ذلك، وإذا كان يشق عليك لأن المؤذن يطول، أو لأنك لا تتحمل الوقوف تبدأ بالركعتين ولا ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 7. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384).

حرج - والحمد لله - ثم تجيب المؤذن بعد ذلك إذا أمكنك إذا انتهيت منها والمؤذن لا يزال يؤذن تجيب المؤذن - والحمد لله - أما أن تجلس فلا ينبغي لك الجلوس حتى تؤدي الركعتين، إما بعد الفراغ من الأذان حتى تجمع بين المصلحتين والفضيلتين وإما أن تبدأ بالركعتين وتترك الاستجابة للمؤذن ولا حرج عليك، وأن تجمع بين المصلحتين وتتحمل الوقوف حتى تجمع إجابة المؤذن وصلاة الركعتين فهذا هو الأفضل لك، وهو الأحسن إذا تيسر ذلك.

س: يسأل السائل ويقول: إذا دخلت المسجد والمؤذن ينادي للصلاة هل أصلي ركعتين تحية للمسجد أم أنتظر حتى ينتهي المؤذن من الأذان (¬1)؟ ج: الأفضل أن تجيب المؤذن، تنتظر تجيب المؤذن ثم تصلي ركعتين حتى تجمع بين الحسنيين وبين الفضيلتين، وبين الأمر المشروع، تبدأ بالأذان، تجيب المؤذن، ثم تصلي ركعتين. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم 431.

حكم متابعة الأذان وهو في الصلاة

153 - حكم متابعة الأذان وهو في الصلاة س: إذا كنت أصلي وسمعت الأذان، هل أكمل صلاتي أم أعيدها أم أقف حتى انتهاء الأذان (¬1)؟ ج: المصلي يستمر في صلاته ولا يجيب المؤذن لأن المصلي مشغول بالصلاة، إذا أذن المؤذن وأنت في الصلاة تكمل الصلاة ولا تجيب المؤذن وإذا كانت فريضة لا يصليها إلا بعد التحقق من دخول الوقت، إذا كان في البيت مريض مثلا أو كان له مانع من الصلاة مع المسلمين في المساجد من خوف أو مرض فإنه يصلي بعد دخول الوقت ولو بعد ما أذن؛ لأن بعض المؤذنين يؤخر الأذان ويفوت بعض الوقت، فإذا تحقق أن الوقت دخل ساغ له أن يصلي فريضة، وإن كان لم يسمع أذانا كالذي في بيت بعيد عن المؤذنين، أو يكون خائفا أو مسافرا لا يسمع الأذان إذا تحقق من الوقت صلى لكن المسافر يسن له أن يؤذن قبل الصلاة إذا تحقق الوقت يؤذن ثم يقيم ويصلي لكن لو كان في البلد ليس له أن يصلي إلا بعد دخول الوقت، وإذا دخل الوقت وعلمه جاز له أن يصلي ولو لم يسمع الأذان. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم 35.

س: إذا سمعت الأذان وأنا في صلاة هل أردد مع المؤذن (¬1)؟ ج: إذا سمعت الأذان وأنت في صلاة فلا تجيبيه لأنك مشغولة بالصلاة وإنما يجيب المؤذن من كان خارج الصلاة. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 286.

حكم متابعة المؤذن أثناء قضاء الحاجة

154 – حكم متابعة المؤذن أثناء قضاء الحاجة س: يقول السائل: إذا كنت في دورة المياه وسمعت المؤذن، هل أقول كما يقول مع العلم أن ذلك في السر، وإذا كنت أذكر الله في سري في دورة المياه هل هذا ممنوع (¬1)؟ ج: لا يشرع لك ذلك في دورة المياه، ولكن في قلبك لا بأس من دون تلفظ والإنسان في قلبه يستحضر هذا الذكر العظيم لا بأس، وإن كان على حاجته يستذكر حاجات دينية؛ معاني القرآن، معاني الأحاديث لا حرج، إنما المكروه التلفظ. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 238.

س: الأخ م. م، يقول: ماذا يجب على الشخص إذا كان في الخلاء وسمع الأذان، هل يردد في قلبه ثم يدعو بعد انتهاء المؤذن

دعاء: اللهم رب هذه الدعوة التامة (¬1)؟ ج: في قضاء الحاجة لا يردد ولا يجيب المؤذن وإذا خرج من الخلاء من الغائط وأتى بالأذكار الشرعية فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 432.

بيان الدعاء الوارد بعد الأذان

155 – بيان الدعاء الوارد بعد الأذان س: كثير من الإخوان يسألون هذا السؤال وهو الدعاء الوارد بعد الأذان وهل هناك أدعية بعد أن يتم المؤذن أذانه (¬1)؟ ج: النبي صلى الله عليه وسلم أوصى في ذلك قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (¬2)» هذا السنة، وقال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 428. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384).

المقام المحمود الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (¬1)» فينبغي للمؤمن إذا سمع النداء أن يجيب المؤذن مثله: الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله. كذلك: حي على الصلاة، لا حول ولا قوة إلا بالله، حي على الفلاح لا حول ولا قوة إلا بالله. الصلاة خير من النوم، يقول مثلها: الصلاة خير من النوم. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. مثله سواء بسواء، وهكذا في: قد قامت الصلاة. يقول مثله: قد قامت الصلاة. في الإقامة، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. زاد البيهقي في إسناد زيادة: إنك لا تخلف الميعاد. وفي لفظ: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، هذا أفضل ما ورد أكمل ما ورد. وإن قال: اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. هو صحيح ثابت عن النبي أيضا هذا فإذا صلى على النبي بأي نوع من الصفات الواردة فقد فعل السنة، ولو قال: اللهم صل على نبيا محمد - فقط - اللهم رب هذه الدعوة التامة. فلا بأس لكن إذا كملها فهو أفضل. س: يقول: ما هو الدعاء الثابت في السنة بعد الأذان يا سماحة الشيخ؟ ج: يجيب المؤذن، وبعد الأذان يصلي على النبي يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد إلى آخره. ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. هذا المشروع ويقول: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، عند الشهادتين مع إجابة المؤذن للشهادتين بقولهما.

مسألة في الأدعية التي تقال بعد الأذان

156 - مسألة في الأدعية التي تقال بعد الأذان س: ما هي الأدعية التي تقال بعد الأذان وبعد الصلاة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 354.

ج: بعد الأذان أولا يجيب المؤذن مثل قوله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (¬1)» فالمشروع للمؤمن والمؤمنة عند سماع الأذان أن يقول مثل قوله: الله أكبر. يقول: الله أكبر. أشهد أن لا إله إلا الله. يقول: أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدا رسول الله. يقول مثله: أشهد أن محمدا رسول الله. عند الحيعلة يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. إذا قال: حي على الصلاة. يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. وعند: حي على الفلاح. يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم يقول: الله أكبر الله أكبر. عند قوله: الله أكبر. ثم يقول: لا إله إلا الله. عند ختام الأذان مثل المؤذن، ثم يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. وإن اختصر وقال: اللهم صل وسلم على رسول الله. فأرجو أن هذا ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384).

يكفي ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته. هكذا رواه البخاري في الصحيح زاد البيهقي: إنك لا تخلف الميعاد. هذا الذكر الشرعي بعد الأذان، يقول مثل قول المؤذن إلا في الحيعلة يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. وبعد الفراغ يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة - يعني نبينا - والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. ويقول عند الشهادتين: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا عند قول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله. يأتي بالشهادتين ويقول معها: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا. لأنه ورد في الصحيح من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي عليه السلام قال «من قال حين يجيب المؤذن عند الشهادة: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا غفر له ذنبه (¬1)». يعني عند الشهادتين عند قول: أشهد أن لا إله إلا الله. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم الصلاة (386)، سنن الترمذي الصلاة (210)، سنن النسائي الأذان (679)، سنن أبي داود الصلاة (525)، سنن ابن ماجه الأذان والسنة فيه (721)، مسند أحمد (1/ 181).

بيان معنى: 'آت محمدا الوسيلة

157 – بيان معنى: "آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته" س: بعض الناس يأتون مبكرين إلى المسجد، فإذا أذن المؤذن أخذنا نتابعه، ثم إننا نسمع كثيرا من الجماعة من يقول بعد أن يفرغ المؤذن من أذانه: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته في الجنة. هل ذلك صحيح أم لا (¬1)؟ ج: المحفوظ عن النبي عليه الصلاة والسلام ما فيه ذكر الجنة، يقول عليه الصلاة والسلام: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (¬2)» هذا رواه البخاري في الصحيح عن جابر رضي الله عنه زاد البيهقي في آخره: «إنك لا تخلف الميعاد (¬3)» وهي زيادة لا بأس بها أما زيادة الجنة فلا أصل لها ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 35. (¬2) سبق تخريجه. (¬3) سبق تخريجه.

فيما نعلم وهذه الأمور توقيفية ليس لأحد أن يأتي بشيء من عنده مسألة جواب المؤذن وغيره من العبادات أمور توقيفية ليس للناس أن يزيدوا شيئا من عند أنفسهم، بل يكتفوا بما جاء في النص، ولا يزيدون عليه، هذا هو الواجب. والوسيلة منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو. عليه الصلاة والسلام فالداعي والمؤذن بعد الأذان يدعو بالدعاء كما أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام، ولا يزيد شيئا ولا ينقص شيئا، هذا هو السنة، أما مسألة الشفاعة فذلك هو المقام المحمود، الشفاعة العظمى، هذا هو المقام المحمود، الله أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم يشفع للناس حتى يقضى بينهم يوم القيامة بعدما يسجد عند ربه ويحمده ويثني عليه، ثم يؤذن له، فإذا أذن له بالشفاعة شفع عليه الصلاة والسلام حتى يقضى بينهم في الموقف العظيم، وهكذا يشفع لأهل الجنة بدخولهم الجنة؛ هاتان خاصتان للرسول عليه الصلاة والسلام، وأما هنا طلب الوسيلة للرسول عليه الصلاة والسلام، وهي منزلة رفيعة في الجنة لا تنبغي لغيره عليه الصلاة والسلام وقد وعده الله إياها، وعند ذكر إجابة المؤذن مناسب أن نذكر أنه يستحب أيضا عند الشهادتين أن تقول: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا. إذا قال المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله. يقول المستمع مثله ثم يقول عند

ذلك: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا. لأنه ورد في الحديث الصحيح عن سعد بن أبي وقاص في صحيح مسلم أن من قال ذلك غفر له ذنبه، فيستحب أن يقال هذا عند الشهادتين: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا. عليه الصلاة والسلام كذلك يستحب أن يقول بعد الإقامة مثل ما يقول بعد الأذان؛ لأنها أذان، لأنه جاء في الحديث: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (¬1)» فالأذانان هما الأذان والإقامة، فالإقامة أذان ثان والأذان أذان أول، يستحب أن يقول بعد الإقامة مثل ما يقول في الأذان، وأما قول بعض الناس: أقامها الله وأدامها. أو اللهم أقمها وأدمها. عند قوله: قد قامت الصلاة. فهذا لم يكن من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما جاء في حديث ضعيف: أقامها الله وأدامها. ولكن المستحب أن يقول: قد قامت الصلاة. مثل المؤذن سواء وأما كلمة: أقامها الله وأدامها. فلم تحفظ ولم تثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام، فالأولى تركها، وأن يقول بدلها: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة. مثل ما يقول المؤذن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

«إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (¬1)» فنحن نقول مثلما يقول المؤذن إلا في الحيعلة فإنه يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا حول ولا قوة إلا بالله؛ لأن هذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يقول ذلك، ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه في الحيعلة: حي على الصلاة، حي على الفلاح، يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. أما بقية الأذان فإنه يقول مثل ما يقول المؤذن وهكذا الإقامة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384).

حكم ترديد الأذان مع المؤذن

158 – حكم ترديد الأذان مع المؤذن س: إنني كنت وعندما أسمع أي أذان أدعو الله وأطلبه وأؤدي الصلوات الخمس تقريبا جماعة، وبعد صلاة الفرض كنت أدعو لمدة عشر دقائق، ثم كمل صلاة السنة، ولكن عندما فتحت المدرسة لم أستطع أن أستمر على ذلك، فقد كنت عند ما أسمع صوت الأذان منهمكا في حفظ أو قراءة ما ولا أقدر أن أترك ما في يدي، وأدعو الله، كما أنني بعد صلاة الفرض لم أكن أدعو بل أصلي صلاة السنة المباشرة، فهل أنا معاقب على

ذلك أم لا (¬1)؟ ج: السنة للمؤمن إذا سمع الأذان أن يجيب المؤذن، وأن يقول كما يقول المؤذن كما أمر به النبي عليه الصلاة والسلام قال عليه الصلاة والسلام: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (¬2)» فالسنة لك يا أخي ولغيرك ممن يسمع الأذان أن يجيب المؤذن بمثل قوله، فإذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر. فليقل مثل ذلك، وإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله. يقول مثله، وإذا قال: أشهد أن محمدا رسول الله. يقول مثله، ويقول عند الشهادتين: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا عليه الصلاة والسلام. وإذا قال المؤذن: حي على الصلاة حي على الفلاح. يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله عند كل كلمة كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام فإذا قال: الله أكبر الله أكبر. قال مثله، فإذا قال: لا إله إلا الله. قال مثله قال النبي صلى ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 11. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384).

الله عليه وسلم في مثل هذا إنه إذا قال هذه الكلمات من قلبه دخل الجنة. هذا فضل عظيم، فينبغي لك أن لا تفرط في هذا الخير، من سمع النداء يقول مثل المؤذن سواء كان السامع رجلا أو امرأة، السنة للجميع إجابة المؤذن بمثل قوله إلا في الحيعلتين يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم بعد الفراغ يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته. هكذا جاء الحديث. وفي حديث عمر رضي الله عنه عند مسلم أن من قالها دخل الجنة. فهذا فضل عظيم في إجابة المؤذن، ويقول عند الشهادتين إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله. يقول عند ذلك: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا عليه الصلاة والسلام. جاء في الحديث في هذا المقام عن سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مثل هذا: «من قال حين يسمع الشهادة: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا (¬1)». قال: غفر له ذنبه. وهذا يدل على فضل هذه الكلمات عند إجابة المؤذن الشهادتين، يقول عند ذلك: رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وأن هذا من أسباب المغفرة، أما الدعاء فيستحب الدعاء بين الأذان والإقامة. جاء في الحديث أن الدعاء بين الأذان والإقامة لا ¬

_ (¬1) صحيح مسلم الصلاة (386)، سنن الترمذي الصلاة (210)، سنن النسائي الأذان (679)، سنن أبي داود الصلاة (525)، سنن ابن ماجه الأذان والسنة فيه (721)، مسند أحمد (1/ 181).

يرد، فيدعو بما يحب، ولذا يستحب للمؤمن أن يكثر الدعاء بين الأذان والإقامة، وأنت يا أخي أيها السائل إذا سمعت الأذان فينبغي لك أن تهتم بالإجابة وأن تذهب بعد ذلك إلى المسجد وأن تدع شغلك الذي في يدك، تدع الشغل الذي بيدك إلى ما بعد الصلاة، تذهب إلى الصلاة وتصلي ما شرع الله لك بعد الأذان، وتستعد لأداء الفريضة، والصلاة قبل الفريضة سنة، فقد تكون راتبة مثل سنة الظهر أربع قبل الصلاة، وقد تكون نافلة ليست راتبة مثل أربع قبل العصر وثنتين قبل المغرب، وثنتين قبل العشاء هذه مستحبة وليست رواتب، ثم تصلي بعد الفرائض ثنتين بعد الظهر، وإن صليت أربعا فهو أفضل، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح، هذه كلها رواتب تفعلها بعد الصلوات، وبعد الذكر؛ لأن بعض الناس إذا سلم قام يؤديها حالا هذا خلاف السنة، بل الأفضل والسنة أنه بعدما يسلم يقول: أستغفر الله - ثلاث مرات - ثم يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم يدعو الله يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة إلا بالله لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت،

ولا ينفع ذا الجد منك الجد. ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يأتي بهذا الذكر بعد الصلوات الخمس هذه الأذكار ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يأتي بها أما الاستغفار ثلاثا و: اللهم أنت السلام. إلى آخره، هذا ثابت من حديث ثوبان عند مسلم وأما الأذكار الأخرى التي سمعت فقد ثبتت، بعضها من حديث المغيرة في الصحيحين وبعضها من حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنه عند مسلم فينبغي للمصلي أن لا يدعها رجلا كان أو امرأة وأنا أعيدها، بعد الفرائض الخمس إذا سلم الإمام والمنفرد والمأموم إذا سلم يقول كل واحد: أستغفر الله - ثلاثا - اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. هذا يقوله الإمام والمأموم والمنفرد بعد السلام ثم ينصرف الإمام للناس بعد ذلك يعطيهم وجهه ثم يقول كل واحد بعد ذلك: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا حول ولا قوة إلا بالله لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد. ومعنى ذلك: لا ينفع ذا الغناء والحظ منك غناؤه وحظه، بل الكل فقراء إلى الله سبحانه وتعالى كلهم فقراء إلى الله، فلا مانع لما

أعطى الله ولا معطي لما منع الله، ولا ينفع ذا الغنى غناؤه بل الكل فقراء إلى الله عز وجل، ثم بعد هذا يسبح الله ثلاثا وثلاثين ويحمد الله ثلاثا وثلاثين ويكبر الله ثلاثا وثلاثين سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، كل هذا مستحب قبل أن يأتي بالدعوات التي أشار لها السائل، ثم يقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (¬1) هذا أفضل، إلى قوله: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (¬2) هذه آية الكرسي، ثم يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3) والمعوذتين بعد كل صلاة، الظهر والعصر والمغرب والعشاء، هذا أفضل، وفي المغرب يكررها ثلاثا: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬4) والمعوذتين يكررها ثلاثا، المغرب والفجر يكرر: قل هو الله أحد، والمعوذتين ثلاث مرات، هذا هو الأفضل، وإن قام ولم يأت بهذا فلا حرج عليه لكن هذا هو الأفضل وإن دعا بعد هذا دعا بينه وبين ربه خاصة من دون رفع يدين بينه وبين ربه من دون رفع ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 255 (¬2) سورة البقرة الآية 255 (¬3) سورة الإخلاص الآية 1 (¬4) سورة الإخلاص الآية 1

يدين سرا بينه وبين الله فلا بأس إذا دعا بعد هذا الذكر أما إنه من حين يسلم يدعو أو يرفع يديه فهذا لا أصل له، ولكن من حين يسلم يشتغل بالذكر الشرعي فإذا دعا بعد ذلك بينه وبين نفسه بينه وبين ربه من دون رفع يدين فلا بأس بذلك ولا حرج في ذلك، وإن ترك هذا وقام ولم يجلس للدعاء ولم يأت بالذكر جاز ذلك، لكن ترك الأفضل، السنة أن يأتي بهذه الأذكار بعد كل فريضة تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، وهذه مهمة ينبغي للمؤمن أن يلاحظها أنا شاهدت بعض الناس ولا سيما في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم نهض في الحال يصلي الراتبة، وهذا خلاف السنة بل السنة أن يبقى يذكر الله ويأتي بهذه الأذكار ثم بعد هذا يقوم فيأتي بالسنة بعد ذلك، لا يعجل بل ينبغي أن يفهم هذا جيدا وينبغي لكل من سمع هذا الدرس أن يبلغه غيره أرجو من إخواني السامعين لهذا الدرس أن يبلغ كل واحد غيره هذه الفائدة؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى ومن باب التواصي بالحق والصبر عليه، ومن باب الدعوة إلى الله عز وجل، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.

حكم الدعاء بين الأذان والإقامة

159 - حكم الدعاء بين الأذان والإقامة س: هل هناك دعاء بين الإقامة والأذان (¬1)؟ ج: لا نعلم شيئا في ذلك واردا فإذا دعا بشيء فلا حرج لكن ليس هناك شيء مسنون، فإذا دعا بشيء فلا حرج عليه، ويعتبر من السنن التي يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 328.

حكم الدعاء المأثور بعد الأذان للمؤذن

160 - حكم الدعاء المأثور بعد الأذان للمؤذن س: أنا مؤذن، هل يلزمني بعد الأذان الدعاء المأثور أم أنه لا يجب على المؤذن (¬1)؟ ج: الدعاء ليس بواجب، بل هو سنة للمؤذن وغير المؤذن، الدعاء سنة، فهو مستحب وليس واجبا للمؤذن بعد فراغه من الأذان ولغيره، فالمؤذن بعد الفراغ يقول: اللهم صل وسلم على رسول الله. أو: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد. ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم 311.

إنك لا تخلف الميعاد. وهكذا كل مسلم سمع الأذان يقول هذا وهكذا كل مسلمة يستحب أن تقول هذا. يعني من سمع الأذان من رجل أو امرأة يجيب المؤذن يقول مثل قول المؤذن إلا عند الحيعلة يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. عند: حي على الصلاة حي على الفلاح. يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. أما البقية فيقولون مثله، إذا قال: الله أكبر. يقول: الله أكبر. وإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله. يقول: أشهد أن لا إله إلا الله. وهكذا ثم بعد الفرض يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (¬1)» رواه البخاري في صحيحه، زاد البيهقي في آخره: «إنك لا تخلف الميعاد (¬2)» بإسناد حسن. وفي الحديث الآخر قال بعض الناس: يا رسول الله إن المؤذنين يقولونها. قال: «قل ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) سبق تخريجه.

مثل قولهم، ثم اسأل تعط (¬1)». وفي اللفظ الآخر: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، فأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (¬2)» هذا فضل عظيم، فيستحب للمؤمن والمؤمنة إذا سمعا المؤذن أن يجيبا المؤذن بمثل قول المؤذن سواء بسواء إلا عند قول: حي على الصلاة، حي على الفلاح. يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم بعد الفراغ يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم صل وسلم على رسول الله. أو: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. أي نوع من أنواع الصلاة الإبراهيمية تكفي، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. والأفضل أن يزيد: إنك لا تخلف الميعاد. هذا هو الأفضل، وهو سنة وليس بواجب. ¬

_ (¬1) الترمذي الدعوات (3443)، أبو داود الجهاد (2600)، ابن ماجه الجهاد (2816)، أحمد (2/ 7). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384).

بيان فضل قراءة القرآن قبل الأذان وبعده

161 – بيان فضل قراءة القرآن قبل الأذان وبعده س: يا سماحة الشيخ، لو تكرمتم هل القراءة بين الأذان وبين الإقامة أو يستحسن أن تسبق الأذان (¬1)؟ ج: كله خير كله طيب، إن قرأ بين الأذان والإقامة فلا بأس، وإن تحرى الدعاء وترك القراءة فلا بأس؛ لأن الدعاء بين الأذان والإقامة ترجى إجابته كما في الحديث: «الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد (¬2)» فإذا خص هذه الجلسة بالدعاء بين الأذان والإقامة دعوات جامعة هذا طيب، وترجى إجابته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد (¬3)» وإن اشتغل بالقراءة على وجه لا يؤذي من حوله من المصلين أو يقرأ قراءة هادئة لا يتأذى بها من حوله ولا يشوش على من حوله فكل ذلك حسن - والحمد لله - وإن بكر وقرأ قبل الأذان حصل له فضل السابقة والتبكير للصلاة، ويكون له أجر المسابقة وأجر التبكير ويحصل له مزيد ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 248. (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة، برقم (521). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة، برقم (521).

من الفضل في انتظار الصلاة وفي قراءة القرآن كل هذا له خير عظيم وفضل عظيم.

حكم قراءة بعض الآيات القرآنية قبل البدء بالأذان

162 - حكم قراءة بعض الآيات القرآنية قبل البدء بالأذان س: لدينا مؤذن في المسجد كلما جاء ليؤذن وقتا من الأوقات بدأ بالآية الكريمة: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (¬1) فما حكم ذلك سماحة الشيخ (¬2)؟ ج: هذا غير مشروع، لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، وإنما يبدأ الأذان بـ الله أكبر. ¬

_ (¬1) سورة فصلت الآية 33 (¬2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 358.

س: هل يجوز للمؤذن أن يقرأ قبل الأذان بضع آيات من القرآن وعند انتهاء الأذان يأتي بالدعاء الذي بعد الأذان في مكبرات الصوت؟ وأيضا هل يجوز قراءة القرآن جهرا في مكبرات الصوت والقارئ لا يجيد القراءة والمسجد الذي يقرأ فيه هذا القارئ صغير (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 176.

ج: لا حاجة إلى هذا إنما المشروع الأذان في آخر الليل فقط، أما أنه يقرأ هذا قد يشق على الناس وقد يوقظ النوام، فلا ينبغي هذا ولكن يؤذن الأذان الشرعي قبل الصبح بقليل للتنبيه إذا دعت الحاجة إلى ذلك وإن ترك الأذان الأول فلا بأس، ما هو بلازم، وإنما المهم الأذان الأخير على طلوع الفجر، هذا هو المهم، هذا هو الفرض فرض كفاية، وأما أنه ينبه الناس بالقراءة في المكبرات بدلا من الأذان أو قبل الأذان هذا غير مشروع إنما يقرأ بينه وبين نفسه في المسجد أو في بيته من دون أن يقرأ في المكبر لأن هذا قد يشق على الناس، ولم يفعله سلف الأمة.

حكم الصلاة على النبي

163 - حكم الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام بعد الأذان عبر مكبر الصوت س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان في مكبرات الصوت (¬1)؟ ج: السنة بعد الأذان قفل المكبر إذا قال: لا إله إلا الله. انتهى الأذان، يقفل المكبر وأن تكون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالصوت ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 290.

العادي بعد ذلك من غير أن يكون في المكبر؛ لأن السنة أن المؤذن يجاب، يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (¬1)» يعني يقول مثله: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله. إلى آخره، إلا: عند حي على الصلاة. يقول: لا حول ولا قوة إلا الله. وعند: حي على الفلاح. يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم يقول بعد هذا: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان مؤذنا بعد قفل المكبر لا يصلي مع الأذان يصلي بعد انتهاء الأذان بقوله: لا إله إلا الله. ويقفل المكبر ثم يصلي على النبي يصلي عليه بالصوت العادي الذي يسمعه من حوله ثم يكمل ويصلي على النبي ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. هكذا جاء في الحديث الصحيح أن السنة للمسلم أن يقول هذا بعد الأذان. رواه البخاري في صحيحه لكن بغير زيادة: إنك لا تخلف الميعاد. وهذه الزيادة رواها البيهقي بسند جيد، والمؤمن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم المؤذن والمستمع بعد الأذان بعد فراغ الأذان لكن ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384).

المؤذن لا يقولها مع الأذان بل يقفل المكبر ثم يقولها بالصوت العادي.

س: تقول السائلة: إن كثيرا من المؤذنين بعد قولهم: لا إله إلا الله في نهاية الأذان يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم، فهل هذا بدعة (¬1)؟ ج: إذا فرغ المؤذن من الأذان ينتهي إذا قال: لا إله إلا الله. يقفل الميكرفون لا يزيد شيئا، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ عادي يسمعه من حوله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي؛ فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، فأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (¬2)» فالصلاة على النبي ليست من ألفاظ الأذان، الأذان ينتهي عند: لا إله إلا الله. والمجيب يقول: لا إله إلا الله. ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم لكن من دون رفع صوت زائد على العادة، بالصوت العادي، والمؤذن كذلك إذا فرغ يأتي بصوت عادي ليس بصوت الأذان، بل بعدما يسكت يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 273. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384).

بصوت عادي، وإن كان في غير الميكرفون لا يرفع صوته بعد: لا إله إلا الله. لئلا يظن هذا من الأذان، الأذان انتهى عند: لا إله إلا الله. فالمجيب يقول: لا إله إلا الله. والأفضل فقط، لا يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وإنما يقول فقط مثلما قال المؤذن، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (¬1)» فإذا قال: لا إله إلا الله. يتبعها بقوله: اللهم صل وسلم على رسول الله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته. هكذا روى البخاري في الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (¬2)» زاد البيهقي رحمه الله بإسناد جيد: «إنك لا تخلف ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). (¬2) سبق تخريجه.

الميعاد (¬1)» فالمقصود أن هذا هو المشروع بعد الأذان للمؤذن والناس جميعا يقولون بعد الأذان إذا كملوا: لا إله إلا الله. يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقولون بصوت عادي: اللهم رب هذه الدعوة التامة - يعني دعوة الأذان - والصلاة القائمة - يعني التي ستقوم قريبا - آت محمدا - يعني نبينا محمدا - الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. هذه الزيادة ثبتت من رواية البيهقي رحمه الله، وبعضهم يزيد: الدرجة الرفيعة. وهذه ليست في الحديث، والدرجة الرفيعة هي الوسيلة، اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة. الوسيلة والفضيلة هي الدرجة الرفيعة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله فأرجو أن أكون أنا هو (¬2)» اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد. هذا يقال: بعد الأذان وبعد الإقامة أيضا. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) سبق تخريجه.

س: ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان (¬1)؟ ج: الصلاة على النبي بعد الأذان سنة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما قالوا له: يا رسول الله، إن المؤذنين يغبنوننا. قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي؛ فإنه من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (¬2)» رواه مسلم في الصحيح. وفي صحيح البخاري رحمه الله عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (¬3)» هذا فضل عظيم، زاد البيهقي بإسناد صحيح: «فإنك لا تخلف الميعاد (¬4)» المقصود أن ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 222. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). (¬3) سبق تخريجه. (¬4) سبق تخريجه.

الصلاة عليه في جميع الأوقات مستحبة فيها خير عظيم، قال الله جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (¬1) ويقول صلى الله عليه وسلم: «رغم أنف امرئ ذكرت عنده ولم يصل علي (¬2)» صلى الله عليه وسلم، ويصلي عليه في آخر الصلاة بعد التشهد الأول وبعد التشهد الأخير، يقال: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. في التشهد الأخير، وقد أوجب ذلك جمع من أهل العلم، وقال بعضهم: إن ذلك ركن، أما التشهد الأول فيستحب على الصحيح استحبابا، ثم يقوم إلى الثاني، المقصود أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عبادة مشروعة بعد الأذان وفي التشهد الأول والتشهد الأخير، وبعد ذكره عليه الصلاة والسلام، وفي جميع الأوقات. ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب الآية 56 (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب قول رسول الله رغم أنف رجل، برقم (3545).

س: هل يجوز قول: وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وذلك بعد الانتهاء من الأذان (¬1)؟ ج: السنة أن يصلي على النبي بعد الأذان اللهم صل على سيدنا. أو: اللهم صل على محمد. أو: على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه. وان أتى بالصلاة المشروعة كاملة اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. هذا أكمل، ثم يقول اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا _ أو آت نبينا محمدا _ الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. هذا رواه البخاري في الصحيح دون قوله: إنك لا تخلف الميعاد. لكن هذه الزيادة زادها البيهقي بإسناد صحيح. وإن قال: على سيدنا. فلا حرج، النبي كرهه لما خوطب به: أنت سيدنا. والآن لا يخاطب بهذا، لأنه توفي عليه الصلاة والسلا م فلا عليه لو قال: على سيدنا محمد أو سيدنا محمد، لا حرج في ذلك هو سيد ولد ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 377.

آدم، يقول صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر (¬1)» اللهم صل عليه وسلم، هو خير البرية عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الفضائل، باب تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق، برقم (2278).

حكم الزيادة على الأذان بقول: 'أشهد أن عليا ولي الله'

164 – حكم الزيادة على الأذان بقول: "أشهد أن عليا ولي الله" س: تسال الأخت وتقول: لدينا في بعض جوامع قطرنا عندما يؤذنون للصلاة يقولون: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، وأشهد أن عليا ولي الله حقا وحجة الله. ثم يكملون الأذان، ونسأل: هل صحيح ما يقولون علما بأننا نسمع أذانا على صورة أخرى مختلفة عما سمعنا (¬1)؟ ج: الأذان الشرعي المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه هذه الزيادة، وأشهد أن عليا ولي الله أو حجة الله، هذه الزيادة بدعة لا تجوز، والمحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 108.

أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. هذا المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه وهو الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم بلالا وعلمه أبا محذورة في مكة، وهذا هو الثابت في كتب الصحاح كتب الأحاديث الصحيحة، وإن زادوا فيه في أذان الفجر: الصلاة خير من النوم. الأذان الذي على الصبح الذي بعده الصلا ة يزاد فيه. الصلاة خير من النوم، الصلا ة خير من النوم. بعد قوله: حي على الفلاح. وقبل قوله: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. يعني في آخره بعد الحيعلتين، يقول: الصلا ة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. ثبت هذا أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن زيد وفي حديث أنس وغيرهما وأما زيادة: أشهد أن عليا ولي الله فهذه بدعة وليست ثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا عن أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، وهكذا ما يزاد في بعض الأذان عند بعض الشيعة: حي على خير العمل. كذلك هذا لا أصل له، كلها بدعة، والواجب على الشيعة وعلى غير الشيعة أن يلتزموا بالأذان النبوي الذي ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلا م، وأن لا يزاد فيه: أشهد أن عليا ولي الله ولا حجة الله. ولا يزاد فيه: حي على خير العمل. كل هذا منكر

وبدعة، فالواجب على جميع المسلمين أن يلتزموا بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأذان وفي غيره، ولهذا قال عليه الصلاة والسلا م: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)» يعني فهو مردود وقال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)» وهذا يعم المحدثات في الأذان وفي الصلاة وفي الصيام وفي الحج وفي غير ذلك، نسأل الله لجميع المسلمين التوفيق والهداية. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬2) سبق تخريجه.

حكم التواشيح قبل أذان الفجر

165 – حكم التواشيح قبل أذان الفجر س: هل تجوز التواشيح قبل أذان الفجر، مثل قول: يا مليح الوجه، يا كريم الأخلاق. يا سيدي يا رسول الله. وجهونا في ضوء هذا السؤال، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذه التواشيح التي ذكرها السائل بدعة لا تجوز، بل السنة للمؤذن في الصبح وغيرها أن يبدأ بقوله: الله أكبر. ولا يكون قبله تواشيح ولا قراءة خاصة ولا كلام خاص بل الأذان مستقل أن يبدأه يقول: الله أكبر، وينهيه ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 377.

بـ: لا إله إلا الله. ولا يكون قبله شيء خاص، لا تواشيح ولا غيرها.

حكم الزيادة على الأذان ببعض الآيات أو الأدعية

166 – حكم الزيادة على الأذان ببعض الآيات أو الأدعية س: ما حكم الإسلام فيمن يضيف إلى النداء للصلاة شيئا من تلاوة القرآن أو بعض الألفاظ الأخرى عبر مكبرات الصوت حيث إن هذه الظاهرة منتشرة في كثير من المناطق، وأكثر ما تكون في شهر رمضان قبل وقت الفجر وفي أي وقت أرادوه من الليل، وفي مثل هذه الحالة تتكاثر الأصوات من جميع نواحي المنطقة مما يؤثر ذلك على السكان، فهل هذه الأفعال صحيحة أو لا؟ أفيدونا أفادكم الله (¬1) ج: هذا شيء لم يشرع بل هو بدعة، والواجب على المؤذن ألا يضيف شيئا إلى الأذان لا قبله ولا بعده، فلا يقرأ قبل الأذان ولا يقول كلاما قبل الأذان ولا بعد الأذان، يرفع صوته بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو بغير ذلك، لا بل يؤدى الأذان كاملا يبدؤه بقوله: الله أكبر. وينهيه بقول: لا إله إلا الله. فلا يأتي بشيء قبله ولا يأتي بشيء ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 75.

بعده لأن ذلك من البدع، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)» يعني مردود على صاحبه خرجه مسلم في الصحيح وعلقه البخاري جازما به عن عائشة رضي الله عنها، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)» أي مردود ولم يكن بلال ولا غيره في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يأتي بشيء قبل الأذان ولا بعد الأذان فإذا قال: لا إله إلا الله. ينتهي وفي الأول يبدأ الله أكبر يبدأ الأذان بهكذا لا يتكلم بشيء قبل هذا فلا يقول صلوا. أو: سبحان الله. أو ما أشبه ذلك أو يقرأ قبل الأذان لا ولا بعد الأذان إذا قال: لا إله إلا الله. يقول: اللهم صل وسلم على رسول الله. ويجهر بذلك في المكبر لا بل يقفل المكبر ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين نفسه وإن سمعه من حوله فلا بأس، لكن يقفل المكبر لأن هذا ليس تابعا للأذان فيقول بعد الأذان بينه وبين نفسه ولا مانع من أن يسمعه من حوله ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا صلى ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬2) سبق تخريجه.

الله عليه وسلم الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد. كما جاء في الحديث فقد روى البخاري في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (¬1)» زاد البيهقي رحمه الله بسند جيد: «إنك لا تخلف الميعاد (¬2)» وفي مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (¬3)» هذا هو المشروع للمؤمن لكن بعد انتهاء الأذان يقفل المكبر ثم يأتي بهذا وهكذا قبله لا يتكلم بشيء والخلاصة أن الأذان يبدأ بـ: الله أكبر. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) سبق تخريجه. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384).

وينتهي بـ: لا إله إلا الله. فمن زاد معه شيئا يرفع به صوته أو في المكبر فقد أتى بدعة فينكر عليه ويعلم.

س: هل شرع الرسول صلى الله عليه وسلم بعد إكمال الأذان أن يقول المؤذن بصوت عال كالأذان: الحمد لله رب العالمين. {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (¬1) هل يجوز مثل هذا العمل (¬2)؟ ج: هذا العمل الذي ذكره السائل منكر وبدعة، وليس للمؤذن أن يقول بعد الأذان: الحمد لله. مع صوت الأذان بالمكبر أو: صلوا على رسول الله. أو يقرأ الآية كل هذا بدعة بل متى قال: لا إله إلا الله. فإنه يقفل المكبر ولا يزيد شيئا وإذا كان بغير مكبر كذلك لا يزيد شيئا، لا يبتدع آخر الأذان، ولا إله إلا الله، هذا آخر الأذان، فمن زاد معها شيئا كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أو حمدا لله. فقد ابتدع ولكن يشرع له بعد ذلك من غير رفع صوت مع الأذان ولا برفع صوت مع المكبر وإنما يشرع له أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بينه ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب الآية 56 (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم 195.

وبين نفسه، ولو سمعه من حوله ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. يشرع له أن يقول هذا وهكذا الناس الذين سمعوا الأذان يشرع لهم أن يجيبوه، يقولون مثل قول المؤذن إلا في الحيعلة يقولون: لا حول ولا قوة إلا بالله. فإذا قال في آخر الأذان لا إله إلا الله. صلى على النبي صلاة خفية ليست مع الأذان بل يصلي على النبي مثلما يصلي غيره، ثم يقول اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. فالمستمع يقول والمؤذن يقول، وليس لواحد منهم أن يجعلها مع الأذان لا المؤذن ولا غير المؤذن بل الأذان ينتهي عند قول المؤذن: لا إله إلا الله. انتهى. فإذا أراد أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم يكون بصوت خفي ليس من جنس صوت الأذان ولا مع الأذان ولا في المكبر مع الأذان بل يكون بينه وبين نفسه، أو يسمعه من حوله لا بأس؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا

هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (¬1)» هذا فضل من الله جل وعلا وقال أيضا عليه الصلاة والسلا م: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. حلت له شفاعتي يوم القيامة (¬2)» هذا فضل من الله جل وعلا، فيشرع للمؤمن وللمؤمنة إذا سمعا الأذان أن يقولا مثل قول المؤذن كل منهما الرجل والمرأة، إذا قال: الله أكبر. يقول: الله أكبر. وإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله. قال: أشهد أن لا إله إلا الله. وإذا قال: أشهد أن محمدا رسول الله. قال: أشهد أن محمدا رسول الله. وإذا قال حي على الصلا ة. يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. وإذا قال: حي على الفلاح. يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. هذا مستثنى، لا يقول مثل المؤذن، يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. كما أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا قال: الله أكبر الله أكبر. قال الله أكبر الله أكبر. وإذا قال: لا إله إلا الله. قال: لا إله إلا الله. ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، صلاة ليست مع الأذان بل منفصلة عن ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). (¬2) سبق تخريجه.

الأذان يخفضها ويطفئ المكبر إذا كان مؤذنا وهكذا غير المؤذن لا يرفعها رفعا زائدا مثل الأذان بل يأتي بها بصوت عادي ثم يقول اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. هذا رواه البخاري في الصحيح عن جابر إلا كلمة إنك لا تخلف الميعاد. هذه الزيادة زادها البيهقي بإسناد حسن ولما قيل يا رسول الله، إن المؤذنين يقولونها. قال: «قولوا مثل ما يقولون ثم صلوا علي فإن من صلى علي صلاة واحدة صلى الله بها عليه عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (¬1)» هذا خير عظيم وفضل كبير ينبغي لكل مؤمن ولكل مؤمنة عدم التفريط في ذلك بل يحرص عليه. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه.

حكم قول الصلاة والسلام عليك يا سيدي

167 - حكم قول الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله بعد الانتهاء من الأذان عبر مكبر الصوت س: عندنا في أغلب المساجد يقولون بعد الانتهاء من الأذان وبعد قول لا إله إلا الله. يقولون بصوت مرتفع وفي الميكرفون الصلاة والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله. إلى آخر ما يقولون، ما الحكم في مثل هذا العمل (¬1)؟ ج: هذا غير مشروع بعد الأذان لا في المكبر ولا في غيره، الأذان ينتهي عند لا إله إلا الله. ولا يزيد المؤذن شيئا. لكن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بصوت آخر غير صوت الأذان وهكذا من سمع الأذان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويقول اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. هذا هو المشروع يقول صلى الله عليه وسلم لما قيل له: «إن المؤذنين يغبنوننا. قال عليه الصلاة والسلام: قولوا مثلما يقولون، ثم صلوا علي فإن من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 266.

الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (¬1)» وقال صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته، حلت له الشفاعة (¬2)» رواه البخاري في الصحيح زاد البيهقي بإسناد جيد: «إنك لا تخلف الميعاد (¬3)» وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (¬4)» هذه سنة، فيجيب المؤذن كما قال بصوت منخفض وإذا فرغ يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، لكن بصوت منخفض غير صوت الأذان، ثم يأتي بـ: اللهم رب هذه الدعوة التامة، إلى آخره. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) سبق تخريجه. (¬3) سبق تخريجه. (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384).

س: يسأل ويقول في بلدتنا وجميع القرى المجاورة لنا يقوم المؤذنون بعد الانتهاء من الأذان الشرعي بزيادة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جهرا في الميكروفون بقولهم الصلاة

والسلام عليك يا سيدي يا رسول الله الصلاة والسلام عليك يا حبيب الله. ونحو ذلك كذا مرة يختمون بها الأذان ثم يقولون الصلاة والسلام عليك أيها النبي صلى الله عليك وعلى آلك وأصحابك أجمعين صلى الله عليك والحمد لله رب العالمين. ويقولون ذلك في أذان الظهر والعصر والعشاء وقد قرأت في كتيب صغير اسمه كفاية أهل الإيمان في الصلاة على النبي بعد الأذان وهذا الكتيب يحض على هذه الزيادة في الأذان، ثم قرأت في إحدى المجلات أنه لا يصح ذلك ويجب أن تكون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سرية كما ورد في الحديث وأن الذي يجهر بها هكذا يكون عليه إثم كبير فما الحكم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان سنة مؤكدة للمؤذن والسامعين لكن ليست مع الأذان مع صوت الأذان، بل يجيب المؤذن ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن تكون على هيئة الأذان، بل يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة سرية عادية ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 239.

ليس فيها جهر يسمعها من حوله؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (¬1)» وفي الحديث الآخر يقول عليه الصلاة والسلام: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد (¬2)» فالمؤمن يقول هذا كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقول اللهم رب هذه الدعوة التامة. الخ. وإذا قال هذا حلت له شفاعة النبي يوم القيامة ولكن لا يجهر بها مع الأذان بل يأتي بها سرا كلمات عادية يسمعها من حوله، أما الجهر بها مع الأذان سواء كان بالميكرفون أو بغير الميكرفون فهو بدعة ما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ما كان بلال يفعلها ولا ابن أم مكتوم ولا أبو محذورة ولا غيرهم من ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). (¬2) سبق تخريجه.

المؤذنين عند النبي صلى الله عليه وسلم بل هي بدعة كونه يجهر بها مع الأذان في المكبر أو في غير المكبر يجهر بها مع قول: لا إله إلا الله. هذا بدعة محدثة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)» وقال صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)» فالواجب على المؤمن أن يتقي الله وألا يحدث في عبادته ما لم يأذن به الله، والله ذم قوما فقال سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (¬3) نسأل الله للجميع التوفيق والهداية. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬2) سبق تخريجه. (¬3) سورة الشورى الآية 21

حكم قول: 'على حق يا داعي الله ورسوله' بعد الأذان

168 – حكم قول: "على حق يا داعي الله ورسوله" بعد الأذان س: بعض الناس عندما يستمعون إلى الأذان يقولون بأصوات مرتفعة على حق يا داعي الله ورسوله. فهل هذا القول وارد منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أم هو بدعة؟ وما الدعاء

المأثور في هذه المناسبة (¬1)؟ ج: ليس لهذا أصل، وإنما المأثور أن يجيب المؤذن يقول مثل قول المؤذن إلا عند حي على الصلاة حي على الفلاح. يقول لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم يكمل فيقول الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. مثلما يقول المؤذن، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. هكذا السنة. زاد البيهقي رحمه الله: إنك لا تخلف الميعاد. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي فإن من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (¬2)» فهو فضل عظيم ينبغي للمؤمن أن لا يتركه بل يحرص عليه ويحافظ عليه. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 177. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384).

حكم قول: 'حقا لا إله إلا الله' بعد الأذان

169 – حكم قول: "حقا لا إله إلا الله" بعد الأذان س: بعد أن ينتهي المؤذن وينهي الأذان، بـ: لا إله إلا الله. في بلادنا يقول بعض الناس حقا لا إله إلا الله. فما حكمها؟ وهل ذلكم القول صحيح في ذاته (¬1)؟ ج: نعم قول: إنه حق كلام صحيح، لا إله إلا الله أعظم الحق، فإنه سبحانه المستحق للعبادة وليس هناك إله معبود بحق سواه جل وعلا كما قال سبحانه: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (¬2) ويقول عز وجل: {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} (¬3) ويقول سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬4) فهو إله الحق سبحانه وتعالى ليس هناك إله آخر معبود بحق، بل جميع الآلهة كلها باطلة، كلها معبودة بالباطل كما قال سبحانه: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (¬5) ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 274. (¬2) سورة البقرة الآية 163 (¬3) سورة طه الآية 98 (¬4) سورة الإسراء الآية 23 (¬5) سورة الحج الآية 62

فجميع الآلهة التي يعبدها الناس كلها باطلة إلا الإله الحق سبحانه، وهو الله سبحانه وتعالى، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (¬1)» يكفي أن يقول: لا إله إلا الله. ما هو بحاجة أن يقول: حق لا شك أنه حق لكن يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «قولوا مثلما يقول (¬2)» والمؤذن يقول: لا إله إلا الله. فأنت تقوك مثله: لا إله إلا الله. ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تقول: «اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد (¬3)» هذا هو المشروع للمستمع للأذان، ولا يزيد كلمة: حق. الأفضل تركها، وهي كلمة حق، لكن الأفضل تركها لقوله صلى الله عليه وسلم: «قولوا مثلما يقول (¬4)» يقول مثله الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله. يقول أشهد أن محمدا رسول الله. إلا الحيعلة يقول لا حول ولا قوة إلا بالله. عند حي على ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لم نسمعه، برقم (384). (¬2) سبق تخريجه. (¬3) سبق تخريجه. (¬4) سبق تخريجه.

الصلاة، يقول لا حول ولا قوة إلا بالله. وحي على الفلاح يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. هكذا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول معه: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد.

حكم رفع السبابة عند قول المؤذن لا إله إلا الله

170 – حكم رفع السبابة عند قول المؤذن لا إله إلا الله س: لاحظت عندما تقام الصلاة ويصل المؤذن إلى آخر كلمات الإقامة وهي: لا إله إلا الله. أرى بعض المصلين يقبض أصابع يده اليمنى ويرفع السبابة كذلك أثناء خطبة الجمعة أو أثناء حلقات العلم إذا ردد الإمام أو الخطيب كلمة: لا إله إلا الله. أرى كثيرا من الناس يرفعون سبابة اليد اليمنى فهل ورد ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم (¬1)؟ ج: لا أعلم شيئا في هذا ولا أحفظ أنه ورد شيء في هذه عنه عليه الصلاة والسلام وإنما ورد الإشارة بالسبابة في التشهدين التشهد الأول، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 78.

والتشهد الأخير كان يرفع سبابته عليه الصلاة والسلام إشارة للتوحيد وأما بعد الفراغ من الذكر من الأذان أو الإقامة فلا أحفظ شيئا في هذا إلا أنه صلى الله عليه وسلم شرع للناس أن يجيبوا المؤذن والمقيم، وأن يقولوا بعد الأذان وبعد الإقامة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقولون اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. وقال فيمن فرغ من الوضوء: «من قال حين يفرغ من الوضوء: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء (¬1)» زاد الترمذي رحمه الله: «اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين (¬2)» وهذا بإسناد صحيح، ويشرع أن يقول ذلك بعد الوضوء: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين. جاء في رواية ثم يرفع نظره إلى السماء. لكن لا أحفظ في شيء من الروايات ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء، برقم (234). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما يقال بعد الوضوء، برقم (55).

الإشارة بالسبابة في هذا ولا بعد الإقامة ولا عند الدخول في الصلاة إنما هذا في التشهدين كان يرفع بإصبعه السبابة في التشهد الأول والتشهد الأخير عليه الصلاة والسلام.

حكم رفع اليدين والدعاء بعد الإقامة للصلاة

171 – حكم رفع اليدين والدعاء بعد الإقامة للصلاة س: لاحظت بعض المصلين إذا انتهى المؤذن من إقامة الصلاة رفع يديه ودعا وذلك قبل تكبيرة الإحرام، فهل ورد ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم (¬1)؟ ج: ليس لهذا أصل ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بشيء بين الإقامة وبين الدخول في الصلاة ولم يحفظ عنه أنه رفع يديه في هذا الموطن، بل لا ينبغي لأحد أن يفعل ذلك لأنه خلاف السنة. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 78.

حكم مسح العينين وتقبيلهما عند سماع الأذان

172 – حكم مسح العينين وتقبيلهما عند سماع الأذان س: عندما نسمع الأذان نمسح العينين بباطن أنملة السبابتين بعد تقبيلها، ما هو رأيكم في ذلك علما بأننا وجدنا في كتاب فقه السنة وفي كتاب الحاشية حديثا يحث فيه الرسول صلى الله

عليه وسلم أبا بكر الصديق على ذلك (¬1)؟ ج: هذا لا أصل له ولم نجد ما يدل عليه، لا أصل لمسح العين بأطراف السبابتين، هذا لا أصل له عند الأذان، بل هذا من البدع والحديث الذي قلت فيه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحث فيه أبا بكر على ذلك لا صحة له. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 316.

انتهى بحمد الله تعالى الجزء السادس ويليه بمشيئة الله تعالى الجزء السابع القسم الثاني من الصلاة وأوله بقية باب شروط الصلاة

المجلد السابع

بسم الله الرحمن الرحيم

بقية باب شروط الصلاة

بقية باب شروط الصلاة 1 - بيان معرفة دخول وقت الصلاة وخروجه س: إلى أي وقت بعد الأذان يعتبر الإنسان مؤخرا للصلاة؟ أرجو التحديد بالساعة إذا أمكن، جزاكم الله خيرا (¬1). ج: عليك أن تراعي التقويمات التي تصدر من وزارة الأوقاف؛ حتى تعلمي أول الوقت وآخره، فيه تقويم يصدر إذا كنت في المملكة فانظري التقويم، واعملي به؛ حتى تعرفي أول الوقت وآخره، كل موضح في التقويم بالساعة، فأنت لاحظي ذلك، الحمد لله، أما التوقيت الذي وضحه النبي - صلى الله عليه وسلم - فالظهر يدخل من زوال الشمس، ويستمر إلى أن يصير ظل كل شيء مثله، بعد فيء الزوال، كلها إذن وقت الظهر، والأفضل أن تصلى في أول الوقت إلا في شدة الحر، ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم 286

فالأفضل التأخير في الظهر حتى ينكسر الحر، والعصر يبدأ إذا صار ظل كل شيء مثله بعد فيء الزوال إلى أن تصفر الشمس، والأفضل أن تؤدى الصلاة في أول وقتها، والشمس مرتفعة بيضاء نقية، هذا أفضله، والمغرب يبدأ بغروب الشمس، ويستمر إلى غروب الشفق، وهو الحمرة التي في جهة المغرب، يقال لها: الشفق الأحمر، فإذا غاب الشفق الأحمر دخل وقت العشاء، ويستمر إلى نصف الليل، كله وقت للعشاء، ولا يجوز التأخير إلى ما بعد نصف الليل، والفجر يبدأ بطلوع الفجر الصادق الذي يرتفع في الجهة الشرقية وينتشر، يقال له: الفجر الصادق، ويستمر إلى طلوع الشمس، إذا طلعت الشمس خرج وقت الفجر، هذا التوقيت الشرعي، وبالساعات ينظر في التقويم. س: بعد انتهاء المصلين من الصلاة، وخروجهم من المسجد، هل يعني هذا أن وقت الصلاة قد انتهى فعلا بخروجهم (¬1)؟ ج: وقت الصلاة محدود وله حدود، فالمغرب ينتهي وقتها بغروب الشفق الأحمر من جهة المغرب، والعشاء وقتها إلى نصف الليل، والفجر إلى طلوع الشمس، والظهر إلى أن يكون ظل كل شيء مثله بعد ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 308

الزوال، والعصر إلى أن تصفر الشمس، كل الأوقات لها حدود، لا يخرج الوقت بخروج الناس من المسجد، وإنما يخرج الوقت بانتهائه الذي حدده الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وبينه الله في كتابه العظيم سبحانه وتعالى.

حكم الاعتماد على أذان المذياع في معرفة دخول وقت الصلاة

2 - حكم الاعتماد على أذان المذياع في معرفة دخول وقت الصلاة س: إذا صلى الإنسان مع المذياع إذا توافق الزمن بين المصلي والمكان الذي تنقل منه الصلاة، علما بأن المصلي في مكان بعيد، لا يوجد فيه أناس، فهل صلاته - والحال ما ذكر - تعتبر صحيحة (¬1)؟ ج: الواجب على كل مؤمن، وعلى كل مؤمنة أن يتحرى الوقت، وأن يأخذ بالأسباب، فإذا تيقن الوقت، أو غلب على ظنه دخول الوقت بالأسباب التي يعتقدها صلى، سواء كان من طريق المذياع أو غير المذياع، فإذا سمع الأذان من المذياع وهو في محل بعيد، والوقت واحد لا يتغير، والمذياع قد جرب عليه الصدق، وأنه يذيع الحقيقة، هذا يغلب ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 230

على الظن، ولا بأس أن يصلي، فإن كان يشك في ذلك، وليس عنده ما يغلب ظنه بالنسبة للمذياع فإنه يأخذ بالطرق الأخرى، ينظر في الوقت، يسأل أهل الخبرة وقت الظهر إذا كان قد زالت الشمس، وإن كان العصر، وصار ظل كل شيء مثله، حتى يكون قد دخل الوقت، إن كان المغرب هل غابت الشمس؟ إن كان العشاء هل غاب الشفق الأحمر؟ إن كان الفجر قد طلع الفجر؛ ينظر ويسأل أهل الثقة، حتى يصلي على بصيرة، إما يقين وإما بغلبة ظن مبنية على أسس، وعلى علامات، أما المذياع وحده فلا يكفي، إذا كان ليس في ظنه ما يبرره فإن المذياع قد يكون من أناس لا يوثق بهم، فإذا كان المذياع قد جرب عليه الصدق، وأنه يتحرى الوقت، وأنه يذيع الحقيقة، أو يذيع عن إنسان يتحرى الوقت؛ لتسمع صوته أن هذا أذان الظهر، أو أذان المغرب، أو أذان العشاء وهو موثوق تعرفه فلا بأس بذلك. والحاصل أن المدار على الثقة إما يقينا وإما غلبة ظن من المذياع أو غيره؛ حتى لا تصلي إلا على بصيرة.

حكم الاقتداء بالإمام في الصلاة عبر الإذاعة أو التلفاز

3 - حكم الاقتداء بالإمام في الصلاة عبر الإذاعة أو التلفاز. س: هل للمصلي أن يقتدي بالمصلين في المذياع أم لا يجوز ذلك (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط 230

ج: لا، لا يقتدي بهم إلا إذا كان في المسجد يسمع صوت الإمام، أما في بيته، أو في محلات أخرى فإنه لا يقتدي بهم؛ بل عليه أن يسعى إلى المسجد، ويصلي مع الناس، وأما إذا كان في بيته، أو في مكان آخر فإنه يصلي وحده، لا يقتدي بالإمام، ولا يعتد بالإمام.

حكم اعتماد التقويم والمذياع في معرفة أوقات الصلاة

4 - حكم اعتماد التقويم والمذياع في معرفة أوقات الصلاة س: رسالة من الأخ: ج. أ. ح، من جمهورية مصر العربية يقول: ما الحكم في أناس لا يسمعون الأذان إلا من خلال الإذاعة، أو من خلال مواعيد الصلاة المدونة في التقويم، هل تقبل صلاتهم أم لا، علما بأنهم يصلون على حسب ما يسمعون في الإذاعة، وحسب ما يرون في ورقة التقويم، هل يجوز هذا أم لا؟ وماذا يعملون في صلاة التراويح في شهر رمضان؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: إذا كانوا بعيدين عن المساجد فعليهم أن يتحروا الوقت بالساعات، أو بالرؤية إن كانوا ينظرون طلوع الفجر وزوال الشمس، وهكذا يتحرون بالأسباب التي تمكنهم من الإذاعة إذا لم يختلف ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 339

التوقيت، ومن التقاويم المضبوطة، أو من الرؤية بالبصر، أو من سؤال الثقات عن الوقت؛ حتى تؤدى الصلاة على بصيرة بعد غلبة الظن، فلا يعجلوا حتى يغلب الظن بأنه دخل الوقت، أما إن كان عندهم مساجد يسمعون النداء منها فعليهم أن يصلوا في المساجد مع إخوانهم في مساجد الله، أما إذا كانوا بعيدين في حارات، ليس فيها مساجد، أو في البر فإنهم يتحرون الوقت، ويصلون بعد غلبة الظن أنه دخل الوقت، إما بالتقويم، أو بمشاهدة الوقت، أو بإخبار الثقات.

حكم صلاة الظهر عند الأذان الثاني للجمعة لأهل الأعذار

5 - حكم صلاة الظهر عند الأذان الثاني للجمعة لأهل الأعذار س: مستمع بعث برسالة يقول فيها: بلغني أن بعض المرضى، والنساء يبادرون بإقامة صلاة الظهر يوم الجمعة عند سماع النداء الثاني، وحيث إن أكثر خطباء الجوامع يبدؤون بخطبة الجمعة بعد رفع النداء الثاني، وذلك قبل دخول وقت الظهر بعشرين أو خمس عشرة دقيقة، فآمل من سماحتكم توجيه الناس، جزاكم الله خيرا (¬1). ج: الواجب على النساء والمرضى الذين يصلون في البيوت، أو في ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 151

المستشفيات ألا يعجلوا؛ حتى يتحققوا دخول الوقت يوم الجمعة، وكذلك بقية الأيام، وعندهم التقاويم التي أصدرتها الأوقاف، في إمكانهم الاستفادة منها، ولا سيما يوم الجمعة؛ فإن بعض الخطباء قد يدخل المسجد، ويبدأ بالخطبة قبل الوقت، وقد يتساهل مع أنه ينبغي للخطباء ألا يبدؤوا إلا بعد الزوال، وألا يؤذن للجمعة إلا بعد الزوال، كما هو قول جمهور أهل العلم. وأكثر العلماء على أن الخطبة تكون بعد الزوال، ولا تصلح قبل الزوال، فينبغي للخطباء أن يحتاطوا لدينهم، وأن يحتاطوا لإخوانهم المسلمين؛ فيكون الدخول والصلاة بعد الأذان - يعني بعد الزوال – يأتي إلى الجمعة بعد الزوال، والساعات موجودة ومتوفرة والحمد لله، حتى يؤذن المؤذن بعد الزوال، وتكون الخطبة والجمعة بعد الزوال فيحتاطوا للمسلمين، ويبتعدوا عما يسبب وقوعهم فيما يخالف الشرع المطهر، ولا سيما المرضى والنساء. وعلى النساء، وعلى المرضى التثبت في الأمور، وألا يصلوا إلا بعد دخول الوقت، والتأكد من دخول الوقت: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر في الجمعة وغيرها. هذا هو الواجب على الجميع.

حكم صلاة المرأة للظهر يوم الجمعة أثناء الخطبة

6 - حكم صلاة المرأة للظهر يوم الجمعة أثناء الخطبة س: ماذا على المرأة إذا صلت الظهر يوم الجمعة أثناء الخطبة، أو بعد الأذان مباشرة (¬1)؟ ج: ليس عليها شيء إذا كان بعد الزوال، بعد الأذان الأخير، تصلي الظهر في بيتها، لا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 422

حكم تأخير الصلاة عن أول الوقت لعذر

7 – حكم تأخير الصلاة عن أول الوقت لعذر س: تقول السائلة إني ملتزمة بدوام رسمي في دائرتين، من الساعة السابعة والنصف صباحا حتى حدود الخامسة عصرا، أو الرابعة عصرا، فإنني أصلي صلاة الظهر حدود الساعة الواحدة والنصف ظهرا، أو الثانية، أو الثانية والنصف، فهل تصح هذه الصلاة؟ مع العلم بأن هذه الصلاة تكون ضمن الدوام الثاني في الدائرة الثانية، وليس لدي وقت، ولا مكان لأصليها في وقتها في الدائرة الأولى، أما صلاة العصر فإنني أصليها عندما أعود إلى المنزل، فهل هذه الصلاة صحيحة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم 25

ج: لا حرج، الصلاة صحيحة، ولكن الواجب عليها أن تحذر التساهل؛ حتى لا يخرج وقت الظهر، فإن الصلاة في الثانية والنصف قرب خروج الوقت، فينبغي أن تقدمي صلاة الظهر قبل هذا؛ تحتاطي لدينك ولصلاتك، فإذا حضرت الصلاة صليتها في الدائرة الأولى، واجتهدت في المكان المناسب حتى تصلي صلاة الظهر في أول وقتها، هذا هو الأفضل. فإن لم يتيسر ذلك فلا حرج أن تصليها في الدائرة الثانية، أو في البيت قبل خروج الوقت، ولو في آخر الوقت، لا يجوز أبدا أن تؤخر إلى خروج الوقت، يجب أن تقدم قبل العصر، والعصر كذلك تراعي صلاتها، وهي قبل أن تصفر الشمس، يجب أن يراعي المؤمن أداء صلاة العصر قبل أن تصفر الشمس في أي مكان كان، ولا يجوز تأخير صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس؛ بل لا بد أن تصلى والشمس حية بيضاء، ليس فيها اصفرار في أي دائرة، كانت في سفر أو في حضر؛ لأن حق الله يجب أن يقدم على حق المخلوقين، والصلاة مستثناة من هذه الأعمال، لا بد من فعلها في أوقاتها، وإن كان الإنسان في هذه الأعمال فإنه يجب أن يتحرى الوقت المناسب حتى يصلي الصلاة في وقتها، مؤديا حق الله، ومحافظا عليه، ومبتعدا عن كل ما يسبب إضاعة حق الله.

حكم تأخير الصلاة إلى آخر الوقت لغير عذر

8 – حكم تأخير الصلاة إلى آخر الوقت لغير عذر س: وجهونا حول امرأة متزوجة من رجل يعيش وسط أسرة كبيرة، وتتأخر عن أداء صلاة الظهر إلى الثانية والنصف ظهرا، وإذا نصحتها قالت: إن أهل زوجها إذا تأخرت في وضع الغداء تلقى منهم توبيخا شديدا، حتى لو اعتذرت لهم بالصلاة، وجهوها سماحة الشيخ، ووجهوا أسرتها، جزاكم الله خيرا (¬1). ج: تأخير الصلاة إلى آخر الوقت لا حرج فيه، لكن يفوت الفضل؛ فإن أداءها في أول الوقت أفضل وأعظم أجرا، لكن إذا دعت الحاجة إلى التأخير فلا حرج، بشرط أن تصلي في الوقت، وأن تحرص على أن تصليها في الوقت قبل دخول وقت العصر، وهكذا كل صلاة يجب أن تؤدى في الوقت، لكن كونها تؤدى في أول الوقت هذا هو الأفضل، وفي وسطه أفضل من آخره، ولكن إذا أدتها في الآخر فلا حرج، وإذا كان عليها مشقة من أدائها في أول الوقت؛ لأجل ما تقول لها الأسرة التي هي عندهم فلا حرج عليها، لكن ينبغي للأسرة أن يشجعوها على أداء الصلاة في أول الوقت، وأن يشكروها على عنايتها بالصلاة، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 301

والصلاة وقتها قليل، والحمد لله ليس فيه مشقة، فالمشروع للجميع العناية بأدائها في أول الوقت، والتعاون في ذلك، وأن يعينوها على ذلك، لكن لو أخرتها حتى صلتها في آخر الوقت فلا حرج، لكن مع العناية التامة بعدم تأخيرها إلى الوقت الآخر، فتحرص على أن تؤدى في الوقت.

حكم تأخير الصلاة إلى آخر وقتها من أجل الدراسة

9 – حكم تأخير الصلاة إلى آخر وقتها من أجل الدراسة س: تسأل الأخت فتقول: في بعض المحاضرات لا ننتهي إلا في الثانية عشرة والنصف، أو الثانية عشرة والربع، في حين أن وقت صلاة الظهر في الساعة الحادية عشرة والنصف، هل نأثم بهذا التأخير (¬1)؟ ج: الصلاة في أول الوقت أفضل، ولكن إذا أخرت لأسباب في أثناء الوقت فلا بأس بذلك، إنما المحرم تأخيرها عن وقتها، أما كونها تأخرت عن أول الوقت فلا حرج في ذلك، والحمد لله. س: الأخت: أم م. هـ، من جدة تسأل فتقول: أنا طالبة في المدرسة، فهل يجوز تأخير صلاة الظهر إلى حين الرجوع إلى المنزل، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 85

علما بأن الساعة قد تكون الواحدة والنصف (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك إذا اشتغلت بالدراسة، ولم يتيسر لها أداء الصلاة في أول الوقت لا حرج؛ لأن وقت الظهر بحمد الله متسع، فإذا كانت تصل إلى بيتها قبل انتهاء الوقت فلا بأس بهذا، وإن صلتها في أول الوقت فهذا أفضل إذا تيسر ذلك. س: نحن طلبة ندرس في مدرسة ثانوية، تبعد عن قريتنا بحوالي ثلاثة عشر كيلو مترا، نتحرك من المدرسة حوالي الساعة الواحدة ظهرا، ولا نصل إلى القرية إلا في حوالي الساعة الثانية بعد الظهر، فهل يجوز لنا أن نصلي الظهر بعد وصولنا مباشرة، أم نقضيها مع صلاة العصر (¬2)؟ ج: الواجب عليكم صلاة الظهر في محلكم قبل الرحيل وبعد الرحيل، أو في أثناء الطريق، ولا تؤجل إلى العصر، لا بد من فعلها في الوقت، وإذا صليتم قبل ذلك وأنتم في محلكم في المدرسة في أول الوقت كان أفضل وأولى من صلاتها في الطريق، ومن صلاتها في بلدكم؛ لأن ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 158 (¬2) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 177

الصلاة في أول وقتها أفضل.

حكم ترك صلاة الجماعة وتأخير الصلاة عن وقتها بغير عذر

10 – حكم ترك صلاة الجماعة، وتأخير الصلاة عن وقتها بغير عذر س: الأخ إ. ف، من ليبيا منطقة وادي العين يسأل، ويقول: نعلم أن تأخير الصلاة عن وقتها جرم وذنب وأي ذنب، ولكن هناك ظروف قد تؤدي بي إلى تأخير الصلاة عن وقتها، كأن أكون راعيا للماشية، وأسمع الأذان، ولكن أخاف أن تتلف الضأن المزروعات، سواء كانت لنا أو لجيراننا؛ فتفوتنا الصلاة حتى ولو كنت منفردا، أو يفوتنا وقت الظهر كما في المحاضرات، أو العمل، فما هي نصيحتكم (¬1)؟ ج: الجواب: على المؤمن أن يعتني بالصلاة في وقتها، وإذا كان حول المزارع التي يخشى عليها فليبدأ بإبعاد الماشية عن المزارع قبل الوقت؛ حتى يتمكن من الصلاة في وقتها، أو الصلاة في الجماعة إذا كان حوله جماعة أو مسجد، ولا يتساهل في هذا الأمر حتى يضيق الوقت، الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يشرع في أسباب حفظ الصلاة قبل وقتها؛ ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 136

حتى لا يقع في مشابهة أهل النفاق في إضاعة الصلوات: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (¬1) فالواجب على المؤمن أن يعتني بهذا الأمر، وإن كان في محاضرات أو دراسة فإنه يقطع المحاضرة، ويقطع الدراسة، ويقوم للصلاة ويصلي مع المسلمين في مساجدهم، أما إذا كان في محل ليس حوله مساجد؛ بل إنما يؤدون المحاضرة أو الندوة، ثم يصلون جميعا في محلهم، كمحل بعيد عن المساجد ليس بقربه مساجد، أو في الصحراء أو السفر، كل هذا لا بأس به، إذا فرغوا صلوا في الوقت، لا يؤخرونها عن وقتها؛ بل يصلون في الوقت، لكن من كان في قرب المساجد، وفي القرية أو في البلد فليس له أن يؤخر الصلاة بسبب محاضرة، أو بسبب ندوة، أو بسبب غنم أو إبل، أو غير ذلك، والواجب عليه أن يعتني بما يعينه على أداء الصلاة في الجماعة، ولو كان بدأ بإبعاد الغنم أو الإبل عن المزارع قبل دخول الوقت؛ حتى يتمكن من الصلاة في وقتها مع المسلمين، وليس له التساهل في هذا الأمر؛ لأنه يأثم بذلك. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 142

حكم تأخير صلاة العصر وجمعها مع صلاة المغرب بسبب الدراسة

11 – حكم تأخير صلاة العصر وجمعها مع صلاة المغرب بسبب الدراسة س: الأخ: ن. ظ، من العراق يقول: إني طالب في المرحلة الثانوية، والدوام المدرسي يكون كالآتي: الأيام الثلاثة الأولى من الأسبوع في الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرا، أما الأيام الثلاثة الأخرى فيكون في الساعة الثامنة صباحا، لذلك أجد صعوبة في أداء صلاة العصر، فإذا جمعتها مع صلاة الظهر فإنني أتأخر عن الدوام، وإذا تأخرت لا يسمح لي بالدخول، علما أن وصولي للبيت يكون في الساعة الخامسة عصرا، فهل يجوز إقامة صلاة العصر في هذا الوقت، أي في الساعة الخامسة؟ وهل يجوز جمعها مع صلاة المغرب (¬1)؟ ج: الواجب عليك أن تصلي الصلاة في وقتها ولو في الدوام، وليس لك أن تؤخرها عن وقتها، فتصلي الظهر في وقتها وأنت في العمل مع إخوانك إن كان معك إخوان طيبون تصلي أنت وإياهم، وهكذا العصر تصليها في وقتها، وليس لك أن تؤخرها، فإذا كان من معك يمنعونك من الصلاة فتصليها بعد انتهاء العمل إذا كان الوقت باقيا لم تصفر ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 207

الشمس فلك أن تؤخر، أما إذا كنت لا تخرج إلا بعد أن تصفر الشمس، فليس لك أن تؤخر، وعليك أن تصلي في الوقت، وليس لك طاعتهم في ذلك، ليس لك أن تطيع رؤساءك في ذلك، ولو بطلت العمل ولو تركت الدراسة، عليك أن تصلي الصلاة في وقتها، ولو أفضى ذلك إلى ترك الدراسة بالكلية، أما إذا كان في الإمكان أن تصلي الظهر قبل الدوام في وقتها، ثم تصلي العصر في وقتها بعد الدوام؛ لأنك تخرج منه، والوقت واسع فلا بأس بذلك ولا حرج، لكن ليس لك أن تؤخرها – يعني العصر – إلى أن تصفر الشمس، وليس لك أن تقدم الظهر قبل وقتها، وليس لك أن تجمع بينهما؛ بل كل صلاة في وقتها؛ لأن هذا ليس محل جمع، ليس بمرض ولا سفر، وإنما شغل عارض وهو الدراسة، فلا ينبغي أن يكون عذرا في الجمع، ولكن تصلي كل صلاة في وقتها، وإذا لم تقدر على ذلك ومنعوك فلا حاجة إلى هذا العمل، يلزمك ترك هذا العمل حفظا لدينك، وحرصا على سلامة دينك، والله المستعان.

حكم الجمع بين الصلاتين من أجل الدراسة

12 - حكم الجمع بين الصلاتين من أجل الدراسة س: أنا طالب جامعي، وفي بعض الأحيان تفوتني صلاة الظهر بما فيها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل يجوز أن أؤدي صلاة الظهر مع صلاة العصر وبدون السنة، أم أصلي صلاة

الظهر بما فيها السنة مع صلاة العصر جمعا (¬1)؟ ج: لا يجوز لك الجمع؛ بل يجب عليك أن تصلي الظهر في وقتها، وليس لك تأخيرها إلى العصر، وليست الدراسة عذرا في ذلك؛ بل يجب عليك أن تصلي الظهر في وقتها، ويشرع لك فعل السنة، وهي أربع قبل الظهر وثنتان بعدها، كما كان النبي يفعل عليه السلام، يصلي أربعا قبل الظهر وثنتين بعدها، وهذه نافلة والمهم الفريضة، والواجب عليك أن تصلي الفريضة في وقتها، وهي أربع في حق المقيم وركعتان في حق المسافر كما هو معلوم، وليس لك أن تؤخرها إلى العصر وأنت مقيم، أما المسافر فلا بأس له التأخير، والمريض كذلك، أما الاحتجاج بالدراسة فلا. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 178

حكم جمع الصلاتين في أقل من مسافة القصر

13 - حكم جمع الصلاتين في أقل من مسافة القصر س: يقول السائل: قريتنا تبعد عن مدينتنا مسافة قليلة، وهي خمسة وثلاثون كيلو مترا، ولكن لصعوبة الطريق وسط الجبال، ووعورتها، وقلة المركبات والسيارات للنقل نحتاج إلى وقت

طويل إلى القرية، وبذلك تفوتنا صلاة العصر عندما نسافر وقت الظهر؛ فلذلك نضطر أن نجمع صلاة العصر مع الظهر جمع تقديم، فهل صلاتنا هذه صحيحة بالنسبة لهذه المسافة القليلة والحالة ما ذكر (¬1)؟ ج: لا تجمعوها؛ تصلى كل صلاة في وقتها، صل كل صلاة في وقتها ولو تأخر قليلا، ولو تأخر عن أول الوقت، تصلي الأولى في وقتها ولو في آخره، وصل الثانية كذلك ولو في آخره – والحمد لله – ولا تجمع؛ لأن هذا ما هو بسفر، ليس بسفر تقصر فيه الصلاة. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 432

حكم جمع الصلاة بسبب عذر العمل

14 - حكم جمع الصلاة بسبب عذر العمل س: أنا منتسبة إلى إحدى الدوائر، وهذه الدوائر تعمل من الثامنة صباحا وحتى الثالثة عصرا، وأحيانا أصلي الظهر مع العصر، فكيف تنصحونني (¬1)؟ ج: الواجب على المؤمن والمؤمنة أداء الصلاة في الوقت، فالعصر ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 68

تؤدى في وقتها، والظهر تؤدى في وقتها، ولا يجوز الجمع إلا من علة، كالمطر على الصحيح، وكالمرض، وكالسفر، فإذا كان هناك علة شرعية فلا بأس بالجمع، وإلا فالواجب أن تصلى كل صلاة في وقتها: الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والدراسة ليست عذرا في الجمع، فالواجب عليك، وعلى كل مسلم وكل مسلمة أداء الصلوات في أوقاتها؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضحها للأمة وبينها للأمة، وقال بعد ما وقت المواقيت: «الصلاة بين هذين الوقتين (¬1)» الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، والله بين على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - الأوقات، فعلى الأمة أن تسمع وتطيع لما بينه عليه الصلاة والسلام، وأن تستقيم على ذلك، وألا تترخص في شيء إلا برخصة شرعية ثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة، برقم (149)، وأخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في المواقيت، برقم (393)، وأخرجه النسائي في كتاب المواقيت، باب أول وقت العشاء، برقم (526).

حكم صلاة العصر عند اصفرار الشمس

15 - حكم صلاة العصر عند اصفرار الشمس س: قمت من النوم، وكانت الشمس مصفرة تقريبا، فصليت العصر، هل صلاتي صحيحة (¬1)؟ ج: الصلاة صحيحة، وعليك التوبة إلى الله؛ لأنه لا يجوز تأخير العصر إلى أن تصفر الشمس، يجب أن تصلي قبل اصفرار الشمس، وعليك أن تخبر أهلك أن يوقظوك، أو تركد الساعة على وقت تدرك فيه الصلاة مع المسلمين، لا يجوز لك التساهل، يجب أن تصلي مع المسلمين في مساجدهم صلاة العصر وغيرها، ولا يجوز تأخير صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس، لا للرجل ولا للمرأة، يجب على الرجل والمرأة أداء صلاة العصر قبل أن تصفر الشمس، وعلى الرجل خاصة أن يصليها في جماعة في مساجد الله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم 301

حكم تأخير طلاب المدارس الصلاة حتى يخرج وقتها

16 – حكم تأخير طلاب المدارس الصلاة حتى يخرج وقتها س: إنني طالب، ودراستي تبدأ بعد صلاة الظهر، وتنتهي بعد صلاة المغرب، ولذلك فإن صلاة العصر تفوتني، فأضطر أن أصليها

قضاء بعد عودتي، علما بأن هذه الظاهرة تتكرر يوميا، فهل ما أفعله صحيح (¬1)؟ ج: ليس لك ذلك؛ بل يجب عليك أن تصلي الصلاة في وقتها، عليك أن تصلي العصر في وقتها في محل الدراسة، وليس لك أن تؤخرها إلى المغرب، أو إلى أن تصفر الشمس؛ بل عليك أن تصلي الصلاة في وقتها، وتدع العمل سواء كان عمل دراسة أو غير الدراسة. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 294

تحديد وقت صلاة المغرب بالدقائق

17 – تحديد وقت صلاة المغرب بالدقائق س: كم يمتد وقت المغرب بالساعة يا سماحة الشيخ من بعد الأذان (¬1)؟. ج: الغالب أنها ساعة ونصف تقريبا، ما بين غروب الشمس إلى غروب الشفق ساعة ونصف تقريبا، أو نصف إلا خمس دقائق، والذي يعتمده الناس الآن ساعة ونصف من باب الاحتياط، يكون الشفق قد غاب بالكلية، ودخل وقت العشاء، وهذا يحتاج إلى العناية بالشفق في الصحراء، الذي يرقب الشفق وينظره يستطيع أن يحدد بالدقائق، لكن ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 205

المعتمد الآن على سبيل الاحتياط ساعة ونصف، من غروب الشمس إلى غروب الشفق ساعة ونصف.

بيان بداية وقت صلاة المغرب ونهايته

18 – بيان بداية وقت صلاة المغرب ونهايته س: بعض المصلين يتأخرون عن صلاة المغرب إلى حين يعتقد أن الوقت قد خرج، بم تنصحونني، وتنصحون المستمعين حيال صلاة المغرب بالذات؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: صلاة المغرب وقتها معلوم بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بين غروب الشمس إلى غروب الشفق، وهو الحمرة التي في جهة الغرب، هذا وقت المغرب، وهو وقت لا بأس به طويل ما بين غروب الشمس إلى غروب الشفق الأحمر من جهة الغرب، والأفضل أن تصلى في أول الوقت، هذا هو الأفضل، كان يصليها النبي في أول الوقت عليه الصلاة والسلام، كان إذا أذن صلى الناس ركعتين، ثم أمر بالإقامة عليه الصلاة والسلام، فليس بين إقامة المغرب وبين الأذان إلا شيء قليل، وهو ما فعله المسلمون: صلاة ركعتين، وفي الحديث: «صلوا قبل ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 250

المغرب صلوا قبل المغرب (¬1)» يعني قبل الصلاة، يعني قبل الفريضة، ثم قال في الثانية: لمن شاء. فدل على أنه صلى بينهما بين الأذان والإقامة، ولكن الأفضل عدم التطويل؛ بل يقيم بعد مدة يسيرة، بعد الأذان بمدة يسيرة عشر دقائق، ثمان دقائق، أو ما يشابه ذلك، ولو أخذ نصف ساعة أو أكثر قبل غروب الشفق فلا حرج، الصلاة صحيحة وكله وقت، لكن الأفضل في المساجد، والمسلمون في البيوت: المرضى، والنساء الأفضل أن يصلوها كلهم في أول وقتها؛ اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام. س: رسالة بعث بها المستمع ج. ع، يقول: إني أعمل في مزرعة، وأقوم بجميع الصلوات الخمس في مواعيدها إلا المغرب، فبعض الأيام تفوتني صلاة المغرب مع الجماعة بسبب ظرف عملي؛ لأنه لم ينته إلا قبل العشاء بنصف ساعة، يعني بعدما أنتهي من صلاة المغرب يحين موعد أذان العشاء، فهل علي إثم في ذلك؟ جزاكم الله خيرا (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الصلاة قبل المغرب برقم (1183) (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم 338

ج: نعم إذا كان بقربك جماعة فإنه يلزمك أن تصلي مع الجماعة، أما إذا كنت وحدك ما عندك أحد فلا إثم عليك، لكن فاتك الأفضل، فالأفضل أن تؤديها في أول الوقت، وإذا أديتها في آخر الوقت قبل غروب الشفق فلا شيء عليك - والحمد لله – أما إذا وجد جماعة مسجد حولك، أو أي جماعة فإنه يجب عليك أن تصلي معهم. س: أعرف أن خروج وقت صلاة المغرب بطلوع الشفق الأحمر، أو بغياب الشفق الأحمر، فمتى ينتهي هذا الشفق؟ وهل من يصلي المغرب قبل العشاء ولو بعشر دقائق يعتبر قد صلى في الوقت (¬1)؟ ج: نعم، السنة الترتيب في ذلك، في أول وقتها، ولكن ينتهي بغروب الشفق الأحمر إذا ذهب الشفق الأحمر بجهة المغرب دخل وقت العشاء، ولا يجوز التأخير إلى وقت العشاء، فيجب أن تصلي المرأة والرجل في الوقت، فإذا أخرها نصف ساعة أو ثلث ساعة فلا بأس، لكن الأفضل التبكير للجميع، ومن صلى المغرب قبل العشاء بعشر دقائق هذا فيه خطر؛ لأن الساعات قد تختلف، والوقت قد يختلف، فينبغي ألا يؤخر إلى هذا الوقت؛ بل ينبغي أن يتحرى أن تكون الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 331

قبل هذا بنصف ساعة، أو أكثر حتى يجزم أنه صلى في الوقت، وإذا بادر بعد غروب الشمس بعشر دقائق، بربع ساعة يكون هذا هو الأفضل إذا صلى في الوقت وقت المغرب فلا حرج، ولكن لا يؤخر إلى قرب الخروج؛ لأن هذا قد يوقعه في خروج الوقت؛ لأن الساعات يكون فيها تقديم أو تأخير، لذا ينبغي له الاحتياط حتى لا يقع في تأخير الصلاة عن وقتها. س: السائل ع. س. ج: ما حكم صلاة المغرب جماعة قبل أذان العشاء بعشر دقائق (¬1)؟ ج: الصلاة صحيحة إذا كان صلوها قبل غروب الشفق، لكن تركوا الأفضل؛ لأن الأفضل أن يصلوا في أول الوقت، لكن لو أخروا صلاة المغرب، وصلوها قبل غروب الشفق الأحمر بعشر دقائق أو بربع ساعة لا حرج، لكن لا ينبغي لهم ذلك، السنة أن تقدم، وأن يبادر بها في أول وقتها. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 268

حكم صلاة المسافر بالتيمم في أول الوقت لعدم الماء

19 – حكم صلاة المسافر بالتيمم في أول الوقت لعدم الماء س: يتطلب عملنا السفر في كثير من الأحيان، وفي إحدى الأوقات

وعندما دخل أول صلاة المغرب لم يكن معنا ماء لنتوضأ منه، وأقرب مدينة لنا تبعد مسافة أربعين كيلو مترا حتى مخرج المدينة، ثم خمس كيلو مترات بعد المخرج، أي أن الزمن الذي تستغرقه المسافة هو ساعة إلا ربعا من بعد دخول الوقت، فهل نتيمم ونصلي أم نذهب إلى المدينة، ونتوضأ بالماء الذي لا شك في وجوده فيها (¬1)؟ ج: الأفضل أن تصلوا بالتيمم حتى تصلوا في الوقت -والحمد لله – والله يقول: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} (¬2) فالأفضل لكم أن تصلوا بالتيمم؛ لأن المسافة بعيدة، وإن أخرتم وصليتم في المدينة، وتوضأتم والوقت باق، ولا خطر في خروجه فلا بأس في ذلك، فإذا كان الوقت أول المغرب، وبإمكانكم أن تدركوا الماء في المدينة قبل مجيء وقت العشاء قبل غروب الشفق فلا حرج عليكم في التأخير، ولكن الأفضل لكم ألا تخاطروا، وأن تصلوا المغرب بالتيمم، ثم تصلوا العشاء مع الناس في البلد إن شاء الله، وإن ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 205 (¬2) سورة النساء الآية 43

جمعتم فلا حرج أيضا، أنتم مسافرون ما دمتم في السفر، وبقي عليكم من المسافة أربعون كيلو، هذه مسافة طويلة، لكم أن تصلوا جمعا بين المغرب والعشاء، ثم إذا دخلتم أنتم بالخيار إن صليتم مع الناس العشاء نافلة فلا بأس، وإلا فقد أديتم الفريضة والحمد لله.

حكم تأخير صلاة المغرب لمن لا تجب عليه الجماعة

20 – حكم تأخير صلاة المغرب لمن لا تجب عليه الجماعة س: من جمهورية مصر العربية هذه السائلة تقول: يا سماحة الشيخ، عندما تحين صلاة المغرب أو أي صلاة أخرى يكون وقت البرامج النافعة، كهذا البرنامج، أو أي برنامج مفيد شرعي، فأنا أقدم سماع البرنامج على الصلاة حتى ينتهي البرنامج، هل عملي صحيح (¬1)؟. ج: لا بأس، تقديم سماع البرنامج، أو حلقة العلم، أو درس العلماء ما دام الوقت واسعا لا بأس؛ لأن هذا البرنامج يفوت والصلاة وقتها واسع والحمد لله، فإذا أخر الصلاة لأجل سماع هذا البرنامج، أو سماع موعظة، أو ما أشبه ذلك فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 414

حكم تقديم صلاة العشاء على المغرب نسيانا

21 – حكم تقديم صلاة العشاء على المغرب نسيانا س: تقول السائلة: لقد أذن المغرب، واعتقدت أنه أذان العشاء الآخرة، فصليت المغرب أربعا على هذه النية، ولما جلست أنا وبقية العائلة وأولادي، وأذن للعشاء استنكرت ذلك، فأخبروني أن العشاء لم يؤذن له إلا الآن، هل أعيد صلاة المغرب أم لا؟ وفقكم الله (¬1). ج: المغرب ثلاث ليست أربعا، فإذا كانت قد صلت المغرب ثلاثا بنية المغرب، ثم سمعت الأذان فصلت العشاء تحسبه أذان العشاء، وكانت قد أخرت المغرب، فهذا عليها أن تعيد العشاء فقط، أما إذا كانت ما صلت المغرب، وصلت العشاء قبل أن تصلي المغرب تحسب الأذان أذان العشاء، ونسيت المغرب فإنها تصلي المغرب، ثم تعيد العشاء؛ لأنها صلت العشاء في غير وقتها، وصلتها قبل المغرب، فالواجب أن تصليها بعد المغرب لا قبل المغرب، فإذا كانت قد صلت المغرب بعد غروب الشمس أجزأتها المغرب، وأما العشاء فتعيدها؛ لأنها قد صلتها قبل وقتها، إذا كان الأذان الذي سمعته أذان المغرب ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 37

وصلت تحسبه العشاء فإنها تعيد العشاء؛ لأنها فعلت في غير وقتها، والصلاة في غير وقتها لا تصح، لكن إذا كانت ما صلت المغرب لا بد أن تؤدي المغرب، ثم تصلي العشاء، وصلاتها المغرب بنية العشاء هذا غلط، عليها أن تصلي المغرب ثلاثا لا أربعا، المسلم يعرف المغرب ثلاثا، والعشاء أربعا إذا كان مقيما. فالحاصل هذه إن كانت أدت صلاة المغرب في وقتها فالحمد لله، فعليها أن تعيد العشاء؛ لأنها صلتها في غير وقتها، وإن كانت ما صلت المغرب، وإنما صلت العشاء بنية المغرب أربعا فهذا غلط باطل، فعليها أن تصلي المغرب أولا، تقضي هذا المغرب، ثم تصلي العشاء الذي فعلته في غير وقته.

حكم أداء الصلاة قبل الوقت المحدد في التقويم

22 - حكم أداء الصلاة قبل الوقت المحدد في التقويم س: يسأل المستمع ويقول: سمعت من أحد الأشخاص قولا وهو: يجوز للمسلم أن يصلي صلاة العشاء قبل الوقت المحدد لها في التقويم، فهل هذا صحيح؟ وإن كان صحيحا فما هو الدليل على ذلك؟ أفيدونا بارك الله فيكم (¬1). ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم 267

ج: ليس لأحد أن يصلي الصلوات الخمس قبل التقويم، لأنه صلى قبل الوقت؛ بل عليه أن يتقيد بالتقويم الموضوع حتى لا يوقع الصلاة في غير وقتها، إلا إذا علم أن التوقيت مخالف للوقت الشرعي، كالذي في الصحراء مثلا، ورأى الصبح قد طلع - الصبح الصادق - قبل التقويم يصلي، أو رأى الشمس غربت قبل التقويم، وهو في الصحراء يصلي إذا غابت الشمس ولا عليه من التقويم، أما إذا كان ما عنده علم فإنه يتقيد بالتقويم؛ لأن التقويم قد اشتغلت فيه لجنة، واعتنت به لمصلحة المسلمين وإراحتهم، فالواجب التقيد به في جميع الأوقات، إلا في حق من علم أن الوقت قد دخل قبل التقويم كما مثلنا، كالذي مثلا في الصحراء، أو السفر، ومعه التقويم، لكن رأى الصبح قد بان واتضح قبل التقويم، أو رأى التقويم مبكرا فالصبح ما بعد خرج، فلا يعتمد التقويم، فليعتمد الصبح، فإذا كان التقويم قد بكر وهو في الصحراء يشوف الصبح لا يصلي حتى يتضح الصبح، وإذا كان التقويم قد تأخر، ورأى الصبح خالف التقويم، وطلع طلوعا بينا - الصبح الصادق - يعتمد ما رأى، ولا يهمه التقويم، كذلك في الغروب والظهر والعصر إذا رأى أن الشمس قد زالت قبل التقويم اعتمد ذلك، أو رآها قد غربت قبل التقويم يراها بعينه.

حكم تأخير أذان العشاء في رمضان عن أول وقته

23 – حكم تأخير أذان العشاء في رمضان عن أول وقته س: الناس قبل شهر رمضان كانوا يؤذنون لصلاة العشاء في السابعة تقريبا، وعندما دخل هذا الشهر الكريم صاروا يؤذنون لصلاة العشاء في الحادية عشرة في بلدنا، ما حكم هذا العمل (¬1)؟ ج: النبي - صلى الله عليه وسلم - أوضح المواقيت وبينها عليه الصلاة والسلام، فوقت العشاء يدخل حين يغيب الشفق الأحمر من جهة الغرب، إذا غاب الشفق الأحمر دخل وقت العشاء إلى نصف الليل، فللمسلمين أن يؤذنوا في أول الوقت، وهو أفضل، ولهم التأخير إذا رأوا مصلحة في ذلك فلا بأس، والنبي - صلى الله عليه وسلم - رغب في التأخير في العشاء، وقال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالصلاة هذه الساعة (¬2)» لما أخرها إلى ثلث الليل عليه الصلاة والسلام، فإذا رأوا في المصلحة أن يؤخرها أهل البلد، أو في المسجد على أن يؤخروها في آخر الوقت - يعني العشاء في رمضان أو في غيره – فلا بأس، لكن لا ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 265 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى: "لو أن لي بكم قوة " برقم (7239).

يؤخروها عن الوقت، لا بد أن يكون في الوقت حتى يصلوا قبل خروج الوقت، هم مخيرون بين أوله وآخره، خصوصا العشاء، أما بقية الأوقات فالأفضل في أول الوقت، يقدمون الصلاة في أول وقتها، فيؤذن في أول الوقت، ثم يتأخر الإمام حتى يتجمع الناس ربع ساعة، ثلث ساعة، ثم يصلون، هذا هو الأفضل، إلا الظهر عند شدة الحر فيها التأخير إلا إذا رأوا الجماعة أهل المسجد، أو في القرية التقديم فلا بأس، وإذا كانوا في رمضان يصلونها مؤخرة في آخر وقتها فلا حرج إذا اتفقوا على هذا، ورأوا المصلحة في ذلك فلا بأس، أو في غير رمضان أيضا.

بيان آخر وقت صلاة العشاء

24 – بيان آخر وقت صلاة العشاء س: تقول السائلة: ما هو آخر وقت للعشاء (¬1)؟. ج: آخر وقتها نصف الليل، إذا انتصف الليل لم يجز التأخير إليه، لكن لو كان الإنسان ساهيا أو نائما يصلي حين يستيقظ ولو في النصف الأخير؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نسي صلاة أو نام ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 78

عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (¬1)» لكن ليس له أن يؤخرها عمدا، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ووقت العشاء إلى نصف الليل (¬2)» فليس للمؤمن ولا المؤمنة أن يؤخر صلاة العشاء إلى نصف الليل، إذا كان الليل تسع ساعات مثلا، فالنصف أربع ونصف، وإذا كان الليل عشر ساعات فالنصف الساعة الخامسة من غروب الشمس نهايتها، المقصود أن صلاة العشاء لا تؤخر إلى نصف الليل، ولا مانع من تأخيرها إلى قرب نصف الليل، لا حرج في ذلك للمرأة والمريض، أما الرجل فيصلي مع الناس في المساجد، فليس له أن يصلي في بيته ولا يؤخر؛ بل يلزمه أن يصلي مع الناس في المسجد إذا كان صحيحا، أما إذا كان مريضا فهو معذور يصلي في بيته متى شاء قبل نصف الليل. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612).

س: متى ينتهي وقت صلاة العشاء (¬1)؟ ج: بنصف الليل، إذا انتصف الليل هذه النهاية، وقت النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة العشاء إلى نصف الليل، كما في حديث عبد الله بن عمرو، قال: «وقت العشاء إلى نصف الليل الأوسط (¬2)» والليل يختلف، فإذا كان الليل عشر ساعات بمضي خمس من الليل انتهى النصف، وإذا كان الليل اثني عشر بمضي ست ساعات انتهى النصف، فلا يجوز للمسلم أن يؤخر الصلاة بعد النصف، يصلي قبل النصف، والواجب أن يصلي في الجماعة إلا المعذور، كالمريض أو المرأة فليس لهم أن يؤخروها إلى ما بعد نصف الليل. س: علمت منكم سماحة الشيخ أن هناك وقتا أيضا يمكن أن يصلي فيه المسلم صلاة العشاء وهو بعد منتصف الليل (¬3). ج: إذا فاتته صلاها بعد النصف؛ لأن ما بعد النصف وقت ضرورة ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 19 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612). (¬3) السؤال العاشر من الشريط رقم 19

إلى طلوع الفجر، مثل من فاتته صلاة العصر حتى اصفرت الشمس، يصليها ولو بعد اصفرار الشمس، ويكون آثما إذا كان تعمد هذا، ولكن صلاتها في الوقت، ولكن ليس له أن يؤخر إلى ما بعد نصف الليل، وليس له أن يؤخر العصر إلى ما بعد اصفرار الشمس، لكن لو أنه مثلا عرض عارض، واصفرت الشمس ليس له التأخير، بل يبادر ويصلي قبل غروب الشمس صلاة العصر، ويتوب إلى الله إن كان متعمدا، وهكذا العشاء لو أخرها غفلة منه أو سهوا منه حتى انتصف الليل عليه التوبة مع فعلها بعد نصف الليل. لا يؤخر إلى الفجر، يجب أن يبادر حتى يصليها بعد نصف الليل مع التوبة إلى الله إذا كان عن تعمد، أما إن كان عن نسيان أو عن نوم فلا شيء عليه. س: هل ينتهي وقت صلاة العشاء بحلول منتصف الليل (¬1)؟ ج: نعم، إذا انتصف الليل انتهى وقت العشاء بنص النبي عليه الصلاة والسلام، يبقى وقت الضرورة كما بعد اصفرار الشمس في وقت العصر لو صلاها بعد نصف الليل تكون في الوقت، لكن مع الإثم إذا أخرها عامدا، أما إذا كان ناسيا فلا شيء عليه. ووقت الضرورة يمتد إلى طلوع ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 186.

الفجر، وكل ما كان بعد نصف الليل كان في وقت الضرورة، ولا يجوز له التأخير؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «وقت العشاء إلى نصف الليل (¬1)» ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612).

حكم تأخير صلاة العشاء عن أول وقتها

25 – حكم تأخير صلاة العشاء عن أول وقتها س: ما حكم تأخير صلاة العشاء عن وقتها، وهل ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تأخيرها حديث (¬1)؟ ج: نعم، صلاها مرة متأخرا، وقال: «إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي (¬2)» وكان يستحب أن يؤخر العشاء بعض الشيء، عليه الصلاة والسلام، فوقتها إلى نصف الليل، فإذا اتفق أهل القرية، أو أهل المسجد على التأخير فلا بأس إلى ثلث الليل قبل نصف الليل إذا اتفقوا فلا بأس فهو أفضل، وإلا فالسنة أن يبكر بها حتى لا يشق على الناس، كما كان ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 222 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى: "لو أن لي بكم قوة " برقم (7239)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب وقت العشاء وتأخيرها، برقم (638).

النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، كان عليه الصلاة والسلام إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا أخرها، وأخرها في بعض الأوقات فقال: «إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي (¬1)» وكان أخرها إلى ثلث الليل، وفي بعض الأحاديث إلى قرب شطر الليل. فالحاصل أن الإمام لا يشق على الناس؛ بل يصلي بهم كالعادة يبكر، لكن إذا كانوا يستحبون التأخير، واتفقوا معه على التأخير إلى ثلث الليل قبل نصف الليل فلا بأس مهما تأخروا فهو أفضل إذا تراضوا عليه. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى: "لو أن لي بكم قوة " برقم (7239)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب وقت العشاء وتأخيرها، برقم (638).

حكم تأخير صلاة العشاء إلى ما بعد منتصف الليل

26 – حكم تأخير صلاة العشاء إلى ما بعد منتصف الليل س: سمعت بأنه يجوز أن يؤخر الإنسان صلاة العشاء إلى ما بعد منتصف الليل، فهل هذا صحيح في بعض الأحيان (¬1)؟ ج: لا يجوز تأخيرها عن نصف الليل، النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت إلى نصف الليل، أما بعد نصف الليل فلا، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «وقت العشاء إلى نصف الليل (¬2)» الصلاة تصلى قبل نصف الليل. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 426 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612).

س: إنني في بعض الأيام أكون متعبة كثيرا، فأنام ولا أقوم لصلاة العشاء إلا بعد منتصف الليل، كيف توجهونني؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: الواجب عليك، وعلى غيرك أداء الصلاة قبل نصف الليل، وإذا كنت متعبة فبادري بها أول وقتها إذا غاب الشفق، يعني إذا أذن العشاء بكري بالصلاة ونامي – والحمد لله – أما التأخير حتى يفوت الوقت فلا يجوز لا للمريض ولا للصحيح، والواجب أن تصلى في وقتها، ووقتها إلى نصف الليل، فإذا كان الليل عشر ساعات إذا مضى خمس من الليل انتهى الوقت، لا يجوز تأخيرها لأكثر من خمس، وإذا كان الليل اثني عشر ينتهي الوقت من الساعة السادسة بعد غروب الشمس، المقصود أنه لا يجوز للرجل ولا للمرأة تأخير الصلاة - صلاة العشاء – إلى بعد نصف الليل ولو كان مريضا؛ بل يلزمه أن يقدمها قبل نصف الليل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ووقت العشاء إلى نصف الليل (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 320. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612).

بيان السنة للإمام في تأخير صلاة العشاء في حق الرجال

27 – بيان السنة للإمام في تأخير صلاة العشاء في حق الرجال س: ما حكم تأخير صلاة العشاء عن وقتها؟ لأن بعض الناس

يقولون: إن تأخيرها عن وقتها للنساء أفضل (¬1). ج: السنة في العشاء في حق الرجال إذا رآهم الإمام اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا أخر بعض الشيء حتى يجتمعوا، هكذا النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعلها في صلاة العشاء إذا رآهم اجتمعوا وتواصلوا صلى، وإذا رآهم تأخروا لم يعجل عليه الصلاة والسلام حتى يتلاحقوا. أما المرأة فتصلي في بيتها متى تيسر لها ذلك، إذا غاب وقت المغرب غاب الشفق الأحمر، وأذن العشاء تصلي سواء في أول الوقت أو في آخره، وقت العشاء ينتهي إلى نصف الليل، تصلي قبل نصف الليل - والحمد لله – متى يسر الله لها، من غروب الشفق إلى نصف الليل، والأذان علامة على دخول الوقت إذا دخل وقت العشاء، فإذا صلت بعد الأذان حصل المقصود، أو تأخرت بعض الوقت لا بأس، لكن يكون قبل نصف الليل. س: السائلة: ن. ح. س. من حائل تقول: سمعت من بعض الناس أنهم يقولون بأن صلاة العشاء تؤخر إلى الساعة العاشرة فقط، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم 308.

وينتهي وقت الصلاة، فهل هذا صحيح (¬1)؟ ج: صلاة العشاء وقتها إلى نصف الليل، والليل يختلف: يطول ويقصر، فالواجب أن تؤدى الصلاة قبل النصف؛ لأن الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقت العشاء إلى نصف الليل، فالواجب على الرجال والنساء أن يقدموا الصلاة قبل النصف، فالرجل يصلي في الجماعة في المساجد، والمرأة تلاحظ هذا حتى تصلي قبل النصف. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 368.

بيان المدة التي يجوز تأخير صلاة العشاء إليها

28 – بيان المدة التي يجوز تأخير صلاة العشاء إليها س: تقول السائلة: هل من الأفضل تأخير صلاة العشاء؟ وكم يكون مقدار هذا التأخير (¬1)؟ ج: نعم، الأفضل إذا لم يكن هناك حرج التأخير إلى ثلث الليل، ولا بأس أن يؤخر إلى قبيل نصف الليل، ولا يؤخر عن نصف الليل، فإن نهاية الوقت نصف الليل؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ووقت ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 128.

العشاء ما لم ينتصف الليل (¬1)» فإذا أخر إلى ثلث الليل مثل المرأة في بيتها، والجماعة في قرية أو في محل، يختارون التأخير ولا مشقة عليهم، فلا بأس أن يؤخروا؛ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أخر ذات ليلة حتى قرب النصف، وبعض الروايات إلى ثلث الليل، بين أنه لوقتها، وقال: «لولا أن أشق على أمتي (¬2)» الحاصل أنه إذا اتفق أهل القرية، أو جماعة مسافرون، أو أهل البيت من المرضى والنساء أن يؤخروها، وأنه لا مشقة عليهم فهو أفضل، تأخيرها عن أول وقتها إلى وسط وقتها، أو إلى ثلث الليل، أو إلى قبيل النصف هو أفضل؛ كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، أما إذا كانوا جماعة فيجب ملاحظة عدم المشقة عليهم، في المساجد تصلى في أول وقتها، وكان يستحب أن يؤخر العشاء عليه الصلاة والسلام، فلو أخر بعض الشيء حتى يتلاحقوا، ثم يصلي بهم، ولا يشق عليهم في التأخير الطويل، وكان عليه الصلاة والسلام إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا أخر، يراعيهم في العشاء؛ لأن الناس قد تكون لهم حاجات بين العشاءين، أو قد يكون ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في كتاب المواقيت، باب آخر وقت المغرب، برقم (522). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى: "لو أن لي بكم قوة " برقم (7239)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب وقت العشاء وتأخيرها، برقم (638).

عندهم ضيوف، أو قد يكون عندهم أشياء، فينبغي للإمام في القرية، وإمام المسجد أن يلاحظ أحوال جماعته، فإذا رآهم اجتمعوا عجل ولم يشق عليهم، وإذا رآهم تأخروا أخر مراعاة لأحوالهم؛ عملا بسنته عليه الصلاة والسلام.

بيان أن تأخير صلاة العشاء أفضل عند عدم الخروج

29 – بيان أن تأخير صلاة العشاء أفضل عند عدم الخروج س: يقول البعض: إن تأخير صلاة العشاء أفضل، فهل هذا القول صحيح؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: نعم، تأخير صلاة العشاء أفضل إلى ثلث الليل إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر؛ لخوف، النوم أو مشاغل تحدث لم يؤخرها؛ بل صلاها في أول الوقت، وهكذا الرجال، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رآهم اجتمعوا للعشاء عجلها، وإذا رآهم تأخروا أخرها عليه الصلاة والسلام، وصلاها ذات يوم وقد مضى ثلث الليل، وقال: «إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي (¬2)» فالأفضل مراعاة حال المأمومين في حق الرجال إذا ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 322 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى: "لو أن لي بكم قوة " برقم (7239)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب وقت العشاء وتأخيرها، برقم (638).

اجتمعوا، صلى بهم ولو في أول الوقت، وإذا تأخروا أخر، أما المرأة والمريض في البيت فإن الأفضل له التأخير، الأفضل تأخير صلاة العشاء إلا إذا كان يخشى أن ينام، أو يخشى من مشاغل أخرى فإنه يقدمها.

حكم تأخير صلاة العشاء للنساء

30 – حكم تأخير صلاة العشاء للنساء س: الأخت ع. م. ع. من بريدة حي السالمية، تسأل وتقول: سمعت أنه يستحب تأخير وقت صلاة العشاء للرجال، فهل يجوز ذلك للنساء (¬1)؟ ج: نعم، يستحب للرجال والنساء تأخير صلاة العشاء؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لما أخرها ذات ليلة إلى نحو ثلث الليل قال عليه الصلاة والسلام: «إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي (¬2)» فإذا تيسر تأخيرها من دون مشقة فهو أفضل، فلو كان أهل قرية، أو جماعة في السفر أخروها؛ لأنه أرفق بهم إلى ثلث الليل، فلا بأس بذلك؛ بل هو أفضل، لكن لا يجوز تأخيرها بعد نصف الليل، النهاية هي نصف الليل؛ ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 156. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى: "لو أن لي بكم قوة " برقم (7239)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب وقت العشاء وتأخيرها، برقم (638).

لأن وقت العشاء يتحدد آخره بنصف الليل، يعني الاختباري نصف الليل، كما في حديث عبد الله بن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «وقت العشاء إلى نصف الليل (¬1)» أما إذا كان تأخيرها قد يشق على بعض الناس فإن المشروع تعجيلها، ولهذا قال جابر رضي الله عنه: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في العشاء إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا أخرها (¬2)» وقال أبو برزة رضي الله عنه «كان النبي عليه الصلاة والسلام يستحب أن يؤخر من العشاء (¬3)» فالخلاصة أن تأخيرها أفضل إذا تيسر ذلك من دون مشقة، ولكن لا يجوز تأخيرها بعد نصف الليل؛ بل النهاية نصف الليل. س: إن والدتي - يحفظها الله – كثيرا ما تؤخر صلاة العشاء إلى ما بعد التاسعة والنصف، فإذا ناقشتها في ذلك قالت: إن وقت العشاء طويل، وهو لا يفوت إن شاء الله. فما هو توجيه ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت المغرب برقم (560). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العصر، برقم (547)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها، برقم (647).

سماحتكم؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: لا حرج في تأخير صلاة العشاء إلى آخر وقتها في حق النساء، وحق المعذورين، والمرضى الذين لا يحضرون الجماعة؛ بل تأخيرها أفضل إلى ثلث الليل، وربما يقارب نصف الليل؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بأصحابه ذات ليلة وقد مضى ثلث الليل، ثم قال: «إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي (¬2)» وكان عليه الصلاة والسلام في صلاة العشاء إذا رأى الناس اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا أخرها، فالأفضل تأخيرها في حق النساء والمرضى الذين لا يحضرون الجماعة، ومن أشبههم ممن له عذر في عدم حضور الجماعة، أما أهل المساجد فإنهم يصلون متى اجتمعوا، وإذا أخرها الإمام لانتظارهم حتى يجتمعوا فذلك أفضل؛ لفعله عليه الصلاة والسلام، ومتى اجتمعوا فإنه يعجلها ولا يشق عليهم. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 325. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، وقوله تعالى: "لو أن لي بكم قوة " برقم (7239)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب وقت العشاء وتأخيرها، برقم (638).

حكم النوم بين المغرب والعشاء

31 – حكم النوم بين المغرب والعشاء س: أنا طالبة في الكلية، ودائما لا نخرج منها إلا بعد الساعة الثانية،

وأكون منهكة، وأحاول الصبر إلى أن تحين صلاة العصر، ثم المغرب، وبعد ذلك أنام ولا أستيقظ إلا في الحادية عشرة ليلا، ثم أصلي العشاء، فهل علي إثم في تأخير صلاة العشاء إلى الحادية عشرة (¬1)؟ ج: النوم بين المغرب والعشاء مكروه، كان النبي يكره النوم قبلها والحديث بعدها، فينبغي الصبر حتى تصلي العشاء إذا غاب الشفق، ولكن لو أخرت العشاء وصليتها قبل نصف الليل فلا بأس، المعول عليه نصف الليل، والليل يختلف، فلا بد أن تصلي العشاء قبل نصف الليل، ولكن يكره لك النوم بين المغرب والعشاء، إذا استطعت ذلك، وإذا استرحت بين العصر وبين المغرب كان أولى من النوم بعد المغرب؛ لأن النوم بعد المغرب مكروه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يكره النوم قبله والحديث بعده، يعني بعد العشاء. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 166.

حكم تأخير صلاة العشاء إلى منتصف الليل

32 – حكم تأخير صلاة العشاء إلى منتصف الليل س: سائلة تقول: أنا أصلي العشاء في منتصف الليل، وأتذكر أمي

المتوفاة رحمة الله عليها، وأكثر لها من الدعاء، وأتذكر تصرفات أمي في جميع أرجاء البيت، فأنهمر بكاء، ولم أعد أقدر على الدعاء، ولم أعد أقدر أن أنام، فهل علي ذنب والحال ما ذكرت؟ جزاكم الله خيرا، وهل يلحق أمي تأثير بسبب هذا؟ أفيدوني ووجهوني، جزاكم الله خيرا (¬1). ج: الواجب عليك أن تقدمي الصلاة على نصف الليل، الصلاة قبل نصف الليل، صلاة العشاء إذا غاب الشفق الأحمر من جهة المغرب دخل وقت العشاء إلى نصف الليل، فعليك أن تصليها قبل نصف الليل، وأما الدعاء لوالدتك فهذا أمر مطلوب، النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (¬2)» والولد يشمل الذكر والأنثى، يقال للبنت: ولد، وللذكر: ولد، والمعنى أن دعاء الولد: الذكر أو الأنثى مطلوب وينفع الوالد، فأنت مأجورة على دعائك لها، لكن لا تنوحي ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 284. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631).

عليها، أما دمع العين فلا يضر لكن لا تنوحي، لا ترفعي الصوت، ومجرد دمع العين لا يضر، والواجب عليك الحذر، والمشروع الإكثار من الدعاء لها، جزاك الله خيرا.

حكم تأخير صلاة العشاء إلى الساعة الثانية عشرة للنساء

33 – حكم تأخير صلاة العشاء إلى الساعة الثانية عشرة للنساء س: هل صلاة العشاء بعد الثانية عشرة مساء للنساء هل هي جائزة؟ وهل تكره في الحادية عشرة والنصف مثلا (¬1)؟ ج: صلاة العشاء إلى نصف الليل، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وقت العشاء إلى نصف الليل (¬2)» فليس للمرأة أن تؤخرها إلى نصف الليل، والليل يختلف يطول ويقصر، فإذا كان الليل تسع ساعات فالنصف يكون الساعة الرابعة والنصف بالتوقيت الغروبي، وإذا كان الليل اثنتي عشرة ساعة بالتوقيت الغروبي صار النصف الساعة السادسة، فإذا بلغت السادسة هذا النصف ليس للمريض ولا للمرأة تأخيرها إلى نصف الليل، أما المعافى من الرجال فإنه يصلي مع الناس في المساجد، ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم 337. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612).

يلزمه ذلك، لكن لو صلى في البيت لمرضه، والمرأة كذلك فإن عليهما أن يصليا قبل النصف صلاة العشاء.

حكم تأخير الصلاة إلى ما بعد منتصف الليل لأجل المذاكرة

34 – حكم تأخير الصلاة إلى ما بعد منتصف الليل لأجل المذاكرة. س: الأخت ح. م. أ. من المملكة تقول: فتاة في أيام الامتحانات تذاكر، وجاء وقت صلاة العشاء ولم تصل، وتعلم بخروج الوقت إلى أن أصبحت الساعة الثانية عشرة ليلا، وبعدما انتهت من المذاكرة صلت العشاء، فما الحكم؟ وهي نادمة على ذلك، هل عليها كفارة (¬1)؟ ج: الواجب عليها التوبة إلى الله إذا خرج الوقت؛ لأن الوقت ينتهي بنصف الليل، فعليها أن تصلي العشاء قبل نصف الليل، فإذا تساهلت فعليها التوبة والاستغفار، تصلي ولو بعد نصف الليل، لكن تستغفر ربها ولا تعود، النبي قال: «وقت العشاء إلى نصف الليل (¬2)» يبتدئ حساب الليل من غروب الشمس بالساعة، المقصود أن السنة لها؛ بل الواجب ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 423. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612).

عليها وعلى غيرها أن تكون صلاة العشاء قبل نصف الليل، ولا بأس بتأخيرها بعد الثلث الأول قبل نصف الليل لا بأس، لكن التأخير إلى ما بعد نصف الليل لا يجوز.

حكم الصلاة في حالة النعاس الشديد

35 - حكم الصلاة في حالة النعاس الشديد س: إذا استيقظ أحد من نومه، وهو في حالة نعاس شديد، ووجد أنه لم يصل العشاء، هل يصلي العشاء وإن كان في حالة النعاس (¬1)؟ ج: يلزمه أن يصلي ويعالج الموضوع، يلزمه أن يقوم قبل خروج الوقت، يلزمه أن يجاهد نفسه، يتوضأ ويعتني بالسواك، ويفعل ما يعينه على محاربة النعاس حتى يصلي فريضته التي أوجب الله عليه، وليس له عذر أن ينام ويقول: أنا مشغول بالنعاس. يجب أن يحارب النعاس حتى يصلي الفريضة. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 204.

بيان امتداد الوقت الضروري للعشاء إلى طلوع الفجر

36 – بيان امتداد الوقت الضروري للعشاء إلى طلوع الفجر س: ما حكم صلاة العشاء الأخير قبل الفجر بساعة أو ساعتين (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 355.

ج: العشاء نهاية وقتها النصف، لا يجوز تأخيرها إلى نصف الليل، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وقت العشاء إلى نصف الليل (¬1)» فليس للناس أن يؤخروها إلى ما بعد النصف، إذا أخرها أثم، وهي في الوقت ما لم يطلع الفجر وقت ضروري، مثل لو أخر صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس حرم عليه، ولكنها في الوقت إذا صلاها حتى تغرب الشمس، لكن لا يجوز أن تؤخر العصر إلى أن تصفر الشمس، ولا يجوز أن تؤخر العشاء إلى نصف الليل. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت العشاء، برقم (572)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب أوقات الصلوات الخمس، برقم (612).

بيان أن صلاة الصبح هي صلاة الفجر

37 – بيان أن صلاة الصبح هي صلاة الفجر س: يخلط كثير من الناس بين صلاة الفجر وصلاة الصبح، كأنهم يجعلونها قسمين، فهل من توجيه؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: صلاة الصبح هي صلاة الفجر، ليس هناك فرق، صلاة الصبح هي صلاة الفجر ليس هناك صلاتان، وهي ركعتان فريضة بإجماع المسلمين بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس ركعتان، والأفضل أن تؤدى بغلس قبل الإسفار الكامل، يؤديها الرجل في جماعة، إلا المريض الذي لا ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 246.

يستطيع، فيصليها في البيت، والمرأة تصليها في البيت قبل الشمس، ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد طلوع الشمس، بل يجب أن تؤدى قبل طلوع الشمس، والأفضل في أول الوقت، وقت الغلس، مع بيان الفجر واتضاح الفجر وانشقاقه، يقال لها: صلاة الفجر، ويقال لها: صلاة الصبح، ويجب على المسلم أن يعتني بها، ويحافظ عليها في وقتها، ولا يجوز تأخيرها إلى طلوع الشمس كما يفعل بعض الناس يؤخرها حتى يقوم للعمل، هذا منكر عظيم، وهو كفر عند جمع من أهل العلم، نسأل الله العافية، فالواجب الحذر، وأن يحافظ عليها في وقتها الرجل والمرأة جميعا، ويشرع أن يؤدي قبلها ركعتين سنة راتبة، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعلها، ويحافظ عليها كما روت عائشة رضي الله عنها: «لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - على شيء من النوافل أشد تعهدا منه على ركعتي الفجر (¬1)» وكان يقول - صلى الله عليه وسلم -: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما عليها (¬2)» فينبغي المحافظة عليها، سنة الفجر ركعتان ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب تعاهد ركعتي الفجر، برقم (1163). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب سنة ركعتي الفجر، برقم (725).

خفيفتان، يقرأ فيها الفاتحة و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬1) في الأولى، وفي الثانية الفاتحة، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) وهذا هو الأفضل، أو يقرأ بآية البقرة: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} (¬3). . . . في الأولى، وفي الثانية، آية آل عمران: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا} (¬4). . . . فعل النبي هذا، وهذا عليه الصلاة والسلام، ومن قرأ بغير ذلك فلا بأس، فمن قرأ مع الفاتحة بغير ذلك فلا حرج، ولكن كونه يقرأ بما قرأ به النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا أفضل، ويقرأ بهاتين السورتين أيضا في سنة المغرب بعد الفاتحة: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬5) في الأولى، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬6) في الثانية، ويقرأ بها أيضا في ركعتي الطواف، كل هذا فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، يقرأ بهاتين السورتين بعد الفاتحة في سنة الفجر والمغرب وسنة الطواف، وإن قرأ في بعض الأحيان في سنة الفجر بآية البقرة: ¬

_ (¬1) سورة الكافرون الآية 1 (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة البقرة الآية 136 (¬4) سورة آل عمران الآية 64 (¬5) سورة الكافرون الآية 1 (¬6) سورة الإخلاص الآية 1

{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} (¬1). . . . وبآية آل عمران في الثانية، وهي قوله سبحانه: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ} (¬2). . . . فهذا أيضا سنة فعلها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن قرأ في هذه الركعات بغير ذلك فلا حرج؛ لقوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} (¬3) ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 136 (¬2) سورة آل عمران الآية 64 (¬3) سورة المزمل الآية 20

بيان أن صلاة الصبح إحدى الفرائض الخمس

38 – بيان أن صلاة الصبح إحدى الفرائض الخمس س: تسأل المستمعة وتقول: هل صلاة الصبح فرض أم نفل؟ ومتى وقتها؟ أرجو الإيضاح في ذلك جزاكم الله خيرا (¬1). ج: صلاة الفجر إحدى الفرائض الخمس بإجماع المسلمين، يجب على كل مكلف، وعلى كل مكلفة أداء الصلوات الخمس: الفجر ثنتان، والظهر أربع ركعات، والعصر أربع ركعات، والمغرب ثلاث ركعات، والعشاء أربع ركعات. يجب على جميع المكلفين من الرجال، ومن النساء من المسلمين، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 404.

يجب عليهم أن يصلوا هذه الصلوات الخمس بطمأنينة وإخلاص لله، يصلي الفجر ركعتين، يقرأ الفاتحة وما تيسر معها في الأولى، ثم يركع ويطمئن، ثم يرفع ويعتدل ويطمئن، ثم يسجد السجدتين ويطمئن فيهما، ويقول فيها: سبحان ربي الأعلى. ويقول في الركوع: سبحان ربي العظيم، ويجلس بين السجدتين، ويطمئن ويقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، ويطمئن ويعتدل بعد الركوع وهو واقف مطمئن قبل أن يسجد، ثم الركعة الثانية كذلك، ثم يجلس ويقرأ التحيات المعروفة، ثم بعد قراءة التحيات، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنه المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، ويدعو بما تيسر من الدعاء، ومن ذلك: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، ثم يسلم تسليمتين، السلام عليكم ورحمة الله عن يمنه، السلام عليكم ورحمة الله عن يساره، وفي الظهر أربع ركعات يصلي ركعتين بالفاتحة وما تيسر معها، ثم يجلس في التشهد الأول يقرأ التحيات إلى الشهادتين، وإذا صلى على النبي - صلى الله عليه وسلم - يكون أفضل، ثم يقوم يأتي بالركعة الثالثة والرابعة والعصر كذلك، والعشاء كذلك أربع ركعات، أما المغرب فثلاث. . . يصلي ركعتين، ويجلس في التشهد الأول، ثم يقوم ويأتي بركعة ثالثة،

ويجلس للتشهد الأخير، بعد الصلاة على النبي والدعاء ويسلم، إلا المسافر فإنه يصلي الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين قصرا، أما الفجر فعلى حالها في السفر والحضر، وهكذا المغرب على حالها في السفر والحضر، والواجب على كل مكلف أن يتعلم، ويتفقه في الدين، هذا هو الواجب؛ لأنه مخلوق لعبادة الله. الله يقول سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬1) والصلوات من هذه العبادة التي أنت مخلوق لها، فيجب أن تتعلم ويجب على المرأة أن تتعلم، تسال أهل العلم حتى تتفقه في دين الله، وحتى تكون على بينة، وهكذا الرجل يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (¬2)» ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (¬3)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «من ¬

_ (¬1) سورة الذاريات الآية 56 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين برقم 71، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة برقم 1037. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره برقم 1893.

سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة (¬1)» وأنا أنصح بسماع إذاعة القرآن؛ ففيها علم، وفيها نور على الدرب للعلماء، فيها محاضرات وندوات علمية مفيدة، أنصح جميع إخواني وأخواتي في الله أن يستمعوا لإذاعة القرآن، ويستفيدوا منها، وأن يسألوا أهل العلم عما أشكل عليهم، من طريق الهاتف، أو من طريق المكاتبة، لا بد من التفقه في الدين، لا بد من السؤال، وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء، والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر برقم 2699.

بيان أخر وقت صلاة الفجر

39 – بيان آخر وقت صلاة الفجر س: هذا السائل يقول: سماحة الشيخ، هل صلاة الصبح تحل مكان صلاة الفجر لظروف عملي، وعدم المقدرة على الاستيقاظ لصلاة الفجر؟ وما هو آخر وقت لصلاة الفجر؟ وما آخر وقت لصلاة الصبح؟ مأجورين (¬1) ج: الواجب عليك أن تصلي مع المسلمين، إذا أذن تذهب إلى المسجد وتصلي مع المسلمين، وآخر وقت لصلاة الفجر طلوع ¬

_ (¬1) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم 425.

الشمس، إذا طلعت ذهب الوقت، ولا يجوز تأخيرها إلى طلوع الشمس، ولا يجوز ترك الجماعة مع المسلمين، يجب أن تصلي مع المسلمين في المسجد، الله جل وعلا يقول: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (¬1) ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» قيل لابن عباس: ما هو العذر؟ قال: خوف أو مرض، وجاءه رجل أعمى فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: «هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب (¬3)» ولا يجوز أن يؤخر الصلاة إلى ما بعد طلوع الشمس، هذا كفر وضلال، نسأل الله العافية، التعمد هذا كفر وضلال، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكافر والشرك ترك الصلاة (¬4)» نسأل الله ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 43 (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

العافية، والأسباب المعينة: التبكير، كونه يذهب للنوم مبكرا لا يصيف، ويركد الساعة قبل الأذان حتى يقوم، أو يعمد أهله الطيبين يوقظونه، يفعل الأسباب، أما إذا كان يسهر ولا ينام إلا عند الفجر، هذا كالمتعمد، نسأل الله العافية، فعليه أن يبكر ولا يسهر، وعليه أن يعتني بالساعة يركدها قرب الأذان، أو يعمد أهله الطيبين يوقظونه، لا يتساهل، يفعل الأسباب.

حكم تأخير صلاة الفجر

40 – حكم تأخير صلاة الفجر س: قد يعيش مع الإنسان أناس يصلون، ولكنهم يتأخرون في صلاة الفجر بمقدار ساعة، ما هو التوجيه لو تكرمتم (¬1)؟ ج: الواجب على المسلم والمسلمة فعل الصلاة في الوقت، الفجر والمغرب والعشاء والظهر والعصر، يجب على المسلم أن يعتني بأداء الصلاة في الوقت، ولا يجوز لكل منهما تأخيرها عن الوقت، ويزيد الرجل في ذلك صلاتها في الجماعة في مساجد الله، والمرأة تصليها في البيت؛ لأنه خير لها، ولا يجوز له ولا لها التأخير عن الوقت، فالفجر تصلى قبل طلوع الشمس، والظهر بعد الزوال وقبل وقت العصر، ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 192.

والعصر في وقتها قبل أن تصفر الشمس، والمغرب في وقتها قبل أن يغيب الشفق، والعشاء في وقتها قبل أن ينتصف الليل، عليهما جميعا فعلها في الوقت، وعلى الرجل أن يصليها في الجماعة في مساجد الله لا في البيت، فصلاتها في البيت للرجل مشابهة لأعداء الله المنافقين، قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (¬1) فلا يجوز للمسلم أن يتشبه بأعداء الله المنافقين لا بالكسل في الصلاة والتثاقل عنها، ولا بفعلها في البيت؛ بل يجب أن يسابق إليها، وأن يؤديها مع الجماعة في مساجد الله في وقتها مع الجماعة، وعلى المرأة كذلك أن تؤديها في وقتها، وأن تحذر التكاسل والتثاقل؛ لأن هذا من صفات أهل النفاق، ولا يجوز تأخير الفجر إلى طلوع الشمس؛ بل يجب أن تصلى في الوقت، وما يفعله بعض الناس من تأخيرها حتى يقوم إلى العمل هذا منكر عظيم، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى كفر من فعل ذلك وتعمده، نسأل الله العافية. فالواجب الحذر، وأن يصليها في الوقت، وأن يحرص على أدائها في الجماعة، وألا يطيع الشيطان في ذلك، وعلى زوجته أن تعينه على ذلك ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 142

بالإيقاظ والوعظ والتذكير، وأن يتخذا ساعة منبهة تعينهما على ذلك، إلا إذا كان عندهما من يوقظهما، فالمقصود أن الواجب أن تؤدى الصلوات الخمس في أوقاتها جميعها مع الجماعة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (¬1)» فقد ثبت عنه في الصحيحين عليه الصلاة والسلام أنه هم أن يحرق على المتخلفين عن صلاة الجماعة بيوتهم؛ لعظم جريمتهم؛ ولأنهم متشبهون في ذلك بالمنافقين، فعلى المؤمن أن يحذر ذلك، وأن يتقي الله، وعلى المرأة أن تتقي الله، وأن تؤدي الواجب، فالصلاة تؤدى في وقتها، وهكذا بقية الواجبات، عليها أن تحرص عليها، وعلى الرجل أن يحرص على أداء ما أوجب الله عليه بالصلاة في وقتها، والزكاة في وقتها، والصيام في وقته، وهكذا على كل منهما أن يعتني بما أوجب الله عليه، وأن يحذر ما حرم الله عليه؛ لأن هذه الدار دار العمل، وكلاهما مخلوق للعبادة، يقول الله سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬2) لم يخلق للأكل والشرب والعمل فيما يحصل الدنيا، لا، خلق لعبادة ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). (¬2) سورة الذاريات الآية 56

الله، الرجل خلق ليعبد ربه، والمرأة كذلك، فالجن والإنس جميعا خلقوا ليعبدوا الله، وعبادة الله هي طاعته بفعل أوامره وترك نواهيه، والإخلاص له سبحانه، والتعظيم له، والصدق في ذلك، ومتابعة نبيه عليه الصلاة والسلام عن رغبة فيما عند الله، ورهبة فيما عنده سبحانه وتعالى، هكذا يجب على الرجال والنساء من الجن والإنس، رزق الله الجميع التوفيق والهداية. س: يقول السائل: أنا أحيانا أصلي الفجر قبل طلوع الشمس بخمس أو بعشر دقائق، هل صلاتي والحال ما ذكر مقبولة (¬1)؟ ج: نعم، إذا أديتها قبل طلوع الشمس صحت، ولكن لا يجوز لك التأخير؛ بل يجب عليك أن تصلي مع الجماعة في المساجد في بيوت الله جل وعلا، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» وقد سأله رجل أعمى قال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 237. (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793).

بالصلاة، قال: نعم. قال: فأجب (¬1)» فأمر هذا الأعمى أن يجيب إلى المساجد وهو أعمى، فكيف بالبصير؟ الواجب عليك أن تستيقظ قبل وقت الصلاة حتى تتأهب وتصلي مع الجماعة في مساجد الله، وإذا تأخرت ولم تحضر صلاة الجماعة وجب عليك أن تصلي في الوقت، وأن تبادر بها قبل طلوع الشمس، وأن تبتعد عن الخطر، لا تؤخرها إلى قرب طلوع الشمس؛ لئلا تطلع الشمس عليك، وعليك التوبة إلى الله من تأخيرك، ومن عدم الصلاة في الجماعة، عليك التوبة إلى الله، والندم، وعدم العودة إلى ذلك، وأن تجاهد نفسك جهادا كبيرا حتى تصلي مع الجماعة في وقت الصلاة؛ الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر كلها، الرجل يصلي مع المسلمين في المساجد، ولا يجوز له أن يتشبه بالمنافقين في أدائها في البيت، نسأل الله للجميع التوفيق. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

بيان ما يلزم من قام من النوم قبيل طلوع الشمس

41 – بيان ما يلزم من قام من النوم قبيل طلوع الشمس س: إنني أقوم صباحا في بعض الأيام متأخرا، ولم يبق على طلوع الشمس سواء ست أو سبع دقائق، وأتوضأ، فهل أبدأ بصلاة

الفرض أم بسنة الصبح، لأنني أخشى إن صليت السنة أن تطلع الشمس، ويخرج وقت صلاة الفرض (¬1)؟ ج: الواجب عليك أن تركد الساعة على وقت الفجر، أو قبله بقليل حتى تقوم قبل الأذان، وتتهيأ للصلاة، وتصلي مع المسلمين في الجماعة، ولا يجوز لك التأخير حتى يفوت وقت الجماعة أو يفوت الوقت، هذا حرام منكر، وتشبه بأعداء الله المنافقين، فالواجب على كل مسلم أن يعتني بالصلاة في الجماعة في الفجر وغيرها، ويستعين بالله، ثم بالساعة، الساعة نافعة إذا كان ما عنده من يوقظه حتى يستيقظ قبل الأذان، فيتمكن من الوضوء والغسل إن كان عنده زوجة، والحضور مع المسلمين في المساجد حتى يصلي مع الجماعة، هذا هو الواجب على المسلم، ولا يجوز له التأخر عن هذا والتساهل عن هذا، والتساهل بهذا من مشابهة المنافقين الذين قال الله فيهم سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (¬2) ثم يتوجه إلى المسجد، ويصلي مع الناس، وإذا كان فاتته الصلاة يبدأ بالسنة الراتبة ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 223. (¬2) سورة النساء الآية 142

يصلي ركعتين خفيفتين السنة الراتبة، ثم يصلي الفريضة، كان النبي يصليهما، ولو فات الوقت، ربما نام عن الصلاة في بعض أسفاره - صلى الله عليه وسلم -، فلم يستيقظ إلا بحر الشمس، فإذا قام أمر بالأذان، وصلى السنة الراتبة، وصلى الفجر عليه الصلاة والسلام، فالمؤمن إذا غلبه النوم، ولم يقم إلا متأخرا فإنه يصلي سنة الفجر، ثم يصلي الفريضة، ولو طلعت الشمس ولو بعد طلوع الشمس، السنة أن يقدمها قبل الصلاة، ولو عند طلوع الشمس، لكن لا يجوز له أبدا أن يتأخر في القيام إلى الصلاة إلى أن تفوته صلاة الجماعة؛ بل يجب وجوبا، ويتعين عليه أن يفعل الأسباب التي تجعله يستيقظ حتى يحضر الصلاة مع المسلمين في أوقاتها، الفجر وفي غيرها، رزق الله الجميع الهداية.

بيان المدة بين الأذان والإقامة

42 – بيان المدة بين الأذان والإقامة س: السائل ح. م. ع، من جمهورية مصر العربية يقول: نحن نعمل في مزرعة، ولا يوجد بها مسجد، وأنا أصلي الصلاة بعد الأذان بحوالي نصف ساعة، فهل هذا يكون في وقت الصلاة أم لا؟ وإذا لم يكن في وقتها فما هي المدة المحددة بين الأذان والإقامة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم 399.

ج: الأمر في هذا واسع والحمد لله، عندك التقويم، تعرف التقويم، تعمل بالتقويم المعروف، التقويم هذا معروف ومستقيم، لا بأس بالتقويم، تقويم أم القرى يكون عندك في مزرعتك حتى تعرف الأوقات، إذا كان ما تسمع الأذان، ما حولك مساجد يكون عندك التقويم، وتعمل به بعد التوقيت، ربع ساعة، ثلث ساعة، تصلي، نصف ساعة، لا بأس، في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ولكن المغرب يكون الأفضل لا تتأخر بعد عشر دقائق، ربع ساعة، تبادر بالمغرب؛ لأن الرسول كان يبادر به عليه الصلاة والسلام، المقصود يكون عندك نسخة من التقويم حتى تعرف الأوقات إذا كانت المساجد بعيدة عنك لا تسمع الأذان.

حكم الصلاة قبل الأذان

43 – حكم الصلاة قبل الأذان س: مستمعة تسأل عن والدها، فتقول: إنه يصلي قبل الأذان، فما هو توجيهكم (¬1)؟ ج: إذا كان يعلم أن المؤذن تأخر عن الأذان، وأن الوقت دخل، وهو معذور مريض لا يستطيع أن يذهب إلى المسجد له أن يصلي، أما أن ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 317.

يصلي هكذا بدون نظر فلا يجوز إلا بعد الأذان، لكن لو كان الإنسان حصيفا، ويعرف عن يقين أنه تأخر عن الوقت، وصلى قبل الأذان فلا بأس؛ لأن الإنسان يجب عليه أن يعرف الأوقات ويتأمل ولا يعجل، فإذا كان يعرف الأوقات، وصاحب الأذان تأخر في بعض القرى، أو في بعض المساجد صلى قبل الأذان؛ لأنه عرف أن الوقت قد دخل، أو لأن المؤذنين قد أذنوا سواه. فالحاصل أنه إذا عرف الوقت، وأن المؤذن قد تأخر، وصلى هو؛ لأنه مريض، أو لأنها امرأة تعرف الوقت فلا بأس، لكن الواجب الصبر، وعدم العجلة حتى يعرف الوقت، أو حتى يؤذن المؤذنون؛ لأنهم في الغالب على الوقت، فيؤذنون في أول الوقت، فلا حاجة إلى العجلة، بل يصبر حتى يؤذن المؤذن، لكن لو فرضنا أن إنسانا في محل، وتأخر المؤذن، والوقت معروف أنه دخل وصلى قبل الأذان فلا بأس. س: إذا صليت أحد الفروض قبل موعد الصلاة بما يقرب من عشر دقائق، وكان ذلك سهوا مني، هل تسقط عني تلك الصلاة أم ما زالت في ذمتي (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 217.

ج: إذا صليتها قبل الوقت فهي باطلة ولا تسقط عن ذمتك، مثلا صليت الظهر قبل الزوال، أو المغرب قبل غروب الشمس، أو الفجر قبل طلوع الفجر، فالصلاة باطلة، عليك أن تعيدها، ولا تبرأ الذمة إلا بإعادتها، ولا يجوز لك أن تصلي قبل الوقت أبدا؛ بل أنت آثم، وعليك التوبة من ذلك، والله المستعان.

حكم الصلاة أثناء الأذان

44 – حكم الصلاة أثناء الأذان س: الأخت أميمة تسأل عن القضية التالية: تقول: هل يجوز أن أصلي أثناء الأذان – أقصد صلاة السنة القبلية أو صلاة الفرض – دون أن أنتظر المؤذن حتى ينتهي (¬1)؟ ج: إذا دخل الوقت جازت الصلاة حتى ولو لم يؤذن، إذا دخل الوقت، وعرف المؤمن أو المؤمنة دخول الوقت لزوال الشمس مثلا، أو بغروب الشمس مثلا، أو بطلوع الفجر في الفجر صلى ولو لم يسمع أذانا، لكن إذا كان هناك اشتباه فلا ينبغي التعجل؛ بل ينبغي التأخر حتى يتحقق دخول الوقت، حتى يؤذن المؤذنون، وليس هناك حاجة للعجلة؛ ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 136.

بل يبقى الإنسان ذكرا كان أو أنثى، لا يستعجل حتى يتحقق دخول الوقت، أو يغلب على الظن دخوله بأسباب واضحة، ولا ينبغي التعجل في هذا، والمرأة بحمد الله عندها ساعة تبقى في بيتها، ولا تعجل حتى يؤذن المؤذنون، ويمضي وقت بعد الأذان أيضا حتى تحتاط لدينها، وليست مربوطة بالرجال، لكن تحتاط لدينها بالتأخر بعض الوقت بعد الأذان، أما الرجل فإنه يصلي مع الناس، ويذهب إلى المساجد، فإذا كان لا يستطيع لمرضه، أو كونه مقعدا يصلي في البيت، فهذا مثل المرأة لا يعجل حتى يتحقق الوقت، أو يغلب على ظنه دخول الوقت بالعلامات الدالة على ذلك، ولا يستعجل.

بيان ما يفعله الداخل إلى المسجد أثناء الأذان

45 – بيان ما يفعله الداخل إلى المسجد أثناء الأذان س: بالنسبة للرجل إذا دخل المسجد يا سماحة الشيخ أثناء تأدية الأذان، هل ينتظر الأذان حتى ينتهي أم يؤدي تحية المسجد (¬1)؟ ج: الأفضل ينتظر حتى يجيب المؤذن، ثم يصلي ركعتين حتى يجمع بين السنتين، يجيب المؤذن وهو واقف، ثم إذا أجاب المؤذن، وكمل ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 136.

ذلك صلى ركعتين، أما إذا كان يشق عليه الوقوف يصلي ركعتين والحمد لله.

حكم الصلاة بعد الأذان الأول للفجر

46 – حكم الصلاة بعد الأذان الأول للفجر س: السائلة هـ. ن. أ، من اليمن تقول: هل يجوز للمرأة أن تصلي صلاة الفجر بعد الأذان الأول، قبل الإقامة، وقبل الأذان الثاني؟ بحيث إنني سمعت أن المرأة ليس لها إقامة (¬1). ج: الواجب على الرجال والنساء ألا يصلوا الفجر إلا بعد طلوع الفجر الصادق، وبعد الأذان الذي على الفجر، أما الأذان الأول الذي يؤذن به في آخر الليل؛ لتنبيه الناس هذا ما يدخل به وقت الصلاة، ولا تصلى الفريضة بعده، ولكن إذا أذن المؤذن الذي يؤذن على طلوع الفجر الصادق على الصبح، فيصلي الرجال والنساء، أما الأذان الأول الذي قبل دخول الفجر قبل طلوع الفجر فهذا للإعلان فقط أن الفجر قريب، حتى يعلم الناس أنه قريب، الذي يوتر يوتر، والذي يقوم يتوضأ، وأما الفريضة فلا تصلى إلا بعد طلوع الفجر الصادق للرجل والمرأة ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 409.

جميعا وليس للمرأة إقامة ولا أذان، لكن متى طلع الفجر، وأذن المؤذن، سمعت الأذان تتأخر بعض الشيء ثم تصلي، لا تعجل حتى يمضي وقت من باب الاحتياط، فإذا مضى وقت ربع ساعة، ثلث ساعة، أو نصف ساعة صلت الفجر، ولا يلزمها التقيد بالمساجد، وأن تسمع الإقامة، صلاتها مستقلة، تصلي سواء سمعت الإقامة أو ما سمعت الإقامة، متى أذن ومضى وقت بعد الأذان ربع ساعة، ثلث ساعة؛ للاحتياط صلت الفريضة، وهكذا الظهر والعصر والمغرب والعشاء.

بيان عدم ارتباط صلاة المرأة في بيتها بصلاة الرجال في المسجد

47 – بيان عدم ارتباط صلاة المرأة في بيتها بصلاة الرجال في المسجد س: بعض النساء سماحة الشيخ ينتظرن حتى يخرج الرجال من المساجد (¬1)؟ ج: هذا لا أصل له، صلاة المرأة ليست مربوطة بصلاة الرجال، تصلي في بيتها متى دخل الوقت، وأذن المؤذن والحمد لله، الرجال لهم صلاتهم، وهي لها صلاتها في بيتها غير مربوطة بالرجال. س: تقول السائلة: عندما يؤذن المؤذن هل يصح للمرأة أن تصلي أم ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 409.

تتأخر قليلا حتى تقام الصلاة، وبعد ذلك تصلي لنفسها (¬1)؟ ج: ليس لها ارتباط بالرجال؛ بل متى دخل الوقت فإنها تصلي، سواء كان قبل صلاة الرجال، أو بعد صلاة الرجال، وليس لها ارتباط بإقامة الصلاة في المساجد؛ بل متى أذن ومضى بعض الوقت فإنها تصلي، ولا تبادر من حين الأذان؛ لأنه قد يكون الأذان مبكرا، فإذا تركت قليلا، وتمهلت قليلا ثم تصلي فهو أحسن؛ احتياطا من دخول الوقت. س: هل يجوز للمرأة التي تصلي في بيتها، أن تصلي قبل إقامة الصلاة في الجامع، وأنا أصلي قبل الإقامة، وذلك لأن أكثر صلوات الفجر لم أصلها إلا قضاء، بسبب ذلك أني أسمع الأذان وأقوم، ولكن كثيرا ما يغلبني النعاس وأنام، ولا أصحو إلا بعد زوال وقت الصلاة؛ وذلك لأني أنتظر مدة طويلة حتى يقيم الإمام، ولكني فضلت أن أسأل فأعمل بما أسمع منكم، جزاكم الله خيرا (¬2)؟ ج: عليك أن تصلي إذا دخل الوقت، وليس عليك أن تنتظري الإمام، ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 111. (¬2) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 224.

هذا لا أصل له، صلاة المرأة مستقلة، تصلي قبل الإمام أو بعد الإمام ليس لها تعلق بالإمام، والحمد لله.

حكم تأخير الصلاة بعد الأذان

48 – حكم تأخير الصلاة بعد الأذان س: ما حكم من أخر صلاة فرض ولو دقائق معدودة بعد أن سمع الأذان، وذلك بدون عذر قوي (¬1)؟ ج: السنة أن يتأخر بعد الأذان قليلا، وأن لا يبادر بعد الأذان؛ لأنه قد يبكر بالأذان، قد يكون أذن قبل الوقت، فالاحتياط أن تكون الصلاة بعد الأذان بدقائق، كربع ساعة، ثلث ساعة، نصف ساعة، كل هذا لا بأس به، لكن المغرب الأولى فيها التبكير أكثر من غيرها؛ لأن وقتها أقصر من غيرها، فالأفضل التبكير بها كما كان النبي يبكر بها عليه الصلاة والسلام، فإذا صلاها بعد الأذان بعشر دقائق، بثمان دقائق فحسن، وإن أخرها ربع ساعة، ثلث ساعة لا حرج في ذلك، المقصود أنه لا حرج أن يصلي الصلاة في أول وقتها، أو في وسط وقتها، أو في آخر وقتها، لكن الأفضل أن تكون في أول وقتها، هذا هو الأفضل، إلا إذا اشتد ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 115.

الحر في الظهر، فالأفضل أن يؤخرها حتى ينكسر الحر، وهكذا في العشاء الأفضل فيها التأخير إلى الثلث الأول من الليل، إلا إذا اجتمع أهل المسجد، فإن السنة أن يبادر وألا يعطلهم، وهكذا المريض والمرأة في البيت إذا أخرا بعض الوقت في صلاة العشاء فهو أفضل، وإن اقتضت المصلحة التبكير؛ لأن كلا منهما يحتاج إلى النوم المبكر في أول الليل، بكر بها. الخلاصة أن العشاء يستحب فيها التأخير إلى ثلث الليل، أو ما يقارب ذلك، هذا هو الأفضل إذا لم يكن في هذا مضرة على أحد، وهكذا في صلاة الجماعة في العشاء يستحب للإمام أن يؤخرها إذا لم يجتمعوا، فإن اجتمعوا عجل، وهكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطؤوا أخر عليه الصلاة والسلام، والظهر كذلك لشدة الحر، إذا اشتد الحر كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبرد بالظهر، ويأمر بالإبراد، هذا هو السنة. س: الأخت س. أ. تسأل وتقول: هل صحيح أنه لا تجوز الصلاة إلا بعد نصف ساعة من الأذان (¬1)؟ ج: ليس بصحيح، متى دخل الوقت جازت الصلاة، ولو بعد دقائق ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 204.

قليلة، متى علم دخول الوقت، زالت الشمس للظهر، صار ظل كل شيء مثله بعد الزوال دخل العصر، وإذا غربت الشمس يصلي المغرب، وإذا غاب الشفق الأحمر من جهة المغرب يصلي العشاء، ومتى طلع الفجر يصلي الفجر، أما تحديد نصف ساعة، أو ثلث ساعة، أو ربع ساعة هذا لا دليل عليه، ولكن لكونه يتأنى بعد الوقت قليلا حتى يطمئن، ويتوثق من دخول الوقت، وإن كان إماما تأخر حتى يجتمع الناس، ويتلاحق الناس لا يعجل، يتأخر ربع ساعة، ثلث ساعة حتى يتلاحق الناس في المسجد، هذا مشروع مأمور به؛ حتى لا تفوتهم الصلاة. كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتأنى بعد الأذان، ولا يعجل عليه الصلاة والسلام، فالسنة للمؤمن أن يلاحظ سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، في الصلاة وغيرها، والمرأة كذلك لا تعجل، لو تأخرت قليلا حتى تتيقن الوقت؛ لأن بعض المؤذنين قد يبكر، بعض المؤذنين ليس عندهم الضبط المطلوب، قد تكون ساعته أيضا متقدمة، فالتأخر ربع ساعة، ثلث ساعة، بعد الأذان يكون فيه احتياط للرجل والمرأة جميعا، للرجل الذي يصلي مفردا كالمريض، وللإمام حتى يحضر الناس إلى المسجد، وحتى يلحقوا الصلاة؛ لأن كثيرا من الناس لا يقوم للصلاة إلا بعد الأذان، يقوم يتوضأ ثم يأتي، فلا ينبغي للمؤمن أن يعجل، والمفرد الذي في بيته

لمرضه لا يعجل، والمرأة كذلك لا تعجل للتأكد من دخول الوقت، والحيطة لهذا الأمر.

حكم تأخير الصلاة لسماع برامج دينية

49 – حكم تأخير الصلاة لسماع برامج دينية س: إذا كان هناك برنامج أحب الاستماع إليه، لكنه يأتي في وقت الصلاة، فهل أستمع إلى ذلك البرنامج، علما بأنه برنامج ديني، أم أبدأ بتأدية الصلاة؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: الواجب عليك أن تبدأ بالصلاة في الجماعة، أما إذا كنت مريضا أو مسافرا يمكن أن تؤخر قليلا لتسمع الفائدة؛ فلا بأس، أما إذا كان هذا الاستماع يفوت صلاة الجماعة فلا يجوز ذلك؛ بل عليك أن تصلي مع الجماعة. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 294.

حكم تأخير الصلاة بسبب الأعمال المنزلية

50 - حكم تأخير الصلاة بسبب الأعمال المنزلية س: هل أداء الصلاة بعد الأذان بساعة أو ساعتين بسبب أداء أعمال البيت من غسيل وطبخ وغير ذلك هل يعتبر هذا حراما أم جائزا (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم 331.

ج: لا حرج في أداء الصلاة في أول الوقت، وفي وسطه، وفي آخره، لا حرج في ذلك، ولكن في أوله أفضل إذا تيسر ذلك، الصلاة في أوله أفضل، إلا العشاء الأفضل التأخير إلى ثلث الليل إذا تيسر ذلك بدون مشقة، وفي شدة الحر في أيام الصيف الأفضل تأخير الظهر بعض الشيء حتى يبرد الوقت، وما سوى هذين الوقتين فالأفضل التبكير، وإذا دعت الحاجة إلى التأخير من أجل مشاغل البيت أو الأطفال فلا حرج في ذلك بشرط العناية؛ لئلا تؤخر إلى وقت آخر، لا بد أن تكون الصلاة في وقتها، وإذا أخرت إلى نصف الوقت أو آخر الوقت للحاجة فلا بأس، إلا أن الأفضل دائما الصلاة في أول الوقت بعد دخول الوقت بربع ساعة، ثلث ساعة يكون أفضل، إلا في الحالتين: شدة الحر في الظهر، وصلاة العشاء الأفضل فيها التأخير إذا لم يجتمع المأمومون في المسجد، أما إذا اجتمعوا فالأفضل تبكيرها، وهكذا في البيت للمريض والمرأة الأفضل التأخير، إلا إذا دعت الحاجة للتعجيل، هذا بالنسبة للعشاء خاصة، وبالنسبة للظهر الأفضل التأخير في وقت الحر حتى يبرد الوقت للجميع؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا اشتد الحر فأبردوا

بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم (¬1)» هكذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان يفعل هذا في البلد وفي السفر، الأفضل التأخير حتى يمضي نصف الوقت، يعني حتى ينكشف الحر. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الإبراد بالظهر في شدة الحر، برقم (534)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر، برقم (615).

حكم الاكتفاء بالإقامة عن الأذان

51 – حكم الاكتفاء بالإقامة عن الأذان س: هل يكتفى بالإقامة فقط بدون أذان عندما يكون قد اقترب وقت انتهاء الصلاة (¬1)؟ ج: إذا كان قد أذن غيره، إذا كان قد أذن المؤذنون في البلد فلا بأس، أما إذا كان ليس فيه إلا هو فإن عليه أن يؤذن حتى يعلم الناس دخول الوقت. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 331.

حكم منع العمال من الصلاة والواجب عليهم

52 – حكم منع العمال من الصلاة والواجب عليهم س: يقول السائل: إنه يعمل في إحدى المؤسسات، وليس هناك وقت محدد لأداء الصلوات، ويرجو التوجيه، ويقول: إن المسئول عن

الشركة يعارضه إذا أراد تأدية صلاته (¬1). ج: الصلاة لا بد منها، وهي مستثناة من العمل، والذي يقوم على الشركة إذا أبى لا يطاع، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الطاعة في المعروف (¬2)» ويقول: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (¬3)» فإذا جاء وقت الصلاة فالواجب عليك وعلى إخوانك المسلمين أن تصلوا جميعا الصلاة في وقتها: ظهرا أو عصرا أو مغربا أو عشاء أو فجرا، على حسب حالكم في العمل، إذا جاء الوقت صلوا جميعا، ثم ارجعوا إلى عملكم، وإذا كان المأمور من جهة الشركة يأبى ذلك فارفعوا أمره إلى من فوقه، وأخبروه أن هذا الأمر لا بد منه، وأنه لا يجوز لكم أن تتأخروا عن صلاتكم؛ لأجل قوله أو قول غيره، ولكن لا مانع من تأخيرها عن أول الوقت إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وأن تصلوها في وسط الوقت لا ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 144. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1840). (¬3) أخرجه أحمد في مسند البصريين، حديث الحكم بن عمرو الغفاري، برقم (20656).

حرج في ذلك.

حكم تقديم أداء الصلاة قبل وقتها

53 – حكم تقديم أداء الصلاة قبل وقتها س: يسأل يقول: سمعت من رجل يقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الصلاة قبل وقتها بسبب القتال، فهل صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن قام بذلك (¬1)؟ ج: يجوز عند الحاجة الجمع بين الصلاتين إذا كان في السفر، يجمع بين الصلاتين عند الحاجة للقتال، أما أن يصليها قبل وقتها، فلا لكن يؤخر لا بأس؛ لأنه يجوز التأخير، فلا يصلي الظهر قبل وقتها، ولا يصلي المغرب قبل وقتها، لكن يجوز أن يؤخر المغرب مع العشاء والظهر مع العصر المسافر، وفي حالة القتال والحاجة إلى الجميع، وله أن يؤخرها أيضا عن وقتها إذا اضطر إلى ذلك، كما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أخر العصر حتى صلاها بعد المغرب يوم الأحزاب لما اضطره المشركون إلى ذلك وقت الحرب، فإذا اضطر إلى ذلك جاز أن يؤخر الصلاة عن وقتها، لا يقدمها؛ بل يؤخرها عند الضرورة شدة الحرب، وله ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 257.

أن يصلي الصلاة، كما صلاها النبي وقت الخوف، يصليها كفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يجعل الغزو طائفتين: طائفة تصلي معه، وطائفة تقوم حذاء العدو تحرس العدو لئلا يهجم، ويصلي بهم كما صلى بهم الرسول - صلى الله عليه وسلم -، يصلي في الأولى ركعتين إذا كان في السفر قصرا، ثم تذهب تحرس، وتأتي الطائفة الأخرى تصلي وحدها، أو يصلي بهذه ركعة ثم تكمل لنفسها، ثم تذهب تحرس، ثم تأتي الثانية وتصلي معه ركعة ثانية، ثم تقضي لنفسها، ثم تجلس معه ويسلم بها، كل هذا فعله - صلى الله عليه وسلم -. وفعل أمر آخر، وهو أنه صلى بهذه ركعتين وبهذه ركعتين، صلى بطائفة ركعتين، ثم ذهبت تحرس، ثم جاءت الطائفة الأخرى وصلى بها ركعتين، وصارت الركعتان له الأخيرتان نافلة، كل هذا فعله عليه الصلاة والسلام. وله أفعال أخرى في الخوف إذا كان العدو أمام القبلة له أن يجمعهم جميعا ويصلي بهم جميعا، وإذا سجد في الركعة الأولى سجد معه الصف الأول، وبقي الصف الثاني يحرس ينظر، فإذا قام الصف الأول من السجود سجد الصف الثاني، هذا كله أيضا فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، الخوف له حالات متنوعة، وإذا اضطر إلى أن يؤدي الصلاة، وأن يؤخرها عن وقتها فالصواب أنه لا حرج في ذلك؛ لفعله - صلى الله عليه

وسلم - يوم الأحزاب، وقد فعله الصحابة في قتال الفرس، كما ذكر أنس رضي الله عنه أنهم في بعض الأيام التي لاقوا فيها العدو الفرس عند فتح تستر، فتحوها عند طلوع الفجر في وقت صلاة الفجر، وشغل الناس عن الصلاة؛ لأن بعضهم صار على السور، وبعضهم على الأبواب، وبعضهم نزلوا في البلد، فاشتد القتال والحصار، فلم يتمكنوا من صلاة الفجر، فأخروها حتى صلوها ضحى. قال أنس رضي الله عنه: فما أحب أن أعطى بها كذا وكذا، يعني لأنا أخرناها لأمر شرعي، وحاجة شديدة وضرورة، فلا حرج في هذا على الصحيح.

حكم جمع الصلوات من أجل التفرغ للبيع والشراء

54 - حكم جمع الصلوات من أجل التفرغ للبيع والشراء س: سائلة تقول: في سفري أخرج في الصباح، وأصل المنزل بعد العشاء بفترة، فأصلي قبل الخروج الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصرا مع بعضها، هل هذا صحيح أم لا؟ وكذلك إذا خرجت للسوق قبل العصر، وأصل المنزل بعد العشاء، هل أصلي العصر والمغرب قبل الخروج من المنزل؛ لأن وقت السوق محدود (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط 282.

ج: ليس لك قصر ولا جمع، الواجب عليك الإتمام، هذا غلط عظيم، الواجب عليك أن تصلي الصلاة في وقتها، الظهر أربعا، والعصر أربعا، والمغرب ثلاثا، والعشاء أربعا، ولو كنت في السوق صلي في السوق في الوقت، والحمد لله. أما الجمع بين الصلاتين فهذا منكر، ليس لك الجمع من أجل السوق والبيع والشراء، ولكن تصلين في البيت إذا خرجت بعد زوال الشمس بعد أذان الظهر، صلي في البيت الظهر فقط، وإن كان بعد العصر إذا أذن صلي العصر فقط، ثم اذهبي للسوق، وإذا جاء المغرب وأنت في السوق اذهبي للبيت، وصلي في البيت، أو صلي في السوق إن كان البقاء لا بد منه صلي في السوق، ثم ابقي في السوق حتى يأتي وقت العشاء، ثم صلي العشاء في السوق، أما الجمع بينهما فهذا منكر عظيم لا يجوز، وإذا كنت فعلت شيئا من هذا فعليك الإعادة، إذا كنت صليت العصر قبل وقتها، أو الظهر قبل وقتها، أو المغرب قبل وقتها أو العشاء قبل وقتها، فعليك الإعادة مع التوبة إلى الله، هذا منكر عظيم، نسأل الله السلامة والعافية.

حكم تأخير الصلاة عن وقتها والمداومة على ذلك

55 – حكم تأخير الصلاة عن وقتها، والمداومة على ذلك س: ما حكم من أخر صلاة الفريضة حتى يخرج وقتها وداوم على

هذا العمل (¬1)؟ ج: هذا منكر وحرام عليه، لا يجوز له ذلك؛ بل الواجب أن يصلي الصلاة في وقتها، هذا هو الواجب، كما قال الله سبحانه: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (¬2) هي موقوتة على المؤمنين، يعني مفروضة في أوقاتها، فالواجب على المؤمن أن يصليها في الوقت، وليس له تأخيرها إلى ما بعد الوقت، لا الرجل ولا المرأة، يجب عليها جميعا أن تفعل الصلاة في الوقت، فالظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، والفجر في وقتها، وليس لأحد أن يؤخر الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، وليس لأحد أن يؤخر المغرب إلى غروب الشفق، وهكذا ليس لأحد أن يؤخر الظهر إلى وقت العصر، ولا أن يؤخر العصر إلى أن تصفر الشمس، كل هذا لا يجوز، وعلى من فعله التوبة إلى الله، والرجوع إليه سبحانه وتعالى، وقد قال بعض أهل العلم: إنه يكفر بذلك؛ لأنه أخرجها عن وقتها الشرعي. فالحاصل أن هذا منكر عظيم يجب الحذر منه، وأن يجتهد المؤمن ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 39. (¬2) سورة النساء الآية 103

والمؤمنة في فعل الصلاة في وقتها بكل عناية، هذا هو الواجب.

حكم التيمم للصلاة خوفا من خروج الوقت

56 – حكم التيمم للصلاة خوفا من خروج الوقت س: هل علي إثم في ترك الوضوء خوفا من فوات الوقت أم لا بد أن أتوضأ (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل، إن كنت قمت من النوم بأن غلبك النوم وقمت فإنك تتوضأ، ولو خرج الوقت، أو ناسيا ثم انتبهت فإنك تتوضأ ولو خرج الوقت، وقتك وقت استيقاظك ووقت انتباهك، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «من نام عن صلاة، أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك (¬2)» أما إذا كنت متساهلا، ليس عندك نسيان ولا نوم فالواجب عليك أن تصليها في وقتها، ولو بالتيمم لو ضاق الوقت، وليس لك التأخير؛ لأنك حينئذ ظالم بالتأخير معتد، فالواجب عليك البدار أن تصلي في الوقت قبل خروج الوقت ولو بالتيمم، نسأل الله السلامة. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 336. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684)، وأبو يعلى في مسنده، ج 5، ص 409، برقم (3086).

حكم تأخير الصلاة للخوف وعدم القدرة على الوضوء

57 – حكم تأخير الصلاة للخوف، وعدم القدرة على الوضوء س: تقول السائلة: هل يجوز أيضا تأخير الصلاة لخوف، وعدم قدرة على الوضوء (¬1)؟ ج: تأخيرها عن وقتها لا يجوز، وعن أول الوقت لا بأس، وهكذا المريض لا بأس أن يؤخر الظهر إلى العصر، والمغرب إلى العشاء، والمسافر كذلك، أما تأخيرها عن الوقت فلا يجوز لا للمريض ولا لغيره، لكن المريض له الجمع: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، وهكذا المسافر، فإذا أخر المريض الظهر مع العصر، والمسافر الظهر مع العصر فلا حرج، لكن ليس لهما أن يؤخراها إلى أن تصفر الشمس، وليس لهما أن يؤخرا العشاء إلى ما بعد نصف الليل؛ بل الواجب أن يصليا الصلاتين في وقت واحد إحداهما، وإذا كان يخاف فإنه يصلي على حسب حاله، وعلى حسب قدرته، فالخوف يختلف، إن كان الخوف لخروجه من بيته إلى المسجد يصلي في البيت، وإن كان الخوف من صلاته قائما صلى قاعدا، وإن كان الخوف من صلاته قاعدا صلى على جنب، فالخوف يختلف ولا يضيع الوقت. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 128.

س: هل يجوز تأخير الصلاة لآخر وقتها؛ للخوف، أو للبحث عن الماء، أو لطلب حاجة ضرورية، فقد تنقضي في آخر الوقت (¬1)؟ ج: يجوز، لكن لا يفوتها، يجوز أن يؤخرها إلى آخر الوقت حتى يصلي في آخر الوقت لطلب الماء، أو لشغل مهم يخشى فواته، وأما إذا استطاع أن يصليها في أول الوقت فهو الأفضل، وإذا كان هناك جماعة وجب عليه أن يصلي مع الجماعة مع المسلمين في بيوت الله عز وجل في المساجد، أما إذا كان وحده كالمريض أو في السفر ليس عنده أحد، وشغل عن ذلك بشيء مهم فصلاته في آخر الوقت لا حرج فيها، لكن يحذر عن تأخيرها عن الوقت، وهو جائز في أوله وفي أوسطه وفي آخره، لكن فعلها في أول الوقت أفضل، إلا إذا اشتد الحر فيشرع تأخير الظهر حتى يبرد، وهكذا العشاء إذا تأخر الجماعة شرع للإمام أن يتأخر حتى يجتمعوا، كما كان النبي يفعله عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 331.

حكم تأخير الصلاة لضرورة

58 – حكم تأخير الصلاة للضرورة س: طبيب يعمل بالعمليات الطارئة، مما يؤدي أحيانا إلى انشغاله

عن الصلاة حتى خروج الوقت، ماذا يصنع؟ قيل له: إنه في تلك الحالة عليه أن يؤدي الصلاة بأي طريقة، ما هي هذه الطريقة وفقكم الله (¬1)؟ ج: الواجب على المسلم أن يصلي الصلاة في وقتها، وألا يشغل عنها بشيء، اللهم إلا من شيء ضروري الذي لا حيلة فيه كإنقاذ غريق، إنقاذ من حريق، ومن هجوم عدو، هذا لا بأس به بأن تؤخر الصلاة ولو خرج وقتها، أما الأمور العادية التي لا خطر فيها فلا يجوز تأخير الصلاة من أجلها، فقد ثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما حصر أهل مكة المدينة يوم الأحزاب أخر صلاة الظهر والعصر إلى ما بعد المغرب. وفي الرواية الأخرى: صلاة العصر إلى صلاة المغرب من شغله بالقتال، وثبت عن الصحابة لما حاصروا تستر، وانفلق الفجر والقتال قائم، والناس على الأسوار، وعلى الأبواب أجلوا صلاة الفجر حتى فتح لهم، ثم صلوها ضحى؛ لئلا يفوت الفتح، ولئلا يتراجع الكفار، فإذا كان مثل هذا جاز التأخير؛ لأنه شيء ضروري، ومثل إنقاذ حريق، أو حريق وقع في البيت، أو غريق في نهر أو شبهه، فبادر بإنقاذه فإنه ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 38.

يجوز ذلك ولو قدر أنه تفوته الصلاة في وقتها بهذا السبب؛ لأن إنقاذ النفوس المسلمة المعصومة له أهمية عظيمة، ولأن هذا الخطر قد لا يستدرك لو قدم الصلاة فتفوت مصلحة، فجاز التأخير؛ لأنه شيء لا يفوت الصلاة كما يؤخر الإنسان بالجمع والمرض ونحوه، هذا أعظم من ذلك، إذا جاز تأخير الظهر إلى العصر، والمغرب إلى العشاء للمرض والسفر جاز تأخيرها عن وقتها، العصر عن وقتها، أو الفجر عن وقتها؛ لإنقاذ غريق أو من حريق ونحو ذلك أسهل وأولى.

بيان وجوب الصلاة في الوقت وعلى حسب الحال

59 – بيان وجوب الصلاة في الوقت وعلى حسب الحال س: الأخ: خ. ح. خ. من البحرين يسأل ويقول: إنه يعمل في البحر، ووظيفته حساسة إلى أبعد الحدود كما يصورها، ويقول: إنه لا يستطيع أن يصلي كثيرا من الصلوات في أوقاتها، كما أنه لا يصلي الجمعة إلا مرتين في الشهر؛ نظرا لعدم تمكنه من ذلك، ويرجو من سماحتكم التوجيه، جزاكم الله خيرا (¬1). ج: الواجب على كل مسلم أن يصلي الصلاة في وقتها، وليس له ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم 257.

تأخيرها عن وقتها؛ بل يجب على المؤمن أن يصليها على حسب حاله، إن كان مريضا صلاها قاعدا، أو كان عاجزا صلاها على جنبه، أو مستلقيا على حسب طاقته، وليس له التأخير، لكن لا مانع من أن يجمع بين الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء إذا كان مسافرا، أو كان مريضا، أو كان في حالة مطر، وشق عليه الخروج إلى المساجد، فالمقصود أنه لا بد من عذر شرعي، وكونه في البحر لا يمنع من كونه يصلي الصلاة في وقتها، فإذا أراد أن يغوص في البحر فينظر للوقت المناسب فيغوص في الأوقات المناسبة التي لا تمنع أداء الصلاة في وقتها، وإذا كان له أعمال في البحر أخرى لا بد أن يراعي أوقات الصلاة حتى لا يخل بها، تكون أعماله متفقة مع الأوقات حتى لا يخل بالصلاة، وليس له عذر شرعي أن يقدم أعماله الدنيوية والتجارية على الصلاة في وقتها، هذا ليس بعذر لا في البحر ولا في البر ولا في الجو، أما إذا عرض له عارض من مرض أو نوم ليس باختياره، هذا شيء عفا الله عنه، المريض يجمع بين الصلاتين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، النائم غلبه النوم من غير تعمد منه إذا استيقظ يصلي، لكن التعمد لا، لا يتعمد تأخيرها عن وقتها، ولا تقديمها على وقتها. وأما إن كان عمله ليس من الغواصين، وإنما عمله على ظهر

السفينة فإن هذا أشد في وجوب الملاحظة، لا عذر له، يجب عليه أن يفعل الصلاة في وقتها، مهما كانت الحال، أمر الله مقدم، حق الله مقدم.

حكم تأخير الصلاة عن وقتها لعذر شرعي

60 – حكم تأخير الصلاة عن وقتها لعذر شرعي س: متى يعذر الشخص بتأخير الصلاة عن وقتها (¬1)؟ ج: يعذر في الحروب، الحروب التي يعمل فيها، مثل ما أخر النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب صلاة الظهر والعصر حتى صلاها بعد المغرب بسبب الحرب، لم يتمكن من فعلها على الصحيح، وجمهور أهل العلم يقول: لا يؤخر حتى في الحرب يصلي على حسب حاله حتى في الحرب، لكن الصواب أنه إذا غلبه الأمر، وغلبه القتال جاز أن يؤخر، كما فعل النبي يوم الأحزاب، وكما فعل الصحابة في قتال الفرس يوم تستر، أخروا الفجر حتى صلوها ضحى؛ لأنها صادفت وقت الحرب، وقت نزول الناس البلد، وبعضهم على أبواب البلد، وبعضهم على الأسوار لم يتمكنوا من فعل صلاة الفجر، حتى فتحوا البلد، وصلوها ضحى، فالمقصود أن تأخير الصلاة عن وقتها لا يجوز ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 257.

إلا في العذر الشرعي في الجمع بين الصلاتين، كالمريض، والمسافر يجمع بين صلاتي الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، هذا جمع، أما أن يؤخر الصبح إلى ما بعد طلوع الشمس، أو العصر إلى الليل، أو المغرب إلى ما بعد العشاء، أو العشاء إلى ما بعد نصف الليل، أو بعد الفجر هذا لا يجوز؛ بل يجب عليه أن يصلي في الوقت، ولو جمعا إذا كان معذورا.

حكم التناوب في العمل من أجل الصلاة

61 – حكم التناوب في العمل من أجل الصلاة س: كيف تنصحون الناس إذا كانوا مجموعة، هل تنصحونهم بالتناوب بأن يقوم شخص بالعمل، وآخر يؤدي الفريضة مثلا (¬1)؟ ج: في الإمكان أن يتناوبوا، إذا كان هناك عمل ضروري، يتناوبون حتى يصلي الكل في الوقت، مثل ما في صلاة الخوف، طائفة يصلون مع الإمام، ثم يذهبون يحرسون، ثم تأتي الطائفة الأخرى تصلي معه والحمد لله، فكذلك إذا كان في البحر، أو في أي مكان، والحاجة ماسة إلى أن يبقى بعض الناس في العمل الذي لا بد من البقاء فيه، يصلون ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 257.

جماعة، ثم إذا فرغوا صلت الجماعة الأخرى، إذ التناوب في مثل هذه الأحوال الضرورية وارد.

حكم الترتيب بين الفوائت

62 – حكم الترتيب بين الفوائت س: حصلت علي نومة في منتصف النهار، حتى فاتتني صلاة الظهر، هل من الممكن أن أصلي مع العصر؟ وهل أبدأ بصلاة الظهر أم أبدأ بصلاة العصر؟ جزاكم الله خيرا، وحدثوني أيضا عن الإقامة لكل من الفريضتين، جزاكم الله خيرا (¬1). ج: من فاتته صلاة الظهر من أجل نوم أو نسيان أو غير ذلك، ثم انتبه يبدأ بالظهر قبل العصر؛ لأن الله رتبهما، وفرض الظهر قبل العصر، الواجب أن يبدأ بالظهر فيصليها، ثم يصلي العصر، ويسن الإقامة لكل واحدة، أما الأذان فقد كفى أذان أهل البلد والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 344.

حكم من صلى العصر قبل الظهر

63 – حكم من صلى العصر قبل الظهر س: نمت قبل الظهر، فلما استيقظت وجدت أناسا يصلون الظهر،

وفكرت أنهم يصلون العصر، فدخلت معهم بنية العصر، فهل أصلي بعد انقضاء الصلاة ظهرا أم لا، ومتى أصليها وفقكم الله (¬1)؟ ج: هذا السائل في جوابه تفصيل، إن كان حين صلى معهم العصر ظن أنه قد صلى الظهر، في اعتقاده قد صلى الظهر، وظنهم يصلون العصر؛ لأنه في اعتقاده قد صلى الظهر أجزأته صلاة العصر، وعليه أن يصلي الظهر بعد ذلك؛ لأنه صلى العصر ظانا أنه قد صلى الظهر، فتكون صلاته صحيحة، أما إذا كان تعمد صلاة العصر، وهو يعلم أنه عليه الظهر فإنها لا تجزئه، فعليه أن يعيد العصر بعد ما يصلي الظهر، يصلي الظهر أولا ثم يصلي العصر؛ لأن الله رتب هذه بعد هذه، فالواجب أن تؤدى كما فرضها الله، يصلي الظهر أولا، ثم يصلي العصر، لكن إذا صلى الإنسان العصر ناسيا يحسب أن ليس عليه ظهر، ثم بان أن عليه الظهر بعدما صلى العصر أجزأته. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 15.

بيان فضل صلاة العصر وخطورة تركها

64 – بيان فضل صلاة العصر وخطورة تركها س: حدثونا عن صلاة العصر جزاكم الله خيرا؛ حيث سمعت حديثا

عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (¬1)» (¬2). ج: صلاة العصر أمرها عظيم، وهي الصلاة الوسطى، وهي أفضل الصلوات الخمس، قال الله جل وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬3) وخصها بالذكر زيادة، فالواجب على كل مسلم وكل مسلمة أن يعتني بها أكثر، ويحافظ عليها، ويجب أن يحافظ على كل الصلوات الجميع بطهارتها، والطمأنينة فيها وغير ذلك، وأن يعتني بها في الجماعة للرجل، وخصها النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (¬4)» وقال: «من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله (¬5)» هذا يعني سلب أهله وماله، وهذا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553). (¬2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 248. (¬3) سورة البقرة الآية 238 (¬4) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553). (¬5) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب إثم من فاتته العصر، برقم (552)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب التغليظ في تفويت صلاة العصر، برقم (626).

خسارة عظيمة، ودليل على مكانة الصلاة، والصواب أن من ترك بقية الصلوات يحبط عمله أيضا؛ لأنه قد كفر على الصحيح، لكن تخصيص النبي بذكر صلاة العصر يدل على مزية عظيمة، وإلا فالحكم واحد، من ترك صلاة الظهر، أو المغرب، أو العشاء، أو الفجر تعمدا بطل عمله، لأنه يكفر بذلك، لا بد أن يحافظ على الصلوات الخمس كلها، فمن ترك واحدة فكأنما ترك الجميع، لا بد من المحافظة على الصلوات الخمس جميعا في أوقاتها من الرجل والمرأة، ولكن صلاة العصر لها مزية عظمى في شدة العقوبة وشدة الإثم، وفي عظم الأجر لمن حافظ عليها، واستقام عليها مع بقية الصلوات.

حكم تعزية من فاتته صلاة العصر

65 – حكم تعزية من فاتته صلاة العصر س: سمعت بعضا من الناس يقولون: إن من فاتته صلاة العصر يعزيه الناس بالتعزية المعروفة لأهل الميت، وبعضهم من قال: نعم، يعزى إذا فاتته الصلاة، لكن هو في الصلوات كلها عام، وقالوا في هذه المسألة: موجود حديث يروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، هل ما ذكره أولئك صحيح، وما المقصود بهذه

التعزية؟ جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله (¬2)» يعني سلب أهله وماله، المعنى أنها مصبية عظيمة، ولكن لا أذكر الآن أن السلف كانوا يعتادون التعزية في ذلك، وثبت عنه أيضا عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (¬3)» فالحاصل أن فوات الصلوات الخمس أو إحداها كل ذلك من المصائب العظيمة، فينبغي للمؤمن أن يحرص على المحافظة عليهن والاستقامة في ذلك، والحرص على ذلك، والمسابقة إليه حتى لا تقع هذه المصيبة العظيمة، أما كونه يشرع للمؤمن أن يعزي أخاه إذا علم أنه فاتته صلاة العصر أو غيرها من الصلوات، فلا أعلم شيئا في هذا عن النبي، ولا عن الصحابة سوى ما ذكرته. والمقصود من هذا الحديث التحذير والترهيب من التساهل في ترك الصلاة، أو فواتها في الجملة، أو فوات وقتها، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 166. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب إثم من فاتته العصر، برقم (552)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب التغليظ في تفويت صلاة العصر، برقم (626). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553).

س: كثر الترهيب في ترك صلاة العصر سماحة الشيخ، لعل لكم توجيها (¬1)؟ ج: الظاهر - والله أعلم – لأنها أفضل الصلوات؛ لأنها الصلاة الوسطى صلاة العصر، فجاء فيها ما لم يجئ في غيرها، ولعل أيضا من الأسباب أنها صلاة تأتي بعد إنهاك العمل للإنسان وتعب الإنسان، فقد يتساهل في عدم أدائها في وقتها أو في الجماعة، وكان من حكمة الله أن بين عظيم شأنها، حتى لا يتساهل بها أحد لا في الجماعة ولا في وقتها، وهي ختام النهار، والأعمال بالخواتيم، فجاء فيها من الأحاديث ما لم يأت في غيرها، والحكم واحد يجب على المؤمن أن يحافظ على الجميع، ويحرص على الجميع لأنها كلها فرض على المؤمن، وكلها عمود الإسلام، فالواجب المحافظة، ولكن تخصص العصر بمزيد العناية، كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، وكما جاء في الحديث الآخر: «أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو علموا ما فيها لأتوهما ولو حبوا (¬2)» المقصود أن المؤمن يجب عليه أن ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 166. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651).

يحافظ على الجميع، وأن يتخذ الأسباب التي تعينه على ذلك، وأن يخص العصر والفجر والعشاء بمزيد عناية، حتى لا يشبه المنافقين، وحتى لا تفوته صلاة العصر التي فيها الوعيد الشديد.

بيان وجوب صلاة الجماعة مع المسلمين في المساجد

66 - بيان وجوب صلاة الجماعة مع المسلمين في المساجد س: سماحة الشيخ، هناك أمر مطلوب من المسلم بخصوص الصلاة، وذلك الأمر هو أن تكون في جماعة في المساجد، لعل لكم تعليقا (¬1). ج: نعم، هذا من المهمات، يجب على الرجل أن يعتني بالجماعة، وألا يصلي في بيته لا الفجر ولا غيره من الصلوات؛ بل يجب أن يحضر مع المسلمين، وأن يصلي مع المسلمين، كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فقد قال عليه الصلاة والسلام: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» قيل لابن عباس ما العذر؟ قال: خوف أو مرض. وجاءه رجل أعمى، فقال يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أصلي في بيتي؟ قال: «هل ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 166. (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793).

تسمع النداء بالصلاة، قال: نعم. قال: فأجب (¬1)» ولم يرخص له مع أنه أعمى، وليس له قائد يلائمه، لم يرخص له أن يتخلف عن الصلاة مع المسلمين في المساجد، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه هم أن يحرق على المتخلفين بيوتهم، وذلك يدل على أن الأمر عظيم، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (¬2)» وفي لفظ: «إلى منازل قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم (¬3)» هذا يدل على أن الأمر عظيم، وأن المتخلفين جديرون بهذه العقوبة، فينبغي للمؤمن؛ بل يجب عليه أن يحذر صفات المنافقين، وأن يبادر بالمحافظة على الصلاة في الجماعة في جميع الأوقات طاعة لله ورسوله، وحذرا من غضب الله وعقابه. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الخصومات، باب إخراج أهل المعاصي، برقم (2420).

حكم من نام عن صلاة العصر واستيقظ وقت صلاة المغرب

67 – حكم من نام عن صلاة العصر واستيقظ وقت صلاة المغرب س: إذا نام المسلم قبل صلاة العصر، ولم يكن هناك ما يوقظه، فلم يستيقظ إلا في صلاة المغرب أثناء إقامة الصلاة، فهل يصلي المغرب أولا أم يصلي العصر، علما أنه لو صلى العصر ستفوته صلاة جماعة المغرب (¬1)؟ ج: لا بد من الترتيب، يصلي العصر، ثم يصلي المغرب، ليس معذورا في هذا أن يقدم المغرب، ولهذا لما فاتت النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة العصر يوم الأحزاب صلاها، ثم صلى المغرب عليه الصلاة والسلام، صلاها بعد المغرب، ثم صلى المغرب. الحاصل أنه لو نام عن العصر، أو نسيها، ثم ذكر فإنه يصلي العصر، ثم يصلي المغرب. س: بعض المرات تفوتني صلاة مثل صلاة العصر، ويأتي موعد صلاة المغرب، فماذا أفعل؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (¬2). ج: عليك أن تبدأ بصلاة العصر، أن تبادر بها وتصليها مع التوبة ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 232. (¬2) السؤال العشرون من الشريط رقم 167

والاستغفار، ثم تصلي المغرب، ولا تبدأ بالمغرب، فلو صليت معهم بنية العصر، ثم إذا سلم قمت فأتيت بالرابعة بنية العصر أجزأ على الصحيح، ولكن ينبغي لك أن تقدمها، ثم تصلي المغرب معهم.

حكم النوم قبل العشاء حتى خروج وقتها

68 – حكم النوم قبل العشاء حتى خروج وقتها س: أنا فتاة في العشرين تقريبا، درست حتى الصف السادس، وتعينت مدرسة للبنات بعد الظهر، وأرجع الرابعة عصرا، ثم أصلي العصر والمغرب، وأجلس أقرأ القرآن، ثم أضطجع وأقرأ انتظارا للعشاء كي أصلي وأنام، ثم أنام بدون صلاة؛ لكثرة التعب دون أن أصلي، فماذا أفعل والحال هكذا، علما بأني أنام دون انتباه حتى الصباح، ثم أقضيه في الليلة التالية فهل علي شيء (¬1)؟ ج: هذا عمل منكر لا يجوز أبدا، فالواجب عليك أن تصلي العصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، قد كره النبي - صلى الله عليه وسلم - النوم بعد المغرب، كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها؛ لأنه يكون وسيلة لترك العشاء، فلا يجوز لك التساهل بهذا ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 274.

الأمر؛ بل يجب عليك أن تشتغلي بما يمنع النوم حتى تصلي العشاء بعد دخول وقتها إذا دخل وقتها بغروب الشفق الأحمر، إذا غاب الشفق الأحمر دخل وقت العشاء، وليس لك التساهل بهذا الأمر؛ بل يجب وجوبا عظيما شديدا أن تحذري النوم الذي يفضي بك إلى ترك صلاة العشاء، اشتغلي بشيء مع أهلك حتى يدخل وقت العشاء، ثم تصلي العشاء، ولا تصلي العصر إلا في وقتها لا تؤخريها للمغرب، صلي العصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، والفجر في وقتها، والظهر في وقتها، هذا هو الواجب عليك، يقول الله جل وعلا: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (¬1) والنبي - صلى الله عليه وسلم - وقت الصلوات وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬2)» عليه الصلاة والسلام، فالواجب عليك، وعلى غيرك العناية بهذا الأمر، وأن تؤدي الصلاة في وقتها لا قبله ولا بعده؛ بل في وقتها، الظهر بعد زوال الشمس قبل وقت العصر، والعصر إذا دخل وقتها، وذلك بأن يصير ظل كل شيء مثله بعد الفيء الذي زالت عليه الشمس، وعليها أن تصلي ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 103 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631).

العصر قبل أن تصفر الشمس في وقتها قبل أن تصفر الشمس، والمغرب إذا غابت الشمس، والعشاء إذا غاب الشفق الأحمر، والفجر إذا طلع الفجر وقبل طلوع الشمس، هذا واجب على جميع المسلمين.

حكم من نسي صلاة حتى خرج وقتها

69 – حكم من نسي صلاة حتى خرج وقتها س: في يوم ما لم أصل العشاء، ولم أتذكر ذلك إلا في صباح اليوم التالي: كيف أفعل (¬1)؟ ج: يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نسي صلاة، أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (¬2)» متى ذكرتها بعد الصبح صلها، في الضحى صلها، صلها في الظهر، صلها متى ذكرتها، فإن ذكرتها قبل الفجر فصلها قبل الفجر، فإن لم تذكرها إلا بعد الفجر فصلها بعد الفجر، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 104. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684).

كيفية صلاة من استيقظ بعد طلوع الشمس

70 – كيفية صلاة من استيقظ بعد طلوع الشمس س: أخذني النوم ذات يوم عن صلاة الفجر، ولم أستيقظ إلا بعد

طلوع الشمس، واحترت هل أصلي النافلة أولا، ثم الفريضة أم أبدأ بالفريضة، كيف يكون الحال لو تكرر الأمر مرة أخرى؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: السنة أن تبدأ بسنة الفجر بالركعتين، تصلي ركعتين خفيفتين سنة الفجر، ثم تصلي الفريضة، هكذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ناموا عن الصلاة في بعض أسفاره - صلى الله عليه وسلم - نام عن الصلاة هو وأصحابه، فلم يستيقظوا إلا بحر الشمس، فلما استيقظوا أمر بالأذان فأذن بلال، وتوضؤوا وصلوا السنة الراتبة، ثم أمر بالإقامة وصلوا الفريضة، هذا هو المشروع. س: الأخ: م. ص. غ. من الجمهورية التونسية يسأل يقول: أيهما تصلى أولا صلاة الصبح الفريضة أم سنة الفجر، وذلك بعد طلوع الشمس إذا غلبك النوم مع العلم أن المصلي منفرد (¬2)؟ ج: إذا غلب النوم على إنسان، ولم يستيقظ إلا بعد الشمس يبدأ بالسنة سنة الفجر، ثم يصلي الفريضة، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 220. (¬2) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 153.

والسلام أنه في بعض أسفاره نام هو وأصحابه عن الفجر، فلم يستيقظوا إلا بحر الشمس، فلما استيقظوا أمرهم أن يقودوا رواحلهم عن مكانهم، وقال: «إنه موضع حضرنا فيه الشيطان (¬1)» وتوضأ وتوضؤوا، وأمر بلالا فأذن وصلى السنة الراتبة، ثم صلى الفريضة عليه الصلاة والسلام، فهذا هو السنة، أن يبدأ بالسنة الراتبة ركعتين ثم يصلي الفريضة. س: المستمعة من اليمن تقول: إذا تأخرت عن صلاة الفجر – أي بعد طلوع الشمس – فهل أصلي السنة، ثم الفرض أم الفرض دون السنة (¬2)؟ ج: إذا نام الإنسان عن صلاة الفجر يصلي النافلة قبل ركعتين، ثم الفريضة، النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره أخذهم النوم فلم يستيقظوا إلا بحر الشمس، فلما استيقظوا صلاها كما يصليها في وقتها، أمر بالأذان، ثم صلى الراتبة، ثم صلى الفريضة عليه الصلاة والسلام، فالمرأة أو الرجل إذا غلب عليهم النوم ولم يستيقظوا إلى ما بعد طلوع ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (680). (¬2) السؤال الخمسون من الشريط رقم 427.

الشمس يصليها كما كان يصليها في الوقت، يصلي الراتبة، ثم يصلي الفريضة، لكن لا يجوز التساهل في هذا؛ بل يجب على الرجل والمرأة فعل الأسباب من ضبط الساعة على وقت الصلاة، أو تنبه الأهل ليوقظوهم، ولا يتساهلوا في هذا، يجب على المؤمن أن يعتني بالصلاة في وقتها، سواء كان بإيجاد ساعة يركدها على الوقت، أو بتنبيه أهل البيت يوقظونه، ويوقظون المرأة كذلك، الصلاة في وقتها أمر لازم وفريضة، ولا يجوز التساهل في هذا، التساهل في هذا من صفات المنافقين، نسأل الله العافية.

توجيه من ينام عن صلاة الفجر حتى تطلع الشمس

71 – توجيه من ينام عن صلاة الفجر حتى تطلع الشمس س: يسأل السائل ويقول: إنه مقصر في صلاة الفجر، وينام عنها ولا ينهض إلا عند طلوع الشمس في الساعة التاسعة، ويعمل جميع الوسائل ولكن بدون فائدة، وأشعر بعد ذلك بالحزن والضيق، فأرجو من سماحتكم توجيهي إلى ما فيه الخير (¬1). ج: الواجب على المؤمن أن يجاهد نفسه حتى يؤدي الصلاة في ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 416.

وقتها مع الجماعة، وأنت أيها السائل يجب عليك أن تعتني بهذا الأمر إن كنت تسهر اترك السهر، وبكر بالنوم حتى يعينك ذلك – إن شاء الله – على القيام في وقت الصلاة، وإن كان هناك أسباب أخرى اتركها حتى تنام، وحتى تستيقظ في وقت الصلاة، لا بد من الجهاد، الله يقول جل وعلا: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (¬1) ويقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬2)؛ فلا بد من الجهاد، ولا بد من الصبر، فعالج الأمر بالشيء الذي تستطيعه، ادرس الأسباب التي تسبب لك هذا الكسل، وهذا الضعف حتى تعرف الأسباب، وابتعد عنها سواء كانت الأسباب تتعلق بالسهر، أو بأشياء أخرى؛ حتى تنام مستريحا، وتقوم على الوقت، وتركد الساعة على الوقت الذي يناسب، سواء وقت الأذان أو قبله بقليل، حتى يتيسر لك الوضوء أو الغسل إذا كان عليك غسل بسهولة، المقصود لا بد من علاج، وسؤال الله التوفيق والإعانة، ولا تضعف في هذا الأمر؛ بل يجب أن تعالج بترتيب النوم، وبتعاطي أسباب اليقظة في وقت الصلاة. ¬

_ (¬1) سورة العنكبوت الآية 69 (¬2) سورة البقرة الآية 238

س: سماحة الشيخ، هل له أن يوصي الجيران والإخوان الحريصين على صلاة الفجر لإيقاظه في ذلك (¬1)؟ ج: نعم، طيب هذا، من باب التعاون على البر والتقوى، إذا كان قد ينام وقد لا يسمع الساعة في شدته، لا بد أن يوصي أهله الذين عنده في البيت: أمه، وأخواته يجاهدون معه، يوقظونه، عليهم التعاون معه، الله جل وعلا يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (¬2) فعلى أمه وعلى أخته وعلى من في البيت أن يساعدوه في هذا؛ لأنه قد لا يسمع الساعة في شدة نومه. س: إنني ولله الحمد أصلي جميع الصلوات في المسجد إلا الفجر، فإني دائما أصليها بعد شروق الشمس، والسبب في ذلك أنني أكون نائما، فهل أنا آثم على ذلك؟ أفتوني مأجورين (¬3). ج: يجب عليك يا عبد الله أن تصلي في المسجد الفجر مع الجماعة مثل بقية الصلوات، لا يجوز لك أن تؤخرها إلى طلوع الشمس؛ بل هذا ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 416. (¬2) سورة المائدة الآية 2 (¬3) السؤال السابع من الشريط رقم 298.

منكر عظيم؛ بل كفر أكبر عند جمع من أهل العلم، نسأل الله العافية، إذا عزمت عليه وصممت عليه، الواجب عليك أن تتقي الله، وأن تصلي مع الناس الصلاة في وقتها الفجر وغيره، وعليك أن تتقي الله في عدم السهر حتى تقوم إلى الصلاة، وعليك أيضا أن تستعين بالساعة التي تعينك على ذلك، أو ببعض أهل بيتك حتى يوقظوك، أو تركد الساعة على طلوع الفجر حتى تقوم، يعني هي من أسباب العون على هذا الخير، ساعة خراشة دقاقة تعين، ترتبها على طلوع الفجر حتى تستعين بها، هذا لازم. فالواجب عليك أن تتخذ الأسباب التي تعينك على أن تصلي مع الجماعة الفجر وغيره، ولا يجوز لك أبدا أن تتساهل في هذا الأمر؛ بل هذا من صفات أهل النفاق، هذا العمل من صفات أهل النفاق نعوذ بالله، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (¬1) فالواجب عليك الحذر من صفاتهم، وقال فيهم سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (¬2) وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 142 (¬2) سورة النساء الآية 145

وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا (¬1)» فاتق الله، واحذر التساهل بشيء من الصلوات الخمس الفجر وغيرها، وعليك أن تتقي الله في أدائها في المسجد مع الجماعة مع إخوانك، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع النداء ولم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» قيل لابن عباس: ما هو العذر؟ قال: خوف أو مرض. وجاءه - صلى الله عليه وسلم - رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي رخصة من الصلاة في بيتي؟ فقال له - صلى الله عليه وسلم -: «هل تسمع النداء؟ قال: نعم. قال: فأجب (¬3)» رجل أعمى ليس له قائد يقال له: أجب، كيف بحال البصير الطيب الصحيح، الواجب على كل مسلم أن يتقي الله، وأن يصلي في الجماعة جميع الأوقات، وأن يحذر تأخيرها عن وقتها، حتى ولو كان مريضا فلها وقت فلا يؤخرها عن وقتها، ولو كان مريضا في البيت يصليها في وقتها، فكيف بالصحيح، نسأل الله السلامة والعافية. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يحب إتيان المسجد على من سمع النداء، برقم (653).

س: أنا شاب وعندي مشكلة، وهي أني أصلي جميع الفروض ما عدا صلاة الفجر، فهي تفوتني كل صبح إلا ما شاء الله تعالى، وأنا في حيرة من أمري وقلق من هذه الحالة التي أنا فيها، أرجو أن أجد حلا لمشكلتي هذه (¬1). ج: هذه المشكلة ليست لك وحدك؛ بل معك فيها أناس كثير وشباب كثير، وغير شباب أيضا، وهو التأخر عن صلاة الفجر، ولهذا أسباب من أهمها ومن أخطرها السهر وعدم النوم مبكرا، وهذا هو السبب الوحيد الغالب على الناس يسهرون لمشاهدة التلفاز أو لأسباب أخرى، فإذا سقط في آخر الليل نائما عجز أن يقوم في آخر الليل حتى ولو كان عنده ساعة تنبهه لا يسمعها حتى ولو جاءه المنبهون يعجزون عنه، بسبب ثقل النوم وغلبته عليه، فالعلاج الوحيد لهذا الأمر مع سؤال الله التوفيق والإعانة هو عدم السهر، أن ينام المؤمن مبكرا، وألا يضر نفسه بمشاهدة التلفاز حتى يمضي عليه الليل الكثير، أو يشتغل بأشياء أخرى؛ بسماع أغان، أو سماع قيل وقال من أصحابه وزملائه، أو موانع أخرى تمنعه من النوم مبكرا، وإذا عالج الأمر بهذه الطريقة إن شاء الله يصحو، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 14.

أنت أيها السائل الواجب عليك ألا تسهر، وأن تنظر في الأسباب التي منعتك من القيام، فإن كانت الأسباب أنك تتأخر في النوم تسهر فاتق الله، وبادر بالنوم في أول الليل بعد صلاة العشاء، بادر بالنوم حتى تستطيع القيام لصلاة الفجر، وتصلي مع المسلمين في جماعة المسلمين، وهذا واجب عليك، والتساهل في هذا محرم، ومن التشبه بالمنافقين؛ لأن المنافقين لا يأتون الصلاة إلا كسالى، ولا يشهدون العشاء والفجر، هذه من أعمالهم الخبيثة، فالواجب على المسلم أن يحذر مشابهة المنافقين، وأن يجتهد في أداء فريضة الله في أوقاتها مع إخوانه المسلمين، هذا إذا كان رجلا، والمرأة كذلك عليها أن تتقي الله، وأن تجتهد في أداء الصلاة في وقتها بعد طلوع الفجر قبل الشمس، ولا يجوز أبدا لأحد من الناس أن يؤخرها بعد طلوع الشمس، كما يفعل بعض الناس يؤخرها، فإذا قام لعمله بعد طلوع الشمس صلى، هذا غلط عظيم، ومنكر كبير، لا يجوز لا للرجل ولا للمرأة، ليس للرجل أن يؤخر ذلك حتى يقوم للدراسة، أو للعمل، ثم يصلي بعد طلوع الشمس، هذا لا يجوز هذا محرم؛ بل ذهب جمع من أهل العلم إلى أن من فعله كفر؛ لأن تأخير الصلاة عن وقتها كفر إذا تعمد ذلك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا

وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» هكذا بعض الطالبات تؤخر الصلاة حتى تقوم للدراسة بعد طلوع الشمس، هذا أيضا منكر ولا يجوز، والواجب على الجميع تقوى الله، وعلى أهلهن التنبيه، على آبائهن وأمهاتهن وعلى إخوانهن التنبيه على ذلك، وعلى آباء الشباب كذلك وأمهات الشباب، كل هذه أمور عظيمة يشترك فيه أهل البيت في إثمها إذا لم يتعاونوا على زوالها، والمسلمون شيء واحد، وأهل البيت شيء واحد، يجب عليهم أن يتعاونوا في نصيحة المتخلف، والأخذ على يديه حتى يستقيم على طاعة الله وأداء فرائضه، هذا هو الواجب على الجميع، فإن كان هناك أسباب أخرى غير السهر فالواجب عليك أن تعالجها، وأن تنظر ما هي الأسباب، كالنوم يطير عنك من أول الليل، أنت ما تنام، تسأل الأطباء لعل عندهم دواء يزيل عنك هذا القلق هذا السهر، وتحصل لك الراحة والطمأنينة حتى تنام، وإن كان هناك علل ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

أخرى فعالجها، وإن كنت ليس عندك من يوقظك فاجعل عندك الساعة المعروفة المنبهة، وركد الخراش على الوقت المناسب الذي هو وقت الأذان، أو قرب الأذان حتى تسمعها وتقوم، على كل حال الواجب العلاج، والعلاج لا يخفى على العاقل، فالعلاج واضح، تركد الساعة، وتوصية المنبهين، وترك السهر، فالواجب العلاج على الرجل والمرأة، على جميع الناس، على الشباب والشيب، على البنات والعجائز، على الجميع، ليس هذا خاصا بأحد دون أحد. الواجب على الجميع أن يعالجوا ما يقع لهم من هذا التأخر، وأن ينظروا في الأسباب حتى تزال هذه الأسباب التي تقتضي التأخر حتى لا يصلي إلا بعد طلوع الشمس، هذا منكر عظيم يجب أن يعالج من ابتلي بهذا الوضع حتى يصلي الصلاة في وقتها مع الجماعة إن كان رجلا، وحتى تصليها المرأة في بيتها في الوقت قبل طلوع الشمس، ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. س: السائل يقول: رجل يحافظ على الصلوات، إلا أنه يتأخر عن صلاة الفجر بأوقات متفاوتة، فبم تنصحونه؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 233.

ج: ننصحه بالحذر من مشابهة أهل النفاق، فإن المنافقين يتأخرون عن صلاة العشاء والفجر ويكسلون عنهما، فالواجب الحذر، والصلاة كلها ثقيلة على المنافقين كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا (¬1)» يعني لو يعلمون ما فيهما من الأجر العظيم لأتوهما ولو حبوا، فالواجب على المؤمن أن يحذر صفات المنافقين، وأن يبتعد عنها، وأن يحافظ على الصلوات الخمس كلها في الجماعة؛ الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، ولا يجوز له التأخر عن صلاة الفجر أبدا، بل يجب أن يعتني بها، وأن يصليها مع إخوانه كما يفعل مع الصلوات الأخرى. وإذا كان لا يستيقظ يستعين بالله، ثم ببعض أهله يعينونه على اليقظة، أو بوضع الساعة عند رأسه يركدها على قرب الفجر، ثم إذا ضربت قام، الله يسر هذه الساعات نعمة من الله، يجعلها عند رأسه يركدها على الساعة التي يريد قبل الفجر أو عند الفجر، فإذا ضربت سمع الصوت وقام، ومن الأسباب أيضا أن ينام مبكرا ولا يسهر، عليه أن ينام مبكرا إذا كان كثير النوم، وربما شق عليه النوم، عليه أن ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651).

يبكر، عليه ألا يسهر حتى يقوم عند الفجر نشيطا ليس به مانع، ولا يجوز له التساهل في هذا الأمر أبدا؛ بل يجب العناية بهذا الأمر، وهناك أمور منها: التبكير في النوم، لا يسهر، ومنها وضع ساعة تعينه على ذلك يركدها على قرب الفجر، أو تكليف بعض أهله الذين يستيقظون أن يوقظوه، مع سؤال الله الإعانة على هذا الخير، والتوبة إليه مما سلف.

وصية نافعة حول السهر

72 – وصية نافعة حول السهر س: الرجاء توجيه كلمة لمن يسهر ويضيع وقت صلاة الصبح، وبالمناسبة هل نقول: صلاة الفجر أم صلاة الصبح (¬1)؟ ج: يقال: صلاة الصبح أو صلاة الفجر لا بأس بهذا، يقال لها: صلاة الفجر، ويقال لها: صلاة الصبح، فوصيتي لكل مؤمن ومؤمنة الإقلال من السهر الذي يضر الساهر قبل غيره، السنة البدار في النوم وعدم السهر، والنبي – عليه الصلاة والسلام - كره النوم قبل العشاء والحديث بعدها، وكره السمر بعدها، فالسنة للمؤمن والمؤمنة البدار بالنوم في أول الليل حتى ينشط على الصلاة في آخر الليل، وحتى ينشط على ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 314.

أعماله في النهار، إذ ربما سهر وضيع صلاة الفجر، أو ضيع قيام الليل، وهذا خطر عظيم، فإنه إذا ضيع صلاة الفجر أتى جريمة عظيمة، فالواجب الحذر من ذلك، وأن يحافظ على صلاة الفجر في جماعة إن كان رجلا، وفي الوقت إن كانت امرأة، إلا إذا كان السهر لمصلحة عارضة مع ضيف، أو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو مع أهله في مصلحة لا في سهر يضره، ولا يضيع صلاة الفجر، فالسهر الذي فيه حاجة لا بأس به، فالرسول كان يسهر مع الضيف، ويسهر في مصالح المسلمين بعض الوقت عليه الصلاة والسلام، مع الصديق ومع عمر، فلا بأس في هذا كون الإنسان يسهر بعض الوقت مع أهله، أو في المساجد عندما تدعو الحاجة لذلك، أو مع الضيف أو في طلب العلم، كما كان أبو هريرة يفعل ذلك، بشرط ألا يضيع صلاة الفجر، وبشرط ألا تمنعه عن أعماله النهارية التي يلزمه أداؤها. فالحاصل عند السهر في المصلحة الشرعية التي لا يترتب عليه فوات مصالح أخرى، ولا يترتب عليه فوات صلاة الفجر، أظن أنه لا بأس به، والسنة تدل على العناية بالنوم المبكر؛ لما فيه من المصالح العظيمة.

وجوب المبادرة إلى الصلاة عند الاستيقاظ لمن نام عنها

73 – وجوب المبادرة إلى الصلاة عند الاستيقاظ لمن نام عنها س: سائل يقول: إذا نام الرجل عن صلاة الفجر ولم يستيقظ إلا في التاسعة صباحا هل يصلي أم ماذا يفعل؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: نعم، متى استيقظ وجب عليه البدار بالصلاة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (¬2)» فالنائم عليه أن يحتاط بتنبيه أهل بيته حتى يوقظوه، أو بإيجاد الساعة المنبهة على الوقت حتى يستعين بذلك ولا يتساهل، لا يجوز له التساهل؛ بل إما أن يكون هناك من يوقظه، وإما أن يستعمل الساعة التي يسمع صوتها عندما يركدها على وقت معين، حتى يستعين بذلك على أداء ما أوجب الله عليه من الصلاة في وقتها ومع الجماعة، ولا يجوز التساهل في هذا الأمر، ولكن متى وقع شيء من هذا بأن نام ولو عنده ساعة، قد يكون ما سمع الساعة، قد يكون ما أيقظه أهله ناموا أيضا، فالواجب إذا استيقظ أن يبادر بالصلاة، وقد وقع هذا في حق النبي عليه الصلاة والسلام، فقد وقع له مرات في أسفاره، تأخروا في النزول ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 187. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684).

ونزلوا في آخر الليل، وناموا حتى ما أيقظهم إلا حر الشمس، وقد كان قد جعل من يرقب له الصبح، فنام أيضا المراقب وهو بلال رضي الله عنه. فالحاصل أنه لما استيقظ بادر بالصلاة، أمر بلالا فأذن، فتوضأ الناس فصلوا سنة الفجر، ثم صلى بهم عليه الصلاة والسلام، هذا هو المشروع أن يبادر بالوضوء والصلاة من حين يستيقظ، كما لو كان ناسيا، نسي بعض الصلوات، ثم ذكرها، فإنه يبادر أيضا بفعلها عملا بالحديث: «من نسي صلاة، أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (¬1)» ثم تلا قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} (¬2) س: تسأل الأخت وتقول: إذا نام الإنسان وقت صلاة الصبح، واستيقظ مثلا في الساعة العاشرة صباحا، فهل يجوز أن يصليها في هذا الوقت أم يصليها في اليوم التالي في وقتها على أن تكون قضاء؟ هذا إذا كان الإنسان سليما، أما إذا كان الشخص مريضا، ولا يستطيع الاستيقاظ في وقتها ماذا يفعل، وبأي وقت ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684). (¬2) سورة طه الآية 14

يصلي صلاة الصبح (¬1)؟ ج: من نام عن الصلاة وجب عليه أن يصليها إذا استيقظ، وهكذا إذا نسيها يجب عليه أن يصليها إذا ذكرها؛ لقول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (¬2)» ولا يجوز تأخيرها إلى وقتها في اليوم الآخر، لا؛ بل يجب أن يصليها في الحال إذا استيقظ في الضحى، أو في الظهر، أو في العصر، ليس لها وقت نهي، متى استيقظ أو ذكر وهو ناس بادر وصلى، هذا هو الواجب. وعلى المسلم والمسلمة أن يتحريا أسباب القيام في الوقت، ومن ذلك أن يبكر كل منهما بالنوم من أول الليل حتى لا يثقل في آخر الليل، ومن ذلك أن يضع الساعة المنبهة، وأن يجعلها على الوقت المناسب عند دخول الوقت وقبل الفجر بقليل، حتى يستيقظ ويتمكن من الوضوء والغسل إن كان عليه غسل إذا كان صاحب زوجة. المقصود أن عليه أن يفعل الأسباب، يجب على المؤمن والمؤمنة فعل الأسباب، فإذا كان النوم من أجل السهر وجب عليه ألا يسهر، وإذا كان النوم من أجل ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 197. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684).

أنه ليس عنده ساعة يجعل عنده ساعة حتى يركدها على الوقت المناسب؛ لأنها تنفع وتفيد، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه في بعض أسفاره نزل في أثناء الليل، وناموا فلم يستيقظوا إلا بعد طلوع الشمس، فصلى في الحال، أمر بالوضوء والصلاة، وصلوا في الحال بعدما قادوا رواحلهم عن مكانهم قليلا، وقال: «إنه موضع حضر فيه الشيطان (¬1)» فاقتادوا رواحلهم عنه قليلا، وصلوا في الحال، ثم السنة أن يصليها بأذان وإقامة الرجل، والمرأة تصليها كذلك بغير أذان ولا إقامة، لكن مع السنة الراتبة، يصلي ركعتين النافلة الراتبة، والمرأة كذلك تصلي الراتبة، ثم تصلي الفريضة، وإذا كان رجل أو جماعة من الرجال أذنوا وأقاموا، ولو أنه في الضحى أذنوا وأقاموا وصلوا، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، تقرأ على هيئتها كما تصلى في الوقت، ولا تؤخر إلى وقتها الدائر إلى مثل وقتها في اليوم الآخر، لا؛ بل يجب البدار بفعلها من حين يستيقظ أو يذكر. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (680).

حكم النوم عن الصلاة والتفصيل في ذلك

74 – حكم النوم عن الصلاة والتفصيل في ذلك س: إنني أضيع صلاة الصبح أحيانا بالنوم، فهل علي إثم بذلك (¬1)؟ ج: فإن هذا فيه تفصيل: إذا كان النوم غلبك وليس لك اختيار فالنوم ليس فيه تفريط، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة (¬2)» أما إذا كنت تستطيعين أن تقومي للفجر بوضع الساعة المنبهة، أو بتكليف من لديك من أهلك بإيقاظك، ثم تساهلت فتأثمين بهذا، وعليك خطر، وعليك أيضا أن تبكري بالنوم، وألا تسهري حتى تستطيعي أن تقومي للفجر، فإذا تساهلت بالسهر، أو بعدم وجود الساعة المنبهة، أو بعدم توكيل من يوقظك فأنت كمتعمدة، عليك إثم عظيم، وقد تكفرين بذلك؛ لأن من ترك الصلاة عمدا حتى خرج وقتها يكفر عند جمع من أهل العلم؛ لقول النبي - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 124. (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في النوم عن الصلاة، برقم (177)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب فيمن نام عن صلاة أو نسيها، برقم (441)، والنسائي في المجتبى، كتاب المواقيت، باب فيمن نام عن صلاة، برقم (615)، وابن ماجه في كتاب الصلاة، باب من نام عن الصلاة أو نسيها، برقم (698).

وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» وعن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» والتعبير بالرجل لا يخرج المرأة، الأحكام تعم الجميع، فقد يعبر بالرجل والحكم عام، وقد يعبر بالمرأة والحكم عام؛ لأن الجميع مكلف. وقد قال عبد الله بن شقيق العقيلي رضي الله عنه ورحمه، وهو تابعي جليل: لم يكن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة. فالصلاة لها شأن عظيم، فتعمد تركها حتى يخرج وقتها كفر عند جمع كبير من أهل العلم لهذه الأحاديث، وما جاء في معناها، أما إذا غلبك النوم كما تقدم فلا شيء عليك، لكن عليك أن تحتاطي، عليك أن تضعي الساعة المنبهة على الوقت، عليك أن تكلفي من يتيسر من أهل بيتك بإيقاظك، عليك أن تنامي مبكرة حتى تستطيعي القيام، كل هذا واجب عليك وعلى أمثالك. كثير من الناس يسهر ثم لا يقوم إلى صلاة الفجر، وهذا منكر عظيم وإثم عظيم، ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

الواجب على الرجال والنساء عدم السهر الذي يفضي بهم إلى ترك الصلاة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - زجر عن الحديث بعد العشاء، وكره النوم قبلها والحديث بعدها؛ بل زجر عن ذلك بعد العشاء؛ لأنه قد يفضي إلى ترك صلاة الفجر، فلا ينبغي السهر إلا لمصلحة شرعية، كالسهر مع الضيف، أو مع الزوجة لحاجة الإنسان ثم ينام، أو في أمور المسلمين، كالعسس لأمور المسلمين، والهيئة ونحو ذلك ممن ينظر لمصالح المسلمين، فالواجب على كل مكلف أن يحتاط لصلاته وينام مبكرا حتى يستطيع القيام لصلاة الفجر، ويستعين بما يسر الله له من الساعات أو غير الساعات من الموقظين من أهله حتى يؤديها في وقتها مع إخوانه المسلمين، وحتى تؤديها المرأة في بيتها في وقتها، وهكذا بقية الصلوات يجب أن تؤدى في الوقت، ولا يجوز التساهل حتى يضيع الوقت ويخرج الوقت. س: من وضع الساعة المنبهة لصلاة الفجر، وأوصى أهله فلم يصل إلا متأخرا؛ لأن النوم غلب عليه، فما حكم ذلك؟ وما الحكم إذا تكرر ذلك منه بكثرة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 351.

ج: إذا كان ذلك قهرا عليه، ولم يتسبب في ذلك فلا حرج عليه؛ لقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1) وقوله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬2) أما إذا كان هو المتسبب، يتأخر، لا يصلي إلا متأخرا، ولو وضع الساعة، ولو كلفهم هو غير معذور؛ لأنه هو المتسبب، أما إذا صار النوم بعد صلاة العشاء، ولم يستطع القيام لأسباب منعته، مرض أو ثقل نوم، مع وجود الأسباب من الساعة والموقظين، الله يعلم أنه صادق في ذلك، فلا حرج عليه، أما التحيل فلا يجوز كونه يضع الساعة، ويوصيهم ويتأخر ولا ينام إلا متأخرا، ولا يستطيع أن يقوم، هذه حيلة لا تجوز ولا تنفعه. س: إنني أنام أحيانا عن صلاة الفجر، ولا أقضيها إلا بعد طلوع الشمس بسبب الإرهاق والتعب، مع أنني أضع المنبه على الوقت، وقت الأذان، ولكني لم أستفد منه، فهل علي إثم؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (¬3). ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16 (¬2) سورة البقرة الآية 286 (¬3) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 355.

ج: إذا كنت مغلوبا على أمرك، عاجزا فليس عليك شيء؛ لأن الله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1) أما إذا كنت متساهلا تتأخر بالليل فوضع الساعة لا يكفي؛ لأنك إذا نمت مجهدا ضعيفا ما تسمع، فالواجب عليك اتخاذ الأسباب التي تعين على القيام بالتبكير بالنوم، ووضع الساعة على وقت الفجر، وتكلم من يوقظك إن كان عندك أهل يوقظونك، يجب عليك الأخذ بالأسباب، أما إذا فعلت الأسباب الممكنة، واجتهدت وغلبت فلا حرج: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬2) أما إذا تأخرت ولا نمت إلا في آخر الليل هذا غلط منك، أنت آثم بهذا، نسأل الله العافية. س: من الرياض أم هاجر تقول: إنني متزوجة - والحمد لله - مسلمة مصلية، ولي زوج مسلم، أدعو الله أن يجازيه خيرا عن معاملته الطيبة لي، ولا أعتب عليه يا سماحة الشيخ في شيء غير أنه يعمل دوامين، ويعود متأخرا حوالي الحادية عشرة مساء، ولأنني وحيدة، ولا أخرج تقريبا أبدا إلا يوم إجازته فهو يسهر معي حتى ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16 (¬2) سورة البقرة الآية 286

يؤنس وحشة الوحدة، وعندما أستيقظ في الفجر لأصلي أوقظه ولكن نومه ثقيل، وطلب مني أن أمسح وجهه بالماء حتى يستيقظ، ولكنه في بعض الأحيان لا يستيقظ نتيجة لذلك السهر، هل علي إثم؟ وهل عليه إثم؟ وهل علي أنا إثم في أنني فشلت في إيقاظه؟ وهل هناك أكثر من الماء لإيقاظه؟ وجهوني لأوجه ذلك الرجل، جزاكم الله خيرا (¬1). ج: أنت مأجورة، جزاك الله خيرا عن عملك، وهذا عمل طيب، وهذا من التعاون على البر والتقوى، وليس عليك ولا عليه شيء إذا كان غلبه الأمر، وليس باختياره ولم يتعمد التساهل في ترك الصلاة ذلك الوقت حينما مسحت وجهه بالماء، ومسح الوجه بالماء جاء به النص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الرش بالماء، رش الزوج بالماء، وإيقاظه بالماء جاء به النص، فأنت مأجورة وهو مأجور حين أمرك بذلك وسمح بذلك، وأنتما على خير إن شاء الله، لكن ينصح هو بأن يستريح من هذا الدوام، وأن يستقيل من هذا الدوام، وأن يطلب من مرجعه أن يسامحه من هذا الدوام حتى لا يتعب نفسه، ولا يشق على نفسه ولا ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 305.

على أهله، وحتى لا يضيع الصلاة: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (¬1) وسوف يرزقه الله إن شاء الله بما يغنيه عن هذا الدوام الثاني حتى يستريح ويريح أهله، ويحافظ على ما أوجب الله عليه؛ لأن الإنسان طاقته محدودة، فينبغي له ألا يكلف نفسه بداومين ما دام بهذه الحالة يشق على نفسه ويشق على أهله، وربما ترك الصلاة مع الجماعة بسبب ذلك، ولو كان على غير عمد واختيار، لكن هو المتسبب في هذا الشيء. فالذي أنصحه في هذا أن يدع أحد الدوامين؛ حتى يتفرغ لإيناس أهله، وراحة نفسه وبدنه، وراحة قلبه، وحتى يحافظ على الصلوات مع الجماعة في أوقاتها، هذا فيه فضل عظيم، أما إذا كان تركه القيام للصلاة من أجل غلبة النوم ولم يتعمد ذلك، ولم يتساهل في ذلك، ولكن غلب في بعض الأحيان فلا يضره ذلك، وإذا غلب في بعض الأحيان، لكن أخشى عليه أن يكون في هذين الدوامين نوع من الجشع، والحرص على المال فيضره ذلك؛ لأنه يسبب له المشاكل مع أهله، وفروض الصلاة تفوت، والمطلوب منه أن يؤنس أهله، وأن يجتهد بالإحسان إليهم ¬

_ (¬1) سورة الطلاق الآية 2

وبإحسان عشرتهم كما قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (¬1) وهذه الأسباب تعينه على صلاة الجماعة وأدائها مع إخوانه، فأخشى أن يكون هذا الدوام الثاني عليه فيه تبعة إذا كان غير مضطر إليه، نسأل الله للجميع الهداية. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 19

حكم من يؤخر صلاة الصبح تساهلا

75 – حكم من يؤخر صلاة الصبح تساهلا س: أتأخر عن صلاة الصبح وأصليها فائتة، وذلك بسبب النهوض من النوم متأخرا، وأنا لست متعمدا ولا أحس بنفسي إلا والجماعة فائتة، فما حكم ذلك (¬1)؟ ج: الواجب على المؤمن أن يتخذ الأسباب التي تعينه على أداء الصلاة في الوقت، وليس له التساهل حتى يفوت الوقت، فالواجب عليك أيها السائل أن تضع الساعة تنبهك وقت الصلاة إذا ما كان عندك منبه، زوجة جيدة أو غيرها، فتضع الساعة حتى تستعين بها على الوقت، أما التساهل في هذا فلا يجوز، وأنت آثم بهذا التساهل. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 28.

بيان ما يجب على من استيقظ بعد الشروق ولم يصل الفجر

76 – بيان ما يجب على من استيقظ بعد الشروق ولم يصل الفجر س: عندما يستيقظ الشخص بعد طلوع الشمس، هل يصلي الصبح حاضرا أم قضاء (¬1)؟ ج: إذا استيقظ يبادر فيتوضأ، ويصلي الراتبة، ثم يصلي الفريضة ولو بعد طلوع الشمس يصلي الراتبة أولا، مثل ما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نام في السفر، ولم يقم حتى طلعت الشمس، فأمرهم أن يقتادوا رواحلهم عن المكان، قال: «إنه حضرنا فيه الشيطان (¬2)» فاقتادوا رواحلهم عنه بعض الشيء، ثم توضؤوا وصلوا الراتبة، وصلوا الفريضة بعد الأذان، أذن وأقام. وهكذا الرجل لو نام عن الصلاة، غلبه النوم إذا استيقظ يتوضأ، ويصلي ركعتين، ويقيم ويصلي الفريضة ولا يعجل. س: في أحد الأيام لم أستطع تأدية صلاة الصبح بسبب النوم، فكيف أقضيها لو سمحتم (¬3)؟ ج: الواجب على المسلم أن يتخذ الأسباب التي تعينه على صلاة ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 349. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (680). (¬3) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 171.

الفجر في الجماعة، وهكذا بقية الصلوات، فإذا كان المانع السهر فالواجب عدم السهر، عليه أن ينام مبكرا حتى يقوم للصلاة في وقتها، فإن كان المانع أنه ليس عنده من يوقظه فليتخذ ساعة منبهه يركدها على الوقت المطلوب، حتى إذا جاء الوقت سمع المنبه فقام إلى الصلاة، أو يؤكد على أهله الذين يثق بهم أن يوقظوه في الوقت. أما التساهل، وعدم المبالاة فهذا معناها الموافقة على ترك الصلاة، وعدم المبالاة بها والعياذ بالله، فيكون آثما ومتشبها بأعداء الله المنافقين الذين قال فيهم سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (¬1) وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر (¬2)» قال ابن مسعود رضي الله عنه: لقد رأيتنا وما يتخلف عنها – يعني الصلاة في الجماعة – إلا منافق معلوم النفاق. فالواجب على كل مسلم، وعلى كل مسلمة الحذر من التساهل بالصلاة، والواجب اتخاذ الأسباب المعينة على أدائها في الوقت، الفجر وغيره في جميع الأوقات، فالذي يسهر يجب عليه ألا يسهر حتى يقوم ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 142 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651).

لصلاة الفجر، والذي يتساهل في عدم توقيت الساعة على الوقت المطلوب أن يعتني بالساعة، ويوقتها على الوقت المطلوب حتى يسمع التنبيه، والذي عنده أهل يوقظونه يوصيهم بذلك، يفعل الأسباب التي تعينه على أداء الصلاة، وليس له التساهل في ذلك أبدا، وهكذا بقية الصلوات، يعتني بالأسباب التي تعينه على أدائها في الوقت ولا يتساهل في ذلك حتى لا يكون في ذلك متشبها بالمنافقين، نسأل الله للجميع الهداية والسلامة.

حكم من يصلي الصبح بعد طلوع الشمس متعمدا

77 – حكم من يصلي الصبح بعد طلوع الشمس متعمدا س: بحكم طبيعة عملي ومشقته، فإنني لا أستيقظ من النوم إلا بعد طلوع الشمس، فأصلي الصبح ركعتين فقط، أفيدوني (¬1)؟ ج: هذا منكر عظيم، يجب عليك أن تصلي في الوقت، يجب عليك أن تنام مبكرا حتى تقوم في وقت صلاة الفجر، أو تشتري ساعة تركدها على قرب الفجر حتى تعينك على القيام، ولا يجوز لك التساهل حتى تصلي بعد الشمس، هذا منكر عظيم، وتعمده كفر في أصح قولي ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 354.

العلماء؛ لأن تعمدها هذا ترك للصلاة في وقتها، فالواجب الحذر، قال الله جل وعلا: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (¬1) قال جماعة من السلف: أضاعوا الصلاة يعني أخروها عن وقتها. فالواجب الحذر، وذلك بأحد أمرين: إما أن تبكر في النوم حتى تستيقظ للفجر، وإما أن تتخذ ساعة تعينك، أو تعمد من يوقظك، ولا يجوز لك التساهل في هذا أبدا؛ بل يجب أن تهتم بهذا الأمر حتى تصلي الصلاة في وقتها. س: تسأل أختنا عن الشخص الذي يصلي بعض الأيام صلاة الفجر بعد طلوع الشمس، أو يصلي صلاة العصر في البيت، ما حكم صلاته؟ وهل تجب مقاطعته أو تجب نصيحته؟ أرشدونا لذلك ولا سيما إذا كان من المقربين لنا (¬2). ج: الواجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، يجب على جميع المسلمين المكلفين من رجال ونساء أن يحافظوا على الصلاة في وقتها، الفجر في وقتها قبل الشمس، ¬

_ (¬1) سورة مريم الآية 59 (¬2) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 278.

والظهر في وقتها بعد الزوال، والعصر في وقتها إذا صار ظل كل شيء مثله بعد وقت الزوال قبل أن تصفر الشمس، والمغرب بعد غروب الشمس، والعشاء بعد غروب الشفق، والفجر قبل طلوع الفجر قبل الشمس، لا بد من هذا، يجب على جميع المسلمين المكلفين المحافظة على هذه الصلوات الخمس؛ لأنها عمود الإسلام، من تركها كفر، نعوذ بالله من ذلك؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» ويقول: «إنه يأتي عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون (¬3)» «فقيل: يا رسول الله، أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة (¬4)» فدل على أن إقامة الصلاة لا بد منها؛ عمود الإسلام، من تركها كفر، ولا يجوز تأخير الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، ولا تأخير العصر إلى أن تصفر الشمس؛ بل يجب أن يصليها ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع، برقم (1854). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة، وشرارهم برقم (1855).

في الوقت، والصحيح أنه إذا ترك ولو صلاة واحدة عمدا حتى خرج وقتها كفر – نسأل الله العافية – فكيف إذا ترك الصلاة الكثيرة؟ أما إن جحد وجوبها كفر عند جميع العلماء، إذا جحد وجوب الصلاة كفر ولو فعلها، ولو صلى، وإذا قال: ما هي بواجبة كفر عند الجميع، لكن إذا قال: إنها واجبة فرض، ولكن يتساهل ويتكاسل، الأكثرون من أهل العلم على أنه لا يكفر كفرا أكبر، ولكن كفرا أصغر، وهي كبيرة عظيمة، لكن لا يكفر كفرا أكبر، ولكن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل حدا حلال الدم؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (¬1) فدل على أنه من لم يتب لا يخلى سبيله؛ بل يقتل، لكن الجمهور على أنه يقتل حدا، على أنه عاص قد أتى كبيرة عظيمة. والقول الثاني: يقتل كافرا – والعياذ بالله –؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» ويجب على المؤمن أن ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 5 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

يصلي في الجماعة، المرأة تصلي في البيت؛ لأنه خير لها وأستر لها، لكن الرجل يجب عليه أن يصلي في المسجد مع الناس، الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (¬1)» قيل لابن عباس رضي الله عنهما: ما هو العذر؟ قال: مرض أو خوف، وجاءه رجل أعمى فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب (¬2)» هكذا أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " أجب "، وهو أعمى ما له من قائد يتلمس الجدران يبحث عمن يقوده، ومع هذا يجب عليه الذهاب إلى المسجد، فكيف بالبصير المعافى؟. ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيؤم بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (¬3)» هم بهذا، وهو لا يهم إلا ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651).

بالحق عليه الصلاة والسلام، هم أن يحرق عليهم بيوتهم؛ لأنهم ما حضروا في الجماعة مع المسلمين. وفي رواية أحمد: «لولا ما في البيوت من النساء والذرية لحرقتها عليهم (¬1)» المقصود أن هذا يدل على وجوب أداء الصلاة في الجماعة، وأنه لا يجوز للمسلم أن يتخلف عنها، لا الفجر ولا غيرها؛ لأن التخلف عن الجماعة من صفات المنافقين، التخلف عن الجماعة في المسجد من صفات أهل النفاق، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (¬2) الآية، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا (¬3)» فالذي يتكاسل عن صلاة الفجر في الجماعة قد تشبه بأعداء الله المنافقين، وترك واجبا عظيما، فالواجب عليه تقوى الله، وعلى أهله أن يناصحوه، وعلى أبيه أن يقوم عليه إن كان عنده أب أو جد أو أخ كبير يلزمه بها، ويؤدبه حتى يصلي في الجماعة، يقول النبي ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8769). (¬2) سورة النساء الآية 142 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651).

- صلى الله عليه وسلم -: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع (¬1)» فالولد الذي يتخلف عن الجماعة وقد بلغ عشرا فأكثر يؤدبه أبوه، وهكذا أخوه الكبير إذا كان قد بلغ الحلم صار الأمر أعظم، نسأل الله للجميع الهداية، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة؟ برقم (495).

حكم من ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها

78 - حكم من ترك صلاة واحدة حتى خرج وقتها س: رجل يهمل أداء صلاة الفجر؛ لعدم استيقاظه مبكرا، ويصلي الأخريات في أوقاتهن، فهل يقبل منه هذا العمل؟ وهل يوجد عندكم ما تنصحونه به؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: لا يجوز للمسلم أن يتساهل في هذا الأمر، لا الفجر ولا غير الفجر، يجب أن يحافظ على الجميع في أوقاتها مع الجماعة، وليس له أن يهمل الفجر، ولا الظهر، ولا العصر، ولا المغرب، ولا العشاء؛ بل يجب أن يحافظ على الجميع في الجماعة في بيوت الله مع إخوانه المسلمين، فإذا قصر في ذلك كان عاصيا متشبها بالمنافقين يستحق أن يؤدب من جهة ولاة الأمور، أما إن تركها بالكلية، تركها حتى طلعت الشمس ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 358.

متعمدا فإنه يكفر في أصح قولي العلماء – نسأل الله العافية – لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» فالذي يتعمده، ويجعل الساعة على وقت الذهاب إلى عمله بعد الشمس هذا متعمد، فظاهر الحديث كفره، وهو الأصح، أن من تعمد ترك واحدة حتى يخرج وقتها كفر، فالواجب الحذر غاية الحذر من هذا العمل السيئ، وإذا كان أسباب ذلك السهر لا يسهر، يبادر بالنوم حتى يقوى على القيام في الفجر، فالغالب على هؤلاء أنهم يسهرون، فإذا جاء الفجر ناموا، هذا خطأ، هذا منكر، فالواجب عليهم أن يبكروا حتى يناموا نومة تكفيهم، وحتى يستطيعوا القيام للفجر يركد الساعة، ويقوم يصلي مع المسلمين. س: سائلة تقول: هل نقاطع من يتخلف عن صلاة الفجر أم نستمر في نصيحته (¬3)؟ ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬3) السؤال العشرون من الشريط رقم 278.

ج: اعملوا بالأصلح، إن كان الأصلح المواصلة لعل الله يهديه بأسبابكم، فواصلوا النصيحة، واستعينوا على ذلك بمن ترون من خواص أقاربه وأصدقائه لعله ينفع، فإن أصر ولم تنفع النصيحة فالواجب أن يهجر، وأن يرفع أمره إلى ولي الأمر، للمحكمة أو للهيئة حتى يعامل بما يستحق من العقوبة، يرفع بأمره من جهة ولي الأمر قاضي المحكمة والهيئة إذا كان في بلدكم هيئة حتى تحضره، وحتى تقيم عليه أمر الله، أما إذا أجدت النصيحة وأفادت فينصح إذا رجي إفادتها.

حكم التكاسل عن صلاة الفجر أحيانا إلى طلوع الشمس

79 – حكم التكاسل عن صلاة الفجر أحيانا إلى طلوع الشمس س: الأخ: ج. م. ع. من جمهورية مصر العربية يسأل ويقول: إنني أتخلف أحيانا عن صلاة الفجر بسبب تكاسل شديد يمنعني من أن أفتح عيني، فلا أقوم من النوم إلا بعد طلوع الشمس ثم أصلي، ما هو توجيهكم لي؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: هذا العمل منكر، لا يجوز لك أن تتساهل بصلاة الفجر ولا بغيرها؛ بل يجب على المسلم والمسلمة الصلاة في الوقت، وليس ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 276.

للمسلم ولا للمسلمة تأخير الصلاة عن وقتها لا الفجر ولا غيره؛ بل هذا من خصال أهل النفاق، قال الله عز وجل في أهل النفاق: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (¬1) فأنت بهذا العمل عملك أردى من عمل المنافقين، هم يقومون وأنت ما قمت، أخرتها إلى بعد الشمس، فالواجب عليك أن تصلي في الوقت، وأن تكون نشيطا قويا، وأن تصليها مع الجماعة ولا تتشبه بأهل النفاق، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما – يعني من الأجر – لأتوهما ولو حبوا (¬2)» وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (¬3)» قيل لابن عباس رضي الله عنهما: ما هو العذر؟ قال: مرض أو خوف. وجاء إليه - صلى الله عليه وسلم - رجل أعمى فقال: فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني - وفي لفظ: يقودني إلى المسجد – فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 142 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651). (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793).

الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء للصلاة؟ -يعني الأذان- قال: نعم، قال: فأجب (¬1)» أمره النبي أن يجيب وهو أعمى ليس له قائد يقوده إلى المسجد، فكيف بالصحيح البصير؟ يكون الأمر عليه أعظم، فالواجب عليك أن تتقي الله، وأن تصلي مع الجماعة، وأن تبادر بالصلاة في وقتها. والذي يتعمد تأخيرها عن وقتها يكفر عند جمع من أهل العلم، يعني متعمدا تركها. وقد قال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» وظاهر هذا الحديث أن من تعمد تركها حتى تطلع الشمس بغير عذر يكون كافرا، نسأل الله العافية، فالواجب الحذر، وأن تصلي في الوقت، وأن تصلي مع الجماعة في المسجد، وعليك أن تفعل الأسباب التي تعينك على ذلك، عليك أن تعتني بالأسباب المعينة على قيامك إلى الصلاة، وذلك بالنوم المبكر، عليك أن تنام مبكرا حتى لا تكسل عن الفجر، وعليك أن تحتفظ ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

بالساعة التي تسمع صوتها، الساعة الخراشة التي تعينك على ذلك، تركدها على قرب الفجر حتى إذا خرشت قمت وسمعت صوت المنبه، أو يكون عندك امرأة تعينك على ذلك، أو أبوك، أو أخوك، المقصود لا بد من القيام للصلاة، سواء بإيقاظ بعض أهلك، أو بوجود الساعة التي تركد حاسبها على قرب الوقت.

بيان إثم من تساهل في إيقاظ أهله للصلاة

80 – بيان إثم من تساهل في إيقاظ أهله للصلاة س: تقول عن نفسها: أصحو مبكرة دوما لصلاة الفجر، وأحيانا تفوت علي الصلاة، ولكن في الأوقات التي أقوم فيها للصلاة لا أقوم بإيقاظ زوجي للصلاة؛ بل يظل نائما حتى مواعيد العمل وبعدها يصلي، هل في ذلك إثم علي (¬1)؟ ج: نعم، في ذلك إثم عليكما جميعا، عليك وعليه، عليك أن توقظيه وأن تتقي الله في ذلك، وتعينيه على الخير، وعليه أن يقوم ويصلي في الوقت مع المسلمين في المساجد، وليس له أن ينام حتى وقت العمل، هذا منكر هذا كفر، إذا تعمد هذا كفر؛ لأن تعمد ترك الصلاة في وقتها ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 364.

تعمد إخراجها عن وقتها، نعوذ بالله من ذلك، فالواجب عليك إيقاظه، ونصيحته، والحرص على ذلك، والواجب عليه أن يتقي الله، وأن يقوم في الوقت، وأن يصلي مع المسلمين في المسجد، هذا هو الواجب على الجميع، الله يقول سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (¬1) ويقول سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (¬2) ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه (¬3)» وأنت تستطيعين باللسان ولو غضب ولو كره إيقاظه، ولو غضب اتقي الله، الصلاة الصلاة، أعينيه على الخير، فإن لم يستقم فاطلبي الفراق، اخرجي عنه لأهلك، فارقيه؛ لأن هذا معناه تعمد ترك الصلاة في وقتها – نعوذ بالله – ومن تعمد تركها في وقتها عمدا كفر بذلك في أصح أقوال أهل العلم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬4)» ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 2 (¬2) سورة التوبة الآية 71 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب النهي عن المنكر من الإيمان، برقم (49). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

كفر (¬1)» ومن تعمد تركها حتى تطلع الشمس عمدا كفر بذلك على الصحيح، فالواجب عليك أن تتقي الله، وأن تعينيه على الخير، فإن أجاب وإلا فارقيه واذهبي إلى أهلك واتركيه وامنعيه من نفسك، نسأل الله العافية والسلامة، نسأل الله لنا وله الهداية. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

حكم من ينام عن صلاة الفجر بسبب الأدوية

81 – حكم من ينام عن صلاة الفجر بسبب الأدوية س: الأخت ر. إ. من عدن تسأل وتقول: أنا أعاني من الربو، ومن حساسية في الأنف مما يضطرني إلى تعاطي دواء للنوم في كل ليلة وخاصة في أيام الشتاء، الأمر الذي يعيقني عن القيام لصلاة الصبح في وقتها، حيث أؤديها قضاء مع صلاة الضحى، فهل يجوز ذلك؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: لا يجوز ذلك، يجب عليك أن تصلي في الوقت على أي حالة تستطيعينها، ولا يجوز تأخير الصلاة إلى ما بعد طلوع الشمس؛ بل يجب أن تصلي في الوقت قائمة إن قدرت، فإن عجزت صلي قاعدة، فإن ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 276.

عجزت تصلين على جنب، فإن عجزت فصلي مستلقية، هكذا يجب على المؤمن والمؤمنة عند وجود المرض، فقد اشتكى عمران بن الحصين رضي الله عنهما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مرضا يجده، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (¬1)» والله يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2) فالواجب عليك أن تصلي على حسب الطاقة في الوقت قبل طلوع الشمس، والأفضل التبكير بها في الغلس عند اختلاط الصبح بظلمة الليل على حسب القدرة: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬3) وإن استطعت أن تصلي قائمة صلي قائمة، وإن عجزت صلي قاعدة، وإن عجزت فصلي على جنب، والجنب الأيمن أفضل إذا تيسر، فإن عجزت فصلي مستلقية، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117)، بدون لفظ (فمستلقيا). (¬2) سورة التغابن الآية 16 (¬3) سورة التغابن الآية 16

بيان ما يجب على من قام من النوم قبل الشروق بدقائق

82 – بيان ما يجب على من قام من النوم قبل الشروق بدقائق س: السائلة أم سليمان تقول: بالنسبة لصلاة الفجر عندما يستيقظ الشخص قبل شروق الشمس بدقائق، فهل يصلي الفريضة أولا، أم يصلي النافلة أولا (¬1)؟ ج: المشروع له أن يصلي النافلة أولا ولو عند طلوع الشمس، يصلي ركعتين، ثم يصلي الفريضة، هذه السنة، ولما نام النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في بعض أسفاره أمر بالأذان، ثم أذنوا، ثم صلى الراتبة، ثم قام وصلى الفريضة، المقصود أن السنة أن يصلي الراتبة قبل الفريضة ولو كان قد تأخر في النوم في الفجر وغير الفجر. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 417.

حكم من فاتته الصلوات في صغره

83 – حكم من فاتته الصلوات في صغره س: أصلي والحمد لله الصلوات كلها في المسجد ما عدا صلاة الفجر، ومع كل صلاة أصلي وقتا مثله مما فاتني صغيرا، وسؤالي بالنسبة لصلاة العصر هل أصليها قبل الفرض أم بعده؟

وأعني تلك التي أقضيها (¬1). ج: الواجب عليك أن تصلي الصلوات في أوقاتها مع المسلمين في مساجد الله، والفجر كذلك يجب أن تصلي مع المسلمين ولا تتشبه بالمنافقين، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر (¬2)» والله يقول سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى} (¬3) فلا يجوز التشبه بالمنافقين لا في الفجر ولا في غيرها؛ بل الواجب عليك أن تصلي مع الناس الفجر وغيرها في الجماعة في المساجد، وإذا مضى عليك من الصلوات إذا كنت تركت ذلك، فالتوبة كافية ليس عليك قضاء فيما مضى سواء كان ذلك قبل البلوغ، فإنه ليس عليك شيء، أو بعد البلوغ ثم تاب الله عليك؛ فالتوبة تجب ما قبلها وليس عليك القضاء، عليك أن تستقبل أمرك بالتوبة النصوح، والعمل الصالح، وأداء الفرائض في المستقبل، وما تركت من الصلوات سابقا فليس عليك قضاء في ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 230. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل العشاء في الجماعة، برقم (657)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651). (¬3) سورة النساء الآية 142

أصح قولي العلماء؛ لأن الكافر لا قضاء عليه، يقول الله جل وعلا: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (¬1) وترك الصلاة كفر أكبر في أصح قولي العلماء؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» رواه مسلم في الصحيح؛ ولقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» والصلاة عمود الإسلام، من تركها من الرجال والنساء كفر إذا كان عمدا، أما إذا كان نسيانا أو عن نوم، فإذا استيقظ وذكر يصلي؛ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك (¬4)» وليس لأحد أن يتأخر عنها عمدا، سواء كانت الفجر أو غير الفجر، يجب على المؤمن أن يحافظ على الصلاة وهكذا المؤمنة، يجب على الجميع المحافظة على الصلاة في أوقاتها، والعناية بذلك، والحرص على أدائها في الوقت: الرجل يؤديها في الجماعة في مساجد الله، والمرأة تؤديها في البيت، ¬

_ (¬1) سورة الأنفال الآية 38 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684)، وأبو يعلى في مسنده، ج 5، ص 409، برقم (3086).

ومن تعمد تركها من غير عذر شرعي؛ بل للتساهل فهو كافر في أصح قولي العلماء، وإن كان جاحدا لوجوبها كفر بإجماع المسلمين، نسأل الله العافية، وقال جماعة من أهل العلم: إنه لا يكفر إذا تركها تساهلا لا جحدا لوجوبها، ولكنه قد أتى كبيرة من كبائر الذنوب أعظم من الزنى والسرقة، أتى منكرا عظيما سماه النبي كفرا، لكن الأكثرون على أنه كفر دون كفر، ولكن الأصح من قولي العلماء أنه كفر أكبر، وهو المروي عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أنه كفر أكبر، فالصلاة عمود الإسلام، من أضاعها أضاع دينه، ومن حفظها حفظ دينه، لكن من تركها، ثم هداه الله وتاب تاب الله عليه، وعليه أن يستقبل أمره، وليس عليه قضاء ما فات؛ بل التوبة تجب ما قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله، والله المستعان.

وجوب التوبة على من تعمد تأخير الصلاة عن وقتها دون القضاء

84 – وجوب التوبة على من تعمد تأخير الصلاة عن وقتها دون القضاء س: إذا كان هناك شخص صلى، أو ابتدأ الصلاة في وقت متأخر، فهل يجب عليه القضاء أم يكفي أن يتوب توبة نصوحا ولا يترك الصلاة بعدها أبدا؟ وما دليل ذلك (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 115.

ج: إذا صلى، ثم بان أنه صلى قبل الوقت عليه أن يعيد في الوقت، أما إن صلاها بعد الوقت فقد أساء، وعليه التوبة إلى الله من ذلك، وعدم العودة إلى التأخير، وصلاته صحيحة، وتسمى قضاء للفريضة، وعليه التوبة إلى الله من ذلك، وكثير من أهل العلم يقولون: إنه إذا تعمد تأخيرها عن وقتها صار بهذا كافرا، وعليه التوبة إلى الله من ذلك ولا قضاء عليه؛ لأن ذنبه عظيم، والقضاء إنما يدخل في العمل الذي ليس كبيرا جدا، أما إذا عظم الأمر فليس له إلا التوبة، ولهذا فإن القتل العمد ليس فيه كفارة، إنما فيه الدية أو القتل. والكفارة إنما تكون في قتل الخطأ وشبه العمد، وهكذا إذا نسي الإنسان فلم يصل، أو نام عن الصلاة قضاها بعد ذلك ولا شيء عليه، لكن إذا تعمد بأن أخر الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، أو أخر العصر إلى ما بعد المغرب فهذا قد فعل منكرا عظيما، فعليه التوبة إلى الله من ذلك، وهل يقضي أو ما يقضي، على خلاف بين أهل العلم؛ من كفره قال: لا يقضي. ومن قال: إنه ليس بكافر أمره بالقضاء، إذا تركه حتى خرج الوقت، فالواجب على الرجال والنساء الحذر من تأخير الصلاة عن أوقاتها، والتوبة إلى الله من ذلك، وليس على من تركها قضاء، إنما عليه التوبة، هذا هو الأصوب، وهذا هو الصحيح إذا كان تركها عمدا وتساهلا حتى خرج وقتها الضروري،

أما وقتها المختار فلا يمنع من قضائها لو أخر العصر حتى اصفرت الشمس، فعليه أن يقضي مع التوبة والاستغفار، أما إذا أخرها حتى غابت الشمس فهذا هو محل الكفر لمن أخرها عمدا عدوانا عند بعض أهل العلم، وكثير من أهل العلم يقولون: إنه يقضي، وعليه التوبة إلى الله من ذلك. فينبغي للمؤمن في مثل هذه الأمور أن يحذر غاية الحذر من تأخير الصلاة عن وقتها، وأن يكون عنده من العناية التامة للصلاة في وقتها ما يجعله يحافظ عليها، ويؤديها في الجماعة مع إخوانه في المساجد في وقتها، وعلى المرأة كذلك أن تعتني بها في وقتها، وأن تؤديها في وقتها في بيتها، وأن تحذر التساهل في ذلك، ولا فرق بين الفجر وغيرها، لكن المجموعة إلى غيرها أسهل من التي لا تجمع كالظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء أسهل من تأخير الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، وأسهل من تأخير العصر إلى ما بعد غروب الشمس، وإن كان الواجب على جميع المسلمين أن يصلوا كل صلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، إلا من له عذر كالمريض والمسافر، فلا بأس بالجمع بين الصلاتين: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

حكم تأثيم من أخر الصلاة بسبب النوم

85 – حكم تأثيم من أخر الصلاة بسبب النوم س: إذا تأخر الإنسان عن الصلاة بسبب السهر أو النوم فهل يكون آثما (¬1)؟ ج: إذا كان لم يتعمد أسباب ذلك فلا شيء عليه، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة (¬2)» أي يؤخر الرجل الصلاة إلى أن يخرج وقتها إلى وقت التي بعدها، والله يقول سبحانه: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (¬3) فقال الله: قد فعلت. إذا نام الإنسان النوم المعتاد، وغلبه النوم، أو شغله شاغل ونسي فلا شيء عليه، قد نسي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد نسي الصحابة، وقد نام النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى ضربته الشمس مع الصحابة، كل ذلك وقع، وابن آدم محل النسيان ومحل الجهل، كما قال - صلى الله ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 295. (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في النوم عن الصلاة، برقم (177)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب فيمن نام عن صلاة أو نسيها، برقم (441)، والنسائي في المجتبى، كتاب المواقيت، باب فيمن نام عن صلاة، برقم (615)، وابن ماجه في كتاب الصلاة، باب من نام عن الصلاة أو نسيها، برقم (698). (¬3) سورة البقرة الآية 286

عليه وسلم -: «إنما أنا بشر أنسى كما تنسون (¬1)» فالحاصل أن الإنسان يبتعد عن أسباب النوم، فيبكر بالنوم حتى يقوم الفجر يبكر ولا يسهر، ويضع الساعة التي تعينه على ذلك على الوقت المناسب للصلاة، أو كان عنده أهل عندهم انتباه يأمرهم بأن يوقظوه، يفعل الأسباب حتى لا ينام عن فريضة الله جل وعلا، أما النسيان فقد يغلبه فليس باختياره. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة، برقم (401)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له، برقم (572).

بيان كيفية قراءة من صلى الفجر بعد الشروق

86 – بيان كيفية قراءة من صلى الفجر بعد الشروق س: الأخوان م. ف، وع. ش. من الظهران يسألان فيقولان: إذا استيقظ المسلم من النوم بعد طلوع الشمس فهل يصلي الفجر سرا أم جهرا (¬1)؟ ج: يصليها جهرا، والواجب على المؤمن أن يحذر التكاسل والتساهل في تأخير الصلاة، ويجب عليه أن يتعاطى الأسباب التي تعينه ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 129.

على أدائها في وقتها مع المسلمين في مساجد الله من إيجاد الساعة المنبهة حتى يستيقظ بأسبابها، أو تكليف من يرى من أهله بإيقاظه الناس الذين لهم نشاط، ولهم عادة يقومون حتى ينبهوه مع العناية بالتبكير والنوم المبكر حتى لا يثقل عن صلاة الفجر، ولا يجوز أبدا أن يتساهل في هذا؛ حتى لا يصلي إلا إذا قام للعمل، هذا منكر عظيم، وإذا تعمده الإنسان صار عرضه للكفر؛ لأن جمعا من أهل العلم يقولون: من تركها ولو واحدة كفر. والذي يتعمد تركها كالفجر يكفر عند جمع من أهل العلم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» والمعنى تركها مطلقا، ولو ترك بعض الأوقات، وهكذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» فالواجب على كل مؤمن، وعلى كل مؤمنة خوف الله ومراقبته، وأن يهتم بالصلاة فإنها عمود الإسلام، وأعظم الأركان بعد الشهادتين، والله يقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬3) ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬3) سورة البقرة الآية 238

ويقول سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (¬1) فالواجب على كل مسلم أن يهتم بهذا الأمر في الليل والنهار بصلاة الفجر وغيرها، ولا يجوز أن يتساهل كالمنافقين، وإذا غلبه النوم وقام بعد طلوع الشمس صلاها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك (¬2)» ويصليها كما يصليها في وقتها، يصليها جهرا كما يصليها في وقتها؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فاتته صلاة الفجر في بعض مغازيه، وبعض أسفاره في عدة مرات، وناموا عنها فصلوها كما كانوا يصلونها في وقتها، يصلي بهم بأذان وإقامة، وصلى بهم جهرا عليه الصلاة والسلام. فهكذا من نام عنها وغلبه النوم يصليها بعد استيقاظه جهرا، ويصلي سنتها قبلها ركعتين، ثم يصلي الفريضة، ولكن المهم هو أن يعتني باليقظة في وقت الصلاة، كثير من الناس اليوم – هداهم الله – يتساهلون في الفجر، وكثير منهم بلغنا لا يقوم إلا إذا قام لعمله، وهذا منكر عظيم، وفساد كبير، وتعرض للردة عن الإسلام، فالواجب العناية بهذا الأمر، وأن يهتم المسلم والمسلمة بهذه الصلاة التي هي عمود الإسلام، ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 43 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684)، وأبو يعلى في مسنده، ج 5، ص 409، برقم (3086).

وأن يجتهد في أسباب استيقاظه حتى يؤديها في وقتها، الرجل يؤديها مع المسلمين في المساجد، والمرأة تؤديها في وقتها في البيت، أما تأخيرها إلى ما بعد طلوع الشمس فهذا منكر عظيم لا يجوز، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أن من تعمد ذلك كفر، وهو القول الصواب، وهو القول الحق؛ لعموم الأحاديث الدالة على ذلك، فلا ينبغي للمؤمن أن يعرض نفسه للكفر بالله، والردة عن الإسلام بتساهله وتعمده الباطل، وقد يسر الله بحمد الله أسبابا تعين على أدائها في الوقت: منها وجود الساعة المنبهة الخراش، يركدها على وقت الصلاة، أو قبل الأذان بقليل، حتى يقوم على بصيرة، وحتى يتوضأ على مهل، أو قبل الأذان بوقت حتى يوتر في آخر الليل، وعليه أيضا أن يتعاهد التبكير في نومه حتى لا يغلبه النوم ولا يسمع صوت المنبه، فإنه إذا نام متأخرا قد يغلبه بالنوم ولا يسمع صوت الساعة، فالواجب الحذر من التساهل، والواجب العناية بالأسباب، وإذا كان لديه في البيت من يعينه على ذلك أوصاه بذلك، حتى يوقظه، حتى يتعاهده؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (¬1) والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «من كان في ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 2

حاجة أخيه كان الله في حاجته (¬1)» ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه (¬2)» نسأل الله للجميع الهداية. س: هذا المستمع للبرنامج س. ع. من خميس مشيط يقول: عندما ينام الشخص عن صلاة الفجر، وفي حالة استيقاظه يصلي، فهل يجهر في صلاته أم تكون الصلاة سرية؟ وهل يصلي الراتبة قبل ذلك أم بعدها؟ أفتونا عن هذا السؤال (¬3). ج: نعم، إذا استيقظ ولو بعد طلوع الشمس يصلي الراتبة، ويصلي الفريضة، ويجهر كما لو فعلها في الوقت؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره نام هو والصحابة عن الفجر، فلم يستيقظ إلا بحر الشمس، فلما استيقظوا أمر بالأذان فأذن مؤذن، وصلى الراتبة، وأقام الصلاة، وصلى الفريضة وجهر فيها كما كان يفعل في وقتها، هذا هو ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب المظالم، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، برقم (2442)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (2580). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن الكريم، برقم (2699). (¬3) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 400.

السنة إذا نام عنها واستيقظ بعد طلوع الشمس، يتوضأ ويصلي الراتبة، ويصلي الفريضة، ويجهر فيها كما لو فعلها في الوقت؛ تأسيا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. س: هل يجهر المصلي لصلاة الفجر بعد طلوع الشمس سواء كان منفردا أو جماعة (¬1)؟ ج: نعم، إذا فاتته الصلاة في الفجر وصلاها منفردا يجهر حتى ولو كان بعد طلوع الشمس يصليها جهرا، فقد صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس هو وأصحابه في بعض أسفاره، صلاها جهرا عليه الصلاة والسلام، كما كان يصليها جهرا عليه الصلاة والسلام، أمر بالأذان ثم صلى السنة الراتبة، ثم أقيمت الصلاة، وصلى الفريضة عليه الصلاة والسلام. س: من فاتته صلاة الفجر فصلاها بعد طلوع الشمس هل يسر بصلاته أم يجهر بها (¬2)؟ ج: يجهر إذا صلاها يجهر بها، النبي - صلى الله عليه وسلم - لما نام هو ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 224. (¬2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 366.

وأصحابه عن صلاة الفجر في بعض الليالي في بعض الأسفار صلاها بعد ارتفاع الشمس، وجهر بالقراءة عليه الصلاة والسلام، فالسنة الجهر بالقراءة؛ القضاء يحكي الأداء. س: إذا فات الإنسان صلاة جهرية، وأراد أن يقضيها فهل يكون ذلك سرا أم جهرا (¬1)؟ ج: السنة يقضيها جهرا في النهار، فقد قضاها النبي عليه الصلاة والسلام لما نام عن صلاة الفجر، فلم يوقظه إلا حر الشمس – إلا بعد ظهور الشمس – في بعض أسفاره، صلاها بعد طلوع الشمس جهرا عليه الصلاة والسلام، جهر فيها بالقراءة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 310.

حكم من يؤخر صلاة الفجر ليصليها مع الظهر

87 – حكم من يؤخر صلاة الفجر ليصليها مع الظهر س: ما حكم من يؤخر صلاة الفجر ليصليها مع صلاة الظهر، علما بأنه يستيقظ عند أذان الفجر، هل صلاته مقبولة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1). ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 211.

ج: هذا منكر لا يجوز، الله يقول جل وعلا: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (¬1) ويقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬2) يعني في أوقاتها، والنبي - صلى الله عليه وسلم - وقت الصلوات الخمس – الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر – في أوقاتها، فلا يجوز للمسلم أن يؤخرها عن وقتها لا الفجر ولا غيرها، يجب عليه أن يبادر بالصلاة في وقتها مع المسلمين في الجماعة في المساجد، والمرأة تصليها في البيت في وقتها، ولا يجوز تأخيرها إلى طلوع الشمس، فكيف بتأخيرها إلى الظهر، هذا منكر عظيم، وبعض أهل العلم يراه كافرا بذلك، نسأل الله العافية، فالواجب التوبة إلى الله والحذر، وأن يصليها في وقتها، ولا يؤخرها عن وقتها. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 103 (¬2) سورة البقرة الآية 238

بيان معنى الصلاة الفائتة

88 – بيان معنى الصلاة الفائتة س: السائل ع. غ. من الأحساء يقول في سؤاله: ما هي الصلاة الفائتة (¬1)؟ ج: الفائتة: هي التي خرج وقتها، يقال: فائتة إذا نمت عن الفجر حتى ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 367.

طلع الفجر، يقال لها: فائتة، نمت عن الظهر حتى دخل وقت العصر، يقال لها: فائتة، وهكذا الفائتة هي التي خرج وقتها، فالواجب البدار بقضائها إذا كان عن نوم أو عن نسيان، الواجب البدار، أما عن تعمد هذا فضلال وكفر، نسأل الله العافية. فالواجب التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، وإن صلاها وقضاها فلا بأس خروجا من الخلاف، لكن تركها وتعمد تركها حتى يخرج وقتها من أنواع الكفر بالله؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة (¬1)» وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» الوعيد عظيم. فالواجب على جميع المسلمين العناية بالصلاة وأداؤها في الوقت، فمن تركها تعمدا حتى خرج وقتها كفر، وإن لم يجحد وجوبها، وإن كان يؤمن بالوجوب، لكن إذا تساهل وضيعها حتى خرج الوقت يكفر عند جمع من أهل العلم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬3)» ولم يقل: إذا جحدها، وقال ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» هذا وعيد عظيم. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

حكم قضاء من لم تضبط تقدير عادتها الشهرية

89 – حكم قضاء من لم تضبط تقدير عادتها الشهرية س: تقول السائلة: أريد قضاء بعض الصلوات التي فاتتني، وأريد أن أعرف كيفية الإعادة، حيث إني فيما مضى لا أستطيع تقدير وقت عادتي الشهرية، تمر علي بعض الأيام، ولا أعرف الطهر منها، فتفوتني الصلاة، وكنت أقضيها ولكن كيفية القضاء كانت خاطئة فيما علمت بعد ذلك، الرجاء من سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز أن يوضح لي وللأخوات المسلمات كيفية القضاء، وحبذا لو بعث برسالة خاصة إلى النساء في هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا (¬1). ج: الواجب على المرأة أن تعتني بحيضها وطهرها، فإذا مضت العادة التي تعرفها خمسا أو ستا، أو أكثر أو أقل اغتسلت وصلت وصامت ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 145.

وحلت لزوجها، حتى تجيء العادة، حتى تجيء الدورة، وإذا كانت الدورة تزيد وتنقص فلا بأس، هذه عادة النساء قد تزيد وتنقص، تكون في بعض الشهور خمسة أيام، وفي بعض الشهور ستة أيام، سبعة أيام، فلا حرج، متى رأت الدم لا تصلي ولا تصوم ولا تحل لزوجها، ومتى رأت الطهارة القصة البيضاء، أو تلطفت بقطن ورأته نظيفا اغتسلت وصلت وصامت. أما إن استمر معها الدم صار أكثر من خمسة عشر يوما، استمر معها فإنها تكون مستحاضة، تصلي، وتصوم في كل وقت، وتقف عن الصلاة في وقت العادة، فإذا جاء وقت الدورة وقفت لم تصل ولم تصم بعدد أيام الدورة: خمسا أو ستا أو سبعا أو نحو ذلك. وإذا ذهبت الدورة اغتسلت وصلت وصامت، وصارت هذه الدماء التي معها تعتبر استحاضة دم فساد، تصلي معها وتصوم معها وتحل لزوجها؛ لأنها دماء غير مانعة من الصلاة تسمى استحاضة، وتتوضأ في وقت كل صلاة، وتتحفظ بقطن أو غيره مما يخفف عنها الدم، وتصلي كل وقت في وقته، وإن جمعت بين الوقتين: الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء لا بأس، كما علم النبي - صلى الله عليه وسلم - حمنة بنت جحش عندما كثر عليها الدم. وإذا اغتسلت للظهر والعصر غسلا واحدا، والمغرب والعشاء غسلا واحدا كان أفضل، وللفجر تغتسل غسلا واحدا كذلك، مع

الوضوء لكل صلاة، ولكن الغسل أفضل وليس بواجب في حال الاستحاضة، يعني في الأيام التي بين الدورتين، الدم يمشي فيها، هذه يقال لها: أيام استحاضة، وإن صلت فيها كل وقت في وقته فلا بأس، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، إذا دخل الوقت تستنجي وتستجمر بالمناديل ونحوها، حتى تزيل الأذى من فرجها، وتتوضأ وضوء الصلاة، وتصلي كل صلاة في وقتها، هذا جائز. وإن جمعت بين الصلاتين: بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء فهذا أفضل، كما علم النبي - صلى الله عليه وسلم - حمنة بنت جحش، وإذا اغتسلت مع ذلك فهو أفضل، الظهر والعصر غسل، والمغرب والعشاء غسل، والفجر غسل على سبيل الاستحباب كما ذكرنا. وبالنسبة للقضاء فإذا كانت تعلم شيئا تقضيه، أما إذا كانت لا تعلم فالوساوس ينبغي اطراحها إذا كانت تعلم أنها قصرت في شيء من الصلوات التي وجبت عليها في حال الطهر، وأنه التبس عليها الأمر، إذا كانت تعلم شيئا تقضيه، أما إن كانت لا تعلم شيئا إنما هي وساوس وظنون، فلا تلتفت إليها وتتعوذ بالله من الشيطان. أما الشيء الذي يترك عمدا وتساهلا وقلة مبالاة، فهذا ليس له دواء إلا التوبة والندم على ما فعلت، ويكفي هذا، فإن المسلم إذا ترك الصلاة عمدا ليس له كفارة إلا

التوبة؛ لأن تركها كفر – نسأل الله السلامة – كما قال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» يعني تركها عمدا متعمدا، ليس له نسيان، ولا عن جهل لبعض الأحكام، إنما متعمدا تركها، فهذا قد أتى كفرا عظيما – والعياذ بالله – لذا عليه التوبة من ذلك ولا يقضي. أما الذي يتركها لمرض، أو اشتباه ولم يعرف أن الواجب عليه أن يصلي ولم يتعمد تركها تساهلا، ولكن بعض الناس قد يظن أنه إذا أخرها حتى يزول عنه المرض أصلح، هذا غلط، يصلي على حسب حاله، ولو يصلي قاعدا إذا عجز عن القيام، يصلي على جنبه إذا عجز عن القعود، يصلي مستلقيا إذا عجز عن الصلاة على جنب ولا يتركها؛ بل يجب أن يصليها في وقتها على أية حال: قائما، أو قاعدا، أو على جنب، أو مستلقيا حسب طاقته: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2) وهكذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - المريض، قال لعمران بن الحصين وهو مريض: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) سورة التغابن الآية 16

فإن لم تستطع فمستلقيا (¬1)» هكذا علمه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يؤخر الصلاة، وليس له تأخيرها؛ بل إنما يصليها في وقتها، أو يجمعها مع قرينتها: الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء لمرض أصابه كالمستحاضة أيضا. يعني عليها أن تقضي ما تركته نسيانا، أو تركته لمرض، وعلمت أنها مخطئة تقضي كما يقضي الناسي، وكما يقضي النائم، أما الذي تركها عمدا تساهلا منه من قلة مبالاة فهذا ليس له إلا التوبة، ولا يلزمه القضاء في أصح قولي العلماء، القضاء يلزم في الحال إذا كان عن نوم أو نسيان، يبادر؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك (¬2)» هذا المعذور، أما من ترك الصلاة وهو غير معذور عامدا متساهلا فهذا عليه التوبة الصادقة، ولا قضاء عليه على الصحيح. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117)، بدون لفظ (فمستلقيا). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684)، وأبو يعلى في مسنده، ج 5، ص 409، برقم (3086).

بيان كيفية قضاء الصلوات الفائتة

90 – بيان كيفية قضاء الصلوات الفائتة س: كيف يقضي المسلم ما فاته من الصلاة – أي صلاة – بكاملها

كصلاة الفجر مثلا، وهل إذا كانت الصلاة جهرية يجب عليه أن يجهر بها (¬1)؟ ج: من كان عليه صلوات يقضيها كما لو أداها: إن كانت جهرية قضاها جهرا؛ كصلاة الفجر والعشاء والمغرب، وإن كانت سرية يقضيها سرية؛ كصلاة الظهر والعصر، يقضيها كما يؤديها في وقتها، هذا إذا كان تركها عن نسيان أو عن نوم، أو عن شبه مرض يزعم أنه لا يستطيع فعلها في وقت المرض وأخرها جهلا منه، فهذا يقضيها كما كانت. أما إذا كان تركها تعمدا، ثم هداه الله وتاب فليس عليه قضاء؛ لأن تركها كفر إذا كان تعمدا، فإذا تاب إلى الله من ذلك فليس عليه قضاء، وإنما التوبة تمحو ما قبلها إذا تاب توبة صادقة من تركه للصلاة محا الله عنه بذلك ما ترك، وليس عليه قضاء في أصح قولي العلماء، إنما القضاء في حق من تركها نسيانا أو جهلا منه في وجوب أدائها بشأن مرض أصابه، فأراد أن يؤخرها حتى يصليها وهو صحيح، أو بسبب نوم، فهذا الذي يقضي، أما الذي يتركها تعمدا – والعياذ بالله من ذلك - فهذا كفر، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 69.

كفر (¬1)» خرجه الإمام أحمد، وأهل السنن بإسناد صحيح، عن بريدة رضي الله عنه، وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» خرجه الإمام مسلم في صحيحه، وفيه أحاديث أخرى تدل على ذلك. فالخلاصة أنه إذا تركها عمدا تهاونا بها أو جحدا لوجوبها كفر، فإن كان جاحدا لوجوبها كفر إجماعا، أجمع العلماء على أن من جحد وجوب الصلاة كفر إجماعا، نسأل الله العافية، أما إن تركها تهاونا وتكاسلا فهذا قد شابه المنافقين، وذلك كفر أكبر في أصح قولي العلماء، فعليه التوبة إلى الله التوبة الصادقة النصوح، المتضمنة الندم على ما مضى، والإقلاع من ذلك، والعزم ألا يعود لمثل ذلك، فهذا تكفيه التوبة – والحمد لله – ولا قضاء عليه. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

حكم من شك في أدائه لصلاة العشاء بعدما صلى الفجر

91 – حكم من شك في أدائه لصلاة العشاء بعدما صلى الفجر س: إذا قمت لصلاة الصبح فشككت هل أديت صلاة العشاء، فما الحكم إذا كان الراجح عندي أني صليت، وإذا كان الراجح أني

لم أصل، وإذا تساوى الأمران فما الحكم أيضا (¬1)؟ ج: الذي يظهر من الشرع المطهر أن الإنسان إذا شك أدى واجبا، أو ما أدى فإن عليه أن يؤدي الواجب إذا كان من عادته أنه قد يتساهل في الصلاة وقد يضيعها، فالذي ينبغي له أن يبادر بقضائها أولا، ثم يصلي الفجر، أما إذا كان ليس من عادته ذلك؛ بل يصلي الصلاة في وقتها مع المسلمين، أو في وقتها في البيت لبعض الأعذار، وإن كان لا يجوز أن يصليها في البيت، الواجب على المسلم أن يصليها في الجماعة في المساجد، ولا يجوز لأحد أن يصليها في البيت إلا من عذر شرعي، كالمرض، أو الخوف الذي يمنعه من الخروج، يخشى على نفسه، لكن إذا كان من عادته أنه يصليها مع الجماعة، أو يصليها في البيت؛ لعذر من الأعذار فلا ينبغي أن ينظر لهذا الشك، ينبغي أن يطرح هذا الشك ولا يلتفت إليه. أما إذا كان تارة قد يؤخرها قد يمسي وهو ما فعلها قد ينشغل عنها، فإذا كان ما تحقق ما جزم أنه فعلها فليقضها، ثم يصلي الفجر بعد ذلك، أما إذا كانت أوهاما وظنونا لا أساس لها؛ بل من عادته ومن طريقته أنه يأتي بها، ويفعلها في وقتها كما شرعها الله فهذه ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 14.

وساوس لا يلتفت إليها، ولا يعمل بها؛ بل يصلي الفجر، ويحمل الأمر على أنه فعلها – والحمد لله – كعادته المتبعة.

بيان التفضيل في قضاء الصلوات الفائتة

92 – بيان التفضيل في قضاء الصلوات الفائتة س: يقول السائل من ليبيا: هل يجوز قضاء الصلوات الفائتة أم تكفي التوبة فقط (¬1)؟ ج: بل يجب قضاء الفائتة، إذا فاته شيء من الصلوات وجب عليه القضاء؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا (¬2)» ولأنها فريضة واجبة عليه، فإذا نام عنها، أو نسيها، أو لم يتعمد تركها وجب عليه القضاء، أما إذا نام أو نسي وجب القضاء؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها (¬3)» أما إذا كان تعمدها فهذا منكر عظيم، لكن إذا قضاها احتياطا إن كانت قليلة وإلا فالتوبة تجب ما قبلها، لكن إذا كانت قليلة: صلاتين أو ثلاثا قضاها احتياطا؛ خروجا من الخلاف فهو حسن إن شاء الله، أما إذا كانت كثيرة ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 431. (¬2) أخرجه النسائي في كتاب الإمامة باب السعي إلى الصلاة، برقم (861). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684)، وأبو يعلى في مسنده، ج 5، ص 409، برقم (3086).

فلا قضاء، التوبة تكفي؛ لأن تركها كفر، نسأل الله العافية.

حكم قضاء الصلاة لمن أغمى عليه

93 – حكم قضاء الصلاة لمن أغمي عليه س: ما الحكم إذا ترك المسلم الصلاة لمدة يومين وهو في حالة إغماء، أو عملية (¬1)؟ ج: يقضيها كالنائم، يومين، ثلاثة، كالنائم إذا استيقظ ووعى، يقضيها كما يقضيها النائم، إذا كان ثلاثة أيام أو أقل يقضيها كالنائم، هذا أحسن ما قيل في ذلك، أما إذا طالت المدة فلا قضاء عليه. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 383.

حكم من فاتته الصلاة بسبب مرض أو التعب

94 – حكم من فاتته الصلاة بسبب المرض أو التعب س: إذا كان الإنسان نائما من مرض أو تعب أو أي سبب آخر فاتته صلاة أو صلاتان، مثل لو نام بعد الظهر واستيقظ قبل صلاة العشاء بقليل، ماذا يفعل؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: الواجب على كل مؤمن أن يحرص على أداء صلاة الجماعة مع المسلمين، وأن يجتهد في وجود الأسباب من وجود ساعة ترشده ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم 355.

للوقت أو موقظ من أهله يوقظه، مع التبكير في أوقات النوم وعدم التأخر، فإذا غلبه النوم مع غير الاختيار، ولا قصد فالله يعذره، مثلما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «ليس في النوم تفريط (¬1)» إذا كان من غير تساهل إذا غلبه النوم من تعب ومرض، لكن ليس له أن يتساهل، بمعنى أن يتأخر في النوم، أو يأتي وقت الصلاة ينام أو ما شابه، يتحرى النوم في الأوقات المناسبة، يتعاطى أسباب اليقظة بالساعة أو بالموقظين، والله جل وعلا هو يعلم السرائر، فإذا علم سبحانه أن العبد مجتهد، وحريص ولكن غلبه الأمر فلا شيء عليه: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬2)، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬3) لكن المعصية أن يتساهل وألا يبالي، يحتج بالأعذار الباطلة هذا هو الخطأ. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في النوم عن الصلاة، برقم (177)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب فيمن نام عن صلاة أو نسيها، برقم (441)، والنسائي في المجتبى، كتاب المواقيت، باب فيمن نام عن صلاة، برقم (615)، وابن ماجه في كتاب الصلاة، باب من نام عن الصلاة أو نسيها، برقم (698). (¬2) سورة البقرة الآية 286 (¬3) سورة التغابن الآية 16

كيفية قضاء الفوائت بسبب المرض

95 – كيفية قضاء الفوائت بسبب المرض س: بعد انتهاء مدة الحيض أصابتني وعكة صحية أقعدتني في الفراش، أي ما يقارب خمسة أيام، خلال هذه الأيام الخمسة

التي بعد فترة الحيض لم أؤد فريضة الصلاة، فهل تعتبر هذه الأيام من فترة الحيض أم ينبغي علي أن أصلي هذه الأيام التي تركتها، كأن أصلي كل وقت مرتين لمدة خمسة أيام، أم أصليها دفعة واحدة؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: الفرائض التي تركت بعد الطهارة الواجب أن تقضيها كلها ولو في وقت واحد إن استطعت، وإلا فحسب الطاقة، تصلين صلاة واحدة، أو صلاتين، أو ثلاثا، أو أربع صلوات، أو خمسا، ثم تستريحين، ثم تصلين الباقي هكذا، عليك المبادرة والمسارعة فقد أخطأت في هذا الأمر، فعليك التوبة إلى الله من ذلك؛ لأن المرض لا يمنع من الصلاة، يصلي المرء ولو كان مريضا، إن قدر صلى قائما، وإن عجز صلى قاعدا، وإن عجز صلى على جنبه، ولهذا لما اشتكى عمران بن حصين رضي الله عنه للنبي - صلى الله عليه وسلم - مرضه قال: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 324. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117)، بدون لفظ (فمستلقيا).

فالمريض يصلي على حسب حاله، ولا يجوز له ترك الصلاة؛ بل يصلي على حسب طاقته قائما إن قدر، فإن عجز صلى قاعدا، فإن عجز صلى على جنبه، فإن عجز صلى مستلقيا؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1) والذي على جنبه أو مستلقيا يصلي بالإيماء؛ لأنه لا يستطيع بالفعل أن يكبر ويقرأ ويسبح وينوي به الركوع، يقول: سمع الله لمن حمده ناويا الرفع، وهو على جنبه أو مستلقيا، ثم يكبر ناويا السجود يقول: سبحان ربي الأعلى، وهكذا بالنية والكلام، وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16

حكم الترتيب بين الفوائت وبين الصلاة الحاضرة

96 – حكم الترتيب بين الفوائت وبين الصلاة الحاضرة س: ما حكم الترتيب بين الصلوات إذا كانت هذه الصلوات كثيرة، ويخاف الإنسان إن صلى هذه الفروض الفائتة أن يخرج وقت فرض الصلاة الذي يريد أن يؤديها (¬1)؟ ج: يصلي حسب التيسير، ويبدأ بالحاضر إذا خاف خروج الوقت، يصلي الفرض الحاضر قبل خروج الوقت، ثم يصلي بقية الفوائت التي ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 382.

عليه، أما إذا كان الوقت واسعا يبدأ بالفوائت أولا، فإذا ضاق الوقت صلى الصلاة الحاضرة، ثم صلى بقية ما عليه، وعليه أن يعتني بهذا الأمر يكون عنده العناية التامة. س: إذا فاتني أداء صلاة العصر والمغرب، وذلك لسبب خارج عن إرادتي، ودخل العشاء، فهل يجوز قضاؤهما مع العشاء (¬1)؟ ج: تبدأ بصلاة العصر، ثم المغرب، ثم العشاء، وعليك أن تجتهد في البعد عن أسباب الترك والحذر، فإن المؤمن لا يتساهل في هذا الأمر، والله يقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬2) ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬4)» فالأمر عظيم، ولا يتخلف عنها إلا منافق، نسأل الله العافية، فالواجب عليك الحذر من ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 216. (¬2) سورة البقرة الآية 238 (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

مشابهة أهل النفاق، والواجب عليك المحافظة على الصلاة في وقتها، وإذا نسيت منها شيئا، أو نمت عنها، أو شغلت عن شيء فعليك بالترتيب، تبدأ بالعصر، ثم المغرب، ثم العشاء، هكذا بالترتيب. س: إذا كنت في سفر، وحان وقت الظهر ولم أصل بسبب السفر، وحين وصولي إلى البيت كان وقت صلاة العصر قد دخل، فهل يجوز أن أصلي صلاة الظهر قبل صلاة العصر، أو بعد العصر؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: الواجب عليك الترتيب، تصلي الظهر ثم العصر، وإذا وصلت بلدك تصليها تماما أربعا: الظهر والعصر أربعا، ولو أن الوقت دخل عليك وأنت في السفر إذا أخرتها حتى وصلت بلدك فإنك تصلي الظهر أربعا، ثم تصلي العصر أربعا، والعكس بالعكس لو خرجت من البلد بعد الأذان ولم تصل إلا في السفر بعد ما غادرت البلد تصليها ثنتين، العبرة بوقت الفعل. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 216.

حكم تقديم صلاة العصر إذا أقيمت مع الجماعة لمن لم يصل الظهر

97 – حكم تقديم صلاة العصر إذا أقيمت مع الجماعة لمن لم يصل الظهر س: الأخ ع. ح. من السودان يسأل ويقول: أذن المؤذن لصلاة العصر، وذهبت إلى المسجد، وكانت علي صلاة الظهر لم أصلها لسبب ما، وكان الوقت قد أقيمت صلاة العصر، هل يكفيني أن أصلي العصر أم لا بد من صلاة الظهر أولا ثم أصلي العصر (¬1)؟ ج: إذا كان هذا الواقع صل معهم بنية الظهر، صل معهم العصر وأنت ناو الظهر والحمد لله، ثم تصلي العصر وحدك أو مع جماعة إذا تيسر جماعة ولا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 278.

حكم من أدرك الإمام يصلي العشاء وهو لم يصل المغرب

98 – حكم من أدرك الإمام يصلي العشاء وهو لم يصل المغرب س: يقول السائل: رجل مسافر لم يصل صلاة المغرب، وعندما وصل إلى المدينة وجد الناس يصلون صلاة العشاء في المسجد، هل يصلي المغرب ثم يصلي العشاء أم ينوي بصلاته المغرب، ويصلي معهم ثلاث ركعات ويسلم أم ماذا يفعل (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والستون من الشريط رقم 432.

ج: يصلي المغرب، ثم يصلي معهم العشاء.

حكم صلاة الظهر مع جماعة يصلون العصر

99 – حكم صلاة الظهر مع جماعة يصلون العصر س: السائل ي. ح. يقول: هل يجوز لمن فاتته صلاة الظهر أن يصليها مع جماعة يصلون العصر (¬1)؟ ج: إذا كانت جماعة مسافرون يصلونها في وقت الظهر صلى الظهر، وإلا يجب أن يصلي الظهر في وقتها لا يؤخرها، يصلي الظهر إذا فاتته مع الجماعة، يصليها في المسجد أو في بيته حالا، فإن وجد جماعة يصلون صلى معهم، سواء كانوا مقيمين أو مسافرين صلى معهم، إذا سلموا قام وكمل، أما أن يؤخرها للعصر لا يجوز أن يؤخرها. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 371.

بيان كيفية قضاء الصلوات الفائتة

100 – بيان كيفية قضاء الصلوات الفائتة س: إذا كان على الإنسان قضاء، ولا أعرف عدد هذا القضاء، والآن أنا أصلي مع كل فرض فرضا، هل أصلي الفرض الحاضر الأول أم أصلي القضاء الأول؟ مأجورين (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم 359.

ج: الواجب عليك أن تبادر بالقضاء، ولا تجعل كل فرض معه فرضا؛ بل بادر، اسرد ما عليك في الضحى في الظهر في الليل حتى تخلص منه، ولا يجوز لك التأخير، فالنبي عليه السلام يقول: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك (¬1)» فأنت الواجب عليك أن تبادر بقضاء الصلوات التي عليك بالتحري الذي تظن، افعله خمس عشرة وعشرين، الذي تظنه، بادر بقضائه ولا تجعله مع كل صلاة؛ بل بادر به، اسرده جميعا في ضحوة، أو في ظهر أو في الليل حتى تنتهي منه. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684)، وأبو يعلى في مسنده، ج 5، ص 409، برقم (3086).

حكم من تذكر الصلاة الفائتة بعد الشروع في الحاضرة

101 – حكم من تذكر الصلاة الفائتة بعد الشروع في الحاضرة س: ما حكم من تذكر الفائتة بعد أن شرع في الحاضرة؟ هل يغير نيته أو يبقى على وضعه؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: إن كان إماما أو مأموما فلا حرج، وإن كان مفردا فله حالان: إن كان عن فريضة نسيها أو نام عنها، ثم أحرم بالتي بعدها ناسيا يقطعها ليصلي الفريضة الفائتة قبل على الترتيب، فلو كان نائما عن الظهر مثلا ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 303

ثم نسي، فلما أحرم بالعصر تذكر فإنه يقطعها، وينوي نية الظهر، ولو كان مأموما يقطعها وينوي الظهر، وإن كان إماما وتذكر أن عليه فريضة سابقة فإنه يصليها نافلة، ينويها نافلة ويصلي بهم نافلة وهم صلاتهم صحيحة، وإن كان عند الإحرام ونواها الفائتة التي عليه صحت منه أيضا وصلاتهم صحيحة؛ لأن اختلاف النية على الصحيح لا يؤثر. وإن كان مأموما أحرم معهم بالعصر يحسب أن ما عليه الظهر، ثم تذكر أن عليه الظهر ينوي قطع الصلاة، ثم يعيد إحراما جديدا بنية الظهر، وتجزي خلف العصر، فإذا صلى الظهر صلى بعدها العصر، سواء في المسجد أو في بيته إن كان وجد جماعة صلى معهم العصر وإلا صلاها في بيته.

حكم من شك في تأدية فرض بعد مضي عدة فروض

102 – حكم من شك في تأدية فرض بعد مضي عدة فروض س: تقول السائلة: إذا شككت في تأدية فرض بعد أداء عدة فروض، هل أصلي ذلك الفرض أم ماذا أفعل (¬1)؟ ج: الشك بعد أداء الفرض لا أثر له ما دام الشك إنما جد من جديد، فلا أثر له، الأصل فعل الصلاة والحمد لله إذا شك الإنسان بعد ذلك ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 218.

فلا أثر لهذا الشك، وهذا من الشيطان، الأصل أنها أدت الصلاة وليس عليها شيء والحمد لله.

بيان كيفية قضاء من فاتته صلاة في السفر

103 – بيان كيفية قضاء من فاتته صلاة في السفر س: إذا فاتتني صلاة وأنا مسافر، هل أقضيها على هيئة صلاة المسافر قصرا وجمعا أم أتمها، وكل صلاة في وقتها (¬1)؟ ج: المسافر إذا فاتته صلاة وهو في السفر، وأداها في الحضر فإنه يؤديها أربعا، يسردها كلها؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك (¬2)» فإذا نسيها في السفر أو نام عنها فلم يتنبه إلا بعد ما جاء بلده فإنه يصليها تامة كاملة، ويسردها في الحال سواء ثنتين أو ثلاثا أو أكثر في الحال ولا يؤخر وهكذا، لو فاتته صلاة من الحضر وذكرها في السفر فإنه يصليها في السفر تامة؛ لأنها وجبت عليه تامة، وقد خرج وقتها تامة فيصليها أربعا في السفر إذا ذكرها؛ لأنه قد نسيها، وهكذا صلاة السفر إذا ذكرها ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 218. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684)، وأبو يعلى في مسنده، ج 5، ص 409، برقم (3086).

في الحضر فإنه يصليها أربعا؛ لأنه ذكرها حين وجبت عليه الصلاة تامة، فيصليها أربعا، أما لو فاتته الصلاة في السفر وذكرها في السفر يصليها ثنتين، مثلا من نسي الظهر يوم الثلاثاء، وذكرها يوم الأربعاء، وهو في السفر يصليها ثنتين؛ لأنه تركها في السفر، وذكرها في السفر فيصليها ثنتين. س: الأخ س. ف. ع من العراق يسأل ويقول: فاتتني صلاة الظهر والعصر، هل لي أن أقضيهما جمعا وقصرا (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل، إن كنت في السفر وقضيتهما في السفر تقضيها قصرا ثنتين ثنتين، إذا كنت في السفر تركتهما في السفر وقضيتهما في السفر نفسه، فأنت تقضيهما قصرا، ولك أن تجمع بينهما، ولك أن تفرق. أما إن كنت تركتهما في الحضر أو السفر، ثم أتيت الحضر محل الإقامة فإنك تقضيهما أربعا أربعا ولا تجمع بينهما، وهكذا إذا تركتهما في الحضر، وقضيتهما في السفر أو في الحضر فإنك تقضيهما أربعا كما شرع الله عز وجل، وإنما تقضيهما قصرا إذا كنت تركتهما في السفر وقضيتهما في السفر، ولك أن تجمع بينهما أيضا في السفر إذا كنت تركتهما في ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 172.

السفر وقضيتهما في السفر جميعا.

حكم من ترك عدة صلوات لعذر

104 – حكم من ترك عدة صلوات لعذر س: ما حكم من ترك خمس صلوات لعذر كعدم الطهارة لعذر، وكيف يقضي هذه الصلوات؟ وكيف تقضى إذا كانت أكثر من خمس صلوات؟ وكذلك كيف تقضى إذا كانت أقل (¬1)؟ ج: كثير من المرضى قد يجهل الحكم الشرعي في الصلاة، فيتساهل، ويؤخر الصلوات، يرجو بزعمه أن يشفى حتى يقضيها على حال أحسن، وهذا غلط، لا يجوز للمريض أن يؤخر الصلوات؛ بل يصليها على حسب حاله؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال لعمران لما اشتكى من مرض البواسير: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (¬2)» أمره الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي على حسب حاله ولم يسمح له بالتأخير، ولأن الصلاة واجبة في وقتها ولا يجوز تأخيرها عن وقتها، ولكن يجوز له الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء للمرض كأنه مسافر، أما تأخيرها ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 3 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117)، بدون لفظ (فمستلقيا).

عن وقتها بالكلية وقت تيقنه عن وقتها، وتأخير الفجر عن وقتها، هذا لا يجوز؛ بل يجب عليه أن يصلي في الوقت ولو على جنبه، ولو مستلقيا؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1) فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (¬2)» فينبغي التنبه لهذا، وتنبيه الناس لهذا الشيء، ينبغي لكل مؤمن ولكل مؤمنة التنبه لهذا الأمر، وتنبيه الناس على هذا الأمر، وأن المريض لا يجوز له التأخر؛ بل يجب عليه الصلاة في وقتها، سواء كان قائما أو قاعدا أو على جنبه أو مستلقيا على حسب قدرته: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬3) وإذا عجز عن الصلاة بالماء صلى بالتيمم إذا كان يشق عليه استخدام الماء لمرض فإنه يستعمل التيمم، يعني يتيمم بالتراب، يتعفر بالتراب، يضرب التراب بيديه، يمسح بهما على وجهه ويديه، ويقوم مقام الماء عند العجز عن الماء، أو عند العجز عن استعماله لمرض والحمد لله، وهكذا لو كانت ملابسه أو فراشه فيه نجاسة، ولم يتيسر له غسل الملابس ولا إبدالها، ولم يتيسر له ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، برقم (7288). (¬3) سورة التغابن الآية 16

غسل الفراش ولا إبداله، يصلي على حسب حاله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1) وصلاته صحيحة، لكن لو أخرها عن جهل منه فإنه يقضيها بالترتيب ولو في لحظة واحدة، الفجر، ثم الظهر يقضيها بالترتيب ولو في لحظة واحدة يصلي الفجر، ثم الظهر، ثم العصر، ثم المغرب، ثم العشاء مرتبة، ولو صلاها في وقت واحد في الحال، فهذا طيب، المقصود أن الواجب عليه البدار، والمسارعة إلى القضاء، ولا يؤخر ولا يؤجل بعدما يقوى على ذلك. ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16

حكم قضاء من ترك الصلاة جهلا منه

105 – حكم قضاء من ترك الصلاة جهلا منه س: صدر جهلا مني ترك الصلاة، فهل علي قضاؤها (¬1)؟ ج: نعم، عليك أن تقضي الصلاة إذا كنت جاهلا في أول شبابك ثم فهمت، عليك أن تقضيها وتصلي ما تركت جهلا، أما إذا كنت متعمدا قصدك عدم مبالاة في الصلاة فأنت كافر بهذا، وليس عليك قضاء إلا التوبة، أما إذا كان الجهل له أسباب: مريض أو شبه ذلك ظننت أنه لا ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 230

صلاة عليك، فتقضي إذا تبين لك، وعلمت تقضي لما فاتك، كالمريض الذي ظن أنه لا يصلي حتى يطيب، ويصلي وهو واقف، وهذا يصلي ما ترك إذا شفي، وقد أخر الصلوات، فإن لم يشف يصلي وهو على حاله قائما أو قاعدا أو على جنبه، وهكذا بعض الناس إذا ظن أنه إذا ما حصل الماء ما يصلي حتى يحصل الماء، هذه شبهة، فيصلي أيضا يقضي ما فاته؛ لأن تركه لشبهة ما هو لقصد التعمد والمخالفة. فالحاصل أن الإنسان إذا تركها عمدا لتأويل وشبهة هذا يقضي، أما إذا تركها عمدا لقلة المبالاة بالصلاة، وعدم العناية بها، والزهد فيها فهذا عليه التوبة إلى الله فقط، فقد كفر وعليه التوبة، وليس عليه قضاء في أصح قولي العلماء. س: أنا أعمل في العراق، وأصبت في العمل بقدمي مما تسبب لي بعملية تجبيس وبعدها علاج طبيعي، وقد استغرق هذا مدة أربعة شهور، انقطعت فيها عن الصلاة، علما أنني قبلها والحمد لله كنت مستمرا على الصلاة، والآن الحمد لله مداوم عليها، هل يجب علي إعادة هذه الصلاة أم أنه يعتبر عذرا شرعيا (¬1). ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 224.

ج: إن كنت تركت الصلاة تعتقد أن هذا عذر، وأنه لا شيء عليك من أجل هذا المرض فعليك القضاء، وإن كنت متساهلا متعمدا ترك الصلاة لقلة مبالاتك فعليك التوبة إلى الله عز وجل والرجوع إليه، ولا قضاء عليك على الصحيح؛ لأن تركها كفر، والكافر ليس عليه إلا التوبة، ومن ترك الصلاة كفر إذا تعمد ذلك، لقول الله عز وجل: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (¬1) ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» فإذا كنت عامدا تركها متساهلا فالواجب التوبة إلى الله، والندم والعزم ألا تعود في ذلك، ولا قضاء عليك على الصحيح، أما إن كنت تظن أنك معذور، وأنك بهذا المرض ليس عليك أن تفعل فأنت مثل من نسيها، أو نام عنها يقضي ولا شيء عليه. ¬

_ (¬1) سورة الأنفال الآية 38 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

حكم القضاء على من فاتته الصلاة بسبب العملية الجراحية والتخدير

106 – حكم القضاء على من فاتته الصلاة بسبب العملية الجراحية والتخدير س: يقول السائل: ماذا يفعل المريض بالصلوات التي فاتته، وهو في العملية الجراحية تحت التخدير (¬1)؟ ج: يقضيها إذا رجع إليه عقله، يقضيها مثل النائم. س: ما حكم من منعه المرض أثناء عملية جراحية عن أداء الصلاة هل يقضيها (¬2)؟ ج: نعم، يقضيها إذا لم يتيسر له فعلها بسبب العلمية، يقضيها ولو بعد خروج الوقت واجب عليه؛ لأنه تركها لعذر، فيقضيها – والحمد لله – مثل الذي غلبه المرض حتى شغله عن الوقت، أو غلبه النوم يقضيها بعد ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 427. (¬2) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 233.

بيان كيفية صلاة المريض

107 – بيان كيفية صلاة المريض س: رسالة بعث بها المستمع أ. أ. ز. يقول: إنني مريض في الفراش منذ فترة – أدام الله عليكم الصحة – هل لي أن أقضي الصلاة

التي فاتتني من قبل؛ إذ إنني لا أعلم متى يكون الشفاء، فهذا في علم الله (¬1)؟ ج: شفاك الله وعافاك، نسأل الله لنا ولك الشفاء والعافية، الواجب عليك أن تصلي في مرضك، وأن تتوضأ الوضوء الشرعي، فإن عجزت تيممت بالتراب وتصلي كل صلاة في وقتها، وإن جمعت الظهر والعصر، والمغرب والعشاء فلا بأس، هذا الواجب عليك، وإن كنت تركت شيئا فعليك القضاء؛ إن كنت تركت شيئا من الصلوات الخمس فعليك القضاء مع التوبة مع التوبة والاستغفار والندم، هذه أمور عظيمة، والصلاة عمود الإسلام، والتعمد في تركها كفر. فالواجب عليك الحذر وعدم التساهل، صل الصلاة لوقتها ولو جمعا بين المغرب والعشاء، والظهر والعصر، وإذا كنت عاجزا عن الماء تيمم، وإن استطعت الماء فافعل الماء، المقصود أن الواجب عليك أن تصلي كما شرع الله، ربك يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2) فعليك أن تصلي حسب الطاقة، قائما إن قدرت، أو قاعدا إن لم تستطع القيام، فإذا عجزت عن القعود وصليت ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 347. (¬2) سورة التغابن الآية 16

على جنبك، أو عجزت عن الجنب صل مستلقيا، وتقرأ وتنوي بقلبك أمام الصلاة حسب الطاقة، ولا يجوز الترك للصلاة، فإذا كنت تركت شيئا منها، وظنا منك أنه جائز فعليك القضاء، أما إن كنت تعمدت الترك تساهلا منك فعليك التوبة ولا قضاء عليك، التوبة إلى الله، والندم، والإقلاع، وعدم الرجوع إلى هذا الشيء، ولا قضاء عليك، فإن قضيت فلا حرج؛ لأن بعض أهل العلم رأى أن عليك القضاء، وأنك لا تكفر إلا بجحد الوجوب، ولكن الصواب أن من ترك الصلاة وإن لم يجحد الوجوب يكفر، ولا قضاء عليه، وعليه التوبة.

حكم من سمع أذان الفجر ولم يصل إلا بعد الشروق

108 – حكم من سمع أذان الفجر ولم يصل إلا بعد الشروق س: يقول: إذا سمع المؤذن يرفع الأذان عند صلاة الصبح، واستحوذ علي الشيطان، ولم أقم للصلاة وصليتها بعد طلوع الشمس، فما حكمها هل هي قضاء، ويسقط الفرض أم أني أكون آثما؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: أنت بهذا آثم؛ لأنه ما يجوز لك التساهل؛ بل يجب القيام إذا أذن بالواجب، يجب أن تقوم وتصلي مع المسلمين إلا إذا كنت عاجزا ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 347.

مريضا صليت في البيت في الوقت، أما تأجيلها إلى طلوع الشمس فهذا منكر لا يجوز، وقال بعض أهل العلم: إنه كفر، من فعل ذلك إذا تعمد ذلك، يكفر؛ لأنه أخرها عن وقتها عمدا، وتساهلا. فالواجب عليك الحذر، وأن تصليها في وقتها، إذا دخل الوقت ولو ما سمعت الأذان ولو أريته بالساعة، وجب عليك أن تقوم وأن تصلي مع المسلمين، في المساجد، والمرأة تصلي في البيت في وقت الصلاة، ومن أخرها عمدا فهو آثم إثما عظيما، وكافر كفرا أصغر، عند الجميع؛ عند جمهور أهل العلم، وكفرا أكبر عند بعض أهل العلم، وهو الصواب؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)»، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)». وهو عام للرجال والنساء إذا تركت المرأة الصلاة عمدا حتى خرج الوقت كفرت، وهكذا الرجل على الصحيح. فالواجب التوبة والبدار بالتوبة، من تركها، ومن قضاها وإن كان متعمدا فلا حرج عليه؛ خروجا من الخلاف، لكن لا يلزم القضاء على الصحيح، وإنما يلزمه التوبة والرجوع إلى الله، والعمل الصالح، والاجتهاد في الخير؛ لقول الله سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (¬3) ¬

_ (¬1) صحيح مسلم الإيمان (82)، سنن الترمذي الإيمان (2620)، سنن أبو داود السنة (4678)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1078)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 370)، سنن الدارمي الصلاة (1233). (¬2) سنن الترمذي الإيمان (2621)، سنن النسائي الصلاة (463)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1079)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 346). (¬3) سورة طه الآية 82

فالواجب على من تركها أن يتوب إلى الله، وأن يقلع، وأن يندم ندما عظيما، وأن يكثر من التطوعات والاستغفار، والعمل الصالح لعل الله أن يتوب عليه، سواء كان رجلا أو امرأة، نسأل الله العافية والسلامة.

بيان وجوب القضاء على المريض إذا ترك الصلوات جهرا

109 - بيان وجوب القضاء على المريض إذا ترك الصلوات جهلا س: تسأل وتقول: مرضت لمدة سنة ونصف، وخلال فترة المرض لم أصل، هل علي أن أقضي تلكم الصلاة (¬1)؟ ج: نعم عليك أن تقضي جميع الصلوات التي تركتها بسبب المرض، لأن هذا جهل منك وغلط منك، الواجب قضاؤها مع التوبة إلى الله والندم والرجوع إليه سبحانه وتعالى وكثرة الاستغفار والعمل الصالح. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 243.

حكم تأخير قضاء الفرض إلى فرض مثله

110 - حكم تأخير قضاء الفرض إلى فرض مثله س: إذا فات شخصا فرض، فهل يجوز قضاء هذا الفرض مع الفرض الثاني؟ وهل يجوز صلاة الفجر بعد طلوع الشمس؟ وهل يجوز قراءتها سرا أم جهرا؟ أفيدونا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 26.

ج: إذا فات المؤمن بعض الصلوات لنوم أو نسيان فإن الواجب عليه البدار بقضائها، ولا يؤخر ذلك إلى صلاة أخرى، من الواجب البدار بالقضاء حالا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (¬1)» هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، فالواجب البدار إلى أن يؤدي الصلاة التي نام عنها أو نسيها، وليس لها وقت نهي، فلو نسي الظهر فلم ينتبه لها إلا العصر بادر وصلاها وصلى العصر، ولو نسي العصر فلم ينتبه لها إلا عند الغروب بادر، وهكذا لو نسي المغرب أو العشاء ثم ذكرها في أثناء الليل بادر وسارع إلى ذلك ولا يؤخر إلى صلاة أخرى، بل هذا واجب عليه وليس له تأخير الصلاة إذا ذكرها، وليس له تأخير الصبح إلى ما بعد طلوع الشمس، لا يجوز لا للرجال ولا للنساء، بل الواجب أن تصلى في الوقت، الرجل يصليها في الجماعة يخرج إلى المساجد بيوت الله جل وعلا مع المسلمين، والمرأة تصليها في البيت في وقتها قبل الشمس، ولا يجوز لمسلم ولا لمسلمة تأخير صلاة الفجر إلى ما بعد طلوع ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684).

الشمس؛ لأن حد الوقت طلوع الشمس إذا طلعت الشمس خرج الوقت، فلا يجوز لمسلم أبدا أن يؤخرها إلى طلوع الشمس، ولا لمسلمة أيضا، بل هذا من عمل المنافقين نعوذ بالله، والله يقول جل وعلا: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (¬1) يعني خسارا ودمارا، وقيل: إن غيا واد في جهنم بعيد قعره خبيث طعمه، نسأل الله العافية. قال ابن عباس رضي الله عنهما في هذا: ليس المراد أنهم تركوها لو تركوها لكفروا، ولكن أخروها عن وقتها، هذا الوعيد لمن أخرها عن وقتها نسأل الله السلامة، أما من تركها فإنه يكفر، ومن تركها بالكلية يكون كافرا بذلك - نعوذ بالله - كما تقدم، فالحاصل أنه لا يجوز لأي مسلم ولا لأية مسلمة تأخير الصلاة عن وقتها لا الفجر إلى طلوع الشمس، ولا الظهر إلى وقت العصر، ولا العصر إلى وقت المغرب، ولا إلى أن تصفر الشمس، ولا المغرب إلى أن يغيب الشفق، ولا العشاء إلى نصف الليل، بل يجب أن تصلى كل صلاة في وقتها، هذا الواجب على المسلمين الرجال والنساء، الرجل يصليها في ¬

_ (¬1) سورة مريم الآية 59

جماعة مع المسلمين، وليس له تأخيرها عن الجماعة، وليس له تأخيرها عن الوقت، والمرأة عليها أن تصليها في الوقت في بيتها وليس لها أن تؤخرها عن الوقت، وإذا كان النوم قد يغلب في الفجر فينبغي أن توضع ساعة - الساعة المنبهة - وتركد على الوقت حتى إذا جاء الوقت نبهتهم على وقت الصلاة؛ لأن هذا من الأسباب التي تعين على الخير، وإذا كان عنده من يوقظه فالحمد لله، فالحاصل أن الواجب على المسلم والمسلمة أن يهتم بهذا الأمر، فإذا كان عندهما من يوقظهما لصلاة الفجر فالحمد لله، وإلا وجب أن توضع ساعة عندهما للتنبيه على وقت الصلاة حتى يقوم الرجل فيصلي مع المسلمين، وحتى تقوم المرأة وتصلي الصلاة في وقتها، هذا هو الواجب، وما أعان على الواجب وجب. أما القراءة في صلاة الفجر لمن يصلي وحده، فإن من فاتته صلاة الفجر مع الجماعة يقرؤها جهرا لا بأس، يؤديها كما شرع الله، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما فاتته صلاة الفجر ولم يصلها إلا بعد طلوع الشمس صلاها كما كان يصليها في الليل، يعني في أول النهار كما كان يصليها بعد طلوع الفجر، يعني يصليها كما هي ركعتين بصلاة جهرية، ويصلي راتبتها قبلها كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم.

س: إذا فاتت الصلاة عن وقتها يتركها إلى أن يأتي وقت الثانية، مثلا إذا فاتته الظهر يتركها إلى الظهر اليوم التالي، هل من يقول بهذا هل له شيء يتعلق به (¬1)؟ ج: لا، هذا جهل من قول بعض العامة لا أصل له، لا يجوز تأخيرها إلى وقت آخر ولو قريب، إذا فاتته الظهر ليس له أن يؤخرها إلى وقت العصر ولا إلى الظهر الآتي، بل يجب أن يبادر بها إذا تنبه وذكر، متى تنبه وجب أن يفعلها كما تقدم وليس له تأخيرها متى ذكر. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 26.

حكم إعادة الصلاة احتياطا لصلاة يرى الإنسان إنها لم تقبل

111 - حكم إعادة الصلاة احتياطا لصلاة يرى الإنسان أنها لم تقبل س: هل تجوز صلاة فروض بدلا من التي يمكن أن تكون لم تقبل، فلقد وجدت أختا تصلي من الفروض التي عسى أن تكون لم تقبل لكثرة سهوها أو أي شيء آخر (¬1)؟ ج: هذا بدعة لا يجوز، والأصل الإجزاء، فليس لها ولا للرجل أن يأتي بصلوات احتياطا إن خاف أن الصلوات الأولى ما قبلت، هذه ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 269.

وساوس وشكوك لا وجه لها، أما إذا علم أن صلاته باطلة لأنه أحدث فيها أو صلاها بغير طهارة، فهذا يعيد، أما مجرد أنه وسوس فهذا من الشيطان، والأصل السلامة.

حكم قضاء من حاضت بعد دخول وقت الصلاة

112 - حكم قضاء من حاضت بعد دخول وقت الصلاة س: سائلة تقول: هل يجب قضاء الصلاة إذا حاضت المرأة وقت دخول الصلاة أو بعد دخوله بفترة (¬1)؟ ج: الصواب ليس عليها القضاء، أما قبل الدخول فلا قضاء، يعني ما أدركت الوقت، وأما بعد الدخول فلا حرج عليها ولا تفريط، فلا قضاء عليها، ولكن إذا طهرت في الوقت تقضي الصلاة التي طهرت في وقتها، طهرت في وقت الظهر تصلي الظهر والعصر، طهرت في وقت المغرب والعشاء تصلي المغرب والعشاء، طهرت في وقت الفجر تصلي الفجر، أما لو جاءها حيض بعد الزوال فإنها لا تقضي الظهر، وكذلك لو جاءها الحيض بعد أذان الفجر أو بعد طلوع الفجر لا يلزمها بعد الطهر قضاء صلاة الفجر، وبعض أهل العلم قالوا: عليها أن تقضي ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 147.

هذا الوقت، ولكن ليس عليه دليل، وإن قضت فلا بأس إن قضته فلا حرج. س: تأخرت قليلا في صلاة العشاء، فنزلت علي الحيضة في هذه الحالة، متى أقضي صلاة العشاء؟ هل بعد ما أطهر مباشرة من الحيضة حتى ولو كان العصر أم أنتظر قضاءها إلى أن يأتي وقت العشاء؟ والحقيقة أنني قد قضيتها بعد الطهر مباشرة في العصر، فهل هذا صحيح (¬1)؟ ج: أولا ليس عليك قضاء إذا كنت لم تفرطي جاء الحيض في أول الوقت أو في أثناء الوقت، لم تفرطي فلا قضاء عليك، لكن إذا قضيت فلا حرج، والمقضية ليس لها وقت نهي إذا قضيتها من حين تطهرين في العصر أو في أي وقت فلا حرج في ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (¬2)» فالمقضية ليس لها وقت نهي، ولكن المرأة إذا حاضت أو نفست في وقت الصلاة ولم تفرط فلا قضاء عليها، أما لو فرطت بأن أخرتها إلى ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 223. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684).

آخر وقتها ثم جاءها الحيض فإنها تقضيها لأنها فرطت في عدم فعلها في وقتها. س: عندما توضأت لأداء صلاة الظهر، اكتشفت أن الدورة قد أتت، فهل يجب علي أن أصلي الظهر عند تطهري، مع أنني لا أعلم هل هي قد أتت قبل دخول الوقت أم بعده (¬1)؟ ج: لا يلزمك القضاء، وإن قضيت فلا بأس، بعض أهل العلم يرى أن من أدركها الحيض في وقت تقضي، ولكن ليس عليه دليل، لأنها لم تفرط، فإن قضيت فلا حرج وإلا فلا قضاء عليك، لكن لو طهرت في وقت الظهر أو وقت العصر تصلين الظهر والعصر عند الطهارة، أو طهرت في الليل تصلين المغرب والعشاء، أما إذا هجمت عليك العادة في وقت الظهر فليس عليك قضاء، وإن قضيت فلا حرج، ولو هجمت عليك بعد الغروب فليس عليك قضاء المغرب، وإن قضيت فلا حرج. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 166.

حكم من حاضت أثناء الصلاة

113 - حكم من حاضت أثناء الصلاة س: ع. د. م. تقول: ماذا على من حاضت أثناء الصلاة، هل تقطع

صلاتها وتقضيها بعد طهرها أم تكمل صلاتها (¬1)؟ ج: من نزل بها الحيض وهي تصلي تبطل صلاتها مثل من خرج منه البول وهو يصلي تبطل صلاته، لكن الحائض ليس عليها قضاء، وإن قضت فلا بأس، وليس عليها قضاء الصلاة التي نزل الحيض عليها فيها، فإن قضتها بعد الطهر فلا حرج؛ لأنه لا يلزمها ذلك إلا إذا كانت أخرتها حتى ضاق الوقت، فإنها تقضيها، وأما إذا كان نزولها في وسط الوقت أو في أوله فلا تقضيها. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 357.

حكم قضاء من طهرت في وقت الثانية من الصلوات التي يجمع بينها

114 - حكم قضاء من طهرت في وقت الثانية من الصلوات التي يجمع بينها س: يقول السائل: إذا طهرت المرأة من حيضها في أحد الأوقات الخمسة للصلاة، فماذا يلزمها أن تصلي؟ وهل تقضي الصلاة التي كانت قبل طهرها مباشرة، كأن تطهر في وقت العصر فهل تقضي الظهر؟ أو أن تطهر في وقت المغرب فهل تقضي العصر؟ وهكذا، أفتونا مأجورين (¬1) ج: إذا طهرت في وقت صلاة تجمع إلى ما يليها تصلي الثنتين، فإذا ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 417.

طهرت في وقت العصر صلت الظهر والعصر، وإذا طهرت في وقت العشاء صلت المغرب والعشاء، وإذا طهرت بعد طلوع الفجر صلت الفجر فقط، هذا هو الواجب عليها كما أفتى بذلك جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم؛ لأنها كالمعذور كالمريض يجمع بين الصلاتين، فإذا طهرت في العصر فهي كالمريض تصلي الظهر والعصر، وإذا طهرت في الليل صلت المغرب والعشاء، أما إذا لم تطهر إلا بعد الفجر فإنها تصلي الفجر فقط، أما إن كان انقطع الدم عنها بعد طلوع الشمس، ما طهرت إلا الضحى فليس عليها شيء؛ لأن الفجر قد زالت قد ذهب وقتها، ولم تطهر إلا بعد طلوع الشمس فليس عليها شيء إلا في المستقبل، الظروف المستقبلة، ولكن إذا طهرت في وقت صلاة، طهرت قبل طلوع الشمس تصلي الفجر، إذا طهرت قبل الفجر تصلي المغرب والعشاء، إذا طهرت قبل غروب الشمس تصلي العصر والظهر. س: يقول هذا السائل: يا سماحة الشيخ، إذا طهرت المرأة من الحيض وقت الظهر فماذا عليها أن تصلي؟ وإن طهرت وقت العصر أو المغرب أو العشاء أو الفجر، ماذا عليها من قضاء وصلاة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال السبعون من الشريط رقم 425.

ج: إذا طهرت الظهر أو العصر تصلي الظهر والعصر، وإذا طهرت في الليل تصلي المغرب والعشاء، هذا هو الواجب عليها كما أفتى به جمع من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. س: التي تغتسل من الحيض العصر، هل تصلي الظهر والعصر أم العصر فقط (¬1)؟ ج: إذا اغتسلت الحائض العصر تصلي الظهر والعصر، أفتى به جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، وهكذا إذا اغتسلت في الليل في أوله أو في آخره تصلي المغرب والعشاء؛ لأن الظهر والعصر حكمهما حكم الواحدة في حق المعذور؛ لأنهما يجمعان، والمغرب والعشاء كذلك في حق المعذور حكمهما حكم واحد كالمريض، فالحائض إذا اغتسلت كالمريض تصلي الظهر والعصر جميعا تقضيهما إذا اغتسلت العصر، وتقضي المغرب والعشاء جميعا إذا اغتسلت في أثناء الليل ولو بعد نصف الليل. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 241.

بيان الحكمة في قضاء الحائض صلاة الظهر إذا طهرت عصرا

115 - بيان الحكمة في قضاء الحائض صلاة الظهر إذا طهرت عصرا س: تقول الأخت السائلة: ما الحكمة في كون الحائض إذا طهرت قبل المغرب تقضي صلاة الظهر مع أن وقتها قد خرج (¬1)؟ ج: لأن الظهر يستمر وقتها إلى غروب الشمس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر، ومن أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح (¬2)» فإذا طهرت في آخر النهار أفتى بعض الصحابة بذلك أنها تصلي الظهر والعصر جميعا؛ لأنها أدركت بعض الوقت، فأشبهت المريض، تصلي الظهر والعصر جميعا، إذا كان طهورها قبل غروب الشمس بركعة فأكثر، وهكذا إذا طهرت قبل الشمس بقليل بركعة تصلي الفجر، أو طهرت قبل طلوع الفجر في آخر الليل تصلي المغرب والعشاء. س: إذا اغتسلت المرأة من الحيض في وقت المغرب، فهل تصلي ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 427 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (608).

الظهر والعصر مع المغرب (¬1)؟ ج: إذا كانت الطهارة بعد غروب الشمس ليس عليها صلاة الظهر والعصر، أما إذا طهرت العصر فإنها تصلي الظهر والعصر، أو طهرت في الليل تصلي المغرب والعشاء، أما إذا كانت الطهارة بعد غروب الشمس، غابت الشمس وهي حائض فإنها ليس عليها أن تصلي الظهر ولا العصر، ولا يشرع لها ذلك، ولكن تصلي المغرب والعشاء. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم 412.

حكم قضاء الحائض والنفساء للصلاة

116 - حكم قضاء الحائض والنفساء للصلاة س: تقول السائلة: هل صحيح أن المرأة إذا طهرت من العادة الشهرية عليها أن تعيد الصلاة فرضا بفرض، ووقتا بوقت طلية الأيام التي قضتها بالعادة، أم تصلي الصلاة نفسها غير مكررة (¬1)؟ ج: ليس على الحائض والنفساء قضاء، قالت عائشة رضي الله عنها: «كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة (¬2)». إنما تقضي أيام رمضان التي أفطرتها في حال النفاس، أو في حال الحيض، وأما الصلاة فالله ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 232. (¬2) صحيح البخاري الحيض (321)، صحيح مسلم الحيض (335)، سنن الترمذي الطهارة (130)، سنن النسائي الصيام (2318)، سنن أبو داود الطهارة (262)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (631)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 232)، سنن الدارمي الطهارة (986).

سبحانه أسقطها عنهما الحائض والنفساء، والحكمة في ذلك - والله أعلم - أنها كثيرة تتكرر، فلو أمرت بقضائها لشق عليها، فمن رحمة الله أن أسقط عنها الصلوات في حال الحيض وفي حال النفاس، لا تقضيها، وإنما تقضي الصوم عن الأيام التي أفطرتها في رمضان تقضيها.

حكم الصلاة إذا نزل السائل بعد الدورة الشهرية

117 - حكم الصلاة إذا نزل السائل بعد الدورة الشهرية س: إذا انتهت الدورة الشهرية عندي فإني ألاحظ نزول سائل، فهل بنزوله تبطل صلاتي أم أن صلاتي صحيحة (¬1)؟ ج: السائل إذا كان ليس بالدم المعروف لا يؤثر إذا رأيت الطهارة وجب الغسل والصلاة صحيحة، وما خرج من السائل حكمه حكم البول، تستنجين منه وتتوضئين وضوء الصلاة وتصلين، ما دمت رأيت الطهارة واغتسلت، تصلين - والحمد لله - والسائل هذا الذي يقع للنساء هذا حكمه حكم البول، ما أصاب الثياب يغسل وما أصاب البدن يغسل، وهو ينقض الوضوء. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 223.

حكم صلاة من أعمي عليها قبل الولادة عدة أيام دون نزول الدم

118 - حكم صلاة من أغمي عليها قبل الولادة عدة أيام دون نزول الدم س: امرأة في حالة ولادة، قبل يومين أو ثلاثة من الولادة لم ينزل منها دم، ولكنها في حالة إغماء، ماذا تعمل، هل تقضي الصلاة بعد انتهاء مدة النفاس (¬1)؟ ج: تقضي الصلاة إذا طهرت لأن الإغماء مثل ما تقدم يومين، ثلاثة، مثل النوم، أقرب ما له النوم، فالأرجح أنها تقضي، يشبه بالنوم، وقيل: إن بعض الصحابة أغمي عليه يومين أو ثلاثة فقضاها. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 383.

حكم من أتتها آلام الولادة بعد دخول وقت الصلاة

119 - حكم من أتتها آلام الولادة بعد دخول وقت الصلاة س: السائلة ن. ع. ح. من القصيم، تذكر بأنها أصابتها آلام الولادة، وكانت صلاة العشاء قد دخلت، فمن شدة الآلام تقول: لم أستطع الصلاة، وبعد أن يسر الله عليها وانتهت من الأربعين قضت، هل عملها هذا صحيح (¬1)؟ ج: إذا كان الألم معه طلق ومعه دم فليس عليها صلاة، هذا تبع ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 409.

النفاس، إذا أصابها الطلق وخرج منها الدم ولم تستطع الصلاة صار هذا من النفاس، يحكم به تبع النفاس، فلا قضاء عليها، أما إذا كان لا إنما هو آلام، ليس فيه طلق ولا دم تقضيها، إذا كانت ما قضتها تقضيها مثل ما فعلت، وأما إذا كانت قد أحست بالطلق وخرج الدم فهذه المرأة لا قضاء عليها في تلك الصلاة التي تركتها بعد وجود الطلق وخروج الدم.

حكم قضاء من تركت الصلاة والصوم لأجل العادة الشهرية

120 - حكم قضاء من تركت الصلاة والصوم لأجل العادة الشهرية س: كيف تقضي المرأة التي تركت الصلاة والصيام لعذرها الشرعي، كيف تقضي ما فاتها (¬1)؟ ج: إن كان عذرها الحيض والنفاس، فليس عليها قضاء الصلاة، وإنما تقضي الصوم فقط، صوم رمضان. أما إن كان عذرها نوما واستيقظت، تقضي إذا استيقظت من نومها، وإما إن كانت مجنونة ثم رد الله عليها العقل فليس عليها قضاء. أما إن كانت مريضة فالواجب عليها أن تصلي في حال المرض ولو على جنب ولو مستلقية، فإن تساهلت جهلا منها ولم تصل من ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 271.

أجل المرض تقضيها مرتبة ولو في وقت واحد حسب طاقتها مرتبة: ظهر، عصر، مغرب، عشاء، وهكذا مرتبة ولو في وقت واحد، ولو في ضحوة، أو في ظهر، أو في ليلة حسب طاقتها، إذا كان تركها لها عن مرض تجهل أنها تصلي وهي قاعدة أو على جنبها تقضي، أما إن كانت تتساهل بالصلاة تتركها عمدا فهنا ليس عليها قضاء، عليها التوبة، وهكذا الرجل لا يصلي ثم يتوب، ليس عليه قضاء عليه التوبة إلى الله والرجوع إلى الله والاستقامة على الصلاة، وما فات قبل ذلك مما تركه عمدا تساهلا منه، فهذا فيه التوبة وتكفيه التوبة والحمد لله.

حكم من تصلي وتصوم أثناء الحيض خجلا من الناس

121 - حكم من تصلي وتصوم أثناء الحيض خجلا من الناس س: السائلة أ. ج. ط. من سوريا، تقول: هل يجوز التظاهر بالصلاة والفتاة في الدورة الشهرية (¬1)؟ ج: لا، لا تتظاهر بالصلاة وهي في الدورة الشهرية، الحمد لله معذورة إذا تخشى أن يظن بها السوء، تقول: إني الآن لا أصلي، تبين أنها لا تصلي. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 408.

س: عندما بلغت لأول مرة كان ذلك في شهر رمضان، ولم أستطع أن أخبر والدتي بهذا؛ لأنني كنت خجولة جدا، ثم جاءتني في المرة الثانية وكان في آخر يوم في رمضان ولم يعلم أحد بهذا، ومن عادة أسرتنا أن نذهب جميعا لصلاة العيد في المسجد الحرام، ولأنني لم أستطع إخبار والدتي ذهبت معهم إلى الحرم وصليت، ويعلم الله كيف كانت حالتي، وأذكر أنني عندما كنت أسجد وأركع أقول: أستغفرك يا رب، إلى أن انتهت الصلاة، ثم بعدها توجهنا إلى المدينة، وعندما وصلنا دخلنا جميعا إلى المسجد، وذهب والدي ليبحث لنا عن مسكن، وبقينا إلى أن انتهت صلاة الظهر، فهل علي ذنب فيما فعلت؟ وأنا الآن قد تزوجت وأنجبت أطفالا، ولكنني عندما أتذكر هذا أخاف عقاب الله، وفي بعض الأحيان أبكي من شدة الخوف، فماذا تنصحني يا سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: أنصحك بالتوبة إلى الله، لأن هذا منكر وغلط، فعليك التوبة إلى الله والندم وعدم العودة إلى هذا الأمر، وعليك قضاء الأيام التي ما ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 336.

صمتها أو صمتها وأنت حائض؛ لأن صيامك لا يصح وأنت معك الحيض، والصلاة باطلة إذا صليت وأنت حائض، الصلاة باطلة، والجلوس في المسجد الحرام والمسجد النبوي وأنت حائض كذلك منكر، عليك التوبة إلى الله من ذلك، نسأل الله أن يتوب عليك وعلى كل مسلم. س: إن أبي يقول لي: لماذا لم تصل معي المغرب في رمضان، وأنا في حالة العذر، وبعد ذلك أقف معهم وأكبر، هل يجوز ذلك (¬1)؟ ج: إذا كنت في العذر - الحيض الدورة الشهرية - فليس لك ذلك، بل عليك أن تعتذري بأنك معذورة شرعا من جهة الصلاة، أما إذا كنت سليمة وصار أبوك يصلي بكن مثلا التراويح أو يصلي بكن فريضة عند تخلفه عنها لسبب المرض أو لأنها فاتته في المسجد، وصليتن معه فلا بأس صلي معهن، خلفه يكون أمامكن ويكون النساء خلفه، فلا بأس بذلك، وليس له أن يصلي في البيت من غير عذر، بل يجب عليه أن يصلي في المساجد، أما النساء فبيوتهن خير لهن وأفضل، لكن لو فرض أنه تأخر لمرض أو علة أخرى حتى فاتته الصلاة في الجماعة وصلى بكن الفريضة فلا بأس، وصلي معهم إذا كنت صالحة للصلاة، أما إذا ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 93.

كنت مثلا في نفاس أو حيض فليس لك ذلك والحمد لله، هذا أمر شرعي فلا مانع من بيانه، وأنك معذورة وأنك في الدورة الشهرية، أو في النفاس توضحين حتى لا تتهمي بترك الصلاة.

بيان ما يجب على المرء فعله إذا أراد الصلاة

122 - بيان ما يجب على المرء فعله إذا أراد الصلاة س: ماذا يجب على المسلم أن يوفره لصحة الصلاة، وكيف يكون حال المسلم في الصلاة (¬1)؟ ج: يجب عليه أن يتوضأ إذا كان على غير طهارة، وأن يعد المصلى إذا كان ما عنده أرض طيبة طاهرة، يعد المصلى حصيرا، سجادة، قطنا أو غيره، حتى يصلي عليها إذا كان ما عنده مكان طاهر، يعد السترة التي تستر عورته، مثل قميص، إزار ورداء، يعد الشيء الواجب في الصلاة، ويستحب أن يضع سترة يجعلها أمامه، إذا كان ما عنده جدار يلتمس شيئا صندوقا أو حربة يركزها أمامه، والسنة الصلاة إلى السترة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 295.

حكم من توضأ ولم ينو الصلاة

123 - حكم من توضأ ولم ينو الصلاة س: رجل دخل دورة المياه لقضاء الحاجة ثم بعد أن قضى الحاجة

توضأ وضوءه للصلاة دون أن يكون قد نوى أن يصلي، وإنما جاءت النية بعد قضاء الحاجة، وهو داخل الحمام، فهل الوضوء صحيح، أم يجب عليه أن يكون قد نوى من قبل (¬1)؟ ج: إذا نوى عند بدء الوضوء الشرعي، فالوضوء صحيح، إذا استنجى ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه بنية الوضوء الشرعي فالحمد لله يصلي ما تيسر من ذلك، ويمس المصحف، لا بأس، يعني هذا وضوء شرعي إذا كان نوى الوضوء. أما إذا كان غسل أعضاءه ليس عنده نية في الوضوء فلا بد من النية. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 432.

حكم قضاء الجنب والحائض للصلاة إذا خرج وقتها قبل أن يغتسلا

124 - حكم قضاء الجنب والحائض للصلاة إذا خرج وقتها قبل أن يغتسلا س: هل على الجنب قضاء الصلاة التي فاتته (¬1)؟ ج: نعم، إذا فاتته الصلاة قبل أن يغتسل، يقضيها وهكذا الحائض لو أخرت الغسل إلى طلوع الشمس، وهي طهرت في أول الوقت أول في آخر الليل، عليها أن تقضي صلاة الفجر، فلا يجوز لها هذا العمل، ولا ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 263.

يجوز للجنب هذا العمل، يجب على الجنب أن يغتسل في الوقت، وهكذا الحائض يجب عليها أن تغتسل للوقت، وتصلي في الوقت، لكن لو أخرا أثما بهذا وعليهما التوبة مع فعل الصلاة.

حكم من لا يغتسل من الجنابة إلا بعد أيام

125 - حكم من لا يغتسل من الجنابة إلا بعد أيام س: تقول السائلة: إن زوجي لا يغتسل من الحدث الأكبر إلا بعد يوم أو يومين، وأحيانا يجلس من العصر إلى اليوم الثاني صباحا، وفي بعض الأوقات يذهب إلى عمله ويعود في المساء، ثم يغتسل من الحدث بالرغم من توفر الماء والوقت للاغتسال، وهو لا يصلي، وإني دائما أنصحه بالصلاة والاغتسال، ولكنه لا يستمع إلى كلامي، وهذا يعذبني كثيرا، وأنا امرأة مصلية وأعرف أمور ديني (¬1)؟ ج: هذا الرجل يظهر من حاله أنه ليس بمؤمن، ولا يعرف أحكام الدين، أو يعرفها ويعاندها، فلا يحل لك البقاء معه، هذا الرجل يعتبر كافرا، لأنه ترك الصلاة عمدا، ولم يبال بها، ولم يبال بغسل الجنابة، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 174.

فهذا يعتبر كافرا وليس للمسلمة أن تبقى مع كافر، والله سبحانه وتعالى يقول: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (¬1) ويقول جل وعلا: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} (¬2) يعني لا تزوجوهم حتى يؤمنوا، وترك الصلاة كفر أكبر في أصح قولي العلماء، وإن لم يجحد وجوبها، فإن جحد وجوبها صار كافرا عند جميع العلماء، والذي يظهر من زوجك أنه مع تركه لها أنه لا يؤمن بها، فلو كان يؤمن بها ما فعل هذا الفعل القبيح، لأن الإيمان يدعوه أن يحترم الصلاة، وأن يبادر إليها وأن يغتسل من الجنابة، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬4)» أخرجه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه، ولم يقل: إذا جحد وجوبها، بل أطلق فدل ذلك على أنه يكفر، ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن الأئمة ¬

_ (¬1) سورة الممتحنة الآية 10 (¬2) سورة البقرة الآية 221 (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في المجتبى كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة برقم، (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82).

الذين يتخلفون عن الصلاة، ويظلمون الناس، سألوه: هل يخرجون عليهم، قال: «لا، إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (¬1)» فإنه أخبر صلى الله عليه وسلم أنه يأتي في آخر الزمان أمراء يعرف منهم وينكر من أعمالهم، فسألوه: هل يخرجون عليهم؟ هل يقاتلونهم؟ فقال: «لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، ما صلوا (¬2)» وفي اللفظ الآخر: «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان (¬3)» هذا يدل على أن من ترك الصلاة ولم يقمها فقد أتى كفرا بواحا، يحل معه الخروج عليه من ولاة الأمر، أهل الحل والعقد، حتى يزال عن الرئاسة والإمامة ويجعل من يكون بدلا عنه إماما، فالحاصل أن هذا الرجل الذي ذكرت صفاته كافر إذا صح ما قلت عنه، وليس لك البقاء معه بل يجب أن تخرجي إلى أهلك، أو تبقي مع أولادك إن كان لك أولاد، وتمتنعين منه وترفعين أمره إلى الحاكم الشرعي، حتى يفرق بينك وبينه، وحتى يقام عليه حد ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تنكرونها، برقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة، وشرارهم برقم (1855). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي سترون بعدي أمورا تنكرونها، برقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709).

الله، نسأل الله له الهداية.

حكم من تركت غسل الجنابة فترة طويلة جهلا منها

126 - حكم من تركت غسل الجنابة فترة طويلة جهلا منها س: ع. ن. من الرياض تقول: قضيتي الأولى ما يلي: تذكر أنها شابة ومتزوجة وعندها طفلان - أحمد الله على ذلك - تقول: المشكلة يا سماحة الشيخ هي أنني عندما كنت في الأيام الأولى من زواجي لم أكن أغتسل من الجنابة بسبب الجهل في ذلك؛ لأنني كنت أظن بأن الاغتسال خاص بالرجال فقط دون النساء، وعندما علمت أن المرأة يجب عليها الاغتسال ندمت ندما كثيرا على ما كان من جهلي، وأنا الآن لا أدري ما عدد الصلوات التي كنت أصليها وأنا على جنابة، وقد جلست على تلك الفترة ما يقارب من شهرين تقريبا، ماذا علي سماحة الشيخ تجاه تلك الصلوات (¬1)؟ ج: ليس عليك إلا التوبة، التوبة تجب ما قبلها، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يجب ما قبله (¬2)» والتوبة تجب ما كان قبلها، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 370. (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عمرو بن العاص، برقم (17813).

والحمد لله، وإن قضيت الصلوات بالظن فهو طيب وحسن، خروجا من الخلاف، إن قضيت ما تظنين أنك صليتها وعليك الجنابة فهذا حسن من باب الخروج من الخلاف أو تكفيك التوبة - والحمد لله - لأجل جهلك وعدم عنايتك بالسؤال، فأنت قد فرطت وأسأت، فعليك التوبة إلى الله، وترك الصلاة كفر، والكافر توبته تكفي إذا تاب الكافر ما عليه قضاء، والذي يصلي وعليه الجنابة حكمه حكم الذي لا يصلي، نسأل الله العافية.

حكم من قام من النوم قبل الشروق بقليل وهو جنب

127 - حكم من قام من النوم قبل الشروق بقليل وهو جنب س: إذا احتلم شخص، وأصبح جنبا، ولم يستيقظ من النوم إلا وقد أوشكت الشمس على الطلوع، فهل يصلي وهو جنب لخوفه من ذهاب الوقت، أم يغتسل ثم يؤدي الصلاة (¬1)؟ ج: إذا استيقظ الإنسان وهو جنب يبدأ بالغسل، ولا يصلي وهو جنب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة أو نام عنها ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 395.

فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (¬1)» هذا وقتها، يغتسل ثم يصلي، وليس له الصلاة وهو على جنابة، سواء قام عند طلوع الشمس أو بعد طلوع الشمس أو بعد العصر، وهو نائم عن العصر، يغتسل ثم يصلي. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684).

حكم من صلى بدون طهارة

128 - حكم من صلى بدون طهارة س: ما الحكم في رجل ذهب مسافرا إلى مدينة من المدن، فلما وصل أذن المؤذن لصلاة الظهر، فصلى قصرا دون أن يتوضأ، وهو يعرف أنه على غير طهارة، مع وجود الماء والتراب، فلما رجع إلى مدينته ندم على ذلك، فهل يعيد صلاته وهل عليه كفارة (¬1)؟ ج: عليه التوبة من ذلك؛ لأن هذا منكر عظيم إذا صلى بغير وضوء وهو يقدر على الماء، وتعمد هذا، هذا منكر عظيم، بل يعد كفرا عند جمع من أهل العلم - نسأل الله العافية - لأنه يعتبر مستهزئا متلاعبا تاركا للصلاة، بل جزم جمع من أهل العلم بأن من ترك الصلاة عمدا يعتبر كافرا وعليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، فإذا تاب تاب الله عليه، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 198.

والتوبة هي الرجوع إلى الله، والإنابة إليه لأنها جريمة عظيمة ومنكر عظيم من نوع الاستهزاء بدين الله، يصلي عمدا بلا وضوء وبلا تيمم ومعلوم أيضا أن التيمم لا يجوز مع وجود الماء، فالحاصل أن هذا العمل منكر عظيم، وشر كبير بل كفر على الصحيح وتلاعب بالدين، نسأل الله العافية، فعليه التوبة إلى الله من ذلك، والندم والإقلاع والعزم ألا يعود في ذلك، نسأل الله لنا وله الهداية.

حكم الاحتفاظ بالوضوء والصلاة به فترة طويلة

129 - حكم الاحتفاظ بالوضوء والصلاة به فترة طويلة س: من احتفظ بوضوئه لفترة طويلة هل يجزئ ذلك أم لا (¬1)؟ ج: لا بأس، لو توضأ للظهر وبقي على طهارته في أوقات العصر والمغرب والعشاء لا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح عدة صلوات بوضوء واحد، وقال: «عمدا فعلت (¬2)» ليتأسى به الناس عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أنه إذا صلى صلوات كثيرة بوضوء واحد ولم يحدث فالحمد لله، حتى لو صلى الفجر وبقي على الطهارة ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم 301. (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، حديث بريدة الأسلمي، برقم (23029).

الظهر والعصر والمغرب والعشاء فلا حرج - والحمد لله - والأفضل أن يتوضأ لكل صلاة، فهذا أفضل لما فيه من النشاط والأجر، ولكن لو صلى عدة صلوات بوضوء واحد فلا حرج. س: يقول السائل: ما حكم الصلاة على الوضوء، أو في الوضوء لمدة طويلة، مثال ذلك، أنا أتوضأ لصلاة الفجر، فهل يجوز لي أن أصلي صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء في نفس الوضوء بدون حدث طيلة اليوم (¬1)؟ ج: إذا صح ذلك فلا بأس، إذا ثبت لديك أنك ما أحدثت، وأنك على وضوء فلا بأس، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى يوم الفتح جميع الصلوات بوضوء واحد، فسأله عمر فقال عليه الصلاة والسلام: «عمدا فعلت (¬2)» فإذا توضأ الإنسان للظهر وبقي على طهارته العصر والمغرب والعشاء فلا بأس إذا كان قد حفظ نفسه. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والخمسون من الشريط رقم 435. (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، حديث بريدة الأسلمي، برقم (23029).

حكم من صلى ثم تذكر أنه على غير طهارة

130 - حكم من صلى ثم تذكر أنه على غير طهارة س: رجل دخل في الصلاة واستكملها وسلم وبعد ذلك تذكر أنه غير

متوضئ، فما الحكم (¬1)؟ ج: عليه أن يعيد، إذا عرف أنه صلى بغير وضوء يلزمه أن يعيد الصلاة. س: هل من صلى وهو يعتقد أنه على وضوء ثم تبين له أنه صلى بدون وضوء هل تصح صلاته أم لا بد عليه من الإعادة (¬2)؟ ج: من صلى وإنه يظن أنه على وضوء ثم تبين له أنه ليس على وضوء فإنه يعيد الصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة بغير طهور (¬3)» وقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ (¬4)» هذا بإجماع المسلمين، إن الإنسان إذا صلى ثم اتضح له أنه على غير وضوء فإنه يتوضأ ويعيد الصلاة، بخلاف من صلى وبثوبه نجاسة ولم يعلم إلا بعد الصلاة، فهذا لا يعيد على الصحيح، فالصواب أن صلاته صحيحة ولا تلزمه الإعادة ولو كان يعلمها ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 35. (¬2) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 341. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (224). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الحيل، باب في الصلاة، برقم (6954). ومسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (225).

ثم نسيها، أما الذي صلى وهو محدث يحسب أنه طاهر ثم تبين له أنه محدث فهذا تلزمه الإعادة لأن شرط الصلاة الطهارة ولم يأت بذلك. س: يقول السائل: إذا صليت دون وضوء ناسيا، ولم أعلم إلا بعد الفراغ من الصلاة، فماذا أفعل (¬1)؟ ج: عليك أن تعيد الصلاة إذا كانت فريضة، ولا إثم عليك إذا كنت ناسيا، عليك أن تعيد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقبل صلاة بغير طهور (¬2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ (¬3)» فالمقصود أن الحدث يبطل الصلاة، فإذا كنت قد أحدثت ثم صليت ناسيا فعليك أن تعيد، وهكذا من أحدث في الصلاة، أو خرج منه بول وهو في الصلاة بطلت صلاته، عليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة. س: يقول السائل: أتذكر أنني صليت ذات مرة على غير وضوء، هل ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 417. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (224). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحيل، باب في الصلاة، برقم (6954). ومسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (225).

أعيد تلك الصلاة (¬1)؟ ج: نعم، تجب الإعادة بإجماع المسلمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقبل صلاة بغير طهور (¬2)» رواه مسلم في الصحيح. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ (¬3)» متفق على صحته. س: أسأل سماحتكم عن صلاة صليتها وتذكرت أنني صليتها بدون وضوء، كيف أتصرف (¬4)؟ ج: عليك أن تقضيها متى ذكرت ذلك، عليك أن تقضيها، وتبادر بالقضاء بعد ما تذكرت. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 417. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (224). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحيل، باب في الصلاة، برقم (6954). ومسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (225). (¬4) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 321.

حكم من لصق به ما يمنع وصول الماء إلى البشرة

131 - حكم من لصق به ما يمنع وصول الماء إلى البشرة س: يسأل السائل ويقول: وجدت أثرا لعلك في رجلي بعد العصر، فاجتهدت في إزالته، وأعدت صلاة العصر، ثم ذهبت إلى

الحرم، ووجدت بقايا صغيرة جدا من العلك، فهل علي أن أعيد العصر والمغرب، أم ماذا علي (¬1)؟ ج: إذا كانت يسيرة لا تمنع الماء لا حرج. س: ما حكم طلاء الأظافر والصلاة فيها (¬2)؟ ج: إن كان طلاؤها بالحناء ونحوه مما لا يمنع الماء فلا بأس، أما إذا كان طلاؤها مما يمنع الماء وصوله إلى الظفر فإنه يزال وقت الوضوء، يزال الطلاء ويتوضأ أو تغتسل من الجنابة، ثم إذا وضعته بعد ذلك ثم أزالته عند الوضوء لا بأس، أما الطلاء الذي لا يمنع، كالطلاء بالحناء هذا لا بأس به، ولا حرج فيه مطلقا. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم 409. (¬2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 21.

حكم من أصابه الرعاف في الصلاة

132 - حكم من أصابه الرعاف في الصلاة س: إذا أصاب المصلي رعاف بسيط، يبلل به شيئا من أنفه ويده هل يواصل الصلاة أم ينصرف (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 262.

ج: نعم، إذا كان يسيرا يواصل الصلاة، لا ينقض الوضوء إلا إن كان كثيرا، فالأفضل قطع الصلاة؛ لأن جمعا من أهل العلم يرى أنه ينقض الوضوء، ويقطعها ويتنظف، ثم أيضا هو سوف ينجسه الدم النجاسة، إذا كثر يقطع الصلاة ويغسل ما أصابه، ثم يبدل ثيابه ثم يعيد الصلاة. س: إذا خرج المصلي من الصلاة للرعاف الشديد، وهو مستقبل القبلة، هل يجوز له بعد انتقاله من الرعاف، أن يبني على ما سبق في صلاته (¬1)؟ ج: لا، بل يعيدها من أولها، يستأنفها من أولها، يتوضأ من الرعاف، يتوضأ إذا كان الرعاف كثيرا، يتوضأ أحوط وضوءا جديدا، ويستأنفها من أولها، إلا إذا كان الرعاف قليلا فإنه لا يقطع الصلاة، يكملها ويجعل ما يخرج وما حصل في منديل أو في طرف ردائه أو غترته، فلا يضر إذا كان شيئا يسيرا، إذا كان شيئا يسيرا يكمل صلاته، أما إذا كان كثيرا يقطعها بما ينزل الدم ويغسل الدم ويتوضأ وضوء الصلاة خروجا من الخلاف أفضل له وأحوط، ويعيد الصلاة من أولها. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم 262.

س: تقول السائلة أ. ع. من حائل: إذا نزل الدم من الفم أو الأنف فهل تبطل الصلاة، وهل يبطل الصيام والوضوء (¬1)؟ ج: إن كان شيئا يسيرا يعفى عنه، ولا تبطل به الصلاة، ولا الوضوء، شيء يخرج من الأنف قليل، أو من الأسنان، أو من اللثة، أو من الحلق، شيء يسير يعفى عنه، أما إذا كان كثيرا عرفا تبطل الصلاة، والإنسان يتوضأ من هذا الشيء ثم يعيد الصلاة إذا كانت فريضة، أما الشيء اليسير يعفى عنه. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 412.

بيان كيفية طهارة السجين وصلاته

133 - بيان كيفية طهارة السجين وصلاته س: كيف يصلي السجين عندما يتعذر عليه الحصول على الماء، وكيف يتطهر من الجنابة إذا أصابته (¬1)؟ ج: السجين له أحوال إن كان يستطيع أن يتوضأ ويستنجي بالحجارة فالحمد لله، وإن كان ما يستطيع فإنه يتيمم ولا حرج في ذلك، المقصود أن السجين فيه تفصيل: ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 10.

إذا استطاع أن يتطهر على قدر استطاعته لا بأس إذا كان السجين عنده ماء وتمكن من الماء يتوضأ للحدث الأصغر، ويغتسل من الجنابة كغيره من الناس، فإن كان غير ممكن ليس عنده ماء، ولا يتمكن فإنه يتطهر من النجاسات بالمناديل ونحوها ثلاث مرات أو أكثر بالمناديل، أو بحجر أو بلبن، أو بغير هذا من الجامدات والنواشف الطاهرات، حتى ينقي المحل، ينقي الدبر والذكر من البول والغائط ثلاث مرات فأكثر، لا ينقص عن ثلاث وترا ثلاثا أو أكثر حتى ينقي المحل، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، يتمسح بالوضوء للصلاة، إذا حصل الماء ويغتسل من الجنابة إذا كان عليه جنابة بالماء، فإن لم يتيسر له الماء، وحيل بينه وبين الماء يتيمم بالتراب، يضرب الأرض بيديه ويمسح وجهه وكفيه بالتراب ناويا عن الجنابة وناويا عن الحدث الأصغر والأكبر جميعا. وإذا لم يتمكن من التراب، إذا ما تمكن من ذلك صلى على حسب حاله، فاتقوا الله ما استطعتم، لا ماء ولا تيمم: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1) ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16

بيان لباس الرجل في الصلاة

134 - بيان لباس الرجل في الصلاة س: يقول هذا السائل: كيف يكون لباس الرجل في الصلاة يا سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: اللباس المعتاد قميص أو إزار ورداء، كله كاف يستر عورته، ما بين السرة والركبة عورة الرجل، ويكون على كتفيه رداء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء (¬2)» فإذا جاء الرداء على عاتقيه وصلى بالإزار أو بالسراويل كفى، صحت صلاته، وإذا لبس ما هو أجمل كقميص زيادة يكون أكمل وأفضل، وهكذا لبس العمامة؛ لأن الله يقول: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (¬3) يعني عند كل صلاة، فإذا لبس غترته أو عمامته وقميصا وصلى في ذلك فهذا حسن، ويكفي بذلك الإزار والرداء أو القميص، يكفي ولو كان مكشوف الرأس. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 395. (¬2) صحيح البخاري الصلاة (360)، صحيح مسلم الصلاة (516)، سنن النسائي القبلة (769)، سنن أبو داود الصلاة (626)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 464)، سنن الدارمي الصلاة (1371). (¬3) سورة الأعراف الآية 31

حكم صلاة الرجل كاشف الرأس

135 - حكم صلاة الرجل كاشف الرأس س: ما هو حكم الصلاة والرجل حاسر الرأس، وهل تغطية الرأس واجبة في كل الأوقات (¬1)؟ ج: لا حرج إذا صلى وهو مكشوف الرأس، لا حرج في ذلك للرجل، مثل ما يصلي وهو محرم مكشوف الرأس، وإن غطى رأسه وأخذ زينته فهو أفضل؛ لقوله جل وعلا: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (¬2) أي عند كل صلاة، فإذا غطى رأسه فهو أفضل، وإذا كشف رأسه ورأى ذلك أنه أنشط له في صلاته فلا حرج في ذلك، كما يصلي المحرم وهو مكشوف الرأس. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والأربعون من الشريط رقم (434). (¬2) سورة الأعراف الآية 31

حكم الصلاة في الملابس الضيقة والشفافة والخفيفة

136 - حكم الصلاة في الملابس الضيقة والشفافة والخفيفة س: ما حكم الصلاة بالملابس الضيقة للرجال؟ وهل يصلي بالناس من يرتديها (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 157.

ج: الملابس الضيقة يكره لبسها للرجال والنساء جميعا، المشروع أن تكون الملابس متوسطة، لا ضيقة تبين حجم العورة، ولا واسعة، ولكن بين ذلك، أما الصلاة فهي صحيحة إذا كانت ساترة، الصلاة صحيحة، ولكن يكره للمؤمن تعاطي مثل هذه الملابس الضيقة، وهكذا المؤمنة يكون اللباس متوسطا بين الضيق والسعة، هذا هو الذي ينبغي. س: ذات مرة في بيت من بيوت الله تقدم شخص ليصلي بالجماعة، وكنت في الصفوف الأمامية، وكان الشخص يرتدي ملابس شفافة جدا، لدرجة أننا نعرف لون بشرته من وراء الثياب، ما رأيكم في مثل هذا (¬1)؟ ج: إذا كانت الملابس تصف العورة ولا تسترها فإنها لا تصح الصلاة، لا صلاته ولا إمامته، يجب أن يعزل ويفصل ولا يؤتم به إذا كان فخذه يبين أو بقية عورته لا يسترها قميصه، ولا إزاره، فإن هذا لا يسمى مستترا، يكون بادي العورة، أما إذا كان البائن إنما هو الصدر أو الساق وإلا فالعورة مستورة ما بين السرة والركبة مستور بالإزار أو بالسراويل مع قميص هذا لا يضر، إنما الذي يضر كون الفخذ يبين، أو ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 184.

ما هو أشد من الفخذ، هذا هو الذي يضر ما بين السرة والركبة إذا كان يعرف أنه أحمر اللون أو أبيض اللون، أو أسود اللون ما يستره ما عليه فإن هذا لا يجوز له هذا العمل، لا في الصلاة ولا في خارجها، ولا يتخذ إماما ولا يصلى خلفه، وينبه على أن هذا لا يجوز له، نسأل الله للجميع الهداية. س: ما حكم الصلاة في الثياب الخفيفة - أي التي يظهر الجسم من خلالها - مثل الثياب البيضاء؟ وهل الصلاة فيها مقبولة؟ أرجو توضيح الحكم في ذلك سماحة الشيخ (¬1). ج: إذا كانت يرى منها اللحم، ما تستر اللحم ما بين السرة والركبة ما تصح الصلاة لخفتها ورقتها، أما إذا كانت خفيفة لكن تستره فلا حرج، الصلاة صحيحة، لكن ينبغي للمؤمن أن يلبس لباسا ساترا، لا يبين حجم الأعضاء، ويستر العورة حتى يكون لباسا كاملا، هذا هو الأكمل والأحسن. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 375.

حكم الصلاة في السراويل القصيرة

137 - حكم الصلاة في السراويل القصيرة س: هل تصح الصلاة في سروال قصير من فوق الركبة؟ لأنني قرأت

في أحد الصحف فتوى لعالم مصري يجيز الصلاة في هذا السروال القصير، عندما سأله أحد الناس عن ذلك، وأنا قد سمعت أيضا بأن ذلك لا يجوز، فعلى أي القولين نسير؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الصواب أنه لا يصح، وأن الواجب ستر ما بين السرة والركبة، وأن الفخذ عورة، فلا يجوز للمسلم أن يصلي مكشوف الفخذ، بل يجب أن يستر الفخذ، وما تحت السرة، وإذا كان على كتفيه رداء يكون أكمل لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء (¬2)» فينبغي أن يكون مع ذلك على عاتقه شيء رداء مع السراويل أو مع الإزار، هكذا السنة، وذهب بعض أهل العلم أنه إذا صلى وليس على عاتقه شيء أنه لا تصح صلاته، فالواجب على المسلم أن يتحرى السنة، ويحرص على امتثال أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، فيستر ما بين السرة والركبة، ويجعل على عاتقه رداء أو فنيلة تستر منكبيه حتى يجمع بين الأمرين اللذين أرشد إليهما النبي ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 213. (¬2) صحيح البخاري الصلاة (360)، صحيح مسلم الصلاة (516)، سنن النسائي القبلة (769)، سنن أبو داود الصلاة (626)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 464)، سنن الدارمي الصلاة (1371).

صلى الله عليه وسلم س: هل تجوز الصلاة في ثياب لا تصل إلا إلى الركبتين (¬1)؟ ج: في حق الرجل لا بأس، أما المرأة فلا، لا بد أن تستر بدنها كله إلا الوجه، أما الرجل فلا بأس إذا ستر ما بين السرة والركبة، وستر العاتقين فلا بأس، يكون رأسه مكشوفا والساق كذا لا حرج، لكن كونه في زينته المناسبة في عادة المناسبة يكون أفضل؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (¬2) يعني عند كل صلاة، فكون المؤمن يصلي في حالة حسنة كاملة هذا أطيب وأفضل، وإلا فيجزئ لو بدا ساقاه أو كشف رأسه لا حرج في ذلك، لكن يستر العاتقين لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء (¬3)» وفي لفظ: «ليس على عاتقه منه شيء (¬4)» أما المرأة ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 351. (¬2) سورة الأعراف الآية 31 (¬3) صحيح البخاري الصلاة (360)، صحيح مسلم الصلاة (516)، سنن النسائي القبلة (769)، سنن أبو داود الصلاة (626)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 464)، سنن الدارمي الصلاة (1371). (¬4) أخرجه النسائي في المجتبى كتاب القبلة، باب صلاة الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء، برقم (769).

فهي عورة كلها، تستر بدنها كله ورأسها إلا وجهها، إلا إذا كان عندها أجنبي، فإنها تستر وجهها أيضا، وإن أبدت الكفين فلا حرج، لكن سترهما أولى خروجا من الخلاف.

حكم كشف الركبة وهل هي داخلة في العورة

138 - حكم كشف الركبة وهل هي داخلة في العورة س: هذا السائل يقول: هل الركبة داخلة في العورة، أم ما فوقها داخل في العورة (¬1)؟ ج: الركبة هي الفاصلة بين العورة وغير العورة، ما فوق الركبة من العورة، والركبة وما حولها ليست من العورة في حق الرجل، أما المرأة فكلها عورة إلا وجهها في الصلاة، وإذا كان عندها أجنبي سترت وجهها أيضا، وفي الكفين خلاف، هل تسترهما في الصلاة أم لا، وسترهما أحوط وأولى في الصلاة، وأما الرجل فعورته بين الركبة والسرة، والركبة ليست من العورة، بل هي تبع الساق لكن ستر ذلك في الصلاة حتى في حق الرجل أولى. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 389.

حكم لبس البنطلون في الصلاة

139 - حكم لبس البنطلون في الصلاة س: ما حكم لبس البنطلون للطبيب وما حكم الصلاة به (¬1)؟ ج: إذا كان البنطلون ساترا للعورة، غير مميز لها بل هو واسع ضاف فإنه تصح به الصلاة إذا كان على كتفيه شيء، إذا كان البنطلون معه السترة على كتفيه وصدره، المقصود إذا كانت العورة مستورة من السرة إلى الركبة وكان على العاتقين شيء أو على أحدهما فإنه يجزئ، أما إذا كان ضيقا يحدد العورة فلا ينبغي استعماله، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء (¬2)» فإذا كان عنده قدرة وجب أن يستر العورة، وأن يضع على العاتقين شيئا من الرداء أو على أحدهما. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 38. (¬2) أخرجه النسائي في المجتبى كتاب القبلة، باب صلاة الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء، برقم (769).

بيان لباس المرأة وحجابها في الصلاة وخارجها

140 - بيان لباس المرأة وحجابها في الصلاة وخارجها س: أرجو التفضل ببيان حكم الحجاب أثناء تأدية الصلاة بالنسبة للمرأة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 194.

ج: عليها أن تستتر في كل بدنها، ما عدا الوجه والكفين، الواجب على المرأة أن تكون مستورة في جميع بدنها حال الصلاة، حتى القدمين عليها أن تكون الثياب ضافية تستر القدمين، أو يكون على القدمين خفان أو جوربان، أما الوجه فلا يجب ستره بإجماع المسلمين، بل الأفضل كشفه، الوجه تكشفه في الصلاة إذا كانت خالية ليس عندها أجنبي، عليها أن تصلي مكشوفة الوجه، هذا هو السنة وهذا هو الأفضل، إلا إذا كان عندها رجل ليس محرما لها فإنها تغطيه عنه، وأما الكفان فالأفضل سترهما، وإن كشفتهما فلا حرج إن شاء الله. س: هذه السائلة من سوريا أ. م. تسأل عن الحجاب الشرعي بالنسبة للمرأة في الصلاة وفي غير الصلاة (¬1) ج: أما في الصلاة فتستر جميع بدنها إلا الوجه هذا هو الأفضل إذا صار ما عندها أجانب تبدي الوجه، سنة كشف الوجه في الصلاة، وتستر جميع بدنها حتى الكفين، وإن أبدت الكفين فلا حرج لأن سترهما أفضل في الصلاة، أما إذا كان عندها أجنبي فإنها تستر بدنها كله حتى الوجه، وأما عند الناس غير الأجانب في الأسواق والبيوت فإنها تكشف ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 368.

ما شاءت من بدنها كالرأس والوجه واليدين والقدمين ما دام ليس عندها أجانب في بيتها، في فراشها، في أي مكان في بيتها، أما عند الأجنبي فهي عورة تستر جميع بدنها لأنها عورة، الله يقول جل وعلا: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (¬1) ويقول جل وعلا: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} (¬2) الآية، والجلباب ما تغطي به المرأة رأسها ووجهها وبدنها. س: تلبس المرأة غطاء ساترا أثناء تأديتها الصلاة وهي داخل بيتها، فهل يجوز لها لبس هذا الغطاء حتى وإن كانت لوحدها رغم أنه يستر جميع البدن أم أنه لا بد لها من لبس شيء على رأسها وعلى شعرها بالرغم من وجود هذا الغطاء على جميع بدنها (¬3)؟ ج: إذا كان عليها غطاء يستر جميع بدنها كفى والحمد لله، ما عدا الوجه فإن السنة كشفه إذا لم يكن عندها أجنبي فالسنة كشفه، أما الكفان ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب الآية 53 (¬2) سورة الأحزاب الآية 59 (¬3) السؤال العشرون من الشريط رقم 304.

إن كشفتهما فلا حرج وإن سترتهما فهو أفضل، أما بقية البدن من الرأس والصدر والقدم وغير ذلك تستره، سواء كان عليها غطاء عام أو غطاء مغط للرأس ستر ولبقية البدن ستر، فالمقصود أن تستر هذا البدن كله ما عدا الوجه والكفين، الوجه سنة كشفه، والكفان سترهما أفضل، فإن كشفا فلا حرج على الصحيح. س: سائلة من العراق تقول: ما الحكمة لارتداء المسلمة للحجاب أثناء الصلاة، هل هو من أجل حضور الملائكة أثناء الصلاة، أم لأنها تقف بين يدي الله عز وجل؟ لأن ابنتي سألتني هذا السؤال ولا أعرف الإجابة الصحيحة (¬1) ج: ليس عليها حجاب إذا كانت تصلي وليس عندها رجال أجانب، لها أن تكشف وجهها، أما كونها تستر رأسها وبدنها هذا لأنها عورة ووقوفها بين يدي الله مستورة أفضل؛ ولأنه قد يبدو من ليس محرما، يدخل المحل من ليس محرما لها فقد تعمل بالحيطة إلا الوجه فإنها تكشفه إذا لم يكن عندها أجنبي وتستر بقية بدنها، هذا هو الواجب عليها إلا الكفين فلا مانع من كشفهما، وسترهما أفضل، أما الوجه ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 356.

فالسنة كشفه في الصلاة إذا لم يكن عندها أجنبي، أما إذا كان عندها أجنبي فإنها تستره لأنها عورة وفتنة.

حكم كشف الكفين والقدمين في الصلاة للنساء

141 - حكم كشف الكفين والقدمين في الصلاة للنساء س: ما الذي يجب ستره في الصلاة بالنسبة للمرأة، هل يجب ستر الكفين أثناء الصلاة؟ وهل إذا طلع جزء من القدم تبطل الصلاة بالنسبة للمرأة (¬1)؟ ج: المرأة كلها عورة، والواجب عليها التستر في الصلاة في الفرض والنفل إلا الوجه فإنها تكشفه، فالسنة كشف الوجه إذا لم يكن عندها أجنبي تكشف وجهها في الصلاة، أما بقية بدنها فإنها تستره ما عدا الكفين فسترهما مستحب، وإن كشفتهما فلا حرج على الصحيح، أما الوجه فكشفه سنة في الصلاة إذا لم يكن عندها أجنبي، وهذا يعم الفرض والنفل إذا كانت بالغة قد بلغت الحلم، وإذا خرج منها شيء، خرج قدمها أو شيء من قدمها، إذا كان كثيرا فإنها تعيد الصلاة عند جمهور أهل العلم، أما إذا كان شيئا يسيرا ثم غطته فيعفى عنه إن شاء الله. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 263.

س: ما حكم تغطية اليدين في الصلاة (¬1)؟ ج: إن غطتهما فأفضل، وإلا فليس بلازم، لا بأس بكشفهما، والوجه يشرع كشفه في الصلاة، المرأة تكشف وجهها في الصلاة، إلا إذا كان عندها أجنبي تغطي وجهها، أما إذا كان ما عندها إلا زوج أو نساء، السنة أن يكون الوجه مكشوفا، أما اليدان فإن شاءت كشفتهما على الصحيح، وإن شاءت سترتهما وهو أفضل خروجا من خلاف من قال بوجوب سترهما، أما القدمان فيستران. س: هل يجب على النساء ستر اليدين في الصلاة (¬2)؟ ج: الستر أفضل، ولا حرج في كشفهما، فالوجه يكشف في الصلاة إذا كان ما عندها أجانب ما عندها رجل ليس بمحرم، وهكذا الكفان، وإن سترتهما فلا بأس، الأمر في هذا واسع في الكفين، لكن الوجه السنة كشفه إلا إذا كان هناك أجنبي، أما اليدان - يعني الكفين - فهي مخيرة إن سترتهما فهو أفضل وإن كشفتهما فلا حرج، أما القدمان فتسترهما. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم 306 (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم 330

س: سماحة الشيخ، سمعناكم ذات مرة تتحدثون في جواب عن صلاة المرأة وهي تصلي دون ستر يديها وقدميها، إنها لا بد أن تعيد صلاتها كلها، فأرجو الإفادة حول هذا الموضوع وكيف؟ علما بأننا مستقيمون على دين الله، وتطبيق شريعته منذ زواجنا في 84 ميلادي، ومن يوم أن سمعنا تلكم الحلقة وهي تستر قدميها وكفيها (¬1)؟ ج: العلماء رحمة الله عليهم قد نصوا على أن المرأة عورة، وأن الواجب عليها ستر بدنها في الصلاة، ما عدا وجهها، وهذا بناء على ما جاء في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيان أن المرأة عورة، واختلفوا في الكفين هل تستران أم يعفى عنهما؟ وأما القدمان فجمهور العلماء على أنهما يستران للصلاة، وأما الوجه فقد أجمعوا على أنه لا مانع من كشفه، وأن السنة كشفه في الصلاة إذا لم يكن عندها أجنبي - يعني رجل غير محرم - فهذا هو المعتمد في هذا الباب، إن المرأة عليها أن تستر بدنها كله ما عدا وجهها وكفيها، والصحيح أن الكفين لا يجب سترهما في الصلاة، لكن سترهما أفضل ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 94.

خروجا من خلاف من أوجب سترهما، وأما القدمان فالواجب سترهما عند جمهور أهل العلم؛ لأن المرأة عورة وهما من العورة، ولا داعي إلى كشفهما تسترهما بالجوربين، أو بالملابس الضافية التي تستر القدمين حال الصلاة، هذا هو الذي سبق مني غير مرة، وبينته لإخواني في هذا البرنامج: نور على الدرب، أن الواجب على المرأة أن تستر بدنها بالستر الكافي الذي لا يبين معه شيء من بدنها، يعني سترا كافيا ليس رقيقا ولا شفافا، بل يكون سترا يغطي شعرها وبدنها ما عدا الوجه، فإن السنة كشفها له إذا كانت ليس عندها رجل غير محرم، وأما الكفان فاختلف العلماء فيهما، والأفضل سترهما فإن كشفتهما فلا حرج، وأما القدمان مثلما تقدم سترهما هو الواجب، أما كونها تقضي ما مضى من صلاتها فهذا من باب أنها أخلت بالشرط، فإذا كانت صلت صلوات ليست ساترة لقدميها فيها فإذا الواجب قضاؤها، لكن إذا كانت جاهلة بالحكم الشرعي فلعل الله جل وعلا يعفو عنها فيما مضى، ولا يكون عليها القضاء، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه لما «رأى رجلا يصلي وينقر صلاته دعاه فجاءه وسلم عليه، فقال له: " ارجع فصل فإنك لم تصل "، فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء فسلم على النبي عليه الصلاة والسلام، فرد عليه السلام ثم قال له: " ارجع فصل فإنك لم تصل "،

فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء في الثالثة فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فرد عليه النبي السلام ثم قال له: " ارجع فصل فإنك لم تصل " فعلها ثلاثا، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق نبيا لا أحسن غير هذا، فعلمني. فقال له عليه الصلاة والسلام: " إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في الصلاة كلها " (¬1)» متفق على صحته، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد هذه الصلاة الحاضرة، ولم يأمره أن يعيد الصلوات الماضية لجهله، فإن ظاهر حاله أنه يصلي هذه الصلاة فيما مضى، ولكن لما كان جاهلا عذره صلى الله عليه وسلم، في الأوقات الماضية، وأمره أن يعيد الحاضرة، فدل ذلك على أن من جهل شيئا من فرائض الصلاة، ثم نبه في الوقت الحاضر فإنه يعيد الحاضرة، أما التي ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب أمر النبي الذي لا يتم ركوعه بالإعادة، برقم (793)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (397).

مضت فتجزئه من أجل الجهل، هذا هو مقتضى هذا الحديث؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر هذا المسيء في صلاته أن يعيد صلواته الماضية بسبب جهله، وما في ذلك من المشقة، فهكذا التي صلت صلوات كثيرة قبل أن تعلم وجوب ستر القدمين فإنها لا إعادة عليها - إن شاء الله - على الصحيح لأنها معذورة بالجهل، وإنما تلتزم في المستقبل، وتستقيم في المستقبل على ستر قدميها وبقية بدنها ما عدا الوجه والكفين كما تقدم، فإنهما ليسا عورة في الصلاة عند أهل العلم، ولكن إذا سترت الكفين خروجا من خلاف بعض أهل العلم فهذا حسن كما تقدم. س: ما حكم تغطية اليدين والرجلين في الصلاة، هل هو واجب على المرأة، أم يجوز كشفها ولا سيما إذا لم يكن هناك أجانب، أو كانت في الصلاة مع نساء السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 77.؟ ج: أما الوجه فالسنة كشفه في الصلاة إذا لم يكن هناك أجانب، وأما القدمان فالواجب سترهما عند جمهور أهل العلم وفيه خلاف، بعض أهل العلم يتسامح في كشف القدمين، ولكن الجمهور على المنع، وأن

الواجب سترهما، ولهذا روى أبو داود رحمه الله عن أم سلمة رضي الله عنها: «أنها سئلت عن المرأة تصلي في خمار وقميص، قالت: لا بأس إذا كان الدرع يغطي ظهور قدميها (¬1)» فستر القدمين أولى وأحوط، بكل حال، أما الكفان فأمرهما أوسع، إن كشفتهما فلا بأس، وإن سترتهما فلا بأس، الأمر فيهما واسع، بعض أهل العلم يرى أن سترهما أولى، ولكن الأمر فيهما واسع إن سترتهما هذا حسن إن شاء الله، وإن صلت وكفاها مكشوفتان فلا بأس. س: هل تغطية اليدين والقدمين بالنسبة للمرأة في الصلاة واجبة؟ أو بماذا توجهون الناس؟ جزاكم الله خيرا (¬2) ج: السنة أن المرأة تستر وجهها في الصلاة إذا كان عندها أجنبي غير محرم، هذه السنة، تكشف عن وجهها، تسجد مكشوفة الوجه، وهكذا في حال القيام، أما القدمان وسائر البدن فتكون مستورة، الواجب عليها ستر جميع البدن، ما عدا الوجه والكفين، أما الوجه فكشفه سنة إلا إذا كان عندها غير محرم، أما الكفان فإن سترتهما فهو أفضل، وإن ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640) (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم 349.

كشفتهما فلا حرج على الصحيح، وبعض أهل العلم يرى وجوب ستر الكفين، فإن سترتهما فهو أفضل خروجا من الخلاف، وإن كشفت الكفين في الصلاة فالصواب أن الصلاة صحيحة، لكن سترهما أفضل خروجا من الخلاف. س: ما حكم إظهار اليدين والقدمين في الصلاة؟ وإن كان لا يجوز فهل إظهارهما يبطل الصلاة، بمعنى أن صلاة المرأة على تلكم الصورة غير صحيحة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إظهار القدمين في الصلاة لا يجوز عند جمهور أهل العلم، ويبطل الصلاة، فإذا صلت المرأة وقدماها مكشوفتان وجب عليها أن تعيد عند أكثر العلماء، أما الكفان فأمرهما أوسع، إن سترتهما فهو أفضل، وإن أظهرتهما فلا حرج إن شاء الله، نعم كالوجه، الوجه سنة كشفه إلا أن يكون عندها غير محرم أجنبي تستتر، فإنها تستر وجهها وكفيها، أما إذا كان ما عندها أحد، عندها نساء أو محارم فلا مانع من كشف الكفين، وإن سترتهما فهو أفضل، أما الوجه فالسنة كشفه في الصلاة إذا لم يكن عندها أجنبي. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (298).

س: ما حكم كشف المرأة يديها وقدميها أثناء الصلاة؟ وما حكم من كانت تصلي دون تغطية وجهها وكفيها وهي لا تعلم بالحكم (¬1)؟ ج: الواجب على المرأة عند أكثر أهل العلم ستر رجليها في الصلاة، أما الوجه فالسنة كشفه في الصلاة إذا لم يكن عندها أجنبي، وأما الكفان فأمرهما أوسع، إن سترتهما فهو أفضل، وإن كشفتهما فلا حرج فصلاتها صحيحة والحمد لله. س: ما حكم صلاة المرأة داخل بيتها وهي مكشوفة اليدين والقدمين، ولكن لا يراها أحد من الرجال (¬2)؟ ج: المرأة عورة، كلها عورة، يجب أن تستر بدنها في الصلاة ولو ما عندها أحد إلا الوجه فالسنة كشفه، أما بقية بدنها فالمشروع ستره، بل يجب ستره إلا الكفين، بعض أهل العلم أجاز كشفهما، والأفضل والأحوط سترهما، فإذا صلت المرأة وقدماها مكشوفتان أو ذراعها أو صدرها مكشوف لم تصح صلاتها، فالواجب على المرأة أن تستتر إلا الوجه، وهكذا الكفان، الأحوط سترهما، لأنها عورة كلها ولو ما ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 350. (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم 376

حضرها أجنبي. س: ما حكم تغطية القدمين للمرأة في الصلاة بطبيعة الحال (¬1)؟ ج: المرأة تغطي القدمين في الصلاة عند جمهور العلماء؛ لما رواه أبو داود عن أم سلمة رضي الله عنها أنها سئلت: «هل تصلي المرأة في درع وخمار؟ قالت رضي الله عنها: نعم إذا كان القميص يغطي ظهور قدميها (¬2)» فالمقصود أنها تغطي قدميها وقت الصلاة كما تغطيهما عند الرجل الأجنبي، هذا هو المختار وعليه جمهور أهل العلم. س: إذا صليت وأقدامي مكشوفة فما الحكم (¬3)؟ ج: ستر الأقدام واجب على المرأة وشرط من شروط الصلاة عند جمهور العلماء، فإذا صليت والقدمان مكشوفتان فعليك الإعادة، فعليك أن تستري القدمين بالجوارب، أو بالثياب الطويلة، وفقنا الله وإياك للخير. س: السائل ع. من ليبيا طرابلس يقول: هل يجوز للمرأة أن تصلي ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 246. (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640) (¬3) السؤال السابع من الشريط رقم 312.

والقدمان مكشوفتان (¬1)؟ ج: الواجب عليها ستر القدمين عند جمهور أهل العلم، وقد جاء في حديث أم سلمة «أنها سئلت: هل المرأة تصلي في درع وخمار؟ قالت في جوابها: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (¬2)» تصلي في درع سابغ يستر أقدامها، أو تكون في أقدامها شراريب، هذا هو المشروع عند جمهور أهل العلم، يجب عليها ستر القدمين، إما بكون الثياب ضافية، أو باتخاذ جوارب في الرجلين، هذا هو المشروع لها، وهو الواجب عند جمهور أهل العلم. س: سائلة تقول: ألبس فستانا يكشف عن وجه القدم، هل تجوز الصلاة فيه (¬3)؟ ج: لا، الواجب عند جمهور أهل العلم أن يكون القدم مستورا، إما بالثياب الضافية وإما بالجوارب، وهكذا جاء عن أم سلمة رضي الله عنها لما سئلت، قيل: «يا أم المؤمنين، هل المرأة تصلي بدرع وخمار؟ فقالت: ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 399. (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640) (¬3) السؤال العاشر من الشريط رقم 204.

إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (¬1)» فالذي عليه جمهور أهل العلم أن المرأة عورة في الصلاة كلها، المرأة كلها عورة في الصلاة إلا وجهها فإنه لا بأس بكشفه، بل يسن كشفه في الصلاة إذا لم يكن عندها أجنبي - يعني غير محرمها - أما الكفان ففيهما خلاف بين أهل العلم، والصواب أنه لا حرج في كشفهما، فإن سترتهما كان ذلك أفضل، وأما القدمان فالواجب سترهما، إما بالملابس الضافية كالقميص الضافي والإزار الضافي أو بالجوارب. س: ماذا عن كشف باطن القدم عند المرأة أثناء الصلاة (¬2)؟ ج: إذا كان ثوبها ساترا يستر أقدامها، في قيامها وركوعها وسجودها فظهور بطن القدم لا يضر في ظاهر السنة، ولا يبطل صلاتها؛ لأن في حديث أم سلمة لما سئلت عن ذلك، قيل لها: «يا أم المؤمنين، أتصلي المرأة في درع وخمار؟ فقالت رضي الله عنها: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (¬3)» فقد روي مرفوعا عن رسول الله صلى الله عليه ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640) (¬2) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 118. (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640)

وسلم ولكن الراجح عند الأئمة وقفه على أم سلمة رضي الله عنها، فظاهره أن البطون لا يجب سترها عند السجود مثلا، والغالب أنها تستتر لأن ثيابها الساترة إذا سجدت تكون وراءها ساترة، لكن لو فرض أن شيئا من بطن قدميها ظهر في بعض الأحيان عند ركوعها أو كذا عند سجودها فهذا لا يضر؛ «لقول أم سلمة: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (¬1)» فإذا كانت ملابسها ساترة كفى ذلك. س: هل الصلاة بدون جوارب جائزة؟ وهل ستر القدمين واجبة في الصلاة أم لا (¬2)؟ ج: المشروع سترهما بالجوربين أو بإرخاء الثياب، أرخت الثياب حصل المطلوب ولو ما كان هناك جوربان؛ لأنه جاء في حديث رواه أبو داود عن أم سلمة أنها سئلت رضي الله عنها: «أتصلي المرأة في درع وخمار بغير إزار؟ فقالت: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (¬3)» والجمهور على أن القدمين عورة، وأن الواجب عليها سترهما في ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640) (¬2) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 253. (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640)

الصلاة فينبغي للمؤمنة ستر القدمين بالجوارب أو بإرخاء الثياب. س: هل الصلاة والرجل بدون غطاء كالجوارب باطلة؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: نعم، عند جمهور أهل العلم أن انكشاف رجلي المرأة يبطل الصلاة، فالواجب سترهما إما بإسباغ الثياب تكون طويلة، أو بلبس الجوربين، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، والأصل في هذا حديث أم سلمة مرفوعا وموقوفا، «لما سئلت: أتصلي المرأة في درع وخمار؟ فقالت رضي الله عنها: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (¬2)» وروي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وموقوفا عليها، وصحح أئمة الحديث وقفه على أم سلمة رضي الله عنها، ولأن المرأة عورة كما في الحديث: «المرأة عورة (¬3)» فالرجل من العورة، فالواجب سترها إما بإسباغ الثياب وطول الثياب، وإما بالجوربين التي تستر ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم 177. (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640) (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الرضاع، باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات، برقم (1173).

القدمين، وأما الرجل فمعلوم أن عورته ما بين السرة إلى الركبة في الصلاة، مع ستر أحد العاتقين في الفريضة، وأما الكفان للمرأة فسترهما أولى، وإن كشفتهما مع الوجه فلا بأس في الصلاة إذا كان ما عندها أجنبي، وأما الوجه فالأفضل الكشف إذا كان ما عندها أجنبي، فالسنة كشف وجهها، فهي تصلي مكشوفة الوجه، إذا كانت في محلها وليس عندها أجانب، أما الكفان فهي مخيرة، إن سترتهما فهو أفضل، وإن كشفتهما فلا حرج إن شاء الله. س: ما حكم لبس الشراب من أجل الصلاة (¬1)؟ ج: هذا طيب إذا لبست المرأة الشراب حتى تستر قدميها كليهما فهذا طيب، أو كانت الثياب طويلة تغطي الأقدام فلا بأس، كله طيب. س: من المستمعة: م. م. أ. من المنطقة الشرقية تقول: أود أن أسأل عن انكشاف القدمين للمرأة في أثناء الصلاة، وهل يؤثر ذلك على الصلاة (¬2)؟ ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 306. (¬2) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم 338.

ج: إذا كان الانكشاف قليلا لا يؤثر إذا سترته، أما إذا استمر كثيرا فإنها تعيد الصلاة عند كثير من أهل العلم، أما إذا انكشف قليلا وسترته فلا يضر إن شاء الله. س: هل يجوز للمرأة أن تصلي داخل بيتها دون أن ترتدي الجوارب لتستر القدمين؟ وهل إذا نسيت ذلك هل تبطل الصلاة (¬1)؟ ج: الواجب عليها ستر قدميها بالجوارب أو بالثياب الطويلة، فإذا صلت وثيابها طويلة تغطي قدميها، ما يلزم جوارب، وإذا كانت قصيرة تلبس الجوارب. س: الأخت أم رشيدة من اليمن تقول: عندما أصلي لا أغطي أطراف أقدامي، فما الحكم في ذلك، هل صلاتي صحيحة (¬2)؟ ج: الواجب تغطية الأقدام، الذي عليه أكثر أهل العلم وجوب تغطية الأقدام، فعليك أن تغطي الأقدام، والماضي نسأل الله أن يعفو عنك، لكن في المستقبل عليك أن تغطي أقدامك بالجوارب، أو بالثوب ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم 414. (¬2) السؤال الثامن والأربعون من الشريط رقم 432.

الطويل حتى تتغطى الأقدام، كما في حديث أم سلمة لما سئلت - وهي مرفوعة -: «هل تصلي المرأة في درع وخمار؟ قالت: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (¬1)» س: هل تجوز الصلاة والقدمان مكشوفتان بالنسبة للنساء (¬2)؟ ج: الواجب ستر القدمين عند جمهور أهل العلم في الصلاة للمرأة. س: تقول السائلة من ضمن أسئلتها: بالنسبة لإظهار القدمين أثناء الصلاة بالنسبة للمرأة (¬3) ج: الواجب ستر القدمين عند أكثر أهل العلم، فالواجب أن تستر قدميها بملابسها. س: مستمعة تسأل: ما حكم إذا خرجت المرأة وقدمها مكشوفة؟ أو كذلك تكون عند الصلاة (¬4)؟ ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640) (¬2) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 418. (¬3) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 425. (¬4) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم 297.

ج: لا تخرج إلى الناس وقدماها مكشوفتان بل تسترهما بالملابس الضافية أو الجوربين، وهكذا في الصلاة تكون مستورة القدمين، عند جمهور أهل العلم، يجب سترهما في الصلاة بملابس ضافية طويلة أو بالجوربين.

حكم ظهور شعر المرأة أو ذراعها في الصلاة

142 - حكم ظهور شعر المرأة أو ذراعها في الصلاة س: تسأل أختنا وتقول: ما حكم ظهور شعر المرأة أو ذراعها أو قدمها في أثناء الصلاة بدون قصد منها (¬1)؟ ج: الواجب على المرأة التستر في الصلاة، تستر شعرها وبدنها كله وذراعها وبدنها في الصلاة، أما الوجه فيكشف في الصلاة إلا إذا كان عندها أجنبي ليس محرما لها فتغطي وجهها ولو في الصلاة، أما الكفان اختلف العلماء فيهما، والأفضل سترهما، فإن ظهرا فلا حرج في ذلك على الصحيح إن شاء الله، وإذا ظهر شيء من هذا بغير قصد وهو شيء يسير وسترته في الحال لم يضرها ذلك، بأن انتبهت له وسترته في الحال، وحتى إذا كانت في بيتها وتصلي في غرفتها وغرفتها مغلقة ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 150.

وليس بها أحد فإنه لا بد من سترها كاملا، شعرها وبدنها كله ما عدا الوجه والكفين، ولا يشترط أن يكون هناك غطاء جديد غير الملابس المعتادة، إذا كان عليها ملابس العادة قميصها وخمارها وقميصها الساتر، أو عليها مثلا جوارب كفى ذلك، وإن لبست زيادة جلبابا فوق ذلك فهو خير إلى خير. س: ما حكم صلاة المرأة في بيتها غير ساترة لرأسها أو رجليها وليس عندها أحد (¬1)؟ ج: ليس لها ذلك، يجب أن تغطي رأسها ورجليها على الصحيح، أما الوجه فالسنة لها كشف الوجه، أما الكفان فالأفضل سترهما، وإن كشفتهما فالصحيح أنه لا حرج لأن بهما الأخذ والعطاء والتعديل، فالأمر فيهما واسع، وسترهما أفضل، أما الرجلان فالجمهور من أهل العلم على أنهما يستران، كما قال أكثر أهل العلم، وجاء في حديث فيه لين عن أم سلمة أنها سئلت عن ذلك، عن كشف القدمين، فقالت رضي الله عنها: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهور القدمين، لما قيل لها: «يا أم المؤمنين، هل تصلي المرأة في درع وخمار بغير إزار؟ قال: إذا كان ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 228.

الدرع سابغا يغطي ظهور قدميها (¬1)» وفي إسناده بعض الضعف، وهو مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم لكن الصواب أنه موقوف، فالحاصل أن سترها للقدمين أحوط للمؤمنة، وأما الكفان فأمرهما أوسع، وأما الوجه فيكشف في الصلاة إذا كان ما عندها أجنبي. س: هل ظهور الشعر في الصلاة بالنسبة للمرأة يبطلها (¬2)؟ ج: نعم، لا بد من التستر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار (¬3)» لا بد أن تستر شعرها، لكن لو ظهر شيء يسير ثم غطته في الحال لا يضر إن شاء الله، عليها أن تلاحظ وتعتني. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في كم تصلي المرأة، برقم (640) (¬2) السؤال العشرون من الشريط رقم 353. (¬3) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث عائشة - رضي الله عنها - برقم (24641)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء " لا تقبل صلاة المرأة إلا بخمار " رقم (377)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب إذا حاضت الجارية لم تصل إلا بخمار، برقم (655).

حكم ما إذا علمت المرأة بظهور شعرها أثناء الصلاة

143 - حكم ما إذا علمت المرأة بظهور شعرها أثناء الصلاة س: إذا ظهر شعر المرأة في الصلاة قليلا من المقدمة أو من الجانبين،

هل الصلاة صحيحة؟ وهل إذا علمت من إحدى أخواتها ماذا تفعل؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إن استمر تعيد الصلاة، وإن كان قليلا وغطته فالحمد لله يعفى عن ذلك إن شاء الله، وإذا أخبرتها إحدى أخواتها أثناء الصلاة فإنها تستره، وحينئذ الصلاة صحيحة والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم 338

حكم صلاة المرأة إذا ظهر شعرها ولم تعلم إلا بعد الصلاة

144 - حكم صلاة المرأة إذا ظهر شعرها ولم تعلم إلا بعد الصلاة س: المستمعة م. م. م. تسأل سماحتكم فتقول: إذا كنت أصلي وبعد انتهائي من الصلاة - صلاة الظهر مثلا - اكتشفت أن جزءا من شعري ظاهر، فهل أعيد الصلاة أم أعيد الركعتين الأخيرتين التي اكتشفت أن شعري كان مكشوفا خلالهما؟ وجزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا الموضوع فيه تفصيل، فإن كان المنكشف شيئا قليلا ولم تشعري به إلا بعد الصلاة فلا حرج عليك وصلاتك صحيحة، أما إذا كان المكشوف شيئا كثيرا فالأحوط لك الإعادة. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 320

س: تقول السائلة الأخت أم محمد من منطقة جيزان: صليت صلاة الظهر وعند سجودي كشف ابني الغطاء عن جميع رأسي وذلك بسحب الشرشف الذي أصلي فيه، وأخذت الشرشف بسرعة على رأسي وأكملت الصلاة، فهل صلاتي صحيحة (¬1)؟ ج: نعم، إذا أخذت السترة بسرعة لا بأس، الصلاة صحيحة والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والخمسون من الشريط رقم 420

حكم لبس القفازين في الصلاة

145 - حكم لبس القفازين في الصلاة س: أختنا من السودان: حكم الصلاة والمرأة تلبس القفازين (¬1) ج: لا مانع، تصلي بالقفازين، وهذا أفضل لها، ستر يديها في الصلاة بقفازين أو بجلالها الذي عليها أو بغير ذلك، هذا أفضل، ولا يبقى مكشوفا إلا الوجه، هذا أفضل، وإن كشفت الكفين صح ذلك في أصح قولي العلماء، وهذا كله إذا كانت في محل ليس فيه أجنبي، أما إذا كان فيه رجل ليس محرما لها فإنها تغطي جميع بدنها حتى الوجه وهي في الصلاة. س: السائلة من مدينة الزلفي خ. م. تسأل عن حكم لبس القفاز لليدين في الصلاة في المسجد أثناء شهر رمضان المبارك، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 156

جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم، هذا هو الأفضل أن تستر كفيها في البيت وفي المسجد، هذا هو الأفضل، ولو صلت مكشوفة الكفين، ولكن لا يراها الرجال صح، والسنة كشف الوجه إذا كان لا يراها الرجال، أما إذا كان يراها الرجال تستر كفها ووجهها جميعا مع بقية بدنها، أما إذا كانت في البيت فإنها تستر بقية البدن ما عدا الوجه، السنة كشف الوجه إذا كانت عند النساء، وأما الكفان فالأفضل سترهما إذا كان ما عندها أحد بقفازين، وإن كشفتهما فلا حرج في ذلك إذا ما كان عندها إلا نساء أو ما عندها أحد. س: هل يجوز للمرأة أن تصلي وهي لابسة قفازين وهي غير محرمة، ولا سيما إذا كانت معرضة لرؤية الرجال ولو من بعيد، كأن تكون في المسجد الحرام، ثم أرجو توجيه نصيحة لنا نحن النساء فيما يتعلق بالصلاة في المسجد الحرام، وخاصة عند الزحام في العشر الأواخر من رمضان وفي الحج (¬2)؟ ج: لا حرج في لبس القفازين في الصلاة وفي غيرها للمرأة إلا إذا ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 360 (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم 327.

كانت محرمة فإنها لا تلبسهما، أما إذا كانت غير محرمة فلا مانع من لبسهما في الصلاة وغيرها، وأنصح جميع النساء، بيوتهن خير لهن، والصلاة في بيوتهن أفضل، في مكة أو في المدينة، وفي كل مكان بيوتهن أفضل، وأبعد لهن عن الفتنة، فإذا صلين في المسجد فليحرصن على التستر والبعد عن الرجال والاختلاط بهم، ولا شك أن صلاتهن في المسجد قد تدعو لها الحاجة لسماع الحديث والمواعظ، فإذا جاءت من أجل هذا، أو لأنها في البيت قد تكسل ولا تصلي قيام رمضان، فتحضر لأجل النشاط هذا كله لا بأس به، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تمعنوا إماء الله مساجد الله (¬1)» وقال: «بيوتهن خير لهن (¬2)» وإذا كانت تستطيع أن تصلي في بيتها كما ينبغي فهو أفضل لها، وإن صار خروجها للمسجد فيه مصلحة لسماع العلم والفقه في الدين، أو للنشاط لأنها قد تكسل عن قيام رمضان، فهذه الحال لا بأس بها. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان؟، برقم (900) ومسلم في كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد، برقم (442). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد، برقم (567).

س: السائلة م. ع. تقول: ما حكم الصلاة بالقفازات (¬1)؟ ج: لا حرج من القفازين، إذا كانت ما هي بمحرمة لا حرج، أما إذا كانت محرمة لا تلبس القفازين. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم 421.

حكم صلاة المرأة في خلاء وهي غير محجبة

146 - حكم صلاة المرأة في خلاء وهي غير محجبة س: ما حكم امرأة صلت في الخلاء لعذر مثل السفر أو البعد عن البلاد وهي غير محتجبة الحجاب الشرعي (¬1)؟ ج: إذا كانت ليس عندها أحد من الناس فلا بأس، الحجاب الشرعي إنما يلزم عند وجود الأجنبي، فإذا صلت في الصحراء أو في بيتها أو في سطح بيتها، أو في حوش بيتها، وليس عندها أجنبي فلا بأس أن تكشف وجهها وتصلي مكشوفة الوجه، لكن عليها مهما كانت أن تستر شعرها، وجميع بدنها، بالصحراء وبغير الصحراء حتى لو كانت ما عندها أحد في بيتها، عليها أن تستر جميع بدنها من الشعر، وسائر البدن والقدمين حتى تكون مستورة محجبة الحجاب الشرعي، لقول النبي ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 102

صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار (¬1)» فلا بد من ستر الشعر إذا كانت الجارية بالغة، أما الوجه فلا بأس بكشفه، سنة كشفه في الصلاة، إذا كان عندها رجل أجنبي، يحرم عليها الكشف له، كأخي زوجها أو ابن عمها، أو زوج أختها، هؤلاء أجانب، هؤلاء لا تكشف لهم وإن كانوا قريبين منها من جهة المصاهرة ونحوها لكنهم في حكم الأجنبي، يسمى أجنبيا لأنه ليس محرما لها، وهكذا كفاها لو سترتهما يكون أفضل في الصلاة، وإن صلت وهما مكشوفتان فلا بأس بذلك على الصحيح كالوجه لكن سترهما يكون أفضل، وأما القدمان فيجب سترهما عند جمهور أهل العلم بالجوربين أو بالثياب الضافية للمرأة، تسدل ثيابها عليهما أو بجوربين كل هذا يكفي، والأم عند أولادها وعند زوجها في بيتها إذا سترت بدنها وقدميها دون وجهها وكفيها فصلاتها صحيحة، لكن بشرط أن تكون العورة مستورة من الرأس والصدر والبطن والساق ونحو ذلك والقدم، حتى لا تكون هناك يعني مخالفة للشريعة، أما الوجه والكفان مثل ما تقدم لا يجب سترهما إلا عند الأجنبي سواء كانت في الصحراء أو في البيت، ومن صلت ولم ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث عائشة - رضي الله عنها - برقم (24641)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء " لا تقبل صلاة المرأة إلا بخمار " رقم (377)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب إذا حاضت الجارية لم تصل إلا بخمار، برقم (655).

يكتمل الستر الشرعي كما ذكرنا فإنها تعيد الصلاة.

حكم صلاة المرأة خارج البيت بقرب الرجال

147 - حكم صلاة المرأة خارج البيت بقرب الرجال س: تقول السائلة: هل يجوز للمرأة الصلاة خارج البيت وأمام بعض الأقارب علما أننا في الريف ولا يوجد لدينا بيت، مع أنه أيضا لبسنا غير محتشم؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كانت الصلاة في بيت الأقارب أو في بيت ناس زارتهم المرأة وحضرت الصلاة تصلي عندهم، لكن إذا كان حولها رجل تصلي في محل بعيد عن رؤية الرجل حتى لا يرى منها شيئا ولا سيما إذا كانت ثيابها غير محتشمة يجب عليها أن تبتعد عن رؤية الرجال الأجانب سواء في بيتها أو في غير بيتها، وإذا كانت محتشمة وصلت في البيت أو عند بعض من زارتهم لما حضرت الصلاة كل هذا لا بأس به، أما عند الأجنبي ولو ابن خال أو ابن خالة أو ابن عم أو ابن عمة فلا بد أن تكون تامة الستر، ولا يوجد خلوة، بل تصلي في البيت من دون خلوة بها. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم 285.

س: هل يجوز أن تصلي المرأة خارج منزلها، وإذا كانت في السفر مع رجال هل تصلي قاعدة (¬1)؟ ج: لا مانع أن تصلي في غير بيتها إن زارت قوما وحضرت الصلاة وهي عندهم تصلي عندهم أو في السفر تصلي قائمة في مكان بعيد من الرجال، أو مع التستر ولو بوجود بعض الرجال، المقصود أن عليها أن تصلي في الوقت كما شرع الله قائمة مع التستر والحجاب عن الرجال، وإذا كانت في بيت أحد مثل أن زارت أحد جيرانها، أو قراباتها تصلي عندهم إذا صادف الوقت. س: يسأل: كيف تؤدي المرأة صلاتها مع وجود رجال من غير المحارم، هل تؤديها واقفة (¬2)؟ ج: تؤديها واقفة متسترة وإن وجدت مكانا آخر تصلي فيه فهو أحسن وأطيب وأخشع لها، وإن لم يتيسر لها صلت في المكان ولكن مع التستر. س: سائلة تقول: هل يجوز للمرأة الصلاة خارج البيت وأمام بعض ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 216. (¬2) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم 346.

الأقارب علما بأننا في الريف ولا يوجد لنا بيت، ولبسي محتشم والحمد لله (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك، تصلي في الريف في خيام في الصحراء متسترة ولو رآها الناس ما دامت متسترة، الحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم 431.

حكم صلاة المرأة في ملابسها العادية

148 - حكم صلاة المرأة في ملابسها العادية س: تقول السائلة: هل أستطيع الصلاة دون لباس الصلاة (¬1)؟ ج: نعم، في ملابسها العادية إذا سترت قدميها، أما الوجه فمكشوف إذا كان ما عندها أجنبي، السنة كشف الوجه، أما الكفان فالأفضل سترهما، وإن لم تسترهما فلا حرج. س: هل لباس المرأة العادي يكفيها في أداء صلاتها (¬2)؟ ج: العادي من الساتر يكفي، إذا كان ساترا فإنه يكفي، إذا كان عليها غطاء للرأس خمار ساتر وعليها مدرعة ساترة لقدميها أو في قدميها ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم 431 (¬2) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 431.

جوارب كفى، والحمد لله.

حكم الصلاة في الشرشف الخفيف

149 - حكم الصلاة في الشرشف الخفيف س: إحدى الأخوات تسأل وتقول: أرجو من سماحتكم إفادتنا هل يجوز لبس الشرشف للصلاة وهو خفيف (¬1)؟ ج: إذا كانت قد سترت بدنها بغير الشرشف فهذا لا بأس به، أما إذا كان الشرشف يستر أقدامها ويستر رأسها فلا بد أن يكون صفيقا يستر، أما إن كان الرأس مستورا والقدم مستورة، وهذا زود لا يضر - والحمد لله - أما إذا كان لا يحتاج إليه في ستر الرأس وستر القدمين فهذا لا بد أن يكون صفيقا. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم 338.

حكم ظهور يد المرأة في الصلاة من غير قصد

150 - حكم ظهور يد المرأة في الصلاة من غير قصد س: ما حكم ظهور يد المرأة أثناء الصلاة - أي الكف - من غير قصد (¬1)؟ ج: الصواب لا حرج في ذلك، إن سترتهما فأفضل، وإلا فلا حرج، ¬

_ (¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم 338.

أما الوجه فكشفه أفضل في الصلاة إلا إذا كان عندها أجنبي تستره.

حكم صلاة المرأة في الملابس الضيقة في بيتها

151 - حكم صلاة المرأة في الملابس الضيقة في بيتها س: إذا صلت المرأة في بيتها لوحدها فهل تصح صلاتها في الملابس الضيقة (¬1)؟ ج: إذا كانت ساترة العورة لا بأس، لكن الأفضل والسنة أن تكون ملابسها وسطا، لا ضيقة ولا واسعة جدا، ولكن بين ذلك، لكن لو صلت في ملابس ضيقة ولكنها ساترة لجميع بدنها إلا الوجه والكفين فإن الصلاة صحيحة، والأفضل ستر الكفين، فإن لم تسترهما فلا حرج في ذلك إن شاء الله، كالوجه إذا لم يكن عندها أجنبي، والخلاصة أن صلاتها صحيحة لكن ينبغي لها أن تعتاد اللبس الوسط الذي ليس بالضيق جدا، وليس بالواسع جدا، بل بين ذلك؛ لأن الضيق يبين حجم أعضائها ويبين حجم العورة فلا ينبغي للمرأة ولا يليق بها. س: تقول هذه السائلة: حفظكم الله يا سماحة الشيخ، ما الحكم في ملابس تكون ضيقة ومفتوحة في الصلاة، لكن هذه الأخت ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 192.

المصلية تضع عليها غطاء كبيرا ومتينا (¬1)؟ ج: إذا كانت تستر نفسها بغطاء كفى، ولكن الأفضل أن تكون الملابس وسطا لا ضيقة ولا واسعة كثيرا، هذه السنة، وإذا جعلت اللحاف الذي يغطي بدنها كله كفى. س: هل تجوز الصلاة في جلباب ضيق ولكنه لا يشف أي إنه من قماش ليس خفيفا مع ارتداء الجورب والخمار (¬2)؟ ج: نعم الصلاة صحيحة، لكن مهما كان الجلباب واسعا يريح المرأة في صلاتها وتطمئن إلى أنه يستر قدميها هذا أولى وإلا فالمقصود هو الستر، متى ستر وإن كان ضيقا حصل المقصود. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 434. (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم 98.

حكم الصلاة في الملابس التي فيها صور

152 - حكم الصلاة في الملابس التي فيها صور س: هل يجوز للمرأة أن تصلي في الثوب الذي يوجد به صور؟ نرجو التوضيح، جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 228.

ج: قد دلت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحريم التصوير، وعلى لعن المصورين، ولما رأى عند عائشة رضي الله عنها سترا فيه تصاوير هتكه، وغضب عليه الصلاة والسلام وقال: «يا عائشة، إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم (¬1)» فلا يجوز للمرأة أن تصلي في ثوب فيه تصاوير سواء كانت التصاوير لبني آدم أو لحيوانات أخرى، لكن لو صلت صحت الصلاة مع الإثم ولا تعيد الصلاة، لكن عليها التوبة إلى الله، ولا تتعود أن تصلي في ثوب فيه تصاوير لا في فنيلة ولا في قميص ولا في سراويل ولا في خمار، يجب ترك ذلك، وهكذا الرجل لا يصلي في ثوب فيه تصاوير ولا في فنيلة ولا في قميص، ولا غترة ولا سراويل ولا بشت، يجب ترك ذلك، لأن هذا أعظم من الستر الذي على الجدار، نسأل الله السلامة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب التجارة فيما يكره لبسه، برقم (2105)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير صورة الحيوان، برقم (2107).

س: ما حكم الصلاة بالملابس المطبوع عليها صور (¬1) ج: الصلاة في الملابس التي فيها صور من صور الحيوانات لا تجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى عند عائشة رضي الله عنها سترا فيه تصاوير غضب وهتكه، وقال: «إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم (¬2)» ولما رأى صورا في جدار الكعبة محاها عليه الصلاة والسلام، وقد نهى عن الصور في البيت وقال لعلي: «لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبرا مشرفا إلا سويته (¬3)» فالخلاصة أنه لا يجوز للمؤمن ولا للمؤمنة الصلاة في ثوب فيه تصاوير، ولا يجوز أيضا للمؤمنة أن تجعل لأولادها وأطفالها ملابس فيها تصاوير، كل هذا لا يجوز، وإذا أزيل الرأس كفى، وإذا جعل على الرأس رقعة أو خيط تخفيه فلا بأس، زال المحذور، فالحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 97. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب التجارة فيما يكره لبسه، برقم (2105)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير صورة الحيوان، برقم (2107). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب الأمر بتسوية القبر برقم 969.

حكم الصلاة في مكان فيه صور

153 - حكم الصلاة في مكان فيه صور س: هل يجوز للمرأة أن تصلي عند صورة في كتاب أو صحيفة، وإذا

طمستها بوضع شيء ما عليها أو أغلقت الكتاب الذي يحتوي على بعض الصور فهل تقبل الصلاة حينئذ؟ وهل يقبل الاستغفار والتسبيح (¬1)؟ ج: الصلاة في المحل الذي فيه صورة، أو عند كتاب فيه صورة، أو بساط فيه صورة، أو وسادة فيها صورة لا يضر، الصلاة صحيحة، فهو لا يضر بذلك، لكن إن كانت الصورة معلقة وجب إزالتها، أما إن كانت الصورة مما يمتهن كالوسادة والبساط فإنها لا تؤثر، ولا حرج في ذلك، وإنما يمنع المعلق الذي يمنع دخول الملائكة، ولا يجوز تعليق الصورة، أما ما كان في كتاب فمطموس؛ لأنه يسفط عليه الكتاب، يغلق عليه الكتاب فلا يبين، وإذا أزال المؤمن صورة الرأس زال المحظور بالكلية، فإذا قطع الرأس بالحبر حتى زال كله وطمس كله، أو من الصورة الذي إذا قطع أزيل بالكلية فلا بأس، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بقطع رأس التمثال حتى يكون المصور كالشجرة بلا رأس. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 304.

حكم ظهور وجه المرأة في الصلاة

154 - حكم ظهور وجه المرأة في الصلاة س: هل يجب على المرأة عندما تضع الشرشف على رأسها وقت الصلاة أن تبين الجبهة؟ لأنهم يقولون: لا بد من ظهورها أثناء الصلاة، وجهونا بهذا (¬1)؟ ج: لا حرج، لكن الأفضل ظهور الوجه كله إذا كان ما عندها أحد، والسنة أن تكون مكشوفة الوجه، أما إذا كان عندها رجال فتستر وجهها كله، تستر على خمار والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 359.

حكم وضع العباءة على الكتفين في الصلاة

155 - حكم وضع العباءة على الكتفين في الصلاة س: تقول السائلة: سمعت من إحدى الأخوات في المصلى أن وضع العباءة على الكتفين حرام في الصلاة، ما صحة هذا القول (¬1)؟ ج: الذي يظهر أنه لا يجوز؛ لأن فيه تشبها بالرجال، فإما أن تلبس جلبابا وتصلي فيه، وإلا تصلي في العباءة، وهي على رأسها، وإلا تدع العباءة ويكون عليها جلباب يسترها، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 384.

حكم صلاة المرأة بدون عباءة أو أي غطاء آخر

156 - حكم صلاة المرأة بدون عباءة أو أي غطاء آخر س: هل يجوز للمرأة أن تصلي وهي غير لابسة لعباءة أو أي غطاء آخر (¬1)؟ ج: لا بد من ستر عورتها بملابس ساترة تستر بدنها كله مع الرأس ما عدا الوجه، وكذا الكفان لو ظهرا لا يضر ظهورهما لكن سترهما أفضل، أما القدمان فلا بد من سترهما مع القدرة؛ لأن المرأة عورة فلا بد من هذا في حقها، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار (¬2)» والحائض يعني البالغ. إلا بخمار، والثوب الذي يوضع على الرأس، ويقال له: الشيلة، تستر به الرأس، أما الوجه فالسنة إبرازه، تصلي المرأة ووجهها ظاهر بارز غير مستور إلا إذا كان عندها أجنبي فإنها تستر وجهها، كأخي زوجها أو عم زوجها، أو غيرهما من الأجانب الذين ليسوا محارم، أما إذا كان ما عندها إلا النساء أو زوجها فإنها لا تستر وجهها، بل تكشف وجهها، والأفضل ستر الكفين أيضا، وإن كشفتهما فلا حرج على الصحيح، أما الرجلان فالواجب سترهما. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 229. (¬2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث عائشة - رضي الله عنها - برقم (24641)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء " لا تقبل صلاة المرأة إلا بخمار " رقم (377)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب إذا حاضت الجارية لم تصل إلا بخمار، برقم (655).

حكم صلاة المرأة بدون برقع

157 - حكم صلاة المرأة بدون برقع س: هل يجوز لي أن أصلي متبرجة من البرقع فقط؟ وما حكمها إذا عرض رجل في أثناء الصلاة غير محرم (¬1)؟ ج: الواجب التستر وليس التبرج وإظهار المحاسن، فليس للمرأة أن تصلي وهي مظهرة محاسنها، بل عليها أن تستتر ما عدا الوجه لا بأس، ولو كان في الوجه كحل أو غيره من أنواع الزينة لا بأس، لكن عند الرجال تستره إذا كان هناك غير محرم، كأن يكون عندها غير محارمها فإنها تستر وجهها أيضا، وكذلك إذا خرج عليها إنسان تستر وجهها حسب الطاقة، إذا مر عليها وهي في الصلاة تستر وجهها، ولو ظهرت الكفان فلا بأس، لكن ستر الكفين أفضل وأحوط. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 133.

حكم لبس النقاب والصلاة به

158 - حكم لبس النقاب والصلاة به س: يسأل عن حكم النقاب إذ إني لاحظت أن بعض الناس يفتي بتحريمه، فما هو القول الصحيح في هذه المسألة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 313.

ج: القول الصحيح أنه لا بأس في النقاب بقدر العينين فقط، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما نهى عنه المحرمة دل على حله لغير المحرمة، وإذا سترت وجهها بغير النقاب سترا كاملا كان أفضل وأكمل وأبعد عن الشبهة، وإلا فالنقاب المبسوط بقدر العينين فقط لا بأس به بنص الرسول صلى الله عليه وسلم. س: هل يجوز للمرأة أن تصلي بالنقاب أو البرقع عندما تصلي أم أنها تخلعه وتضع شيئا على وجهها كاملا وهي تصلي أمام الرجال (¬1)؟ ج: الواجب عليها ستر وجهها بخمار أو غيره إذا كان عندها أجنبي ليس محرما لها، تصلي مع ستر الوجه بخمار أو نقاب أو غيرهما، وأما إذا كان ما عندها أحد فالسنة أن تكشف وجهها. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 373.

حكم صلاة المرأة بثوب الرجل

159 - حكم صلاة المرأة بثوب الرجل س: المستمع ص. م. هـ. يقول: في قريتنا النساء يصلين بثوب الرجل، فهل يجوز للمرأة أن تصلي بثوب الرجل؟ وهل هذا من

التشبه؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: ليس للمرأة أن تصلي بثوب الرجل، ولا أن تلبسه لأي حاجة لأن هذا من التشبه بالرجال، ولا يجوز لها ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله المرأة تلبس لبسة الرجل، ولعن الله الرجل يلبس لبسة المرأة (¬2)» كل منهما حرام عليه التشبه بالآخر، فعليها أن تعمل أعمالها في لباسها، ولا تلبس لباس الرجل لا في الصلاة ولا في غيرها. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 443. (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب اللباس، باب في لباس النساء برقم (4098).

صلاة المرأة في ثوب الحرير

160 - صلاة المرأة في ثوب الحرير س: السائل ع. م. من اليمن يقول: هل يجوز للمرأة أن تصلي بثوب من حرير (¬1)؟ ج: الحرير مباح للنساء، الذهب والحرير مباح للنساء ومحرم على الرجال، فلا بأس أن تصلي في ثوب من حرير إذا كان ساترا لها، لا حرج في ذلك؛ لأنه يجوز لها لبس الحرير، فإذا كان لديها ملابس من ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 419.

الحرير ساترة فلا بأس.

حكم صلاة المرأة المتزينة بالذهب والملابس الجميلة

161 - حكم صلاة المرأة المتزينة بالذهب والملابس الجميلة س: هل يجوز للمرأة أن تصلي وهي متزينة بالذهب والمكياج (¬1)؟ ج: نعم، لها أن تصلي وهي متزينة بالذهب والملابس الجميلة والمكياج إذا كان المكياج نظيفا طاهرا ليس به نجاسة فلا حرج بذلك، لنا أن تصلي مع الخشوع ومع الإقبال على الله عز وجل، الله جل وعلا يقول في كتابه العظيم: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (¬2) المؤمن مشروع له أن يصلي بزينته في المساجد في الملابس الحسنة، والعمامة الحسنة، وهكذا المرأة إذا صلت في ملابس جميلة لا حرج إذا كانت مستورة عن الرجال الأجانب، ما عندها رجال أجانب فلا حرج أن تصلي به، والمكياج زينة للوجه وجمال للوجه إذا كان لا يضره، إذا مسحت وجهها بشيء يزينه ولكنه لا يضره فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 252. (¬2) سورة الأعراف الآية 31

حكم صلاة المرأة بحلي فيها صور أو صليب

162 - حكم صلاة المرأة بحلي فيها صور أو صليب س: هل يجوز للمرأة المسلمة أن تصلي في الحلي بمعنى الذهب الذي يحمل صورا لذوات الأرواح (¬1)؟ ج: لا يجوز لها لبسها حتى لو ما صلت فيها، ليس لها لبس الحلي التي فيها الصور، يجب عليها أن تعمل ما يزيلها، يزيل الرأس إما بحك وإلا بشيء يجعل عليه، وجعل تحويلة تزيل الرأس أو ما أشبه ذلك، المقصود لا بد من إزالة الرأس، أو الصورة كلها، ولا يجوز لها أن تلبس ما فيه صور، لا من الملابس ولا من الحلي، ولكن الصلاة صحيحة لو صلت فيها، صحت الصلاة مع الإثم، كذلك لا يجوز لها لبس الصليب، الرسول كان إذا وجد صليبا نقضه وأزاله؛ لأنه تشبه بالنصارى، فليس لها أن تصلي في الصليب، ولا في غير الصليب من الصور، والصلاة صحيحة لكن تأثم، يأثم الرجل، وتأثم المرأة إذا صلت في ثياب فيها الصليب أو خمار أو عمامة فيها الصليب. س: السائلة د. ع. من اليمن تقول: ما حكم لبس الخاتم الذي يوجد ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 398.

عليه ثعبان؟ وهل تجوز الصلاة فيه؟ وجهونا بذلك (¬1)؟ ج: لا يجوز لبسه ولا تجوز الصلاة فيه إلا إذا قطع رأسه، رأس الثعبان يقطع، يحك حتى يزول الرأس ولا يجوز لبسه سواء كان خاتما أو حلية في الحلق أو غيره، ثعبان أو طير أو حيوان آخر حتى يقطع الرأس، وإلا فالواجب عدم لبسه، لكن الصلاة صحيحة على الصحيح، ولكن لا يجوز استعماله ولو في غير الصلاة، لبس الخاتم فيه صورة ثعبان أو غيره حرام، أو قميص أو غير ذلك لا يجوز حتى يقطع الرأس. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 371.

حكم لبس السلاسل والخواتم من النحاس والحديد في الصلاة

163 - حكم لبس السلاسل والخواتم من النحاس والحديد في الصلاة س: تقول السائلة: هل صحيح أنه لا تجوز الصلاة بخواتم وسلاسل النحاس؟ أفيدونا أفادكم الله وجزاكم الله خيرا (¬1) ج: ليس بصحيح، ولا حرج في الصلاة بخواتم الذهب في حق المرأة، وخاتم الفضة في حق الجميع، وخاتم الحديد في حق الجميع، لا حرج في ذلك، والحديث الذي في تحريم هذا حديث ضعيف شاذ ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 285.

مخالف للأحاديث الصحيحة، وقال عليه الصلاة والسلام للذي أراد الزواج وليس عنده شيء، قال له: «التمس ولو خاتما من حديد (¬1)» رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين، فدل على جواز لبس الخاتم من الحديد، وأما الحديث الذي فيه أنه رأى على إنسان خاتما من حديد فقال: «ما لي أرى عليك حلية أهل النار؟، ورأى آخر عليه خاتم من صفر قال: ما لي أجد منك ريح الأصنام؟ (¬2)» فهو حديث ضعيف شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة. س: سائلة تقول: سمعت أن الصلاة لا تجوز والمرأة تلبس خواتم وسلاسل من النحاس، هل هذا القول صحيح أم لا (¬3)؟ ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب السلطان ولي، برقم (5135)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد، برقم (1425). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب اللباس، باب ما جاء في الخاتم الحديد، برقم (1785)، وأبو داود أول كتاب الخاتم، باب ما جاء في خاتم الحديد، برقم (4223)، والنسائي في المجتبى في كتاب الزينة مقدار ما يجعل في الخاتم من الفضة، برقم (5195)، واللفظ للترمذي. (¬3) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم 284.

ج: ليس بصحيح، ولا حرج أن تصلي وعليها حلي من الذهب والفضة أو سلاسل من معدن أو غيره، لا حرج في ذلك ولو من النحاس.

حكم صلاة المرأة المتطيبة

164 - حكم صلاة المرأة المتطيبة س: تقول: هل يجوز أن أصلي وأنا متطيبة بالطيب؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم، الصلاة بالطيب لا بأس بها، بل الطيب مشروع للمؤمن والمؤمنة، لكن المؤمنة تتطيب في بيتها وعند زوجها، وليس لها أن تتطيب عند الخروج للأسواق، ولا إلى المساجد، أما المؤمن فيتطيب في بيته وفي أسواقه وفي المسجد، الطيب مطلوب ومن سنة المرسلين، فإذا صلت المرأة في بيتها متطيبة بدهن العود أو الورد أو العنبر ونحو ذلك كله طيب، لا شيء في ذلك ولا حرج في ذلك، بل هو مطلوب، لكن لا تخرج بالطيب الذي يجد الناس رائحته، لا تخرج به إلى الأسواق ولا إلى المساجد، لأن الرسول نهى عن هذا عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 276.

حكم صلاة العمال في ملابس عملهم ونصيحتهم

165 - حكم صلاة العمال في ملابس عملهم ونصيحتهم س: نطلب من سماحة الشيخ نصيحة للعمال والصناع والمزارعين

ومن ماثلهم فيما يخص ارتداء ملابسهم عند أداء الصلاة، ذلك بأنه يلاحظ أن كثيرا منهم لا يبالي بملابسه، ويعود إلى الصلاة أكثر من مرة وهو في بدلة واحدة وعليها آثار العرق وغبرة واضحة، فما هو رأي سماحتكم وما هو توجيهكم (¬1)؟ ج: الذي أنصح به إخواني العمال والمزارعين وغيرهم أن يتقوا الله في العناية بالصلاة، وحفظ أوقاتها والخشوع فيها، وإكمال أدائها وستر العورة فيها، بأن يصلي وعليه إزار أو قميص، أو إزار ومعه الرداء أو سراويل فوقها قميص أو الرداء، لا يصلي مكشوف الكتفين، بل السنة أن يستر كتفيه، وقد أوجب هذا جمع من أهل العلم، فينبغي للمؤمن أن يستر الكتفين أو أحدهما في الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد وليس على عاتقه منه شيء (¬2)» يعني مع الإزار أو مع السراويل، وإذا تيسر أن يكون بأحسن صورة فهو أفضل، لقوله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (¬3) فالسنة أن يصلي في ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 131. (¬2) صحيح البخاري الصلاة (360)، صحيح مسلم الصلاة (516)، سنن النسائي القبلة (769)، سنن أبو داود الصلاة (626)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 464)، سنن الدارمي الصلاة (1371). (¬3) سورة الأعراف الآية 31

هيئة حسنة وفي لباس حسن حسب الطاقة والإمكان، أما كونه يعرق في الثياب أو كونها وسخة أو كونها قديمة هذا لا يضر، ولكن الأفضل أن تكون حسنة وجميلة إذا تيسر ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله جميل يحب الجمال (¬1)» ولما تقدم من الآية: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (¬2) ولكن لا حرج أن يصلي في ثوب فيه عرق أو فيه وساخة ليست نجاسة أو ثوب قديم يستر العورة، كل هذا لا حرج فيه - والحمد لله - أما إذا كان له رائحة فيكره ذلك، ينبغي أن يستعمل الطيب أو يستعمل الثياب النظيفة التي ليس فيها رائحة كريهة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يحضر المسجد من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا، ويلحق بذلك كل من له رائحة خبيثة كرائحة الدخان أو رائحة الصنان من الإبط، كل هذا ينبغي له الحذر منه والعلاج، يعالج إبطيه حتى يزول ما فيها من الرائحة الكريهة، ويبتعد عن المجيء للصلاة برائحة الدخان أو البصل أو الثوم أو الكراث أو غير هذا، من كل ما له رائحة كريهة لأنها تؤذي المصلين، ينبغي للمؤمن إذا أتى الصلاة أن يأتيها برائحة ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الغضب في الموعظة، برقم (91). (¬2) سورة الأعراف الآية 31

طيبة بعيدا عن الرائحة الكريهة.

حكم الصلاة في ثوب نجس

166 - حكم الصلاة في ثوب نجس س: ما حكم الصلاة في ثوب فيه نجاسة مع علمي بذلك، هل تصح صلاتي في مثل هذه الحالة (¬1)؟ ج: لا يجوز أن يصلى في ثوب فيه نجاسة، لا بد أن يزيل النجاسة بالغسل أو بغيره يزيل النجاسة، أما لو صلى ناسيا أو جاهلا ولم يعلم إلا بعد الصلاة فالصلاة صحيحة. س: السائل ع. خ. صليت المغرب والعشاء ولم تكن ثيابي طاهرة، هل علي الإعادة في مثل هذه الحالة (¬2)؟ ج: إذا كنت تعلم أنها نجسة فعليك الإعادة، أما إذا كنت لا تعلم إلا بعد الصلاة لجهل أو نسيان فالصلاة صحيحة، أما إن كنت حين صليت فيها تعلم أنها نجسة فإن الصلاة غير صحيحة، أما لو كنت لا تعلم إلا بعد الصلاة، أخبرت بعد الصلاة أو ذكرت بعد الصلاة فالصلاة صحيحة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم 366. (¬2) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 393.

حكم صلاة المرء في ثوب نجس ناسيا أو جاهلا

167 - حكم صلاة المرء في ثوب نجس ناسيا أو جاهلا س: إذا صلى المسلم بثوب أو قميص نجس ناسيا، فما حكم صلاته هذه من حيث الإعادة وعدمها (¬1)؟ ج: إذا صلى المسلم أو المسلمة في ثوب فيه نجاسة سواء كان ثوبا أو سراويل أو قميصا أو إزارا أو كان فنيلة أو غير ذلك ولم يذكر إلا بعد الصلاة فإن صلاته صحيحة على الصحيح، وهكذا لو صلى بثوب نجس ثم لم يعلم بذلك إلا بعد الصلاة فإن جهله عذر كالنسيان، فإذا صلى بثوب نجس ناسيا أو جاهلا حتى فرغ من صلاته فإن صلاته صحيحة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم في نعل فيها قذر، فنبهه جبرائيل على ذلك فخلعهما ولم يعد أول الصلاة، بل استمر في صلاته، فدل ذلك على أن أولها صحيح، هكذا الذي لم يعلم إلا بعد فراغه منها، صلاته صحيحة لهذا الحديث، حديث أنه صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه وفيهما قذر، فنبهه جبرائيل على ذلك، فخلعهما ثم استمر في صلاته، فدل ذلك على أن أولها صحيح بسبب الجهل، فهكذا الناس، وهكذا من فرغ منها وكملها ناسيا أو جاهلا بالنجاسة ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 39.

التي في ثوبه أو في نعله فإن صلاته صحيحة، لكن لو ذكرت في أثناء الصلاة فخلع أجزأت كما خلع النبي نعليه واستمر في صلاته، فلو صار في بشته نجاسة أو في غترته نجاسة أو في إزاره نجاسة فخلعه وعليه ثوب يستر عورته أو سراويله، فخلع في الحال أجزأته صلاته. أما إذا كان عالما بالنجاسة قبل الصلاة ثم نسي فتصح صلاته، أما لو تعمد الصلاة بطلت صلاته. س: الأخوان لهما هذا السؤال: إذا اكتشف الإنسان أن في ملابسه شيئا من النجاسة وقد صلى به بعض الفروض، فهل تبطل تلك الصلوات (¬1)؟ ج: إذا صلى وهو جاهل بالنجاسة أو ناسيا لها فليس عليه شيء إذا فرغ من الصلاة وقد وجد في ثوبه نجاسة فإن صلاته صحيحة سواء كان ناسيا لها، قد علمها قبل ثم نسي، أو كان جاهلا لها بالكلية، فإن الصواب أن صلاته صحيحة وليس عليه إعادة؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذات يوم صلى في نعليه فنبهه جبرائيل أن فيهما قذرا، فخلعهما ولم يستأنف بل أكمل صلاته عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 158.

على أن من صلى في شيء فيه نجاسة ولم يعلم فإن صلاته صحيحة، ولكن متى علم يخلع، وإذا علم وهو في الصلاة كالنعال خلعهما، أو كالغترة والعمامة يخلعها، أو بشت يخلعه وهو في الصلاة ولا يضره، أما إن كان لا يمكن خلعه لأنه ليس عليه إلا ثوب واحد يستر عورته وبان فيه نجاسة، فإنه يقطع الصلاة لأجل إزالة النجاسة بالغسل أو بإبدال الثوب. س: الأخت ن. ز. ح. م. تقول: إن صلى المرء فرضين ثم اكتشف أن ملابسه بها نجاسة وهو لا يعلم بها، هل يعيد الصلاة أم ماذا يفعل (¬1)؟ ج: الصواب أنه لا يعيد ما دام لم يعلم إلا بعد الفراغ من الصلاة، سواء كان ناسيا أو جاهلا فصلاته صحيحة، ومن أدلة ذلك أنه صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه وفيهما قذر، فأخبره جبرائيل بأن بهما قذرا فخلعهما ولم يعد أول الصلاة، ومن أدلة ذلك قوله جل وعلا: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (¬2) يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 413. (¬2) سورة البقرة الآية 286

قال: قد فعلت (¬1)» ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق، برقم (126).

حكم من علم بالنجاسة وهو يصلي

168 - حكم من علم بالنجاسة وهو يصلي س: إذا تبين لي أثناء أداء الصلاة نجاسة في الثوب، فهل أكمل الصلاة أم أقطعها، وهل دم الإنسان ودم الحيوان نجس (¬1)؟ ج: إذا علمت بالنجاسة وأنت في الصلاة في ثوبك هذا فيه تفصيل: إن كان بالإمكان طرح الثوب الذي فيه النجاسة كالعمامة وغترة وثوبين، عليك ثوبان والنجاسة في الأعلى تخلع ذلك ولا حرج ويكفي، أو في البشت تخلعه، أما إذا كان لا يمكن ذلك لأن النجاسة في الثوب الأسفل أو في السراويل ولا يمكن خلعه فإنك تقطعها، وتغسل النجاسة وتعيد الصلاة، أو تبدله بثوب طاهر وتعيد الصلاة، أما إذا كان بالإمكان خلع الثوب الذي فيه نجاسة فلا بأس؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي ذات يوم في نعليه فأخبره جبرائيل أن فيهما قذرا، فخلعهما واستمر في صلاته عليه الصلاة والسلام، خلعهما واستمر، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 289.

ولم يعد أولها، فدل ذلك على أنه إذا أمكن الخلع كالغترة أو البشت أو الثوب الأعلى من الثوبين وكان الثوب الذي تحته ساترا فإنه يخلع ذلك ويكفي، وإلا فعليه أن يقطع الصلاة ويبدل الثوب بثوب طاهر، أو يغسل النجاسة، والدم كله نجس دم الحيوانات ودم بني آدم كله نجس إذا كان مسفوحا، أما إذا كان شيئا يسيرا، نقط يسيرة أصابت الإنسان من ذبيحة أو من إنسان يعفى عنه في الصحيح عند أهل العلم، أو كان الدم ليس من المسفوح، مما قد يقع في اللحوم بأن حمل لحما، وأصابه من اللحم شيء من آثار الدم الذي يكون في اللحم، هذا لا يضر هذا محكوم بطهارته، الدم الذي يكون في اللحوم غير الدم الذي يسفح من عند العنق عند الذبح، فالمقصود أن الدم الذي يكون في اللحوم، هذا يعفى عنه، وهكذا النقط اليسيرة، شيء يسير يعفى عنه من الدم الذي يصيب الإنسان من جرح فيه أو جرح في حيوان.

حكم من أدركته الصلاة وعنده ثوبان أحدهما نجس ولا يعلم الطاهر منهما

169 - حكم من أدركته الصلاة وعنده ثوبان أحدهما نجس ولا يعلم الطاهر منهما س: تقول أختنا: رجل في سفر أدركته الصلاة، وكان لديه ثوبان أحدهما أصابته نجاسة ولكنه لا يعلم أي الثوبين، فصلى في واحد ثم صلى في الآخر، هل صلاته حينئذ صحيحة، وماذا

عليه أن يفعل؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: صلاته صحيحة، وقد احتاط فإذا كانت النجاسة في أحدهما وصلى مرة في هذا ومرة في هذا فقد احتاط، وإن تحرى وصلى في أحدهما يغلب على ظنه أنه الطاهر كفى والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 338

حكم من صلى ثم وجد معه منديلا فيه دم

170 - حكم من صلى ثم وجد معه منديلا فيه دم س: إنسان صلى جماعة، فما خرج من المسجد وجد معه منديلا فيه دم من بشرته، فقذفه ورجع يعيد الصلاة، فوجد جماعة فصلى معهم، هل إذا حصل مثل هذا عليه إعادة الصلاة أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا، ولكم منا جزيل الشكر (¬1) ج: إذا الإنسان - رجلا كان أو امرأة - صلى ثم بعد الفراغ وجد في منديله دما أو في ثوبه دما أو في سراويله دما أو غير ذلك من النجاسات، فإن الصواب أنه لا يعيد الصلاة، صلاته تجزئ وتصح، هذا هو الصواب من أقوال العلماء أنه لا إعادة عليه وصلاته صحيحة، وإن ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 13.

كان قد علم ذلك سابقا ثم نسيه حتى صلى كذلك صلاته صحيحة وعليه أن يبادر بغسل ذلك وتنظيف ثوبه من ذلك، والحجة في ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى وعليه نعلان، فأخبره جبرائيل أن فيهما أذى، فخلعهما ولم يعد أول الصلاة، فدل ذلك على أنه لو كملها ما أعاد، المقصود أن من كان في ثوبه نجاسة ما علم بها حتى فرغ من صلاته، أو في سراويله أو في إزاره أو في عمامته أو في منديله أو في خفه ونعله، ولم يعلم حتى فرغ فصلاته صحيحة. هذا هو الصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم، ولا إعادة عليه، لكن هنا شيء آخر قد يظنه بعض الناس مثل هذا، هو إذا صلى يحسب أنه متوضئ أو يحسب أنه قد تطهر من الجنابة ثم بان أن عليه جنابة أو أنه ما توضأ، هذا يعيد بإجماع المسلمين، هذا عليه أن يعيد؛ لأنه صلى بغير طهارة من الحدث، هذا ما هو من جنس النجاسة، هذا إذا صلى مثلا يحسب أنه على وضوء أو يحسب أنه قد اغتسل من الجنابة، ثم لما صلى ذكر أنه عليه جنابة أو أنه ما توضأ، فهذا عليه أن يتوضأ، أو أن يغتسل من الجنابة إذا كانت عليه جنابة، ثم يعيد صلاته، وإن كان إماما ولم يدر إلا بعد الصلاة فإنه يعيد هو، أما المأمومون فلا يعيدون إذا كان ما انتبه إلا بعد الصلاة، هذه المسألة قد تخفى على بعض الناس، وقد تشتبه بصفة

النجاسة والحكم يختلف.

حكم من صلى ثم اكتشف في ملابسه نجاسة

171 - حكم من صلى ثم اكتشف في ملابسه نجاسة س: الطالب ع. م. ط، يسأل ويقول: إذا اكتشفت أن في بعض ملابسي شيئا من النجاسة، فهل أعيد ما صليت في تلك الملابس (¬1)؟ ج: لا تلزمك الإعادة، إذا وجد الإنسان في ثيابه أو في سراويله أو نحو ذلك نجاسة بعد الصلاة فإنه لا يعيدها، وهكذا لو كان يعلم، ثم نسي حتى فرغ من الصلاة لا يعيد على الصحيح؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض صلواته نبهه جبرائيل قال: إن في نعليك قذرا، فخلعهما عليه الصلاة والسلام، ولم يعد أول الصلاة، فدل ذلك على أنه لا تعاد إذا صلاها وهو جاهل أو ناس ولم يعلم إلا بعد الفراغ، فإنه لا يعيد، هذا هو الصواب، وإذا سلم ثم علم أن في إزاره أو سراويله أو بشته نجاسة ولم يعلم إلا بعد الفراغ فإن صلاته صحيحة هذا هو الصواب بخلاف الحدث، أما الحدث فيعيد، لو صلى يظن أنه على طهارة، ثم لما فرغ علم أنه ليس على طهارة؛ لأنه قد أحدث ريحا أو ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 19.

بولا أو غير ذلك فإنه يعيد الصلاة عند أهل العلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقبل صلاة بغير طهور (¬1)» فلا تقبل الصلاة إلا بطهارة، أما النجاسة التي في الثوب فلها حكم آخر، نجاسة في الثوب أو في البشت أو في النعل ونحو ذلك إذا لم يعلم إلا بعد الصلاة صلاته صحيحة، هذا هو المعتمد، هذا هو الصواب. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (224).

حكم من صلى في ثوب نجس ناسيا

172 - حكم من صلى في ثوب نجس ناسيا س: صليت وملابسي الداخلية على غير طهارة وكنت ناسيا، هل أعيد ما صليت (¬1)؟ ج: إذا صلى المسلم وفي ثيابه نجاسة، ولم يذكر إلا بعد الصلاة، أو لم يعلم إلا بعد الصلاة فإن صلاته صحيحة على الصحيح، ومعذور بالجهل والنسيان إذا انتهت صلاته قبل أن يعلم؛ لقول الله سبحانه: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (¬2) ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه دخل الصلاة يوما وفي نعليه قذر، فأخبره جبرائيل في أثناء ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 201. (¬2) سورة البقرة الآية 286

الصلاة أن بهما قذرا، فخلعهما ولم يعد أول الصلاة، بل استمر في صلاته؛ لأنه جاهل بذلك القذر، وهكذا من دخل في صلاته وفي ملابسه شيء من النجاسة، ولم يعلم أو لم يذكر إلا بعد الفراغ فإن صلاته صحيحة في أصح قولي العلماء. س: رجل صلى بثوبه وبه نجاسة عدة فروض ولم ينتبه إلا في اليوم الثاني، هل يعيد ما صلاه سابقا (¬1)؟ ج: إذا كان ناسيا أو جاهلا فليس عليه شيء ليس عليه إعادة، النبي صلى الله عليه وسلم صلى في نعله وبهما أذى، فأخبره جبرائيل أن بهما أذى فخلعهما ولم يعد أول الصلاة؛ لأنه جاهل بذلك حتى أخبره جبرائيل، فالمقصود أنه إذا صلى الإنسان في ثوب نجس أو سروال أو فنيلة ولم يذكر إلا بعد الصلاة أو لم يعلم إلا بعد الصلاة فصلاته صحيحة، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، قال الله: قد فعلت. والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم 367.

س: يسأل ويقول: إذا صلى إنسان ولاحظ أن في بعض ملابسه بقعا غير طاهرة، فما حكم تلك الصلاة (¬1)؟ ج: إذا كان عرف ذلك بعد الصلاة فصلاته صحيحة، أما إذا كان عرف هذا في الصلاة فهذا إذا كان يمكن خلعه خلعه، الغترة أو البشت والنعال يخلعه ويكمل صلاته، أما إذا كانت في ملبس هو الذي يغطي العورة كالسراويل ما عليه غيره، أو ثوب ما عليه غيره يغطي العورة، فإنه يقطع الصلاة ويذهب يغير، يلبس ثوبا طاهرا، أو يغسل النجاسة، أما إذا كان ما ذكر إلا بعد الصلاة فهذا صلاته صحيحة في الثوب الذي فيه نجاسة، أو في بدنه نجاسة، ما ذكرها إلا بعد الصلاة، أو ما علم بها إلا بعد الصلاة. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 258.

حكم من صلى وفي ثوبه نقط دم من حيوان مأكول اللحم

173 - حكم من صلى وفي ثوبه نقط دم من حيوان مأكول اللحم س: لقد وقع على ثوبي نقط دم من كبد الإبل وأنا أقطعها ولا أعلم بذلك إلا من بعد ما رأيتها، وقد صليت في ثوبي الظهر والعصر

والمغرب، فهل أقضيها أم لا؟ جزاكم الله عني خير الجزاء (¬1)؟ ج: لا قضاء، ما أصاب الثوب من نقط الدم ولم تعلم بها إلا بعد الصلاة فلا إعادة على الصحيح، إذا نسي الإنسان النجاسة أو جهلها في ثوبه ولم يعلم إلا بعد الصلاة فلا قضاء عليه على الصحيح من أقوال العلماء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان ذات يوم يصلي وفي نعليه أذى، فأخبره جبرائيل عليه الصلاة والسلام، بأن فيهما قذرا، فخلعهما ولم يعد أول الصلاة عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أن الصلاة لا تعاد إذا كان هناك نجاسة في نعل أو في ثوب ولم يعلم بها إلا بعد الصلاة، لكن الحدث الأصغر أو الأكبر غير ذلك، إذا كان مثلا صلى يظنه على طهارة، ثم بان أنه على غير طهارة هذا يعيد على كل حال عند جميع أهل العلم، إذا صلى الرجل أو صلت المرأة تظن أنها على طهارة، ثم ذكر أو ذكرت أنها حين صلت ليست على طهارة قد خرج منها بول أو ريح، هذا تعيد الصلاة عند جميع أهل العلم ليس مثل النجاسة كالدم وغيره. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 32.

والأقرب أن الدم الواقع من كبد الإبل لا يعتبر نجسا، الأقرب والله أعلم أنه ما يعد نجسا ما دام في الكبد في شيء يتعلق باللحم ما يعد إلا طاهرا، هذا هو الأقرب، ما يكون في أثناء اللحم بعد الذبح في البطن في الكبد في الأمعاء في أشباه ذلك، المقصود أن الدم الذي يبقى في اللحوم وفي العروق ما يضر، إنما الذي ينجس ويضر المسفوح الذي عند الذبح، لكن على كل حال لو فرضنا أن فيها نجاسات، لقيت دما آخر يسمى نجسا من الدم المسفوح أو من نجاسات أخرى من بول أو غيره لم تعلم فيه إلا بعد الصلاة فلا إعادة.

حكم من صلى وفي ثوبه دم بسيط

174 - حكم من صلى وفي ثوبه دم بسيط س: ما حكم الصلاة للذي في ثوبه دم بسيط، هل تبطل الصلاة إذا كان يعلم بذلك (¬1)؟ ج: الدم اليسير يعفى عنه، أما إن كان كثيرا عرفا فإنه لا يعفى عنه، فإن صلى وهو يعلم أن في ثوبه أو بدنه دما كثيرا فصلاته غير صحيحة، أما الدم اليسير يعفى عنه، وهكذا لو كان كثيرا لكنه نسيه أو جهله، ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 302.

وصلى ولم يعلم إلا بعد الصلاة فصلاته صحيحة، وهكذا لو كانت نجاسة أخرى كبول في بعض ثوبه أو في بعض بدنه نسيه حتى صلى فصلاته صحيحة.

حكم صلاة المريض في ملابسه وفرشه النجسة

175 - حكم صلاة المريض في ملابسه وفرشه النجسة س: مريض يصلي ولا يزال يصلي بثيابه وملابسه وفرشه غير طاهر لعدم استطاعته الطهارة عند محل الصلاة، أفتونا مأجورين عما يجب عليه (¬1) ج: الواجب عليه أن يطهر ثيابه ومحل صلاته كل وقت، فإن لم يستطع صلى حسب حاله إذا ما عنده أحد يطهرها له، ولا يستطيع هو، فالله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2) يصلي على حسب حاله، والتيمم يجوز له إذا كان عاجزا عن الماء، إذا كان لا يستطيع أن يستعمل الماء، حيث يضره الماء فإنه يتيمم ويكفي، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 334. (¬2) سورة التغابن الآية 16

بيان أن الأصل في الملابس والأرض والفرش الطهارة

176 - بيان أن الأصل في الملابس والأرض والفرش الطهارة س: المرسلة ح. ع. خ، تسأل وتقول: إذا ذهبنا إلى أحد أقاربنا وحان وقت الصلاة فإننا نصلي عندهم بثياب خاصة للصلاة، وقد نصلي ونحن كارهون هذه الثياب لأننا نشك في طهارتها، والله أعلم بطهارة الأرض أيضا التي نمشي عليها، ونحن نصلي فيها كذلك هل صلاتنا صحيحة أم لا؟ وإذا كان علينا الإعادة إذا عدنا للمنزل فإننا نصلي أحيانا أكثر من وقت عندهم، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الأصل في الثياب والأرض وفي كل شيء الأصل فيه الطهارة إلا ما علمت بنجاسته، فإذا كانت الثياب التي صليتم فيها لا تعلمون بنجاستها فالصلاة صحيحة، والشك لا يعتبر ولا يلتفت إليه، وهكذا الأرض الأصل فيها الطهارة، فإذا كنتم لا تعلمون نجاستها فالأصل الطهارة، وليس عليكم الإعادة - والحمد لله - هذا من الشيطان. س: عندما أذهب إلى أحد أقاربي ويحين وقت الصلاة، ويقدمون ثيابا خاصة للصلاة، وأصلي بها وأنا كارهة؛ لأنني أرى الصغير ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 282.

والكبير يصلي فيها، وتوضع في الأرض ويكون في هذه الغرفة أطفال، فهل صلاتي صحيحة أم يجب علي إعادتها عندما أعود إلى منزلي؟ مع العلم أنني أجلس أحيانا أكثر من وقت هناك، أفتونا جزاكم الله خيرا وعن جميع المسلمين (¬1) ج: الأصل - أيها الأخت في الله - الطهارة، فإذا قدم لك أهل البيت ثوبا للصلاة فيها فالأصل الطهارة والحمد لله، ودعي عنك الوساوس والظنون السيئة، وإذا كانت ملابسك كافية صلي في ملابسك، إذا كانت ملابسك التي عندك كافية صلي فيها، وإن كانت غير كافية وقدموا لك جلالا تلبسينه أو سجادة تصلين عليها فلا حرج في ذلك، والأصل الطهارة والحمد لله، فدعي عنك الوساوس والظن السيئ، فإذا كنت قد لاحظت ريبة فاسألي: هذا سليم وهذا طاهر؟ ما فيه بأس. س: هل لنا أن نصلي على فرش المنازل دون أن يكون هناك سجاد مثلا مخصص للصلاة (¬2)؟ ج: نعم، لا حرج في الصلاة على الفرش في البيوت ما لم يعلم أنها ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم 269. (¬2) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 330.

نجسة، فإذا كانت لا تعلم حالها فلا حرج في الصلاة عليها، في مجلس أو في مكتب أو في غير ذلك إلا إذا علم المصلي أنها نجسة، فلا يصلي عليها، بل يضع عليها فراشا أو سجادة طاهرة يصلي عليها، أما إذا كان الضيف لا يعلم حالها فالأصل الطهارة.

حكم الصلاة على السجاد الذي عليه رسوم وصور

177 - حكم الصلاة على السجاد الذي عليه رسوم وصور س: رسالة من ع. ع. أ. يقول: ما حكم الصلاة على السجادة المعتاد الصلاة عليها والمرسوم عليها بعض المساجد، إذ إني سمعت أن الصلاة بها لا تجوز؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الصلاة على السجادة صحيحة ولو كان عليها رسم مسجد أو أي رسم، الصلاة صحيحة، لكن يشرع للمصلي أن تكون سجادته بعيدة عن النقوش التي فيها صور مسجد وغيره حتى لا تشوش عليه صلاته، تكون السجادة سادة ليس فيها شيء، هذا هو الذي ينبغي، هذا هو الأحوط للمؤمن، ولهذا «لما صلى النبي صلى الله عليه وسلم في خميص لها أعلام، بعدما سلم بعث بها إلى أبي الجهم، وقال: إن ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 346.

أعلامها شغلتني عن صلاتي (¬1)» فالمقصود أن المؤمن يتحرى في صلاته الملابس السليمة، والسجادة السليمة تكون بعيدة عن الإشغال ليس فيها نقوش، ولا ما يشغله. س: هل الصلاة تجوز على بسط أو سجاد مرسوم عليها صور حيوانات أو إنسان أو نبات أو غير ذلك (¬2)؟ ج: نعم تصح الصلاة لأنها ممتهنة، لكن تركها أولى، كونه يلتمس سجادة أو بساطا ما فيه صور ولا نقوش يكون أفضل حتى لا يتشوش؛ لأن النقوش والصور قد تشوش عليه صلاته أو فكره قد يشتغل بها بعض الشيء، فإذا كان هناك فراش ليس فيه نقوش ولا صور يكون أفضل. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري كتاب الصلاة، باب إذا صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها، برقم (373). (¬2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 217.

حكم الصلاة على فراش من القطن أو الصوف أو الوبر

178 - حكم الصلاة على فراش من القطن أو الصوف أو الوبر س: الأخ ش. ع. ب. من العراق يسأل ويقول: هل صحيح ما قرأت في كتب الفتاوى بأن القطن والصوف والسجاد لا تجوز الصلاة

عليها، وأن الصلاة تجوز على الأرض وما زرع عليها؟ ويقولون بأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي على حصير ولم يصل على عباءته أو شيء مصنوع من الصوف والقطن (¬1) ج: الصواب في هذا أنه لا حرج في ذلك، وأنه لا بأس بالصلاة على فرش من القطن والصوف والوبر، هكذا إن كان من سعف النخل وغير ذلك، كل هذا لا حرج فيه عند أهل العلم، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى على الخمرة وهي من سعف النخل، وقد صلى الصحابة على الأنماط من القطن وغيرها، وليس في هذا محظور بحمد الله عند أهل العلم، عند علماء السنة، كل ذلك جائز والحمد لله، يصلي الإنسان على القطن والصوف وعلى ما نبت من الأرض من سائر الشجر، من سعف النخل وغيره، كله بحمد الله جائز والأمر واسع. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 196.

حكم الصلاة على فراش نجس إذا وضع عليه فراش طاهر

179 - حكم الصلاة على فراش نجس إذا وضع عليه فراش طاهر س: السائلة أ. ن. من دمشق في سؤالها: أصاب فراشي نجاسة ثم جفت، وكنت مريضة، فاضطررت للصلاة قاعدة عليها،

ولكني مددت فوقها فراشا طاهرا، فهل صلاتي صحيحة، وإذا لم تكن كذلك فهل علي الإعادة لصلواتي الفائتة وهي كثيرة (¬1)؟ ج: ليس عليك إعادة ما دام وضعت عليه ملاءة طاهرة على محل النجاسة وصليت، فالحمد لله ليس عليك إعادة. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم 386.

حكم حمل الطفل في الصلاة وعليه نجاسة

180 - حكم حمل الطفل في الصلاة وعليه نجاسة س: تقول أختنا: أحيانا أقوم بحمل طفلتي أثناء الصلاة لبكائها الشديد، ويكون عليها الحفاظ وقد أحدثت به، فما حكم صلاتي وحملي لها أثناء الصلاة والحال ما ذكرت؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كان فيها أذى لا تحمليها، إذا كان الحفاظ فيها أذى لا تحمليها، أما إذا كان نظيفا لا بأس، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى وهو حامل أمامة بنت زينب بنت بنته يصلي بها والناس ينظرون، فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها عليه الصلاة والسلام، فقد حمل العلماء ذلك على أنها كانت نظيفة طاهرة، فالأحوط لك أن لا ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم 364.

تفعليها إلا إذا كنت تعرفين أنها طاهرة، هذا هو الأحوط ولا تحمليها وهي فيها نجاسة، أما حكم الصلاة التي صليتها وحالها كما ذكرت فنرجو أن لا إعادة عليها إن شاء الله، نرجو أن لا إعادة عليها لكن في المستقبل تحتاط. س: من أسئلة هذه السائلة س. م. من جدة تقول: سماحة الشيخ، ما حكم حمل الطفل أثناء الصلاة أو الطواف وهو لابس حفاظة وفيها نجاسة لكنها لم تتعد إلى الملابس الخارجية؟ وجزاكم الله خيرا (¬1) ج: النبي صلى بأمامة بنت زينب وهو يصلي بالناس عليه الصلاة والسلام، فإذا حمل الطفل في الصلاة عند الحاجة أو في الطواف لا حرج، والطفل قد لا يسلم من خروج شيء منه، فإذا لم يكن شيئا ظاهرا ومحفظ فلا بأس، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم 425.

حكم الصلاة في ثوب تقيأ عليه الطفل

181 - حكم الصلاة في ثوب تقيأ عليه الطفل س: سائلة تقول: إن طفلي يرضع الحليب الصناعي، وهو يسترجع

باستمرار عدة مرات في الساعة الواحدة، وقد يصيب ملابسي بعض الأحيان، وأنا أصلي بها دون غسل، فهل يلزمني أن أجدد وضوئي، أو أغير ملابسي، وهل صلاتي جائزة دون ذلك؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: كأنها تعني القيء لهذا الحليب الذي يشربه، المشروع لك أن تغسلي ما أصابك، يعني بعض أهل العلم يرى هذا القيء كبوله، فالمشروع لك أن تغسلي هذه الملابس التي يصيبها القيء إذا كان الشيء كثيرا، أما إذا كان يسيرا يعفى عنه، هذا هو المشروع، والأحوط لك أن تغسلي ما أصابك، أما الطهارة فصحيحة، الطهارة لا تنتقض وإنما ما أصاب الثوب أو الرجل أو غيرها يغسل، هذا هو الأحوط عند جمهور العلماء. س: هل تجوز الصلاة في ثوب استفرغ عليه طفل رضيع (¬2)؟ ج: ينبغي أن يغسل بالنضح إذا كان الطفل رضيعا لا يأكل الطعام، فهو مثل بوله، ينضح بالماء ويغسل به، ولا يصلى فيه قبل النضح بالماء. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم 297. (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم 136.

حكم استقبال الحمام في الصلاة داخل الحجرة

182 - حكم استقبال الحمام في الصلاة داخل الحجرة س: أصلي أحيانا في حجرتي عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة المرأة في حجرتها أفضل من صلاتها في بيتها (¬1)» الحديث، لكن عندما أريد الاتجاه نحو القبلة فإن الحمام يكون أمامي وليس بيني وبينه إلا متر تقريبا، ولكن هناك فاصل بين الحجرة والحمام وهو الجدار المشترك، فما حكم صلاتي على النحو الذي ذكرت (¬2)؟ ج: لا حرج في ذلك، المنهي عنه هو الصلاة في الحمام أما كونه في قبلة المصلي أو عن يمينه أو شماله فلا حرج في ذلك، وصلاتك في الحجرة أفضل لأنها أبعد عن الرياء، أبعد عن رؤية الرجال فهي أفضل، كلما كانت المرأة في محل أبعد عن الرجال كان أفضل كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب التشديد في ذلك، برقم (570). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم 230

حكم الصلاة في غرفة النوم

183 - حكم الصلاة في غرفة النوم س: تسأل أختنا سؤالا آخر وتقول: هل الصلاة في غرفة النوم حلال

أم حرام (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك إذا كان المحل طاهرا، أو على فراش طاهر لا بأس في غرفة النوم، يصلون فيه التهجد بالليل وغير ذلك، ولا حرج في ذلك، المقصود إذا كان الفراش طاهرا أو وضع عليه سجادة طاهرة فيصلى في غرفة النوم ولا حرج. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 133.

حكم صلاة المرأة وخلفها رجل من محارمها

184 - حكم صلاة المرأة وخلفها رجل من محارمها س: سائلة تقول: هل يجوز أن أصلي وخلفي رجل محرم لي نائم أو غير نائم (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك، لا حرج أن تصلي سواء كان أمامها أو خلفها، لكن لا يضر إذا كان جالسا أو مضطجعا، أما إن كان وجهه إليها فالأولى عدم ذلك، تميل عنه هكذا وهكذا؛ لأنه قد يشوش عليها، إذا كان وجهه قدامها، أو وجه امرأة قدامها، لكن إذا كان معطيا ظهره أو جنبه فلا بأس بذلك، أو مضطجعا لا بأس بذلك. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 133

حكم الصلاة وقراءة القرآن في غرفة فيها النجاسة

185 - حكم الصلاة وقراءة القرآن في غرفة فيها نجاسة س: السائل س. غ. من الأردن يقول: هل تجوز الصلاة وقراءة القرآن داخل غرفة بها نجاسة؟ علما بأنه يصلي على مصلى طاهر (¬1)؟ ج: نعم لا بأس، ولو كان فيها نجاسة، لكن لا يقرأ في الحمام محل قضاء الحاجة، أما غرفة فيها ثياب نجسة أو فيها بول من صبي أو فيها كذا لا يضر، يقرأ ويصلي على الشيء الطاهر والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 399.

حكم الصلاة والتيمم في غرفة النوم

186 - حكم الصلاة والتيمم في غرفة النوم س: هل تجوز الصلاة في غرفة النوم؟ وإذا كان ما عندي ماء كيف أتيمم (¬1)؟ ج: لا بأس، يصلى في غرفة النوم ولا حرج، الحمد لله، وإذا كان ما عندك ماء أو ما تستطيع الماء تضرب التراب بيديك تمسح وجهك وكفيك بالتراب بضربة واحدة، كما علم النبي صلى الله عليه وسلم ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 422.

عمار بن ياسر، إذا كنت لا تستطيع الماء أو ما تجد الماء في السفر مثلا أو في سجن مغلق عليك ما أحد يعطيك ماء إذا حضرت الصلاة تيمم، أما إذا استطعت الماء ولو بالشراء تشتري ولا تتيمم.

حكم الصلاة في غرفة فيها عرائس الألعاب

187 – حكم الصلاة في غرفة فيها عرائس الألعاب س: تسأل المستمعة وتقول: ما حكم الصلاة في غرفة يوجد بها عرائس وغيرها من ألعاب الأطفال المجسمة لذوات الأرواح (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك، الصلاة في الغرفة التي فيها لعب لا حرج في ذلك إذا لم تشغل، إذا لم تكن أمام المصلي وتشغله وتشوش عليه فلا بأس، لكن الأفضل أن يعطي الصبية الصغار ألعابا أخرى غير الصور، الصور فيها أحاديث عظيمة تدل على وجوب طمسها وإتلافها، فالأحوط للمؤمن والمؤمنة أن يتخذوا للصبية الصغار ألعابا أخرى، ولكن الصلاة في الغرفة التي فيها ألعاب لا تشوش على المصلي لا حرج عليه في ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 431.

حكم الصلاة في السجادة المزخرفة

188 – حكم الصلاة في السجادة المزخرفة س: ما حكم الصلاة في السجادة المزخرفة؟ هل هي بدعة (¬1)؟ ج: مكروهة؛ لأنها تشوش عليه صلاته، فالأفضل أن يصلي في سجادة عادية سادة ليس فيها نقوش حتى لا تشغله عن صلاته، أو يصلي على الأرض الطيبة، أما السجادات المنقوشة قد تشوش عليه صلاته وتركها أولى. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 433.

حكم الوسوسة وكثرة التفكير أثناء الصلاة

189 – حكم الوسوسة وكثرة التفكير أثناء الصلاة س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم الوسواس في الصلاة؟ فأنا كثير التفكير أثناء الصلاة، هل تبطل صلاتي؟ وبماذا توصون الذي يعاني من كثرة الوساوس أثناء الصلاة (¬1)؟ ج: الوسوسة لا تبطل بها الصلاة، لكن عليه أن يتقي الله ويحذر وساوس الشيطان، اشتكى بعض الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم الوساوس في الصلاة فقال له: «ذاك شيطان يقال له: خنزب، فإذا ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 428.

أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك (¬1)» ففعلها الصحابي فزالت عنه الوسوسة، فالذي يجدها يستعيذ بالله من الشيطان ويحذر الركون إلى الشيطان والضعف، يصير قويا يتعوذ بالله من الشيطان، يترك الوساوس، وينفث عن يساره ثلاث مرات، ويتعوذ بالله من الشيطان ولو في الصلاة، ويزول إن شاء الله. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم، كتاب السلام، باب التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة حديث رقم (4083).

الوسوسة وسبل علاجها في الصلاة

190 – الوسوسة وسبل علاجها في الصلاة س: أنا كثير السهو في الصلاة، كما أنني كثيرا ما أفكر أثناء الصلاة ببعض أمور الدنيا، وأعلم أن ذلك من وساوس الشيطان، وقد حاولت التغلب على ذلك، ولكن يبدو أنني لم أنجح حتى الآن، أرجو من سماحتكم بيان الطريق الذي يخلصني من هذه الوساوس، ولكم من الله المثوبة والمغفرة (¬1)؟ ج: نوصيه بالضراعة إلى الله، وسؤاله أن يعينه وأن يعيذه من الشيطان ووساوسه، فعليك أن تضرع إلى الله وتسأله أن يعينك، وأن تقبل على ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 299.

صلاتك، تحضر قلبك بين يدي الله حتى تسلم من هذه الوساوس، والله يقول سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (¬1)، فأنت جاهد، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (¬2)، جاهد نفسك واطلب من ربك العون والتوفيق، وأقبل على صلاتك واحضر بقلبك فيها، وجاهد عدو الله الشيطان، وإذا غلب عليك في الصلاة فاتفل على يسارك، انفث على يسارك ثلاث مرات، وقل: أعوذ بالله من الشيطان. ولو أنه في الصلاة، هذا من أسباب السلامة من وساوس الشيطان، وقد اشتكى بعض الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم هذه الوساوس، فأرشده إلى أن ينفث على يساره ثلاث مرات في الصلاة إذا غلب عليه الوسواس، ففعل ذلك فعافاه الله من ذلك. س: تقول أختنا في سؤالها: عندما أقف بين يدي الله سبحانه وتعالى في الصلاة تخطر في عقلي أفكار وأفكار ووساوس، وأسأل الله يا رب هل صلاتي صحيحة مع هذه الأفكار؟ ما العمل الذي ¬

_ (¬1) سورة العنكبوت الآية 69 (¬2) سورة الطلاق الآية 2

أعمله حتى تبتعد عني هذه الأفكار السوداء؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: عليك أن تجاهدي نفسك بإحضار قلبك بين يدي الله واستحضار أنك بين يدي الله، وأن الله سبحانه يراقبك ويرى مكانك حتى تخشعي لله، وحتى تبتعد عنك الوساوس، فإذا كثرت فتعوذي بالله من الشيطان وانفثي على يسارك ثلاث مرات، وقولي: أعوذ بالله من الشيطان ثلاث مرات، وتزول هذه الوساوس إن شاء الله، فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بذلك، لكن عليك أن تجتهدي في إحضار قلبك بين يدي الله، واستشعار أنك بين يدي الله، وأن الله سبحانه وتعالى مطلع عليك ويعلم مكانك، كما في الحديث الصحيح: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك (¬2)» استشعري هذه العظمة وهذه الرؤية، وأنه سبحانه يراك ويعلم حالك، فاخشعي لله، واحذري الوساوس، وهذا من أسباب سلامتك من الوساوس، لكن متى ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم 299. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان باب سؤال جبريل النبي عن الإيمان، برقم (50)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم (8).

بقيت ولم تنته فتعوذي بالله من الشيطان ولو في الصلاة، اتفلي على يسارك ثلاث مرات، وقولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويزول ما تجدين، تزول هذه الوساوس إن شاء الله. س: السائل أ. أ. يقول: كيف أبتعد عن الهواجس في الصلاة؟ وهل تقبل صلاتي (¬1)؟ ج: عليك أن تحذرها وأن تستحضر عظمة الله، وأنه لا يرضى منكم بهذه الوساوس، وأن تعوذ بالله من الشيطان عند وجودها، تتفل عن يسارك ثلاث مرات ولو في الصلاة، تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ويزول إن شاء الله، قال عثمان بن أبي العاص: «يا رسول الله، إن الشيطان قد لبس علي صلاتي؟ قال: ذاك شيطان يقال له: خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا، (¬2)» قال عثمان: ففعلت ذلك فأذهب الله عني الوساوس. فأنت افعل ما فعل عثمان، تعوذ بالله من الشيطان، واصدق وكن قويا ضد عدو الله، وانفث عن يسارك ثلاث مرات، وأبشر بالخير. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم 386. (¬2) أخرجه مسلم، كتاب السلام، باب التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة حديث رقم (4083).

حكم من نسي كم صلى من الركعات

191 – حكم من نسي كم صلى من الركعات س: السائل. ع. من الجزائر يقول: عندما يكون الشخص يصلي وفجأة وسوس له الشيطان، ونسي كم صلى ربما يزيد ركعة، فكيف يتصرف في هذه الحالة (¬1)؟ ج: إذا وسوس إليه الشيطان ونسي هل صلى ثلاثا أم أربعا يجعلها ثلاثا ثم يأتي بالرابعة، ويسجد للسهو سجدتين قبل أن يسلم، وإذا كان في الثانية وشك هل هي الثانية أو الثالثة يجعلها الثانية؛ يعني يبني على الأقل، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن، ثم ليسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته، وإن كان صلى تماما كانتا ترغيما للشيطان (¬2)» أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، المقصود أنه يبني على اليقين، إذا شك يبني على الأقل، إذا شك هل صلى ثلاثا في ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 393. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له، برقم (571)

الظهر أو في العصر أو في العشاء أو أربعا يجعلها ثلاثا، شك هل صلى ثلاثا أو ثنتين يجعلها ثنتين، وهكذا في المغرب إذا شك هل هي ثنتان أو ثلاث يجعلها ثنتين، والفجر شك هل صلى واحدة أو ثنتين يجعلها واحدة، ثم يكمل، ثم يسجد للسهو سجدتين قبل أن يسلم.

بيان خطورة الاسترسال مع الوساوس في الصلاة

192 – بيان خطورة الاسترسال مع الوساوس في الصلاة س: هل ينقص من أجر الصلاة سماحة الشيخ بالنسبة للمسلم إذا أكثر الإنسان من الوساوس وسها في صلاته (¬1)؟ ج: لا شك أن الإنسان له من صلاته ما عقل منها، أجره وثوابه على حسب ما عقل من صلاته، كلما أقبل على صلاته وخشع فيها وأحضر فيها قلبه صار أجره أكثر، وكلما كثرت الوساوس صار أجره أقل، فالمشروع للمؤمن أن يقبل على صلاته بقلبه، وأن يجتهد في جمع قلبه في صلاته واستحضار ما في الصلاة من أذكار والأدعية، وليتذكر أنه بين يدي الله حتى يحضر خشوعه، وحتى يحضر قلبه، كما قال الله ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 401.

سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬2)، وأنه ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن العبد ليصلي الصلاة ما يكتب له منها إلا عشرها، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ثلثها، نصفها (¬3)» فالمقصود أن الإنسان ينبغي له أن يقبل على صلاته، ويشرع له أن يعتني بها، ويجمع قلبه عليها حتى يكون حاضرا بين يدي الله، يقرأ بتدبر، يركع بحضور قلب، يسجد بحضور قلب إلى أن ينهي صلاته، قلبه حاضر خاشع، هذا هو المطلوب من المؤمن، كلما كان الخشوع أكثر صار أجره أكبر. ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 1 (¬2) سورة المؤمنون الآية 2 (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، حديث عمار بن ياسر، برقم (18136)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب ما جاء في نقصان الصلاة، حديث رقم (675).

بيان العلاج الشافي من وساوس الشيطان

193 – بيان العلاج الشافي من وساوس الشيطان س: عندما أقوم للصلاة أحيانا أشعر بالوسوسة، فهل علي إثم في هذه الوساوس التي تنتابني رغما عني؟ وهل من علاج شاف لها (¬1)؟ ج: نعم، عليك التعوذ بالله من الشيطان، وعليك بالحرص على محاربة ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 203.

عدو الله الشيطان؛ لأن الوساوس من الشيطان، كما قال الله سبحانه: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬1) {مَلِكِ النَّاسِ} (¬2) {إِلَهِ النَّاسِ} (¬3) {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} (¬4)، فالمسلم يستعيذ بالله من شره ومن نزغاته في الصلاة وفي غيرها، فإذا كنت مبتلى بالوساوس فعليك بالاستعاذة بالله من الشيطان، والحرص على الإقبال على الله في صلاتك، وحضور قلبك بين يدي الله، والتدبر لكتاب الله ولما أنت فيه من الصلاة حتى تشتغل بهذا عن وساوس الشيطان، وإذا دعت الحاجة أن تستعيذ منه وأنت في الصلاة فاستعذ بالله، تتفل عن يسارك ثلاث مرات وتقول: أعوذ بالله من الشيطان. فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما اشتكى إليه عثمان بن العاص الثقفي، شكا إليه كثرة الوساوس، وأن الشيطان لبس عليه صلاته، أمره أن ينفث عن يساره ثلاث مرات وهو في الصلاة ويتعوذ من الشيطان، قال: ففعلت فذهب عني ذلك. فينبغي للمؤمن أن يستعيذ بالله من الشيطان في الصلاة وخارجها إذا ابتلي بذلك، يكون عنده قوة، يكون عنده عناية بإقباله على الله وحضور القلب بين يدي الله حتى يسلم من عدو الله، فإذا شك هل توضأ أو ما توضأ، وهو يتيقن أنه ¬

_ (¬1) سورة الناس الآية 1 (¬2) سورة الناس الآية 2 (¬3) سورة الناس الآية 3 (¬4) سورة الناس الآية 4

متوضئ لا يعيد الوضوء، صلى ويعلم أنه صلى لا يعيد الصلاة، غسل وجهه وهو يعلم أنه غسل وجهه لا يعيد غسل الوجه، وهكذا لا يطاوع الشيطان في الوساوس التي تؤذيه وتضره، بل يحاربه بقوة ويتعوذ بالله من مكائده ونزغاته بقوة حتى يسلم من شره ومكائده.

نصيحة للموسوس في صلاته

194 – نصيحة للموسوس في صلاته س: تقول السائلة: إنها كثيرة الوسوسة في الصلاة، بم تنصحونها (¬1)؟ ج: الواجب عليك أن تتقي الله سبحانه وتعالى وأن تحذري طاعة عدو الله الشيطان؛ لأنه عدو مبين كما قال سبحانه: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (¬2)، ونزل الله فيها سورة مستقلة وهي قوله سبحانه: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬3) {مَلِكِ النَّاسِ} (¬4) {إِلَهِ النَّاسِ} (¬5) {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} (¬6) وهو الشيطان، فالواجب عليك أن تحاربيه وأن تحذري مكائده ووساوسه، وألا تليني له؛ فإن الإنسان متى لان لعدو الله طمع فيه وأشغله في وضوئه وصلاته وسائر ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 59. (¬2) سورة فاطر الآية 6 (¬3) سورة الناس الآية 1 (¬4) سورة الناس الآية 2 (¬5) سورة الناس الآية 3 (¬6) سورة الناس الآية 4

أحواله، فعليك بالرفض لوساوسه، إذا توضأت فانتهي ولا تعيدي الوضوء، ولا تقولي: أخاف كذا وأخاف كذا، إذا انتهيت وغسلت قدميك فانتهي واذهبي للصلاة، ومتى صليت فلا تعيدي، أخاف، قصرت في كذا، دعي هذه الوساوس، ومتى كبرت لا تعيدي التكبير، يكفي التكبير الذي مضى، ولا تقولي: أخشى، أخشى، كل هذا من عدو الله، المقصود من هذا أن تحاربي عدو الله محاربة قوية شديدة حتى تتخلصي منه وحتى لا يطمع فيك بعد ذلك، أما إذا أعطيته الليان وتساهلت معه فإنه سوف يطمع فيك، وسوف يضرك ضررا عظيما، وربما صيرك كسائر المجانين في تصرفاتك؛ لأنه غلب عليك بالوساوس، فاتقي الله واحذري عدو الله، وقولي أيضا: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، تعوذي بالله من الشيطان الرجيم، واسألي الله أن يقيك عدو الله، وأن يعينك على محاربته، واستحضري عظمة الله عز وجل وذلك بطاعة أمره بالتعوذ من الشيطان وعدم الخضوع لوساوسه، وهذا مما يعينك على طاعة الله وعلى ترك الوساوس.

حكم الاستعاذة في الصلاة لمن وسوس له الشيطان

195 – حكم الاستعاذة في الصلاة لمن وسوس له الشيطان س: إذا أصبت بالوسوسة أثناء تأدية الصلاة، فهل أستعيذ بالله من

الشيطان الرجيم وإن كنت في أثناء الصلاة؟ وجهوني! (¬1) ج: نعم، السنة أن تستعيذ بالله من الشيطان ولو كنت في أثناء الصلاة، إذا غلب عليك الوسواس استعذ بالله، قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ومن الأفضل أن تنفث عن يسارك ثلاث مرات تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وأن تلتفت يسيرا عن يسارك وتنفث عن يسارك وتقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. هكذا علم النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة لما اشتدت عليه الوسوسة، فقد أمره أن ينفث عن يساره ثلاث مرات ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. قال الصحابي - وهو عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه: ففعلت هذا فأذهب الله عني ذلك. س: إذا جاءت الوسوسة المصلي خلال صلاته، فهل يجوز التعوذ أثناء الصلاة (¬2)؟ ج: نعم، يسن له التعوذ إذا شغله الوسوسة فإنه يتعوذ بالله من الشيطان ثلاث مرات ويتفل عن يساره ثلاث مرات، ويتعوذ بالله من ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 311. (¬2) السؤال العشرون من الشريط رقم 336.

الشيطان كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة بذلك، فالسنة له أن يتعوذ بالله من الشيطان ويتفل عن يساره ثلاث مرات، ويقبل على صلاته بقلبه، ويستحضر عظمة الله عز وجل، ويزول عنه الوسواس إن شاء الله.

حكم من يكثر شكه في الصلاة ونصيحته

196 – حكم من يكثر شكه في الصلاة ونصيحته س: تصف نفسها سماحة الشيخ تقول: إنها كثيرا ما تشك في الصلاة، وأنها كثيرة الوهم والشك أيضا، وهي تشكو من هذا الحال كثيرا، فماذا توجهونها؟ جزاكم الله خيرا (¬1). ج: ننصحك بالحذر من وساوس الشيطان، أقبلي على الصلاة واحضري بقلبك بين يدي الله، واجتهدي في محاربة الشيطان والتعوذ بالله من الشيطان، قولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولا تضعفي أمام عدو الله، عليك بالقوة، كوني قوية ضد عدو الله وتعوذي بالله من الشيطان، واحضري بقلبك بين يدي الله في الصلاة، وأبشري بالخير متى صدقت في الحذر، أعانك الله عليه وكفاك الله شره. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 341.

حكم تكرار قراءة الفاتحة بسبب السهو

197 – حكم تكرار قراءة الفاتحة بسبب السهو س: السائل. أ. م. يسأل ويقول: أثناء الصلاة يحدث لي سهو مما أضطر إلى قراءة الفاتحة أكثر من مرة وكذلك التحيات، هل هذه الصلاة جائزة؟ وما الواجب علي نحو ذلك (¬1)؟ ج: الصلاة جائزة، لكن المشروع لك ألا تكرر، تعوذ بالله من الشيطان ومن الوساوس، تقرأ الفاتحة مرة والتحيات مرة، لا تكرر، وإذا جاءت الوساوس تعوذ بالله من الشيطان، ولو كررت، الصلاة صحيحة والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 356.

حكم من يشك في عدد الركعات

198 – حكم من يشك في عدد الركعات س: تسأل المستمعة وتقول: الشيطان يشككني في عدد الركعات في الصلاة، فماذا أفعل كي أبتعد عن ذلك؟ مأجورين. (¬1) ج: إذا كان هذا يغلب عليك التشكيك فعليك بغلبة الظن، اعملي بظنك - والحمد لله - ويكفي، أما إذا كان إنما هو عارض فهذا عليك أن تعملي ما بينه الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة، تبنين على ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم 385

اليقين، إذا شككت صليت ثنتين أو ثلاثا اجعليها ثنتين وابني على اليقين وكملي الصلاة واسجدي للسهو، وإذا في الصيام شككت أنت شربت أو أكلت الأصل أنك ما أكلت شيئا، الأصل الصيام والحمد لله، أنت ما أكلت، هذا من الشيطان، وإذا شككت بعد الصلاة هل أنت صليت على طهارة أو ما أنت على طهارة، وأنت تعلمين أنك توضأت ولكن شككت هل أحدثت أو ما أحدثت فالأصل الطهارة وأنك ما أحدثت؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عن ذلك قال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا (¬1)» أما إذا غلب عليك وصارت الوساوس كثيرة فهذه من الشيطان، ولا تلتفتي إليها. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب من لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن، برقم (137)، ومسلم في كتاب الحيض، باب من تيقن الطهارة، ثم شك في الحديث، برقم (361).

حكم صلاة من تنتابه الهواجس في الصلاة والتخلص من ذلك

199 – حكم صلاة من تنتابه الهواجس في الصلاة والتخلص من ذلك س: الأخت. م. ع. من الباحة تسأل وتقول: أنا ولله الحمد محافظة على الصلاة، ولا أزكي نفسي، ولكن تنتابني بعض الهواجس والتفكير في الصلاة، فهل تبطل الصلاة؟ وما الطريقة الصحيحة

لكي أتخلص من التفكير في الصلاة (¬1)؟ ج: المحافظة على الصلاة من نعم الله العظيمة ومن أهم الفرائض وأعظم الواجبات على الرجال والنساء جميعا؛ لأن الصلاة عمود الإسلام وأعظم الأركان بعد الشهادتين، والله سبحانه يقول فيها: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬2)، ويقول فيها سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (¬3)، ويقول فيها عز وجل: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (¬4)، ويقول عز وجل: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬5)، {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬6)، فنوصيك أيتها الأخت في الله بالعناية بها والإقبال عليها والخشوع فيها وإحضار القلب بين يدي الله إذا دخلت في الصلاة حتى تزول الأفكار والوساوس التي تخطر عليك، إذا تحرر القلب بين يدي الله، واستشعرت أنك بين يدي الله، وأنك تناجين ربك سبحانه ذهبت الوساوس والأفكار الرديئة، فنوصيك ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم 127. (¬2) سورة البقرة الآية 238 (¬3) سورة البقرة الآية 43 (¬4) سورة العنكبوت الآية 45 (¬5) سورة المؤمنون الآية 1 (¬6) سورة المؤمنون الآية 2

بهذا؛ أن تحرصي جدا على حضور القلب بين يدي الله، وعلى محاربة الأفكار والوساوس غاية المحاربة، وأن تستشعري أنك بين يدي ربك، وأنك في أشد الحاجة إلى الضراعة إليه، واستحضار عظمته، والإكثار من ذكره، والتفكير فيما ينفعك، وأن هذه الصلاة عمود الإسلام، وأن الخشوع فيها من أهم المهمات، وهذا يعينك الله به على تلك الوساوس حتى تزول وحتى تذهب تلك الأفكار، وأبشري بالخير، وإذا غلبك شيء من ذلك فقولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولو في الصلاة قوليها، وانفثي عن يسارك ثلاث مرات كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه لما اشتكى إليه أن الوساوس تغلب عليه في الصلاة، أمره أن يتعوذ بالله من الشيطان، وينفث عن يساره ثلاثا، بذلك أسأل الله لك التوفيق والهداية.

حكم من ينسى بعض الآيات في الصلاة

200 – حكم من ينسى بعض الآيات في الصلاة س: سائلة تقول: إنها كثيرة النسيان، وإنها عندما تكون في الصلاة تنسى الآيات أو تخلط بينها، فماذا يجب أن تفعل؟ هل تعيد الصلاة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 371.

ج: عليها أن تستعيذ بالله من الشيطان، وأن تحرص أن تحضر قلبها بين يدي الله في الصلاة، تجمع قلبها على الله، تعرف أنها بين يدي الله، والواجب عليها إحضار قلبها بين يدي الله، والله سبحانه يقول: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬2)، وعليها أن تحذر الشيطان، إذا جاءت الوساوس تتفل عن يسارها ثلاث مرات وتقول: أعوذ بالله من الشيطان. ولو في الصلاة تميل عن يسارها قليلا ولو بوجهها وتقول: أعوذ بالله من الشيطان. وتتفل، وهذا علاج يزيل الله به شر الشيطان، وقد أوصى به النبي بعض الصحابة، فعليها أن تستعيذ بالله، وتستمر في صلاتها ولا تعيد صلاتها ولا وضوءها، وتقرأ ما تيسر من الآيات بعد الفاتحة. ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 1 (¬2) سورة المؤمنون الآية 2

كيف يجتنب المرء الرياء وخاصة في الصلاة

201 – كيف يجتنب المرء الرياء وخاصة في الصلاة؟ س: سماحة الشيخ، أخاف الوقوع في الرياء، فماذا أفعل لاجتنابه وخاصة في الصلاة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 116.

ج: عليك أن تجتهد في إخلاص العمل لله، ولا تلتفت إلى وساوس الشيطان الذي يدعو إلى الرياء، وأما الخطرات التي قد تعرض للإنسان فلا تضره إذا حاربها، خطرات الرياء قل أن يسلم منها أحد، لكن بالمحاربة والحذر لا تضره، إذا أجمع قلبك على الإخلاص لله وأنك تصلي له، فالخطرات التي تخطر لا تضرك ولا تؤثر عليك إذا حاربتها وسألت الله العافية منها.

حكم الصلاة التي وسوس فيها الشيطان للإنسان

202 – حكم الصلاة التي وسوس فيها الشيطان للإنسان س: إذا وسوس الشيطان للعبد في صلاته ماذا يفعل؟ وهل صلاته صحيحة (¬1)؟ ج: الصلاة صحيحة إذا أداها كما أمر الله بأركانها وواجباتها، فالوسوسة لا تبطلها ولكن تضعف الثواب، فليس للعبد من صلاة إلا ما عقل منها وأقبل عليها وخشع فيها لربه عز وجل؛ كما في الحديث: «إن العبد ليصلي وليس له من صلاته إلا نصفها، إلا ثلثها (¬2)» إلى آخره، فينبغي للمؤمن أن يقبل على صلاته - وهكذا المؤمنة - بخشوع وحضور ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 158. (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، حديث عمار بن ياسر، برقم (18136)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب ما جاء في نقصان الصلاة، حديث رقم (675).

قلب وطمأنينة حتى يكون ثوابها أكثر، والوسوسة إنما تأتي من الشيطان، فإذا حضر قلبه بين يدي الله واستحضر أنه قائم بين يديه وجاهد نفسه لله فإن الوساوس تقل بتوفيق الله، وإذا دعت الحاجة إلى التعوذ بالله من الشيطان لبقاء الوسوسة فإنه يستعيذ بالله من الشيطان، ينفث عن يساره ثلاث مرات ويتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وقد قال عثمان بن أبي العاص الثقفي الصحابي الجليل رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، إن الشيطان قد لبس علي صلاتي! فأمره أن يستعيذ بالله من الشيطان في الصلاة إذا وقع له ذلك، ففعل فأذهب الله عنه تلك الوسوسة. فالمشروع للمؤمن والمؤمنة عند وجود هذه الوسوسة أن يستعيذ بالله من الشيطان وينفث عن يساره ولو في الصلاة ثلاثا، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، فإن ذهبت الوسوسة بإقباله على الله وحضور قلبه بين يدي الله كفى ذلك والحمد لله، وإلا استعاذ بالله من الشيطان نافثا عن يساره يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وينفث عن يساره ثلاث مرات، ويزول بإذن الله.

حكم من يدخل في الصلاة ثم يقطعها ويحرم مرة أخرى

203 – حكم من يدخل في الصلاة ثم يقطعها ويحرم مرة أخرى س: أشرع في الصلاة ثم أتذكر أنني لم أنو فأقطع صلاتي ثم أنوي ثم

أشرع في الصلاة مرة أخرى، فهل ما فعلته صحيح (¬1)؟ ج: هذا من الشيطان، فحين قمت للصلاة قد نويت الصلاة، فإذا قمت للصلاة هذه نية الصلاة، وقطعت فهو من تسويل الشيطان وتزيينه، إذا قمت إلى الصلاة فقد نويت الصلاة، ولا حاجة أن تقولي: نويت كذا وكذا، النية بالقلب تكفي، فمن أتى المسجد وقام مع الإمام إذا أقيمت الصلاة فقد نوى الصلاة، والمرأة إذا قامت لمصلاها فقد نوت الصلاة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم 320

حكم تكرار الصلاة بسبب الشك في الطهارة

204 – حكم تكرار الصلاة بسبب الشك في الطهارة س: هل يجوز تكرار الصلاة إذا كنت قد شككت في وضوئي؟ وما العلاج إذا كان الشيطان يجعلني أعمل هذا في كل وضوء (¬1)؟ ج: هذا من الشيطان، ليس عليك إعادة، بل عليك أن تحذر هذا وأن ترغم الشيطان ما دمت لا تعلم أنك على غير طهارة، وإنما هي وساوس، فالصلاة صحيحة وليس لك أن تعيدها أبدا، بل هذا من طاعة الشيطان، فالأصل الطهارة حتى تعلم يقينا أنك أحدثت، سئل النبي صلى الله عليه ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم 418.

وسلم، قيل: «يا رسول الله، الرجل يخيل له أنه أحدث في الصلاة؟ قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا (¬1)». ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب من لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن، برقم (137)، ومسلم في كتاب الحيض، باب من تيقن الطهارة، ثم شك في الحديث، برقم (361).

حكم من يشك بعد الصلاة بأنه لم يؤد حقها

205 – حكم من يشك بعد الصلاة بأنه لم يؤد حقها س: الأخ. ع. ر. يسأل ويقول: أنا شاب أبلغ من العمر السابعة عشرة، إنني يا سماحة الشيخ مخلص في العبادة لله تعالى، وأؤدي الفروض الخمسة على أكمل وجه، ولا أستمع الأغاني ولا الموسيقى والحمد لله، لكن قضيتي أنني أحس بعد انتهاء كل فريضة أنني لم أوفها حقها، ولا أشعر أن صلاتي قد قبلت، أرجو أن توجهوني حول هذا – جزاكم الله خيرا – علما بأنني بعد ذلكم الإحساس أجلس أدعو الله وأتوسل إليه بالتوبة والمغفرة، أرجو إرشادي، جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: أسأل الله أن يزيدك خيرا، وأن يثبتنا وإياك على الهدى، واحمد ربك على ما يسر لك من الهداية، اسأل ربك الثبات على الحق، أما هذا ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 114.

الذي يعتريك بعد الصلاة فهو من الشيطان ومن وساوسه الخبيثة ليؤذيك ويحزنك، فاتق الله واحذر هذه الوساوس، وأحسن ظنك بربك، والله وعد المؤمنين الصادقين قبول الأعمال، فلا ينبغي لك أن تخضع لوساوس عدو الله، وعليك أن تحسن ظنك بربك، فقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني (¬1)» وفي اللفظ الآخر: «وأنا معه حين يذكرني (¬2)» فاتق الله وأحسن ظنك بربك، ولا تظن به خلاف ذلك، واجتهد في أداء صلاتك بغاية العناية والخشوع والإقبال عليها، وأحسن ظنك بربك، وارجه سبحانه أن يتقبل منك، ولا توسوس ولا تسيء الظن بربك عز وجل، ولكنك ترجوه أن يقبلها منك، وأن تحسن ظنك بربك، ولكنك مع هذا تحرص على الاستقامة والإكمال كما قال الله عن أهل الإيمان والتقوى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} (¬3) ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب الحث على ذكر الله تعالى، برقم (2675). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب الحث على ذكر الله تعالى، برقم (2675). (¬3) سورة المؤمنون الآية 60

{أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} (¬1)، فعسى أن تكون من هؤلاء تخاف ربك وتخشاه سبحانه، وتوجل منه مع الجد في العمل، ولكنك تحسن به الظن في قبول أعمالك، وعدم ردها عليك، وأنت قد أحسنت فيها واجتهدت فيها، وأديت ما تستطيع، وهو القائل سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، نسأل الله لنا ولك التوفيق. ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 61 (¬2) سورة التغابن الآية 16

حكم من يكرر الوضوء أو الصلاة بسبب كثرة الوساوس

206 – حكم من يكرر الوضوء أو الصلاة بسبب كثرة الوساوس س: أنا فتاة أبلغ من العمر التاسعة عشرة، أعاني من كثرة الشك في طهارتي ووضوئي وصلاتي، فأنا أعاني من التفكير أثناء الصلاة، ولقد حاولت التغلب على هذه الأفكار ولكن لم أفلح، فأنا أغتسل للصلاة الواحدة أكثر من ثلاث مرات، رغم هذا لا أستطيع التغلب على هذه الأفكار، وأحيانا أعيد صلاتي عدة مرات دون جدوى، وأحيانا يصل بي الأمر للبقاء مدة ساعتين للصلاة الواحدة. ثم تستمر السائلة على هذا الحال لتصف حالها، وتستفسر منكم كيف

تتصرف، وبالذات في شهر رمضان (¬1)؟ ج: هذا من الشيطان، هذا العمل الذي أصابك من الوساوس، هذا كله من الشيطان، والله سبحانه يقول في كتابه العظيم: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} (¬2)، فالإنسان يستعيذ بالله من الشيطان، ويقول جل وعلا: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬3)، {مَلِكِ النَّاسِ} (¬4)، {إِلَهِ النَّاسِ} (¬5)، {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} (¬6)، {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} (¬7)، {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} (¬8)، فالواجب عليك أن تتعوذي من الشيطان، وألا تخضعي لعدو الله بهذه الوساوس، إذا دخلت في الصلاة فصلي الصلاة التي شرعها الله، كبري أولا، ثم استفتحي بقولك: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، هذا أفضل دعاء الاستفتاح، وإن استفتحت باستفتاح آخر مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم كفى، ثم تقولين: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 323. (¬2) سورة الأعراف الآية 200 (¬3) سورة الناس الآية 1 (¬4) سورة الناس الآية 2 (¬5) سورة الناس الآية 3 (¬6) سورة الناس الآية 4 (¬7) سورة الناس الآية 5 (¬8) سورة الناس الآية 6

الرحمن الرحيم. ثم تقرئين الفاتحة: {الحمد لله رب العالمين} (¬1) ... إلى آخرها، ثم تقرئين ما تيسر معها من السور والآيات، ثم تكبرين: الله أكبر، وتركعين في الهواء معتدلة، وتضعين يديك على ركبتيك معتدلة ورأسك حذاء ظهرك، وتقولي: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ثم ترفعين رأسك وتقولين: سمع الله لمن حمده. تقولينها مرة واحدة، ثم تقفين مستقيمة، وتقولين: ربنا ولك الحمد، بعد الاستقامة والوقوف: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد. وأنت واقفة مطمئنة خاشعة، وتضعين يديك على صدرك وأنت واقفة قبل الركوع وبعده، وأنت واقفة تضعين اليمنى على اليسرى على صدرك وأنت واقفة قبل الركوع وبعده، ثم تنحطين للسجود وأنت مكبرة الله أكبر، وتسجدين على الجبهة وعلى الأنف والكفين والركبتين وأصابع الرجلين معتدلة، وترفعين بطنك عن فخذيك معتدلة وتقولين: سبحان ربي الأعلى، وترفعين ذراعيك من الأرض وتعتمدين على ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 2

كفيك في الأرض: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى - ثلاثا – وتدعين الله جل وعلا في السجود، الرب جل وعلا يحب الدعاء في السجود، ومن أسباب الإجابة الدعاء في السجود، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (¬1)» فلتقل: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، بعد الثالثة تدعو: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره، اللهم اغفر لي وارحمني، اللهم أعذني من النار، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، اللهم أصلح قلبي. وتدعين الله بما تيسر، ثم ترفع وتقول: الله أكبر، وتجلسين على رجلك اليسرى، رجلك اليسرى تجلسين عليها واليمنى تنصبينها، وتقولين: رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي – وأنت مطمئنة – اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني، اللهم أصلح قلبي وعملي. كل هذا دعاء لا بأس به، ثم تكبرين: الله أكبر، وتسجدين السجدة الثانية تقولين: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. الأفضل ثلاثا ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482).

فأكثر، والواجب مرة واحدة، وكلما كررت فهو أفضل، وأقل الكمال وأدناه هو ثلاث، ثم تدعين ربك في السجود مثلما فعلت في السجدة الأولى، اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره. كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء، وإذا دعوت بدعاء آخر قلت: اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، اللهم اغفر لي ولوالدي. إذا كان الوالدان مسلمين، كله طيب في السجود، ثم تكبرين قائمة للركعة الثانية، تسمين بالله وتقرئين الحمد وما تيسر معها، ثم تركعين مثل الركوع الأول سواء، تخضعين وتطمئنين، وتضعين يديك على ركبتيك معتدلة ورأسك حذاء ظهرك، وتفرجين أصابعك على الركبتين، وتجافين العضدين عن الجنبين وأنت راكعة: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ولو مرة، الواجب مرة واحدة: سبحان ربي العظيم، والتكرار الثلاث أفضل، وما زاد فهو أفضل، وتقول مع هذا: سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي - مثل ما تقدم – سبوح قدوس رب الملائكة والروح. إذا قلت هذا فهو طيب أيضا في السجود، كان النبي يقوله عليه الصلاة والسلام، ثم ترفعين قائلة: سمع الله لمن حمده، وأنت رافعة من الركوع، وبعد الانتصاب

تقولين: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد. والواجب: ربنا ولك الحمد. والباقي سنة، ثم تنحطين مكبرة: الله أكبر. وتسجدين مثلما فعلت في الركعة السابقة سجدتين، في كل سجدة تقولين: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، وتدعين الله فيها، تجلسين بينهما جلسة مطمئنة بين السجدتين، خاشعة مطمئنة على رجلك اليسرى وتنصبين اليمنى، تقولين: رب اغفر لي، رب اغفر لي. ثم بعد الفراغ من السجدة الثانية تجلسين للتشهد الأول تقرئين التحيات، تتعلمينها، تدرسينها: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. يقول هذا الرجل والمرأة، على المرأة والرجل جميعا، هكذا علم الأمة عليه الصلاة والسلام، علم أمته هذا التشهد، والأفضل أن تصلين على النبي: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. كالرجل سواء، ثم تقومين للثالثة، الظهر والعصر

والمغرب والعشاء، وإن قمت قبل الصلاة على النبي بعد قولك: أشهد أن محمدا عبده ورسوله، كفى، ولا شيء في ذلك، ولكن الأفضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في هذا التشهد، ثم القيام للثالثة تقومين مكبرة رافعة يديك عند التكبير عند القيام للثالثة كما ترفعين للإحرام كما في التكبيرة الأولى، وعند الركوع وعند الرفع منه، ترفعين يديك مثل الرجل، تقولين عند الرفع: الله أكبر، عند الإحرام وعند الركوع وعند الرفع منه، رافعة يديك عند التكبير وعند التسميع عند رفعك من الركوع، عند قولك: سمع الله لمن حمده، تكونين رافعة يديك كالرجل، وعند القيام للثالثة من التشهد الأول ترفعين يديك مكبرة: الله أكبر. رافعة يديك كالرجل، ثم تكملين الصلاة، إن كانت أربعا صليت الثالثة والرابعة، تقرئين الفاتحة فقط، تكفي الفاتحة الحمد، ثم بعد ذلك إن كان عند الرابعة تأتين بهذا التشهد: التحيات لله، إلى آخره، وتصلين على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تقولين: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. وتدعين أيضا بعد هذا الدعاء كالرجل: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر لي ولوالدي – إذا كان والداك مسلمين – اللهم أجرني من

النار، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك – كله طيب – اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كبيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، كله طيب، كالرجل سواء، تدعين الله بما تيسر قبل السلام، ثم تسلمين تسليمتين عن اليمين والشمال، السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله. هذا هو المشروع، وهذا التسليم لا بد منه، فرض لا بد منه، وبذلك تمت الصلاة، وإياك والوساوس، فإذا فعلت هذا فقد انتهت الصلاة ولا تعيديها، ولا تطاوعي الشيطان ولا تعيدي القراءة، اعلمي أنه من الشيطان، إذا وسوس في قلبك أنك ما فعلت قولي: كذبت – في نفسك – تكذبين بنفسك بقلبك، لا تطاوعيه، كملي الصلاة وانتهي منها، ولا تعيديها ولا الوضوء، حتى الوضوء إذا فرغت منه لا تعيديه ولا تطاوعي الشيطان، أنت ترين أعضاءك قد غسلتها والحمد لله، والصلاة كذلك، إذا فعلت ما ذكرنا فأنت قد صليت، واتركي الوساوس ولا تطاوعي عدو الله بإعادة الصلاة، بل اعلمي أنك بحمد الله انتهيت، وأن عدو الله إذا قال لك: ما صليت أو ما فعلت كذا، فهو كذاب، فاحذريه، قولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولو في الصلاة، إذا أشغلك قولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

واتفلي عن يسارك ثلاث مرات، قولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولو كنت في الصلاة، النبي صلى الله عليه وسلم علم بعض الصحابة ذلك، فقد جاءه رجل من الصحابة فقال: «يا رسول الله، قد لبس الشيطان علي صلاتي. قال: اتفل عن يسارك ثلاث مرات وقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (¬1)» قال الصحابي: فعلت فأذهب الله عني ما وجدت – يعني زالت الوساوس – فأنت وهكذا غيرك من الناس من الرجال والنساء الذين يصابون بالوساوس عليهم أن يحذروا عدو الله، وأن يتعوذوا بالله من الشيطان، وألا يعيدوا وضوءا ولا صلاة، بل يكتفون بالمرة الواحدة، ولا ينقادون للشيطان إذا قال: ما فعلت، ما فعلت. لا بل يكذبه بقلبه، يرغمه ويستعيذ بالله من شره، ولا يطاوعه، هذا هو الواجب على كل مسلم ومسلمة، وفقنا الله وإياك للاستقامة، وأعاذنا وإياك من طاعة الشيطان، وأعاذنا أيضا وجميع المسلمين من طاعته ووساوسه. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم، كتاب السلام، باب التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة حديث رقم (4083).

حكم صلاة من يفكر ويسهو فيها

207 – حكم صلاة من يفكر ويسهو فيها س: السائل. م. إ. ع. من الأردن يقول: عندما أصلي بعض الأحيان

يدور في عقلي شيء وأصبح أفكر فيه وأسهو أحيانا، فماذا علي (¬1)؟ ج: المشروع لك أن تعتني بالصلاة، وأن تقبل عليها بقلبك وقالبك، تجتهد بأحوال قلبك، والحذر من الوساوس حتى تكمله، وإذا عرض لك الوسواس أكثر فانفث عن يسارك ثلاثا ولو في الصلاة، قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه: اشتكيت للنبي صلى الله عليه وسلم كثرة الوساوس في الصلاة فأمرني أن أنفث عن يساري ثلاثا، وأن أتعوذ في الصلاة من الشيطان. قال: ففعلت، فذهب عني ذلك. أذهب الله عنه تلك الوساوس، فأنت أقبل على صلاتك واجتهد في إحضار قلبك، إذا غلب الوسواس فانفث عن يسارك ثلاث مرات ولو في الصلاة، وتعوذ بالله من الشيطان، وأبشر بالخير. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم 275.

حكم من لم يتذكر ما قرأ في الصلاة

208 – حكم من لم يتذكر ما قرأ في الصلاة س: إذا صلى الإنسان ولم يتذكر ما قرأ في الركعة الأولى أو الثانية، فما حكم صلاته (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 254.

ج: إذا كان ذلك بعد النهاية أو بعد فراغه منها لا يضره، إنما إذا كان في أثنائها وشك هل قرأ الحمد أو ما قرأ الحمد يعيدها إلا إذا كان عنده وسواس، فيترك هذا ويبني على ظنه أنه قرأها والحمد لله. أما إذا كان لا يعرض له ذلك وإنما جاء له شيء عارض توقف، هل قرأ الفاتحة أو ما قرأها، فإنه يقرؤها، أما بعد ما فرغ منها طرأ عليه الشك لا يلتفت إليه، هذا من الوساوس.

حكم من يكرر الركن في الصلاة أكثر من مرة

209 – حكم من يكرر الركن في الصلاة أكثر من مرة س: الأخ. س. م. ص. من الأردن يسأل ويقول: أنا في الصلاة أعيد الركن أكثر من مرة، وذلك نتيجة للنسيان وعدم التركيز والوسوسة، بم تنصحونني؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: ننصحك بالحذر من هذا؛ لأن هذا من طاعة الشيطان، فننصحك بالحذر من الوساوس وأن تتعوذ بالله من الشيطان عند وجودها، وألا تعيد الأركان، متى قرأت تجزم على أنك قرأت واترك العودة، ركعت كذلك، سجدت كذلك، وهكذا، لا تطاوع الشيطان، بل استمر في ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 253.

صلاتك على أنك فعلت الركن حسب ما في علمك وفي اجتهادك، فلا تطاوع الشيطان في الشك الذي يجعلك تعيد الركن ظنا منك أنك لم تفعله، هذا كله من طاعة الشيطان، ولكن استمر على العمل وأنت تجزم أنك فعلت وتغلب الشيطان حتى تكمل.

حكم صلاة من يحدث نفسه في الصلاة بالأمور الدنيوية

210 – حكم صلاة من يحدث نفسه في الصلاة بالأمور الدنيوية س: سائل يقول: كثيرا ما أحدث نفسي أثناء الصلاة بأمور دنيوية، فهل يؤثر ذلك على صحة الصلاة (¬1)؟ ج: الوسوسة في الصلاة وحديث النفس يؤثر في خشوعها وفي الأجر الذي يحصل لك، وليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها وأقبلت عليه بقلبك، واحرص على ترك الوساوس والحديث في أمور دنياك، واجتهد في إقبالك على الصلاة، يقول الله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬2) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬3)، وفي الحديث الصحيح يقول ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 272. (¬2) سورة المؤمنون الآية 1 (¬3) سورة المؤمنون الآية 2

صلى الله عليه وسلم: «ليس للعبد من صلاة إلا عقل منها (¬1)» المقصود أنك تجتهد في إقبالك على الصلاة وإحضار قلبك والخشوع فيها والحذر من الوساوس وأحاديث النفس التي تشوش عليك صلاتك. س: أرجو من الله تعالى أن تجدوا لي حلا شافيا لحالة السرحان في الصلاة، ذلكم أنني أرغب أن أقبل على الله تعالى بحب وخشوع، وأترقب موعد الصلاة، وأتعوذ بالله من الشيطان كثيرا، إلا أنني أسرح كما ذكرت، وأتذكر مشاغل الدنيا، فماذا أفعل أرجوكم إنني أتعذب كثيرا كثيرا (¬2)؟ ج: ننصحك بالتعوذ بالله من الشيطان إذا دخلت في الصلاة وحدث ¬

_ (¬1) قال الحافظ العراقي في المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار: " حديث ليس للعبد من صلاته إلا ما عقل منها، لم أجده مرفوعا، وروى محمد بن نصر المروزي في كتابة الصلاة من رواية عثمان بن أبي دهرش مرسلا: لا يقبل الله من عبد عملا حتى يشهد قلبه بدنه، ورواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي بن كعب، ولابن المبارك في الزهد موقوفا على عمار: لا يكتب للرجل من صلاته ما سها عنه ". إحياء علوم الدين: 1/ 160، باب اشتراط الخشوع وحضور القلب. (¬2) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم 294.

عليك هذا السرحان – يعني هذه الوسوسة والمشاغل – فاتفلي عن يسارك ثلاث مرات، وقولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات، وتسلمين إن شاء الله منه، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بهذا بعض الصحابة ففعله، قال: فلم يعد لهذا الأمر – يعني نجا منه والحمد لله – فأنت عليك بقوة في التعوذ بالله من الشيطان؛ لأن هذا من الشيطان عدو الله، الشيطان عدو لك ولغيرك من المسلمين، فعليك بالقوة إذا دخلت للصلاة فكوني قوية ضد عدو الله وأقبلي على الصلاة، واحضري بقلبك في القراءة وغيرها، وإذا جدت معك الوسوسة فاتفلي عن يسارك ثلاث مرات ولو أنك في الصلاة، التفتي قليلا يسارا واتفلي، وقولي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وبهذا تسلمين إن شاء الله، ولا يعود لك السرحان، هذا فعله عثمان بن أبي العاص الثقفي بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فما وجدت بعد ذلك شرا.

حكم من يقطع صلاته إلى النافلة بحجة أنه لم يعطها حقها

211 – حكم من يقطع صلاته إلى النافلة بحجة أنه لم يعطها حقها س: ما حكم الشرع في نظركم في الشخص الذي يصلي في صلاة الفريضة، لكنه إذا أحس في الركعة الأولى أو في الثانية يحس بأنه لم يعط الصلاة حقها فيحول هذه الصلاة إلى نافلة، ثم بعد

ذلك يشرع في أداء الصلاة المفروضة (¬1)؟ ج: ينبغي للمؤمن الحذر من الوساوس، فإذا أيقن أنه دخل في الصلاة المعينة الفريضة الظهر أو العصر، ثم وسوس يلغي هذه الوساوس، ويستمر في صلاته ويكملها، لأنه إذا تساهل مع الوساوس لعب عليه الشيطان وأشغله، فالواجب في مثل هذا الحذر في إعطاء النفس هواها بالوساوس، وإذا أحس بشيء يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويستمر ما دام يعلم أنه دخل في الصلاة على بصيرة، فإنه يتمها ولا يلتفت للوساوس بالكلية، بل يلغيها ويحذرها لئلا يفتح بابا للشيطان عليه فيؤذيه. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 381.

حكم صلاة من يرى أنه لم يتدبر الفاتحة فيعيد قراءتها

212 – حكم صلاة من يرى أنه لم يتدبر الفاتحة فيعيد قراءتها س: إذا سها الإنسان في صلاته وقرأ سورة الفاتحة دون أن يتدبرها، ولم يتذكر ذلك إلا بعد الانتهاء من قراءتها، وأحيانا لا يدري هل قرأ سورة الفاتحة أم لا، وهذا كله أثناء الصلاة رغم اجتهاده، فهل عليه يا سماحة الشيخ أن يعيد قراءة ذلك أم لا

يجوز له ذلك، وما العمل في هذه الحالة (¬1)؟ ج: إذا كان الشيء عارضا يعيد إذا شك هل قرأ الفاتحة أو ما قرأها يقرؤها، أما إذا كان عن وساوس يكثر عنده ذلك فيطرح الوساوس، ويبني على أنه قرأها ويترك الوسوسة ويتعوذ بالله ولا يعيدها؛ لأن الشيطان حريص على إفساد أعمال بني آدم، فإذا كان شيئا عارضا فإنه يعيدها يقرؤها حتى يتحقق أنه قرأها، أما إذا كان وسوسة هذا يترك ذلك، وإذا وقع عليه هذه الوساوس يبني على أنه قرأها ولا يعيدها، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم 401

حكم من تأخذه الوساوس خشية أن يكون المكان الذي صلى فيه غير طاهر

213 – حكم من تأخذه الوساوس خشية أن يكون المكان الذي صلى فيه غير طاهر س: يقول السائل: إن له إخوة صغارا، وإذا صلى في البيت تأخذه الوساوس خشية أن يكون المكان الذي صلى فيه غير طاهر، ما توجيهكم سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: الأصل في الأرض الطهارة، والأصل في الفرش الطهارة، هذا هو ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 306.

الأصل، فلا مانع أن تصلي على الأرض والفراش، إلا إذا علمت يقينا أنه أصابته نجاسة، وإلا فالأصل الطهارة ولو كان عندك صغار، الأصل الطهارة في الأرض والفراش، ولا حرج أن تصلي النافلة على هذا الفراش أو على هذه الأرض، أما الفريضة فعليك أن تصلي مع الناس في المساجد، لكن إذا اتخذت مصلى يكون أحسن، فاتخذ مصلى لك معروفا في بعض بيتك تصلي فيه النوافل، أو يكون سجادة خاصة تصلي عليها، تحفظها لك عندما تصلي تهجدك أو النوافل، حتى يطمئن قلبك إلى أن مصلاك طاهر وإلا فالأصل الطهارة والحمد لله.

حكم من يخرج عليه الوقت بسبب الوسوسة في الوضوء

214 – حكم من يخرج عليه الوقت بسبب الوسوسة في الوضوء س: سائلة تقول: أنا فتاة أعاني من الوسواس، حيث إنني لا أصلي بعض الصلوات في أوقاتها دائما، هكذا حيث إنني أمكث في الوضوء من الأذان حتى آخر وقت الصلاة، وأحيانا خارج وقتها لأنني لا أتأكد من وصول الماء إلى كل جزء من أعضاء الوضوء، فأظل أدلك العضو حتى أتأكد تماما من إسباغه، ولكنني أريد أن أكون مثل الناس، حتى لا أستغرق هذه المدة الطويلة التي

تزعجني وتزعج أهلي كثيرا، فوجهوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا العمل منكر لا يجوز لك، هذا من سبيل تزيين الشيطان، والشيطان عدو يأتي الناس من جهة الدين حتى يزين لهم الوسوسة والشدة والمبالغة التي ما شرعها الله، فالواجب عليك أن تتوضئي كما توضأ النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، ويكفي لهذا مدة يسيرة خمس دقائق أو عشر دقائق تتوضئين، وإذا كان هناك بول أو غائط تستنجين في حالات قليلة بعد الفراغ من البول أو الغائط، تغسلين محله بالماء حتى يعود إلى حاله الأولى يكفي، أو بالاستجمار بالمناديل ونحوها ثلاث مرات أو أكثر حتى يزول محل الأذى بالكلية، ثم تتمضمضين وتستنشقين ثلاث مرات بثلاث غرفات ويكفي مرة، ثم تغسلين وجهك ثلاث مرات ويكفي مرة أو مرتين، ثم تغسلين ذراعيك ثلاث مرات ويكفي مرة أو مرتين مع المرفقين، ويكفي لو ما دلكت، والمرور عليها يكفي على الذراعين، ثم تمسحين رأسك وأذنيك مرة واحدة، ثم تغسلين رجليك كل رجل مرة أو مرتين، وأكثرهما ثلاثا مع الكعبين، ويكفي لهذا خمس دقائق أو ست دقائق أو ثمان دقائق، أما ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 306.

الجلوس والدلك والتكرار والإسراف في الماء فعل هذا من الشيطان، وهذا منكر وعليك التوبة إلى الله، والحذر من هذا العمل السيئ، وأن تعملي بما شرع الله من الوضوء السمح الميسر، وفي دقائق قليلة، نسأل الله لك العافية والهداية.

بيان طرق معرفة القبلة

215 – بيان طرق معرفة القبلة س: يقول السائل: كيف يمكن تحديد اتجاه القبلة في الليل والنهار (¬1)؟ ج: هذا يختلف باختلاف علم الناس، والناس يختلفون في هذا العلم، فالذي عنده بوصلة يعرف عن طريق البوصلة، والذي ما يعرف هذا يمكن أن ينظر إلى الشمس طلوعها وغروبها، إذا كان يعرف في بلاده هل الكعبة عند الجنوب يستقبل الجنوب، إذا كانت الكعبة عند الشمال يستقبل الشمال، الكعبة عند الغرب يستقبل الغرب، الكعبة عند الشرق يستقبل الشرق، هكذا، والجهات تكفي، فإذا كان في جهة الشرق استقبل المغرب، وإذا كان في جهة المغرب استقبل الشرق، وإذا كان ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 236.

في الشمال استقبل الجنوب، وإذا كان في الجنوب استقبل الشمال؛ الجهة التي فيها الكعبة، وإذا كانت بين ذلك تحرى واجتهد في الجهة وصلى إليها، وإن كان مع إخوة شاورهم وتعاون معهم حتى يتحروا جهة القبلة في الليل بالنجوم وبالنهار بمطلع الشمس وغروبها وغير هذا مما يتحرون به جهة القبلة.

بيان وجوب العودة إلى أهل العلم عند الاختلاف حول القبلة

216 - بيان وجوب العودة إلى أهل العلم عند الاختلاف حول القبلة س: منذ شهر زار أحد الإخوة بلدتنا، وعندما قام للصلاة قال: هذا المسجد ليس على القبلة، فذهل الناس، وعندما أحضر البوصلة وجدنا فعلا أن القبلة التي عليها المسجد غير صحيحة، مع العلم بأن هذا المسجد قديم جدا من حوالي أربعين سنة، يوجد أناس قالوا: إن هذا الرجل كذاب. مع العلم أنه أثبت لنا بالدليل، وقامت مجموعة من الناس بالصلاة على القبلة الجديدة كما يقول، ومجموعة أخرى في الجماعة صلوا على الوضع القديم، فبماذا تنصحون الناس؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم 251.

ج: ننصح الجميع بأن يرجعوا إلى أهل العلم، أهل العلم في البلد من أنصار السنة العلماء المعروفين بالسنة والاستقامة والعلم والفضل، حتى ينظروا في القبلة مع من لديهم من الأوقاف المسؤولين حتى يتعاونوا في ضبط القبلة، فإن كان الميل يسيرا يعفى عنه، أما إذا كان الميل كبيرا فإنه يعدل ولا ينظر لمن اعترض على المسجد بدون حجة، ولكن يرجع إلى أهل العلم والمسؤولين في الأوقاف حتى إذا قرر أهل العلم الميل الكثير عدل المسجد، أما إذا كان الميل يسيرا يعفى عنه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما بين المشرق والمغرب قبلة (¬1)» يعني الجهة تكفي ولو فيها ميل، وهكذا ما بين الجنوب والشمال قبلة بالنسبة إلى من كان في الشرق والغرب، وحتى من كان في الجنوب والشمال ما بين المشرق والمغرب قبلة كأهل المدينة، فالحاصل أن الجهة تكفي، فالذي في المغرب يكفي ما بين المشرق والمغرب وهكذا، أما الذي في الجنوب أو الشمال فقبلته الجهة التي بين المشرق والمغرب كما قال ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما بين المشرق والمغرب قبلة، برقم (342)، والنسائي في كتاب الصيام، باب ذكر الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب في حديث أبي أمامة في فضل الصائم، برقم (2243).

النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة، والمقصود أن الجهة تكفي والميل اليسير يغتفر، وإذا جاء من يعترض يرجع لأهل العلم المعروفين بالاستقامة مع المسؤولين في الأوقاف حتى ينظروا في الأمر ويتجهوا في تعديل القبلة إذا كان هناك ميل كبير. س: إذا اتضح أن المسجد فعلا لم يكن على القبلة، فما حكم الصلوات السابقة في ذلك المسجد (¬1)؟ ج: يجتهدون ولا يضرهم السابقة في ذلك المسجد، لا تضر، الصلاة صحيحة ولا شيء عليهم؛ لأنهم صلوا مجتمعين على رسم القبلة التي رسمت لهم، إنما الكلام في المستقبل، يصلون على حالهم حتى يحقق لهم أهل العلم المعروفون في البلاد مع المسؤولين في الأوقاف حتى يتيسر الشيء الذي يطمأن إليه من جهة أهل العلم؛ لأنهم هم المسؤولون في هذه المسائل، أهل العلم هم المسؤولون. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم 251.

حكم الاعتماد على البوصلة

217 – حكم الاعتماد على البوصلة س: ما حكم الاعتماد على البوصلة يا سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: البوصلة آلة جيدة ومفيدة لا بد أن يتولاها أهل العلم وأهل البصيرة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 251.

حكم صلاة من أدرك أن المسجد مائل عن القبلة

218 – حكم صلاة من أدرك أن المسجد مائل عن القبلة س: السائل. أ. ع. أ. يقول: كنا نصلي في أحد المساجد في قريتنا، وصلينا فترة من الزمن إلى غير القبلة حيث كانت القبلة مائلة كثيرا، هل نعيد الصلاة وقد صلينا فترة طويلة؟ نرجو التوجيه. (¬1) ج: فهذا فيه تفصيل، إن كان الميل كثيرا فعليكم الإعادة، أما إذا كان الميل يسيرا وأنتم إلى جهة القبلة ولكن ملتم يمينا أو شمالا فليس عليكم إعادة، لكن إن كان الميول كثيرا فعليكم القضاء لأنكم صليتم إلى غير القبلة وأنتم في البلد في إمكانكم السؤال والحرص، فهذا فيه تساهل وعدم عناية، فلهذا يجب القضاء. س: السائلة. أ. ح. من جدة تقول: سكنا في شقة جديدة، وكنا نصلي ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 360.

في اتجاه معين ظنا منا بأنها القبلة، وبعد ذلك اتضح لنا أن القبلة تميل لليمين بمقدار عن الاتجاه الذي كنا نصلي فيه، فاتجهنا نحو الاتجاه الصحيح، فهل صلاتنا الأولى صحيحة أم علينا الإعادة لما فات (¬1)؟ ج: إذا كان الميل يسيرا فالصلاة صحيحة، أما إن كان كثيرا فعليكم القضاء لما مضى. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم 418.

حكم المسافر إذا جهل القبلة وصلى إلى غيرها

219 – حكم المسافر إذا جهل القبلة وصلى إلى غيرها س: سافرنا إلى دولة إسلامية، وعند وصولنا سألنا إحدى الجارات عن القبلة، فأشارت إلى جهة معينة، علما بأن هذه المرأة مسلمة، وصلينا إلى تلك الجهة فترة من الزمن، وعندما سافرنا مرة أخرى تحرى أحد أقاربنا القبلة من المسجد فكانت القبلة غير الجهة التي صلينا إليها سابقا، فصلينا جهة القبلة التي أخبرنا بها وأخبرنا بها قريبنا، فما حكم الصلوات التي صليناها سابقا مع سؤالنا عن القبلة؟ وإن كان علينا القضاء فهل يجوز أن

نقضي على فترات؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: إذا كان الواقع ما ذكرتم فليس عليكم قضاء؛ لأنكم اجتهدتم وسألتم فأرشدتم إلى القبلة، فليس عليكم قضاء، والحمد لله. س: الأخ. ع. ع. ع. من بلاد زهران يسأل ويقول: إذا ذهب قوم في سفر وأدركهم وقت الصلاة ولم يروا مسجدا، وصلوا على غير القبلة، فجاء رجل من أهل البلد وهم يصلون فقال لهم: أنتم على غير القبلة. ماذا يفعلون بالتفصيل؟ جزاكم الله خيرا. (¬2) ج: إن ظهر لهم صحة ما قال استداروا وصحت صلاتهم، وإن لم يظهر لهم صحة ما قال وهم مجتهدون استمروا على صلاتهم، هذا يحتاج إلى نظر؛ إن كانوا مجتهدين متحرين قد أخذوا بالأسباب، واتضح لهم أن هذه القبلة هي القبلة، فإنهم يستمرون في صلاتهم ويتمونها، وصلاتهم صحيحة، أما إن ظهر لهم من قول الرجل أنهم مخطئون وأن الصواب معه فإنهم يستديرون إلى القبلة، وصلاتهم التي مضت صحيحة، والحجة في هذا أن أهل قباء كانوا يصلون، فجاءهم ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم 350. (¬2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم 187.

من أخبرهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم حول إلى الكعبة، وكانوا يصلون إلى الشام، فاستداروا وكملوا صلاتهم إلى الكعبة، ولم ينكر عليهم النبي عليه الصلاة والسلام، فهكذا الإنسان إذا كان في البرية وكبر للصلاة، وصلى بعض الصلاة، ثم ظهر أنه مخطئ أو جاءه من خبره أنه مخطئ فإنه يستدير ويكمل صلاته، وصلاته صحيحة. أما إذا انتهى من صلاته ثم جاء من يخبره فإن صلاته صحيحة إذا انتهى، صلاته صحيحة إذا كان قد اجتهد وتحرى. س: أناس مسافرون، وجاء الليل وهم في أرض صحراء، وجاء وقت الصلاة وتحروا عن القبلة وصلوا عكسها ولم يعلموا بالقبلة الأصلية، وبعد الانتهاء من الصلاة تبينت لهم جهة القبلة الأصلية، هل يعيدون الصلاة في مثل هذه الحالة؟ وجهونا في ضوء هذا السؤال مأجورين. (¬1) ج: الواجب على المسلم عند حضور الصلاة وهو في السفر أن يتحرى القبلة ويجتهد في معرفة أماراتها وعلامتها، فإذا اجتهد وصلى ثم بان له أنه أخطأ القبلة بعد الصلاة فلا إعادة عليه؛ لأن الله يقول: ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم 373.

{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1)، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬2)، ويقول سبحانه: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} (¬3). أما في البلد فالواجب عليه أن يسأل ... ولا يجتهد مادام في البلد بين الناس، أما في السفر فإنه إذا اجتهد وتحرى وصلى ثم بان له بعد الصلاة أنه أخطأ القبلة فإن صلاته صحيحة، فإن بان له الأمر في أثناء الصلاة استدار إلى القبلة حسب ما ظهر له بعد ذلك ولا يعيد أولها، والله ولي التوفيق. ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16 (¬2) سورة البقرة الآية 286 (¬3) سورة البقرة الآية 286

حكم الصلاة في الظلام

220 – حكم الصلاة في الظلام س: هل يجوز أن يصلي أحد في الظلام وهو داخل المنزل أم لا بد من وجود نور عنده وهو يصلي؟ نرجو الإفادة. (¬1) ج: لا حرج أن يصلي في الظلام إذا عرف القبلة وصار اتجاهه إلى القبلة، فلا حرج أن يصلي في الظلام ولا يشترط له النور ولا يجب، بل ذلك جائز، إن صلى في النور أو في الظلام لا بأس إذا كانت القبلة ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 7.

معروفة، ولا يحتاج إلى النور لمعرفة القبلة فلا حاجة إلى النور، المقصود أنه لا يتعلق بهذا شيء، الصلاة صحيحة مطلقا سواء كان ذلك في نور أو في ظلمة إذا كان إلى القبلة. س: هل تجوز الصلاة في الظلام (¬1)؟ ج: نعم لا بأس، لو صلى الإنسان في محل مظلم لا بأس، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في حجرته وليس فيها مصابيح. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 36.

حكم من جهل القبلة لعارض من العوارض

221 – حكم من جهل القبلة لعارض من العوارض س: مستمعة تسأل وتقول: عندما تزوجت تغيرت أحوالها، وارتبكت حياتها حتى أصبحت لا ترى جهة القبلة في مكانها، وترى الشمال هو الغرب والعكس، وتسأل سماحتكم كيف تتصرف؟ ولا سيما أنها جربت نفسها في بيوت الجيران فرأت أن وضعها صحيح إلا إذا عادت إلى بيت الزوجية. (¬1) ج: عليها أن تجتهد في معرفة القبلة مع زوجها ومع أخواتها ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم 272.

الجيدات حتى تعرف القبلة؛ لأن هذا شيء عارض ووساوس عارضة تزول إن شاء الله، تستعيذ بالله من الشيطان، دائما تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. تسأل ربها العافية من هذا الأمر والشفاء من هذا الأمر، هذا عارض يزول إن شاء الله وبالتعاون مع زوجها وأخواتها في الله، أو أبيها إن كان موجودا، أو غيره من الطيبين في هذا الأمر يزول هذا الشك إن شاء الله، وتستقر الأمور وتطمئن إن شاء الله، ومن أهم الأمور سؤال الله العافية أن يعافيها من هذا البلاء العارض، وأن يعيد لها فهمها وبصيرتها وعقلها الكامل.

التلفظ بالنية عند الصلاة

222 – التلفظ بالنية عند الصلاة س: ما حكم التلفظ بنية الصلاة، كأن يقول المصلي: نويت أصلي فرض الظهر أربع ركعات لله تعالى في لحظة تكبيرة الإحرام (¬1)؟ ج: التلفظ بالنية بدعة لا يجوز، ولكن ينوي بقلبه الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ولا يقول: نويت أن أصلي كذا وكذا؛ لأن الرسول ما فعل هذا، ولا أصحابه رضي الله عنهم، فالتلفظ بالنية منكر، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم 434.

ولكن محلها القلب في جميع العبادات إلا في الحج والعمرة، فيقول: لبيك عمرة أو لبيك حجا، ويصرح بها: اللهم لبيك عمرة، أو: اللهم لبيك حجا، أو عنهما ما يحرم، وأما ما سوى الحج والعمرة فإن محلها القلب. س: يقول السائل: هل يجوز التلفظ بالنية أم لا يجوز (¬1)؟ ج: التلفظ بالنية غير مشروع بل بدعة، فإذا أراد الصلاة لا يقول: نويت أن أصلي كذا وكذا، ولا: نويت أن أطوف أو أسعى، لا، النية محلها القلب، وهكذا عند الوضوء لا يقول: نويت أن أتوضأ، النية محلها القلب، والأعمال بالنيات محلها القلب، النية هي القصد قصد القلب، فلا يشرع التلفظ بها، وما ذكره بعض الفقهاء من التلفظ لا دليل عليه بل هو غلط، والمشروع أن ينوي بقلبه، إذا قام للوضوء قد نوى بقلبه، إذا قام يصلي نوى هذه النية، إذا توجه إلى الكعبة يطوف هذه النية، إذا توجه إلى المسعى ليسعى هذه النية، ما يحتاج أن يقول: نويت أن أفعل كذا. س: سمعنا أن نية الصلاة يكون محلها القلب، ولا يصح التلفظ بها، ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم 236

والسؤال: هل عندما أقف مستقبل القبلة أتحدث بالنية في قلبي ثم أكبر تكبيرة الإحرام أم أن ما قمت به من وضوء ووقوف واستقبال القبلة يعتبر ترجمة لنية الصلاة، ولا يلزمني التحدث بها في قلبي بل أكبر مباشرة؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: نعم، يكفيك ذلك ما دمت تهيأت للصلاة التي تعملها، الظهر أو العصر أو المغرب أو غير ذلك، يكفي ولا حاجة إلى التحدث بها عند الإحرام، أنت جئت لها وجلست لها، وانتظرتها وقمت حين سمعت الإقامة، تكفيك الصلاة التي أقيمت، هذا يكفي وهذا هو النية ولا حاجة إلى سوى ذلك، أما ما يفعله بعض الناس من التلفظ بأن يقول: نويت بأن أصلي كذا وكذا إماما أو مأموما أو كذا، هذا لا أصل له، بل هو بدعة في أصح قولي العلماء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يتلفظ بالنية، وهكذا أصحابه رضي الله عنهم ما كانوا يتلفظون بالنية، وهكذا التابعون وأتباعهم من الأئمة وغيرهم ما كانوا يعرفون هذا، فالمشروع للمؤمن أن يكتفي بالقلب، فهو بمجيئه إلى الصلاة وجلوسه ينتظر الصلاة، وبقيامه للصلاة حين أقيمت الصلاة، كل هذا ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم 215.

يعتبر نية، فلا حاجة بعد ذلك أن يتحدث بها بقلبه ولا أن يتلفظ بها. س: ما حكم التلفظ بالنية؟ فمثلا إذا أراد أن يصلي سنة الصبح أن يقول: نويت أن أصلي سنة الصبح، أو نويت أن أصلي فرض كذا، جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: التلفظ بالنية ليس له أصل في الشرع بل هو بدعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يتلفظ بالنية ولا أصحابه، النية محلها القلب، فينوي بقلبه الصلاة والصيام والوضوء وغير ذلك، ويكفي القلب - والحمد لله – ولا حاجة أن يقول: نويت أن أصلي كذا، أو: نويت أن أتوضأ أو أن أطوف أو أن أصوم، النية محلها القلب. س: يقول السائل. ص. م. من اليمن: ما قول العلماء في أناس يتلفظون بالنية في كثير من أعمالهم الدينية، وخاصة في الصوم والصلاة مثل قول البعض عند الاستعداد للصلاة: أصلي فرض ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 322. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

كذا الله أكبر، وهل التلفظ بالنية وارد عن المصطفى صلى الله عليه وسلم (¬1)؟ ج: هذه بدعة، لا يجوز؛ لأن التلفظ بالنية بدعة، ينوي في قلبه والحمد لله، إذا قام بنية الصلاة كبر فقط، ما يقول: نويت أن أصلي كذا وكذا، ولا نويت أن أطوف، يأتي بالنية، إذا قام للصلاة ينوي الظهر، يكبر، ينوي العصر كبر بنية العصر، المغرب، كبر بنية المغرب، وهكذا؛ في القلب. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم 398.

بيان معنى إحضار النية

223 – بيان معنى إحضار النية س: سمعت أنه لا يجوز التلفظ بالنية في صلواتنا، ولكن يجب إحضارها، ماذا يعني إحضار النية؟ وهل يعني أن أقولها في سري (¬1)؟ ج: المعنى أنه إذا قام للصلاة يكون ناويا للصلاة، الظهر العصر المغرب، إذا جاء آخر الليل ناويا للصوم، ولكن ما يقول: نويت أن أصوم كذا، لا، يكفي القلب، علمه بأنه يصوم اليوم كاف، علمه بأن قام للظهر كاف، علمه بأنه قام للعصر كاف، ما يحتاج تلفظ: نويت أن ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم 414.

أصلي كذا كما يفعل بعض الناس، هذه بدعة.

كيف تكون النية في الصلاة

224 – كيف تكون النية في الصلاة؟ س: يقول هذا السائل: هل يجوز التلفظ بالنية للصلاة، وإن لم تكن كذلك فكيف تكون النية (¬1)؟ ج: تكون بالقلب، يعني بقلبه، الظهر والعصر والمغرب، ولا يشرع التلفظ بالنية، لا يقول: نويت أن أصلي كذا. لا يجوز هذا، هذا بدعة، ولكن بقلبه، ينوي بقلبه الظهر والعصر والمغرب، سنة الضحى، سنة الراتبة، الوتر بالنية بالقلب، الأعمال بالنيات، ومحلها القلب. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم 427.

حكم التلفظ بنية الصلاة والإمامة والانفراد

225 – حكم التلفظ بنية الصلاة والإمامة والانفراد س: هناك عادات عند بعض الناس لا ندري هل هي من الإسلام أم هي بدعة، مثلا في بعض المناطق في الريف هناك بعض الناس يقولون قبل تكبيرة الإحرام للصلاة: نويت أصلي صلاة الظهر مثلا مقتديا أو إماما الفرض الحاضر، وهلم جرا، بصوت يسمعه

من كان بجانبه، هل هذا صحيح؟ وجهونا جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: هذا لا أصل له، بل هو من البدع التي أحدثها بعض الناس، وإن كان قال بها بعض أهل العلم المتأخرين، لكنه ليس بمشروع، فالصواب أنه لا يقول ذلك، ولكن ينوي بقلبه، فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك، ولا أصحابه رضي الله عنهم، ولا الأئمة من العلماء في القرون المفضلة، ولا يعرف ذلك عن واحد منهم، ولا يقول: نويت أن أصلي الظهر كذا، أو العصر كذا، أو المغرب كذا، أو العشاء كذا، أو الفجر كذا إماما أو مقتديا أو منفردا، كل هذا لا يقال، التلفظ بالنية ليس بمشروع، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» أي مردود، قال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬3)» أي فهو مردود. وكان يقول في خطبة الجمعة عليه الصلاة والسلام: «أما بعد، ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم 174. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬1)» فنصيحتي لجميع إخواني المسلمين في كل مكان ألا يقولوا هذا اللفظ عند الصلاة، وألا يتلفظوا بالنية لأنه لا أصل لذلك. ولكن إذا قام للصلاة فقد نوى، من سمع الإقامة فقد نوى الصلاة، أو قام في بيته يصلي سنة الضحى أو التهجد بالليل أو الرواتب، إذا قام إلى الصلاة بقلبه ناويا فقد حصل المقصود، ولا حاجة إلى أن يقول: نويت أن أصلي كذا، لا في المسجد ولا في البيت، لا منفردا ولا مع الإمام، ولا يقوله الإمام أيضا، وفق الله الجميع لاتباع السنة والاستقامة عليها. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (867).

حكم التلفظ بنية الصلاة ونوعها

226 – حكم التلفظ بنية الصلاة ونوعها س: إني عندما أصلي أقول: إني نويت أن أصلي فرض صلاة – مثل الفجر – الله أكبر، ثم أقرأ الدعاء الذي يقال بعد تكبيرة الإحرام، وهو دعاء الاستفتاح، فقد سمعت من برنامجكم " نور على الدرب " المقولة بأنه لا يجوز أن يقول: نويت أن أصلي فرض

كذا أو كذا، هل ما سمعته صحيح أم أنه سمع لي؟ نرجو أن تجيبونا مرة أخرى، وفقكم الله. (¬1) ج: نعم يا أخي؛ النية محلها القلب، ولا يجوز أن يقال: نويت أن أصلي كذا، إماما أو مأموما فريضة كذا أربع ركعات الظهر، أو ثلاث ركعات المغرب، أو ركعتين الفجر، لا، بل ينوي بقلبه ويكفي، ولا حاجة إلى أن يقول: نويت أن أصلي كذا وكذا، ولا حاجة في الطواف أن يقول: نويت أن أطوف كذا وكذا، ولا في السعي ولا في الوضوء أن يقول: نويت أن أتوضأ كذا وكذا، كل هذا لا أصل له، النية محلها القلب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (¬2)» ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ولا أئمة الإسلام المتقدمون يتلفظون بالنية، بل كان أحدهم إذا وقف يقول: الله أكبر، عند دخوله الصلاة، ولا يقول: نويت أن أصلي كذا وكذا، فالتلفظ بهذا بدعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 40. (¬2) أخرجه البخاري، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (1).

أمرنا فهو رد (¬1)» وهذا ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم فيكون مردودا، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)»؛ أي فهو مردود، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬3)» فعليك يا أخي أن تنوي بقلبك إذا قمت إلى الصلاة، تكفي النية بقلبك أنك قمت للصلاة، الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء أو الفجر، أو جمعة، أو صلاة عيد، أو نوافل، أو صلاة الضحى، أو الرواتب، كلها يكفي فيها ما وقع في قلبك، وما تعلمه من قيامك لهذا، ومجيئك لهذا يكفي، وليس لك أن تلفظ بالنية في الصلاة، وهكذا في الصوم، وهكذا في الوضوء، وهكذا في الغسل، وهكذا في الطواف والسعي، النية في القلب ولا حاجة إلى التلفظ، بل ذلك من المحدثات. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (867).

حكم التلفظ بوقت الصلاة وعدد الركعات

227 – حكم التلفظ بوقت الصلاة وعدد الركعات س: هل يجوز للفرد عند قيام الصلاة أن يذكر الوقت وعدد ركعاته أم

يكتفي بالتكبيرة فقط (¬1)؟ ج: يكفي التكبير والحمد لله، أما قول: نويت كذا وكذا، هذا بدعة لا أصل له، نويت أن أصلي كذا وكذا ركعة في وقت كذا، هذا لا أصل له، وليس من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولا من فعل الصحابة رضي الله عنهم، بل ذلك من البدع التي أحدثها بعض الناس، ويكفي المؤمن النية في القلب، إذا قام لصلاة الظهر، العصر، المغرب، العشاء، لصلاة الضحى، لصلاة الاستخارة، لصلاة الخسوف، النية كافية في القلب والحمد لله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (¬2)» والنية محلها القلب، ويقول عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬3)»؛ أي فهو مردود، وليس من عمل النبي صلى الله عليه وسلم ولا من سنته أن يتلفظ بالنية، يقول: نويت أن أصلي بكذا وكذا، أو: نويت أن أتوضأ، أو: نويت أن أطوف، هذا لا أصل له. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم 201. (¬2) أخرجه البخاري، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (1). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

حكم التلفظ بسنية الصلاة

228 – حكم التلفظ بسنية الصلاة س: بالنسبة للسنة إذا قال: نويت أن أصلي سنة رسول الله لله تعالى، هل هو خطأ (¬1)؟ ج: هذه بدعة، تنوي بقلبك الصلاة التي شرعها الله ورسوله، تنوي بقلبك أنك تصلي الصلاة كما شرعها الله وكما جاءت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وليس لك أن تقول: نويت، بل تصلي كذا وكذا؛ لأن هذا بدعة لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة، والخير في اتباعهم والسير على منهاجهم. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم 40.

انتهى بحمد الله تعالى الجزء السابع، ويليه بمشيئة الله تعالى الجزء الثامن، القسم الثالث من الصلاة، وأوله باب صفة الصلاة

المجلد الثامن

باب صفة الصلاة 1 - بيان أسباب الخشوع في الصلاة س: كيف أخشع في الصلاة؟ وما هي الأدعية التي تقال قبل الصلاة وفي الصلاة، والتي تساعدني على الخشوع؟ (¬1) ج: الخشوع في الصلاة إحضار القلب فيها بين يدي الله والإقبال عليها، تستحضر عظمة الله وأنك بين يديه، ترجو رحمته وتخشى عقابه، فهذا يسبب الخشوع والذل والانكسار، وإحضار القلب بين يدي الله عز وجل، وأن تدعو بقلب خاشع؛ ترجو رحمة الله وتخشى عقابه بالدعوات الطيبة التي تستحضرها ولو كانت غير منقولة، ولو كانت غير واردة، إذا كانت دعوات طيبة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم فلا بأس: اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم اهدني ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (354)

صراطك المستقيم، اللهم أجرني من النار، اللهم اغفر لي ولوالدي – إذا كان والداك مسلمين – اللهم إني أسألك الهدى والسداد، اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي. هكذا في الصلاة وخارجها، حتى في خارج الصلاة وأنت في البيت أو تمشي أو مضطجع، تدعو ما يسر الله من الدعوات الطيبة المنقولة وغير المنقولة التي ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تدخر له دعوته في الآخرة، وإما أن تعجل له في الدنيا، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك، قالوا: يا رسول الله، إذا نكثر. قال: الله أكثر (¬1)» فأنت يا عبد الله على خير في دعائك لربك وانكسارك بين يديه، وخشوعك له في الصلاة في سجودك، أو في ركوعك، أو بين السجدتين، أو في القيام في جميع أجزاء الصلاة. الله يقول جل وعلا: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬2) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬3)، يعني: ذليلون منكسرون، قد أحضروا قلوبهم بين يدي الله، وإذا تيسر البكاء من خشية ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب في انتظار الفرج وغير ذلك، برقم (3573) (¬2) سورة المؤمنون الآية 1 (¬3) سورة المؤمنون الآية 2

الله كان أكمل وأكمل، ومن أعظم الأسباب في خشوعك: ترك المعاصي، والحذر من المعاصي، وجهاد نفسك في تركها، والتوبة إلى الله منها، ومن أسباب الخشوع: أن تدخل الصلاة وأنت فارغ القلب ليس عندك مشاغل، وإن كنت تحس بشيء من الأذى قضيت حاجتك قبل الصلاة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان (¬1)» فإذا كان عندك حاجة إلى البول أو الغائط بدأت بذلك، الطعام حاضر بدأت بذلك، شغل شاغل أزلته واسترحت منه حتى تدخل الصلاة وأنت خاشع القلب حاضر القلب، الفريضة والنافلة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام، برقم (560)

وجوب العناية بالخشوع والطمأنينة في الصلاة

2 - وجوب العناية بالخشوع والطمأنينة في الصلاة س: هل صحيح أن الصلاة التي ليس فيها خشوع تام لله عز وجل لا يقبلها منا (¬1)؟ ج: هذا على كل حال فيه خطر، والمطلوب من المصلي أن يخشع في صلاته ويقبل عليها؛ لأن الله سبحانه قال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬2) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬3) ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (31) (¬2) سورة المؤمنون الآية 1 (¬3) سورة المؤمنون الآية 2

فالإقبال على الصلاة وخشوعها من أهم المهمات، وهو روحها، فينبغي العناية بالخشوع والطمأنينة في الصلاة: في سجوده، في ركوعه، بين السجدتين، بعد الركوع حين يعتدل، يخشع ويطمئن، ولا يعجل سواء كان رجلا أو امرأة جميعا، وإذا أخل بالخشوع على وجه يكون معه النقر في الصلاة وعدم الطمأنينة تبطل الصلاة، أما إذا كان يطمئن فيها ولكن قد تعتريه بعض الهواجس هذا لا يبطل الصلاة لكن ليس له من صلاته إلا ما عقل منها وما خشع فيه، وما أقبل عليه، يكون له ثواب ذلك، وما فرط فيه يفوته ثوابه، فينبغي للعبد أن يقبل على الصلاة، ويطمئن فيها، ويخشع فيها لله عز وجل، حتى يكمل ثوابه، ولكن لا تبطل إلا إذا أخل بالطمأنينة، إذا ركع ركوعا ليس فيه طمأنينة، يعجل، ما تخشع الأعضاء فالواجب أن يطمئن حتى يرجع كل فقار إلى مكانه حتى يتمكن من قول: سبحان ربي العظيم في الركوع، وحتى يتمكن من قول: سبحان ربي الأعلى في السجود، وحتى يتمكن من قول: ربنا ولك الحمد بعد الرفع من الركوع، وحتى يتمكن من قول: رب اغفر لي، يطمئن، هذا لا بد منه. ولما رأى النبي صلى الله

عليه وسلم رجلا لم يطمئن في صلاته بل ينقرها، أمره أن يعيد، فقال له: «صل فإنك لم تصل (¬1)» والطمأنينة من أهم الخشوع، وهي خشوع واجب في الصلاة في الركوع والسجود وبين السجدتين، وحال الاعتدال عند الركوع، هذا يسمى طمأنينة ويسمى خشوعا، لا بد من هذه الطمأنينة، حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، إذا ركع اطمأن حتى ترجع العظام إلى محلها، وكل فقار إلى مكانه، وإذا رفع اطمأن وهو واقف، وإذا سجد يطمئن حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، وهكذا بين السجدتين، يطمئن يهدأ، ولا يعجل حتى يعود كل فقار إلى مكانه. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب أمر النبي الذي لا يتم ركوعه بالإعادة، برقم (793)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (397)

حكم صلاة من عنده وسواس يذهب بخشوعه

3 - حكم صلاة من عنده وسواس يذهب بخشوعه س: يقول هذا السائل: هل الذي لا يخشع في صلاته كالذي لا يصلي، وماذا يعمل من كانت عنده وساوس من الشيطان تمنعه من الخشوع في صلاته؟ أرشدونا جزاكم الله خيرا. ج: الطمأنينة لا بد منها، جاء في حديث الأعرابي أن النبي أمره

بإعادة الصلاة. وقال له: إنك ما صليت ولو مت على هذا، مت على غير الفطرة، التي فطر عليها محمد صلى الله عليه وسلم فلا بد من الطمأنينة في ركوعه وسجوده، وبين السجدتين وبعد الركوع لا بد أن يطمئن ويخشع، يقول الله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬2) لا بد أن يطمئن، إذا سجد اطمأن، حتى يرجع كل فقار في مكانه، وإذا ركع اطمأن حتى يرجع كل فقار في مكانه، وإذا رفع من الركوع اطمأن، حتى يرجع كل فقار في مكانه، وإذا جلس بين السجدتين اطمأن، حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، هذا هو الواجب على المصلي، أما الوساوس فالواجب التعوذ بالله من الشيطان، إذا عرض لك انفث عن يسارك: ثلاث مرات، وقل: أعوذ بالله من الشيطان، تزول إن شاء الله، جاهد نفسك، ولا تطاوع الشيطان بالوساوس، بل احذرها وارفضها، وتعوذ بالله من الشيطان، عند وجودها اتفل عن يسارك ثلاث مرات، وقل أعوذ بالله من الشيطان ثلاث مرات، تزول إن شاء الله. ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 1 (¬2) سورة المؤمنون الآية 2

حكم الطمأنينة في الصلاة

4 - حكم الطمأنينة في الصلاة س: الأخ: س. ف. ر. يقول: هل تبطل الصلاة إذا كانت بدون خشوع، وكيف يكون الخشوع في الصلاة (¬1) ج: إذا كانت بغير طمأنينة بطلت، أما كمال الخشوع فما هو بشرط، لكن لا بد من الطمأنينة، في ركوعه وسجوده، وبين السجدتين، وبعد الركوع، فإذا اطمأن صحت، ولو كان الخشوع ليس بكامل، لأن الله قال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬2) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬3)، كمال الخشوع من كمال الصلاة، لكن إذا اطمأن في ركوعه وسجوده، وبين السجدتين، وبعد الركوع صحت صلاته، وإن كان لم يأت بالخشوع الكامل الكثير. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (427) (¬2) سورة المؤمنون الآية 1 (¬3) سورة المؤمنون الآية 2

بيان أن استحضار عظمة الله تعالى سبب للخشوع في الصلاة

5 - بيان أن استحضار عظمة الله تعالى سبب للخشوع في الصلاة س: ما هي أسباب الخشوع في الصلاة (¬1) ج: أسباب الخشوع في الصلاة الإقبال على الله، وتذكر أنك بين يديه، وأنك في حضرته سبحانه وتعالى، وأنك تناجيه جل وعلا، وهذه ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (227)

الصلاة أعظم العبادات، وأهمها بعد التوحيد، فإذا تذكرت هذه الأمور، خشع قلبك، كما قال الله سبحانه وتعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬2)، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصى (¬3)» المقصود أن الإنسان بين يدي ربه في الصلاة، فليستحضر هذا الأمر العظيم حتى يخشع قلبه، وفي الحديث الآخر: «إذا قام أحدكم يصلي فإنه يناجي ربه، فلا يبصقن قبل وجهه، ولا عن يمينه، ولكن عن يساره، وتحت قدمه (¬4)» فأنت يا عبد الله بين يدي الله واقف بين يديه تناجيه وتقرأ كتابه وتركع وتسجد بين يديه تخشع له في هذه الحالة واستحضر هذه العظمة له وأنك بين يدي الملك العظيم الذي لا أعظم منه ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 1 (¬2) سورة المؤمنون الآية 2 (¬3) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم، من حديث أبي ذر رضي الله تعالى عنه، برقم (20823)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما جاء في كراهية مسح الحصى في الصلاة، برقم (379)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في مسح الحصى في الصلاة، برقم (945)، والنسائي في كتاب السهو، النهي عن مسح الحصى في الصلاة، برقم (1191) (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3014)

سبحانه وتعالى، وهذا كل ما يسبب الخشوع لك وانكسارك بين يديه سبحانه وتعالى. س: سائلة تقول: كيف أعمل حتى يكون فكري محصورا أثناء تأدية الصلاة (¬1)؟ ج: عليك المجاهدة، عليك أن تجاهدي نفسك، حتى تجمعي قلبك وفكرك في الصلاة، إذا كان هناك شواغل تنجزينها قبل الصلاة، حاجات في البيت تنجزينها قبل الصلاة إذا استطعت ثم تفرغي للصلاة، بقلب حاضر، أكل حاضر كلي من الأكل الحاضر، حاجة حاضرة يمكن أن تشوش عليك قدميها سلميها لأهلها اقبضيها، حتى تأتي الصلاة وأنت في حالة خشوع وإقبال، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الأخبثان (¬2)» الإنسان يلاحظ إذا كان عنده طعام يأكل حاجته، يحس بالبول أو الغائط يقضي حاجته، له شغل مهم يقضيه، فالوقت واسع بحمد الله، ثم يأتي الصلاة بقلب حاضر خاشع، وقبل هذا إن كانت امرأة في البيت أو مريض، أما إذا ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (248) (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام، برقم (560)

كان رجلا فعليه أن يعتني بالشواغل التي عنده قبل الصلاة، يعتني بها قبل الصلاة، قبل الوقت، ثم يذهب إلى المسجد، ويصلي مع الناس بقلب حاضر خاشع، فالصلاة عمود الإسلام، أمرها عظيم، قال سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬2)، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «جعلت قرة عيني في الصلاة (¬3)» فالواجب على الرجل والمرأة العناية بهذا الأمر، الرجل يقضي حوائجه قبل الصلاة، قبل الأذان حتى يتفرغ للصلاة، فيذهب للمسجد، والمرأة كذلك تعتني، فإذا حضرت الصلاة فإذا هي فارغة، مستعدة للصلاة بقلب خاشع، وإن عرض عارض قدمته ما دام الوقت واسعا، الحمد لله، بحضرة طعام تأكل الطعام، إذا حضرها بول أو غائط تبادر تقضي حاجتها، ثم تتوضأ، جاءها ضيف تسلم عليه، وتقضي حاجته، ثم تصلي ما دام الوقت واسعا، حتى تصلي صلاة مضبوطة قد أقبلت عليها بقلبها، وحضرت فيها بقلبها، وخشعت فيها لله، هكذا المؤمن مع الطمأنينة وعدم العجلة، وعدم النقر، الإنسان يركع ويطمئن، فيقول: سبحانه ربي ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 1 (¬2) سورة المؤمنون الآية 2 (¬3) أخرجه النسائي في كتاب عشرة النساء، باب حب النساء، برقم (3940)

العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، لا يعجل ثم يرفع ويقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، إذا كان إماما ومنفردا، ويطمئن على رفعه يعتدل ويقول: «ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا، مباركا فيه ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد (¬1)» وهو مطمئن معتدل واضعا يمينه على شماله، على صدره، هذه السنة، وإن زاد قال «أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (¬2)» فهذا مسموح، يفعله النبي بعض الأحيان – عليه الصلاة والسلام، ثم يسجد ويطمئن في السجود، ويقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، ثلاث مرات، أو أكثر، أدنى الكمال ثلاث، وإن زاد خمسا أو سبعا كان أفضل، ويدعو في سجوده ويقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. في الركوع والسجود: سبوح قدوس رب ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، برقم (477) (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، برقم (477)

الملائكة والروح، سبحان ربي ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، كل هذا يقال في الركوع والسجود، ولكن في السجود يدعو زيادة، اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم ارزقني الفقه، في دينك، اللهم اغفر لي ولوالدي، وللمسلمين، ونحو هذا من الدعوات في سجوده، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «أقرب ما يكون العبد لربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء (¬1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «فأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (¬2)» أي: حري أن يستجاب لكم، فالمقصود من هذا كله أن الإنسان يعتني بالأسباب التي تعينه على الخشوع، قبل الدخول في الصلاة حتى يحضر فيها بقلبه، وحتى يطمئن ويخشع لربه، لأن الصلاة لها شأن عظيم، ولبها وروحها الخشوع، وفق الله الجميع للتوفيق والهداية. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479)

حكم العجلة في أداء الصلاة

6 - حكم العجلة في أداء الصلاة س: السائلة: أم عبد الله، من حائل، تقول: ما حكم التسرع، أو السرعة في الصلاة، مع العلم بأن الصلاة كاملة ولا ينقص منها شيء (¬1)؟ ج: الواجب الطمأنينة والركود في الصلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته: «إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم اقرأ ما تيسر لك من القرآن (¬2)» - وفي لفظ آخر: «ثم اقرأ بأم القرآن وبما شاء الله (¬3)» - «ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في الصلاة كلها (¬4)» ولما أخل بهذا أمره ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (405) (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، برقم (856) (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، برقم (856) (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، باب من رد فقال عليك السلام، برقم (6251)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (397)

بالإعادة، لا بد من الطمأنينة، فإذا كانت المصلية مطمئنة، والرجل مطمئنا، فلا بأس إذا اطمأن في الركوع، والاعتدال بعد الركوع والسجود، وبين السجدتين، ولكن ما أطال وإلا هو مطمئن فلا بأس لكن كونه يطمئن طمأنينة واضحة جيدة في سجوده وركوعه، وبين السجدتين، وبعد الرفع، تكون الطمأنينة ظاهرة، والاعتدال ظاهرا وافيا يكون أكمل وأكمل، يعني لا يتساهل في هذا؛ لأن بعض الناس قد يعتبر فعله نقرا للصلاة، فإذا اطمأن طمأنينة تجعله غير ناقر للصلاة طمأنينة واضحة فلا بأس.

بيان معنى الموالاة في الصلاة

7 - بيان معنى الموالاة في الصلاة س: تسأل السائلة وتقول: ما معنى الموالاة في الصلاة (¬1)؟ ج: الموالاة في الصلاة أن يصليها كما شرع الله، فيركع كما شرع الله ويرفع ويعتدل كما شرع الله، ويسجد كما شرع الله، ويعتدل ويطمئن، ويسجد بين السجدتين كما شرع الله، ويطمئن ولا يعجل، هذا يقال له الطمأنينة، والخشوع في الصلاة تسميتها الموالاة تسمية غير ظاهرة، أما ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (412)

أن المقصود الموالاة بين الصلاتين هذا شيء آخر. الموالاة بينهما أن كل صلاة تصلي في وقتها، إلا إذا جمع بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء والى بينهما، صلى هذه بعد هذه. أما في الصلاة الواحدة، فالمعنى أنه يأتي بأركانها في محلها، مع الطمأنينة، ويسمى هذا خشوعا وطمأنينة، كونه يركد في قراءته، وإذا ركع ركد واطمأن، حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، وإذا رفع اطمأن واعتدل حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، وإذا سجد اعتدل واطمأن حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، وإذا جلس بين السجدتين اعتدل واطمئن حتى يرجع كل فقار إلى مكانه هذه الطمأنينة، وهذا الخشوع، هذا لا بد منه.

نصيحة في أسباب الخشوع في الصلاة

8 - نصيحة في أسباب الخشوع في الصلاة س: أنا فتاة مؤمنة بالله مؤدية لطاعاته أسعى بكل ما يقربني إليه إلا أنني أعيش في دوامة مستمرة من أمري، أعيش في صراع دائم مع نفسي، هذه النفس الأمارة بالسوء، وهي سبب حيرتي وعذابي في حياتي، والذي لا أجد فيها الطمأنينة أبدا، بجميع أعمالي، وخاصة العبادة، وعلى رأسها الصلاة، فعندما أقوم لتأديتها لا أجد ذلك الخشوع والخضوع المطلوبين فيها

تراودني أفكار لكن أتعوذ بالله من الشيطان وأستغفر ثم أكمل، ولا ألبث لحظات إلا وأعود لمثلها، ولا أزال حتى أنتهي منها وبعدها أشعر أن صلاتي غير مقبولة، وأن جميع أعمالي غير مقبولة، حتى بكيت كثيرا، واستغفرت كثيرا وتبت إلى الله أكثر من مرة، ولكن أجد نفسي تقودني إلى المعاصي فأنا الآن أعيش في عذاب وقلق وحيرة وخوف أخاف أن ينقضي عمري وأنا على هذه الحالة، وأخاف أن تنقضي حياتي ولم أغتنم منها شيئا، علما بأنني لم أكن كذلك من قبل، فأرجو من فضيلتك أن تشير علي بما يجب فعله حتى أعود كما كنت سابقا وفقكم الله لما يحبه ويرضاه (¬1) ج: أولا نسأل الله للسائلة أن يوفقها لما فيه رضاه، وأن يصلح قلبها وعملها، وأن يرشدها إلى خير الأمور، وأن يهبها ثباتا واستقامة وصلاحا ورشدا، ويدلها على الخير الذي به الطمأنينة، وبه السعادة العاجلة والآجلة، ونصيحتي: أن تكثر السائلة من القرآن الكريم بالتدبر والتعقل في الأوقات المناسبة مع مطالعة كتب السنة وكتب التفسير التي ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (31)

تنفعك مثل رياض الصالحين، وبلوغ المرام، والوابل الصيب، وتفسير ابن كثير، والبغوي، وابن جرير، هذه التفاسير مفيدة، وتفسير الشوكاني حتى تستفيدي، وحتى تشغلي الوقت بما ينفعك، وأمر آخر وهو مجالسة الأخيار من أهل بيتك والأنس بهم من أب وأم، وأخوات صالحات، تشغلين به بعض الوقت أيضا، وإذا كنت لست ذات زوج، أن تحرصي على الزواج، ولو أن تخطبيه أنت، تنظرين من أقاربك من هو طيب ومن هو صالح لك من أبناء العم أو أبناء الخال أو غيرهم، ممن تعرفين، ثم تطلبين من أبيك أو غيره من أوليائك أن يتوسط في هذا وتقولين بلغني عنه كذا وكذا من غير ريبة بل بالسؤال عنه، تعرفي عليه، فإذا عرفت أنه صالح وأنه جيد قلت لأبيك: إنك تطلبين فلانا حتى يتزوجك، وتنصحي بألا يتكلف بالمهور، ولا في الولائم وأن يتسامح معه في المهر وفي الوليمة، كل هذا من أسباب الهدوء، ومن أسباب الثبات ومن أسباب زوال هذه الوساوس وهذه الأفكار الرديئة، وإن كنت ذات زوج فالحمد لله، عليك أن تعيشي معه طيبا، وأن تعامليه بخير، وأن تعاشريه بالمعروف، وأن تجتهدي في أسباب الألفة معه والمحبة، وقضاء الوطر الشرعي، مع العناية بما يتقدم من قراءة القرآن الكريم بتدبر وكثرة الذكر والاستغفار، والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم

والإكثار من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، ومع المطالعة للكتب النافعة، كل هذا من أسباب زوال ما ذكرت من القلق والوساوس التي قد تضرك، وأسأل الله لك الهداية والتوفيق وصلاح النية والعمل.

بيان وجوب مجاهدة النفس وعدم الانشغال عن الصلاة

9 - بيان وجوب مجاهدة النفس وعدم الانشغال عن الصلاة س: ما رأي الشرع فيمن ينشغل عن صلاته، مهما حاول أن يجعلها خالصة دون تفكير (¬1)؟ ج: عليه أن يجتهد وأن يحاسب نفسه، وأن يتقي الله في ذلك، ومتى اتقى الله أعانه الله {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (¬2) فعليه أن يتقي الله وأن يحاسب نفسه، ويجاهدها حتى يجمع قلبه على الصلاة، وحتى يخلص لله في صلاته، وحتى يخشع فيها لربه، حتى يدع الأفكار الضارة، وهذا يحتاج إلى جهود كبيرة، وإلى عناية وإلى صدق وإخلاص وإقبال على الله، وسؤاله العون سبحانه وتعالى حتى يجمع الله قلبه على صلاته. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (187) (¬2) سورة الطلاق الآية 2

حكم كثرة الحركة في الصلاة

10 - حكم كثرة الحركة في الصلاة س: ما رأي سماحتكم فيمن يتهاون في الوقوف بين يدي المولى عز وجل، وهو يصلي ويفعل كثيرا من الحركات، فمثلا يقدم قدما عن الأخرى، وهكذا يحرك بعض ملابسه؟ أرجو التوجيه حول هذا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: المشروع للمؤمن في الصلاة الخشوع فيها، والإقبال عليها والطمأنينة، واستحضار أنه بين يدي الله حتى يخشع، يقول الله جل وعلا: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬2) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬3) والطمأنينة ركن من أركان الصلاة، لا بد منها وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا لم يطمئن في صلاته، فأمره أن يعيد الصلاة وقال له صلى الله عليه وسلم: «إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن (¬4)» - وفي اللفظ الآخر: «ثم اقرأ بأم القرآن، وبما شاء الله (¬5)» - «ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (271) (¬2) سورة المؤمنون الآية 1 (¬3) سورة المؤمنون الآية 2 (¬4) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، برقم (856) (¬5) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، برقم (856)

حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها (¬1)» فبين له صلى الله عليه وسلم أنه لا بد من طمأنينة، وأنه إذا لم يطمئن فصلاته باطلة، وقد أمره بالإعادة ثلاث مرات حتى قال: يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني. فعلمه صلى الله عليه وسلم. فالعبث الكثير المتوالي يبطل الصلاة، العبث من المصلي بثيابه أو بأقدامه أو غير ذلك المتوالي الكثير يبطل الصلاة عند أهل العلم، أما اليسير فيعفى عنه، الشيء القليل يعفى عنه، فنصيحتي لكل مؤمن ولكل مؤمنة الخشوع في الصلاة والإقبال عليها، والعناية بها، والطمأنينة والحذر من العبث، لا بالثياب ولا باللحية ولا بغير ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، باب من رد فقال عليك السلام، برقم (6251)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (397)

حكم البكاء خشية لله أثناء الصلاة

11 - حكم البكاء خشية لله أثناء الصلاة س: هل يجوز البكاء أثناء الصلاة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (110)

ج: نعم، إذا غلبه البكاء خشية لله وتعظيما له وخشوعا عند القراءة وعند سماعها فلا بأس، قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبكي وكان الأخيار يبكون وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء في الصلاة، وكان الصديق رضي الله عنه لا يسمع صوته من البكاء، وكان يسمع لعمر رضي الله عنه النشيج بالبكاء وهو يصلي بالناس رضي الله عنه وأرضاه، فالمقصود أنه إذا غلبه ذلك ولم يتعمد للرياء، وإنما غلبه لسماع القرآن أو عند قراءة القرآن، فإنه لا حرج عليه، ولكن ينبغي له أن يجاهد نفسه مهما أمكن في عدم التشويش على الناس أو عدم تفهيمهم لكتاب الله عز وجل فإن المقصود الخشوع مع تفهم الناس كلام الله حتى يستمعوا له ويستفيدوا من كلام الله عز وجل، والذي يغلبه لا يضره.

بيان كيفية المحافظة على أداء الصلاة

12 - بيان كيفية المحافظة على أداء الصلاة س: كيف له أن يحافظ على تقوى الله وعلى الصلاة بالذات (¬1)؟ ج: يجاهد نفسه عليها والله يقول سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (¬2)، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (341) (¬2) سورة العنكبوت الآية 69

فلا بد من جهاد النفس والشيطان، حتى تؤدي الصلاة مع الجماعة، وحتى تحافظ عليها، وحتى تصحب الأخيار وحتى تبتعد عما حرم الله، لا بد من جهاد للنفس والحذر من طاعة الهوى والشيطان وجلساء السوء، ومن جاهد وصبر وفقه الله وأعانه.

بيان ما يحصن المسلم من الشيطان أثناء الصلاة

13 - بيان ما يحصن المسلم من الشيطان أثناء الصلاة س: أنا مسلم – ولله الحمد والمنة – وأحافظ على الصلاة في أوقاتها مع الجماعة، ولله الحمد، ولكني أعاني السرحان أثناء صلاتي، حتى أنني بعض الأحيان أدخل في صلاتي وأخرج منها، ولم أع ماذا قرأت فيها، دعوت الله كثيرا أن يرزقني الخشوع ولم أيأس ولم أقنط من رحمة الله، وقد قرأت عن الرجل الذي جاء يشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلباس الشيطان عليه صلاته، أرجو إرشادي بارك الله فيكم، عن كيفية الاستعاذة من الشيطان أثناء الصلاة، وشرح نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك السائل، جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (149)

ج: المشروع للمسلم إذا دخل في الصلاة أن يقبل عليها بقلبه وقالبه، وأن يستشعر أنه واقف بين يدي الله سبحانه، فيعظمه ويخشع بين يديه، ويقبل على هذه العبادة العظيمة، وبذلك يبتعد عنه الشيطان، فإنه وسواس خناس، وسواس عند الغفلة، خناس عند الذكر، فإذا غلب على المؤمن أو كثر منه الوسواس في حال الصلاة فليستعذ بالله من الشيطان، ولينفث عن يساره ثلاث مرات، قائلا: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك الصحابي الجليل عثمان بن أبي العاص الثقفي، لما قال له: إن الشيطان قد لبس علي من صلاتي، فأمره عليه الصلاة والسلام أن يتعوذ بالله من الشيطان، وأن ينفث عن يساره وهو في الصلاة ثلاثا، قال عثمان: «ففعلت ذلك فبرئت من هذا الأمر، وعافاني الله منه (¬1)» أو كما قال رضي الله عنه، فينبغي لك أيها السائل، أن تستشعر عظمة ربك، عند الدخول في الصلاة، وأن تقبل عليها بقلبك، وأن تتدبر ما تقرأ من سورة (الفاتحة) وغيرها، وأن تجتهد في جمع قلبك على الله، فإذا لم يكف ذلك تعوذ بالله من الشيطان ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة، برقم (2203)

وانفث عن يسارك ثلاثا، والله سبحانه وتعالى يعيذك منه، ولا تيأس بل عليك بالجد والنشاط في محاربة عدو الله بجمع قلبك على الله، واستحضارك أنك بين يديه ترجو رحمته وتخشى عقابه، وتستشعر أيضا أن هذه الصلاة هي عمود الإسلام، وهي أعظم العبادات، وهي أم الفرائض بعد الشهادتين، وبهذا الاستحضار وبهذه المراقبة، وبهذا التوجه تسلم إن شاء الله من عدو الله، وفقنا الله وإياك والمسلمين.

حكم من تكثر عليه الوساوس في الصلاة

14 - حكم من تكثر عليه الوساوس في الصلاة س: تقول أختنا: إنني في بعض الأحيان أقف أصلي بين يدي الله، ولكنني أشعر بأنني أقرأ آية القرآن بشدة، ولا أشعر بخشوع، ولكنني أحاول ولا أستطيع، في بعض الأحيان أشعر بخشوع وأستمر في البكاء من خشية الله، وأتذكر في الصلاة وأندم على أنني لم أخشع في المرات السابقة. هل علي ذنب في هذا، وما هو الذنب؟ أرجو توجيهي جزاكم الله خيرا، وهل يصح الندم والتفكر أثناء الصلاة (¬1)؟ ج: الخشوع في الصلاة من أفضل القربات، ومن أسباب القبول ومن ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (161)

صفات أهل الإيمان، قال تعالى في كتابه العظيم: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬2) ولكن لو عرض للإنسان شيء من التفكير وشيء من عدم الخشوع، فصلاته صحيحة لا تبطل بذلك؛ لأن الإنسان عرضة للوساوس والأقدار، التي تعرض له في الصلاة، فلا تبطل صلاته ولا تلزم عليه الإعادة، بل صلاته صحيحة وعليه المجاهدة لنفسه، إذا دخل في الصلاة، وأن يستحضر أنه بين يدي الله، وأن الله شرع له الخشوع، فيجتهد في ذلك ويستعين بالله على ذلك، وإذا كثر عليه الوساوس استعاذ بالله من الشيطان، ونفث عن يساره ثلاثا. يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وهو في الصلاة لا حرج في ذلك، فقد سأل عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه، النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأنه غلبت عليه الوساوس، فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يستعيذ بالله من الشيطان، إذا عرضت له في الصلاة، ففعل ذلك فعافاه الله من ذلك. فالمقصود أن المؤمن والمؤمنة كلاهما يجتهدان في إحضار القلب في الصلاة، والخشوع والإقبال على الصلاة، والتذكر بأن العبد بين يدي ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 1 (¬2) سورة المؤمنون الآية 2

الله، وأنه يناجيه سبحانه وتعالى، وأن الصلاة عمود الإسلام، وأنها أعظم الفرائض بعد الشهادتين، فإن هذا التذكر يعينه على الخشوع وعلى حضور القلب، وعلى الإقبال على الصلاة، ولكن متى لم يحضر الخشوع، ولم يستكمل ذلك فإنه لا يضر وصلاته صحيحة والحمد لله، ولا شيء عليه فيما مضى من صلوات، كلها صحيحة، وإنما عليه المجاهدة والاستعانة بالله على ذلك، وسؤاله التوفيق، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (¬1)، وهو القائل سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬2)، فنوصيك أيتها الأخت في الله بكثرة الضراعة إلى الله، ودعائه أن يعينك على ذكره والخشوع في الصلاة، وأن يعيذك من نزغات الشيطان وهمزاته ووساوسه، وهكذا نوصي كل مؤمن وكل مؤمنة بالإقبال على الصلاة، وإحضار القلب فيها والخشوع فيها، والحرص على السلامة من الوساوس، وسائر ما يقدح في الصلاة أو يضعف أجرها. والله ولي التوفيق. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 186 (¬2) سورة غافر الآية 60

بيان أسباب الحصول على لذة العبادة

15 - بيان أسباب الحصول على لذة العبادة س: الأخ: أبو محمد من الرياض يقول: ما هي أسباب فقدان اللذة في العبادة؟ وكيف علاجها عمليا؟ جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: لا شك أن العبادة لله عز وجل، لها لذة عظيمة في قلب المؤمن والمؤمنة، يقول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «وجعلت قرة عيني في الصلاة (¬2)» ويقول لبلال رضي الله عنه: «فأرحنا بالصلاة (¬3)» يعني أقمها حتى نستريح فيها، فالصلاة هي أعظم العبادات بعد الشهادتين، راحة للقلوب، وقرة عين ونعيم للروح، لمن أقبل عليها وحضر فيها بقلبه، وخشع فيها لله، واستحضر أنها عمود الإسلام، وأنها مناجاة للرب عز وجل ووقوف بين يديه، فبذلك يرتاح فيها، وتقر عينه، ويجد لذة لها في نفسه، في قيامه وقراءته وركوعه وسجوده، وسائر ما شرع الله فيها فنصيحتي لكل مؤمن وكل مؤمنة: الإقبال على العبادة من صلاة وغيرها، وإحضار القلب فيها، والشعور بأنه يفعلها لله وحده، يرجو ثوابه ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (280) (¬2) أخرجه النسائي في كتاب عشرة النساء، باب حب النساء، برقم (3940) (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب في صلاة العتمة، برقم (4986)

ويخشى عقابه، وأن له في ذلك الخير العظيم عند الله عز وجل، إذا أخلص له، وفعلها على وجه السنة، لا على وجه البدعة، فالصلاة، والزكاة، والصدقات، والصيام، والحج والعمرة، والأذكار الشرعية وقراءة القرآن الكريم، والدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر كلها عبادات، لها لذة عظيمة في الصدور وراحة في القلوب، ونعيم للروح يتذكر فيها المؤمن أنه يفعل شيئا لله عز وجل، وأنه شيء أمر الله به، وأنه شيء يرضى عنه، فيرتاح لذلك، ويستلذ بذلك وتقر عينه بذلك؛ لما فيه من امتثال أمر الله ولما فيه من الخير العظيم، من جهة الثواب الجزيل من الله، وما يترتب عليه من تكفير السيئات، وحط الخطايا، والفوز بالجنة والنجاة من النار، وهكذا ما يترتب على الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من مصلحة العباد، وتوجيههم إلى الخير وإعانتهم على ما شرع الله، وعلى ترك ما حرم الله، فكل هذا مما تستلذه النفوس الطيبة، وترتاح له القلوب وتقر به العيون، عيون المؤمنين والمؤمنات، قال جل وعلا في كتابه العظيم، وهو أصدق القائلين: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (¬1) {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (¬2) {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} (¬3)، ¬

_ (¬1) سورة الأنفال الآية 2 (¬2) سورة الأنفال الآية 3 (¬3) سورة الأنفال الآية 4

وقال عليه الصلاة والسلام: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل (¬1)»، وإنما عدل لأنه يخاف الله ويرجوه، «وشاب نشأ في عبادة الله (¬2)»؛ لما استلذها بعدما عرف ما فيها من الخير، ولما وقر في قلبه من تعظيم الله، والإخلاص له، ومحبته سبحانه والرغبة فيما عنده، «ورجل قلبه معلق بالمساجد (¬3)»، إنما تعلق بالمساجد؛ لما وجد في الصلاة من الخير والراحة والطمأنينة والنعيم، «ورجلان تحابا في الله؛ اجتمعا عليه وتفرقا عليه (¬4)»؛ لما يجدان في المحبة في الله من الخير العظيم، وراحة القلوب ونعيم الأرواح، والأنس العظيم؛ لأنهم يعلمون أن هذا يرضي الله، وأن الله شرع لهم ذلك، وأنه يحصل به من الخير العظيم ما الله به عليم من التعاون والتواصي بالحق والتناصح، الخامس: «رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله (¬5)»، لماذا قال هذا؟ لما وقر في قلبه من محبة الله وتعظيمه وخوفه ومراقبته سبحانه وتعالى، حتى ترك هذه المرأة التي دعته إلى الفجور وهي ذات منصب وجمال، فأبى عليها خوفا من الله، ورغبة فيما عنده، وأنسا بطاعته وتلذذا بما يرضيه سبحانه وتعالى، وهكذا المرأة إذا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب فضل من ترك الفواحش، برقم (6806)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، برقم (1031) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب فضل من ترك الفواحش، برقم (6806)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، برقم (1031) (¬3) أخرجه البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب فضل من ترك الفواحش، برقم (6806)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، برقم (1031) (¬4) أخرجه البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب فضل من ترك الفواحش، برقم (6806)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، برقم (1031) (¬5) أخرجه البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب فضل من ترك الفواحش، برقم (6806)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، برقم (1031)

دعاها ذو منصب وجمال إلى الفاحشة فقالت: إني أخاف الله. وابتعدت عن ذلك؛ لما وقر في قلبها من المحبة لله والنعيم الروحي، واللذة لطاعة الله، واتباع شريعته. السادس: «ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه (¬1)»، لماذا؟ لما وقر في قلبه من محبة الله وتعظيمه، وأنه سبحانه يعلم كل شيء ولا يخفى عليه خافية، وأنه يحب الإخلاص له ويحب العمل من أجله سرا، فلهذا لا تعلم شماله ما تنفقه يمينه، من عظيم إخلاصه وعظيم رغبته فيما عند الله، وعدم مبالاته برياء الناس وحمد الناس وثنائهم، والسابع: «رجل ذكر الله خاليا (¬2)»، رجل ذكر الله خاليا، ليس عنده أحد، «ففاضت عيناه (¬3)» خوفا من الله، وتعظيما له ومحبة له سبحانه، وأنسا به عز وجل، فصار من السبعة الذين يظلهم الله في ظله. والخلاصة أن الإقبال على الله في العبادة، واستحضار عظمته، وأنك تريد وجهه الكريم، وأنك فعلت هذا ابتغاء مرضاته، وطاعة ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب فضل من ترك الفواحش، برقم (6806)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، برقم (1031) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب فضل من ترك الفواحش، برقم (6806)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، برقم (1031) (¬3) أخرجه البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب فضل من ترك الفواحش، برقم (6806)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، برقم (1031)

لأمره، ومحبة له سبحانه، وحرصا على ما يرضيه، ويقرب لديه، كل هذا مما يجعلك تستلذ بالعبادة وتقبل عليها وترتاح لها وتتنعم بها. أما من يشكو عكس ذلك لقسوة القلب عليه أن يعالج ذلك؛ ليحصل الإكثار من ذكر الله، وقراءة القرآن الكريم، والحذر من الذنوب والمعاصي، والتوبة إلى الله مما سلف، مع الصدق في ذلك، فإذا صدق مع الله بالتوبة من المعاصي، وبالإكثار من ذكر الله وفي الإقبال على عبادته بقلبه، واستحضار عظمة الله، وأنه سبحانه وتعالى يراقبه: {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا} (¬1) سبحانه وتعالى، وأن معه ملكين، أحدهما يكتب الحسنات، والثاني يكتب السيئات، باستحضاره هذه الأمور يلين قلبه، ويخشع قلبه، ويستلذ بالطاعة ويرتاح لها ويأنس بها. ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب الآية 52

حكم تأخير الصلاة عن وقتها عند الشعور بالتعب الشديد

16 - حكم تأخير الصلاة عن وقتها عند الشعور بالتعب الشديد س: هل يجوز تأخير الصلاة عند الشعور بالتعب الشديد؛ حتى أرتاح لأتمكن من إتقان الصلاة؟ وهل يجوز إعادة الصلاة عند السرحان الكثير فيها وعدم التركيز (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (349)

ج: المشروع للمؤمن أن يأتي الصلاة بقلب حاضر خاشع، وأن يقبل عليها حتى يؤديها في غاية العناية، والإقبال عليها والإخلاص لله والخشوع فيها، كما قال الله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬2)، وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته، قيل: يا رسول الله، كيف يسرق صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها (¬3)» فالواجب على المؤمن والمؤمنة العناية بالصلاة، وأن يكملها ويتم ركوعها وسجودها، لكن إذا كان في أول الوقت عنده تعب فإنه لا بأس أن يستريح، بل الأفضل له أن يستريح ولو صلاها في أثناء الوقت؛ لأنه إذا صلاها في أثناء الوقت، ولو في آخره مع الراحة والطمأنينة والخشوع كان أفضل من صلاتها في غير خشوع ولا طمأنينة، لكن لا يؤجلها إلى خروج الوقت، لا بد أن تفعل في الوقت، فالتأخير إلى نصف الوقت، ثلث الوقت للحاجة الشرعية من التعب أو شدة المرض ونحو هذا، لا ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 1 (¬2) سورة المؤمنون الآية 2 (¬3) أخرجه مالك في الموطأ كتاب النداء للصلاة، باب العمل في جامع الصلاة، برقم (403)، وأحمد في مسنده، مسند المكثرين حديث أبي سعيد الخدري، برقم (11138)

بأس بذلك والحمد لله، لكن يعتني في إكمالها وإتمامها والطمأنينة فيها، في أي وقت فعلها، لا بد من الطمأنينة؛ لأن الطمأنينة ركن فيها لا بد منه، أما كمال الخشوع كمال العناية فهذا أفضل، ولكن الطمأنينة أن يركع مطمئنا، ويسجد مطمئنا، ويجلس بين السجدتين مطمئنا، يعتدل بعد الركوع مطمئنا، هذا لا بد منه، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسيء في صلاته أن يعيد ما أخل فيه بهذه الطمأنينة، وسمى النبي صلى الله عليه وسلم من أخل بهذا سارقا، قال: «أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته، قيل: يا رسول الله، كيف يسرق صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها (¬1)» ¬

_ (¬1) أخرجه مالك في الموطأ كتاب النداء للصلاة، باب العمل في جامع الصلاة، برقم (403)، وأحمد في مسنده، مسند المكثرين حديث أبي سعيد الخدري، برقم (11138)

حكم إيقاظ الأولاد للصلاة وهم دون سن البلوغ

17 - حكم إيقاظ الأولاد للصلاة وهم دون سن البلوغ س: سائلة من جمهورية مصر العربية تقول: هل لنا أن نطالب الأبناء والبنات، الذين لم يتجاوزوا الثانية عشرة، إذا كانوا مصابين بالإرهاق أو التعب، أو مصابين بأحد الجروح أو الكسور، هل لنا أن نوقظهم للصلاة، ونطلب منهم أن يقضوا هذه الصلاة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (397)

ج: نعم يعلمون ويوقظون للصلاة، ويصلون على حسب أحوالهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر (¬1)» فيوقظ لوقت الصلاة، ويصلي على حسب حاله؛ إن استطاع قائما صلى قائما، وإن عجز صلى قاعدا، وإن لم يستطع صلى على جنب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين لما مرض: «صل قائما؛ فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (¬2)» هذا هو الواجب على الوالدين مع أولادهم؛ تنفيذا لأمر النبي عليه الصلاة والسلام، على حسب الطاقة، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬3)، ولو كان غير بالغ ما دام بلغ سبعا فأكثر، فالذي بلغ السبع ودون العشر يؤمر أمرا ولا يضرب، أما إذا بلغ عشرا ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله عنهم، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، برقم (6717)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة؟، برقم (495) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب تقصير الصلاة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117)، وقوله: فإن لم تستطع فمستلقيا زادها النسائي كما ذكره المجد بن تيمية في المنتقى. (¬3) سورة التغابن الآية 16

فأكثر فإنه يؤمر ويضرب إذا تخلف، ويصلي على حسب حاله، إذا كان مريضا أو فيه جرح، أو نحو ذلك يعلم ويوجه ويصلي على حسب حاله، كالبالغ. وفق الله الجميع.

حكم التفكير أثناء أداء الصلاة بالجنة والنار

18 - حكم التفكير أثناء أداء الصلاة بالجنة والنار س: هل يجوز أن يفكر المصلي وهو في صلاته في القبر وفي عذابه، وفي الجنة والنار والموت (¬1)؟ ج: لا مانع من ذلك إذا لم يشغله عما شرع الله له، يعني: تفكير عارض لا يشغله عن واجباته ولا عن سننه. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (182)

حكم صلاة من غلبه التفكير في أحوال الدنيا خارج الصلاة

19 - حكم صلاة من غلبه التفكير في أحوال الدنيا خارج الصلاة س: إنسان يؤدي الصلاة على الوجه المطلوب، فهو يتم أركانها وواجباتها، ومسنوناتها، إلا أنه يغلب عليه التفكير في أحوال الدنيا، ومشاغلها ومشكلاتها فهل صلاته صحيحة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (188)

ج: الصلاة صحيحة: لكن ينبغي له أن يجاهد نفسه حتى يجمع قلبه على صلاته، وحتى تنقطع عنه تلك الأفكار والهموم التي تتعلق بدنياه، فالمقام مقام مجاهدة، فالمؤمن يجاهد نفسه إذا دخل في الصلاة، ويحرص على جمع قلبه على الخشوع بين يدي الله وتعظيمه، ويتذكر أنه واقف بين يدي الله العظيم، حتى يخشع له سبحانه، وحتى يعظم حرمة المقام، وحتى يجمع قلبه على خوفه وخشيته وتعظيمه، ويتدبر ما يقرأ.

بيان ما يلزم من يكثر النسيان في الصلاة

20 - بيان ما يلزم من يكثر النسيان في الصلاة س: المرسل: أبو عزام من مكة المكرمة، له ثلاث قضايا، كتب عنها بشكل مطول، لخصت ما كتبه في القضية الأولى من أنه يشكو عدم الطمأنينة في الصلاة، حتى أنه يقرأ الفاتحة مكان التحيات في بعض الأحيان فبماذا توجهونه حتى يكتسب الطمأنينة في صلاته (¬1)؟ ج: أوصي الأخ أبا عزام بالإقبال على الله في صلاته، واستحضار أنه بين يدي الله، وأن هذه الصلاة هي عمود الإسلام، وأنها أعظم الفرائض بعد الشهادتين، فإن استحضر هذا فإن الله سبحانه يعينه على الطمأنينة ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (336)

والخشوع وعدم النسيان، والله يقول جل وعلا: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} (¬1)، ويقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (¬3)، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (¬4)، الوصية له بتقوى الله، والإقبال على الصلاة، وإحضار القلب بين يدي الله، والتعوذ بالله من الشيطان. وإذا غلبته الوساوس ينفث عن يساره ثلاث مرات، ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ثلاث مرات، كما علم النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن أبي العاص، ففعل ذلك فأذهب الله عنه وساوس الشيطان، والمقصود أنه يتعوذ بالله من الشيطان، وينفث عن يساره ثلاث مرات إذا كثرت عليه الوساوس، يجمع قلبه على الله، وأنه بين يدي الله، وأنه يناجي ربه، فيستحضر عظمة الله، وأن الواجب خشيته وتعظيمه حتى يزول عنه هذا الهاجس الذي يشغله. ¬

_ (¬1) سورة الأنفال الآية 29 (¬2) سورة التغابن الآية 16 (¬3) سورة الطلاق الآية 2 (¬4) سورة الطلاق الآية 4

حكم من يسرع في أداء صلاته خوفا من انتقاض الوضوء

21 - حكم من يسرع في أداء صلاته خوفا من انتقاض الوضوء س: تقول هذه السائلة: إنني في بعض الأحيان أسرع في تأدية الصلاة حفاظا على الوضوء، فما هو توجيهكم (¬1)؟ ج: الواجب الطمأنينة الركود في الصلاة، والخشوع وعدم العجلة حتى يرجع كل عضو إلى مكانه، كل فقار إلى مكانه، لا تعجلي، استقيمي أولا حتى تقرئي الفاتحة وما تيسر معها، والركود في القيام، ثم اركعي وضعي يديك على ركبتيك، وسوي ظهرك مع رأسك، واخشعي ولا تعجلي، وقولي: سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم. والواجب مرة، لكن تكرار ثلاث أو أكثر أفضل مع الطمأنينة، ثم ارفعي، وتقولين عند الرفع: سمع الله لمن حمده. ثم تقولين: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد. هذا هو الأفضل مع الطمأنينة، وإن اقتصرت على: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا لك الحمد. كفى، لكن مع الطمأنينة وعدم ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (319)

العجلة، لا بد من الركود وأنت واقفة، حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، لكن السنة التحميد: حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد. ثم تكبرين ساجدة: الله أكبر. ساجدة، تسجدين على الأعضاء السبعة: على الجبهة والأنف والكفين والركبتين، وأطراف القدمين: بطون القدمين، بطون الأصابع، تخشعين في السجود، وتطمئنين حتى يرجع كل فقار في مكانه، خشوعا وطمأنينة وعدم عجلة، تقولين: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. والأفضل ثلاث مرات، وإن زدت خمسا أو سبعا كان أفضل، والواجب مرة مع الركود والطمأنينة وعدم العجلة وإخلاص الدعاء، في السجود تدعين في السجود: اللهم اغفر لي، اللهم اغفر لي ذنبي كله؛ دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره. كان النبي يداوم على هذا الدعاء، وكان يدعو بهذا الدعاء، اللهم صل عليه وسلم، يقول في دعاء سجوده: «اللهم اغفر لي ذنبي كله؛ دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (¬1)» وإن دعوت بغير ذلك من الدعوات الطيبة كان مناسبا، مثل: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483)

عني، اللهم اغفر لي ولوالدي – إذا كان والداك مسلمين – اللهم أدخلني الجنة، اللهم أنجني من النار، اللهم اغفر لي ولوالدي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم (¬1)» فقمن يعني: حري أن يستجاب لكم، وقال عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء (¬2)» فالحاصل أن عليك الطمأنينة وعدم العجلة، عليك أن تتطمأني في صلاتك، وتخشعي ولا تعجلي، فإذا نقرتها نقرا ليس فيه طمأنينة بطلت، فلا بد من الطمأنينة حتى يرجع كل فقار إلى مكانه. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482)

نصيحة لمن لا يخشع في صلاته

22 - نصيحة لمن لا يخشع في صلاته س: تسأل وتقول: إنني – ولله الحمد – أصلي الصلوات الخمس في أوقاتها، ولكني في أغلب الأحيان لا أشعر بخشوع وخضوع في الصلاة، فبماذا تنصحونني؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (239)

ج: أنصحك بأن تجتهدي في طلب الخشوع، يقول الله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬2)، فعليك أن تجتهدي في طلب الخشوع؛ باستحضار عظمة الله وأنك بين يديه، وأن هذه الصلاة عمود الإسلام، وأن الخشوع من كمالها وتمامها، فاستحضري هذا عند دخولك في الصلاة، استحضري أنك بين يدي الله، الرب العظيم الذي خلقك من العدم وغذاك بالنعم، وأوجب عليك الصلاة، استحضري هذا الرب العظيم، وأن الواجب الخضوع له، وأن تؤدي هذه العبادة في غاية من الكمال والتمام الذي أمر الله به، حتى تخشعي حتى يخضع قلبك، حتى يطمئن حتى يخشع لله، حتى يبكي من خشيته، استحضري عظمة الله وكبرياءه، وأنه ربك وإلهك، وأن هذه الصلاة عمود الإسلام، وأنك كلما خشعت فيها زاد أجرك، وزاد ثوابك، ومتى جاهدت نفسك حصل الخير كله، ولكن لا يضر، الصلاة صحيحة ولو كان فيها بعض النقص بسبب عدم الخشوع الكامل، لكن لا يضر الصلاة، الصلاة صحيحة، إنما ينقض الأجر، كلما زاد الخشوع زاد الأجر، وكلما ضعف الخشوع ضعف الأجر، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن العبد ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 1 (¬2) سورة المؤمنون الآية 2

ليصلي الصلاة ما يكتب له منها إلا عشرها، تسعها، ثمنها، سبعها، سدسها، خمسها، ربعها، ثلثها، نصفها (¬1)» بسبب الخشوع وعدمه، كلما زاد الخشوع زاد الأجر، وكلما نقص الخشوع نقص الأجر، والصلاة مجزئة. وفق الله الجميع. س: أثناء تأديتي للصلوات فإنني لا أؤديها بخشوع، وأنا أحس بذلك أنني لا أؤديها بخشوع، وأيضا فأنا أسرع وأكثر الحركة فيها، هل علي إثم في ذلك؟ وهل ينقص أجري فيها علما بأن ذلك خارج عن إرادتي (¬2)؟ ج: الواجب عليك الطمأنينة، لا بد من الطمأنينة في الصلاة، أن تركعي مطمئنة وترفعي وتعتدلي مطمئنة، تسجدي مطمئنة حتى يرجع كل فقار في مكانه، تجلسي بين السجدتين مطمئنة، وإذا تيسر زيادة من خشوع وطمأنينة، وإحضار القلب والإكثار من التسبيح في السجود والركوع، والدعاء في السجود كان هذا أكمل مع الحذر من الوساوس، ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الكوفيين، حديث عمار بن ياسر، برقم (18415)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في نقصان الصلاة، برقم (796) (¬2) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (349)

إذا أحسست بشيء تعوذي بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬2)، لا بد من جهاد، والله سبحانه يقول: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (¬3)، فعلى الرجل والمرأة العناية بالصلاة، والحرص على الخشوع فيها والطمأنينة، وأداء المشروعات من الأذكار والدعاء، في الركوع يقول المصلي: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. ثلاثا، أو أكثر، والواجب مرة، ويقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. كل هذا مشروع، وفي السجود كذلك: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ثلاث مرات أو أكثر، والواجب مرة، ويكثر من الدعاء في السجود، ويقول: سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم رب اغفر لي. في السجود كالركوع، ويقول: سبوح قدوس، رب الملائكة والروح، في السجود، كما يقوله في الركوع، المقصود أن السنة للمؤمن أن يجتهد في أداء المشروعات مع وجود الطمأنينة، والطمأنينة لا بد منها في الركوع والسجود وبين السجدتين وبعد الركوع، حين يعتدل لا بد من الطمأنينة في جميع ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 1 (¬2) سورة المؤمنون الآية 2 (¬3) سورة العنكبوت الآية 69

الأركان مع هذا زيادة خشوع، وزيادة التسبيح في الركوع والسجود، وكثرة الدعاء في السجود، كل هذا حسن.

حكم إغماض العينين أثناء الصلاة طلبا للخشوع

23 - حكم إغماض العينين أثناء الصلاة طلبا للخشوع س: عندما أصلي في البيت فإنني أنشغل في الصلاة بالنقوش المرسومة على السجاد، فلا أستطيع الخشوع في صلاتي، فهل يصح لي أن أغمض عيني في أثناء الصلاة (¬1)؟ ج: ترك الإغماض أفضل وأولى، ويستحب لك أن تلتمسي مصلى ليس فيه نقوش، سجادة ما فيها نقوش أو غيرها، ولو أغمضت لا حرج، لكن ترك ذلك أفضل، والإغماض لا بأس به إلا أن تركه أولى. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (351)

حكم من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر

24 - حكم من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر س: ما حكم من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر (¬1)؟ ج: حكمه أنه مفرط وعلى خطر عظيم، فالواجب عليه أن يحاسب نفسه، وأن يتوب إلى الله من سيئ عمله، ومن تاب تاب الله عليه، يقول ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (332)

الله سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬1). ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له (¬2)» فالواجب على كل مؤمن وكل مؤمنة التوبة إلى الله من سيئ الأعمال، وأن يحاسب نفسه، وأن يجاهدها لله، يرجو ثوابه ويخشى عقابه، ومن صدق في ذلك وجاهد نفسه في طلب الحق، وترك الباطل أعانه الله وهداه السبيل، كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (¬3)، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (¬4) {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} (¬5)، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (¬6). فالواجب على جميع المؤمنين والمؤمنات التوبة إلى الله سبحانه من جميع الذنوب، وجهاد النفس والشيطان، والحذر من جلساء السوء، والحرص على صحبة الأخيار، مع الضراعة إلى الله وسؤاله التوفيق ¬

_ (¬1) سورة النور الآية 31 (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). (¬3) سورة العنكبوت الآية 69 (¬4) سورة الطلاق الآية 2 (¬5) سورة الطلاق الآية 3 (¬6) سورة الطلاق الآية 4

والهداية، وهو سبحانه نعم المجيب ونعم المستعان، وهو القائل عز وجل: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬1)، وهو القائل سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (¬2)، وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) سورة غافر الآية 60 (¬2) سورة البقرة الآية 186

وصية لمن يريد الخشوع في الصلاة

25 - وصية لمن يريد الخشوع في الصلاة س: من منطقة جيزان رسالة من الأخت: ف. ح. ع. تقول: إنني امرأة متزوجة، وقد هداني الله سبحانه وتعالى إلى عبادته والمحافظة على الصلاة المكتوبة، والنوافل وصلاة الضحى وصلاة الليل، وطاعة زوجي والبر بالوالدين، وكنت أشعر بالخشوع والخوف عند الصلاة، وعندما أتلو الآيات القرآنية، والأحاديث المشتملة على الترغيب والترهيب، عن الجنة والنار أو عذاب القبر، أو الآخرة عموما، إلا أنني يا سماحة الشيخ أصبحت منذ فترة لا أشعر بذلك الخشوع والخوف عندما يمر بي ذكر شيء من ذلك الذي شرحته سابقا، أرجو إفادتي عن سبب عدم خشوعي، مع أنني ما زلت أحافظ على الصلاة المكتوبة والنوافل، كما أرجو

إرشادي إلى كيفية التغلب على نفسي، حتى يعود إلي الخشوع كما كان سابقا، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نوصيك بالإكثار من ذكر الله، وسؤاله أن يعمر قلبك بخشيته وتعظيمه، ولعله عرض لك شيء من أمور الدنيا، أو المشاغل الزوجية أو البيتية أو ما أشبه ذلك، فنوصيك بالضراعة إلى الله، وسؤاله أن يعمر قلبك بخشيته وتقواه وتعظيمه، ونوصيك أيضا بالإكثار من قراءة القرآن، والإكثار من ذكر الله عز وجل، وتسبيحه وتهليله، فإن هذا من أسباب خشوع القلب، والرجوع للحالة الطيبة السابقة إن شاء الله. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (347).

قسوة القلب وأسبابها

26 - قسوة القلب وأسبابها س: أحيانا تنتاب الإنسان قسوة قلب، سماحة الشيخ هل من كلمة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم، قد تكون هذه القسوة إما بسبب ذنب، أو بسبب معصية فعلها الإنسان، وقد تكون بأسباب غفلة وإعراض، وقد تكون الأسباب ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (347).

مجالسة للأشرار، وقد تكون لمشاغل أهل البيت، إلى غير ذلك، فعليه أن يتحرى الأسباب التي سببت القسوة حتى يتخلص منها، يتحرى وينظر ويحاسب نفسه، حتى يبتعد عن تلك الأشغال أو تلك الأسباب التي سببت القسوة والغفلة.

شرح عبارة إن المعصية تقول أختي أختي

27 - شرح عبارة: إن المعصية تقول: أختي أختي، والحسنة تقول: أختي أختي س: يحفظ عن بعض الصالحين عبارة مفادها: إن المعصية تقول: أختي أختي، والحسنة تقول: أختي أختي. هل تتفضلون بشرح هذه العبارة سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: نعم، جاء عن بعض السلف هذا المعنى، ومعنى آخر بلفظ: إن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، ومن عقاب السيئة السيئة بعدها. المقصود أن المؤمن ينبغي له أن يجتهد في مواصلة الحسنات، والأعمال الصالحات، وأن يجتهد في ذلك حتى تكون سجية له، وإذا وقع في السيئة فليحذر أن يصلها بأخرى، وليتب وليبادر بالتوبة، حتى لا تكون سيئة أخرى وسيئة ثالثة، فإن الشيطان يجره إلى السيئة، وإذا فعل ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (347).

السيئة جره إلى السيئات الأخرى، والملك يجره إلى الحسنة، فإذا فعل حسنة الملائكة تملي عليه الحسنات، فهو بهذه الحال يجتهد في متابعة الحسنات، والإكثار من ذكر الله، والحذر من الشواغل، وعليه أن يحذر السيئات، ومن فعل السيئة فلينتبه، وليتب وليحذر أن يتبعها بأخرى.

حكم قطع الصلاة بسبب الرائحة الكريهة

28 - حكم قطع الصلاة بسبب الرائحة الكريهة س: ما حكم قطع الصلاة والانتقال إلى مكان آخر إذا كان بجانبي إنسان كريه الرائحة، ولا سيما بأنه قد يفوتني ركن من أركان الصلاة، ألا وهو الطمأنينة؟ نرجو من سماحة الشيخ الإجابة (¬1) ج: لا حرج في ذلك لقطعها للضرورة؛ لوجود الرائحة الكريهة تجعل الإنسان غير خاشع في صلاته وغير مطمئن، فإذا قطعها ليذهب إلى جانب آخر فلا حرج في ذلك إن شاء الله، مع العلم أن الذي له رائحة كريهة لا يصلي مع الناس الواجب عليه أن يصلي في بيته، إذا كان عنده الرائحة الكريهة؛ البخر الكثير المؤذي، أو الصنان في إبطه الكثير الواجب عليه أن يعالج هذا الشيء حتى يزول، وليس له أن يؤذي ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (358).

الناس، أو أكل ثوما أو بصلا، ليس له حضور المسجد، يجب عليه أن يبتعد عن المسجد حتى تزول تلك الرائحة الكريهة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى من أكل ثوما أو بصلا أن يقرب المسجد، وكان يأمر بإخراج من فعل ذلك من المسجد، فإذا وجد فيه رائحة كريهة غير الثوم والبصل، كالبخر في الفم الشديد الذي يؤذي من حول، ومن حوله له أن يفارقه، يبتعد إلى جهة أخرى.

حكم خروج المصلي من الصلاة بسبب رؤيته أشياء ضارة

29 - حكم خروج المصلي من الصلاة بسبب رؤيته أشياء ضارة س: السائل: ح. م. ح. من الرياض، يقول: ما حكم الشرع في نظركم فضيلة الشيخ في خروج المصلي من الصلاة بسبب رؤيته أشياء ضارة، مثل الثعبان أو الحيوان المفترس أو غير ذلك (¬1)؟ ج: خروجه من الصلاة فيه تفصيل: إن خاف على نفسه خرج منها حتى يتخلص من إنسان يريد قتله، أو مثل الثعبان الذي وصل إليه يخشى من شره، ولا يتيسر قتله، وهو يصلي يحتاج إلى طلب شيء يقتله به فلا بأس، أما إذا أمكن بأن يقتله ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (394).

وهو في الصلاة فلا بأس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية، والعقرب (¬1)» إذا كان عنده عصا وضربها وهو يصلي ما يضر، والحمد لله. أما إذا احتاج إلى قطعها فيقطعها، يتخلص من الثعبان، أو من عدو يريد الفتك به، أو سبع أو ما أشبه ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب العمل في الصلاة، برقم (921)، والترمذي في كتاب الأذان، باب قتل الحية والعقرب في الصلاة، برقم (390).

بيان أن السنة البداءة بالطعام قبل الصلاة

30 - بيان أن السنة البداءة بالطعام قبل الصلاة س: يقول السائل: سماحة الشيخ، ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث تفيد بتقديم الطعام على الصلاة، منها على سبيل الذكر لا الحصر: ما رواه الشيخان عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قدم العشاء فابدؤوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب (¬1)» وكذلك ما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة بحضرة طعام، ولا هو يدافعه الأخبثان (¬2)» وكذلك ورد عن ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة، برقم (672). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام، برقم (560)

النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه، عن أبي قتادة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬1)» السؤال يا فضيلة الشيخ: في حالة كوني صائما ودخلت المسجد حين الأذان هل أصلي تحية المسجد، أم أذهب لتناول الفطور، علما بأن فطوري داخل المسجد؟ أفتونا في ذلك مأجورين (¬2) ج: أما ما يتعلق بمدافعة الحدث وما يتعلق بالبداءة بالطعام قبل الصلاة فهذا هو السنة؛ لأنه يتفرغ للصلاة حتى يصليها بخشوع، «لا صلاة بحضرة الطعام (¬3)» والحديث الآخر: «إذا حضر الطعام وحضرت العشاء (¬4)» والحديث الآخر: «إذا قدم العشاء فابدؤوا به قبل أن تصلوا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين، برقم (714). (¬2) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (375). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام، برقم (560) (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة، برقم (674)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام، برقم (559).

صلاة المغرب (¬1)» يبدأ بالعشاء حتى يستريح، وحتى يطمئن قلبه وحتى يؤدي الصلاة بخشوع وطمأنينة، لا يصلي وقلبه مشغول بالطعام أو بمدافعة الحدثين، هذا هو الواجب عليه، هذا هو المشروع للمؤمن، والأحاديث في هذا صريحة: «لا صلاة بحضرة طعام، ولا هو يدافعه الأخبثان (¬2)» وكذلك الأمر بتقديم العشاء قبل أن يصلي؛ لأن بهذا يطمئن، أما إذا دخل المسجد أذان المغرب وهو صائم فإنه يبدأ بتحية المسجد، ولو هو صائم يبدأ بالركعتين ثم يفطر؛ لأن المدة قليلة دقيقتين ثلاثة، والحمد لله، والرسول قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬3)» وفي الحديث الآخر: «فليركع ركعتين قبل أن يجلس (¬4)» فليبدأ بالركعتين إذا كان على طهارة، ثم يجلس يفطر، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة، برقم (672). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام، برقم (560) (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين، برقم (714). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الصلة، باب إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين، برقم (444)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهية الجلوس قبل صلاتهما. . .، برقم (714).

بيان النهي عن التشبه بالحيوانات في الصلاة

31 - بيان النهي عن التشبه بالحيوانات في الصلاة س: من المستمعة: أ. ع. من السودان، تقول: قرأت في كتاب: زاد المعاد للإمام ابن قيم الجوزية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه نهى عن التشبه بالحيوانات في الصلوات، فنهى عن بروك كبروك الجمل، والتفات كالتفات الثعلب، وافتراش كافتراش السبع، وإقعاء كإقعاء الكلب، ونقر كنقر الغراب، ورفع الأيدي وقت السلام كأذناب الخيل الشمس. فهل هذا الحديث صحيح؟ أرجو توضيح هذه الحركات لكي أتجنبها؛ لأني أحب أن أهتم بكل شيء، وأن أتحرى السنة الصحيحة، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ما ذكره الإمام ابن القيم – رحمه الله – صحيح، والمشروع للمؤمن أن يحذر هذه الأشياء التي يشابه فيها السباع، ينبغي له أن يتأدب بالآداب الشرعية، وأن يصلي كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬2)» فالمؤمن يتشبه بالرسول صلى الله عليه وسلم، ويتأسى به، ولا يتشبه ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (338). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631).

بالبهائم ولا بالسباع، بروك البعير كونه يبرك على يديه، السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم عند السجود ينزل على ركبتيه، هذه السنة، ثم يديه بعد ذلك إلا إذا كان عاجزا لكبر سن أو مرض، فلا بأس أن يقدم يديه. كذلك كونه ينقر الصلاة لا ينقرها بل يطمئن، ولا يعجل في ركوعه ولا في سجوده، يطمئن في السجود وبين السجدتين في الركوع، وهكذا إذا رفع من الركوع يعتدل ويطمئن، ولا يعجل ولا ينقر الصلاة بل يطمئن. وهكذا لا يفترش ذراعيه كافتراش السبع، إذا سجد يرفع ذراعيه ويعتمد على كفيه في الأرض. وهكذا لا يقعي كإقعاء الكلب، إذا جلس فالإقعاء المنهي عنه كونه ينصب ساقيه وفخذيه وهو جالس، ويعتمد على يديه كإقعاء الكلب، بل السنة أن يفترش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى، ويجلس على الرجل اليسرى ويجعل يديه على فخذيه أو ركبتيه، هذه السنة، أما أن ينصب فخذيه وساقيه ويعتمد على يديه على الأرض كالكلب المقعي، أو السبع المقعي هذا هو المكروه المنهي عنه. وهكذا الإيماء بالأيدي، كانوا يومئون بأيديهم عند السلام، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم على أن يسكنوا في الصلاة، وألا يومئوا بأيديهم، يكفي السلام والالتفات من دون الإيماء باليدين، هكذا السنة.

حكم تعليم الصبيان كيفية الصلاة وهم على غير وضوء

32 - حكم تعليم الصبيان كيفية الصلاة وهم على غير وضوء س: ما حكم تعليم المعلم الصبيان على كيفية الصلاة وهو على غير وضوء (¬1)؟ ج: ما هي بصلاة، يقول: الركوع كذا، والسجود كذا. لا يصلي بهم بمعنى أنها صلاة. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (224).

حكم رفع الصوت في الصلاة لتعليم الأطفال

33 - حكم رفع الصوت في الصلاة لتعليم الأطفال س: السائلة: أم محمد من الرياض، تقول: لقد عودت أطفالي منذ سن الخامسة بالوقوف إلى جانبي بالصلاة، وتعليمهم كيفية الصلاة، مما أضطر إلى رفع صوتي قليلا؛ ليستطيعوا تقليدي، وسؤالي: هل علي إثم في رفع الصوت قليلا لتعليم أبنائي، مع العلم بأنني ما زلت أرفع صوتي حتى أعلم الصغار منهم (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك إن شاء الله، لكن إذا أمكن تعليمهم خارج الصلاة يكون أكمل، خارج الصلاة، حتى إذا دخلوا في الصلاة إلا وهم ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (413).

قد تعلموا، وإذا رفعت الصوت بعض الشيء حتى يفهموا فلا بأس، وإذا بلغ السبع تأمرينه، يروح المسجد يصلي مع الناس، والجارية تصلي معكم تتعلم منكم، وما دون السبع، ابن خمس وابن ست، لا بأس إذا تعلم، وإلا فصلاته غير صحيحة حتى يبلغ السبع، لكن إذا تعلم لا بأس، أما الواجب فهو العناية بمن بلغ سبعا حتى يتعلم ويستفيد، المرأة تصلي معكم، تعلمونها، والولد إذا صلى معكم فلا بأس، وإن أمرتموه بالذهاب إلى الصلاة مع الرجال فهو السنة، وإذا بلغ عشرا يضرب حتى يصلي مع الناس.

وجوب أمر الأولاد بالصلاة إذا بلغوا سبع سنين

34 - وجوب أمر الأولاد بالصلاة إذا بلغوا سبع سنين س: سماحة الشيخ، تساهل الكثير من الناس في الانصراف عن أطفالهم، يبلغون الحادية عشرة والثانية عشرة وهم مهملوهم، هل من توجيه للآباء والأمهات (¬1)؟ ج: لا يجوز هذا، الواجب على الآباء والأمهات توجيه الأولاد ونصيحتهم، إذا بلغ سبعا أن يؤمر بالصلاة، والبنت تؤمر بالصلاة وتعلم، ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (413).

والولد كذلك يؤمر ويعلم، ويخرج به أبوه أو أخوه إلى المسجد، وإذا بلغ عشرا يضرب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع (¬1)» هذا هو الواجب متى بلغ عشرا فأكثر، يؤمر بالصلاة مع الناس، ويضرب إذا تخلف، يضربه أبوه أو أخوه الكبير، أو عمه، أما إذا بلغ الحلم فإنها تجب عليه، تكون فريضة إذا تركها كفر، نسأل الله العافية، أما ابن سبع وابن ثمان وابن تسع هذا يؤمر ولا يضرب. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله عنهم، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، برقم (6717)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة؟، برقم (495)

كيفية تعلم المعاق نطقا وسمعا للصلاة

35 - كيفية تعلم المعاق نطقا وسمعا للصلاة س: كيف للأب أن يعلم ابنه المعاق نطقيا وسمعيا الصلاة (¬1)؟ ج: يعلمه بالطريقة التي يفهمها، إذا كان لا يسمع يريه إياها بالعمل، يصلي وهو معه، يرفع معه، ويسجد معه، ويرفع معه، وإن كان لا يبصر، لكنه يسمع يصلي معه، ويسمعه التكبير: الركوع والرفع من الركوع، وهكذا حتى يفهمه كيف السجود، كيف الركوع، كيف الرفع إلى آخر ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (382).

الصلاة، المقصود يفهمه بالطريقة التي يفهمها، بالسمع، بالفعل، باللمس، الشيء الذي يستطاع.

مسألة في الصلاة قبل الإسلام

36 - مسألة في الصلاة قبل الإسلام س: هل هناك صلاة قبل الإسلام؟ وما هي يا سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: لا أعرف عن الجاهلية شيئا من صلاتهم، الأنبياء لهم صلاة، جاؤوا بالصلاة، الصلاة جاء بها الأنبياء، لكن كون الجاهلية يصلون صلاة لا أعرف شيئا عن صلاتهم، أما الأنبياء فقد جاؤوا بالصلاة، الصلوات جاء بها إبراهيم، وجاء بها إسماعيل، وجاء بها الأنبياء. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (395).

كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

37 - كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم س: السائل: حسين من الجزائر، يقول: سماحة الشيخ، كيف كانت صلاة المصطفى صلى الله عليه وسلم؟ وجهونا في ضوء سؤالنا (¬1) ج: كانت صلاته صلى الله عليه وسلم تخفيفا في تمام، كما قال أنس رضي الله عنه: «ما صليت خلف أحد أتم صلاة، ولا أتم ولا أخف ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (388).

صلاة من النبي عليه الصلاة والسلام، كانت صلاته تخفيفا في تمام (¬1)» يتم ركوعها وسجودها واعتدالها بعد الركوع وبين السجدتين، ولكن لا يطيل إطالة تمل الناس وتشق عليهم، وهكذا السنة، أن يصلي المؤمن تخفيفا في تمام، الإمام والمنفرد، أما المأموم فهو تابع لإمامه، ويقول صلى الله عليه وسلم: «أيكم أم الناس فليخفف؛ فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف وذا الحاجة (¬2)» ويقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬3)» عليه الصلاة والسلام، فالتخفيف أن تتأسى بصلاته صلى الله عليه وسلم، وهي تخفيف في تمام، كان يقرأ في الظهر من أوساط المفصل، وفي العصر أقل من ذلك أخف من الظهر، وفي المغرب من قصاره، وتارة من طواله، وتارة من أوساطه، والغالب في المغرب أن يقرأ بالقصار، وكان يقرأ في العشاء بأوساط المفصل، وفي الفجر بطوال ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة، باب اعتدال أركان الصلاة وتخفيفها في تمام، برقم (473). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الغضب في الموعظة، برقم (90)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام، برقم (466). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631).

المفصل مثل: (ق)، و (الطور) و (الذاريات) ونحوها، وكان يركع ركوعا فيه إتمام وفيه تخفيف، ربما سبح سبع تسبيحات، عشر تسبيحات: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. ويقول في ركوعه: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملائكة والروح. وكان إذا اعتدل بعد الركوع يطمئن، حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، وكان يعتدل بعد الركوع حتى يقول القارئ قد نسي، وهكذا بين السجدتين، يعتدل بين السجدتين، ويقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، «اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني (¬1)» ولا يعجل، حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، وكان في السجود أيضا يطمئن ويسبح عدة تسبيحات؛ عشر تسبيحات، وكان أنس رضي الله عنه صلى خلف بعض الأئمة، فقال: إنه أشبه صلاة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكان يعد له في الركوع والسجود عشر تسبيحات، فإذا سبح عشرا أو سبعا أو خمسا فكل هذا حسن: سبحان ربي العظيم. في ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين، برقم (850)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (284)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (898).

الركوع، و: سبحان ربي الأعلى. في السجود. رب اغفر لي: بين السجدتين، لكن مع الطمأنينة، حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، هكذا كان صلى الله عليه وسلم يصلي تخفيفا في تمام، والسنة للأئمة أن يتأسوا به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬1)» وهكذا الأفراد، إذا صلى الإنسان فردا لمرض أو غيره يتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا النساء يصلون كما كان النبي يصلي عليه الصلاة والسلام، تخفيفا في تمام، وقد سمعت صفة صلاته عليه الصلاة والسلام، كان يتم ركوعه وسجوده وكان يعتدل بين السجدتين ويعتدل بعد الركوع ولا يعجل، وكان يقرأ في الظهر والعصر من أوساط المفصل، لكن العصر أخف، وفي المغرب من قصار المفصل، وربما قرأ من طواله كـ (الطور) وغيرها، وربما قرأ بـ (المرسلات)، عليه الصلاة والسلام، فتارة يطيل في المغرب، وتارة يقصر في المغرب، عليه الصلاة والسلام، وفي العشاء بأوساط المفصل، مثل: (هل أتاك حديث الغاشية) ومثل: (والفجر)، ومثل: (سبح)، ومثل: (والسماء ذات البروج)، وفي الفجر يقرأ بطوال المفصل، مثل: (الذاريات)، و: (ق ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631).

والقرآن المجيد)، ومثل: (الطور)، ومثل: (اقتربت الساعة)، ومثل: (تبارك الذي بيده الملك)، وأشباه ذلك.

س: الأخ: أ. س. د. من السودان، يقول: الصلاة واجبة على كل إنسان، وهذا أمر مفروغ منه، إلا أنه اختلط لدينا الحابل بالنابل في كيفية أدائها، وذلك من ناحية أقوال العلماء والمشايخ في كيفية الأداء، ولكي يكون الإنسان على علم بذلك، أي الطريقة الصحيحة لأدائها كما يؤديها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرجو من سماحة الشيخ أن يتفضل بإيضاح ما يلي: أولا: طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم في أداء الصلاة، الأدعية التي يقولها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد إتمام الركعات في كل صلاة، وقبل التشهد الأخير، ما يقوله الرسول بعد التسليم وطريقة التسليم، الدعاء للميت، أي شيء يتعلق بكيفية الصلوات الخمس، الاعتكاف ووقته وكيفيته، كما أرجو أن يكون ذلك واضحا جليا مختصرا حتى أستطيع تسجيله وفهمه، جزاكم الله عنا خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (112).

ج: قد كتبنا في هذا رسائل فيما يتعلق بكيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وعظم شأن الصلاة وأداء الصلاة في الجماعة، أرجو أنها وصلت إليك أيها السائل، ولا مانع من إرسالها إليك، أما ما يتعلق بمعرفة ذلك من طريق هذا البرنامج فنوصيك أيها السائل وسائر الإخوة بالعناية بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومراجعة الأحاديث الصحيحة الواردة في ذلك في الصحيحين، وفي غيرهما وفي مثل: (المنتقى) للمجد ابن تيمية، و: (بلوغ المرام) للحافظ ابن حجر رحمه الله، ومثل: (عمدة الحديث) للشيخ العلامة عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي رحمه الله، وهكذا الكتب التي جمعت في الحديث الشريف، مثل: (رياض الصالحين) ومثل: (جامع الأصول). والخلاصة أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا قام إلى الصلاة كبر، ورفع يديه حيال منكبيه، وربما رفعهما إلى أذنيه عليه الصلاة والسلام، قائلا: الله أكبر. في أول الصلاة، الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر والنوافل، يقول: الله أكبر. هذا أول شيء للصلاة، وفي الحديث: «تحريمها التكبير (¬1)» ثم يأتي الاستفتاح، وهو دعوات يقولها قبل ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور، برقم (3)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء، برقم (61).

القراءة، وربما كانت أذكارا، فمن ذلك: «سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك (¬1)» وهذا الاستفتاح كله ذكر، ومن ذلك: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد (¬2)» وهذا أصح ما ورد في هذا الباب، وكله دعاء، ومنها: «اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم (¬3)» وهذا من أجمع ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (770).

أنواع الاستفتاح، وهناك استفتاحات أخرى تجدها في محلها من كتب الحديث، ولكن هذه الثلاثة من أقصرها ومن أثبتها. ثم بعد هذا تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم. ثم تقرأ الفاتحة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬1) إلى آخرها، والفاتحة هي أعظم سورة في القرآن الكريم، وهي ركن الصلاة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬2)» فيقرؤها الإمام ويقرؤها المنفرد، ويقرؤها المأموم، لكنها في حق الإمام والمنفرد آكد وأوجب، واختلف العلماء في وجوبها على المأموم على أقوال: أحدها: أنها تجب على المأموم مطلقا في السر والجهر. والثاني: أنها تجب عليه في السرية، لا في الجهرية. والثالث: أنها لا تجب عليه، لا في السرية، ولا في الجهرية، ويتحملها عنه الإمام. ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 2 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (394).

والأرجح أنها واجبة عليه في السر والجهر؛ لعموم الأحاديث الدالة على ذلك، لكن إذا لم يأت إلا والإمام في الركوع فإنه تجزئه الركعة؛ لأنه لم يحضر وقت القيام، فهو معذور لما صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في صحيح البخاري – رحمه الله – أن أبا بكرة الثقفي جاء والنبي صلى الله عليه وسلم في الركوع، فركع ثم دخل في الصف، ركع وحده ثم دخل في الصف من الحرص، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «زادك الله حرصا، ولا تعد (¬1)» يعني: لا تعد في الركوع دون الصف، بل اصبر حتى تدخل في الصف، ولم يأمره بقضاء الركعة، احتج العلماء وهم الأئمة الأربعة على أنها تجزئه هذه الركعة؛ لأن الرسول لم يأمره بالإعادة، فدل على سقوط الفاتحة عمن جاء والإمام راكع، وهكذا لو نسي المأموم، أو جهل سقطت عنه، فليس مثل الإمام والمنفرد، والفاتحة لها شأن عظيم كما تقدم، فإنها أعظم سورة في كتاب الله عز وجل، فالمشروع للمؤمن عند قراءتها أن يتدبرها، ويتعقلها في الصلاة وخارجها، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «يقول الله عز وجل: قسمت الصلاة بيني وبين ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

عبدي نصفين - يعني الفاتحة سماها الصلاة - فإذا قال: قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: قال الله: أثنى علي عبدي، وإذا قال: قال الله: مجدني عبدي، فإذا قال: قال الله سبحانه: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل -، يعني: حق الله، حاجة العبد يستعين بربه - فإذا قال: قال الله سبحانه: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل (¬9)» يعني: هذا سؤال من عبدي يطلب الهداية، وله ما سأل، وهذا وعد من الله أن يعطيه الهداية، وهذا أشرف ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (395). (¬2) سورة الفاتحة الآية 2 (¬1) {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬3) سورة الفاتحة الآية 3 (¬2) {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (¬4) سورة الفاتحة الآية 4 (¬3) {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (¬5) سورة الفاتحة الآية 5 (¬4) {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬6) سورة الفاتحة الآية 5 (¬5) {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} (¬7) سورة الفاتحة الآية 5 (¬6) {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬8) سورة الفاتحة الآية 6 (¬7) {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (¬9) سورة الفاتحة الآية 7 (¬8) {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}

مطلوب: الهداية، فينبغي لك أيها القارئ أيها المؤمن، أيتها المؤمنة، ينبغي لكل منكما تدبر هذه السورة والعناية بها، والخشوع فيها والإقبال عليها عند قراءتها، وهكذا عند قراءة جميع القرآن، كما قال الله سبحانه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (¬1)، وإذا قال: {وَلَا الضَّالِّينَ} (¬2) قال: آمين. سواء كان في الصلاة أو في خارجها، السنة أن يقول: آمين. الإمام والمأموم والمنفرد في الصلاة وخارجها – آمين معناها: استجب يا ربنا – ثم بعد ذلك يقرأ الإمام والمنفرد سورة بعد الفاتحة أو آيات بعد الفاتحة، كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، ويطيل في الفجر مثل سورة (ق)، مثل: (والطور)، (والنجم إذا هوى)، (اقتربت الساعة)، المسبحات، وما أشبه ذلك من السور. والظهر كذلك قريب من الفجر، يطيل في الأولى والثانية، وتكون الثانية أقصر من الأولى بعض الشيء، وتكون العصر أخف من الظهر، يقرأ سورة أو آيات بعد الفاتحة في الظهر والعصر، في الأولى والثانية، لكن تكون العصر أخف من الظهر، كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام، وفي ¬

_ (¬1) سورة ص الآية 29 (¬2) سورة الفاتحة الآية 7

الثالثة والرابعة يقرأ الفاتحة فقط، الثالثة والرابعة في الظهر والعصر والعشاء الفاتحة فقط، وفي المغرب في الثالثة يقرأ الفاتحة فقط، وربما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في الظهر زاد على الفاتحة في الثالثة والرابعة، فإذا قرأ بعض الأحيان في الثالثة والرابعة زيادة على الفاتحة بعض الآيات، أو بعض السور القصيرة فهو حسن ومستحب في بعض الأحيان، تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، فقد ثبت عنه هذا في صحيح مسلم، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ثم يركع رافعا يديه مثل ما رفع عند الأولى، يرفعهما حيال منكبيه أو حيال أذنيه، تارة وتارة تأسيا برسول الله عليه الصلاة والسلام، ثم يسوي ظهره ورأسه في ركوعه، ويضع يديه على ركبتيه مفرجتي الأصابع، ويجافي عضديه عن جنبيه لا يلصقهما في جنبيه، خاشعا لربه مطمئنا، يقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. وإذا زاد على ذلك فقالها خمسا أو ستا أو سبعا، أو أكثر من ذلك فهو حسن، لكن لا يطيل إذا كان إماما إطالة تشق على المأمومين، وقد ثبت عن أنس رضي الله عنه ما يدل على أنه عليه الصلاة والسلام كان يطيل الركوع والسجود، جاء عن غير أنس أيضا، وجاء في بعض أحاديث أنس: أنه كان يعد له في الركوع والسجود ما يقرب من عشر تسبيحات،

فهذا يدل على أن السنة الطمأنينة وعدم العجلة في الركوع والسجود، فيقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. في الركوع، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي. قالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي (¬1)» متفق عليه، ثم يرفع من الركوع رافعا يديه حيال منكبيه، أو حيال أذنيه كما فعل عند الركوع، وكما فعل عند الإحرام قائلا: سمع الله لمن حمده، إن كان إماما أو منفردا، ثم بعد هذا يقول: ربنا ولك الحمد. بعد انتصابه قائما، أو يقول: ربنا لك الحمد. بدون واو، أو: اللهم ربنا لك الحمد. أو: اللهم ربنا ولك الحمد. كله جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام، ثم يكمل: حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد. هذا هو الأفضل، ولو اقتصر على: ربنا ولك الحمد. كفى لكن كونه يكمل أولى وأفضل، ويطيل هذا الركن ولا يعجل؛ لأن الرسول كان يطيله عليه الصلاة والسلام، حتى يقول القائل: ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484).

قد نسي. وزاد في بعض الأحاديث بعد: وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. كل هذا وهو واقف بعد الركوع، هذا هو الكمال إذا انتصب قائما، الإمام والمنفرد بعد قوله: سمع الله لمن حمده، يقول: «ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (¬1)» وإن اقتصر على البعض كفاه ذلك، أما المأموم فعند الرفع يقول: ربنا ولك الحمد. أو: ربنا لك الحمد. أو: اللهم ربنا لك الحمد. أو: اللهم ربنا ولك الحمد. يقول هذا تارة وهذا تارة كله حسن؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده. فقولوا: ربنا ولك الحمد (¬2)» ولم يأمر أن يقولوا: سمع الله لمن ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، برقم (477) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل اللهم ربنا لك الحمد، برقم (796)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التسميع والتمجيد والتأمين، برقم (409).

حمده. بل يقولون: ربنا ولك الحمد. قال بعض أهل العلم: إنه يقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد. يجمع بينهما كالإمام، ولكن هذا قول ضعيف مرجوح، والصواب أن المشروع أن يقول: ربنا ولك الحمد. ولا يحتاج إلى أن يقول: سمع الله لمن حمده، بل هذا خاص بالإمام والمنفرد، ثم يكمل بعد انتصابه يقول: حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. وإن كبر إمامه قبل أن يكمل كبر مع إمامه، وترك الباقي، إذا كبر الإمام قبل أن يكمل كبر وركع مع إمامه.

س: سماحة الشيخ عبد العزيز، نبدأ هذه الحلقة لو تكرمتم بالعودة إلى إجابة أخينا: أ. س. د. من السودان، حيث سأل عن الكيفية الصحيحة للصلاة، وقد شرعتم جزاكم الله خيرا وبينتم الوصف الذي يحسن بالمسلم أن يسير عليه، ووصلتم إلى القيام من الركوع، فحبذا لو تفضلتم وأكملتم ما بدأتم، جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (112).

ج: قد سبق لنا أن تكلمنا على صفة صلاة النبي عليه الصلاة والسلام، تحقيقا لما سأل عنه السائل المذكور، وانتهينا إلى ما كان يفعله صلى الله عليه وسلم بعد رفعه من الركوع، وما كان يقوله عليه الصلاة والسلام، وانتهينا إلى أن المأموم إذا رفع يقول: ربنا ولك الحمد. ولا يزيد: سمع الله لمن حمده. هذا هو المختار، هذا هو الأرجح، ويكمل الحمد، فيقول: «حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (¬1)» إن تيسر له ذلك، فإن كبر الإمام تابعه وترك البقية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وإذا ركع فاركعوا (¬2)» ثم بعد ذلك الإمام والمنفرد والمأموم إذا فرغوا من هذا القيام، ومن ذكر هذا القيام يخرون سجدا، فيكبر كل منهم عند السجود، يقول: الله أكبر. الإمام والمأموم والمنفرد عند السجود، بعد القيام بعد الركوع، وذكر القيام الذي تقدم بعد ذلك، يخر الإمام ساجدا، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، برقم (477) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة، برقم (734)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (414).

وهكذا المأموم وهكذا المنفرد، لكن المأموم يخر بعد إمامه، فإذا انتهى إمامه ساجدا سجد بعده، قائلا كل منهم: الله أكبر. عند سجوده من دون رفع اليدين، ليس في هذا رفع لليدين، بل يخر كل منهم ساجدا من دون رفع اليدين، كما فعل عليه الصلاة والسلام، ويقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى. كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. والواجب مرة واحدة، وهكذا في الركوع الواجب مرة: سبحان ربي العظيم. فإذا كرر ثلاثا فهو قد أدى الكمال والمستحب، وإن زاد خمسا أو سبعا أو عشرا كله مستحب، والإمام يراعي عدم المشقة على الناس، والمأموم تبع لإمامه، والمنفرد لا حرج عليه في الزيادة التي لا تشق عليه، ولا تسبب له نعاسا أو أفكارا لا تناسب، ويستحب للإمام والمنفرد والمأموم أن يقولوا في السجود: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي. كالركوع؛ لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي (¬1)» ويكثر من الدعاء أيضا في السجود، يقول عليه الصلاة والسلام: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484).

أن يستجاب لكم (¬1)» يعني: حري أن يستجاب لكم. ويقول عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (¬2)» فيشرع للمؤمن والمؤمنة في السجود الإكثار من الدعاء، سواء كان إماما أو مأموما أو منفردا، يدعو بما تيسر من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك: «اللهم اغفر لي ذنبي كله؛ دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (¬3)» هذا من دعائه عليه الصلاة والسلام، ومن الدعاء الذي يحسن في هذا المقام ما ثبت في الصحيحين عن الصديق رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه أن يقول في صلاته: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (¬4)» هذا من أفضل الدعاء في الجلوس بين السجدتين وفي آخر الصلاة، وفي غير الصلاة. الصديق سأل النبي قال: يا رسول الله، علمني دعاء أدعو به في صلاتي. وفي ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) (¬3) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483) (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، برقم (2705).

رواية: وفي بيتي. قال: «قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني؛ إنك أنت الغفور الرحيم (¬1)»، فإذا دعا بهذا في السجود أو بين السجدتين، أو في آخر الصلاة فكله حسن، ومن الدعاء أيضا الحسن في هذا المقام: «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك (¬2)» و: «يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك (¬3)» كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في الجملة، كان هذا من دعائه المعروف، اللهم صل عليه وسلم، فإذا دعا به الإنسان في السجود، أو في آخر الصلاة، وهكذا في خارجها هو دعاء عظيم، والعبد في أشد الحاجة إليه، ويدعو الإنسان بما يتيسر له من الدعوات الطيبة، حتى يرفع إمامه إن كان مأموما، والإمام يدعو على وجه لا يشق على المأمومين، والمنفرد كذلك، والسنة للساجد أن يجافي عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، يكون معتدلا في السجود ويرفع ذراعيه عن الأرض، يعتمد على ¬

_ (¬1) صحيح البخاري التوحيد (7388)، صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2705)، سنن الترمذي الدعوات (3531)، سنن النسائي السهو (1302)، سنن أبي داود الصلاة (760)، سنن ابن ماجه الدعاء (3835)، مسند أحمد (1/ 7). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب القدر، باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن، برقم (2140)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (3834). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عائشة رضي الله عنها، برقم (9420).

كفيه، يبسط كفه في الأرض، يمد أصابعه إلى جهة القبلة ضاما بعضها إلى بعض، رافعا ذراعيه مفرجا عضده عن جنبه، رافعا بطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، هكذا السنة، معتمدا على بطون الأصابع، أصابع رجليه، مادا الأصابع إلى جهة القبلة، هكذا كان يسجد النبي عليه الصلاة والسلام، والواجب عليه أن يسجد على الأعظم السبعة، يعني على وجهه وكفيه وركبتيه وقدميه، هذا ركن لا بد منه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم قال: الجبهة - وأشار إلى أنفه - واليدين والركبتين وأطراف القدمين (¬1)» فلا بد من هذا في السجود للرجل والمرأة، للإمام والمأموم والمنفرد جميعا، أما كيف ينحط للسجود فقد جاء في هذا سنتان عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ إحداهما: «أنه ينحط على ركبتيه، ثم يضع يديه ثم جبهته وأنفه في الأرض (¬2)» هذا جاء من حديث وائل بن حجر عند أهل السنن بإسناد ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب السجود على الأنف، برقم (812)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود والنهي عن كف الشعر، برقم (490). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في وضع الركبتين قبل اليدين في السجود، برقم (268)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (838)، والنسائي في المجتبى في كتاب التطبيق، باب أول ما يصل إلى الأرض من الإنسان في سجوده، برقم (1089).

حسن، وله شاهد من حديث أنس، وله شاهد من حديث أبي هريرة في النوع الثاني. والنوع الثاني: أنه ينحط على يديه أولا، ثم ركبتيه بعد ذلك، وهذا جاء في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه (¬1)» قال جماعة من العلماء: معناه أنه يبدأ بيديه؛ لأن البعير يبدأ بركبتيه وهي في يديه، فهذه سنة، وهذه سنة، ولا مشاحة في ذلك، إن سجد على ركبتيه فحسن، وإن سجد على يديه فحسن؛ لمجيء الحديثين بذلك، لكن الأظهر والأقرب أن الأفضل السجود على ركبتيه، ثم يديه فجبهته وأنفه، هذا هو الأفضل والأقرب، وهو المخالف لأيادي البعير، وهو الموافق لأول الحديث، أي: لا يبرك كما يبرك البعير. . . الحديث؛ لأن بروك البعير يبرك على يديه، إذا قدم المؤمن يديه فقد شابه البعير، فالأفضل أن يقدم ركبتيه التي في رجليه، ثم يديه ثم جبهته وأنفه، هذا هو الأفضل، وهذا هو الأرجح في السنتين، وأما القول في حديث أبي هريرة، «وليضع يديه قبل ركبتيه (¬2)» هذا صريح، لكن قال بعض أهل العلم: لعله ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840).

وقع فيه انقلاب، وأن الصواب: وليضع ركبتيه قبل يديه. فانقلب على بعض الرواة، وهو محتمل؛ لأن آخره لا يوافق صدر الحديث، العجز لا يوافق الصدر، فإن في الصدر: «لا يبرك كما يبرك البعير (¬1)» والبعير يبرك على يديه، وقوله: «وليضع يديه قبل ركبتيه (¬2)» في آخره مخالفة صدر الحديث، فيظهر من هذا أن الحديث فيه انقلاب، وهو أن الصواب: وليضع ركبتيه قبل يديه. فيكون بهذا موافقا لحديث وائل، وينتهي الخلاف والإشكال، وبكل حال فالحمد لله الأمر واسع، إن سجد على ركبتيه كما دل عليه حديث وائل فحسن، وإن سجد على يديه فالأمر واسع في ذلك، والحمد لله، ولا ينبغي في هذا المشاحة والمشاقة والنزاع، ولكن الأفضل والأرجح والأقرب أنه يسجد على ركبتيه، ثم يديه ثم جبهته وأنفه على حديث وائل، والأقرب والأظهر أن حديث أبي هريرة لا يخالف حديث وائل، ولكنه يوافقه في المعنى، ولكن حصل في عجزه انقلاب، ويظهر أن الحديث: وليضع ركبتيه قبل يديه. وبهذا يجتمع الحديثان، وهذا أظهر قولي العلماء في الموضوع. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840).

ثم يرفع من السجود جالسا على رجله اليسرى ناصبا رجله اليمنى بين السجدتين، ويقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، اللهم اغفر لي، اللهم اغفر لي، وارحمني واهدني واجبرني وارزقني. يدعو بما تيسر، ومن ذلك: رب اغفر لي، رب اغفر لي، «اللهم اغفر لي وارحمني واهدني، واجبرني وارزقني (¬1)» كما جاء في الأحاديث، يفرش اليسرى ويجلس عليها، وينصب اليمنى، هذا هو الأفضل، وكيف ما قعد أجزأ، وإن جلس على عقبيه بأن فرش رجليه وجلس على عقبيه فلا بأس، كما جاء في حديث ابن عباس، وهذا إقعاء لا بأس بالجلوس عليه، هو إقعاء خاص وهو الجلوس على العقبين، ولكن الأفضل وهو الذي جاء في الأحاديث الكثيرة، أنه يفرش اليسرى ويجلس عليها، وينصب اليمنى هذا هو الأفضل، ويضع يديه على فخذيه وأطرافهما على ركبتيه، يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني، كيفما دعا بالمغفرة جاز: اللهم اغفر لي ولوالدي، اللهم اغفر لي وللمسلمين، اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا. إلى آخره. كان النبي يطيل هذه الجلسة كما كان يطيل ما بعد الركوع، عليه الصلاة ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين، برقم (850)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (284)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (898).

والسلام، حتى يقول القائل: قد نسي. ولكن يلاحظ الإمام أن لا يشق على الناس، لكن لا ينبغي أن يفعل مثل بعض الناس من جهة العجلة، بعض الناس يعجل ولا يستقر بعد الركوع، ولا بين السجدتين، هذا غلط، المشروع أن يطمئن ولا يعجل بين السجدتين، وبعد الركوع حال قيامه بعد الركوع، اقتداء بالمصطفى عليه الصلاة والسلام، متأسيا به عليه الصلاة والسلام، ثم يسجد الثانية قائلا: الله أكبر. من دون رفع اليدين في السجود، فيسجد كما سجد في الأولى، ويضع يديه حيال منكبيه، أو حيال أذنيه، مادا أصابعهما إلى القبلة، ضاما بعضها إلى بعض، رافعا بطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، ومجافيا عضديه عن جنبيه كما تقدم، في هذه السجدة كالتي قبلها ويقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ويدعو بما تيسر في سجوده كما تقدم، وناسب هنا: ربي الأعلى؛ لأنه حال خضوع وذل وتسفل، حتى وضع وجهه على الأرض، فناسب أن يقول: سبحان ربي الأعلى. الذي فوق العرش سبحانه وتعالى، فوق جميع الخلق، وهو فوق العرش، وعلمه في كل مكان سبحانه وتعالى، وهو في جهة العلو عند أهل السنة والجماعة، فوق جميع الخلق، كما قال سبحانه:

{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (¬1)، وقال سبحانه وتعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (¬2)، وقال: {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} (¬3)، وقال: {يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} (¬4)، وقال: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} (¬5) في آيات كثيرة، كلها دالة على علوه سبحانه وتعالى فوق جميع الخلق فوق العرش، وأنه استوى عليه استواء يليق بجلاله وعظمته، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، والاستواء هو العلو والارتفاع، وعند أهل السنة أنه استواء يليق بالله، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، كما قال عز وجل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬6)، وقال: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (¬7)، وفي الركوع يقول: سبحان ربي العظيم، لما كان الركوع حال ذل وخضوع، ناسب أن يقول: سبحان ربي العظيم، الذي هو أعظم شيء ¬

_ (¬1) سورة طه الآية 5 (¬2) سورة البقرة الآية 255 (¬3) سورة غافر الآية 12 (¬4) سورة آل عمران الآية 55 (¬5) سورة النساء الآية 158 (¬6) سورة الشورى الآية 11 (¬7) سورة الإخلاص الآية 4

سبحانه وتعالى، هو العزيز، هو الجبار، هو العظيم، هو القدوس، فناسب في الركوع أن يقول: سبحان ربي العظيم، تنزيه لربه عن الذل، وأنه العزيز الذي لا أعز منه سبحانه وتعالى، العظيم الذي لا أعظم منه، وفي السجود يقول: سبحان ربي الأعلى؛ لأنه العالي فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى، ثم يرفع إلى الركعة الثانية، ويفعل كما فعل في الأولى كما تقدم، لكن ليس فيها استفتاح، والاستفتاح في الأولى فقط، أما هذه فيرفع ثم يقرأ الفاتحة، يسمي الله ويقرأ الفاتحة، وإن تعوذ فلا بأس، والاستعاذة الأولى كافية، لكن إن أعاد الاستعاذة فلا بأس، ثم يسمي ويقرأ الفاتحة، ثم يقرأ سورة أو آيات دون الأولى كما تقدم، ثم يركع كما ركع في الأولى، ويرفع كما رفع في الأولى كما تقدم، ثم يجلس، ثم يسجد سجدتين كما تقدم، ثم يجلس للتشهد الأول على رجله اليسرى، ينصب اليمنى مثل جلوسه بين السجدتين، ويقرأ التحيات: التحيات لله والصلوات الطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وإن قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فلا بأس، جاء هذا وهذا، جاء ذكر: وحده لا شريك له، وجاء أحدها: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن

محمدا عبده ورسوله، فإن شاء رفع، وإن صلى على النبي فهو أفضل، يصلي على النبي، ثم يرفع للثالثة؛ لأن الأحاديث عامة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وبعض أهل العلم قال: يكتفي بالشهادة ويقوم، ولكن الأفضل أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (¬1)» ثم يرفع قائلا: الله أكبر ويرفع يديه مثل ما رفع عند الإحرام، وعند الركوع والرفع منه، يرفع يديه قائلا: الله أكبر، إلى الثالثة، ثم بعد استتمامه قائما يقرأ الفاتحة وحدها ثم يركع، كما فعل في السابق، ثم يسجد كما فعل في السابق، هكذا، وهكذا في الرابعة من الظهر والعصر والعشاء، وفي الثالثة في المغرب، يقرأ الفاتحة ويركع كما تقدم، ويقول في الركوع كما تقدم، ويرفع كما تقدم، ويقول في الرفع كما تقدم، ويسجد كما تقدم، ويقول في السجود كما تقدم، سواء بسواء، لكن في الظهر والعصر والعشاء ركعتين، بعد التشهد الأول، وفي المغرب ركعة ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370).

واحدة، وفي الفجر الصلاة ركعتان فقط، ليس فيها التشهد الأول أو الآخر، بل ليس فيها إلا تشهد واحد: الفجر والجمعة والعيد والاستسقاء، كل منها ركعتان ليس فيها إلا تشهد واحد، يأتي بالتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو، وهكذا في التشهد الأخير في المغرب والعشاء والظهر والعصر، يأتي بالتحيات كما تقدم ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، كما تقدم، ثم يدعو، يتعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال كما جاء به الخبر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر بذلك أيضا، فقول: أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. ويدعو بما أحب، ومنها: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت، اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر. كل هذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الصلاة، وعلم النبي معاذا أن يقول:

«اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (¬1)» لما قال: «يا معاذ، إني لأحبك (¬2)» يقول له صلى الله عليه وسلم: «يا معاذ، إني لأحبك، فلا تدعن أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (¬3)». ويستحب هذه الأدعية في آخر الصلاة لكل مصل، مأموم أو إمام أو منفرد، رجل أو امرأة هذا المشروع، والواجب قراءة التحيات مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو الواجب، هذا الفرض هذا الركن، وما زاد فهو سنة مستحب، وبعض أهل العلم أوجب التعوذ بالله من أربع، لكن الذي عليه جمهور أهل العلم أنها سنة، ولكن ينبغي أن لا يدعها، ينبغي للمسلم وللمسلمة أن لا يدع هذه التعوذات الأربع: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال (¬4)»؛ لأن المصطفى عليه الصلاة والسلام أمر بها، وكان يفعلها بنفسه عليه الصلاة والسلام، يقول: ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1522)، والنسائي في كتاب السهو نوع آخر من الدعاء، برقم (1303). (¬2) سنن النسائي السهو (1303)، سنن أبي داود الصلاة (1522)، مسند أحمد (5/ 247). (¬3) سنن النسائي السهو (1303)، سنن أبي داود الصلاة (1522)، مسند أحمد (5/ 247). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، برقم (588).

«صلوا كما رأيتموني أصلي (¬1)» فالأولى بالمؤمن وبالمؤمنة أن لا يدع كل منهما هذه الدعوات الطيبة، ويدعو معها بما تيسر من الدعوات، ويداه على فخذيه وأطرافها على ركبتيه، ويؤشر بالسبابة في التشهد الأول والثاني، يرفع السبابة ويقبض الجميع إشارة للتوحيد، وإن حلق الإبهام مع الوسطى، وقبض الخنصر والبنصر، ورفع السبابة فكله حسن، هذا سنة وهذا سنة، وعند الدعاء يحرك سبابته قليلا عند الدعاء، هذا جاءت به السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، ثم يسلم عن يمينه وشماله تسليمتين: السلام عليكم ورحمة الله - هذا المحفوظ - السلام عليكم ورحمة الله. ورد في بعض الروايات: وبركاته. لكن اختلف العلماء في صحتها، فالأولى والأفضل أن يقتصر على: السلام عليكم ورحمة الله، فقط، هذا هو المحفوظ من حديث ابن مسعود، ومن حديث جابر بن سمرة، وأحاديث أخرى فيها الدلالة على أن يقول: «السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله (¬2)» يلتفت يمينا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، تفريع كتاب الركوع والسجود، باب في السلام، برقم (996)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما جاء في التسليم في الصلاة، برقم (295)، والنسائي في المجتبى، باب التطبيق، باب التكبير عند الرفع من السجود، برقم (1142).

وشمالا ويبالغ في السلام، يبالغ في الالتفات، هذا هو الأفضل، ثم يقول بعد السلام: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله. ثلاث مرات، ثم يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثبت هذا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أنه كان يقوله إذا سلم ثم ينصرف إلى الناس، يعطيهم وجهه إذا كان إماما، وإذا أعطاهم وجهه يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. يقوله الإمام والمأموم والمنفرد، ويستحب للجميع أيضا أن يأتوا بالتسبيح والتحميد والتكبير ثلاثا وثلاثين مرة: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ثلاثا وثلاثين مرة، ويختم المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ويستحب مع هذا أن يقرأ آية الكرسي بعد كل صلاة، و (قل هو الله أحد) والمعوذتين: (قل أعوذ برب الفلق)، و (قل أعوذ برب الناس) مرة واحد، بعد الظهر والعصر والعشاء، وثلاث مرات بعد المغرب والفجر، وأسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه، وأن يوفق

جميع المسلمين بالأخذ بالسنة، والاستقامة عليها والسير عليها، والتواصي بها، إنه سميع مجيب.

بيان صفة الصلاة بدءا من الوضوء إلى التسليم

38 - بيان صفة الصلاة بدءا من الوضوء إلى التسليم س: أنا فتاة مسلمة ملتزمة أعمل الخير، وأتجنب الشر، إلا أنني لم أقم الصلاة؛ وذلك بسبب الحيرة، حيث إن في بلادنا ناسا منقسمة إلى قسمين، أي بين المسلمين، وصلاة كل منهم تختلف عن الآخر، وكل منهم يدعي أن صلاتهم هي الأصح، وأنا إن صليت فإن الوسوسة لا تفارقني، لهذا كتبت إليكم لعلكم تنقذوني من حيرتي، وإخباري بالصلاة الصحيحة، بدءا من الوضوء، وأنا أعلم أن هذا سيأخذ وقتا كثيرا من البرنامج، ولكنكم لو تعلمون مدى الفائدة من جوابكم ليس لي فقط، وإنما الكثيرات منا، حتى أتعلمها وأحفظها، ثم إلى غيري من الفتيات. . . وهكذا تستمر سماحة الشيخ إلى أن تقول:

أرجو أن تفيدوني عن الصلاة بدءا من الوضوء وحتى التسليم (¬1) ج: أسأل الله لك ولجميع أخواتك في الله التوفيق والهداية، وأوصيك أولا بلزوم ما عليه أهل السنة، وأن يكون الميزان ما قاله الله ورسوله، الميزان هو كتاب الله العظيم، القرآن، وما صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، في أحاديثه وسيرته عليه الصلاة والسلام، وأهل السنة هم الأولى بهذا وهم الموفقون لهذا الأمر، فنوصيك بأن تلزمي ما عليه أهل السنة والجماعة، وأن تستقيمي على ذلك، حتى تلقي ربك على طريق السنة والجماعة، أما ما يتعلق بالصلاة فالواجب عليك أن تصلي وليس لك أن تدعيها حيرة، وعليك أن تصلي كما صلى الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله تعالى عنهم، وعليك أن تحذري التساهل في ذلك، والصلاة عمود الإسلام، وتركها كفر وضلال، فالواجب عليك الحذر من تركها، والواجب عليك وعلى كل مسلم ومسلمة البدار عليها والمحافظة عليها في أوقاتها، كما قال الله عز وجل: ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (64).

{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (¬1)، هكذا في سورة (البقرة)، وقال سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (¬2)، كذا في سورة (البقرة) أيضا، وقال سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (¬3) في سورة (النور)، فعليك أن تعتني بالصلاة، وأن تجتهدي في المحافظة عليها، وأن تنصحي من لديك في ذلك، والله وعد المحافظين على الصلاة بالجنة والكرامة، قال سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬4) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬5)، ثم عدد صفات عظيمة لأهل الإيمان، ثم ختمها سبحانه بقوله: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (¬6) {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} (¬7) {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (¬8)، هذا وعد عظيم من الله عز وجل لأهل الصلاة، وأهل الإيمان، في سورة (المعارج): {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} (¬9) {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا} (¬10) {وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} (¬11) {إِلَّا الْمُصَلِّينَ} (¬12) {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} (¬13) ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 238 (¬2) سورة البقرة الآية 43 (¬3) سورة النور الآية 56 (¬4) سورة المؤمنون الآية 1 (¬5) سورة المؤمنون الآية 2 (¬6) سورة المؤمنون الآية 9 (¬7) سورة المؤمنون الآية 10 (¬8) سورة المؤمنون الآية 11 (¬9) سورة المعارج الآية 19 (¬10) سورة المعارج الآية 20 (¬11) سورة المعارج الآية 21 (¬12) سورة المعارج الآية 22 (¬13) سورة المعارج الآية 23

ثم عدد صفاتهم بعد ذلك، ثم قال عز وجل: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (¬1) {أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ} (¬2) فنوصيك بالصلاة والمحافظة عليها. وأما ما سألت عنه عن الوضوء وكيفية الصلاة، فهذا جوابه. أولا: الوضوء شرط للصلاة لا بد منه، قال الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (¬3)، هكذا أمر الله في سورة (المائدة)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقبل صلاة بغير طهور (¬4)» فلا بد من الوضوء. والوضوء أولا: الاستنجاء إذا كان الإنسان قد أتى الغائط أو البول، ¬

_ (¬1) سورة المعارج الآية 34 (¬2) سورة المعارج الآية 35 (¬3) سورة المائدة الآية 6 (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (224).، وقال عليه الصلاة والسلام: /32 لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ /32 أخرجه البخاري في كتاب الحيل، باب في الصلاة برقم (6954)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم (225).

يستنجي بالماء من بوله وغائطه، أو يستجمر باللبن أو بالحجارة، أو بالمناديل الخشنة الطاهرة عما خرج منه ثلاث مرات، أو أكثر حتى ينقي محل الدبر، والذكر أو القبل، حتى ينقي الفرجين من آثار الغائط والبول، بالحجر باللبن بالمناديل، حتى ينقي المحل ثلاث مرات فأكثر، والماء أفضل، وإذا جمع بينهما استجمر واستنجى بالماء كان أكمل، ثم بعد ذلك يتوضأ الوضوء الشرعي، فيغسل كفيه ثلاث مرات، ثم يتمضمض ويستنشق ثلاث مرات، ثم يغسل وجهه ثلاثا من منابت الشعر فوق إلى الذقن أسفل، وعرضا إلى فروع الأذنين، وهكذا يغسل الوجه، ثم يغسل يديه وذراعية من أطراف الأصابع إلى المرافق، مفصل الذراع من العضد، والمرفق يكون مغسولا اليمنى، ثم اليسرى الرجل والمرأة، ثم بعد ذلك يمسح الرأس والأذنين الرجل والمرأة، ثم بعد يغسل رجله اليمنى ثلاثا مع الكعبين، ثم اليسرى ثلاثا مع الكعبين، حتى يشرع في الساق، الكعبان مغسولان، والسنة ثلاثا ثلاثا، في المضمضة والاستنشاق والوجه، واليدين والرجلين ثلاثا ثلاثا، أما الرأس فمسحة واحدة مع أذنيه، هكذا السنة، وإن لم يغسل الوجه إلا مرة عمه بالماء ثم عم يديه بالماء مرة مرة، وهكذا الرجلان عمهما بالماء مرة مرة، أو مرتين مرتين أجزأ ذلك، ولكن الأفضل ثلاثا ثلاثا،

وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثا ثلاثا، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ في بعض الأعضاء ثلاثا وبعضها مرتين، فالأمر واسع بحمد الله، والواجب مرة يعم كل العضو بالماء، يعم وجهه بالماء مع المضمضة والاستنشاق، ويعم يده اليمنى بالماء حتى يغسل المرفق، وهكذا اليسرى يعمها بالماء، وهكذا يمسح رأسه وأذنيه يعم رأسه بالماء، ثم الرجلين يغسل اليمنى مرة يعمها بالماء، واليسرى كذلك يعمها بالماء مع الكعبين، هذا الواجب، وإذا كرر ثنتين كان أفضل، وإذا كرر ثلاثا كان أفضل، وبهذا ينتهي الوضوء. ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين. هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء (¬1)» رواه مسلم في صحيحه. وزاد الترمذي بإسناد ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الذكر المستحب عقب الوضوء، برقم (234)

حسن بعد ذلك: «اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين (¬1)» فهذا يقال بعد الوضوء، يقوله الرجل وتقوله المرأة خارج الحمام، ويبدأ الوضوء بالتسمية، يقول بسم الله عند بدء الوضوء، هذا هو المشروع، وأوجبه جمع من أهل العلم، أن يقول بسم الله عند بدء الوضوء، وبهذا عرفت الوضوء، وهو مفتاح الصلاة، مفتاح الصلاة الطهور. ثم الصلاة كيفيتها: يبدؤها بالتكبير: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، يقول: الله أكبر. الرجل والمرأة، ثم يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك (¬2)» هذا الأفضل، أو يقول: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد (¬3)» إن فعل هذا أو هذا كله صحيح. وهناك استفتاحات أخرى ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، إذا أتى بواحد منها صح، ولكن استعمال هذين الاستفتاحين من أكثرها، فإذا ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب ما يقال بعد الوضوء، برقم (55) (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598).

فعلها رجل أو امرأة كفى، وهو مستحب وليس بواجب، لو شرع في القراءة حالا بعد التكبير أجزأ، لكن كونه يأتي بهذا الاستفتاح، وهو: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك (¬1)» هذا أفضل، أو يأتي بقوله: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد (¬2)» وهذا أصح شيء ورد في الاستفتاح، ثم يقول الرجل أو المرأة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم. بعد هذا الاستفتاح، ثم يقرأ الفاتحة، وهي: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (¬3) {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬4) {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (¬5) {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (¬6) {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬7) {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (¬8) {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} (¬9). ثم يقول: آمين وآمين ليس من الفاتحة، مستحبة كان يقولها النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفاتحة، في الجهرية والسرية، معناها: اللهم استجب. ثم يقرأ ما تيسر بعد الفاتحة، في الأولى من الظهر والثانية من ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). (¬3) سورة الفاتحة الآية 1 (¬4) سورة الفاتحة الآية 2 (¬5) سورة الفاتحة الآية 3 (¬6) سورة الفاتحة الآية 4 (¬7) سورة الفاتحة الآية 5 (¬8) سورة الفاتحة الآية 6 (¬9) سورة الفاتحة الآية 7

الظهر، والأولى من العصر والثانية من العصر، والأولى من المغرب والثانية من المغرب، والأولى من العشاء والثانية من العشاء، وفي الثنتين كلتيهما من الفجر، يقرأ مع الفاتحة سورة أو آيات، بعد ما يقرأ الفاتحة يقرأ سورة أو آيات، والأفضل في الظهر أن يكون أوساط المفصل، مثل: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} (¬1)، مثل: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} (¬2) مثل {عَبَسَ وَتَوَلَّى} (¬3)، {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} (¬4)، {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} (¬5)، وما حول ذلك، وفي العصر مثل ذلك أو أخف منه قليلا. وفي المغرب كذلك، يقرأ بعد الفاتحة ما تيسر من هذه السور، أو أقصر منها، وإن قرأ في بعض الأحيان بأطول في المغرب فهو أفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب في بعض الأحيان بـ (الطور)، وقرأ في بعض الأحيان بـ (المرسلات)، وقرأ فيها في بعض الأحيان بسورة (الأعراف)، قسمها في ركعتين، ولكن في الأغلب يقرأ أقل من ذلك كقراءة: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} (¬6) و {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ} (¬7) أو {إِذَا زُلْزِلَتِ} (¬8) أو (القارعة) أو (العاديات)، لا بأس بهذا، ولكن في بعض الأحيان يقرأ أطول كما تقدم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قرأ أطول في المغرب كـ (الطور) (والمرسلات) ونحوهما، وفي العشاء يقرأ مثل ما قرأ في الظهر والعصر، يقرأ الفاتحة وزيادة معها في الأولى مثل: ¬

_ (¬1) سورة الغاشية الآية 1 (¬2) سورة الليل الآية 1 (¬3) سورة عبس الآية 1 (¬4) سورة التكوير الآية 1 (¬5) سورة الانفطار الآية 1 (¬6) سورة الغاشية الآية 1 (¬7) سورة البلد الآية 1 (¬8) سورة الزلزلة الآية 1

{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} (¬1)، {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} (¬2)، {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} (¬3)، {عَبَسَ وَتَوَلَّى} (¬4)، {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} (¬5) وما أشبه ذلك، أو آيات بمقدار ذلك في الأولى والثانية. وهكذا في الفجر يقرأ بعد الفاتحة زيادة، لكن أطول من الماضيات، يكون في الفجر أطول من الظهر والعصر والمغرب والعشاء، يقرأ في الفجر: مثل (ق)، مثل: (اقتربت الساعة)، وأقل من ذلك مثل: (التغابن)، و (الصف)، و: (تبارك الذي بيده الملك)، مثل: (قل أوحي إلي)، و (المزمل)، وما أشبه ذلك في الفجر، يقرأ أطول من الظهر والعصر والمغرب والعشاء اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، ولو قرأ أقل وأقصر لا حرج عليه فإنه ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قرأ في بعض الأحيان بأقل من ذلك، لكن كونه يقرأ بالطوال في الغالب يكون أفضل تأسيا بالرسول عليه الصلاة والسلام، أما في الثالثة والرابعة من الظهر والعصر، والثالثة من المغرب، والثالثة والرابعة من العشاء فيكفي الفاتحة، يقرأ الفاتحة ثم يكبر للركوع، الفاتحة (الحمد) يعني يقرؤها ثم يكبر للركوع، لكن ورد في فضله ما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم بعض الأحيان قد يقرأ زيادة في الظهر، في الثالثة والرابعة، فإذا قرأ في بعض الأحيان في الظهر، في الثالثة زيادة على الفاتحة والرابعة بعض الشيء فهو حسن، تأسيا به عليه الصلاة والسلام. هذه صفة القراءة في الصلاة ¬

_ (¬1) سورة البروج الآية 1 (¬2) سورة الطارق الآية 1 (¬3) سورة الغاشية الآية 1 (¬4) سورة عبس الآية 1 (¬5) سورة التكوير الآية 1

ثم يركع ويطمئن في ركوعه، ويجعل يديه على ركبتيه مفرجتي الأصابع، ويسوي رأسه بظهره، ويقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب (¬1)» وكان يقول في ركوعه: «سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم (¬2)» قالت عائشة رضي الله عنها: كان يكثر في الركوع: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي (¬3)» فهذا كله مستحب، فالواجب: سبحان ربي العظيم مرة، وإن كررها ثلاثا كان أفضل أو خمسا وإذا زاد على ذلك: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، سبحان ذي الجبروت والكبرياء والعظمة، سبوح قدوس رب الملائكة والروح. في بعض الأحيان فحسن. هذا في الركوع، وحين يركع يقول: الله أكبر. ويعتدل في الركوع، ويطمئن ولا يعجل، ثم يرفع ويقول: سمع الله لمن حمده إن كان إماما أو منفردا عند الرفع، يقول: ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، برقم (772) (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484).

سمع الله لمن حمده ثم يقول بعد: سمع الله لمن حمده: «ربنا ولك الحمد، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد (¬1)» هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، وأقر شخصا سمعه يقول: حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. أقره على ذلك وقال: «إنه رأى كذا وكذا من الملائكة كلهم يبادر ليكتبها ليرفعها (¬2)» أو كما قال عليه الصلاة والسلام. فالحاصل أنه إذا رفع من الركوع إذا كان إماما، أو منفردا يقول: سمع الله لمن حمده ثم يقول – وهو منتصب واقف-: «ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (¬3)» وهكذا في بقية الركعات يقول هكذا حين يرفع رأسه من الركوع ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، برقم (477) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب يطول في الصلاة، برقم (799) (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، برقم (477)

س: ما هي صفة الصلاة من الوضوء حتى التسليم؟ في تكملة سؤال سابق، قد أجاب الشيخ على بعضه (¬1) ج: قد سبق الكلام على الوضوء، وبينا الكيفية الشرعية للوضوء، وسبق الكلام في أول الصلاة وانتهينا إلى الركوع، فالذي شرعه الله جل وعلا في الركوع أن المصلي إذا انتهى من القراءة يكبر رافعا يديه، راكعا يرفع يديه إلى حذو منكبيه، أو إلى حيال أذنيه، ويكبر قائلا: الله أكبر. ثم يسوي ظهره كما تقدم، ويجعل يديه على ركبتيه مفرجتي الأصابع، ويقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. وهذا يستوي فيه الرجل والمرأة جميعا، ويشرع أن يقول فيه مع ذلك: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. والأفضل أن يكرر التسبيح ثلاثا، فيقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. وإن كرر أكثر فهو أفضل ما لم يشق على المأمومين إذا كان إماما، ويستحب أن يقول في ذلك: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (65)

اغفر لي (¬1)» وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في الركوع: «سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، سبوح قدوس رب الملائكة والروح (¬2)» فإذا قال مثل هذا فحسن؛ اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، ثم يرفع قائلا: سمع الله لمن حمده. إذا كان إماما أو منفردا، يقول عند الرفع: سمع الله لمن حمده. ويرفع يديه مثل ما فعل عند الركوع حيال منكبيه، أو حيال أذنيه عند قوله: سمع الله لمن حمده. ثم بعد انتصابه واعتداله يقول: «ربنا ولك الحمد (¬3)» أو: «اللهم ربنا ولك الحمد، حمدا كثيرا طيبا مباركا، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد (¬4)» هذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله عليه الصلاة والسلام، ولا فرق في هذا بين الرجل والمرأة، وإن زاد على هذا فقال: «أهل الثناء والمجد، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (487) (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إنما جعل الإمام ليؤتم به، برقم (689)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (411) (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، برقم (477)

أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (¬1)» وذلك حسن؛ لأن الرسول كان يقوله في بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، ومعنى: ولا ينفع ذا الجد منك الجد يعني: ولا ينفع ذا الغنى منك غناه، فالجميع فقراء إلى الله سبحانه وتعالى، والجد هو الحظ والغنى، وأما إذا كان مأموما فإنه يقول: ربنا ولك الحمد. عند الرفع، ويرفع يديه أيضا حيال منكبيه، أو حيال أذنيه عند الرفع قائلا: ربنا ولك الحمد أو: اللهم ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا لك الحمد، كل هذا مشروع للإمام والمأموم أو المنفرد جميعا لكن الإمام يقول: سمع الله لمن حمده. أولا، وهكذا المنفرد. ثم يأتي بالحمد بعد ذلك، أما المأموم فإنه يقول هذا عند ارتفاعه من الركوع، يقول: ربنا ولك الحمد. ولا يأتي بالتسميع، لا يقول: سمع الله لمن حمده. على الصحيح المختار الذي دلت عليه الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والواجب الاعتدال في هذا الركن، لا يعجل متى رفع يعتدل ويطمئن قائما، ويضع يديه على صدره، هذا هو الأفضل. قال بعض أهل العلم: يرسلها. لكن الصواب أنه يضعها على ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، برقم (477)

صدره، يضع كف اليمنى على كف اليسرى على صدره، كما فعل قبل الركوع وهو قائم. هذا هو السنة؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه إذا كان قائما في الصلاة وضع كفه اليمنى على كفه اليسرى في الصلاة على صدره، ثبت هذا من حديث وائل بن حجر، وثبت هذا أيضا من حديث قبيصة بن هلب الطائي عن أبيه، وثبت مرسلا من حديث طاوس عن النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو الأفضل وهو السنة، وإن أرسل يديه فلا حرج في صلاته، صلاته صحيحة لكنه ترك السنة، ولا ينبغي للمؤمنين المشاقة في هذا والمنازعة، بل المؤمن يعلم السنة. وطالب العلم يعلم السنة في إخوانه، ولكن لا يشنع على من أرسل، ولا يكون بينه وبينه العداوة والشحناء؛ لأنها سنة نافلة، ولا ينبغي للإخوان لا في أفريقيا ولا في غيرها النزاع في هذا والشحناء، بل يكون التعليم بالرفق والحكمة والمحبة لأخيه، كما يحب لنفسه، هكذا ينبغي في هذه الأمور، وجاء في حديث سهل بن سعد الصحيح في البخاري قال: «كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة (¬1)» قال أبو حازم ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (740)

الراوي عن سهل: لا أعلمه إلا يروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. فدل ذلك على أنه في الصلاة إذا كان قائما يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى، والمعنى على كفه وطرف ذراعه؛ لأن هذا هو الجمع بينه وبين رواية وائل بن حجر، فإذا وضع كفه على الرسغ والساعد فقد وضعه على الذراع؛ لأن الساعد من الذراع فيضع كفه اليمنى على كفه اليسرى، وعلى الرسغ والساعد، كما جاء مصرحا به في حديث وائل. وهذا يشمل القيام الذي قبل الركوع والقيام الذي بعد الركوع، وهذا الاعتدال من أركان الصلاة، لا بد منه، بعض الناس قد يعجل من حين يرفع ينزل ساجدا، وهذا لا يجوز، بل الواجب على المصلي أن يعتدل بعد الركوع ويطمئن ولا يعجل، قال أنس رضي الله عنه: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا وقف بعد الركوع يعتدل، ويقف طويلا حتى يقول القائل: قد نسي. وهكذا بين السجدتين، يطول حتى يقول القائل: قد نسي (¬1)» فالواجب على المصلي في الفريضة وفي النافلة ألا يعجل، بل يطمئن بعد الركوع طمأنينة واضحة يأتي فيها بالذكر ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع، برقم (800)

المشروع، وهكذا بين السجدتين لا يعجل يطمئن ويعتدل بين السجدتين، ويقول بينهما: رب اغفر لي، رب اغفر لي. كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، ثم بعد هذا الحمد والثناء والاعتدال والطمأنينة بعد الركوع ينحط ساجدا قائلا: الله أكبر. من دون رفع اليدين؛ لأن الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدم الرفع في هذا المقام فيسجد على أعضائه السبعة جبهته وأنفه هذا عضو، وكفيه وعلى ركبتيه وعلى أصابع رجليه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، على الجبهة وأشار بيده على أنفه واليدين والركبتين وأطراف القدمين (¬1)» هذا هو المشروع، وهذا هو الواجب على الرجال والنساء جميعا؛ أن يسجدوا على هذه الأعضاء السبعة، الجبهة والأنف هذا عضو، واليدين يعني الكفين يبسطهما ويمدهما إلى القبلة، ضاما بعضهما إلى بعض، والركبتين وأطراف القدمين يعني على أصابع القدمين، باسطا لها على الأرض، ومعتمدا عليها، وأطرافها إلى القبلة، هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم. والأفضل أن يقدم ركبتيه قبل يديه عند انحطاطه للسجود، هذا هو الأفضل، وذهب بعض أهل العلم ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب السجود على الأنف، برقم (812)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب /1 L1582 L1536 أعضاء السجود /1 والنهي عن كف الشعر، برقم (490).

إلى أنه يقدم يديه، ولكن الأرجح هو أنه يقدم ركبتيه ثم يديه؛ لأنه ثبت هذا من حديث وائل بن حجر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه كان إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه (¬1)» وجاء في حديث آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه (¬2)» فأشكل هذا على كثير من أهل العلم، فقال بعضهم: يضع يديه قبل ركبتيه، وقال آخرون بل يضع ركبتيه قبل يديه وهذا هو الذي يخالف بروك البعير؛ لأن بروك البعير يبدأ بيديه، فإذا برك المؤمن على ركبتيه خالف البعير، وهذا هو الموافق لحديث وائل. وهذا هو الصواب أن يسجد على ركبتيه أولا، ثم يضع يديه على الأرض، ثم يضع جبهته وأنفه على الأرض، هذا هو المشروع، فإذا رفع رفع جبهته أولا ثم يديه، ثم نهض، هذا هو المشروع الذي جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الجمع بين الحديثين، وأما قوله في حديث أبي هريرة: «وليضع يديه قبل ركبتيه (¬3)» الظاهر – والله أعلم – أنه انقلاب، كما ذكر ابن القيم رحمه الله ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840).

وإنما الصواب أن يضع ركبتيه قبل يديه حتى يوافق آخر الحديث أوله، وحتى يتفق مع حديث وائل وما جاء في معناه، وفي هذا السجود يقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ويكرر ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك، لكن يراعي الإمام المأمومين، إذا كان إماما يراعيهم حتى لا يشق عليهم، أما المنفرد فهذا لا يضره لو أطال بعض الشيء، كذلك المأموم تابع لإمامه، فيسبح ويدعو ربه في السجود حتى يرفع إمامه، والسنة للإمام والمأموم والمنفرد الدعاء في السجود، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم (¬1)» يعني: حري أن يستجاب لكم. وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: «إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا (¬2)». فالركوع والسجود ما فيه قراءة، لا يقرأ في الركوع ولا في السجود، وإنما القراءة في حال القيام في حق من قدر، وفي حال القعود في حق من عجز عن القيام يقرأ وهو قاعد، أما السجود والركوع فليس فيهما قراءة، وإنما فيهما تسبيح الرب وتعظيمه، وفي ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (¬2) سنن الترمذي الصلاة (264)، سنن النسائي الزينة (5318)، مسند أحمد (1/ 155)، موطأ مالك النداء للصلاة (177).

السجود زيادة على ذلك الدعاء، فيقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ويدعو، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو في سجوده، يقول: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (¬1)» فيدعو بهذا الدعاء الذي كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم، كما رواه مسلم في الصحيح. وثبت في صحيح مسلم أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (¬2)» هذا يدلنا على شرعية كثرة الدعاء في السجود من الإمام والمأموم والمنفرد، فيدعو كل منهم في سجوده مع التسبيح، مع قوله: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ومع قوله: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. لما سبق في حديث عائشة رضي الله عنها عند الشيخين: البخاري ومسلم –رحمة الله عليهما – قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي (¬3)» ويشرع مع هذا ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483) (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484).

الدعاء والجد في الدعاء في المهمات من أمر الدنيا والآخرة. ولا حرج يدعو لأمور دنياه مثل أن يقول: اللهم ارزقني زوجة صالحة، أو تقول المرأة: اللهم ارزقني زوجا صالحا، أو ذرية طيبة، أو مالا حلالا. أو ما أشبه ذلك من حاجات الدنيا، ويدعو بما يتعلق بالآخرة وهو الأكثر وهو الأهم، كأن يقول: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (¬1)» اللهم أصلح قلبي وعملي، وارزقني الفقه في الدين، اللهم إني أسألك الهدى والسداد، اللهم إنني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم اغفر لي ولوالدي وللمسلمين، اللهم أدخلني الجنة وأنجني من النار. وما أشبه هذا الدعاء، يكثر في سجوده من الدعاء لكن من غير إطالة تشق على المأمومين، بل يراعي المأمومين حتى لا يشق عليهم إذا كان إماما، وإن قال مع ذلك في سجوده: سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي. كما تقدم مرتين أو ثلاثا، كما فعله المصطفى عليه الصلاة والسلام، ثم يرفع من السجدة قائلا: الله أكبر. ويجلس مفترشا يسراه ناصبا يمناه، ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى أو على الركبة، باسطا أصابعه على ركبته، ويضع يده اليسرى ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483)

على فخده اليسرى أو على ركبته، ويبسط أصابعه على ركبته، هكذا السنة في الجلسة بين السجدتين، ويقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي. كما كان النبي يقوله صلى الله عليه وسلم، ويستحب أن يقول مع هذا: «اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني وارزقني وعافني (¬1)» يروى هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا مع قوله: «رب اغفر لي، رب اغفر لي (¬2)» «اللهم اغفر لي، وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني (¬3)» وإن دعا بزيادة فلا بأس كأن يقول: اللهم اغفر لي ولوالدي، اللهم أدخلني الجنة وأنجني من النار، اللهم أصلح قلبي وعملي. ونحو ذلك لا بأس، ولكن يكثر من طلب المغفرة فيما بين السجدتين؛ اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، ثم بعد ذلك يسجد ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين، برقم (850)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (284)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (898). (¬2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار، ومن حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، برقم (22866)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده، برقم، (874)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ما يقول في قيامه ذلك برقم (1069)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (897) (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين، برقم (850)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (284)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (898).

للثانية قائلا: الله أكبر ويسجد للثانية على جبهته وأنفه وعلى كفيه، وعلى ركبتيه وعلى أطراف قدميه، كما فعل في السجدة الأولى، ويعتدل يرفع بطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، لا يبرك بروكا كالبهيمة، لا بل يعتدل في السجود، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب (¬1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا سجد أحدكم فليضع كفيه وليرفع مرفقيه (¬2)» فالسنة أن يعتدل ويكون واضعا كفيه على الأرض، رافعا ذراعيه عنها، ولا يبسطها كالكلب أو الذئب ونحو ذلك، لا بل يرفعها ويرفع بطنه عن فخذيه، ويرفع فخذيه عن ساقيه حتى يعتدل في السجود، ويكون مرتفعا معتدلا واضعا كفيه على الأرض، رافعا ذراعيه عن الأرض، كما أمر بهذا النبي صلى الله عليه وسلم، وكما فعل عليه الصلاة والسلام، ثم يقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ويدعو كما تقدم في السجود الأول ويقول: سبحانك اللهم ربنا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يفترش ذراعيه في السجود، برقم (822) (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الاعتدال في السجود ووضع الكفين على الأرض، برقم (494)

وبحمدك، اللهم اغفر لي. مثل ما قال في السجود الأول، ثم يكبر رافعا ناهضا إلى الركعة الثانية. والأفضل أن يجلس بعد السجود الثاني جلسة خفيفة، يسميها بعض الفقهاء جلسة الاستراحة، يجلس على رجله اليسرى مفروشة، وينصب اليمنى مثل حاله في السجدتين، لكنها خفيفة ليس فيها ذكر ولا دعاء هذا هو الأفضل، وإن قام ولم يجلس فلا حرج، لكن الأفضل أن يجلسها كما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعض أهل العلم: إن هذا يفعل عند كبر السن وعند المرض، ولكن الصحيح أنها سنة في الصلاة مطلقا، ولو كان المصلي شابا وصحيحا فهي مستحبة على الصحيح، لكنها غير واجبة، وهي جلسة خفيفة ليس فيها ذكر ولا دعاء، يجلس على اليسرى وينصب اليمنى مثل جلوسه بين السجدتين. ثم ينهض إلى الثانية مكبرا قائلا: الله أكبر. من حين ينهض من سجوده جالسا جلسة الاستراحة، أو حين يفرغ من سجوده، ينهض يقول: الله أكبر. فإن بدأ بالتكبير جلس فينبه الجماعة ألا يسبقوه حتى يجلسوها ويأتوا بهذه السنة، وإن جلسها قبل أن يكبر ثم رفع بالتكبير فلا بأس، المهم أن هذه جلسة مستحبة وليست واجبة، فإن أتى بالتكبير قبلها وجه المأمومين حتى لا يسبقوه في جلوسها، وإن جلس أولا ثم رفع بالتكبير فلا حاجة إلى التوجيه إلا من باب التعليم

بالسنة، ثم يفعل في الثانية كما فعل في الأولى، يقرأ الفاتحة، يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويسمي الله، وإن ترك التعوذ واكتفى بالتعوذ الأول في الأولى فلا بأس، وإن أعاده فهو أفضل؛ لأنه مع قراءة جديدة، فيتعوذ بالله من الشيطان، ويسمي ويقرأ الفاتحة ثم يقرأ معها سورة أو آيات، كما فعل في الأولى، لكن تكون السورة في الثانية أقصر من الأولى، كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، فإذا فرغ من القراءة كبر للركوع كما فعل في الركعة الأولى، كما تقدم. وإذا انتهى يرفع من الركعة الثانية ويجلس للتشهد الأول، إذا كانت الصلاة رباعية كالظهر والعصر والعشاء، أو ثلاثية كالمغرب يأتي بالتشهد: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. هذا هو الثابت في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وإن أتى بغير هذا مما ثبت في الأحاديث الصحيحة كفى، لكن هذا أثبتها، هذا اللفظ الذي نقلناه لكم هذا هو أثبتها. ثم بعد هذا يقول: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد

كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد (¬1)» ثم ينهض إلى الثالثة وإن لم يأت بالصلاة على النبي، بل نهض بعد الشهادة فلا بأس، حين قال: وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. لو نهض ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فلا بأس؛ لأن جملة من أهل العلم قالوا: لا تستحب هنا، وإنما هي مشروعة بعد التشهد الأخير، ولكن ظاهر الأحاديث الصحيحة أنها تشرع هنا وهناك، فيأتي بها أفضل هنا، لكن ليست واجبة عليه هنا، وإنما تجب في التشهد الأخير عند جمع من أهل العلم. فإذا فرغ من التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم – لأنه أفضل أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم على الصحيح – ينهض بعده مكبرا قائلا: الله أكبر. رافعا يديه كما ثبت هذا من حديث عمر عند البخاري رحمه الله، فيرفع يديه مكبرا عند نهوضه من التشهد الأول حتى يأتي بالثالثة في المغرب، وحتى يأتي بالثالثة والرابعة في العشاء والظهر والعصر، ويقرأ الفاتحة، هذا هو الأفضل وتكفي الفاتحة لا زيادة، كما ثبت هذا في حديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370).

وهكذا الأخيرة من المغرب، وإن قرأ زيادة في الظهر بعض الأحيان فحسن، قد ثبت من حديث أبي سعيد رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الأوليين من العصر مقدار ما يقرأ في الأخريين من الظهر (¬1)» وهذا يدل على أنه كان يقرأ في الأخيرتين من الظهر زيادة على الفاتحة، فإذا قرأ زيادة فلا بأس، بل هو حسن في بعض الأحيان، وفي بعض الأحيان يقتصر على الفاتحة، في الظهر والعصر والمغرب والعشاء جمعا بين حديث أبي سعيد، وحديث أبي قتادة، فإذا قرأ في الثالثة والرابعة من الظهر فهذا على حديث أبي سعيد، وإذا ترك هذا على حديث أبي قتادة، فيفعل هذا تارة وهذا تارة، أما في الثالثة والرابعة من العصر، والثالثة والرابعة من العشاء، والثالثة من المغرب فليس فيها إلا قراءة الفاتحة فقط، لا يقرأ زيادة لعدم الدليل على ذلك، ثم بعد فراغه من الفاتحة في الثالثة من المغرب، والثالثة والرابعة من الظهر والعصر والعشاء ينحط ساجدا قائلا: الله أكبر. فيسجد سجدتين، مثل ما فعل في الركعة الأولى والثانية. أما الفجر فليس فيها ثالثة ولا رابعة، هي ركعتان، وهكذا الجمعة ركعتان، وهكذا العيد ركعتان، يقرأ فيهما ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر، برقم (452)

الفاتحة وما تيسر معها من القرآن الكريم، كما هو معلوم من سنة النبي عليه الصلاة والسلام، وبهذا تنتهي الصلاة ولا يبقى إلا التشهد فإذا فرغ من الرابعة في الظهر والعصر والعشاء، والثالثة من المغرب والثانية من الفجر والجمعة، ونحو ذلك إذا فرغ من السجدة الثانية في الركعة الأخيرة جلس للتحيات، كما قرأ في التشهد الأول يقرؤها أخيرا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سألوه، قالوا: ماذا نقول في صلاتنا إذا صلينا؟ قال: «قولوا: اللهم صل على محمد. . . . . . - إلى آخره - قال: والسلام كما علمتم (¬1)» أي في قول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. فدل على أن هذا يقال في الصلاة. وبعد هذه الصلاة يدعو بالدعوات المشهورة، ويتعوذ بالله من أربع، اللاتي تعوذ منهن النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال (¬2)» هذه صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، برقم (588).

بيان أن النساء كالرجال في كيفية أداء الصلوات

39 - بيان أن النساء كالرجال في كيفية أداء الصلوات س: إننا لم نجد من يدلنا على أداء الصلاة الصحيحة، هذا سؤال قد أجبتم على معظمه في كيفية الصلاة سماحة الشيخ، ولكن ولا سيما أن البعض يذكر أن للمرأة صورة معينة حين تؤدي صلواتها، وأيضا بالنسبة للجمعة والجماعة للمرأة أيضا، لو تكرمتم سماحة الشيخ فأرجو أن تتفضلوا بتكملة ما بدأتموه. (¬1) ج: قد سبق بيان صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في حلقتين، ووقفنا في الحلقة الثانية على ما يتعلق بالدعاء في التشهد الأخير من الصلاة، وسبق لنا أن الله جل وعلا شرع لنا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أن نقول في آخر الصلاة بعد قراءة التحيات: أن نستعيذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال. هذا مشروع للرجال والنساء جميعا في الفرض والنفل، ويستحب مع هذا أن يدعو الإنسان بما تيسر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما علم الصحابة التشهد قال: «ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (65)

فيدعوا (¬1)» وفي لفظ آخر: «ثم ليختر من المسألة ما شاء (¬2)» وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهذه الدعوات: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال (¬3)» وقال لمعاذ: «يا معاذ، إني لأحبك، فلا تدعن أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (¬4)» وثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث علي رضي الله عنه: أنه كان يقنت في آخر الصلاة قبل أن يسلم: «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت (¬5)» وثبت أيضا في صحيح البخاري عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835) (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402) (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، برقم (588). (¬4) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1522)، والنسائي في كتاب السهو نوع آخر من الدعاء، برقم (1303). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (771)

عليه وسلم كان يقول في آخر الصلاة: «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر (¬1)» فهذه الدعوات طيبة يشرع أن تقال في آخر الصلاة، بعدما يقرأ التحيات والشهادة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، يأتي بهذه الدعوات التي ذكرنا هنا وفي ما ذكرنا في آخر الحلقة السابقة. والخلاصة أنه يقول بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: أعوذ بالله من عذاب جهنم، أو اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. وإذا زاد أدعية أخرى كما تقدم فذلك حسن، مثل ما تقدم: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت. إلى غير ذلك وهكذا، الدعاء الآخر في حديث سعد: «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (6365)

فتنة الدنيا وعذاب القبر (¬1)» وهكذا الدعاء الوارد في حديث عبد الله بن عمرو في الصحيحين: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (¬2)» هذا علمه النبي صلى الله عليه وسلم للصديق رضي الله عنه، قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: إن الصديق قال: يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي. قال: «قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (¬3)» وإذا كان الصديق يقال له هذا الدعاء، فكيف بحالنا إذا كان الصديق وهو أفضل الصحابة رضي الله عنه، وهو مشهود له بالجنة، ومع هذا يعلمه النبي يقول: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (¬4)» بل هو في أشد الحاجة إلى ذلك فينبغي الإكثار من هذا الدعاء قال أنس ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (6365) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، برقم (2705). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، برقم (2705). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، برقم (2705).

رضي الله عنه: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم «ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار (¬1)» ثم ينبغي أن يعلم أن المرأة كالرجل في هذه الأشياء قال بعض أهل العلم: إن المرأة لها خصوصية، وهذا لا دليل عليه، بل ما ورد من السنة يدل على أنه مشترك بين الرجال والنساء فكما أن الرجل يقرأ الفاتحة وما تيسر معها من سور أو آيات فهي كذلك، وكما أنه يرفع عند الركوع وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول إلى الثالثة فهي كذلك ترفع يديها مثل الرجل، وكما أنه يضع يديه على صدره فهي كذلك، تضع يديها على صدرها حال القيام في الصلاة. وكما أنه يقول: سبحان ربي العظيم. في الركوع هي مثله، ويقول في السجود: سبحان ربي الأعلى. هي مثله، وتزيد في الركوع مثل الرجل: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. وتضع يديها في الركوع على ركبتيها مفرجة الأصابع، وتضع يديها في السجود على الأرض حيال منكبيها، وحيال أذنيها كالرجل، وتضع يديها في الجلوس بين السجدتين على فخذيها، أو على ركبتيها كالرجل، وتفترش رجلها اليسرى بين السجدتين، وفي التشهد الأول وفي التشهد ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ربنا آتنا في الدنيا حسنه برقم (6389)

الأخير تتورك؛ تجلس على مقعدتها وتجعل رجلها اليسرى تحت رجلها اليمنى عن يمينها، كالرجل سواء بسواء في هذه الأمور، وهذا هو الأرجح، وهذا هو المعتمد كما دلت عليه الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والسلام أيضا كذلك هذا أمر معلوم إذا فرغ من الدعاء يسلم الرجل والمرأة سواء، فيقول: «السلام عليكم ورحمة الله - عن يمينه و: - السلام عليكم ورحمة الله (¬1)» عن يساره، هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، وهذا يستوي فيه الرجل والمرأة، والفرض والنفل جميعا، ثم بعدما يسلم يقول: أستغفر الله ثلاثا اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، يقوله الرجل والمرأة، ثم ينصرف إذا كان إماما بعد هذا، ويعطي الناس وجهه ويقول بعد هذا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. وهكذا المؤمنون يقولون مثله. الرجال والنساء مثل ما يقول الإمام: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. جاء هذا تارة يقول يحيي ويميت. وتارة لا يقول عليه الصلاة والسلام، ثبت هذا وهذا فتارة ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، تفريع كتاب الركوع والسجود، باب في السلام، برقم (996)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما جاء في التسليم في الصلاة، برقم (295)، والنسائي في المجتبى، باب التطبيق، باب التكبير عند الرفع من السجود، برقم (1142).

يقول: يحيي ويميت بيده الخير. وتارة لا يقول ذلك، الأمر واسع بحمد الله، ويقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. وتارة يزيد: يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. كل هذا مستحب بعد كل صلاة للرجال والنساء. ثم يشرع بعد ذلك أن يقول: سبحان الله والحمد لله والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، الرجل والمرأة، يعقد أصابعه ثلاثا وثلاثين مرة، فيكون الجميع تسعا وتسعين، يعني ثلاثا وثلاثين تسبيحة، وثلاثا وثلاثين تحميدة، وثلاثا وثلاثين تكبيرة، إذا قال: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. وعدها ثلاثا وثلاثين مرة كانت تسعا وتسعين، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا قالها غفرت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر (¬1)» وهذا فضل عظيم، وخير كبير ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب /1 L22739 الذكر بعد الصلاة وبيان صفته /1 برقم (597)

والمعنى: إذا قال هذا مع التوبة والندم والإقلاع لا مجرد الكلام فقط، بل يقول هذا مع الاستغفار والتوبة والندم وعدم الإصرار على الذنوب، ويرجى له هذا الخير العظيم حتى في الكبائر، إذا قاله عن إيمان وعن صدق وعن توبة صادقة، وعن ندم على الذنوب فإن الله يغفر له كبائرها وصغائرها بتوبته وصدقه وإخلاصه. ويقول بعد ذلك {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (¬1) هذا يقوله الرجل والمرأة بعد الفريضة، جاء في الأحاديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قرأها بعد كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت (¬2)» والحديث فيه كلام لأهل العلم، ولكن بعض طرقه صحيحة، فالأرجح أنه ثابت، وأن هذه القراءة مستحبة، وهذه الآية يقال لها: آية الكرسي. وهي أفضل آية وأعظم آية في كتاب الله، يستحب أن ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 255 (¬2) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (8/ 114) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه برقم (7532)، والنسائي في السنن الكبرى في كتاب عمل اليوم والليلة، باب ثواب من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة، برقم (9928)

تقرأ بعد السلام بعد هذا الذكر، ويستحب أن تقرأ أيضا عند النوم، وهي من أسباب حفظ الله للعبد من الشيطان، فهي آية عظيمة ينفع الله بها العبد، وهي من أسباب دخول الجنة، إذا قالها أسباب بعد كل صلاة فريضة بعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، وهكذا يقولها عند النوم، وتكون من أسباب حفظه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قالها لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه الشيطان حتى يصبح (¬1)» وهذا فضل عظيم، كذلك يستحب له بعد هذا أن يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) والمعوذتين، يقولها المصلي والإمام والمأموم والمنفرد بينه وبين نفسه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3) و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬4) و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬5) مرة واحدة بعد الظهر والعصر والعشاء، أما بعد المغرب والفجر فيقولها ثلاثا، يقرأ هذه السور الثلاث ثلاثا، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬6) ثلاثا و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬7) ثلاثا و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬8) ثلاثا، بعد الفجر والمغرب. ويستحب أيضا بعد الفجر والمغرب زيادة أن يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء في فضل سورة البقرة وآية الكرسي برقم (2880) (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة الإخلاص الآية 1 (¬4) سورة الفلق الآية 1 (¬5) سورة الناس الآية 1 (¬6) سورة الإخلاص الآية 1 (¬7) سورة الفلق الآية 1 (¬8) سورة الناس الآية 1

قدير عشر مرات، زيادة بعد الفجر والمغرب، جاء في ذلك عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والله جل وعلا هو المسؤول أن يوفقنا جميعا للتأسي به صلى الله عليه وسلم، والمحافظة على سنته والاستقامة على دينه حتى نلقاه سبحانه وهو عنا راض.

الكتب التي تصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

40 - الكتب التي تصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم س: هل ترشدون المستمعين – سماحة الشيخ – إلى كتب معينة، يقرؤونها فيها صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم؟ (¬1) ج: نعم، كتاب ابن القيم رحمة الله عليه في: (صفة الصلاة) كتاب جيد، و: (صفة الصلاة) للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وكتاب الترغيب والترهيب و (رياض الصالحين)، و: (الجواب الكافي)، وأشياء كثيرة، والمؤمن يتحرى كتب الحديث، مثل: (رياض الصالحين)، يأتي مثل الصحيحين البخاري ومسلم، والسنن الأربع، لأن هذه اعتنت بالأحاديث و (رياض الصالحين) نقل منها وهكذا الترغيب والترهيب، مثل: صفة الصلاة للشيخ ناصر الدين الألباني، وهو من الذين اعتنوا ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (363)

بالأحاديث. نعم، وهناك رسائل في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من مطبوعاتي موزعة.

حكم تقديم أذكار الاستفتاح قبل تكبيرة الإحرام

41 - حكم تقديم أذكار الاستفتاح قبل تكبيرة الإحرام س: يقول هذا السائل: ما حكم من يقول قبل تكبيرة الإحرام: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا، وما أنا من المشركين؟ هل هذا وارد؟ (¬1) ج: لا وإنما هذا من أنواع الاستفتاح، يقوله بعد التكبير، لا قبل التكبير؛ لأن الاستفتاح أنواع منها هذا، ومنها الاستفتاح المختصر «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك (¬2)» ومنها: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد (¬3)» ومنها أنواع أخرى ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (434) (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598).

ذكر بعد إقامة الصلاة وقبل تكبيرة الإحرام

42 - حكم الذكر بعد إقامة الصلاة وقبل تكبيرة الإحرام س: يقول السائل: هل هناك ذكر مشروع بعد إقامة الصلاة، وقبل تكبيرة الإحرام (¬1)؟ ج: لا أعلم شيئا في هذا، لم يرد في هذا شيء فيما نعلم. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (427)

حكم التلفظ بالنية للصلاة

43 - حكم التلفظ بالنية للصلاة س: السائل: م. د. يقول: سؤالي يتعلق بالنية، فمثلا عندما أقف للصلاة، وأعلم أنني واقف لأداء الصلاة فهل يكفي ذلك، أم لا بد من النطق بالنية؟ وقد سمعت من بعض الناس عندما يقف لصلاة، وأثناء رفع اليدين لتكبيرة الإحرام يقول: نويت أن أصلي صلاة كذا. ويسميها بعدد ركعاتها، وجهونا في ضوء هذا السؤال (¬1) ج: النية محلها القلب، والسنة أن ينوي بقلبه فقط، ولا يتكلم بلسانه فإذا قام يصلي ناويا صلاة الظهر كفى، صلاة العصر كفى، صلاة المغرب كفى، صلاة الضحى كفى، ولا يحتاج أن يقول: نويت. فإنها بدعة، يقول: نويت أن أصلي كذا، الظهر أربعا، العصر أربعا، المغرب ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والأربعون من الشريط رقم (403)

ثلاثا. هذا بدعة، هذا لا أصل له، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمال بالنيات (¬1)» والنية محلها القلب، وما كان النبي يتلفظ بالنية، ولا أصحابه رضي الله عنهم، ويقول عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» يعني فهو مردود، فالواجب على كل مسلم أن تكون نيته في القلب، وأن لا يتلفظ بها؛ بأن يقول: نويت أن أصلي كذا. أو: نويت أن أطوف كذا. أو: نويت أن أسعى كذا. لا، النية محلها القلب ويكفي، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ برقم (1) (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718)

عدد مواضع رفع اليدين في الصلاة

44 - عدد مواضع رفع اليدين في الصلاة س: عندما أقوم في الصلاة كم مرة أرفع يدي؟ (¬1) ج: لقد دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن المشروع على المؤمن في الصلاة أن يرفع يديه في أربعة مواضع، في الرباعية ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (94)

والثلاثية: الأول عند الإحرام، فيرفع يديه مع التكبير إلى حذو منكبيه، أو إلى فروع أذنيه، هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، تارة كذا وتارة كذا. الموضع الثاني عند الركوع، يرفع يديه عند قوله: الله أكبر. حيال منكبيه، أو حيال أذنيه. والموضع الثالث عند رفعه من الركوع يرفع يديه، عند قوله: سمع الله لمن حمده. إذا كان إماما أو منفردا، ويرفع المأموم عند قوله: ربنا ولك الحمد. والموضع الرابع إذا قام من التشهد الأول، في الرباعية كالظهر والعصر والعشاء، أو الثلاثية كالمغرب، إذا قام إلى الثالثة بعد التشهد الأول يقول: الله أكبر. رافعا يديه، كل هذه ثبتت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من حديث ابن عمر، ومن حديث علي رضي الله عنه، وبعضها من أحاديث مالك بن الحويرث، ومن أحاديث أخرى.

حكم رفع اليدين بعد الرفع من الركوع

45 - حكم رفع اليدين بعد الرفع من الركوع س: في الركوع عندما تقول: سمع الله لمن حمده. هل ترفع يديك وتقول: ربنا ولك الحمد. وتضع يديك فوق الصدر؟ أي: يعيدهما إلى مكانهما السابق، أعني اليدين، نرجو الإفادة (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (94)

ج: نعم، هذا الموضع الثالث عند الرفع من الركوع، يرفع يديه إذا كان مأموما، يقول: ربنا ولك الحمد. وإن كان إماما أو منفردا قال: سمع الله لمن حمده. ثم قال بعدها: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد. يقول هذا الإمام والمأموم والمنفرد، لكن الإمام والمنفرد يختصان بقولهما: سمع الله لمن حمده. أما: ربنا ولك الحمد. . . . . . . الخ. فهذا مشترك، والمأموم يقول ذلك عند الرفع من الركوع، يقول: ربنا ولك الحمد. لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده. فقولوا: ربنا ولك الحمد (¬1)» ويضع يديه على صدره إذا رفع من الركوع، يعيدهما إلى مكانهما الأول، هذا هو الأفضل، والأرجح أن يعيدهما إلى مكانهما الأول، واضعا لهما على صدره حتى يخر ساجدا، كما كان كذلك قبل الركوع، ومن قال: إنه يرسلهما بعد الركوع فقد خالف السنة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إنما جعل الإمام ليؤتم به، برقم (689)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (411)

حكم رفع اليدين في الصلاة في كل ركعة

46 - حكم رفع اليدين في الصلاة في كل ركعة س: ما هو حكم رفع اليدين في الصلاة في كل ركعة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: السنة رفع اليدين في أربعة مواضع: عند الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول إلى الثالثة. في هذه المواضع الأربعة يستحب رفع اليدين حذاء المنكبين، أو حذاء الأذنين، فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فعل هذا وهذا عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (230)

بيان التكبيرات التي يستحب رفع اليدين عندها

47 - بيان التكبيرات التي يستحب رفع اليدين عندها س: يقول السائل: مع أي التكبيرات أرفع اليدين؟ (¬1) ج: السنة أن ترفع اليدين في التكبيرة الأولى حيال منكبيك، أو حيال أذنيك في التكبيرة الأولى، وهي تكبيرة الإحرام، وعند الركوع أيضا، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول للثالثة، في هذه المواضع الأربعة السنة رفع اليدين للرجل والمرأة جميعا حيال المنكبين، أو حيال الأذنين، تارة كذا وتارة كذا، كله ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (255)

مواضع رفع اليدين مع التكبيرات أثناء الصلاة

48. مواضع رفع اليدين مع التكبيرات أثناء الصلاة س: في أي تكبيرة ترفع اليدان أثناء الصلاة، هل هي في تكبيرة الإحرام، أم هناك مواضع أخرى؟ (¬1) ج: ترفع الأيدي في أربعة مواضع: عند الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول، هكذا جاءت الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بهذه المواضع الأربعة، ترفع عندها اليدان: التكبيرة الأولى تكبيرة الإحرام، ويرفع يديه عند الركوع، ويرفع يديه عند الرفع من الركوع، ويرفع يديه عند القيام من التشهد الأول إلى الثالثة. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (263)

بيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في وضع اليدين في الصلاة

49 - بيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في وضع اليدين في الصلاة س: يقول السائل: كيف كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في وضع اليدين في الصلاة؟ وهل علي حرج عندما أضع ذلك بين السرة والصدر؟ (¬1) ج: السنة هي وضع اليدين في الصلاة على الصدر، هذا هو المحفوظ ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (387)

عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث وائل بن حجر، ومن حديث سهل بن سعد، ومن حديث قبيصة بن هلب عن أبيه، فإنها يفسر بعضها بعضا، يروى عن علي رضي الله عنه أن «من السنة وضع اليدين تحت السرة (¬1)» لكنه حديث ضعيف عند أهل العلم، ليس بصحيح، وإنما المحفوظ وضعهما على الصدر، كما في حديث وائل بن حجر، وفي حديث قبيصة بن هلب عن أبيه، وفي حديث سهل بن سعد قال: «كان الرجل يؤمر أن يضع يمينه على ذراعه اليسرى في الصلاة (¬2)» وفسره حديث قبيصة بن هلب عن أبيه، وحديث وائل، وأن المراد: يضعهما على صدره، وأطراف يده اليمنى على ساعده على ذراعه. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (756) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (740)

موضع وضع اليدين أثناء القيام في الصلاة

50 - موضع وضع اليدين أثناء القيام في الصلاة س: يقول السائل: حدثوني عن وضع اليدين أثناء القيام، أين أضعهما؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (255).

ج: السنة وضعهما على الصدر؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث وائل، ومن حديث قبيصة بن هلب الطائي عن أبيه: «أنه كان يضعهما على صدره عليه الصلاة والسلام (¬1)» وثبت مرسلا من طريق طاوس بن كيسان التابعي الجليل، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يؤيد المرفوع، وبعض أهل العلم يرى وضعهما على السرة، وبعضهم يرى وضعهما تحت السرة، والحديث في هذا ضعيف تحت السرة والأفضل فوق الصدر. هذا هو الأفضل؛ لأن الأحاديث فيها أصح، والأمر في هذا واسع كله سنة، فلو سدلهما صحت صلاته، ولو أرسلهما كما قال بعض أهل العلم صحت صلاته، لكن السنة أن يضمهما إلى صدره ولا يرسلهما، هذا هو السنة، ولا ينبغي في هذا النزاع والخلاف والجدل والفرقة، بل ينبغي في هذا التسامح والتيسير؛ لأن الاجتماع والتعاون على الخير أمر مطلوب، والذي جعلها تحت السرة تأول قول بعض أهل العلم، وبعض الأحاديث الضعيفة، ولا ينبغي التشديد والتشنيع في هذا المقام، بل ينبغي الرفق والحكمة في هذا، والنصيحة بدون فرقة ولا اختلاف ولا تشنيع، لكن الأفضل ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار حديث هلب الطائي، برقم (21460)

للمؤمن أن يتحرى ما هو الأثبت، وما هو الأقرب إلى الصواب في مسائل الخلاف.

شرع معنى وضع المصلي كفه الأيمن على كوعه الأيسر

51 - شرع معنى وضع المصلي كفه الأيمن على كوعه الأيسر س: الأخت تسأل وتقول: ورد في كيفية وضع اليدين في الصلاة: أن يضع المصلي كفه الأيمن على كوعه الأيسر ما هو الكوع المذكور؟ (¬1) ج: نعم، جاءت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه في حال قيامه يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى، والرسغ والساعد، وفي بعضها الكوع على كوعه، والكوع هو العظم الذي يلي الإبهام، وما يلي الخنصر يقال له كرسوع، والمعنى أنه يضع يده على مفصل الكف من الذراع، فيكون وضع اليمنى على كفه اليسرى وعلى رسغها وعلى ساعدها، هذا هو السنة في حال القيام في الصلاة، وهذا يعم الرجال والنساء، وليس هناك دليل على تخصيص المرأة بشيء، بل السنة عامة، فإذا كان المصلي واقفا جعل يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (116)

والساعد، كما ثبت ذلك في حديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء في حديث سهل بن سعد: «أنه كان الرجل يؤمر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أن يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة (¬1)» وهذا يحتمل أن يكون في بعض الأحيان، يضع على الذراع، ويحتمل أنه أراد ما أراده وائل؛ لأنه إذا وضع يده على الرسغ والساعد فقد وضع يده على الذراع؛ لأن الساعد هو الذراع، فيكون كفه على مفصل الكف، وأطراف أصابعه على الساعد، فيجتمع الحديثان ولا يكون بينهما اختلاف، وبكل حال فالسنة أن يضع يده اليمنى حين قيامه للصلاة، سواء كان هذا قبل الركوع، أو بعد الركوع يكون واضعا كفه اليمنى على كفه اليسرى، وعلى رسغه وساعده في الصلاة، هذا هو السنة. فإذا ركع وضع يديه على ركبتيه، وفرج أصابعه وسوى ظهره حتى يرفع، فإذا رفع أعاد يديه كما كانتا قبل الركوع، يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى، وعلى الرسغ والساعد حتى يسجد، هذا هو المعتمد، وهذا ما دل عليه حديث وائل، وحديث سهل بن سعد، وحديث قبيصة بن هلب عن أبيه، ودل عليه أيضا ما ثبت عن ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (740)

طاوس مرسلا: من وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده اليمنى على كفه اليسرى، في حال قيامه عليه الصلاة والسلام. وأما من قال: إنه يرسل اليدين حال القيام فلا دليل له في ذلك، بل هو خلاف السنة، وهكذا من قال: يرسلهما حال قيامه بعد الركوع لا دليل له على ذلك، فالأصل أنهما على حالهما قبل الركوع، والنبي صلى الله عليه وسلم «كان إذا رفع رأسه من الركوع اعتدل حتى يعود كل فقار إلى مكانه عليه الصلاة والسلام، وكان يقوم قياما طويلا حتى يقول القائل: قد نسي (¬1)» فدل ذلك على أنه إذا رفع من الركوع يعيدهما كما كانتا؛ يضع اليمنى على اليسرى حال قيامه على صدره عليه الصلاة والسلام، كما كان قبل ذلك قبل الركوع، وعلى من زعم خلاف ذلك أن يأتي بالدليل، وإلا فالأصل أن ما بعد الركوع في حال القيام يكون مثل ما قبل الركوع، هذا هو الأصل، وهذا هو ظاهر السنة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع، برقم (800)

بيان أصح ما ورد في موضع اليمين على الشمال في الصلاة

52 - بيان أصح ما ورد في موضع اليمين على الشمال في الصلاة س: يقول: في الصلاة إن سنة النبي صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على اليسرى، واختلفت الأقوال في ذلك، نريد الوقوف

على القول الصحيح (¬1) ج: السنة أن يضع يمينه على شماله في الصلاة حال الوقوف في الصلاة، قبل الركوع وبعده، يضع اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد، هذه السنة، واختلف أهل العلم في محلها، فقيل: على صدره. وقيل: على سرته. وقيل تحت سرته. يروى في هذا أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن أصحها وأثبتها: على صدره. أصح ما ورد: على صدره. هذا هو أصح ما ورد عن وائل بن حجر، وعن قبيصة بن هلب الطائي عن أبيه، وعن طاوس مرسلا، كلها تدل على أن السنة وضع اليدين على الصدر؛ اليمنى على اليسرى على الصدر، هذا هو الأفضل، والأمر في هذا واسع إن شاء الله، ولكن تحري السنة هو الذي ينبغي، أما حديث من رواه: تحت السرة. فهو ضعيف، والأرجح منه والأصح وضعهما على الصدر، يعني على مقدم الصدر، لا يبالغ، بل إذا وضعهما على مقدم الصدر كفى، والحاصل أن هذا هو الأفضل، وهو الأرجح. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (27)

س: بعض الناس يضع يده اليمنى على اليسرى، لكن يضعهما سويا على قلبه، فيخرج مرفقه الأيسر كثيرا على اليسار (¬1) ج: ما أجد لهذا أصلا، أقول: لا أعلم في هذا أصلا. وإنما السنة أن يضع يده على كفه اليسرى والرسغ والساعد، ويضعهما على صدره، هذه السنة، وإن وضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى فلا بأس، أيضا جاء به حديث سهل بن سعد في مد اليد إلى الذراع فلا بأس، وإن جعلها على الرسغ والساعد وصارت أطرافها على الساعد فهذا هو الأفضل، وإن جعلها على الذراع فهو سنة أيضا؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد، وثبت في حديث سهل قال: «كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، قاله أبو حازم عن سهل لا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم (¬2)» رواه البخاري. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (27) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (740)

س: سؤاله يقول: ما حكم تربيع اليدين في الصلاة؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (357)

ج: لم أفهم معنى التربيع، السنة في الصلاة أن تكون يداه على صدره حال القيام، وفي الجلوس على فخذيه أو على ركبتيه بين السجدتين، والتشهد وعند السجود على الأرض، يعتمد على كفيه على الأرض حيال منكبيه، أو حيال أذنيه وحال الرفع عند الركوع يرفعهما حيال منكبيه، أو حيال أذنيه، أو الرفع من الركوع، أو التكبير للإحرام، وعند الركوع يرفع يديه حيال منكبيه، أو حيال أذنيه. أما التربيع الذي سأل عنه السائل فلا أعرف ما هو التربيع؟ لكن هذه الصفات التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم.

بيان كيفية وضع اليدين في الصلاة حال القيام

53 - بيان كيفية وضع اليدين في الصلاة حال القيام س: يسأل ويقول: لدينا مسألة خلافية في القبض والإرسال في الصلاة، هناك أدلة على القبض كثيرة، نرجو منكم توضيحا لهذه المسألة؟ (¬1) ج: السنة في الصلاة القبض حال القيام، يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى هذا هو القبض على صدره؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث وائل ين حجر: «أنه كان يضع يمينه على شماله، كفه ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (258)

اليمنى على كفه اليسرى على صدره (¬1)»، وثبت أيضا من حديث قبيصة بن هلب الطائي عن أبيه معنى ذلك، وفي صحيح البخاري رحمه الله عن سهل بن سعد، قال: «كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة (¬2)» ومعنى في الصلاة: يعنى حال القيام، كما فسره حديث وائل، وحديث قبيصة بن هلب؛ لأن الصلاة لها أحوال في الركوع يضع يديه على ركبتيه، مفرجتي الأصابع هذه السنة، في السجود يضعهما على الأرض حيال منكبيه، أو حيال أذنيه، في الجلوس يضعهما على فخذيه أو ركبتيه، فما بقي إلا حال القيام، فحال القيام يضعهما على صدره، ويكون أطرافهما على ذراعه الأيسر، أو كفه اليمنى على ذراعه الأيسر، كما في حديث سهل، وفي السنة أيضا لحديث طاوس بن كيسان اليماني، التابعي الجليل ما يوافق ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنه يضع اليمنى على كف اليسرى على صدره في الصلاة (¬3)» وهذا مرسل جيد، يوافق الأحاديث ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (759). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (740) (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (759).

الصحيحة المتصلة المرفوعة، أما إرسالها على الجنبين، كما يقول: يفعله بعض الناس. فليس عليه دليل، وإن ذهب إليه بعض المالكية، لكن هذا ليس عليه دليل، والأفضل تركه والأخذ بما دلت عليه الأحاديث الصحيحة، ولكن لا ينبغي النزاع في هذا والاختلاف والعداوة والشحناء، ينبغي التساهل في هذا والتسامح؛ لأنها سنة، لو أرخى يديه صحت صلاته، أو ضمها صحت صلاته، إنما كانت في الأفضل والسنة. وكثير من إخواننا في أفريقيا يحصل بينهم شحناء بسبب هذا، ولا ينبغي ذلك، ينبغي في هذا التسامح والدعوة إلى الخير بالرفق، وينصح إخوانه أن يضعوا أيديهم على صدورهم، من دون شدة ولا منازعة ولا هجر، بل يبين السنة ويدعو لها بحلم وصبر ورفق، وعلى من دعي إلى السنة أن يستجيب، ولا يجوز التقليد، لا يجوز أن تقلد زيدا ولا عمرا في خلاف السنة، ولو كان عظيما، ولو كان مالكا، أو كان أبا حنيفة أو الشافعي أو أحمد، طالب العلم لا يقلد العلماء، يأخذ بالدليل، إذا خفي عليه الدليل تبع أهل العلم المعروفين بالسنة والاستقامة، لكن إذا غاب الدليل من الرسول صلى الله عليه وسلم فالواجب والمشروع اتباع من معه الدليل، الذي يوافق أهل السنة، وهي واجبة الواجبات، الله يقول: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (¬1) ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 59

ويقول سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (¬1) ويقول جل وعلا {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (¬2) ويقول جل وعلا {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (¬3) فأنت مأمور بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، إذا عرفت السنة، والسنة واضحة في هذا: أن تضع كفك اليمنى على كفك اليسرى في الصلاة، وأنت قائم قبل الركوع وبعده، قبل الركوع، وهكذا بعد الركوع، إذا قمت وأنت واقف بعد الركوع تضع كفك اليمنى على كفك اليسرى على الصدر، هذا هو الأفضل، وقال جماعة من العلماء: على السرة. وقال بعضهم: تحت السرة. ولكن ليس عليه دليل صحيح، والحديث الذي روي عن علي في وضعهما تحت السرة ضعيف، والمحفوظ وضع اليدين على الصدر، هذا هو المحفوظ من حديث وائل، ومن حديث قبيصة بن هلب الطائي عن أبيه، وفي المرسل لطاوس، ويؤيده ما رواه البخاري في الصحيح عن حديث أبي حازم عن سهل بن سعد ¬

_ (¬1) سورة الشورى الآية 10 (¬2) سورة النساء الآية 59 (¬3) سورة النساء الآية 80

كما تقدم، فنصيحتي لإخواني أن يأخذوا بهذه السنة من دون شدة على الآخرين، مع الرفق والحكمة والتواصي بالسنة.

حكم سدل اليدين في الصلاة

54 - حكم سدل اليدين في الصلاة س: يقول السائل: س. أ. من اليمن: ما حكم سدل اليدين في الصلاة؟ وهل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في ذلك؟ (¬1) ج: السدل مكروه والضم هو السنة، والثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم هو ضم اليمين إلى الشمال، يضع اليمين فوق الشمال على صدره إذا كان قائما في الصلاة، أما سدلهما فهو مكروه، لكن لا يبطل الصلاة، ولا يجوز النزاع بين الإخوان، يعلم أن السدل مكروه وخلاف السنة، ولا يحتاج الأمر إلى نزاع ومخاصمات وشحناء، ولكن المؤمن يعلم أخاه، ويرشد أخاه وينصحه بالرفق والحكمة. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (387)

حكم الإسبال في الصلاة

55 - حكم الإسبال في الصلاة س: تقول هذه السائلة: ما حكم الإسبال في الصلاة؟ حيث إنه يوجد كثير من الناس يسبلون يقولون بأن الرسول صلى الله عليه وسلم

قد أسبل في الصلاة، فما صحة هذا القول؟ (¬1) ج: الإسبال إذا كان يعني به إرخاء اليدين هذا خلاف السنة، السنة أن يضع اليدين على صدره، هذه السنة، وهذا المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم، يضع اليمنى على اليسرى على صدره ولا يرسلها، وهذا يسمى إرسالا، ما يسمى إسبالا، الإسبال: هو إرخاء الثياب تحت الكعبين، الملابس والإزار والبشت (¬2) هذا يسمى إسبالا، ما يجوز للرجل، أما المرأة فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (425) (¬2) البشت هي العباءة.

س: سؤال عن الذين يصلون، وقد أسبلوا أيديهم ما حكمه؟ (¬1) ج: هذا خلاف السنة ومكروه، إسبال اليدين في الصلاة مكروه، السنة ضمهما؛ يجعل اليمنى على اليسرى فوق صدره، هذا هو السنة، أما إرسالها فهو خلاف السنة، لكن الصلاة صحيحة والعمل مكروه. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (351)

س: يسأل الأخ: ح. ع. من الرياض، ويقول: هل يصح تسبيل الأيادي عند أداء الصلاة، بدلا من أن توضع اليد اليمنى على

اليد اليسرى فوق الصدر؟ (¬1) ج: السنة الضم، الذي عليه جمهور أهل العلم: الضم، وقد صحت بذلك الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن لو أرسل يديه صحت صلاته، وفعل شيئا مكروها لا يبطل الصلاة؛ وإنما السنة أن يضم يديه إلى صدره، ويضع كف اليمنى على كف اليسرى والرسغ والساعد، كما جاءت بذلك الأخبار عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك ما رواه البخاري، وفي الصحيح: عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه، قال: لا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة (¬2)» وهذا يدل على وجوب الضم، ولكنه عند أهل العلم مستحب، الأمر ذو استحباب، ومعلوم أن محل اليدين في الصلاة معروف، في الركوع توضع على الركبتين، في السجود على الأرض، في الجلوس على الفخذين أو الركبتين، فما بقي إلا القيام، والقيام توضع اليمنى على كف اليسرى، أو ذراعها على كفها ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (241) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (740)

وذارعها، وهكذا في حديث قبيصة بن هلب الطائي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أمر المصلي أن يضع يده اليمنى على كفه اليسرى على صدره (¬1)». وهكذا في حديث وائل بن حجر عند أبي داود والنسائي، كلها تدل على أن اليمنى توضع على اليسرى، يضع الكف الأيمن على الكف الأيسر والذراع. ¬

_ (¬1) سنن الترمذي الصلاة (252)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (809).

س: يقول السائل: ألاحظ أن الناس عند أداء الصلاة ينقسمون إلى قسمين: فيما يعني وضع اليد على الصدر أو الإسدال أيهما أصح؟ وأيهما فعل الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام؟ (¬1) ج: السنة القبض، وهذا هو الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، وضع اليمنى على الشمال على الصدر، هذا هو السنة، يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى على صدره في الصلاة، هذا هو السنة، أما الإسدال فهو خلاف السنة، نسأل الله الهداية للجميع. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (250)

س: بعض الناس إذا وقف في صلاته وراء الإمام لا يضع اليد اليمنى على اليسرى، بل يقف مسبلا يديه، وهذا عند بعض الناس ربما

تكون عادة، أو مذهبا، ما هو توجيهكم جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: المشروع للمؤمن أن يضع يده اليمنى على كفه اليسرى على صدره في الصلاة، لا يسبل ولا يرسلهما، لكن لو أرسلهما فالصلاة صحيحة، ولكنه فعل مكروها لا ينبغي، وإلا فالصلاة صحيحة، المقصود أنه ترك السنة، السنة أن يضع يده اليمنى على كفه اليسرى على صدره حال كونه قائما في الصلاة، هذا هو المشروع، ولو أرسلهما صحت الصلاة وترك الأفضل. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (346)

حكم الاختلاف والنزاع المذهبي في المسائل الفرعية

56 - حكم الاختلاف والنزاع المذهبي في المسائل الفرعية س: هل تؤدي الخلافات المذهبية إلى القطيعة بين المسلمين، كما فعل أخونا حينما قاطع جماعته؛ لأن بعضهم لا يمسك بيديه في أسفل الصدر؟ (¬1) ج: أما المخالفة في الفروع فلا، المخالفة في الفروع لا توجب الفرقة والاختلاف، ولا توجب العداوة والبغضاء، فإذا كان بعض المصلين ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (165)

يطلق يديه ولا يجعلهما على صدره، ولا تحت سرته، بل يطلقهما كما هو معروف في مذهب مالك عند المالكيين فلا بأس بذلك، لا يوجب هذا عداوة ولا بغضاء؛ لأنهم تبعوا غيرهم من العلماء، وقلدوهم بذلك ولهم شبهة التقليد، فلا ينبغي التقاطع في هذا، ينبغي التساهل والتسامح والتعليم بالكلام الطيب، يوجه من فعل ذلك، إلا أن الأفضل والسنة أن يضم يده اليمنى على اليسرى على صدره، هذا هو الأفضل، وهذا هو السنة، كما ثبت ذلك في حديث وائل بن حجر، وحديث قبيصة بن هلب الطائي عن أبيه، ومرسل صحيح عن طاوس رحمه الله، المقصود أن هذا هو الصواب، وأنه يضع كفه الأيمن على كفه الأيسر على صدره، هذا هو الأفضل، ولكن إذا أرسل يديه، أو جعلهما تحت السرة فلا ينبغي أن يكون في هذا نزاع ولا مخالفة ولا قطيعة، ولا تباغض، بل إنما هو دعوة بالتي هي أحسن، ومذاكرة في هذه الأمور وأشباهها. وهكذا من لا يرفع يديه عند الركوع، أو عند الرفع منه، أو عند القيام من التشهد الأول، كل هذا وإن كان خلاف السنة، لكن لا يوجب تقاطعا ولا بغضاء ولا انشقاقا، وهكذا غير ذلك، كجلسة الاستراحة وأشباه ذلك من الأمور الفرعية التي قد يقع النزاع فيها، والخلاف فيها بين العلماء لكن من طريقة أهل العلم أنهم لا يتباغضون ولا يتقاطعون

ولا يتهاجرون، بل يتباحثون، وكل واحد يقصد الخير لأخيه، وينصح ويطلب الدليل، والله المستعان.

بيان موضع نظر المصلي في الصلاة

57 - بيان موضع نظر المصلي في الصلاة س: أثناء وقوف المصلي على سجادة الصلاة، وهو مستمر في الصلاة في هذه الحالة كيف يكون اتجاه نظره؟ هل يجوز النظر إلى السماء أو إلى الأمام، أو إلى محل سجوده؟ هذا ولكم جزيل الشكر. (¬1) ج: السنة النظر إلى محل السجود، هذا هو السنة ما دام قائما يصلي، فالسنة أن ينظر إلى موضع سجوده، ولا ينظر لا يمينا ولا شمالا، ولا إلى الأمام ولا فوق، بل جاءت السنة الصحيحة في النهي عن رفع البصر إلى السماء، وأن هذا على خطر أن يخطف بصره، فلا يرفع بصره إلى السماء، لا في دعائه ولا في صلاته في حال الصلاة، ولكن ينظر إلى موضع سجوده، وفي الحديث الصحيح «لينتهين أقوام يرفعون ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (28)

أبصارهم إلى السماء في الصلاة، أو لا ترجع إليهم (¬1)» وفي لفظ: «أو لتخطفن أبصارهم (¬2)» ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، برقم (428) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة، برقم (750)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، برقم (429)

س: أين يكون نظر المصلي وهو في الصلاة؟ (¬1) ج: السنة أن ينظر إلى موضع سجوده حال قيامه، يكون لموضع سجوده، وهكذا حال ركوعه، أما في حال الجلوس فينظر إلى محل إشارته، الجلوس للتشهد ينظر إلى يديه محل يديه؛ لأنه محل الإشارة، كما جاء في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (297)

س: تسأل السائلة وتقول: عند الركوع هل النظر يكون إلى الرجل اليمنى، أم عند مكان السجود؟ لأني قرأت أنه يكون إلى الرجل اليمنى، القدم (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (253)

ج: مثل الواقف، ينظر إلى محل السجود، لكن عند الجلوس في التشهد ينظر إلى إشارته، إلى السبابة إلى يده.

موقع النظر في المسجد الحرام أثناء الصلاة

58 - موقع النظر في المسجد الحرام أثناء الصلاة س: من يذهب إلى مكة، هل عليه أن يجعل نظره للكعبة أم إلى مكان سجوده؟ (¬1) ج: المشروع للمصلي أن ينظر إلى موضع سجوده، في مكة وفي غيرها، لكن إذا رغب أن ينظر إلى الكعبة ينظر إلى الكعبة في غير الصلاة، أما في الصلاة فيقبل على صلاته، ويخشع فيها ويطرح بصره إلى موضع سجوده، هذا هو السنة. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (377)

حكم صلاة من ينشغل بالنظر إلى الأوراق الملصقة في الجدار

59 - حكم صلاة من ينشغل بالنظر إلى الأوراق الملصقة في الجدار س: كنت في يوم واقفا في مكتب أصلي الظهر، وكان أمامي في الجدار أوراق ملصقة، وبها كتابة فنظرت إليها سهوا، وقرأت بعض بعض كلمات منها، فهل صلاتي مقبولة؟ أرجو الإفادة، جزاكم الله خيرا. (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (221)

ج: الصلاة الصحيحة، ولكن لا ينبغي للمصلي أن يشتغل عن الصلاة بالقراءة، في الجدار أو في الأرض، بل يقبل على صلاته ويجمع قلبه عليها، ويخشع فيها لربه عز وجل، كما قال سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬2) فالسنة للمصلي من رجل أو امرأة، السنة له أن يقبل على صلاته، وألا ينظر في الجدران ولا غير الجدران، بل يطرح بصره إلى موضع سجوده، ويشتغل بصلاته، يعلم أنه يناجي ربه، وأنه واقف بين يديه سبحانه وتعالى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه (¬3)» فعلى المؤمن أن يتقي الله في هذا، ويحرص على أن تكون صلاته في غاية من الإتقان، وأن يقبل عليها ويخشع فيها عند ربه عز وجل، ولا يشتغل عنها بتفكير أو مطالعة كتابة في جدار، أو أرض أو غير ذلك، ثم كونك تصلي في المكتب وحدك هذا منكر، يجب عليك أن تصلي مع الجماعة في المساجد، ولا يجوز للرجل أن يصلي في مكتبه، ولا لأهل ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 1 (¬2) سورة المؤمنون الآية 2 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب حك البزاق باليد من المسجد، برقم (405)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن البصاق في المسجد في الصلاة وغيرها، برقم (551)

المكتب أن يصلوا في مكتبهم، بل يجب على أهل المكاتب أن يصلوا مع الناس في مساجد الله، كما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬1)» وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه هم أن يحرق على من ترك الصلاة في المسجد بيته، قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة، فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (¬2)» ما قال: لا يصلون، بل قال: «لا يشهدون (¬3)»، يعني لا يشهدونها مع المسلمين في المساجد، وفي رواية أحمد: «لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت الصلاة، صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار (¬4)» فالواجب ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب صلاة الجماعة، برقم (644) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651) (¬3) صحيح البخاري الأحكام (7224)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (651)، سنن الترمذي السير (1571)، سنن النسائي الإمامة (848)، سنن أبي داود الصلاة (548)، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (791)، مسند أحمد (2/ 424)، موطأ مالك النداء للصلاة (292)، سنن الدارمي الصلاة (1274). (¬4) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578)

على كل مسلم الحذر من التخلف عن الصلاة في المساجد، والحذر من مشابهة أهل النفاق في جميع الصلوات، ولا سيما في الفجر؛ لأن كثيرا من الناس قد شابه المنافقين في ذلك، فيجب الحذر بأن تكون الصلوات الخمس كلها في المساجد، الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء كلها جميعا في المساجد، يجب على الرجل أن يصلي في المساجد مع إخوانه، ولا يجوز له أن يتخلف عنها، في بيته ولا في مكتبه، الصلاة في البيت للنساء والمرضى، أما الذي قد عافاه الله فيلزمه أن يصلي مع إخوانه في المساجد. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سأله رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني – وفي لفظ: يقودني – إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: (هل تسمع النداء بالصلاة؟) قال: نعم قال: فأجب (¬1)» وفي لفظ: «لا أجد لك رخصة (¬2)» هذا أعمى ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653) (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (552)، وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (792)

ليس له قائد، ومع هذا يقول له النبي: أجب، ليس لك رخصة. فكيف بمن عافاه الله من العمى، فكيف بحال القوي، فالواجب على كل مسلم أن يتقي الله، وأن يحذر عقوبة الله، وأن يبادر إلى الصلاة في مساجد الله مع إخوانه، ويحظى بالأجر العظيم في ذلك والسمعة الحسنة والاجتماع مع إخوانه، والتعارف والتآلف، نسأل الله للجميع الهداية.

حكم دعاء الاستفتاح

60 - حكم دعاء الاستفتاح س: الأخ: م. ص. م. من الرياض، يسأل ويقول: هل دعاء الاستفتاح واجب؟ وماذا يترتب على المصلي حال عدم التلفظ به؟ وما هي أدعية الاستفتاح الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ ج: إن دعاء الاستفتاح ليس بواجب، بل هو سنة، وله أنواع، أقصرها ما ثبت من حديث عائشة وأبي سعيد رضي الله عنهما، وجاء أيضا حديث عمر: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك (¬1)» هذا أقصرها، يشرع أن يؤتى به بعد التكبيرة الأولى، في الفرض والنفل قبل أن يقرأ، أول ما يكبر يقول هذا، ثم يتعوذ بالله من ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899).

الشيطان الرجيم، ثم يسمي، ثم يقرأ الفاتحة، وهناك استفتاحات أخرى غير هذا، منها ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يستفتح فيقول: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد (¬1)» هذا الاستفتاح عظيم ينبغي حفظه، وفي نوع ثالث أيضا مختصر، ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها عند مسلم: كان يستفتح به عليه الصلاة والسلام: «اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم (¬2)» وهذا استفتاح عظيم، وهناك استفتاحات أخرى، لكن هذه الثلاثة فيها كفاية إن شاء الله، ودعاء الاستفتاح سنة مؤكدة، وليس بواجب ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (770).

س: هل دعاء الاستفتاح واجب على المسلم أن يقرأه في النوافل وفي صلاة التراويح؟ وهل تبطل الصلاة بتركه؟ وجهونا بهذا (¬1) ج: دعاء الاستفتاح ليس بواجب، سنة، مستحب، لا تبطل الصلاة بتركه لا في النافلة ولا في الفريضة، ولكنه مستحب يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (¬2)» بعد الإحرام بعد التكبيرة الأولى، قبل أن يقرأ أو يأتي بأنواع الاستفتاحات الأخرى، مثل: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد (¬3)» وغيرها بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن أسهلها وأشهرها: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (¬4)» ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (358) (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). (¬4) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899).

س: عندما تقام الصلاة ويكبر الإمام تكبيرة الإحرام يصمت الإمام برهة، ويردد المصلون بعض الكلام، في هذه البرهة ماذا

يقولون؟ وما حكم ذلك؟ (¬1) ج: السنة إذا كبر الإمام للصلاة، وهكذا المنفرد وهكذا المأموم أن يسكتوا قليلا؛ ليأتوا بدعاء الاستفتاح، كلهم: الإمام والمأموم والمنفرد، الاستفتاح سنة في الصلاة الفريضة والنافلة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، وثبت عنه عدة استفتاحات كان يفعلها، هذا تارة وهذا تارة، عليه الصلاة والسلام، وأقصرها وأسهلها على العامة: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (¬2)» هذا يقال بعد التكبيرة الأولى، وقبل أن يقرأ وقبل أن يتعوذ، وقبل أن يسمي في جميع الصلوات، وجاءت أنواع أخرى ثابتة عنه عليه الصلاة والسلام، منها: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد (¬3)» ومنها: «اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض عالم ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (104) (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598).

الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم (¬1)» وهناك استفتاحات أخرى أطول من هذه، فإذا استفتح الإنسان بشيء منها فكله حسن، وإذا اختار الأقصر المتقدم: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (¬2)» فلا بأس قبل أن يتعوذ وقبل أن يسمي ثم يستعيذ يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. أو: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم. ثم يقول: بسم الله الرحمن الرحيم. ثم يقرأ الحمد؛ الفاتحة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (770). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899).

تفسير دعاء الاستفتاح

61 - تفسير دعاء الاستفتاح س: يسأل السائل عن تفسير دعاء الاستفتاح (¬1) ج: كل دعاء له تفسير، فقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (¬2)» معناه: تنزيه الله عن كل ما لا ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (187) (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899).

يليق به، «سبحانك اللهم وبحمدك (¬1)» يعني معناه: أنزهك يا ربي عن كل شيء لا يليق بك؛ من الشرك والصفات الناقصة؛ كالنعاس والنوم والعجز، ونحو ذلك، هو سبحانه منزه عن كل نقص وعن كل عيب، وهو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، سبحانه وتعالى. «وتبارك اسمك (¬2)» يعني: بلغت البركة النهاية، كل البركة عنده سبحانه وتعالى. «وتعالى جدك (¬3)» يعني عظمتك، يعني جد العظمة في حق الله، يعنى تعالت عظمتك يا ربنا. «ولا إله غيرك (¬4)» معناه: لا معبود بحق سواك يا الله، هو المعبود بالحق سبحانه وتعالى. وأما الاستفتاح: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد (¬5)» فهذا معناه: طلب السلامة من الذنوب، يطلب ربه أن ينقيه من الذنوب والخطايا، وأن يباعد بينه وبينها، حتى تكون توبته صادقة كاملة، ليس معها نقص ولا ذنب، فإنه إذا باعد بينه وبين خطاياه، ونقاه منها وطهره صار نقيا من الذنوب، كامل الإيمان والتقوى. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري الأذان (794)، سنن النسائي التطبيق (1123)، سنن أبي داود الصلاة (877)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (889)، مسند أحمد (6/ 230). (¬2) سنن الترمذي الصلاة (243)، سنن أبي داود الصلاة (776)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (806). (¬3) سنن الترمذي الصلاة (243)، سنن أبي داود الصلاة (776)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (806). (¬4) سنن الترمذي الصلاة (243)، سنن أبي داود الصلاة (776)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (806). (¬5) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598).

وأما معنى: «اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك (¬1)» معناه: طلب الهداية، تتوسل به أنه رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، ثلاثة من الملائكة، وهم مقدمو الملائكة وأفضل الملائكة، جبرائيل: الذي يأتي بالوحي للأنبياء، وميكائيل: الموكل بالقطر والمطر، وإسرافيل: الموكل بنفخ الصور يوم القيامة وإعادة الأرواح إلى الأجساد، هؤلاء هم مقدمو الملائكة، تتوسل بربوبية الله لهم: اللهم رب جبريل .... إلخ. فأنت بهذا تتوسل إلى الله بأنه رب هؤلاء الملائكة سبحانه وتعالى، وتتوسل إليه بأنه فاطر السماوات والأرض، يعني خالق السماوات والأرض، وأنه عالم الغيب والشهادة تتوسل إليه بهذا، أنه العالم بكل شيء، وهو فاطر المخلوقات والموجد لها سبحانه وتعالى، وأنه رب كل شيء ومليكه جل وعلا، وأنه الحاكم بين عباده في الدنيا والآخرة، هو الحاكم بينهم في الدنيا بشرعه، وفي الآخرة بحكمه العدل سبحانه وتعالى، ثم بهذا تطلب منه أن يهديك لما وقع فيه اختلاف، تقول: اهدني لما اختلف فيه ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (770).

من الحق بإذنك. تسأله أن يهديك للصواب، والحق الذي وقع فيه الخلاف بين الناس، وتتوسل إليه بأنه الذي يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، فأنت تسأله بهذه الوسائل أن يهديك إلى الحق والصواب.

حكم الجمع بين جميع الأدعية الواردة في دعاء الاستفتاح

62 - حكم الجمع بين جميع الأدعية الواردة في دعاء الاستفتاح س: تقول السائلة: ذكر النووي في كتاب الأذكار: أنه يستحب ألا يجمع بين جميع الأدعية الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستفتاح أو في الركوع. فما هو رأي سماحتكم؟ (¬1) ج: السنة أن ينوع في الاستفتاح، ما كان النبي يجمعها عليه الصلاة والسلام، تارة يستفتح بما جاء في حديث عمر: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (¬2)» وتارة ما جاء في حديث أبي هريرة: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب البيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد (¬3)» وهو في ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (191) (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598).

الصحيحين. وتارة يستفتح بما جاء في حديث عائشة: «اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم (¬1)» وهكذا يستفتح بما جاء في حديث علي: «وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا، وما أنا من المشركين (¬2)» إلى آخره وهو حديث طويل رواه مسلم في الصحيح، أو بما جاء في حديث ابن عباس في البخاري، ورواه مسلم أيضا، وهو حديث طويل: «اللهم لك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض وما فيهن (¬3)» إلى آخر الحديث الطويل. فالمؤمن ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (770). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (771) (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب التهجد بالليل، برقم (1120)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل، وقيامه، برقم (769)

والمؤمنة هكذا وهكذا، يعني تارة يستفتح بهذا، وتارة يستفتح بهذا وإن استمر على واحد فلا بأس، وأصحها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستفتح إذا كبر في الصلاة الفريضة، يقول: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد (¬1)» خرجه البخاري ومسلم في الصحيحين. أما الأذكار في الركوع والسجود فإنه يأتي منها بما تيسر، يشرع له أن يأتي بما تيسر، لكن يخص: سبحان ربي العظيم. في الركوع و: سبحان ربي الأعلى. في السجود، فيقول في الركوع: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. وإذا كررها ثلاثا فهو أفضل، والواجب مرة، وذهب الجمهور إلى أنها مستحبة فقط، ولكن ذهب جمع من أهل العلم إلى وجوب هذا الذكر: سبحان ربي العظيم. في الركوع، و: سبحان ربي الأعلى. في السجود؛ لأن الرسول حافظ عليها عليه الصلاة ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598).

والسلام، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬1)» وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لما نزل قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} (¬2) قال: «اجعلوها في ركوعكم، ولما نزل قوله: قال: اجعلوها في سجودكم (¬4)» فينبغي للمؤمن والمؤمنة المحافظة على ذلك: سبحان ربي العظيم. في الركوع، و: سبحان ربي الأعلى في السجود، والأفضل أن يكرر ذلك ثلاثا، وإن كرر أكثر فهو أفضل، ويستحب مع هذا أن يقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي في الركوع والسجود، تقول عائشة رضي الله عنها كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي (¬5)» ويستحب أن يقول: «سبوح قدوس رب ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631). (¬2) سورة الحاقة الآية 52 (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده، برقم (869) (¬4) سورة الأعلى الآية 1 (¬3) {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (¬5) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484).

الملائكة والروح (¬1)» يقوله النبي في الركوع والسجود عليه الصلاة والسلام. فإذا أتى بما تيسر من هذا كان هذا أفضل، وإذا اقتصر على البعض فلا بأس، وإن جمع الجميع فلا بأس، لكن لا يدع: سبحان ربي العظيم في الركوع و: سبحان ربي الأعلى في السجود، ولو مرة، ويستحب له أن يكثر في السجود من الدعاء؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (¬2)» يعني: حري أن يستجاب لكم. رواه مسلم في صحيحه. وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء (¬3)» رواه مسلم وغيره، فالسنة الإكثار من الدعاء في السجود، مع قول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. مع قول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. وهكذا بين السجدتين يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، «اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني (¬4)» يكرر ذلك، وإن ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (487) (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) (¬4) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين، برقم (850)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (284)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (898).

دعا بزيادة: اللهم اغفر لي ولوالدي وللمسلمين. فلا بأس كله دعاء، والسنة أن يطيل هذا الركن، وهو الجلوس بين السجدتين، كان النبي عليه الصلاة والسلام يطيله حتى يقول القائل: قد نسي. وهكذا الاعتدال بعد الركوع، السنة أن يطيل الاعتدال بعد الركوع، قال أنس رضي الله عنه: «كان النبي يطيل الاعتدال بعد الركوع، وبين السجدتين حتى يقول القائل: قد نسي (¬1)» بعض الناس ينقر هذا الركن ولا يعطيه حقه، بل يعجل، وهذا لا يجوز، بل الواجب الطمأنينة في جميع الصلاة، الركوع والسجود، والاعتدال بعد الركوع، والجلوس بين السجدتين، يجب الاعتدال في هذا والطمأنينة، أما ذكر الاعتدال بعد الركوع فلم يرد ما يدل على التكرار، لكن يأتي به إذا تيسر كله، وهو: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. هذا هو الكمال، وإذا اقتصر على قوله: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا ولك الحمد أجزأه؛ الإمام والمأموم ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع، برقم (800)

والمنفرد، لكن إذا كمل كان أفضل، وإن اقتصر على قوله: ربنا ولك الحمد ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد. فلا بأس، ولكن الواجب: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا ولك الحمد. لآن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده. فقولوا: ربنا ولك الحمد (¬1)» فدل هذا على أنه الواجب، والباقي مستحب وكمال، وهكذا الواجب بين السجدتين، يقول: رب اغفر لي. لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يحافظ على ذلك رب اغفر لي. والواجب مرة كالتسبيح في الركوع والسجود، ولكن إذا كرر ذلك ثلاثا أو أكثر كان أفضل: رب اغفر لي، رب اغفر لي. بين السجدتين، وإذا زاد: اللهم اغفر لي وارحمني، واهدني، وارزقني، وعافني، واجبرني. كان أفضل. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل اللهم ربنا لك الحمد، برقم (796)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التسميع والتمجيد والتأمين، برقم (409).

بيان أفضل الأدعية بعد تكبيرة الإحرام

63 - بيان أفضل الأدعية بعد تكبيرة الإحرام س: ما هي أفضل الأدعية التي كان يقولها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد تكبيرة الإحرام، وقبل قراءة الفاتحة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (343)

ج: أفضلها: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد (¬1)» هذا يسمى دعاء الاستفتاح، وقد ثبت عنه هذا في الصحيحين، كان يأتي به قبل أن يبدأ بالفاتحة في الفرض والنفل، وإذا جاء بالاستفتاح الثاني المختصر: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (¬2)» كفى، قد ثبت هذا أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899).

حكم الصلاة بدون قراءة دعاء الاستفتاح

64 - حكم الصلاة بدون قراءة دعاء الاستفتاح س: هل تجوز الصلاة بدون قراءة دعاء الاستفتاح في أول الصلاة؟ (¬1) ج: الاستفتاح سنة، مستحب، ولو صلى ولم يستفتح صلاته صحيحة عند جميع العلماء، الاستفتاح سنة مستحبة، والاستفتاح أن يقول بعد التكبيرة الأولى: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (231)

جدك، ولا إله غيرك (¬1)» هذا يسمى الاستفتاح بعد التكبيرة الأولى؛ تكبيرة الإحرام، وإن استفتح بغير هذا مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو حسن، مثل: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد (¬2)» هذا صحيح أيضا، رواه البخاري ومسلم في الصحيحين، كان يستفتح به النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات. وهناك استفتاحات أخرى صحت عنه عليه الصلاة والسلام، والحاصل أنه إذا استفتح بشيء مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قبل القراءة فهو مستحب وسنة، ولو ترك ذلك فلا حرج عليه، تكون صلاته صحيحة، والقنوت في الوتر سنة، من فعله فهو أفضل، ومن ترك فلا حرج، من جاء بدعاء الاستفتاح وجاء بالقنوت في الوتر فهو السنة، ومن ترك فلا حرج عليه، من فعل السنة فله ثوابها، ومن ترك فلا حرج عليه مثل صلاة الراتبة في الظهر، وصلاة الراتبة في المغرب، وصلاة راتبة العشاء، وصلاة راتبة الفجر، الرواتب ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598).

صلاة الضحى، من أتى بها حصل أجرها، ومن تركها فاته أجرها.

س: ما حكم من لم يقرأ دعاء الاستفتاح في الصلاة؟ (¬1) ج: لا حرج عليه، دعاء الاستفتاح مستحب، وليس بواجب، فمن قرأه أجر، ومن تركه فلا شيء عليه. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (409)

حكم دعاء الاستفتاح في النوافل

65 - حكم دعاء الاستفتاح في النوافل س: هل دعاء الاستفتاح في النوافل سنة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: دعاء الاستفتاح سنة في الفريضة والنافلة جميعا، في التراويح، في النوافل، في صلاة الضحى، مثلما يستفتح في الفريضة يستفتح في النافلة، هذا هو السنة؛ لأن الرسول قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬2)» ولم يفرق بين النافلة والفريضة، والأصل أنهما سواء إلا بدليل. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (284) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631).

حكم الاستفتاح بقوله تعالى قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله

66 - حكم الاستفتاح بقوله تعالى: قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ... الآية س: هل هذا صحيح: دعاء الاستفتاح عندما أقول:

{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬1) {لَا شَرِيكَ لَهُ} (¬2) (¬3) ج: كان النبي يفعلها في الليل، كان يقول إذا قام من الليل، يقول: «وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا، إن صلاتي ونسكي ... (¬4)» إلى آخره، هذا من دعاء الاستفتاح في الليل، فعله النبي صلى الله عليه وسلم، أما في الفريضة فالأفضل: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (¬5)» أو «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد (¬6)» هذا المحفوظ عنه في صلاة الفريضة، عليه الصلاة والسلام، أما الاستفتاح المطول كان يفعله في الليل عليه الصلاة والسلام في التهجد. ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 162 (¬2) سورة الأنعام الآية 163 (¬3) السؤال السابع والسبعون من الشريط رقم (425) (¬4) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (771) (¬5) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). (¬6) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598).

حكم الاستعاذة بعد تكبيرة الإحرام ودعاء الاستفتاح

67 - حكم الاستعاذة بعد تكبيرة الإحرام ودعاء الاستفتاح س: تقول السائلة: عندما أبدأ بالصلاة، وقبل أن أكبر أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم البسملة، ثم أكبر، وأعيد هذه الاستعاذة والبسملة بعد التكبيرة ودعاء الاستفتاح، فهل يصح مني هذا، أم أن هذه الطريقة غير صحيحة؟ (¬1) ج: السنة أن تكتفي بالاستعاذة والتسمية بعد التكبير بعد الاستفتاح عند بدء القراءة، أما الإتيان بالاستعاذة والتسمية أول الصلاة ما عليه دليل، لكن إذا كبرت وأتيت بالاستفتاح: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (¬2)» أو باستفتاح آخر من الاستفتاحات الصحيحة بعدها تقولين: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله ثم تقرئين الفاتحة، هذا المشروع، أما تأتين بها قبل التكبير ليس لها أصل. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (366) (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899).

حكم الدعاء قبل تكبيرة الإحرام

68 - حكم الدعاء قبل تكبيرة الإحرام س: إذا أقيمت الصلاة هل هناك دعاء يدعو به المصلي قبل تكبيرة الإحرام؟ (¬1) ج: لا نعلم شيئا في ذلك، وقد سئل الإمام أحمد عن هذا فأجاب بأنه لا يعلم شيئا في هذا، فإذا دعا بشيء فلا بأس، لكن ليس هناك شيء معروف سنة، فإذا دعا بشيء: اللهم اغفر لي وارحمني. أو: أنجني من النار أو: تقبل مني لا نعلم فيه شيئا فهو مستحب. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (224)

حكم الجهر بالدعاء قبل بدء الصلاة

69 - حكم الجهر بالدعاء قبل بدء الصلاة س: يقول السائل: عندما تقام الصلاة في الظهر – مثلا – أو العصر يجهر الإمام بصوت مرتفع قبل بدء الصلاة بالدعاء، وكذلك المصلون يدعون خلفه، وعند بدء الصلاة في بعض الأحيان يجهر الإمام أثناء سجوده، وفي التشهدين فما حكم ذلك؟ (¬1) ج: أما جهره بالدعاء قبل الصلاة ما نعلم له أصلا، وإنما يشرع الدعاء ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (245)

بالاستفتاح بعد الإحرام، إذا كبر يأتي بالاستفتاح سرا بينه وبين ربه: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (¬1)» هذا نوع من الاستفتاح، الإمام والمنفرد والمأموم بعد التكبيرة الأولى، وقبل القراءة. أو يأتي باستفتاح آخر صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قوله: «(اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد (¬2)» هذا أيضا صحيح. وهناك أنواع من الاستفتاحات صحيحة، إذا أتى بواحد منها حصلت به السنة، أما دعوات قبل أن يكبر، يرفع بها صوته هو والمأموم فلا نعلم لهذا أصلا، بل هو بدعة، وهكذا ما يفعله بعد ذلك أثناء سجوده يجهر فهو غير مشروع، بل يدعو بينه وبين ربه ولا يجهر، وهكذا المأموم، الدعاء في السجود مستحب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (¬3)» ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482)

ويقول صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (¬1)» لكن يكون بينه وبين ربه، لا يجهر جهرا يؤذي من حوله، يشوش على من حوله، المأموم والإمام، وهكذا المنفرد، الدعاء سر في السجود، أما الجهر اليسير الذي قد يسمعه من حوله لا يضر، لكن الأفضل له ألا يشوش على من حوله إذا كان مأموما، يكون الدعاء بينه وبين ربه، لا يجهر به جهرا يشوش على من حوله، هذا هو المشروع. كذلك لا يشرع الجهر بالتشهدين، بل يقرأ التشهدين سرا، هكذا السنة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479)

حكم قراءة البسملة والاستعاذة بعد تكبيرة الإحرام

70 - حكم قراءة البسملة والاستعاذة بعد تكبيرة الإحرام س: يقول السائل: ما حكم قراءة البسملة والاستعاذة في الصلاة بعد تكبيرة الإحرام، وقبل قراءة الفاتحة؟ وما حكم قراءتهما قبل السورة التي تقرأ بعد الفاتحة إذا قرأ المصلي بعد الفاتحة بأول السورة، أو قبل الآيات إذا لم يقرأ المصلي بعد الفاتحة بأول السورة؟ وهل الأفضل أن تكون قراءتهما سرا أم جهرا؟ وهل

تقرآن في جميع ركعات الصلاة؟ وهل يأثم المصلي إذا لم يقرأهما في الحالات التي أشرت إليها أعلاه؟ (¬1) ج: السنة أن يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويسمي عند بدء قراءة الفاتحة، في أول الصلاة بعد الاستفتاح أولا يكبر: الله أكبر. هذه التكبيرة الأولى وهي تكبيرة الإحرام، سواء كان إماما أم مأموما، أو منفردا، ثم يأتي بالاستفتاح الإمام والمأموم والمنفرد، والاستفتاح أنواع، أخصرها ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه استفتح بهذه الكلمات: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (¬2)» هذا الاستفتاح أخصرها. وقد جاء هذا الاستفتاح من حديث عائشة، ومن حديث أبي سعيد، ومن حديث عمر رضي الله عنه. ثم يستعيذ يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم. ثم يقرأ الحمد؛ الفاتحة، الإمام والمأموم والمنفرد، الذكر والأنثى، وهناك استفتاحات ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم غير هذا، منها قوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (247) (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899).

والمغرب، اللم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد (¬1)» هذا ثابت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه استفتح بهذا قبل أن يتعوذ، وقبل أن يسمي بعد الإحرام. وهناك استفتاحات أخرى، إذا أتى بواحدة منها مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم كفى، ولكن أخصرها وأسهلها على العامة: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (¬2)» ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أو: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم. سرا، هذا هو الأفضل ولو في الجهرية، ولو في المغرب والعشاء، يقرؤها سرا، هذه هو الأفضل، كان النبي يسر بهما عليه الصلاة والسلام، ثم يقرأ الفاتحة، وهكذا في السورة بعد الفاتحة، يأتي بالتسمية فقط، ليس فيه حاجة للتعوذ، يكفي في أول القراءة التعوذ، فإذا قرأ بعد الفاتحة سورة سمى، وإن كانت آيات فلا حاجة إلى تسمية ولا تعوذ، يقرأ من دون شيء؛ لأن التسمية والتعوذ الذي حصل قبل الفاتحة كاف، يقرأ بالآيات ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899).

من دون تسمية ولا تعوذ بعد الفاتحة. وهكذا في الصلوات الأخرى، جميع الصلوات يتعوذ عند قراءة الفاتحة ويسمي، ثم بعد ذلك إن كانت سورة سمى في أولها، وإن كانت آيات قرأها من دون حاجة إلى تسمية ولا تعوذ، كفى التعوذ الأول عند أول القراءة، وفي الركعة الثانية والثالثة والرابعة تكفي التسمية؛ لأن الاستعاذة كفت في أول الصلاة؛ لأن القراءة في الصلاة كالقراءة الواحدة، يكفي التعوذ الأول، وإن تعوذ في الثانية والثالثة والرابعة فلا بأس، الأمر واسع بحمد الله، وإن تعوذ مع التسمية فلا بأس، قاله بعض أهل العلم. والصحيح أنه يكفي التعوذ الأول في الركعة الأولى، ويعيد التسمية عند قراءة الفاتحة في كل ركعة، وعند قراءة كل سورة في كل ركعة، أما إن كانت آيات فإنه لا يعيد التسمية ولا يعيد الاستعاذة، يكفي أن يقرأ من دون استعاذة، إذا حصلت الاستعاذة في أولها، والتسمية عند أول السورة والآيات، لا يسمي في أولها، لا يشرع، إنما يتعوذ عند أول القراءة بالآيات، يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لقول الله سبحانه: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (¬1) وإن سمى فلا حرج في أول الآيات؛ لقوله صلى الله ¬

_ (¬1) سورة النحل الآية 98

عليه وسلم: «كل كلام أو أمر ذي بال لا يفتح بذكر الله عز وجل فهو أبتر أو قال أقطع (¬1)» لكن الأفضل في قراءة الآيات أن يبدأ بالتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أما إذا كانت سورة تعوذ وسمى عند أول القراءة، أما في الصلاة فيكفيه التعوذ عند أول الفاتحة، هذا هو الأفضل، وتكفيه التسمية إذا كانت آيات بعد الفاتحة، فإن كانت سورة يعيد التسمية سرا، وإن جهر بعض الأحيان للتعليم، مثل الإمام يجهر بعض الأحيان حتى يعلم من وراءه أن هناك تسمية، وهناك تعوذا، هذا لا بأس به، فعله بعض الصحابة رضي الله عنهم، وفعله أبو هريرة رضي الله عنه، وذكر أنه يصف صلاة النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا فعل الإمام بعض ذلك الجهر، بالاستعاذة حتى يسمعه من حوله، أو بالتسمية حتى يسمعه من حوله بعض الأحيان للتعليم فلا حرج في هذا. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه برقم (4895)

حكم الاستعاذة والبسملة في كل ركعة

71 - حكم الاستعاذة والبسملة في كل ركعة س: تسأل أختنا وتقول: هل يلزم الالتزام بالاستعاذة والبسملة في كل ركعة من ركعات الصلاة، أم يكفي ذلك في الركعة الأولى؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (156)

ج: أما التسمية فسنة في كل الركعات، إذا كانت تقرأ سورة مستقلة تسمي قبلها، أما الاستعاذة سنة في الركعة الأولى، أما الركعات الأخرى اختلف فيها العلماء، هل تشرع الاستعاذة أم لا؟ فمن استعاذ فلا بأس، ومن ترك فلا بأس في الركعات الأخرى، لكن تشرع الاستعاذة في الركعة الأولى بتأكيد، وهكذا التسمية، أما في الركعات الأخرى فإن المصلي يسمي -رجلا أو امرأة-، يسمي إذا افتتح سورة، أما إذا كان يقرأ بعض آيات فلا حاجة إلى التسمية، تكفي التسمية الأولى عند قراءته الفاتحة.

س: بعض الناس يقولون: الاستعاذة قبل الفاتحة قبل كل ركعة، ولا يكتفى بها عند البداية في الصلاة. (¬1) ج: المشهور عند العلماء أنه يكتفى بها في الأولى، في الركعة الأولى يستعيذ ويسمي، وفي البقية يسمي مع السورة، وإن استعاذ في كل ركعة فالأمر واسع، فإن استعاذ وسمى قبل الفاتحة في كل ركعة، فالأمر واسع، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (355)

حكم قراءة البسملة في الصلاة عند قراءة الفاتحة

72 - حكم قراءة البسملة في الصلاة عند قراءة الفاتحة س: هل قراءة: بسم الله الرحمن الرحيم. في الصلاة عند قراءة الفاتحة واجبة، أم سنة؟ (¬1) ج: قراءة التسمية عند قراءة الفاتحة، أو غيرها من السور سنة في الصلاة وخارجها، وليست واجبة، هذا هو الصواب. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (227)

حكم الجهر بالبسملة في الصلاة

73 - حكم الجهر بالبسملة في الصلاة س: الأخ: أ. ع. ن. م. من الجمهورية العربية اليمنية، يسأل ويقول: ما هو الحكم في الجهر بالبسملة في الصلاة؟ وبم نرد على من يقول: إن ذلك هو مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه، وهل هي آية في سورة (الفاتحة)؟ وإذا لم تكن آية فلماذا هي مرقمة بالرقم واحد في سورة (الفاتحة) في المصحف؟ (¬1) ج: الصواب أن البسملة ليست آية من الفاتحة، ولا من غيرها من السور، ولكنها آية مستقلة، أنزلها الله فصلا بين السور، علامة أن السورة ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (207)

التي قبلها انتهت، وأن الذي بعدها سورة جديدة، هذا هو الصواب عند أهل العلم، وترقيمها في بعض المصاحف أنها الأولى غلط ليس بصواب، والصواب أنها ليست من الفاتحة، إنما أول الفاتحة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬1) هذه الآية الأولى، {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (¬2) الثانية، {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (¬3) الثالثة، {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬4) الرابعة، {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (¬5) هي الخامسة {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (¬6) هذه هي السادسة، {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} (¬7) هي السابعة. أما التسمية فهي آية مستقلة فصل بين السور، ليست من الفاتحة، ولا من غيرها من السور في أصح قولي العلماء، إلا أنها بعض آية من سورة (النمل)، من قولة تعالى: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (¬8) ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 2 (¬2) سورة الفاتحة الآية 3 (¬3) سورة الفاتحة الآية 4 (¬4) سورة الفاتحة الآية 5 (¬5) سورة الفاتحة الآية 6 (¬6) سورة الفاتحة الآية 7 (¬7) سورة الفاتحة الآية 7 (¬8) سورة النمل الآية 30

فهي بعض آية من سورة النمل، ولكنها آية مستقلة أنزلها الله فصلا بين السور، وليست آية من الفاتحة، وليست آية من غيرها، ولكنها بعض آية من سورة (النمل)، هذا هو الصواب الذي عند أهل العلم. أما الجهر بها فالأولى عدم الجهر؛ لأن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يجهر بها، ثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله تعالى عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يفتتحون القراءة بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬1) وفي رواية أهل السنن لا يجهرون بـ (بسم الله الرحمن الرحيم)، فالمقصود أنهم يبدؤون بالحمدلة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬2). فدل ذلك على أنهم كانوا يسرون، يعني النبي صلى الله عليه وسلم والصديق وعمر كانوا يسرون في التسمية، وجاء من طريق أبي هريرة ما يدل على أنه قد يجهر بها؛ لأنه جهر رضي الله عنه بالتسمية، ولما صلى قال: «إني أشبهكم صلاة ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 2 (¬2) سورة الفاتحة الآية 2

برسول الله صلى الله عليه وسلم (¬1)» فاحتج بهذا بعض الناس على أنه يجهر بها، ولكن ليس حديث أبي هريرة صريحا في ذلك، ولو ثبت التنصيص على ذلك فيحمل على أنه كان في بعض الأحيان، والأكثر منه صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يجهر جمعا بين الروايات، فالأفضل والأولى عدم الجهر، إلا إذا فعله الإنسان بعض الأحيان، جهر بها؛ ليعلم الناس أنه يسمي، وليعلم الناس أنها مشروعة، أن يسمي الإنسان سرا بينه وبين ربه، هذا حسن. والرد على من يقول: إن ذلك هو مذهب الإمام الشافعي. بأن هذا يحتاج إلى مراجعة نصوص الشافعي رحمه الله، فلعل الشافعي رحمه الله إذا ثبت عنه أنه قال ذلك أخذ برواية أبي هريرة حين سمى وجهر، ولما فرغ من الصلاة قال: إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم. فهذا ظاهره؛ أن النبي جهر؛ لأن أبا هريرة جهر، وقال: إني أشبهكم صلاة برسول الله. فالجهر بها جائز، ولكن الأفضل عدم الجهر ¬

_ (¬1) أخرجه الحاكم في المستدرك (1/ 357)، حديث رقم (849)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 46)، باب افتتاح القراءة في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم والجهر بها .. ، حديث رقم (2221)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 251)، حديث رقم (499)

ولا ينبغي فيها النزاع، ينبغي أن يكون الأمر فيها خفيفا، والأفضل تحري سنة الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم الجهر، وإذا جهر بعض الأحيان من أجل حديث أبي هريرة، أو من أجل التعليم؛ ليعلم الناس أنها تقرأ، فلا بأس بذلك. قد جهر بها بعض الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.

س: أ. ح. ع. ع. من السودان، يسأل ويقول: هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالبسملة في الصلاة عند قراءة الفاتحة، أم كان يسر بها، أم كان لا يقرؤها أبدا في الصلاة؟ وما حكم من جهر بالبسملة في الصلاة؟ (¬1) ج: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يجهر بها، وكان يقرؤها سرا، كما أخبر بهذا أنس رضي الله عنه، وهكذا كان الصديق وعمر وعثمان، كانوا يسرون بها، وجاء عن بعض الصحابة أنه كان يجهر بها، فالأمر فيها واسع، فمن جهر فلا بأس، ولكن الترك أفضل، والسنة الإسرار بها وعدم الجهر بها؛ اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، لكن إذا فعلها بعض الأحيان ليعلم الناس أنها تقرأ؛ يعلم من حوله أنها تقرأ فلا بأس بذلك جهرا خفيفا، حتى يعلم الناس أنها تقرأ، ولكنها ليست لازمة، لو ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (182)

قرأ بدون بسملة صحت القراءة؛ لأنها سنة، كونه يقول: بسم الله الرحمن الرحيم. سنة قبل الفاتحة، وقبل غيرها من السور، سنة غير واجبة، لا في الصلاة ولا في غيرها، إلا قبل (البراءة)، فلا تقرأ قبل سورة براءة (التوبة)، إذا بدأ بالتوبة يقرأ التعوذ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ولا يقرأ بالتسمية في أولها؛ لأنها لم تشرع فيها.

س: هل من السنة الجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية، أم الإسرار، مع الدليل؟ (¬1) ج: السنة الإسرار، كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر بها، كما ثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، وهكذا عن الصديق وعن عمر، كان يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد، ولا يجهر بالبسملة ولا بالتعوذ، وهذا هو الأفضل، عدم الجهر بالتعوذ، وعدم الجهر بالتسمية. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (424)

س: ما حكم من يجهر بالبسملة؟ هل هذا فيه محذور؟ (¬1) ج: لا مانع من الجهر بالبسملة، ولكن السر بها أفضل، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يسر بالبسملة، وهكذا كان الصديق وعمر ¬

_ (¬1) السؤال الثامن في الشريط رقم (63)

وعثمان يسرون بها، هذا هو الأفضل، وإذا جهر بها بعض الأحيان فقد فعل هذا بعض الصحابة رضي الله عنهم، وقد روي هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن المحفوظ عنه هو السر عليه الصلاة والسلام، روي عنه أنه كان يسر بها، كما قال أنس رضي الله عنه: «صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا لا يجهرون بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) (¬1)» فمن جهر بها بعض الأحيان فلا بأس، لكن الأولى والأفضل أن يسر بها في الغالب؛ اتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم، وتأسيا بالسلف الصالح رضي الله عنهم، وأخذا بالأحوط والأفضل. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة، برقم (399)

س: لقد تقدمت إماما في مسجد في مزرعة، وكنا مجموعة من العمال، وبعد أن قرأت البسملة جهرا تركنا أحد المصلين وخرج من الصف، ولم يصل معنا جماعة، نرجو إذا كان في الجهر في البسملة شيء يجانب الصواب. أفتونا في ذلك وفقكم الله (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (35)

ج: البسملة يجوز الجهر بها، والأفضل السر بها، وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يسر بها، وهكذا الصديق وعمر وعثمان رضي الله عنهم، فالسنة الإسرار بها، وأن تقرأها سرا بينك وبين نفسك قبل الفاتحة، وقبل كل سورة، ولا تجهر بها، ولكن لو جهر بها الإمام فلا حرج، ولا ينبغي ترك الصلاة من أجل ذلك، والانصراف من الصلاة من أجل ذلك، هذا غلط، وليس عنده بصيرة، والجهر بالبسملة لا يضر الصلاة ولا حرج فيه، ولكنه خلاف الأفضل، فالأفضل السر بها.

س: إذا أردت الاستعاذة والبسملة في الصلاة فهل أجهر، أم تكون سرا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: السنة سرا، الإمام والمنفرد والمأموم، يأتي بالاستعاذة والبسملة سرا، هذا هو الأفضل. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (309)

س: هل التسمية بالصلاة الجهرية سرا أم جهرا؟ (¬1) ج: السنة سرا، كان النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعمر لا يجهرون بالبسملة، يجهر بـ (الحمد لله)، أول ما يقرأ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬2) ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (423) (¬2) سورة الفاتحة الآية 2

يسرون بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) والتعوذ، هكذا ثبت في الأحاديث الصحيحة عن أنس وغيره: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان، وهكذا أبو بكر وعمر، لا يجهرون بالبسملة، أول ما يسمعون الناس: «الحمد لله (¬1)» ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة، برقم (399)، والمتن جزء من الآية الأولى من الفاتحة.

حكم صلاة من نسي البسملة قبل الفاتحة

74 - حكم صلاة من نسي البسملة قبل الفاتحة س: هل تصح صلاة من نسي البسملة في قراءة الفاتحة؟ (¬1) ج: نعم، البسملة ليست من الفاتحة، هي آية مستقلة، يشرع له المجيء بها عند قراءة الفاتحة، وعند قراءة كل سورة من القرآن، يقرأ في أولها: بسم الله الرحمن الرحيم. إلا سورة (براءة)، فليس أمامها بسملة، وإذا بدأ يبدأ بالتعوذ، يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ولا يقرأ، وأما بقيه السور، وهي مائة وثلاث عشرة سورة، ماعدا سورة (التوبة) فإنه يقرأ في أولها: بسم الله الرحمن الرجيم. فإن القرآن مائة وأربع عشرة سورة، يسمي في أول كل سورة ما عدا (براءة)، وهذه ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (131)

التسمية سنة مؤكدة، فلو تركها ولم يقرأ بها صحت صلاته؛ لما ثبت في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ بقراءة الفاتحة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬1) وهكذا الصديق، وهكذا عمر، وهكذا عثمان، لم يذكروا التسمية في بعض الروايات، لا في أول القراءة، ولا في آخرها، واحتج به العلماء على أنها غير متعينة؛ إذ لو تعينت لنبه النبي عليها عليه الصلاة والسلام، ولجهر بها، فلما أسر بها دل على أنها غير متعينة. لكن يشرع للمؤمن أن يقرأها سرا في الجهرية، ويقرأها في السرية أيضا، لكن تكون في الجهرية سرا؛ لأن الرسول ما كان يجهر بها عليه الصلاة والسلام، فالأفضل والسنة للمؤمن والمؤمنة قراءة التسمية، لكن سرا في الجهرية والسرية جميعا. ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 2

حكم صلاة من لا يقرأ البسملة في الفاتحة

75 - حكم صلاة من لا يقرأ البسملة في الفاتحة س: أسمع بعض الناس في الصلاة الجهرية يبدأ بالفاتحة مباشرة دون أن يسمي، أي لم يذكر البسملة، فما هو التوجيه في هذا (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (104)

ج: المشروع للمؤمن والمؤمنة أن يبدأ بالتعوذ، ثم التسمية ثم القراءة، فإذا كبر للصلاة أولا: يستفتح بما شرعه الله من الاستفتاحات التي ثبتت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومنها وهو أقصرها: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (¬1)» ومنها: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد (¬2)» وهناك استفتاحات أخرى ثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فالأفضل أن يستفتح بواحد منها، هذا هو الأفضل، وإن ترك ذلك فلا حرج، ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. أو أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم. ثم يقول: بسم الله الرحمن الرحيم. ثم يقرأ الفاتحة، هذا هو المشروع، ولو قرأ من دون استفتاح ولا تعوذ، ولا تسمية صحت القراءة؛ لأن التسمية سنة، والتعوذ سنة والاستفتاح سنة، لكن الأفضل له والسنة له أن يأتي بهذه الأمور، يستفتح ثم يستعيذ ثم يسمي، ثم يقرأ، هذا هو المشروع ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وأبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بـ " سبحانك اللهم وبحمدك "، برقم (776)، والنسائي في المجتبى، كتاب الافتتاح نوع آخر من الذكر بين افتتاح الصلاة وبين القراءة، برقم (899). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598).

وهذا هو الكمال.

حكم الجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية

76 - حكم الجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية س: يسأل أخونا عن الصلاة الجهرية، ويقول: لم أسمعهم يذكرون: بسم الله الرحمن الرحيم. في الصلاة الجهرية (¬1) ج: السنة في الجهرية ألا يجهر، يقرأ التسمية والتعوذ لكن سرا، هذا هو الأفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسر بها، وهكذا خلفاؤه الراشدون: الصديق وعمر وعثمان وعلي، كانوا يسرون، فالسنة الإسرار بها، وقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه ما يدل على أن الرسول ربما جهر بها عليه الصلاة والسلام في بعض الأحيان، فإذا جهر بها الإنسان في بعض الأحيان للبيان والتعليم فلا حرج في ذلك، ولكن الأفضل أن يكون الغالب عليه أن يسر بها؛ اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام في ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (104)

س: سمعت بعض المصلين في بداية سورة (الفاتحة) يبدؤون بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬1) بدون: بسم الله الرحمن الرحيم والبعض الآخر يسمي، فمن هو الذي على صواب؟ (¬2) ج: المشروع للإمام والمأموم والمنفرد، لكل قارئ أن يسمي في الفاتحة، وفي غيرها من السور، يبدأ بالتسمية إلا في (براءة)، وهي سورة (التوبة)، فإنها تبدأ بالتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، لم يرد فيها التسمية، وأما بقية السور فإنك تبدؤها بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) لكن في الصلاة تسر بها. ولو كان بالجهرية كالمغرب والعشاء والفجر، يسر بها المصلي، ويبدأ جاهرا بـ (الحمد لله) يجهر بالحمد، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر بها والصحابة، كانوا يسرون بها، فإذا أراد القراءة، وهو في المغرب والعشاء والفجر والجمعة يسر بالتسمية، ويبدأ بقوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬3) جاهرا، أما في الظهر والعصر فيسر في الجميع، وهكذا في الثالثة والرابعة من العشاء والمغرب، لكن في الفجر ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 2 (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (323) (¬3) سورة الفاتحة الآية 2

والجمعة، والأولى والثانية من المغرب والعشاء فيسر بالبسملة ويجهر بالحمد، وبقية السور والآيات، هذا هو السنة، قال أنس رضي الله عنه: «كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يبدؤون القراءة بـ (الحمد لله) لا يجهرون بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) (¬1)» ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة، برقم (399)

حكم قراءة الفاتحة في الصلاة

77 - حكم قراءة الفاتحة في الصلاة س: هل قراءة الفاتحة في كل ركعة واجبة؟ وهل يغني عنها شيء؟ (¬1) ج: قراءة الفاتحة ركن من كل ركعة للإمام والمنفرد، واجبة في حق المأموم في كل ركعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬2)» فعلى الإمام أن يقرأها في كل ركعة، وعلى المنفرد أن يقرأها في كل ركعة، وعلى المأموم أن يقرأها في كل ركعة، لكن في حق المأموم واجبة لو نسيها سقطت بخلاف الإمام والمنفرد، فإنها لا بد منها، لا تسقط لا جهلا ولا نسيانا، بل عليه أن يؤديها الإمام والمنفرد في كل ركعة. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (418) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (394).

س: يقول السائل: من لم يقرأ الفاتحة في صلاته كيف توجهونه؟ (¬1) ج: أما إذا كان إماما أو منفردا فإن صلاته غير صحيحة، لا بد أن يعيدها؛ لأن الفاتحة ركن الصلاة، أما إذا كان مأموما فإن العلماء اختلفوا في المأموم، هل تلزمه الفاتحة أم لا؟ والأكثرون على أنها لا تلزمه؛ لأن إمامه يقوم مقامه في ذلك، والصواب أنها تلزمه، يقرؤها ولو مع الإمام، ثم ينصت إذا كان في الصلاة الجهرية؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬2)» ولأنه عليه الصلاة والسلام قال: «(لعلكم تقرؤون خلف إمامكم) قلنا: نعم. قال: (لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها) (¬3)» هذا نص في المأمومين، وهو صحيح، فوجب الأخذ به، لكن لو فاته القيام؛ لأنه تأخر لم يأت إلا في الركوع أجزأه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل أبو بكرة والنبي راكع، فركع دون الصف ثم دخل في الصف لم يأمره بقضاء الركعة؛ لأنه معذور بفوات القيام، ومثله من كان مع الإمام ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (244) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (394). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب، برقم (823)

وسها عن قراءة الفاتحة، أو يعتقد قول الجمهور: أنها لا تجب عليه. فصلاته صحيحة، أو جاهلا بالحكم الشرعي، فلم يقرأ يحسب أنه لا يلزمه القراءة مع الإمام هذا صلاته صحيحة، كالذي جاء والإمام راكع.

حكم سكوت الإمام بعد قراءة الفاتحة

78 - حكم سكوت الإمام بعد قراءة الفاتحة س: يقول هذا السائل: بما أن الصلاة ليس فيها سكوت، فماذا يقول الإمام في السكتة التي تلي قراءة الفاتحة، بالنسبة للصلاة الجهرية؟ (¬1) ج: ما فيها شيء، إذا سكت سكتة خفيفة يقرأ المأموم فيها الفاتحة، وهو لا يقرأ شيئا. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والخمسون من الشريط رقم (433)

وقت البدء في دعاء الاستفتاح للمأموم

79 - وقت البدء في دعاء الاستفتاح للمأموم س: عندما تكون الصلاة جهرية هل يبدأ المأموم بدعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام، أم بعد قراءة الإمام للفاتحة؟ (¬1) ج: يبدأ بالاستفتاح بعد التكبير، إذا سكت الإمام يستفتح المأموم، أما إذا كان الإمام ما استفتح، شرع في القراءة من حين كبر فالمأموم ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والخمسون من الشريط رقم (433)

يسكت، لا يستفتح، عليه الإنصات في الجهرية، لكن إذا سكت الإمام يستفتح فالمأموم يستفتح أيضا

حكم رفع الصوت بقول آمين بعد الفاتحة

80 - حكم رفع الصوت بقول آمين بعد الفاتحة س: نعلم جيدا أن من السنة قول: آمين. بعد قراءة الفاتحة في الصلاة، بحيث يجهر بها في الصلاة الجهرية، ويسر بها في الصلاة السرية، ولكن عندنا في المسجد يقولون: آمين. في الصلاة الجهرية بعد قراءة الفاتحة في السر، ولا يرفعون بها أصواتهم، ويقولون: إن ذلك مذهب الإمام مالك. ما هو توجيهكم؟ (¬1) ج: الصواب رفع الصوت بها، كما كان النبي يفعله صلى الله عليه وسلم، والصحابة يفعلونه، فإذا قال: {وَلَا الضَّالِّينَ} (¬2) يقول الإمام: آمين وهم كذلك. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا قال:. فقولوا: آمين. فمن وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (266) (¬2) سورة الفاتحة الآية 7 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب جهر المأموم بالتأمين، برقم (782)

من ذنبه (¬1)» فالسنة رفع الصوت بها من الجميع. ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 7 (¬3) {وَلَا الضَّالِّينَ}

س: السائل أبو محمد يقول: هناك أناس لا يرفعون أصواتهم بقول: آمين. بعد {وَلَا الضَّالِّينَ} (¬1) فما هو الأفضل في ذلك: رفع الصوت أم خفضه؟ (¬2) ج: السنة رفع الصوت، كان الصحابة يؤمنون خلف النبي صلى الله عليه وسلم، ويرفعون أصواتهم، السنة إذا قال: آمين الإمام، يقول المأموم مثله: آمين. لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أمن الإمام فأمنوا (¬3)» وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا قال: (ولا الضالين). فقولوا آمين (¬4)». ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 7 (¬2) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (400) (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب جهر الإمام بالتامين برقم (780)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التسميع والتحميد والتأمين، برقم (410) (¬4) صحيح البخاري الأذان (756)، صحيح مسلم الصلاة (394)، سنن الترمذي الصلاة (247)، سنن النسائي الافتتاح (911)، سنن أبي داود الصلاة (822)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (837)، مسند أحمد (5/ 314)، سنن الدارمي الصلاة (1242).

حكم قراءة البسملة في السورة التي تلي الفاتحة

81 - حكم قراءة البسملة في السورة التي تلي الفاتحة س: تقول السائلة: عند نهاية قراءة الفاتحة في الركعة الأولى هل أتعوذ وأبسمل في السورة التي تلي الفاتحة؟ وهل أكرر التعوذ والبسملة

عند قراءتي للفاتحة، والسور الأخرى في الركعات التالية؟ (¬1) ج: تعوذي في الأولى بقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. في الركعة الأولى، أما بقية الركعات تكفي التسمية عند بداية السورة، عند بداية الفاتحة، وعند بداية السورة، بعد الفاتحة، وإن كررت الاستعاذة فلا حرج. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (178)

س: السائل م. م. من السودان: هل أقرأ البسملة في السورة التي تلي الفاتحة في الصلاة السرية، أم لا تجب؟ (¬1) ج: السنة أن تقرأ التسمية في الفاتحة، وفي السورة جميعا، في السرية والجهرية، لكن في الجهرية تسر بها أفضل. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (263)

حكم قراءة أكثر من سورة في الركعة الواحدة

82 - حكم قراءة أكثر من سورة في الركعة الواحدة س: هل يجوز للمصلي أن يقرأ أكثر من سورة في الركعة الواحدة، خاصة في صلاة الفريضة؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (392)

ج: لا حرج في ذلك، أن يقرأ سورتين أو أكثر، قد كان بعض الأئمة في الأمصار يقرأ أحدهم الفاتحة وسورة، ويقرأ معها (قل هو الله أحد). فأقره النبي عليه الصلاة والسلام، وسأله عن ذلك، قال: لأني أحبها، فأخبره قال: «إن الله يحبك لحبك قل هو الله أحد (¬1)» وفي لفظ: «حبك إياها أدخلك الجنة (¬2)» فلا حرج. وجاء عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بعدة سور: سورتين في ركعة غير الفاتحة، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة: أنه في بعض صلاة الليل قرأ (البقرة) و (النساء) و (آل عمران) في ركعة، عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه الربيع بن حبيب في مسنده (1/ 357) (¬2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12024) والترمذي في كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء في سورة الإخلاص، برقم (2901)

حكم قراءة ما زاد على الفاتحة بعد الركعتين الأوليين

83 - حكم قراءة ما زاد على الفاتحة بعد الركعتين الأوليين س: لقد حصل جدال في الركعتين الأخيرتين من الرباعية، والركعة الثالثة من الثلاثية، هل يجوز أن نقرأ ما تيسر من القرآن فيهن، أم لا؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (376)

ج: السنة قراءة الفاتحة في الثالثة والرابعة من الظهر والعصر والعشاء، والثالثة من المغرب، هذا هو الأفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأخيرتين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب فقط، وهكذا في الركعة الأخيرة من المغرب، والركعتين الأخيرتين من العشاء، وإن قرأ زيادة يسيرة فلا حرج، لكن هذا هو الأفضل، وقد ورد في حديث أبي سعيد الخدري ما يدل على أنه ربما يقرأ في الثالثة والرابعة شيئا يسيرا، وجاء عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه كان يقرأ في الركعة الثالثة من المغرب: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (¬1)، ¬

_ (¬1) سورة آل عمران الآية 8

س: إذا قرأت سورة بعد الفاتحة، في الركعتين الأخيرتين في الرباعية، أو في الركعة الأخيرة من المغرب فهل علي سجود سهو؟ وماذا أقول فيه؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: ليس عليك سجود سهو، ولكن ترك ذلك أفضل؛ ترك القراءة، ومن قرأها فلا حرج، قد ثبت حديث أبي سعيد رضي الله عنه مما يدل ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (291)

على أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في الثالثة والرابعة زيادة على الفاتحة، وثبت عن الصديق رضي الله عنه «قرأ في الثالثة من المغرب بعد الفاتحة: (¬2)» فالأمر في هذا واسع، ولكن ترك القراءة أفضل إلا في الظهر، فلا بأس من القراءة في الثالثة والرابعة بعض الشيء زيادة على الفاتحة، في بعض الأحيان لحديث أبي سعيد. ¬

_ (¬1) أخرجه مالك في الموطأ في كتاب النداء للصلاة، باب القراءة في المغرب والعشاء، برقم (174) (¬2) سورة آل عمران الآية 8 (¬1) {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}

بيان فضل القراءة بالقلب واللسان

84 - بيان فضل القراءة بالقلب واللسان س: يقول السائل: م. ع. عند الصلاة هل المسلم يقرأ بقلبه، أو بلسانه، أو بقلبه ولسانه مع تحريك الشفتين، وفي الدعاء كذلك؟ (¬1) ج: السنة أن يقرأ بقلبه ولسانه، يستحضر، يقرأ باللسان وقلبه حاضر يستفيد ويتدبر، ويتعقل كما قال جل وعلا: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} (¬2) وقال سبحانه {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} (¬3) فالسنة أن ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (393) (¬2) سورة ص الآية 29 (¬3) سورة محمد الآية 24

المؤمن يقرأ ويحرك لسانه بالقراءة، حتى يسمع القراءة ويكون مع التدبر والتعقل والاستفادة.

س: هل صحيح أنه لا بد أن يسمع المسلم نفسه ما يقول في الصلاة؟ (¬1) ج: نعم، ما يكون متكلما إلا إذا أسمع نفسه، إذا كان يسمع، أما إذا كان عنده ثقل في السمع، يتكلم بقدر طاقته من غير أن يشوش على من حوله، يعني يتيقن أنه تلفظ، يتلفظ، ما هو بالنية، لا بد من التلفظ باللسان تلفظا يسمعه المتكلم من نفسه، لو كان سمعه صحيحا، أما إذا كان سمعه فيه خلل فلا يرفعه ولا يؤذي الناس، لا يشوش على الناس، لكن يتأكد أنه تلفظ تلفظا بالقراءة. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (290)

س: هل عدم تحريك اللسان والشفتين في الصلاة يبطل الصلاة؟ (¬1) ج: لا بد من القراءة، ولا بد من تحريك اللسان حتى يسمع قراءته بالحروف التي يسمعها. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (430)

س: قال النووي في كتاب الأذكار: اعلم أن الأذكار المشروعة في الصلاة وغيرها واجبة كانت، أو مستحبة لا يحسن منها شيء

ولا يعتد به حتى يتلفظ بها، وحتى يسمع نفسه إذا كان صحيح السمع، لا عارض له انتهى (¬1) ج: نعم، مثل ما قال، لا بد من لفظ يسمع نفسه، إذا كان صحيح السمع، أما قراءته بمجرد حركة اللسان بدون إسماع نفسه فلا تعتبر؛ لأنها ليست قراءة، وإنما هي حركة اللسان فقط، لكن لا بد من قراءة تسمع، يسمعها صاحب السمع حتى تعتبر قراءة، سواء كانت قراءة الفاتحة أو قراءة للسور، أو تسبيحا في الركوع والسجود، أو الدعاء بين السجدتين، أو في آخر الصلاة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (192)

س: سماحة المفتي حفظكم الله، ورد في كتاب الأذكار للنووي بأن الأذكار المشروعة في الصلاة وغيرها واجبة كانت، أو مستحبة لا يحسب شيء منها، ولا يعتد به حتى يتلفظ به بحيث يسمع نفسه، إذا كان صحيح السمع ولا عارض له. والسؤال: هل هذا وارد؟ (¬1) ج: هذا هو السنة، أن يسمع نفسه بأذكار الركوع والسجود وبين السجدتين وفي التحيات، ما يصير قارئا إلا إذا أسمع نفسه، إذا تلفظ ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (433)

ولا يصير ذاكرا إلا بذلك، لكن الذكر بالقلب نوع ثالث، الذكر بالقلب، والذكر باللسان، والذكر بالعمل، فالذكر بالقلب نوع ثالث، يكون على قلبه محبة الله، وتعظيم الله وشكر الله، لكن لا يكون مؤديا للواجب في الصلاة إلا إذا قال: سبحان ربي العظيم. في الركوع، سبحان ربي الأعلى. في السجود، ويقرأ التحيات، ويقرأ الفاتحة، أما كونه ينويها بقلبه ما ينفع، أو يقرؤها بقلبه ما يكفي.

حكم الجهر بالقراءة للمنفرد والمرأة

85 - حكم الجهر بالقراءة للمنفرد والمرأة س: ما حكم الجهر في القراءة للمنفرد والمرأة في الصلاة الجهرية؟ (¬1) ج: السنة الجهر مثل الفجر، إذا فاتته فله الجهر، أو كان مريضا. والمرأة كذلك يستحب لها الجهر في الفجر، والأولى والثانية من المغرب والعشاء، للرجل والمرأة جميعا. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (350)

س: إذا صلى المنفرد صلاة المغرب أو العشاء، أو الفجر فهل يجهر بالقراءة أم لا؟ لأنني قد رأيت من يجهر بها. أفتوني جزاكم الله خيرا. (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (198)

ج: نعم، إذا صلى المغرب مثل المريض، أو فاتته الصلاة مع الجماعة يجهر مثلما يجهر الإمام في المسجد، يجهر في المغرب، في الثنتين الأوليين، وفي الثنتين من العشاء وفي الفجر أيضا، الجهر سنة للمنفرد والإمام، فإذا كان المنفرد مريضا ما حضر مع الناس، أو مثلا فاتته الصلاة فإنه يجهر جهرا لا يشق على من حوله من المصلين، أو القراء جهرا خفيفا، لا يحصل به تشويش على أحد.

س: إذا كان الإنسان يصلي منفردا في الصلاة الجهرية فهل يجهر بالقراءة؟ وهل يشمل الجهر التكبيرات أم لا؟ (¬1) ج: نعم، يجهر بالقراءة إذا كان يصلي جهرية، كالفجر والاثنتين الأوليين من صلاة المغرب والعشاء فإنه يجهر، هذه السنة، يجهر بالقراءة جهرا مناسبا لا يشوش على من حوله، إذا كان حوله مصلون، أو كان حوله قراء يكون جهره لا يشوش عليهم، أما التكبير فلا حاجة إلى الجهر به؛ لأنه يجهر به في حق الإمام، حتى يسمع المأمومون، أما إذا كان يصلي وحده فلا حاجه إلى الجهر في ذلك، يكبر تكبيرا ليس فيه جهر. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (246)

س: السائلان: ع. ح. ش، وع. م. د. من مدينة الدمام، يسألان: هل يجهر في الصلاة إذا صلاها الإنسان منفردا، مثل صلاة المغرب والعشاء والفجر، أو يجعلها سرا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: السنة في صلاة المغرب والعشاء والفجر الجهر، سواء كان المصلي إماما أو منفردا، هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، فإذا فاتت الإنسان الصلاة مع الجماعة صلاها بالجهر؛ المغرب والعشاء والفجر، كما كان يصليها لو كان إماما، لكن إذا كان حوله من قد يتأذى بالجهر؛ من نوام أو قراء خفض قليلا حتى لا يؤذي أحدا. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (158)

س: هل يجوز للفرد إذا صلى منفردا أن يجهر في الصلاة؟ وإذا كان ذلك جائزا فهل هو في جميع النوافل والفروض؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: السنة في الليل، صلاة الليل أن يجهر، وهكذا صلاة الفجر، يجهر سواء كان إماما أو منفردا، أما المأموم فينصت لإمامه، يقرأ الفاتحة بينه وبين نفسه وينصت لإمامه، ولكن إذا كان إماما في صلاة الفجر، في ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (345)

التهجد في الليل، في وتره، وهكذا إذا صلى في بيته إذا تهجد ورفع صوته في الليل، وهكذا في صلاة الفجر للنساء، وللرجل إذا صلى في بيته لمرض، أو لعذر شرعي.

س: يقول السائل: إذا صليت منفردا صلاة جهرية فهل يصح أن أقرأ سرا بدون جهر؟ (¬1) ج: الأفضل الجهر في المغرب والعشاء والفجر، وإن كنت وحدك كالمريض، وهكذا المرأة تقرأ جهرا، في الأولى والثانية من المغرب والعشاء، وفي الفجر السنة الجهر بالقراءة للرجل والمرأة، وإذا صلى وحده بأن فاتته؛ لأنه مريض يجهر، هذا السنة، لكن جهرا لا يؤذي من حوله، إن كان حوله مصلون، أو كان حوله قراء يكون جهرا لا يؤذي أحدا، هذا السنة وليس بواجب. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (249)

س: الأخ: ح. يسأل ويقول: يقولون: إن المنفرد في صلاة المغرب، والعشاء والفجر لا يجهر بالقراءة. فهل هذا صحيح؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (210)

ج: يجهر مثل غيره، إذا صلى في بيته لأنه مريض، أو فاتته الصلاة فالسنة أن يجهر في الأولى والثانية في المغرب والعشاء، كما يجهر في الفجر أيضا، لكن لا يجوز له التخلف عن الجماعة إلا بعذر شرعي، لكن لو فرضنا أنه مريض، أو حصل له عذر ففاتته الصلاة في المسجد فإنه يجهر، إذا صلاها يجهر في المغرب والعشاء، في الأولى والثانية، ويجهر في الفجر إذا فاتته الفجر، هذا السنة، فالجهر سنة للمنفرد وللجماعة.

حكم صلاة من أسر بالقراءة في الصلاة الجهرية

86 - حكم صلاة من أسر بالقراءة في الصلاة الجهرية س: يقول: إذا قرأت في الصلاة الجهرية سرا هل هذا يخل بالصلاة؟ وهل علي سجود سهو؟ (¬1) ج: لا يخل بالصلاة، ولكن تركت الأفضل، وتركت السنة، وليس عليك سجود سهو، وإن سجدت فحسن، إذا كنت تركته سهوا. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (291)

بيان الحكمة من أن صلوات الليل جهرية

87 - بيان الحكمة من أن صلوات الليل جهرية وصلوات النهار سرية س: لماذا كانت صلوات الليل جهرية وصلوات النهار سرية؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (265)

ج: الأقرب – والله أعلم – أن الحكمة في ذلك أن النهار محل العمل، ومحل الأخذ والعطاء والاجتماع، فالسر أجمع للقلب، إذا قرأ سرا أجمع لقلبه، وأخشع لقلبه حتى يتدبر، والليل محل الخلوة في البيت مع الأهل، ومحل خلوة بالله عز وجل، إذا جهر كان أنشط له، وأقرب إلى انتفاعه بالقراءة، وأبعد عن النوم، فهو في الليل يقرأ جهرة ليتدبر كتاب الله، ولينشط في قراءته ويجمع قلبه على ذلك؛ لأن ما حوله هادئ، فليس عنده مشاغل، فيرفع صوته حتى يجمع قلبه، ويقرأ كلام الله ويتدبره عن صوت مرفوع، رفعا لا يشق عليه، ولا يؤذي من حوله، إذا كان حوله نوام، أو مصلون، أو قراء لا يرفع رفعا يؤذيهم ويشق عليهم، لكن رفعا خفيفا، أما إذا كان ما حوله أحد فيكون رفعه وسطا يطرد الشيطان، ويعين نفسه على النشاط والتدبر.

س: ح. مصري ومقيم بالرياض، يقول: لماذا شرع الجهر بالتلاوة في صلاة المغرب والعشاء والفجر، دون بقية الفرائض؟ وما الدليل على ذلك؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (404)

ج: الله أعلم، لكن يغلب على الظن – والله أعلم – أن هذه الأوقات يكون فيها الاستماع متيسرا والفهم في المغرب والعشاء والفجر، فينتفع المأمومون بالقراءة بخلاف الظهر والعصر، فإنها أوقات مشاغل بحاجات الدنيا، وقد لا يكون عندهم من الاستماع والإنصات والفهم ما عندهم في المغرب والعشاء والفجر، فمن حكمة الله أن جعل القراءة سرية حتى يتأمل هذا، ويتأمل هذا، الإمام يقرأ ويتأمل، والمأموم كذلك، بخلاف المغرب والعشاء، فإن مجيء الليل وأول النهار وقت الراحة، ووقت الهدوء، فالأقرب – والله أعلم – أنه يتيسر لهم من الاستماع والإنصات، والاستفادة ما لا يتيسر لهم في الصلاتين النهاريتين: الظهر والعصر، والحكمة في هذا لله سبحانه، هو أحكم وأعلم جل وعلا، هو الحكيم العليم سبحانه وتعالى في ذلك. ولكن الأقرب – والله أعلم – أن هذا هو السر في الجهر في المغرب والعشاء في الأولى والثانية، والجهر في الفجر والجهر في الجمعة؛ لأنه صلاة يجتمع فيها الناس من كل مكان، من الحكمة أن يجهر فيها بالقراءة حتى يستمعوا ويستفيدوا، وهكذا صلاة العيد وصلاة الاستسقاء، لأنها صلوات يحصل فيها الاجتماع والكثرة، فمن رحمة الله أن شرع فيها الجهر.

س: ما هي الحكمة من أن صلاة الفجر والمغرب والعشاء جهرية، وصلاة الظهر والعصر سرية، أي في الخفاء؟ وفقكم الله (¬1) ج: هذا ليس فيه نص في بيان الحكمة فيما نعلم، إلا أن بعض أهل العلم ذكر شيئا في هذا، وهو أن الظهر والعصر تأتي في النهار في وقت العمل، والناس مشغولون بأعمالهم، فناسب أن تكون سرية حتى يقبل كل واحد على صلاته، وحتى يشتغل بقراءته بينه وبين نفسه، حتى لا ينشغل بشيء آخر، بخلاف ما لو جهر الإمام فإنه قد ينصت له، ولكن تذهب به الهواجس والأوهام إلى جهة أخرى، فإذا أقبل على صلاته، واشتغل بقراءته كان أقرب إلى جمع قلبه، إلى الصلاة. أما في الليل في الغالب أن الشواغل تنتهي وتقل، وهكذا الفجر بعد قيامه من النوم، ولم يشرع في مشاغل الدنيا بعد، فيكون قلبه فارغا وحاضرا، يستمع قراءة الإمام، ويستفيد من قراءة الإمام بإنصاته له، فالليل محل قلة الشغل، وتواطؤ القلب مع اللسان، ليستفيد ويستمع قراءة الإمام، ويتدبر ما يستمع، فهذا أقرب إلى أن يسمع وإلى أن يستفيد، وإلى أن يتدبر بخلاف النهار، فإنه مشغول وعنده من مشاغل الدنيا ما يقلقه عن ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (24)

الاستماع والإنصات؛ فشرع الله له أن يقرأ بنفسه، وأن يستمع بنفسه، حتى لا تذهب به الوساوس إلى أشياء أخرى، هذا مما قيل في هذا، والله سبحانه وتعالى أعلم.

حكم الجهر في غير الصلوات الجهرية

88 - حكم الجهر في غير الصلوات الجهرية س: هل يصح للمصلي أن يجهر في صلاته غير الصلوات الجهرية؛ كالظهر والعصر، أو في الركعات الأخرى بعد التشهد الأول، أو الجهر في السنن وصلاة الضحى مثلا؟ (¬1) ج: السنة السر إلا في الليل، السنة في صلاة النهار السر إلا صلاة الفجر، وصلاة الجمعة، وصلاة الكسوف والاستسقاء، أما النوافل العادية في النهار السنة فيها السر، وهكذا صلاة الظهر والعصر السنة فيها السر. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (351)

س: هل لي أن أجهر في غير الصلاة الجهرية؟ (¬1) ج: السنة السر، لكن لو جهر ببعض الآيات لا بأس، كان النبي صلى الله عليه وسلم ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (136)

يسمعهم الآية أحيانا في الظهر والعصر، لكن الأفضل في الظهر والعصر السر، وفي الليل الجهر، وفي الفجر الجهر، لكن لو أن الإنسان جهر في بعض الآيات في الظهر والعصر فلا بأس؛ يسمعهم بعض الآيات كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

بيان أن السنة التوسط بين السر والجهر

89 - بيان أن السنة التوسط بين السر والجهر س: هل يستوي أجر القراءة في السر والجهر؟ (¬1) ج: السنة في القراءة التوسط؛ عدم الجهر الذي يشق على الناس، وعدم السر الذي يخفى على الناس، مثل ما جاء في الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر، وأمر الصديق بالتوسط في القراءة، بل في السنة أن يقرأ قراءة تنفعه وتنفع الحاضرين، ولا تشق عليه، وإذا رأى أن السر أخشع لقلبه، وأنفع له أسر بذلك، فإن رأى أن الجهر أنفع له وأخشع لقلبه جهر بذلك، بشرط ألا يؤذي أحدا من الناس، أما إن كان بين المصلين وبين القراء فلا يجهر عليهم، ولا يشق عليهم ويشوش عليهم، فقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه خرج ذات يوم ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (334)

إلى المسجد، وفيه أناس يصلون بعضهم يصلي ركعتين، والآخر يصلي ثلاثا، فقال صلى الله عليه وسلم: «ألا كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفعن بعضكم على بعض في القراءة أو قال في الصلاة (¬1)» المقصود: فلا يؤذي بعضكم بعضا. فالقارئ عليه أن يتحرى عدم إيذاء إخوانه من مصلين أو قراء. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11486)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل، برقم (1332)

حكم جهر الإمام ببعض الآيات أحيانا في الصلاة السرية

90 - حكم جهر الإمام ببعض الآيات أحيانا في الصلاة السرية س: هل كان يسمع صوت الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة السرية؟ (¬1) ج: كان يسمعهم الآي بعض الأحيان، ما هو بدائم، بعض الأحيان، كما قال أبو قتادة: كان يسمعنا الآي بعض الأحيان؛ ليعلموا أنه يقرأ عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (367)

حكم صلاة من اقتصر على قراءة الفاتحة

91 - حكم صلاة من اقتصر على قراءة الفاتحة س: يقول السائل: هل تجوز الصلاة بقراءة الفاتحة فقط؟ (¬1) ج: نعم، إذا لم يقرأ إلا الفاتحة صحت صلاته، جميع الصلوات الخمس إذا لم يقرأ إلا الفاتحة صحت؛ لأنها ركن الصلاة وما زاد عليها مستحب ليس بواجب، لكن السنة أن يزيد عليها، الأولى والثانية من الظهر والعصر والمغرب والعشاء، والسنة أن يزيد عليها في الفجر أيضا، هذا السنة؛ لأن الرسول كان يزيد عليها، عليه الصلاة والسلام لكنه قال: «لا صلاة لمن لا يقرأ بفاتحة الكتاب (¬2)» فدل على أنها ركن، والباقي مستحب. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (244) (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب، برقم (823)

س: ما حكم الذي يصلي الفرض ولا يقرأ إلا الفاتحة فقط، ولا يقرأ آيات أخرى؟ (¬1) ج: الفاتحة هي ركن الصلاة، فإذا قرأ الفاتحة واقتصر عليها أجزأت وصحت، لكن عمله مكروه؛ لأنه خالف السنة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ معها في الأولى والثانية سورتين أو آيات في الظهر ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (15)

والعصر والمغرب والعشاء والفجر، فالذي يترك قراءة سورة مع الفاتحة في الفجر، في الجمعة والظهر والمغرب والعشاء، في الأولى والثانية يكون قد خالف السنة، فأقل أحواله أنه ترك الأولى، ولا مانع أن يقال: إنه فعل مكروها؛ لأنه ترك سنة قد داوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون فعل مكروها لا ينبغي له فعله.

حكم صلاة من نسي بعض آيات القرآن أثناء القراءة

92 - حكم صلاة من نسي بعض آيات القرآن أثناء القراءة س: أنا شاب مستقيم والحمد لله، وأحفظ بعض أجزاء القرآن، ولكن إذا قمت إلى الصلاة أنسى ما كنت حافظا، كيف أتخلص من هذا؟ (¬1) ج: الواجب الفاتحة، والباقي سنة، فإذا كان المؤمن يحفظ الفاتحة فالحمد لله، يقرؤها قراءة جيدة، ويقرأ ما تيسر من القرآن؛ بعض الآيات أو السور والحمد لله، والعلاج أن تجتهد في دراسة ما حفظت في أوقات مناسبة من الليل أو النهار، وتسأل ربك التوفيق والإعانة، وتضرع إليه جل وعلا، وبذلك يتيسر لك الحفظ إن شاء الله بأمرين: الأمر الأول: العناية؛ إكثار الدراسة في الأوقات المناسبة، والأمر الثاني – وهو ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (355)

الأهم -: سؤال الله، والضراعة إليه أن يعينك وأن يمنحك التوفيق، وأن يعيذك من أسباب النسيان.

حكم صلاة من لم يحسن القراءة في الصلاة

93 - حكم صلاة من لم يحسن القراءة في الصلاة س: تقول السائلة: إذا شعرت أنني لم أحسن القراءة في الصلاة هل أعيدها؟ (¬1) ج: إذا كانت الفاتحة سليمة فلا يلزمك إعادة ما زاد عليها، أما الفاتحة فلا بد أن تقرئيها قراءة صحيحة، ليس فيه لحن يحيل المعنى، أما اللحن الذي لا يحيل المعنى فلا تلزم إعادتها، ويعفى عنه، إذا قرأت: (الحمد لله رب العالمين) أو (الحمد لله رب العالمين) بالجر لا يضر، أو قالت: (الرحمن الرحيم) أو (الرحمن الرحيم) لا يضر هذا؛ لأن هذا اللحن لا يحيل المعنى. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (293)

حكم صلاة من نسي قراءة سورة بعد الفاتحة

94 - حكم صلاة من نسي قراءة سورة بعد الفاتحة س: إذا نسيت قراءة سورة بعد الفاتحة في إحدى ركعات الفروض فهل يلزمني سجود السهو، أم تكفيني الفاتحة؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (336)

ج: لا يلزمك، وليس عليك سجود؛ لأن قراءة الفاتحة كافية، لكن السنة أن يقرأ بعد الفاتحة زيادة في الأولى والثانية الإمام والمنفرد، أما المأموم فإنه تكفيه قراءة الفاتحة إلا في السرية كالظهر في الأولى والثانية، والعصر في الأولى والثانية، فإنه يقرأ مع الفاتحة ما تيسر كالإمام.

حكم صلاة من قدم قراءة سورة على الفاتحة

95 - حكم صلاة من قدم قراءة سورة على الفاتحة س: الأخت أم ش. من مكة المكرمة، تقول: إذا نسيت في الصلاة، فقدمت قراءة سورة أخرى على الفاتحة، ثم بعد ذلك أتيت بفاتحة الكتاب فما حكم صلاتي؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك ما دام أتيت بالفاتحة ولو تأخرت، لو نسيت وقدمت قراءة السورة على الفاتحة، ثم قرأت الفاتحة الحمد لله، المقصود حصل. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (420)

حكم صلاة من أخطأ في آية من القرآن الكريم

96 - حكم صلاة من أخطأ في آية من القرآن الكريم س: تسأل المستمعة وتقول: إذا أخطأت في آية من آيات القرآن الكريم وأنا أصلي، مثلا: لو قلت: (الم ذلك الكتاب لا ريب فيه

هدى للمؤمنين) بدلا من (المتقين). فما الحكم في ذلك؟ هل أعيد الصلاة، أم أسجد للسهو؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك، ولا يضر إن شاء الله، ولا تعيدي الصلاة، الصلاة صحيحة، ولا يجب سجود السهو والحمد لله؛ لأن هذا غلط في اللفظ والمعنى صحيح. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (405)

بيان أقل ما يجب حفظه من القرآن للصلاة

97 - بيان أقل ما يجب حفظه من القرآن للصلاة س: ما هو أقل ما يحفظ من القرآن الكريم للصلاة؛ الفرض والنافلة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: أقل ما يجب أن يحفظ الفاتحة، يجب حفظها، الحمد لله، هذه هي الواجبة ركن الصلاة، يجب على كل إنسان حفظها الرجل والمرأة، ثم يشرع له حفظ ما تيسر من السور، حتى يقرأ مع الفاتحة ما تيسر مثل السور القصيرة، يجتهد في حفظ ما تيسر، ويشرع له ذلك، لكن لا يجب عليه إلا الفاتحة؛ لأنها ركن للجميع: للإمام والمنفرد والمأموم، فرض ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (327)

على الجميع، وإن كانت في حق المأموم واجبة، يسقط بالسهو والنسيان، ويسقط بالجهل، ويسقط إذا فاته القيام مع الإمام في الركوع، سقطت عنه، لكن يجب عليه تعلمها وحفظها.

حكم صلاة من لا يحفظ شيئا من القرآن

98 - حكم صلاة من لا يحفظ شيئا من القرآن س: السائل يقول: إن والدته لا تحفظ شيئا من القرآن، ولا تحفظ التشهد، ولا تحفظ شيئا من الأدعية، حاول تحفيظها شيئا من ذلك، لكنها لم تستطع، ويسأل عن حكم صلاتها. جزاكم الله خيرا (¬1) ج: يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2) عليها أن تتعلم الفاتحة، تتعلم ما يجب عليه في صلاتها، وإذا لم تعرف الفاتحة تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم من لا يستطيع الفاتحة، أن يسبح ويهلل، لكن مع العناية بها وتوجيهها إلى الخير، لعلها إن شاء الله تحفظ، فالمقصود في الوقت الحاضر، في كل وقت لا تحفظ فيه الفاتحة: تسبح الله وتهلله وتكبره، يكفي حتى تتعلم، ويجب عليها أن ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (258) (¬2) سورة التغابن الآية 16

تتعلم، كل إنسان يجب عليه أن يتعلم، كل امرأة يجب عليها أن تتعلم من أخيها، من زوجها، من معلمة تعلمها، لا بد هذا يجب فيه الصبر والعناية وعدم التساهل، لا في حق الرجل ولا في حق المرأة، وأقل شيء فاتحة الكتاب لا عذر فيها: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬1) لا بد من تعلمها؛ لأنها ركن الصلاة. لكن لو جاء الوقت ولم تعرف المرأة هذه السورة، أو الرجل فإنه يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ويكفيه ويركع، حتى يمن الله عليه بالتعليم بعد ذلك، وعلى أبي الولد وأبي البنت، وعلى أخيها، وعلى جدها التعاون في هذا، المرأة لا بد من تعليمها، كالرجل أيضا، قد يوجد بعض الرجال من البادية، وأشباه البادية من يحتاج إلى ذلك، والواجب التعلم، وعلى أبيه إلزامه، وعلى أخيه الكبير إلزامه، وهكذا البنت يجب على أمها أن تفهمها، وعلى أخيها وعلى أبيها، لا بد من التعاون على البر والتقوى، ولا بد من الصدق في ذلك، والجد في ذلك. ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 2

حكم صلاة من لا تعرف الصلاة بصورة كاملة ولا تقرأ غير الفاتحة

99 - حكم صلاة من لا تعرف الصلاة بصورة كاملة ولا تقرأ غير الفاتحة س: يسأل أخونا ويقول: إن والدتي تصلي، ولكنها لا تعرف الصلاة

بصورة كاملة، فهي تعرف الفاتحة فقط، وعندما أعلمها تنسى بسرعة، فهل صلاتها صحيحة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم صلاتها صحيحة، وعليك وعلى أخوانك تعليمها والاستمرار في تعليمها في أوقات كثيرة، حتى يستقر العلم في قلبها، والفاتحة مجزئة والحمد لله، إذا علمت الفاتحة أجزأت، وإذا تيسر معها بعض السور القصيرة، مثل: (قل أعوذ برب الفلق) (قل أعوذ برب الناس) (قل هو الله أحد) وغيرها من السور القصيرة، إذا تيسر لكم تعليمها إياها فهذا خير عظيم، ومع الاستمرار والملاحظة تحفظ إن شاء الله، حتى الذي لا يعرف الفاتحة تصح صلاته، إذا عجز عن تعلمها يقرأ ما تيسر ولو بعض الآيات، فإذا عجز سبح الله وحمد الله وكبره وهلله في محل القراءة ثم كبر وركع؛ {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2). ولا يجوز ترك الصلاة أبدا، بل يصلي على حسب حاله، ولكن يتعلم، يلزمه أن يتعلم فيتقي الله في ذلك، ويلزم أولاد المرأة أن يعلموها، إذا كانوا يعلمون أن يعلموها ويوجهوها، وهكذا يعلمون أباهم إذا كان جاهلا وهم يعلمون، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (158) (¬2) سورة التغابن الآية 16

يعلمون إخوانهم، طالب العلم يعلم الجاهل، هكذا المؤمنون، يتعاونون على البر والتقوى، كما قال الله سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (¬1) قال سبحانه: {وَالْعَصْرِ} (¬2) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (¬3) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (¬4). فالواجب عليكم أن تعلموها، أنت وإخوانك، تعلموها وتصبروا بالحلم والكلام الطيب، لا بالنهر ولا بالغلظة، ولكن بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن والرفق في الأوقات المناسبة من ليل أو نهار حتى تتعلم، مع الاستمرار الدائم حتى تتعلم، وهكذا أخواتكم وهكذا عماتكم وخالاتكم، أحسنوا إلى الجميع، هذه الدنيا دار العمل، دار التعليم، دار التعاون، دار التكليف، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 2 (¬2) سورة العصر الآية 1 (¬3) سورة العصر الآية 2 (¬4) سورة العصر الآية 3

حكم الاقتصار على بعض السور والآيات القصيرة في الصلاة

100 - حكم الاقتصار على بعض السور والآيات القصيرة في الصلاة س: تقول السائلة من القصيم بأنها تحفظ السور القصيرة، وتقول بأني أحفظ شيئا من القرآن الكريم، آيات مثل أول البقرة، وآية الكرسي، وآخر سورة (البقرة)، وأول سورة (الصافات)، وآخر

سورة (الحشر)، وأول سورة (الجن). والسؤال: هل يجوز أن أقرأ مثل هذه الآيات في الصلاة، وأن حفظي يقتصر على السور القصيرة؟ (¬1) ج: نعم، لا بأس، فالله يقول: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} (¬2) تقرأ ما تحفظ من الآيات أو السور في تهجدها، وفي فريضتها ونوافلها، الواجب الفاتحة، وما زاد على هذا فهو مستحب، الركن قراءة الفاتحة، أما ما زاد على ذلك من آيات وسور فكله مستحب، تقرأ ما تيسر من القرآن الذي معها؛ آيات أو سور. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (435) (¬2) سورة المزمل الآية 20

حكم صلاة من يخطئ في قراءة الفاتحة

101 - حكم صلاة من يخطئ في قراءة الفاتحة س: جدتي لا تحفظ إلا قليلا من القرآن الكريم، حيث إنها تخطئ في سورة (الفاتحة)، وقد قال البعض من الناس في قريتنا: إذا لم تحفظي في صلاتك سورة (الفاتحة) فإن صلاتك غير صحيحة فهل هذا صحيح؟ وقد ماتت على ذلك، فهل صحيح أن من لم يقرأ

سورة (الفاتحة) بصورة صحيحة لا تقبل صلاته يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: صلاتها صحيحة ومعذورة، الحمد لله، الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2) ما دام أنها عالجت واجتهدت ولم تستطع صلاتها صحيحة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال للذي لا يستطيع، تقول: «سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر (¬3)» إذا كانت لا تستطيع عالجت نفسها ولم تستطع، تسبح: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. محل القراءة ويكفي، أما الذي يتعمد؛ وهو يستطيع لكن يتعمد ما يقرأ الفاتحة فإنه لا تصح صلاته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬4)» لكن إذا كانت امرأة عجزت، أو رجلا عجز فالله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬5) ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (358) (¬2) سورة التغابن الآية 16 (¬3) أخرجه أحمد في مسند الكوفيين، من حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه، برقم (18631)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة، برقم (832)، والنسائي كتاب الافتتاح ما يجزئ من القراءة لمن لا يحسن القرآن، برقم (924) (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (394). (¬5) سورة التغابن الآية 16

{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬1) صلاته صحيحة والحمد لله، لكن يعلم، يأتي بالتسبيح، يسبح بدل الفاتحة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 286

س: مشكلتي أنني أمية، ولا أعرف القراءة ولا الكتابة، وإني أصلي الصلاة في أوقاتها، ولا أعرف غير سورة (الحمد)، و: (قل هو الله أحد)، وأعيد هاتين السورتين في كل صلاة، هل ذلك مجزئ؟ وبم تنصحونني؟ (¬1) ج: نعم، هذا مجزئ، نسأل الله لك المزيد من التوفيق، والثبات على الحق، الفاتحة تكفي وحدها؛ لأنها أم القرآن، ولأنها ركن الصلاة، فلما يسر الله لك معها سورة (قل هو الله أحد)، وهي سورة عظيمة، سورة (الإخلاص) تعدل ثلث القرآن، هذه نعمة من الله عظيمة، يكفيك ذلك لو كررتها في الصلوات وفي غير ذلك هذه النعمة عظيمة، فأكثري من قراءتهما في خارج الصلاة، ولك بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، وهذا خير عظيم، وإذا تيسر لك من يقرئك بعض السور القصيرة ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (57)

من أخواتك، أو جاراتك، أو زوجك، أو بعض محارمك فهذا خير عظيم، مثل: (قل أعوذ برب الفلق)، (قل أعوذ برب الناس)، (تبت يدا أبي لهب)، (إذا جاء نصر الله)، (قل يا أيها الكافرون)، (إنا أعطيناك الكوثر)، وغيرها من قصار المفصل، فهذا خير، وإذا اجتهدت يسر الله لك ذلك، وننصحك بسماع إذاعة القرآن من المملكة؛ ففيها مصالح كثيرة، وخير كثير، وننصحك سماع هذا البرنامج (نور على الدرب)، ففيه خير كثير وعلم كثير، ونسأل الله لك التوفيق.

س: إنني أدرس في مرحلة التكميل، وأتمنى أن أقرأ القرآن، لكنني لا أقدر، بل أقرأ الجزء مثل سورة (الكوثر) و (النصر)، وهكذا عندما أركع في الفجر وغيره من الصلوات، ما حكم صلاتي هذه إذا لم أستطع أن أقرأ بعد الفاتحة بشيء صحيح؟ (¬1) ج: الفرض في الصلاة الفاتحة، هي ركن الصلاة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬2)» فالفاتحة هي ركن الصلاة سواء كانت فريضة أو نافلة، والباقي سنة، فإذا ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (36) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (394).

كانت لا تحسن إلا الفاتحة كفتها، وصلاتها صحيحة سواء كانت فرضا أو نفلا والحمد لله، لكن إذا تيسر لها أن تحفظ جملة من السور فذلك خير لها وأفضل؛ حتى تقرأ مع الفاتحة ما تيسر، فكل ما زادت في حفظ ما تيسر من السور كان أفضل لها وخيرا لها، فأنا أوصي السائلة أن تجتهد في حفظ ما تيسر من القرآن، مثل جزء (عم)، وما تيسر معه، حتى تقرأ بذلك في صلواتها، فإن لم يتيسر لها ذلك فإنها تكفيها الفاتحة والحمد لله.

حكم تكرار سورة الزلزلة في الصلاة

102 - حكم تكرار سورة الزلزلة في الصلاة س: هذا السائل من الجزائر يقول: سمعت بأنه ورد في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: بأنه قرأ سورة (الزلزلة)، وكررها في ركعتين، والسؤال: هل ثبت ذلك عن المصطفى صلى الله عليه وسلم؟ أي: هل هذا الحديث صحيح؟ وهل هو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم أم لعامة الأمة؟ (¬1) ج: الحديث صحيح، وليس بخاص، قرأ (الزلزلة) في الفجر في بعض الليالي في الركعتين، فلا بأس بذلك، ولكن الأفضل ما داوم عليه، وهو ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (435)

الإطالة في صلاة الفجر بعض الطول كالقراءة من طوال المفصل، وأوساط المفصل، هذا هو سنته المعروفة، ولعله قرأ بها نادرا لبيان الجواز.

حكم تكرار بعض السور في الصلاة

103 - حكم تكرار بعض السور في الصلاة س: هل يجوز أن يقرأ الإمام أي سورة مثل: (الضحى) أو (الشمس) أو (الليل)، ويكررها، وكذلك إذا قرأ سورة، وقرأ معها سورة (الإخلاص) هل هذا سنة؟ (¬1) ج: كل ذلك لا بأس به، والحمد لله ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (435)

س: إنني – ولله الحمد – أحفظ بعض الأجزاء من القرآن الكريم، وأقرأ بما حفظت في الصلاة، إلا أنني أحب أن أكرر بعض السور، مثل سورة (الإخلاص) و (الكافرون) و (العصر) و (النصر) و (الكوثر) و (الانشراح)، فهل أكون آثمة لأنني أحب فقط هذه السور، أم أن الأمر جائز في كلا الحالتين؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الأمر واسع في ذلك والحمد لله، الأمر واسع بهذا، إذا كررت ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (265)

بعض السور، ولا سيما: (قل هو الله أحد) فإن لها فضلا عظيما، تعدل ثلث القرآن، وهكذا غيرها إذا كررت فلا حرج في ذلك.

حكم قراءة سورة الإخلاص في جميع الصلوات

104 - حكم قراءة سورة الإخلاص في جميع الصلوات س: تقول السائلة: هل يجوز قراءة: (قل هو الله أحد) فقط، ولوحدها في جميع الصلوات، أم لا تجوز؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك مع (الفاتحة) في الفرض والنفل. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (292)

حكم القراءة بالترتيل في الصلاة

105 - حكم القراءة بالترتيل في الصلاة س: هل القراءة في الصلاة يجب أن تكون بالترتيل؛ بالمد والترجيع، وبتحسين الصوت بها؟ (¬1) ج: هذا هو السنة، هذا هو الأفضل، وإلا لا يجب، إذا قرأ قراءة عربية قد أدى فيها الحروف كفى، لكن إذا رتلها وحسن صوته واعتنى بالتجويد كان ذلك أكمل. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (182)

حكم القراءة بدون تجويد

106 - حكم القراءة بدون تجويد س: هل تجوز قراءة سورة من القرآن الكريم بدون تجويد وبدون تطبيق أحكام التجويد، وخاصة في الصلاة؟ (¬1) ج: نعم، إذا أقام الكلمات على الطريقة العربية فإنه يجوز له، لكن مع التجويد والعناية أفضل وأكمل. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (182)

حكم التسبيح والتحميد في الركعة الثالثة والرابعة بدلا من الفاتحة

107 - حكم التسبيح والتحميد في الركعة الثالثة والرابعة بدلا من سورة الفاتحة س: سائلة تقول: رأيت بعض المسلمين إذا صلوا يقرؤون في الركعة الأولى والثانية (الفاتحة)، ويتبعونها بآيات قصيرة. أما الركعتان الباقيتان فيقرؤون في كل ركعة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. ثلاث مرات، أي إنهم لا يقرؤون الفاتحة في كل ركعة في الركعتين الأخيرتين، فهل هذا صحيح؟ أثابكم الله (¬1) ج: هذا خطأ الذي لا يقرأ في الثالثة والرابعة الفاتحة هذا غلط، ولا يجوز ولا تصح الصلاة بذلك، الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقرأ ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (13)

في الأولى والثانية بالفاتحة وسورة أخرى مع الفاتحة، وفي الثالثة والرابعة لا يقرأ شيئا سوى الفاتحة، يقرأ الفاتحة وربما قرأ زيادة على الفاتحة في الثالثة والرابعة في الظهر خاصة، فقد ثبت عنه هذا عليه الصلاة والسلام في عدة أحاديث، من حديث أبي قتادة الأنصاري، وحديث أبي سعيد الأنصاري، وفي أحاديث أخرى ثبت فيها أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الأولى والثانية بالفاتحة وزيادة، وفي الثالثة والرابعة لا يقرأ إلا الفاتحة عليه الصلاة والسلام، لكن جاء ما يدل على أنه قد يقرأ زيادة في الثالثة والرابعة في الظهر خاصة، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬1)» فالذي لا يقرأ بها في الثالثة والرابعة لا صلاة له، فالواجب على من رأى من يفعل هذا التسبيح أن ينكر عليه ويعلمه، وعلى الأخت في الله السائلة أن تعلم هؤلاء، تقول إنني سمعت في (نور على الدرب) كذا وكذا، تعلمهم أن هذا لا يجوز، وأن الواجب على المسلم أن يقرأ الفاتحة في جميع الركعات؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬2)»، متفق على صحته، ولقوله عليه الصلاة ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (394). (¬2) صحيح البخاري الأذان (756)، صحيح مسلم الصلاة (394)، سنن الترمذي الصلاة (247)، سنن النسائي الافتتاح (911)، سنن أبي داود الصلاة (822)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (837)، مسند أحمد (5/ 314)، سنن الدارمي الصلاة (1242).

والسلام في الحديث الصحيح: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج، فهي خداج غير تمام (¬1)» يعني ناقصة، غير صحيحة. الحاصل أن الواجب على المسلم والمسلمة أن يعلما ويرشدا، وهذه السائلة – بارك الله فيها – عليها أن تعلم من رأتهم يفعلون ذلك، الذين لا يقرؤون في الثالثة والرابعة، تعلمهم أن هذا خلاف ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، وخلاف ما عليه المسلمون، فالواجب على هؤلاء أن يقرؤوا الفاتحة بدلا من التسبيح في الثالثة والرابعة، كما قرؤوها في الأولى والثانية. لكن في الأولى والثانية يتأكد زيادة على الفاتحة: إما سورة وإما آيات على تفصيل في الصلوات الخمس، لكن في الثالثة والرابعة الأفضل الاقتصار على الفاتحة كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، إلا في الظهر، فيستحب أن يقرأ زيادة على الفاتحة في بعض الأحيان في الثالثة والرابعة؛ لأنه ورد عن النبي ذلك عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (395)

حكم القراءة من المصحف في الصلاة

108 - حكم القراءة من المصحف في الصلاة س: تقول السائلة: هل يجوز مسك المصحف الشريف في الصلاة، والقراءة منه بعد الفاتحة؟ (¬1) ج: إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس، مثل التراويح والقيام في رمضان، لا حرج، وإذا كان الإنسان يقرأ عن ظهر قلب يكون أخشع إذا تيسر له ذلك، فإذا دعت الحاجة أن يقرأ من المصحف؛ لكونه إماما، أو المرأة وهي تتهجد بالليل، أو الرجل كذلك وهو لا يحفظ فلا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (242)

س: تقول هذه السائلة: هل يجوز أن أحمل المصحف وأقرأ منه في صلاة الفرض؟ حيث أقرأ السور التي لا أحفظها، وفي النافلة أيضا هل يجوز أن أحمل المصحف؟ (¬1) ج: لا حرج، لكن كونك تقرئين عن ظهر قلب أخشع وأقرب للخشوع، ولو قرأ المصلي من المصحف فلا حرج. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (422)

س: سائلة تقول: هل يجوز حمل القرآن في الصلاة وقراءته، وعدم الترتيب أيضا في قراءة السور؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك، إذا دعت الحاجة إلى ذلك، كما في صلاة التراويح والقيام، إذا قرأ من المصحف لا حرج في ذلك، والأفضل أن يرتب الآيات ولا يخل بذلك، فإن قرأ بعض الآيات في ركعة، وآيات أخرى لأنه ما يحفظ إلا ذلك، أو لأن قراءته لبعض الآيات غير مستقيمة، فيقرأ الآيات قراءة مستقيمة، والتي يعجز عنها يؤخرها فلا بأس بذلك، المقصود أنه لا حرج إذا كان لمصلحة شرعية؛ أن يقرأ بعض الآيات ويترك بعض الآيات؛ لأنه يقيم هذه الآيات، وقد درسها وحفظها؛ ولأنه لا يستطيع أن يقيم الآيات الأخرى؛ لأنه ما درسها كما ينبغي، أو لأنه يحفظها، ولا يحفظ هذه، كل ذلك لا حرج فيه. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (127)

بيان أن الأفضل قراءة سور القرآن بالترتيب

109 - بيان أن الأفضل قراءة سور القرآن بالترتيب س: سمعت أنه يجب على المصلي أن يقرأ في صلاته من سور القرآن الكريم بالترتيب، فمثلا لا يقرأ سورة (الإخلاص) ثم يقرأ

سورة (الكافرون)، بل العكس (¬1) ج: هذا أفضل، وإلا فإنه لا يجب، هذا أفضل كونه يرتب على ما في المصحف أفضل، أما لو عكس بأن قرأ: (قل هو الله أحد) في الأولى، وقرأ في الثانية: (تبت يدا أبي لهب) أو: (إنا أعطيناك الكوثر) فلا حرج في ذلك؛ لأن الترتيب بالاجتهاد؛ باجتهاد الصحابة رضي الله عنهم؛ ولأن عمر رضي الله عنه كان ربما قدم بعضا عن بعض، ربما قرأ في الركعتين السورة المتأخرة قبل السورة المتقدمة، وروي عنه أنه قرأ بـ (النحل) في الأولى، وبـ (يوسف) في الثانية، و (يوسف) قبلها في المصحف. المقصود أن هذا الترتيب مستحب، ولو قرأ في الصلاة أو خارجها بعض السور قبل التي قبلها فلا بأس، ولا حرج إن شاء الله، لكن الأفضل والأولى أن يسير على ما فعله الصحابة رضي الله عنهم، وأن يرتب فيقرأ السورة أو الآية ثم يقرأ السورة أو الآية التي في السورة التي بعدها، إلا إذا كان الصبي يتعلم، يبدأ بـ (قل أعوذ برب الناس)، ثم بـ (قل أعوذ برب الفلق)، ثم بـ (قل هو الله أحد)، يعلمه الأستاذ السورة القصيرة قبل، فلا حرج في ذلك للتعليم؛ لأنه يبدأ في الصغار بالسور ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (241)

القصيرة أسهل عليهم، لا حرج في ذلك.

س: هل يجب ترتيب السور في القراءة أثناء الصلاة أو لا يجب؟ (¬1) ج: السنة الترتيب، كما رتب الصحابة المصحف، هذا هو الأفضل، ومن نكس فلا حرج، لو قرأ (آل عمران)، ثم قرأ من (البقرة) فلا حرج. لكن الأفضل أن يسير على ما رتب الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم حين جمعوا القرآن في عهد عثمان، إذا قرأ (البقرة) يقرأ بعدها من (آل عمران) أو ما بعد ذلك، وإذا قرأ مثلا سورة: (لم يكن) يقرأ ما بعدها: (الزلزلة)، (العاديات) وهكذا هذا هو الأفضل على ترتيب المصحف، لكن لو نكس وقرأ من آخر القرآن، ثم قرأ من مقدم القرآن فلا حرج في ذلك، جاء عن عمر رضي الله عنه أنه قرأ في الأولى بسورة (النحل) من صلاة الفجر، وفي الثانية بسورة (يوسف)، وهي قبلها. قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الليالي بـ (البقرة) ثم (النساء) ثم (آل عمران). ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (243)

حكم قراءة أكثر من سورة في الركعة الواحدة

110 - حكم قراءة أكثر من سورة في الركعة الواحدة س: هل يصح قراءة أكثر من سورة في الركعة الواحدة؟ وإذا كان يصح ذلك هل يجب أن تكون قراءة السور حسب ترتيبها بالقرآن، أم يصح تقديم سورة على أخرى؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك أن يقرأ سورتين أو أكثر بعد الفاتحة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ بـ (البقرة) و (النساء) و (آل عمران) في ركعة عليه الصلاة والسلام، وأقر بعض الصحابة على قراءة الفاتحة وسورة بعدها، مع قراءة: (قل هو الله أحد)، فجمع بين سورتين. فالحاصل أنه لا حرج في ذلك، ولو نكس لا حرج، لكن السنة أن لا ينكس، بل يرتب كما في المصحف، هذا هو الأفضل، كما فعله الصحابة ورتبوا رضي الله عنهم، فليقرأ كما في المصحف، هذا هو الأفضل، ولو قرأ سورة قبل سورة أجزأ ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (167)

حكم تقديم بعض السور على بعض في الصلاة الجهرية

111 - حكم تقديم بعض السور على بعض في الصلاة الجهرية س. صليت مرة ببعض الأصدقاء صلاة جهرية، وقرأت في الركعة

الأولى سورة (الفلق)، وقرأت في الثانية (إذا زلزلت)، وبعد الانتهاء من الصلاة قال لي أحدهم: يجب أن تكون القراءة حسب ترتيب السور في القرآن، ولا يجوز أن تسبق سورة على سورة. آمل الإفادة، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا هو الأفضل، أن يرتب على حسب ما في المصحف، لكن لو عكس لا حرج، ليس بحرام، فقول القائل: لا يجوز. هذا القول غلط، هو جائز ولكن تركه أفضل، فإذا قرأت (الزلزلة) تقرأ ما بعدها، وإذا قرأت: (قل أعوذ برب الفلق) تقرأ: (قل أعوذ برب الناس)، لكن لو أنك قرأت مثل ما فعلت؛ (الفلق)، ثم قرأت (إذا جاء نصر الله) أو (الكافرون) أو قرأت (الزلزلة) كل ذلك لا حرج فيه، وقد ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه قرأ سورة (النحل)، ثم قرأ بعدها سورة يوسف، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة (البقرة)، ثم (النساء) ثم (آل عمران)، فالترتيب هنا مستحب وليس بحرام. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (177).

حكم صلاة من قرأ عددا من الآيات لسور مختلفة

112 - حكم صلاة من قرأ عددا من الآيات لسور مختلفة في ركعة واحدة س: تقول السائلة: صليت صلاة الفجر، وقرأت بعد سورة (الفاتحة) في الركعة الثانية الجزء الأخير من سورة (النبأ)، وبعد إكمالي الصلاة اكتشفت أنني جمعت مع سورة (النبأ) آيات من سورة (النازعات)، وأنا كنت على يقين بأنني أقرؤها بصورة صحيحة وأنا أثناء الصلاة، وسؤالي هو: هل علي إثم في ذلك؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك، كونك تقرئين من (النبأ) ثم تقرئين بعض آيات من (النازعات)، أو من غيرها لا حرج في ذلك، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (303).

حكم قراءة آية مكان أخرى

113 - حكم قراءة آية مكان أخرى س: في بعض الأحيان يحدث أنني أنسى في الصلاة، وأقرأ آية مكان آية أخرى، أو أقرأ كلمة خطأ، ثم أتذكر ذلك أثناء الركوع أو السجود، أو بعد الصلاة، فما الحكم في ذلك؟ وماذا أفعل؟ وهل أعيد الركعة أم لا؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (58).

ج: الفرض في هذا هو (الفاتحة)، فإذا قرأت (الفاتحة) وهي سورة (الحمد) حصل المقصود والحمد لله، فإذا قرأت زيادة آية أو آيتين، أو قرأت آية بدل آية، أو نسيت آية وأتيت بآية، أو نقص منك كلمة لا يضرك، وصلاتك صحيحة، وليس عليك إعادة ركعة، ولا إعادة الصلاة والحمد لله، ولكن عليك أن تجتهدي فيما تيسر لك، من قراءة بعض الآيات مع الفاتحة، في الركعة الأولى والثانية من الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وهكذا في الفجر، أما الثالثة من المغرب، والثالثة والرابعة من الظهر والعصر والعشاء يكفي الفاتحة والحمد لله.

حكم قطع الصلاة بسبب خطأ في قراءة الفاتحة

114 - حكم قطع الصلاة بسبب خطأ في قراءة الفاتحة أو غيرها من السور س: في إحدى المرات بعد أن دخلت في الصلاة وقرأت الفاتحة، وعند قراءة الصدرة أشكلت علي، ورددتها أكثر من مرتين، ولم أفلح، وأخيرا قطعت الصلاة وأعدت تكبيرة الإحرام، وقرأت ثانية فهل صلاتي هذه صحيحة؟ وماذا أفعل إذا تكرر ذلك مرة ثانية؟ (¬1) ج: ما ينبغي لك أن تقطع الصلاة، فإن العمدة في القراءة الفاتحة، ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (57).

فإذا قرأ الإنسان الفاتحة فقد حصل الفرض، وما زاد عليه فهو مستحب، وقولك: الصدرة. لم نعرف مرادك بالصدرة، إن كان مرادك بالصدرة قراءة السورة الزائدة، أو آيات زائدة فهذه الصدرة غير واجبة، مستحبة، وإذا تركها الإنسان وركع ولم يقرأ زيادة على (الفاتحة) أجزأ، أما إن كان مرادك بالصدرة شيئا آخر فينبغي أن توضحه في سؤال آخر، المقصود أن مثل هذا لا يقطع الصلاة، إن كان المقصود من كلامك أنه التبس عليك الأمر في قراءة الزيادة على الفاتحة، ولم يتيسر لك قراءة آيات ولا سورة، بل اشتبه عليك الأمر فإنه ليس لك أن تقطع الصلاة، بل الحمد لله تركع ولا بأس، ويكفيك الفاتحة.

حكم الاقتصار على الفاتحة في الركعتين الأخيرتين من الرباعية

115 - حكم الاقتصار على الفاتحة في الركعتين الأخيرتين من الرباعية س: سائلة تقول: في صلاة الظهر والعصر أصلي الركعتين الأوليين، أقرأ الفاتحة وبعدها سورة، أما في الركعتين الأخيرتين فلا أقرأ إلا الفاتحة، فهل صلاتي صحيحة؟ (¬1) ج: نعم، هذه هي السنة، السنة أن تقرئي في الأولى والثانية الفاتحة ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (341).

وما تيسر معها، أما الثالثة والرابعة فإن المصلي يقرأ فيها الفاتحة، كما جاء هذا في حديث أبي قتادة في الصحيحين، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الثالثة والرابعة الفاتحة فقط، لكن لو زاد فقرأ زيادة على الفاتحة فصلاته صحيحة؛ لأنه ثبت في حديث أبي سعيد الخدري، عند مسلم ما يدل على ذلك، وأن النبي كان يفعل هذا بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، فإذا زاد على الفاتحة في بعض الأحيان في الثالثة والرابعة من الظهر فلا حرج في ذلك، ولكن غالب الذي يفعله النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقرأ الفاتحة فقط، يكتفي بها في الثالثة والرابعة.

بيان السنة في القراءة في صلاة المغرب

116 - بيان السنة في القراءة في صلاة المغرب س: ذكر السيد سابق أن المداومة في صلاة المغرب على قصار المفصل دائما فعل مروان بن الحكم، وهو خلاف السنة، بالعكس من النووي الذي ذكر أن ذلك هو السنة، فما هو الصحيح؟ (¬1) ج: الصواب هو ما ذكره السيد سابق؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام ما كان يحافظ على قصار المفصل، بل تارة يقرأ من قصار ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (192).

المفصل، وتارة يقرأ من طوال المفصل، وتارة يقرأ بغير ذلك من غير المفصل، فالأفضل للإمام في المغرب أن يقرأ تارة كذا وتارة كذا؛ اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، فلا يلازم المفصل، ولا يلازم طوال المفصل، ولا أوساطه، ولكن تارة وتارة، يتأسى بالنبي عليه الصلاة والسلام في ذلك، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ بقصار المفصل في المغرب، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قرأ فيها بـ (المرسلات) في آخر حياته، وهي ليست من قصار المفصل بل هي من طواله وقرأ فيها بـ (الطور)، وهي من طوال المفصل أيضا، وقرأ فيها بـ (الأعراف)، قسمها في ركعتين، وهي سورة طويلة، فعلم بذلك أن السنة أن يقرأ فيها تارة بالقصار، وتارة بغيرها، فلا يلزم حالة معينة.

حكم تطويل صلاة الفجر

117 - حكم تطويل صلاة الفجر س: أيهما أفضل: تطويل صلاة الفجر، أم قصرها؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: السنة في الفجر الطول، النبي كان يطولها عليه الصلاة والسلام، ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (28).

فهي أطول الصلوات، وكان يطول في صلاة الصبح، وكان يقرأ فيها بالستين وإلى المائة، كما أخبر جابر وأخبر جماعة من أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم كلهم، أخبروا أنه كان يطيل صلاة الصبح، وكان يقرأ فيها بالستين وإلى المائة، فالسنة فيها الإطالة وعدم التقصير، هذا هو السنة في صلاة الصبح، إلا أن يعرض عارض يقتضي التخفيف؛ لمرض اعترى الجماعة، أو حال يوجب التخفيف فلا بأس، وإلا فالأصل فيها التطويل في قراءتها وركوعها وسجودها، كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام.

حكم الإسراع في القراءة في الصلاة

118 - حكم الإسراع في القراءة في الصلاة س: إنني سريع الصلاة، حيث إنني أقرأ الفاتحة وما تيسر معها من قصار السور بصور سريعة وحركات الصلاة سريعة، هل هذا جائز أم لا؟ وفقكم الله (¬1) ج: السنة للقارئ أن يرتل قراءته، وألا يعجل فيها؛ حتى يتدبر، حتى يتعقل سواء كانت الفاتحة أو غير الفاتحة، السنة له التدبر والتعقل ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (36).

والترتيل وعدم العجلة، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (¬1)، قال عز وجل: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} (¬2) والسرعة التي يخل بسببها في الحروف أو بعض الآيات لا تجوز، بل يجب عليه أن يركد، وألا يعجل حتى يقرأ قراءة سليمة واضحة يتدبرها ويتعقلها، فإذا كان يسقط بعض الحروف ويضيع بعض الحروف هذه قراءة لا تجوز، بل يجب عليه أن يركد ويتأنى، ويرتل حتى يؤدي الحروف والكلمات كاملة، وهكذا في الصلاة لا يعجل في الركوع، ولا في السجود، ولا في الجلسة بين السجدتين، ولا في وقوفه بعد الركوع، بل يتأنى ويطمئن، هذا هو الواجب عليه، الطمأنينة فرض لا بد منها، والنقر في الصلاة والعجلة فيها تبطلها، فنوصى السائل أن يطمئن في ركوعه ولا يعجل، يقول: سبحان ربي العظيم. يكررها ثلاثا أو أكثر، ويقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. وإذا رفع من الركوع يطمئن وهو واقف يقول: ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما، وملء ما شئت من ¬

_ (¬1) سورة المزمل الآية 4 (¬2) سورة ص الآية 29

شيء بعد. هذا هو الأفضل له، أما الطمأنينة لا بد منها، لا بد أن يركد وهو قائم، لا بد من الركود والاعتدال وعدم العجلة، ويقول: ربنا ولك الحمد. هذا أمر واجب على الصحيح، وإذا كمل فقال: حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد. هذا أكمل وأفضل، وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم الزيادة في هذا: «أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (¬1)» وهذا من الكمال، وهكذا في السجود لا يعجل، إذا سجد يسجد على الأعضاء السبعة: جبهته، وأنفه, وكفيه, وركبتيه, وأطراف قدميه. ويطمئن ولا يعجل، حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، ويقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ويدعو بما تيسر ولا يعجل، كان النبي يدعو في سجوده، ويقول: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (¬2)» فهذا دعاء مشروع، وقال ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع، برقم (477) (¬2) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483)

عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (¬1)» وقال: «أما السجود فاجتهدوا فيه بالدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (¬2)» فينبغي للمؤمن في سجوده ألا يعجل، بل يجب عليه الطمأنينة والركود، وهذا ركن من أركان الصلاة لا بد منه، ومع هذا يشرع له أن يزيد في الطمأنينة، وألا يعجل، وأن يدعو في سجوده ويكرر: سبحان ربي الأعلى. والواجب مرة، لكن إذا كرر ذلك ثلاثا أو خمسا كان أفضل أو سبعا، والحاصل في هذا كله أن الواجب الطمأنينة وعدم العجلة، وبين السجدتين يطمئن أيضا ولا يعجل، ويعتدل بين السجدتين حتى يرجع كل فقار إلى مكانه، ويقول: «رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي (¬3)» «اللهم اغفر لي، وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني (¬4)» كل هذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، والمسلم يتأسى بنبيه صلى الله عليه وسلم، ويعمل كعمله عليه السلام ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483) (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (¬3) أخرجه أحمد في مسند الأنصار، ومن حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، برقم (22866)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده، برقم، (874)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ما يقول في قيامه ذلك برقم (1069)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (897) (¬4) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين، برقم (850)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (284)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (898).

ولا يعجل في هذه الأمور؛ فإن الصلاة هي عمود الإسلام، الصلاة أمرها عظيم، وهي عمود الإسلام والطمأنينة فيها والركود أمر مفترض وركن من أركانها، فنوصي السائل أن يعتني بهذا الأمر، وأن يخاف الله ويراقبه، وأن يكمل صلاته بالطمأنينة وعدم العجلة، وهكذا قراءته يطمئن فيها ولا يعجل، ويركد ويرتل حتى يقرأ قراءة واضحة يعقلها ويتدبرها، ويستفيد منها.

حكم قراءة القرآن في الركوع والسجود

119 - حكم قراءة القرآن في الركوع والسجود س: إحدى الأخوات المستمعات: ف. م، من قطر تسأل عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، ما حكم ذلك؟ وهل وقع من علي رضي الله عنه توجه النهي إليه كما ورد في الحديث؟ (¬1) ج: ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن القراءة في الركوع والسجود، وقال علي رضي الله عنه: إن الرسول نهى عن ذلك، ولأن عليا فعل ذلك جهلا، فنهاه الرسول صلى الله عليه وسلم عن ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (331).

ذلك، ويحتمل أنه نهاه بأن لا يفعل، وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه أن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن القراءة في الركوع والسجود، فالقراءة محلها القيام أو القعود في حق المريض، أما السجود والركوع فإنه لا يقرأ فيهما.

بيان ما يقال في الركوع والسجود

120 - بيان ما يقال في الركوع والسجود س: ماذا أقول في السجود وفي الركوع؟ (¬1) ج: المشروع في الركوع: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. ثلاث مرات أو أكثر، وفي السجود: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ثلاث مرات أو أكثر، والواجب مرة، مرة: سبحان ربي الأعلى. في السجود، ومرة سبحان ربي العظيم في الركوع، هذا صح من أقوال أهل العلم، ويستحب مع هذا في الركوع والسجود أن يقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ويستحب للرجال والنساء في الفرض والنفل: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ويستحب أيضا أن يدعو في السجود ويكثر من الدعاء في السجود، ويستحب أن يقول فيهما في الركوع والسجود: ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (337).

سبوح قدوس رب الملائكة والروح، سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء. هذا مستحب في الركوع والسجود، ولكن الدعاء خاص بالسجود، أما الركوع فهو محل التعظيم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فيه بالدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (¬1)» ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (¬2)» ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482)

حكم الدعاء في الركوع والسجود

121 - حكم الدعاء في الركوع والسجود س: هل يجوز الدعاء أثناء الصلاة مثل الركوع والسجود؟ (¬1) ج: نعم، الدعاء مشروع في السجود؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (¬2)» رواه مسلم في الصحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (27). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479)

الدعاء (¬1)» فالدعاء في السجود قربة وطاعة وترجى إجابته، أما الركوع فالأولى أن يخص بالتعظيم دون الدعاء، اللهم إلا الدعاء القليل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «أما الركوع فعظموا فيه الرب (¬2)» فدل ذلك على أن الركوع محل التعظيم؛ طاعة للرسول صلى الله عليه وسلم؛ لقوله: «أما الركوع فعظموا فيه الرب (¬3)» سبحان ربي العظيم، سبحان ذي الجبروت والملكوت، سبوح قدوس رب الملائكة والروح. هذا هو التعظيم، وغير ذلك: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. فهذا فيه تعظيم، وفيه دعاء، لكن الدعاء قليل. قالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي (¬4)» فدل ذلك على أنه يأتي بهذا في الركوع، كما يأتي في السجود وفيه: اللهم اغفر لي. فهذا دعاء لكنه دعاء قليل، فالأغلب أن يكون التعظيم طاعة ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484).

للرسول صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب (¬1)» وإذا دعا قليلا كما جاء في الحديث: «اللهم اغفر لي (¬2)» فلا بأس، لكن يجعل السجود، وهو محل الدعاء، هذا هو السنة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484).

حكم الدعاء ناسيا في الركوع

122 - حكم الدعاء ناسيا في الركوع س: من أسئلة السائل أبي عبد الله، من القصيم يقول: إذا دعا الإنسان في الركوع ناسيا هل يجوز له ذلك؟ (¬1) ج: لا حرج عليه، لكن لا يتعمد ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء (¬2)» فالدعاء يكون في السجود، والركوع يكون فيه تعظيم الرب سبحانه: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملائكة والروح. هذا هو المشروع في الركوع، وقوله: سبحانك اللهم ربنا ولك الحمد، اللهم ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (429). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479)

اغفر لي. هذه الدعوة تابعة للتسبيح، فيكثر من التسبيح، أما الدعاء فيكون في السجود.

حكم إلصاق القدمين عند الركوع

123 - حكم إلصاق القدمين عند الركوع س: ما هو الأفضل: إلصاق القدمين عند الركوع، أم تفريدهما؟ (¬1) ج: السنة تفريدهما، التفريق بينهما هذا هو السنة. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (29).

حكم قول ربنا ولك الحمد بدلا من قول سمع الله لمن حمده

124 - حكم قول ربنا ولك الحمد بدلا من قول: سمع الله لمن حمده س: تقول السائلة: لقد كنت في صلاتي أثناء الرفع من الركوع، أقول: ربنا ولك الحمد. دون أن أقول: سمع الله لمن حمده. ولكنني بعد ذلك سمعت أنه لا يجوز ذلك، بل لا بد أن أقول: سمع الله لمن حمده. فهل علي إثم وذنب في صلواتي التي مضت؟ مع العلم بأنني لم أكن أعلم بأن قول: سمع الله لمن حمده. واجب في الصلاة، وإذا كان علي شيء فماذا أفعل؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (142).

ج: نرجو ألا يكون عليك شيء لأجل الجهل، وعليك مع ذلك الاستغفار والتوبة والندم على ما حصل منك، من تساهل وعدم السؤال؛ لأن الواجب على من جهل شيئا أن يسأل أهل العلم في صلاته وفي غيرها، وما مضى صحيح، والحمد لله، وعليك في المستقبل أن تقولي: سمع الله لمن حمده. عند الرفع من الركوع، وهكذا الإمام وهكذا المنفرد من الرجال، كل واحد يقول: سمع الله لمن حمده. أما المأموم فيقول: ربنا ولك الحمد. هذا هو الصواب، وليس عليه أن يقول: سمع الله لمن حمده. لا يشرع له ذلك، إنما هذا من شأن الإمام، والمنفرد من الرجال والنساء عند الرفع، يقول: سمع الله لمن حمده. وعند الاستواء يقول: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا لك الحمد. وما مضى نسأل الله أن يعفو عنا وعنك، والصلاة صحيحة إن شاء الله من أجل الجهل، ولكن في المستقبل عليك أن تجتهدي في ذلك، وأن تستمري عليه، وألا تتركي هذه الكلمة: سمع الله لمن حمده. إذا كنت منفردة، أما مع الإمام فتقولين: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا ولك الحمد.

حكم قول: الله أكبر عند الرفع من الركوع

125 - حكم قول: الله أكبر عند الرفع من الركوع س: عند الرفع من الركوع هل من اللازم القول: الله أكبر. أم أنه لا

يجوز في هذا الموضع؟ (¬1) ج: عند الرفع من الركوع إن كان إماما أو منفردا يقول: سمع الله لمن حمده. أما إذا كان مأموما فإنه يقول عند الرفع: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا ولك الحمد. كما جاء في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والإمام يقول بعد الرفع بعد: سمع الله لمن حمده: ربنا ولك الحمد. والمنفرد كذلك. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (277).

حكم رفع الأيدي بعد سمع الله لمن حمده في الصلاة

126 - حكم رفع الأيدي بعد سمع الله لمن حمده في الصلاة س: ما حكم رفع الأيدي بعد: سمع الله لمن حمده. في الصلاة؟ (¬1) ج: يشرع للمصلي أن يرفع يديه في أربعة مواضع: الموضع الأول: عند الإحرام، إذا كبر عند التكبيرة يقول: الله أكبر. رافعا يديه حيال منكبيه، أو حيال أذنيه، هذه واحدة. الموضع الثاني: عند الركوع إذا أراد أن يركع يرفع يديه مع التكبير إلى حيال منكبيه، أو إلى حيال أذنيه. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (22).

الموضع الثالث: عند الرفع من الركوع، يرفع يديه قائلا: سمع الله لمن حمده. كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم عند الرفع: الإمام والمنفرد والمأموم، كلهم يرفع يديه عند الرفع من الركوع قائلا الإمام: سمع الله لمن حمده. وقائلا المأموم: ربنا ولك الحمد. عند الرفع، هذا هو السنة. الموضع الرابع: عند القيام من التشهد الأول للثالثة من الظهر والعصر والمغرب والعشاء، إذا نهض للثالثة يرفع يديه مكبرا، ويجعل يديه حيال أذنيه، أو حيال منكبيه. هذه المواضع الأربع ثبت فيها الرفع عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذهب إلى هذا جمهور أهل العلم، وهو الحق؛ لأنه ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم من عدة أحاديث من حديث ابن عمر، ومن حديث علي رضي الله عنه، ومن أحاديث أخرى، وثبت الرفع في المواضع الثلاثة عند الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه في أحاديث أخرى، الحاصل أن هذه المواضع الأربعة قد ثبت فيها الرفع عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالسنة للمصلي أن يفعل ذلك تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام.

حكم ضم اليدين عند قول سمع الله لمن حمده

127 - حكم ضم اليدين عند قول سمع الله لمن حمده س: سائل من مكة: ما تقولون – جزاكم الله خيرا – في ضم اليدين عند قول: سمع الله لمن حمده؟ (¬1) ج: السنة أن يرفع يديه غير مضمومتين إلى أعلى حذو منكبيه، أو إلى أذنيه، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فرفع اليدين سنة عند الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول إلى الثالثة، يرفعهما إلى منكبيه أو إلى فروع أذنيه، كل واحدة تحاذي، اليمنى تحاذي المنكب الأيمن أو الأذن اليمنى، واليسرى تحاذي المنكب الأيسر أو الأذن اليسرى، هذا هو السنة، رفع اليدين مع قوله: سمع الله لمن حمده. والمأموم مع قوله: ربنا ولك الحمد. عند رفعه من الركوع، كما يرفعهما عند الركوع، وعند الإحرام في التكبيرة الأولى، وعند القيام من التشهد الأول، فالنبي صلى الله عليه وسلم تارة يرفعهما إلى منكبيه، وتارة يرفعهما صلى الله عليه وسلم إلى فروع أذنيه. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (305).

حكم رفع اليدين عند الركوع والرفع منه

128 - حكم رفع اليدين عند الركوع والرفع منه س: هل صحيح بأنه يجب أن يرفع المسلم يديه عند الركوع، والرفع من الركوع، مثل ما فعل في التكبيرة الأولى، بمعنى أن يقول: الله أكبر. ثم يرفع يديه على مستوى أذنيه؟ وهل يصح للمرأة فعل ذلك؟ (¬1) ج: هذا سنة، وليس فريضة أن يرفع يديه عند الإحرام إلى حيال أذنيه أو إلى حيال منكبيه، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا عند الركوع وعند الرفع منه، وهكذا عند القيام من التشهد الأول إلى الثالثة، يرفع يديه ويجعلهما حيال منكبيه، أو حيال أذنيه، تارة كذا وتارة كذا؛ اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، وهذه سنة مؤكدة، ولو تركها أو بعضها صحت صلاته، والمرأة مثل الرجل في هذا على الصحيح؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يخصها في هذا بشيء، فالصحيح أنها مثل الرجل، ترفع يديها عند الإحرام، وعند الركوع وعند الرفع منه وعند القيام من التشهد الأول. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (102).

س: نعلم أن رفع اليدين مع التكبيرات في أربعة مواضع: منها ما هو بعد الرفع من الركوع، فهل يرفع الإنسان يديه عند قوله: سمع الله لمن حمده. أم بعد استوائه في الركوع، وقوله: ربنا ولك الحمد؟ (¬1) ج: السنة الرفع عند رفعه من الركوع عند قوله: سمع الله لمن حمده. إن كان إماما أو منفردا، وعند قوله: ربنا ولك الحمد. إن كان مأموما، يعني حين الرفع، هذه هي السنة. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (246).

س: يقول هذا السائل: ما حكم رفع اليدين بعد الرفع من الركوع مثل السدل، أم القبض؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الأفضل القبض بعد الرفع من الركوع، الأفضل القبض؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك من حديث وائل بن حجر، ومن حديث قبيصة عن أبيه «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يديه على صدره حال قيامه للصلاة (¬2)» وهذا القيام يشمل ما ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (374). (¬2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار حديث هلب الطائي، برقم (21460)

بعد الركوع وما قبل الركوع؛ لأنه قيام، فيضع يديه على صدره، هذا هو الأفضل.

حكم وضع اليمين على الشمال بعد الركوع

129 - حكم وضع اليمين على الشمال بعد الركوع س: ما حكم مسألة وضع اليمين على الشمال بعد الركوع؟ نرجو من سماحتكم شرح هذا وبسط الكلام فيه بسطا وافيا، وكلام أئمة العلماء في هذه المسألة، وهل لمن يدعي أن هذا الأمر بدعة وضلالة من حجة يتمسك بها من إرسال اليدين، أم أنه يحتج بعادة الناس، مع علمنا أن العبادة توقيفية؟ وهل إذا كان الإمام يرسل يديه بعد الركوع، فهل علي أن أرسلهما اقتداء ومتابعة للإمام، أم أستمر في وضع اليمين على الشمال؟ أفتونا مأجورين (¬1) ج: قد دلت الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان في حال القيام يقبض شماله بيمينه، ويضع كفه اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد، ثبت هذا من حديث وائل، وثبت معناه من حديث سهل عند البخاري، وجاء أيضا من حديث قبيصة بن هلب عن ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (178).

أبيه، وجاء مرسلا عن طاوس عن النبي عليه الصلاة والسلام، والصواب أن اليمين توضع على الشمال في حال القيام قبل الركوع وبعده، وليس هناك تفصيل في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نعلم أحدا ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أرسل يديه في الصلاة بعد الركوع، ولا عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فالأصل في هذا هو الضم كما يضم قبل الركوع، وكذا في القيام بعد الركوع، ومن زعم أنه يرسلهما بعد الركوع فعليه الدليل، ومن قال: إن ضمهما بدعة بعد الركوع، فقد غلط، وذكر بعض أهل العلم أنه مخير؛ إن شاء أرسلهما، وإن شاء ضمهما بعد الركوع في حال القيام. ولكن الصواب أنه يضمهما كما قبل الركوع؛ لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، بقاء السنة على حالها، وقد قال وائل رضي الله عنه: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان قائما في الصلاة يضع يده اليمنى على يده اليسرى (¬1)» ومعنى قائما في الصلاة، يعني: يشمل ما بعد الركوع، وما قبل الركوع قائما في الصلاة، وهو يشمل القيامين: قبل الركوع، وبعد ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وضع يده اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة الإحرام، برقم (401).

الركوع. وهكذا قول سهل بن سعد رضي الله عنه: «كان الرجل يؤمر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أن يضع اليمنى على كفه اليسرى، ويضع اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة. قال أبو حازم الراوي له عن سهل: لا أعلمه إلا ينمي ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم (¬1)» فهذا يدل أنه في حال القيام يضع يمينه على ذراعه اليسرى، وهذا يحتمل أن المراد ما قاله وائل، وأنه يضع يمينه على كفه اليسرى، وأطراف الأصابع على الساعد، فعبر عن الساعد بذراعه اليسرى، فيحتمل أنه في بعض الأحيان يضعها على كفه، وفي بعض الأحيان على ذراعه الأيسر، أما إرسال اليدين فلم يثبت عنه عليه السلام، لا قبل الركوع ولا بعد الركوع، والعبادات توقيفية، ليس لأحد أن يثبتها بمجرد الرأي والاجتهاد. والأصل بقاء ما كان على ما كان، ما دام يضمها قبل الركوع، فالأصل بقاء ذلك في قيامه بعد الركوع؛ كما قال وائل: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان قائما في الصلاة يضع يمينه على شماله (¬2)» يعنى كفه اليمنى على كفه اليسرى، هذا هو الذي كتبناه في ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (740) (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وضع يده اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة الإحرام، برقم (401).

صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي نعتقده، وهو الذي دلت عليه الأحاديث فيما نعتقد، ونسأل الله للجميع التوفيق.

س: هل وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى على الصدر بعد الرفع من الركوع سنة أو بدعة؟ وما الدليل؟ (¬1) ج: وضع الأيدي على الصدر قبل الركوع وبعده سنة، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده اليمنى على اليسرى في الصلاة، وكان يأمر بذلك، وقد ثبت في الصحيح من حديث وائل: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده اليمنى على كفه اليسرى (¬2)» وجاء في الرواية الأخرى: «والرسغ والساعد (¬3)» هذا هو السنة، وجاء في رواية وائل بن حجر عند ابن خزيمة: أنه يضعهما على صدره. وكذا عند الإمام أحمد من حديث قبيصة بن هلب الطائي عن أبيه: «أن النبي كان يضع يديه على صدره حال كونه قائما في الصلاة (¬4)» وهكذا قال ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (16). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وضع يده اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة الإحرام، برقم (401). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب رفع اليدين في الصلاة، برقم (726). (¬4) أخرجه أحمد في مسند الأنصار حديث هلب الطائي، برقم (21460)

وائل: «إن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان قائما في الصلاة وضع يمينه على شماله (¬1)» فدل ذلك على أنه في حال القيام يضعهما على صدره، سواء كان القيام قبل الركوع أو بعد الركوع، وهكذا جاء من حديث طاوس مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد جيد، وهو وضع اليمين على الشمال على الصدر، هذا هو أصح ما قيل في هذا، وضعهما على الصدر قبل الركوع وبعده، أما ما وقع في رسالة بعض الإخوان، الذين صنفوا رسالة في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، من زعمه أن وضعهما على الصدر بعد الركوع بدعة. فهو غلط ممن قال ذلك، فلا ينبغي أن يعول عليه، ولا ينبغي أن يكون ذلك مانعا من الاستفادة من كتبه، وما فيها من الفوائد، لكن هذا خطأ، فكل يخطئ ويغلط، فقول من كتب في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: إن وضعهما على الصدر بعد الركوع بدعة قول غلط، وهو قول أخينا في الله الشيخ ناصر الدين الألباني، قد غلط في هذا، وهو علامة جليل، مفيدة كتبه، لكن كل يغلط وله أغلاط معدودة، نسأل الله أن يوفقه للرجوع عنها. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وضع يده اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة الإحرام، برقم (401).

س: هل هناك دليل شرعي على وضع اليدين على الصدر بعد القيام من الركوع؟ (¬1) ج: نعم، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره، إذا كان قائما في الصلاة، هذا عام يعم قبل الركوع وبعد الركوع، والثابت في السنن من حديث وائل بن حجر، قال: «كان إذا قائما في الصلاة يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى (¬2)» وهذا يعم ما كان قبل الركوع وبعد الركوع، وهكذا حديث سهل بن سعد عند البخاري رحمه الله قال: «كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة (¬3)» رواه البخاري. معنى ذلك أنه يضع يده اليمنى على اليسرى حال وقوفه في الصلاة؛ لأنه في حالة الركوع يضع يديه على ركبتيه وفي حالة السجود يضعهما على الأرض، وفي حالة الجلوس على فخذيه أو ركبتيه، فما بقي إلا القيام، فدل على أنه يضع يمينه على ذراعه اليسرى، وفي حديث وائل وضح أنه على ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (268). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وضع يده اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة الإحرام، برقم (401). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (740)

صدره، فالأحاديث يفسر بعضها بعضا، وهكذا جاء مرسلا من حديث طاوس بن كيسان التابعي الجليل، جاء مرسلا بسند صحيح: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده اليمنى على كفه اليسرى على صدره، وهو قائم في الصلاة عليه الصلاة والسلام (¬1)» وهذا يشمل ما قبل الركوع وما بعد الركوع، ومن فصل فقال: بعد الركوع لا يضع. فعليه الدليل، والأصل بقاء ما كان على ما كان، فمن زعم أنه يرسلهما فعليه الدليل، وإلا فالأصل بقاء وضعهما على حاله الأولى في حال القيام. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (759)

س: أرجو أن توضحوا لي الحكم الشرعي في وضع اليدين بعد النهوض من الركوع، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: السنة وضعهما على الصدر كما قبل الركوع، هذا هو السنة؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث وائل بن حجر: «أنه صلى الله عليه وسلم إذا كان قائما في الصلاة وضع يمينه على يساره، ووضع كفه اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد (¬2)» هكذا رواه أبو داود ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (220). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وضع يده اليمنى على اليسرى بعد تكبيرة الإحرام، برقم (401).

والنسائي، وغيرهما بإسناد صحيح عن وائل بن حجر، وفي صحيح البخاري رحمه الله، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد قال: لا أعلمه إلا أن ينميه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة (¬1)» وهذا يعم ما قبل الركوع وما بعد الركوع، فالسنة للمؤمن في الصلاة – وهكذا المؤمنة – وضع اليمين على الشمال قبل الركوع، وبعد الركوع، وأما ما وقع في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لأخينا العلامة الفاضل: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني من قوله: إن وضعهما بعد الركوع بدعة. هذا قول غلط، قد نبهنا على هذا غير مرة، وكتبنا في ذلك ما يجب بيانه في هذا الأمر، وأرجو أن فضيلته يرجع عن هذا القول؛ لأنه خلاف الصواب، وأسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، برقم (740)

السنة في النزول من الركوع إلى السجود

130 - السنة في النزول من الركوع إلى السجود س: الأخ: هـ. ع. من السودان، الخرطوم، يسأل ويقول: قد ذكرت – يحفظكم الله – أن صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أن

ينزل الإنسان من الركوع إلى السجود على ركبتيه، وينهض إلى الركعة برفع يديه فبل ركبتيه، لكن بعض الباحثين ذكر عكس ذلك، فأي القولين نعتمد؟ وبأيهما نعمل؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: للعلماء قولان في المسألة رحمهم الله، منهم من رجح أنه ينزل بركبتيه ثم يديه، ثم جبهته وأنفه؛ لما روى أهل السنن عن وائل بن حجر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم «إذا سجد قدم ركبتيه على يديه (¬2)» وله شاهد من حديث أنس أيضا عند الحاكم وغيره، وقالوا: هذا هو الأرفق بالمصلي، وهو الأبعد عن مشابهة الحيوان؛ لأن الحيوان كالبعير، ينزل على يديه ثم المؤخرة بعد ذلك، وقالوا: هو الموافق لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير (¬3)» فإنه عند بروك البعير يقدم يديه، فإذا قدم رجليه لم يشبه البعير، أما قوله في آخره: «وليضع يديه قبل ركبتيه (¬4)»، فقال بعضهم: لعله ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (280). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في وضع الركبتين قبل اليدين في السجود، برقم (268)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (838)، والنسائي في المجتبى في كتاب التطبيق، باب أول ما يصل إلى الأرض من الإنسان في سجوده، برقم (1089). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). (¬4) سنن الترمذي الصلاة (268)، سنن النسائي التطبيق (1089)، سنن أبي داود الصلاة (838)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (882)، سنن الدارمي الصلاة (1320).

مقلوب وأن الصواب: وليضع ركبتيه قبل يديه، حتى يتفق أوله مع آخره، أول الحديث مع آخر الحديث، وحتى يتفق مع حديث وائل بن حجر، وأنس وما جاء في معناهما، وهذا هو الأصح والأرجح، وبذلك تتفق الأحاديث، ولا يقع بينها خلاف، فالنهي عن بروك البعير يوافق حديث وائل في تقديم الركبتين، ثم اليدين بعد ذلك في السجود، أما زيادة: «فليضع يديه قبل ركبتيه (¬1)» فهي تخالف أول الحديث، وتخالف حديث وائل؛ لأنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه شابه البعير في نزوله على مقدمه، هذا هو الأرجح، وقال آخرون من أهل العلم: لفظ: «فليضع يديه (¬2)» صريح، يدل على أنه يقدم يديه على ركبتيه، وبهذا خالفوا حديث وائل، وحديثه لا بأس به حسن جيد، مع أنه موافق لأول حديث أبي هريرة ولمقدمه وصدره، والصواب عندي والأرجح عندي أنه يقدم ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه، على ما في حديث وائل، وعلى مقتضى أول حديث أبي هريرة وصدره وزيادة: «فليضع يديه قبل ركبتيه (¬3)»، هذه إما إدراج من بعض الرواة، وإما حصل فيها انقلاب، والصواب أن يضع ركبتيه قبل يديه، حتى يتفق أوله مع آخره، وحتى يتفق مع حديث وائل وما جاء في معناه، والأمر في هذا واسع والحمد لله كله سنة، لكن هذا ¬

_ (¬1) سنن الترمذي الصلاة (268)، سنن النسائي التطبيق (1089)، سنن أبي داود الصلاة (838)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (882)، سنن الدارمي الصلاة (1320). (¬2) سنن الترمذي الصلاة (268)، سنن النسائي التطبيق (1089)، سنن أبي داود الصلاة (838)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (882)، سنن الدارمي الصلاة (1320). (¬3) سنن الترمذي الصلاة (268)، سنن النسائي التطبيق (1089)، سنن أبي داود الصلاة (838)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (882)، سنن الدارمي الصلاة (1320).

هو الأفضل، وهذا هو الأرجح، إلا من عجز ككبير السن والمريض هذا يقدم يديه؛ لأنه محتاج إلى ذلك، ولا بأس بذلك.

س: هل النزول في الصلاة يكون على الركبتين قبل اليدين، أم على اليدين قبل الركبتين؟ أرجو بيان الراجح مع ذكر الدليل. جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الأفضل أن ينزل على الركبتين إذا كان يستطيع ذلك، ينزل على الركبتين ثم اليدين ثم الجبهة والأنف، هذا هو الأفضل لحديث وائل بن حجر وما جاء في معناه، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير (¬2)» والبعير يبرك على يديه، فالسنة للمؤمن إذا سجد أن يسجد على ركبتيه، يقدمهما قبل يديه، هذا هو الأفضل، وأما الزيادة في حديث أبي هريرة: «وليضع يديه قبل ركبتيه (¬3)» فهي زيادة فيها نظر، قال بعض أهل العلم: إنها منقلبة، وأن صواب الرواية: وليضع ركبتيه قبل يديه، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (210). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840).

حتى يوافق آخر الحديث أوله، وإن سجد على يديه اعتقادا منه أن هذا هو الأفضل فلا حرج عليه في ذلك، ولكن الأفضل أن يسجد على ركبتيه ثم يديه ثم وجهه، هذا هو الأفضل، وعند الرفع يرفع وجهه ثم يديه ثم ركبتيه، هكذا السنة، وهذا هو الأفضل، إلا من عجز لكبر سنه أو مرض فلا حرج أن يسجد على يديه {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16

س: أيهما أرجح: الهوي إلى السجود باليدين، أم بالركبتين؟ (¬1) ج: هذا محل اختلاف بين العلماء، والأفضل والأرجح الهوي بالركبتين ثم اليدين، يعني يقدم ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه، هذا هو الأفضل كما في حديث وائل بن حجر، وما جاء في معناه، ومن قدم يديه فالأمر واسع إن شاء الله؛ لأنه في حديث أبي هريرة أيضا، ولكن الصواب أنه يقدم ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه، وأما حديث أبي هريرة الذي فيه: أن يضع يديه قبل ركبتيه. فهو فيه انقلاب فيما حققه بعض العلم؛ لأن أول الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: «لا يبرك ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (141).

أحدكم كما يبرك البعير (¬1)» والبعير يقدم يديه، فإذا قدمنا أيدينا صرنا مشابهين للبعير، فيكون آخر الحديث يخالف أوله، فيكون الصواب: وليضع ركبتيه قبل يديه. على حديث وائل، وعلى موافقة الأول بصفة الحديث، وحصل انقلاب، والأصل: فليضع يديه قبل ركبتيه. المقصود أن الأرجح أن يقدم ركبتيه قبل يديه، وأن الأرجح في حديث أبي هريرة أنه موافق لحديث وائل، وأن ما في آخره – من ذكر اليدين قبل الركبتين – انقلاب لبعض الروايات، فيما هو الأقرب والأظهر حتى لا يخالف آخر الحديث أوله، حتى تجتمع الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الذي أفتى به بعض أهل العلم وأكثر أهل العلم، ومن ترجح عندهم تقديم اليدين واجتهد في ذلك فلا ينكر عليه، وينبغي قي ذلك عدم التشديد، وعدم النزاع والخلاف، والمؤمن يتحرى الحق، فالأرجح والأظهر والأقرب أن يقدم الركبتين ثم اليدين ثم جبهته مع أنفه، هذا في السجود، وعند الرفع يبدأ بالوجه ثم اليدين ثم ينهض على ركبتيه، هذا هو الأفضل، وهذا الذي فيه الجمع بين الأحاديث، وعند القيام عند النهوض إلى الثالثة يرفع يديه ويكبر معها عند القيام ورفع يديه مع القيام ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840).

حال نهوضه، يكبر ويرفع يديه حال النهوض إلى أن يستوي قائما.

س: رجل يسأل ويقول: إذا سجدت أيهما أضع أولا: الكفين أم الركبتين؟ (¬1) ج: الأفضل بالركبتين ثم اليدين ثم الجبهة والأنف، هذا هو السنة، تبدأ بالركبتين؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن البدء في السجود باليدين؛ لأن البعير يبدأ بيديه، أنت تبدأ بالركبتين والرجلين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وهذا حديث حسن، وهذا لا بأس به، يتفق مع حديث البروك، فالمقصود أن السنة المشروع البداءة بالرجلين الركبتين ثم يديك ثم جبهتك وأنفك، وعند الرفع رأسك ثم يديك ثم ركبتيك، وهذا الأصح. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (363).

س: في أثناء الصلاة وأنا أريد السجود هل أنزل باليدين، أم أنزل بالركبتين؟ (¬1) ج: الأفضل هو نزولك بالركبتين، كان الرسول صلى الله عليه وسلم: إذا سجد سجد على ركبتيه، ثم يديه ثم جبهته وأنفه، إلا إذا كان هناك ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط (152).

عجز كمرض أو كبر سن، فلا بأس أن تسجد على يديك أولا، وتنهض عليها للعجز والضعف، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يسجد على يديه مطلقا، ولكنه قول مرجوح، والصواب أن الأحاديث كلها في المعنى تدل على أنه يسجد على ركبتيه أولا، ثم يديه ثم جبهته وأنفه، هذا عند السجود، وعند الرفع يرفع رأسه أولا ثم يديه ثم ركبتيه، إلا العاجز لمرض وكبر سن، فهذا لا بأس أن يسجد على يديه، وينهض على يديه.

س: يقول السائل: عندنا في المسجد إمام، وهذا الإمام يصلى بنا وهو سريع في صلاته، وعند السجود يسبق اليدين قبل الركبتين، ونحن مجموعة شباب نخالفه في سجوده، فنسبق الركبتين قبل اليدين بدليل: لا تشبهوا سجودكم بالبعير. فهل هذا السجود صحيح؟ (¬1) ج: سجودكم جميعا صحيح، سجوده صحيح وسجودكم صحيح، والحمد لله، لكن الأفضل كما فعلتم تقديم الركبتين على اليدين، كما جاء في حديث وائل وغيره، وهو موافق لحديث أبي هريرة الذي فيه ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (281).

النهي عن بروك كبروك البعير، لأن بروك البعير يقدم يديه، فالسنة أن تقدم الركبتان؛ لأنهما في الرجلين قبل اليدين، وذهب بعض أهل العلم إلى تقديم اليدين قبل الركبتين؛ لأن حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «وليضع يديه قبل ركبتيه (¬1)» وتأولوا ذلك على أن بروك البعير على ركبتيه، فإذا قدم المصلي يديه فقد خالف البعير، وليس الأمر كذلك، الصحيح أن بروك الإنسان على يديه هو الذي يشبه البعير، ويخالف أول الحديث: يبرك كما يبرك البعير، ويخالف حديث وائل: «أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، (¬2)» هذا هو الأفضل، وهذا هو الأشهر، ومن اعتقد ما دل عليه آخر حديث أبي هريرة: «وليضع يديه قبل ركبتيه (¬3)» من اعتقد هذا ووضع يديه قبل ركبتيه عن اجتهاد منه فلا حرج عليه، والله يغفر للجميع، لكن الأفضل هو تقديم الركبتين قبل اليدين، هذا هو الأرجح، وهذا هو الأفضل، ومن قدم يديه قبل ركبتيه معتقدا هذا هو الأفضل حسب اجتهاده وعلمه فلا شيء عليه، المصيب له أجران، والمخطئ له أجر واحد، والحمد لله، ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840).

هذا كله إذا كان يستطيع تقديم ركبتيه، أما إذا كان عاجزا لكبر سنه أو مرضه فإنه يقدم يديه ولا شيء عليه، والحمد لله.

س: من العراق رسالة بعث بها ح. ي. إ من الموصل يقول: عند السجود هل وضع اليدين أصح من وضع الركبتين أولا، أو بالعكس؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الأصح والأفضل أن يضع ركبتيه أولا، كان النبي صلى الله عليه وسلم يضع ركبتيه، ثم يديه صلى الله عليه وسلم، وينهى عن بروك كبروك البعير، والبعير إذا برك يقدم يديه، فالسنة أن تقدم ركبتيك لا يديك، والأحاديث في الحقيقة متفقة لا مختلفة، وهي السجود على الركبتين ثم اليدين ثم الجبهة والأنف، أما الرفع فهو يرفع رأسه، ثم يديه ثم ركبتيه، هذا هو الأرجح والأفضل. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط (270).

س: في هيئة السجود هل النزول على اليدين أم على الركبتين؟ (¬1) ج: السنة للقادر النزول على الركبتين، كما في حديث وائل وغيره، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط (349).

وهو المراد في حديث أبي هريرة: «لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير (¬1)» هذا الصواب؛ لأن بروك البعير يبرك على يديه، ونحن مأمورون ألا نبرك على أيدينا، نبرك على ركبنا التي في الرجلين، هذا هو السنة، وهذا هو الصحيح، وهو قول الجمهور من أهل العلم: أن السنة البروك على الركبتين لا على يديه خلافا للبعير، هذا إذا كان قادرا، أما إذا كان عاجزا لكبر السن والمرض فإنه يبرك على يديه ولا بأس لأجل العجز. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840).

س: يسأل ع. مقيم في جدة، هل الصحيح أن ينزل المصلي بيديه قبل ركبتيه، أم أن الأصح ما نراه من نزول المصلين؛ بركبتيهم إلى السجود؟ (¬1) ج: هذا هو السنة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يهوي إلى سجوده على ركبتيه، ويقول: «لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير (¬2)» والبعير يبرك على يديه، يقدم يديه، فالسنة لمن عنده قوة أن ينزل على ركبتيه، وتكون يداه بعد ذلك، ثم وجهه، هذه السنة؛ الركبتان ثم اليدان ثم الوجه، هكذا ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (388). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، كتاب تفريع استفتاح الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه، برقم (840).

إذا كان يقوى على ذلك، وهذا هو الأفضل، فإن أصابه ما يمنع من ذلك من كبر سن أو مرض سجد على يديه، والحمد لله.

س: يسأل السائل ويقول: في الصلاة البعض من الناس يضعون الأيدي في السجود، والبعض تسبق الركبة أو الركبتان قبل اليدين، ما هي الطريقة الصحيحة للسجود؟ (¬1) ج: إذا كان قادرا فالأفضل أن يقدم ركبتيه ثم يديه، ثم جبهته وأنفه، هذا السنة، وعند الرفع يرفع رأسه، ثم يديه، ثم ركبتيه، هذا إذا كان قادرا، أما إذا كان عاجزا فلا بأس أن يقدم يديه، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (419).

بيات وقت تكبيرة السجود في الصلاة

131 - بيات وقت تكبيرة السجود في الصلاة س: متى تكون تكبيرة السجود؟ هل عندما يكون قد سجد في الأرض، أم عندما يكون هاويا إلى السجود؟ (¬1) ج: التكبير للسجود يكبر حال هويه إلى الأرض، يقول: الله أكبر. حين يشرع في الهوي، ويقطعها قبل أن يسجد في الأرض، وعند الرفع كذلك ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (152).

إذا رفع يكبر حين رفعه، وينتهي قبل استتمامه قائما، وهكذا إذا كان جالسا، إذا رفع من السجدة الأولى كبر إذا رفع من السجدة الأولى قبل أن يستتم جالسا، هكذا المشروع، يكبر حين الرفع وحين النزول للسجود.

س: الأخت: ف. ف. من أبها، تقول: في الصلاة عندما أرفع من الركوع وأريد السجود متى أكبر؟ هل عندما أنحني، أم عندما أضع ركبتي على الأرض؟ (¬1) ج: عند الانحناء تكبر قبل أن تصل إلى الأرض، تكبرين إذا انحنيت قبل الوصول إلى الأرض. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (435).

حكم مد التكبير في الصلاة

132 - حكم مد التكبير في الصلاة س: تقول السائلة: أرى النووي يقول في تفسيره ما معناه: إنه يستحب مد التكبيرة في الصلاة عند الانتقال من ركن إلى ركن؛ حتى لا يخلو جزء من صلاته من الذكر. فما الحكم فيمن يستمر في التكبير عند الانتقال بدون أن يمد، فيأتي بثلاث تكبيرات، أو أربع بين الركنين؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (191).

ج: أمور الدين يتلقاها العلماء والمسلمون عن الأدلة من الكتاب والسنة، لا من قول فلان وفلان إلا إذا وافق قوله كتابا أو سنة، فالسنة في التكبير عدم التمطيط، بل يكبر عند انتقاله كما يكبر أول الإحرام بدون تمطيط، يأتي بتكبير معتدل: الله أكبر. عند الإحرام، عند الركوع، عند السجود، عند الرفع من السجود، أما التمطيط فلا، وغير مشروع كونه يقول: الله أكبر. يمدها بقدر انحطاطه، لا، ليس هذا مشروعا، ولكن التكبير جزم، والسلام جزم، فيقول: الله أكبر. مدة معتدلة طبيعية ليس فيها تكلف، وهكذا: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد. وهكذا: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله. لا يمدها، بل جزم، وهكذا: الله أكبر. ولا يكرر تكبيرة واحدة للإحرام، الموسوسون يكررون التكبير، هذه وسوسة لا تجوز، ولكن يكبر واحدة عند الإحرام: الله أكبر. وعند الركوع واحدة، وعند السجود واحدة، وعند الرفع من السجود واحدة، وعند السجود الثاني واحدة، وعند الرفع منه واحدة، هذا ما شرعه الله، هذا هو المشروع، لكن مدا طبيعيا ليس فيه تكلف، هذا هو المشروع عند الرجل والمرأة جميعا للإمام والمنفرد والمأموم.

السنة في وضع الرجلين عند السجود

133 - السنة في وضع الرجلين عند السجود س: يقول السائل: كيف يكون وضع الرجلين عند السجود؟ هل هي مضمومة أم متفرقة؟ (¬1) ج: مفرقة، السنة أن يفرقهما كما يفرق يديه إذا سجد، وهكذا يفرق رجليه إذا سجد، أما ما يروى أنه صلى الله عليه وسلم: «أنه كان ساجدا راصا عقبيه مستقبلا بأطراف أصابعه القبلة (¬2)» فهذا فيه نظر، الظاهر أنه شاذ ومخالف للأحاديث الصحيحة، رواه الحاكم وجماعة، والمحفوظ أنه صلى الله عليه وسلم كان يقيم قدميه، كل واحدة منفردة عن الأخرى. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط (387). (¬2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ضم العقبين في السجود، برقم (2552)، والحاكم في المستدرك (1/ 352)، حديث رقم (832)، وابن حبان في صحيحه (5/ 260)، في كتاب الصلاة، باب ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به عبيد الله بن عمر، برقم (1933).

حكم مجافاة المرفقين بشدة في السجود

134 - حكم مجافاة المرفقين بشدة في السجود س: السائل ع. ع يسأل ويقول: من الأشياء التي يلاحظها على بعض المصلين أمور، منها مثلا: مجافاة المرفقين بشدة، الامتداد

الفاحش حال السجود، الجلسة الخفيفة قبل القيام للركعة الثانية، وهل هي لازمة؟ أيضا يلاحظ أن هناك من يبالغ في الالتفات إلى الوراء عند التسليم، والتورك للمأموم في الصف المزدحم، والتماوت في الصلاة، ووضع الكف على الكف لا على الرسغ في القيام، يرجو التوجيه على هذه الأمور (¬1) ج: السنة للمؤمن أن يلاحظ عدم الأذى، فلا يؤذي جيرانه بمرافقه، بل يتباعد بعض الشيء حتى لا يؤذي أحدا، وإن كان مشروعا له المجافاة بين عضديه وجنبيه، لكن لا يضايق إخوانه إذا كان الصف فيه ضيق وحال السجود، فليفرج حسب الطاقة من غير أذى، كل واحد يلاحظ عدم الأذى، يفرج مهما أمكن من غير حاجة للإيذاء، وإذا لم يستطع فلا يؤذ جيرانه، ولو ضم عضديه إلى جنبيه إذا لم يستطع فإنه لا يؤذيهم، ولا يشق عليهم، بل يرفق بهم، فالمؤمن أخو المؤمن، والله يقول سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} (¬2) فالمسلم لا يؤذي أخاه ولا ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (106). (¬2) سورة الأحزاب الآية 58

يضره، وهكذا الامتداد حال السجود غير مشروع، السنة أن يعتدل في السجود ويجافي عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، ويكون معتدلا، ويرفع ذراعيه عن الأرض، ويعتمد على كفيه في السجود، فيكون معتدلا اعتدالا كاملا لا شبه المنبطح، يمد نفسه كالمنبطح، بل يعتدل ويقيم ظهره وبدنه إقامة تامة، حتى يكون معتمدا على كفيه رافعا بطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه حال السجود، هكذا ينبغي للمؤمن، ولا يكون متماوتا في الصلاة، بل يكون عنده العناية التامة بالصلاة، والخضوع فيها، والإقبال على الله عز وجل، حتى تكون صلاته صلاة خشوع، وإقبال على الله، وطمأنينة كفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم. وكذلك لا يبالغ المبالغة الزائدة، السنة كان النبي إذا التفت في السلام حتى يرى بياض خده - عليه الصلاة والسلام – يمينا وشمالا، فلا يلتفت أكثر من هذا، يلتفت هكذا وهكذا، حتى يرى خده، لا بأس، يراه من وراءه لا حرج كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فالإمام يلتفت إلى المأمومين، والمأموم يلتفت عن يمينه وعن شماله، إلى من عن يمينه وعن شماله، حتى يرى من عن يمينه ومن عن شماله خده إذا التفت، أما الجلسة فهذه سنة مستحبة، ويقال لها: جلسة الاستراحة. وليست واجبة

من فعلها فقد أحسن، ومن لا فلا حرج، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعلها في صلاته صلى الله عليه وسلم، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنها غير مستحبة، وأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم محمول على أنه كان بعدما كبر سنه وثقل، والصواب أنها مستحبة مطلقة، هذا هو الصواب؛ لأنها ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فدل ذلك على استحبابها بعد الأولى والثالثة في الرباعية، بعد الأولى في جميع الصلوات، وبعد الثالثة في الرباعية، جلسة خفيفة مثل جلوسه بين السجدتين، وهكذا السنة أن يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى والرسغ والساعد، إذا كان واقفا يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى وعلى الرسغ والساعد، تكون اليد بعض الكف على الكف، وبعضه على الرسغ، وبعض الأصابع على الساعد، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، كما ثبت هذا في حديث وائل بن حجر رضي الله عنه.

حكم التورك في الصف المزدحم

135 - حكم التورك في الصف المزدحم س: ماذا عن التورك للمأموم في الصف المزدحم؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (106).

ج: إذا دعت الحاجة إلى التضام وعدم التورك لا يتورك، التورك سنة مستحب في التشهد الأخير، فإذا كان يؤذي به إخوانه فلا يتورك، يجلس على رجله اليسرى كجلوسه بين السجدتين وهو التشهد الأول؛ لأن إيذاء إخوانه محرم، فلا يستبيح المحرم بالمستحب، يترك المستحب حتى يتوقى المحرم، فإيذاء إخوانه والتعدي عليهم أمر لا يجوز، فإذا كانت مضايقة في الصف فإنه لا يتورك، بل يجلس على رجله اليسرى، كحاله بين السجدتين، إذا استطاع ذلك، أما إذا كان مريضا أو عاجزا، لا يستطيع فليعمل ما يستطيع، ويتوقى الإيذاء مهما استطاع.

س: يلاحظ على البعض التقصير الفاحش للثياب (¬1) ج: السنة النصف، نصف الساق إلى الكعب، هذا السنة، إزرة المؤمن إلى نصف الساق، وإن نزل إلى الكعب فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (106).

بيان كيفية وضع أصابع الرجلين في السجود

136 - بيان كيفية وضع أصابع الرجلين في السجود س: يسأل المستمع ويقول: في حديث معناه: بأنه عند السجود كان يفتح بين أصابع رجليه، ما معنى الفتح وكيفيته، وكذلك عند

التشهد الأخير؟ (¬1) ج: يعتمد على بطون أصابع رجليه مفتوحة على أصابع رجليه حين السجود، ويعتمد على كفيه حين السجود كذلك، الأصابع في الكفين مضمومة ويتلاصق بعضها ببعض مادا لها، أما الرجلان فيعتمد على بطون أصابعها وهو موقف لها، ويعتمد على بطون الأصابع. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (427).

حكم إلصاق القدمين عند السجود

137 - حكم إلصاق القدمين عند السجود س: السائل: س. س. سع. يمني مقيم بالمملكة، هل يستحب إلصاق القدمين عند السجود؟ وإذا كان مستحبا فما هو الدليل؟ (¬1) ج: جاء في بعض الأحاديث «أن عائشة رضي الله عنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي في الليل، قد ألصق عقبيه أحدهما بالآخر (¬2)» فهذا يدل على جواز مثل هذا، ولكن ظاهر السنة التفريق بينهما؛ لأنه صلى الله عليه وسلم شرع للأمة أن يجافي الرجل عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، فيظهر من هذا التوجيه ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (275). (¬2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ضم العقبين في السجود، برقم (2552)، والحاكم في المستدرك (1/ 352)، حديث رقم (832)، وابن حبان في صحيحه (5/ 260)، في كتاب الصلاة، باب ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به عبيد الله بن عمر، برقم (1933).

الشرعي أن القدمين كذلك، أنهما يفرقان كما شرع النبي صلى الله عليه وسلم تفريق العضدين عن الجنبين، والبطن عن الفخذين، فالأفضل تفريقهما كل واحد على حدة، ولو ألصقها العقب بالعقب في بعض الأحيان فالأمر في هذا واسع إن شاء الله.

حكم السجود على الأعضاء السبعة

138 - حكم السجود على الأعضاء السبعة س: هذه سائلة من الرياض، تقول: نعلم وجوب السجود على الأعضاء السبعة، ولكنني يا سماحة الشيخ أحيانا لا أنتبه بعدم سجودي على الأعضاء السبعة كاملة؛ لوجود حائل لم أزله إلا بعد الانتهاء من السجود، فهل علي شيء من ذلك؟ (¬1) ج: الواجب السجود على الأعضاء السبعة، لا يصح السجود إلا بذلك، فإذا كان السجود على فراش، أو على بساط، أو على غير ذلك فلا بأس، ما يضر، ليس بلازم أن يباشر الأرض، فإذا سجد على مطرحة أو على زولية، أو على بساط، أو على غيرها لا بأس، أما إذا رفع أحد الأعضاء؛ سجد على ستة أو خمسة، ولم يضع يده على الأرض أو يديه أو وجهه ما يصح السجود، لا بد أن يضع وجهه على ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (406).

الأرض، سواء الأرض عليها بساط أو ما عليها بساط، على الأرض جبهته وأنفه وكفيه على الأرض، وقدميه وركبتيه، هذه السبعة، فإذا رفع يده، أو وجهه ولم يسجد ما يسمى ساجدا حتى يضع وجهه على الأرض، ويديه على الأرض، وركبتيه على الأرض، وقدميه على الأرض على بطون أصابعه، هذا هو السجود الشرعي، فلو سجد في الهواء وهو قادر على الأرض، ما هو بمريض ما يصح السجود.

س: السائل: إ. ح. من الرياض، يقول: ما هي الأعضاء السبعة التي أمر الإنسان بالسجود عليها؟ ومن لم يسجد عليها أو بعضها، هل فيه حرج (¬1)؟ ج: فسرها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: الجبهة – وأشار إلى جبهته وأنفه – واليدين والركبتين، وأطراف القدمين (¬2)» هذه السبعة: جبهته وأنفه هذا واحد، كفيه هذه ثلاثة، ركبتيه هذه خمسة، قدميه هذه سبعة. أما إذا نقص واحد فما صحت صلاته، إذا تعمد عدم السجود عليه ما صحت صلاته، أما إذا ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (398). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب السجود على الأنف، برقم (812)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب /1 L1582 L1536 أعضاء السجود /1 والنهي عن كف الشعر، برقم (490).

نسي بأن سها ولم يسجد على بعض الأعضاء، ثم تذكر في الحال يسجد، يكمل سجوده، وإن كان ما تذكر إلا بعد ما قام للركعة الثانية تبطل الركعة التي تركه منها، وتقوم الأخرى مقامها، ويأتي بركعة بدلها قبل أن يسلم إذا كان ساهيا، وهكذا لو سجد على يد دون يد، أو رجل دون رجل.

حكم من يصلي وهو واضع العمامة على جبهته

139 - حكم من يصلي وهو واضع العمامة على جبهته س: سماحة الشيخ، ما حكم من يصلي وهو واضع العمامة على الجبهة، حتى تصل إلى حاجب العين، أي أنه مغط موضع السجود (¬1)؟ ج: الصلاة صحيحة، لكن الأفضل أن يرفع العمامة؛ لتسفر عن المصلى، ولو سجد على عمامته أو على طرف بشته لا بأس، لكن الأفضل أن تكون جبهته على المصلى، هذا هو الأفضل. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (430).

س: سؤال السائل م. ع. يقول: هل يجب على المصلي أن يكشف عن جبينه عند السجود في الصلاة، مثلا: الطاقية، أو الغترة، أو العمامة، أو ما يلزمه ذلك (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (374).

ج: الكشف أفضل، وإلا لا يلزمه ذلك، لو سجد على الطاقية أو العمامة أو على غيرها لا بأس، ولكن كونه يجرها، حتى تباشر جبهته المصلى يكون هذا أفضل، وأولاها أن يباشر جبهته وأنفه المصلى.

حكم السجود على القماش الملون

140 - حكم السجود على القماش الملون س: سمعت من بعض الناس: بأنه لا يجوز السجود على القماش الأسود، هل هذا صحيح (¬1)؟ ج: ليس بصحيح، يجوز السجود على القماش الأسود والأحمر والأصفر، لكن ليس فيه نقوش، الأحسن ألا يكون فيه نقوش تشغل المصلين، إذا كان فيه نقوش تركه أولى، سواء أصفر أو أحمر أو الأسود أو غيره، أما إذا كان سادة فهو الأفضل، سواء أسود أو أحمر أو أخضر أو غير ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (369).

حكم ارتداء القفازات أثناء الصلاة

141 - حكم ارتداء القفازات أثناء الصلاة س: الأخ: ع. ع. من الأردن، يقول: خلال أيام الشتاء أشعر بالبرد الشديد في يدي، هل يجوز لي أن أرتدي قفازات من الصوف

في يدي وأنا أصلي بهما؟ هل هذا ينافي السجود على السبعة أعضاء، ومنها اليدان (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك، ولو جعلت القفازين مثل ما تجعل في رجليك الخفين لا حرج، الحمد لله، إذا جعلت القفازين في يديك للدفء، أو جعلتها في غترتك أو شماغك أو غيرها، أو في بشتك وسجدت عليه فلا بأس، الأمر واسع، كان الصحابة - رضي الله عنهم وأرضاهم - إذا اشتد عليهم حر الأرض سجدوا على ثيابهم. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم (421).

حكم صلاة من يسجد على أنفه ولا يمكن جبهته

142 - حكم صلاة من يسجد على أنفه ولا يمكن جبهته س: ما حكم من يصلي على أنفه ولم يمكن جبهته؟ هل تبطل الصلاة (¬1)؟ ج: نعم، ما تصح الصلاة، لا يصح السجود إذا تعمد ذلك، يكون السجود باطلا، أما إن كان ناسيا يعيد السجدة، إن كان لا زال في السجدة، وإن كان قد قام وقرأ تبطل الركعة، ويأتي بركعة بدلا منها؛ لأن هذه الركعة بطلت ببطلان السجود، لا بد أن يسجد على الجبهة والأنف جميعا، أما إذا تنبه في الحال فإنه يعيد السجود في الحال قبل أن يقوم. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (302).

مسألة في علامات تظهر على الجبهة من أثر السجود

143 - مسألة في علامات تظهر على الجبهة من أثر السجود س: السائل: ح. م. ح. من الرياض، هل هناك علامة تظهر في جبهة الفرد تسمى علامة الصلاة (¬1)؟ ج: قد تقع لبعض الناس، قد يبين على جبهته بعض الشيء من أثر سجوده، قد يقع هذا، يقول سبحانه وتعالى في صفة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في سورة (الفتح): {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} (¬2) الآية. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (394). (¬2) سورة الفتح الآية 29

حكم تغيير موضع السجود أثناء الصلاة

144 - حكم تغيير موضع السجود أثناء الصلاة س: هل تغيير موضع السجود في الصلاة يؤثر عليها (¬1)؟ ج: لا نعلم في هذا شيئا، إذا سجد وتقدم أو تأخر قليلا عن موضع السجود لا يضر، المقصود أنه يتحرى السجود في المحل الذي لا ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (188).

يؤذيه، فإن كان فيه شيء أزاله مسحة واحدة بيده، المقصود أن كونه يتقدم قليلا أو يتأخر في السجود ويتحرى ما يناسب جبهته وأنفه لا يضره، لكن يكون معتدلا في السجود، بعض الناس يضر نفسه ويمد نفسه، هذا غير مشروع، إنما يعتدل ويعتمد على كفيه، ويرفع ذراعيه ويجافي عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، وهو معتدل في السجود، فإذا قدم جبهته قليلا أو أخرها قليلا يتحرى المحل الذي يريحه هذا ما يضر.

حكم الدعاء أثناء السجود

145 - حكم الدعاء أثناء السجود س: ما هي مشروعية الدعاء في السجود (¬1)؟ ج: سنة، الدعاء في السجود أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (¬2)» وهذا حديث صحيح يدل على شرعية الدعاء في السجود، وفي حديث ابن عباس عند مسلم في الصحيح، يقول صلى الله عليه ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (218). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482)

وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (¬1)» هذان الحديثان الصحيحان يدلان على شرعية الدعاء في السجود، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو في سجوده، ويقول: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (¬2)» فقد ثبت هذا من قوله وفعله عليه الصلاة والسلام، فيشرع للمؤمن أن يدعو في السجود في الفرض والنفل جميعا؛ لأن الرسول أمر بهذا، وفعله عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (¬2) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483)

س: تقول السائلة: أريد أن أعرف دعاء السجود الخاص بالسجود، وهل هناك دعاء للركوع (¬1)؟ ج: السجود يدعو فيه المؤمن بما يسر الله له من الدعوات الطيبة، ولو لم تنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (¬2)» ثبت أنه كان يدعو بهذا في السجود، عليه الصلاة والسلام، ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (293). (¬2) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483)

وإن دعا بغير هذا في السجود، مثل: «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك (¬1)» و: «يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك (¬2)» اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني، اللهم اغفر لي ولوالدي – إذا كان والداه مسلمين – ولجميع المسلمين، اللهم أصلح قلبي وعملي. وما أشبه ذلك من الدعوات الطيبة، ويستحب أن يقول في الركوع والسجود: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. هذا تعظيم معه دعاء يقال في الركوع والسجود، ولكن الركوع لا يدعى فيه إلا بهذا فقط، ويكون محل تعظيم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (¬3)» يعني: حري أن يستجاب لكم، لكن إذا قال في الركوع: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي (¬4)» فهذا مشروع، كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه الدعوة تابعة للتعظيم، فلا حرج فيها. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب القدر، باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن، برقم (2140)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (3834). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عائشة رضي الله عنها، برقم (9420). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484).

س: السائلة: أم. خ. من الباحة، تقول: في أثناء السجود وبعد التسبيح أدعو بأدعية عارضة، أي من الحياة: مثل أن أدعو بالمغفرة لي ولوالدي، أو أن يحفظ لي أولادي، وهكذا، فهل هذا يبطل الصلاة؛ لأنه كلام خارج عن أصل الصلاة (¬1)؟ ج: كله طيب، الدعاء في السجود، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (¬2)» يعني: فحري أن يستجاب لكم، وقال عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (¬3)» وهذا يعم دعاء الدنيا ودعاء الآخرة، وكان يقول في سجوده عليه الصلاة والسلام: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (¬4)» ويقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي (¬5)» فإذا دعا الإنسان في السجود فيما يتعلق بالآخرة ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (408). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479) (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) (¬4) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483) (¬5) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع، برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484).

والدنيا فلا بأس: اللهم اغفر لي وارحمني، اللهم أصلح ذريتي، اللهم أصلح زوجي، اللهم اغفر لوالدي، اللهم ارزقني رزقا حلالا .. إلى غير هذا، هذا كله طيب في السجود.

حكم إطالة السجود في الصلاة

146 - حكم إطالة السجود في الصلاة س: هل يصح إطالة السجود في الصلاة المفروضة وغيرها؛ ليتسنى لنا الدعاء (¬1)؟ ج: لا بأس، لكن إذا كان إماما لا يشق على الناس، يكون طول فيه مراعاة عدم المشقة، يتحرى فيه فعل النبي صلى الله عليه وسلم في سجوده من التسبيح: سبحان ربي الأعلى .. مرات، والدعاء ما تيسر من غير إطالة تشق على الناس، أما إذا كان يصلي وحده فالأمر فيه واسع. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (354).

حكم تحريك الرأس أثناء السجود

147 - حكم تحريك الرأس أثناء السجود س: الأخ: ش. م. من بغداد، يسأل ويقول: في الصلاة وأثناء السجود مما يدعو إلى إطالة السجود، نقوم بعض الأحيان برفع الرأس أو تحريكه يمينا وشمالا عن موضع السجود، للاستراحة ونحو

ذلك من الأسباب، فهل يعتبر ذلك نهاية لتلك السجدة، ولا يجوز بعدها الاستمرار بالسجود؟ أم كيف توجهون الناس (¬1)؟ ج: هذا العمل مكروه، لا ينبغي؛ لأن هذا عبث، ولكن يسجد طاقته، ولا يطول تطويلا يلجئه إلى هذا العمل، يسجد، يأتي بالتسبيح ثلاث مرات أو خمس مرات، يدعو بما تيسر ثم يرفع، لا يكلف نفسه، وإذا كان إمام كذلك لا يشق على الناس، أما أنه يرفع رأسه ويومئ به هذا مكروه، وهو من العبث الذي لا ينبغي، وإذا كثر قد يبطل الصلاة، إذا كثر وتوالى، لكن بكل حال هو مكروه، ولا ينبغي والسجود باق، فإذا رفع رأسه قليلا ثم وضعه هذا من كمال السجود، لا يبطل السجود، لكن لا ينبغي هذا العمل، بل يسجد ما يسر الله له، ثم يرفع رفعا تاما، ويأتي بالسجدة الثانية. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (182).

حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في السجود

148 - حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في السجود س: الأخت: ع. س. من الرياض، تسأل وتقول: هل يجوز أن نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في السجود؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (280).

ج: نعم، يصلي عليه، هذا دعاء، الصلاة على النبي دعاء، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (¬1)» رواه مسلم في الصحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (¬2)» يعني: فحري أن يستجاب لكم، رواه مسلم في صحيحه. وكان النبي يدعو في سجوده عليه الصلاة والسلام، ويلح في الدعاء، فإذا حمدت الله في سجودك، وصليت على النبي صلى الله عليه وسلم فهذا من أسباب الإجابة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. هذا ثناء على الله: سبوح قدوس رب الملائكة والروح. هذا دعاء في السجود وفي الركوع جميعا، ويختص السجود: بـ (سبحان ربي الأعلى)، والركوع يختص بـ (سبحان ربي العظيم). أما (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) هذا في السجود والركوع جميعا، هكذا: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، هذا يقال في السجود والركوع جميعا، وإذا ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479)

صليت على النبي بعد ذلك في السجود قلت: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (¬1)» ثم دعوت الله بعد ذلك، هذا من أسباب الإجابة، دعوت للنبي صلى الله عليه وسلم هذا قربة منك، تتقرب بها إلى الله وإحسان لنبيك عليه الصلاة والسلام، تدعو له: تسأل الله أن يثني عليه ويرحمه، وهكذا لو قلت: اللهم صل وسلم على رسول الله. باختصار كفى، وإن كملتها كما جاءت في الأحاديث الصحيحة فهو أفضل وأكمل، ثم تدعو بما تشاء: «اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (¬2)» هذا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في السجود، كان يدعو بهذا الدعاء عليه الصلاة والسلام، وإذا دعوت بغير هذا: اللهم إني أسألك رضاك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار، اللهم أصلح قلبي وعملي، وارزقني الفقه في دينك، رب زدني علما، اللهم اجعلني من الهداة المهتدين، اللهم ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). (¬2) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483)

اغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين. وما أشبه ذلك، تدعو ربك، تسأل ربك: اللهم اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، واجعلني مباركا أينما كنت، اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح ولاة المسلمين، اللهم وفقهم لما يرضيك. إلى غير هذا من الدعوات الطيبة في سجودك، كل هذا مشروع وحري بالإجابة، ولا سيما إذا كان معه التسبيح والتحميد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن تدعو.

س: السائل: خ. س. مصري، يسأل ويقول: سماحة الشيخ، هل تجوز الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في السجود أو في الصلاة (¬1)؟ ج: نعم، إذا صلى على النبي في السجود قبل الدعاء مستحب، يحمد الله ويصلي على النبي، ويدعو في السجود وفي آخر الصلاة قبل أن يسلم، وفي دعواته الأخرى خارج الصلاة، يحمد الله ويصلي على النبي ويدعو، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث فضالة بن عبيد: «إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بما يشاء (¬2)» هذا هو السنة، أن يبدأ بالحمد ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (401). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن رسول الله برقم (3477)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1481).

والثناء، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو ولو في السجود أو في آخر الصلاة، أو في وقت آخر في غير الصلاة.

س: يسأل المستمع ويقول: أقول في سجودي أحيانا الصلاة الإبراهيمية المعروفة بالكامل في صلاة النفل، فهل يجوز ذلك مع الدعاء (¬1)؟ ج: هذا من أسباب الإجابة، يحمد الله ويثني عليه، ويصلي على النبي ولو في السجود، ولو في آخر الصلاة، يثني على الله ويصلي على النبي ثم يدعو؛ لأن هذا من أسباب الإجابة، كما أن في التحيات يقرأ التحيات، ثم يصلي على النبي ثم يدعو؛ لأن التحيات ثناء على الله، ثم بعدها الصلاة على النبي ثم يدعو، فإذا أحب أن يدعو في السجود مثل ما في التهجد بالليل، يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو؛ لأن هذا من أسباب الإجابة. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (392).

س: يقول: هل يجوز أن أضيف هذا الدعاء: اللهم آت محمدا الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة. وذلك في الصلاة الإبراهيمية (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (392).

ج: لا، المشروع الصلاة الإبراهيمية التي بينها النبي لأصحابه، لما سألوه: كيف نصلي عليك، فقال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (¬1)» وجاءت بألفاظ أخرى، وكل ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا يفعل بعد قراءة الشهادتين. اللهم آت محمدا الوسيلة، تقال بعد الأذان. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370).

حكم الثناء على الله والصلاة على النبي في السجود

149 - حكم الثناء على الله والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام في السجود س: مجموعة من الإخوة يسألون هذا السؤال: هل الدعاء في السجود لا بد أن يبدأ فيه بالحمد والثناء على المصطفى وينتهي بذلك، أم أن ذلك يكون فقط في الدعاء في غير الصلاة (¬1)؟ ج: الدعاء مشروع في جميع العبادات حتى في السجود؛ لأن الحديث عام، السنة في السجود أن يدعو ربه، ويجتهد في الدعاء، كما قال صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (386).

فأكثروا الدعاء (¬1)» وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم يصلي علي (¬2)» هذا عام حتى في السجود، يقال: اللهم لك الحمد، الحمد لله على كل حال، اللهم صل على محمد، ثم يدعو: سبحان ربي الأعلى، اللهم اغفر لي، اللهم أصلح قلبي، اللهم أنجني من النار، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. يدعو بما يسر الله له. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482) (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن رسول الله برقم (3477)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1481).

س: هل يشترط لدعاء السجود في صلاة الفريضة أن يبدأ بالحمد لله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (¬1)؟ ج: لا، ليس بشرط، يدعو بما تيسر، وإن حمد الله وصلى على النبي كله طيب، هذا من أسباب الإجابة، وإن دعا فقط، ولم يحمد الله ولم يصل على النبي، بل دعا وقال: سبحان ربي الأعلى، ودعا قائلا: اللهم اغفر لي وارحمني، واهدني وارزقني وعافني، اللهم أدخلني الجنة وأنجني من النار، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم اغفر لي ولوالدي. كله طيب. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (434).

حكم قراءة الأدعية من القرآن في السجود

150 - حكم قراءة الأدعية من القرآن في السجود س: تقول السائلة: سمعت بأنه لا تجوز قراءة القرآن أثناء السجود، فهل يجوز قراءة الأدعية الموجودة في القرآن، مثال: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (¬1) (¬2)؟ ج: الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، لكن إذا دعا الإنسان بالدعوات القرآنية، بغير قصد للقراءة فلا حرج، مثل الآية التي ذكرت السائلة: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (¬3) ومثل قوله سبحانه: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (¬4)، لا حرج في ذلك بنية الدعاء. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 201 (¬2) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (293). (¬3) سورة البقرة الآية 201 (¬4) سورة آل عمران الآية 8

س: تقول السائلة: هناك بعض الأدعية التي ورد ذكرها بالقرآن الكريم، هل يجوز أن أدعو بها في الصلاة، وخصوصا في السجود (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (370).

ج: نعم، لا بأس أن تدعو بالدعاء الموجود في القرآن في الصلاة في السجود، وفي آخر التحيات مثل: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (¬1)، {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (¬2)، يدعو الإنسان بقصد الدعاء ما هو القصد القراءة، يقصد الدعاء. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 201 (¬2) سورة آل عمران الآية 8

س: هل صلاتي صحيحة عندما أدعو في السجود بدعاء من القرآن الكريم، كقوله تعالى: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} (¬1) (¬2)؟ ج: لا حرج في دعاء القرآن، أي لا حرج أن تدعو بالدعوات التي في القرآن بنية الدعاء، لا بنية القراءة، مثل هذا الدعاء قوله تعالى: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} (¬3)، ومثل ¬

_ (¬1) سورة الفرقان الآية 74 (¬2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (321). (¬3) سورة الفرقان الآية 74

{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (¬1)، ومثل: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} (¬2) فلا بأس بنية الدعاء، لا بنية القراءة؛ لأن الرسول نهى عن القراءة في الركوع والسجود، فالرسول لا يقرأ في الركوع ولا في السجود، فعلى الإنسان ألا يقرأ القرآن في الركوع ولا في السجود، وإنما القراءة في حالة القيام، لكن إذا أتيت بالدعاء الموجود في القرآن بنية الدعاء، وقصد الدعاء فلا حرج في ذلك، والحمد لله. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 201 (¬2) سورة آل عمران الآية 8

س: هل يجوز الدعاء من القرآن الكريم في سجود الصلاة فرضا كان أم نافلة (¬1)؟ ج: نعم، يجوز الدعاء بدعوات القرآن، إذا كان ذلك على سبيل الدعاء، لا على سبيل القراءة، فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن القراءة في الركوع والسجود، لكن إذا دعا مثل: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (¬2) أو قال: ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (318). (¬2) سورة آل عمران الآية 8

{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (¬1) هذا لا بأس على سبيل الدعاء، لا على سبيل القراءة، فدعوات القرآن إذا قيلت في السجود أو في آخر التحيات على سبيل الدعاء والضراعة إلى الله، لا على سبيل القراءة لا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 201

بيان الأقوال والأفعال الواجبة والمستحبة في الصلاة

151 - بيان الأقوال والأفعال الواجبة والمستحبة في الصلاة س: ما هي مقادير الأقوال والأفعال الواجبة والمستحبة في الصلاة (¬1)؟ ج: الواجب في السجود: سبحان ربي الأعلى. مرة، وفي الركوع: سبحان ربي العظيم. مرة، وإذا زاد فمستحب، ويكرر يأتي بقوله: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. هذا مستحب، وهكذا يقول: سبوح قدوس رب الملائكة والروح. في الركوع والسجود، هذا مستحب، وكذا الدعاء في السجود مستحب، وهكذا بين السجدتين يقول: رب اغفر لي. وهذه مرة، وإذا كرر فهذا أفضل، وإذا زاد: «اللهم اغفر لي، وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني (¬2)» كان أفضل ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (326). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين، برقم (850)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (284)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (898).

مع الطمأنينة في الجميع وعدم العجلة، وهكذا إذا رفع من الركوع إن كان إماما ومنفردا، يقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا لك الحمد. أو: ربنا لك الحمد. كله جائر، هذا الواجب، وإن كان مأموما إذا رفع يقول: ربنا ولك الحمد. أو: ربنا لك الحمد. أو: اللهم ربنا لك الحمد. أو: اللهم ربنا ولك الحمد. كله حق، هذا الواجب، والزائد مستحب: حمدا كثيرا .. إلخ، مستحب، وهو الأفضل أن يكمل.

بيان المشروع فيما يقوله المصلي بين السجدتين

152 - بيان المشروع فيما يقوله المصلي بين السجدتين س: تقول السائلة: هل يجوز أن نقول بين السجدتين: رب اغفر لي وارحمني وارزقني ووالدي، أم أن هذا غير وارد في الأحاديث؟ وما القول الصحيح (¬1)؟ ج: السنة للمصلي بين السجدتين أن يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي. ويكرر ذلك ثلاثا، ويشرع له أيضا أن يقول: «اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني (¬2)» وإن دعا مع سؤال ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (168). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين، برقم (850)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (284)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (898).

المغفرة غير ذلك فلا بأس، لكن لا بد من طلب المغفرة بين السجدتين، وذلك واجب عند جمع من أهل العلم، وأقل ذلك مرة واحدة، وإذا كرر ذلك: رب اغفر لي، رب اغفر لي، ثلاثا، كان أفضل، وإذا زاد على ذلك قال: "اللهم اغفر لي، وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني" كان أفضل أيضا، وإن دعا لنفسه ولوالديه: اللهم اغفر لي ولوالدي، اللهم ارحمني ووالدي والمسلمين. كل ذلك لا بأس به، كله دعاء، لكن مع العناية بـ (رب اغفر لي) مرة أو أكثر.

س: ماذا يقول المسلم بين السجدتين في الصلاة، سواء كانت فرضا أم نفلا (¬1)؟ ج: يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، اللهم اغفر لي، وارحمني واهدني واجبرني وارزقني. يكثر من هذا: رب اغفر لي، رب اغفر لي، اللهم اغفر لي، وارحمني واهدني. هكذا كان النبي يفعل صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والخمسون من الشريط رقم (427).

حكم الدعاء بين السجدتين للوالدين

153 - حكم الدعاء بين السجدتين للوالدين س: هل يجوز أن يدعو الإنسان بين السجدتين لوالديه ولوالدي

والديه ولإخوانه وللمسلمين أيضا؟ وهل يجوز ذكر الأذكار الواردة بعد صلاة الفريضة في صلاة النافلة والسنن الراتبة (¬1)؟ ج: لا بأس بالدعاء بين السجدتين لوالديه أو غيرهما، ولكن الأفضل أن يكرر ما ورد به النص: رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي، «اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني (¬2)» هكذا جاء في الدعاء بين السجدتين، وإذا دعا لوالديه مع ذلك: اللهم اغفر لي ولوالدي ولأقاربي والمسلمين. أو: اللهم اغفر لي وللمسلمين. فلا حرج؛ لأنه محل دعاء بين السجدتين محل دعاء، ولكن الأفضل الاشتغال بالشيء الوارد، ما أعلم عليه دليلا، الأذكار التي بعد الفرائض تختص بالفرائض مثل: أستغفر الله، ثلاثا، اللهم أنت السلام .. إلخ؛ لأن الأحاديث الصحيحة ليس فيها أن الرسول عليه السلام كان يقول هذا بعد النوافل، إنما ذكر الصحابة هذه الأذكار بعد الفرائض، ولم يذكروها بعد النوافل، والعبادة توقيفية، فالواجب على المسلم أن يقف مع النصوص، وألا يزيد عليها في العبادات، لكن إذا استغفر الله أو دعا أو ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (354). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء بين السجدتين، برقم (850)، والترمذي في كتاب الأذان، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (284)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (898).

ذكر الله من غير تقيد بالأذكار الخاصة بعد الفرائض فلا حرج في ذلك.

حكم الدعاء في الصلاة جهرا

154 - حكم الدعاء في الصلاة جهرا س: الأخ: م. ع. ب. مقيم في رفحة، يسأل ويقول: ما حكم الأدعية في الصلاة جهرا (¬1)؟ ج: السنة السر بها في السجود وبين السجدتين وفي آخر الصلاة، لكن لو جهر قليلا يسمعه من حوله فلا بأس، فقد سمع حذيفة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بين السجدتين، وهو يقول: «رب اغفر لي (¬2)» وسمع بعض الصحابة دعاءه في آخر الصلاة، وفي السجود، فدل ذلك على جواز رفعه قليلا حتى يسمع، ولكن لا يرفع رفعا يؤذي من حوله، فالسنة الإسرار، لكن لو رفع قليلا، لا يؤذي من حوله فلا بأس بذلك إن شاء الله، إلا فيما شرع الله فيه الرفع كالقنوت؛ قنوت النوازل، وقنوت الوتر، فلا بأس بذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (183) (¬2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار، ومن حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، برقم (22866)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده، برقم، (874)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ما يقول في قيامه ذلك برقم (1069)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (897)

صفة جلسة الاستراحة

155 - صفة جلسة الاستراحة س: قرأت في كتاب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: أنه يجلس جلسة استراحة بعد نهوضه من السجود وقبل القيام، فكيف تكون هذه الجلسة؟ لأنها - فيما أتصور – لو كانت شبيهة بجلوسه بين السجدتين لسبح المأمومون فيها، نرجو بسط القول فيها، أثابكم الله (¬1)؟ ج: هذه الجلسة تسمى عند الفقهاء جلسة الاستراحة، وهي جلسة خفيفة كان النبي يفعلها صلى الله عليه وسلم بعد الركعة الأولى، وقبل قيامه للثانية، وهكذا بعد الثالثة قبل قيامة للرابعة، فقد روى عنه مالك بن الحويرث في حديث البخاري، وروى عنه أيضا أبو حميد الساعدي، والحديثان صحيحان، وهما يدلان على أنها سنة، وقد جاء في حديث أبي حميد الساعدي: أنه يجلس مثل جلسته فيما بين السجدتين. هذا هو الأفضل فيها، وهي جلسة خفيفة ليس فيها ذكر، وليس فيها دعاء، وإذا كان ذلك معلوما عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن الصحابة لا يسبحون فيها؛ لأنهم يعلمون أنه يفعل ذلك، فلا يقال: إنه لو كان يفعلها ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (39)

مثل ما بين السجدتين لسبح بها ما دام أنه يفعل ذلك وهم يعلمون أنه يفعل ذلك، فهم لا ينبهون لعلمهم أن هذا شيء يفعله عليه الصلاة والسلام ويعتاده، والحاصل أنها سنة وليست واجبة، هذا هو الصحيح، وقال بعض أهل العلم: إنها سنة في حق العاجز كالمريض والشيخ الكبير والثقيل الذي به سمنة، ونحو ذلك. والأرجح أنها سنة مطلقة، وإذا تركها بعض الأحيان فلا بأس.

س: هل جلسة الاستراحة يا سماحة الشيخ، حين الرفع من السجود الأخير إلى الركعة الثانية جائز، أو غير جائز (¬1)؟ ج: على الصحيح مستحب، جلوس قليل بعد الأولى في الثنائية والرباعية والثلاثية، وبعد الأولى والثالثة في الرباعية: الظهر والعصر والعشاء، جلسة خفيفة كجلسته ببين السجدتين، هذا هو الأفضل، وإن لم يجلس فلا حرج، وإذا تركها بعض الأحيان فلا حرج، جلسة خفيفة بعد الأولى، وبعد الثالثة قبل أن يقوم بعد السجدة الثانية في الركعة الثالثة وفي الركعة الأولى. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (416)

س: هل هناك جلسة خفيفة في الصلاة بعد نهاية السجود الأخير في الركعة الأولى، وكذلك في الركعة الثالثة (¬1)؟ ج: نعم، تسمى جلسة الاستراحة، جلسة خفيفة ليس لها ذكر ولا دعاء مثل الجلوس بين السجدتين، ثم ينهض إلى الثانية وإلى الرابعة، لا بأس، وهي مستحبة من سنن الصلاة على الراجح من أقوال أهل العلم؛ أنها سنة يجلس قليلا مثل الجلوس بين السجدتين، ثم ينهض إلى الثانية، ثم ينهض في الثالثة إلى الرابعة، فالجلسة بين السجدتين معروفة، والجلوس للتشهد الأول معروف، والتشهد الأخير معروف، وهذه جلسة بعد الأولى وبعد الثالثة، بعض أهل العلم يرى أنها منسوخة، وبعض أهل العلم يراها خاصة بالمريض والشيخ الكبير العاجز المحتاج، وبعض أهل العلم يراها سنة مطلقة، وهو الصواب. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (32)

س: الطمأنينة برهة بعد السجدة الثانية عند القيام إلى الركعة الثانية أو الرابعة، هل هي ضرورة من سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (94)

ج: هذه جلسة تسمى جلسة الاستراحة بعد الأولى وبعد الثالثة، بعد الأولى في كل صلاة، وبعد الثالثة في الرباعية، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نهض من الأولى من السجدة الثانية في الأولى، ومن السجدة الثانية في الثالثة جلس قليلا كجلوسه بين السجدتين ثم نهض، هذا هو الغالب من فعله صلى الله عليه وسلم، وربما ترك ذلك، فدل على أنها مستحبة وسنة وليست واجبة، وليس فها ذكر ولا دعاء، بل جلسة خفيفة ثم ينهض إلى الثانية وإلى الرابعة.

س: يسأل ويقول: أعتقد أنني سمعت في برنامج (نور على الدرب)، ولكن لا أتذكر جيدا: أن الجلوس بعد الركعة الأولى والثالثة يعتبر زيادة تستوجب سجودا بعديا، ورأيت صديقا لي قام بذلك فنبهته، وقلت: إن ذلك زيادة. لكنه أصر على أن ذلك وارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يجلس مطمئنا قبل الوقوف للركعة الثانية، ولكني لم أر دليلا قدمه لي، فأي الأمرين صحيح؟ وجزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (136).

ج: هذه الجلسة يقال لها: جلسة الاستراحة, وهي جلسة خفيفة قليلة بعد الأولى في الصلوات الخمس، وبعد الثالثة في الرباعية، كان النبي يجلسها كجلسته بين السجدتين، ثبت ذلك في حديث مالك بن الحويرث عند البخاري، وثبت ذلك في السنن من حديث أبي حميد الساعدي، فهي مستحبة على الصحيح، وهي جلسة خفيفة بعد ما يرفع من السجدة الثانية في الركعة الأولى في جميع الصلوات، وفي الركعة الثالثة في الرباعية قبل أن ينهض إلى الرابعة، وذهب بعض أهل العلم إلى أنها تختص بمن كان كبير السن، أو مريضا، أو ثقيلا يشق عليه النهوض، ولكن هذا ليس بالجيد، والصواب أنها سنة مطلقا؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو الصواب، فإذا جلسها لتحري السنة فليس عليه سجود السهو، ولا تسمى زيادة مخالفة للشرع، بل هي زيادة شرعية.

س: ما تقولون في الاستراحة القصيرة عند النهوض من أول السجدة عند أول ركعة، وثالث ركعة في الرباعية (¬1)؟ ج: هذه يقال لها: جلسة للاستراحة. واختلف العلماء فيها، فمنهم من قال: إنها تفعل عند الحاجة، كالمرض، أو كبر السن، ومنهم من قال: ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (305)

إنها سنة، بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، سنة مطلقة. وهذا هو الأرجح: أنها مستحبة مطلقة، ومن تركها فلا حرج.

بيان وقت التكبير عند الرفع من السجدة الثانية لإمام يجلس الاستراحة

156 - بيان وقت التكبير عند الرفع من السجدة الثانية لإمام يجلس الاستراحة س: متى يقول: الله أكبر، عند السجدة الأخيرة إن كان إماما؟ هل هو عندما يرفع رأسه من السجود، أو عندما يقوم من الاستراحة القصيرة إذا صحت عندكم؟ حيث إنه إذا كبر عندما يرفع رأسه ويقعد فسيقوم المأمومون على سماع صوته، أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الأقرب – والله أعلم – أنه يفعل ذلك عند قيامه من الجلسة، إذا قام من الجلسة كبر حتى يقوم الناس بعده، وحتى لا يسابقوه، يجلس قليلا ثم ينهض مكبرا. ¬

_ (¬1) السؤال لواحد والعشرون من الشريط رقم (305)

وقت رفع اليدين عند القيام إلى الركعة

157 - وقت رفع اليدين عند القيام إلى الركعة الثالثة س: هذه رسالة وصلت من الجزائر، السائل لم يذكر الاسم في هذه الرسالة، ويقول: مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم رفع

اليدين عند القيام من الركعتين في صلاة ثلاثية أو رباعية، ما الراجح يا سماحة الشيخ، من الأدلة في رفع اليدين قبل القيام، أم عندما يستوي المصلي قائما (¬1)؟ ج: السنة عند القيام يرفعها عند قيامه من التشهد الأول إلى الثالثة، عند قيامه يكون رافعا لها حيال منكبيه، أو حيال أذنيه حال الرفع، هذا هو السنة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (357)

بيان أصح صيغ التشهد

158 - بيان أصح صيغ التشهد س: تسأل أختنا وتقول: قرأت صيغا مختلفة للتشهد، أيها أصح لو تكرمتم (¬1)؟ ج: أصحها ما ثبت في حديث ابن مسعود رضي الله عنه في الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم علم الصحابة أن يقولوا في التشهد في نهاية الصلاة: «التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (172)

الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (¬1)» هذا هو أصح ما يقال في ذلك، ثم يشرع له بعد هذا أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (¬2)» ثم يشرع له التعوذ من أربع، يقول: «أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال (¬3)» ثم يدعو بما أحب من خير الدنيا والآخرة، ويسأل الله خير الدنيا والآخرة، وإذا تشهد بأنواع أخرى مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا بأس، كله طيب وكله مجزئ، ومنها حديث ابن عباس عند مسلم في الصحيح: «التحيات المباركات والصلوات الطيبات لله (¬4)» .. إلخ ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة، برقم (831)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، برقم (588). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (403)

بيان لمعاني كلمات التشهد

159 - بيان لمعاني كلمات التشهد س: نقرأ في كل جلوس في الصلاة: التحيات المباركات، الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. لكنا نجهل كثيرا من معاني هذه الكلمات، نرجو أن تتفضلوا بإيضاحها لنا (¬1) ج: هذه الكلمات معناها واضح، فـ (التحيات) هي التعظيمات التي يعظم بها الرب جل وعلا، من أنواع الثناء من وصفه بأنه الخلاق الرزاق، وبوصفه أنه مستحق العبادة، وصفه أنه هو الذي يعلم الغيب، وصفه بكل ما هو من الصفات العظيمة، سبحانه وتعالى، فهي لله خاصة، ما كان من خصائص الله فهو لله، ووصف الله بأنه الإله الحق، وبأنه المعبود بالحق، وبأنه عالم الغيب، وبأنه الخلاق وبأنه الرزاق، وما أشبه ذلك، كل هذا من التحيات، وهكذا الثناء عليه بالحمد لله، وشبهه كل ذلك من التحيات، وسماها (مباركات) لما فيها من الخير العظيم، كما في حديث ابن عباس: «التحيات المباركات (¬2)» وليست موجودة ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (173). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (403)

في حديث ابن مسعود، ولكنها في حديث ابن عباس، وهي ثابتة: المباركات. فإن جميع الثناء على الله بما هو أهله كله مبارك كله طيب، ولهذا قال: (والطيبات) كل ما يقربه إلى الله ويثني به عليه من صفاته العظيمة، ومن الأقوال المشروعة والأعمال المشروعة كله طيب، وكل قول مشروع، وكل عمل مشروع تقدمه لله، من صلاة وصوم وصدقات كله طيب؛ لما فيه من التقرب إلى الله، والثناء عليه والحرص على طلب مغفرته، ورحمته وإحسانه سبحانه، فأقوالنا المشروعة وأعمالنا المشروعة التي نتقرب بها إلى الله تسمى طيبة وتسمى طيبات، وهكذا (الصلوات) التي هي الخمس والنوافل والدعوات كلها طيبة داخلة في الصلوات، الصلوات تشمل الصلوات الخمس، وتشمل النوافل، وتشمل أنواع الدعاء، ويجب أن يكون لله وحده سبحانه وتعالى، لا يجوز أن يتقرب بشيء من الصلوات ولا بالدعاء إلى غير الله سبحانه وتعالى، فأقوالنا وأعمالنا المشروعة طيبات، وتحياتنا لله مباركات؛ لأنها مشروعة، لأنها ثناء على الله، واعتراف بأنه المستحق للعبادة، وبأنه أهل لكل ثناء، وبكل حمد ولكل حمد، ولهذا قيل لها: (المباركات). وقيل لها: (التحيات). والصلوات تشمل جميع ما شرع الله من الصلوات، من النافلة والفرض، ويدخل فيها الدعاء، فإنه يسمى صلاة، وطلبنا من الله

أن يغفر لنا وأن يرحمنا، وأن ينجينا من النار كله صلاة، كل أنواع الدعاء التي نتوجه بها إلى الله كلها داخلة في الصلوات. أما: «السلام عليك أيها النبي (¬1)» معناه: أنك تطلب للنبي السلامة، السلام يعني السلامة لك أيها النبي، السلامة تنزل عليك من الله، وتحصل لك من الله أو بركة السلام؛ لأن السلام اسم من أسماء الله، وهو معناه بركة السلام عليك أيها النبي، وما يحصل من الخير العظيم من رحمة وإحسان عليك أيها النبي، ومن معنى السلام المصدر السلامة، يعني: سلم سلاما وسلامة جميعا، فالسلامة لك أيها النبي من كل سوء، السلامة لك من النار، ومن كل وصف لا يليق، فهو مسلم - عليه الصلاة والسلام - من كل أخلاق ذميمة، ومن كل شر، والله وعده الخير كله، والمنزلة العظيمة عنده سبحانه وتعالى، فندعو له بالسلامة التي وعده الله بها ليعلم الناس أنه عبد من عباد الله، وليس إلها يعبد مع الله، بل الله ليس بحاجة إلى طلب السلامة من الناس، والنبي عبد من عباد الله يحتاج إلى طلب السلامة، فلهذا شرع الله لنا أن نسلم عليه، وأن نسأل الله له السلامة: «السلام عليك أيها النبي (¬2)»، ونقول: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد (¬3)»، نطلب الصلاة، ونطلب من الله أن يثني عليه، وأن يبين فضله ويعلي قدره، فهذه دعوات منا لنبينا عليه الصلاة ¬

_ (¬1) صحيح البخاري التوحيد (7381)، صحيح مسلم الصلاة (402)، سنن الترمذي النكاح (1105)، سنن النسائي السهو (1298)، سنن أبي داود الصلاة (968)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (899)، مسند أحمد (1/ 464). (¬2) صحيح البخاري التوحيد (7381)، صحيح مسلم الصلاة (402)، سنن الترمذي النكاح (1105)، سنن النسائي السهو (1298)، سنن أبي داود الصلاة (968)، سنن ابن ماجه النكاح (1892)، إقامة الصلاة والسنة فيها (899)، مسند أحمد (1/ 464). (¬3) صحيح البخاري الدعوات (6357)، صحيح مسلم الصلاة (406)، سنن الترمذي الصلاة (483)، سنن النسائي السهو (1289)، سنن أبي داود الصلاة (976)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (904)، مسند أحمد (4/ 244)، سنن الدارمي الصلاة (1342).

والسلام، تدل على أنه عبد من عباد الله، وأنه بشر، وأنه يحتاج إلى الدعاء، وأنه ليس بإله يعبد مع الله، وليس ممكن يطلب منه حاجات العباد، بل ذلك إلى الله سبحانه، «ورحمة الله وبركاته (¬1)» كذلك، تطلب له الرحمة والبركة من الله عز وجل، وهكذا «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين (¬2)»، نطلب السلامة لنا ولعباد الله الصالحين من كل سوء، هذا معنى هذه الكلمات. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري التوحيد (7381)، صحيح مسلم الصلاة (402)، سنن الترمذي النكاح (1105)، سنن النسائي السهو (1298)، سنن أبي داود الصلاة (968)، سنن ابن ماجه النكاح (1892)، إقامة الصلاة والسنة فيها (899)، مسند أحمد (1/ 464). (¬2) صحيح البخاري التوحيد (7381)، صحيح مسلم الصلاة (402)، سنن الترمذي النكاح (1105)، سنن النسائي السهو (1298)، سنن أبي داود الصلاة (968)، سنن ابن ماجه النكاح (1892)، إقامة الصلاة والسنة فيها (899)، مسند أحمد (1/ 464).

حكم الإتيان بالصلاة على النبي مع التشهد الأول نسيانا

160 - حكم الإتيان بالصلاة على النبي مع التشهد الأول نسيانا س: السائلة تقول في سؤالها الأخير: إذا صليت صلاة العشاء وجلست للتشهد الأول، ونسيت وقرأت التشهدين، هل علي شيء (¬1)؟ ج: ليس عليك شيء، السنة إذا قرأت التشهد الأول أن تقومي إلى الثالثة بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، الأفضل أن تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن قمت بعد قول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، فلا بأس، وإن صليت على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قمت فلا بأس، أما الدعاء: أعوذ بالله من عذاب ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (368).

جهنم ومن عذاب القبر، وبقية الأدعية فتكون في الأخير، لكن لو أتى بها الإنسان في الأول ناسيا فلا عليه.

بيان أهمية التعليم

161 - بيان أهمية التعليم س: يقول السائل: أنا لا أقرأ ولا أكتب، وكثيرا ما أخطأ في التحيات، اقرأها لي لعلي أحفظها، من هذا الجهاز، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الرسول صلى الله عليه وسلم علمها أصحابه، وهي: «التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (¬2)» هذا في التشهد الأول والثاني، التشهد الأول بعد الثانية، وفي الثالثة من المغرب، وفي الرابعة في الظهر والعصر والعشاء، ثم تقول بعدها في التشهد الأخير، الثالثة من المغرب، والرابعة من الظهر والعصر والعشاء، وفي صلاة الفجر والجمعة والعيدين والاستسقاء، تقول بعد هذا: «اللهم صل على محمد ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (293). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة، برقم (831)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402).

وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد (¬1)» وإذا فعلت هذا أيضا في التشهد الأول فهو مشروع مستحب، يعني التشهد الذي بعد الثانية من الظهر والعصر والمغرب والعشاء، إذا صليت على محمد كما ذكر فهو طيب مشروع؛ لعموم الأحاديث في ذلك، فإن الصحابة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: يا رسول الله، أمرنا الله أن نصلي عليك، فكيف نصلي عليك؟ يعني في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (¬2) سألوه قالوا: يا رسول الله، كيف نصلي عليك؟ قال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (¬3)»، هذه الصيغة هي أكمل الصيغ التي وردت ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا) برقم (3370). (¬2) سورة الأحزاب الآية 56 (¬3) صحيح البخاري الدعوات (6357)، صحيح مسلم الصلاة (406)، سنن الترمذي الصلاة (483)، سنن النسائي السهو (1289)، سنن أبي داود الصلاة (976)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (904)، مسند أحمد (4/ 244)، سنن الدارمي الصلاة (1342).

وأتمها، وقد وردت في ألفاظ أخرى أخصر من هذا، وكلها صحيحة، إذا أتى بواحد منها المؤمن، أو المؤمنة كفى، ومنها: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد (¬1)» هذه صيغة ثالثة: «اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد (¬2)» صيغة رابعة: «اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد (¬3)» إذا أتى المؤمن والمؤمنة ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (405). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء صلوات الله عليهم، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا)، برقم (3369)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد، برقم (407). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (6358).

بإحدى هذه الصفات الصحيحة كله طيب، وأكملها الأولى: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (¬1)» في التشهد الأول والثاني، لكن في الثاني يتعين عند جمع من أهل العلم، فينبغي ألا تدعه وأن تحافظ عليه، ثم تقول بعد هذا كله في التشهد الأخير الذي بعده السلام، تقول بعد ذلك: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال (¬2)» في آخر الصلاة قبل السلام، ويستحب الزيادة على هذا: «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (¬3)»؛ لأن الرسول أوصى بذلك عليه الصلاة والسلام، دعاء آخر قبل السلام: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (¬4)» والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا بكر ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا) برقم (3370). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، برقم (588). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1522)، والنسائي في كتاب السهو نوع آخر من الدعاء، برقم (1303). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، برقم (2705).

بهذا الدعاء، وأوصى معاذا بالدعاء الذي قبله: «اللهم أعني على ذكرك .. (¬1)» وهي وصية لجميع المسلمين، وصيته لواحد وصية لجميع المسلمين عليه الصلاة والسلام، وكلها سنة ليست واجبة. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1522)، والنسائي في كتاب السهو نوع آخر من الدعاء، برقم (1303).

س: امرأة تسأل عن سبب نزول التشهد في الصلاة، وهل الله تعالى كلم به رسوله عليه الصلاة والسلام (¬1)؟ ج: الرسول صلى الله عليه وسلم علم أمته التشهد في الصلاة، وهو لا ينطق عن الهوى، قال الله عز وجل: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} (¬2) {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} (¬3) {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (¬4) {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (¬5)، السنة كلها من وحي الله الذي أوحى به إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، وهو يبلغ عنه أحكام الشرع، كما بلغ عنه القرآن الذي هو كلام الله، هكذا بلغ عنه السنة، منها أركان الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وغير ذلك، يبلغ عن الله أحكام دينه عليه الصلاة والسلام، فالتشهد من جملة ذلك، علم الأمة التشهد الأول والتشهد الأخير عليه الصلاة والسلام، وعلمهم ما ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (314) (¬2) سورة النجم الآية 1 (¬3) سورة النجم الآية 2 (¬4) سورة النجم الآية 3 (¬5) سورة النجم الآية 4

يقولون في التشهد الأخير من التعوذ من عذاب جهنم ومن عذاب القبر وعذاب النار ومن فتنة المسيح الدجال، وعلمهم دعوات كثيرة عليه الصلاة والسلام، ومنها أن يقول في سجوده: «اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (¬1)» وعلم الصديق أبا بكر رضي الله عنه حيث قال: يا رسول الله، علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: «قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم (¬2)» قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: «قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني (¬3)» فالرسول صلى الله عليه وسلم يبلغ الناس ما أمره الله وما شرعه الله في الصلاة وغيرها في التشهد وغيره. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، برقم (2705). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، برقم (3513)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب الدعاء بالعفو والعافية، برقم (3850).

بيان لبعض صيغ التشهد

162 - بيان لبعض صيغ التشهد س: تقول السائلة: ما قولكم فيمن يقول في التشهد: التحيات المباركات، والصلوات والطيبات لله. هل في هذا بدعة (¬1)؟ ج: هذا مشروع وليس فيه بدعة، هذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، النبي علمهم التشهد، أن يقولوا هكذا: «التحيات المباركات، والصلوات الطيبات لله (¬2)» هذا نوع من أنواع التشهد، والتشهد جاء على أنواع عن النبي صلى الله عليه وسلم، هذا نوع منها، والنوع الثاني ما جاء في حديث ابن مسعود: «التحيات لله، والصلوات والطيبات لله – ما فيها ذكر: المباركات – السلام عليك أيها النبي (¬3)» إلى آخره، فالأمر واسع والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (168). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (403) (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (403)

س: هل يقول المصلي في أثناء التشهد: (السلام عليك أيها النبي)، أو يقول: (السلام على النبي) (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (223).

ج: كلاهما جائز، والأفضل أن يقول: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته)؛ لأن هذا هو المحفوظ في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يعلم أصحابه، هكذا في حديث ابن مسعود، وفي حديث أبي مسعود الأنصاري وغيرهما، يعلمهم: «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته (¬1)» وهكذا في حديث أبي موسى وغيرها، هذا هو الأفضل، فإن قال: «السلام على النبي ورحمة الله وبركاته (¬2)» صح، روي هذا عن ابن مسعود رضي الله عنه، لكن الأول هو الذي ينبغي؛ لأنه هو الذي صدر من النبي صلى الله عليه وسلم، وعلمه أصحابه، وهذا من باب الاستحضار؛ لأن دعاء النبي دعاء له، قد يتوهم بعض الناس أن هذا دعاء للنبي، وليس دعاء للنبي، إنما يدعو له، فهو يدعو له بالسلامة والرحمة والبركة، (السلام عليك أيها النبي)، يعني السلامة من الله لك، والرحمة من الله لك والبركة، وليس يطلب من الرسول السلامة، بل يدعو له بالسلامة، ويدعو له بالرحمة ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة، برقم (831)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402). (¬2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، برقم (3925)، ومالك في الموطأ في كتاب النداء للصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (205).

والبركة، فقوله: (أيها النبي) ليس دعاء له، ليس معناه أنه يسأل النبي شيئا، بل معناه: أخصك أيها النبي بهذه الدعوة.

س: سائل يقول: عند الشهادتين نقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، لكني سمعت أناسا يقولون: يجب أن تقول: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، فأيهما الصحيح؟ أم الاثنتان صحيحتان؟ جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: الصواب أنه يقول: السلام عليك أيها النبي في التشهدين، هكذا جاءت الأحاديث الصحيحة من تعليم النبي صلى الله عليه وسلم للأمة، علم الصحابة هكذا، وروي عن بعض الصحابة أنهم كانوا يستعملون النوع الثاني: «السلام على النبي (¬2)» بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا جائز واجتهادات بعض الصحابة، وليس بلازم، لكن لو فعله الإنسان صح، لكنه كونه يأتي بالألفاظ التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم أمته، وهو يعلم أنه سيموت، ولم يقل لهم: إذا مت ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (282). (¬2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، برقم (3925)، ومالك في الموطأ في كتاب النداء للصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (205).

غيروا. ويعلم أنهم يغيبون عن المدينة، ويقرؤون في الصلاة في بلاد بعيدة، ولم يقل لهم: إذا كنتم بعيدين غائبين، أو بعد موتى غيروا. فدل ذلك على أن هذا اللفظ باق: «السلام عليك أيها النبي (¬1)» في حياته وفي حضرته، وفي غيبته وبعد الموت، هذا هو الصواب، وهذا هو الذي ثبت في الأحاديث الصحيحة عن ابن مسعود، وعن غيره رضي الله عنه وعن الجميع. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة، برقم (831)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402).

س: يقول السائل: ع. إ. ع. من جنوب أفريقيا في سؤاله في التشهد: هل يقال: السلام على النبي، أم: السلام عليك أيها النبي؟ وجهونا في ذلك (¬1)؟ ج: الأفضل أن يقال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. هذا هو الذي علمه النبي أصحابه، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعملون ذلك، ولم يقل لهم: إذا مت فقولوا: السلام على النبي. فدل ذلك على أنهم يقولون: السلام عليك أيها النبي. حيا وميتا، ومعنى: (عليك أيها النبي) من باب الاستحضار في الذهن والقلب، ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (374).

(والسلام عليك أيها النبي)، ليس دعاء للمصلي، ولكنه دعاء للنبي، يدعو له بالسلام والرحمة والبركة، لا يطلب منه شيئا وإنما يدعو له بالسلامة والرحمة والبركة، ويقول: سلام الله عليك أيها النبي. يعني: أعطاك الله السلام، وأعطاك الله الرحمة، وأعطاك الله البركة، هذا هو الأفضل. وجاء عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه كان يقول بعد النبي: «السلام على النبي (¬1)» والأفضل ما صحت به الأخبار عن الرسول صلى الله عليه وسلم: أنه كان يعلم أصحابه بأن يقولوا: «السلام عليك أيها النبي (¬2)» هذا هو الأفضل. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، برقم (3925)، ومالك في الموطأ في كتاب النداء للصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (205). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة، برقم (831)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402).

حكم من دعا بعد التشهد الأول سهوا

163 - حكم من دعا بعد التشهد الأول سهوا س: ماذا يجب على من دعا بعد التشهد الأول من الركعة الرباعية سهوا (¬1)؟ ج: إذا دعا ليس عليه شيء، إنما السنة أن يكون الدعاء في التشهد الأخير، فإذا دعا في التشهد الأول فليس عليه شيء. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (188).

حكم من يقرأ التشهد كاملا في التشهد الأول

164 - حكم من يقرأ التشهد كاملا في التشهد الأول س: كنت في الماضي أقرأ التشهد كله في التشهد الأول، فهل ما كنت أفعله صحيح (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك من جهة الإثم، ولكن السنة أن تقف عند نهاية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاء يبقى في التشهد الأخير. مخالف للسنة، بعد الفراغ من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تقوم إلى الثالثة، هذا هو المشروع، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من هذا قام، وكان يدعو في التشهد الأخير بالتعوذ بالله من عذاب جهنم إلى آخره، فأنت عليك أن تقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم، تذكر الدعاء في التشهد الأخير، أما التشهد الأول فينتهي عند الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، إذا فرغت من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تقوم إلى الثالثة، ولكن ما مضى لا حرج عليك؛ لأنك زدت دعواتك في غير محلها، فلا تضر الصلاة، ولكنك خالفت المشروع. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (298).

حكم البدء بقول الحمد لله في التشهد

165 - حكم البدء بقول: الحمد لله في التشهد س: هناك بعض الناس إذا بدأ قراءة التشهد يبدؤه بقوله: الحمد لله، هل ورد في هذا شيء (¬1)؟ ج: لا، ليس بمشروع، بل يبدؤها بقول: التحيات. هذا المشروع المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه علمهم أن يقولوا: (التحيات لله) هذا أول التشهد. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (174).

حكم صلاة من لا يحفظ التشهد

166 - حكم صلاة من لا يحفظ التشهد س: عندنا في بلدنا الكثير من الناس لا يحفظون التحيات؛ التشهد الأول، فهل تصح صلاتهم من غير التشهد علما بأنهم أميون لا يقرؤون ولا يكتبون، أم يلزمنا أن نعلم من استطعنا منهم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: يلزمهم التعلم لجميع ما يجب في صلاتهم، يتعلمون الفاتحة، يتعلمون التشهد، يتعلمون جميع ما يلزم في الصلاة، والواجب عليكم ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (322).

أن تعلموهم وترشدوهم وتوجهوهم إلى الخير، حتى يفهموا ما أوجب الله عليهم في الصلاة، وهكذا في الزكاة، وهكذا في الحج إذا حجوا. المقصود أن الواجب على المؤمن أن يتفقه في صلاته، وأن يتعلم ما يجب عليه، وألا يتساهل في ذلك؛ لأن الله سبحانه خلقه للعبادة كما قال عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬1) وأمر بذلك، قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (¬2) وهذه العبادة يجب أن تعرفها أيها المؤمن، ويجب أن تعرفها المؤمنة، وهي طاعة لله ورسوله والاستقامة على دينه، هذه العبادة التي خلقنا لها أن نعبد الله وحده؛ بطاعة أوامره، وترك نواهيه، وأعظم ذلك توحيده، والإخلاص له، والشهادة بأنه لا معبود بحق إلا هو سبحانه وتعالى، والشهادة بأن محمدا عبد الله ورسوله، ثم الصلاة وبقية أمور الدين. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (¬3)» فمن علامات ¬

_ (¬1) سورة الذاريات الآية 56 (¬2) سورة البقرة الآية 21 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين، برقم (7312)، وأخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، برقم (1037)

الخير أن الله يفقه العبد في دينه، ومن علامات سوء العاقبة ألا يتعلم وألا يتفقه، نسأل الله العافية.

حكم التورك في الصلاة الثنائية

167 - حكم التورك في الصلاة الثنائية س: هل السنة في الصلاة الثنائية الافتراش أو التورك؟ (¬1) ج: السنة فيها الافتراش كالتشهد الأول، هذا هو الأفضل، والتورك يكون في التشهد الأخير من الرباعية والثلاثية في المغرب والعشاء والظهر والعصر، كما جاء ذلك صريحا في حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه، فالسنة للمؤمن في صلاته أن يفترش بين السجدتين في التشهد الأول، ويتورك في التشهد الأخير. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (157).

س: يقول س. أ. في سؤاله: هل يجوز أن أتورك في الصلاة الثنائية، كصلاة الفجر والنوافل، أم أنها سنة في الصلاة الثلاثية والرباعية؟ (¬1) ج: التورك سنة في الرباعية والثلاثية، أما الثنائية؛ كالجمعة والفجر والنوافل السنة فيها الافتراش، هذا هو الأفضل. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (387).

بيان السنة في الافتراش والتورك

168 - بيان السنة في الافتراش والتورك س: يقول السائل: من نسي التشهد الأوسط فهل يجلس في التشهد الأخير متوركا أم مفترشا؟ وكيف تصلى الأربع ركعات قبل الظهر؟ هل بسلام واحد أم بسلامين؟ (¬1) ج: السنة في التشهد الأول الافتراش، فإذا نسي التشهد الأول وقام سجد للسهو سجدتين، أما التورك فلا يكون إلا في التشهد الأخير، السنة أن يتورك في التشهد الأخير، وإن كان قد نسي التشهد الأول السنة التورك في التشهد الأخير، والتورك أن يجلس على مقعدته يخرج رجله اليسرى من جهة يمينه تحت رجله اليمنى، هذا هو التورك، والافتراش أن يجلس على رجله اليسرى وينصب اليمنى، وهذا مشروع في التشهد الأول وبين السجدتين لمن قدر عليه، أما في التشهد الأخير في المغرب والعشاء والظهر والعصر فيتورك، يجلس على مقعدته تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والخمسون من الشريط رقم (424).

حكم تحريك إصبع السبابة والإشارة بها في الصلاة

169 - حكم تحريك إصبع السبابة والإشارة بها في الصلاة س: السائل: س. أ. يقول: كيف كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في رفع إصبع السبابة وتحريكها في الصلاة؟ وجزاكم الله خيرا (¬1) ج: كان عليه الصلاة والسلام يشير بها من حين يجلس للتشهد، يشير بالسبابة غير قائمة محنية قليلا، كما روى النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك، فهو يشير بها منذ أن يجلس إلى أن يسلم، وهي غير منتصبة كثيرا، بل محنية قليلا، ويحركها عند الدعاء عليه الصلاة والسلام، ويجعل نظره إليها وقت الجلوس، لا يتجاوز بصره سبابته عليه الصلاة والسلام، هذا هو السنة. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (387).

س: الأخت: إ. س. س. من الدمام، تسأل وتقول: ما حكم التلويح بالإصبع في الصلاة، أي في قراءة التحيات؟ (¬1) ج: الإشارة بالإصبع في التحيات عند ذكر الله في جميع التحيات، يكون الشاهد مفتوحا منصوبا نصبا غير كامل، نصبا فيه انحناء إشارة إلى ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (116).

التوحيد، فإذا جاء عند ذكر الدعاء مثل: اللهم صل على محمد، اللهم بارك على محمد. من بقية الدعاء يحركه قليلا، كما جاء في بعض الروايات، هذا كله من السنة، الإشارة من السنة، والتحريك عند الدعاء من السنة، لكن يكون تحريكا قليلا ليس فيه كثرة جمعا بين الروايات.

س: ما حكم تحريك الإصبع في الصلاة، مع التفصيل في جميع الحالات الموجبة، أو المستحبة للتحريك؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: السنة إذا جلس للتشهد الأول والتشهد الأخير يقبض أصابعه، ويرفع السبابة فقط، يقبض أصابعه كلها ويحلق الإبهام مع الوسطى، فعل النبي هذا وهذا عليه الصلاة والسلام تارة وتارة، تارة يقبضها كلها ويشير بالسبابة إشارة للوحدانية، وتارة يحلق الإبهام مع الوسطى ويقبض الخنصر والبنصر ويشير بالسبابة، أما التحريك فيكون عند الدعاء في التشهد الأخير، عند الدعاء خاصة كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرك إصبعه عند الدعاء. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والخمسون من الشريط رقم (338).

س: هل رفع السبابة في التشهد سنة أم بدعة؟ وما الدليل على ذلك مأجورين؟ (¬1) ج: السنة الإشارة في التشهد كما كان النبي يفعل صلى الله عليه وسلم، كان يشير بالسبابة في الأحاديث الصحيحة في التشهد الأول والأخير، يشير بها للوحدانية عليه الصلاة والسلام، ويقبض الأصابع كلها ويشير بالسبابة في التشهد الأول والأخير، ولا تزال منصوبة إلى سلامه من التشهد الأخير عليه الصلاة والسلام، وربما حلق الإبهام والوسطى وقبض الخنصر والبنصر، وأشار بالسبابة، تارة يقبض أصابعه كلها ويشير بالسبابة، وتارة يحلق الإبهام مع الوسطى ويقبض الخنصر والبنصر ويشير بالسبابة، هذا هو السنة إشارة للوحدانية، ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، واليسرى على اليسرى حال جلوسه للتشهد، وربما وضع يديه على الركبتين، وكان بين السجدتين يضعهما على الركبتين، وربما وضعهما على الفخذين بين السجدتين، وفي التشهد يضع اليسرى على فخذه اليسرى أو على ركبته اليسرى، واليمنى على فخذه اليمنى، ويحلق إبهامه مع الوسطى ويشير بالسبابة، وربما قبض ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (416).

أصابعه كلها وأشار بالسبابة حال تشهده عليه الصلاة والسلام.

س: في التشهد هل تستحب الإشارة بالسبابة من بدء التشهد إلى نهايته، أم يكون عند ذكر اسم الله فقط؟ وهل صحيح أن الإشارة بالسبابة تكون على الشيطان أشد من وقع الضرب على المطرقة؟ وهل يكون عند الإشارة بالنطق بالشهادتين، أم في سائر الإشارات؟ (¬1) ج: الإشارة تكون في التشهدين موجودة من أول ما يجلس للتشهد، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس للتشهد الأول والأخير رفع إصبعه السبابة رفعا غير كامل إشارة للتوحيد، هذا هو السنة من أول التشهد إلى آخره، عند ذكر الله وغيره تكون الإصبع واقفة، وإذا حركها عند الدعاء قليلا فحسن، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ربما حركها عند الدعاء عليه الصلاة والسلام، وأما كونها أشد على الشيطان من كذا وكذا فهذا ليس في الحديث، وإنما هو من كلام بعض السلف ولا يعتمد عليه، ولكنها بكل حال تغيظ الشيطان؛ لأن ذكر الله يغيظه، وهو يحب كل بلاء ويحب كل شر على المسلمين، إذا ذكر المؤمن ربه ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (86).

ووحده سبحانه فهذا يغيظ الشيطان ويؤلمه، وهكذا إذا استعاذ بالله منه، ومن نزغاته كل هذا يؤلمه، ولكن ذلك من أسباب السلامة من شره، ذكر الله كثيرا والاستعاذة بالله من الشيطان كل هذا من أسباب السلامة من نزغاته وبلاياه، أعاذنا الله والمسلمين منه.

س: عند الجلوس للتشهد أريد توضيح تحريك السبابة، هل هو عند بداية التشهد أم بعد نهاية التشهد عند الدعاء فقط؟ (¬1) ج: السنة أن يشير بالسبابة، يقيم السبابة من أول الجلوس للتحيات التشهد الأول والأخير، أما التحريك فالسنة أن يكون عند الدعاء، عند: اللهم صل، اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم. عند الدعاء يحركها قليلا عند الدعاء، أما كونها قائمة هذا من حين يجلس قائمة إشارة للتوحيد، يعقد إبهامه مع الوسطى ويقبض الخنصر والبنصر، أو يقبض أصابعه كلها ويشير بالسبابة، هذا سنة، لكن التحريك يكون عند الدعاء. س: سائل يقول: عند الشهادتين وعند رفع الإصبع، عندما نقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكل شخص من المصلين يرفع إصبعه على طريقة ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (412).

معينة، فمن يرفعه مرة واحدة، ومن يرفعها مرتين؛ لأنه يقول: إنهما شهادتان، ومن يبقى يحرك إصبعه إلى نهاية الصلاة الإبراهيمية، أرجو أن تتفضلوا بإجابتي على الصحيح، أم أن الجميع صحيح؟ جزاكم الله خيرا (¬1) السنة رفع الإصبع في التشهد الأول والآخر من أول التحيات إلى النهاية، وإصبعه مرفوعة، يعني السبابة التي تلي الإبهام مرفوعة رفعا غير كامل، إشارة للتوحيد هكذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يشير بالسبابة في تشهده الأول والأخير، أما التحريك فالأفضل أن يحركها عند الدعاء أن يقول: اللهم صل على محمد. وعند قوله: أعوذ بالله من عذاب جهنم. وعند قوله: اللهم اغفر لي. أو: اللهم آتنا في الدنيا حسنة. أو: اللهم أعني على ذكرك. يحرك عند الدعاء تحريكا خفيفا، هذا هو الأفضل، وأما كون الإصبع قائمة فهي قائمة من أول التشهد إلى آخره إشارة للتوحيد. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (282).

س: السائلة من حائل تقول: ما هي مواضع رفع السبابة في التشهد الأول والأخير، والدعاء قبل السلام، وفي أثناء التشهد؟ هل ينظر

المسلم إلى موضع سجوده، أم إلى السبابة؟ (¬1) ج: إذا جلس للتشهد الأول والأخير ينظر إلى السبابة، إلى سبابته ويشير بها في التحيات، ويحركها في الدعاء، عند الدعاء بعد التشهد الأخير، يحركها قليلا، ويشير بها إلى توحيد الله، وأن الله واحد لا شريك له، ويدعو في التشهد الأخير. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (435).

س: أرى بعض المصلين، وهو في التشهد الأخير يرفع السبابتين اليمنى واليسرى عندما يصل في التشهد إلى قوله: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله. فهل هذا الفعل صحيح؟ (¬1) ج: السنة رفع السبابة اليمنى فقط في التشهد الأول والأخير، يشير بالسبابة اليمنى ويقبض أصابعه كلها، ويشير بالسبابة عند ذكر الله، عند الدعاء أو يقبض الخنصر والبنصر، ويحلق الإبهام مع الوسطى، ويشير بالسبابة، سنتان: إن شاء قبض أصابعه كلها، وأشار بالسبابة، وإن شاء قبض الخنصر والبنصر، وحلق الإبهام والوسطى، وأشار بالسبابة، كل هذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما اليسرى فلا يشير بشيء ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (43).

بل يبسطها على فخذه، وأطرافها على ركبته، ولا يشير بشيء، لا بالسبابة ولا بغيرها، هذه السنة.

س: الذي نعرفه في هذه الحلقة في التشهد الأخير للصلاة: أن تظل إصبع السبابة تتحرك حتى نسلم، هل هذا ورد في سنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟ (¬1) ج: الوارد في السبابة أنها واقفة فقط، يشير بها إشارة، واقفة وقوفا فيه انحناء، هذا هو السنة كما جاءت به الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، من حديث ابن عمر، ومن حديث وائل بن حجر، ومن أحاديث أخرى، أما الحركة فقد ورد في بعض الروايات عند الدعاء، وبعض أهل العلم قال: إن المراد بالحركة الإشارة، وأنها لا تخالف كما قال البيهقي رحمه الله، قال: لعل الحركة هي الإشارة فلا تخالف بين الروايتين، والإشارة هي بنصب الإصبع السبابة؛ نصبا غير كامل، إشارة للتوحيد، إشارة إلى أن الله سبحانه هو الواحد في ذاته وفي أسمائه وصفاته، وفي استحقاقه للعبادة جل وعلا، وورد في بعض الروايات أنه ربما حركها عند الدعاء، إذا حركها عند الدعاء فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (94).

بيان معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكيفيتها

170 - بيان معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكيفيتها س: كيف تكون الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من عند الله؟ وكيف صلاة العبد على النبي وفقكم الله؟ (¬1) ج: الصلاة من عند الله ثناء على الرسول صلى الله عليه وسلم، وصلاة الله والملائكة ثناء الله عليه والملائكة، ورحمته بتوفيقه في الدنيا وإدخاله الجنة في الآخرة هذا من صلاته عليه، ولكن معظمها الثناء، صلاة الله ثناء على العبد في الملأ الأعلى، وأما صلاة العباد عليه فالدعاء له والترحم عليه، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يعني أن يصلوا كما أمر وبين لهم: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (¬2)» والصلاة الإبراهيمية المعروفة، وهي كما جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، من طريق كعب بن عجرة، ومن طريق أبي مسعود الأنصاري، وفي طرق أخرى، يصلي كما جاءت عن ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (23). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا) برقم (3370).

النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة بأنواع كثيرة، هذه هي السنة.

س: سوداني مقيم في المملكة العربية السعودية، مدينة حائل يقول: قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (¬1) اللهم صل عليه، يقول السائل: كيف الصلاة على النبي؟ (¬2) ج: مثل ما علم النبي أصحابه عليه الصلاة والسلام، قالوا: يا رسول الله، أمرنا الله أن نصلي عليك، كيف نصلي عليك؟ قال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (¬3)» وللصيغة هذه ألفاظ كثيرة في لفظها: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب الآية 56 (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (357). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا) برقم (3370).

وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد (¬1)» وفي بعضها: «اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد (¬2)» نوع رابع: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد (¬3)» والسلام كما علمتم)، السلام هو: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. هذا هو السنة قبل الدعاء صل على النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من هذه الصلوات الواردة بأي صفة وردت، ثم يدعو إذا أحب الدعاء، ويقدم على هذا حمد الله، يقول: اللهم لك الحمد، لك الحمد على كل حال، لك الحمد على جميع نعمك. ثم يصلي على النبي بإحدى هذه الصفات ثم يدعو. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا) برقم (3370). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء صلوات الله عليهم، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا)، برقم (3369)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد، برقم (407). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء صلوات الله عليهم، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا)، برقم (3369)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد، برقم (407).

حكم الصلاة على النبي في التشهد الأخير

171 - حكم الصلاة على النبي في التشهد الأخير س: الأخ: م. ص. م. من الرياض، يسأل ويقول: هل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم التي بعد التشهدين واجبة؟ وهل تبطل الصلاة بدونها؟ (¬1) ج: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير واجبة عند بعض أهل العلم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما سئل قيل: يا رسول الله، أمر الله أن نصلي عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد .... (¬2)» الحديث، وهذا أمر، قالوا: والأمر يقتضي الوجوب، وذهب بعض أهل العلم إلى أنها سنة وليست واجبة؛ لأنه إنما أمر بها لما سئل، ولم يأمر بها ابتداء، فلما سألوه قال: «قولوا: اللهم صل على محمد (¬3)» فعلمهم الكيفية، فدل ذلك على أنها سنة وليست فريضة، فينبغي للمؤمن أن يأتي بها، وأن يخرج من الخلاف؛ لأن بعض أهل العلم رآها ركنا في الصلاة، وبعضهم رآها ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (188). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا) برقم (3370). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370).

واجبة في الصلاة. والقول الثالث: على أنها سنة في الصلاة. فينبغي للمؤمن أن يعتني بها، وأن يأتي بها في التشهد الأخير ثم يدعو؛ ولأن الإتيان بها مع التشهد من أسباب الإجابة؛ لأن العبد إذا أثنى على الله ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم دعا كان هذا من أسباب الإجابة، كما في حديث فضالة بن عبيد: «أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو في الصلاة ولم يحمد الله، ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (عجل هذا) ثم قال: (إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بما شاء (¬1)» فالمؤمن إذا أتى بالتحيات، ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير، ثم دعا بالتعوذ بالله من أربع، ودعا بالدعوات التي يريدها كان هذا من أسباب الإجابة، فإنه يستحب للمؤمن في التشهد الأخير أن يكثر من الدعاء، وأن يستعيذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، ويدعو بجوامع الدعاء في آخر صلاته، فإذا كان ذلك بعد التشهد وبعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كان هذا من أسباب الإجابة. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن رسول الله برقم (3477)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1481).

وأما التشهد الأول فلا تجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ولو واحدة، ولكن تستحب على الصحيح، يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول، ثم يقوم، فإن لم يفعل فلا حرج عليه، إنما الخلاف في التشهد الأخير: هل تجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل هي ركن أم واجب أم سنة؟ هذا محل الخلاف بين أهل العلم، وتقدم أنه ينبغي الإتيان بها في التشهد الأخير، خروجا من خلاف العلماء، وعملا بالأحاديث التي فيها توجيه النبي صلى الله عليه وسلم للأمة أن يصلوا عليه، عليه الصلاة والسلام، أما من تركها سهوا فإنه يسجد للسهو سجدتين.

س: هل تقرأ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول؟ وهل للإنسان أن يتورك في صلاة الفجر؟ (¬1) ح: إن قرأت الصلاة على النبي في التشهد الأول فهو الأفضل، إذا أتى بالصلاة على النبي في التشهد الأول فهذا أفضل على الصحيح، وإن تركه فلا بأس، إذا قام بعد الشهادتين إلى الثالثة فلا حرج، وإن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الثالثة فهذا أفضل في ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (329).

أصح قولي العلماء والأفضل الافتراش في التشهد الأول، وبين السجدتين، يجلس على اليسرى وينصب اليمنى هذا هو الأفضل، وإن تورك فلا حرج، أو كان يشق عليه الافتراش فلا حرج، المقصود أن التورك في التشهد الأخير في الظهر والعصر والمغرب والعشاء، هذا هو الأفضل، أما التشهد الأول فالسنة فيه الافتراش، يفترش اليسرى وينصب اليمنى، وهكذا بين السجدتين، وهكذا في صلاة الفجر والجمعة الافتراش، لكن من شق عليه ذلك فلا حرج، وإن تورك إذا سجد فلا بأس، كلها أمور مستحبة ليست فريضة، الافتراش والتورك كله سنة، فلو أنه افترش في محل التورك، أو تورك في محل الافتراش فلا حرج.

حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع التشهد الأول

172 - حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع التشهد الأول س: هل ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم قراءة التشهد الثاني في الركعة الثانية من الصلاة الرباعية، أم يكتفي بالتشهد الأول؟ (¬1) ج: اختلف العلماء في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد الأول، مع إجماعهم على شرعيته في التشهد الثاني، إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. والتشهد الثاني ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (70).

في الأخير: الظهر والعصر والمغرب والعشاء فإنه يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: يا رسول الله، أمر الله أن نصلي عليك، فكيف نصلي عليك؟ وفي رواية أخرى: في صلاتنا. قال: «قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (¬1)» هذه رواية أكمل الروايات، فيها الصلاة على محمد وآله وعلى إبراهيم وآله، وهكذا التبريك، وهذا لا خلاف فيه؛ لأنه يؤتى به في التشهد الأخير، واختلف العلماء: هل هو واجب أو ركن أم مستحب فقط؟ على أقوال، وبكل حال فهو مشروع للمصلي من الرجال والنساء أن يأتي بهذه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير، ثم يدعو بما تيسر من الدعوات مثل: اللهم أعذني من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370).

من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم. هذا من الدعاء المشروع في آخر الصلاة، وهكذا: «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت (¬1)» هذا ثبت أيضا من حديث علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الصلاة، هكذا: «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر (¬2)» أيضا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو به في آخر الصلاة، من حديث سعد بن أبي وقاص، رواه البخاري في الصحيح، هذا كله في التشهد الأخير، في الرابعة من الظهر والعصر والعشاء، والثالثة من المغرب، وفي الثانية من الفجر والجمعة، أما التشهد الأول في الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، فهذا الصحيح فيه أنه يصلي فيه على النبي صلى الله عليه وسلم فقط. أما الدعاء فيكون في التشهد الأخير مثل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والأفضل أن يأتي ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (771) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (6365).

بها في التشهد الأول، وقال الأكثرون: إنها لا يؤتى بها إلا في الأخير، لكن ظاهر الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم عامة ظاهرها العموم، وهو أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول والأخير جميعا؛ لأن الصحابة قالوا: يا رسول الله، أمر الله أن نصلي عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: «قولوا: اللهم صل على محمد (¬1)» ولم يقل: في الآخر. ولا: في الأول. أطلق، فدل ذلك على أنه يشرع في الأول والأخير، هذا هو المختار، وهذا هو الأرجح أن تكون هذه الصلاة الإبراهيمية في الأول والأخير؛ في الأول مستحب بلا شك وهو الأرجح، أما في الأخير فقيل بوجوبها، وقيل بأنها ركن، وفي كل حال الإتيان بها أمر مشروع لا ينبغي تركه في التشهد الأخير، بل ينبغي أن يحافظ عليه المؤمن، وهكذا المؤمنة في الصلاة في التشهد الأخير، هكذا في الجمعة، وفي الفجر والعيدين وأشباه ذلك من الصلوات، وهكذا في النافلة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370).

س: هل يجوز للمصلي أن يقرأ غير التشهد الأول في التشهد الأول؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (210).

ج: يستحب له في أصح قولي العلماء أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الأحاديث عامة، سأله الصحابة قالوا: يا رسول الله، أمرنا الله أن نصلي عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد - قال -: والسلام كما علمتم (¬1)» السلام بين في الأحاديث الأخرى: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. ولم يستثن التشهد الأول، بل عمم عليه الصلاة والسلام، وأمرهم أن يصلوا عليه، ولم يقل في التشهد الأخير، فدل ذلك على أنه يشرع في التشهدين، لكن ذهب أكثر أهل العلم إلى أن هذه الصلاة إنما تقال في التشهد الأخير، والأرجح أنها تشرع في الأول أيضا؛ لعموم الأحاديث، فإن تركها في الأول فلا حرج. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370).

س: هل تقال التحيات في التشهد الأول الصلاة على النبي والثاني في الركعتين الأوليين، أم يكفي التشهد الأول؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (307).

ج: السنة أن يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع التشهد الأول، هذا هو الأرجح، ثم تقوم المرأة ويقوم الرجل إلى الثالثة بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا اقتصر على الشهادة ثم قام إلى الثالثة كفى والحمد لله، يعني كونه يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول بأن يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. ثم يقوم إلى الثالثة، وهكذا المرأة، هذا أفضل على الصحيح؛ لأن الأحاديث عامة.

س: يقول السائل: قرأت في كتاب: أن التشهد الأول إضافة إليه تقرأ معه الصلاة الإبراهيمية، معنى ذلك أن التشهد الأول والأخير لا يختلفان إلا في التعوذ من الأربع، التي أمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم، والدعاء كذلك، قرأت لأحد العلماء الثقات بإذن الله أن عدم قول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد. فقط في التشهد الأول – ومن باب أولى في التشهد الثاني – تبطل الصلاة؛ لأن ذلك واجب، فما قولكم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (278).

ج: أما التشهد الأول فالأفضل أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم لعموم الأحاديث، كما سئل صلى الله عليه وسلم، قيل: يا رسول الله، أمرنا الله أن نصلي عليك، فكيف نصلي عليك؟ في لفظ قال: في صلاتنا. قال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد – ثم قال -: والسلام كما علمتم (¬1)» يعني في قوله: «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته (¬2)» فهذا يدل على أنه مشروع في التشهدين الأول والثاني، هذا هو الصواب، والأكثرون على أنه في الأخير فقط، الأكثرون من أهل العلم على أنه في التشهد الأخير، ولكن الصواب أنه يستحب في التشهد الأول؛ لعموم الأحاديث، وعدم التفصيل، أما في التشهد الأخير فهو مشروع بلا شك. وإنما اختلف العلماء في وجوبه فقال البعض: إن الصلاة على النبي واجبة في التشهد الأخير. وقال بعضهم: ركن. فينبغي أن يحافظ عليها المؤمن، وألا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة، برقم (831)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402).

يتركها في التشهد الأخير، أما الدعاء فهذا مختص بالتشهد الأخير؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو في التشهد الأخير عليه الصلاة والسلام، يقول أبو هريرة رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من التشهد الأخير استعاذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، إلى آخره، فهذا يكون في الأخير: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال (¬1)» هذا يكون في التشهد الأخير، الذي قبل السلام، وهكذا بقية الدعاء أن يدعو الله: «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (¬2)» هذا كذلك في التشهد الأخير، وهكذا غيره من الدعاء: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (¬3)» أو يقول: اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين. أو: اللهم أصلح قلبي وعملي. أو: اللهم اغفر لي ولجميع المسلمين. الدعوات كلها تكون في التشهد الأخير قبل السلام، وإنما الخلاف في الصلاة على النبي صلى ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، برقم (588). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1522)، والنسائي في كتاب السهو نوع آخر من الدعاء، برقم (1303). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، برقم (2705).

الله عليه وسلم: هل يأتي بها في الأول، أو ما يأتي بها؟ فالأكثر على أنها تختص بالأخير، والصواب أنها تقال في الأول والأخير؛ لأن الأحاديث عامة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

حكم قول: اللهم صل وبارك على محمد في التشهد

173 - حكم قول: اللهم صل وبارك على محمد في التشهد س: يقول السائل: أبو عبد الرحمن: ما رأيكم فيمن يقول في التشهد: اللهم صل وبارك على محمد؟ أي: يجمعهما في الصلاة (¬1) ج: السنة أن يفرد كل واحدة: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (¬2)» هذه السنة التي جاءت عن النبي، الصلاة وحدها، والبركة وحدها. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (433). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370).

حكم الصلاة التي لم تذكر فيها الصلاة على النبي

174 - حكم الصلاة التي لم تذكر فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم س: هل الصلاة المفروضة أو الدعاء إذا لم يذكر فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تكون صحيحة أم لا؟ فإن أحد

الأشخاص قال لنا: إن الصلاة والدعاء لا تقبل إذا لم يذكر فيهما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. أفيدونا عن ذلك، أفادكم الله (¬1) ج: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة في صلاتنا، الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، وفي جميع النوافل، يشرع للمصلي أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في التحيات في آخر الصلاة بعدما يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. يقول: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد (¬2)» هذا نوع من الصلاة الإبراهيمية الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهناك أنواع أخرى، منها قوله: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (52). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370).

مجيد (¬1)» ونوع ثالث: «اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد (¬2)» وهناك أنواع أخرى من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا أتى المسلم المصلي أو المرأة بنوع منها مما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صح وكفى، ثم بعد هذا يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم وعذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. ويدعو بما أحب من الدعوات الطيبة قبل أن يسلم، وهذه الصلاة تشرع أيضا في التشهد الأول على الصحيح، وقال جمع من أهل العلم: إنها لا تقال إلا في التشهد الأخير. لكن الصحيح أنه يؤتى بها أيضا في التشهد الأول بعد الثانية: الظهر والعصر والمغرب والعشاء، إذا جلس في الثانية وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. يصلي على النبي، ثم ينهض إلى الثالثة، أما رواية الدعاء يكون في التشهد الأخير، فهذا القول أصح، وعلى هذا نصلي على النبي في صلاتنا مرتين في ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب التشهد في الآخرة، برقم (831)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء صلوات الله عليهم، باب قول الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا)، برقم (3369)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد، برقم (407).

الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، ومرتين في التشهد الأول والتشهد الأخير، هذا هو الأفضل، واختلف العلماء: هل هي فريضة وركن في التشهد الأخير، أم لا؟ على أقوال، منهم من قال: إنها ركن لا بد منها، ولا تصح الصلاة إلا بها. وهذا هو المعروف في مذهب أحمد بن حنبل وجماعة، وقال آخرون: بل هي واجبة لا ركن، إن تعمد تركها بطلت الصلاة، وإن نسيها لم تبطل الصلاة، ولكن يسجد للسهو. وهذا القول الوسط. وقال آخرون: إنها سنة، لا تبطل الصلاة بتركها، لا عمدا ولا سهوا، بل هي سنة مؤكدة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفرضها على الناس، ولكن لما سألوه قالوا: كيف نصلي عليك؟ قال: «قولوا: اللهم صل على محمد ..... (¬1)» إلى آخره، ولو كانت فرضا لفرضها عليهم قبل أن يسألوه وبينها لهم مع التشهد، وبكل حال فالذي ينبغي هو المجيء بها؛ لأن الرسول أمر بها عليه الصلاة والسلام، وقال لهم: «قولوا: اللهم صل على محمد (¬2)» إلى آخره، وهذا أمر، والأمر يقتضي الوجوب، فلا ينبغي للمؤمن أن يدعها في التشهد الأخير، أما التشهد ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370).

الأول فالأمر فيه واسع، إن أتى بها فهو أفضل، وإن لم يأت بها فلا حرج عليه، ولكن ليست شرطا للقبول، إذا قلنا بها في التشهد الأول إنما هي مستحبة، أما في التشهد الأخير فقد سمعت الخلاف، بعض أهل العلم قالوا: إنها لا بد منها، وإن تعمد تركها بطلت الصلاة، كما لو تعمد ترك التشهد، أو تعمد ترك الركوع أو السجود، تبطل الصلاة. وقال الآخرون من أهل العلم: إنها لا تبطل الصلاة بذلك، ولكن يستحب له أنه يصلي على النبي في آخر الصلاة، فإن تركها لم تبطل صلاته. فأقوال أهل العلم معروفة، فلا ينبغي للمؤمن أن يدعها، بل ينبغي له أن يحافظ عليها، ويجتهد في فعلها بعد التحيات بعد قوله: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. قبل أن يسلم، يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، حتى تصح صلاته عند الجميع، وحتى لا يعرضها للبطلان. وأما الدعاء فهي المستحبة في الدعاء، لكن ليست شرطا في القبول، لو دعا ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم يرجى قبول دعائه، ولكن الأفضل أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم قبل الدعاء وبعد الدعاء، هذا هو الأفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلا دعا، ولم يحمد الله، ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عجل هذا). ثم قال: «إذا دعا أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه،

والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بما شاء (¬1)» فأرشدنا إلى أن نحمد الله أولا، ثم نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ندعو، هذا هو الأفضل، وهذا هو الأقرب إلى الإجابة، لكنه ليس شرطا، وإذا ختم الدعاء بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كان أيضا أفضل وأكمل، ومن أسباب الإجابة، لكن لو ترك لا يقال: لا يجاب الدعاء. بل الدعاء قد يجاب، وقد يحصل به المقصود، ولو لم يحمد الله في أوله، ولو لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم في أوله ولا في آخره، لكن فعل ذلك كونه يحمد الله أولا ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو ويلح في الدعاء، ثم يختم بالصلاة، هذا كله من باب السنن، من باب الفضائل، وهو من أسباب الإجابة، ولكن ليس شرطا في القبول، فلو دعا ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن آثما، ولا يرد دعاؤه، بل يرجى قبوله إذا أخلص في ذلك، وسلم من الموانع التي تمنع من الإجابة، والموانع كثيرة؛ فالمعاصي من أسباب الموانع، من أسباب عدم الإجابة، وأكل الحرام من أسباب عدم الإجابة، والغفلة عن الله كونه يدعو بقلب ساه غافل من ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن رسول الله برقم (3477)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1481).

أسباب عدم الإجابة، فعدم الإجابة له أسباب، فينبغي للمؤمن أن يحرص على أسباب الإجابة، بأن يكون طعامه حلالا، وأن يكون بعيدا عن المعاصي، وعما حرم الله، وأن يدعو الله بقلب حاضر، مشفق راغب راج، يرجو ربه ويخافه، قد حضر بين يديه سبحانه وتعالى، وأن يتحرى أوقات الإجابة كآخر الليل، وآخر الصلاة قبل السلام والسجود؛ لأن الدعاء في السجود حري بالإجابة أيضا، وهكذا بين الأذان والإقامة من أسباب الإجابة، نسأل الله للجميع التوفيق.

حكم قول: اللهم صل على سيدنا محمد داخل الصلاة

175 - حكم قول: اللهم صل على سيدنا محمد داخل الصلاة س: الأخ: إ. م. ع. من المملكة المغربية، يسأل ويقول: هل يجوز لنا أن نسيد محمدا صلى الله عليه وسلم داخل الصلاة؟ وما حكم من يسيده داخل الصلاة؟ وما حكم من لم يسيده داخل الصلاة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: المشروع في الصلاة عدم التسييد؛ لأنه لم يرد في النصوص، وإنما علمهم عليه الصلاة والسلام أن يقولوا: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (179).

مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (¬1)» فالمشروع هكذا، كما علمهم النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لو أن الإنسان قال: اللهم صل على سيدنا محمد. لا بأس ولا حرج عليه؛ لأن محمدا سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، فمن قال لا حرج عليه، ومن ترك لا حرج عليه، والأفضل الترك في التشهد والأذان، يقول: أشهد أن محمدا رسول الله كما علم النبي أصحابه ذلك، كان بلال يؤذن بهذا، وهكذا أبو محذورة، ولو أن مؤذنا قال: أشهد أن سيدنا محمدا رسول الله. صح لكنه خلاف السنة، ما كان النبي يقول هكذا، ولا علم الصحابة ذلك، وإنما المشروع أن يقول: أشهد أن محمدا رسول الله. في الأذان والإقامة، لكن لو قال: أن سيدنا محمدا. هو صادق، هو سيدنا، لكن لم يشرع هذا، والمسلمون عليهم التقيد في العبادات؛ لأنها توقيفية، فعلى المسلم أن يتقيد بالعبادة بما ورد عن الشرع فلا يزيد، ففي التحيات يقول: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد (¬2)» كما جاء في النصوص، وفي الأذان يقول: أشهد أن محمدا رسول الله. وفي الإقامة كذلك، وأما في غير هذا إذا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى: واتخذ الله إبراهيم خليلا برقم (3370).

قال: أشهد أن سيدنا محمدا رسول الله. أو: اللهم صل على سيدنا محمد. فلا حرج في ذلك؛ لأنه سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، قال عليه الصلاة والسلام: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر (¬1)» المقصود هو أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام، لكن علينا أن نتقيد بما شرع لنا، لا نزيد ولا ننقص؛ لأن هذا هو الذي ينبغي لنا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، يقول – اللهم صل عليه وسلم -: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)» يقول: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬3)» فالتقيد بما علمنا إياه وشرعه لنا هو الذي ينبغي لنا، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (¬4)» ويقول الرب عز وجل {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (¬5) ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة بني إسرائيل، برقم (3148)، وابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر الشفاعة، برقم (4308) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718) (¬4) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607) (¬5) سورة الأحزاب الآية 21

ويقول جل وعلا: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (¬1) فالمشروع للمسلمين التقيد بما علمهم إياه نبيهم عليه الصلاة والسلام، وما شرعه لهم في الأقوال والأعمال. ¬

_ (¬1) سورة الشورى الآية 21

حكم من نسي بعض ألفاظ الدعاء

176 - حكم من نسي بعض ألفاظ الدعاء س: ما الحكم فيما إذا نسي الشخص بعض ألفاظ الدعاء الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ هل يؤثر ذلك أو لا؟ (¬1) ج: لا يؤثر، يدعو بما حضره وأحب والحمد لله، يدعو بما حفظ، ويدعو بما أحب من الدعوات الطيبة، ولو كانت غير واردة، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (278).

المجلد التاسع

تكملة باب صفة الصلاة 1. بيان مشروعية الاستعاذة من فتنة المحيا والممات في آخر الصلاة س: أمرنا بالاستعاذة من فتنة المحيا وفتنة الممات، والمسيح الدجال، حبذا لو شرحتم لنا هذا، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا مشروع للمؤمن والمؤمنة في كل صلاة، السنة لكل مؤمن وكل مؤمنة أن يختم صلاته بالاستعاذة بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة أنه بعدما يتشهد في آخر الصلاة قبل أن يسلم يستعيذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، وكان يأمر بهذا ويقول: «إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع – يقول -: اللهم إني ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (186).

أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال (¬1)» هذا المشروع للمؤمن وللمؤمنة، التعوذ من هذه الأربعة. وذهب جمهور أهل العلم إلى أن هذا سنة مؤكدة، وروي عن طاوس التابعي الجليل ما يدل على أن ذلك واجب، وروي عنه أنه أمر ولده لما لم يقلها في الصلاة أن يعيد الصلاة، هذا يدل على تأكد هذه الدعوات، وأنه ينبغي للمؤمن ألا يدعها في أي صلاة النافلة والفريضة قبل أن يسلم، يقول: أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. وإن شاء قال: ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وعذاب القبر، وفتنة المحيا والممات، وفتنة المسيح الدجال. فهي دعوات عظيمة، قال أنس رضي الله عنه: «كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (¬3)» فإذا دعا بذلك في آخر الصلاة كان حسنا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة برقم (588). (¬2) الحديث أخرجه البخاري في كتاب الدعوات؛ باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، برقم (6389)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الدعاء باللهم آتنا في الدنيا حسنة، برقم (2190). (¬3) سورة البقرة الآية 201 (¬2) {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}

وهكذا في السجود إذا دعا بذلك لا بأس، فالسجود محل الدعاء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (¬1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (¬2)» المعنى: حري أن يستجاب لكم. الإنسان معرض للفتن في حياته وعند الموت، وقد يعرض في حياته للمعاصي، وقد يعرض للبدع، وقد يعرض للكفر بدين الله، ويفتن إما بسبب المال، أو بسبب الشهوات والمعاصي، أو بسبب جلساء السوء، فيقع فيما يغضب الله عليه؛ من كفر وبدعة، أو معصية في حال حياته أو عند الموت، نسأل الله العافية، وقد يفتن بالمسيح الدجال إذا ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479).

تأخر زمانه، فإن المسيح يخرج في آخر الزمان، يدعي أنه نبي، ثم يدعي أنه رب العالمين، ويتبعه جم غفير من الناس، نعوذ بالله، ويهلكون بأسبابه، فالإنسان يسأل ربه أن يعيذه من هذه الأمور؛ لأنه لا يدري: هل يسلم أو ما يسلم؟ فيسأل ربه العافية من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. هو في حاجة إلى هذا الدعاء، حتى لا يفتن في حياته، ولا عند موته، وحتى لا يدرك المسيح الدجال فيفتن به، نسأل الله السلامة.

الدعاء المشروع في الصلاة

2. بيان الدعاء المشروع في الصلاة س: ما هو الدعاء الذي تنصحونني بملازمته في كل صلاة (¬1)؟ ج: الدعوات مشروعة للمؤمن، دعوات الخير مشروعة للمؤمن في الصلاة وخارجها، لكن في الصلاة نوصيك بالدعوات التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن تلزمها، بين السجدتين تقول: رب اغفر لي، «اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، وعافني، وارزقني (¬2)» بين السجدتين، ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (241). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء برقم (2697).

كرر الدعاء بالمغفرة: «رب اغفر لي، رب اغفر لي (¬1)» «اللهم اغفر لي، وارحمني واهدني وعافني وارزقني (¬2)» وفي السجود تكثر من الدعاء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (¬3)» ويقول: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي (¬4)» وإذا دعوت بغير ذلك؛ كسؤال الجنة، والتعوذ بالله من النار، وسؤال الله صلاح القلب والعمل، والزوجة الصالحة والذرية الصالحة، كل هذا طيب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا من الدعاء (¬5)» فيستحب الإكثار من الدعاء في السجود من المشروع الوارد ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم، من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه برقم (22816)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب الدعاء بين السجدتين، برقم (1145)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقول بين السجدتين، برقم (897). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء برقم (2697). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (483). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (484). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482).

ومن غيره من الدعوات الطيبة، ومن هذا طلب الرزق الحلال والزوجة الصالحة والذرية الطيبة، ومن هذا دعاؤك لوالديك بالمغفرة والرحمة إذا كانا مسلمين، دعاؤك لولي الأمر بالتوفيق والهداية والصلاح، ولولاة الأمور جميعا بالتوفيق والهداية، ومن هذا طلبك العافية في بدنك ودينك، الدعوات الطيبة، وهكذا في آخر الصلاة قبل السلام بعد التحيات، وبعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، تسأل الله ما تحب من الدعوات الطيبة. النبي صلى الله عليه وسلم لما علم أصحابه التحيات والتشهد قال لهم: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه، فيدعو (¬1)» ومن أفضل الدعاء في آخر الصلاة أن تقول: «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (¬2)» كما أوصى ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835). (¬2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار – رضي الله عنهم – من حديث معاذ بن جبل – رضي الله عنه - حديث رقم (21621)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، حديث رقم (1522) واللفظ له، والنسائي في كتاب السهو، باب نوع آخر من الدعاء حديث رقم (1303).

النبي بهذا معاذا، عليه الصلاة والسلام. وكذلك تقول: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (¬1)» أوصى بهذا النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله عنه، وهكذا: «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت (¬2)» ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه علمه عليا رضي الله عنه، وعلي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهكذا: «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وأعوذ بك من عذاب القبر (¬3)» أخرجه البخاري في صحيحه، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر برقم (2705). (¬2) أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بدون لفظ (وما أسرفت وما أنت أعلم به مني) في كتاب الدعوات، باب الدعاء إذا انتبه بالليل برقم (6317)، وأخرجه مسلم من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه بلفظه في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه برقم (771). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب التعوذ من البخل برقم (6370).

عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو به في آخر صلاته، كل دعاء طيب ليس فيه إثم ولا قطيعة رحم كله طيب، كل دعوات طيبة تحتاج إليها ادع بها وإن لم تنقل، كأن تقول: اللهم أصلح ذريتي، اللهم اغفر لي ولوالدي، اللهم أصلح زوجتي، اللهم يسر لي رزقا حلالا طيبا، اللهم وفق ولاة الأمور لكل خير، اللهم أصلح بطانتهم. وهكذا من الدعوات الطيبة، وفق الله الجميع.

مواضع الدعاء في الصلاة

3. بيان مواضع الدعاء في الصلاة س: الأخت: أم أ. من ينبع، تقول: متى تقال هذه الأدعية: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال؟ هل تقال هذه الأدعية في الفرائض، أم في الرواتب بعد الفراغ من التشهد وقبل السلام (¬1)؟ ج: هذا التعوذ يقال في الفرض والنفل في التشهد الأخير قبل السلام، بعد التحيات وبعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، يأتي الإنسان بهذا التعوذ: أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. بعد الصلاة على النبي ¬

_ (¬1) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم (427).

صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير، قبل أن يسلم الرجل والمرأة في الفرض والنفل، هذا مشروع، والنبي علمه الصحابة، قال لهم: «إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع (¬1)» إذا تشهد أحدكم – يعني في التشهد الأخير - فليستعذ بالله من أربع. ثم ذكرها عليه الصلاة والسلام سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة برقم (588).

س: أم أ. من ينبع في سؤالها الأول: متى نقول هذه الأدعية التالية يا سماحة الشيخ: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا وفتنة الممات، ومن فتنة المسيح الدجال؟ هل تقال هذه الأدعية في الفرائض، أم في الرواتب بعد الفراغ من التشهد وقبل السلام (¬1)؟ ج: في كل صلاة تقال هذه قبل السلام إذا تشهد الإنسان، وصلى على النبي يأتي بهذا الدعاء، كما علمه أصحابه، قال: «إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع؛ فليقل: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم (¬2)» ......... إلى آخره، فإذا تشهد وصلى على النبي يأتي بهذا الدعاء وبقية الأدعية ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (426). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة برقم (588).

يأتي بها قبل أن يسلم هذا الدعاء وغيره، مثل: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر لي ولوالدي، اللهم أجرني من النار، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم اغفر ذنبي كله. إلى غير هذا، كله قبل السلام وبعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

س: السائلة: أم م. من الدمام، تقول: في هذا الدعاء: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. هل يقال قبل السلام أم بعد السلام (¬1)؟ ج: الأفضل قبل السلام، هذا الأفضل؛ لأن الدعاء قبل السلام أفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لما علمهم التحيات، قال: «ثم يتخير بعد الكلام ما شاء (¬2)» وفي اللفظ الآخر: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (396). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، باب السلام اسم من أسماء الله تعالى، برقم (6230)، واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402).

فيدعو (¬1)» فإذا دعا قبل السلام فهو أفضل، وإن دعا به بعد السلام وبعد الذكر فلا بأس، لكن قبل السلام أفضل. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835).

س: هل الدعاء مستجاب في صلاة الفجر؟ وما هي الأدعية التي تنصحوننا أن ندعو بها؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الدعاء في السجود ترجى إجابته في الفجر أو غير الفجر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم (¬2)» أي: فحقيق أن يستجاب لكم. وقال عليه الصلاة والسلام: («أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (¬3)» وهكذا في آخر التحيات يقول صلى الله عليه وسلم لما علم ابن مسعود رضي الله عنه التحيات، قال: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو (¬4)» وفي ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (270). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835).

لفظ آخر: «ثم يتخير من المسألة ما شاء (¬1)» وهذا يعم الصلوات الخمس كلها لا يخص الفجر، وهكذا الدعاء بين السجدتين، المقصود أن المشروع للمؤمن الدعاء في صلاته، في سجوده، بين السجدتين، في آخر التحيات، ويقول بين السجدتين: رب اغفر لي، رب اغفر لي. ويزيد ما شاء الله: «اللهم اغفر لي، وارحمني واهدني وعافني وارزقني (¬2)» لكن الواجب مرة: رب اغفر لي، اللهم اغفر لي. وما زاد فهو سنة، من الدعاء بين السجدتين، ويدعو في سجوده ما يسر الله له، وفي آخر التحيات كذلك، ومن الدعاء الذي كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم في السجود: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (¬3)» هذا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في السجود: «اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (¬4)» ومن الدعاء العظيم: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني (¬5)» ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة برقم (609). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء برقم (2697). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (483). (¬4) صحيح مسلم الصلاة (483)، سنن أبي داود الصلاة (878). (¬5) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عائشة رضي الله عنها برقم (24856)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، برقم (3513).

وهكذا: اللهم إني أسألك رضاك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار، «اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل (¬1)» «اللهم إني أسألك الهدى والسداد (¬2)» «اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى (¬3)» كل هذه دعوات عظيمة، وهكذا: اللهم ألهمني رشدي، وأعذني من شر نفسي، اللهم قني شح نفسي، اللهم أصلح قلبي وعملي، وفقهني في ديني، رب زدني علما. وهكذا الدعوات الأخرى المناسبة. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، برقم (1486)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب الجوامع من الدعاء، برقم (3846). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل وشر ما لم يعمل، برقم (2725). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل وشر ما لم يعمل، برقم (2721).

السلام في نهاية الصلاة

4. كيفية السلام في نهاية الصلاة س: هذا الأخ السائل: أ. ع. يقول: سماحة الشيخ، ما كيفية السلام في نهاية الصلاة؟ هل يقول: السلام عليكم ورحمة الله؟ بسرعة

عن يمينه، السلام عليكم ورحمة الله. عن يساره، ويكون ذلك بسرعة، أم بهدوء في جملة السلام (¬1)؟ ج: يقول بالهدوء: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله. بطريقة عادية، ليس فيها تكلف، هذه السنة، لا سرعة مفرطة، ولا طولا مفرطا، يكون وسطا، أما العجلة كأنه مطرود فلا وسط، والأفضل الاقتصار على: رحمة الله. للفظ المحفوظ بالأدلة: «السلام عليكم ورحمة الله (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (429). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الأمر بالسكون في الصلاة والنهي عن الإشارة برقم (431).

س: إذا فرغ المصلي من صلاته وأراد أن يسلم فهل يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يمينا ثم يسارا، أم يقول: السلام عليكم ورحمة الله. فقط؟ وما حكم صلاة من فعل ذلك بزيادة: وبركاته (¬1)؟ ج: المحفوظ من السنة: ورحمة الله. فقط، وهذا هو المشروع أن يقول: السلام عليكم ورحمة الله. عن يمينه وشماله، أما زيادة: وبركاته. ففيها خلاف بين أهل العلم، وقد روى علقمة بن وائل عن أبيه أن النبي ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (48).

صلى الله عليه وسلم قال هكذا: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (¬1)» لكن في رواية علقمة عن أبيه خلاف بين أهل العلم، فمنهم من صحح سماعه منه، ومنهم من قال: إنها منقطعة. فينبغي للمؤمن ألا يزيدها، والأولى والأفضل أن يقتصر على: ورحمة الله. ومن زادها ظانا صحتها، أو جاهلا بالأمور فلا حرج، وصلاته صحيحة، ولكن الأولى والأحوط ألا يزيدها؛ خروجا من خلاف العلماء، وعملا بالعلم الأثبت والأقوى. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في السلام، برقم (997).

س: هل زيادة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هي واردة في السلام من الصلاة؛ بزيادة: وبركاته (¬1)؟ ج: واردة، لكن إسنادها فيه نظر، والأصح: السلام عليكم ورحمة الله. مثل ما عليه العمل الآن. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (406).

س: هناك شخص بعد أن يسلم من الصلاة لا يقتصر على صيغة: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله. بل يضيف: وبركاته. ما رأيكم بالزيادة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (367).

ج: الأولى تركها، جاءت في بعض الأحاديث، لكن مختلف في ثبوتها، كثير من أهل العلم لا يثبتها، وبعضهم يثبتها، والمحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم: «السلام عليكم ورحمة الله (¬1)» لأن كلمة: وبركاته. مختلف في هذه الزيادة، منهم من أثبتها، ومنهم من لم يثبتها، فالمؤمن يتبع ما عليه العمل، ولا يخالف الناس، ويشذ عن الناس، السلام عليكم ورحمة الله. هذا الشيء المحفوظ، رواه مسلم في الحديث الصحيح. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الأمر بالسكون في الصلاة والنهي عن الإشارة برقم (431).

س: ما حكم ختم الصلاة بصوت مرتفع، سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: ما عليه دليل، تكون قراءته معتدلة في الجميع، قراءته تكبيراته كلها معتدلة، ما يخص شيئا دون شيء. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (430).

الاكتفاء بتسليمة واحدة على اليمين عند الانتهاء من الصلاة

5. حكم الاكتفاء بتسليمة واحدة على اليمين عند الانتهاء من الصلاة س: ما حكم السلام على اليسار بعد الانتهاء من الصلاة؟ وما حكم الانفتال على اليسار أيضا (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (15).

ج: الجمهور على أن الواجب تسليمة واحدة يسلمها عن يمينه، والأصح أنه لابد من تسليمتين، وإن كان الكلام للجمهور؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمتين، ويقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬1)» فالواجب أن يسلم الإمام، وهكذا المأموم، وهكذا المنفرد تسليمتين، والأفضل عن يمينه وعن شماله، يلتفت عن يمينه ويقول: السلام عليكم ورحمة الله. وعن يساره كذلك، هذا هو المشروع، وهو واجب في أصح قولي العلماء يعني التسليمتين، أما كونه يلتفت عن يمينه وشماله هذا مستحب، وهو أفضل، وأما الانصراف بعد السلام عن يمينه وشماله فلا حرج، النبي صلى الله عليه وسلم كان ينصرف عن يمينه وعن شماله، كل هذا ثابت، إن انصرف عن يمينه فلا بأس، وإن انصرف عن شماله فلا بأس، قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه ربما انصرف عن يمينه، وربما انصرف عن شماله، من مكانه عليه الصلاة والسلام. لكن لو بدأ بالسلام على شماله، يعنى التفت عن شماله أولا فإنه يصح، لكن هذا خلاف السنة، الالتفات مستحب وليس بواجب. لذلك مسألة قد تخفى على بعض الناس، وهي مسألة الإمام إذا سلم من ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631).

الصلاة، السنة: أن ينصرف إلى المأمومين ويعطيهم وجهه، ولا يطول مستقبلا القبلة؛ لأنه إنما استدبرهم من أجل حاجة الصلاة، فإذا فرغ منها زالت الحاجة، فشرع له أن يستقبلهم، ويجعل وجهه إلى وجوههم، هذا هو الأدب الشرعي، لكن بعدما يستغفر ثلاثا، وبعدما يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. بعد هذا ينصرف إليهم، ويعطيهم وجهه ويقابلهم، لا يكون يمينا ولا شمالا، بل يقابلهم مقابلة كفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن يكون بعد أن يقول: أستغفر الله. ثلاثا: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. يقوله الإمام، ثم ينصرف إلى المأمومين، ويعطيهم وجهه مستويا، وإن شاء انصرف عن يمينه، وإن شاء انصرف عن شماله، لكن يقابلهم مقابلة، ثم يأتي ببقية الأذكار إذا انصرف، يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يقول هذا بعد السلام، في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، فيشرع للمأموم

والإمام والمنفرد هذه الأذكار الشرعية، ثم يقول بعدها: سبحان الله والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، هذا الأفضل، يكون الجميع تسعا وتسعين، ثم يختم هذا كله بـ (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) جاء في الحديث أن العبد إذا قال هذا: «غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (¬1)» هذا فضل عظيم، وإن شاء قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. خمسا وعشرين مرة، هذا نوع من الأذكار، كل هذا مشروع وحسن. والتكبير والتهليل هو بعد الصلوات الخمس، لكن تزاد بعد المغرب والفجر بتهليلات عشر زيادة، يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات بعد المغرب وبعد الفجر زيادة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (597).

الزيادة على لفظ التسليم في الصلاة

حكم الزيادة على لفظ التسليم في الصلاة س: يسأل السائل من السودان، مقيم في ليبيا يقول: رجل إذا سلم عن يمينه يقول: السلام عليكم ورحمة الله، اللهم إني أسألك

الفوز بالجنة. وإذا سلم عن شماله قال: السلام عليكم ورحمة الله، اللهم إني أسألك النجاة من النار. فهل هذا مكروه أم لا؟ فإن كان مكروها فما الدليل على كراهته مأجورين (¬1)؟ ج: ليس لهذا أصل، بل هذا بدعة، لا يقول شيئا إذا سلم إلا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم التسليمتين، يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. هكذا كان النبي يفعل إذا سلم، أما هذا الدعاء بعد التسليمة الأولى والثانية لا أصل له، هذا من كيسه، بدعة. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والخمسون من الشريط رقم (421).

س: زيادة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. في السلام يا شيخ (¬1)؟ ج: الأفضل عدم ذلك؛ لأن في صحتها نظرا، خلاف بين أهل العلم، والمحفوظ: السلام عليكم ورحمة الله. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والخمسون من الشريط رقم (421).

الرد على المصلي إذا قال السلام عليكم في صلاته

7. حكم الرد على المصلي إذا قال: السلام عليكم في صلاته س: رسالة من الأخ: إ. أ. يقول: إذا كان عن يميني رجل يصلي

وحينما فرغ من صلاته سلم عن يمينه وشماله، وسمعت هذا السلام فهل أرد عليه، بقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته (¬1)؟ ج: لا، ليس هذا محل الرد؛ لأنه يسلم التسليم الواجب عليه بالخروج من الصلاة، لكن إذا خصك بالسلام ترد عليه، أما هذا فتسليم عام، عليك وعلى غيرك ليس المراد أن تسلم عليه، ولم يرد ما يدل على ذلك، فإنما قال صلى الله عليه وسلم لمن يرد السلام إنما يسلم عليه وعلى إخوانه المسلمين، وعلى الملائكة، فالحاصل أن هذا السلام ليس المراد أن ترد عليه، المراد به الخروج به من الصلاة، فإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله. فليس معناه أن الذي عن يمينه وشماله يقول: وعليكم السلام. إلا إذا سلم عليه بعد ذلك سلاما آخر. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (347).

هز الرقبة عند السلام

8. حكم هز الرقبة عند السلام س: أرى من المصلين في المسجد عند الجلوس للتشهد الأخير عند السلام من يهز رقابهم إلى أسفل، ثم يسلم على يمينه، ويهزها إلى أسفل، ثم يسلم على يساره، أفدنا، هل لهذا أصل؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (126).

ج: هذا لا أصل له، السنة الخشوع في الصلاة والطمأنينة وعدم هز الرقاب أو الأيدي، وبعض الناس يهز يديه ويومئ بيديه في جلوس التحيات قبل أن يسلم، وقد أنكر النبي على من فعل هذا عليه الصلاة والسلام، وأمرهم بالسكون في الصلاة قال: «ما لي أراكم تومئون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس (¬1)» يعني عند السلام، فالحاصل أن السنة الركود والخشوع والطمأنينة، وعدم الحركة لا بالرؤوس ولا بالأيدي عند السلام، ولا قبله ولا في أي جزء من أجزاء الصلاة، الواجب الطمأنينة والبعد عن العبث، قال الله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬2) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬3)، فكونه يعبث برقبته أو يعبث بيديه كل هذا لا أصل له، وأقل أحواله الكراهة الشديدة، وقد يحرم إذا كثر وتوالى، ويبطل الصلاة، إذا توالى العبث وكثر حرم وأبطل الصلاة، نسأل الله السلامة، فالواجب الحذر. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الأمر بالسكون في الصلاة، برقم (431). (¬2) سورة المؤمنون الآية 1 (¬3) سورة المؤمنون الآية 2

س: السائل: أبو معاذ من الرياض، يقول: يقوم بعض الناس بين التسليمة الأولى والتسليمة الثانية بهز رأسه إلى أسفل، فما

الحكم في ذلك (¬1)؟ ج: ما له أصل، يكره هذا، ليس له أصل. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (420).

السجود عند الدعاء قبل السلام

9. حكم السجود عند الدعاء قبل السلام س: أرى أختي عندما تريد الدعاء، بعد التشهد في الصلاة وقبل السلام تسجد وتدعو بما شاءت، فهل عملها صحيح، سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: هذا منكر بدعة، لا يجوز سجود الزيادة إلا للسهو، أما أن تسجد للدعاء غير السجدتين فهذا منكر، وإذا تعمدت هذا تبطل الصلاة، أما إذا كانت جاهلة فتعلم، ولا تعود إلى هذا الشيء، أما إن تعمدت ذلك وهي تعلم يكون زيادة في الصلاة فتبطل، كما إذا زاد المصلي ركعة متعمدا أو زاد ركوعا متعمدا، وهو يعلم الحكم بطلت الصلاة، أما إذا كانت جاهلة فتعلم حتى لا تعود لهذا الشيء، أو كانت ساهية عليها سجود السهو. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (377).

عدم الفرق بين صلاة الرجل والمرأة

10. بيان عدم الفرق بين صلاة الرجل والمرأة س: هل هناك أي فرق بين صلاة الرجل والمرأة في الأفعال، مثلا:

رفع اليد إلى الأذن، ووضع اليد على الصدر (¬1)؟ ج: الصواب أنها كالرجل، لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬2)» ولم يستثن النساء، فما شرع للرجال من رفع اليدين، ووضع اليدين على الصدر، ووضعها في الركوع على الركبتين، ووضعها في السجود حيال المنكبين، أو حيال الأذنين كله في حق الرجل والمرأة جميعا، وهكذا كونها تقرأ الفاتحة، وما تيسر معها في الأولى والثانية من الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وهكذا في الفجر، وفي الثالثة من المغرب تقرأ الفاتحة فقط، والثالثة والرابعة من العشاء والظهر والعصر تقرأ الفاتحة، المقصود أنها كالرجل. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (185). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631).

س: هل صلاة المرأة تختلف عن صلاة الرجل، وذلك من حيث المجافاة (¬1)؟ ج: الصواب أنها كالرجل، بعض أهل العلم يفرق بينهما، والصواب أنها كالرجل، تجلس على رجلها اليسرى، تفترشها بين السجدتين، وفي التشهد ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (302).

الأول، وتتورك في الأخير، هذا هو السنة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬1)» ولم يقل للنساء: افعلن كذا، وافعلن كذا. بل أطلق، فالسنة التأسي به صلى الله عليه وسلم في الصلاة للرجال والنساء جميعا، وليس هناك دليل على الفرق، بل السنة أن تفعل كما يفعل الرجل: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬2)»، ترفع يدها عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول تفترش بين السجدتين، تتورك في التشهد الأخير مثل الرجل تماما، هذا هو السنة. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري أخبار الآحاد (7246)، سنن الدارمي الصلاة (1253). (¬2) صحيح البخاري أخبار الآحاد (7246)، سنن الدارمي الصلاة (1253).

الاكتفاء بقراءة الفاتحة في الصلاة للأمي

11. حكم الاكتفاء بقراءة الفاتحة في الصلاة للأمي س: هل تجزئ قراءة الفاتحة في الصلاة بالنسبة للمرأة الأمية التي لا تعرف غيرها (¬1)؟ ج: نعم، تجزئ الفاتحة، هي ركن الصلاة وهي مجزئة للرجل والمرأة جميعا، والأمي وغير الأمي، لكن الذي يستطيع أن يقرأ زيادة هو أفضل في الأولى والثانية من الظهر والعصر والمغرب والعشاء، يشرع أن يقرأ زيادة على الفاتحة إذا تيسر له ذلك، وأما الثالثة والرابعة في العصر والعشاء ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (211).

فيقرأ الفاتحة فقط، تكفي، والثالثة من المغرب كذلك، والأمية يشرع لها التعلم حتى تستفيد، وحتى تحفظ بعض السور الأخرى، أما الفاتحة فلا بد من حفظها وضبطها وتعلمها لمن لم يعلمها من الرجال والنساء جميعا؛ لأنها ركن الصلاة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬1)» فالواجب على جميع المكلفين تعلمها وحفظها. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة برقم (394).

رفع المرأة يديها في الصلاة

12. حكم رفع المرأة يديها في الصلاة س: هل يجب على المرأة أن ترفع يديها في الصلاة عند التكبير (¬1)؟ ج: المرأة مثل الرجل ترفع يديها عند الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول إلى الثالثة، هذا السنة للرجل والمرأة، ترفع اليدين حيال منكبيها أو حيال أذنيها عند التكبيرة الأولى، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع، وعند القيام من التشهد الأول، وتفعل مثل الرجل إذا جلست تفترش بين السجدتين، والتشهد الأول، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (317).

وتتورك في التشهد الأخير، هذا هو الصواب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬1)» ولم يقل: للمرأة كذا، وللرجل كذا. فالأحاديث عامة تأمر الرجال والنساء. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631).

وضع المرأة يديها أثناء الصلاة

13. السنة في وضع المرأة يديها أثناء الصلاة س: أين تضع المرأة يديها أثناء الصلاة (¬1)؟ ج: كالرجل، السنة أن تضعهما على صدرها كما جاء في السنة؛ لأن الأصل أن الرجال والنساء سواء في الصلاة إلا ما خصه الدليل، فهي تعمل كما يعمل الرجل في صلاتها، تكبر وتقرأ الاستفتاح، وتقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم تركع وتطمئن، وترفع وتعتدل وتطمئن، وتضع يديها حال القيام على صدرها قبل الركوع وبعده كالرجل سواء؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬2)» وهذا يعم الرجال والنساء. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (143). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631).

الجهر في الصلوات الجهرية بالنسبة للمرأة

14. حكم الجهر في الصلوات الجهرية بالنسبة للمرأة س: السائلة: أ. م. ع. تقول: هل تقرأ المرأة سرا في جميع أوقات الصلاة، علما بأن السر في محل السر، والجهر في محل الجهر من سنن الصلاة (¬1)؟ ج: المرأة والرجل كلاهما عليهما أن يتحريا السنة، فيجهر في المغرب والعشاء والفجر في الأولى والثانية من المغرب، والأولى والثانية من العشاء، وفي فريضة الفجر، ويسر في الظهر والعصر، وفي الثالثة من المغرب، والثالثة والرابعة من العشاء، الرجل والمرأة جميعا، والمرأة ترفع صوتها إذا كان ما عندها من تخشى فتنته، ما عندها إلا نساء، أو ما عندها أحد، أو ما عندها إلا أطفال، أو ما عندها إلا محارمها تجهر، وإن كانت في غير المحارم فهي ترفع صوتها شيئا خفيفا في محل الجهر؛ لأن هذا سنة للجميع، الرجال والنساء، الجهر والسر. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (408).

س: ما حكم الجهر بالنسبة للصلوات الجهرية بالنسبة للمرأة؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (308).

ج: يستحب لها الجهر بالقراءة في المغرب والعشاء والفجر، كما يستحب للرجال، فتجهر في حال يناسبها، أو إذا كانت مع النساء، ليس يسمعها رجال من الأجانب، وإذا كان يسمعها رجال فالأفضل عدم الجهر؛ لئلا يفتتن بها، إلا إذا كان ما عندها رجال، وإنما عندها نساء، أو ما عندها أحد، أو محارم فلا بأس بذلك تجهر، فالسنة لها الجهر في الأولى والثانية من المغرب والعشاء، وفي صلاة الفجر.

س: تقول السائلة: هل يجوز للمرأة أن تصلي جهرا في صلاة الجهر عندما تتأكد أنه لا يوجد شخص أجنبي عنها قد يسمعها؟ وما هو دليل ذلك (¬1)؟ ج: الله شرع لعباده الجهر في الفجر، وفي الأولى والثانية من العشاء والمغرب، وهذا عام للرجال والنساء؛ لأن الشرائع عامة إلا ما خصه الدليل بالرجل أو المرأة، والله شرع أن تجهر في الفجر، وفي الأولى والثانية من المغرب، وفي الأولى والثانية من العشاء، فالمرأة كذلك تجهر جهرا يفيدها وينفع من حولها، وإذا كان حولها رجال أجانب فالأفضل عدم الجهر لها؛ لأن الرجل قد يستمع لصوتها فالأفضل لها ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (121).

عدم الجهر، وهكذا في التلبية بالحج والعمرة، إذا كان حولها رجال الأفضل لها عدم الجهر، وإلا فلا حرج، لكن الأفضل عدم الجهر.

س: هل يجوز للمرأة أن تجهر بالصلاة الجهرية في الفرض (¬1)؟ ج: نعم تجهر، تقرأ جهرا في المغرب والعشاء والفجر، لكن إذا كان عندها أجنبي فإن الأولى أن تسر؛ لئلا يفتتن بقراءتها، ولا سيما إذا كان صوتها حسنا قد يفتن من يسمعه، الحاصل أن الأفضل لها السر إذا كان عندها أجانب خوف الفتنة، أما إذا كانت بين النساء، أو في بيتها فلا تسر. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (348).

س: هل يجوز للمرأة أن ترفع صوتها قليلا أثناء القراءة في الصلاة وهي تصلي، وسواء كانت تلك الصلوات الجهرية أم السرية (¬1)؟ ج: يستحب لها رفع الصوت في الجهرية مثل الفجر، مثل الأولى والثانية من العشاء أو المغرب، يستحب لها الجهر مثل ما يستحب للرجال، إلا إذا كان عندها رجال أجانب تسر عنهم أفضل، وإن قرأت السورة فلا حرج الحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (227).

س: يسأل عن صلاة المرأة الصلاة الجهرية، هل تجهر المرأة أو لا (¬1)؟ ج: نعم، السنة لها الجهر، كالرجل في المغرب والعشاء والفجر، السنة لها الجهر في الأولى والثانية من المغرب، والأولى والثانية من العشاء، وفي صلاة الفجر كالرجل جهرا لا يشغل من حوله، إذا كان حولها مصلون أو حولها قراء، أو نوام تجهر جهرا لا يشق عليهم، وهكذا الرجل إذا كان يصلي في الليل، أو مريض يصلي في البيت الفجر أو العشاء يجهر جهرا لا يؤذي من حوله. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (258).

كيفية جلوس المرأة في الصلاة

15. بيان كيفية جلوس المرأة في الصلاة س: بالنسبة للمرأة كيف تكون جلسة التشهد الأول والأخيرة في الصلاة الرباعية (¬1)؟ ج: الصواب أنها كالرجل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬2)» ولم يقل: هذا للرجال خاصة. قال عليه الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (326). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631).

والسلام: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬1)» فالمرأة والرجل في هذا سواء، بين السجدتين تجلس على رجلها اليسرى، تفرشها وتجلس عليها في التشهد الأول، كذلك في الأخير تتورك، تقعد على مقعدتها، وتخرج رجلها اليسرى عن يمينها تحت رجلها اليمنى كالرجل سواء، هذا هو الصواب. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631).

الأذكار والأدعية داخل الصلاة وبعد التسليم

الأذكار والأدعية داخل الصلاة وبعد التسليم 16. بيان الأذكار التي تقال داخل الصلاة وبعد التسليم س: ما هي الأذكار الصحيحة داخل الصلاة وبعد التسليم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: داخل الصلاة يشرع له الاستفتاح في أولها، يكبر يقول: الله أكبر. التكبيرة الأولى، وهي التي تسمى تكبيرة الإحرام، ويستفتح كما كان النبي يفعله عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (¬2)» هذا يسمى استفتاحا ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (286). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب من رأى الاستفتاح بسبحانك اللهم وبحمدك برقم (776)، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما يقول عند افتتاح الصلاة، برقم (243)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب افتتاح الصلاة، حديث رقم (806).

وهو أخصرها، ومن ذلك ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم أيضا: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد (¬1)» وهناك استفتاحات أخرى صحيحة موجودة في كتب الحديث كالمنتقى، وبلوغ المرام، والبخاري ومسلم إلى غير ذلك، لكن هذان الاستفتاحان من أخصر الاستفتاحات ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم. ثم يقرأ الفاتحة، ثم يقرأ ما تيسر معها إن كان إماما أو منفردا ولو في الأوقات السرية مثل الظهر والعصر، وإن كان مأموما في الجهرية قرأ الفاتحة فقط، وسكت ينصت لإمامه، يستمع للإمام، وإذا كبر للركوع يقول: سبحان ربي العظيم. يكررها ثلاثا أو أكثر، والواجب مرة واحدة، والتكرار مستحب، ويقول مع ذلك: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. هذا مستحب أيضا، يقول سبوح قدوس رب الملائكة والروح. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (744)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة، برقم (598)، واللفظ له.

هذا مستحب أيضا في الركوع والسجود، وإذا رفع إن كان إماما أو منفردا يقول: سمع الله لمن حمده. وإن كان مأموما يقول: ربنا ولك الحمد – أو اللهم ربنا ولك الحمد - حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد. وإن زاد: أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، كان أفضل؛ لأنه ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا اختصر على ما تقدم: وملء ما شئت من شيء بعد، كفى، والواجب: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا ولك الحمد. وأما بقية سنة، ومستحب وهكذا في السجود، يكبر بعدما يكبر للسجود يقول: سبحان ربي الأعلى. ويقول مع هذا: سبحانك اللهم ربنا لك الحمد، اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملائكة والروح. ويدعو في السجود بما تيسر، يقول: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (¬1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482).

الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم (¬1)» يعني حري أن يستجاب لكم، يدعو بما يسر الله له من خيري الدنيا والآخرة في السجود، في الفرض والنفل للحديثين المذكورين. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479).

الأذكار التي تقال عقب السلام

17. بيان الأذكار التي تقال عقب السلام س: ما هي الأذكار التي تقال بعد الصلوات؟ نرجو أن تكون مرتبة مفصلة، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: قد كتبنا في هذا رسالة توزع في دار الإفتاء في بيان الأذكار التي تقال عقب السلام من الصلاة، ومعها رسالة أخرى في بيان صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من أولها إلى آخرها، ورسالة ثالثة في وجوب صلاة الجماعة، ففي الإمكان مراجعة دار الإفتاء لأخذ هذه الرسائل، ونوجز الآن ما يشرع في ذلك لإفادة المستمعين، يشرع للمؤمن والمؤمنة بعد السلام من الصلاة – صلاة الفريضة صلاة الفجر أو الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء – أن يقول بعد السلام مباشرة: ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (246).

أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام؛ لما رواه مسلم في صحيحه عن ثوبان رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم يستغفر ثلاثا – يعني يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله – ثم يقول: (اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام (¬1)» هذه السنة للإمام والمأموم، والمنفرد والرجل والمرأة، وإذا كان إماما ينصرف للناس بعد هذا بعد أن يقول: اللهم أنت السلام ........ إلى آخره. فينصرف إلى الناس، ويعطيهم وجهه إذا كان إماما، ثم يقول كل واحد بعد هذا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. رواه مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل هذا بعد كل صلاة إذا أقبل على الناس. زاد المغيرة رضي الله عنه في روايته كما في الصحيحين عنه رضي الله عنه، أنه يقول مع هذا: «اللهم لا مانع ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591).

لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (¬1)» كل هذا مستحب بعد الصلوات الخمس، ويستحب أن يزيد بعد صلاة المغرب والفجر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات، وهو زيادة على ما تقدم، بعد المغرب والفجر، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقولها عشر مرات: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير (¬2)» وإن قال زيادة: بيده الخير. أو قال: وهو حي لا يموت. طيب، كله جاء في بعض الأحاديث، وهذا الذكر جاء على عدة أنواع منه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ومنها: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. جاء يحيي ويميت، ومنها: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593). (¬2) أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب منه، برقم (3534).

الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير. كل هذا بحمد الله مشروع طيب إذا جاء بهذا أو بهذا، كله طيب والحمد لله، ثم يشرع له أيضا أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، الرجل والمرأة، الإمام والمأموم والمنفرد، يسبح الله ويحمده، ويكبره ثلاثا وثلاثين، يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. يقول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا: «من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، ثم قال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (¬1)» وهذا فضل عظيم، وهذا عند بعض أهل العلم إذا كان لا يصر على كبيرة، أما إذا كان عنده كبائر من الذنوب كالزنى والسرقة والنميمة والغيبة فإن هذا الذكر ونحوه لا يكفر لهذه الكبائر؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (597).

رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر) وفي لفظ: (ما لم تغش الكبائر (¬1)» رواه مسلم في صحيحه. أوصي نفسي وكل مسلم وكل مسلمة بالعناية بهذه الأذكار، والمحافظة عليها بعد كل صلاة؛ لأن الرسول ندب إليها وحث عليها، مع الحذر كل الحذر من جميع المعاصي، وأسأل الله للجميع التوفيق والهداية. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب المكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، برقم (233).

س: ما الذي يقوله المصلي بعد الصلاة من أدعية وأذكار وآيات تفصيلا وترتيبا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا قد كتبناه في رسالة فيها إيضاح للأمر سميناها: تحفة الأخيار فيما يتعلق بالأدعية والأذكار. قد أوضحنا فيها المطلوب، وقد تقدم هذا في مرات كثيرة. والسنة للمصلي إذا صلى أن يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله. ثم يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، هذا هو السنة للرجل والمرأة في الفريضة، سواء صلاها في ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (302).

المسجد أو صلاها في البيت إذا كان مريضا، وهكذا المرأة، وإذا سلم يقول: أستغفر الله – ثلاث مرات – اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. وإذا كان إماما ينصرف بعد هذا إلى المأمومين، يعطيهم وجهه بعد قوله: اللهم أنت السلام ومنك السلام. ثم يقول بعد هذا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. الإمام والمأموم، والرجل والمرأة هكذا يقولون، وإن كررها ثلاثا كان أفضل، ثم يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. هذا سنة للجميع الذكر والأنثى، الحر والعبد، وجميع المأمومين وجميع المصلين. يعني يأتي بهذا الذكر بعد الصلاة سواء صلى في الجماعة أو صلى في بيته إذا فاتته الصلاة، أو كان مريضا، أو المرأة إذا صلت تأتي بهذا الذكر، وفي صلاة المغرب والفجر يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات. ثم يأتي الجميع الإمام والمأموم بالتسبيح والتحميد والتكبير ثلاثا وثلاثين مرة، ثم يختمونها بقول: لا إله إلا الله وحده لا

شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ثم يأتي بآية الكرسي، ثم يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1)، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬2)، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬3) يأتي بها مرة في الظهر والعصر والعشاء، وثلاث مرات في المغرب والفجر، أما آية الكرسي فيأتي بها مرة عند كل صلاة، وعند النوم، كل هذا مشروع ومستحب، وفيه فضل كبير، فالمؤمن ينبغي ألا يعجل، بل يأتي بهذه الأدعية والأذكار بعد كل صلاة ولا يعجل، وإذا أتى بهذه الأدعية وهذه القراءة عند النوم كان هذا سنة، «النبي صلى الله عليه وسلم علم فاطمة وعليا رضي الله عنهما أن يقولا: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة عند النوم، والتكبير يكون أربعا وثلاثين (¬4)» لكن بعد الصلاة ثلاثا وثلاثين، وتمام المائة يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1 (¬2) سورة الفلق الآية 1 (¬3) سورة الناس الآية 1 (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب التكبير والتسبيح عند المنام، برقم (1318)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التسبيح أول النهار عند النوم، برقم (2727).

كل شيء قدير؛ لأنه ورد في الحديث الصحيح ختمها بـ: لا إله إلا الله. ولو ختمها بالتكبير فقد جاء ذلك في بعض الصيغ، إلا عند النوم فيختم بالتكبير أربعا وثلاثين تكبيرة، وثلاثا وثلاثين تسبيحة، وثلاثا وثلاثين تحميدة؛ لأنه ورد في الحديث الصحيح ختمها بـ: لا إله إلا الله. ولو ختمها بالتكبير فقد جاء ذلك أيضا، إلا عند النوم فيختم بالتكبير أربعا وثلاثين تكبيرة، هذا من أفضل الأعمال، أما في الصلاة فأنواع، إن شاء أتى بهذا: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة فقط، وإن شاء زاد التكبيرة الرابعة والثلاثين تمام المائة، وإن شاء زاد: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. تمام المائة. كل هذا سنة وكله جائز بعد الصلوات، وعلم صلى الله عليه وسلم فقراء المهاجرين إذا سلموا أن يقولوا: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة فقط، ولم يزدهم على هذا، وجاء في حديث أبي هريرة زيادة أن يقولوا تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. رواه مسلم في الصحيح. وجاء عند النوم أن يسبح ثلاثا وثلاثين، ويحمد ثلاثا وثلاثين، ويكبر أربعا وثلاثين. وجاء نوع آخر بعد الصلوات الخمس أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله.

الأذكار والأدعية التي تقال بعد صلاتي المغرب والفجر

18. بيان الأذكار والأدعية التي تقال بعد صلاتي المغرب والفجر س: ما هي الأذكار والدعوات التي يقولها المسلم بعد صلاتي المغرب والفجر (¬1)؟ ج: السنة بعد الصلوات الخمس جميعا أن يستغفر الله ثلاثا إذا سلم، ويقول اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. الجميع الإمام والمأموم والمنفرد كل واحد إذا سلم يقول: «أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (¬2)» الرجل والمرأة، والإمام والمأموم والمنفرد، والإمام إذا فرغ من هذا ينصرف إلى الناس، وأعطاهم وجهه وكمل الذكر، ثم يقول بعد هذا كل من الإمام والمأموم والمنفرد: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (¬3)» ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (219). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفتهن برقم (594).

«اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (¬1)» في جميع الصلوات الخمس، الرجل والمرأة والإمام والمأموم والمنفرد، وفي المغرب والفجر يستحب الزيادة على ذلك أن يقول: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات زيادة. الرجل والمرأة، والإمام والمأموم والمنفرد في المغرب وفي الفجر، جاء هذا في عدة أحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، ويستحب أن يقول: اللهم أجرني من النار. سبع مرات بعد الذكر في الفجر والمغرب، روي فيها عند أبي داود حديث لا بأس به، فيستحب أن يقول: اللهم أجرني من النار. سبع مرات، ثم بعد ذلك في جميع الصلوات يقول كل واحد في جميع الصلوات: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، الرجل والمرأة، والإمام والمأموم والمنفرد، بعد الفرائض الخمس، الجميع تسعة وتسعون، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. هذا سنة أيضا، ويستحب أن يقرأ بعد هذا: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (¬2) آية ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593). (¬2) سورة البقرة الآية 255

الكرسي إلى قوله: {وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (¬1) هذا آخرها، ويستحب أيضا أن يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) والمعوذتين بعد كل صلاة إلا المغرب والفجر، فيكررها ثلاثا، هذا هو الأفضل، كل هذا سنة، كل هذا جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 255 (¬2) سورة الإخلاص الآية 1

س: ما هي الأدعية التي تكون بعد صلاة الفجر والمغرب؟ أوجزوها لنا، جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: يستحب للمؤمن والمؤمنة الاشتغال بالذكر والدعاء في أوائل الليل وأوائل النهار، ويدخل في ذلك العشي آخر النهار كالعصر، فيستحب للمؤمن أن يكثر من ذكر الله في هذه الأوقات؛ لأن الله جل وعلا أمر بتسبيحه وذكره بكرة وعشيا، والعشي آخر النهار، والبكرة أول النهار، فيشتغل بما يسر الله له من الذكر مثل: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (160).

بالله (¬1)» «سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم (¬2)» وهكذا الأدعية المناسبة التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، إذا تيسرت له وحفظها ودعا بها، وهي طيبة، يدعو بها في أول الليل وأول النهار، كل ذلك مما ينبغي فعله، وإذا تيسر له مراجعة الكتب المؤلفة في هذا مثل الأذكار للنووي، ومثل رياض الصالحين، ومثل الترغيب والترهيب، ومثل الوابل الصيب لابن القيم، وأشباهه من الكتب التي تنفعه ويستفيد منها هذا حسن، ومن ذلك أن يقول في أول الليل: أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم إني أسألك خير هذه الليلة، وخير ما فيها، وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما بعدها، اللهم إني أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر، ومن عذاب في النار، ومن عذاب في القبر، اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا، وبك نحيا وبك نموت، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل من تعار من الليل فصلى، برقم (1154). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب إذا قال: والله لا أتكلم اليوم فصلى أو قرأ. . .، برقم (6682)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التهليل والتسبيح والدعاء، برقم (2694).

وإليك المصير. وما أشبه ذلك مما ورد، وهكذا يقول في الصباح مثل ذلك، يقول: أصبحنا وأصبح الملك لله، والحمد لله، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم إني أسألك خير هذا اليوم وخير ما فيه وخير ما بعده، وأعوذ بك من شر هذا اليوم وشر ما فيه وشر ما بعده، رب إني أعوذ بك من الكسل، وأعوذ بك من سوء الكبر، وأعوذ بك من عذاب في النار، وعذاب في القبر، اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور، اللهم إني أصبحت على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص، ودين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وملة أبينا إبراهيم – عليه الصلاة والسلام – حنيفا مسلما وما كان من المشركين. كل هذه جاءت بها السنة، ومن ذلك: «اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي، وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، واحفظني من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي (¬1)» ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما برقم (4770)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب ما يدعو به الرجل إذا أصبح وإذا أمسى، برقم (3871).

فقد كان يدعو بهذا الدعاء عليه الصلاة والسلام صباحا ومساء. وهكذا إذا راجع الكتب التي ذكرناها آنفا وغيرها، يستفيد منها؛ لأن جمعها الآن وذكرها الآن قد يأخذ وقتا طويلا، نسأل الله للجميع التوفيق.

الأدعية التي يدعو بها المصلي في صلاة الفجر

19 - بيان الأدعية التي يدعو بها المصلي في صلاة الفجر س: ما هي الأدعية التي يستحب أن يدعو بها المصلي عند صلاة الفجر؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: يدعو بما يسر الله له، المصلي وغير المصلي، يدعو بما يسر الله له بالدعوات الطيبة في الفجر، في آخر الصلاة، في آخر التحيات في أي صلاة في كل الصلوات، وفي السجود كذلك وفي آخر الليل، وبين الأذان والإقامة يدعو بما يسر الله، وإذا حفظ دعوات من الرسول صلى الله عليه وسلم كانت أفضل من غيرها، يراجع كتب الدعوات مثل: الترغيب والترهيب للحافظ المنذري، مثل: بلوغ المرام. في آخره دعوات ذكرها عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثل: رياض الصالحين. يراجع الدعوات التي فيه، وهكذا فهذه الكتب التي فيها الدعوات دعوات النبي صلى الله عليه وسلم ويستعملها ويحفظها، الوابل الصيب ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (256).

لابن القيم، الكلم الطيب لشيخ الإسلام ابن تيمية، يراجع الكتب المفيدة، واحفظ الدعوات التي فيها مثل: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني (¬1)»، هذا من أجمع الدعوات التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم، ومثلا يقول في سجوده: «اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (¬2)» هذا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به الإنسان، كذلك من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين، وغلبة العدو وشماتة الأعداء (¬3)» «اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء (¬4)» «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر (¬5)». هذا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وقد دعا دعوات ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عائشة رضي الله عنها برقم (24856)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، برقم (3513). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (483). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6581)، والنسائي في كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من غلبة الدين، برقم (5475). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب القدر، باب من تعوذ بالله من درك الشقاء وسوء القضاء، برقم (6616). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل، برقم (2720).

كثيرة عليه الصلاة والسلام، لكن هذا من أجمعها: «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، والموت راحة لي من كل شر (¬1)» هذا أخرجه مسلم في صحيحة عن أبي هريرة من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، ومن دعائه: «اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين، وغلبة العدو، وشماتة الأعداء (¬2)» «اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء (¬3)» «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال (¬4)» كل هذه دعوات عظيمة: «اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار (¬5)» هذا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، ودعواته كثيرة اللهم ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل، برقم (2720). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6581)، والنسائي في كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من غلبة الدين، برقم (5475). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6581)، والنسائي في كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من غلبة الدين، برقم (5475). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب التعوذ من غلبة الرجال، برقم (6363). (¬5) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات؛ باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، برقم (6389)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الدعاء باللهم آتنا في الدنيا حسنة، برقم (2190).

صل عليه وسلم، ومن دعاء النبي: «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت، وما أعلنت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير (¬1)» ومن راجع كتب الحديث وجد أشياء كثيرة من هذا. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، برقم (6398)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل، برقم (2719)، واللفظ له.

بعض الأذكار التي تشرع عقب صلاة الصبح والمغرب

20 - بيان بعض الأذكار التي تشرع عقب صلاة الصبح والمغرب س: يقول السائل: بعد صلاة الصبح والمغرب أقول عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير. هل هذا من البدع أم هو النهج الصحيح؟ (¬1) ج: سنة، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث أنه دعا ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (288).

إلى هذا الشيء وأثنى على من فعله عشر مرات بعد صلاة الفجر، وعشر مرات بعد صلاة المغرب مع الذكر المشروع عند الصلوات الأخرى، يقول بعدما يسلم: أستغفر الله – ثلاثا – اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم يقول: لا إله الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. ثم يأتي بعدها بعشر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات. وإن زاد: «بيده الخير (¬1)» أو قال: «وهو حي لا يموت (¬2)» كله طيب. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الرحمن بن غنم الأشعري رضي الله عنه، برقم (17529)، وابن ماجه في كتاب الأدب، باب فضل لا إله إلا الله، برقم (3799). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا دخل السوق، برقم (3428)، وابن ماجه في كتاب التجارات، باب الأسواق ودخولها، برقم (2235).

فضل ترتيب الأذكار الواردة بعد الصلاة

21 - بيان فضل ترتيب الأذكار الواردة بعد الصلاة س: هل يجب ترتيب الأذكار الواردة بعد الصلاة؟ (¬1) ج: حسب ما ورد، الأفضل أن يأتي بها حسب ما وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه كان يبدأ أولا إذا سلم من الفريضة بالاستغفار ثلاثا يقول: «أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام (¬2)» كما ثبت ذلك من حديث ثوبان عند مسلم، وثبت بعضه عن عائشة عند مسلم أيضا أنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقعد بعد السلام مقدار ما يقول: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (¬3)» يعني ثم ينصرف إلى الناس ليعطيهم وجهه، ثم يقول بعد هذا: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير (¬4)» جاء في حديث ابن الزبير ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (354). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (¬4) أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب منه، برقم (3534).

والمغيرة ما يدل على أنه يقولها واحدة، وجاء في رواية أخرى ما يدل على التثليث – يعنى يقولها ثلاثا يكررها – ويقول: «لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (¬1)» «الهم لا مانع لم أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (¬2)» بعد كل صلاة من الصلوات الخمس، الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، هذا الذكر، ويزيد في المغرب والفجر عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. جاءت في هذا أحاديث أخرى صحيحة في المغرب والفجر مع الذكر المذكور يأتي بالعشر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. ثم يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، الجميع تسع وتسعون، ويختم المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (594). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593).

على كل شيء قدير. كل هذا ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام، ثم يقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (¬1) هذه آية واحدة، ويقال لها آية الكرسي، وهي أفضل آية في القرآن، وأعظم آية في القرآن الكريم، كما أن أعظم سورة وأفضل سورة في القرآن سورة الفاتحة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬2) ثم بعد آية الكرسي يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3) و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬4) و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬5) مرة واحدة بعد الظهر والعصر والعشاء، وثلاث مرات بعد الفجر والمغرب، هذه السور الثلاث يقرؤها مرة واحدة بعد الظهر والعصر والعشاء، ويكررها ثلاثا بعد المغرب وبعد الفجر بعد الأذكار المتقدمة وبعد آية الكرسي. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 255 (¬2) سورة الفاتحة الآية 2 (¬3) سورة الإخلاص الآية 1 (¬4) سورة الفلق الآية 1 (¬5) سورة الناس الآية 1

نسي شيئا من الأذكار بعد الصلاة

22 - حكم من نسي شيئا من الأذكار بعد الصلاة س: إن الإنسان بعد فراغه من الفريضة يقول أذكارا فما هي هذه الأذكار؟ وما حكم من نسي شيئا منها؟ وما حكم من زاد عليها متعمدا؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة أنه كان يقول إذا سلم من الفريضة – الظهر، العصر، المغرب، العشاء، الفجر – يقول: «أستغفر الله – ثلاثا، أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله – اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام (¬2)» ثبت هذا عنه في حديث ثوبان، وثبت بعض ذلك من حديث عائشة رضي الله عنها، فالسنة لجميع المصلين إماما أو مأموما أو منفردا إذا سلم من الفريضة أن يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم ينصرف إلى الناس، إن كان إماما ويلتفت إليهم، ويعطيهم وجهه، وثبت عنه أنه كان يقول بعد هذا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (317). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591).

وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، كل هذا سنة ليس واجبا، ولو قام ونسيها فلا شيء عليه وهو صحيح لكن هذا هو السنة، ثم يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة بعد كل من الصلوات الخمس، سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، الجميع تسع وتسعون، ويكمل المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. هذا هو المشروع للرجال والنساء في السفر والحضر، بعد الصلوات الخمس، والسنة رفع الصوت بذلك، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرفع الصوت بذلك، يسمعه من حوله ويسمعه من حول المسجد، يسمع الناس من كان خارج المسجد، يسمعون أذكاره. يقول ابن عباس رضي الله عنهما: «كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وقال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا

بذلك إذا سمعته (¬1)» هذا هو السنة رفع الصوت بذلك، رفعا متوسطا يعلم الناس الذين حول المسجد أنهم سلموا من الصلاة، يتعلم بعضهم من بعض، ويتذكر بعضهم من بعض، إذا رفع الصوت يتعلم الجاهل، ويتذكر الناسي، ويستحب في المغرب والفجر أن يزيد عشر تهليلات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات عند السلام من الفجر والمغرب، بعد قوله: أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. يأتي بهذه العشر مع قوله: لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، ومع قوله: لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. يأتي بهذا كله، وقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات بعد المغرب وبعد الفجر، في السفر والحضر، الرجل والمرأة ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (841)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (583).

كذلك، ويستحب أيضا أن يقرأ آية الكرسي بعد كل صلاة: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (¬1) إلى آخرها، ويستحب أن يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) والمعوذتين بعد كل صلاة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬3)، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬4)؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حث عليهم جميعا، لكن في المغرب والفجر يكرر هذه السور الثلاث ثلاث مرات، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬5) ثلاث مرات، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬6) ثلاث مرات {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬7) ثلاث مرات، هذا هو الأفضل، كل هذه الأذكار مستحبة، من تركها فلا شيء عليه، ولو أتى بأذكار كثيرة بعد ذلك لا يضر، فلو ذكر الله كثيرا: الحمد لله – مئات المرات وآلاف المرات – الحمد لله، لكن السنة أن يلزم هذه الأذكار، فإذا زاد عليها بعد ما يأتي بها زاد عليها في مكانه أو في الطريق أو في بيته، أو في أي مكان كله خير، الذكر كله خير طيب، لكن هذه يخصها، وإذا أحب أن يزيد بعد ذلك أذكارا أخرى: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. أو يقول: سبحان الله ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 255 (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة الفلق الآية 1 (¬4) سورة الناس الآية 1 (¬5) سورة الإخلاص الآية 1 (¬6) سورة الفلق الآية 1 (¬7) سورة الناس الآية 1

وبحمده سبحان الله العظيم. أو يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. كل هذا طيب وليس له حد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر (¬1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «الباقيات الصالحات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (¬2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، وسبحان الله العظيم (¬3)» ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الآداب، باب كراهة التسمية بالأسماء القبيحة، برقم (2137). (¬2) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه، برقم (515)، ومالك في كتاب النداء للصلاة، باب ما جاء في ذكر الله تبارك وتعالى، برقم (489). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب إذا قال: والله لا أتكلم اليوم فصلى أو سبح. . .، برقم (1682)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، برقم (2694).

الزيادة على الأذكار الواردة عقب الصلوات

23 - حكم الزيادة على الأذكار الواردة عقب الصلوات س: بعضهم يذكر جملة من لأذكار يا سماحة الشيخ فيقول: إذا قلت مثلا: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله العظيم وبحمده بكرة وأصيلا، ولله الحمد. فإذا زدت مثل هذا الذكر هل يؤثر أو لا؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك لكن يأتي بالأذكار الشرعية على حدة، ويأتي بما زاد على حدة على وجه آخر. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (317).

كيفية التسبيح بعد كل صلاة

24 - بيان كيفية التسبيح بعد كل صلاة س: يسأل عن كيفية التسبيح بعد كل صلاة، جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: السنة بعد صلاة الفريضة أن يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله – ثلاث مرات بعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر – اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. أول ما يسلم الإمام والمنفرد والمأموم، كل واحد إذا سلم يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط (317).

الجلال والإكرام. قبل كل شيء، هذا أول شيء، ثم الإمام ينصرف إلى الناس بعد هذا، ينصرف الإمام إلى الناس ويعطيهم وجهه، ثم يقول بعد ذلك الإمام والمنفرد والمأموم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. مرة واحدة أو ثلاث مرات، كله جاءت به السنة، ثم يقول بعدها: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. يعني: لا غنى إلا منك، ولا عطاء إلا عطاؤك. هذه السنة للجميع للإمام والمنفرد والمأموم بعد قول: أستغفر الله – ثلاثا – اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. يأتي بهذا الذكر، نعيده: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وإن شاء زاد: يحيي ويميت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير. أو: يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير. كله جاءت فيه الأحاديث: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وإن شاء قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. وإن شاء قال:

لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير. وإن شاء قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير. كل هذا جاءت فيه النصوص، ويقول بعدها: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم يقول: لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له الحمد وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين – يعنى له العبادة، يعنى الدين، معنى العبادة مخلصين له الدين – ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. كل هذا يفعله النبي صلى الله عليه وسلم بعد كل صلاة عليه الصلاة والسلام، فالسنة للإمام والمنفرد والمأموم أن يقول هذا تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، بعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ويستحب أن يزيد في المغرب والفجر زيادة عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، عشر مرات مع ما ذكر في الفجر والمغرب خاصة؛ لأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات

يقولها بعد المغرب زيادة وبعد الفجر، ويستحب بعد هذا كله أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة. هذه تسعة وتسعون ثم يقول: بعد ذلك تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من فعل هذا غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (¬1)» هذا فضل عظيم، ويستحب للمؤمن والمؤمنة جميعا أن يأتي بهذا الذكر الذي تقدم كله، الرجل والمرأة جميعا، ويستحب للجميع أيضا أن يقول كل واحد: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، ويقول مع ذلك في آخر ذلك: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. جاء في الحديث الصحيح أن العبد إذا قال ذلك غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر. وعد عظيم، وفضل كبير، والمعنى إذا لم يصر على السيئات، هذه المغفرة جاءت في الأحاديث الأخرى، تدل على أنها مقيدة بعدم الإصرار على الكبائر على المعاصي لقول الله سبحانه في كتابه العظيم: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} (¬2) ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (597). (¬2) سورة النساء الآية 31

فالمسلم إذا تجنب الكبائر كالزنى والسرقة والعقوق للوالدين أو أحدهما، وشرب الخمر، والغيبة والنميمة وأشباهها من الكبائر إذا تجنبها غفر الله له خطاياه في صلاته ووضوئه وتسبيحاته، وغير ذلك من وجوه الخير، وهذا معنى قوله سبحانه: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} (¬1) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر (¬2)» ويستحب أيضا للمؤمن والمؤمنة بعد كل صلاة مع ما تقدم أن يقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (¬3)، هذه آية الكرسي ينبغي حفظها، الرجل والمرأة، كل واحد ينبغي حفظها، {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ} (¬4) - يعني نعاس -، ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 31 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب المكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، برقم (233). (¬3) سورة البقرة الآية 255 (¬4) سورة البقرة الآية 255

{وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (¬1) يقرؤها المؤمن والمؤمنة بعد كل صلاة، مؤمن بما دلت عليه، مؤمن بما فيها، ويستحب أيضا أن يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2)، والمعوذتين بعد كل صلاة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (¬4) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (¬5) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (¬6)، بسم الله الرحمن الرحيم {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬7) {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} (¬8) {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} (¬9) {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} (¬10) {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} (¬11)، بسم الله الرحمن الرحيم {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬12) {مَلِكِ النَّاسِ} (¬13) {إِلَهِ النَّاسِ} (¬14) {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} (¬15) {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} (¬16) {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} (¬17) بعد كل صلاة كل هذا مستحب، لكن يكررها بعد المغرب والفجر ثلاث مرات، بعد المغرب خاصة والفجر ثلاث مرات يكرر: ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 255 (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة الإخلاص الآية 1 (¬4) سورة الإخلاص الآية 2 (¬5) سورة الإخلاص الآية 3 (¬6) سورة الإخلاص الآية 4 (¬7) سورة الفلق الآية 1 (¬8) سورة الفلق الآية 2 (¬9) سورة الفلق الآية 3 (¬10) سورة الفلق الآية 4 (¬11) سورة الفلق الآية 5 (¬12) سورة الناس الآية 1 (¬13) سورة الناس الآية 2 (¬14) سورة الناس الآية 3 (¬15) سورة الناس الآية 4 (¬16) سورة الناس الآية 5 (¬17) سورة هود الآية 119

{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1)، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬2)، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬3)، مع التسمية في كل واحدة، ويستحب أن يقرأ عند النوم أيضا آية الكرسي وهذه الثلاث السور عند النوم، يقرأ آية الكرسي مرة واحدة، ويقرأ هذه الثلاث السور عند النوم ثلاث مرات عند النوم، هي من أسباب السعادة والعافية من كل شيء، وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1 (¬2) سورة الفلق الآية 1 (¬3) سورة الناس الآية 1

جمع التسبيح والتحميد والتكبير في وقت واحد

25 - حكم جمع التسبيح والتحميد والتكبير في وقت واحد س: السائل: أ. ع، يقول: هل يجوز النطق في التسبيح بـ: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. في وقت واحد دون إفراد كل واحدة منها؟ (¬1) ج: هو مخير، إن شاء قال: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. جميعا يكررها ثلاثا وثلاثين مرة بعد كل صلاة، وإن شاء كل واحدة وحدها: سبحان الله ثلاثا وثلاثين، والحمد لله ثلاثا وثلاثين، والله أكبر ثلاثا وثلاثين، كله جائز، ولكن جمعها أسهل وأيسر، جمعها: سبحان الله، ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (431).

والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، جمعها أيسر، ثم يختم المائة بـ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. بعد كل صلاة: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر. بعد الذكر.

السنة في ترتيب الأذكار عقب السلام

26 - بيان السنة في ترتيب الأذكار عقب السلام س: السائلة التي رمزت لاسمها بأم محمد تقول: هل الأذكار بعد كل صلاة كالتسبيح ثلاثا وثلاثين مرة، والتحميد ثلاثا وثلاثين مرة، والتكبير ثلاثا وثلاثين مرة، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير تكون مرتبطة بقراءة آية الكرسي والإخلاص والمعوذتين؟ أفيدوني بذلك. (¬1) ج: سنة بعد السلام، إذا سلم واستغفر ثلاثا وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. أن يأتي بعدها: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير – مرتان أو ثلاث مرات – لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (357).

مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لم أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، ثبت في الحديث عن المغيرة بن شعبة، ومن حديث ابن الزبير ومن حديث ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي بهذا عليه الصلاة والسلام، كان إذا سلم استغفر ثلاثا وقال: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام (¬1)» ثبت من حديث ثوبان ومن حديث ابن الزبير كان النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذا يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (¬2)» وثبت من حديث المغيرة أنه عليه السلام إذا سلم يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (¬3)» هذا كله يؤتى به قبل التسبيح والتحميد والتكبير ثلاثا وثلاثين مرة، ثم تمام ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفتهن برقم (594). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593).

المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ثم يأتي بآية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (¬1) ثم يأتي: بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) والمعوذتين بعد ذلك بعد كل صلاة، ويستحب أن يزيد في المغرب والفجر التهليلات العشر مع ما ذكر يزيده عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات بعد المغرب، وبعد الفجر قبل أن يأتي بالتسبيح والتحميد إلى آخره. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 255 (¬2) سورة الإخلاص الآية 1

أنواع التسبيح المشروع بعد كل الصلاة

27 - بيان أنواع التسبيح المشروع بعد كل الصلاة س: ما هو التسبيح المستحب لكل صلاة؟ وهل الحركة تبطل الصلاة؟ (¬1) ج: التسبيح المشروع بعد كل صلاة أنواع، لكن أكملها: سبحان الله، والحمد لله، والله وأكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، هذا أكمل الأنواع، ثم يختم فيها بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. بعد كل صلاة، هذه تسعة وتسعون، ثم يقول تمام ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (224).

المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر (¬1)» أخرجه مسلم في صحيحه. هذا يدل على فضل هذا الدعاء العظيم بعد كل صلاة، وفيه هذا الخير العظيم، وفي رواية عند مسلم (¬2) رحمه الله: بدل لا إله إلا الله التكبير أربعا وثلاثين، والتسبيح ثلاثا وثلاثين، والتحميد ثلاثا وثلاثين، الجميع مائة. هذا نوع آخر، وفيه نوع ثالث: يسبح ثلاثا وثلاثين، ويحمد ثلاثا وثلاثين، ويكبر ثلاثا وثلاثين، ولا يأتي بشيء زيادة على هذا، علم ذلك النبي صلى الله عليه وسلم الفقراء. وهناك نوع رابع، وهو أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر خمسا وعشرين مرة، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (597). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (596).

يزيد فيها: لا إله إلا الله. الجميع مائة، كله طيب، وإن كان يفعل هذا تارة وهذا تارة لكن أفضلها أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين، ثم يختم المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.

صلاة من لم يأت بالأذكار بعد الصلاة

28 - حكم صلاة من لم يأت بالأذكار بعد الصلاة س: التسبيحات والدعوات هل هي فرض أم سنة، وهل هناك تسبيحات ودعوات خاصة بعد الصلوات، وإذا لم يسبح أو يدعو الإنسان بعد الصلاة هل صلاته تكون كاملة أم لا؟ (¬1) ج: الصلاة صحيحة، والذكر بعدها مستحب وليس بواجب، ولو صلى ولم يأت بالذكر صلاته صحيحة، لكنها ناقصة من جهة أنه لم يكملها بالذكر الشرعي، وإلا فالصلاة صحيحة، لكن الصلاة التي تكمل بالذكر أفضل منها وأكمل، والسنة بعد الصلاة إذا سلم أن يستغفر ثلاثا، يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام (¬2)» كما كان النبي يفعل عليه الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (216). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591).

والسلام، وإذا كان إماما بعد هذا الذكر ينصرف للناس يعطيهم وجهه، أما المأموم والمنفرد فيقول ذلك وهو مستقبل القبلة في مكانه، وإن قال ذلك وهو واقف أو ماش فلا حرج، لكن الأفضل أن يصبر حتى يأتي بالأذكار الشرعية، ويقول بعد هذا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. كان النبي يفعل هذا بعد كل الصلوات عليه الصلاة والسلام، فالسنة للمؤمن والمؤمنة أن يأتي بهذه الأذكار بعد كل صلاة، كذلك يستحب أن يسبح الله الرجل والمرأة، ويحمد الله، ويكبر الله ثلاثا وثلاثين مرة، الجميع تسعة وتسعون، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. بعد كل صلاة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. غفرت خطاياه، وإن كانت مثل زبد

البحر (¬1)» وهذا فضل عظيم، وفيه خير كثير، والمعنى إذا لم يصر على السيئات، إذا لم يكن له سيئات قد أصر عليها فإن الله يغفر له بهذا الذكر، سيئاته الصغائر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر (¬2)» وفي الرواية الأخرى: «ما لم تغش الكبائر (¬3)» فوصيتي لكل مؤمن ومؤمنة أن يأتي بهذه الأذكار بعد كل صلاة، ولا يعجل، يأتي بها وهو جالس، وإن أتى بها وهو قائم أو ماش فلا حرج، ويستحب أن يزيد في المغرب والفجر عشر تهليلات، بعد الفجر والمغرب، كان النبي يفعلها عليه الصلاة والسلام: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات، هذا أفضل زيادة على ما تقدم، والذكر منوع، وإذا أتى بواحدة منها فقد أصاب السنة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (597). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب المكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، برقم (233). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب المكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، برقم (233).

رفع الصوت بالأذكار بعد الانصراف من المكتوبة

29 - حكم رفع الصوت بالأذكار بعد الانصراف من المكتوبة س: السائلة: م. م. يقول: سماحة الشيخ، ما هو الأفضل في السنة عندما أسبح وأهلل وأكبر، هل أخفض صوتي أم هو في النفس أم هو على الشفتين؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: السنة رفع الصوت بالأذكار، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: «كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم (¬2)» فالسنة رفع الصوت، إذا سلم قال: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم يرفع صوته بـ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، مرة، والأفضل ثلاثا بعد الظهر والعصر والعشاء، وبعد المغرب والفجر يزيد ذلك عشر مرات: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات، يرفع الصوت ليسمع من حوله، يسمعه من في باب المسجد، يسمعون هل انقضت الصلاة أم لا، ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (411). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591).

كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: «كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته (¬1)»؛ لأنه كان صبيا قد يحضر الجماعة وقد لا يحضر الجماعة، فالمقصود أن السنة الجهر، بعض الناس إذا سلم يخافت، هذا خلاف السنة، بل السنة إذا سلم أن يرفع صوته حيث يسمعه من حوله ويعلم الناس أن الصلاة انتهت، ثم بعد هذا يسبح الله، ويحمد الله، ويكبره ثلاثا وثلاثين، هذه لو خفض صوته فيها لا بأس؛ لأن العلم بانتهاء الصلاة قد علم بالأذكار الأولى، فإذا خفض صوته بعض الشيء بـ: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة فلا بأس، وإن رفع فلا بأس لأنها تبع الذكر، السنة أن يقول بعد الصلاة: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، الجميع تسع وتسعون، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. لما رواه مسلم في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591).

الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (¬1)» هذا فضل عظيم، وجاءه الفقراء من المهاجرين وقالوا: يا رسول الله، إن إخواننا أهل الأموال غبنونا، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق – يعني ما عندنا شيء – ويعتقون، ولا نعتق. فقال لهم صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلكم على شيء تسبقون به من بعدكم وتدركون به من سبقكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم " قالوا: بلى يا رسول الله. قال: " تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين " فرجعوا إليه وقالوا: يا رسول الله، سمع إخواننا أهل الأموال ففعلوا مثلنا. قال لهم صلى الله عليه وسلم: " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء (¬2)» إذا جمع الله لهم الصدقة بالأموال والأذكار الشرعية هذا فضل الله جل وعلا، والفقير له فضله وله أجره مثل أجورهم لأنه منعه العجز، الإنسان إذا منعه العجز ونيته الصالحة أنه ينفق له أجر المنفقين، كما أن ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (597). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (843)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (595)، واللفظ له.

المجاهد في سبيل الله له أجر عظيم، والقاعد له مثل أجره، القاعد الذي عجز عن الجهاد وهو يحب الجهاد لكن عجز لمرض ونحوه له مثل أجر المجاهدين فضل من الله.

الترتيب بين الأذكار عقب الصلاة

30 - مسألة في الترتيب بين الأذكار عقب الصلاة س: هل يلزم الترتيب في هذه الأذكار، ولو قدم بعضها على بعض هل في ذلك شيء؟ (¬1) ج: السنة يقدم: أستغفر الله. ثلاثا أول ما يسلم، ثم بعدها يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. مرة أو ثلاث مرات كما في حديث ابن الزبير والمغيرة، ثم يقول: لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. صح من حديث المغيرة ومن حديث ابن الزبير أن النبي كان يفعل هذا إذا سلم لحديث ثوبان، أول ما يسلم يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (411).

«اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام (¬1)» ثم ينصرف إلى الناس ويعطيهم وجهه عليه الصلاة والسلام، ثم يقول كما في حديث ابن الزبير والمغيرة السابق، يجهر بهذا بعد الصلوات الخمس، ويزيد في المغرب وفي الفجر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات، كما ثبت في عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم بعد هذا يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، ثم يختمها بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ثم يستحب له أن يأتي بآية الكرسي بعد هذا، ثم يأتي بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2)، والمعوذتين بعد ذلك، وفي الفجر والمغرب يكررها ثلاثا في أول الصباح وأول الليل، أما بعد الظهر والعصر والعشاء مرة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (¬2) سورة الإخلاص الآية 1

رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة

31 - مسألة في حكم رفع الصوت بالذكر بعد الصلاة س: كيف الرد على من يقول بجواز رفع الصوت بالذكر عقب

الصلاة يحتج بقول ابن عباس رضي الله عنهما: رفع الصوت بالذكر كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم؟ وجهونا سماحة الشيخ. (¬1) ج: نعم، هذا هو السنة رفع الصوت بالذكر، أما من قال إنه بدعة فهو غلطان، السنة أن يرفع الصوت بالذكر كما كان النبي يفعل وأصحابه، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن عباس: «كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته (¬2)» فالسنة للإمام والمأمومين إذا سلموا من الصلاة رفع الصوت رفعا متوسطا لا صراخ فيه حتى يتعلم الجاهل ويتذكر الناسي، أما ما يفعل بعض الناس يهلل بينه وبين نفسه فلا، هذا خلاف السنة، السنة أن يرفع الصوت بالذكر حتى يتتابع الناس بأفعال السنة. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (385). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591).

قول الأوراد الشرعية والإنسان مشغول بالأعمال

32 - حكم قول الأوراد الشرعية والإنسان مشغول بالأعمال س: تقول السائلة: هناك ورد وتسابيح تقولها والدتي بعد كل صلاة،

ولكن انشغالها بالأعمال المنزلية لا يسمح لها الوقت أن تقوله على السجادة، هل يصح أن تقوله وهي مشغولة بالأعمال المنزلية من غير عدد؟ أرشدوني وفقكم الله. (¬1) ج: لا حرج في ذلك، لا حرج أن تأتي بالأوراد الشرعية أول النهار أو آخر النهار، أو أول الليل وهي في أعمالها من طبخ وكنس، وغير ذلك جمعا بين المصالح إذا تيسر لها أن تجلس قليلا بعد صلاة الفجر والعصر والمغرب حتى تكمل بعض الورد والأشياء المشروعة فهذا حسن، وإن لم يتيسر ذلك أتت بها في حال انشغالها؛ لأن هذا جمع بين المصالح، لا حرج فيه والحمد لله، لكن جلوسها في مصلاها حتى تأتي بالورد يكون أخشع للقلب، وأجمع للقلب إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر أتت بذلك في أعمالها. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (25).

دخول النساء في فضل حديث من صلى الفجر في جماعة

33 - بيان دخول النساء في فضل حديث «من صلى الفجر في جماعة» س: أم عبادة تقول: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى

ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة (¬1)» هل هذا الفضل يكون للنساء أيضا إذا صلين في بيوتهن؟ وهل يشترط لهذا الفضل أن تكون الصلاة في جماعة؟ أي هل يكون للمرأة إذا صلت في بيتها وحدها غير جماعة وقعدت تذكر الله حتى تطلع الشمس ذلك الفضل؟ وجهونا جزاكم الله خيرا. (¬2) ج: نعم يرجى لها ذلك، يرجى لها هذا الفضل العظيم، أما الصلاة المذكورة فتكون بعد أن تطلع الشمس، أي عند ارتفاع الشمس قدر رمح، أي بعد ربع ساعة أو نحوها من مطلع الشمس. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجمعة، باب ذكر ما يستحب من الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، برقم (586). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (327).

النوم بعد صلاة الصبح

34 - حكم النوم بعد صلاة الصبح س: هل النوم بعد صلاة الصبح عمل من أعمال الجاهلية؟ (¬1) ج: لا أعلم فيه بأسا، النوم بعد الصلاة لا أعلم فيه بأسا، ولا حرج منه، لكن الجلوس بعد الصلاة للذكر والاستغفار والقراءة حتى ارتفاع ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (316).

الشمس هذا أفضل، كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعل هذا، وهو أفضل، ولو نام لا حرج عليه، لا أعلم فيه حرجا؛ لأن الأصل أنه لا ينهى عن شيء إلا ما نهى الله عنه ورسوله، فإذا جلس الإنسان في مصلاه يذكر الله أو يقرأ حتى ترتفع الشمس هذا أفضل تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، وإذا خرج إلى بيته أو إلى أعماله أو نام فلا حرج عليه في ذلك، والحمد لله.

س: ما هو الحكم في النوم بعد صلاة الفجر؟ وهل يقسي القلب، وهل يعتبر من المنكرات؟ (¬1) ج: ليس في النوم بعد الفجر حرج، ولا نعلم فيه بأسا، وما اشتهر بين الناس أنه فعل غير طيب، وأنه كذا وكذا ليس عليه دليل يعتمد عليه، فالنوم بعد الفجر لا حرج فيه وبعد العصر لا حرج فيه، لكن من جلس بعد الفجر في مصلاه يقرأ ويستغفر الله، ويسبح ويهلل ونحو ذلك حتى تطلع الشمس يكون هذا أفضل كفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ترك فلا حرج عليه، فمن قام لحجاته أو نام، أو اشتغل بأشياء أخرى فلا بأس عليه. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (310).

س: إني رجل أصلي مع الجماعة في صلاة الفجر، وبعد انتهاء الصلاة أتكئ وأنام حتى طلوع الشمس، هل علي إثم في ذلك؟ (¬1) ج: لا حرج عليك، لكن الأفضل من هذا أن تشتغل بذكر الله، وقراءة القرآن، والتسبيح والدعاء حتى تصبح إذا تيسر لك ذلك، هذا هو الأفضل، وأما النوم فلا حرج فيه، لكن كونك تعمر وقتك هذا عظيم أول النهار، بالذكر والدعاء فهو الأفضل. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (209).

التسبيح جماعة بصوت مرتفع

35 – حكم التسبيح جماعة بصوت مرتفع س: سائل يقول: أرجو الإيضاح التام عن مسألة التسابيح والذكر بـ: لا إله إلا الله، والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الانتهاء من الصلاة في المسجد، هل تكون جماعية وبصوت مرتفع أم على انفراد وبصوت منخفض؟ جزاكم الله خيرا. /8 L681750 8/ ج: التسبيح والتهليل بعد الصلاة مشروع للجميع، كلهم يرفعون أصواتهم جميعا، من دون مراعاة لأن يكون جماعيا، كل يرفع صوته من غير مراعاة لصوت الآخر، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: كان

رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن عباس: «كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته (¬1)» فابن عباس رضي الله عنهما بين أنهم كانوا يرفعون أصواتهم بعد السلام حتى يعلم من حول المسجد أنهم سلموا، هذا هو السنة، لكن ليس معناه أنه بصوت جماعي منظم، لا، بل هذا يذكر الله وهذا يذكر الله، والحمد لله، ومن دون أن يراعى صوت جماعي. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591).

س: قراءة التسبيح إثر كل صلاة مفروضة بصوت عال مع الجمعة هل هو جائز؟ (¬1) ج: السنة رفع الصوت بالأذكار كلها بعد الصلوات: بعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: إن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. ويقول رضي الله عنه: «كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته (¬2)» يعنى يسمع صوت الذاكرين بعد السلام، فيعلم أنهم ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (316). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591).

انصرفوا، كان صبيا صغيرا قد لا يحضر صلاة الجماعة، فيسمع أصواتهم وهو خارج المسجد، وكان حين توفي الرسول صلى الله عليه وسلم قد راهق الاحتلام، وهذا الكلام قاله في حال صغره، فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع الصوت بالذكر وهكذا الصحابة بعد السلام، ولهذا سمعه الصحابة، ونقلوا ذكره صلى الله عليه وسلم، سمعوه يقول إذا سلم: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام (¬1)» وسمعوه يقول: لا إله إلا الله. إذا انصرف إلى الناس وأعطاهم وجهه يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. أخبر الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا، ثوبان أخبر عن بعض هذا، وابن الزبير عن بعض هذا، والمغيرة بن شعبة كذلك، كلهم أخبروا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يسمعونه يأتي بهذه ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591).

الأذكار، وهكذا التسبيح يشرع بعد كل صلاة من الخمس أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، يكررها ثلاثا وثلاثين مرة. النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه من فعل ذلك وختمها بكلمة التوحيد يغفر له، فقال صلى الله عليه وسلم: «من سبح ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (¬1)» هذا فضل عظيم. ولما جاءه فقراء المهاجرين فقالوا: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور – أي أهل الأموال – بالدرجات العلى والنعيم المقيم، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق – يعني ما عندنا مال هم يتصدقون ونحن ما نتصدق، هم يعتقون ونحن ما نعتق، ما عندنا أموال – فقال عليه الصلاة والسلام: " ألا أدلكم على شيء تدركون به من سبقكم وتسبقون من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثلما صنعتم؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «تسبحون وتحمدون ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (597).

وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة (¬1)» هذا يدل على فضل هذا التسبيح والتحميد والتكبير، وأنه يختمه بـ: لا إله إلا الله. أي يختم المائة بـ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. أو يزيد في التكبيرة، يكون التكبير أربعا وثلاثين، يكون الجميع مائة، كل هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويستحب هذا الذكر عند النوم أيضا، عند النوم يسبح ثلاثا وثلاثين، ويحمد ثلاثا وثلاثين، ويكبر أربعا وثلاثين، الجميع مائة عند النوم، فاستحب هذا النبي صلى الله عليه وسلم، وعلمه عليا وفاطمة رضي الله عنهما عند النوم، وهو تعليم لهما ولغيرهما من الأمة، التعليم لعلي ولفاطمة تعليم للأمة كلها، ورفع الصوت مشروع لكن وسط يسمعه من حولهم، يسمعه من خارج المسجد أنهم سلموا ما فيه شيء متكلف، صوت عال مسموع كل واحد لنفسه، كل واحد يذكر الله لنفسه، ليس بذكر جماعي. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (597).

حديث إذا صليت الصبح فقل قبل أن تتكلم اللهم أجرني من النار، سبع مرات

36 - حكم حديث إذا صليت الصبح فقل قبل أن تتكلم: اللهم أجرني من النار، سبع مرات س: هناك حديث رواه ابن مسلم التميمي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له: «إذا صليت الصبح فقل قبل أن تتكلم: اللهم

أجرني من النار، سبع مرات (¬1)» وكذلك قال له بعد صلاة المغرب (¬2) ج: نعم، هذا رواه أبو داود، ولا بأس به، بعضهم جرحه؛ لأن التابعي فيه جهالة، ولكن إذا فعله الإنسان نحسن الظن إن شاء الله؛ لأن الغالب على التابعين الخير، فلا بأس إذا قال بعد المغرب والفجر: اللهم أجرني من النار. سبع مرات، فهو حسن إن شاء الله. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الشاميين، من حديث الحارث التميمي، برقم (17592)، وأبو داود في كتاب الأدب، باب ما يقول إذا أصبح، برقم (5079). (¬2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (21).

قول اللهم أنت السلام وإليك السلام بدلا عن قول ومنك السلام

37 - حكم قول: اللهم أنت السلام وإليك السلام بدلا عن قول: ومنك السلام س: هل قول: اللهم أنت السلام وإليك السلام – بدلا عن قول: ومنك السلام – هل هذا مخل بالعقيدة؟ (¬1) ج: السنة: اللهم أنت السلام ومنك السلام. هذا السنة: تباركت يا ذا الجلال والإكرام. معنى أنه سبحانه هو السلام، يعني الكامل من كل نقص والسالم من كل عيب، وقيل معناه: المسلم لغيره مع كونه سالما ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (87).

في نفسه، هو مسلم لغيره أيضا، فالسلامة تطلب منه، ولهذا قال: (ومنك السلام) يعني السلامة والخير والعافية، كلها من الله، فهو السلام، يعني الكامل السليم من كل نقص وعيب، وهو أيضا الذي يمد عباده وخلقه بالسلامة سبحانه وتعالى، أما: وإليك السلام، فقد جاءت في بعض الروايات (¬1) ولا أذكر الآن صحتها، ولكني لا أعرف مدى الرواية التي جاءت بذلك هل هي من قبيل الحسن أو من قبيل الصحيح أو من قبيل الضعف، يحتاج الأمر إلى مراجعة، أما: وعليك السلام، فلا تجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقولوا السلام على الله، فإن الله هو السلام (¬2)» ما قال: لا تقولوا: السلام إلى الله، بل قال: لا تقولوا: السلام على الله. فلا يقال: السلام على الله من عباده. أو: السلام عليك يا ربنا. أو: عليك السلام يا ربنا. هذا لا يجوز؛ لأنه سبحانه المسلم لعباده، وهو الذي بيده السلام – سبحانه وتعالى – وأما: إليك السلام، فلها وجه إن صحت، يعني ينتهي إليه السلام، إليك: يعني ينتهي إليك، فأنت الذي ¬

_ (¬1) أخرجه البيهقي في السنن في كتاب الصلاة، باب من استحب له أن يذكر الله في مكثه ذلك برقم (2831). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402).

بيدك السلام، وأنت الذي تعطي السلام، وأنت الذي تتصرف بعبادك بالسلام، فـ"إليك" معناها صحيح إن صحت الرواية.

الدعاء بعد الفريضة

38 - بيان حكم الدعاء بعد الفريضة س: هل الدعاء بعد الفرض سنة أم بدعة كما قال لي بعض الأشخاص؟ (¬1) ج: الدعاء بعد الفرائض بينك وبين ربك لا بأس به، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم، فلا بأس إذا دعوت بعد الفريضة بعد الذكر الشرعي فلا باس أن تدعو والدعاء في آخر الصلاة قبل السلام أفضل وأكمل وأحرى بالإجابة، لكن لا يكون برفع اليدين ولا بالدعاء الجماعي لكن بينك وبين ربك من دون رفع اليدين بعد الفريضة؛ لأن هذا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه بعد الفريضة ولا أن الصحابة رفعوا أيديهم بذكر الله جماعيا، ولا دعوا دعوة جماعية، لا، ولكن الإنسان يدعو بينه وبين نفسه وبين ربه بعد فراغه من الذكر لا بأس بذلك ولا حرج، والنافلة جميعا كفرض. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (59).

تخصيص دعاء معين بعد كل صلاة

39 - حكم تخصيص دعاء معين بعد كل صلاة س: هل بعد كل صلاة دعاء مخصوص أم يدعو الإنسان بما يشاء؟ بينوا لنا ذلك مشكورين. (¬1) ج: النبي صلى الله عليه وسلم لما علم الناس التحيات قال صلى الله عليه وسلم: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو (¬2)» وفي اللفظ الآخر قال صلى الله عليه وسلم «ثم يتخير من المسألة ما شاء (¬3)» فالإنسان مشروع له بعد التحيات بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال أن يدعو بما تيسر قبل أن يسلم، وإذا دعا بالدعوات الواردة والمشروعة كان أفضل، مثل: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. في آخر الصلاة قبل أن يسلم، اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، هذا ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (332). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة برقم (609).

الدعاء العظيم علمه النبي صلى الله عليه وسلم الصديق رضي الله عنه، والدعاء الأول: اللهم أعني على ذكرك، علمه معاذا، وهكذا جاء في الأحاديث الصحيحة عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر الصلاة: «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر (¬1)» وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في آخر الصلاة: «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت (¬2)» هذه الدعوات المأثورة أفضل من غيرها، وإذا دعا الإنسان بدعوات أخرى لصالحة لحاجته فلا بأس، كأن يقول: اللهم اقض ديني، اللهم أصلح ذريتي، اللهم أصلح زوجتي، اللهم وفقني لما فيه رضاك، اللهم اهدني سواء السبيل، اللهم ألهمني رشدي، وأعوذ بك من شر نفسي. إلى غير هذا مما يدعو به من الدعوات الطيبة لا بأس، ومن الدعاء: اللهم ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب التعوذ من البخل برقم (6370). (¬2) أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بدون لفظ (وما أسرفت وما أنت أعلم به مني) في كتاب الدعوات، باب الدعاء إذا انتبه بالليل برقم (6317)، وأخرجه مسلم من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه بلفظه في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه برقم (771).

ألهمني رشدي. هذا مأثور، وهو الذي علمه الحصين بن عبيد الخزاعي لما أسلم علمه أن يقول: «اللهم ألهمني رشدي، وأعذني من شر نفسي. وهكذا: اللهم قني شح نفسي (¬1)» المقصود أن يدعو بالدعوات الطيبة، ولو كانت غير مأثورة يدعو بها لا بأس. اللهم يسر لي زوجة صالحة إذا كان بحاجة إلى زوجة، والمرأة تقول: اللهم يسر لي زوجا صالحا. وما أشبه ذلك، اللهم يسر لي ذرية طيبة، اللهم اقض ديني، اللهم بارك لي فيما أعطيتني. وما أشبه ذلك من الدعوات الطيبة. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3483).

الاستغفار المشروع دبر الصلوات المكتوبة

40 - بيان الاستغفار المشروع دبر الصلوات المكتوبة س: يقول السائل: كنت أستغفر الله دبر الصلوات المكتوبة عشر مرات دون الاستغفار كما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، ونيتي في ذلك المداومة على فعل هذا، فقال لي أحد الأشخاص: فعلك هذا بدعة، هل لكم توجيه سماحة الشيخ؟ وهل كلام الرجل صحيح؟ وما هو الاستغفار المشروع دبر الصلوات المكتوبة (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (413).

ج: السنة أن تستغفر ثلاثا كما ثبت في الصحيح من حديث عمر رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة استغفر ثلاثا، وقال: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (¬1)» قال له زائدا في تفسير ثان يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله. هذا السنة، فإذا استغفر أربعا أو خمسا أو عشرا هذه زيادة بدعة، لكن إذا استغفرت بعد ذلك بعد الذكر فلا بأس، أما من أول ما تسلم اقتصر على ثلاث: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم تقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. تقولها مرة أو ثلاثا بعد كل صلاة، ثم تقول: لا حول ولا قوة إلا الله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد؛ لأن هذا قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويستحب في الفجر والمغرب أن تزيد: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591).

وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات، بعد ما ذكر في الفجر والمغرب، بعد الذكر السابق تأتي بعشر مرات في الفجر والمغرب، ثم تسبح الله وتكبره وتحمده ثلاثا وثلاثين بعد كل فريضة: سبحان الله والحمد لله والله أكبر. ثلاثا وثلاثين بعد الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء بعد الذكر المذكور: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، وتختم المائة بقولك: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. لما ثبت في الصحيح صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (¬1)» وهذا فضل عظيم، وإذا استغفرت بعد هذا، دعوت ربك بعد ذلك فلا بأس. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (597).

الأذكار التي يرفع بها المسلم صوته بعد الصلاة

41 - بيان الأذكار التي يرفع بها المسلم صوته بعد الصلاة س: يسأل ويقول: ما هي الأذكار التي يرفع بها المسلم صوته بعد

الصلاة والتي لا يرفع بها صوته (¬1) ج: السنة بعد الصلاة رفع الصوت بالذكر، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة يرفعون أصواتهم بالذكر عقب الصلاة بعد الخمس كلها؛ صلاة الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، وهكذا الجمعة يبدأ بقوله: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، حين يسلم يرفع صوته حتى يسمعه من حوله، ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وإن كررها ثلاثا فحسن ثم يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. يقوله الإمام والمأموم والمنفرد عقب الصلوات الخمس، هذا الذكر. لكن الإمام يقول ذلك بعدما ينصرف إلى الناس، يستغفر الله ثلاثا وهو إلى القبلة، ويقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم ينصرف إلى الناس ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (290).

يعطيهم وجهه، ويأتي بالأذكار. أما المأموم فيأتي بهذا كله من حين يسلم، ويأتي أيضا بزيادة: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين بعد كل صلاة، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة. يرفع بها صوته حتى يسمعه من حوله، حتى يستفيد من حوله، ويتمم المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. هذه يرفع فيها صوته، ويزيد في المغرب والفجر عشر تهليلات يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات، مع ما تقدم، مع الذكر الذي تقدم يزيد هذه العشر بعد السلام، فالإمام والمنفرد والمأموم كلهم عشر تهليلات بعد الفجر وبعد المغرب زيادة على ما تقدم، وإن قال: بيده الخير، أو: هو حي لا يموت، كله طيب، عشر مرات، ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول ذلك بعد الفجر والمغرب زيادة على ما تقدم، ويستحب للجميع بعد ذلك من دون رفع الصوت أن يقرأ آية الكرسي، الإمام والمنفرد والمأموم، يقرأ آية الكرسي أيضا بعد هذا كله من غير رفع صوت: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (¬1) ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 255

هذه آية الكرسي أعظم آية في القرآن، وأفضل آية في القرآن، يستحب أن يأتي بها المؤمن والمؤمنة بعد كل صلاة، بعد الذكر المتقدم للرجل والمرأة، مستحبة للجميع، ويستحب أيضا أن يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1) والمعوذتين بعد كل صلاة، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬3) {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬4) بعد كل صلاة، لكن يكررها ثلاثا بعد الفجر والمغرب، يكرر هذه السور الثلاث ثلاث مرات بعد المغرب وبعد الفجر: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬5) ثلاث مرات، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬6) ثلاث مرات، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬7) ثلاث مرات بعد المغرب وبعد الفجر، وقد كتبنا في هذا رسالة مختصرة توزع بين أيدي الإخوان، من أرادها وجدها، رسالة مختصرة بينا فيها هذه الأذكار، نسأل الله للجميع التوفيق. ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1 (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة الفلق الآية 1 (¬4) سورة الناس الآية 1 (¬5) سورة الإخلاص الآية 1 (¬6) سورة الفلق الآية 1 (¬7) سورة الناس الآية 1

الدعاء وقراءة الفاتحة بعد الصلاة

42 - حكم الدعاء وقراءة الفاتحة بعد الصلاة س: ما حكم الدعاء بعد الصلاة، هل نفعله أم لا نفعله؟ وكذلك حكم قراءة الفاتحة بعد ختم الصلاة بالتسبيح (¬1) ج: الدعاء مشروع، لكن الأفضل أن يكون آخر الصلاة قبل أن يسلم، هذا هو الأفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رغب في الدعاء في آخر الصلاة لما علمهم التشهد والتحيات، قال: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو (¬2)» وفي لفظ آخر: «ثم يتخير من المسألة ما شاء (¬3)» كان النبي يدعو في آخر صلاته قبل أن يسلم، هذا هو الأفضل، والدعاء المشروع هو: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. بعد قوله: أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. ومن الدعاء المشروع أيضا في الصلاة في السجود وفي آخر الصلاة: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (323). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة برقم (609). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة برقم (609).

إنك أنت الغفور الرحيم. لأن النبي صلى الله عليه وسلم عندما سأله الصديق عن دعائه في صلاته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (¬1)» هذا الدعاء العظيم يدعى به في السجود، في آخر الصلاة، وبين السجدتين، كله طيب، دعاء عظيم. وهكذا: اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعذني يا رب من فتنة الدنيا ومن عذاب القبر. كان النبي يدعو بها في آخر الصلاة عليه الصلاة والسلام. وهكذا: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت. كان يدعو بها أيضا عليه الصلاة والسلام في آخر حياته عليه الصلاة والسلام، وإن دعا بغير هذا فلا بأس، وإن دعا بعد السلام والذكر بدعوات بينه وبين الله فلا بأس أيضا، لكن يبدأ بالذكر، يستغفر ثلاثا بعد أن يسلم ثم يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم يذكر الله يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر برقم (2705).

له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، لا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. بعد الظهر وبعد العصر وبعد المغرب وبعد العشاء وبعد الفجر وبعد الجمعة، هذه الأدعية كلها سنة. ويستحب مع هذا أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة بعد هذا الذكر، بعد كل صلاة من الصلوات الخمس، سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ذلك ثلاثا وثلاثين مرة، وأخبر أن في هذا فضلا عظيما، فيستحب لكل مؤمن وكل مؤمنة بعد كل صلاة وبعد الذكر المتقدم أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، الجميع تسعة وتسعون، ثم يختم المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا من أسباب المغفرة، ويستحب له أن يقرأ مع هذا آية الكرسي بعد كل صلاة، وبعد

هذا الذكر يقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (¬1) إلى قوله: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (¬2) ويقرأ المعوذتين، و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3) أيضا بعد كل صلاة، كل هذا مستحب، ويكررها ثلاثا بعد المغرب والفجر، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬4)، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬5)، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬6)، يستحب تكرارها ثلاث مرات: بعد الفجر، وبعد المغرب، وعند النوم، كله سنة، أما بعد الظهر والعصر والعشاء فمرة واحدة، كل هذا مستحب ينبغي للمؤمن والمؤمنة الحرص على هذا الشيء في صلواته لما فيها من الخير العظيم، أما الحمد فلا يشرع قراءتها بعد الصلاة، ما ورد أنها تقرأ بعد الصلاة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬7) لا نعلم في الأحاديث الصحيحة ما يدل على أنها تقرأ بعد الصلاة، وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 255 (¬2) سورة البقرة الآية 255 (¬3) سورة الإخلاص الآية 1 (¬4) سورة الإخلاص الآية 1 (¬5) سورة الفلق الآية 1 (¬6) سورة الناس الآية 1 (¬7) سورة الفاتحة الآية 2

صلاة السنة الراتبة بعد الفريضة قبل الإتيان بالذكر المشروع عقب الصلاة

43 - حكم صلاة السنة الراتبة بعد الفريضة قبل الإتيان بالذكر المشروع عقب الصلاة س: سائلة من المنطقة الشرقية تقول في سؤالها: هل تجوز صلاة النافلة بعد الفريضة مباشرة أم أنه يستحسن أن أسبح وأهلل وبعد ذلك أصلي النافلة؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: السنة أن تكون النافلة بعد الذكر، إذا صلى المسلم أو المسلمة الفريضة يأتي بالذكر يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وإن كررها ثلاثا فهو أفضل، ويقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. بعد كل فريضة، إلا في المغرب والفجر يزيد مع هذا زيادة عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات، الزيادة بعد المغرب وبعد الفجر، وبعد هذا كله يسبح الله ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (302).

ويحمده ويكبره ثلاثا وثلاثين، يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. كل هذا مستحب بعد كل فريضة، ثم يقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (¬1) الآية كاملة، ثم يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬3)، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬4) بعد الظهر والعصر والعشاء مرة واحدة، وبعد الفجر والمغرب يقرأ هذه السور ثلاث مرات، كل هذا مستحب، ثم يقوم للإتيان بالراتبة، السنن الراتبة: سنة المغرب، سنة العشاء، سنة الظهر – بعد هذا كله – أما العصر فسنتها مثلها أربع ركعات تسليمتين، والفجر سنتها قبلها تسليمة واحدة ركعتان، وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 255 (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة الفلق الآية 1 (¬4) سورة الناس الآية 1

س: الأخت السائلة تقول: هل التسبيح والدعاء بعد الصلاة الفريضة يمكن أن نعملها بعد صلاة السنة؛ أي بعد الانتهاء من الصلاة؟ وما

هو الدعاء والتسابيح المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم (¬1) ج: التسبيحات المأثورة كلها بعد الفريضة، كان يسمعه الصحابة ويعلم الصحابة، أما بعد النوافل ليس هناك إلا الاستغفار، إذا سلم في النافلة يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. أما الأذكار الأخرى كلها جاءت بعد الفريضة، أما هذا بعد الفرض والنفل، يقول ثوبان رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثا، وقال: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام (¬2)» رواه مسلم وغيره، ولم يقل: المكتوبة. فدل على أنه من كل صلاة يستغفر في النافلة والفرض، أما الأذكار: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، إلى آخره، هذه إنما جاءت بعد الفرائض، لم تبلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعد الفرائض، ولم يبلغنا عنه أنه فعلها بعد النوافل عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (416). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591).

س: يقول هذا السائل: الأدعية والتسابيح التي حث عليها الرسول صلى الله عليه وسلم دبر كل صلاة، هل يجوز أن تكون بعد صلاة السنة (¬1) ج: السنة بعد الفريضة خاصة. ¬

_ (¬1) ورد هذا السؤال بدون رقم للشريط.

س: أذكار ما بعد السلام في الصلاة هل يجب أن تكون بعد الصلاة المكتوبة مباشرة أم يمكنني أن أؤدي السنة البعدية ثم أداء تلك الأذكار (¬1) ج: السنة أن تأتي بالأذكار قبل السنة البعدية، تأتي بالأذكار ثم السنة الراتبة، أذكار الظهر قبل السنة الراتبة، وأذكار المغرب قبل السنة والعشاء كذلك، كان النبي يأتي بها قبل عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) ورد هذا السؤال في الشريط رقم (358).

س: هل يجوز قراءة الأذكار المشروعة بعد الفراغ من الصلاة – أي بعد الراتبة – وليس بعد الفريضة مباشرة (¬1) ج: لا، السنة بعد الفريضة، السنة أن يأتي بالأذكار الشرعية بعد ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (427).

الفريضة، ثم الراتبة بعد ذلك، والنبي كان يفعلها إذا سلم عليه الصلاة والسلام، هذا هو المشروع.

رفع الأصوات بعد الصلاة بالاستغفار

44 - حكم رفع الأصوات بعد الصلاة بالاستغفار س: ما رأي سماحتكم في الاستغفار برفع الأصوات بعد كل صلاة، مع العلم أن هناك أناسا متأخرين في الصلاة قد يشوشون عليهم؟ (¬1) ج: السنة رفع الصوت بالذكر إذا سلم الناس من المكتوبة، السنة رفع الصوت بالاستغفار والذكر لما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رفع الصوت في الذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته (¬2)» هذا يدل على أنه معروف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأنهم يرفعون أصواتهم بالذكر، وأن من كان خارج المسجد يسمع ذلك، ويعلم أن الصلاة قد انتهت. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (294). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (841)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (583).

التسبيح باليد اليمنى واليسرى

45 - حكم التسبيح باليد اليمنى واليسرى س: السائلة ن. ع. ن من اليمن تقول: هل التسبيح باليد اليمنى سنة مؤكدة، والتسبيح باليسرى بدعة؟ وهل كان النبي صلى الله عليه وسلم يسبح باليمين؟ وما الدليل على ذلك؟ مأجورين (¬1) ج: قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن التسبيح باليمين أفضل، ومن سبح باليسار فلا بأس، أو سبح بهما جميعا باليمنى واليسرى، كل ذلك لا بأس به، وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله (¬2)» وجاء عنه «صلى الله عليه وسلم أنه كان يعقد التسبيح بيده اليمنى (¬3)» وقال للنساء: «اعقدن بالأنامل (¬4)» يعني ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (416). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التيمن في الوضوء والغسل، برقم (168). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب التسبيح بالحصى، برقم (1502)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في عقد التسبيح باليد، برقم (3486) والنسائي في كتاب السهو، باب عقد التسبيح برقم (1355). (¬4) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث يسيرة رضي الله عنها، برقم (26549) وأبو داود في كتاب الصلاة باب التسبيح بالحصى، برقم (1501) والترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب عقد التسبيح باليد، برقم (3583).

اليسرى واليمنى جميعا، فالأمر في هذا واسع، عقد التسبيح باليمين والشمال جميعا أو باليمنى كله جائز، ولكن اليمنى أفضل.

س: السائل ع. ح. من الأردن يقول: هل يجوز التسبيح باليدين أم باليد اليمنى فقط؟ وإن كان فقط باليد اليمنى فأرجو توضيح الأسباب، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا بأس بالتسبيح باليدين، لما قال صلى الله عليه وسلم للنساء: «اعقدن بالأنامل (¬2)» واليد اليمنى أفضل كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسبح باليمنى عليه الصلاة والسلام، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله (¬3)» إذا كان باليمين أفضل، وإن سبح بهما جميعا كما في حديث: «اعقدن بالأنامل (¬4)» للنساء، فلا حرج في ذلك، الأمر واسع والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (416). (¬2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث يسيرة رضي الله عنها، برقم (26549) وأبو داود في كتاب الصلاة باب التسبيح بالحصى، برقم (1501) والترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب عقد التسبيح باليد، برقم (3583). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التيمن في الوضوء والغسل، برقم (168). (¬4) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث يسيرة رضي الله عنها، برقم (26549) وأبو داود في كتاب الصلاة باب التسبيح بالحصى، برقم (1501) والترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب عقد التسبيح باليد، برقم (3583).

س: هل التسبيح باليد اليمنى أفضل بالنسبة للمرأة أم يجوز أيضا باليسرى؟ (¬1) ج: يجوز التسبيح باليدين جميعا، ولكن باليمين أفضل للجميع، إذا سبح باليمنى يكون أفضل، وإن سبح بهما الرجل أو المرأة كله طيب، لا حرج. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (413).

س: عند التسبيح والعقد على الأصابع بعد الصلاة، هل يجوز أن يسبح الإنسان بعدد الخطوط الثلاثة الموجودة على كل الأصابع أم لا؟ وهل يستخدم كلتا يديه في التسبيح أم اليمنى فقط؟ (¬1) ج: السنة العد بالأصابع بخمسة أصابع تطبيقا وفتحا حتى يكمل ثلاثة وثلاثين، ويكون باليمنى أفضل، وإن سبح بالثنتين فلا حرج، والسنة أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ثلاثا وثلاثين مرة، ثم يختم بـ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. كما جاء في الحديث الصحيح، وإن أفرد قال: سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله ثلاثا وثلاثين، الحمد لله، الحمد لله ثلاثا ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (246).

وثلاثين، والله أكبر، الله أكبر ثلاثا وثلاثين. فلا بأس، وهذا كله طيب، وإن جمعهما كان أضبط وأسهل: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، الجميع تسعة وتسعون، ثم يختم المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وإن شاء قال: يحيي ويميت. كله طيب: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. أو يزيد: بيده الخير وهو على كل شيء قدير. كله طيب، كل هذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في أنواع الذكر، جاء عنه صلى الله عليه وسلم في أنواع الذكر أنواع منها: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير (¬1)» ومنها: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير (¬2)» ومنها: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير (¬3)» ومنها: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب منه، برقم (3534). (¬2) أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب منه، برقم (3534). (¬3) أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب منه، برقم (3534).

على كل شيء قدير (¬1)» ومنها: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير (¬2)» كله طيب، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها، برقم (26011). (¬2) أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب منه، برقم (3534).

س: مستمعات يسألن: يقال: إن التسبيح فقط باليد اليمنى، أما اليسرى فلا يجوز، ما رأي سماحتكم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الأمر واسع، إذا سبح بهما فلا بأس، وإن سبح باليمنى فهو الأفضل، «يروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يسبح باليمنى (¬2)» تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله (¬3)» فإن سبح باليمنى كان أفضل، وإن سبح بهما فلا حرج، فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لبعض النساء: «اعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (344). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب التسبيح بالحصى، برقم (1502)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في عقد التسبيح باليد، برقم (3486) والنسائي في كتاب السهو، باب عقد التسبيح برقم (1355). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التيمن في الوضوء والغسل، برقم (168).

مستنطقات (¬1)» وهو يعم اليدين جميعا. فالأمر واسع في هذا، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث يسيرة رضي الله عنها، برقم (26549) وأبو داود في كتاب الصلاة باب التسبيح بالحصى، برقم (1501) والترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب عقد التسبيح باليد، برقم (3583).

الكلام أثناء التسبيح

46 - حكم الكلام أثناء التسبيح س: تقول السائلة: أنا بعد أن أصلي أبدأ في التسبيح، وعندما يكلمني أحد أرد عليه في أثناء التسبيح، هل في ذلك شيء؟ ولكني أيضا أنسى كم مرة سبحت، أرجو توجيهي، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا حرج في ذلك، كون الإنسان يذكر الله بعد الصلاة ويتكلم عند الحاجة لا بأس، وإذا نسي يعيد حتى يأتي بالمشروع، إذا شك أنه سبح ثلاثا وثلاثين أو أقل يكمل، يعمل بالحيطة ويكمل حتى يحصل له الأجر. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (113).

استعمال السبحة في التسبيح

47 - حكم استعمال السبحة في التسبيح س: هل من الجائز سماحة الشيخ أن أستعمل السبحة في التسبيح (¬1) ج: الأفضل الأصابع، لكن في بيتك تستعمل السبحة أو عقدا أو حصى أو نوى لا بأس، لكن في المسجد أو مع الناس أصابع، هو السنة كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، فهو الأفضل لك. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (359).

الزيادة على العدد الذي ورد في التسبيح

48 - حكم الزيادة على العدد الذي ورد في التسبيح س: بالنسبة لمفهوم العدد في التسبيح، هل هو لازم أم أنه لا يتأثر بالزيادة (¬1) ج: السنة أن يأتي بالذكر المشروع على وجهه، وإذا أحب أن يزيد بعد ذلك فلا بأس، يأتي مثلا بعد الصلوات بالتسبيح والتحميد والتكبير ثلاثا وثلاثين، ويختم المائة بـ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. أو يختمها بتكبيرة رابعة وثلاثين أو لا يأتي بهذا ولا هذا، يقتصر بتسعة وتسعين؛ يعني ثلاثا وثلاثين تسبيحة، وثلاثا وثلاثين تحميدة، وثلاثا وثلاثين تكبيرة، لا بأس بذلك، وإذا أحب أن يزيد يأتي بمئات من التسبيح لا حرج في ذلك لكن يأتي بالأمر المشروع الذي شرعه الله أولا، ناويا اتباع السنة، وإذا أحب أن يزيد بعد ذلك فلا حرج، وإذا عجز بعض الناس عن الضبط يبني على اليقين الذي هو الأقل، هذا أفضل، وليس بلازم، مثلا شك هل قال تسعة وتسعين أو نقص واحدة يزيد واحدة، أو شك هل أتى بثمانين أو تسعين يجعلها ثمانين ويكمل، وهكذا، أو قال: رب اغفر لي. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (194).

هل قالها ثلاثا أو ثنتين يأتي بثالثة أفضل، وهكذا: سبحان ربي العظيم في الركوع، سبحان ربي الأعلى في السجود، شك هل أتى بثنتين أو ثلاث، يجعلها ثنتين ويأتي بثالثة أفضل وإلا فالواجب مرة واحدة: سبحان ربي العظيم في الركوع مرة واحدة، وفي السجود سبحان ربي الأعلى مرة واحدة، لكن إذا أتى بها ثلاثا يكون أفضل، وإذا أتى بها خمسا يكون أفضل، وهكذا كلما زاد فهو أفضل، لكن الإمام يراعي عدم المشقة على المأموم إذا أتى بها خمسا أو سبعا أو عشرا اكتفى بذلك حتى لا يشق على المأموم، أما المأموم فإنه يأتي بالتسبيح والدعاء حتى يرفع الإمام.

بعض الآيات والسور التي تقرأ بعد الصلاة

49 - بيان بعض الآيات والسور التي تقرأ بعد الصلاة س: هل تنصحون سماحة الشيخ بقراءة بعض الآيات أو السور (¬1) ج: يستحب مع الأذكار بعد الصلاة أن يقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} (¬2) الآية، هذه آية واحدة يقال لها: آية الكرسي، وجاء في عدة أحاديث بعضها صحيح وبعضها فيه ضعف يشد بعضها بعضا، كلها تدل ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (246). (¬2) سورة البقرة الآية 255

على شرعية قراءة هذه الآية بعد كل صلاة: الفجر، الظهر، العصر، المغرب، العشاء، للرجل والمرأة هذه الآية العظيمة، وهي أعظم آية في كتاب الله، أعظم آية وأبسط آية، هذه الآية ينبغي حفظها، ينبغي لكل مؤمن أن يحفظها، ولكل مؤمنة كذلك أن تحفظها، وتقرأها بعد كل صلاة بعد الذكر، وتقرأها عند النوم أيضا، عند الاضطجاع للنوم في الليل يستحب قراءة آية الكرسي، فهي من أسباب حفظه من الشيطان. فمن قرأها عند النوم لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح، قاله النبي عليه الصلاة والسلام. فيستحب أن تقرأ عند النوم للرجل والمرأة جميعا، أما الجنب فلا يقرؤها، إذا كان جنبا لا يقرؤها؛ لأن الجنب ممنوع من قراءة القرآن حتى يغتسل، أما الحائض والنفساء فلا مانع من قراءتها على الصحيح عن ظهر قلب؛ لأنهما ليستا مثل الجنب؛ لأن الجنب مدته قصيرة، يستطيع أن يغتسل، أما الحائض والنفساء فلهما أن تقرأ عن ظهر قلب من غير المصحف؛ لأن مدتهما تطول، وفي ترك القراءة مشقة عليهما، وتفويت لخير عظيم، فالصواب أن لهما القراءة عن ظهر قلب، ولهما مراجعة المصحف من وراء حائل عند الحاجة، كالقفازين ونحو ذلك. ويستحب أيضا للمصلي إذا كان رجلا أو امرأة أن يقرأ:

{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1) والمعوذتين بعد كل صلاة: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، أن يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) والمعوذتين، وهما: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬3) و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬4) بعد كل صلاة، ويكررها ثلاث مرات بعد المغرب والفجر، وعند النوم يكرر هذه السور الثلاث، بعد الفجر والمغرب وعند النوم، جاء في ذلك الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، نسأل الله للجميع التوفيق وصلاح النية، والعمل والإعانة على كل خير. ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1 (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة الفلق الآية 1 (¬4) سورة الناس الآية 1

قراءة آية الكرسي ورفع اليدين بالدعاء بعد الفريضة

50 - حكم قراءة آية الكرسي ورفع اليدين بالدعاء بعد الفريضة س: ما حكم قراءة آية الكرسي بعد الصلاة، وكذلك الدعاء مع رفع اليدين وبعض الأحاديث الأخرى؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: يستحب للمؤمن والمؤمنة قراءة آية الكرسي بعد الفريضة للظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، تستحب قراءة آية الكرسي بعد كل ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (265).

فريضة مع قراءة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1) والمعوذتين بعد كل فريضة، وتكرر ثلاث السور بعد المغرب والفجر ثلاث مرات، وعند النوم كذلك، هذا مستحب للرجل والمرأة، الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر يقرأ آية الكرسي، وهي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (¬2) إلى آخرها، ويقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3) والمعوذتين كذلك بعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، لكن يكرر السور الثلاث بعد المغرب والفجر ثلاث مرات، ويستحب أن يقرأها عند النوم ثلاث مرات أيضا. أما رفع اليدين فلا يرفع يديه بعد الفرائض؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام ما كان يرفع يديه بعد الفريضة، ولم يعرف عنه ذلك عليه الصلاة والسلام، وفعله سنة وتركه سنة، والذي يفعله نفعله، والذي يتركه نتركه، فلا يستحب رفع اليدين بعد الفرائض الخمس؛ لأن الرسول ما فعله عليه الصلاة والسلام، ولكن نذكر الله كما تقدم في سؤال مضى، تذكر الله، تقرأ آية الكرسي، وهذه السور الثلاث بعد كل فريضة من دون رفع اليدين تأسيا بالنبي بالفعل والترك، تذكر الله بعد ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1 (¬2) سورة البقرة الآية 255 (¬3) سورة الإخلاص الآية 1

الصلاة، تبدأ بالاستغفار تقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، بعد السلام مباشرة، الإمام والمأموم والمنفرد، ثم الإمام ينصرف للناس ويعطيهم وجهه، ويقول الجميع: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. وقد بسطنا هذا في حلقة مضت، وفق الله الجميع.

س: ما حكم قراءة آية الكرسي في دبر كل صلاة، وكذلك مسح الوجه بعد الفراغ من الدعاء (¬1) ج: قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة سنة، جاء فيها عدة أحاديث فيستحب للمؤمن قراءتها بعد السلام وبعد الذكر، يقرؤها بينه وبين نفسه، هذا هو الأفضل، أما مسح الوجه باليدين فقد اختلف فيه العلماء، وورد فيه أحاديث ضعيفة، فالأفضل ترك ذلك، وإن مسح فلا حرج؛ لأن ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (223).

بعض أهل العلم رآها من باب الحسن لغيره، وأجاز المسح، فالأمر في هذا واسع، لكن الأحاديث الصحيحة الكثيرة تدل على أن الترك أفضل؛ لأن الرسول ما كان يمسح لما دعا بالاستسقاء، لم ينقل عنه أحد أنه مسح يديه بعد الفراغ من دعاء الاستسقاء، والناس يسمعونه وينظرونه عليه الصلاة والسلام، وهكذا لا نعلم في الأحاديث الصحيحة أنه مسح عليه الصلاة والسلام، لكن جاء فيها أحاديث فيها ضعف أنه مسح، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في البلوغ: إن مجموعها يقضي بأنه حديث حسن لغيره.

س: تسأل المستمعة وتقول: بالنسبة لقراءة آية الكرسي، هل ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرؤها في الصباح والمساء (¬1) ج: نعم حث على قراءتها عند النوم، وبعد الفريضة، عند النوم يقرأ آية الكرسي، من أسباب السلامة من الشيطان، وكذلك من أسباب دخول الجنة أن يقرأها بعد كل صلاة، بعد الفريضة، إذا سلم وأتى بالذكر يقرأ بعد ذلك آية الكرسي. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (431).

س: إذا قرأت آية الكرسي والمعوذات، و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1) عند النوم وبعد الصلوات، بأي ذلك أبدأ؟ جزاكم الله خيرا (¬2) ج: بعد الصلاة يبدأ بآية الكرسي، ثم يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3) والمعوذتين، هذا ظاهر النصوص، وكذلك في النوم يقرأ آية الكرسي، ثم يقرأ السور، وإن بدأ بهذا قبل هذا لا يضر، الحمد لله الأمر واسع، وهكذا بعد الصلاة، وإن بدأ بآية الكرسي لأنها في أول القرآن ثم قرأ السور الثلاث؛ لأنها في آخر القرآن كل هذا حسن من باب الترتيب. ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1 (¬2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (219). (¬3) سورة الإخلاص الآية 1

س: أقوم بقراءة آية الكرسي والإخلاص والمعوذتين، وأصلي على المصطفى صلى الله عليه وسلم عشر مرات، هل هذا العمل صحيح بعد كل صلاة (¬1) ج: المشروع ثلاث مرات، تقرأ آية الكرسي مرة واحدة بعد التسبيح والتحميد والتكبير، ثم تقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) والمعوذتين ثلاث ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (327). (¬2) سورة الإخلاص الآية 1

مرات، بعد الفجر والمغرب وبعد الظهر والعصر والعشاء مرة واحدة، هذه السنة، أما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فلا شيء فيها، تصلي ليس فيها حد محدود، تصلي ما يسر الله لك وليس فيه حد محدود، لكن السنة بعد كل صلاة أن تسبح الله ثلاثا وثلاثين، وتحمد الله ثلاثا وثلاثين، وتكبر الله ثلاثا وثلاثين، وتقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. بعد الأذكار المعتادة بعد السلام، ثم تقرأ آية الكرسي، ثم تقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1) والمعوذتين مرة واحدة، بعد الظهر والعصر والعشاء، وثلاث مرات بعد المغرب والفجر، أما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فلم ترد في هذا المقام، لكن إذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم مرة أو مرتين أو أكثر في كل وقت فهي صلاة مشروعة دائما، الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مشروعة دائما. ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1

فضل قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة فريضة

51 - بيان فضل قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة فريضة س: السائلة أ. م تقول: ما فضل آية الكرسي بعد كل صلاة واجبة؟

وهل تقرأ في كل الأحيان (¬1) ج: قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة من الفريضة من أسباب دخول الجنة، فيستحب بعد الصلاة وبعد الأذكار أن يقرأ آية الكرسي بينه وبين نفسه، هذا مستحب، جاء في عدة أحاديث مجموعها ترتقي إلى الحسن، فإذا قرأها بعد كل صلاة فهذا أفضل، ويستحب أن يقرأها عند النوم، آية الكرسي أيضا صح بها الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنها من أسباب العافية من الشيطان والحفظ من الشيطان عند النوم إذا أراد أن ينام من الليل. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (409).

المقصود بدبر كل صلاة

52 - بيان المقصود بدبر كل صلاة س: يرد في كثير من الأحاديث دبر كل صلاة، فهل المقصود بها بعد انقضاء الصلاة أم قبل السلام؟ (¬1) ج: دبر الصلاة آخرها قبل السلام، هذا هو الأصل مثل دبر الحيوان مؤخره، فدبر الصلاة ما كان قبل السلام، آخرها قبل السلام، يستحب فيه الدعاء بعد قراءة التحيات والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (409).

والتعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، يستحب أن يدعو بعد هذا قبل أن يسلم في الفرض والنفل، وإن دعا بعد الذكر بعد السلام وبعد الذكر فلا بأس بينه وبين نفسه، لكن الأفضل أن يكون الدعاء قبل السلام، وبعد قراءة التحيات والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وبعد التعوذ بالله من جهنم، ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال؛ لأن الدبر، دبر الشيء آخره، ودبر الصلاة آخرها قبل السلام كما في الحديث، عندما قال لمعاذ: «لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (¬1)» هذا قبل السلام من الصلاة، وأما الحديث الآخر: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دبر الصلاة بعد السلام: «لا إله إلا الله (¬2)» فهذا المراد به بعد السلام، يأتي بالأذكار الشرعية، يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، يعني بعد السلام، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم يقول: لا إله إلا الله، كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، بعد السلام. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار – رضي الله عنهم – من حديث معاذ بن جبل – رضي الله عنه - حديث رقم (21621)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، حديث رقم (1522) واللفظ له، والنسائي في كتاب السهو، باب نوع آخر من الدعاء حديث رقم (1303). (¬2) أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب منه، برقم (3534).

س: السائل إ. ع. من الرياض يقول: ماذا ورد في فضل قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة فريضة (¬1) ج: هي سنة، فيها عدة أحاديث بعضها ضعيف وبعضه جيد، فهي سنة بعد كل صلاة: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (¬2) بعد الصلوات الخمس. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (379). (¬2) سورة البقرة الآية 255

قراءة آية الكرسي جهرا بعد الصلوات

53 - حكم قراءة آية الكرسي جهرا بعد الصلوات س: عندنا في قريتنا يقرؤون آية الكرسي بعد الصلوات في كل فرض - عموما الإمام والمصلين – جهرا، أفيدونا عن حكم ذلك (¬1) ج: هذا غير مشروع، هذا بدعة، من السنة أن يقرأها الإنسان بينه وبين نفسه بعد الصلاة، أما أن يقرأها الإمام والمأمون جهرا هذا لا يجوز، وليس من سنة المسلمين، بل هذا من البدع، ولكن يستحب في أصح قولي العلماء أن يقرأها المؤمن بعد الصلاة بينه وبين نفسه من دون مشاركة الإمام والمأمومين بأصوات جماعية أو جهرية، كل هذا لا أصل له. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (111).

رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة المكتوبة

54 - حكم رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة المكتوبة س: يسأل ويقول: هل رفع اليدين بعد الصلاة وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا نعلم لهذا أصلا، بل كان صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة يستغفر الله ثلاثا، ويقول: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (¬2)» ثم يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (¬3)» «اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (¬4)» هكذا كان يفعل بعد كل صلاة، بعد الصلوات الخمس: صلاة الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، يأتي بهذه الأذكار، وشرع ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (240). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (594). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593).

لأمته «أن يسبح الإنسان بعدها ثلاثا وثلاثين، ويحمد ثلاثا وثلاثين، ويكبر ثلاثا وثلاثين، هذه سنة، ويقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير (¬1)» أو يقول خمسا وعشرين: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. خمسا وعشرين مرة بعد كل صلاة من الصلوات الخمس، هذه قربة وطاعة، ويأتي بآية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (¬2) بعد كل صلاة من الصلوات الخمس، ويشرع له أن يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3) والمعوذتين {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬4) و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬5) و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬6) بعد كل صلاة، هذا هو الأفضل، ويكرر هذه السور الثلاث بعد الفجر والمغرب ثلاث مرات، وعند النوم كذلك يأتي بها ثلاث مرات، كل هذا سنة، أما بعد النفل فلا يحفظ بعد النفل شيء، ما أعلم أنه بعد النفل كان يرفع يديه، لكن إذا رفعها الإنسان بعض الأحيان؛ ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب منه، برقم (3534). (¬2) سورة البقرة الآية 255 (¬3) سورة الإخلاص الآية 1 (¬4) سورة الإخلاص الآية 1 (¬5) سورة الفلق الآية 1 (¬6) سورة الناس الآية 1

لأن الرفع من أسباب الإجابة، وهكذا في دعواته الأخرى إذا رفع هذا من أسباب الإجابة، لكن لا يرفع بعد الصلوات الخمس؛ لأن النبي ما كان يرفع بعدها عليه الصلاة والسلام، وفعله سنة وتركه سنة عليه الصلاة والسلام، وهكذا في الجمعة ما كان يرفع إذا سلم من الجمعة، ولا في خطبته إذا خطب بالجمعة، ولا في العيد، ما كان يرفع لكن إذا استسقى في الخطبة رفع يديه، كان إذا استسقى في خطبة الجمعة أو في صلاة العيد رفع يديه، يطلب الغيث، هذا فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ورفع اليدين من أسباب الإجابة في المواضع التي رفع فيها صلى الله عليه وسلم، أو لم يأت عنه فيها ترك الرفع. أما المواضع التي ترك فيها الرفع كالصلوات الخمس بعد الصلوات الخمس، أو في الجمعة، أو صلاة العيد، فهي لا يرفع فيها؛ لأن الرسول ما رفع فيها صلى الله عليه وسلم، لم يحفظ عنه أنه رفع يديه في واحدة من الصلوات الخمس، ولا بعد فراغه من الجمعة، ولا بعد فراغه من صلاة العيد، والسنة التأسي به عليه الصلاة والسلام.

س: الأخت ن. ع، من الطائف تسأل وتقول: ما حكم رفع اليدين في الحالات التالية: بعد الفراغ من صلاة الفريضة والنافلة (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (207).

ج: قد ثبتت السنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن رفع اليدين من أسباب الإجابة، وأنه من سنة الدعاء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا (¬1)» وكان يرفع صلى الله عليه وسلم في الدعاء، «ولما استسقى للمسلمين رفع يديه، وبالغ في الرفع، يدعو ربه أن يغيث العباد» هذا من السنن في الدعاء رفع اليدين، وكان فيه مسائل كثيرة إذا طلب منه الدعاء رفع يديه ودعا عليه الصلاة والسلام، لكن المواضع التي وقعت في عهده صلى الله عليه وسلم ولم يرفع فيها لا نرفع فيها، المسائل والأشياء التي وقعت في عهده صلى الله عليه وسلم ولم يرفع فيها السنة ألا نرفع فيها، وذلك مثل صلاة الفريضة، ما كان يرفع إذا سلم من الفريضة فلا نرفع أيدينا إذا سلمنا، نأتي بالأذكار الشرعية والدعوات الشرعية ولا نرفع الأيدي؛ لأن رسولنا لم يرفع عليه الصلاة ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه برقم (23202)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1488)، والترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3556)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء برقم (3865).

والسلام، هكذا بين السجدتين، ندعو بين السجدتين ولا نرفع، وهكذا في آخر الصلاة قبل السلام، ندعو ونسأل ولكن لا نرفع؛ لأن الرسول ما رفع عليه الصلاة والسلام، وهكذا في خطبة الجمعة وخطبة العيد لا نرفع عند الدعاء في الخطبة؛ لأن الرسول ما رفع إلا في الاستسقاء، ما رفع في خطبة الجمعة ولا في خطبة العيد، والسنة أن نفعل كما فعل، وأن نترك كما ترك عليه الصلاة والسلام، هذا هو السنة. أما صلاة النافلة فمن شاء رفع ومن شاء ترك؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على هذا ولا هذا، فالأصل أن الرفع سنة، فإذا رفع بعد النافلة فيكون بعض الأحيان؛ لأن الرسول لو كان يفعل ذلك لنقل إلينا، فلما لم ينقل عنه أنه كان يواظب على ذلك دل على أن الأمر فيه سعة، لكن إذا فعله بعض الأحيان بعد النوافل هذا لا بأس. أما ما يعتاده بعض الناس من كونه كلما صلى النافلة رفع فلا أعلم له أصلا، وتركه أحوط وأولى؛ لأنه لو كان مفعولا من النبي صلى الله عليه وسلم لنقل؛ لأنه صلى النافلة والناس يشاهدون كثيرا فلم يرفع، فدل ذلك على أنه ليس من عادته الرفع دائما بعد النافلة، قد يرفع في بيته فلا ندري، لكن مثل هذا يعمل فيه بالسنة العامة، السنة العامة تدل على أن الرفع سنة عند الدعاء، لكن يكون المؤمن تارة وتارة في

النافلة، تارة يرفع أخذا بالسنة العامة، وتارة لا يرفع؛ لأنه شوهد النبي صلى الله عليه وسلم صلى النوافل ولم يرفع بعدها عليه الصلاة والسلام، فيكون الإنسان يفعل هذا تارة وهذا تارة اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، والعمل بالسنة العامة.

رفع اليدين في دعاء القنوت وبعد قراءة القرآن

55 - حكم رفع اليدين في دعاء القنوت وبعد قراءة القرآن س: سائلة: تقول: ما حكم رفع اليدين في دعاء القنوت، وبعد قراءة القرآن (¬1) ج: مستحب في دعاء القنوت؛ لأنه " ثبت أنه صلى الله عليه وسلم رفع في دعاء القنوت " عند البيهقي رحمه الله (¬2) ولا نعرف أنه ورد في الدعاء بعد قراءة القرآن شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا دعا لا بأس، لكن لا نعرف أنه ورد فيه شيء، فمن رفع فلا بأس، ومن ترك فلا بأس؛ لأنه من الأمور العامة، يدخل في العموم. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (207). (¬2) رواه البيهقي في معرفة السنن والآثار، باب دعاء القنوت برقم (1034).

الدعاء الجماعي

56 - حكم الدعاء الجماعي س: ما المقصود بالدعاء الجماعي (¬1) ج: الدعاء الجماعي كونهم يأتون بصوت واحد، يعني يتكلمون جميعا بصوت واحد، اللهم اغفر لنا – بصوت واحد – ربنا اغفر لنا – بصوت واحد – ربنا آتنا في الدنيا حسنة – بصوت واحد – وما أشبه ذلك، هذا ليس بمشروع الدعاء الجماعي، بل السنة أن يدعو واحد ويؤمن الجميع، مثل ما يقول الإمام: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (¬2) فإذا كمل قال: آمين. فهم يقولون: آمين. وهكذا الدعاء إذا دعا إنسان في المجلس ثم قالوا: آمين. هذا هو الحسن، أو دعا كل واحد بنفسه، هذا يدعو وهذا يدعو من دون تحري أن يكون جماعيا، بل هذا يدعو وهذا يدعو، فلا بأس. أما تحري أن يكون الصوت والنغمة واحدة ابتداء وانتهاء كما يفعله بعض الصوفية وغيرهم هذا لا أصل له، ولكن إذا دعا كل واحد بنفسه فلا حرج، أو دعا واحد وأمن الجميع فلا حرج. أما إذا لقنهم الدعاء، ودعوا بعده، ويكررون نفس الجمل فلا بأس أن يعلمهم الدعاء إذا دعوا ولقنهم الدعاء، ليدعوا في أمر مهم، يدعون ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (207). (¬2) سورة الفاتحة الآية 6

لأنفسهم بغير تحري الصوت الجماعي فلا حرج، مثلا قال: ادعوا الله ليغفر لنا، ادعوا الله أن يتوفانا مسلمين. فدعوا فلا بأس. فإذا كان يعلمهم فلا بأس، هذا من باب التعليم كما يقع في الطواف وغيره، ليس فيه شيء.

رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة المكتوبة أو النافلة

57 - حكم رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة المكتوبة أو النافلة س: مستمعة تسأل عن حكم رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة ولا سيما الصلاة المكتوبة (¬1) ج: رفع اليدين غير مستحب في الصلاة المكتوبة، لأن النبي ما كان يفعل ذلك عليه الصلاة والسلام، لم يحفظ عنه أنه بعد الظهر والعصر أو المغرب أو العشاء أو الفجر رفع يديه بالدعاء، فلا ينبغي رفعهما؛ لأن علينا أن نتأسى به صلى الله عليه وسلم في الفعل والترك، ولما أنه لم يكن يرفع يديه بعد الصلوات الخمس فنحن كذلك لا نرفع أيدينا تأسيا به عليه الصلاة والسلام، فإنه يتأسى به في الفعل والترك عليه الصلاة والسلام، وهكذا في الصلاة لا نرفع أيدينا في الدعاء بين ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (262).

السجدتين ولا في الدعاء في التشهد الأخير قبل السلام؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لم يرفع يديه عليه الصلاة والسلام، وهكذا من دعاء الخطبة يوم الجمعة ودعاء الخطبة يوم العيد لا ترفع الأيدي؛ لأن الرسول لم يرفع يديه عليه الصلاة والسلام في ذلك، لكن في صلاة الاستسقاء حتى خطبة الاستسقاء ترفع الأيدي؛ لأن الرسول رفع، إذا استسقى الإمام في خطبة الجمعة أو في غيرها إذا استسقى شرع له رفع اليدين بالدعاء. فهذا كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام، وهكذا في الدعوات الأخرى لو دعا في الضحى والتهجد دعا ربه، ولو من دون صلاة رفع يديه ودعا، هذا كله طيب، الدعاء من أسباب الإجابة ففي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: «إن ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا (¬1)» وهو حديث لا بأس به. وفي حديث الرجل الذي دعا في السفر، قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: … «ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه للسماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام قال الرسول صلى الله عليه وسلم: فأنى يستجاب ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه برقم (23202)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1488)، والترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3556)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء برقم (3865).

لذلك (¬1)» أني يستجاب له؟ لأجل أكله للحرام، ولكن ذكر من أسباب الإجابة رفع اليدين، ولكن منعت الإجابة بسبب تعاطيه الحرام في ملبسه ومشربه ومأكله، نسأل الله العافية. الحاصل أن رفع اليدين في الدعاء من أسباب الإجابة، لكن في المواضع التي رفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم أو في المواضع التي لا يحرم فيها رفع ولا ترك، فهذا يرفع الإنسان يديه إذا دعا، أما بعد الفريضة فلم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه بعد الفرائض الخمس ولا بعد الجمعة، فالسنة لنا ألا نرفع تأسيا به عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب، وتربيتها، برقم (1015).

س: يسأل المستمع ويقول: هل رفع اليدين بالدعاء بعد الصلوات المكتوبة أو النوافل جائز أم لا؟ وإذا كان فمتى يجوز ذلك؟ أفيدونا مأجورين (¬1) ج: رفع الأيدي في الدعاء مستحب، ومن أسباب الإجابة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (390).

يديه أن يردهما صفرا (¬1)» يعني خاليتين، فيستحب رفع اليدين في الدعاء، إذا دعا ربه في بيته، في السفر، في أي مكان يرفع يديه ويدعو، يجتهد في الدعاء، ويلح في الدعاء، هذا من أسباب الإجابة، ومن هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: وقال تعالى: ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب, ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك (¬4)» يعني بعيد أن يستجاب له ولو مد يديه، ولو ألح في الدعاء مع تعاطيه الحرام، وتلبسه بالحرام في مأكله ومشربه، ونحو ذلك، يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن رفع اليدين من أسباب الإجابة، وهكذا الإلحاح في الدعاء من أسباب الإجابة، لكن قد يوجد مانع وهو الأكل الحرام، ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه برقم (23202)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1488)، والترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3556)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء برقم (3865). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب، وتربيتها، برقم (1015). (¬3) سورة البقرة الآية 172 (¬2) {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ} (¬4) سورة المؤمنون الآية 51 (¬3) {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا}

فالذي يتعاطى أكل الحرام هذا من أسباب حرمان الإجابة، وهكذا الغفلة عن الله، والإعراض عن الله، وكثرة المعاصي من أسباب حرمان الإجابة، ولكن لا يرفع في المواضع التي ما رفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم، المواضع التي لم يرفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم لا نرفع فيها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم يتأسى به في الفعل والترك، هو الأسوة كما قال الله جل وعلا: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (¬1) فكما أننا نتأسى به في الفعل نتأسى به في الترك، رفع يديه لما استسقى على المنبر يوم الجمعة، لما سأل الله الغيث رفع يديه في خطبة الجمعة على المنبر، نرفع أيدينا إذا استغثنا، نطلب الغيث، نطلب المطر، يرفع الإمام يديه والمأمومون يرفعون أيديهم يدعون الله، ويؤمنون على دعاء الإمام، وهكذا إذا دعا بينه وبين نفسه في بيته، في آخر الليل، في الضحى، في أي وقت يدعو ويرفع يديه، أو بعد صلاة النافلة، إذا صلى بعض الأحيان دعا ربه بعد صلاة النافلة، الضحى أو في الليل، أو في أي وقت، لكن في صلاة الفريضة لا يرفع يديه إذا سلم؛ لأن النبي ما كان يرفع يديه في الفريضة، ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب الآية 21

لم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه بعد الفرائض. فنحن لا نرفع نتأسى به عليه الصلاة والسلام، وهكذا في خطبة الجمعة إذا دعا لا يرفع؛ لأن الرسول ما كان يرفع في دعاء الجمعة إلا إذا استسقى خاصة، فإذا دعا في خطبة الجمعة أو في خطبة العيد لا يرفع؛ لأن النبي لم يرفع عليه الصلاة والسلام، وإذا سلم من الفريضة الفجر أو الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء لا يرفع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما رفع، وهكذا بين السجدتين دعا بين السجدتين لا يرفع يديه، وهكذا في آخر الصلاة قبل أن يسلم لا يرفع يديه؛ لأن الرسول لم يرفع في هذه المواضع، فلما ترك نترك تأسيا به عليه الصلاة والسلام. لكن لو جلس في مثل بيته، الضحى، ثم دعا ورفع يديه، وفي الليل إذا رفع يديه في أي وقت، تذكر حاجة ورفع يديه هذا الدعاء لا بأس به، لكن المواضع التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرفع فيها لا نرفع فيها، مثل بين السجدتين، الدعاء في آخر الصلاة قبل السلام، مثل الدعاء في خطبة الجمعة، خطبة العيد، لا نرفع لكن في دعاء الاستسقاء نرفع أيدينا، بعد صلاة الفريضة إذا سلم من الفريضة ودعا لا يرفع يديه، يدعو بينه وبين نفسه بعد الذكر، إذا دعا بعد الذكر بينه وبين نفسه لا بأس، لكن لا يرفع يديه؛ لأن الرسول لم يرفع عليه الصلاة والسلام، والواجب على أهل

الإيمان التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم في أعماله وأقواله وفي فعله وفي تركه عليه الصلاة والسلام.

س: هل يجوز رفع الأيدي عند الدعاء بعد الصلاة أم لا؟ ذلك بأننا سمعنا من بعض الإخوة أنه بدعة فما الجواب على ذلك؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: رفع الأيدي عند الدعاء من أسباب الإجابة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه عند الدعاء، ولما استسقى بالمسلمين رفع يديه بالدعاء، وفي خطبة الجمعة إذا استسقى، وهكذا لما خرج إلى الصحراء وصلى بالناس صلاة الاستسقاء رفع يديه في الخطبة ودعا، فرفع اليدين من أسباب الإجابة، يقول صلى الله عليه وسلم: «إن ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا خائبتين (¬2)» فالله جل وعلا كريم جواد، وحيي سبحانه وتعالى، يجب من عباده أن يتضرعوا إليه بالدعاء، وأن يجتهدوا في الدعاء، وأن يرفعوا الأيدي في الدعاء، هذا من أسباب الإجابة، لكن إذا كان الدعاء في محل لم يرفع فيه النبي ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (277). (¬2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه برقم (23202)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1488)، والترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3556)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء برقم (3865).

يديه لا نرفع؛ لأن النبي يقتدى به في الفعل والترك عليه الصلاة والسلام، وإذا كانت عبادة ما رفع فيها لا نرفع فيها، مثل خطبة الجمعة إذا لم يستسق لا يرفع في الدعاء ولا في خطبة العيد إذا لم يستسق، وكذلك في دعائه بين السجدتين ما كان يرفع، وهكذا دعاؤه في آخر الصلاة قبل أن يسلم فلا يرفع في هذا، وهكذا بعد الفريضة إذا سلم من الفريضة: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، ما كان يرفع فلا نرفع في هذه المواضع؛ لأن الرسول ما رفع فيها صلى الله عليه وسلم، وهو قدوة في فعله وتركه عليه الصلاة والسلام.

رفع اليدين والمصافحة بعد الصلاة

58 - حكم رفع اليدين والمصافحة بعد الصلاة س: بعد السلام من الصلاة وبعد ختم الصلاة يرفع بعض الإخوة أيديهم بالدعاء، فهل هذا مستحب أم جائز أم مكروه مع العلم أنهم لا يمسحون وجوههم بأيديهم، وبعد هذا الدعاء قد يصافح جار جاره في الصف على أنه لم يره منذ أيام وهم جالسون، فهل هذه المصافحة أيضا من المسنونات أم هي بدعة؟ (¬1) ج: رفع اليدين بالدعاء من أسباب الإجابة، وقد دلت الأدلة الشرعية ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (141).

من الأحاديث الصحيحة على أن رفع اليدين سنة في الدعاء ومن أسباب الإجابة، ومن ذلك الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في الصحيح، يقول صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: وقال تعالى: ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب. ومطعمه حرام، ومشربه حرام وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك؟ (¬3)» فجعل رفع اليدين من أسباب الإجابة لولا تعاطيه الحرام، وهكذا الحديث الآخر وهو حسن لا بأس به، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن ربك حيي كريم، فيستحي من العبد إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا (¬4)» هذا يدل على أنه من أسباب الإجابة، وفي الباب أحاديث كثيرة دلت على أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في الدعاء عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك دعاؤه في ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب، وتربيتها، برقم (1015). (¬2) سورة البقرة الآية 172 (¬1) {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} (¬3) سورة المؤمنون الآية 51 (¬2) {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} (¬4) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه برقم (23202)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1488)، والترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3556)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء برقم (3865).

الاستسقاء، كان يرفع يديه ويبالغ عليه الصلاة والسلام، وهكذا في أحاديث كثيرة دعا لقوم فرفع يديه ودعا لآخرين فرفع يديه، فرفع اليدين سنة. لكن بعض المواضع التي ما رفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع فيها هي سنة، لكن أي موضع وجد في عهده صلى الله عليه وسلم ولم يرفع فيه لا نرفع فيه تأسيا به صلى الله عليه وسلم؛ لأن تركه سنة وفعله سنة عليه الصلاة والسلام، مثلا الفريضة إذا سلم منها لا يرفع يديه، إذا دعا بعد السلام، ولا قبل السلام حين دعائه قبل أن يسلم في آخر التحيات، لا يرفع يديه، وهكذا بين السجدتين، إذا دعا: رب اغفر لي، لا يرفع يديه؛ لأن الرسول ما رفع في هذا عليه الصلاة والسلام، هكذا في خطبة الجمعة ما رفع عند خطبته صلى الله عليه وسلم إذا دعا، وخطبة العيد وإنما رفع في الاستسقاء لما خطب ولما دعا في الاستسقاء رفع يديه، فنرفع كما رفع عليه الصلاة والسلام، أما صلاة النافلة إذا دعا بعدها ورفع يديه فلا حرج، لكن إذا ترك ذلك بعض الأحيان حتى لا يظن أنه سنة دائمة يكون حسنا؛ لأنه لم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يواظب على رفع اليدين بعد النوافل، فإذا رفع بعض الأحيان فحسن، وهكذا المصافحة لجاره عن يمينه وشماله سنة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم شرع المصافحة للأمة،

والمصافحة من أسباب مغفرة الله للذنوب، وكان الصحابة إذا تلاقوا تصافحوا، فإذا لقي أخاه في الصف صافحه، وإذا دخل في الصف ولم يصافحه حتى صلى الفريضة أو صلى الراتبة صافحه، هذا السنة؛ لأنها من أسباب الألفة والمحبة، وإزالة الشحناء، فكونه يصافحه بعد النافلة أو بعد الفريضة، إذا كان ما صافحه قبل ذلك حين تلاقيا في الصف فهذا كله سنة، ولا بأس به. أما مسح الوجه بالدعاء فقد ورد فيه أحاديث ضعيفة، تركه أولى، وقد جمع بعض أهل العلم بأنها لتعددها يشد بعضها بعضا، وتكون من قبيل الحسن لغيره كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في البلوغ في آخره عند ذكر الدعاء. ذكر أن مجموعها يقضي بأنه حديث حسن، ولكن في هذا القول نظر؛ لأنها ضعيفة، والأحاديث الصحيحة ليس في مسح الوجه، فالرسول صلى الله عليه وسلم دعا في مواضع كثيرة في الاستسقاء وفي غير الاستسقاء ولم يحفظ عنه أنه مسح وجهه عليه الصلاة والسلام، والأفضل الترك، الأفضل والأحسن الترك، وإن مسح اعتمادا على قول من قال: إن الحديث حسن في المسح فلا حرج عليه إن شاء الله. والمصافحة على أنها عبادة بعد الصلاة مباشرة لا بأس بهذا؛ لأنها من وسائل المحبة والألفة وإزالة الشحناء، وكان الصحابة إذا تلاقوا

تصافحوا، يقول أنس رضي الله عنه: «كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا (¬1)» كانوا يصافحون النبي صلى الله عليه وسلم، ويصافحهم عليه الصلاة والسلام، فالمصافحة عند اللقاء سنة ومن أسباب الألفة والمحبة، ولو أن إنسانا لقي أخاه ولم يصافحه لكان ذلك من أسباب الوحشة، ولاستنكر ذلك، وقال: ما شأنه، ما باله، لماذا؟ المقصود أن هذا هو المعروف بين المسلمين المصافحة عند اللقاء والسؤال عن الحال والعيال، كل هذا أمر معروف ومن أسباب الألفة والمحبة. ولا يشترط لذلك فاصل عند اللقاء في الطريق، في الصف بعد الصلاة، بعد الصلاة، بعد الفريضة، بعد النافلة، يتصافحان. ولا حرج لو دخلت أنت وهو المسجد وجلستما، ثم بعد تأدية الصلاة صافح بعضكم بعضا، لكنه ما هو متأكد في هذا لأنكما دخلتما جميعا، لكن لو صافحته فلا بأس؛ لأن الشغل بالصلاة شغل، والصلاة فيها شغل عظيم، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «إن في الصلاة ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (97).

لشغلا (¬1)» والرسول صلى الله عليه وسلم لما سلم عليه الأعرابي الذي دخل المسجد وصلى ونقر الصلاة سلم عليه مرات فرد عليه السلام، وهو عنده صلى ثم سلم فرد عليه السلام، وقال: «ارجع فصل فإنك لم تصل (¬2)» ثم رجع فسلم عليه فرد عليه السلام وهو ينظر إليه قريب منه، ينظر على صلاته، ولم يقل له: سلمت أولا، يكفي السلام الأول، اللهم صل وسلم عليه. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب لا يرد السلام في الصلاة، برقم (1216). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها ..... ، برقم (757)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (397) ..

س: ما حكم رفع اليدين بعد الصلاة المفروضة للجميع من أجل الدعاء وكذلك رفع اليدين إذا كان منفردا؟ (¬1) ج: رفع اليدين بعد الفريضة: لا يجوز، لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، فما كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه بعد الفريضة لا في الظهر، ولا في العصر، ولا في العشاء، ولا في ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (163).

الفجر، ولا في الجمعة، فلا يجوز للمسلم أن يرفع لأن هذا حدث بدعة لا جماعيا ولا فرديا، وليس للإمام أن يفعل ذلك مع الدعاء الجماعي؛ لأن هذا محدث، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)» وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)» فالواجب على أهل الإسلام التمسك بالشريعة والحذر من البدع، وكان النبي يقول في خطبة الجمعة: «أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬3)» لكن يرفع يديه في الدعاء عند دعاء الاستغاثة، إذا استغاث المسلمون أو استسقى ولي الأمر في خطبة الجمعة، أو في صلاة الاستسقاء، أو بعض خطباء المساجد إذا استسقوا ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (867).

ودعوا الله أن يغيث المسلمين، السنة رفع اليدين، وهكذا إذا دعا لنفسه والمسلمين بأن يدعو ويرفع يديه بدعائه في غير صلاة الفريضة لا بأس؛ لأن هذا من أسباب الإجابة لكن شيء ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم لا تفعله، إذا سلمت من الفريضة لا ترفع يديك، أو من الجمعة لا ترفع يديك، لكن إذا دعوت في أوقات أخرى أو بعد النافلة لا بأس أن ترفع يديك، وكذلك إذا حدث حادث ودعوت ربك أن الله يرفع هذا الحادث عن المسلمين أو عنك في بيتك أو في أي مكان ترفع يديك، كل هذا لا بأس به، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حدث حادث رفع يديه ودعا، وهكذا إذا طلب منه بعض أصحابه أن يدعو رفع يديه ودعا عليه الصلاة والسلام، ودعا في الاستسقاء عليه الصلاة والسلام.

س: هل يجوز للمسلم أن يرفع يديه عند الدعاء بعد السنة التي بعد الفريضة أم لا حيث إن بعض الناس ينكر ذلك ويقول: إنه بدعة ولو رفع يديه للدعاء بعد الفريضة مباشرة هل ينكر على فاعله؟ (¬1) ج: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه بعد الفريضة وبعد السنة، إنه يذكر الله ويدعو ولكن من دون رفع يدين بعد الفرائض ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (77).

الخمس، أما بعد النافلة فلا أعلم بعد التتبع الكثير ما أعلم أنه رفع يديه بعد النافلة عليه الصلاة والسلام، ولكن عموم الأحاديث الدالة على أن رفع اليدين من أسباب الإجابة يقتضي أنه لا مانع من رفعها بعض الأحيان، لا يكون دائما، كما يرفعها إذا لمت به مصيبة، يرفع يديه ويدعو ولو من دون صلاة، فإذا صلى ورفع يديه يطلب المغفرة، ويطلب حاجته التي لمت به فلا بأس بذلك، أما اتخاذ هذا عادة كلما صلى رفع يديه فالأولى ترك ذلك، وقد ورد فيه حديث ضعيف لا يتعلق به، ولكن ينبغي أن يكون ذلك تارة تارة، وألا يستديم ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يفعل هذا، ولو كان سنة لفعله صلى الله عليه وسلم، فلما لم يفعله دل ذلك على أنه ليس بسنة فلا يداوم عليه، وإذا فعله بعض الأحيان لحاجة لطلب ما ينفعه في الدنيا والآخرة، أو فعل رفع اليدين من دون صلاة عندما يدعو، هذا كله طيب، ورفع اليدين من أسباب الإجابة، وفي الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: «إن ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما صفرا (¬1)» وفي الحديث الآخر يقول صلى الله عليه وسلم لما ذكر أن الله تعالى ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه برقم (23202)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1488)، والترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3556)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء برقم (3865).

طيب لا يقبل إلا طيبا، ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب. ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام «فأني يستجاب لذلك؟ (¬1)» فدل على أن رفع اليدين والإلحاح في الدعاء من أسباب الإجابة، لكن لما كان هذا الرجل قد تلبس بالحرام صار تعاطيه الحرام في شربه وأكله ولباسه من أسباب منع الإجابة، لا حول ولا قوة إلا بالله. والخلاصة أن رفع اليدين من أسباب الإجابة عند الدعاء في المواضع التي كان يرفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم، وفي المواضع التي لم يثبت فيها رفع، ولم توجد أسبابها في عهده صلى الله عليه وسلم، فهذه يرفع فيها أيضا إذا أراد الدعاء، أما الأسباب التي في عهده ولم يرفع فيها مثل صلاة الفريضة لم يرفع فيها عليه الصلاة والسلام فإننا نترك كما ترك عليه الصلاة والسلام، مثل خطبة الجمعة لم يرفع، فنترك لا نرفع، مثل دعاء في آخر الصلاة قبل أن يسلم وبعد السلام ما رفع فلا نرفع في صلاة الفريضة، مثل الدعاء بين السجدتين ما رفع فلا نرفع، بل ندعو واليدان على الفخذين أو على الركبتين من غير رفع لأننا ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب، وتربيتها، برقم (1015).

نتأسى به ونقتدي به عليه الصلاة والسلام، فلو كان الرفع مشروعا في هذه الأمور لرفع عليه الصلاة والسلام، أما الدعوات التي رفع فيها مثل الدعاء في خطبة الاستسقاء نرفع؛ لأنه رفع صلى الله عليه وسلم، مثل الدعاء على الصفا والمروة في السعي، مثل الدعاء في عرفة في مزدلفة نرفع أيدينا؛ لأنه رفع عليه الصلاة والسلام في ذلك يده، كذلك الدعاء عند الجمرة الأولى والثانية في أيام التشريق فإنه لما دعا صلى الله عليه وسلم عند الأولى تقدم وجعلها عن يساره، ورفع يده ودعا عليه الصلاة والسلام، ولما رجم الثانية أخذ ذات الشمال وجعلها عن يمينه، ورفع يده واستقبل القبلة ودعا، هذا كله مشروع لأنه فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فأما الشيء الذي لم يثبت عنه أنه رفع أو ترك فنحن مخيرون إن رفعنا؛ فالرفع من أسباب الإجابة، وإن تركنا فلا بأس، أما الشيء الذي فعله ولم يرفع فيه مثل ما تقدم هذا لا نرفع فيه، مثل خطبة الجمعة، مثل الفرائض الخمس إذا سلمنا منها لا نرفع، أو في التحية لا نرفع، أو بين السجدتين لا نرفع؛ لأنه لم يرفع عليه الصلاة والسلام فيها، والخير فيما فعله عليه الصلاة والسلام. لكن إن فعله الإنسان بعد النافلة فلا ينكر عليه، أما بعد الفريضة فينكر عليه؛ لأنه فعل شيئا ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم،

وأسباب النزول في عهده عليه الصلاة والسلام، فلم يفعله، فلو كان سنة لفعله صلى الله عليه وسلم، أما النوافل فأمرها أوسع لكن لا نرى المداومة؛ لأن الرسول ما داوم، ولو داوم لعرف ولنقله الصحابة وبينوه عليه الصلاة والسلام.

الدعاء بعد النافلة

59 - حكم الدعاء بعد النافلة س: من صلى ثم تنفل، ما رأيكم في الدعاء بعد هذه النافلة التي هي بعد الفريضة؟ (¬1) ج: لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم فيما نقل، لكن لو فعله بعض الأحيان نرجو ألا يكون فيه بأس، أما المداومة فالأولى تركها. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (77).

المداومة على رفع اليدين بالدعاء بعد الصلاة

60 - حكم المداومة على رفع اليدين بالدعاء بعد الصلاة س: هل يجوز للمؤتم أو الإمام أن يرفع يديه بالدعاء بعد كل صلاة أو فريضة؟ لأن كثيرا من الناس لا ينتهون عن ذلك، أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (250).

ج: لا أعلم بهذا من الدعاء الشرعي رفع اليدين بعد الفريضة، ولم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك ولا عن أصحابه فيما نعلم، فالسنة عدم الرفع لا بعد الظهر ولا بعد العصر ولا بعد المغرب ولا بعد العشاء ولا بعد الفجر، فذكر الله يأتي في الأذكار الشرعية، ويدعو لما أحب بينه وبين نفسه من دون رفع اليدين، هذا هو السنة، أما بعد النوافل فلا أعلم فيه شيئا. أما في بعض الأحيان فلا بأس، أحيانا النوافل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعضها في البيت وبعضها في المسجد فالأمر واسع، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم كما نعلم أنه كان يحافظ على الرفع بعد النوافل، لكن عموم الأحاديث أن رفعها من أسباب الإجابة، يدل على أنه لو رفعها في بعض الأحيان لا حرج إن شاء الله.

قول اللهم أنت السلام أحينا ربنا بالسلام بعد الصلاة

61 - حكم قول: اللهم أنت السلام أحينا ربنا بالسلام بعد الصلاة س: الأخ س. ش، سوداني الجنسية يقول: يسكن معي في مكان العمل أخ في الإسلام مصري الجنسية، ونصلي جماعة ونختلف بعد الصلاة؛ لأني أقول بعد الصلاة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬1)، ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 2

اللهم أنت السلام ومنك السلام، أحينا ربنا بالسلام، وأدخلنا الجنة دارك دار السلام، تباركت وتعاليت، أستغفر الله العظيم من كل ذنب وأتوب إليه. ويقول هو: هذا خطأ، قل: أستغفر الله ثلاث مرات، فهذا هو القول الصحيح. وجهوني حول ما قلت وحول ما قال صاحبي، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الذي قاله صاحبك هو الصواب، وقد ثبت في صحيح مسلم عن ثوبان رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته – يعنى إذا سلم من صلاته – قال: «أستغفر الله – ثلاثا – اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام (¬2)» هذا هو المشروع، أما الحمد له، وقول: أحينا بالسلام. وما ذكرت في كلامك هذا لا أصل له بعد السلام، وإنما المشروع ما قاله صاحبك: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله. ثم تقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. هذا هو السنة، وإذا كان القائل إماما انصرف إلى الناس بعد ذلك بعد قوله: اللهم أنت السلام ومنك السلام، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (179). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591).

تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ينصرف إلى الناس ويعطيهم وجهه، يستغفر الله ثلاثا ويقول: اللهم أنت السلام ...... إلى آخره، ثم ينصرف إلى الناس ويعطيهم وجهه إذا كان إماما. أما المأموم والمنفرد فيبقى على حاله مستقبلا القبلة، ويقول الجميع بعد ذلك: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. رواه مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول هذا إذا سلم من صلاته؛ يعني بعد الاستغفار ثلاثا، وبعد: اللهم أنت السلام وفي الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنه قال: كان النبي يقول بعد الصلاة إذا سلم: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (¬1)» فقد اتفق مع ابن الزبير على قول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير (¬2)» وزاد على ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593). (¬2) أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب منه، برقم (3534).

ابن الزبير: «اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (¬1)» ابن الزبير زاد عليه: «لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (¬2)» وكلا الحديثين صحيح، فالسنة الإتيان بالجميع، السنة الإتيان بما ذكره ابن الزبير وبما ذكره المغيرة رضي الله عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام مع ما ذكره ثوبان حين السلام، فيبدأ أولا بما قاله ثوبان: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام. من حين يسلم، ثم يأتي بهذه الأذكار بعد ذلك، والإمام يأتي بها بعد انصرافه إلى الناس، بعدما يقول: اللهم أنت السلام ......... إلخ، يأتي بهذه الأذكار، وفي بعضها زيادة: يحيي ويميت. و: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. فإذا زاد: يحيي ويميت فلا بأس، كله طيب، كله حسن، وإذا قالها تارة وتركها تارة كله حسن. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593). (¬2) أخرجه الترمذي في أبواب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب منه، برقم (3534).

رفع اليدين بالدعاء عقب الصلاة

62 - مسألة في رفع اليدين بالدعاء عقب الصلاة س: ما حكم رفع اليدين بالدعاء عقب الصلاة؟ (¬1) ج: لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم رفع اليدين بعد الفرائض الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، أما النافلة فالأمر فيها واسع، إذا رفع بعض الأحيان فالأمر فيها واسع أخذا بعموم الأدلة التي دلت على أن رفع اليدين من أسباب الإجابة، فإذا رفع بعض الأحيان بعد صلاة النافلة أو في الأوقات الأخرى فذلك من أسباب الإجابة، أما كونه يلزم كلما صلى يرفع يديه في النافلة فالأولى ترك ذلك، لأن هذا لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم، فدل ذلك على أنه لم يكن يفعله دائما، أما كونه يفعله بعض الأحيان فلا بأس إن شاء الله لعموم الأدلة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (269).

رفع اليدين في الدعاء ومسح الوجه بهما

63 - حكم رفع اليدين في الدعاء ومسح الوجه بهما س: ما حكم رفع اليدين بعد الصلاة بالدعاء، وما حكم مسح الوجه بعد الانتهاء من الدعاء؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: رفع اليدين في الدعاء من أسباب الإجابة، ولكن المواضع التي ما ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (228).

رفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم لا نرفع فيها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا (¬1)» فإذا دعا في آخر الليل أو في أي وقت ورفع يديه إليه سبحانه كان هذا من أسباب الإجابة، لكن بعد الفريضة ما يرفع يديه؛ لأن الرسول ما كان يرفعها بعد الفريضة الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، والفجر، أو الجمعة. وهكذا في خطبة الجمعة، وخطبة العيد ما كان يرفع إلا في الاستسقاء، إذا طلب الغيث رفع يديه ولو في خطبة الجمعة أو في أي مكان، وهكذا إذا كان في غير صلاة ودعا يرفع يديه ويدعو، وهكذا بعد النافلة، إذا رفع يديه بعد النافلة في بعض الأحيان ودعا لا بأس لكن لا يكون مستمرا؛ لأنه لم يحفظ عنه أنه كان يستمر في رفع يديه بعد النافلة، فإذا رفع بعض الأحيان ودعا لا بأس، أما مسح الوجه باليدين فقد اختلف فيه العلماء: منهم من رأى استحبابه، ومنهم من رأى عدم استحبابه؛ لأن الأحاديث الصحيحة ليس فيها مسح الوجه بعد الدعاء، وجاء فيها أحاديث ضعيفة أنه مسح بيديه، مسح بهما وجهه، فإن فعل فلا حرج، وإن ترك فهو أفضل؛ لأن بعض أهل العلم ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه برقم (23202)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1488)، والترمذي في كتاب الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3556)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء برقم (3865).

جعل الأحاديث التي جاءت في مسح الوجه متعاونة ومتعاضدة، وجعلها من قسم الحسن، واستحب مسح الوجه، منهم ابن حجر رحمه الله في البلوغ، ذكر أنها يشد بعضها بعضا، وقال آخرون: لا يستحب لأنها ضعيفة. فالحاصل أن الأمر في هذا واسع إن شاء الله، من مسح فلا حرج، ومن ترك لعله أفضل وأولى؛ لأن الأحاديث ليس فيها مسح.

الدعاء بعد كل صلاة ورفع الأيدي

64 - حكم الدعاء بعد كل صلاة ورفع الأيدي س: هل يكره الدعاء بعد كل صلاة، ورفع الأيدي هل هو بدعة؟ (¬1) ج: الدعاء بعد الصلاة لا يكره بل مستحب، كونه يدعو بينه وبين ربه، في آخر الصلاة وبعد الصلاة بعد الذكر كل هذا جاء في الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا دعا في آخر الصلاة قبل أن يسلم هذا أفضل، وإن دعا بعد السلام وبعد الذكر فلا بأس بينه وبين ربه، أما أن يكون الدعاء جماعيا من الجماعة أو مع الإمام هذا غير مشروع بل بدعة، أو يكون مع رفع الأيدي هذا بدعة بعد الفرائض، لم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه بعد الفرائض الخمس، ولم يحفظ عن أصحابه رضي الله عنهم فيما بلغنا، فليس للناس أن يحدثوا ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (106).

شيئا لم يفعله المصطفى عليه الصلاة والسلام ولا أصحابه، لكن الدعاء لا بأس به بينه وبين ربه قبل السلام وبعد السلام لا بأس. أما رفع الأيدي من الجماعة أو من الإمام أو من الجميع بالدعاء كل هذا بدعة، وهكذا إذا دعوا جميعا دعاء جماعيا وذكرا جماعيا فهو بدعة، بل كل يذكر الله في نفسه، ويدعو لنفسه من دون حاجة أن يكون معه آخر يرفع الصوت معه، نسأل الله للجميع الهداية.

قراءة الفاتحة بعد الصلاة وتثويبها للأموات

65 - حكم قراءة الفاتحة بعد الصلاة وتثويبها للأموات س: ما حكم قراءة الفاتحة بعد الصلاة، ذلك أن أحد الأشخاص قال: إننا نتوسل بها إلى الله أن يغفر لنا ولوالدينا، ونهديها إلى موتانا، ثم إلى روح النبي صلى الله عليه وسلم، ما حكم ذلك، هل يصل ثوابها إلى روح الموتى؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا نعلم لهذا أصلا، والعبادات بالتوقيف والأدلة لا بالآراء والأهواء، العبادات توقيفية لا يشرع منها إلا ما شرعه الله ورسوله، ولا نعلم في الأدلة الشرعية شرعية قراءة الفاتحة بعد الصلاة وتثويبها للموتى، ولا الاجتماع على قراءتها لطلب الثواب، كل هذا لا أصل له، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (168).

وإنما المشروع للمؤمن أن يقرأ القرآن ليتدبر ويتعقل ويستفيد وليحصل له الأجر بذلك، أما أن يخترع شيئا ما شرعه الله في وقت لم ترد فيه السنة هذا ليس بجائز؛ لأن الرسول عليه السلام يقول: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)» ولم يرد عنه فيما نعلم من الشرع أنه شرع للأمة قراءة الفاتحة بعد كل صلاة أو تثويبها للموتى، أو قراءتها بصفة جماعية في أي وقت من الأوقات، كل هذا لم يرد ولم نعرفه من الشرع المطهر، والواجب على أهل الإيمان وأهل الإسلام أن يسعهم ما وسع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وليس لأحد أن يحدث شيئا لم يشرعه الله، ولم يرد أيضا أن القرآن يقرأ للموتى ويثوب للموتى، وإن كان قاله جمع من أهل العلم، لكن أقوال العلماء تعرض على الكتاب والسنة، فما وافق النص قبل وما لا فلا، وقد تأملت هذه المسألة فلم أجد في النصوص ما يدل على قراءة القرآن للموتى وتثويبه للموتى، ولكن المشروع الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة والجنة، بالسعادة بالعفو والمسامحة، الصدقة عنهم، الحج عن الميت، العمرة عن الميت، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

قضاء الدين عن الميت، كل هذا مشروع، أما أن يصلى عنه أو يقرأ عنه فليس له أصل، أو يصام عنه تطوعا فليس له أصل، أما إذا كان عليه صوم فريضة مات ولم يقضه فإنه يشرع الصيام عنه، كأن يكون عليه صوم من رمضان، تساهل فلم يقضه أو كفارة فإنه يصام عنه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه (¬1)» متفق على صحته. وسأله جماعة عليه الصلاة والسلام، منهم امرأة تقول: إن أمي نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها، قال صلى الله عليه وسلم: «نعم حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين، أكنت قاضية؟ اقضوا الله؛ فالله أحق بالوفاء (¬2)» هذا هو المشروع، والواجب على المؤمن والمؤمنة التقيد بما جاء به الشرع، وعدم إحداث شيء لم يشرعه الله تعالى، لا في الصوم ولا في القراءة ولا في الصلاة ولا في غير ذلك، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم باب من مات وعليه صوم برقم (1952)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت، برقم (1147). (¬2) أخرجه البخاري، في كتاب الحج، باب الحج والنذور عن الميت والرجل يحج عن المرأة، برقم (1852).

الدعاء الجماعي بعد الصلاة المكتوبة

66. حكم الدعاء الجماعي بعد الصلاة المكتوبة س: الأخ ع. أ. س. من ليبيا يسأل عن الدعاء الجماعي بعد الصلاة المكتوبة (¬1) ج: الدعاء الجماعي بعد الصلاة المكتوبة أو في غيرها بدعة لا أصل له حتى في غير الصلاة، كونهم يدعون دعاء جماعيا ما له أصل، إنما الإنسان يدعو لنفسه، أو يدعو ويؤمن إخوانه، كالقنوت يدعو الإمام ويؤمن المأمومون، أما أن يدعوا بصوت واحد جماعيا فهذا لا أصل له ولا سيما عقب الصلاة، كل هذا بدعة، فالإنسان يدعو لنفسه بينه وبين ربه في آخر الصلاة قبل أن يسلم، أو بعد السلام بينه وبين ربه، يدعو من دون رفع اليدين لا بأس في هذا، بينه وبين نفسه، أما أن يدعو الإمام ويرفع يديه وهم يرفعون أيديهم معه ويدعون فهذا لا أصل له، وليس من الشرع، وهكذا رفع الصوت بالدعاء جماعيا بصوت واحد كل هذا لا أصل له، لا في المسجد ولا في غير المسجد. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (176).

الاستغفار بصوت مرتفع وقول الفاتحة إلى روح النبي صلى الله عليه وسلم

67 - حكم الاستغفار بصوت مرتفع وقول: الفاتحة إلى روح النبي صلى الله عليه وسلم س: الأخ ص. ح. ج. اليماني من مدينة الطائف يسأل ويقول: هل يجوز

الاستغفار بصوت مرتفع، وبعد ذلك يقول الإمام: الفاتحة بقبول الدعاء وقبول الصلاة ثم إلى روح النبي صلى الله عليه وسلم؟ (¬1) ج: فالمشروع للمسلمين بعد الفراغ من صلاة الفريضة أن يقول الإمام والمأموم بعد السلام: أستغفر الله. بصوت يسمعه من حولهم، أستغفر الله، أستغفر الله – ثلاث مرات – اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم يقول كل واحد بعد ذلك: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، فقد ثبت هذا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بعد كل فريضة، بعضه من حديث ثوبان وبعضه من حديث ابن الزبير وبعضه من حديث المغيرة بن شعبة، هذا السنة للجميع، برفع الصوت المناسب الذي ليس فيه إزعاج وليس فيه خفض صوت، لكن صوت مناسب يسمعه من حول المسجد من عند الباب حتى يعلموا أن الصلاة انتهت. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (151).

قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: كان رفع الصوت في الذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وقال: «كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته (¬1)» فقد كان صبيا قد لا يحضر، كان يسمع هذا فيعرف أن الناس قد صلوا. وفي لفظ آخر قال: «كنت أعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير (¬2)» لأنه يشرع للناس أن يكبروا ثلاثا وثلاثين ويسبحوا ثلاثا وثلاثين، ويحمدوا الله ثلاثا وثلاثين بعد كل صلاة من الصلوات الخمس. هذا هو المشروع، أما قول الإمام: الفاتحة بقبول الصلاة. أو رفع الصوت بالدعاء جماعيا فإن هذا بدعة لا يجوز، بل كل واحد يذكر الله بنفسه لا بصوت جماعي، ولا يشترط لهم أن يقرؤوا الفاتحة لقبول الدعاء، هذا غير مشروع تلاوة الفاتحة بعد كل صلاة، إنما المشروع بعد كل صلاة قراءة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3) والمعوذتين بينه وبين نفسه، أما قراءة ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (841)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (583). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة برقم (842)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الذكر بعد الصلاة برقم (583) بلفظ (كنا نعرف). (¬3) سورة الإخلاص الآية 1

الفاتحة فلم يرد في الأحاديث الصحيحة ما يدل على ذلك، فقراءتها عند الدعاء بقصد الدعاء ليس له أصل، ولكن يستحب عند الدعاء حمد الله والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو؛ لأن هذا من أسباب الإجابة، فإذا حمد الله وأثنى عليه قبل أن يدعو ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في خارج الصلاة أو في داخل الصلاة في آخر التحيات؛ أو في سجوده فلا بأس إذا أثنى على الله وصلى على النبي الصلاة المعروفة، ثم دعا بعد ذلك، كل هذا طيب، أما أن يكون بصوت مرتفع بعد الصلوات – صوت جماعي – فهذا منكر. والواجب على أهل الإسلام أن يتمسكوا بالشرع، وألا يزيدوا ولا ينقصوا، لا فيما يتعلق بالصلاة ولا فيما يتعلق بالأذكار بعدها ولا في غير ذلك. والعبادات عند أهل العلم توقيفية ليست بالرأي، بل وقوفها على ما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء عنه وثبت عنه فهو المشروع وما سوى ذلك فهو بدعة، والواجب على أهل الإسلام التقيد بالسنة والحذر من البدع، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة ويقول: «أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬1)» ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (867).

يحذرهم من البدع، وهي الإحداث في الدين؛ يعني إحداث عبادات ما شرعها الله، ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المتفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬1)» يعني فهو مردود، متفق عليه. ويقول صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» يعني مردود، فالواجب على المسلمين من الرجال والنساء التقيد بالشرع والتمسك بما جاء في الشرع فقط في الأذكار وغير الأذكار، في الصلاة وفي الصوم وفي الحج، وفي جميع العبادات، والله المستعان. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

التسبيح بعد الصلاة بصورة جماعية

68 - حكم التسبيح بعد الصلاة بصورة جماعية س: هل يجوز التسبيح بعد الصلاة بصورة جماعية؟ (¬1) ج: التسبيح بعد الصلاة بصورة جماعية بدعة لا يجوز، وإنما يسبح العبد بنفسه بعد الصلاة إذا سلم يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (363).

إماما أو مأموما أو منفردا في جميع الصلوات الخمس، ثم يقول بعد هذا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. مرة أو ثلاثا في جميع الصلوات الخمس، لكن في الفجر والمغرب يزيد في ذلك عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات زيادة في الفجر والمغرب، أما في الظهر والعصر والعشاء فيقول ذلك مرة واحدة أو ثلاثة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، ويستحب أن يقول بعد ذلك: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، ثم يقول بعدها: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، ثم يقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (¬1) ثم يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬3) ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 255 (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة الفلق الآية 1

و: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬1) مرة واحدة بعد الظهر والعصر والعشاء، أما بعد الفجر يكررها ثلاثا، يكرر السور ثلاث مرات، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2)، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬3)، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬4) بعد الفجر والمغرب كما ورد في حديثه عنه عليه الصلاة والسلام، أما ما سوى ذلك، وعلى صورة جماعية فهذا بدعة. ¬

_ (¬1) سورة الناس الآية 1 (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة الفلق الآية 1 (¬4) سورة الناس الآية 1

س: الأخ ي. م. ر يسأل ويقول: رأيت في أحد المساجد في بعض البلدان الإسلامية عندما ينتهون من كل صلاة فريضة يسبحون الله بشكل جماعي، أي يقول الإمام: سبحان الله. فيقول المأمومون: سبحان الله. إلى أن ينتهوا إلى ثلاث وثلاثين، ويقول الإمام: الحمد لله. ويقول المأمومون مثل قوله وهكذا، أفيدونا عن حكم مثل هذا العمل، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا العمل الذي ذكر السائل وهو أن الإمام والمأمومين يسبحون ويحمدون ويكبرون بصفة جماعية بعد كل صلاة، هذا لا أصل له ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (127).

وليس من السنن المشروعة بل هو من البدع، والرسول صلى الله عليه وسلم رغب الناس أن يسبحوا ويحمدوا ويكبروا ثلاثا وثلاثين بعد كل صلاة، ولم يكن يفعل ذلك معهم بصفة جماعية، بل كان يذكر الله في نفسه، وكل واحد من الجماعة يذكر الله في نفسه، هذا هو المشروع، وكل واحد يشتغل بنفسه، فالإمام بنفسه، وكل واحد من الجماعة كذلك، ويقول بعد السلام: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، يقوله الإمام والمأموم والمنفرد، هذا السنة لما ثبت عن ثوبان رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (¬1)» وثبت عن عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم أنه كان رسول الله إذا فرغ من قوله: «اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام (¬2)» انصرف إلى الناس وأعطاهم وجهه الكريم عليه الصلاة والسلام فهذا يدل على أن الإمام يأتي بهذا قبل أن ينصرف حال كونه مستقبل القبلة، ثم ينصرف إلى الناس فيقول: لا إله إلا الله وحده لا ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591).

شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وإن زاد قال: يحيي ويميت فكل هذا ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام، ويقول أيضا: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. هذا ثبت من فعل النبي صلى الله عليه وسلم بعضه من حديث المغيرة بن شعبة. وبعضه من حديث عبد الله بن الزبير. رضي الله عنهم جميعا وقال عليه الصلاة والسلام: «من سبح الله ثلاثا وثلاثين، وكبر الله ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين، فتلك تسع وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (¬1)» أخرجه مسلم في صحيحه. فهذا يدل على شرعية هذا الذكر، وأن كل واحد يقوله في نفسه، ما يحتاج إلى أن يكون معه غيره، فأداء ذلك بصفة جماعية من الجماعة، أو مع الإمام كل ذلك لا أصل له، وقد ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (597).

قال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)» يعني فهو مردود. وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)» متفق على صحته. فنصيحتي لمن يفعل هذا أن يدع ذلك، وأن يسبح كل واحد لنفسه مستقلا من دون مشاركة غيره، رزق الله الجميع التوفيق واتباع السنة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

دعاء الإمام وتأمين المصلين بعد كل صلاة

69 - حكم دعاء الإمام وتأمين المصلين بعد كل صلاة س: هناك أناس يدعون عقب كل صلاة، الإمام يدعو والجماعة يقولون: آمين. فما حكم ذلك في الشرع بالإجماع؟ (¬1) ج: هذا الذي سألت عنه أيها السائل لا نعلم له أصلا في الشرع، فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، إذا صلى الفجر أو الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء ما كان يفعل هذا الذي سألت عنه، وهو رفع اليدين والدعاء من الإمام والمأمومين، هذا شيء لا أساس له، ولا يشرع، بل هو بدعة؛ إذ لو كان مشروعا لنقله الصحابة وبينوه لنا عن النبي ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (96).

عليه الصلاة والسلام، ثم لو كان مشروعا قد فعله النبي صلى الله عليه وسلم لفعله الصحابة أيضا، كالخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة، ولم يثبت عنهم فيما نعلم أنهم فعلوا ذلك ولا أنهم نقلوه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فوجب تركه، والإنسان إذا أحب أن يدعو يدعو بينه وبين نفسه، من دون رفع اليدين ومن دون الاجتماع مع الإمام، بل كما جاءت به الأحاديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا بعد السلام بالذكر المعروف عنه عليه الصلاة والسلام، لكن لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه بعد السلام من الفريضة، ولا أنه دعا وأمن معه المأمومون، والخير في اتباعه عليه الصلاة والسلام، وهذه أمور ظاهرة يعلمها الناس ويراها الناس، فلو فعل شيئا من هذا لنقله الصحابة وعرفوه رضي الله عنهم وأرضاهم، فالواجب ترك ذلك؛ لأنه لم ينقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، والخير في اتباعهم، وسلوك سبيلهم رضي الله عنهم، وصلى الله على نبيه محمد وأصحابه.

قول نستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم بعد الصلاة جماعيا

70 - حكم قول: نستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم بعد الصلاة جماعيا س: عندنا في أغلب المساجد بعد الانتهاء من الصلاة نجد جميع المصلين بصوت واحد مرتفع يقولون: نستغفر الله العظيم الذي

لا إله إلا هو الحي القيوم. ثلاثا. ثم يقولون بصوت مرتفع أيضا ثلاثا: يا أرحم الراحمين ارحمنا. مع العلم أن بعض المأمومين بعد تسليم الإمام يقوم بإكمال ما فاته من ركعات، وهم يشوشون عليه بارتفاع أصواتهم، ونقول لهم: الاستغفار يكون في السر. ولكن يقولون: الوارد عن الرسول أنه كان يقرؤه جهرا – أي قراءة الأذكار دبر الصلاة جهرا – ما هو توجيهكم وما هو القول الصحيح؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا العمل الذي ذكرتم لا يشرع، وإنما الاستغفار عند السلام، إذا سلم من الصلاة استغفر ثلاثا، ثم يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. يستغفر ثلاثا بكلام يسمعه من حوله كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل، ثم يبدأ بالذكر المشروع: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (266).

منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. هذا هو المشروع، يرفع صوته بذلك رفعا لا يشغل المصلين، بل يكون رفعا متوسطا؛ لقول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: «كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته (¬1)» فدل على أنهم يرفعون أصواتهم لكنه رفع لا يضر المصلين، ولا يشوش عليهم، بل يسمعهم من حول المسجد، ومن يمر بالمسجد حتى يعلم أن الصلاة قد انتهت، ويستحب أيضا مع ذلك أن يسبح ويحمد ويكبر ثلاثا وثلاثين مرة لكل واحد من المصلين: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، الجميع تسعة وتسعون، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. هذا مشروع أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم وبينه للأمة، وأخبر أنه تكفر به الخطايا، ويستحب أيضا بعد الصلاة الفرضية أن يقرأ آية الكرسي الإمام والمأموم والمنفرد بينه وبين نفسه، ويقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) والمعوذتين كذلك بعد كل صلاة، ويكرر السور الثلاث في الفجر والمغرب ثلاث ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (841)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (583). (¬2) سورة الإخلاص الآية 1

مرات كما جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو المشروع بعد الصلوات.

حكم الدعاء بعد الصلاة مع الإمام

71 - حكم الدعاء بعد الصلاة مع الإمام س: أخبرونا عن الدعاء بعد الصلاة مع الإمام، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: كل يدعو لنفسه بعد الصلاة وفي الصلاة، يدعو في سجوده وفي آخر التحيات، يدعو لنفسه وللمسلمين، ولوالديه المسلمين إلى غير ذلك، كلها محل دعاء، السجود محل دعاء، وهكذا الصلاة قبل السلام محل دعاء، بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم محل دعاء، بين السجدتين محل دعاء، يسأل ربه المغفرة له ولوالديه، كل هذا محل دعاء، ويدعو بما أحب من الدعوات الطيبة، وإذا كانت الواردة في الأحاديث كانت أفضل، فيدعو بين السجدتين بطلب المغفرة، ويقول: اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني. في السجود يدعو بما أحب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء (¬2)» ويقول ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (275). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482).

صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم (¬1)» حري أن يستجاب لكم. وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم في السجود: «اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، أوله وآخره، وعلانيته وسره (¬2)» وهذا من أفضل الدعاء، وكان يقول صلى الله عليه وسلم لما علمهم التحيات، قال: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو (¬3)» أي في آخر الصلاة قبل أن يسلم، بعد ما يقرأ التحيات، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويتعوذ كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، يتعوذ من أربع يقول: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال (¬4)» كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله من هذه الأربع، ويأمر بالتعوذ منهن، فالسنة للمصلي في الفرض والنفل أن يتعوذ من هذه الأربع، يقول: أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. أو: ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (483). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة برقم (588).

اللهم أني أعوذ بك. كله جاء في الحديث، وكذلك يسأل ربه الجنة، ويتعوذ بالله من النار، يقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر لي ولوالدي – إذا كانا مسلمين – اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. كل هذا الدعاء الطيب، ومن جوامع الكلم يقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: «لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (¬1)» وكان صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من التشهد يتعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال، وتدعو يا عبد الله بما أحببت، والمرأة كذلك، في سجودك، وفي آخر الصلاة وبعد السلام، إذا أتيت بالأذكار تدعو بعد السلام أيضا بينك وبين نفسك، بينك وبين ربك بعد الذكر من دون رفع يدين، ما كان النبي يرفع يديه بعد الفريضة، لكن إذا رفعتها بالدعاء بعد غير الفريضة بدعاء آخر لا بأس من دعواتك في بيتك، وبعد النافلة في ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار – رضي الله عنهم – من حديث معاذ بن جبل – رضي الله عنه - حديث رقم (21621)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، حديث رقم (1522) واللفظ له، والنسائي في كتاب السهو، باب نوع آخر من الدعاء حديث رقم (1303).

بعض الأحيان، فالدعاء ورفع اليدين من أسباب الإجابة، لكن الشيء الذي ما رفع فيه النبي صلى الله عليه وسلم لا ترفع فيه، النبي ما كان يرفع بعد الفريضة عليه الصلاة والسلام، يدعو لكن من دون رفع، وهكذا بين السجدتين تدعو من دون رفع، هكذا قبل السلام تدعو من دون رفع اليدين، هكذا في خطبة الجمعة، إذا دعا الإمام في خطبة الجمعة والعيد يدعو من دون رفع اليدين، إلا إذا استسقى وطلب الغيث يرفع يديه بالاستسقاء.

س: السائل ع. ع، يقول: هل يجوز الدعاء بعد الفراغ من الصلاة جهرا؛ أي الإمام يدعو والمصلون يقولون بعده: آمين؟ (¬1) ج: هذا من أنواع البدع، كون الإنسان يجهر بالدعاء ويؤمن عليه المأمومون هذا من البدع، لكن يدعو الإنسان بينه وبين نفسه بعد الذكر، ويدعو الآخر بينه وبين نفسه بعد الذكر أو قبل السلام أفضل بعد ما يتعوذ من عذاب جهنم، وعذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، يدعو بدعوات مما ورد في الشرع، مثل: اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (394).

العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر، اللهم أعني على ذكرك وشكرك، وحسن عبادتك، اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم اغفر لي ولوالدي. إذا كانا مسلمين وما أشبه ذلك.

س: السائل ص. م، من اليمن يقول: اعتاد البعض من الناس عندنا بعد فراغ الإمام من الصلاة أن يؤدي كل شخص منا الاستغفار، والأذكار الواردة عقب الصلاة في سره، ولكن بعد ذلك يقوم الإمام بالدعاء بصوت مسموع، ويقوم المأمومون بالتأمين ورد الدعاء بعد الإمام، فهل هذا العمل صحيح أم ماذا؟ مأجورين (¬1) ج: هذا بدعة، ليس له أصل، ما كان النبي يفعله ولا الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، ولكن كل واحد يذكر الله ويدعو بينه وبين نفسه، يذكر الله الأذكار الشرعية، ويدعو بعد الأذكار بينه وبين نفسه لا بأس، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (398).

والدعاء قبل السلام أفضل، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما علم الصحابة التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال أمرهم أن يسألوا، قال: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو (¬1)» ثم ليختر من الأدعية ما شاء، فالإنسان يدعو ربه في آخر الصلاة، وإن دعا بعد الذكر بعد السلام فلا بأس، فالسنة للمؤمن إذا سلم من الصلاة الفريضة أن يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله – ثلاث مرات – «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (¬2)» هكذا كان النبي يفعل كما قال ثوبان رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من الصلاة استغفر ثلاثا وقال: «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (¬3)» وأخبرت عائشة رضي الله عنها أنه إذا قال: «اللهم أنت السلام (¬4)» انصرف إلى الناس. إذا كان إماما، ثم يقول الإمام والمنفرد والجماعة ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591).

بعد هذا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. والأفضل أن يكررها ثلاثا، ثم يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. كل هذا ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة قال هذا. ويستحب أن يزيد في المغرب والفجر عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. مع الذكر المتقدم، ويزيد في الفجر وفي المغرب هذا الذكر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات. ثم بعد هذا يسبح ويكبر ويحمد ثلاثا وثلاثين مرة: سبحان الله، والحمد لله والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة الجميع تسع وتسعون، ويختم المائة بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. هذا المستحب للرجل والمرأة بعد الفريضة، يعني الفرائض الخمس: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر. إذا سلم يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال

والإكرام. ربنا سبحانه هو السلام، المسلم لعباده، اسمه السلام ومنه السلام، هو الذي يرسل السلام لعباده، هو الذي يمن بالسلام على العباد منه جل وعلا، تباركت يا ذا الجلال، تباركت صفة مبالغة ما تصلح إلا لله، تبارك الله ربنا، ما يقال: تباركت يا فلان علينا. هذا وصف لله تبارك الله رب العالمين، تبارك الذي بيده الملك، ثم بعد هذا يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وإن زاد: يحيي ويميت كذلك طيب، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. جاء هذا وهذا، يكررها ثلاثا بعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر. ويستحب أن يقول بعد هذا آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (¬1) ويقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) والمعوذتين أيضا، هذا مستحب، ويكرر {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3) والمعوذتين بعد المغرب، والفجر ثلاث مرات. {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬4)، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬5)، ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 255 (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة الإخلاص الآية 1 (¬4) سورة الإخلاص الآية 1 (¬5) سورة الفلق الآية 1

و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬1) بعد الفجر والمغرب ثلاث مرات أفضل. ¬

_ (¬1) سورة الناس الآية 1

س: هل يوجد دعاء يقوله المصلون مع الإمام بعد الصلاة مباشرة وجهرا؛ لأن في بعض الأقطار الإسلامية إذا سلم الإمام أخذ في الأدعية والمصلون يقولون معه؟ (¬1) ج: هذا شيء لا أصل له، ولا نعلم في هذا أصلا في الشرع، فكون الإمام والمأموم إذا سلموا يدعون ويرفعون أيديهم بالدعاء، بعد الفريضة هذا لا أصل له، لا بعد العصر ولا بعد الصبح، ولا في غير ذلك، وإنما إذا سلم يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم ينصرف الإمام إلى المأمومين ويعطيهم وجهه، ثم يقول هو وغيره: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (21).

هذا هو المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى بعضه ثوبان، وروى بعضه المغيرة بن شعبة، وروى بعضه عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم، وهي أحاديث ثابتة صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا هو السنة، إذا صلى مع الإمام يقول هذا الدعاء الرجل والمرأة جميعا، إذا سلم يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. يقوله الجميع، ثم الإمام ينصرف بعد هذا إلى الناس، ويعطيهم وجهه ويستقبلهم استقبالا، إن شاء انصرف عن يمينه وإن شاء انصرف عن يساره، لكن يعطيهم وجهه ويستقبلهم لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، يقول بعد هذا هو والمأمومون كل واحد يقولها بنفسه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. ثم يستحب أن يسبح الله ويكبره ويحمده ثلاثا وثلاثين: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة، كما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، هذه تكون تسعة وتسعين، إذا قال: سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثا

وثلاثين، تكون تسعة وتسعين، ثلاثا وثلاثين تسبيحة، وثلاثا وثلاثين تحميدة، وثلاثا وثلاثين تكبيرة، هذه تسع وتسعون، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. رواه مسلم في الصحيح. هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: إنها تغفر الخطايا بهذا الذكر، المقصود أن هذا سنة بعد الصلاة، يقوله الإمام والمأموم والمنفرد، الرجل والمرأة، ويستحب مع هذا أن يقرأ بعد هذا آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (¬1) وكذلك بعد هذا يستحب قراءة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) والمعوذتين بعد كل فريضة، لكن في الفجر والمغرب يكرر: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3) والمعوذتين ثلاث مرات، في الفجر وفي المغرب كما جاءت به السنة، هذا هو المشروع، أما رفع الأيدي والدعاء الجماعي بين الإمام والمأمومين في الفجر أو في العصر أو في المغرب أو في أي وقت هذا لا أصل له، وهو من البدع، فلا يجوز فعله، لكن إذا دعا الإنسان بينه وبين نفسه، بينه وبين ربه من دون رفع يدين بعد الصلاة فلا بأس، فقد جاءت أحاديث تدل على هذا المعنى، وأنه كان يدعو بعض الأحيان ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 255 (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة الإخلاص الآية 1

عليه الصلاة والسلام بعد هذا الذكر، فلا حرج في هذا، إذا أتى بهذا الذكر ودعا بعد ذلك بينه وبين نفسه مثل: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت، جاء في بعض الأحاديث أنه يقولها بعد السلام. كذلك: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. إن قالها قبل السلام فهو أفضل، وإن أتى بها بعد السلام بعد الذكر فلا بأس، الحاصل أن هذا الذي يفعله بعض الناس من رفع الأيدي الجماعي بين الإمام والمأموم بعد كل صلاة لا نعلم له أصلا، بل هو كما نعتقد من البدع كما نص عليه جمع من أهل العلم رحمة الله عليهم.

س: يسأل ويقول: ما يفعله بعض الناس إذا سلم الإمام من الصلاة أتى بذكر جماعي هو والمأمومون، يختم الذكر بالفاتحة إلى روح النبي صلى الله عليه وسلم، ما رأي سماحتكم في هذا؟ (¬1) ج: مثل هذا بدعة، كونه يأتي بذكر جماعي متعمدا بألفاظ ينطقون بها جميعا، وينتهون منه جميعا، هذا بدعة، لكن كل واحد يذكر الله، ولو تلاقت الأصوات في المسجد لا يضر ذلك، كل واحد يذكر الله وحده، ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (196).

هذا يبتدئ وهذا ينتهي لا يتقصدون أن تكون ألفاظهم متزنة متوافقة من أولها إلى آخرها جماعيا، لا، هذا لا أصل له، بدعة، ولكن كل واحد يذكر الله، هذا يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. وهذا ينتهي منها ويقول: لا إله إلا الله. والآخر يقول: لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه. كل منهم على حسبه، يتكلم بما يسر الله له من الذكر من غير أن يراعي اتفاقه مع كلام أخيه حرفيا، بل هذا يذكر الله، وهذا يذكر الله، وكل منهما يبتدئ حيث شاء، وينتهي حيث شاء، أما أن يقصد كل واحد أن يكون جماعيا مع أخيه في ألفاظه ابتداء وانتهاء فهذا لا أصل له.

س: هناك بعض الناس يقولون: إن الدعاء واجب، وهو أن يدعو الإمام ويؤمن المصلون، فهل هذا صحيح أم لا؟ (¬1) ج: الدعاء مشروع، وليس بواجب ولكنه مشروع، الإنسان يدعو في صلاته، يدعو الله ويجتهد في الخير، يسأل ربه المغفرة والرحمة وصلاح النية والعمل، يسأل ربه الرزق الحلال، الزوجة الطيبة الصالحة، يسأل ربه دخول الجنة والنجاة من النار، إلى غير ذلك، لكن يجب أن يقول: ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (61).

رب اغفر لي – عند جمع من أهل العلم – بين السجدتين فقط، أما بقية الدعاء فهو مستحب، يدعو في آخر الصلاة قبل أن يسلم، يستحب أن يدعو في سجوده، يستحب أن يدعو خارج الصلاة، ويطلب من ربه خير الدنيا والآخرة، كل هذا مستحب مطلوب ولا يجب. أما ما يفعله بعض الناس من الدعاء بعد السلام، إذا سلم الإمام في الفريضة دعا الإمام ورفعوا أيديهم وأمنوا جميعا، فهذا لا أصل له هذا من البدع، ما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إذا سلموا يرفعون أيديهم ويدعون ويؤمنون، فالإنسان يدعو بينه وبين نفسه، الإمام يدعو بينه وبين نفسه، المأموم كذلك، المسلم يدعو بعد الصلاة بينه وبين ربه، أما أن يرفع الإمام يديه ويرفعون أيديهم ويدعو الإمام ويؤمنون فهذا لا أصل له، ولا يجوز بل هو من البدع التي يجب تركها، ولكن يدعو الإنسان في نفسه بعد الذكر بما يسر الله، والمنفرد إذا ما صلى مع الجماعة لأسباب فاتته الجماعة أو لأنه مريض أو ما أشبه ذلك، يدعو أيضا بينة وبين نفسه، ولكن الأفضل أن يكون في صلاته في السجود، وقبل أن يسلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما علمهم التحيات قال: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو (¬1)» يعنى قبل أن ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835).

يسلم، وقال عليه الصلاة والسلام: «وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم (¬1)» وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء (¬2)» فينبغي للمؤمن أن يكثر من الدعاء في سجوده، وبين السجدتين، وفي آخر الصلاة قبل أن يسلم، وإذا دعا بعد السلام وبعد الذكر بينه وبين ربه فلا بأس من دون رفع اليدين ومن دون أن يدعو مع الإمام، كل هذا لا أصل له، لكن يدعو بينه وبين ربه في نفسه فقط من دون رفع اليدين بعد صلاة الفريضة، وهكذا بعد النوافل، وإذا رفع يده بعد النوافل بعض الأحيان فلا بأس، أو في غير صلاة، دعا ربه في أي وقت ورفع يديه كل هذا مطلوب، رفع اليدين من أسباب الإجابة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482).

قراءة آية الكرسي وبعض الأذكار جماعيا بعد صلاة الجمعة

72 - حكم قراءة آية الكرسي وبعض الأذكار جماعيا بعد صلاة الجمعة س: يسأل ويقول: في يوم الجمعة بعد أن يسلم الإمام ونسلم بعده، يقرأ آية الكرسي، ثم يسبح الله ويحمده ويكبره ونحن كذلك وراءه، ثم يرفع يديه للدعاء ونحن معه، ثم نقرأ سورة الفاتحة،

فهل في عملنا هذا شيء أم يجب أن يختم كل فرد الصلاة بمفرده ولا يختمها مع الإمام؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا العمل بدعة لا يجوز، وليس من سنة النبي عليه الصلاة والسلام، فكونكم تبدؤون بعد السلام جميعا بآية الكرسي ثم تسبحون جميعا ثم ترفعون أيديكم كل هذا لا أصل له، هذه بدعة وإنما السنة إذا سلم الإمام، وهكذا المأموم وهكذا المنفرد، السنة للجميع بعد السلام القول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، «اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام (¬2)» هكذا كان النبي يفعله عليه الصلاة والسلام، يبدأ بهذا ثم ينصرف إلى الناس عليه الصلاة والسلام فيقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (¬3)» «اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (443). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفتهن برقم (594).

منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد (¬1)» هذا سنة للإمام والمأموم والمنفرد بعد السلام من الصلوات الخمس، ولا يشرع رفع اليدين في هذه الحال، وكل واحد يذكر الله في نفسه لا يكون ذكرا جماعيا، كل واحد يذكر الله لنفسه كما شرع الله، أما أن يؤتى بذلك بصوت جماعي فهذا من البدع، أو يبدأ بآية الكرسي هذا خلاف السنة، بل يبدأ بالاستغفار ثلاثا ويقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. وهكذا ثبت من حديث ثوبان، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث ابن الزبير ومن حديث المغيرة أنه كان يقول بعد ذلك: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (¬2)» «اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (¬3)» روى نص هذه الأذكار ابن الزبير ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفتهن برقم (594). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593).

وبعضها رواه المغيرة رضي الله عنهما، وكلها صحيحة.

دعاء الإمام والمصلون يؤمنون خلفه بعد كل صلاة

73 - حكم دعاء الإمام والمصلون يؤمنون خلفه بعد كل صلاة س: ما حكم الدعاء بعد كل صلاة بالنسبة للجماعة حيث يدعو الإمام ويقول المأمومون خلفه: آمين (¬1) ج: هذا شيء لا أصل له، الدعاء بعد كل صلاة يدعو الإمام ويؤمن عليه المأمومون هذا شيء لا أصل له، فهو من البدع، فلم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه يفعلونه، بل كان إذا سلم من صلاته استغفر ثلاثا، قال: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، «اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (¬2)» ثم ينصرف إلى الناس يعطيهم وجهه عليه الصلاة والسلام، ثم يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (¬3)» ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (45). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفتهن برقم (594).

" «اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (¬1)» هذا ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام، بعضه ثابت من حديث ثوبان عند مسلم، وبعضه من حديث ابن الزبير عند مسلم، وبعضه في الصحيحين من حديث المغيرة. هذه الأذكار التي يقولها إذا سلم عليه الصلاة والسلام، ولم يحفظ عنه أنه كان يرفع يديه إذا سلم ويدعو ويؤمن المأمومون، كل هذا محدث لا أساس له، فلا يجوز فعله، بل هو بدعة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593).

س: عادتنا ونحن نصلي جماعة مع الإمام وبعد صلاة الجماعة فإننا نذكر الله جميعا، فهل هذا صحيح؟ وهل الذكر بالجماعة أفضل أم كل على حدة (¬1)؟ ج: ليس بصحيح بل هذا بدعة، كل واحد يذكر الله بنفسه، أما أن يذكر الله ذكرا جماعيا بصوت واحد فهذا من البدع، كل واحد إذا سلم يذكر الله بنفسه. ¬

_ (¬1) (2) السؤال السابع من الشريط رقم (216).

التسبيح الجماعي عقب الصلوات

74 - حكم التسبيح الجماعي عقب الصلوات س: ما حكم التسبيح الجماعي إذا كان الإمام يسبح والمأمومون يسبحون من بعده (¬1)؟ ج: هذا بدعة لا أصل له، بل كل واحد يسبح لنفسه، الإمام يسبح لنفسه، كل واحد منهم كذلك، يسبح لنفسه، ويذكر الله لنفسه، أما الجماعي فهذا بدعة. ¬

_ (¬1) (1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (220).

رفع الصوت بالذكر جماعيا

75 - مسألة في رفع الصوت بالذكر جماعيا س: هناك من يقول: إن استغفار الجماعة مع الإمام بعد السلام بصوت مرتفع - مشروع وجائز؛ بدليل ما كان في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، إذا دخل الداخل للصلاة يعرف أنها قد قضيت برفع التسبيح من الرسول وأصحابه علما أنني لم أرتض هذا القول، فما هو توجيهكم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الصواب شرعية الذكر بعد الصلاة، أما الدعاء والاستغفار فيكون بين العبد وبين ربه، لكن بعد الصلاة يذكر الله، يقول ابن عباس رضي ¬

_ (¬1) (2) السؤال الثاني من الشريط رقم (227).

الله عنهما: كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن عباس: " «كنت أعرف إذا انصرفوا بذلك سمعته (¬1)» فالسنة رفع الصوت بالذكر بعد الصلوات الخمس كما رفعه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة؛ حتى يتعلم الجاهل ويتذكر الناسي، ويعلم الناس الذين حول المسجد أنها انتهت الصلاة، أما الدعوات الخاصة فبين العبد وبين ربه، ولو سمع من حوله لا بأس، لكن " «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم استغفر ثلاثا؛ قال: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله – ثم قال: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (¬2)» هكذا أخبر ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله أنه كان يفعل هذا، فلولا أنه كان يسمعه ما أخبر به، فدل على أن ثوبان سمع هذا من النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا استغفر بقدر ما يسمع من حوله فلا بأس، ولكن الذكر يرفعه أكثر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (841)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (583). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591).

الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. أخبر ابن الزبير وأخبر المغيرة بن شعبة أن النبي كان يفعل هذا، ويرفع صوته بهذا عليه الصلاة والسلام. وهكذا: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر - بعد الصلاة كله ذكر، أما الدعاء فإذا أسر به بينه وبين ربه ما يسمع من حوله فلا بأس، هذا هو الأفضل.

اختيار الجماعة واحدا منهم ليدعو لهم ويؤمنوا خلفه

76 - حكم اختيار الجماعة واحدا منهم ليدعو لهم ويؤمنوا خلفه س: هل يجوز للجماعة إذا صلوا جماعة أن يختاروا أحدهم بأن يدعو لهم ويرفعوا أيديهم ويقولوا: اللهم آمين. يعني هو يدعو بالنيابة عنهم، ويرددون كلمة: اللهم آمين (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل، فإن كان الدعاء في قنوت الوتر فلا بأس بهذا، أما الدعاء غير ذلك فليس بمشروع، الكل يدعو لنفسه إذا سلم من صلاته وأتى بالذكر الشرعي، يدعو بينه وبين ربه، كل واحد يدعو لنفسه، والإمام لا يرفع ولا يؤمنون، هذا بدعة ليس له أصل، ولكن إذا أحب أن يدعو فالإمام يدعو لنفسه بينه وبين ربه، والمأموم كذلك، كل واحد يدعو لنفسه، هذا هو المشروع. ¬

_ (¬1) (1) السؤال الثامن من الشريط رقم (88).

ذكر الله قبل صلاة الصبح وصلاة العشاء بصوت جماعي

77 - حكم ذكر الله قبل صلاة الصبح وصلاة العشاء بصوت جماعي س: عندنا عادة نفعلها قبل صلاة الصبح وقبل صلاة العشاء، وهي ذكر الله وتسبيحه والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم بصوت جماعي، ويسمون هذا بالراتب، فهل يجوز هذا بهذا الشكل أم لا (¬1)؟ ج: هذا بدعة، كونهم يجتمعون للدعاء جماعة وبصوت جماعي يذكرون الله أو يقرؤون قبل الفجر وقبل العشاء هكذا بدعة، أما كون الإنسان يجلس بعد المغرب أو بعد العصر يذكر الله مع نفسه فهذا طيب، قربة وطاعة لله سبحانه وتعالى، وهكذا بعد الفجر هذا طيب، كان النبي يجلس بعد الفجر حتى تطلع الشمس – عليه الصلاة والسلام – يذكر الله ويثني عليه، هذا كله مشروع تسبيح الله والثناء عليه بكرة وعشيا، أمر شرعه الله، لكن كونه يؤدي بصوت جماعي من جماعة بعد العصر أو بعد المغرب أو بعد الفجر هذا بدعة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» وقال عليه الصلاة ¬

_ (¬1) (1) السؤال التاسع من الشريط رقم (48). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬1)» وكان يخطب يوم الجمعة ويقول: «شر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬2)» فالواجب على المسلم أن يتقيد بشرع الله، وأن يتأدب بآداب الله، فإذا أراد الجلوس بعد الصبح أو بعد المغرب أو بعد العصر لذكر الله وقراءة القرآن فهذا طيب، وهكذا الآخر والآخر كل يذكر الله بينه وبين ربه، ويسبحه ويحمده ويثني عليه ويستغفره ويقرأ القرآن، هذا فيه فضل عظيم وأجر كبير، أما كونهم ينطقون بصوت واحد: لا إله إلا الله، أو: سبحان الله، أو ببعض الآيات هذا لا أصل له، بل هو من البدع التي أحدثها الناس، فالواجب ترك ذلك والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى مما سلف. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

دعاء الإمام بعد الفريضة والتأمين خلفه

78 - مسألة في دعاء الإمام بعد الفريضة والتأمين خلفه س: السائل من السودان يقول: بعد الانتهاء من الفريضة المكتوبة، وبعد الانتهاء من الباقيات الصالحات وختمها بـ: لا إله إلا الله، يقوم الإمام برفع يديه، ويدعو الله والجميع يقولون من خلفه: آمين، ويقرؤون شيئا من القرآن الكريم كفاتحة الكتاب، نرجو أن

توجهونا، هل هذا العمل مبتدع أم أنه جائز؟ وجزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا العمل مبتدع ليس له أصل في الشرع فيما نعلم فلم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الصلاة أو بعد التسبيح والذكر يرفع يديه يدعو والناس يؤمنون، وما كان يقرأ الفاتحة والناس يؤمنون، ولو كان هذا واقعا لنقله الصحابة رضي الله عنهم، فإنهم نقلوا كل شيء، فهم أمناء، والحاصل أن هذا من البدعة، كون الإمام بعد الصلاة وبعد التسبيح يرفع يديه فيدعو وهم يؤمنون، أو يقرأ الفاتحة ويدعو وهم يؤمنون هذا ليس له أصل وهو بدعة، فإذا فرغ الإنسان من الذكر يصلي السنة الراتبة بعد الظهر أو بعد المغرب أو بعد العشاء، أو يذهب إلى بيته – وهو أفضل – يصلي النوافل في بيته، وأما هذه الأعمال التي يرفع يديه بعد الفريضة الإمام والمأموم أو كلاهما، يرفعون ذلك بالدعاء فهذا لا أصل له. ¬

_ (¬1) (1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (306).

قول الإمام بعد الفريضة يغفر الله لنا ولكم بصوت مرتفع

79 - حكم قول الإمام بعد الفريضة: يغفر الله لنا ولكم- بصوت مرتفع س: أرى من بعض الأئمة بعدما ينتهي من الصلاة ويتوجه بوجهه إلى المصلين يقول بصوت مرتفع: يغفر الله لنا ولكم. فهل ورد

هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم (¬1)؟ ج: هذا ليس له أصل، فكونه يلتفت إلى المصلين يقول: يغفر الله لنا ولكم. هذا ليس له أصل، ولم يبلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا، هذا يعتبر بدعة لا وجه لها، بل إذا سلم يقول: " «أستغفر الله – ثلاثا- اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (¬2)» ثم ينصرف إلى الناس في جميع الأوقات الخمسة، ينصرف بعد هذا، وإذا انصرف يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير – مرة أو ثلاثا – ويقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. والمأمومون مثله، يقولون مثل ذلك، إذا سلم الإمام يقولون مثل قوله سواء، ويزيد في الفجر وفي المغرب: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر ¬

_ (¬1) (1) السؤال الخامس من الشريط رقم (43). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591).

مرات، يزيدها في المغرب والفجر كما جاء في السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، ثم يستحب أن يقول بعد هذا: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، ويقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ثم يقرأ آية الكرسي، ثم يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1)، والمعوذتين، هذا هو الأفضل بعد كل صلاة، وفي المغرب والفجر يزيد فيقرأ: قل هو الله أحد، والمعوذتين في الفجر والمغرب ثلاث مرات في أول الليل وأول النهار كما جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو المشروع بعد كل صلاة، أما أن يقول للجماعة: يغفر الله لنا ولكم بصوت مرتفع، أو: هداكم الله، أو تقبل الله منا ومنكم، هذا لا أصل له، لكن لو دعا بينه وبين نفسه دعا لإخوانه المسلمين لا بأس، لكن بصوت مرتفع يتخذه عادة هذا لا أصل له. ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1

قول تقبل الله العظيم بعد الصلاة

80 - حكم قول: تقبل الله العظيم بعد الصلاة س: أسمع في نهاية الصلاة من بعض الناس قوله عندما يسلم من الصلاة، يقول أحدهم لأخيه: تقبل الله العظيم. فيرد عليه الآخر:

منا ومنكم صالح الأعمال. فهل هذا من السنة (¬1)؟ ج: لا أصل له، ليس من السنة ولا أصل له، وينبغي ترك ذلك لأنه غير مشروع. أما الدعاء بالقبول في الأعمال فإنه إذا كان وهو ما يعتاده بعض الناس في بعض الأحيان فهذا لا بأس به، مثل ما يقول له في الطريق: غفر الله لنا ولك، و: تقبل الله منا ومنك، أو عند السلام عليه في البيت فهذا لا بأس، لكن كونه يعتاد إذا سلم من الصلاة يقول هذا الكلام عادة فهذا غير مشروع، هذا بدعة. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (271).

س: هناك كلمات يرددها بعض الناس بعد الصلاة مثل: حرما، تقبل الله، فهل هذه جائزة (¬1)؟ ج: أما حرما فلا أعرف لها أصلا، وأما إذا قال لأخيه: تقبل الله منك فلا أعلم فيه بأسا لا في الصلاة ولا في غيرها، تقبل الله منك صيامك، تقبل الله منك صلاتك. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (223).

مصافحة المصلين بعضهم بعضا بعد الصلاة

81 - حكم مصافحة المصلين بعضهم بعضا بعد الصلاة س: مصافحة المصلين بعضهم بعضا بعد الصلاة هل هي جائزة (¬1)؟ ج: إذا كان لم يصافحه أولا يستحب له أن يصافحه؛ إذا فرغ من الأذكار الشرعية صافح أخاه، أما إذا كان التصافح عند اللقاء في الصف قبل الصلاة فذا يكفي – والحمد لله – لأن المصافحة سنة عند اللقاء، والسلام سنة عند اللقاء، فإذا صافح أخاه عند اللقاء في الصف أو بعد صلاة النافلة قبل الصلاة كفى ذلك، وإن صافحه بعد الفرض بعدما يفرغ من الأذكار هذا كله لا بأس به من باب الأنس وأداء السنة والتآلف، لكن لا يبادر من حين يسلم كما يفعل بعض الناس بعد الأذكار، بعدما يفرغ من الأذكار الشرعية يسلم على أخيه على يمينه وشماله: كيف حالك، من باب التآلف والتعاون؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يصافح الصحابة، ولما جاء عنه صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا (¬2)» فالسنة عند اللقاء المصافحة، وثبت عن أنس رضي الله عنه قال: «كان أصحاب ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (223). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب في المصافحة، برقم (5212) وغيره.

النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا (¬1)» وكان صلى الله عليه وسلم «إذا دخلت عليه بنته فاطمة – رضي الله عنها – قام إليها وصافحها وقبلها، وأجلسها مكانه، وإذا دخل عليها هي قامت إليه وصافحته وقبلته وأجلسته مكانها (¬2)» فالمقصود أن إفشاء السلام والمصافحة عند اللقاء والبشاشة في وجه أخيك كل هذا من أسباب الألفة والمحبة، لكن لا تجعل هذا من حين تسلم بل بعد الفراغ من السلام والذكر الشرعي، تصافحه إذا كان ما صافحته قبل ذلك. س: عندما يسلمون على بعضهم عقب السلام مباشرة قائلين تقبل الله منا ومنكم وغير ذلك من الأقاويل فهل هذا جائز (¬3)؟ ج: هذا لا أصل له بعد الفريضة، لا أصل له، لا يصافح ولا يقول: تقبل الله منكم بعد الفريضة، أما أن يكون غير عادة بعض الأحيان يقول: تقبل الله، فلا بأس، أما كلما سلم قال: تقبل الله. يصافح فلا، خلاف ما ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (97). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب ما جاء في القيام، برقم (5217)، والترمذي في كتاب المناقب، باب ما جاء في فضل فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها، برقم (3872). (¬3) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (371).

شرعه الله في الفرائض، كان صلى الله عليه وسلم إذا سلم قال: «أستغفر الله – ثلاثا – اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (¬1)» ثم يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (¬2)» ثم يقول: «لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (¬3)» «اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (¬4)» ويذكر الله بعد الفجر والمغرب عشر مرات بعد هذا الذكر؛ يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير- عشر مرات، فعله الرسول صلى الله عليه وسلم. ولا يرفع يديه بعد السلام من الفريضة، ولا يقول لأخيه: تقبل الله منك. بصفة دائمة معتادة، لا، إذا قال بعض الأحيان عند اللقاء، أو إذا قاما من ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفتهن برقم (594). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الذكر بعد الصلاة، برقم (844)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593).

الصلاة بعض الأحيان لا بأس، لكن اعتياده كأنه سنة لا، غير مشروع، ولكن بعد النافلة لا بأس إذا رفع يديه بعد النافلة، لا بأس به.

المصافحة بعد تحية المسجد أو الراتبة

82 - حكم المصافحة بعد تحية المسجد أو الراتبة س: دخلت أنا وصديقي إلى المسجد ونحن يتحدث بعضنا إلى بعض، بعد أن أدينا تحية المسجد سلمت عليه حسب العادة التي تجري في المساجد، ومددت يدي إليه، فنظر إلي وأبى أن يمد يده إلي، وقال: لم أفارقك، وهذه بدعة لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام، وقد اتخذها الناس كالواجب اليوم عندما ينتهون من تحية المسجد. ووقفت مدهوشا أمامه. فهل زميلي هذا أو صديقي على حق؟ أم أنا الذي على حق (¬1)؟ ج: لا أعلم بأسا في أن يصافح المسلم أخاه بعد فراغهما من تحية المسجد أو من الراتبة قبل الصلاة من راتبة الظهر أو راتبة الفجر، لا أعلم بأسا في ذلك، ولو كانا جاءا جميعا، ولو كانا قد سلم أحدهما على الآخر قبل الصلاة، لكن إذا كان ما جاءا جميعا أو ما سلم أحدهما على الآخر قبل الصلاة تتأكد المصافحة بعد ذلك؛ لأن أصحاب النبي صلى الله ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (34).

عليه وسلم كانوا إذا تلاقوا يتصافحون، وكانوا إذا قدموا من سفر يتعانقون، قال أنس رضي الله عنه والشعبي: «كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا قدموا من سفر تعانقوا (¬1)» وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصافح إخوانه عليه الصلاة والسلام عند اللقاء، فهذه سنة معروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه، أما إذا كان دخل مع أخيه أو سلم عليه في الصف قبل أن يصلي التحية لما تلاقيا في الصف فإن هذا يكفي، وقد حصل المقصود والحمد لله، لكن لو سلم عليه ثانيا بعد الفراغ من التحية أو من الراتبة القبلية، ثم صافحه مرة أخرى فلا أعلم بأسا، ولا أعلم ما يوجب جعل ذلك بدعة، فإن السلام كله خير، ولا يأتي إلا بخير، وفيه إيناس من بعضهم لبعض، ودعاء من بعضهم لبعض، فلا حرج فيه إن شاء الله، ولا يسمى بدعة، ومما يدل على هذا ما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان جالسا في المسجد ذات يوم، فدخل بعض الناس فصلى ولم يتم صلاته، ثم جاء وسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ارجع فصل؛ فإنك لم تصل فرجع ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (97).

فصلى، ثم جاء فسلم عليه – صلى الله عليه وسلم – فرد عليه النبي السلام، ثم قال: ارجع فصل؛ فإنك لم تصل فرجع فصلى، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم فرد عليه النبي السلام، فقال: ارجع فصل؛ فإنك لم تصل فقال الرجل: والذي بعثك بالحق نبيا، ما أحسن غير هذا، فعلمني. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها (¬1)» هذا الحديث العظيم الجليل يدل على وجوب الطمأنينة في الصلاة والركود فيها وإعطاء كل عضو حقه من الاعتدال والطمأنينة وعدم العجلة في الركوع والسجود، والاعتدال بعد الركوع والجلوس بين السجدتين، هذا من أهم الفرائض. وكثير من الناس يعجل ولا يكمل هذه الفروض، وهذا خطأ عظيم لا تصح معه الصلاة، وفي هذا الحديث نفسه أن النبي عليه الصلاة والسلام رد على الرجل السلام وهو يصلي بقربه، وجاء إليه ثلاث ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها ..... ، برقم (757)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (397) ..

مرات يسلم ويرد النبي عليه السلام ولا قال: يكفي السلام الأول. مع أنه بقربه يشاهده النبي صلى الله عليه وسلم ويرى حركاته ويرى طمأنينته وعدمها، والنبي يشاهده وكلما سلم عليه قال: وعليكم السلام، ورد عليه السلام، ثم قال له: ارجع فصل. فدل ذلك أن إعادة السلام من شخص حولك تراه وتشاهده يعمل عملا، ثم يسلم عليك مرة ثانية أن هذا لا شيء فيه، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا سلم سلم ثلاثا، والقصد من ذلك – والله أعلم – أن يفهم المستمعون أو لعلهم إذا لم يردوا في الأولى والثانية فينتبهوا للرد، المقصود أن تكرار السلام للتعليم أو تنبيه الحاضرين حتى يردوا السلام أو لأسباب أخرى دعت إلى ذلك لاشتغالهم بالصلاة؛ لأن الصلاة فيها شغل، فلما فرغ منها سلم على أخيه، هذا لا حرج فيه إن شاء الله، ولا ينبغي التشديد في هذا أبدا. ومن رأى من العامة أو غيرهم أن هذا السلام من مكملات الصلاة فقد غلط، ما له تعلق بالصلاة إنما له تعلق بأخيه، والسلام على أخيه والدعاء لأخيه بعد شغله بالصلاة، فإذا اشتغل بالصلاة وأقبل على الله في كلامه وركوعه وسجوده فهذا أعظم في نفس الأمر مما لو حال بينه وبين أخيه شجرة أو جدار ثم سلم عليه، فقد جاء في الحديث أنه إذا حال بينه وبين أخيه شجرة فإنه يسلم عليه مرة أخرى، وإذا سلم على

أخيه ثم حال بينهما شجرة أو جدار يسلم عليه مرة أخرى، فأي - هذا أو شغله في الصلاة - أعظم؟ إذا حال بينه وبينه شجرة - نخلة أو نحوها - لحظة نصف دقيقة أو ربع دقيقة أو ثانيتين أو ثلاثا. المقصود أن هذا شيء يسير، ثم يلقاه يسلم عليه، هذا أقل بكثير من شغله بالصلاة.

حكم المصافحة بعد الصلاة وقول تقبل الله

83. حكم المصافحة بعد الصلاة وقول: تقبل الله س: هل يصح قول: تقبل الله، والتسليم باليد بعد إتمام الصلاة، وهذا شائع بين الناس (¬1)؟ ج: إذا صافح أخاه بعد الصلاة بعد فراغه من الذكر إذا كان ما صافحه قبل ذلك فلا بأس، لكن من حين يسلم يبدأ بالمصافحة هذا غير المشروع، إذا سلم يقول: أستغفر الله – ثلاثا – اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. ثم ينصرف ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (163).

إلى المأمومين، هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام إذا سلم من الصلاة، وإذا صافح أخاه من يمينه أو شماله إذا كان ما صافحه قبل ذلك، هذا حسن؛ لما فيه من الإيناس والتآلف، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم (¬1)» وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصافح أصحابه، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإذا حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر، ثم لقيه فليسلم عليه أيضا (¬2)» وكان الصحابة إذا تلاقوا تصافحوا رضي الله عنهم، فالمصافحة والسلام سنة مؤكدة، وفي ذلك خير عظيم، وتألف وإيناس، وتقارب بين المسلمين، وإذا كان قد سلم عليه في الصف قبل الصلاة كفى ذلك إن شاء الله، وإن صافحه بعد ذلك لا يضر إن شاء الله، لكن يكتفي بالمصافحة الأولى، والحمد لله. س: من عمان بالأردن يقول: ما حكم السلام بعد الصلاة على من ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب لا يدخل الجنة إلا المؤمنون، برقم (54). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب في الرجل يفارق الرجل ثم يلقاه، أيسلم عليه؟ برقم (5200).

يصلي بجانب أخيه المسلم؟ وما حكم قول: تقبل الله بعد السلام أو قبله، وإذا أصر الشخص على قولها دائما فهل يجوز أن نرد التحية عليه بمثل ما يقول؛ أي تقبل الله منا ومنك؟ وما حكم قول ذلك بعد الخروج من المسجد كأن يقول: تقبل الله منا ومنكم. نرجو من سماحة الشيخ إجابة (¬1) ج: لا حرج في ذلك إذا قال لأخيه: تقبل الله منا ومنك. بعد الصلاة أو عند الخروج من المسجد أو عند اللقاء عند صلاة الجنازة أو من اتباع الجنازة أو من صلاة الجمعة أو إلى غير ذلك، كل هذا خير لا حرج في ذلك، المسلم يدعو لأخيه بالقبول والمغفرة، وإذا دخل المسجد وصلى الركعتين أو أكثر ثم سلم من على يمينه ومن على شماله هذا هو السنة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم شرع للأمة أن إذا تلاقوا يتصافحون، وكانوا إذا لقوا النبي صافحوه عليه الصلاة والسلام، وكانوا إذا تلاقوا تصافحوا -الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم- والمصافحة سنة، فإذا لقي أخاه في الصف قبل الصلاة وصافحه أو بعد السلام بعدما صلى الركعتين صافحه أو بعد الفريضة إذا كان ما صافحه ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (360).

قبل ذلك جاء والناس في الصلاة، فلما صلى الفريضة وهلل صافحه، كل هذا طيب لا حرج في ذلك، أما كونه إذا سلم من الفريضة بدأ يأخذ بيد الذي في يمينه وشماله وهو يعرفهم وقد سلم عليهم هذا ما له أصل، لكن إذا جاء وهم يصلون ودخل معهم في الصلاة ثم بعدما فرغ من الصلاة ومن الذكر صافحهم هذا طيب.

تقبيل أيدي بعضهم البعض بعد الصلاة

84. حكم تقبيل أيدي بعضهم البعض بعد الصلاة س: بعض الإخوة المؤمنين بعد فرض كل صلاة يقوم بعضهم بتقبيل أيادي البعض الآخر، فهل هذا صحيح أم لا (¬1)؟ ج: الأفضل عدم ذلك؛ لأنه ليس من عادة الصحابة رضي الله عنهم مع النبي صلى الله عليه وسلم تقبيل يده، وإنما يفعله بعضهم نادرا، فالأفضل في مثل هذا التأسي بالصحابة مع نبيهم عليه السلام، وهو المصافحة فقط، لكن لو فعل ذلك نادرا قليلا مع أبيه أو مع العالم السني صاحب السنة فلا بأس بذلك، لكن لا ينبغي أن يتخذ عادة؛ لأنه ليس من عادة الصحابة مع نبيهم عليه السلام، فالأفضل ترك التقبيل للأيدي والاكتفاء بالمصافحة، وإذا قدم من سفر عانق أخاه وعانقه، أو قبل ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (123).

بين عينيه لا بأس، أما اتخاذ تقبيل الأيدي عادة فلا ينبغي، بل هو مكروه.

المصافحة بعد الصلاة

85. مسألة في حكم المصافحة بعد الصلاة س: السائل: ح. ع. ع، يتصافح بعض الناس أو الكثير من الناس بعد الانتهاء من الصلاة، قال لنا أحد المشايخ: إن هذا بدعة، فما هو الصحيح في هذا الأمر (¬1)؟ ج: ليس في ذلك حرج، المصافحة سنة عند اللقاء في الصلاة وفي غير الصلاة، إذا تلاقيا في الصف سلم على أخيه وصافحه، وإن شوهد في الصلاة قبل ذلك سلم عليه بعد الصلاة وصافحه سنة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصافح أصحابه إذا تلاقوا، وكان الصحابة إذا تلاقوا يتصافحون، فالذي يقول: إن هذا بدعة غلط، غلط منه، بل السنة المصافحة عند اللقاء، إذا تلاقيا في الصف قبل الصلاة صافحه، أو تلاقيا في وقت الصلاة والإمام يصلي، إذا فرغ من الصلاة وفرغ من الذكر يصافح أخاه، ويدعو كل واحد لأخيه بالخير، كل هذا مشروع، وهكذا في الطرق إذا تلاقيا، إذا سلم على أخيه وصافحه هذا قربة وطاعة. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (275).

وضع اليد على الجبين بعد الصلاة

86. حكم وضع اليد على الجبين بعد الصلاة س: هناك أناس بعد الصلاة يضع يده على جبينه بعض الوقت ويقولون: إن هذا من السنة، هل ما قالوه صحيح (¬1)؟ ج: ليس له أصل فيما نعلم. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (219).

مكروهات الصلاة ومبطلاتها

87. بيان مكروهات الصلاة ومبطلاتها س: يسأل السائل ويقول: ما هي مكروهات الصلاة ونواقضها؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذه موجودة في كتب الفقه، يطالع كتب الفقه ويجدها؛ يكره في الصلاة التفاته برأسه في الصلاة، يكره في الصلاة الحركة، وإذا كثرت أبطلتها، يكره في الصلاة أشياء كثيرة، يتأملها في كتب أهل العلم، يقرؤها في كتب العلم، ويعرفها في كتب الحديث مثل بلوغ المرام مثل عمدة الحديث، ومثل زاد المستقنع، ومثل عمدة الفقه، يقرأ ما يكره في الصلاة يعرف ذلك، من أهم ذلك كثرة العبث، يكره، لا يعبث، وإذا كثر العبث ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (403).

وتواصل أبطلها، من أهم المهمات أن يكون خاشعا مطمئنا في الصلاة لا يعبث، ولا يشتغل بما يشغله عن صلاته، لا بالتفات ولا بتعديل الثياب، ولا بغير ذلك، يكون مطمئنا خاشعا كما قال الله جل وعلا: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬2) يحضر قلبه، والله المستعان. ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 1 (¬2) سورة المؤمنون الآية 2

الالتفات في الصلاة

88. حكم الالتفات في الصلاة س: هل الالتفات في الصلاة حرام أم أنه يقطع الصلاة؟ وذلك للاطمئنان على الطفل سواء كانت الصلاة في البيت أم في المسجد الحرام، وعندما يكون الطفل يبكي ووقت الصلاة على وشك الانتهاء ماذا أفعل، هل أتركه يبكي أم أحمله أم كيف توجهوني (¬1)؟ ج: الالتفات في الصلاة بغير حاجة مكروه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الالتفات في الصلاة: «هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد (¬2)» أخرجه البخاري في الصحيح. فدل صراحة على منع ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (330). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الالتفات في الصلاة، برقم (751).

الالتفات من غير عذر، والالتفات يكون بالرأس، أما إذا كان لعذر، امرأة تلتفت إلى ابنها الذي حولها تنظر في حاله، أو يسمع الإنسان صوتا عن يمينه أو شماله يخشى منه أو لأسباب أخرى فلا بأس؛ فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه التفت للحاجة في الصلاة, وقال: «التسبيح للرجال والتصفيق للنساء (¬1)» «فإنه إذا سبح التفت إليه (¬2)» ولما أكثر الناس التصفيق في الصلاة لما خرج من بيته صلى الله عليه وسلم والصديق في الصلاة التفت ليرى ما هناك من الحادث، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم تأخر وتقدم النبي وصلى بالناس، وكان الصديق قد كبر بهم ودخل في الصلاة. وكان غائبا قد ذهب للصلح بقباء، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم وقد دخل الصديق في الصلاة فأكثر الناس في التصفيق، والتفت ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب التصفيق للنساء، برقم (1203)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب تسبيح الرجل وتصفيق المرأة إذا نابهما شيء في الصلاة، برقم (422). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول، برقم (684)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام، برقم (421).

الصديق فرأى النبي صلى الله عليه وسلم فتقهقر، فأشار النبي صلى الله عليه وسلم ليبقى ولم يبق، وتأخر، وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم وصلى بالناس، ولما سلم قال للصديق: (ما منعك أن تثبت إذ أمرتك) فقال الصديق رضي الله عنه: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قال للناس: «ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق، من رابه شيء في صلاته فليسبح؛ فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء (¬1)» هذا يدل على أن الالتفات في العادة لا بأس به، ولكن السنة إذا راب الناس شيء أن يسبح الرجال، يقول: سبحان الله، سبحان الله، حتى ينتبه الإمام إذا كان قد سها، أما المرأة فتصفق، تضرب بيد على يد أو على فخذها حتى ينتبه الإمام على السهو. س: إذا كون الالتفات مكروها في الصلاة لا يبطلها سماحة الشيخ (¬2)؟ ج: لا يبطلها هذا بالرأس، أما بجميع بدنه فتبطل الصلاة بالبدن كله. س: إذا رعاية الأطفال كيف توجهون أختنا المسلمة (¬3)؟ ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب التصفيق للنساء، برقم (1203)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب تسبيح الرجل وتصفيق المرأة إذا نابهما شيء في الصلاة، برقم (422). (¬2) ورد هذا السؤال في الشريط رقم (330). (¬3) السؤال في شريط رقم (330).

ج: إذا دعت الحاجة لا بأس، إذا دعت الحاجة، أو تبعد عنه الحار أو تؤخر عنه الحار. س: إذا رعاية الطفل حتى أثناء الصلاة لا تؤثر على الصلاة (¬1)؟ ج: نعم. س: يسأل ع. ن من سوريا ويقول: أبي رجل مسن يؤدي الفرائض كلها والحمد لله، ولكن أحيانا أثناء الصلاة يلتفت يمنة ويسرة، وقد يشير بيده إلى أحد دون أن يعي ما خطر ذلك، وتأثيره على صلاته أيضا لا يعيه، وأنا أحاول دائما أن أنبه على ذلك، لكن احترامي له يمنعني من توجيهه، فما السبيل؟ جزاكم الله خيرا (¬2) ج: الالتفات في الصلاة مكروه إلا من حاجة، فإن التفت برأسه في بعض الأحيان صلاته صحيحة، لكن ينبه ويبين له أن هذا مكروه، وأنه نقص في الصلاة، ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما سئل عن الالتفات في الصلاة قال: «هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد (¬3)» هكذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله ¬

_ (¬1) السؤال في الشريط رقم (330). (¬2) السؤال في الشريط رقم (345). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الالتفات في الصلاة، برقم (751).

عليه وسلم في الالتفات قال: «هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد (¬1)» لكن إذا دعت الحاجة فلا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم التفت في الصلاة لحاجة، والصديق التفت في الصلاة لحاجة، فالمقصود أنه إذا كان الالتفات لحاجة بالرأس فلا بأس، وهكذا الإشارة لأحد لحاجة لا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم أشار في الصلاة، إذا أشار لإنسان أن يدخل أو يخرج أو يغلق بابا فلا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الالتفات في الصلاة، برقم (751).

رفع المصلي بصره إلى السماء

89. حكم رفع المصلي بصره إلى السماء س: هل يصح أن يرفع المصلي بصره إلى السماء أثناء الصلاة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: رفع البصر إلى السماء وقت الصلاة لا يجوز، والنبي نهى عن هذا، وحذر من هذا عليه الصلاة والسلام، قال صلى الله عليه وسلم: «لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة، أو لا ترجع إليهم (¬2)» وفي لفظ: «أو لتخطفن (¬3)» فالمقصود أنه لا يجوز رفع البصر ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (265). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، برقم (428). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة، برقم (750)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة، برقم (429).

إلى السماء في حال الصلاة، والسنة طرحه إلى الأرض محل السجود، هذا هو السنة، لا ترفعه إلى السماء.

تغميض العينين في الصلاة

90. حكم تغميض العينين في الصلاة س: ما هو الحكم في تغميض العينين في الصلاة؛ إذ إنني أغمض عيني لأني أخاف أن أنظر إلى هنا وهناك، وأنشغل عن أمور الصلاة؟ (¬1) ج: التغميض في الصلاة مكروه، وليس من السنة، السنة أن يفتح عينيه ويغمض عند الحاجة ولا حرج، لكن يطرحهما في موضع سجوده، يغض بصره وينظر إلى موضع سجوده حتى يخشع، هذا هو السنة، أما التغميض فلا يشرع؛ لأنه مكروه، بل قال بعض أهل العلم: إنه من عمل اليهود. س: إني في صلاتي أغمض عيني وإني في هذا ألقى خشوعا، وعندما رآني صديق لي قال: لا يجوز هذا، وإن صلاتك لا تصح، فما رأيكم سماحة الشيخ؟ (¬2) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (310). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (59).

ج: إغماض العينين في الصلاة مكروه عند العلماء، ولكنه لا يضر الصلاة، الصلاة صحيحة، ولا يضر إذا أغمضت عينيك، لا حرج في ذلك، بل قال بعض أهل العلم: إذا كان أخشع لقبلك فلا بأس، ولكن الأظهر والأقرب أنك لا تغمض، ويقال: إن هذا من فعل اليهود في صلاتهم، فالحاصل أن الأفضل لك أن لا تغمض عينيك مطلقا، وأن تجتهد في الخشوع من دون إغماض عينيك، هذا هو الأحوط والأفضل، أما الصلاة فصحيحة ولو أغمضت عينيك لا يضر، ليس من شرطها فتح العينين. س: السائلة ح. م. ح تقول: عندما أصلي لا أشعر بالاطمئنان إلا إذا أغمضت من عيني، ولا أفكر في أشياء دنيوية، ورغم ذلك فأنا أستعيذ بالله من بداية صلاتي، ولكنني رغم ذلك، أفكر وأشعر بالحزن لذلك، ما رأيكم في إغماض العينين؟ (¬1) ج: عليك أن تجتهدي في إحضار قلبك في الصلاة، وسؤال الله أن يعينك على هذا، وتذكري أنك بين يدي الله، وأن الله يطلع عليك سبحانه وتعالى، فالمؤمن إذا قام في الصلاة يراقب ربه، ويستحضر ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (396).

عظمته جل وعلا، الواجب هو العناية بهذا الأمر فتذكري أنك بين يدي الله، وأن الله قبل وجه عبده إذا صلى، فعليك أن تجتهدي في إحضار قلبك، والخشوع لله، وترك الإغماض، الإغماض في العينين مكروه، تركه أولى، وذكر بعض أهل العلم أنه فعل اليهود، فالأولى ترك ذلك، ولكن ضعي البصر في موضع السجود، انظري موضع السجود، واخشعي لله، واذكري عظمته، وأنك بين يديه، واجتهدي في ذلك وأبشري بالخير. س: أجد في إغماض عيني في صلاتي خشوعا أكبر، فهل يجوز لي ذلك أثناء الصلاة؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الأفضل عدم الإغماض، أن تعود نفسك عدم الإغماض، تجتهد في الخشوع. س: هل يجوز أن أغمض عيني عند الصلاة علما أن قلبي يخشع أكثر عندما أغمض عيني؟ (¬2) ج: الأفضل أنه بدون غمض، صرح جمع من أهل العلم بالكراهة في ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (352). (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (266).

ذلك، فالأفضل عدم الإغماض، وإن أغمضت فلا حرج عليك لا يضر الصلاة، لكن يكره عند جمع من أهل العلم الإغماض، فالأحسن ألا تغمض عينيك وتقبل على صلاتك، وتخشع فيها بدون إغماض، والحمد لله. س: في أثناء الصلاة أغمض عيني، فهل هذا صحيح؟ (¬1) ج: الأفضل عدم الإغماض، لكن بعض أهل العلم قال: إذا كان أخشع إلى قلبه فلا بأس، والمعروف عند أهل العلم أن السنة عدم الإغماض مع الاجتهاد في الخشوع وإحضار القلب بين يدي الله عز وجل. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (163).

إغماض العينين والحسر عن الرأس أثناء الصلاة

91. حكم إغماض العينين والحسر عن الرأس أثناء الصلاة س: يقول السائل: هل تجوز صلاة الرجل وهو مغلق لعينيه، وهل يجوز السجود والعمامة على الناصية؟ (¬1) ج: لا بأس أن يصلي ولو أغمض عينيه، ولكن السنة فتحهما، والصلاة صحيحة لو أغمض عينيه وهو يصلي، ما يضره، لا حرج في ذلك، ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (384).

وكذلك العمامة لو كان رأسه مكشوفا والعمامة على كتفه لا يضره، إنما السنة أن يأخذ الزينة كما قال سبحانه: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (¬1) فإذا صلى مع الناس بجنس ملابسهم في مساجدهم يكون أفضل حتى لا يلفت النظر، وكونه يصلي مثل الناس أفضل، يأخذ زينته مثل الناس، أما في بيته فالأمر واسع، عليه أن يصلي في الإزار والرداء، فلو صلى مكشوف الرأس لا حرج، لكن إذا كان مع الناس يصلي بمثل لباس الناس، لا يفعل شهرة، يقول الناس: لماذا؟ ولباس الشهرة هو الذي يخالف ما عليه الناس، هذا لباس الشهرة. ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 31

الصلاة أمام موقد النار

92. حكم الصلاة أمام موقد النار س. ما حكم الصلاة أمام موقد النار، أو المدفئة الكهربائية، هل يأثم صاحبها؟ (¬1) ج: تركها أولى، تكره الصلاة إلى النار، أمام نار، تكره الصلاة؛ لأن فيه تشبها بعباد النار المجوس، فإذا كان قدامه شيء يطفئه، أو يحطه خلفه، أو عن يمينه، أو عن شماله لا يخليه قدامه، يكره أن يصلي إليه، ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (244).

الصلاة صحيحة، لكن يكره ذلك؛ لأن فيه نوعا من التشبه. س: لو صلى فروضا هل يعيدها يا شيخ؟ (¬1) ج: لا، ما يعيد شيئا، لكن ترك هذا هو الذي ينبغي، يزيل السرج التي أمامه وإلا ينتقل إلى محل آخر، وإن صلى والنار أمامه صحت صلاته، لكن يكره ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (244).

بقايا الطعام في الفم أثناء الصلاة

93. حكم بقايا الطعام في الفم أثناء الصلاة س: تقول السائلة: ما حكم بقايا الطعام التي توجد في الفم أثناء الصلاة؟ هل يكتفى بإخراجها من الفم، أم يخرج من الصلاة ويتمضمض، ثم يعود ويبدأ الصلاة من جديد؟ (¬1) ج: ما يوجد في الفم من آثار الطعام أو اللحم لا يضر الصلاة، سواء بقي أو أخرج أثناء الصلاة وطرحه في منديل أو في جيبه، المقصود ما في الفم من آثار الطعام، أو آثار اللحم في الأسنان لا يضر الإنسان، لكن لا يبتلعه، إذا أخرجه يلقيه في جيبه أو في منديل، وإن أبقاه في ضرسه أو في جيبه حتى يفرغ من الصلاة لم يضرها، صلاته صحيحة. والحمد لله، ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (244).

لأنه لا يسمى بهذا آكلا ولا شاربا. س: سائل يقول: ندخل في الصلاة ثم نشعر في بعض الأحيان أن هناك بقايا من الطعام في الفم وبين الأسنان، فما حكم العمل في مثل هذا؟ وكيف نتصرف؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا يضر، لكن إذا انتهيت من النافلة قبل الصلاة تأخذ ما تيسر من ذلك، ولا يضر الصلاة، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (272).

صلاة من في فمه القات

94 - حكم صلاة من في فمه القات س: كنت أصلي وفي فمي بعض القات وخاصة صلاة العصر، وقد سمعت بأن هذا جائز، لكني رأيت في منامي أن والدي كان يصلي وأردت أن أصلي معه وكان في فمي شيء من القات، فتوضأت، وعندما كنت أتمضمض لأتخلص من القات كان ماسكا في فمي ويأبى الخروج رغم محاولاتي المتكررة، فقمت من نومي وأنا على هذه الحالة، ولا أدري هل صلاتي السابقة صحيحة أم لا؟ وإذا كانت غير صحيحة فماذا يجب علي عمله؟

وجهوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذه الرؤيا فيها موعظة وتحذير بشأن القات، نحن علمنا وبلغنا من علماء اليمن وغيرهم أنه لا يجوز استعماله لما فيه من الأضرار الكثيرة والتخدير، فالواجب الحذر منه، وعدم استعماله وعدم بيعه وشرائه، وإذا كنت تصلي فلا يكون في فمك منه شيء، لأنك إذا أبقيته ربما ابتلعت منه شيئا، والأكل في الصلاة يبطلها، والشرب كذلك، فالواجب عليك أن تلقيه من فمك وقت الصلاة، وإذا كنت فعلت ذلك في بعض الصلوات حتى ابتلعت منه شيئا أو ابتلعت طعما منه فإنك تعيد تلك الصلاة التي ابتلعت فيها القات، وهكذا لو أكلت لحما أو شربت ماء أو نحو ذلك، فالواجب عليك أن تخلي فمك من هذه الأشياء عند الصلاة، حتى تكون متهيئا للصلاة، ليس في فمك شيء يشغلك عن الصلاة، ولا شيء يسبب ابتلاعك إياه، أو أكلك إياه أو شربك إياه، والقات من أخبث ما يتعاطاه الناس لما فيه من المضرة، وهكذا الدخان، وهكذا جميع المسكرات والمخدرات يجب الحذر منها، المؤمن يحذر ما حرم الله عليه، ويبتعد عن كل ما يضره، نسأل الله للجميع الهداية. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (214).

صلاة من يحمل في جيبه الدخان

95 - حكم صلاة من يحمل في جيبه الدخان س: يقول هذا السائل من مصر: ما حكم من يحمل في جيبه الدخان أو السجائر أثناء تأديته الصلاة، وهل التدخين ينقض الوضوء (¬1)؟ ج: صلاته صحيحة، لكن يجب عليه التوبة إلى الله، ويجب عليه ترك التدخين، والتدخين لا ينقض الوضوء، لكن يجب عليه تركه؛ لأنه محرم وفيه أضرار كثيرة، وشره كثير، فالواجب ترك التدخين، لكن لو صلى وفي جيبه شيء صلاته صحيحة، وليس بنجس من جهة إفساد الصلاة، وإن كان نجسا من حيث المعنى، لكن ليس بنجس من جنس البول أو الغائط، لكنه نجس من حيث المعنى؛ لأنه قذر من حيث إنه يؤذي ويضر، لكن لو صلى وفي جيبه شيء صلاته صحيحة، إلا أن عليه التوبة إلى الله من استعماله، والحذر من ذلك، والله جل وعلا يتوب على التائبين سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (379).

الاحتباء أثناء الاستماع للخطبة

96 - حكم الاحتباء أثناء الاستماع للخطبة س: من الأردن و. ع يقول: ما حكم الاحتباء؛ وهو ضم الفخذين إلى

البطن بالثوب أو اليدين عند الاستماع إلى الخطبة (¬1)؟ ج: تركه أولى؛ لأنه قد يسبب النوم والكسل، يكون على جلسة أخرى؛ لأن ذلك أقرب إلى النشاط والبعد عن النوم. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (387).

معنى الإقعاء

97 - بيان معنى الإقعاء س: قرأت أن من مكروهات الصلاة الإقعاء، ما معنى هذا؟ جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: الإقعاء المكروه في الصلاة هو أن ينصب فخديه وساقيه ويعتمد على يديه حال جلوسه، كإقعاء الكلب والذئب ونحو ذلك، ويسمى عقبة الشيطان، كما في حديث عائشة: «نهي عن عقبة الشيطان (¬2)» وحديث آخر: «نهى عن إقعاء كإقعاء الكلب (¬3)» وهو إذا جلس بين السجدتين أو للتشهد ينصب فخذيه وساقيه ويعتمد على يديه، هذا هو الإقعاء المنهي ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (201). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يجمع صفة الصلاة وما يفتتح به ويختم به .. ، برقم (498) .. (¬3) أخرجه ابن ماجه بلفظ (يا علي، لا تقع إقعاء الكلب) في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب الجلوس بين السجدتين، برقم (895).

عنه، وهناك إقعاء مشروع ذكره ابن عباس رضي الله عنهما، وأنه من السنة، (وهو أن يجلس على عقبيه بين السجدتين ويداه على فخديه، ويجلس على عقبيه)، هذا من السنة، ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه من السنة، ولكن الأفضل منه أن يفترش اليسرى وينصب اليمنى حال جلوسه بين السجدتين أو التشهد الأول، يفرش اليسرى وينصب اليمنى هذا هو الأفضل، والأكثر في الأحاديث. وفي التشهد الأخير من الظهر والعصر والمغرب والعشاء يتورك؛ يجلس على الأرض ويجعل رجله اليسرى تحت رجله اليمنى عن يمينه، هذا هو الأفضل للتشهد الأخير في الرباعية والثلاثية، أما الجلسة التي في التشهد الأول أو بين السجدتين فهذا الجلوس يشرع فيه أن يجلس على رجله اليسرى ويفرشها، وينصب اليمنى وإن أقعى بين السجدتين – أي جلس على عقبيه – نصب رجليه وجلس على عقبيه بين السجدتين، فهذا أيضا من السنة، لكن الأكثر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم هو الافتراش.

وضع المرفقين على الأرض أثناء السجود

98 - حكم وضع المرفقين على الأرض أثناء السجود س: ما حكم وضع المرفقين على الأرض أثناء السجود (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (48).

ج: هذا مكروه ولا ينبغي، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك (¬1)» «ونهى عن افتراش كافتراش السبع (¬2)» فالسنة أن يرفع مرفقيه سواء الرجل أو المرأة يرفع ذراعيه عن الأرض، ويعتمد على كفيه حال السجود، هذه السنة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الاعتدال في السجود ووضع الكفين على الأرض، برقم (494). (¬2) صحيح مسلم الصلاة (498)، سنن الترمذي الصلاة (275)، مسند أحمد (6/ 194).

معنى الربض

99 - بيان معنى الربض س: من الأوصاف التي وصف بها المنافقون أنهم إذا سجدوا نقروا وإذا ركعوا ربضوا، فكيف يكون الربوض لتحاشي ذلك ومخالفتهم (¬1)؟ ج: المعروف عن المنافقين النقر، ينقرها يعني يعجل فيها في ركوعه وسجوده، لا يذكر الله فيها إلا قليلا. أما الربض في كلام بعض العلماء فالربض كونه يسجد سجودا ما هو بمعتدل، مثل ربض البهيمة، يسجد سجودا ما هو بمعتدل، فالسنة أن يعتدل في سجوده، يسجد على يديه وركبتيه وأطراف قدميه وجبهته وأنفه، رافعا بطنه عن فخذيه، وفخذيه ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (182).

عن ساقيه، ورافعا ذراعيه عن الأرض، هذا هو السجود المعتدل، ما يربض ضاما بعضه إلى بعض، بطنه على فخذيه، فخذيه على ساقيه، وذراعيه على الأرض مثل ربض البهيمة، هذا مكروه ولا ينبغي، لكن السنة أن يسجد سجودا معتدلا ليس برابض.

تشبيك اليدين في الصلاة

100 - حكم تشبيك اليدين في الصلاة س: حدثونا لو تكرمتم عن حكم تشبيك اليدين في المسجد (¬1) ج: يكره للمسلم أن يشبك بين أصابعه إذا خرج إلى الصلاة، وهكذا حال انتظاره للصلاة، وهكذا في الصلاة؛ لأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على كراهة ذلك، فإذا خرج إلى الصلاة فإنه في صلاة، فلا يشبك بين أصابعه، وهكذا في المسجد إذا كان ينتظر الصلاة لا يشبك بين أصابعه، كل هذا مكروه، وهكذا في نفس الصلاة لا يشبك بين أصابعه، أما بعد الصلاة فلا حرج، ولو كان في المسجد بعد الصلاة لا بأس أن يشبك وإن كان في المسجد؛ فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين أنه لما سلم من الصلاة يظن أنه أتمها تقدم ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (256).

وجلس في مقدم المسجد، وشبك بين أصابعه عليه الصلاة والسلام. فالحاصل أن التشبيك بعد الصلاة ولو في المسجد لا حرج فيه.

تكرار قراءة الفاتحة في الصلاة

101 - حكم تكرار قراءة الفاتحة في الصلاة س: يقول السائل: إنني أعيد قراءة الفاتحة عدة مرات أثناء الصلاة؛ لأنني أخطئ في قراءتها، فما حكم ما فعلت (¬1)؟ ج: هذا غير مشروع، السنة أن تقرأها مرة واحدة؛ تقرأها قراءة مرتلة، تتدبرها وتعقلها حتى تؤدي الحروف كما ينبغي، أما التكرار فمكروه، لكن إذا غلطت فيها تعيد ما غلطت فيه، إذا غلطت في آية تعيد الآية وما بعدها، أما أن تكررها – يعني من باب الوسوسة – فهذا لا ينبغي، بل هو مكروه وكذلك من باب الاحتياط مكروه؛ كان النبي عليه الصلاة والسلام يقرؤها مرة واحدة، وهكذا أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، والخير كله في اتباعه صلى الله عليه وسلم واتباع أصحابه، والبدع كلها شر، فأنت إذا تيقنت الغلط في آية تعيد الآية بإصلاح الخطأ، ولا تعيد ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (242).

السورة كلها، فإذا قلت مثلا: إياك نعبد، تعيد وتقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} (¬1)، أو قلت: اهدنا الصراط المستقيم. تعيدها وتقول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (¬2) مع أن الرفع لا يضر في هذا، ما يغير المعنى، أو قلت: الحمد لله رب العالمين. ثم انتبهت وقلت: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬3) بالخفض هذا هو الصواب، لكن النصب لا يضر لأن المعنى لا يتغير، فالحاصل أن اللحن الذي لا يغير المعنى لا يضر القراءة، لكن لو أعاد الآية فأصلحها على الوجه الأكمل فلا بأس، أما اللحن الذي يحيل المعنى فلا بد من إعادة الآية، لو قرأ: أهدنا. بفتح الهمزة، لا بد أن يعيد الآية، يقول: {اهْدِنَا} (¬4) يعيدها بكسر الهمزة، لو قرأ: إياك نعبد. هذا غلط يخاطب مرأة، ما يصلح، لا بد أن يعيد الآية يقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} (¬5)، أو قرأ: صراط الذين أنعمت عليهم. هذا غلط، يعيد الآية ويقول: ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 5 (¬2) سورة الفاتحة الآية 6 (¬3) سورة الفاتحة الآية 2 (¬4) سورة الفاتحة الآية 6 (¬5) سورة الفاتحة الآية 5

{صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (¬1) يخاطب الرب جل وعلا، أو يقول: أنعمت. هذا غلط، هذا خطاب امرأة، هذا ضمير امرأة لا يجوز، يغير المعنى، لا بد أن يعيد الكلمة يقول: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (¬2) يخاطب الرب جل وعلا، هو المنعم جل وعلا، فالحاصل أن اللحن الذي يغير المعنى يجب أن يعيد الآية حتى يصلح اللحن، ولا حاجة إلى أن يعيد السورة كلها. س: هل تكرار سورة الفاتحة في الركعة الواحدة من الصلاة أكثر من مرة واحدة جائز؛ علما بأنني أريد أن أتدبرها، هل علي إثم في ذلك (¬3)؟ ج: الأفضل عدم التكرار، قال بعض أهل العلم: يكره تكرارها. إذا أردت أن تكررها كررها في خارج الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يكررها ولا الصحابة؛ فلا ينبغي لك تكرارها ولكن في خارج الصلاة إذا أردت تكرارها للتأمل والتعقل ولو مرات كثيرة فلا بأس، هي أو غيرها لا بأس. ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 7 (¬2) سورة الفاتحة الآية 7 (¬3) السؤال العاشر من الشريط رقم (373).

س: هل إذا قرأت الفاتحة مرتين في ركعة واحدة سهوا أو بدون سهو هل ذلك يؤثر (¬1)؟ ج: لا يؤثر، لكن لا يشرع لك تكرارها إلا إذا كنت حصل عندك نسيان فكررتها وإلا فالأصل يكفي مرة واحدة، لا تكررها إذا قرأتها مرة واحدة. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (329).

ترك التشهد الأول أو زاد ركعة جهلا

102 - حكم من ترك التشهد الأول أو زاد ركعة جهلا س: هل الخطأ في بعض أركان الصلاة جهلا يبطلها؟ فإن من الناس من يصلي عدة ركعات قصده أن يركع ويسجد حتى يغلب على ظنه أنه أكمل الصلاة من غير أن يفهم أن الظهر أربع، والعصر والعشاء كذلك، وقد يواصل أربع ركعات بتشهد واحد، يوجد هذا حتى الآن في بعض البوادي، فما هو رأيكم؟ (¬1) ج: إذا كان عن جهل ترك التشهد الأول أو جاء بركعة خامسة يحسب أنه يجوز أو ناس - لا يضره ذلك، صلاته صحيحة، لكن إذا كان ناسيا يسجد للسهو وإذا كان لا يعلم هذا، وأستبعد أن يوجد في هذه البلاد - المملكة العربية السعودية - من يسرد الظهر أو العصر أربع ركعات، هذا ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (331).

نادر جدا، وإذا كان موجودا فصلاته صحيحة، لأنه ترك التشهد الأول مثلا جاهلا أو زاد ركعة جاهلا فصلاته صحيحة، ولكن يجب أن يتعلم ويجب أن يعلم، وإذا كنت تعلم أيها السائل أحدا من هذا النوع فعليك أن ترشد وتعلم من يفعل ذلك ولا تسكت، ونوصي السائل أن يكتب لنا أو لوزارة الشؤون الإسلامية عن هذا المحل الذي فيه الجهالة، وهذا من التعاون على البر والتقوى، حتى نرسل لهم بعض الدعاة.

صلاة المسبل إزاره

103. حكم صلاة المسبل إزاره س: ما حكم صلاة المسبل إزاره؟ مع الدليل، جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: الإسبال محرم لا يجوز، وهو كون الملابس تنزل عن الكعب سواء كان اللباس سراويل أو إزارا أو قميصا أو بشتا أو غير ذلك، هذا في حق الرجل لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار (¬2)» أخرجه البخاري في صحيحه، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم ¬

_ (¬1) ورد هذا السؤال في الشريط رقم (284). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار، برقم (5787).

القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، قال أبو ذر: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب (¬1)» أخرجه مسلم في الصحيح. وإذا كان مع الكبر صار الإثم أكبر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة (¬2)» فمع الكبر يكون الإثم أكبر، ومن دون كبر بل تساهل يكون إثما ولا يجوز على الصحيح، ولكن لا يكون مثل من جره خيلاء، الإثم أقل، والغالب أنه يجره خيلاء، حتى ولو ما جره خيلاء فالغالب أنه يجره لذلك، إذا تساهل فيه جره ذلك إلى التكبر والتعاظم، ثم هو أيضا إسراف في الملابس وتعريض لها للنجاسات والأوساخ، فذلك لا يجوز مطلقا، أما المرأة فلا حرج أن ترخي ثوبها شبرا أو ذراعا؛ لأنها بهذا ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية وتنفيق السلعة بالحلف .. ، برقم (106) .. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذا خليلا .. ، برقم (3665)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم جر الثوب خيلاء وبيان حد ما يجوز إرخاؤه إليه وما يستحب، برقم (2085) ..

تستر قدميها، والصلاة صحيحة مع الإثم؛ لأن الرسول ما أمر المسبل أن يعيد صلاته، بل الصلاة صحيحة، وهكذا كل ما يتعلق بالمعاصي التي يفعلها الإنسان في ثوب أو غيره لكون الثوب من حرام أو مغصوب أو فيه إسبال، الصلاة صحيحة لكن مع الإثم، أو الصلاة في أرض مغصوبة هذا الصواب من أقوال العلماء، بعض أهل العلم يرى أن الصلاة غير صحيحة في كل شيء مغصوب، والمسبل، ولكن الصواب أنه لا تعاد الصلاة، الصلاة صحيحة؛ لأن هذا النهي ليس خاصا بالصلاة بل هو عام، ليس له اسم في الصلاة ولا في خارجها، الصلاة تبطل بالشيء الذي يخصها، مثل ثوب نجس يبطل الصلاة؛ لأنه خاص بالصلاة، مثل كشف العورة، وأشباه ذلك الشيء الذي هو خاص بالصلاة، يبطلها إذا كان كشف عورته تعمدا، أو صلى في ثوب نجس؛ لأن هذا يبطل الصلاة، ومثل التكلم فيها، ومثل الانحراف عن القبلة. س: مما لا شك فيه -يا سماحة الشيخ- أن المسلمين في رخاء اليوم لا مثيل له، ويظهر كثير من المسلمين هذه النعمة بإسبال الملابس من ثياب وبشوت، فهل هذا العمل موافق للصواب، وقد يظهر هذا واضحا في كثير من المصلين بحيث يمتد ثوب أحدهم خلفه، فما حكم الإسبال في الصلاة خاصة أو في

غيرها بصفة عامة؟ (¬1) ج: الإسبال من المحرمات العظيمة، ومن كبائر الذنوب سواء كان في الإزار أو في السراويل أو في القميص أو في العمامة أو في البشت، ذلك محرم في حق الرجل، أما المرأة فلها أن تسبل، ترخي ثيابها على أقدامها؛ لأنها عورة لا لكبر بل للستر، وأما الرجل فيلزمه رفع ثيابه فوق الكعب؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال: «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار (¬2)» رواه البخاري في الصحيح. وقال عليه الصلاة والسلام: «ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف (¬3)» يعني الكاذب، هذا يدل على أن هذا من الكبائر، وأن الواجب على المسلم أن يرفع ثيابه وملابسه كلها من البشت والسراويل والإزار، يرفعها فوق الكعب، لا تنزل عن الكعب، بل من نصف الساق إلى الكعب كما جاء في حديث جابر بن سليم وغيره: «إزارة المؤمن إلى نصف الساق، ولا حرج -أو لا ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (20). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار، برقم (5787). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية وتنفيق السلعة بالحلف .. ، برقم (106) ..

جناح- فيما بينه وبين الكعبين (¬1)» هذا محل الملابس من نصف الساق إلى الكعب، أما إنزال الملابس تحت الكعبين فهذا لا يجوز، بل يجب الحذر من ذلك، وإذا كان عن الخيلاء والتكبر صار أعظم، بل إثمه كبير، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة (¬2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «لا ينظر الله إلى من جر ثوبه بطرا (¬3)» فمن يرخي ثيابه ويسحبها، وينزلها تحت الكعبين على حالين: أحدهما: أن يفعل ذلك تكبرا وتعاظما وخيلاء، فهذا وعيده شديد وإثمه أكبر. الحال الثاني: أن يرخيها تساهلا بغير قصد الكبر بل للتساهل، فهذا أيضا محرم ومنكر، وتعمه الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا يستثنى من ذلك شيء إلا من يغلبه الأمر بأن كان إزاره يرتخي من غير قصد، ثم يلاحظه ويرفعه فهذا معفو عنه، كما جاء ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه برقم (11004) وأبو داود في كتاب اللباس، باب في قدر موضع الإزار، برقم (4093)، وابن ماجه في كتاب اللباس، باب موضع الإزار أين هو؟ برقم (3573). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذا خليلا .. ، برقم (3665)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم جر الثوب خيلاء وبيان حد ما يجوز إرخاؤه إليه وما يستحب، برقم (2085) .. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب من جر ثوبه من الخيلاء، برقم (5788).

في قصة أبي بكر رضي الله عنه قال: يا رسول الله، إن إزاري يرتخي! قال: «لست ممن يصنعه خيلاء (¬1)» لأن أبا بكر كان يعتني به ويلاحظه، أما هؤلاء الذين يجرون ثيابهم فتعمهم الأحاديث إذا أرخى قميصه وأرخى سراويله وأرخى إزاره أو بشته؛ تعمهم الأحاديث، وقول من قال إنه من غير تكبر يكون مكروها قول ضعيف بل باطل مخالف للأحاديث الصحيحة، فإخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - عمن جر ثوبه بطرا أن الله لا ينظر إليه لا يدل على إباحة ما سوى ذلك، بل يدل على أن هذا متوعد بوعيد خاص وعظيم إذا جره بطرا، والباقون الذين يسحبون ثيابهم وبشوتهم لهم وعيد آخر بأن الله لا يكلمهم ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، فيجب على المؤمن أن يحذر ذلك وألا يتساهل في هذه الأخلاق الذميمة، بل يرفع ثيابه في الصلاة وخارجها، لا ينزلها عن الكعب أبدا، بل يجب عليه أن تكون ثيابه مرتفعة لا تنزل عن الكعب أبدا إلى نصف الساق فأقل، وفي حديث جابر بن سليم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وإياك وإسبال الإزار ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب من جر إزاره من غير خيلاء، برقم (5784).

فإنها من المخيلة، وإن الله لا يحب المخيلة (¬1)» يعني الخيلاء الكبر، فوجب على المؤمن أن يحذر هذا الخلق الذميم وألا يتساهل، بل تكون ملابسه تنتهي إلى الكعب ولا تنزل عنه أي ملبس كان من ثوب أو قميص أو إزار أو سراويل أو بشت، هكذا يجب على المسلمين جميعا، ولا يجوز التساهل في هذا الأمر، وإذا كان الإسبال في الصلاة ففيه وعيد خاص أيضا؛ يروى عنه عليه السلام أنه قال لما رأى مسبلا يجر ثيابه في الصلاة أمره أن يعيد الوضوء يتوضأ مرتين أو ثلاثا، ولم يأمره بقضاء الصلاة، فسئل عن ذلك فقال: «وإن الله تعالى لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره (¬2)» أو كما قال عليه الصلاة والسلام، وجاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه أنه سئل عمن أسبل في الصلاة، قال: «ليس من الله في حل ولا حرام (¬3)» فالحاصل أن الإسبال في الصلاة يكون أشد وأقبح، فيجب الحذر من الإسبال في الصلاة والإسبال في غيرها؛ أما الصلاة فصحيحة لأن الرسول ما أمر بالإعادة، لكنه قد أتى منكرا ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب اللباس، باب ما جاء في إسبال الإزار، برقم (4084). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الإسبال في الصلاة، برقم (638). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الإسبال في الصلاة، برقم (637).

وأتى سيئة قبيحة، فوجب على المسلم أن يحذر ذلك وألا يسبل لا في الصلاة ولا في خارجها، بل تكون ثيابه معتدلة ومرتفعة عن الكعبين؛ يعني الحد الكعبين، فأرفع إلى نصف الساق، هذا هو المشروع وهذا هو الواجب، ولا يجوز النزول للملابس عن الكعبين كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «ما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار (¬1)» وهذا وعيد عظيم، رواه البخاري - في الصحيح - رحمه الله، والأحاديث الأخرى في معناه، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ونسأل الله أن يهدي المسلمين ويبصرهم بما يرضي الله عنهم وأن يعينهم على ذلك. س: يسأل المستمع ويقول: هل الصلاة تقبل للذي ثوبه مسبل (¬2)؟ ج: لا يجوز الإسبال، والصلاة صحيحة لكن هو على خطر، هو على خطر من عدم القبول، هو خطر على الإثم، لا يجوز أن يصلي مسبلا ولا يجوز أن يسبل ولو ما صلى، ولو في طريقه إلى بيته أو إلى السوق أو في أي مكان، الإسبال محرم مطلقا، لا يجوز الصلاة فيه ولا فعله، والإسبال هو كون الثوب يتجاوز الكعبين، السراويل أو الإزار أو ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار، برقم (5787). (¬2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (384).

القميص أو البشت، هذا يسمى إسبالا، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «ما أسفل من الكعبين ففي النار (¬1)» فلا يجوز له أن يسبل ولو في غير الصلاة، لكن لو صلى مسبلا صلاته صحيحة ولكن مع الإثم. س: هذا السائل أ. أيقول في سؤاله: هل الصلاة تقبل من الذي ثوبه مسبل (¬2)؟ ج: هو على خطر من ذلك، لكن تصح، تجزئه؛ لأن الرسول ما أمره بالإعادة، إذا صلى وهو مسبل فصلاته ناقصة، ولكن لا يجوز له الإسبال لا في الصلاة ولا في خارجها. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار، برقم (5787). (¬2) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (386).

صلاة من لم يزل شعر الإبط والعانة

104 - حكم صلاة من لم يزل شعر الإبط والعانة س: السائل ن. ح. م يقول: هل الصلاة لا تصح إذا لم يزل المسلم شعر الإبط والعانة؟ أفيدونا بذلك (¬1) ج: الصلاة صحيحة، ليس من شرطها الإبط والعانة، لكن سنة ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (386).

للإنسان أن يتعاهد عانته وإبطه وألا يترك أكثر من أربعين يوما، يقول أنس رضي الله عنه: «وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك ذلك أكثر من أربعين ليلة (¬1)» وفي لفظ: «وقت لنا رسول الله ذلك (¬2)» فالسنة للمؤمن أن يتعاهدها قبل كمال الأربعين. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (258). (¬2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه برقم (11823)، وأبو داود في كتاب الترجل باب في أخذ الشارب برقم (4200)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطهارة باب التوقيت في ذلك برقم (14).

الصلاة بالأظافر الطويلة

105 - حكم الصلاة بالأظافر الطويلة س: ما حكم الصلاة بالأظافر الطويلة (¬1)؟ ج: على كل حال لا ينبغي بقاء الأظافر طويلة، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بقصها، وظاهر الأوامر الوجوب، فالواجب قص الأظافر وقص الشارب ونتف الإبط وحلق العانة، فقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي عليه السلام وقت للناس في قص الأظافر ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (21).

وفي قص الشارب وفي نتف الإبط وحلق العانة أن لا يترك أكثر من أربعين ليلة، ولا ينبغي للمسلم أن يدعها أكثر من أربعين ليلة، فالسنة قص الشارب قبل ذلك، وهكذا تقليم الأظفار من الرجل والمرأة، وهكذا نتف الإبط من الرجل والمرأة، وهكذا حلق العانة من الرجل والمرأة، كل هذا ينبغي أن يبادر إليه وأن يعتنى به قبل أربعين ليلة، فالرجل يقص شاربه ويقلم أظفاره وينتف إبطه ويحلق عانته، والمرأة كذلك تقلم أظفارها وتنتف إبطها وتحلق عانتها أو تزيل العانة بشيء من الأدوية كالرجل سواء، هذه سنة مؤكدة، وقد يقال بالوجوب؛ لأنه وقت لنا بأن لا ندع هذا أكثر من أربعين ليلة، والرسول جاءت عنه الأوامر بقص الشارب وقلم الظفر ونتف الإبط، فظاهر هذا الوجوب، ولا يجوز أن تترك على وجه يشوه الحال ويعد طويلا عرفا؛ لأن هذا خلاف السنة الثابتة عنه عليه الصلاة والسلام، وما يفعله بعض الناس من تطويل الأظافر هذا منكر لا وجه له وتأس ببعض أعداء الله. س: هل إطالة الأظافر محرمة؟ وما حكم صلاة المرأة وأظافرها طويلة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (298).

ج: الأظفار يجوز بقاؤها مدة أربعين يوما، وهكذا الشارب وهكذا الإبط وهكذا العانة؛ لمناسبة حديث أنس رضي الله عنه قال: «وقت لنا في قص الشارب - وقال: إنه طهر - ونتف الإبط وحلق العانة أن لا ندع ذلك أكثر من أربعين ليلة (¬1)» وفي لفظ: «وقت لنا النبي صلى الله عليه وسلم (¬2)» فإذا بلغ أربعين وجب عليه قص الشارب وقلم الظفر ونتف الإبط وحلق العانة، أما بقاء الظفر أقل من ذلك فلا حرج إن شاء الله، وهكذا الشارب وهكذا الإبط وهكذا العانة. س: بعض النساء يطلن أظافرهن لأشهر حتى يظهرنها بأصبغة ملونة، ويعتبرن هذا من التجمل (¬3)! ج: هذا لا يجوز، إذا أتمت أربعين وجب قلمها. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (258). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (258). (¬3) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (298).

الحركة في الصلاة

106 - حكم الحركة في الصلاة س: يقول السائل: ما حكم الحركة في الصلاة؛ هل تبطلها أم لا (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (257).

ج: الحركة فيها تفصيل: الحركة القليلة والحركة المتفرقة لا تبطلها، أما إذا كثرت وتوالت فتبطلها عند العلماء؛ إذا كانت كثيرة عرفا متوالية أبطلتها، أما التحديد بثلاث حركات لا أصل له، لكن إذا تكررت كثيرا في عمله بيديه أو مشي تقدم وتأخر ومتوال وكثير من ذلك بغير وجه شرعي يبطل الصلاة، أما لوجه شرعي مثل أن يتقدم ليسد فرجة في الصف ومثل ما تقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - لصلاة الكسوف لما عرضت عليه الجنة تقدم ولما رأى النار تأخر، هذا لا بأس به مثل ما تقدم صعد المنبر يصلي عليه ثم نزل، إذا كان لمقصد شرعي لا بأس، أما تكرار الحركة وكثرتها متوالية من دون وجه شرعي فهذا يبطل الصلاة، والواجب الحذر من ذلك. س: بعض الناس يقولون: إن من يتحرك ثلاث حركات في الصلاة بطلت صلاته، هل هذا صحيح (¬1)؟ ج: ليس بصحيح، هذا قول بعض أهل العلم، لكن ليس بصحيح، وإنما الذي يبطل الصلاة الحركة الكثيرة المتوالية عرفا، إذا كثرت الحركة وتوالت هذا هو الذي يبطلها عند أهل العلم، كأن يبعث في ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (140).

ثيابه وشعره عبثا كثيرا متواليا، أو بأخذ شيء وطرحه متواليا كثيرا ليس له حد محدود، الذي يعتبر كثيرا في العرف هذا هو الذي يبطل الصلاة، فالواجب على المؤمن أن يطمئن في صلاته - والمؤمنة كذلك - وأن يجتهد في ترك العبث والحركة إلا الشيء اليسير فيعفى عنه، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصلى وهو حامل أمامة بنت زينب ابنة بنته، «فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها (¬1)» وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - «أنه في صلاة الكسوف لما عرضت عليه الجنة تقدم خطوات، ولما عرضت عليه جهنم تأخر خطوات (¬2)» وثبت عنه «أنه فتح الباب لعائشة (¬3)» هذا وأمثاله لا يضر، الشيء القليل الذي يعتبر قليلا لا يضر في الصلاة، ولكن الشيء الكثير هو الذي يجتنب، وهكذا القليل إذا لم ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا حمل جارية صغيرة على عاتقه في الصلاة، برقم (516)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز حمل الصبيان في الصلاة، برقم (543). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة، برقم (748). (¬3) أخرجه البيهقي في السنن الصغرى، باب ما جاء في قتل الحية والعقرب في الصلاة، برقم (916)، وابن حبان في صحيحه، باب ما يكره للمصلي وما لا يكره، برقم (2355).

يكن له حاجة فيحرص المؤمن على السكون والهدوء في الصلاة - وهكذا المؤمنة - حتى يكملها، هذا هو المشروع للمؤمن والمؤمنة جميعا. س: يسأل سماحتكم عن آداب الصلاة، يقول: أثناء صلاتي أحيانا أحك جسمي أو شعري أو أنظف ثوبي أو أنظر إلى الساعة، فما حكم ذلك (¬1)؟ ج: الخشوع في الصلاة الإقبال عليها والطمأنينة فيها، كل ذلك مطلوب حتى يكمل الصلاة، لا بد من الخشوع فيها وعدم الحركة، لكن الشيء القليل يعفى عنه، الشيء القليل الحركة القليلة يعفى عنها، لكن لا بد من الطمأنينة في ركوعه وفي سجوده وبين السجدتين، واعتداله بعد الركوع لا بد من الطمأنينة والهدوء حتى يرجع كل عضو إلى مكانه، لكن لو أنه نظر إلى الساعة بعض الأحيان أو مسح رأسه أو مسح لحيته أو ما أشبه ذلك أو مسح موضع سجوده أو عدل عمامته من غير إكثار مرة مرتين من غير إكثار أو حركات متفرقة دعت الحاجة إليها لا حرج، النبي - صلى الله عليه وسلم - «صلى بالناس على المنبر؛ صعد ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (338).

المنبر ثم نزل (¬1)» «وحمل أمامة بنت زينب وصلى بها، فكان إذا سجد وضعها وإذا قام حملها عليه الصلاة والسلام (¬2)» فالأمر اليسير يعفى عنه، وهكذا الشيء المفرق إذا كان الشيء تفرق ما هو متوال يعفى عنه، لكن إن أمكن ترك ذلك والحرص على السكون فهو أكمل وأفضل. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضعه، باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة، برقم (544). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا حمل جارية صغيرة على عاتقه في الصلاة، برقم (516)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز حمل الصبيان في الصلاة، برقم (543).

تعديل الغترة والعبث باللحية أو الساعة ونحوها

107 - حكم تعديل الغترة والعبث باللحية أو الساعة ونحوها س: ما حكم من يقوم ببعض الحركات في الصلاة مثل تعديل الغترة والعبث في اللحية أو بالأظافر أو الساعة أو ما شابه ذلك (¬1)؟ ج: السنة للمؤمن في الصلاة الخشوع وعدم الحركة، يطمئن ويخشع في صلاته ويدع الحركات، يضع يمينه على شماله على صدره ساكنا في حال القيام، وإذا ركع يضع يديه على ركبتيه مفرجتي الأصابع ساكنا خاشعا مادا ظهره جاعلا رأسه حيال ظهره في الركوع، وإذا رفع اطمأن في رفعه واعتدل وجعل يمينه على شماله على صدره في الصلاة بعد ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (41).

الركوع وهو قائم خاشع، وهكذا، فإذا سجد يكبر ويسجد ويضع يديه مادا أصابعه للقبلة ضاما بعضها إلى بعض خاشعا لله، ويجعلهما حيال منكبيه، ويجعل يديه حيال أذنيه في سجوده، وهو خاشع معتدل في سجوده قد رفع بطنه عن فخذيه وفخذيه عن ساقيه، ويقول: سبحان ربي الأعلى، ويدعو ربه، ثم يرفع ويجلس مطمئنا خاشعا لله عز وجل، يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى، ويضع يديه على ركبتيه وفخذيه، يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي. ويدعو ويسجد، وهكذا يكون خاشعا في هذا كله ويدع الحركات، أما العبث في غترته وفي لحيته أو في الساعة أو في أظفاره هذا كله مكروه في الصلاة، مكروه ولكن لا يبطلها، لا يبطل الصلاة لكنه مكروه، وإذا كثر وتوالى أبطلها، إذا كثر عرفا وتوالى أبطل، أما إذا تفرق ما توالى فإنه لا يبطلها، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه في صلاة الكسوف تقدم؛ لما عرضت عليه الجنة تقدم إليها، «فلما عرضت عليه النار تأخر (¬1)» وصلى بالناس على المنبر؛ يرقى المنبر فيقرأ عليه ويركع، «ثم ينزل فيسجد أسفل المنبر (¬2)» ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة، برقم (748). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضعه، باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة، برقم (544).

كل هذا يدل على الحركات وأشباهها التي لا تضر الصلاة، كذلك كان يصلى ذات يوم وهو حامل أمامة بنت زينب؛ يحملها، «فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها (¬1)» فهذا يدل على أن مثل هذه الحركات لا تضر الصلاة لأنها قليلة متفرقة، أما الشيء الكثير المتتابع المتواصل فهذا عند أهل العلم يبطلها إذا كثر عرفا، سواء كان مشغولا بساعته أو بلحيته أو بغترته، فالمؤمن ينبغي له أن يتحرى الخشوع ويحذر العبث في جميع الوجوه؛ الركوع والسجود والقيام. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا حمل جارية صغيرة على عاتقه في الصلاة، برقم (516)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز حمل الصبيان في الصلاة، برقم (543).

الحركة والعبث في الصلاة

108 - مسألة في حكم الحركة والعبث في الصلاة س: مستمع يسال عن الحركة في الصلاة، يقول: إن هناك أناسا يقولون إن الحركة في الصلاة تبطلها، وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: العبث في الصلاة لا يجوز إذا كثر، أما الشيء اليسير فيعفى عنه، فاليسير عرفا يعفى عنه، ولكن إذا كثر وتوالى أبطل الصلاة، فالواجب على المؤمن في صلاته والمؤمنة الحرص على أسباب سلامتها والحذر من أسباب بطلانها، والشيء اليسير يعفى عنه، مثل كونه عدل ثوبه أو ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (264).

عمامته أو مسح التراب أمام وجهه عند السجود مرة أو مرتين لا يضر صلاته، لكن الأفضل مرة واحدة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذا: مرة أو دعه. فالمقصود أن المؤمن يحرص على الخشوع والإقبال على صلاته والحضور فيها بقلبه، وترك العبث والحركة غاية الحرص، قال الله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬2)، لكن إذا عبث يسيرا لا يضر صلاته، فالحركة بأن أخذ شيئا أو طرحه أو حك رأسه قليلا أو ما أشبه ذلك من الأشياء التي يفعلها الإنسان بعض الأحيان لا تضر صلاته، لكن إذا كثر العبث وتوالت الحركات عرفا بطلت الصلاة، فينبغي الحذر. ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 1 (¬2) سورة المؤمنون الآية 2

س: رجل يصلي فتحرك ثلاث حركات متتالية، فهل تبطل صلاته؟ كحك الرأس أو الأنف أو ما شابه ذلك (¬1) ج: ليس على هذا دليل، ولا تبطل الصلاة بذلك، لكن ينبغي للمؤمن أن يجتهد في السكون في الصلاة والخشوع وعدم العبث وعدم الحركة إلا من حاجة على مراعاة القلة وعدم الإكثار، وقد ذكر العلماء رحمهم ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (143).

الله أن الحركة الكثيرة في الصلاة المتوالية تبطلها من غير تحديد، أما التحديد بثلاث فهو قول ضعيف لا دليل عليه ولا تبطل به الصلاة، فلو حرك يده ثلاثا أو حك رأسه ثلاثا لم تبطل صلاته بذلك، وهكذا إذا كانت الحركة مفرقة فإنها لا تبطل الصلاة، فقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى على المنبر ثم نزل فسجد في أصل المنبر، ثم صعد فقرا على المنبر وركع عليه، فلما سلم قال: «إني صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي (¬1)». وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى وهو حامل أمامة بنت زينب ابنة بنته رضي الله عنها، «فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها عليه الصلاة والسلام (¬2)». هذه الحركة لا تضر الصلاة لأنها مفرقة، وهكذا ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الكسوف أنه لما عرضت عليه الجنة تقدم وتقدمت الصفوف، وأراد يتناول منها عنقودا فلم يتيسر ذلك ولم يمكن من ذلك، ولما عرضت عليه النار - عليه الصلاة والسلام - تأخر وتأخرت الصفوف، فدل ذلك على هذه الحركة وأشباهها بأنها لا تبطل الصلاة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضعه، باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة، برقم (544). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا حمل جارية صغيرة على عاتقه في الصلاة، برقم (516)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز حمل الصبيان في الصلاة، برقم (543).

مقدار الحركة التي تبطل الصلاة

109 - مقدار الحركة التي تبطل الصلاة س: السائل أ. أمن الأردن يقول: ما هي مقدار الحركة التي تبطل الصلاة؟ وما هي أقسامها؟ وما توجيهكم سماحة الشيخ للذين يكثرون الحركة في الصلاة (¬1)؟ ج: الحركة اليسيرة عرفا لا تبطل الصلاة، لكن مشروع له السكون والاطمئنان والحذر من الحركات لقول الله جل وعلا: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬2) (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬3)، فالواجب عليه أن يطمئن في ركوعه وسجوده وبين السجدتين، وبعد الاعتدال من الركوع يطمئن حتى يرجع كل فقر إلى مكانه، هذا ركن لا بد منه، أما الحركات اليسيرة فيعفى عنها، فإذا كثرت وتوالت عرفا فإنها تبطل الصلاة، إذا اعتقد أنها كثرت وتوالت عرفا فإنها تبطل الصلاة، ولكن الواجب عليه الحرص على عدم الحركة، ويعفى عن الشيء اليسير. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (409). (¬2) سورة المؤمنون الآية 1 (¬3) سورة المؤمنون الآية 2

س: يسأل عن موضوع كثيرا ما يراه - كما يقول - يقول: ألاحظ بعض الناس يكثر الحركة أثناء تأديته للصلاة، فهو يقدم رجلا

ويؤخر أخرى، أو يعبث بلحيته، أو يقوم بتعديل ملابسه وما أشبه ذلك، وأعتقد أن مثل هذه الحركات تؤثر على الصلاة، فأرجو من سماحتكم التوجيه، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا شك أن هذا واقع من بعض الناس العبث في الصلاة والحركة الكثيرة، هذا واقع من بعض الناس، ونوصي إخواننا جميعا من الرجال والنساء بالخشوع في الصلاة وترك الحركة التي لا حاجة إليها لا في الملابس ولا في اللحية ولا بغير ذلك، ولا بالساعة ولا بغير ذلك، السنة الخشوع في الصلاة والطمأنينة فيها وعدم الحركة، قال الله عز وجل: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬2) (1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬3)، والخشوع هو الخضوع لله والإقبال على الصلاة وترك العبث، لكن إذ دعت الحاجة إلى أن يتقدم في الصف الذي قدامه لفرجة فلا بأس، أو دعت الحاجة أن يعدل عمامته خشية أن تسقط أو ما أشبهه من الحاجات فلا بأس مع الحرص على التقلل وعدم الإكثار، يحرص على أن تكون الحركة بقدر الحاجة قليلة جدا حسب الحاجة، وصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض الأيام يحمل أمامة بنت زينب ابنة بنته، «إذا سجد وضعها وإذا ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (313). (¬2) سورة المؤمنون الآية 1 (¬3) سورة المؤمنون الآية 2

قام حملها (¬1)» وصلى مرة على المنبر، «فلما فرغ من الركوع اعتدل ونزل وسجد أسفل المنبر (¬2)» للتعليم، لتعليم الناس وتوجيههم، يعلم أن مثل هذا جائز. وفي صلاة الكسوف عرضت عليه الجنة فتقدم ليتناول منها عنقودا فلم يتيسر له ذلك، وعرضت عليه النار وهو في صلاة الكسوف «فتأخر وتأخرت الصفوف (¬3)» فإذا دعت الحاجة لشيء من هذا فلا بأس، وإلا فالواجب الطمأنينة، وليطمئن ويؤدي الصلاة بطمأنينة وخشوع وعدم العجلة مع قلة الحركة حتى يكون بذلك قد أكمل صلاته واعتنى بها. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا حمل جارية صغيرة على عاتقه في الصلاة، برقم (516)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز حمل الصبيان في الصلاة، برقم (543). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضعه، باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة، برقم (544). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة، برقم (748).

الحركة في الصلاة لسد فرجة في الصف

110 - حكم الحركة في الصلاة لسد فرجة في الصف س: تسأل أختنا عن الفرج في الصفوف، هل الحركة لسدها تؤثر على الصلاة أم لا (¬1)؟ ج: سدها مشروع، والحركة في ذلك مشروعة ولا تؤثر في الصلاة، فإذا كان في الصف خلل وجذب الإنسان أخاه حتى يقرب وحتى يسد ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (158).

الخلل، أو جاء إنسان من خلفهم فسد الخلل من الصف الذي يليهم، كل هذا مشروع، وليس ذلك مؤثرا في الصلاة بل هو من كمال الصلاة ومن تمام الصلاة.

يتقدم خطوات إلى الأمام في الصلاة ليمر الناس من ورائه

111 - حكم من يتقدم خطوات إلى الأمام في الصلاة ليمر الناس من ورائه س: أبو عبد الله يسأل: أرى البعض من الشباب إذا سلم الإمام من الصلاة وبقي على هذا الشاب بعض الركعات فإنه يتقدم بعض الخطوات إلى الأمام لكي يمنع المارين عن المصلين الآخرين، فهل فعله صحيح (¬1)؟ ج: لا يضره - إن شاء الله - خطوات يسيرة حتى يمر الناس من ورائه، لا يضره ذلك - إن شاء الله - إذا كان بقي عليه صلاة قضاء، لكن كونه يبقى في مكانه أولى من التقدم. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (378).

إخراج بعض الأشياء من الجيب أثناء الصلاة

112 - حكم إخراج بعض الأشياء من الجيب أثناء الصلاة س: ما حكم إخراج المفاتيح والأشياء الخفيفة أو غير ذلك من الجيب أثناء الصلاة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (405).

ج: هذا من العبث، ينبغي ترك ذلك، المشروع ترك ذلك إلا لحاجة كأن يطلب منه مفتاح فيخرجه ويعطيه الطالب من أهل بيته أو ما أشبه ذلك إذا دعت الحاجة إلى ذلك، إذا كان شيئا قليلا لا بأس، أما عبث فيكره العبث، لكن إذا كان مثلا يصلي وطلبوا المفتاح فأدخل يديه وأخرج المفتاح لهم أو شيئا في جيبه ورماه عليهم لا يضره كما «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفتح الباب لعائشة (¬1)» وكما عرفنا في صلاة الكسوف «لما عرضت عليه الجنة ثم تأخر لما عرض عليه النار (¬2)» وكما «صلى على المنبر ثم نزل وسجد في أسفل المنبر (¬3)» الأشياء الخفيفة لا بأس بها. ¬

_ (¬1) أخرجه البيهقي في السنن الصغرى، باب ما جاء في قتل الحية والعقرب في الصلاة، برقم (916)، وابن حبان في صحيحه، باب ما يكره للمصلي وما لا يكره، برقم (2355). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة، برقم (748). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضعه، باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة، برقم (544).

تغيير مكان السجود بعد الصلاة

113 - حكم تغيير مكان السجود بعد الصلاة س: ما حكم تغيير مكان السجود أثناء الصلاة (¬1)؟ ج: إذا تحول بعد الفريضة عن يمينه أو شماله لا حرج في ذلك، لكن ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (405).

ما عليه دليل واضح، ولكن لا حرج في ذلك، وإن صلى في مكانه فلا بأس.

نصيحة توجيهية إلى بعض المصلين

114 - نصيحة توجيهية إلى بعض المصلين س: بعض المصلين يكثر العبث أثناء تأديته للصلاة، فهو يحرك ملابسه ويد يديه إلى بعض أجزاء من جسمه للتنظيف ونحو ذلك، ويرجو التوجيه أيضا لو تكرمتم (¬1) ج: السنة للمصلي السكون في الصلاة والخشوع فيها وعدم العبث لا بثيابه ولا بلحيته ولا بأنفه ولا بغير ذلك، هذا هو السنة، قال الله عز وجل: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬2) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬3)، وقال النبي لبعض أصحابه لما رأى بعض أصحابه يشير بيديه: «اسكنوا في الصلاة (¬4)» فالمؤمن مأمور بالسكون والخشوع في الصلاة النافلة والفريضة جميعا، لكن إذا دعت الحاجة إلى تعديل شيء من دون إطالة بل شيء خفيف فلا حرج في ذلك إن شاء الله، لكن لا يكون في ذلك ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (212). (¬2) سورة المؤمنون الآية 1 (¬3) سورة المؤمنون الآية 2 (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الأمر بالسكون في الصلاة والنهي عن الإشارة باليد ورفعها عند السلام .. ، برقم (430) ..

إطالة ولا كثرة، بل يكون شيئا قليلا.

كثرة الحركة في الصلاة بسبب البعوض

115 - حكم كثرة الحركة في الصلاة بسبب البعوض س: يقول هذا السائل: نحن من سكان الريف حيث يكثر الماء وتوجد الزراعة، ويترتب على ذلك انتشار البعوض خاصة في فصل الصيف، وعندما نؤدي الصلوات فإننا نتأذى من لدغ البعوض، وإذا تركناه يلدغنا انشغلنا به عن الصلاة ولم نتدبر القراءة ولا التسبيح، وإذا دفعناه ترتب على ذلك حركة كثيرة في الصلاة وأدى إلى قتل كثير من هذا البعوض ونحن في الصلاة، فما حكم الشرع في نظركم؟ وما توجيهكم لنا (¬1)؟ ج: المشروع التحمل والصبر والعلاج قبل الصلاة، يعالج محل الصلاة بالمبيدات التي تبيد هذا البعوض حتى يكون في وقت الصلاة قد استراحوا، وحتى لا يشتغلوا بالحركة في الصلاة، والحركة اليسيرة يعفى عنها، لكن كون المصلين يشتغلون بالبعوض شغلا كثيرا فهذا لا يجوز، الواجب التصبر والتحمل إلا إذا تيسر ما يبيده قبل الصلاة، فيستعمل ما يبيده من المبيدات حتى يكون المصلون في وقت الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (401).

مستريحين من شره، والحركة اليسيرة التي كونه يغطي قدميه عن البعوض أو يديه ما يضر والحمد لله، الشيء اليسير يعفى عنه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم وهو حامل أمامة بنت زينب «إذا قام حملها وإذا سجد وضعها (¬1)» «وصلى وهو على المنبر، يصعد وينزل عليه الصلاة والسلام (¬2)» وصلاة الكسوف «صلى بالناس فلما عرضت عليه الجنة تقدم، ولما عرضت عليه النار تأخر وتأخر الناس (¬3)» فهذه الأشياء التي تعرض للإنسان خفيفة يعفى عنها. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا حمل جارية صغيرة على عاتقه في الصلاة، برقم (516)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز حمل الصبيان في الصلاة، برقم (543). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضعه، باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة، برقم (544). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة، برقم (748).

الصلاة على السرير بسبب الحشرات الزاحفة

116 - حكم الصلاة على السرير بسبب الحشرات الزاحفة س: أعمل راعيا للغنم، وأسكن في منطقة بعيدة تكثر فيها الحشرات الزاحفة، وحينئذ أضطر إلى الصلاة على السرير، فهل يجوز أن أفعل ذلك أو لا (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (328).

ما يفعله المصلي إذا طرق عليه الباب

117 – بيان ما يفعله المصلي إذا طرق عليه الباب س: ماذا يفعل المصلي وهو يصلي في البيت وحده وطرق الباب وليس في البيت أحد، هل يذهب ليفتح؟ مع العلم أنني قرأت أنه يذهب ليفتح ويخطو خطوات بسيطة، ولكن إذا كان هناك جدار وخطوات كثيرة ماذا يفعل (¬1)؟ ج: إذا استأذن عليه وهو يصلي يتنحنح أو يقول: سبحان الله، سبحان الله، حتى يعلم من عند الباب أنه في صلاة فينتظر، ولا يقطع الصلاة إلا إذا كان الباب قريبا يتقدم إليه بخطوات يسيرة حتى يفتح له فلا بأس، فقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم «أنه فتح الباب لعائشة وهو يصلي (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (222). (¬2) أخرجه البيهقي في السنن الصغرى، باب ما جاء في قتل الحية والعقرب في الصلاة، برقم (916)، وابن حبان في صحيحه، باب ما يكره للمصلي وما لا يكره، برقم (2355).

س: إذا كنت أصلي وجرس الباب يدق ولم يوجد في البيت غيري، فماذا أفعل؟ وإذا خرجت من الصلاة فهل علي إثم (¬1)؟ ج: الصلاة تختلف؛ إن كانت نافلة فالأمر واسع لا مانع من قطعها ومعرفة من يدق الباب. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (69).

أما الفريضة فلا ينبغي التعجل إلا إذا كان هناك شيء يخشى فواته مهم، وإذا أمكن التنبيه بالتسبيح بحق الرجل أو المرأة تصفق حتى يعلم الذي عند الباب أنها مشغولة بالصلاة كفى ذلك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من رابه شيء في صلاته فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء (¬1)» إذا أمكن إشعاره بأن المرأة في الصلاة بالتصفيق أو الرجل في الصلاة بالتسبيح فعل ذلك، فإن كان هذا لا ينفع للبعد وعدم سماعه لذلك فلا بأس أن يقطعها للحاجة، النافلة خصوصا، أما الفرض فإن كان الشيء مهما ويخشى أنه مهم فلا بأس بالقطع ثم يعيدها في أولها، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب التصفيق للنساء، برقم (1203)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب تسبيح الرجل وتصفيق المرأة إذا نابهما شيء في الصلاة، برقم (422).

ما يفعله المصلي للرد على الهاتف

118 – بيان ما يفعله المصلي للرد على الهاتف س: السائلة أم خالد تقول: بالنسبة إذا كان الإنسان في الصلاة هل الرد على التليفون أثناء الصلاة لا يجوز، أي رفع السماعة لإشعار المتصل بوجود أهل البيت (¬1)؟ ج: لا، ما يضر رفع السماعة حتى ينتظر، لا بأس رفع السماعة، لكن لا ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (320).

يتكلم حتى يصلي إلا إن كانت نافلة لا بأس أن يقطعها للحاجة، إذا كانت نافلة لا بأس أن يقطعها للحاجة، إذا كان يخشى أن أصحاب التليفون لهم مهمة كبرى أو يعلم ذلك، وإلا فيكمل صلاته ثم يكلم، أما الفريضة لا، لا يقطعها، لكن يرفع السماعة حتى ينتظر الذي على السماعة.

كيفية رد السلام أثناء الصلاة

119 - بيان كيفية رد السلام أثناء الصلاة س: كيف يكون رد السلام أثناء الصلاة (¬1)؟ ج: يرد بالإشارة بيده، وهذا هو الأفضل، فإذا سلم عليه أحد فيرد عليه بالإشارة كأنه يصافح. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (304).

إجابة السائل بإيماء الرأس في الصلاة

120 - حكم إجابة السائل بإيماء الرأس في الصلاة س: ما حكم من يرد على السائل بإيماءة برأسه بنعم أو لا وهو في الصلاة؟ مثال ذلك أنه في حالة استعجال السائل يأخذ الجواب مني وأنا داخل في الصلاة، بأن يسأل مثلا: هل أنتظرك؟ وذلك بأن أرد عليه برأسي: نعم، هل تبطل الصلاة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (70).

ج: الإشارة في الصلاة لا بأس بها ولا حرج فيها ولا تبطل بها الصلاة، قد فعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو سيد الخلق ومعلمهم، وقد فعلها أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، فلا حرج في ذلك، فإذا سألك سائل: هل أنتظر؟ وأنت في الصلاة وأشرت برأسك أن نعم فلا بأس، أو سأل سائل عن حكم من الأحكام فأشرت بما يدل بنعم أو لا فكل ذلك لا بأس به، قد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - «وكان يرد بالإشارة عليه الصلاة والسلام (¬1)» ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته، برقم (540).

وضع الأصابع في الأذنين أثناء الصلاة من أجل الانزعاج

121 - حكم وضع الأصابع في الأذنين أثناء الصلاة من أجل الانزعاج س: تقول السائلة أ. ع من حائل: عندما أصلي وأنا أسمع صراخ الأطفال والإزعاج أضع أصابعي في آذاني وأكمل صلاتي، فهل هذا يجوز (¬1)؟ ج: تركها أولى، تضع يديها على صدرها، هذا السنة، وإن شق عليها ذلك وخافت ألا تكمل الصلاة وألا تتقنها قطعتها حتى تهدئ الصبيان ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (412).

ثم تعود إلى الصلاة من أولها، أما إذا استطاعت أن تكملها بهدوء كملتها من غير حاجة إلى وضع أصبعها في أذنها، بل تضع يديها على صدرها، والحمد لله.

الاستماع إلى الراديو أثناء الصلاة

122 - حكم الاستماع إلى الراديو أثناء الصلاة س: هل يمنع فتح الراديو صحة الصلاة، خاصة وأننا لا نصغي إلى الراديو أثناء الصلاة، ولكن غالبا ما أسمع بعض الأشياء البسيطة دون أن أنتبه لها (¬1) ج: لا يمنع صحة الصلاة، لكن قد يشوش على المصلية والمصلي، فينبغي ألا يكون في وقت الصلاة حتى لا يحصل تشويش، وإلا فلو كان مفتوحا وهي مشغولة بصلاتها والرجل مشغول بصلاته صحت الصلاة، لكن ينبغي إغلاقه لأنه قد يمر فيه أشياء تشويش على المصلي، فالمشروع للمؤمن والمؤمنة وإغلاقه إلى انتهاء وقت الصلاة. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (192).

الصلاة والمصلي يدافع الريح

123 - حكم الصلاة والمصلي يدافع الريح س: هذه السائلة تقول: هل يجوز مدافعة الريح عند الصلاة (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (395).

ج: نعم، يدافعها إذا كانت خفيفة، أما إذا كانت شديدة فيقطع الصلاة، أما إذا كانت الريح خفيفا يمكن مدافعتها بدون مشقة ويثبت في صلاته فلا بأس، كالحدث كالبول والغائط إذا كان خفيفا يكمل صلاته، أما إذا كان يشغله في الصلاة يقطعها ليخرج الريح والبول والغائط حتى يصلي بقلب حاضر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة في حضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان (¬1)» وهكذا الريح الشديدة التي تؤذيه يقطعها. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال وكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين، برقم (560).

قول استعنا بالله أثناء قراءة الإمام الفاتحة

124 - حكم قول “ استعنا بالله “ أثناء قراءة الإمام الفاتحة س: السائل يقول: أسمع كثيرا من الناس يقولون: عندما يقرأ الإمام قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬1) يقولون: استعنا بالله، وإذا قال: {وَلَا الضَّالِّينَ} (¬2) يقولون: رب اغفر لي ولوالدي، هل هذا صحيح (¬3)؟ ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 5 (¬2) سورة الفاتحة الآية 7 (¬3) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (257).

ج: ليس له أصل وينبغي تركه، وإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬1) يستمر في قراءته ولا يقول: استعنا بالله. ما له أصل، ولا يبطل الصلاة، الصلاة لا تبطل بذلك، لكن هذا غير مشروع، كذلك عند قوله: {وَلَا الضَّالِّينَ} (¬2) لا يقول: اللهم اغفر لي ولوالدي. هذا ما ورد، إنما يقول: آمين. {وَلَا الضَّالِّينَ} (¬3) يقول بعدها: آمين. هذا هو الذي شرعه الله سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 5 (¬2) سورة الفاتحة الآية 7 (¬3) سورة الفاتحة الآية 7

الاستعاذة من الشيطان أثناء الصلاة

125 - حكم الاستعاذة من الشيطان أثناء الصلاة س: هل يجوز لمن زفر في الصلاة أن يقول: أستغفرك اللهم وأتوب إليك؟ وهل يجوز أن يستعيذ من الشيطان الرجيم أثناء الصلاة؟ وهل يجوز للمصلي أن يقول: سبحانه، أو: سبحان الله - إذا مر به بعض الآيات وفيها تعظيم لله (¬1) ج: السنة للمؤمن في مثل هذه المسائل أن يفعل ما شرعه الله عز وجل من العناية بالخشوع والتدبر لما يقرأ، وإذا عرض له عارض في صلاته بأن مر بآية تسبيح أو آية رجاء أو آية خوف وسبح أو سأل فلا بأس، لكن ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (171).

المشروع هذا في صلاة الليل، هذا هو المشروع؛ كان النبي يفعله في صلاة الليل (¬1) ولم يحفظ عنه أنه فعله في صلاة الفريضة، ولو فعله الإنسان لا شيء عليه صلاته صحيحة، ولكن الأفضل ترك ذلك؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما كان يفعله إلا في تهجده بالليل، كان يستمر في قراءته عليه الصلاة والسلام في الفجر والمغرب والعشاء والناس يسمعونه ولا يقف يسبح أو يدعو، لم ينقل هذا فيما نعلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا في تهجده بالليل، فالأفضل في هذا ألا يقف عند آية التسبيح ولا عند آية الوعيد ولا عند آية الوعد، بل يستمر في الفريضة، أما في التهجد في الليل أو في النوافل فالأمر واسع والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، برقم (772).

الصلاة على الرسول عليه الصلاة والسلام في الصلاة عند سماع ذكره

126 - حكم الصلاة على الرسول عليه الصلاة والسلام في الصلاة عند سماع ذكره س: إذا كان المسلم في الصلاة وسمع كلمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهل يقول: عليه الصلاة والسلام، وهو في الصلاة (¬1)؟ ج: لا حرج، إذا قالها في النافلة لا بأس، أما في الفريضة فإن تركها ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (222).

فلا بأس، وإن قالها بينه وبين نفسه فلا حرج إن شاء الله؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل علي (¬1)» ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - برقم (7402)، والترمذي كتاب الدعوات، باب قول الرسول صلى الله عليه وسلم: رغم أنف رجل، برقم (3545).

قول المصلي الحمد لله إذا عطس

127 - حكم قول المصلي “ الحمد لله “ إذا عطس س: إذا عطس المصلي أثناء الصلاة فهل يحمد الله أم ماذا (¬1)؟ ج: نعم يحمد الله لفظا، قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سمع من عطس وحمد الله، فقال: «لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكا أيهم يصعد بها (¬2)» أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فلا بأس لأن الحمد من جنس أعمال الصلاة، فإذا حمد الله عند العطاس كان قد فعل السنة، أما التشميت فلا، التشميت من كلام بني آدم، من كان في الصلاة فلا يشمت. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (177). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء، برقم (774)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الرجل يعطس في الصلاة، برقم (404)، والنسائي في كتاب الافتتاح، باب قول المأموم إذا عطس خلف الإمام، برقم (931).

تشميت العاطس أثناء الصلاة

128 - حكم تشميت العاطس أثناء الصلاة س: ما حكم تشميت العاطس أثناء الصلاة (¬1)؟ ج: لا يشمت أثناء الصلاة، والعاطس لا يشمت أحدا ولا يشمته الناس؛ لأنه ليس له التكلم أثناء الصلاة، فالتشميت من كلام الناس: يرحمك الله. لا يتلفظ بها المصلي ولا يشمت، يقال: يرحمك الله. لكن العاطس يحمد الله في نفسه. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (304).

س: لقد قرأت في أحد الكتب أن الشخص الذي يعطس وهو في صلاته يجوز له أن يحمد الله ولا يعيد صلاته، فهل هذا صحيح؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم صحيح، فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سمع إنسانا عطس فحمد الله بعد العطاس، فقال له بعد الصلاة: «إنه رأى كذا وكذا من الملائكة كلهم يبتدرونها أيهم يكتبها، ولم ينكر عليه ذلك (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (13). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الرجل يعطس في الصلاة، برقم (404)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء، برقم (772)، والنسائي، كتاب الاستفتاح، باب قول المأموم إذا عطس خلف الإمام، برقم (931).

فدل ذلك على أنه إذا عطس فحمد الله لا حرج عليه في ذلك، المشروع له أن يحمد الله ولا يضره ذلك.

س: إذا لاحظت إنسانا كثيرا ما يغلبه العطاس أثناء الصلاة، فماذا أقول له؟ وهل يؤثر ذلك على صلاته؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: العطاس لا يضر المصلي وليس باختياره، والله جل وعلا يقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬2)، وإذا كنت تظن أنه يتساهل في ذلك تنصحه بعد الصلاة لا يتساهل، ولكن في الغالب أن الأمر ليس باختيار الإنسان ولا نظن فيه التساهل. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (295). (¬2) سورة البقرة الآية 286

النحنحة في الصلاة

129 - حكم النحنحة في الصلاة س. ما حكم الأشخاص الذين يتنحنحون في الصلاة؟ وهل هذا جائز (¬1)؟ ج: إذا كان له داع وأسباب لا بأس، إذا كان حصل في حلقه شيء وتنحنح لإزالة ما وقع في حلقه أو استأذن عليه إنسان فتنحنح ليخبره ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (201).

أنه يصلي فلا حرج عليه، وإذا قال: سبحان الله - كان أولى حتى يتنبه المستأذن، فقد روي عن علي رضي الله عنه أنه «كان له عند النبي - صلى الله عليه وسلم مدخلان، وأنه كان إذا أتاه وهو يصلي تنحنح له ليعلم أنه يصلي (¬1)» فالمقصود أن التنحنح إذا كان له سبب فلا حرج في ذلك، ولكن لا ينبغي له أن يكثر، تكون بين وقت وآخر، أما إذا دعت حاجة إلى ذلك إذا أصابه في حلقه شيء فتنحنح لذلك فلا حرج عليه إن شاء الله، لكن لو أكثر من ذلك بغير سبب وتوالى هذا صار من العبث الذي يبطل الصلاة. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم (609)، والنسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب التنحنح في الصلاة، برقم (1212)، وابن ماجه في كتاب الأدب، باب الاستئذان، برقم (3708).

س: م. ع من اليمن صنعاء يقول: ما حكم التنحنح في الصلاة (¬1)؟ ج: لا بأس إذا دعت الحاجة إلى هذا، كان - صلى الله عليه وسلم - يتنحنح لعلي، إذا استأذن له تنحنح له للإذن، فلا بأس إذا دعت الحاجة إلى هذا. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (433).

س: من الحجاز ع. م: ما حكم النحنحة في الصلاة والسعال إذا غلب الإنسان (¬1)؟ ج: لا شيء عليه، لكن لا يتعمد ذلك من غير عذر، أما إذا دعت ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (355).

الحاجة إلى ذلك من نحنحة وسعال وعطاس كل هذا لا يضر الصلاة.

التثاؤب أثناء الصلاة

130 - حكم التثاؤب أثناء الصلاة س: أبو عبد الله له هذا السؤال: ما حكم التثاؤب في الصلاة؟ هل ينقصها (¬1)؟ ج: التثاؤب مكروه، وهو من الشيطان كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه من الشيطان، فإذا تثاءب الإنسان فليكتم ما استطاع وليضع يده على فيه، ووجوده ينشأ عن الكسل والضعف أو النعاس، فالسنة للمؤمن في حال الصلاة أن يكافحه بإحضار قلبه وخشوعه بين يدي الله واستحضاره أنه في مقام عظيم لعله يسلم من التثاؤب؛ لأنه من الشيطان، فكلما قوي إحضار القلب بين يدي الله والخشوع بين يدي الله وتذكر أن التثاؤب من الشيطان فإن هذا الاستحضار من أعظم الأسباب في بعد الشيطان عنه وسلامته من التثاؤب. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (307).

س: يقول السائل: هل يجوز للمصلي أن يضع يده على فمه إذا تثاءب أثناء الصلاة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (288).

ج: هذا السنة، نعم يضع يده على فمه أثناء الصلاة وفي خارج الصلاة أيضا، ولا يقول: ها، بل يكتم صوته، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليكظم ما استطاع، فإن الشيطان يدخل (¬1)» ويقول في الحديث الآخر: «إذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا قال: ها - ضحك الشيطان (¬2)» هذا هو السنة، يكظم ما استطاع ويضع يده على فيه، ولا يقول: ها، لا يتكلم بل يسكت. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب، برقم (2995). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، برقم (3289)، ومسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب، برقم (2994).

س: يكثر علي التثاؤب والنعاس أثناء الصلاة، فكيف توجهونني أثابكم الله (¬1)؟ ج: نوجهك بأن تجتهد في أن تحضر إلى الصلاة وأنت نشيط، توضأ إن كنت كسلان، تتوضأ وضوءا ولو تجديدا ولو كنت على طهارة، تتوضأ للنشاط، وتحضر بقلبك أنك بين يدي الله وأنك في عبادة ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (295).

عظيمة، وهي عمود الإسلام، وهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين حتى تنشط وتقوى في هذا، وإذا غلبك النعاس والكسل فإن الإنسان يستحضر أنه في أمر عظيم وأنه بين يدي العظيم سبحانه وتعالى، كان هذا مما يقويه وينشطه ويباعده من الكسل.

س: من سوريا، ص من حلب يقول: حين أقوم لأداء الصلاة فرضا أتثاءب كثيرا، وأحاول منع هذا التثاؤب ولم أستطع، وأشرد أيضا في الصلاة في كثير من الأوقات؛ أنسى كم صليت، فأرجو منكم هدايتي للخلاص من هذا التقصير (¬1)! ج: هذا من الشيطان، وعليك أن تستعيذ بالله من الشيطان وأن تجتهد في أسباب النشاط، تعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وتقرأ ما تيسر من القرآن، ولا تطول التطويل الذي يشق عليك ويأتي بالنعاس، وتسأل ربك أن يعينك ويوفقك وأن يمنحك النشاط والقوة؛ لأن الشيطان عدو العبد يكسله ويشككه ويوهمه ويوسوس عليه، فلا بد من الجهاد، لا بد من جهاد النفس وجهاد الشيطان، فجهاد النفس بأسباب النشاط من الوضوء وتعاطي ما ينشط، ولا بد من التعوذ بالله عند الوساوس. ¬

_ (¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (393).

س: إذا تثاءب شخص فهل يضع يديه على فمه؟ وهل تعتبر هذه حركة زائدة في الصلاة (¬1)؟ ج: لا حرج في هذا لأنه مأمور بذلك، إذا تثاءب يضع يده على فيه ولا يفغره، يجتهد على ألا يفغره، ولكن يضع يده على فيه؛ لأن الرسول أمر بهذا عليه الصلاة والسلام، وهذا يعم التثاؤب في الصلاة وفي خارج الصلاة. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (378).

حمل الطفل أثناء الصلاة

131 - حكم حمل الطفل أثناء الصلاة س: أحيانا أقوم بتأدية صلاة العشاء في بيتي مع زوجتي، وفي أثناء الركوع والسجود تأتي ابنتي الصغيرة وتركب فوق ظهري، وأثناء قيامي لقراءة الفاتحة في الركعة الثانية أمسك بها بيدي خلف ظهري خوفا عليها من السقوط، فهل هذا يبطل صلاتي أو ينقص من الأجر (¬1)؟ ج: أما الفريضة فالواجب الذهاب إلى المسجد والصلاة مع الناس، وترك ذلك تشبه بأهل النفاق، وقد قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (86).

«ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق (¬1)» وتقدم في الجواب السابق قوله صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» وقوله للأعمى لما قال له: ليس له قائد يلائمه، قال له: «هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب (¬3)» فالواجب عليك أن تصلي مع الجماعة وليس لك أن تصلي في بيتك ولو صلى معك أهلك، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (¬4)» هذا يدل على وجوب ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء، برقم (653). (¬4) البخاري في كتاب الخصومات، باب إخراج أهل المعاصي، برقم (2420)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم (651)، واللفظ له.

المبادرة والمسارعة بأداء الصلاة في الجماعة، لكن لو فاتتك الصلاة في الجماعة أو كان لك مانع شرعي كالمرض وصليت في البيت فلا بأس بذلك، وإذا صلت معك زوجتك أو بناتك أو أمك أو غيرهن فإنهن يكن خلفك لا تقف معك، المرأة تكون خلفك ولو واحدة، وإذا ركبت بنتك الصغيرة على ظهرك فإنها لا تضر صلاتك، ولكن تنزلها بهدوء كما فعلت وأنت مأجور، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يوما يصلي، فلما سجد جاء ابن بنته الحسن أو الحسين ارتحله وركب عليه الصلاة والسلام، فأطال السجود، فلما سلم من صلاته أخبر الصحابة أنه أطال السجود من أجل ألا يزعج ابن بنته لما ركب عليه - عليه الصلاة والسلام - وقت السجود، فدل ذلك على أنه لا يؤثر في الصلاة وأن الواجب العطف على الصغير والرحمة وعدم إزعاجه، بل يزيله عن ظهره باللطف حتى يكمل صلاته.

صلاة من يقوم أطفاله بإيذائه وإزعاجه

132 - حكم صلاة من يقوم أطفاله بإيذائه وإزعاجه س: يقوم أطفالي باللعب أمامي أثناء الصلاة وشد الجلال من على رأسي بحيث يخرج شعري أحيانا، وأحيانا أشده من تحتهم حتى أستطيع إكمال صلاتي، وأقوم بكثير من الحركة إما إبعادهم أو

إرجاع الجلال على شعري وجسمي أو الانتظار حتى ينزلوا من على ظهري، وأحيانا يقومون برفعي مما يجعلني أتحرك وأمشي خطوات للأمام أو الخلف، هذا رغم تحذيري لهم، ولكن لصغر سنهم لا يستطيعون ولا يفهمون، وأحيانا يشتد الغضب في أثناء الصلاة وأدفعهم بقوة حتى أستطيع إكمال صلاتي، ما حكم ذلك؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: كل هذا حسن، وهذا جهاد منك وهو أمر مشكور وطيب، وإذا تيسر أن تكوني في محل بعيد عنهم حتى تسلمي من أذاهم في غرفة أو حجرة بعيدة عنهم يكون هذا أسلم وإلا فلا يضرك هذا، هذه الحركة لدفعهم لا حرج في ذلك، وكذلك الشعر إذا بدا ثم أعدت الجلال بسرعة لا يضرك ذلك، وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه في بعض صلواته وهو ساجد ارتحله الحسن أو الحسين فأطال السجود بعض الشيء من أجل ارتحاله إياه، وقال: «فكرهت أن أعجله (¬2)» عليه الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (364). (¬2) أخرجه أحمد في مسند المكيين من حديث شداد بن الهاد رضي الله عنه برقم (15603)، والنسائي في المجتبى في كتاب التطبيق، باب هل يجوز أن تكون سجدة أطول من سجدة، برقم (1141).

والسلام، فالمقصود أن معالجة الصبية في وقت الصلاة في دفعهم عن الأذى أو ما أشبه ذلك لا يضر إن شاء الله ولا حرج في ذلك.

س: هل يجوز حمل الطفل أثناء الصلاة وهو لم يحلق بعد من شعره شعر الولادة (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك، والنبي - صلى الله عليه وسلم - «صلى ومعه أمامة بنت زينب، حملها فكان إذا سجد وضعها وإذا قام حملها عليه الصلاة والسلام (¬2)» إلا إذا كنت تعلم أن فيه نجاسة فلا تحمله حتى يزال عنه ما فيه من النجاسة. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (304). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا حمل جارية صغيرة على عاتقه في الصلاة، برقم (516)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز حمل الصبيان في الصلاة، برقم (543).

إمساك الطفل وقعوده في مكان السجود أثناء الصلاة

133 - حكم إمساك الطفل وقعوده في مكان السجود أثناء الصلاة س: الأخ ع. ف. م من لواء إب يسأل ويقول: ما حكم الشريعة الإسلامية في امرأة تصلي وولدها يمسك بيدها وهي تصلي، ويقعد على محل السجود، وعندما تسجد تمسك بذراع الطفل لكي تتمكن من السجود، هل تصح الصلاة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (151).

ج: نعم لا بأس، كونها تمسك بيده حتى لا يقع في شيء وحتى لا يذهب مثلا لما يضره، وإذا جلس في محل السجود نحته عنها وسجدت، لا بأس إذا كان ما في يده نجاسة ولا في محله نجاسة رطبة تنجس محل السجود، بل هو يابس لا يضر ذلك، وقد «كان - عليه الصلاة والسلام - يحمل أمامة بنت زينب بنت بنته ويصلي بها والناس خلفه عليه الصلاة والسلام، فإذا سجد وضعها في الأرض وإذا قام حملها على كتفه عليه الصلاة والسلام (¬1)» ليبين للناس أن الأمر فيه سعة والحمد لله وأن هذا الدين فيه اليسر. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا حمل جارية صغيرة على عاتقه في الصلاة، برقم (516)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز حمل الصبيان في الصلاة، برقم (543).

إزالة التراب الذي على الأنف والجبهة أثناء الصلاة

134 - حكم إزالة التراب الذي على الأنف والجبهة أثناء الصلاة س: سائلة تقول: إذا صليت في الأرض الطاهرة وظهر على جبهتي وأنفي تراب وأزلته، هل صحيح أن التراب الذي يكون على الجبهة والأنف تصلي عليه الملائكة؟ وإن كان هذا صحيحا أكون آثمة على إزالة التراب (¬1)؟ ج: لست بآثمة إذا كان بعد الصلاة، وكون الملائكة تصلي على هذا ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (183).

هذا لا أصل له على هذا التراب، لا أصل لهذا ولا صحة له، ولكن الأفضل تركه حتى تسلمي، فإذا سلمت فلا بأس بإزالته، «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسلم وأثر التراب على وجهه (¬1)» إذا كان هناك مطر سلم والأثر على وجهه صلى الله عليه وسلم، فالأفضل الكف عن العبث وعدم إسقاط هذا التراب من الجبهة أو الأنف وأنت في الصلاة، فإذا فرغت من الصلاة وسلمت فلا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الاعتكاف، باب من خرج من اعتكافه عند الصبح، برقم (2040)، ومسلم في كتاب الصيام، باب فضل ليلة القدر والحث على طلبها وبيان محلها، برقم (1167).

الكلام للمصلي أثناء الصلاة عند الحاجة

135 - حكم الكلام للمصلي أثناء الصلاة عند الحاجة س: هل يجوز أن يتكلم شخص مع المصلي أثناء صلاته بأن يوصيه مثلا أن يفعل كذا أو لا يفعل شيئا (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك إذا دعت الحاجة إلى هذا، كأن يقول له: اتق الله لا تعجل في صلاتك، اطمئن في صلاتك، أو يقول: إذا صليت فلا تخرج سوف يأتي فلان وفلان، أو ما أشبه ذلك من الحاجات العارضة ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (362).

لا بأس أن يتكلم معه وهو يصلي.

التصفيق لحاجة أثناء الصلاة

136 - حكم التصفيق لحاجة أثناء الصلاة س: تقول السائلة: هل يجوز التصفيق لحاجة أثناء الصلاة (¬1)؟ ج: نعم، سنة في حق النساء، التصفيق سنة في حق النساء إذا حدث حادث، أما الرجال فلهم التسبيح، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «من نابه شيء في صلاته فليسبح الرجال ولتصفق النساء (¬2)» هكذا السنة. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (128). (¬2) أخرجه البخاري في أبواب العمل في الصلاة، باب رفع الأيدي في الصلاة لأمر ينزل به، برقم (1218)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام، برقم (421).

عد الركعات بالأصابع أثناء الصلاة

137 - حكم عد الركعات بالأصابع أثناء الصلاة س: تقول السائلة: حتى لا أنسى كم صليت أحسب بأصبعي؛ أي إذا صليت ركعة ضممت أصبعي في الركعة الأولى، وإذا صليت الركعة الثانية ضممت أصبعي الثانية، وهكذا حتى تنتهي الصلاة، هل هذا جائز أم يعتبر من كثرة الحركات التي تبطل أو

تقدح في الصلاة (¬1)؟ ج: لا حرج في هذا، هذا شيء قليل وخفيف، ليس بكثير ضم الأصبع الواحدة والثنتين، وهكذا لا حرج فيه ولا بأس إن شاء الله إذا كانت تنسى، لا حرج في ذلك وليس هذا بعمل كثير، هذا شيء قليل في مصلحة الصلاة. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (35).

زاد واجبا من واجبات الصلاة متعمدا

138 - حكم من زاد واجبا من واجبات الصلاة متعمدا س: السائلة و. و. ومن الرياض تقول: من زاد واجبا من واجبات الصلاة عمدا، هل تبطل صلاته؟ كمن زاد ركنا عمدا (¬1) ج: هذا فيه تفصيل: إذا زاد ركوعا ثانيا متعمدا أو سجودا ثالثا عمدا هذا تبطل به صلاته، أما إذا كرر التسبيح: سبحان ربي العظيم كثيرا، أو: سبحان ربي الأعلى. هذا طيب ما فيه شيء، أما إذا زاد ركنا فما يشرع تكراره، أو واجبا ما يشرع تكراره، تبطل الصلاة، فالتشهد الأول واجب، فلو جلس في الثالثة أو في الأولى متعمدا ما هو بجلسة الاستراحة بل يرى جلسة زائدة غير الاستراحة تبطل صلاته، أو زاد ركوعا أو زاد ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (398).

سجودا ثالثا في الركعة أو ركوعا ثانيا في الركعة متعمدا بطلت صلاته.

الضحك في الصلاة

139 - حكم الضحك في الصلاة س: مستمع يسأل ويقول: ما حكم الضحك في الصلاة؟ وهل من ضحك في الصلاة عليه إعادة (¬1)؟ ج: الضحك في الصلاة يبطلها إجماعا بإجماع أهل العلم، إذا ضحك في الصلاة بطلت، وهكذا لو تكلم عمدا بطلت صلاته إلا إذا كان جاهلا أو ناسيا، فلا تبطل الصلاة بكلام الناسي وكلام الجاهل، لكن الضحك يبطلها لأنه تلاعب بها، تلاعب وسخرية، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (298).

التبسم في الصلاة

140 - حكم التبسم في الصلاة س: هل التبسم في الصلاة يفسدها (¬1)؟ ج: التبسم لا يفسدها، لكن الضحك يفسدها، الضحك الذي له صوت هذا يفسدها وهكذا الكلام، إذا تعمد الكلام وهو يعلم تحريمه أفسدها. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (251).

فعل بعض المحرمات في الصلاة

141 - حكم فعل بعض المحرمات في الصلاة س: السائل ع. م. م. ر من اليمن، تعز: هل تبطل الصلاة بعمل بعض المحرمات (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل: إن كان عمل بعض المحرمات في الصلاة هذا يبطلها، مثل أن يتكلم في الصلاة أو يضحك في الصلاة أو يسب أحدا في الصلاة؛ هذا يبطل الصلاة، أما إن كان عنده معصية خارج الصلاة عصى خارج الصلاة، فالمعصية خارج الصلاة لا تبطلها لو كان عنده معصية؛ سب إنسانا خارج الصلاة أو اغتاب خارج الصلاة أو بعد الصلاة لا يبطلها، أو - والعياذ بالله - قد زنا خارج الصلاة أو شرب مسكرا خارج الصلاة، لا يبطلها إلا ما كان فيها، فإذا فعل فيها ما يبطلها من مبطلات الصلاة من الكلام العمد أو من الضحك أو من العبث الكثير المتوالي أو الأكل أو الشرب هذا يبطلها، وأما معصية قبلها أو بعدها لا تخرجه عن الإسلام لا تبطلها إذا كانت قبلها أو بعدها. أما النحنحة فلا بأس بها إذا كانت لحاجة، جاء في بعض الأحاديث أن عليا رضي الله عنه قال: «كان لي من رسول الله مدخلان؛ ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (275).

مدخل بالليل ومدخل بالنهار، فكنت إذا أتيته وهو يصلي يتنحنح لي (¬1)»؛ أح أح، يعني يعلم أنه في الصلاة، فإذا تنحنح أو قال: سبحان الله - في الصلاة فلا بأس بذلك، لكن لا يكثر من ذلك، يكون خفيفا. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم (609)، والنسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب التنحنح في الصلاة، برقم (1212)، وابن ماجه في كتاب الأدب، باب الاستئذان، برقم (3708).

الحركة والوسوسة في أثناء الصلاة

142 - حكم الحركة والوسوسة في أثناء الصلاة س: هل الحركة والوسوسة تبطل الصلاة (¬1)؟ ج: الحركة فيها تفصيل: إن كانت قليلة والوسوسة لا تبطل الصلاة، أما إذا كانت حركة كثيرة متوالية فذكر بعض أهل العلم أنها تبطل الصلاة، إذا كثرت تبطل الصلاة عمدا أو سهوا؛ لأنه خرج بذلك عن الصلاة، فينبغي للمؤمن أن يحذر ذلك وأن يحذر الوساوس التي تسبب كثرة الحركة حذرا من بطلان صلاته، وأن يعتني بالخشوع ويعتني بصلاته حتى لا يتحرك كثيرا. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (224).

قطع الصلاة في حالة وقوع حادث أو غرق

143 - حكم قطع الصلاة في حالة وقوع حادث أو غرق س: هل لي أن أقطع الصلاة عندما أسمع عن حادث حريق أو غرق أو ما أشبه ذلك (¬1)؟ ج: نعم، إذا وجد حالة غرق أو حرق تخشى منه على أولادك أو على المسلمين تقطعها وتساهم في إنقاذ المسلمين أو إنقاذ أهلك، ثم تعود إلى الصلاة وتصلي، تبدأ فيها من جديد، أما غرق أو حرق لا يضرك ولا يضر المسلمين، غرق أشياء ما لك فيها حيلة، أو حرق أشياء من المتاع الذي لا حيلة فيه، أو الذي لا يضر تركه فاستمر في صلاتك، الحاصل أنه إذا كان قطع الصلاة ينفع المسلمين وينفع أهلك فاقطعها لإنقاذ من أصيب بالغرق والحرق، ثم تعود إلى الصلاة، والحمد لله؛ لأن الغرق والحرق يفوت خطره، والصلاة لا تفوت، في الإمكان قضاؤها. ويقاس على هذا الأشياء التي يخشى منها، مثل إنسان رأى أعمى حول قليب، أو حول حفرة يخشى أن يسقط فيها، أو حوله ذئب أو أسد يخشى عليه منه، أو كلب عقور، يقطع وينقذه، ثم يعود لصلاته من أولها، والعقارب والحيات إذا كان يخشى على أحد منها فلا بأس، أما إذا أمكن ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (134).

قتلها وهو في الصلاة لأنها قريبة يمكن ضربها وهو في الصلاة فلا بأس، يضربها وهو في الصلاة ولو تقدم خطوات إلى القبلة فقط؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية، والعقرب (¬1)» ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7332)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب العمل في الصلاة، برقم (921)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في قتل الحية والعقرب في الصلاة، برقم (390)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في قتل الحية والعقرب في الصلاة برقم (1245).

قطع الصلاة لدرء الخطر

144 - حكم قطع الصلاة لدرء الخطر س: كنا نصلي جماعة في المزرعة، وكان أمام أنظارنا بالمزرعة ماكينة رفع مياه، ترفع المياه من البئر وتصبها بحوض بجوارنا، وفجأة وأثناء تأديتنا للصلاة رأينا دخانا كثيفا يخرج من جميع أجزاء تلك الماكينة، فإن تركناها فسوف يكون ضرر جسيم، فهل يجوز لأحد منا قطع الصلاة ليطفئها أم ماذا نفعل (¬1)؟ ج: نعم، إذا وقع مثل هذا الحادث فإن أحد الجماعة يقطع الصلاة لإزالة الخطر، ثم يعود فيصلي معهم ما بقي، والحمد لله؛ لأن خطر هذا ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (43).

الدخان كبير، وقطع الصلاة لمصلحة مهمة أو لدرء خطر مثل إنقاذ حريق، أو إنقاذ غريق، أو دفع صائل أو ما أشبه ذلك كل هذا لا بأس به، وهذا فيه في الحقيقة إنقاذ من حريق قد يهلك الماكينة، أو يتعدى ضرره إلى غير ذلك، فلا حرج في قطع الصلاة، ثم يعود فيبتدئ الصلاة من جديد مع الإمام فيما بقي، أو يقضيها بعدهم إذا سلموا قبله. هذا إذا دعت الحاجة إلى قطعهم الصلاة ليتعاونوا فلا بأس، إذا كان الخطر عظيما فليقطعوها ثم يزيلوا الخطر، ثم يرجعوا فيصلوا.

س: السائل ع، مقيم في جدة يقول: نريد أن نعرف كل شيء حول السترة في الصلاة، وهل لا بد من وضع ساتر أمامي إذا كنت بالصلاة منفردا ولا خوف من مرور أحد أمام المصلي (¬1)؟ ج: السترة سنة مؤكدة أمام المصلي إذا كان منفردا أو إماما؛ لأن الرسول كان يصلي إليها عليه الصلاة والسلام ويقول: «إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها (¬2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (388). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه، برقم (697)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ادرأ ما استطعت، برقم (954).

أحد إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (¬1)» فالسنة أن يضع سترا أمامه؛ إما جدار، وإما عمود، وإما كرسي، وإما عصا منصوبة، ونحو ذلك، فإن لم يتيسر وضع العصا مطروحة أو خطا بين يديه، إذا لم يتيسر شيء قائم، هذا هو السنة، ولا يضره من مر من ورائها، لكنها غير واجبة، لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه في بعض الأحيان صلى إلى غير سترة، فدل على أنها غير واجبة، لكنها سنة مؤكدة، وإذا كان في مكان لا يخشى فيه مرور أحد فلا مانع أن يصلي إلى غير سترة، لكن إذا تيسرت السترة فهي أولى وأفضل عملا بالسنة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505).

وضع السترة في الصلاة

145 - حكم وضع السترة في الصلاة س: ما حكم اتخاذ السترة بالنسبة للمصلي؟ وإذا كان المصلي يأمن من عدم مرور أحد بين يديه كأن يكون في صحراء مثلا، فما حكم اتخاذ السترة بالنسبة له (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (246).

ج: اتخاذ السترة سنة، كان النبي عليه الصلاة والسلام يتخذ السترة حتى في الصحراء وهو مسافر، السنة اتخاذ السترة، وهي مقدار مؤخرة الرحل نحو ذراع أو ما يقارب الذراع تنصب أمامه، مثل كرسي، مثل عصا تنصب، مثل شداد الرحل، مثل إناء يوضع أمامه يبلغ مسافة ذراع أو ذراع إلا ربعا، أو ما حول ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن سترة المصلي فقال: «مثل مؤخرة الرحل (¬1)» وفي لفظ آخر: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود (¬2)» يعني إذا مر دونها. فالمقصود أنه إذا كانت السترة نحو ذراع أو ما يقاربه فإن ما يمر بين يديه لا يضر صلاته إذا مر من وراء ذلك، فأما إذا مر بينه وبين السترة فإنه يقطع صلاته المرأة والحمار والكلب الأسود، كما ثبت به الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار، والمرأة، والكلب الأسود (¬3)» هكذا صح عنه عليه الصلاة والسلام. أما إذا كانت السترة جدارا أو عمودا فإنه يكفي بذلك إذا مر ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب سترة المصلي، برقم (500). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510).

بين يديه وبين السترة أحد يمنعه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (¬1)» متفق على صحته. ولو كان المار ليس حمارا ولا كلبا ولا امرأة حتى الرجل يمنع، وحتى الصبي يمنع، وحتى الدابة تمنع من الغنم وغيرها إذا تيسر المنع، يمنع ذلك إذا تيسر فإن غلبه لم يضر صلاته إلا أن يكون حمارا أو كلبا أسود أو امرأة تامة، أما الصبية لا تقطع، الصغيرة لا تقطع، ولهذا في اللفظ الآخر: امرأة حائض. أي البالغة، فمن السنة اتخاذ السترة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505).

س: هل تجب السترة في الصلاة؟ وكم تكون المسافة بينها وبين المصلي؟ وهل يأثم من لا يتخذ السترة أثناء الصلاة (¬1)؟ ج: السترة سنة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها (¬2)» فيكون بينه وبينها ثلاثة أذرع فأقل، ويكون بينه وبينها إذا سجد، ويكون بينه وبينها شيء يسير حتى لا يصدم فيها، هذه السنة، وليست واجبة، لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (429). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه، برقم (697)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ادرأ ما استطعت، برقم (954).

في بعض الأحيان صلى إلى غير سترة عليه الصلاة والسلام.

س: تقول السائلة: هل السترة ضرورية في الصلاة؟ وهل السجادة تجزئ عنها (¬1)؟ ج: السترة سنة مؤكدة للصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها (¬2)» مثل حائط أو عمود أو سارية أو كرسي، أو ما أشبه ذلك، وقد جاء في الحديث الآخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار، والمرأة، والكلب الأسود (¬3)» وما بين يديه يقارب ذراعا أو ذراعا إلا قليلا، فإذا جعل بين يديه شيئا منصوبا من كرسي أو عصا أو شبه ذلك، كما كان النبي يفعل، فقد كانت تنصب أمامه العنزة – وهي عصا ليست طويلة فيها حربة – فإذا فعل مثل ذلك المؤمن كانت سترة له، أو كرسي قدامه أو وسائد رفيعة أو ما أشبه ذلك، لكن ليست واجبة إنما هي سنة، فمن صلى بدون سترة صلاته لا حرج. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (157). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه، برقم (697)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ادرأ ما استطعت، برقم (954). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510).

س: علمت أن من السنة وضع السترة أمام المصلي، فهل يجوز وضع سترة قصيرة، كأنه يكون طولها شبرا، وإن لم يصلح فما مقدار طولها (¬1)؟ ج: اتخاذ السترة للمصلي سنة مؤكدة، «كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعلها في أسفاره، وكانت تحمل معه العنزة – وهي عصا صغيرة لها حربة – تركز أمامه عليه الصلاة والسلام، ويصلي إليها (¬2)» وكان المسجد الذي يصلي فيه، فيه سترة عليه الصلاة والسلام، فالسنة لكل مصل من رجل أو امرأة أن يصلي إلى سترة، ولهذا في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود وغيره عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها (¬3)» السنة الدنو منها، ولما صلى في الكعبة عليه الصلاة والسلام دنا من الجدار الغربي حتى لم يكن بينه وبينه إلا ثلاثة أذرع، فالسنة للمؤمن والمؤمنة اتخاذ سترة كالجدار أو السارية، أو كرسي ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (203). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في الثوب الأحمر، برقم (371)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب سترة المصلي، برقم (503). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه، برقم (697)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ادرأ ما استطعت، برقم (954).

أمامه، أو ما أشبهه مما له جسم قائم، وأقل ذلك مثل مؤخرة الرحل. قال العلماء: وهي تقارب الذراع أو ثلثي الذراع، إذا كانت السترة ثلثي الذراع أو ما يقارب ذلك كفت، إذا تيسر ذلك، وإن لم يتيسر صلى ولو إلى عصا مطروحة، أو خط كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا، فإن لم يجد شيئا فلينصب عصا، فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا، ولا يضره ما مر بين يديه (¬1)» فالمؤمن يجتهد وهكذا المؤمنة، فإن وجد جدارا صلى إليه، أو سارية، أو كرسيا أو مركى مما يتوكأ عليه، يجعله أمامه، أو عصا لها حربة يركزها في الأرض أو ما أشبهه، يكون قائما طول الذراع، أو ثلثي الذراع، أو ما يقارب ذلك، فإن لم يتيسر جعل وسادة أمامه، أو عصا مطروحة أمامه {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2) أو خطا إذا كان في الأرض كالصحراء، إذا لم يكن عنده ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7345) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الخط إذا لم يجد عصا، برقم (689) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يستر المصلي، برقم (943). (¬2) سورة التغابن الآية 16

شيء خط خطا يكفي على الصحيح، والحديث لا بأس به كما قال الحافظ ابن حجر: إسناده حسن، رواه ابن ماجه وأحمد وجماعة بإسناد حسن. فالحاصل أن هذا الحديث الذي فيه الخط لا بأس به على الصحيح، وهو عند الحاجة وعند عدم تيسر الجدار والعصا المنصوبة يخط خطا، وليست السترة واجبة، فلو صلى إلى غير سترة صحت صلاته، ولكن يكون ترك السنة، والسنة أن يصلي إلى سترة، وإذا مر بين السترة وبين المصلي حمار أو امرأة بالغة أو كلب أسود قطع الصلاة كما في الحديث الصحيح، يقول صلى الله عليه وسلم: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته، الحمار، والمرأة، والكلب الأسود (¬1)» وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «المرأة الحائض (¬2)» يعني المرأة البالغة. وهذا يدل على أن الصغيرة لا تقطع، والرجل لا يقطع، وهكذا الإبل والغنم لا تقطع، وسائر الدواب ما عدا الحمار، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). (¬2) أخرجه أحمد في مسند بني هاشم، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، برقم (3231) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقطع الصلاة، برقم (703) والنسائي في المجتبى في كتاب القبلة، باب ذكر ما يقطع الصلاة وما لا يقطع إذا لم يكن بين يدي المصلي سترة، برقم (751)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقطع الصلاة برقم (949).

وهكذا الكلاب كلها لا تقطع إلا الأسود، لكن لا ينبغي أن يمر شيء، بل يمنع المار بين يديه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبي فليقاتله فإنما هو شيطان (¬1)» فإذا أراد شيء أن يمر بين يديك تدفعه، ترده ولو أنها شاة أو طفلة، ترده إذا تيسر ذلك، لكن لو مر لا يقطع لا يفسد عليك صلاتك، إلا إذا كان المار امرأة بالغة، أو حمارا أو كلبا أسود مر بين يديك قريبا منك، إذا كان أقل من ثلاثة أذرع، أو كان بينك وبينه سترة ولو كان أكثر، أما إذا مر من وراء السترة فإنه لا يضر ولو كان المار امرأة، أو كلبا أسود، أو حمارا إذا كان من وراء السترة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505).

س: م. خميس مشيط: ما حكم وضع السترة داخل المسجد وأمام المحراب؟ وما حكم صلاة من صلى إلى غير سترة داخل المسجد؟ وهل صلى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى سترة داخل المسجد؟ آمل الإفادة وتوضيح الأحاديث الدالة على ذلك، جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (332).

ج: الصلاة إلى سترة سنة مؤكدة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إلى سترة في المسجد وفي السفر تنصب له العنزة، وفي المسجد يصلي إلى السترة التي وضعت له عليه الصلاة والسلام، وهكذا الفرد يصلي إلى سترة، هذه هي السنة، أما المأموم فيكفيه سترة الإمام؛ لأنه ليس بحاجة إلى سترة المأموم سترته سترة إمامه، وهي سنة مؤكدة لقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها (¬1)» أخرجه أبو داود بإسناد صحيح، عن أبي سعيد رضي الله عنه، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه في بعض الأحيان «صلى إلى غير سترة (¬2)» كما ذكر ذلك ابن عباس وأخوه الفضل بن عباس، كما روى النسائي وغيره أنه صلى إلى غير سترة، صلى بهم إلى غير سترة، فدل على أنها ليست بواجبة، وهكذا في الصحيح عن ابن عباس «أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي في سفر إلى غير جدار (¬3)» ولم يقل: إن ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه، برقم (697)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ادرأ ما استطعت، برقم (954). (¬2) أخرجه ابن خزيمة في جماع أبواب سترة المصلي، باب ذكر خبر روي في مرور الحمار بين يدي المصلي، برقم (841). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وضوء الصبيان ومتى يجب عليهم الغسل والطهور، برقم (861).

هناك سترة، فظاهره أنه صلى إلى غير سترة، فالمقصود أن السترة سنة، ومن صلى إلى غير سترة كالإمام والمنفرد فالصلاة صحيحة، ولكن الأفضل والسنة أن يجعل أمامه سترة؛ إما جدارا، وإما كرسيا، وإما عمودا، وإما عصا ينصبها، فإن لم يجد خط خطا في الأرض.

س: عندما أريد أن أصلي بعض النوافل في البيت فإنني قد أنسى أن أضع سترة أمامي، ولا أتذكر إلا بعد الشروع في الصلاة، ولكني أنوي أن مكان سجودي بمثابة السترة، فهل عملي هذا له أصل في الشرع (¬1)؟ ج: السترة سنة، كون الإنسان يصلي إلى سترة سنة، جدار، أو سارية، أو عمود، أو شيء يركز أو صندوق، سنة مؤكدة، لكن ما حول السجود ليس بسترة، وطرف المصلي ليس بسترة، السترة شيء ينصب أمامه. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (301).

الصلاة إلى سرير عليه شخص نائم

146 - حكم الصلاة إلى سرير عليه شخص نائم س: هل يجوز أن أصلي أمام سرير مرتفع يكون نائما عليه أحد؟ وهل المقصود بالسترة في الصلاة هو وضع حاجز ولو بسيطا،

ولا يبطل الصلاة ما وراءه سواء كان ماشيا أم نائما (¬1)؟ ج: الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها (¬2)» وكان عليه الصلاة والسلام يصلي إلى عنزة تنصب أمامه عصا صغيرة فيها حربة تركز أمامه في الأسفار، عليه الصلاة والسلام، وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، وأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (¬3)» وقال عليه الصلاة والسلام: يكفي المرء مثل مؤخرة الرحل إذا مر من ورائه امرأة أو كلب أو حمار فإنه لا يقطعها عليه. أو ما هذا معناه، بل لفظه عليه الصلاة والسلام: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود قيل: يا رسول الله: ما بال الأسود من غيره؟ قال: الأسود شيطان (¬4)» فبين صلى الله عليه وسلم أن السترة مثل مؤخرة الرحل، ومؤخرة الرحل العود الذي يكون خلف الراكب فيما يسمى بالشداد أو المسامة التي يركب ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (166). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه، برقم (697)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ادرأ ما استطعت، برقم (954). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510).

عليها الراكب، وهي تقارب ثلثي ذراع، أو ما يقارب الذراع، فإذا ركز أمامه عصا ولو دقيقة حول الذراع أو ثلثي الذراع كفت في السترة، أو كان أمامه سارية أو عمود أو جدار أو سرير أو كرسي كفى ذلك، وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم وأمامه عائشة على السرير مضطجعة، ولم يضر ذلك، فإذا صلى الإنسان وأمامه سرير ولو كان فيه نائم فلا بأس، يجزئه ذلك كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم.

مقدار المسافة التي يأثم المار بالمرور أمام المصلي فيها

147 - بيان مقدار المسافة التي يأثم المار بالمرور أمام المصلي فيها س: السائل إ. من جمهورية مصر العربية يقول في سؤاله: روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم في معنى الحديث بأنه لا يجوز لنا المرور من أمام المصلي ولو نقف أربعين، فما هي المسافة التي من حق المصلي التي يجب ألا نمر أمامه فيها وينطبق عليها الحديث (¬1)؟ ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه – يعني من الإثم – لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه (¬2)» وهو حديث صحيح، فالواجب الحذر من المرور بين يدي ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (397). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إثم المار بين يدي المصلي، برقم (510)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (507).

المصلي إلا إذا كان أمامه سترة، تمر من وراء السترة، والسترة مثل مؤخرة الرحل، نحو ذراع أو أقل، ذراع إلا ربعا أو نحو ذلك، فإذا مررت من ورائها فلا حرج عليك، أو بعيدا عنه إذا كان ما عنده سترة، تمر أمامه بعيدا بينك وبينه ثلاثة أذرع أو أكثر بينك وبين محل قدمه، ولا تمر بينه وبين السترة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يده فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (¬1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود (¬2)» فالواجب على المؤمن ألا يمر بين يدي أخيه وهو يصلي، وأن يحذر ما نهى الله عنه ورسوله، وعلى المصلي أن يضع سترة أمامه حتى لا يشق على إخوانه، كالكرسي يصلي إلى سارية، إلى عصا منصوبة، فإن لم يجد فيضع عصاه أمامه مطروحة بين يديه، أو يخط بين يديه إذا كان في أرض يمكن أن يخط فيها. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510).

س: سمعت من بعض الناس أنك إذا كنت تصلي ولم تجعل أمامك خطا أو حاجزا ومر أحد ولو على بعد مائة متر أو أكثر فإنه يقطع صلاتك، وأنا لم أصدق بهذا، أرجو توجيهي حول هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: السنة للمؤمن والمؤمنة وضع السترة إذا أراد أن يصلي وهو منفرد أو إمام، يضع السترة أمامه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها (¬2)» أخرجه الإمام أبو داود رحمه الله بإسناد صحيح وغيره، فالسنة له أن يقرب من السترة، وأن تكون قائمة كالعصا والكرسي، أو يستقبل جدارا أو سارية تكن سترة له، هذا هو السنة، وفي لفظ آخر يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا، فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يجد فليخط خطا، ثم لا يضره ما مر بين يديه (¬3)» أخرجه الإمام أحمد وابن ماجه بإسناد حسن. لكن لو صلى إلى غير سترة فإنه لا يمر بين يديه ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (199). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه، برقم (697)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ادرأ ما استطعت، برقم (954). (¬3) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7345) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الخط إذا لم يجد عصا، برقم (689) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يستر المصلي، برقم (943).

قريبا منه ولكن يمر بعيدا، إذا كان المار بعيدا أكثر من ثلاثة أذرع لا يضره ذلك؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما صلى في الكعبة جعل بينه وبين الجدار الغربي ثلاثة أذرع، فدل ذلك على أن هذه المسافة كافية، أما إذا كان له سترة، فإنه لا يمر بين يديه وبين السترة بل من ورائها، ولكن لا يقطع الصلاة المار إلا إذا كان أحد ثلاثة: إما امرأة، أو حمار، أو كلب أسود. هذه هي التي تقطع الصلاة، صلاة الرجل والمرأة جميعا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود قيل: يا رسول الله، ما شأن الأسود من الأصفر والأحمر؟ قال: الكلب الأسود شيطان (¬1)» وفي لفظ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «المرأة الحائض (¬2)» يعني البالغة. أما الصبية التي لم تبلغ فلا تقطع، إنما يقطع المرأة الكاملة البالغة المكلفة، إذا مرت تقطع، وهكذا الحمار، وهكذا الكلب الأسود، أما غيرهم فلا ينبغي مروره، يمنع من المرور، لكن لو مر وغلب لا يقطع الصلاة؛ لأن الرسول صلى الله عليه ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). (¬2) أخرجه أحمد في مسند بني هاشم، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، برقم (3231) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقطع الصلاة، برقم (703) والنسائي في المجتبى في كتاب القبلة، باب ذكر ما يقطع الصلاة وما لا يقطع إذا لم يكن بين يدي المصلي سترة، برقم (751)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقطع الصلاة برقم (949).

وسلم خص القطع بهؤلاء الثلاثة، ومع ذلك ممنوع أن يمر بين يدي أخيه ولو كان رجلا، فالمصلي يمنع المار بين يديه سواء كان رجلا أو دابة أو صبيا أو صبية أو كلبا أو غير ذلك، ولو كانوا لا يقطعون الصلاة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه، وليدرأه ما استطاع فإن أبى فليقاتله فإنه شيطان (¬1)» وفي لفظ آخر: «فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإذا أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (¬2)» الحاصل أنه يمنع المار بالتي هي أحسن، فإذا لم يتيسر بالتي هي أحسن دفعه بالقوة من غير أن يتعمد قتلا أو ضربا يضره، ولكن يدفعه بالقوة التي تشعر المار بأن المصلي عازم على رده، وقاصد دفعه بالصد والقوة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فليقاتله (¬3)» أي فليدفعه بالقوة، لكن لا يتعمد ضربه بالسلاح، أو شيء يقتله ولكن يدفعه بالقوة حتى يرجع ولا يمر بين يديه؛ لأن الرسول أمر بهذا عليه الصلاة والسلام، والحديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505).

الأشياء التي يقطع مرورها أمام المصلي للصلاة

148 - بيان الأشياء التي يقطع مرورها أمام المصلي للصلاة س: يقول السائل: هل مرور الإنسان أمام المصلي يقطع صلاته (¬1)؟ ج: المرور لا يجوز أمام المصلي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه – يعني من الإثم – لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه (¬2)» في بعض الروايات: «أربعين خريفا (¬3)» يعني أربعين عاما، وهذا يدل على أن المرور لا يجوز بين يدي المصلي، ولا بينه وبين سترته، أما قطع الصلاة ففيه تفصيل: إن كان المار امرأة أو حمارا أو كلبا أسود فالصلاة تقطع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود قيل: يا رسول الله، ما بال الأسود من غيره؟ قال: الكلب الأسود شيطان (¬4)» هذه الثلاث تقطع الصلاة إذا كان المرور بين يدي المصلي قريبا منه بثلاثة أذرع، أو بينه وبين السترة التي ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (245). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إثم المار بين يدي المصلي، برقم (510)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (507). (¬3) أخرجه البزار في مسنده، مسند زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، في حديث (لو يعلم المار بين يدي مصلي) برقم (3782). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510).

أمامه إذا كانت السترة جدارا أو عمودا أو كرسيا أو عنزة – عصا – إذا مر بينه وبينها قطع صلاته الواحد من هذه الثلاثة: المرأة البالغة، والحمار، والكلب الأسود. أما المرأة الصغيرة لا تقطع، هكذا الرجل لا يقطع، وهكذا الكلب غير الأسود لا يقطع، هكذا الهر لا يقطع، وهكذا بقية الحيوانات لا تقطع، لكن ينبغي للمصلي ألا يدع شيئا يمر بين يديه، المصلي يشرع له أن يمنع المار مطلقا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، وأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (¬1)» المقصود أن السنة لمن أراد أن يصلي إذا أراد أحد أن يمر بين يديه، ولو كان مما لا يقطع، السنة أن يمنعه من المرور؛ لأنه يشوش عليه صلاته، ولو كان المار رجلا يمنع أو صغيرا، أو كان المار دابة كشاة أو بعير أو غيره يمنع إذا استطاع ذلك، لكن لو مر لا يقطع صلاته إلا إذا كان المار أحد الثلاثة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم: المرأة، والحمار، والكلب الأسود. هذا هو الصواب من أقوال أهل العلم، وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505).

س: هل يجب أن أعيد الصلاة أو أقطعها إذا مر أحد أمامي مع تعذر

وضع السترة؟ وما هو الارتفاع المعتبر للسترة؟ وما هو تقدير المسافة التي لا يأثم المار بمروره على المصلي (¬1)؟ ج: أما إن كان له سترة فإنه يحرم المرور بين المصلي وبين السترة إذا وضع كرسيا أو شيئا آخر كحجر أو متكئ من المتكآت أمامه فإنه ليس لأحد أن يمر بينه وبين السترة، وإذا مر بينه وبين السترة حمار أو كلب أسود أو امرأة بالغة بطلت صلاته؛ لأنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود قيل: يا رسول الله، ما بال الأسود من الأصفر والأحمر؟ قال: الكلب الأسود شيطان (¬2)» رواه مسلم في الصحيح، وله شواهد من حديث أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم، والسترة تكون نحو ثلثي ذراع تقريبا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: مثل مؤخرة الرحل، إن لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل. مؤخرة الرحل: هي العود الذي يكون خلف ظهر الركاب في الشداد الذي كان يستعملونه في الإبل، وهو نحو ثلثي ذراع، فإذا كانت السترة ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (85). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510).

نحو ثلثي ذراع أو أكثر كعصا تركز أو مركاز يجعله أمامه أو حجر كبير أو كرسي أمامه، ونحو ذلك، فإن هذا يقال له: سترة، فينبغي أن تكون قريبة منه حول موضع سجوده، والمسافة التي تكون مانعة من القطع ثلاثة أذرع، إذا كان المار أمامها وليس هناك سترة لم يقطع؛ لأنه صلى الله عليه وسلم صلى لما فتح الله عليه مكة صلى في الكعبة وجعل بينه وبين الجدار الغربي ثلاثة أذرع، قالوا: هذا يدل على مقدار ما بين رجلي المصلي ومحل السترة، فإذا كان الذي أمام المصلي أكثر من ثلاثة أذرع ومر مار أمامه فإنه لا يقطع صلاته، ولا يحرم على المار، أما إن كان أقل من ثلاثة أذرع فإنه يقطع، يسمى مارا بين يديه، أو كان بينه وبين السترة فإنه يقطع إذا كان من الثلاثة: المرأة، الحمار، الكلب الأسود. أما إذا كان من غير الثلاثة كمرور الرجل أو مر كلب غير أسود، أو مرت دابة كإبل، شاة، بقر، ونحو ذلك، هذا لا يقطع، كلها لا تقطع لكن ما ينبغي المرور، يمنع المرور؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بمنع المار، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه (¬1)» فالمقصود أنه يلاحظ منع المار حتى لا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505).

يشوش عليه صلاته ولو كان غير الثلاثة، ولو كان رجلا، ولو كان بهيمة يحاول ألا تمر حتى لا تشوش عليه صلاته، وربما غلبه المار فلا يقطع صلاته، كالرجل غلبه ومر أو دابة غلبته أو صبي غلبه ومر ما يضر صلاته، صلاته صحيحة إلا إذا كان المار امرأة أو حمارا أو كلبا أسود، بينه وبين السترة أو في الثلاثة الأذرع – يعني قريبا منه – إذا لم يكن هناك سترة، هذا هو ملخص ما دلت عليه الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.

مذهب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في مرور المرأة بين يدي المصلي

149 - بيان مذهب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في مرور المرأة بين يدي المصلي س: سماحة الشيخ، لعله من المناسب أن تتفضلوا بإيضاح ذلك الإشكال الذي أشكل على إحدى الصحابيات إن لم تكن من إحدى أمهات المؤمنين حين ما ألحقت المرأة بالكلب الأسود وبالحمار، لعل لهذا المقام مناسبة في أن توضحوا هذا لو تكرمتم (¬1)؟ ج: نعم، جاء عن عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين أنها لا ترى أن المرأة تقطع، وخفي عليها الحديث، وقالت: «بئس ما شبهتمونا بالحمير والكلاب، كنت أضطجع بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (85).

يصلي (¬1)» فظنت رضي الله عنها أن اضطجاعها مثل المرور، وليس الأمر كذلك عند أهل العلم، قال العلماء: المرور شيء واضطجاعها أمامه صلى الله عليه وسلم شيء آخر، فلو كانت المرأة مضطجعة على سريرها أو في الأرض وصلى إليها لا بأس ولا حرج فقد كان يصلي إليها وهي أمامه عليه الصلاة والسلام، لا حرج في ذلك ولا تقطع صلاته، إنما تقطع بالمرور من جانب إلى جانب، إذا مرت من جانب إلى جانب أمامه بينه وبين السترة أو في أقل من الثلاثة أذرع هذا هو محل القطع، أما الحكمة فالله أعلم ما هي الحكمة التي جعلت المرأة تلحق بالحمار والكلب الأسود؟ فالله أعلم سبحانه وتعالى، ويمكن أن يقال: إن الحكمة في ذلك أن المرأة تتعلق بها نفوس الرجال وميول الرجال وشهوات الرجال، فربما يكون مرورها سببا لتلمس نفسية المصلي وتحرك قلبه في شيء مما يتعلق بالنساء، فكان مرورها قاطعا للصلاة حتى يمنع مرورها منعا باتا حتى لا تتساهل في ذلك، متى علم أن المرور يقطع صار ذلك من أسباب منع المرور، وقطع هذه المادة، يمكن أن يقال هذا، والله أعلم، فالحكمة قد تظهر وقد لا تظهر، ولكن ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب من قال لا يقطع الصلاة شيء، برقم (484)، مسلم، كتاب الصلاة، باب الاعتراض بين يدي المصلي، برقم (794)، والنسائي كتاب الطهارة، برقم (166)، وأبو داود، كتاب الصلاة، برقم (610)، وأحمد، في باقي مسند الأنصار برقم (24985)، والدارمي، كتاب الصلاة، برقم (1377).

المسلمين مأمورون بأن يتلقوا أحكام الله ويقبلوها ويعملوا بها وإن لم يعرفوا حكمتها مع الإيمان بأن ربنا سبحانه حكيم عليم كما قال عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} (¬1)، {إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (¬2) هكذا في آيات كثيرات يعلم عباده أنه حكيم فيما يشرع من مواريث ومن صلوات وغير ذلك، كما أنه حكيم فيما يقدره على العباد من مرض أو موت أو غنى أو حرب أو سلم أو غير ذلك، هو الحكيم العليم سبحانه في كل شيء وإن لم يطلعنا على الحكمة في بعض المسائل، وإن لم نعرف الحكمة ولم تتضح لنا فعلينا أن نؤمن بأنه حكيم عليم وإن لم نعرف تلك الحكمة، كما أنه سبحانه شرع الفجر ثنتين، والمغرب ثلاثا، والظهر والعصر والعشاء أربعا، فما هي الحكمة؟ الله أعلم، لماذا جعل المغرب ثلاثا؟ ولماذا جعل الفجر ثنتين، والجمعة ثنتين؟ ولماذا جعل الظهر والعصر والعشاء أربعا؟ ولماذا جعل الصيام في رمضان لا في غيره كالمحرم وكرجب؟ ولماذا جعله شهرا بدون زيادة؟ وقد تظهر الحكمة بعدم الزيادة أنه تخفيف ورحمة من الله لكن كونه جعله في هذا ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 11 (¬2) سورة الأنعام الآية 83

الوقت المعين بين شوال وبين شعبان الله الذي يعلم الحكمة سبحانه وتعالى، كذلك كونه شرع الزكاة في مال دون مال لحكمة بالغة قد تظهر للعباد وقد لا تظهر للعباد، إلى غير ذلك من المسائل التي قد تخفى فيها الحكمة على الناس، لكن يجب الإيمان بأنه حكيم عليم، وهكذا في المخلوقات قد يقول قائل: لماذا خلق الذباب؟ لماذا خلق الخنفساء؟ لماذا خلق العقرب؟ لماذا خلق الحية؟ لماذا خلق أشياء أخرى؟ نقول: إن ربك حكيم عليم هو الخلاق العليم وهو الحكيم العليم لحكمة بالغة خلق هذه الأشياء سبحانه وتعالى، ومن ذلك يعلم أنه على كل شيء قدير، وأنه ما شاء فعل لا راد لقضائه ولا راد لأمره سبحانه وتعالى، فهكذا يقال في بقية الأمور التي تخفى حكمتها ككون المرأة تقطع الصلاة. ليس هناك داع لمن يريدون إثارة الشبه، نحن عبيد، عبيد مأمورون، علينا أن نمتثل أمر الله، وأن نترك نهيه سبحانه وتعالى لأنه ربنا وإلهنا والمنعم علينا، وخالقنا ورازقنا وهو أعلم بمصالحنا من أنفسنا، فعلينا أن نسلم لأمره ولا نعترض، أرأيت لو كان إنسان عند مالك له من أبناء الدنيا من الناس فقال لمالكه إذا أمره: أنا لا أمتثل حتى تبين لي مقصدك من هذا الأمر. قال له سيده: هات لنا البعير الفلاني، هات لنا الإناء الفلاني، هات لنا الشاة الفلانية، هات لنا البساط الفلاني.

إذا قال المملوك: أنا لا آتي به حتى تعلمني ما هو القصد، ما هي الحكمة. فهل يكون هذا العبد مرضيا عليه؟ وهل يكون هذا العبد أديبا؟ ليس بأديب، ولا مرضي عليه، بل ربما ضربه سيده وربما باعه بأرخص الأثمان؛ لأنه ليس بأديب، فالواجب أن يمتثل لما قاله سيده، وأن يحضر ما طلب منه إلا إذا كان شيئا يضره أو فيه معصية الله، هذا شيء آخر محل بحث لكن في الجملة الخادم والعبد يمتثل ما يستطيعه وما لا يعلم فيه معصية لله سبحانه وتعالى، فلذلك إن العبد أو الخادم لو اعترض يكون سيئ الخلق وسيئ الأدب، فكيف بالعبد مع ربه الخلاق العليم العالم بمصالح العباد، كيف يعترض؟ وكيف يقول؟ يعني بلسان حاله: أنا ما أمتثل حتى أعرف ما هي حكمة الصوم، وما هي حكمة الصلاة، وما هي حكمة مروري أمام كذا، وما هي حكمة طوافي، وما هي حكمة شربي قائما أو قاعدا، إلى غير هذا، لا، من الأدب ومن العبودية ومن القيام بالواجب أن يمتثل وألا يقف عند مراعاة الحكمة.

المسافة التي يمكن أن يمر الإنسان وراءها أمام المصلي

150 - بيان المسافة التي يمكن أن يمر الإنسان وراءها أمام المصلي س: سماحة الشيخ، هل يمكن معرفة مقدار قبلة الشخص التي يمكن أن يمر الإنسان بعدها (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (3).

ج: اختلف العلماء في هذا، وأحسن ما قيل في ذلك: إذا كان أبعد من ثلاثة أذرع بعد المصلي لا يضر؛ لأنه إذا أراد أن يصده يحتاج إلى خطوات؛ أي يتقدم خطوات " لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما صلى إلى الكعبة جعل «بينه وبين الجدار ثلاثة أذرع (¬1)» فإذا كان بعيدا عن محل المصلي ثلاثة أذرع، فإذا كان بعيدا عن محل المصلي ثلاثة أذرع فأكثر بعيدا عنه لا يضر ذلك، ولكن أولى بالمصلي أن يتخذ سترة، إذا تيسر له سترة مثل سترة السارية والجدار أو عصا يركزها، أو ما أشبه ذلك إذا تيسر له ذلك حتى ييسر على الناس المرور ولا يحرجهم، والذي يرى السترة ليس له أن يمر بينها وبين المصلي بل يمر من ورائها، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخذ السترة لأسفاره وفي الحضر، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها (¬2)» فاتخاذ السترة سنة مؤكدة، والدنو منها سنة، وليست واجبة ولكنها سنة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة بين السواري في غير جماعة، برقم (506). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه، برقم (697)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ادرأ ما استطعت، برقم (954).

المرور أمام المصلي

151 - مسألة في حكم المرور أمام المصلي س: يقول السائل: ما حكم المرور من أمام المصلي يا فضيلة الشيخ (¬1)؟ ج: إذا كان له سترة يكون من وراء السترة، ثم من وراء السترة، أما إن كان ما عنده سترة تبتعد عنه أكثر من ثلاثة أذرع، تكون بعيدا عن محل قدميه، أكثر من ثلاثة أذرع حتى لا تمر بين يديه. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والستون من الشريط رقم (432).

س: هل يجوز أن يعبر شخص أمام مصل وضع أمامه صندوقا أو خشبة صغيرة أو شيئا من هذا (¬1)؟ ج: قد دلت السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه لا يجوز للمسلم أن يمر بين المصلي وبين سترته، فإذا كان المصلي قد وضع سترة كرسيا أو عصا أو حديدة أو وسادة أو غير ذلك لا يمر بينه وبينها، يمر من ورائها، هكذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحدهم أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (198). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505).

متفق على صحته. وقال عليه الصلاة والسلام: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار، والمرأة، والكلب الأسود قيل: يا رسول الله، ما بال الكلب الأسود من الأصفر والأحمر؟ قال: الكلب الأسود شيطان (¬1)» رواه مسلم في صحيحه. فالحاصل أنه لا يجوز للمسلم أن يمر بين يدي المصلي وسترته، يقول صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه (¬2)» وهذا يدل على عظيم الجريمة في المرور بين يدي المصلي، وإذا كان ليس له سترة لا يمر بين يديه قريبا منه، ولكن يمر بعيدا لا بأس، أما إذا كان له سترة فإنه لا يمر بينه وبينها بل يمر من ورائها أو من ورائه. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إثم المار بين يدي المصلي، برقم (510)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (507).

صلاة من مر أمامه رجل

152 - حكم صلاة من مر أمامه رجل س: إذا مر بين يديك رجل وأنت في أثناء الصلاة فهل تبطل صلاتك (¬1)؟ ج: لا تبطل بمرور الرجل، مرور الرجل لا يبطل الصلاة، إنما يبطلها ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (326).

أحد ثلاثة: المرأة، والحمار، والكلب الأسود، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته: الحمار، والمرأة، والكلب الأسود (¬1)» أما إذا كان بين يديه سترة كعنزة - عصا – مركوزة أو عمود أمامه أو كرسي أمامه، أو شبه ذلك، ومر وراءها – امرأة أو حمار أو كلب أسود – فإنه لا يضر، وهكذا لو مر بعيدا منه ليس بين يديه وهو بعيد أكثر من ثلاثة أذرع فإنه لا يقطع الصلاة، أما الرجل فلا يقطع، وهكذا الكلب غير الأسود، وهكذا البعير والغنم لا تقطع، إنما يقطع هؤلاء الثلاثة: المرأة البالغة، والحمار، والكلب الأسود. كما جاءت السنة في ذلك، ولكن لا ينبغي أن يمر بين يدي المصلي أحد، يمنع المار لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإذا أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (¬2)» ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه (¬3)» فالمقصود أن المصلي يمنع المار، ولو ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إثم المار بين يدي المصلي، برقم (510)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (507).

كان حيوانا يمنعه إن استطاع، ولكن لا يقطع صلاته إلا أحد ثلاثة: المرأة، والحمار، والكلب الأسود، لكن يمنع الرجل أن يمر، يمنع الصبي أن يمر، يمنع العنز أن تمر، وهكذا إن استطاع ذلك للحديث الذي ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (¬1)» ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505).

س: عندما يصلي الإنسان ويمر من أمامه شخص آخر هل تنقطع صلاة المصلي في غير الحرمين (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل: إن كان المار بين يديه أو بينه وبين السترة المرأة أو حمار أو كلب أسود انقطعت الصلاة، بطلت الصلاة فرضا أو نفلا، إذا كان المار بينه وبين السترة، وإذا كان يصلي إلى جدار أو إلى كرسي أو إلى سترة أخرى، ثم مر بينه وبينها حمار أو كلب أسود أو امرأة بطلت صلاته لقوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار، والمرأة، والكلب الأسود (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (321). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510).

وهكذا إذا مرت بين يديه قريبة منه المرأة أو الحمار أو الكلب الأسود، إذا لم يكن عنده سترة، إذا مرت المرأة أو مر الحمار أو الكلب الأسود بين يديه في حدود بالقرب من قدمه فإنها تبطل صلاته، أما إن كان بعيدا جدا، مرت بعيدا جدا، المرأة إذا مرت وليس هناك سترة فإن الصلاة صحيحة، أو كان المار وراء السترة؛ أي من خلفها، يعتقد أن المار من ورائها فالصلاة صحيحة والحمد لله، أما إن كان المار غير الثلاثة، مر رجل أو كلب غير أسود أو شاة أو ما أشبه ذلك، غير الثلاثة فالصلاة صحيحة، وإن كان ينقص ثواب هذا لكن الصلاة صحيحة، والحمد لله.

مرور الطفل من بين يدي المصلي

153 - حكم مرور الطفل من بين يدي المصلي س: المرسل م. ع. ش يقول: هل يجب على المصلي أن يمنع مرور الطفل من بين يديه في الصلاة (¬1)؟ ج: نعم، لا يدع شيئا يمر عليه، يمنعه إذا تيسر ذلك، فإن غلبه فلا شيء عليه، لكن يمنعه، إذا أراد الطفل أو الدابة من الغنم أو نحو ذلك يمنعه إذا تيسر ذلك، وإن غلبه ذلك فصلاته صحيحة، ولا يقطعها إلا ثلاثة: المرأة البالغة، والحمار، والكلب الأسود. إذا مر واحد من هذه ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (346).

الثلاثة بينه وبين سترته أو قريبا منه نحو ثلاثة أذرع فأقل قطع عليه صلاته، أما إن كان بعيدا منه فوق ثلاثة أذرع، أو كان وراء السترة فإنه لا يقطع عليه الصلاة، أما غير الثلاثة فإنه يمنع لكن لا يقطع الصلاة، مثل البعير أو الشاة أو الطفل أو الكلب غير الأسود، لكن إذا أمكنه يمنعه أو يدفعه، فإنه يمنعه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (¬1)» هذا عام، أمر به صلى الله عليه وسلم بدفع المار سواء أكان المار قاطعا أم ليس قاطعا، السنة والمشروع أن يدافعه ويمنعه من المرور بالتي هي أحسن، فإن غلبه فصلاته صحيحة، إلا إذا كان المار كلبا أسود، أو حمارا، أو امرأة مكلفة بالغة؛ فإن أي واحدة من هذه الثلاث تقطع بنص النبي عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505).

المرور بين يدي المصلي في المسجد الحرام

154 - حكم المرور بين يدي المصلي في المسجد الحرام س: ما حكم المرور بين يدي المصلي في المسجد الحرام؟ وهل الحديث خاص في المسجد الحرام أم يشمل مكة ومساجدها؟ وهل يأثم من مر بين يدي المصلي من غير قصد وليس متعمدا (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (8).

ج: أما المسجد الحرام الذي حول الكعبة فالمعروف عند أهل العلم أنه لا حرج في المرور بين اليدين للحاجة؛ لأنه في الغالب توجد الزحمة فيه، ومظنة عدم تيسر السترة والسلامة من المار، فالأمر فيه واسع، وهكذا عند الازدحامات في المسجد النبوي وغيرها من المساجد إذا ازدحم الناس وتكاثر الناس ولم يتيسر للمسلم المرور إلا بين أيدي المصلين، فالظاهر – والله أعلم – أنه لا حرج في ذلك للضرورة والمشقة الكبيرة، وينبغي للمصلي أن يتحرى المكان الذي ليس فيه تعرض للمرور بين يديه في لزوم السواري التي في المسجد وأشباهها حتى يكون بعيدا عن المرور بين يديه. أما مساجد مكة وأرضها فالظاهر أنها كغيرها، ولهذا لما صلى النبي صلى الله عليه وسلم في الأبطح جعل أمامه عنزة، وصلى إلى عنزة عليه الصلاة والسلام، وهو في الأبطح بمكة لا في المسجد الحرام، فدل ذلك على أن المسجد الحرام مثل غيره في اتخاذ السترة – يعني بقية الحرم – لأن الحرم كله يسمى المسجد الحرام، لكن ما كان حول الكعبة فالأمر فيه أوسع وأسهل للزحمة غالبا، لما جاء في ذلك من الآثار عن بعض الصحابة في عدم توقي مرور الناس؛ لأنه موضع زحمة في الغالب، ومظنة عدم القدرة على السلامة من المار؛ ولأن في السترة ورد الناس

مشقة على الطائفين، وعلى غير الطائفين، فالأولى والأقرب والأرجح أنه لا حرج في ذلك إن شاء الله، ولا لزوم للسترة، لكن في بقية مكة بقية الحرم ويسمى المسجد الحرام ينبغي اتخاذ السترة ومنع المار كما اتخذها النبي صلى الله عليه وسلم في الأبطح عليه الصلاة والسلام.

درجة حديث يقطع صلاة المسلم المرأة والحمار والكلب الأسود

155 - بيان درجة حديث: يقطع صلاة المسلم المرأة والحمار والكلب الأسود س: سمعت من أحد العلماء أن هناك ثلاثة أشياء تبطل الصلاة وهي: مرور الكلب الأسود أمام المصلي، ومرور المرأة الحائض، وأيضا الحمار، فهل هذا الكلام صحيح، مع الدليل إذا كان صحيحا (¬1)؟ ج: نعم صحيح، روى مسلم في صحيحه رحمه الله عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود (¬2)» وفي لفظ آخر: «يقطع الصلاة: المرأة، والحمار، والكلب (¬3)» أخرجه مسلم في ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (58). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (511).

الصحيح، وأخرجه أيضا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وليس فيه ذكر الأسود، ولكن قاعدة الشرع أن الحديث المطلق يقيد بالمقيد، فقد قال له أبو ذر: يا رسول الله، ما بال الأسود من الأحمر والأصفر؟ قال: «الكلب الأسود شيطان (¬1)» فبين صلى الله عليه وسلم أنه شيطان جنسه، وأن الأسود شيطان جنس الكلاب، فيقطع الصلاة دون بقية الكلاب، والحمار كذلك مطلقا، وأما المرأة فجاء في حديث ابن عباس عند أبي داود والنسائي بسند جيد تقييدها بالحائض فتكون رواية ابن عباس مقيدة لرواية أبي ذر وأبي هريرة، وأنها المرأة البالغة – يعني التي قد بلغت المحيض – مثل ما في الحديث الآخر، يقول صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة المرأة الحائض إلا بخمار (¬2)» فالحائض لها شأن، وهي التي قد بلغت الحلم، وصارت محل الشهوة للرجال، فالصغيرة لا تقطع الصلاة، وإنما تقطعها المرأة التامة البالغة التي قد ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عائشة رضي الله عنها، برقم (24641) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب المرأة تصلي بغير خمار، برقم (641)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء لا تقبل صلاة المرأة إلا بخمار، برقم (377) وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب إذا حاضت الجارية لم تصل إلا بخمار برقم (655).

بلغت المحيض، هذه الثلاث تقطع الصلاة، وقد أشكل هذا على عائشة رضي الله عنها، وقالت: «بئس ما شبهتمونا بالحمير والكلاب. لقد كنت أعترض بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم على السرير وهو يصلي (¬1)». وهذا الذي قالته رضي الله عنها حسب اجتهادها مع كونها من أفقه النساء، ولكن يخفى عليها أشياء، وهذا مما خفي عليها، فإن كونها على السرير كونها مضجعة بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ليس بمرور: المرور هو الذي يقطع، أما كونها مضجعة أمام المصلي أو جالسة أمام المصلي هذا ليس بمرور ولا يقطع الصلاة، وإنما الذي يقطع هو المرور، فعائشة رضي الله عنها خفي عليها هذا الأمر، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم مقدم عليها، وعلى غيرها، هو المشرع والمعلم عليه الصلاة والسلام، فالواجب طاعة أمره واتباع شريعته، وإفهام النساء وغير النساء مراده عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب من قال لا يقطع الصلاة شيء، برقم (484)، مسلم، كتاب الصلاة، باب الاعتراض بين يدي المصلي، برقم (794)، والنسائي كتاب الطهارة، برقم (166)، وأبو داود، كتاب الصلاة، برقم (610)، وأحمد، في باقي مسند الأنصار برقم (24985)، والدارمي، كتاب الصلاة، برقم (1377).

عدم الفرق بين المحارم وغيرهم في قطع مرور المرأة للصلاة

156 - مسألة في عدم الفرق بين المحارم وغيرهم في قطع مرور المرأة للصلاة س: هل هناك فرق بين المرأة إذا مرت أمام محرمها، أو إذا مرت المرأة أمام رجل يصلي وهو من غير محارمها (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشرط رقم (58).

ج: لا فرق في ذلك إذا مرت المرأة بين يدي المصلي سواء كان المصلي محرما لها أو أجنبيا أو امرأة أيضا، حتى ولو كانت امرأة، إذا مر الحمار والمرأة والكلب بين يدي المصلي، رجلا أو امرأة، قريبا أو بعيدا، زوجا أو غير زوج كلهم، فالحديث عام يعم الجميع.

قطع المرأة للصلاة إذا مرت أمام المصلي في الحرم

157 - بيان حكم قطع المرأة للصلاة إذا مرت أمام المصلي في الحرم س: من المعلوم أن المرأة البالغة إذا مرت أمام المصلي وهو في صلاته أنها تقطع الصلاة، لكن ما هو الحكم إذا وقع ذلك في الحرم سواء كان في الحرم المكي أو الحرم المدني؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا وقع ذلك في الحرم المكي فإنها لا تقطع، وهذه خصوصية للحرم، قد جاء في الأدلة ما يدل على ذلك، ومن أسباب ذلك أنه في الغالب مظنة الزحام، وعدم القدرة على رد المار، ومن رحمة الله جل وعلا أن أسقط هذا الحكم في ذلك، ويلحق بذلك الزحام الشديد في أي مكان، سواء كان في الحرم المدني، أو غيره إذا كان زحاما شديدا لا يستطيع المصلي أن يمنع المار، فإن الحكم واحد في هذا، وهذا هو الصواب؛ لأنه ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (284).

عاجز، ولا يستطيع منع المار بين يديه، أما إذا كان هناك قدرة، ولكنه فرط وتساهل فإن المرأة البالغة تقطع إذا كانت قريبة منه، والحمار، والكلب الأسود، ثلاثة، هكذا جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود (¬1)» - وفي رواية أخرى: «الحائض (¬2)» أما إذا كان بين يديه مثل مؤخرة الرحل، ذراع أو حول الذراع، منتصب أو جدار أو سارية أو كرسي أو نحو ذلك، ومرت من ورائه لا تقطع، أو بعيدا عن موضع قدمه أكثر من ثلاثة أذرع هذا لا يقطع؛ لأن الرسول قال: «بين يديه (¬3)» والذي قدامه بعيد أكثر من ثلاثة أذرع، ليس بين يديه. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). (¬2) أخرجه أحمد في مسند بني هاشم، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، برقم (3231) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقطع الصلاة، برقم (703) والنسائي في المجتبى في كتاب القبلة، باب ذكر ما يقطع الصلاة وما لا يقطع إذا لم يكن بين يدي المصلي سترة، برقم (751)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يقطع الصلاة برقم (949). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510).

مرور المرأة من خلف سترة المصلي

158 - حكم مرور المرأة من خلف سترة المصلي س: لقد استمعت إلى الحلقة المقدمة من هذا البرنامج حيث تكرم فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز بالإجابة على أسئلة المستمعين، وكان من ضمن إجاباته عن أحد الأسئلة عن مرور الكلب

الأسود والمرأة من أمام المصلي، ثم ذكر أن ذلك يقطع الصلاة، أرجو منكم التكرم بسؤال فضيلة الشيخ بطبيعة هذا المرور، هل إذا صلى الرجل واضعا سترة أمامه، ومرت المرأة من خلف السترة هل يجب عليه أن يعيد الصلاة؟ ثم ما حكم مرور النساء أمام الرجال في أوقات الزحام ولا سيما في الحرمين؟ أرجو التفضل بالإجابة ولكم الشكر (¬1) ج: قد سبق في هذا البرنامج غير مرة بيان حكم المرور بين يدي المصلي، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار، والمرأة، والكلب الأسود (¬2)» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر رضي الله عنه، وخرج معناه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، لكن بدون ذكر الأسود، وأخرجه أيضا أبو داود والنسائي وجماعة من حديث ابن عباس مرفوعا، وذكر فيه قيد «المرأة (¬3)» بالحائض فتلخص من هذه الأحاديث ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (61). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510).

وما جاء في معناها أن الذي يقطع الصلاة واحد من هذه الثلاثة: المرأة البالغة وهي التي حاضت، وهي التي بلغت الحلم بخلاف الصغيرة، والحمار مطلقا بجميع أنواعه، وهو الحمار الأهلي الذي يستعمله الناس سابقا في جذب الماء والركوب والتحميل، والثالث الكلب الأسود، قيل: يا رسول الله، ما بال الأحمر والأصفر من الأسود؟ قال: «إن الكلب الأسود شيطان (¬1)» فدل هذا على أن ذلك مختص بهذه الثلاث، وأنها إذا مرت بين المصلي وبين سترته قطعت عليه صلاته سواء كان نافلة أو فريضة، إذا كان مرورها بين الرجل أو المرأة وبين السترة، وأما إذا كان مرورها وراء السترة من أمامها من جهة القبلة فإنها لا تقطع، إذا مرت هذه الثلاثة أمام السترة فإنها لا تقطع، وإنما تقطع إذا كانت بينه وبين السترة من داخل فإنها تقطع عليه صلاته، وهكذا لو مرت بعيدة إذا كان ما عنده سترة، مرت بعيدة عنه فوق ثلاثة أذرع من قدمه فإنها لا تقطع وإنما تقطع في حدود ثلاثة أذرع فأقل من قدم المصلي إذا لم يكن لديه سترة، وهذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم، وفي المسألة خلاف لبعض أهل العلم يقول: إنها لا تقطع إنما تقطع الكمال فقط، والصلاة ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510).

صحيحة لكنه قول ضعيف، وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم واضح في أنها تقطع، والأصل أنها تقطع – أي تبطل – هذا هو الصواب، وهذا هو المعتمد، أما في حال الزحام الذي لا حيلة للمصلي كما يقع في المسجد الحرام فإنها لا تقطع مرور المرأة في المسجد الحرام بين الناس في المطاف وغيره، لا تقطع عند عامة أهل العلم، وحكاه بعض أهل العلم إجماعا؛ لأن التحرز من ذلك فيه صعوبة، وغير ممكن في الأغلب، وهذا من رحمة الله عز وجل أن مرور النساء في المسجد الحرام وفي المطاف أو في غيره لا يقطع، هذا هو الصواب، وقد حكاه بعض أهل العلم إجماعا، والحكمة في ذلك واضحة، وهي أن التحرز من ذلك متعسر أو متعذر، فمن رحمة الله أن رفع هذا الحكم، وقد جاء في بعض الأحاديث التي فيها بعض المقال، وفعل بعض الصحابة ذلك، أن ابن الزبير يصلي والنساء أمامه في المطاف ولا يتأثر بذلك، لعلمه بأنهن لا يقطعن، والله ولي التوفيق.

مرور الكلب غير الأسود أمام المصلي

159 - حكم مرور الكلب غير الأسود أمام المصلي س: السائل أ. ع. من الرياض يقول في سؤاله: إذا صلى شخص في البر أو الصحراء ومر من أمامه كلب لكنه ليس بأسود اللون بل

أي لون آخر، فهل في هذه الحالة تبطل الصلاة أم لا (¬1)؟ ج: لا تبطل إلا بالكلب الأسود؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:. . . «فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود قيل: يا رسول الله، ما بال الأسود من غيره؟ قال: لأنه شيطان (¬2)» لكن لا يدعه يمر، يمنعه من المرور إذا تيسر حتى لا يمر بين يديه، إذا تيسر يتقدم حتى يمر من خلفه حتى لا يقطع صلاته، ولا يدع الشيء يمر من غير الثلاثة، كالرجل أو الكلب غير الأسود، لا يدع شيئا يمر، إذا تيسر يمنع المار لأنه يشوش عليه صلاته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس وأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (¬3)» المقصود أن الإنسان إذا صلى إلى شيء المشروع له أن لا يدع أحدا يمر بين يديه مطلقا، لكن إذا مر بين يديه أحد الثلاثة: الكلب الأسود، أو الحمار، أو امرأة بالغة، قطعوا صلاته إلا إذا كانوا بعيدا أو من وراء السترة أكثر من ثلاثة أذرع فإنه لا يقطع. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (386). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505).

س: هل بينت الحكمة كما بينت في الكلب سماحة الشيخ؟ لعلنا نبحث هذا الموضوع لا سيما أن الكثيرين يسألون عنه (¬1)؟ ج: ما أذكر شيئا في هذا، والقاعدة التي عليها أهل العلم تلقي ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم بصدر منشرح بصدر رحب سواء علمنا الحكمة أم لم نعلم الحكمة؛ لأننا نقطع ونجزم أن ربنا حكيم عليم، وأنه لا يأمر إلا لحكمة، ولا ينهى إلا عن حكمة، فقد تظهر للمؤمن وتظهر لطالب العلم، وقد تخفى، وقد يخفى بعضها ويظهر بعضها، فمن ظهرت له الحكمة فهذا نور على نور، فضل من الله، وإن لم تظهر الحكمة فليس له أن يعترض بل عليه أن يتبع وأن يلتزم بأمر الله، ولا يقول: وما الحكمة؟ فهذه الصلاة الآن الظهر أربع، والعشاء أربع، والعصر أربع، والمغرب ثلاث، والفجر ركعتان، وقد يتنازع الناس في الحكمة، ما هي الحكمة في هذا؟ وربك هو الحكيم العليم سبحانه وتعالى، وإذا قال أحد: إن الظهر أو العصر أو العشاء وقت مناسب للطول فقد يقول آخر: الفجر أنشط وأقوى في حق من نام مبكرا، فهو أنشط على أن يصلي أربعا الفجر، وأنشط أن يصلي صلاة المغرب ثلاثا ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (58).

إذا كان مستريحا العصر أو مستريحا الظهر والعصر، فالحاصل أن هذا لا ينبغي أن يعترض به، بل علينا التسليم والانقياد، وطاعة الله ورسوله في ذلك، وهكذا في الصيام، قد يقول قائل: ما الحكمة في جعل صيام رمضان ثلاثين يوما في الشتاء والصيف، في الشتاء برد ولا فيه مشقة، في القيظ فيه مشقة، لو جعل في القيظ خمس عشرة وفي الشتاء ثلاثين، كل هذه تخرصات، ليس للعبد أن يقولها، بل عليه أن يرضى ويسلم، ويقبل شرع الله، وهكذا في الحج قد يقع في وقت الشتاء، وقد يقع في وقت الصيف، وفيه مشاق، ومع هذا الله نظمه في وقت معين سبحانه وتعالى، فعلينا أن نتبع ونسلم لأمر الله، ونخضع لحكمه سبحانه، وإذا تبين لنا شيء من الحكم فهذا فضل منه سبحانه وتعالى.

مد اليد أمام المصلي للسلام على من بجواره

160 - حكم مد اليد أمام المصلي للسلام على من بجواره س: السائل عبد الله أ. أ. يقول: أصلي النافلة أحيانا، ويحدث أن يسلم الرجل الجالس عن يميني على الرجل الجالس على يساري وأنا في صلاتي، فهل يقطع ذلك الصلاة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (409).

ج: لا يضر، لا، هذا في المرور، أما كونه يمد يده لأخيه والآخر يمد يده لا يضر، لا حرج في هذا.

س: مستمعة تسأل وتقول: عندما أقوم للصلاة تأتي بنتي عمرها ثلاث سنوات، وأخوها وعمره سنة ونصف، ويقومون بحركات الأطفال المعتادة، فكيف أتصرف معهم، وهل صلاتي صحيحة عندما يمرون من أمامي ومن حولي (¬1)؟ ج: الصلاة صحيحة، وإذا تيسر منع الأطفال فهو المطلوب، هو المشروع، إذا المشروع أن تمنع أن يمر أحدهم بين يديك، سواء كان طفلا أو بهيمة أو غير ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (¬2)» المقصود إذا تيسر منع الطفل أو الدابة فعليك أن تمنع ذلك حسب طاقتك، وإذا غلبك أولئك فلا حرج عليك إلا أن يكون المار امرأة أو حمارا أو كلبا أسود فإنه يقطع الصلاة هذه الثلاث؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «يقطع صلاة المرء المسلم إذا ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (297). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه، برقم (509) واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505).

لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل: المرأة، والحمار، والكلب الأسود (¬1)» رواه مسلم في الصحيح، أما غير هذه الثلاث فلا يقطع، لكن ينقص الأجر، إذا مر رجل ينقص الأجر، أو مر طفل ينقص الأجر إذا لم تمنعه وأنت تستطيع، أو دابة غير الكلب الأسود ينقص الأجر، لكن لا يقطع إلا هذه الثلاث، هي التي تقطع الصلاة: المرأة إن كانت تامة، والحمار، والكلب الأسود، أما الطفلة دون البلوغ فلا تقطع الصلاة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510).

س: السائلة تقول: عندما أقف للصلاة يقف أولادي الصغار أمامي وأنا أصلي، هل تبطل صلاتي وهم صغار سنتين وثلاثة أشهر تقريبا (¬1)؟ ج: لا، لا حرج عليك، لا تبطل صلاتك ولكن تؤخرينهم تفرقينهم عن أمامك؛ يعني تشيرين إليهم أن يتأخروا عنك حتى لا يشوشوا عليك وإلا صلاتك صحيحة، إذا وقف الأطفال الصغار أمامك لا يضرك لكن فرقيهم أو دعي من يفرقهم من أخواتهم الكبيرات أو إخوانهم الكبار أو غيرهم ممن عندك في البيت يلاحظونهم حتى يؤخروهم عنك حتى ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (366).

يزيلوهم عن قبلتك حتى لا يشوشوا عليك صلاتك، والصلاة صحيحة.

استعمال السواك خلال الوقوف للصلاة

161 - حكم استعمال السواك خلال الوقوف للصلاة س: الأخ أ. ح. أ، من الطائف، مستشفى الملك فيصل، يقول: لاحظت بعض الإخوة المصلين يستعملون السواك خلال وقوفهم للصلوات، ما حكم التسوك في مثل هذا الموضع؟ أليس من المستحب التسوك قبل الصلاة وقبل الوضوء (¬1)؟ ج: يستحب السواك عند الوضوء عند المضمضة، ويستحب السواك أيضا عند الدخول في الصلاة قبل أن يكبر للإحرام يستاك ثم يكبر، سواء كان إماما أو مأموما أو منفردا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء (¬2)» وفي اللفظ الآخر: «مع كل صلاة (¬3)» فدل ذلك على أنه يستحب السواك عند ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (170). (¬2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7364) ومالك في كتاب الطهارة، باب ما جاء في السواك برقم (148). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب السواك يوم الجمعة برقم (887) ومسلم في كتاب الصلاة، باب السواك برقم (252).

الوضوء وعند الصلاة فرضا ونفلا.

استعمال السواك مع خروج دم حول الأسنان

162. حكم استعمال السواك مع خروج دم حول الأسنان س: يقول السائل: إنني أستعمل السواك عند كل صلاة لكن ألاحظ أنه يخرج من أسناني دم في بعض الأحيان، هل يؤثر ذلك على الوضوء والصلاة؟ (¬1) ج: السواك سنة وقربة للرجال والنساء جميعا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب (¬2)» رواه النسائي. ويقول صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة (¬3)» ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء (¬4)» وتقول عائشة رضي الله عنها: ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (315). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عائشة رضي الله عنها، برقم (23683)، والنسائي في كتاب الطهارة، باب الترغيب في السواك، برقم (5)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب السواك، برقم (289). (¬3) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7364) ومالك في كتاب الطهارة، باب ما جاء في السواك برقم (148). (¬4) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7364) ومالك في كتاب الطهارة، باب ما جاء في السواك برقم (148).

«كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل المنزل بدأ بالسواك (¬1)» عليه الصلاة والسلام، فالسواك سنة دائما وسنة عند الوضوء، وعند الصلاة، ونوصي الجميع باستعماله، هو من الأراك أطيب من غيره، ويختار من السواك اللين الذي لا يتفتت ويتقطع في فمه، ويحرص على النوع الطيب، فيدلك به الأسنان، وهو لا يتفتت، هذا هو السواك الطيب، وإن خرج شيء من الدم من الأسنان أو غيره لا يضر، الشيء اليسير يعفى عنه، فإن كان كثيرا يتمضمض ويغسل ما خرج، أما إن كان قليلا فالقليل يعفى عنه، فقد يقع هذا، والحمد لله. وإذا كان كثيرا جدا يعيد الوضوء، هذا أحوط، فيه اختلاف بين العلماء، وتعريف القليل: هو القليل عرفا، يعفى عنه، أما الذي يعده في نفسه كثيرا فإنه يتمضمض منه، ويتوضأ إن تيسر احتياطا خروجا من الخلاف بين العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يربيك (¬2)» وقوله: «ومن اتقى ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب السواك، برقم (253). (¬2) أخرجه في مسند أهل البيت، من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما، برقم (278119)، والترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، برقم (2518)، والنسائي في كتاب الأشربة، باب الحث على ترك الشبهات، برقم (571).

الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه (¬1)» لأن العلماء يقولون: إذا خرج الدم الكثير فإنه ينتقض الوضوء. ويحتجون بحديث المستحاضة التي قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «توضئي لكل صلاة (¬2)» لكن حديث المستحاضة في خروج الدم من الفرج، وهذا بلا خلاف، لكن الخلاف إذا خرج الدم من الرجل، من الرأس، من الفم، هذا محل الخلاف، من توضأ فهذا أحوط إذا كان الدم كثيرا ومن لم يتوضأ فنرجو أن طهوره صحيح، وإذا توضأ فهو أحوط وأحسن، أما الشيء اليسير، جرح يسير أو من الأسنان أو من الأنف هذا يسير يعفى عنه، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه برقم (52)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، برقم (2599). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب غسل الدم، برقم (228).

الصلاة بالنعال

163. حكم الصلاة بالنعال س: يقول الله تعالى مخاطبا نبيه موسى عليه السلام {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى} (¬1) هل الأمر هنا تعظيم لله أم تعظيم للوادي المقدس؟ فإذا كان تعظيما لله فكيف يجوز ¬

_ (¬1) سورة طه الآية 12

للمسلم أن يقف في الصلاة بين يدي ربه وهو لابس نعليه؟ (¬1) ج: هذا شيء يتعلق بشريعة موسى حين أمره الله أن يخلع نعليه، ظاهره أن الوادي المقدس لا يطؤه بنعليه، ويحتمل أنهما نعلان فيهما شيء من القذر أو لأسباب أخرى، وقد أمر الله سبحانه نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يخلع نعليه في الصلاة، فقد جاء جبرائيل وقد صف في الصلاة فكبر، فأمره أن يخلع نعليه، فخلعهما، فلما سلم قال للصحابة: «إن جبرائيل أتاني أخبرني أن فيهما قذرا أو قال أذى فألقيتهما، فإذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر في نعليه، فإن رأى فيهما قذرا -أو قال أذى- فليمسحهما، وليصل فيهما (¬2)» وكان يصلي في نعليه عليه الصلاة والسلام، فشريعة موسى تخصه وليست شريعة لنا، قال تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} (¬3) أما شريعتنا فإنها تبيح لنا الصلاة في النعلين والخفين كما صلى فيهما النبي صلى الله عليه وسلم، بل ذلك ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (53). (¬2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11467)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعل، برقم (650). (¬3) سورة المائدة الآية 48

سنة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «خالفوا اليهود؛ فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم (¬1)» فالسنة لنا أن نخالف اليهود في ذلك، وأن نتبع محمدا صلى الله عليه وسلم في ذلك، وكان يصلي في نعليه، ولهذا يشرع لنا أن نصلي في نعلينا وخفينا إذا كانا نظيفين، فعلى المسلم عند إتيان المسجد أن يلاحظ نعليه وخفيه حتى لا يدخل بهما وبهما قذر، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين أخبره جبرائيل فخلعهما، وإذا كانا نظيفين وليس بهما شيء فلا حرج أن يصلي فيهما في المسجد، إذا كان حصباء أو ترابا، أما إذا كان مفروشا فلا بأس، لكن إذا خلعهما احتياطا لئلا يكون فيهما تراب كثير يوسخ المسجد أو يكدر المصلين فهذا حسن، وليس بلازم، وأما الخفان فلا، إذا كان قد مسح عليهما لا يخلعهما، يصلي فيهما؛ لأنه إذا خلعهما بطل الوضوء، فإذا كان عليه خفان قد مسح عليهما للطهارة فلا يخلعهما بل يصلي فيهما، لكن لا يدخل حتى ينظر فيهما ويزيل ما بهما من أذى إن كان هناك أذى حتى لا يدخل بهما إلا وهما نظيفان، أما النعل فأمرها أسهل، فيمكن خلعها ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعل، برقم (652)، وابن حبان في صححيه في كتاب الصلاة، باب الأمر بالصلاة في الخفاف والنعال؛ إذ أهل الكتاب لا يفعلونه، برقم (2186).

لأن النعل لا يمسح عليها، فإذا جاء على الطهارة وعليه نعلان إن شاء خلعهما في المساجد المفروشة، وإن شاء تركهما، وإن خلعهما من أجل مراعاة الناس لئلا يستنكروا منه، أو لئلا يتكلموا عليه أو لئلا يكون فيهما تراب يوسخ الفرش من باب التحري في الخير، ومن باب البعد عن التشويش فذاك حسن، وإلا فالأصل مع من قال بالصلاة بهما ولو كان المسجد مفروشا، إذا كانت النعلان نظيفتين فلا بأس بذلك؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، ولقوله عليه السلام ولكن مراعاة للناس اليوم في المساجد المفروشة، إذا راعى الناس وخلعهما خوفا أن يكون هناك تراب أو أوساخ ما فطن لها أو أن الناس يستنكرون منه ذلك، وربما تكلموا عليه وجهلوه جهلا منهم، فاتقى القالة وجعلهما في مكان آخر فهذا لا بأس به إن شاء الله مراعاة لأمور الناس اليوم، واتقاء لما يقع من بعضهم من الجهل والكلام الذي لا يناسب، والله أعلم.

الصلاة في النعال والخفاف في المساجد المفروشة

164. حكم الصلاة في النعال والخفاف في المساجد المفروشة س: لدي إشكال حول موضوع الصلاة في الحذاء سماحة الشيخ، وأرجو التوجيه لو تكرمتم. (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (170).

ج: الصلاة في الحذاء مشروعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في نعليه كما في الصحيحين عن أنس قال: كان النبي يصلي في نعليه عليه الصلاة والسلام، فإذا صلى في نعليه وهما نظيفتان لا حرج في ذلك، وقد صلى ذات يوم عليه الصلاة والسلام في نعليه، فجاءه جبرائيل وأخبره أن بهما قذرا فخلعهما، فخلع الناس نعالهم، فلما سلم سألهم: لماذا خلعتم نعالكم؟ قالوا: رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا. فقال: «إن جبريل أتاني فقال: إن بهما قذرا. فخلعتهما، فإذا جاء أحدكم المسجد فلينظر، فإن رأى في نعليه أذى فليمسحه، ثم يصل فيهما (¬1)» وفي لفظ آخر: (فليقلب نعليه)، فإن رأى فيهما أذى فليمسحه، ثم يصل فيهما) وهو حديث صحيح، ويدل على أن الأفضل الصلاة في النعال والخفاف، وهكذا حديث: «خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم (¬2)» وهو يدل على شرعية الصلاة في النعال، لكن إذا كان المسجد مفروشا ويخشى أن يقذره، لأن بعض الناس لا يبالي ولا ينظر في نعليه، فإذا خلعهما وصلى حافيا حتى لا يوسخ الفرش، وحتى لا ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين مسند أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه برقم 11467. (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعل، برقم (652)، وابن حبان في صححيه في كتاب الصلاة، باب الأمر بالصلاة في الخفاف والنعال؛ إذ أهل الكتاب لا يفعلونه، برقم (2186).

ينفر الناس من الصلاة في المسجد فهذا لعله أحسن إن شاء الله من باب رعاية المصالح، وعدم تنفير الناس من المساجد، ونظرا إلى أن أكثر الناس إلا من شاء ربك لا يهتم بالنعلين ولا يحرص على سلامتهما، فإذا جعل نعليه في مكان خاص حتى يصلي أو جعلهما بين رجليه حتى يصلي فلا بأس بذلك، ولعل هذا أصلح إن شاء الله حرصا على سلامة المساجد وحرصا أيضا على عدم تنفير المصلين، فإن كثيرا من الناس قد ينفر من المساجد إذا رآها توطأ بالنعال، لأن الفرش تتأثر بأقل شيء بخلاف ما لو كان المسجد من الحصباء والرمل، فإنه لا يتأثر كثيرا، والأمر واسع كما كان الحال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الصحابة رضي الله عنهم.

س: يقول السائل: رأيت في جريدة اللواء الإسلامي أنه يمكن الصلاة بالنعلين علما بأن الإنسان يمكن أن يمر ويقف على الأوساخ والنجاسات، فما رأيكم؟ جزاكم الله خيرا حول هذا الموضوع. (¬1) ج: قد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه كان يصلي في نعليه، وصلى مرة فجاءه جبرائيل فأخبره أن بهما قذرا، فخلعهما ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (120).

وجعلهما في يساره، واستمر في صلاته عليه الصلاة والسلام، فلما سلم قال للناس؛ لأن الناس لما رأوه خلع خلعوا، قال: (لماذا خلعتم نعالكم؟) قالوا: يا رسول الله، رأيناك خلعت نعليك فخلعنا. فقال: «إن جبرائيل أتاني أخبرني بأن فيهما قذرا، أو قال أذى فألقيتهما، فإذا جاء أحدكم المسجد فلينظر في نعليه فإن رأى فيهما قذرا أو قال أذى فليمسحهما وليصل فيهما (¬1)» فهذا هو الدليل وما جاء في معناه على شرعية الصلاة في النعلين، وأنهما يصلى فيهما إذا كانتا نظيفتين، فالواجب على المؤمن إذا أراد دخول المسجد وعليه النعلان فلينظر فيهما، ويتأكد من سلامتهما من الأذى، فإذا كانتا سليمتين من الأذى صلى فيهما، بل يشرع الصلاة فيهما كما صلى فيهما النبي صلى الله عليه وسلم، وكان المسجد في عهده صلى الله عليه وسلم من الرمل والحصى، وليس مفروشا، أما الآن بعدما فرشت المساجد وصارت بها الفرش التي تتأثر بالنعال، وما يكون فيها من التراب، وربما قذر ذلك على المصلين ونفرهم من الصلاة فيها فالأولى فيما نعتقد أن يخلعهما، ويجعلهما في مكان حتى يصلي، حتى لا يتأثر بذلك المصلون، وحتى لا تتأثر الفرش ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين مسند أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه برقم 11467.

التي في المساجد، وهذا من باب ترك المستحب خوفا مما هو أشد من ذلك، فالصلاة فيهما مستحبة في أرجح القولين إذا كانتا نظيفتين، لكن قد يترتب على الصلاة فيهما مع الفرش ما هو أشد من ذلك وما هو أخطر من ذلك وهو تقذير الفرش، وتنفير المصلين لا سيما وأكثر الناس لا يبالي بالنعلين ولا يتفقدهما ولا يعتني بهما، أكثر الناس والعامة لا يعتنون بهذا الأمر، وإذا رأوا زيدا وعمرا دخل بنعليه دخلوا ولم يبالوا، فأفضى هذا إلى شر كثير، وقاعدة الشرع المطهر سد الذرائع، فالذي نوصي به هو عدم الصلاة فيهما، في المساجد التي فيها فرش؛ لأنها قد تتقذر بذلك، ولأن أكثر الناس لا يبالي بنعليه وبما فيهما من الأذى، ولهذا قد يسبب مشكلات كثيرة، وتقذيرا للفرش وتنفيرا للمصلين من الصلاة في الجماعة، وهذا أمر لا يحبه الله ولا يرضاه من المؤمن.

س: هل تجوز الصلاة في الأحذية؟ أجلكم الله. (¬1) ج: نعم، بل مستحبة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي في نعليه عليه الصلاة والسلام، وأمر بالصلاة في النعلين، وأمر بمخالفة اليهود، قال: «فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا في خفافهم (¬2)» لكن بعد ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط في ص (286). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعل، برقم (652)، وابن حبان في صححيه في كتاب الصلاة، باب الأمر بالصلاة في الخفاف والنعال؛ إذ أهل الكتاب لا يفعلونه، برقم (2186).

أن ينظر فيها قبل الدخول في المسجد حتى تكون سليمة ليس فيها أذى، فإذا كانت سليمة ليس فيها أذى فالأمر بالصلاة فيها، لكن بالنظر إلى المساجد التي فرشت بالفرش قد يكون فيها شيء من الأوساخ أو شيء يؤذي المصلين، فالأولى أن تجعل في مكان آخر عند الباب حتى لا يتأذى بها الناس، وما يكون فيها من أوساخ وأتربة ونحو ذلك؛ مراعاة للمصلين وللفرش التي وضعت في المساجد حتى لا يحصل بها تقزيز ولا يحصل للمصلين تنفير لهم من الصلاة في الجماعة.

س: ألاحظ أن بعض الناس يصلون بأحذيتهم وبعض المحدثين يقولون: إن صلاتهم باطلة. فما هو توجيهكم للطرفين؟ جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم. (¬1) ج: الصلاة في الحذاء لا تبطل الصلاة بل هي مستحبة؛ فقد «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه، ولما خلع الصحابة في بعض الأيام نعالهم قال: ما لكم خلعتم نعالكم؟ قالوا: رأيناك خلعت نعليك. قال: إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا أو قال: أذى فألقيتهما، فإذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر في نعليه، فإن رأى فيهما ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (294).

قذرا أو قال أذى فليمسحهما، ويصل فيهما (¬1)» فالصلاة في النعلين ليس فيها بأس بل هي مستحبة، والذي يقول: إنه لا تصح الصلاة في النعلين. فهو قول بجهل, لا وجه لقولهم إذا كانت النعلان طاهرتين، ليس فيهما بأس، ولكن تركهما إذا كانت المساجد مفروشة، والناس يتقذرون من دخوله بنعليه فإنه يجعلها عند الباب أو في محل آخر ويصلي حافيا حتى لا يقذر عليهم فرشهم، وحتى لا يقع بينه وبينهم شيء، أما إذا كانت المساجد لا تتأثر بذلك لكونها رملية أو بالحصباء فهو ينظر في نعليه، ويعتني بنعليه، لتكون نظيفة سليمة عند دخول المسجد، فالصلاة فيها أفضل، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا في خفافهم (¬2)» لكن في بعض الأحيان يصلي حافيا عليه الصلاة والسلام، فالأمر واسع. ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين مسند أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه برقم 11467. (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعل، برقم (652)، وابن حبان في صححيه في كتاب الصلاة، باب الأمر بالصلاة في الخفاف والنعال؛ إذ أهل الكتاب لا يفعلونه، برقم (2186).

س: دار جدال بيننا وبين جماعة حول الصلاة في الحذاء، فالبعض يقول: إن الأمر جائز. وبعضهم يقول غير ذلك، وجهونا جزاكم الله خيرا. (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (272).

ج: الصلاة في الحذاء سنة، كان النبي يصلي في نعليه عليه الصلاة والسلام وفي خفيه، فالصلاة في الخفين وفي النعلين الطاهرتين سنة، كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ويقول عليه الصلاة والسلام: «خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا في خفافهم (¬1)» فالمقصود أنها سنة، كان يصلي بنعليه عليه الصلاة والسلام، لكن على المؤمن إذا قرب من المسجد أن ينظر في نعليه أو خفيه، فإن كان فيهما أذى أزال الأذى ثم دخل، وليس له التساهل في هذا، بل يجب عليه أن ينظر في نعليه أو خفيه حتى يزيل ما بهما من أذى، ثم يصلي فيهما حتى لا يقذر المسجد، ولا يقذر ثيابه، ولما فرشت المساجد الآن فالأفضل خلع النعلين عند الباب، أو في أي مكان لئلا يقذرها بالأتربة أو ببعض الأوساخ التي تساهل فيها الناس؛ لأن أغلب الخلق لا يعتمد عليه ولا يبالي، والناس الآن يتقذرون من أقل شيء، فالذي أنصح به في مثل هذا من أجل تغير الأحوال ووجود الفرش أنه يخلعهما ويجعلهما في مكان حتى يصلي؛ حتى لا يقذر ولا يوسخ الفرش، وحتى لا ينفر الناس من الصلاة بهما. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة في النعل، برقم (652)، وابن حبان في صححيه في كتاب الصلاة، باب الأمر بالصلاة في الخفاف والنعال؛ إذ أهل الكتاب لا يفعلونه، برقم (2186).

باب سجود السهو

باب سجود السهو 165. حكم سجود السهو س: هل سجود السهو واجب أم سنة؟ (¬1) ج: سجود السهو واجب؛ لأن الرسول أمر بذلك، وإذا كان عن ترك واجب، أو فعل محظور سهوا وجب، كما لو ترك التشهد الأول، أو جلس في الرابعة فنبه وقام ليكمل، أو زاد ثالثة في الفجر، أو رابعة في المغرب، أو خامسة في العشاء ونحوها فإنه يسجد للسهو وجوبا. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (183).

أنواع سجود السهو

166. بيان أنواع سجود السهو س: ما حكم السهو في الصلاة؟ (¬1) ج: السهو في الصلاة يقع من الناس، حتى من الأنبياء، ولكن النبي ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (162).

بين صلى الله عليه وسلم حكم السهو، وهو أقسام وأنواع، فإذا سها المصلي عن التشهد الأول، أو عن التكبيرات؛ بعض التكبيرات التي غير التكبيرة الأولى، غير تكبيرة الإحرام، تكبيرة الركوع أو السجود أو نحو ذلك يسجد للسهو قبل أن يسلم، والحمد لله، إذا كان إماما أو منفردا. أما المأموم فلا يسجد، بل هو تابع لإمامه، أما إن كان السهو لشك، بأن شك الرجل أو المرأة وهو إمام أو منفرد، هل صلى ثنتين أو ثلاثا من الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء فيجعلها ثنتين، يعمل باليقين يعنى الأقل، ثم يكمل ويسجد للسهو سجدتين قبل أن يسلم، فإذا شك في الظهر أو العصر أو العشاء: هل صلى ثلاثا أو أربعا تردد يجعلها ثلاثا، يحتاط، يبني على الأقل ثم يأتي بالرابعة، فإذا فرغ سجد سجدتين قبل أن يسلم، هذا هو المشروع، وإذا نسي التشهد الأول قام إلى الثالثة، ما تشهد التشهد الأول ناسيا وهو إمام أو منفرد سجد للسهو بعد الفراغ قبل أن يسلم، وإن كان مأموما فليس عليه سجود، بل هو متابع لإمامه.

الأفضل في غالب أنواع السهو

167. بيان الأفضل في غالب أنواع السهو س: ما هو سجود السهو؟ ومتى يتعين؟ وكيف أداؤه؟ وهل هو قبل

السلام؟ أو بعده؟ وكيف أعمل إذا كنت لا أدري هل سجدت سجدتين، أو سجدة، أو قراءة التحيات قبل الصلاة على النبي أو لا؟ وأغلب هذه الأحوال ظنون. (¬1) ج: سجود السهو لمن يغفل عن واجب، إذا فعل شيئا، أو ترك شيئا سهوا يبطل عمده الصلاة- وجب عليه السجود للسهو؛ لأنه مكمل للصلاة، والنبي أمر بسجود السهو عليه الصلاة والسلام تكميلا للصلاة، إذا ترك مثلا تسبيحة الركوع والسجود ناسيا وجب عليه سجود السهو على الصحيح من أقوال العلماء؛ لأن الصحيح أن هذه التسبيحات واجبة أقلها تسبيحة واحدة، كذلك إذا ترك التشهد الأول ناسيا وجب عليه سجود السهو في الأصح من أقوال العلماء، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، كذلك – مثلا – إذا نسي الركوع وسجد ثم عاد وأتى بالركوع فإنه يكمل صلاته ويسجد للسهو، كذلك إذا نسي ركعة فسلم أو ركعتين فسلم، ثم تنبه أو نبه فإنه يكمل صلاته ويسجد للسهو أيضا، وهذا واجب، والضابط أن كل شيء يبطل عمده الصلاة إذا فعله ساهيا وجب عليه سجود السهو، وهو مخير؛ إن شاء فعله قبل السلام، وإن ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (16).

شاء فعله بعد السلام، إذا كمل التشهد والدعاء شرع له سجود السهو قبل أن يسلم، وإن أخره بعد السلام جاز ذلك، لكن الأفضل في غالب أنواع السهو أن يكون قبل السلام، الأفضل أن يكون قبل السلام، فإن سلم عن نقص ركعتين فأكثر، سلم على ثلاث في الظهر أو العصر أو العشاء، أو سلم عن ثنتين في المغرب، أو عن واحدة في الفجر أو الجمعة، ثم نبه فإنه يقوم ويكمل الصلاة، ويجعل سجوده بعد السلام، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو الأفضل، إذا سلم عن نقص ركعتين فأكثر، ثم نبه أو تنبه وكمل صلاته فإن سجوده يكون بعد السلام، سلم ثم يسجد للسهو سجدتين ثم يسلم مرة أخرى هذا هو الفضل، سيما إذا كان سهوه بتسليم عن نقص فالأفضل أن يكون بعد السلام، أما أنواع السهو الأخرى فإنه يكون قبل السلام أفضل؛ مثل: ترك التشهد الأول أو ترك الركوع أو السجود، أو زاد ركعتين في الصلاة، ثم نبه فجلس فإنه يكمل الصلاة، ثم يسجد للسهو قبل أن يسلم، وإن سجد بعد السلام فلا بأس، كذلك مما يكون بعد السلام إذا غلب على ظنه أنه كمل الصلاة، شك هل هي ثلاث أو أربع؟ وغلب على ظنه أنها أربع فبنى على هذا وكمل الصلاة، فإنه يسلم ثم يسجد للسهو بعد ذلك، ثم يسلم؛ لأنه بني على غالب ظنه، وكذلك إذا شك

هل سجد سجدة أو سجدتين؟ يجعلها سجدة، ويأتي بسجدة ثانية، ويسجد للسهو قبل السلام، مثل: سجد سجدة وشك هل هي الأولى أو الثانية؟ يجعلها الأولى ويأتي بالسجدة الثانية حتى يتيقن من صلاته، ثم إذا أكمل صلاته يسجد للسهو سجدتين، هذا هو المشروع، وإن أخر سجود السهو بعد السلام فلا حرج في ذلك، لكن في حالين الأفضل بعد السلام، في أحد الحالين: إذا سلم عن نقص ركعة أو أكثر ثم نبه، أو تنبه يكمل صلاته، ويسجد للسهو بعد السلام، الحالة الثانية: إذا بنى على غالب ظنه؛ فعل اليقين فبنى على غالب الظن فإنه لا يجوز له على الصحيح، فإذا بنى على غالب ظنه فإنه يكمل الصلاة ويسلم، ثم يسجد للسهو ثم يسلم، وما عدا هذا السجود فهو قبل السلام، هذا هو الأفضل على ظاهر السنة.

كيفية سجود السهو

168. بيان كيفية سجود السهو س: تقول هذه السائلة: ما كيفية سجود السهو؟ (¬1) ج: سجود السهو مثل سجود الصلاة سجدتان مثل سجود الصلاة سواء. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (343).

موجبات سجود السهو في الصلاة

169. موجبات سجود السهو في الصلاة س: رسالة من المستمع: م. ص، من جيزان أبو عريش، أخونا له جمع من القضايا من بينها قضية يقول فيها: ما هي موجبات سجود السهو في الصلاة؟ وأرجو التفصيل في هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: سجود السهو له أسباب، تارة تكون زيادة في الصلاة، وتارة تكون نقصا، وسجد النبي صلى الله عليه وسلم للسهو في عدة مسائل وقع فيها عليه الصلاة والسلام سهوا، سجد للسهو لما ترك التشهد الأول ناسيا وقام للثالثة، سجد سجدتين قبل أن يسلم وسجد لما سلم عن نقص، سلم من ثنتين ثم نبه وكمل الصلاة، ثم سجد للسهو بعد السلام سجدتين، وسلم من ثلاث فنبه ثم كمل صلاته، وسجد سجدتين للسهو بعد السلام، وزاد خامسة في بعض صلواته الرباعية فنبه بعد السلام وسجد سجدتين، وقال عليه الصلاة والسلام: «إنما أنا بشر مثلكم، أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني (¬2)» فسجود السهو يكون إما ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (326). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، برقم (401)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له، برقم (572).

بنقص وإما بزيادة كما سمعت، فإذا زاد ركعة أو ركوعا أو سجودا ساهيا فإنه ينبه، إذا كان إماما ينبهه المأمومون على سهوه، ويرجع إلى تنبيههم إذا لم يكن عنده يقين فيما فعل وعليه سجود السهو قبل السلام أو بعده، والأفضل قبل السلام في جميع صور السهو، إلا إذا كان سهوه عن نقص ركعة فأكثر فإن سجوده يكون بعد السلام أفضل، وهكذا إذا بنى على غالب ظنه فإنه يسجد للسهو بعد السلام أفضل؛ في حديث ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، وليتم عليه ثم يسلم ثم يسجد سجدتين (¬1)» بعد السلام، وبهذا يعلم أنه يشرع له سجود السهو، بل يجب عليه إذا فعل ما يبطل عمله في الصلاة؛ بزيادة أو نقص إذا فعله ساهيا، فإذا ترك سجدة من السجدات أو ركوعا أو ركعة أو أكثر فإنه ينبه كما تقدم، وعليه أن يرجع إلى الصواب ويكمل صلاته، ويسجد ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، برقم (401)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له برقم (572).

للسهو قبل السلام إلا في حالتين؛ إحداهما: إذا سلم عن نقص ركعة فأكثر فإنه يسجد للسهو بعد السلام. والحال الثاني: إذا بنى على غالب ظنه وأتم الصلاة على غالب ظنه فإنه يكمل، ويسلم ثم يسجد سجدتين بعد السلام، أما إذا شك في صلاته وليس عنده ظن غالب فإنه يبني على اليقين، ثم يسجد سجود السهو سجدتين قبل أن يسلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد: إذا شك أحدكم في صلاته فليبن على الأقل، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإذا شك هل صلى ثنتين أو ثلاثا يجعلها ثنتين، وإذا شك هل هي ثلاث أو أربع يجعلها ثلاثا ويكمل، في هذا حديث أبي سعيد: «إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته، وإن كان صلى تماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان (¬1)» خرجه مسلم في الصحيح. هذا هو المشروع، بل الواجب على المؤمن والمؤمنة عند السهو، إذا شك في صلاته، ولم يكن له غلبة ظن فإنه يبني على اليقين، يعني الأقل، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له، برقم (571).

ويكمل صلاته على ذلك احتياطا للصلاة، فإذا شك هل سجد سجدة أو سجدتين؟ يجعلها سجدة، يأتي بالسجدة الثانية ويكمل صلاته، وإذا شك هل صلى ثنتين أو ثلاثا يجعلهما ثنتين ويكمل صلاته؛ لأن هذا هو اليقين، وهذا هو الاحتياط للصلاة، ثم إن كان في صلاة قد شك قبل السلام كبر وسجد سجدتين للسهو مثل سجود الصلاة، سجود السهو مثل سجود الصلاة سواء، يقول فيها: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ويدعو فيها مثل سجود الصلاة سواء بسواء، ثم يسلم، أما إذا كان عنده غالب ظن؛ شك هل صلى ثنتين أو ثلاثا لكن الغالب أنها ثلاث يجعلها ثلاثا، ويكمل ويسلم ثم يسجد سجدتين بعد السلام، إلا إذا كان إماما ونبهه المأمومون فإنه يرجع إلى تنبيههم أوثق من ظنه، أما إذا سها عن شيء مستحب ليس بواجب فلا يلزمه سجود السهو، مثل: سها عن رفع اليدين عند الإحرام أو عند الركوع، أو سها وتورك في التشهد الأول، أو سها فافترش في التشهد الأخير في الرباعية أو الثلاثية، كل هذا لا يلزمه سجود السهو؛ لأنه ليس بواجب، وإن سجد فلا بأس في السهو.

س: متى يجب سجود السهو؟ وكيف يكون؟ (¬1) ج: سجود السهو إذا ترك واجبا، أو فعل محرما سهوا وجب السجود، أما إذا ترك مستحبا فلا يلزمه السجود، لو نسي الاستفتاح، أو نسي الدعاء في السجود، أو نسي رفع اليدين لا يلزمه السجود، إنما السجود إذا ترك واجبا سهوا مثل ترك التشهد الأول، أو قام أو نسي سجدة، ثم أتى بالركعة التي تليها وكمل الصلاة، وزاد ركعة، المقصود إذا كان ترك واجبا سهوا وجب عليه السجود، مثل ترك: سبحان ربي الأعلى. في السجود، سبحان ربي العظيم. في الركوع، ربنا ولك الحمد عند الرفع من الركوع، التكبيرات عند السجود والرفع منه، كل هذا إذا نسيه سجد له في آخر الصلاة قبل أن يسلم أفضل، وهكذا لو ترك التشهد الأول، أما إذا ترك ركنا مثل السجود في الصلاة، أو مثل الركوع ولم يذكره إلا بعد ذلك قامت الركعة التي بعدها مقام الركعة التي تركها منها، وضاعت عليه الركعة التي ترك سجودها وركوعها، وقامت الركعة التي بعدها مقامها، ثم يأتي بركعة زائدة، إذا كملها سجد للسهو ثم سلم، وهذا واجب أيضا لأن الإنسان قد ينسى الركوع أو ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (352).

ينسى السجود ولا ينبه، ثم يتنبه أو ينبه بعد ذلك، فيأتي بركعة كاملة بدلا من الركعة التي ترك سجودها، أو ركوعها، أما إن نبه في الحال أنه لم يركع وهو هاو للسجود يعد، يقف ثم يركع، أو نبه أنه لم يسجد للثانية يسجد في الحال، إذا نهض ونبه يجلس ويقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي. ثم يسجد السجدة الثانية، ويسجد للسهو في آخر الصلاة.

س: يقول السائل: حدثونا عن مستوجبات السهو وصفته. (¬1) ج: سجود السهو مثل سجود الصلاة؛ سجدتان مثل سجود الصلاة، يقول فيهما: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي. يدعو مثل سجود الصلاة سواء بسواء، يكبر عند الهوي، ويكبر عند الرفع، يكبر عند السجدة الثانية، ويكبر عند الرفع مثل سجود الصلاة سواء بسواء بالتكبير وبالطمأنينة وبالتسبيح وبالدعاء، الحكم واحد، وهو إذا زاد في الصلاة سهوا أو نقص سهوا، إذا ترك بعض الواجبات سهوا، أو بعض الأركان سهوا وأتى بها، أو زاد ركعة، أو زاد سجودا سهوا، الإمام أو المنفرد يلزمه سجود السهو؛ مثلا: إذا قام لخامسة في الظهر أو العصر، أو قام ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (234).

إلى رابعة في المغرب، أو قام إلى ثالثة في الفجر أو الجمعة، ثم نبهه الناس أو تنبه ورجع- يسجد للسهو، وهكذا لو زاد سجدة ثالثة ناسيا يسجد للسهو، وهكذا لو زاد ركوعا ناسيا يسجد للسهو، وهكذا لو ترك التسبيح: سبحان ربي العظيم. في الركوع أو: سبحان ربي الأعلى. في السجود ناسيا- يسجد للسهو مثل المنفرد، لكن الشيء المستحب لا يجب السجود، لو ترك مثلا: ما سبح إلا مرة أو مرتين ما عليه سجود، وكذلك مثلا: ما قرأ سورة بعد الفاتحة ما يلزمه سجود السهو؛ لأنها سنة مستحبة، وهكذا لو نسي: ربنا ولك الحمد. ولو نسي: رب اغفر لي. بين السجدتين ما يلزمه شيء، إذا كان مأموما ما عليه شيء، لكن إذا كان إماما؛ نسي واجبا يلزمه سجود السهو، مثل لو قال: ربنا ولك الحمد. ونسي أن يكمل حمدا كثير طيبا. أو نسي أن يكرر: رب اغفر لي. قالها مرة لا يلزمه سجود؛ لأنها لا تعتبر واجبا والحمد لله، فالواجب أتى به، ولكن لو نسي الزيادة المستحبة هذا ليس عليه سجود سهو، وهكذا المأموم لو نسي الواجب الذي عليه: رب اغفر لي. أو سبحان ربي الأعلى. أو: سبحان ربي العظيم. وهو مأموم ليس عليه سجود سهو؛ لأنه تبع لإمامه، أما الجميع؛ الإمام والمنفرد والمأموم لو تركوا شيئا مستحبا ليس عليهم شيء، المستحب مثل قراءة سورة زائدة على

الفاتحة، هذه مستحبة، ليس عليها سجود سهو، لو ترك الجهر؛ ما جهر بصلاة المغرب والعشاء، نسي الجهر لا يلزمه شيء، أو جهر بالسريات كالظهر والعصر ناسيا لا يلزمه سجود سهو، لأن هذا كله مستحب، فالحاصل أن سجود السهو إنما يلزم إذا ترك واجبا، أو ركنا سهوا، فالواجب يسقط بالسهو وعليه سجود سهو، والركن لا بد أن يأتي به وعليه سجود سهو، لو ترك السجود – مثلا – يأتي بالسجود، يرجع يأتي بالسجود، أو نسي الركوع؛ هوي يرجع يأتي بالركوع وعليه سجود السهو، الركن لا بد منه، يأتي به فإن نسيه بالكلية حتى شرع بالثانية سقطت الركعة الأولى، قامت الأخرى مقامها؛ لأنه أهمل ركنا لا بد منه، أما الواجب تسبيح الركوع أو السجود، ورب اغفر لي بين السجدتين، وقول: ربنا ولك الحمد وسمع الله لمن حمده- كل هذه واجبات، متى تركها سهوا سقطت، الإمام والمنفرد، وهكذا المأموم لو تركها سقطت عنه، لكن الإمام يسجد للسهو والمنفرد يسجد للسهو، والمأموم لا يسجد للسهو إذا ترك واجبا سهوا؛ لأنه تابع لإمامه، لكن الإمام والمنفرد يسجدان للسهو، لو نسي: رب اغفر لي. وسبحان ربي الأعلى في السجود، أو سبحان ربي العظيم في الركوع هذا يسجد للسهو، والإمام والمنفرد كما تقدم.

سجود السهو وكيفية السلام منه

170. حكم سجود السهو وكيفية السلام منه س: ما حكم سجود السهو؟ وما الذي يقال في السجود؟ ومتى يكون السجود قبل السلام؟ ومتى يكون بعد السلام؟ وإذا كان بعد السلام هل يكون السلام يمينا فقط، أم يمينا وشمالا؟ (¬1) ج: سجود السهو واجب، إذا كان لترك واجب أو لفعل محظور، فإنه يجب عليه أن يسجد للسهو؛ لأن الرسول أمر بذلك وفعله، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬2)» ويقول مثل ما يقول في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ويدعو، ويجوز قبل السلام وبعد السلام، لكن قبل السلام أفضل إلا في حالين: إحداهما: إذا سلم عن نقص ركعة، أو أكثر فإنه يسجد بعد السلام، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سجد بعد السلام لما سلم عن نقص ركعة، وفي رواية: نقص ركعتين سجد بعد السلام، ويسلم عن يمينه وشماله. وهكذا إذا ما بنى على غالب ظنه سجد بعد السلام، إذا غلب على ظنه أنه صلى ثلاثا وجعلها ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون ون الشريط رقم (182). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر، برقم (631).

ثلاثا، غلب على ظنه أنها أربع وجعلها أربعا فإنه يسجد بعد السلام، وهكذا إذا سجد وسلم عن يمينه وشماله في جميع أنواع سجود السهو، يسلم عن يمينه وشماله، هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

سجود السهو للزيادة أو النقصان

171. كيفية سجود السهو للزيادة أو النقصان س: حدثوني عن سجود السهو في الصلاة بالنسبة للزيادة، وبالنسبة للنقصان في الصلاة. (¬1) ج: سجود السهو يجوز قبل السلام وبعد السلام في جميع السهو، إن سجد قبل السلام كفى، وإن سجد بعد السلام كفى، لكن الأفضل أن يكون قبل السلام، هذا هو الأفضل إلا في حالتين: إحداهما: إذا بنى على غالب ظنه، إذا شك في ثنتين أو ثلاث هل صلى ثنتين أو ثلاثا، وبنى على غالب ظنه صلى ثنتين، يبني يكمل، أو كان غالب ظنه أنه صلى ثلاثا يكمل، فهذا الأفضل أن يكون سجوده بعد السلام إذا بنى على غالب ظنه. والحال الثانية: إذا سلم عن نقص، سلم عن ثنتين أو لثلاث في الرباعية ساهيا ثم تنبه وكمل فهذا سجود السهو، يكون بعد السلام ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (295).

أفضل، وما سوى ذلك فالسجود قبل السلام أفضل، وبكل حال السجود قبل السلام، أو بعد السلام في جميع الصور كله صحيح، والحمد لله.

مواضع وجوب سجود السهو

172. بيان مواضع وجوب سجود السهو س: السائلة: ص. ى. من سوريا تقول: حدثونا عن سجود السهو وسجود التلاوة متى يجب؟ (¬1) ج: سجود السهو يجب إذا ترك الإمام واجبا سهوا، أو فعل محرما سهوا، يجب سجود السهو؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «هاتان السجدتان لمن لا يدري زاد في صلاته أو نقص فيتحرى الصواب فيتم ما بقي ثم يسجد سجدتين (¬2)» والسنة للإمام والمنفرد إذا أتى بشيء مما حرم الله في الصلاة ساهيا أن يسجد للسهو؛ كأن يتكلم ساهيا، أو يزيد ركعة ساهيا، أو يزيد سجدة ساهيا يسجد للسهو قبل أن يسلم بعدما يفرغ من التحيات والدعاء، يسجد للسهو. وإن سجدهما بعد السلام فلا بأس، وهكذا لو ترك واجبا ساهيا، ترك قول: سبحان ربي الأعلى في السجود، أو سبحان ربي العظيم في الركوع، أو رب اغفر لي بين ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (414). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب إذا حنث ناسيا في الأيمان، برقم (6671).

السجدتين فإنه يسجد للسهو قبل أن يسلم، أو ترك التشهد الأول ناسيا وقام للثالثة يسجد للسهو قبل أن يسلم، وإن سجد بعد السلام فلا حرج.

س: من الأفلاج السائل: س. ط. يقول: سماحة الشيخ، متى يكون سجود السهو قبل السلام؟ ومتى يكون بعده؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: السجود قبل السلام، هذا هو الأفضل إلا في حالتين: إحداهما: إذا سلم عن نقص ركعة، أو أكثر ثم نبه أو تنبه يكمل الصلاة، ثم يسلم ثم يسجد سجدتين كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمران وذي اليدين. الحال الثاني: إذا بنى على غالب ظنه، إذا شك في صلاته وبنى على غالب ظنه، فإنه يسجد للسهو بعد السلام، أما إن بنى على اليقين فإن السجود يكون قبل السلام، لحديث ابن عباس، ولحديث ابن مسعود: لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه «إذا شك أحد في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه ثم يسلم، ثم يسجد سجدتين (¬2)» بعد السلام، أما إذا بنى على اليقين فإنه يسجد قبل السلام؛ لحديث أبي ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (425). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، برقم (401)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له برقم (572).

سعيد: «إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم (¬1)» فإذا بنى على اليقين، وطرح الشك فإنه يسجد للسهو قبل السلام، أما إذا بنى على غالب ظنه، شك هل هي ثنتان أو ثلاث، وغلب على ظنه أنها ثلاث يجعلها ثلاثا ويكمل، ويقرأ التحيات ثم يسلم ثم يسجد للسهو؛ لأنه بنى على غالب ظنه. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، برقم (401)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له برقم (572).

س: تسأل الأخت وتقول: متى يكون سجود السهو قبل السلام؟ ومتى يكون بعده؟ أفتونا مأجورين. (¬1) ج: السجود للسهو يكون قبل السلام، إلا في حالتين: إحداهما: إذا سلم المصلي عن نقص ركعة، أو أكثر ناسيا فإنه يكمل ثم يسجد للسهو بعد السلام. هذه الحالة الأولى، إذا سلم عن نقص ركعة أو أكثر، ثم تنبه أو نبه فإنه يكمل صلاته، ثم يقرأ التحيات، ويكمل التشهد ثم يسلم، ثم يسجد سجدتين بعد السلام، هذا هو الأفضل كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم لما سلم عن نقص. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (424).

الحال الثاني: إذا أشكل عليه، وبنى على غالب ظنه في الصلاة، يعني أشكل هل صلى ثلاثا أو أربعا، وغلب على ظنه أنه صلى أربعا فإنه يسلم بعد الفراغ، ثم يسجد للسهو، أو غلب على ظنه أنه صلى ثلاثا يبني على ثلاث، ثم يكمل الصلاة، ثم يسجد للسهو بعد السلام، إذا بنى على غالب ظنه. أما إذا بنى على اليقين، عاملا باليقين فإن السجود يكون قبل السلام. الحاصل أنه في حالتين يسجد بعد السلام؛ إحداهما: إذا سلم عن نقص ركعة أو أكثر فإن السجود يكون بعد السلام أفضل، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم. الحال الثانية: إذا بنى على غالب ظنه، ما هو بعلم اليقين، بنى على غالب ظنه فإنه يؤجل سجود السهو حتى يسلم، ثم يسجد للسهو بعد ذلك.

س: حدثونا عن سجود السهو متى يكون قبل السلام؟ ومتى يكون بعده؟ (¬1) ج: سجود السهو السنة أن يكون قبل السلام؛ لأنه جزء من الصلاة، السنة أن يكون قبل السلام، هذا هو السنة إلا في حالين؛ إحداهما: إذا سلم عن نقص ركعة أو أكثر، ثم نبه أو تنبه فإنه يكمل صلاته ويسلم ثم ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (373).

يسجد للسهو، كما جرى للنبي صلى الله عليه وسلم في قصة ذي اليدين، كمل الصلاة ثم سلم ثم سجد للسهو عليه الصلاة والسلام، هذا هو الأفضل، وإذا سجد قبل السلام أجزأه، لكن هذا هو الأفضل، إذا سلم عن النقص ركعة أو أكثر ثم نبه أو تنبه، وقضى ما عليه فإنه يتمم الصلاة، ويسلم ثم يسجد للسهو سجدتين، يكبر ويسجد ويرفع ويكبر، وهكذا يكبر عند السجود وعند الرفع وعند السجدة الثانية وعند الرفع ثم يسلم. الحال الثاني: إذا غلب على ظنه يعنى إذا بنى على غالب ظنه، فإنه يكون السجود بعد السلام، هذا هو الأفضل؛ لما ثبت في الصحيح من حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه، ثم يسلم، ثم يسجد سجدتين (¬1)» هكذا جاء في البخاري، إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه ثم يسلم ثم يسجد سجدتين، وإذا شك في ثلاث أو أربع أو غلب على ظنه أنها أربع، وأتم على أنه أربع يكون سجوده بعد السلام أفضل، وهكذا في الفجر وفي المغرب إذا بنى على ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، برقم (401)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له برقم (572).

غالب ظنه صلى وأتم الركعة التي هو فيها الأولى، أو الثانية في الفجر وغلب على ظنه أنها الثانية فإنه يكمل، ويسجد سجود السهو بعد السلام، وهكذا في المغرب شك بعد الثانية هل هي الثالثة أو الثانية، وغلب على ظنه أنها الثالثة يكمل ويسجد للسهو بعد السلام، المقصود أن سجود السهو إذا كان قد بنى على غالب ظنه يكون بعد السلام في جميع الصلوات الخمس، أما إذا كان عنده التردد وبنى على اليقين، فإن السجود يكون قبل السلام، هذا هو الأفضل، يسجد سجود السهو قبل أن يسلم إذا بنى على اليقين، أما إذا بنى على غالب ظنه فإن الأفضل له سجوده بعد السلام، وإن سجد قبل السلام فلا حرج.

س: السائل من الأردن د. هـ. م. خ. يقول: هل تكون سجدة السهو قبل التسليم في الركعة الأخيرة أم بعده؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: سجود السهو السنة فيه أن يكون قبل التسليم، قبل أن يسلم إلا في حالين: إحداهما: إذا سلم عن نقص، كأن يسلم من ثلاث في الظهر، أو العصر أو العشاء، أو يسلم من ثنتين في المغرب، أو من واحدة في ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (282).

الفجر أو الجمعة، فهذا الأفضل أن يكون بعد التسليم، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام. والحال الثاني: من بنى على غالب ظنه واجتهد فإن الأفضل أن يكون سجوده بعد السلام؛ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه ثم يسلم، ثم يسجد سجدتين (¬1)» بعد السلام، فإذا بنى على أغلب ظنه فإنه يسجد سجدتين بعد السلام لهذا الحديث، ومعنى ذلك أنه إذا شك هل هو في الثالثة أو الرابعة في الظهر، أو العصر أو العشاء، غلب على ظنه أنه في الرابعة فإنه يكمل، ويسجد للسهو بعد السلام، وهكذا في المغرب لو شك هل هو في الثانية أو الثالثة بنى على غلبة ظنه، ولم ينبه فإنه يسجد للسهو بعد السلام، أما إذا كان عنده تردد وليس عنده غلبة ظن فيبني على اليقين، شك هل هو في الثانية أو في الثالثة يكون في الثانية، يبني على أنه في الثانية، وإذا شك هل هو في الثالثة أو الربعة، وليس عنده غلبة ظن فإنه يتبع اليقين، فيجعلها الثالثة ثم يكمل صلاته، ويسجد للسهو قبل السلام. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، برقم (401)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له برقم (572).

س: متى يكون سجود السهو قبل التسليم، ومتى يكون بعده؟ وما

الحكم لو حدث سهو يوجب السجود قبل التسليم، وسهو يوجب السجود بعد التسليم؟ (¬1) ج: أولا سجود السهو جائز قبله وبعده، هذا أمر واسع بحمد الله سواء سجد قبل التسليم أو بعد التسليم، كله واسع والحمد لله، لكن الأفضل أن يكون قبل التسليم هذا هو الأفضل؛ لأنه جزء من الصلاة، فالأفضل أن يكون قبل التسليم إلا في حالتين: إحداهما: إذا سلم عن نقص ركعة فأكثر، مثل لو سلم من ثنتين، أو سلم في الرباعية من ثلاث، فتنبه فإنه يكمل ثم يسجد للسهو بعد السلام كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم. الحالة الثانية: إذا بنى على غالب ظنه أن الصلاة كاملة يسجد للسهو بعد السلام، أو بنى على غالب ظنه أنها ناقصة، فزاد ركعة على أنها ناقصة، ولم ينبه فإنه يسجد للسهو بعد السلام، هذا هو الأفضل؛ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه، ثم ليسلم، ثم ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (269).

ليسجد سجدتين (¬1)» فجعل السجود بعد السلام إذا بنى على أغلب ظنه، وما سوى ذلك فإنه يكون قبل السلام، هذا هو الأفضل. ولو سجد قبل السلام لما للأفضلية فيه بعد السلام- أجزأ، ولو أخر سجود ما قبل السلام إلى ما بعد السلام- أجزأ، والأمر واسع بحمد الله؛ لأن الأحاديث كلها تدل على هذا المعنى. ولو اجتمع سهوان أحدهما يقتضي ما قبل السلام، والثاني بعد السلام سجد قبل السلام وكفى، والحمد لله، وإن أخر فلا بأس. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، برقم (401)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له برقم (572).

س: يقول هذا السائل: متى يكون سجود السهو بعد السلام؟ ومتى يكون قبله؟ (¬1) ج: السجود قبل السلام هذا هو الأفضل إلا حالتين؛ إحداهما: إذا بنى على غالب ظنه الأفضل يكون بعد السلام، والحالة الثانية إذا سلم عن نقص ركعة أو ركعتين، ثم تنبه يكمل ثم يسلم، ثم يسجد للسهو هذا هو الأفضل في هاتين الحالتين، وما سوى ذلك يكون قبل السلام. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (418).

س: تسأل الأخت وتقول: هل سجود السهو قبل التسليم أم بعده؟

وإن كان قبله كما أعلم فهل يقرأ بعده شيئا من التشهد أو يسلم مباشرة؟ (¬1) ج: السجود يختلف: سجود السهو تارة كذا، وتارة كذا، الأفضل أن يكون قبل السلام، ولا يقرأ بعده شيئا؛ ينهي التشهد والدعاء، وإذا كمل سجد للسهو سجدتين قبل أن يسلم، هذا في أغلب السهو، ويشرع أن يكون السجود بعد السلام في حالين: إحداهما: إذا سلم عن نقص، سلم عن بعض النقص، ركعة أو ركعتين ثم نبهوه، يكمل ثم يسلم ثم يكون سجوده بعد السلام، هذا أفضل، وإن سجد قبل السلام فلا بأس. والحال الثاني: إذا بنى على غالب ظنه، يعني كمل الصلاة على غالب ظنه فإنه يسجد للسهو بعد السلام، أما إذا شك هل صلاته ناقصة أو كاملة، وغلب على ظنه أنها كاملة ما نقص منها شيء فإن هذه الغلبة توجب عليه سجود السهو، لكن يكون بعد الصلاة أفضل؛ لأنه ورد في حديث ابن مسعود فيمن سها، قال عن النبي صلى الله عليه وسلم: ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (258).

«فليتحر الصواب، وليتم عليه، ثم يسلم، ثم يسجد سجدتين (¬1)» ولما سها وسلم من ركعتين، صلى الله عليه وسلم ونبهه الناس كمل صلاته ثم سلم، ثم سجد للسهو بعد ذلك، وفي واقعة أخرى سلم من ثلاث، فنبه فكمل صلاته ثم سجد للسهو بعد ذلك عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، برقم (401)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له برقم (572).

وقت سجود السهو

173. وقت سجود السهو س: إذا سهوت في صلاة ما فإنني أعلم أنه يجب علي أن أسجد سجود السهو، متى أسجده؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: هذا فيه تفصيل: إذا سهوت في العدد وجب عليك البناء على اليقين، وأن يكون السجود سجدتين قبل السلام، فإذا شككت هل صليت ثنتين أم ثلاثا جعلتها ثنتين وكملت الصلاة، أو سهوت هل صليت ثلاثا أم أربعا في العشاء أو الظهر أو العصر جعلتها ثلاثا، وبنيت على اليقين، ثم أتيت بالرابعة، وإذا كملت صلاتك سجدت للسهو سجدتين قبل أن تسلم، أما إن كان السهو نوعا آخر بأن نسيت التشهد ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (185).

الأول، وقمت إلى الثالثة، ما جلست للتشهد الأول، أو نسيت: سبحان ربي الأعلى في السجود، أو نسيت أن تقول: سبحان ربي العظيم في الركوع، أو نسيت بعض التكبيرات غير تكبيرة الإحرام، وأنت منفرد أو إمام فإنك تسجد سجود سهو قبل السلام سجدتين؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما ترك التشهد الأول في بعض صلواته سجد للسهو قبل أن يسلم- سجدتين، عليه الصلاة والسلام، وهناك أنواع أخرى من السهو لها أحكامها، مثل من زاد ركعة هذا يلزمه الرجوع إذا تنبه أو نبه، فإن لم يرجع بطلت صلاته؛ لأنه زاد زيادة متعمدا لها، إذا نبهه اثنان أو أكثر ولم يرجع بطلت صلاته، إلا أن يتيقن صواب نفسه، يعتقد خطأهم، فإذا تيقن صواب نفسه، وأن المنبه مخطئ فلا حرج عليه، يكمل، والناس يعتقدون أنه زائد يجلسون، لا يتابعونه، فلهم اعتقادهم وله اعتقاده، فإذا اعتقدوا أنه قام إلى خامسة في الظهر، أو العصر أو العشاء يجلسون أو إلى رابعة في المغرب، أو إلى ثالثة في الفجر أو الجمعة يجلسون ولا يتابعونه، فإذا سلم سلموا معه بعد ذلك، أما إذا كان ساهيا فلما نبهوه تنبه ورجع فإنه يتشهد، وإذا فرغ من التشهد سجد سجدتين للسهو قبل السلام أو بعده، وقبله أفضل وبذلك تتم صلاته بهذا السجود، وتنجبر الصلاة بهذا السجود؛ لأن الرسول قال في بعض الأحاديث: «إن

كان صلى تماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان (¬1)» وإن كان ناقصا جبرن له صلاته، فالمقصود أنه إن كان صلى صلاة تامة فهو مأجور على سجود السهو، وفيه إرغام الشيطان، وإن كان النقص كان جابرا، وهناك نوع آخر وهو أن يسلم عن نقص، يسلم ثلاثا في الظهر أو العصر أو العشاء، أو يسلم من ثنتين في المغرب أو من واحدة في الفجر، ثم ينبه فهذا يقوم ويكمل، وإذا كمل سلم، ثم سجد للسهو بعد ذلك؛ لأن الرسول لما سها في صلاته وسلم عن نقص، ونبه كمل صلاته وسلم ثم سجد للسهو، عليه الصلاة والسلام، فهذا هو الأفضل في هذه الحال، أن يكون السجود بعد السلام، ولو سجد قبل السلام أجزأ، لكن كونه يتحرى فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ويسجد كما سجد بعد السلام يكون هذا هو الأفضل. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له، برقم (571).

نسي الجلوس للتشهد الأول

174. حكم من نسي الجلوس للتشهد الأول س: يقول السائل: إذا صلى الشخص الصلاة، ولنفرض مثلا أنه صلى صلاة المغرب، فأتم الركعتين الأوليين، ولكنه لم يجلس للتشهد

الأول بسبب النسيان، فما عليه في هذه الحالة؟ (¬1) ج: إذا لم يجلس للتشهد الأول سجد للسهو سواء كان في المغرب، أو الظهر أو العصر أو العشاء، المقصود أنه إذا ترك التشهد الأول ناسيا يجب عليه سجود السهو؛ الظهر والعصر والمغرب والعشاء جميعا، لكن لو تنبه أو نبه قبل أن يستتم قائما رجع وجلس، وأتى بالتحيات، فإن استتم قائما ولم ينتبه ولم ينبه كمل صلاته والحمد لله، وقد وقع هذا للنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه قام من التشهد الأول ناسيا، فلما أنهى صلاته وكملها سجد سجدتين قبل أن يسلم للسهو، فالأمة تبع له، قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (¬2) الإمام والمنفرد إذا ترك التشهد الأول ولم ينتبه ولم ينبه حتى استتم قائما فإنه يكمل صلاته، ويسجد للسهو قبل أن يسلم، فإن نبه ورجع قبل أن يكمل الصلاة فلا بأس، كفى وعليه سجود السهو، ولكن عدم رجوعه أولى، ويكمل صلاته، أما إن شرع في القراءة يحرم عليه الرجوع، لا يرجع يستمر حتى يكمل ثم يسجد للسهو، أما المأموم فلا شيء عليه، المأموم ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (234). (¬2) سورة الأحزاب الآية 21

تابع لإمامه، إذا كان غير مسبوق بل دخل معه في أول الصلاة، صار يفكر، وقام وإمامه جالس للتشهد الأول وقام يجلس، يعود مع الإمام ولا عليه شيء، ليس عليه سجود السهو، وهكذا لو زاد سجدة ناسيا أو ركوعا ناسيا لا تبطل صلاته، يتابع صلاته، وليس عليه سجود للسهو؛ لأنه تابع لإمامه، وهكذا لو نسي: سبحان ربي الأعلى في السجود، وسبحان ربي العظيم في الركوع، وهو مأموم ليس عليه سجود للسهو، تابع لإمامه، يتحملها عنه الإمام.

س: إذا صلى أحد، ونسي التشهد الذي بين الركعتين، وقام وكبر ثم تذكر بعد ذلك فهل يجلس للتشهد أم يكمل الركعة؟ وكيف يتمها؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: إذا ترك الإمام التشهد الأول، أو المنفرد ولم يذكر إلا بعد أن استتم قائما فالأفضل له أنه يكمل الصلاة، ثم يسجد للسهو سجدتين قبل أن يسلم، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، أما إن ذكر حين القيام أو ذكروه؛ نبهوه يرجع ويجلس، ويأتي بالتشهد ثم يقوم ويكمل صلاته ويسجد للسهو بعد ذلك، ولو رجع جهلا منه فلا حرج عليه، ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (248).

صلاته صحيحة ويسجد للسهو كذلك، وإذا تذكر أنه نسي التشهد، أو شك فإنه يسجد سجود السهو، أما إذا تذكر أنه تركه فإنه يسجد، وأما إذا تردد فالأصل أنه يسلم.

س: إذا صلى أحد صلاة الظهر، وفي الركعتين الأوليين قام، ولم يجلس للتشهد الأول هل يرجع ليؤدي التشهد الأول، أم يواصل صلاته؟ (¬1) ج: السنة أنه يواصل، فإذا كمل صلاته سجد سجدتين قبل أن يسلم للسهو، إذا استتم قائما ولم يذكر إلا بعد استتمامه قائما فالسنة له أن يواصل، فإذا فرغ من التشهد والدعاء سجد سجدتين للسهو قبل أن يسلم، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه في صلاة الظهر، أو العصر نسي التشهد الأول وقام، وقام الناس معه، فلما قضى صلاته عليه الصلاة والسلام سجد سجدتين للسهو قبل أن يسلم مكان ما نسي من الجلوس، عليه الصلاة والسلام، هذا هو السنة، لكن لو رجع وتشهد فلا شيء عليه، لكن السنة له والفضل له أن يستمر. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (201).

س: من سها في صلاته، وقام من الركعة الثانية قبل أن يتشهد ولم

يذكر إلا وهو في الركعة الثالثة هل يعود ويجلس للتشهد؟ وإذا ذكر قبل أن يعتدل قائما هل يعود ويتشهد؟ وفي كلتا الحالتين هل يسجد للسهو؟ (¬1) ج: إذا قام عند التشهد الأول وذكر في أثناء القيام يرجع، يلزمه الرجوع ويتشهد ويسجد للسهو كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه قام للتشهد الأول ولم يرجع، وسجد سجدتين للسهو قبل أن يسلم لا بأس، أما إذا شرع في القراءة؛ ما ذكر إلا بعد الشروع في القراءة لا يرجع، يستمر ويسجد للسهو – والحمد لله – قبل أن يسلم. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (366).

س: المستمع: أ. ع، من القاهرة يسأل ويقول: في صلاة العصر لم يجلس الإمام في التشهد الأوسط، فنبهه المصلون بـ: سبحان الله. فبعد أن قام للركعة الثالثة وجع وجلس للتشهد، وبعد التشهد الأخير سجد سجدتي سهو وسلم، فحصل بعض الخلافات في المسجد، البعض يقول: صلاته صحيحة. والآخر يقول: غير صحيحة؛ لأنه رجع من فرض إلى سنة، وقام بعض المصلين بإعادة الصلاة. فما رأي سماحتكم؟ ونرجو الإفادة عن حالات

السهو، ومتى يكون سجود السهو قبل التسليم؟ ومتى يكون بعده؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: إذا قام الإمام عن التشهد الأول ناسيا، ثم نبه وتنبه ورجع فلا حرج، وعلى المأمومين أن يرجعوا ويجلسوا معه ويأتوا بالتشهد، وعليه أن يصلي وأن يسجد سجدتين للسهو قبل السلام، وقد فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه قام عن التشهد الأول في بعض صلواته، ثم سجد سجدتين قبل أن يسلم عليه الصلاة والسلام، ولكن إذا كان هذا الإمام استوى قائما فالأفضل له عدم الرجوع، لكن لو رجع فلا حرج عليه، وعليهم أن يرجعوا معه وصلاتهم صحيحة، وليس في هذا إعادة، أما إن شرع في القراءة فإنه لا يرجع، يستمر ويسجد سجود السهو بعد فراغه من التشهد والدعاء، يسجد للسهو قبل أن يسلم، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فلو رجع جاهلا بالحكم، وقد شرع بالقراءة كذلك صلاته صحيحة، يعذر بالجهل، وعليهم أن يرجعوا معه، وأن يتشهدوا ثم يقوموا معه إذا قام، والأصل في هذه المسائل أن الواجب على المأمومين التأسي بالإمام، والاقتداء به، وعدم المخالفة إلا بيقين يعلمون أنه لا تجوز ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (344).

المتابعة؛ كالذي قام لخامسة وهم يعلمون أنها خامسة، لا يقومون معه، أو قام لرابعة للمغرب وهو يعلمون أنها رابعة، لا يقومون معه، أو قام لثالثة في الفجر أو في الجمعة، وهو يعلمون أنها ثالثة لا يقومون معه. أما الذي لا يعلم فإنه يتابع إمامه، الذي لا يعلم يتابع إمامه. أما سجود السهو فإنه يكون قبل السلام، هذا هو السنة قبل السلام؛ لأنه من الصلاة إلا في حالتين: إحداهما: إذا سلم عن نقص ركعة أو أكثر فإنه يسجد بعد السلام، هذا هو الأفضل، يسجد بعد السلام؛ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سلم عن نقص ركعتين في حديث ذي اليدين، عن أبي هريرة: سجد بعد السلام (¬1)» وهكذا في حديث عمران: «لما سلم عن نقص ركعة كمل صلاته وسجد بعد السلام (¬2)» هذا هو الأفضل، وإن سجد قبل السلام أجزأه. والحمد لله. الحال الثانية: إذا بنى على غالب ظنه، إذا تحرى الصواب واجتهد ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره، برقم (482). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له، برقم (574).

وبنى على غالب ظنه فإنه يسجد بعد السلام، هذا هو الأفضل؛ لحديث ابن مسعود رضي الله عنه في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه ثم يسلم، ثم يسجد سجدتين (¬1)» فجعل السجود بعد السلام، إذا كان الإمام بنى على غالب ظنه تحرى الصواب واجتهد وكمل، فإن سجود السهو يكون بعد السلام، أما البقية يكون قبل السلام، هذا هو الأفضل، وفي أي حال إذا سجد قبل أو بعد السلام أجزأه، الأمر في هذا واسع وإن سجد بعد السلام في سجود محله قبل السلام أجزأه، وإذا سجد قبل السلام في سجود محله بعد السلام أجزأه، إنما فيه أفضلية، ولا ينبغي التشديد في هذا، بل ينبغي التسامح، كما أجازه بذلك أهل العلم رحمة الله عليهم، حسب ما جاء في النصوص في سجوده عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، برقم (401)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له برقم (572).

س: دخلت في الصلاة الرباعية، ونسينا التشهد الأول، ولما قام الإمام وقرأ الفاتحة ذكر ذلك، فرجع وتشهد وأتى بالركعتين بعد التشهد. فما حكم ما فعل؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (35).

ج: قد غلط، فإنه لا يجوز له الرجوع بعدما شرع في القراءة، ليس له الرجوع، لكن لأجل جهله الصلاة صحيحة، وعليه سجود السهو.

س: بعض أئمة المساجد يحصل منهم بعض الأخطاء، بمعنى أنه يقوم للركعة الثالثة قبل الجلوس للتشهد الأول، ولدى قيامه يذكر ويجلس قبل تنبيه المأمومين له، وفي هذه الحالة لا يسجد للسهو، فهل يلزمه السجود للسهو أم لا؟ (¬1) ج: نعم، إذا قام ثم تنبه يسجد للسهو، ويسجد الناس معه، وإذا ترك هذا جاهلا فلا شيء عليه، وصلاته صحيحة إن شاء الله. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (334).

الوساوس والشكوك الكثيرة في الصلاة

175. بيان عدم اعتبار الوساوس والشكوك الكثيرة في الصلاة س: كثير ما يحصل عندي بعض الشكوك في الصلاة في عدد الركعات، وفي عدد السجود، هل ألتفت إلى ذلك، أم أعتبره من الوساوس (¬1) ج: إذا كثر الشك يعتبر من الوساوس، فلا تلتفتي له إذا كان شيئا كثيرا، يعتبر من الوساوس، ولا يلتفت إليه، أما إذا كان شيئا قليلا ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (334).

فاعملي بالشرع: إذا كان قليلا شككت أصليت ثلاثا أو أربعا اجعليها ثلاثا، وائتي بالرابعة واسجدي للسهو، شككت هل سجدت السجود الثاني اسجدي ثانية واحتاطي ثم اسجدي للسهو بعد ذلك، وهذا انتهاء الصلاة، والسجود قبل السلام سجدتان للسهو، وأما إن كان يكثر الشك فهذا يعتبر من الوساوس ولا يلتفت إليه.

نسي وسلم في الصلاة قبل إكمالها

176 - حكم من نسي وسلم في الصلاة قبل إكمالها س: إذا نسي المصلي وسلم بعد ركعتين في الصلاة الرباعية أو المغرب وتذكر بعدما سلم، هل يأتي بالركعة أو الاثنتين الباقيتين أو يعيد الصلاة (¬1)؟ ج: إذا سلم الرجل أو المرأة عن ثنتين: الظهر أو العصر أو العشاء أو المغرب - ناسيا ثم تذكر يتم الصلاة فقط، يقوم ويأتي بما بقي ويسجد للسهو بعد السلام، يسلم بعد التحيات بعد الدعاء، ثم يسجد للسهو سجدتين بعد السلام، هذا هو الأفضل كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه في بعض الصلوات سلم من ثنتين الظهر أو العصر، ثم نبه فقام وكمل عليه الصلاة والسلام، فلما أكمل وسلم سجد للسهو بعد السلام ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (289).

سجدتين، وإن سجد قبل السلام أجزأ ذلك ولا حرج، الأفضل بعد السلام؛ لفعله عليه الصلاة والسلام، وسجوده للسهو مثل سجوده للصلاة سواء، يقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. يدعو فيه مثل سجود الصلاة سواء، وهكذا لو سلم من واحدة في الفجر أو في الجمعة أو في العيد ثم تنبه أو نبه يقوم يكمل، يأتي بالثانية بعد قراءة التحيات والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - والدعاء، ويسلم ثم يسجد للسهو سجدتين بعد ذلك، هذا هو الأفضل، وإن سجدهما قبل السلام أجزأه ذلك والحمد لله، وهكذا لو بنى على غالب ظنه، لو بنى المسلم على غالب ظنه، يعنى شك في الثالثة أو الرابعة، غلب على ظنه أنه في الثالثة وأتمها أربعا، الأفضل يكون سجوده بعد السلام؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لمن شك في صلاته وتحرى الصواب وأتم: عليه أن يسجد بعد السلام. ففي هاتين الحالتين الأفضل أن يكون سجوده بعد السلام. الحالة الأولى: إذا سلم عن ركعة، نقص ركعة أو أكثر يأتي بالباقي ثم يسلم، ثم يسجد للسهو، هذا هو الأفضل. والحالة الثانية: إذا بنى على غالب ظنه كملها، أو المقصود كملها على غالب ظنه فإنه يكمل ويسلم، ثم يسجد للسهو سجدتين، هذا هو الأفضل، وإن سجد السجدتين قبل السلام فلا حرج، أما فيما سوى

ذلك يكون السجود قبل السلام أفضل فيما سوى هاتين الحالتين، يكون السجود للسهو قبل السلام، هذا هو الأفضل، مثل لو شك هل هي ثنتان أو ثلاث؟ جعلها ثنتين، بنى على اليقين، شك في ثلاث أو أربع - الظهر مثلا - يجعلها ثلاثا، يبني على اليقين ويكمل، ثم إذا فرغ من التحيات والدعاء يسجد سجدتين للسهو قبل أن يسلم، مثل لو قام بعد التشهد الأول في الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء، قام عن التشهد الأول ساهيا فإنه إذا كمل يسجد للسهو قبل السلام كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الأفضل، أو نسي سبحان ربي العظيم - في الركوع، ما قالها وهو إمام أو منفرد، أو نسيها في السجود: سبحان ربي الأعلى. يسجد للسهو قبل السلام، أو نسي ربنا ولك الحمد - بعد الركوع الإمام أو المنفرد، أو نسي الإمام: سمع الله لمن حمده - أو المنفرد عليه سجود السهو، الأفضل قبل السلام، وإن سجد بعد السلام فلا بأس، وهكذا لو نسي رب اغفر لي - بين السجدتين يسجد للسهو سجدتين قبل السلام أفضل، وإن سجدهما بعد السلام فلا حرج في ذلك، وسجود السهو يقول فيه مثل ما يقول في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ويدعو فيه: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله. . . إلى آخره، مثل سجود الصلاة سواء، أما المأموم إذا سها عن تسبيح الركوع

والسجود، أو: رب اغفر لي، أو: ربنا ولك الحمد. إذا سها عن هذا ما عليه شيء، يتبع إمامه، ليس عليه سجود للسهو، يتبع الإمام في هذا لا حرج عليه. أو نسي التشهد الأول ما أتى به، شغل بوساوس ولا أتى به فليس عليه شيء، يتحمله الإمام، أما الفاتحة فالصواب أنها تلزم المأموم على الصحيح، لكن لو سها عنها المأموم أو جاء والإمام راكع سقطت عنه، أو كان يعتقد أنها لا تجب على المأموم كما يقول الأكثر، ولم يقرأها لأنها عنده لا تجب على المأموم، أو يقلد من قال ذلك فلا شيء عليه، لكن الصواب أنه يقرؤها مع إمامه في السرية والجهرية، هذا هو الصواب في السرية، هذا أمر ظاهر، ويقرأ معها ما تيسر في الأولى والثانية عند الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وفي الجهرية يقرؤها فقط ولا يزيد، الأولى والثانية من المغرب والعشاء والفجر والجمعة، يقرؤها فقط ولا يزيد شيئا، ولو كان الإمام يقرأ إذا كان بين السكتات يقرؤها ثم ينصت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم! قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬1)» وهذا يعم الجهرية والسرية والفرض والنفل ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب، برقم (823).

كالتهجد والتراويح، لكن إذا نسيها مثل: رب اغفر لي، إذا نسيها أو سبحان ربي الأعلى، إذا نسيها سقطت عنه؛ لأنها واجبة في حقه، ليست ركنا في حق المأموم، بل واجبة بدليل أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر أبا بكرة لما جاءه والإمام راكع، لم يأمره بقضاء الركعة، بل أجزأت الركعة التي فاته فيها القيام، فدل ذلك على أن القراءة في حق المأموم واجبة، تسقط بالجهل والنسيان، وتسقط إذا فاته القيام والإمام راكع أجزأته الركعة، كما في حديث أبي بكرة أنه جاء والنبي راكع، عليه الصلاة والسلام، فركع ووقف دون الصف، ثم دخل في الصف، فلما سلم النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: «زادك الله حرصا ولا تعد (¬1)»؛ أي لا تركع دون الصف، اصبر حتى تصل الصف، ولم يأمره أن يقضي الركعة، فدل على سقوط الفاتحة عنه لأنه لم يدركها مع الإمام، وعلى ذلك تسقط عن الناسي من المأمومين والجاهل لأنه في حكم من لم يأت إلا والإمام راكع في المعنى، هذا هو الصواب، وذهب أكثر العلماء إلى أنها لا تجب على المأموم وأنها سنة في حق المأموم في السكتات وفي السرية، ولكن الصواب قول من قال: إنها واجبة على ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

المأموم لعموم الأحاديث، لكنها تسقط عنه إذا كان جاهلا أو ناسيا أو جاء والإمام راكع؛ لأنه فاته محل قراءتها وهو القيام، هذه مسألة عظيمة، فنوصي من سمع هذا الحديث أن يعتني بهذا الأمر وأن يرشد من حوله في هذا الأمر حتى يكون الجميع على بصيرة وعلى بينة في هذا الأمر الذي تعم به البلوى كثيرا بالنسبة إلى من يأتي والإمام في الصلاة وبالنسبة لمن قد يسهو في الصلاة وهو مع الإمام ولا يقرأ الفاتحة، هذا بحمد الله فيه فرج وتيسير من الله عز وجل.

س: يسأل الأخ ويقول: شخص جاء قبل تسليم الإمام في صلاة رباعية، وبعد التسليم نهض وصلى ركعتين ناسيا، هل يصلي ركعتين بعدها ويسجد للسهو؟ أم يعيد الصلاة أربع ركعات (¬1)؟ ج: يكمل، يصلي أربعا ويسجد للسهو إذا ذكر قريبا، يأتي بركعتين ويكمل صلاته ثم يسجد للسهو، يسجد للسهو بعد السلام أفضل. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (432).

نسي أن يقرأ الفاتحة في الركعة الثانية

177 - حكم من نسي أن يقرأ الفاتحة في الركعة الثانية س: إذا نسي الإنسان أن يقرأ الفاتحة في الركعة الثانية أو الثالثة، هل

يعيد الصلاة؟ أم ذلك النسيان ينطبق على الركعة الأولى فقط (¬1)؟ ج: إذا كان إماما أو منفردا تبطل ركعته، ويأتي بركعة بدلها ويسجد للسهو، أما إذا كان مأموما فإن الإمام يتحملها عنه إذا كان ناسيا؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما أتاه أبو بكرة وقد ركع دون الصف والإمام راكع ثم دخل في الصف لم يأمره النبي بقضاء الركعة، قال: «زادك الله حرصا ولا تعد (¬2)» فدل ذلك على أن من فاته القيام سقطت عنه الفاتحة إذا جاء والإمام راكع أدرك الركعة، فإذا نسيها وهو قائم مع الإمام أو جاهل يكون أدرك الركعة - والحمد لله - إذا كان مأموما. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (422). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

سها في صلاته مرتين

178 - حكم من سها في صلاته مرتين س: السائلة أ. ع من حائل، لها مجموعة من الأسئلة، تقول: إذا سهوت في صلاتي مرتين فهل يكفي سجود سهو واحد أم يجب علي إعادة الصلاة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (412).

ج: إذا سها الإنسان في الصلاة سهوين أو أكثر كفى سجود واحد، سجدتان للسهو، فلو سها وقام على التشهد الأول في الرباعية أو الثلاثية وسها فجلس قبل التمام أو زاد ركعة يكفي سجود واحد، سجدتان للسهو، ولو تعدد السهو سجدتان كافيتان.

النهوض من سجود السهو

179 - كيفية النهوض من سجود السهو س: نرجو أن توضحوا لنا كيفية النهوض من سجود السهو؛ هل يعتمد على ركبتيه أم على يديه (¬1)؟ ج: مثل نهوضه في سجود الصلاة سواء بسواء، والأفضل على ركبتيه إذا كان قادرا، وإن كان عاجزا أو مريضا نهض على يديه ولا بأس، وأما إذا كان صحيحا فالأفضل على ركبتيه كسجود الصلاة سواء. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (263).

سجود السهو سجدتان

180 - سجود السهو سجدتان س: الأخت أ. م. ب من مكة المكرمة تقول: سجود السهو؛ هل هو سجدة واحدة أم سجدتان (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (289).

ج: سجود السهو سجدتان، هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهما واجبتان في حق من سها عن واجب أو فعل ما لا يجوز في الصلاة سهوا، ومحلها قبل السلام وبعده، إن سجدهما قبل السلام فلا بأس، وإن سجدهما بعد السلام فلا بأس، وهما قبل السلام أفضل إلا في حالين؛ إحداهما: إذا سلم عن نقص ركعة فأكثر سهوا فإنه يكمل ثم يسجد للسهو بعد السلام. والحال الثانية: إذا بنى على غالب ظنه وتحرى الصواب واجتهد وكمل الصلاة ثم سلم فإنه يسجد للسهو بعد ذلك. يكون سجوده بعد السلام في هاتين الحالتين، هذا هو الأفضل، وإن سجد قبل السلام فلا حرج في ذلك والحمد لله.

قال سبحان ربي الأعلى في الركوع ناسيا

181 - حكم من قال سبحان ربي الأعلى في الركوع ناسيا س: تسأل السائلة وتقول: من قال سبحان ربي الأعلى في الركوع، وقال سبحان ربي العظيم في السجود سهوا منه، هل يسجد للسهو (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (413).

ج: نعم، يسجد للهو؛ لأن الواجب أن يقول سبحان ربي العظيم في الركوع، والواجب أن يقول في السجود سبحان ربي الأعلى، فإذا سها يسجد للسهو، إذا قال سبحان ربي العظيم في السجود وسبحان ربي الأعلى في الركوع ساهيا فإنه يسجد للسهو قبل أن يسلم سجدتين.

كيفية السلام من سجود السهو إذا كان بعد السلام

182 - بيان كيفية السلام من سجود السهو إذا كان بعد السلام س: الأخ يقول: السجود بعد السلام هل يكون له سلام غير السلام الأول؟ أقصد سجود السهو (¬1) ج: نعم، إذا سجد للسهو بعد السلام يسلم تسليمتين مثل تسليمته الأولى، إذا سجد للسهو بعد السلام يسلم تسليمتين عن يمينه وعن شماله. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (428).

جلسة الاستراحة عند سجود التلاوة في الصلاة

183 - حكم جلسة الاستراحة عند سجود التلاوة في الصلاة س: هل تشرع جلسة الاستراحة عند سجود التلاوة أثناء الصلاة (¬1)؟ ج: جلوس الاستراحة بعد الأولى وبعد الثالثة في الرباعية، وبعد الأولى في الثنائية، كان النبي يجلس قليلا استراحة خفيفة، جلسة ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (424).

خفيفة، وربما تركها.

التشهد في سجود السهو

184 - حكم التشهد في سجود السهو س: هل يشرع في سجود السهو قراءة التشهد (¬1)؟ ج: ليس فيه تشهد، سجدتان فقط بدون تشهد، إذا سها يسجد سجدتين ليس فيهما تشهد، وإن سجدهما قبل السلام فلا بأس، أو بعد السلام فلا بأس، لكن الأفضل أن يكون سجودهما قبل السلام إلا في حالتين؛ إحداهما: إذا سلم عن نقص ثم تنبه أو نبه يكمل، ويكون سجوده بعد السلام أفضل. والحال الثاني: إذا بنى على غالب ظنه؛ لأن الرسول أمر من سها أن يتحرى الصواب فليتم عليه، ثم يسلم ثم ليسجد السجدتين، فإذا بنى على غالب ظنه وأتم يسلم ثم يسجد سجدتي السهو، وليس فيهما تشهد. والبقية كلها قبل السلام، سجدتين قبل أن يسلم في غير ذلك من السهو. ¬

_ (¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (424).

سجود السهو في الرواتب

185 - حكم سجود السهو في الرواتب س: بالنسبة للرواتب؛ هل يشرع سجود السهو في الرواتب يا شيخ (¬1)؟ ج: نعم، إذا سها في الرواتب أو في صلاة الضحى أو في الوتر يسجد للسهو. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (425).

قول الله أكبر بدلا من قول سمع الله لمن حمده

186 - حكم قول الله أكبر بدلا من قول سمع الله لمن حمده س: قول الله أكبر بدلا من سمع الله لمن حمده (¬1) ج: هذا سهو، والصلاة صحيحة، وعلى الإمام إذا كان فعله المنفرد والإمام سجود السهو، أما إذا كان فعله المأموم، قال الله أكبر بدل ربنا ولك الحمد فلا شيء عليه؛ لأن المأموم تابع لإمامه، إذا كان دخل معه من أول الصلاة ليس عليه شيء، يتحمل عنه الإمام هذا السهو، لكن إذا كان المأموم سها فيما انفرد به - إذا كان قد فاته بعض الصلاة يعني مسبوقا - فهذا إذا سها في شيء وهو مسبوق مع إمامه أو سلم مع إمامه ساهيا ثم انتبه أو سها فيما انفرد به هذا يسجد للسهو، وأما سهوه مع إمامه وهو معه من أول الصلاة هذا يتحمله عنه الإمام، إذا سها سهوا لا ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (148).

يخل بالفعل مثل سها عن سبحان ربي الأعلى أو سبحان ربي العظيم، أو قال بدل ربنا ولك الحمد: سمع الله لمن حمده أو الله أكبر، هذا لا يضر ولا سجود عليه؛ لأنه تابع، أما إذا سها في الركوع أو في السجود لا بد أن يأتي به إذا سها، كان يفكر وركع إمامه وهو لم يركع ثم انتبه يركع ويلحق إمامه، وهكذا في السجود، هذه أركان لا بد منها، لكن إذا سها في الأشياء التي هي تعتبر واجبات لكنها قوليه وسها فيها المأموم فلا شيء عليه، أو سها في التشهد الأول مثلا؛ ما أتى به، فلا شيء عليه؛ لأنه تابع للإمام، أما في الأركان لا بد منها، التشهد الأخير ركن لا بد أن يأتي به، أو سها ولم يأت به مع الإمام ثم انتبه يأتي به قبل أن يسلم ثم يسلم بعد ذلك، أو انتبه بعد السلام يعود بنية الصلاة ويأتي بالتشهد ثم يسلم. إذا كان المنفرد رجلا أو امرأة في صلاة منفردة إذا سها في الواجبات مثل ترك سبحان ربي الأعلى أو سبحان ربي العظيم في الركوع، أو ربنا ولك الحمد، سها عنها، يسجد للسهو قبل أن يسلم سجدتين، أو ترك التشهد الأول، قام إلى الثالثة ناسيا التشهد الأول هذا يسجد للسهو سجدتين قبل أن يسلم كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، أما إذا قال ألفاظا مكان ألفاظ أخرى فهذا لا يضر، لكن إذا سجد وهي مشروعة فلا بأس، مثل: قرأ التحيات وهو جالس، أو قرأ

الحمد وهو جالس ناسيا إذا سجد للسهو يكون أفضل، يعني لا تبطل الصلاة ولا يجب؛ لأنه قول مشروع أتى به في غير موضعه، ليس بمنكر في الصلاة.

سها في صلاته للتشهد الأول في الركعة الثالثة

187 - حكم من سها في صلاته للتشهد الأول في الركعة الثالثة س: ما حكم من سها في صلاته حيث جلس للتشهد الأول وهو في الركعة الثالثة؟ هل يقوم أم يواصل (¬1)؟ ج: نعم، يقوم ويأتي بالرابعة ويسجد للسهو قبل السلام، يسجد سجدتين للسهو. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والخمسون من الشريط رقم (338).

زاد ركنا في الصلاة

188 - حكم من زاد ركنا في الصلاة س: تقول السائلة: صليت الظهر، ولما ركعت الركعة الرابعة ورفعت من الركوع وأردت السجود عدت مرة أخرى وركعت، ثم تذكرت وسجدت، فهل علي إعادة الصلاة (¬1)؟ ج: ليس عليك إعادة، عليك سجود السهو؛ لأنك زدت ركوعا سهوا، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (244).

فعليك بعد الفراغ من التحيات والدعاء سجدتان للسهو، تسجدين سجدتين مثل سجود الصلاة، تقولين فيهما: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. تجلسين بينهما مثلما تجلسين بين السجدتين، تقولين: رب اغفر لي، رب اغفر لي - بين السجدتين، ثم تسلمين، هذا الذي عليك، وهكذا لو زدت سجودا أو زدت ركعة خامسة في الظهر أو العشاء أو العصر، أو رابعة في المغرب، أو ثالثة في الفجر سهوا ثم تذكرت تسجدين للسهو.

تذكر أن صلاته ناقصة بعد السلام

189 - حكم من تذكر أن صلاته ناقصة بعد السلام س: إذا تذكرت أن الصلاة ناقصة بعد السلام هل أعود وأكملها؟ وكيف هي الصفة (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل: إن تذكرت أنها ناقصة نقصا يتعلق بأركانها فعليك أن تكملها، أما إن كان النقص يتعلق بالسنة والمستحبات فلا يضرك ذلك، والنوافل تجبر ما نقص من صلاتك، أما لو تذكرت أنك ما صليت إلا ثلاثا في الظهر أو العصر أو العشاء فإنك تقوم تأتي برابعة، وتسجد للسهو سجدتين قبل أن تسلم أو بعد السلام وهو الأفضل، ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (119).

وهو إذا كنت سلمت ثم تذكرت أنك لم تصل إلا ثلاثا في الظهر والعصر والعشاء، أو ثنتين في المغرب، أو واحدة في الفجر، وبعدما سلمت تذكرت أنها ناقصة فإنك تقوم وتكمل، وبعد الفراغ من التشهد والدعاء تسلم ثم تسجد سجدتي السهو بعد السلام؛ لأن النبي فعل هذا - عليه الصلاة والسلام - لما سلم عن نقص ركعة، وفي بعض الروايات نقص ركعتين، وذكروه قام فكمل صلاته، ثم كمل التحيات والدعاء ثم سلم، ثم سجد سجدتي السهو - عليه الصلاة والسلام - ثم سلم. ولو سجدت للسهو قبل السلام أجزأ ذلك، أما إن كان النقص في مثل سجدة من السجدات أو ركوع من الركوعات، ذكرت أنك نسيت ركوعا أو سجدة بعدما سلمت فإنك تقوم وتأتي بركعة كاملة، ثم بعد التحيات وبعد الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعد الدعاء تسلم ثم تسجد سجدتي السهو ثم تسلم ثانية، هذا هو المشروع لك، أما إن كان النقص غير هذا بأن تذكرت أنك مثلا لم تجلس للتشهد الأول، قمت إلى الثالثة ما جلست ناسيا، أو نسيت سبحان ربي الأعلى في السجود، أو نسيت سبحان ربي العظيم في الركوع، أو نسيت رب اغفر لي بين السجدتين، هذا يكفيك سجود السهو، تسجد للسهو ويكفي كما لو نسيت ربنا ولك الحمد بعد الركوع، يكفيك أن

تسجد سجدتين للسهو والحمد لله؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما قام عن التشهد الأول ناسيا سجد سجدتين للسهو قبل أن يسلم، ثم سلم عليه الصلاة والسلام، أما إن كان النقص شيئا مستحبا مثل ما تقدم، مثل: تذكرت أنك نسيت الاستفتاح، ما قلت: سبحانك اللهم وبحمدك - في أول الصلاة، والاستفتاح: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك. لم تقله ولا غيره من الاستفتاحات، بل كبرت وابتدأت التعوذ والتسبيح والقراءة، ما قرأت الاستفتاح، هذا سنة ليس عليك شيء، كذلك لو تذكرت أنك مثلا ما دعوت في السجود، قلت: سبحان ربي الأعلى. وما دعوت في السجود، فليس عليك شيء؛ لأن الدعاء في السجود مستحب وليس بلازم، أو تذكرت أنك ما تذكرت: سبحان ربي العظيم. كثيرا ما قلتها إلا مرة أو مرتين فليس عليك شيء، أو تذكرت أنك بعدما صليت على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأخير سلمت وما أتيت بالدعاء التعوذ من الأربع فلا شيء عليك، وهكذا لو تذكرت أنك قمت من السجدة قلت: رب اغفر لي - مرة واحدة، ما كررتها ثلاثا، قلتها مرة فقط وسجدت الثانية ليس عليك شيء، لأن هذه سنن نوافل وليست بواجبة، فإن تركها الإنسان ناسيا أو عامدا هذا نقص ليس فيه شيء، وصلاته

صحيحة، وفق الله الجميع.

تذكر بعد السلام أنه لم يقرأ سورة الفاتحة

190 - حكم من تذكر بعد السلام أنه لم يقرأ سورة الفاتحة س: الذي يتذكر أنه لم يقرأ سورة الفاتحة بعد السلام أو بعد الركوع، ماذا يفعل (¬1)؟ ج: إذا كان مأموما فلا شيء عليه؛ لأن المأموم أمره أسهل، ولهذا لو جاء والإمام راكع أجزأه الركوع وكفته الركعة، فالجاهل والناسي من المأمومين تسقط عنه، كما لو جاء والإمام راكع سقطت عنه الفاتحة، أما إن كان إماما فإنه يأتي بركعة بدل الركعة التي ترك، إذا كان تذكر بعدما انتهى من الصلاة يأتي بركعة ويسجد للسهو، وإن كان تذكر بعد الركوع يرفع ويقرأ الفاتحة ثم يعيد الركوع، ثم يسجد للسهو بعد ذلك، إذا كان إماما أو منفردا، أما المأموم فيسقط عنه. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (142).

تذكر وهو ساجد أنه لم يقرأ الفاتحة

191 - حكم من تذكر وهو ساجد أنه لم يقرأ الفاتحة س: ما حكم إنسان تذكر وهو ساجد بأنه لم يقرأ الفاتحة؟ ماذا يفعل (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (366).

ج: عليه أن يأتي بركعة زائدة، يكمل صلاته ويأتي بركعة زائدة يقرأ فيها الفاتحة بدل التي نسي منها الفاتحة؛ لأنها بطلت التي ترك منها الفاتحة، يأتي بركعة بدلها ويسجد للسهو، وينبه الذي وراءه، يقومون حتى يتابعوه بالإشارة.

نسي آية من سورة الفاتحة

192 - حكم من نسي آية من سورة الفاتحة س: رجل صلى بالجماعة، لكنة نسي آية من سورة الفاتحة، ما حكم صلاته وصلاة المأمومين خلفه (¬1)؟ ج: حكمه أنه يأتي بركعة بدل الركعة التي ترك فيها آية من الفاتحة، يأتي بركعة قبل أن يسلم ويسجد للسهو، فإن طال الفصل يعيد هو ويعيدون، أما إن ذكر بعد السلام بوقت قريب يأت بركعة ويسجد للسهو ويسلم، وإن سجد للسهو بعد السلام فهو أفضل، يأتي بركعة ثم يسلم ثم يسجد للسهو بعد السلام، هذا هو الأفضل. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (352).

أخطأ في قراءة القرآن أثناء الصلاة

193 - حكم من أخطأ في قراءة القرآن أثناء الصلاة س: تقول السائلة: إذا أخطأ الإنسان في قراءة القرآن أثناء الصلاة

فهل عليه سجود السهو (¬1)؟ ج: الخطأ يختلف ويتنوع، فإن كان الخطأ مما يبطل عمده الصلاة، ولكن فعله ساهيا فهذا يسجد للسهو، أما إذا كان لا يبطل عمده الصلاة؛ كاللحن الذي يعفى عنه فهذا لا يجب فيه سجود السهو، فلو قال: الحمد لله رب العالمين، أو قال: الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم أو الرحمن الرحيم، هذا لا يبطل عمده الصلاة؛ لأن له وجها من الإعراب، وهكذا لو قال: مالك يوم الدين أو مالك يوم الدين، هذا اللحن بالنصب أو الرفع لا يخل بالمعنى. أما إذا سها فقرأ شيئا يبطل عمده الصلاة سهوا فإنه يسجد للسهو، كأن يقرأ: صراط الذين أنعمت عليهم، هذا ينسب النعمة إليه، هذا لحن عظيم يخل بالمعني، فالمنعم هو الله وحده: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (¬2)؛ يعني الرب عز وجل، هذا لحن شنيع إذا تعمده أبطل الصلاة، وإذا كان سهوا يسجد للسهو، يعيد القراءة: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (¬3) ويسجد للسهو، وهكذا لو قال: إياك نعبد وإياك نستعين، هذا لحن يحيل ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (244). (¬2) سورة الفاتحة الآية 7 (¬3) سورة الفاتحة الآية 7

المعنى؛ لأنه خطاب للأنثى، والخطاب مع الله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬1)، فإذا تعمد هذا بطلت صلاته، وقد يكون بهذا مرتدا إذا عرف أنه يخاطب أنثى، إذا تعمد خطاب ربه خطاب الأنثى فإنه يعتبر مستهزئا كافرا محتقرا لربه عز وجل، أما إذا سبق على لسانه سهوا فإنه يسجد للسهو. س: السائل ج. م. ع من جمهورية مصر العربية، يقول: لو أن الإمام أخطأ أثناء الصلاة في آية هل يسجد سجودا للسهو أم لا (¬2)؟ ج: لا، ما يلزمه سجود السهو، إذا أسقط في غير الفاتحة ما يلزمه السجود والحمد لله؛ لأن قراءة زائدة على الفاتحة ليست بلازم، لكن إذا أسقط من الفاتحة لا بد أن يأتي بالفاتحة كاملة، ينبهه الذي وراءه، إذا أسقط آية من الفاتحة ينبهه الذي وراءه على ما أسقط حتى يأتي به، ولو ما أتى به تبطل الركعة، يأتي بركعة بدلها، لو أسقط آية من الفاتحة بطلت الركعة وقامت الأخرى مقامها إذا سها عن آية ولم ينبه، أما إذا نبه وأتى بها في الحال فلا بأس والحمد لله، أما في غير الفاتحة لو ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 5 (¬2) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (399).

أسقط شيئا ناسيا فلا يضره والحمد لله.

صلى بجماعة ونسي الركوع فسجد

194 - حكم من صلى بجماعة ونسي الركوع فسجد س: يقول السائل: ما حكم من صلى بالناس جماعة ثم سها وسجد ولم يركع؟ هل صلاته باطلة أم صحيحة (¬1)؟ ج: إذا نبهوه يرجع، يقوم وينتصب قائما ثم يكبر ويركع، أما إذا كان ما نبهوه إلا بعد السلام يقوم ويأتي بركعة كاملة ثم يتشهد ويكمل ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يسجد سجدتين للسهو ثم يسلم، أما إذا ما انتبه إلا بعدما طال الفصل فإنه يعيد الصلاة كلها ويخبر الذين كانوا معه أن يعيدوا الصلاة، الذين معه ولم يركعوا، يعيدوها لأن صلاتهم باطلة لما طال الفصل، أما إذا تنبه بعد السلام أو نبهه الجماعة فإنه يقوم ويأتي بركعة كاملة، وبعد فراغ التشهد والدعاء يسجد سجدتين للسهو ثم يسلم. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (245).

نسي السجود في الركعة الأولى

195 - حكم من نسي السجود في الركعة الأولى س: يقول السائل: إذا نسيت السجود في الركعة الأولى ولم أذكر إلا

عند الشروع في الركعة الثانية، فهل آتي بركعة أخرى قبل التشهد الأخير أم بعده قبل السلام (¬1)؟ ج: إذا ذكرت السجود قبل الشروع تأتي بالسجود إذا سجدت سجدة واحدة، ثم أردت النهوض تحسب أنك سجدت الثانية، ثم انتبهت تسجد الثانية ولا تنهض، ولو نهضت ترجع تأتي بالسجود الثاني، سواء نبهك المأمومون أو انتبهت بنفسك إن كنت إماما أو مأموما أو منفردا ترجع تأتي بالسجود، لكن إذا كنت شرعت في القراءة تستمر في صلاتك، تزيد ركعة بدل الركعة التي بطلت التي تركت سجودها كأنها معدومة، وتسجد للسهو إن كنت إماما أو منفردا، أما إن كنت مأموما فإنك إذا سلم إمامك تقوم وتأتي بالركعة بدل الركعة التي تركت منها السجود، وتسلم وليس عليك سجود للسهو؛ لأنك تبع الإمام من أول الصلاة، أما إن كنت مسبوقا بركعة أو ركعتين فإنك تكمل وتسجد للسهو بعد التكميل، أما إذا كنت مع الإمام من أول الصلاة ونسيت السجدة، ما ذكرتها إلا مع الإمام، وهو قائم بالقراءة فإنك تأتي بركعة بعد سلام إمامك، وليس عليك سجود سهو؛ لأنك دخلت معه من ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (242).

أولها، فيتحمل عنك سجود السهو. س: إذا صلى المرء الصلاة الرباعية ولم يسجد في إحدى ركعاتها إلا سجدة واحدة، فهل يجزئه سجود السهو أو يأتي بركعة ثم يسجد للسهو بعدها (¬1)؟ ج: إذا أسقط المصلي سجدة ساهيا فإنه يأتي بها في الحال، فإن لم يذكر إلا بعد ذلك بعدما قام وشرع في القراءة فإنه يكمل صلاته، ويجوز تركها، ويأتي بركعة أخرى كاملة بدل الركعة التي ترك سجودها، ثم يسجد للسهو قبل أن يسلم، أما إن ذكر في الحال حين رفعه من السجود فإنه يعود ويسجد الثانية، ويسجد للسهو بعد ذلك إذا كان قد قام، أما إذا كان قبل أن يقوم يسجد للثانية ولا سهو عليه، أما إذا قرأ التشهد بعد سجوده للسهو فلا يضره. س: قمنا بصلاة المغرب خلف إمام، وفي الركعة الثانية سجد سجدة واحدة وقام بالركعة الثالثة، فقلنا له: سبحان الله، ولم يستجب لنا، وتابعنا معه الصلاة حتى سلم، فقلنا له بما حصل، وقام وأتى بركعة، وسجد سجود السهو قبل السلام، فهل ما ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (88).

قمنا به صحيح (¬1)؟ ج: هذا الذي عمله الإمام لا حرج فيه ولا بأس، لأنه بطلت الركعة التي ترك فيها السجدة وأتى بركعة خير منها، ويسجد للسهو والحمد لله، ولا حرج في ذلك، وأنتم حين نبهتموه فلعله لم يقتنع بتنبيهكم ولم ينتبه لما أردتم، فبهذا لم يفعل شيئا. س: لقد حدث في صلاة العصر ذات يوم أن الإمام في سجود الركعة الرابعة الأخيرة أتى بسجدة واحدة ولم ينتبه أحد على أساس أنه أتى بالسجدتين، وبعد الانتهاء من الصلاة قال أحد المصلين للإمام: ناقص سجدة، فأتى الإمام بسجدتي السهو فقط ولم يأت بالسجدة الناقصة. السؤال يا سماحة الشيخ: هل صلاة العصر هذه ما زالت معلقة لكونها ناقصة سجدة وهي ركن من أركان الصلاة؟ أو تعتبر صحيحة؟ جزاكم الله خيرا (¬2) ج: إذا كان الإمام تذكر أنه ترك السجدة فيلزمه الإعادة، وهكذا هم يعيدون؛ لأن سجود السهو لا يكفي عن السجدة، والواجب عليه أن ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (328). (¬2) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (358).

يأتي بالسجدة ثم يأتي بالتشهد، ثم يسلم ثم يسجد للسهو، وإن سجد قبل السلام فلا بأس، يسجد سجود السهو، وبعض أهل العلم يرى أنه يقوم يأتي بركعة كاملة، لكن الصواب أنه يأتي بسجدة ويكفي، يعود يأتي بسجدة يجلس يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي. ثم يسجد ثم بعد السجود يقرأ التشهد، ثم يسلم ويسجد للسهو بعد ذلك، وإن سجد قبل السلام للسهو فلا بأس.

ترك السجود على الأعضاء السبعة

196 - حكم من ترك السجود على الأعضاء السبعة س: ألاحظ أن بعض الناس لا يسجدون على الأعضاء السبعة كاملة، ويرجو منكم تنبيههم، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب على كل مسلم ومسلمة السجود على الأعضاء السبعة؛ وهي: الوجه - الجبهة والأنف - والكفان والركبتان وأطراف القدمين، لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم؛ على الجبهة - وأشار بيده إلى أنفه - والكفين والركبتين وأطراف القدمين (¬2)» فالواجب على جميع المسلمين من الذكور ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (157). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب السجود على الأنف، برقم (812)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب أعضاء السجود والنهي عن كف الشعر، برقم (490).

والإناث أن يعتنوا بهذا وأن يحرصوا على ذلك، والسجود على هذه الأعضاء ركن من أركان الصلاة لا بد منه، فلا يجوز التساهل في ذلك، بل يجب على المصلي ذكرا كان أو أنثى أن يسجد على هذه السبعة في الفرض والنفل جميعا، وإن تركها عمدا بطلت صلاته، وإن تركها سهوا فإن أمكنه أن يأتي بها في الحال أتى بها في الحال، وإن لم يذكرها إلا بعدما قام إلى الركعة الأخرى أتى بركعة بدلها بعد ذلك، وإذا كمل يأتي بركعة بدل ما ترك من الأعضاء، وتقوم الركعة الثانية مقام الأولى، مقام التي قبلها التي ترك منها العضو أو العضوين، والحاصل أنه لا بد من السجود على هذه الأعضاء السبعة ولا يجوز تركها ولا ترك شيء منها لا في الفرض ولا في النفل، وإذا تركه سهوا بأن رفع يده ولم يسجد عليها أو إحدى رجليه ولم يسجد عليها ساهيا ثم تذكر بعد ذلك بعدما اشتغل بالركعة التي بعدها فإنه يأتي بركعة بدلا منها، ويسجد للسهو سجدتين قبل أن يسلم ثم يسلم.

باب صلاة التطوع

باب صلاة التطوع 197 - بيان فضل صلاة التراويح وقراءة القرآن في رمضان س: شيخ عبد العزيز، حدثونا عن التراويح وتلاوة القرآن وختم القرآن خلال هذه الصلاة وخلال هذا الشهر المبارك، وهل لكم كلمة حول هذا لو تكرمتم (¬1)؟ ج: لا ريب أن صلاة التراويح قربة وعبادة عظيمة مشروعة، النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلها عدة ليال بالمسلمين، وقام بهم في تلك الليالي، ثم خاف أن تفرض عليهم فترك ذلك وأرشدهم إلى الصلاة في البيوت، ثم لما توفي عليه الصلاة والسلام وأفضت الخلافة إلى عمر بعد الصديق ورأى الناس في المسجد يصلونها أوزاعا؛ هذا يصلي لنفسه، وهذا يصلي لرجلين، وهذا يصلي لأكثر، قال: لو جمعناهم على إمام! فجمعهم على إمام فصاروا يصلون جميعا، واحتج على ذلك بقوله ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (84).

صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه (¬1)» «ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه (¬2)» واحتج أيضا بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في تلك الليالي، وقال: إنه انتهى الوحي وانقطع الخوف بعد موته صلى الله عليه وسلم، لا يخاف من الفريضة. فصلاها المسلمون في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ليالي مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم صلوها في عهد عمر، واستمروا بذلك جماعة، والأحاديث ترشد إلى ذلك، ولهذا جاء في الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة (¬3)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب صوم رمضان احتسابا من الإيمان، برقم (38)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، برقم (760). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب تطوع قيام رمضان من الإيمان، برقم (37)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، برقم (759). (¬3) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، برقم (20910)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في قيام شهر رمضان، برقم (1375)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في قيام شهر رمضان، برقم (806)، والنسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب من صلى مع الإمام حتى ينصرف، برقم (1364).

صحيح، فدل ذلك على شرعية القيام جماعة في رمضان وأنها سنته - صلى الله عليه وسلم - وسنة خلفائه بعده، عمر الفاروق ومن بعده، وفي ذلك أيضا مصالح كثيرة؛ من جمع المسلمين واستماعهم لكتاب الله، وما قد يقع من المواعظ والتذكير والاتصال من بعضهم لبعض، واجتماع بعضهم ببعض في هذه الليالي العظيمة، فكل هذا يسبب خيرا كثيرا، وكذلك دراسة القرآن في الليل والنهار من أفضل القربات، فقد كان السلف إذا دخل رمضان أقبلوا على القرآن وتركوا الحديث والتفقه وحلقات العلم، هذا هو الغالب على السلف، فينبغي لأهل الإيمان من الذكور والإناث أن يشتغلوا بالقرآن الكريم تلاوة وتدبرا وتعقلا ومراجعة لكتب التفسير وغير هذا من وجوه التعلق بالقرآن والعناية بالقرآن، وإذا سمعوا درسا في المسجد أو راجع بعض المسائل العلمية لا منافاة ولا حرج في ذلك، لكن ينبغي أن تكون العناية بالقرآن في رمضان أكثر كما فعله السلف الصالح رضي الله عنهم وأرضاهم، وهكذا الإكثار من القراءة حتى يختم مرات كثيرة، كان بعض السلف يختم في كل يوم، وبعضهم في ثلاث، لكن الأفضل ألا

يكون أقل من ثلاث، هذا هو الذي أرشد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سأله عبد الله بن عمرو، وأرشده أن يختم في سبع، ثم طلب الزيادة فقال إلى ثلاث فالأفضل أن تكون الختمة في ثلاث فأكثر حتى يطمئن وحتى يقرأ بترتيل وعناية وتدبر، وبعض السلف رأى أن هذا يجوز له، لكن في أيام رمضان ولياليه لا مانع من الختم في أقل من ذلك، ولكن التقيد بالحديث والأخذ بالحديث أولى ولو في رمضان، إذا ختم عشر مرات في رمضان أو تسع مرات أو ثمانيا هذا خير كثير، مع الهدوء والطمأنينة والترتيل والعناية، والإنسان له حاجات أخرى، ثم إن الإكثار من الختمات قد يفضي إلى الهذرمة والسرعة والعجلة والمباهاة في الختمات، فيخشى على الناس من هذا الشيء، فالركود والهدوء حتى لا يقع شيء من الخلل في القراءة وحتى لا يقع شيء من المماراة لقصد الرياء والسمعة، فينبغي أن يكون الختم لثلاث فأكثر، حتى يقرأ قراءة واضحة متدبرة، ويعتني بمعانيها ويراجع ما أشكل عليه، هذا هو الأولى والأفضل حتى ولو في رمضان. س: بارك الله فيكم، يحرص كثير من الأئمة - سماحة الشيخ – على

أن يختموا القرآن في التراويح وفي التهجد، فما هو الأنسب (¬1)؟ ج: هذا لأجل سماع الناس جميع القرآن، إذا تيسر أن يسمع جميع القرآن، حيث يكون كل ليلة فيها جزء أو أقل من جزء، لكن في العشر الأخيرة يزيد حتى يختم القرآن ويكمله، هذا يكون أفضل إذا تيسر من دون مشقة، وهكذا دعاء الختم يدعو بهم حتى يؤمنوا، كان السلف يفعلون ذلك، فإذا فعل ذلك فلا حرج، وقد عقد العلامة ابن القيم - رحمه الله - بابا في كتابه “ جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام “، وذكر في ذلك حال السلف في العناية بختم القرآن، وفق الله الجميع. س: الذين لا يتمكنون من الختم يشعرون بشيء من الألم سماحة الشيخ، ماذا تقول لهم (¬2)؟ ج: لا حرج في ذلك، والأمر في هذا واسع، إن ختمه فهو أفضل حتى يسمع الناس وحتى يفوز بالأجر العظيم في هذا الشهر الكريم، وإن حال حائل ولم يتيسر له الختم وهو إمام؛ إما لأجل الرفق بهم ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (84). (¬2) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (84).

لأنهم أصحاب أشغال، أو لأسباب أخرى فلا حرج، الأمر واسع بحمد الله، والمؤمن يراعي المأمومين ولا يشق عليهم ويرفق بهم، وإذا كانوا تشق عليهم الإطالة وكونهم يقيمونها أولى من تركها خوفا من الإطالة، فإذا صلى بهم إحدى عشرة ركعة فهو أفضل، إحدى عشرة أو ثلاث عشرة مع الترتيل ومع الركود في الركوع والسجود هو أفضل من كثرة القراءة ومن الصلاة عشرين أو أكثر، يمكن أن يتحرى صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، كان هذا أفضل، والإحدى عشرة أفضل من الثلاث عشرة؛ لأن هذا هو المحفوظ عنه - صلى الله عليه وسلم - في الغالب كما قالت عائشة رضي الله عنها، وربما صلى بعض الأحيان ثلاث عشرة، وربما صلى أقل من ذلك، وصلى الصحابة رضي الله عنهم عشرين ركعة من الوتر، كل هذا بحمد الله واسع، فمن زاد أو نقص فلا حرج؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬1)»، ولم يحدد عددا معلوما، «صلاة الليل مثنى مثنى (¬2)»، ثم قال: «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬3)»، وهذا عام في رمضان وفي غيره، فمن زعم أنه يجب الاقتصار على إحدى عشرة أو ثلاث عشرة فقد غلط، ومن كره الزيادة فقد غلط، ومن حرمها فهو أشد غلطا، وإنما ذلك أفضل، إذا اقتصر ¬

_ (¬1) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (¬2) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (¬3) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422).

على إحدى عشرة هذا أفضل من أجل التمكن من إطالة القراءة وإطالة الركوع والسجود، ومن أجل تمكين المأمومين من ذلك، ومن أجل موافقة السنة التي هي الغالبة من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، لكن من زاد فلا حرج.

القراءة من المصحف في التراويح

198 - حكم القراءة من المصحف في التراويح س: ماذا عن القراءة من المصحف في التراويح سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك، الصواب أنه لا حرج في ذلك، فإذا احتاج إلى أن يقرأ من المصحف لأنه لم يحفظ القرآن فلا بأس، يقرأ من المصحف، وقد ثبت «أن عائشة رضي الله عنها كان يصلي بها مولاها ذكوان من المصحف (¬2)» كما ذكره البخاري رحمه الله تعليقا، والأصل أنه لا بأس بهذا، فمن منع فعليه الدليل، فالأصل جواز القراءة حفظا أو القراءة من المصحف، هذا هو الأصل، فمن قال بمنع القراءة من ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (84). (¬2) أخرجه البخاري تعليقا، كتاب الأذان، باب إمامة العبد والموالي (1/ 245)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب الطهارة، باب من تصفح في صلاته كتابا ففهمه أو قرأه، رقم (3183).

المصحف فعليه الدليل، والأصل أنه لا دليل، فمعنا الأصل وهو جواز القراءة من المصحف، وقد فعلتها أم المؤمنين وهي من أفقه الناس رضي الله عنها.

القعود في صلاة التراويح

199 - حكم القعود في صلاة التراويح س: تقول السائلة: هل يصح في صلاة التراويح في رمضان ألا نقف؟ وإذا جاء الإمام وهم بالركوع أكبر ثم أقرأ الفاتحة وأركع مع الإمام؟ مع العلم أنني أفعل ذلك لعدم مقدرتي على القيام طول الركعة؛ لأنني أشعر بالتعب جدا (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك؛ لأن التراويح نافلة، سواء كانت في العشرين الأول أو في العشرين الأخيرة، كلها نافلة، والعشر الأخيرة يسميها الناس قياما، ويسمون صلاة العشرين الأول تراويح، وكلها تسمى قيام رمضان وهي نافلة، فإذا صلى الإنسان قاعدا فلا حرج، ويكون له نصف الأجر، وإذا عجز وصار كبير السن أو ضعيفا يشق عليه القيام وصلى قاعدا فلا بأس، وإن جلس حتى يمضي بعض القراءة ثم يقوم ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (128).

فيقرأ واقفا ثم يركع مع الإمام فلا بأس، الأمر واسع بحمد الله، لكن الأفضل أنه يقوم حتى يقرأ القراءة وهو واقف إذا تيسر، فإن جلس حتى يقرب الركوع وقرأ وهو جالس ثم إذا كبر الإمام قام وركع لا بأس بذلك أيضا، والحمد لله.

إتمام التراويح بعد الشروع فيها

200 - حكم إتمام التراويح بعد الشروع فيها س: رسالة ع. س. ص من اليمن: عرفنا من برنامجكم (نور على الدرب) أن صلاة التراويح سنة، لكن هل يلزم المسلم إذا شرع فيها أن يكملها، أم يصلي ما شاء وينصرف (¬1)؟ ج: لا شك أنها سنة وأنها نافلة، التراويح لقيام رمضان، وهكذا صلاة الليل، وهكذا صلاة الضحى، وهكذا الرواتب التي مع الفرائض كلها سنة، نافلة إذا شاء فعلها وإن شاء تركها، وفعلها أفضل، إذا شرع مع إمام التراويح وأحب أن ينفتل منها قبل أن يكبر فلا بأس عليه، لكن بقاءه مع الإمام حتى ينصرف أفضل ويكتب له بهذا قيام الليل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (3).

قيام ليلة (¬1)» إذا بقي مع الإمام حتى يكمل كتب له فضل قيام الليلة كلها، وإذا انصرف بعدما يصلي بعض الركعات لا بأس، ولا حرج في ذلك لأنها نافلة. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، برقم (20910)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في قيام شهر رمضان، برقم (1375)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في قيام شهر رمضان، برقم (806)، والنسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب من صلى مع الإمام حتى ينصرف، برقم (1364).

صلاة التراويح عشرين ركعة أو أكثر

201 - حكم صلاة التراويح عشرين ركعة أو أكثر س: تسأل الأخت وتقول: لقد قرأت في بعض الكتب أن صلاة التراويح عشرين ركعة لم ترد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك لم ترد عن عمر بن الخطاب كما يزعم بعض الناس، فهل صلاة عشرين ركعة بدعة؟ أم هي جائزة ولا حرج فيها أبدا؟ جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: صلاة التراويح ليس فيها حد محدود، من صلى عشرين فلا بأس، ومن صلى ثلاثين فلا بأس، ومن صلى أربعين فلا بأس، ومن صلى إحدى عشرة فلا بأس، ومن صلى ثلاث عشرة فلا بأس، ومن صلى أكثر أو أقل فلا بأس، أمرها واسع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (235).

«صلاة الليل مثنى مثنى (¬1)» ولم يحدد حدا، عليه الصلاة والسلام، هكذا جاء في الصحيحين من حديث ابن عمر، قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬2)»، وهذا يعم رمضان وغيره، «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬3)»، فأبان - صلى الله عليه وسلم - أن صلاة الليل مثنى مثنى، إذا صلى عشرا يوتر بواحدة بعد ذلك، وإن صلى عشرين يوتر بواحدة، أو صلى ثلاثين يوتر بواحدة، أو صلى أربعين يوتر بواحدة، أو صلى مائة يوتر بواحدة، ما في ذلك حد محدود، ما قال: صلاة الليل عشر، ولا عشرون، قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح (¬4)»؛ يعني لو بدأ الصلاة خشي الصبح «يوتر بواحدة (¬5)» وهكذا لو أوتر في الليل يصلي ما قسم الله له ويوتر بواحدة، أو في جوف الليل كذلك، وكان - صلى الله عليه وسلم - ربما أوتر بسبع وربما أوتر بخمس وربما أوتر بتسع، وكان في الأغلب يصلي إحدى عشرة، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، وربما صلى ثلاث عشرة، صلى ثنتي عشرة ثنتين ثنتين ثم يوتر بواحدة، هذا هو الغالب من فعله صلى الله ¬

_ (¬1) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (¬2) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (¬3) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (¬4) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (¬5) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422).

عليه وسلم، وربما نقص فصلى سبعا أو تسعا أو خمسا أو ثلاثا، لكن الغالب والأكثر يصلي إحدى عشرة، وفي بعض الأحيان ثلاث عشرة، ولكن ما نهى عن الزيادة عليه الصلاة والسلام، من شاء زاد، وثبت عن عمر رضي الله عنه والصحابة أنهم فعلوا ذلك؛ صلوا إحدى عشرة وصلوا ثلاثا وعشرين، ثبت هذا وهذا عن عمر رضي الله عنه، فالذي أنكر ثبوته عن عمر قد غلط، بل هو ثابت عن عمر أنه صلى ثلاثا وعشرين، وفي بعض الليالي صلى إحدى عشرة، فالأمر واسع والحمد لله، ومن صلى أكثر كما فعل بعض الصحابة فلا بأس، بعض السلف كان يصلي ستا وثلاثين ويوتر بثلاث حتى تكون تسعا وثلاثين، بعضهم يصلي إحدى وأربعين، فليس في هذا حد محدود والحمد لله، لكن مثنى مثنى، ثنتين ثنتين، هذا هو السنة في رمضان وفي غيره، ولكن كونه يصلي ثلاث عشرة أو إحدى عشرة أفضل لأنها أرفق ولأنها توافق فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإن صلى ثلاثا وعشرين مثل ما فعل عمر في بعض الأحيان فلا بأس، وإن أحب الزيادة هو وجماعته فلا بأس، لكن يرفق بالذين معه، لا يطول عليهم، ويطمئن في ركوعه وسجوده، يرتل في قراءته لأن هذا أنفع للمسلمين، ولا يجوز له أن ينقرها نقرا، يجب أن يطمئن، فإذا صلى إحدى عشرة مع الطمأنينة

والترتيل في القراءة كان أفضل من عشرين، وإذا صلى ثلاث عشرة كذلك، وإذا كان يشق عليه صلى سبعا مع الترتيل ومع الطمأنينة أفضل، وهكذا خمس - ثلاث، حسب طاقته؛ {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1)، وإن من أهم المهمات أنه يطمئن ولا يعجل في قراءته، يطمئن ويرتل حتى يستفيد وحتى يستفيد الجماعة الذين خلفه وينتفعوا بالقراءة، إذا رتل واطمأن استفاد الجميع؛ هو والجماعة، فيطمئن في ركوعه وسجوده ويرتل في قراءته ويخشع فيها حتى يستفيد من وراءه وحتى يستفيد هو، وفق الله الجميع. س: السائل ع. أيقول: ما حكم من يصلي في رمضان أربعا وعشرين ركعة ويقنت في صلاة الفجر ويعجل فيها كي لا يكون شاقا على من خلفه (¬2)؟ ج: صلاة الليل موسع فيها والحمد لله، لكن أربعا وعشرين لا وجه لها، نعم، الصحابة صلوا ثلاثا وعشرين وصلوا إحدى عشرة وعشرين، يسلم من كل اثنتين ويوتر بثلاث، يسلم من اثنتين ويوتر بواحدة، أما ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16 (¬2) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (389).

الصلاة أربعا وعشرين ما لها وجه، هذه شفع، لكن يصلي ثلاثا وعشرين أو واحدا وثلاثين أو ثلاثا وثلاثين أو ثلاثا وأربعين أو تسعا وثلاثين؛ يعني يوتر لا بأس، ليس فيها حد محدود والحمد لله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة (¬1)» فإذا صلى عشرا وأوتر بواحدة، يعني إحدى عشرة كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل في غالب تهجده أو صلى ثلاث عشرة أو صلى ثلاثا وعشرين أو صلى أكثر من ذلك لكن يوتر بواحدة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬2)»، والأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة؛ لأن هذا هو أكثر ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وإن أوتر بأكثر كما فعل الصحابة في بعض الأحيان بثلاث وعشرين في عهد عمر أو أوتر بتسع وثلاثين أو أوتر بإحدى وأربعين أو بأكثر من هذا، كل هذا لا حرج فيه والحمد لله، لكن يصلي ثنتين ثنتين، يسلم من كل اثنتين، وأقل ذلك واحدة، أقل الوتر واحدة، وفي رمضان الأفضل أن يوتر بإحدى عشرة أو ثلاث عشرة، ¬

_ (¬1) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (¬2) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422).

وإن أوتر بثلاث وعشرين يسلم من كل ثنتين، كله طيب والحمد لله.

صلاة التراويح عشر ركعات طوال

202 - حكم صلاة التراويح عشر ركعات طوال س: في شهر رمضان المبارك يصلي إمام مسجدنا صلاة التراويح عشر ركعات طوال شهر رمضان، هل يعتبر صلى النصف أو أكمل (¬1)؟ ج: هذا أفضل؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي عشرا ويوتر بواحدة في رمضان وفي غيره عليه الصلاة والسلام، وربما صلى ثلاث عشرة عليه الصلاة والسلام، وهذا هو الأفضل، إحدى عشرة أو ثلاث عشرة في رمضان وفي غيره، وإن صلى أقل أو أكثر فلا حرج، أو إن صلى - كما جاء عن عمر والصحابة - ثلاثا وعشرين فلا بأس، وإن صلوا أكثر من ذلك فلا بأس، الأمر في هذا واسع والحمد لله؛ لأن الرسول لم يحدد ركعات معلومة عليه الصلاة والسلام، بل لما سئل عن صلاة الليل قال: «مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬2)» فلم يحدد عشرا ولا عشرين، فدل ذلك ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (217). (¬2) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422).

على أن الأمر فيه سعة والحمد لله، فمن صلى عشرا أوتر بواحدة فقد أحسن، ومن أوتر بثلاث عشرة فقد أحسن، ومن أوتر بثلاث وعشرين فقد أحسن، ومن صلى بأكثر فلا بأس، ولكن أفضلها إحدى عشرة أو ثلاث عشرة؛ لأن هذا موافق لفعله عليه الصلاة والسلام، وإن أوتر أحد بأقل من ذلك فلا بأس؛ لأنه ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه ربما أوتر بتسع ثم أوتر بسبع ثم أوتر بأقل من ذلك، هذا كله يدلنا على أن الأمر فيه سعة والحمد لله، أما من يشدد ويقول: لا بد أن يوتر بإحدى عشرة أو بثلاث عشرة أو بثلاث وعشرين - هذا غلط، لا يجوز التشديد في هذا، والله قد وسع فيه سبحانه وتعالى، فمن صلى إحدى عشرة أو ثلاث عشرة تأسيا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا أفضل، ومن صلى ثلاثا وعشرين لأن جماعته رغبوا في ذلك فلا بأس، ومن صلى ثلاثا وثلاثين أو تسعا وثلاثين أو إحدى وأربعين فلا بأس، السلف فعلوا هذا وهذا، فلا حرج في هذا كله والحمد لله، وإذا وسع الله فوسعوا، ولا ينبغي لأحد أن يتشدد في أمر وسع الله فيه.

إحياء ليل رمضان بالصلاة والقراءة بعد التراويح

203 - حكم إحياء ليل رمضان بالصلاة والقراءة بعد التراويح س: يقول السائل: إنني أقوم في أيام رمضان عند انتهائي من صلاة

التراويح، وأعود إلى البيت في قراءة القرآن والصلاة حتى صلاة فجر اليوم الثاني، وأقول: أصلي ركعتين طاعة لله تعالى. وأكبر، وهذا طيلة الليل حتى انتهاء رمضان، فهل عملي هذا صحيح (¬1)؟ ج: أما في العشر الأخيرة فلا بأس، كان النبي يحييها - عليه الصلاة والسلام - في رمضان، يحييها بالعبادة، ويوقظ أهله عليه الصلاة والسلام، فأما في العشر الأول فالأفضل لك ألا تحييها، بل تنام فيها بعض الوقت حتى تستعين بنومك على قومتك وعلى أعمالك النهارية، فتصلي ما يسر الله مع المسلمين في المساجد وتنام، أما العشر الأخيرة فإنه يستحب إحياؤها بالعبادة بالقراءة والصلاة، ثم المؤمن لا يتلفظ بالنية، يقول: أصلى كذا وكذا. ينوي بقلبه ويكفي، سواء التراويح أو صلاة الفريضة أو الراتبة أو غير ذلك، لا حاجة إلى التلفظ، ولا يقول: نويت أن أصلي الظهر، أو نويت أن أصلي ركعتي التحية، أو نويت أن أصلي صلاة الضحى، أو نويت أن أصلي صلاة العشاء، كل هذا لا أصل له، كما أنه لا يقول أيضا: نويت أن أتوضأ، أو أن أطوف أو أسعى، كل هذا لا أصل له، القلب هو محل النية، ينوي بقلبه والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (193).

صلاة التراويح ثماني ركعات

204 - حكم صلاة التراويح ثماني ركعات س: يقول السائل: صلينا التراويح ثماني ركعات في المسجد، بعض الناس يقولون: إنكم هدمتم البناء الذي بناه الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه! هل هذا القول صحيح؟ نرجو التوضيح جزاكم الله خيرا (¬1) ج: عملكم هذا هو الموافق لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وسنة النبي مقدمة على سنة عمر رضي الله عنه، وعمر رضي الله عنه فعل هذا وهذا، فعل إحدى عشرة وفعل ثلاثا وعشرين، صلى هذا وهذا مع الصحابة، فالأمر واسع، فمن صلى ثلاثا وعشرين فلا بأس، ومن صلى أكثر فلا بأس، ومن صلى ثلاث عشرة فهو سنة، ومن صلى إحدى عشرة فهو سنة، كله طيب، وأفضلها إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا هو الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن صلى الناس عشرين مع الوتر ثلاثا فلا بأس كما فعل عمر في بعض الأحيان، وعمر فعل هذا وهذا، أمر أبيا أن يصلي بالناس إحدى عشرة، وفي بعضها: صلى ثلاثا وعشرين، فالأمر في هذا واسع والحمد لله، ولكن المقدم هو سنة ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (210).

النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصلي إحدى عشرة، وربما صلى ثلاث عشرة - عليه الصلاة والسلام - في رمضان وفي غيره، ومن زاد فلا حرج عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬1)» ولم يحدد لا ثمانيا ولا عشرا ولا أكثر ولا أقل، فدل على التوسعة والحمد لله، «صلاة الليل مثنى مثنى (¬2)» يعني ثنتين ثنتين، ثم قال: «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬3)»؛ يعني إذا خشي الصبح أوتر بواحدة، فهذا هو المشروع، إذا صلى ثمانيا وأوتر بثلاث صارت إحدى عشرة، وإذا صلى عشرا وأوتر بثلاث صارت ثلاث عشرة، وإذا صلى عشرين؛ عشر تسليمات وأوتر بثلاث صارت ثلاثا وعشرين، وإن صلى أكثر فلا بأس، فالحمد لله، الأمر واسع بحمد لله. س: يقول السائل: رأيت بعض الناس يصلون التراويح ثماني ركعات، والبعض الآخر عشرين ركعة، فما رأي سماحتكم (¬4)؟ ج: الأمر واسع والحمد لله، ومن صلى ثمانيا أو عشرا أو عشرين ثم ¬

_ (¬1) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (¬2) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (¬3) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (¬4) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (255).

أوتر كله طيب، لا حرج في ذلك، لكن الأفضل أن يصلي ثمانيا مع الوتر ثلاثا إحدى عشرة، أو عشرا مع الوتر ثلاثا تكون ثلاث عشرة؛ لأن هذا هو المحفوظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأغلب، كان يوتر بإحدى عشرة وربما أوتر بثلاث عشرة، هذا هو الأغلب، وربما أوتر بأقل من ذلك، فكون الإمام أو المنفرد يتحرى ذلك أفضل، ومن صلى عشرين أو أكثر فلا حرج، فقد ثبت عن عمر والصحابة رضي الله عنهم أنهم صلوا عشرين بالوتر ثلاثا وصلوا إحدى عشرة، صلوا هذا وهذا، وكله بحمد الله واسع؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحدد حدا بذلك، بل قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬1)» فلم يحدد، فظاهره أنه إذا صلى عشرين أو ثلاثين أو أربعين فلا حرج، ثم يوتر بواحدة والحمد لله. ¬

_ (¬1) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422).

عدد الركعات في صلاة التراويح

205 - بيان عدد الركعات في صلاة التراويح س: هل عدد ركعات التراويح ثلاث عشرة ركعة أو إحدى وعشرون ركعة؟ وما هو الأفضل في ذلك مأجورين (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والخمسون من الشريط رقم (430).

ج: الأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا هو الأفضل، هذا هو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، كان الغالب يوتر بإحدى عشرة، يسلم من كل ثنتين كما روت عائشة رضي الله عنها في ذلك، وربما أوتر بثلاث عشرة كما روت عائشة ذلك وابن عباس أيضا، هذا هو الأفضل، وإن زاد صلى إحدى وعشرين أو ثلاثا وعشرين أو أكثر فلا حرج؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬1)» فلم يحدد حدا، فلو صلى عشرين أو ثلاثين أو أربعين أو أكثر ثم أوتر بواحدة فلا بأس، لكن الأفضل والأرفق بالمسلمين إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا الذي فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الأرفق بالناس. ¬

_ (¬1) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422).

الأمر في صلاة التراويح واسع

206 - بيان أن الأمر في صلاة التراويح واسع س: يقول السائل: أود أن أعرف كم عدد ركعات صلاة التراويح؟ هل عددها ثماني ركعات أو عشرون ركعة؟ ذلك أني أرى بعض المساجد يصلون ثمانيا والبعض الآخر يصلون عشرين!

أفيدوني مأجورين (¬1) ج: ليس للتراويح عدد محصور، بل الأمر فيها واسع والحمد لله، من صلى عشرين أو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة أو صلى أربعين مع الوتر أو خمسين مع الوتر كله لا بأس به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬2)» ولم يحدد عليه الصلاة والسلام، بل قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬3)»، ثم قال: «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬4)»، فدل ذلك على أنه لو صلى ثمانيا وأوتر أو عشرا وأوتر أو عشرين وأوتر أو ثلاثين وأوتر أو أكثر وأوتر لا بأس، ولا حرج في ذلك، لكن الأفضل أن يفعل فعل النبي صلى الله عليه وسلم، الأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا هو الأفضل، وإن أوتر بسبع أو تسع أو خمس أو ثلاث فلا بأس في رمضان أو في غيره، والأفضل في رمضان أن يصلي إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا هو الأفضل، وإن صلى عشرين كما فعل الصحابة في ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (245). (¬2) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (¬3) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422). (¬4) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422).

عهد عمر رضي الله عنه؛ لأنهم في بعض الأحيان صلوا عشرين مع الوتر ثلاثا، الجميع ثلاث وعشرون لا بأس، فعله أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا صلى الناس ثلاثا وعشرين لا بأس طيب، وأفضل من ذلك ثلاث عشرة أو إحدى عشرة كما فعل عليه الصلاة والسلام، وإن صلوا أكثر صلوا أربعين وأوتروا بثلاث أو واحدة كل ذلك لا بأس به، فالأمر في هذا واسع والحمد لله، ولا ينبغي فيه الإنكار ولا التشديد، من صلى إحدى عشرة فقد أحسن، ومن صلى ثلاث عشرة فقد أحسن وهو أفضل، ومن صلى عشرين فلا بأس كما فعل الصحابة في عهد عمر رضي الله عنه، كل هذا بحمد الله ميسر.

ما يقرؤه الإمام في صلاة التراويح

207 - بيان ما يقرؤه الإمام في صلاة التراويح س: يقول السائل: هل يقرأ في صلاة التراويح من طوال السور أم من قصارها (¬1)؟ ج: الأفضل للإمام أن يراعي المأمومين ولا يطول عليهم، يقرأ من أول القرآن ويستمر حتى يختمه في آخر الشهر، وإن قرأ من السور القصيرة فلا بأس، يقرأ ما يتحملون وما لا يشق عليهم، وإن قرأ تارة ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (247).

بشيء من الطوال ولم يكملها، بل فرقها في ركعتين أو أكثر فكل هذا حسن، المقصود أنه يقرأ ما يناسبهم، ولا يشق عليهم، وما يحصل به الفائدة، وإذا قرأ من أول القرآن حتى يختمه كان هذا هو الأفضل، يبدأ بالفاتحة ثم البقرة إلى آخره حتى يختم القرآن في آخر الشهر، يكون هذا هو الأفضل، مع مراعاة الترتيل وعدم العجلة، وإيضاح القراءة حتى يستفيد المصلون، وحتى يتدبروا ويتعقلوا. س: بعض الأئمة يقرؤون قصار السور، ويقتصرون على ذلك في صلاة التراويح، ولا يختمون القرآن إطلاقا، ما حكم هذا العمل (¬1) ? ج: الأمر في هذا واسع والحمد لله، كل يقرأ بما يسر الله له، سواء قرأ القرآن كله، أو قرأ من قصار المفصل، أو قرأ بعض السور التي يحفظها، لا حرج في ذلك، لكن الأفضل أن يقرأ القرآن كله إذا تيسر، ولو من المصحف، يجعل حوله كرسيا، وإذا أراد الركوع أو السجود جعله على الكرسي، وإذا قام قرأ، وكان ذكوان مولى عائشة رضي الله عنها يصلي بها في رمضان من المصحف والصواب أنه لا حرج في ذلك، هذا ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (194).

هو الصواب، أنه لا حرج في أن يقرأ من المصحف، ولو ترك ذلك وقرأ بهم من جزء (عم) أو غيره فلا حرج في ذلك أيضا، الأمر في هذا واسع، ليس من اللازم أن يختم القرآن، لو صلى بهم ببعض القرآن في جميع رمضان فلا بأس بذلك، سواء كان من قصار المفصل، أو من طواله، لكن الأفضل إذا تيسر أن يختم بهم، فهو الأفضل. س: يسأل الأخ: هل يجوز في شهر رمضان الاقتصار على أقصر السور في صلاة التراويح، أم يكون القرآن كاملا عن ظهر قلب (كما يعبر)؟ حيث عندنا في القرية لا يتمونه، بل من أقصر السور، أرجو أن تتفضلوا بالتوجيه نحو هذا، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الشهر الكريم المؤمنون فيه يحتاجون إلى التشجيع والتوجيه والنصيحة، والعظة المختصرة التي ليس فيها طول ولا إسهاب، بل في كل مقام بحسبه، وفي قراءة التراويح لا يطول كثيرا، ولكن إذا أمكن أن يختم بهم ختمة في جميع الشهر فهذا أولى وأكمل؛ حتى يسمعوا جميع القرآن، وينبغي له أن يقرأ في التراويح في كل ركعة آيات كربع الثمن، ثلث الثمن، لا يشق عليهم، أما تعمده قصار السور، وهو يستطيع أن ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (85).

يقرأ خلاف ذلك فالأولى ترك ذلك، أما إذا كان لا يحفظ، وإنما يحفظ قصار السور فيرددها فلا حرج في ذلك، لكن لو قرأ من أول القرآن إلى آخره ولم يطول عليهم، ولو من المصحف إذا كان لا يحفظ يقرأ من المصحف لا بأس، كان ذكوان مولى عائشة رضي الله عنها يصلي بها ويقرأ من المصحف والصواب أنه لا حرج في ذلك؛ لأنه لا يحفظ القرآن فلا مانع من أن يقرأ من المصحف، ولكن لا يطول على إخوانه، يراعي أحوالهم، قد يكون لهم أعمال، وقد يكون لهم شؤون تمنعهم من الإطالة، وتمنعهم من التطويل، بل يشق عليهم في ذلك، فإنه يلاحظهم، فالناس أقسام، منهم من يتحمل، ومنهم من لا يحتمل، والنبي عليه الصلاة والسلام قال في حق الأئمة: «فمن أم الناس فليتجوز؛ فإن خلفه الضعيف والكبير وذا الحاجة (¬1)» هذا في الفرائض، فكيف بالنوافل، التراويح نافلة، فهو يلاحظ الشيء الذي يشق عليهم، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب من شكا إمامه إذا طول، برقم (704)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام، برقم (466).

ويحصل لهم به المتابعة له، والصلاة معه والراحة في هذه العبادة، والخشوع فيها، فلا ينبغي له أن يفعل شيئا ينفرهم، ويجعلهم يخرجون من المسجد ولا يصلون معه إلا الشيء القليل، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة (¬1)» هذا فضل عظيم، لكن متى طول عليهم فقد ينفرون، وقد لا يكملون، فالإمام يشرع له أن يراعيهم، وأن يصلي بهم صلاة بين الصلاتين، ليس فيها مشقة ولا تطويل، وليس فيها نقر واختصار كثير، نسأل الله للجميع التوفيق. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، برقم (20910)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في قيام شهر رمضان، برقم (1375)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في قيام شهر رمضان، برقم (806)، والنسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب من صلى مع الإمام حتى ينصرف، برقم (1364).

القراءة من المصحف في الصلاة إذا دعت الحاجة لذلك

208 - حكم القراءة من المصحف في الصلاة إذا دعت الحاجة لذلك س: في صلاة التراويح والقيام في شهر رمضان هل يجوز التلاوة من مصحف صغير، لمن لم يتمكن من حفظ القرآن كله؟ علما بأن ذلك يتم بطريقة عادية دون أن يسبب أي حركات تخل بالصلاة، نرجو الجواب الشافي في هذا الأمر، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ليس هناك حرج في أن يقرأ من المصحف في صلاة التراويح، أو قيام رمضان، أو في الصلاة إذا دعت الحاجة إلى ذلك، سواء كان ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (277).

صغيرا أو كبيرا؛ لأنه ليس كل أحد يحفظ القرآن، فإذا صلى بالناس التراويح، أو القيام من المصحف فلا حرج في ذلك، وقد ثبت أن ذكوان مولى عائشة كان يصلي بها في رمضان من المصحف ومن منع ذلك ليس عنده دليل، والصواب أنه لا حرج في ذلك، إذا دعت الحاجة إلى أن الإمام يقرأ من المصحف، أو إنسانا يتهجد من الليل يقرأ من المصحف فلا حرج في ذلك والحمد لله، أما الفرائض فيكفي فيها ما تيسر والحمد لله، ولو قرأ من المصحف بمثل صلاة الفجر أو غيرها صحت صلاته، ولا حرج في ذلك، لكن في الغالب أنه لا يحتاج إلى المصحف في الفرائض؛ لأن القراءة فيها ميسرة، لكن لو أن إنسانا احتاج المصحف في صلاة الفجر، لم يحفظ: (الم تنزيل: السجدة)، و (هل أتى على الإنسان: الإنسان) وقرأ من المصحف؛ ليقرأ هذه القراءة المشروعة في صباح الجمعة فلا حرج في ذلك والحمد لله.

س: رسالة من المستمع م. م، يقول: هل يجوز أن أمسك المصحف أثناء الصلاة، مع توضيح ذلك؟ وكيف أضعه أثناء السجود؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (338).

ج: إذا دعت الحاجة إلى ذلك أن يقرأ من المصحف؛ مثل صلاة رمضان في القيام، وأشباه ذلك لا بأس، والأفضل يقرأ عن ظهر قلب إذا كان حافظا، فإذا كان يحتاج المصحف فلا بأس، فقد ثبت أن مولى عائشة رضي الله عنها كان يصلي بها من المصحف في رمضان.

س: هل يجوز لي أن أقرأ من المصحف أثناء صلاة النافلة؛ كقيام الليل مثلا (¬1) ? ج: لا حرج في ذلك مثل قيام الليل، التهجد في رمضان، لا حرج أن يقرأ الإنسان من المصحف الرجل والمرأة جميعا؛ لأن في هذا إعانة لهما على الاستكثار من القراءة. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (221).

س: هل يجوز حمل المصحف أثناء الصلاة لقيام الليل والتراويح للقراءة منه (¬1) ? ج: لا حرج، لو قرأ في المصحف التراويح والتهجد لا بأس به، كان مولى عائشة ذكوان يصلي بها، ويقرأ بها من المصحف رضي الله عنهم. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (430).

متابعة الإمام في المصحف أثناء الصلاة

209 - حكم متابعة الإمام في المصحف أثناء الصلاة س: بعض المأمومين يتابعون الإمام في المصحف أثناء قراءته، فما رأيكم في هذا (¬1) ? ج: هذا سألني عنه غير واحد، والذي يظهر لي أنه لا ينبغي هذا، وأن الأولى هو الإقبال على الصلاة والخشوع، ووضع اليدين على الصدر، اليمنى على اليسرى؛ على الكف اليسرى ورسغها وساعدها، متدبرا لما يقرؤه الإمام ومنصتا، هكذا أمرنا الله سبحانه: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (¬2) والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قرأ الإمام فأنصتوا (¬3)» فالسنة أن ينصت ولا يشتغل بشيء، لا بالمصحف ولا بغيره، بل يضع يمينه على شماله على صدره، خاشعا مطمئنا منصتا متدبرا، متعقلا لما يقرؤه الإمام، هذا هو الأفضل والأولى، وأما الاستماع له بالمصحف فأقل أحواله الكراهة. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (84). (¬2) سورة الأعراف الآية 204 (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب إذا قرأ الإمام فأنصتوا، برقم (847).

قراءة المأموم للفاتحة كل ركعة في التراويح

210 – حكم قراءة المأموم للفاتحة كل ركعة في التراويح س: يسأل المستمع ويقول: هل على المأموم أن يقرأ الفاتحة في كل ركعة أثناء صلاة التراويح مع الإمام، أم يكتفي بالإنصات لقراءة الإمام؟ مع العلم بأن الإمام يشرع في قراءة القرآن بعد الفاتحة مباشرة (¬1) ج: هذه مسألة خلاف بين أهل العلم، فمن أهل العلم من قال: يكفي قراءة الإمام. ولكن الراجح أنه يقرأ، والصواب أنه يقرأ، يقرأ الفاتحة ثم ينصت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم، قال: " لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬2)» وهذا عام، يعم الفرض والنفل، وهو حديث صحيح، مع عموم حديث: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬3)» فالمأموم يقرأ الفاتحة ثم ينصت، سواء كانت الصلاة جهرية أو سرية، هذا هو الصواب. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (392). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756) ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة برقم (394). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756) ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة برقم (394).

فضل القيام مع الإمام حتى ينصرف من الصلاة في رمضان

211 - بيان فضل القيام مع الإمام حتى ينصرف من الصلاة في رمضان س: هناك معنى لحديث شريف: من صلى العشاء والقيام وراء الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة. هل يعني ذلك في رمضان، أو في غيره أيضا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا صلى خلف الإمام في رمضان؛ لأن هذا ورد في رمضان كتب الله له قيام ليلة، إذا صلى معه حتى ينصرف فإنه يكتب له قيام ليلته، وهذا فيه تحريض على الجماعة، وترغيب في الجماعة لصلاة التراويح وصلاة القيام في العشر الأخيرة مع الإمام، أما في بقية الليالي فلا أعلم ما يدل على ذلك، لكن يرجى لمن صلى مع أخيه في بعض الليالي أو مع إخوة له، صلى معهم جماعة وأمهم بعضهم يرجى لهم في ذلك خير عظيم؛ لأن هذا فيه تعاون على البر والتقوى، فيرجى أن يعمهم الحديث كما لو كان ذلك في رمضان، أما فريضة العشاء فهذا فيه نص الحديث: «من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، وإذا صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله (¬2)» هذا في فضل الجماعة، والجماعة ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (329). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المسجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة، برقم (656).

واجبة، وفيها فضل عظيم.

س: من قام مع إمامه في صلاة التراويح، ولم يقم معه في التهجد آخر الليل هل يعتبر له قيام ليلة كاملة (¬1) ? ج: من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له قيام ليلة، إذا كان إمامه صلى بهم في أول الليل وأوتر بهم له قيام الليل، وإن صلى مع من صلى في آخر الليل زيادة فلا بأس، لكن لا يوتر وترين، إذا أوتر مع الأول لا يوتر مع الثاني، يصلي ما تيسر ولكن لا يوتر، إذا أوتر الثاني يصلي معه، ويشفعها بركعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (¬2)» هكذا قال صلى الله عليه وسلم، فإذا أوتر مثلا في الحرم، أو في غير الحرم مع الذي صلى أولا، إن كان الأول أوتر، وإن كان ما أوتر فالحمد لله، لكن إذا أوتر الأول وأوتر معه فلا يوتر مع الثاني، لكن يصلي مع الثاني ما تيسر ولا يوتر معه، فإن أوتر معه في الركعة الأخيرة شفعها ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (382). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الوترين في ليلة، برقم (1679).

بركعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (¬1)» اللهم صل عليه وسلم. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الوترين في ليلة، برقم (1679).

صلى التراويح مع الإمام وأراد أن يصلي في آخر الليل

212 - حكم من صلى التراويح مع الإمام وأراد أن يصلي في آخر الليل س: نرى من محبي الخير ومن فضلاء الناس الذين يصلون التراويح في رمضان مع الجماعة، إذا جاءت الشفع والوتر تركوا أمكنتهم، وانصرفوا إلى منازلهم، وإذا كان المسلم يصلي مع الجماعة في رمضان صلاة التراويح، وكانت له صلاة في آخر الليل فأيهما أحسن وأولى؛ يوتر مع الجماعة ويشفع وتره، أم يترك الشفع والوتر مع الجماعة ويوتر آخر الليل (¬1) ? ج: الأفضل له أن يكمل مع الإمام كما شرع الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم قال: «إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له بقية ليلته (¬2)» والرسول صلى الله عليه وسلم لما صلى بالصحابة في بعض الليالي إلى آخر الليل، وفي بعضها إلى نصف الليل قالوا: يا ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (28). (¬2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، برقم (20910)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في قيام شهر رمضان، برقم (1375)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في قيام شهر رمضان، برقم (806)، والنسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب من صلى مع الإمام حتى ينصرف، برقم (1364).

رسول الله، لو نفلتنا بقية ليلتنا، قال: «إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له بقية ليلته (¬1)» هذا هو الأفضل أنه يستمر مع الإمام حتى يوتر، ثم إذا صلى آخر الليل يكفي الوتر الأول، لا حاجة لوتر ثان، والحمد لله، ينصرف مع الإمام ويصلي ما تيسر في آخر الليل شفعا من دون وتر, ومن صلى مع الإمام فلما سلم الإمام قام وأتى بركعة، ثم جعل وتره آخر الليل فلا بأس بذلك، لكن هذا قد يثقل على بعض النفوس، وقد يخشى صاحبه أن يعد بهذا مرائيا، فالحاصل أنه إذا ختم بالوتر الحمد لله يكفي، وإن شفعه فلا حرج، وإن اكتفى ثم صلى في آخر الليل ما تيسر ركعتين، أو أربعا أو ستا أو ثمانيا، أو ما أشبه ذلك فلا حرج، ولا حاجة إلى وتر، يكفي الوتر الأول. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، برقم (20910)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في قيام شهر رمضان، برقم (1375)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في قيام شهر رمضان، برقم (806)، والنسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب من صلى مع الإمام حتى ينصرف، برقم (1364).

لا يسلم مع الإمام في الوتر ليوتر آخر الليل

213 - حكم من لا يسلم مع الإمام في الوتر ليوتر آخر الليل س: تقول السائلة: في صلاة التراويح، وبعد أن يصلي الإمام الوتر، وعند السلام لا نسلم معه، بل نقوم نصلي ركعة إضافية حتى لا يكون وترا؛ لأننا نرغب في تأخير الوتر إلى ما بعد النوم، فأيهما

أفضل: متابعة الإمام، أو تأخير الوتر (¬1) ? ج: الأمر واسع في هذا، من تابع فهو أفضل يسلم معه، له أجر ما فعل مع الإمام حتى ينصرف، ومن أتى بركعة وشفع بها وتره، وأوتر في آخر الليل فالأمر واسع بحمد الله، وإن سلم معه فلعله أفضل إن شاء الله، ثم هو يصلي بعد ذلك ما تيسر من دون وتر، يصلي ركعتين، يصلي أربعا، ثمانيا، أكثر، أقل، يسلم من كل ركعتين، وليس هناك حاجة للوتر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (¬2)» لكن يصلي ما تيسر، يسلم من كل ثنتين والحمد لله، وأما سلامه مع الإمام فهو يكون أفضل، وأبعد عن الرياء. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (384). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الوترين في ليلة، برقم (1679).

صلاة التراويح بسور معينة من القصار أو بآية أو آيتين

214 - حكم صلاة التراويح بسور معينة من القصار أو بآية أو آيتين س: أئمة بعض المساجد عندنا يصلون التراويح في وقت قصير، وعندهم سور ثابتة يقرؤون بها، فهم يقرؤون بالإخلاص في الركعة الثانية من كل ركعتين دائما، ولذلك تركنا صلاة التراويح خلفهم، فصلينا خلف جماعة من الشباب وحدنا، فبماذا

تنصحونا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: كل هذا لا بأس به، صلاة التراويح سنة مستحبة نافلة، والأفضل للإمام أنه يقرأ من أول القرآن، فإن تيسر له أن يختم ختم في الشهر حتى يسمع الجماعة جميع القرآن، ويتحرى الصوت الحسن، والترتيل وعدم العجلة، ولا يقتصر على السور القصيرة، بل من أول المصحف، من أول القرآن إلى آخره، حتى يسمعهم كلام ربهم عز وجل، وحتى لا يملوا، أما اقتصاره على السور القصيرة دائما فهذا تركه أولى إذا استطاع أن يقرأ، أما إذا كانوا عامة لا يستطيعون: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، يقرؤون ما تيسر ولو بالسور القصيرة، والحمد لله، لكن إذا تيسر أن يقرأ القرآن كله أو ما تيسر منه، يبدأ من الفاتحة والبقرة حتى ينهيه ويختمه في العشر الأخيرة، أو في آخرها هذا يكون أفضل، حتى يسمع الجماعة جميع القرآن، ولو من المصحف، ولا حرج في ذلك والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (313). (¬2) سورة التغابن الآية 16

س: السائل: أ. ر. س. ع. من اليمن، يقول: هل تجوز الزيادة عن ثماني ركعات في صلاة التراويح؟ وإن كانت تجوز فما أقصى

عدد لها (¬1) ? ج: الرسول عليه السلام لم يشترط عددا معينا، بل قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فمن خشي الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (¬2)» فليس في هذا حد محدود، فإذا أوتر بتسع أو بخمس أو بسبع أو بأكثر، لكن الأفضل إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة؛ لأن هذا هو الغالب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولو أوتر بثلاث وعشرين أو بأكثر من هذا فلا بأس، لكن الأفضل إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين؛ لأن هذا هو الغالب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (412). (¬2) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422).

س: توجد بعض القرى الصغيرة، في صلاة التراويح، في شهر رمضان يقوم الإمام بقراءة آية أو آيتين على الأكثر في كل ركعة، وهناك من يقرأ في كل ركعة: ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1)) في جميع الركعات، فهل الصلاة صحيحة والحال ما ذكر (¬2) ? ج: الصلاة صحيحة، لكن الأفضل أن يقرأ بهم من أول القرآن، ما ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1 (¬2) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (352).

تيسر، وإذا تيسر أنه يختم في رمضان فهو أفضل وأكمل، وأما الإجزاء يجزئ إذا قرأ آية أو آيتين، أو قرأ بعض السور، كل ذلك لا بأس به، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1)، والله يقول سبحانه: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} (¬2)، فليس في صلاة التراويح حد محدود في القراءة، بل يقرأ ما تيسر مع الفاتحة. أما كونه يقرأ سورة الإخلاص في كل ركعة، فإذا كان ما عنده غيرها لا حرج، أما إن كان عنده غيرها فالأفضل أن يقرأ من السور الأخرى، وتكون ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3)) في الوتر خاصة، تقرأ في الركعة الأخيرة، هذا هو الأفضل. س: سماحة الشيخ، يلجأ بعض الأئمة إلى هذه الطريقة؛ كونهم لم يحفظوا القرآن الكريم، فهل يجوز أن يقرؤوا من المصحف، ويصلوا بالناس التراويح (¬4) ? ج: نعم، يقرؤون من المصحف، الذي لا يحفظ يقرأ من المصحف، والحمد لله، كان مولى لعائشة رضي الله عنها يصلي بها من المصحف ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16 (¬2) سورة المزمل الآية 20 (¬3) سورة الإخلاص الآية 1 (¬4) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (352).

ولا حرج في ذلك.

صلاة التراويح بأربع تسليمات والوتر ثلاث ركعات بتسليمة واحدة

215 - حكم صلاة التراويح بأربع تسليمات والوتر ثلاث ركعات بتسليمة واحدة س: السائل: ب. م. س. من الرياض، يقول: صلى بنا الإمام ذات مرة صلاة التراويح أربع تسليمات، ثم صلى بنا الوتر بتسليمة واحدة وثلاث ركعات الوتر، فهل عمله صحيح (¬1) ? ج: هذا أفضل، إذا صلى إحدى عشرة أربع تسليمات، ثم الوتر ركعتين ثم ركعة إحدى عشرة الجميع، هذا هو الغالب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، يصلي ثنتين ثنتين، هذه ثمان، ثم ثنتين فيها (سبح) و (الكافرون) ثم الواحدة فيها ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2)) هذا هو الأفضل، وإن صلى ثلاث عشرة فلا بأس، وإن سرد الثلاث: (سبح) و ({قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬3)) سردها جميعا فلا بأس، لكن لا يشبهها بالمغرب، بل يسردها جميعا بسلام واحد ولا بأس، والأفضل أن يسلم من كل ثنتين، كما سلم في الأربعة الأولى من كل ثنتين، كذلك يقرأ (سبح) و (الكافرون) ويسلم، ثم يأتي بواحدة يقرأ فيها ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬4)) ويسلم ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (420). (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة الكافرون الآية 1 (¬4) سورة الإخلاص الآية 1

مع الفاتحة، هذا هو الأفضل، والواحدة وحدها مستقلة، وإن جمعها مع الثنتين سرد الثلاث جميعا فلا حرج، فعل النبي هذا وهذا، اللهم صل عليه وسلم.

صلى مع الإمام أربع ركعات في التراويح ولم يكمل مع الإمام

216 - من صلى مع الإمام أربع ركعات في التراويح ولم يكمل مع الإمام س: يسأل السائل ويقول: من يصلي مع الإمام أربع ركعات أو ستا وهكذا، ولا يكمل مع الإمام بقية الصلاة فهل يكتب له أجر القائم مع الإمام، ويكتب له قيام ليلة؟ وما حكم من يصلي الوتر فقط في رمضان (¬1) ? ج: له أجر ما صلى، ولا يكتب له قيام ليلة إلا إذا كمل مع الإمام حتى ينصرف الإمام، يكتب له قيام ليلة، أما إذا صلى معه تسليمة أو تسليمتين فله أجرها، كلها نافلة، لكن الأفضل أن يكمل معه حتى يحصل له فضل قيام الليل. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (420).

عدد ركعات صلاة التراويح

217 - بيان عدد ركعات صلاة التراويح س: نحن فئة من المسلمين، نصلي في شهر رمضان صلاة التراويح

إحدى عشرة ركعة، وقد أنكر علينا بعض المسلمين ويقولون: إنها إحدى وعشرون ركعة، كما فعل عمر رضي الله عنه. وضحوا لنا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: التراويح في رمضان بابها واسع، قد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة ركعة، كما روت عائشة رضي الله عنها ذلك، وصلى ثلاث عشرة، وصلى أقل من ذلك عليه الصلاة والسلام، وصلاها عمر والمسلمون إحدى عشرة، وصلوها ثلاثا وعشرين، كل هذا واقع، والأمر في هذا واسع والحمد لله، فإن صلوها ثلاثا وعشرين كما فعل عمر والصحابة فلا بأس، وإن صلوها إحدى عشرة كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، أو ثلاث عشرة هذا أفضل، وقد فعله عمر والصحابة في بعض الأوقات، فعلوا هذا وهذا، فالأمر واسع في هذا، وإن صلوا أكثر من ثلاث وعشرين؛ كأربعين والوتر، أو أكثر أو أقل فلا بأس بذلك، لكن الأفضل فعله صلى الله عليه وسلم، وهو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، سواء كان في أول الليل أو في وسط الليل أو في آخر الليل، كله واسع والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (155).

س: في شهر رمضان نصلي بعد العشاء إحدى عشرة ركعة بصلاة الوتر، فهل عملنا هذا من قيام الليل (¬1) ? ج: نعم، هذا أفضل ما يكون، إحدى عشرة هذا أفضل ما يكون من القيام، كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ على هذا في جميع السنة، هذا هو الأغلب من فعله إحدى عشرة، وربما صلى ثلاث عشرة، وربما صلى أقل من ذلك، كما تقول عائشة رضي الله عنها، إن هذا هو الغالب من شأنه صلى الله عليه وسلم، إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين في رمضان وفي غيره، وإذا صلى الناس أكثر من ثلاث عشرة، أو عشرين أو أكثر فلا حرج، الأمر واسع بحمد الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح أوتر بركعة واحدة (¬2)» صلى ركعة توتر له ما قد صلى، ولم يحدد للناس ركعات معينة؛ فدل على أنه لو صلى ثلاث عشرة، أو خمس عشرة، أو عشرين فلا حرج في ذلك، يسلم من كل ثنتين، لكن الأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة؛ لأن هذا هو الغالب من فعل النبي ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (350). (¬2) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422).

عليه الصلاة والسلام.

الأفضل لحافظ القرآن في صلاة التراويح

218 - بيان الأفضل لحافظ القرآن في صلاة التراويح س: السائل: أ. ع، من القصيم، يقول: ما الأفضل للإمام: المتقن القراءة حفظا، أم من المصحف، وخصوصا في صلاة التراويح (¬1) ? ج: إذا كان حافظا فالأفضل عن ظهر قلب، إذا كان حافظا يقرأ عن ظهر قلب؛ لأن هذا أجمع لقلبه على القراءة. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (421).

الفتح على الإمام في الصلاة إذا أخطأ في القراءة

219 - حكم الفتح على الإمام في الصلاة إذا أخطأ في القراءة س: هذا السائل يقول: سماحة الشيخ، أنا أصلي خلف إمام حافظ لكتاب الله عز وجل في صلاة التراويح، وغيرها من الصلوات الجهرية، وأفتح عليه إذا أخطأ، ويقول الإمام: لا تفتح علي في الكلمات القصيرة. فنرجو من سماحتكم التوجيه في ذلك (¬1) ج: المشروع أن تفتح عليه ولو قال: لا تفتح علي. إذا غلط يفتح عليه حتى يعلم المصلون في الآية التي ترك، أو الحرف الذي ترك، فالفتح ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (434).

عليه من باب التعاون على البر والتقوى، ولا ينبغي له أن يكره ذلك، بل ينبغي له أن يشكره.

س: يسأل السائل ويقول: البكاء من خشية الله أمر طيب، ولكن في صلاة التراويح نسمع بكاء مرتفعا يشوش على المصلين، فما حكم هذا البكاء المرتفع؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: المشروع للمؤمن أن يجاهد نفسه حتى لا يشغل المصلين ببكائه، ويكون بكاؤه بصوت منخفض، هذا هو المشروع له، ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يسمع «لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء (¬2)» ولكن لا يكون رفيعا يؤذي الناس، وربما دمعت عيناه من دون صوت، فالحاصل أن المؤمن يجاهد نفسه، حتى لا يتأذى أحد ببكائه، وأما إذا غلبه ولم يستطع فهذا لا يضره ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (409). (¬2) أخرجه أحمد في مسند المدنيين رضي الله عنهم من حديث مطرف بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه برقم (15877)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب البكاء في الصلاة برقم (904)، والنسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب البكاء في الصلاة برقم (1214).

نصيحة لمن يذهب إلى المساجد البعيدة عنه

220 - نصيحة لمن يذهب إلى المساجد البعيدة عنه س: كثير من الناس – هداهم الله – يذهبون في رمضان للمساجد البعيدة عن بيوتهم؛ لأداء صلاة التراويح، طلبا لحسن الصوت لبعض الأئمة، لكن المشكلة – يا سماحة الشيخ – هو بأنهم يذهبون متأخرين جدا، فنراهم قد تفوتهم صلاة العشاء، فيقضون جماعات في آخر المسجد، هل من كلمة لهؤلاء سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: نعم، نصيحتي للجميع أن يتقوا الله، وأن يحرصوا على أداء الفريضة، وإذا ذهب بعد الفريضة، أو مبكرا حتى يدرك الفريضة إلى شخص آخر يرى أن صوته أحسن، وأنه يخشع لقراءته، ويستفيد فلا بأس، ولو كان بعيدا عن بيته، لكن يحرص على أداء الفريضة، لا تفوته الفريضة؛ إما أن يصليها في المساجد القريبة، وإما أن يبكر حتى يصلي مع ذاك الإمام الفريضة، ولا يعرض نفسه لأن تفوته الفريضة؛ لأن الفريضة فرض عليه، والتراويح مستحبة، فلا يضيع الفرض لأجل المستحب، يجب أن يعتني بالفريضة، حتى يؤديها مع إخوانه المسلمين، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (380).

وإذا أحب أن يصلي مع شخص آخر فليبكر، يذهب قبل العشاء حتى يدرك الفريضة معه، أو بعد العشاء إذا صلى الفريضة فلا بأس.

صلاة التراويح في البيت

221 - حكم صلاة التراويح في البيت س: يسأل ويقول: هل تجوز صلاة التراويح في البيت إذا كان الإمام ليس حافظا للقرآن، أو حافظا لبعض السور، والبعض الآخر يخطئ فيها (¬1) ? ج: لا بأس بها في البيت، ولكن في المسجد أفضل، السنة الصلاة في المساجد، كما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وفعلها الصحابة، وهي نافلة، لكن المساجد أفضل، فإذا كان الإمام لا يصلح يبدل بإمام أصلح منه، ولو يقرأ من المصحف، ولو قرأ من المصحف لا بأس، فإقامتها في المساجد هي السنة، وهي التي درج عليها السلف الصالح، ولو صلى في بيته فلا حرج. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (. . .).

صلاة التراويح للمنفرد

222 - حكم صلاة التراويح للمنفرد س: هل لي أن أصلي التراويح وأنا منفرد (¬1) ? ج: صلاة التراويح في جماعة أفضل، والنبي صلى الله عليه وسلم صلاها بالصحابة جماعة عدة ليال، ثم ترك ذلك، وقال: «ولكني خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها (¬2)» فلما توفي صلى الله عليه وسلم، وانقطع الوحي جمع الناس عمر على إمام واحد، يصلي بهم في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة (¬3)» والأفضل أن تصلي مع الجماعة؛ لأن هذا فضل عظيم، وإن صليتها في بيتك فلا بأس؛ لأنها نافلة، ومن صلاها مع الجماعة حصل له فضل الجماعة، وحصل له فضل قيام الليل كله إذا قام مع الإمام حتى ينصرف. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (314). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب من قال في الخطبة بعد الثناء أما بعد، برقم (924)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، برقم (761). (¬3) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، برقم (20910)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في قيام شهر رمضان، برقم (1375)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في قيام شهر رمضان، برقم (806)، والنسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب من صلى مع الإمام حتى ينصرف، برقم (1364).

س: ما حكم صلاة التراويح في رمضان بالنسبة للرجل المنفرد في بيته؟ وما عدد ركعاتها؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: قيام رمضان سنة في المساجد، يقول صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه (¬2)» كونه يقوم رمضان مع إخوانه في المساجد أفضل، وإن صلى في بيته فلا حرج، وليس لها حد محدود، لكن الأفضل إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، هذا الأفضل، وإن صلى أكثر: عشرين والوتر، ثلاثين والوتر، أربعين والوتر ما فيه حرج والحمد لله، لكن أفضلها هو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا كثير، ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، هذا هو الأفضل، سواء صلاها في أول الليل، أو في وسط الليل، أو في آخر الليل، أو فرقها، صلى بعضها في أوله، وبعضها في وسطه، أو بعضها في أوله، وبعضها في آخره، كل هذا لا حرج فيه، وهكذا في المساجد، إذا صلوها جميعا في أول الليل، أو صلوها في آخر الليل، أو بعضها في أول الليل، وبعضها ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (380). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب تطوع قيام رمضان من الإيمان، برقم (37)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، برقم (759).

في آخر الليل كل هذا بحمد الله لا حرج فيه، الأمر موسع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما شرط شيئا، قال: «من قام رمضان (¬1)» ولما دخلت العشر أحياها كلها عليه الصلاة والسلام، فالأمر في هذا واسع، إذا أحيا العشر كلها من أولها إلى آخرها هذا أفضل، وإن استراح بينها لا بأس، وإذا صلى التراويح في أول الليل، أو اتفقوا على أن يصلوها في آخر الليل، كل ذلك لا بأس به، الحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب تطوع قيام رمضان من الإيمان، برقم (37)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، برقم (759).

س: أرجو من سماحتكم إرشادي عن صلاة التراويح، هل الأفضل فيه أن يصلي المرء منفردا، أم لا بد من الجماعة؟ وهل لا بد أن تكون القراءة جهرية؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الجماعة أفضل، كونه يصلي جماعة للتراويح في رمضان، يصليها جماعة كما صلاها النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة أفضل، والقراءة تكون جهرية أفضل، وإن أسر فلا حرج، لكن الجهرية هي السنة، والنبي جهر والصحابة جهروا، صلاة الليل كلها جهرية، وصلاة النهار كلها سرية، إلا صلاة الفجر فإنها جهرية، وصلاة الجمعة جهرية، وصلاة العيد جهرية، ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (264).

وصلاة الكسوف جهرية، وصلاة الاستسقاء جهرية، وإن كان في النهار، لكن صلاة الظهر والعصر تكون سرية، المقصود أن السنة في التراويح أن تصلى مع الجماعة في المساجد، هذا هو الأفضل؛ تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم، والسنة للإمام أن يجهر بالقراءة، وإن صليت في بيتك فلا بأس، والسنة أن تجهر بالقراءة.

صلاة التراويح لمن لا يسمعون الأذان بسبب البعد

223 - حكم صلاة التراويح لمن لا يسمعون الأذان بسبب البعد س: ح. أ. ح، من الخرج، يسأل ويقول: ما الحكم في شخص أو أشخاص لا يسمعون الأذان إلا من خلال الإذاعة، ومواعيد الصلاة المدونة في النتائج، ماذا يفعلون في صلاة القيام في شهر رمضان، علما بأن المسجد الموجود في المكان يبعد عن العمل حوالي ثلاثة كيلو أمتار (¬1) ج: يصلون في مكانهم والحمد لله بعد صلاة العشاء، إذا صلوا العشاء صلوا ما يسر الله لهم من القيام، ولا حاجه لذهابهم إلى مسجد بعيد يصلون في مكانهم والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (345).

تأخير التراويح إلى آخر الليل

224 - حكم تأخير التراويح إلى آخر الليل س: هل يجوز أن أؤخر صلاة التراويح إلى آخر الليل (¬1)؟ ج: نعم لا بأس بذلك، إذا تيسر هذا فهو أفضل آخر الليل، ولكن المسلمين يصلونها أول الليل؛ لأنه أنشط لهم، وأقرب إلى القيام بها؛ لأن كثيرا من الناس لو نام ما قام في آخر الليل، فالمقصود أنه إذا تيسر أن تؤدى في آخر الليل فذلك أفضل. ¬

_ (¬1) ورد هذا السؤال بالشريط رقم (299).

س: أنا أعمل في محل لبيع الملابس، وصاحب هذا المحل يعترض على صلاة التراويح في المسجد؛ بحجة أن المحل يغلق كل ذلك الوقت، إذ لم يبع شيء طوال تلك الفترة، فهل يجوز أن أصلي وحدي بعد انتهاء العمل في البيت؟ (¬1) ج: صلاة الليل موسع فيها والحمد لله، تصليها في بيتك أو مع الناس، فإذا كان العمل في وقت التراويح فيلزمك أن تعمل في وقت التراويح؛ لأنك تأخذ أجرة على ذلك، والتراويح نافلة، فالواجب عليك ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (341).

أن تعمل بالعقد الذي بينك وبين صاحبك، إذا كان العقد يتضمن أنك تباشر العمل بعد صلاة الفريضة صلاة العشاء، فعليك أن تباشر عملك ولا تتركه إلا بإذنه إذا سمح لك، وفي إمكانك أن تصلي تهجدا بالليل في بيتك والحمد لله.

قول نسأل الهدى والرضا والعفو عما مضى بعد كل تسليمة من التراويح

225 - حكم قول: نسأل الهدى والرضا والعفو عما مضى، بعد كل تسليمة من التراويح س: السائل: ب. أ، من السودان يقول: البعض من الناس يدعون بعد كل ركعتين من صلاة التراويح بهذه الصيغة: نسأل الله الهدى والرضا والعفر عما مضى (¬1) ج: ليس لهذا أصل، ومن دعا فلا بأس بما يسر الله له من الدعاء، ولكن ليس هناك دعاء خاص بين التسليمتين، ولكن من دعا فلا حرج، أما شيء خاص فلا، هذا الدعاء أو غيره. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (396).

س: الأخ: ح. س، من الدمام، الظهران يقول: أنا أشتغل في مجمع تجاري مكون من محطة بنزين، وبقالة وكبينة، وأشتغل في

الكبينة، وبجانبنا مسجد صغير، ولا يصلون صلاة التراويح فيه، وبعد صلاة العشاء يذهبون إلى إعمالهم، ماذا أفعل؟ هل أصلي بعد صلاة العشاء التراويح وحدي؟ وهل من إرشاد (¬1) ج: أنت مخير، إن صليت وحدك فأنت مأجور، أو صليت في بيتك كله طيب ما دام لا توجد جماعة، وإن ذهبت إلى مسجد آخر فلا بأس؛ لأن التراويح نافلة، ما هي بفريضة، صليتها في المسجد، أو في بيتك، أو في مسجد آخر كله واسع، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (435).

س: يقول السائل: ما الوارد في عدد ركعات التراويح في رمضان؟ (¬1)؟ ج: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد في رمضان، ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، وربما صلى ثلاث عشرة، كما قالت عائشة رضي الله عنها، ما ورد: ثلاث عشرة. هذا هو الثابت، وإن صلى أكثر فلا باس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬2)» ولم يحدد، لكن فعله صلى الله عليه وسلم، كان يصلي إحدى عشرة، وربما ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (435). (¬2) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422).

صلى ثلاث عشرة، يسلم في كل ثنتين، ويوتر بواحدة في رمضان وفي غيره، ومن صلى عشرين وأوتر بثلاث، أو صلى ثلاثين، أو أربعين وأوتر بواحدة، أو بثلاث كله لا بأس به؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (¬1)» ¬

_ (¬1) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422).

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء للخلفاء بعد كل ركعتين من التراويح

226 - حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء للخلفاء بعد كل ركعتين من التراويح س - في التراويح حدث عندنا أنه بعد السلام من الركعتين الأوليين يقرأ الإمام الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو فيها للخلفاء بعد كل ركعتين، فما حكم هذا العمل (¬1)؟ ج: الذي ينبغي تركه، ولا أصل له، بل هو من البدع. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (291).

قراءة قل هو الله أحد ثلاث مرات بين التسليمات في التراويح

227 - حكم قراءة ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1)) ثلاث مرات بين التسليمات في التراويح س: الأخ: س. ح. ن. من جمهورية مصر العربية، يقول: إنه لاحظ ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1

أن إمامهم في صلاة التراويح، بين كل أربع ركعات يقرأ سورة ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1)) ثلاث مرات بصورة جماعية، فهل هذا العمل مشروع (¬2)؟ ج: هذا بدعة، ما يصلح، أما كونه يستريح قليلا بعد كل تسليمتين فهذا لا بأس به، وأما أنه يقرأ ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3)) أو غيرها بصورة جماعية، أو غير جماعية قراءة جهرية فإن هذا بدعة، بل يجلس يستريح ثم يقوم، ولا يأتي ببدعة، لا بقراءة ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬4)) ولا غيرها، ولا أعمال خاصة جماعية، أو يجهر بها يعلمها الناس على غير دليل، الحاصل أنه إنما يجلس للاستراحة فقط، ثم يقوم إذا أحب ذلك، أما أنه يقرأ ({قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬5)) بصورة جماعية، أو يقرأ غيرها من السور، أو بعض الأحاديث بصورة جماعية، أو ألفاظ بصورة جماعية فهذا لا أصل له. ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1 (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (258). (¬3) سورة الإخلاص الآية 1 (¬4) سورة الإخلاص الآية 1 (¬5) سورة الإخلاص الآية 1

الدعاء الجماعي بعد التراويح

228 - حكم الدعاء الجماعي بعد التراويح س: لدينا عادة في شهر رمضان المعظم عقب صلاة التراويح، أننا ندعو دعاء جماعيا يردده المصلون، ويختمون به الصلاة، فما

حكم هذا العمل (¬1)؟ ج: مثل ما تقدم، هذا بدعة، لا الذكر ولا الدعاء لا يكون جماعيا، كل واحد يدعو لنفسه وللمسلمين بينه وبين ربه جل وعلا، لا يكون دعاء جماعيا، ولا ذكرا جماعيا. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (216).

قام من الركعة الثانية إلى الثالثة في التراويح سهوا

229 - حكم من قام من الركعة الثانية إلى الثالثة في التراويح سهوا س: إذا سها الإمام في صلاة التراويح، وقام بعد الركعة الثانية هل يرجع، أم يكمل إلى الركعة الرابعة (¬1)؟ ج: يرجع إذا قام في التراويح، وقد نوى ثنتين فقام إلى ثالثة ينبه، وعليه أن يرجع، كما لو قام للثالثة في الفجر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬2)» فإذا كان قد نوى ثنتين – كما هي العادة في التراويح وهو السنة – فإذا قام إلى الثالثة ينبه أو تنبه هو فإنه يرجع، ولو كان في أثناء القراءة، ولو بعد الركوع يرجع ويجلس، يقرأ التحيات، يكملها والصلاة على النبي والدعاء، ثم يسلم ثم يقوم ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (19). (¬2) رواه البخاري في (الجمعة) برقم (936)، ومسلم في (صلاة المسافرين) برقم (1239)، والترمذي برقم (401)، والنسائي برقم (1648)، وأبو داود برقم (1211)، وابن ماجه برقم (1164)، وأحمد برقم (4263)، ومالك برقم (241)، والدارمي برقم (1422).

للتسليمة التي بعدها، كما لو فعلها في الفجر أو الجمعة يرجع.

كيفية التشهد في صلاة التراويح

230 - كيفية التشهد في صلاة التراويح س: هل نقرأ في السنة، التراويح مثلا، التشهد الأخير فقط، أو نقرأ التشهد الأول والأخير (¬1)؟ ج: التشهد الأول والأخير جميعا في كل الركعتين، في التراويح والنوافل، قرأ المصلي التشهد، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويتعوذ بالله من الأربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، ويسأل ربه ما تيسر من الدعوات الطيبة، ويستعيذ بالله من الشر، ويسأله الخير، والتحيات محل دعاء، إذا فرغ من التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، محل دعاء في الفرض والنفل، وإذا دعا فهو أفضل، ويجتهد في الدعاء، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ويحث الناس على الدعاء، يقول عليه الصلاة والسلام: «ثم تخير بعد من الكلام ما شاء (¬2)» هذا سنة مشروعة في الفرائض والنوافل، قبل أن ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (317). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، باب السلام اسم من أسماء الله تعالى، برقم (6230)، واللفظ له، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402).

يسلم وفي السجود أيضا، يشرع الدعاء في السجود، يقول صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (¬1)» وهذا الدعاء يكون بعد قول: سبحان ربي الأعلى. ثلاث مرات، ويقول صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد (¬2)» ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482).

صلاة التراويح إذا حصل جمع تقديم للمغرب والعشاء

231 - حكم صلاة التراويح إذا حصل جمع تقديم للمغرب والعشاء س: السائل: أ. ع، من القصيم، يقول: إذا حصل مطر فهل يجمعون المغرب والعشاء والتراويح جمع تقديم، إذا كانوا في رمضان (¬1)؟ ج: نعم، إذا كان مطر، أو مشقة بالدحض والزلق في الأسواق فالأفضل الجمع تسهيلا على الناس، وإذا جمع صلى التراويح بعد العشاء؛ لأنه صار وقتها واحدا، فإذا جمع بينهما في وقت المغرب صلوا التراويح بعد ذلك، لا بأس والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (421).

بيان عدم وجوب صلاة التراويح وقيام الليل

232 - بيان عدم وجوب صلاة التراويح وقيام الليل س: الأخت: س. و. ح. تسأل وتقول: هل صلاة التراويح واجبة على النساء؟ وهل قيام الليل واجب في رمضان، أو في غيره من الشهور؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ليست صلاة التراويح واجبة، وهكذا قيام الليل ليس بواجب، لا في رمضان ولا في غيره، ولكنه سنة مؤكدة، فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، ورغب فيها عليه الصلاة والسلام، وكان يصلي في الليل في السفر والحضر الوتر عليه الصلاة والسلام، لكن ليس بواجب، وأقل ذلك ركعة واحدة بعد العشاء، أو في آخر الليل، وكلما زاد فهو أفضل، وكان صلى الله عليه وسلم في الغالب يوتر بإحدى عشر ركعة، يصلي من كل ثنتين ويوتر بواحدة، وربما أوتر بثلاث عشرة، وربما أوتر بأقل من ذلك، عليه الصلاة والسلام، فالسنة للمؤمن والمؤمنة التهجد بالليل ولو بركعة واحدة، أو بثلاث ركعات، كذلك سنة الضحى، وكذلك تراويح رمضان وقيام رمضان، كله سنة. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (292).

صلاة المرأة في المسجد في رمضان وغيره

233 - حكم صلاة المرأة في المسجد في رمضان وغيره س: هل يجوز للمرأة أن تصلي في المسجد كشهر رمضان المبارك؟ وهل لها أن تتعطر وتتبخر (¬1)؟ ج: لها تصلي مع الناس في المسجد، ومع العناية بالتستر والحجاب، والبعد عن أسباب الفتنة وعدم التعطر والتبخر؛ لأنها تسير في الطرقات، فيحصل بها فتنة، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن حضور الصلاة لمن تعطرت، نهى: قال: من مست طيبا فلا تحضر معنا الصلاة، وفي اللفظ الآخر: «أيما امرأة أصابت بخورا فلا تصلي معنا العشاء (¬2)» هكذا قال عليه الصلاة والسلام، المقصود أنها إذا أرادت الخروج للصلاة مع الناس ليس لها التعطر ولا التبخر، وعليها مع ذلك أن تعتني بالستر والحجاب، وأن تخرج في زي لا يفتن الناس، وفي الحديث: «وهن تفلات (¬3)» يعني غير متطيبات، وليس هناك زينة تفتن ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (219). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد، برقم (444). (¬3) أخرجه أحمد في مسند المكثرين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه حديث رقم (9794)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد، برقم (565)، والدارمي في كتاب الصلاة، باب النهي عن منع النساء عن المساجد، برقم (1279).

الناس، وإلا فبيتها خير لها وأفضل.

س: هل يجوز للمرأة أن تصلي في المسجد مع الرجال صلاة التراويح (¬1)؟ ج: نعم، يستحب لها ذلك إذا كانت تخشى الكسل في بيتها، وإلا فبيتها أفضل، لكن إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا حرج، كانت النساء يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس، ولكن يقول: «إن بيتهن خير لهن (¬2)» لكن بعض النساء قد تكسل في بيتها؛ تضعف، فإذا كان خروجها إلى المسجد متسترة متحجبة بعيدة عن التبرج؛ بقصد الصلاة وسماع الفضل من أهل العلم فهي مأجورة في هذا؛ لأن هذا مقصد صالح. س: يتحدث الناس كثيرا – سماحة الشيخ – عن صلاة النساء للتهجد ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (299). (¬2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5445)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد، برقم (567).

أو التراويح في المساجد، هل من كلمة حول هذا لو تكرمتم (¬1)؟ ج: لا بأس بذلك في أن يصلي التراويح والتهجد النساء مع المسلمين في المساجد، لكن مع العناية بالحجاب، والتحرز من الفتنة وعدم الأطياب التي يمررن بها في الأسواق، تكون متحرزة من الطيب، ومن التبرج، ومن إظهار المحاسن، بل تكون متحجبة متسترة بعيدة عن أسباب الفتنة، وإلا فبيتها خير لها، بيتها أولى بها وأخير لها، ولكن إذا دعت الحاجة إلى الخروج؛ لأنها تكسل في بيتها، أو لأنها تريد أن تسمع المواعظ والذكر فهذا لا بأس به، لكن بهذا الشرط؛ التحفظ والعناية والتستر، والبعد عن أسباب الفتنة؛ لا من جهة الطيب، ولا من جهة الملابس، ولا من جهة إظهار المحاسن. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (84).

إحضار النساء للبخور وتبخير المسجد عند صلاة التراويح

234 - حكم إحضار النساء للبخور وتبخير المسجد عند صلاة التراويح س: بعض النساء تحضر معها المبخرة والبخور في المسجد في صلاة التراويح في رمضان، ثم تقوم بتبخير المسجد، وتبخير المصليات، ما هو توجيهكم لهن في هذا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (313).

ج: الذي ينبغي عدم فعل ذلك؛ لأنهن بعد الصلاة يخرجن إلى السواق ومعهن الطيب، فينبغي ترك ذلك؛ حتى لا يحصل فتنة عند خروجهن متطيبات من المسجد عند خروج الناس، ولكن يصلين مع الناس بدون طيب؛ لا عند المجيء، ولا عند الخروج؛ عملا بالأحاديث الصحيحة في ذلك.

صلاة المرأة للتراويح في بيتها

235 - حكم صلاة المرأة للتراويح في بيتها س: هل يصح للمرأة أن تصلي التراويح في بيتها، وذلك بأن تقرأ القرآن عن طريق سماعها إياه من الراديو، لا أن تتابع الإمام في كل شيء، إنما فقط لقراءة القرآن في صلاتها (¬1)؟ ج: صلاة المرأة في بيتها أفضل في جميع الأحوال؛ في الفرض والنفل، في رمضان وفي غيره، لكن إذا صليت مع الرجال؛ لأنه أنشط لها في التراويح مثلا، أو في بعض الفرائض؛ لتسمع الفائدة والعلم مع الحجاب والتستر، والبعد عن أسباب الفتنة هذا كله لا بأس به، وقد كان جماعة من النساء يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم الفرائض وهن متحجبات ومتحفظات، يسمعن الفائدة، ويسمعن العلم، ويرجعن إلى ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (129).

بيوتهن في غاية من التستر، والبعد عن الفتنة، وهكذا رمضان إن صلت في بيتها، ونشطت على ذلك فذلك أفضل لها، وإن صلت مع الرجال؛ لتسمع القرآن ولتنشط على العبادة، ولتسمع الفائدة عند قيام الإمام، أو غيره بالموعظة فهذا كله طيب؛ بشرط أن تكون حريصة على البعد عن أسباب الفتنة من الطيب الذي تمر به الرجال، ومن إظهار الزينة والمحاسن والتبرج، فإذا كانت بعيدة عن هذه الأمور متحفظة متحجبة، بعيدة عن أسباب الفتنة فلا حرج عليها في الصلاة في المسجد لهذه الفوائد، ولهذه المصالح.

إمامة المرأة للنساء في صلاة التراويح في البيت وكيفية ذلك

236 - حكم إمامة المرأة للنساء في صلاة التراويح في البيت وكيفية ذلك س: السائلة تقول: هل للمرأة أن تصلي التراويح في بيت ليس فيه رجال مع جمع من أخواتها (¬1)؟ ج: نعم، يشرع لهن ذلك، يصلين التراويح، أو العشر الأخيرة، يقمنها جماعة، أو فرادى، كله طيب، وإذا صلين مع الرجال متسترات ومتحفظات فلا بأس، كله طيب، وإذا قرأت جهرا بحيث لا يسمعها أحد، هي تقرأ جهرا تسمع النساء لا بأس، وتكون في وسطهن، لا ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (254).

أمامهن، تكون في الوسط، وتقرأ وتجهر، حتى يسمعن. س: أختكم في الله: م. س، تقول: أريد أن أعرف كيفية صلاة التراويح بالنسبة للمرأة بدون إمام، أي في بيتها، هل تكون جهرا؟ وهل تستطيع النساء أن يصلين جماعة في بيوتهن (¬1)؟ ج: نعم، صلات التراويح يسلم من كل ثنتين في البيوت، تصلي المرأة بهن، وتكون في وسطهن لا أمامهن، بل وسطهن، تكبر وترفع صوتها بالقراءة، حتى يستفدن منها، وهذا مشروع؛ فقد روي عن عائشة وغيرها، ومن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أم ورقة أن تؤم أهل دارها (¬2) إذا صلى النساء في بيوتهن جماعة في رمضان، أو في أوقات التي تصلين فيها الفريضة، كله حسن وكله طيب. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (312). (¬2) بدائع الصنائع 7/ 245، والقوانين الفقهية ص 227، وشرح المحلى على منهاج الطالبين 4/ 124، والسياسة الشرعية لابن تيمية ص 89.

المجلد العاشر

تكملة باب صلاة التطوع

صفحة فارغة

تكملة باب صلاة التطوع 1 - حكم دعاء الاستفتاح في كل ركعة من صلاة التراويح س: يسأل السائل، يقول: ما حكم قراءة دعاء الاستفتاح في كل ركعة من صلاة التراويح (¬1)؟ ج: الاستفتاح مشروع للإمام والمأموم إذا تيسر ذلك، فإن كان الإمام يبتدئ القرآن من حين يكبر لا يستفتح، فالمأموم كذلك لا يستفتح، ينصت، أو بدأ في القراءة والمأموم ما استفتح فإنه لا يستفتح بل ينصت، أما إذا استفتح الإمام واستفتح المأموم فهذا هو الأفضل كالفريضة، لكن لو كان الإمام لم يستفتح، ترك السنة فلا حرج؛ لأن الاستفتاح ليس بواجب، وإنما هو سنة مستحبة، وكذلك لو استعجل الإمام، بأن استفتح لكن صار أعجل من المأمومين، والمأموم تأخر، لم يستفتح حتى شرع الإمام فإنه لا يستفتح المأموم، بل ينصت ويستمع إلى القراءة، ولكن ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (252).

يقرأ الفاتحة، كلهم يقرأ الفاتحة، الواجب قراءة الفاتحة على الجميع، حتى ولو كان الإمام يقرأ، تقرأ أيها المأموم، تقرأ الفاتحة ثم تنصت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم " قلنا: نعم، قال: " لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬1)» فالمأموم يقرؤها في الفريضة والنافلة، يقرؤها سرا، ثم ينصت لإمامه في قيام رمضان، وفي الفجر، وفي المغرب والعشاء، وفي الجمعة، المأموم عليه أن يقرأها، هذا هو الصواب، ثم ينصت. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب، برقم (823).

س: إذا بدأ الإمام بصلاة التراويح، وقرأ دعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام، ثم شرع في قراءة الفاتحة، ثم فيما بعدها من القرآن الكريم، ثم أتى بالركعة الثانية، ثم سلم فبدأ بتكبيرة الإحرام في التسليمة الثانية هل يقرأ أيضا دعاء الاستفتاح، أم يكفيه ما في المرة الأولى؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الاستفتاح في الأولى فقط، لأول ركعة في الفريضة والنافلة بعد ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (277).

تكبيرة الإحرام، يستفتح ولا يشرع أن يعاد في الثانية، ولا في الثالثة، لكن إذا شرع في التسليمة الثانية، التراويح أو النافلة يستفتح أيضا، كلما صلى ركعتين وقام، وكبر يستفتح، هذا هو السنة في النافلة والفريضة، مثل صلاة التراويح في رمضان، مثل صلاة الضحى، يصلي بتسليمتين أو أكثر، يستفتح في كل تسليمة، هذا هو الأفضل بعد التكبيرة الأولى الإحرام، يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك (¬1)» أو يأتي بنوع من الاستفتاحات الأخرى الصحيحة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب حجة من قال: لا يجهر بالبسملة، برقم (399).

حكم دعاء الاستفتاح في الصلاة النافلة والوتر

2 - حكم دعاء الاستفتاح في الصلاة النافلة والوتر س: يسأل المستمع عن صلاة النافلة وكذلك الوتر، هل نقرأ فيها دعاء الاستفتاح؟ وكذلك التعوذ من الأربع التي أمر بها الرسول صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال (¬1)» أم أن ذلك خاص بالفروض دون النافلة؟ وكذلك الدعاء بعد الفراغ من التعوذ ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، برقم (588) واللفظ له.

من الأربع، هل يلزم في النافلة؟ وفقكم الله، وجزاكم الله خيرا (¬1) ج: الاستفتاح مشروع للجميع، في النافلة والفريضة، في صلاة الضحى، صلاة التراويح، صلاة التهجد، يستفتح الإنسان في أولها بعد التكبيرة الأولى، وهكذا الدعاء في آخر الصلاة، التعوذ من الأربع، والدعاء بغيرها، كل ذلك حق، كله مشروع في الفريضة والنافلة، ولما علمهم صلى الله عليه وسلم التحيات، قال: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو (¬2)» وفي اللفظ الآخر قال: «ثم يختار من الدعاء ما شاء (¬3)» فالمسلم مشروع له، والمسلمة كذلك، مشروع لهما جميعا الدعاء في آخر الصلاة النافلة والفريضة، بعدما يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال (¬4)» ويدعو بما أحب: «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (¬5)» وهكذا الدعاء ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (279). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، برقم (588) واللفظ له. (¬5) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، برقم (21621)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1522) والنسائي في كتاب السهو، باب نوع آخر من الدعاء، برقم (1303).

الذي علمه النبي أبا بكر الصديق رضي الله عنه، وهو قوله: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (¬1)» دعاء عظيم، علمه النبي صلى الله عليه وسلم الصديق، قال: «يا رسول الله، علمني دعاء فأدعو به في صلاتي وفي بيتي، قال: " قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (¬2)»، وقال لمعاذ رضي الله عنه: «يا معاذ، لا تدع في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (¬3)» «وكان عليه الصلاة والسلام يقول في آخر الصلاة: " اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من أن نرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر (¬4)» وكان يقول ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، برقم (2705). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام برقم 834، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر برقم 2705. (¬3) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، برقم (21621)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1522) والنسائي في كتاب السهو، باب نوع آخر من الدعاء، برقم (1303). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب التعوذ من فتنة الدنيا، برقم (6390).

أيضا: «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت (¬1)» كلها دعوات في آخر الصلاة، ويدعو بما أحب سواها، يقول: اللهم اغفر لي ولوالدي، اللهم نجني من النار، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم ارزقني الرزق الحلال، اللهم أصلح لي شأني كله، وما أشبه ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (771).

س: سماحة الشيخ: هل يكتفي المصلي بدعاء الاستفتاح مرة واحدة، أم أنه يجب عليه أن يدعو بعد كل تسليمتين كصلاة الليل مثلا (¬1)؟ ج: دعاء الاستفتاح ليس بواجب، بل مستحب في كل تسليمة قبل أن يقرأ، يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (¬2)» أو يأتي بنوع آخر من الاستفتاح قبل أن يقرأ، هذا هو الأفضل، ولو تركه فلا شيء عليه في كل تسليمة. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (432). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب حجة من قال: لا يجهر بالبسملة، برقم (399).

حكم دعاء ختم القرآن في التراويح

3 - حكم دعاء ختم القرآن في التراويح س: تقول السائلة: هل دعاء ختم القرآن الذي يقرأ سنويا في صلاة التراويح، في آخر ليالي شهر رمضان في المساجد، هل يعتبر من البدع المحدثة (¬1)؟ ج: ليس من البدع، بل هو مستحب وسنة، فعله السلف، وفعله بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، بعد ختم القرآن يدعو بالدعوات الطيبة، سواء في التراويح أو في غيرها، وإذا ختم الإنسان القرآن في أي وقت دعا؛ سواء في الصلاة، أو في خارج الصلاة، وترجى الإجابة، وكان هذا من فعل السلف، وهو ما روي عن جماعة من الصحابة، فلا حرج في ذلك، بل هو مطلوب ومشروع، وفيه خير كثير، نسأل الله أن يتقبل من المسلمين. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (391).

س: هل دعاء ختم القرآن بدعة؟ وهل يلزم من ترك الركعتين الأخيرتين من صلاة التراويح، في آخر الجزء من أجزاء القرآن الكريم، أي ليلة التختيم؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (351).

ج: دعاء ختم القرآن ليس فيه بأس، لم يزل أهل العلم يفعلونه من عهد الصحابة إلى يومنا هذا، لا حرج في ذلك، وليس فيه بدعة، أما سؤاله الثاني فإني ما فهمته، فإن كان يريد: هل يلزم أن يكون ختم القرآن الكريم في الركعتين الأخيرتين من التراويح؟ فهذا لا يلزم، إن شاء ختم في أول التراويح، وإن شاء ختم في أثنائها، الختمة ليس لها محل محدود، سواء يختم في أول التراويح، أو في أثنائها، أو في آخرها، المقصود إذا انتهى من القرآن يختم، إذا انتهت القراءة يختم في الركعة المناسبة، إذا انتهى في أول التراويح ختم في أولها، إذا كمل القرآن في أول التراويح، أو في آخره يختم لا بأس.

حكم أخذ الأجرة عن الإمامة في رمضان

4 - حكم أخذ الأجرة عن الإمامة في رمضان س: أممت جماعة في رمضان، فهل يجوز أن آخذ منهم أجرة مقابل ذلك؛ إذ إنهم أصروا على أن آخذ تلك الأجرة، وقلت: هذا عمل أتقرب به إلى الله، لكنهم أصروا، فما هو رأي سماحتكم (¬1)؟ ج: إن أخذته فلا بأس، وإن تركته فلا بأس، الأمر واسع، وإن تركته فهو أفضل ما دمت ما أردت شيئا. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (338).

بيان معنى واغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد

5 - بيان معنى: " واغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد " س: يسأل المستمع من سوريا، من دمشق، يقول: ما معنى الدعاء: واغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد (¬1)؟ ج: على ظاهره، يطلب من ربه أن يغسله بالماء والثلج والبرد، يعني أن ينقيه من الذنوب نقاء تاما. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (404).

حكم دعاء الاستفتاح في صلاة الليل وتكراره في كل ركعتين

6 - حكم دعاء الاستفتاح في صلاة الليل وتكراره في كل ركعتين س: يسأل عن دعاء الاستفتاح، استفتاح صلاة الليل، ويقول: هل نردده في كل ركعتين؟ وهل نردده في الركعتين اللتين يقرأ فيهما بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (¬1) و: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬2)، وكذلك الركعة التي يقرأ فيها {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3) (¬4)؟ ج: نعم، السنة الاستفتاح في كل الصلوات بـ: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك (¬5)» في جميع ¬

_ (¬1) سورة الأعلى الآية 1 (¬2) سورة الكافرون الآية 1 (¬3) سورة الإخلاص الآية 1 (¬4) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (404). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب حجة من قال: لا يجهر بالبسملة، برقم (399).

الصلوات؛ التراويح وغير التراويح، هذا مستحب، ولو ترك فلا بأس، لكنه مستحب، إذا كبر تكبيرة الإحرام في كل تسليمة أن يقول: سبحانك اللهم وبحمدك؛ لأنه مختصر، هذا استفتاح مختصر، وإن استفتح بغيره من الاستفتاحات الصحيحة الثابتة عن رسول الله فلا بأس، ولو ترك فلا حرج، لكن إذا أتى به الإمام والمأموم فهذا أفضل، وإن كان الإمام شرع في القراءة فإن المأموم لا يستفتح، بل ينصت، لكن لو سكت الإمام بعد تكبيرة الإحرام فالسنة أن يأتي بالاستفتاح، الإمام والمأموم، لكن لو شرع الإمام بعدما كبر ولم يستفتح فالمأموم ينصت ولا يستفتح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «وإذا قرأ فأنصتوا (¬1)» ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404).

مسألة في فضل صلاة الليل

7 - مسألة في فضل صلاة الليل س: أطلب من سماحة الشيخ الحديث عن صلاة الليل، وعن صفة الصلاة، ولا سيما أنه قد قرأ كثيرا من الأوصاف عن هذه الصلاة (¬1) ج: صلاة الليل قربة عظيمة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (95).

الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل (¬1)» وصلاة الليل لها شأن عظيم، قال الله جل وعلا في وصف عباده المؤمنين عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (¬2) وقال سبحانه في وصف المتقين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (¬3) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (¬4) وقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (¬5) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬6) {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} (¬7) الآية، وقال سبحانه وتعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (¬8) {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬9)، فصلاة الليل لها شأن عظيم، والأفضل فيها أن تكون مثنى مثنى، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬10)» فيصلي ما تيسر له ثنتين ثنتين، ثم يوتر ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب فضل صوم المحرم، برقم (1163). (¬2) سورة الفرقان الآية 64 (¬3) سورة الذاريات الآية 17 (¬4) سورة الذاريات الآية 18 (¬5) سورة المزمل الآية 1 (¬6) سورة المزمل الآية 2 (¬7) سورة المزمل الآية 3 (¬8) سورة السجدة الآية 16 (¬9) سورة السجدة الآية 17 (¬10) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

بواحدة، وأفضلها في آخر الليل؛ الثلث الأخير، وإن صلى في أول الليل قبل أن ينام؛ لئلا يغلب عليه النوم آخر الليل، واحتاط في ذلك فلا بأس، هو أعلم بنفسه، إن قدر في آخر الليل فهو أفضل، وإن لم يتيسر له ذلك أوتر في أول الليل وأقله واحدة، أقل الإيتار في الليل واحدة بعد صلاة العشاء، وسنتها الراتبة، فإن أوتر بثلاث فالأفضل له أن يسلم من ثنتين، ثم يوتر بواحدة، وهكذا إذا أوتر بخمس يسلم من أربع من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة، وهكذا، «وكان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب يوتر بإحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة (¬1)» «وربما أوتر بثلاث عشرة، ويسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة (¬2)» والأمر في هذا واسع والحمد لله، وليس فيه حد محدود، فلو أوتر بعشرين، أو ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في الوتر، برقم (994)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (736). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في ركعتي الفجر، برقم (1164)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (765).

بثلاثين أو بأربعين يسلم من كل ثنتين، ثم أوتر بواحدة، كل هذا لا بأس به، ولكن يراعي في هذا الطمأنينة وعدم العجلة والنقر، يطمئن في صلاته ويخشع فيها ولا يعجل، خمس ركعات أو سبع ركعات مع الطمأنينة والعناية أفضل من تسع أو إحدى عشرة مع العجلة، والسنة أن يداوم عليها دائما، سواء في أول الليل أو في وسط الليل، أو في آخر الليل، والأفضل آخر الليل إذا تيسر، يقول صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬1)» رواه مسلم في الصحيح، هذا هو الأفضل إذا تيسر، ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (¬2)» متفق على صحته، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).

هذا حديث عظيم، يدل على أن آخر الليل أفضل؛ لأنه وقت التنزل الإلهي، وهو نزول يليق بالله لا يشابهه خلقه سبحانه، مثل الاستواء والغضب والرضا والرحمة، كلها تليق بالله لا يشابهه خلقه سبحانه وتعالى، ينزل نزولا يليق بجلاله لا يشابهه نزول خلقه، ولا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، وهكذا قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (¬1)، وقوله جل وعلا: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} (¬2)، وقوله: {غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} (¬3)، وما أشبه ذلك، كلها صفات تليق بالله، لا يشابه خلقه في غضبهم، ولا في استوائهم ولا في نزولهم، ولا في رحمتهم، إلى غير ذلك من صفات الله، كلها تليق بالله، يجب إثباتها لله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، وإذا أراد أن يكون قيام الليل له عادة معلومة يستمر على العدد الذي يستطيعه؛ على ثلاث، على خمس، على سبع، وإذا زاد بعض الأحيان عند النشاط فلا بأس، لكن يعتاد عددا معلوما يداوم عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم ¬

_ (¬1) سورة طه الآية 5 (¬2) سورة المائدة الآية 119 (¬3) سورة المجادلة الآية 14

«أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل (¬1)» فالعمل الدائم أفضل، فإذا زاد في بعض الأحيان عند النشاط فهذا ينفعه، ولا يضره. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب الجلوس على الحصر ونحوه، برقم (5862)، ومسلم في كتاب الصيام، باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان واستحباب ألا يخلي شهرا عن صوم، برقم (1958) واللفظ له.

بيان كيفية صلاة التهجد وقيام الليل

8 - بيان كيفية صلاة التهجد وقيام الليل س: الأخ: ح، من الرياض، يسأل ويقول: ما هي طريقة صلاة التهجد؟ وهل القراءة فيها جهرا أم سرا؟ وجهوني وبينوا لي، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الطريقة في صلاة الليل موسعة بحمد الله، إن شاء صلى قبل أن ينام ما يسر الله له، واحدة أو ثلاثا أو أكثر بعد سنة العشاء، وإن شاء أخر ذلك إلى آخر الليل، أو وسط الليل، فإذا قام صلى ركعتين خفيفتين، ثم صلى ما كتب الله له؛ أربعا، أو ستا، أو ثمانيا، أو عشرا، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة، هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، ربما أوتر بثلاث، وربما أوتر بخمس، وربما أوتر بسبع، وربما أوتر بعشر ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (210).

وزاد واحدة، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان عليه الصلاة والسلام يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة (¬1)» وجاء عنها وعن أم سلمة وعن غيرهما «أنه ربما أوتر بسبع يسردها جميعا، وربما جلس في السادسة ويتشهد التشهد الأول، ثم يقوم ولا يسلم ويأتي بالسابعة (¬2)» «وربما سرد خمسا لا يجلس إلا في آخرها، وربما صلى ثماني ركعات يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بخمس يسردها جميعا، فيكون الجميع ثلاث عشرة (¬3)»، «وربما أوتر بتسع سردها جميعا، ليجلس في الثامنة ويتشهد التشهد الأول، ثم يقوم ويأتي بالتاسعة ويسلم (¬4)» كل هذا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬5)» يعني ثنتين ثنتين، هذا هو الأفضل، يسلم من كل ثنتين ثم يوتر ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب الضجع على الشق الأيمن، برقم (6310)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (736). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في ركعتي الفجر، برقم (1164)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (765). (¬4) سنن الترمذي الصلاة (457)، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1708). (¬5) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

بواحدة، هذا هو الأفضل والأكمل، وإذا فعل شيئا من الأنواع الأخرى فلا حرج؛ إذا أوتر بواحدة ولم يزد، أو بثلاث سلم من ثنتين ثم أوتر بواحدة، أو سرد الثلاث جميعا، ولم يجلس إلا في آخرها فلا بأس، أو أوتر بخمس يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة فلا بأس، هذا أفضل، وإن سرد الخمس جميعا ولم يقعد إلا في الأخيرة فلا بأس، كل هذا بحمد الله من التوسعة، والواجب الخشوع في ذلك، يطمئن لا يعجل، لا ينقرها نقرا، بل يطمئن، الطمأنينة لا بد منها، كلما زاد في الخشوع فهو أفضل، وهكذا في الترتيل في القراءة، يرتل في القراءة، ويخشع فيها ولا يعجل في القراءة، ثم هو مخير؛ إن شاء خفض صوته، وإن شاء رفع صوته؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم ربما رفع، وربما خفض (¬1) هكذا قالت عائشة رضي الله عنها، «تارة يخفض صوته، تارة يرفع صوته (¬2)» ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل، برقم (1328). (¬2) أخرجه أحمد في باقي مسند الأنصار، باب: باقي المسند السابق، برقم (24634) وأبو داود في كتاب الطهارة، باب في الجنب يؤخر الغسل، برقم (226)، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف القراءة بالليل، برقم (1662)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القراءة في صلاة الليل، برقم (1354).

فهو مخير يعمل الأصلح، إذا رأى أن خفض صوته أخشع له، وأقرب إلى راحته فلا بأس، وهو أفضل له، وإن رأى أن رفع صوته أخشع له، وأنشط له رفع صوته، إذا كان لا يؤذي أحدا من الناس، لا يشوش على نائمين، ولا مصلين، ما عنده أحد يشوش عليهم، فإذا رأى أن صوته إذا رفعه أنشط له فإنه يرفع صوته، والخلاصة أنه يعمل الأفضل، ويعمل الأصلح، إن رأى أن الأصلح خفض الصوت خفض، وإن رأى أن الأصلح له والأخشع له رفع الصوت رفع، لكن لا يرفع إلا إذا كان لا يؤذي أحدا، أما إذا كان حوله مصلون، أو حوله نوام يؤذيهم، يخفض صوته، ويراعي حالهم، ففي رمضان يرفع صوته في المسجد، إذا كان في المسجد الإمام يرفع صوته حتى يسمع الناس، وحتى يستفيدوا.

س: يقول السائل: أرجو أن تبينوا لي كيفية أداء صلاة وقيام الليل، وعن عدد الركعات، وماذا يقال في الركوع والسجود، وعن الآيات التي يستحب أن نقرأ في كل ركعة فيها (¬1)؟ ج: قيام الليل مشروع وسنة، ومن أعمال الصالحين، ومن أعماله صلى الله عليه وسلم، قال الله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (¬2) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬3) ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (276). (¬2) سورة المزمل الآية 1 (¬3) سورة المزمل الآية 2

يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الله جل وعلا: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} (¬1) الآية، وقال سبحانه عن عباد الرحمن في سورة الفرقان: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (¬2)، وقال تعالى في صفات عباد الله المؤمنين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (¬3) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (¬4)، فقيام الليل سنة مؤكدة، سواء في أوله، أو في وسطه، أو في آخره، لكن آخره أفضل، الثلث الأخير أفضل، إلا إذا كان يشق عليه ذلك، فإنه يوتر في أول الليل، يوتر بواحدة، بثلاث، بخمس، بسبع، بأكثر، يسلم من كل ثنتين، يصلي ثنتين ثنتين، ويجتهد في ترتيل القراءة، ويوتر بواحدة، وليس هناك شيء محدود، يقرأ ما تيسر؛ من أول القرآن، من وسط القرآن، من آخره، أو ينظم ختمة، يبدأ من أول القرآن إلى أن يختم ثم يعود، كله طيب، ليس في هذا حد محدود، لكن السنة أن يرتل، كما قال الله جل وعلا: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (¬5) كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ قراءة واضحة يرتلها؛ حتى يستفيد من يسمعها، ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 79 (¬2) سورة الفرقان الآية 64 (¬3) سورة الذاريات الآية 17 (¬4) سورة الذاريات الآية 18 (¬5) سورة المزمل الآية 4

ويستحب له السؤال عند آيات الرحمة، والتعوذ عند آيات الوعيد، والتسبيح عند آيات التسبيح في تهجده، كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام والسنة أن يسلم من كل ثنتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬1)» يعني ثنتين ثنتين، «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (¬2)» يقرأ فيها (الحمد) {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3) في الركعة الأخيرة، ويقنت فيها بعد الركوع بالقنوت الشرعي الذي علمه النبي الحسن، وهو المعروف عند أهل العلم، والسنة عدم العجلة، يطمئن في ركوعه وسجوده وقراءته، لا يعجل، يطمئن كما كان النبي يصلي بطمأنينة، وترتيل للقراءة، وخشوع في الركوع والسجود، هكذا المؤمن، لا يعجل، يطمئن في ركوعه وسجوده، يطمئن في قراءته ولا يعجل، يخشع فيها تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، وإذا أوتر بواحدة، أو بثلاث، أو بخمس، أو بأكثر فلا بأس، الأمر واسع، صلاة الليل ما فيها حد محدود، لكن أفضلها إحدى ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (¬3) سورة الإخلاص الآية 1

عشرة، أو ثلاث عشرة؛ تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، هذا هو أفضلها، وإن أوتر بأكثر من هذا فلا بأس.

بيان وقت صلاة التهجد

9 - بيان وقت صلاة التهجد س: مستمعة تسأل سماحتكم وتقول: حدثوني عن كيفية صلاة التهجد؟ ومتى يبدأ بالساعة تقريبا؟ لأني لم أعرف وقتها بالضبط، وهو الثلث الأخير من الليل، وهل يجوز للمرأة أن تفعل ذلك؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: التهجد من الليل يبدأ إذا فرغ من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، هذا هو حال التهجد، ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، في الحديث عن ابن حذافة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم، وهي الوتر فجعلها الله لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر (¬2)» فإذا أوتر الإنسان ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (276). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب استحباب الوتر، برقم (1418)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في فضل الوتر، برقم (452)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الوتر، برقم (1168).

في أول الليل أو في وسطه، أو في آخره فقد فعل السنة، والأفضل في آخر الليل إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر أوتر في أوله قبل أن ينام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬1)» وقالت عائشة رضي الله عنها: «من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوتر من أوله، ومن وسطه ومن آخره، ثم انتهى وتره إلى السحر عليه الصلاة والسلام (¬2)» يعني في آخر حياته استقر وتره في آخر الليل، وقال صلى الله عليه وسلم: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه (¬3)» فإذا تهجد في السدس الرابع، أو السدس الخامس فهذا أفضل ما يكون، وإن جعل وتره وتهجده كله في الثلث الأخير فذلك ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ساعات الوتر، برقم (996)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي في الليل، برقم (745). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام ... ، برقم (3420)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به ... ، برقم (1159).

أفضل كما في حديث جابر، حيث قال: قال صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬1)» وإذا صار تهجده في السدس الرابع، أو الخامس صار ذلك أفضل؛ لأنه يوافق صلاة داود، فيجمع بين آخر الليل في السدس الخامس، والسدس الرابع في أول النصف الأخير، وكل ذلك بحمد الله فيه خير عظيم. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).

س: سمعت في برنامجكم عن صلاة التهجد، وأن أفضل أوقاتها الثلث الأخير من الليل، أريد معرفة المزيد عن صلاة التهجد - جزاكم الله خيرا - وعن عدد ركعاتها (¬1) ج: الأفضل آخر الليل إذا تيسر ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬2)» رواه مسلم في الصحيح، ويقول صلى الله عليه وسلم في ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (248). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).

الحديث الصحيح: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (¬1)» هذا التنزل الإلهي فرصة عظيمة للدعاء والعبادة للمؤمن، يدعو ربه؛ لأنه يقول سبحانه: «من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (¬2)» فإذا تيسر للمؤمن والمؤمنة أن يكون التهجد في آخر الليل، في الثلث الأخير كان أفضل، حتى يوافق هذا النزول الإلهي، وهذا الجود من الرب والتفضل منه سبحانه وتعالى، وإذا أوتر في أول الليل كفى ذلك، وهذا النزول يليق بالله، لا يشابه خلقه سبحانه وتعالى، هذا من أحاديث الصفات، فهو نزول يليق بالله، لا يعلم كيفيته إلا هو، كما أن الاستواء يليق بالله، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، كما قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (¬3)، معناها ارتفع وعلا، وهو استواء يليق به سبحانه، لا يشابه الخلق في استوائهم، وهكذا النزول؛ نزول إلى سماء الدنيا، نزول يليق بالله، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، ولا يشابهه الخلق في شيء من صفاته، لا في النزول ولا في الاستواء، ولا في ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (¬3) سورة طه الآية 5

السمع والبصر، ولا في الكلام، ولا في غير ذلك، قال سبحانه وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬1)، والتهجد أفضل ما يكون بإحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، هذا أفضل، كان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب يوتر بإحدى عشرة، أو بثلاث عشرة، وربما أوتر بسبع أو خمس أو ثلاث، وأقل شيء واحدة، ركعة واحدة بعد صلاة العشاء، وبعد الراتبة، وإن أوتر بثلاث كفى، أو بخمس كفى، أو بسبع كفى، ولكن الأفضل إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين، كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، كان يسلم من كل ثنتين ثم يوتر بواحدة مفردة، ويقول صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬2)» يعني ثنتين ثنتين، «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (¬3)» يعني يوتر بواحدة النهاية، ولو صلى أكثر صلى عشرين وأوتر بواحدة أو بثلاث، أو صلى أربعين وأوتر بواحدة أو بثلاث، أو صلى أكثر فلا بأس، كله واسع بحمد الله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما حدد عددا معلوما من الركعات؛ أطلق، قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬4)»، ولم يحدد، فدل على التوسعة والحمد لله، ولكن أفضل ذلك ¬

_ (¬1) سورة الشورى الآية 11 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (¬3) صحيح البخاري الجمعة (991)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (749)، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1694)، سنن أبي داود الصلاة (1326)، مسند أحمد (2/ 5)، موطأ مالك النداء للصلاة (269)، سنن الدارمي الصلاة (1459). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

إحدى عشرة أو ثلاث عشرة؛ تأسيا به صلى الله عليه وسلم، واقتداء به عليه الصلاة والسلام في رمضان وغيره.

س: السؤال عن صلاة التهجد متى تكون؟ وهل هي في أول الليل أو في آخره؟ وما الحكم إذا قرأ فيها الإنسان بسورة (يس) أو (تبارك) من المصحف الشريف؛ حتى لا يخطئ في القراءة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: التهجد يبدأ من بعد صلاة العشاء إلى آخر الليل، كله تهجد، والأفضل آخر الليل لمن يتيسر له ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬2)» رواه مسلم في الصحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه (¬3)» قال: «هي أحب الصلاة» وقال عليه الصلاة والسلام: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (313). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام ... ، برقم (3420)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به ... ، برقم (1159).

الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (¬1)» متفق على صحته، هذا يدل على مشروعية القيام آخر الليل، وأنه أفضل، وأنه مظنة الاستجابة، يقول الرب: «من يدعوني فأستجيب له؟ (¬2)» وهكذا، جوف الليل، صلاة داود، الثلث الرابع والخامس، كلها مظنة الإجابة، وكلها محل فضل بالصلاة والتهجد، وذلك أفضل من أول الليل، لكن من كان يخشى ألا يقوم من آخر الليل فإنه يشرع له الإيتار في أول الليل، بعد صلاة العشاء قبل أن ينام، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة (¬3)» هذا نزول يليق بالله، لا يكيف، ولا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، يوصف جل وعلا بالنزول، والاستواء على العرش والكلام والإرادة والمشيئة، والسمع والبصر، وغير هذا من الصفات الواردة في القرآن العظيم والسنة الصحيحة، فيجب وصفه بها سبحانه على الوجه اللائق به جل وعلا، من غير تشبيه له بخلقه، كما قال سبحانه وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬4) وقال سبحانه وتعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬5) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (¬6) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (¬7) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (¬8)، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (¬4) سورة الشورى الآية 11 (¬5) سورة الإخلاص الآية 1 (¬6) سورة الإخلاص الآية 2 (¬7) سورة الإخلاص الآية 3 (¬8) سورة الإخلاص الآية 4

وقال سبحانه: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} (¬1)، فالله جل وعلا لا مثيل له، ولا كفو له، ولا شيبه له، سبحانه وتعالى، وهو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، وهو ينزل نزولا يليق بجلاله، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، إلى السماء الدنيا آخر الليل في الثلث الأخير، يقول جل وعلا: «من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (¬2)» فمن تيسر له القيام آخر الليل فهو أفضل، ومن لم يتيسر له ذلك فليوتر في أول الليل، وأقل ذلك ركعة واحدة، يوتر فيها في أول الليل، أو في آخره، فكلما زاد فهو أفضل، يسلم من كل ثنتين؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬3)» أي ثنتين ثنتين «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (¬4)» يعني المتهجد بالليل يصلي ثنتين ثنتين، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة يقرأ فيها (الحمد) و (قل هو الله أحد) هذا هو السنة، وأفضل ذلك إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة؛ لأن هذا هو ¬

_ (¬1) سورة النحل الآية 74 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

وتر النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب، كان وتره في الغالب إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة عليه الصلاة والسلام، ومن شاء أوتر بأكثر من هذا فلا بأس، ليس له حد محدود، ولو أوتر بخمسين أو ستين أو مائة، يسلم من كل ثنتين فلا بأس، ويوتر بواحدة، لكن كونه يوتر بإحدى عشرة، أو ثلاث عشرة هذا هو الأفضل، وإن أوتر بثلاث أو بخمس أو بسبع كله طيب، لكن السنة أن يسلم من كل ثنتين، فإن سرد ثلاثا وأوتر بها، أو خمسا وأوتر فيها سردا لم يجلس فيها فلا بأس، قد ثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا لو سرد سبعا لم يجلس إلا في آخرها فلا بأس، وإن جلس في السادسة، وأتى بالتشهد الأول، ثم قام وأتى بالسابعة كذلك، ورد هذا وهذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، سرد السبع في بعض الأحيان، وفي بعض الأحيان جلس في السادسة وتشهد، ثم قام قبل أن يسلم وأتى بالسابعة، وهكذا سرد تسعا جلس في الثامنة للتشهد الأول، ثم قام وأتى بالتاسعة، ولكن الأفضل هو ما كان يغلب عليه فعله، عليه الصلاة والسلام، وهو أن يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل، وهو موافق لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬1)» أي ثنتين ثنتين، يسلم من كل ثنتين، وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

س: يسأل المستمع ويقول: إن العلماء قالوا بأن أفضل الأوقات لقيام الليل هو الثلث الأخير، ولكنني لا أعرف كيف يبدأ تقسيم هذا الليل؛ من وقت الغروب حتى شروقها، أم من وقت غروبها حتى وقت صلاة الفجر (¬1)؟ ج: الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، هذا الليل، وأفضل أوقاته الثلث الأخير؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له (¬2)» هذا الوقت هو الوقت العظيم، وقت التنزل الإلهي، وقت دعوة الرب للعباد أن يسألوه، وأن يتضرعوا إليه جل وعلا، فهذا هو أفضل الوقت، وبعده جوف الليل. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (403). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).

س: رسالة وصلت من ليبيا، من م. م يقول: ما هو الوقت المناسب لصلاة الليل؟ وما هو وقت الدعاء المناسب؟ وماذا يقول الإنسان فيه؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (403).

ج: أفضل الأوقات الثلث الأخير إذا تيسر ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬1)» رواه مسلم في الصحيح؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول سبحانه: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له (¬2)» متفق على صحته، هذا الحديث العظيم يدل على أن التهجد آخر الليل في الثلث الأخير أفضل لهذا الحديث العظيم، فينبغي للإنسان الدعاء، والسؤال والتوبة إلى الله عز وجل في هذا الوقت العظيم، وإن صلى في وسط الليل فهو وقت فاضل وعظيم، وإن صلى أول الليل بعد صلاة العشاء كله خير، ولكن إن كان يخشى ألا يقوم فالسنة أن يصلي قبل أن ينام، «وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء بالإيتار قبل النوم (¬3)» والسبب - والله أعلم - أنهما ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (722).

كانا يدرسان الحديث، ويخشى ألا يقوما في آخر الليل، والخلاصة أنه من طمع أن يقوم آخر الليل فهو أفضل، ومن خاف ألا يقوم آخر الليل فليوتر أول الليل، والحمد لله، وأما قوله: «ينزل ربنا (¬1)» فهذا وصف يليق بالله عند أهل السنة والجماعة، يثبتون ما يليق بالله، وإنه نزول يليق بالله، لا يسأل الخلق عن كيفية نزوله، كما أنه لا يسأل المخلوقون عن صفاته كلها وكيفيتها، لا في الاستواء ولا في الرحمة، ولا في الغضب ولا في الرضا، ولا في غير ذلك من صفاته، بل يجب إثبات صفات الله لله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، هكذا قال أهل السنة والجماعة كما نص على ذلك أهل العلم كمالك بن أنس، رحمه الله، والشافعي، وأحمد والثوري، وابن المبارك، والأوزاعي، وغيرهم، وقد جمع أبو العباس ابن تيمية رحمه الله أقوالهم في فتوى الحموية، وهو كتاب عظيم مفيد، وأهل السنة والجماعة يثبتون جميع الصفات لله، ما جاء في القرآن والسنة الصحيحة على الوجه اللائق بالله كالاستواء، والنزول، والغضب والرضا، والرحمة، والسمع، والبصر، والكلام، وغير ذلك، كلها يثبتونها لله سبحانه وتعالى ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).

على الوجه اللائق بالله جل وعلا، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، كما قال الله سبحانه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (¬2) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (¬3) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (¬4)، وقال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬5)، وقال سبحانه: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (¬6)، هذا هو الواجب على جميع المسلمين، إثبات صفات الله وأسمائه له سبحانه، كما جاءت في القرآن، وكما جاءت في السنة الصحيحة، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، بل يجب إثباتها لله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، مع الإيمان بحقائقها، وأنها حق، وأنها لا تشابه صفات المخلوقين، بل هي ثابتة لله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى من غير مشابهة بخلقه في شيء من صفاته جل وعلا، هذا هو قول أهل الحق، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة، وهم الطائفة المنصورة، وهم الفرقة الناجية، أهل السنة والجماعة، هم الطائفة المنصورة وهم الفرقة الناجية وهم أهل الحق، فالواجب السير على ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1 (¬2) سورة الإخلاص الآية 2 (¬3) سورة الإخلاص الآية 3 (¬4) سورة الإخلاص الآية 4 (¬5) سورة الشورى الآية 11 (¬6) سورة النحل الآية 74

منهجهم، والاستقامة على طريقهم، وطاعة الله ورسوله، والإخلاص لله في العمل، واتباع الشريعة وعدم البدعة، هكذا درج أهل السنة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعهم بإحسان في توحيد الله، والإخلاص له، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله، والاستقامة على دين الله، وإثبات صفات الله وأسمائه على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، هكذا درج أهل السنة والجماعة، وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعهم بإحسان وهم الفرقة الناجية المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم: " ... «لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة؛ واحدة في الجنة، وثنتان وسبعون في النار، قيل: يا رسول الله، من هم؟ قال: الجماعة (¬1)» هذه الواحدة هم أهل السنة والجماعة، وهم الطائفة المنصورة، التي قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس (¬2)» والعلماء هم رأس هذه الطائفة، وأهل ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الفتن، باب افتراق الأمم، برقم (3992). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب سؤال المشركين أن يريهم آية، حديث رقم (3641)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم " لا تزال طائفة ... "، حديث رقم (1037) واللفظ له.

الحديث هم رأس هذه الطائفة، وأئمة هذه الطائفة، وعلى رأسهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فهم خير هذه الأمة، ثم العلماء من أهل السنة والجماعة بعدهم، وأهل الحديث هم أئمة هذه الطائفة، وهم من رؤسائهم وقادتهم، فالمعنى أن أهل الحديث هم خلاصتهم، وهم أئمتهم، وهكذا العلماء علماء الحق، كلهم من أهل السنة والجماعة، وكلهم من الطائفة المنصورة، وهكذا عامتهم هم من الطائفة المنصورة، عامتهم من الرجال والنساء الذين درجوا وساروا على أهل السنة والجماعة بالاستقامة على الحق والإيمان بأسماء الله وصفاته على الوجه اللائق بالله، وتمسكوا بشرعه، هؤلاء كلهم أهل السنة والجماعة، وكلهم يدعون الفرقة الناجية، وكلهم يقال لهم: الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، نسأل الله أن يجعلنا وإياك والمستمعين من أهل السنة، نسأل الله أن يجعلنا منهم، نسأل الله أن يثبتنا على الحق وأن يعيذنا من مضلات الفتن.

س: حدثونا عن نفل قيام الليل ومتى يكون نزول الله عز وجل إلى السماء الدنيا بالساعة تقريبا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (370).

ج: التهجد بالليل سنة وقربة، وأفضله آخر الليل، أفضله السدس الرابع والخامس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود؛ كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه (¬1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (¬2)» فالسنة للمؤمن أن يتحرى هذين الوقتين السدس الرابع، والسدس الخامس الذي هو صلاة داود ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، يعني السدس الرابع والسدس الخامس، وينام السدس الأخير؛ يتقوى على أعمال النهار، وإن تعبد في الثلث الأخير وقت التنزل، السدس الخامس والسادس فهذا كله طيب، والنصف يبدأ بالساعة، من مضي نصف الساعات التي يتكون منها الليل. الليل يختلف على كل حال على حسب ساعات الليل، فإذا كان الليل اثني عشر بدأ النصف في أول الساعة السابعة بعد غروب الشمس، وإذا كان الليل إحدى عشرة ساعة بدأ بعد مضي خمس ساعات ونصف من غروب الشمس بدأ النصف، وهكذا. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام ... ، برقم (3420)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به ... ، برقم (1159). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).

س: كيف أقوم الليل؟ وفي أي ساعة بالتحديد، علما بأنني أنتهي من عملي الساعة العاشرة والنصف في الليل، ثم كم عدد الركعات التي أصليها لقيام الليل بالتفصيل؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: تقوم من الليل حسب التيسير، إذا يسر الله لك تقوم، والأفضل في آخر الليل في الثلث الأخير، وإلا صليت في وسط الليل، في أول الليل، كله طيب، وتصلي ثنتين ثنتين، ثم تختم بواحدة، تقرأ فيها الحمد وقل هو الله أحد، وليس في هذا حد محدود، صل ما تيسر لك من ثلاث وخمس أو سبع أو تسع أو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا أكثر ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ثلاث عشرة، وإن صليت أكثر من ذلك، عشرين أو أكثر وتوتر بواحدة كله طيب، المقصود مثلما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «خذوا من العمل ما تطيقون؛ فإن الله لا يمل حتى تملوا (¬2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (344). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم شعبان، حديث رقم (1970)، ومسلم في كتاب الصيام، باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان، حديث رقم (782).

وإن قل (¬1)» كله طيب بعد صلاة العشاء، تصلي ركعة واحدة، وترا بعد الراتبة، أو تصلي ثلاثا تسلم من ثنتين، ثم تصلي واحدة وترا أو تصلي خمسا، وتسلم من كل ثنتين أو تسردها جميعا، كله لا بأس على حسب التيسير، لا تتكلف، فاتق الله ما استطعت، فهي نافلة ليست واجبة، والأفضل إذا تيسر لك أن تكون الصلاة في آخر الليل، في الثلث الأخير، فهذا الأفضل لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى الثلث الآخر، فيقول سبحانه: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له (¬2)» فإذا تيسر لك آخر الليل فهذا أفضل، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل، فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره، فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬3)» ويقول أبو هريرة رضي الله عنه: «أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث، صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب الجلوس على الحصر ونحوه، برقم (5862)، ومسلم في كتاب الصيام، باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان واستحباب ألا يخلي شهرا عن صوم، برقم (1958) واللفظ له. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).

أوتر قبل أن أنام (¬1)» وهكذا أوصى أبا الدرداء، والسبب - والله أعلم - أنهما كانا يدرسان الحديث أول الليل فيخشيان ألا يقوما من آخر الليل، فأوصاهما بالقيام والوتر في أول الليل، أما الذي يطمع في آخر الليل، ويستطيع فهو أفضل كما تقدم، وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صيام أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، برقم (1981)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (721).

س: أرجو إرشادي عن صلاة التهجد؛ إذ إني أصليها في الحادية عشرة ليلا، وأتلو فيها القرآن جهرا، هل لها ميعاد غير ذلك (¬1)؟ ج: الصلاة في جوف الليل وآخر الليل، أفضل وإن صلتيها قبل أن تنام فلا بأس، والصلاة في جوف الليل أفضل، وفي آخر الليل أفضل وأفضل، وإن صليتها بعد صلاة العشاء قبل أن تنام، خوفا ألا تقوم فلا بأس بذلك، وآخر الليل أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬2)» رواه ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (264). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).

مسلم في الصحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (¬1)» وفي لفظ آخر يقول جل وعلا: «هل من سائل فيعطى سؤله، هل من مستغفر فيغفر له، هل من تائب فيتاب عليه (¬2)» هل من مستغفر، هذا في الثلث الأخير، هذا أفضل الأوقات للتهجد وللعبادة، وهذا النزول يليق بالله لا يشابهه نزول المخلوقين، هذا النزول ثابت في الأحاديث الصحيحة المتواترة، وهو نزول يليق بالله، مثل الاستواء ومثل الغضب والرضا، تليق بالله، لا يشابه خلقه في استوائه على عرشه، ولا يشابه خلقه في غضبه ورضاه، ولا يشابه خلقه في محبته وكلامه، ونحو ذلك، وهكذا النزول، نزول يليق بالله، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، لكنه لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، لقوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬3)، ولقوله سبحانه: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} (¬4)، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (¬2) أخرجه أبو يعلى في مسنده من حديث أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما برقم (5936)، (10/ 342). (¬3) سورة الشورى الآية 11 (¬4) سورة النحل الآية 74

ولقوله عز وجل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1) {اللَّهُ الصَّمَدُ} (¬2) {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (¬3) {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (¬4)، سبحانه وتعالى هذه قاعدة عند أهل السنة والجماعة، قاعدة بأن جميع أسماء الرب وصفاته، كلها تليق به، وأسماؤه كلها نعوت، كلها في الصفات: الرحمن الرحيم العليم الحكيم، السميع البصير، هي أسماء، وهي نعوت وصفات كلها تليق بالله، يجب إثباتها لله إثباتا بريئا من التمثيل، ويجب أن ينزه الله سبحانه عن مشابهة خلقه، تنزيها بريئا من التعطيل، فأهل الحق من أهل السنة والجماعة يثبتون صفات الله وأسماءه، ويقرونها كما جاءت مع الإيمان بها، واعتقاد أنها حق على الوجه اللائق به سبحانه، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته جل وعلا، هذه أقوال أهل الحق، من أهل السنة والجماعة، من الصحابة وأتباعهم والتابعين، وأتباع التابعين، كمالك والشافعي، وأحمد، وأبي حنيفة، والثوري، وغيرهم من أئمة الإسلام، كلهم هذه عقيدتهم تابعين في ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم. ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1 (¬2) سورة الإخلاص الآية 2 (¬3) سورة الإخلاص الآية 3 (¬4) سورة الإخلاص الآية 4

بيان النوافل المشروعة في اليوم والليلة

10 - بيان النوافل المشروعة في اليوم والليلة س: تقول السائلة: هل توجد صلاة لكل يوم وليلة، أي نوافل، وهل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها (¬1)؟ ج: النبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ على ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة، يحافظ عليها مع الصلوات، اثنتي عشرة ركعة، أربعا قبل الظهر، وثنتين بعدها، وثنتين قبل صلاة الصبح، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، هذه اثنتا عشرة ركعة كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام، في يومه وليلته، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة، بني له بهن بيت في الجنة (¬2)» ثم بينها؛ فقال: «أربعا قبل الظهر، وثنتين بعدها وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح (¬3)» هذه اثنتا ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (35). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، وبيان عددهن، برقم (728). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة لمن السنة ... برقم (414)، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة ... ، برقم (1794)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في ثنتي عشرة ركعة من السنة برقم (1140).

عشرة ركعة، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحافظ عليها في يومه وليلته، مع الصلوات الأربع الظهر والمغرب والعشاء والفجر، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم، أنه حث على أربع قبل العصر، قال: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬1)» أما التي حافظ عليها صلى الله عليه وسلم، في الحضر والإقامة، فهي ثنتا عشرة ركعة، كما تقدم، وهي أربع قبل الظهر وثنتان بعدها، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء، وثنتان قبل الصبح، والأفضل فعلها في البيت، هذا هو الأفضل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة (¬2)» وشرع للناس عليه الصلاة والسلام التهجد والوتر كان يحافظ عليه، التهجد بالليل والوتر بالليل، كان يحافظ عليه حتى في السفر مع ركعتي الفجر، كان يحافظ على هذا، في السفر والحضر، الوتر في الليل وسنة الفجر ركعتين، قبل الفريضة كان يحافظ على ذلك سفرا وحضرا، أما سنة ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب صلاة الليل، برقم (731)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (781).

الظهر وسنة المغرب، وسنة العشاء فكان يتركها في السفر، عليه الصلاة والسلام، ويأتي بها في الحضر، ومما شرعه عليه الصلاة والسلام للناس سنة الضحى، ركعتان فأكثر، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم، «أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء بسنة الضحى وصيام ثلاثة أيام من كل شهر والإيتار قبل النوم (¬1)» كان من أسباب ذلك والله أعلم، أنهما كانا يشتغلان بالحديث أول الليل، فأوصاهما بالوتر أول الليل، أما من كان يطمع أن يقوم آخر الليل، فالوتر آخر الليل أفضل، كما كان فعله صلى الله عليه وسلم، وكما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل، فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬2)» رواه مسلم، فالإيتار في آخر الليل أفضل، لمن طمع في ذلك وقدر عليه، أما من خاف ألا يقوم آخر الليل، فليوتر أول الليل، هذا هو الأفضل له، وهذه الأشياء التي كان يحث عليها النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو إليها، بينتها في جواب السائلة، فينبغي للمسلم أن يحافظ على هذه الأشياء وأن يعتني بها كما اعتنى بها نبينا صلى الله عليه وسلم، وحافظ عليها وحث عليها الأمة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (722). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).

بيان أن الإنسان يفعل الأصلح له من طول القيام وعدد الركعات

11 - بيان أن الإنسان يفعل الأصلح له من طول القيام وعدد الركعات س: هل قيام الليل بعدد الركعات أم بطول القيام يا سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: على كل حال الإنسان ينظر ما هو أصلح إن كانت نفسه ترتاح للطول لأجل إكثار الدعاء ويكثر القراءة والتدبر فيفعل ذلك، فإن كانت نفسه ترتاح للتخفيف وكثرة الركعات وأن هذا أخشع له وأريح لنفسه يفعل ذلك، يفعل ما هو الأقرب إلى راحته وانشراح صدره وطيب نفسه بهذا العمل، فإذا كانت نفسه ترتاح للطول وكثرة الدعاء في السجود وكثرة القراءة فيفعل، وإذا كانت نفسه ترتاح للتخفيف والتيسير فيفعل ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (365)

مسألة في عدد ركعات صلاة الليل والجهر فيها

12 - مسألة في عدد ركعات صلاة الليل والجهر فيها س: الأخ: ص. أ. ع. غ.، يقول: كم عدد ركعات صلاة الليل؟ وهل هي سرية أم جهرية؟ وهل تصح جماعة وما هو وقتها؟ علما بأنني أصليها بعد منتصف الليل، وأوقات أصليها قبل ذلك، وأصلي أربع ركعات ثم أوتر بركعة، أرجو التوضيح والتوجيه، جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (148)

ج: صلاة الليل ليس لها عدد محصور، ولو صلى مائة ركعة أوتر بواحدة، أو أكثر من ذلك لا بأس بذلك، ليس لها عدد محصور، الله جل وعلا ندب إلى صلاة الليل، وحث عليها سبحانه وتعالى في كتابه العظيم، قال جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (¬1) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬2) {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} (¬3) {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (¬4)، وقال سبحانه وتعالى في وصف عباده المتقين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (¬5) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (¬6)، وقال عن عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (¬7)، لكن الأفضل أن يوتر بمثل ما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة هذا هو الأفضل، وإن أوتر بأكثر من ذلك، بعشرين أو بأربعين، أو بأكثر من ذلك، وختم بواحدة فلا بأس بذلك؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة (¬8)» هذا يدل ¬

_ (¬1) سورة المزمل الآية 1 (¬2) سورة المزمل الآية 2 (¬3) سورة المزمل الآية 3 (¬4) سورة المزمل الآية 4 (¬5) سورة الذاريات الآية 17 (¬6) سورة الذاريات الآية 18 (¬7) سورة الفرقان الآية 64 (¬8) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

على أن صلاة الليل ليس لها حد، ولهذا قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬1)» ولم يحد بحد، عشر أو أكثر أو أقل، قال: «فإذا خشي أحدكم الصبح فليصل ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬2)»، هذا هو المشروع في هذا الباب، ثم وقتها من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، بعد صلاة العشاء، والسنة الراتبة إلى طلوع الفجر، كله محل التهجد بالليل، وأفضل ذلك آخر الليل، الثلث الأخير، هذا أفضل ذلك، وإن أوتر في أول الليل أو في وسطه فلا بأس، قد فعل النبي هذا كله، قد أوتر في أول الليل عليه الصلاة والسلام، وأوتر من وسطه، وأوتر من آخره كما قالت عائشة رضي الله عنها، ثم استقر وتره في السحر عليه الصلاة والسلام ولا مانع أن يصليها جماعة في بعض الأحيان، مع أهله أو مع زواره، من غير أن يتخذها عادة، لكن إذا صادف ذلك أنه زاره بعض إخوانه، فصلوا جماعة لا بأس فقد زار سلمان رضي الله عنه أبا الدرداء، في بعض الليالي وصليا جماعة في الليل (¬3) والنبي صلى الله عليه وسلم ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع، برقم (1968)

زار محل أنس، وصلى الضحى بهم جماعة عليه الصلاة والسلام فالمقصود أنه إذا صلى النافلة جماعة في بعض الأحيان بغير اتخاذ ذلك عادة راتبة، فلا بأس بذلك ولا حرج في ذلك، والوتر أقله واحدة، ولا حد لأكثره، لكن الأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا هو الأفضل؛ لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وصلاة الليل القراءة فيها سرية، أو جهرية، يجوز أن يجهر، ويجوز أن يسر، تقول عائشة رضي الله عنها: كل ذلك قد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، ربما قد جهر بالقراءة، وربما أسر عليه الصلاة والسلام، فالمؤمن يفعل ما هو أصلح لقلبه، وما هو أخشع له، فإذا كانت قراءته جهرة، أخشع لقلبه جهر، وإذا كانت السرية أخشع لقلبه وأرفق به، فعل ذلك سرية.

س: يقول السائل: كم هي ركعات التهجد؟ (¬1)؟ ج: أفضلها إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين، هذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغالب، وإن صلى أكثر، عشرين أو ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (293).

أكثر، أو أقل، فلا بأس، ولو واحدة في كل ليلة، بعد العشاء أو في آخر الليل، لكن الأفضل إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، وهذا هو فعله صلى الله عليه وسلم، في الغالب عليه الصلاة والسلام، وربما أوتر بثلاث وربما أوتر بخمس، وربما أوتر بسبع، وربما أوتر بتسع عليه الصلاة والسلام، لكن الأفضل والأغلب من فعله إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، ومن صلى عشرين وأوتر بثلاث، أو بواحدة أو بثلاثين، وصلى واحدة أو ثلاثا كله طيب، لا حرج، ليس له حد محدود، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح، صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (¬1)» ولم يحدد حدا بذلك، عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

س: كم عدد ركعات سنة قيام الليل وسنة التهجد؟ وفي أي وقت تصلى (¬1)؟ ج: على كل حال هذا يرجع إلى قدرته، النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إحدى عشرة ركعة ويسلم من كل ثنتين، يطيل في قراءته ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (366)

وركوعه وسجوده عليه الصلاة والسلام ويستفتح بركعتين خفيفتين، هذا أفضل ما يكون، وإذا صلى ثلاثا أو خمسا أو أكثر فلا حرج، كل يصلي قدرته والحمد لله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬1)» والله جل وعلا أثنى على عباده المؤمنين، فقال: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (¬2)، وقال سبحانه: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (¬3) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (¬4)، فليس فيه حد محدود إذا صلى ثنتين وأوتر بواحدة أو صلى تسليمتين وأوتر بالخامسة أو صلى ثلاث تسليمات وأوتر بالسابعة أو صلى أربع تسليمات وأوتر بالتاسعة، كل ذلك لا حرج فيه والحمد لله، وأفضل ذلك أن يصلي إحدى عشرة، يسلم من كل ثنتين بالطمأنينة والقراءة المرتلة والتدبر والركود في صلاته وفي سجوده وركوعه ثم يوتر بواحدة، هذا هو أفضل، وإن زاد أو نقص فلا حرج. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (¬2) سورة الفرقان الآية 64 (¬3) سورة الذاريات الآية 17 (¬4) سورة الذاريات الآية 18

س: أحد الإخوة المستمعين يسأل ويقول: كم عدد ركعات صلاة الليل؟ وهل تكفي الفاتحة في كل ركعة، أم لا بد من قراءة شيء من القرآن؟ وأيضا هل تصلى جماعة، أم يصلي الواحد بمفرده؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ليس في صلاة الليل حد محدود، والحمد لله، أقلها ركعة ولو أوتر بواحدة بعد سنة العشاء كفته، والأفضل أن يصلي كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين إذا تيسر له ذلك، وإن لم يتيسر أوتر بخمس أو ثلاث، وبأكثر من ذلك يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل وإن صلى واحدة، أو صلى جماعة مع أهل بيته، كله حسن، ولا حرج في ذلك، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (346)

حكم من يطيل السجود أثناء التهجد حتى يتعب بذلك

13 - حكم من يطيل السجود أثناء التهجد حتى يتعب بذلك س: الأخت: ع. م. ع. ح. تقول: أنا أثناء صلاة التهجد أطيل في السجود، وأحس بتعب في الأيدي والصدر، هل يجوز لي أن أضع مخدة تحت الصدر وأكواع اليدين (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (435)

ج: ما أعرف لهذا أصلا، لكن المشروع عدم التكلف، لا تطيل في السجود حتى لا تتكلف، أما وضع هذه الأشياء فما أعرف لها أصلا، لكن السنة عدم التكلف، تسجد حسب طاقتها ولا تتكلف.

حكم الوضوء لصلاة التهجد

14 - حكم الوضوء لصلاة التهجد س: الأخ: ف. ح، يقول: هل يلزم الوضوء لصلاة التهجد في آخر الليل (¬1)؟ ج: إذا كان ليس على وضوء، لزمه الوضوء، إذا كان بعد العشاء قد أحدث بعد العشاء ريحا أو بولا، أو غائطا، يلزمه، لا يصلي إلا بوضوء، أما إذا كان على طهارة العشاء وأراد أن يتهجد ولم يحدث بعد طهارته للعشاء لا بأس، لكن إذا كان نام أو أحدث، لا بد من وضوء للتهجد مثل بقية الصلوات لا بد يستنجي إن كان بال، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، وإن كان ما حصل منه إلا ريح يكفيه الوضوء، يغسل ويتمضمض، ويستنشق ويغسل وجه ويديه ويمسح رأسه وأذنيه ويغسل رجليه، أما إذا كان قد حصل بول أو غائط لا بد من الاستنجاء، يستنجي أولا ثم يتوضأ وضوء الصلاة. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (423)

حكم صلاة الليل جماعة

15 - حكم صلاة الليل جماعة س: هل صلاة الليل جماعة مشروعة؟ وما حكم المداومة على ذلك؟ وفقكم الله (¬1) ج: صلاة الليل جماعة لا بأس بها، لكن ليست مشروعة يداوم عليها إلا في التراويح من رمضان، أما بقية السنة، إذا صادف بعض الأحيان من غير اتخاذ ذلك عادة فلا بأس، كأن يصلي بأهله أو يزور قوما فيصلي معهم جماعة، هذا لا بأس، أما أن يتخذ ذلك عادة وسنة فلا أصل لذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (351)

بيان في قيام الليل ووقته وما يقرأ فيه

16 - بيان في قيام الليل ووقته وما يقرأ فيه س: أعرفكم بأنني مداوم والحمد لله على صلاة الليل، لكني أرجو أن تعرفوني عن صلاة القيام في الوقت المحدد، وكم عدد ركعاتها؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: قيام الليل سنة مؤكدة، ومن عمل الصالحين، وهو دأب الصالحين، ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (302)

وهو من فعله صلى الله عليه وسلم، ومما كان يداوم عليه، عليه الصلاة والسلام، والله يقول في مدح عباد الرحمن ويثني عليهم فيقول: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (¬1)، ويقول في صفات المتقين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (¬2) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (¬3)، والله يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (¬4) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬5) {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} (¬6) {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (¬7)، والسنة قيام الليل، وآخر الليل أفضل من أوله، وإذا رغبت أن تصلي آخر الليل وخفت عدم الاستيقاظ فأوتر في أول الليل، لأن الوتر سنة مؤكدة، أقله ركعة واحدة، ولو أوتر المصلي بثلاث أو بخمس أو بأكثر فهو أفضل، يسلم من كل ثنتين، هذا هو السنة، وأفضله إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بإحدى عشرة ركعة، وأنه أوتر بثلاث عشرة ركعة عليه الصلاة والسلام، هذا هو أفضل الوتر، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، ولو أوتر بأكثر من عشرين فلا بأس، كله سنة. ¬

_ (¬1) سورة الفرقان الآية 64 (¬2) سورة الذاريات الآية 17 (¬3) سورة الذاريات الآية 18 (¬4) سورة المزمل الآية 1 (¬5) سورة المزمل الآية 2 (¬6) سورة المزمل الآية 3 (¬7) سورة المزمل الآية 4

س: سائل له كلام كثير أيضا، يسأل عن صلاة التهجد؛ في أي وقت من الليل يقوم؟ وهل يقرأ بالسور الطوال، أو ما تيسر أو يقرأ السور القصار؟ وجهوه، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: التهجد من الليل سنة، قيام الليل سنة، قال الله في عباد الرحمن في وصفهم: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (¬2)، وقال الله لنبيه عليه الصلاة والسلام: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (¬3) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬4)، الآيات، المقصود أن قيام الليل سنة، والحديث الصحيح: «أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل (¬5)» يعني بعد الفريضة أفضلها قيام الليل، التهجد من الليل، وهو مخير؛ إن شاء صلى في أول الليل، وإن شاء صلى في وسطه، وإن شاء صلى في آخره، لكن الأفضل في آخر الليل، إذا تيسر إذا قدر، فإن خاف ألا يقوم من آخر الليل، فالسنة الوتر أول الليل، كما تقدم الجواب على السؤال السابق. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (332) (¬2) سورة الفرقان الآية 64 (¬3) سورة المزمل الآية 1 (¬4) سورة المزمل الآية 2 (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب فضل صوم المحرم، برقم (1163).

س: متى تؤدى صلاة الليل (¬1)؟ ج: صلاة الليل ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، كله صلاة الليل، إذا فرغ من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، لكن الأفضل في آخر الليل، أو في جوف الليل، وإن صليته قبل أن تنام فذلك أيضا طيب وخير إذا كنت تخشى ألا تقوم من آخر الليل، فالأفضل أن تصلي في أول الليل، قبل أن تنام، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة بالإيتار قبل النوم، فكل إنسان أعلم بنفسه، فإذا كان يستطيع القيام في آخر الليل فهذا أفضل، وإلا صلى في أول الليل. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (301).

س: سماحة الشيخ، كيف يكون قيام الليل، أرجو بيان كيفية ذلك؟ وأين يكون موقع الدعاء والتسبيح، مفصلا (¬1)؟ ج: قيام الليل سنة مؤكدة، فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وفعله الأخيار، كما قال الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (¬2) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬3)، وقال سبحانه مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم: ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (303) (¬2) سورة المزمل الآية 1 (¬3) سورة المزمل الآية 2

{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} (¬1)، ثم مدح المؤمنين عباد الرحمن بذلك، فقال سبحانه: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (¬2)، وقال أيضا عن المتقين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (¬3) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (¬4)، فقيام الليل سنة مؤكدة سواء في أوله، أو في أوسطه، أو في آخره حسب التيسير، فالوتر سنة وأقله ركعة واحدة، فإذا قام بالليل وقرأ ما تيسر من القرآن سواء صلى بثلاث أو بخمس أو بسبع أو بتسع أو بإحدى عشرة، أو ثلاث عشرة كله حسن، والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بهذا، ثم أوصى بثلاث، ثم أوصى بسبع، ثم أوصى بخمس، ثم أوصى بتسع، ثم أوصى بإحدى عشرة، ثم أوصى بثلاث عشرة يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل، وإن صلى ثلاثا جميعا بسلام واحد وجلسة واحدة في آخرها فلا بأس، فعله النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان، أو صلى بخمس جميعا بجلوس في آخرها فلا بأس، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان، لكن الأفضل أن يسلم من كل ثنتين، والأفضل وتره صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، هذا ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 79 (¬2) سورة الفرقان الآية 64 (¬3) سورة الذاريات الآية 17 (¬4) سورة الذاريات الآية 18

هو الأفضل، ومن أوتر بعشرين أو أكثر أو زاد في الوتر فلا بأس أو بسبع وعشرين أو بإحدى وثلاثين، أو بأكثر كله لا بأس به، والنبي صلى الله عليه وسلم وسع في صلاة الليل، لكن السنة أن يسلم من كل ثنتين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (¬1)» فالسنة هكذا يصلي ثنتين، فإذا خشي الصبح أوتر بواحدة، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل إحدى عشرة (¬2)» يعني غالبا فيسلم من كل اثنتين، عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في الوتر، برقم (994)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (736).

حكم الملازمة لصلاة الليل

17 - حكم الملازمة لصلاة الليل س: هل يجب الملازمة لصلاة الليل أو لا يجب (¬1)؟ ج: صلاة الليل سنة مؤكدة، ومن فعل النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله جل وعلا: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} (¬2)، وقال في وصف الصالحين من عباد الله: ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (349) (¬2) سورة الإسراء الآية 79

{كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (¬1) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (¬2)، وقال في وصف عباد الرحمن سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (¬3)، فالتهجد بالليل سنة وقربة عظيمة، لكن حسب الطاقة يفعلها الإنسان حسب الطاقة، في أول الليل، في أثناء الليل، في آخر الليل حسب التيسير، وأقلها واحدة، ركعة واحدة، يوتر بها ويستحب له الزيادة، يصلي ثلاثا، خمسا، سبعا، تسعا، حسب التيسير، وإذا كان يشق عليه قيام الليل، آخر الليل يصليها قبل أن ينام، «كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما أن يوترا قبل النوم (¬4)» وإذا تيسر له أن يقوم في آخر الليل فهو أفضل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل، فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل (¬5)» والسنة ثنتين ثنتين، ثم يوتر بواحدة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، وإذا خشي الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد ¬

_ (¬1) سورة الذاريات الآية 17 (¬2) سورة الذاريات الآية 18 (¬3) سورة الفرقان الآية 64 (¬4) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (722). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).

صلى (¬1)» ولا يأثم في ترك صلاة الليل، فهي سنة، لو تركها لا شيء عليه، لكن سنة سن المحافظة عليها، الله لم يوجب علينا إلا الصلوات الخمس في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر والجمعة، هذه الفريضة ومن زاد عليها صلاة الضحى، والتهجد بالليل والرواتب والوتر كلها نافلة، لكن ينبغي للمؤمن ويشرع له أن يحافظ على الرواتب والفضائل، ويسارع إلى كل خير، ولا سيما التهجد بالليل والوتر والصلوات المتأكدة، وهكذا الرواتب، كسنة الظهر قبلها أربع بعدها ثنتين، وإن صلى بعدها أربعا كان أفضل، أيضا قبل العصر يستحب أن يصلي أربعا يسلم من كل ثنتين، كذلك بعد المغرب ثنتين، وبعد العشاء ثنتين، وقبل صلا الفجر ثنتين، كل هذه رواتب، وإذا صلى قبل العشاء ركعتين، وقبل المغرب ركعتين كان أفضل أيضا، وبين الأذانين كل هذه نوافل مستحبة، ينبغي للمؤمن المحافظة عليها، وأن يكون حريصا عليها، يرجو ثواب الله وفضله سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

حكم صلاة الليل في أوله لمن يخشى النوم عنها

18 - حكم صلاة الليل في أوله لمن يخشى النوم عنها س: السؤال يقول: أقدم صلاة الليل إلى ما بعد صلاة العشاء، أو

أؤديها في الحادية عشرة على الأكثر خوفا أن يغلبني النوم، فهل تعتبر صلاتي صحيحة (¬1)؟ ج: نعم، فالأفضل أن تؤديها في أول الليل إذا كنت تخشى ألا تقوم في آخر الليل، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬2)» «وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما، بالوتر أول الليل (¬3)» وذلك لأنهما لا يتيسر لهما القيام في آخر الليل، إما لمدارسة الحديث، وإما لأسباب أخرى، فالمقصود أنك إذا كنت تخشى ألا تقوم من آخر الليل فالوتر لك في أوله هو السنة، وهو الأفضل، أما إن طمعت أن تقوم في آخر الليل وتيسر لك ذلك فالتهجد في آخر الليل أفضل. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (327). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (722).

س: أنا أختكم في الله: ر. من الأردن، تقول عن نفسها: أنا أحب صلاة قيام الليل، لكن أحيانا يأخذني النوم، وأحيانا أستيقظ لكني لا أقوم، إلا متثاقلة نتيجة للنعاس، فبماذا توجهونني حتى

أقوم، وأنا في نشاط ورغبة للصلاة ولذكر الله (¬1)؟ ج: نوصيك بالصلاة قبل النوم والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بعض أصحابه بالوتر قبل النوم، فإذا كان الإنسان يخاف ألا يقوم فالأفضل أن يصلي ما تيسر قبل النوم ثلاثا أو خمسا أو أكثر، يسلم من كل ثنتين ثم يوتر بواحدة قبل النوم، أما إذا اطمأننت أنك تقومين آخر اللي فهو أفضل، ونوصيك بالنوم مبكرا، أن تنامي مبكرة حتى تقومي من آخر الليل، أما مع السهر، فإنه يعسر قيام الليل في آخر الليل، ولكن نوصيك بالتبكير بالنوم، ووضع الساعة على الوقت المناسب، حتى تقومي إن شاء الله، فإذا لم يتيسر ذلك، فصلي في أول الليل، صلى قبل النوم والحمد لله، وإذا فاتك في أول الليل بسبب النوم أو المرض فصلي من النهار، صلي الضحى ما تيسر يعني عدد الركعات التي تفعلينها في الليل، صليها من النهار، وزيديها ركعة اشفعيها إذا كانت العادة خمسا، فصلي ستا بثلاث تسليمات، وإذا كانت العادة سبعا، ولم يتيسر أن تصليها بالليل للنوم أو غيره تصلي في النهار ثمانيا بأربع تسليمات، وهكذا فقد كان النبي عليه الصلاة والسلام، إذا شغله عن وتره من الليل نوم أو مرض، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (333).

صلى في النهار وشفع عادته، كما قالت عائشة رضي الله عنها، وكان في الغالب يصلي في الليل إحدى عشرة ركعة، عليه الصلاة والسلام، فإذا شغله نوم أو مرض، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، بست تسليمات، هذا هو السنة وهذا هو المشروع، وفق الله الجميع.

بيان الثلث الأخير من الليل

19 - بيان الثلث الأخير من الليل س: السائل: ع. من الأردن، يقول: هل تعتبر الساعة التي تسبق أذان الفجر من الثلث الأخير من الليل (¬1)؟ ج: نعم، ما كان قبل الفجر كله ثلث أخير، حتى يطلع الفجر، الثلث الأخير يبدأ من ذهاب الثلثين، يبدأ الثلث الأخير، ويستمر إلى طلوع الفجر. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (416).

حكم تأخير صلاة الليل إلى قبيل الفجر

20 - حكم تأخير صلاة الليل إلى قبيل الفجر س: يسأل سماحتكم عن حكم تأخير النوافل قبيل الفجر بنصف ساعة (¬1)؟ ج: لا مانع، لكن كونك تتقدم حتى يتسع الوقت، وحتى تصلي ما يسر الله لك بهدوء، وتصلي إحدى عشرة ركعة، كما كان يفعل عليه ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (314).

الصلاة والسلام، تسلم كل ثنتين، وتجتهد في القراءة، والركوع والسجود، هذا أفضل لأن الوقت الضيق قد لا تتمكن معه من المطلوب، مثل الصلاة المطلوبة، والدعوات المطلوبة، لكن لو أخرت إلى آخر الليل، وصليت ما يسر الله لك، فلا حرج والحمد لله.

س: متى يبدأ الليل، هل من بعد أذان المغرب أم من بعد أذان العشاء، وهل يمتد إلى أذان الفجر؟ (¬1) ج: الليل ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر، هذا هو الليل، ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر الصادق هذا هو الليل. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (350).

بيان لبداية وقت التهجد ونهايته

21 - بيان لبداية وقت التهجد ونهايته س: ما هو وقت صلاة التهجد؟ متى يبدأ ومتى ينتهي؟ مأجورين (¬1) ج: يبدأ من بعد العشاء وينتهي بطلوع الفجر، هذا التهجد إذا صلى الناس العشاء دخل وقت التهجد إلى طلوع الفجر، فإذا أوتر في أول الليل أو في أثناء الليل أو في آخر الليل كله حسن كما قال جل ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (358).

وعلا: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} (¬1)، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (¬2) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬3) الآية، فالسنة قيام الليل من الفراغ من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر ولو بركعة واحدة الوتر، لكن إذا صلى ثلاثا أو خمسا أو أكثر يسلم من كل ثنتين هذا هو السنة وهذا فعله صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 79 (¬2) سورة المزمل الآية 1 (¬3) سورة المزمل الآية 2

حكم من يوتر بعد صلاة العشاء مباشرة

22 - حكم من يوتر بعد صلاة العشاء مباشرة س: سائلة تقول: إنني ولله الحمد أقوم الليل إلا أنني أوتر بعد سنة العشاء، وذلك خوفا من أن يقبض الله روحي، قبل أدائها وخوفا من أن يغلبني النوم، فلا أستطيع أداءها، فبماذا تنصحونني وهل ما أنا عليه صحيح؟ (¬1) ج: قيام الليل من أفضل القربات، ومن صفات عباد الرحمن الأخيار، ومن صفات المتقين الأبرار: قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} (¬2) {آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ} (¬3) {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (¬4) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (¬5)، وقال سبحانه في صفة ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (266). (¬2) سورة الذاريات الآية 15 (¬3) سورة الذاريات الآية 16 (¬4) سورة الذاريات الآية 17 (¬5) سورة الذاريات الآية 18

عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (¬1) فأنت على خير، فنوصيك بالثبات، وسؤال الله القبول، وعليك بالاستقامة، ولكن الأفضل لك أن تجعلي الوتر آخر الليل، ما دمت تقومين آخر الليل، فاجعلي الوتر آخر الليل، وأحسني الظن بالله، وأبشري بالخير، ما دمت قد اعتدت هذا الخير، تقومين آخر الليل، فاجعلي وترك آخر الليل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل، فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره، فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬2)» بين صلى الله عليه وسلم أن صلاة آخر الليل مشهودة، وأنها أفضل من أول الليل، وأنت بحمد الله تطمعين أن تقومي، قد اعتدت القيام، فأخري الوتر في آخر الليل، وإذا غلبك النوم صلي في النهار ما يقابل ذلك، شفعا دون وتر، كما كان النبي يفعل صلى الله عليه وسلم، «كان إذا غلبه النوم، أو وجع صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، وكانت عادته صلى الله عليه وسلم، غالبا إحدى عشرة ركعة، فإذا شغله نوم أو مرض، زاد واحدة ¬

_ (¬1) سورة الفرقان الآية 64 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).

صلى ثنتي عشرة ركعة (¬1)» هكذا روت عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم، والمؤمن يجب أن يكون حسن الظن بالله سبحانه وتعالى، فعليك أن تحسني الظن بالله، والاجتهاد في الخير، وأن تكون صلاتك آخر الليل مع الوتر لهذا الحديث الصحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (¬2)» هذا الحديث العظيم، متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يدل على فضل آخر الليل، وأن العبادة فيه لها فضل عظيم، وأن دعاء العبد حري بالاستجابة، وهكذا توبته واستغفاره، وهذا النزول نزول يليق بالله جل وعلا، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، سبحانه وتعالى فهو في نزوله كسائر صفاته، كالاستواء والكلام والغصب، والرضا، وغير ذلك كلها صفات تليق بالله لا يشابه فيها خلقه سبحانه وتعالى، فكما قال السلف في الاستواء: إنه اللائق بالله، فهكذا النزول، وهكذا بقية الصفات، يقول جل وعلا: ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).

{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (¬1) سئل مالك إمام دار الهجرة في زمانه، رحمه الله، قيل له: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (¬2) كيف استوى؟ قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب وهكذا روي عن أمة سلمة أم المؤمنين، وعن ربيعة شيخ مالك، أنهم قالوا هذا المعنى، الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، وهكذا النزول معروف، والكيف مجهول، ينزل كيف يشاء سبحانه وتعالى نزولا يليق بجلاله، ولا يشابه خلقه في صفاته سبحانه، وهكذا يتكلم إذا شاء كما يليق بجلاله، ويغضب إذا شاء على أهل المعصية والكفر به غضبا يليق بجلاله، لا يشابه غضب المخلوقين، وهكذا رضاه، وهكذا سائر صفاته، سبحانه وتعالى كلها يجب أن تمر كما جاءت، مع الإيمان بها، واعتقاد ¬

_ (¬1) سورة طه الآية 5 (¬2) سورة طه الآية 5

أنها حق، وأنها تليق بالله، لا يشابه فيها خلقه، ولا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه وتعالى.

حكم من نوى قيام الليل ولم يقم

23 - حكم من نوى قيام الليل ولم يقم س: سماحة الشيخ، إذا نوى الشخص سواء المرأة، أو الرجل أن يقوم الليل ولم يقم فهل يكتب له أجر ما نوى؟ (¬1) ج: نعم، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا (¬2)» كذلك إذا نام ما فرط له أجر قيام الليل، لكن يصلي من النهار ما فاته، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا منعه من ورده من الليل نوم أو مرض صلى من النهار مقابل ما يفعله بالليل، هذا هو السنة وإذا شغله المرض أو النوم، عن وتره بالليل أو حزبه من الليل من القراءة جعله في النهار قبل الظهر، هذا هو الأفضل ويكون أجره كاملا، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم، في غزوة تبوك: «إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (371). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (2996).

واديا إلا وهم معكم (¬1)» وفي لفظ: «إلا شاركوكم في الأجر "، قالوا: يا رسول الله، وهم في المدينة؟ قال: " وهم في المدينة، حبسهم المرض (¬2)» وفي لفظ آخر: «حبسهم العذر»، فالمقصود أن من حبسه العذر عن عمل صالح ينويه من عادته فعله يكون له أجره. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي الحجر، برقم (4423). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض، أو عذر آخر، برقم (1911).

س: بحمد الله تعالى وشكره أصبحت أصلي الليل، لكن الذي حدث ذات مرة أنني لم أفق في ليلة من الليالي، إلا على أذان الفجر فصليت الفجر، فهل علي قضاء ما كنت أصلي؟ (¬1) ج: ليس عليك قضاء، لكن الأفضل أن تقضي، «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته ورد من الليل قضاه من النهار عليه الصلاة والسلام (¬2)» لكنه نافلة مستحب، فإذا كنت تصلين من الليل عشر ركعات، مع الوتر واحدة إحدى عشرة فالأفضل لك أن تصلي من النهار ثنتي عشرة ركعة، مثل ما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، تسلمين من كل ثنتين، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (294). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746).

وإذا كان عادتك سبع ركعات تصلين من النهار ثمانيا أربع تسليمات، وهكذا لو كانت ثلاثا تصلين من النهار تسليمتين، أربع ركعات هذه السنة، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله عن صلاة في الليل مرض، أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (¬1)» وكان الغالب عليه الصلاة والسلام أنه يصلي إحدى عشرة، يسلم كل ثنتين ويوتر بواحدة، فإذا شغله مرض أو نوم صلاها من النهار وزاد ركعة صارت ثنتين عن ركعة، ويسلم من كل ثنتين، هذا هو السنة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746).

حكم من صلى أربع ركعات بتسليمة واحدة

24 - حكم من صلى أربع ركعات بتسليمة واحدة س: من صلى أربع ركعات بتسليمة واحدة هل هذا جائز؟ (¬1) ج: في الليل لا يجوز؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬2)» وهذا معناه الأمر، معناه: صلوا ثنتين ثنتين، أما في النهار فقد اختلف فيه العلماء؛ منهم من قال: يجوز. ومنهم من قال: لا يجوز. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (228). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

والأفضل أنه يصلي ثنتين حتى في النهار أيضا، ولو صلى أربعا صحت إن شاء الله، لكنه خلاف السنة، السنة أن يصلي ثنتين ثنتين حتى في النهار؛ لأنه في رواية أخرى عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (¬1)» رواه الإمام أحمد وأهل السنن بسند صحيح، فينبغي للمؤمن ألا يصلي إلا ثنتين ثنتين حتى في النهار، لكن لو سرد خمسا يوتر بها، لا حرج، فعله النبي صلى الله عليه وسلم، أو سرد سبعا وأوتر بها لا حرج؛ لأنه فعله النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مستثنى من قوله: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬2)» وكذا يجوز سرد تسع يوتر بها، لكن يجلس في الثامنة للتشهد الأول، يقوم ويأتي بالتاسعة، أما أن يصلي أربعا في الليل، أو ستا في الليل، أو ثمانيا في الليل فلا، هذا خلاف للسنة لا يجوز؛ لأنه صلى الله ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

عليه وسلم قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬1)» ثابت في الصحيحين، ليس فيه نزاع، فلا يجوز له أن يجمع أربعا في تسليمة واحدة أو ثمانيا أو ستا بتسليمة واحدة، ولكن يصلي ثنتين ثنتين، وكذلك في النهار يصلي ثنتين ثنتين. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

بيان الوقت المفضل لقيام الليل

25 - بيان الوقت المفضل لقيام الليل س: من الأردن أخوكم في الله: م. ر. ع. يقول: سماحة الشيخ، الصلاة بعد أذان الفجر الأول هل تعتبر صلاة قيام الليل؟ وهل هناك أذان أول وأذان ثان لصلاة الفجر؟ وهل قيام الليل يبدأ من بعد صلاة العشاء إلى أذان الفجر، أو من منتصف الليل؟ أفيدونا مأجورين (¬1) ج: قيام الليل يبدأ من نهاية صلاة العشاء، ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، هذا قيام الليل، وإذا كان في آخر الليل، النصف الأخير أو في الثلث الأخير يكون أفضل، مثل ما جاء في الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحب الصيام صيام داود، كان يصوم يوما ويفطر يوما، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (391).

ويقوم ثلثه، وينام سدسه (¬1)» يعني يصلي السدس الرابع والسدس الخامس، فينام نصفه ويقوم ثلثه؛ السدس الرابع والسدس الخامس، وإذا قام في الثلث الأخير كان ذلك فيه فضل عظيم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (¬2)» وهذا نزول يليق بالله لا يشابه خلقه في نزولهم، فهو نزول يليق بالله، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى؛ كالاستواء على العرش والارتفاع فوق استواء يليق بجلال الله، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، ولهذا يقول أهل العلم: استواء بلا كيف. فالمؤمن يؤمن بصفات الله وأسمائه على الوجه اللائق بالله عز وجل، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف، ولا تمثيل، ولهذا يقول مالك وغيره من السلف: الشافعي والإمام أحمد بن حنبل والثوري والأوزاعي وغيرهم، يقولون: نؤمن بأن ربنا فوق سماواته على عرشه، قد استوى عليه بلا كيف، سبحانه وتعالى، فالإنسان يقوم بما تيسر من الليل في أوله، أو في أوسطه، أو في آخره يتهجد يصلي ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام ... ، برقم (3420)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به ... ، برقم (1159). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).

ما تيسر، يدعو ربه، يلجأ إليه يفزع إليه ويسلم من كل ثنتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬1)» والأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا أكثر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل، إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة قبل طلوع الفجر، وإن صلى أكثر من ذلك لا بأس، أو أقل كمن صلى ثلاثا أو خمسا أو سبعا كل ذلك لا بأس، لكن السنة أن يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، وإن سرد ثلاثا بسلام واحد، ولم يجلس إلا في آخرها فلا بأس، أو سرد خمسا بسلام واحد، ولم يجلس إلا في آخرها لا بأس، لكن الأفضل أن يسلم من كل ثنتين، سواء في أول الليل، أو في وسطه أو في آخره، وإذا كان له شغل في أول الليل؛ لدراسة العلم ونحو ذلك فإنه يوتر في أول الليل حتى لا ينام عن الوتر، كما كان أبو هريرة رضي الله عنه، فقد أوصاه النبي أن يوتر في أول الليل؛ لأنه كان يدرس العلم في أول الليل، المقصود الإنسان الذي يخشى ألا يقوم من آخر الليل يوتر في أول الليل؛ لقول النبي صلى الله ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬1)» أخرجه مسلم في صحيحه، فالتهجد في أول الليل أو في وسطه أو في آخره كله طيب، ولكن الأفضل في آخر الليل إذا تيسر ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).

س: تقول هذه السائلة: يا سماحة الشيخ، ما هي بداية صلاة آخر الليل؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الصلاة في الليل كلها مشروعة، من أوله إلى آخره، وأفضلها الثلث الأخير، وأفضلها السدس الرابع والخامس، صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم الثلث، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود؛ كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه (¬2)» فإذا صلى الإنسان السدس الرابع والخامس هذا أفضل الوقت، والسدس السادس من بقية ثلث الليل، وكله طيب وقت التنزل الإلهي، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (434). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام ... ، برقم (3420)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به ... ، برقم (1159).

ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقي ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له؟ (¬1)» في النصف الأخير كله خير، وكله محل إجابة دعاء وفضل عظيم. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).

حكم صلاة الرجل بأهل بيته في النوافل

26 - حكم صلاة الرجل بأهل بيته في النوافل س: صلاة الرجل بأهل بيته في النوافل كيف يكون التوجيه بخصوصها شيخ عبد العزيز؟ (¬1) ج: إن شاء فعل، وإن شاء ترك، النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وحده، ما كان يصلي بأهل بيته، كان يصلي وحده صلى الله عليه وسلم، فإذا جاء الوتر أيقظ عائشة لتوتر، فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم كان فيما علمنا يصلي وحده عليه الصلاة والسلام في تهجده بالليل، فإذا تهجد الإنسان بالليل وحده فلا بأس، وإن صلى بأهله أو بجماعة زاروه فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (148).

حكم من لم يصل قيام الليل وصلاة الضحى

27 - حكم من لم يصل قيام الليل وصلاة الضحى س: السائلة من المستمعات تقول: إنني - ولله الحمد - مواظبة على أداء الصلوات في أوقاتها، ولكني لا أصلي صلاة الليل، ولا أصلي الضحى وأنا مستطيعة، فهل علي إثم؟ (¬1) ج: هذه من نعم الله العظيمة المحافظة على الصلوات الخمس، هذه من نعم الله العظيمة، وذلك من أوجب الواجبات، لقول الله سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬2)، وقوله سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (¬3)، وفي آيات كثيرات حث على المحافظة والخشوع والعناية بالصلاة، فاحمدي الله على ذلك، واسأليه الثبات، فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، والرجل يؤديها في الجماعة في مساجد الله، ولا يجوز له التساهل في أدائها في البيت، بل يجب على الرجل أن يصليها مع الجماعة في المساجد، وعلى المرأة أن تصليها في الوقت مع ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (263). (¬2) سورة البقرة الآية 238 (¬3) سورة البقرة الآية 43

الخشوع والطمأنينة، وعدم العجلة؛ لقوله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬2)، وقوله جل وعلا: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (¬3)، فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة العناية بالصلاة، والمحافظة عليها بأوقاتها مع العناية بالخشوع والطمأنينة، وعدم العجلة، واستحضار القلب بين يدي الله عز وجل، ويزيد الرجل الحضور في الجماعة، وأن الواجب عليه أن يحضرها في الجماعة، ويصليها مع إخوانه في بيوت الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر - قالوا: وما العذر؟ قال: خوف أو مرض - لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬4)» وفي الصحيح أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لابن أم مكتوم، وهو أعمى، لما سأله قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 1 (¬2) سورة المؤمنون الآية 2 (¬3) سورة العنكبوت الآية 45 (¬4) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551)، وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793).

النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (¬1)» هذا أعمى ليس له قائد يقوده، ومع ذلك يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: " أجب " يعني لأدائها مع الجماعة في بيوت الله. أما صلاة الضحى والتهجد بالليل فهذا مستحب، من تيسر له التهجد بالليل فهو قربة عظيمة، وعبادة مؤكدة، ولو ركعة واحدة في الليل، أو ثلاث، وأقلها ركعة واحدة يوتر بها، وإن صلى ثلاثا أو أكثر فهو أفضل، والضحى سنة ولو ركعتين، والنبي أوصى بذلك لجماعة من الصحابة بركعتين؛ ركعتي الضحى، لكن ليست واجبة لا صلاة الليل ولا الضحى، إنما هي مستحبة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653).

حكم الجهر في صلاة النوافل بالليل

28 - حكم الجهر في صلاة النوافل بالليل س: ما حكم الجهر في صلاة النوافل بالليل؟ وإذا سها وجهر في ركعة فما الحكم؟ (¬1) ج: السنة الجهر، صلاة الليل السنة الجهر فيها، في النافلة والفريضة، ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (11).

يجهر في المغرب في الأولى والثانية، وفي العشاء في الأولى والثانية، ويسر في الثالثة من المغرب، ويسر في الثالثة والرابعة من العشاء، أما النوافل السنة فيها الجهر، لكن جهرا لا يؤذي أحدا، ولا يشق على أحد، فإذا كان بقربه مصلون أو نوام أو قراء فإنه يجهر جهرا لا يؤذيهم، ولا يشوش عليهم، وقد خرج صلى الله عليه وسلم على قوم يصلون في المسجد يرفعون أصواتهم، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: «كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضا (¬1)» المقصود أنه إذا جهر يتحرى الجهر الخفيف الذي لا يتأذى به مصل ولا نائم، وهكذا من كان في المساجد يقرأ في المساجد ينبغي له أن يلاحظ عدم التشويش على من حوله، فيقرأ قراءة خفيفة ليس فيها تشويش على من حوله من المصلين والقراء، بعض الناس في المساجد في الجمع وفي غير الجمع يجهر جهرا يشوش على من حوله، هذا لا ينبغي، أقل أحواله الكراهة، فينبغي لمثل هذا أن يراعي القارئ عدم التشويش على من حوله من المصلين والقراء، سواء كان في صلاة الليل في بيته أو في المساجد، هذه السنة. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه برقم (11486)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل، برقم (1332).

س: هل يشترط في النوافل أن تكون سرية؟ مع العلم أنني أصلي النوافل الليلية جهرا، والنوافل النهارية سرا؟ (¬1) ج: لا يشترط كونها سرية، يشرع للرجل أن يتنفل جهرا وسرا، وإذا كان سرا في بعض الأحيان كما كان أكمل في الإخلاص، ولكن ليس ممنوعا أن يصلي جهرا كما يصلي بعض الرواتب في المسجد، كسنة الظهر أو المغرب أو العشاء أو الفجر، لا بأس، ولا بأس أن يصلي الضحى في المسجد أيضا، ولا بأس أن يصلي في بيته وعنده من يراه من أهله أو ضيوفه، لا بأس، لكن إذا كان في محل خاص بينه وبين ربه في النوافل كان هذا أكمل في الإخلاص، ولا حرج أن يصلي جهرة عند الناس، لا حرج في ذلك، إذا كان قصده الإخلاص وليس قصده الرياء. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (176).

س: من خميس مشيط، هذا السائل يقول: كيف تكون القراءة في صلاة آخر الليل في البيت؟ هل تكون جهرا أم سرا؟ (¬1) ج: افعل ما هو أصلح لقلبك، والأفضل السر، وإذا كان الأصلح الجهر تجهر، إذا كان أخشع لقلبك تجهر، وإذا كان أخشع لقلبه السر ¬

_ (¬1) السؤال السادس والسبعون من الشريط رقم (425).

يسر، يعمل ما هو الأصلح.

س: هل تكون قراءة القرآن في صلاة التهجد سرا أم جهرا؟ (¬1) ج: السنة الجهر، وإن أسر فلا حرج، لكن الأفضل الجهر جهرا لا يؤذي أحدا، لا يؤذي الإمام ولا المصلين، جهرا خفيفا لا يتأذى به أحد، وإن قرأ سرا فلا بأس، أخبرت عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل أسر وجهر، عليه الصلاة والسلام (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (345). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7774)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام، برقم (826)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر الإمام، برقم (312)، والنسائي في كتاب الافتتاح، باب ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر به، برقم (919)

س: أيهما أفضل: أن تكون صلاة القيام جهرا، أم سرا؟ (¬1) ج: في الليل جهرا هذا الأفضل، وإن أسر فلا حرج في ذلك، وهذا هو الأفضل، فقد كان النبي يجهر وربما أسر، كما قالت عائشة رضي الله عنها. وهذا في البيت أو في البر أو السفر، أو في المسجد يتهجد، أو ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (352).

في التراويح أو في قيام رمضان في العشر السنة الجهر. والحكم شامل النساء والرجال، في البيت والمسجد، لكن المرأة إذا كان عندها أجانب الأفضل السر؛ لأن صوتها قد يفتن بعض الناس، فالأفضل السر، وهكذا التلبية، إذا كان حولها أجانب الأفضل السر، وبالنسبة للصلوات المفروضة الجهرية تصلي في بيتها أفضل وتجهر، أما إذا كانت مع الإمام فتنصت.

س: هل صلاة الليل والقراءة فيها سرية أم جهرية؟ (¬1) ج: صلاة الليل جهرية، وإن أسر فلا بأس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم «أسر وجهر (¬2)» كما قالت عائشة، فإذا رأى المصلحة في السر أسر، وإذا رأى المصلحة في الجهرية جهر، والجهر أفضل إذا تيسر، وإذا كان السر أخشع لقلبه فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (355). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7774)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام، برقم (826)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر الإمام، برقم (312)، والنسائي في كتاب الافتتاح، باب ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر به، برقم (919)

س: صلاة التطوع إذا اعتاد عليها الإنسان هل تكون واجبة؟ (¬1) ج: لا، ما تكون واجبة، التطوع يكون دائما تطوعا، لا يكون واجبا أبدا، لكن نسك الحج والعمرة إذا أحرم بهما وجبا؛ لقول الله تعالى: ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (45).

{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (¬1) هذا شيء خاص بالحج والعمرة، متى أحرم بهما وجبا حتى يكملهما، أما ما سواهما كالصلاة والصوم والصدقة، ونحو ذلك هذه تطوعات تبقى على حالها تطوعا، فلو شرع في الصلاة جاز له قطعها، ولو شرع في الصوم نافلة جاز له قطعه، والأفضل أن يكمل، ولو أخرج مالا لأن يتصدق به جاز له أن يرجع حتى يسلم ذلك للفقير، المقصود أن جميع النوافل على حالها هي تطوع حتى ينتهي منها، إلا الحج والعمرة فإنها إذا شرع فيهما وجبا حتى يكملهما. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 196

حكم قراءة عدد من السور القصار في قيام الليل

29 - حكم قراءة عدد من السور القصار في قيام الليل س: إذا كان قائم الليل لا يحفظ من القرآن إلا سورا قليلة فهل يجوز له قراءة السور متتابعة في ركعة واحدة؟ (¬1) ج: لا مانع من ذلك، يقرأ ما يسر الله له، وإن قرأ من المصحف فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (144).

حكم حمل المصحف في الصلاة لمن لم يحفظ من القرآن إلا القليل

30 - حكم حمل المصحف في الصلاة لمن لم يحفظ من القرآن إلا القليل س: هل حمل المصحف في الصلاة جائز، لمن لم يحفظ من القرآن إلا القليل؟ (¬1) ج: لا مانع من أن يقرأ من المصحف، في التهجد بالليل أو في صلاة التراويح، أما الفريضة فيقرأ ما تيسر، ولا حاجة إلى المصحف، يقرأ ما تيسر والحمد لله مع الفاتحة، ويكفي والحمد لله، الفاتحة هي الأصل، والباقي سنة، يقرأ ما تيسر من السور القصيرة، أو الآيات والحمد لله يكفي. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (399).

س: هل تكفي فاتحة الكتاب في التهجد والسنن، أم لا بد من قراءة سورة أخرى معها؟ (¬1) ج: تكفي الفاتحة؛ لأنها الركن، ولكن إذا قرأ معها فهو أفضل، السنة يقرأ معها زيادة، النبي كان يقرأ مع الفاتحة عليه الصلاة والسلام، لكنة قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬2)» فالركن هو الفاتحة، وما ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (231). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (394).

زاد فهو مستحب.

س: إنني إذا صليت النوافل لا أقرأ إلا الفاتحة، لأنني لا أحفظ من القرآن إلا شيئا يسيرا فهل ما فعلته صحيح؟ (¬1) ج: الفاتحة كافية في الفرض والنفل، لكن إذا زدت عليها ببعض الآيات أو السور القصيرة مثل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2)، أو: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (¬3)، وأشباه ذلك فهذا أفضل، وإن اقتصرت على الفاتحة أجزأ ذلك والحمد لله، حتى في الفرض. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (301). (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة الكوثر الآية 1

س: بالنسبة لمسك المصحف للقراءة منه في صلاة القيام، هل هذا جائز؟ (¬1) ج: لا جرح أن يقرأ من المصحف في صلاة القيام، التراويح في القيام، أو في غيرهما، لا بأس إذا احتاج إلى ذلك، كان مولى عائشة رضي الله عنها يصلي بها في رمضان من المصحف. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (410).

حكم تخصيص السور التي فيها سجدة بالقراءة في النوافل

31 - حكم تخصيص السور التي فيها سجدة بالقراءة في النوافل س: يسأل المستمع ويقول، هل من الأفضل أن نقرأ الآيات والسور التي بها سجدة في نوافل النهار أو الليل؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الأفضل أن تقرأ ما تيسر من غير تخصيص الآيات التي فيها سجدة، تقرأ ما تيسر كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، تقرأ في الظهر والعصر والمغرب والعشاء ما تيسر إن كنت إماما، وإن كنت مأموما تقرأ ما تيسر حسب حال إمامك، تقرأ الفاتحة وما تيسر معها، السرية الأولى والثانية من الظهر، والأولى والثانية من العصر، وفي الجهرية تقرأ الفاتحة فقط وتنصت لإمامك، وتقرأ في الثالثة والرابعة من العشاء وفي الثالثة والرابعة من الظهر والعصر الفاتحة، وفي الثالثة من المغرب الفاتحة، أما في النوافل فتقرأ ما تيسر، ما تخصص آيات السجود سجود التلاوة، تقرأ ما تيسر، وإذا رتبت قراءتك من أول القرآن إلى آخره فهذا هو الأفضل، كلما كملت القرآن رجعت من أوله، وتقرأ في صلواتك في الليل والنهار ما تيسر، وتقرأ ما تيسر في غير الصلاة أيضا، كلما ختمت القرآن رددت من أوله، هذا هو الأفضل. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (392).

مسألة في فضل قيام الليل

32 - مسألة في فضل قيام الليل س: رأيت والدي يصلي في منتصف الليل ثماني ركعات، فسألته عن فائدة الصلاة في الليل، فقال: إن الإنسان الذي يصلي في الليل لا تأكل الأرض جسده بعد وفاته. فهل هذا صحيح؟ وهل يبقى الإنسان في قبره إذا كان يصلي صلاة الليل والناس نيام؟ وهل الروح تبقى في الجسد بعد الوفاة، أم تصعد إلى خالقها؟ (¬1) ج: صلاة الليل قربة عظيمة وسنة مؤكدة، قال الله جل وعلا في وصف عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (¬2)، وقال سبحانه في وصف المتقين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (¬3) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (¬4)، وقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (¬5) {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬6) {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} (¬7) {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (¬8) الآية، وقال سبحانه: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (¬9). ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (55). (¬2) سورة الفرقان الآية 64 (¬3) سورة الذاريات الآية 17 (¬4) سورة الذاريات الآية 18 (¬5) سورة المزمل الآية 1 (¬6) سورة المزمل الآية 2 (¬7) سورة المزمل الآية 3 (¬8) سورة المزمل الآية 4 (¬9) سورة السجدة الآية 16

والآيات في هذا كثيرة، تدل على فضل قيام الليل، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يتهجد بالليل كثيرا، عليه الصلاة والسلام، ويقول: «أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام (¬1)» فالتهجد بالليل من أفضل القربات، ومن أعظم الطاعات، وكان صلى الله عليه وسلم في الأغلب يصلي إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة عليه الصلاة والسلام وربما أوتر بأقل من هذا، وربما أوتر بتسع، وربما أوتر بسبع، وربما أوتر بخمس، ولكن الأغلب أنه كان يصلي إحدى عشرة، وربما صلى ثلاث عشرة، عليه الصلاة والسلام في الليل يطيل في قراءته وركوعه وسجوده عليه الصلاة والسلام، أما كونه لا تأكل الأرض جسمه، إذا كان يصلي من الليل هذا لا أعلم له أصلا، لا أعلم في الأدلة الشرعية ما يدل على ذلك، وأما الروح لا، روح المؤمن فإنها تعلق في شجر الجنة، تروح للجنة وتعلق في أشجارها ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة، والرقائق، والورع، باب منه، برقم (2485)، وابن ماجه في كتاب الأطعمة، باب إطعام الطعام، برقم (1334)، واللفظ له، والدارمي في كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الليل، برقم (1460).

كالطائر، شبه طائر، تعلق في أشجار الجنة وثمارها، كما صح فيه الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة (¬1)» وأما أرواح الشهداء فأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنها تكون في أجواف طير خضر، تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تعود إلى قناديل معلقة تحت العرش. فأرواح المؤمنين في الجنة مكرمة، لكن أرواح الشهداء لها شأن، ويعيد الله الأرواح إلى أجسادها إذا شاء، كما يعيدها عند السؤال حين يموت الإنسان ويوضع في قبره، يأتيه الملك فيسأله عن ربه، وعن دينه، وعن نبيه، ويعيد الله له روحه فيسمع سؤال الملكين به، ويجيب إن كان صالحا، ويتردد ولا يستطيع الإجابة إذا كان كافرا، أو منافقا، نسأل الله السلامة، أما أرواح الكفار ففي النار، نسأل الله العافية، وقد قال الله جل وعلا في آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (¬2)، واختلف أهل العلم في مستقرها، فقيل في نفس النار. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه، برقم (15360)، والنسائي في كتاب الجنائز، باب أرواح المؤمنين، برقم (2073)، وابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر القبر والبلى، برقم (4271). (¬2) سورة غافر الآية 46

وقيل: في قبور أصحابها. وقيل في غير ذلك، ولكنها بكل حال معذبة نعوذ بالله، وتعرض على النار، ومصيرها إلى النار، نسأل الله العافية.

مسألة في بيان فضل كثرة السجود

33 - مسألة في بيان فضل كثرة السجود س: ما حكم صلاة السجود في الليل؟ نرجو الإفادة عن ذلك (¬1) ج: هذا السؤال فيه إجمال، وهو ما حكم صلاة السجود في الليل؟ يحتمل أن مراده بذلك يعني: ما حكم الصلاة التي يكثر فيها السجود، ولا تطول فيها القراءة؟ ويحتمل أنه أراد معنى آخر لم أفهمه، فإن كان يسأل عن الأول فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على شرعية الإكثار من الصلوات، وأنها من أسباب دخول الجنة، وأن العبد ما سجد سجدة إلا رفعه الله بها درجة، وفي حديث ربيعة بن كعب الأسلمي قال: «قلت يا رسول الله، لما قال الرسول: " سل "، وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أسألك مرافقتك في الجنة. فقال: " أعني على نفسك بكثرة السجود (¬2)» يعني بكثرة الصلاة، فكثرة الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (6). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب فضل السجود والحث عليه، برقم (489).

يلزم منها كثرة السجود، والسجود فيه خشوع لله، وتعظيم لله عز وجل، ومن أسباب رفع الدرجات وحط الخطيئات، ومن أسباب دخول الجنة والنجاة من النار، ومن أسباب حصول الشفاعة من النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبه إذا كان موحدا مسلما، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (¬1)» يعني حريا أن يستجاب لكم، رواه مسلم في الصحيح، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا من الدعاء (¬2)» هذا يدل على أن السجود له شأن، وأن العبد أقرب ما يكون من ربه في حال السجود، ولأن السجود حالة خضوع، وحالة ذل لله، وانكسار بين يديه سبحانه وتعالى، يضع وجهه الذي هو أشرف أعضائه بظاهره يضعه في الأرض خاضعا لربه مطمئنا خاشعا يرجو ثوابه ويخشى عقابه، وفي هذه الحالة يظهر الذل والانكسار، وهو أقرب ما يكون من الله جل وعلا، ولهذا قال ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482).

عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (¬1)» فدل ذلك على أن الدعاء في السجود مطلوب، وأن صاحبه حري بالإجابة، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث ثوبان: «عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة (¬2)» فينبغي الإكثار من الصلوات في الليل وفي النهار، كالضحى والظهر، وفي الليل بين العشاءين، وبعد العشاء، وفي جوف الليل، وفي آخر الليل، كل هذه أوقات عظيمة، ينبغي فيها الإكثار من الصلاة، ولا سيما في الليل، فإن الليل الصلاة فيه أفضل من الصلاة في النهار، أقرب إلى الخشوع وهدوء القلب، كما يقول جل وعلا: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} (¬3)، الصلاة في الليل لها شأن، والإنسان فيها أقرب ما يكون للخشوع، والذل بين يدي الله، ولا سيما في جوف الليل، وفي آخر الليل، فينبغي الإكثار من الصلوات في الليل وفي النهار، ويختمها في الليل بالوتر، إذا صلى ما كتب الله له من الصلوات ختمها بالوتر، وأفضل ما يكون إحدى عشرة ركعة، وثلاث ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب فضل السجود والحث عليه، برقم (488). (¬3) سورة المزمل الآية 6

عشرة ركعة؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإن صلى أقل من ذلك خمسا أو سبعا فلا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم كان يتنوع في صلاته، إما أوتر بخمس، وإما أوتر بسبع، وإما أوتر بتسع، وإما أوتر بإحدى عشرة وهو الأغلب، وإما أوتر بثلاث عشرة، فالأمر في هذا واسع، وإن صلى في الليل عشرين ركعة، أو ثلاثين ركعة، أو أربعين ركعة، أو مائة ركعة وختمها بالوتر كل هذا لا بأس به، النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صلاة الليل، فقال: «مثنى مثنى (¬1)» فلم يحدد حدا، عليه الصلاة والسلام، ما قال: عشرا ولا عشرين، بل أطلق، فالإنسان يصلي في الليل ما بدا له، ولو مائة ركعة، لكن من دون مشقة على نفسه، مع الرفق بنفسه، ومع الطمأنينة وعدم العجلة، ثم يختم بالوتر، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (¬2)» فيصلي ما كتب الله له في الليل، ولا يسهر، بل ينام ويصلي هذه السنة حتى لا يتعب في النهار، وحتى يتفرغ لأعماله النهارية، وعباداته النهارية، ويصلي ما كتب الله له في الليل، في أول الليل، أو في جوفه، أو في آخره، وأخره أفضل ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

إذا تيسر ثم يوتر بواحدة ركعة واحدة، هذا هو الأفضل.

حكم تحديد صلاة الليل بعدد معين

34 - حكم تحديد صلاة الليل بعدد معين س: أنا في كل ليلة جمعة أصلي في الليل تسعا وأربعين ركعة، ثم في شهر رمضان أصلي تسعا وتسعين ركعة، أفيدوني عن صلاتي هذه ما حكمها؟ هل أستمر أم توجهوني إلي شيء آخر؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إن الصلاة في الليل لم يحددها الشارع عليه الصلاة والسلام، بل أطلقها للعباد، وما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم شرع محترم؛ لأنه ما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، كما قال الله عز وجل: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} (¬2) {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} (¬3) {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (¬4) {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (¬5) والمراد به نبينا عليه الصلاة والسلام، وقد ثبت في الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (¬6)» ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (184). (¬2) سورة النجم الآية 1 (¬3) سورة النجم الآية 2 (¬4) سورة النجم الآية 3 (¬5) سورة النجم الآية 4 (¬6) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

فلم يحدد عددا معلوما، بل قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬1)» يعني ثنتين ثنتين، فله أن يصلي عشرا، وله أن يصلي مائة، وله أن يصلي أكثر وأقل، ثم يختم بركعة واحدة قبل الصبح، لكن الأفضل أن يقتصر على إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه في غالب أوقاته يوتر بإحدى عشرة، وربما أوتر بثلاث عشرة، وربما أوتر بأقل من ذلك، عليه الصلاة والسلام، فإذا فعل المؤمن كما فعل عليه الصلاة والسلام، مع العناية بإطالة الركوع والسجود، والقراءة فهذا أفضل، وإن زاد وصلى عشرين، كما فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، في عهد عمر مع الإيتار بثلاث، الجميع ثلاث وعشرون، أو صلى تسعا وأربعين، أو ثلاثا وأربعين، أو إحدى وأربعين، أو أكثر أو أقل، أو تسعا وتسعين، أو مائة وواحدة أو أكثر من هذا، كل ذلك لا حرج فيه، فإنه يصلي ما يسر الله له، ومن زعم أن الصلاة محدودة فقد غلط، لا في رمضان ولا في غيره، وليس لأحد أن يحدد شيئا ما شرعه الله، فإن العبادات توقيفية، ليس لأحد أن يحدد شيئا في الليل أو النهار بغير حجة شرعية، قال الله جل وعلا لأهل ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

الكتاب لما قالوا: {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} (¬1)، قال لهم سبحانه: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (¬2)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬3)» متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬4)» أي مردود، فمن قال: إن الصلاة في الليل لا يزاد فيها على إحدى عشرة، أو على ثلاث عشرة، أو أقل أو أكثر فليس عنده دليل، بل هو غالط في ذلك، لا يجوز تقليده ولا اتباعه في هذا الغلط، ولكن للمؤمن أن يصلي ما يسر الله، يصلي ثلاثا، يصلى واحدة، يصلي خمسا، يصلى سبعا، يصلي تسعا، يصلي إحدى عشرة، يصلى ثلاث عشرة، يصلي غير ذلك، كما قال عليه الصلاة والسلام: «صلاة ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 111 (¬2) سورة البقرة الآية 111 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

الليل مثنى مثنى (¬1)» زاد أهل السنن: صلاة الليل والنهار، بإسناد جيد: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (¬2)» وهكذا تعليم الصحابة رضي الله عنهم وهم أعلم الناس بعد الأنبياء، قد صلوا ثلاثا وعشرين، وصلوا أكثر من ذلك، والأمر في هذا واسع، ليس فيه تحديد، هذا هو الحق، وأنت أيها السائل الأفضل لك أن تصلي ثلاث عشرة أو إحدى عشرة بالركود والطمأنينة في الركوع والسجود، وإطالة القراءة والتدبر، هذا هو الأفضل، وإن صليت أكثر أو أقل فلا حرج في ذلك، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322).

حكم تخصيص ليلة أو يوم بعبادة خاصة

35 - حكم تخصيص ليلة أو يوم بعبادة خاصة س: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تخصيص ليلة أو يوم بعبادة خاصة، ونحن الشباب نريد أن نجتمع ليلة الجمعة، أو ليلة من ليالي الأسبوع، فنحييها بقيام الليل، لا اعتقادا بسنية هذا العمل، بل لتشجيع الشباب على قيام الليل، فما حكم الشرع؟ (¬1) ج: لا حرج بذلك، لكن لا تخصوا ليلة بذاتها، تارة ليلة الجمعة، وتارة ليلة الخميس، حسب التيسير متى تيسر ذلك، أما تخصيص ليلة ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (157).

بعينها فلا يجوز: لأنه بدعة وخصوصا ليلة الجمعة، الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن تخصيصها بقيام، كما نهى عن تخصيص نهارها بالصيام، ولكن إذا صادف أحدكم زيارة إخوانه، أو زاروه، وصلوا جميعا فلا بأس، مثلما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما زار عتبان - رضي الله عنه - وصلى بهم ركعتين، ولما زار أنسا - رضي الله عنه - صلى بهم ركعتين، وهكذا سلمان - رضي الله عنه - لما زار أبا الدرداء - رضي الله عنه - صلى معه في الليل. لا بأس، أما تخصيص ليلة تجتمعون بها للصلاة هذا لا أصل له، إنما لا مانع من الصلاة عند الاجتماع، إذا اجتمعتم من غير تحديد وقت معين يدوم فلا بأس، إذا زار أحدكم أخاه أو اجتمعتم في مجلس، بغير أن يكون ذلك معتادا ثم صلى أحدكم بالحاضرين للتعليم هذا كله لا بأس به.

بيان الدعاء الذي يقوله المصلي في الليل

36 - بيان الدعاء الذي يقوله المصلي في الليل س: ما هو الدعاء الذي يقوله المصلي في الليل؟ (¬1) ج: يستحب للمصلي أي شيء من الدعوات الطيبة، ومن أحسن الدعاء: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني. قالت عائشة رضي الله ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (314).

عنها: «يا رسول الله، إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: " قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني (¬1)» ومن الدعاء الطيب أن يسأل الله رضاه والجنة، وأن يتعوذ من غضبه، ومن النار. ومن الدعاء الطيب أن يقول: اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل. ويسأل ربه كل خير، فالباب مفتوح، والحمد لله، الرب يقول: «من يدعوني فأستجيب له؟ (¬2)» ويقول سبحانه في كتابه العظيم: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬3) فيتحرى المؤمن الدعوات الطيبة الجامعة في ليله ونهاره، وآخر الصلاة وفي السجود، وعند الإفطار وعند السحور، يدعو ربه من خير الدنيا والآخرة، ويتحرى الدعوات الواردة في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يتحراها وهي موجودة في كتب السنة وكتب الأذكار والدعوات، قد جمعنا في هذا كتابا موجودا مختصرا ذكرنا فيه جملة من الأذكار، والدعوات الطيبة، التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم، وسميناه (تحفة الأخيار ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، برقم (3513)، وابن ماجه في كتاب الدعاء باب الدعاء بالعفو والعافية، برقم (3850) واللفظ له. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (¬3) سورة غافر الآية 60

فيما يتعلق بالأدعية والأذكار)، ويوزع في دار الإفتاء، نسأل الله أن ينفع به المسلمين.

حكم المداومة على القراءة مع المحافظة على النوافل

37 - حكم المداومة على القراءة مع المحافظة على النوافل س: أم محمد تقول: أيهما أفضل: صلاة النوافل، أم تلاوة القرآن الكريم والمداومة على التلاوة يوميا، في كل يوم جزء؟ نرجو منكم الإفادة (¬1) ج: النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين هذا وهذا، فالسنة أن يكثر المسلم من التلاوة، والمسلمة مع الصلاة مع صلاة النافلة صلاة الضحى والتهجد بالليل، صلاة الرواتب، ويقرأ ما تيسر جزءا أو أقل أو أكثر، الحمد لله، لا يقتصر على الصلاة وحدها، ولا على القراءة وحدها، بل يجمع بين الخيرين، ويجتهد في القراءة في الليل والنهار، جزءا أو أكثر أو أقل، ويصلي ما شرع الله من صلاة الضحى، الرواتب، التهجد بالليل حتى يجتمع بين الخيرين، وهكذا كان النبي يفعل، والصحابة يجتهدون في القراءة وفي الصلاة جميعا. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (370).

حكم من يكتفي بحلقات العلم عن قيام الليل

38 - حكم من يكتفي بحلقات العلم عن قيام الليل س: أخونا يسأل ويقول: هل حلقات العلم بعد العشاء تعتبر قيام ليل؟ (¬1) ج: الحلقات للعلم بعد العشاء قربة وطاعة، ولكنها لا تغني عن قيام الليل، ولكنها أفضل من قيام الليل، طلب العلم أفضل من قيام الليل، كونه يطلب العلم ولو فاته قيام الليل أفضل له من قيام الليل مع بقائه في الجهل، حلقات العلم أمرها عظيم، وفوائدها كبيرة لا تعادلها بقية التطوعات، لكن لو تيسر له الجمع بين الأمرين يحضر حلقات العلم أو ما تيسر منها، ويقوم من الليل ما تيسر ولو بثلاث ركعات أو خمس ركعات، لكان هذا أفضل جمعا بين المصلحتين، كفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وفعل الصحابة رضي الله عنهم. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (179).

مسألة في الترغيب في قيام الليل

39 - مسألة في الترغيب في قيام الليل س: شيخ عبد العزيز، المرغبات كثيرة في ديننا، حبذا لو تفضلتم بذكر بعض منها، ولا سيما فيما يخص صلاة الليل. (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (148).

ج: صلاة الليل عبادة عظيمة، ومن سنة الأنبياء، ومن دأب الصالحين، وهي مثنى كما في الحديث، وتكفر السيئات وقربة إلى الله عز وجل، وهي من دأب الصالحين قبلنا، فينبغي للمؤمن أن يعتادها، وأن يفعلها تأسيا بالأنبياء والأخيار، كما قاله سبحانه في عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (¬1)، وقال في المتقين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (¬2) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (¬3)، وقال سبحانه وتعالى في أهل الصلاح والخير: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (¬4) {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬5)، والله جل وعلا في كتابه العظيم رغب فيها كثيرا، وهكذا نبيه عليه الصلاة والسلام، فينبغي للمؤمن أن يستكثر من ذلك، وأن يعتاد ذلك، وألا يخل بذلك لا سفرا ولا حضرا. ¬

_ (¬1) سورة الفرقان الآية 64 (¬2) سورة الذاريات الآية 17 (¬3) سورة الذاريات الآية 18 (¬4) سورة السجدة الآية 16 (¬5) سورة السجدة الآية 17

بيان بعض الأسباب المعينة على قيام الليل

40 - بيان بعض الأسباب المعينة على قيام الليل س: ما هي الأسباب المعينة على قيام الليل؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (357).

ج: الأسباب التي تعين على قيام الليل كثيرة، منها تذكر الآخرة، وما للقيام من أجر عظيم، وأن الله أثنى عليهم سبحانه وتعالى في قوله جل وعلا عن الصالحين: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (¬1) {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (¬2) وذكر عن عباد الرحمن الذين هم أولياء الله، فقال: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (¬3) فإذا تذكر المؤمن والمؤمنة أعمال هؤلاء كان هذا من أسباب نشاطه في قيام الليل، وخشوعه في قيام الليل، مه تذكر ما له من احترام عند الله، والأجر العظيم ومضاعفة الحسنات. ¬

_ (¬1) سورة الذاريات الآية 17 (¬2) سورة الذاريات الآية 18 (¬3) سورة الفرقان الآية 64

س: السائلة: س. ع، من السودان تقول: ما هي الأسباب التي تعين الإنسان على قيام الليل؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: الأسباب التي تعين الإنسان على قيام الليل كثيرة، منها الضراعة إلى الله، وسؤاله الإعانة والتوفيق والصدق في ذلك، ومنها عدم السهر، كونه ينام مبكرا لا يسهر، ومنها أن يجتهد في أسباب القيام، إما بمن يوقظه، أو بوجود الساعة التي يوقتها على وقت القيام، فإذا اتخذ ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (388).

الأسباب يسر الله أمره، وأهمها الصدق مع الله والإخلاص في هذا وعدم السهر، والعزم على قيام الليل.

بيان بعض الصوارف عن قيام الليل

41 - بيان بعض الصوارف عن قيام الليل س: كثرت الصوارف عن قيام الليل، هل من توجيه لو سمحتم؟ (¬1) ج: السنة للمؤمن ألا يسهر، وأن ينام مبكرا، هذا هو السنة للمؤمن؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينام مبكرا، عليه الصلاة والسلام، وينهى عن السمر في الليل، قال أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبل العشاء، والحديث بعدها (¬2)» يعني صلاة العشاء. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «نهي عن السمر بالليل (¬3)» ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (95). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب ما يكره من النوم قبل العشاء، برقم (568)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب التكبير بالصبح في أول وقتها، برقم (647). (¬3) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله عنهم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، برقم (3678)، وابن ماجه في كتاب الصلاة، باب النهي عن النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها، برقم (703).

فالسمر بالليل يفضي إلى النوم عن صلاة الليل، فإذا كان ممن تدعو الحاجة إلى سمره كالإمام، إمام المسلمين هو السلطان أمير البلد، قد عين الهيئات الذين يسهرون لمصالح المسلمين، فهؤلاء الأفضل لهم أن يوتروا في أول الليل، حتى لا تفوتهم الصلاة، وأما أن يسهر للقيل والقال والسواليف التي لا فائدة فيها، أو على ما حرم الله من الأغاني وآلات اللهو، أو على الغيبة والنميمة، كل هذا لا ينبغي، بل لا يجوز فيما يتعلق بالأغاني والملاهي وأشباه ذلك، وأعظم من هذا أن يسهر على الخمور ولعب الميسر ونحو ذلك، فالحاصل أنه يجب على المؤمن أن يحذر ما يشغله عن صلاة الفريضة، ويستحب له أن يعتاد التبكير؛ حتى يقوم من الليل، وحتى يتيسر له القيام من الليل لأداء العبادة التي هي النافلة، التهجد من الليل، ولا ينبغي له السمر مطلقا، إلا في مصالح المسلمين، أو في أمور ضرورية مع ضيف ونحوه، أو مع أهله، وكل سمر قد يفضي به إلى ترك الفريضة، إلى إضاعة صلاة الفجر فهو سمر ممنوع لا يجوز، حتى ولو كان في قراءة القرآن، ولو في صلاة التهجد، ليس له أن يسمر ويسهر على وجه يضيع عليه صلاة الفجر، بل ينام مبكرا ويصلي ما يتيسر في أول الليل، أو في آخره حتى يصلي صلاة الفجر، ويستعين على هذا بخير أهله يوقظونه، أو بالساعة المنبهة

يوقتها على وقت مناسب قبل أذان الفجر بقليل، حتى يقوم أو في وقت تهجده، قبل الأذان بساعة أو أكثر على حسب حاله، حتى يقوم الليل لتهجده، فإن أوتر في أول الليل، ولم يقم إلا عند الفجر فلا بأس، ولا حرج في ذلك.

س: للبرنامج بعض الأسئلة حول قيام الليل شيخ عبد العزيز، فما رأيكم في الصوارف عن قيام الليل؟ وما أكثرها في هذا الزمان. (¬1) ج: المؤمن ينبغي له أن يبذل وسعه في قيام الليل، وإذا خشي ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جابر رضي الله عنه عند مسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬2)» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوتر من أول الليل، وأوتر من وسطه، وأوتر من آخره، فالأمر واسع، وقد أوصى عليه الصلاة والسلام أبا الدرداء وأبا هريرة رضي الله عنهما بالوتر أول ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (148). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).

الليل والسر في ذلك - والله أعلم - أنهما كانا يدرسان الحديث، فربما شق عليهما القيام في آخر الليل، فأوصاهما بالإيتار قبل النوم، فالمؤمن يجاهد نفسه في هذا، والحمد لله، ليس بفريضة، إنما هو سنة، سنة مؤكدة، وكان يفعله النبي في السفر والحضر عليه الصلاة والسلام، كان في السفر والحضر يوتر ويتهجد بالليل عليه الصلاة والسلام، فمن فعل هذا فقد أحسن، وله أجر عظيم، ومن ترك ذلك فلا حرج عليه، لكنه ترك أمرا عظيما وسنة كبيرة.

س: بينوا لنا بعضا من الصوارف عن قيام الليل. (¬1) ج: من الصوارف السهر، السهر في القيل والقال، والأحاديث التي لا فائدة فيها، أو في مشاغل الدنيا والصناعة والجشع، والحرص على المال، يعمل ليلا ونهارا في جمع المال، والحرص على المال، فإذا سقط في الفراش سقط سقوط الميت، لا يستطيع أن ينهض للعبادة، وربما ترك صلاة الفجر ولا حول ولا قوة إلا بالله، فينبغي للمؤمن أن ينام مبكرا، ويجتهد في ذلك حتى يستطيع أن يقوم في آخر الليل، أو ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (148).

يصلي من الليل ما تيسر قبل أن ينام، ثم ينام مبكرا حتى يستطيع القيام لصلاة الفجر، ويصليها في الجماعة، فمن فعل ذلك فقد أحسن، ومن تساهل وقع في مثل ما وقع فيه المنافقون من فوات الخير، والحصول على الشر والندامة، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬1)، فالمؤمن ينبغي له البعد عن التشبه بهم في جميع الأحوال. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 142

س: أريد قيام الليل، ولكني أخشى أن أنام ولا أستيقظ، لذلك فإنني لا أنام حتى أصلي، فأصلي صلاة الليل بعد العشاء مباشرة، ومنذ زمن طويل أصلي هذه الصلاة، هل تعتبر كقيام الليل؟ (¬1) ج: نعم، هذا من قيام الليل، والحمد لله، وهذا من الحزم. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (335).

حكم التساهل في السنن القولية والفعلية

42 - حكم التساهل في السنن القولية والفعلية س: هل يعتبر ترك السنن القولية والفعلية عقوبة يعاقب عليها الإنسان، خصوصا قيام الليل أو صلاة الوتر؟ فإنني في كثير من الأحيان

أترك صلاة الليل والوتر، فهل علي شيء في ذلك؟ وما فوائد النوافل؟ (¬1) ج: الصواب لا شيء عليك؛ لأنها نافلة، لكن ينبغي المداومة عليها وعدم التساهل. وكذلك بقية السنن القولية كلها نافلة، أما الفرائض فهي خمس: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر والجمعة في محل الظهر، أما سنة الضحى والتهجد بالليل والرواتب فكلها نافلة، والنوافل لها شأن عظيم، فيها أجر عظيم، ويكمل بها ما ينقص من الفرض، وهذه فائدة عظيمة، لصاحبها أجور عظيمة وحسنات، ومع ذلك يجبر بها ما قد يقع من النقص في الفرائض. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (187).

س: رسالة من سوريا من الأخ الذي لم يذكر اسمه، يقول: أصلى صلاة المغرب والعشاء في المسجد فرضا، ولا أصلي السنة بسبب دراستي، فهل يجوز هذا؟ (¬1) ج: النافلة إن فعلها أحسن، وله أجر، ومن تركها فلا شيء عليه. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (443).

باب صلاة الوتر وأحكامها

باب صلاة الوتر وأحكامها 43 - حكم صلاة الوتر وبيان أقله س: يقول السائل: هل صلاة الوتر واجبة؟ وهل أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أهل القرآن بأن يوتروا؟ (¬1) ج: صلاة الوتر سنة عند أهل العلم، وهو الذي عليه جمهور أهل العلم أنها سنة وليست واجبة، ولهذا قال علي رضي الله عنه: «ليس الوتر حتما كالمكتوبة، ولكنه سنة سنها الرسول صلى الله عليه وسلم (¬2)» ومن الأدلة على ذلك قوله لما سئل عما زاد عن الصلوات الخمس، قال ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (249). (¬2) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (654)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء أن الوتر ليس بحتم، برقم (453)، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الأمر بالوتر، برقم (1676)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الوتر، برقم (1169).

له السائل: «هل علي غيرها؟ قال: " لا، إلا أن تطوع (¬1)» فالوتر سنة مؤكدة ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وأقله ركعة واحدة، وإن زاد فهو أفضل: ثلاثا، أو خمسا، أو أكثر من ذلك، وأفضله إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، وإن أوتر بأكثر من ذلك فلا حرج، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أهل القرآن أوتروا، فإن الله وتر يحب الوتر (¬2)» وهذا الأمر للتأكيد، ليس للوجوب، بل هو عند أهل العلم للتأكيد. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب الزكاة من الإسلام، برقم (46)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، برقم (11). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب استحباب الوتر، برقم (1416)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في أن الوتر ليس بحتم، برقم (453)، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الأمر بالوتر، برقم (1675)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الوتر، برقم (1169).

س: الأخ: ع. ع. ت، من القصيم، بريدة، يسأل ويقول: في حكم الوتر، هل هو واجب أم مستحب؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (183).

ج: الوتر سنة، مستحب وليس بواجب عند جمهور أهل العلم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما سئل بعدما أخبر المسلمين بالصلوات الخمس، قال بعضهم: «هل علي غيرها؟ قال: " لا، إلا أن تطوع (¬1)» فالوتر والسنن الراتبة كلها مستحبة، وهكذا صلاة الضحى، كلها مستحبة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب الزكاة من الإسلام، برقم (46)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، برقم (11).

س: تقول السائلة: أرجو أن تفيدوني عن صلاة الوتر، هل هي ركعة واحدة أم ثلاث؟ (¬1) ج: صلاة الوتر أقلها ركعة واحدة بعد العشاء، أو في آخر الليل ركعة واحدة، هذا أقلها، وإن صلى ثلاثا أو خمسا أو أكثر فهو أفضل، لكن أقلها واحدة بعد سنة العشاء، أو في وسط الليل، وفي آخر الليل، والأفضل أن يزيد، يصلي ثلاثا أو خمسا، أو أكثر من ذلك ثنتين ثنتين، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، هذا هو السنة لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬2)» وكان صلى الله ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (242). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

عليه وسلم يصلي إحدى عشرة في الغالب، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، وربما صلى سبعا، وربما صلى تسعا، وربما صلى خمسا، وربما صلى ثلاثا، عليه الصلاة والسلام، وربما صلى أكثر، صلى ثلاث عشرة، هكذا المسلم يصلي ما يسر الله له، من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، فإن لم يصل إلا واحدة فقط أجزأه ذلك، والحمد لله.

كيفية صلاة الوتر

44 - كيفية صلاة الوتر س: الأخت: س. أ. ع، من الأردن، تقول: كيف نصلي صلاة الوتر؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: صلاة الوتر سنة، سنها الرسول صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا، كان يوتر من الليل عليه الصلاة والسلام، وأرشد الناس إلى ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (¬2)» متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام: «الوتر حق، فمن أحب أن يوتر بخمس ركعات فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (276). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

بواحدة فليفعل (¬1)» وكان صلى الله عليه وسلم يوتر كل ليلة، والغالب أنه كان يوتر بإحدى عشرة، يسلم في كل ثنتين ويوتر بواحدة، وربما أوتر بثلاث عشرة، وربما أوتر بتسع، وربما أوتر بأقل من ذلك، فالسنة للمؤمن والمؤمنة التهجد بالليل والإيتار، في أول الليل أو في وسطه أو في آخره، والأفضل في آخر الليل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من أخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬2)» رواه مسلم في الصحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له (¬3)» متفق على صحته، وهذا النزول يليق بالله سبحانه وتعالى، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، كالاستواء والضحك والرضا والغضب، ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب كم الوتر؟ برقم (1422)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب ذكر الاختلاف على الزهري في حديث أبي أيوب رضي الله عنه، برقم (1712)، واللفظ له. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).

كلها صفات تليق بالله، لا يشابه فيها خلقه سبحانه وتعالى، يجب أن تمر كما جاءت من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬1) وقال عز وجل: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (¬2) فليس نزوله كنزولنا، وليس غضبة كغضبنا، وليس ضحكه كضحكنا، وليس سمعه كأسماعنا، وهكذا بقية الصفات، له الكمال المطلق سبحانه وتعالى في كل شيء، وقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬3) فالإيتار في آخر الليل أفضل، ولو بواحدة، لكن إذا أوتر بثلاث أو بخمس، أو بأكثر فهو أفضل، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة، وإن أوتر في أول الليل قبل أن ينام فلا بأس، إن كان يخشى ألا يقوم، أو في وسط الليل، كله حسن، لكن الأفضل من ذلك آخر الليل في الثلث الأخير، هذا هو الأفضل. ¬

_ (¬1) سورة الشورى الآية 11 (¬2) سورة الإخلاص الآية 4 (¬3) سورة الشورى الآية 11

س: كيف هي صلاة الوتر؟ وكم تشهد فيه؟ وهل فيه قنوت؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا. (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (142).

ج: الوتر سنة مؤكدة، وأقله واحدة بعد سنة العشاء، ومن زاد عليها فهو أفضل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر من الليل، وكان وتره متنوعا عليه الصلاة والسلام، ربما أوتر بثلاث، وربما أوتر بخمس، وربما أوتر بسبع، وربما أوتر بإحدى عشرة، وربما أوتر بثلاث عشرة، وهذا أكثر ما ورد عنه عليه الصلاة والسلام، ولكنه لم يحد بهذا حدا، فمن أحب أن يوتر بأكثر من ذلك فلا بأس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (¬1)» فلم يحد حدا، ولهذا ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه صلى عشرين ركعة بالوتر، وأمر أبيا رضي الله عنه أن يؤم الناس بذلك في بعض الرمضانات، وفي بعضها أمره أن يصلي بإحدى عشرة، الأمر في هذا واسع؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم صلوا هذا وهذا؛ صلوا ثلاثا وعشرين، وصلوا إحدى عشرة، كل ذلك حسن، وكله سنة وليس فيه تحديد، ولكنه إذا أوتر الإنسان بوتر النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة أو ثلاث عشرة كان هذا أفضل، وإن نقص فلا بأس، وإن زاد فلا بأس، والأفضل أن المؤمن وهكذا المؤمنة، إذا كثر العدد خفف من القراءة، والركوع والسجود حتى لا يشق على نفسه، وعلى ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

الناس، وإذا قلل الركعات استحب له أن يطيل في القراءة، وفي الركوع وفي السجود، كفعله عليه الصلاة والسلام، والأمر في هذا واسع والحمد لله، وليس فيه تشديد، وإذا أوتر بثلاث بتسليمتين، وأتى بواحدة فهذا أقل الكمال وأدنى الكمال، وإن أتى بخمس أو بسبع أو بأكثر فذلك أفضل، يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل، ثم يختم صلاته بواحدة، ويقنت فيها، هذا هو الأفضل، يقنت بعد الركوع، بما علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت (¬1)» إلى آخره، والأفضل رفع اليدين في ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رفع يديه في القنوت، في قنوت النوازل، وقنوت الوتر مثل ذلك، ولأن رفع اليدين في الدعاء من أسباب الإجابة، ومن لم يرفع فلا بأس، ومن لم يقنت فلا بأس، كل هذا مستحب، إن قنت فهو أفضل، وإن رفع يديه فهو أفضل، ومن ترك ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178).

ذلك فلا حرج عليه، والوتر كله سنة، وليس بواجب، هذا هو الحق الذي عليه جمهور أهل العلم، وإذا تيسر أن يكون آخر الليل فهو أفضل؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬1)» رواه مسلم في صحيحة، فدل ذلك على أن الوتر في آخر الليل أفضل لمن استطاع ذلك، أما من عجز فإنه يوتر في أول الليل، كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة، وأبا الدرداء رضي الله عنهما بالإيتار أول الليل لأنهما كانا يدرسان الحديث، ويشق عليهما القيام في آخر الليل، فناسبا أن يوترا في أول الليل، والخلاصة أن من كان يستطيع آخر الليل فهو أفضل، ومن خاف ألا يقوم من آخر الليل فإيتاره أول الليل أفضل، أما النبي فكان يوتر أول الليل، وأوتر أوسط الليل، ثم استقر وتره في آخر الليل، عليه الصلاة والسلام حتى لحق بربه. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).

س: ما هو عدد التشهد في الوتر والقنوت؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (142).

ج: مثل ما تقدم، السنة التشهد في كل ركعتين، هذا السنة وإن أوتر بثلاث جميعا، سردها جميعا ولم يجلس إلا في آخرها فلا بأس، أو سرد خمسا جميعا، ولم يجلس إلى في آخرها فلا بأس، أما السبع فهو مخير، إن شاء سردها جميعا، وأوتر في السابعة، وإن شاء جلس في السادسة، وأتى بالتشهد الأول، ثم قام للسابعة، وهكذا التسع يجلس في الثامنة، ويأتي بالتشهد الأول، ثم يقوم للتاسعة، «وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سرد السبع في بعض الأحيان، وفي بعضها جلس للسادسة، وأتى بالتشهد الأول (¬1)» فإذا فعل ذلك فلا بأس، وهكذا التسع إذا جلس للتشهد الأول في الثامنة، ثم قام وأتى بالتاسعة هذا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، لكن إن صلى ثنتين ثنتين هذا هو الأكمل، وهو غالبا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، بأن يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746).

حكم صلاة الوتر وبيان وقتها وعدد ركعاتها

45 - حكم صلاة الوتر وبيان وقتها وعدد ركعاتها س: ما هي صلاة الوتر؟ ومتى وقتها؟ وكم ركعة؟ وكيف أداؤها؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (16).

ج: صلاة الوتر سنة متأكدة، وقربة إلى الله، تبدأ بعد صلاة العشاء، وتنتهي بطلوع الفجر، هذه صلاة الوتر، وأقلها ركعة واحدة، هذا أقلها، وأفضلها إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإن زاد على ذلك، كأن أوتر بخمس عشرة، أو عشرين مع الوتر، أو ما أشبه ذلك لا بأس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح، صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (¬1)» ولم يحد حدا، فدل ذلك على أنه إذا أوتر بخمس أو بسبع أو بتسع أو إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة أو خمس عشرة أو سبع عشرة أو تسع عشرة أو إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين، كله طيب، أو أكثر من ذلك، أو أوتر بواحدة فقط أجزأه ذلك، وهذا واضح من السنة، عن النبي عليه الصلاة والسلام، والشفع تارة يكون منفصلا عنها، وهو أفضل، وتارة يكون متصلا، خمسا جميعا، سبعا جميعا، تسعا جميعا، لا بأس؛ فقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم، لكن إذا صلى سبعا جميعا يجلس في السادسة؛ يتشهد التشهد الأول، ثم يقوم ويأتي بالسابعة، وإن صلى تسعا جميعا فالسنة أن يجلس في الثامنة، ويتشهد التشهد الأول، ثم يقوم ويأتي بالتاسعة، والأفضل أن ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

يسلم من كل ركعتين، هذا هو الأفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬1)» وإذا سرد خمسا جميعا وأوتر بها، أو ثلاثا جميعا وأوتر بها سردها سردا من غير جلوس، أو ثلاثا جميعا من دون جلوس فيها، أو خمسا جميعا من دون جلوس فيها، كلها إلا في الأخيرة، هذا هو الأفضل، أما في السبع والتسع فيجلس في السادسة في السبع، والثامنة في التسع للتشهد الأول، ثم يقوم ويأتي بالسابعة، ويأتي بالتاسعة، ولكن الأفضل مثل ما تقدم، أن يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، سواء صلى سبعا أو خمسا أو ثلاثا، أو تسعا أو إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة أو أكثر من ذلك، والأمر في هذا واسع بحمد الله، ليس فيه حرج. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

بيان أفضل وقت لصلاة الوتر

46 - بيان أفضل وقت لصلاة الوتر س: ما هو أفضل وقت لصلاة الوتر؟ وبماذا تنصحونني، لكي أواظب عليها في منتصف الليل؛ لأنني أصبحت لا أؤديها إلا بعد صلاة العشاء؟ (¬1) ج: الأفضل لمن قدر أن يكون ذلك آخر الليل، هذا هو الأفضل، أن ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (221).

يصلي صلاة الوتر والتهجد في آخر الليل في الثلث الأخير؛ لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له (¬1)» متفق على صحته، وهذا حديث عظيم، يدل على أنه جل وعلا ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة، حين يبقى الثلث الأخير في كل جهة من الجهات، على حسب أوقاتها، فيقول سبحانه وتعالى: «من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (¬2)»، فإذا استطاع المؤمن والمؤمنة أن يكون في هذا الوقت من المصلين، ومن الداعين فهذا هو الأفضل، ونزول الرب جل وعلا لا يشابه نزول المخلوقين، بل هو نزول يليق بالله سبحانه وتعالى، لا يعلم كيفيته إلا هو جل وعلا، ولا يلزم منه خلو العرش، هو فوق العرش سبحانه وتعالى، فوق جميع الخلق، وينزل نزولا يليق بجلاله، لا ينافي فوقيته وعلوه سبحانه وتعالى، فهو نزول يليق به جل وعلا، وهو الذي يعلم بكيفيته سبحانه وتعالى، فعلينا أن نؤمن بذلك، ونصدق بذلك، ونقول: لا يعلم كيفية هذا إلا هو سبحانه وتعالى. وهكذا بقية الصفات لا نعلمها، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).

ونمرها كما جاءت، ولكن لا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه وتعالى، كالاستواء على العرش والنزول، والمجيء يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده، وكذلك رحمته وغضبه حيف يرحم؟ كيف يغضب؟ كيف سمعه؟ كيف بصره؟ كيف يده؟ كيف قدمه؟ كلها صفات لله، لا نعلم كيفيتها، بل لا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه وتعالى، ولهذا لما سئل الإمام مالك بن أنس رحمه الله، إمام المدينة في زمانه في القرن الثاني سئل رحمه الله، قال له السائل: يا أبا عبد الله، {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (¬1) كيف استوى؟ فأطرق طويلا، وعلته الرحضاء تعظيما لهذا السؤال، لخطورته - والرحضاء: العرق - ثم قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا رجل سوء. ثم أمر به فأخرج فالمقصود أنه قال: الاستواء معلوم، والكيف مجهول. وهذا هو قول أهل السنة والجماعة جميعا، كما قال مالك رحمه الله، قاله الأئمة غيره، كأبي حنيفة والشافعي، والأوزاعي، والثوري، وابن عيينة، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وغيرهم من أئمة الإسلام، وهو مروي عن أم سلمة رضي الله عنها أم المؤمنين، ¬

_ (¬1) سورة طه الآية 5

وهو أيضا قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن، شيخ مالك، فإنه قال معنى هذا الكلام، وهو قول الأئمة جميعا من أهل السنة والجماعة: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن الكيفية بدعة، وهكذا القول في بقية الصفات، كالنزول، والرحمة، والغضب، والسمع والبصر، واليد والقدم والأصابع، وغير هذا، كلها يقال فيها: إنها معلومة من جهة المعنى، ومن جهة اللغة العربية، ولكن كيفيتها لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى. وفي هذا الحديث الدلالة على شرعية التهجد في آخر الليل، والدعاء في آخر الليل، لكن من لم يستطع فإنه يوتر في أول الليل، أو في وسط الليل حسب طاقته؛ لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أنه قال: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬1)» ففصل في هذا عليه الصلاة والسلام، فمن طمع أن يقوم من آخر الليل فهو أفضل، ومن خاف أوتر في أول الليل، وقد فعل هذا وهذا عليه الصلاة والسلام، قالت عائشة رضي الله عنها: «من كل ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).

الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أوله وأوسطه وآخره، ثم انتهى وتره إلى السحر (¬1)»، يعني استقر وتره في الثلث الآخر عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري الجمعة (996)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (745)، سنن الترمذي الصلاة (456)، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1681)، سنن أبو داود الصلاة (1435)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1185)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 129)، سنن الدارمي الصلاة (1587).

س: أرجو بيان عدد ركعات الوتر بعد صلاة العشاء مباشرة، هل هو ركعة مع السنة، أم هو ثلاث ركعات من غير السنة؟ (¬1) ج: الوتر أقله واحدة بعد الراتبة، بعد سنة العشاء، الوتر يبتدئ بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، هذا محل الوتر، ما بين صلاة العشاء - ولو مجموع مع المغرب في حال سفر والمرض - إلى طلوع الفجر، وأقل الوتر ركعة واحدة، كما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام، وليس له حد في الأكثرية، ولو أوتر بإحدى وعشرين، أو بإحدى وثلاثين، أو بأكثر من ذلك لا حد لأكثره، ولكن الأفضل الإيتار بما أوتر به النبي صلى الله عليه وسلم، إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، هذا أكثر ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، ومن أوتر بأكثر من ذلك كثلاث وعشرين، أو ثلاث وأربعين أو ثلاث وخمسين، أو مائة وواحدة ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (198).

لا حرج في ذلك والحمد لله؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لم يحدد عددا معينا، عليه الصلاة والسلام، بل قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (¬1)» هكذا جاء في الصحيحين، ولم يقل: عشرا ولا عشرين، ولا أكثر ولا أقل. بل قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬2)»، لما سئل عن صلاة الليل قال: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (¬3)» فالمؤمن بالخيار، وهكذا المؤمنة، إن صلى ثلاثا أو خمسا أو سبعا، أو أكثر من ذلك كله حسن، وإن أوتر بواحدة فلا حرج في أول الليل، أو في آخره، أو في وسطه، ولكن الأفضل أن يزيد، يوتر بثلاث، بخمس، بسبع، بتسع، بإحدى عشرة، بثلاث عشرة، هذا هو الأفضل، وإن زاد فأوتر بخمس عشرة، أو بعشرين بزيادة واحدة، أو ثلاث كله طيب، المقصود أنه لا حد له في الأكثرية، ولكن إذا اقتصر على ما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم من إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، فهذا أفضل ما يفعله المؤمن في التهجد بالليل؛ تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، ومن أحب أن يزيد فلا حرج عليه ولا بأس، وله أجره في ذلك، وكان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، والسلف ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

الصالح متنوعين في تهجدهم بالليل، منهم من يصلي ثلاثا وعشرين، ومنهم من يصلي أكثر من ذلك، فالأمر في هذا واسع والحمد لله.

حكم صلاة الوتر ثلاث ركعات بتشهدين كالمغرب

47 - حكم صلاة الوتر ثلاث ركعات بتشهدين كالمغرب س: مستمعة تسأل وتقول: صلاة الوتر ركعتان، أو أكثر ثم واحدة؟ هل ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه واصل الثلاث ركعات بتسليمة واحدة؟ وهل إذا كان هذا صحيحا عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجلس في كل ركعتين أم لا؟ وما هي صفتها؟ وكذلك الدعاء قبل السلام أو بعده، أو في السجود هل يجوز أن يأتي بدعاء من نفسه، أو بما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ (¬1) ج: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوتر بثلاث مفصولة، يسلم من الثنتين، وأوتر بواحدة، وهذا هو الغالب من فعله صلى الله عليه وسلم، أنه يوتر بواحدة وحدها، ويفصل ما قبلها، وكان في الغالب يصلي إحدى عشرة، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة، وربما أوتر بثلاث سردهن، لم يجلس إلا في الأخيرة وهذا قليل، والغالب أنه ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (278).

يسلم من الثنتين، أما كونه يصليها كالمغرب فهذا مكروه، ولا ينبغي؛ لأنه تشبيه لها بالمغرب، وقد جاء في بعض الأحاديث النهي عن ذلك فلا تصلى كالمغرب، لكن يصليها بالتسليم من الثنتين ثم يوتر بواحدة، أو يسردها سردا ويصليها جميعا بدون جلوس إلا في الأخيرة، هذا هو المشروع، ولكن الأفضل أن يسلم من كل ثنتين، وأن تكون الواحدة مفردة مستقلة، سواء صلى ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك، أما الدعاء فالإنسان يدعو بما شاء، بما أحب من الدعوات الطيبة التي ليس فيها محذور، لكن الوارد أفضل، إذا تيسر له دعاء يحفظه فهو أفضل، وله أن يدعو بحاجاته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «ما من عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته في الدنيا، وإما أن تدخر له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك)، قالوا: يا رسول الله، إذن نكثر؟ قال: (الله أكثر (¬1)» فلم يحدد الدعاء عليه الصلاة والسلام، بل ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، حديث رقم (22279)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب في انتظار الفرج وغير ذلك، برقم (3573).

بين أن كل دعاء ليس فيه إثم ولا قطيعة رحم يرجى إجابته مطلقا، لكن إذا تيسر له دعاء معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا به يكون أفضل من غيره، مثل السجود يقول: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (¬1)» هذا كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا دعا بغير ذلك: «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك (¬2)» هذا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا دعا بقوله: اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين. لا بأس، أو قال: اللهم أصلح قلبي وعملي. أو: اللهم ارزقني كسبا حلالا، أو زوجة صالحة، أو ذرية طيبة. أو ما أشبه ذلك من الدعوات الطيبة لا حرج في السجود، وفي آخر الصلاة، وفي كل وقت من أوقات حياتك، لكن في السجود أفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب القدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن، برقم (2140)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (3834).

وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (¬1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (¬2)» يعني: حري أن يستجاب لكم، وكان صلى الله عليه وسلم لما علم أصحابه التحيات أرشدهم إلى الدعاء، قال: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو (¬3)» وفي اللفظ الآخر: «ثم يتخير من المسألة ما شاء (¬4)» فبين صلى الله عليه وسلم أنه يدعو بما أحب ولا يتقيد بوارد، بل يدعو بما يسر الله له، لكن يكون الدعاء دعاء طيبا، ليس فيه إثم، وليس فيه قطيعة رحم، بل من الدعوات الطيبة النافعة، ولو كانت ما وردت، ولو كان ما سمعها في الأحاديث، والحمد لله، وهكذا في بقية الأوقات، يدعو في غير الصلاة، يدعو الضحى وهو جالس، أو في الظهر، أو في الليل وهو جالس، أو واقف أو يمشي، أو يدعو في صلاة النافلة الضحى، أو في تهجده في الليل، المقصود أن الدعاء مطلوب في الصلاة وفي خارج الصلاة، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402).

بيان معنى الشفع والوتر

48 - بيان معنى الشفع والوتر س: تقول السائلة: ما هي صلاة الشفع والوتر؟ وكم عدد ركعات الوتر التي كان يصليها النبي صلى الله عليه وسلم؟ ج: الشفع معناه ركعتان، تسمى الركعتان بالشفع، والوتر واحدة، والسنة الإيتار بواحدة، أو ثلاث أو خمس أو سبع، أو تسع أو إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، أو أكثر من ذلك، لكن الأفضل إحدى عشرة، هذا هو الأفضل؛ لأن هذا في الغالب هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم، كان في الغالب يواظب على إحدى عشرة ركعة، عليه الصلاة والسلام، وربما أوتر بثلاث عشرة، وربما أوتر بتسع أو بسبع، أو بأقل من ذلك، لكن كان غالب إيتاره صلى الله عليه وسلم أنه يوتر بإحدى عشرة، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة، عليه الصلاة والسلام، هذا هو الأفضل، وإذا أوتر الإنسان بثلاث أو بخمس، أو بسبع أو بتسع، هذا كله طيب، والوتر نافلة، ليس بفرض على الصحيح، الذي عليه جمهور أهل العلم أنه سنة وليس بواجب، فتهجد الليل وأقله واحدة بركعة بعد العشاء بعد راتبة العشاء، هذا أقله، وإن أوتر بثلاث أفضل، وبخمس

أفضل، وبسبع أفضل، وهكذا، ولكن إذا بلغ إحدى عشرة فهو أفضل، وإن زاد فأوتر بثلاث عشرة، أو بخمس عشرة أو بسبع عشرة فلا بأس، الأمر واسع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن صلاة الليل، قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬1)» ولم يحدد عددا، ثم قال: «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬2)» هذا يدلنا على أن الوتر يكون ركعة في آخر الصلاة، سواء كان في أول الليل أو وسط الليل أو آخر الليل، يوتر بواحدة، وليس له حد محدود، فإذا أوتر بعشرين ركعة مع الوتر، كما في التراويح المنقول عن عمر رضي الله عنه وأرضاه، أو أتى بثلاث عشرة، أو بإحدى عشرة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في إيتاره في صلاة الليل، أو أوتر بتسع أو بسبع أو بخمس أو ثلاث، كل هذا لا بأس به وأقله واحدة في أول الليل، أو آخره. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

س: يقول السائل: إذا صليت الراتبة ثم صليت الشفع، وقمت ولم أجلس للتشهد، وأتيت بالوتر بعدها فهل ذلك جائز، أم لا؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (25).

ج: كأنه يريد أنه صلى الشفع والوتر جميعا، سرد الثلاث، إذا صلى الإنسان راتبة العشاء، ثم صلى ثلاثا جميعا، سردها سردا ولم يجلس فلا بأس، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك، بعض الأحيان أوتر بثلاث، لم يسلم إلا في آخرهن عليه الصلاة والسلام هذا نوع من السنة، ولا حرج في ذلك، لكن يكره أن يجلس في الثانية، ثم يتشهد ثم يقوم من دون سلام كالمغرب، هذا يكره بل إما أن يسلم بثنتين، وهذا أفضل، ثم يأتي بواحدة مفردة، هذا هو الأفضل، والأكثر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإن سردها من دون جلوس في الثانية سردها سردا، ثم سلم في الثالثة فلا بأس في ذلك، قد فعله النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الأحاديث الصحيحة الكثيرة فيها أنه كان يسلم من الثنتين ثم يقوم ويأتي بركعة الوتر وحدها، هذا هو الأفضل، وهذا هو الأغلب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان ناويا الجلوس في الثنتين، ثم سها وقام فليرجع ويجلس، ويكمل ويسجد للسهو، ثم يأتي بواحدة وحدها؛ لأن الرسول صلى الله عليه

وسلم قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬1)» فإذا كان ما نوى سرد الثلاث فإنه إذا قام يجلس ويتشهد، ويكمل تشهده ويدعو دعاءه، ويسجد سجدتين للسهو، ثم يسلم ثم يقوم ويأتي بواحدة التي هي الوتر، أما إذا نوى الثلاث يسردها سردا فلا حرج عليه، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه سرد ثلاثا جميعا، وسرد خمسا جميعا، لم يجلس إلا في آخرها، صلى الله عليه وسلم، وثبت عنه أنه سرد سبعا جميعا، وجلس في السادسة، وتشهد ثم قام ولم يسلم، ثم أتى بالسابعة وتشهد وسلم، وثبت أنه سرد تسعا جميعا وجلس في الثامنة وتشهد، ولم يسلم ثم قام وأتى بالتاسعة (¬2)»، هذا كله ثابت من فعله صلى الله عليه وسلم) لكن الأفضل والأغلب والأكثر من فعله صلى الله عليه وسلم هو أنه يسلم من كل ثنتين، كما قال عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬3)»، قالت عائشة رضي الله عنها: «كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة عليه ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (¬2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب من أوتر بثلاث موصولة به، برقم (1009) (3/ 31)، والحاكم في المستدرك، في كتاب الوتر، برقم (1140) (1/ 447). (¬3) صحيح البخاري الجمعة (993)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (749)، سنن الترمذي الجمعة (597)، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1694)، سنن أبي داود الصلاة (1326)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1322)، مسند أحمد (2/ 155)، موطأ مالك النداء للصلاة (269)، سنن الدارمي الصلاة (1458).

الصلاة والسلام (¬1)» هذا هو الأفضل والأكثر من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن من سرد ثلاثا ولم يجلس إلا في الثالثة، أو خمسا ولم يجلس إلا في الخامسة فلا حرج عليه؛ لأن الرسول فعل هذا في بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، وهكذا لو سرد سبعا وجلس في السادسة، وتشهد ولم يسلم ثم قام للسابعة، أو سرد تسعا وجلس في الثامنة، وتشهد ولم يسلم، ثم قام للتاسعة، فهذا أيضا لا بأس به، كل هذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في الوتر، برقم (994)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (736).

س: هل تجوز صلاة الشفع والوتر مع بعض بدون فرق بينهما، كصلاة المغرب مثلا؟ (¬1) ج: يكره أن تصلى كصلاة المغرب؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث النهي عن ذلك ولكن يصلي ثنتين ثم يسلم، ثم يصلى الوتر واحدة، هذا هو الأفضل، بتسليمتين، يصلي ثنتين أو أكثر ثم يوتر بواحدة، وإن صلى ثلاثا جميعا سردها سردا، ولم يجلس إلا في آخرها فلا بأس ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (219).

بذلك، فعله النبي صلى الله عليه وسلم يسرد الثلاث سردا، لا يجلس في الثانية كالمغرب، لا، ولكن يسرد الثلاث سردا، ثم يجلس في الأخيرة ويقرأ التحيات، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو ما يسر الله، ثم يسلم، هذا لا بأس به، ولكن الأفضل أن يسلم من الثنتين، ثم يقوم ويأتي بواحدة وحدها، هذا هو الأفضل، وإن أوتر بخمس أو بسبع أو بأكثر من ذلك، يسلم من كل ثنتين ثم يوتر بواحدة، هكذا كان النبي يفعل في الغالب، كان يسلم من كل ثنتين ثم يوتر بواحدة، وكان في الغالب يصلي إحدى عشرة، وربما صلى ثلاث عشرة، عليه الصلاة والسلام، وربما صلى ثلاثا جميعا، سردها سردا حتى يجلس في آخرها، وربما صلى خمسا جميعا، يسردها حتى يجلس في آخرها، كل هذا لا بأس به.

س: إذا صليت فريضة صلاة العشاء والسنة الراتبة هل أصلي الوتر قبل صلاة قيام الليل، أم بعد صلاة قيام الليل؟ (¬1) ج: الوتر يكون هو الأخير بعد قيام الليل، والنبي صلى الله عليه وسلم ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (203).

قال: «اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا (¬1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬2)» فالسنة أن تكون صلاة الوتر هي الأخيرة، يتهجد، يصلي ما بدا له مثنى مثنى، ثم يختم بواحدة وهي الوتر، هذا هو السنة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

كيفية التسليم في الوتر

49 - كيفية التسليم في الوتر س: هل يشترط لصلاة الوتر تسليمتان، أم تسليمة واحدة تكفي؟ (¬1) ج: بل تسليمتان مثل بقية الصلوات، كان النبي صلى الله عليه وسلم يسلم بتسليمتين، في النافلة والفريضة عليه الصلاة والسلام، يصلي ركعتين ويسلم، ثم يأتي بواحدة، هذه السنة والأفضل، وإن سرد الثلاث فلا بأس، ويسلم بعد الثالثة تسليمتين. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (216).

كيفية صلاة الوتر في النهار لمن نام عنها

50 - كيفية صلاة الوتر في النهار لمن نام عنها س: كيف تكون صلاة الوتر في النهار، إذا نام الإنسان عنها؟ (¬1) ج: إذا نام الإنسان عن صلاة الوتر أو نسيها، أو أصابه مرض شغله عنها يصلي من النهار ما تيسر، والأفضل أن يصلي بعددها، لكن لا يوتر، يل يشفع، فإذا كانت عادته خمسا صلى ست ركعات، يسلم من كل ثنتين، وإذا كانت عادته في الليل سبعا صلى بالنهار ثمانيا، يسلم من كل ثنتين، وهكذا تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله نوم، أو مرض عن الوتر صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (¬2)» وكانت عادته صلى الله عليه وسلم يصلي إحدى عشرة من الليل، فإذا شغل عنها بنوم أو مرض زاد ركعة، وصلى ثنتي عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (216). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746).

س: أبو عمار يسأل ويقول: أنا أصلي من الليل إحدى عشرة ركعة؛ بعد العشاء ركعتين، وركعتين سنة الوضوء قبل صلاة الليل، وثلاث ركعات وترا، فهل صلاتي صحيحة؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (433).

ج: الوتر مشروع بما يتيسر، ولو واحدة في الليل بعد صلاة العشاء وسنتها كفى، فإذا أوتر بثلاث أو بخمس أو بسبع أو بتسع، أو بإحدى عشرة، أو ثلاث عشرة كله طيب، والأفضل إحدى عشرة إذا تيسر، أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين، وإن أوتر بثلاث سردا، أو سلم من كل ثنتين، أو أوتر بخمس سردا، والسنة أن يسرد الخمس، لا يجلس فيها إلا في الخامسة، وإلا يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل، أو أوتر بسبع سردا، أو جلس في السادسة للتشهد الأول، ثم قام أو أوتر بالتسع، وجلس في الثامنة في التشهد الأول ثم قام، كله لا بأس به، لكن الأفضل أن يسلم من كل ثنتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬1)» ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

حكم الصلاة في آخر الليل لمن أوتر في أوله

51 - حكم الصلاة في آخر الليل لمن أوتر في أوله س: يقول هذا السائل: سماحة الشيخ، هل يصح أن أصلي الوتر في أول الليل، ثم أكمل هذا الوتر في آخر الليل؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والستون من الشريط رقم (433).

ج: الأمر واسع، إذا أوترت في أول الليل تصلي في آخر الليل ما تيسر، لكن من دون وتر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (¬1)» تصلى ركعتين أو أربع ركعات، أو ست ركعات أو أكثر، تسلم من كل ثنتين، ويكفيك الوتر الأول، ولكن الأفضل أنك تؤخر الوتر وتجعله في آخر الليل، فإذا صليت ما يسر الله لك توتر بواحدة، هذا هو الأفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬2)» هذا هو المشروع. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

مسألة في صلاة الوتر

52 - مسألة في صلاة الوتر س: هل صحيح أن المداومة على صلاة الشفع تؤدي إلي أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع لمن يؤديها؟ (¬1) ج: ما أعرف في هذا شيئا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (265).

المؤمن يصلي شفعا في النهار والليل، هذا هو السنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (¬1)»، وليست صلاة وتر إلا الوتر في الليل، ركعة واحدة يوتر بها، أو في صلاة الخوف، بعض أنواع صلاة الخوف يصلون ركعة، أما السنة فالصلاة ينتهون شفعا أبدا دائما، إلا المغرب فإنها وتر ثلاثا، أما الظهر والعصر والعشاء والفجر فكلها شفع، وهكذا النوافل كلها تسمى شفعا، ثنتين ثنتين، إلا الوتر فإنه يصلى واحدة، وهكذا في بعض أنواع صلاة الخوف، صلى واحدة عليه الصلاة والسلام عند لقاء الأعداء، أما حديث يشفع النبي صلى الله عليه وسلم لمن يفعل هذا فلا أعرف له أصلا. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322).

حكم صلاة قيام الليل بعد الوتر

53 - حكم صلاة قيام الليل بعد الوتر س: غالبا ما أوتر قبل أن أنام ظنا مني أني لن أستطيع قيام الليل، ولكن يحدث كثيرا أن أقوم الليل، علما بأني قد أوتر قبل أن أنام، هل هذا جائز؟ وهل يمكن أن أوتر ثانية عند قيام الليل؟ وكم عدد ركعات قيام الليل؟ وهل يمكن أن أجهر بالقنوت؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (371).

ج: لا حرج أن يصلي ما تيسر، إذا قام آخر الليل يصلي ما تيسر ويكفيه ما أوتر أولا؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (¬1)» الوتر الأول يكفي، وإذا تيسر قيام تصلي ركعتين أو أربعا أو أكثر، تسلم من كل اثنتين، يقرأ طويلا ويجهر إذا أحب الجهر، ويدعو الله في السجود كثيرا، والحمد لله، هذا من فضل الله عز وجل. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679).

س: تقول السائلة: هل تجوز صلاة النوافل، ما بين صلاة العشاء والوتر وصلاة الفجر؟ لأنني أسمع من البعض يقولون: لا يجوز صلاة بعد الوتر حتى الفجر. والبعض يقولون: النوم يفصل بينها. وأحد الشيوخ في بلدنا قال: يمكن الصلاة قبل الفجر، ما بين الأذانين الأول والثاني للفجر. والبعض يقول: لا يجوز. وإنني غالبا ما أستيقظ قبل الفجر، وأريد أن أصلي، ولا أدري هل يجوز أم لا؟ (¬1) ج: نعم، لا بأس بالصلاة بعد الوتر، إذا أوتر الإنسان أول الليل، أو في وسط الليل، ثم يسر الله له القيام آخر الليل فإنه يشرع له أن يصلي ما ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (121).

كتب الله له، ركعتين أو أكثر من ذلك، ويكفيه الوتر الأول، لا حاجة إلى وتر ثان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (¬1)» فإذا استيقظ المؤمن أو المؤمنة في آخر الليل، وقد أوتر في أول الليل فإنه يشرع له أن يصلي ما كتب الله له، ولا يعيد الوتر إذا صلى ركعتين، أو أربعا أو أكثر، كل هذا طيب، ولا بأس به، لكن يكون مثنى مثنى؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬2)» يعني ثنتين ثنتين، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى ركعتين بعدما أوتر في آخر الليل؛ ليعلم الناس أن الصلاة بعد الوتر جائزة، وإنما الأفضل أن يكون الوتر آخر شيء، كما قال عليه الصلاة والسلام: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا (¬3)» فالأفضل أن يكون الوتر هو آخر شيء، لكن ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751).

إذا كان هناك سعة وصلى بعد الوتر ركعتين أو أكثر فلا حرج في ذلك، والحمد لله.

حكم الوتر بثلاث ركعات بتسليمتين

54 - حكم الوتر بثلاث ركعات بتسليمتين س: يقول السائل: إن بعض الناس يقولون: عندما أصلي صلاة العشاء لا بد أن أصلي ثلاث ركعات، ركعتين، ثم أصلي ركعة، ويسمون الأولى الشفع، والأخيرة الوتر، هل ما قالوه صحيح؟ وكيف توجهونني؟ (¬1) ج: هذا مستحب، وليس بواجب، ويسمى هذا الوتر، فيستحب للمؤمن والمؤمنة الإيتار كل ليلة بعد صلاة العشاء، ويستمر وقته إلى طلوع الفجر، فإذا صلى المسلم أو المسلمة سنة العشاء ركعتين، وأحب أن يوتر قبل النوم، أوتر بركعتين ثم ركعة، الشفع والوتر ركعتين ثم ركعة واحدة، وإن أوتر بركعة واحدة فقط أجزأته بعد سنة العشاء، وإن أوتر بخمس أو بسبع، أو أكثر فكله طيب، النبي صلى الله عليه وسلم كان في الغالب يوتر بإحدى عشرة، وربما أوتر بثلاث عشرة، وربما أوتر بأقل من ذلك، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، يقرأ فيها (الحمد)، ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (247).

و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1)، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬2)» هذه سنة الوتر، وهي مستحبة وليست واجبة، وهي مستحبة لجميع المسلمين، ذكورهم وإناثهم من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، فمن أحب أن يقوم آخر الليل فهو أفضل، ومن خاف ألا يقوم آخر الليل أوتر بعد صلاة العشاء، وقبل أن ينام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬3)» يعني مشهودة، يعني يشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار، والله ولي التوفيق. ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).

س: أرجو أن توجهوني إلى الفرق بين الشفع والوتر في صلاة الليل، وهل يجب لكل نية؟ (¬1) ج: الشفع كونه يصلي ركعتين، والوتر كونه يصلي واحدة، أو ثلاثا، أو خمسا أو سبعا جميعها يقال لها: وتر. والشفع كونه يصلي ثنتين ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (345).

ثنتين، تسمى الأربع شفعا، والست شفعا، لكن السنة أن يسلم من كل ثنتين، ولا يجوز له أن يجمع الأربع والست والثماني في سلام واحد، لكن يسلم من كل ثنتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬1)» معناه: تصلى مثنى مثنى. لكن لو سرد ثلاثا وترا أو خمسا وترا فلا بأس، يستثنى عنه، وهكذا في النهار يصلي ثنتين ثنتين، وفي رواية أخرى: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (¬2)» ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322).

س: أصلي في الليل ركعتين، وأصلي ثلاثا وترا، هل هذا يجوز؟ (¬1) ج: الوتر أقله ركعة، فمن أوتر بركعة أو بثلاث أو بأكثر فقد أصاب وأحسن، وأقله ركعة، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (301).

س: يقول: هل أصلي الوتر بعد الأذان الأول يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: الوتر في الليل كله من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، كل الليل محل وتر بعد الفراغ من صلاة العشاء، وسنتها الراتبة إلى قبل ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (343).

الفجر، كله محل وتر، وإذا تيسر في آخر الليل فهو أفضل، وإلا فالوتر قبل النوم إذا كنت تخشى ألا تقوم، الأفضل لك أن توتر قبل النوم.

مسائل في الوتر

55 - مسائل في الوتر س: السائل من الكويت يقول: بالنسبة للوتر مرة أو مرتين، فقد حدث وأنا أصلي الوتر أن أذن الفجر، وأحيانا بعد السلام يكون الأذان في بدايته، هل علي إعادة الوتر؟ (¬1) ج: يكفي؛ لأن الأذان يكون على الظن، ظن الصبح، وإذا أذن والإنسان على وتر أكمله والحمد لله، ولا بأس، يكفي. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (306).

س: هل يجوز الوتر بواحدة، أم لا بد من الشفع؟ (¬1) ج: تكفي واحدة، الوتر بواحدة لا بأس في أول الليل، أو في وسطه أو في آخره، ركعة واحدة، والأفضل يقرأ فيها (الفاتحة) و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2)، وإن قرأ (الفاتحة) وحدها أو معها {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3) فلا بأس، لكن الأفضل أن يكون معها {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬4)، وإن زاد على واحدة صلى ثلاثا أو خمسا أو أكثر فهو أفضل. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (127). (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة الإخلاص الآية 1 (¬4) سورة الإخلاص الآية 1

س: هل معنى أن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى: أن الأربع ركعات القبلية قبل الظهر أصليها على ركعتين ركعتين؟ (¬1) ج: نعم، تصلى ركعتين ركعتين في الليل والنهار، الرواتب وغير الرواتب، هذه السنة، لكن لو سرد الوتر في الليل سردا ثلاثا جميعا، أو خمسا جميعا، أو سبعا جميعا فلا بأس، لكن كونه يصلي ثنتين ثنتين هذا هو الأفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬2)»؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه أوتر بخمس جميعا (¬3)»، «وبثلاث جميعا (¬4)» «وبسبع جميعا، سردها في بعض الأحيان (¬5)»، فلا بأس بذلك، لكن الأفضل دائما ثنتان ثنتان، هذا هو الأفضل، ثم يوتر بواحدة. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (322). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في ركعتي الفجر، برقم (1164)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (765). (¬4) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب من أوتر بثلاث موصولة به، برقم (1009) (3/ 31)، والحاكم في المستدرك، في كتاب الوتر، برقم (1140) (1/ 447). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746).

حكم المداومة على إحدى عشرة ركعة كل ليلة

56 - حكم المداومة على إحدى عشرة ركعة كل ليلة س: أصلي إحدى عشرة ركعة كل ليلة، وأجهر بالقراءة، وأدعو في

الصلاة الأخيرة أي الوتر، وأبدأ فيها من الساعة العاشرة، فهل صلاتي هذه صحيحة أم لا؟ (¬1) ج: هذا هو الأفضل، والوتر سنة إحدى عشرة ركعة، هذا أفضل ما يكون، إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا تهجد حسن ووتر حسن، إذا فعلته هذا من السنة وأنت مأجور على هذا إن شاء الله، ولا حرج في ذلك، لكن ليس بلازم بل مستحب، ولو أوترت في بعض الليالي بخمس أو بسبع أو بثلاث فلا حرج عليك. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (29).

حكم قراءة المعوذتين بعد سورة الإخلاص في الوتر

57 - حكم قراءة المعوذتين بعد سورة الإخلاص في الوتر س: إنني عندما أوتر أصلي ركعة واحدة، وأقرأ فيها سورة الإخلاص والفلق والناس، فهل عملي صحيح؟ (¬1) ج: الأفضل الاقتصار على {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) هذا هو الأفضل في ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (265). (¬2) سورة الإخلاص الآية 1

الركعة الأخيرة ركعة الوتر، هذا هو المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم، يقرأ فيها بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1)، أما الزيادة في المعوذتين فالحديث فيها ضعيف. ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1

س: أنا أصلي بعد صلاة العشاء إحدى عشرة ركعة وأوتر، وأعجز بعض الأيام؛ لأنني أشتغل كل اليوم، وأصليها في الثلث الأخير، وإذا غلب علي النوم صليتها في النهار، هل تصح؟ أفيدوني (¬1) ج: هذا عمل طيب، هذا موافق للسنة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في الغالب يوتر بإحدى عشرة ركعة، وربما أوتر في أول الليل، وربما أوتر في وسطه، وربما أوتر في آخره، ثم انتهى أخيرا في آخر الليل عليه الصلاة والسلام، وكان الغالب عليه أنه يصلي في آخر الليل عليه الصلاة والسلام، هذا الذي فعلته هو السنة، وإذا نمت عنها فلا حرج، إذا نمت عنها بعض الأحيان، أو ثقلت عنها، أو لم يتيسر لك ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (29).

أداؤها فافعلها في النهار، صل من النهار ما تيسر، لكن من غير إيتار، صلها شفعا، صل مثلا ثنتي عشرة ركعة، أي ست تسليمات بدل إحدى عشرة ركعة إذا تيسر ذلك، وإن صليت أقل من ذلك ثماني أو ست ركعات، أو أربع ركعات كله طيب، الأفضل أن تصلي بعدد ما كنت تفعله في الليل وتزيد ركعة؛ حتى لا توتر بواحدة في النهار، تصلي شفعا، «وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته ورده من الليل؛ من مرض أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (¬1)» كما قالته عائشة رضي الله عنها، هذا هو السنة، الذي يفوته ورده من الليل؛ من نوم أو مرض أو نحو ذلك فإنه يصلي من النهار، ولكن يكون شفعا لا وترا، وأنت بحمد الله قد وفقت للسنة، ولو أوتر الإنسان بأقل من ذلك أوتر بواحدة، أو بثلاث أو بخمس فكله سنة والحمد لله، أقله واحدة، إذا صلاها بعد العشاء أو صلاها في آخر الليل فقد فعل السنة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746).

حكم تكرار الوتر في ليلة واحدة

58 - حكم تكرار الوتر في ليلة واحدة س: إذا صليت الوتر بعد العشاء وقبل أن أنام؛ خوفا من عدم القيام آخر الليل، ثم قمت آخر الليل، وأردت أن أصلي من آخر الليل

فهل يجوز ذلك، وأن أوتر في الأخير أم لا؟ (¬1) ج: إذا أوتر الإنسان من أول الليل احتياطا هذا حق طيب، والنبي أوصى أبا الدرداء وأبا هريرة رضي الله عنهما بالإيتار أول الليل قال بعض أهل العلم: إنما أوصاهما بذلك؛ لأنهما يشتغلان بالعلم في أول الليل، ويصعب عليهما القيام في آخر الليل، فإذا أوتر الإنسان من أول الليل، ثم يسر الله له القيام من آخر الليل فإنه يصلي ما تيسر من الركعات من دون وتر، يكفي الوتر الأول؛ لأن النبي عليه السلام قال: «لا وتران في ليلة (¬2)» فيصلي ركعتين أو أربع ركعات، أو ست ركعات فأكثر من دون وتر في آخر الليل، ولا حرج في ذلك، ولا بأس بذلك، وإنما يؤمر بتأخير الوتر في آخر الليل إذا كان لا يوتر في أول الليل، وإذا تيسر القيام في آخر الليل، فهذا يوصى بأن يكون وتره في آخر الليل إذا تيسر له ذلك؛ لأن آخر الليل أفضل، فإذا يسر الله للعبد أن يوتر في آخر الليل فهذا أفضل، أما إذا خاف وخشي ألا يقوم من آخر الليل فليأخذ بالحزم، فيوتر في أول الليل، وإذا رزقه الله القيام في آخر الليل ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (28). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679).

صلى ما تيسر من دون وتر، كما جاءت به السنة عن الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد الوتر ركعتين (¬1)»؛ يبين للناس أن الصلاة بعد الوتر جائزة، ولا حرج فيها. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أبي سلمة رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها، حديث رقم (25031)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب صلاة الليل، حديث رقم (1340)، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء لا وتران في ليلة، حديث رقم (471)، والنسائي، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب وقت ركعتي الفجر والاختلاف على نافع، رقم (1781).

حكم تأخير الوتر لمن علم من نفسه أنه يقوم آخر الليل

59 - حكم تأخير الوتر لمن علم من نفسه أنه يقوم آخر الليل س: تقول السائلة: والدتي تصلي العشاء مع الوتر، ثم تنام وتصلي صلاة قبل صلاة الفجر، وكثير من الناس يقولون لها: لا يجوز أن تصلي الوتر ما دام لك صلاة قبل صلاة الفجر. فما رأي سماحتكم؟ (¬1) ج: الأفضل أنها تؤخر الوتر إلى آخر الليل، ما دامت تقوم آخر الليل فالأفضل أن وترها يكون آخر الليل، بعدما تصلي الصلاة التي يكتب الله لها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا (¬2)» هذا هو الأفضل: أن الصلاة تكون في آخر الليل وتختم بوتر ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (25). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751).

إذا تيسر ذلك، أما إن كانت تخشى ألا تقوم آخر الليل، وتريد أن تعمل بالاحتياط فتوتر في أول الليل فلا بأس، فالنبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما بالإيتار أول الليل قال بعض أهل العلم: لأنهما يدرسان الحديث، ويخشيان ألا يقوما آخر الليل؛ فلهذا أوصاهما بالوتر في أول الليل، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬1)» خرجه مسلم في الصحيح، فإذا كانت المرأة تستطيع أن تقوم آخر الليل فالأفضل أن يكون وترها آخر الليل، بعدما تصلي ما كتب الله لها، ثم توتر قبل الفجر، هذا هو الأفضل، لكن إن كانت تخشى ألا تقوم، ولا تثق بذلك، فالأفضل لها أن توتر في أول الليل، وإذا قامت آخر الليل ويسر الله لها القيام تصلي ما تيسر؛ ركعتين أو أربع ركعات أو ست ركعات من دون وتر، الوتر الأول يكفي، ولا تعيد الوتر؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «لا وتران في ليلة (¬2)» فإذا كان الإنسان قد ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679).

أوتر في أول الليل، ثم يسر الله له القيام في آخر الليل فإنه لا يعيد الوتر، بل يكفيه الوتر الأول، ويصلي من آخر الليل ما تيسر؛ ركعتين أو أربع ركعات، أو أكثر من ذلك بدون وتر.

س: أديت صلاة العشاء وكذلك الوتر، ثم نمت وقمت بعد منتصف الليل، فهل تجوز الصلاة التي هي قيام الليل بعد الوتر؟ (¬1) ج: السنة للمؤمن أن يتحرى الوقت الذي يستطيعه للتهجد بالليل، إن كان لا يستطيع القيام من آخر الليل قدم، وإن كان يستطيع القيام من آخر الليل أخر تهجده إلى آخر الليل؛ لأن هذا أفضل وقت، فيه التنزل الإلهي، الذي جاء فيه الحديث الصحيح المستفيض عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له (¬2)» هذا الوقت وقت عظيم، فيه نزول الرب عز وجل، نزول يليق بجلاله سبحانه وتعالى، وفيه أنه يقول: «هل من داع فأستجيب له؟ هل من سائل فيعطى سؤله؟ هل من ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (10). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).

مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ (¬1)» هذا فضل عظيم، ينبغي تحري هذا الوقت الذي هو آخر الليل الثلث الأخير؛ لهذا الحديث الصحيح في النزول، وهذا النزول وصف لربنا عز وجل كما يليق به سبحانه وتعالى، لا يكيف ولا يمثل، بل يقال في هذا: نزول يليق بجلاله لا يشابهه أحد من خلقه سبحانه وتعالى كسائر الصفات. كما نقول: استوى على العرش استواء يليق بجلاله، لا يشبه بخلقه سبحانه وتعالى، وكما نقول: إن علمه يليق بجلاله ورحمته. وهكذا وجهه، وهكذا يده، وهكذا سائر الصفات، كلها حق، وكلها ثابتة لله سبحانه وتعالى على الوجه اللائق بالله جل وعلا، كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬2)، أثبت لنفسه السمع والبصر، ونفى عن نفسه المماثلة سبحانه وتعالى، وهذا هو الحق الذي درج عليه أهل السنة والجماعة، وهو إثبات جميع الصفات والأسماء الواردة في الكتاب العزيز، أو السنة الصحيحة المطهرة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، نثبتها إثباتا بلا تمثيل، وننزهها عن التعطيل، ونقول: إنه يجب إثبات صفات الرب وأسمائه من النزول والاستواء ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (¬2) سورة الشورى الآية 11

والرحمة والغضب، والوجه واليد والأصابع وغير ذلك، نثبتها لله كما جاءت في النصوص إثباتا بلا تمثيل، وننزه صفاته عن مشابهة خلقه تنزيها بريئا من التعطيل، هكذا يقول أهل السنة والجماعة، فالنزول من ذلك الباب، نزول الرب في آخر الليل من هذا الباب، نثبته لله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، مع العلم بعلوه فوق العرش جل وعلا، فإن صفاته لا تشابه صفات خلقه، فلا يتنافى النزول في حقه مع علوه فوق العرش سبحانه وتعالى، وهذا في حقه عز وجل، فإنه نزول لا يعلم كنهه وكيفيته إلا الله سبحانه وتعالى، فهو نزول يليق بالله، فيه هذا الخير العظيم، فيه أنه سبحانه وتعالى يقول: «هل من تائب فيتاب عليه؟ هل من سائل فيعطى سؤله؟ هل من مستغفر يغفر له؟ (¬1)» هذا فضل عظيم، ينبغي في هذا الوقت الإكثار من الدعاء في آخر الليل مع الصلاة، مع القراءة، هكذا أرشد النبي عليه الصلاة والسلام، أما إن كان لا يستطيع ذلك، ويخشى أن ينام فإنه يوتر في أول الليل، يصلي ما تيسر في أول الليل، يوتر بثلاث، بخمس، بسبع، بأكثر أو بواحدة على الأقل لا بأس، يكفي واحدة بعد سنة العشاء، إذا صلى العشاء وصلى الراتبة ثنتين، وأوتر بواحدة كفى، وإن أوتر بثلاث فهو أفضل، وإن أوتر بأكثر ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).

فهو أفضل، ثم إذا قام من آخر الليل، أو في أثناء الليل، وأحب أن يتهجد فلا بأس، إذا قام من آخر الليل وأحب أن يصلي ركعتين أو أربع ركعات، أو أكثر بلا وتر فلا بأس، الوتر لا يعيده، النبي عليه السلام قال: «لا وتران في ليلة (¬1)» لكن يصلي ما تيسر في أثناء الليل، أو في آخر الليل شفعا؛ ثنتين، أربعا، ستا، ثمانيا من دون وتر، الوتر الأول يكفي، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: «أنه كان يصلي بعض الأحيان ركعتين بعد الوتر وهو جالس (¬2)»؛ وهذا - والله أعلم - ليبين للناس أن الصلاة بعد الوتر جائزة غير محرمة، وإنما الأفضل أن يكون الوتر هو آخر الصلاة أن يختم صلاته بالوتر؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا (¬3)» فالأفضل أن يختم بالوتر، لكن لو قدر أنه أوتر ثم تيسر له نشاط، وقام في آخر الليل فلا بأس بذلك، يصلي ما تيسر ركعتين أو أربع ركعات، ولا حرج في ذلك، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679). (¬2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أبي سلمة رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها، حديث رقم (25031)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب صلاة الليل، حديث رقم (1340)، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء لا وتران في ليلة، حديث رقم (471)، والنسائي، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب وقت ركعتي الفجر والاختلاف على نافع، رقم (1781). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751).

س: أنا أصلي ركعات الوتر وأنام، ثم أقوم في ثلث الليل وأصلي ركعتين نفلا، فهل يجوز مثل هذا العمل، أو تنصحونني بتأخير

الوتر إلى آخر الليل؟ (¬1) ج: هذا عمل طيب، إذا كنت يشق عليك قيام آخر الليل فقد فعلت أمرا حسنا، وهو الإيتار في أول الليل، ثم إذا قمت في آخر الليل صل ركعتين أو أكثر من ذلك، كله طيب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬2)» فالذي يستطيع الصلاة في آخر الليل يؤخر إلى آخر الليل، وهو أفضل؛ لأن صلاة آخر الليل مشهودة، يشهدها الله وملائكته، أما إن كان لا يستطيع فإنه يوتر أول الليل، وإذا يسر الله له القيام في آخر الليل صلى ما تيسر من دون وتر، كفى الوتر الأول، صلى ركعتين أو صلى أربع ركعات بتسليمتين، أو أكثر من ذلك، يسلم من كل ثنتين، ولكن لا يعيد الوتر، يكفيه الوتر الأول، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (213). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).

س: أنا دائما أصلي الوتر أول الليل، ثم أقوم آخر الليل وأصلي ركعتين ركعتين بما أقدر عليه، دون أن أوتر بعدها، فهل فعلي

هذا صحيح؟ وما حكم تكرار الوتر؟ (¬1) ج: نعم، فعلك هذا صحيح، إذا أوتر الإنسان من أول الليل، ثم يسر الله له القيام من آخر الليل فإنه يصلي ما يسره الله له، ثنتين ثنتين، ويكفيه الوتر الأول، ويكره أن يوتر ثانيا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (¬2)» والنبي عليه الصلاة والسلام ربما صلى ركعتين بعد الوتر؛ ليعلم الناس أنه لا حرج في ذلك، لكن الأفضل أن تؤخر الوتر آخر الليل إذا تيسر لك ذلك، نقول: الوتر آخر الليل إذا تيسر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا (¬3)» فإذا تيسر لك ذلك فهذا أفضل، وإلا تأخذ بالحزم، وأوتر من أول الليل، وإذا يسر الله لك القيام في آخر الليل فصل ما يسر الله لك من دون وتر؛ ثنتين ثنتين تسلم من كل ثنتين. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (256). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751).

س: ف. من بريدة: أصلي ركعتي السنة قبل صلاة الفرض، ثم أصلي أربع ركعات فريضة، ثم أصلي ركعتي السنة، ثم أصلي نفلا،

وبعدها أصلي ثلاث ركعات الوتر، فهل ما أفعله صحيح؟ (¬1) ج: السنة أن يصلي المؤمن ركعتين بين الأذان والإقامة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة لمن شاء (¬2)» فالركعتان بعد الأذان مستحبة، بعد أذان المغرب، بعد أذان العشاء، إذا صلى الفريضة صلى بعدها ركعتي الراتبة، ثم أوتر إذا أحب أن يوتر، ثلاثا أو خمسا أو أكثر، وإذا أخر الوتر إلى آخر الليل فهو أفضل إذا كان يطمئن إلى قيامه آخر الليل، ويغلب على ظنه ذلك، وإلا فالسنة الوتر في أول الليل بركعة أو ثلاث أو أكثر آخذا بالحزم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «من خاف ألا يقوم آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬3)» وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر أول الليل، ثم أوتر في وسط الليل، ثم استقر وتره في آخر الليل عليه ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (332). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).

الصلاة والسلام، فهذا هو الأفضل لمن قدر، أما من يخاف ألا يقوم فإنه يوتر أول الليل، أما الظهر فإنه يصلي قبلها أربعا، السنة أربع راتبة، يصلي قبلها تسليمتين أربعا، والعصر كذلك يستحب أن يصلي قبلها أربعا بتسليمتين، وبعد الظهر أربعا بتسليمتين؛ الراتبة وركعتان بعدها، ولكن إذا صلى أربعا بعدها فهو أفضل؛ لما روى أهل السنن عن أم حبيبة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حافظ على أربع قبل الظهر، وأربع بعدها حرمه الله على النار (¬1)» فهذا الحديث العظيم جيد صحيح، يدل على فضل الأربع قبلها وبعدها، أما الراتبة فهي أربع قبلها وثنتان بعدها، ولكن يستحب أن يزيد بعدها ثنتين حتى تصير أربعا بعد الظهر. وقبل العصر أربع بتسليمتين، أما المغرب والعشاء فيسن قبلهما ركعتان؛ لحديث: «بين كل أذانين صلاة (¬2)» وإن ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838).

صلى أكثر من ركعتين فلا بأس، وبعدهما ركعتان؛ الراتبة بعد المغرب ركعتان بتسليمة واحدة، وبعد العشاء ركعتان بتسليمة واحدة، فهذا الذي يحافظ عليه النبي عليه الصلاة والسلام، ثم الوتر بعد العشاء، وبعد الراتبة، ولو صلى العشاء مع المغرب مجموعتين جمع تقديم، كالمسافر فإنه يوتر بعد صلاة العشاء، ولو في وقت المغرب؛ لأنه إذا صلى العشاء مجموعة مع المغرب جمع تقديم فقد دخل وقت الوتر؛ كالمريض والمسافر.

س: نحن نعلم بأن صلاة الوتر تختم صلوات اليوم، وقد كنت يوما بالمسجد، وصليت العشاء ثم الشفع والوتر، وعند خروجي قابلني أحد الأصدقاء، وأصر على أن أصلي معه حتى يكسب أجر الجماعة، فما رأي الإسلام في ذلك؟ (¬1) ج: الوتر خاتم صلاة الليل، وليس خاتم صلاة النهار، المغرب هي التي تختم صلاة النهار، هي وتر النهار، وأما التهجد بالليل فيختم بالوتر ركعة واحدة، الركعة هي الختام لصلاة الليل، ولكن لا مانع أن يصلي بعدها إذا أوتر - مثلا - في أول الليل، ثم يسر الله له القيام في آخر الليل فلا بأس أن يصلي ما تيسر ركعتين، أو أربع ركعات أو أكثر مثنى ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (154).

مثنى، ولا يعيد الوتر، يكفيه الوتر الأول؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (¬1)» وإذا صادف جماعة من إخوانه وصلى معهم، أو أخا من إخوانه وصلى معه فلا بأس بذلك ولا حرج؛ لأن هذه الصلاة جاءت لها الأسباب التي وقعت له، مثل أن طلب أخوه أن يصلي معه، مثل جماعة أحب أن يصلي معهم، ومثل سعة الوقت أحب أن يصلي ما تيسر هذا لا بأس به، المقصود أن كون الإنسان يصلي بعد الوتر في آخر الليل لا بأس بذلك، لكن لا يعيد الوتر، يكفيه الوتر الأول، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679).

س: هل صحيح بأنه لا صلاة بعد الوتر؟ (¬1) ج: لا بأس بالصلاة، وليس بصحيح هذا القول، فله أن يصلي بعد الوتر، ليس بوقت نهي، لكن الأفضل أن يختم الليل بالوتر، أن يختم صلاته بالليل بالوتر، والنبي صلى الله عليه وسلم ربما صلى ركعتين بعد الوتر؛ ليعلم الناس أنه لا حرج في ذلك، فلو أوتر في الليل أو في وسط الليل، ثم قام في آخر الليل وصلى ما يسر الله له ركعتين، أو أربعا أو ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (396).

ستا فلا بأس، المقصود أن الصلاة بعد الوتر لا حرج فيها، لكن الأفضل لمن صلى آخر الليل أن يختم بالوتر، يختم بركعته الأخيرة الواحدة، تكون هي الخاتمة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا (¬1)» متفق على صحته. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751).

س: السائلة أم خالد من الباحة، تقول: أنا أوتر قبل النوم خوفا من أن أنام، وأنا أوتر اقتداء بقوله صلى الله عليه وسلم: «أوتروا يا أهل القرآن (¬1)» وإذا حصل ونهضت قبل الفجر فإني أصلي أربعا أو ستا، أو ما تيسر لي من الركعات، ولكنني لا أوتر؛ لأنني أوترت قبل النوم، فهل عملي هذا صحيح؟ (¬2) ج: هذا العمل صحيح، الإنسان إذا خاف ألا يقوم من آخر الليل يوتر أول الليل، وإذا يسر الله القيام في آخر الليل يصلي ما تيسر ثنتين أو أربعا أو ستا، أو أكثر، يسلم من كل ثنتين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب استحباب الوتر، برقم (1416)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في أن الوتر ليس بحتم، برقم (453)، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الأمر بالوتر، برقم (1675)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الوتر، برقم (1169). (¬2) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (408).

يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬1)» وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما بالإيتار قبل النوم الإيتار قبل النوم من باب الحزم إذا كان يخشى ألا يقوم من آخر الليل، أما من كانت عنده الثقة، أو يغلب على ظنه أنه يقوم آخر الليل فالوتر في آخر الليل أفضل، وإذا أوتر في أول الليل ثم يسر الله له القيام آخر الليل صلى ما تيسر ثنتين ثنتين، ولم يعد الوتر، الوتر الأول كاف. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).

س: هل يجوز للإنسان أن يصلي صلاة الليل إذا قام بعد أن صلى الوتر؛ وذلك لخوفه أن ينام فلا يصلي الوتر؟ (¬1) ج: هذا من الحزم، كونه يوتر أول الليل، وإذا قام في آخر الليل صلى ما يسر الله له ركعتين أو أربع ركعات أو ست ركعات، أو أكثر كل هذا طيب، لكن يسلم من كل ثنتين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬2)» وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (354). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

وأبا الدرداء رضي الله عنهما بالوتر قبل النوم وقال: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا (¬1)» وجاء بين الأحاديث أن الأفضل لمن استطاع آخر الليل أن يؤخر إلى آخر الليل، ومن خاف ألا يقوم آخر الليل صلى في أول الليل أخذ بالحزم، ويدل على هذا حديث صحيح رواه مسلم في الصحيح عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬2)» فهذا صريح في التفضيل، فصلاة أول الليل أفضل لمن خاف ألا يقوم من آخر الليل، أما من غلب على ظنه أنه يقوم، واعتاد ذلك فهذا هو الأفضل؛ أن يقوم في آخر الليل. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).

س: مستمعة تسأل وتقول: أحفظ معنى حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا (¬1)» أنا أنوي صلاة القيام، ولكن أخشى أن يغلبني النعاس؛ لذلك أصلي الشفع ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ليجعل آخر صلاته وترا، برقم (998)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل، برقم (751).

والوتر قبل أن أنام، فهل يجوز لي أن أصلي قيام الليل بعد الشفع والوتر، أم أؤجل الشفع والوتر مع صلاة القيام؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: إذا خشيت ألا تقومي آخر الليل فصلي في أول الليل، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة أن يصلوا أول الليل قبل النوم أن يوتروا، والسبب في ذلك أنهم يخشون ألا يقوموا آخر الليل، فالإنسان إذا كان يخشى ألا يقوم آخر الليل فالسنة له أن يوتر في أول الليل، وإذا قام آخر الليل يسر الله له القيام صلى ما يسر الله له ثنتين، أو أربعا أو أكثر، يسلم من كل ثنتين، ولا يحتاج إلى وتر، الأول كاف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (¬2)» إذا يسر الله له القيام في وسط الليل، أو في آخره صلى ما تيسر ثنتين ثنتين، وكفاه الوتر الأول، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (299). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679).

س: هل من الممكن قيام الليل بعد الوتر إذا أوتر أول الليل؟ لأنني قرأت في إحدى الكتب الإسلامية أنه لا صلاة بعد الوتر،

واجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا. (¬1) ج: لا حرج في ذلك، السنة أن يختم تهجده بالوتر، إذا قام في آخر الليل وأوتر، ثم بان له أنه قد بقي ليل فلا بأس أن يصلي، فلا حرج والحمد لله، فليصل ما تيسر له بعد الوتر، فالليل كله محل عبادة، ومحل تقرب إلى الله عز وجل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد الوتر، ثبت عنه أنه صلى ركعتين بعد الوتر يبين للناس جواز ذلك، وأنه لا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (355).

س: صلاة الوتر هل هي بعد صلاة العشاء مباشرة، أم بعد منتصف الليل؟ ذلك لأنني أصلي الوتر الساعة الحادية عشرة بعد الانتهاء من عملي، فهل لي أن أصلي التهجد قبل طلوع الفجر؟ لأنني سمعت أناسا يقولون: لا صلاة بعد الوتر. وأنا أصلي الوتر الحادية عشرة كما قلت لكم من قبل، قبل النوم لأنني أكثر الأيام لم أستيقظ إلا وقت صلاة الفجر. أفيدوني جزاكم الله خيرا. (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (289).

ج: وقت الوتر يبتدئ من حين صلاة العشاء، يدخل وقت الوتر ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، هذا وقت الوتر، والتهجد ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وإذا أوترت في جوف الليل، أو في آخر الليل يكون أفضل، وآخر الليل أفضل؛ وقت نزول الله في الثلث الأخير، أو في الوقت الرابع أو الوقت الخامس من الليل، أي السدس وقت صلاة داود عليه الصلاة والسلام، يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصلاة صلاة داود -يعني النبي عليه الصلاة والسلام- إنه كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه (¬1)» أو ينام النصف الأول، ثم يقوم السدس الرابع والخامس يتهجد، يقوم من الثلث الأوسط نصفه، ومن الثلث الأخير نصفه، وإن تهجدت الثلث الأخير فهو وقت عظيم فاضل، فيه نصفه من الثلث الأخير، مما كان يصلي فيه داود، والنصف الثاني من الثلث الأخير الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، ويقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (¬2)» الخلاصة أن أفضل ما يكون التهجد ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام ... ، برقم (3420)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به ... ، برقم (1159). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).

من مبدأ النصف الأخير إلى نهاية الليل، يعني السدس الرابع والسدس الخامس والسادس، يعني النصف الأخير؛ النصف الثاني، وإذا أوترت في أول الليل قبل أن تنام، ويسر الله لك القيام في آخر الليل فصل ما يسر الله لك، ويكفي الوتر الأول، وتصلي ما يسر الله لك ركعتين أو أكثر، تسلم من كل ركعتين، ولا تعيد الوتر، يكفي الوتر الأول، «وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعد الوتر ركعتين وهو جالس (¬1)»؛ ليعلم الناس أنه لا حرج في ذلك. الأفضل أن يكون الوتر آخر الليل، يختم به صلاة الليل، لكن إذا أوتر في أول الليل أو في وسطه، ثم يسر الله له القيام في آخر الليل فإنه يتهجد ما يسر الله له، ويسلم من كل ركعتين، ولا يعيد الوتر، يكفي الوتر الأول والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أبي سلمة رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها، حديث رقم (25031)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب صلاة الليل، حديث رقم (1340)، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء لا وتران في ليلة، حديث رقم (471)، والنسائي، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب وقت ركعتي الفجر والاختلاف على نافع، رقم (1781).

س: بالنسبة لقيام الليل هل صحيح أنه لا يصح للمصلي أن يصلي بعد صلاة الوتر مباشرة، ويجب النوم، ومن ثم الصلاة بعد ذلك؟ (¬1) ج: لا حرج في الصلاة بعد الوتر، إذا أوتر الإنسان في أول الليل أو في أوسط الليل، ثم يسر الله له القيام في آخر الليل فإنه يصلي ما كتب ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (289).

الله له، ويكفي الوتر الأول، لا يعيد الوتر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا وتران في ليلة (¬1)» وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه صلى بعد الوتر ركعتين (¬2)»؛ ليبين للناس أنه لا حرج في ذلك، فالحاصل أنه إذا أوتر في أول الليل أو في وسطه، ثم يسر الله له القيام في آخر الليل فإنه يشرع له أن يصلي ما يسره الله له، ولا يعيد الوتر، بل يكفيه الوتر الأول والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تفريع أبواب الوتر، باب في نقض الوتر، برقم (1439)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء لا وتران في ليلة، برقم (470)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب نهي النبي عن الوترين في ليلة، برقم (1679). (¬2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أبي سلمة رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها، حديث رقم (25031)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب صلاة الليل، حديث رقم (1340)، والترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء لا وتران في ليلة، حديث رقم (471)، والنسائي، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب وقت ركعتي الفجر والاختلاف على نافع، رقم (1781).

س: يسأل السائل من جمهورية مصر العربية، ويقول: أنا - والحمد لله - قبل ما أنام أصلي أربع ركعات قيام الليل، وبعدها أصلي ركعتي شفع وواحدة وترا، فهل في هذا شيء غير مشروع؟ وبالأخص بالنسبة لركعة الوتر؛ لأنه عندنا في بلدنا أكثر الناس يصلون صلاة الوتر ركعة واحدة، أفيدونا سماحة الشيخ. (¬1) ج: الأمر في هذا واسع، إن صليت في أول الليل أو في وسط الليل أو في آخر الليل كله طيب، النبي فعل هذا كله صلى الله عليه وسلم، ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (413).

أوتر في أول الليل، وأوتر في وسطه، وأوتر في آخره، واستقر وتره في السحر، عليه الصلاة والسلام، ولك أن توتر بثلاث أو بواحدة أو بخمس أو بسبع أو بتسع، أو بإحدى عشرة أو بثلاث عشرة، لكن تسلم من كل ثنتين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (¬1)»، يعني ثنتين ثنيتين، فإذا أوترت بواحدة مفردة كان هذا هو الأفضل، وإن سردت ثلاثا جميعا ولم تجلس في الثانية فلا بأس، ولكن الوتر بواحدة أفضل، تصلي كل ثنتين على حدة، ثم توتر بواحدة، سواء في وسط الليل أو في آخره أو في أوله، وإن صليت بعض التهجد في أوله، وبعض تهجدك في آخره كله حسن، ولا بأس به والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322).

س: هل الأفضل أن نصلي بعد صلاة العشاء ركعتين، ثم نوتر بواحدة، أو نصلي خمسا؟ (¬1) ج: كلما زدت فهو أفضل، والأفضل في البيت، تصليها كلها في البيت، تصلي الراتبة ثنتين، وتصلي ما تيسر واحدة وترا أو ثلاثا أو خمسا أو أكثر بعد راتبة العشاء، وإن أخرت إلى آخر الليل كان أفضل إذا تيسر ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (413).

س: السائل: ي. د، يقول: قال لي أحد الإخوة بأن صلاة الوتر بعد العشاء سنة، وإن تركتها لا شيء علي، وأنا بدأت أفعل ذلك، أفتونا في عملي مأجورين. (¬1) ج: نعم سنة إذا كان يخشى ألا يقوم من آخر الليل؛ لأن الرسول «أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، والوتر قبل النوم (¬2)» والظاهر - والله أعلم - أن أبا هريرة رضي الله عنه يشق عليه القيام في آخر الليل؛ لأنه كان يدرس العلم في أول الليل، يدرس الحديث، فأوصاه النبي بالوتر أول الليل، وهكذا أبو الدرداء رضي الله عنه. أما من طمع أن يقوم آخر الليل فهو أفضل؛ لما جاء في الحديث الصحيح عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬3)» أخرجه مسلم، هذا يدل على أنه إذا تيسر له القيام في ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (412). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (722). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).

آخر الليل فهو أفضل، النبي صلى الله عليه وسلم أوتر من أوله، ومن وسطه، ومن آخره، كله جائز والحمد لله، لكن إذا تيسر من آخر الليل فهو الأفضل.

س: السائل من اليمن يقول: هل تصح صلاة الوتر بتشهد واحد، أم لازم علي أن آتي بالتشهد بعد الركعتين الأوليين، ثم أكمل بعد الثالثة؟ (¬1) ج: السنة في التهجد بالليل السلام من كل ثنتين، هذا هو السنة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬2)» رواه الشيخان: البخاري ومسلم في الصحيحين، فإذا أراد الوتر أوتر بواحدة مفردة قبل الفجر، يقرأ فيها (الفاتحة) و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3)، هذا هو السنة، وإن أوتر بثلاث سردها فهذا هو السنة، لا يجلس في الثانية، بل يسردها كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، «ونهى النبي عن تشبيهها بالمغرب (¬4)» لكن يسردها لا يجلس بعد الثانية، بل يسرد الثلاث، ويجلس في ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (389). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (¬3) سورة الإخلاص الآية 1 (¬4) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب من أوتر بثلاث موصول به، برقم (5010) (3/ 31)، والحاكم في المستدرك، في كتاب الوتر، برقم (1140) (1/ 447).

الأخيرة، ويتشهد في الأخيرة إذا أوتر بثلاث، ولكن كونه يسلم من الثنتين ويوتر بواحدة مفردة يكون هذا هو الأفضل والأكمل؛ لأن هذا هو الغالب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

س: السائل: إ. م، يقول: هل يوجد حديث ورد أن في الوتر صلاة تصلى مثل صلاة المغرب؟ (¬1) ج: لا، لم يرد، يكره، النبي «نهى عن تشبيهها بالمغرب (¬2)» لكن يصليها سردا ثلاثا مسرودة لا بأس، أو يوتر بواحدة وهو الأفضل، يسلم من الثنتين ثم يأتي بواحدة، هذا هو الأفضل، وإن سرد الثلاث سردا ولم يجلس إلا في الثالثة فلا بأس، أما أن يشبهها بالمغرب لا، يكره، ما ينبغي. ¬

_ (¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (420). (¬2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب من أوتر بثلاث موصول به، برقم (5010) (3/ 31)، والحاكم في المستدرك، في كتاب الوتر، برقم (1140) (1/ 447).

حكم تخصيص سورة الأعلى، والكافرون والإخلاص في صلاة الوتر

60 - حكم تخصيص سورة الأعلى، والكافرون والإخلاص في صلاة الوتر س: هل ورد حديث في قراءة سورة (الأعلى) و (الكافرون) و (الإخلاص) في الشفع والوتر، وهذا في رمضان؟ وماذا يلزم الإمام في رمضان؟ هل يستمر في قراءة هذه السور يا شيخ؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (404).

ج: هذا هو الأفضل، نعم، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «كان يقرأ في الثلاث الأخيرة بـ: (سبح)، و (الكافرون)، و: (¬2)» وإذا أوتر بثلاث؛ قرأ في الأولى بـ: (سبح)، وفي الثانية بـ: (الكافرون)، وفي الثالثة بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3)، هذا هو الأفضل، وإن قرأ بغيرها فلا حرج، الأمر واسع؛ لأن الله قال: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} (¬4)، وإذا سرد الركعات، سلم في كل ثنتين، ثم أوتر بواحدة فكل ذلك حسن، وإن لم يقرأ بـ: (سبح)، المقصود أنه يصلي ثنتين ثنتين، ثم يوتر بواحدة، والأفضل في الواحدة أن يقرأ فيها بعد الفاتحة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬5)؛ تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، ولو قرأ بغير ذلك فلا حرج؛ لعموم قوله جل وعلا: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} (¬6)، وقوله صلى الله عليه وسلم للمسيء: «ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن (¬7)» فالأمر في هذا واسع، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء فيما يقرأ به في الوتر، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيما يقرأ في الوتر، برقم (1173). (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬1) {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3) سورة الإخلاص الآية 1 (¬4) سورة المزمل الآية 20 (¬5) سورة الإخلاص الآية 1 (¬6) سورة المزمل الآية 20 (¬7) أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، باب من رد فقال: عليك السلام، برقم (6251)، ومسلم كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في الركعة، حديث رقم (397).

س: تقول السائلة: سمعت أن الإنسان يقرأ في الشفع قبل الوتر سورة الأعلى في الركعة الأولى، ويقرأ في الثانية سورة الكافرون، فهل ما سمعت صحيح؟ (¬1) ج: نعم، هذا هو الأفضل في الثلاث الأخيرة، يقرأ بـ: (سبح) في الأولى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (¬2)، والثانية: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬3)، والثالثة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬4)، والأفضل يسلم من الثنتين، ثم يفرد واحدة، وإن جمع الثلاث سردها كلها سردا، ولم يجلس إلا في الأخيرة، وكل ذلك سنة، لكن الأفضل أن يسلم من الثنتين ثم يوتر بواحدة. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (291). (¬2) سورة الأعلى الآية 1 (¬3) سورة الكافرون الآية 1 (¬4) سورة الإخلاص الآية 1

س: الأخ: م. ف. ف، من السودان يسأل ويقول: هل في صلاة الشفع والوتر يجب أن نقرأ سورا معينة بعد سورة الفاتحة، أم أنه يجب ما تيسر من القرآن فقط؟ (¬1) ج: يشرع أن تقرأ ما تيسر، ولا يجب، الواجب الفاتحة فقط، أما ما زاد على الفاتحة فهو مستحب، تقرأ ما تيسر آيات أو سورا قصيرة أو طويلة، حسب ما تيسر لك في تهجدك في الليل، وفي النوافل في ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (165).

النهار، ليس في هذا شيء متعين، بل المتعين الفاتحة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬1)، أما ما زاد عليها فهو مستحب، وليس بمتعين والحمد لله، سواء كان سورة تقرؤها، أو تقرأ بعض الآيات. ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 2

س: الأخ: أ. أ، من حريملاء، سوداني يقول: هل يصح قراءة (المعوذتين) و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1) في الوتر؟ وهل القراءة سرية أم جهرية؟ (¬2) ج: إذا أوتر بالثلاث مستحب: (سبح) و: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬3) و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬4)، يعني في ختام التهجد، إذا صلى الثلاث الأخيرة؛ الأولى بـ: (سبح)، والثانية بـ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬5)، والثالثة بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬6)، هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، والسنة الجهر، لكن جهر لا يؤذي من حوله، إن كان حوله مصلون أو نيام أو قراء لا يؤذيهم جهرا خفيفا، أما إذا كان ما حوله أحد فلا بأس أن يجهر جهرا زائدا. ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1 (¬2) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (423). (¬3) سورة الكافرون الآية 1 (¬4) سورة الإخلاص الآية 1 (¬5) سورة الكافرون الآية 1 (¬6) سورة الإخلاص الآية 1

حكم صلاة الوتر لمن جمع المغرب والعشاء جمع تقديم

61 - حكم صلاة الوتر لمن جمع المغرب والعشاء جمع تقديم س: عندما نصلي المغرب والعشاء جمعا هل نصلي الوتر مباشرة،

أم لا؟ (¬1) ج: نعم، إذا صلى المسلمون العشاء مع المغرب جمعا للمطر أو الوحل، أو صلى المسلم العشاء مع المغرب للمرض أو للسفر فإنه يصلي بعدها الوتر، يصلي سنة المغرب، ثم يصلي سنة العشاء، ثم يصلي الوتر ويتهجد، وإن كان في البلد يصلي التراويح، إذا جمعوا لأجل مشقة المطر، أو الوحل والطين، إذا صلوا العشاء مع المغرب مقدما صلوا بعدها التراويح والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (382).

س: السائل: ع. ع. يقول: كنت في سفر، وصليت المغرب والعشاء جمع تقديم، ثم صليت الوتر بعد ذلك، ولم يكن وقت صلاة العشاء قد حان، بين المغرب والعشاء، فهل صلاة الوتر في هذا الوقت صحيحة؟ (¬1) ج: نعم، إذا صلى المسافر أو المريض المغرب والعشاء جمع تقديم دخل وقت الوتر بعد صلاة العشاء، ولو كان وقت المغرب باقيا، ما دام صلى المغرب والعشاء جمع تقديم في السفر، أو في المرض فإنه يوتر ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (435).

بعد ذلك ولو كان وقت المغرب باقيا.

حكم الإسرار والجهر في صلاة الوتر

62 - حكم الإسرار والجهر في صلاة الوتر س: هل صلاة الوتر القراءة فيها سرية أم جهرية؟ (¬1) ج: جهرية، إلا إذا صلاها في النهار، إذا فاته الليل وصلى في النهار بدلا من صلاة الليل يسر؛ لأن صلاة النهار سرية إلا صلاة الفجر، فإنها جهرية وصلاة الجمعة جهرية، وصلاة الكسوف والاستسقاء جهرية، أما صلاة الوتر إذا قضاها فإنه يقضيها غير جهرية، كما يصلي صلاة الضحى غير جهرية، ومثلها راتبة الظهر غير جهرية، والسنة قبل العصر غير جهرية، لكن لا يصلي وترا، إذا فاته وتره من الليل، بل يصلي شفعا، هذه السنة مثل ما كان يصلي خمسا بالليل، وفاته بسبب النوم يصلي ستا في النهار بثلاث تسليمات، وإذا كان وتره سبعا صلى أربع تسليمات، والحكم واحد للرجال والنساء، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام عن وتره من الليل، أو شغله عنه مرض صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (¬2)» وكان وتره في الغالب إحدى عشرة. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (226). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746).

س: هل يصلح أن يجهر بسورة الفاتحة وسورة بعدها في صلاة الوتر؟ (¬1) ج: السنة في صلاة الليل الجهر، في الوتر وغيره، ومن أسر فلا حرج، من جهر في الوتر وفي تهجده في الليل كان ذلك أفضل، كما يجهر في الأولى والثانية في العشاء، والأولى والثانية في المغرب، كل هذا مسنون مشروع، كان النبي يجهر عليه الصلاة والسلام وأصحابه يجهرون، فلا حرج في ذلك، لكن يكون جهرا لا يؤذي أحدا، إذا كان حوله مصلون أو حوله نيام لا يؤذيهم، بل يجهر جهرا لا يؤذي أحدا، وإذا كان سره أخشع لقلبه، وأقرب إلى تأثره بقراءته أسر، وإذا كان جهره أخشع لقلبه وأنفع له جهر، وبكل حال فالجهر مشروع والسر جائز، ولكن بشرط ألا يؤذي أحدا بالجهر. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (35).

حكم صلاة الوتر جماعة في غير رمضان

63 - حكم صلاة الوتر جماعة في غير رمضان س: مصري مقيم في حوطة بني تميم، يقول: ما حكم تأدية سنة الوتر بعد العشاء جماعة في غير رمضان؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (312)

ج: لا حرج في ذلك، إذا أدى الجماعة صلاة الوتر في غير رمضان، لكن لا يتخذ ذلك عادة، إذا اتفقوا أو اجتمعوا في بيت أحد أو في أي مكان، وصلوا جماعة فلا بأس، أما اتخاذه عادة كل ليلة، يجتمعون لأداء الوتر هذا ليس بمشروع، إلا في رمضان، لكن إذا زار بعضهم بعضا، وصلوا في جماعة هذا حسن إن شاء الله، مثلما زار سلمان أبا الدرداء، وصلى معه جماعة في الليل رضي الله عنهما (¬1) ومثلما زار النبي صلى الله عليه وسلم جدة أنس، فصلى بأنس جماعة والمرأة خلفهم، كل هذا لا بأس به؛ لأنه ليس بمعتاد، أما عند الصدفة والزيارة يصلونها جماعة، لا بأس، أما اتخاذها عادة في كل شهر، أو في كل يوم، أو كل أسبوع فهذا غير مشروع. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع، برقم (1968)

س: يقول: هل يجوز الوتر في جماعة؟ (¬1) ج: إذا تيسر لا بأس، لكن من غير ترتيب إذا تيسر، زارهم وصلوا جماعة وترا، أو زاروه لا بأس، قد زار سلمان رضي الله عنه أبا الدرداء في بعض الليالي، وصلوا جماعة، وزار النبي صلى الله عليه وسلم أنس ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (384).

ابن مالك وجدة أنس بن مالك رضي الله عنهم، وصلوا جماعة، فإذا كان عند الزيارات لا بأس، أو اجتمعوا ورأوا أن يصلوا ركعتين فلا بأس، أما اتخاذ هذا راتبا فهذا غير مشروع إلا في رمضان في التراويح.

حكم شهادة من لا يصلي الوتر

64 - حكم شهادة من لا يصلي الوتر س: يقول السائل: سمعت من إمام مسجد قريتنا أن من لم يصل الوتر لا تقبل له شهادة، هل هذا صحيح؟ (¬1) ج: ليس بصحيح؛ لأن الوتر ليس بواجب، بل سنة، يروى عن أحمد رحمه الله، أنه قال في هذا المعنى: إن من لم يواظب على الوتر لا تقبل له شهادة. لكن في هذه الرواية نظر، ولو صحت عن أحمد لا يجوز العمل بها؛ لأن أحمد عالم يقول مثل ما يقول غيره، ويخطئ ويصيب وليس رسولا، بل هو عالم من العلماء، وإذا قال هو أو غيره من العلماء: إن فلانا لا تقبل شهادته. ينظر، فإن كان قوله صوابا أخذ به، وإلا فلا، والوتر ليس بواجب، فإذا كان الرجل معروفا بالاستقامة وليس من الفساق، ولكنه لا يوتر فلا يكون فاسقا بذلك؛ لأن الوتر ليس بواجب، بل هو سنة على الصحيح، فشهادته مقبولة، إذا كان معروفا ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (255).

بالعدالة والصدق فشهادته مقبولة، ولو كان يعرف بترك الوتر.

مسألة في الوتر

65 – مسألة في الوتر س: السائل يقول: أفيدونا عن صلاة القنوت وعدد ركعاتها. ولعله يقصد الوتر. (¬1) ج: يقال عن صلاة الليل: صلاة الليل، صلاة التراويح. ما يقال: صلاة القنوت. القنوت دعاء يكون في الركعة الأخيرة يسمى قنوتا، الدعاء بعد الركوع في الركعة الأخيرة في الوتر يسمى قنوتا، ولا يقال له: صلاة القنوت. يقال: صلاة الليل، صلاة التراويح. المقصود صلاة الليل ليس لها حد محدود، إن أوتر بواحدة أو بثلاث أو بخمس أو بأكثر، لكن السنة أنه يسلم من كل ثنتين ثم يختم بواحدة، يوتر بواحدة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬2)» يعني ثنتين ثنتين، «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬3)» ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (351). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

س: تقول السائلة: ما كيفية قضاء الوتر في النهار إذا نام عنه صاحبه؟ لأنه بلغنا أن بعض العلماء يقول بقضاء الوتر. (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (255).

ج: السنة أن يقضى الوتر، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله مرض أو نوم عن وتره من الليل صلى من النهار، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله عن وتره مرض أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (¬1)» وكان وتره في الغالب إحدى عشرة ركعة، فإذا شغله عنه شاغل صلى ثنتي عشرة، زاد واحدة، هذا هو السنة، أنه يقضي من النهار، ولكن شفعا لا وترا، يزيده ركعة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كانت عادته في الليل ثلاث ركعات تسليمة واحدة صلى من النهار أربع ركعات تسليمتين، وإذا كانت عادته خمس ركعات صلى من النهار ست ركعات ثلاث تسليمات، وإذا كانت عادته سبع ركعات من الليل صلى من النهار ثماني ركعات أربع تسليمات، وهكذا، وإذا كانت عادته إحدى عشرة ركعة، كفعل النبي صلى الله عليه وسلم من النهار ثنتي عشرة ركعة ست تسليمات، وإذا كانت عادته ثلاث عشرة صلى من النهار سبع تسليمات أربع عشرة، هذا هو الأفضل، وهو سنة نافلة ليس بواجب. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746).

س: نويت أن أستيقظ في منتصف الليل لأصلي الوتر، وعندما

استيقظت مبكرا صليت قبل أن أصلي الوتر، لكن أخذني الوقت قبل أن أصلي الوتر فأذن الفجر، فهل أصلي الوتر بعد دخول صلاة الفجر، أو أصلي الفجر وأترك الوتر لما بعد الصلاة؟ (¬1) ج: إذا أذن الفجر ولم يوتر الإنسان أخره إلى الضحى، إلى الضحى بعد ارتفاع الشمس، ثم يصلي ما تيسر، يصلي ثنتين وثنتين، فإذا كانت عادته ثلاثا ولم يصلها صلاها الضحى أربعا تسليمتين، وإذا كانت عادته خمسا فلم يتيسر له فعلها في الليل صلاها ستا في ثلاث تسليمات، هكذا كان عليه الصلاة والسلام في الغالب؛ يوتر بإحدى عشرة، فإذا شغله المرض أو نوم صلاها من النهار ثنتي عشرة ركعة، هكذا قالت عائشة رضي الله عنها، يعني صلاها ثنتي عشرة ركعة، يعني ست تسليمات، يسلم في كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، هذا هو المشروع للأمة اقتداء به عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (158).

س: من فاته أن يصلي الوتر فهل يقضيه؟ ومتى يكون القضاء؟ وهل يقنت في القضاء؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (257).

ج: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله عن الوتر مرض أو نوم - كما قالت عائشة رضي الله عنها - صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة شفعا (¬1)» وليس فيه قنوت، فإذا نام عن الوتر، أو شغله شاغل سن له أن يقضي من النهار الضحى، هذا أفضل، وإن قضاه بعد الظهر فلا بأس، يصلي ركعتين ركعتين، ولا يوتر بل يشفع، فإذا كانت عادته خمسا صلى ست ركعات ثلاث تسليمات، وإذا كانت عادته سبعا صلى ثماني ركعات أربع تسليمات، وإذا كانت عادته إحدى عشرة ركعة، فعل النبي صلى الله عليه وسلم ثنتي عشرة ركعة كفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الغالب من وتره إحدى عشرة، وربما أوتر بثلاث عشرة، وربما أوتر بأقل من ذلك بتسع وسبع - صلى الله عليه وسلم - وخمس وثلاث، لكن الأكثر والأغلب كان يوتر بإحدى عشرة، ويسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة عليه الصلاة والسلام، هذا هو الأفضل، وهذا هو الأغلب من فعله صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان إذا فاته من الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة ست تسليمات، هذا هو الأفضل، وليس هناك قنوت، القنوت في الليل في الوتر، في الواحدة الأخيرة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746).

س: إذا أدركني وقت صلاة الفجر ولم أوتر بعد فمتى أصلي الوتر؟ (¬1) ج: إذا أدرك المؤمن وقت الفجر ولم يوتر فإنه يصلي من النهار، فإذا صلى الضحى كان أحسن، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته ورده من الليل لمرض أو نوم صلى من النهار، تقول عائشة رضي الله عنها: «صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (¬2)»؛ لأن ورده في الغالب إحدى عشرة ركعة، فإذا كان لم يفعل ذلك في الليل لمرض، أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، يعني جبره بواحدة، يعني زاد واحدة وصلى شفعا، يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، وإذا كانت عادة الإنسان خمسا صلى ستا في النهار، في الضحى أو بعد الظهر، لكن إذا صلاه في الضحى قبل الظهر يكون أولى وأفضل؛ لحديث عمر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من نام عن حزبه أو شيء منه، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل (¬3)» فإذا كان هذا حزبا من القرآن فإن حزبه من الصلاة، وعدده ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (241). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (747).

من الصلاة، إذا صلاها يكون قبل الظهر أفضل قياسا على حزبه من القرآن، وإن صلى ذلك بعد الظهر أدرك ذلك إن شاء الله.

س: يسأل ويقول: إنسان تعود على أن يصلي الوتر في آخر الليل، ولكن في بعض الأيام لا يستيقظ إلا أذان الفجر، فهل يصليها بعد الأذان أو متى؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: يصليها في النهار والحمد لله، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا شغله مرض أو نوم صلى من النهار، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان صلى الله عليه وسلم إذا شغله مرض، أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (¬2)» وكان وتره صلى الله عليه وسلم في الغالب إحدى عشرة ركعة، فإذا نام ولم يستيقظ، أو شغله مرض صلى من النهار ست تسليمات، ثنتي عشرة ركعة، والأفضل يكون في الضحى، هذا هو الأفضل، وإن صلاها بعد الظهر فلا بأس، وليس بواجب، هذا سنة مستحب. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (235). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746).

س: تقول السائلة: ما الحكم إذا تركت المرأة صلاة الوتر مع العشاء، على أمل أن تصليها عند قيام الليل، ولكنها أحيانا لا تقوم؟ فهل

يصح أن تصليها مع صلاة الفجر؟ علما بأنها تقدم الوتر، ثم السنة، ثم الفريضة للفجر؟ فهل هذا العمل صحيح؟ (¬1) ج: إذا فاتها قيام الليل وطلع الفجر تصلي من النهار بعد طلوع الشمس، تصلي الضحى ما فاتها من الورد من الليل، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته ورده من الليل لنوم، أو لمرض صلاه من النهار (¬2)» فالمرأة والرجل إذا ناما عن وردهما من الليل شرع لهما أن يصلياه من النهار قبل الظهر أفضل، وفي الحديث الصحيح: «من نام عن حزبه بالليل، ثم قضاه قبل الظهر فكأنما قرأه من الليل (¬3)» كما في حديث عمر رضي الله عنه، وهكذا إذا كان له ورد بالليل ثلاث ركعات، خمس ركعات، إحدى عشرة ركعة، ثم نام عنها أو مرض يصليها من النهار، وإذا تيسر أن يكون ذلك قبل الظهر كان أفضل وأكمل. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (403). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (747).

حكم من نسي الوتر وتذكره في اليوم الثاني

66 - حكم من نسي الوتر وتذكره في اليوم الثاني س: إذا نسيت أن أصلي صلاة الوتر، وتذكرتها اليوم الثاني فهل

أصليها، أم يجوز تركها؟ (¬1) ج: سنة فات محلها، إن ذكرتها في الضحى، صلها الضحى، أو بعد الظهر، وإن مضى اليوم فهي سنة فات محلها، ولا قضاء؛ لأنه بعد ذهاب اليوم الذي بعد ليلته. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (167).

حكم من نام عن الوتر ولم يستيقظ إلا بعد أذان الصبح

67 - حكم من نام عن الوتر ولم يستيقظ إلا بعد أذان الصبح س: إذا قمت في يوم متأخرا بعد أذان الصبح، وأنا لم أصل الوتر هل أصلي السنة أم الوتر؟ (¬1) ج: الوتر فات، تصلي من النهار ما يسر الله لك، فإذا كنت توتر بثلاث تصلي في النهار بتسليمتين، وإذا كانت عدد خمس ركعات تصلي في النهار ثلاث تسليمات ست ركعات، وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته وتره من الليل لمرض أو نوم صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة كما روي عن عائشة رضي الله عنها، وكان وتره في الغالب إحدى عشرة، فإذا فاته ذلك الوتر؛ إما لمرض أو نوم صلى من النهار ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (328).

ثنتي عشرة ركعة، أي زاد ركعة، ست تسليمات، هكذا السنة، إذا فاته ورده من الليل يصليه في النهار والحمد لله، وإذا قمت بعد طلوع الفجر، صل سنة الفجر، ثم الفجر والحمد لله.

حكم من نسي الوتر ولم يتذكر إلا بعد صلاة الظهر

68 - حكم من نسي الوتر ولم يتذكر إلا بعد صلاة الظهر س: هذه رسالة وصلت للبرنامج من مستمع يقول: من نام عن صلاة الوتر، ولم يذكر ذلك إلا بعد صلاة الظهر كيف يقضيها؟ (¬1) ج: يقضيها شفعا، «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته ورد من الليل لمرض أو نوم قضاه من النهار شفعا (¬2)» كما قالت عائشة رضي الله عنها، يعني إذا كانت عادته من الليل ثلاثا يصلي من النهار أربعا تسليمتين، وإذا كانت عادته في الليل يوتر بخمس صلى من النهار ستا، يسلم من كل ثنتين، وإذا كان عادته إحدى عشر - كالنبي صلى الله عليه وسلم - صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة ست تسليمات، كما كان النبي يفعله عليه الصلاة والسلام، هذا هو الأفضل، وإذا لم يتيسر الضحى وصلاه بعد الظهر فلا بأس، لكن الأفضل يكون قبل الظهر. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (391). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746).

الترغيب في المواظبة على الأعمال الصالحة

69 - الترغيب في المواظبة على الأعمال الصالحة س: أقوم أشهرا طويلة بالمواظبة على صلاة الوتر، وأصلي بالليل، ولا أترك سماع القرآن وقراءته والاستماع إلى الأشرطة الدينية، وتأتيني فترات أترك ذلك كله، أو لا أداوم عليه، وأتراخى قليلا في ديني وذلك بعد الولادة وانقطاعي عن الصلاة وقراءة القرآن فترة النفاس، ثم أصحو من غفلتي وأعود للمواظبة، فماذا أفعل حتى لا أترك المواظبة على ديني؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: هذا لا حرج فيه، لأنها نوافل، هذه لا حرج فيها، لكن نوصيك بالجد والمواظبة وسؤال الله العون والتوفيق في جميع الأحوال؛ حتى لا يكون لك فترة، جاهدي وإلا فالإنسان محل النقص، ولكل شرة فترة، لكن الإنسان يجاهد، المؤمن يجاهد نفسه، والمؤمنة كذلك في لزوم الأعمال الصالحة والاجتهاد في أعمال الخير، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «إن أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل (¬2)» فالمداومة على فعل الخير من الوتر في الليل، والإكثار من قراءة القرآن والنوافل والتسبيح ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (364). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب الجلوس على الحصر ونحوه، برقم (5862)، ومسلم في كتاب الصيام، باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان واستحباب ألا يخلي شهرا عن صوم، برقم (1958) واللفظ له.

والتهليل والتحميد، كل هذا مطلوب، فالمشروع للمؤمن والمؤمنة العناية بهذا الأمر والاستمرار فيه، والإكثار منه، وإذا عرض بعض الفترات بعض النقص فلا حرج في ذلك؛ لأنها كلها نوافل، والحمد لله.

بيان معنى القنوت

70 - بيان معنى القنوت س: تقول السائلة: ما هو القنوت؟ أي: ما معنى القنوت؟ (¬1) ج: القنوت له معان منها مواد الطاعة والخشوع، ومنها السكوت، لكن ورد في الوتر أن يأتي بدعوات بعد الوتر، علمها النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما إذا رفع من الركوع في الركعة الأخيرة التي يوتر بها، يقول بعد الركوع وبعد الذكر المشهور: ربنا ولك الحمد، إلى آخره. يقول: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت (¬2)» «اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (35). (¬2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178).

من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك (¬1)» هذا المشروع في قنوت الوتر سواء أوتر في أول الليل أو أوسطه أو آخره، وهذا علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما، قال: «أعلمك كلمات تقولهن في قنوت الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت (¬2)» هذا نهاية خبر الحسن. وزاد في رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في وتره: «اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك (¬3)» وإن زاد دعوات أخرى غير طويلة فلا بأس. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، حديث رقم (486). (¬2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، حديث رقم (486).

حكم القنوت في الوتر

71 - حكم القنوت في الوتر س: السائل: س. أ. يقول: ما حكم القنوت في صلاة الوتر، وهل

يجب علي شيء إذا تركته؟ (¬1) ج: مستحب وليس بواجب، من تركه فلا بأس، ومن فعله فهو مستحب. ¬

_ (¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (387).

س: ما حكم قراءة دعاء القنوت في كل ليلة بعد الوتر؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك، دعاء القنوت سنة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت، وقد علم الحسن القنوت وكلمات القنوت في الوتر، فهو سنة، فإذا قنت في ليلة فلا بأس، وإن تركت في بعض الأحيان حتى يعلم الناس أنه ليس بواجب فهذا لا بأس به، إذا ترك الإمام القنوت بعض الأحيان ليعلم الجماعة أنه ليس بواجب هذا لا بأس به، وإذا استمر فلا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم لما علم الحسن القنوت ما قال له: عه في بعض الأحيان؛ فدل ذلك على أنه إذا استمر فيه المسلم فلا حرج. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (29).

س: هل من لوازم صلاة الوتر القنوت؟ وهل ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى الوتر بدون قنوت؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (19).

ج: ليس من اللوازم القنوت، القنوت في الوتر مستحب، فالوتر مستحب والقنوت مستحب، وقد علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي، فهو مستحب وليس بفرض، ولا نعلم أنه صلى الله عليه وسلم داوم على القنوت، كما لا نعلم أنه تركه تارة وفعله تارة، لكن فعله الصحابة تارة وتركوه تارة، أبي بن كعب رضي الله عنه لما أم الناس في عهد عمر كان يتركه تارة ويفعله تارة، فلا حرج في تركه لأنه نافلة، إذا تركه بعض الأحيان فلا بأس.

حكم الزيادة على دعاء القنوت في رمضان

72 - حكم الزيادة على دعاء القنوت في رمضان س: هل دعاء القنوت في رمضان محدد بدعاء معين أم تجوز الزيادة فيه؟ وما هو الأفضل في دعاء القنوت وخصوصا في رمضان؟ (¬1) ج: دعاء القنوت على ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث الحسن رضي الله عنه: «اللهم اهدني فيمن هديت (¬2)» ويدخل فيه من الدعوات الطيبة ما يناسب كما كان عمر رضي الله عنه وأرضاه يقنت ¬

_ (¬1) السؤال السادس والخمسون من الشريط رقم (430). (¬2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178).

ويقول: «اللهم إنا نستعينك ونستهديك (¬1)» وكما كان يقنت في النوازل إذا دعا بدعوات مع: اللهم اهدنا فيمن هديت. كله حسن إن شاء الله، كما جرى للسلف رضي الله عنهم. ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، باب القنوت، حديث رقم (4978) (3/ 114).

س: تقول السائلة: ش. ع، من جدة: ما حكم دعاء القنوت في الوتر، هل هو واجب يوميا؟ (¬1) ج: مستحب وليس بواجب، دعاء القنوت في النوازل وفي الوتر مستحب فقط، وإذا تركه بعض الأحيان فحسن. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (430).

بيان محل القنوت

73 - بيان محل القنوت س: هل دعاء القنوت بعد الركعة الأخيرة أم قبلها؟ (¬1) ج: السنة في الركعة الأخيرة بعد الركوع ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (217).

بيان الحالات التي يشرع فيها القنوت وحكم الزيادة فيه

74 - بيان الحالات التي يشرع فيها القنوت، وحكم الزيادة فيه س: ما هي الحالات التي يجوز فيها دعاء القنوت وما صيغته؟ وهل

تجوز الزيادة عليه؟ (¬1) ج: دعاء القنوت يشرع في الوتر كل ليلة، لقد جاء في حديث الحسن بن علي رضي الله عنه بيانه وهو: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني برحمتك شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت (¬2)» وفي حديث آخر لعلي رضي الله عنه زيادة: «اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك (¬3)» وإذا دعا بزيادة فلا بأس، إذا دعا بدعوات طيبة بزيادة كله طيب، هذا قنوت الوتر، يسمى قنوت الوتر في الركعة الأخيرة الواحدة التي يوتر بها بعدما يرفع من الركوع، يرفع يديه ويقنت هذا القنوت، ويدعو بما يسر الله له من الدعاء، ويسمى قنوتا أيضا في النوازل كلها إذا نزل بالمسلمين نازلة، تعدى عليهم العدو، أو حصل عليهم شدائد فيدعون الله بتفريجها وإزالتها في الصلوات؛ الظهر ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (332). (¬2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، حديث رقم (486).

والعصر والمغرب والعشاء والفجر، أو في بعضها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب إذا نزل به أمر قنت في الفجر، وربما قنت في الفجر والمغرب جميعا، وربما قنت في الصلوات الخمس كلها، وكان يقنت في المدينة، يدعو على كفار قريش لما أخرجوه وآذوه، ويدعو للمستضعفين من المسلمين في مكة أن الله يخلصهم من شر عدوهم وينجيهم، ولما تعدى بعض الأعراب على جماعة من أصحابه قنت يدعو عليهم شهرا عليه الصلاة والسلام.

بيان الدليل على مشروعية القنوت في الوتر

75 - بيان الدليل على مشروعية القنوت في الوتر س: هل للقنوت في الوتر على الطريقة المعروفة أصل؟ وما هو الدليل؟ (¬1) ج: نعم القنوت سنة في الوتر من الليل، وعلمه النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنه، وتعليم النبي صلى الله عليه وسلم لشخص من الصحابة تعليم للأمة كلها - عليه الصلاة والسلام - فالقنوت سنة فينبغي للمؤمن إذا صلى الركعة الأخيرة الواحدة إذا رفع رأسه من الركوع أن يرفع يديه ويقنت، يدعو: اللهم اهدني فيمن هديت ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (165).

وما يتيسر معه من الدعاء، ثم يسجد، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وكما فعله الصحابة.

س: سائل يقول: هل دعاء القنوت في الوتر واجب؟ (¬1) ج: دعاء القنوت مستحب ليس بواجب، فلو أوتر ولم يقنت فلا بأس، لكن كونه يقنت مستحب. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (28).

بيان حكم الإيتار بثلاث ركعات

76 - بيان حكم الإيتار بثلاث ركعات س: أعرض عليكم عملي هذا، وأرجو أن توجهوني، إنني أصلي العشاء، ثم أصلي بعده ركعتين، ثم أصلي ركعتين بتسليمة واحدة، ثم أصلي ركعة وأرفع يدي وأدعو بصوت مرتفع قليلا، هل ما أفعله صحيح؟ (¬1) ج: نعم، كله صحيح وطيب، لكن الصوت مثل ما تقدم إذا كان ما عندها رجا أجنبي فلا بأس، ارفعي الصوت بقدر ما ينشرح صدرك له ويحصل به النشاط وحركة القلب والخشوع، أما إذا كان عندك أجانب فخفضه أفضل. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (227).

بيان حكم الاستمرار على القنوت في الوتر كل ليلة

77 - بيان حكم الاستمرار على القنوت في الوتر كل ليلة س: سمعت أن القنوت ليس ضروريا أداؤه باستمرار في صلاة الوتر إلا أنني أرتاح في أدائه؟ فهل يجوز ذلك أم لا؟ (¬1) ج: القنوت ليس بواجب، بل هو مستحب، فإذا تركه المؤمن أو المؤمنة بعض الأحيان فلا بأس، ولكن استعماله دائما أولى وأفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علم ابن بنته الحسن بن علي رضي الله عنهما ذلك، علمه أن يقول في الوتر ولم يقل له: في بعض الأحيان، بل علمه ما يدل على أنه يلزمه ويفعله في جميع الأوقات، وأن يقول: «اللهم اهدني فيمن هديت (¬2)» إلى آخره. يكون الإنسان يأتي بالقنوت في الوتر في السنة كلها، هذا طيب على أصح أقوال العلماء، ولا بأس، وإن ترك بعض الأحيان فلا حرج، المقصود أنه سنة ليس بواجب، والمحافظة عليه دائما أفضل وأولى في ظاهر حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما، والصحابة يفعلونه تارة ويتركونه تارة رضي الله عنهم، فالأمر واسع بحمد الله، لكن المحافظة عليه في ظاهر الحديث الصحيح أولى وأفضل. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (265). (¬2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178).

بيان محل القنوت وحكم من تركه

78 - بيان محل القنوت وحكم من تركه س: أنا عندما أصلي الشفع وأوتر في بعض الأحيان لا أدعو بعد الركوع من الوتر، فقط أسجد ثم أسلم، هل صلاتي صحيحة أم أن هناك غير ذلك؟ وهل يجوز لي أن أدعو بعد التشهد من الوتر بدلا من كوني أدعو بعد الركوع؟ أفتوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: القنوت مستحب في الوتر وليس بواجب، لكن يستحب لمن حفظه أن يقنت في الوتر بعد الركوع في الركعة الأخيرة الواحدة التي يوتر بها في أول الليل أو في آخره، يقنت بقوله: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت ... (¬2)» إلخ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم علمه ابن بنته الحسن رضي الله عنه، وتعليم النبي للواحد تعليم للجميع، فإذا تيسر ذلك فهو أفضل وإلا فلا حرج والحمد لله، هذا كله ليس بواجب، وإذا دعا الإنسان بعد التشهد قبل أن يسلم فهذا مستحب، الدعاء في آخر التحيات قبل أن يسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم علم الصحابة لما علمهم التشهد قال صلى الله عليه وسلم: «ثم يتخير من ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (303). (¬2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178).

الدعاء أعجبه إليه فيدعو (¬1)» وفي اللفظ الآخر: «ثم يتخير من المسألة ما شاء (¬2)» وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو في صلاته في آخر التحيات قبل أن يسلم بعد التشهد وبعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يدعو، ويستحب أنه يقرأ التحيات ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يتعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال ثم يدعو بما يسره الله من الدعوات الطيبة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل: «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (¬3)» «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (¬4)» هذا دعاء عظيم، كذلك الدعاء مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402). (¬3) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، برقم (21621)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1522) والنسائي في كتاب السهو، باب نوع آخر من الدعاء، برقم (1303). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب خفض الصوت بالذكر، برقم (2705).

فتنة الدنيا ومن عذاب القبر (¬1)» كل هذا قبل السلام، مستحب قبل أن يسلم، يجتهد في الدعاء، ومن أفضل ذلك ما تقدم: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. للرجل والمرأة: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بالله من الجبن، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا ومن عذاب القبر. ومن الدعاء أيضا في آخر الصلاة قبل السلام: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت. كل هذا حسن، دعوات في آخر الصلاة قبل السلام، وأما القنوت فهو مستحب في الوتر في الركعة الأخيرة بعد الركوع، وإن ترك ذلك فلا حرج عليه. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب التعوذ من فتنة الدنيا، برقم (6390).

بيان معنى الاعتداء في الدعاء

79 - بيان معنى الاعتداء في الدعاء س: يقول السائل: سماحة الشيخ حفظكم الله، ما معنى الاعتداء في

الدعاء وما أمثلته (¬1)؟ ج: الاعتداء أن يدعو بدعاء غير جائز، ومنه رفع الصوت الذي ليس بمشروع في غير القنوت، كونه يدعو بينه وبين نفسه هذا هو الأفضل، أما القنوت الذي يرفع صوته لأن وراءه المأمومين يسمعون، أما إذا كان وحده فالسنة خفض الصوت بالدعاء، والدعاء بالدعوات الطيبة، أما أن يدعو دعاء ما يجوز هذا من الاعتداء، مثل أن يقول: اللهم افعل بفلان، اللهم اقتل فلانا، اللهم أفقره، اللهم سلط عليه - بغير حق - هذا من الاعتداء. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والخمسون من الشريط رقم (430).

مسألة في سنية القنوت في الوتر والنوازل

80 - مسألة في سنية القنوت في الوتر والنوازل س: الأخ: ح. م. ع. د، من اليمن الشمالي، يسأل عن القنوت يقول: إن البعض يقنت لدينا في اليمن الشمالي، والبعض الآخر يقول: إنه بدعة، ما هو القول الراجح في هذا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: القنوت السنة أن يكون في الوتر، وهكذا في النوازل إذا نزل بالمسلمين نازلة، مثل نزول الكفار على إخواننا المسلمين هذا يقنت لهم بالدعاء أن الله يعينهم، وأن الله يمنحهم التوفيق، وأن الله يسدد ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (124).

سهامهم، وأنه ينصرهم على عدوهم، يدعى على الأعداء بأن الله يهزم جمعهم، ويشتت شملهم، هذا يقال له قنوت النوازل، كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم على قريش لما صدته عن البيت، ودعا على قبائل من الكفار قتلوا بعض المسلمين، هذا لا بأس به، أما قنوت الداعي في الصبح هذا الذي ينبغي تركه؛ لأن الأصل عدم شرعيته، وإنما القنوت في صلاة الوتر أو في النوازل، هذا هو المعروف، والحجة في ذلك ما ثبت عن سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي رحمه الله أنه قال: «قلت لأبي: يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون الفجر؟ فقال: أي بني محدث (¬1)» أخرجه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح. فأخبر طارق أنه محدث والمحدث بدعة، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا بأس في ذلك، واحتجوا بآثار وردت في ذلك أن النبي ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241).

صلى الله عليه وسلم قنت في الصبح، ولكنها آثار ضعيفة، ولو صحت لكانت محمولة على القنوت في النوازل لا دائما، وهذا هو الأرجح، لكن لو صليت مع إنسان يقنت فلا بأس لأنه متأول، واتبع جماعة من الأئمة رأوا ذلك، فإذا صليت معه فلا حرج في أن تقنت معه؛ لأنه له شبهة، ولأن له قولا من أقوال العلماء قد اتبعه وأخذ به فله شبهة، إذا قنت وصليت معه فلا حرج، ولكن ينصح هذا الإمام أنه لا يقنت إلا في النوازل.

حكم التأمين على دعاء القنوت المسجل أثناء صلاة الوتر

81 - حكم التأمين على دعاء القنوت المسجل أثناء صلاة الوتر س: إذا قمت الليل ووصلت إلى الوتر، هل يجوز أن أستمع إلى القنوت المسجل على أحد الأشرطة لأحد الأئمة، وأؤمن عليه وأنا في أثناء تأدية الوتر؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: السنة لك أن تقنت أنت، لا تسمع الشريط، تقنت أنت إذا يسر الله بما تيسر من الدعوات ولو قليلة، يكفي والحمد لله، والقنوت ليس بلازم، لو أوترت من دون قنوت لا بأس وإن قنت بكلمات قليلة: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (344).

لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت. كفى، وإن زدت: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. أو زدت غير ذلك فلا بأس مما يقنت به إخوانك المسلمون، المقصود إذا دعوت بدعوات طيبة في القنوت مختصرة كفى، أما أن يعتمد الإنسان على شريط مسجل يستمع إليه فلا ينبغي هذا.

حكم مسح الوجه بعد دعاء القنوت

82 - حكم مسح الوجه بعد دعاء القنوت س: هل من السنة الدعاء بعد الصلاة والمسح على الوجه؟ لأنني أرى بعض الناس يفعلون ذلك، وما حكم هذا العمل بعد القنوت؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ورد في مسح الوجه أحاديث فيها ضعف حسنها جماعة من أهل العلم منهم الحافظ ابن حجر، قال: إن طرقها يشد بعضها بعضا، وإنها حسنة. فإن مسح فلا بأس، أما الأحاديث الصحيحة فليس فيها مسح، وقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة واستسقى ولم يمسح، وكذلك استسقى في صلاة الاستسقاء ولم يمسح، ولم ينقل أنه مسح ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (344).

عليه الصلاة والسلام، وإن ترك فهو أفضل، وإن مسح فلا حرج إن شاء الله؛ لأن الأحاديث مجموعها حسن كما قال الحافظ ابن حجر.

حكم قول اللهم إنا نسألك بعزك الذي لا يرام في القنوت

83 - حكم قول: " اللهم إنا نسألك بعزك الذي لا يرام ... " في القنوت س: السائل: ع. ع، يقول في سؤاله: كثيرا ما يردد في أدعية أئمة المساجد قولهم في دعاء القنوت: اللهم إنا نسألك بعزك الذي لا يرام، وبركنك الذي لا يضام، وبنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات. فهل هذا الدعاء جائز بهذه الصيغة (¬1)؟ ج: لا بأس؛ فإن ركنه لا يضام، وعزه لا يرام، كل الناس عزهم دون عزه سبحانه وتعالى، كلهم ضعفاء لديه، وهو القادر على كل شيء سبحانه وتعالى، ونور وجهه أشرقت له الظلمات، له نور السماوات والأرض، سبحانه وتعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (¬2) هو الذي نورهما، وأقام الشمس وأقام القمر نورا للعباد، وكل شيء من عنده جل وعلا، فهو منورهما، وهو مسخر الشمس والقمر ومسخر النجوم، هو الذي أعطانا مادة النور سبحانه وتعالى السراج الذي ننور به المادة التي ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (389). (¬2) سورة النور الآية 35

تجعل في السراج حتى ينور، كل هذا من فضله سبحانه وتعالى، فهو الذي نور العباد، ويسر لهم الأرزاق، وهو الذي بيده تصريف الأمور جل وعلا، فلا يضام عزه ولا ملكه سبحانه وتعالى، وهو القاهر فوق عباده، وكلهم تحت قهره، وكلهم تحت قدرته، وكلهم تحت عزه سبحانه وتعالى، وكلهم في قبضته.

بيان معنى عبارة ولا تجعل مصيبتنا في ديننا

84 - بيان معنى عبارة " ولا تجعل مصيبتنا في ديننا " س: في دعاء القنوت يقول مثلا الإمام: ولا تجعل مصيبتنا في ديننا. كيف تكون المصيبة في الدين (¬1)؟ ج: إذا نزل بالمسلمين ما يضرهم صارت مصيبة في الدين إذا نزل به ما يضره في دينه، لتسليط الأعداء عليه، أو ابتلائه بالمعاصي والشرور، أو بالردة عن الإسلام - نسأل الله العافية - هذه المصيبة في الدين، إما أن يبتلى بولاة سوء، أو بكفرة يصدونه عن دينه، أو بهوى وشهوة تصده عن دينه، أو بجلساء سوء يصدونه عن دينه، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (379).

حكم رفع اليدين في دعاء القنوت

85 - حكم رفع اليدين في دعاء القنوت س: في أدائي لصلاة الوتر فإنني عند دعاء القنوت أرفع يدي، فهل هذا الرفع يجوز أم لا (¬1)؟ ج: نعم، مستحب رفع اليدين في القنوت، مستحب فلا بأس به في حق الرجل والمرأة جميعا. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (265).

حكم من نسي القنوت في الوتر

86 - حكم من نسي القنوت في الوتر س: يقول السائل: في بعض الأحيان أنسى قراءة دعاء القنوت في صلاة الوتر، فهل أكمل الصلاة أم أصليها مرة أخرى (¬1)؟ ج: ليس بلازم، دعاء القنوت مستحب، لو رفع رأسه من الركعة الأخيرة الوتر ثم سجد ولم يقنت فلا بأس، القنوت مستحب فقط، ليس بلازم، ولو فعله بعض الأحيان وتركه بعض الأحيان فلا بأس، القنوت مستحب وليس بواجب. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (416).

س: ما حكم من نسي القنوت في صلاة الوتر، وسجد قبل أن يدعو به، وهل يجبره سجوده السهو (¬1)؟ ج: ليس عليه شيء، من نسي قنوت الوتر فلا شيء عليه، ولا يلزمه سجود السهو، وإن سجد فلا بأس، ولكن لا يلزمه؛ لأن قنوت الوتر مستحب وليس بواجب، وإذا تركه بعض الأحيان عمدا فلا بأس كما فعله الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فالأمر في هذا واسع والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (72).

بيان مشروعية القنوت في الصلوات الخمس عند النوازل

87 - بيان مشروعية القنوت في الصلوات الخمس عند النوازل س: هل القنوت بسبب النوازل يجوز في الظهر والعصر، وهل يكون جهرا (¬1)؟ ج: نعم، القنوت في النوازل يجوز في جميع الأوقات الخمسة، قد قنت الرسول صلى الله عليه وسلم في الأوقات الخمسة في النوازل، والغالب أنه يقنت في الفجر والمغرب عليه الصلاة والسلام، فإذا قنت في الفجر كفى، أو في الفجر والمغرب كفى، وإن قنت في الجميع فلا بأس، والنوازل هي ما يصيب المسلمين من الحروب التي تضرهم، فقد ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (329).

قنت النبي صلى الله عليه وسلم على أحياء من العرب تعدوا على المسلمين، قنت عليهم شهرا يدعو عليهم ثم ترك، وقد كان يقنت قبل الفتح يدعو على أشخاص من أهل مكة، ويدعو للمستضعفين في مكة عليه الصلاة والسلام، فالقنوت في النوازل مشروع في جميع الأوقات، ولكن إذا خص من ذلك المغرب والفجر فهذا هو الغالب من فعله عليه الصلاة والسلام.

بيان حكم دعاء القنوت في صلاة الصبح والوتر

88 - بيان حكم دعاء القنوت في صلاة الصبح والوتر س: إن أناسا يدعون بدعاء القنوت في الركعة الثانية من الصبح، وأناس آخرون يدعون في الركعة الثالثة من الوتر؛ لأنهم يصلون الوتر ثلاثا، ولكنهم يقولونه بعد الرفع من الركوع، فمن هم الذين على الطريق الصحيح؟ نرجو إفادتنا (¬1) ج: الوتر مشروع، ويشرع فيه القنوت، ومحله ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر - يعني جميع الليل من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر - هذا محل الوتر، فإذا صلى واحدة ورفع من الركوع شرع له أن ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (105).

يدعو بقنوت: اللهم اهدنا فيمن هديت ... إلخ. وإن صلى ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك فإنه يصلي الركعة الأخيرة وحدها ويسلم في كل ثنتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬1)» فإذا خشي طلوع الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى، فيصلي ركعتين ركعتين ويسلم، ثم إذا أراد النهاية صلى واحدة قبل الصبح يقرأ فيها الفاتحة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬2) ويقرأ معها: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3) هذا هو الأفضل، وإن قرأ بعد الفاتحة غير: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬4) فلا بأس، لكن الأفضل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬5) ثم يركع، ثم يرفع بعد ذلك فيقول: سمع الله لمن حمده إذا كان إماما أو منفردا، ربنا ولك الحمد، ثم يقنت: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني ... إلخ. وإن كان إمام جماعة قال: اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا ... إلخ. أما الفجر فلا يشرع فيها القنوت إلا لعلة، لنازل من النوازل في الفجر، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت فيها وفي غيرها من الفرائض ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (¬2) سورة الفاتحة الآية 2 (¬3) سورة الإخلاص الآية 1 (¬4) سورة الإخلاص الآية 1 (¬5) سورة الإخلاص الآية 1

في النوازل إذا وقع عدوان من بعض الناس على المسلمين، أو حصروا بلاد المسلمين، كان النبي يقنت في الفرائض يدعو عليهم، والغالب أنه يقنت في الفجر في الركعة الأخيرة بعدما يرفع رأسه من الركوع، يقنت ويدعو على العدو، وقد فعل هذا كثيرا عليه الصلاة والسلام، وربما استمر شهرا، وربما استمر أربعين يوما، وربما كان ذلك أقل، ثم يمسك ولا يستمر، فإذا دعا الإنسان أو المسلمون في صلاة الفجر أو غيرها في الركعة الأخيرة بعد الركوع، إذا دعوا للمسلمين مثل المجاهدين دعوا لهم بالنصر وعلى عدوهم بالهزيمة فلا بأس، لكن لا يستمر تارة وتارة حتى يحصل النصر، أما ما يفعله بعض الناس من الاستمرار في القنوت في الفجر دائما دائما ولو من دون نزول نازلة فهذا مكروه ولا ينبغي، بل هو بدعة على الصحيح من أقوال العلماء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله بصفة مستمرة، وإنما كان يفعله للأسباب التي ذكرنا، وهي وجود نازلة تنزل بالمسلمين تضرهم، ويدل على هذا المعنى ما ثبت في الحديث الصحيح في رواية سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي رحمه الله عن أبيه رضي الله عنه أنه قال لأبيه طارق: «يا أبت، صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وخلف عمر وخلف عثمان وخلف علي رضي الله عنه. قال: أكانوا يقنتون

الفجر؟ فقال له أبوه: أي بني، محدث (¬1)» أي بني: يعني يا بني، محدث: يعني القنوت محدث في الفجر، يعني من غير النوازل، قد رواه أحمد رحمه الله في مسنده والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم بإسناد صحيح عن سعد بن طارق الأشجعي. فهذا الحديث الصحيح حجة ظاهرة على عدم شرعية القنوت في الفجر بصفة مستمرة، وإنما يشرع في الفجر وغيرها إذا وجد أمر نازل بالمسلمين فلا بأس أن يدعى، بل يشرع أن يدعى بين وقت وآخر، هذا هو المشروع، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يستحب في صلاة الفجر مطلقا، وهو قول له شبهة في قنوت النبي صلى الله عليه وسلم في النوازل فظنوا أنه يستحب دائما، وتعلقوا بأحاديث ضعيفة جاءت فيه، أنه لم يزل يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا، ولكنها أحاديث ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فظنها من ظن أنها صحيحة فعمل بها فينبغي ترك ذلك؛ لأن حديث سعد بن طارق عن أبيه صحيح صريح في ذلك، فينبغي للأمة في مثل هذا ألا يفعلوه إلا بصفة خاصة في النوازل. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241).

حكم المداومة على القنوت في الوتر

89 - حكم المداومة على القنوت في الوتر س: يقول هذا السائل في سؤاله: ما هو حكم دعاء القنوت، وهل يجب أن يواظب عليه في صلاة الوتر أم لا، وكذلك حكمه في صلاة الفجر (¬1)؟ ج: القنوت مستحب في صلاة الوتر وليس بواجب، قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال للحسن بن علي أن يقنت في وتره، بقوله: «اللهم اهدنا فيمن هديت (¬2)» إلى آخره. فالقنوت مستحب وليس بواجب، فلو أوتر ولم يقنت فلا شيء عليه، أما قنوت الفجر فلا يستحب وليس بمشروع إلا إذا كان للنوازل؛ لما ثبت عن سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي أنه قال لأبيه: «يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (¬3)» لكن ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قنت في النوازل في الفجر وفي غيرها، إذا نزل ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (397). (¬2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178). (¬3) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241).

بالمسلم نازلة عدو قنت يدعو على العدو بعد الركوع في الركعة الأخيرة في الفجر وغيرها، يدعو على المشركين إذا آذوا المسلمين، قتلوهم أو قاتلوهم، فقد دعا على جماعة كثيرة من أهل الشرك، وقنت على قوم شهرا يدعو عليهم، فالقنوت في النوازل أمر مشروع ضد الكفار المعتدين، أما أن يقنت الفجر من دون حاجة ومن دون وجود نوازل لا، فلا يشرع هذا، هذا هو الصحيح، والنوازل هي ما ينزل بالمسلمين من العدو، لعدو حاصر بلد المسلمين، أو يقاتلهم، هذا يدعى عليهم في الصلوات بعد الركعة الأخيرة بعد الركوع، يدعو عليه ولي الأمر، يأمر عليهم أن يدعو عليه في المساجد والمأمومون يؤمنون: اللهم اقتلهم، اللهم اكفنا شرهم، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك. بالدعوات التي مضمونها الدعاء بالنصر للمسلمين والهزيمة للكافرين.

حكم القنوت في صلاة الفجر وحكم الصلاة خلف من يفعله

90 - حكم القنوت في صلاة الفجر وحكم الصلاة خلف من يفعله س: السائل يقول: ما حكم الإسلام في القنوت في صلاة الفجر؟ وهل تجوز الصلاة خلف الأئمة الذين يقنتون؟ وبم نرد على من يقول: إن ذلك هو مذهب الشافعي، حيث يتهموننا بأننا نبدع الشافعي (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (207).

ج: الخلاف مشهور في القنوت، بعض أهل العلم رأى أنه يستحب في صلاة الفجر دائما، وبعض أهل العلم قال: لا يستحب إلا في النوازل، إذا حدث حادث بأن قامت حرب ضد المسلمين يقنت المسلمون في الصلاة يدعون على العدو الذي حدث ضرره على المسلمين كما قنت النبي في النوازل؛ فإنه قنت صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو على رعل وذكوان، فريق من العرب اعتدوا على بعض أصحابه عليه الصلاة والسلام، فالقنوت في النوازل سنة مشهورة معروفة. أما القنوت في الفجر دائما فالأفضل تركه؛ لأنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصديق وعمر وعثمان وعلي أنهم كانوا لا يقنتون في الفجر. قال سعد بن طارق الأشجعي: «قلت لأبي: يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (¬1)» فهذا يدل على أن السنة تركه إلا من حادث، إذا حدث حادث من الحوادث فهذا يقنت في النوازل، أما الاستمرار فالأفضل تركه، والأولى تركه لهذا الحديث الصحيح، ومن قنت من الأئمة في الفجر كالشافعية وغيرهم ممن قنت في الفجر فقد احتجوا بأحاديث ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241).

وردت في ذلك أنه قنت في الصبح عليه الصلاة والسلام، مثل حديث أنس وأنه داوم على ذلك، ولكنها أحاديث ضعيفة، التي فيها المداومة ضعيفة، وإنما قنت في النوازل في الفجر وغيره عليه الصلاة والسلام، وهذا هو المعتمد والأفضل ألا يقنت في الفجر إلا في النوازل، وهكذا في المغرب والعشاء في النوازل، وفي الظهر والعصر في النوازل. أما الدوام على قنوت الفجر فالأولى تركه، الذي ينبغي تركه لحديث سعد بن طارق الذي سمعت، وإذا صليت مع أناس يقنتون فلا حرج لأنهم قد تبعوا بعض الأئمة، ولهم شبهات في بعض الأحاديث التي فيها ذكر القنوت، فالأمر في هذا واسع إن شاء الله، إلا أن تركه هو الأولى، وهو الذي ينبغي عملا بالحديث الصحيح الذي سمعت وهو أنه محدث، يعني الاستمرار، أما فعله للنوازل فلا بأس، ويعلمون أن هذا ليس تبديعا للشافعيين ولكن من باب تحري الأرجح من الأقوال؛ لأن من قال: إنه بدعة، احتج بحديث طارق بن أشيم الأشجعي. ومن زعم أنه سنة ومستحب احتج بأحاديث أخرى فيها ضعف، والأخذ بالشيء الثابت الصحيح أولى وأحق عند أهل العلم مع عدم التشنيع على من قنت، فإن هذه المسألة مسألة خفيفة لا ينبغي فيها التشنيع والنزاع، وإنما يتحرى فيها الإنسان ما هو الأفضل والأقرب للسنة.

بيان حكم القنوت في صلاة الفجر

91 - بيان حكم القنوت في صلاة الفجر س: يقول السائل: ما حكم القنوت في صلاة الفجر (¬1)؟ ج: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء، والأحاديث التي يذكرها بعض العلماء بأنه كان يقنت في الفجر ضعيفة، وقد حملها ابن القيم لو صحت أن المراد بذلك طول الوقوف، يعني القنوت طول القيام، وأنه صلى الله عليه وسلم كان يطيل وقفته بعد الركوع بعض الشيء في الركعة الأخيرة من الفجر، ولكن الأحاديث ضعيفة وإنما كان يقنت في الوتر في قنوت الوتر. وهكذا كان يقنت في النوازل إذا نزلت نازلة يقنت في الصبح وفي غيرها، إذا نزل مثلا حرب على المسلمين أو ناس تعدوا عليهم مثل قطاع الطريق أو غير ذلك شرع القنوت في الفجر وفي غيرها. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (288).

حكم المداومة على القنوت في الفجر

92 - حكم المداومة على القنوت في الفجر س: يقول السائل: هل من السنة المداومة على القنوت في صلاة الفجر (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (247).

ج: السنة في صلاة الفجر عدم القنوت، لا ينبغي القنوت، لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم القنوت في صلاة الفجر، وإنما كان القنوت في الوتر خاصة في الليل، لكن يستحب القنوت في النوازل خاصة، إذا نزل بالمسلمين نازلة، فإن المسلمين إذا حدثت حادثة دعوا على المتسبب وقنتوا في مساجدهم في المغرب والفجر وغيرهما، وأجاب الله دعوتهم، وشتت شمل الأعداء، وأرغم أنوفهم بحمده وفضله، فنسأل الله أن يمن على المسلمين بشكر نعمته سبحانه وتعالى، وأن يوفق المسلمين بالقيام بحقه والثبات على دينه، والاستقامة على طاعته، وأن يشتت شمل الظالمين والقضاء على جيوشهم، وردع الظالم عن ظلمه وتبديد شمله، فهذا من نعم الله العظيمة التي يسرها للمسلمين، فالواجب شكرها والثبات على الحق، والتعاون على البر والتقوى، والواجب على جميع المسلمين في كل مكان أن يشكروا الله دائما على نعمه العظيمة، وأن يشكروه سبحانه على نعمة النصر للمظلومين على الظالمين، فإنها والله نعمة عظيمة يسرها الله جل وعلا على يد الجيوش حتى نفع الله بهم وهزم بهم الظالم وأرغم أنفه، وأخرجه مقهورا ذليلا، وفرق جمعه وشتت شمله والحمد لله على ذلك، ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمن عليهم بالشكر وأن يوفق المسلمين لطاعته

والاستقامة على دينه، وشكر الله على إنعامه بفعل ما أمر وترك ما نهى سبحانه وتعالى، وأن يوفق جميع حكام المسلمين بتحكيم شريعة الله والحكم بها بين المسلمين في جميع الشؤون كما قال الله عز وجل في كتابه العظيم: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (¬1)، ويقول سبحانه في كتابه العظيم: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (¬2)، ويقول جل وعلا: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (¬3)، ويقول: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (¬4)، ويقول: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (¬5) فالواجب الحكم بشريعة الله، وعلى جميع الحكومات الإسلامية الحكم بشريعة الله، وألا يتجاوزوها إلى غيرها، فلا يجوز الحكم بالأنظمة التي وضعها الرجال، بل يجب أن يحكم شرع الله في عباد الله، وفي ذلك السعادة والنجاة في الدنيا ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 65 (¬2) سورة المائدة الآية 50 (¬3) سورة المائدة الآية 44 (¬4) سورة المائدة الآية 45 (¬5) سورة المائدة الآية 47

والآخرة، وفي ذلك المصلحة العظيمة والعاقبة الحميدة للحكام والشعوب جميعا، أما الأنظمة التي لا تخالف الشرع فلا بأس، الأنظمة والقوانين الموافقة لشرع الله فلا بأس يحكم بها لأنها وافقت شرع الله، أما النظام المخالف لشرع الله فلا يجوز الحكم به ولا التحاكم إليه، ويجب على المسلمين إقامة الحدود الشرعية على مستحقيها، وإلزام الناس بأمر الله وردعهم عن محارم الله، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، هذا يجب على ولاة الأمور أينما كانوا، يجب على ولاة أمر المسلمين أن يحكموا شرع الله، وأن يستقيموا عليه، وأن يحافظوا عليه، وأن يلزموا الشعوب به، وأن يأمروهم بالمعروف وينهوهم عن المنكر، وبذلك تحصل لهم السعادة في الدنيا والآخرة، والعاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة، والفوز بالجنة والنجاة من النار، ولقد من الله على المسلمين في هذه الأيام القليلة بالنصر المؤزر، وتظهر بلاد المسلمين من رجس الظالم، وتحريرها بحمد الله، فهذه من نعم الله العظيمة، ومن شكر الله على هذه النعمة الاستقامة على طاعته والمحافظة على دينه، والتواصي بالحق والصبر عليه، والتعاون على البر والتقوى، ونسأل الله أن يجمع المسلمين على ذلك ويصلح قلوبهم وأعمالهم، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يوفقهم لما يرضيه ولما يقرب لديه، وأن يصلح

قادتهم ويوفق حكامهم لكل خير، كما أسأله سبحانه أن يصلح بلدان المسلمين، وأن يولي عليهم خيارهم ومن يحكم فيهم بشرع الله. نسأل الله سبحانه وتعالى، وأن يصلح البقية، ويهدي البقية لما يرضيه، وأن يجعل ما أصاب المسلمين منهم طهورا وتكفيرا، وأن يصلح من ليس بمسلم، ويهديه إلى الإسلام، ويرده إلى التوفيق والهدى، وأن يعيذنا وإياه وجميع المسلمين من كل ما يغضبه، ومن كل ما يخالف شرعه، وأن يمن على الجميع بالتوفيق والهداية وصلاح القلوب والأعمال، إنه جل وعلا جواد كريم وبالإجابة جدير سبحانه وتعالى.

بيان حكم القنوت ومواطن مشروعيته مع ذكر الدليل

93 - بيان حكم القنوت ومواطن مشروعيته مع ذكر الدليل س: هل يجوز القنوت في صلاة الفجر، مع الدليل من الحديث؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: يشرع القنوت في صلاة الفجر للدعاء للمجاهدين في سبيل الله لنصر دين الله عز وجل، والسلامة من شر مكائد الأعداء بصفة مؤقتة، لا مستمرة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان ربما قنت يدعو لقوم أو يدعو على قوم، وقد قنت يدعو على قبائل من العرب شهرا ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (164).

عليه الصلاة والسلام، فإذا قنت المسلم لنيل أمر كان قد أضر بالمسلمين يدعو الله أن يكشفه أو نحو ذلك، هذا أصله مشروع، لكن يكون مؤقتا كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، أما ما يفعله بعض الناس من الاستمرار في القنوت في صلاة الفجر هذا غير مشروع على الصحيح؛ لما ثبت من حديث سعد بن طارق بن أشيم قال: «قلت لأبي: يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (¬1)» هكذا رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي بإسناد صحيح. هذا يدل على أنه ليس من عادة النبي صلى الله عليه وسلم ولا من عادة الخلفاء الراشدين القنوت بصفة مستمرة في الفجر، وإنما يقنت لعارض حادث يضر المسلمين أو بالدعاء لقوم بالنصر على الأعداء، ونحو ذلك، فالدعاء لقوم بالنصر على الأعداء، والدعاء على الأعداء بالهزيمة ونحو ذلك، كل هذا لا بأس به بصفة مؤقتة كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241).

س: الأخ: أ. س. من اليمن يقول: هل يجوز القنوت في صلاة الفجر أم لا؟ مع الدليل مأجورين (¬1) ج: القنوت في صلاة الفجر غير مشروع، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم القنوت في الفجر إلا في أحوال خاصة في الدعاء على المشركين في النوازل، كان يدعو في الفجر وغيرها، أما القنوت المعتاد الدائم فهذا لا أصل له، والأحوط تركه، بعض أهل العلم يراه مستحبا دائما، ولكن لا دليل عليه، والحديث الوارد في ذلك ضعيف، والأرجح أنه لا يشرع، هذا هو الأرجح، لكن إذا كان نوازل مثل عدو نزل بالمسلمين، فإذا دعا عليه المسلمون في الفجر أو غيرها فلا بأس كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (424).

س: يقول السائل من اليمن: أعلم بأن القنوت في صلاة الفجر - أي المداومة على ذلك - ليس بمشروع، فنريد من سماحة الشيخ التفصيل في هذه المسألة، وما المقصود بالنوازل (¬1)؟ ج: القنوت في الفجر غير مشروع ولا في غيره إلا في الوتر، إلا في ¬

_ (¬1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (431).

النوازل إذا نزل بالمسلمين عدو، نزل بهم لحربهم فإن ولي الأمر يقنت في الصلاة في الفجر وغيرها، يدعو عليهم بالهزيمة، ويدعو للمسلمين بالنصر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم هذه النوازل، الحوادث التي تحدث من الأعداء ضد المسلمين فالمسلمون يدعون ضد عدوهم، يدعون الله بالنصر للمسلمين والهزيمة للكافرين.

س: هل يلزم في صلاة الفجر دعاء القنوت (¬1)؟ ج: دعاء القنوت ليس بمشروع في صلاة الفجر ولا غيرها، إنما مشروع في الوتر فقط، وهو ما يصليه الإنسان في الليل بعد صلاة العشاء، أو في آخر الليل يقنت في الركعة الأخيرة إلا في النوازل إذا نزل بهم عدو فإن الإمام يقنت في الفجر، في غير الفجر بعد الركوع الأخير في الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، فعله النبي صلى الله عليه وسلم، لكن في النوازل إذا نزل بالمسلمين عدو أو بطرف من أطرافهم يقنتون ويدعون الله على هذا العدو بالهزيمة، ويدعون الله للمسلمين بالنصر، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، وإذا قنتوا فاقنت معهم، وبين لهم السنة، إذا كنت ذا علم؛ لقوله صلى الله عليه ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (346).

وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه (¬1)» ولهم شبهة لأنه قال به بعض أهل العلم، قال بالقنوت في صلاة الفجر دائما، فإذا قنتوا فاقنت معهم وعلمهم السنة إن كنت تعلم، لعلهم يستنيرون منك، وهو لا يوجب الخلاف بين المسلمين؛ لأنه قال به بعض أهل العلم، لكن تركه هو السنة والأفضل والأحوط؛ لقول سعد بن طارق: قلت لأبي: «يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر، وخلف عمر، وخلف عثمان، وخلف علي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال طارق رضي الله عنه: أي بني، محدث (¬2)» فدل على أنه ليس من سنتهم القنوت في الفجر، إنما هذا عند الحاجة، إذا نزل بالمسلمين عدو يقنتون في النوازل في الفجر وفي غيرها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إقامة الصف من تمام الصلاة، برقم (722)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (414). (¬2) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241).

س: يقول: هل هناك من دعاء ندعو به بعد القيام من الركوع في الركعة الثانية من صلاة الفجر؟ وما هو القنوت (¬1)؟ ج: القنوت معروف هو قنوت الوتر وقنوت النوازل وقنوت الصلوات ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (231).

الخمس، فالسنة ألا يقنت إلا في الوتر، هذا السنة، وهو الركعة الأخيرة من الوتر في الليل، وفي النهار لا يوجد قنوت، إذا صلى يصلي شفعا، إذا فاته الليل صلى في النهار شفعا، إذا كانت عادته في الليل ثلاثا صلى في النهار أربعا تسليمتين، وإذا كانت عادته في الليل خمسا وفاته بالنوم أو بالمرض صلى من النهار ست ركعات ثلاث تسليمات، وهكذا ليس بالوتر. القنوت في الليل في الركعة الأخيرة، وقد علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما، وذهب بعض أهل العلم إلى أن يقنت في الصبح دائما، وهذا قول ضعيف. الصواب أنه لا يقنت في الأوقات كلها إلا في النوازل، إذا حدثت نازلة للمسلمين مثل نازلة اجتياح الكويت من قبل حكومة العراق، هذه نازلة يقنت فيها المسلمون في الفجر وغيره، ويدعون الله على من ظلم، ويدعون الله للمظلومين بالنصر والتأييد، وأن يردهم إلى بلادهم، يدعون الله على من تعدى على المسلمين وآذاهم، هذا يسمى قنوت النوازل، فعله النبي صلى الله عليه وسلم فعله في الفجر وغيره، فإذا قنت الإمام في الفجر أو في المغرب أو في العشاء أو في الظهر أو في العصر، أو في الجميع يدعو على الظالم وعلى من ظلم المسلمين وتعدى عليهم فلا بأس بذلك، بل من مشروع.

س: الأخ: ع. ص. من جدة يقول: هل هناك دعاء يقرأ في صلاة الفجر في الركعة الأخيرة بعد قراءة الفاتحة (¬1)؟ ج: ليس هناك شيء، إنما بعد الفاتحة يقرأ ما تيسر من القرآن في جميع الصلوات، بعد الفاتحة يقرأ ما تيسر في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، الدعاء قبل يستفتح قبل قراءة الفاتحة إذا كبر تكبيرة الإحرام، يستفتح: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك. أو بالاستفتاح الثاني: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد. وهناك استفتاحات أخرى جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أما بعد الفاتحة فلا، بعد الفاتحة يقرأ ما تيسر، وإذا سكت قليلا بعد الفاتحة حتى يقرأ المأموم الفاتحة فلا بأس إن شاء الله. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (421).

س: هل هناك دعاء يقرأ في صلاة الفجر في الركعة الأخيرة بعد قراءة الفاتحة وسورة بعدها؟ ما حكم هذا الدعاء (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (421).

ج: ليس له أصل، إذا فرغ من القراءة يركع ليس هناك دعاء لا بعد الركوع ولا قبل الركوع والقنوت بعد الركوع في الفجر ضعيف، قال به بعض أهل العلم ولكنه قول ضعيف، والصواب تركه، الصواب ليس فيها قنوت إلا عند النوازل، إذا نزل نوازل على المسلمين قنت الإمام في الفجر وغيرها، كأن يحيط بهم العدو فيقنت الإمام بعد الركوع في الفجر أو في الظهر أو في غيرها على المشركين ويدعو الله بنصر المسلمين أما القنوت الذي يفعله بعض الناس دائما في الفجر فهذا الصواب تركه.

بيان عدم مشروعية القنوت في الفجر إلا في النوازل

94 - بيان عدم مشروعية القنوت في الفجر إلا في النوازل س: عندنا يقولون دعاء القنوت في صلاة الصبح بصوت مرتفع، وأنا قرأت في كتاب فقه السنة للسيد سابق أن القنوت في صلاة الصبح غير مشروع إلا في وقت النوازل، يقنت فيه وفي سائر الصلوات الخمس، ما الحكم في ذلك (¬1)؟ ج: الصواب مثل ما ذكرتم عن السيد سابق، السنة ألا يقنت في الفجر إلا عند النوازل، وهكذا بقية الصلوات في النوازل، إذا نزل بالمسلمين حالة حرب ونحوه يقنت الإمام والمأمومون، يسألون الله جل وعلا رفع ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (266).

ذلك عن المسلمين، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت في النوازل، أما المداومة على القنوت وفي قنوت الصبح من غير سبب فهذا غير مشروع، وقد ثبت عن سعد بن طارق بن أشيم أنه قال: «قلت لأبي: يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (¬1)» رواه الترمذي والنسائي والإمام أحمد بإسناد جيد، المقصود أن هذا هو السنة، السنة ترك قنوت الفجر إلا في النوازل، إذا جاءت نازلة قنت في الفجر وفي غيرها كما فعل المسلمون في نازلة حرب الكويت لما احتلها حاكم العراق وحصل بسبب ذلك ما حصل من الفتنة قنت المسلمون في الصلوات حتى هزم الله العدو، وأذل أنفه ورد البلاد إلى أهلها، ونصر الحق وأهله، نسأل الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241).

س: هل دعاء القنوت في صلاة الفجر بدعة أم سنة (¬1)؟ ج: الدعاء في صلاة الفجر دعاء القنوت ليس بمشروع إلا لأسباب، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (250).

إذا كان هناك أسباب ما يسمى من أسباب النوازل؛ يعني إذا كان هناك نازلة في المسلمين مثل حرب أو أذى في المسلمين أو عدو هجم عليهم أو على بعض قراهم يدعى عليه، أو عدو قتل منهم بعضهم كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم على من قتل القراء، ودعا على أهل مكة لما أمعنوا الكفر، هذا يقال له: قنوت النوازل، وهذا مشروع، أما قنوت الفجر دائما فالصواب أنه غير مشروع؛ لأن سعدا الأشجعي سأل أباه فقال: «يا أبت، صليت خلف رسول الله وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (¬1)» وهو سعد بن طارق الأشجعي. رواه الخمسة إلا أبا دواد بإسناد جيد، وهذا يدل على أن القنوت في الفجر غير مشروع إلا للنوازل خاصة كما تقدم. وأما رواية أنه كان يقنت في الصبح حتى ما زال بها في حياته عليه الصلاة والسلام فهذا ليس بصحيح بل هو ضعيف، وفي رواية عن أنس أنه قال: «ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا (¬2)» عليه الصلاة والسلام، ولكنه لو صح لكان واضحا لكنه ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241). (¬2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12246).

حديث ضعيف الإسناد، وقال بعضهم: لو صح معناه أنه كان يطيل الوقفة بعد الركوع لأن طول القيام بعد الركوع يسمى قنوتا وليس بمعنى القنوت المعروف، بل معناه أنه كان يطيل القيام بعد الركوع عليه الصلاة والسلام ويسمى قنوتا، ولكن الحديث مثل ما تقدم ليس إسناده بصحيح ولا يعتمد عليه، فالصواب أنه لا يشرع القنوت في الفجر بصفة دائمة، وإنما يشرع فيها إذا كان هناك نازلة على المسلمين أو في المغرب أو في العشاء لا بأس، أو في الظهر أو في العصر إذا كان هناك نازلة قنت فيما شاء من الصلوات الخمس، والأفضل في الفجر والمغرب.

س: هل القنوت في صلاة الفجر هل هو صحيح أم لا (¬1)؟ ج: الصواب أنه لا يشرع في صلاة الفجر، وأنه تبع للنوازل، إذا نزلت نازلة يقنت بعد الفجر بعد الركوع في الركعة الأخيرة من صلاة الفجر، مثل الدعاء على الكفار في بلاد أفغانستان، الدعاء على الكفار في فلسطين، على الكفار في الفلبين لأنهم ظلموا المسلمين وقتلوا المسلمين وأشباه ذلك، كان النبي يقنت في الفجر وفي غيرها عند النوازل، عندما يوجد من الكفار أذى للمسلمين أو قتال للمسلمين يدعو ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (218).

عليهم بعد الركوع، يقول: «اللهم قاتل الكفرة والمشركين (¬1)» اللهم زلزلهم، اللهم انصرنا عليهم. وما أشبه ذلك، أما ما يفعله بعض الناس من القنوت دائما في الفجر هذا غير مستحب بل ينبغي تركه، ثبت في السنن عن سعد بن طارق الأشجعي رضي الله عنه أنه قال لأبيه: «يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وخلف عمر وخلف عثمان وخلف علي رضي الله عنهم، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (¬2)» هذا يدل على أنه محدث، وأن السنة تركه وإن ذهب إليه بعض العلماء، واستدلوا بأحاديث ضعيفة في ذلك، والصواب أنه لا يفعل، وأن السنة تركه، هذا هو الصواب، وهذا هو السنة، وهذا هو الراجح من أقوال العلماء. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث عبد الله الزرقي ويقال: عبيد بن رفاعة الزرقي رضي الله عنه، برقم (15066)، والنسائي في السنن الكبرى، باب الاستغفار، برقم (10445) (6/ 156). (¬2) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241).

بيان الأصح من الخلاف في مشروعية القنوت في الفجر

95 - بيان الأصح من الخلاف في مشروعية القنوت في الفجر س: المستمع: ع. ع. يسأل ويقول: هل القنوت فرض علينا أثناء

الركعة الثانية في صلاة الفجر أم لا؟ لأنني رأيت إمام مسجدنا يأتي به في كل صلاة فريضة (¬1)؟ ج: فيه خلاف بين العلماء، بعض أهل العلم رآه مسنونا في الفجر كل يوم، والأصح أنه ليس بمستحب إلا عند النوازل مثل الحرب بين المسلمين وبين عدوهم، يقنت الإمام في الفجر وغيره من الصلوات يدعو على العدو، ويدعو للمسلمين بالنصر والتأييد يسمى قنوت النوازل، أما قنوت الصبح دائما فالصواب أنه غير مشروع، لكن بعض العلماء رآه مشروعا دائما، فإذا صليت مع الإمام الذي يقنت فلا بأس، تقنت معه والحمد لله. الأمر فيه شبهة قال فيه بعض أهل العلم فالأمر في هذا واسع لكن نصيحتي لكل إمام يقنت أن يدع ذلك؛ لأنه لا يشرع إلا عند النوازل لما ثبت في الحديث أن سعد بن طارق قال لأبيه طارق بن الأشيم رضي الله عنه: «يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (¬2)» هذا الصحابي الجليل أخبر الناس بأن الخلفاء ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (272). (¬2) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241).

الراشدين ما كانوا يفعلونه، وما كان النبي يفعله صلى الله عليه وسلم.

س: عند الإمام مالك القنوت في صلاة الصبح في الركعة الثانية، وعند الإمام أحمد بن حنبل القنوت في صلاة العشاء في الوتر، فما دليل كل واحد منهما؟ وشكرا (¬1) ج: القنوت مشروع في الليل ليس في العشاء، بل بعد العشاء إلى آخر الليل، هذا مشروع عند الجميع، عند جميع أهل العلم سنة، الوتر من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، ويشرع فيه القنوت من حديث الحسن بن علي رضي الله عنه قال: «علمني الرسول صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر (¬2)» هذا المشروع الوتر عند الجميع، أما القنوت فلست أدري عنه الآن هل هو محل إجماع أو محل خلاف، لكنه سنة بلا شك وإن لم يكن فيه إجماع، وسنة لحديث الحسن رضي الله عنه في قنوت الوتر في الليل، أما القنوت الذي يفعله بعض أهل العلم في الصباح كالشافعية والمالكية فهو على الصحيح غير مشروع إلا في النوازل، إذا حدث نازلة بالمسلمين مثل العدو حاصر البلد يقنتون في ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (33). (¬2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178).

الفجر وفي غير الفجر بالدعاء عليه، أما القنوت الدائم في الفجر فهذا غير مشروع على الصحيح، وقد احتج من قال بشرعيته بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم عن أنس رضي الله عنه أنه قال: «أما في الصبح فما زال يقنت حتى فارق الدنيا (¬1)» لكنه حديث ضعيف. وجاءت الأحاديث تفسره أنه يقنت - يعني في النوازل خاصة - وأن من قال: إنه لا يشرع في الصبح حجته أظهر، وهو ما رواه أحمد والنسائي وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم عن سعد بن طارق: قلت لأبي طارق بن أشيم: «يا أبتاه، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، هل كانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (¬2)» فهذا الحديث يدل على أنه محدث، وأنه لا ينبغي في الصبح إلا في النوازل أما كونه يفعل دائما فالصواب أنه محدث ولا يشرع، والذين قالوا بشرعيته لعله خفي عليهم هذا الحديث، ما بلغهم هذا الحديث حديث سعد بن طارق ولو بلغهم لقالوا به لكن لعله لم يبلغهم أو بلغهم وتأولوه على غير ظاهره، ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12246). (¬2) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241).

فالحاصل أن الصواب والأرجح أن القنوت يكون في الوتر في الليل، وفي النوازل في الفجر وغيرها، أما الاستمرار بالقنوت في صلاة الفجر، فهذا الصواب تركه، وأنه ليس بمشروع؛ لحديث طارق بن أشيم هذا الذي سمعته، والعبادات توقيفية لا يجوز منها إلا ما قام عليه الدليل، ولكن لو صلى الإنسان خلف واحد من هؤلاء فلا بأس، يتابعه في ذلك؛ لأنه له شبهة في هذا الشيء فلا حرج إذا صلى مع واحد يقنت في الفجر وتابعه لا حرج في ذلك، لكن ينصح من يفعل ذلك بأن الأفضل والأولى والأرجح ترك ذلك؛ لأن طارقا ذكر أن هذا محدث ليس من عادة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عادة أصحابه خلفائه الراشدين، وما كان كذلك فالواجب تركه، إلا إذا وجد سبب لذلك مما تقدم من النوازل.

س: كثر الجدال في أمور الدعاء في الركعة الثانية من صلاة الصبح بعد الوقوف من الركوع، فهل يصح جهرا، وهل يصح في جماعة؟ مع أني أسمع الدعاء جهرا عندما تنقل صلاة الفجر في بعض الإذاعات، ويختمون دعاءهم بقولهم: بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، وبسر الفاتحة. وضحوا ذلك لنا جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (136).

ج: هذا يسمى القنوت بعد الركوع في الركعة الثانية من الفجر اختلف فيه العلماء، فمنهم من قال: إنه يستحب هذا القنوت. ورأوه سنة مستمرة، وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه سنة في حق المسلمين إذا وقعت نازلة، إذا نزل بالمسلمين نازلة كمحاصرة عدو للمسلمين أو نزول بلاء بالمسلمين فيدعو الإمام ويقنت ويؤمن عليه المأمومون. وقال بعضهم: هذا يختص بولي الأمر بالإمام الأكبر السلطان هو الذي يفعل ذلك، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في النوازل فإنه صلى الله عليه وسلم دعا على أحياء من العرب ثم ترك ذلك، وفعله مرات كثيرة عليه الصلاة والسلام في النوازل لا دائما، وهذا هو الصواب أنه يفعل في النوازل لا دائما؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قنت ودعا على أحياء من العرب من حديث ابن عمر، من حديث البراء بن عازب ومن حديث أبي هريرة وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم أخبروا عنه صلى الله عليه وسلم أنه قنت يدعو على أحياء من العرب، ومنهم الذين قتلوا القراء السبعين، دعا عليهم شهرا عليه الصلاة والسلام، ودعا على جماعة من قريش قبل الفتح، فهذا جائز بل مستحب إذا وجدت أسبابه. أما القنوت الدائم في صلاة الفجر بعد الركوع الثاني كما استحبه بعض أهل العلم فهذا ليس بجيد، والصواب أنه لا يستحب في الفجر

ولا في غيرها بصفة دائمة، إنما يفعل للنوازل، إذا كان هناك نازلة تضر المسلمين قنت الإمام، أما اتخاذ القنوت في صلاة الفجر بعد الركوع الثاني سنة دائمة فهذا قول بعض أهل العلم من الشافعية رحمهم الله، وجماعة معهم، ولكنه قول مرجوح الصواب أنه لا يستحب لأنه ثبت من حديث سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي قال: «قلت لأبي: يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (¬1)» فهذا يدل على أنه ليس معروفا في عهده صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد الخلفاء الراشدين في غير النوازل ولهذا قال هذا الصحابي الجليل: إنه محدث؛ يعني الاستمرار عليه والقنوت من دون أسباب، هذا هو الراجح وهو الأقوى دليلا، لكن لو صليت خلف إمام يقنت فلا حرج؛ لأن ذلك له قول وله شبهة قد جاء في بعض أحاديث ضعيفة فلو صليت خلفه فلا حرج عليك، ولو قنت معه وأمنت معه لا حرج لأنه قنوت له شبهة قال فيه بعض أهل العلم، فالأمر فيه واسع، لكن السنة والأفضل ترك ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241).

س: وجهونا إلى القنوت في صلاة الفجر، وكيف يكون ومتى؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الصواب أن القنوت غير مشروع في صلاة الفجر ولا في غيرها إلا بسبب، أما ما يفعله بعض الناس من القنوت الدائم في الفجر فهو قول بعض العلماء، ولكنه قول مرجوح لعدم الدليل عليه، وإنما يشرع القنوت إذا كان بسبب، يسمى قنوت النوازل، فإذا كان هناك سبب مثل تعدي بعض الكفار على بعض المسلمين، فيقنت بالدعوة للمسلمين بالنصر والتأييد والدعاء على الكافرين بالخذلان والهزيمة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم من دعوته على قريش ودعوته على الذين قتلوا القراء، والمقصود أن القنوت للنوازل أمر مشروع إذا اعتدي على المسلمين فيقنت المسلمون ضد العدو فيدعون للمسلمين بالنصر والتأييد والعاقبة الحميدة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (291).

س: هذا السائل من محافظة حضرموت يقول: سماحة الشيخ، بالنسبة لدعاء القنوت في صلاة الفجر وهو الدعاء المعروف: اللهم اهدنا فيمن هديت ... إلى آخره. هل ورد عن النبي صلى الله

عليه وسلم أنه قنت (¬1)؟ ج: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت في النوازل، إذا نزل بالمسلمين نازلة، عدو نزل بهم، وشدة وغيرها دعا لهم في الفجر، أما اعتياد بعض الناس القنوت في الفجر من دون سبب فلا، ليس بمشروع، في الحديث الصحيح عن سعد بن طارق الأشجعي قال: «قلت لأبي: يا أبت، إنك قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (¬2)» يعني ما كان قنوت الفجر إلا إذا حدث حادث مثل عدو حاصر البلد أو غزا المسلمين، يدعى عليه في قنوت الفجر وفي غيرها، قنوت الفجر المغرب العشاء في الظهر العصر يرفع يديه الركعة الأخيرة بعد الركوع ويدعو على العدو كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه على المشركين. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (400). (¬2) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241).

بيان لمعنى بعض ألفاظ القنوت

96 - بيان لمعنى بعض ألفاظ القنوت س: من جمهورية مصر: هل ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم

في صلاة الصبح في الركعة الأخيرة بعد الركوع كان يرفع يديه يقول: «اللهم اهدني فيمن هديت (¬1)» كل ليلة حتى فارق الدنيا، وما معنى دعاء القنوت: اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت (¬2)؟ ج: لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقنت في الفجر لا بقوله: اللهم اهدنا فيمن هديت ولا بغيره، إنما كان يقنت عند النوازل إذا نزل بالمسلمين نازلة من تسليط عدو أو نحو ذلك قنت يدعو على العدو في الفجر وفي غير الفجر، أما ما اعتاده بعض الناس من القنوت الدائم في الفجر: اللهم اهدنا، هذا خلاف المشروع، والذي ينبغي تركه؛ لأن الأحاديث في هذا ضعيفة، وإنما المشروع القنوت عند النوازل عند وجود التعدي من الأعداء الكفار على المسلمين يقنت المسلمون يدعون عليهم في الفجر والمغرب والعشاء والظهر والعصر لكن الفجر كان قنوته فيها أكثر يدعو على المشركين أما دائما فليس له أصل والأحاديث في هذا ضعيفة، والذي ينبغي ترك ذلك، ومعنى: ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (370).

اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، أن الله يمن عليك بالهداية ضمن من هدى، والعافية ضمن من عافى، هذا معناه: اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت. يعني: اللهم اهدنا في جملة المهديين، وعافنا في جملة المعافين، وتولنا في جملة المتولين، يعني: اعف عنا معهم، اجعلنا معهم مهتدين معافين. نعم هذا المراد.

س: يقول هذا السائل: بالنسبة لدعاء القنوت هل هو وارد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟ وما معنى: اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت (¬1)؟ ج: نعم، كان يقنت في النوازل عليه الصلاة والسلام، إذا نزل بالمسلمين نازلة قنت بالدعاء على العدو، وعلم الحسن دعاء القنوت: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت (¬2)» يعني: اللهم اهدنا في عبادك المهتدين، وعافنا في عبادك الذين عافيتهم، يسأل ربه أن يهديه مع المهديين، وأن يعافيه مع المعافين، وأن يرزقه البركة فيما أعطاه، وأن يتولاه. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (425). (¬2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178).

بيان درجة الأحاديث الواردة بمشروعية القنوت في الفجر

97 - بيان درجة الأحاديث الواردة بمشروعية القنوت في الفجر س: رسالة من المستمع م. ف. من اليمن، يسأل عن القنوت في صلاة الفجر فيقول: حدثونا عن القنوت في صلاة الفجر وعن حكمه، وعن حكم تركه، وهل كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقنت في صلاة الفجر (¬1)؟ ج: القنوت في صلاة الفجر لم يثبت فيه حديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، وقد جاءت فيه أحاديث ضعيفة، والصحيح أنه كان يقنت في الحوادث، فإذا نزل بالمسلمين نازلة قنت في الفجر وفي المغرب وفي غيرهما، ويسمى قنوت النوازل، أما القنوت بصفة دائمة فلم يثبت عنه - عليه الصلاة والسلام، نعم جاء ذلك في بعض الأحاديث التي في إسنادها ضعف، وثبت عن سعد بن طارق بن أشيم أنه قال لأبيه: «يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (¬2)» وهذا يدل على أنهم ما كانوا يقنتون في الفجر إلا ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (327). (¬2) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241).

في النوازل؛ أي عندما ينزل بالمسلمين أمر، فيقنتون عند النازلة، دعاء على العدو بالهزيمة، ودعاء للمسلمين بالنصر. إذا هجم العدو على بلاد المسلمين أو حصل بين المسلمين قتال مع عدوهم قنت المسلمون يدعون لمجاهديهم بالنصر، وللأعداء بالهزيمة، أما استمرار بعض الناس على القنوت في الفجر فهو قول ضعيف مرجوح، وإن كان قد قال به جماعة من أهل العلم، لكن الأفضل والأولى تركه لعدم الدليل الثابت عليه، إلا إذا نزل بالمسلمين نازلة، هذا هو الأرجح، وإذا صليت مع من يقنت فصل معه - والحمد لله - لأن فيه شبهة، قال به بعض أهل العلم، وفيه بعض الأحاديث التي فيها ضعف، لكن الأولى والذي ننصح به إخواننا الترك، إلا إذا وجد ما يوجب ذلك من النوازل مثل ما قنت المسلمون للمجاهدين للقتال مع عدوهم، وللمسلمين في البوسنة والهرسك وأشباه ذلك، هذا في كل النوازل، هذه وغيرها.

حكم القنوت عند وجود النوازل

98 - حكم القنوت عند وجود النوازل س: يسأل المستمع ويقول: الدعاء بعد الركوع في الركعة الثانية من صلاة الفجر، الدعاء بدعاء القنوت هل هو وارد (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (427).

ج: ورد في النوازل عند نزول النوازل، إذا نزل بالمسلمين عدو، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقنت بعد الركوع الأخير في الفجر، وقنت في الصلوات الأخرى، يدعو على الكفار، أما القنوت الدائم في الفجر فلا، هذا ليس بصحيح، ليس بمشروع.

بيان محل القنوت من الصلاة

99 - بيان محل القنوت من الصلاة س: بالنسبة للقنوت لصلاة الفجر، أين موقعه من الصلاة (¬1)؟ ج: بعد الركوع، هذا هو الأفضل، بعد الركوع، وإن قنت قبل الركوع فلا بأس، لكن الأفضل والغالب لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يكون بعد الركوع، وهكذا قنوت الوتر بعد الركوع. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (291).

س: إذا قنتنا في رباعية، ففي أي وقت يكون وبعد أي ركوع (¬1)؟ ج: في الركوع الأخير من كل صلاة، في الركوع الأخير بعد الركوع في الركعة الأخيرة. ¬

_ (¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (320).

حكم مخالفة الجماعة بسبب مداومتهم على القنوت في الفجر

100 - حكم مخالفة الجماعة بسبب مداومتهم على القنوت في الفجر س: رسالة من المستمع م. ن. ع. يسأل ويقول: علمت أن القنوت في الصلاة لا يكون إلا في النوازل فقط، وآمنت بذلك وصدقت، ولكن إذا كانت الجماعة تقنت في صلاة الفجر بالمسجد الذي أصلي فيه، فهل لي أن أخالفهم ولا أقنت معهم أم أبقى معهم (¬1)؟ ج: لا مانع أن تبقى معهم وتنصحهم؛ لأن بعض أهل العلم يرى قنوت الفجر، وورد في هذا بعض الأحاديث التي احتج بها بعض أهل العلم، ولكنها ضعيفة، وإنما القنوت في الفجر، حصل للنبي - صلى الله عليه وسلم - في النوازل وفي المغرب وفي العشاء وفي بقية الصلوات، وفي النوازل عندما يقع حرب على المسلمين، أو شر عليهم، يدعو الله على من ظلم المسلمين وتعدى عليهم، ويدعو الله للمسلمين المستضعفين بالنجاة من شر أعدائهم، أما الاستمرار في قنوت الفجر فهذا خلاف الشرع، والصواب تركه، لكن إذا كنت مع قوم يقنتون وقد أفتاهم بعض أهل العلم بذلك، فاقنت معهم، وانصح الإمام أنت وإخوانك في ترك ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (320).

ذلك، هذا هو المشروع لك النصيحة أنت وإخوانك، وإرشاده إلى أهل العلم الذين يعلمونه أن قنوت الفجر غير مشروع إلا في النوازل.

حكم رفع الأيدي والتأمين خلف الإمام في القنوت

101 - حكم رفع الأيدي والتأمين خلف الإمام في القنوت س: إمامنا يدعو بالقنوت أحيانا في صلاة الفجر والمغرب والعشاء وذلك بعد الرفع من الركوع الأخير، لكن بعد القنوت يدعو أيضا بدعاء السنة ويرفع يديه، فهل هذا الدعاء بعد القنوت جائز؟ وهل نرفع أيدينا معه أم نكتفي بالتأمين (¬1)؟ ج: القنوت مشروع في النوازل، في الدعاء للمجاهدين والدعاء على الكافرين، فإذا قنت من أجل النوازل في بعض الأحيان في حال المجاهدين في سبيل الله إذا قام الجهاد على الوجه الشرعي يدعو لهم بالنصر، ويدعو على الكفار بالخذلان، فهذا مشروع، ويرفع يديه، وأنتم ترفعون أيديكم وتؤمنون كما في الاستسقاء، يرفع يديه في الاستسقاء لطلب الغوث، ويرفعون الناس أيديهم ويؤمنون، أما القنوت لغير ذلك فلا يستحب إلا في الوتر، إذا أوتر في الليل قنت بعد الركوع في الركعة الأخيرة، أما ما يفعله بعض الناس من القنوت في الصبح دائما، فهذا لا ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (226).

ينبغي، بل الذي ينبغي تركه؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما كان يفعل القنوت إلا في النوازل - يعني: إذا نزلت بالمسلمين نازلة - دعا للمسلمين، ودعا على الكافرين أوقاتا معينة، ثم يترك عليه الصلاة والسلام، فأما قنوت الصبح بصورة دائمة، فهذا الصحيح من أقوال العلماء أنه غير مشروع.

حكم الصلاة خلف إمام يداوم على القنوت في الفجر

102 - حكم الصلاة خلف إمام يداوم على القنوت في الفجر س: مسألة القنوت في الفجر ألاحظ أن الناس يداومون عليها، فهل تجوز الصلاة خلف من يقنت كل يوم في صلاة الفجر أم نصلي في المنزل؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا حرج في الصلاة معهم؛ لأن بعض أهل العلم قال ذلك، وله شبهة فلا حرج، بل الواجب أن تصلي معهم، ولا تصلي في البيت، يجب أن تصلي مع المسلمين الفجر ولو قنت الإمام، لكن الصواب ترك القنوت، الأفضل ترك القنوت؛ لأن الأدلة الشرعية تدل على تركه إلا في النوازل، إذا نزلت نازلة بالمسلمين قنتوا للدعاء على عدوهم، أما القنوت دائما فالسنة تركه، لكن لو كان إمامك يقنت - لأن بعض أهل ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (302).

العلم يقول ذلك - فلا بأس، صل معه.

حكم رفع المأمومين أيديهم خلف من يقنت في الفجر

103 - حكم رفع المأمومين أيديهم خلف من يقنت في الفجر س: يسأل السائل ويقول: إمام المسجد الذي يصلي بنا يقنت في معظم الأحيان في صلات الصبح، ونادرا ما يتركه، علما بأننا نصلي خلفه، هل للمأموم أن يرفع يديه خلف هذا (¬1)؟ ج: إذا قنت فلا بأس أن تقنت معه، لكن الأفضل أن يدع ذلك، السنة ألا يقنت للفجر إلا في الوتر فقط إلا في النوازل، إذا نزلت نازلة بالمسلمين؛ حرب، عدو، يدعو في صلاته بعد الركوع، يرفع يديه ويدعو، يقنت في النوازل كما كان النبي يفعل في الصبح وغيرها، أما اعتياد القنوت في الصبح دائما، فهذا خلاف السنة، والصواب تركه، لكن لو صليت مع إمام يقنت، فلا بأس أن تؤمن على دعائه، وأن ترفع يديك. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (412).

حكم إطلاق لفظ المبتدع على من يلزم القنوت في الفجر

104 - حكم إطلاق لفظ المبتدع على من يلزم القنوت في الفجر س: سماحة الشيخ، هذا السائل من حضرموت يقول: هل نطلق على الإمام الذي يلزم هذا القنوت نقول بأنه مبتدع؟ وأيضا سؤالنا: ما

الرد على الذين يقولون بأنه سنة، ويستدلون بقوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬1) الآية. وأيضا في قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (¬2) وبالحديث بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - «قنت في الفجر إلى أن فارق الدنيا (¬3)» (¬4)؟ ج: هذا يقال له بأن تركه أفضل، ما يقال بدعة، ما يقال مبتدع، لأن بعض أهل العلم يقول بذلك، بعض الأئمة كالشافعي والجماعة يرون القنوت في الفجر دائما، وهو قول ضعيف مرجوح، ولكن يعلم أن هذا هو الأفضل، أما حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه ما زال يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا (¬5)» فهو حديث ضعيف ليس بصحيح، وإنما قنت في الدعاء على المشركين، أما القنوت دائما في الفجر من غير حاجة فلا، ليس بمشروع، إنما يشرع عند النوازل، عند وجود العدو في الفجر وغيرها، ولكن من فعله استدلالا بالأحاديث الضعيفة، فهذا يعلم أن السنة الترك في ذلك، ويبين له بالكلام الطيب والأسلوب الحسن فقط. ¬

_ (¬1) سورة غافر الآية 60 (¬2) سورة البقرة الآية 238 (¬3) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12246). (¬4) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (400). (¬5) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12246).

بيان ما يفعله الإمام إذا أصرت جماعته على القنوت في الفجر

105 - بيان ما يفعله الإمام إذا أصرت جماعته على القنوت في الفجر س: أصلي بجماعة وهم يصرون على قراءتي دعاء القنوت في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح إلا أن يقيني في هذا الدعاء وحسب علمي من بعض المصادر الصحيحة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يقرؤه في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح عند الابتلاءات فقط، فهل أعمل برأيهم، وأخالف السنة أم أعمل برأيي فأصيب السنة، أم أتنازل عن الإمامة تفاديا للخلاف؟ أفيدونا أفادكم الله (¬1) ج: عليك أن تعمل بالسنة، وأن تنبههم على هذا، ترشدهم إلى ذلك بالأسلوب الحسن، فإن القنوت دائما في الفجر ليس من المشروع بل هو محدث، ثبت في مسند أحمد رحمه الله وسنن الترمذي وسنن النسائي وابن ماجه عن سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي عن أبيه أبي سعد قال: «يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي - رضي الله عن الجميع - أفكانوا ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (58).

يقنتون الفجر؟ فقال: أي بني، محدث (¬1)» فبين طارق أن هذا محدث. وثبت من حديث أنس ومن حديث غير أنس كأبي هريرة وجماعة أن الرسول كان يقنت في النوازل في الصبح وغيرها، فإذا وقع ابتلاء من عدو وقع بالمسلمين، أو نزل بالمسلمين، أو سرية قتلت للمسلمين، أو ما أشبه ذلك، يدعو أئمة المساجد في الركعة الأخيرة من الفجر بعد الركوع بقدر النازلة أياما أو شهرا أو نحو ذلك، ثم يمسكون ولا يستمرون، هذا هو السنة وعند الحاجة والنازلة يدعى ويقنت، ولكن من غير استمرار، أما الاستمرار دائما فهذا خلاف السنة، فعليك أن تقنعهم، وأن توجههم إلى الخير، فإذا لم يقنعوا ولم يحصل الاتفاق بينك وبينهم، فلا مانع من الانتقال عنهم إلى مسجد آخر، وعدم مخالفة السنة. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241).

حكم القنوت خلف إمام يقنت في الفجر

106 - حكم القنوت خلف إمام يقنت في الفجر س: ع من اليمن: عندنا إمام مسجد يقنت في صلاة الفجر، وتحدثنا معه في ذلك، فعاند وأخذ برأي الشافعي رحمه الله، ونحن لم نقنت، هل نقنت معه أم نبقى على ذلك أم ننتقل إلى مسجد

آخر؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا مانع أن تقنتوا معه وتصلوا معه؛ لأن له شبهة وقول بعض أهل العلم، وإن تيسر مسجد آخر فهو أفضل إن كان لا يقنت، وإلا هذا الذي يقنت تمسك بمذهب الشافعي ومالك لأنه جاهل، التقليد غلب على كثير من الناس، فإذا صليتم معه فلا حرج إن شاء الله، وإن تركه فهو أفضل له، كونه يترك القنوت، إلا إذا حدث حادث على المسلمين، عدو تسلط على المسلمين، يقنت في الفجر أو غيره يدعو عليه، أما القنوت العادي في الوتر. يقنت الفجر: اللهم اهدنا فيمن هديت. الصحيح أن المشروع تركه. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (371).

بيان ما ينبغي فعله في مسائل الخلاف

107 - بيان ما ينبغي فعله في مسائل الخلاف س: نحن جماعة من رعايا الدول العربية نعمل بالمملكة، ولنا مسجد في مقر عملنا، نؤدي به جميع الصلوات، ولكن إمامنا له عادة بعد الركعة الثانية من صلاة الفجر دائما يرفع يديه بالدعاء لمدة طويلة، ويرفع المأمومون أيديهم أيضا خلفه، وبعد الدعاء يسجد ليكمل الصلاة، ولما كان أكثر المصلين يتجادلون في هذا

الموضوع، وأكثرهم يعتبره غير صحيح، ولا يجوز لأنهم لم يفعلوا ذلك في الحرمين، وهما مقياس وقدوة، وعندما أخبرنا الإمام بذلك أخبرنا بأن ذلك لا يعتبر دليلا، فنرجو توضيح الحقيقة، ولا زالت الشكوك بين المصلين حول هذا الموضوع، وإمامنا يقول لنا حينما قلنا له ذلك: قال: إن المذاهب متعددة، فهي تصل إلى ألف وستمائة مذهب في الإسلام، فما رأيكم في هذا الموضوع؟ أثابكم الله (¬1) ج: لا ريب أن ما فعله الإمام قد قال به بعض أهل العلم، ويسمى القنوت، وهو الدعاء الذي يؤتى به بعد الركوع في الركعة الثانية من صلاة الفجر، فذهب إليه بعض أهل العلم كالشافعية رحمة الله عليهم، وهو قول معروف في الإسلام يحتجون ببعض الأحاديث الواردة في ذلك، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه ما زال يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا (¬2)» ولكن الصواب في هذا أنه لا يشرع إلا للنوازل، إذا نزل بالمسلمين نازلة من عدو نزل بهم، فإنه لا بأس أن يقنتوا، بل يشرع لهم القنوت مدة معينة، ثم يتركون القنوت؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (49). (¬2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12246).

يقنت في النوازل وقتا معينا، ثم يترك ذلك عليه الصلاة والسلام، قال أنس رضي الله عنه: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو على قوم، "وقنت شهرا يدعو على أحياء من بني سليم (¬1)» أما الحديث «أنه كان يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا (¬2)» فهو ضعيف كما بين أهل العلم، وقد ثبت في حديث آخر من حديث سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي أنه قال لأبيه: «يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي: أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال له أبوه: أي بني، محدث (¬3)» فبين طارق - رضي الله عنه - وهو صحابي جليل، أن قنوت الفجر محدث، وأنه لا ينبغي فعله، وهذا هو الأرجح، أرجح القولين، فينبغي للمؤمن أن يتحرى في صلواته وسائر أعماله ما يوافق السنة والكتاب العزيز وأقوال أهل العلم المعتبرين، وهذا القول هو الأرجح، بأنه لا ينبغي القنوت إلا إذا دعا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب ما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وحض على اتفاق أهل العلم ... ، برقم (7341). (¬2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12246). (¬3) أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241).

لقوم أو على قوم في النوازل، مثل إذا قنت يدعو للمجاهدين وعلى أعدائهم بعض الوقت ثم يترك، أما أن يستمر بالقنوت بعد الركوع في الركعة الثانية من الفجر دائما، فهذا الصواب أنه غير مشروع، وإن قال به من قال به من الشافعية وغيرهم، فالصواب أنه غير مشروع، وقد قال الله عز وجل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (¬1) وإذا رددنا هذا الأمر إلى السنة وجدنا فيها الدلالة على أن هذا غير مشروع، فينبغي للإمام ترك ذلك وعدم فعله عملا بالسنة الصحيحة، واتباعا لبقية أهل العلم في هذا الباب، ولا سيما في هذه البلاد، فإن هذه البلاد أئمتها لا يقنتون في الفجر أخذا بالسنة الصحيحة التي بينا لك أيها السائل، وأما قول الإمام إن في الإسلام ألفا وستمائة مذهب هذا الكلام فيه مجازفة وكلام لا ينبغي، فإنه ليس كل مذهب يوجد يعتبر في الإسلام، هناك مذاهب باطلة، وهذه مبالغة قبيحة لا ينبغي للإمام أن يقول مثل هذا، فليس كل مذهب يدعي صاحبه أنه مذهب إسلامي يقبل، فالمذاهب التي لا توافق الكتاب والسنة لا تعتبر، والمذاهب المشهورة أربعة: الشافعية، والحنفية، ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 59

والمالكية، والحنبلية، وهم أئمة وعلماء كبار، اشتهرت مذاهبهم وانتسب إليهم علماء، فاشتهروا بذلك، ويلحق بهم أيضا مذهب الظاهرية معروف، هذه مذاهب معروفة، وما اختلفوا فيه من المسائل يعرض على الكتاب والسنة، كل واحد قد يخطئ وقد يغلط في بعض المسائل، فما اختلفوا فيه - رحمة الله عليهم - يعرض على الكتاب والسنة، فما وافق القرآن أو السنة الصحيحة وجب الأخذ به، وترك ما خالفه، سواء كان وافق مذهب مالك أو مذهب أبي حنيفة أو الشافعي أو أحمد أو الظاهرية، هذا هو الصواب، أما المذاهب الأخرى التي يشير إليها هذا الإمام، فهذه لا يعول عليها، ولا يلتفت إليها بل ينبغي للمؤمن ألا يلتفت إلى غير هذه المذاهب، وهذه المذاهب هي المذاهب المعروفة عند أهل السنة، والمعروفة بالاستقامة وتحري الحق، وعدم الزيغ والبدعة، أما المذاهب الأخرى فإن عند أهلها من البدع وعندهم من الانحراف ما يوجب الوقوف عن الأخذ بمذاهبهم، وعدم النظر فيها خوفا من شرها وبدعتها، ولكن هذه المذاهب الخمسة المعروفة الظاهرية والمذاهب الأربعة تعتني بالسنة والكتاب، وتعتني بأقوال الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وليس عندهم البدع التي عند غيرهم، فلهذا اقتنع بها أهل العلم، ورأوها مذاهب إسلامية معتبرة، ولكن ما اختلفوا فيه من

ذلك يرجع فيه إلى الكتاب والسنة، ويعرض على كلام الله سبحانه وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فما وافقهما أو أحدهما وجب الأخذ به وترك ما خالفه، وإذا عرضنا القنوت في الفجر دائما على الكتاب والسنة لم نجد فيهما ما يدل على شرعيته، بل يدل فيها ما جاء في حديث طارق بن أشيم - رضي الله عنه - على أنه لا يشرع هذا القنوت بصفة دائمة، وإنما يشرع عند النوازل في الدعاء على أعداء الله وفي الدعاء للمجاهدين في سبيل الله بالنصر في وقت معين وقت الحاجة، ثم يوقف ويمسك ولا يستمر، رزق الله التوفيق والهداية.

س: في صلاة الفجر وفي الركعة الأخيرة يقوم الإمام برفع يديه والدعاء، ومن وراءه يقولون: آمين. يؤمنون على ذلك، ما رأيكم في هذا (¬1)؟ ج: السنة عدم القنوت في الفجر إلا في النوازل، إذا نزل نازلة مثل جدب واستغاثوا، أو الدعاء على عدو لا بأس، عدو نزل بالمسلمين، أما كونهم يتخذونه عادة في الفجر، فالصواب أنه لا يشرع، وما كان النبي يفعل ذلك إلا عند الحاجة، لكن لو صليت مع أناس يقنتون لا بأس أن ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (382).

تؤمن معهم، لأن لهم شبهة، المسألة فيها خلاف بين العلماء، فإذا صليت مع جماعة يقنتون في الفجر، فلا بأس أن تصلي معهم، ولا بأس أن تؤمن على الدعاء معهم، لأن لهم شبهة في ذلك، ولأن بعض أهل العلم يرى ذلك.

باب السنن الرواتب

باب السنن الرواتب 108 - بيان عدد السنن الرواتب س: أرجو أن توضحوا لي عدد النوافل بعد وقبل كل صلاة مفروضة (¬1)؟ ج: النوافل التي حافظ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الفرائض اثنتا عشرة ركعة، هذه يقال لها: الرواتب، ويقال لها: النوافل التي حافظ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي أربعة قبل الظهر تسليمتات وركعتان بعد الظهر، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل صلاة الصبح، هذه الرواتب التي حافظ عليها المصطفى عليه الصلاة والسلام، والأفضل في البيت، وإن صلاها في المسجد فلا حرج، هذه يقال لها: الرواتب، وهي سنة مؤكدة في الحضر، أما في السفر فالأفضل تركها إلا سنة الفجر والوتر، فإن الوتر في السفر يصلى، وكذلك سنة الفجر، ويستحب قبل العصر أربعا، لكن ما هي براتبة، وقبل المغرب ثنتين، وقبل العشاء ثنتين، لكنها غير الرواتب، يقول النبي صلى الله ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (218).

عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬1)» ويقول: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب" ثم قال في الثالثة: "لمن شاء (¬2)» وقال: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (¬3)» وهذا يشمل المغرب والعشاء، فيستحب أن يصلي قبل المغرب ركعتين بعد غروب الشمس، وقبل العشاء ركعتين بعد الأذان، يصلي قبل العصر أربعا، هذه مستحبة لكن ما هي براتبة، لم يداوم عليها النبي عليه الصلاة والسلام، ولكنها مستحبة لأمره - صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838).

س: يقول السائل: ما هي النوافل التي على المرء أن يلازمها قبل وبعد الفرائض، وهل هناك عدد معين؟ ذلك أني أصلي خمس ركعات أحيانا قبل الظهر وأحيانا أربع ركعات، لذا أرجو التوجيه الرشيد، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: النوافل المشروعة مع الفرائض التي كان النبي صلى الله عليه ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (132).

وسلم يحافظ عليها - عليه السلام - ويلازمها اثنتا عشرة ركعة، هذه رواتب، وتسمى نوافل، كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحافظ عليها كما ثبت ذلك من حديث ابن عمر وعائشة وأم حبيبة وغيرهم - رضي الله عنهم، وهي أربع قبل الظهر تسليمتان، وثنتان بعد الظهر، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء، وثنتان قبل صلاة الصبح، هذه يقال لها: الرواتب، ويقال لها: النوافل المؤكدة. يقول ابن عمر رضي الله عنهما: «حفظت من الرسول - صلى الله عليه وسلم - عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الصبح، وكانت ساعة لا يدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها، حدثتني حفصة أنه كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين (¬1)» «وثنتين بعد صلاة الجمعة في بيته (¬2)» قال: «فأما المغرب والعشاء والفجر ففي بيته (¬3)» وقالت عائشة - رضي الله عنها: «كان يصلي قبل ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1181). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة وقبلها، برقم (937)، ومسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (882). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب التطوع بعد المكتوبة، برقم (1173)، ومسلم في كتاب المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، برقم (729).

الظهر أربعا، كان لا يدع أربعا قبل الظهر (¬1)» هذا مما حفظته عائشة وحفظته أم سلمة أيضا، فدل ذلك على أن الأكمل أربع قبل الظهر، وإن اقتصر على ثنتين كما قال ابن عمر - رضي الله عنهما - كفى ذلك، ولكن الأفضل مثل ما دل عليه حديث عائشة، وأم حبيبة رضي الله عنهما أنه يصلي أربعا قبل الظهر تسليمتين، فيكون الجميع ثنتي عشرة ركعة، هذا هو الكمال، وهذا هو المحفوظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن زاد على هذا، فصلى بعد الظهر أربعا بزيادة ثنتين بعد الظهر فهذا أيضا مستحب، تقول أم حبيبة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من صلى أربعا قبل الظهر وأربعا بعدها؛ حرمه الله على النار (¬2)» وفي لفظ آخر: «من حافظ على أربع قبل الظهر، وأربع بعدها حرمه الله تعالى على النار (¬3)» يعني ثنتين ثنتين كما في الحديث: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (¬4)» وهكذا يستحب أن يصلي أربعا قبل العصر، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1182). (¬2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (¬3) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (¬4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322).

وليست راتبة، ولكنها مستحبة، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬1)» وهكذا يصلي ثنتين قبل المغرب بعد الأذان، وثنتين قبل العشاء بعد الأذان، مستحبة أيضا، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة" ثم قال: "لمن شاء (¬2)» ليعلم الناس أن هذا ليس بواجب، ولكن مستحب، فهذه مستحبات وليست رواتب: ثنتين قبل المغرب، ثنتين قبل العشاء، أربع قبل العصر، كل هذه مستحبة وليست راتبة، ثنتين تكون زيادة على الراتبة بعد الظهر تكون أربعا، مستحبة كما تقدم في الأحاديث. كذلك سنة الضحى مستحبة دائما، ركعتان في الضحى هذه سنة مؤكدة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى بها جماعة من أصحابه سنة الضحى، وقال في حديث أبي ذر: «يصبح على كل سلامى من الناس صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى (¬3)» رواه مسلم في ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان، برقم (720).

صحيحه. فدل ذلك على أهمية الركعتين، وأنها تقوم مقام الصدقات التي على مفاصل الإنسان، وقال أبو هريرة رضي الله عنه، وأبو الدرداء كل واحد منهما يقول: «أوصاني رسول الله بصلاة الضحى. وفي لفظ آخر: بركعتي الضحى (¬1)» قالت عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى أربعا، ويزيد ما شاء الله (¬2)» فالحاصل أن سنة الضحى سنة مؤكدة، الرسول - صلى الله عليه وسلم - ربما فعلها، وربما تركها لئلا يشق على أمته، لكنه أوصى بها، ووصيته آكد من فعله، فدل ذلك على أنها متأكدة بجميع الأيام من ارتفاع الشمس إلى وقوف الشمس، وإذا اشتد الضحى، واشتدت الشمس يكون أفضل، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (¬3)» يعني حين يشتد الحر على أولاد الإبل، يعني: في علو الضحى وفي شدة ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1171). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (719). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748).

الضحى تكون أفضل، وإن صلاها بعد ارتفاع الشمس، فلا بأس.

س: تقول السائلة: أرجو من سماحتكم بيان السنن الراتبة وغير الراتبة والنوافل، وتوضيح هذا الأمر؛ لأنه يلتبس علينا مع عدد هذه الصلوات، مأجورين (¬1) ج: السنة الراتبة اثنتا عشرة: ثنتان قبل صلاة الصبح، وأربع قبل الظهر، وثنتان بعدها، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء. اثنتا عشرة، وإن صلى بعد الظهر أربعا كما صلى قبله أربعا فهو أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (¬2)» ويستحب له أن يصلي أربعا قبل العصر تسليمتين؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬3)» ويستحب أن يصلي ركعتين بين الأذان والإقامة بعد أذان المغرب، وبعد أذان العشاء ركعتين قبل الإقامة، لقوله صلى الله عليه وسلم -: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة" ثم قال: "لمن ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والسبعون من الشريط رقم (432). (¬2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430).

شاء (¬1)» وقال: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب" ثم قال في الثالثة: "لمن شاء (¬2)» ويستحب صلاة الضحى ركعتين أو أكثر أو أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر، سنة صلاة الضحى، والتهجد بالليل يصلي ما تيسر من الليل: ثلاثا، أو خمسا، أو سبعا، أو أكثر، والأفضل إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬3)» وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

بيان وقت السنن الراتبة

109 - بيان وقت السنن الراتبة س: يقول السائل: بالنسبة لصلاة الرواتب، ما هو عددها وما كيفية أدائها، وهل النافلة التي بعد الظهر يمتد وقتها إلى دخول أذان العصر أم لا؟ وهل بعد أذان العصر يمكن التنفل قبل الفريضة أم لا؟ كذلك بالنسبة للنافلة التي بعد صلاة المغرب هل يمتد وقتها إلى دخول أذان العشاء أم لا؟ وهل بعد أذان العشاء يمكن التنفل

قبل صلاة الفريضة أم لا (¬1)؟ ج: الرواتب التي شرعها الله - جل وعلا - مع الصلوات الخمس، وكان النبي يحافظ عليها - عليه الصلاة والسلام - في الحضر اثنتا عشرة ركعة: منها أربع قبل صلاة الظهر، بعد الزوال يسلم من كل ثنتين، وثنتان بعد الظهر تسليمة واحدة، هذه ست، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد صلاة العشاء، وثنتان قبل صلاة الفجر، هذه الرواتب التي كان يحافظ عليها - عليه الصلاة والسلام - في الحضر، أما في السفر، فكان يتركها - صلى الله عليه وسلم - إلا سنة الفجر، كان في السفر لا يصلي هذه الرواتب إلا سنة الفجر؛ لأنه كان يحافظ عليها سفرا وحضرا، ويشرع للمؤمن مع الصلوات الخمس سوى هذه الرواتب أن يصلي أربعا قبل العصر بعد دخول الوقت، أربع بتسليمتين؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬2)» وهذه ليست راتبة، «يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ربما صلى ثنتين قبل العصر، أو صلى أربعا قبل العصر (¬3)» لكن ليست راتبة، ولكنها مستحبة، إذا صلاها المؤمن أو ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (293). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (651)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب كيف كان تطوع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهار، برقم (598)، والنسائي في كتاب الإمامة، باب الصلاة قبل العصر وذكر اختلاف الناقلين، برقم (874)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة وفيها، باب ما جاء فيما يستحب من التطوع بالنهار، برقم (1161).

المؤمنة فهو أفضل، أربع قبل العصر تسليمتين، وثنتان قبل المغرب، هذه مستحبة بعد الأذان وقبل الإقامة ثنتان، كذلك بعد أذان العشاء يصلي ركعتين قبل صلاة العشاء، أفضل وليست من الرواتب، لكن يستحب إذا أذن المؤذن وهو جالس في المسجد أن يقوم ويصلي ركعتين قبل المغرب بعد أذان المغرب، وبعد أذان العشاء، وإن صلى أكثر فلا بأس، وكذلك يستحب له أن يتهجد في الليل بعد صلاة العشاء إلى آخر الليل، يتهجد بما يسر الله له ولو بركعة واحدة يوتر بها، وما زاد فهو أفضل، لو أوتر بثلاث أو بخمس أو بسبع، أو بأكثر، يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل، والأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة، وإن نقص أو زاد فلا بأس، يسلم من كل ثنتين تأسيا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، ولا بأس أن يتأخر في أداء الراتبة بعد الظهر، يمتد وقتها إلى أذان العصر، يصليها قبل العصر ولو تأخر، لكن قبل العصر قبل دخول وقت العصر، وهكذا المغرب لو أخر الراتبة ولم يصلها إلا

قبل غروب الشفق إلى قرب العشاء فلا بأس، لكن الأفضل أن يبادر بها قبل أن يعرض له عارض، هذه هو الأفضل وإلا فوقتها يمتد إلى أن يغيب الشفق الأحمر من جهة المغرب - يعني دخول وقت العشاء - كما أن وقت سنة الظهر البعدية يمتد إلى دخول وقت العصر، فإذا بادر بهذه وهذه قبل دخول وقت التي بعدها، فهذا هو الأولى له، حتى لا يعرض له عارض، والأفضل في بيته، إذا صلاها في بيته فهو أفضل، وإن صلاها في المسجد فلا بأس، لكن في البيت أفضل.

عدد الرواتب والتنبيه على أهميتها

110 - عدد الرواتب والتنبيه على أهميتها س: حدثونا عن النوافل الرواتب عن عددها وعن التنبيه إلى أهميتها، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الرواتب المحفوظة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يداوم عليها ويحافظ عليها اثنتا عشرة ركعة في الليل والنهار، هذه يقال لها: رواتب مع الفرائض: أربع قبل الظهر، وثنتان بعدها، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد صلاة العشاء، وثنتان قبل صلاة الصبح، هكذا جاءت الأحاديث الدالة على ذلك من حديث عائشة وابن عمر وأم ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (326).

حبيبة رضي الله عنهم وغيرهم، أربع قبل الظهر تسليمتين، وركعتان بعد الظهر تسليمة واحدة، وإن صلى أربعا بعد الظهر فهو أفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (¬1)» خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد حسن عن أم حبيبة رضي الله عنها، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء، وثنتان قبل صلاة الصبح. ذكر ذلك ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين، متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وذكر ذلك غير ابن عمر رضي الله عنهما، كعائشة رضي الله عنها وغيرها، ويستحب أيضا أن يصلي أربعا قبل العصر، جاء في الحديث «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬2)» و «روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه فعل ذلك، وقد ثبت عنه أنه فعل ذلك في بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام (¬3)» فالمقصود أنه يستحب أن يصلي أربعا قبل العصر تسليمتين، وهي لا تسمى راتبة، وهكذا بين الأذانين - يعني أذان المغرب - ركعتين، وبعد أذان العشاء ركعتين، هذه مستحبة، إذا أذن وهو في المسجد قام وصلى ركعتين، ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (651)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب كيف كان تطوع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهار، برقم (598)، والنسائي في كتاب الإمامة، باب الصلاة قبل العصر وذكر اختلاف الناقلين، برقم (874)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة وفيها، باب ما جاء فيما يستحب من التطوع بالنهار، برقم (1161).

وهكذا بعد أذان العشاء، أو دخل المسجد بعد الأذان صلى ركعتين تحية المسجد، وإن زاد عليها فلا بأس قبل الصلاة، أما الفجر فالسنة ركعتان قبلها فقط لا زيادة، ركعتان قبل الفجر إن صلاهما في البيت فهو أفضل، وإن أتى المسجد صلى ركعتي التحية قبل الصلاة، إذا جاء والإمام لم يقم الصلاة صلى ركعتين تحية المسجد، وإن صلاهما في المسجد كفتاه عن تحية المسجد؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر (¬1)» فإن فاتته صلاهما بعد الصلاة، إن فاتتا ولم يتيسر له أداؤهما قبل الفجر صلاهما بعد الفجر أو بعد طلوع الشمس. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله عنهم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، برقم (5777)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة، برقم (1278)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتين، برقم (419).

س: يقول السائل: أرجو ذكر الرواتب والسنن التي تصلى قبل كل صلاة وبعدها (¬1) ج: الرواتب التي حافظ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الصلوات الخمس اثنتا عشرة ركعة عليه الصلاة والسلام: أربع قبل الظهر ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (238).

تسليمتين، وثنتان بعد الظهر تسليمة واحدة، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء، وثنتان قبل صلاة الصبح. هذه اثنتا عشرة، كان يحافظ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحضر، أما في السفر فكان يتركها، أما سنة الفجر كان يصليها عليه الصلاة والسلام في السفر والحضر، وكان يتهجد بالليل ويوتر بالليل في السفر والحضر عليه الصلاة والسلام، ويستحب أربع قبل العصر وليست من الرواتب، لكن قال فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬1)» ويشرع أيضا لمن دخل المسجد أن يصلي تحية المسجد، وإذا وافقت الراتبة كفت الراتبة، مثلا من دخل بعد أذان الظهر وصلى أربع ركعات كفت عن الراتبة وعن تحية المسجد، وهكذا إذا دخل الفجر بعد الأذان وصلى سنة الفجر كفت عن تحية المسجد، وإذا نواهما جميعا فلا بأس، ويستحب أيضا بين كل أذانين صلاة، بين الأذان والإقامة، فلو كان صلى الراتبة بعد الزوال وتأخر الأذان ثم أذن شرع له أن يصلي ركعتين بين الأذانين زيادة على الراتبة التي صلاها بعد الزوال لكن قبل الأذان، وهكذا لو صلى راتبة الفجر في البيت، ثم جاء إلى المسجد شرع له أن ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430).

يصلي ركعتين تحية المسجد إذا كان وجد الإمام لم يدخل في الصلاة، وهكذا إذا أذن المؤذن وهو في المسجد بعد المغرب شرع له أن يصلي ركعتين قبل الصلاة، وهكذا إذا أذن المؤذن لصلاة العشاء، وهو في المسجد شرع له أن يصلي ركعتين قبل الصلاة، وإذا دخل بعد الأذان وصلى تحية المسجد كفت، وإن صلى زيادة فلا بأس.

السنن الرواتب وكيفية أدائها

111 - السنن الرواتب وكيفية أدائها س: ما هي السنن الرواتب؟ وإذا كان هناك أربع ركعات مثلا قبل الظهر وقبل العصر، فهل أسلم من كل ركعتين أم كيف يكون الحال؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: السنن الرواتب اثنتا عشرة ركعة: منها أربع قبل الظهر تسليمتان، وثنتان بعدها تسليمة واحدة، وثنتان بعد المغرب تسليمة واحدة، وثنتان بعد العشاء تسليمة واحدة، وثنتان قبل صلاة الفجر تسليمة واحدة، كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام في الحضر، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: «من صلى ثنتي عشرة ركعة تطوعا في اليوم والليلة، بني له ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (319).

بهن بيت في الجنة (¬1)» وجاء في حديث من الأحاديث تفسرها اثنتا عشرة بهذه الركعات الرواتب، فمن حافظ عليها فهو على خير عظيم، وفي هذا الحديث أنه موعود بالجنة إذا صلاها في اليوم تطوعا بنى الله له بيتا في الجنة، وهي كما تقدم أربع قبل الظهر، يسلم من كل ثنتين، وثنتان بعد الظهر - يعني ركعتين - وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل صلاة الصبح. هذه يقال لها: الرواتب، فإن صلى بعد الظهر أربعا كان أفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (¬2)» لكنها ليست راتبة أربعا بعد الظهر، الراتبة ثنتان، فإذا زاد وصلى ثنتين عملا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - كان هذا خيرا؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين رضي الله عنها، أنها سمعت النبي يقول عليه الصلاة والسلام: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله تعالى على النار (¬3)» ويستحب أيضا أن يصلي أربعا قبل العصر ليست راتبة، لكن يستحب أن يصليها تسليمتين لقوله صلى الله ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، وبيان عددهن، برقم (728). (¬2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (¬3) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816).

عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬1)» رواه أحمد والترمذي والجماعة بسند صحيح، عن ابن عمر رضي الله عنهما، ويستحب أيضا أن يصلي بين كل أذانين صلاة، بين أذان المغرب والإقامة، وأذان العشاء والإقامة ركعتين؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة" وقال في الثالثة: "لمن شاء (¬2)» وقال: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب" ثم قال: "لمن شاء (¬3)» وكان الصحابة رضي الله عنهم يصلون بعد المغرب ركعتين، وبعد أذان المغرب ركعتين قبل أن تقام الصلاة، هذه سنة ليست رواتب لكن سنة، أربعا بعد الظهر سنة وليست راتبة، الراتبة ثنتان، أربعا قبل العصر تسليمتين سنة، لكن ليست راتبة. يعني: ما كان النبي يحرص ويحث عليها، لكن إذا حافظ عليها المؤمن لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬4)» كان هذا أفضل، الواحد إذا حافظ عليها قبل العصر، عملا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -، ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183). (¬4) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430).

وهكذا إذا صلى بين أذان المغرب والإقامة ركعتين، وبين أذان العشاء والإقامة ركعتين كان هذا أفضل، وهكذا الضحى سنة بعد ارتفاع الشمس إلى وقوفها، يصلي ركعتين أو أربعا أو أكثر، كان النبي يفعلها - صلى الله عليه وسلم - بعض الأحيان، وأوصى بها جماعة من الصحابة، سنة الضحى، وهي مستحبة في السفر والحضر، وهكذا التهجد في الليل بعد صلاة العشاء، يصلى ما يسر الله له، ويوتر بواحدة، يصلي ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو تسعا أو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، أو أكثر، يصلي ما تيسر له في أول الليل، أو في وسط الليل، أو في آخر الليل تأسيا بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه كان يتهجد بالليل عليه الصلاة والسلام، ويوتر بواحدة عليه الصلاة والسلام، وكان - صلى الله عليه وسلم - قد أوتر في أول الليل، وفي بعض الأحيان في وسط الليل، ثم استقر أخيرا اجتهاده وتهجده ووتره في آخر الليل عليه الصلاة والسلام، وهو الأفضل إذا تيسر، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (¬1)» وأقل هذا ركعة ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).

واحدة، أقل شيء ركعة واحدة يوتر بها بعد العشاء، بعد سنة العشاء، وإذا أوتر بثلاث فهو أفضل، وإذا أوتر بأكثر فهو أفضل، يسلم من كل ثنتين، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغالب يتهجد بإحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة في آخر الليل، وربما صلى ثلاث عشرة يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، وهذا هو الأفضل، وإن سرد ثلاثا جميعا ولم يجلس إلا في آخرها أو خمسا جميعا ولم يجلس إلا في آخرها فلا حرج، فقد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو من السنة، وإن سرد سبعا كذلك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – فعل مثل هذا، سرد سبعا جميعا في بعض الليالي، وفي بعض الليالي يجلس في السادسة يقرأ التشهد الأول، ثم يقوم يأتي بالسابعة، وإن سرد تسعا جميعا كذلك لا بأس، لكن يجلس في الثامنة، كان يجلس في الثامنة يقرأ التشهد الأول، ثم يقوم يأتي بالتاسعة، لكن الأفضل مثل ما تقدم أنه يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي إحدى عشرة في الليل، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة (¬1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل مثنى مثنى - يعني ثنتين ثنتين - فإذا خشي أحدكم ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في ركعتي الفجر، برقم (1164)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (765).

الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬1)» هذا هو الأفضل، وإذا خاف ألا يقوم من آخر الليل - مثل ما تقدم - يصلي أول الليل قبل أن ينام، يصلي ثلاثا أو خمسا أو أكثر، يسلم من كل ثنتين احتياطا خوفا ألا يقوم من باب الحزم، وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

بيان وقت راتبة الظهر والترغيب فيها

112 - بيان وقت راتبة الظهر والترغيب فيها س: سمعت أن هناك صلاة نوافل راتبة، وهي ثنتا عشرة ركعة، ومنها قبل الظهر وبعده، وبعد المغرب، والسؤال: هل التي تكون قبل الظهر معنى ذلك أنه بعد أذان الظهر أم قبل أن أصلي أم قبل الأذان؟ أفتوني في وقتها بالذات، وعن هذه النوافل جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الرواتب مثل ما ذكر السائل الصواب أنها اثنتا عشرة ركعة: منها أربع قبل الظهر، وثنتان بعد الظهر، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء، وثنتان قبل صلاة الصبح. هذه يقال لها: الرواتب، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام، وصح عنه عليه ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (83).

الصلاة والسلام أنه قال: «من صلى ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة" وفي رواية: "تطوعا (¬1)» وزاد الترمذي رحمه الله: تفسير ذلك بهذه الرواتب. فالمشروع للمؤمن والمؤمنة الحفاظ على هذه الرواتب حتى يقتدي بالرسول - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، ويتأسى به في ذلك عليه الصلاة والسلام، أربع قبل الظهر - يعني بعد الزوال - ولو قبل الأذان ما دام زالت الشمس، إذا صلاها حصل المطلوب أو صلاها بعد الأذان المشروع أن تكون قبل الفريضة تسليمتين وتسليمة بعدها، ويصلي ثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح، هذه الرواتب. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، وبيان عددهن، برقم (728).

س: صلاة سنة العشاء والعصر والظهر أربع ركعات، شاهدت بعض الناس في المسجد يصلون سنة العشاء والعصر والظهر أربع ركعات، أولا يصلون ركعتين، ثم يتمون ويسلمون ويمشون خطوة نحو اليمين أو اليسار أو الخلف ويصلون الركعتين الباقيتين، هل هذه الصلاة صحيحة، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يفعلها أم لا (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (40).

ج: أما الظهر فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يدع أربعا قبل الظهر (¬1)» رواه البخاري في الصحيح. وجاء أيضا في حديث أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها عند الترمذي، أنه ذكر عليه الصلاة والسلام كان يحافظ على ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة، وذكر منها أربعا قبل الظهر، فأربع قبل الظهر مستحبة، والأفضل أن تكون ركعتين ركعتين؛ للحديث الصحيح: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (¬2)» أما التقدم والتأخر والأخذ من اليمين والشمال، فهذا جاء في بعض الأحاديث الضعيفة، ولا أعلم في الباب ما يدل على السنية، وإنما جاء في بعض الأحاديث الضعيفة يتقدم أو يتأخر، أو يأخذ يمينه أو شماله، قال بعض أهل العلم لأجل شهادة البقاع بهذه العبادة، ولكن لا أعلم في أنه ثبت في هذا شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذا صلى الراتبة في محل واحد فلا بأس في هذا، ولا أعلم دليلا على استحباب التحول من مكانه إلى الركعتين الأخيرتين لا عن يمين ولا عن شمال ولا عن خلف، فإن فعل فلا حرج، ولا أعلم ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1182). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322).

بأسا في ذلك، لكن لا أعلم دليلا على أن هذا مستحب، وأنه قربة وهكذا الصلوات الأخرى، إذا صلى أربعا قبل العصر فهي سنة؛؛ لأنه ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬1)» أخرجه أحمد والترمذي وجماعة، ولا بأس بإسناده، أما المغرب فالسنة بعدها ركعتان فقط؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بعدها ركعتين، وهكذا العشاء السنة بعدها ركعتين راتبة، ومن صلى زيادة فلا بأس، من صلى كثيرا بعد المغرب فهي محل صلاة، لو صلى عشرا أو عشرين لا حرج في ذلك، السنة الراتبة التي كان يحافظ عليها - صلى الله عليه وسلم - ركعتان فقط بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، هذا المحفوظ عنه عليه الصلاة والسلام، والتي كان يحافظ عليها، وهكذا الفجر ركعتان قبل الفجر كان يركعهما في بيته، ثم يخرج إلى الصلاة عليه الصلاة والسلام، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من صلى ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة تطوعا بنى الله له بيتا في الجنة (¬2)» رواه مسلم في الصحيح، ورواه الترمذي وزاد: «أربعا قبل ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، وبيان عددهن، برقم (728).

الظهر، وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح (¬1)» وهذه تسمى الرواتب، رواه ابن عمر عشرا، وذكر قبل الظهر ركعتين، وذكرت عائشة وغيرها ما يدل على أنها ثنتا عشرة ركعة، وأن قبل الظهر أربعا، وبهذا تكون الرواتب ثنتي عشرة ركعة، ولعل وجه الجمع بين الحديثين أنه - صلى الله عليه وسلم - ربما صلى قبل الظهر ركعتين كما قال ابن عمر، وتكون الرواتب عشرا، وربما صلى قبلها أربعا كما قالت عائشة وغيرها، فلا منافاة بين الحديثين ولا خلاف في الحقيقة. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة لمن السنة ... برقم (414)، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة ... ، برقم (1794)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في ثنتي عشرة ركعة من السنة برقم (1140).

س: السائلة م. ع تقول: ورد في الأثر أن النبي صلى الله وسلم كان يصلي أربعا ركعات قبل الظهر، وأربع ركعات قبل العصر، فهل يكون ذلك قبل الأذان أم بعده (¬1)؟ ج: هذا ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث صحيحة أنه كان يصلي أربعا قبل الظهر بعد الزوال - يعني بعد الأذان - تسمى راتبة تسليمتين، وبعدها ركعتين تسليمة، هذه راتبة، وإن صلى بعدها أربعا كان ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (421).

أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (¬1)» يعني بعد الزوال. وهكذا قبل العصر يصلي أربعا، جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - «أنه كان يصلي أربعا (¬2)» وفي الحديث الصحيح أنه قال: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬3)» يعني تسليمتين. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (651)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب كيف كان تطوع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنهار، برقم (598)، والنسائي في كتاب الإمامة، باب الصلاة قبل العصر وذكر اختلاف الناقلين، برقم (874)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة وفيها، باب ما جاء فيما يستحب من التطوع بالنهار، برقم (1161). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430).

حكم صلاة أربع ركعات متصلة قبل الظهر

113 - حكم صلاة أربع ركعات متصلة قبل الظهر س: بالنسبة لنافلة الظهر هل لها تشهد أوسط أم تكون أربع ركعات متصلة؟ أفيدونا أفادكم الله (¬1) ج: السنة ركعتان ركعتان، يصلي ركعتين ثم يسلم، ثم ركعتين ويسلم؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (¬2)» فأربع قبل الظهر تسليمتين، وأربع بعدها بتسليمتين، وإن صلى بعدها ركعتين فقط الراتبة فلا بأس، وإن زاد وصلى أربعا بعدها فهو ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (373). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322).

أفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله عن النار (¬1)» وكان - صلى الله عليه وسلم - يصلي أربعا قبلها، واثنتين بعدها، هذه الراتبة، من زاد وصلى أربعا قبلها وأربعا بعدها صارت ثمانيا، قبلها أربع وبعدها أربع كان ذلك أفضل، وله هذا الخير، من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله تعالى عن النار. فيكون ثنتين ثنتين، يسلم من كل ثنتين، هذا هو السنة. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816).

بيان فضل راتبة الظهر وكيفية أدائها

114 - بيان فضل راتبة الظهر وكيفية أدائها س: المستمع يقول: أسأل عن الصلاة الرباعية التي قبل صلاة الظهر والرباعية التي بعدها، ما فضل هذه الراتبة، وإذا صليت قبل الصلاة أربعا بتسليمة واحدة هل ذلك جائز أم لا (¬1)؟ ج: السنة قبل الظهر أربع ركعات راتبة، كان النبي يداوم عليها - صلى الله عليه وسلم -، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدع أربعا قبل الظهر، وثنتين بعدها (¬2)» فالسنة أن يصلي أربعا ¬

_ (¬1) السؤال من الشريط رقم (431). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1182).

قبل الظهر بتسليمتين، وبعدها بتسليمة، وإن صلى بعدها أربعا فهو أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (¬1)» هذا هو الأفضل: أربع قبلها وأربع بعدها بتسليمتين، وجمعهما في تسليمة واحدة مكروه، فالسنة أن يصلي الأربع بتسليمتين قبلها وبعدها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (¬2)» هذا هو السنة، وهكذا قبل العصر يصلي أربعا بتسليمتين، هذا هو الأفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬3)» يعني ثنتين ثنتين. وهكذا يصلي بعد العشاء ثنتين، وبعد المغرب ثنتين؛ لفعله - صلى الله عليه وسلم -، وقبل الفجر ثنتين، وإذا صلى بين العشاءين ركعات كثيرة أو في الليل فليس لها حد محدود؛ لأنه محل عبادة، محل تطوع، لكن الأفضل في الليل إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة هذا هو الأفضل، وإن صلى أربعين أو خمسين أو مائة أو أكثر، وأوتر بواحدة فلا بأس لقوله ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430).

صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬1)» ولم يحدد، لكن الأفضل الاقتصار على ما فعله - صلى الله عليه وسلم -، وهو ثلاث عشرة أو إحدى عشرة - صلى الله عليه وسلم - في رمضان وفي غيره. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

س: تستفسر هذه السائلة عن الصلاة بعد فريضة الظهر وقبلها، هل تجوز أربع ركعات (¬1)؟ ج: السنة الراتبة أربع قبلها تسليمتين، وثنتين بعدها، هذه الراتبة التي كان يحافظ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن إذا صلى بعدها أربعا يكون أفضل إذا صلى بعدها بتسليمتين يكون أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (¬2)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن أم حبيبة رضي الله عنها. أما الراتبة فأربع قبلها وثنتان بعدها، هذه الراتبة التي كان يواظب عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - تسليمتان قبلها وتسليمة واحدة بعدها، ولكن متى صلى تسليمتين بعدها كان أفضل ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (413). (¬2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816).

للحديث السابق.

س: كيف تصلى الأربع ركعات قبل الظهر بسلام أم بسلامين (¬1)؟ ج: السنة بسلامين في الظهر وغيرها، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل والنهار مثنى مثتنى (¬2)» فيصلي أربعا قبل الظهر بتسليمتين وأربعا قبل العصر بتسليمتين، هذا هو السنة، وأربعا بعد الظهر بتسليمتين، هذا هو الأفضل. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والخمسون من الشريط رقم (424). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322).

حكم أداء الراتبة بعد الإقامة

115 - حكم أداء الراتبة بعد الإقامة س: تسأل أختنا فتقول: هل السنن الرواتب لا تؤدى بين الصلاة والإقامة أم يجوز أن تؤدى بعد الإقامة كراتبة الظهر، هل يجوز أن تؤدى بعد الإقامة ثم بعد ذلك تؤدى الفريضة أم لا بد أن تؤدى الفريضة إذا تمت الإقامة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (316).

ج: يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (¬1)» يعني أن ما بعد الإقامة ما فيه نافلة، إذا أحرم قبل الإقامة ثم أقيمت يقطع الصلاة، فالمقصود أن ما بعد الإقامة لا نافلة فيه، يتهيأ للفريضة؛ ولهذا يقول - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (¬2)» فإذا أقيمت الصلاة وهو في النافلة فإنه يقطعها ويتهيأ للفريضة إلا إذا كان في آخرها قد انتهى من الركوع الثاني، قد ركع الركوع الثاني، كملها لأنها انتهت حينئذ. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، برقم (710). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، برقم (710).

حكم صلاة الراتبة قبل الأذان

116 - حكم صلاة الراتبة قبل الأذان س: تقول السائلة: هل يجوز أن أصلي سنة قبلية قبل الأذان بنصف ساعة أو بربع ساعة أو أكثر أو أقل؟ أرجو توجيهي - جزاكم الله خيرا - ولا سيما في صلاة المغرب (¬1) ج: السنن القبلية تكون بعد دخول الوقت، سنة المغرب القبلية، والعصر القبلية، والظهر القبلية، والفجر والعشاء، كل هذا بعد دخول ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (134).

الوقت، أما الصلاة قبل دخول الوقت فهذه من باب التطوع، فلا بأس أن يصلي الإنسان في أوقات ليس فيها نهي، كما لو صلى الضحى قبل وقوف الشمس، أو صلى قبل العصر قبل دخول الوقت، هذا يكون تطوعا، أما الصلاة قبل المغرب فهذا وقت نهي، لا يصلي تطوعا إلا لأسباب مثل صلاة الكسوف، وصلاة الطواف لمن طاف بعد العصر، أو تحية المسجد، كذلك الصلاة قبل العشاء تطوع لا بأس بها،؛ لأنه ليس وقت نهي، وإنما تكون سنة العشاء إذا كان بعد دخول الوقت بعد غروب الشفق تكون سنة العشاء القبلية، ولا تكون راتبة السنة قبل العشاء، ليست راتبة ولكنها سنة؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب" ثم قال في الثالثة: "لمن شاء (¬1)» وقال: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة" قال في الثالثة: "لمن شاء (¬2)» فدل ذلك على استحباب الصلاة قبل العشاء وقبل المغرب لهذه الأحاديث. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838).

س: السائل الذي أرسل بهذه الرسالة والسائلة رمزت لاسمها بـ س. م. ش من مدينة تنومة تقول: هل يجوز لي أن أصلي السنن الرواتب قبل الأذان (¬1)؟ ج: السنة الرتبة بعد الأذان، سنة الظهر قبلها أربع، وبعدها اثنتان أو أربع، والفجر بعد طلوع الفجر سنة الراتبة ركعتان، أما المغرب والعشاء فسنتهما بعدهما بعد المغرب ركعتان، وبعد العشاء ركعتان، وإذا صلى قبل العصر يصليها بعد دخول الوقت أربع ركعات والأفضل بتسليمتين، إذا أذن المؤذن، إذا دخل وقت العصر يصلي أربع ركعات بتسليمتين أفضل، أما صلاتها قبل الوقت فلا، ما تنفع، ما تصير راتبة إذا صلاها قبل الوقت، صلاها قبل العشاء، قبل أذان العشاء تكون تبع الصلاة بين المغرب والعشاء، أو صلى قبل الظهر قبل وقت الظهر، إذا كان قبل وقوف الشمس تبع صلاة الضحى، وإن كان عند وقوف الشمس هذا وقت نهي لا يصلى فيه الصلاة العادية إلا ذوات الأسباب. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (395).

س: هل يجوز أن أصلي السنة القبلية أو البعدية قبل وبعد الصلاة بنصف ساعة أو ساعة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (422).

ج: لا حرج ما دام دخل الوقت، السنة القبلية أو البعدية في الوقت لا بأس، ولو تأخرت عن الصلاة أو تقدمت إذا كان بعد الزوال سنة الظهر وبعد الظهر قبل العصر كله طيب.

حكم صلاة السنن الرواتب جماعة

117 - حكم صلاة السنن الرواتب جماعة س: السائل ف م. بالرياض يقول: هل تجوز صلاة النافلة الراتبة جماعة مثل راتبة الظهر أو العصر (¬1)؟ ج: المشروع أنها غير جماعية، الراتبة تصلى فردية، كل واحد يصلي عن نفسه، ما يصليها جماعة، لكن لو فعلها ناس جماعة فصحيحة، لكن السنة أن يصليها كل واحد عن نفسه، ما نحفظ عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أنهم صلوها جماعة، فيصلي سنة الظهر وحده، وسنة الفجر وحده، وسنة المغرب كذلك، ما يحتاج إلى جماعة. أما صلاة الضحى فقد فعلها النبي عليه الصلاة والسلام جماعة بعض الأحيان لما زار بعض أصحابه، فلا بأس. أما السنة الراتبة: سنة الفجر، سنة المغرب، سنة العشاء، سنة الظهر، فلا أعلم أن الرسول فعلها جماعة، ولا أن بعض الصحابة فعلها جماعة، لا يحضرني في هذا ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (387).

شيء، والأفضل للمؤمن أن يصليها مستقلا فردا وحده.

بيان فضل صلاة الراتبة في البيت

118 - بيان فضل صلاة الراتبة في البيت س: السائل ع من المدينة النبوية يقول: أنا من سكان المدينة النبوية والحمد لله على هذه النعمة إذا أديت صلاة الفريضة في المسجد النبوي، وسؤالي عن الراتبة البعدية، فأنا في حيرة بين الحديثين: الأول «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة (¬1)» الحديث. والآخر: «صلاة الرجل في بيته أفضل إلا المكتوبة (¬2)» وجهونا سماحة الشيخ (¬3) ج: السنة للمؤمن أن يصلي الراتبة في بيته، هذا هو الأفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (¬4)» هكذا علم أصحابه في المدينة في مسجده الشريف، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، برقم (1190)، ومسلم في كتاب الحج، باب الصلاة بمسجدي مكة والمدينة، برقم (2394). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب صلاة الليل، برقم (731)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (781). (¬3) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (389). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب صلاة الليل، برقم (731)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (781).

وصلاتك في البيت أفضل من صلاتك في المسجد، لك أجر عظيم لأنك امتثلت أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأطعت توجيهه عليه الصلاة والسلام، فإذا صليت الفريضة في المسجد فالرواتب تكون في البيت أفضل إذا كانت في المسجد بألف صلاة ففي البيت أكثر؛ لأنك أطعت الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وامتثلت السنة، وهكذا في مكة، وهكذا في كل مكان، ويلحق بالمكتوبة ما شرعت له الجماعة مثل صلاة التراويح في المسجد أفضل، مثلا صلاة الكسوف، صلاة الجنازة في المساجد والمصليات أفضل من البيت.

حكم صلاة النافلة في المكتب

119 - حكم صلاة النافلة في المكتب س: هل النافلة في المكتب الذي يعمل فيه الموظف لمدة سبع ساعات يوميا أفضل من المسجد ويعد كالبيت أم لا؟ (¬1) ج: إذا كانت صلاته في المكتب لا تعطل عملا بل هو عنده فراغ فذلك مستحب، يتنفل بصلاة الضحى هذا أمر طيب، أما إن كانت صلاته قد تعطل عملا أو تنقص العمل فلا؛ يستمر في عمله ويكفي، وصلاته في مكتبه تشبه صلاته في البيت إذا كان ذلك لا يعطل عملا ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (290).

ولا يضر عملا ولا ينقص عملا بل عنده فراغ، فهذا عمل طيب، انتهاز الفرص في الخير والحرص على الخير أمر مطلوب في المكتب، وفي السفر وفي الحضر، وفي كل مكان، كون المؤمن ينتهز الفرص بالتسبيح والتهليل والتحميد، وقراءة القرآن، وصلاة النافلة، والدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى غير ذلك، هذا هو الشيء المطلوب أينما كان بشرط أن يكون ذلك لا يضر عملا لازما له ولا يعطله.

حكم ترك بعض السنن الراتبة

120 - حكم ترك بعض السنن الراتبة س: هذه السائلة س. ص من الرياض تقول: سماحة الشيخ، نحن في المدرسة مجموعة من المعلمات نصلي تباعا على سجادتين، وعندما أريد الصلاة يكون خلفي من ينتظر لانتهائي من الصلاة، فأقوم بترك بعض السنن خاصة صلاة الظهر، وقد لا أصلي السنن حتى تستطيع الزميلات الأخريات الصلاة بعدي، فكيف أقضي هذه السنن، وهل أكون آثمة في ذلك؟ (¬1) ج: السنن نوافل: سنة الظهر، وسنة المغرب، والعشاء، والفجر، كلها نوافل ما فيها إثم، والحمد لله، لكن السنة المحافظة عليها، لو صليتها في ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (426).

محلك كان أحسن، ثم أختك في الله تصلي مثلك، لا تعجلي، صلي الفريضة والراتبة، ثم أختك في الله تفعل مثلك، لا تعجلي، صلي الفريضة والراتبة ولا تعجلي، والوقت بحمد الله واسع بعد الظهر، هذا فيه خير عظيم، ولا يشرع التساهل في هذا، بل السنة أن تصلي قبل الظهر أربع ركعات بتسليمتين، وبعد الظهر تسليمة واحدة، وإن صليت تسليمتين بعد الظهر كان أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (¬1)» هذا فضل عظيم، فالأفضل أن تصلي تسليمتين قبل الظهر، وتسليمتين بعدها، الرجل والمرأة، وإذا صليت في مكانك، ثم بعد ذلك تصلي أختك في الله كله طيب، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816).

حكم راتبة الظهر قبل صلاة الجمعة

121 - حكم راتبة الظهر قبل صلاة الجمعة س: سنة الظهر الراتبة القبلية أربع، فهل تكون هذه الركعات الأربع الراتبة قبل صلاة الجمعة أيضا أم هي راتبة للظهر فقط، ومتى يكون وقتها، وهل في ذلك خلاف؟ نرجو ذكر الراجح مع الدليل، جزاكم الله خيرا. (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (210).

ج: هذه الأربع سنة الظهر، قالت عائشة رضي الله عنها: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدع أربعا قبل الظهر (¬1)» وهكذا جاء عن أم حبيبة رضي الله عنها. السنة للمؤمن والمؤمنة أن يصلي كل منهما أربعا قبل الظهر راتبة تسليمتين بعد الزوال، بعد أذان الظهر يسلم تسليمتين، هذا هو الأفضل، وبعدها تسليمة واحدة، وإن صلى بعدها أربعا بتسليمتين فهو أكمل وأفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «ومن حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (¬2)» أما الرواتب التي حافظ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - فهي ست: أربع قبل الظهر، وثنتان بعدها، لكن من زاد ركعتين وصلى أربعا بعد الظهر كان ذلك مزيد خير وفضل، وأما الجمعة فليس لها راتبة قبلها، لكن يصلي المؤمن ما تيسر أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له (¬3)» ولم يحدد - صلى الله عليه وسلم - دل ذلك على أنه ليس لهذا حد محدود ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1182). (¬2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857).

بل يصلي ما قدر الله له: ركعتين، أو أربع ركعات، أو ست ركعات، أو ثماني ركعات، لكن السنة أن يسلم من كل اثنتين؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (¬1)» هكذا جاء في الرواية في السنن «صلاة الليل والنهار (¬2)» زيادة النهار وهي رواية جيدة لا بأس بها تدل على استحباب الصلاة النهارية ثنتين ثنتين كالليل. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322).

الترغيب في النوافل الرواتب وغيرها

122 - الترغيب في النوافل الرواتب وغيرها س: الأخت أ. م. ع. من مكة المكرمة تقول: أفيدكم بأنني أصلي قبل العصر بحوالي عشر دقائق أربع ركعات، وقبل الظهر أيضا أصلي أربع ركعات، وبعده أصلي ركعتين، وأصلي قبل المغرب ركعتين سنة الوضوء، وآخر الليل أصلي الوتر الساعة الثانية عشرة إلى الواحدة، وقبل أذان الفجر أصلي ركعتين، والسؤال: ما حكم تلك الصلوات المذكورة؟ (¬1) ج: كل هذا سنة، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والخمسون من الشريط رقم (428).

العصر أربعا (¬1)» وكان يصلي أربعا قبل الظهر عليه الصلاة والسلام، وثنتين بعدها، وإن صلى بعد الظهر أربعا فهو أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (¬2)» فإذا صلى بعدها أربعا وقبلها أربعا - الظهر - فهذا أفضل. أما الراتبة فثنتان تسليمة واحدة بعد الظهر، وقبلها تسليمتان، هذه الراتبة ست ركعات: قبلها أربع، وبعدها ثنتان، لكن لو صلى بعدها أربعا فهو أفضل، وبعد أذان المغرب ركعتين، وبعد أذان العشاء ركعتين، هذا أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، لمن شاء (¬3)» وفي اللفظ الآخر: «صلوا قبل المغرب " ثم قال: " لمن شاء (¬4)» دل على أنها مستحبة، وبعد العشاء ركعتين راتبة، وقبل الفجر ركعتين راتبة، يصلي قبل الفجر ركعتين بعد طلوع الفجر راتبتها. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (¬2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183).

بيان وقت الركعات الأربع التي قبل العصر

123 - بيان وقت الركعات الأربع التي قبل العصر س: السائل ح. ز. من جدة يقول: الأربع ركعات التي قبل العصر التي قال - صلى الله عليه وسلم - فيها: «رحم الله رجلا صلى قبل العصر أربعا (¬1)» هل هي قبل دخول وقت صلاة العصر أم قبل الإقامة لصلاة العصر؟ (¬2) ج: هذه الأربع بعد دخول الوقت وقبل الصلاة: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬3)» يعني قبل صلاة الفريضة، يصليها بعد دخول الوقت بعد دخول وقت العصر، يصليها قبل الإقامة أربعا، تسليمتان. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (403). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430).

س: ثبت عن سيد المرسلين قوله - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬1)» وحرم الله النار على رجل صلى أربعا قبل الظهر وأربعا بعد الظهر. أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -، فهل هذه الثمان ركعات التي قبل الظهر وبعده هي الراتبة، وهل الأربع ركعات التي قبل العصر هي التي تصلى بعد سماع الأذان وقبل الفريضة أم تصلى قبل ذلك كله؟ أرجو ¬

_ (¬1) سنن الترمذي الصلاة (430)، سنن أبي داود الصلاة (1271)، مسند أحمد (2/ 117).

إفادتنا بذلك بارك الله فيكم. (¬1) ج: الأربع ركعات التي قبل العصر تصلى بعد دخول الوقت؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬2)» فظاهر الحديث أنها قبله، يعني بعد دخول الوقت، وهذه ليست راتبة ولكنها مشروعة؛ لأن الرسول ندب إليها عليه الصلاة والسلام، ودعا لصاحبها، وهي سنة وقربة وطاعة بعد دخول الوقت، وتصلى ثنتين ثنتين، هذا هو السنة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (¬3)» يعني ثنتين ثنتين، هذا هو السنة، أما أربع قبل الظهر وأربع بعدها فإنه يدخل فيها الراتبة، الراتبة المحفوظة عنه - صلى الله عليه وسلم - أربع قبل الظهر وثنتان بعدها، جاء ذلك من حديث عائشة رضي الله عنها ومن حديث أم حبيبة رضي الله عنها، ومن أحاديث أخرى، والمعنى: التسليمتان، وتسليمة واحدة بعدها. وجاء في حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله تعالى عن ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (230). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322).

النار (¬1)» فهذه الثماني تكون فيها الراتبة، الست التي فيها الراتبة داخلة فيها، فإذا صلى أربعا قبل الظهر وصلى أربعا بعدها حصل بذلك المقصود، الراتبة وزيادة ركعتين، كلها فيها فضل عظيم وخير كبير. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816).

حكم المداومة على أربع ركعات قبل العصر

124 - حكم المداومة على أربع ركعات قبل العصر س: ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬1)» هل تجب المداومة عليها للحصول على الرحمة أم لا؟ (¬2) ج: هذا مستحب، يدل على الاستحباب، فهو حديث جيد لا بأس به، حديث صحيح يدل على شرعية الصلاة أربعا قبل العصر تسليمتين، هذا هو الأفضل، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (¬2) السؤال العشرون من الشريط رقم (310).

حكم الصلاة بعد صلاة العصر

125 - حكم الصلاة بعد صلاة العصر س: يقول السائل: هل هناك سنة بعد صلاة العصر، وهل تجوز

الصلاة قبل الغروب؟ (¬1) ج: ليس هناك سنة بعد العصر، فقد نهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس إلا لمن عليه فوائت، هذا يقضيها ولو بعد العصر لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك (¬2)» فلو تذكر بعد العصر أن عليه الظهر نسيها صلاها، أو عليه الفجر نسيها صلاها، أو غير ذلك، وهكذا لو أن إنسانا دخل المسجد أو طاف بعد العصر في مكة، صلى تحية المسجد وصلى ركعتي الطواف، وهكذا لو كسفت الشمس بعد العصر، هذه من ذوات الأسباب تصلى بعد العصر، أما سنة راتبة بعد العصر فلا، إلا خاصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد صلى بعد العصر ركعتين بسبب أنه شغل عنها بعد الظهر، ثم أثبتها، وسئل عنها: هل نقضيهما؟ قال: لا. وأخبرت عائشة أنه أثبتها، كان يصليها بعد العصر، ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (249). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكر ولا يعيد إلا تلك الصلاة ..... ، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684).

هذا شيء خاص به عليه الصلاة والسلام. وقبل الغروب ليس فيه صلاة إلا مثل ما تقدم الشيء الذي يعرض من ذوات الأسباب، كالكسوف، والطواف بمكة، وتحية المسجد.

حكم الصلاة قبل العصر

126 - حكم الصلاة قبل العصر س: إذا صليت سنة العصر أو أي فرض القبلية قبل الأذان، وعندما أذن العصر صليت أربع ركعات فرض العصر، فهل السنة القبلية تكتب لي قبلية العصر، أم يجب أن أصليها بعد الأذان؟ أرجو التوضيح. (¬1) ج: السنة نافلة، ما هي بفرض، يستحب أربع قبل العصر، بعد دخول وقت العصر تسليمتين، وإذا صليت قبل الأذان بين الظهر والعصر صلوات ولو مائة ركعة لا بأس، الوقت - الحمد لله – وقت واسع، ولا فيه منع، لو صلى الإنسان بعد الظهر ركعات كثيرة عشر ركعات عشرين ركعة ثلاثين ركعة، ما فيه شيء – الحمد لله - يسلم من كل ثنتين، ويستحب له بعد أذان العصر بعد دخول وقت العصر، يصلي ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (383).

أربعا بتسليمتين؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬1)» مستحبة ما هي بواجبة، الواجب الصلوات الخمس: الظهر، العصر، المغرب، العشاء، الفجر. هذه الفرائض. أما سنة الظهر والعصر والمغرب، والعشاء، والضحى، والوتر كلها نوافل غير واجبة، لو تركها ما عليه إثم، لكن له أجر في فعلها، له الأجر العظيم. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430).

بيان وقت سنة المغرب

127 - بيان وقت سنة المغرب س: يسأل السائل ويقول: هل للمغرب سنة قبلية أم بعدية؟ (¬1) ج: الراتبة بعد المغرب وبعد العشاء، أما ركعتان قبل المغرب هذه سنة ليست راتبة، لكن إذا كان في المسجد يستحب له بعد الأذان أن يصلي ركعتين بعد أذان المغرب، وهكذا بعد أذان العشاء؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة " وقال في الثالثة: " لمن شاء (¬2)» فيستحب أن يصلي ركعتين بعد الأذان، أذان المغرب، وأذان العشاء، وحديث آخر: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (412). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838).

المغرب» ثم قال في الثالثة: «لمن شاء (¬1)» فدل ذلك على أنهما مستحبان وليستا واجبتين. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183).

حكم صلاة النوافل بعد سنة المغرب

128 - حكم صلاة النوافل بعد سنة المغرب س: هناك أناس يصلون بعد سنة المغرب ست ركعات اثنتين اثنتين، ويقولون بأنها صلاة الأوابين، فما حكمها؟ (¬1) ج: هذه ليس لها أصل، يسمونها مؤنسات أيضا، وهي ليس لها أصل، صلاة الأوابين صلاة الضحى، إذا اشتد الضحى سماها النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الأوابين، أما الصلاة بعد المغرب إذا صلى ستا أو عشرا أو عشرين وسلم من كل ثنتين كله طيب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬2)» إذا كان أحد يصلي بعد سنة المغرب أربع ركعات بتسليمتين، أو ست ركعات بثلاث تسليمات، أو ثمانيا أربع تسليمات، أو أكثر ما فيه شيء، لكن تخصيص ست يرى أنها خاصة لا أصل لها، ويسميها بعضهم المؤنسات. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (418) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

س: السائل يقول: هناك أناس يصلون بعد سنة المغرب ست ركعات اثنتين اثنتين، يسلمون بعد كل اثنتين، ويقولون بأنها صلاة الأوابين، فما حكمها؟ (¬1) ج: هذا ليس له أصل، صلاة الأوابين صلاة الضحى، إذا اشتد الضحى هذه صلاة الأوابين كما جاء في الحديث الصحيح، أما بين المغرب والعشاء فالإنسان يستحب له أن يصلي ما تيسر، لكن الست التي يظنها الناس ليس لها أصل، الراتبة ثنتان، السنة أن يصلي بعد المغرب ثنتين، والأفضل في البيت، هذه يقال لها: راتبة، كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام، وهكذا بعد العشاء ركعتين، يصلي ركعتين بعد العشاء، أما كونه يصلي ستا بعد المغرب فلا بأس يصلي ستا، أو عشرا، أو عشرين أو مائة لا حرج، يسلم من كل ثنتين؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬2)» ومن تطوع بين المغرب والعشاء وصلى ستا أو ثمانيا أو عشرا أو أكثر لا بأس، لكن اعتقاد أن هناك ستا خاصة ليس عليه دليل صحيح. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (421) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

فضل صلاة سنة المغرب في البيت

129 - فضل صلاة سنة المغرب في البيت س: أيهما أفضل سنة المغرب في المسجد أم في المنزل؟ (¬1) ج: الأفضل في المنزل، سنة المغرب وسنة العشاء، وسنة الفجر إذ تأكد أداؤها في البيت، وكان النبي يفعلها في البيت عليه الصلاة والسلام، وهكذا الظهر الأفضل فعلها في البيت أيضا، وهكذا جميع التطوعات فعلها في البيت أفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (¬2)» هكذا قال عليه الصلاة والسلام في الصحيحين. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (41). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب صلاة الليل، برقم (731)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (781).

حكم الصلاة قبل المغرب

130 - حكم الصلاة قبل المغرب س: في صلاة المغرب بعض المصلين يصلون ركعتين قبل فرض المغرب، ويقولون: إنها سنة قبلية، والبعض الآخر لا يصلي سنة قبلية ويقولون: ليس هناك سنة قبل صلاة المغرب. السؤال: هل توجد سنة أم لا، وما الحكم فيما قيل؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (209).

ج: ليس للمغرب سنة قبلية راتبة، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «صلوا قبل المغرب» ثم قال في الثالثة: «لمن شاء (¬1)» فدل على أنها مشروعة وليست واجبة، إذا كان الإنسان جالسا في المسجد ثم أذن المغرب يشرع له أن يقوم ويصلي ركعتين لهذا الحديث الصحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (¬2)» بين الأذان والإقامة، فإذا صلى ركعتين فقد امتثل وفعل، هذا المشروع، لكن لم تكن راتبة، ولم يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم إنما هي مشروعة لمن كان في المسجد حين الأذان، يقوم ويصلي ركعتين، أو دخل بعد الأذان يصلي ركعتين تحية المسجد لهذين الحديثين المعروفين، وكان الصحابة يفعلونها أيضا، كانوا يصلون، إذا أذن المؤذن قاموا وصلوا ركعتين، والنبي يراهم صلى الله عليه وسلم ولم ينههم عن ذلك بل أمر بذلك، قال: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب» ثم قال في الثالثة: «لمن شاء (¬3)» ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183).

حكم صلاة الركعتين بعد أذان المغرب

131 - حكم صلاة الركعتين بعد أذان المغرب س: يسأل ع. أفيقول: كنت أصلي ركعتين قبل صلاة المغرب وبعد الأذان، وبعض الناس يقولون: إن هذا بدعة، فما هو توجيهكم؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: صلاة الركعتين بعد الأذان مستحبة، أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب» ثم قال في الثالثة: «لمن شاء (¬2)» وكان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم إذا أذن المؤذن قاموا وصلوا ركعتين، فهي سنة بعد الأذان، يسن لمن كان في المسجد أن يصلي ركعتين قبل الإقامة، ومن أنكر ذلك فقد جهل السنة. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (316). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183).

حكم المداومة على ست ركعات بعد المغرب

132 - حكم المداومة على ست ركعات بعد المغرب س: أنا تعودت أن أصلي نفلا بعد المغرب ست ركعات، ولكني أصليها بسورة الفاتحة فقط، هل هذا العمل يجوز أم لا؟ (¬1) ج: المشروع بعد المغرب ركعتان فقط الراتبة، فمن صلى بعدها ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (1).

زيادة ستا أو ثمانيا أو عشرا أو أكثر فلا حرج عليه، لكن بعض الناس قد يظن أن للست خصوصية، وهذا لا أصل له، ولم يكن فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على ذلك وإن اعتاده بعض الناس، فالست ليس لها خصوصية، وليس لها أصل يعتمد عليه في الأحاديث الصحيحة، ولكن من فعلها لمزيد الخير ولمزيد العبادة صلى ستا أو ثمانيا بعد المغرب أو عشرا فلا حرج عليه، ليس فيه حد محدود، فبين العشاءين محل صلاة ومحل عبادة، ولكن الراتبة فقط ركعتان، التي كان يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم ركعتان فقط، هذه الراتبة فإن زاد، إن صلى أكثر من ذلك فلا حرج عليه ولا بأس عليه، وتجزئ بسورة الفاتحة فقط، لكن الأفضل أن يقرأ مع الفاتحة ما تيسر، آية أو آيتين أو سورة قصيرة هذا هو الأفضل.

بيان وقت صلاة الرواتب لمن جمع بين المغرب والعشاء

133 - بيان وقت صلاة الرواتب لمن جمع بين المغرب والعشاء س: صلينا المغرب والعشاء جماعة في المسجد لوجود مطر وبرد، والسؤال: متى نصلي الرواتب إذا جمعنا؟ وكم يصبح عددها؟ وهل يصلى الشفع والوتر في نفس الوقت أم لا بد من تأخيره؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (171)

ج: إذا صليت العشاء مع المغرب جمع تقديم فإنك تصلي سنة المغرب وسنة العشاء بعد ذلك، وتصلي الوتر بعد ذلك ولو في وقت المغرب؛ لأن العشاء متى قدمت دخل وقت الوتر وسنة العشاء ولو كانت مجموعة مع المغرب جمع تقديم، وهكذا الظهر والعصر إذا جمعا وأنت مقيم للمطر أو للمرض ليس في هذا صلاة؛ لأن صلاة العصر ليس بعدها صلاة لأنها وقت نهي، فإذا جمعت الظهر مع العصر فإنها تسقط حينئذ راتبة الظهر البعدية التي بعدها، لأن الأفضل أن تضم إليها العصر قبل أن تصلي الراتبة، فحيئذ تسقط الراتبة البعدية في الظهر عند الجمع في حال المرض والمطر ونحو ذلك، وتصلي الراتبة القبلية وهي أربع قبل الظهر، وتصلي العصر بعد الظهر متصلة من دون حاجز، ومن دون فصل براتبة الظهر البعدية، أما المغرب والعشاء فإنهما تقعان في غير وقت نهي، فلهذا إذا صليت العشاء تصلي سنة المغرب ركعتين، وتصلي بعدها سنة العشاء ركعتين، وإذا أردت الوتر أوترت أو أجلت ذلك إلى وسط الليل أو آخر الليل، الأمر في هذا واسع والحمد لله.

بيان راتبة العشاء

134 - بيان راتبة العشاء س: حدثوني عن راتبة العشاء جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (218).

ج: راتبة العشاء ركعتان، هكذا كان النبي يفعلها عليه الصلاة والسلام، وإن صلى أربعا أو ثمانيا أو أكثر فلا بأس، الليل كله محل صلاة، لكن الراتبة اثنتان، ثم يصلي ما يسر الله له في أول الليل أو في وسطه أو في آخره، ثم يختم بواحدة الوتر ركعة واحدة، يقرأ فيها الحمد، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1) هذا هو السنة سواء في أول الليل أو في وسطه أو في آخره، يصلي ما كتب الله له ثنتين، ويوتر بواحدة، يصلي أربعا ويوتر بواحدة، يصلي أكثر ويوتر بواحدة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب يصلي عشرا ويوتر بواحدة الحادية عشرة، وربما صلى ثنتي عشرة وأوتر بواحدة الثالثة عشرة، يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، ومن صلى أكثر صلى مائة ركعة وأوتر بواحدة أو خمسين ركعة وأوتر بواحدة فلا حرج في ذلك، لكن يسلم من كل ثنتين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى - هكذا قال صلى الله عليه وسلم - فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى (¬2)» هذه السنة، يصلي ثنتين ثنتين في أول الليل أو ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).

في وسطه أو في آخره، ثم يختم بواحدة يقرأ فيها الحمد، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1) وإذا أحب أن يقنت بعد الركوع قنت بما يسر الله له بالدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن رضي الله عنه: «اللهم اهدني فيمن هديت (¬2)» وإذا زاد معه بعض الدعوات الطيبة بعد الركوع هذا هو الأفضل. ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1 (¬2) أخرجه أحمد في مسند أهل البيت من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1720)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب القنوت في الوتر، برقم (1425)، والترمذي أبواب الوتر، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (464)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب الدعاء في الوتر، برقم (1745)، وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في الوتر، برقم (1178).

حكم السنن قبل صلاة العشاء

135 - حكم السنن قبل صلاة العشاء س: هل توجد سنة لصلاة العشاء، أي تؤدى قبل فرض العشاء ركعتين؟ (¬1) ج: يشرع قبل كل صلاة ركعتان، قبل العشاء، قبل المغرب، قبل العصر، قبل الظهر، قبل صلاة الفجر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب» ثم قال في الثالثة: «لمن شاء (¬2)» فدل على سنية الصلاة قبل المغرب ركعتين، وكان الصحابة ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (35) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183).

يصلون ركعتين قبل المغرب، يعني بعد الأذان وقبل الإقامة ركعتين، هذا هو الأفضل، وكذلك العشاء، إذا أذن المؤذن يصلي ركعتين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (¬1)» بين الأذانين صلاة، بينها النبي صلى الله عليه وسلم، يدخل فيها العشاء، إذا أذن العشاء شرع للجالسين في المسجد أو الوافدين أن يصلوا ركعتين سنة قبل العشاء في حق الماكثين في المسجد، وسنة لمن دخل تحية المسجد، تجمع بين الصلاة بين الأذانين، وبين أنه أدى التحية، وهكذا الظهر إذا كان جالسا في المسجد وأذن يقوم فيصلي ركعتين أو أربعا وهو أفضل في الظهر؛ لقول عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدع أربعا قبل الظهر (¬2)» يعني تسليمتين، وهكذا قبل العصر أربعا، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬3)» وإن صلى ركعتين قبل العصر فحسن للحديث السابق: «بين كل أذانين صلاة (¬4)» وإن جعلها أربعا فهو ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1182). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838).

أفضل للحديث السابق أيضا: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬1)» فهذه سنن قبل هذه الصلوات، الظهر ثنتان أو أربع والأفضل أربع، وقبل العصر أربع، وإن صلى ركعتين كفى، وقبل المغرب ركعتان، وقبل العشاء ركعتان، كل هذه سنن، وقبل الفجر ركعتان أيضا سنة راتبة قبل الفجر. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430).

س: الأخ ر. ع. من الجمهورية العربية السورية من دور الزور يقول: كثير من الناس في قريتنا متجادلون على سنة العشاء القبلية، بعضهم يقول: مؤكدة، والآخر يقول: إنها غير مؤكدة، فأرجو من سماحة الشيخ توضيح هذا الأمر. (¬1) ج: غير مؤكدة والحمد لله، من شاء صلى ومن شاء ترك، وهي بين الأذان والإقامة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، لمن شاء (¬2)» فمن شاء صلاها ومن شاء تركها بين الأذان والإقامة في العشاء، وهكذا في المغرب، أما بين الأذان والإقامة في الظهر فهي مؤكدة، يصلي أربع ركعات تسليمتين؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (144) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838).

كان يصلي أربع ركعات قبل الظهر، يصلي ثنتين ثنتين عليه الصلاة والسلام، وهي من الرواتب، أربع ركعات قبل الظهر من الرواتب، أما العصر فهي مستحبة وليست مؤكدة، جاء في الحديث: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬1)» والسنة أن يصلي ثنتين ثنتين لما في الحديث: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (¬2)» قاله النبي عليه الصلاة والسلام، ولا ينبغي التجادل في هذا، هذه أمور مستحبة ونوافل لا ينبغي فيها التجادل، بل ينبغي المذاكرة والبحث بين الإخوان مع طلبة العلم حتى يستفيدوا، فالرسول عليه الصلاة والسلام قال: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (¬3)» فإذا صلى ركعتين بين أذان المغرب وصلاة المغرب، بين أذان العشاء وصلاة العشاء، بين أذان العصر وصلاة العصر، أو صلى أربعا، كل ذلك لا بأس به، أما الظهر فلها راتبة قبلها وهي أربع ركعات، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدع أربعا قبل الظهر (¬4)» يعنى تسليمتين. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1182).

وأما بعد الظهر فركعتان راتبة كان يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام، ومن صلى أربعا فهو أفضل بعد الظهر أيضا، وهكذا بعد العشاء ركعتين وبعد المغرب ركعتين، وقبل صلاة الفجر ركعتين، يعني يصلي ركعتين قبل صلاة الفجر، هذه كلها رواتب كان الرسول يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام، فالجميع اثنتا عشرة ركعة، هذه رواتب كان المصطفى عليه الصلاة والسلام يحافظ عليها، وهي أربع قبل الظهر، وثنتان بعدها، وثنتان بعد المغرب، وثنتان بعد صلاة العشاء، وثنتان قبل صلاة الصبح، والأفضل فعلها في البيت، وإن فعلها في المسجد فلا بأس.

حكم تأخير سنة العشاء مع الوتر إلى آخر الليل

136 - حكم تأخير سنة العشاء مع الوتر إلى آخر الليل س: الأخ أحمد من اليمن يقول في سؤاله: هل يصح تأخير سنة العشاء مع الوتر إلى ما قبل الفجر؟ (¬1) ج: الأفضل أن يصليها قبل نصف الليل، وإن أخرها صح؛ لأنه وقت ضرورة لكن الأفضل أن يصليها قبل نصف الليل. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (432)

س: الأخ أ. م. يقول: هل يصح تأخير سنة العشاء مع الوتر إلى ما

قبل صلاة الفجر؟ (¬1) ج: الأحوط البدار بها قبل نصف الليل سنة العشاء؛ لأن وقت العشاء إلى نصف الليل، فالأحوط البدار بها قبل نصف الليل، وإن صلاها بعد نصف الليل فلا بأس، لأنه وقت ضرورة، لكن الأفضل البدار بها قبل نصف الليل. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والستون من الشريط رقم (431)

س: يقول هذا السائل: هل يجوز أن نؤخر سنة العشاء البعدية إلى ما بعد الصلاة بساعتين أو ثلاث؟ (¬1) ج: لا بأس أن تؤخرها قبل نصف الليل، الأفضل أن تؤديها قبل نصف الليل؛ لأن وقت العشاء إلى نصف الليل. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والستون من الشريط رقم (433)

س: ما رأي سماحتكم فيمن يتحرى قيام الليل قبل أذان الفجر بساعة إلا ربعا لكوني إذا صليت الساعة الواحدة أو الثانية بعد منتصف الليل أحيانا أنام عن صلاة الفجر مع الجماعة؟ (¬1) ج: الأفضل أن توخر قيام الليل إلى آخر الليل حتى تصلي ما يسر الله ¬

_ (¬1) السؤال السادس والسبعون من الشريط رقم (433)

لك، وتحضر صلاة الفجر، أما إذا صليت في وسط الليل ثم نمت هذا قد يخشى بسببه عليك أن تنام عن الفجر، فالواجب عليك الاحتياط، وأن تحرص على ألا تفوتك صلاة الفجر؛ لأن صلاتها في الجماعة أمر لازم، فعلى الرجل أن يصلي في الجماعة صلاة الفجر كبقية الصلوات، ليس له أن يصلي في البيت، فصل آخر الليل حتى تجمع بين الأمرين.

بيان وقت صلاة ركعتي الفجر وفضل صلاتهما في البيت

137 - بيان وقت صلاة ركعتي الفجر وفضل صلاتهما في البيت س: السائل س. ش يقول: كيف كان يصلي الرسول صلى الله عليه وسلم سنة الفجر، هل هو بعد سماع المؤذن؟ (¬1) ج: كان إذا طلع الفجر وأذن المؤذن وتحقق طلوع الفجر صلاها بعد الأذان في بيته عليه الصلاة والسلام، ثم يأتي فتقام الصلاة عليه الصلاة والسلام، يصلي ركعتي الفجر ويضطجع بعدها على جنبه الأيمن بعض الشيء، ثم يتوجه للصلاة عليه الصلاة والسلام، ويقول: «إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال الستون من الشريط رقم (433) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان قبل الفجر، برقم (623)، ومسلم في كتاب الصيام، باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، برقم (1092)

بيان وقت صلاة راتبة الفجر

138 - بيان وقت صلاة راتبة الفجر س: هل راتبة الفجر قبل الأذان أم بعد الأذان، وإذا كان بعد الأذان فهل هي إذا دخلت المسجد والمؤذن يؤذن أو إذا انتهى من الأذان أن أصلي تحية المسجد والراتبة أم أصلي راتبة الفجر فقط؟ (¬1) ج: سنة الفجر تكون بعد طلوع الفجر سواء كان أذن المؤذن أو ما أذن المؤذن، إذا صليتها بعد طلوع الفجر فقد حصل المقصود في بيتك أو في المسجد، وإذا صليتها بعد الأذان كذلك قد أديت السنة، المهم أن تكون بعد طلوع الفجر، لو أذن المؤذن قبل طلوع الفجر وصليتها بعد الأذان قبل طلوع الفجر ما تكون أديت السنة، لا بد أن تكون بعد طلوع الفجر أو بعد الأذان، إذا كان المؤذن يؤذن على طلوع الفجر، وإذا جئت المسجد وأنت لم تصل الراتبة فإنك تصلي ركعتين تنوي بهما الراتبة، وتكفي عن تحية المسجد، وإذا نويتهما جميعا الراتبة وتحية المسجد فلا حرج في ذلك، ولا حاجة لتكرار الصلاة، تكفي ركعتان فقط، ركعتان تنوي بهما سنة الفجر وسنة التحية، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (289)

حكم القراءة في سنة الفجر

139 - حكم القراءة في سنة الفجر س: يقول السائل: نرجو أن تحدثونا عن صلاة الرغيبة - الفجر - هل نقرأ الفاتحة وسورة أخرى معها؟ (¬1) ج: السنة تسمى راتبة الفجر، ومن سماها الرغيبة فهو اسم لا أعلم له أصلا المقصود سنة الفجر، وهي ركعتان تفعل في البيت أفضل، وإن فعلها في المسجد فلا بأس، يقرأ فيهما الفاتحة و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬2) وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3) مع الفاتحة. أو يقرأ فيهما آية البقرة في الأولى مع الفاتحة: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} (¬4) الآية، وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة آية آل عمران: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ} (¬5) كل هذا فعله النبي صلى الله عليه وسلم، هذا وهذا وهي سنة مؤكدة، لكن يشرع فيها التخفيف، وفي البيت أفضل، وإن صلاها في المسجد فلا بأس ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (249) (¬2) سورة الكافرون الآية 1 (¬3) سورة الإخلاص الآية 1 (¬4) سورة البقرة الآية 136 (¬5) سورة آل عمران الآية 64

وهي مشروعة للرجل والمرأة جميعا، للمسافر والمقيم، للجميع.

حكم الصلاة قبل سنة الفجر بعد الأذان الثاني

140 - حكم الصلاة قبل سنة الفجر بعد الأذان الثاني س ما حكم الصلاة قبل سنة الفجر؟ أي بعد الأذان الثاني. (¬1) ج: السنة أن يصلي سنة الفجر في بيته أو في المسجد، ولا يصلي سواها، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر (¬2)» إذا طلع الفجر يصلي سنة الفجر فقط سواء في بيته أو في المسجد، ثم الفريضة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (422) (¬2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله عنهم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، برقم (5777)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة، برقم (1278)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتين، برقم (419).

بيان ما يقرأ في ركعتي الفجر

141 - بيان ما يقرأ في ركعتي الفجر س: تقول المستمعة: سمعت أن الأفضل لمن صلى ركعتي الفجر أن يقرأ في الركعة الأولى بسورة الكافرون، والثانية بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1) فهل ما سمعت صحيح؟ (¬2) ج: نعم هذه هي السنة للرجل والمرأة أن يقرأ في سنة الفجر بهاتين ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1 (¬2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (291)

السورتين بعد الفاتحة في الأولى: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬1) بعد الفاتحة، وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) بعد الفاتحة، للرجل والمرأة، والسنة أن تؤدى في البيت للرجل، وإن أداها في المسجد فلا بأس، وإن قرأ فيهما أيضا آية البقرة: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} (¬3) الآية، بعد الفاتحة، وفي الثانية آية آل عمران: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} (¬4). هذا هو السنة أيضا، والنبي فعل هذا وهذا عليه الصلاة والسلام، تارة يقرأ السورتين، وهما: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬5) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬6) وتارة يقرأ الآيتين: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ} (¬7) الآية في الأولى أي بعد الفاتحة. وفي الثانية: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ} (¬8) بعد الفاتحة، كلها سنة، وإن قرأ غير ذلك فلا حرج والحمد لله، لكن كونه يقرأ هاتين الآيتين أو هاتين السورتين هذا هو الأفضل تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) سورة الكافرون الآية 1 (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة البقرة الآية 136 (¬4) سورة آل عمران الآية 64 (¬5) سورة الكافرون الآية 1 (¬6) سورة الإخلاص الآية 1 (¬7) سورة البقرة الآية 136 (¬8) سورة آل عمران الآية 64

بيان القدر الكافي من القراءة في الصلاة

142 - بيان القدر الكافي من القراءة في الصلاة س: هل على من يصلي النوافل قراءة شيء من القرآن غير الفاتحة، وأنا أداوم في ركعتي الفجر خاصة على سورتي الإخلاص؟ (¬1) ج: المشروع لمن كان يصلي النافلة في الليل أو النهار أن يقرأ مع الفاتحة ما تيسر، هذا هو الأفضل أما الوجوب فلا يجب إلا الفاتحة، هي ركن الصلاة، فإذا قرأها المصلي كفت، ولكن إذا قرأ معها زيادة آيات أو سور أخرى كان أفضل، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ الفاتحة ويقرأ معها زيادة، ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬2)» فالأصل هو الفاتحة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬3)» فالسنة للمؤمن إذا قرأها أن يقرأ معها زيادة، هذا هو الأفضل، وفي سنة الفجر يقرأ معها سورتي: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬4) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬5) في الأولى: ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (69) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (394). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (394). (¬4) سورة الكافرون الآية 1 (¬5) سورة الإخلاص الآية 1

{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬1) وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) وإن قرأ مع الفاتحة آية البقرة: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} (¬3) الآية، أو آية آل عمران: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} (¬4) الآية. هذا أيضا سنة، فعل النبي هذا وهذا عليه الصلاة والسلام، كان يقرأ تارة: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬5) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬6) وتارة يقرأ الآيتين المذكورتين آنفا. وإن قرأ غير ذلك فلا بأس أيضا، ولكن الأفضل أن يقرأ ما قرأه النبي عليه الصلاة والسلام في سنة الفجر، وهكذا في سنة المغرب كان يقرأ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬7) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬8) بعد الفاتحة، وهكذا في سنة الطواف، إذا طاف بالكعبة الأفضل أن يقرأ بسورتي الإخلاص: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬9) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬10) بعد الفاتحة اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك. ¬

_ (¬1) سورة الكافرون الآية 1 (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة البقرة الآية 136 (¬4) سورة آل عمران الآية 64 (¬5) سورة الكافرون الآية 1 (¬6) سورة الإخلاص الآية 1 (¬7) سورة الكافرون الآية 1 (¬8) سورة الإخلاص الآية 1 (¬9) سورة الكافرون الآية 1 (¬10) سورة الإخلاص الآية 1

س: يقول هذا السائل: هل تجزئ سورة الفاتحة في سنة الفجر أم الفاتحة وسورة أخرى؟ (¬1) ج: الفاتحة مجزئة، لكن السنة أن يقرأ معها في الركعة الأولى: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬2) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3) في الثانية مع الفاتحة، أو يقرأ في الأولى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} (¬4) من سورة البقرة، وفي الثانية: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} (¬5) من سورة آل عمران. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (425) (¬2) سورة الكافرون الآية 1 (¬3) سورة الإخلاص الآية 1 (¬4) سورة البقرة الآية 136 (¬5) سورة آل عمران الآية 64

حكم المداومة على سور مخصوصة في النوافل

143 - حكم المداومة على سور مخصوصة في النوافل س: ما حكم المداومة على سور مخصوصة في نوافل مخصوصة كسورتي المسد والكافرون في ركعتي الفجر مثلا؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (263)

ج: لا حرج في مداومة القراءة على سور معينة إذا كان يعتقد أنه لا بأس بخلافها، لكن لكونها يحفظها أو لكونها أسهل عليه فلا بأس بذلك، أما إذا كان يعتقد أنه لا يجوز غيرها فلا يجوز، أما إذا كان يقرؤها لأنها أسهل عليه ولأنه يحفظها أو لأنها قصيرة فلا بأس بذلك ولا حرج، كان النبي صلى الله عليه وسلم في سنة المغرب، وفي سنة الفجر، وسنة الطواف يقرأ فيها: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬1) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) وهكذا كان يقرأ في سنة المغرب: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬3) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬4) وكان يقرأ في الوتر سبح والغاشية، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬5) في الثالثة الأخيرة، يقرأ بسبح في الأولى في الثلاث الأخيرة، ثم الغاشية في الثانية، ثم {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬6) في الثالثة بعد الفاتحة، كل هذا لا حرج فيه، والحمد لله. ¬

_ (¬1) سورة الكافرون الآية 1 (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة الكافرون الآية 1 (¬4) سورة الإخلاص الآية 1 (¬5) سورة الإخلاص الآية 1 (¬6) سورة الإخلاص الآية 1

بيان أن الراتبة تكفي عن تحية المسجد

144 - بيان أن الراتبة تكفي عن تحية المسجد س: أرى بعض المصلين يصلون أربع ركعات في صلاة الفجر، فهل هذا جائز؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (171)

ج: السنة ركعتان تكفيه عن تحية المسجد وعن الراتبة، بعض الناس يظن أنه يجمع بين الأمرين، يصلي تحية المسجد ثم يصلي الراتبة، وهذا لا حاجة إليه؛ لأنه في الحديث «لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر (¬1)» ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعد طلوع الفجر إلا ركعتين وهي سنة الفجر، فالسنة لمن دخل المسجد وهو لم يصل الراتبة فإنه يصلي ركعتين بنية الراتبة، وإن نوى مع ذلك سنة التحية فكله حسن وتكفيه ركعتان، السنة الراتبة تقوم مقام تحية المسجد، وإذا نواهما جميعا نوى التحية مع الراتبة فلا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله عنهم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، برقم (5777)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة، برقم (1278)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتين، برقم (419).

س: الأخ م. ح. من اليمن يقول: إذا دخلت المسجد بعد أذان الفجر وصليت أربع ركعات، فقال لي بعض الناس بأن ذلك لا يجوز إلا ركعتين، فهل هذا صحيح؟ (¬1) ج: نعم إذا دخلت صل ركعتي السنة فقط، ويكفي، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر (¬2)» تصلي سنة الفجر ثنتين، ثم تجلس تنتظر الفريضة. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (431) (¬2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة رضي الله عنهم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، برقم (5777)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة، برقم (1278)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتين، برقم (419).

حكم تحية المسجد لمن صلى سنة الفجر في البيت

145 - حكم تحية المسجد لمن صلى سنة الفجر في البيت س: يقول هذا السائل: أقوم قبل صلاة الفجر بنصف ساعة وأصلي في بيتي أربع تسليمات تسليمتين تسليمتين، وأذهب إلى المسجد وأصلي تسليمتين ركعتي الفجر، هل هذا جائز؟ (¬1) ج: صل في الليل ما يسر الله لك مثنى مثنى، ثم توتر بواحدة، وتصلي الراتبة في البيت، أو في المسجد ثنتين، ثم الراتبة إن صليتها في المسجد كفت عن تحية المسجد، وإن صليتها في البيت إذا جئت المسجد تصلي تحية المسجد ثم تجلس. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (329)

س: ما حكم من دخل المسجد بعد طلوع الفجر، هل يصلي سنة تحية المسجد أم يكتفي بسنة الفجر؟ وفقكم الله. (¬1) ج: الأفضل أن يكتفي بسنة الفجر، وتقوم مقام التحية، كما أن الفريضة مقام التحية، لو جاء وأقيمت الصلاة صلى معهم، وصارت الفريضة قائمة مقام تحية المسجد، المشروع أنه لا يجلس إلا بعد صلاته، فإذا صلى تحية المسجد كفت، وإن جاء وتقام الصلاة كفت ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (38)

الفريضة عن تحية المسجد، فإن صلاهما صلى التحية ثم صلى سنة الفجر فلا حرج، ولكن ترك هذا أولى، الأولى والأفضل أنه يصلي سنة الفجر لأنها راتبة، ويكتفي بها عن صلاة التحية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الفجر ركعتين فقط، ما كان يزيد على ركعتين بعد طلوع الفجر، وهي سنة الفجر، فالأفضل ألا يزيد على ركعتين، فإذا صلاهما بنية سنة الفجر كفتاه عن تحية المسجد، لكن لو صلى الراتبة في بيته ثم جاء إلى المسجد قبل أن تقام الصلاة فإنه يصلي تحية المسجد قبل أن يجلس لأنه حينئذ ليس عنده سنة الفجر، قد صلاها في بيته، فيصلي تحية المسجد ثم يجلس.

حكم من ترك ركعتي الفجر والوتر

146 - حكم من ترك ركعتي الفجر والوتر س: يقول: هل يأثم من ترك ركعتين قبل الفجر وصلاة الوتر؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: جميع السنن لا يأثم فيها، سنة الفجر وسنة الظهر والمغرب والعشاء، سنة الجمعة، كلها نوافل، لكن ترك الأفضل، فوت أجرا كبيرا، لا إثم عليه في جميع النوافل الرواتب وغيرها. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (384)

حكم من صلى ركعتين بنية سنة الفجر وتحية المسجد

147 - حكم من صلى ركعتين بنية سنة الفجر وتحية المسجد س: من صلى سنة الفجر في المسجد بنية سنة الفجر وتحية المسجد فما حكم ذلك؟ (¬1) ج: إذا نوى تحية المسجد كفى، لا يصلي تسليمتين، يصلي بنية الراتبة ونية التحية، لا مانع، الحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (384)

حكم صلاة ركعتي الفجر لمن تأخر عن الصلاة

148 - حكم صلاة ركعتي الفجر لمن تأخر عن الصلاة س: إذا تأخر الواحد عن صلاة الفجر مع الجماعة بسبب نوم أو غيره، فمتى تكون ركعتا السنة قبل أم بعد الفجر؟ (¬1) ج: إذا تأخر الإنسان عن الجماعة في صلاة الفجر ولم يدرك الجماعة فإنه يبدأ بالسنة الراتبة، يصليها ثم يصلي الفريضة، النبي صلى الله عليه وسلم لما نام ذات ليلة عن صلاة الفجر في السفر ولم يوقظه إلا حر الشمس صلى السنة الراتبة، ثم صلى الفجر عليه الصلاة والسلام، وأمر بالأذان والإقامة كالعادة، فالإنسان إذا فاتته صلاة الفجر ولم يستيقظ إلا بعد ما صلى الناس، أو جاء للمسجد وقد صلى الناس ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (6)

فإنه يصلي الراتبة ثنتين ركعتين ثم يصلي الفجر، هذا هو السنة، ولو أخرها وصلاها بعد الصلاة أو بعد طلوع الشمس فلا بأس، لكن الأولى والأفضل أن يبدأ بها كما بدأ بها النبي صلى الله عليه وسلم لما فاتته الصلاة في بعض أسفاره، وإذا صلى مع الجماعة جاء وهو يصلون صلى معهم، وهو ما صلى الراتبة فإنه يصليها بعد الصلاة إن شاء، أو يصليها بعد ارتفاع الشمس وهو أفضل؛ لأنه جاء في هذا حديث، وفي هذا حديث، فهو مخير إن شاء صلاها بعد صلاة الفجر في المسجد أو في بيته، وإن شاء صلاها بعد ارتفاع الشمس، كل ذلك بحمد الله موسع، وكل جاء فيه حديث جيد عن النبي عليه الصلاة والسلام.

س: ما حكم سنة الفجر إذا قام المسلم للصلاة بعد طلوع الفجر، هل يستحب أن يؤديها أم يجب عليه أن يقضي صلاة الفجر على الفور ثم يصلي سنتها؟ (¬1) ج: السنة للمؤمن أن يقدم سنة الفجر فيصليها في البيت، ثم يخرج إلى المصلى إلى المسجد، فإذا جاء المسجد وهم في الصلاة دخل في الصلاة، فإن جاء لصلاة لم تقم صلى تحية المسجد ركعتين، هذا هو ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (85)

السنة، فإن لم يصل في البيت بل جاء وصلى السنة في المسجد ركعتين كفتاه عن تحية المسجد والحمد لله، أما إن فاتته هذه السنة بأن نام مثلا ولم يستيقظ إلا بعد الشمس فهذا يبدأ بالسنة، وهكذا لو فاتته الجماعة وصلى وحده أو مع آخرين فالسنة أن يبدؤوا بسنة الفجر، ولو تأخروا يبدؤون بها، ثم يصلون الفريضة، يقول صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (¬1)» ولما نام النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره هو وأصحابه عن الصلاة فلم يستيقظوا إلا بحر الشمس، قام عليه الصلاة والسلام وأمر بالأذان وصلى سنة الفجر، ثم صلوا الفجر، فلم يتركوا السنة، هذا هو المشروع للمؤمنين مثل ما فعل نبيهم عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكر ولا يعيد إلا تلك الصلاة ..... ، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684).

حم الراتبة القبلية لمن دخل المسجد مع إقامة الصلاة

149 - حكم الراتبة القبلية لمن دخل المسجد مع إقامة الصلاة س: سائل يقول: إذا ذهبت إلى المسجد وانتهى المؤذن من الأذان وصلوا السنة القبلية، ولم أدركها معهم، بل قاموا لأداء صلاة الفرض، فهل يجوز أن أصلي السنة القبلية بعد الفرض أم أصلي

السنة البعدية وسقطت عني القبلية؟ (¬1) ج: المشروع لك أن تصليهما جميعا القبلية والبعدية بعد الصلاة، إذا جئت في الظهر وقد أقيمت الصلاة فإنك تصلي مع المسلمين، ثم إذا فرغت من الصلاة والأذكار تصلي السنة القبلية أربع ركعات والبعدية ركعتين، هذا هو المشروع، وقد روى الترمذي بإسناد جيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك في بعض الأحيان لم يصل القبلية إلا بعد الصلاة عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (193)

حكم الفصل بين الفجر وسنتها والترتيب بينهما

150 - حكم الفصل بين الفجر وسنتها والترتيب بينهما س: هذا يسأل عن الفاصل الزمني بين فريضة الصبح وسنتها، وهل هناك أمر محذور فيما إذا قدم الفرض على النافلة؟ (¬1) ج: السنة أن يقدم النافلة بعد طلوع الفجر ركعتين سنة الفجر، ولو طال الفصل بينها وبين الفريضة لا يضر سواء قربت من الفريضة أو ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (301)

بعدت مادام بعد طلوع الفجر، فالسنة أن يصلي ركعتين ثم يصلي الفريضة، فلو أخرها صلاها بعد الفريضة أو بعد طلوع الشمس، لكن السنة أن يقدمها، السنة على المؤمن أن يقدمها، السنة على المؤمن أن يقدم سنة الفجر كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، ثم يصلي الفريضة.

حكم قضاء سنة الفجر إذا فاتت

151 - حكم قضاء سنة الفجر إذا فاتت س: صلاة سنة الفجر إذا فاتت متى يكون قضاؤها، وكذلك الوتر؟ (¬1) ج: سنة الفجر إذا فاتت صلاها بعد الفجر في المسجد أو في البيت، وإن أجلها إلى طلوع الشمس وارتفاعها كان أفضل، كل هذا جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن صلاها بعد الصلاة في المسجد أو في البيت فلا بأس، وإن أخرها حتى تطلع الشمس في المسجد أو في البيت فلا بأس، كل هذا طيب جاءت به السنة. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (317)

س: إذا فاتتني سنة الفجر فمتى أقضيها؟ (¬1) ج: إذا فاتت سنة الفجر فالمسلم مخير، وهكذا المسلمة، إن شاء ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (78)

صلاها بعد الصلاة، وإن شاء صلاها بعد ارتفاع الشمس وهو أفضل، وكل هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورد عنه أنه رأى من يصلي بعد الصلاة فأنكر عليه فقال: يا رسول الله، إنها سنة الفجر. فسكت عنه عليه الصلاة والسلام، وجاء عنه الأمر بقضائها عند ارتفاع الشمس، وكل هذا بحمد الله سائغ، فمن صلاها بعد الصلاة فلا بأس، ومن أخرها حتى ترتفع الشمس فهو أفضل.

س: إذا لم يتمكن المصلي لضيق الوقت أن يصلي سنة صلاة الفجر فهل تجب صلاتها بعد الفرض؟ (¬1) ج: إذا كان منفردا أو إماما أمكنه أن يصلي الراتبة، أن يصليها قبل الفريضة، أما إذا كان المأموم فاتته صلاة الفريضة أو جاء والإمام قد أقام الصلاة فإنه يدخل معهم في الصلاة ثم يصليها بعد الصلاة، يصلي الراتبة بعد الصلاة، إن شاء أخرها إلى ارتفاع الشمس، كل هذا جاءت به السنة، والأفضل تأخيرها إلى ارتفاع الشمس، لكن قد يخشى نسيانها، فإذا صلاها بعد الصلاة، سنة الفجر، فلا بأس، قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه رأى رجل يصلي بعد الفجر، فقال: «أتصلي الصبح ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (10)

أربعا (¬1)» وفي لفظ: «أصلاة الصبح مرتين»، فقال الرجل: إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما فصليتهما الآن، قال: فسكت عنه صلى الله عليه وسلم (¬2)» والحديث لا بأس به، وجاء عنه الأمر بتأخيرها إلى ما بعد ارتفاع الشمس، كل هذا سنة، إن صلاها بعد الصلاة فلا بأس لئلا ينساها، وإن أخرها وصلاها بعد ارتفاع الشمس، فلا بأس، كله طيب. وهنا شيء بقيت إضافته، وهو أن الإنسان قد ينام ولا يستيقظ إلا قرب طلوع الشمس، فإنه في هذه الحالة يصلي الراتبة قبل ولو أنه متأخر مثل الإنسان غلبه النوم، ما سمع الساعة أو ما عنده من يوقظه، فقام وقد فاته الجماعة فإنه يصلي الراتبة، حتى ولو بعد طلوع الشمس، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة، برقم (663)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، برقم (711) (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، من حديث قيس بن عمرو رضي الله عنه برقم (23248)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من فاتته متى يقضيها، برقم (1267)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن تفوته الركعتان قبل الفجر يصليهما بعد صلاة الفجر، برقم (422)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن فاتته الركعتان قبل صلاة الفجر متى يقضيهما، برقم (1154)

لو ما قام إلا بعد طلوع الشمس يصلي السنة أولا ثم يصلي الفجر، وهكذا لما نام النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الفجر في بعض أسفاره ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس قام صلى الله عليه وسلم فأمر بلالا فأذن وصلى كما كان يصنع كل يوم عليه الصلاة والسلام، صلى الراتبة ثم صلى الفريضة بالناس، هكذا السنة، إذا استيقظ النائم وفاتته صلاة الجماعة أو استيقظ بعد طلوع الشمس فإنه يصلي على حاله، المشروع يصلي السنة أولا ثم يصلي الفريضة ولا يؤخر السنة.

س: السائلة أم ع. من الرس تقول: بالنسبة لصلاة الفجر يا سماحة الشيخ، تفوتني حتى يخرج الناس من المسجد بسبب النوم، وأترك السنة وأصلي السنة مع صلاة الضحى، فهل يصح ذلك أم الأحسن أن أصلي السنة مع الفرض حتى لو تأخرت الصلاة؟ (¬1) ج: نعم السنة أن تصلي ركعتين قبل الفرض ولو تأخرت، ولو صليت بعد الناس قبل طلوع الشمس، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها ولو نام عنها، في بعض أسفاره نام فلم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس، فلما استيقظوا أمر بالأذان، وأذن بلال وصلوا الركعتين سنة الفجر، ثم ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والستون من الشريط رقم (433)

صلى الفريضة، فإذا استيقظت وتوضأت صلي السنة ركعتين ثم صلي الفريضة قبل طلوع الشمس.

س: هل تصلى ركعتا الفجر بعد طلوع الشمس؟ (¬1) ج: مخير، من فاتته سنة الفجر مخير، إن شاء صلاها بعد الصلاة، وإن شاء صلاها بعد طلوع الشمس، جاءت السنة بهذا وهذا، فإن صلاها بعد الصلاة فلا بأس، وإن أخرها إلى طلوع الشمس فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (383)

بيان الرواتب التي يسن قضاؤها

152 - بيان الرواتب التي يسن قضاؤها س: ما هي الرواتب التي يسن قضاؤها إذا فاتت الإنسان؟ (¬1) ج: الرواتب التي كان يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم اثنتا عشرة في الحضر لا في السفر، اثنتا عشرة ركعة: أربع قبل الظهر تسليمتان، ثنتان بعد الظهر - هذه ست - ثنتان بعد المغرب، ثنتان بعد العشاء - هذه عشر - وثنتان قبل صلاة الصبح، هذه اثنتا عشرة، كان يواظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم في الحضر، وقال صلى الله ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (257)

عليه وسلم: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (¬1)» فإذا صلى أربعا بعد الظهر، زاد ركعتين هذا أفضل، لكن ليست راتبة، الراتبة ثنتان، فإذا صلى أربعا بعد الظهر هذا فيه فضل وفيه خير عظيم. وهكذا قبل العصر يستحب أن يصلي أربعا، لكن ليست راتبة، بل مستحبة لقوله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬2)» وهكذا إذا صلى ثنتين قبل المغرب، وثنتين قبل العشاء بين الأذانين، مستحب ولكن ليست راتبة، بل يستحب بعد الأذان أن يصلي ركعتين بعد أذان المغرب، وبعد أذان العشاء يصلي ركعتين غير تحية المسجد، أما تحية المسجد فإذا دخل ولو قبل الأذان صلاها، وإن دخل بعد الأذان أذان المغرب أو أذان العشاء صلاها ركعتين التحية، وتكفي عن الركعتين بين الأذانين، أما في السفر فالمشروع أن يصلي سنة الفجر فقط، والوتر في السفر يوتر، يتهجد بالليل، ويصلي سنة الفجر فقط. أما سنة الظهر والمغرب والعشاء فالأفضل تركها في السفر، لكن ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430).

سنة الفجر كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ عليها في السفر والحضر، وإذا فاتت قضاها بعد الصلاة أو بعد طلوع الشمس، أما الرواتب الأخرى الظهر والعصر والمغرب والعشاء لا تقضى بعد الوقت، فلا يقضي سنة الظهر بعد العصر ولا سنة المغرب بعد العشاء، ولا سنة العشاء بعد الفجر، لا تقضى. أما سنة الفجر فهي تقضى، إن فعلها بعد الصلاة فلا بأس، وإن فعلها بعد طلوع الشمس وارتفاعها فهو أفضل، وأما سنة الضحى والتهجد بالليل هذا مشروع في السفر والحضر، وهكذا سنة الوضوء، يتوضأ، تستحب في السفر والحضر، وهكذا لو دخل المسجد في السفر صلى ركعتين أيضا ولو في السفر. تلخيص الإجابة: أولا الرواتب اثنتا عشرة ركعة في الحضر خاصة: أربع قبل الظهر، تسليمتان، وثنتان بعد الظهر تسليمة واحدة، وثنتان بعد المغرب تسليمة واحدة، وثنتان بعد العشاء تسليمة واحدة، وثنتان قبل صلاة الصبح بعد طلوع الفجر. هذه الرواتب التي كان يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم. أما التي تقضى فهي سنة الفجر فقط، إذا فاتت تقضى بعد الفجر أو بعد ارتفاع الشمس. وهكذا سنة الظهر القبلية تقضى بعد الظهر، لو فاتته السنة القبلية الأربع صلاها بعد

الظهر، ثم صلى ثنتين بعد الظهر، صلى ستا: أربعا الراتبة القبلية وثنتين فقط للبعدية.

س: حكم من فاتته السنة القبلية، وهل توافونا بالسنن الراتبة؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: من فاتته السنة القبلية الظهر مثلا يشرع له أن يصليها بعد الصلاة، ثم يصلي السنة البعدية، والراتبة للظهر أربع قبلها تسليمتان، وثنتان بعدها كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، وإن صلى أربعا قبلها وأربعا بعدها فهو أفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (¬2)» والسنن الرواتب اثنتا عشرة ركعة: ثنتان قبل الفجر، سنة راتبة قبلها، وإذا فاتت تقضى بعدها، أو بعد طلوع الشمس، وأربع قبل الظهر، وثنتان بعدها، هذه ثمان، وثنتان بعد المغرب، هذه عشر، وثنتان بعد العشاء، هذه اثنتا عشرة، يقال لها: الرواتب، وقد صح فيها حديث أم حبيبة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من صلى ثنتي عشرة ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (314) (¬2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816).

ركعة في يومه وليلته بنى الله له بيتا في الجنة» وفي رواية: «تطوعا (¬1)» رواه مسلم في الصحيح. في رواية أخرى للترمذي وجماعة تفسرها: «أربعا قبل الظهر، وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح (¬2)» هذه يقال لها: الرواتب، وهي سنة مؤكدة. ويسن للمؤمن أيضا صلاة الضحى ركعتان، وإن زاد فهو أفضل، بأن صلى أربعا أو أكثر فهو أفضل، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا، ويزيد ما شاء الله. روى ذلك مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها، صلاها يوم فتح مكة ثماني ركعات في الضحى عليه الصلاة والسلام، وقال: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (¬3)» يعني عند شدة الضحى، أي إذا صليت حين شدة الضحى، أي قبل الظهر بساعة أو ساعة ونصف أو نحو ذلك، كان هذا أفضل. ومن ذلك التهجد بالليل، مثل النوافل التهجد بالليل، ومن جملة ذلك الوتر بركعة واحدة، سواء كان ذلك بعد العشاء قبل النوم أو في وسط الليل أو في آخر الليل، والأفضل في آخر الليل إذا تيسر ذلك، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، وبيان عددهن، برقم (728). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء فيمن صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة لمن السنة ... برقم (414)، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة ... ، برقم (1794)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في ثنتي عشرة ركعة من السنة برقم (1140). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748).

فإن خاف ألا يقوم من آخر الليل صلى في أول الليل بعد العشاء ثلاث ركعات، أو خمس ركعات، أو سبع ركعات، أو تسع ركعات، أو إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، أو أكثر من ذلك، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب يصليها إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين ويوتر في واحدة، ومن أوتر بواحدة فقط سواء في آخر الليل أو أوله أجزأت، وإن أوتر بأكثر فهو أفضل، كلما زاد في الخير فهو خير له، وأفضل ذلك إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة، تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، ومن زاد وأوتر ثلاثا وعشرين في رمضان وغيره فكله لا حرج فيه، ولكن الأفضل إحدى عشرة أو ثلاث عشرة لأن هذا أكثر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، والأفضل في آخر الليل، وإن أوتر في أول الليل فلا بأس، وإن خاف ألا يقوم في آخر الليل، فالأفضل أن يوتر في أول الليل، ويسن في رمضان صلاة التراويح في أول الليل؛ لأن ذلك أنشط للناس، وخشية ألا يقوموا من آخر الليل، فإذا صلوا أول الليل فهو أفضل كما كان أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وكما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الليالي والصحابة ثم ترك ذلك مخافة أن يفرض عليهم، فإنه صلى بهم في ليلة إلى ثلث الليل، وفي ليلة إلى

نصف الليل، وفي ليلة إلى آخر الليل، ثم ترك ذلك خشية أن يفرض عليهم عليه الصلاة والسلام. وقال عليه الصلاة والسلام: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة (¬1)» هذا فضل عظيم، ويستحب للمؤمن أن يقوم مع الإمام حتى ينصرف في التراويح، وفي العشر الأخيرة يحصل له هذا الفضل العظيم، والسنة للنساء التهجد في البيت لأن صلاتهن في بيوتهن أفضل، ومن خرجت وصلت مع الناس في المساجد فلا بأس، إذا خرجت متسترة متحجبة غير متطيبة فلا بأس، وبيتها خير لها، ولكن إذا خرجت لتجديد النشاط أو لسماع المواعظ كل هذا حسن مع التحفظ والتستر، والحذر من الفتنة، ومن الطيب الذي يسبب الفتنة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لا تمنعوا إماء الله ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار رضي الله عنهم من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، برقم (20910)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في قيام شهر رمضان، برقم (1375)، والنسائي، كتاب السهو، باب ثواب من صلى مع الإمام حتى ينصرف، برقم (1364)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في قيام شهر رمضان برقم (806)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في قيام شهر رمضان، برقم (1327).

مساجد الله (¬1)» «وبيوتهن خير لهن (¬2)» ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء؟ برقم (900)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة ... ، برقم (442). (¬2) أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5445)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد، برقم (567).

س: هل يجب أن نقضي الفوائت من الرواتب وذلك لأمور قد تعرض على المسلم فلا نصلي الراتبة قبل الصلاة أو بعدها؟ (¬1) ج: لا يستحب قضاء الرواتب إذا فاتت، فات وقتها، وإذا فات وقتها فاتت إلا الفجر فإن سنتها إذا فاتته قبل الفجر، فالسنة أن يصليها بعد الفجر، أو بعد طلوع الشمس؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى ذلك، وفعل ذلك لما نام عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس، صلى الفجر مع سنتها، أما سنة الظهر إن فاتت ولم ينتبه إلا بعد خروج الوقت فإنها سنة فات محلها، لكن لو فاتته الراتبة الأولى قبل الظهر صلاها بعد الظهر والحمد لله، وهكذا سنة العشاء لو نسيها ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (327)

حتى طلع الفجر سقطت، كذلك سنة المغرب لو نسيها وشغل عنها حتى غاب الشفق سقطت.

س: هل يمكن قضاء السنة القبلية بعد الصلاة إن فاتتنا قبلها بسبب التأخر مثلا؟ (¬1) ج: نعم، إذا فاتته سنة قبلية مثل سنة الظهر فالسنة أن يصليها بعد الظهر، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه فاتته سنة الظهر القبلية في بعض الأوقات وصلاها بعد الظهر عليه الصلاة والسلام (¬2)» صلاها ستا: أربعا السنة القبلية، وثنتين السنة البعدية، فالمقصود الذي فاتته، جاء والإمام قد أقام الصلاة إذا فرغ من الصلاة يصلي أربعا السنة القبلية، ثم يصلي ثنتين السنة البعدية، هذا هو الأفضل. ¬

_ (¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (295) (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب منه، برقم (426)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب من فاتته الأربع قبل الظهر، برقم (1158)

مسألة في حكم من لم يؤد السنن الراتبة

153 - مسألة في حكم من لم يؤد السنن الراتبة س: السنة قبل وبعد الصلاة إذا لم يؤدها المصلي هل عليه إثم؟ (¬1) ج: ليس عليه إثم، هي نافلة كالصلاة مع الفرائض: الظهر، والمغرب ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (286).

والعشاء والعصر، والفجر، كلها نافلة، الواجب خمس صلوات فقط هي الفرائض: الفجر ركعتان، الظهر أربع ركعات في حق المقيم، والعصر أربع ركعات في حق المقيم، والمغرب ثلاث في حق المقيم والمسافر، والعشاء أربع في حق المقيم، وركعتان في حق المسافر، والفجر ثنتان في حق المقيم والمسافر، أما ما معها من الصلوات فهي نافلة، فالظهر قبلها أربع، وبعدها ثنتان، وإن صلى أربعا بعدها فهو أفضل، وسنة العصر قبلها أربع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬1)» في تسليمتين، وسنة المغرب بين الأذان والإقامة ركعتان، والراتبة بعدها ركعتان، وسنة العشاء بعدها ركعتان، وسنة الفجر قبلها ركعتان، وما بين الأذانين من النوافل يقال لها: سنة أيضا، هذه كلها نوافل، من فعلها فله أجر، ومن تركها فلا إثم عليه. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430).

حكم التساهل في السنن

154 - حكم التساهل في السنن س: ما هو رأي سماحتكم في الشخص الذي لا يحافظ على السنن، ولا يصليها في كثير من الأحيان؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (295)

ج: إذا كان يؤدي الواجبات، ويدع المحرمات فالحمد لله، هو بر ومؤمن، وفاته فضل المسارعة إلى الخيرات والمندوبات، هذا فضل المسابقة، هو من الأبرار من أصحاب اليمين، وليس من السابقين حتى يكون عنده نشاط المندوبات والمسارعة إلى الخيرات.

س: من الملاحظ عند انتهاء الصلاة خروج بعض المصلين دون أن يؤدوا ركعتين بعد الصلاة، ويعتبرونها غير مهمة أو غير جزء من الصلاة، فما الحكم في ذلك؟ (¬1) ج: ليس كلا صلاة بعدها ركعتان، إنما هذا يشرع بعد الظهر وبعد المغرب وبعد العشاء، هذه الأوقات الثلاث يشرع فيها ركعتان؛ بعد الظهر ركعتان، وبعد المغرب ركعتان، وبعد العشاء، وإذا خرج من المسجد وصلاها في البيت فهو أفضل؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يصليها في البيت، ويقول: «أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (¬2)» فإذا خرج وصلاها في البيت هذا أفضل، أما إن تركها بالكلية فقد ترك سنة ليست واجبة فلا شيء عليه لكنه ترك المنافسة في ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (111) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب صلاة الليل، برقم (731)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (781).

الخير، وترك هذه السنة التي حافظ عليها النبي عليه الصلاة والسلام، فالمشروع للمؤمن أن يأتي بهذه السنة، إما في المسجد وإما في البيت، وفي البيت أفضل، أما أن يتركها بالكلية فهذا لا ينبغي من المؤمن، ولا يشرع له بل المشروع له والأفضل له أن يعتني بهذه النوافل المتأكدة، وأن يحافظ عليها كما حافظ عليها المصطفى عليه الصلاة والسلام، وإن صلى بعد الظهر أربعا فهو أفضل، أما المغرب فراتبتها اثنتان والعشاء كذلك، وكلها في البيت أفضل كما تقدم.

بيان ما يكفي من القراءة في صلاة السنة

155 - بيان ما يكفي من القراءة في صلاة السنة س: الأخت: س. أ. أمن صنعاء تقول: أنا كنت أصلي ركعتين سنة بعد كل فرض، لكن قال لي بعض الأشخاص بأن صلاة السنة بعد كل فرض يجب أن نقرأ فيها آيات معينة، مثل سورة الكافرون وغير ذلك، فأرجو من سماحة الشيخ إفادتي بشروط صلاة السنة، وأيضا سنة الوتر إذ إني دائما أحب أن أحافظ على هذه السنة، جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: المشروع للمؤمن والمؤمنة بعد الصلوات الخمس اثنتا عشرة ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (267).

ركعة، كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام: أربع قبل الظهر تسليمتان، ثنتان بعد الظهر، ثنتان بعد المغرب، ثنتان بعد العشاء، ثنتان قبل صلاة الصبح، هذه الرواتب التي كان يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم حال كونه مقيما في المدينة، ويشرع لكل مؤمن ومؤمنة المحافظة عليها: أربع قبل الظهر تسليمتان، تسليمة بعد الظهر، تسليمة بعد المغرب، تسليمة بعد العشاء، تسليمة قبل صلاة الصبح، والأفضل في البيت، وإن فعلها في المسجد فلا بأس، وإن صلى أربعا بعد الظهر كان أفضل لكن ليست راتبة، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (¬1)» فإذا صلى أربعا بعد الظهر كان أفضل، وقبل العصر أربعا، تسليمتين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬2)» لكن ليست راتبة، ما كان النبي يحافظ عليها صلى الله عليه وسلم، لكنها مستحبة قبل العصر تسليمتين، ويقرأ فيها الفاتحة وما تيسر، ليس فيها قراءة معينة، الفاتحة تكفي، وتقرأ معها ما تيسر آيات أو سورا قصيرة، ما فيه بأس، ولا يتعين فيها سور معينة، ولا آيات معينة، يقرأ ما تيسر، والله ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430).

يقول: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} (¬1) والواجب الفاتحة - الحمد - والزائد سنة. إذا قرأ آيات أو بعض السور بعد الفاتحة كله سنة، لكن بعد العصر ما يصلي بعدها، بعد الفجر لا يصلي بعده، وأنت أيتها السائلة لا تصلي بعد العصر ولا بعد الفجر، لأنه وقت نهي. وفي السفر تسقط هذه الرواتب، إن كان الإنسان مسافرا أو المرأة مسافرة الأفضل عدم صلاة الرواتب، هذه كلها إلا سنة الفجر، المسافر حال سفره الأفضل له ألا يصلي هذه الرواتب حال السفر إلا سنة الفجر فإنه يصليها، كان يصليها في السفر والحضر عيله الصلاة والسلام، سنة الفجر ركعتان قبلها، وهكذا الوتر السنة أن يصليه في السفر والحضر جميعا، كان النبي يحافظ عليه صلى الله عليه وسلم في الحضر والسفر، وأقله ركعة واحدة، وإن صلى ثلاثا أو خمسا أو أكثر كله طيب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب يصلي إحدى عشرة يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، وربما صلى ثلاث عشرة في بعض الأحيان، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة، ومن صلى أقل أو ¬

_ (¬1) سورة المزمل الآية 20

أكثر فلا بأس. يسن أيضا صلاة الضحى في السفر والحضر، صلاة الضحى سنة ركعتان أو أكثر، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها في بعض الأحيان وأوصى بها بعض أصحابه، فصلاة الضحى سنة دائما بعد ارتفاع الشمس إلى وقوفها قبل الزوال بقليل تترك، والأفضل عند شدة الضحى يعني بارتفاع الضحى - وهي صلاة الأوابين، وفق الله الجميع.

حكم الفصل بين الفريضة والنافلة

156 - حكم الفصل بين الفريضة والنافلة س: الأخت ف. ع من الأردن تسأل وتقول: أنا أصلي الصلاة المفروضة - أي الفرض - والسنة، وبعد الانتهاء من الصلاة المفروضة فإني أصلي أربع ركعات أو ما زاد عنها مثلا: في كل صلاة مباشرة، فهل تصلح صلاة النفل بعد الانتهاء مباشرة من الصلاة المفروضة؟ وقد ورد في كتاب فقه السنة استحباب الفصل بين الفريضة والنافلة بمقدار ختم الصلاة، نرجو توضيح ذلك مع الشكر (¬1) ج: السنة فصل النافلة عن الفريضة، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صلى أحدكم فلا يصل بصلاة حتى يتكلم أو يخرج (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (259) (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (883)

فالأفضل للمسلم والمسلمة بعد الصلاة من الفريضة يقول: أستغفر الله - ثلاثا - اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم يأتي بالذكر الشرعي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. هذا مستحب بعد كل الصلوات الخمس: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، للرجل والمرأة جميعا. ويستحب مع هذا أيضا أن يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات بعد صلاة الفجر، وبعد صلاة المغرب، هذه زيادة خاصة بهاتين الصلاتين، ويستحب له بعد ذلك في الخمس الصلوات كلها أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة. الجميع تسع وتسعون، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. جاء في الحديث أن العبد إذا قالها غفرت خطاياه ولو كانت مثل

زبد البحر، وهذا فضل عظيم، يشرع للمؤمن والمؤمنة المحافظة على ذلك. ويستحب بعد هذا أن يقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (¬1) هذه آية الكرسي، هذه آية واحدة، يستحب للمؤمن والمؤمنة أن يأتي بها بعد كل صلاة، ويستحب له أيضا أن يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) والمعوذتين بعد كل صلاة؛ الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ويكررها ثلاثا بعد الفجر وبعد المغرب، ويكررها ثلاثا عند النوم بعد ما يضطجع على فراشه، يقرأ التسبيح والتحميد والتكبير ثلاثا وثلاثين مرة، ويختم بـ: الله أكبر تمام المائة مرة، تمامها: الله أكبر، أربع وثلاثون تكبيرة، ثلاث وثلاثون تحميدة، وثلاث وثلاثون تسبيحة عند النوم، بدل: لا إله إلا الله في آخرها: الله أكبر، يكمل مائة بـ: الله أكبر، أما بعد الصلاة فيكملها بـ: لا إله إلا الله. أفضل، وإذا أحب أن يصلي بعد الذكر نافلة فلا بأس، لا يقوم مباشرة بعد أن يسلم، لا، بعد الذكر يأتي بالنافلة، والأفضل بعد ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 255 (¬2) سورة الإخلاص الآية 1

الظهر أربع، وإن صلى ثنتين راتبة كفت، وإن صلى أربعا بعد الظهر كذلك فيه فضل عظيم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (¬1)» وهذا فضل كبير، أما الراتبة فهي أربع قبل الظهر، بتسليمتين وثنتان بعدها، يعني تسليمتين قبلها وتسليمة واحدة بعدها، هذه يقال لها: الراتبة، كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام في الحضر، وإن زاد وصلى أربعا بعد الظهر بتسليمتين بعد الظهر فذلك فيه فضل عظيم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (¬2)» رواه أهل السنن بإسناد صحيح عن أم حبيبة رضي الله عنها. أما بعد العصر فليس بعدها صلاة، وبعد الفجر ليس بعدها صلاة، لا يصلي بعدها لا اثنتين ولا أربعا بعد صلاة العصر وبعد صلاة الفجر، ليس بعدها صلاة لأنه وقت نهي. أما بعد المغرب يصلي ثنتين هذا الأفضل راتبة، وبعد العشاء ثنتين راتبة، وإن صلى أكثر فلا بأس، الراتبة ثنتان تسليمة واحدة بعد المغرب، وثنتان بعد العشاء تسليمة واحدة، للرجل والمرأة جميعا. هذه راتبة كان ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816). (¬2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816).

يحافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وإن صلى أكثر بعد المغرب أو بعد العشاء فالأمر واسع والحمد لله، يصلي ما شاء. لكن الراتبة ثنتان بعد المغرب وثنتان بعد العشاء، وإذا أحب أن يصلي بين المغرب والعشاء ركعات كثيرة كله طيب، أو بعد العشاء يتهجد طويلا كله طيب، لكن الراتبة ثنتان بعد العشاء، وثنتان بعد المغرب، والصلاة المفروضة: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، الظهر أربع في حق المقيم، وثنتان في حق المسافر، والعصر أربع في حق المقيم، وثنتان في حق المسافر، والمغرب ثلاث في حق الجميع. والعشاء ثنتان في حق المسافر، وأربع في حق المقيم، والفجر ثنتان في حق الجميع - هذه الفرائض - والجمعة ثنتان كذلك في حق المقيمين. أما النوافل فلا حصر لها، لكن الرواتب التي يشرع أن يحافظ عليها المؤمن اثنتا عشرة كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام في حال الحضر والإقامة: أربع قبل الظهر تسليمتان، وثنتان بعد الظهر، هذه ست، وثنتان بعد المغرب، هذه ثمان، وثنتان بعد العشاء، هذه عشر، وثنتان قبل صلاة الصبح، هذه اثنتا عشرة. هذه الرواتب كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام في الحضر، أما في السفر فكان يتركها إلا سنة الفجر، كان في السفر يترك

سنة الظهر والمغرب والعشاء، ولكن يصلي سنة الفجر في السفر والحضر عليه الصلاة والسلام. وأما صلاة أربع قبل العصر فهي مستحبة، ليست راتبة لكن مستحبة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬1)» هذه مستحبة وليست براتبة، وإذا صلى قبل المغرب ثنتين أو العشاء ثنتين أيضا مستحبة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (¬2)» إذا صلى بعد الأذان ركعتين، بعد المغرب، بعد العشاء ركعتين، أكثر، كله مستحب طيب، لكن ليس من الرواتب. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838).

حكم قراءة التشهد في النافلة

157 - حكم قراءة التشهد في النافلة س: يقول السائل: إذا صليت السنة هل أقرأ التشهد الأول والأخير أم يكفي التشهد الأول؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: تقرأ التشهد الأخير، تقرأ التحيات والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وتقرأ الدعاء، والواجب التشهد الأول مع الصلاة على النبي ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (260)

صلى الله عليه وسلم، الدعاء سنة ولكن إذا كملت بالدعاء تكون أكمل، تقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. تسأل الله من خير الدنيا والآخرة، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. تكون أكمل كالفريضة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ذهب بعض أهل العلم إلى أنها ركن، وذهب بعضهم إلى أنها واجب، وبعضهم إلى أنها سنة، فينبغي لك أن تأتي بها أيضا في الفريضة والنافلة، التشهد الأخير في الفريضة، والتشهد في النوافل، وتأتي بها في التشهد الأول مع التحيات لعموم الأحاديث في الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام.

حكم الفصل بين الفريضة والسنن الراتبة

158 - حكم الفصل بين الفريضة والسنن الراتبة س: الأخت س. م. م من الرياض تسأل وتقول: ما رأيكم في الفصل بين صلاة الفريضة والنافلة لمدة قد تزيد عن النصف ساعة للذكر ولتلبية بعض أغراض الوالدين؟ (¬1) ج: ليس في هذا بأس، كون الرجل أو المرأة يفصل بين الفريضة والنافلة، سواء كانت النافلة قبلها أو بعدها ليس من شرط ذلك أن ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (137).

تتصل، فإذا صلى مثلا الظهر وأخر الراتبة نصف ساعة أو ساعة فلا بأس ما دام الوقت موجودا، وهكذا لو صلى سنة الفجر بعد الأذان بعد طلوع الفجر، ثم تأخر بعض الوقت لحاجات، ثم صلى الفريضة إذا كان في البيت لمرض أو امرأة، أما الرجل فإنه لا بد يخرج إلى المسجد بعد أن يصلي النافلة ويعتني بالجماعة إذا كانت النافلة قبلها، لا يتأخر عن الجماعة، مثل راتبة الظهر لو صلاها في البيت فليس له أن يتأخر حتى يفوت الفريضة مع الجماعة، لو صلاها في البيت أو صلاها في المسجد فالأمر واسع، لكن ليس له أن يتأخر تأخرا يفوته الفريضة، وهكذا في البيت المرأة، وكذا المريض ليس له أن يؤخر الفريضة تأخرا يخرجها عن الوقت، أما إن كان التأخر لا يخرجها عن الوقت بل لحاجة فلا بأس بذلك.

حكم تغيير المصلي مكانه لصلاة النافلة

159 - حكم تغيير المصلي مكانه لصلاة النافلة س: هل صح ما يعتمد عليه في أفضلية تغيير المكان عند كل صلاة نافلة؟ (¬1) ج: لم يثبت في هذا شيء، جاء في حديث ضعيف يدل على فضل ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (256)

الانتقال عن مكان يصلي فيه لكنه ضعيف عند أبي داود لكن فعله جماعة من السلف، وكان ابن عمر يفعله، كان إذا صلى في مكان صلى في مكان آخر، انتقل عنه إلى مكان آخر، وكان يأمر بذلك، فإذا فعله الإنسان فلا بأس، وإن صلى في مكانه فلا بأس، فالأمر واسع والحمد لله، من صلى في مكانه الراتبة فلا بأس، ومن تحول عنه إلى مكان آخر فلا بأس، كله طيب.

س: هل صحيح أن من السنة أن يغير المصلي مكانه الذي صلى فيه ليصلي النافلة؟ (¬1) ج: جاء في هذا حديث ضعيف، وجاء من فعل ابن عمر، فالأمر فيه واسع من فعله فلا بأس، ومن تركه فلا بأس، والأمر واسع والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (188)

س: الأخت ف. أ. ي من الأردن، تسأل السائلة وتقول: يغير بعض الناس أماكنهم بعد الانتهاء من الصلاة لأداء السنة زعما منهم أن

المكان سيشهد لهم يوم القيامة؟ (¬1) ج: هذا أفضل إذا تيسر وإلا ليس بلازم، إن صلى في مكانة فلا بأس، الحمد لله، ليس فيه سنة ثابتة كونه يغير المكان، لكن إذا تحول عن مكانه فلا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (412)

س: يسأل المستمع ويقول: هناك البعض من الناس بعد صلاة الفريضة في المساجد يتبادل المسلمون الأماكن حتى يصلوا السنة أو النافلة حيث يعتقد البعض أن هذا لأجل أن تشهد له الأرض، هل هذا وارد؟ (¬1) ج: ليس له أصل صحيح يعتمد، فيه حديث ضعيف، لكن يصلي في محله والحمد لله، يصلي الراتبة في محله والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (432)

حكم صلاة النافلة جماعة

160 - حكم صلاة النافلة جماعة س: هل يجوز أن تؤدى صلاة النافلة جماعة؟ (¬1) ج: نعم إذا فعلت بعض الأحيان فلا بأس، وقد زار النبي صلى الله ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (406)

عليه وسلم بعض أصحابة وصلى بهم جماعة عليه الصلاة والسلام فإذا فعل إنسان، زار إنسان بعض إخوانه وصلى بهم جماعة الضحى مثلا فلا بأس، أما اتخاذه عادة جماعة مرتبة فلا.

حكم الإقامة لصلاة النافلة

161 - حكم الإقامة لصلاة النافلة س: يقول هذا السائل: هل صلوات السنة أو ركعات السنة هل لهن إقامة؟ (¬1) ج: ليس لها إقامة، الإقامة للفرائض، أما النوافل ما لها إقامة، صلاة الكسوف ما لها إقامة، صلاة الاستسقاء ما لها إقامة، صلاة العيد ما لها إقامة، الإقامة للصلوات الخمس، لها أذان وإقامة. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (418)

بيان معنى اتخاذ العبادة عادة

162 - بيان معنى اتخاذ العبادة عادة س: قرأت في أحد الكتب عبارة وهي: لا تجعل من عبادة الله عادة، كيف يجعل المسلم من عبادة الله عبادة له سبحانه، وليست عادة اعتادها؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (324)

ج: المعنى: لا تصلها كعادة، صلها قربة تتقرب بها إلى الله لا من أجل العادة، يعني إذا صليت الضحى صلها لأجل التقرب إلى الله، ليس لأنها عادة، وهكذا إذا صليت التهجد بالليل صلها لأنها قربة، لأنها طاعة، لا بمجرد العادة، أو لأنها فعلها أبوك أو أمك، لا بل صل تقربا إلى الله، تصليها لأنها عبادة وطاعة لله، صلاة الضحى، صلاة الليل، النوافل مع الصلوات.

حكم صلاة النافلة في السفر

163 - حكم صلاة النافلة في السفر س: هل بعد صلاة القصر سنة أم لا؟ (¬1) ج: الأفضل ترك السنة إذا قصر الظهر أو العصر أو العشاء، الأفضل ألا يصلي الراتبة، ولكن يصلي سنة الفجر والوتر في السفر، كل هذا سنة، أما سنة الظهر والمغرب والعشاء فالأفضل تركها، والنبي عليه الصلاة والسلام كان لا يصلي الراتبة للظهر والمغرب والعشاء. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (23)

س: هل تسقط السنن الرواتب في السفر من غير ركعتي الفجر والوتر حيث إنني أرغب المحافظة عليها في سفري، فإذا صليت السنن

الرواتب وحافظت عليها في السفر هل في ذلك بأس (¬1)؟ ج: الأولى تركها في السفر إلا سنة الفجر تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فيصلي سنة الفجر معها، أما سنة الظهر والمغرب والعشاء والعصر أفضل تركها لأن الله خفف على المسافر نصف الصلاة، فيترك التطوعات التي مع الفريضة، أما كونه يصلي صلاة الضحى أو سنة الوضوء أو التهجد بالليل، فهذا باق يفعله المسافر وغيره، كان النبي صلى الله عليه وسلم يتهجد من الليل، يصلي الضحى وهو مسافر لكن سنة الظهر القبلية والبعدية، وسنة العصر قبلها، وسنة المغرب بعدها، وسنة العشاء بعدها الأفضل تركها في السفر، إذا كان محكوما بالسفر، إذا كان أذن له بالقصر، مسافة ثمانين كيلو فأكثر. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (371).

حكم السنة الراتبة للمسافر إذا صلى خلف المقيم

164 - حكم السنة الراتبة للمسافر إذا صلى خلف المقيم س: هل على المسافر سنة الراتبة إذا صلى مع الذين يتمون (¬1)؟ ج: إذا صلى مع المتمين فالأفضل أن يأتي بالراتبة لأنه صار له حكم المقيمين فيصلي الراتبة، وإن ترك فلا بأس، لكن إذا أتم فالأفضل أن ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (16).

يأتي بالراتبة، وإن قصر فالأفضل ترك الراتبة للظهر والعشاء، أما الفجر فإن سنتها ثابتة في السفر والحضر، وهكذا الوتر المسافر يوتر ويصلي سنة الفجر، أما سنة المغرب وسنة الظهر وسنة العشاء فالأفضل تركها للمسافرين إذا قصروا.

بيان معنى صلاة التطوع

165 - بيان معنى صلاة التطوع س: ما هو الفرق بين طلاة التطوع وصلاة النفل وصلاة الراتبة (¬1)؟ ج: كلها تطوع، النفل والراتبة والتطوع شيء واحد، الرواتب الصلوات المشروعة مع الفرائض كسنة الظهر، وسنة العصر، وسنة المغرب، وسنة العشاء، وسنة الفجر، والوتر، كلها رواتب وكلها تطوع، صلاة الضحى تطوع، صلاة الوضوء، إن توضأ صلى ركعتين تطوعا، كل هذا يقال له: نافلة، ما عدا الخمس المفروضة فتطوع، ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم سأله بعض الناس لما أخبره عن الصلوات الخمس قال له السائل: «هل علي غيرها؟ قال: "لا إلا أن تطوع (¬2)» فالتطوع هو النافلة وهو ما زاد على الخمس: الظهر والعصر والمغرب ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (329). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب الزكاة من الإسلام، برقم (46)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، برقم (11).

والعشاء والفجر، يقال له: تطوع، مثل صلاة الضحى، والرواتب مع الفرائض، وتحية المسجد، وصلاة الليل، الوتر، وصلاة الضحى كلها تطوع، ويلحق بالخمس صلاة العيد فهي فرض على الصحيح، أما صلاة الجمعة فهي إحدى الخمس فرض في يومها لأنها إحدى الصلوات الخمس، أما صلاة الاستسقاء فهي تطوع، صلاة الاستغاثة تطوع، تحية المسجد تطوع، صلاة الجنازة فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقطت عن الباقين، إذا قام بها ولو واحد مكلف سقطت عن الباقين صلاة الجنازة.

بيان معنى السنة الراتبة

166 - بيان معنى السنة الراتبة س: ما هو الفرق بين الألفاظ التالية: راتبة، نافلة، مؤكدة (¬1)؟ ج: الراتبة التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أو فعل ما يدل على أنها راتبة هي ما يداوم عليها صلى الله عليه وسلم، مثل سنة الظهر والمغرب والعشاء والفجر هذه يقال لها: رواتب، سنة الجمعة؛ لأن الرسول راتب عليها عليه الصلاة والسلام وواظب عليها، والنافلة هي التي غير الفريضة، تطلق على كل عبادة غير واجبة، الصوم والصلاة ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (295).

والصدقات ونحو ذلك يقال لها: نافلة، كل عبادة غير واجبة يقال لها: نافلة، كسنة الضحى، والرواتب التي مع الصلوات، سنة الوتر، صوم الاثنين والخميس، صوم ستة من شوال هذه يقال لها: نوافل، الصدقة من المال غير الواجبة يقال لها: نافلة، أما المؤكدة فهي السنة المؤكدة التي ليست المطلقة، بل المؤكدة مثل الرواتب سنة مؤكدة، الوتر سنة مؤكدة، صلاة الضحى سنة مؤكدة.

بيان الفرق بين صلاة الفرض وصلاة النافلة

167 - بيان الفرق بين صلاة الفرض وصلاة النافلة س: هل هناك فوارق بين صلاة الفرض والنافلة (¬1)؟ ج: نعم هناك فرق: النافلة مستحبة، والفرض واجب، والنافلة إذا تركها لا يأثم، لو ترك صلاة الضحى أو صلاة الوتر، أو راتبة الظهر أو الفجر أو المغرب أو العشاء لم يأثم، والفريضة يأثم إذا تركها، بل يكفر إذا ترك الفريضة وتعمد تركها، والنافلة الصلاة يجوز أن يصليها جالسا ولو كان صحيحا، والفريضة ليس له أن يصليها جالسا إلا عند العذر عند المرض والعجز، أما النافلة لو صلى جالسا فلا بأس، كما كان النبي يصلي جالسا في صلاة الليل، ويقول: «من صلى قائما فهو أفضل ومن ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (377).

صلى قاعدا فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد (¬1)» صلى الله عليه وسلم، فإذا صلى في الليل أو في النهار جالسا في النافلة فلا حرج، أما الفريضة فلا بد أن يصلي قائما لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمران: «صل قائما (¬2)» يقول لعمران بن الحصين رضي الله عنه: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب (¬3)» «فإن لم تستطع فمستلقيا (¬4)» هذا في حق الفريضة، أما النافلة فلا حرج أن يصلي جالسا، إذا تكاسل وجلس فلا حرج. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب صلاة القاعد، برقم (1116) ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جواز النافلة قائما وقاعدا، وفعل بعض الركعة قائما وبعضها قاعدا، برقم (735). (¬2) صحيح البخاري الجمعة (1117). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117). (¬4) قال الشيخ عبد العزيز بن قاسم - المعتني بإخراج حاشية سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله على بلوغ المرام -: (لم أجد هذه الزيادة من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه في سنن النسائي، ولا في غيرها من كتب الحديث المطبوعة بعد البحث والتقصي، ومن نسبها للنسائي لعله اعتمد على ما ذكره المجد في المنتقى (ص 238) والله أعلم) اهـ حاشية سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز على بلوغ المرام (1/ 242).

مسألة في الفرق بين النافلة والسنة

168 - مسألة في الفرق بين النافلة والسنة س: يقول هذا السائل: ما الفرق بين السنة والنافلة فقد اختلط على كثير من الأشخاص معنى كل منهما عند كثير من المسلمين (¬1)؟ ج: النافلة هي التي لم يفرضها الله، تسمى نافلة، مثل صلاة الضحى، والوتر والرواتب وسنة الوضوء هذه يقال لها: نافلة، أما صلاة الظهر الفريضة والعصر والمغرب فهذه يقال لها: فريضة والحج الأول يسمى فريضة، والحج الثاني للشخص يسمى نافلة، والصوم يوم الاثنين والخميس نافلة، وصوم رمضان فريضة، وهكذا، والسنة فيها تفصيل: تطلق السنة على كلام النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريره، ويقال لها: سنة وتطلق على النافلة وتسمى صلاة الضحى سنة، وتسمى نافلة، فالسنة المرادفة للنافلة في بعض الأحيان، فتطلق على ما ليس بفرض، وهو مشروع مثل صلاة الضحى، والوتر يقال لها: سنة يعني ليس بواجب، وتطلق السنة على أفعال النبي وأقواله وسيرته عليه الصلاة والسلام، وتطلق السنة على ما يخالف البدعة يقال مثلا: صيام الاثنين والخميس سنة، تخصيص رجب بالصيام أو الجمعة بالصيام بدعة ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (401).

صيام السنة كلها بدعة، والرسول نهى عنه، ليس بقربة، قال: «لا صام من صام الأبد (¬1)» فإذا صام ثلاثة أيام من كل شهر، وصام يوم الاثنين والخميس هذا يقال لها: سنة هذه وجوه السنة، تطلق على النافلة، وعلى ما هو مشروع وليس بواجب، وعلى ما هو ضد البدعة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب حق الأهل في الصوم، برقم (1977) ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوت به حقا .... ، برقم (1159).

س: هل هناك فرق بين صلاة التطوع وصلاة النفل وصلاة الراتبة (¬1)؟ ج: كلها تطوع، النفل والراتبة كلها تطوع، تسمى تطوعا ما عدا الخمس الصلوات تسمى تطوعا سواء كانت ضحى أو وترا أو رواتب، كلها تسمى تطوعا. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (362).

حكم صلاة الفريضة في جماعتين

169 - حكم صلاة الفريضة في جماعتين س: إذا صليت فريضة معينة في جماعتين هل يجوز ذلك أم لا (¬1)؟ ج: الأولى لك فريضة واحدة، والثانية نافلة، إذا صليت فريضة ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (322).

مع قوم ثم جاء آخرون فصليت معهم صارت الثانية نافلة والأولى هي الفريضة.

حكم الشرب في صلاة النافلة

170 - حكم الشرب في صلاة النافلة س: ع. ع. م الجوف: ما حكم شرب الماء اليسير في صلاة النافلة؟ ونرجو أن يكون ذلك مدعما بالدليل (¬1)؟ ج: أما شرب الماء في صلاة الفريضة فممنوع، وهكذا الأكل؛ لأن الصلاة فيها شغل عن الأكل والشرب وكلام الناس، والواجب الطمأنينة فيها، والإقبال عليها، أما في النافلة فأجاز هذا بعض أهل العلم، ومنعه آخرون، وروي عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه كان يشرب في صلاة النافلة؛ لأنه كان يطيل الصلاة والتهجد، ولا أعلم دليلا واضحا في إجازة الشرب أثناء الصلاة، والصلاة فيها شغل، فالذي يظهر لي - والله أعلم - أن ترك ذلك أولى وأحوط في النافلة كما يترك في الفريضة، والنافلة الحكم فيها كالفريضة إلا ما خصه الدليل، ولا أعلم دليلا واضحا من كتاب أو سنة يدل على جواز شرب الماء في النافلة، والذي أراه لإخواني ترك ذلك كما يترك بالفريضة، والله سبحانه وتعالى أعلم. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (7).

بيان ما يفعله المصلي إذا ناداه أحد أبويه

171 - بيان ما يفعله المصلي إذا ناداه أحد أبويه س: إذا دخلت في صلاة النافلة وناداني أبي أو أمي فهل أجيب أم أستمر في الصلاة (¬1)؟ ج: عليك أن تقول: سبحان الله، سبحان الله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه إنما التصفيق للنساء (¬2)» كان في شرع من قبلنا أن جريحا أمر أن يجيب أمه وعوقب لما أهملها ولم يجبها، أما في شرعنا فالله جل وعلا رخص لنا كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقول من نابه شيء في صلاته: سبحان الله، والمرأة تصفق. فقل ذلك حتى يعلم أبوك أو غيره أنك تصلي، فيعذرونك فإن كان حادث يوجب قطع الصلاة قطعتها إذا طلبوك لأمر، لإنقاذهم من حريق، أو من موت، أو من خطر، فاقطعها ولو فريضة، أنقذهم ثم عد للصلاة، أما إذا كان ما هناك خطر تقول: سبحان الله. والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (307). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول، برقم (684) ومسلم في كتاب الصلاة، باب تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام، برقم (421).

حكم انتظار طلوع الشمس في موضع آخر من المسجد غير الذي صلى فيه

172 - حكم انتظار طلوع الشمس في موضع آخر من المسجد غير الذي صلى فيه س: الحديث الذي معناه بأن الذي يصلي الفجر في جماعة ثم يجلس في مكانه يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم يصلي ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة، هل معنى ذلك بأن الذي يغير المكان في المسجد في مكان أكثر راحة وهدوءا يحجب عن هذا الفضل (¬1)؟ ج: الظاهر أنه لا يحجب؛ لأن المسجد كله مصلى، فإذا انتقل من مكان إلى مكان ليستند على عمود أو غيره أو لأنه أريح وأبعد عن هؤلاء القراء حتى لا يشوش عليهم كله لا بأس، يحصل له الفضل إن شاء الله. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والخمسون من الشريط رقم (433).

س: هذا الأخ ن. ع. أ. يقول: سماحة الشيخ، من صلى صلاة الفجر في المسجد في جماعة، وجلس في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين سنة بعد شروق الشمس هل تحسب له حجة وعمرة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (43).

ج: نعم، جاء في الحديث ما يدل على هذا، الحديث له طرق جيدة، فإذا جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كان له حجة وعمرة تامة.

حكم الاستمرار على قراءة سورة الكافرون في النوافل

173 - حكم الاستمرار على قراءة سورة الكافرون في النوافل س: السائل مصري ومقيم بالمملكة يقول: أنا أحب أن أقرا سورة الكافرون باستمرار وبالذات في صلاة السنة أو الضحى، ولكن ليس دائما، ولكن في أغلب الأوقات وذلك لأنني عند قراءتها أشعر بالإيمان والتبرؤ من الكفر، فهل هذا جائز أم لا (¬1)؟ ج: لا حرج والحمد لله، تقرؤها متى شئت مع إحدى سورتي الإخلاص، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) في سنة الفجر، وسنة المغرب وفي سنة الطواف، كان يقرأ بهما عليه الصلاة والسلام، {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬3) و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬4) في الثانية بعد الفاتحة، فهي سورة عظيمة، وإذا قرأت بها كثيرا فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (369). (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة الكافرون الآية 1 (¬4) سورة الإخلاص الآية 1

حكم صلاة الضحى

174 - حكم صلاة الضحى س: ما حكم صلاة الضحى؟ فقد سألت عنها شخصيا أكثر من طالب علم، فأجابوني بعدة إجابات مختلفة، فمنهم من قال: إن الأحاديث التي وردت فيها غير صحيحة، فتترك، ومنهم من قال: بل تصلى، ومنهم من قال: يصليها من شاء متى شاء، العدد الذي يريد. ومنهم من قال: تصلى يوما وتترك يوما. لذا لجأت إلى برنامج نور على الدرب أرجو أن ينير الله لنا الطريق، وأرجو أيضا ألا ألتمس الإجابة من غيره؟ وفقكم الله (¬1) ج: صلاة الضحى سنة مؤكدة وأقلها ركعتان، وأفضلها ثمان، فإن زاد فلا بأس، عشرا أو ثنتي عشرة، أو أكثر من ذلك فلا بأس، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه صلاها ثماني ركعات يوم الفتح (¬2)» وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أوصى بذلك أبا الدرداء، وأبا هريرة فقد جاء في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوصى أبا هريرة وأبا ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (40). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفا به، برقم (357) ومسلم في كتاب الحيض، باب تستر المغتسل بثوب ونحوه، برقم (336).

الدرداء بثلاث: صلاة الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، والوتر قبل النوم وثبت في الصحيح عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن صدقة أهل الدثور - أهل الأموال - وأنهم سبقوا بالصدقة بأموالهم قال: «أوليس قد جعل الله ما تصدقون به؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وبكل تهليلة صدقة، وبكل تحميدة صدقة، وبكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة (¬1)» وفي رواية قال: «ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى (¬2)» هذا يدل على أن ركعتين من الضحى تقوم مقام الصدقات التي يشرع للمؤمن أن يدفعها عن مفاصله وأعضائه، ودل ذلك على تأكدها وأنها صلاة عظيمة مؤكدة فيها خير عظيم، ويستحب فعلها كل يوم قال بعض السلف: إنها تفعل يوما بعد يوم، ولكن الصواب أنها تفعل كل يوم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بها وحث عليها، فدل ذلك على أنها سنة كل يوم إذا تيسر ذلك، ولكنها غير واجبة من تركها بعض ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب بيان اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف برقم (1006). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان، برقم (720).

الأحيان فلا بأس، ولو تركها دائما فلا بأس؛ لأنها سنة مؤكدة مثل الوتر، مثل رواتب الفريضة، مثل سنة الظهر والمغرب والعشاء والفجر، كلها سنن، كلها نوافل لو تركها العبد لا إثم عليه، لكن الأفضل والأولى أن يحافظ عليها، وأن يعتني بها لأن فيها أجرا عظيما، ولأنها تكمل بها الفرائض، وصلاة الضحى من ذلك فهي سنة مؤكدة في جميع الأوقات، أما كون النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يحافظ عليها فلعله فعل ذلك لئلا يشق على أمته، لأنه لو حافظ عليها لازداد تأكدها، وربما شق على بعض الناس ذلك، ولمشاغله الكثيرة عليه الصلاة والسلام، ولأن السنة لها وجوه ثلاثة تثبت بالقول وتثبت بالفعل، وتثبت بالتقرير، فالنبي صلى الله عليه وسلم فعلها وأقر عليها وأوصى بها عليه الصلاة والسلام كل هذا فعله عليه الصلاة والسلام، فعلها في يوم الفتح، وفعلها في أوقات أخرى، قالت عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله (¬1)» رواه مسلم. وفعلها الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فدل ذلك على أنها سنة مؤكدة، أقر عليها وأوصى بها وفعلها عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (719).

س: ما حكم صلاة الضحى، هل هي سنة أم واجبة (¬1)؟ ج: صلاة الضحى سنة وليست واجبة، الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الصلوات الخمس: الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، قال السائل: «هل علي غيرها؟ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "لا. إلا أن تطوع (¬2)» ليس عليه إلا الخمس في اليوم والليلة إلا أن يتطوع، فصلاة الضحى والرواتب التي مع الصلوات الخمس وصلاة الليل كلها مستحبة حتى الوتر مستحب على الصحيح فإنه سنة مؤكدة وليس بواجب عند جمهور أهل العلم. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (6). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب الزكاة من الإسلام، برقم (46)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، برقم (11).

حكم المداومة على صلاة الضحى وبيان وقتها

175 - حكم المداومة على صلاة الضحى وبيان وقتها س: هل صلاة الضحى تصلى كل يوم، وهل هي من السنن الرواتب أم لا (¬1)؟ ج: صلاة الضحى سنة مؤكدة، والنبي أوصى بها عليه الصلاة والسلام، أوصى بعض أصحابه، أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (30).

عنهما بصلاة الضحى، وكان يصليها بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، فهي سنة مؤكدة، أوصى بها عليه الصلاة والسلام، فإذا تيسر للمؤمن والمؤمنة فعلها فهذا خير عظيم ولكن غير لازمة، لو فعلها بعض الأحيان وتركها بعض الأحيان أو تركها بالكلية فلا حرج، لكنها سنة مؤكدة مثل سنة الفجر، ومثل سنة الظهر، وسنة المغرب، وسنة العشاء كلها سنن مؤكدة فيها خير عظيم ولكنها غير فريضة لو تركها الإنسان لا يأثم، والأفضل أن تكون بعد ارتفاع النهار، إذا اشتد النهار وارتفع النهار قبل زوال الشمس بنصف ساعة، المقصود أنه إذا ارتفع الضحى أفضل، وإن صلاها مبكرا بعد ارتفاع الشمس قيد رمح حصل المقصود وإن أخرها حتى يرتفع النهار فهو أفضل، ثنتين أو أربع ركعات أو ست ركعات أو ثماني ركعات ليس لها حد لكن أقلها ركعتان وإذا صلى أكثر فلا بأس.

بيان تسمية صلاة الضحى بصلاة الأوابين

176 - بيان تسمية صلاة الضحى بصلاة الأوابين س: ما هي صلاة الأوابين، وهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يداوم على صلاتها؟ وماذا كان يقرأ فيها (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (383).

ج: صلاة الأوابين صلاة الضحى، إذا اشتد الضحى هذه صلاة الأوابين، إذا اشتد الضحى سن لكل أحد أن يصلي صلاة الضحى، ركعتان، وإن زاد فلا بأس النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة رضي الله عنه ووصى أبا الدرداء رضي الله عنه بركعتي صلاة الضحى، وقال عليه الصلاة والسلام: «يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وأمر بمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى (¬1)» أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فجعل ركعتين تقومان مقام هذه الصدقات، وهذه التسبيحات والتكبيرات، وربما صلى الضحى صلى الله عليه وسلم أربعا وربما صلاها ثمانيا عليه الصلاة والسلام، صلاها يوم الفتح ثماني ركعات أربع تسليمات قالت عائشة: «كان يصليها أربعا ويزيد ما شاء الله (¬2)» يعني بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، وما كان يداوم عليها لئلا يشق على أمته، فقد يترك العمل وهو يحب أن يعمله مخافة المشقة على أمته، لكن دلت السنة القولية على أن المواظبة عليها والمحافظة عليها سنة مؤكدة، كونه ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان، برقم (720). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (719).

يحافظ على صلاة الضحى سنة مؤكدة من وصية النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه أوصى بها عليه الصلاة والسلام.

بيان فضل صلاة الضحى وسنيتها

177 - بيان فضل صلاة الضحى وسنيتها س: تسأل امرأة فتقول: قرأت في كتاب (زاد المعاد في هدي خير العباد) أن سنة الضحى مختلف عليها، هل هي سنة أم لا؟ وقال بعضهم: إنها بدعة، فما هو الأرجح؟ جزاكم الله خيرا، وهل الأفضل أن تصلى كل يوم أو يوما بعد يوم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: صلاة الضحى سنة مؤكدة، وقد أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما، وصلاها صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله (¬2)» رواه مسلم في الصحيح. وصلاها يوم الفتح، الضحى ثماني ركعات يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، وقال عليه الصلاة والسلام: «يصبح على كل سلامى من الناس صدقة» والسلامى المفصل «يصبح على كل ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (316). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (719).

سلامى من الناس صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تهليلة صدقة، والأمر بالمعروف صدقة، والنهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى (¬1)» هذا فضل عظيم، ركعتان من الضحى تؤديان هذه الصدقات، فصلاة الضحى سنة مؤكدة كل يوم، فمن قال: إنها بدعة، أو لا تصلى إلا بعض الأحيان فقد غلط، الصواب أنها سنة، تفعل في البيت أفضل، ركعتان أقلها ركعتان، وإن صلى أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر فكله طيب، لكن أقلها ركعتان، وإن زاد فسلم من كل ثنتين فهذا خير، ولهذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلاها أربع ركعات، وصلاها ثماني ركعات، يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، فالمشروع للمؤمن والمؤمنة المحافظة على صلاة الضحى، هذا هو السنة، وأقل ذلك ركعتان، والأفضل عند شدة الضحى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال (¬2)» الأوابين: يعني الرجاعين إلى الله من أهل العبادة، صلاتهم عند شدة الضحى، عند ارتفاع الضحى، إذا اشتد حر الأرض على فصال الإبل - يعني أولاد ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان، برقم (720). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748).

الإبل صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال؛ يعني قبل الظهر بساعتين، ساعة ونصف، ثلاث ساعات، هذا هو الأفضل، وأول وقتها عند ارتفاع الشمس، إذا صلاها بعد ارتفاع الشمس حصل المقصود، وإذا صلاها إذا رمضت الفصال فهذا أفضل، وإن صلى في الوقتين كله خير.

بيان أول وقت صلاة الضحى وآخره

178 - بيان أول وقت صلاة الضحى وآخره س: متى تبدأ وتنتهي صلاة الضحى، وصلاة قيام الليل؟ والوقت بالساعة تقريبا لو تكرمتم (¬1)؟ ج: الضحى تبتدئ بارتفاع الشمس قيد رمح إلى اقتراب الزوال، ولكن الأفضل أن يصليها عند شدة الضحى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (¬2)» يعني حين تشتد الرمضاء على أولاد الإبل، هذا هو الأفضل، وإن صلاها بعد ارتفاع الشمس قيد رمح حصلت السنة، وإذا كان قرب الزوال وقف عن ذلك، لأنه حينئذ تقف الشمس، يسمى وقت الوقوف، وذكر النبي أنها تسجر فيها جهنم، فالحاصل أنه عند قرب الزوال لا يصلي، هذا من أوقات النهي، وهو ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (190). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748).

وقت قصير نحو ربع ساعة أو ثلث ساعة تقريبا قبل الزوال قبل أن تميل إلى جهة المغرب، يقال له: وقت الوقوف، فلا ينبغي له أن يتطوع في هذه الحالة بشيء من الصلاة، بل يمسك حتى تزول الشمس، يعني يمسك عن الصلاة التنفل حتى تزول الشمس عند قرب الزوال.

س: يذكر ويطلب الوقت بالساعة تقريبا لو تكرمتم (¬1) ج: هذا يختلف على كل حال، الليل يختلف والنهار يختلف، فإذا كان بعد طلوع الشمس ربع ساعة تقريبا ارتفعت الشمس ربع ساعة تقريبا، تكون الشمس مرتفعة، وإذا بقي على الظهر نحو نصف ساعة ينبغي التوقف احتياطا عن الصلاة حتى تزول الشمس، أما في الليل فإذا غاب الشفق دخل وقت العشاء، الشفق الأحمر للمغرب، الشفق الأحمر هذا يكون في جهة الغرب، فإذا غاب وانتهى دخل وقت العشاء وخرج وقت المغرب، وإذا صلى العشاء دخل وقت التهجد، إذا صلى العشاء ولو مبكرا ولو مجموعة مع المغرب كالمسافر والمريض، إذا صلاها جمعا في السفر والمرض دخل وقت التهجد إلى طلوع الفجر، كله وقت تهجد، وإذا صلاها في الوقت دخل وقت التهجد بعد صلاة ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (190)

العشاء، وبعد السنة الراتبة يصلي سنتها ثنتين، وبذلك يدخل وقت التهجد في أول الليل وفي وسطه وفي آخره، لكن كونه يصلي في آخر الليل، في الثلث الأخير يكون أفضل حتى يوافق النزول الإلهي.

س: وما هو آخر وقت التهجد (¬1)؟ ج: طلوع الفجر، لكن من فاته ورده في الليل شرع له أن يصليه من النهار، الضحى من النهار شفعا لا وترا، إذا كان عادته ثلاثا يصليها أربعا تسليمتين، وإذا كان عادته خمسا صلاها ثلاث تسليمات ستا، يعني يشفع بواحدة لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الصلاة من الليل من وجع أو غيره صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة (¬2)» وكانت عادته في الغالب إحدى عشرة ركعة في الليل، إذا صلى في النهار صلاها ثنتي عشرة ركعة، يعني زاد ركعة شفعها - اللهم صل عليه - لأن النهار ليس محل وتر. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (190). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746).

س: الأخت س. ص. من مصر تسأل وتقول: ما هي الفترة الزمنية

التي يمكننا فيها صلاة الضحى (¬1)؟ ج: الفترة التي شرع فيها صلاة الضحى هي ما بين ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوفها في وسط السماء، هذا هو وقت صلاة الضحى، والأفضل إذا اشتد الضحى؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (¬2)» يعني حين تشتد الشمس وتجد الفصال وهي أولاد الإبل - حرارة الشمس، وإذا صلاها بعد ارتفاع الشمس مبكرا فقد أدرك صلاة الضحى، وله أن يصليها في جميع أجزاء وقت الضحى إلى وقوف الشمس قبل الزوال بنحو نصف ساعة أو قريبا من ذلك، هذا هو وقت وقوف الشمس في عين الناظر، وذلك إذا توسطت في كبد السماء قبل أن تميل إلى الغرب، هذا يسمى وقت الوقوف، ولا يجوز من المسلم أن يتطوع فيه بالصلاة من غير ذوات الأسباب، أما ذوات الأسباب كصلاة الكسوف وتحية المسجد وصلاة الطواف بمكة فهذه وأشباهها من ذوات الأسباب، الصواب فيها أنه لا حرج في فعلها في وقت النهي، هذا هو الأصح من قولي العلماء، فإذا طاف بعد العصر ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (156). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748).

الكعبة المشرفة أو بعد الصبح قبل الشمس فلا بأس أن يصلي ركعتين، وهكذا لو كسفت الشمس عصرا شرع للمسلمين صلاة الكسوف في أصح قولي العلماء، وهكذا إذا دخل المسجد بعد الفجر أو بعد العصر للجلوس فيه لطلب العلم أو غير ذلك، فإن السنة أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬1)» ولم يستثن وقتا من وقت عليه الصلاة والسلام، هذا هو الأرجح والله ولي التوفيق. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما .... ، برقم (714).

س: تسأل المستمعة ع من جازان وتقول: متى يكون وقت صلاة الضحى؟ ومتى ينتهي وقته (¬1)؟ ج: صلاة الضحى من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوفها، كما بينه النبي في حديث عمرو بن عبسة: إذا ارتفعت الشمس قيد رمح يصلي ما بدا له حتى تقف الشمس، إلى وقوف الشمس، فإذا زالت دخل وقت العبادة إلى أن يصلي العصر. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (390).

س: نرجو أيضا من سماحتكم أن تحددوا وقت صلاة الضحى (¬1)؟ ج: صلاة الضحى تبدأ من ارتفاع الشمس قيد رمح بعد طلوعها بربع ساعة تقريبا، تبدأ الصلاة وتنتهي عند وقوف الشمس، إذا كانت الشمس في وسط السماء لم تمل إلى الغروب توسطت السماء هذا الوقوف محل النهي عن الصلاة، وذلك الوقت تسجر فيه جهنم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فينهى عن الصلاة فيه، لكن الأفضل أن يصلي الضحى إذا رمضت الفصال، إذا اشتد الضحى، إذا ارتفع الضحى، هذا هو الأفضل، وإن كان جالسا في المسجد إلى طلوع الشمس فالأفضل أن يصلي ركعتين عند قيامه للخروج بعد ارتفاع الشمس أو في بيته إذا جلس في بيته بعد الفجر، إذا انتهى وطلعت الشمس يصلي ركعتين تكفي عن صلاة الضحى، وإن صلى بعد ذلك إذا اشتد الضحى فهذا مما يزيده خيرا وفضلا. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (319).

س: ما وقت صلاة الضحى؟ وهل هناك آيات بعينها كان يقرؤها في هذه الصلاة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (371).

ج: صلاة الضحى ما بين أن ترتفع الشمس قيد رمح إلى أن تقف قرب الظهر كله ضحى، فإذا صلاها بعد ارتفاع الشمس بعد الشروق فقد صلاها صلاة الضحى مبكرا، والأفضل أن تكون عند شدة الضحى، الأفضل أن يصليها حيث يشتد الضحى قبل الظهر بساعتين أو ساعة ونصف ساعة أكثر لا بأس هو الأفضل قبل الظهر بساعة بساعتين أفضل شدة الضحى، وإن صلاها بعد ارتفاع الشمس وجلس في مسجد حتى ارتفاع الشمس حصل به صلاة الضحى مبكرا، وهكذا لو كان في البيت وصلاها بعد ارتفاع الشمس، كل ذلك حسن.

بيان أفضل وقت لصلاة الضحى وعدد ركعاتها

179 - بيان أفضل وقت لصلاة الضحى وعدد ركعاتها س: تقول السائلة: ما هو وقت صلاة الضحى بالضبط، وما هو عدد ركعاتها، وهل لها دعاء خاص بها (¬1)؟ ج: صلاة الضحى مستحبة، وتبتدئ من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوف الشمس، وأفضلها إذا اشتد الضحى لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (¬2)» فالأفضل عند شدة الضحى قبل ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (168). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748).

الظهر بساعة أو ساعتين، هذا هو الأفضل، وإذا صلاها المسلم أول الصباح بعد ارتفاع الشمس قيد رمح أو في بقية أجزاء الضحى كل ذلك حسن والحمد لله، وأقلها ركعتان ولا حد لأكثرها، وبعض أهل العلم قال: أكثرها ثمان، ولكن لا دليل على ذلك، إذا صلى ثمانيا أو أكثر أو أقل كل ذلك لا حرج فيه والحمد لله، وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الضحى يوم الفتح ثماني ركعات عليه الصلاة والسلام، وكان يصلي ركعتين إذا زار قباء يوم السبت ضحى عليه الصلاة والسلام، فالحاصل أن أقلها ركعتان، ولا حد لأكثرها، وإذا صلاها ثمانيا يسلم من كل ثنتين، هذا حسن موافق لفعل النبي صلى الله عليه وسلم لما صلاها بمكة المكرمة حين الفتح، وإن صلى اثنتي عشرة أو صلى عشرين أو صلى أكثر فإنه يسلم من كل ركعتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (¬1)» رواه أحمد وأهل السنن بإسناد حسن من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، فالحاصل أن صلاة الضحى مشروعة وسنة، وقربة عظيمة، وقد أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه، وهي سنة مؤكدة، تبتدئ من ارتفاع ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322).

الشمس قيد رمح إلى وقوف الشمس؛ يعني إلى ما قبل الزوال بنحو ثلث ساعة أو نصف ساعة تقريبا.

بيان وقت الزوال

180 - بيان وقت الزوال س: تقول السائلة أختكم أم عبد الرزاق: أسمع بوقت الزوال، فما هو هذا الوقت؟ وهل صحيح أن صلاة الضحى اثنتا عشرة ركعة، وأن وقت صلاة الضحى إلى ما قبل صلاة الظهر بربع ساعة (¬1)؟ ج: الزوال ميل الشمس إلى جهة الغرب، الشمس تسير من المشرق إلى المغرب، فإذا زالت إلى جهة المغرب هذا هو الزوال، وإذا توسطت هذا هو الوقوف، وقت النهي، وصلاة الضحى أقلها ركعتان، وليس لأكثرها حد، ووقتها ما بين وقوف الشمس وارتفاعها كله ضحى، النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء بركعتي الضحى، وصلى يوم الفتح صلاة الضحى ثماني ركعات عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والسبعون من الشريط رقم (433).

بيان صفة صلاة الضحى وعدد ركعاتها

181 - بيان صفة صلاة الضحى وعدد ركعاتها س: سؤال عن صلاة الضحى وعن وقتها وعن عدد ركعاتها، جزاكم

الله خيرا (¬1) ج: صلاة الضحى سنة مؤكدة، وقد أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه، وقال عليه الصلاة والسلام: «فكل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، والنهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى (¬2)» فهذا يدل على تأكدها وهي ركعتان، وإن صلى أربعا أو أكثر فكله طيب، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى ثمانيا صلاة الضحى، لما دخل مكة صلى الضحى، صلاها ثماني ركعات، يسلم كل ثنتين، فالمقصود أن سنة الضحى مستحبة ومتأكدة دائما، وإن صلاها في بعض الأوقات وترك بعض الأوقات لا بأس، ولكن الأفضل أن يحافظ عليها دائما، وأقلها ركعتان، ومن صلى أكثر فأجره أكثر، ووقتها من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوف الشمس قبل الظهر بنصف الساعة، ثلث الساعة. وقوف الشمس يعني: لأن مدة الوقوف ليست طويلة عند توسط الشمس ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (332) (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان، برقم (720).

في كبد السماء، هذا هو الوقوف، والأفضل إذا اشتد الحر إذا ارتفع الضحى فهذا أفضل أوقاتها، وإن صلاها مبكرا بعد طلوع الشمس بعد ارتفاع الشمس كفى ذلك، ولكن الأفضل عند اشتداد الضحى، وذلك صلاة الأوابين؛ يعني الرجاعين إلى الله، كثيري العبادة صلاتهم عند اشتداد الضحى.

س: ما هي صفة صلاة الضحى وكم عدد ركعاتها وما وقتها؟ وما هي أيضا صفة تحية المسجد (¬1)؟ ج: صلاة الضحى ركعتان، هذا أقلها، وإن صلى أربعا أو أكثر فلا بأس، ليس لها حد محدود، وأكثر ما وقع من النبي صلى الله عليه وسلم ثمان ركعات عليه الصلاة والسلام، صلاها يوم الفتح، هذا هو الأفضل إذا صلى ثنتين أو صلى أربعا تسليمتين، وإلا ستا ثلاث تسليمات أو صلى ثمانيا بأربع تسليمات، أو صلى عشرا بخمس تسليمات فلا بأس كله طيب، وليس لها حد محدود، قال بعض أهل العلم: إن أكثرها ثمان، ولكن ليس عليه دليل، فيصلي الإنسان ما يسر الله له، يسلم من كل ثنتين، يخشع فيها ويطمئن، ويبدأ وقتها من ارتفاع الشمس قيد رمح ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (219).

إلى وقوفها قبل الزوال بنحو ربع ساعة، ثلث ساعة تقريبا، هذا وقت الضحى، والأفضل إذا اشتد الضحى قبل الظهر بساعة، ساعتين هذا هو الأفضل، وهي صلاة الأوابين حين ترمض الفصال كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا صلاها قبل الظهر بساعة أو ساعتين، هذا أفضل وإن صلاها بعد ارتفاع الشمس كفى ذلك، وليس لها عدد محصور، يصلي ما يسر الله له، أم تحية المسجد فهي ركعتان فقط إذا دخل المسجد في أي وقت يصلي ركعتين، حتى ولو كان الإمام يخطب يوم الجمعة لا يجلس حتى يصلي ركعتين وحتى في وقت النهي، هذا هو الصواب، إذا دخل بعد العصر يريد الجلوس في المسجد لصلاة المغرب، أو للدرس صلى ركعتين، أو بعد الفجر ليحضر الدرس أو يجلس في المسجد إلى طلوع الشمس صلى ركعتين، هذا هو الصواب.

مسألة في عدد ركعات الضحى وبيان فضلها

182 - مسألة في عدد ركعات الضحى وبيان فضلها س: أفتونا في صلاة الضحى في عدد ركعاتها، وعن القراءة فيها، والساعة التي تؤدى فيها، وهل لها تسبيح وتهليل؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (322).

ج: صلاة الضحى ركعتان، ومن زاد صلى أربعا أو أكثر كله طيب، والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة بركعتي الضحى، وأوصى أبا الدرداء كذلك بصلاة الضحى، وقال صلى الله عليه وسلم: «يصبح على كل سلامى من الناس صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى (¬1)» رواه مسلم في الصحيح. يعني يدل على عظم الفائدة في هاتين الركعتين، وإذا صلى تسليمتين أربع ركعات أو ثلاث تسليمات ست ركعات أو أربع تسليمات ثماني ركعات كله طيب، ولو صلى أكثر كأن صلى عشرا أو عشرين أو ثلاثين يسلم من كل ثنتين كله طيب، وقت الضحى كله محل صلاة حتى تقف الشمس، والنبي صلى الله عليه وسلم قد يصلي أربعا وقد يزيد، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما يشاء (¬2)» وفي يوم فتح مكة صلى ثماني ركعات، يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام، ولو صلى أكثر فلا بأس كله طيب، إلا إذا وقفت الشمس يمسك؛ يعني ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، وأن أقلها ركعتان، برقم (720). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (719).

قرب الظهر قبل الظهر بربع ساعة أو ثلث ساعة عند توسط الشمس، إذا توسطت في كبد السماء قبل أن تميل إلى الغروب هذا هو وقت المنع، وقت الوقوف ولا يصلي إلا ذوات الأسباب كدخول المسجد، إذا دخل قبل الظهر يصلي تحية المسجد، أو طاف قبل الظهر بمكة بالكعبة يصلي سنة الطواف، أو كسفت الشمس قبيل الظهر يصلي صلاة الكسوف، أو بعد العصر يصلي صلاة الكسوف لأنها من ذوات الأسباب، وليس لها قراءة مخصوصة، يقرأ ما تيسر، يقرأ فيها الفاتحة وما تيسر معها والحمد لله، يسبح في الركوع: سبحان ربي العظيم، وفي السجود: سبحان ربي الأعلى، أما بعدها فيه شيء مخصوص.

بيان صلاة الشروق

183 - بيان صلاة الشروق س: يقول هذا السائل: كم عدد صلاة الضحى، وهل هناك فرق بين صلاة الضحى وبين صلاة الشروق (¬1)؟ ج: صلاة الشروق هي صلاة الضحى، مبكرة والأفضل عند شدة الضحى، أن تصلى حين ترمض الفصال حين يشتد الضحى، وليس لها ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (433).

عدد محصور، أقلها ركعتان، وإن صلى أكثر فلا بأس، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بعض الأحيان أربعا، وربما صلى ثمانيا عليه الصلاة والسلام، وإن صلى أكثر فلا بأس لكن يسلم من كل ثنتين مثنى مثنى.

حكم القراءة في صلاة الضحى

184 - حكم القراءة في صلاة الضحى س: أفيدونا عن صلاة الضحى، وعن وقتها، وعدد ركعاتها، وكيف تؤدى، وهل يجب على الإنسان أن يقرأ فيها سورا معينة أم أي شيء من القرآن (¬1)؟ ج: صلاة الضحى سنة أوصى بها النبي بعض أصحابه / وفعلها في بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، وفعلها «يوم الفتح صلى ثماني ركعات الضحى يوم الفتح (¬2)» فهي سنة مؤكدة، ووقتها ما بين ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوف الشمس، الضحى كله وقتها، ما بين ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوف الشمس قبيل الظهر، فإذا صلاها في أول وقتها أو في أثنائه فقد أصاب السنة، لكن أفضلها عند اشتداد الضحى ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (351). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفا به، برقم (357) ومسلم في كتاب الحيض، باب تستر المغتسل بثوب ونحوه، برقم (336).

إذا اشتد الحر ورمضت الفصال كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (¬1)» يعني حين يشتد حر الرمضاء على أولاد الإبل، فصلاتها في الضحى في ارتفاع الضحى أفضل، وإن صلاها بعد ارتفاع الشمس فقد حصلت السنة، ويقرأ فيها ما تيسر سورا أو آيات ليس فيها شيء مخصوص، يقرأ فيها ما تيسر من الآيات أو من السور، وأقلها ركعتان بتسليمة واحدة، وإن صلى أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر يسلم من كل ثنتين، فكله حسن، والنبي صلاها يوم الفتح صلى ثماني ركعات يسلم من كل ثنتين عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748).

بيان وقت صلاة الضحى بالساعة

185 - بيان وقت صلاة الضحى بالساعة س: يسأل عن صلاتي الضحى وصلاة الليل فيقول: ما وقت صلاة الضحى بالساعات؟ وهل يجوز أن نصلي صلاة الليل في أول الليل بعد صلاة العشاء إذا لم نستطع صلاتها في آخر الليل (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (279).

ج: صلاة النهار في الضحى وقبل الظهر كله وقت صلاة بعد ارتفاع الشمس قيد رمح، نحو ربع ساعة بعد طلوع الشمس إلى زوالها، إلى وقوف الشمس قبل الظهر بنحو ثلث ساعة أو ربع ساعة، لأن وقوف الشمس وقته قصير، وتوسطها كبد السماء قبل أن تميل إلى المغرب، هذا يقال له: وقت الوقوف، وقت نهي، والضحى كله وقت صلاة، والأفضل عند شدة الضحى، إذا اشتد الضحى يكون أفضل، قبل الظهر بساعة ونصف، ساعتين هذا أفضل ما يكون لصلاة الضحى وإذا صلى بعد العشاء إذا كان يخشى ألا يقوم من آخر الليل كان هذا أفضل، النبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة وأوصى أبا الدرداء بالإيتار قبل النوم والظاهر - والله أعلم - أنهما كانا يخشيان ألا يقوما من آخر الليل، لأنهما يدرسان الحديث في أول الليل، وإذا أوتر الإنسان أول الليل فهو أفضل إذا خاف ألا يقوم من آخر الليل، أما إذا طمع أن يقوم آخر الليل ووثق من نفسه أنه يقوم فالوتر في آخر الليل أفضل، كونه يؤخره إلى آخر الليل هذا هو الأفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر

الليل فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل (¬1)» رواه مسلم في صحيحه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له (¬2)» وفي اللفظ الآخر يقول جل وعلا: «هل من تائب فيتاب عليه، هل من سائل فيعطى سؤله، هل من مستغفر فيغفر له، حتى ينفجر الفجر (¬3)» وهذا حديث عظيم متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو نزول الرب جل وعلا آخر الليل في الثلث الأخير، فينبغي لك يا عبد الله أن تكون ممن يعبد الله في هذا الوقت بالصلاة والاستغفار وقراءة القرآن والذكر، وقت عظيم، الثلث الأخير. وهكذا جوف الليل في السدس الرابع كان يقومه داود، يقوم نصف الليل، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، يقوم السدس الرابع، والسدس الخامس، وهذا وقت عظيم أيضا، جمع بين جوف الليل وبين أوله والثلث الأخير والله سبحانه رغب عباده في العبادة في هذا الوقت ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).

والدعاء والضراعة إليه جل وعلا، فجدير بأهل الإيمان من الرجال والنساء أن يتحروا هذا الوقت، وأن يجتهدوا في قيام الليل ولا سيما في السدس الرابع والخامس، وفي جميع الثلث الأخير بالدعاء والضراعة، والصلاة والقراءة، والاستغفار، كما أرشد إليه سبحانه وتعالى، وهذا النزول يليق بجلال الله، ليس من جنس نزول المخلوقين، بل هو نزول يليق بالله لا يشابه خلقه في نزوله سبحانه وتعالى، قال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬1) وقال سبحانه: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (¬2) وقال عز وجل: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} (¬3) فنزوله يليق به، لا يشابه خلقه، وهكذا الاستواء على عرشه، وهكذا رحمته وغضبه وضحكه، كله يليق بالله، لا يشابه خلقه سبحانه وتعالى، وهكذا جميع الصفات كلها تليق بالله، لا يشابه فيها خلقه سبحانه وتعالى عملا بقوله جل وعلا: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬4) وهذا قول أهل السنة والجماعة وقول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، فالزمه يا عبد الله، الزم هذا القول الذي قال به ¬

_ (¬1) سورة الشورى الآية 11 (¬2) سورة الإخلاص الآية 4 (¬3) سورة النحل الآية 74 (¬4) سورة الشورى الآية 11

الصحابة وعلماء السلف، واحذر أقوال المرجئة المحرفين لكتاب الله، أو المؤولين لصفات الله، أو المشبهين الله بخلقه، احذر أقوالهم، وكلها باطلة، والحق قول أهل السنة والجماعة، وهو قول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، وهو قول الأنبياء والرسل جميعا، وهو الإيمان بأسماء الله وصفاته الواردة في القرآن العظيم والسنة المطهرة الصحيحة، وإمرارها كما جاءت بغير تحريف ولا تعطيل ولا تأويل ولا تشبيه ولا تمثيل، بل يجب أن نؤمن بها كما جاءت ونمرها كما جاءت مع الإيمان بها أنها حق، وأن نزوله سبحانه حق، وأن استواءه حق، وأن رحمته حق، وأن غضبه حق، وأن رضاه حق، وأن رأفته حق، وهكذا بقية الصفات، من يد وقدم وسمع وبصر، وعلمه وكذلك كلها حق كلها صفات تليق بالله، لا يشابه فيها خلقه سبحانه وتعالى، فكلامه ليس من جنس كلام خلقه، وغضبه ليس من جنس غضبهم، وضحكه ليس من جنس ضحكهم، ورضاه ليس من جنس رضاهم وهكذا. كل صفاته تليق به سبحانه وتعالى، لا بشابه فيها خلقه، لا يعرف كيفيتها إلا هو سبحانه وتعالى، قال بعض الناس لمالك بن أنس إمام دار الهجرة في زمانه، الإمام المشهور والعالم العظيم رحمه الله، قال له بعض

الناس: «يا أبا عبد الله، يقول الله سبحانه: فكيف الاستواء. قال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة (¬2)» فالسؤال عن الكيفية بدعة، الاستواء معلوم هو العلو، الاستواء هو العلو فوق العرش، العلو فوق العرش معلوم وكيف استوى؟ لا نعلم كيف استوى، لا نعلم كيف يرضى، ولا كيف يغضب ولا كيف ينزل، لا نعلم هذا، لكن نؤمن بأنه ينزل، ينزل في كل ليلة في الثلث الأخير، نعلم أنه استوى على العرش، نعلم أنه يضحك ويرضى ويغضب، لكن لا نعلم كيفية ذلك، ولا نعلم حقيقة ذلك، بل نقول كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬3) فله الكمال في صفاته، ولا يعلم الناس كيفية صفاته، هذا هو الحق الذي عليه أهل السنة والجماعة، نسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه الخير. ¬

_ (¬1) أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات، والاعتقاد في باب ما ذكر في الساق، برقم (867) (2/ 306) بلفظ: " جاء رجل فقال يا أبا عبد الله: (الرحمن على العرش استوى) كيف استوى؟ قال: فأطرق مالك رأسه حتى علاه الرحضاء ثم قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أرك إلا مبتدعا، فأمر به أن يخرج. واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 3/ 398، الأثر رقم (664). (¬2) سورة طه الآية 5 (¬1) {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (¬3) سورة الشورى الآية 11

بيان بداية ونهاية وقت الضحى والدعاء فيها

186 - بيان بداية ونهاية وقت الضحى والدعاء فيها س: هذا السائل ص. ن. من الإمارات العربية المتحدة يقول: متى يبدأ وقت صلاة الضحى ومتى ينتهي، وهل هناك أدعية معينة في هذه الصلوات (¬1)؟ ج: وقت الضحى يبدأ من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوفها، كلها صلاة ضحى، والأقرب والأفضل أن يصلي عند اشتداد الضحى لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (¬2)» يعني حين يشتد الحر على أولاد الإبل، فالمقصود أن ما بين ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوفها هذا صلاة الضحى سواء صلاها في أول الوقت أو في آخره أو في وسطه قبل أن تميل الشمس، وليس فيها أدعية معينة، يدعو في سجوده بما يسر الله، وهكذا يدعو في التحيات قبل أن يسلم ما يسر الله، يتخير من الدعاء أعجبه إليه لقوله صلى الله عليه وسلم: «أما السجود فاجتهدوا في الدعاء (¬3)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (425). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479).

يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء (¬1)» ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (¬2)» هذا من الدعاء العظيم، ومن الدعاء الذي أرشد إليه عائشة رضي الله عنها: «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني (¬3)» ومن الدعاء الحسن: اللهم إني أسألك رضاك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل. ويكون في السجود أو قبل السلام بعد التحيات لقوله صلى الله عليه وسلم لما علمهم التشهد قال: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو (¬4)» وفي اللفظ الآخر: «ثم يتخير من المسألة ما شاء (¬5)» قبل أن يسلم. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، برقم (3513)، وابن ماجه في كتاب الدعاء باب الدعاء بالعفو والعافية، برقم (3850) واللفظ له. (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402).

س: ما هو أول وقت لصلاة الضحى وما هو آخر وقت لها؟ علما بأنني أجهلها دائما، مأجورين (¬1) ج: يبدأ وقتها إذا ارتفعت الشمس قيد رمح في رأي الرائي، فإنه يدخل وقت الضحى حتى تقف الشمس؛ يعني حتى تتوسط السماء، هذا الوقوف فتنتهي الصلاة حتى تزول وقد نبه النبي على هذا لعمرو بن عبسة (¬2) وغيره. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (425). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب إسلام عمرو بن عبسة، برقم (832).

س: متى تبدأ صلاة الضحى، وصلاة الليل، ومتى تنتهي؟ وجزاكم الله خيرا (¬1) ج: صلاة الليل بين المغرب والعشاء، وبعد العشاء كلها صلاة ليل، والأفضل بعد العشاء في وسط الليل، في آخره، ثم تختم الصلاة بالوتر واحدة، يجتهد ويصلي ركعتين ركعتين مع الخشوع والطمأنينة والضراعة إلى الله والدعاء، ويختم بواحدة لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (394).

الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلاه (¬1)» وإذا صلى بين العشاءين فهو محل صلاة أيضا إذا صلى فيها ما تيسر من الركعات، هذا طيب أيضا محل عبادة، وهكذا في النهار، يتعبد في النهار في الضحى، في الظهر، صلاة الضحى سنة بعد ارتفاع الشمس، والأفضل إذا اشتد الضحى يصلي ركعتين، يصلي أربعا يصلي أكثر من ذلك كله طيب، بعد الظهر يصلي أربعا، وقبل الظهر أربعا، هذا مستحب لقول النبي: «من حافظ على أربع قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار (¬2)» ولو صلى بين الظهر والعصر ركعات كثيرة كلها عبادة طيب، أو صلى في الضحى ركعات كثيرة كله طيب، لكن أقل شيء ركعتان في الضحى، وأقل شيء بعد الظهر أربع بعد الظهر تسليمتين. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749). (¬2) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، برقم (26232)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الأربع قبل الظهر وبعدها، برقم (1269)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب منه آخر، برقم (428) واللفظ له، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار الاختلاف على إسماعيل بن أبي خالد، برقم (1816).

حكم الزيادة في صلاة الضحى على ثماني ركعات

187 - حكم الزيادة في صلاة الضحى على ثماني ركعات س: أؤدي صلاة الضحى ثماني ركعات ما بين السابعة والثامنة صباحا، فهل ما فعلته صحيح (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (327).

ج: نعم، قد فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، فصلى يوم الفتح سبحة الضحى ثماني ركعات، ويروى عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «دخل النبي صلى الله عليه وسلم بيتي الضحى، فصلى ثماني ركعات (¬1)» وصلاة الضحى موسع فيها: ثمان أو عشر أو أكثر وأقلها ركعتان وثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء بركعتي الضحى، وكان يزور قباء في المدينة فيصلي ركعتين ضحى، فالمقصود أن صلاة الضحى سنة مؤكدة، وأقلها ركعتان، وإذا صلى أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر فكل ذلك لا بأس به، قالت عائشة رضي الله عنها: «كان الرسول يصلي الضحى أربعا أو يزيد ما شاء الله (¬2)» وقالت: أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها: «إني شهدت النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفتح سبحة الضحى ثماني ركعات (¬3)» ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (719). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (719). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفا به، برقم (357) ومسلم في كتاب الحيض، باب تستر المغتسل بثوب ونحوه، برقم (336).

حكم صلاة الضحى في السفر والحضر

188 - حكم صلاة الضحى في السفر والحضر س: حدثوني عن ركعتي الضحى، وعن فضلها، وهل إذا رأيت الناس

يصلونها أنضم معهم (¬1)؟ ج: صلاة الضحى سنة، قد أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة، كان يفعلها كثيرا عليه الصلاة والسلام، فهي سنة، أقلها ركعتان، وإن صلاها أربعا أو أكثر فلا بأس، وإن صلاها ثمانيا كما فعل عليه الصلاة والسلام صلاها ثماني ركعات كما فعل عليه الصلاة والسلام فالمقصود أنها سنة في السفر والحضر، ومن تركها فلا حرج عليه، وإن واظب عليها فهو أفضل. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (328).

بيان صلاة الأوابين

189 - بيان صلاة الأوابين س: هل صلاة الأوابين صحيحة وهي ست ركعات بعد صلاة المغرب (¬1)؟ ج: هذا ليس بصحيح، وليس بثابت، لكن تستحب الصلاة بين المغرب والعشاء ولو أكثر من ست ركعات لكن ما تسمى صلاة الأوابين صلاة الأوابين صلاة الضحى، هذه صلاة الأوابين، إذا اشتد الضحى فالصلاة ذاك الوقت يقال لها: صلاة الأوابين، قال النبي عليه ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (229).

الصلاة والسلام: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (¬1)» يعني حين يشتد الحر ضحى، هذه صلاة الأوابين، صلاة الضحى عند شدة الحر، يعني عند علو النهار قبل الزوال بساعة أو ساعتين، يقال لها: صلاة الأوابين، أما ما بين المغرب والعشاء فالحديث فيها ضعيف (¬2) تسميتها صلاة الأوابين ضعيفة، ولكن يستحب للمؤمن أن يصلي فيها، والمؤمنة ما يسر الله له غير سنة المغرب، أما سنة المغرب فهي مؤكدة سنة ركعتان بعد المغرب، وإذا صلى زيادة أربع ركعات أو ست ركعات أو عشر ركعات كله طيب، ما بين المغرب والعشاء كله محل عبادة ولو صلى كثيرا، وهكذا بعد العشاء كله محل تطوع والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748). (¬2) أخرجه محمد بن نصر المروزي في كتاب مختصر قيام الليل عن محمد بن المنكدر مرسلا برقم (68).

حكم صلاة الضحى أكثر من ثماني ركعات

190 - حكم صلاة الضحى أكثر من ثماني ركعات س: تقول السائلة ورد في الحديث أن سنة الضحى أقلها ركعتان وأكثرها ثمان ركعات، هل يجوز لي أن أزيد عن ثمان ركعات؟ وهل إذا صليت ركعتي طلوع الشمس أحسبها مع سنة الضحى

لتكون ثماني ركعات أم أنها مستقلة (¬1)؟ ج: ليست محددة بثمان ركعات، وإنما هذا من كلام بعض أهل العلم، يقولون: أكثرها ثمان ركعات، والصحيح لا حد لأكثرها، تصلي ثمانيا أو عشرا أو عشرين لا بأس، أو أكثر لكن أقلها ركعتان، وقد «أوصى النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة بركعتي الضحى (¬2)» فأقلها ركعتان، وإذا صلى أربعا أو ستا أو ثمانيا أو عشرا أو أكثر يسلم من كل ثنتين كله طيب، كله مشروع والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (345). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (722).

س: يقول السائل: إنني قرأت في أحد الكتب أنه من يصلي الضحى ثنتي عشرة ركعة يبنى له قصر في الجنة، فهل هذا الحديث صحيح، ومتى تكون صلاة الضحى (¬1)؟ ج: صلاة الضحى سنة وقربة، من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى قرب الزوال إلى وقوفها، وإذا اشتد الضحى يكون أفضل، وهي صلاة الأوابين كما في الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (285).

«صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (¬1)» أي حين يشتد الضحى، وتحتر الشمس على أولاد الإبل، وهي ثنتان فأكثر، أقلها ركعتان، وإن صلى أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر كله طيب، ليس فيها حد محدود. وقد ورد في اثنتي عشرة ركعة حديث في سنده ضعف، أنه من صلاها بنى الله له قصرا في الجنة، لكن ليس لهذا حد محدود، من صلى عشرا أو اثنتي عشرة، أو أربع عشرة أو ست عشرة، كله طيب والحمد لله، ولو صلى مائة ليس فيها حد محدود - الحمد لله - لكن مثنى مثنى، الأفضل مثنى مثنى للحديث الصحيح، يقول صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (¬2)» ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322).

س: سؤال عن صلاة الضحى كم ركعة، وماذا يقول الإنسان عندما ينوي، هل يقول: نويت أصلي صلاة الضحى أم يقول قبل تكبيرة الإحرام أي شيء آخر؟ أرشدوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: صلاة الضحى سنة مؤكدة، رغب فيها النبي صلى الله عليه وسلم ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (338).

وحث عليها وأوصى بها جماعة من أصحابه رضي الله عنهم، وأقلها ركعتان بتسليمة واحدة، وإن صلى أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر يسلم من كل ركعتين كله خير، لكن أقلها ركعتان، يسلم من كل ركعتين.

س: هل صلاة الإشراق هي صلاة الضحى، وكم عدد ركعات صلاة الضحى بالتفصيل؟ مأجورين (¬1) ج: نعم صلاة الإشراق هي صلاة الضحى، أولها صلاة الإشراق وآخرها قبيل وقوف الشمس ما بين ارتفاع الشمس قيد رمح إلى أن تقف، هذا كله صلاة الضحى، والأفضل أن تكون صلاة الضحى حين ترمض الفصال حين يشتد الضحى، هذا هو الأفضل، وإذا صلاها في أول الوقت عند ارتفاع الشمس قيد رمح في المسجد أو في البيت كل ذلك حسن، وإن كرر، صلى أربع ركعات، أو ست ركعات أو ثماني ركعات أو أكثر كله خير. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (365).

س: يقول: هل الركعتان التي تصلى وقت شروق الشمس تسمى بركعتي الشروق أم بصلاة الشروق (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (392).

ج: يسميها العامة صلاة الشروق، وهي صلاة الضحى، صلاة الضحى المبكرة، إذا ارتفعت الشمس تسمى صلاة الضحى لكنها مبكرة، وأفضلها عند اشتداد الضحى، هذا أفضل صلاة الضحى، وإذا صلاها بعد ارتفاع الشمس هي صلاة الضحى، ويسميها العامة صلاة الشروق.

حكم الجهر والإسرار في صلاة الضحى

191 - حكم الجهر والإسرار في صلاة الضحى س: السائلة س. م. ص. من الأردن، تقول السائلة: هل صلاة الضحى جهرية أم سرية، وهل الجهر في القراءة فقط أم في الركوع والسجود؟ (¬1) ج: صلاة الضحى سرية، وهكذا الظهر والعصر كلها سرية، ولو جهرت المرأة أو الرجل في صلاة الضحى لم يضر ذلك لأن الجهر والإخفات سنة ليس محرما ولا واجبا، فالجهر سنة والإخفات سنة، فلو جهر في النهار أو أسر في الليل فصلاته صحيحة لكنه بخلاف السنة، والسنة أن يسر بالنهار صلاة الضحى والظهر والعصر، ويجهر بالليل في صلاة المغرب والعشاء في الركعتين الأوليين إلا الفجر فإنها جهرية، والجمعة جهرية ولو كانت نهارية، الجمعة جهرية، والعيدان جهرية، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (273)

وصلاة الفجر جهرية، وصلاة الاستسقاء جهرية ولو كانت في النهار، أما النوافل فهي سرية في النهار، وهكذا صلاة الظهر سرية في النهار، وهكذا العصر سرية، والمغرب والعشاء جهرية في الأولى والثانية، والفجر جهرية كما تقدم، وهكذا صلاة الجمعة جهرية، وصلاة العيد وصلاة الاستسقاء وصلاة الكسوف كلها جهرية؛ لأن الرسول جهر عليه الصلاة والسلام، لكن لو أسر الإنسان في الجهرية فصلاته صحيحة سواء عامدا أو ناسيا لكنه خلاف السنة، لا يتعمد، ليس له أن يتعمد في السر في الجهرية، وليس له أن يتعمد الجهر في السرية لأنه خلاف السنة، لكن لو جهر متعمدا لم تبطل صلاته، أو أسر في الجهرية لم تبطل صلاته لكنه خالف السنة.

حكم التعود على قراءة آيات معينة في صلاة الضحى

192 - حكم التعود على قراءة آيات معينة في صلاة الضحى س: لقد تعودت أن أقرأ في ركعتي الضحى آيتي الشكر: الآية من سورة النمل: {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} (¬1) الآية، وأيضا الآية من سورة الأحقاف: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} (¬2) ¬

_ (¬1) سورة النمل الآية 19 (¬2) سورة الأحقاف الآية 15

الآية، هل عملي هذا يا سماحة الشيخ يعد مبتدعا أم إني مخير في أن أقرأ ما أريد من كتاب الله؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: لا حرج، عليك أن تقرأ ما تيسر ما لم تعتقد أن هذا السنة خاصة، هذا لا أصل له، ولكن مثل ما قال ربك جل وعلا: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} (¬2) فإذا قرأت ما تيسر فلا حرج عليك، أما أن تتعمد آيتين مخصوصتين ترى أنهما سنة وحدهما فهذا لا أصل له؛ لأن البدعة ليست في الشرع، ولا أحد يقول هذا سنة وهذا بدعة إلا بدليل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬3)» فإذا كنت إنما أردت أنهما آيتان عظيمتان، فأحببت قراءتهما فلا بأس بهما أو غيرهما من دون أن تعتقد أنه سنة من دون غيرها سنة خاصة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (297) (¬2) سورة المزمل الآية 20 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

حكم تأخير صلاة الضحى إلى العاشرة صباحا

193 - حكم تأخير صلاة الضحى إلى العاشرة صباحا س: هل يجوز أن أؤخر صلاة الضحى إلى العاشرة صباحا مثلا؟ (¬1) ج: كل الضحى محل صلاة من حين ارتفاع الشمس قيد رمح إلى قرب الزوال، كله محل صلاة وأفضلها عند شدة الضحى الساعة العاشرة هذه الأيام، أو العاشرة والنصف، أو الحادية عشرة، كلها محل صلاة، صلاة الضحى يقول عنها النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (¬2)» يعني حين يشتد الحر على أولاد الإبل، الحاصل أن صلاة الضحى وقتها واسع من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى وقوف الشمس قبل الظهر بنحو ربع ساعة أو ثلث ساعة، كل هذا محل صلاة ضحى، وإذا كان في وقت شدة الضحى يكون أفضل. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (227) (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748).

حكم صلاة الضحى قبل الظهر بعشر دقائق

194 - حكم صلاة الضحى قبل الظهر بعشر دقائق س: هذا السائل يقول: ما حكم صلاة الضحى إذا صليت قبل الظهر بعشر دقائق، هل هي جائزة، وكم عدد الركعات لصلاة الضحى،

ومتى يبدأ وقتها؟ (¬1) ج: السنة إذا اشتد الضحى قبل وقوف الشمس، هذا هو الأفضل، ودخول وقتها من حين ترتفع الشمس قيد رمح دخل وقتها إلى وقوف الشمس، فلا يصلي وقت الوقوف، والوقوف قبل الزوال بنحو ربع ساعة، ثلث ساعة، قبل أن تقف الشمس وتتوسط السماء، فيصليها عند شدة الضحى، هذا هو الأفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (¬2)» والفصال أولاد الإبل حين ترمض، حين تشتد عليها الرمضاء، هذا هو الأفضل، وهي سنة؛ لأن الرسول أوصى بها أبا الدرداء وأبا هريرة رضي الله عنه وفعلها عليه الصلاة والسلام، فهي سنة. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (429) (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال، برقم (748).

حكم صلاة الضحى بعد الأذان لأول يوم الجمعة

195 - حكم صلاة الضحى بعد الأذان لأول يوم الجمعة س: تقول هذه السائلة: ما حكم تأدية صلاة الضحى بعد الأذان الأول من يوم الجمعة؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (396)

ج: صلاة الضحى سنة في يوم الجمعة وغيره، وأداء ذلك بعد الأذان الأول لا بأس به لأن الشمس لم تقف، ويوم الجمعة الصواب أنه ليس فيها وقت نهي عند الزوال؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم شرع للناس إذا دخلوا المسجد أن يصلوا ما قدر الله لهم، ولم يقل لهم: إلا إذا وقفت الشمس، فدل ذلك على أن يوم الجمعة الصلاة فيه مستمرة إلى دخول الخطيب، وليس فيه وقت نهي في وسط النهار، هذا هو الأرجح، فإذا صلى المسلم في المسجد ما يسر الله له من الركعات حتى يدخل الخطيب فلا بأس، وإذا صلت المرأة في بيتها الضحى ما يسر الله لها قبل الأذان أو بعده فلا بأس.

مسألة في جلوس المرأة في مصلاها بعد الفجر حتى تصلي الضحى

196 - مسألة في جلوس المرأة في مصلاها بعد الفجر حتى تصلي الضحى س: تقول السائلة: من أقوال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «من صلى الفجر جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة (¬1)» نعرف أن هذا الحديث يخص الرجال لأنهم يجتمعون في ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجمعة، باب ذكر ما يستحب من الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، برقم (586)

المساجد، فماذا على النساء في هذا الحديث؟ (¬1) ج: نرجو للنساء كذلك، إذا جلست بعد صلاتها في مصلاها تذكر الله، تقرأ القرآن، تدعو، ثم صلت ركعتين بعد ارتفاع الشمس يرجى لها هذا الخير العظيم، النساء كالرجال، ما ورد في حق الرجال يعم النساء، وما ورد في حق النساء يعم الرجال إلا بدليل يخص أحد الصنفين، وإلا فالأصل العموم؛ لأنهم كلهم مكلفون وكلهم مشتركون في الأوامر والنواهي، فما ثبت من تحريم أو تحليل أو وجوب أو فضل فهو يعم الجميع إلا ما خصه الدليل. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (242)

س: ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه قال: «من صلى الصبح في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة (¬1)» تذكر بأنها امرأة تريد أن تحظى بهذا الأجر، فكيف يمكنها ذلك؟ (¬2) ج: تبقى في مصلاها حتى تطلع الشمس، تفعل هذا وتستعين بذكر ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجمعة، باب ذكر ما يستحب من الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، برقم (586) (¬2) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (406)

الله أو بقراءة القرآن، أو التسبيح والتهليل، فإذا طلعت الشمس صلت ركعتين حتى يعمها الحديث والحمد لله، والحديث لا بأس به حسن.

س: امرأة تجلس في انتظار دخول الوقت التالي تسبح وتهلل وتصلي ما شاء الله لها، هل ينقص أجرها إذا قامت من مكانها لغرض ما كفتح الباب أو رد على التليفون أو غير ذلك؟ (¬1) ج: لا يضر إن شاء الله سواء تفتح الباب أو رد التليفون، هي على خير عظيم. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (414)

حكم صلاة الظهر بوضوء الضحى

197 - حكم صلاة الظهر بوضوء الضحى س: إذا توضأت المرأة لصلاة الضحى فهل يجوز لها أن تصلي الظهر وهي على نفس الوضوء؟ (¬1) ج: نعم، من توضأ الضحى لصلاة الضحى أو ليقرأ فله أن يصلي به الظهر، إذا جا وقت الظهر وهو على طهارة، ويصلي به العصر أيضا، لو توضأ الضحى لصلاة الضحى وبقي على طهارته صلى بها الظهر ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (378)

والعصر والمغرب، لو بقي على طهارته صلى بها العشاء أيضا، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن صلى يوم الفتح الصلوات الخمس بوضوء واحد عليه الصلاة والسلام، وقال: «عمدا صنعته يا عمر (¬1)» ليعلم الناس عليه الصلاة والسلام أن الإنسان إذا كان على طهارة يصلي الأوقات الكثيرة، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب جواز الصلوات كلها بوضوء واحد برقم (277)

حكم قضاء صلاة الضحى

198 - حكم قضاء صلاة الضحى س: إذا تأخر الإنسان عن صلاة الضحى ولم يصلها لظروف معينة فهل يلزمة القضاء أم لا؟ وأيضا هل لصلاة الضحى صورة معينة وأداء معين يجب الإتيان به، أم أنها عبارة عن صلاة عادية؟ (¬1) ج: صلاة الضحى سنة، قربة، نافلة، من صلاها فله أجر ومن تركها فلا شيء عليه، وإذا فاتت فلا تقضى، إذا صلى ثنتين أو أربعا أو ستا أو ثمانيا أو أكثر كله طيب، وقد «أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما بصلاة الضحى، وفي رواية: بركعتي ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (376)

الضحى، وبصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وبالوتر قبل النوم (¬1)» فهذا سنة، كله سنة، كونه وتر كل ليلة، كونه يصلي الضحى، يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، كل هذا سنة، ومن ترك فلا حرج، وإذا استطاع أن يكون وتره في آخر الليل فهو أفضل لأحاديث أخرى دلت على ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (722).

س: إنني أصلي سنة الضحى ولكن بعض الأيام أنسى فلا أصليها فهل علي ذنب حيث انشغالي بأمور البيت المنزلية تنسيني الصلاة في بعض الأيام؟ (¬1) ج: سنة الضحى سنة وليست فريضة بل نافلة، يستحب للمؤمن أن يصلي سنة الضحى ركعتين أو أكثر من ذلك كما أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم، كما فعلها عليه الصلاة والسلام لكن لو تركها الإنسان عمدا أو شغل عنها فلا قضاء عليه ولا إثم عليه؛ لأنها نافلة بحمد الله، من صلاها فله أجر، ومن تركها فلا إثم عليه، ومن حافظ عليها فله أجر، ومن لم يحافظ عليها فليس عليه شيء، الأمر بهذا الحمد لله واسع. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (17)

حكم صلاة النوافل في حالة الجلوس

199 - حكم صلاة النوافل في حالة الجلوس س: الأخت أ. إ. م من الجمهورية العراقية تسأل وتقول: ما حكم أدائي لصلاة السنة وأنا جالسة؟ (¬1) ج: يجوز للمسلم والمسلمة إداء النوافل وهم جلوس، لكن على النصف من أجر القائم كما جاءت به السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام فيجوز أن يصلي التهجد بالليل، أو سنن الرواتب أو سنة الضحى عن جلوس وإن كان قادرا، لكن يكون له نصف الأجر. أما الفرائض فلا بد أن يصليها قائما إذا كان يستطيع إلا إذا عجز لمرض فإنه لا بأس أن يصلي قاعدا، وإلا فالواجب أن يصلي قائما لقوله جل وعلا: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (¬2) يعني صلوا قياما. ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح من حديث عمران بن حصين: «صل قائما، فإن لن تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب (¬3)» «فإن ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (136) (¬2) سورة البقرة الآية 238 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117).

لم تستطع فمسلتقيا (¬1)» هذا هو الترتيب في حق القادر، يصلي قائما وإن عجز صلى قاعدا، وإن عجز صلى على جنبه، وإن عجز صلى مستلقيا، هذا في الفريضة، أما في النفل فله أن يصلي قاعدا مع القدرة لكن يكون له النصف. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117).

س: هل يجوز أن أصلي السنة وأنا جالسة؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك، النافلة كلها لا حرج أن يصليها الإنسان جالسا، إن صلاها قائما فهو أفضل، وإن صلاها جالسا من غير عذر فلا بأس، وهو على النصف من الأجر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في آخر حياته جميع النوافل جالسا عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (204)

س: ما حكم من صلى النافلة وهو جالس مع العلم أنه يستطيع أن يصلي وهو قائم، مع الدليل إن أمكن؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (7)

ج: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه كان يصلي في تهجده بالليل بعض الأحيان وهو قاعد، وفي بعض الأحيان وهو قائم عليه الصلاة والسلام، وهذا يدل على جواز أداء النافلة قاعدا؛ لأن الله يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (¬1) ولأن النافلة مرغب فيها، فيها أجر عظيم، ومن رحمة الله أن وسع فيها حتى يصلي الإنسان ما تيسر، وحتى يستكمل النوافل إن قاعدا أو قائما، أما الفريضة فلا يجوز فيها إلا من عذر؛ لأن الله قال: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (¬2) قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين لما سأله عن ذلك: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لن تستطع فعلى جنب (¬3)» هذا في الفريضة، هذا رواه البخاري في الصحيح. وفي رواية النسائي: «فإن لم تستطع فمستلقيا (¬4)» هذا حكم الفريضة، الواجب على المسلمين أن يصلوها قياما مع القدرة رجالا ونساء، ومن عجز عن ذلك لمرض صلى قاعدا، أو لسبه مرض مثل مسجون في محل ضيق، أو في مكان سقفه ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب الآية 21 (¬2) سورة البقرة الآية 238 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117).

قصير لا يستطيع القيام فيه ولا يستطيع الخروج منه فإنه يصلي على حسب حاله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1) فإن عجز عن القعود صلى على جنبه، والأفضل الأيمن، فإن عجز على جنبه صلى مستليقا يومئ إيماء، ويأتي بالأذكار الشرعية ويأتي بالأفعال بالنية، يكبر ويستفتح ويقرأ الفاتحة، ويستفتح ويتعوذ ويبسمل، ويقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم يكبر ناويا الركوع وهو على حالته مستلقيا أو على جنبه ناويا الركوع، يقول: سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ثم يرفع إذا كان مفردا، ويقول: سمع الله لمن حمده ناويا الرفع من الركوع وهو على حاله مستلقيا أو على جنبه، ثم يأتي بالذكر المشروع، ثم يكبر ناويا السجود، ويقول: سبحان ربي الأعلى. إلى آخره، فيأتي بالأقوال، ويأتي بالأفعال بالنية، الأقوال بلفظها والأذكار كذلك، والدعوات ويأتي بالأفعال بالنية نية الركوع نية السجود نية الجلوس هكذا، أما النافلة فأمرها بحمد لله موسع، فإنه صلى قائما فهو أفضل، وإن قاعدا فهو على نصف من أجر القائم إذا كان قادرا وصلى جالسا في النافلة فصلاته صحيحة، ولكنه على النصف من صلاة القائم كما ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16

جاءت به السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام.

س: ما حكم صلاة التطوع للقادر جالسا، هل يجوز ذلك أم لا؟ (¬1) ج: نعم يجوز لكن له نصف الأجر، جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من صلى قاعدا فله نصف أجر القائم (¬2)» يعني إذا صلى لغير عذر، أما إذا تطوع أو صلى فريضة جالسا بعذر، مريض لا يستطيع القيام فهذا معذور له الأجر كاملا، وهكذا في التطوع إذا صلى جالسا لا حرج عليه لكن يكون له النصف إذا كان قادرا. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (288) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب صلاة القاعد، برقم (1116) ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جواز النافلة قائما وقاعدا، وفعل بعض الركعة قائما وبعضها قاعدا، برقم (735).

س: هذه السائلة تقول: هل يجوز أن أقوم بصلاة السنة وأنا جالسة لأنني ربة بيت وعندي أطفال، وأشعر بالكسل في صلاة السنة من التعب؟ (¬1) ج: لا حرج أن يصلي المسلم النافلة جالسا ولو أنه صحيح لا بأس أن يصلي وهو قاعد، أما في الفرض لا، إذا كان يستطيع يصلي قائما، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (411)

أما صلاة الليل، صلاة الضحى، الرواتب لا بأس أن يصليها وهو جالس ولو أنه صحيح إذا كان معه كسل أو ضعف صلاها جالسا لا بأس، تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي في آخر حياته يصلي النافلة جالسا (¬1)» عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جواز النافلة قائما وقاعدا وفعل بعضها قاعدا، برقم (732)

حكم استقبال القبلة والطهارة لسجود التلاوة

200 - حكم استقبال القبلة والطهارة لسجود التلاوة س: حدثونا عن سجود التلاوة، وهل تشترط له الطهارة والقبلة؟ (¬1) ج: سجود التلاوة سنة، قربة، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مر بالسجدة سجد عليه الصلاة والسلام، وليس صلاة، فلا يشترط لها الطهارة ولا القبلة، ولكن أفضل كونه يسجد إلى القبلة، وكونه على طهارة أفضل، ولهذا ذهب الأكثرون إلى أنه لا بد من الطهارة ولا بد من القبلة، لكن الصحيح أنه لا يلزم، فالخضوع لله من جنس الذكر، من جنس الذكر: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، فالإنسان يذكر الله إلى جهة القبلة وإلى غيرها، ويخضع له سبحانه وتعالى في ذكره الله وفي دعائه، ولا يشترط له القبلة ولا الطهارة، لكن لو تطهر وسجد إلى القبلة كان ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (214)

هذا أكمل وأولى، وفيه خروج من خلاف العلماء، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ بين أصحابة، فإذا مر بالسجدة سجد وسجدوا معه (¬1) ولم يكن يقول لهم: من ليس على طهارة لا يسجد، المجالس تجمع من هو على طهارة ومن هو على على غير طهارة، فلو كانت الطهارة شرطا لنبههم عليه الصلاة والسلام، والأصل عدم شرط الطهارة، هذا هو الأصل، ولأنها ليست صلاة، مجرد سجود، الطهارة إنما تجب للصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم: «مفتاح الصلاة الطهور (¬2)» وهذه ليست صلاة، ولكنها جزء من صلاة، وهكذا القراءة عن ظهر قلب ليست صلاة، ولا يشترط لها الطهارة، وهكذا: سبحان الله، والحمد لله، وسائر الذكر لا يشترط لها الطهارة، فسجود التلاوة من جنس ذلك، وهكذا سجود الشكر من جنسه، ولو بشر بالولد، أو فتح للمسلمين ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب سجود المسلمين مع المشركين، برقم (1071) (¬2) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (1009)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء، برقم (61)، والترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور، برقم (3)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب مفتاح الصلاة الطهور، برقم (275)

ونصرهم على عدوهم، وسجد شكرا لله فلا حرج عليه، وهو مأجور، ولو كان على غير طهارة، لكن الأفضل أن يكون إلى القبلة خروجا من الخلاف؛ ولأن القبلة أولى من غيرها فيسجد إلى القبلة، ويتحرى ما هو الأكمل والأفضل وإلا فليس بشرط.

بيان ما يقال في سجود التلاوة

201 - بيان ما يقال في سجود التلاوة س: يقول السائل من اليمن: أرجو من سماحة الشيخ أن يحدثنا عن سجود التلاوة وسجود السهو ما هو الدعاء الذي يقال في كلا السجودين؟ (¬1) ج: سجود التلاوة وسجود الشكر يقال فيهما ما يقال في سجود الصلاة يقال فيها: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، اللهم اغفر لي. يدعو فيهما كما يدعو في سجود الصلاة، يدعو في سجود السهو وفي سجود الشكر وفي سجود التلاوة لأن الحكم واحد، الله جل وعلا قال {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} (¬2) والنبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في سجوده ويقول عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (387) (¬2) سورة النجم الآية 62

ساجد، فأكثروا الدعاء (¬1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم (¬2)» فهذا يعم جميع أنواع السجود، وكان يقول في سجوده: «سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى (¬3)» ويقول أيضا في الركوع والسجود: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي (¬4)» ويقول فيهما: «سبوح قدوس رب الملائكة والروح (¬5)» فالمشروع في سجود التلاوة وسجود الشكر مثل المشروع في سجود الصلاة. وفي سجود التلاوة والشكر لا يلزم الوضوء، أما سجود الصلاة والسهو فهو جزء من الصلاة لا بد من الطهارة، أما سجود التلاوة فهو ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، برقم (772). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب التسبيح والدعاء في السجود، برقم (817)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (484). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (487).

سجود مستقل إذا كان خارج الصلاة جاز أن يسجد على غير طهارة على الصحيح، وهكذا سجود الشكر لأنهما يحدثان بأسباب قد تقع والإنسان على غير طهارة، قد تأتي نعمة يبشر بها وهو على غير طهارة، قد يقرأ القرآن وهو على غير طهارة من غير مصحف، فإذا مر بآية السجود أو جاءه ما يبشره بالخير وسجد لله شكرا كل هذا طيب، في الحديث: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءه أمر يسره خر ساجدا لله (¬1)» ولما جاء إلى الصديق خبر قتل مسيلمة خر ساجدا لله. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب سجود الشكر، برقم (2774)، والترمذي في كتاب السير، باب ما جاء في سجدة الشكر، برقم (1578)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الصلاة والسجدة عند الشكر، برقم (1394).

حكم سجود التلاوة

202 - حكم سجود التلاوة س: يقول السائل: ما حكم سجدة التلاوة، هل المسلم يسجد حتى لو كان يعمل وهو يسمع القرآن، وفي أثناء الصلاة عند السجدة في أثناء الصلاة الجهرية وأنا أؤم المصلين؟ ثم أسألكم عن الطريق الصحيح لسجدة التلاوة وكيف أطبقها على الوجه

الصحيح؟ (¬1) ج: سجود التلاوة سنة، وهي سجدات معلومة في القرآن، خمس عشرة سجدة في القرآن، أولها في آخر الأعراف، وآخرها في سورة اقرأ في آخرها، إذا مر بها المؤمن في خارج الصلاة سجد ولو كان على غير طهارة على الصحيح، لا يشرط لها الطهارة، والأفضل أن يكبر في أولها تكبيرة فقط، ثم يسجد ويقول في السجود مثلما يقول في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، يدعو بما تيسر، وليس فيها تسليم ولا تكبير ثان، هذا هو المختار، هذا هو الأرجح، وإن كان في الصلاة شرع له السجود، الصلاة الجهرية كالمغرب والعشاء والفجر والجمعة شرع له السجود، والمصلون يسجدون خلفه، إذا كان إماما يسجدون معه إذا سجد. أما في السرية وهو إمام فلا يشرع له السجود لأنه قد يشوش على الناس في السرية، إذا قرأها في القراءة السرية كالظهر والعصر والثالثة من المغرب والثالثة والرابعة من العشاء فالأفضل ألا يسجد لئلا يشوش على الناس إلا إذا كان يصلي وحده فلا بأس كالذي يصلي نافلة ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (288).

أو فاتته صلاة الفجر يصلي وحده لا بأس أن يسجد في السرية لعدم التشويش، وفي الصلاة يكبر، إذا سجد يكبر، وإذا رفع يكبر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يكبر في كل خفض ورفع، يدخل في ذلك سجود التلاوة في الصلاة، وهي سنة غير واجبة لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيحين أنه «قرأ عليه زيد بن ثابت رضي الله عنه سورة النجم فلم يسجد فيها عليه الصلاة والسلام (¬1)» فدل ذلك على عدم الوجوب. وقال عمر رضي الله عنه: «إن الله لم يفرض السجود إلا أن نشاء (¬2)» فمن شاء سجد ومن شاء لم يسجد فهي سنة غير واجبة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب من قرأ السجدة ولم يسجد، برقم (1073)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب سجود التلاوة، برقم (577). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب من رأى أن الله عز وجل لم يوجب السجود، برقم (1077).

حكم الدعاء في سجود التلاوة

203 - حكم الدعاء في سجود التلاوة س: تقول السائلة: ما هو الدعاء المستحب في سجود التلاوة؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (123).

ج: مثل الدعاء في سجود الصلاة، يستحب أن يدعو بما تيسر من الدعوات الطيبة، والدعاء المأثور أفضل: «اللهم أغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (¬1)» «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك»، «ويا مصرف القلوب ثبت قلبي على طاعتك (¬2)» الدعوات الطيبة المأثورة أولى من غيرها مثل: «اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار (¬3)» يقولها لا على سبيل القراءة بل على سبيل الدعاء، وهكذا كونه يدعو لوالديه ولأقاربه المسلمين، يدعو لذريته، يسأل الله من فضله رزقا حلالا، أو زوجة صالحة، أو زوجا صالحا إذا كانت امرأة، وما أشبه ذلك، يدعو بما تيسر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عائشة رضي الله عنها، برقم (9139). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " ربنا آتنا في الدنيا حسنة "، برقم (6389)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الدعاء باللهم آتنا في الدنيا حسنة، برقم (2690).

يستجاب لكم (¬1)» يعني: حري أن يستجاب لكم. رواه مسلم في صحيحه. وقال عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (¬2)» رواه مسلم. هذا يدل على شرعية الإكثار من الدعاء في السجود، ولا يتعين دعاء مخصوص بل يدعو المؤمن والمؤمنة بما يسر الله لهما من الدعاء فيما يحتاجان إليه من الدعوات التي ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، دعاء مباح. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482).

س: عند قراءة القرآن يكون هناك سجدة، فكم مرة نسجد وماذا نقول، هل نقول فقط: سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات، أم أن هناك أدعية أخرى؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: سجود السهو مثل سجود الصلاة سواء، يقول في سجود السهو وفي سجود التلاوة مثل ما يقول في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ويدعو فيه ويقول: «اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (282).

سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين (¬1)» كان يقول هذا في السجود عليه الصلاة والسلام، فهذا يقال في سجود التلاوة وسجود السهو وفي سجود الصلاة، مثل الدعاء: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره، اللهم اغفر لي ولوالدي، اللهم إني أسألك رضاك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار. وما أشبه ذلك من الدعوات الطيبة، المقصود أن سجود السهو مثل سجود الصلاة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامة، برقم (771).

س: نسأل عما يقوله الساجد في سجود التلاوة (¬1) ج: يقول مثل سجود الصلاة سواء بسواء؛ سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين، سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي. ويدعو في سجوده كما يفعل في سجود الصلاة سواء بسواء. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (103).

بيان ما يفعله من مر بسجدة في القرآن

204 - بيان ما يفعله من مر بسجدة في القرآن س: ما الذي يجب علينا عمله بالضبط عندما نقابل سجدة في القرآن؟ (¬1) ج: السنة السجود، إذا مررت على السجدة في القرآن تكبر وتسجد وتقول: سبحان ربي الأعلى. مثل سجود الصلاة سواء، تدعو فيها، وإذا قلت: اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين. هذا أيضا سنة، يقال في سجود الصلاة وفي سجود التلاوة، وهكذا: اللهم اكتب لي بها عندك أجرا، وامح عني بها وزرا، واجعلها لي عندك ذخرا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود عليه السلام. هذه أيضا لا بأس، ورد في بعض الأحاديث أن النبي دعا بذلك فقال: «اللهم اكتب لي بها عندك أجرا: وضع عني بها وزرا، واجعلها لي عندك ذخرا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود (¬2)» عليه الصلاة والسلام، هذا لا ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (352). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الجمعة، باب ما يقول في سجود القرآن، برقم (579)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب سجود القرآن، برقم (1053).

بأس به، المقصود أنه يقول في سجوده للتلاوة مثل السجود في الصلاة، يقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين. ثم يرفع مكبرا إذا كان في الصلاة، أما خارج الصلاة فيكفي التكبير الأول، وليس فيها تكبير ثان ولا سلام في خارج الصلاة، أما في الصلاة فيكبر عند السجود، ويكبر عند الرفع كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام.

حكم سجود التلاوة في صلاة الفرض

205 - حكم سجود التلاوة في صلاة الفرض س: يقول هذا السائل من الإمارات: إذا صليت بالناس صلاة الفريضة، وقرأت بعد سورة الفاتحة سورة أخرى فيها سجدة كسورة النجم أو سورة العلق مثلا، فماذا أفعل، أأركع أم أسجد؟ أفيدوني بذلك (¬1) ج: إذا كانت الصلاة جهرية كالعشاء والفجر والجمعة تسجد إذا ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (395).

مررت بآية السجدة كآخر النجم وآخر العلق تسجد، والنبي كان يسجد عليه الصلاة والسلام، تكبر وتسجد ويسجد الناس معك، أما إذا كانت سرية، قرأتها في الظهر أو في العصر فلا تسجد، لأنه يشوش على الناس، لا يدرون ما الذي أوجب لك ذلك، قد يظنون أنك ساه، فالمقصود في السرية لا تسجد إذا قرأت سجدة، أما في الجهرية فتسجد.

حكم التسليم والتكبير في سجود التلاوة

206 - حكم التسليم والتكبير في سجود التلاوة س: هل سجود التلاوة فيه تسليمتان أم تسليمة واحدة عن اليمين؟ (¬1) ج: إذا كان خارج الصلاة ليس فيه تسليم ولا تكبير إلا التكبيرة الأولى عند السجود، يكبر فقط، هذا هو السنة إذا كان خارج الصلاة، ويقول في السجود: سبحان ربي الأعلى، اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحول الله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين. مثل سجود الصلاة، ويدعو فيه مثل ما يدعو في سجود الصلاة، لكن ليس فيه تكبير إلا التكبيرة الأولى عند السجود، هذا هو المشروع، أما إذا كان في داخل الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (226).

فإنه يكبر عند الهوي، ويكبر عند الرفع، لأنه صلى الله عليه وسلم «كان إذا قام كبر، وإذا سجد كبر، كان يكبر عند كل خفض ورفع في الصلاة (¬1)» فسجود التلاوة في الصلاة مثل سجود الصلاة، يكبر في الخفض ويكبر في الرفع إذا كان في داخل الصلاة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إتمام التكبير في الركوع، برقم (784)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب إثبات التكبير في كل خفض ورفع في الصلاة، برقم (392).

حكم سجود التلاوة في أوقات النهي

207 - حكم سجود التلاوة في أوقات النهي س: كنت أقرأ القرآن بعد صلاة الصبح، ثم وصلت إلى موضع سجود، هل أسجد رغم أن الوقت وقت نهي أم لا؟ (¬1) ج: نعم سجود التلاوة ليس له وقت نهي، ليس بصلاة، إذا قرأت بعد العصر أو بعد الفجر تسجد لأنه خشوع لله، وذل وانكسار، هذا هو الصواب، فإذا قرأ الإنسان ومر بآية من آيات التلاوة آيات السجود سجد فإنه يسجد سواء بعد العصر أو بعد الفجر، ثم أيضا هي من ذوات الأسباب لو كانت صلاة، لكنها من ذوات الأسباب، سببها أنك قرأت ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (316).

الآية التي فيها السجدة فتسجد، هذا هو السنة.

حكم تكرار السجود للمتعلم مع تكرار آية السجود

208 - حكم تكرار السجود للمتعلم مع تكرار آية السجود س: أثناء حفظي للقرآن قد آمر بآية فيها سجدة، فهل كلما كررت الآية أكرر السجود أم يكفي مرة واحدة؟ (¬1) ج: هذا الأفضل، كلما بدأ بالقراءة يتكرر السجود، وهذا الأفضل، وإن اكتفى القارئ بالسجدة الأولى فالحمد لله فلا بأس بالسجود، كله نافلة في التلاوة كله نافلة، لكن إذا كررت يكون أفضل، فإن اكتفى بالسجدة الأولى عند القراءة الأولى كفاه والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (321).

حكم اشتراط الطهارة لسجود التلاوة والشكر

209 - حكم اشتراط الطهارة لسجود التلاوة والشكر س: الأخ: ع. ع. س. ع. من جمهورية مصر العربية يسأل عن سجود التلاوة عل تشترط له الطهارة؟ (¬1) ج: سجود التلاوة تشترط له الطهارة عند الأكثرين، عند أكثر أهل العلم، والأرجح أنها لا تشترط لعدم الدليل، قد كان النبي صلى الله عليه ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (252).

وسلم يقرأ القرآن فيمر بالسجدة فيسجد ويسجد معه الناس، ولم يقل لهم: من ليس على طهارة لا يسجد. فمعلوم أن المجالس تضم من هو على وضوء ومن هو على غير وضوء، فلو كانت الطهارة شرطا لقال لهم: لا يسجد معنا أحد إلا وهو على طهارة. وكان ابن عمر رضي الله عنه يسجدها على غير طهارة، وهكذا الشعبي التابعي الجليل، الصواب أنه لا يشرط، لا بأس أن يسجد من كان على غير طهارة لعدم الدليل والسجود ليس صلاة لكنه جزء من الصلاة وهكذا سجود الشكر، إذا بشر بنعمة فسجد لله لا يشترط الطهارة في سجود الشكر كسجود التلاوة سواء، أما سجود الصلاة وسجود السهو هذا لا بد له من الطهارة.

س: هل الطهارة واجبة في سجدة التلاوة وسجدة الشكر، وهل هناك سجدة بعد ختم القرآن حيث إننا بعد أن نختم القرآن نسجد سجدة شكرا لله عز وجل على ختم القرآن؟ والسائل من سوريا (¬1) ج: الصواب أنه لا تشترط الطهارة لسجدة التلاوة والشكر؛ لأن الإنسان قد يتلو على غير طهارة، يسجد والحمد لله، قد يأتي خبر يسره ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر الشريط رقم (360).

يسجد للشكر، والنبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءه خبر يسره كان يسجد لله شكرا، وكان يقرأ القرآن بين أصحابة فإذا مر بالسجدة سجد وسجدوا معه، ولم يقل لهم: لا يسجد أحد إلا إذا كان على طهارة. معلوم أن المجالس تضم المحدث وغير المحدث، فلو كانت الطهارة شرطا لقال لهم: الذي ليس على طهارة لا يسجد. فلما سكت دل على أن الطهارة غير شرط، أما السجود عند ختم القرآن فلا أصل له، تركه أولى، ترك السجود بعد ختم القرآن أولى لعدم الدليل عليه.

حكم سجود التلاوة للحائض

210 - حكم سجود التلاوة للحائض س: هل يجوز للمرأة الحائض أن تسجد سجود التلاوة؟ (¬1) ج: الصواب لا حرج أن تقرأ القرآن حفظا وتسجد، هذا هو الصواب، وليس قراءة من المصحف، لكن عن ظهر قلب؛ لأنها ليست مثل الجنب، الجنابة مدتها قصيرة، تغتسل وتقرأ، لا يقرأ الجنب، ولكن الحائض والنفساء مدتهما طويلة، والصواب أن لهما أن تقرآ عن ظهر قلب، فإذا مرتا بالسجدة تسجدا؛ لأن السجدة ليست صلاة في التلاوة، ليست صلاة، وإنما هي خضوع لله مثل الذكر. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (321).

بيان سجود الشكر

211 - بيان سجود الشكر س: تقول السائلة: ما هو سجود الشكر، وهل يسجد في صلاة أم بدون صلاة، وهل حكمه حكم سجود الصلاة من حيث الطهارة وستر العورة وغيرها أم لا، وما هو الدعاء المستحب فيها؟ (¬1) ج: سجود الشكر هو السجود من أجل نعمة عامة ساقها الله للمسلمين، أو نعمة خاصة ساقها الله للشخص، كوجود ولد له وكسلامته من حادث ونحو ذلك، ولما بلغ الصديق رضي الله عنه مقتل مسيلمة الكذاب خر ساجدا لله سبحانه وتعالى شكرا لله على نعمته بقتل الخبيث عدو الله مسيلمة الكذاب، فإذا بشر الإنسان بشيء يسره وسجد لله شكرا هذا يقال له: سجود الشكر، ويقال فيه ما يقال في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. يدعو فيه الإنسان مثل سجود الصلاة سواء، والصحيح لا تشترط له الطهارة بل هو مثل سجود التلاوة الصحيح أنهما لا تشترط لهما الطهارة بل لا مانع من السجود وإن كان على غير طهارة، فإذا صار يتلو القرآن وليس على طهارة، ومر بآيات السجدة فإنه ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (123).

يشرع له السجود وإن كان على غير طهارة، وهكذا سجود الشكر ليس له شرط الطهارة، فيسجد وإن كان على غير طهارة لأنه ليس من جنس الصلاة بل هو ذل لله واستكانة وعبادة له سبحانه من جنس الذكر ومن جنس التسبيح والتهليل، ومن جنس قراءة القرآن، فليس له شرط الطهارة، كما أن القارئ من غير المصحف لا يشترط له الطهارة، فهكذا الذاكر والمسبح والمهلل والمستغفر يجوز أن يفعل هذا وإن كان على غير طهارة، هذا هو الصواب، وبعض أهل العلم قال: لا بد من طهارة كالصلاة، ولكنه قول مرجوح ليس عليه دليل.

حكم صلاة الشكر

212 - حكم صلاة الشكر س: تقول السائلة: ما هي كيفية صلاة الشكر؟ (¬1) ج: ما نعلم صلاة يقال لها: صلاة الشكر، يقال: سجود الشكر، لكن إذا صلى الإنسان ركعتين في الضحى أو في الليل أو الظهر وحمد الله وأثنى عليه وشكره على نعمه كله طيب، الصلاة مطلوبة، كلها خير في أوقات العبادة، الضحى كله صلاة إلى وقوف الشمس، والظهر كله صلاة إلا بعد صلاة العصر، الليل كله صلاة، الحمد لله. إذا صلى ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (238).

الإنسان ركعتين أو أكثر يشكر الله ويحمده فيها ويسأل ربه الخير، كله طيب، لكن ما نعلم في الشرع صلاة يقال لها صلاة الشكر، نعلم سجدة يقال لها: سجود الشكر، مثلا الإنسان بشر أن الله وهبه ولدا ذكرا أو أنثى فسجد لله شكرا على هذه النعمة، أو بشر أن الله عافى ولده، أو عافى أباه من مرض، أو أن الذين انقلبت بهم السيارة سلموا، أو تصادموا، بشر أنهم سلموا وسجد لله شكرا كل هذا طيب، أو جاء فتح إسلامي، إن الله فتح على المسلمين ونصرهم على عدوهم في حرب بين المسلمين وأعدائهم فبشر بأن المسلمين انتصروا سجد لله شكرا، كما جاء عن الصديق رضي الله عنه لما بشر بأن مسيلمة قتل في حرب اليمامة سجد لله شكرا، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه سجد لله شكرا لما بلغه قتل الأسود العنسي، المقصود أن السجود لله شكر معروف، وهو مثل سجود الصلاة سجدة واحدة يسجدها لله ويشكره على ما حصل من النعمة، يقول سبحان ربي الأعلى: سبحان ربي الأعلى. ويحمد ربه ويشكره، ويدعوه على ما حصل من النعمة التي له وللمسلمين. والصواب أنها لا تشترط لها الطاهرة، والجمهور أنها تشترط لها الطهارة لكن الصواب أنها لا تشترط لعدم الدليل لأنها خضوع لله وذكر لله سبحانه وتعالى كأشباه التسبيح والتهليل، وأشباه القراءة عن ظهر

قلب، لا تشترط لها الطهارة مطلقا، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يسجد وهو على غير طهارة، وكان الشعبي كذلك فيما صح عنهما. «والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن مع أصحابه في مجالسهم فإذا سجد سجدوا معه (¬1)» ولم يقل لهم: من كان على غير طهارة فلا يسجد. ومعلوم أن المجالس تشمل من هو على وضوء ومن هو على غير وضوء، فلو كانت الطهارة شرطا لقال لهم عند السجود: من كان على غير طهارة لا يسجد، فلما سجد سجدوا معه في مجالسهم دل على أن الطهارة ليست شرطا، إذ لو كانت شرطا لنبههم عليه الصلاة والسلام؛ لأن الله بعثه مبلغا ومعلما، والبيان لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة، واجتماعهم معه في المجالس وسجودهم معه هو وقت الحاجة للبيان. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب سجود المسلمين مع المشركين، برقم (1071)

بيان صفة سجود الشكر

213 - بيان صفة سجود الشكر س: ما هي صفة سجود الشكر؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: سجود الشكر مثل سجود الصلاة، مثل سجود السهو، مثل سجود ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (289).

التلاوة، سجدة واحدة، فيقول فيها: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. يحمد الله ويثني عليه ويشكره على ما من به عليه من صحة أو ولد أو نصر للإسلام أو فتح للمسلمين، أو نحو ذلك مما يسره أو يسر المسلمين، «النبي صلى الله عليه وسلم سجد شكرا (¬1)» وهكذا الصديق رضي الله عنه لما جاءه فتح اليمامة ومقتل مسيلمة الكذاب سجد لله شكرا، والصحيح أنه يجوز ولو كان الساجد على غير طهارة، إذا جاءه الخبر السار سجد وإن كان على غير طهارة، وهكذا سجود التلاوة من جنس سجود الشكر سجدة واحدة عند تلاوة الآيات التي فيها السجود ولو كان على غير طهارة في أصح قولي العلماء، يقول فيه مثل ما يقول في سجود الصلاة، وسجود التلاوة وسجود الشكر وسجود السهو، كله يقال فيه ما يقال في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملائكة والروح، ويدعو فيه بما يسر الله من الدعوات الطيبة، ويشكر الله في سجود الشكر زيادة، يشكر الله على النعمة التي بلغته، ويقول في السجود أيضا: اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة، من حديث عبد الرحمن بن عوف الزهري رضي الله عنه، برقم (1665).

سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين، يقال هذا في سجود الصلاة، سجود التلاوة، سجود الشكر، مع: سبحان ربي الأعلى، لا بد من: سبحان ربي الأعلى، لا بد من كلمة: سبحان ربي الأعلى ولو مرة، وإذا كررها ثلاثا أو خمسا كان أفضل وأولى في جميع أنواع السجود: سجود التلاوة، سجود الشكر، سجود الصلاة، سجود السهو.

س: أم ف. تسأل عن سجود الشكر كيف يكون، وما هي مشروعيته؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: سجود الشكر مثل سجود الصلاة، سجدة واحدة يقول فيها ما يقول في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، يحمد الله ويثني عليه، فهو ولي النعمة التي حصلت، يدعوه جل وعلا، ويشكره هذا سجود الشكر، مثل إنسان بشر بأن الله جل وعلا رزقه ولدا، أو بشر بأن أمه شفيت من مرضها أو أباه، أو بشر بأن المسلمين فتح الله عليهم بالنصر على عدوهم فإنه يشرع له السجود شكرا لله ولو كان على غير طهارة، يقول في السجود مثل ما يقول في سجود الصلاة: سبحان ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (295).

ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ويقول: اللهم اغفر لي، اللهم اغفر لي، اللهم ارزقني شكر نعمتك، والحمد لله على هذه النعمة. ونحو ذلك.

س: تسأل عن صفة سجود الشكر (¬1) ج: سجود الشكر مثل سجود الصلاة ومثل سجود التلاوة، إذا بشر بشيء يسره سجد لله شكرا، وقال فيه: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. وحمد ربه سبحانه وتعالى وأثنى عليه، ودعا ربه أن الله يبارك له فيما يسره الله له، ويجود عليه من فضله بما ينفعه في الدنيا والآخرة حتى ولو كان على غير وضوء، مثل سجود التلاوة لا يشترط له وضوء على الصحيح، فإذا بشر، قد يبشر وهو ليس على وضوء، وقد يقرأ وهو ليس على وضوء، يقرأ عن ظهر قلب، فإذا مر بالسجدة سجد وإن كان على غير وضوء على الصحيح، وهكذا إذا بشر بولد أو فتح للمسلمين ضد عدوهم، أو شفاء مريض وسجد لله شكرا فلا حرج عليه وإن كان على غير وضوء، ويقول في سجوده مثل سجوده في الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ويدعو ربه في سجوده، ويحمد ويثني عليه بما يسر الله له من النعمة العظيمة. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (269).

س: كيف يكون سجود الشكر؟ (¬1) ج: سجود الشكر مثل سجود الصلاة، وهكذا سجود التلاوة مثل سجود الصلاة، كما تقول في سجود الصلاة: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، وتدعوه سبحانه هكذا في سجود التلاوة، وسجود الشكر، تحمد الله في السجود بما من عليك، تقول: الحمد لله على ما أنعم به علي من نعمة كذا. أو الشكر لله تقول: سبحان ربي الأعلى، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. مثل ما تفعل في سجود الصلاة، ولكن مع هذا في سجود الشكر تزيد، وتحمد الله وتثني عليه وتشكره على ما أعطاك من النعم. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (311).

حكم الإكثار من السجود

214 - حكم الإكثار من السجود س: هل صحيح أن كثرة السجود لله بدعة علما بأنني كثيرا ما أتذكر نعمة الله علي فأسجد لله شكرا؟ (¬1) ج: السجود المفرد لا يفعل إلا عند أسبابه، فسجود التلاوة إذا صلى وقرأ الإنسان آية السجدة أو صار يتلو القرآن ومر بآية سجدة فإنه ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (320).

يسجد، أو حدث نعمة جديدة فيسجد لله شكرا كأن رزقه الله ولدا، أو سمع فتحا للمسلمين ونصرهم الله على عدوهم يسجد لله شكرا، أما السجود من غير أسباب فلا أصل له بل هو بدعة، فكون الإنسان يصلي صلاة كاملة أو يصلي ركعتين أو أكثر يسلم من كل ثنتين فهذا مشروع وطيب، الصلاة كلها خير، لكن مثنى مثنى سواء في الليل أو النهار، أما السجود المفرد فإنه لا يفعل إلا لأسباب مثل التلاوة، إذا مر بآية السجدة سجد، أو للشكر مثلا إذا أراد الله به نعمة جديدة من ولد أو فتح للمسلمين أو عافية من حادث أو ما أشبه ذلك يسجد لله شكرا.

حكم صلاة تحية المسجد

215 - حكم صلاة تحية المسجد س: يسأل السائل ويقول: صلاة تحية المسجد هل يصليها الإنسان كلما يدخل المسجد - أي بعد كل صلاة - أم مرة واحدة في اليوم؟ وهذه الصلاة هل تكفي عن السنة أم لا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: السنة لمن دخل المسجد وهو على طهارة أن يصلي ركعتين تحية المسجد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (420).

فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬1)» وفي اللفظ الآخر: «فليركع ركعتين قبل أن يجلس (¬2)» هذا السنة، في أي وقت، في الضحى، في الظهر، وفي العصر، وفي المغرب، في أي وقت، ليس لها وقت نهي على الصحيح حتى ولو بعد العصر إذا دخل ليجلس ينتظر المغرب يصلي ركعتين، أو دخل بعد الفجر لحضور حلقات العلم، أو ليجلس في المسجد يصلي ركعتين إذا كان على طهارة قبل أن يجلس، ليس لها وقت نهي، هذا هو المشروع للمسلم، وهي سنة مؤكدة، ولو دخل في المسجد مرات صلى كلما دخل لو دخل الضحى مرتين أو ثلاثا، أو الظهر أو العصر، أو الليل، كلما دخل وهو على طهارة يصلي ركعتين ولو دخل وصلى الراتبة راتبة الظهر سدت عن تحية المسجد، لو صلى راتبة الظهر ركعتين أو أربع ركعات الراتبة قبل الظهر السنة أربع بتسليمتين فإذا صلاهما سدت عن تحية المسجد، وهكذا إذا دخل الفجر وهو ما صلى الراتبة في بيته وصلى الراتبة في المسجد كفت عن تحية المسجد، ركعتا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما .... ، برقم (714). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (444)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما. . .، برقم (714).

سنة الفجر تكفي عن تحية المسجد والحمد لله.

س: السائلة ع. س. ن. تقول في سؤالها: هل يجب على الرجل أن يصلي تحية المسجد كلما ذهب إلى المسجد للصلوات المفروضة؟ أي يؤدي تحية المسجد في اليوم خمس مرات، جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: تحية المسجد سنة ليست بواجبة، فإذا وصل المسجد صلى ركعتين، إن كان الظهر يصلي الراتبة، وتكفي عن تحية المسجد، وراتبة الظهر أربع ركعات تسليمتان قبل الظهر، فإذا صلاهما كفتا عن تحية المسجد، وهكذا العصر يستحب قبله أربع بتسليمتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬2)» تكفي عن تحية المسجد، سواء نواها تحية أو ما نواها تحية، وهكذا إذا جاء المسجد عند أذان المغرب أو قبل المغرب يصلي ركعتين تحية المسجد، وهكذا العشاء، إذا جاء إلى المسجد يصلي ركعتين تحية المسجد بعد الأذان أو قبل الأذان، وبين الأذانين يسن أن يصلي ركعتين لقوله صلى الله عليه ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (386). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430).

وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، لمن شاء (¬1)» فإذا جاء إلى المسجد بعد آذان العشاء أو بعد آذان المغرب أو قبل ذلك يصلي تحية المسجد، فإذا أذن يستحب له أن يقوم ويصلي ركعتين بين الأذانين في المغرب والعشاء، أما الفجر فراتبتها قبلها ركعتان، إذا صلاها في البيت أو في المسجد فالحمد لله، وإن صلاها في المسجد كفت عن تحية المسجد. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838).

حكم تحية المسجد في أوقات النهي

216 - حكم تحية المسجد في أوقات النهي س: السائل أبو محمد من سوريا يقول: هل تحية المسجد مشروعة في جميع الأوقات وفي أوقات النهي سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: نعم، تحية المسجد مشروعة في جميع الأوقات لأنها من ذوات الأسباب، فإذا دخل المسجد بعد العصر ليجلس حتى ينتظر المغرب أو للدروس أو لأسباب أخرى يصلي تحية المسجد، وهكذا لو جاء بعد الفجر يصلي تحية المسجد لأنها من ذوات الأسباب، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (404).

ركعتين (¬1)» وفي اللفظ الآخر: «فليركع ركعتين قبل أن يجلس (¬2)» وهكذا لو كسفت الشمس بعد العصر صلي لها لأنها من ذوات الأسباب، وهكذا لو طاف في مكة طاف بالكعبة بعد العصر أو بعد الفجر فإنه يصلي ركعتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (¬3)» ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما .... ، برقم (714). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (444)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما. . .، برقم (714). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب الطواف بعد العصر، حديث رقم (1894)، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868)، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254).

حكم صلاة ركعتين بنية الراتبة وتحية المسجد

217 - حكم صلاة ركعتين بنية الراتبة وتحية المسجد س: عند دخول المسجد للصلاة وأداء تحية المسجد بدون أن أنوي، هل هي تحية المسجد أم سنة الفريضة؟ مثلا أدخل المسجد لصلاة الفجر وأصلي ركعتين بدون أن أنوي، هل تدمج تحية

المسجد مع سنة الفريضة أم أن الأفضل أن أؤدي كل واحدة على حدة؟ (¬1) ج: إذا نويت سنة التحية وسنة الفجر كفى، وهكذا الظهر إذا نويت بالركعتين الأوليين سنة التحية وسنة الراتبة كفى، وهكذا العصر إذا صليت أربعا قبلها ركعتين ركعتين قامتا مقام التحية والحمد لله، فالنية تشمل الجميع، وإذا نوى عن سنة الفجر كفت عن التحية، وهكذا إذا صلى بنية راتبة الظهر القبلية كفت عن التحية. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (181).

حكم صلاة أربع ركعات بتسليمة واحدة تحية للمسجد

218 - حكم صلاة أربع ركعات بتسليمة واحدة تحية للمسجد س: رأيت بعض الناس إذا دخل المسجد يصلي أربع ركعات متواصلة بتسليمة واحدة تحية المسجد، فهل هذا صحيح أم تحية المسجد ركعتان فقط؟ (¬1) ج: هذا خلاف السنة، السنة ركعتان فقط، أما أن يصلي أربعا جميعا فهذا خلاف السنة، والنبي عليه السلام قال: «صلاة الليل والنهار مثنى ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (177).

مثنى (¬1)»، فالسنة إذا دخل المسجد أن يصلي ركعتين، ويسلم منهما، فإذا أحب أن يصلي زيادة فلا بأس، لكن يسلم من كل ركعتين، هذا هو الأفضل في النهار وفي الليل، يتأكد ذلك، ولا يجوز أن يجمع أربعا بسلام واحد، بل يسلم من كل ثنتين. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322).

س: الأخ: ف. ح. ش، من الدمام المنطقة الشرقية يقول: رأيت بعض الناس يصلي أربع ركعات تحية المسجد متواصلة بتسليمة واحدة مع أن تحية المسجد ركعتان فقط، أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: السنة ركعتان فقط، تحية المسجد ركعتان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس (¬2)» فالسنة أن يصلي ركعتين، وإن صلى أربعا فلا بأس إذا كان الوقت ليس وقت نهي، إذا دخل الضحى صلى أربع ركعات، أو في الليل لا بأس، لكن الأفضل أن يسلم من كل ركعتين، السنة أن يصلي ركعتين لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (¬3)» فلا ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (167). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (444)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما. . .، برقم (714). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322).

يجمع الأربع جميعا بل يسلم من كل ثنتين، هذا هو السنة، وفي الليل آكد وأشد، وليس له أن يصلي أكثر من ركعتين بسلام واحد، لا يصلي أربعا بسلام واحد، ولكن يسلم من كل ثنتين، وفي النهار قد أجاز ذلك بعض أهل العلم، ولكن الصواب حتى في النهار السنة أن يصلي ركعتين ركعتين، وإذا أحب أن يزيد عن ركعتين يصلي الأربع بتسليمتين، ست ركعات بثلاث تسليمات، ثمان ركعات بأربع تسليمات في أوقات غير أوقات النهي كالضحى والليل والظهر لا بأس. أما وقت النهي فليس له أن يزيد على ركعتين إذا دخل بعد العصر أو بعد صلاة الفجر، فالصواب أنه يجوز له أن يصلي ركعتين، بل الأفضل أن يصلي ركعتين تحية المسجد قبل أن يجلس ولو كان وقت نهي؛ لأنها من ذوات الأسباب، فلا يزيد على ركعتين؛ لأن المقصود حصل بذلك.

حكم التلفظ بالنية في تحية المسجد

219 - حكم التلفظ بالنية في تحية المسجد س: سائل يقول: إنني عندما أذهب إلى المسجد أصلي ركعتين، وأقول: أصلي ركعتين تحية المسجد، فهل يجوز؟ وهل كان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يفعلون هذا؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (199).

ج: السنة للمؤمن إذا دخل المسجد أن يصلي ركعتين تحية المسجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬1)» حتى ولو كان الخطيب يخطب يوم الجمعة، حتى ولو كان في وقت النهي على الصحيح كالعصر أو بعد الفجر، السنة له إذا دخل المسجد أن يصلي ركعتين، ولا حاجة إلى أن يقول: أصلي ركعتين، يتلفظ بالنية، لا حاجة، نية القلب تكفي، والتلفظ بالنية بدعة في أصح قولي العلماء، فلا يتلفظ بالنية عند الوضوء ولا عند الصلاة، ولكن بقلبه، يصلي ركعتي التحية وهو ناو بقلبه أن هذه ركعتا التحية، وهكذا ينوي في الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ويكفي، ولا حاجة إلى التلفظ. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما .... ، برقم (714).

حكم تكرار تحية المسجد بتكرار دخول المسجد

220 - حكم تكرار تحية المسجد بتكرار دخول المسجد س: يقول رجل مصري الجنسية: يوجد مسجد قريب من مسكني أصلي فيه المغرب والعشاء والفجر يوميا ولله الحمد، فهل في كل مرة تجب علي تحية المسجد؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (303).

ج: نعم، كلما دخلت المسجد فعليك التحية سواء الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء، وتحية المسجد سنة مؤكدة إذا دخلت المسجد وأنت على وضوء، لكن إذا صليت الراتبة راتبة الظهر مثلا تقوم مقام التحية سنة الظهر، وكذا سنة الفجر تجزئ عن التحية، والحمد لله.

حكم الخروج إلى مسجد آخر لصلاة تحية المسجد

221 - حكم الخروج إلى مسجد آخر لصلاة تحية المسجد س: هل يجوز أن يصلي المسلم ركعتين تحية المسجد، ثم يذهب إلى مسجد آخر ويصلي فيه ركعتين تحية كذلك؟ (¬1) ج: إذا كان المقصود الذهاب للمسجد للتحية هذا غير مشروع، أما إذا كان قصد المسجد لحضور حلقات العلم ليجلس فيه للصلاة، ليجلس يقرأ القرآن يصلي تحية المسجد، أما أن يذهب للمساجد يصلي فيها ركعتين فقط فهذا غير مشروع. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (295).

س: هذا السائل: أ. ر. س، يقول: يا سماحة الشيخ، إذا جاء الشخص إلى المسجد وقت إقامة الصلاة في الفجر مثلا فهل يصلي تحية المسجد ركعتين، ويصلي ركعتي سنة الفجر بعد صلاة الفجر؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (429).

ج: نعم يصليها بعد صلاة الفجر أو بعد طلوع الشمس، هو مخير.

بيان أن الراتبة تكفي عن تحية المسجد

222 - بيان أن الراتبة تكفي عن تحية المسجد س: رسالة من المستمع رمز إلى اسمه بالحروف: ح. ن. ش. ن. يسأل عن السنن الرواتب، فمثلا هل تجزئ السنة الراتبة عن تحية المسجد؟ (¬1) ج: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد؛ فالسنن الرواتب المحفوظة في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام اثكنتا عشرة ركعة: أربع قبل الظهر تسليمتان، ثنتان بعد الظهر، ثنتان بعد المغرب، ثنتان بعد العشاء، ثنتان قبل صلاة الصبح. هذه هي السنن الرواتب، وكان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام، يصلي تسليمتين قبل الظهر، وتسليمة واحدة بعد الظهر، وتسليمة واحدة بعد المغرب، وتسليمة واحدة بعد العشاء، وتسليمة واحدة قبل صلاة الصبح، وقال عليه الصلاة والسلام: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬2)» فيستحب أن ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (311). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر، برقم (430).

يصلي قبلها أربعا في العصر، لكنها ليست راتبة، وكذلك يصلي بين الأذانين ركعتين أذان المغرب وأذان العشاء، وبين الأذان والإقامة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (¬1)» يعني الأذان والإقامة، فهذه مستحبة وليست راتبة، بعد أذان المغرب وبعد أذان العشاء تصلي ركعتين، ومن صلى تحية المسجد حصل بها المطلوب فإذا صلى ركعتين إذا دخل المسجد حصل بها المطلوب، وهكذا السنن الرواتب، إذا صلى سنة الظهر في المسجد حصل بها المطلوب، وهكذا سنة الفجر إذا صلاها في المسجد حصل بها المطلوب وكفت عن تحية المسجد. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (838).

المجلد الحادي عشر

بقية باب صلاة التطوع

صفحة فارغة

بقية باب صلاة التطوع 1 - حكم صلاة سنة الوضوء س: يقول السائل: بالنسبة لركعتي الوضوء، هل تؤدى لكل وضوء مثل وضوء القرآن أم وضوء الصلاة فقط؟ ج: إذا توضأ الإنسان يستحب له أن يصلي ركعتين سواء توضأ لقراءة القرآن أو للصلاة أو لغير ذلك، إذا توضأ يستحب له أن يصلي ركعتين في أي وقت، ولا هناك أوقات نهي؛ لأنها من ذوات الأسباب، فإذا توضأ بعد العصر أو بعد صلاة الفجر صلى ركعتين؛ لأنها من ذوات الأسباب.

جمع صلاة النوافل في ركعتين

2 - جمع صلاة النوافل في ركعتين س: السائل: م. ع. له هذا السؤال، يقول: هل يجوز جمع النوافل في ركعتين، مثل أن نقول: أنوي صلاة ركعتين قبل صلاة العشاء وتحية المسجد وسنة الوضوء (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (403).

ج: نعم، إذا صلى ركعتين سنة تحية المسجد سدت عن الوضوء، إذا توضأ وصلى ركعتين تحية المسجد أو الراتبة حصل المطلوب والحمد لله، وكذلك الفجر لو توضأ لصلاة الفجر ثم صلى سنة الفجر سدت عن سنة الوضوء، وعن سنة الفجر.

س: بالنسبة لجمع سنة الوضوء وسنة الفرض وسنة تحية المسجد في ركعتين هل يحصل على ثواب الست ركعات أم لا (¬1)؟ ج: نرجو أن يحصل له هذا الخير، إذا صلى ركعتين بعدما توضأ ودخل المسجد وصلى ركعتين ناويا سنة الوضوء، وسنة التحية والراتبة راتبة الظهر مثلا نرجو أن يجمع الله هذا الخير كله؛ لأن الركعتين مشروعة لتحية المسجد، ومشروعة للوضوء، ومشروعة للراتبة قبل الظهر؛ لأن الراتبة قبل الظهر أربع ركعات يسلم من كل ركعتين، فإذا نواها راتبة وتحية للمسجد وسنة وضوء نرجو أن يجمع الله له ذلك كله، ولا أعلم مانعا من ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (383).

بيان الأوقات التي تجوز فيها صلاة التطوع

3 - بيان الأوقات التي تجوز فيها صلاة التطوع س: ما هي الأوقات المستحبة لصلاة التطوع، وهل تجوز الصلاة قبل

المغرب بساعة صلاة تطوع (¬1)؟ ج: كل الليل والنهار محل تطوع، الله جل وعلا كما قال في كتاب--هـ العظيم: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} (¬2) لكن يستثنى من ذلك أوقات النهي ما بين صلاة الفجر إلى ارتفاع الشمس هذا وقت نهي عن الصلاة، وكذلك ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس محل نهي عن الصلاة، كذلك عند قيامها قرب الظهر إذا وقفت الشمس - يعني عند توسطها في كبد السماء - وهي مدة قليلة، هذا وقت نهي أيضا، أما بقية الأوقات مثل صلاة الضحى بعد ارتفاع الشمس إلى وقوف الشمس, بعد الظهر ما بين الظهر والعصر كله محل صلاة، الليل كله محل صلاة، فصلاة الضحى متأكدة، وسنة مؤكدة، هكذا التهجد بالليل، وبين العشاءين, كله محل عبادة فيه خير كثير وفضل كبير، لكن أوقات النهي لا يصلى فيها إلا لسبب كصلاة الطواف لمن طاف بعد العصر أو بعد الصبح يصلي صلاة الطواف، مثل سنة الوضوء لمن توضأ، يصلي ركعتين سنة الوضوء ولو بعد العصر والصبح، مثل لو كسفت الشمس بعد العصر يشرع أن يصلي لها في ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (77). (¬2) سورة الفرقان الآية 62

أصح قولي العلماء، ومثل تحية المسجد، لو دخل المسجد لأجل الدرس بعد العصر أو أن يجلس فيه إلى الغروب، سن له أن يصلي تحية المسجد، هذا مستثنى، ويقال لها: ذوات الأسباب، هذا الصحيح أنها تستثنى، ولا بأس بها في أوقات النهي على الصحيح من أقوال العلماء.

بيان الأوقات التي تمنع فيها صلاة النافلة

4 - بيان الأوقات التي تمنع فيها صلاة النافلة س: تقول السائلة: ما هو الوقت الذي تمنع صلاة النافلة فيه (¬1) ج: قد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم الأوقات التي تمنع فيها الصلاة، وهي خمسة على سبيل الإيضاح: الأول: ما بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، هذا وقت نهي، لا يفعل فيه إلا صلاة الفجر، وسنة الفجر ركعتان قبلها، فإن فاتت قبلها صلاها بعدها وهذا هو الوقت الأول. الوقت الثاني: من طلوع الشمس إلى ارتفاعها قيد رمح، وهذا وقت مضيق لا تجوز فيه الصلاة؛ لأنه وقت نهي، وحينئذ يسجد الكفار للشمس، عباد الشمس يسجدون لها عند طلوعها. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (128).

والوقت الثالث: عند قيام الشمس؛ يعني عند وقوفها قبل الزوال في وسط النهار، وهو وقت قصير، فإن الشمس سائرة ولكن عند توسطها في السماء يسمى وقوفا، وهذا الوقت وقت قصير لا يصلى فيه حتى تميل إلى الغرب، تميل إلى جهة الغرب. الرابع: بعد صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس. الخامس: بعد اصفرارها إلى أن تغيب. هذه خمسة أوقات لا يصلى فيها. لكن يستثنى من ذلك على الصحيح ذوات الأسباب من الصلوات، فإنها تصلى في هذه الأوقات، وهي صلاة الطواف، لو طاف بعد العصر، أو طاف بعد الصبح، أو طاف بعد أذان الفجر فإنه يصلي سنة الطواف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (¬1)» هذا مستثنى من أوقات النهي, وأيضا تحية المسجد، لو دخل الإنسان المسجد يريد أن يجلس فيه عند الغروب، أو دخله بعد صلاة الصبح يريد أن يجلس فيه إلى طلوع الشمس فإن ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868)، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254).

السنة أن يصلي ركعتين تحية المسجد؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬1)» ولأنه صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلا دخل المسجد وهو يخطب الجمعة عليه الصلاة والسلام أمره أن يقوم فيصلي ركعتين، فلولا أنها متأكدة لما أمره أن يصلي في هذه الحالة بأن يقوم ويصلي ركعتين، وقال: «إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما (¬2)» ومنها صلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر أو عند طلوع الشمس شرعت صلاة الكسوف؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا (¬3)» وفي اللفظ الآخر: «فافزعوا إلى الصلاة (¬4)» فهذا يعم ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1170). ومسلم كتاب في الجمعة، باب التحية والإمام يخطب، برقم (875). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الصدقة في الكسوف، رقم (1044)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، برقم (901). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب خطبة الإمام في الكسوف، برقم (1046).

أوقات النهي وغيرها. ومنها سنة الوضوء، إذا توضأ فإنه يشرع له أن يصلي ركعتين لصحة الأحاديث في ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه (¬1)» متفق على صحته. فهذه الصلوات التي لها أسباب لا مانع من فعلها في أوقات النهي، وهي مستثناة ومخصوصة من أدلة النهي، والله ولي التوفيق. وكذلك قضاء الفوائت، مثلا لو نام عن الظهر والعصر فإنه يصليهما في وقت العصر ولو بعد الصلاة، وكذلك لو تذكر صلاة عليه بعد العصر صلاها بعد العصر، أو تذكرها بعد الصبح صلاها بعد الصبح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (¬2)» فهي مستثناة أيضا من أوقات النهي. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، برقم (160)، ومسلم في كتاب الطهارة باب صفة الوضوء وكماله، برقم (226). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) واللفظ له.

س: ما هي الأوقات التي نهي فيها عن الصلاة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الأوقات خمسة التي نهي فيها عن الصلاة: بعد صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس، وبعد اصفرارها إلى أن تغيب، هذان وقتان، والثالث عند وقوفها وسط النهار حتى تميل إلى المغرب، وهو وقت قصير، والرابع بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، والخامس بعد طلوعها حتى ترتفع قيد رمح. هذه خمسة، ويجوز اختصارها إلى ثلاثة فيقال: ثلاثة: من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس، ومن بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، هذان اثنان، والثالث عند وقوفها قبيل الظهر حتى تزول وهو وقت قليل عند توسطها السماء قبل أن تميل. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (344).

س: يسأل سماحتكم عن أوقات النهي، وماذا لو صلى أحدهم في هذه الأوقات ـ جزاكم الله خيرا ـ ولماذا نهينا أن نصلي فيها (¬1) ج: أوقات النهي خمسة: أولها بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، لا يصلى فيه إلا سنة الفجر وفريضة الفجر، أو تحية المسجد، الثاني بعد طلوع الشمس إلى أن ترتفع قيد رمح، الثالث عند وقوفها قبل الظهر بشيء قليل عندما تقف في كبد السماء يسمى وقت الوقوف في رأي الناظر حتى تزول ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (443).

إلى جهة الغرب، وهو وقت قصير ثلث ساعة أو ربع ساعة ليس بالطويل، الرابع بعد صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس، الخامس عند اصفرارها إلى أن تغيب. هذه أوقات النهي، لا يجوز للمسلم أن يصلي فيها إلا الفرائض التي تفوته فإنه يصليها في كل وقت، وهكذا فريضة الفجر يصليها مع سنتها بعد طلوع الفجر، وهكذا صلوات الأسباب مثل سنة تحية المسجد، مثل صلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد صلاة العصر، مثل سنة الوضوء، فهذه يقال لها: ذوات الأسباب، وهكذا لو طاف بعد العصر في مكة أو بعد الفجر صلى ركعتي الطواف؛ لأنها من ذوات الأسباب. أما لماذا نهينا أن نصلي في هذه الأوقات فربك حكيم عليم، له الحكمة البالغة فيما يأمر به وفيما ينهى عنه، وقد علل في بعض الأحاديث بأن فيه تشبيها بعباد الشمس الذين يصلون للشمس عند طلوعها وعند غروبها، فكان النهي عن الصلاة في ذلك الوقت سدا لذريعة التشبه بعباد الشمس، هذه الحكمة لكن إذا كانت الصلاة فريضة أو من ذوات الأسباب فلا حرج، وتكون هذه الصلاة مقدمة على سد الذريعة إذا كانت الصلاة مؤكدة كالفريضة، أو من ذوات الأسباب، فعلت ولم تمنع من أجل التشبه، أما كون الإنسان يبتدئ الصلاة بدون سبب فهذا

الذي يظن فيه التشبه، ويخشى عليه التشبه لأنه بدأها بدون سبب شرعي.

س: ما هي الأوقات التي تحرم فيها الصلاة (¬1) ج: تحرم الصلاة في أوقات النهي - صلاة النافلة التي ليس لها أسباب - بعد طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس إلا سنة الفجر وفريضة الفجر يصليها، وتحية المسجد لأن لها أسبابا، وهكذا بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، وهكذا عند وقوف الشمس قبيل الظهر، إذا وقفت، إذا صارت في كبد السماء حتى تزول، هذه أوقات النهي، ثلاثة بالاختصار، وخمسة بالبسط، خمسة: أولها طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. الثاني بعد طلوعها إلى أن ترتفع، الثالث عند قيامها وسط السماء حتى تزول، وهو وقت قصير، والرابع بعد صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس، والخامس إذا اصفرت حتى تغيب، كل هذه أوقات نهي لا يصلى فيها تطوعا إلا إذا كان له سبب مثل صلاة الكسوف، وتحية المسجد، وصلاة الطواف، فلا بأس على الصحيح. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (344).

س: متى يكون وقت صلاة النافلة، وهل لها زمن محدد (¬1) ج: كل الليل والنهار صالح للنافلة إلا بعد العصر حتى تغرب الشمس، وبعد الفجر حتى ترتفع الشمس، وعند قيامها قبل الزوال بقليل حتى تزول. أوقات ثلاثة: بعد طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس، هذا واحد. عند قيامها وسط النهار حتى تميل للغروب إلى جهة الغرب، وهو زمن قصير، وقوفها. الثالث: بعد صلاة العصر إلى غروبها، والباقي كله صلاة، الليل كله صلاة، والنهار كله صلاة ما عدا هذه الأوقات الثلاثة. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (353).

حكم صلاة تحية المسجد

5 - حكم صلاة تحية المسجد س: بعض الناس يقول: إن هناك وقتا موسعا ووقتا مضيقا في تحية المسجد مثلا فما رأيكم (¬1) ج: لا شك أن الوقت الموسع هو الذي بعد صلاة العصر قبل أن تصفر الشمس، فإذا اصفرت جاء الوقت الضيق، والصواب أنه لا حرج في صلاة التحية مطلقا في المضيق والموسع، وهكذا صلاة الطواف، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (24).

وهكذا صلاة الكسوف، هذا هو الصواب. ومن جلس ولم يصل ركعتين تحية المسجد فلا حرج كما تقدم؛ لقوة الخلاف، ولأنه لا ينبغي بين أهل العلم وبين أهل الإيمان التنازع في مثل هذه الأمور لأن كلا من الطائفتين معه حجة ومعه دليل.

حكم صلاة النافلة في وقت النهي

6 - حكم صلاة النافلة في وقت النهي س: يسأل المستمع أبو أحمد ويقول: ما حكم التنفل في وقت النهي (¬1)؟ ج: التنفل لا يجوز وقت النهي إلا إذا كان له سبب، مثل صلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر، أو صلاة تحية المسجد، دخل المسجد بعد العصر ليجلس ينتظر المغرب يصلي تحية المسجد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬2)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا (¬3)» هذا جاء في أوقات النهي وغير ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (392). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الصدقة في الكسوف، رقم (1044)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، برقم (901).

أوقات النهي، وهكذا الطواف، لو طاف بعد العصر، يصلي ركعتين ركعتي الطواف، أو بعد الفجر كذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (¬1)» ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868)، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254).

س: هل يجوز للمرء أن يصلي تحية المسجد ولو كانت الشمس مستوية في كبد السماء (¬1)؟ ج: نعم، متى دخل المسجد يصلي في وقت قيام الشمس، أو بعد العصر، أو بعد الصبح لأن هذه السنة متعلقة بدخول المسجد، ومن أسبابها دخول المسجد، فإذا دخل المسجد صلى ركعتين قبل أن يجلس مطلقا في أي وقت، هذا هو الصواب، وهكذا لو طاف بالكعبة في مكة صلى ركعتي الطواف ولو بعد العصر، ولو بعد الصبح؛ لأنه من ذوات الأسباب لقوله صلى الله عليه وسلم: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بالبيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (265). (¬2) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868)، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254).

حكم صلاة النافلة قبل الظهر بربع ساعة

7 - حكم صلاة النافلة قبل الظهر بربع ساعة س: الأخت: ح. م. أ. من الرياض تسأل وتقول: ما حكم من يصلي قبل الظهر بربع ساعة أو عشر دقائق؟ حيث إنني سمعت من إحدى الأخوات أن هذا الوقت من الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، نرجو التوضيح، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا يجوز للمسلم أن يصلي قبل الظهر في وقت وقوف الشمس لأنه من أوقات النهي، وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه أنه قال: «ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب (¬2)» فالمقصود أنه قبيل الظهر لا يصلى، وهذا الوقت ليس بالطويل بل هو وقت قصير عند توسط الشمس كبد السماء يسمى وقوف الشمس، ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (158). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، برقم (831).

يسمى وقت الوقوف، فلا يجوز التعبد بالصلاة ذاك الوقت حتى تزول الشمس، يعني حتى يؤذن الظهر، إذا زالت الشمس صلى الإنسان ما شاء. أما قبل الزوال فالواجب التوقف عن التطوع بالصلاة، والوقت ليس بالطويل يقارب ربع ساعة أو ثلث ساعة، وإذا احتاط الإنسان وتوقف عن الصلاة قبل الأذان بنصف ساعة تقريبا للاحتياط فحسن، فإذا زالت الشمس انتهى وقت النهي إلى أن يصلي العصر.

حكم صلاة تحية المسجد قرب غروب الشمس

8 - حكم صلاة تحية المسجد قرب غروب الشمس س: لقد دخلت المسجد بعد صلاة العصر بل وقرب غروب الشمس، وأخذت في تحية المسجد، فثار علي بعض الحضور - جزاهم الله عني خيرا - حتى أوشكت أن أجلس وأقطع تحية المسجد، فما رأيكم في ذلك؟ وفقكم الله (¬1) ج: إذا دخل المسلم المسجد بعد صلاة الفجر ليجلس فيه يقرأ أو يستريح، أو دخل المسجد بعد صلاة العصر، أو قرب المغرب لينتظر صلاة المغرب، فهو مخير على الصحيح من أقوال العلماء، إن شاء صلى التحية وهو أفضل، وإن شاء جلس، ولا ينبغي في هذا النزاع، ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (18).

والإنكار عليه، بل ينبغي لمن جهل أن يتعلم، وأحاديث تحية المسجد أحاديث صحيحة، وصلاة تحية المسجد من ذوات الأسباب، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬1)» ولما رأى رجلا دخل يوم الجمعة جلس ولم يصلهما أمره أن يقوم ويصليهما، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فأمره أن يقوم فيصليهما، فدل ذلك على تأكدهما. وقد اختلف العلماء في ذلك، فمنهم من أجاز ذلك في وقت النهي، ومنهم من كره ذلك. والصواب أنه لا حرج في ذلك، الصواب والأرجح من قولي العلماء أنه لا حرج في تحية المسجد، بل الأفضل أن يأتي بهما ركعتين، هذا هو الأفضل أن يصلي تحية المسجد ولو كان قبيل الغروب، ثم يجلس، هذا هو الأفضل، وإن جلس ولم يصلهما فلا حرج في ذلك، ولا ينبغي في هذا نزاع ولا تشديد، فالأمر واسع، الأكثرون قالوا: يجلس، وجماعة من العلماء قالوا: الأفضل أنه يصليهما للحديث الصحيح، بل للأحاديث الصحيحة في ذلك، وهذا هو الأرجح أنه يصليهما حرصا على أداء السنة، ولأنه بهذا لا يشابه الكفار، إنما صلاهما أخذا بالسنة بخلاف الذي جلس ويقوم يصلي، فلا يجوز أن ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714).

يصلي في وقت النهي، لكن هذا دخل المسجد، فيصليهما لأنهما تحية المسجد، فلا حرج عليه بل هو الأفضل، وهكذا لو طاف بعد العصر في مكة بالكعبة، أو طاف بعد الصبح قبل طلوع الشمس، أو عند طلوعها فإنه يصلي ركعتي الطواف لأنها من ذوات الأسباب، هذا هو الأرجح، وهكذا لو كسفت الشمس مع طلوعها أو كسفت بعد العصر، فالأفضل أنها تصلى صلاة الكسوف لأنها من ذوات الأسباب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم ذلك - يعني الكسوف - فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا (¬1)» ولم يقل: إلا في وقت النهي، فدل ذلك على أن ذوات الأسباب مثل صلاة الطواف، مثل صلاة الكسوف، مثل تحية المسجد، هذه تصلى ولو في وقت النهي على الأرجح، نسأل الله للجميع التوفيق. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الصدقة في الكسوف، رقم (1044)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، برقم (901).

حكم صلاة النافلة بعد العصر

9 - حكم صلاة النافلة بعد العصر س: هل يجوز للمصلي أن يصلي بعد صلاة العصر تنفلا (¬1) ج: ليس له ذلك، ما بعد العصر وقت نهي، وهكذا ما بعد الفجر، إلا إذا كان تحية المسجد، دخل المسجد بعد العصر أو دخل المسجد بعد ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (88).

الفجر يريد الجلوس فيه للقراءة ولغير ذلك يصلي تحية المسجد ركعتين، ثم يجلس بعد ذلك، ليس له وقت نهي، وهكذا الطواف، لو طاف بعد العصر صلى ركعتي الطواف، أو طاف بعد الصبح صلى ركعتي الطواف، ليس لها وقت نهي.

حكم من صلى صلاة نذر في وقت النهي

10 - حكم من صلى صلاة نذر في وقت النهي س: من الأوقات المنهي عنها الصلاة بعد العصر، فأنا كان علي نذر، ثم إني صليت نذرا، وقرأت جزأين من القرآن الكريم، وصليت بعد العصر، فقالت لي أختي: إن ذلك من الأوقات المنهي عنها. فقلت لها: إن ذلك نذر، وليس قضاء صلاة مفروضة، فهل يجب علي الإعادة أو أن ما فعلته كان صحيحا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب عليك الإعادة؛ لأنه ليس محل صلاة، بعد العصر وبعد الفجر ليس محلا للصلاة إلا ذوات الأسباب، وهذا الصواب، كالكسوف بعد العصر، تحية المسجد، صلاة ركعتي الطواف، أما النذر فله أوقات أخرى بإمكانك أن تصلي في الليل، في الظهر، في الضحى، وإن كنت عينت الصلاة بعد العصر، إن قلت: أصلي بعد العصر، فهذا من النقص، فعليك كفارة يمين عن هذه الصلاة لأن النذر بالصلاة بعد ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (325).

العصر وبعد الصبح نذر معصية؛ لأنه ليس وقت صلاة، وقت نهي، فعليك كفارة يمين، كفارة لمثل هذا النذر.

حكم صلاة ركعتين قبل المغرب

11 - حكم صلاة ركعتين قبل المغرب س: هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي قبل المغرب ركعتين أم بعد الصلاة (¬1) ج: المعروف عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي بعد المغرب ركعتين راتبة، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى قبلها ركعتين ولكن المشهور عنه صلى الله عليه وسلم الصلاة بعد المغرب ركعتين، هذه ثابتة عنه بعد المغرب، وثبت عن الصحابة أنهم فعلوها بأمره صلى الله عليه وسلم وبإقراره، كان الصحابة يصلون ركعتين وهو ينظر إليهم، وقد أمرهم بقوله: «صلوا قبل صلاة المغرب، صلوا قبل صلاة المغرب (¬2)» ثم قال في الثالثة: «لمن شاء (¬3)» فيفعلونها وهو ينظر عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على سنيتها بعد الأذان، فهي ثابتة من قوله وتقريره، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (224). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183).

أما فعله فهو محل نظر، وإن صححه ابن حبان لكن محل نظر، لكنها ثابتة من قوله ومن تقريره للصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.

حكم تحية المسجد لمن دخله قبل أذان المغرب

12 - حكم تحية المسجد لمن دخله قبل أذان المغرب س: يقول السائل من اليمن: دخل شخص المسجد قبل أذان المغرب بحوالي ربع ساعة أو عشر دقائق، فهل على هذا الشخص أن يصلي ركعتين تحية للمسجد أم يظل واقفا حتى يؤذن للمغرب (¬1)؟. ج: السنة أن يصلي ركعتين متى دخل المسجد ولو قبيل الغروب؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬2)» وهاتان الركعتان من ذوات الأسباب، ليس لهما وقت نهي، كسجود التلاوة، وكصلاة الكسوف، فإن الشمس متى كسفت صلى الناس للكسوف ولو بعد العصر، فهكذا ركعتا التحية حكمهما حكم ذوات الأسباب، ليس لها وقت نهي. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (387). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714).

س: هل يجوز لي أن أصلي ركعتين سنة المغرب قبل الأذان أم أنه يعتبر من الوقت المنهي عنه (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (383).

ج: الصلاة بعد الأذان بعد غروب الشمس، أما قبل غروب الشمس فوقت نهي، أما إذا كان دخل المسجد قبل غروب الشمس ينتظر المغرب فلا بأس أن يصلي ركعتين تحية المسجد، أو دخل مكة وطاف بعد العصر يصلي صلاة الطواف، أما الإنسان يصلي قبل الغروب وهو في بيته أو جالس في المسجد فلا، هذا وقت نهي، لكن إذا جاء بعد صلاة العصر ينتظر المغرب يصلي ركعتين تحية المسجد ويجلس، أو طاف بعد العصر في مكة يصلي ركعتين للطواف؛ لأنها سنة لها سبب، فلا بأس.

س: في صلاة المغرب عندما يأتي المصلي لصلاة المغرب ويدخل المسجد هل عليه أن يصلي تحية المسجد أم لا، وهل يصليها بعد الانتهاء من صلاة المغرب (¬1)؟ ج: السنة لمن دخل المسجد أن يصلي ركعتين تحية المسجد سواء المغرب أو غير المغرب حتى ولو في آخر النهار قبل الغروب، تصلي تحية المسجد لأنها من ذوات الأسباب، ليس لها وقت نهي، تصلي ركعتين، ثم تجلس، هذا يقال له: تحية المسجد، إذا دخل المسجد قبل ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (298).

الصلاة قبل الغروب قبل إقامة الصلاة يصلي هاتين الركعتين، أما سنة المغرب الراتبة فهي بعدها، ركعتان بعد المغرب، وهكذا العشاء ركعتان بعد العشاء، لكن تحية المسجد هي للمسجد، ليس لها تعلق بصلاة المغرب، إذا دخل المسجد في أي وقت وهو على وضوء صلى ركعتين عصرا أو ظهرا، ليلا أو نهارا، وهكذا صلاة الكسوف، إذا كسفت الشمس ظهرا أو ضحى أو عصرا، صليت صلاة الكسوف لأنها من ذوات الأسباب، وهكذا لو طاف بعد العصر أو بعد الفجر يصلي ركعتي الطواف، لأنها من ذوات الأسباب.

س: سائل يقول: نحن في قريتنا ندخل المسجد قبل المغرب، لكني ألاحظ أن الناس لا يصلون تحية المسجد قبل المغرب، فهل هذا صحيح (¬1) ج: الصواب شرعية الصلاة ولو كان في العصر، بعض أهل العلم يرى أن أوقات النهي لا تصلى فيها صلاة التحية، والصواب أنه لا حرج في ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عمم، قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬2)» وفي اللفظ الآخر: ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (233). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714).

«فليركع ركعتين قبل أن يجلس (¬1)» وهذا عام لأوقات النهي وغيرها، وهكذا صلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر شرعت الصلاة؛ لأنها من ذوات الأسباب، وهكذا الطواف، لو طاف بعد العصر في مكة شرع له أن يصلي ركعتي الطواف؛ لأنها من ذوات الأسباب، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (¬2)» فالمقصود أن تحية المسجد من ذوات الأسباب، وصلاة الكسوف من ذوات الأسباب، وصلاة الطواف من ذوات الأسباب، فإذا دخل المسجد بعد العصر أو بعد الفجر ليسمع العلم أو ليجلس في المسجد ويستريح فإنه يصلي ركعتين إذا كان طاهرا قبل أن يجلس ولو كان في وقت النهي، هذا هو المعتمد لعموم الأحاديث وهي مخصصة لأحاديث النهي. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين، برقم (444)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتها، برقم (714). (¬2) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868)، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254).

س: إذا دخلنا المسجد ونحن في انتظار أذان المغرب هل نصلي تحية المسجد قبل الأذان أم نجلس (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (265).

ج: الأفضل الصلاة، هذا هو الصحيح؛ لأنها من ذوات الأسباب، فالسنة لمن دخل المسجد ولو في وقت النهي أن يصلي ركعتين قبل المغرب وقبل طلوع الشمس، كل ذلك لا حرج فيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬1)» متفق على صحته، ولما دخل رجل المسجد والنبي يخطب عليه الصلاة والسلام وجلس قال: «قم فصل ركعتين (¬2)» مع أن النبي يخطب، فالحاصل أن السنة لمن دخل المسجد ولو في وقت النهي كالعصر أو قبل غروب الشمس السنة له أن يصلي ركعتين، هذا هو الصحيح من أقوال العلماء لأنها من ذوات الأسباب بخلاف الجالس في المسجد لا يقوم يصلي بعد العصر، أو الجالس بعد الفجر لا يصلي حتى تطلع الشمس، أما إن دخل بعد صلاة العصر ليجلس فيه إلى المغرب أو يسمع الدرس، أو بعد صلاة الفجر ليسمع الدروس، هذا يصلي ركعتين قبل أن يجلس، هذا هو الصواب لعموم الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولأنه لم يقصد التشبه بالكفار، إنما صلى لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بصلاة الركعتين، هذا هو المعتمد، وهذا هو الصواب. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب من جاء والإمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين، برقم (931) ومسلم في كتاب الجمعة، باب التحية والإمام يخطب، برقم (875).

وهكذا الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر صلى الناس ولو بعد العصر وقت النهي؛ لأن الكسوف من ذوات الأسباب، صلاة الكسوف من ذوات الأسباب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا (¬1)» ثبت في الصحيح عند رؤيتها، وهذا يعم وقت النهي وغير وقت النهي، إذا كسفت الشمس بعد العصر صلوا الناس، هذا هو الصواب. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الصدقة في الكسوف، رقم (1044)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، برقم (901).

س: يقول السائل: ف. س. غ. ش: إذا دخل الرجل في المسجد قبل أذان المغرب بشيء قليل هل يجوز له أن يصلي ركعتين قبل الأذان أم يجلس حتى يؤذن المؤذن أم يقف واقفا حتى يؤذن المؤذن؟ فإن البعض من الناس يقولون: ما يجوز الركوع قبل أذان المغرب، والبعض من الناس يقول: لا يجوز الجلوس حتى تصلي ركعتين تحية المسجد. نرجو الإفادة وفقكم الله (¬1) ج: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬2)» ورأى رجلا جلس ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (7). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714).

يوم الجمعة ولم يصل، فأمره أن يقوم ليصلي ركعتين. هذا يدل على تأكد الركعتين في حق من دخل المسجد، واختلف العلماء فيمن دخل في أوقات النهي، مثل ما بعد العصر أو عند غروب الشمس، أو بعد صلاة الفجر، هل يصلي هاتين الركعتين أم يجلس؟ على قولين للعلماء، أصحهما وأرجحهما أنه يصليهما ولو في وقت النهي؛ لأنهما من ذوات الأسباب، ولهذا شرع النبي صلى الله عليه وسلم أداءهما عند دخول المسجد، فإذا دخل المسجد بعد العصر أو بعد الصبح أو عند غروب الشمس فالأفضل أن يصليهما ثم يجلس، هذا هو الأفضل، وإن جلس ولم يصلها فلا حرج لأنهما سنة نافلة وليست واجبة عند عامة أهل العلم، هي سنة وليست واجبة، فإن جلس فلا حرج، وإن صلاهما فهو أفضل عملا بهذا الحديث الصحيح، أما أحاديث النهي عن الصلاة بعد العصر وبعد الصبح فعامة يستثنى منها تحية المسجد، ويستثنى منها ذوات الأسباب، مثل صلاة الطواف بمكة، إذا طاف بعد العصر لا بأس أن يصلي صلاة الطواف، ومثل صلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر السنة أن يصلي المسلم صلاة الكسوف بعد العصر؛ لأنها من ذوات الأسباب. هذا هو الراجح، وإن جلس فلا حرج، ولا ينبغي في هذا التنازع والمخالفة بل ينبغي في هذا التسامح، فمن صلى فقد أحسن، ومن جلس فلا حرج عليه خروجا من خلاف العلماء.

س: بعض الناس يؤدي ركعتين قبل المغرب مستندا على حديث: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين»، والبعض الآخر لا يصلي بل يجلس مستندا على أن هذا وقت نهي لا تجوز الصلاة فيه، نرجو أن توضحوا لنا هذا الأمر بالتفصيل ـ جزاكم الله خيرا ـ وخاصة أن المسلمين في شك من هذا الأمر وفي اختلاف (¬1) ج: لقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬2)» وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أيضا أنه «نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، وبعد العصر حتى تغرب الشمس (¬3)» فلهذا اختلف أهل العلم في هذه المسألة، هل يصلي تحية المسجد العصر والصبح أم لا، والصواب أنه يصليهما، وأنهما غير داخلتين في النهي، فالركعتان اللتان يأتي بهما داخل المسجد غير داخلتين في النهي، هذا هو الصواب، ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (24). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس، برقم (581)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، برقم (825).

وهذا هو الأرجح؛ لأن أحاديث النهي عامة مخصوصة، فقد استثني منها صلاة الجماعة لمن فاتته الجماعة وصلى في بيته ظانا أن الجماعة قد فاتته، ثم جاء، فإنه يصلي مع الناس العصر والفجر ولو كان قد صلى، وهذا مستثنى بالنص، كذلك صلاة الطواف في وقت العصر وفي وقت الصبح، الصحيح أنها لا بأس بها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (¬1)» مثل ذلك تحية المسجد، فإذا دخل المسجد بعد صلاة العصر أو قبل الغروب فالأفضل أنه يصلي ركعتين ثم يجلس، ومن جلس فلا حرج عليه لقوة الخلاف، ولكن لا ينبغي إنكار بعضهم على بعض، بل ينبغي في هذا التساهل والتسامح، فإن صلاهما إذا دخل قبل الغروب فهو أفضل لكونها من ذوات الأسباب، ومن لم يصل ركعتين وجلس فلا حرج عليه، وهكذا الطواف إذا طاف بعد العصر أو بعد صلاة الفجر وصلى فهو أفضل، وإن أخر ركعتي الطواف حتى ارتفعت الشمس أو حتى غربت الشمس فلا حرج، وهكذا صلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر أو طلعت كاسفة فالصواب أنه يشرع لها الصلاة، يشرع له أن يصلي صلاة الكسوف بهذه الحال، هذا هو الصواب، وهذا هو الأرجح، وإن ترك ذلك فلا حرج عليه لقوة الخلاف في هذه ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868)، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254).

المسألة، وبهذا يعلم المؤمن أن الأمر فيه سعة بحمد الله، وأنه لا ينبغي في مثل هذا التشديد والتنازع، فالأمر في هذا واسع بحمد الله، فإن صلاهما ركعتين تحية المسجد قبل غروب الشمس، أو إذا دخل بعد صلاة الفجر لا حرج عليه في ذلك، وهو أفضل لأنها من ذوات الأسباب، ولأنه في هذا الحال لا يقصد مشابهة المشركين، ومن جلس آخذا بالنهي ولم يصل ركعتين فلا حرج عليه إن شاء الله، والأمر في هذا واسع كما تقدم.

س: دخلت المسجد قبل صلاة المغرب فهل أصلي تحية المسجد أم أجلس (¬1) ج: السنة أن تصلي تحية المسجد إن كان قبل الغروب، فهذه من ذوات الأسباب، تصلي على الصحيح ثم تجلس، أما إن كان بعد الغروب تصلي تحية المسجد ثم تجلس لأنه زال وقت النهي، لكن الخلاف فيما إن دخلت قبل الغروب، هذا محل خلاف بين العلماء، هل تصلي أم لا، والصواب أنه يشرع للداخل أن يصلي ركعتين إذا دخل بعد العصر قبل غروب الشمس، ثم يجلس؛ لأن هذه الصلاة يقال لها: إنها من ذوات الأسباب، يعني لها سبب وهو الدخول، فيصليها ثم يجلس، وهكذا لو كسفت الشمس بعد العصر فإنها تصلى صلاة الكسوف لأنها من ذوات الأسباب، وهكذا لو طاف بعد العصر في مكة صلى ركعتي الطواف بعد العصر أو بعد الصبح؛ لأنها من ذوات الأسباب. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (233).

س: السائل من مصر، محافظة الغربية، أ. ر. ز. يقول: إذا دخلت المسجد قبل أذان المغرب بقليل، فهل يجب علي صلاة ركعتين تحية للمسجد وسنة الوضوء أم الصلاة مكروهة في هذا الوقت (¬1) ج: الصواب أنه يستحب أن يصلي تحية المسجد ولو كان دخوله قبل الغروب؛ لأن هذا وقت النهي للصلاة المجردة، أما ذوات الأسباب: تحية المسجد، صلاة الوضوء، صلاة الكسوف فلا بأس بها، فيصلي تحية المسجد. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (425).

س: أرى بعض المصلين إذا دخل المسجد قبل صلاة المغرب والشمس غاربة يصلي ركعتين، فإذا قلت: لا تجوز الصلاة في هذا الوقت لأن الشمس تكون في هذه الحالة غاربة بين قرني شيطان، قال لي: إنها تحية المسجد، فهل يجوز له أن يصليها أم لا (¬1)؟ ج: إذا دخل المسلم المسجد العصر ليجلس حتى يأتي المغرب فالسنة له أن يصلي ركعتين، هذا هو الأفضل، وهذا هو الصحيح من أقوال العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬2)» سنة تحية المسجد ولو في ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (43). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714).

وقت النهي، إذا دخل بعد الفجر ليجلس يقرأ أو يستريح في المسجد، أو دخل بعد العصر، فالسنة أن يصلي ركعتين، ثم يجلس، هذا هو الأفضل، وهذا هو الصواب، وإن جلس فلا حرج، لكن الأفضل أن يصلي ركعتين، وهو الصحيح من أقوال العلماء في ذلك، وهذا مستثنى، تحية المسجد، وكذلك صلاة الطواف، إذا طاف بعد العصر في مكة، أو بعد الصبح يصلي ركعتي الطواف، مستثنى، أو كسفت الشمس مثلا بعد العصر فإنه يصلي صلاة الكسوف؛ لأنها من ذوات الأسباب، ولا حرج في ذلك، أما كونك تتطوع من دون سبب وتصلي بعد العصر أو بعد الفجر من دون سبب فهذا ما يجوز، لكن من أجل بعض الأسباب مثل دخول المسجد وقت النهي، أو مثل الطواف في مكة بعد العصر، أو بعد الصبح، أو كسوف الشمس بعد العصر، هذه صلاة لها أسباب، فلا بأس بها بل هي مشروعة، وأنت إن كنت جالسا في المسجد وغابت الشمس شرع لك أن تقوم بعد الأذان وتصلي ركعتين في المسجد، إذا غابت الشمس وأنت في المسجد جالس سن لك أن تقوم فتصلي ركعتين قبل صلاة الفريضة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب " ثم قال في الثالثة: " لمن شاء (¬1)» وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون قبل المغرب ركعتين، والنبي صلى الله عليه وسلم يراهم ويقرهم، بل يأمرهم بهذا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة قبل المغرب، برقم (1183).

عليه الصلاة والسلام، هذه السنة، إذا دخل المسلم في وقت النهي صلى ركعتين تحية المسجد، وإذا كان جالسا وأذن المؤذن للمغرب شرع له أن يقوم ويصلي ركعتين بين الأذان والإقامة، وهكذا في كل صلاة يسن أن يصلي ركعتين بين الأذان والإقامة، إلا الظهر، الأفضل أن يصلي قبلها أربعا راتبة، ودخوله إذا كان بعد الغروب سنة أن يصلي ركعتين - ما فيه خلاف - تحية المسجد، وبين الأذان والإقامة، لكن الخلاف إذا كان قبل الغروب، ما غربت الشمس بعد.

س: سمعت في برنامج نور على الدرب بأن الصلاة قبل المغرب مكروهة، بينوا لنا المقصود بذلك، هل هي صلاة التطوع أم هي ركعتا الوضوء (¬1) ج: الصلاة بعد العصر منهي عنها، وهكذا بعد طلوع الفجر إلى أن ترتفع الشمس، وهكذا بعد صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس، هذان الوقتان وقتا نهي عن الصلاة، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيهما، لكن إذا كانت الصلاة من ذوات الأسباب فلا بأس بها، كصلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر، أو تحية المسجد لمن دخل المسجد بعد العصر ليجلس فيه إلى غروب الشمس، أو يسمع حلقة العلم أو ما أشبه ذلك، يصلي تحية المسجد على الراجح، على الصحيح. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (332).

وهكذا سنة الوضوء، إذا توضأ الإنسان يستحب له أن يصلي ركعتين ولو بعد العصر أو بعد الصبح سنة الوضوء، أما النوافل التي ليس لها أسباب فمنهي عنها، ولا يجوز فعلها لا بعد الفجر ولا بعد العصر حتى تطلع الشمس في أول النهار وحتى تغيب الشمس في آخر النهار، أما الفريضة فيصليها في كل حال، الفجر يصليها في كل حال، والعصر يصليها في كل حال، لو نام عن صلاة الفجر ولم يستيقظ إلا عند طلوع الشمس صلاها، وهكذا لو نام عن العصر ولم يستيقظ إلا بعد العصر بعد أن اصفرت الشمس أو شغل عنها ونسيها، ثم ذكر، صلاها في أي حال، ليس لها وقت نهي؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (¬1)» لكن لا يجوز للمسلم أن يؤخر الصلاة عن وقتها عمدا لا الفجر ولا غيرها، بل يجب عليه أن يصلي في الوقت، الفجر في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، هذا واجب على المسلمين أن يؤدوا هذه الصلوات الخمس في أوقاتها، لكن لو شغل الإنسان عن ذلك حتى نسي صلاها متى ذكر، أو نام وغلبه النوم فلم يستيقظ إلا عند طلوع الشمس أو بعد طلوع الشمس صلاها، وهكذا العصر، إذا استيقظ بعد أن تصفر الشمس صلاها أيضا؛ لقوله ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) واللفظ له.

عليه الصلاة والسلام: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (¬1)» وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) واللفظ له.

حكم الصلاة عند غروب الشمس وعند بزوغها

13 - حكم الصلاة عند غروب الشمس وعند بزوغها س: ما حكم الصلاة عند الغروب، وعند بزوغ الشمس صباحا ولا سيما عندما يكون نصفها ظاهرا والنصف الآخر قد اختفى، هل في هذه الأوقات الصلاة محرمة أو مكروهة، أو هل هناك شروط أخرى؟ أرجو التوضيح، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: أوقات النهي عن الصلاة خمسة بينها النبي عليه الصلاة والسلام: أولها من طلوع الفجر إلى أن تطلع الشمس، فلا يصلى في هذا الوقت إلا الفجر وسنتها في السفر والحضر، الثاني بعد طلوع الشمس إلى أن ترتفع قيد رمح، وهذا وقت ضيق، والثالث بعد صلاة العصر إلى أن تصفر الشمس، والرابع بعد اصفرارها إلى أن تغيب، والخامس عند قيام الشمس قبل الظهر، عند وقوف الشمس قبل الزوال، وهو وقت قصير إلى أن تزول. هذه أوقات النهي، لا يصلى فيها النوافل إلا ما له سبب في أصح قولي العلماء كصلاة الكسوف، أو صلاة ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (177).

الطواف، إذا طاف بعد العصر أو بعد الصبح، أو تحية المسجد، فهذه صلوات لها أسباب، الصحيح من قولي العلماء أنه لا بأس بذوات الأسباب، إذا دخل المسجد بعد صلاة العصر ليجلس فيه للتعلم، أو قراءة القرآن، أو لينتظر صلاة المغرب، فإن السنة أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس؛ لأنها ذات سبب، وكذلك لو دخل بعد الفجر يصلي ركعتين، وهكذا لو طاف بالكعبة بعد العصر أو بعد الصبح يصلي ركعتي الطواف، وهكذا لو كسفت الشمس عند طلوعها، أو كسفت بعد العصر يصلي صلاة الكسوف؛ لأنها من ذوات الأسباب، وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة (¬1)» وفي اللفظ الآخر «فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا (¬2)» ولم يقل: إلا في وقت النهي، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬3)» هذا يعم أوقات النهي وغيرها. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب خطبة الإمام في الكسوف، برقم (1046). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الصدقة في الكسوف، رقم (1044)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، برقم (901). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714).

مسألة في أداء الصلاة ذات السبب في وقت النهي

14 - مسألة في أداء الصلاة ذات السبب في وقت النهي س: هل تحية المسجد لا تصلى في الفجر عندما يكون المؤذن قد نادى إلى الصلاة وقد صليت سنة الفجر في المنزل (¬1)؟ ج: لقد اختلف العلماء في الصلاة ذات الأسباب هل تؤدى في أوقات النهي كتحية المسجد، وصلاة الكسوف، وصلاة الطواف أم لا، والصواب أنها تؤدى في أوقات النهي، وأنه لا نهي عنها في الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها؛ لأنها تؤدى بأسباب للمصلي، فإذا وجد السبب شرع له أن يصلي، فإذا دخل المسجد بعد صلاة الفجر أو قبل الصلاة وقد أدى صلاة الفجر في البيت فإن السنة له أن يصلي تحية المسجد ركعتين قبل الصلاة، وهكذا لو دخل المسجد بعد صلاة الفجر أو بعد العصر ليجلس فيه للراحة، أو للقراءة، أو للدرس، فإنه يصلي تحية المسجد في أصح قولي العلماء؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬2)» وهذا الحديث العظيم يعم أوقات النهي وغيرها، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم في الكسوف: «إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة (¬3)» فإنه يعم وقت العصر، لو كسفت الشمس ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (329). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب خطبة الإمام في الكسوف، برقم (1046).

فتصلى صلاة الكسوف، وهكذا قوله عليه الصلاة والسلام: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (¬1)» والله ولي التوفيق. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868)، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254).

بيان معنى حديث: ' إنها تطلع بين قرني شيطان '

15 - بيان معنى حديث: «إنها تطلع بين قرني شيطان (¬1)» " س: ما مدى صحة هذا القول: «إن الشمس تكون غاربة بين قرني شيطان (¬2)»؟ ج: جاء في الحديث: «إنها تطلع بين قرني شيطان، وتغرب بين قرني شيطان (¬3)» وحينئذ يسجد لها الكفار ويعبدونها ويعظمونها عباد الشمس، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، حديث 3032، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، وأحمد في كتاب المكثرين من الصحابة، حديث 4383. (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (43). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده برقم (3273) بلفظ (ولا تحينوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فإنها تطلع بين قرني شيطان أو الشيطان)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب إسلام عمرو بن عبسة رضي الله عنه، برقم (832).

بيان علة النهي عن الصلاة في أوقات النهي

16 - بيان علة النهي عن الصلاة في أوقات النهي س: السائل: أ. أ، من الأردن يقول: الأوقات المكروهة في الصلاة

ثلاثة، وسؤالي: لماذا كرهت هذه الأوقات (¬1)؟ ج: لأنه يسجد لها الكفار عند غروب الشمس وعند طلوعها وعند وقوفها، فالرسول نهى عن ذلك لئلا يتشبه المسلم بالكفار، لكن إذا كان لها سبب كصلاة تحية المسجد، إذا دخل بعد العصر أو بعد الفجر بعد صلاة الفجر، فإن الصواب أنه يصليها، هذا الصحيح من أقوال العلماء إذا كانت الصلاة لها سبب، مثل تحية المسجد، مثل صلاة الكسوف، لو كسفت الشمس بعد العصر فالسنة أن يصلي صلاة الكسوف، هذا هو الصواب، وهكذا لو طاف بعد العصر في مكة، طاف بالكعبة بعد الفجر أو بعد العصر فإنه يصلي ركعتي الطواف؛ لأنها من ذوات الأسباب، لقوله صلى الله عليه وسلم: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت ثم صلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (¬2)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬3)» ولقوله صلى الله عليه وسلم في الشمس والقمر إنهما ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (409). (¬2) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868)، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714).

«آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة (¬1)» وفي اللفظ الآخر: «فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا (¬2)» فهذا يعم أوقات النهي وغيرها، هذا هو الصواب أن ذوات الأسباب تفعل في وقت النهي، أما غيرها من التطوع فلا يفعل. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب خطبة الإمام في الكسوف، برقم (1046). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب الصدقة في الكسوف، رقم (1044)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، برقم (901).

حكم قضاء تحية المسجد بعد الصلاة

17 - حكم قضاء تحية المسجد بعد الصلاة س: ما حكم من أتى بركعتين بعد صلاة الفجر، وهل تجب على من فاتته تحية دخول المسجد قبل الصلاة ومتى وقتها (¬1) ج: تحية المسجد لا تقضى، إذا جاء وهم يصلون كفته الفريضة ولا حاجة إلى أن يقضي تحية المسجد، فصلاة الفريضة تقوم مقامها، وإذا لم يصل الراتبة سنة الفجر بأن جاء والإمام قد دخل في الصلاة فإنه مخير، إن شاء صلاها بعد الصلاة، وإن شاء صلاها بعد ارتفاع الشمس كما ثبت ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام، يعني السنة الراتبة التي تشرع قبل صلاة الفجر وهي ركعتان، إذا فاتته بأن ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (70).

جاء من بيته إلى المسجد وقد دخل الناس في الصلاة ولم يصلها في البيت فإنه يصليها بعد الصلاة إذا شاء، فقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم من فعلها بعد الصلاة، وإن شاء أخرها حتى يصليها بعد ارتفاع الشمس، الأمر في هذا واسع والحمد لله، أما التحية فلا تقضى.

حكم تحية المسجد أثناء الأذان

18 - حكم تحية المسجد أثناء الأذان س: دخلت المسجد وكان المؤذن يؤذن فهل أقف أم أجلس (¬1) ج: تقف تجيب المؤذن، ثم تصلي ركعتين، هذا هو السنة، تجمع بين السنتين، فإن شق عليك القيام تصلي ركعتين ولو يؤذن، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (223).

س: إذا دخل الشخص المسجد، وقبل أن يشرع في أداء تحية المسجد أذن المؤذن، فهل يجلس حتى ينتهي الأذان ثم يقوم فيصلي أم يظل واقفا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الأفضل أن يجمع بين السنتين، يجيب المؤذن وهو ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (306).

واقف، ثم يصلي ركعتين، فإن كان يشق عليه ذلك صلى ركعتين ولو كان المؤذن يؤذن، لكن إذا تيسر له الوقوف حتى يجيب المؤذن، ثم يصلي ركعتين جمع بين السنتين.

حكم قطع النافلة إذا أقيمت الصلاة

19 - حكم قطع النافلة إذا أقيمت الصلاة س: يسأل السائل ويقول: إذا أقيمت صلاة الفريضة وأنا أصلي التطوع، هل أقطع التطوع بسلام أم من غير سلام (¬1) ج: لا يحتاج سلاما، تقطع فقط؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (¬2)» رواه مسلم في الصحيح. فإذا أقيمت بطلت الصلاة التي أنت فيها، وعليك أن تدخل مع الإمام إلا إذا كنت في آخرها في السجود، أو التحيات تكملها؛ لأنها انتهت، أما إذا كان بقي عليك ركعة اقطعها بالنية، ويكفي. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم (413). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، برقم (710).

حكم صلاة تحية المسجد في مصلى العيد

20 - حكم صلاة تحية المسجد في مصلى العيد س: الأخت من مدينة حائل تسأل وتقول: هل يجوز أن نصلي ركعتين تحية المسجد ونحن نذهب لصلاة العيد في مسجد العيد، أم أنها لا

تصلي الركعتين تحية المسجد في مصلى العيد (¬1) ج: مصلى العيد ليس له تحية، ليس له حكم المساجد، ليس له تحية المسجد، بل يجلس الإنسان، ولأنه وقت نهي، فهذا مصلى وليس مسجدا، أما إذا كانت الصلاة في المسجد المعتاد، إذا صلوا العيد في المساجد شرعت تحية المسجد ولو في وقت النهي على الصحيح؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬2)» ولما رأى رجلا جلس في بعض الأيام قال: «قم فصل ركعتين (¬3)» عليه الصلاة والسلام، أما مصلى العيد الذي في الصحراء فهذا ليس له حكم المسجد، فإذا أتى الإنسان والشمس لم ترتفع جلس، والنبي عليه الصلاة والسلام ما كان يصلي قبلها ولا بعدها صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (305). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب من جاء والإمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين، برقم (931) ومسلم في كتاب الجمعة، باب التحية والإمام يخطب، برقم (875).

بيان الأوقات التي تحرم فيها صلاة النافلة

21 - بيان الأوقات التي تحرم فيها صلاة النافلة س: لي والدة كبيرة في السن، وصاحبة طاعة ولله الحمد، تصلي الفروض في أوقاتها وتحمد الله على ذلك، ولكنها تتنفل طول الوقت، فما هي أوقات النهي التي لا يجوز لها أن تتنفل فيها

وحبذا لو عرفنا ذلك بالساعات (¬1) ج: كل الليل والنهار أوقات نافلة ما عدا أوقات النهي من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس، وعند وقوفها في كبد السماء قبل أن تميل إلى الغرب، هذا يقال له: وقت الوقوف، ليس فيه صلاة، وبعد صلاة العصر إلى غروبها. هذه أوقات النهي إلا من ذوات الأسباب، إذا كان لديها أسباب مثل صلاة الخسوف بعد العصر، تصلي تحية المسجد، لو طاف بعد العصر يصلي صلاة الطواف في مكة، هذه يقال لها: ذوات الأسباب، لا حرج على الصحيح. المقصود جميع الليل والنهار محل صلاة إلا وقتين: أحدهما من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس، هذا وقت نهي لا يصلى فيه إلا صلاة الفجر وسنتها، أو تحية المسجد، والوقت الآخر الطويل ما بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، وهناك وقت ثالث قصير وهو عند وقوفها، وهو وقت قصير، عند وقوفها في كبد السماء حتى تزول، حتى تميل إلى الغرب. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (358).

حكم التذكير بتحية المسجد لمن نسيها

22 - حكم التذكير بتحية المسجد لمن نسيها س: هل يشرع التذكير بتحية المسجد لمن جلس ولم يؤدها ناسيا في وقت نهي مثل ما بعد صلاة الفجر (¬1)؟ ج: نعم، التذكير بذلك مناسب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلا جلس فلم يصل أمره أن يقوم فيصلي، قال: «قم فصل ركعتين (¬2)» عليه الصلاة والسلام، فإذا جلس الإنسان ولم يصل تحية المسجد ولو في وقت النهي يرشد إلى الأفضل؛ لأن الصحيح أنها تشرع حتى في وقت النهي، هذا الصحيح من قولي العلماء، أما في غير وقت النهي فلا خلاف في شرعيتها، كالضحى، والظهر، والمغرب، وبعد العشاء، هذه الأوقات لا خلاف في أنها تشرع تحية المسجد، وإنما الخلاف إذا كان بعد العصر أو بعد الصبح قبل ارتفاع الشمس، والصواب أنها تشرع حتى بعد الصبح وبعد العصر، فإذا جلس يبين له أن الأفضل أن تقوم وتأتي بركعتين، هذا هو الأصح، وإذا كان طالب علم وقال: إنه يرى الجلوس، وأنه يرى قول العلماء الآخرين أولى فلا حرج، الأمر في هذا واسع في وقت النهي؛ لأن العلماء اختلفوا في ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (202). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب من جاء والإمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين، برقم (931) ومسلم في كتاب الجمعة، باب التحية والإمام يخطب، برقم (875).

فعله، فالأكثرون على أنه يجلس في وقت النهي ولا يصلي لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس (¬1)» والقول قول قوي لعموم الأحاديث، فالذي أخذ به وعمل به لا حرج عليه إن شاء الله، ولكن عند التأمل والنظر في الأحاديث الواردة في ذلك يتضح أن استثناء ذوات الأسباب أصح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الطواف وصلاة الطواف: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (¬2)» فرخص لهم في الصلاة مع الطواف وإن كان في العصر أو الصبح؛ لأنها من ذوات الأسباب. وقال عليه الصلاة والسلام في الكسوف لما ذكر كسوف الشمس والقمر، قال: «إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة (¬3)» وهذا يعم العصر ويعم غيره، فدل ذلك على أنه لو كسفت الشمس بعد العصر فالحديث يعم ذلك لأنها سنة يفوت محلها، فإذا كسفت الشمس شرع للناس على الصحيح أن يصلوا في وقت النهي؛ لأنها صلاة لها أسباب، وليس المقصود التشبه بالكفرة في هذا؛ لأن السبب يبين أنه لم يصل للتشبه بالكفرة، وإنما صلى لأمر ¬

_ (¬1) صحيح البخاري مواقيت الصلاة (586)، مسند أحمد (3/ 95). (¬2) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (868)، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (2924)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (1254). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب خطبة الإمام في الكسوف، برقم (1046).

النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا تحية المسجد سواء بسواء، إذا دخل بعد العصر لينتظر المغرب، أو ليسمع حلقات العلم، أو بعد الصبح ليسمع حلقات العلم، أو ليجلس في المسجد حتى ارتفاع الشمس فإنه يصلي تحية المسجد.

حكم صلاة ذوات الأسباب في وقت النهي

23 - حكم صلاة ذوات الأسباب في وقت النهي س: هل يجوز للمسلم أن يصلي نافلة في بعض الأوقات المنهي عنها مثل تحية المسجد قبل صلاة المغرب بقليل (¬1) ج: يجوز له إذا كانت الصلاة ذات أسباب كالدخول إلى المسجد قبل المغرب يصلي تحية المسجد لا بأس لأن ذوات الأسباب الصحيح أنه ليس لها وقت نهي، ومثل صلاة الكسوف لو كسفت الشمس بعد العصر، أما غير ذوات الأسباب فلا يجوز إذا كان جالسا في المسجد بعد صلاة العصر أو في بيته لا يصلي بعد العصر لأنه وقت نهي أو بعد صلاة الفجر وقت نهي لكن إذا كان أتى المسجد بعد العصر ليصلي المغرب جاء مبكرا يصلي تحية المسجد أو دخل المسجد بعد الفجر لأجل الدرس أو لأجل الراحة في المسجد أو لأسباب أخرى يصلي تحية المسجد. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (366).

حكم تحية المسجد لمن صلى ركعتي الفجر في البيت

24 - حكم تحية المسجد لمن صلى ركعتي الفجر في البيت س: أكثر الأحيان أصلي ركعتي الفجر في البيت، ثم أذهب إلى المسجد لأصلي الفرض مع الجماعة، ولكنني أحيانا أصل إلى المسجد قبل أن تقام الصلاة، فهل في هذه الحالة أصلي ركعتين بنية تحية المسجد أم أجلس إلى أن تقام الصلاة (¬1) ج: المشروع لك أن تصلي ركعتين، إذا صليت الراتبة في البيت ثم جئت المسجد والصلاة لم تقم صل ركعتين قبل أن تجلس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬2)» وهذا يعم الفجر وغيرها، فلا ينبغي لك الجلوس إلا بعد الركعتين. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (218). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما برقم (714).

حكم قيام صلاة الراتبة مقام سنة الوضوء

25 – حكم قيام صلاة الراتبة مقام سنة الوضوء س: يسأل المستمع ويقول: هل صح عن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة سنة الوضوء، وما عدد ركعاتها؟ وهل إذا صلى المصلي نافلة

الظهر مثلا هل تسقط ركعتا الوضوء؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه توضأ فأحسن الوضوء، ثم صلى ركعتين، ثم قال: «من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه (¬2)» وهذا ثابت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث عثمان، ومن أحاديث أخرى، وعدد سنة الوضوء ركعتان، وثبت أيضا أنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا أمامه في الجنة لما دخل الجنة، لما عرج به إلى السماء، فسأله صلى الله عليه وسلم بقوله: «يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة، قال: ما عملت عملا أرجى عندي من أني لم أتطهر طهورا من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي (¬3)» رضي الله عنه، فصلاة الركعتين سنة وقربة بعد الوضوء، وإذا صلى تحية المسجد أو راتبة الظهر، أو راتبة الفجر قامت مقام سنة الوضوء وحصل بها المقصود، تكون عن هذا ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (280). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، برقم (160)، ومسلم في كتاب الطهارة باب صفة الوضوء وكماله، برقم (226). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الطهور بالليل والنهار وفضل الصلاة بعد الوضوء بالليل والنهار، برقم (1149) ومسلم في كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب من فضائل بلال رضي الله عنه، برقم (2458).

وعن هذا، توضأ ثم صلى ركعتين، سنة الفجر أو تحية المسجد أو سنة الضحى، حصل بها المقصود عن هذا وعن هذا، والحمد لله.

س: هذه السائلة م. ف. ع، من القصيم تقول: ما هي سنة الوضوء يا سماحة الشيخ، وكيف يسجد الرجل لسجود السهو (¬1) ج: الوضوء مشروع بأن يتوضأ الإنسان كما بين الله في كتابه، وكما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، يقول الله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} (¬2) هكذا بين الرب للعباد، وهكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فالسنة في الوضوء إذا قام إليه الإنسان أن يسمي الله عند بدئه، ثم يغسل كفيه ثلاث مرات، ثم يتمضمض ويستنشق ثلاثا بثلاث غرفات، ثم يغسل وجهه ثلاثا، هذا هو الأكمل وإلا واحدة تكفي إذا عمم، لكن تكرارها ثلاثا أفضل، ثم يغسل ذراعيه ثلاثا مع المرفقين، هذا هو الكمال، وإن غسلهما مرتين أو واحدة كفى إذا عمم، ثم يمسح رأسه وأذنيه مرة واحدة بالماء، ويضع أصبعيه في أذنيه، ويمسح بإبهامه ظاهر أذنيه، ثم يغسل رجليه مع الكعبين ثلاث ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (434). (¬2) سورة المائدة الآية 6

مرات، وإن غسلهما مرتين أو مرة كفى إذا عم الرجلين بالغسل؛ لأن تكراره ثلاثا أفضل، وهو الكمال، وهذا كله بعد الاستنجاء، إذا كان قد بال أو تغوط لا بد من الاستنجاء قبل ذلك، وإن كان ما خرج منه إلا ريح أو مس فرجا أو أكل لحم الإبل أو ما أشبه هذا يكفيه الوضوء، يبدأ بالمضمضة والاستنشاق، هذا هو المشروع، يقول: «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين (¬1)» هذا هو المشروع بعد الوضوء، ويستحب أيضا أن يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك اللهم وأتوب إليك (¬2)» إذا توضأ يستحب له أن يصلي ركعتين تسمى سنة الوضوء؛ لحديث عثمان رضي الله عنه: يقول صلى الله عليه وسلم: «من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه (¬3)» ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي، في كتاب الطهارة، باب فيما يقال بعد الوضوء، برقم (55). (¬2) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، باب فضل الوضوء، برقم (2754). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، برقم (160)، ومسلم في كتاب الطهارة باب صفة الوضوء وكماله، برقم (226).

حكم التلفظ بالنية عند الجمع بين صلاة النافلة وسنة الوضوء

26 - حكم التلفظ بالنية عند الجمع بين صلاة النافلة وسنة الوضوء س: ما الحكم إذا نوى المصلي للصلاة قائلا: نويت أن أصلي سنة كذا، مع سنة الوضوء سواء، وسواء كانت النية قلبية أم جهرية فهل

يكتب له الأجر مرتين؛ مرة للوضوء ومرة لسنة الفريضة مثلا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا يقول: نويت، هذا غير مشروع، لا يتلفظ بها، بدعة لا أصل لذلك، لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة رضي الله عنهم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬3)» وهذا هو البدعة، لكن ينوي بقلبه، فإذا توضأ الإنسان صلى ركعتين ينويهما سنة الوضوء, وإذا دخل المسجد بعد الوضوء صلى ركعتين ينويهما سنة التحية وسنة الوضوء، يحصل له الأجر، أجر سنة الوضوء وأجر تحية المسجد والحمد لله، فضل الله واسع. وإذا صلاها بنية راتبة الظهر، توضأ ودخل المسجد ونوى سنة الظهر وسنة الوضوء وتحية المسجد حصل له ذلك والحمد لله، والأمر واسع بحمد الله. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (276). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

حكم أداء سنة الوضوء في وقت النهي

27 - حكم أداء سنة الوضوء في وقت النهي س: استنادا لحديث بلال رضي الله عنه: «ما توضأت إلا وصليت ركعتين بعد الوضوء» فأنا أتوضأ أحيانا في أوقات نهي، مثال ذلك بعد صلاة العصر، أو بعد صلاة الفجر، أو عند غروب الشمس، وعند طلوعها، فهل علي إثم إذا ما صليت ركعتي الوضوء؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: المستحب الوضوء، والمستحب الصلاة، فإذا توضأ الإنسان يصلي ركعتين سنة الوضوء في أي وقت ولو وقت النهي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من توضأ مثل وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه (¬2)» فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ صلى ركعتين ورغب الناس في ذلك عليه الصلاة والسلام، ويقال لها: سنة الوضوء، فلا مانع أن تصلي في وقت النهي وغيره لأنها سنة مؤكدة. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (335). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، برقم (160)، ومسلم في كتاب الطهارة باب صفة الوضوء وكماله، برقم (226).

س: أم أحمد من العزيزية تسأل وتقول: إذا توضأت قبل صلاة المغرب

بنصف ساعة أو ربع ساعة، وصليت ركعتين للوضوء وجلست لقراءة القرآن والاستغفار حتى يحين أذان المغرب، فهل عملي ذلك صحيح (¬1)؟ ج: نعم عمل طيب؛ لأن الوضوء عبادة عظيمة، وقد شرع الله لمن توضأ أن يصلي ركعتين سنة الوضوء، فإذا توضأت ولو بعد العصر وصليت ركعتي السنة، سنة الوضوء، فهذا كله طيب، وإذا انتظرت صلاة المغرب بالتسبيح والتحميد والتكبير فهذا خير عظيم، يقول الله سبحانه: {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} (¬2) والتسبيح في آخر النهار قربة عظيمة، وهكذا في أول النهار، فيبدأ النهار بالتسبيح والتحميد والتهليل والاستغفار، ويختم كذلك، وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (332). (¬2) سورة ق الآية 39

بيان صلاة ذوات الأسباب في وقت النهي

28 - بيان صلاة ذوات الأسباب في وقت النهي س: إذا عرض للمرء عارض، وأراد أن يصلي وصادف وقت النهي، كأن يدخل مسجدا أو أن يطوف بالبيت (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (353).

ج: ذوات الأسباب لا بأس، مثل صلاة الطواف، إذا طاف بعد العصر، أو تحية المسجد إذا دخل مثلا المسجد قبل المغرب يصلي تحية المسجد ركعتين، أو صلاة الكسوف، إذا كسفت الشمس بعد صلاة العصر؛ لأنها من ذوات الأسباب.

س: سائل من البحرين: هل يجوز لي أن أصلي في وقت النهي عندما أبادر للوضوء، لقراءة القرآن، أو للدعاء خصوصا في أيام الجمعة، وذلك بعد العصر علما بأنني لا أتوضأ عمدا بنية الصلاة إنما أتوضأ للدعاء كما ذكرت (¬1)؟ ج: إذا توضأ الإنسان في وقت النهي يصلي سنة الوضوء، ليس لها وقت نهي، إذا توضأ بعد الفجر أو بعد العصر يشرع له أن يصلي ركعتين سنة الوضوء سواء كان رجلا أو امرأة، وهكذا لو دخل المسجد بعد العصر أو بعد الفجر شرع له أن يصلي تحية المسجد وليس لها وقت نهي. وهكذا لو كسفت الشمس بعد العصر شرع للمسلمين أن يصلوا صلاة الكسوف بعد العصر، وليس لها وقت نهي؛ لأن هذه كلها من ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (360).

ذوات الأسباب، والصلاة التي لها أسباب تفعل في وقت النهي.

حكم تأخير سنة الوضوء

29 - حكم تأخير سنة الوضوء س: تقول السائلة: سنة الوضوء هل المشروع فيها أن تكون عقب الوضوء مباشرة أم يجوز تأخيرها بسبب بعض الأشغال مع بقاء النية على تأديتها بعد الفراغ من الشغل، وما هو الأفضل في هاتين الحالتين؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الأفضل البدار بالصلاة، الأفضل بعد الوضوء أن يبادر بصلاة ركعتين، وإن شغل عنها وصلاها بعد ذلك لا بأس، كله طيب، لكن الأفضل البدار. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (345).

بيان صلاة الاستخارة

30 - بيان صلاة الاستخارة س: سائل يقول: أرجو التفضل من سماحة الشيخ بتوضيح صلاة الاستخارة، وهل عدم تغيير نية الإنسان وعدم تغيير الظروف المحيطة يعني أن هذا الموضوع فيه خير للإنسان (¬1)؟ ج: الاستخارة تشرع عندما يهم الإنسان بشيء عنده فيه تردد، يهم ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (380).

بالزواج، يهم بالسفر، يهم بالتجارة في أشياء معينة ويتردد، فهذا يستخير الله، يصلي ركعتين كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو ربه، يرفع يديه ويقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه باسمه: اللهم إن كنت تعلم أن زواجي بفلانة بنت فلان، اللهم إن كنت تعلم أن سفري إلى البلدة الفلانية، وأشباه ذلك، يعين مطلوبه - خير لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري – أو قال: عاجل أمري وآجله - فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه - شر لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري، أو قال: في عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (¬1)» هذا دعاء الاستخارة، وإذا كان ما يعرف هذا الدعاء يدعو بما عنده، يقول: اللهم إن كانت هذه الحاجة فيها خير لي، فيها مصلحة لي، فيسرها لي، وإن كان غير ذلك فاصرفه عني واصرفني عنه. المقصود يدعو بهذا المعنى بالدعاء الذي يعرف، والمعنى الذي يعرف ولا بأس، هذا مسنون ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166).

مشروع بعدما يسلم من الركعتين، وإن دعا من دون صلاة أو دعا بعد صلاة النافلة المعتادة بعد سنة الظهر أو سنة المغرب أو سنة العشاء أو غير ذلك لا بأس، أو دعا وهو جالس دعاء عاديا يسأل ربه لا بأس.

حكم صلاة الاستخارة

31 - حكم صلاة الاستخارة س: يسأل السائل ويقول: ما حكم صلاة الاستخارة، وكيف يكون الدعاء فيها، هل هو في السجود الأخير، أم قبل السلام، أم يكون بعد نهاية الصلاة (¬1)؟ ج: صلاة الاستخارة سنة ندب إليها النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا هم الإنسان بشيء من الأمور التي أشكل عليه أمرها وحار فيها يصلي ركعتين، ثم يرفع يديه بعد الصلاة ويستخير الله حتى ينشرح صدره لأحد الأمرين أو الأمور، وهي ركعتان يقرأ فيها الفاتحة وما تيسر، ثم بعد السلام يرفع يديه ويستخير: اللهم إني أستخيرك بعلمك. إلى آخره. فإذا اطمأن قلبه إلى أحد الأمرين أو الأمور فعل ذلك، ويستحب له أن يستشير أهل الخير وأهل النصح بعد الصلاة، يستشيرهم حتى ينشرح صدره لأحد الأمرين، أو الأمور المشكلة. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (421).

بيان كيفية صلاة الاستخارة

32 - بيان كيفية صلاة الاستخارة س: السائلة: ف. ع، من جازان تقول في سؤالها: ما كيفية صلاة الاستخارة، وما هو دعاؤها، وفي أي وقت تصلى (¬1)؟ ج: صلاة الاستخارة ركعتان، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا هم أحدكم بأمر فليصل ركعتين، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه باسمه، يقول: هذا الأمر، زواجي بفلانة، أو سفري إلى محل كذا، أو شرائي كذا، أو ما أشبه ذلك. يعين حاجته: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: في عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (¬2)» هذه السنة، هذا دعاء الاستخارة، وإذا كان لا يعرف هذا الدعاء يدعو بما يتيسر، لو قال: اللهم قدر لي الخير، اللهم يسر لي الخير، اللهم اشرح صدري ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (396). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166).

لهذا السفر إن كان خيرا، اللهم اشرح صدري لهذا الزواج إن كان خيرا. يدعو بما يفهم، بما يعرف بعد السلام، يرفع يديه ويدعو بعد صلاة الركعتين.

س: وجهوني إلى الكيفية الصحيحة لصلاة الاستخارة (¬1) ج: صلاة الاستخارة مثل بقية الصلوات، يستحب للمسلم إذا أراد أن يستخير يصلي ركعتين مثل بقية الصلوات، يقرأ فيهما بالفاتحة وما تيسر مع الفاتحة، ثم يركع. إلخ، مثل بقية الصلوات، ثم بعد الفراغ يرفع يديه ويسأل ربه أن يختار له ما هو الأفضل والأنفع له من كذا وكذا، يبين حاجته التي يريد، إن كان زواجا يقول: اللهم اشرح صدري للزواج من فلانة إن كان خيرا. وإن كان سفرا: اللهم اشرح صدري للسفر إلى بلد كذا إن كان خيرا لي. وإن كان يحفظ الدعاء الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقوله، النبي صلى الله عليه وسلم علم المستخير الدعاء، يقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه: زواجا أو سفرا أو معاملة، يسميه باسمه " - خير لي في ديني ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (311).

ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (¬1)» هذا هو الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم المحفوظ، إذا كنت تحفظه تقوله وإلا تدعو بما تيسر، تقول: اللهم اشرح صدري لهذا السفر، أو لهذا الزواج إن كان خيرا، اللهم اشرح صدري لمعاملة فلان أو زيارة فلان. إن كنت تشك في فائدتها أو مصلحتها وما أشبه ذلك تسمي حاجتك، تسأل ربك أن يشرح صدرك لما هو الأصلح والأحسن والأنفع. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166).

س: هذا السائل الذي رمز لاسمه ب. س. ح. مصري مقيم بالمملكة العربية السعودية، يقول: ما هي كيفية صلاة الاستخارة؟ وما هو الدعاء المشروع، وهل يكون هذا الدعاء أثناء صلاة الركعتين أم بعد الانتهاء من الصلاة (¬1) ج: صلاة الاستخارة بينها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أنه يصلي ركعتين إذا هم بأمر وأشكل عليه يصلي ركعتين، ثم بعد الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (357).

يرفع يديه ويدعو بما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم وعلمه لأمته: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر ويسميه باسمه: هذا السفر، هذا الزواج، وما أشبه ذلك، شيء بين خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (¬1)» هذا هو الدعاء الشرعي للاستخارة. ثم يرفع يديه ويقول هذا الدعاء بعد الركعتين في الضحى، في الظهر، في الليل، أي وقت لا في أوقات النهي، وقت السحر واسع، يصلي ركعتين يطمئن فيهما، ثم يقول هذا الدعاء بعد السلام، يرفع يديه ويحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، هذه السنة، يحمد الله أولا ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا من أسباب الإجابة، ثم يقول دعاء الاستخارة: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه باسمه: سفري إلى ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166).

كذا، وزواجي من بنت فلان، أو شراء الأرض الفلانية، الذي أشكل عليه، شرع الاستخارة، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فيسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به.

س: ما كيفية صلاة الاستخارة، وما هو الدعاء المطلوب، وهل يكون الدعاء أثناء صلاة الركعتين أم بعد الانتهاء منهما؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: صلاة الاستخارة أن يصلي ركعتين، ثم يدعو بعدها ويستخير بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد السلام، يرفع يديه ويسأل يقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر – ويسميه؛ يعني زواجي من فلانة، سفري إلى البلدة الفلانية، تجارتي بهذا الشيء، يسمي - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (358).

ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه باسمه - شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (¬1)» هذه السنة في الاستخارة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166).

بيان دعاء الاستخارة ومحله وآدابه

33 - بيان دعاء الاستخارة ومحله وآدابه س: السائلة: ف. ص من مكة المكرمة تقول في سؤالها: إن لاختيار الأمور دعاء، فما هو هذا الدعاء، وما هي آداب الدعاء في الاستخارة يا سماحة الشيخ (¬1) ج: يدعو الله بما تيسر: اللهم يسر لي كذا، اللهم أعني على كذا، اللهم يسر لي زوجة صالحة. والمرأة تقول: اللهم يسر لي زوجا صالحا، وذرية طيبة، اللهم يسر لي مالا طيبا وكسبا حلالا، وما أشبه ذلك، على حاجاته، يدعو ويطلب الله على حاجاته، وإذا استخار في أمر فيه تردد هل يسافر، هل يشتري هذا الشيء، هذا البيت، هل يتزوج هذه المرأة، هل تتزوج هذا الرجل، إذا استخارت فالاستخارة مشروعة، أن ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (391).

يصلي ركعتين، ثم يرفع يديه ويقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الشيء - ويبينه باسمه: اللهم إن كنت تعلم أن سفري إلى كذا وكذا - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فيسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن سفري أو زواجي من فلانة، أو شراء هذا المال للتجارة شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به (¬1)» هذا هو المشروع، هذا حديث صحيح، إذا فعله الإنسان، هذا الدعاء في بعض الأمور المشكلة كالسفر للتجارة بمال كذا، أو الزواج بفلانة، أو شراء البيت الفلاني، أو ما أشبه ذلك يستخير إذا كان عنده تردد، والمرأة كذلك تستخير إذا ترددت في الزوج، أو في شراء شيء، فهذه الاستخارة مطلوبة. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري التوحيد (7390)، سنن الترمذي الصلاة (480).

س: صلاة الاستخارة متى يكون الدعاء فيها، هل هو مثل الوتر أو بعد نهايتها (¬1) ج: إذا صلى ركعتين يدعو، إذا صلى وسلم من ركعتين يرفع يديه ويدعو؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشده إلى أن يصلي ركعتين، ثم ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (165).

يدعو، ويكون هذا بعد السلام.

س: دعاء الاستخارة متى يكون، هل يكون في السجود أم بعد السلام من صلاة الركعتين، وهل لا بد لذلك الدعاء أن يبدأ بالحمد والثناء على المصطفى صلى الله عليه وسلم (¬1) ج: يكون بعد السلام، ويبدأ بالحمد والثناء على الله عز وجل، ثم بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يدعو بعد بما شاء (¬2)» فالذي يستخير أولا يصلي ركعتين في وقت الصلاة ضحى وإلا في الليل، ثم إذا سلم يرفع يديه ويحمد الله، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (386). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه، برقم (23419) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1481) والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3477).

هذا الأمر - ويسميه باسمه: مثلا أن هذا الزواج بفلانة، أو شراء العقار الفلاني، أو سفري إلى كذا، يعين - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه باسمه - شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (¬1)» هكذا جاء في الحديث الصحيح حديث الاستخارة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166).

س: هل يجوز أن نقرأ دعاء صلاة الاستخارة في التشهد الأخير وقبل السلام في السنن الرواتب (¬1) ج: دعاء الاستخارة بعد الصلاة، النبي صلى الله عليه وسلم، أمر من أراد أن يستخير أن يصلي ركعتين، ثم يستخير، ولو قرأ دعاء الاستخارة في الدعاء قبل أن يسلم، أو قرأه من دون صلاة لا حرج، لكن كونه يصلي ركعتين ثم يأتي بها هذا أفضل كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (426).

س: متى يقرأ الشخص دعاء الاستخارة في صلاته، هل عندما ينتهي من

التشهد قبل التسليم أم أن ذلك من الممكن أن يكون بعد التسليم (¬1) ج: دعاء الاستخارة يكون بعد التسليم، يشرع له أن يصلي ركعتين، وبعد التسليم يرفع يديه ويدعو ويستخير. ¬

_ (¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (413).

س: السائلة أم معاذ من المدينة المنورة تقول: دعاء الاستخارة قبل السلام أم بعد السلام من الصلاة سماحة الشيخ (¬1) ج: السنة أن يكون بعد السلام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا هم أحدكم بأمر فليصل ركعتين ثم ليقل (¬2)» فجعل الدعاء بعد الصلاة. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (399). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166).

حكم تكرار صلاة الاستخارة

34 - حكم تكرار صلاة الاستخارة س: هل تشرع صلاة الاستخارة مكررة أم تكفي مرة واحدة (¬1) ج: تشرع مكررة حتى يطمئن قلبه، وينشرح صدره لما يريد، ويستشير إخوانه الثقات المعروفين الذين يعتقد منهم الخير وأنهم يحبون له الخير، يستشيرهم بعد الصلاة، يصلي ركعتين يستخير ربه بما جاء في حديث جابر رضي الله عنه، والحديث معروف موجود في رياض الصالحين وغيره، ثم يستشير بعد الدعاء، فإن انشرح صدره وإلا ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (105).

أعاد الصلاة وأعاد الاستشارة، وهكذا مرتين، ثلاثا، أربعا، أكثر، حتى يحصل الطمأنينة والانشراح في الزواج، أو في شراء بيت، أو في سفر إلى بلد، أو في إقامة شركة، أو ما أشبه ذلك من الأمور التي تشتبه عليه، فيستخير الله فيها، ويستشير إخوانه الطيبين، ثم يعمل ما يطمئن إليه قلبه، وينشرح له صدره بعد الاستخارة وبعد الاستشارة.

حكم رفع اليدين في دعاء الاستخارة

35 - حكم رفع اليدين في دعاء الاستخارة س: يسأل الأخ: م. أ. أمن ليبيا فيقول فيه: محل الدعاء في صلاة الاستخارة هل هو قبل السلام أم بعده، وهل يجوز رفع اليدين أثناء ذلكم الدعاء (¬1) ج: دعاء الاستخارة يكون بعد الركعتين؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «فليصل ركعتين، ثم ليدع (¬2)» فالصلاة أولا، يصلي ركعتين، ثم يدعو بدعاء الاستخارة، وإذا رفع يديه فهو من أسباب الإجابة، رفع اليدين من أسباب الإجابة كما في الحديث الصحيح: «إن ربكم تبارك وتعالى حيي كريم، يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا (¬3)» فيستحب له أن يرفع يديه، ويدعو ويلح في ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (162). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه، برقم (23202) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1488)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3556)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء، برقم (3865).

الدعاء، ويرجو ربه الإجابة سبحانه، ويحسن ظنه بربه عز وجل.

س: تقول السائلة: ما هي صلاة الاستخارة، وهل هي حقا إذا صليتها عرفت كيف أختار بين شيئين (¬1)؟. ج: صلاة الاستخارة مشروعة لمن هم بأمر وأشكل عليه هل هو صالح أم لا، كأن يعزم على سفر إلى جهة من الجهات، أو على التزوج من بعض الأسر، أو نحو ذلك، ويكون عنده تردد في هل هذا السفر مناسب، أو هذا الزواج مناسب، يستخير الله، يشرع له أن يصلي ركعتين، ثم بعد صلاة الركعتين يدعو ربه بدعاء الاستخارة، وهو أن يقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه باسمه، يعين: هذا الزواج من فلانة، أو هذا السفر إلى مكة، أو إلى المدينة، أو إلى كذا، أو إلى كذا - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (111).

الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (¬1)» هكذا جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، هذا الدعاء يقوله الإنسان بعد صلاة الركعتين، إذا صلاها يدعو بهذا الدعاء، وإذا رفع يديه حسن؛ لأن رفع اليدين من أسباب الإجابة، فإذا انشرح صدره بعد ذلك لما عزم عليه فلينفذ، وإن تردد فليستشر من يرى أنه أهل للاستشارة من أحبابه وأصدقائه، فإن لم ينشرح صدره فلا مانع من أن يعيد الاستخارة مرة ثانية أو ثالثة حتى ينشرح صدره للفعل أو الترك، ويشرع له استشارة أهل الخير، وأهل الصدق وأهل المحبة له، ومن يعرفهم بالثقة والخبرة والصدق يستشيرهم، فإذا انشرح صدره للأمر بعد الاستخارة وبعد المشاورة نفذ ما انشرح صدره له، وإن لم ينشرح الصدر ترك ذلك ولا بأس، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166).

بيان علامة قبول صلاة الاستخارة

36 - بيان علامة قبول صلاة الاستخارة س: يسأل المستمع ويقول: ما هي علامة صلاة الاستخارة؟ فلقد صليت صلاة الاستخارة قبل خطبتي وبعد عام ونصف فسخت الخطبة، فهل ذلك يعني أن ما حدث لي هو خير لي، أم أصلي صلاة

الاستخارة مرة ثانية (¬1) ج: صلاة الاستخارة سنة أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم، إذا هم الإنسان بأمر وأشكل عليه هل يقدم عليه أم لا لأسباب اقتضت ذلك، كالسفر، أو الزواج من بنت فلان، أو معاملة فلان، أو ما أشبه ذلك، فإنه يصلي ركعتين، يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب وما تيسر من القرآن، ثم بعد السلام يرفع يديه ويستخير الله، فيقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه: هذا الأمر زواجي بفلانة، أو سفري إلى كذا، أو ما أشبه ذلك - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (¬2)» هذا دعاء الاستخارة، ثم بعد هذا إذا تيسر أن يستشير من يعلم أنه أهل نصح ومحبة له وأهل خبرة يستشيرهم بعد الاستخارة، فإذا مال قلبه إلى أحد الأمرين أخذ بذلك، وإن بقي التردد أعاد الاستخارة وأعاد المشاورة حتى يطمئن قلبه إلى أحد الأمرين. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (408). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166).

بيان أسباب صلاة الاستخارة

37 - بيان أسباب صلاة الاستخارة س: صلاة الاستخارة هل تصلى في حالة عزم الشخص على أمر معين أم في حالة أنه لم يستقر على أي الأمرين يفعل ويستخير؟ أرجو التوضيح (¬1) ج: صلاة الاستخارة إذا احتار عنده أمر، تردد في أحد الأمرين أيهما أصلح، فهذا هو وقت الاستخارة، كأن يتردد هل يتزوج فلانة أو ما يتزوجها، وهل يسافر إلى كذا أو لا يسافر، وهل يتجر مع فلان أو يشارك فلانا أم لا، ونحو ذلك، فيصلي ركعتين ثم يدعو بعد ذلك ويسأل ربه أن يختار له ما هو أصلح بالدعاء المشهور والثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه بعينه: أن هذا الأمر يعني أن هذه الزوجة فلانة، أن زواجي بها - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: في عاجل أمري وآجله - ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (136).

فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (¬1)» هذا هو دعاء الاستخارة، فيقول هذا ثم يستخير، ثم يستشير من يرى أنه أهل للاستشارة في أحد الأمرين سواء كان زواجا أو سفرا أو اشتراكا أو غير ذلك من الأمور التي تهمه، ولا يجزم فيها بشيء بل يتردد، فهذا محل الاستخارة، وهي سنة، والسنة معه في ذلك بأن يستشير أيضا من يراه أهلا للاستشارة بعد ما يستخير، فإذا انشرح صدره إلى أحد الأمرين فعل ذلك، وإن لم يزل معه التردد أعاد الاستخارة مرة ثانية وثالثة، وهكذا حتى ينشرح صدره لأحد الأمرين. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166).

بيان الأمور التي تشرع لها الاستخارة

38 - بيان الأمور التي تشرع لها الاستخارة س: هذا السائل يقول: بخصوص صلاة الاستخارة كيف تكون علامات انشراح الصدر، وهل يجوز أن أستخير الله عز وجل في كل الأمور أو أمور معينة؟ وجهونا يا سماحة الشيخ (¬1) ج: صلاة الاستخارة في الأمور التي يشتبه عليك أمرها هل من المصلحة فعلها أو تركها، هذا محل الاستخارة، أما الشيء المعروف أنه طيب ما فيه استخارة، هل تصلي أو لا تصلي ما فيه استخارة، الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (371).

فريضة مطلوبة مشروعة، كذلك الزكاة، الصيام، الحج، صيام الاثنين، وصوم الخميس ما فيه استخارة هي من السنن المعروفة، لكن شيء مستجد مثل إذا أردت أن تتزوج بنت فلان وعندك تردد تستخير، أو السفر، تحب أن تسافر إلى محل معين وعندك تردد هل من المصلحة السفر أو لا؟ تستخير، عندك تردد هل تتجر في الملابس؟ وهل تتجر في العقار؟ عندك تردد تستخير، وهكذا الشيء الذي فيه تردد تستخير ربك، إذا صليت الاستخارة وسألت ربك فاعمل بما يميل إليه قلبك، ينشرح صدرك إلى أحد الأمرين افعل، ويستحب لك أن تستشير، يستحب لك أن تشاور الناس الطيبين الذين تثق بهم مع الاستخارة، وبعد الاستخارة تشاور إخوانك، وأصدقاءك ووالديك، تستشير من تثق به وترى أنه أهل للاستشارة حتى يساهم في هذا الشيء، وإذا انشرح صدرك فافعل.

مسألة في الرؤيا بعد الاستخارة

39 - مسألة في الرؤيا بعد الاستخارة س: تسأل المستمعة وتقول: لقد سمعت أن من صلى صلاة الاستخارة لغرض معين فإنه يرى في منامه إذا كان خيرا له، هل ما قيل صحيح (¬1) ج: لا أعرف لهذا صحة من جهة الرؤيا، ولكن صلاة الاستخارة ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (272).

سنة، إذا هم الإنسان بأمر أشكل عليه أمره أو عاقبته يستخير ربه، يصلي ركعتين، ثم يدعو ربه بعد الصلاة، ويرفع يديه ويدعو ربه، وليستخر بما جاء في دعاء الاستخارة، وهو: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كان هذا الأمر. ويسميه بعينه كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، مثل زواج، مثل سفر، مثل معاملة إنسان يشك الإنسان في معاملته، أو شبه ذلك من الأمور التي يحصل فيها بعض التوقف، ويقول في دعائه: اللهم إن كان هذا الأمر - يعني زواجي بفلان - للمرأة - أو الرجل يقول: زواجي بفلانة، أو سفري إلى كذا، أو معاملتي لفلان - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كان ذلك - يسميه باسمه - شرا لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (¬1)» هذا دعاء مشروع، ثم بعد ذلك يستشير من يرى من أهل الخير من أقربائه وأصدقائه، يستشيرهم، فإذا انشرح صدره لأحد الأمرين يمضيه، وإن استمر معه التردد أعاد الاستخارة ثانيا وثالثا وهكذا، حتى يطمئن قلبه وينشرح صدره لأحد الأمرين من الفعل أو الترك. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166).

س: السائلة أم معاذ من المدينة المنورة تقول: هل يجوز رفع اليدين أثناء دعاء الاستخارة (¬1) ج: نعم سنة، رفع اليدين من أسباب الإجابة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (399).

حكم صلاة الاستخارة كل يوم

40 - حكم صلاة الاستخارة كل يوم س: هل صلاة الاستخارة واجبة في كل شيء أم تترك في بعض الأحيان، وما حكم من يصلي صلاة الاستخارة في كل يوم إذا عزم على أمر معين (¬1) ج: صلاة الاستخارة مستحبة عند الحاجة إليها، إذا هم بأمر وأشكل عليه هل هو رشد أم لا؟ كزواج بفلانة، أو سفر إلى فلان استخار ربه، فلا يفعلها إلا عند الحاجة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والستون من الشريط رقم (431).

س: هل المشروع أن أرفع يدي أثناء الاستخارة (¬1) ج: نعم، إذا صلى ركعتين يرفع يديه ويدعو، هذا هو الأفضل؛ لأن رفع اليدين من أسباب الإجابة. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (417).

حكم صلاة الاستخارة للغير

41 - حكم صلاة الاستخارة للغير س: تسأل أختنا: هل يجوز أن أصلي صلاة الاستخارة لغيري، وأغير صيغة الدعاء بحيث يأتي على هذا النمط: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر هو خير لها أو له في دينه أو دنياها وهكذا (¬1) ج: لا أعلم في هذا دليلا، إنما جاءت السنة لمن أراد الشيء، فالحديث: «إذا هم أحدكم بأمر فليصل ركعتين، ثم يقول: اللهم (¬2)» إلى آخر الدعاء، والسنة لمن هم بالأمر وأشكل عليه أن يستخير، أما فلان يستخير لفلان لا أعلم لهذا أصلا، لكن الرجل أو المرأة كل منهما يستخير لنفسه، يدعو بالدعاء الذي يفهم، الذي يعرف، إذا كان ما يعرف الدعاء الوارد في الحديث يسأل ربه يقول: اللهم يسر لي الأصلح، اللهم اشرح صدري للأصلح، الأحب إليك بما فيه نفعي وصلاحي. يدعو بالدعوات التي تناسبه، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (345). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166).

حكم صلاة الحاجة وما ورد فيها

42 - حكم صلاة الحاجة وما ورد فيها س: يسأل عن حكم صلاة الحاجة، ويطلب التوجيه بخصوصها، وهل ما

ورد فيها يعتبر من الصحيح (¬1) ج: هذه معروفة، بها بعض الأحاديث التي جاءت في التوبة وصلاة الاستخارة، ويقال لها: صلاة الحاجة. صلاة التوبة هي تصلي ركعتين، ويرفع المصلي يديه ويدعو ربه تائبا نادما من ذنوبه، هذه من أسباب المغفرة. هكذا صلاة الاستخارة إذا هم بشيء وأشكل عليه هل المصلحة الإقدام عليه، فإنه يستحب له أن يصلي ركعتين، ثم يدعو بعدهما، ويستخير بعدهما، يرفع يديه ويستخير يقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه باسمه، مثل: زواجي من فلانة، أو شراء السلعة الفلانية، أو السفر إلى البلدة الفلانية، يبينه: اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر، ويسميه - خير لي في ديني، ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (¬2)» يأتي بهذا الدعاء أو بما يدل على معناه إذا كان لا يعرف ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (330). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166).

هذا الدعاء، ويسأل ربه أن يشرح الله صدره لهذا الأمر إن كان خيرا، أو يصرفه عنه إن كان شرا، هذه يقال لها: صلاة الاستخارة، يصلي ركعتين، ثم يدعو ربه بعد السلام، يرفع يديه بالشيء الذي يشك هل يفعله أم لا؛ لأنه يشك في مصلحة شراء بيت، عنده إشكال فيه، شراء سيارة، عنده تردد فيها، زواج من فلانة، عنده تردد، سفر إلى بلاد معينة، عنده تردد، يستخير الله في ذلك.

س: ما حكم صلاة الحاجة يا سماحة الشيخ (¬1) ج: صلاة الحاجة ما ورد في هذا شيء، وإنما صلاة الاستخارة وصلاة التوبة الذي نعلم، إذا أراد أن يتوب من ذنب، وصلى ركعتين، ثم سأل ربه أن يتوب عليه وأن يغفر له، هذا لا بأس به، جاء في الحديث الصحيح عن الصديق أبي بكر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الطهور ثم يصلي ركعتين، فيستغفر الله تعالى إلا غفر الله له (¬2)» وليس ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (399). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه، برقم (57) وأبو داود، في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1521) والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الصلاة عند التوبة، برقم (406) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في أن الصلاة كفارة، برقم (1395).

من شرط ذلك الصلاة، إذا تاب وندم وأقلع تاب الله عليه، إذا صدق في ذلك، وإذا صلى ركعتين وتاب بعدها هذا زيادة خير، من باب أسباب صحة التوبة وكمالها.

س: ما حكم صلاة الحاجة؟ لأنني سمعت من بعض الإخوة بأنها سنة للحديث الوارد عنه صلى الله عليه وسلم: «من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم صلى ركعتين يتمهما أعطاه الله ما سأل معجلا أو مؤخرا (¬1)» (¬2) ج: لا أعرف في هذا إلا صلاة التوبة، وصلاة الاستخارة، صلاة التوبة إذا أذنب ذنبا وتطهر وصلى ركعتين وسأل ربه أن يغفر له وعده الله بالمغفرة، وصلاة الاستخارة إذا هم بأمر وأشكل عليه يستخير ربه، يصلي ركعتين، ثم يستخير بعد السلام، يرفع يديه ويقول: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر - ويسميه: زواج، أو سفر، أو نحوه - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، ¬

_ (¬1) مسند أحمد (6/ 443). (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (409).

واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني (¬1)» هذا هو المعروف في صلاة الاستخارة، أما في كل حاجة فلا أذكر في هذا شيئا ثابتا. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري الجمعة (1166)، سنن الترمذي الصلاة (480)، سنن النسائي النكاح (3253)، سنن أبو داود الصلاة (1538)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1383)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 344).

س: يسأل حامد من الأردن ويقول: هل هناك صلاة تسمى بصلاة الحاجة (¬1) ج: لا أعلم إلا صلاة التوبة وصلاة الاستخارة، إذا كان الإنسان قد فعل ذنبا وجبت عليه التوبة، وإذا تطهر وصلى ركعتين وتاب كان أكمل وأقرب إلى النجاح، وهكذا صلاة الاستخارة، إذا هم بأمر وأشكل عليه، يصلي ركعتين، ثم يستخير الله. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (392).

حكم الصلاة لتفريج الهم

43 - حكم الصلاة لتفريج الهم س: هل هناك صلاة لتفريج الهم، وتكون بركعتين ثم يدعو الإنسان بدعاء: اللهم فارج الهم، وكاشف الغم، أجب دعوتي. أو: أجب دعوة المضطر إذا دعاك (¬1) ج: لا أعلم في هذا شيئا بصلاة خاصة، لكن مثل ما قال الله جل وعلا {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (¬2) فإذا استعان ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (380). (¬2) سورة البقرة الآية 45

بالصلاة صلى وسأل ربه في سجوده، وفي جلسته للسلام بعد التحيات فهذا طيب، ومن أسباب الخير، الله جل وعلا أمر بالاستعانة بالصبر والصلاة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة، فإذا صلى الإنسان ركعتين، الضحى، أو في الليل، ودعا ربه في سجوده وفيما قبل السلام، إذا فرغ من التحيات أو بعد الصلاة، ثم رفع يديه ودعا كله من أسباب الخير ومن أسباب التوفيق.

س: السائلة: خ. من الجزائر تقول: سماحة الشيخ، هل من الأفضل لمن أراد تحقيق شيء معين أن يصلي ركعتين حتى يقضي الله حاجته، أو أن الدعاء وحده أفضل (¬1) ج: من أراد حاجة يحمد ربه أولا، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو، يرفع يديه بعد الصلاة، أو يدعو في السجود، كل ذلك طيب، أو في خارج الصلاة، يرفع يديه ويدعو ويلح في الدعاء، هذا هو المشروع؛ لأن الله جل وعلا قال: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (¬2) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميده ربه والثناء عليه، ثم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدع بما شاء (¬3)» فيبدأ بالتحميد ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (426). (¬2) سورة غافر الآية 60 (¬3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه، برقم (23419) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1481) والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3477).

والصلاة على النبي سواء كان في السجود أو خارج الصلاة، ثم يدعو ويرفع يديه، إذا كان خارج الصلاة يدعو لأن هذا من أسباب الإجابة، وليحذر الموانع، من أكل الحرام والغفلة عن الله وعدم المبالاة في حقه سبحانه، وهكذا الحذر من المعاصي، نسأل الله للجميع التوفيق.

س: هل هناك من صلاة تسمى الأولى صلاة التوبة والأخرى تسمى صلاة الحاجة، وما حكمهما في الشرع؟ مأجورين (¬1) ج: صلاة التوبة هي إذا عرف أنه أذنب وأراد أن يتوب فهو مخير، إن شاء تاب من دون صلاة خاصة، بل يتوب إلى الله ويندم ويكفي، وإن صلى صلاة قصد بها التوسل لقبول التوبة فلا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن من أذنب ذنبا ثم تطهر وصلى ركعتين، ثم استغفر ربه غفر الله له، فصلاة الركعتين ثم يدعو ربه ويستغفره ويتوب إليه هذا من أسباب المغفرة، هذه يقال لها: صلاة التوبة، وصلاة الحاجة هي صلاة الاستخارة. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (358).

س: نرجو التحدث عن صلاة الحاجة هل هي مشروعة، وما كيفيتها، وهل وردت عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا أعلم في صلاة الحاجة حديثا يعتمد عليه، وإنما جاء الحديث ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (303).

في صلاة التوبة، صلاة الاستخارة، إذا هم الإنسان أمر واشتبه عليه الأمر يستخير الله عليه، ويصلي ركعتين، ثم يسأل الله ويستخيره، يدعو الله ويستخيره بالدعاء المشروع: «اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك (¬1)» إلخ. الحديث , وهكذا صلاة التوبة، إذا كان عنده ذنوب فالواجب أن يتطهر ويصلي ركعتين، ثم يتوب إلى الله توبة صادقة، والتوبة ليس من شرطها الصلاة، لكن هذا مستحب، إذا تطهر وصلى ركعتين وتاب توبة صادقة فذلك أقرب إلى القبول، ولو تاب وهو يمشي أو في الطريق أو في البيت أو تاب وهو مضطجع، وعلى أي حال التوبة مقبولة إذا تمت شروطها، إذا ندم على الماضي، وأقلع عن السيئة، وعزم ألا يعود فيها فالله يقبلها منه سواء كان ماشيا أو واقفا، مضطجعا في البيت، أو في الطريق، أي مكان آخر، لكن إذا توضأ وأحسن الطهور، ثم صلى ركعتين، ثم أناب إلى ربه يسأله أن يمن عليه بالتوبة هذا أكمل وأحسن. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى برقم (1166).

حكم صلاة التسابيح

44 - حكم صلاة التسابيح س: ما حكم صلاة التسبيح حيث إننا قرأنا في مجلة مدرسية يقول كاتبها باختصار: أيها القارئ الكريم، ألق سمعك وأنت شاهد لما قال صلى الله عليه وسلم لعمه وابن عمه جعفر رضي الله عنهما عن

عكرمة رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال صلى الله عليه وسلم للعباس بن عبد المطلب: «يا عماه، ألا أعطيك، ألا أمنحك، ألا أحبوك، ألا أفعل بك عشر خصال؟ إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره، وقديمه وحديثه، وخطأه وعمده، وصغيره وكبيره، وسره وعلانيته، عشر خصال: أن تصلي أربع ركعات، تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة فقل وأنت قائم سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر خمس عشرة مرة، اركع وقل وأنت راكع عشرا، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقول عشرا، ثم تهوي ساجدا فتقولها عشرا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا، ثم تسجد فتقولها عشرا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في كل أربع ركعات، فإن استطعت أن تفعلها في كل يوم مرة فافعل، فإن لم تستطع ففي كل جمعة مرة، فإن لم تستطع ففي كل سنة مرة، فإن لم تستطع ففي عمرك مرة (¬1)» وقال الكاتب: رواه أبو داود وابن ماجه وابن خزيمة وإبراهيم بن الحكم والطبراني، وقال: تغفر ذنوبك وإن كانت مثل رمل عالج وعدد زبد البحر. ويقول الكاتب: إذا علمنا صحة هذا ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب صلاة التسبيح، برقم (1297)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة التسبيح، برقم (1387).

الحديث فعلينا عدم تركها بل علينا أن نفعل بها ولو مرة واحدة في العمر. ويقول أيضا الكاتب: وقد فعلت أنا هذه الصلاة عدة مرات ووجدت من الفرج ولذة المناجاة وطمأنينة النفس وانشراح الصدر ما لا أقدر ولا أتمكن من التعبير عنه، فجرب يا أخي تجد إن شاء الله ما وجدت، وما عند الله خير وأبقى. نرجو توضيح هذه الصلاة وصحة حديثها وموقف المسلمين منها وقد ضاعت، علما بأنها بدأت تنتشر بين الأوساط في مجتمعنا في المملكة بفضل هذا الكاتب الذي أحياها وفقه الله، وشكرا لكم (¬1) ج: فهذه الصلاة المنوه عنها في هذا السؤال قد اختلف أهل العلم في صحتها، في صحة حديثها على قولين، والأرجح في ذلك أنه غير صحيح، وأنه موضوع، وليس صحيحا عن النبي عليه الصلاة والسلام، هذا هو المعتمد في هذه الصلاة، وجميع الأحاديث الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في بيان صلاة التطوع والحث عليها والترغيب فيها كلها تخالف ما جاء في هذا الحديث، وتدل على أنه منكر وليس له صحة، هذا هو المعتمد عند المحققين من أهل العلم، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يحفظ عنه ولا ليلة واحدة أنه فعلها عليه الصلاة والسلام، ولم تحفظ أيضا عن بقية الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (40).

ولو كان النبي عليه الصلاة والسلام قال هذا لانتشرت هذه الصلاة بين الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، ولعرفها الصحابة ورووها، فالمقصود أن هذه الرواية عند المحققين من أهل العلم غير صحيحة، وحديثها موضوع كما نبه على ذلك جماعة من أهل العلم.

س: هل صلاة التسابيح واردة في السنة النبوية، وما الحكم في قائل يقول: عليه الطلاق من دينه (¬1) ج: هذا على كل حال كلام منكر، أما صلاة التسابيح فقد اختلف فيها العلماء، منهم من صحح حديثها، ومنهم من ضعف أحاديثها، والصواب أنها ضعيفة، وأنها لا تشرع ولا تستحب، هذا الصواب في صلاة التسبيح، وأما هذا الذي قال: عليه الطلاق من دينه ما يفعل كذا وكذا، معناه: عليه الخروج من دينه، وهذا كلام منكر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من حلف بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا فهو كما قال (¬2)» المقصود أن هذا يجب عليه أن يتوب إلى الله ويحذر مثل هذا الكلام، لا يقول: عليه الطلاق من دينه، أو هو كافر، أو هو يهودي، أو ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (104). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قاتل النفس، برقم (1364)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه وأن من قتل نفسه عذب في النار، برقم (110).

نصراني ما يفعل كذا، أو سوف يفعل كذا، أو ما أشبه ذلك، لا، بل عليه أن يستعمل غير هذا، يقول: والله لأفعلن كذا، أو: والله ما أفعل كذا. يكفي هذا، أما أن يقول: هو يهودي أو نصراني، أو عليه الطلاق من دينه عندما يفعل كذا، كل هذا غلط ومنكر لا يجوز، وتعريض لدينه للذهاب والضياع والردة عن الإسلام - نعوذ بالله - يجب الحذر والتوبة من هذا، نسأل الله العافية.

س: من عمان، من المملكة الأردنية الهاشمية، المرسل أ. س يسأل ويقول: ما هي صلاة التسابيح، وما عدد ركعاتها، وما هو حكمها، وكيف تؤدى، وما هو ثوابها؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: صلاة التسابيح غير ثابتة، جاءت من طرق كلها ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يشرع العمل بها، ولا الدعوة إليها، ومن صحح حديثها فقد غلط، الواجب على المسلم أن يتمسك بالسنة المعروفة والعبادة الثابتة، ويترك ما خالف ذلك، قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم جميع ما فعله من الصلوات النافلة والفريضة فلم يصل صلاة التسابيح، ولم ينقل عنه أحد أنه صلى صلاة التسبيح لا في الضحى ولا في الليل، ولا في السفر ولا في الحضر، فالواجب الإعراض عنها وترك العمل بها. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (355).

س: الأخ هـ م ف من مكة المكرمة يقول في رسالته: أرجو من سماحتكم أن تبينوا لي حكم صلاة التسابيح، هل هي صحيحة أم غير ذلك؟ كما جاء في كتاب وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم، وإذا كانت صحيحة أرجو من سماحتكم توضيح عدد الركعات وعدد السجدات، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: صلاة التسبيح قد تأملناها كثيرا، وتأملناها أيضا مع اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ورأينا جميعا عدم صحتها، إن صلاة التسبيح ليست صحيحة، وطرقها كلها ضعيفة، ومتنها منكر مخالف للأحاديث الصحيحة، ومخالف لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم في عباداته، فالواجب عدم التعلق بها وعدم فعلها؛ لأنها من البدع المحدثة في الدين، وصدرت الفتوى في بيان ذلك مني ومن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية، المقصود أن صلاة التسبيح التي اشتهرت بين الناس لا أساس لها من الصحة. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (200).

س: مستمعة تسأل عن صلاة التسابيح تقول: أنا أصليها يوميا بعد صلاة العشاء وقبل الذهاب إلى النوم، فهل هذا الوقت مناسب (¬1) ج: الصحيح أنها غير صحيحة، صلاة التسابيح الصحيح أنها غير ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (259).

صحيحة، صلي كما كان النبي يصلي عليه الصلاة والسلام، صلي الركعات على القاعدة الشرعية، تقرئين الفاتحة وما تيسر معها، ثم تركعين وتأتين بسبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، سبوح قدوس رب الملائكة والروح. ثم ترفعين: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد. ثم تسجدين، وإن زدت بعد الركوع: أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. فذلك أفضل إذا تيسر ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله بعض الأحيان، المقصود أن صلاة التسبيح غير صحيحة، هذا هو الصواب فيها.

س: ما هو قولكم - وفقكم الله - في صلاة التسابيح، هل نؤديها أم نكف عن أدائها (¬1) ج: صلاة التسابيح جاء فيها أحاديث ضعيفة، والصواب أنها لا تشرع، وإنما يصلي الإنسان كالصلاة العادية التي يعرفها من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، أما صلاة التسابيح وما يسبح فيها ما يقارب خمس عشرة مرة يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (261).

أكبر. وإذا ركع سبح عشر مرات، وإذا رفع سبح عشر مرات، وإذا سجد كذلك -- إلى آخره - هذه غير مشروعة؛ لأنها غير ثابتة، الصواب أن طرقها كلها ضعيفة.

بيان أقوال العلماء في صلاة التسابيح

45 - بيان أقوال العلماء في صلاة التسابيح س: قرأت في كتاب تنزيه الشريعة المرفوعة: صلاة التسبيح وهي أربع ركعات، ويقرأ في كل ركعة الفاتحة وسورة صغيرة، ثم يسبح في الركعة الأولى خمسا وسبعين تسبيحة في القيام وفي الركوع والسجود، وفي الركعة الثانية هكذا، وفي الأربع الركعات ثلاثمائة تسبيحة، هل هذا حديث صحيح، وما رأيكم فيما أورده صاحب ذلك الكتاب (¬1) ج: صلاة التسبيح مشهورة عند أهل العلم، وقد تنازع العلماء في صحتها، فمن أهل العلم من عمل بها وصححها لما في ذلك من الأجر العظيم الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم وغفران السيئات، ومن أهل العلم من ضعف الرواية ولم يصححها، وذكر أنها رواية شاذة، وحديث شاذ مخالف للأحاديث الصحيحة، وهذا القول الثاني هو الأصح بأن صلاة التسبيح حديثها شاذ غير صحيح، وأن المعتمد قول ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (118).

من قال: إنها غير صحيحة، وإنها موضوعة لا أساس لها من الصحة، وأسانيدها كلها معلولة، ومتنها شاذ منكر، مخالف للأدلة الشرعية الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإن الصلاة في الليل والنهار محفوظة عنه عليه الصلاة والسلام، وقد رواها الثقات والأثبات في الصحيحين وغيرهما، ولم يحفظ عنه عليه الصلاة والسلام أنه صلى هذه الصلاة، فوجب على أهل الإيمان أن يردوا ما خالف الأدلة المعروفة إلى الأدلة المعروفة، فالأدلة المعروفة الثابتة دالة على صفة صلاته عليه الصلاة والسلام، وأن ليس فيها هذه التسبيحات المذكورة، بل هذه انفردت بها هذه الرواية، فالصواب أنها شاذة المتن ضعيفة الأسانيد، فلا ينبغي التعويل عليها ولا العمل بها وإن صححها بعض المتقدمين وبعض المتأخرين، لكن العمدة في هذا أن كل متن يخالف الأحاديث الصحيحة وإن صح سنده فإنه يعتبر شاذا، فكيف إذا كان السند معلولا قد قال الأئمة في مصطلح الحديث: إن الأحاديث المختلفة يرجع فيها أولا إلى الجمع إذا تيسر الجمع، فإذا أمكن الجمع جمع بينها وقبلت كلها، فإن لم يتيسر الجمع ولم تتوافر شروطه رجع إلى النسخ إذا علم النسخ، فإذا علم الأخير من المتقدم صار الأخير ناسخا للمتقدم عند تعذر الجمع، فإذا لم يعلم المتأخر من المتقدم، ولم تتوافر شروط النسخ، ولا شروط الجمع انتقل إلى أمر ثالث وهو

الترجيح، وهذه الصلاة ليس فيها ما يدل على التاريخ، وأنها متأخرة عن غيرها، وليس فيها ما يدل على أنها سنة استعملها النبي صلى الله عليه وسلم سابقا ولاحقا، وليس فيها ما يقتضي الجمع بينها وبين غيرها، فتعين الأمر الثالث وهو أنها غير صحيحة، وأنها شاذة مخالفة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومخالفة لسنته المعروفة عنه عليه الصلاة والسلام في ليله ونهاره مدة حياته عليه الصلاة والسلام، فلم يحفظ عنه أنه فعلها مرة واحدة عليه الصلاة والسلام، ولم يعرف عنه عليه الصلاة والسلام ما يدل على أنها سنة متبعة لأحاديث صحيحة، فعلم بذلك أنها شاذة وأنها مختلقة، وأنه لا أساس لها في الأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومثلها صلاة الخامس عشر من شعبان مائة ركعة، ويقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب عشر مرات. إلى آخر ما ذكروا عنها، فهذه أيضا بدعة لا أساس لها من الصحة.

بيان حكم حديث صلاة التسابيح

46 - بيان حكم حديث صلاة التسابيح س: ما رأيكم في صلاة التسابيح، هل الرسول صلى الله عليه وسلم صلاها، وكيف كان يصليها؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (218).

ج: صلاة التسابيح غير صحيحة عند أهل التحقيق، قد تأملنا طرق أحاديثها فهي ضعيفة غير صحيحة، ومخالفة للصلاة الشرعية، فالسنة للمؤمن أن يتطوع بالصلاة الشرعية التي يفعلها في نوافله في صلاة الضحى وفي الرواتب وفي الفريضة، يصلي كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، يقرأ في القيام الفاتحة وما تيسر معها، ويركع ويسبح: سبحان ربي العظيم، ويقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، سبوح قدوس. مثل بقية الصلوات، أما الصلاة الواردة في صلاة التسبيح التي يروى عنه أنه علمها عمه العباس فهذه لا صحة لها.

س: الأخت ش. من جمهورية مصر العربية تقول: هل صلاة التسابيح لا تصلى؛ لأن حديث هذه الصلاة مرفوع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، أم يصح لنا أن نصليها؟ ولقد صليت ذلك، وأنا في المسجد الحرام، فهل أستمر في صلاتي أم أتوقف عن ذلك؟ مأجورين (¬1) ج: صلاة التسابيح حديثها ضعيف، فلا ينبغي لك أن تفعليها، حديثها ضعيف لا يصح، وصلي كالصلاة العادية من غير زيادة بالفاتحة وما تيسر من الآيات والركوع والسجود كما تفعلين في الفرائض. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (432).

س: صلاة قضاء الحاجة هل تصلى بالدعاء المذكور أم هي بدعة؟ وما هو التناسب بين صلاة الحاجة وحديث الرسول صلى الله عليه

وسلم بأنه إذا أخذه أمر لجأ إلى الصلاة؟ وهل تصلى قضاء للحاجة (¬1) ج: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة (¬2)» كما قال الله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (¬3) فإذا صلى الإنسان واستعان بربه في سجوده أو في آخر الصلاة على الحاجات التي تهمه كله طيب، ولا أعلم حديثا صحيحا باسم صلاة الحاجة، لكن هذا يظهر من قوله جل وعلا: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (¬4) ومن الحديث: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى (¬5)» {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (¬6) وقال صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الطهور، ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله تعالى إلا غفر الله له (¬7)» فالمقصود أنه إذا استعان بالصلاة في طلب ربه ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والستون من الشريط رقم (432). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، برقم (22788) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل، برقم (1319). (¬3) سورة البقرة الآية 45 (¬4) سورة البقرة الآية 45 (¬5) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، برقم (22788) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب وقت قيام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل، برقم (1319). (¬6) سورة البقرة الآية 45 (¬7) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه، برقم (57) وأبو داود، في كتاب الصلاة، باب في الاستغفار، برقم (1521) والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الصلاة عند التوبة، برقم (406) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في أن الصلاة كفارة، برقم (1395).

الحاجة أو في التوبة إلى الله، كان هذا من أسباب المغفرة.

س: هل هناك صلاة تسمى صلاة التسبيح، وإذا كان الجواب بنعم ما هي صفة هذه الصلاة حيث إنني قرأت أنها أربع ركعات، أهي ركعتان أم أكثر؟ هل هي متصلة مع بعضها أم لا؟ أفتونا مأجورين (¬1) ج: صلاة التسبيح بدعة، حديثها غير صحيح، فلا يجوز الاشتغال بها، يصلي الإنسان على ما شرع الله كما هو معروف، إذا أحب التمتع بالصلاة المعروفة يقرأ بالفاتحة وما تيسر معها، ويركع ويسجد ويسلم من كل ركعتين في الليل والنهار، هذا هو المشروع، أما صلاة التسبيح فحديثها ضعيف لا يصح. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (406).

س: تسأل المستمعة أم معاذ من المدينة المنورة وتقول: ما حكم صلاة التسبيح، وهل هي واردة أم لا (¬1) ج: صلاة التسبيح غير ثابتة، حديثها ضعيف، ولا يجوز استعمالها لأنها خلاف الصلاة المشروعة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فحديثها غير صحيح. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (399).

بيان بدعية صلاة التسابيح

47 - بيان بدعية صلاة التسابيح س: سمعت أن هناك صلاة تسمى صلاة التسبيح، والمؤدي لهذه السنة له أجر كبير ومغفرة للذنوب، وقرأت دليلا على ذلك مما ورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن بعض الناس يقولون بأنها بدعة، فأرجو من سماحتكم بيان صحة القول، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: صلاة التسبيح الأصل فيها أنها غير جائزة وغير مشروعة، وأحاديثها ضعيفة من جميع الطرق، ولا ينبغي للمؤمن أن يستعملها، وإن بعض إخواننا من طلبة العلم قد صححها لكن الصحيح أنها ضعيفة وغير صحيحة، حديثها ضعيف وشاذ ومنكر، ومخالف للأدلة الشرعية، فلا يجوز استعمالها، ولا الدعوة إليها، ولا يعتقد أنها سنة، بل هي بدعة مخالفة للأحاديث الصحيحة، ومخالفة لما شرعه الله عز وجل. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (299).

بيان الفرق بين صلاة التسابيح وصلاة الحاجة

48 - بيان الفرق بين صلاة التسابيح وصلاة الحاجة س: ما الفرق بين صلاة التسابيح وصلاة الحاجة، وهل هما مشروعتان (¬1)؟ ج: صلاة التسبيح غير صحيحة، ورد فيها أحاديث كثيرة غير ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (34).

صحيحة، أما صلاة الحاجة ففيها تفصيل: إن كان أراد بذلك صلاة الاستخارة فهي صحيحة، أو أراد بذلك صلاة التوبة، الذي يذنب ثم يتطهر ويصلي ركعتين ويتوب هذا صحيح، أما إن كان أراد شيئا آخر فعليه أن يبين مراده.

س: السائل م ف س: في صلاة التسبيح هل هي صلاة رباعية، وهل لهذه الصلاة مواعيد معينة تصلى فيها أم يمكن أن تصلى في أي وقت، وهل بعد قراءة التشهد الأول أسلم أم آتي بالركعتين الأخيرتين وأسلم (¬1) ج: صلاة التسبيح غير ثابتة وغير صحيحة وغير مشروعة، هذا هو الصواب، تصلي كما يصلي المسلمون، أما صلاة التسبيح فهي غير ثابتة وغير مشروعة. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (275).

س: الأخ: ع. يسأل عن صلاة التسابيح (¬1) ج: صلاة التسابيح غير ثابتة، هي أربع ركعات يسبح فيها ثلاثمائة تسبيحة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لكنها غير ثابتة، حديثها غير صحيح. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (351).

س: الأخت أ. ع. تسأل عن صلاة التسبيح، وهل هي جائزة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: صلاة التسبيح غير صحيحة، وغير ثابتة بل هي موضوعة وكذب، هذا هو الصواب عند المحققين من أهل العلم أنه لا أساس لها من الصحة، وإنما يصلي الإنسان الصلاة المعروفة بقراءة الفاتحة وما تيسر معها - إلى آخره - بكل ركعة. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (342).

س: هل هناك صلاة تسبيح كما يقال (¬1) ج: ورد حديث عن صلاة التسبيح ليس بصحيح بل هو موضوع ليس بصحيح على الصحيح الذي عليه المحققون من أهل العلم أنه حديث غير صحيح، والصلاة المشروعة هي الصلاة المعروفة التي كان النبي يفعلها عليه الصلاة والسلام، أما صلاة التسبيح التي فيها أنه يسبح في القيام خمس عشرة مرة: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. وفي الركوع عشر مرات، وفي الرفع عشر مرات، وفي السجود عشر مرات، وما بينهما عشر مرات، والسجود عشر مرات، وهكذا في كل ركعة خمس وسبعون مرة، يصلي أربع ركعات إلى ثلاثمائة، هذا ليس بصحيح. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (332).

س: هذه رسالة من السائل: ي. ح، سوداني يقيم بالمملكة يقول: يا سماحة الشيخ، موضوعي هو عن صلاة التسابيح، ما حكمها، وهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يؤديها (¬1) ج: صلاة التسابيح غير صحيحة، وغير ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (425).

بيان بدعية الصلاة التي تدعى بالنافلة

49 - بيان بدعية الصلاة التي تدعى بالنافلة س: سائلة تقول: وجدت في كتاب تنبيه الغافلين صلاة تدعى بالنافلة وتصلى بعد العشاء، وهي أربع ركعات، تبدأ الصلاة بقراءة الإقامة، ثم سورة الفاتحة وسورة قصيرة، وبعد ذلك قول: سبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله - ثلاث مرات - ثم تكبر خمس عشرة تكبيرة عند الركوع، وخمس عشرة تكبيرة عند التسبيح، وخمس عشرة عند السجود، وفي الركعات الأربع تستمر على ذلك الحال، وخمس عشرة تكبيرة عند التشهد الأخير، وبهذا تصير خمسا وسبعين تكبيرة، فهل هذه الصلاة كان يصليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهل علينا ذنب لأنا قمنا بتطبيقها لمدة شهرين؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (284).

ج: هذه الصلاة بدعة لا أصل لها، فلا يجوز فعلها ولا الدعوة إليها، وعليك التوبة إلى الله مما سلف؛ لأن هذه الصلاة التي ذكرت ليس لها أصل في الشرع المطهر بل هي بدعة مخترعة لا أساس لها، فالواجب تركها.

حكم من نذر أن يصلي ركعتين قبل كل فريضة

50 - حكم من نذر أن يصلي ركعتين قبل كل فريضة س: هذه السائلة من الطائف: س. ع تقول: سماحة الشيخ، كنت فيما سبق نذرت لله عز وجل بالصلاة ركعتين شكرا لله تعالى قبل كل صلاة إذا قضى الله لي أمرا معينا، فلما قضي هذا الأمر بفضل من الله عز وجل بدأت في الوفاء في نذري، وبعد فترة أفتى لي البعض من الإخوة وهم ليسوا من أهل العلم بأنه لا يوجد ما يسمى بصلاة الشكر، ولكن يوجد فقط سجدة شكر، فبدأت في أدائها، فهل تكفي في الوفاء بنذري؟ وما حكم الفترة التي كنت أسجد فيها سجدة الشكر فقط (¬1) ج: الواجب أن توفي بنذرك، وأن تصلي ركعتين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه (¬2)» وصلاة الركعتين طاعة لله، وسجود الشكر غير الصلاة المنذورة، الصلاة المنذورة يجب ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والأربعون من الشريط رقم (425). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، برقم (6696).

الوفاء بها، وسجود الشكر شيء آخر، عليك أن توفي بنذرك بالصلاة، أن تصلي ركعتين قبل كل صلاة من أجل نذرك، وتعرفي الأيام التي تركت الصلاة فيها فتقضيها.

باب صلاة الجماعة

باب صلاة الجماعة 51 - حكم اشتراط الجماعة لصحة الصلاة س: هل الصلاة مع الجماعة شرط لصحة الصلاة أم لا؟ نرجو ذكر الدليل إن أمكن، وفقكم الله (¬1) ج: اختلف العلماء في هذه المسألة، فقال قوم: إن أداء الصلاة في الجماعة شرط، وإن من صلى وحده بدون عذر بطلت صلاته. وقال آخرون: بل واجبة، تجب الصلاة في الجماعة، ويجب السعي إليها، وأن تؤدى في المساجد. وهذا أعدل الأقوال. وقال قوم: إنها فرض كفاية، إذا قام بها من يكفي صار أداؤها في حق الباقين سنة. وقال آخرون: سنة. ولكن الصواب من هذه الأقوال وأعدلها وأصحها قول من قال: إنها واجبة. إن أداء الصلاة في الجماعة واجبة وفي المساجد بالذات، يجب أن تؤدى في المساجد مع المسلمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر ". قالوا: وما ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشرط رقم (8).

العذر؟ قال " خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬1)» خرجه ابن ماجه والحاكم وجماعة بإسناد جيد. قال الحافظ في (البلوغ): على شرط مسلم. وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه «أن رجلا أعمى قال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يلائمني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء بالصلاة "؟ قال: نعم، قال: " فأجب (¬2)» فهذا أعمى ليس له قائد يلائمه، ومع هذا يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: أجب، ولم يجد له رخصة. وفي رواية قال: «لا أجد لك رخصة (¬3)» فصرح النبي صلى الله عليه وسلم أن الأعمى الذي ليس له قائد يلائمه ليس له رخصة في ترك ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792).

الصلاة في الجماعة في المساجد، وثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه هم أن يحرق على من تخلف عن صلاة الجماعة بيوتهم، قال: «ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم - وفي لفظ: إلى رجال - لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (¬1)» فلولا أنهم فعلوا منكرا لما هم بتحريق بيوتهم؛ لأنه لا يهم إلا بالحق عليه الصلاة والسلام، فلولا أنهم أتوا جريمة توجب هذه العقوبة لما هم بأن يتخلف عن الصلاة، ويستخلف من يصلي بالناس، ثم يذهب إليهم في وقت الصلاة؛ حتى لا يتعذروا ويقولوا: قد صلينا أو كذا أو كذا. يأتي إليهم وقت الصلاة؛ حتى تكون الحجة قائمة. ويروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت الصلاة صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار (¬2)» فهذا كله يدل على وجوب أداء الصلاة في الجماعة، أما الشرط فلا، ليست بشرط على الصحيح؛ لأنها لو كانت شرطا لأمر الناس بالإعادة، وقال: ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الخصومات، باب إخراج أهل المعاصي والخصوم من البيوت بعد المعرفة برقم (2420) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب فضل صلاة الجماعة برقم (651) واللفظ له. (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578).

من صلى في بيته فليعد، ومن صلى في غير جماعة فليعد. فلما لم يأمرهم النبي بالإعادة عليه الصلاة والسلام، وإنما توعدهم وأمرهم بالحضور دل على الوجوب؛ لأن الأصل في الأوامر الوجوب، والأصل في الوعيد الدلالة على وجوب ما توعد عليه، هذا هو الحق؛ أنها تجب الصلاة في الجماعة في المساجد، في بيوت الله لا في بيته، بل يصلي مع الجماعة في مساجد الله، هذا هو الواجب، وهذا هو الحق والله المستعان، ومن المصائب العظيمة تساهل كثير من الناس اليوم في الصلاة وهي عمود الإسلام، وهي أول شيء يحاسب عنه الإنسان يوم القيامة هذه الصلاة، وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة (¬2)» رواه مسلم في الصحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام، ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428) والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) والنسائي في كتاب الصلاة باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (¬1)» فالواجب على جميع المسلمين العناية بهذا الأمر على النساء والرجال، فيجب على النساء المحافظة عليها في الأوقات، وأن تؤدى بطمأنينة وإخلاص لله وإقبال عليها، مع الطمأنينة الكاملة في ركوعها وسجودها وقراءتها، وفي الجلسة بين السجدتين، وفي الوقفة بعد الركوع، كل هذا يجب أن يعتنى به، وأن يكون المصلي مطمئنا سواء رجل أو امرأة، هذا أمر عظيم، فيجب على النساء والرجال العناية بهذا الأمر، وعلى الرجال أداؤها في الجماعة في مساجد الله مع إخوانهم المسلمين، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، وكما فعل أصحابه رضي الله عنهم؛ وتنفيذا لأمره عليه الصلاة والسلام، وطاعة له صلى الله عليه وسلم. ومن المعلوم أن الصلاة في البيت فيه تشبه بالمنافقين، وفيه عصيان للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو وسيلة إلى تركها، متى تساهل بها وصلاها في البيت، فقد يغفل عنها وقد يؤخرها كثيرا، وقد يتركها ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، برقم (21563) والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616)، وابن ماجه في كتاب الفتن باب كف اللسان في الفتنة، برقم (3973).

بالكلية، إذ لو كانت لها أهمية لما صلاها في البيت، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق - يعني الصلاة في الجماعة - ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف (¬1)» من حرص الصحابة رضي الله عنهم على الصلاة في الجماعة كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين، يعضدون له حتى يقام في الصف، هذا من عناية الصحابة بالصلاة، وأنها تهمهم كثيرا، ومن المصائب أيضا تساهل كثير من الناس بصلاة الفجر خاصة، فإنها يتساهل بها أكثر من غيرها مع أنهم في بيوتهم، لكن بأسباب السهر الكثير يتخلفون عن صلاة الفجر في الجماعة في المساجد، وربما أخروها إلى ما بعد طلوع الشمس إلى أن يذهبوا إلى أعمالهم، وهذه من المصائب العظيمة، ومن المنكر العظيم، فيجب على المسلم أن يحذر ذلك، وألا يسهر سهرا يضره، ويسبب تخلفه عن الصلاة في الجماعة في المساجد، ولو كان سهره في أعمال مباحة، أو مستحبة كقراءة القرآن، أو التهجد بالليل، أو ما أشبه ذلك لا يجوز له أن يسهر سهرا يجعله يتخلف عن صلاة الفجر في الجماعة، ويتثاقل عنها، فكيف إذا كان سهره في معاصي الله؛ في سماع الأغاني وآلات الملاهي. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654).

حكم صلاة الجماعة

52 - حكم صلاة الجماعة س: هل صلاة الجماعة واجبة أم سنة؟ وما هو تفسير قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (¬1) وكثير من الناس يتساهلون في صلاة الجماعة وهم يسمعون النداء وقريبون من المسجد، ما الحكم في هذا؟ وهل تقبل صلاة من يسمع النداء ولم يذهب إلى المسجد (¬2) ج: صلاة الجماعة فريضة، والواجب على من سمع النداء أن يجيب المؤذن، وليس له أن يصلي وحده، ولا في البيت ولو جماعة في البيت، ليس لهم ذلك، بل الواجب أن يصلوا مع المسلمين في مساجدهم، في بيوت الله عز وجل، كما قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬3)» وسأله عليه الصلاة والسلام رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 43 (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (102). (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793).

والسلام: " فهل تسمع النداء بالصلاة "؟ قال: نعم، قال: " فأجب (¬1)» أخرجه مسلم في صحيحه. وفي الرواية الأخرى: «لا أجد لك من رخصة (¬2)» وثبت في الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام «أنه هم أن يحرق على المتخلفين بيوتهم (¬3)» فدل ذلك على أن أداءها بالمساجد مع المسلمين أمر مفترض، وليس له أن يصلي وحده ولا في بيته، بل عليه أن يشارك إخوانه المسلمين، ويجيب المنادي، ومن ترك ذلك فقد أشبه المنافقين في هذا العمل. قد اختلف العلماء رحمة الله عليهم، في: هل تصح صلاته؟ على قولين: فالأكثرون على أنها تصح مع الإثم. وقال بعض أهل العلم: إنها لا تصح؛ لكونه يصلي وحده، ويدع الجماعة. فالواجب على المؤمن أن يحذر التخلف، وأن يصلي مع إخوانه المسلمين، وأن يبتعد عن مشابهة المنافقين. والله المستعان. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الخصومات، باب إخراج أهل المعاصي والخصوم من البيوت بعد المعرفة برقم (2420) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب فضل صلاة الجماعة برقم (651) واللفظ له.

حكم الصلاة مع الجماعة

53 - حكم الصلاة مع الجماعة س: هل الصلاة مع الجماعة واجبة، أم أنها سنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها؟ فكثير من الرجال يحتجون بأن الصلاة مع الجماعة أفضل منها

في البيت بسبع وعشرين درجة، ولكنهم لم يأثموا لو صلوها في البيت، فماذا ترون يا سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: الصلاة مع الجماعة واجبة مع الفضل المذكور؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» وجاءه رجل أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء بالصلاة "؟ قال: نعم. قال: " فأجب (¬3)» وقال صلى الله عليه وسلم: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (¬4)» ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني: الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق (¬5)» فكون صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (430). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬4) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654).

لا يقتضي جواز الصلاة في البيت، هي أفضل ومع ذلك فهي واجبة في الجماعة، ولا يجوز فعلها إلا من عذر كالمرض.

س: ما حكم صلاة الجماعة في المسجد، وعقاب من يتخلف عن الجماعة في المسجد (¬1) ج: الجماعة في المسجد متعينة في أصح قولي العلماء، وليس للناس أن يصلوا في بيوتهم، بل يجب عليهم أن يصلوا في المساجد، وأن يجتمعوا على ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالناس في مسجده، ويقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬2)» وهو مفسر لقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (¬3)، ولأنه عليه الصلاة والسلام أمر بالإجابة للمؤذن، وقال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬4)» ولما استأذنه رجل أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: " هل تسمع النداء ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (184). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631). (¬3) سورة البقرة الآية 43 (¬4) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793).

بالصلاة "؟ قال: نعم، قال: " فأجب (¬1)» رواه مسلم في الصحيح. وفي رواية أخرى قال: «لا أجد لك رخصة (¬2)» فإذا كان الأعمى الذي ليس له قائد يلائمه ليس له رخصة، فمن باب أولى أن يكون الصحيح السليم البصر ليس له رخصة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792).

عقوبة من يتخلف عن صلاة الجماعة في المسجد

54 – عقوبة من يتخلف عن صلاة الجماعة في المسجد س: ما عقاب من يتخلف عن صلاة الجماعة في المسجد (¬1) ج: يستحق أن يعزر ويؤدب من جهة ولي الأمر، أو من جهة الحسبة التي عنيت بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو من جهة المحكمة إذا كان تخلفه بدون عذر للتساهل؛ لأنه ترك واجبا تشبه بأهل النفاق، فالواجب أن يؤدب، وإذا رأى ولي الأمر أن يكتفي بتوبيخه في المرة الأولى حتى لا يعود، فإن عاد فهو يستحق التأديب بجلدات، أو سجن حتى لا يعود، وهذا العمل متوعد بما يتوعد به أهل المعاصي؛ لأنه متشبه بأهل النفاق، نسأل الله العافية والسلامة. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (184).

بيان ما يشرع من الذكر عند الخروج إلى الصلاة

55 - بيان ما يشرع من الذكر عند الخروج إلى الصلاة س: ماذا يقول المسلم إذا خرج من بيته للصلاة في المسجد (¬1) ج: يشرع له أن يقول: «باسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله (¬2)» «اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي (¬3)» هكذا جاء الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ويستحب للخارج إلى المسجد أو إلى غير المسجد , كالسوق أو غيره أن يقول هذا عند خروجه من بيته إلى السوق، أو إلى زيارة أحد إخوانه، أو إلى المسجد يقول: «باسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل علي (¬4)»، ويستحب أيضا أن يقول في قصده للمسجد مع هذا يقول: «اللهم ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (110). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب ما يقول إذا خرج من بيته، برقم (5095) والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء ما يقول إذا خرج من بيته برقم (3426)، والنسائي في كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من الضلال، برقم (5486) وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب ما يدعو به الرجل إذا خرج من بيته، برقم (3885). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - برقم (26076) وأبو داود في كتاب الأدب، باب ما يقول إذا خرج من بيته برقم (5094) واللفظ له، والترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، برقم (3427)، والنسائي في كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من الضلال، برقم (5486)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب ما يدعو به إذا خرج من بيته، برقم (3884). (¬4) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - برقم (26076) وأبو داود في كتاب الأدب، باب ما يقول إذا خرج من بيته برقم (5094) واللفظ له، والترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، برقم (3427)، والنسائي في كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من الضلال، برقم (5486)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب ما يدعو به إذا خرج من بيته، برقم (3884).

اجعل في قلبي نورا، وفي سمعي نورا، وفي بصري نورا، وفي لساني نورا، وفي شعري نورا، وفي بشري نورا، وفي عظمي نورا، وفي لحمي نورا، وفي دمي نورا، اللهم اجعل أمامي نورا، وخلفي نورا، وعن يميني نورا، وعن شمالي نورا، وفوقي نورا، وتحتي نورا، اللهم أعطني نورا، وزدني نورا، وأعظم لي نورا (¬1)» كل هذا جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه، وهذا الدعاء الأخير رواه البخاري في الصحيح، وهو دعاء عظيم عند قصد العبد الصلاة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات باب الدعاء إذا انتبه بالليل برقم (6316) بلفظ " اللهم اجعل في قلبي نورا وفي بصري نورا وفي سمعي نورا وعن يميني نورا وعن يساري نورا وفوقي نورا وتحتي نورا وأمامي نورا وخلفي نورا واجعل لي نورا، قال كريب وسبع في التابوت فلقيت رجلا من ولد العباس فحدثني بهن فذكر عصبي ولحمي ودمي وشعري وبشري وذكر خصلتين "، وأخرجه مسلم كذلك مع اختلاف في الألفاظ في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامها برقم (763).

حكم التهاون في أداء صلاة الجماعة

56 - حكم التهاون في أداء صلاة الجماعة س: هل صحيح أن عدم ذهاب الرجل للصلاة مع الجماعة سبب في نزع البركة من حاله وماله؟ وما الدليل على ذلك (¬1) ج: لا ريب أن الصلاة هي عمود الإسلام، وهي أعظم الواجبات ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (77).

والفرائض بعد الشهادتين، وقد دل على ذلك آيات كثيرة وأحاديث صحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فمن ذلك قوله عز وجل: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (¬1)، وقوله سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (¬2)، وقوله سبحانه: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} (¬3)، وقوله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬4) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬5) إلى أن قال: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (¬6) {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} (¬7) {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (¬8)، وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (¬9)، فجعلها قرينة التوحيد قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ} (¬10) ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 238 (¬2) سورة البقرة الآية 43 (¬3) سورة العنكبوت الآية 45 (¬4) سورة المؤمنون الآية 1 (¬5) سورة المؤمنون الآية 2 (¬6) سورة المؤمنون الآية 9 (¬7) سورة المؤمنون الآية 10 (¬8) سورة المؤمنون الآية 11 (¬9) سورة البينة الآية 5 (¬10) سورة البينة الآية 5

هذا هو التوحيد، هذا هو معنى: (لا إله إلا الله)، ثم قال بعده {وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ} (¬1) وقال سبحانه: {فَإِنْ تَابُوا} (¬2) يعني: من الشرك {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} (¬3)، فدل على عظمتها وأنها قرينة التوحيد، قال سبحانه {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} (¬4)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس؛ حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله (¬5)» ومن أهم واجباتها وأعظم واجباتها أداؤها في الجماعة في حق الرجل، حتى أوجبها الرب سبحانه في حال الخوف، قال جل وعلا ¬

_ (¬1) سورة البينة الآية 5 (¬2) سورة التوبة الآية 5 (¬3) سورة التوبة الآية 5 (¬4) سورة التوبة الآية 11 (¬5) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم)، حديث رقم (25) ومسلم في كتاب الإيمان باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله. .، برقم (22).

{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} (¬1) الآية. فأوجب صلاة الجماعة في حال الخوف وفي حال مصافة المسلمين لعدوهم الكافر، فأمرهم أن يصلوا جماعة، وأن يحملوا السلاح لئلا يحمل عليهم العدو، وقال عليه الصلاة والسلام: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» وأتاه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال المصطفى عليه الصلاة والسلام: " هل تسمع النداء بالصلاة "؟ قال: نعم، قال: " فأجب (¬3)» خرجه مسلم في صحيحه. فهذا رجل أعمى لم يأذن له النبي صلى الله عليه وسلم في التخلف عن الجماعة، وفي اللفظ الآخر: قال: «لا أجد لك رخصة (¬4)» فصرح أنه ليس له رخصة وهو أعمى، ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 102 (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792).

ليس له قائد يلائمه، يعني: يحافظ على الذهاب معه. فإذا كان الرجل الأعمى الذي ليس له قائد يعتني به ويحافظ عليه ليس له رخصة، بل عليه أن يذهب ويتحرى ويجتهد حتى يصل المسجد فكيف بحال القوي المعافى؟ فالأمر في حقه أعظم وأكبر، ثم التخلف عن صلاة الجماعة من أعظم الوسائل في التهاون بها، وتركها بعد ذلك؛ فإنه اليوم يتخلف وغدا يترك، ويضيع الوقت؛ لأن قلة اهتمامه بها جعلته يتخلف عن أدائها في الجماعة، وفي المساجد التي هي بيوت الله، التي قال عنها سبحانه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} (¬1)، وهي المساجد، وهذا أمر مجرب، فإن الذين يتخلفون عن الجماعة يسهل عليهم ترك الصلاة بأدنى عذر وبأقل سبب، ثم بعد ذلك يتركونها بالكلية؛ لقلة وقعها في صدورهم، ولقلة عظمتها في قلوبهم، فيتركونها بعد ذلك، فترك الصلاة في الجماعة وسيلة قريبة وذريعة معلومة إلى تركها بالكلية، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» خرجه الإمام أحمد في المسند، وأبو داود والترمذي والنسائي ¬

_ (¬1) سورة النور الآية 36 (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428) والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) والنسائي في كتاب الصلاة باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

وابن ماجه بإسناد صحيح، عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وخرج مسلم في الصحيح عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» وهذا يدل على أنه كفر أكبر، هذا الكفر والشرك، فأتى بالكفر المعرف والشرك المعرف، وهذا الذي عليه أن المراد به كفر أكبر، ويمكن أن بعض أهل العلم رأى أنه كفر دون كفر إذا كان غير جاحد لوجوبها، بل يعلم أنها واجبة ولكن تساهل، وقد ذهب جمع كبير من أهل العلم وحكى بعضهم قول الأكثرين: إنه كفر دون كفر، وإنه لا يكفر كفرا أكبر. لكن الصحيح الذي قامت عليه الأدلة أنه كفر أكبر، وهو ظاهر إجماع الصحابة قبل من خالفهم بعد ذلك، وقد حكى عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل الثقة «عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة (¬2)» فعندهم الصلاة تركها كفر، ومرادهم كفر أكبر؛ لأن هناك أشياء عملها كفر، لكن ليس هو كفرا أكبر، مثل الطعن في الأنساب والنياحة على الأموات، سماها النبي كفرا، والصحابة يسمونها كفرا، لكنها كفرا أصغر، فلما أخبر عنهم أنه لا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة برقم (2622).

علم أنهم أرادوا بذلك الكفر الأكبر، كما جاء به الحديث. وأما كون هذه المعصية تسبب محق البركة، وتسبب أيضا شرا كثيرا عليه في بدنه وفي تصرفاته هذا لا يستغرب، فإن المعاصي لها شؤم كثير، ولها عواقب وخيمة في نفس الإنسان، وفي قلبه، وفي تصرفاته، وفي رزقه، فلا يستغرب هذا، فقد دلت الأدلة على أن المعاصي لها عواقب وخيمة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إن العبد ليحرم الرزق بذنب يصيبه (¬1)» ومعلوم أن المعاصي تسبب الجدب في الأرض، ومنع المطر، وحصول الشدة، وهذا كله من أسبابه المعاصي كما قال عز وجل {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (¬2)، وقال سبحانه {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} (¬3)، هذا أمر معلوم بالنصوص وبالواقع، فجدير بالمؤمن أن يحذر مغبة المعاصي وشرها، وأن يتباعد عنها، وأن يحرص على أداء ما أوجب الله عليه، وعلى المسارعة إلى ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث ثوبان رضي الله عنه، برقم (21907) وابن ماجه في كتاب الفتن، باب العقوبات، برقم (4022). (¬2) سورة الشورى الآية 30 (¬3) سورة النساء الآية 79

الطاعات، فهي خير في الدنيا والآخرة، والمعاصي شر في الدنيا والآخرة، رزق الله الجميع العافية والسلامة.

حكم من ترك الصلاة في المسجد لكراهة أحد المصلين

57 - حكم من ترك الصلاة في المسجد لكراهة أحد المصلين س: من يترك الصلاة في المسجد لكي لا يرى من لا يحب، ما رأيكم (¬1)؟ ج: هذا ليس بعذر، بل يجب عليه أن يصلي في المساجد مع المسلمين وإن رأى من لا يحب، الأمر في هذا واسع وما يضره، عليه أن يجيب الله ورسوله، فيفعل ما أمر الله به ورسوله وإن رأى بعض الناس الذين لا يحبهم، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» خرجه ابن ماجه والدارقطني والحاكم وجماعة بإسناد جيد، وقال عليه الصلاة والسلام لما سأله ابن أم مكتوم رضي الله عنه، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال عليه الصلاة والسلام: " هل تسمع النداء بالصلاة "؟ قال: نعم، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (75). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793).

قال: فأجب (¬1)» رواه مسلم في الصحيح، هذا أعمى ليس له قائد يلائمه، فقال له: أجب، وفي اللفظ الآخر يقول صلى الله عليه وسلم «لا أجد لك رخصة (¬2)» فإذا كان أعمى لا يجد له رخصة، ليس له قائد يلائمه فكيف بحال الرجل الصحيح السليم المعافى البصير. وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا يؤم الناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى رجال لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم (¬3)» هذا يدل على عظم الأمر. وفي مسند أحمد قال: «لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت الصلاة صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار (¬4)» فالحاصل أن الأدلة واضحة قائمة على وجوب الصلاة في الجماعة في المساجد، وليس لمن تأخر عنها؛ لئلا يرى بعض الناس الذين لا يحبهم، ليس لهم عذر في ذلك، بل عليه أن يتقي الله ويراقب ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578). (¬4) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578).

الله، ويصلي مع المسلمين ولو رأى من لا يحب.

حكم الصلاة في مصلى العمل مع وجود مسجد بالجوار

58 - حكم الصلاة في مصلى العمل مع وجود مسجد بالجوار س: في موقع العمل لدينا مكان خاص للصلاة، نصلي به صلاة الظهر، ويوجد بجوارنا مسجد، فهل تجوز لنا الصلاة في مسجد إدارتنا، أم لا بد أن نصلي في المسجد الذي بجوارنا (¬1) ج: الواجب عليكم الصلاة في المسجد الذي بجواركم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» وقد جاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب (¬3)» وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام «أنه هم أن يحرق على المتخلفين بيوتهم (¬4)»، يعني لتخلفهم عن صلاة الجماعة في المسجد، فالواجب على المؤمن، وعلى جميع المؤمنين الصلاة في المساجد إذا كانت قريبة منهم، أما إذا كانت بعيدة لا يسمعون صوت ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (335). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬4) صحيح البخاري الأذان (644)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (651)، سنن الترمذي الصلاة (217)، سنن النسائي الإمامة (848).

المنادي، صوت المؤذن في الأوقات المناسبة الهادئة فإنهم لا تلزمهم الصلاة في المسجد البعيد، يصلون في محلهم لا بأس، أما صوت المكبر فيسمع من بعيد، لكن إذا كان المسجد قريبا إذا أذن المؤذن في الأوقات المعتادة، وسمعوه فإنه يلزمهم أن يصلوا فيه، ويخرجوا إليه.

حكم اتخاذ مصلى بسبب بعد المسجد

59 - حكم اتخاذ مصلى بسبب بعد المسجد س: إننا نبعد عن مسجد القرية، ولكننا نصلي جماعة في مكان اتخذناه مصلى لنا، فهل علينا شيء في عدم الذهاب إلى المسجد (¬1) ج: إذا كنتم تسمعون النداء بالصوت المجرد من دون مكبر؛ لقربه منكم فإنه يلزمكم الذهاب والصلاة معهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» وجاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب (¬3)» فالواجب عليكم أن تصلوا مع الجماعة في المسجد إذا كنتم تسمعون ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (149). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

النداء، وتستطيعون الذهاب إليه، أما إذا كان بعيدا منكم، يشق عليكم الذهاب إليه لبعده، أو لأن أهل محلكم مرضى أو عاجزون لكبر السن ونحو ذلك: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1)، الحاصل أن الواجب عليكم الصلاة مع الجماعة، ما دام تسمعون النداء العادي عند هدوء الأصوات تسمعون النداء، فعليكم السعي، أما إذا كان بعيدا عنكم عرفا يشق عليكم السعي إليه، ولا تسمعون النداء فلا مانع أن تصلوا في محلكم، ولا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16

بيان حكم حديث: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد

60 - بيان حكم حديث: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» س: يحصل أحيانا أن نبتعد عن المسجد لبعض المناسبات، فهل لنا أن نؤذن ونقيم، ونصلي حيث نحن، أم لا بد من الصلاة في المسجد؟ حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد (¬1)» (¬2) ج: الحديث هذا ضعيف، ولكن روي عنه أحاديث صحيحة، مثل ¬

_ (¬1) أخرجه الحاكم في المستدرك ج 1/ 373 في باب التأمين، برقم (898) والدارقطني في سننه، باب الحث لجار المسجد على الصلاة فيه إلا من عذر، برقم (41 ج- 1/ 499) والبيهقي في سننه موقوفا على علي رضي الله عنه، باب ما جاء من التشديد في ترك الجماعة، برقم (4721). (¬2) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (294).

قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر»، قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬1)» ومثل قوله صلى الله عليه وسلم للأعمى لما سأله، قال: «ليس لي قائد يقودني للمسجد؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة»؟ قال: نعم، قال: «فأجب (¬2)» فالصلاة للجماعة في المساجد أمر واجب إلا من عذر شرعي، فإذا كنتم في محل تسمعون النداء وجب عليكم أن تصلوا مع الناس، فإذا كنتم بعيدين لا تسمعون النداء العادي بالصوت العادي غير المكبر فلا حرج عليكم أن تصلوا في محلكم جماعة لبعدكم؛ لأن صوت المكبر قد يسمع من بعيد، فإذا كان بالإمكان حضوركم، والصلاة مع الجماعة لقرب المسافة وجب عليكم أن تحضروا في المسجد، أما إن كانت المسافة بعيدة، قد تذهبون تفوتكم الصلاة لبعد المسافة، حيث لا تسمعون النداء لو كان النداء بغير مكبر لبعد المسافة فلا حرج عليكم أن تصلوا جماعة. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

حكم الصلاة في مسجد لا يؤذن فيه

61 - حكم الصلاة في مسجد لا يؤذن فيه س: مسجد يصلى فيه جميع الأوقات ولا يؤذن فيه، هل تجوز الصلاة فيه أم لا (¬1) ج: نعم، تجوز الصلاة فيه، والواجب أن يؤذن أحدهم، يجب أن يعلموا حتى يؤذن أحدهم، والصلاة فيه جائزة إذا كان ما هناك مسجد آخر يغني عنه، إذا كانوا محتاجين الصلاة فيه، أما إن كان عندهم مسجد آخر كفاهم، لكن إذا كان فيه حاجة لهذا المسجد يصلى في هذا، ويؤذن فيه أحدهم. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (369).

وجوب بناء المساجد لأداء صلاة الجماعة

62 - وجوب بناء المساجد لأداء صلاة الجماعة س: في قريتنا لا يوجد مسجد لأداء الصلوات في الجماعة، ولكننا نقوم لأداء صلاة المغرب والعشاء في الجماعة بالقرب من مساكننا، فهل يجوز ذلك (¬1) ج: نعم، هذا الواجب عليكم، تصلون جماعة في منزل أحدكم، أو في قرب منازلكم، حتى يتيسر مكان لكم للصلاة، والواجب عليكم أن تتعاونوا في إيجاد مسجد ولو بالشراء، شراء الأرض للتعمير، بناء المساجد واجب على المسلمين، فالواجب عليكم إذا كان ما عندكم مسجد قريب أن تعمروا مسجدا على حساب أنفسكم، أو بأيديكم في ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (220).

المكان المناسب المتوسط بينكم، وإذا استعنتم بالله ثم ببعض إخوانكم الأثرياء فلا حرج في ذلك، أما تساهلكم هذا فلا يجوز، لكن ما دام المسجد لم يقم تصلون جميعا في أي بقعة من الأرض تناسبكم، تجتمعون فيها أو في بيت أحدكم، إذا لم يتيسر مكان مناسب - والحمد لله - حتى يقام المسجد.

حكم الذهاب إلى المسجد قبل الأذان

63 - حكم الذهاب إلى المسجد قبل الأذان س: رسالة من البحرين مرسلها: أ. ح. ر. يقول: هل الأفضل أن يؤذن المؤذن للصلاة وأنا في المسجد منتظرا للصلاة، أم أنتظر الأذان في بيتي لأصلي النوافل في بيتي وأذهب للمسجد بعد ذلك لأداء الصلاة جماعة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: كل ذلك خير، إن ذهبت للمسجد قبل الأذان فلا بأس، وإن جلست في بيتك حتى يؤذن المؤذن ثم تتوجه إلى المسجد كله طيب، لكن يجب عليك عندما يؤذن حين سمعت: (حي على الصلاة) المبادرة والإسراع إلى الصلاة، أما قبل ذلك فأنت مخير، إن رأيت مصلحة التوجه حذرا من العوائق التي تعوق عن الصلاة فهذا من الحيطة، ومن المشروع أيضا، وإن كان هناك أسباب تقتضي التأخر، وهي أصلح في حقك في أعمال تنفعك، أو في أعمال بيتك تنفعك، أو ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (314).

تنفع أهل بيتك فلا بأس، فإذا أذن المؤذن فبادر وسارع إلى المسجد، وأبشر بالخير العظيم، المقصود أن التقدم قبل الأذان هذا فيه تفصيل، إن كانت هناك مصلحة التقدم قبل الأذان فبادر بذلك لتحقيق المصلحة، كالخوف أن يمنعك أحد للتقدم للمسجد، أو يعوقك عائق للخروج بعد الأذان للمسجد، أو أسباب أخرى تخشى منها، أما إذا ما كان هناك أسباب فالمشروع لك أن تبادر إذا سمعت الأذان تبادر للصلاة، وفي بيتك تعمل ما ينفعك وينفع أهلك. وإجابة النداء بالذهاب إلى المصلى والتبكير يدخل في الأفضلية أيضا، وهذا من باب المسارعة إلى الصلاة والمسابقة إليها، مثل ما في قول-هـ ج-ل وع-لا: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} (¬1)، وقوله: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} (¬2)، هذا من باب المسارعة للخيرات والمسابقة إليها، لكن «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول (¬3)» هذا مقصوده في النداء، يسعى للنداء، أما الصف الأول، المسارعة إلى الصلاة؛ حتى يكون في الصف الأول، يعني يبكر حتى يفوز بالصف ¬

_ (¬1) سورة آل عمران الآية 133 (¬2) سورة البقرة الآية 148 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب الاستهام في الأذان برقم (615) ومسلم في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول برقم (437).

الأول، وأما إذا تأخر قد لا يحصل له إلا الصف الثاني أو الثالث، إذا كان المسجد كبيرا فيه ناس كثير، لكن ما يتعلق بالأذان معناه أنهم يتنافسون فيه حتى إن كل واحد يقول: دعوني أنا الذي أؤذن. وقد يحتاجون للقرعة.

وجوب نصيحة تارك الصلاة

64 - وجوب نصيحة تارك الصلاة. س: هذا السائل يقول في هذا السؤال: سماحة الشيخ حفظكم الله، كثير في هذه الأيام من يقوم بترك الصلاة، فما دور الأئمة والمؤذنين في تنبيه أولئك ونصيحتهم، وأمرهم بالصلاة مع الجماعة (¬1) ج: الواجب على الأئمة والمؤذنين وأعيان الجماعة النصيحة لمن يعرف بالتخلف عن الصلاة، ينصحه جيرانه، ينصحه الإمام والمؤذن وأعيان الجماعة، المسلمون إخوة، الله سبحانه يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (¬2)، ويقول سبحانه: {وَالْعَصْرِ} (¬3) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (¬4) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (¬5) ويقول: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (¬6) ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (430). (¬2) سورة المائدة الآية 2 (¬3) سورة العصر الآية 1 (¬4) سورة العصر الآية 2 (¬5) سورة العصر الآية 3 (¬6) سورة التوبة الآية 71

هذا هو الواجب، ولو زاروه في البيت كل هذا من الواجبات والمهمات العظيمة، ولا يجوز الغفلة أبدا، بل يجب التناصح والتعاون على البر والتقوى، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة»، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (¬1)» ويقول جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه الصحابي الجليل: [«بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم (¬2)»] متفق على صحته. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (55). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب الدين النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين.، برقم (57) ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (56).

حكم صلاة الفريضة في البيت

65 - حكم صلاة الفريضة في البيت س: السائل أحد المستمعين يقول: ما حكم الصلاة في البيت، ولا سيما إذا كان المسجد بعيدا، وليس له وسيلة مواصلات؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الصلاة في البيت صلاة الفريضة لا تجوز إذا كان يقدر على الصلاة في المسجد، يجب عليه أن يصلي مع الناس؛ لقول النبي صلى ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (63).

الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر. قالوا: ما العذر؟ قال: خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬1)» ولقوله صلى الله عليه وسلم للأعمى لما سأله: هل يصلي في بيته؟ قال صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة»؟ قال: نعم، قال: «فأجب (¬2)» ولأنه صلى الله عليه وسلم توعد بالنار من تخلف عن الصلاة في الجماعة، فالواجب على المكلف أن يحضر الصلاة في الجماعة مع المسلمين في المساجد، إلا إذا كان بعيدا عن المسجد لا يسمع النداء، فلا حرج عليه إذا كان بعيدا عنه المسجد، لا يسمع النداء فلا حرج يصلي في البيت، وإن صلى في المسجد ولو مع المشقة كان أفضل وأكثر ثوابا، ولكن لا يلزمك إذا كان بعيدا لا تسمع النداء بالصوت المعتاد لا بالمكبر، أما المكبر فقد يسمع من بعيد، وليس كل أحد يستطيع المشي إلى ما يسمع، فالحاصل أنه لا يلزمك السعي إلى المسجد إذا كان بعيدا لا تسمع النداء بالصوت المعتاد عند عدم الأصوات، ولكن إذا سعيت وصبرت على المشقة كان أفضل. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

حكم الصلاة في البيت من غير عذر

66 - حكم الصلاة في البيت من غير عذر س: ما حكم الصلاة في البيت من غير عذر، اللهم إلا خوفا من أن يقال: بأنه ذهب إلى المسجد ليعرف الناس أنه يصلي (¬1) ج: الواجب على المسلم أن يصلي في المسجد مع إخوانه المسلمين؛ امتثالا لقوله سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (¬2)، وقوله عز وجل: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} (¬3) {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} (¬4)، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر»، قالوا: ما العذر؟ قال «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬5)» وكون الإنسان يخاف أن يقال: إنه ذهب يصلي ليقال: إنه يصلي. هذا ليس بعذر والحمد لله، إذا مدحوه أنه يصلي هذا خير له ولا يضره ذلك، بل هو منقبة له أنه يصلي مع المسلمين، وخلق كريم، ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (211). (¬2) سورة البقرة الآية 43 (¬3) سورة النور الآية 36 (¬4) سورة النور الآية 37 (¬5) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373).

فلا ينبغي أن يمنعه ذلك من الذهاب إلى المسجد، ولو اتهمه بعض الناس بالرياء لا يضره ذلك، إثمهم عليهم، عليه إخلاص النية لله، وأن يذهب إلى المساجد طاعة لله ولرسوله، ولا يضره قول الناس: إنه مراء، أو إنه أراد كذا وكذا، لا يضره، عليه أن يعامل ربه بالإخلاص، وأن يتابع رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يضره بعد ذلك ما يقول الناس من تهمته بالرياء أو غيره. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سأله أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (¬1)» هذا أعمى ليس له قائد يقوده إلى المسجد، ومع هذا يقال له: أجب، فكيف بحال البصير القادر، فالواجب عليه أعظم، فاتق الله وحافظ على الصلاة في الجماعة ولا تبال بقول الناس، وفقك الله للحق وإيانا والمسلمين. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

حكم الصلاة في البيت مع قرب المسجد

67 - حكم الصلاة في البيت مع قرب المسجد س: الأخ: ح. م. م. من العراق، يقول: هل تجوز الصلاة في البيت؟ علما بأن المسجد ليس ببعيد عن بيتي، ولكني أذهب لصلوات

الجمعة وأصلي التراويح، وأذهب بعض الأوقات، فهل صلاتي صحيحة (¬1) ج: لا يجوز للمسلم أن يصلي في البيت وهو قادر على المسجد ويسمع النداء، بل عليه أن يجيب ويصلي مع المسلمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي ولم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬2)» وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له المصطفى عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (¬3)» وفي رواية: قال: «لا أجد لك رخصة (¬4)» فإذا كان الرجل الأعمى الذي ليس له قائد يلائمه ليس له رخصة، فكيف بالصحيح البصير؟ المقصود أن الواجب على المسلمين من الرجال الصلاة في المساجد، وعدم الصلاة في البيوت. واختلف العلماء هل تصح أم لا تصح إذا صلى في البيت؟ فالأكثرون ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (193). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792).

على أنها تصح مع الإثم، وقال آخرون: لا تصح؛ لأن من شرطها أن تؤدى في الجماعة مع القدرة. فالواجب عليك يا أخي أن تحرص على أدائها في الجماعة في بيوت الله عز وجل، وأن تحذر التساهل بذلك. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه هم أن يحرق على المتخلفين بيوتهم (¬1) وما ذاك إلا لشدة الجريمة. فاحمد الله يا أخي على ما أعطاك من العافية، وبادر وسارع إلى أداء الصلاة في الجماعة ما دام المسجد قريبا تسمع النداء، لو كان النداء بالصوت العالي لا بالمكبر فإنه يلزمك الحضور، أما بالمكبر فإن المكبر يسمع من بعيد، إذا كان بعيدا عنك يشق عليك الحضور، وربما فاتت الصلاة إذا خرجت بعد الأذان، وربما فاتت الصلاة لبعده فلا يلزمك، بل تصلي أنت وجيرانك في محل آخر، حتى يبنى لكم مسجد، أما ما دمت تسمع النداء فالواجب عليك أن تذهب إليه، وإذا كان السماع بالمكبر واستطعت أن تذهب فهذا خير عظيم، وإن شق عليك ذلك جاز لك أن تصلي وحدك، حتى يتيسر لك جماعة أو مسجد قريب؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، والنبي ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578). (¬2) سورة التغابن الآية 16

صلى الله عليه وسلم يقول: «من سمع النداء (¬1)» وأنت لا تسمع النداء لولا المكبر، أما إذا كنت تسمعه لو كان هناك نداء بدون مكبر، تسمعه لقربه فإنه يلزمك الصلاة مع إخوانك. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793).

وجوب صلاة الجماعة وفضلها

68 - وجوب صلاة الجماعة وفضلها س: هل تصح الصلاة في المنزل إذا سمعت الأذان في المسجد ولم أذهب إلى المسجد، أم لا بد أن تكون الصلاة في المساجد (¬1) ج: الواجب أن تؤدي الصلاة في المساجد مع إخوانك المسلمين؛ لأن الرسول قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» وجاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (¬3)» هذا أعمى ليس له قائد يلائمه، ومع هذا أمره النبي بالإجابة ولم يرخص له، فكيف بحال القادر البصير؟ فاتق الله أيها ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (220). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

السائل، واحذر من التساهل ومشابهة أهل النفاق. وقد اختلف العلماء هل تصح في البيت؟ على قولين: أحدها: أنها تصح مع الإثم. وهذا هو الصواب، تصح مع الإثم. والثاني: أنها لا تصح، وأن عليه أن يصلي في الجماعة، ولا تصح صلاة بدون جماعة. ولكن القول الأول أصح، أنها تصح، ولكن بإثم وعليه التوبة إلى الله، وأن يستقيم على أدائها في الجماعة، والله المستعان.

حكم ترك صلاة الجماعة

69 - حكم ترك صلاة الجماعة س: سائل يقول: لي أخ لا ينشط كثيرا لصلاة الجماعة، بل يصلي في البيت منفردا، بماذا تنصحوني تجاهه؟ وقد أديت له النصح أكثر من مرة (¬1) ج: الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يصلي في الجماعة؛ لأن الصلاة في الجماعة في بيوت الله أمر لازم، هذا هو الصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم. وقد دلت عليه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬2)» وفي صحيح مسلم عن ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (210). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373).

النبي صلى الله عليه وسلم أنه استأذن رجل أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (¬1)» ولم يأذن له في ترك الصلاة في المسجد وهو أعمى، ليس له قائد يقوده، فكيف بحال البصير القوي القادر؟ أمره أشد وأخطر، فالواجب على كل مؤمن أن يصلي في الجماعة، وأن يتقي الله ويبادر، وعليك أيها السائل أن تنصحه دائما، وأن تجتهد في توجيهه إلى الخير وتحذيره من مشابهة المنافقين، لعل الله يهديه بأسبابك فيكون لك مثل أجره، ولا تمل ولا تيأس واستعن على ذلك بغيرك، كأبيك وإخوانك الآخرين، وبعض جيرانك حتى ينصحوه حتى يعينوك عليه. نسأل الله لنا ولكم وله الهداية. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

حكم من يصلون في البيت مع سماع الأذان

70 - حكم من يصلون في البيت مع سماع الأذان س: يوجد كثير من الناس يسمعون النداء للصلاة، فلا يصلون في المسجد ويصلون في بيوتهم، وليس لهم أي عذر شرعي، فهل صلاتهم صحيحة (¬1) ج: هذا الذي يفعله بعض الناس من الصلاة في البيت، مع سماعهم ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (137).

النداء هذا منكر في أصح قولي العلماء، لا يجوز لهم الصلاة في البيت مع سماع النداء وقرب المسجد، بل الواجب على كل مسلم ذكر أن يصلي في المسجد إذا استطاع ذلك، ولم يمنعه مرض ولا خوف؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان هو وأصحابه رضي الله عنهم يصلون في المسجد ويقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬1)» عليه الصلاة والسلام، ويقول: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬2)» إذا كان مريضا لا يستطيع فهو معذور، أو يخاف؛ لأن البلد غير آمنة، أو لأنه يراقب لقتله أو ضربه فهو معذور، ويقول صلى الله عليه وسلم لعبد الله ابن أم مكتوم لما استأذن في الصلاة، وكان رجلا أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء للصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (¬3)» أخرجه مسلم في صحيحه، فإذا كان الرجل الأعمى الذي ليس له قائد يلائمه ليس له عذر فكيف بالمعافى البصير غير المعذور؟ والمقصود أن الواجب على الرجال أن يصلوا في المساجد مع الجماعة، وأن يحذروا طاعة الشيطان في الصلاة في البيت. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

وقد دل القرآن العظيم والسنة المطهرة على أن هذا العمل من أعمال المنافقين؛ لأنهم ليس عندهم حسبة، وليس عندهم إيمان، فالمقصود أنه من عمل المنافقين؛ ولهذا يقول سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬1) ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها – يعني في المسجد - إلا منافق معلوم النفاق (¬2)» فالواجب على المؤمن أن يتقي الله، وأن يبادر بالصلاة في المسجد، وأن يحذر مشابهة المنافقين في ترك الصلاة في المساجد، وليس هذا خاصا بوقت دون وقت، بل في جميع الأوقات: الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء. يجب على الرجال جميعا أن يصلوا في المساجد، وأن يحذروا غضب الله وعقابه، وأن يبتعدوا عن مشابهة أهل النفاق. ومن المصائب العظيمة أن كثيرا من الناس الآن لا يبالي بهذا الأمر، وهذا وسيلة إلى ترك الصلاة بالكلية، فإنه متى تخلف عنها في الجماعة وصلى في البيت تمادى به الهوى والشر والكسل حتى يدعها، ولا حول ولا قوة إلا بالله، كيف يرضى المؤمن لنفسه بأن يشابه ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 142 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654).

النساء؟ فيصلي في البيت، أو يتشبه بالمرضى العاجزين، والله قد عافاه وأنعم عليه، فالواجب البدار والمسارعة إلى الصلاة في المسجد، وأن يخاف الله ويراقبه سبحانه وتعالى، وألا يتشبه بالنساء والمرضى والمنافقين. نسأل الله السلامة.

س: يقول السائل: أنا - والحمد لله - أحب أن أصلي الصلاة في وقتها، وإذا أذن المؤذن قد لا أتمكن من الذهاب إلى المسجد لأمر ما، فهل أصلي بعد فراغ المؤذن، أم أنتظر حتى تقام الصلاة (¬1) ج: الواجب عليك الذهاب إلى المسجد إذا كنت سليما، أما إذا كان هناك علة لمرض، أو لأنك ممنوع من الخروج من بيتك كالسجين وما أشبه ذلك فإنك تصلي بعد الأذان، وليس لك تعلق بالإمامة والإقامة، تصلي إذا دخل الوقت سواء قبل الناس أو بعد الناس، لست مربوطا بإقامة الصلاة، بل تصلي قبله أو بعده إذا كنت عاجزا عن الذهاب للمسجد لمرض أو نحوه، أما إذا كنت قادرا فالواجب عليك أن تجيب المؤذن، أن تصلي مع المسلمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» ولأنه صلى الله عليه ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (244). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793).

وسلم لما جاءه رجل أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ أجابه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (¬1)» رواه مسلم في صحيحه، وفي رواية أخرى لغير مسلم: «لا أجد لك رخصة (¬2)» فإذا كان الأعمى الذي ليس له قائد يلائمه ليس له رخصة فكيف بغيره؟ فالواجب عليك يا أخي أن تحرص على الصلاة في الجماعة، وإذا كنت معذورا عذرا شرعيا فأنت بحمد الله تصلي قبلهم، أو بعدهم لا حرج عليك. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792).

حكم تأخير صلاة العشاء

71 - حكم تأخير صلاة العشاء س: الأخ: إ. م. ح، من السودان، يقول: إنني أؤخر صلاة العشاء في أكثر الأوقات. ولكن أصليها قبل أن يخرج الوقت: فهل علي إثم؟ (¬1) ج: الواجب عليك يا أخي أن تصلي مع الجماعة مع المسلمين، في بيوت الله في المساجد، وليس لك أن تصلي في البيت، بل الواجب عليك أن تخرج إلى المسجد كما فعل المسلمون مع نبيهم صلى الله ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (272).

عليه وسلم، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر، قالوا: وما العذر؟ قال: خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬1)» وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (¬2)» فلم يرخص له وهو أعمى ليس له قائد يقوده، فكيف بالبصير القوي؟ فالأمر عليه أعظم، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (¬3)» هذا وعيد عظيم يدل على أن الحضور في المساجد والصلاة مع الناس أمر واجب. قال ابن مسعود رضي الله عنه في الحديث الصحيح: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق - يعني: الجماعة - ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف (¬4)» ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654).

لكن من فاتته مع الجماعة يصلي في الوقت، لا بد أن يصليها في الوقت، أو كنت مريضا عليك أن تصلي في الوقت، أو سجينا عليك أن تصلي في الوقت, العشاء أو غير العشاء، لا بد أن تصلي في الوقت، ليس لك أن تقدمها، وليس لك أن تؤخرها، بل يجب وجوبا أن تصليها في الوقت، وفي أوله أفضل.

حكم تأخير الصلاة بدون عذر

72 – حكم تأخير الصلاة بدون عذر س: هل علي إثم في تأخير صلاة العشاء بدون عذر؟ (¬1) ج: إذا كنت صحيحا فالواجب عليك أن تصلي مع الناس في المسجد، هذا هو الواجب عليك؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» فيجب عليك أن تصلي مع الناس، ولا يجوز لك التأخير ولا الصلاة في البيت مطلقا، أما إن كنت مريضا فلك أن تؤخر قبل نصف الليل، لا تؤخر بعد نصف الليل، صلها عندما ينتصف الليل أو ما يقارب هذا لا بأس، وهذا أفضل إذا كان ما فيه مشقة، ولكن ليس لك أن تؤخر بعد نصف الليل، هذا لو كنت مريضا معذورا، وأما إذا كنت قادرا فإنك تصلي مع الناس في المسجد، ولا يجوز لك التأخير. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (336). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793).

حكم الصلاة في البيت مع سماع النداء

73 - حكم الصلاة في البيت مع سماع النداء س: هل يمكن أن أصلي في البيت؟ مع العلم أنني صحيح وقادر، ومع العلم أنني أسمع النداء وأسمع الإقامة، أفيدوني بذلك (¬1) ج: لا يجوز لك أن تصلي في البيت، يجب أن تصلي مع الناس، من سمع النداء وجب عليه أن يصلي مع الجماعة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬2)» وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ - وهو أعمى - فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (¬3)» أعمى ليس له قائد يقال له: أجب. ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني: الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق (¬4)» ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (369). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654).

فالواجب على المسلم القادر أن يصلي مع الجماعة، ما دام يستطيع يسمع النداء في محله حيث يسمع النداء يلزمه، أما إذا كان بعيدا يشق عليه، ما يسمع النداء وهو بعيد فإنه يصلي في محله مع جماعته.

حكم من استيقظ من النوم ولم يدرك الصلاة في المسجد

74 - حكم من استيقظ من النوم ولم يدرك الصلاة في المسجد س: هل واجب علي إذا سمعت أذان صلاة الفجر عندما أستيقظ من النوم، لم ألحق بالصلاة إلا نادرا فهل يجب علي عندما أعلم أنني لم ألحق بالجماعة، أن أصلي في البيت، أم ألحق بالمسجد كيفما كان الحال (¬1) ج: الواجب عليك السعي إلى المسجد، والبدار بذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬2)» وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (¬3)» ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (266). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

فأنت عليك أن تجيب وتبادر، وإذا كانوا يبكرون بادر، تأهب للصلاة قبل الأذان؛ حتى تدركها مع إخوانك، ما دام تسمع النداء والمسجد قريب فعليك أن تبادر وأن تصلي مع إخوانك، وتحذر الكسل.

حكم من لا يصلي في المسجد وهو جار المسجد

75 - حكم من لا يصلي في المسجد وهو جار المسجد س: رجل لا يصلي في المسجد علما بأنه جار المسجد، وهو رجل متدين ويصلي في المنزل مع أولاده، وحجة هذا الرجل أن الناس الذين يصلون في المسجد قلوبهم فيها حسد وبغض أو غيظ، فما حكم ذلك؟ وفقكم الله (¬1) ج: هذا الرجل قد أتى منكرا؛ إن الصلاة في البيت لا تجوز، والواجب على المؤمن أن يصلي مع الناس في المساجد في الجماعة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» هذا وعيد شديد. وقال عليه الصلاة والسلام لرجل أعمى سأله، قال: «يا رسول الله، هل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (¬3)» ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (1). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

أخرجه مسلم في الصحيح، فإذا كان أعمى ليس له قائد يلائمه ويقال له: أجب. ويمنع من الصلاة في البيت فكيف بالصحيح القادر. وقد هم عليه الصلاة والسلام أن يحرق على المتخلفين بيوتهم، ويروى عنه عليه السلام أنه قال: «لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت الصلاة صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار (¬1)» فالخلاصة أن هذا لا يجوز له أن يصلي في البيت، بل عليه أن يصلي مع الجماعة، ولو كان هناك في الجماعة من زعم أن فيهم حسدا أو كذا، لا يمنع هذا أن يحضر معهم ويصلي معهم، وإذا علم إنسانا أن فيه شرا ينصحه ويوجهه إلى الخير، أما أن يتخلف عن الجماعة فهذا لا يجوز، الواجب عليه أن يحضر الجماعة. وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه في الحديث الصحيح: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني: الصلاة في الجماعة- إلا منافق معلوم النفاق (¬2)» هذا نوع من النفاق، التخلف عن صلاة الجماعة من غير عذر نوع من النفاق، كما قال عبد الله بن مسعود، فينبغي أن ينصح هذا ويوجه إلى الخير، ويحذر من عمله السيئ، وهو تخلفه في البيت عن صلاة الجماعة، والله المستعان. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654).

حكم الصلاة في البيت لمن أصيب بحالة نفسية

76 - حكم الصلاة في البيت لمن أصيب بحالة نفسية س: من مكة المكرمة رسالة بعث بها المستمع: س. ع. يقول: أنا أبلغ من العمر ثلاثين عاما، ومتمتع بصحة جيدة والحمد لله، توفي والدي منذ ست عشرة سنة، وبسبب وفاته أصابتني حالة نفسية سيئة، اعتزلت الناس على أثرها، ولم أعد أخرج من المنزل أبدا، وأنا دائم المحافظة على الصلاة في وقتها، لكني أصلي في المنزل. وسؤالي: هل يجوز لي الصلاة في البيت، وحالتي الصحية ما ذكرت؟ وهل علي ذنب إذا صليت في البيت؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: يلزمك الصلاة مع المسلمين في المساجد إلا بعذر شرعي؛ كالمرض الذي يمنعك من الصلاة، وإلا فتذكر موت فلان أو موت فلان: أبيك أو غيره فلا يمنع، الواجب عليك أن تصلي مع المسلمين في المساجد، وإذا صار لك الدعاء لأبيك بالمغفرة والرحمة فالحمد لله، وعليك التوبة مما فعلت، التوبة إلى الله والندم. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (345).

بيان أدلة وجوب صلاة الجماعة

77 - بيان أدلة وجوب صلاة الجماعة س: رجل قارب من العمر الثلاثين عاما، ويصلي في المنزل غالبا، إلا أنه يحضر الجماعة في بعض الأوقات وفي الجمعة، ولكن لا يبدو عليه الحرص على ملازمة الجماعة، ووالدته تلح عليه في لزوم

الجماعة، وهناك من اقترح عليها أن تظهر غضبها عليه، وألا تجالسه لعله يرجع، ولكنها تخاف عليه وتقول: أنصحه. أريد توجيها مفصلا لهذا الرجل حول أدلة وجوب الجماعة، وما ينبغي للمسلم من طاعة الله وشكره على ما أنعم على الإنسان من نعم صالحة، ونعمة الصحة والشباب والعافية وسعة الرزق ولله الحمد. وما هو الحكم الشرعي في مجالسته ومؤاكلته، والحالة هذه؟ ونصيحة أخرى نرجو أن تتفضلوا بتوجيهها للأم، وتوصيتها بأي أسلوب تستعمله مع هذا الشاب لعله أن يرجع (¬1) ج: لا ريب أن الصلاة في الجماعة مع المسلمين في بيوت الله من أهم الفرائض، ومن شعائر الإسلام، فالواجب على كل مكلف أن يعتني بذلك، وأن يبادر ويسارع إلى إقامة الصلاة مع الجماعة مع المسلمين، وأن يتباعد عن مشابهة أهل النفاق. قال ابن مسعود رضي الله عنه: «من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم - صلى الله عليه وسلم - سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة ولقد رأيتنا ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (146).

وما يتخلف عنها - يعني: الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل - يعني: من الصحابة - يؤتى به يهادى بين الرجلين - يعني: مريض أو كبير السن - حتى يقام في الصف (¬1)» وفي رواية: «ولو تركتم سنة نبيكم لكفرتم (¬2)» من شدة حرصهم على أداء الصلاة مع الجماعة رضي الله عنهم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬3)» يعني: خوف إذا خرج من بيته أن يقتل أو يسجن أو يضرب؛ لأن البلاد غير آمنة، أو مرض يمنعه من ذلك. وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟»، قال: نعم. قال: «فأجب» (¬4)» رواه مسلم في صحيحه، وفي الرواية الأخرى لغير مسلم: «لا أجد لك رخصة (¬5)» فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه لا يجد رخصة لأعمى ليس له قائد يلائمه أن يصلي في بيته، بل ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب التشديد في ترك الجماعة، برقم (550). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬5) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792).

عليه أن يصلي في المسجد مع الناس، فإذا كان الأعمى الذي ليس له قائد يلائمه ليس له رخصة فكيف بحال الصحيح المعافى البصير؟ الأمر أعظم، وقد هم صلى الله عليه وسلم أن يحرق على المتخلفين بيوتهم، كما في الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى رجال لا يشهدون الصلاة - يعني: في المساجد - فأحرق عليهم بيوتهم (¬1)» هكذا يقول عليه الصلاة والسلام، وفي رواية لأحمد: «لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت الصلاة صلاة العشاء وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار (¬2)» المقصود أن الصلاة في الجماعة في بيوت الله أمر مفترض، أمر لازم ومن شعار المسلمين وشعار أهل الحق، والتخلف عن ذلك في البيوت من شعار المنافقين، فلا ينبغي للمسلم أن يرضى بمشابهة أهل النفاق الذين قال الله فيهم سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬3) {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} (¬4)، ذكرهم سبحانه ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578). (¬3) سورة النساء الآية 142 (¬4) سورة النساء الآية 143

بخمس؛ صفات المنافقين: إحداها: أنهم يخادعون الله والذين آمنوا، ما عندهم نصيحة ولا أمانة، عندهم المكر والخديعة والكذب في معاملاتهم. والثانية: أنهم إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، ما عندهم نشاط لعدم إيمانهم، إنما هو رياء. الثالثة: أنهم لا يذكرون الله إلا قليلا، تغلب عليهم الغفلة. الرابعة: أنهم أهل رياء يراؤون الناس بأعمالهم، ليس عندهم إخلاص، الغالب عليهم في أعمالهم الرياء والسمعة وطلب المحمدة، وليس عندهم إخلاص لله سبحانه وتعالى. والخامسة: أنهم مذبذبون، ليس عندهم ثبات، وليس عندهم هدف مستقيم، بل هم تارة مع المؤمنين، وتارة مع الكافرين، ليس عندهم قاعدة ولا دين ثابت، ولا إيمان صادق، بل إن ظهر المؤمنون ونصروا صاروا مع المؤمنين، وإن ظهر الكفار على المسلمين صاروا مع الكفار. هذه حال المنافقين، فكيف يرضى المؤمن أن يتشبه بهم في التخلف عن الصلاة مع الجماعة؟ والوالدة التي نصحت ولدها بأن يصلي مع الجماعة قد أحسنت، وهذا هو الواجب عليها، الواجب عليها أن تستمر في ذلك، وأن تنصحه

دائما وتهجره إذا امتنع ولم يمتثل، تستعين عليه بالله، ثم بمن ترى من أقاربه كأبيه وأخيه الكبير وعمه ونحو ذلك، إذا كان له أقارب صالحون تستعين بهم، والحاصل أن من يعرف بالتخلف عن الجماعة يستحق الهجر ويستحق التأديب من ولاة الأمور؛ حتى يستقيم وحتى يحافظ على الصلاة في الجماعة، ثم من أعظم المصائب أن التخلف عنها في الجماعة من أعظم الأسباب لتركها بالكلية، نعوذ بالله؛ لأن هذا المرض الذي في القلب الذي أوجب هذا التخلف سيجره في الغالب إلى الترك، وعدم المبالاة؛ فتارة يصلي، وتارة لا يصلي، هذا يحمله على الرياء، إن رأى من يستحي منه صلى، وإن خلا له الجو ترك، وهذه حال المنافقين نعوذ بالله، فالواجب الحذر، والواجب على الوالدة وعلى أقارب الرجل، وعلى أصدقائه أن ينصحوه، وأن يعينوا والدته عليه، وأن يهجروه إذا استمر في باطله وتخلفه، نسأل الله الهداية للجميع.

حكم مجالسة الابن الذي لا يصلي

78 - حكم مجالسة الابن الذي لا يصلي س: تسأل هذه الوالدة عن مجالسة ولدها الذي لا يصلي، ما هو توجيه سماحتكم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: تعمل ما هو الأصلح، إن رأيت أن مؤاكلته ومجالسته مما ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (146).

يعينه على أدائه الواجب، والحفاظ على الصلاة فعلت ذلك واجتهدت، فإن لم ينفع ذلك ولم يؤثر فيه هجرته؛ فلم تجالسه، ولم تؤاكله، واستحق منها الغضب بأن تغضب عليه، وأن تستعين بمن ترى من أقاربه وأهل الخير في هدايته أو ردعه. نسأل الله السلامة، لا بد من الحضور للجميع والعناية بالجميع، أعني: الجمعة والجماعة.

حكم من لا يصلي في المسجد إلا الجمعة

79 - حكم من لا يصلي في المسجد إلا الجمعة س: رجل بلغ من العمر ستين عاما وهو لا يصلي الصلوات الخمس إلا في بيته، ما عدا الجمعة يصليها في المسجد، فهل تقبل صلاته علما أن المسجد بجوار البيت (¬1) ج: هذا قد فعل منكرا عظيما، وخالف الشرع، فإن الشرع يلزمه بالحضور في جماعة المساجد؛ جماعة المسلمين، لكن الصلاة صحيحة في أصح قولي العلماء، الصلاة صحيحة ليس عليه الإعادة، ولكن عليه التوبة إلى الله من تأخره عن المسجد، وعن ترك الجماعة، وصلاته في البيت من غير عذر هذا لا يجوز، فعليه أن يتقي الله، وأن يصلي مع الناس، وأن يتوب إلى الله مما سلف، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (301).

«من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬1)» وسأله صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (¬2)» هذا أعمى ليس له قائد، ومع هذا يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: أجب، ليس لك رخصة. فالواجب على المؤمن الذي يستطيع الحضور للمسجد أن يحضر للمسجد، ويصلي مع الناس، وليس له التخلف والصلاة في بيته. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

حكم تقديم الأكل عند النداء للصلاة

80 - حكم تقديم الأكل عند النداء للصلاة س: يقول السائل: إن بعض أفراد عائلتي يصلون في البيت دون المساجد، وفي بعض الأوقات وأحيانا يكون هناك مناسبة غداء، فيحين وقت الصلاة متزامنا مع وقت الغداء، فماذا نفعل؟ أنقدم الأكل أم الصلاة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (363).

ج: الواجب تقديم الصلاة إذا كان الأكل ما قدم، تقدم على الصلاة، ثم ترجعون يعني صلاة العصر أو صلاة الظهر، أما إذا قدم الأكل بين أيديكم فابدؤوا به؛ لكن كونكم تتحرون الوقت هذا، ثم يقدم، لا، ابدؤوا بالصلاة، لكن لو كان قدم بين يديكم، ثم أذن مؤذن فابدؤوا به، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إذا قدم العشاء فابدؤوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب (¬1)» وقال صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة بحضرة الطعام ولا هو يدافعه الأخبثان (¬2)» فإذا قدم الطعام فالمشروع الابتداء به، أما إذا كان ما قدم فابدؤوا بالصلاة ثم اطلبوا الطعام بعد ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة.، برقم (672). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهية الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله، برقم (560).

حكم ترك صلاة الجماعة بسبب شدة البرد

81 - حكم ترك صلاة الجماعة بسبب شدة البرد س: يبعد المسجد عني أنا وجاري بحوالي ستمائة متر، نذهب له في جميع أوقات الصلاة، ولكن في فصل الشتاء أعاني من شدة البرد، حيث الجو عندنا بارد جدا - كما تعلمون - هل يجوز أن نبني بالقرب منا مسجدا أنا وجاري، ونصلي فيه ولا سيما في فصل الشتاء؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (295).

ج: ننصحكم ألا تبنوا، وتصلوا مع إخوانكم في الشتاء والصيف، وأبشروا بالخير، اصبروا وصابروا، طريق الآخرة يحتاج إلى صبر، فالواجب على مثلكما الصبر والاحتساب؛ لأن صلاتكما مع الجماعة فيها خير عظيم، وستمائة متر ليست بكثيرة، وليست بالطويلة، فاصبروا وصابروا واحتسبوا.

حكم من صلى الفرض

82 - حكم من صلى الفرض في بيته وهو يسمع نداء الصلاة في المسجد س: رجل صلى العصر في منزله، وذهب إلى السوق، ووجد الناس يصلون العصر في الجامع، هل يصلي معهم مرة أخرى، أم تكفي الأولى؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب عليه أن يصلي مع الجماعة، وليس له أن يصلي في البيت، بل يجب أن يصلي مع الجماعة، ويحذر صفات المنافقين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬2)» وجاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (334). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373).

الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (¬1)» هذا رجل أعمى ليس له قائد، ومع هذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أجب. فمن صلى في بيته، ثم جاء مسجدا يصلون شرع له أن يصلي معهم، وإلا صلاته مجزئة مع الإثم مع كونه آثما حين ترك الجماعة بدون دليل، بدون عذر، لكن إذا صلى معهم تكون نافلة، كما أقر بهذا النبي عليه الصلاة والسلام، فقد أمر من صلى صلاته، ثم حضر صلاة أخرى أن يصلي معهم، فإنها نافلة تكون له نافلة ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

حكم من صلى في بيته وله عذر

83 - حكم من صلى في بيته وله عذر س: السائل أحد المستمعين: أنا سكني بجوار المسجد - والحمد لله وأواظب على أوقاتي الخمسة في المسجد، ولكن في بعض الأوقات يحصل لي بعض الأزمات، من الصعب جدا الذهاب للمسجد لأصلي صلاة الجماعة، فهل صلاتي مقبولة إذا صليتها في البيت؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (263).

ج: إذا كانت الأزمة عذرا شرعيا كالمرض المفاجئ فأنت معذور، إذا كان أمرا واضحا يشق عليك معه الحضور للجماعة كالمرض المفاجئ فأنت معذور، أما الأمور الأخرى كالتساهل من أجل الأولاد أو الزوجة فهذا ليس بعذر، فالواجب عليك أن تتقي الله، وأن تبادر إلى صلاة الجماعة لما سمعت من الأحاديث السابقة، يقول صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «الخوف أو المرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬1)» وهكذا السجن، المسجون الممنوع معذور، وهكذا المقعد؛ لأنه كالمريض؛ لأنه يشق عليه الذهاب إلى المسجد. وسمعت حديث الأعمى، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال للأعمى: «أجب». ولم يرخص له الصلاة في البيت؛ لأنه أعمى ليس له قائد، قال: «أجب»، وفي رواية: «لا أجد لك رخصة (¬2)» فالواجب عليك يا عبد الله أن تصلي في الجماعة، وأن تحذر التساهل والأسباب التي لا وجه لها، بل بادر وسارع إلى الصلاة في الجماعة، واتق الله وراقب الله واحذر التشبه بالمنافقين المتخلفين، قال تعالى في حق المنافقين: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792). (¬3) سورة النساء الآية 142

احذر يا أخي التشبه بأعداء الله، وكن نشيطا في الصلاة حريصا عليها مؤديا لها في الجماعة في جميع الأوقات، وفق الله الجميع.

موقف الإسلام من المتخاذلين والمتكاسلين في الصلاة

84 - موقف الإسلام من المتخاذلين والمتكاسلين في الصلاة س: ما موقف الإسلام من المتخاذلين والمتكاسلين عن الصلاة (¬1) ج: موقف الإسلام أنهم متهمون بالنفاق في هذا، إذا عرفوا بالتساهل عن الصلوات فهذه علامة النفاق، موقف الإسلام منهم ذمهم وعيبهم على هذا، وأن الإنسان يذمهم إن تخلفوا عن الصلوات وتثاقلوا عنها، وصف الله بهذا المنافقين، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬2) فليفتش الإنسان عن عيوبه، وعليه أن يتوب إلى الله منها، فإن كان من عيوبه التكاسل عن الصلاة فليعلم أن هذا من صفات أهل النفاق، وأن يبادر بالتوبة إلى الله من ذلك، وليحذر من التخلق بأخلاقهم، وهكذا إن كان من عيوبه التدليس والغش للناس، فهذا من ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (304). (¬2) سورة النساء الآية 142

أعمال المنافقين أيضا، {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} (¬1) يقول عليه الصلاة والسلام: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان (¬2)» هذه من صفات المنافقين نعوذ بالله منهم وعملهم، ومن صفاتهم قلة ذكر الله، ومن صفاتهم الغفلة، قال تعالى: {وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬3)، ومن صفاتهم الرياء في أعمالهم فيرائي، يقرأ يرائي، يتكلم بالخير يرائي، فالواجب الحذر من صفاتهم، وأن نقوم بأعمال مخلصة لله، نبتغي وجهه الكريم، لا رياء ولا سمعة. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 142 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب علامة المنافق، برقم (33) ومسلم في كتاب الإيمان باب بيان خصال المنافق برقم (59). (¬3) سورة النساء الآية 142

بيان صفات من يؤم جماعة المصلين

85 - بيان صفات من يؤم جماعة المصلين س: ما حكم من يصلي في حجرته، وبجانبه عمارة فيها قاعة يصلي فيها الطلبة، اتخذوا منها مسجدا، وليس لهم إمام محدد، وعذرهم أن الإمام يؤمهم وقد يكون حالقا للحيته، كما أنهم يطولون الصلاة أكثر من اللازم (¬1) ج: يلزم الجميع أن يصلوا في المساجد إذا كان قربهم مساجد، ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (349).

يسمعون الأذان، أما إذا كان ما في قربهم مساجد فإن هذا الرجل يصلي معهم، يصلي مع الجماعة الطلبة وغير الطلبة، ويقدمون أفضلهم وأقرأهم، ولا يقدم حالق اللحية ولو كان أستاذا، ولو كان مدرسا، يقدم من هو أقرؤهم ممن وفر اللحية، وعرف بالخير من المدرسين أو غيرهم، ويلزم من كان حولهم أن يصلي معهم في الجماعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر (¬1)» والجماعة واجبة، وقد هم أن يحرق على أناس بيوتهم لما تخلفوا عن الجماعة. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793).

حكم مجالسة من يصلي الفروض في بيته

86 - حكم مجالسة من يصلي الفروض في بيته س: لي زميل ساكن معي وأعلم أنه يصلي، ولكن ليس في المسجد، وهو أعلم مني في أمور الدين، وأنا أصلي في المسجد، فهل علي شيء تجاه هذا، أو يلحقني شيء من إثم في بقائي معه (¬1) ج: عليك أن تنصحه في الله، وأن تعلمه أن الصلاة في الجماعة واجبة، وأنها من أهم الفرائض الصلاة، وقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (13). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793).

قائد يلائمني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (¬1)» فهذا الرجل الأعمى ما رخص له النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته مع أنه أعمى وليس له قائد، وفي رواية أنه شاسع الدار؛ بعيد الدار، ومع هذا أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة في الجماعة. فيجب على المسلمين جميعا من الرجال أن يصلوا في الجماعة، يصلوا في المساجد، كما فعل النبي وأصحابه، كانوا يصلون في المسجد عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم، وأمر بالصلاة في المساجد، وأخبر أن «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)»؛ كالمرض ونحوه. فعليك أن تنصح هذا، وأن تخوفه من الله عز وجل، وأن تقول له: يا أخي، اتق الله، صل في جماعة، ولا تدع صلاة الجماعة. فإن أصر على ترك الجماعة ولم يصل مع الناس فإنه يستحق الهجر، يستحق أن تهجره وتتباعد عن صحبته؛ لئلا يعديك ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793).

فتتأخر عن الجماعة؛ لأن المعاصي مثل الجرب، أصحابها قد يعدون، يعدون الناس، قد يسببون مرضا؛ بانتقال مرضهم إلى غيرهم، فالذي يتظاهر بالمعصية، ولا تنفع فيه النصيحة يستحق أن يهجر، ولا يتخذ جليسا ولا صاحبا، ولا تجاب له دعوة إلى وليمة ونحوها؛ حتى يعلم بشاعة ما فعل، وأنه جدير بأن يهجره إخوانه المستقيمون إذا أظهر المعصية، ولم يبال بالناس، كالذي يتظاهر بترك الصلاة في الجماعة في المساجد، أو يتظاهر بشرب الخمر، أو يتظاهر بحلق اللحى، ولا يبالي ولا يقبل النصيحة، أو يتظاهر بعقوق والديه وعدم برهما، أو يتظاهر بإسبال الثياب وجرها ولا يقبل النصيحة، أو يتجاهر بالتدخين، والتدخين من أقبح الأمراض، وهو شر كبير، فالواجب على من يتعاطاه التوبة إلى الله منه، كما أن السكر حرام ومنكر وكبيرة، فالتدخين فيه من الشر العظيم والبلاء الكبير ما فيه، فيجب ترك هذه المعاصي والحذر منها، ولا مانع، بل يشرع هجر أهلها إذا لم يستقيموا ولم يدعوا ما هم عليه، إلا إذا كان الهجر قد يزيد في الشر، وقد يجرهم إلى شر فينبغي تركه، وأن يعتاض عنه بالنصيحة الدائمة والتوجيه الدائم لهؤلاء؛ حتى يهديهم الله هم وأشباههم.

حكم معاملة الوالد الذي يصلي الفروض في البيت

87 - حكم معاملة الوالد الذي يصلي الفروض في البيت س: يسأل المستمع ويقول: والدي هداه الله لا يصلي في المسجد، وإنما يصلي في البيت، نصحته كثيرا، فهل علي إثم تجاه والدي؟

وبماذا تنصحوني أن أفعل مأجورين (¬1) ج: عليك أن تنصحه بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، ولا تقطع الزيارة؛ لأن حقه عظيم، قال الله في حق الولد مع الكافرين: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (¬2)، حق الوالد عظيم، تزوره وتدعو له بالتوفيق والهداية، وتوصيه بالصلاة في المسجد، وأبشر بالخير ولا تفعل شيئا يؤذيه؛ من كلام سيئ أو وجه معبس، لا، انبسط إليه، وتكلم معه وانصحه وادع له بالهداية والتوفيق، ولا تقطع زيارته، الوالد والوالدة حقهما عظيم. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (405). (¬2) سورة لقمان الآية 15

حكم معاملة الزوج الذي ينهى عن إيقاظه للصلاة

88 - حكم معاملة الزوج الذي ينهى عن إيقاظه للصلاة س: السائلة: أم سارة، من المدينة المنورة، تقول: زوجي أحيانا لا يؤدي بعض الصلوات في المسجد مع الجماعة، ولكنه يصليها في المنزل، وخاصة صلاتي الفجر والعصر، ويعلم الله بأنني حاولت معه كثيرا ولكن دون جدوى، فكنت دائما أحرص على إيقاظه لأداء الصلاة في المسجد، وكان يستجيب لذلك في أول الأمر، وبعد ذلك أصبح يرفض الاستيقاظ، وينبهنا على ذلك قبل نومه، ويقول: لا توقظوني،

ولكنني أوقظه للصلاة رغبة في الأجر، وتحريا في الأجر، فأصبحنا على خلاف دائم بسبب ذلك الأمر، وتعبت تعبا نفسيا من كثرة الخلافات الزوجية والنقاش عند استيقاظه. وإذا طلبت من إحدى بناته أن توقظه فإنه يزجرهم وينهاهم عن ذلك؛ لذلك فإني في الأشهر الأخيرة تقريبا تركت إيقاظه تماما، فإذا استيقظ على الوقت صلى في المسجد، وإلا فإنه يصلي في المنزل. أرجو من سماحة الشيخ أن يبين لي هل علي إثم في عدم إيقاظه، وذلك لكثرة الخلافات الزوجية، وقد تسبب لي الإحراجات؟ وجهوني مأجورين، حيث تركت تأثيرا على صحتي وعلى نفسيتي. ج: الواجب على كل مؤمن ومؤمنة إنكار المنكر على من فعله، سواء كان زوجا أو غير زوج؛ لقول الله سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (¬1)، ولقوله عز وجل: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (¬2)، ولقوله سبحانه: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (¬3) {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (¬4)، ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 71 (¬2) سورة آل عمران الآية 110 (¬3) سورة المائدة الآية 78 (¬4) سورة المائدة الآية 79

فلعنهم سبحانه على أعمالهم الخبيثة التي منها عدم التناهي عن المنكر. الواجب عليك إيقاظه والصبر على ما يحصل من بعض الأذى، وأبشري بالخير والأجر العظيم، وإذا كان يؤخر الصلاة إلى طلوع الشمس ويتعمد ذلك، أو يؤخر العصر إلى غروب الشمس هذا كفر أكبر؛ لأن تأخير الصلاة عن وقتها عمدا كفر أكبر على الصحيح من أقوال العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» أما إذا كان يقوم، ويصلي في الوقت، لكن لا يصلي في الجماعة هذه معصية، والواجب عليه التوبة إلى الله من ذلك. وعليك أن تنكري عليه المنكر، وأن تجتهدي في ذلك وتصبري، وعلى بناته وعلى أمه إن كانت موجودة، وعلى أبيه إن كان موجودا أن يساعدوا في هذا؛ لأن الواجب التعاون على البر والتقوى، كما قال الله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (¬3) ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428) والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) والنسائي في كتاب الصلاة باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬3) سورة المائدة الآية 2

وعليك مع ذلك أن تسألي الله له الهداية، احتسبي الأجر، واسألي الله له الهداية في سجودك وفي آخر صلاتك وفي غير ذلك من الأوقات، تقولين: اللهم اهد فلانا، اللهم أصلح قلبه وعمله، اللهم من عليه بالتوبة النصوح. لعل الله يهديه بأسبابك، وأبشري بالخير والأجر العظيم.

حكم الزوج الذي يصلي بعض الفروض في البيت

89 - حكم الزوج الذي يصلي بعض الفروض في البيت س: الأخت السائلة: أم أحمد، من الزلفي تقول: زوجي - هداه الله - لا يصلي، وقد ناصحته كثيرا، فهو يترك بعض الأوقات، ويصلي بعض الأوقات في البيت، هل من توجيه من سماحتكم حفظكم الله (¬1) ج: الواجب على كل مسلم أن يتقي الله، وأن يراقب الله، وأن يصلي الصلوات الخمس كلها في الجماعة في المساجد، ولا يجوز له ترك شيء منها، ولا الصلاة في البيت هذا منكر، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬2)» وجاءه ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والستون من الشريط رقم (1429). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373).

رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (¬1)» وقال صلى الله عليه وسلم: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (¬2)» هذا لا يجوز للمؤمن أن يصلي في البيت، بل يجب أن يصلي مع الناس، والذي يترك الصلاة كافر، نسأل الله العافية. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬4)» فإذا كان لا يصلي بعض الأوقات اتركيه، اذهبي إلى بيت أهلك، لا تجلسي عنده؛ لأن ترك الصلاة كفر، نسأل الله العافية. فإذا كان هكذا ولم يسمع منك ولم يقبل النصيحة اتركيه، واذهبي إلى أهلك حتى يهديه الله أو يطلق. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428) والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621) والنسائي في كتاب الصلاة باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

حكم من يجمع الصلوات ويصليها في وقت واحد

90 - حكم من يجمع الصلوات ويصليها في وقت واحد س: زوج أختي يصلي في البيت، ولا يصلي الصلوات في وقتها، بل يقوم بجمعها ويصليها أثناء العودة من العمل (¬1) ج: هذا منكر، لا يجوز هذا العمل، لا بد أن يصلي مع الجماعة، ويصلي الصلاة في وقتها، وليس له تأخيرها عن وقتها، بل يجب أن يصلي الصلاة في وقتها، ويجب أن يصليها في الجماعة أيضا مع إخوانه المسلمين؛ لأن الله وقت المواقيت، وقال جل وعلا: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (¬2)، يعني: مفروضا في الأوقات. وقال سبحانه: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (¬3) الآية. لا بد أن تقام الصلاة في وقتها، وليس له أن يؤخرها عن وقتها، وعليه أن يؤديها في الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬4)» وجاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (361). (¬2) سورة النساء الآية 103 (¬3) سورة الإسراء الآية 78 (¬4) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373).

المسجد، هل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (¬1)» فأمره أن يجيب مع أنه أعمى ليس له قائد، فكيف بحال البصير؟ الوجوب عليه أشد وأعظم. وتأخير الصلاة عن وقتها كفر أكبر عند جمع من أهل العلم فإذا أخر الفجر حتى تطلع الشمس عمدا، أو أخر العصر حتى تغرب الشمس عمدا فهذا قد أخر الصلاة عن وقتها، فيكفر عند جمع من أهل العلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» خرجه مسلم في صحيحه. فالواجب الحذر من التساهل بهذا الأمر. نسأل الله العافية والسلامة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

حكم قبول الهدية من الذي يجمع الصلوات في وقت واحد

91 - حكم قبول الهدية من الذي يجمع الصلوات في وقت واحد س: وتقول أيضا: هل يجوز لنا أن نأكل مما يهديه لنا هذا الرجل؛ من أكل وخضروات وغيرها أم لا (¬1) ج: الهدية لها شأن آخر، إذا كان مكسبه طيبا لا بأس، الهدية تقبل حتى من الكافر إذا لم يكن هناك موجب لردها، الهدية أمرها أوسع، ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (361).

لكن إذا أراد ردها هجرا له وتعزيزا له من باب التنبيه على خطئه، إذا رد هديته وهجره حتى يتوب يكون أصلح من باب التأديب، ومن باب الحث على إقامة الصلاة وأدائها، فإذا لم يقبل هديته ولم يزره وهجره هذا مشروع إذا كان فيه مصلحة، أما إذا كان قبولها والمجيء إليه مقابل الصلاح، ولأجل أن يستفيد فلا بأس.

حكم من يصلي في البيت بسبب الخجل الشديد

92 - حكم من يصلي في البيت بسبب الخجل الشديد س: السائل: خ. س، من مكة المكرمة، يقول: لي أخ شديد الخجل من الناس، إلى درجة أنه لا يصلي في المسجد، حيث إنه يصلي في المنزل بسبب هذا الخجل، فما حكم صلاته في مثل هذه الحالة (¬1) ج: الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يصلي مع الناس، علموه ووجهوه إلى الخير، هذا الخجل لا وجه له، هذا ضعف وعجز وكسل لا يجوز، بل يجب عليه أن يبادر ويصلي مع الناس، ولا يجوز له أن يصلي في البيت. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (417).

الواجب على أفراد العائلة أن يصلوا جماعة إذا فاتتهم في المسجد

93 - الواجب على أفراد العائلة أن يصلوا جماعة إذا فاتتهم في المسجد س: نصلي في البيت أحيانا الصلاة المكتوبة أنا وإخواني ووالدي،

ولكننا نصليها كل واحد لوحده، ولا نصليها مع إمام واحد منا على شكل جماعة، هل علينا إثم في ذلك إذا تركنا الجماعة في نفس البيت (¬1) ج: نعم، لا يجوز لكم ذلك، الواجب أن تصلوا جماعة، صلاة الجماعة واجبة، وأداؤها في المسجد واجب، كل هذا من الواجب، فالواجب عليكم أن تصلوا في جماعة، إذا لم يتيسر الصلاة في المسجد وجب أن تصلوا جماعة، يؤمكم أقرؤكم وأحسنكم يؤمكم، وإن استطعتم أن تذهبوا إلى المسجد وجب عليكم الذهاب إلى المسجد، إذا كنتم تسمعون النداء يجب الذهاب إلى المسجد، والصلاة مع المسلمين؛ لما تقدم من الحديث؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني: الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق (¬3)» فالواجب على المؤمن أن يصلي مع الجماعة، وأن يحرص ولا يصلي في البيت، إلا إذا بعد فلا يسمع النداء فلا بأس، ولكن يجتهد في أن يقيم هو وجيرانه مسجدا حولهم؛ حتى يصلوا ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (378). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654).

فيه، يلزمهم إذا قدروا أن يقيموا مسجدا حولهم ويصلوا فيه.

دعوة وإرشاد لتارك الصلاة مع الجماعة

94 - دعوة وإرشاد لتارك الصلاة مع الجماعة س: أنا من أسرة تتكون من أكثر من عشرين فردا، وعندما أحثهم على الصلاة جماعة لا يستجيبون، فأصلي في بيتي وحدي، وجهوني ماذا أفعل معهم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: عليك أن تأمرهم بالمعروف، وأن تنهاهم عن المنكر، ومن المعروف أن يؤدوا الصلاة جماعة في المساجد مع المسلمين، ومن المنكر تركهم ذلك، فعليك أن تنكر عليهم ذلك، وأن تأمرهم بالمعروف، وأن تنصحهم دائما، وتخبرهم أن هذا منكر لا يجوز، وأن هذه مشابهة لأهل النفاق، قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} (¬2). والله أوجب على الرجال أن يصلوا في الجماعة في المساجد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬3)» والعذر هو المرض والخوف الذي يمنع الخروج. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (322). (¬2) سورة النساء الآية 142 (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793).

ويقول أيضا صلى الله عليه وسلم لشخص استأذنه أن يصلي في بيته، قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (¬1)» أعمى ليس له قائد يلائمه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم له: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (¬2)» فإذا كان الأعمى الذي ليس له قائد يؤمر بالإجابة والتوجه إلى المسجد فالبصير القادر من باب أولى، وعليك أنت أن تصلي في الجماعة، لا تصل في بيتك، عليك أن تصلي في الجماعة، وأنت تنصحهم دائما الذين معك في البيت أن يصلوا في الجماعة؛ لأن هذا هو الواجب على الجميع. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

حكم من يلعب الورقة ويؤخر الصلاة

95 - حكم من يلعب الورقة ويؤخر الصلاة س: في بعض الأحيان أبي يلعب الورقة، ويؤخر الصلاة، فهل في ذلك إثم (¬1) ج: نعم، يجب عليه أن يصلي مع المسلمين، ويحذر التساهل في ذلك، فإن الجماعة واجبة على المسلم، فإذا سمع النداء وجب عليه أن يجيب النداء، وأن يذهب ويصلي مع الناس، فإذا صلى وحده أثم، ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (213).

الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يصلي مع المسلمين، وألا يتساهل في الجماعة، لا بلعب الورق ولا غيره، ولعب الورق منكر؛ لأنه من آلات الملاهي، والواجب ترك اللعب والقيام إلى الصلاة، هذا هو الواجب على أبيك وعلى غيره، وعليك أن تنصحه كثيرا، وتستمر في ذلك وتصبر على النصيحة، لعل الله يهديه بأسبابك.

حكم معاملة الجيران الذين لا يصلون في المسجد

96 - حكم معاملة الجيران الذين لا يصلون في المسجد س: لي جيران هداهم الله لا يصلون مع الجماعة في المسجد، مع أن بيتهم قريب جدا من المسجد، وقد نصحهم الإمام عدة مرات فلم يستجيبوا، ماذا نفعل حيالهم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: عليكم النصيحة لهم بالحكمة والكلام الطيب، ولا تيأسوا، كرروا النصيحة؛ لأن الصلاة في الجماعة واجبة، والنبي عليه السلام قال: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬2)» وجاءه رجل أعمى يستأذنه صلى الله عليه وسلم في الجماعة، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والخمسون من الشريط رقم (350). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373).

بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «أجب (¬1)» فإذا كان هذا للأعمى وليس له قائد يقال له: أجب. كيف بالبصير الذي قد عافاه الله، وهو يسمع النداء؟ يجب أن يحضر الصلاة مع الجماعة، فإذا لم تنفع النصيحة وجب رفع أمره إلى الهيئة، أو إلى الإمارة والمحكمة حتى يؤدب. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

حكم السكنى مع من لا يصلي الفجر

97 - حكم السكنى مع من لا يصلي الفجر س: إنني أسكن مع مجموعة من الناس، وعند أذان الفجر أنبههم بحلول وقت الصلاة، فلا يقومون لأدائها، فماذا علي في ذلك؟ جزاكم الله خيرا. ج: الواجب عليك نصيحتهم وتحذيرهم من هذه المعصية، فإن استجابوا وإلا فاتركهم واهجرهم، واترك النوم معهم؛ لأن ترك الصلاة في الجماعة معصية، وتركها في الوقت أعظم وأكبر، فالواجب عليك نصيحتهم والإنكار عليهم، فإن استجابوا وقاموا لصلاة الفجر في وقتها وإلا عليك أن تهجرهم وتغادر المكان، لا تكن صاحبا لهم، ولا مجالسا لهم؛ لئلا يجروك إلى شرهم. نسأل الله العافية والسلامة.

حكم الاكتفاء بأذان المسجد المجاور إذا كانوا جماعة

98 - حكم الاكتفاء بأذان المسجد المجاور إذا كانوا جماعة س: إنسان في جماعة وسمع الأذان، هل يجب عليه أن يؤذن، أو يكفيه الأذان الذي سمع (¬1) ج: الإنسان الذي في جماعة إذا سمع الأذان في أي مسجد فإن الواجب عليه، وعلى الجماعة أن يجيبوا الأذان، وأن يتوجهوا إلى المسجد، ولا يصلوا في محلهم، ولا حاجة إلى الأذان ولا غيره، بل يتوجهون إلى المسجد الذي سمعوا أذانه وهو قريب منهم، حيث يمكنهم الوصول إليه والصلاة معهم، إذا كان الأذان بالصوت الطبيعي فإن الغالب يكون المسجد قريبا، أما إذا كان بالمكبر قد يكون بعيدا، ووصلهم الصوت من بعد، فالحاصل أن الواجب عليهم التوجه إلى المسجد إذا أمكن، أما إن كان بعيدا لا يتيسر لهم الوصول إليه إلا بعد فوات الصلاة لبعده؛ ولأن الصوت سمعوه بواسطة المكبر؛ هو يأتي من بعيد فإنهم يكتفون بالأذان هذا، وتكفي الإقامة؛ لأن المقصود سماع الأذان ووجود ما يدعو الناس إلى الصلاة، ويعلمهم بالوقت وقد حصل المقصود. تكفيه الإقامة، إذا كان ما يتيسر له أن يصلي مع الناس لمرض، أو كونه حارسا، أو ما أشبه ذلك يكفيه الأذان ويقيم؛ يأتي بالإقامة فقط. أما إذا كان في محل قريب بحيث يستطيع الوصول إلى ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (1).

محل الأذان، ويصلي مع الناس فالواجب على هؤلاء السامعين للأذان أن يجيبوا للحديث: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬1)» هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام. فالواجب على من سمع الأذان أن يجيب المؤذن ويتوجه للمسجد، أو محل المسجد محل إقامة الجماعة؛ حتى يكثروا السواد، وحتى يحصل الاجتماع على طاعة الله عز وجل، وحتى يحصل الامتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم لحضور الجماعة، لكن إذا كان هناك مانع من مرض أو خوف أو كونه حارسا لمال عنده لا يستطيع التوجه، أو لأن المكان بعيد سمعوا الصوت من بعيد بسبب المكبر، ولا يستطيعون الوصول إليه إلا وقد فاتتهم الصلاة فيصلون في مكانهم، ويكتفون بالأذان، إن أذنوا أذانا ثانيا فلا حرج؛ لأنه خير بلا شك، لا سيما مع البعد، وإن اكتفوا بالأذان فإنه كاف والحمد لله، وعليهم أن يقيموا فقط. أما الذي يتخلف لمرض أو خوف أو ما أشبه ذلك فعليه أن يقيم الصلاة، ويكتفي بالأذان. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793).

حكم صلاة من سمع النداء بمكبرات الصوت لبعد بيته

99 - حكم صلاة من سمع النداء بمكبرات الصوت لبعد بيته س: هل علي إثم إذا لم أصل الصلاة المكتوبة في المسجد؟ علما بأنني لا أسمع النداء إلا بمكبرات الصوت، أي أن المسافة بيني وبين المسجد هي كيلو متر واحد تقريبا، وأنا أجد مشقة في المحافظة

على حضور الصلوات الخمس في المسجد (¬1) ج: الواجب على من سمع النداء أن يجيب المؤذن، وأن يصلي مع الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬2)» وجاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» قال: نعم. قال: «فأجب» (¬3)» هذا أعمى ليس له قائد، مع هذا أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يجيب إذا كان يسمع النداء بالصوت العادي بدون مكبرات، أما إذا كان لا يسمع النداء إلا بمكبر فهو معذور، إذا صلى في بيته، أو صلى مع جيرانه في بيت أحدهم، حتى يوجد عندهم مسجد، يكون صوت المؤذن يسمعونه بدون مكبر، أما إذا كان لا يسمع إلا بمكبر فهو بعيد إذا شق عليه الذهاب إليه، لكن إن تجشم المشقة وصبر بالذهاب بالسيارة، أو على رجليه هذا خير عظيم وفضل كبير، لكن لا يلزم إذا كان فيه مشقة، إذا كان بعيدا لا يسمع صوت المؤذن إلا بمكبر فهو لا ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (378). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

يلزمه، لكن إذا تجشم المشقة وصبر وأحب المشاركة في الخير، هذا فيه خير عظيم. في الصحيح «أن رجلا كان أبعد الناس عن المسجد، وكان يأتي إلى المسجد ماشيا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له بعض الناس: لو اشتريت حمارا؛ فتركبه في الرمضاء، أو في الليلة الظلماء، فقال الرجل: إني أحب أن يكتب الله لي أثر خطاي ذاهبا وراجعا، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: «قد جمع الله لك ذلك كله (¬1)» جمع له أثر خطاه ذاهبا وراجعا وكان بعيدا، لكن صبر على التعب لحرصه على الأجر، لكن من كان لا يتحمل ويشق عليه ذلك لا بأس أن يصلي في بيته، أو مع جماعة له، إن كان عنده جماعة يصلي في بيت أحدهم، وإن استطاعوا أن يعمروا مسجدا وجب عليهم أن يعمروا مسجدا ويصلوا فيه فيما بينهم في حارتهم؛ لأن بناء المساجد أمر واجب على المسلمين مع القدرة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد، برقم (663).

حكم أكل ذبيحة من لا يصلي في المسجد

100 - حكم أكل ذبيحة من لا يصلي في المسجد س: السائل يقول: ما حكم الشرع في نظركم في رجل لا يصلي في المسجد إلا يوم الجمعة؟ ما حكم أكلنا لذبيحته (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (393).

ج: يجب على المسلم أن يصلي جميع الصلوات في المسجد، والذي لا يصلي في المسجد ينكر عليه، ويعلم ويوجه إلى الخير، ولا يتشبه بالمنافقين، وإن عاند ولم يقبل استحق أن يهجر، ولا تقبل عزومته، ولا تأكل معه حتى يتوب، أما إذا أرشدتموه وقبل وصلى مع الناس فالحمد لله.

حكم التعامل مع الولد الذي لا يصلي إلا في البيت

101 - حكم التعامل مع الولد الذي لا يصلي إلا في البيت س: تقول السائلة: إن ولدها لا يصلي إلا في البيت، إلا في يوم الجمعة، فما هو توجيه سماحتكم (¬1) ج: هذا لا يجوز، والواجب على المكلف أن يصلي في المسجد مع المسلمين، ولا يجوز للمكلف أن يصلي في البيت، ولا لمن بلغ العشر، بل يصلي مع الناس، ويضرب على ذلك إذا تأخر؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر». قالوا: ما العذر؟ قال: «خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬2)» ولما ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأله رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تسمع النداء للصلاة؟» قال: نعم. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (305). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373).

قال: «فأجب (¬1)» هذا أعمى ليس له قائد، ومع هذا يقول له النبي صلى الله عليه وسلم: أجب. وفي رواية أخرى: «لا أجد لك رخصة (¬2)» فالواجب على كل مسلم مكلف أن يتقي الله، وأن يصلي مع الجماعة في المساجد، ولا يجوز له أن يصلي في بيته، بل هذا مخالف للأمر، وتشبه بالمنافقين، فالواجب الحذر من ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792).

حكم من يصلي في البيت بحجة أنه يحث النساء على الصلاة

102 - حكم من يصلي في البيت بحجة أنه يحث النساء على الصلاة س: ما حكم من يصلي الصلوات الخمس في بيته مع أولاده البنين والبنات؛ بحجة أن النساء يتساهلن في أداء الصلوات في غيابه، إذا ذهب إلى المسجد مع أنه يسمع النداء؟ وما حكم الأولاد الذكور الذين يمنعهم من الذهاب إلى المسجد، مع رغبتهم في صلاة الجماعة، ولكن يخافون من أبيهم (¬1) ج: الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يصلي في المسجد هو وأبناؤه، وأما النساء فيعلمهن أن يصلين قبله أو بعده قبل أن يذهب، أو بعد أن يعود من المسجد، الأمر واسع بحمد الله، بإمكانهن أن يصلين بعد ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (312).

مجيئه من صلاة الجماعة، الوقت واسع، أو في حال ذهابه إلى الجماعة، المقصود أن هذا ليس بعذر، النساء يعلمن، ويؤكد عليهن في أداء الصلاة، وهذا واجبهن، والصلاة عمود الإسلام في حق الجميع، وفي حق الرجال والنساء، من تركها كفر، نسأل الله العافية. والواجب عليه هو أن يصلي في المسجد وأولاده الذكور، هذا هو الواجب عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر ". قالوا: ما العذر؟ قال: " خوف أو مرض، لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬1)» وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد للمسجد يقودني، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (¬2)» وفي رواية: «لا أجد لك رخصة (¬3)» ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا الأعمى: «لا أجد لك رخصة (¬4)». ويقول: أجب. فكيف بالبصير المعافى؟ وقد ثبت في الصحيحين أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792). (¬4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (552) والنسائي في كتاب الإمامة، باب المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن، برقم (851) وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات في التخلف عن الجماعة، برقم (792).

الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (¬1)» وهذا يدل على عظم الأمر، وأن التاركين لصلاة الجماعة جديرون بالعقوبة، ووصيتي لهذا الرجل وأبنائه أن يتقوا الله ويصلوا مع الجماعة، وأن يحذروا من عقاب الله وغضبه. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578).

حكم من يصلي في بيته لمتابعة صلاة أبنائه

103 - حكم من يصلي في بيته لمتابعة صلاة أبنائه س: هنالك رجل يصلي بأبنائه في بيته، ونحن ننصحه كثيرا بأن يصلي في المسجد هو وأبناؤه، وهو يصلي في بيته، ويقول: للاطمئنان على أنهم صلوا. فهل عمل هذا الرجل صحيح، أم لا بد من صلاته في المسجد؛ بعد ذلك يأتي ويصلي بأولاده؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب عليه وعلى أولاده الصلاة في المسجد، عليهم جميعا الصلاة في المسجد مع الجماعة، وعليه أن يحاسبهم، وأن يستعين بالله عليهم حتى يصلوا معه في المسجد؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر (¬2)» فهو يجتهد في هذا، ويحرص حتى يذهبوا معه إلى ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (303). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له.

المسجد، ولا يجوز له أن يصلي في البيت، ومن تخلف منهم إن كان من عشر فأكثر أدبه، وإن كان من سبع فأكثر إلى العشر فلا تأديب عليه، لكن بالكلام الطيب، بالنصيحة والتوجيه، حتى إذا بلغ العشر استحق أن يضرب حتى يستقيم.

حكم من يحافظ على الصلاة في المسجد ولا يأمر أولاده بالصلاة

104 - حكم من يحافظ على الصلاة في المسجد ولا يأمر أولاده بالصلاة س: من أسئلة هذا السائل يقول: في كثير من البيوت أولاد بالغون، والآباء يذهبون إلى المسجد للصلوات، وهؤلاء الأولاد البالغون في البيوت إما نياما أو مشغولين، ولا يأمرونهم بالصلاة، فهل من كلمة لمثل هؤلاء يا سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: هذا لا يجوز، بل الواجب على آبائهم وأمهاتهم وإخوانهم الكبار أن يأمروهم ويلزموهم بالصلاة ويضربوهم أيضا، حتى يصلوا مع الناس في المساجد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (429). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له.

فإذا كان فوق العشر كان أشد وأشد، فالواجب على الآباء أن يأمروهم وأن يحرضوهم وأن يعاقبوهم أيضا، وهكذا إخوتهم الكبار.

واجب الآباء تجاه الأبناء في حثهم على أداء صلاة الجماعة

105 - واجب الآباء تجاه الأبناء في حثهم على أداء صلاة الجماعة س: السائل من الكويت يقول: كيف تكون المعاملة الصحيحة مع الأبناء حتى يكونوا ملتزمين بأمور دينهم الحنيف؟ فهل علي أن أجبرهم على الذهاب إلى المسجد في كل فرض؟ علما بأنهم في كثير من الفروض يصلونها في المسجد، إلا أن النوم في بعض الأحيان يأخذهم، وأنهم في بعض الأوقات يؤخرون الصلاة عن وقتها، بعضهم وصل إلى سن البلوغ. وكيف أحببهم في الدين الإسلامي الصحيح وبالصحبة الصالحة (¬1) ج: الواجب عليك أن تأمرهم بالصلاة، وأن تلزمهم بذلك حتى يصلوا مع الناس، ولا يصلوا في البيت، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع (¬2)» فكيف إذا بلغ الحلم؟ الأمر أعظم. المقصود أن الواجب عليك أن تأمرهم، وأن تلزمهم بالصلاة في الجماعة، وأن تؤدب من تخلف، ولا تضعف في هذا، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (406). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له.

وعليك أن تنصحهم وتعظهم وتذكرهم بالقرآن والحديث، وتحثهم على صحبة الأخيار والطيبين حتى يساعدوك بهذا، ولا تغفل عن هذا الشيء، ولا تتساهل فالأمر عظيم وهم في ذمتك.

واجب الأب تجاه أبنائه الذين لا يصلون

106 - واجب الأب تجاه أبنائه الذين لا يصلون س: إن كثيرا من الآباء لا ينصحون أبناءهم لتأدية الصلاة، فهل يأثم الأب (¬1)؟ ج: نعم، يأثم الأب الذي لا يأمر أولاده بالصلاة، وهكذا أخوهم، وهكذا عمهم وخالهم وأمهم كلهم يأثمون إذا تركوهم، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب، فيجب عليهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو من واجب المؤمنين، والله سبحانه يقول: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (¬2). ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه (¬3)» فهم يقدرون على الإنكار بالكلام، فالأم تنكر، والأب والأخ الكبير والخال والعم ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (353). (¬2) سورة التوبة الآية 71 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، برقم (49).

وغيرهم، هذا من باب التعاون على البر والتقوى، الله سبحانه وتعالى يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (¬1)، ويقول سبحانه: {وَالْعَصْرِ} (¬2) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (¬3) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (¬4)، لا بد من التعاون على البر والتقوى، ولا شك أن الإنكار على من ترك الصلاة من باب التعاون على البر والتقوى، ومن باب الدعوة إلى الله عز وجل. ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 2 (¬2) سورة العصر الآية 1 (¬3) سورة العصر الآية 2 (¬4) سورة العصر الآية 3

حكم الأبناء الذين لا يستجيبون لأداء الصلاة

107 - حكم الأبناء الذين لا يستجيبون لأداء الصلاة س: سؤال من المذيع: سماحة الشيخ، إذا تعب الأب في هذا الموضوع، ولم يستجب الأبناء الاستجابة المرجوة، فهل يطردهم من البيت (¬1)؟ ج: يطردهم أو يرفع أمرهم إلى ولاة الأمور حتى يتأدبوا، فإذا لم يتيسر ذلك يطردهم من بيته، يطردهم حتى تبرأ ذمته - نسأل الله العافية - إلا إذا استطاع تأديبهم من جهة ولاة الأمور. المذيع: إذا خشي أن يقعوا في مصائب أخرى سماحة الشيخ؟ سماحته: ليس هناك ذنب أكبر من الكفر، هو أعظم الذنوب. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (353).

حكم من يتساهل في حث أولاده على أداء الصلاة

108 - حكم من يتساهل في حث أولاده على أداء الصلاة س: هذا السائل: م. أ. أ. من الدمام، يقول في سؤاله: كثير من أولياء الأمور - هداهم الله - لا يحرصون على حث أولادهم على أداء الصلوات المفروضة، فهم يتساهلون كثيرا معهم في ذلك، هل من كلمة - سماحة الشيخ - حول هذا الموضوع؟ وهل يأثمون في ذلك (¬1)؟ ج: نعم، الواجب على جميع المسلمين العناية بالصلاة وتوجيه أولادهم إليها، الواجب على الآباء والأمهات والإخوة العناية بهذا الأمر، فالأب يوجه أولاده، والأم كذلك، والأخ الكبير والعم، كلهم يتعاونون على البر والتقوى؛ لأن الله يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (¬2)، ويقول سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (¬3)، ويقول جل وعلا: {وَالْعَصْرِ} (¬4) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (¬5) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (¬6). فإذا تساهلوا يأثمون، والله جل وعلا يقول: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} (¬7)، ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (391). (¬2) سورة المائدة الآية 2 (¬3) سورة التوبة الآية 71 (¬4) سورة العصر الآية 1 (¬5) سورة العصر الآية 2 (¬6) سورة العصر الآية 3 (¬7) سورة طه الآية 132

ويقول سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (¬1)، ويقول سبحان: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (¬2). فالواجب على الآباء والأمهات والإخوة وغيرهم التعاون في هذا، وأن يستقيموا على الحق، وأن يلزموا أولادهم بالصلاة والمحافظة عليها، وأن يؤدبوا من تخلف. ¬

_ (¬1) سورة التحريم الآية 6 (¬2) سورة آل عمران الآية 110

وجوب تعليم الأطفال حرمة المسجد والصلاة

109 - وجوب تعليم الأطفال حرمة المسجد والصلاة س: أنا لي إخوان متعلمون، ولكنهم عند الصلاة لا يهتمون بها، ويصلون وهم يلعبون بالصلاة، وعندما أفرغ من الصلاة آمرهم بإعادة الصلاة فيرفضون ويهربون، وعندما أضربهم على ذلك تغضب الوالدة، فبماذا أتخلص من هذه المشكلة؟ علما أن أصغرهم عمره 10 سنوات، وأكبرهم عمره 15 سنة (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (334).

ج: الواجب عليك ما فعلت من تأديبهم والقيام عليهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أولادكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين (¬1)» فإذا كان الوالد غير موجود فأنت في محل الوالد، فإن كان الوالد موجودا فيجب عليه أن يقوم بهذه المهمة، وعلى الوالدة أن تساعده في ذلك، وأن تعينك في هذا الأمر، وأن تتكلم عليهم وتزجرهم على ذلك، حتى تكون معك في هذا الأمر؛ لأن الله جل وعلا يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (¬2)، فلا بد من التعاون بينك وبين الوالدة على البر والتقوى، وعليك أن تشرح لها الأمر بالعبارة الحسنة والأسلوب الحسن، وأن هذا شيء واجب حتى تعلم الحق وتستجيب للحق إن شاء الله. وإذا تيسر اصطحابهم للمسجد فهذا طيب، وإلا فالواجب سوقهم للمسجد سواء معه أو قبله أو بعده، لا بد من حضورهم لصلاة الجماعة، يصلون مع الناس في المساجد ولو بالضرب، ولو بالرفع إلى الهيئة إذا دعت الحاجة للهيئة؛ حتى يساعدوه على ذلك؛ لأن هذا أمر لازم. أما صلاة البيت فلا يصلوا في البيت، بل يجب أن يصلوا مع الناس، ويجب عليه أن يقوم عليهم بما يستطيع من الضرب والتوبيخ وغير ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له. (¬2) سورة المائدة الآية 2

حكم إمامة المرأة للأطفال في الصلاة

110 - حكم إمامة المرأة للأطفال في الصلاة س: إن والدي لا يهتم بإخوتي من حيث الصلاة، وأنا أصلي بهم من حيث تعويدهم، وأحيانا أصلي بهم وإن كنت معذورة شرعا؛ لئلا يتبين لهم عذر النساء، فما رأيكم (¬1) ج: الواجب على أبيهم العناية بهم، إن كانوا ذكورا يلزمهم بالصلاة مع الجماعة في المساجد ولو بالضرب حتى يستقيموا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع (¬2)» فالوالد مسؤول عن أولاده، وعليه أن يجتهد في إقامتهم الصلاة، وصلاتهم مع الناس في المساجد حتى يعتادوها ويستقيموا عليها، أما إن كان الأولاد بنات فإنه أيضا يقوم عليهن، ويلزمهن بالصلاة ويؤدبهن إذا تكاسلن عن الصلاة، أما أنت فلا مانع أن تصلي بهن، إذا كن بنات تعلمينهن وتقفين وسطهن وتعلمينهن الصلاة؛ لأنهن بنات، أما الأولاد الذكور يلزمهم الخروج إلى المسجد، وليس للمرأة أن تصلي بهم، المرأة ما تصلي بالرجال، ولكن تقومين عليهم وتوجهينهم إلى الصلاة في المسجد ولو بالتوبيخ إذا دعت الحاجة إلى ذلك، ولو بالضرب إذا كنت أنت الكبيرة ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (224). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له.

وهم الصغار إذا أهملهم أبوهم، ولا تصلي بهم أبدا إذا كانوا ذكورا، ولكن تأمرينهم وتجاهدينهم حتى يصلوا في الجماعة، وتشجعين الوالد على القيام عليهم، وتطلبين منه العناية بهم من باب التعاون على البر والتقوى، أما البنات فلا بأس أن تصلي بهن، وتعلميهن حتى يعتدن ذلك، والإمامة تكون وسط النساء لا قدامهن، أما أن تصلي بهم وأنت في الحيض لا يجوز هذا، هذا منكر، ليس لك أن تصلي بهن وأنت حائض أو نفساء ولو قصدت الخير، الحائض لا تصلي، ولا تستعمل أعمال الصلاة، ولا تصلي النفساء، ويحرم عليها هذا العمل، هذا شر عظيم ومنكر، نسأل الله السلامة.

كيفية تعليم الأولاد وتربيتهم على أداء الصلاة

111 - كيفية تعليم الأولاد وتربيتهم على أداء الصلاة س: سماحة الشيخ حفظكم الله، سائل يقول: كيف تكون تربية الأولاد؟ وكيف يتم تعليمهم عند الصلوات إذا كانوا قد نشؤوا نشأة غير صالحة (¬1) ج: بالمجاهدة يجاهدهم والدهم أو أخوهم الأكبر حتى يستقيموا على طاعة الله، يجاهدهم بالكلام الطيب والتأديب حتى يستقيموا على الصلاة، وعلى الأخلاق الطيبة، يحتاجون إلى مجاهدة وصبر، يقول جل ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (430).

وعلا: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (¬1)، ويقول جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} (¬2)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته (¬3)» فلا بد من الصبر. ¬

_ (¬1) سورة العنكبوت الآية 69 (¬2) سورة التحريم الآية 6 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الجمعة في القرى والمدن، برقم (893)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر، برقم (1829).

حكم الصلاة في الدكاكين مع وجود المساجد

112 - حكم الصلاة في الدكاكين مع وجود المساجد س: السائل: م. ع. من السودان، يقول: ما حكم الصلاة جماعة في الدكاكين، مع وجود المساجد؟ هل تصح أم لا (¬1) ج: الواجب على المسلمين الصلاة في المساجد، الصلاة مع الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» ولأنه عليه الصلاة والسلام أمر الرجل ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (187). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793).

الأعمى الذي سأله، قال: «ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (¬1)» فأمره أن يجيب مع أنه أعمى وليس له قائد يلائمه. فالواجب على المسلمين أن يصلوا في المساجد في الجماعة، لكن لو صلى في دكانه أو صلى في بيته صحت مع الإثم، يكون آثما وعليه التوبة إلى الله، وعليه البدار بصلاة الجماعة في المستقبل، والصلاة صحيحة عند جمهور أهل العلم، لكنه قد أثم وأخطأ، وهكذا من صلوا في دكاكينهم كل هذا خطأ، الواجب عليهم أن يصلوا مع الناس في المساجد، وليس لهم أن يصلوا في الدكاكين، بل عليهم أن يقفلوها ثم يصلوا مع الناس ثم يرجعوا، حق الله مقدم وأوقات البيع والشراء ممتدة وطويلة، لكن نعوذ بالله من طاعة الهوى والشيطان. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

حكم الصلاة في المتجر

113 - حكم الصلاة في المتجر س: السائل من الأردن، يقول: أنا أعمل في بقالة طول النهار، ويؤذن للصلاة ولا أتمكن من الذهاب إلى المسجد؛ لأنني أعمل وحدي، وأجد صعوبة في إغلاق البقالة، والمسجد يبعد عنا ما يقارب من نصف كيلو، أي إن الرجل لو نادى بأعلى صوته لا يسمع، فما

حكم صلاتي في المحل أو بقالتي (¬1)؟ ج: الواجب عليك الصلاة مع الجماعة وإغلاق البقالة، كلما جاء الوقت، ولا ينبغي التساهل في هذا الأمر؛ لأن الله أوجب عليك الصلاة في الجماعة، فالواجب عليك البدار بذلك طاعة لله ورسوله عليه الصلاة والسلام، والله يقول: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} (¬2)، ويقول: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} (¬3)، ويقول صلى الله عليه وسلم لما جاءه رجل أعمى، وقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (¬4)» فالواجب عليكم وعلى أمثالكم البدار بالصلاة في الجماعة وإغلاق المحل التجاري، سواء دكان أو بقالة أو غير ذلك حتى تصلوا مع إخوانكم، وتؤدوا ما أوجب الله عليكم من أدائها في الجماعة، ولا يجوز التساهل في هذا الأمر. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (410). (¬2) سورة البقرة الآية 238 (¬3) سورة البقرة الآية 45 (¬4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

حكم الصلاة في محل العمل

114 - حكم الصلاة في محل العمل س: أرى كثيرا من الناس يصلون في محل أشغالهم، ويقولون: إن هذا الشغل معهم يضطرون إلى العمل ثم يصلون فيه، ما حكم فعلهم هذا؟ جزاكم الله خيرا، إذ إني سمعت حديثا معناه: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له (¬1)» ج: الواجب على الرجال في كل مكان أن يصلوا في الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر " قالوا: ما العذر؟ قال: " خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬2)» ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه جاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (¬3)» ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

فأحرق عليهم بيوتهم بالنار (¬1)» وهذا يدل على وجوب أداء الصلاة في الجماعة، فالواجب على جميع الرجال القادرين أن يصلوا في الجماعة في المسجد، لا في موضع العمل إذا كان المسجد قريبا يسمعون النداء، أما إذا كان بعيدا لا يسمعون النداء فإنه لا حرج يصلون في مكانهم جماعة، يعني: سماع النداء دون الصوت بالمكبر. أما المكبر فيسمع من بعيد. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8578).

حكم صلاة الطبيب والممرض داخل المستشفى

115 - حكم صلاة الطبيب والممرض داخل المستشفى س: هناك مسجد بالمستشفى للصلاة، ولكبر المستشفى ووسعه فإنه في أوقات الصلاة تتجمع فيه فئة قليلة، ويكون من بينهم إمام للصلاة، ويتركون المسجد، وهناك كذلك فئة غير كثيرة تصلي بالمسجد، ونحن الأطباء كلنا نتجمع وراء طبيب مصري يصلي بنا في ممر من ممرات المستشفى، وبعد مدة اكتشف الأطباء أن هذا الإمام الطبيب رجل ينقل الفتنة، ويتكلم في حق الناس وينقل النميمة، فهل لي أن أستمر بالصلاة وراءه أو أذهب للمسجد؟ وبالفعل انتقلت إلى المسجد، وهل أنا ملزم بإعادة الصلاة التي صليتها وراءه؟ أرجو الإفادة (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (9).

ج: الواجب على من في المستشفى ممن يستطيع الصلاة في المسجد أن يصلي في المسجد الذي بقرب المستشفى؛ سواء كان طبيبا أو ممرضا أو عائدا أو مريضا يستطيع الحضور في المسجد، الواجب عليهم أن يصلوا في المسجد؛ لأن الله جل وعلا شرع عمارة المساجد لتقام فيها الصلاة، كما قال سبحانه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} (¬1). فالحاصل أن الواجب على من في المستشفى؛ الذي يقدر على الوصول إلى المسجد أن يصلي في المسجد، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» خرجه ابن ماجه والدارقطني وغيرهما بإسناد جيد، وكذلك سأله أعمى، قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (¬3)» فالنبي صلى الله عليه وسلم قال له: أجب. ولم يأذن له أن يصلي في بيته مع أنه كفيف، وليس له ¬

_ (¬1) سورة النور الآية 36 (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

قائد يلائمه، وفي رواية: «شاسع الدار (¬1)» فدل ذلك على وجوب أداء الصلوات في المساجد، ولا فرق بين أهل المستشفى وغيرهم، والذين يصلون في بعض المستشفى قد خالفوا السنة وتركوا الواجب. أما الصلاة خلف الطبيب الذي ينقل النميمة ويحصل منه بعض الأذى، هذا الصلاة معه صحيحة، الصلاة خلف العاصي صحيحة، ولكن ينبغي ألا يؤم الناس إلا خيارهم، عليهم أن يلتمسوا الأمين والخير في الإمامة. فينبغي أن يختار للإمامة أفضل الناس؛ أقرؤهم ثم أعلمهم بالسنة إلى آخره، فقد ورد في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما (¬2)» يعني: أقدمهم إسلاما. فالحاصل أنه يختار للإمامة الأحسن والأفضل فالأفضل، ولا يؤم الناس من هو معروف بالنميمة أو غيرها من الفسق، بل مثل هذا يجب على المسؤولين أن يبدلوه ولا يقروه، بل يلتمس غيره من هو أفضل منه إذا تيسر ذلك، ولو صلوا خلفه صحت الصلاة؛ لأنه من صحت صلاته ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمرو بن أم مكتوم رضي الله عنه، برقم (15064)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (552)، وابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (792). (¬2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673).

لنفسه صحت الصلاة خلفه، لكن ينبغي ألا يقر في الإمامة إلا من هو معروف بالعدالة والاستقامة، وأما الكافر فلا تصح الصلاة خلفه، من حكم بكفره لا تصح الصلاة خلفه، وإنما هذا في شأن الفاسق العاصي الذي ليس بكافر، وإذا لم يتيسر له إمام أصلح منه صلى خلفه، ولو صلى خلفه أيضا لحاجة إلى ذلك، أو لبعد المساجد الأخرى، أو ما أشبهها فلا بأس. المقصود أن الصلاة خلفه صحيحة، ولكن إن تيسر من هو أولى منه وأفضل منه فالصلاة خلفه أفضل وأحسن؛ خروجا من خلاف العلماء القائلين بعدم صحة الصلاة خلف الفاسق. وقد صلى ابن عمر رضي الله تعالى عنهما خلف الحجاج في الحج، وكان الحجاج من أفسق الناس ومن أظلمهم.

حكم الصلاة في المزرعة رغم قرب المسجد

116 - حكم الصلاة في المزرعة رغم قرب المسجد س: المستمع: ح. م. ع، بعث يقول: نحن جماعة في مزرعة، والمسجد يبعد عنا شيئا بسيطا، ونجتمع على فرش ونصلي، هل صلاتنا جائزة؟ ونحن نسمع النداء من المسجد، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب عليكم أن تصلوا مع الجماعة، إذا كنتم تسمعون ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (348).

النداء العادي بدون مكبرات، النداء العادي، تسمعون النداء بالصوت المعتاد في وقت الوجوب فعليكم أن تصلوا مع الناس، أما إذا كان بعيدا ما تسمعون النداء لبعده فلا يجب إلا إذا تيسر لكم الذهاب ولو بالسيارة، فهو أفضل لكم، كونكم تصلون مع الجماعة أفضل لكم، لكن ما يلزمكم إلا إذا كان قريبا منكم، تسمعون صوت النداء بغير مكبر في الأوقات الخالية من الأشياء التي تمنع الصوت.

حكم الصلاة في المزرعة جماعة لبعد المسجد

117 - حكم الصلاة في المزرعة جماعة لبعد المسجد س: هذا سائل من جمهورية مصر العربية، يعمل في مزرعة، يقول: نحن مجموعة من المسلمين يبلغ عددنا سبعة أفراد، نصلي صلاة الجماعة في المزرعة؛ لأن بيننا وبين المسجد حوالي عشرة كيلو، ولأن السائق يكون في الرياض يوميا للذهاب بالخضار، ويوجد سيارة في المزرعة، ولا يوجد سائق بديل يوصلنا إلى المسجد، نرجو من سماحتكم الرد على سؤالنا (¬1) ج: إذا كان الواقع كما ذكرتم من بعد المسجد وعدم تيسر السيارة فلا حرج أن تصلوا في المزرعة، إنما تجب الجماعة إذا كان الناس يسمعون النداء، ويستطيعون الوصول إلى محل المسجد، أما إذا كان ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (386).

بعيدا إنما يسمعونه بالمكبر، أو كان لهم عذر كالمرضى لا يستطيعون الوصول فلا حرج عليهم، والحمد لله.

حكم الصلاة في السكن جماعة مع قرب المسجد

118 - حكم الصلاة في السكن جماعة مع قرب المسجد س: إننا مجموعة من العمال نصلي في السكن، بينما المسجد يبعد عنا ما يقرب من كيلو متر فقط، هل صلاتنا صحيحة أم لا (¬1) ج: الصلاة صحيحة، لكنكم قصرتم في ترك الجماعة، والواجب عليكم أداؤها في جماعة في بيوت الله عز وجل، كما قال الله سبحانه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} (¬2)، وقال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬3)» فالواجب عليكم أن تبادروا إلى أدائها في الجماعة في بيوت الله، أما ما مضى فالصلاة صحيحة، وعليكم التوبة والاستغفار إذا كنتم تسمعون النداء، إذا كانت الأصوات هادئة وسمعتم النداء العادي من المئذنة، ولكن بكل حال فينبغي لكم أن تسارعوا إلى أدائها في الجماعة، والحذر من ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (83). (¬2) سورة النور الآية 36 (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793).

التساهل في أدائها في السكن، والغالب أن الكل يسمع النداء إذا كانت الأصوات هادئة، والمؤذن ذو صوت جيد، فالغالب أنه يسمع صوته من هذه المسافة، والله المستعان.

حكم فوات صلاة الظهر أو صلاة الجمعة بسبب العمل

119 - حكم فوات صلاة الظهر أو صلاة الجمعة بسبب العمل س: السائلون في هذا السؤال يقولون: نحن مجموعة من الشباب من جمهورية مصر العربية، نقيم بالمملكة، ونعمل لمدة ما يقارب من اثنتي عشرة ساعة - فترة مسائية - من السابعة مساء وحتى السابعة صباحا، في بعض الأوقات تفوتنا صلاة الظهر خاصة يوم الجمعة، وهذا الدوام الليلي بصفة مستمرة، مما يترتب عليه النوم بالنهار لفترات طويلة، ماذا نعمل في ذلك؟ وهل نأثم بتركنا صلاة الجمعة وصلاة الظهر (¬1) ج: نعم، عليكم أن تصلوا الجمعة وأن تصلوا الظهر مع الناس، ولا يجوز لكم الموافقة على عمل يمنعكم من ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (410). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، برقم (7257)، ومسلم كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، برقم (1840).

فالواجب عليكم أن تصلوا الجمعة، وأن تصلوا مع الناس، وعلى صاحبكم أن يسمح لكم بذلك، وأن تكون فترات الصلاة مستثناة، يجب عليكم وعلى صاحبكم، ولا يجوز التساهل في هذا الأمر، بل يجب أن تعتنوا بهذا الأمر، وأن تشترطوا عليه أن أوقات الصلاة مستثناة؛ لأنها فرض على الجميع، فالله يقول جل وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (¬1)، ويقول: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (¬2)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر ". قالوا: ما العذر؟ قال: " خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬3)» وجاء رجل أعمى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال: «ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (¬4)» أعمى ليس له قائد أمره أن يجيب، يلتمس من يقوده حتى يوصله إلى المسجد. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 238 (¬2) سورة البقرة الآية 43 (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

حكم صلاة العامل إذا منع من الذهاب إلى المسجد

120 - حكم صلاة العامل إذا منع من الذهاب إلى المسجد س: يسأل السائل ويقول: بالنسبة لصلاة الجماعة في المسجد، يقول هذا السائل: إذا كان الشخص يسمع النداء ولا يذهب للصلاة في المسجد؛ وذلك لأن أصحاب العمل لا يعطونه إذنا بالذهاب فهل عليه إثم؟ وهل يواصل معهم هذا العمل بالرغم من ذلك (¬1) ج: ليس له أن يوافقهم، عليه أن يشترط ذهابه إلى الصلاة في المسجد، ولا يجوز له طاعتهم؛ لأن الرسول يقول: «إنما الطاعة في المعروف (¬2)» صلى الله عليه وسلم. فعليه أن يبين لهم أنه لا بد من الذهاب إلى المسجد والصلاة مع الجماعة، سواء كان العمل حكوميا أو غير ذلك، يعلم أن الصلاة لا بد منها في الجماعة. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (412). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، برقم (7257)، ومسلم كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، برقم (1840).

توجيه العناية بوجوب أداء صلاة الجماعة

121 - توجيه العناية بوجوب أداء صلاة الجماعة س: يقول السائل: مع الأذان للصلاة أكلف بالعمل، وتعبت كثيرا من هذه التكاليف في وقت الأذان، وكثير من المرات خرجت عن صوابي وضاق خلقي؛ لأنهم لا يكلفون بالعمل إلا مع الأذان، أو وقت الصلاة، وكنت دائما أشكو لهم هذا، وأبين لهم أن الصلاة لها

فضل كبير إذا كانت مع الجماعة، ولا يجوز تأخيرها لغرض من الأغراض التي يمكن تأخيرها؛ لم يستجيبوا لي. وجهوني ووجهوا أمثال هؤلاء جزاكم الله خيرا، وأحسن إليكم. والواقع أمامي رسالة أخرى سماحة الشيخ تعرض نفس الغرض، فما توجيهكم؟ وفقكم الله وجزاكم خيرا (¬1) ج: لا شك أن الواجب على المسلمين العناية بالصلاة، وأن تؤدى في وقتها من الرجال والنساء جميعا؛ لأنها عمود الإسلام وأعظم الأركان بعد الشهادتين، ولأنها أول شيء يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإن صلحت له الصلاة صلح له بقية عمله، وإن ردت عليه صلاته رد عليه باقي عمله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فالواجب على أهل البيت وعلى الموظفين في أي دائرة أن يتقوا الله في ذلك، وأن يتعاونوا على أداء الصلاة في وقتها في الجماعة، وأن يجيبوا المؤذن، وألا يشغل بعضهم بعضا بأشياء تعوقهم عن الصلاة مع الجماعة، أو عن الصلاة في وقتها، هذا يعم الرجال والنساء، فالواجب على أهل البيت أن يجتهدوا في أداء الصلاة في وقتها، والحرص على ذلك، وعلى الرجال أن يصلوها في الجماعة، إذا سمعوا النداء بادروا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر ". قالوا: ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (291).

ما العذر؟ قال: " خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬1)» وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه جاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (¬2)» خرجه مسلم في الصحيح. فإذا كان أعمى ليس له قائد يقال له: أجب. هذا يصلي في الجماعة في المسجد فكيف بغيره من الناس؟ فالواجب على جميع الرجال المستطيعين أن يصلوا في المسجد ويجيبوا المؤذن، وأن يخرجوا من بيوتهم ومنازلهم ودوائرهم إلى المساجد، إلا من عذره الله كالمريض، فالمريض يصلي على حسب حاله، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬3). يقول ابن مسعود رضي الله عنه الصحابي الجليل: «ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني: الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق (¬4)» ولا يجوز لمدير دائرة أو رئيس الدائرة، أو صاحب البيت أن يشغل أولاده أو الموظفين بأعمال تمنعهم عن صلاة الجماعة، تعوقهم عن صلاة الجماعة، بل يجب أن يكونوا ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). (¬3) سورة التغابن الآية 16 (¬4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654).

متعاونين على المبادرة في أداء الصلاة في الجماعة، وعلى تأجيل الأشغال الأخرى التي قد تعوق إلى ما بعد الصلاة، أو تقديمها قبل الصلاة بوقت، أما أن يشغل الموظفون بها وقت الصلاة حتى يتخلفوا عن صلاة الجماعة فهذا منكر عظيم، فالواجب تركه والحذر منه، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.

حكم التكليف بالعمل وقت الصلاة

122 - حكم التكليف بالعمل وقت الصلاة س: ما على العامل أو السائق أو الخادم إذا جوبه بمثل هذه القضية سماحة الشيخ (التكليف بالعمل وقت الصلاة) هل له ذلك، أو تنصحونه بأن ينتقل إلى جهة أخرى تمكنه من تأدية صلاة الجماعة (¬1) ج: الواجب على السائق والعامل، وكل موظف أن يقدم حق الله، يصلي في جماعة، يوقف السيارة ويصلي في الجماعة والحمد لله، والعامل يوقف العمل يصلي مع المسلمين أوقات الصلاة مستثناة، ليست داخلة في العمل إلا إذا كان حارسا، يصلي في محل حراسته ولا يهمل محله، أو المريض فهو معذور، أو معه في السيارة ما يخشى عليه فلا بأس أن يؤديه إلى جهته، ويحرص مستقبلا على أن يحتاط لهذا ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (291).

الأمر في جميع الأوقات.

حكم العمل في جهة لا تمكن العاملين من الصلاة في وقتها

123 - حكم العمل في جهة لا تمكن العاملين من الصلاة في وقتها س: من كان عمله في الإمكان أن يؤجل إلى ما بعد الصلاة، كيف تنصحونه (¬1)؟ ج: يجب عليه أن يؤجل، وإذا كانت الجهة المسؤولة لا تمكنه ينتقل إلى جهة أخرى، يستقيل ويطلب جهة أخرى، والله يسهل أمره، يقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (¬2)، ويقول عز وجل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (¬3)، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل (¬4)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «إنما الطاعة في المعروف (¬5)» فالرئاسة التي تمنعه من صلاة الجماعة، أو الإدارة أو رئيس ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم 491. (¬2) سورة الطلاق الآية 2 (¬3) سورة الطلاق الآية 4 (¬4) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم (1098). (¬5) أخرجه البخاري في كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، برقم (7257)، ومسلم كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، برقم (1840).

العمل أو ما أشبه ذلك لا يجوز أن يطيعه في ذلك، أو رئيس العائلة: «إنما الطاعة في المعروف (¬1)» ليس للمكلف أن يطيع أحدا في معصية الله عز وجل. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، برقم (7257)، ومسلم كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، برقم (1840).

حكم تأخير الصلاة عن وقتها بسبب منع صاحب العمل

124 - حكم تأخير الصلاة عن وقتها بسبب منع صاحب العمل س: يقول: أعمل سائقا لدى صاحب مصلحة، وصاحب العمل لا يسمح لنا بالصلاة في وقتها، ويهددنا بالفصل إذا تركنا العمل وذهبنا للصلاة، علما بأنه مواظب على أداء الصلوات في أوقاتها، فأفيدونا ماذا علينا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب عليكم الصلاة في الجماعة، والواجب عليه أن يسمح لكم بذلك، ولا يجوز له أن يمنعكم من ذلك، ليس له حق في ذلك، الواجب عليكم عدم طاعته في هذا: «إنما الطاعة في المعروف (¬2)» نسأل الله لنا ولكم وله الهداية. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (292). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، برقم (7257)، ومسلم كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية، برقم (1840).

حكم صلاة الحارس في المتجر إذا خيف من السرقة

125 - حكم صلاة الحارس في المتجر إذا خيف من السرقة س: السائل هذا مصري، ومقيم في المملكة، يقول: أنا أعمل حارسا

على معدات في شركة لوحدي في المحل، ويوجد جامع صلاة يبعد عن محلنا ثلاثة كيلو مترات، هل أترك المحل أو محل عملي وأذهب للصلاة في الجامع، أم أصلي في محلي ظهرا (¬1) ج: إذا كنت مأمورا بالحراسة وتخشى على المحل لا تذهب، صل في المحل، أما إذا كان المحل ما عليه خطر، في محل يغلق تذهب وتصلي وتعود، تذهب وتصلي مع الناس، أما إذا كان المحل عليه خطر وأنت مأمور بالحراسة دائما حتى وقت الصلاة فأنت معذور، تصلي في محلك. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (421).

حكم الصلاة في البيت لمن لا يسمع نداء الصلاة لبعد المسجد

126 - حكم الصلاة في البيت لمن لا يسمع نداء الصلاة لبعد المسجد س: يقول الأخ: إنه يبعد عن المسجد حوالي ثلث ساعة، ولا يسمع الأذان إلا في أوقات الهدوء، وذلك عبر مكبرات الصوت، هل صلاتي في البيت مقبولة؟ علما بأنه لا يوجد ما يخيفني (¬1) ج: إذا بعد الإنسان عن المسجد حيث لا يسمع النداء المعتاد فإنه لا يلزمه، النبي عليه الصلاة والسلام قد قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (424).

صلاة له إلا من عذر (¬1)» وقال للأعمى: «هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (¬2)» فإذا كان في محل بعيد لا يسمع النداء المعتاد إلا بمكبرات الصوت فإنه لا يلزمه، لكن إذا احتسب الأجر وصبر وذهب إلى المسجد فهذا خير له، فيه فضل عظيم. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

مسألة في حكم الصلاة بالمزرعة لعدم سماع الأذان بالمسجد

127 - مسألة في حكم الصلاة بالمزرعة لعدم سماع الأذان بالمسجد س: أبو معاذ يقول في هذا السؤال: بأنه يعمل في مزرعة، ومتزوج ولا يوجد معه أولاد، ويبعد عن المسجد مسافة من اثنين إلى ثلاثة كيلو مترات، فهل تجوز الصلاة في المزرعة؟ علما بأن المزرعة منعزلة عن القرية التي بها المسجد (¬1)؟ ج: لا بأس، إذا كان لا يسمع النداء كيلوين أو ثلاثة يصلي وحده، وإن صبر وذهب إلى المسجد فهذا خير عظيم وفضل كبير، وإن صلى وحده فلا بأس؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من سمع النداء (¬2)» فإذا كان يسمع النداء لو هدأت الأصوات، يسمع النداء بغير مكبر يلزمه، أما إذا كان في محل بعيد لا يسمع النداء فإنه لا يلزمه. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم (414). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793).

حكم صلاة من كان عمله في الصحراء

128 - حكم صلاة من كان عمله في الصحراء س: بحكم طبيعة عملي في الصحراء، وبعدي عن المدينة فإنني أصلي دائما في مكان عملي طوال الأسبوع، وقراءتي للقرآن ليست بالشكل الصحيح المضبوط، أفيدوني وفقكم الله (¬1) ج: ليس عليك حرج، ما دمت بعيدا عن المدن لا تسمع النداء تصلي في مكانك، وعليك أن تجتهد في قراءة القرآن وإقامة الحروف ولو في المصحف، وأهم شيء الفاتحة، لا بد أن تقيمها؛ لأنها ركن الصلاة، وما سواها مستحب، لكن عليك أن تجتهد حتى تقيم الفاتحة، وتقرأها على من هو أعرف منك حتى تقيمها وتحفظها جيدا. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (354).

حكم من حلف أنه لا يصلي خلف إمام معين

129 - حكم من حلف أنه لا يصلي خلف إمام معين س: يقول السائل: حصل بيني وبين عمي نقاش، وقد كان يصلي بنا، وأنا حلفت بالله لا أصلي خلفه، وفي أيام رمضان أنا تقدمت إماما، وحينما بدأت أكبر قال لي: ارجع في الصف. وأنا رجعت وصليت وحدي قرب الصف؛ لأنني حلفت بالله، هل يجوز ما فعلت؟ جزاكم الله خيرا، وما الحكم إذا ما أردت الصلاة خلفه (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (264).

ج: الواجب عليك أن تصلي في الجماعة، ولا تصلي وحدك، وعليك كفارة اليمين، عليك أن تكفر عن يمينك بإطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة، أما أن تصلي وحدك فهذا لا يجوز، والجماعة واجبة عليك وعلى غيرك من المسلمين في مساجد الله مع إخوانك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬1)» وجاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له المصطفى عليه الصلاة والسلام: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (¬2)» إذا كان رجل أعمى يجب عليه أن يجيب كيف بغيره؟ وهو ليس عنده قائد أيضا، بل يحتاج إلى طلب الناس ليقودوه، فاتق الله واحذر وتب إلى الله مما فعلت، وكفر عن يمينك، وصل مع الناس، واقتد بالإمام، واستغفر ربك مما فعلت سابقا، وتب إليه، وعليك كفارة يمين؛ وهو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم كل واحد له نصف الصاع، تمر أو أرز من قوت بلدك، نصف صاع (كيلو ونصف) من قوت بلدك، أو كسوة تجزئه للصلاة كإزار ورداء أو قميص. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

حكم التخلف عن صلاة الجماعة إذا كان المسجد بدون إمام

130 - حكم التخلف عن صلاة الجماعة إذا كان المسجد بدون إمام س: بقربي مسجد، ولكنه بدون إمام، فهل يجب علي أن أصلي فيه؟ وإذا كان لهذا المسجد إمام فهل علي إثم إن صليت في بيتي (¬1) ج: الواجب الصلاة في جماعة، وليس لك أن تصلي في بيتك، وإن كان المسجد ليس فيه إمام فإنهم يقدمون أحدهم، يقدمون أقرأهم وأفضلهم يصلي بهم، وليس لك أن تصلي في البيت، وإذا قدموك؛ لأنك أقرؤهم وأفضلهم فصل بهم، ولا يجوز لك ولا لغيرك الصلاة في البيت وترك الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» والعذر هو: المرض والخوف ونحوهما، مما يمنع الإنسان من الذهاب إلى المسجد، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه جاء رجل أعمى، «جاء إلى النبي رجل أعمى يستأذن: هل يصلي في بيته؟ وذكر له أنه ليس له قائد يقوده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ "، سأله النبي: هل تسمع النداء؟ يعني: الأذان. قال: نعم. قال: " فأجب (¬3)» فإذا كان ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (298). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

الأعمى الذي ليس له قائد يؤمر بالإجابة فكيف بغيره ممن عافاهم الله؟

حكم بناء مسجد مع وجود جامع قريب منه يصلى فيه

131 - حكم بناء مسجد مع وجود جامع قريب منه يصلى فيه س: عندنا قرية يوجد بها مسجد جامع يبعد عنا حوالي ثلاثمائة متر، ولكننا لا نصلي فيه رغم أننا نسمع الدعاء، ولا يصلي فيه أحد إلا أصحابه، ثم قام أبي طالبا الأجر والثواب ببناء مسجد إلى جوار بيتنا، وصرنا نصلي فيه جماعة كل فرض، أنا وأبي وإخوتي وأولادهم، ولكن بعض الناس قالوا: إن هذا المسجد لا تجوز فيه الصلاة؛ لأن الجامع قريب منا. والسؤال: هل نهجر هذا المسجد الصغير الذي بناه والدي ونذهب إلى الجامع - وليس في ذلك شيء - أم نصلي فيه كل فرض جماعة؟ مع العلم يا سماحة الشيخ أننا نصلي الجمعة في الجامع، أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب عليكم أن تصلوا في الجامع؛ لأنه قريب منكم، فإذا كان هناك أسباب أخرى بينكم وبينه؛ شارع يضركم، يعني: فيه خطر. فلا بأس، أما ما دامت الطريق سليمة، والمسافة التي بينكم مثل ما ذكرتم: ثلاثمائة متر، وليس هناك مانع فإن عليكم أن تصلوا في الجامع، وأن تهدموا هذا المسجد؛ لأنه في حكم الضرار، لا حاجة إليه، فالواجب ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (186).

عليكم أن تصلوا الجمعة والجماعة مع إخوانكم في هذا الجامع القريب منكم، إلا أن يكون هناك مانع يمنعكم، أو طريق كثير المرور يخشى عليكم منه فهذا لكم عذر في الفرائض خاصة دون الجمعة، أما ما دام الطريق سليما وليس بينكم أخطار، ولا ما يوجب عدم الصلاة معهم فالواجب عليكم أن تصلوا معهم، وأن تكثروا سوادهم؛ لأن المطلوب في الجماعة تكثير المسلمين، وتجميعهم في بيوت الله، والتعاون على البر والتقوى، والحرص على ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، لا ينبغي التفرق.

حكم الصلاة في المسجد البعيد طلبا للأجر

132 - حكم الصلاة في المسجد البعيد طلبا للأجر س: رجل يصلي في المسجد المجاور له، مراعيا في ذلك حق الجوار، ورجل يصلي في الجامع الكبير البعيد عن بيته تاركا هذا المسجد المجاور له؛ بقصد كثرة الثواب نظرا لكثرة الناس فيه، وأنه كلما كثرت الخطى كثر الأجر، فنسأل الآن من هو صاحب الأجر الأكثر (¬1)؟ ج: لا شك أن الذي يطلب المسجد البعيد، ويصبر على التعب يكون له الأجر أكثر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى (¬2)» لكن إذا كانت الصلاة في ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (336). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل صلاة الفجر في جماعة، برقم (651)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد، برقم (662).

المسجد القريب تجمع الناس، ويعظهم ويذكرهم ويحصل بذلك النفع لهم فصلاته معهم أولى، أما إذا كان لا يفقد ولا يتأثر المسجد به فالمسجد البعيد يزيد به أجر الخطوات، وهو على خير إن شاء الله بلفظ الحديث: «أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى (¬1)» ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل صلاة الفجر في جماعة، برقم (651)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد، برقم (662).

حكم السفر إلى بلاد غير إسلامية ولا يوجد بها مساجد

133 - حكم السفر إلى بلاد غير إسلامية ولا يوجد بها مساجد س: ما حكم من يسافر إلى بلد غير إسلامي للدراسة، أو للعمل لعدد من السنوات؟ هل يختلف الحكم إذا كانت المدينة التي يقيم فيها مدينة كبيرة؛ يوجد فيها مساجد ومراكز إسلامية وآلاف المسلمين، أو كانت مدينة صغيرة لا يوجد بها مساجد، وقد لا يوجد بها مسلمون؟ وهل يعذر من صلاة الجماعة في هذه الحالة؟ نرجو من سماحتكم الإجابة (¬1) ج: ينبغي للمؤمن ألا يسافر إلى مثل هذه البلاد التي فيها كفر؛ لا للعمل ولا للدراسة إذا وجد فسحة حتى يتعلم في غيرها، أو يعمل في غيرها؛ لأنه على خطر من خلطتهم، ولكن إذا كانت البلدة فيها مراكز إسلامية ومسلمون يستطيع ينضم إليهم، ويتعاون معهم في الخير، هذا أسهل من البلاد التي ليس فيها أحد من المسلمين، أما إن كان عنده ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (358).

علم وعنده بصيرة، وسافر إلى الدعوة إلى الله والتعلم فلا بأس، أما الطالب الذي مازال ليس عنده علم يصونه من شبهاتهم فهو على خطر، ينبغي أن يتعلم في بلاده أو يلتمس بلادا سليمة حتى يتعلم فيها، ولا يذهب إلى بلاد الكفر، وهكذا للعمل لا يذهب للعمل في بلاد الكفر؛ لأنه على خطر أن يجروه إلى دينهم. في الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين (¬1)» فإذا كان بينهم هو على خطر من شرهم ومكايدهم، إلا إذا كان عنده علم وأظهر دينه. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود، برقم (2645) والترمذي في كتاب السير، باب ما جاء في كراهية المقام بين أظهر المشركين، برقم (10604).

باب أحكام الإمامة

باب أحكام الإمامة 134 - حكم قراءة الفاتحة لمن لم يدرك مع الإمام تكبيرة الإحرام س: ماذا على المصلي إذا لم يدرك مع الإمام تكبيرة الإحرام؟ بل وجد الإمام يقرأ في السورة الثانية بعد الفاتحة مثلا، هل يبدأ بالاستفتاح أم بالفاتحة (¬1) ج: يكبر ويقرأ الفاتحة إذا كان يخشى ركوع الإمام، أما إن كان يعرف من حال الإمام وقراءته أنه يمكنه يستفتح ويأتي بالفاتحة فلا بأس، لكن الأقرب - والله أعلم - أنه لا يستفتح خصوصا إذا كانت جهرية؛ لأنه مأمور بالإنصات، لكن الفاتحة مستثناة، يأتي بالفاتحة ولا يستفتح، أما إذا كانت سرية ويظن أنه يمكنه أن يقرأ، ويستفتح فإنه يستفتح ثم يقرأ الفاتحة. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (284).

حكم قراءة دعاء الاستفتاح والإمام يقرأ

135 - حكم قراءة دعاء الاستفتاح والإمام يقرأ س: إذا جاء الرجل إلى المسجد والإمام يقرأ هل يكبر ويستمع، أم

يقرأ دعاء الاستفتاح ثم الفاتحة ثم يستمع (¬1) ج: إذا كبر يستمع، لكن يقرأ الفاتحة، أما الاستفتاح فيستحب، يسقط، لكن يقرأ الفاتحة ثم ينصت، إذا كان الإمام لا يسكت. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والخمسون من الشريط رقم (431).

حكم من أدرك الركوع ولم يقرأ الفاتحة

136 - حكم من أدرك الركوع ولم يقرأ الفاتحة س: ماذا يفعل المسبوق إذا وجد المصلين في الركوع وقد أدرك الركوع، لكنه لم يقرأ الفاتحة (¬1) ج: إذا أدرك الركوع أجزأته الركعة على الصحيح، وهو قول جمهور أهل العلم؛ لأنه ثبت من حديث أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه، «أنه أتى ذات يوم والنبي راكع - عليه الصلاة والسلام - فركع معه، ركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فلما سلم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " زادك الله حرصا، ولا تعد (¬2)» ولم يؤمر بقضاء الركعة، خرجه الإمام البخاري في الصحيح، وهذا يدل على أن الإنسان إذا فاته القيام أجزأته الركعة قبل الرفع من ركوعها، وسقطت عنه الفاتحة؛ لأنه معذور لكونه لم يحضر القيام، هذا هو الصواب، وعليه الأئمة الأربعة ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (262). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

رحمهم الله؛ لحديث أبي بكرة هذا. وقال جماعة من أهل العلم: إن القراءة على المأموم ليست واجبة، أعني قراءة الفاتحة. ونقل هذا عن الجمهور أن القراءة ليست واجبة على المأموم؛ قراءة الفاتحة، ولكن الأرجح أنها واجبة عليه؛ لعموم الأحاديث، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ " قلنا: نعم. قال: " لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬1)» فهو حديث جيد، لكن إذا فاته القيام وأدرك الركوع أجزأه الركوع؛ لحديث أبي بكرة الذي تقدم، وهكذا لو نسي الفاتحة أو جهل الحكم يحسب أنه لا حرج عليه، فإن ركعته تجزئه، فالقراءة في حق المأموم واجبة، تسقط بالنسيان والجهل، وعدم إدراك القيام، بخلاف قراءة الفاتحة بحق الإمام فإنها ركن لا بد منه وهكذا في حق المنفرد ركن، لا تصلح الصلاة بدونها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬2)» واتفق العلماء على صحته. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب برقم (823). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة. . .، برقم (394).

بيان ما ينبغي من التكبيرات لمن أدرك الإمام راكعا

137 - بيان ما ينبغي من التكبيرات لمن أدرك الإمام راكعا س: من أدرك الإمام راكعا فهل تلزمه تكبيرة أو تكبيرتان؛ تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع (¬1) ج: نعم، إذا أدرك الإمام راكعا فإنه يكبر أولا وهو واقف تكبيرة الإحرام، ثم يكبر حين ينحني للركوع، هذا هو الذي ينبغي، وهذا هو الأصل، الأصل أن يكبر تكبيرتين؛ الأولى: وهي تكبيرة الإحرام، وهي فرض عند الجميع لا بد منها. والثانية: فرض عند بعض أهل العلم، وهي تكبيرة الركوع. وذهب الأكثرون أنها سنة، وذهب الإمام أحمد وجماعة من السلف والخلف إلى أنها فريضة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كبر وأمر بالتكبير، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬2)» في الركوع والسجود، فدل ذلك على وجوب التكبيرات، تكبيرات النقل تأسيا به صلى الله عليه وسلم، وتنفيذا لأمره، أما تكبيرة الإحرام وهي الأولى فهذه فريضة عند الجميع، لا يدخل الصلاة إلا بها، من دخل الصلاة بالنية ولم يكبر لم تنعقد صلاته، فلا بد من التكبير في أول الصلاة، وهي التكبيرة التي يقال لها: تكبيرة الإحرام. وهي المذكورة في ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (75). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631).

قوله - صلى الله عليه وسلم: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم (¬1)» يعني: التكبير الأول. لكن إذا جاء والإمام راكع فقد يضيق الوقت، فإن ترك تكبيرة الركوع صح عند جمع من أهل العلم لضيق الوقت، ولكن إذا أتى بهما فهو الأحوط، وفيه خروج من الخلاف، فينبغي له أن يأتي بها على الأصل، يكبر وهو واقف التكبيرة الأولى، وهي تكبيرة الإحرام، فيكبر الثانية عند انحنائه وانخفاضه للركوع متى تيسر ذلك، فهذا هو الأحوط والأولى، ومتى ترك الثانية للضيق أجزأته الركعة - والحمد لله - في أصح قولي أهل العلم. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسند العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (1009) وأبو داود في كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء، برقم (61) والترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور، برقم (3) وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب مفتاح الصلاة الطهور، برقم (275).

بيان عدد التكبيرات لمن أدرك الإمام في حال الركوع

138 - بيان عدد التكبيرات لمن أدرك الإمام في حال الركوع س: كم تكبيرة يكبرها المأموم عندما يأتي والإمام في حال الركوع؟ أرجو التفصيل في هذه المسألة (¬1) ج: يكبر تكبيرتين؛ إحداهما: وهو واقف، وهذه التكبيرة الأولى، ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (227).

وهي تكبيرة الإحرام، وهي ركن لا بد منه، ولا تنعقد الصلاة إلا بها. ثم ينحط مكبرا للركوع، فإن خاف أن تفوته الركعة اكتفى بالأولى، وكفت عن تكبيرة الركوع في أصح قولي العلماء؛ لأنهما عبادتان اجتمعتا في محل واحد، فاجتزئ بالعظمى منهما؛ وهي تكبيرة الإحرام، لكن شرط أن يؤديها وهو واقف قبل أن يركع بنية التكبيرة الأولى، وإذا أمكنه أن يأتي بالثانية وهو في هويه إلى الركوع كان هذا هو الأكمل، فإذا لم يتيسر ذلك لضيق الوقت كفته التكبيرة الأولى، وهي تكبيرة الإحرام.

بيان كيفية التكبير لمن

139 - بيان كيفية التكبير لمن أدرك الإمام في حال الركوع أو السجود س: لو أتيت والجماعة في الركوع، أو السجود فهل تكفي تكبيرة الركوع أو السجود، أم لا بد من تكبيرة قبلها للإحرام، ثم تليها تكبيرة الركوع أو السجود (¬1) ج: إذا جاء والناس ركوع فإن الواجب عليه أن يكبر تكبيرة الإحرام أولا، ثم إن تيسر له أن يكبر عند انحنائه للركوع فإنه يكبرها، وإن لم يتيسر ذلك أجزأته التحريمة؛ تكبيرة الإحرام تجزئه على الصحيح، ولكن إن أتى بهما جميعا فهذا هو الأفضل والأكمل؛ خروجا من خلاف ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (42).

العلماء، ثم يركع مع إمامه وتجزئه الركعة هذه، وليس عليه قضاء الركعة، بل تجزئه هذه الركعة التي أدرك الإمام فيها في حال الركوع، وأما إن جاء وهو في السجود فإنه يكبر تكبيرة الإحرام فقط وهو واقف، ثم ينحط ساجدا بدون تكبير، ولا تجزئه هذه الركعة؛ لأنه فاته ركوعها وقيامها.

حكم من أدخل تكبيرة الإحرام مع الركوع

140 - حكم من أدخل تكبيرة الإحرام مع الركوع س: ما حكم من وجد الإمام راكعا في الهوي، فكبر تكبيرة الإحرام ثم أدخل تكبيرة الركوع فيها؟ هل تصح صلاته أم لا (¬1)؟ ج: من أدرك الإمام راكعا تجزئه التكبيرة الأولى في أصح قولي العلماء؛ لأنها هي الفريضة العظمى، وهي كالركن الأعظم، ولا تنعقد الصلاة إلا بها، أما تكبيرة الركوع فهي قيل بوجوبها وقيل بسنيتها، فهي أدنى من التكبيرة الأولى، فإذا ضاق الوقت أجزأت التكبيرة الأولى، وهي العظمى وهي الركن، عن التكبيرة الثانية؛ تكبيرة الركوع، وإن أتى بهما جميعا فذلك أفضل وأحوط، ثم يركع يكبر الأولى وهو قائم، ثم يكبر منحطا للركوع، وهذا هو الكمال، وإن لم يكبر الثانية واقتصر على الأولى أجزأه ذلك على الصحيح. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (39).

حكم من أدرك الركوع ولم يقرأ بفاتحة الكتاب

141 - حكم من أدرك الركوع ولم يقرأ بفاتحة الكتاب س: من اليمن أ. ف، يقول: سماحة الشيخ، هل من أدرك الإمام راكعا فقد أدرك الركعة وإن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬1) ج: نعم، إذا أدرك الإمام راكعا أدرك الركعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر له أبو بكرة أنه أدركه وهو راكع أمره ألا يعود؛ لأنه ركع دون الصف، ولم يأمره بقضاء الركعة، فدل على إجزائه، قال: «زادك الله حرصا ولا تعد (¬2)» لما ركع دون الصف، خاف أن تفوته الركعة. ¬

_ (¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (426). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

س: إذا دخلت المسجد، ووجدت الإمام راكعا أو ساجدا هل لي أن أستفتح الصلاة في هذه الحالة، أم يكفيني استفتاح الإمام (¬1) ج: إذا وجدته راكعا أو ساجدا فكبر وادخل معه، وليس هناك حاجة إلى الاستفتاح، كبر وادخل معه في الركوع، كبر وادخل معه في السجود، والحمد لله، وليس هناك حاجة إلا إذا كان قائما تكبر وأنت قائم ثم تستفتح، ثم تقرأ الفاتحة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (164).

بيان كيفية إدراك الركعة مع الإمام

142 - بيان كيفية إدراك الركعة مع الإمام س: رجل دخل المسجد والإمام راكع وكبر للركوع، وفي خلال نزوله للركوع كان الإمام يرفع من الركعة، هل يكون الرجل قد أدرك الركعة، أم لا؟ وإذا كان لم يدركها فمتى تتحقق الركعة (¬1) ج: إن استوى راكعا قبل أن يرفع إمامه فقد أدرك الركعة، إذا وصل إلى حد الركوع قبل أن يرفع إمامه فقد أدرك الركوع، أما إن شرع الإمام رافعا قبل أن يصل حد الركوع فيعتبر غير مدرك، ويقضي هذه الركعة التي لم يدرك فيها الإمام في حالة الركوع، وهكذا لو شك، يقضي هذه الركعة؛ لأنه لم يتحقق أنه أدرك هذا الركن مع إمامه، أما إذا علم أنه أدرك الركوع؛ يعني وصل إلى حد الركوع مع إمامه فإنه يعتبرها، ولو كان تسبيحه وطمأنته بعد ذلك، ما دام وصل إلى حد الركوع والإمام لم يرفع. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (188).

بيان وقت إدراك الركعة مع الإمام

143 - بيان وقت إدراك الركعة مع الإمام س: يقول السائل: أنا دخلت والإمام راكع، ثم كبرت تكبيرة الإحرام والإمام راكع، فرفع قبل أن أركع معه، هل أدركت الصلاة أم لا (¬1)؟ ج: إذا دخل الإنسان والإمام راكع، وكبر تكبيرة الإحرام، ثم رفع ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (25).

الإمام قبل أن يهوي بالركوع قبل أن يستوي راكعا فإنه قد فاتته الركعة، لا يدركها، وإنما يدركها إذا استوى راكعا قبل أن يرفع، إذا انحدر راكعا قبل أن يرفع إمامه أدركها ولو ما سبح إلا بعد ذلك، أما إذا كبر بالإحرام ثم رفع الإمام قبل أن يستوي راكعا فإنه يعتبر غير مدرك لهذه الركعة، وعليه أن يقضيها.

بيان كيفية إدراك الركوع مع الإمام

144 - بيان كيفية إدراك الركوع مع الإمام س: إذا دخل شخص والإمام قد ركع، ثم ركع على رفع الإمام (¬1) ج: إذا أدرك الركوع قبل أن يرفع اعتد بها، وإن رفع الإمام قبل أن يستوي راكعا لا يعتد بها، يقضيها، أما إذا استوى راكعا قبل أن يرفع الإمام فإنه يعتد بها، ولا يضره رفع الإمام، أما إذا كان هذا قبل الهوي والإمام رافع لا يعتد بها، يقضيها. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (409).

حكم المسبوق إذا وجد الإمام في السجود

145 - حكم المسبوق إذا وجد الإمام في السجود س: ماذا يفعل المسبوق إذا وجد المصلين في الحالات التالية: في السجود مثلا، هل يسجد معهم مكبرا، أم ينتظر إلى أن يقوموا أو يجلسوا (¬1) ج: السنة له أن يكبر تكبيرة الإحرام وهو واقف، ثم يسجد معهم؛ لما ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (262).

جاء في بعض الأحاديث: «إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعدوها شيئا (¬1)» ولما جاء في الحديث: أن السنة للمأموم إذا جاء والإمام على حال أن يصلي معه على حاله التي هو عليها؛ إن وجده راكعا ركع وإن وجده قائما وقف معه، وإن وجده ساجدا سجد، وإن وجده في التحيات جلس معه في التحيات. هذا هو الأفضل، ولو فاتته الركعات كلها ولو هو في التحيات؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (¬2)» قوله: «فما أدركتم فصلوا (¬3)» يعم من أدرك الصلاة كلها أو بعض الركعات، أو أدرك الإمام وهو في التشهد يعمه الحديث. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في الرجل يدرك الإمام ساجدا كيف يصنع، برقم (893). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602).

بيان كيفية إتمام من أدرك ثلاث ركعات في الصلاة الرباعية

146 - بيان كيفية إتمام من أدرك ثلاث ركعات في الصلاة الرباعية س: إذا أدرك ثلاث ركعات في صلاة الظهر أو العصر فكيف يتم صلاته قولا وعملا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (262).

ج: عليه إذا سلم الإمام أن يقوم فيأتي بالركعة التي بقيت عليه، يقرأ فيها الفاتحة فقط، هذا هو الأفضل، أما جلوسه مع الإمام ولم يتم صلاته فمتابعة، يقرأ فيها التحيات، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع الإمام متابعة له أفضل، ثم يقوم ويأتي بالركعة الرابعة التي بقيت عليه، يقرأ فيها الفاتحة؛ لأنها الرابعة في حقه، ولو قرأ زيادة لا يضر، لكن الأفضل أن يقرأ الفاتحة فقط، هذا هو الأفضل؛ لأنه ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في الثالثة والرابعة في صلاة الظهر والعصر بفاتحة الكتاب، وصلاة المغرب والعشاء بالفاتحة؛ يقرأ في الثالثة من المغرب الفاتحة، والثالثة والرابعة من العشاء الفاتحة، ثم يجلس بعد أن يصلي الركعة، يسجد سجدتين ثم يجلس، ويأتي بالتشهد كاملا مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومع الدعاء، ثم يسلم.

بيان كيفية إضافة الركعة الرابعة في الصلاة الرباعية

147 - بيان كيفية إضافة الركعة الرابعة في الصلاة الرباعية س: إذا وجدت جمعا في الفروض ذوات الأربع ركعات، وقد فاتتني الركعة الأولى، ثم لحقت معهم الركعة الثانية ثم التشهد، ثم الركعة الثالثة والرابعة، فأصبح ثلاث ركعات، كيف أضيف الركعة الرابعة (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (2).

ج: إذا فات الإنسان ركعة من الرباعية؛ الظهر والعصر والعشاء فإنه إذا صلى مع الإمام ثلاث ركعات التي أدركها، وسلم الإمام من الركعة الأخيرة الرابعة فإنه يقوم هو ويأتي بركعة واحدة فقط تكميلا لصلاته، يقرأ فيها بالفاتحة فقط؛ لأنه ما أدرك هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخرها، فإذا سلم الإمام قام وقرأ الفاتحة، ثم ركع ثم رفع ثم سجد سجدتين، ثم قرأ التحيات بكمالها، ثم سلم هذا الواجب عليه، أما جلوسه مع الإمام وقراءته التحيات فذاك ليس بلازم قراءته التحيات، إنما جلس متابعة جلس مع الإمام في الركعة الأخيرة، جلس معه متابعة فقط، ولا يلزمه فيها قراءة التحيات، لكن إذا قرأها وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم لا يضره ذلك لا بأس به، أما التحيات اللازمة له فإنما تكون بعد قضائه الركعة الفائتة، فإذا قضاها قرأ التحيات وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا ثم سلم هذا هو المشروع له.

حكم قراءة التشهد الأول لمن لم يدرك الركعة الأولى مع الإمام

148 - حكم قراءة التشهد الأول لمن لم يدرك الركعة الأولى مع الإمام س: إذا حضر المأموم الصلاة مع الإمام بعد أن صلى ركعة من صلاة الظهر فهل يقرأ التشهد الأول عند جلوس الإمام، والمأموم لم يصل إلا ركعة واحدة (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (14).

ج: لا يلزمه ذلك؛ لأن هذا ليس بتشهد، إذا أدرك ركعة واحدة مع الإمام الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء أو الفجر فإنه لا يلزمه قراءة التشهد، إذا جلس مع الإمام في الركعة الثانية هو محل تشهد لمن صلى مع الإمام من أول الصلاة، أما هذا فمحل تشهده يأتي في الركعة الثانية، فإن قرأه فلا حرج إن شاء الله، وفي هذه الحالة يسكت، أو يقرأ مثله، لكن لا يلزمه أن يقرأ؛ لأن هذا ليس محل قراءة، ولكن كونه يقرأ في التشهد الأول ويأتي به فهو خير له من السكوت؛ لأنه فضل، ولأنه ذكر، فإتيانه به خير.

بيان كيفية إكمال الصلاة الرباعية لمن أدرك الركعتين الأخيرتين

149 - بيان كيفية إكمال الصلاة الرباعية لمن أدرك الركعتين الأخيرتين س: أسألكم عن شخص أدرك مع الإمام الركعتين الأخيرتين في صلاة العصر، ثم إنه بعد انتهاء التشهد الأوسط، وقيام الإمام للركعتين الأخيرتين، كيف يكمل صلاته؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا سلم إمامه يقوم يأتي بالركعتين، وتكون الركعتان الأخيرتان اللتان يقضيهما هما آخر صلاته، وأولها ما أدركه مع الإمام، الركعتان اللتان أدركهما مع الإمام هما أول صلاته، فإذا تيسر أن يقرأ مع الفاتحة ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (299).

زيادة، إذا كان الإمام أطال الوقوف فهو مشروع؛ لأنهما أول صلاته، والقاعدة أن ما أدركه مع الإمام هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخر صلاته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (¬1)» فالإسلام يوجب عليه القضاء، فالركعتان اللتان يقضيهما لمن فاتته الركعتان الأوليان تكونان هما آخر صلاته. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602).

حكم من فاتته الركعتان الأوليان من صلاة العشاء

150 - حكم من فاتته الركعتان الأوليان من صلاة العشاء س: إذا فاتت المصلي الركعتان الأوليان من صلاة العشاء أو العصر أو الظهر، عندما يقوم لقضائها هل يصلي ركعة ثم يقرأ التشهد الأول ثم يصلي الركعة الأخرى، أم يصليهما بدون تشهد؟ وكذلك إذا فاتته ثلاث ركعات من الرباعية فما الحكم (¬1)؟ ج: إذا فاته اثنتان من المغرب فإنه إذا قام يأتي بواحدة، ثم يجلس للتشهد الأول؛ لأن السنة في المغرب أن يجلس بعد الثنتين للتشهد الأول، فإذا قضى واحدة ضمت إلى ما أدرك مع الإمام، وصار الجميع ثنتين، فيجلس للتشهد الأول، ثم يقوم فيأتي بالثالثة منفردا، يسر فيها في القراءة في المغرب، أما في العشاء فإذا فاته اثنتان فإنه يأتي بالثنتين ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (188).

متتابعتين؛ لأنه لا جلوس فيهما إلا في الأخيرة منهما، وهو الجلوس الأخير كما هو معلوم.

حكم قراءة التشهد ثلاث مرات في المغرب للمسبوق

151 - حكم قراءة التشهد ثلاث مرات في المغرب للمسبوق س: رجل يدرك الركعة الثانية مع الإمام في المغرب، وربما الثانية في الفجر، وعلى هذا سوف يكون صلى ثلاث مرات للتشهد في المغرب، ومرتين في الفجر، فماذا يفعل في الجلسة الزائدة؟ وكيف يكون تفصيلها؟ وما حكم من قرأ التشهد فيها (¬1)؟ ج: هذه الجلسة متابعة للإمام، الجلسة التي يجلسها بعد الركعة الأولى التي أدركها؛ وهي الركعة الثانية في حق الإمام هذه الجلسة تابعة لمتابعة الإمام، يجلس متابعة لإمامه، وهكذا في المغرب، وهكذا إذا أدرك ركعة من الظهر أو العصر أو العشاء فإنه يجلس بعدما يصلي الركعة الأولى، التي يقضيها؛ يجلس للتشهد، ثم يقوم فيصلي الثنتين اللتين فاتته، الحاصل أن هذه الركعة التي أدركها مع الإمام في الفجر، وفي المغرب يجلس فيهما جلسة مع الإمام تبعا للإمام، وإذا قرأ فيها التحيات: التشهد الأول والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تبعا للإمام فلا حرج عليه، ولو لم يقرأ لا حرج عليه؛ لأن هذه ما هي ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (215).

الجلسة في حقه، ليست التشهد الأول، ولا التشهد الأخير، لكن إذا قرأ تبعا للإمام هذا حسن إن شاء الله ولا يضره، وإنما الواجب عليه في الجلسة الأخيرة التي بعد قضاء الركعة التي فاتته في الفجر، وبعد قضاء الركعتين في المغرب، عليه التشهد الأخير، والتشهد الأول بعدما يأتي بركعتين في المغرب، يتشهد الأول، وجلوسه مع الإمام إنما هو متابعة، وإنما الجلسة التي تلزمه بعدما يقضي ركعتين من المغرب يجلس للتشهد الأول، ثم يصلي الثالثة ويجلس للتشهد الأخير، وفي الفجر يقضي الركعة التي عليه، ويجلس للتشهد الذي يجب عليه، وهو التشهد الذي فيه السلام، هذا واجب عليه، أما جلسته مع الإمام هذه لا تلزمه إلا متابعة الإمام، يجلس متابعة للإمام، ولا يلزمه فيها قراءة التشهد، لكن إذا قرأه فلا حرج.

بيان كيفية إتمام صلاة من أدرك ركعة واحدة من صلاة المغرب

152 - بيان كيفية إتمام صلاة من أدرك ركعة واحدة من صلاة المغرب س: في حالة إدراك المأموم ركعة واحدة من صلاة المغرب، فكيف يتم صلاته (¬1) ج: إذا سلم الإمام يقوم فيأتي بركعة، ثم يجلس للتشهد الأول، ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (262).

ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويقوم ويأتي بالركعة الثالثة التي يقرأ فيها الفاتحة، وهذا هو المشروع؛ لأن المغرب فيها تشهد أول بعد الثنتين، والتشهد الأخير بعد الثالثة، وتشهده الذي مع الإمام ليس هو التشهد المطلوب منه، بل هو تابع، إنما جلس متابعة لإمامه بعد الأولى، وإلا الجلوس الذي في حقه هو بعد الثانية، فلهذا إذا أتى بالثانية يجلس ويقول التشهد الأول.

س: السائل يقول: إذا أدركت الركعة الأخيرة من صلاة المغرب فهل يجوز أن أقرأ في الركعة الأخيرة سورة مع الفاتحة أو لا (¬1) ج: إذا كنت تقضي تقرأ في الركعة التي تبدأ بها في القضاء الفاتحة وسورة معها أفضل، ثم الركعة الأخيرة الفاتحة فقط، وهي الثالثة في حقك، وإن قرأت معها زيادة فلا حرج، ثبت عن الصديق رضي الله عنه أنه كان يقرأ بعد الفاتحة في الثالثة في المغرب: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (¬2) (¬3) وثبت أن بعض أمراء الأنصار الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ بأصحابه بعد الفاتحة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬4) الله في كل ركعة مع الزيادة عليها في الركعة الأولى والثانية. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (254). (¬2) سورة آل عمران الآية 8 (¬3) والحديث أخرجه مالك في الموطأ برقم (174). (¬4) سورة الإخلاص الآية 1

حكم قراءة ما زاد عن الفاتحة في الركعة الثالثة والرابعة

153 - حكم قراءة ما زاد عن الفاتحة في الركعة الثالثة والرابعة س: إذا دخل المصلي صلاة الجماعة في الركعة الثالثة أو الرابعة فهل عليه أن يقرأ فيهما عدا سورة الفاتحة (¬1) ج: الفاتحة تكفي، ولكن إذا تيسر له قراءة زيادة عليها فلا بأس؛ لأنها أول صلاته، المسبوق في أول صلاته وما يقضيه هو آخرها، فإذا كان الإمام تأخر بعد الفاتحة قرأتها هذا أفضل، فإن لم يتيسر كفت الفاتحة والحمد لله، ثم تقضي ما فاتك. ¬

_ (¬1) السؤال الستون من الشريط رقم (434).

بيان كيفية إكمال صلاة المغرب لمن أدرك الركعة الأخيرة

154 - بيان كيفية إكمال صلاة المغرب لمن أدرك الركعة الأخيرة س: يقول السائل: في صلاة المغرب حضرت الركعة الأخيرة مع الجماعة، كيف آتي بالباقيات؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا سلم إمامك تأتي بركعة تجهر فيها بالقراءة، تقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم تجلس وتأتي بالتشهد الأول، وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تنهض وتأتي بالثالثة، هذا هو المشروع لك والواجب عليك. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (245).

إذا أدرك المصلي مع الإمام ركعة فأكثر فهي أول صلاته

155 - إذا أدرك المصلي مع الإمام ركعة فأكثر فهي أول صلاته س: أرجو تفصيل هذه المسائل الهامة في نظري، كيف يفعل المسبوق

بركعة أو ركعتين في العشاء أو المغرب؟ هل يقرأ سرا؟ أم كيف يعمل؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا سبق بركعة إذا سلم الإمام يقوم ويأتي بالركعة التي سبق فيها، ويقرأ فيها الفاتحة فقط، هذا هو الأفضل؛ لأن ما يقضيه هو آخر صلاته، وما أدركه مع الإمام هو أول صلاته، هذا هو الصحيح، والسنة أن يجهر بالقراءة في المغرب والعشاء، يقرأ الفاتحة فقط، وإن قرأ زيادة فلا حرج سرا، أما الفجر فيقرأ فيها جهرية في الركعة التي يقضيها الفاتحة وزيادة معها، كما كان يقرؤها، لكنه في حال قضائه ليس مع الإمام فيقضيها ويقرأ مع الفاتحة ما تيسر جهرا، لا يؤذي من حوله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (286).

ما أدرك المصلي مع الإمام فهو أول صلاته

156 - ما أدرك المصلي مع الإمام فهو أول صلاته س: يقول السائل: إذا أدرك المصلي الإمام في الركعة الثانية، أو الثالثة فأي الركعات يأتي بها بعد السلام (¬1) ج: إذا أدرك الإمام في أثناء الصلاة فما أدركه يعتبر أولها على الراجح، وما لم يدرك فهو آخرها، الذي يقضي هو آخرها، والذي يدرك مع الإمام هو أولها، حتى لا تتنافى الصلاة وتختلف، فإذا أدرك الإمام ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (25).

وقد صلى ركعتين فالركعتان اللتان أدركهما أول صلاته، والركعتان اللتان يقضيهما من الظهر أو العصر أو العشاء هي آخر صلاته، وهكذا الفجر، وهكذا المغرب؛ ما أدركه مع الإمام هو أولها، يقرأ فيه الفاتحة وما تيسر معها، وما يقضيه هو آخرها وهو الأرجح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (¬1)» وفي حديث آخر: «فاقضوا (¬2)» ومعنى (اقضوا): أتموا. القضاء بمعنى التمام، هذا هو الحجة في هذا الباب؛ ولأن هذا هو الذي يليق بالصلاة ويتناسب معها؛ لأن ما أدركه هو أولها، وما يقضيه هو آخرها، وهذا في جميع الفرائض. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7209)، والنسائي كتاب الإمامة باب السعي إلى الصلاة، برقم (861)، وعند مسلم بلفظ: (واقض ما سبقك) في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، برقم (602).

س: إذا أدرك الإنسان عددا من الركعات في أي صلاة مع الجماعة وهو مسبوق هل الركعات التي يأتي بها تكون هي التي لم يدركها، أم هي التي أدركها ويكمل صلاته (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (304).

ج: تقدم في بعض الأجوبة أن ما أدركه هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخرها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (¬1)» وفي رواية: «فاقضوا (¬2)»، فمعنى قضائه: الإتمام. فالذي يقضيه هو آخر صلاته، والذي يدركه مع الإمام هو أول صلاته؛ فإذا أدرك مع الإمام ركعتين فيقرأ الفاتحة، وإن تيسر أن يقرأ معها زيادة فليقرأ زيادة مع الفاتحة، ثم إذا قام يقضي يقرأ فاتحة ثانية فقط؛ لأنها آخر صلاته. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7209)، والنسائي كتاب الإمامة باب السعي إلى الصلاة، برقم (861)، وعند مسلم بلفظ: (واقض ما سبقك) في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، برقم (602).

س: عندما أكون مسبوقا، وأدرك الجماعة في أي صلاة هل الركعات التي أصليها بعد تسليم الإمام أعتبرها هي التي سبقتني، أم هي التي أدركتها مع الإمام وآتي بالتي سبقتني؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الصواب أن ما أدركه المسبوق هو أول صلاته، ما أدركه مع الإمام هو أولها، يقرأ مع الفاتحة ما تيسر، وما يقضيه هو آخرها، هذا هو الصواب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (¬2)» فهو إتمام للصلاة. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (303). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602).

حكم الجهر إذا فات المصلي الركعتان الأوليان من الصلاة الجهرية

157 - حكم الجهر إذا فات المصلي الركعتان الأوليان من الصلاة الجهرية س: إذا فات المصلي الركعتان الأوليان من الصلاة الجهرية، وقام بعد تسليم الإمام لقضائهما فهل يجهر فيهما بالقراءة أم لا؟ وهل صلاة من لم يجهر فيهما بالقراءة صحيحة (¬1)؟ ج: الصواب أن ما يدركه مع الإمام هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخر صلاته، فإذا أدرك مع الإمام ركعتين فهما أول صلاته، يصليهما مع الإمام ساكتا؛ لأن الإمام ساكت غير جاهر، وإذا قام يقضي كذلك، يقضيهما على أنهما الركعتان الأخيرتان فلا يجهر فيهما، هذا هو الصواب؛ لأنهما آخر صلاته كمثل العشاء، وهكذا المغرب إذا فاتته واحدة فإنه يقضيها وتكون بالنسبة إليه هي الأخيرة، ولا يجهر فيها، هذا هو السنة حتى لا تتناقض الصلاة. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (188).

بيان كيفية إتمام صلاة العشاء

158 - بيان كيفية إتمام صلاة العشاء س: رسالة من مكة المكرمة، مستشفى الملك عبد العزيز بالزاهر، وباعثها المستمع أخوكم في الله: ب. م. ع، يسأل ويقول: مصل دخل مع الإمام في صلاة العشاء في الركعة الرابعة، كيف يتم هذا المصلي صلاته؟ هل

يقرأ سورة مع الفاتحة؟ وهل يقرؤها سرا أم جهرا (¬1) ج: المسبوق ما أدرك مع الإمام هو أول صلاته في أصح قولي العلماء، وما يقضيه هو آخرها، فإذا أدرك ركعة واحدة من الظهر أو العصر، أو المغرب أو العشاء، أو الفجر يقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم إذا قام يقضي يقرأ الفاتحة وما تيسر معها؛ لأن الثانية هي أول صلاته، ثم الثالثة والرابعة يقتصر على الفاتحة أفضل، تكفيه الفاتحة، وإذا أدرك مع الإمام ثنتين قرأ فيهما ما تيسر إن أمكن، ولو ركع الإمام ركع معه، تكفيه الفاتحة، وإذا قام يقضي يقضي بالفاتحة فقط للثنتين؛ لأن السنة في الثالثة والرابعة الاقتصار على الفاتحة، كما في حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان يقرأ في الثالثة والرابعة بفاتحة الكتاب (¬2)» عليه الصلاة والسلام، وذكر عنه في الثالثة والرابعة في الظهر بعض الأحيان بالزيادة على الفاتحة فحسن؛ لأنه جاء ما يدل على هذا في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عند مسلم، لكن في الأغلب يكون بالفاتحة فقط في الثالثة والرابعة في الظهر وغيرها. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (311). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب، برقم (776)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر، برقم (451).

س: حضرت مع الإمام في صلاة العشاء، وذلك في الركعتين الأخيرتين وهما سر، فماذا أفعل في الركعتين اللتين فاتتا؟ فهل أقرأ فيهما سرا أم جهرا (¬1) ج: الصواب أن ما أدركه المأموم مع الإمام فهو أول صلاته، وما يقضيه هو آخرها، هذا هو الصواب، وهو الأصح من قولي العلماء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (¬2)» وفي اللفظ الآخر: «فاقضوا (¬3)» بمعنى: أتموا. فالقضاء هنا بمعنى التمام، جمعا بين الروايتين؛ ولأن رواية التمام أكثر ومعناها أظهر، وهذا معنى قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} (¬4)، يعني: أتممتموها. ويقول سبحانه: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} (¬5) يعني: أتممتم. فإذا أدرك ركعتين من العشاء - مثلا - أو ركعتين من المغرب فإنه يقضي الباقي على حسب الحال، فإن كان المغرب قضى ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (69). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7209)، والنسائي كتاب الإمامة باب السعي إلى الصلاة، برقم (861)، وعند مسلم بلفظ: (واقض ما سبقك) في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، برقم (602). (¬4) سورة النساء الآية 103 (¬5) سورة البقرة الآية 200

الثانية بجهر، والثالثة بغير جهر، وإن كان العشاء فإنه يقضيهما سرا من دون جهر، ويكتفي بالفاتحة فقط؛ لأنهما آخر صلاته.

س: السائل: ع. م. ع. من السودان، يقول في هذا السؤال: إذا أدرك المصلي الركعتين الأخيرتين من صلاة العشاء – مثلا - فهل يقرأ ما فاته سرا، أم جهرا؟ وهل يكمل ما فاته بسورة الفاتحة فقط؟ أفيدونا بذلك (¬1) ج: الصواب أن ما أدركه المسبوق مع الإمام هو أول صلاته، وما يقضيه هو آخرها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (¬2)» يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم بالسكينة، فما أدركتم - أي: مع الإمام - فصلوا، وما فاتكم فأتموا (¬3)» وفي لفظ: «فاقضوا (¬4)» يعني: أتموا. معنى القضاء: التمام. وهذا يفيد أن ما أدركه الإنسان مع الإمام هو أول صلاته، فإذا أدرك مع الإمام ركعتين ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (368). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602). (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7209)، والنسائي كتاب الإمامة باب السعي إلى الصلاة، برقم (861)، وعند مسلم بلفظ: (واقض ما سبقك) في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، برقم (602).

من العشاء فإنها تكون أول صلاته، فإذا سلم الإمام يقوم ويأتي بالركعتين الأخيرتين؛ يقرأ فيهما الفاتحة سرا؛ لأنها آخر صلاته، وهكذا إذا أدرك واحدة من المغرب فإن الثنتين الأخيرتين هما آخر صلاته، فالأولى يقرأ فيها الفاتحة والسورة أو آيات، ويجهر بعض الشيء جهرا لا يشوش على من حوله، والأخيرة يقرؤها سرا، يسر يقرأ فيها الفاتحة سرا؛ لأنها هي المكملة لصلاته.

بيان الواجب على المأموم إذا علم أن الإمام زاد في الصلاة

159 - بيان الواجب على المأموم إذا علم أن الإمام زاد في الصلاة س: رجل صلى مع جماعة فريضة، وهذا الرجل فاتته ركعة واحدة من الفريضة، فسها الإمام وصلى ركعة زيادة على المكتوبة، هل الرجل المتأخر يسلم مع الجماعة، أو يكمل الركعة التي فاتته (¬1)؟ ج: هذا الرجل لا يقوم في الزيادة، إذا كان يعلم أنها زيادة لا يقوم ويجلس مع الناس، وهكذا الجماعة لا يقومون، ينبهون: سبحان الله، سبحان الله. ولا يقومون معه، فإن رجع فالحمد لله، وإن لم يرجع صبروا حتى يسلم؛ لأنه قد يعتقد أنه مصيب، فإذا سلم سلموا معه، إذا كانوا يعتقدون أنه مخطئ لا يقومون معه، وهكذا الذي فاتته ركعة لا يقوم معه، إذا كان يعلم أنها زائدة، فإذا سلم إمامه قام وقضى الركعة التي ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (206).

فاتته؛ لأن القضاء إنما يكون بعد سلام الإمام، وإذا قام معه جاهلا ما درى عنها أنها زيادة فإنها لا تجزئه على الصحيح، وإنما يقضي بعد ذلك، إذا سلم إمامه قضى، هذا هو الصواب.

حكم قول إن الله مع الصابرين للإمام أثناء الركوع

160 - حكم قول: إن الله مع الصابرين للإمام أثناء الركوع س: اعتاد بعض الناس عندما يدخل المسجد ويجد الإمام راكعا أن يقول: إن الله مع الصابرين. يقصدون بذلك بقاء الإمام راكعا حتى يدركوا الركعة معه، وبعض الأئمة ينتظرونهم مع أن هذا فيه مشقة على بعض المصلين، فما حكم قولهم هذا؟ وما حكم انتظار الإمام لهم (¬1)؟ ج: لا أعلم أصلا لقولهم: إن الله مع الصابرين. ولا نعلم في ذلك منكرا ولا محذورا، وأما الإمام فيستحب له أن يتأنى قليلا حتى يدرك من دخل على وجه لا يشق على المأمومين، وقد نص جمع من أهل العلم على ذلك، وقالوا: يستحب له انتظار الداخل ما لم يشق على المأموم، فإذا كان انتظاره يسيرا لا يشق على المأمومين فلا حرج في ذلك، بل يستحب له ذلك مراعاة للداخلين حتى يدركوا الركعة، وهم يستحب لهم عدم العجلة والخشوع، فإن أدركوا فالحمد لله، وإلا ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (168).

قضوها، ولا ينبغي لهم العجلة، أما كلمة: اصبروا، أو: إن الله مع الصابرين، فلا أعلم لها أصلا في الشرع، ولا أعلم ما يمنعها من باب التنبيه للإمام، لا نعلم في ذلك مانعا.

س: أثناء الصلاة يجيء أحد المصلين، وحتى ينبه الإمام ليلحق الركعة فإنه يقول: إن الله مع الصابرين، أو يحدث أصواتا، فهل هذا جائز (¬1)؟ ج: لا أعرف لهذا أصلا، بل يأتي، إن أمكنه ركع مع الإمام، وإلا قضى ما فاته والحمد لله، ولا حاجة إلى أصوات، ولا حاجة أن يقول: إن الله مع الصابرين، ليس عليه دليل، ولكن يمشي وعليه السكينة حتى يستقيم في الصف، فإذا أدرك الركوع فالحمد لله، وإلا سجد مع إمامه وقضى ما فاته. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (329).

س: أصلي إماما بالناس، وأسمع بعض القادمين للصلاة، فأطيل الركوع حتى يلحق المتأخر بالجماعة، هل هذا يصح أم لا (¬1)؟ ج: هذا هو السنة، إذا سمعت أثرا للقادم ألا تعجل في الركوع، لكن بشرط ألا تطيل إطالة تشق على من معك، بل تكون إطالة خفيفة لا تشق على المأموم. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (110).

حكم الاستعجال في المشي إذا كان الإمام راكعا

161 - حكم الاستعجال في المشي إذا كان الإمام راكعا س: ما حكم الاستعجال في المشي إذا كان الإمام يقرأ للركوع الأول (¬1)؟ ج: السنة أن يمشي على سكينة وتواضع ووقار، ولا يعجل ولو ركع الإمام الحمد لله، إذا فاتته الركعة يقضي، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون (¬2)» وفي اللفظ الآخر: «وعليكم السكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (¬3)» فالامتثال لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم، والتأدب بالآداب التي وجه إليها هذا هو المشروع للمؤمن أن يتأدب بالآداب الشرعية، وألا يعجل ولو فاتته الركعة والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (133). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636).

حكم الركض إلى الصلاة

162 - حكم الركض إلى الصلاة س: هل الركض إلى الصلاة جائز (¬1)؟ ج: ما ينبغي ومكروه، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (295).

سمعتم الإقامة، فامشوا إلى الصلاة، وعليكم بالسكينة والوقار ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (¬1)» ولا ينبغي الركض ولا العجلة، بل يمشي وعليه السكينة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636).

حكم من أدرك الصلاة مع الإمام في التشهد الأخير

163 - حكم من أدرك الصلاة مع الإمام في التشهد الأخير س: إذا دخل المصلي المسجد لصلاة الفجر، ووجد الإمام في السجود بعد الركعة الثانية فدخل معه، وقضى ما عليه بعد سلام الإمام، ولما انتهى من صلاته وجد جماعة أخرى، فهل يدخل معهم، وتكون الركعتان اللتان صلاهما سنة، أم لا يجوز هذا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: صلاته أجزأته فريضة والحمد لله، وإذا صلى مع الناس الحاضرين صارت له نافلة كما في حديث أبي ذر رضي الله عنه، يقول صلى الله عليه وسلم: «إنه يكون بعدي أمراء يميتون الصلاة، فصل الصلاة لوقتها، فإن صليت لوقتها كانت لك نافلة، وإلا كنت قد أحرزت صلاتك (¬2)» فهي تكون نافلة مع الآخرين، وهكذا «لما صلى في منى ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (203). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهية تأخير الصلاة عن وقتها المختار، حديث رقم (648).

عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع، وسلم رأى رجلين لم يصليا معه، فدعا بهما فجيء بهما إليه، فقال: " ما منعكما أن تصليا معنا؟ " قالا: قد صلينا في رحالنا - يعني: في مخيمنا - قال: " لا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما، ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم؛ فإنها لكما نافلة (¬1)» فالمؤمن إذا صلى في المسجد أو في محل آخر، ثم أدرك جماعة يصلون فصلى معهم كانت له نافلة. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث يزيد بن الأسود العامري رضي الله عنه برقم (17020)، وأبو داود في كتاب الصلاة باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة يصلي معهم، برقم (575)، والترمذي في كتاب الصلاة باب ما جاء في الرجل يصلي وحده يدرك الجماعة، برقم (219)، والنسائي في كتاب الإمامة، باب إعادة الفجر مع الجماعة لمن صلى وحده، برقم (858).

حكم دخول المصلي مع الإمام بعد الرفع من الركعة الأخيرة

164 - حكم دخول المصلي مع الإمام بعد الرفع من الركعة الأخيرة س: يقول السائل: إذا دخلت المسجد، وكان الإمام قد رفع من الركوع للركعة الأخيرة فهل أدخل مع الجماعة، أم أنتظر حتى يأتي رجل فأصلي معه جماعة أخرى بعد تسليم الإمام الراتب (¬1)؟ ج: إذا دخلت مع الإمام فكمل، إذا سلم الإمام تقضي الصلاة كلها، إلا إذا أدركته في الركوع قبل أن يرفع فقد أدركت الركعة الأخيرة، أما ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (393).

إذا رفع قبل أن تدركه في الركوع فإنك ما أدركت شيئا، فعليك أن تقضي الصلاة كلها بعد سلامه.

حكم إقامة جماعة أخرى والإمام يوشك أن يسلم من الصلاة

165 - حكم إقامة جماعة أخرى والإمام يوشك أن يسلم من الصلاة س: إنني جئت لأداء الصلاة المكتوبة وقت صلاة العصر، فوجدت الإمام في التشهد الأخير على نهايته، وقدم معي بعض الرفاق يريدون ما أريد، وطلبت منهم أن نقيم جماعة جديدة حيث الإمام يوشك أن يسلم من الصلاة فوافقوني، وأقمنا الصلاة؛ جماعة أكثر من ثلاثة أو أربعة، ولكن الإمام وبعض الإخوة المصلين الرفاق بعد أداء الصلاة احتجوا علينا، وطلبوا منا أداء الصلاة معهم حتى ولو كان الإمام في التشهد الأخير، محتجين بالحديث الذي معناه: " ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا "، فأخبرتهم بأن معلوماتي في هذا الحديث هو أنه إذا جاء الرجل إلى المسجد فعليه بالسير بسكينة ووقار، والاقتداء بالإمام فيما أدرك وقضاء ما لم يدرك، ومن جهتي أخبرتهم أن الذي لا يدرك الركعة الأخيرة من الفرض المكتوب فإنه يكون حاصلا على ثواب الجماعة، وأما الصلاة فإنه لا يدركها، وأنه إذا أتمها فإنه يتمها منفردا، أما نحن فقد أدركنا - والحمد لله - فضل الفريضة جماعة، وفضل جماعة الصلاة. أرجو أن تبينوا لنا الأمر حسب أمر الله فيه ورسوله، والله نسأل لكم

التوفيق والسداد، حفظكم الله (¬1) ج: لا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام، يقول عليه الصلاة والسلام: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (¬2)» ومقتضى هذا الحديث أن من جاء والإمام في التحيات أنه يدخل معه؛ لأنه أدركه في الصلاة، لكنه لا يدرك فضل الجماعة إلا بركعة؛ لأن في الحديث الآخر: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (¬3)» أما كونه يدخل معه حيثما وجده فهو ظاهر الحديث ولو في التحيات، فدخول الداخل مع الإمام في الصلاة قبل أن يسلم هذا هو الأفضل والأقرب لظاهر العموم، لكن لو صلوا جماعة ولم يدخلوا معه فلا أعلم في هذا حرجا؛ لأن فضل الجماعة قد فاتهم، ولم يبق إلا جزء يسير من الصلاة، لكن تأدبا مع السنة، ومع ظاهر السنة احتياطا للدين الذي أراه وأفتي به أن الأولى بالمؤمن إذا جاء في مثل هذه الحال، والإمام في ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (131). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250).

التشهد أنه يدخل معه ولو كانوا عددا، يدخلون معه ويجلسون ويقرؤون ما تيسر من التحيات التي تمكنهم، ثم ينهضون بعد السلام ويقضون ما عليهم، هذا هو الأحوط والأظهر؛ للعمل بعموم الحديث، لكن من صلى جماعة ولم يدخل مع الإمام لا أرى التشديد عليه؛ لأن له شبهة؛ لأن الصلاة قد انتهت، ولم يبق منها إلا اليسير، فلا وجه للتشديد في هذا. والله المستعان.

حكم من أدرك الإمام في التشهد الأخير من الصلاة

166 - حكم من أدرك الإمام في التشهد الأخير من الصلاة س: الأخ: خ. ح، من فلسطين، غزة، يقول: إذا دخل مجموعة من المصلين، والإمام في التشهد الأخير ما هو التصرف الصحيح في ذلك (¬1)؟ ج: الأمر في هذا واسع، إن صلوا وحدهم فلا بأس، وإن صلوا مع الإمام فلا بأس؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «فما أدركتم فصلوا (¬2)» هذا يعم إدراك التشهد، وإن صلوا وحدهم جماعة فلا حرج إن شاء الله، الأمر في هذا واسع إن شاء الله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (427). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636).

حكم من وجد الإمام جالسا للتشهد الأول

167 - حكم من وجد الإمام جالسا للتشهد الأول س: إذا جئت إلى المسجد، ووجدت الإمام جالسا للتشهد الأول فهل أكبر ثم أجلس، أم أنتظر حتى يقوم (¬1)؟ ج: الأفضل أن يكبر تكبيرة الإحرام وهو واقف ثم يجلس؛ لما جاء في عدة أحاديث من الأمر بأن يفعل المسبوق ما يفعله إمامه، وأنه لا ينتظر، بل إذا أتى والإمام على حال فإنه يفعل كما يفعل الإمام، فإذا أتاه وهو ساجد سجد، وإذا أتاه وهو راكع ركع، وإذا أتاه وهو جالس جلس، هذا هو السنة، يكبر وهو واقف التكبيرة الأولى - تكبيرة الإحرام - ثم ينحط جالسا، وإذا جئت إلى المسجد ووجدت الإمام ساجدا، أو سيسجد فإنك تكبر مع الإمام التكبيرة الأولى، ثم تنحط ساجدا. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (5).

بيان ما تدرك به صلاة الجماعة

168 - بيان ما تدرك به صلاة الجماعة س: بم تدرك صلاة الجماعة (¬1)؟ ج: بركعة؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (¬2)» ومن فاتته الركعة الأخيرة فاتته صلاة ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (262). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250).

الجماعة، إلا أن يكون معذورا بأن حرص على أن يحضر، ولكن منعه مانع من مرض، أو حدث به حادث من الطريق منعه، أو حدث به حادث البول أو الغائط فيحتاج إلى قضاء حاجته فإن له فضل الجماعة؛ لأنه معذور، له فضل الجماعة وإن فاتته الجماعة، كما في الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا (¬1)» رواه البخاري في الصحيح، يعني: بنيته الأعمال الصالحة لولا السفر والمرض. كذلك الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك: «إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم "، قالوا: يا رسول الله، وهم بالمدينة؟ قال: " وهم بالمدينة، حبسهم العذر (¬2)» وفي لفظ آخر «إلا شركوكم في الأجر (¬3)» ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (2996). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، برقم (4423). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، برقم (1911).

حكم الدخول مع الإمام في التشهد الأخير

169 - حكم الدخول مع الإمام في التشهد الأخير س: إذا دخل شخص والإمام في التحيات الأخيرة هل يجلس، أو ينتظر جماعة أخرى (¬1)؟ ج: الأفضل أن يدخل معهم ولا ينتظر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقار ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (¬2)» هذا عام يعم ما أدركه في الركعة الأخيرة أو في التشهد، يدخل معه والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (404). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636).

حكم صلاة من جلس للتشهد ولم يكبر تكبيرة الإحرام

170 - حكم صلاة من جلس للتشهد ولم يكبر تكبيرة الإحرام س: إذا دخلت المسجد ووجدت المصلين في التشهد الأخير، وجلست معهم حتى التسليم فهل يلزمني حينئذ أن أعود لأقيم الصلاة، علما بأني لم أكبر تكبيرة الإحرام؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كنت لم تكبر تكبيرة الإحرام، جلست من دون تكبير فلا صلاة لك، وعليك أن تكبر حين تبدأ الصلاة، لكن الأفضل لك إذا جئت وهم في التشهد الأخير أن تكبر - وأنت واقف - تكبيرة الإحرام، ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (322).

ثم تجلس معهم وتأتي بالتشهد، ومتابعة الإمام أفضل، ثم إذا سلم الإمام قمت تؤدي صلاتك كاملة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا ثوب بالصلاة فلا يسع إليها أحدكم ولكن ليمش وعليه السكينة والوقار، صل ما أدركت واقض ما سبقك (¬1)» فالسنة لمن جاء والإمام جالس في التشهد الأخير أن يدخل معه في الصلاة، ويكبر تكبيرة الإحرام وهو واقف ثم يجلس، وإن كبر حين الجلوس فهذا لا بأس به، فإذا تشهد ثم إذا سلم الإمام قام وصلى بقية صلاته. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602).

بيان ما يدرك به فضل الجماعة

171 - بيان ما يدرك به فضل الجماعة س: يقول السائل: إذا أدركت صلاة الجماعة وهم في التشهد الأخير فهل أكون بهذا قد أدركت فضل صلاة الجماعة، أم يجب علي انتظار بعض المصلين المتأخرين لنصلي جماعة، ليتم لنا فضل صلاة الجماعة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (249).

فاتكم فأتموا (¬1)» فقوله: «فما أدركتم فصلوا (¬2)» يعم من أدركها، أو أدرك الإمام في التشهد. ولكن لا تدرك الجماعة إلا بركعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (¬3)» فهي تدرك بركعة الجماعة، ولكن إذا كان معذورا حين تأخر يكون له فضل الجماعة ولو ما أدركها بالكلية، إذا تأخر عن عذر شرعي لقضاء حاجة الإنسان؛ لما أراد الذهاب إلى المسجد نزل به حاجة الإنسان من بول أو من غائط فتأخر من أجل ذلك، أو غير ذلك من الأعذار الشرعية فله فضل الجماعة، ولكن لا تدرك الجماعة بغير عذر بإدراك التشهد، ولكن بركعة فأكثر، وإذا كانوا جماعة وصلوا وحدهم فلا بأس، وإن دخلوا مع الإمام في التشهد فلا بأس، الأمر واسع، إن دخلوا معهم لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «فما أدركتم فصلوا (¬4)» فلا بأس، صلوا وحدهم؛ لأن الصلاة ما بقي منها إلا التشهد فلا حرج. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636).

بيان ما يقوله المصلي إذا أدرك الإمام في التشهد الأخير

172 - بيان ما يقوله المصلي إذا أدرك الإمام في التشهد الأخير س: يقول السائل: بالنسبة للمصلي المسبوق في تشهده الأخير هل يذكر النصف الأول من التشهد، أم كله؟ وإذا كان نصف التشهد فماذا عن الوقت الذي يسكت فيه حتى يسلم الإمام (¬1)؟ ج: يأتي بالتشهد وهو معه تبعا للإمام، ثم إذا سلم قام وقضى ما عليه، يأتي بالتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء، ثم يقوم بعد ما يسلم الإمام، يقول صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬2)» «إنما جعل الإمام ليؤتم به (¬3)» فهو يقرؤه تبعا للإمام وإن كان لا يجزئه، لكن يقرؤه تبع الإمام، مثل: لو جاء وقد صلى ركعة يجلس معه في الركعة الثانية في التشهد الأول، وهو ليس في محل تشهده، هو ما صلى إلا ركعة، لكن يتابع الإمام، فالمقصود أن هذا متابعة الإمام والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (427). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إنما جعل الإمام ليؤتم به، برقم (689) ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (411).

حكم صلاة من يصعب

173 - حكم صلاة من يصعب عليه تلاوة القرآن بأحكام التجويد س: يقول هذا السائل: في الصلاة السرية يصعب علي تلاوة القرآن بالأحكام، أي بأحكام التجويد كما في الصلاة الجهرية، ما الحل؟ وهل أنا ملزم في ذلك (¬1)؟ ج: الأمر في هذا واسع، اتباع الأحكام التجويدية ليس بلازم، إنما هو مستحب، فلا بأس أن تقرأ بغير الأحكام التجويدية، إذا قرأته باللسان العربي الحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (427).

بيان ما يفعله المصلي إذا أدرك الإمام في التشهد الأخير

174 - بيان ما يفعله المصلي إذا أدرك الإمام في التشهد الأخير س: ما الحكم إذا دخل المأموم مع الإمام والإمام في التشهد الأخير، هل يتشهد مع الإمام، أم يلزم الصمت حتى يسلم الإمام ويقوم يتم صلاته (¬1)؟ ج: إذا دخل المسبوق مع الإمام في التشهد فالأفضل له أن يأتي بالتشهد؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (38).

فلا تختلفوا عليه (¬1)» فالأفضل أن يأتي بهذا، ولا يظهر لي أنه لازم له؛ لأنه ليس في محله، والأظهر أنه غير لازم، لكن لو فعل ذلك وأتى به؛ لأنه ذكر، ولأنه خير، وأن فيه متابعة للإمام فهذا أفضل وأولى، لكن لا يلزمه لكونه ليس في محل تشهده؛ لأن التشهد يكون بعد ركعتين، أو بعد الأخيرة، وهذه الركعة ليست الأخيرة له، بل هي لا تعتبر له شيئا، يجلسها متابعة فقط، ثم إذا قام يأتي بركعتين، ثم يجلس للتشهد الأول، ثم يأتي بما بقي عليه: المغرب واحدة، والظهر والعصر والعشاء ركعتين، وإن كان الفجر صلى ركعتين، هذا يدل على أن هذا الجلوس ليس معتدا به بالنسبة إليه، فإذا قرأ التحيات؛ لأنها ذكر ومتابعة للإمام فهذا حسن، أما اللزوم فلا يظهر أنه يلزمه. ¬

_ (¬1) أخرجه الدارمي في كتاب الصلاة، باب فيمن يصلي خلف الإمام والإمام جالس برقم (1256).

س: يقول السائل: دخلت المسجد فوجدت المصلين في التشهد الأخير، هل أجلس معهم، أم أنتظر جماعة أخرى (¬1)؟ ج: إذا دخلت فاجلس معهم، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (¬2)» فإذا جئتهم وهم جالسون ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (435). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636).

للتشهد فاجلس معهم، وبعد السلام تقوم وتقضي الصلاة.

بيان كيفية الدخول في الصلاة إذا وجد المصلين في الجلوس

175 - بيان كيفية الدخول في الصلاة إذا وجد المصلين في الجلوس س: ماذا يفعل المسبوق إذا وجد المصلين في الجلوس؟ هل يجلس بدون تكبيرة الإحرام ويأتي بها بعد القيام معهم؟ أم ماذا (¬1)؟ ج: يكبر أولا - وهو واقف - تكبيرة الإحرام، ثم يجلس، يكبر تكبيرة الإحرام وهو واقف ثم يجلس معهم. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (262).

حكم الصلاة مع جماعة أخرى بعد الجماعة الأولى

176 - حكم الصلاة مع جماعة أخرى بعد الجماعة الأولى س: هل تعتبر الصلاة بعد صلاة الجماعة الأولى مع عدة أشخاص يزيدون عن الثلاثة، هل تعتبر صلاة جماعة إذا صلينا بعد الجماعة الأولى (¬1)؟ ج: إذا حصلت جماعة أخرى بعد الجماعة الأولى، وصليت معهم فأنت مأجور، وإذا كان واحدا صليت معه حتى يحصل له الجماعة فأنت مأجور والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (434).

حكم صلاة الاثنين إذا لم يدركا مع الإمام سوى الجلسة الأخيرة

177 - حكم صلاة الاثنين إذا لم يدركا مع الإمام سوى الجلسة الأخيرة س: ماذا يفعل المسبوق إذا وجد المصلين في الجلوس الأخير ومعه آخر؟ هل يجلسان معهم أفضل، أم ينتظران ثم يصليان جماعة هما الاثنان (¬1)؟ ج: الأمر واسع إن شاء الله، إن دخل معهم الصلاة فلا بأس لعموم: «فما أدركتم فصلوا (¬2)» وإن صليا جماعة وحدهما فلا حرج إن شاء الله. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (262). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636).

حكم الانضمام إلى الإمام في الصلاة في الحالة التي يدرك عليها

178 - حكم الانضمام إلى الإمام في الصلاة في الحالة التي يدرك عليها س: أرى بعض المصلين حينما يدخلون المسجد والجماعة في التشهد لا يشرعون في دخول الصلاة؛ حتى يتأكدوا من التشهد هل هو الأول أو الثاني؟ فإن كان الأول دخلوا مع الجماعة، وإن كان الثاني صلوا منفردين. أرجو منكم الإجابة الواضحة، وهل يجب على من دخل المسجد ووجد الناس في الصلاة أن يدخل معهم في أي حال؟ وكم تكبيرة يكبر لو وجدهم في الركوع أو السجود؟ وهل

يقرأ دعاء الاستفتاح قبل الركوع أو السجود (¬1)؟ ج: السنة لمن دخل والإمام في الصلاة أن ينضم إليهم ويصلي معهم؛ لأنه قد جاءت أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، تدل على أن من جاء والإمام في حال فإنه يصنع ما يصنعه الإمام، فإن وجده قائما صف معه، وإن وجده راكعا ركع، وإن وجده ساجدا سجد، وإن وجده جالسا جلس. وقال في هذا عليه الصلاة والسلام: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (¬2)» فيكبر تكبيرة الإحرام وهو واقف، ثم يقرأ الفاتحة إن أمكنه، ثم ينصت لقراءة إمامه إن كانت جهرية حتى يركع فيركع معه، وإن كانت سرية كالظهر والعصر قرأ معه الفاتحة، وقرأ ما تيسر معها في الأولى والثانية؛ لأنها سرية، وإن جاء وهو راكع كبر وركع معه، كما فعل أبو بكرة رضي الله عنه، فإنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع فركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «زادك الله حرصا، ولا تعد (¬3)» يعني: لا تعد إلى الركوع دون الصف. فدل ذلك على أن ركعته مجزئة، ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (170). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

وأن صلاته صحيحة، ولكنه لا ينبغي له أن يدخل في الصلاة منفردا، بل ينضم إلى الصف، إن أمكنه أن يركع معهم ركع، وإلا قضى ما فاته، والمشروع أن يكبر تكبيرتين؛ الأولى: تكبيرة الإحرام، هذه فرض لا بد منها، والثانية: تكبيرة الركوع، إذا أراد أن ينحط للركوع، وأمكنه فإنه يكبر الثانية؛ لأنها واجبة عند جمع من أهل العلم ومستحبة عند الجمهور، فينبغي الإتيان بها إذا أمكنه، فإن خشي فوات الركوع كفته التكبيرة الأولى؛ وهي تكبيرة الإحرام تكفيه عند جمع من أهل العلم والحمد لله؛ لأن العبادتين إذا اجتمعتا وإحداهما أكبر من الأخرى دخلت الصغرى في الكبرى، كهذه الحالة. وأما بالنسبة لدعاء الاستفتاح في هذه الحالة فإنه يستحب دعاء الاستفتاح إذا جاء والإمام واقف، وفي سعة أن يستفتح: بـ: " سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك ". أو بأي نوع من أنواع الاستفتاحات الصحيحة، ثم يقرأ الفاتحة، أما إن كان الوقت ضيقا ويخشى أن يركع فإنه يشتغل بالفاتحة ويسقط الاستفتاح؛ لأنه سنة، والفرض أهم، والفاتحة أهم فيبدأ بها حتى يركع الإمام.

س: يسأل ويقول: إذا دخلت المسجد مع جماعة وكان الناس يصلون في التشهد الأخير، أيهما أفضل: أنصلي جماعة أخرى، أم نلحق

معهم ما تبقى من الصلاة (¬1)؟ ج: هذا أمر واسع إن شاء الله، لكن الأقرب - والله أعلم - الدخول مع الإمام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (¬2)» ولم يستثن شيئا، هذا يدل على أنهم إذا أدركوا الركعة الأخيرة بعد الركوع، أو في السجود أو في التشهد دخلوا معه. وإن صلوا جماعة وحدهم فلا حرج في ذلك إن شاء الله، الأمر واسع؛ لأن الجماعة إنما تدرك بالركعة، يقول صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (¬3)» فإذا جاؤوا في الركوع في الركعة الأخيرة فاتتهم الجماعة، فإن صلوا معه لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا (¬4)» فهذا مناسب أخذا بالعموم، وإن صلى الداخل مع غيره جماعة جديدة فهذا إذا كان بعد السلام يكون أفضل، أما إذا كان قبل السلام فهم مخيرون؛ إن دخلوا معه فهو أقرب؛ لعموم الحديث: «فما أدركتم فصلوا (¬5)» وإن صلوا جماعة وحدهم فلا حرج إن شاء الله. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (239). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). (¬5) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636).

بيان كيفية الحصول على أجر صلاة الجماعة

179 - بيان كيفية الحصول على أجر صلاة الجماعة س: شخص دخل في الصلاة والناس جلوس في التشهد الأخير، وجلس معهم، وبعد تسليم الإمام أكمل صلاته، هل يحصل على أجر الجماعة؟ وإذا لم يحصل على أجر الجماعة فما هو أجره على ذلك (¬1)؟ ج: النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (¬2)» فالمشروع له إذا جاء وهم جلوس في التشهد الأخير أن يدخل معهم ويجلس معهم؛ يكبر وهو واقف تكبيرة الإحرام، ثم يجلس ويقرأ التحيات معهم، فإذا سلم الإمام قام وقضى صلاته كلها، أما يحصل له أجر الجماعة؟ فهذا فيه تفصيل: إن كان معذورا بأن تأخر لعذر شرعي كقضاء الحاجة التي نزلت به فذهب يتوضأ، أو شغله شاغل لا حيلة له فيه فله أجر الجماعة؛ لأن المشغول والمعذور بالعذر الشرعي حكمه حكم من حضر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا (¬3)» ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (86). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (2996).

ولقوله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك: «إن في المدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا وهم معكم ". قالوا: يا رسول الله، وهم في المدينة؟ قال: " وهم في المدينة، حبسهم العذر (¬1)» وفي لفظ: «حبسهم المرض (¬2)» وفي لفظ آخر «إلا شركوكم في الأجر (¬3)» فدل ذلك على أن من حبسه عذر شرعي يكون له أجر من عمل العمل على الوجه الشرعي، أما إن كان تأخر عن تساهل فإنه لا يحصل له فضل الجماعة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (¬4)» فإذا أدرك ركعة أدرك فضل الجماعة، وإن لم يدرك الركعة لم يدرك فضل الجماعة إذا كان عن تساهل وعدم عذر شرعي، والله المستعان. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، برقم (4423). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض برقم (1911). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، برقم (1911). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250).

بيان ما تدرك به صلاة الجماعة

180 - بيان ما تدرك به صلاة الجماعة س: هل من كبر تكبيرة الإحرام قبل أن يسلم الإمام يدرك الجماعة أم لا (¬1)؟ ج: قد دلت سنة النبي عليه الصلاة والسلام أن الصلاة في الجماعة إنما تدرك بالركعة، قال عليه الصلاة والسلام: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (¬2)» ففضل الجماعة يدرك بإدراك الركعة فأكثر، لكن إذا كان له عذر بسببه فاتته الصلاة فإن أجر الجماعة يحصل له وإن لم يصل في الجماعة؛ كالمريض الذي حبسه المرض، ثم وجد نشاطا فرجا أن يدرك الجماعة فلم يدركها، وكإنسان توجه إلى الجماعة فحدث له حادث يمنعه من ذلك؛ كالغائط أو البول فذهب يتوضأ، أو ما أشبه من الأعذار الشرعية، فهذا يرجى له فضل الجماعة إذا لم يفرط، لكن من جاء والإمام في التشهد فإنه يدخل معه وله فضل في ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (¬3)» هذا عام يعم ما أدركه المأموم من صلاة الإمام ولو التشهد، فإنه يدخل معه، فإذا سلم قام وقضى ما فاته، ولكنه لا يدرك فضل الجماعة إلا ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (155). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636).

بإدراك الركعة كما تقدم، والواجب على المؤمن أن يسارع إلى الصلاة، وأن يبادر بعد سماع الأذان حتى يدرك الصلاة كاملة، وحتى يؤدي ما شرع الله قبلها من راتبة الظهر، أو ما يسر الله من الركعات قبل العصر أو المغرب أو العشاء، هكذا ينبغي للمؤمن أن يبادر ويسارع إلى هذه الفريضة العظيمة عند سماع الأذان، أو قبل الأذان عند قرب الأذان؛ حتى يتمكن من الوصول إلى المسجد بهدوء، وحتى يصلي ما يسر الله له قبل الصلاة، هذا هو الذي ينبغي للمؤمن، بل واجب عليه؛ حتى لا تفوته الجماعة، وهكذا صلاة الفجر. المقصود أنه يجب عليه أن يبادر ويسارع في الوقت الذي يظن إدراكه الصلاة من أولها، وإذا تيسر له فضل وقت حتى يصلي قبل الصلاة ما يسر الله من تحية المسجد، أو الراتبة فهذا خير عظيم.

س: أنا أصلي في المسجد، وأحيانا لا أدرك الصلاة كاملة، فإذا أدركت التشهد الأخير فقط هل أعتبر قد أدركت صلاة الجماعة (¬1)؟ ج: الجماعة لا تدرك إلا بركعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (¬2)» فالواجب ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (303). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250).

المسارعة إلى الصلاة في جماعة، والحرص على المبادرة بعد سماع الأذان؛ حتى لا يفوتك شيء من الصلاة، فإن قدر أنه فاتك شيء فإنك تقضي ما فاتك، ولا تكون مدركا للجماعة إلا إذا أدركت الركعة الأخيرة، أما إن جاء والإمام في التشهد الأخير فإنه يصلي معهم، لكن فاتته الجماعة، لكن يصلي معهم؛ يجلس ويصلي معهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (¬1)» فعمم عليه الصلاة والسلام: «أدركتم (¬2)» هذا يعم الركعة الأخيرة أو التشهد الأخير أو السجود، يعمه. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب لا يسعى إلى الصلاة وليأت بالسكينة والوقار، برقم (636).

س: هل إذا أدركت الإمام في التشهد الأخير أكون قد أدركت الجماعة (¬1)؟ ج: الجماعة لا تدرك إلا بركعة، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (¬2)» فإذا لم تدرك إلا التشهد الأخير فقد فاتك فضل الجماعة، وعليك أن تبادر دائما - إن ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (322). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250).

شاء الله - إلى المسجد في أول الوقت؛ حتى لا تفوتك الجماعة.

س: إذا لم يدرك المصلي مع الإمام صلاة الجماعة إلا التشهد الأخير فهل تحسب له صلاة الجماعة (¬1)؟ ج: الجماعة لا تدرك إلا بركعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (¬2)» لكن إذا كان معذورا حبسه مرض، حبسه عذر شرعي فله أجر الجماعة ولو لم يحضرها. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (337). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (250).

بيان ما يشرع لمن دخل المسجد بعد انقضاء الصلاة

181 - بيان ما يشرع لمن دخل المسجد بعد انقضاء الصلاة س: أريد أن أعرف حكم الإسلام في إنسان أتى إلى المسجد لكي يصلي مع الجماعة، ولكنه حينما أتى وجد الجماعة قد انقضت، فما الحكم في ذلك؟ هل يصلي منفردا، أم يكون هو ومن يجده في المسجد جماعة أخرى؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا حضر الإنسان المسجد والناس قد صلوا، وتيسر له وجود ناس يصلي معهم؛ فإنه يصلي جماعة ثانية، هذا هو المشروع؛ يصلي ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (262).

جماعة ثانية، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه دخل رجل بعدما صلى الناس، فقال صلى الله عليه وسلم: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (¬1)» وفي الحديث الآخر: «صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده (¬2)» فالمشروع لمن دخل وقد صلى الناس أن يلتمس من يصلي معه، فإن وجد وإلا شرع لمن حضر أن يقوم بعضهم فيصلي معه؛ حتى تحصل له الجماعة للحديث السابق. أما قول بعض العلماء: إنه يصلي وحده ويرجع إلى بيته. هذا قول ضعيف مرجوح. الصواب أنه يصلي جماعة مع من تيسر، ولو قام بعض الجماعة الذين قد صلوا وصلوا معه نافلة لهم فهذا أفضل، كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وأرشد إليه، وقال: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (¬3)». ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في الجمع في المسجد مرتين، برقم (574). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم (554)، والنسائي في كتاب الإمامة باب الجماعة إذا كانوا اثنين برقم (843). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016) وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في الجمع في المسجد مرتين، برقم (574).

س: م. م. ش، يقول: تخلف رجل عن صلاة الجماعة، أي: حضر بعد سلام الإمام، فماذا يفعل؟ هل يلتحق بمن جاء متأخرا ويتم معه؟ أم ماذا يفعل (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (360).

ج: نعم، إذا فاتته الصلاة مع الجماعة؛ وجد أحدا صلى معه، وإلا صلى وحده والحمد لله، وإن وجد جماعة ولو واحدا صلى معه.

حكم من يصلي السنة وقد أقيمت الصلاة

182 - حكم من يصلي السنة وقد أقيمت الصلاة س: إذا أقام المؤذن الصلاة، وأنا ما زلت في صلاة السنة فهل أسلم من الصلاة، أم أكمل الصلاة ثم ألحق بهم (¬1)؟ ج: الأرجح من أقوال العلماء أنك تقطعها؛ تنوي قطعها وتلحق بالصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (¬2)» رواه مسلم. ولما رأى صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي، وقد أقيمت الصلاة أنكر عليه، عليه الصلاة والسلام فالمقصود أنه إذا أقيمت الصلاة وأنت تصلي فاقطعها، وادخل مع الإمام ولا تكملها؛ فالفريضة أهم. وقال بعض أهل العلم: إنه يتمها خفيفة. ولكن الصواب أنه لا يتمها، بل يقطعها، ولا تحتاج إلى سلام، بل يقطعها بالنية ويكفي. والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (223). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، برقم (710).

حكم قطع المصلي السنة ليدرك تكبيرة الإحرام

183 - حكم قطع المصلي السنة ليدرك تكبيرة الإحرام س: من أسئلة هذا المستمع يقول: ما رأي سماحتكم إذا قطع المصلي الركعة الأخيرة من السنة، وذلك إذا أقام المؤذن للصلاة ليدرك تكبيرة الإحرام (¬1)؟ ج: هذا الواجب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (¬2)» إذا أقيمت وهو باق عليه ركعة يقطعها ويدخل مع الإمام، أما إذا أقيمت وقد انتهى ما بقي إلا السجود أو التحيات يكمل. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والسبعون من الشريط رقم (433). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن، برقم (710).

بيان فضل صلاة الجماعة

184 - بيان فضل صلاة الجماعة س: فضلت صلاة الجماعة عن صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة، هل هذا الفضل يشمل صلاة الإمام والمأمومين، أم للمأمومين خاصة (¬1)؟ ج: هذا فضل يشمل الجميع، هذا الفضل للإمام والمأمومين جميعا، صلاة الجماعة تفضل عن صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة، هذا للإمام والمأمومين جميعا من فضل الله ورحمته سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (34).

بيان فضل الصلاة في المسجد الحرام وداخل حدود الحرم

185 - بيان فضل الصلاة في المسجد الحرام وداخل حدود الحرم س: يسأل المستمع ويقول: أيهما أفضل: الصلاة في المسجد الحرام، أم الصلاة داخل حدود الحرم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الصلاة في المسجد الحرام حول الكعبة أفضل، وهي بمائة ألف صلاة للحديث الصحيح، والصواب أنها تضاعف الصلاة أيضا في بقية الحرم على قول بعض أهل العلم، أما الصلاة في المسجد الحرام حول الكعبة فهذا أمر متفق عليه أنها تضاعف، فإذا تيسر للمسلم الصلاة في المسجد الحرام حول الكعبة فذلك أفضل وأكمل، وإن صلى في مسجد من مساجد مكة نرجو له هذا الفضل على الصحيح، وإن الحديث يعم الحرم كله حتى لو صلى في بيته النافلة يعم هذا الفضل؛ لأن صلاة النافلة في البيت أفضل فيعمه الفضل، وهكذا صلاة النساء في بيوتهن، ويعمهن هذا الفضل في مكة المكرمة، لكن الفريضة يجب أن تصلى في المساجد مع الجماعة، وإذا تيسر للمؤمن أن يصلي في المسجد الذي حول الكعبة كان ذلك أكمل وأفضل لأنه محل إجماع. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (267).

بيان فضل مضاعفة الصلاة في المسجد النبوي

186 - بيان فضل مضاعفة الصلاة في المسجد النبوي س: الأخ: م. ح. من المدينة المنورة، يسأل ويقول: هل صلاة النافلة في المسجد النبوي تعدل ألف صلاة، أم أن مضاعفة الصلاة مختصة بالفريضة فقط؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: المضاعفة عامة للفرض والنفل في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي المسجد الحرام، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يخص الفريضة، بل قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام (¬2)» وقال صلى الله عليه وسلم: «وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم (¬3)» يعني: بمائة ألف في المساجد الأخرى. وهذا يعم النفل والفرض، لكن النفل في البيت أفضل، ويكون الأجر أكثر، والمرأة في بيتها أفضل ولها أجر أكثر، وإذا صلى الرجل في مسجد النبي صلى الله ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (290). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، برقم (1190) ومسلم في كتاب الحج، باب فضل الصلاة بمسجدي مكة والمدينة، برقم (1394). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما برقم (15685).

عليه وسلم فرضا، أو نفلا فله أجر المضاعفة، لكن - ومع هذا - المشروع له أن يصلي النافلة في البيت سنة الظهر وسنة المغرب وسنة العشاء وسنة الفجر في البيت أفضل، وتكون له المضاعفة أفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للناس: «أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (¬1)» يخاطبهم وهو في المدينة عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أن صلاتهم في بيوتهم صلاة النافلة أفضل، وتكون مضاعفتها أكثر، وهكذا في المسجد الحرام. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب صلاة الليل برقم (731).

بيان وتوجيه حول الجلوس في الروضة الشريفة

187 - بيان وتوجيه حول الجلوس في الروضة الشريفة س: الواقع - سماحة الشيخ - أن كثيرا من الناس يحرص على البقاء في الروضة هذه البقعة المباركة، ويجلس لقراءة القرآن الكريم لساعات، ما هو توجيه سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: ننصح إذا كان فيه أذية للمصلي يصلي ويمشي، يروح لجهات أخرى حتى يوسع للناس الذين يريدون أن يفعلوا مثل ما فعل؛ أن يصلوا فيه، وكذلك لا يصلي فيها وقت الفرائض، بل يذهب إلى الصف ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (355).

الأول يكمل الصفوف، ولا يترك الصف الأول أو الصف الثاني، بل عليه أن يكمل الصف الأول فالأول، ولو كان خارج الروضة لا يجلس فيها، بل عليه أن يعتني بالصف الأول فالأول، إن الذين يجلسون في الروضة الشريفة لقراءة القرآن الكريم في الروضة الشريفة لا ينبغي، إذا كان قد يمنع أحدا ويشق على أحد، بل ليجلسوا في مكان آخر.

فضل الصلاة في مسجد قباء

188 - فضل الصلاة في مسجد قباء س: يقول عبد الرحمن من الرياض: الصلاة في مسجد قباء هل هو بأجر عمرة، أم يشترط الخروج من البيت متوضئا بنية الذهاب إلى قباء، وصلاة ركعتين للعمرة (¬1)؟ ج: كان النبي صلى الله عليه وسلم يزور مسجد قباء، ويصلي فيه كل سبت، ويقول: «من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء، فصلى فيه كان له كأجر عمرة (¬2)» وإذا خرج من بيته قاصدا قباء يكون هذا أجمل، يتطهر في ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (393). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث سهل بن حنيف رضي الله عنه، برقم (15551) والنسائي في كتاب المساجد، باب فضل مسجد قباء والصلاة فيه، برقم (696). وابن ماجه في كتاب الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الصلاة في مسجد قباء برقم (1412).

بيته ويقصد مسجد قباء ويصلي فيه، وإن مر عليه من أي جهة وصلى فيه قربة وطاعة، لكن إذا تطهر في بيته يكون أكمل، ثم أتى مسجد قباء وصلى فيه ركعتين يكون كعمرة، كما قال عليه الصلاة والسلام.

س: هل من السنة أن يذهب من يسكن في المدينة المنورة كل أسبوع إلى مسجد قباء، أم أن هذه مقولة لا دليل عليها (¬1)؟ ج: هذا هو الأفضل كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم؛ كان يزور قباء كل سبت، يعني: كل أسبوع، والأفضل لمن كان في المدينة أن يزور قباء في الأسبوع مرة، يعني: في يوم السبت أو غيره، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، ويصلي فيه ركعتين أو أكثر، ثم ينصرف اقتداء بالنبي الكريم عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (290).

أحكام المصلى

189 - أحكام المصلى س: يقول السائل: هل للمصلى تحية كتحية المسجد، أم أنها خاصة بالمسجد فقط؟ وهل يعتبر المصلى يأخذ حكم المسجد للبيع والشراء فيه، أم أنه ليس كذلك (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (387).

ج: ليس للمصلى حكم المساجد، فلا تشرع الركعتان لدخوله، ولا حرج في البيع والشراء فيه؛ لأنه موضع للصلاة عند الحاجة وليس مسجدا، وإنما المسجد ما يعد للصلاة وقفا تؤدى فيه الصلاة كسائر المساجد، أما المصلى المؤقت فتصلي فيه جماعة الدائرة، أو جماعة نزلوا لوقت معين ثم يرتحلون، فهذا لا يسمى مسجدا، فلا حرج أن يباع فيه ويشترى، وليس له تحية المسجد، وإنما التحية لما أعد مسجدا وقفا لله عز وجل لإقامة الصلاة فيه.

س: لدينا - يا سماحة الشيخ - في الكلية مصلى ندخل فيه، ونجلس فيه متى ما نشاء ونفطر فيه أيضا، وقد ينام البعض فيه، وقد يدخل الطالب وهو على غير وضوء، ما رأيكم في هذا (¬1)؟ ج: الواجب عليكم أن تصلوا في المساجد التي بقربكم، الذي تسمعون نداءه، فإذا لم يتيسر ذلك لبعد المساجد عنكم فإنكم تصلون في المصلى الذي تعينونه، وليس له حكم المسجد؛ إذا نام فيه أحد أو دخله ليس له حكم المساجد، فله أن ينام فيه - والمسجد ينام فيه لا بأس - وللحائض أن تدخله، وللجنب أن يدخله لا حرج؛ لأنه ليس بمسجد، المصلى ليس بمسجد. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (433).

س: السائلة من الرياض، تذكر في سؤالها وتقول: في مسجد الحي يوجد مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم خاصة بالنساء، وهي موجودة في الجزء الخلفي من المسجد، ومفصولة عنه بجدار بينهما باب مغلق، وهذه المدرسة تدرس فيها الطالبات حتى ولو كن حيضا بحكم انعزالها عن المسجد. والسؤال هو: أنه إذا مات أحد الأقارب قامت النساء بالصلاة على الجنازة؛ مقتديات بالإمام في صلاة الجنازة وصلاة الفرض معها في هذا المكان أي المدرسة، فما حكم هذا الفعل؟ وهل الصلاة تصح (¬1)؟ ج: ما دمن يرين الإمام والمأمومين لا بأس، تصح الصلاة؛ لأنها ليست تبع المسجد، فلا حرج أن يحضرها النساء الحيض وغير ذلك ما دامت خارجة عن سور المسجد، وإذا صلى فيها النساء تتبع الإمام على جنازة، أو في الفريضة وهن يرين الإمام أو المأمومين، أو بعض الصف لا حرج، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (406).

حكم دخول المرأة المصلى وعليها العذر

190 - حكم دخول المرأة المصلى وعليها العذر س: تسأل السائلة وتقول: أختي لها سؤال، فهي طالبة في الثانوية، وقد وضعت المدرسة - مشكورة - فصلا للتلميذات، تعقد فيه ندوات

ومحاضرات بين آونة وأخرى، وتطلب المعلمة من الجميع الدخول للاستماع إلى تلك الندوات، فهل يجوز الدخول في هذا المكان لمن عليها العذر (¬1)؟ ج: نعم، ليس هذا مسجدا، هذا مصلى وليس بمسجد، فلا مانع من أن يدخل في هذا المحل الحائض والنفساء، لا حرج في ذلك؛ لأن المصلى لا يسمى مسجدا؛ لأن المصلى محل عبادة مؤقت، والمساجد هي التي تبنى للعبادة، وتوقف للعبادة للصلوات الخمس، هذه هي التي لا تجلس فيها الحائض والنفساء ولا الجنب، أما المصليات التي في الدوائر فليس لها حكم المساجد، وهكذا المصلى الذي في المدرسة، وليس بمسجد كغرفة يصلون فيها، أو ممر أو فسحة يصلون فيه ليس له حكم المسجد. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (280).

حكم دخول الحائض للمسجد للضرورة

191 - حكم دخول الحائض للمسجد للضرورة س: تقول هذه السائلة: نزل أثناء وجودنا في المدرسة مطر غزير، فاستدعى الأمر أن ندخل في مسجد المدرسة وأنا حائض، هل علي شيء؟ وهل المسجد في المدرسة يأخذ حكم المصلى؟ وفقكم الله (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (422).

ج: إذا دخلت المرأة الحائض أو النفساء في المسجد للضرورة فلا بأس؛ كأن تخشى على نفسها إذا كانت خارج المسجد، أو لأسباب أخرى للضرورة فلا حرج، أما مسجد المدرسة إذا كان مصلى ليس له حكم المساجد، لها أن تجلس فيه؛ لأنه ليس له حكم المساجد، فللحائض أو النفساء أن تجلس في المصلى لسماع الخطبة، أو سماع الدرس أو الفائدة.

حكم أخذ غرامة مالية بسبب تأخير إرجاع الكتب المعارة

192 - حكم أخذ غرامة مالية بسبب تأخير إرجاع الكتب المعارة س: يقول أ. م، في آخر أسئلته من الأردن: في بعض المساجد إعارة الكتب؛ بشرط أن من يتأخر في إرجاع هذه الكتب عن المدة المحددة يدفع عن كل يوم غرامة معينة من المال تنفق على المسجد، أو لمصلحة المسجد، هل يجوز هذا يا سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: نعم؛ لأن هذا من باب الإجارة، إذا تأخر فقد استمر بالأجر أجرة المثل يعني استمتاعه بالكتاب عن المدة المحددة، ولا أعلم في هذا بأسا لحث الناس على القيام بالشروط والوفاء بها، وعدم التساهل ببقائها عند المستعير، فإذا حجز خمسة أيام أو ستة أيام أو غيرها، وزاد فعليه كذا وكذا عن تأخير الكتاب، لا حرج إن شاء الله في هذا، والمصلحة كبيرة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (368).

حكم استعارة الكتب من المسجد

193 - حكم استعارة الكتب من المسجد س: هل الاستعارة من المساجد جائزة أو لا (¬1)؟ ج: ليس له أن يستعير، أما من المكتبات فلا بأس إذا سمح مدير المكتبة، والقائم عليها بالإعارة فلا بأس، أما ما وضع في المسجد من الكتب، أو من المصاحف فلا يستعار، بل يطالع وهو في المسجد. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (229).

حكم أخذ الكتاب الموقوف على المسجد

194 - حكم أخذ الكتاب الموقوف على المسجد س: هل يجوز أخذ أي كتاب سواء كان قرآنا، أو أي كتاب آخر كتب عليه: وقف، هل يجوز أخذه من المسجد (¬1)؟ ج: لا يجوز أخذه من المسجد، بل يترك في المسجد، ينتفع به من كان في المسجد من قراء يطالعون فيه، يستفيدون منه؛ لأن الواضع الذي وضعه في المسجد، أو في مكتبة المسجد قصده نفع الناس، فلا تأخذ المصحف الذي في المسجد ولا الكتاب الذي في المسجد. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (228).

حكم أخذ المصحف من المسجد واستبداله بآخر

195 - حكم أخذ المصحف من المسجد واستبداله بآخر س: يقول السائل: هل يجوز أخذ المصاحف والكتب من المسجد، واستبدالها بغيرها من المصاحف؛ كأن يأخذ الشخص مصحفا من

المسجد ويضع غيره من طبعة أخرى ولون آخر (¬1)؟ ج: لا يجوز لأي مسلم أن يأخذ من مصاحف المسجد، أو كتب المسجد شيئا؛ لأن الذي وضعها قصد أن ينتفع بها المسلمون في هذا المسجد، فليس لأحد أن يأخذها من المسجد، ولا من مكتبته، بل تبقى لأهل المسجد ومراجعي المكتبة، وإذا أحب أن يزيد ويضع كتبا أخرى ومصاحف أخرى فجزاه الله خيرا، أما أن يأخذ مصحفا؛ لأنه أنسب له لحسن طبعته أو لكبر حروفه، ويأتي بمصحف آخر أو كتاب آخر فلا. بل يترك ما بالمسجد للمسجد ولأهل المسجد وفي مكتبة المسجد، وإذا كان هناك فضل في المصاحف لا مانع من نقلها لمسجد آخر، إذا كان هناك فضل فيها وعدم حاجة لبعضها تنقل إلى مسجد آخر محتاج، وهكذا إذا كان في المكتبة كتب كثيرة، وهناك مكتبات تابعات لمساجد أخرى تحتاج إليها وتنقل بعضها إلى هناك فلا بأس، إلا أن يكون صاحب الكتاب نص على هذه المكتبة المعينة؛ ليبقى فيها فيبقى فيها. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (281).

س: يقول السائل: هل يجوز للإنسان أن يأخذ مصحفا من المسجد لنفسه، أو يستبدل مصحفا له (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (431).

ج: ليس له ذلك، لا يجوز له أن يأخذ من المسجد شيئا لا لنفسه ولا يبدله، بل يجب ترك ما في المسجد للمسجد للمسلمين.

س: هل يجوز أخذ المصاحف والكتب من المسجد، أو استبدالها بغيرها من المصاحف، كأن يأخذ الشخص مصحفا من المسجد ويضع غيره (¬1)؟ ج: لا يجوز أخذ شيء من المساجد؛ لا من المصاحف ولا من الكتب، ولا من الفرش ولا من اللمبات ولا غير ذلك، هذه من الأوقاف، يجب تركها وعدم التعرض لها، فليس لأحد أن يأخذ المصاحف من المسجد، ولا من كتب المسجد، بل يقرأ فيها إذا كان في المسجد ثم يدعها في محلها، وليس له أن يأخذ شيئا منها، هذا ظلم لا يجوز، بل تبقى في المسجد لانتفاع المصلين والزوار للمسجد بالكتب والمصاحف. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (271).

س: الأخ: م. ص. ع. يسأل ويقول: دخلت أحد المساجد ومعي مصحف، ورأيت في المسجد مصاحف ذات طباعة واضحة وقمت باستبدال مصحفي بواحد من تلك المصاحف الموجودة في

المسجد، هل يحق لي ذلك، أم لا (¬1)؟ ج: ليس لأحد أن يأخذ من أوقاف المسجد شيئا لا من المصاحف ولا من غيرها، إلا إذا كانت موضوعة للتوزيع، إذا كان وضعها الواضع للتوزيع فلا بأس بذلك. إذا قال له الإمام أو المؤذن: هذه للتوزيع. فلا بأس، أما إذا كانت وضعت لينتفع بها المصلون والقراء في المسجد فليس لأحد أن يأخذ منها شيئا، ولا أن يضع بدلها ما هو دونها؛ لأنها وقف على القراء في المسجد، ولأن وجود ما هو أصلح ينبغي أن يبقى للقارئ الذي أراده الموقف، فلا يأخذ الطيب ويدع ما هو دونه، بل يبق الطيب لأهل المسجد؛ حتى لا يخلو المسجد من المصاحف ذات الطباعة الجيدة. وهذا هو المطلوب. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (187).

س: هناك بعض الناس يأتون بمصاحف قديمة، ويضعونها في المساجد ويستبدلونها بمصاحف جديدة من نفس المسجد، فهل هذا جائز (¬1)؟ ج: ليس لأحد أن يأخذ من مصاحف المسجد شيئا، المصاحف التي في المسجد يجب أن تبقى بالمساجد، وليس لأحد أن يأخذ منها شيئا أو يبدلها، بل الواجب تركها في المساجد؛ لأن أهلها أرادوا أنها وقف ينتفع بها المسلمون في المسجد. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (229).

حكم قبول المصحف المأخوذ من المسجد

196 - حكم قبول المصحف المأخوذ من المسجد س: يقول السائل: لقد أعطاني صديق لي مصحفا، وهذا المصحف أخذه من المسجد وقبلته منه، فهل هذا العمل جائز؟ وماذا علي إذا كان غير جائز؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: عليك أن ترده إلى المسجد؛ لأنه لا يجوز أن يأخذ من المسجد بنفسه ولا بغيره، بل مصاحف المسجد تبقى في المسجد للمصلين والقارئين، وليس لأحد أن يأخذ من المسجد المصاحف التي فيه ويعطيها الناس، أو يستعملها في بيته، لا تستعمل إلا في المسجد فقط، وعليك أنت أن ترد هذا المصحف للمسجد الذي أخذه منه، وتعلم صاحبك ألا يأخذ من المسجد. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (443).

حكم أخذ المصحف إذا كان مكتوبا عليه هدية

197 - حكم أخذ المصحف إذا كان مكتوبا عليه هدية س: لقد ذهبت أنا وإخوان معي إلى العمرة، وعند عودتنا مررنا بالمدينة، وأخذنا مصاحف كتب عليها: هدية إلى حجاج بيت الله الحرام، بموافقة أحد العاملين، وقال: لا بأس إذا لم يكتب عليها: وقف لله تعالى، وعند عودتنا إلى الكويت قيل لنا: ما كان يجب أن تأخذوها،

فأصحابها قد تركوها لكي تقرأ ويكتب لهم الأجر، فما رأي سماحتكم؟ أنردها؟ أم ماذا ترى؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كانت المصاحف مكتوبا عليها: هدية، فلا بأس من أخذها، أما إذا كانت مكتوبا عليها: هدية للقراء في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو في المسجد الحرام، أو في مسجد كذا، فلا تؤخذ، بل تبقى للقراء في المسجد، أما إذا كتب عليها: هدية للحجاج، ولم يذكر المسجد فلا حرج في ذلك، ولا حرج في أخذها، والله أعلم. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (198).

حكم التبرع بالمصاحف في المساجد

198 - حكم التبرع بالمصاحف في المساجد س: يقول هذا السائل من الكويت: هل يجوز وضع المصاحف في المساجد؟ وهل يكون لمن وضعها أجر على كل حرف يقرأ من هذا المصحف؟ ووضع هذا المصحف بنية أن يكون أجر القارئ للمتوفى، فهل هذا مشروع (¬1)؟ ج: وضع المصاحف في المساجد مشروع؛ لأنه يعين من جاء بنفسه للقراءة، وصاحبه له أجر، يرجى له أجر كبير؛ لأنه ممن أعان على الخير، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «والله في عون العبد ما ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (406).

كان العبد في عون أخيه (¬1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته (¬2)» وإذا سبل مصاحف لأموات، أو كتب علم فلهم أجر في ذلك، وإذا نوى هذا الوقف لأبيه أو أمه فله أجر في ذلك، وللموقوف له أجر في ذلك، أما إهداء المصحف فهو طيب من باب التعاون على البر والتقوى، إذا أهديته إليه فأنت مشكور ولا بأس. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم (2699). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه برقم (2442) ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (2580).

حكم اصطحاب الأطفال إلى المساجد

199 - حكم اصطحاب الأطفال إلى المساجد س: ما هو رأي سماحتكم في اصطحاب الأطفال إلى المسجد؟ وهل هذا حرام أو مكروه أو جائز؟ علما بأني أسمع على ألسنة كثير من الناس حديثا، يقولون: إنه مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم (¬1)» (¬2) ج: يستحب، بل يشرع الذهاب بالأولاد إلى المساجد إذا بلغ الولد ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه، في كتاب المساجد والجماعات، باب ما يكره في المساجد، برقم (750). (¬2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (169).

سبعا فأعلى، ويضرب عليها إذا بلغ عشرا؛ لأنه بذلك يتأهل للصلاة ويعلم الصلاة، حتى إذا بلغ فإذا هو قد عرف الصلاة واعتادها مع إخوانه المسلمين. أما الأطفال الذين دون السبع فالأولى ألا يذهب بهم؛ لأنهم قد يضايقون الجماعة، ويشوشون على الجماعة ويلعبون، فالأولى عدم الذهاب بهم إلى المسجد؛ لأنه لا تشرع لهم الصلاة. وأما حديث: «جنبوا مساجدكم صبيانكم (¬1)» فهو حديث ضعيف، لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل يؤمر الصبيان بالحضور للصلاة إذا بلغوا سبعا فأكثر حتى يعتادوا الصلاة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع (¬2)» فهذا فيه تشريع للمؤمنين أن يحضروا أولادهم معهم حتى يعتادوا الصلاة، وحتى إذا كانوا بلغوا الحلم قد اعتادوا، حتى إذا بلغوا فإذا هم قد اعتادوها وحضورها مع المسلمين، فيكون ذلك أسهل وأقرب إلى محافظتهم عليها. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه، في كتاب المساجد والجماعات، باب ما يكره في المساجد، برقم (750). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له.

س: ما حكم اصطحاب الأطفال للمساجد؟ هل هو سنة كما يقول

البعض، أم أنه غير جائز لما يسببه الأطفال من إزعاج للمصلين، كما يقول البعض الآخر (¬1)؟ ج: استصحاب الأطفال فيه تفصيل: إذا كان الطفل قد أكمل السبع السنين فهو مأمور بالصلاة، فيستصحبه أبوه وأخوه؛ حتى يتمرن على الصلاة ويعتادها، أما إن كان أقل من السبع فلا حاجة إلى ذلك، ولا يشرع استصحابه؛ لأنه قد يؤذي المصلين، وقد يشوش عليهم بلعبه وكلامه، فالأولى عدم اصطحابهم لما في ذلك من الإيذاء للمصلين. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (168).

س: ما رأي سماحكتم في الذين يأتون بأطفالهم إلى المساجد لأداء الصلاة، علما بأن الأطفال لا يقرؤون، ولا يحفظون من القرآن حتى سورة الفاتحة؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: إذا تيسر بقاؤهم في البيت هذا طيب حتى لا يؤذوا أحدا، وإذا لم يتيسر؛ لأن الطفل أو الأب يحب أن يصلي مع الناس، أو يسمع الدرس أو الفائدة أو الخطبة فلا حرج ولو كان معهم صبية صغار؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر في الحديث الصحيح أنه يدخل الصلاة ويريد التطويل، ثم يسمع صياح الصبي ويخفف؛ لئلا يشق على أمه، فدل ذلك ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (229).

على أنهم يصلون ومعهم الصبيان، ولم ينههم عن إحضار الصبيان الصغار، وكذلك في الحديث الصحيح، لما تأخر في بعض الليالي عن صلاة العشاء قال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله، رقد النساء والصبيان (¬1) فدل على أن الصبيان يحضرون، الحاصل أن حضور الصبيان مع أمهاتهم، أو مع آبائهم أمر لا بأس به، وإذا كان ليس من أهل الصلاة وقد جاءت به، وأنها تريد أن تطمئن عليه حتى تصلي مع الناس، وحتى تسمع الخطبة والفائدة فلا بأس بذلك، وإن تيسر من يحفظه في بيتها حتى لا تتأذى، ولا تؤذي به أحدا فهذا أولى وأفضل إذا تيسر ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب التمني، باب ما يجوز من اللو، برقم (7239).

س: الأخ: ف. ع. م، من حوطة بني تميم، يسأل عن الأطفال في المساجد وتشويشهم وبم توجهون الناس؟ ولا سيما أنهم يمتثلون للتوجيه، ثم يستمرون أياما ويعودون إلى حالهم السابق، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الأطفال قسمان: قسم بلغ سبعا فأكثر، فهذا يوجه إلى الصلاة والخشوع فيها، ويفرقون في الصفوف حتى لا يلعبوا إذا كان اجتماعهم قد يسبب اللعب، يفرقون بين الرجال الكبار, ويكون من يتعاهدهم ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (272).

المؤذن أو غير المؤذن، يتعاهدونهم حتى لا يشوشوا ولا يلعبوا، أما إن كان الأطفال دون السبع فمثل هؤلاء بقاؤهم في البيوت أولى، يبقون في البيوت عند أهليهم، ومن حضر بولده منهم فليحرص عليه حتى لا يشوش على الناس، وإلا فليبقه في البيت حتى لا يشوش على أحد، والإمام والمؤذن وأهل المسجد يتولون هذه الأمور، فينصحون الناس ويوجهونهم إلى الخير؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى.

حكم صلاة الصبي المميز في الصف الأول

200 - حكم صلاة الصبي المميز في الصف الأول س: ما رأيكم في صلاة الصبي المميز في الصف الأول؛ لأن الكثير من الناس - هداهم الله - يطردونهم إلى الصف الأخير، مما يسبب اجتماعهم وعبثهم في المسجد (¬1)؟ ج: ينبغي أن يشجع الصبي على الصلاة، وألا ينفر منها، فإن تقدم للصف الأول يبق في الصف الأول، وهكذا إذا تقدم في الصف الثاني، ولا ينبغي تجميعهم في محل واحد؛ لأن هذا أولا ينفرهم من التقدم للصلاة، وثانيا: يسبب لعبهم وإشغالهم المصلين، فلا ينبغي لأهل المسجد أن يفعلوا ذلك، بل ينبغي لأهل المسجد أن يلاحظوا تفريقهم، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (38).

وأن يكونوا في المواضع؛ يبعد بعضهم عن بعض حتى لا يعبثوا وحتى لا يؤذوا المصلين، ومن سبق منهم للصف الأول فإنه يقر؛ لأنه سبق إلى شيء ما سبق إليه أحد فهو أحق.

حكم صلاة الأطفال دون السابعة في الصفوف الأمامية

201 - حكم صلاة الأطفال دون السابعة في الصفوف الأمامية س: ما حكم صلاة الأطفال دون السابعة في الصفوف الأمامية ويزاحمون المصلين؟ وهذا مما يجعل دائما فرجة في الصفوف، وأن يحدثوا بعض الحركات في الصلاة (¬1)؟ ج: الأطفال الذين هم دون السبع ليس لهم صلاة، ولا يؤمرون بالصلاة، والمشروع لآبائهم إبقاؤهم في البيوت؛ حتى لا يشوشوا على المصلين، هذا هو المشروع، لكن لو وجد أحدهم بين الصفوف لم يضر الصف، وعلى من حوله أن يرشده للهدوء؛ حتى لا يؤذي أحدا، أما آباؤهم فالمشروع لهم أن يحفظوهم في البيوت، وألا يحضروهم إلى المساجد؛ حتى لا يشوشوا على الناس، ولا يقطعوا الصفوف، ومتى وجد أحد منهم في الصف الأول ودعت الحاجة إلى إبقائه فإنه لا يضر الصف، ويكون بمثابة الكرسي أو العمود أو ما أشبه ذلك، إذا دعت الحاجة إلى وجوده في الصف. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (325).

س: كثير من الناس حينما يحضر إلى الصلاة في المسجد وهي مقامة يجدون أطفالا يصلون، بعضهم أقل من السابعة، وبعضهم أكثر من السابعة، فيقومون بإزاحتهم إلى طرف الصف، ويصفون في مكانهم، وإذا كانوا في طرف الصف يؤخرونهم إلى الصف الذي يليه؛ مما يؤدي إلى قطع صلاتهم، فهل في عملهم هذا شيء؟ وماذا يجب علينا حين نشاهد مثل ذلك؟ وهل يجوز تأخير الذين أعمارهم أقل من السابعة من صفهم إلى الصف الذي يليه؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: أما من كان بلغ السابعة فالمشروع تركه، ولا يجوز تأخيره؛ لأنه سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم، فهو أولى بمكانه، وفيه تشجيع له على المحافظة والمسارعة إلى الخير، فلا يؤخر، أما من كان دون السبع فهذا محل نظر، إن يترك فلا بأس؛ لئلا يحصل عليه مضرة إذا أخر، ولئلا يعبث أو يذهب إلى محل آخر يضره، فتركه في مكانه أولى وأحوط؛ حتى لا يحصل عليه ضرر، أو يحصل منه عبث يضر أحدا من الناس بتأخيره بالتشويش عليه، والصغار لهم مراعاة؛ لئلا يقع شر عليهم إذا أخروا في الصلاة، فقد يذهبون إلى جهات تضرهم، وقد يعبثون عبثا ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (301).

يضرهم ويضر غيرهم، ثم أيضا في تركهم في الصف تمرين لهم على المجيء والحرص على الصلاة؛ حتى إذا كملوا السابعة إذا هم قد تمرنوا.

بيان كيفية توجيه الأطفال إذا لعبوا أثناء الصلاة

202 - بيان كيفية توجيه الأطفال إذا لعبوا أثناء الصلاة س: لو التفت الطفل وهو في الصف، أو تحرك حركة ربما تكون زائدة، ما هو توجيه سماحتكم (¬1)؟ ج: يشيرون له بالهدوء؛ حتى يهدأ بالإشارة ما دام في الصلاة بالإشارة، والصغار يوجهون حتى يعتادوا الخير. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (301).

حكم من يتخذ مكانا واحدا للصلاة في المسجد

203 - حكم من يتخذ مكانا واحدا للصلاة في المسجد س: ما حكم من يتخذ مكانا واحدا للصلاة في المسجد (¬1)؟ ج: قد نص جمع من أهل العلم على كراهة اتخاذ مكان معين في المسجد لا يصلي إلا فيه، وجاء في بعض الأحاديث التي لا تخلو من مقال، فالذي ينبغي للمؤمن ألا يتخذ مكانا معينا في المسجد، بل متى جاء يحرص على القرب من الإمام، ولا يتخذ مكانا معينا، هذا هو الذي ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (76).

ينبغي، فينبغي أن يكون هناك مسابقة ومسارعة إلى الخير، فإذا أمكنه أن يكون خلف الإمام هذا هو الأفضل، وإذا لم يتيسر ذلك غالبا، أما أن يتخذ عمودا سارية يصلي عندها، أو جدارا أو محلا معينا هذا خلاف المشروع، فالمشروع له أن يسابق، وأن ينافس في الخير، وأن يتقدم، فإن أمكنه الصف الأول صار في الصف الأول، وإن أمكنه القرب من الإمام صار قريبا من الإمام، فإن عجز يكون في الصف الثاني وهكذا، أما أن يتخذ سارية يصلي عندها، أو محلا يصلي عنده لا يجاوزه ولو كان هناك ما هو أقرب منه إلى الإمام هذا غلط، خلاف السنة، وأقل أحواله الكراهة.

س: هل الصلاة في المسجد في مكان واحد؛ الفرض والنافلة، يعد ذلك محذورا أو لا (¬1)؟ ج: نعم، اعتياد ذلك لا ينبغي، كونه اعتاد مكانا معينا يكره له ذلك، بل السنة أن يسابق إلى الصلاة، ويحرص على الصف الأول والقرب من الإمام، أما أن يتخذ محلا معينا يجلس فيه ولو بكر ووجد ما هو أفضل منه فهذا خلاف المشروع، فالسنة في المؤمن أن يسابق ويسارع إلى الصلاة، وأن يحرص على الصف الأول، وعلى قربه من الإمام، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (102).

وألا يتخذ له مكانا معينا يصلي فيه، ويترك ما هو أفضل منه، والله المستعان.

س: الأخ: عبد الله من الرياض، يقول: قرأت حديثا ما معناه: بأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نقر كنقر الغراب، وافتراش كافتراش السبع، وأن يوطن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير، السؤال يا سماحة الشيخ: عند دخول المسجد لأداء الصلاة أجلس دائما في مكان خاص ومعين في جميع الأوقات، فهل الحديث المذكور يشملني ويشمل تصرفي هذا (¬1)؟ ج: نعم، الأفضل لك أن تنتهي حيث انتهى الصف، ولا تجعل لك مكانا معينا، إذا جئت والصف الأول تام تصف في الثاني، وإذا كان الصف الأول ما تم تصف في الصف الأول، ولا تبق في طرف الصف هكذا، ولا تنقر صلاتك؛ اطمئن، وعدم العجلة في الصلاة، ولا تفرش يديك مثل السبع، إذا سجدت ارفع ذراعك واعتمد على كفيك فقط، والذراعان مرفوعان، كان السبع يبسط ذراعيه والكلب كذلك، والسنة للمؤمن أن يرفع ذراعيه، بل ويعتمد على كفيه فقط في السجود. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (426).

حكم أكل الثوم قبل الذهاب إلى المسجد

204 - حكم أكل الثوم قبل الذهاب إلى المسجد س: تقول هذه السائلة: ما حكم من يكثر من أكل الثوم لرغبته فيه وحبه له؟ هل يذهب إلى المسجد للصلاة فيه، أو يكفيه الصلاة في المنزل ويتعذر بذلك (¬1)؟ ج: من يأكل الثوم أو البصل أو الكراث لا يجوز له الذهاب إلى المسجد؛ لأنه يؤذي الناس بذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وقال صلى الله عليه وسلم: «من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا، أو قال وليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته (¬2)» وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر بإخراج من تعاطى هذه الأمور من المسجد، وقال: «فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم (¬3)» فلا يجوز للمسلم أن يتعاطى الكراث أو الثوم أو البصل، وأن يصلي مع المسلمين؛ لأنه يؤذيهم بذلك، وإذا كان ليس هناك حاجة لهذا فليترك ذلك حتى لا ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (397). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما جاء في الثوم الني والبصل والكراث، برقم (855) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوها، برقم (564). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوها، برقم (564).

يحرم الصلاة مع المسلمين، أما إذا دعت الحاجة إلى ذلك لجوع أو مرض فلا حرج، أما أن يعتاد ذلك كشهوة فالذي ينبغي له ترك ذلك؛ حتى لا يحرم الصلاة مع المسلمين، وإذا قصد بذلك التخلف عن الجماعة؛ يتحيل بهذا لترك الجماعة فهذا منكر ولا يجوز، نسأل الله العافية.

حكم ذهاب شارب الدخان إلى المسجد

205 - حكم ذهاب شارب الدخان إلى المسجد س: هذا سائل من الجبيل، يقول في هذا السؤال: علمت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى من أكل منا ثوما أو بصلا عن قرب المصلين، أو المصلى في جماعة المسجد، وذلك حسب علمي حتى لا يؤذي الملائكة والمصلين، فما رأي سماحتكم فيمن امتلأت رئتاه برائحة الدخان، حتى ولو أنه لم يشربه قبيل قدومه للصلاة في المسجد، والمعروف أن رائحة الدخان كريهة، وأنا أقول: بأنها تزعجني في صلاتي بجانب صاحب هذه الرائحة، والنهي جاء في الحلال؛ الثوم والبصل، فما الحكم في الدخان؟ هل هو محرم؟ وهل ينطبق الحديث على شاربه (¬1)؟ ج: نعم، الدخان محرم، ولا شك فيه أنه محرم؛ لما فيه من المضرة العظيمة، فينبغي للمؤمن أن يحذر ذلك، ولا سيما إذا كان ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (374).

مجيئه إلى المسجد قرب شرب الدخان، فإن هذا يؤذي الناس وقد يكون أذاه أشد من الثوم والبصل لمن لم يعتده، فالواجب على المؤمن أن يحذره؛ لأنه محرم، وفيه مضار كثيرة، وفيه أيضا إيذاء للناس لمن شربه عند مجيئه للمسجد ولم يتحفظ فإنه يؤذي من حوله، والله المستعان.

حكم الذهاب إلى المسجد بملابس غير نظيفة

206 - حكم الذهاب إلى المسجد بملابس غير نظيفة س: يقول السائل: هناك جماعة يشتغلون في ورشة لإصلاح السيارات، وإذا حان موعد الصلاة ذهبوا إلى المسجد بملابس الشغل، وتكون ملابسهم متسخة بطبيعة الحال بالزيوت والبويا والمعجون وما أشبه ذلك، فبماذا توجهونهم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الصلاة صحيحة، فلا حرج عليهم، ولكن الأفضل أن يعدوا للصلاة لباسا حسنا؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (¬2)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله جميل يحب الجمال (¬3)» ولئلا يتأذى منه ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (253). (¬2) سورة الأعراف الآية 31 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه، برقم (91).

إخوانه، ولئلا يؤذي من يجاوره بهذه الملابس، السنة لهم - والذي أنصحهم به - أن يلبسوا ملابس حسنة للصلاة يعدونها، إذا جاء وقت الصلاة خلعوا هذه الملابس ولبسوا ملابس حسنة، هذا هو الذي ننصحهم به.

س: إنني أشتغل في ورشة، وأسمع الأذان وأنا في الورشة، وكنت في بعض الأيام أصلي في المسجد، ولكن خطب الخطيب في يوم الجمعة، وقال: لا يصح للعامل أن يأتي من عمله ليصلي في المسجد؛ لأنه يؤذي المصلين بالملابس المتسخة، وأصلي أنا وأخي وزميلي في الورشة جماعة، هل صلاتنا صحيحة في العمل القريب من المسجد (¬1)؟ ج: هذا الذي قاله الخطيب غلط وجهل، بل يجب على العمال أن يحضروا الصلاة ويعتنوا بالصلاة مع الجماعة، ولا يغتروا بخطبة الجاهلين، بل يجب على العمال أن يصلوا مع الناس، ويحضروا مع الناس وإن كان في ثيابهم زيت أو غيره، لكن يحرصون على النظافة، وألا يكون عندهم روائح كريهة كالدخان والصنان (¬2) يحرصون على أن يتوضؤوا، وأن يتنظفوا مما يؤذي إخوانهم المصلين، ولا يجوز لهم ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (223). (¬2) رائحة العرق.

التساهل في هذا الأمر، فإذا حضرت الصلاة ترك كل منهم الشغل وبادر إلى الصلاة، وتعاطى الأسباب التي تعينه على حضورها مع الجماعة، وعدم إيذائهم؛ لا بدخانه ولا بغيره من الأذى.

س: أنا أعمل ميكانيكيا، ماذا أعمل إذا حضرتني الصلاة وأنا في العمل؟ هل لي أن أصلي بملابس العمل، وملابس العمل هذه فيها زيت وغاز؟ وبعض الناس يقولون: لا تجوز فيها الصلاة. ولا يتسع لي الوقت بتبديلها، ماذا أعمل وأنا أريد صلاة الجماعة؟ أفيدونا أفادكم الله (¬1) ج: الواجب عليك أن تصلي مع إخوانك المسلمين في الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر ". قالوا: ما العذر؟ قال: " خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬2)»؛ ولأنه عليه الصلاة والسلام لما أتاه رجل أعمى يسأله ويقول: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم، قال: " فأجب (¬3)» هذا أعمى ليس له قائد، ومع هذا يأمره أن يجيب المؤذن ويحضر الصلاة، وعليك يا أخي أن ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (283). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551) والحاكم في المستدرك برقم (896) ج (373). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

تغير الملابس التي يتأذى منها إخوانك إذا كان فيها رائحة تؤذيهم، أما إذا كان لا تؤذيهم؛ لا فيها رائحة تؤذيهم فصل فيها والحمد لله؛ لأنها طاهرة، أما إن كان فيها روائح تؤذيهم، أو أوساخ تنتقل إليهم إلى من بجوارك؛ تنتقل إليه الأوساخ فبدلها، أعد ثيابا، إذا أذن المؤذن تلبسها وتذهب إلى الصلاة فيها، وعليك أن تتقي الله في ذلك، هذا أمر عظيم، هذه عمود الإسلام، الصلاة عمود الإسلام، فلا بد من العناية بها، أعظم واجب وأهم واجب بعد الشهادتين هذه الصلاة، يقول فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة (¬1)» ويقول فيها عليه الصلاة والسلام: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (¬2)» هذا وعيد عظيم له، يحشر من تركها مع هؤلاء الكفرة؛ لأنه من ضيعها من أجل الرئاسة والملك صار شبيها بفرعون والعياذ بالله؛ فيحشر معه في النار يوم القيامة، وإن ضيعها بسبب الوزارة والوظيفة صار شبيها بهامان وزير فرعون؛ فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، وإن ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، برقم (21563) والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616)، وابن ماجه في كتاب الفتن باب كف اللسان في الفتنة، برقم (3973). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما برقم (6540)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب في المحافظة على الصلاة برقم (2721).

ضيعها بأسباب المال والشهوات صار شبيها بقارون؛ تاجر بني إسرائيل الذي حمله كفره وبغيه على ترك الحق؛ فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، وإن ترك الصلاة من أجل التجارة والبيع والشراء صار شبيها بأبي بن خلف؛ تاجر أهل مكة الذي قتله النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد كافرا؛ فيحشر معه إلى النار يوم القيامة. فالواجب على العامل ميكانيكيا أو غيره، الواجب عليه أن يصلي مع المسلمين في الجماعة، وأن يلبس الملابس - التي لا تؤذي الناس - الطيبة السليمة، ويبتعد عن الروائح الكريهة، إذا كان يتعاطى الثوم أو البصل أو التدخين يحذر ذلك؛ حتى لا يكون فيه روائح كريهة وقت الصلاة، وحتى يأتي لها في ملابسه وهي نظيفة لا أوساخ تؤذي الناس، أما إن كان لا يؤذي الناس فلا بأس أن يصلي فيها إن كانت طاهرة، ولكن كونه يلبس ثيابا حسنة وجميلة للصلاة هذا هو الأفضل، يقول الله سبحانه: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (¬1)، يعني: عند كل صلاة، فالمشروع للمؤمن عند الصلاة أن يلبس ملابس حسنة، يتوجه للمسجد بملابس حسنة مع إخوانه، لا من يقوم بين يدي الله بما فيه أذى للمصلين، نسأل الله للجميع التوفيق. ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 31

س: هل من كلمة - سماحة الشيخ - لأولئك الذين يصلون بثياب العمل المتسخة وغيرهم (¬1)؟ ج: نعم، نوصي الجميع بتقوى الله، وأن يصلوا كما شرع الله، وأن يحذروا التساهل في ذلك؛ لا من جهة السترة، ولا من جهة البقعة، تكون البقعة نظيفة، وتكون الملابس نظيفة سليمة من النجاسات، والواجب عليهم أن يصلوا في الجماعة، يجب على أهل العمل أن يصلوا في الجماعة في المساجد، ثم يعودوا إلى أعمالهم، نسأل الله للجميع الهداية. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (392).

س: يسأل هذا المستمع: ح. من الأردن، ويقول: هل تجوز الصلاة في المسجد منفردا بلباس العمل؛ كالجزار مثلا: على ثوبه دم، والمهن الأخرى؟ حدثونا في ضوء هذا السؤال، ونرجو كلمة (¬1) ج: الواجب على المؤمن ألا يصلي إلا في ملابس طاهرة، الجزار لا يصلي في ملابس فيها دم؛ لأن الدم نجس، وهكذا غيره، كل صاحب مهنة يجب أن تكون ثيابه طاهرة سليمة عند الصلاة، لا يصير فيها نجاسة؛ لأن من شرط الصلاة أن تكون ثياب المصلي طاهرة وبقعته ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والأربعون من الشريط رقم (392).

طاهرة، فليس للجزار ولا غيره أن يصلي في الملابس التي فيها الدماء، أو فيها البول أو غيره من النجاسات، بل يجب أن يصلي في ثياب طاهرة وبدن طاهر.

حكم أداء الصلاة في المسجد منفردا لعذر

207 - حكم أداء الصلاة في المسجد منفردا لعذر س: إذا دخل الإنسان المسجد لأداء صلاة العشاء، ثم لاحظ في ثوبه شيئا من البقع، قال في نفسه: أصلي العشاء قبل أن يجتمع الناس. ثم صلى وخرج، هل هذا عذر مقبول؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا يجوز هذا ما دام في المسجد، ويصلي مع الناس ولو كان في ثوبه بقع، إلا إذا أمكن أن يذهب إلى حمام حول المسجد، وكان بيته قريبا إذا أمكن ويزيل البقعة فلا حرج في ذلك، هذا إذا كانت البقعة غير نجاسة، أما إذا كانت نجاسة فيلزمه أن يذهب ويزيل النجاسة ويبدل الثوب وإذا فاتته الجماعة يلزمه أن يذهب إلى بيته ويزيل النجاسة بالغسل، أو إبدال الثوب بثوب آخر. أما إذا كانت بقعا وسخا وليست نجاسة فيصلي فيه والحمد لله، ولو كان فيه جماعة يلزمه أن يصلي مع الجماعة، وفي إمكانه بعد ذلك أن يبدل الثوب أو يغسل الوسخ. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (325).

حكم الصلاة بالبنطال

208 - حكم الصلاة بالبنطال س: سماحة الشيخ: ما حكم لبس البنطلونات بالنسبة للعمال في المساجد (¬1) ج: لا بد أن يكون اللباس ساترا ما بين السرة والركبة، والبنطلون إذا كان ما فيه تشبه بالكفرة، إذا كان من لباس المسلمين، وستر ما بين السرة والركبة أجزأ مع ستر المنكبين أو أحدهما بالرداء. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (395).

س: هل يجوز دخول المسجد بالحذاء وخصوصا الأطفال (¬1) ج: نعم، إذا كانت الحذاء نظيفة لا بأس، وعلى صاحب الحذاء، أو ولي الطفل التأكد من ذلك، فإذا كانت الحذاء نظيفة لا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (330).

س: كيف يكون رأي سماحة الشيخ بعد أن أصبحت المساجد مفروشة، وأصبح الدخول بالأحذية عليها مقززا للنفس؟ ما هو توجيه سماحتكم في هذا (¬1)؟ ج: الأولى في مثل هذا أن يخلعها ويضعها عند باب المسجد، أو في ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (330).

مكان لا خطر فيه؛ حتى لا يغير الفرش على الناس؛ لأن الإنسان قد يتساهل عند دخول المسجد في تفقد ما عليه، وقد يؤذي من حوله، فالذي أراه في مثل هذا أن خلعها أولى؛ حرصا على مصلحة المسلمين، وعلى جمع الكلمة، وعدم الشحناء والفرقة.

حكم رفع الصوت في المساجد

209 - حكم رفع الصوت في المساجد س: علمنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن رفع الصوت في المساجد ولو بقراءة القرآن، وقد لاحظت أن معظم الإخوة المسلمين في بلدي يرفعون أصواتهم بقراءة القرآن، وخاصة في الأوقات بين الأذان والإقامة لدرجة تجعلني في كثير من الأحيان لا أحسن الوقوف بين يدي الرحمن، فما العمل؟ وأرجو الله إن كان في تصرف هؤلاء الإخوة ما لا يجوز أن ينبهوا على ذلك كثيرا؛ فإن الأمر عم جميع المساجد، حتى إنك إذا أخبرت أحدهم بما في هذا الأمر فإما أن يتعجب مما تقول، وإما أن يستمع إليك ثم لا يتوقف عن فعل ذلك العمل (¬1) ج: لا شك أن هذا واقع في بعض المساجد، ولا شك أن الأفضل عدم الجهر بالصوت، وعدم رفع الصوت في الصفوف في المساجد، ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (146).

وأن من سيقرأ وهو خافض صوته؛ حتى لا يشوش على من حوله من القراء والمصلين هذا هو السنة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه خرج ذات يوم إلى الناس في المسجد وهم يقرؤون قد رفعوا أصواتهم، فقال: «إن المصلي يناجي ربه عز وجل فلينظر أحدكم بما يناجي ربه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة (¬1)» أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أن السنة جاءت بمراعاة من حوله من المصلين، وألا يجهر بقراءته؛ فيشوش عليهم، ولكن يقرأ قراءة منخفضة ليس فيها تشويش بينه وبين نفسه، أو يجهر قليلا لا يتعدى الضرر إلى غيره، لكنه رفع قليل. فالحاصل أنه ينبغي له أن يراعي شعور المصلين، فلا يجهر جهرا يشوش على المصلي، أو على قارئ. أما لو قدر أن من حوله يسمعون وينصتون له، وليس فيها أذى لأحد فلا بأس بالجهر الذي ينفع من حوله، ولكن في الأغلب أنه يكون حوله مصل، وحوله قارئ، فالذي ينبغي له أن يخفض صوته، وأن يكون بقدر لا يؤذي أحدا ممن حوله. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5326).

حكم قراءة القرآن في المسجد بصوت عال

210 - حكم قراءة القرآن في المسجد بصوت عال س: ما حكم قراءة القرآن في المسجد بصوت عال قبل الصلاة،

وبحضور كثير من المصلين كل يقرأ على حدة (¬1) ج: السنة عدم الرفع، فلا ينبغي الرفع، يكره الرفع أو يحرم؛ لأنه يؤذي، فالذي في المسجد السنة له أن يخفض صوته؛ حتى لا يتأذى به مصل ولا قارئ؛ لأن الناس كل قد يحب أن يقرأ أو يصلي، فإذا كان من حوله يرفع صوته بالقراءة شوش عليه صلاته، وشوش عليه قراءته، فالسنة أنه يخفض صوته خفضا لا يضره ولا يشوش على من حوله؛ خفضا مناسبا، يقرأ بقراءة مناسبة ليس فيها تشويش على من حوله، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج ذات يوم على الناس، وهم في مسجده وهم يصلون في الليل، وبعضهم يرفع صوته على بعض، فقال: «إن المصلي يناجي ربه عز وجل فلينظر أحدكم بما يناجي ربه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة (¬2)» هذا معناه: اخفضوا أصواتكم، لا يؤذ بعضكم بعضا برفع الصوت، وهذا شيء مشاهد وشيء معقول، إذا كان يليك من يرفع صوته شوش عليك قراءتك وصلاتك، فإما أن تنصت له، وإما أن تشوش أنت في صلاتك وفي قراءتك؛ فلهذا الواجب على من يقرأ في الصفوف - أكرر هذا الواجب وأؤكد - ألا يجهر، بل ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (141). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5326).

يخفض صوته ولا يجهر حال قراءته في الصف؛ حتى لا يتأذى به من حوله من المصلين والقارئين، أما إذا كان عنده جماعة محدودة يرضون بذلك ويستمعون فلا بأس، إذا كانوا جماعة قليلة في المسجد ينتظرون ما هناك من يصلي ويقرأ، ويحب أن يسمع صوته فلا بأس، أما إذا كان هناك من يصلي ومن يقرأ فلا يرفع صوته.

س: ما حكم الذين يقرؤون بصوت مرتفع، ويحرمون الناس من قراءة القرآن في المسجد (¬1) ج: لا ينبغي هذا، في المسجد يقرأ قراءة منخفضة لا يؤذي بها المصلين ولا القراء، وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة على الناس في المسجد، وهم يصلون جماعات يتهجدون يرفعون أصواتهم، فقال: «إن المصلي يناجي ربه عز وجل، فلينظر أحدكم بما يناجي ربه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة (¬2)» فالسنة أن كل واحد يخفض صوته في الصف؛ حتى لا يؤذي غيره من المصلين ولا من القراء، وهذا في الجمعة وفي غيرها. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (176). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5326).

س: أرجو التوجيه لبعض الناس الذين يقرؤون القرآن بصوت مرتفع،

والناس من حولهم يصلون بعض السنن من الصلاة (¬1) ج: نعم، ننصح القراء في المساجد ألا يرفعوا أصواتهم رفعا قد يشغل المصلين والقراء الذين حولهم، بل يقرؤون قراءة سرية لا تؤذي من حولهم من المصلين أو القراء، هذا هو السنة، فقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة إلى المسجد، والناس يصلون أوزاعا، ويرفعون أصواتهم، فقال عليه الصلاة والسلام: «فلينظر أحدكم بما يناجي ربه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة (¬2)» أو كما قال عليه الصلاة والسلام. فينبغي للمؤمن أن يتحرى عدم إيذاء أخيه المصلي أو القارئ، فيقرأ قراءة يخفض فيها الصوت خفضا لا ينبغي معه تشويش على مصل ولا قارئ. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (212). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5326).

س: هل يجوز رفع الصوت بقراءة القرآن في المسجد، وهناك بعض المصلين يصلون في المسجد انتظارا لإقامة الصلاة؟ وجزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا يرفع الصوت حتى يشوش عليهم، يقرأ بصوت منخفض، ولا يشوش على القراء والمصلين حوله. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (430).

حكم تلاوة القرآن قبل الأذان عبر مكبر الصوت في المسجد

211 - حكم تلاوة القرآن قبل الأذان عبر مكبر الصوت في المسجد س: ما حكم تلاوة القرآن مسجلة قبل أوقات الصلاة بربع ساعة مثلا؟ هل تجوز في مكبر الصوت في المسجد (¬1)؟ ج: في المسجد لا يفعل، كل يقرأ على حسب حاله في المسجد، ولكن إذا فعلوه في بيوتهم، أو في السفر، أو ما أشبه ذلك فلا بأس. أو اجتمعوا في المسجد بعض الأحيان، وسمعوا القرآن مسجلا لا بأس، أما أن يشغلوا الناس وقت انتظارهم للصلاة، ولا يدعون الناس الذي يقرأ والذي يصلي فيلهونهم؛ بكونه يشغل المكبر بقراءة القرآن فإن تركه أولى. ولا أعلم لهذا أصلا، وفيه أيضا مشغلة للناس، هذا قد يحب أن يقرأ، وهذا يصلي تحية المسجد، أو يصلي الراتبة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (219).

س: م. ع. من الهند، بعث يسأل ويقول: هل يجوز سماع القرآن الكريم في أجهزة تسجيل في المسجد أو لا (¬1)؟ ج: إذا دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس، إذا كان ما فيه تشويش؛ جماعة مجتمعون وحضروا التسجيل يسمعونه لا بأس، أما إذا كان فيه ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (353).

تشويش على المصلين أو القراء فلا، لكن إذا كانوا جماعة مجتمعين وحضروا التسجيل ليسمعوا القرآن فلا حرج في ذلك.

حكم قراءة القرآن بواسطة المذياع عبر مكبر الصوت بالمسجد قبل الأذان

212 - حكم قراءة القرآن بواسطة المذياع عبر مكبر الصوت بالمسجد قبل الأذان س: الأخ: م. م. ز، من جمهورية مصر العربية، يقول: بجوار بيتنا مسجد، وأنا بفضل الله تعالى أقوم بفتح هذا المسجد في صلاة الفجر كل شهور السنة، ما عدا شهر رمضان يقوم شخص آخر يتولى فتح المسجد؛ نظرا لأنه هو المعين من قبل وزارة الأوقاف، وعندنا في مصر يقرأ القرآن في المساجد قبل صلاة الفجر وبصوت مرتفع في مكبرات الصوت؛ بحجة أن ذلك يوقظ الناس للصلاة، وأنا أعلم أن ذلك بدعة من البدع، وإذا لم أقم بتشغيل الراديو على القرآن في المكبر يقول الناس: إنك متشدد ومتزمت. وغير ذلك من الكلمات التي يطلقونها على المتمسكين بدينهم، أرجو توجيهي في هذا الموضوع جزاكم الله خيرا (¬1) ج: أنت مصيب يا أخي، وأنت وافقت السنة والحمد لله، ولا يضر ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (144).

قول الناس، فإذا طلع الفجر فأذن والحمد لله، يكفي الأذان، وأما إعلان القراءة من المكبرات قبل الأذان في آخر الليل فهذا لا أصل له، وقد يؤذي الناس، وقد يشق على النوام ويزعجهم، فالحاصل أن هذا غير مشروع، ولم يكن يفعله المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ما كانوا يرفعون أصواتهم بالقرآن كالأذان؛ حتى يوقظوا الناس، إنما كان الأذان كافيا في عهده صلى الله عليه وسلم، وفي عهد أصحابه، إذا طلع الفجر فإن المؤذن أو نائب المؤذن يرفع الأذان في المكبر؛ حتى يوقظ الناس وحتى ينبه الناس، ويدعوهم إلى الصلاة في المسجد، والله المستعان.

حكم قراءة القرآن بصوت عال داخل المسجد من أجل الموعظة

213 - حكم قراءة القرآن بصوت عال داخل المسجد من أجل الموعظة س: رجل له صوت جميل، ويريد أن يقرأ القرآن الكريم للناس في المساجد أو في غيرها؛ من أجل أن يدخل الرقة في قلوبهم، هل هذا يعد من الرياء؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ليس من الرياء، إذا قصد الخير وأراد أن يسمعهم القرآن لترق قلوبهم ويستفيدوا لا حرج، أما إذا قصد الرياء فلا يجوز. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (291).

س: إذا كان هناك مسجدان قريبان من بعضهما، والبعض يشوش على البعض الآخر، فما توجيه سماحة الشيخ في هذا الموضوع؟ إذ لا يبعد المسجد عن أخيه إلا بما يقرب من خمسين مترا (¬1) ج: الواجب العناية بعدم التشويش، كل واحد يخفض الصوت؛ صوت المكبر حتى لا يشوش أحدهما على الآخر، حتى يسمعوا من الداخل، ولا يكون فيه سماعة من الخارج تشوش، يكون الصوت خفيفا من الخارج؛ حتى لا يشوش هذا على هذا، ولا هذا على هذا، وفي الحقيقة أن هذا قرب غريب، لماذا صار هذا القرب؟ الواجب أن تكون المساجد متباعدة بحسب الحاجة، لا تكون متقاربة، التقارب هذا لا وجه له، فلعل هذا التقارب له أسباب شرعية لا نعلمها. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (302).

بيان الحكمة في بناء المساجد متباعدة

214 - بيان الحكمة في بناء المساجد متباعدة س: السائل: ف. ش. ك. من حوطة بني تميم، يقول: في حارتنا ثلاثة مساجد قريبة من بعضها البعض، يبعد الواحد منها عن الآخر تقريبا مائة وخمسين مترا، علما بأن الحارة يكفيها مسجد واحد

لجمع المصلين، فما نصيحتكم؟ وما الواجب علينا في ذلك (¬1) ج: عليكم مراجعة المحكمة تنظر في الأمر إن شاء الله، ولا ينبغي القرب في المساجد بعضها من بعض، بل ينبغي أن تكون كل حارة لها مسجد يخصها إذا كانت متباعدة، أما إذا كانوا متقاربين فالأفضل كثرتهم في المسجد وتعاونهم، وأن يكونوا كثيرين، لكن إذا كانت الحارات متباعدة كل حارة لها مسجد؛ حتى لا يشق على أهلها، أما إذا كانوا متقاربين ما بين كل مسجد ومسجد مائة متر، أو مائتين أو ما أشبه ذلك ينبغي ترك ذلك، لكن قد تكون هناك أسباب؛ إما شحناء أو أسباب أخرى ينظر فيها الحاكم، ينظر فيها ولي الأمر. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (405).

حكم قول استعنا بالله بعد قراءة الإمام إياك نعبد وإياك نستعين

215 – حكم قول: استعنا بالله بعد قراءة الإمام {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬1) س: عندما يقول الإمام: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬2) يقول المأموم: استعنا بالله. فما الحكم في هذا القول (¬3) ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 5 (¬2) سورة الفاتحة الآية 5 (¬3) السؤال التاسع من الشريط رقم (85).

ج: لا أعلم ما يدل على شرعيته، والأولى من المأموم أن ينصت، ولا يقول هذه الكلمة: استعنا بالله؛ لأنه لا دليل عليها، فالأولى والأفضل له أن يسكت عن ذلك، ولا يقول هذا الكلام، ولو قاله لم يضر صلاته، صلاته صحيحة، لكن ترك ذلك هو الأولى؛ لأنه لا دليل على شرعية ذلك من المأموم، وإنما المشروع له أن ينصت لإمامه، ويتدبر ما يقوله إمامه حتى يستفيد؛ لقول الله سبحانه: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (¬1)، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا قرأ فأنصتوا (¬2)» ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 204 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404).

حكم قول اللهم اغفر لي ولوالدي بعد قراءة الإمام ولا الضالين

216 - حكم قول اللهم اغفر لي ولوالدي بعد قراءة الإمام {وَلَا الضَّالِّينَ} (¬1) س: هذا السائل يقول: يا سماحة الشيخ، نسمع البعض من المصلين في الصلاة الجهرية حين يقول الإمام: {وَلَا الضَّالِّينَ} (¬2) عند ذلك يقول هذا المصلي داعيا: اللهم اغفر لي ولوالدي ولأموات المسلمين. ثم يقول مع الإمام: آمين. فهل هذا من السنة؟ خصوصا بأنه يرفع الصوت ويشوش على المصلين (¬3) ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 7 (¬2) سورة الفاتحة الآية 7 (¬3) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (434).

ج: هذا غير مشروع، المشروع بعد {وَلَا الضَّالِّينَ} (¬1) أن يقول: آمين. أما قول: اللهم اغفر لي ولوالدي. فليس بمشروع، هذا هو المشروع للمأموم. ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 7

حكم صلاة المأمومين على النبي عند ذكره في قراءة الإمام

217 - حكم صلاة المأمومين على النبي عليه الصلاة والسلام عند ذكره في قراءة الإمام يقول السائل: أسمع في بعض المساجد الكثير من المصلين يرفعون أصواتهم حين يقرأ الإمام: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} (¬1) الآية. ويقولون: صلى الله عليه وسلم. وكذلك في آخر سورة التين يقولون بصوت مرتفع: بلى، ونحن على ذلك من الشاهدين. أفيدونا بهذا مأجورين (¬2) ج: السنة الإنصات وعدم رفع الصوت؛ لا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. ولا بـ: بلى. السنة للمأمومين الإنصات وعدم الصوت بشيء؛ لأن الله يقول: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (¬3)، ولم ينقل عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أنهم كانوا يرفعون أصواتهم معه صلى الله عليه وسلم، فالمشروع الإنصات والتدبر والتعقل وعدم رفع الصوت بقولهم عند قوله: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} (¬4) ¬

_ (¬1) سورة الفتح الآية 29 (¬2) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (366). (¬3) سورة الأعراف الآية 204 (¬4) سورة الفتح الآية 29

صلى الله عليه وسلم؛ أما بينه وبين نفسه فالأمر أوسع، بينه وبين نفسه الأمر سهل، لو تركه كان الأفضل، وإن فعل فلا بأس، لكن لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم في الفريضة أنه كان يقف يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أو يدعو، إنما كان هذا في التهجد، كان يفعله بالتهجد بالليل. وهكذا قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} (¬1) لا يقول: بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين؛ لأن الحديث ضعيف (¬2) ولكن يقول: سبحانه وبحمده. أو: سبحانه وتعالى. بينه وبين نفسه لا بأس، كذلك الآية الكريمة آخر القيامة: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (¬3)، هذا ورد فيه حديث صحيح، فإذا قال: بلى. فلا بأس؛ لأنه حديث صحيح (¬4) في آخر القيامة يقول ذلك، وأما آخر التين وآخر المرسلات فلم يثبت فيها حديث، ولكن ينصت ويستمع ويحضر قلبه ولا يتكلم، فهذا هو الأفضل؛ لأن الصحابة كانوا ينصتون، والله أمر بهذا بقوله: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (¬5)، لكن لو سبح بينه وبين نفسه، أو دعا بينه وبين نفسه فالأمر في هذا إن ¬

_ (¬1) سورة التين الآية 8 (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب التفسير، باب ومن سورة التين، برقم (3347). (¬3) سورة القيامة الآية 40 (¬4) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء في الصلاة، برقم (884). (¬5) سورة الأعراف الآية 204

شاء الله لا حرج فيه؛ لفعله له صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل.

حكم قول بلى بعد قراءة الإمام أليس الله بأحكم الحاكمين

218 - حكم قول بلى بعد قراءة الإمام: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} (¬1) س: الأخ يسأل ويقول: عندما أصلي في المسجد يقرأ الإمام سورة التين، وعندما يصل إلى قوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} (¬2) أسمع الناس يرددون من خلفه: بلى، ونحن على ذلك من الشاهدين. فهل هذا مشروع (¬3) ج: جاء في حديث ضعيف أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا قرأ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} (¬4) قال: " نحن على ذلك من الشاهدين " وإذا قرأ: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} (¬5) من آخر المرسلات قال: " آمنا بالله ". وإذا قرأ آخر القيامة: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (¬6) قال: " سبحانك، بلى ". ولكنه ضعيف، إلا ما ورد في القيامة فهو ثابت، عند قوله تعالى: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (¬7) يقال: بلى، سبحانك بلى. هذا مشروع، أما عند آخر سورة التين والمرسلات فهو ليس بمحفوظ. ¬

_ (¬1) سورة التين الآية 8 (¬2) سورة التين الآية 8 (¬3) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (253). (¬4) سورة التين الآية 8 (¬5) سورة المرسلات الآية 50 (¬6) سورة القيامة الآية 40 (¬7) سورة القيامة الآية 40

حكم قول بلى بعد قراءة الإمام أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى

219 - حكم قول: بلى بعد قراءة الإمام {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (¬1) س: بعض المصلين يقولون أثناء الصلاة، وعندما ينتهي الإمام من قراءة آية يبين فيها الله عز وجل قدرته العظيمة مثل قوله تعالى: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (¬2) يقولون: بلى. فما الحكم في هذا (¬3)؟ ج: هذا ورد في حديث خاص عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قال القارئ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (¬4) يقول: بلى سبحانك (¬5) فـ (بلى) هذا مشروع، ولا بأس يقوله الإمام والمأموم والمنفرد. ¬

_ (¬1) سورة القيامة الآية 40 (¬2) سورة القيامة الآية 40 (¬3) السؤال السابع من الشريط رقم (274). (¬4) سورة القيامة الآية 40 (¬5) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء في الصلاة، برقم (884).

حكم جهر المأموم بقول ربنا ولك الحمد بعد قول الإمام سمع الله لمن حمده

220 - حكم جهر المأموم بقول: ربنا ولك الحمد بعد قول الإمام سمع الله لمن حمده س: ماذا يجب على المأمومين إذا قال الإمام: الله أكبر، وسمع الله لمن حمده. هل يردون بصوت ظاهر أو بسر، سواء أكانت الصلاة سرية أم جهرية (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (414).

ج: إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده. يقول المأموم: ربنا ولك الحمد. ولا حاجة إلى الجهر بها، يقول كلاما يسمع به نفسه: ربنا ولك الحمد. لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده. فقولوا: ربنا ولك الحمد (¬1)» هكذا أمر صلى الله عليه وسلم، الإمام يقول: سمع الله لمن حمده. أما المأموم فيقول عند الرفع: ربنا ولك الحمد. أو: اللهم ربنا لك الحمد. أو: ربنا لك الحمد. كله واسع. الحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة برقم (734)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (411).

حكم الأناشيد الدينية في المساجد

221 - حكم الأناشيد الدينية في المساجد س: عندنا جماعة دينية لا داعي لذكر اسمها تبيح الأناشيد الدينية في المساجد وبصوت مرتفع، ما هو توجيهكم (¬1) ج: الأشعار العربية والأناشيد العربية الإسلامية التي فيها فائدة في مقام العلم والتعليم لا بأس بها، إذا كان في المسجد حلقة علم، أو واعظ يعظ الناس ويذكر الناس، ويقرأ عليهم بعض الأشعار المفيدة والأناشيد الشرعية الطيبة المفيدة لا حرج في ذلك. فقد كان حسان رضي الله عنه ينشد الشعر ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (144).

في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام يهجو الكفرة في مسجده صلى الله عليه وسلم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اهجهم أو هاجهم وجبريل معك (¬1)» «فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبل (¬2)» ويقول أيضا: «اللهم أيده بروح القدس (¬3)» فإنشاد الأشعار في المساجد؛ الأشعار الإسلامية المفيدة النافعة، والأناشيد الطيبة في حلقات العلم أو في المواعظ، كل هذا لا بأس به، أما الأغاني المنكرة، أو الأشعار المنكرة، أو الأناشيد المنكرة فلا تجوز لا في المساجد، ولا في غيرها. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة برقم (3213)، ومسلم كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه، برقم (2486). (¬2) أخرجه النسائي في كتاب مناسك الحج، باب استقبال الحج، برقم (2893). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الشعر في المسجد برقم (453)، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه، برقم (2485).

حكم إنشاد الضالة داخل المسجد

222 - حكم إنشاد الضالة داخل المسجد س: هل يجوز النداء على الأشياء المفقودة داخل المسجد (¬1) ج: لا يجوز ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (193).

رجلا ينشد ضالة في المسجد، فليقل: لا ردها الله عليك (¬1)» ينشد يعني: يطلب ضالة. يقول: من يعرف كذا، من يدل على كذا. لا يجوز هذا في المساجد، لم تبن لهذا، ولكن يقف عند المسجد عند باب المسجد في الخارج، وينادي لا بأس، المقصود إذا وقف عند الباب في الخارج ونادى كفى، أما من داخل المسجد فلا يجوز. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، برقم (568).

شرح معنى حديث لا رد الله عليك ضالتك

223 - شرح معنى حديث «لا رد الله عليك ضالتك (¬1)» س: حين ذهب رجل يبحث عن شيء ضاع منه في المسجد قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا ردها الله عليك (¬2)» لماذا؟ أرشدوني أفادكم الله (¬3) ج: المساجد لم تبن لنشد الضوال وطلب الحاجات المفقودة، المساجد بنيت لما بنيت له من ذكر الله، وقراءة القرآن، وإقامة الصلاة، وحلقات العلم، والاعتكاف، ولم تبن للبيع والشراء، ولا لأن ينشد فيها الضوال واللقط التي تذهب من الناس؛ ولهذا حذر من هذا النبي عليه الصلاة والسلام، وقال: «من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد ¬

_ (¬1) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (568)، سنن الترمذي البيوع (1321)، سنن أبي داود الصلاة (473)، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (767)، مسند أحمد (2/ 420)، سنن الدارمي الصلاة (1401). (¬2) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (568)، سنن الترمذي البيوع (1321)، سنن أبي داود الصلاة (473)، سنن ابن ماجه المساجد والجماعات (767)، مسند أحمد (2/ 420)، سنن الدارمي الصلاة (1401). (¬3) السؤال الثامن من الشريط رقم (123).

فليقل: لا ردها الله عليك (¬1)» ولما سمع من يقول: من يدل على كذا؛ على جمل له ضاع، قال: «لا وجدته (¬2)» وهذا من باب التحذير، ومن باب الزجر؛ حتى لا يتساهل الناس بنشدان الضوال في المساجد، ويتخذوها محلا لنشدان الضوال، أو لبيعهم وشرائهم، ولهذا في الحديث الآخر: «إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك (¬3)» والمقصود الزجر والتحذير، ليس المقصود العداء للشخص أو كراهة أن يجد راحلته، لا، المقصود بهذا التحذير والزجر؛ لئلا يعود الناس لهذه الأمور في المساجد، ولئلا يعتادوها، فأتى بهذه العبارة: «لا وجدت (¬4)» «لا ردها الله عليك (¬5)» للزجر والتحذير؛ حتى يبتعد الناس عن هذا الأمر، والله جل وعلا أباح لرسوله عليه الصلاة والسلام أن يزجر الناس عما يضرهم، وهكذا العلماء بعده خلفاء الرسل يحذرون الناس مما يضرهم ولو بالزجر، ولو بالدعاء في ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، برقم (568). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، برقم (569). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب البيوع، باب النهي عن البيع في المسجد، حديث رقم (1321)، والدارمي في كتاب الصلاة، باب النهي عن استنشاد الضالة في المسجد، برقم (1401). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، برقم (569). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد، برقم (568).

بعض الأحيان للزجر والتحذير.

حكم السلام على المصلين قبل أداء تحية المسجد

224 - حكم السلام على المصلين قبل أداء تحية المسجد س: ما الحكم فيمن يلقي السلام على الموجودين في المسجد، وذلك قبل تأدية صلاة تحية المسجد (¬1)؟ ج: هذا هو السنة، أنه إذا دخل والجماعة في المسجد يسلم عليهم ولو أنهم يصلون، يقول: السلام عليكم. وإن قال: ورحمة الله وبركاته. هذا طيب، فالذي في صلاته يردون بالإشارة، هكذا بيده إشارة له، والذين خارج الصلاة يردون: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. ولا بأس بهذا، ولا يكره هذا، بل مشروع، كان الصحابة يسلمون على النبي وهو يصلي عليه الصلاة والسلام، ويرد عليهم بالإشارة عليه الصلاة والسلام، أما قول بعض العامة إنه لا يسلم على الذي يصلي فهذا غلط، خلاف السنة، بل يسلم عليهم، ويردون عليه ولو كانوا يقرؤون، يقول: السلام عليكم. وإذا سمعوا الصوت يقولون: وعليكم السلام. يردون مثل قوله أو أزيد؛ لأن الله سبحانه قال: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} (¬2)، فإذا قال: السلام عليكم. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (41). (¬2) سورة النساء الآية 86

قالوا: وعليكم السلام. وإن زاد: ورحمة الله. كان أفضل لهم، وإن زادوا: وبركاته. كان أفضل لهم. أما إذا قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فيلزمهم أن يقولوا مثل ذلك حتى يردوا عليه تحيته، ويقفوا عن القراءة ثم يشتغلوا بالقراءة، وإن كانوا في الصلاة ردوا بالإشارة، ولو كانوا يصلون الفرض، ومن حوله يردون بالإشارة.

بيان كيفية السلام على قوم في المسجد

225 - بيان كيفية السلام على قوم في المسجد س: ما حكم السلام في المسجد؟ وذلك أن يقول الإنسان للجالسين عند دخوله المسجد: السلام عليكم. ويردون عليه: وعليكم السلام. جزاكم الله خيرا (¬1) ج: حكم السلام أنه سنة وقربة لمن دخل على قوم في المسجد، أو في أي مكان يسلم عليهم: السلام عليكم. وإن زاد: ورحمة الله وبركاته. هو أفضل، وهم يردون عليه مثل ما قال أو يزيدونه، قال تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} (¬2)، فالرد واجب مثل التحية، والزيادة مستحبة، فإذا قال: السلام عليكم. وجب عليهم أن يقولوا: وعليكم السلام. فإن زادوه: ورحمة الله. فهو أفضل، وإن زادوه: ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (283). (¬2) سورة النساء الآية 86

وبركاته، كان أفضل، وإذا قال: السلام عليكم ورحمة الله. وجب عليهم أن يقولوا: وعليكم السلام ورحمة الله. وإن زادوه: وبركاته. كان أفضل، فإن قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وجب عليهم أن يقولوا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. يعني: رده، هذا ردها، الله قال: {فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} (¬1)، وهذه هي النهاية في السلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فعليهم أن يردوها، فإذا زادوه بعد ذلك: كيف حالك؟ بارك الله فيك، كيف أولادك؟ كل هذا طيب، هذا من الزيادة الطيبة. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 86

س: إذا دخل الإنسان المسجد هل يسلم (¬1)؟ ج: يسلم على من في المسجد، فإذا كان فيه أحد يسلم عليه قبل أن يشرع في الصلاة، يسلم ثم يشرع في تحية المسجد أو في الراتبة، كما في الظهر والفجر، فراتبتها قبلها وبعدها، والفجر راتبتها قبلها، فهو يبدأ بالسلام ثم يشرع في الصلاة أو في الفريضة. ولو كان من في المسجد مشغولين فيسلم عليهم، وإن كانوا يقرؤون، فالذي يقرأ يمسك عن القراءة، ويقول: وعليكم السلام. ثم يعود للقراءة. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (304).

حكم السلام على من كان يصلي أو يقرأ القرآن داخل المسجد

226 - حكم السلام على من كان يصلي أو يقرأ القرآن داخل المسجد س: إذا دخلت المسجد والناس كلهم مشغولون بقراءة القرآن فهل

أسلم أو لا (¬1)؟ ج: المشروع لمن دخل المسجد والناس يصلون، أو يقرؤون أن يسلم، فالمصلي يرد بالإشارة، والقراء يردون بالسلام، قد كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا في أصحابه، فرأى رجلا قد أساء صلاته، فلما سلم جاء الرجل وسلم عليه، ورد عليه النبي صلى الله عليه وسلم السلام وقال له: «ارجع فصل، فإنك لم تصل (¬2)» وكانوا يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة، فيرد عليهم بالإشارة عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (329). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (757)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، برقم (397).

حكم التحدث في أمور الدنيا داخل المسجد

227 - حكم التحدث في أمور الدنيا داخل المسجد س: ما حكم التحدث في المسجد - أي: السواليف -؟ مثل: أرى صديقا أو قريبا في المسجد قبل الصلاة، أو بعدها وأسلم عليه: كيف الحال؟ وكيف الصحة؟ وتفضل معنا. وغير ذلك من الكلام (¬1) ج: التحدث في المساجد إذا كان في أمور الدنيا، والتحدث بين الإخوان والأصحاب في أمور دنياهم إذا كان قليلا لا حرج فيه إن شاء ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (27).

الله، أما إن كان كثيرا فيكره؛ لأنه يكره اتخاذ المساجد محل أحاديث الدنيا، فإنها بنيت لذكر الله وقراءة القرآن والصلوات الخمس وغير هذا من وجوه الخير؛ كالتنفل والاعتكاف وحلقات العلم، أما اتخاذها للسواليف في أمور الدنيا فيكره ذلك، لكن الشيء القليل الذي تبدو له الحاجة عند السلام على أخيه الذي اجتمع به، وسؤاله عن حاله وأولاده، أو أشياء تتعلق بهذا أو بمثله، لكن بصفة غير طويلة، بل بصفة قليلة فلا بأس بذلك.

س: هل تجوز المحادثة بين الناس قبل الصلاة في المسجد، إذا كانت المحادثة في أمور الدنيا (¬1) ج: المساجد بنيت لذكر الله وقراءة القرآن والصلاة والاعتكاف ودراسة العلم، ولم تبن لأحاديث الدنيا، فلا ينبغي لأهل الإيمان أن يتخذوا المساجد لأحاديث الدنيا، لكن إذا كان شيئا قليلا لا حرج، الشيء القليل لا حرج فيه، كأن يسأل عن حاجة دنيوية أو نحو ذلك لا تأخذ وقتا، أو متى يسافر؟ أو هل قدم فلان؟ أو ما قدم فلان؟ كيف أولادك؟ كيف حالك؟ كيف مزرعتك؟ لعلها سليمة. الشيء القليل الذي تدعو له الحاجة، كهذه الأشياء. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (362).

حكم السوالف والضحك داخل المسجد

228 - حكم السوالف والضحك داخل المسجد س: هناك أشخاص بما فيهم مؤذن المسجد يتحدثون في روضة المسجد في غير أمور الدين، وأحيانا يقهقهون بصوت مسموع يؤذي المصلين، وعند نصحي أخذوا يجاهرون، هل هذا جائز (¬1)؟ ج: لا ريب أن المساجد لم تبن للقيل والقال، وأحاديث الدنيا والسوالف الباطلة والقهقهة ونحوها، إنما بنيت لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن وبيان العلم، فالذين يجلسون في المساجد سواء في الروضة، أو في غيرها الواجب عليهم أن يتأدبوا بالآداب الشرعية، وأن يتباعدوا عما خالف الذي بنيت له المساجد، لكن إذا كان التحدث بالقليل من أمور الدنيا فلا كراهة في القليل، أما إذا كثر فيكره، أقل أحواله الكراهة، وهكذا القهقهة، إذا كانت قليلا أو تبسما فلا بأس، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يتحدثون مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد في أمور الجاهلية، وربما ضحكوا وتبسم عليه الصلاة والسلام، فالضحك إذا كان لأمر شرعي أو لأمر يتعجب منه من أمور الجاهلية، أو ما أشبه ذلك من الأشياء التي توجب الضحك في غير لعب وفي غير امتهان للمساجد، بل لأمر عارض للأحاديث التي تعرض بين الناس للتاريخ ونحوه هذا لا بأس به. أما أن يتخذ المسجد موضعا للقيل ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (30).

والقال، والسوالف والقهقهة، وإنما أقل أحواله الكراهة، أما الشيء العارض فلا بأس به، قهقهة عارضة لمرور شيء يتعجب منه في تاريخ أو غيره، أو تحدث بينهم فيما يدعو إلى الضحك هذا لا حرج فيه إذا كان قليلا. أما مجاهرتهم بعدما نصحتهم فإن هذا غلط، بل الواجب أن يشكروك ويدعوا لك، ويقولوا: أحسنت. ونحو ذلك، ولا يقابلونك بالإساءة، ولكن الجهل قد يوقع أهله في أشياء من الشر بسبب قلة بصيرتهم.

حكم تحدث النساء في أمور الدنيا داخل المسجد الحرام

229 - حكم تحدث النساء في أمور الدنيا داخل المسجد الحرام س: ألاحظ أن النساء إذا اجتمعن في المساجد وخاصة في البيت الحرام فإنهن يتحدثن في أمور الدنيا، فما توجيهكم (¬1)؟ ج: هذا مكروه، التحدث في المساجد يكره للرجال والنساء، يعني: التحدث في أمور الدنيا؛ لأن المساجد لم تبن لهذا، وإنما بنيت لعبادة الله وقراءة القرآن والذكر والصلاة، لكن إذا كان الحديث قليلا فلا بأس، إذا كان الحديث في أمور الدنيا ليس بكثير فيعفى عنه. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (330).

توجيه حول ضجيج الأطفال في المساجد

230 - توجيه حول ضجيج الأطفال في المساجد س: أستمع دائما إلى نقل الأذان من المسجد الحرام، وبرغم بعد المسافة نسمع دائما عند صلاة المغرب والعشاء صريخ وضجيج أطفال في بيت الله الحرام، هل هذا يجوز في هذا المكان، أو في

أي مسجد من المساجد (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك؛ لأن من طبيعة الطفل أن يحصل منه هذا الشيء، وكان الأطفال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يسمعهم النبي، يسمع صراخهم، ولم يمنع أمهاتهم من الحضور، بل ذلك جائز، ومن طبيعة الطفل أن له بعض الصراخ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه يسمع ذلك ولم يمنع، بل قال: «إني لأقوم في الصلاة، أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي، فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه (¬2)» وهذا يدل على أنه أقرهن على ذلك، وراعاهن في الصلاة أيضا عليه الصلاة والسلام؛ ولأن منع الأطفال معناه وسيلة إلى منع الأمهات من الحضور، وقد يكون حضورهن فيه فائدة للتأسي بالإمام في الصلاة والطمأنينة فيها ومعرفتها كما ينبغي، أو تسمع فائدة من المكبر أو من الإمام أو من أهل العلم. فالحاصل أن حضورها إلى المسجد مع التستر والتحجب والعناية وعدم الطيب فيه فوائد، فإن كانت لا تأتي إلا بالتبرج وإظهار محاسنها أو الطيب فلا يجوز لها ذلك، بل صلاتها في بيتها أولى، وبكل ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (1). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي، برقم (707).

حال الصلاة في البيت أولى وأفضل، إلا إذا كان خروجها تستفيد منه فائدة واضحة؛ كالنشاط في قيام رمضان، أو في سماع العلم والفائدة، أو للتأسي بالإمام في صلاته الراكدة والطمأنينة؛ لأنها تجهل كيفية الصلاة كما ينبغي، فتستفيد صفة الصلاة والطمأنينة فيها، تستفيد سماع المواعظ والذكر، هذا قد يجعل خروجها أولى لهذه المصلحة، وإلا فالأصل أن بيتها خير لها، الصلاة في البيت أولى لها، أما خروجها متبرجة بالملابس الحسنة الفاتنة، أو بإبراز بعض محاسنها، أو إظهار الطيب الذي قد يسبب الفتنة لمن تمر عليهم كل هذا لا يجوز، يجب عليها أن تبقى في بيتها، ولا تخرج بهذه الأحوال التي تفتن الناس وتضر الناس، أما الطفل فلا بأس بوجوده معها، لكن بعد التحفظ منه، تجعله في محل محفوظ؛ حتى لا يقذر المسجد، ولا يؤذي المصلين، وإذا دعت الحاجة إلى حمله عند الحاجة فلا بأس، فقد حمل الرسول صلى الله عليه وسلم أمامة بنت زينب رضي الله عنهما، حملها وهو يصلي بالناس عليه الصلاة والسلام، فالحاصل أن وجود الأطفال في المسجد وحملهم حتى في الصلاة لا حرج فيه عند الحاجة، ولكن ينبغي أن يراعى في ذلك سلامة الطفل من النجاسات؛ حتى لا يدنس أمه.

حكم النوم في المسجد

231 - حكم النوم في المسجد س: يقول السائل: ما حكم النوم في المسجد (¬1) ج: النوم في المسجد لا حرج فيه، ولا بأس به، هي بيوت الله أقيمت للعبادة، والنوم لا ينافي ذلك، فقد يكون النوم عبادة إذا أريد به التقوي على عبادة الله، وقد نام الصحابة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ونام علي رضي الله عنه في المسجد لما صار بينه وبين زوجته بعض الشيء، فجاءه النبي صلى الله عليه وسلم فأيقظه، فقال له: «قم أبا تراب، قم أبا تراب (¬2)» لما رأى التراب عليه، وكان ابن عمر رضي الله عنه ينام في المسجد بعض الأحيان، فالحاصل أنه لا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (25). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب نوم الرجال في المسجد، برقم (441)، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (2409).

حكم النوم في المسجد من أجل أداء صلاة الفجر

232 - حكم النوم في المسجد من أجل أداء صلاة الفجر س: نحن مجموعة من الشباب محافظون على أداء الصلوات الخمس في المسجد، والحمد لله، وبعد صلاة العشاء نذهب إلى منازلنا، ثم نأتي لكي نبيت في المسجد، فمنا من يصلي في الليل ومنا من يقرأ القرآن، ثم نستيقظ قبل الفجر، ونؤذن أذان التنبيه للفجر،

وسبب مبيتنا في المسجد لكي نضمن أداء صلاة الفجر خوفا من أننا إذا نمنا في منازلنا سوف تفوتنا صلاة الفجر، وبعض الناس يسخرون منا ويقولون لنا: لماذا تنامون في المسجد؟ أليس لكم بيوت أو أسرة تنامون عليها؟ ونحن نسأل: هل مبيتنا هذا جائز (¬1) ج: إذا كان المبيت في المسجد لهذه العلة؛ وهو خوف النوم عن صلاة الفجر فلا بأس بذلك، لكن إذا تيسر لكم من يوقظكم في بيوتكم، أو وضع الساعة المنبهة عند رأس أحدكم، وكل يبيت في بيته ويتهجد في بيته آخر الليل كان هذا هو الأفضل، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، أما إذا لم يتيسر ذلك ونمتم في المسجد لأجل أن يوقظ بعضكم بعضا؛ حتى تصلوا الفجر مع المسلمين هذا خير عظيم، وقصد صالح، وأنتم لكم عذر في هذا، لكن لكل منكم أن يجتهد في الصلاة في بيته، وبيتوتته في بيته فهذا أفضل، والساعة بحمد الله تنفع في الغالب، إذا وقتها على وقت مناسب قرب موعد الفجر فإنها بحمد الله تنفع. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (226).

حكم دخول غير المسلمين المساجد

233 - حكم دخول غير المسلمين المساجد س: هل يجوز لغير المسلمين وهم المشركون والشيوعيون دخول المساجد؟ فهناك من يقول: يجوز لهم دخول المساجد لعل الله

يهديهم. وهناك من يقول: لا يجوز لهم (¬1)؟ ج: أما المسجد الحرام فلا يجوز دخوله لجميع الكفرة؛ من اليهود والنصارى وعباد الأوثان والشيوعيين، جميع الكفرة لا يجوز لهم دخول المسجد الحرام؛ لأن الله سبحانه يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (¬2) الآية. فمنع سبحانه من دخولهم المسجد الحرام، والمشركون يدخل فيهم اليهود والنصارى عند الإطلاق، فلا يجوز دخول أي مشرك المسجد الحرام؛ لا يهودي ولا نصراني ولا شيوعي، بل هذا خاص بالمسلمين، وأما بقية المساجد فلا بأس بدخول المسجد للحاجة والمصلحة، ومن ذلك المدينة، وإن كانت المدينة لها خصوصية، لكن في هذه المسألة فهي مثل غيرها من المساجد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ربط فيها ثمامة بن أثال وهو كافر في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وأقر وفد ثقيف حين دخلوا المسجد قبل أن يسلموا، وهكذا وفد النصارى دخلوا مسجده عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أنه يجوز دخول المسجد النبوي للمشرك، وهكذا بقية المساجد إذا كان لحاجة؛ إما ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (9). (¬2) سورة التوبة الآية 28

لسؤال أو لحاجة أخرى أو لسماع درس يستفيد منه، أو ليسلم ليعلن إسلامه أو ما أشبه ذلك، الحاصل أنه يجوز دخوله إذا كان هناك مصلحة، أما إذا كان ما هناك مصلحة فلا حاجة إلى دخول المسجد، أو يخشى من دخوله عبث في المسجد أو فساد في المسجد أو نجاسة فإنه يمنع.

حكم هز المأموم رأسه عند سماع خطأ من الإمام أثناء القراءة

234 - حكم هز المأموم رأسه عند سماع خطأ من الإمام أثناء القراءة س: إن بعض المأمومين يهز رأسه عندما يسمع خطأ من الإمام، فهل يجوز ذلك أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا أعلم لهذا أصلا، هز الرأس غلط، لا أعلم لهذا أصلا، فهو غلط، ولكن لا يبطل الصلاة، فهو عبث يسير لا يبطل الصلاة، لا ينبغي، بل يكره العبث اليسير إلا لحاجة، فإنه ينبغي لمثل هذا أن يفتح على الإمام بأن يقرأ الآية التي غلط فيها، أو ما بعدها أو ما قبلها حتى ينتبه للقراءة، ولا حاجة إلى هز الرأس، ولا حاجة إلى أشياء أخرى، ولا يأتي بشيء من الأفعال، بل مثل هذا الفتح تنبيه للقراءة؛ حتى ينتبه له الإمام فيما غلط فيه. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (7).

حكم الدوران على المصلين لجمع التبرعات لصالح المسجد في يوم الجمعة وغيره

235 - حكم الدوران على المصلين لجمع التبرعات لصالح المسجد في يوم الجمعة وغيره س: لنا صندوق خيري لصالح المسجد، ويوجد رجل متخصص لهذا الصندوق، يدور به على صفوف المصلين قبل الصلاة وخاصة يوم الجمعة، فما حكم هذا العمل؟ علما بأن بعض المصلين يجد شيئا من الحرج (¬1)؟ ج: هذا فيه نظر؛ لأن عمله هذا معناه سؤال للمصلين، وقد يحرجهم ويؤذيهم في ذلك، فسوف يطوف عليهم ليسألهم حتى يضعوا شيئا من المال في هذا الصندوق لمصالح المسجد، فإن ترك هذا فهو الأحسن، وإلا فالأمر فيه واسع، إذا قال الإمام: إن المسجد في حاجة إلى مساعدتكم وتعاونكم. فلا بأس؛ لأن هذا مشروع خيري، لكن كونه يطوف بالصندوق عليهم في صفوفهم قد يكون فيه بعض الأذى بعض الإحراج، فالذي أرى أن تركه أولى، ويكفي أن يعلموا بهذا أن الصندوق هذا لمصالح المسجد، فمن شاء وضع فيه ومن شاء تركه، ولا يطف به عليهم ولا يؤذهم بذلك، هذا هو الأحوط والأقرب إلى السلامة. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (262).

حكم إخبار المصلين في المسجد عن إقامة حفل زواج

236 - حكم إخبار المصلين في المسجد عن إقامة حفل زواج س: السائل: س. س. ع، يمني مقيم بالمملكة: يوجد في قريتنا مسجد يصلي فيه الناس، وكذلك يجتمع فيه الناس من القرى المجاورة لأداء صلاة الجمعة، ولكن هناك عادة اعتاد الناس عليها: وهي إذا نوى أحدهم إقامة زواج أخبر الناس بذلك في المسجد بعد صلاة الجمعة، فهل هذا جائز (¬1)؟ ج: لا نعلم بأسا في ذلك، هذا ليس من نشدان الضالة، هذه دعوة إلى الوليمة، وقد وقع مثل هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل له بعض الصحابة يدعونه، فقال للحاضرين: توجهوا إلى فلان يدعوكم إلى وليمة، ولم ينكر ذلك على من دعاه، أرسل أبو طلحة أنسا في بعض الأيام يدعو النبي صلى الله عليه وسلم إلى وليمة، فقال للحاضرين: «قوموا إلى دعوة أبي طلحة (¬2)» فالمقصود أن هذا لا بأس به، إذا قال شخص من الحاضرين: تفضلوا للعشاء أو للغداء. لا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (275). (¬2) أصل الحديث متفق عليه، أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، برقم (3578) ومسلم في كتاب الأشربة، باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه، برقم (2040).

حكم دعوة المصلين بعد الصلاة في المسجد لشرب القهوة

237 - حكم دعوة المصلين بعد الصلاة في المسجد لشرب القهوة س: نحن في القرية نصلي بالمسجد الجامع بالقرية، وبعد أن نختم الصلاة بالتسبيح والتحميد والتكبير، وفي بعض الأوقات يدعو أحد المصلين لشرب القهوة في داره، وهذه الدعوة داخل المسجد، فهل تصح داخل المسجد، أم أنها مكروهة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك، لا حرج أن يدعو إلى قهوة أو إلى وليمة غداء أو عشاء، لا بأس بذلك، وليس هذا من جنس البيع والشراء، بل هو معروف وخير وإحسان. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (110).

حكم بناء المحراب في المسجد

238 - حكم بناء المحراب في المسجد س: هل المحراب بدعة في المسجد أم لا (¬1)؟ ج: ليس المحراب بدعة، بل فعله السلف الصالح من آخر القرن الأول إلى يومنا هذا، وفيه فوائد منها: توضيح أن هذا مسجد يوضح القبلة يستفيد منه الناس في معرفة القبلة، وقد يحتاج إليه في زيادة صف إذا دخل فيه ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (11).

الإمام عند الحاجة، وعند الضيق فليس ببدعة، وفيه فوائد طيبة.

حكم بناء مساجد مدورة البناء

239 - حكم بناء مساجد مدورة البناء س: يقول الأخ: ع. غ: هناك مساجد مدورة البناء مثل الكرة، تجد الصف الأول خمسة من المصلين، والذي بعده أطول وهكذا حتى تعود الصفوف الأخيرة إلى مثل عدد الصفوف الأولى. ويسأل: هل هذا الطراز من البناء جائز بالنسبة للمساجد؟ أو كيف توجهون الناس لو تكرمتم (¬1)؟ ج: لا أعلم لهذا البناء أصلا في المساجد، لا أعلم له أصلا، والمشروع أن تكون المساجد واسعة مستوية؛ حتى تكون الصفوف معتدلة، وحتى يكون ذلك أوسع للمصلين وأنفع لأهل البلد، فينبغي أن تكون المساجد مربعة أو مستوية، هذا هو الأولى والأفضل، أما كون هذا حراما أو غير جائز فهو محل نظر، لكنه خلاف الأولى، وخلاف المعتاد في بناء المساجد، لكن كونه حراما محل نظر، فإن المسجد قد يكون واسعا لا يضره هذا، قد يكون واسعا وتكون الصفوف الأولى قليلة والأخيرة قليلة والوسطى واسعة، فيحصل بها المقصود، لكن كون هذا هو الأفضل أو ليس بالأفضل؛ الذي يظهر لي هو أن الأفضل أن ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (80).

تكون الصفوف متساوية، ويكون المسجد مربعا؛ حتى تكون صفوفه الأولى والثانية والأخيرة كلها متقاربة، هذا هو الأفضل والأنفع للمسلمين، والله جل وعلا أعلم. أما إذا كان في ذلك شبه ينبغي تجنبه، إذا كان فيه تشبه بالكنائس فالواجب تجنبه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم (¬1)» فلا يجوز أن تبنى المساجد على هيئة كنائس، ولا يجوز للمؤمن أن يتشبه بأعداء الله في كنائسهم، ولا في غيرها. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب اللباس، باب في لبس الشهرة، برقم (4031).

س: الذي يعرف - يا سماحة الشيخ - بالنسبة لطراز المساجد أن تبقى مربعة أو مستطيلة، فما حكم الأشكال الدائرية التي عرفت أيضا (¬1) ج: المقصود ألا يكون هناك فيها شبه للكنائس والبيع التي لليهود والنصارى، بل تكون على طريقة المسلمين في مساجدهم؛ سواء كانت متساوية من جهة الطول، أو من جهة القصر، المقصود تكون بصفوفها متساوية متقاربة إلا لعلة عارضة؛ مثل: أن تكون الأرض ضيقة في أسفلها أو في مقدمها. أما إذا كان من أجل الطراز المعماري أو الفن الهندسي هذا هو محل البحث، ينبغي أن يراعى في ذلك الفن الذي سار عليه المسلمون في مساجدهم، والحذر من التشبه بأعداء الله في كنائسهم. ¬

_ (¬1) السؤال من الشريط رقم (8).

حكم بناء المسجد على شكل رباعي أو سداسي

240 - حكم بناء المسجد على شكل رباعي أو سداسي س: هل يجوز أن يكون المسجد على شكل رباعي أو سداسي (¬1) ج: ما نعلم في هذا شيئا، المهم أن يكون على هيئة المساجد الواضحة بمحرابه، والشكل الذي يناسب الصفوف لا يكون فيها اعوجاج، ولا يكون فيها مضايقة، تكون الصفوف كاملة ومستقيمة، أما أشكال البناء فأمرها واسع، لا نعلم لشكل البناء شيئا خاصا، المهم أن تكون البناية واسعة للمصلين، والصفوف تكون منتظمة مستقيمة على سمت واحد؛ بحيث إذا رآه الناس أو دخله الناس عرفوا أنه مسجد، يعني واضحا، بناية مسجد واضحة يعرف في البلاد، وبطريقة البلاد التي فيها مساجد. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (19).

حكم الصلاة في المسجد الموجه إلى غير القبلة

241 - حكم الصلاة في المسجد الموجه إلى غير القبلة س: يسأل المستمع ويقول: يوجد لدينا مسجد، وهو موجه إلى غير القبلة، فهل يجوز أن نصلي فيه أم لا (¬1) ج: يجب أن يعدل، إذا كان قويا كبيرا يجب أن يعدل، أما إن ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (431).

كان الميل يسيرا يعفى عنه، أما إذا كان ميله كبيرا فإنه يجب أن يعدل ولو بتعديل الصفوف؛ حتى يعمر مرة أخرى، أما إذا كان الميل يسيرا يعفى عنه.

حكم منع أحد المصلين توسعة المسجد لضرر يصيب بيته

242 - حكم منع أحد المصلين توسعة المسجد لضرر يصيب بيته س: الأخ: ع. م. ص. يسأل ويقول: رجل يصلي معنا وفي الصف الأول وهو جار للمسجد، ولكنه يقف ضد توسعة المسجد، ويدعي بأن ذلك ضرر عليه، وليس هنالك أي ضرر عليه، ولكن لا ندري لماذا؟ والسؤال: كيف نتعامل مع هذا الرجل؟ وكيف نتصرف معه؟ مع أنه يفعل هذا الشيء منذ أكثر من ثلاث سنوات، وهو رجل قد بلغ الستين، أفتونا يا سماحة الشيخ (¬1) ج: السؤال فيه إشكال، ليس بواضح، إن كان المقصود من هذا أنه يعارض في توسعة المسجد والمسجد ضيق، ويراد توسعته وهو يعارض فلا ينظر فيه، ينظر الإمام والجماعة، فإذا تيسر توسيعه من أحد الجوانب وسعوه، ولا يلتفت إلى قوله، أما إن كان المقصود أنه ما يصلى في التوسعة، المسجد واسع ولا يصلى في التوسعة هذا غلط منه، عليه أن يصلي في الصف الأول ولو كان فيه توسعة، التوسعة إنما ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والأربعون من الشريط رقم (427).

جاءت لتوسيع المسجد، فإذا كان المراد يعني أنه يتورع عن الصلاة في التوسعة، ويصلي في مسجد قديم هذا غلط، بل إذا صف الناس في التوسعة صف معهم؛ سواء كانت التوسعة في جنوب المسجد أو شماله أو غربه أو شرقه، المقصود التوسعة يصلى فيها، السؤال فيه إشكال ما هو بواضح.

حكم أخذ المال الذي خصص لمصلحة المسجد

243 - حكم أخذ المال الذي خصص لمصلحة المسجد س: السائل أ. م، مقيم في الإمارات، يقول في سؤاله: يذكر بأنه إمام لأحد المساجد، ومدرس في الصباح والمساء، يقول: أعمل بلا راتب، وجاء أحد المحسنين وأعطاني مبلغا باسم المسجد، فهل حرام علي أن أستعمل هذا المال لنفسي (¬1)؟ ج: إذا كان أعطاك إياه لمصلحة المسجد في تعمير أو فراش أو للفقراء فلا تأخذ منه شيئا، أما لك، أعطاك إياه لك، قال: هذه مساعدة مني لك. فلا بأس، أما إذا أعطاك إياه لمصلحة المسجد من فراش أو تعمير أو سراج أو غيرها من مصالح المسجد فليس لك أن تأخذ منه شيئا، بل يصرف في مصالح المسجد، أما إذا أعطاك إياه قال: تصدق به، اصرفه فيما تراه من وجوه الخير. فاعمل به في وجوه الخير، لا تأخذ ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (395).

منه شيئا لك أنت، بل تصرفه في وجوه الخير التي أشار إليها؛ لأنك وكيل.

حكم الصلاة في مسجد فيه قبر

244 - حكم الصلاة في مسجد فيه قبر س: سؤال من مجموعة من الشباب: ما حكم الصلاة في مسجد به قبر؟ ولماذا أصبح قبر الرسول صلى الله عليه وسلم داخل مسجده؟ نرجو بهذا التوجيه مأجورين (¬1) ج: الصلاة في المساجد التي فيها قبور لا تصح، ولا تجوز، ولا يجوز الدفن في المساجد، بل هذا من عمل اليهود والنصارى، والرسول صلى الله عليه وسلم لعنهم على هذا العمل، وقال: «لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا مشابهتهم، وأن تكون قبورهم خارج مساجدهم في مقابر خاصة، أما المسجد فلا يجوز الدفن فيه، ولا يصلى في المسجد الذي فيه قبور؛ لأن وجود القبر في المسجد ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (356). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530).

وسيلة للشرك، وسيلة أن يدعى من دون الله ويستغاث به، فلا يجوز للمسلمين الدفن في المساجد، بل يجب على المسلمين أن يدفنوا موتاهم خارج المساجد في مقابر خاصة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، كانوا يدفنون في البقيع، ودفن الشهداء في محل قتلهم في أحد. أما قبره صلى الله عليه وسلم فهو في بيته، ليس في المسجد، دفنه الصحابة في بيت عائشة خوفا أن يغلى فيه إذا كان في البقيع بارزا، فدفنوه في بيته خشية أن يحصل فيه غلو، وأن يتخذ قبره مسجدا، فدفنوه في البيت، ثم لما وسع المسجد أدخل في المسجد البيت نفسه في الحجرة، لما وسعه الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين في زمانه على رأس المائة الأولى من الهجرة، وأدخل الحجر وحجر النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد دخلت حجرة عائشة من ضمنها، وكان علماء وقته قد نصحوه بألا يدخله، لكنه رأى أن إدخاله لا يضر؛ لأنه معلوم أنه في بيته، والتوسعة تدعو إلى ذلك، وقد أساء في هذا يعفو الله عنا وعنه وعن كل مسلم. فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم دفن في بيته وليس في المسجد، وإنما البيت أدخل في المسجد، وهو الآن في بيته لا في المسجد، ولا يجوز أن يقتدى بذلك؛ أن نقول: ندفن في المسجد؛ لأن قبر النبي في المسجد، لا، قبر النبي صلى الله عليه وسلم في بيته صلى الله عليه وسلم، ولكن أدخلت الحجرة برمتها في المسجد من

أجل التوسعة، فالواجب على المسلمين أن يحذروا الدفن في المساجد، وأن يمتثلوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالنهي عن ذلك، يقول صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)» فالمساجد لا يدفن فيها، بل تكون القبور خارج المساجد، المساجد معدة للصلاة والعبادة والقراءة، فلا يكون فيها قبور. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530).

حكم الصلاة في المساجد التي تحتها قبور

245 - حكم الصلاة في المساجد التي تحتها قبور س: الأخوة: س. أ. د. ر. من ليبيا، يسألون ويقولون: ما حكم الصلاة في المساجد التي تحتها قبور، وإن كنت لا تنوي أن الصلاة لمن في القبر؟ نرجو أن تفيدونا، هل الصلاة مقبولة بسبب هذا الولي الفلاني أو لا (¬1)؟ ج: الصلاة في المساجد التي فيها القبور لا تجوز، بل هي باطلة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» متفق على صحته، من حديث عائشة رضي الله عنها، قاله في مرض موته عليه الصلاة والسلام في آخر ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (171). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530).

حياته. وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬1)» أخرجه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، فلا يجوز للمسلم أن يقيم مسجدا على قبر، أو يدفن في المساجد، أو يصلي في المساجد التي فيها القبور. بل يجب التواصي بترك ذلك والتناصح، ويجب على ولاة الأمور في أي بلد إسلامي، يجب على ولاة الأمور أن يمنعوا ذلك، فلا يدفن في المساجد أموات، ولا تبن المساجد على القبور، لا هذا ولا هذا، يجب أن تكون المقابر على حدة، والمساجد على حدة، ولا يقبر فيها، لا من يسمى وليا ولا غيره، والولي هو المؤمن، ولي الله هو المؤمن، فلا يدفن فيها لا مسلم ولا غيره، بل تكون المساجد خالية من القبور، وهذا هو الواجب الذي بينه الرسول صلى الله عليه وسلم، والعلة في ذلك والحكمة في ذلك كما قال أهل العلم؛ أن وجود القبور في المساجد من وسائل عبادتها من دون الله، إذا بنيت المساجد على القبور كان هذا من وسائل الغلو في الميت، ودعائه من دون الله، والتبرك بقبره، وطلبه الشفاعة، وطلبه الغوث والمدد؛ فلهذا حرم الله بناء ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532).

المساجد على القبور، وحرم الله الدفن في المساجد سدا لذريعة الشرك، وحسما لمادة الشرك، ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بما يوجد في بعض الأمصار وبعض الدول الإسلامية؛ من وجود القبور في المساجد، لا ينبغي للعاقل أن يغتر بذلك، هذا غلط، والغلط لا يقتدى به، والواجب على حكام المسلمين في كل مكان أن يزيلوا هذا الأمر؛ لا في الشام ولا في مصر ولا في العراق ولا في غيره، الواجب على حكام المسلمين أن ينزهوا المساجد من القبور، وأن تكون المساجد خالية من القبور، وإذا كان فيها قبر ينقل إلى المقبرة العامة، وإذا كان المسجد بني عليه والقبر هو السابق يهدم المسجد، وتبقى القبور خالية ليس فيها مساجد. فالحاصل أنه إذا كان القبر هو الأول يهدم المسجد وتبقى الأرض للقبور، وإن كان المسجد هو الأول ودفن فيه ينبش القبر وينقل إلى المقبرة، ولا يصلى في المساجد التي فيها القبور، هذا بدعة ولا يجوز، والصلاة باطلة، أما إن كانت الصلاة للميت؛ أنه يصلي للميت، ويتقرب إليه بالصلاة، أو بالسجود كان شركا أكبر، كانت المصيبة أعظم، وهكذا لو طلبه المدد؛ كأن يقول: يا سيدي المدد المدد. أو: يا ولي الله المدد المدد. أو: يا سيدي البدوي المدد المدد. أو: يا حسين المدد المدد. أو: يا شيخ عبد القادر المدد المدد. أو: أغثني. أو: انصرني. كل هذا من الشرك

الأكبر. قال الله عز وجل {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬1). وقال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬2). وقال عز وجل: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬3) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (¬4). سبحانه وتعالى، فسمى دعاءهم لغير الله شركا. قال: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬5). فسمى دعوتهم للأموات واستغاثتهم بالأموات شركا به سبحانه وتعالى، وسماه في الآية الأخرى كفرا، قال: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬6). الآية من سورة المؤمنون. وقال جل وعلا: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬7)، وقال سبحانه: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} (¬8)، وقال عليه الصلاة ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 88 (¬2) سورة المؤمنون الآية 117 (¬3) سورة فاطر الآية 13 (¬4) سورة فاطر الآية 14 (¬5) سورة فاطر الآية 14 (¬6) سورة المؤمنون الآية 117 (¬7) سورة الجن الآية 18 (¬8) سورة يونس الآية 106

والسلام: «الدعاء هو العبادة (¬1)» وقال لابن عباس: «إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله (¬2)» فالواجب على أهل الإسلام الحذر من هذا الشرك، والتحذير منه والتواصي بالحق والتواصي بالصبر. والواجب على العلماء في كل مكان أن يبينوا للناس هذا الأمر، وأن يرشدوهم إلى توحيد الله والإخلاص له، وأن يعلموهم أنواع الشرك حتى يحذروها، والواجب على الحكام أن يزيلوا آثار الشرك، وأن يزيلوا القبور من المساجد التي فيها القبور إذا كانت القبور حادثة، فإن كانت المساجد بنيت على القبور فالواجب أن تزال المساجد وأن تهدم، وأن تبقى القبور على حالها مقبرة ليس عليها مساجد، وهنا أمر قد يغتر به بعض الناس، وهو وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه في المسجد النبوي، فيقولون: هذا قبر النبي في المسجد. وهذا غلط؛ لأن الرسول لم يدفن في المسجد، دفن في بيت عائشة رضي الله عنها، وهكذا صاحباه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما دفنا معه في بيت عائشة رضي الله عنها، ولم يدفنوا في المسجد، ولكن الوليد بن عبد الملك لما وسع المسجد في ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، برقم (17888)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1479) والترمذي في كتاب الدعوات، باب منه، برقم (3372) وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب فضل الدعاء، برقم (3828). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، برقم (2758) والترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب منه برقم (2516).

آخر المائة الأولى أدخل القبر في المسجد من أجل التوسعة، وهذا غلط منه، فلا ينبغي أن يغتر بذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم وصاحباه لم يدفنوا في المسجد، بل دفنوا في بيت عائشة، النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة على القبور، وقال: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (¬1)» ولعن المتخذين المساجد على القبور، فالمعول على تشريعه وأمره ونهيه عليه الصلاة والسلام، أما عمل الناس إذا غلطوا؛ إذا غلط الوليد أو غير الوليد فلا يعول عليه، فينبغي التنبيه في هذا الأمر، وينبغي لأهل العلم أن ينبهوا من حولهم من الناس على هذا الأمر؛ حتى تعم الفائدة، وحتى يتبصر المسلم، وحتى يعلم الحقيقة، فلا يقع في الشرك وهو لا يشعر، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972).

س: هل تجوز الصلاة في الجامع الذي فيه قبر (¬1) ج: الصلاة في المساجد التي فيها القبور لا تصح، كل جامع فيه قبر أو مسجد فيه قبر ولو كان ليس بجامع، المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها، ولا تصح الصلاة فيها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (152). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530).

وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬1)» رواه مسلم في صحيحه، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أم حبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين، وأم سلمة أم المؤمنين أيضا ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها بأرض الحبشة، وما فيها من الصور، فقال: «أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، ثم صوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله (¬2)» فجعلهم بهذا العمل من شرار الخلق عند الله، وهو بناؤهم المساجد على القبور وتصويرهم فيها، فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا ذلك، وألا يبنوا على القبور، وأن لا يتخذوها مساجد، وألا يجعلوا عليها بناء ولا قبة، بل تكون ضاحية مكشوفة، ليس عليها بناء بالكلية، هذا هو المشروع، وهذا هو الواجب. أما البناء عليها أو اتخاذ القباب عليها أو المساجد فكل هذا منكر، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، برقم (1341)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528).

والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)» قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬2)» فنهاهم صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ المساجد على القبور، ولعن من فعل ذلك، فدل على أن هذا من الكبائر من كبائر الذنوب، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه، فساد الصلاة عند القبور وفي المساجد المبنية عليها. وقال عليه الصلاة والسلام: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (¬3)» وفي حديث جابر عند مسلم في صحيحه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه (¬4)» فنهى عن هذا، ونهى عن التجصيص للقبور، وعن البناء عليها، وعن القعود عليها. فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا ما حرم الله، وما نهى عنه ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه، برقم (970).

رسوله عليه الصلاة والسلام، وليس لهم أن يصلوا في المساجد التي اتخذت على القبور؛ لأن الرسول نهى عن ذلك، ولعن من فعله عليه الصلاة والسلام، والصلاة عندها اتخاذ لها مسجدا، ولو لم يبن المسجد الذي يصلي فيه عند القبور معناه أنه اتخذها مسجدا. ولا ريب أن الصلاة عندها والدعاء عندها، وتحري الدعاء عندها، وتحري القراءة عندها كل هذا من أسباب الشرك، ومن وسائله، فالواجب الحذر من ذلك، وإنما تزار؛ يزورها المسلم ويدعو للميتين ولنفسه معهم، يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، يغفر الله لنا ولكم. ونحو هذا الدعاء يدعو لهم ولنفسه معهم، نسأل الله لنا ولكم العافية، ثم ينصرف لا يجلس عندها للقراءة أو للدعاء عندها، ولا يطوف بها هذا منكر، والطواف عند القبور بقصد التقرب للميت هذا من الشرك الأكبر؛ مثل الدعاء كما لو قال: يا سيدي أغثني، المدد المدد، انصرني، اشفني. هذا من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر. وكثير من الدول الإسلامية يوجد فيها قبور قد اتخذ عليها مساجد، فالواجب الحذر من ذلك، والواجب على ولاة الأمر أن يزيلوا ذلك، وأن تبقى القبور ضاحية مكشوفة ليس عليها أبنية، كما كان الحال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في البقيع، وفي بقية مقابر المسلمين

في البلاد الإسلامية، وإنما حدث هذا بعد ذلك في القرن الثاني وما بعده؛ بسبب الرافضة والغلاة الذين غلوا وتشبهوا بالرافضة في ذلك؛ حتى وقع ما وقع من اتخاذ المساجد على القبور، واتخاذ القباب، وحتى وقع الشرك في الموتى وسؤالهم والاستغاثة بهم والنذر لهم بسبب هذا الغلو. نسأل الله للجميع العافية والسلامة والهداية.

حكم الصلاة في المساجد التي بها قبور

246 - حكم الصلاة في المساجد التي بها قبور س: ما حكم الصلاة في المساجد التي بها قبور؟ مع العلم أنني أعيش في بلد تكثر فيه هذه الظاهرة، أرجو توجيهي ولا سيما إذا لم يكن حولي وقريبا مني مسجد واحد خال من القبور (¬1) ج: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)». قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬3)» ونهى ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (97). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532).

عن الصلاة إلى القبور، فدل ذلك على أنه لا يجوز الصلاة في المسجد الذي فيه قبر، فإذا بني المسجد على قبر أو على قبرين أو أكثر فلا يصلى فيه، بل يصلى في المساجد الخالية من ذلك التي ليس فيها قبور، وإذا لم يجد شيئا صلى في بيته، أو مع إخوانه في بيوتهم، أو إن وجدوا مسجدا ليس فيه قبور صلوا فيه، ولا يجوز بقاء القبور في المساجد، بل يجب نبشها وإبعادها عن المساجد؛ إذا كانت بعد بناء المسجد دفن في المسجد فإنه ينبش وينقل رفاته إلى المقابر العامة، وتبقى المساجد سليمة من ذلك، أما إن كان المسجد هو الأخير بني على القبور فهذا المسجد أسس على غير التقوى، أسس على باطل فيجب هدمه، يجب على ولاة الأمور أن يهدموه ويزيلوه؛ لأنه بني على قبر، والرسول صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى على اتخاذهم القبور مساجد، الواجب على ولاة الأمور أن يعنوا بهذا الأمر في أي مكان في أي دولة إسلامية، الواجب على ولاة الأمور أن ينزهوا المساجد من القبور، فإن كان القبر هو الأخير نبش ونقل إلى المقبرة العامة، وإن كان القبر هو القديم وبني عليه المسجد هدم المسجد وأزيل طاعة لله ولرسوله، عليه الصلاة والسلام، وعلى المسلمين أن ينتبهوا لهذا، وأن يحذروا الصلاة في المساجد التي فيها القبور؛ لأن الصلاة فيها وسيلة للشرك، وسيلة للشرك بأهل القبور ودعائهم من دون الله، كما قد وقع ذلك في بلدان كثيرة، ولا حول ولا قوة

إلا بالله.

س: ما حكم الصلاة في المساجد التي فيها قبور (¬1) ج: المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» ولقوله عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان من قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬3)» فحسب ما قال عليه الصلاة والسلام، فقد نهاهم عن اتخاذها مساجد، ويذم الماضين الذين فعلوا هذا الأمر، يقول عليه الصلاة والسلام: " ألا وإن من كان قبلكم "، يعني: من الناس من اليهود والنصارى وغيرهم، " كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ". يعني: يصلون عندها ويصلون حولها، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك "، فنهاهم عنها من وجوه ثلاثة؛ من جهة ذم الماضين على فعلها، ومن جهة قوله: " لا تتخذوا " ومن جهة قوله: " فإني أنهاكم عن ذلك " ثلاث جهات كلها محل نهي، تحذير فلا يجوز للمسلمين أن يبنوا على القبور قبة، ولا مسجدا، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (318). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532).

ولا يصلوا عند القبر لا فرضا ولا نفلا، إلا صلاة الجنازة إذا مات وأحضروه عند القبر أو بعد دفنه، وصلى عليه بعض الناس لا بأس، أو صلى عليه من لم يحضر فصلى على القبر لا بأس، قبل موعد شهر أو عند موعد شهر لا بأس، يعني: يصلي عليه خلال موعد شهر، وما حوله، فالحاصل أن الصلاة في المقبرة لا تجوز، والبناء على القبور لا يجوز، لا مسجد ولا غيره، وما وقع في بعض الأمصار وبعض الدول من البناء على القبور كله خطأ، والواجب على حكام المسلمين أن يزيلوا ذلك؛ أن يزيلوا البناء على القبور، وأن يمنعوا الناس من دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم، هذا هو الشرك، كونه يأتي ويقول: يا سيدي، اشف مريضي، أو انصرني، أو اقض لي حاجتي، أو أخبرني عما مضى عن كذا وكذا. هذا من الشرك الأكبر؛ لأنه لا يعلم الغيب إلا الله، الأموات لا يعلمون الغيب، ولا يقضون الحاجات، فهم مرتهنون بأعمالهم، فالذي يسألهم قضاء الحاجة وشفاء المريض، والنصر على الأعداء قد أتى منكرا عظيما وشركا أكبر، فالله سبحانه يقول: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬1)، ويقول سبحانه: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬2)، ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 18 (¬2) سورة فاطر الآية 13

القطمير: اللفافة التي على النواة {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬1)، سمى الله عملهم هذا شركا، {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (¬2)، سبحانه وتعالى، فأخبرنا سبحانه أن الأموات لا يسمعون دعاءنا وهكذا الأصنام والأشجار والأحجار، ولو سمعوا ما استجابوا على سبيل الفرض، لو سمعوا ما استجابوا، ما عندهم قدرة، ويوم القيامة يكفرون بهذا الأمر، ينكرونه ويتبرؤون منه، ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬3)، سماهم كفرة ويقول عز وجل: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (¬4)، رد الله عليهم بقوله: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (¬5)، سمى الله عملهم شركا، وقال عز وجل في أول سورة الزمر: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (¬6)، ¬

_ (¬1) سورة فاطر الآية 14 (¬2) سورة فاطر الآية 14 (¬3) سورة المؤمنون الآية 117 (¬4) سورة يونس الآية 18 (¬5) سورة يونس الآية 18 (¬6) سورة الزمر الآية 3

سماهم كذبة كفرة؛ لأن الأموات ما يقربون إلى الله زلفى، الأموات مرتهنون بأعمالهم، يقول سبحانه: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} (¬1)، لا يملكون شيئا مما عليهم، لا يقربون إلى الله من دعاهم، ولا ينصرونه ولا يشفون مريضه، قال تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} (¬2) {وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ} (¬3)، فالأموات لا يملكون شيئا لداعيهم، ولا يستطيعون نصر داعيهم، ولا نصر أنفسهم، فكيف يدعون مع الله؟ كيف يستغاث بهم؟ والأصنام من الحجارة أو غيرها من باب أولى، لا تسمع ولا تملك شيئا؛ صم، بكم ما يسمعون، وهكذا الأشجار، وهكذا الأحجار، وهكذا الكواكب والنجوم، وهكذا الشمس والقمر، كلها لا تعبد من دون الله، من عبدها فقد أشرك بالله، وما يقع في بعض الأمصار من دعوة الأموات؛ كدعوة البدوي أو الحسين أو الشيخ عبد القادر، أو أبي حنيفة أو الشافعي رحمة الله عليهما أو غيرهم كل هذا باطل، الحسين رضي الله عنه يبرأ ممن عبده، وهكذا علي بريء ممن عبده، وهكذا بقية الأنبياء والصالحين برآء ممن ¬

_ (¬1) سورة الطور الآية 21 (¬2) سورة الأعراف الآية 191 (¬3) سورة الأعراف الآية 192

عبدهم، نبينا محمد بريء ممن عبده، وهكذا الأنبياء كلهم برآء ممن عبدهم، وهكذا الصالحون مثل علي رضي الله عنه، ومثل الحسين ومثل الحسن ومثل نفيسة ومثل زينب، كلهم برآء ممن عبدهم من دون الله، لا يرضون بذلك، وعبادتهم شرك بالله عز وجل، وهكذا الشيخ عبد القادر الجيلاني والإمام أبو حنيفة هم برآء ممن عبدهم من دون الله، وعبادتهم شرك بالله فمن دعاهم أو استغاث بهم أو نذر لهم، أو سألهم شفاء المريض فقد أشرك بالله، وهكذا من دعا غيرهم من الأموات في أي بلد في الجزيرة العربية، أو في مصر أو في الشام أو في العراق، أو أفريقيا أو أمريكا أو في كل مكان، لا تجوز عبادة غير الله أبدا، العبادة حق لله وحده، يقول سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬1)، يعني: أمر وأوصى. ويقول سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا} (¬2) يعني الناس، {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬3)، ويقول عز وجل: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (¬4)، ويقول جل وعلا: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (¬5)، ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 23 (¬2) سورة البينة الآية 5 (¬3) سورة البينة الآية 5 (¬4) سورة البقرة الآية 21 (¬5) سورة النحل الآية 36

ويقول سبحانه: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (¬1)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله (¬2)» ويقول جل وعلا في كتابه العظيم: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬3)، فالواجب على جميع المسلمين التواصي بالحق والتحذير من هذا الشرك، والواجب على العلماء أينما كانوا أن يتقوا الله، وأن يعلموا الناس دين الله وتوحيد الله، وأن يحذروهم من عبادة القبور وأهل القبور، أو عبادة الأصنام والأشجار والأحجار أو النجوم أو غير ذلك، هذا واجب العلماء في كل مصر، وفي كل بلد وفي كل دولة، يجب على العلماء أن يعلموا الناس، وأن يرشدوا الناس إلى توحيد الله، فالعبادة حق الله والدعاء لله: يا رب اغفر لي، يا رب انصرني يا رب اشف مريضي، يا الله يا رحمن يا رحيم، أنت سبحانك المالك لكل شيء، أنت القادر على كل شيء. أما أن يقول: يا سيدي عبد القادر، أو يا سيدي الحسين، أو يا ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 36 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله برقم (1978). (¬3) سورة الجن الآية 18

سيدي البدوي، اشف مريضي. فهذا هو الشرك الأكبر، أو: يا فلان، أو يا سيدي عبد القادر، أو يا سيدي أبا حنيفة. هذا كله منكر كله شرك أكبر، ومن المصائب العظيمة وقوع شيء مثل هذا البلاء؛ هذه من المصائب العظيمة. فالواجب على أهل العلم أن ينكروا هذا الشرك، وأن يعلموا الناس، وأن يرشدوهم، والواجب على ولاة الأمور والحكام من المسلمين أن ينبهوا عن هذا الأمر، وأن يزيلوا المساجد التي على القبور والبناء الذي على القبور، وأن يجعلوا القبور مكشوفة ظاهرة مثل القبور في البقيع مكشوفة، كما كانت في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وعهد الصحابة مكشوفة: لا بناء عليها ولا مسجد ولا غيره، هذا هو الواجب على المسلمين في كل مكان؛ في الدول الإسلامية وفي غيرها، الواجب أن تكون القبور مكشوفة ليس عليها بناء، ولا يجوز أن تعبد مع الله، ولا أن تدعى مع الله، ولا أن يستغاث بها، ولا يطاف بها، ولا يعكف عندها ولا يصلى عندها، ولكن تزار، يزار قبر المسلم، يسلم عليه، يدعى له لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «فزوروا القبور؛ فإنها تذكر الموت (¬1)» وكان عليه الصلاة والسلام يعلم أصحابه إذا زاروا القبور ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه، برقم (976).

أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (¬1)» وفي رواية «ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬2)» وإذا زار القبور التي في المدينة يقول: «السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر (¬3)» هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه، يزور ويدعو للميت (الموتى). ويقول صلى الله عليه وسلم السلام المأثور عنه (الذي ذكرنا). أما إن كان الزائر لأموات كفار وزارهم فإنه لا يدعو لهم، بل للعبرة مثل ما زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، ولم يستغفر لها فقد نهاه الله أن يستغفر لها، لكن زارها للعبرة، فإذا كانت قبور كفار نصارى وغيرهم ومر عليهم ووقف للعبرة والتذكر للآخرة، تذكر الموت تذكر النار والجنة للعبرة لا بأس، يزورهم للعبرة لا يسلم ولا يدعو، أما قبور المسلمين فيسلم عليهم ويدعو لهم وفق الله الجميع وهدى المسلمين جميعا لما يرضيه، ووفقهم في الدين ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم (975). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم (974). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم (1053).

ووفق علماء المسلمين لكل ما فيه صلاح المسلمين وبراءة الذمة.

س: الأخ: ب. د، من كركوك بالعراق، يسأل ويقول: أسألكم عن الصلاة في المساجد التي فيها قبور، هل يجوز ذلك أو لا؟ وما هو السبب؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إن المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» فلعنهم على الصلاة عند القبور واتخاذها مساجد، فدل ذلك على أن الصلاة عندها معصية كبيرة، والشيء الذي لعن الرسول فاعله لا يصح، يكون معصية، ما يصح، ولا يقبل، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬3)» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، والأول أخرجه الشيخان في الصحيحين. فالرسول صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذها مساجد، ونهى ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (231). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532).

عن اتخاذها مساجد والصلاة عندها، فعلم بذلك أن الصلاة غير صحيحة؛ لأن الرسول لعن من فعلها ونهى عن فعلها، والعلة في ذلك أن هذا وسيلة للشرك، اتخاذ المساجد على القبور والصلاة عند القبور وسيلة للشرك؛ وسيلة لعبادة أهلها من دون الله، والاستغاثة بهم والنذر لهم والذبح لهم، فيقع الشرك الأكبر؛ فإنه إذا بنى عليه مسجدا غلا فيه العامة، وقالوا: هذا ما بني عليه مسجد إلا لأنه كيت وكيت، إلا لأنه ينفع المريض، ويقضي الحاجة، يشفع لنا عند ربنا في كذا، فيدعونه من دون الله، وهكذا الصلاة عند القبور ولو من غير بناء، الصلاة عندها أيضا من اتخاذها مساجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (¬1)» فمن قصد أن يصلي عند القبر فقد اتخذه مسجدا، فالقبر يسلم عليه ويدعى لصاحبه، لكن لا يتخذ محلا للصلاة، ولا محلا للقراءة، ولكن يزور المؤمن أخاه المؤمن في المقبرة ويسلم عليه ويدعو له، لكن لا يصلي عند قبره، ولا يبني عليه مسجدا ولا قبة، كل هذا منكر، يقول عليه الصلاة والسلام لما أخبرته أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما بكنيسة رأتاها في ديار الحبشة، وما فيها من الصور، قال: «أولئك - يعني: النصارى - إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، ثم صوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا. . .) الآية، برقم (335)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (523).

الخلق عند الله (¬1)» فأخبرنا أنهم شرار الخلق بأسباب بنائهم على القبور، واتخاذها مساجد والصلاة عندها، ثم قد يصورون الصور ويجعلونها فوقها زيادة في الفتنة، يصورون صورة صاحب القبر ويجعلونها على قبره وفي مسجده؛ حتى تكون فتنة أعظم، والصور قد لعن الرسول صلى الله عليه وسلم من فعلها، في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ «أنه لعن صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله والواشمة والمستوشمة والمصور (¬2)» هكذا روى البخاري في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنه لعن آكل الربا وموكله والواشمة والمستوشمة والمصور (¬3)». وقال عليه الصلاة والسلام: «أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون (¬4)» وقال صلى الله عليه وسلم: «إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم (¬5)» فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا البناء على القبور ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، برقم (1341)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب من لعن المصور، برقم (5962). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب من لعن المصور، برقم (5962). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب عذاب المصورين يوم القيامة، برقم (5950)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير الحيوان. . . برقم (2109). (¬5) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قوله تعالى: (والله خلقكم وما تعملون)، برقم (7557)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير صورة الحيوان. . . برقم (2107).

واتخاذها مساجد، أو تجصيصها أو جعل القباب عليها، كل هذا منكر، تجعل ضاحية شامسة في المقبرة لا يبنى عليها شيء، ولا تجصص ولا يتخذ عليها ستور ولا قبة، بل ضاحية كما كانت قبور الصحابة في المدينة هكذا، وفي مكة هكذا، هذا هو الواجب، أما ما أحدثه الناس من البناء على القبور، واتخاذ القباب عليها هذه بدعة منكرة ومحرم، والواجب هدمها، الواجب على ولاة الأمور إذا كانوا منقادين للشرع أن يهدموها ويزيلوها، والواجب على كل مسلم أن يعبد الله وحده، وأن يخصه بالعبادة دون كل ما سواه جل وعلا.

حكم الصلاة في مسجد بني محرابه فوق قبر

247 - حكم الصلاة في مسجد بني محرابه فوق قبر س: هل تجوز الصلاة في مسجد بني محرابه فوق قبرين قديمين (¬1)؟ ج: لا يجوز بناء المسجد على القبور، لا محرابه ولا غيره، يجب أن يفصل القبران عن المسجد ويكونا خارج المسجد، ويكون محل الإمام داخل المسجد، ولا يجوز الصلاة في هذا المحراب، بل يجب أن يهدم هذا المحراب ويزال، ويكون القبران خارجين عن المسجد؛ لأن الرسول لعن اليهود والنصارى، قال: «اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» قال عليه الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (166). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530).

والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬1)» فهو صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ المساجد على القبور، ونهى أن يصلى عندها، فالصلاة عندها اتخاذ لها مساجد، فهذا المسجد مثلا إذا ثبت أن المحراب على القبرين يهدم المحراب، ويكون القبران خارج المسجد، أو ينبش القبران وتنقل رفاتهما إلى المقبرة، فإذا نبشا صار المحراب في محلهما فلا حرج في ذلك. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بنى مسجده في محل قبور وخراب ونخل، فأمر صلى الله عليه وسلم بالقبور من قبور المشركين أن تنبش، الخرب أن تسوى، وبالنخل أن يقطع، ثم بنى مسجده عليه الصلاة والسلام. فإذا دعت الحاجة إلى محل فيه قبور نبشت القبور، ونقل رفاتها إلى المقبرة العامة، أو إلى محل آخر، وبني المسجد عند الحاجة إلى نبش القبور، ولا سيما إذا كانت قبورا غير مسلمة، قبور مشركين تنبش، أما قبور المسلمين فلا تنبش، يلتمس مكان مناسب ليس فيه قبور ويبنى فيه مسجد، لكن لو دعت الحاجة إلى نبش بعض القبور لتوسعة المسجد؛ لأن مكانه مناسب، وليس هناك مكان أنسب منه، وفي حاجة إلى نبش بعض القبور فلا مانع أن تنبش، وتنقل رفاتها إلى المحل المناسب، إلى المقبرة العامة لتوسعة المسجد. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532).

حكم الصلاة في المساجد التي فيها أضرحة

248 - حكم الصلاة في المساجد التي فيها أضرحة س: ما حكم الصلاة في مسجد فيه ضريح؟ مع العلم بأن هذا الضريح خلف المصلين وليس أمامهم، وبين المصلين وهذا الضريح حاجز من لوح من الزجاج (¬1)؟ ج: المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها؛ سواء كان القبر قدام المصلين أو عن يمينهم أو عن شمالهم أو خلفهم، جميع المساجد التي تبنى على القبور لا يصلى فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬3)» فلا يجوز الصلاة فيها بالكلية، فالصلاة فيها باطلة، فالواجب على المؤمن أن يحذر ذلك في أي بلد كان كل مسجد بني على قبر لا يصلي فيه مطلقا، أما مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فلم يبن على قبر، النبي صلى الله عليه وسلم دفن في بيته، ليس في المسجد، لكن لما وسع الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين ذاك الوقت، في آخر المائة ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (352). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532).

الأولى أدخل الحجرة التي فيها القبر، أدخلها في المسجد، فهي ليست من المسجد، ولم يدفن في المسجد عليه الصلاة والسلام، وإنما دفن في بيته، فأدخلت الحجرة في المسجد بسبب التوسعة، ثم جعل عليها ما يميزها عن المسجد، ويخرجها عن المسجد، فلا يضر المصلين في المسجد وجودها في المسجد؛ لأنه في بيته مجاور للمسجد، وليس في المسجد، فالصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لا محذور فيها، ولا بأس بها، أما ما يوجد من القبور التي تدفن في المسجد عمدا، أو يقام عليها المسجد فهذه محل النهي ومحل التحذير، وهي التي لعن الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابها. نسأل الله العافية.

س: مسجد فيه قبر صاحبه محاط بسلك، هل تجوز الصلاة فيه؟ وما حكم من تعمد ذلك؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: جميع المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها، والصلاة فيها باطلة، وإذا كان المسجد هو القديم ثم دفن فيه صاحبه ينبش المدفون، ينبش وينقل رفاته إلى المقبرة العامة، ويصلى في المسجد، أما إن كان القبر هو القديم، وبني عليه المسجد فالمسجد يهدم ويزال؛ لأنه أسس على ضلالة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «قاتل الله اليهود؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» وفي لفظ آخر: ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (291). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (437)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور. . . برقم (530).

«لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬2)» فقالت له أم سلمة وأم حبيبة لما هاجرتا إلى الحبشة: إنهما رأتا كنيسة في الحبشة فيها تصاوير. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، ثم صوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله (¬3)» فأخبر أنهم شرار الخلق؛ بأسباب بنائهم على القبور واتخاذهم التصاوير عليها. نسأل الله العافية. فالمقصود أن الواجب عدم البناء على القبور؛ لا قباب ولا مساجد ولا غير ذلك، يجب أن تكون مكشوفة ليس عليها بناء، كما كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في البقيع، تكون مكشوفة ولا يزاد عليها غير ترابها، ثم ترفع قدر شبر تقريبا؛ حتى يعرف أنها قبور، ولا يصلى بينها ولا إليها، ولا يبنى عليها قباب ولا حجر ولا مساجد ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، برقم (1341)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528).

ولا تستر، كل هذا منكر، وكله من وسائل الشرك، كل هذا من وسائل الشرك، الواجب الحذر من ذلك، وكل مسجد فيه قبر لا يصلى فيه، لكن إن كان القبر هو الجديد ينبش ويوضع في المقابر، ويصلى في المسجد، فإن كانت القبور هي القديمة وبني عليها المسجد فالمسجد يهدم ولا يصلى فيه. أما هذا السلك المحيط بالقبر فإنه يقطع إذا كان مقصودا به تعظيم الميت، أو إشارة إلى قبره، أو ما أشبه ذلك؛ يزال، المقصود فلا حاجة ولا سبب لوجود السلك، يجب إزالة السلك الذي يعتقدون فيه.

س: هذا السائل يقول: مسجد فيه قبر وحضرت الفريضة فهل أصلي فيه؟ مع العلم بأنه لا يوجد أي مسجد آخر ليس فيه قبر في المنطقة التي أعمل بها، أين أصلي (¬1)؟ ج: لا يجوز لك الصلاة في المسجد الذي فيه قبور، الرسول صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (406). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532).

ونهى عن الصلاة إلى القبور، فدل ذلك على أنه لا يجوز الصلاة في المسجد الذي فيه قبر، فإذا بني المسجد على قبر أو على قبرين أو أكثر فلا يصلى فيه، بل يصلى في المساجد الخالية من ذلك التي ليس فيها قبور، وإذا لم يجد شيئا صلى في بيته، أو مع إخوانه في بيوتهم، أو إن وجدوا مسجدا ليس فيه قبور صلوا فيه، ولا يجوز بقاء القبور في المساجد، بل يجب نبشها وإبعادها عن المساجد؛ إذا كانت بعد بناء المسجد دفن في المسجد فإنه ينبش وتنقل رفاته إلى المقابر العامة، وتبقى المساجد سليمة من ذلك، أما إن كان المسجد هو الأخير بني على القبور فهذا المسجد أسس على غير التقوى، أسس على باطل فيجب هدمه، يجب على ولاة الأمور أن يهدموه ويزيلوه؛ لأنه بني على قبر، والرسول صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى على اتخاذهم القبور مساجد، الواجب على ولاة الأمور أن يعنوا بهذا الأمر في أي مكان في أي دولة إسلامية، الواجب على ولاة الأمور أن ينزهوا المساجد من القبور، فإن كان القبر هو الأخير نبش ونقل إلى المقبرة العامة، وإن كان القبر هو القديم وبني عليه المسجد هدم المسجد وأزيل طاعة لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، وعلى المسلمين أن ينتبهوا لهذا، وأن يحذروا الصلاة في المساجد التي فيها القبور؛ لأن الصلاة فيها وسيلة للشرك، وسيلة للشرك بأهل القبور ودعائهم من دون

الله، كما قد وقع ذلك في بلدان كثيرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

س: نصلي مع جماعة من القبوريين؛ يعتقدون في الأموات بأن لهم صلاحية الضر والنفع والبركة، والمكان الذي نصلي فيه توجد به قباب مدفون فيها كثير من الناس من هؤلاء الذين يسمونهم بالصالحين والأولياء، ومكان المصلى لا يبعد كثيرا عن المكان الذي نصلي فيه، فهل الصلاة في هذا المكان جائزة؟ وهل هذا المكان من حرم المقابر لوجود هذه القبور داخل القباب بالقرب منه، أو لصيقة بالمكان، والمسجد أيضا في نفس المكان؟ وهل يعتبر من حرم المقابر؟ وهل الصلاة فيه جائزة؟ ولا يوجد مسجد آخر في القرية إلا هذا المسجد، أفيدونا أفادكم الله (¬1) ج: هذا المكان لا يصلى فيه والعياذ بالله، هذه مقابر, الصلاة فيها باطلة، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (¬2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬3)» خرجه مسلم في الصحيح. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (324). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532).

وقال عليه الصلاة والسلام: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)» متفق على صحته. فلا يجوز أن تأتي إلى هذا المكان من القبور، ولا بناء المسجد فيها، ولا بينها، بل يجب أن تكون المساجد في محلات بعيدة عن القبور، لا تكون في ظل المقبرة، بل بعيدة عن المقبرة؛ أمامها أو خلفها وعن يمينها وشمالها، وأن تستر عنها المقبرة، ولا يجوز الصلاة في المقبرة، ولا بناء المسجد فيها، كل هذا منكر وباطل - نسأل الله العافية - ومن الشرك، ودعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات من الشرك الأكبر، والنذر لهم من الشرك الأكبر عند جميع أهل العلم. فيجب على المسلم أن يحذر هذا، يجب على من يأتي القبور لهذا الأمر أن يتوب إلى الله؛ لأنه من الشرك الأكبر ومن عمل الجاهلية، دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم والذبح لهم هذا من عمل المشركين؛ لقول الله سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬2)، وقال أيضا سبحانه: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} (¬3)؛ لشركهم وكفرهم. نسأل الله العافية. فالواجب على جميع المسلمين في كل ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (¬2) سورة الأنعام الآية 88 (¬3) سورة الفرقان الآية 23

مكان أن تكون مساجدهم بعيدة عن القبور، وألا يصلوا في القبور، وألا يجلسوا عليها، ولا يبنوا عليها. بل تكون مكشوفة ليس عليها بناء، ولا يصلى حولها، ولا يبنى عندها مسجد، كل هذا منكر أنكره النبي صلى الله عليه وسلم وحذر منه، فيجب هدمه وإزالته، وأن تقام المساجد في محلات بعيدة عن القبور، وليس لها صلة بالقبور، وعلى المسلمين أن يصلوا في محل بعيد عن المقابر، ولو ما بني، في أرض طاهرة يصلون فيها، ولو في خيام حتى يعينهم الله على البناء، وإذا جعلوا فوقها خيمة أو شيئا من الجريد أو من سعف النخل، وهذا هو الواجب، وهو أفضل من مسجد فيه قبور، المسجد الذي فيه قبور هذا باطل منكر لا يجوز.

س: جميع مساجد قريتنا فيها قبور، كما أنها تسمى بأسماء هؤلاء الموتى، ولا يفصل بين المكان الذي تقام فيه الصلاة والقبور سوى جدار واحد فقط، فهل تجوز الصلاة في هذه المساجد؟ علما بأن أئمتها يؤمنون بأن أصحاب القبور هم أولياء صالحون، ويشركونهم في دعائهم (¬1) ج: المساجد التي فيها قبور لا يصلى فيها، إذا كان القبر داخل سور المسجد فلا يصلى فيه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (212).

والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)» متفق على صحته؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬2)» فقد نهى صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد، والصلاة عندها، إذا بني عليها للصلاة فلا يجوز الصلاة عندها، ولا يجوز أيضا اتخاذها مساجد بالبناء؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬3)» أما إذا كان القبر خارج المسجد عن يمين المسجد أو شماله أو أمامه؛ مفصول بالجدران فلا حرج، أما في داخل المسجد فلا يجوز. وإذا كان القبر هو الذي جعل في المسجد فالواجب نبشه، ينقل الرفات إلى المقابر العامة ويصلى في المسجد، أما إن كان القبر هو القديم والمسجد مبني عليه تعظيما له فالمسجد هو الذي يهدم، ولا يصلى فيه وتبقى القبور على حالها بدون مساجد، ولا يصلى فيها ولا عندها؛ لأن الرسول لعن من فعل هذا عليه الصلاة والسلام، وحذر من ذلك، والحكمة في ذلك أن الصلاة عندها واتخاذها مساجد من وسائل الشرك بأهلها، ودعائهم من دون الله، واتخاذهم آلهة ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530).

من دون الله، فلهذا منع النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك سدا لذريعة الشرك، وحسما لوسائله، ولا يجوز أن يصلى خلف الأئمة الذي يدعون أصحاب القبور، ويستغيثون بهم ويعظمونهم، هؤلاء مشركون، إذا كانوا يدعون أصحاب القبور ويستغيثون بهم، وينذرون لهم هؤلاء يكونون مشركين، لا يصلى خلفهم، وإنما يصلون خلف الأئمة المستقيمين على دين الله، المعروفين بالتوحيد والإيمان لا بالشرك، نسأل الله للجميع الهداية.

س: عندنا مسجد في السودان، وهو المسجد الوحيد بالقرية، وبداخله خمسة من القبور، فقد سألت بعض العلماء, فمنهم من قال: لا تجوز الصلاة فيه. ومنهم من أجازها، نرجو الإفادة جزاكم الله خيرا (¬1) ج: جميع المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من فعل ذلك، فقال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬3)» فنهاهم عن اتخاذ القبور مساجد، واتخاذها مساجد ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (205). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532).

للصلاة فيها؛ لأنه إذا صلى في الأرض فقد اتخذها مسجدا، يقول عليه الصلاة والسلام: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (¬1)» فليس للمسلم أن يصلي في مسجد فيه قبور ولو قبرا واحدا، ولا يجوز للمسلمين أن يفعلوا ذلك، بل يجب عليهم أن تكون قبورهم خارج المساجد في مقابر مستقلة، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، ما كان يقبر في المساجد، المقبرة معروفة وحدها في البقيع، وهكذا المسلمون في كل مكان، المقابر وحدها مستقلة؛ لأنه لا يجوز الدفن في المساجد، ولا يجوز بناء المساجد على القبور أيضا؛ لا هذا ولا هذا، لا يبنى مسجد على قبر، ولا يدفن الميت بعد بناء المسجد، لا هذا ولا هذا، الواجب أن تكون القبور خارج المساجد، ولا تكون في المساجد، وكل مسجد فيه قبور لا يصلى فيه، ولا تصح الصلاة فيه؛ لأن هذا فيه مشابهة اليهود والنصارى في أعمالهم القبيحة؛ ولهذا لعن الرسول عليه الصلاة والسلام من فعل هذا، وهذا يدل على بطلان الصلاة، لما ذمهم النبي وعابهم على هذا الفعل دل على بطلانها، نسأل الله السلامة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب وقول الله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا. . .) الآية، برقم (335)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم (523).

نصيحة في تحريم دفن الموتى داخل المساجد

249 - نصيحة في تحريم دفن الموتى داخل المساجد س: من المستمع أ. س. غ من عدن رسالة وضمنها قضية يقول: مسجدنا جامع كبير إلا أنه مبني على قبر، والناس يصلون في هذا المسجد، وقد أجريت

توسعة لهذا المسجد لكن القبر لا زال داخل المسجد، كيف تنصحوننا وتنصحون الناس لدينا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب ألا يدفن في المسجد قبور، والواجب أن تكون القبور خارج المساجد في مقابر خاصة، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يفعلون في البقيع وغير البقيع، أما الصلاة في المساجد التي فيها القبور فهذه لا تجوز ولا تصح، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬3)» والرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن تتخذ مساجد، واتخاذ المساجد للصلاة فيها والاعتكاف فيها، فلا يجوز هذا الأمر لهذا العمل، بل يجب أن ينبش الموتى الذين في المساجد، ويدفنوا في خارج المساجد في المقابر العامة، إذا كان القبر حدث أخيرا بعد بناء المسجد وجب أن ينبش، وينقل الرفات إلى مقبرة عامة، في حفرة مستقلة، يساوى ظاهرها في القبور؛ حتى يسلم المسجد حتى يصلى فيه، ولا يجوز ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (250). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532).

التساهل في هذا الأمر؛ لأن الرسول لعن من فعل ذلك، وهو من سنة اليهود والنصارى، فلا يجوز التشبه بهم في هذا الأمر، والصلاة باطلة في المسجد الذي فيه قبور، تكون صلاته باطلة سواء كان في عدن، أو غير عدن، وإذا كان المسجد هو الأخير، أو بني على القبور وجب هدمه، وألا يبقى؛ لأنه أسس على الباطل، فالأول منهما يبقى؛ إن كان الأول القبر يبقى القبر ويهدم المسجد، وإذا كان أوله مسجدا وقبره الحالي ينبش القبر ويزال، ولا يجوز للمسلم أن يصلي في المساجد التي فيها قبور، والصلاة فيها غير صحيحة؛ لأن الأحاديث الصحيحة جاءت بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولما ذكرت له أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما كنيسة رأتاها بأرض الحبشة، وما فيها من الصور قال: «أولئك إذا مات منهم رجل صالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور (¬1)». ثم قال صلى الله عليه وسلم: «أولئك شرار الخلق عند الله (¬2)» سماهم شرار الخلق؛ بسبب عملهم السيئ؛ وهو البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، وتصوير الصور عليها. فالواجب الحذر، والواجب على المسلمين في أي مكان الحذر من هذا العمل السيئ، يجب على المسؤولين في مصر والشام واليمن وغيرها، يجب عليهم أن يزيلوا القبور إذا كانت وجدت المساجد هي الأخيرة، أما إن كانت المساجد ¬

_ (¬1) صحيح البخاري الصلاة (434)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (528)، سنن النسائي المساجد (704)، مسند أحمد (6/ 51). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، برقم (1341)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528).

بنيت عليها هي الأصل وهي الأساس، ولكن بنيت عليها المساجد يجب أن يهدم المسجد، ولا يبقى مسجد على القبور؛ لأن هذا من سنة اليهود والنصارى، فلا يجوز التشبه بهم، وهو من وسائل الشرك؛ فإن البناء على القبر واتخاذ المسجد على القبر، ووضع الصور في المساجد من أسباب الشرك، من أسباب الغلو فيه، والدعاء من دون الله، والاستغاثة به، والنذر له والذبح له، هذا من الشرك الأكبر؛ أن ينذر الإنسان له ويسأله قضاء الحاجة، أو شفاء المريض، أو النصر على الأعداء، أو ينذر له أو يقول: الغوث الغوث، أو النصر النصر. أو ما أشبه ذلك، كل هذا شرك أكبر، وعبادة لغير الله سبحانه وتعالى، فالواجب على أهل الإسلام التواصي بإزالة هذا المنكر، والواجب على أمراء المسلمين إنكار هذا المنكر، والواجب على العلماء أن يوجهوا الناس، وأن يعلموا الأمراء والناس؛ حتى يزيلوا هذه المنكرات من هذه المساجد؛ وحتى يبعدوا الناس عن الشرك بالله عز وجل. نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

حكم الصلاة في المسجد إذا كان حوله قبور

250 - حكم الصلاة في المسجد إذا كان حوله قبور س: عندنا مسجد في القرية، وحوله من ناحية الشمال خمسة قبور، وكلما مات أحد من مشايخهم دفن داخل السور، وعندما أكون موجودا في القرية لا أذهب للصلاة معهم حتى صلاة الجمعة؛

نسبة للاعتقاد الذي يعتقدونه في المشايخ. فهل ما أقوم به من ناحية الصلاة، وأيضا صلاة الجمعة صحيح أو غير ذلك؟ أرجو من سماحتكم التوجيه جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كانت القبور في المسجد فلا يجوز الصلاة فيه؛ لا الجمعة ولا غيرها، وأنت محسن لعدم الصلاة معهم، أما إذا كانت القبور خارج المسجد؛ تحت سور المسجد وليس في المسجد، أو خارج المسجد فإنه واجب عليك أن تصلي معهم الجمعة وغيرها. المقصود أنه لا يجوز البناء على القبور، ولا اتخاذ المساجد عليها، ولا يجوز دفن أحد في المسجد، فإذا كان المسجد فيه قبور فلا يجوز الصلاة فيه؛ لا الجمعة ولا غيرها، وليس لك أن تصلي معهم أيضا، أما إذا كانت القبور خارجة: شرق المسجد أو جنوبه أو غير ذلك؛ يعني: ليست داخل المسجد فإنك تصلي معهم، ويلزمك ذلك الجمعة وغيرها، وقد صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (295). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530).

وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬1)» وقد نهى عن اتخاذ القبور مساجد، لا يصلى عند قبور، ولا يدفن في المسجد أحد. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532).

س: مسجد تصلى فيه الصلوات والجمع والأعياد، وحوله عدد من القبور، ما هو توجيهكم حول هذا المسجد؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: كونها حوله لا يضر؛ سواء كانت أمامه أو يمينه أو عن شماله لا يضر، أما المنهي عنه أن تكون في داخله، أما إذا كانت خارجه فلا يضره ذلك ولا يضر المسلمين، إذا كان بينهم وبين القبور حاجز من جدار يحجزهم، أو طريق أو واد أو نحو ذلك مما يدل على بعدها، وأنها غير مقصودة، القبور غير مقصودة بالمسجد الموجود، المقصود أن وجودها قرب المسجد لا يضر المسجد، ولا يضر المصلين. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (291).

حكم الصلاة في مسجد بني على قبر

251 - حكم الصلاة في مسجد بني على قبر س: هل تجوز الصلاة في مسجد بني على قبر أحد الصالحين؛ حيث إن الناس يأتون بالذبائح، ويذبحونها عند هذا القبر الذي هو بجانب

المسجد مباشرة؟ ج: لا يصلى فيه؛ مسجد بني على القبور، إذا كان مسجد في وسطه قبر، بني على قبر لا يصلى فيه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد لعن اليهود والنصارى لاتخاذهم القبور مساجد. وقال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)» وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد - يعني: مصلى - ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬2)» الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا وحذر منه، فإذا كان في المسجد قبر أو أكثر فإنه لا يصلى فيه، فإذا كان يذبح عنده هذا الشرك الأكبر، أعوذ بالله. الحاصل أنه لا يصلى في المساجد التي فيها قبور سواء ذبح لأهلها، أو ما ذبح لأهلها، ولكن إن كان يذبح لهم للتعوذ من شرهم فهذا الشرك الأكبر، نسأل الله العافية. فالواجب حينئذ هدم المسجد، يجب على ولاة أمر المسلمين أن يهدموا المسجد وجميع القبور، وأن تكون مكشوفة ليس عليها بناء ولا يصلى عندها، ولو ما كان عندها بنيان لا يصلى عندها، ولا تتخذ مصلى حتى ولو ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532).

كانت بغير بناء.

س: يقول هذا السائل؛ مصري مقيم في المملكة: ما حكم الصلاة في المسجد الذي ليس فيه قبر، لكنه بني على قبر؟ هل تصح الصلاة، أم أن ذلك باطل؟ ج: كل المساجد التي تبنى على القبور لا يصلى فيها، الصلاة فيها باطلة، إذا كان القبر موجودا في المسجد سواء المسجد كان هو الأول، أو القبر هو الأول، لكن إذا كان المسجد هو الأول ينبش القبر وينقل إلى القبور، أما إذا كان المسجد هو الأخير؛ بني على القبر يهدم المسجد ولا يبنى على القبور. يقول صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬2)» ونهى صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبور، أو أن يقعد عليها، وأن يبنى عليها. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532).

س: السائل: م. يقول: يوجد في قريتنا مسجد، وهذا المسجد بداخله قبر، فهل نقوم بإلغاء المسجد، أو بإلغاء القبر من المسجد؟ وهل

الصلاة في مسجد يوجد فيه قبر صحيحة (¬1) ج: الصلاة في المساجد التي فيها القبور لا تجوز ولا تصلح، ولا يجوز البناء على القبور، وبناء المساجد على القبور لا يجوز، ولا يجوز اتخاذ القباب عليها ولا الستور، كل هذا لا يجوز، بل هو من أسباب الشرك، فالمسجد الذي فيه قبر لا يصلى فيه، والصلاة فيه غير صحيحة، لكن إذا كان المسجد قديما وقبر فيه قبور تنبش، تنقل إلى مقبرة، ويصلى في المسجد لا بأس، إذا كانت القبور هي القديمة، ثم بني عليها يهدم ولا يجوز بقاؤه، بل يهدم، وبكل حال فالمسلم لا يصلي في المساجد التي فيها قبور، بل صلاته غير صحيحة؛ لأن بناء المساجد على القبور والصلاة عند القبور وسيلة للشرك؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (¬3)» وقال: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬4)» فالمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (360). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532).

المساجد على القبور، وعن الصلاة عند القبور، وعن الجلوس عليها، فلا يجوز للمسلم أن يطأ عليها، ولا يجلس عليها، ولا يصلي إليها، ولا يبني عليها بناء ولا مسجدا ولا قبة، ولا تجصص؛ نهى الرسول عليه الصلاة والسلام عن تجصيصها، وعن القعود عليها، وعن البناء عليها عليه الصلاة والسلام، كل هذا من عمل أهل الشرك.

س: السائل: هـ، م من الهند يسأل ويقول: مسجد في أحد أركانه الخلفية أربعة قبور، هل تجوز الصلاة فيه؟ وهل يفوت الإنسان الجمعة والجماعة ولا يصلي في هذا المسجد؟ أم ماذا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: كل مسجد فيه قبور سواء في أمام، أو يمين أو شمال أو خلف لا يصلى فيه، ولا تصح الصلاة فيه؛ لأن وجود القبور فيه من وسائل الشرك، وتعمه الأحاديث الصحيحة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (¬3)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (268). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972).

عن ذلك (¬1)» فالمسجد الذي يتخذ على القبر قد يكون القبر في المقدمة، وقد يكون في اليمين، أو في الشمال أو في الخلف، فالواجب نبش هذه القبور، ونقلها إلى المقابر العامة إذا كانت القبور متأخرة، أما إذا كان المسجد بني عليها لتعظيمها والتبرك بها فهو يهدم، فالمسجد يهدم وتبقى القبور على حالها، والمسجد يهدم ويزال ويكون محله المقبرة، أما إذا كانت القبور جديدة والمسجد قديما فالقبور يجب نبشها وإزالتها وإبعادها إلى المقابر العامة، ويصلى فيه. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532).

س: الأخ: م. ح. ع، من الدمام، يقول: أنا من جمهورية مصر العربية، ويوجد بالبلدة التي أعيش فيها مسجد به قبر في غرفة بطرف المسجد، يفصل بينهما باب، أصلي بهذا المسجد أحيانا، أنكر علي بعض الأشخاص، وقال: لا تصل في هذا المسجد؛ لأن فيه قبرا. أستشيركم في هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كان القبر خارج أسوار المسجد فلا يضرك الصلاة في المسجد، ولكن ينبغي مع هذا إبعاده عن المسجد إلى المقبرة؛ حتى لا يحصل تشويش على الناس. أما إذا كان في داخل المسجد فإنك لا ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (171).

تصل في المسجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)» متفق على صحته. ولقوله أيضا عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬2)» أخرجه مسلم في صحيحه. والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ القبور مساجد، فليس لنا أن نتخذها مساجد، سواء كانت القبور للأنبياء أو للصالحين، أو لغيرهم ممن لا يعرف، فالواجب أن تكون القبور على حدة في محلات خاصة، وأن تكون المساجد سليمة من ذلك، لا يكون فيها قبور، ثم الحكم فيه تفصيل: فإن كان القبر هو الأول أو القبور، ثم بني المسجد فإن المسجد يهدم، ولا يجوز بقاؤه على القبور؛ لأنه بني على غير شريعة الله، فوجب هدمه، أما إن كانت القبور متأخرة والمسجد هو السابق فإن الواجب نبشها ونقل رفاتها إلى المقبرة العامة، كل رفات قبر توضع في حفرة خاصة، ويساوى ظاهرها كسائر القبور حتى لا تمتهن، وتكون من تبع المقبرة التي دفن فيها الرفات؛ حتى يسلم المسلمون من الفتنة بالقبور، والرسول صلى الله عليه وسلم حين نهى عن اتخاذ القبور مساجد ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532).

مقصوده عليه الصلاة والسلام سد الذريعة التي توصل إلى الشرك؛ لأن القبور إذا وضعت في المساجد يغلو فيها العامة، ويظنون أنها وضعت لأنها تنفع، ولأنها تقبل النذور، ولأنها تدعى ويستغاث بأهلها؛ فيقع الشرك. والواجب الحذر من ذلك، وأن تكون القبور بعيدة عن المساجد بأن تكون في محلات خاصة، وتكون المساجد سليمة من ذلك.

حكم الصلاة في مسجد بجانبه قبر

252 - حكم الصلاة في مسجد بجانبه قبر س: هذا السائل يقول: يا سماحة الشيخ، يوجد ولي بجانب المسجد، ولا يزال بعض الناس يزورون هذا الولي، هل تجوز الصلاة في هذا المسجد (¬1)؟ ج: إذا كان خارج المسجد لا يضر، يسلم عليه ويدعى له إذا كان من المسلمين، لكن إبعاده إلى المقبرة أولى وأبعد عن الشبهة، ينقل إلى المقبرة حتى لا تقع الفتنة، أما إذا كان في داخل المسجد فلا يصلى في المسجد، ويجب أن يهدم المسجد؛ لأن المسجد بني عليه، أما إن كان هو الذي الجديد والمسجد قديم ينبش وينقل إلى المقبرة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والخمسون من الشريط رقم (433).

حكم الصلاة في المسجد الذي أقيم على أنقاض مقبرة

253 - حكم الصلاة في المسجد الذي أقيم على أنقاض مقبرة س: في قريتنا يوجد مكان لمقبرة قديمة، وقد أزيلت هذه المقبرة منذ

خمسة وعشرين أو ثلاثين عاما، وبني على أرضها مسجد كبير، ما صحة صلاتنا في هذا المسجد (¬1)؟ ج: إذا كان قد أزيلت بوجه شرعي وفتوى شرعية، أو أزيلت القبور نبشت وحولت إلى مكان آخر فلا بأس إذا كان عن وجه شرعي، فقد كان موضع مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فيه قبور، فلما أراد أن يبني المسجد أمر بالقبور، فنبشت من قبور المشركين وأزيلت، وكان فيها حفر وخرائب فسويت، وكان في محله نخيل فقطعت، ثم بنى مسجده عليه الصلاة والسلام، فإذا كانت المقبرة في محل غير مناسب، ورأى ولي الأمر من العلماء نبشها، ونقل القبور إلى محل مناسب فلا بأس أن يبنى عليها مسجد، أو بيوت للمصلحة الشرعية. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (195).

الفرق بين صلاة الفرض والنافلة في المسجد الذي فيه قبر

254 - الفرق بين صلاة الفرض والنافلة في المسجد الذي فيه قبر س: هل هناك فرق بين صلاة النافلة وصلاة الفرض إذا صليت في المسجد الذي فيه قبر (¬1)؟ ج: لا فرق في ذلك، لا يجوز ولا تصح سواء كانت نافلة أو فريضة. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (223).

حكم الصلاة في المساجد التي فيها بدع

255 - حكم الصلاة في المساجد التي فيها بدع س: الأخ: ط. م. ص، من السودان، يسأل ويقول: عندنا في السودان قل أن تجد مسجدا لا توجد فيه بدعة، وأحيانا تجد بنيانا مزعوما لولي، أو قبورا في فناء المسجد، فماذا أفعل حيال هذه المنكرات؟ أأصلي في مثل هذه المساجد (¬1)؟ ج: نعم، إذا كنت في مسجد فيه بعض البدع صل مع الناس، وأنكر البدعة، إذا كان فيه بدعة أنكرها، قل: يا إخواني، هذا ما يجوز هداكم الله. وتعاون مع العلماء والأخيار في إزالتها، ومع المسؤولين من الأمراء وغيرهم، تعاونوا على البر والتقوى. أما المسجد الذي فيه قبور فلا تصل فيه، الرسول صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى، قال: «اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» فالمسجد الذي فيه قبر لا تصل فيه، التمس مسجدا ليس فيه قبر. وأما إذا كان فيه بدعة، وأنت تجد مساجد ما فيها بدعة فصل في المساجد التي ما فيها بدعة، وإذا لم تجد أو استطعت أن تنكر البدعة فصل معهم، وأنكر البدعة، وعلمهم ووجههم حتى تكون هاديا مهديا، وحتى تنقذهم من هذه البدعة، فإن لم ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (204). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530).

يستجيبوا لك، ووجدت مسجدا ليس فيه بدعة فاعتزلهم، وصل في المسجد الآخر، وإلا فصل معهم، واستقم على إنكار البدعة وتعليمهم ولا تيأس، والله يعينك ويوفقك لهذا الخير.

س: أرجو أن توجهوا المسلمين لكي يخلو مساجدهم من البدع، لأنني قرأت أن كثيرا من المساجد لا تخلو من البدع، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب على المسلمين أن يطهروا مساجدهم من كل ما حرم الله من البدع، أو المعاصي، ومن البدع بناء المساجد على القبور، ودفن الميت في قلب المساجد، والتلفظ بالنية: نويت أن أصلي كذا وكذا. هذه من البدع التي يجب تنزيه المساجد عنها، ولا يجوز أن يصلى في المقبرة ولا في مسجد بني على قبر، بل يجب هدمه؛ لأنه منكر وبدعة، ومن وسائل الشرك. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (295).

نصيحة لمن توجد في مساجدهم قبور

256 - نصيحة لمن توجد في مساجدهم قبور س: يوجد عندنا مسجد جامع، ولكن هناك غرفة ملاصقة لصحن المسجد، وبداخلها قبران، ويقدمون لها النذور العينية والمالية، ويعتقدون أن المقبورين من سلالة النبي صلى الله عليه وسلم، ما حكم الصلاة في هذا المسجد؟ وأيضا داخل السور توجد أمكنة كمصلى للأوقات، ما حكم الصلاة أيضا في ذلك المكان؟ علما بأنني أريد أن أدعو هؤلاء إلى الله عز

وجل، ولكن لوجود القبرين توقفت عن الدعوة في هذا المسجد، ماذا أفعل؟ أرجوكم وجهوني، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كان القبران خارجين عن سور المسجد فلا بأس أن يصلى في المسجد، وينبغي السعي لجماعة المسجد والمسؤولين في نقل رفاتهما إلى المقبرة العامة؛ حتى يسلم المسجد من الشبهة التي يحصل بها توقف بعض الناس عن الصلاة فيه. وإنما الممنوع إذا كانا في المسجد، بني عليهما المسجد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» فإذا كان القبران خارجين عن المسجد يمينا أو شمالا أو غربا أو شرقا، ليسا في داخله فلا بأس بالصلاة فيه، أما إذا كانا في داخل المسجد، وفي داخل سور المسجد فلا يجوز الصلاة فيه، إذا كان المسجد بني عليهما لتعظيمهما. أما إذا وجدا بعد البناء فإنهما ينبشان، وهكذا لو كان أكثر فإنها تنبش وتنقل إلى المقبرة، ولا تبقى في المسجد، ويصلى في المسجد، أما إذا بني على القبور فهو الذي يهدم وتبقى القبور ضاحية شامسة، ليس فيها مسجد ولا يصلى حولها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (191). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530).

ذلك وقال: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (¬1)» وقال: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬2)» وقال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬3)» فالواجب على أهل الإيمان الحذر من ذلك، وألا يبنى على المساجد، لا يتخذ عليها قبور، ولا يدفن الأموات في المساجد، بل يجب أن يكون الأموات مع إخوانهم في المقابر، ويجب أن تكون المساجد خالية من ذلك، بعيدة عن الشبهة، هذا هو الواجب على المسلمين، ولكن الصلاة صحيحة إذا كان القبر خارج المسجد خارج سور المسجد، أما إن كان في داخل المسجد فلا يصلى فيه ولا تصح الصلاة، والدعوة في هذا المسجد، إذا جاء يدعوهم إلى الله لا بأس ما دام القبران خارج المسجد، أما إذا كانا في داخل المسجد فإنه يدعوهم إلى ترك الصلاة في المسجد، يدعوهم إذا كان بني على القبر، يدعوهم إلى هدمه والاتصال بالمسؤولين حتى يزال، أما إذا كان القبران محدثين في المسجد وهو السابق المسجد ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530).

فإنهما ينقلان، وهكذا لو كان أكثر من قبرين تنبش وتنقل إلى المقبرة العامة، ويصلى في المسجد بعد ذلك ولا حرج؛ لأنها حادثة في المسجد، هي فلا حكم لها بل تنبش.

حكم الصلاة في المسجد الذي يفصل بينه وبين القبر حائط

257 – حكم الصلاة في المسجد الذي يفصل بينه وبين القبر حائط س: عندنا مسجد وحيد في القرية التي أسكنها، ولكن بجواره من جهة القبلة ضريح، ويفصل بينهما حائط، ولا يوجد باب بين الضريح والمسجد، فهل الصلاة في هذا المسجد جائزة أو لا (¬1) ج: لو كان المسجد ليس في المقبرة، ولم يبن على المقبرة، وعلى قبور فالصلاة فيه صحيحة إذا كان مفصولا عن القبور محجوزا بينهما بالجدار. أما إذا كانت القبور أمام المصلي فلا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (¬2)» فالواجب أن يكون مفصولا بينهما بالجدار؛ حتى لا يصلى إليها، وإذا كان مبنيا على طرف منها لتعظيم القبور وجب هدمه، وأما إذا كان مبنيا في أرض سليمة ليس فيها قبور، أو كانت القبور حادثة قدامه فلا يضر، ولكن ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (141). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972).

ينبغي للمؤمن أن يبتعد عن أسباب الفتنة مهما أمكن، فإذا كان يخشى أن يظن ظان أن هذا المسجد من أجل القبور، فيجعله في محل آخر بعيدا عن أسباب الفتنة؛ لأن بعض الناس عنده جهل كثير، وربما ظن أن المسجد بني من أجل القبور التي حوله، فينبغي في هذا للمؤمن وأهل الخير أن يحتاطوا، وأن تكون المساجد بعيدة عن القبور؛ حتى لا يظن ظان أنها بنيت من أجل القبور.

س: رسالة وصلت من السودان ط. م، يقول: لنا مسجد جوار المقابر بحوالي خمسين مترا، فأحد المصلين امتنع عن الصلاة في هذا المسجد نسبة للحديث الذي يقول: لا تجعلوا مساجدكم مقابر. نرجو منكم الإفادة (¬1) ج: إذا كان المسجد في أرض ليس فيها قبور، وبينها وبين القبور فاصل؛ طريق أو جدار فلا بأس الحمد لله، المقابر لا تتخذ مساجد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (375). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530).

تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (¬1)» فإذا كان خارجا عن المقبرة وليست قبلته، بل بينه وبينها جدار أو طريق فلا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972).

س: الأخ: ب. ع. أ، من السودان، مديرية النيل، يسأل ويقول: ما حكم الصلاة خلف المقابر إذا كانت المقابر أمام المصلين مقدار ثلاثين مترا تقريبا؟ هل يجوز ذلك (¬1) ج: إذا كان المسجد خاليا منها، المسجد لم يبن عليها، بل خال منها، وهي خارج عن المسجد فلا بأس، تصح الصلاة في المسجد، وأما إذا كان المسجد بني على القبور فلا يصلى في المساجد التي فيها القبور؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬3)» فإذا كان المسجد قد بني على القبور، أو جعلت فيه القبور فلا يصلى فيه، أما إذا كانت خارج المسجد يمينا أو شمالا أو قدامه، لكن ليست فيه ولا مبنيا ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (169). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (532).

عليها فلا حرج في ذلك، وأما وجود قبر النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده فهذا ليس في المسجد، بل في بيت عائشة، دفن في بيت عائشة هو وصاحباه؛ أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، لكن لما وسع المسجد، وسعه الوليد بن عبد الملك بن مروان أدخل الحجرة في المسجد، وصار شبهة لبعض الناس الذين لا يفهمون، وهذا غلط، غلط من الوليد، ولا ينبغي أن يحتج به في ذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم ليس في المسجد، بل مدفون في بيته، ولكن أدخلت الحجرة في المسجد، فلا يحتج بذلك على الدفن في المساجد، ولا يحتج بذلك على البناء على القبور واتخاذها مساجد، كل هذا مخالف لشرع الله.

س: المستمع: ع. يسأل ويقول: إذا كان المسجد ملحقا به قبر، والقبر خارج المسجد، وليس بداخله، فهل تجوز الصلاة فيه؟ وهل إذا دعت الحاجة إلى الصلاة فيه فهل أصلي أم لا (¬1) ج: إذا كان القبر خارج المسجد فلا مانع أن يصلى فيه، وينبغي نقل القبر إلى المقبرة العامة إبعادا للشبهة؛ ولئلا يغلى فيه لا سيما إذا كان منسوبا للصلاح، وينبغي للمسؤولين أن ينقلوا رفاته إلى المقبرة العامة، وإذا كان يخشى من الفتنة يخفى بدفنه في الليل، ويخفى ولا يعرفه أحد إلا الخواص الذين دفنوه، كما فعل عمر في قبر دانيال لما خاف الفتنة؛ ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (223).

حفر له ثلاثة عشر قبرا بالليل ودفنه في واحد منها، وسواها كلها حتى يخفي أمره، فالمقصود أن القبر الذي حول المسجد ينبغي نقله إلى المقبرة العامة؛ حتى لا يفتن به الناس إذا تيسر ذلك، وهذا يتعلق بالمسؤولين من العلماء والأمراء، فإذا تيسر نقله من دون فتنة نقل، وإلا بقي، ولكن لا يجوز أن يدعى من دون الله، ولا أن يطاف به ولا يستغاث به، ولا أن يتمسح به، ولا يمنع من الصلاة في المسجد إذا كان خارج المسجد، لا يمنع من الصلاة في المسجد، أما إذا كان في داخل المسجد فإنه ينبش ويبعد عن المسجد إلى المقبرة العامة، أما إذا كان قديما والمسجد بني عليه فالمسجد هو الذي يهدم؛ لأنه أسس على غير هدى، إذا بني على القبر وصار هو جديدا فإنه يهدم؛ لأنه أسس على غير تقوى.

س: المستمع: أ. م، يسأل ويقول: ما رأي الشرع في الصلاة في مسجد تحيط به المقابر من كل الجهات (¬1) ج: إذا كان المسجد ليس فيه قبور فلا حرج، لكن إذا كان بعيدا عنها، يمينها وشمالها أو أمامها يكون أبعد عن الشبهة، أما إذا حدثت القبور بعد ذلك فلا يضر، لكن إذا تيسر أن يكون بعيدا عنها، أمامها أو عن يمينها أو عن شمالها؛ حتى لا يتوهم أحد أن الصلاة لها هذا يكون ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (356).

أطيب وأبعد عن الشبهة.

س: يوجد بقريتنا مسجد جامع، وهذا المسجد يقع وسط المقابر التي تحيط به من الشمال والجنوب، والمسافة بينه وبين الجهة الشمالية متران، وكذلك الجنوبية متران، وإن تلك المقابر في طريقها للتوسع، كما أن بعض المصلين - هداهم الله - يجعلون تلك المقابر مواقف لسياراتهم. أخبرونا جزاكم الله عنا كل خير في الحكم في مثل ذلك، ولكم جزيل الشكر والتقدير (¬1) ج: الظاهر أنه لا يضر ذلك شيئا؛ لأن هذا عادة جارية في كثير من البلدان، يدفنون حول المساجد، فلا يضر ذلك شيئا، المقصود أن من عادة بعض الناس في بعض البلدان يدفنون حول المساجد؛ لأنه أسهل عليهم إذا خرجوا من المسجد يدفنون موتاهم حول المسجد، فلا يضر ذلك شيئا، ولا يؤثر في صلاة المصلين، لكن إذا كان في قبلة المسجد شيء من القبور فالأحوط أن يكون بين المسجد وبين المقبرة جدار آخر غير جدار المسجد، هذا هو الأحوط والأولى؛ ليكون ذلك أبعد عن استقبالهم للقبور، أما إن كان عن يمين المسجد وعن شماله، عن يمين المصلين وعن شمالهم فلا أرى في ذلك شيئا؛ لأنهم لا يستقبلونها، أما ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (9).

إذا كان في القبلة فلا بد أن يكون هناك جدار آخر غير جدار المسجد إذا تيسر ذلك؛ لأن هذا أبعد عن استقبالها وعن شبهة الاستقبال. أما إيقاف السيارات فلا يجوز إيقافها على القبور، بل تكون بعيدة عن القبور، تكون في الأراضي السليمة التي ليس فيها قبور، أما كونهم يمتهنون القبور ويوقفون السيارات على القبور فهذا أمر منكر لا يجوز، بل الواجب أن يبعدوها عن القبور، وأن تكون في محلات سليمة ليس فيها قبور.

س: يوجد عندنا مسجد وبخارجه قبور، وهو المسجد الوحيد في القرية، وقد توقفت عن الصلاة في هذا المسجد من أجل هذه الأضرحة التي بخارجه، أفيدوني هل أنا على صواب (¬1) ج: إذا كانت في خارج المسجد فلا حرج من الصلاة فيه، إذا كانت القبور خارجة عن المسجد. ولست على صواب، بل صل في المسجد، أما إذا كان القبر في داخله فلا يصلى فيه؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» فالرسول حذر من اتخاذ القبور مساجد، لا يصلى عندها، ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (303). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (530).

وكل مسجد فيه قبور لا يصلى فيه، ويجب نبش القبور، إذا كانت موضوعة فيه، وهو المسجد السابق فإن القبور تنبش وتنقل لمكان المقبرة، أما إذا كان بني عليها وهي السابقة، ولكن بني عليها المسجد فإنه يهدم ولا يجوز بقاؤها؛ لأن الرسول لعن من فعل ذلك عليه الصلاة والسلام.

س: في قريتنا مسجد وخلفه قبر لأحد الصالحين وبينهما جدار، ولكن هناك باب مفتوح في المسجد من هذا الضريح، فما حكم الصلاة في ذلكم المسجد (¬1) ج: الصلاة صحيحة؛ لأن المسجد لم يبن عليه، ما دام أنه خارج المسجد فالصلاة صحيحة، لكن ينبغي إبعاد هذا القبر إلى المقابر؛ حتى لا يكون فتنة للناس ولا يغلى فيه، الواجب إبعاده وأن ينقل إلى المقبرة العامة، وأما المسجد إذا كان ليس القبر في داخله، بل هو خارجه فالصلاة صحيحة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (341).

س: مسجد في قرية كان به قبر من ناحية القبلة، ولكن أهل القرية عندما علموا أن هذا لا يجوز أخرجوا القبر خارج المسجد؛ وذلك

بتحويل الحائط الذي على القبلة إلى الداخل؛ بحيث يكون القبر خارج المسجد، ولكن في جهة القبلة، فهل هذا يكفي (¬1) ج: نعم يكفي، لكن لو نقلوه إلى المقبرة العامة كان هذا أحسن وأكمل، وإلا فإذا أخرجوه من المسجد عن يمين المسجد، أو شماله أو قدامه أو خلفه كفى؛ لأنه حينئذ يكون المسجد سليما من القبر. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (226).

س: يسأل المستمع وهو يمني، مقيم في الرياض، ويقول: يوجد عندنا مسجد صغير وهو قديم، وهو مبني على كتلة صغيرة، وفي مكان مهم بالنسبة للقرية، وبعد المسجد مباشرة وباتجاه القبلة توجد مقبرة مسورة، بطول ثمانية أمتار وعرض أربعة أمتار، هل الصلاة - سماحة الشيخ - في هذا المسجد جائزة، أو من الأفضل أن نغير هذا المكان (¬1) ج: لا حرج في الصلاة فيه، ما دام المقبرة خارج المسجد وبينها وبينه حاجز سور، المسجد له سور خارج المقبرة فلا حرج، المقصود المسجد الذي أمامه المقبرة محجوزة ومسورة لا يضر والحمد لله، الذي لا يجوز أن تكون القبور في المسجد، هذا هو المنكر، أما كونها مقبرة ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (404).

خارجية والمسجد محجوز عنها فلا يضر ذلك.

س: يوجد عندنا مسجد في الأردن بجواره قبر، وقد سمي هذا المسجد باسم صاحب هذا القبر، ويقوم إمام المسجد ونفر من الناس بالذهاب إلى هذا القبر، وإقامة أدعية لا تفهم، ويقومون بقرع الدف، فما حكم الصلاة في هذا المسجد مأجورين (¬1) ج: إذا كان القبر خارج المسجد، والمسجد سليم منه فلا بأس، أما كونه يقف عند القبر ويأتون بأدعية مجهولة، ويضربون الدف هذا بدعة، هذا من خرافات الصوفية بدعة، لا يجوز، إنما يسلم على القبور بالسلام الشرعي بصوت معروف، يزور القبور ويقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية. كان عليه الصلاة والسلام يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬2)» هذا الذي كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، أما كونه يسلم عليهم بصوت مجهول هذا يتهم صاحبه، ولا يجوز ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (418). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم (974).

هذا، وكذلك ضرب الدف عند السلام هذا بدعة لا أصل له.

حكم الوصية بالدفن في المسجد الذي بناه

258 - حكم الوصية بالدفن في المسجد الذي بناه س: يوجد في بلدنا مسجد، هذا المسجد بناه أحد سكان القرية، وأوصى عند موته بأن يدفن فيه، والآن هو مدفون في المسجد، فما حكم ذلك؟ وهل تجوز لنا الصلاة في هذا المسجد؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا لا يجوز، هذا جهل منه، الواجب نبشه وإبعاده إلى المقابر، الواجب أن ينبش ويدفن في المقابر مع الناس، ويصلى في المسجد كأنما دفن في فلاة، ولا يصلى في المسجد حتى ينبش ويبعد وينقل إلى المقبرة العامة؛ لأنه لا يجوز الدفن في المساجد، إذا دفن أحد في المسجد فينبش وينقل، أما إذا كان قديما ثم بني المسجد عليه فالمسجد هو الذي يزال، يهدم ويزال، أما ما دام بنى المسجد وعمره هو ثم دفن فيه فإنه ينقل، ينبش وينقل إلى المقبرة العامة والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (335).

بيان الأفضلية في الصلاة بالمسجد القريب أو المسجد البعيد

259 - بيان الأفضلية في الصلاة بالمسجد القريب أو المسجد البعيد س: يوجد عندنا مسجدان في القرية، أحدهما: قريب للمنزل، والآخر: بعيد بعض الشيء علما بأن المسجد الأول لا يجتمع فيه الناس

المجاورون له، ولا يخرجون للصلاة فيه جماعة، والمسجد الآخر يجتمع فيه عدد لا بأس به من الناس، وأنا أقوم بالصلاة في المسجد القريب أنا وأحد الإخوة وبصفة دائمة، فبماذا تنصحوننا؟ هل نصلي في هذا المسجد القريب أنا وأخي في الله القائم على هذا المسجد، أم أتركه وأذهب إلى المسجد البعيد، حيث يجتمع عدد كبير من الناس، ويبقى المسجد الأول لا يصلي فيه إلا شخص واحد؟ أفيدونا مأجورين. وبماذا تنصحون إخواننا المجاورين للمسجد والذين لا يؤدون الصلاة فيه جماعة (¬1) ج: الصلاة في المسجد البعيد الذي فيه جماعة كثيرة أفضل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله (¬2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «أعظم الناس في الصلاة أجرا أبعدهم فأبعدهم ممشى (¬3)» والمسجد القريب لا بد له من علة، لم يتركوه إلا لعلة، فلا بد أن يسألوا عن علة الترك له، إما لأنه صغير أو لأنه ليس فيه خدمات متوفرة، أو ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (377). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة، برقم (554)، والنسائي في كتاب الإمامة باب الجماعة إذا كانوا اثنين برقم (843). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل صلاة الفجر في جماعة، برقم (651)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد، برقم (662).

لأسباب أخرى لا بد أن تعرف، وإذا كان المسجد القريب قد توافرت فيه الشروط فلماذا يتركه جيرانه؟ لا بد أن توضح الأسباب للعالم الذي عندكم أو للمحكمة، فالحاصل أن المسجد البعيد والأكثر جماعة هو الأفضل.

س: أنا في جوار مسجد صغير يجتمع الناس فيه على فريضة العصر والمغرب، وبعد ذلك لا يجتمع فيه سوى اثنين أو ثلاثة، هل يجوز لي أن أذهب إلى مسجد آخر توجد به جماعات كبيرة وترك الأذان والإقامة في هذا المسجد الصغير (¬1) ج: الأقرب - والله أعلم - أنك تبقى في المسجد؛ لأن هذا من أسباب جمع الناس والصلاة في المسجد وعدم إهماله، إذا كنت أنت المؤذن فتؤذن فيه، وتقيم فيه لمن حضر مع الإمام والحمد لله، إلا إذا كان هناك مساجد والتي فيها تتجمع جماعة كثيرة، ولا حاجة لهذا المسجد فلا مانع من إغلاقه، والمساجد التي حوله التي فيها جماعة كثيرة، فإن إيجاد هذا المسجد لا محل له، فعليك أن تراجع الأوقاف وأهل العلم في بلدك حتى ينظروا في الأمر. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (326).

س: بجوار بيتنا مسجد لا يصلي فيه إلا نحن أو من يزورنا، فهل تلزمنا

الصلاة فيه دائما (¬1) ج: نعم تلزمكم الصلاة في المسجد المعد للصلاة، تصلون فيه ومن يزوركم، أو من يمر عليكم. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (246).

حكم الذهاب إلى مسجد بعيد لحسن قراءة إمامه

260 - حكم الذهاب إلى مسجد بعيد لحسن قراءة إمامه س: هل يجوز التخير في المساجد؟ فالحي الذي أنا فيه يوجد به مسجد، ولكنني أذهب للحي الثاني للصلاة بمسجد آخر؛ لحسن قراءة إمامه، وارتياحي معه في الصلاة، فهل يصح أم لا؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا حرج في ذلك أن يلتمس مسجدا يكون أكثر جماعة، أو يكون إمامه أحسن قراءة أو أتقى لله، أو فيه حلقات العلم، أو ما أشبه ذلك من المصالح الإسلامية، لا حرج وإن كان بعيدا عنه. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (167).

حكم الصلاة في مسجد مهجور

261 - حكم الصلاة في مسجد مهجور س: هذا السائل يقول: هل تجوز الصلاة في مسجد يهجر أكثر من أربعة أشهر؟ وماذا علينا لو كانت صلاتنا غير صحيحة؟ وهل نعيد

صلاة الجمعة؟ أم ماذا نفعل (¬1) ج: على أهل الحي أن يصلوا في المسجد المناسب لهم، إذا كان مسجد مهجور وهو مناسب لهم وقريب منهم، وليس فيه محذور يصلون فيه، الحمد لله، المقصود أن سكان الحي المعين عليهم أن يقيموا مسجدا لهم، يعمروا مسجدا لهم إن استطاعوا، وإن لم يستطيعوا صلوا في محل معين اتخذوه مصلى لهم، يصلون فيه ويجمعون فيه؛ لأن الصلاة في الجماعة أمر لازم، أوجب الله الصلاة في الجماعة، وأوجبها رسوله عليه الصلاة والسلام، والله سبحانه يقول: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (¬2)، وفي صلاة الخوف قال: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} (¬3)، فأمر بالجماعة حتى في صلاة الخوف، لكن إذا كان عندهم مسجد مهجور وصالح فإنهم يصلون فيه والحمد لله، يجتمعون فيه ولا يهجرونه، وإذا كان بعيدا عنهم وتيسر لهم مسجد أقرب منه يعمرونه، ويجمعون فيه فذلك طيب وحسن. المقصود أنهم يعملون الشيء الذي ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (389). (¬2) سورة البقرة الآية 43 (¬3) سورة النساء الآية 102

يجمعهم ويعينهم على أداء الصلاة جماعة؛ سواء كان مسجدا مهجورا أو غير مهجور، إذا كان بعيدا عليهم ويشق عليهم عمروا مسجدا بينهم متوسطا بينهم؛ حتى يجتمعوا فيه ويصلوا فيه جميعا.

حكم الصلاة في مسجد لا يصلي فيه إلا المارة

262 - حكم الصلاة في مسجد لا يصلي فيه إلا المارة س: تقول السائلة: نعيش في بلدة نائية بها مسجد لا يصلي به أحد إلا المارة، ليس لهذا المسجد مؤذن؛ لأنه مسجد خاص بناه أحد الناس، لا تصلى فيه التراويح في رمضان، ويذهب أحيانا زوجي يؤذن ويقيم ويصلي وحده، وقد نصحنا بعض الإخوان بالصلاة فيه، ولكن دون فائدة، هل يستمر زوجي في الصلاة فيه وحده؟ أم ماذا علينا؟ وهل يجب أن يصلي في المنزل بمفرده (¬1) ج: هذا الذي عمله زوج السائلة عمل طيب، وهو مشكور عليه، ونوصيه بالاستمرار بأن يذهب إلى المسجد ويؤذن؛ لعل الله يأتي بمن يصلي معه من المارة، أو من السكان، فإن لم يأت أحد صلى لوحده والحمد لله، نوصيه بأن يستمر وألا يصلي في البيت؛ لأن المساجد عمرت لهذا، وعلى المؤمن أن يذهب إلى المسجد، فإن وجد أحدا وإلا صلى وحده والحمد لله، لا يجوز الصلاة في البيت والمساجد موجودة، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (408).

وكونه قد لا يصلي معه أحد لا يضره ذلك، يكون له الأجر العظيم أن يؤذن، وله فضل الأذان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس، ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة (¬1)» فضل عظيم، ثم هو بهذا يدعو الناس إلى إقامة صلاة الجماعة، يكون له مثل أجورهم؛ لأنه دعاهم إلى الخير، فيكون له مثل أجور من صلى معه، «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (¬2)» فنوصي زوجك بالاستمرار والعمل الطيب، والذهاب إلى المسجد، وأن هذا هو الواجب عليه، وإن تخلف عنه الجيران أو غيرهم. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب رفع الصوت بالنداء، برقم (609). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره، برقم (1893).

بيان شروط من يؤم جماعة المصلين

263 – بيان شروط من يؤم جماعة المصلين س: السائل: م. أ. يقول: يوجد بجوار بيتنا مسجد بلا إمام معين، ويؤم الصلاة أي واحد من المصلين إذا كان موجودا، إلا أن الأغلبية العظمى منهم لا يجيدون القراءة الصحيحة للقرآن، وطلبوا مني الإمامة، لكنني رفضت مع أنني طالب علم لعدم تواجدي بصفة مستمرة، هل علي إثم في ذلك (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (367).

ج: إذا كنت أقرأهم فالمشروع لك أن تجيب؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا بالسنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا (¬1)». . احتسب وقت حضورك وتقدم، وإذا غبت فأنت معذور، وانصح لهم فيما ترى أنه أولى أن يتقدم، تجتهد في أن يتقدم للإمامة من هو من أهل السنة والجماعة، وإذا كنت حاضرا فتقدم وأحسن وأبشر بالخير. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673).

حكم اتخاذ مصلى آخر بخلاف مسجد القرية

264 – حكم اتخاذ مصلى آخر بخلاف مسجد القرية س: السائل من السودان يقول: إذا كان الناس بقرية يغلب عليهم الجهل بالدين هل يجوز أن يتخذوا مصلى آخر خلاف مسجد القرية؟ وإذا كانت مداومة الصلاة فيه تؤدي إلى الفتنة عند مناصحتهم ما حكم ذلك (¬1) ج: الواجب على أهل القرية أن يصلوا جميعا في مسجد واحد، وأن يتعاونوا على البر والتقوى؛ لأن صلاتهم في المسجد تعينهم على الخير والتعارف والتواصي بالحق والنصيحة، والذي يريد نصيحتهم يتيسر له ¬

_ (¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (396).

أن ينصحهم جميعا، أما إذا كانت القرية كبيرة، تباعدت أطرافها وجعلوا مسجدين للتباعد فلا بأس، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬1). إذا كان في ذلك مشقة يجعل في جانبها مسجد والآخر مسجد، أو في شرقها مسجد وغربها مسجد، إذا كانت متباعدة يشق عليهم الاجتماع في مسجد واحد فلا حرج، والواجب عليهم التعاون على البر والتقوى والتواصي والتناصح، والحذر من أسباب الشحناء والله المستعان. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 286

حكم الصلاة مع جماعة يجمعون الظهر والعصر بدون عذر

265 – حكم الصلاة مع جماعة يجمعون الظهر والعصر بدون عذر س: الأخ: م. إ. ف. م، من السودان، ومقيم في المملكة، يقول: هناك مكان نعمل فيه، ويوجد به عدد من الناس يقيمون صلاة الجماعة، لكني لا أكون معهم للأسباب الآتية: أولا: أنهم يجمعون صلاة الظهر والعصر دائما فهل تصح الصلاة معهم؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ليس للمسلم أن يجمع بين الصلاتين في الحضر من دون علة؛ كالمرض أو الاستحاضة للمرأة، بل يجب أن تصلى كل صلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (165).

في وقتها، ولا يجوز الجمع بين الصلاتين من دون علة شرعية، وما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى في المدينة ثمانيا جميعا وسبعا جميعا، يعني: الظهر والعصر والمغرب والعشاء هذا عند أهل العلم لعلة، قال بعضهم: إنه كان هناك وباء؛ مرض فشق على المسلمين، وجمع بينهم عليه الصلاة والسلام، ولم يحفظ إلا مرة واحدة عليه الصلاة والسلام، لم يحفظ أنه فعل إلا مرة واحدة، لم يحفظ أنه كان يفعل هذا في أوقات متعددة أو دائما، إنما جاء هذا مرة واحدة، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، عن النبي عليه الصلاة والسلام. وقال آخرون: إن الجمع صوري، وليس بحقيقي، وإنما صلى الظهر في وقتها في آخره، والعصر في أوله، والمغرب في آخره، والعشاء في أوله. وهذا رواه النسائي بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ثمانيا جميعا وسبعا جميعا أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء (¬1)» فسمي جمعا، والحقيقة أنه صلى كل صلاة في وقتها، وهذا جمع منصوص في الرواية من الصحيح عن ابن عباس، فيتعين القول به، وأنه جمع صوري، فلا ينبغي لأحد أن يحتج بذلك على الجمع بغير عذر. ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في كتاب المواقيت باب الوقت الذي يجمع فيه المقيم، برقم (589).

أما أنت أيها السائل فلك أن تصلي معهم الظهر والمغرب في وقتها، أما العشاء فلا تجمعها مع المغرب، ولا تصل معهم العصر ولا العشاء، هذا إذا كانوا من أهل السنة، أما إن كانوا من غير أهل السنة فلا تصل معهم حتى تعلم أنهم ليسوا يتعاطون شيئا من الشرك، كالذي يدعو البدوي، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهم من الناس هذا يعتبر من الشرك الأكبر: يا سيدي المدد المدد!! اشف مريضي!! انصرني، أغثني. هذا من الشرك الأكبر، فهؤلاء لا يصلى خلفهم، ولا يصلى معهم، بل ينصحون ويوجهون ويعلمون، فالحاصل أن الواجب على المسلم أن يتحرى في صلاته، وألا يصلي خلف من يظن به الشرك أو البدعة المكفرة، وأن يتحرى الأئمة الطيبين المعروفين بالاستقامة، والسير على مذهب أهل السنة والجماعة من أهل التوحيد والإيمان؛ حتى يحتاط لدينه ويحتاط لصلاته، ولا يصلي خلف القبوريين الذين يعرفون بالغلو في القبور ودعاء أهلها، كالذين يغلون في البدوي أو غير البدوي، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهم من الناس، ويطلبونهم المدد، يطلبون منهم الغوث، هذا كفر أكبر لا يصلى خلف صاحبه نسأل الله السلامة، لكن يدعى إلى الله، ويعلم وينصح ويوجه إلى الخير؛ لأن: «الدين النصيحة» (¬1) والله يقول سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (55). (¬2) سورة النحل الآية 125

ويقول سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (¬1). ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (¬2)» ويقول عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم (¬3)» هؤلاء يدعون إلى الله، ويعلمون ولا يصلى خلفهم؛ حتى يتوبوا إلى الله من الشرك، وحتى يدعوا ما عندهم من البدع المكفرة، نسأل الله للجميع الهداية. ¬

_ (¬1) سورة فصلت الآية 33 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره، برقم (1893). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإسلام. . . برقم (2942)، ومسلم كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم (2406).

حكم الصلاة في مسجد يوجد فيه بدع وأمور محدثة

266 – حكم الصلاة في مسجد يوجد فيه بدع وأمور محدثة س: يقول السائل: يوجد بالقرب من بيتنا مسجد، وأنا مواظب - والحمد لله - على الصلاة وصلاة الجماعة، ولكن هذا المسجد

يوجد فيه الكثير من البدع والأمور المحدثة، فما حكم صلاتي فيه؟ هل أتجنبه، أم أصلي في بيتي؟ وكذلك صلاة الجمعة هل تجوز معهم، أم أبحث عن مسجد آخر بعيدا جدا عن منزلي؟ وجهوني لذلك (¬1) ج: نعم، عليك أن تصلي معهم، وتنكر حسب طاقتك، تنكر البدع حسب طاقتك، إذا كانت البدعة غير مكفرة فعليك أن تنكر حسب طاقتك، وتنصح الناس، وتصلي معهم الجمعة والجماعة والحمد لله، فإن أجابوا فهذا هو الواجب، وإن لم يجيبوا فلك أن تنتقل إلى مسجد آخر ليست فيه بدعة، لكن صلاتك مع هؤلاء فيها مصالح بالإنكار عليهم، ودعوتهم إلى الخير، وإنكار البدعة عليهم على الإمام والمأمومين، على الذي يفعل البدعة بالأسلوب الحسن، بالأسلوب الذي يرجى فيه القبول، فإن لم يستجيبوا وأمكنك الانتقال إلى مسجد آخر فهذا حسن. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (367).

حكم الصلاة في مسجد قد نبشت القبور التي فيه

267 - حكم الصلاة في مسجد قد نبشت القبور التي فيه س: لقد سمعت من بعض الأشخاص أن الصلاة في مسجد العباس الموجود في مدينة الطائف لا تجوز؛ بحكم أن تحته قبور وأمامه

قبور، فهل هذا صحيح أم لا؟ أفتونا في ذلك (¬1) ج: ليس هذا بصحيح؛ لأن مسجد العباس قد نبشت القبور التي فيه، وهيئ للصلاة، وقام بهذا ولاة الأمور، وأمرهم عليه العلماء، فلا حرج في ذلك، فالصلاة فيه لا حرج فيها والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (67).

حكم الصلاة في مسجد بني من مال حرام

268 - حكم الصلاة في مسجد بني من مال حرام س: الأخ: س. ع. ف. ش، من الرياض، يسأل ويقول: ما حكم الصلاة في مسجد بناه رجل بمال أكثره من الحرام؟ هل يشمله حكم الصلاة في الأرض المغصوبة؟ فإن لم يكن يشمله فلماذا؟ نرجو أن تتفضلوا بمعالجة هذه القضية، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: المساجد التي تبنى بمال حرام، أو بمال فيه حرام لا بأس بالصلاة فيها، ولا يكون حكمها حكم الأرض المغصوبة؛ لأن الأموال التي فيها حرام، أو كلها من حرام تصرف في المصاريف الشرعية، ولا تترك ولا تحرق، بل يجب أن تصرف في المصاريف الشرعية؛ كالصدقة على الفقراء وبناء المساجد وبناء دورات المياه، ومساعدة المجاهدين وبناء القناطر وغير هذا من مصالح المسلمين، ولا يكون لها حكم ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (235).

الغصب؛ لأن الغصب مأخوذ بالقوة والظلم، أما هؤلاء دخلت عليهم الأموال من طرق غير شرعية، فالواجب عليهم صرفها في وجوه شرعية مع التوبة إلى الله من ذلك سبحانه وتعالى، والمال الذي صرف في هذه الجهات الشرعية يكون قد سلم صاحبه من أذاه مع التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، ويكون نفع به المسلمين بدلا من إتلافه وإحراقه.

الصفات الواجب توفرها في الإمام

269 – الصفات الواجب توفرها في الإمام س: سماحة الشيخ، إني أحبك في الله، وأسأل الله أن يحشرني وإياك ومن أحب في جنات النعيم. سماحة الشيخ، ما الصفات التي يجب أن تتوفر فيمن أراد أن يصير إماما في مسجد يؤم المصلين (¬1) ج: أولا: أحبك الله الذي أحببتنا له، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «قال الله عز وجل: وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في والمتباذلين في (¬2)» وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال «إن الله يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي (¬3)» أما الصفات التي ينبغي أن تكون في الإمام فقد بينها الرسول صلى الله عليه وسلم ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (323). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه برقم (21525). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الحب في الله برقم (2566).

بقوله: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سنا (¬1)» وفي رواية: «أقدمهم إسلاما (¬2)» فعليك يا أخي أن تجتهد في إتقانك للقرآن والعناية به، وحفظ ما تيسر منه، والتفقه في الدين، والتعلم حتى تعرف أحكام صلاتك، وأحكام سجود السهو، ونحو ذلك مما يعرض للإمام مع تقوى الله، والاستقامة على دينه والحذر من معصيته سبحانه وتعالى، فإذا اجتهدت في ذلك فأنت صالح للإمامة، وأهم شيء للإمامة التفقه في الدين والعناية بالقرآن الكريم، وحفظ ما تيسر منه مع الاستقامة على طاعة الله، والحذر من معاصيه سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). (¬2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673).

حكم صلاة الإمام إذا جهر في الصلاة السرية

270 - حكم صلاة الإمام إذا جهر في الصلاة السرية س: إمام صلى بنا صلاة سرية، ولكنه قد جهر فيها، فما هو توجيهكم (¬1) ج: لا شيء عليه، بل يسجد للسهو، ولكن لا يلزمه شيء؛ لأن الجهر والإسرار سنتان، ولو جهر بالسر، أو أسر بالجهر فلا شيء عليه والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (323).

حكم وضع شروط لا أصل لها من الشرع لإمامة المسجد

271 – حكم وضع شروط لا أصل لها من الشرع لإمامة المسجد س: بعض القرى عندنا تشترط شروطا غاية في الغرابة في الإمامة؛ إذ في هذه القرى لا بد من معرفة أصل الإمام، وأنه من سكان القرية الأصليين؛ بصرف النظر عن حفظه للقرآن وأهليته للإمامة، فهل هذان الشرطان لازمان للإمامة، أم إنهما بدعة؟ نرجو النصح والتوجيه جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذان الشرطان لا أصل لهما، المهم أن يكون معروفا بعدالته واستقامته وإجادته للقراءة، أما كونه من أهل البلد، أو من غير أهل البلد ليس بلازم، ولو كان غريبا إذا عرف صلاحه واستقامته فالحمد لله، المهم أن يكون صالحا للإمامة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة (¬2)» الحديث. ويقول صلى الله عليه وسلم: «ليؤمكم قراؤكم (¬3)» فالإمام يكون من خيرة الناس، سواء كان من أهل البلد الذين هم مستوطنون في البلد، مولودون فيها، أو ممن ورد إليها ونزل بها واستقر فيها، وإن كان ليس من أهلها إذا كان صالحا للإمامة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (212). (¬2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (590) وابن ماجه في كتاب الأذان والسنة فيه، باب فضل الأذان وثواب المؤذنين برقم (726).

حكم الصلاة خلف إمام غير عربي

272 – حكم الصلاة خلف إمام غير عربي س: أفيد سماحتكم بأننا في أحد الأعمال الواقعة في شرق مناطق أرامكو بالمنطقة الشرقية، ويوجد عندنا عدة مساجد، وأحدها مسجد جمعة، وأكثر من يؤدي الصلاة فيه جماعة من العجم؛ نظرا لقلة العرب، ولكن هؤلاء العجم يكتفون بالدعاء بعد الصلاة ولا يسبحون، ومع ذلك يسلمون مع الإمام مباشرة، وهل يجوز لنا نحن العرب أن نصلي معهم، وأكثر الأئمة منهم وخاصة إمام مسجد الجمعة، ولم يوجد إمام عربي يقوم بأداء الصلاة وخاصة الجمعة؟ أرجو إفادتنا، جزاكم الله عنا خير الجزاء (¬1) ج: ليس شرط الإمامة أن يكون الإمام عربيا، المهم أن يكون الإمام سليم العقيدة موحدا صاحب عقيدة طيبة، فإذا كان الإمام صاحب عقيدة طيبة، سواء كان عربيا أو عجميا لكن ينطق بالعربية، إذا كان صاحب عقيدة حسنة فإنه يجعل إماما ويقتدى به، وإذا صليت مع قوم إمامهم الذي يصلي بهم، وأنت لا تعرف حاله فصل معهم، ولا تترك الصلاة، صل معهم الجمعة والجماعة؛ لأن المسلمين شيء واحد، والواجب أن تقام هذه الشعائر، وأن يؤيد من قام بها، وإذا ظهر لك بعد ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (12).

ذلك أنه لا يحسن أن يكون إماما فينبغي لك أن تسعى في إبداله بغيره من أهل العقيدة الطيبة، وأن تتشاور مع أعيان المسجد، ومع أعيان الجماعة حتى يوجد من هو خير منه وأفضل منه في العقيدة والعلم، وتلتمس من توافرت فيه الشروط؛ شروط الإمامة من أي جنس كان من المسلمين فإنه يكون إماما، ويصلى خلفه، وأما ما ذكرت من جهة أنهم لا يذكرون الله، بل يدعون بعد السلام هذا خلاف السنة، السنة بعد السلام أن يقول: أستغفر الله. ثلاث مرات، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. يقوله الإمام والمنفرد والمأموم بعد صلاة الفريضة، ثم ينصرف الإمام للمأمومين بعد ما يقول هذا، وهو مستقبل القبلة بعد هذا ينصرف إلى المأمومين، ويستقبلهم كما جاء في حديث عائشة عند مسلم، وجاء معنى ذلك في حديث ثوبان «أن النبي عليه السلام كان إذا سلم استغفر ثلاثا، وقال: " اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام (¬1)» رواه مسلم في الصحيح. وذكرت عائشة رضي الله عنها «أن النبي كان يمكث مستقبل القبلة قدر ما يقول: " اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (591).

الجلال والإكرام " ثم ينصرف إلى الناس (¬1)» رواه مسلم أيضا. ثم بعد ذلك يشتغل بذكر الله، فقد كان النبي يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون (¬2)» «اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد (¬3)» وإن دعا بعد ذلك فلا بأس بينه وبين نفسه، والأفضل أن يقول بعد هذا: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، هكذا جاءت السنة، ويختم المائة بقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير (¬4)» كل هذا صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، من قوله وتوجيهه عليه الصلاة والسلام، وكذلك جاء عنه صلى الله عليه وسلم شرعية أن يقول: «سبحان ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (592). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (594). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، برقم (593). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته رقم (597).

الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر خمسا وعشرين مرة (¬1)» فالذكر بعد الصلاة أنواع منها: أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. خمسا وعشرين مرة، الجميع مائة. ومنها: أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة فقط، ولا يزيد عليها، تصير تسعا وتسعين، كما علمها النبي فقراء المهاجرين. ومنها أن يقول: سبحان الله، والحمد لله. ستا وستين، والله أكبر. أربعا وثلاثين، الجميع مائة، ومنها: أن يقول: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة تصير تسعا وتسعين، ويقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. كل هذا جاء في الحديث الصحيح. فينبغي للمؤمن أن يستعمل ذلك، وأن يلازم ذلك، وإذا أتى بهذا تارة وهذا تارة كله حسن. وأما كونه يسلم مع الإمام فالأفضل خلافه، السنة أن يكون بعد الإمام، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود، ولا بالقيام ولا ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه برقم (21090) والترمذي في كتاب، الدعوات، باب منه برقم (3413) والنسائي في كتاب السهو باب نوع آخر من عدد التسبيح برقم (1351).

بالانصراف (¬1)» فالسنة أن يسلم الإمام أولا، ثم يتبعه المأموم، إذا سلم الإمام سلم المأموم بعد التسليمتين، يسلم الإمام تسليمتين أولا، ثم يتبعه المأموم فيسلم، وإن سلم بعد الأولى سلم الأولى بعد الأولى، وسلم الثانية بعد الثانية فلا حرج، لكن الأفضل أن يقف، وألا يسلم حتى يفرغ الإمام من التسليمتين، فإذا فرغ الإمام من التسليمتين سلم المأموم، هذا هو الأفضل، وهذا هو الموافق لظاهر السنة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما، برقم (426).

بيان معنى حديث أفتان أنت يا معاذ

273 - بيان معنى حديث (أفتان أنت يا معاذ) س: سائل يقول: ذكر ابن القيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكر على معاذ لقراءته سورة البقرة، فقال: «يا معاذ أفتان أنت؟ (¬1)» فتعلق الناقرون بهذه الكلمة، ولم يلتفتوا إلى ما قبلها ولا إلى ما بعدها. ما المقصود بقوله: ما قبلها وما بعدها؟ ومن هم الناقرون؟ جزاكم الله خيرا (¬2) ج: النبي صلى الله عليه وسلم أرشد الأئمة إلى أن يرفقوا بالناس، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من شكا إمامه إذا طول، برقم (705)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، برقم (465). (¬2) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (363).

فقال صلى الله عليه وسلم: «إذا أم أحدكم الناس فليخفف، فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف المريض (¬1)» فالواجب على الإمام أن ينظر في الأمر، وألا يشق على الناس، وقدوتنا الرسول، وأن يأخذوا القدوة من الرسول - عليه الصلاة والسلام - في أفعاله كلها؛ لقوله سبحانه وتعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (¬2). فالنبي عليه الصلاة والسلام يصلي صلاة وسطا ليس فيها إطالة تشق على الناس، فالواجب على الأئمة أن يتأسوا بالرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يقتدوا به في الصلوات الخمس كلها؛ حتى لا ينفروا الناس، وحتى لا يشجعوهم على ترك الصلاة جماعة، فإذا صلى صلاة وسطا ليس فيها مشقة على الناس سمع الناس، وصلوا جماعة ورغبوا في الصلاة، وتواصوا بأدائها في المساجد؛ ولهذا قال عليه والسلام: «يا أيها الناس، إن منكم منفرين - يعني: منفرين في صلاة الجماعة - فمن أم الناس فليخفف (¬3)» ولهذا قال لمعاذ: «أفتان يا معاذ؟ (¬4)». فقال بعدها: «هلا قرأت " و: و: ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذ صلى لنفسه فليطول ما شاء، برقم (703) ومسلم في كتاب الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام برقم (467) واللفظ له. (¬2) سورة الأحزاب الآية 21 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب من شكا إمامه إذا طول، برقم (704). (¬4) صحيح البخاري كتاب الأذان (705)، صحيح مسلم الصلاة (465)، سنن النسائي الإمامة (835)، سنن أبو داود الصلاة (790)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (986)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 308)، سنن الدارمي الصلاة (1296). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، برقم (465). (¬6) سورة الأعلى الآية 1 (¬5) {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (¬7) سورة الليل الآية 1 (¬6) {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}

و (¬2)» هذا من بعده، اللهم صل عليه وسلم، قبلها: «أيكم أم الناس فليخفف (¬3)». ثم أردف: «هلا قرأت " و:،. (¬8)» يعني: في أوسط الأمور، فقد كان عليه الصلاة والسلام يقرأ بها في العشاء والظهر والعصر، أما في الفجر فكان يقرأ أكثر من ذلك؛ فيقرأ في الفجر بـ: {وَالطُّورِ} (¬9) {وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} (¬10) و: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} (¬11) و: {الْوَاقِعَةُ} (¬12) وما أشبهها عليه الصلاة والسلام، فالفجر يطول فيها بعض الطول، وفي الظهر والعصر والمغرب والعشاء يقرأ بأوسط السور، والمغرب في بعض الأحيان بالقصار ويطول فيها بعض الأحيان، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لكن الأغلب القصار. ¬

_ (¬1) سورة الشمس الآية 1 (¬7) {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} (¬2) سورة العلق الآية 1 (¬1) {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (¬3) صحيح البخاري الأذان (703)، صحيح مسلم الصلاة (467)، سنن الترمذي الصلاة (236)، سنن النسائي الإمامة (823)، سنن أبي داود الصلاة (795)، مسند أحمد (2/ 537)، موطأ مالك النداء للصلاة (303). (¬4) صحيح البخاري الأذان (705)، صحيح مسلم الصلاة (465)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (836). (¬5) سورة الأعلى الآية 1 (¬4) {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (¬6) سورة الانشقاق الآية 1 (¬5) {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} (¬7) سورة الشمس الآية 1 (¬6) {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} (¬8) سورة الشمس الآية 2 (¬7) {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} (¬9) سورة الطور الآية 1 (¬10) سورة الطور الآية 2 (¬11) سورة القمر الآية 1 (¬12) سورة الواقعة الآية 1

بيان كيفية التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة

274 - بيان كيفية التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة س: يسأل أخونا عن عبارات ابن القيم عليه رحمة الله، فيقول: قال ابن القيم: التخفيف أمر نسبي يرجع فيه إلى ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، لا إلى شهوات المأمومين. ما المقصود بالأمر النسبي؟ وما المقصود بشهوات المأمومين (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (363).

ج: ما تقدم إذا تأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم في التخفيف، فيقرأ كما كان يقرأ النبي، ويركع كما ركع، ويسجد كما سجد، يكون متوسطا لا مطيلا ولا ناقرا، بين النقر وبين الإطالة التي تشق على الناس، هذا هو التأسي بالنبي عليه الصلاة والسلام، ولا يتأس بالنقارين الذين يسرعون في الصلاة؛ حتى لا يتمكن الناس من أداء المشروع، ولا يتأس بالمطولين المنفرين، ولكن بين ذلك، والأسوة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬1)» وقال الرب جل وعلا: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (¬2). والتأسي بالنبي هذا هو التوسط. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631). (¬2) سورة الأحزاب الآية 21

توجيه بشأن إطالة الإمام للصلاة

275 – توجيه بشأن إطالة الإمام للصلاة س: سائل يقول: حصل خلاف بيني وبين صديق لي في العمل، صلى ذات مرة خلفي ويقول: إنك أطلت الصلاة. علما بأن صحته جيدة، ولا يشكو من أي شيء، فما هو توجيهكم لي ولأمثالي؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: عليك أن تراعي المأمومين، السنة للمؤمن إذا كان إماما أن يراعي المأمومين؛ حتى لا يشق عليهم، فيصلي صلاة متوسطة ليس فيها طول ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (263).

يشق على الناس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أم أحدكم الناس فليخفف، فإن فيهم الصغير والكبير والضعيف والمريض (¬1)» فالمشروع للإمام أن يراعي المأمومين؛ لأنه يكون فيهم المريض وكبير السن وصاحب الحاجة، فلا يعجل فيخل بالصلاة، ولا يطول فيشق عليهم، ولكن بين ذلك صلاة معتدلة، يقرأ الفاتحة وما تيسر معها في الأولى والثانية، ويقرأ في الأخيرتين الفاتحة، ويطمئن في الركوع والسجود، وبين السجدتين أيضا ويطمئن ولا يعجل، وهكذا عند قيامه في الركوع والوقوف وبعد الركوع، لا يعجل يطمئن ويعتدل هكذا، لكن لا يطيل إطالة تشق على الناس. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب من شكا إمامه إذا طول، برقم (704).

حكم إطالة الصلاة على المأمومين

276 - حكم إطالة الصلاة على المأمومين س: ما حكم الإسلام في الإمام الذي يطيل في الصلاة زيادة عن اللازم؟ نصحناه إلا أنه رفض النصح، وعندما نشير إلى إطالته يقول: بإمكانكم الصلاة في مساجد أخرى (¬1) ج: هذا ينصح، يبين له ما جاءت به السنة، يعطى كتاب الصلاة لابن القيم، كذلك ما يوجد في الكتب التي تبين صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لعله يقنع إن شاء الله، المقصود أنه ينصح ويوجه من أهل ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (356).

العلم، من الأخيار الذين يقدرهم ويعرف فضلهم وعلمهم، يشار عليهم أن ينصحوه إذا كان يطيل وينفر الناس، أما النصيحة من العامة ما تفيده، لكن يشار على أهل العلم، ويطلب منهم أن ينصحوه إذا كان عمله منفرا وفيه طول كثير؛ حتى يستفيد إن شاء الله من إخوانه.

حكم الصلاة خلف الصبي المميز

277 - حكم الصلاة خلف الصبي المميز س: السائل: ع. م. من الجبيل: في الفقه المالكي، وفي كتاب فتح الباري على صحيح البخاري: لا تجوز صلاة الصبي إلا لمثله في الإمامة، وكذلك لا تجوز الصلاة خلف متنفل أو مسبوق. فما هو الحكم في ذلك؟ وما هو توجيهكم حيال ما ورد (¬1) ج: لقد صحت الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ بأن الصبيان مأمورون بالصلاة إذا بلغوا سبعا، ويضربون عليها إذا بلغوا عشرا. وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه صلى بالناس عليه الصلاة والسلام صلاة الخوف ركعتين فرضه وفرض الجميع فرض من خلفه، وصلى بطائفة أخرى ركعتين نافلة له، وهي لهم فريضة، فدل ذلك على أنه لا حرج أن يصلي المفترض خلف المتنفل. وثبت عن معاذ رضي الله عنه أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (325).

فرضه، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، فهي له نافلة، ولهم فرض. وفي صحيح البخاري عن عمرو بن سلمة الجرمي رضي الله عنه أنه كان يؤم جماعته وهو ابن سبع سنين؛ لأنه كان أكثرهم قرآنا، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآنا (¬1)» وكان عمرو أكثرهم قرآنا، فكان يصلي بهم، فدل ذلك أنه لا حرج أن يؤم الصبي الكبار إذا كان ابن سبع سنين فأكثر، وكان يعقل الصلاة، وكان أكثرهم حفظا للقرآن؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم إسلاما (¬2)» وفي لفظ: " فأكبرهم سنا " (¬3) وفي حديث عمرو بن سلمة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا (¬4)» ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب وقال الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب.، برقم (4302). (¬2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). (¬3) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب وقال الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب.، برقم (4302).

فالمقصود أن الصبي إذا كان أكثر من غيره قرآنا، وكان يعقل الصلاة، ويؤديها كما ينبغي فلا حرج أن يؤم الكبار؛ لما جاء في هذا الحديث الصحيح في قصة عمرو بن سلمة، ومن قوله عليه الصلاة والسلام: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (¬1)» الحديث. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673).

س: يقول السائل: هل تجوز إمامة الصبي الذي عمره ثلاث عشرة سنة؟ وهل يجوز أن يخطب يوم الجمعة (¬1) ج: لا حرج في إمامة الصبي إذا كان جيد القراءة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (¬2)» وهذا يعم الصبي ويعم غيره. وقد ثبت في الصحيح من حديث عمرو بن سلمة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا (¬3)» قال: فقدموني وأنا ابن سبع سنين؛ لأني كنت أكثرهم قرآنا. هذا من الأدلة أنه إذا كان الصبي يقرأ القرآن ويجيد القراءة فإنه يقدم؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (¬4)» إذا ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (288). (¬2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب وقال الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب.، برقم (4302). (¬4) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673).

كان يعقل الصلاة من سبع فما فوق.

س: إذا دخلت المسجد وقد فاتتني الصلاة، ووجدت أولادا صغارا يصلون في جماعة، وإمامهم عمره عشر سنوات تقريبا، هل أصلي معهم (¬1) ج: نعم صل معهم، يجوز أن يكون الإمام ابن عشر سنين أو أقل أو أكثر، فقد ثبت أن عمرو بن سلمة الصحابي الجليل صلى بأصحابه وهو ابن سبع سنين؛ لأنه كان أكثرهم قرآنا، فلا بأس أن يكون الإمام دون البلوغ كابن عشر، وابن ثمان وابن إحدى عشرة ونحو ذلك، وليس من شرط الإمامة التكليف، المهم أن يكون يحسن الصلاة ويحسن القراءة، فإذا وجدت إماما دون التكليف يصلي بالناس صل معهم، ولا تقل: هذا صغير. فقد ثبت في صحيح البخاري عن عمرو بن سلمة رضي الله عنه؛ أنه ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآنا (¬2)» قال: فنظروا - نظر قومه - فلم يجدوا أحدا أكثر مني قرآنا، فقدموني وأنا ابن ست أو سبع سنين. والرواية تحمل على أنه كان ابن سبع؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر (¬3)» فأقل ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (106). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب وقال الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب.، برقم (4302). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، برقم (495) واللفظ له.

شيء يكون فيه الإمام ويؤمر به في الصلاة بوضوء هو السبع، وهذا الحديث حجة في ذلك.

س: يسأل ويقول: أنا تلميذ في الصف الثالث الإعدادي، وأبلغ من العمر الخامسة عشرة، وأحيانا أصلي بوالدي وبعض الأصدقاء إماما، فهل في هذا شيء؟ علما بأنهم غير متعلمين ولا يعرفون القراءة (¬1) ج: لا حرج في ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (¬2)» فإذا صليت بهم النافلة أو بالليل أو الفجر، إذا فاتتك مع المسجد فلا حرج أن تؤمهم، كان عمرو بن سلمة يؤم جماعته وهو ابن سبع سنين؛ لأنه كان أقرأهم، فالمقصود أنك إذا كنت أقرأهم فأنت أولى بالإمامة، لكن ليس لك أن تصلي في البيت، بل يجب أن تصلي مع المسلمين في المسجد، وعلى أبيك وعلى أهل البيت من الرجال يجب عليهم أن يصلوا في المساجد، لكن صلاة النافلة وصلاة الليل وصلاة الضحى إذا صليت بهم أحيانا، وإذا قدر أن الصلاة فاتتك في المسجد وصليت بهم فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (443). (¬2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673).

س: هل يجوز لي أن أصلي بالناس ووالدي موجود (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (364).

ج: نعم إذا كنت أقرأهم تصلي بالناس، ولو كان أبوك موجودا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما (¬1)» يعنى: إسلاما. وفي اللفظ الآخر: «فأكبرهم سنا (¬2)» فإذا كنت أعلم من أبيك فأنت تؤمهم. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). (¬2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673).

حكم اشتراط الزواج لمن يؤم المصلين

278 - حكم اشتراط الزواج لمن يؤم المصلين س: هل يجوز أن أصلي أنا وأخي جماعة؟ علما بأنه غير متزوج؛ إذ إنه في بلدنا يقولون: يجب أن يكون الإمام متزوجا، فهل هذا صحيح (¬1)؟ ج: لا أصل لهذا الشرط، فيجوز أن يكون الإمام متزوجا أو غير متزوج، ولا حرج في ذلك، هذا قول باطل، الإمام ليس من شرطه أن يكون متزوجا، وإذا صليت مع أخيك صلي خلفه لا تصفي معه، المرأة لا تصف مع الرجال، إذا صليت معه في الليل مثلا في تهجد الليل تقفين خلفه، وهو لا يصلي في البيت الفرائض، بل يلزمه أن يصلي مع الناس في الفريضة ولا يصلي في البيت، وإذا صلى في البيت بأن فاتته الصلاة؛ بنوم أو نحوه أو صلاة النافلة بالليل، وصليت معه فلا بأس، ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (328).

لكن لا تقفي عن يمينه ولكن خلفه؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر النساء أن يكن خلف الرجال، وصلت معه أم سليم مع ابنها أنس، فصف أنس معه صلى الله عليه وسلم وصفت خلفهم. وفي الحديث الآخر: صف أنس واليتيم خلف النبي، وهي من ورائهم.

حكم الجهر بالبسملة

279 - حكم الجهر بالبسملة س: لدينا بعض الأئمة يجهرون في صلاة الفرض بالبسملة، فما حكم ذلك؟ وهل هو مكروه؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يجهر بها كما يقال، ولم ينبه عنها، وهل يأثم من اقتدى بالإمام؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الجهر بالبسملة خلاف السنة، السنة أن يسر بالبسملة، هذا هو المحفوظ عن النبي عليه الصلاة والسلام، كما رواه أنس وغيره عن النبي عليه الصلاة والسلام، لكن إذا جهر بها بعض الأحيان للتعليم والفائدة؛ حتى يعلم الناس أنها تقرأ فلا حرج في ذلك، أما استمراره عليها ومداومته على الجهر فهو خلاف السنة، وأقل أحواله الكراهة، فينبغي أن ينصح من فعل ذلك ويوجه إلى الخير. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (67).

حكم الصلاة خلف من يجهر بالبسملة

280 - حكم الصلاة خلف من يجهر بالبسملة س: ما حكم الصلاة وراء من يبسمل قبل الفاتحة عند الصلوات

الجهرية؟ هل تجوز الصلاة وراءه (¬1)؟ ج: لا بأس بذلك؛ لأن بعض أهل العلم يرى شرعية الجهر بها، فلا حرج في ذلك، لكن الأفضل الإسرار بها، كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر بها في الجهرية عليه الصلاة والسلام، وروي عن بعض الصحابة الجهر بها، فإذا جهر بها بعض الناس يصلى خلفه؛ لأنه قول معروف لبعض أهل العلم. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (185).

بيان كيفية الحذر من الوساوس في الصلاة

281 - بيان كيفية الحذر من الوساوس في الصلاة س: الأخ: س. ع. م سوداني، يعمل في اليمن، يقول: هل يؤثر الوسواس في صلاة المؤتم (¬1) ج: المشروع للمؤمن سواء كان إماما أو مأموما أو منفردا أن يعتني بصلاته، وأن يقبل عليها بقلبه وقالبه، وأن يخشع فيها، وأن يحذر الوساوس التي تشغله عنها، كما قال الله سبحانه بوصف لأهل الإيمان: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬2) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬3). فالمؤمن يقبل على صلاته، وينظر إلى موضع سجوده، ويشتغل بها في أداء ما أوجب الله فيها وما شرع من القراءة والأذكار الشرعية في الركوع والسجود، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (193). (¬2) سورة المؤمنون الآية 1 (¬3) سورة المؤمنون الآية 2

وفي حال الاعتدال، وفي حال الجلوس بين السجدتين، يعني: يشتغل فيها بما شرع الله، ويقبل عليها بقلبه، ويجمع قلبه عليها؛ حتى لا يشغل بغيرها. هكذا ينبغي للمؤمن والمؤمنة الإقبال على الصلاة والعناية بها وإحضار القلب فيها، والخشوع فيها والسكون وعدم العبث، وأن يعنى بجميع ما شرع الله فيها، وأن يستحضر أنه بين يدي الله، وأن الله جل وعلا يشاهده، وأنه بين يدي ربه سبحانه وتعالى، فليستحضر ذلك، وأنه كأنه يشاهد الله، كما في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك (¬1)» فالمؤمن يستحضر كأنه يشاهد الله؛ حتى يجمع قلبه على الصلاة، وحتى يخشع، فيها فإن لم يتم له ذلك فليعلم أن الله يشاهده، وأن الله يراه وأن الله يقبل على عبده المصلي ما دام المصلي يقبل عليه سبحانه؛ حتى لا يشغل عنها بالوساوس، لكن لو عرض له وسواس ما يضر صلاته ما يبطلها، لكن ينقص أجرها، كلما زادت الوسوسة نقص الأجر. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي عليه السلام، برقم (50) ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم (9).

بيان كيفية الخشوع في الصلاة

282 - بيان كيفية الخشوع في الصلاة س: ما هو السبيل في عدم الشعور بالصلاة والخشوع فيها، حيث إنني أكون إماما لأهل الحي في الصلوات الخمس ولله الحمد، ولكن كل

محاولاتي لحفظ القرآن وتجويد القراءة أثناء الصلاة أشعر بأنني أرائي الناس فيها، خاصة الصلوات الجهرية، حيث إنني أحسن من الصوت وإطالة القراءة؛ حتى يخيل إلي أني أفعل ذلك من أجل إشعار الناس بأنني أهل للإمامة، ما حكم ذلك؟ ثم إذا كان هذا دأبي فهل تصح صلاتي؟ وهل بإمكاني التخلي عن إمامة الناس في الصلاة؟ مع أنني أكثر من التعوذ من الرياء في السجود، وأدعو الله كثيرا في سجودي أن يجعل عملي وصلاتي خالصة لوجه الله تعالى، ماذا تنصحونني سماحة الشيخ؟ جزاكم الله خيرا وبارك فيكم (¬1) ج: عليك يا أخي أن تستمر في عملك هذا من سؤال الله التوفيق والإخلاص، والحرص بالتعوذ بالله من الرياء، وأبشر بالخير، ودع عنك الوساوس التي يمليها الشيطان بأنك تقصد الرياء وتحسين صوتك لأجل مدح الناس، أو ليقولوا: إنك أهل للإمامة. دع عنك هذه الوساوس وأبشر بالخير، وأنت مأمور بتحسين الصوت في القراءة؛ حتى ينتفع بك المأمومون، ولا عليك شيء مما يخطر من هذه الوساوس، بل حاربها بالتعوذ بالله من الشيطان، وسؤال الله التوفيق والهداية والإعانة على الخير، وأنت على خير عظيم، واستمر ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (163).

في الإمامة، وأحسن إلى إخوانك واجتهد في تحسين الصوت، فقد جاء الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «ليس منا من لم يتغن بالقرآن يجهر به (¬1)» يعني: يحسن صوته بالقراءة؛ لأن تحسين الصوت بالقراءة من أعظم الأسباب للتدبر والتعقل والفهم للمعنى، والتلذذ بسماع القرآن. وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به (¬2)» يعني: ما استمع سبحانه لشيء كاستماعه لنبي، والاستماع الذي يليق بالله لا يشابه صفة المخلوقين، فإن صفات الله عز وجل تليق به سبحانه، لا يشابهه فيها خلقه جل وعلا، كما قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (¬3)، ولكن يدلنا هذا على أنه سبحانه وتعالى يحب تحسين الصوت بالقراءة، ويحب أن القراء يجتهدون في تحسين أصواتهم؛ حتى ينتفعوا وحتى ينتفع من يستمع لقراءتهم. وما يخطر ببالك من الرياء فهو من الشيطان، فلا تلتفت إلى ذلك، وحارب عدو الله ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) برقم (7527). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: الماهر بالقرآن مع الكرام البررة ... ، برقم (7544) ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن برقم (792). (¬3) سورة الشورى الآية 11

بالاستعاذة بالله منه والاستمرار في تحسين صوتك، والإحسان في قراءتك مع الخشوع في ركوعك وسجودك وسائر أحوال الصلاة، وأنت على خير إن شاء الله، ونسأل الله لك التوفيق والثبات على الحق.

حكم الصلاة خلف من لا يحسن قراءة القرآن

283 - حكم الصلاة خلف من لا يحسن قراءة القرآن س: ما حكم الصلاة خلف من لا يحسن قراءة القرآن، ويلحن في سورة الفاتحة (¬1) ج: إن كان لحنه يحيل المعنى لم تصح الصلاة خلفه إلا بمثله، يعني: يحيل المعنى أمي، أما إن كان لا يحيل المعنى مثل أن يقول: الحمد لله. ينصب الدال، أو: الحمد لله. يجر الدال، أو يقول: الرحمن الرحيم. أو: الرحمن الرحيم. هذا ما يضر، أو: إياك نعبد. أو: نعبد. على لغة بعض البادية ما يضر هذا. لكن إذا قال: إياك. هذا يضر، أو قال: أنعمت. أو: أنعمت. هذا يضر؛ لأنه يحيل المعنى، يعلم فإن لم ينفع التعليم لا يصلي خلفه إلا واحد مثله، ما فيه حيلة، يعجز عامي مثله أمي هذا يصح أن يصلي بمثله، أما أن يصلي بواحد يعرف فلا يجوز، وهو إن كان يستطيع الإصلاح ما يجوز، يلزمه أن يغير لسانه، يلزمه أن يتعلم، حرام عليه أن يتكلم بما يحيل المعنى، والغالب أن الإنسان ما يمكن أن ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (232)؟

يقول: إياك نعبد. أو: أنعمت. إلا غلطانا، ثم إذا نبه تنبه؛ لأن معناها واضح، ما يكلفه أن يقول: {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (¬1). يخاطب ربه، أما كونه يقول: أنعمت. يخاطب المرأة. أو: أنعمت. يعني نفسه هذا لحن فاحش، كل إنسان يستطيع أن يغير لسانه ويتعلم. أو: إياك. يخاطب المرأة ما يصلح، كل إنسان يستطيع أن يغير لسانه، إذا علم يتعلم أما كونه لحنا لا يحيل المعنى، ولا يغير المعنى مثل ما يقرأ بعض الناس: الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم , ما يضر، هذا لحن ما يخل بالمعنى. ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 7

حكم الصلاة خلف الإمام الذي يلحن في قراءة الفاتحة

284 - حكم الصلاة خلف الإمام الذي يلحن في قراءة الفاتحة س: مستمع يسأل عن حكم الصلاة خلف الإمام الذي يلحن في قراءة الفاتحة لحنا جليا، مثل أن يقرأ: {نَسْتَعِينُ} (¬1) بالضم، يقرؤها: نستعين. بالكسر أو الفتح، ومثل أن يقرأ {الْمَغْضُوبِ} (¬2) وهي بالكسر، فيقرؤها: المغضوب. بالفتح وهكذا، هل تبطل صلاته وصلاة من خلفه؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬3) ج: هذا اللحن لا يغير المعنى، فالصلاة صحيحة، صلاته وصلاة من ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 5 (¬2) سورة الفاتحة الآية 7 (¬3) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (297).

خلفه بمثل هذا اللحن من الإعراب لا يغير المعنى، وقل أن يسلم منه العامة وغير العامة، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين. أو: الحمد لله رب العالمين. أو قال: إياك نعبد وإياك نستعين. أو ما أشبه ذلك. أو غير المغضوب عليهم. كل هذا لا يضر ليس بمخل للمعنى، ولا يغير المعنى، الذي يغير المعنى لو قال: صراط الذين أنعمت عليهم. أو: أنعمت عليهم. هذا الذي يغير المعنى. أو قال: إياك نعبد وإياك نستعين. يعني الخطاب للمرأة، هذا يغير المعنى. أما الضم والفتح والكسر إذا كانت لا تغير المعنى مثل ما تقدم فإنه لا يبطل الصلاة، لكن يعلم ويوجه، يعلمه إخوانه ويرشدونه بعد الصلاة.

حكم الصلاة خلف الإمام الذي لا يجيد قراءة القرآن

285 - حكم الصلاة خلف الإمام الذي لا يجيد قراءة القرآن س: هل تصح الصلاة جماعة مع إمام راتب وهو لا يجيد القراءة، ومن المأمومين من يجيد القراءة أحسن منه (¬1) ج: لا مانع من أن يصلى معه وإن كان لا يجيد القراءة إجادة كاملة، إذا كان يؤدي قراءة مجزئة في الفاتحة وفي غير الفاتحة لا بأس، وإن كان غيره أجود منه، إذا كانت قراءته ليس فيها لحن من حيث المعنى فلا بأس أن يصلى معه. وإذا تيسر من هو خير منه، وتيسر أن يعين بدلا منه فهذا أحسن من دون تشويش، أما إذا كان بتشويش أو فتن فلا، أما إذا كان لا يجيد القراءة؛ كأن يلحن لحنا يحيل المعنى فهذا لا يجوز ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (176)؟

تنصيبه، ولا الصلاة خلفه إلا بأجناسه وأمثاله من الأميين الذين لا يحسنون القراءة، بل يجب أن يعزل ويلتمس من يقوم مقامه، فالذي – مثلا - يقول {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (¬1) أهدنا. من الإهداء هذا لحن يحيل المعنى، أو يقول إياك نعبد وإياك نستعين. أو يقول: أنعمت. أو: أنعمت. هذه كلها لحن من حيث المعنى، نسأل الله السلامة، فمثل هذا ما يترك إماما، ويعلم حتى يعرف كيف يقرأ، ولو كان مأموما يعلم حتى يعرف القراءة الشرعية، لكن لا يجوز أن يكون إماما في مثل هذا، بل يجب أن يفصل ويلتمس من يؤم الناس من هو أصلح منه. ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 6

س: سائل يسأل ويقول: نحن في قرية في مصر، وقريب من بيتنا مسجد صغير، لكن إمام المسجد لا يقرأ القرآن على الطريقة الصحيحة، كثيرا ما نبهناه إلى ذلك، ولكن لا فائدة، هل يجوز أن نصلي في منازلنا طالما أنه يخطئ في قراءة القرآن الكريم (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل، إذا كان اللحن لا يغير المعنى فالواجب عليكم أن تصلوا معه، تؤدوا الجماعة، أما إن كان يغير المعنى فالواجب تنبيهه حتى يستقيم، أو يعزل، يجتمع الجماعة على عزله والتماس من هو خير منه، فإذا كان لحنه في مثل: الحمد لله رب العالمين. أو: الحمد لله رب ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (254).

العالمين. ما يضر، المعنى صحيح، وله وجه من العربية. أو: الرحمن الرحيم. أو: الرحمن الرحيم. أو ما أشبه ذلك من اللحن الذي لا يغير المعنى فلا بأس، لا يضر هذا. أو قال: اهدنا الصراط المستقيم. أو: الصراط المستقيم. ما يغير المعنى، لكن لو غير المعنى وجب تنبيهه حتى يستقيم مثل: إياك. هذا يغير المعنى. أو: صراط الذين أنعمت عليهم. هذا للمتكلم، لا يصلح. أو: أنعمت. هذا خطاب للمرأة ما يصلح يغير المعنى، هذا يجب أن ينبه عليه حتى يغير الإمامة حتى يستقيم لسانه؛ لأن هذا لحن يغير المعنى، لا تستقيم معه القراءة، لا بد أن يعيد القراءة بالوجه الشرعي، فيعيد: {أَنْعَمْتَ} (¬1)، ويعيد {إِيَّاكَ} (¬2) بالفتح؛ حتى تستقيم القراءة، وإذا لم يستطع يبدل يعزل، وهكذا في الآيات الأخرى خارج الفاتحة يراعى فيها المعنى، فإن كان اللحن لا يغير المعنى فالأمر في هذا واسع، وغيره أفضل منه ممن يقيم الألفاظ، أما إذا كان يغير المعنى فإن الواجب عزله وإبداله بمن يصلح للإمامة، ولا يجوز لكم الجلوس في البيت والصلاة في البيت، بل يجب أن تصلوا في المسجد، وأن تعملوا ما يلزم من إصلاح وضعه أو إبداله بغيره. ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 7 (¬2) سورة الفاتحة الآية 5

حكم الصلاة خلف من يقع في اللحن الجلي

286 - حكم الصلاة خلف من يقع في اللحن الجلي س: سائل يصف بعض الأئمة بقوله: يقع أكثرهم في اللحن الجلي؛ كإبدال حرف مكان حرف، أو حركة مكان حركة، أو ترك المد الطبيعي، أو المد الواجب، وعدم الإظهار في موضع الإظهار، وكذلك عدم الإدغام في موضعه. وقد قرأنا لأهل العلم أن من يقع في اللحن الجلي لا تنبغي الصلاة خلفه. أفتونا رحمكم الله، هل نصلي خلف هؤلاء، أم يكون ذلك عذرا يبيح لنا الصلاة في بيوتنا، حتى لو أديناها فرادى؟ وقد نصحنا لهم كثيرا، ولكن لا سامع منهم ولا مجيب (¬1) ج: اللحن قسمان أيها السائل، وأيها المستمع: لحن يحيل المعنى فهذا ينبه عليه الإمام حتى يعتدل في القراءة، مثل أن يقرأ: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (¬2) أنعمت بضم التاء، أو أنعمت بكسر التاء، هذا غلط عظيم ينبه حتى يعدل القراءة. أو يقرأ: {إِيَّاكَ} (¬3) بكسر الكاف، يخاطب المرأة، يعدل ينبه حتى يعدل القراءة. أما اللحن الذي لا يحيل المعنى مثل: إظهار في محل إخفاء أو في محل إدغام، أو إدغام في محل إظهار هذا ما يضر، ما يحيل المعنى، ولا يستوجب التخلف عن الصلاة، بل هذا من باب تحسين القراءة، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (248). (¬2) سورة الفاتحة الآية 7 (¬3) سورة الفاتحة الآية 5

كذلك المد المتصل والمد اللازم، إن مد فهو أكمل للقراءة، وإلا ما يضر ولا يخل بالمعنى، وينبغي لك أيها السائل ألا تتشدد في الأمور، وألا تغلو، فالتجويد في هذه المسائل من باب تحسين القراءة، وليس من باب الإلزام، ولكن من باب التحسين للقراءة، وتجويدها وتقويتها، وإذا قرأ قراءة عربية ليس فيها ما يغير المعنى فلا بأس، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين. ما يضر، رب العالمين له معنى في الإعراب، يعني: هو رب العالمين مقطوع. أو قرأ: (الحمد لله رب العالمين). له معنى في العربية، معناها: أعني رب العالمين. منصوب بتقدير فعل محذوف، وإن كانت القراءة المتبعة {رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬1) نعت لما قبلها: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ} (¬2)، هذه هي القراءة المعلومة، والذي ينبغي للقارئ أن يلاحظها، لكن لو رفع أو نصب ما يضر، ما يخل بالمعنى، أو قال في قراءته: اهدنا الصراط المستقيم. أو: الصراط المستقيم. ما يضر بالمعنى. أو أظهر في محل الإدغام، أو أدغم في محل الإظهار، أو أظهر في محل الإخفاء لا يضر ذلك في المعنى، ولا يخل بالمعنى، فلا ينبغي للمؤمن أن يتشدد في هذه المسائل، بل يجتهد في توصية أخيه بأن يحسن القراءة، يجودها حتى تكون قراءة حسنة جيدة ماشية على الطرق المتبعة والقواعد المعمول بها. ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 2 (¬2) سورة الفاتحة الآية 2

حكم الصلاة خلف إمام يقع في أخطاء كثيرة عند قراءته للقرآن

287 - حكم الصلاة خلف إمام يقع في أخطاء كثيرة عند قراءته للقرآن س: الأخ: خ. ع. د. من الأحساء، يقول: أسأل عن حكم الصلاة خلف إمام عليه أخطاء كثيرة في قراءته لسورة الفاتحة، وسور أخرى من القرآن الكريم، مع أن هناك أناسا يحفظون أكثر منه. وجهونا في ضوء ذلك (¬1) ج: الأفضل أن يتقدم بالناس أقرؤهم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (¬2)» يعني: أجودهم قراءة، هذا هو السنة، هذا هو المشروع، لكن إذا كان لحنه خفيفا صحت صلاته، إذا كان لحنه لا يغير المعنى صحت صلاته، مثل إذا قرأ: الحمد لله رب العالمين. أو: الحمد لله رب العالمين. أو: الرحمن الرحيم. أو: مالك يوم الدين. ما يضر هذا، ما يغير المعنى، أما إذا كان يغير المعنى مثل: إياك نعبد. أو: صراط الذين أنعمت. أو: أنعمت عليهم. هذا لا يجوز، لا يؤم الناس. أما إذا كان لحنا خفيفا ما يغير المعنى مثل الحمد لله رب العالمين و: الحمد لله رب العالمين. أو: الرحمن الرحيم أو: (الرحمن الرحيم). هذا لا يضر، لكن الأفضل أن يختاروا من هو أجود، أهل المسجد ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (423). (¬2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673).

يقدمون من هو أجود في القراءة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (¬1)» وهكذا المسؤول عن الإمامة يقدم في الإمامة من هو أقرأ. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673).

حكم الصلاة خلف إمام لا يجيد قراءة الفاتحة

288 - حكم الصلاة خلف إمام لا يجيد قراءة الفاتحة س: هل يجوز أن يتقدم إمام بمأمومين وهو لا يجيد قراءة الفاتحة وبعض السور الصغار جيدا، ويوجد من هو أحسن منه في القراءة (¬1) ج: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا بالسنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما (¬2)» أي: إسلاما. وفي رواية أخرى: «أكبرهم سنا (¬3)» فالسنة في مثل هذا أن يتقدم من هو أفضل وأقرأ على من دونه، فإذا تقدم المفضول صحت الصلاة، أما إذا كان يقيم الفاتحة يقيم الصلاة فلا بأس، لكنه خالف السنة، الأفضل والأولى أن يقدم من هو أفضل منه، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (27). (¬2) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). (¬3) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673).

من هو أقرأ منه، إذا تفاوت تفاوتا بينا فالسنة أن يقدم الأقرأ ثم من يأتي بعده، هذا هو السنة، ولا يقدم المفضول مع وجود الأفضل، هذا هو الأفضل إلا أن يكون إمام الحي، الإمام الراتب فلا بأس أو السلطان، فالحاصل أنه إذا كان يقيم الفاتحة؛ يعني: يجيدها ولا يلحن لحنا يحيل المعنى فإن صلاته صحيحة، إذا كان يقيم الصلاة ولا ينقرها نقرا، ولا يأتي بما يبطلها فلا بأس، ولكن كونه يقدم في الصلاة من هو أولى منه حسب ما قاله صلى الله عليه وسلم، هذا هو الذي ينبغي للمسلمين؛ أن يقدموا من قدمه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يؤخروا من أخره عليه الصلاة والسلام، هذا هو الذي ينبغي في هذه المسائل.

س: يوجد في أكثر من مسجد في قرى الباحة وغيرها أئمة مساجد لا يجيدون القراءة، ويقعون في أخطاء كثيرة وخاصة في التشكيل وطريقة القراءة والإلقاء، مع العلم بأنه يوجد من هو أحسن منهم علما وفقها وإلقاء، وخاصة أن الإمام هو القدوة للمصلين في كل شيء. فنرجو إيضاح ذلك، وهل يجوز لمن ذكرنا أنهم أحسن علما وفقها وإلقاء ترك هذه المساجد أم لا (¬1)؟ ج: الرجل الذي يحصل منه بعض الأغلاط في القراءة له أحوال، ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (41).

تارة غلطه يكون لا يؤثر في المعنى، لا يحيل المعنى، هذا أمره أوسع، وتارة غلطه يحيل المعنى، وتارة يكثر وتارة يقل، فالسنة في هذا أن يتولى الإمامة الأقرأ والأجود، هذا هو السنة كما قال صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (¬1)» السنة أن يؤمهم أقرؤهم، أجودهم قراءة وأكثرهم قرآنا، وهذا يأتي لولاة الأمور الذين لهم الحل والعقد في المساجد، والأئمة عليهم أن يولوا الأفضل فالأفضل في قراءته وعلمه ودينه وعدالته، وإذا وجد أهل المسجد أن إمامهم يلحن كثيرا ففي إمكانهم أن ينصحوه، أن يستقيل أو يعلموه لعله يستفيد ويزول لحنه ويستقيم، أو يتكلموا مع المسؤولين في الأوقاف حتى يزيلوه ويعينوا غيره، وبكل حال على أهل المسجد أن يعنوا بالموضوع، وألا يتساهلوا، وإذا أمكن تفقيه الرجل وإرشاده وتعليمه من أهل العلم حتى يفقه القراءة الطيبة، وحتى يزول ما به من خطأ فالحمد لله، وإذا أصر على لحنه وغلطه فإن كان غلطه يحيل المعنى وجب عزله، ولا تصح صلاته، إذا كان في الفاتحة إذا كان يقرأ: صراط الذين أنعمت عليهم. هذا لحن فاحش. أو يقرأ: أنعمت عليهم. لحن فاحش تبطل معه الصلاة إذا تعمده. لكن إذا كان يغلط جهلا يعلم ويوجه ولو في الصلاة، فإذا اعتدل وقرأها {أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (¬2). واستقام صحت. أو إذا قال: ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673). (¬2) سورة الفاتحة الآية 7

(إياك). وعلموه وقالوا: {إِيَّاكَ} (¬1)، فقرأ كما قالوا واعتدل فلا بأس. أما إذا كان ما يعرف إلا: أنعمت. أو: أنعمت. هذا يعزل ولا تصح قراءته، ولا تصح صلاته بهم، أو هو في نفسه. فإن عجز ثبت، ولكن عليه أن يتعلم وأن يجتهد؛ حتى يؤدي الرسالة، وحتى يستقيم في قراءته، أما اللحن الخفيف مثل لو قال: (الحمد لله رب). أو قال: (الحمد لله رب العالمين). هذا ما يضر. أو قال: (الحمد لله رب العالمين). أو (الرحمن الرحيم). هذا لا يضر المعنى، لكن يعلم ويوجه، فإن استقام الحمد لله، وإلا أمكن أن يقولوا للمسؤولين يغيروه، أو يصطلح الجماعة إذا كان المسجد ما يتبع الأوقاف، يصطلحون على إنسان أفضل منه، وإذا احتيج الإنسان الأفضل ما ينبغي له أن يأبى، وينبغي له الموافقة، وقد تجب عليه الموافقة إذا احتيج إليه. ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 5

حكم صلاة الإمام إذا تجاوز آية من القرآن سهوا

289 - حكم صلاة الإمام إذا تجاوز آية من القرآن سهوا س: يقول السائل: ما الحكم في حالة انتابتني، وكنت أصلي بمجموعة من الزملاء، فأخطأت وتجاوزت آية من القرآن، ولم يفتح علي أحد فتذكرت بعد انتهاء الصلاة (¬1) ج: لا حرج في ذلك والحمد لله، إذا كانت الفاتحة أديتها كما يجب ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (288).

فالقراءة الزائدة عن الفاتحة مستحبة، إذا سقط منها آية أو نسيتها فلا حرج.

س: إنني والحمد لله مستقيم، وأحفظ بعض سور القرآن الكريم، وأتقدم أصلي بالناس في أكثر الأحيان، إلا أنني أخطئ ولا أجد من يفتح علي، فما هو توجيهكم (¬1) ج: لا حرج في ذلك والحمد لله، إذا كانت الفاتحة قد أتقنتها وأديتها فالغلط في بعض السور الأخرى أو الآيات الأخرى لا يضر، ولا يضركم عدم وجود من يفتح عليك. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (294).

حكم الصلاة خلف إمام لا يفرق بين الصاد والسين

290 - حكم الصلاة خلف إمام لا يفرق بين الصاد والسين س: السائل: ص. س. من أبها، يقول: يوجد عندنا إمام نصلي وراءه، وعندما يقرأ سورة الفاتحة نجده لا يفرق في النطق بين الصاد والسين في قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (¬1)، فينطق الصاد سينا، فهل علينا حرج (¬2) ج: لا حرج في ذلك، ليس فيه حر ج: السراط المستقيم. ولو ما أفصح كثيرا؛ لأن السين تنوب عن الصاد، فالأفضل أن يعتني بهذا، وإذا صار فيها شيء من الخفاء واشتبهت الصاد بالسين فلا يضر. ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 6 (¬2) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (404).

حكم الصلاة خلف إمام لا يحفظ من القرآن إلا الفاتحة

291 - حكم الصلاة خلف إمام لا يحفظ من القرآن إلا الفاتحة س: يقول السائل: هل يجوز لرجل لا يحفظ إلا الفاتحة أن يكون إماما (¬1) ج: يجوز أن يكون إماما، لكن غيره أفضل منه، الذي يحفظ زيادة وعنده علم وعنده سور أخرى أفضل وأولى، وإلا فالفاتحة هي الركن، تجزئ وتصح الصلاة معه من الإمام والمنفرد والجماعة، لكن وجود إمام يحفظ زيادة على الفاتحة ويصلي بإخوانه أفضل وأولى إذا كان مستقيما عدلا. أما إذا لم يوجد من هو مستقيم إلا من يحفظ الفاتحة فقط صلى بجماعته، ولكن بحمد الله الأمر ميسر له أن يقرأ زيادة ويحفظ زيادة من السور القصيرة والآيات، إذا اجتهد يسر الله أمره، وإذا لم يقرأ إلا الفاتحة أجزأه ذلك والحمد لله، لكن يلتمسون من يكون له حفظ زيادة على الفاتحة من أهل الخير؛ لأن ذلك أولى حتى يسمعهم ما تيسر من القرآن بعد الفاتحة؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وبعلماء المسلمين بعد ذلك، هكذا السنة. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (245).

حكم الصلاة خلف إمام لا يحفظ إلا عددا قليلا من السور

292 - حكم الصلاة خلف إمام لا يحفظ إلا عددا قليلا من السور س: إذا كان الإنسان لا يحفظ إلا شيئا يسيرا من القرآن؛ كالفاتحة والمعوذات هل يجوز له أن يكون إماما (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال لخامس والعشرون من الشريط رقم (250).

ج: يجوز أن يكون إماما ويقرأ بها، لكن إذا تيسر من هو أقرأ منه يكون أفضل، مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (¬1)» لكن إذا ما تيسر في الجماعة إلا هو فالحمد لله يؤمهم، وإذا وجدوا من هو خير منه وأقرأ منه قدموه والله المستعان. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم (673).

س: السائل من اليمن يقول: هل الصلاة خلف من لا يحسن القراءة - أي: قراءة الفاتحة - هل هو مكروه (¬1)؟ ج: إذا لم يتيسر غيره لا حرج صل معه، إذا كان لحنه ما يحيل المعنى، إذا كان لحنا خفيفا لا يغير المعنى فلا بأس أن تصلي معه، أما إذا كان يحيل المعنى فلا بد وأن يزال، لا بد وأن يعزل عن المسجد، إذا لم يفهم ولم يتعلم يزال عن المسجد، يرفع أمره إلى الجهات المسؤولة حتى يبدل بإنسان يحسن القراءة. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (385).

س: أحيانا يغيب الإمام ويتقدم بنا رجال لا يعرفون القراءة، وإنما هم يحفظون بعض السور، وأنا متأكد أنني أقرؤهم حيث إنني أحفظ عددا من الأجزاء يقارب ستة، ولكنني أخجل من التقدم وأرتعش، فهل على المصلين أو علي ذنب إذا تقدم بنا رجل، وفي المأمومين

من هو أقرأ منه (¬1)؟ ج: لا حرج إن شاء الله، لكن ينبغي للمأمومين إذا عرفوا واحدا أقرأهم يقدمونه، أما لو تقدم واحد وصلى بهم، وكانت قراءته مستقيمة في الفاتحة فلا يضر ذلك، لكن من حيث السنة ينظرون ويتأملون، فإذا عرفوا أن واحدا موجودا هو أقرؤهم قدموه، إذا كان عدلا طيبا مستور الحال، وأما إذا تقدم من لا يحسن الفاتحة، ولا يجيد قراءتها، ويلحنها لحنا يحيل المعنى فإنه يعلم حتى يعتدل، وإلا يعزل عن الصلاة، ويتقدم من يجيد القراءة حتى يصلي بالناس، وأما كونك تحرج فلا حرج عليك بذلك، ولا سيما تصيبك رعشة فلا تتقدم، بل يتقدم غيرك من الذين عندهم الثبات وعندهم الاعتدال. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (29).

بيان كيفية الطريقة الصحيحة في الفتح على الإمام

293 – بيان كيفية الطريقة الصحيحة في الفتح على الإمام س: أنا أحفظ القرآن وأصلي كثيرا خلف أئمة يخطئون في القراءة كثيرا، وأخاف أن أرد عليهم إذا لم يفتح عليهم أحد، فأريد من سماحتكم أن تبينوا لي الطريقة الصحيحة في ذلك. جزاكم الله خيرا (¬1) ج: عليك أن تفتح على من غلط، تفتح عليه وأنت في الصلاة، تقرأ الآية التي غلط فيها أو وقف عندها؛ حتى يتنبه والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (334).

حكم الصلاة خلف إمام كثير اللحن

294 – حكم الصلاة خلف إمام كثير اللحن س: أصلي خلف إمام لكنه كثير اللحن، ولا يتقن التجويد، فهل تجوز الصلاة خلفه (¬1)؟ ج: نعم تجوز الصلاة خلفه، وإن كان ما أتقن التجويد، أو يقرأ بلحن غير مخل بالمعنى فصلاة هذا جائزة، أما إذا كان لحنه يخل بالمعنى يقرأ قراءة فيها خلل بالمعنى فلا ينبغي، وأيضا فلا داعي أن يجعل إماما، بل يستبدل ولا يصلى خلفه. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (336).

س: من المملكة الأردنية الهاشمية باعثها يقول: أنا أصلي بمجموعة من الناس إماما في أحد المساجد، لكنى أعترف أنني لا أجيد قراءة القرآن بشكل جيد، فهل أكون آثما؟ علما بأنه لا يوجد غيري إماما لهؤلاء الناس، وجهوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كنت تقيم القراءة ولو كنت غير مجود فالتجويد ليس بواجب، بل مستحب، إذا كنت تقيم القراءة، تقيم الحروف، تخرجها فلا بأس بذلك ولو كنت لم تقرأ التجويد، ما دمت تقرأ الآيات باللغة العربية قراءة واضحة، والحروف واضحة فلا بأس عليك والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (308).

س: ع. ب، من بادية الزهرة، يقول: إنني أعمل بالبادية مع كفيلي، ولكنه أمي وحافظ عددا من قصار السور، ولكنه لا يتقن قراءتها. وسؤالي: أنه يصر على أن يكون إماما، بينما أشعر أنني في القراءة أحسن منه، فما هو توجيهكم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا حرج إذا كان يتقن الفاتحة، وإذا كان لا يتقن الفاتحة فانصحوه حتى يقدم من هو أقرأ منه، انصحه أنت ومن معك من الإخوان، تنصحونه، أما إذا كان يتقن الفاتحة فالحمد لله، ولو حصل منه بعض الغلط في السور الأخرى. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (325).

حكم الصلاة خلف إمام يكبر راكعا إذا نسي آية ولا يمهل من خلفه للفتح عليه

295 – حكم الصلاة خلف إمام يكبر راكعا إذا نسي آية ولا يمهل من خلفه للفتح عليه س: إمامنا في المسجد يقرأ سورة بعد الفاتحة، ولكن إذا نسي آية يكبر راكعا؛ حيث لا يعطي المأمومين فرصة لتذكيره، وكذلك يقف أحيانا في وسط الآية ويكبر، وفي إحدى المرات قرأ آية طويلة ولم يكملها، فهل عمله هذا صحيح (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك والحمد لله، وإن وقف حتى يذكر فلا بأس، لا حرج في ذلك، ولا سيما إذا كان الذي اعتاد عليه في أول القراءة فإن ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (312).

السنة أن يأتي بقراءة مناسبة بعد الفاتحة، كل صلاة على حسب ما يناسبها في الشرع؛ الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، إذا لم يركع واستفاد من المأمومين بأن يذكروه فهذا حسن، أما إذا كان قد قرأ قراءة كافية فالحمد لله.

انتهى بحمد الله تعالى الجزء الحادي عشر ويليه بمشيئة الله تعالى الجزء الثاني عشر القسم السابع من الصلاة وأوله تكملة باب أحكام الإمامة

المجلد الثاني عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

صفحة فارغة

بقية باب أحكام الإمامة

صفحة فارغة

بقية باب أحكام الإمامة 1 - حكم صلاة الإمام إذا نسي آية بعد الفاتحة س: إمام لم أصل معه قبل ذلك، فصليت معه فريضة الجمعة، والإمام المذكور بعد الفاتحة قرأ السورة الثانية ونسي فيها آية، ولم ينبهه الذين كانوا بالقرب منه، فهل على المأموم شيء؟ وما هو الحكم (¬1)؟ ج: نسيان الآية لا يضر، والصلاة صحيحة ولا يضر، المهم الفاتحة، إذا كان قد كمل الفاتحة الحمد لله قراءة السورة مندوبة، وإذا ترك منها شيئا فلا حرج. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (23).

س: إذا أخطأ الإمام في الصلاة في قراءة سورة ما، ولم يرد عليه أحد من المأمومين فماذا يفعل (¬1) ? ج: لا شيء عليه، إذا كانت الفاتحة سليمة وقرأها سليمة فالباقي لا يضر. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (182).

حكم الصلاة خلف إمام يسقط بعض الحروف أثناء القراءة

2 - حكم الصلاة خلف إمام يسقط بعض الحروف أثناء القراءة س: بالنسبة للإمام إذا كان يسقط بعض الأحرف لتعب في لسانه، ما رأيكم في هذا (¬1) ? ج: إذا كانت الفاتحة سليمة، ولا يضيع منها شيء فلا بأس؛ لأن قراءة غيرها ليس بواجب، بل مستحب، وإنما الواجب قراءة الفاتحة وهي الركن، فإذا كانت الفاتحة سليمة يؤديها كما ينبغي، فصلاته صحيحة ولا بأس بإمامته، وإن كان لا يستطيع ذلك فلا يكون إماما، بل يصلي مع الناس مأموما. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (75).

حكم الصلاة خلف إمام يحيل الآيات القرآنية إلى غير معانيها

3 - حكم الصلاة خلف إمام يحيل الآيات القرآنية إلى غير معانيها س: في بيت من بيوت الله عز وجل صليت وراء شخص وكان يرتل الآيات، لكنه يغير بعض الكلمات، مثلا في سورة النور: {الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} (¬1). يقول كلمة دري ينطقها: دريع. وبعد الفراغ من الصلاة سألت بعض المصلين عن سبب قراءة هذا الإمام، فقال: إن هذه لهجته. فمن كانت لهجته على هذا النحو هل ¬

_ (¬1) سورة النور الآية 35

تجوز الصلاة خلفه (¬1) ? ج: يعلم والصلاة صحيحة، ما دام في خارج الفاتحة الصلاة صحيحة؛ لأنه جاهل، تكلم بكلمة يجهلها فيعلم، وإذا علم وفهم ثم تكلم بكلمة غير الكلمة القرآنية عامدا ذاكرا بطلت الصلاة؛ لأنه تكلم في الصلاة عمدا، أما إذا كان جاهلا أو ناسيا وتكلم بكلمة غير الكلمة القرآنية فإنها لا تضر الصلاة إذا كان في غير الفاتحة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (184).

حكم قراءة الإمام في الصلاة بغير ترتيب المصحف

4 - حكم قراءة الإمام في الصلاة بغير ترتيب المصحف س: كنت أؤم المصلين في صلاة المغرب، وفي الركعة الأولى قرأت الفاتحة وسورة الماعون، وفي الركعة الثانية قرأت الفاتحة وسورة الضحى، وبعد الانتهاء من الصلاة قال لي أحد المصلين: لا تقدم سورة الماعون على الضحى. علما بأنني في وقت صلاة وليس في وقت قراءة قرآن، وجهوني جزاكم الله خيرا (¬1) ? ج: الأصل مثل ما قال لك أخوك، أن ترتب القراءة مثل ما في المصحف، تقرأ الضحى في الأولى ثم الماعون في الثانية، لا تعكس، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (309).

لكن لا حرج، فعلك هذا لا حرج فيه إن شاء الله، كونك قرأت الماعون ثم الضحى لا حرج، لكنك تركت الأفضل والأولى؛ لأن الصحابة رتبوا القرآن كما نزل في اللحظات الأخيرة على النبي عليه الصلاة والسلام، فاقرأ القرآن أنت وغيرك كما في المصحف، تبدأ من الفاتحة ثم البقرة ثم آل عمران ثم النساء ثم المائدة، وهكذا إلى آخره، فلا تعكس، فإذا قرأت الماعون فاقرأ بعدها: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (¬1)، أو غيرها مما بعدها، ولا تقرأ التي قبلها: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ} (¬2)، أو: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ} (¬3)، أو: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} (¬4)، أو: {وَالضُّحَى} (¬5)، هذا هو الأفضل، لكن لا حرج والحمد لله. ¬

_ (¬1) سورة الكوثر الآية 1 (¬2) سورة قريش الآية 1 (¬3) سورة الفيل الآية 1 (¬4) سورة الهمزة الآية 1 (¬5) سورة الضحى الآية 1

س: أخبرنا شيوخنا أن السنة أثناء تلاوة القرآن في الصلاة السرية والجهرية هي قراءة سور القرآن بترتيب المصحف، فلا يجوز تنكيس القرآن، وذلك مثلا: يقرأ سورة الكافرون في الركعة الأولى، وسورة الزلزلة في الركعة الثانية، لكن - للأسف - كثيرا من الإخوة الذين يتقدمون للإمامة في حالة غياب الإمام المؤهل لا يلتزمون بهذه النقطة، فما هو الصواب في ذلك؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (364).

ج: الأفضل للقارئ في الصلاة وغيرها أن يلتزم بالمصحف، وأن يرتب قراءته على ما في المصحف، هذا هو الأفضل، وهذا هو المشروع؛ حتى لا يقع الاختلاف، كما رتبه الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، لكن لو قرأ سورة قبل سورة لا حرج في ذلك، إنما الأفضل والأولى أن يرتب على ما في المصحف، يقرأ البقرة ثم آل عمران ثم النساء إلى آخره، هذا هو الأفضل، لكن لو قرأ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (¬1) في الأولى، ثم قرأ في الثانية {وَالضُّحَى} (¬2) أو {وَالتِّينِ} (¬3) أو ما أشبهه فلا حرج في ذلك؛ فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في بعض الليالي البقرة ثم النساء ثم آل عمران، قدم النساء على آل عمران. وثبت عن عمر أنه قرأ في إحدى الركعتين النحل، وقرأ في الثانية سورة يوسف، فالحاصل أن هذا لا حرج فيه، لكن الأفضل أن يتقيد بترتيب الصحابة، هذا هو الأفضل؛ حتى لا يقع اختلاف في ترتيبه في القراءة كما رتب في المصحف. ¬

_ (¬1) سورة الكافرون الآية 1 (¬2) سورة الضحى الآية 1 (¬3) سورة التين الآية 1

حكم الصلاة خلف إمام يكرر سور القرآن في الصلاة

5 - حكم الصلاة خلف إمام يكرر سور القرآن في الصلاة س: إذا كان الإمام يكرر السور في الصلاة فهل لي الصلاة في مسجد آخر في نفس الحي أحيانا؛ لأنني أحب تدبر ما يقوله الإمام من

القرآن؟ ج: لا حرج في تكرار السور، يكرر في بعض الصلوات السورة، يقرأ مثلا في المغرب سورة، ويعيدها في العشاء، أو يعيدها في الفجر لا حرج في ذلك الحمد لله، وأنت مخير؛ إن صليت في هذا المسجد، أو في هذا المسجد , انظر ما هو أصلح لقلبك، وما هو أنفع لك فافعله، إلا إذا كان ذهابك عن هذا المسجد الذي حولك قد يسبب تهمتك، وأنك لا تحضر الجماعة، فينبغي لك ألا تذهب حماية لعرضك وظن السوء بك، وصل مع الناس الذين حولك حتى يعرفوا أنك تصلي في الجماعة، وحتى تصون عرضك عن هتك الناس له، وعن تهمتك بالسوء، أما إذا كان لا يترتب على صلاتك في المسجد الآخر محذور، وأنت ترى أن صلاتك مع الإمام الثاني أنفع لك، وأخشع لقلبك فلا حرج في ذلك.

س: يقول السائل: إذا قرأ الإمام في الركعة الأولى سورة بعد الفاتحة، ثم قرأ نفس السورة في الركعة الثانية، وقال أحد المصلين: سبحان الله.

فماذا على الإمام أن يفعله؟ وهل يسجد للسهو (¬1)؟ ج: لا ما يسجد للسهو، لو كررها فلا بأس والحمد لله، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كرر السورة في ركعتين لا بأس، إذا قرأها في الأولى والثانية ولو ساهيا ما عليه سجود السهو؛ لأن هذا أمر مشروع. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والستون من الشريط رقم (431).

س: يقول هذا السائل: إذا قرأ الإمام في الركعة الأولى سورة بعد الفاتحة، ثم قرأ نفس السورة في الركعة الثانية، فقال له أحد المصلين: سبحان الله. ماذا على الإمام أن يفعل؟ وهل يسجد للسهو؟ ج: لا حرج أن يكررها في الركعتين، قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كرر سورة: {إِذَا زُلْزِلَتِ} (¬1) في الركعتين، فلا حرج أن يقرأ سورة ويكررها في الركعتين أو آيات. ¬

_ (¬1) سورة الزلزلة الآية 1

حكم الصلاة خلف المسبل إزاره وحالق لحيته

6 - حكم الصلاة خلف المسبل إزاره وحالق لحيته س: هل يجوز أن أصلي وراء إنسان حالق اللحية والشارب وإزاره

طويل، وحافظا للقرآن الكريم؟ هل تجوز الصلاة وراءه أم لا (¬1)؟ ج: حلق اللحى معصية، وقصها معصية، وهكذا الإسبال معصية، والإسبال هو إرخاء الملابس تحت الكعب في حق الرجل، كل هذا معصية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى (¬2)» متفق على صحته. ويقول صلى الله عليه وسلم: «خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى (¬3)» أخرجه البخاري في الصحيح. ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس (¬4)» معنى أعفوا، معنى أرخوا، معنى وفروا، يعني: اتركوها على حالها وافرة معفاة مرخاة، هكذا يكون المسلم طاعة لله جل وعلا، وطاعة لرسوله عليه الصلاة والسلام، وابتعادا عن مشابهة المشركين من المجوس وغيرهم، ولو وفروها ما نقصها نحن، نوفرها ولو وفروها، لكن الغالب عليهم قصها وحلقها، لكن لو قدر أن المسيحيين وفروها ما نخالفهم بالقص، لا ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (349). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب تقليم الأظافر، برقم (5892)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (259) واللفظ له. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب تقليم الأظافر، برقم (5892)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (259) واللفظ له. (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (260).

بل نبقيها وافرة، إذا شابهونا لا بأس، نحب منهم أن يدخلوا الإسلام أيضا ويصلون معنا ويصومون معنا، والحاصل أن علينا أن نخالفهم ولا نخالف ديننا من أجلهم، بل نبقى على ديننا، وإن وافقونا في إرخائها نرخيها ونوفرها، وهكذا لا نقصها قصا، بل نعفيها لا نقص ولا نحلق، وهكذا الإسبال لا نرخي الإزار ولا السراويل ولا القمص ولا الجبة ولا البشت ولا العباءة ولا غير ذلك، يجب أن تكون كلها لحد الكعب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار (¬1)» فما جاوز الكعب هو الإسبال مطلقا، وإذا كان معه نية التكبر صار أعظم في الإثم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة (¬2)» لكن إذا كان من دون خيلاء يكون الذنب أخف مع أنه محرم مطلقا، هذا هو الصواب، محرم وإن لم يقصد التكبر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار (¬3)» رواه البخاري في الصحيح. ولم يشترط ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار، برقم (5787). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا، برقم (3665)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم جر الثوب خيلاء، برقم (2085). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار، برقم (5787).

أن يكون عن تكبر. ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: «إياك والإسبال؛ فإنه من المخيلة (¬1)» جعل الإسبال من المخيلة من التكبر؛ لأنه وسيلة إلى التكبر وإن لم يقصد ذلك. وفي الحديث الآخر يقول صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله، يوم القيامة، ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم، فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار - قال أبو ذر رضي الله عنه: خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب (¬2)» رواه مسلم في الصحيح. هذا وعيد عظيم يدل على أن الإسبال كبيرة من كبائر الذنوب، ذكر الإزار هنا لأن غالب العرب يلبسون الأزر، وإلا فالمقصود إسبال الثياب مطلقا، إزار أو قميص أو سراويل أو بشت أو غير ذلك. وأما المنان فيما أعطى فهو الذي يمن بالعطية، يعطي ويمن يقول: أعطيتك. يمن عليه. والمنفق سلعته بالحلف الكاذب معناه: لترويج السلع، يمشيها بين الناس بأيمانه الكاذبة والعياذ بالله حتى يشتروها، يقول: والله إني صادق. وهو يكذب، والله إنها علي بكذا. حتى تشترى منه بأكثر ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب اللباس، باب ما جاء في إسبال الإزار، برقم (4084). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية، برقم (106).

من الثمن نسأل الله العافية.

حكم الصلاة خلف إمام يشرب الدخان

7 - حكم الصلاة خلف إمام يشرب الدخان س: السائل يقول: ما حكم الصلاة خلف إمام يحلق لحيته، أو خلف إمام يشرب الدخان؟ أفيدونا أفادكم الله (¬1) ج: إذا تيسر لك لا تصل خلف هذا ولا خلف هذا فهو أولى، لا تصل خلف المدخن ولا خلف الحليق إذا تيسر لك إمام آخر في مسجد آخر؛ لأن هذا أسلم لصلاتك وأسلم لدينك، ولكن الحليق إثمه أظهر؛ لأنها معصية ظاهرة، والمدخن قد تختفي معصيته، قد يكون هناك أسباب تخفيها من التنظف والتطيب؛ حتى لا يظهر ريح الدخان، أما اللحية فهي معصية ظاهرة ومجاهرة بما حرم الله عز وجل، فإثمه أظهر وأكبر وشره أعظم، وإن كان كلاهما محرما هذا وهذا، التدخين محرم وفيه مضار كثيرة، ولكن صاحبه قد يختفي به، أما حلق اللحية فلا حيلة في الاختفاء فيها؛ لأنها معصية ظاهرة وتشبه بالمشركين وبالنساء، فيجب الحذر من هذا، ومن هذا جميعا، والواجب على المسؤولين عن المساجد ألا يولوا من كان بهذه الصفة، وأن يختاروا للإمامة أهل ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (63).

الاستقامة الذين لا يتظاهرون بالمعصية، وذلك بإعفاء اللحية وبالبعد عن التدخين، وهكذا غير هذا من المعاصي الظاهرة، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

بيان أن العقيدة الصحيحة شرط في تولي إمامة الصلاة

8 - بيان أن العقيدة الصحيحة شرط في تولي إمامة الصلاة س: السائل يقول: كثير من إخواننا أصبحوا يشتكون من أئمة مساجد كانوا معروفين بأنهم من القبوريين، وآخرون يشتكون من أئمة يعرفون أنهم ينتسبون لفرقة كذا؛ كالأشاعرة مثلا، وهلم جرا، يشتكون كثيرا من هذه الأمور نريد كلمة حول هذا لو تكرمتم (¬1). ج: الواجب على وزارة الحج والأوقاف والمسؤولين فيها أن يخافوا الله عز وجل، وأن يحذروا التساهل في هذا الأمر، وأن يبذلوا قصارى جهدهم في اختيار الأئمة، وألا يولى إلا المعروف بالعقيدة الصحيحة السلفية، وألا يولى إلا من هو بالمظهر الشرعي، قد أعفى لحيته وترك الإسبال؛ حتى يكون إبراء للذمة، هذا هو الواجب عليهم، يجب على ولاة الأمور ومنهم وزارة الحج والأوقاف والمسؤولين، الواجب عليهم أن يتحروا الأئمة، وهكذا المؤذنين، لكن الإمام ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (63).

أعظم فيجب أن يتحروا فيه، ألا يولوا إلا من هو صالح للإمامة في عقيدته، وفي مظهره الشرعي، والعقيدة أهم وأعظم، الواجب على المسؤولين في الأوقاف أن يعنوا بهذا الأمر، وأن يتقوا الله وأن يتعاونوا مع المحاكم، ومع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، ومع الهيئة ومع كل من يظنون فيه الخير أن يختار لهم الإمام، وأن يعينهم وأن يدلهم ويرشدهم على الأئمة، والواجب على أهل العلم من المدرسين والقضاة أن يستجيبوا للإمامة؛ حتى يسدوا هذا الفراغ العظيم الذي أحوج الأوقاف إلى أن تستورد من لا يرضى في دينه، ولا في خلقه، الواجب على القضاة وعلى العلماء أن يشاركوا في الإمامة، وأن يحتسبوا الأجر، وأن يصبروا حتى يسدوا فراغا عظيما في هذه المسألة، وهنا عزم من الدولة في إيجاد معاهد للأئمة والخطباء، هذا متى تحقق إن شاء الله سد هذه الثغرة، وسد هذا الفراغ، وقد تمت الموافقة على افتتاح معهد للأئمة والخطباء في الرياض، ونرجو أن يفتتح مثله في المدينة ومكة، وهكذا في المدن الأخرى؛ كالقصيم وحائل وأبها ونحو ذلك؛ حتى يسد هذا الفراغ، للضرورة الداعية إلى هذا الأمر، فنسأل الله أن يوفق الدولة للبدار لهذا الأمر، وهذا المعهد سيكون عن طريق جامعة الإمام محمد بن

سعود، وهي أهل لهذا الأمر، فنسأل الله أن يسهل افتتاحه في هذا العام، وقد تمت الإجراءات فيما بلغني ولم يبق إلا الشيء اليسير، ونرجو أن يتم هذه الأيام حتى يفتح، ثم يفتح بعده إن شاء الله معاهد أخرى في مكة المكرمة، وفي المدينة المنورة وغيرهما من المدن التي ينبغي أن يفتح فيها هذا الشيء؛ لأن الحاجة ماسة بل لضرورة لهذا الأمر، وهذا لا يعفي العلماء من المدرسين وغيرهم، ولا يعفي القضاة من الاستجابة، بل عليهم فيما أعتقد أن يستجيبوا، وأن يؤموا المساجد المحتاجة، وأن يحتسبوا الأجر؛ حتى يوجد من يقوم مقامهم ويسد عنهم هذا الفراغ، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.

حكم الصلاة خلف من يضرب بالدف عند القبور ويطوف بها

9 - حكم الصلاة خلف من يضرب بالدف عند القبور ويطوف بها س: هل تجوز الصلاة خلف من يحلق لحيته ويضرب بالدف عند قبور الأولياء، ويطوف حولهم ويدعو الناس لهذا العمل؟ وهل صلاة من صلى خلفه صحيحة أم لا؟ ج: هذا فيه تفصيل؛ العاصي لا بأس بالصلاة خلفه، وهي صحيحة خلفه، الذي يحلق لحيته ولكنه مسلم ما يدعو القبور، ولا يستغيث بالقبور

مسلم، لكنه يحلق لحيته، أو يسبل ثيابه، أو يطول شواربه، هذا الصلاة خلفه صحيحة؛ لأنها معصية، والصواب أن الصلاة خلف العاصي تصح، وصلى بعض الصحابة خلف الأمراء المجرمين كالحجاج، كان ابن عمر رضي الله عنهما يصلي خلفه، وهو من أشد الناس فسقا قتال سفاك للدماء، المقصود الصلاة خلف الفاسق صحيحة، والذي يحلق لحيته من جنس الفاسقين، إذا أصر وهو يعلم أن الله حرم هذا عليه، يعلم ذلك ويتساهل يكون فاسقا، كذلك الذي يسبل ثيابه وهو يعلم، وقد أخبره العلماء أن هذا ما يجوز، ثم أسبل ثيابه، ولا يبالي يكون فاسقا، والصلاة خلفه صحيحة، ولكن ما ينبغي أن يتخذ إماما، فينبغي أن يزال عن الإمامة، إذا أصر على هذا ينبغي لولاة الأمور أن يزيلوه عن الإمامة، لكن الصلاة صحيحة. أما الذي يدف على القبور، يدعو القبور، يدعو الأموات يطوف بالأموات هذا مشرك، ما يصلى خلفه، إذا كان يتقرب إليهم بالطواف، أو يدعوهم من دون الله، أو يستغيث بهم، أو ينذر لهم، أو يذبح لهم هذا كافر لا يصلى خلفه. أما الذي يضرب بالدف يحسب أن الدف جائز، لا يدعوهم ولا يستغيث بهم،

لكنه مر على المقبرة ودف عند المقبرة، وإلا فإنه لا يدعوهم ولا يستغيث بهم، مجرد أن يضرب بالدف فقط هذا معصية، والصلاة خلفه صحيحة، والذي يطوف حول القبور يحسبه مشروعا، يحسبه مثل الكعبة، يطوف حولها يطوف لله ليس لهم هذا بدعة منكر، أما الذي يطوف لهم ويتقرب إليهم هذا شرك أكبر، نسأل الله العافية.

حكم الصلاة خلف إمام يرتدي البنطلون وخلف من يأخذ أجرا على الوعظ والإمامة

10 - حكم الصلاة خلف إمام يرتدي البنطلون وخلف من يأخذ أجرا على الوعظ والإمامة س: السائل: ع. إ. س. من جمهورية مصر العربية: هل تجوز الصلاة خلف إمام حالق للحيته ومسبل، وكذلك خلف إمام يرتدي البنطلون والقميص؟ وهل تجوز الصلاة خلف إمام يأخذ أجرا على الوعظ، وعلى الإمامة وعلى إرشاد الناس إذا لم يجد موردا غير هذا الرزق؟ وجزاكم الله خيرا (¬1) ج: الصلاة خلف هؤلاء صحيحة، إذا كان كل واحد منهم مسلما، ولكن عنده هذه المعصية، فإذا كان يحلق لحيته، أو يسبل ثيابه هذه معصية، والمعصية لا تمنع صحة الصلاة، فصلاته صحيحة وصلاة من ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (263).

خلفه صحيحة، لكن يشرع للمسؤولين أن يبدلوه، وألا يجعلوا في الإمامة، إلا من هو معروف بالخير والاستقامة الظاهرة؛ لأنه قدوة، أما الصلاة فهي صحيحة خلف من يحلق لحيته، أو يسبل ثيابه، أو يتعاطى أجرة على قيامه بالإمامة من الأوقاف، أو من أهل البلد مثل أن يساعدوه على حاجاته وأمور بيته فلا بأس بهذا، فصلاته صحيحة ولا حرج عليه في أخذ المساعدة من بيت المال، أو من إخوانه المسلمين؛ حتى يقوم بالصلاة فيهم والقيام على مسجدهم؛ لأن هذا يعين على طاعة الله، لكن إذا تيسر له الاستغناء عن ذلك؛ لأنه مليء فالحمد لله، والأخذ من بيت المال حق للمسلمين، وإذا قاموا بالأعمال صار ذلك عونا لهم على أعمالهم من الإمامة، أو الأذان أو القضاء أو غير ذلك، وهكذا من يرتدي البنطلون إذا كان ساترا للعورة فإن صلاته صحيحة، وإذا كان البنطلون فيه مشابهة للكفار، وهو من زيهم فلا يجوز له لبسه، لكن الصلاة صحيحة، لكن إذا كان لباسا مشتركا بين المسلمين وغيرهم فلا حرج عليه في ذلك، فقد صلى ابن عمر رضي الله عنهما خلف الحجاج بن يوسف الثقفي، وهو من أظلم الناس ومن أشدهم معصية، والقاعدة أن العاصي تصح صلاته بنفسه، وتصلح إمامته، وأما الكافر فلا، إذا كان كافرا لا تصح إمامته ولا الصلاة خلفه، إذا عرفت أنه كافر، أما العاصي فلا حرج في ذلك، ولكن ينبغي إبداله؛ لأنه يشرع للمسؤولين عن الإمامة ألا يولوا في الإمامة

إلا من هو معروف بالخير وظاهره الاستقامة؛ لأنه يقتدى به، ولا يولى من ظاهره المعصية؛ كحلق اللحى أو الإسبال ونحو ذلك، والواجب نصيحة من فعل ذلك، فالواجب على إخوانه أن ينصحوه، وأن يوجهوه إلى الخير حتى يستقيم، سواء كان إماما أو ليس بإمام.

حكم الصلاة خلف إمام يحلق لحيته ويسبل إزاره وهو حافظ للقرآن

11 - حكم الصلاة خلف إمام يحلق لحيته ويسبل إزاره وهو حافظ للقرآن س: مستمع يسأل ويقول: هل تجوز الصلاة خلف إنسان مسبل وحالق للحيته؟ وضحوا لنا هذا الأمر جزاكم الله خيرا (¬1) ج: مثل هذا لا يصلى وراءه، ينبغي ألا تصلي وراءه إلا إذا دعت الحاجة، ولم يتيسر للإنسان من يصلي وراءه، فلا يصلي وحده، يصلي مع الجماعة، لكن إذا تيسر للمسؤولين أن يزيلوه ويعينوا مكانه من أهل الخير كان هذا هو الواجب، وفيما ذكرت عنه من حلق اللحية والشارب، المقصود أن الواجب على المسؤولين عن المسجد أن يقدموا من هو مرض لله ومن هو الأقرأ، المتصف بصفات الخير والمظهر الإسلامي؛ من الذي قد أعفى لحيته ولم يسبل ملابسه، المقصود يتحرون لهذا المسجد الإمام الصالح المستقيم على شريعة الله , ويزال، لكن إذا بليتم أنتم وغيركم بالإمام الحليق أو المسبل، ولم يتيسر عزله فلا تصلوا وحدكم، صلوا مع الجماعة، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (280).

وانصحوا له بالكلام الطيب والتوجيه الحسن، لعل الله يهديه بأسبابكم.

بيان كيفية النصيحة

12 - بيان كيفية النصيحة س: سماحة الشيخ، هل تكون النصيحة خفية أو معلنة (¬1)؟ ج: إذا كان قد أعلن هذا الأمر تكون معلنة، وإذا نصحه بينه وبينه لعل ذلك ينفع فهذا طيب، أو نصحوه جماعة في المسجد، قالوا: يا عبد الله، اتق الله، ارفع ثيابك. يعبرون بلسان واحد، وإذا نصحه واحد فلا بأس، وإن رأوا بعضهم نصيحته سرا يزورونه في البيت، أو يقوم له واحد في محل الإمام بينه وبينه ينصحه كل هذا طيب، يفعلون ما هو الأصلح. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (349).

مسألة في حكم الصلاة خلف إمام مسبل وحالق لحيته

13 - مسألة في حكم الصلاة خلف إمام مسبل وحالق لحيته س: هل يجوز لي أن أصلي خلف إمام لا يقصر ثوبه، ولا يطلق لحيته، وكذلك تخرج زوجته وبناته كاشفات الوجوه والشعور والساقين والأيدي؟ ج: الصلاة صحيحة خلفه إذا كان مسلما، لكن إذا تيسر الصلاة خلف غيره ممن هو خير منه وأفضل فهو أولى وأكمل؛ لأن هذا عاص،

والصلاة خلف العاصي صحيحة في أصح قولي العلماء إذا كان مسلما، وينصح ويوجه حتى يوفر لحيته، حتى يرفع ثيابه، وعلى إخوانه وأصحابه أن ينصحوه ويوجهوه، ويلحوا عليه حتى يستقيم، وكذلك من جهة أهل بيته ينصحونه من جهتهم، فالمسلم أخو المسلم، والله يقول سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (¬1). الواجب التناصح والتواصي بالحق في كل شيء، والإمام الذي يؤم الناس ينبغي أن يكون قدوة في كل خير، وإذا قصر فيجب على ولاة الأمور أن يختاروا خيرا منه، يبدلوه حتى يستجيب للنصيحة، عليهم أن يلتمسوا من هو خير منه؛ حتى يكون قدوة في الخير، وحتى ينتفع به المسلمون المصلون خلفه، وإذا تناصح المسلمون وتواصوا بالحق كثر الخير، وقل الشر، وإذا تساكتوا يكثر الشر ويقل الخير، نسأل الله السلامة. ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 71

س: ما حكم الإمام الذي يدخن ويسبل الثياب ويحلق لحيته، أو يقص اللحية إلا قليلا منها كعلامة تدل على اللحية؟ ما حكم إمامته للناس؟ أرجو الإفادة له ولنا ولكل أمثالنا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (323).

ج: هذه المسائل معاص، حلق اللحية معصية وقصها كذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «قصوا الشوارب وأعفوا اللحى (¬1)» «خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى (¬2)» «خالفوا المجوس (¬3)» وهكذا التدخين لا يجوز؛ لما فيه من مضار عظيمة، وهكذا الإسبال تحت الكعب لا يجوز للرجل، كل هذه معاص يجب الحذر منها، ولا يجوز للإمام ولا لغير الإمام تعاطيها، وإذا كان يتعاطاها كان حقا على المسؤولين عن المسجد أن يلتمسوا غيره إذا لم يتب، والصلاة صحيحة، الصلاة خلفه صحيحة، لكن ينبغي للمسؤولين عن المسجد أن يلتمسوا من هو أصلح منه، والواجب عليه التوبة إلى الله من شرب الدخان، ومن حلق اللحية، من الإسبال. النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار (¬4)» فالإسبال خطره عظيم ومنكر كبير، ويقول صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله، يوم القيامة، ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم فقرأها رسول ¬

_ (¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه برقم (7092). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب تقليم الأظافر، برقم (5892)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (259) واللفظ له. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (260). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار، برقم (5787).

الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار قال أبو ذر رضي الله: عنه خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب (¬1)» رواه مسلم في صحيحه. ويقول صلى الله عليه وسلم: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة (¬2)» إذا كان خيلاء كان أعظم في الإثم، وإن جره وما قصد خيلاء كان محرما ومن وسائل الكبر، ولكن إثمه أخف من إثم المتكبر، وكله محرم كله منكر، وهذا هو الصواب، ولو ما قصد الخيلاء لا يجوز له أن يسبل ثيابه، وهذا من وسائل الخيلاء، ومن الإسراف، ومن تعريض الثياب للنجاسات فلا يجوز. والتدخين شره عظيم، فالواجب تركه والحذر منه. وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية، برقم (106). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا، برقم (3665)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم جر الثوب خيلاء، برقم (2085).

س: هل تصح الصلاة خلف شارب الدخان إذا لم يوجد من يقرأ القرآن إلا هو؟ وكثيرا ما نرى بعض الناس يتدافعون ويقولون: صل أنت، لا صل أنت. وأنا أشرب الدخان. نرجو الإفادة وفقكم الله؟ ج: ينبغي أن يقدم في الإمامة أصلح الموجودين وأقرؤهم؛ لقول النبي

صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما (¬1)» وفي رواية: «فأكبرهم سنا (¬2)» الواجب أن يعنى بهذا الأمر، ويقدم الأفضل فالأفضل، فإن تقدم بعض العصاة كشارب الدخان أو العاق لوالديه أو من يتهم بغير ذلك صحت الصلاة، الصلاة تصح خلف الفاسق وخلف العاصي على الصحيح من أقوال العلماء، ولا تصح خلف الكافر، من عرف كفره لا تصح الصلاة خلفه، أما العاصي فتصح الصلاة خلفه، سواء كان شاربا للدخان أو عاصيا بشيء آخر؛ كالعاق لوالديه وقاطع الرحم، ومن يتعاطى الربا ولا يستحله إلى غير ذلك، العصاة في أصح أقوال العلماء تصح الصلاة خلفهم، فقد صلى ابن عمر رضي الله عنهما خلف الحجاج بن يوسف وكان من أفسق الناس ومن السفاكين للدماء، وصلى كثير من الصحابة خلف بعض الأمراء الفسقة، فدل ذلك على أن الصلاة صحيحة خلف ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة برقم (673). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة برقم (673).

الفاسق، ولكن إذا تيسر المستقيم العدل فهو الأولى، وهو الذي يجب أن يقدم، وعلى المسؤولين عن الإمامة أن يقدموا الأفضل فالأفضل، وألا يقدموا الفسقة حسب الإمكان وحسب القدرة، وإذا اجتمع قوم في مكان وقت الصلاة قدموا أفضلهم، قدموا أحسنهم واجتهدوا في ذلك، هذا الذي ينبغي لهم عملا بالسنة وتعظيما لها.

س: السائل: ح. أ. ر. سوداني مقيم في محافظة الأحساء، يقول: عندي في قريتي جامع وإنني إنسان متعلم، ولكنني أشرب الدخان وآكل التنباك، هل يجوز لي أن أكون إماما في هذا المسجد؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا ينبغي لك أن تؤمهم وأنت بهذه الصفة؛ لأن الإمام يقتدى به، فإذا كنت تتعاطى التنباك والتدخين فلا ينبغي أن تؤمهم، بل ينبغي أن يلتمسوا من هو خير منك، ومن هو لا يتعاطى شيئا من المعاصي الظاهرة، والواجب عليك يا أخي التوبة إلى الله من ذلك، والحذر من الاستمرار في هذه المعصية، وأن تترك التنباك والتدخين وسائر المعاصي، وأن تستعين بالله على ذلك، وأن تصحب الأخيار؛ لأن صحبة الأخيار تعينك على الخير، ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (282).

والتوبة تجب ما قبلها، لكن لو صليت بهم فالصلاة صحيحة؛ لأن الصحيح من أقوال أهل العلم أن إمامة العاصي صحيحة، والصلاة صحيحة، ولكن لا ينبغي أن يتخذ إماما من عرف بمعصية ظاهرة، والواجب على المسؤولين أن يلتمسوا للمساجد أئمة صالحين مستورين، لا يظهر منهم شيء من المعاصي؛ لأنهم قدوة وهم أئمة الناس في هذه العبادة العظيمة، وهي الصلاة عمود الإسلام. نسأل الله لنا ولك الهداية.

حكم الصلاة خلف إمام يبيع القات

14 - حكم الصلاة خلف إمام يبيع القات س: رأيت شخصا كنت أعتقد أنه له منزلة أكبر من المنزلة التي رأيته عليها؛ وهي بيعه للقات، وذلكم الرجل إمام لمسجد، فأسأل عن الحكم وعن الصلاة خلف ذلكم الرجل؟ ج: ينبغي تنبيهه ونصيحته؛ لأن القات كثير من علماء اليمن يبيحونه ويتعاطونه، فهذا الإمام قد يكون له شبهة، يكون ممن يرى إباحته، أو يقلد من يرى إباحته من علماء اليمن، فالذي نرى نصيحته والمشورة عليه بتركه، وألا يبيعه وألا يشربه، والصلاة خلفه صحيحة والحمد لله؛ لأن الصحيح من أقوال العلماء أن الصلاة خلف الفاسق صحيحة، وإنما

تبطل إذا كانت خلف الكافر، أما العاصي فالصلاة خلفه صحيحة، لكن يشرع لك يا أخي نصيحة هذا أو التماس من ينصحه ممن هو فوقك؛ حتى يقدره ويقبل منه، وأنت في هذا على أجر، وصلاتك صحيحة والحمد لله.

حكم الصلاة خلف إمام يأكل القات

15 - حكم الصلاة خلف إمام يأكل القات س: الأخ: م. ع. م. مدرس مصري يعمل في اليمن، يسأل ويقول: ما حكم الدين في القات، وفي متناوله، وصلاة المأمومين خلف إمام يأكل القات (¬1)؟ ج: القات ثبت عندنا بشهادة الثقات العارفين به من علماء اليمن وغيرهم أنه مضر، وأن فيه أضرارا كثيرة، وبذلك يكون حراما لا يجوز تعاطيه. ونوصي من يتعاطاه بأن يتركه ويحذره؛ حفظا لصحته وحفظا لماله، وسلامة من أضراره. وبعض إخواننا في اليمن يتوقفون بذلك، وبعضهم يتساهل في ذلك، ولكن الذي ثبت عندي بشهادة الثقات العارفين به أنه مضر ضررا كثيرا، وأن الواجب تركه. فنسأل الله أن يهدي إخواننا في اليمن، وفي غيره إلى تركه، والسلامة من شره. ونوصيك أيها السائل بالحذر منه. أما الإمام ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (172).

الذي يأكل القات فلا بأس بالصلاة خلفه؛ لأنه معصية، وقد يكون متأولا يظن أنه جائز، فالصلاة خلفه جائزة، إذا كان الإمام يتعاطى القات فالصلاة خلفه صحيحة، ولكن ينصح في تركه لعله يستجيب، وإذا تيسر أن يكون الإمام غير من يتعاطى القات فهو أولى وأحوط. وحكمه أنه لا يجوز؛ لأنه معصية، لكن من تعاطاه واستعمله باعتقاد أنه جائز، أو أفتاه من العلماء من يراه جائزا لا يكون فاسقا، ولا يكون عاصيا لاعتقاده؛ لأنه يعتقد أنه جائز له، لكن من علم خبثه، ومن علم تحريمه إذا تعاطاه وأصر عليه يكون عاصيا، كالذي يشرب الدخان ويصر عليه وهو يعلم تحريمه يكون عاصيا، فالتدخين وتعاطي القات وكل ذلك مما يجب تركه؛ لأنه مضر جدا، وفي تعاطيه خسارة في المال وضرر على الأبدان، وتعاط لما حرم الله عز وجل. فالله يهدينا جميعا وسائر إخواننا من ترك ما حرم الله سبحانه وتعالى.

حكم الصلاة خلف إمام يتعامل بالربا

16 - حكم الصلاة خلف إمام يتعامل بالربا س: يقول: صلينا مدة كبيرة وراء رجل يرابي، وبعدها تاب إلى الله تعالى، لكنه لم يرد المال الذي اكتسبه زيادة على أصحابه، ما هو

توجيهكم في صلاتنا السابقة والآن؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الصلاة صحيحة والحمد لله، والتوبة صحيحة، من تاب تاب الله عليه، إذا تاب توبة صادقة وإذا كان حين رابى جاهلا فله ما سلف، أما إن كان يعلم ويتساهل فيتصدق بما دخله من الربا، يعطيه الفقراء والمساكين؛ لأن الله يقول جل وعلا: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} (¬2). فإذا كان حين جاءته موعظة حين علم التحريم تاب إلى الله فله ما سلف، ولا يرد المعاملات السابقة، أما إذا كان قد علم ولكن تساهل واستمر فإن ما دخل عليه من الربا لا يجوز له، بل يجب عليه أن يصرفه في وجوه البر والخير؛ بالصدقة على الفقراء والمساكين والمشاريع الخيرية، ولا يبقيه لنفسه. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (361). (¬2) سورة البقرة الآية 275

حكم الصلاة خلف إمام مكشوف الرأس

17 - حكم الصلاة خلف إمام مكشوف الرأس س: الأخ: إ. م. س. ع من اليمن، يقول: هل يجوز الصلاة جماعة بإمام بدون عمامة؟ وهل العمامة من السنة في الصلاة؟

ج: يجوز أن يصلي الإمام من دون عمامة، ليست شرطا في الصلاة، ولا سنة في الصلاة، لكن الأفضل أن يصلي الإنسان بالزينة المعتادة؛ لأن الله قال: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (¬1). أي عند كل صلاة، فإذا صلى بعادته المعتادة فهو أحسن وأولى؛ لأنه إذا تركها قد يستنكر ذلك، وقد يقدح في عقله أو في اتزانه أو في أخلاقه، فالحاصل أنه إذا كان من عادة أهل بلده أنهم يصلون في العمامة لا يدع العمامة، يصلي في العمامة؛ حتى لا يظن به السوء، وحتى لا يقدح فيه أنه متساهل، وأنه لا يبالي بالزي المناسب، أو ما أشبه ذلك، وإلا فليست شرطا. النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه منه شيء (¬2)» ولم يقل: ليس على رأسه. بل قال: «ليس على عاتقيه منه شيء (¬3)». فالمشروع أن يصلي في إزار ورداء، أما الرأس لو صلى وهو مكشوف فلا بأس، فالسنة أن يصلي في قميص أو إزار ورداء، وإذا كانت عادة البلد أن الرأس عليه عمامة أو غترة أو طاقية أو قلنسوة فيصلي كما كانوا يصلون؛ حتى لا يظن به خلاف ما ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 31 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه، برقم (359)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه، برقم (516). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه، برقم (359)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه، برقم (516).

ينبغي، ولو تركها لأنهم يتركونها ولا يحصل بذلك بأس فلا حرج، ولو تركها عمدا فصلاته صحيحة، لكنه ينصح بأن يفعلها؛ حتى لا يظن به خلاف الأولى.

س: ما حكم من يؤذن ويصلي بالناس ورأسه مكشوف، وهو يحفظ من القرآن الكريم الشيء الكثير؟ أفيدونا أفادكم الله (¬1) ج: لا حرج في ذلك، من يصلي ورأسه مكشوف لا بأس في ذلك؛ لأن الواجب ستر العورة وأن يكون على عاتقه شيء، إذا ستر العاتقين كان ذلك أكمل، أما الرأس فليس من الشرط ستره، والمحرم مدة إحرامه يصلي ورأسه مكشوف، لكن إذا صلى في صفته المعتادة كان هذا حسنا، ولا سيما عند الناس؛ لقول الله سبحانه: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (¬2). فإذا صلى على العادة المعروفة بملابسه المعتادة كان هذا حسنا، وإلا فلا يضره كشف الرأس. ¬

_ (¬1) ورد هذا السؤال بالشريط رقم (324). (¬2) سورة الأعراف الآية 31

س: الأخ: ح. م. م، من اليمن، يقول: هل يجوز للرجل أن يؤم الناس وهو مكشوف الرأس أم لا؟ نرجو الإفادة جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (208).

ج: نعم لا حرج في ذلك، لا بأس أن يصلي وهو مكشوف الرأس؛ لأن الحديث إنما جاء في العاتق، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي أحد منكم في ثوب واحد ليس على عاتقه منه شيء (¬1)» فالمقصود ستر العاتقين، أما الرأس فلا يجب ستره؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لا يصلي أحدكم في ثوب واحد ليس على عاتقه (¬2)» وفي اللفظ الآخر: «عاتقيه منه شيء (¬3)» والعاتق الكتف. ولم يقل: على رأسه. وكان صلى الله عليه وسلم في إحرامه يصلي بالناس في الرداء والإزار، وهكذا الصحابة يصلون في الرداء والإزار، وكانت عادة العرب يلبسون الأزر والأردية، والرأس ليس بشرط، قد توضع عليه العمامة، وقد لا توضع عليه العمامة، فإن وضع العمامة عليه كان أحسن؛ لأنها من الزينة، وإن لم يضعها فلا حرج في ذلك والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (27243). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (27243). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه، برقم (359)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه، برقم (516).

س: ما حكم من صلى بالناس إماما وليس على رأسه غطاء؟ ج: لا حرج في ذلك؛ لأن الرأس ليس من العورة، إنما السنة أن يصلى بالإزار والرداء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي

أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء (¬1)» فإذا صلى مكشوف الرأس فلا حرج في ذلك، لكن إذا أخذ زينته واستكمل زينته يكون أفضل؛ لقول الله سبحانه: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (¬2)، فإذا استكمل الزينة التي اعتادها في بلاده مع جماعته، وكان من عادتهم أنهم يسترون الرؤوس فهذا أفضل، أما إذا كان في بلاده ليس من عادتهم هذا، بل من عادتهم كشف الرؤوس فلا بأس أن يصلي بهم مكشوف الرأس. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (27243). (¬2) سورة الأعراف الآية 31

حكم الصلاة خلف الجزار وثيابه ملوثة بالدم

18 - حكم الصلاة خلف الجزار وثيابه ملوثة بالدم س: هل تجوز الصلاة مع أخينا الجزار وثيابه ملوثة بالدم وهو إمام؟ ج: ليس له أن يصلي بثيابه الملوثة بالدم، ولا يكون إماما، الجزار عليه أن يتخذ للصلاة ثيابا طاهرة، أو يغسل ما أصابه من الدم قبل أن يصلي، سواء كان إماما أو منفردا أو مأموما، ليس له أن يصلي بالناس، ولا أن يصلي وحده في النجاسة، وليس لك أن تصلي خلفه، بل يجب أن تنكر عليه، وأن تعلمه حتى يطهر ثيابه، أو يتخذ للصلاة ثيابا نظيفة، أما ما دامت ثيابه نجسة فإنها لا تصح صلاته، بل يجب عليه أن

يطهرها، أو يتخذ ثيابا نظيفة للصلاة، هذا هو الواجب عليه، وعلى كل من أصابته النجاسة، إلا إذا وقع في وقت ليس له القدرة على غسلها، في الصحراء مثلا ما عنده ماء، ويخشى فوات وقت الصلاة فإنه يصلي على حسب حاله، ولو في الثوب النجس وصلاته صحيحة، حتى يجد ماء يغسل هذا الثوب، أو يجد ثوبا بدله حتى يزيله، ما دام مضطرا ليس عنده إلا هذا الثوب الواحد، وهو في البرية أو سجين، ما تيسر له أن يعطيه أحد ثوبا طاهرا، ولم يستطع غسله، والله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1) يصلي حتى يجعل الله له فرجا ومخرجا، فإذا قدر على إبداله أو تغسيله وجب عليه ذلك. ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16

حكم صلاة المأموم خلف إمام يكرهه بحق

19 - حكم صلاة المأموم خلف إمام يكرهه بحق س: ما حكم إذا صليت وراء إمام مكروه عندي؟ ج: إذا كنت لا تعلم فيه مكفرا فصلاتك صحيحة، ولو كرهته , الصلاة صحيحة؛ لأنك قد تكرهه بغير حق، وقد تكرهه بشيء لا يوجب كراهته، وإن كان عنده بعض المعاصي فلا يمنع ذلك صحة الصلاة، فقد

صلى بعض الصحابة خلف الحجاج بن يوسف الثقفي، وهو من أظلم الناس، فالمعصية لا تمنع صحة الصلاة خلف الإمام إذا كان مسلما وليس بكافر؛ لأن المعاصي قل من يسلم منها لا حول ولا قوة إلا بالله. المقصود أن صلاتك خلف من تكره إذا كان مسلما صحيحة؛ لأنك أنت غير معصوم، قد تكرهه بغير حق، وقد تكرهه لشيء صحيح، لكن لا يمنع صحة الصلاة.

س: يسأل السائل ويقول: هل تبطل صلاة المأموم الذي يصلي خلف إمام وهو كاره له؟ ج: لا، لا تبطل صلاته، لكن إذا كان كارها له بحق وجب أن يصلي خلف غيره، فلا بأس، وإلا فالأمر واسع، إذا صلى خلف إمام وإن كان بينه وبينه شيء صلاته صحيحة، أو يكرهه؛ لأنه يتعاطى بعض المعاصي صلاته صحيحة والحمد لله.

حكم التأخر في تكبيرة الإحرام

20 - حكم التأخر في تكبيرة الإحرام س: ص. أ، يقول: نسأل عن أولئك الناس عندما يتوجهون إلى الصلاة، نرى أحدهم في هذا التوجه ينتظر حوالي خمس دقائق حتى يكبر

تكبيرة الإحرام، فهل هذا صحيح؟ وهل عندما يتوجه يكبر تكبيرة الإحرام حالا، أم يبدأ يقرأ التوجيه ثم يكبر تكبيرة الإحرام؟ نرجو منكم التوجيه (¬1) ج: المشروع للإمام أنه يعمد الصفوف بالاستواء، يأمرهم يلتفت إليهم يمينا وشمالا، يقول لهم: استووا، تراصوا، أقيموا الصفوف؛ حتى يعتدلوا، فإذا اعتدلوا واستقاموا كبر، هذا هو السنة، وليس أمام التكبير ذكر مشروع بعد الإقامة، ولكن يلاحظ المصلين، يأمرهم بالاستواء وإقامة الصفوف وعدم تقدم بعضهم على بعض، تكميل الصف الأول فالأول، ثم يكبر كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (370).

حكم إمامة المعذور للمأموم الصحيح

21 - حكم إمامة المعذور للمأموم الصحيح س: ما حكم إمامة المعذور للصحيح مع العلم أن الصحيح لا يجيد قراءة القرآن؟ ج: هذا فيه تفصيل: المعذور عذره لا يمنع شيئا من واجبات الصلاة، ولا من أركانها، فلا بأس أن يؤم مثل إنسان مقطوع اليد، أو مقطوع بعض

الأصابع أو نحو ذلك لا بأس أن يؤم الناس، أما كون عذره يمنعه من القيام يجلس فلا يؤمهم وهو جالس، يقدمون من يؤمهم غيره، إلا إذا كان هو إمام الحي، هو الإمام الراتب فلا بأس أن يؤمهم وهو جالس، كما أم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وهو جالس لما مرض عليه الصلاة والسلام، وقال: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا صلى قاعدا صلوا قعودا (¬1)» فإذا كان إمامهم الراتب وصلى قاعدا صلوا خلفه قعودا، وإن صلوا قياما فلا حرج أجزأهم، كما فعله النبي في آخر حياته، فإنه صلى قاعدا وصلوا خلفه قياما، ولم يأمرهم بالجلوس، فدل على الجواز، أما إذا كان ليس إمام الحي فإنه لا يؤمهم وهو جالس، بل يلتمسون من يؤمهم من غير المعذورين الذين يستطيعون أن يؤموهم قياما. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إنما جعل الإمام ليؤتم به، برقم (689)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (411).

حكم صلاة الإمام المعاق

22 - حكم صلاة الإمام المعاق س: يسأل أخونا ويقول: هل تجوز إمامة الشخص المعوق؟ ج: التعويق فيه تفصيل: إن كان التعويق يمنعه من الركوع والسجود

فلا، فلا تجوز إمامته، يستعمل شخص صالح سليم، أما لو كان إماما راتبا فأصابه عارض مثل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يصلي جالسا، ولا حرج في ذلك إذا كان هو الإمام الراتب وإمام الحي، أما إنسان ليس بالإمام الراتب فلا يقدم يصلي وهو معوق، يصلي قاعدا أو لا يركع أو لا يسجد، بل يلتمس إنسان صالح يستطيع الركوع والسجود ونحو ذلك. أما إذا كان المعوق لا يمنعه ذلك فيه عوق مرض في رجله في يده، لكن لا يمنعه من الصلاة قائما وراكعا وساجدا فلا بأس، لا يضر هذا ولا حرج في ذلك.

س: يسأل ويقول: يوجد لدينا رجل عاجز لا يستطيع القيام من الأرض، ويمشي على يديه ورجليه، ولكنه هو أفضل واحد فينا قراءة للقرآن الكريم؛ لأنه جلس في الحرم الشريف أكثر من عشر سنوات يحفظ القرآن الكريم، هل تجوز إمامته في الصلاة؟ نرجو الإفادة أفادكم الله. ج: مثل هذا لا يكون إماما؛ لأنه عاجز عن القيام، فالواجب أن يولى الإمامة من يستطيع القيام، لكن لو كان إمام حي راتبا، ثم أصابه علة وجلس فلا بأس أن يصلوا خلفه قياما أو جلوسا، أما أن يعين وينصب وهو عاجز فلا ينصب وهو عاجز عن القيام، ولكن يلتمس من يستطيع القيام.

حكم الصلاة خلف إمام مصاب بسلس البول

23 - حكم الصلاة خلف إمام مصاب بسلس البول س: السائل: ع. ب. ت. يقول: هل تجوز إمامة المعذور، كمن به سلس البول للقوم الجهال، مع العلم بأنه لا يوجد في القوم من يقوم بأداء الواجب للصلاة أحسن من المعذور؛ حيث إنه أقرؤهم لكتاب الله وأعلمهم لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأعلمهم بالأمور الشرعية؟ ج: الأحوط ألا يصلي بهم، ما دام معه سلس دائم الأحوط ألا يصلي بهم؛ لأن جمعا من أهل العلم يرون أنه لا تصح إمامته، فالأحوط ألا يصلي بهم، يصلي بهم غيره ولو كان أقل منه قراءة، يصلي من هو صالح للإمامة وإن كان أقل منه علما وأقل قراءة. والذي به سلس البول له أن يصلي العشاء، ثم يصلي التراويح بدون إعادة للوضوء إذا توضأ للوقت وقت العشاء، وكذا يجوز له القيام قيام الليل؛ لأنه وقت واحد.

س: يقول السائل: هل يجوز لمن به سلس بول أن يقوم بتلاوة القرآن الكريم من المصحف بعد أداء صلاة الفريضة مباشرة بدون إعادة الوضوء؟

ج: نعم، إذا توضأ للوقت يصلي ويمس المصحف؛ حتى ينتهي الوقت يتنفل، فإذا توضأ للظهر يصلي الظهر ويصلي بعد الظهر ما شاء، وإذا توضأ للمغرب يصلي بين المغرب والعشاء ما شاء، وإذا توضأ للعشاء يصلي ما شاء إلى نصف الليل إلى انتهاء الوقت.

س: هل يجوز لمن به عذر كسلس البول أو غيره أن يصلي بالناس إماما؟ أي هل تجوز إمامة ذلك في الصلاة؟ ج: فيها خلاف بين أهل العلم، والأولى ألا يؤم الناس ما دام معه سلس؛ لأن طهارته ناقصة، فالأولى والأحوط ألا يؤمهم، يؤمهم غيره، وإن أمهم صحت الصلاة إن شاء الله، لكن ترك ذلك أحوط؛ خروجا من خلاف العلماء.

س: سائل يقول: أنا مصاب بمرض سلس البول، هل يجوز أن أؤم الناس في الصلاة؟ ج: ينبغي ألا تؤم الناس؛ لأن جملة من أهل العلم نبهوا على هذا؛ لأن حدثه دائم، فالأولى بك ألا تؤم الناس، أن تصلي مأموما وتتوضأ

لكل صلاة مثل المستحاضة، وتصلي في الوقت، وتمس المصحف حتى ينتهي الوقت؛ لأن هذه الطهارة ضرورة، فأنت تصلي مع الإمام، ولا تصل إماما هذا هو الأحوط، وفيه الأخذ بما قاله أهل العلم.

س: يسأل: ما حكم صلاة من به سلس البول إماما؟ ج: الأحوط له ألا يصلي بالناس إذا كان إماما وبه سلس، الأحوط له أن يعتذر، وإن صلى بهم صحت صلاته إن شاء الله، يتوضأ لكل صلاة، ولكن الأحوط أنه يعتذر؛ لأن بعض أهل العلم قالوا: لا تصح صلاته إماما.

س: السائل: أ. ع. ز، من الأردن، يقول: هل يجوز للمعذور؛ من به سلس بول أو رياح غليظة في بطنه هل يجوز له الوضوء قبل دخول وقت الصلاة المفروضة؛ لكي يستطيع التبكير إلى المسجد، وإدراك تكبيرة الإحرام والركعة الأولى، وكذلك لكي يستطيع السنة القبلية للفرض إذا كان المسجد بعيدا؟ وجهونا في ضوء ذلك (¬1) ج: الواجب على من به الحدث الدائم ألا يتوضأ إلا بعد دخول الوقت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمستحاضة: «ثم توضئي ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (423).

لكل صلاة (¬1)» فإذا كان فيه سلس البول أو الريح فالوضوء يكون بعد دخول الوقت بعد الزوال في الظهر، وبعد أن يصير ظل كل شيء مثله بعد الزوال، في العصر إذا أذن المؤذن للعصر، بعد غروب الشمس في المغرب، بعد غروب الشفق في العشاء، بعد طلوع الفجر في الفجر، لا يتعجل ويمديه إن شاء الله، يمديه يصلي ولو فاتته تكبيرة الإحرام، ولو فاته الركعة الأولى لا يضر، والحمد لله إذا كان المسجد بعيدا. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب غسل الدم، برقم (228).

س: السائل: يقول: من به سلس بول هل يجوز أن يكون إماما في الصلاة؟ ج: فيه خلاف بين العلماء، والأحوط له ألا يكون إماما؛ خروجا من الخلاف، الأحوط أن يكون مأموما؛ خروجا من خلاف من منع عن ذلك.

حكم من صلى بالناس وفيه جرح

24 - حكم من صلى بالناس وفيه جرح س: ما حكم من صلى بالناس جماعة وفيه جرح؟ ج: إذا كان الجرح عليه شيء من الجبائر يمسح عليه، أو تيمم عنه؛ لأنه لا جبيرة عليه، وتوضأ وضوءه الشرعي، ثم تيمم عن محل الجرح فصلاته صحيحة والحمد لله، ولا يضر ذلك. النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه وقد أصابه ما أصابه يوم أحد عليه الصلاة والسلام؛ من الجراحات وهو إمامهم عليه الصلاة والسلام، عالجها وصلى بهم عليه الصلاة والسلام. وهكذا جحش شقه في المدينة، وسقط عن دابته، وجلس في بيته مدة وهو يصلي بأصحابه عليه الصلاة والسلام، فلا حرج في ذلك.

س: السائل يقول: ما حكم الصلاة خلف إمام به جرح وعليه ضماد؟ ج: إذا كان هناك ضماد يمسح عليه، وإن كان مكشوفا لا يستطاع لا ضماد عليه ولا جبيرة فإنه يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يتيمم بالنية عن محل الجرح، وإذا كان ينزف يعالج حتى يمسك، والأولى ألا يؤم الناس إذا كان ما وجد حيلة لا جبيرة ولا شيئا يمسك الدم، هو

مثل صاحب السلس، الأحوط له ألا يؤم الناس، أما إذا كان واقفا وعليه جبيرة، أو عليه ضماد، أو ليس عليه شيء لكنه واقف فإنه يتيمم عنه إذا كان ما عليه شيء، وإذا كان عليه جبيرة مسح عليه وكفى عن التيمم.

س: السائل يقول: من جرح وصلى بالناس وجرحه ينزف، وليس عليه جبيرة فما حكم صلاته؟ ج: صلاتهم على الراجح صحيحة، ولا يلزمهم الإعادة والحمد لله، لا الإمام ولا المأموم. {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16

حكم الصلاة خلف إمام متيمم بمتوضئين

25 - حكم الصلاة خلف إمام متيمم بمتوضئين س: هل يجوز للمتيمم أن يؤم الجماعة المتوضئين؟ ج: نعم، لا بأس أن يؤم المتيمم الناس المتوضئين، إذا كان له عذر شرعي أجاز له التيمم فإنه يصلي بالناس المتوضئين، ولا حرج في ذلك والحمد لله؛ لأن التيمم طهارة شرعية، فإذا كان مريضا لا يستطيع استعمال الماء، وتيمم فإنه يصلي بهم وإن كانوا متوضئين، أو في السفر خرجوا

متوضئين، ثم قدر أنه أحدث وليس عندهم ماء فتيمم فإنه يصلي بهم.

س: هل يجوز للمتيمم أن يصلي إماما لعدم من يصلي بالناس إماما غيره؟ ج: يجوز أن يصلي المتيمم بالمتوضئين إذا تيمم لعذر شرعي عن الحدث الأصغر أو الأكبر، جاز أن يؤم الذين تطهروا بالماء ولا حرج في ذلك ولا بأس، ولو وجد من يصلح للإمامة إذا كان صالحا للإمامة وأمهم فلا بأس بذلك.

حكم مداومة الإمام على قراءة سورة الإخلاص في كل صلاة

26 - حكم مداومة الإمام على قراءة سورة الإخلاص في كل صلاة س: السائل يقول: ألاحظ أن الأئمة يقرؤون سورة الإخلاص في الركعة الثانية بشكل دائم، فهل ذلك مشروع؟ ج: الأمر في هذا واسع، والسنة تحري صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن يقرأ الإمام كما كان النبي يقرأ عليه الصلاة والسلام، يطول في الفجر وفي الظهر، ويخفف في العصر وفي المغرب تارة وتارة، تارة يطول وتارة يخفف في القراءة، والعشاء يتوسط فيها كالظهر والعصر، إلا أن الظهر أطول وهي أقرب إلى الفجر، هكذا جاءت السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، فالمؤمن يتحرى قراءته صلى الله عليه وسلم، فيقرأ في الفجر بمثل

{ق} (¬1)، و {وَالذَّارِيَاتِ} (¬2)، و {وَالطُّورِ} (¬3) وأشباهها من طوال المفصل، وفي الظهر أقل من ذلك، وفي العصر أقل من الظهر، وفي المغرب تارة وتارة، قرأ فيها النبي صلى الله عليه وسلم بـ: {وَالطُّورِ} (¬4) وقرأ فيها {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} (¬5)، والغالب أنه يقرأ فيها بقصار المفصل عليه الصلاة والسلام، مثل: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} (¬6)، و {وَالضُّحَى} (¬7)، و {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} (¬8)، و {إِذَا زُلْزِلَتِ} (¬9)، و {الْقَارِعَةُ} (¬10)، وإذا طول بعض الأحيان كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم كان هذا من السنة، والعشاء بأوساط المفصل مثل: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} (¬11)، و {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} (¬12)، و {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} (¬13)، و {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} (¬14) وأشباه ذلك، كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذا بذلك عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) سورة ق الآية 1 (¬2) سورة الذاريات الآية 1 (¬3) سورة الطور الآية 1 (¬4) سورة الطور الآية 1 (¬5) سورة المرسلات الآية 1 (¬6) سورة الشمس الآية 1 (¬7) سورة الضحى الآية 1 (¬8) سورة الليل الآية 1 (¬9) سورة الزلزلة الآية 1 (¬10) سورة القارعة الآية 1 (¬11) سورة الغاشية الآية 1 (¬12) سورة البروج الآية 1 (¬13) سورة الطارق الآية 1 (¬14) سورة الانفطار الآية 1

حكم قراءة بعض السورة في الصلاة

27 - حكم قراءة بعض السورة في الصلاة س: السائل يقول: الذين يقرؤون بعض السورة في الصلاة هل في هذا شيء؟ ج: لا حرج في ذلك؛ لأن الله يقول: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} (¬1)، فإذا ¬

_ (¬1) سورة المزمل الآية 20

قرأ بعض سورة أو آخر سورة فلا حرج في ذلك، وإذا قرأ بعض الأحيان في الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬1)، أو قرأها مع غيرها فلا بأس، فقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن بعض أئمة الأنصار يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) مع قراءته الأخرى. فسأله النبي عن ذلك، فقال: إني أقرأ بها؛ لأني أحبها؛ لأنها صفة الرحمن، وأنا أحبها. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «حبك إياها أدخلك الجنة (¬3)» وفي لفظ قال: «أخبروه أن الله يحبه (¬4)» يعني: كما أحبها. فإذا قرأها مع غيرها فلا بأس، أو قرأها وحدها بعد الفاتحة فلا بأس، ولكن تحري سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والسير على منهجه في القراءة أولى وأولى. ¬

_ (¬1) سورة الإخلاص الآية 1 (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه برقم (12024). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى، برقم (7375)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل (قل هو الله أحد) برقم (813).

س: السائل يقول: ألاحظ أنهم يقيمون الصلاة بعد الأذان مباشرة في صلاة المغرب دون صلاة ركعتين، فهل هذا صحيح؟ ج: الأفضل عدم العجلة قليلا، كان النبي صلى الله عليه وسلم يبكر

في المغرب أكثر من غيره عليه الصلاة والسلام، وكان لا يجلس بعد الأذان إلا قليلا بقدر ما يصلون ركعتين، فالسنة أن يصلي ركعتين بعد الأذان، ثم يقيم الإمام بعد ذلك، لا يعجل، يتأنى شيئا حتى يدرك الذي في الطريق الصلاة، والذي يتوضأ يدرك الصلاة، ولكن لا يكون مثل الظهر والعصر والعشاء والفجر، لا بل يتقدم بها أكثر، يعني يسرع بها أكثر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يتأخر فيها إلا قليلا، وكان الناس يصلون ركعتين ثم يقيم عليه الصلاة والسلام.

حكم الصلاة خلف من يلزم الناس بالصلاة خلفه

28 - حكم الصلاة خلف من يلزم الناس بالصلاة خلفه س: عندنا رجل يؤمنا في الصلاة، ويفرض نفسه علينا دون أن يشاور أحدا في الأمر، رغم أن خلفه من هو أقرأ للقرآن منه وأعلم بالسنة منه، فما حكم الصلاة خلف هذا الرجل؟ ج: الواجب على هذا الرجل ألا يفرض نفسه على الناس، بل يشاورهم، إن أرادوه تقدم بهم، وإن لم يريدوه ترك، والواجب أيضا أن يقدر من خلفه، فإذا كان من خلفه أقرأ منه وأعلم منه فالواجب أن يكونوا مقدمين عليه؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «يؤم

الناس أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا (¬1)» وفي رواية: «سلما (¬2)» فلا يجوز له أن يفرض نفسه عليهم، بل يجب عليه أن يدع هذا، الأمر شورى بينهم، فإذا رأى أعيان الجماعة وخواصهم تقديمه تقدم، وإن رأوا تقديم غيره ممن هو أفقه منه أو أقرأ منه فذلك هو الأولى والأفضل، وليس له أن يفرض نفسه على الناس، وإذا كان المسجد له مسؤول من الأوقاف، أو غير الأوقاف فالمسؤول هو الذي بيده الأمر، الأوقاف تنظر أو المسؤول نفسه الذي هو الوكيل عليه والقائم عليه؛ لكونه هو الذي بناه وعمره، المقصود إذا كان له مسؤول فالمسؤول ينظر في الأمر، وإذا كان ليس له مسؤول فالجماعة ينظرون في الأمر، ويختارون من هو أفضل في دينه وتقواه وأفضل في علمه وقراءته، ولا يقبلون لأحد أن يفرض عليهم نفسه، والصلاة صحيحة إذا صلى بهم، لكنه على خطر؛ لأنه جاء الوعيد في حق من أم قوما وهم له كارهون، فلا ينبغي له ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة برقم (673). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة برقم (673).

أن يؤم قوما يكرهونه، وهو على خطر والصلاة صحيحة، لكن قد خاطر بنفسه، فينبغي له الحذر والبعد عن مثل هذا الأمر إلا برضا الجماعة وتقديمهم له.

حكم إمامة الناس بدون الاستئذان منهم

29 - حكم إمامة الناس بدون الاستئذان منهم س: السائل: هـ. هـ. و. س، من منطقة الكامل، يقول: إنه يؤم أناسا دون أن يستأذن منهم، فهل عمله هذا صحيح؟ ج: إذا قدموه وصلى بهم فليس من اللازم أن يستأذن الجميع، إذا قدمه أعيانهم أو قدمه ولاة الأمر في هذا المسجد فلا حرج. أما إذا كانوا يكرهونه من أجل خصومة بينه وبينهم وشحناء، أو من أجل بدعته، أو من أجل أنه عنده معاص ظاهرة فلا ينبغي له أن يؤمهم، وجاء في بعض الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة (¬1)» وذكر منهم: «من تقدم قوما وهم له كارهون (¬2)» قال العلماء: يعني: إذا أمهم بغير حق، إذا كرهوه بحق فإنه لا يؤمهم، يكرهونه لبدعته أو لشحناء بينه وبينهم لا يؤمهم، أما إذا كان هو مستقيما ومن أهل السنة وليس به بأس، ولكن كرهوه؛ ¬

_ (¬1) سنن أبي داود الصلاة (593)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (970). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الرجل يؤم القوم وهم له كارهون، برقم (593).

لأنه يدعوهم إلى الله، لأنه يعلمهم، لأنه يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر فلا، هذا لا يعتبر بكراهتهم، يؤمهم ولا يعتبر بكراهتهم، لكن إن كرهوه بحق؛ لأنه صاحب خصومة بينه وبينهم وكذلك شحناء، أو لأنه صاحب بدعة، أو يرون منه معاصي ظاهرة كالإسبال وحلق اللحية فلا يؤمهم؛ لأنه هو أخذ بهذا، فالذي يحلق لحيته أو يقصها أو يسبل ثيابه لهم الاعتراض عليه، إما أن يستقيم، وإما أن يعتزلهم، وهكذا لو كان معروفا ببدعة؛ ممن يدعو إلى الموالد ويحتفل بالموالد، أو يدعو للاحتفال بليلة السابع والعشرين ليلة الإسراء والمعراج، أو ممن يتهم بأشياء أخرى تعرف منه أماراتها ودلائلها مما هو بدعة أو معصية ظاهرة، فالحاصل إذا كان عليه أمر واضح، يكرهونه بحق لبدعته أو لدعوته إلى الباطل أو إظهاره المنكر أو ما أشبه ذلك مما هو عذر لهم في كراهتهم له فإنه لا يؤمهم.

نصيحة للأئمة الذين يتأخرون عن صلاتي الفجر والعصر

30 - نصيحة للأئمة الذين يتأخرون عن صلاتي الفجر والعصر س: يلحظ بعض الإخوة على بعض الأئمة أنهم يتأخرون عن صلاتي الفجر والعصر، وإذا ما نصح بعضهم قال: إن هذا من الابتلاء والامتحان. فما هو توجيه سماحتكم لكل من الأئمة والمأمومين؟

جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب على الإمام أن يحضر للصلوات الخمس كلها، على الإمام وعلى كل مسلم أن يحافظ على الصلاة في وقتها، وعلى الإمام أن يحافظ حتى لا يعطل الناس، لا يعجل ولا يتأخر، بل يتحرى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، ويتحرى ما عين من إدارة الأوقاف من أوقات، وما يقابلها حتى لا يؤذي المصلين لا بالعجلة ولا بالتأخير، يتحرى الأوقات التي عينت له ووضحت له، يتحرى فيها صلاة النبي عليه الصلاة والسلام، وهكذا المأموم يسابق إلى الصلاة كلها، الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر كلها ولا يتأخر، الفجر والعصر كذلك، يجب أن يعتني بهما كبقية الأوقات، لا يجوز التساهل في ذلك لا للإمام ولا للمأموم، يجب على الجميع العناية بالأوقات والحرص على أن يصليها في جماعة. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (306).

بيان واجب الإمام تجاه جماعة المسجد

31 - بيان واجب الإمام تجاه جماعة المسجد س: ما هو واجب إمام المسجد في حيه وتجاه جماعته في المسجد؟ ج: الواجب عليه تفقدهم وملاحظتهم ونصيحتهم، وألا يشق عليهم

بالتأخير ولا بالتبكير، تكون صلاته وسطا حسب التوجيهات التي إليه من المسؤولين عن الصلاة، يصلي حسب التوجيه، يحذر من التأخير الذي يضرهم أو التقديم الذي يضرهم، يكون مراعيا للأوقات التي حددت له، والتقدم اليسير أو التأخر خمس دقائق أو كذا لا يضر، المهم أنه لا يتأخر شيئا يضرهم، أو يتقدم شيئا يخالف التعليمات، بل يكون متحريا للتعليمات، وإذا تأخر قليلا عن التعليمات خمس دقائق أو نحوه كل هذا لا حرج فيه، يراعي المصلحة في ذلك.

بيان أن الواجب على الأئمة أن يصلوا كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم

32 - بيان أن الواجب على الأئمة أن يصلوا كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم س: بعض الأئمة لهم الصفات التالية: إذا قرأ أحدهم في الصلاة الجهرية فهو يطيل قراءته ويعطيها حقها فيما يجهر فيه من الصلاة، وأما باقي الصلاة - أعني: الجزء الذي يسر فيه، وكذلك جميع الصلوات السرية - فإذا أردت أن تعطي القراءة حقها، كما وردت صفة القراءة في صفة صلاة النبي عليه الصلاة والسلام فلا تستطيع أن تكمل الفاتحة، وخاصة في الركعتين الأخيرتين؟

ج: الواجب على الأئمة أن يصلوا كما صلى النبي عليه الصلاة والسلام، فيقول عليه الصلاة والسلام: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬1)» فعليهم الطمأنينة والعناية بالقراءة وإيضاح القراءة، كما علم النبي صلى الله عليه وسلم المسيء في صلاته، فقال له لما رآه لم يتم صلاته قال له: «إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة وكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها (¬2)» فالواجب على الأئمة أن يعتنوا بالصلاة، وأن يكملوها ويوضحوا القراءة؛ أن تكون القراءة واضحة ليس فيها نقص وليس فيها إسقاط حروف، بل يقرأ قراءة واضحة ينتفع بها من خلفه، فالجهرية الأولى والثانية في المغرب والعشاء، وفي صلاة الفجر وصلاة الجمعة يجهر جهرا ينفع المصلين ولا يعجل، والأفضل الترتيل، الأفضل أن يرتل، وأن يقف على رؤوس الآي، كما كان النبي عليه الصلاة والسلام ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة برقم (631). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، باب من رد فقال عليك السلام، برقم (6251).

يفعل حتى ينتفع المصلون بقراءته، والمأموم يستمع وينصت إلا أنه يقرأ الفاتحة، المأموم يقرأ الفاتحة، ولو كان إمامه يقرأ لم يسكت يقرؤها ثم ينصت؛ لأنه مأمور بذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬1)» وهذا عام في الجهرية والسرية، لا بد أن يقرأ المأموم، لكن لو جاء المأموم والإمام راكع أجزأه الركوع، وسقطت عنه القراءة، أو نسي فلم يقرأ أو كان جاهلا، ما يعرف الحكم الشرعي، يحسب أن المأموم ليس عليه قراءة فصلاته صحيحة، بخلاف الإمام والمنفرد فإن عليهما قراءة الفاتحة ركنا لا بد منه، لا يسقط لا جهلا ولا سهوا، بل عليهما أن يقرآ الفاتحة، أما المأموم فأمره أوسع، يلزمه أن يقرأ، فإن تركها جاهلا أو ناسيا أو ما أدرك إلا الركوع أجزأته الركعة والحمد لله، وعلى الإمام أيضا في الثالثة والرابعة من العشاء وفي الظهر والعصر، والثالثة من المغرب عليه أن يطمئن أيضا ولا يعجل؛ حتى يقرأ المأموم الفاتحة، لا يعجل، عليه أن يقرأ قراءة مرتلة متأنية؛ حتى يتمكن من خلفه من القراءة؛ لأن الناس أقسام، يختلفون في سرعة القراءة وعدم سرعتها، فالإمام يراعي المأمومين ويرفق بهم ولا يعجل، وعلى المأموم أن يعتني أيضا بالقراءة؛ ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186).

حتى يقرأ قراءة تامة متصلة حتى لا تفوته الفاتحة، بعض الناس قد يقرأ قراءة مقطعة، يقف ويسكت سكتات طويلة، هذا لا وجه له، وعليه أن يقرأ قراءة متصلة حتى يتمكن من القراءة قبل أن يركع الإمام.

بيان كيفية دعاء الإمام في سجوده

33 - بيان كيفية دعاء الإمام في سجوده س: يقول: إذا كان الإنسان إماما فهل يجوز له الدعاء في سجوده، مثل: رب اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله أوله وآخره. وغير ذلك. كذلك الدعاء بعد التشهد الأخير، مثل قوله: " أعوذ بالله من عذاب جهنم، وعذاب القبر، وفتنة المحيا والممات، وفتنة المسيح الدجال "؟ وهل يستحب للإمام وغيره في الصلاة المفروضة الدعاء في السجود وبعد التشهد الأخير، والزيادة في التسبيح في الركوع والسجود، أم أنه يقتصر على أدنى الكمال؟ ج: المشروع للجميع الإمام والمنفرد والمأموم، يشرع للجميع الدعاء في السجود، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (¬1)» ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479).

أي: حري أن يستجاب لكم. رواه مسلم في الصحيح. ويقول أيضا عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (¬1)» أخرجه مسلم في الصحيح أيضا. فالسنة للجميع الإمام والمنفرد والمأموم والرجل والمرأة الإكثار من الدعاء في السجود، ومن دعائه صلى الله عليه وسلم في السجود: «اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (¬2)» رواه مسلم في الصحيح من دعاء النبي عليه الصلاة والسلام. ومن الدعاء الحسن في السجود: اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين. ويقول: اللهم أصلح قلبي وعملي، وارزقني الفقه في ديني. ويقول: «اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك (¬3)» ومن التسبيح: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي (¬4)» «سبوح قدوس رب الملائكة والروح (¬5)» ويكرر ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب القدر، باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن، برقم (2140). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (484). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (487).

ذلك ما تيسر، ويقول في السجود أيضا: «سبحان ربي الأعلى (¬1)» لا يقتصر على الواجب مرة، بل يزيد ثلاثا أو خمسا أو سبعا، هذا أفضل، وهكذا في الركوع: «سبحان ربي العظيم (¬2)» أدنى الكمال ثلاث، وإن زاد فهو أفضل، خمسا وسبعا وعشرا هو أفضل، لكن يتحرى الإمام ألا يشق على الناس، تكون صلاته وسطا، ليس فيها تطويل يشق على الناس، ولا تخفيف يخل بالواجب، ولكن بين ذلك، ويكثر من قوله في الركوع والسجود: " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي " " سبوح قدوس رب الملائكة والروح ". تقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي (¬3)» متفق على صحته. ويقول صلى الله عليه وسلم في السجود والركوع: «سبوح قدوس رب الملائكة والروح (¬4)». ويدعو في التشهد الأخير بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، برقم (772). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، برقم (772). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء في الركوع برقم (794)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (484). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (487).

يدعو: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال (¬1)» «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك (¬2)» «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت (¬3)» ومن الدعاء المشروع: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (¬4)» هذا دعاء عظيم مشروع في السجود، وفي التشهد ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (1377)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستفاد منه في الصلاة، برقم (588). (¬2) أخرجه أحمد في مسند من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه برقم (21621). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (771). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الدعاء قبل السلام، برقم (834)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب استحباب خفض الصوب بالذكر، برقم (2705).

قبل السلام. ومن الدعاء المشروع قبل السلام: «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا ومن عذاب القبر (¬1)» وإن دعا بغير هذا من الدعوات الطيبة فكله حسن قبل أن يسلم، لكن إذا كان إماما لا يطول تطويلا كثيرا على الناس؛ حتى لا يشق عليهم، فأما المأموم فتبع إمامه، يدعو حتى يسلم إمامه، والمنفرد له أن يطول ما يشاء؛ لأنه ليس خلفه من يشق عليه، فله أن يصلي كيف يشاء مع مراعاة الأمر الشرعي في كل شيء. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (6365).

حكم استئجار الإمام لشخص ينوب عنه في إمامة المصلين

34 - حكم استئجار الإمام لشخص ينوب عنه في إمامة المصلين س: هل يجوز للإمام أن يستأجر شخصا آخر ليقوم بالإمامة نيابة عنه (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك في أصح قولي العلماء، إذا كان المستأجر صالحا لذلك، ووافقت عليه الجهة المسؤولة؛ كالأوقاف مثلا أو صاحب المسجد الذي عينه فيه إماما، لكن إذا ترك الاستئجار، وقال له: تنوب عني وأنا إن شاء الله أساعدك. يكون أحسن من لفظ الاستئجار؛ لأن كثيرا من أهل العلم يكره هذا اللفظ، ويكره هذا ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (116).

الاستعمال لحديث: «اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا (¬1)» وسئل أحمد رحمه الله عن رجل يقول: أصلي بكم رمضان بكذا وكذا. قال: أعوذ بالله، ومن يصلي خلف هذا. أو كما قال رحمه الله. فالحاصل مثل هذه العبارات فيها شيء من النقص، فهو كونه يقول له: أنت تنوب عني، وأنا إن شاء الله لا أقصر في مساعدتك. أو: إن شاء أعطيك ما يعينك على حاجتك. أو ما أشبه ذلك أحسن من كونه يتعاقد معه إجارة. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه برقم (15836).

حكم الإمام الذي يتقاضى راتبا على إمامته وهو لا يصلي بجماعة المسجد

35 - حكم الإمام الذي يتقاضى راتبا على إمامته وهو لا يصلي بجماعة المسجد س: مستمع يقول: ما رأي سماحتكم في الإمام الذي يهمل عمله، ويضع حمل العمل على الحارس، من أذان وإقامة وصلاة بالناس والقيام بشؤون المسجد؟ وهل المرتب الذي يتقاضاه حلال؟ ج: هذا من الخيانة، لا يجوز له أن يعمل هذا العمل، والواجب رفع أمره

إلى الجهة المسؤولة حتى يستقيم، أو يبدل بخير منه، هذا على الجماعة والمسؤولين أن يرفعوا أمره، نسأل الله لنا وله الهداية.

حكم ذهاب الإمام إلى مكة في رمضان دون أن ينيب عنه أحدا

36 - حكم ذهاب الإمام إلى مكة في رمضان دون أن ينيب عنه أحدا س: يقول السائل: ما حكم من يذهب إلى العمرة في رمضان، وهو يعمل إمام مسجد ويترك الجماعة بدون إمام؟ ج: الواجب عليه أن يعين من يقوم مقامه، أو يبلغ الجهة المختصة حتى تعين من يقوم مقامه، وإذا أذنت له فلا بأس، أما أن يتساهل فلا يجوز، بل إما يعين من يقوم مقامه بمن هو مثله أو خير منه، أو يبلغ الجهة المختصة حتى تعين من يقوم مقامه إذا سمحت له، ولا يجوز له إهمالهم؛ لأن هذه أمانة، ولا يجوز الإخلال بالأمانة، يقول الله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (¬1). ويقول سبحانه في وصف المؤمنين: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} (¬2). فالواجب على الإمام إذا عرض له عارض؛ كعمرة أو حاجة أخرى أن يستنيب من ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 58 (¬2) سورة المؤمنون الآية 8

يقوم مقامه ولا يتساهل، فإن كانت هناك حاجة إلى الاستئذان استأذن الجهة المختصة، أما إن كانت الحاجة خفيفة فإنه يستنيب من يقوم مقامه بمن هو مثله أو خير منه والحمد لله.

حكم إمامة من لا يعرف معاني آيات القرآن الكريم

37 - حكم إمامة من لا يعرف معاني آيات القرآن الكريم س: سائل يقول: أحفظ كثيرا من كتاب الله، وأجيد قراءته قراءة جيدة، وأؤم المصلين في كثير من الأحيان، إلا أنني لا أعرف كثيرا من معاني الآيات، فهل تجوز الإمامة والحال ما ذكر (¬1)؟ ج: نعم، لا حرج في ذلك وإن كنت تجهل بعض المعاني، ما دمت بحمد الله تجيد القراءة فالحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (272).

حكم الصلاة خلف من عليه دين

38 - حكم الصلاة خلف من عليه دين س: هل تصح الصلاة خلف من عليه دين، مع أنه فقير وحافظ للقرآن، ولم يأذنوا له أن يصلي بهم، يقولون له: بأنك عليك دين؟ هل تجوز الصلاة خلف هذا (¬1)؟ ج: نعم، تجوز الصلاة خلفه ولو عليه دين، كان النبي صلى الله عليه ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (377).

وسلم أولا إذا أتي بصاحب دين قال: «صلوا على صاحبكم (¬1)» ثم ترك ذلك، وكان يصلي عليهم وعليهم دين عليه الصلاة والسلام، ويقضي عمن عليه دين إذا كان ما عنده وفاء، هذا من كرم أخلاقه عليه الصلاة والسلام، ومن جوده أنه إذا مات إنسان عليه دين، وليس عنده شيء لقضاء دينه لا يصلي عليه، ونسخ هذا الأمر الذي فيه ترك الصلاة، فالذي عليه دين يصلي عليه ويسعى في قضاء دينه بعد ذلك من ماله، أو غير ماله، المقصود أن ترك الصلاة كان أولا ثم نسخ، وكان يصلي صلى الله عليه وسلم على من عليه دين قبل الوفاء، اللهم صل عليه وسلم. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحوالات، باب من تكفل عن ميت دينا فليس له أن يرجع، برقم (2297)، ومسلم في كتاب الفرائض، باب من ترك مالا فلورثته، برقم (1619).

حكم الصلاة خلف إمام مبتدع

39 - حكم الصلاة خلف إمام مبتدع س: ما حكم الصلاة خلف إمام مبتدع، سواء كانت البدعة بمجال العبادات أو العقائد (¬1)؟ ج: لا يجوز اتخاذ المبتدع إماما؛ لأنها رفع لشأنه، فلا يجوز أن يتخذ إماما، ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (356).

بل يتحرى في الإمامة أهل الصلاح والاستقامة، والسالمون من البدع، هذا هو الواجب على المسؤولين، أن يتحروا للإمامة الرجل الصالح صاحب العلم والفضل، البعيد عن البدع، لكن إذا وجد في المسجد إمام مبتدع بدعته غير مكفرة فالصلاة خلفه صحيحة، والواجب إزالته وإبداله بغيره، أما إن كان بدعته مكفرة كعبدة القبور، الذي يعبد القبور ويستغيث بالأموات هذا لا تصح الصلاة خلفه، لا تصح الصلاة لنفسه لكفره، فلا تصح الصلاة خلفه. أما إذا كان مبتدعا بدعة لا تخرجه من الإسلام، بدعة تجعله عاصيا فقط فالصلاة خلفه صحيحة، كالصلاة خلف غيره من الفساق الذين هم مسلمون، لكن عندهم بعض المعاصي كالغيبة والنميمة، وشرب المسكر وحلق اللحى، فالصلاة صحيحة، لكن لا ينبغي أن يتخذوا أئمة، ينبغي لولاة الأمور ألا يجعلوا إماما يتظاهر بالمعصية. قد صلى بعض الصحابة خلف الحجاج بن يوسف، وكان من أفسق الناس , سفاكا للدماء؛ لأنه مسلم. ومن البدع التي لا تخرج من الإسلام منها بدعة المولد إذا لم يكن فيها شرك، بل مجرد احتفال بالمولد، وقراءة دروس وقصائد ليس فيها شرك، هذه بدعة منكرة. أما إذا كان فيها شرك، فيها دعاء للنبي صلى الله عليه وسلم والاستغاثة به صار ذلك شركا أكبر. ومثل بدعة ليلة المعراج ليلة الإسراء والمعراج والاحتفال بها، هذه بدعة لا تكفر إلا إذا كان فيها دعوة لغير الله

واستغاثة بغير الله، يكون فاعل ذلك كافرا باستغاثته بغير الله ودعائه الأموات والغائبين. ومثل: نويت أن أصلي كذا وكذا. هذه بدعة لفظية لا تكفر، معصية نقص على المؤمن، والصلاة خلف صاحبها صحيحة، لو قال: نويت أن أصلي الظهر، نويت أن أصلي كذا. هذا لا يجوز، لكن الصلاة صحيحة.

س: هل يجوز أن نصلي وراء إمام مبتدع، ويدعو إلى بدعته (¬1)؟ ج: الإمام المبتدع يجب الرفع عنه للجهات المسؤولة؛ حتى يزال، حتى يبعد عن الإمامة، حتى لا ينشر بدعته. أما الصلاة فلنا فيها تفصيل: إن كانت بدعته تكفره؛ يعني كافرا، من البدع الشركية فلا يصلى خلفه، ويجب عزله. وإن كانت بدعته مفسقة ليست مكفرة؛ يعني لا يكفر صاحبها فالصلاة خلفه صحيحة، لكن ينبغي السعي في إبعاده من ولاة الأمور؛ حتى يولى غيره صاحب سنة، والصلاة خلف الفاسق العاصي وخلف المبتدع الذي لا يكفر صحيحة، لكنه ما ينبغي أن يولى الفاسق، ولا ينبغي أن يولى المبتدع، بل ينبغي العدل مع الإمامة. أما إذا كان كافرا فإنه لا تصح إمامته، ولا الصلاة خلفه؛ ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (298).

كأن يعبد الأوثان، أو يستغيث بالأولياء، الحسين، أو بالبدوي، وبالشيخ عبد القادر، أو بغيره من الأموات، هذا كافر كفرا أكبر، وهكذا الذي يعرف بسب الدين، أو الاستهزاء بالدين الإسلامي، كافر لا يصلى خلفه، ولا يجوز أن يكون إماما. أما إذا كان بدعته أقل من ذلك ما تكفره؛ مثل الذي يقول: نويت أن أصلي كذا وكذا. هذه بدعة، لكن لا تكفره، لا تمنع الصلاة خلفه، لكن ينصح ويعلم؛ لأن التلفظ بالنية بدعة، النية محلها القلب. كذلك الإنسان الذي يعرف بأنه يحضر الموالد، الاحتفال بالموالد، لكن ليس عنده شرك، بل يحضرها من دون أن يكون معروفا بدعوة الأموات، أو الاستغاثة بالأولياء، حضور الموالد بدعة، لكن ليست مكفرة، ينبغي إذا كان يدعو الأموات، ويستغيث بهم، وينذر لهم، ويذبح لهم، هذا يكون كافرا بهذا العمل السيئ، نسأل الله العافية، ولا يصلى خلفه.

س: يقول السائل: هل تجوز الصلاة خلف إمام مبتدع؛ يتوسل في دعائه بجاه الأنبياء والصالحين، ويقوم بأعمال شركية (¬1)؟ ج: هذا لا يصلح إماما، هذا يرفع أمره إلى الجهات المسؤولة؛ ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (288).

حتى يزال من الإمامة، لا يؤم الناس إلا رجل عدل معروف بالخير، ولا يجوز أن يؤمهم مبتدع مشرك بجاه فلان، هذا بدعة من وسائل الشرك، لكن إذا كان عنده أمور أخرى شركية؛ كونه يدعو الأنبياء يستغيث بالنبي، يستغيث بأهل البيت، يستغيث بالأولياء، يسألهم الشفاعة، هذا شرك أكبر، لا تصح صلاته، ولا يجعل إماما، المقصود أن الواجب على جماعة المسجد أن يرفعوا أمر هذا الإمام إلى الجهات المسؤولة، ويطلبوا تغييره بإنسان معروف بالإيمان والعدالة والاستقامة، حتى ولو كان غير مشرك، ما دام مبتدعا معروفا بالبدعة يزال ويسعى في إزاحته، لكن إن كان مسلما صحت الصلاة، إذا كانت بدعته لم تخرجه من الإسلام صحت الصلاة، أما إن كانت بدعته تخرجه من الإسلام؛ كالذي يدعو أهل البيت ويستغيث بهم، ويعتقد فيهم أنهم يعلمون الغيب، أو أنهم معصومون، أو يسب الصحابة هذا ما يتخذ إماما، ولا يصلى خلفه.

س: سماحة الشيخ، الصلاة خلف المبتدع ما حكمها (¬1)؟ ج: الصلاة فيها تفصيل خلف المبتدع: إذا كان المبتدع ابتدع بدعة ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (396).

تكفر كالجهمي هذا لا يصلى خلفه، والمعتزلة في صفات الله، والخوارج لا يصلى خلفهم. أما إذا كانت بدعة خفيفة؛ مثل أن يقول: نويت أن أصلي. أو عنده بدعة أخرى غير هذا من البدع الخفيفة؛ التي لا تفضي إلى الشرك فالأمر في هذا سهل، يصلى خلفه، ولكن إذا تيسر إزالته والتماس إمام من أهل السنة فهذا هو الواجب، ولكن إذا دعت الضرورة إلى أن يصلى خلفه، إذا كانت بدعته لا تكفره كالعاصي، كالذي يعرف بالمعاصي يصلى خلفه ما دام مسلما.

س: يقول هذا السائل من كينيا: س. أ: هل تصح الصلاة خلف إمام مبتدع؛ يشتغل بأعمال الشعوذة والسحر؟ وما حكم الصلاة خلف هذا إذا كنا صلينا خلف هذا الإمام عدة صلوات (¬1)؟ ج: إن كانت بدعته تخرجه من الدين لم تصح الصلاة خلفه، أما إن كان بدعته ما تخرجه من الدين، بدعة منكرة لكن لا يكون بها كافرا؛ مثل بدعة المولد، ومثل بدعة النطق بالنية في الصلاة فهذا لا حرج، لكن ينبغي استخلاف غيره من أهل السنة، والصلاة خلفه صحيحة إذا كان لم يحكم بكفره، أما إذا كانت بدعة تكفره؛ كدعاء غير الله، والاستغاثة بغير الله، والنذر ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (425).

لغير الله، والذبح لغير الله هذا لا يصلى خلفه، هذا مشرك.

س: هل تجوز الصلاة خلف إمام مبتدع (¬1)؟ ج: هذا يختلف: إن كانت البدعة مكفرة؛ مثل المبتدع الذي يدعو إلى الشرك، ويجيز الشرك بالله، هذا لا يصلى خلفه. أما إذا كان المبتدع يؤول بعض الصفات، أو يتعاطى الموالد، ولكن ما عنده شرك فهذا يصلى خلفه إذا دعت الحاجة إلى ذلك كالجمعة، وإذا تيسر غيره فينبغي أن يصلى خلف غيره. أما إذا كانت بدعته مكفرة؛ كعبادة القبور والاستغاثة بالأموات هذا لا يصلى خلفه، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (182).

س: يسأل سماحتكم: ما حكم الصلاة وراء إمام مبتدع؟ هل الصلاة وراءه جائزة؟ وما العمل إذا لم يكن بالإمكان إبعاد هذا الإمام عن إمامة المسجد (¬1)؟ ج: إذا كانت بدعته لا توجب كفره فالصلاة صحيحة، مثل قوله: نويت أن أصلي كذا وكذا. وما أشبهه من البدع، إذا كانت البدعة لا تكفره فإن الصلاة خلفه صحيحة، ولكن يلتمس من هو أولى منه وأفضل منه مع المسؤولين؛ حتى يعين من هو سليم من البدعة. أما إذا كانت البدعة تكفره ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (321).

فلا يصلى خلفه؛ كالمبتدعة الذين يقولون: إن القرآن مخلوق. أو يرون دعاء الأموات والاستعانة بالأموات، فهو كفر أكبر.

حكم الصلاة خلف إمام صوفي

40 - حكم الصلاة خلف إمام صوفي س: في حينا مسجد، بناه جماعة من الصوفية بعد أن أردنا نحن - أهل السنة - بناءه، ولكنهم أصروا على بنائه وفعلوا، وهو الآن تحت إدارتهم وتصرفهم، ويقومون فيه بأشعار ومدائح، فهل يجوز لنا نحن أن نصلي فيه معهم وخلف إمامهم المبتدع، أم ماذا نفعل (¬1)؟ ج: إذا كان إمامهم ليس بكافر، وإنما عنده بعض البدع التي لا تخرجه من الإسلام فلا مانع من الصلاة معهم، ونصيحتهم وتوجيههم وإرشادهم والدعوة إلى الله بعد الصلوات، وفي حلقات العلم في المسجد؛ حتى يستفيدوا وينتفعوا، ويدعوا ما عندهم من البدع إن شاء الله؛ لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى، ومن باب التناصح. أما إن كان إمامهم يتعاطى ما يوجب كفره؛ كالذي يستغيث بالرسول صلى الله عليه وسلم، أو يدعوه من دون الله، أو يستغيث بالأموات وينذر لهم ويذبح لهم، هذا كفر وضلال، هذه أمور كفرية لا يصلى خلفه؛ لأن هذه الأمور من أمور الكفر بالله والشرك بالله عز وجل. وهكذا إذا كان إمامهم يعتقد اعتقادات كفرية؛ كأن يعتقد أن غير الله ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (43).

يتصرف في الكون من الأولياء، وأنهم يدبرون هذا العالم كما تفعل بعض الفرق الصوفية، أو يعتقد ما يعتقده أصحاب أهل وحدة الوجود بأن الخالق والمخلوق واحد، وأن الخالق هو المخلوق، والعبد هو المعبود، ونحو ذلك من المقالات الخبيثة الملحدة، فهذا كافر ولا يصلى خلفه. أما إذا كان الذي لديه بدع دون الكفر فإن هذا يصلى خلفه، مثل بدعة المولد وليس فيها كفر، ومثل بعض البدع الأخرى التي يفعلها الصوفية وليست بكفر، بل دون الكفر، فلا تمنع من الصلاة خلفه. وأما الأشعار التي يأتي بها ينظر فيها، فإذا كانت أشعارا كفرية، مثل أشعار صاحب البردة في قوله: يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم إن لم تكن في معادي آخذا بيدي ... فضلا وإلا فقل يا زلة القدم إن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم هذه أشعار كفرية، هذا اعتقاد ضال، فإذا كان أصحاب المسجد يعتقدون مثل هذه الأمور فلا يصلى خلف إمامهم؛ لأن الاعتقاد بأن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب، أو أنه يملك الدنيا والآخرة هذا كفر وضلال، والعياذ بالله، وعلم الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى. وهكذا اعتقاد بعض الصوفية، وبعض الوثنية أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو

الذي ينقذ الناس يوم القيامة، وينقذ من دعاه يوم القيامة، ويخرجه من النار، هذا كله كفر وضلال، إنما الأمور بيد الله سبحانه وتعالى، هو الذي ينجي من النار، وهو الذي يعلم الغيب، وهو المالك لكل شيء، وهو مدبر الأمور سبحانه وتعالى، والرسول صلى الله عليه وسلم ليس بيده إخراج الناس من النار، بل يشفع ويحد الله له حدا يوم القيامة في الشفاعة عليه الصلاة والسلام، ولا يشفع إلا لأهل التوحيد والإيمان، كما قد سأله أبو هريرة رضي الله عنه، قال: «يا رسول الله، من أحق الناس بشفاعتك؟ قال: " من قال: لا إله إلا الله. خالصا من قلبه "، أو قال: " خالصا من نفسه (¬1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «إني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة - إن شاء الله - من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا (¬2)» فشفاعته لأهل التوحيد والإيمان، لا لأهل الكفر بالله عز وجل. فالحاصل أن الإمام إذا كان عنده شيء من الكفر هذا لا يصلى خلفه، أما إذا كانت بدعته دون الكفر فلا مانع من الصلاة خلفه، ولكن إذا وجد مسجد آخر فيه أهل السنة فالصلاة خلفهم أولى ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الحرص على الحديث، برقم (99). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب اختباء النبي صلى الله عليه وسلم دعوة الشفاعة لأمته، برقم (199).

وأحسن وأبعد عن الشر، ولكن مع ذلك ينبغي لأهل السنة أن يتصلوا بأهل البدعة بالنصيحة والتوجيه والتعليم والتفقيه، والتعاون على البر والتقوى؛ لأن بعض أهل البدع قد يكون جاهلا، ما عنده بصيرة، فلو علم الحق لأخذ به وترك بدعته، فينبغي لأهل السنة ألا يدعوا أهل البدع، بل عليهم أن يتصلوا بهم وينصحوهم ويوجهوهم ويعلموهم السنة، ويحذروهم من البدعة؛ لأن هذا هو الواجب على أهل العلم والإيمان، كما قال الله سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (¬1)، وقال سبحانه وتعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (¬2)، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية. ¬

_ (¬1) سورة النحل الآية 125 (¬2) سورة فصلت الآية 33

س: يقول السائل: إذا حضرت بقرية، وكان إمامها من الصوفية، ولا يقبض يديه في الصلاة، ولا يدلي بركبتيه قبل يديه إلى السجود، فهل تجوز صلاتي خلفه أم لا (¬1)؟ ج: إذا كان موحدا معروفا بالتوحيد ليس مشركا، وإنما عنده شيء من ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (69).

الجهل أو التصوف، ولكنه موحد مسلم يعبد الله وحده، ولا يعبد المشايخ ويدعوهم من دون الله، كالشيخ عبد القادر أو غيره، بل يعبد الله وحده فمجرد كونه لا يضم يديه لا يمنع، هذا أمر مسنون، ضم اليدين وجعل اليمنى على اليسرى على الصدر هذا مستحب، فمن أرخاهما وأرسلهما فلا حرج عليه وصلاته صحيحة، وبهذا قال جماعة من أهل العلم، وهو المعروف من مذهب مالك رحمه الله عند أصحابه، لكن الصواب والمشروع أنه يضم، هذا هو الأفضل، وهذا هو السنة، يضم اليمنى إلى اليسرى ويجعلهما على صدره، ويجعل اليمنى فوق كف اليسرى أو الرسغ والساعد، هذا هو الأفضل، وهذا هو المحفوظ عن الرسول عليه السلام، رواه أبو داود والنسائي وآخرون عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث وائل بن حجر (¬1) وهكذا جاء له شاهد عند أحمد رحمه الله في مسنده من حديث قبيصة بن هلب، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يضع يديه على صدره (¬2)» المقصود أن هذا هو الأفضل، لكن من أرسل فلا حرج، وصلاته صحيحة، وهكذا إذا قدم ركبتيه قبل يديه هذا هو الأفضل، وقال آخرون: يقدم يديه قبل ركبتيه؛ لما ورد في ذلك من ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وضع يده اليمنى على اليسرى بعد التكبير، برقم (401). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث هلب الطائي رضي الله عنه، برقم (21460).

حديث أبي هريرة (¬1) والأمر في هذا واسع، فلا يضر الصلاة إن قدم ركبتيه أو قدم يديه، الأمر كله واسع، والصلاة صحيحة، ولكن الأفضل أن يقدم ركبتيه ثم يديه، هذا هو الأفضل، وهذا هو المعتمد، يقدم ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه، هذا هو الأفضل وهو المعتمد من حيث الدليل، وإن قدم يديه ثم ركبتيه فلا حرج في ذلك وصلاته صحيحة والحمد لله، ولا مانع من الصلاة خلف من يفعل ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8732).

حكم الاقتداء بالإمام في عدم قبض اليدين أثناء الصلاة

41 - حكم الاقتداء بالإمام في عدم قبض اليدين أثناء الصلاة س: إذا كان الإمام لا يضع يده اليمنى على اليسرى بل يسبلهما هل يقتدي المأموم به، أم يخالفه ويضع يده اليمنى على اليسرى (¬1)؟ ج: إذا أرسل يديه الإمام فقد خالف السنة، فلا يقتدى به، بل المأموم يضع يده اليمنى على اليسرى حتى يفعل السنة، ولا يقتدى بالإمام في خلاف السنة، وهكذا إذا كان لا يرفع عند الركوع أو عند الرفع منه، أو عند القيام إلى الثالثة فإن المأموم يرفع؛ لأن الرسول كان يرفع عليه الصلاة والسلام عند الإحرام، ويرفع عند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام إلى الثالثة، فالرسول هو المقتدى به، هو الإمام الأعظم عليه الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (27).

والسلام، فإذا قصر إمامك في صلاته ولم يأت بالسنة فأنت لا تقتدي به في خلاف السنة، بل تأتي بالسنة، وإن خالفت الإمام فقد وافقت الإمام الأعظم رسول الله عليه الصلاة والسلام.

حكم الصلاة خلف من يقر البدع

42 - حكم الصلاة خلف من يقر البدع س: من صحت صلاته لنفسه صحت لغيره، هل ولو كان يقر البدع (¬1)؟ ج: نعم، إذا كانت بدعة لا تكفره، البدعة لا تكفره، البدعة تعتبر معصية، لا تعتبر كفرا أكبر، فيصلى خلفه، أما إذا كانت بدعته تكفره، كالذي يعبد الأموات ويستغيث بالأموات هذا يسمى بدعة، وهو شرك أكبر، فهذا لا يصلى خلفه، وهكذا إذا كانت بدعته تتضمن كفرا، مثل بدعة أهل وحدة الوجود؛ الذين يقولون: ليس هناك عابد ومعبود. بل يرون عين الإله المعبود هو عين المخلوق، وهذا كفر أكبر نعوذ بالله، فالحاصل: أن البدع التي لا تكفر، يصلى خلف صاحبها، وإذا هجر حتى يتوب فحسن، يهجر ويصلى خلف غيره حتى يتوب لعله يتوب، هذا طيب، لكن لو أن أحدا صلى خلفه، وهو ليس بكافر فإن الصلاة صحيحة، كما يصلى خلف العاصي، هذا في أصح قولي العلماء رحمة الله عليهم، وصلى بعض الصحابة كابن عمر رضي الله عنهما خلف الحجاج بن ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (100).

يوسف الثقفي الظالم، وهو من أظلم الناس وأفسقهم، وصلى خلفه جم غفير من السلف الصالح في الحج، فلا بأس.

حكم الصلاة خلف من ينكر صفة الاستواء لله تعالى

43 - حكم الصلاة خلف من ينكر صفة الاستواء لله تعالى س: يسأل ط. م: من تشاد، ويقول: هناك إمام يؤمنا بالصلاة، وهو يقول: إن الله لا فوق ولا تحت، وإنه في كل مكان. فهل يجوز أن نصلي خلف هذا الإمام (¬1)؟ ج: هذا مبتدع ضال، لا يصلى خلفه، من قال: إن الله لا فوق ولا تحت. فهو كافر، الله فوق، يقول جل وعلا: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (¬2)، ويقول سبحانه: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (¬3)، ويقول: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} (¬4)، {هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} (¬5) {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} (¬6)، وقال سبحانه: ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (344). (¬2) سورة طه الآية 5 (¬3) سورة الأعراف الآية 54 (¬4) سورة البقرة الآية 255 (¬5) سورة الحج الآية 62 (¬6) سورة غافر الآية 12

{إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (¬1)، وقال: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} (¬2) في آيات كثيرة، ومن زعم أن الله ليس فوق، وأنه في كل مكان فهو ضال مضل كافر يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وعلى ولي الأمر أن يستتيبه لدى المحكمة، إن تاب وإلا قتل، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) سورة فاطر الآية 10 (¬2) سورة المعارج الآية 4

حكم الصلاة خلف إمام يتلفظ بالنية في الصلاة

44 - حكم الصلاة خلف إمام يتلفظ بالنية في الصلاة س: يوجد إمام عندما يدخل في الصلاة يتلفظ بالنية قبل تكبيرة الإحرام بصوت مرتفع، يقول مثلا: أصلي فرض المغرب ثلاث ركعات مستقبل القبلة. ثم يكبر تكبيرة الإحرام، ويقول: هذا التلفظ سنة. فنرجو منكم توجيهنا جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: الصواب أن التلفظ ليس بسنة، بل بدعة، ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتلفظ بالنية ولا أصحابه، بل يقوم بنية الصلاة في قلبه ثم يكبر، وهكذا فعل الصحابة، فالتلفظ بالنية: نويت أن أصلي كذا وكذا. عند الإحرام هذا شيء محدث، وإن قاله بعض الفقهاء، لكنه قول ليس عليه ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (226).

دليل، وأقوال الفقهاء إذا تنازعوا تعرض على الكتاب والسنة، فإن وافقت دليلا وجب الأخذ به، وما خالفهما ترك، قال الله جل وعلا: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (¬1)، وقال سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (¬2)، وليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما يدل على التلفظ بالنية، ولكن المؤمن إذا قام إلى الصلاة ينوي بقلبه أنه يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وهكذا المؤمنة من دون حاجة إلى التلفظ، فينبغي تعليم هذا ونصيحته حتى يعمل بالسنة، وحتى يدع البدعة، نسأل الله للجميع الهداية. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 59 (¬2) سورة الشورى الآية 10

حكم ترك الذهاب إلى مسجد عرف أهله بالبدع

45 - حكم ترك الذهاب إلى مسجد عرف أهله بالبدع س: لدينا بستان يبعد عنا حوالي عشرين إلى ثلاثين كيلو مترا، أذهب إليه بعد صلاة العصر مع أخي، ونصلي المغرب في البستان، وأكون أنا إمامه، وبعض الأوقات نكون جماعة إذا حضر بعض إخواني والأصدقاء، ولا أستطيع الذهاب إلى المسجد؛ لأن المساجد التي بقربنا لفئة معينة من أهل البدع ويصلون متأخرين، ولا يمكن

الرجوع إلى منطقتنا، وكذلك لضيق الوقت وخطر الشارع الذي يكون مزدحما بالأطفال والسيارات، ولو خرجت إلى الصلاة قبل نصف ساعة لأدركت الصلاة في المسجد، ولكن هذا يضيع علي مراقبة العمال، وهم من السيخ ليس لهم ذمة، فهل الصلاة صحيحة؟ وما حكم العمال الذين على غير دين الإسلام (¬1)؟ ج: إذا كان الواقع هو ما ذكرتم فلا حرج عليكم في الصلاة في البستان مع أخيك، ومع من حضر معكم، وأما الصلاة مع من ذكرتم من أهل البدع فلا تصلوا معهم؛ لأنهم ليسوا أهلا لأن يؤموكم، ولا يمكنكم أن تؤموهم، أما لو تيسر أن تؤموهم وتصلوا بهم فلا بأس، لكن كون الإمام يكون من أهل البدع فلا يصلح أن يكون إماما لأهل السنة، ولكن لا حرج عليكم في الصلاة في البستان أنت ومن حضر معك المغرب والعشاء؛ لبعدكم عن مساجد أهل السنة، وأما وجود السيخ عندكم عمالا فالواجب عليكم أن تستعملوا المسلمين؛ لأن بلادكم من جملة الجزيرة العربية، والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بإخراج الكفار منها، فالذي أنصحكم به أن تستقدموا المسلمين، وأن تبعدوا ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (63).

الكفار من العمال من السيخ، أو من النصارى، أو من الهندوس، أو من غيرهم، الواجب إبعاد الكفار وتقريب المسلمين واستقدامهم للعمل في بلاد المسلمين، ولا سيما في الجزيرة العربية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإبعاد الكفار منها، وأوصى عند موته بإخراج الكفار من هذه الجزيرة، فالواجب عليكم أيها الإخوة في كل مكان أن تستعملوا المسلمين دون الكفار، وهذه ليست خاصة بكم، بل وصيتي هذه لجميع أهل الجزيرة: في البحرين، وفي المملكة العربية السعودية، وفي قطر، وفي الكويت، وفي دولة الإمارات، وفي اليمن، وفي كل مكان من الجزيرة، الواجب إبعاد الكفار، وأن يستقدم المسلمون للحاجة في الأعمال، وهم أولى بمنفعتكم والأولى بأموالكم من الكفار، لكن من هداه الله من الكفار وأسلم على أيديكم فلا بأس ببقائه إذا أسلم، نسأل الله للجميع الهداية.

حكم إطالة الإمام للسجدة الأخيرة في الصلاة

46 - حكم إطالة الإمام للسجدة الأخيرة في الصلاة س: سائل يقول: بعض الناس يطيل آخر سجدة في آخر ركعة، ويخصها بالدعاء دون غيرها، وقد يكون إماما، فنلاحظ نحن المأمومين أنه يطيل أكثر من غيرها، فما حكم ذلك جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (325).

ج: لا نعلم دليلا يدل على شرعية إطالة السجود الأخير، لكن السنة أن يطيل في بعض السجدات، ولا يطيل على الناس في السجود، أن تكون سجداته معتدلة متقاربة، وهكذا الرسول عليه الصلاة والسلام كان قيامه يطيل في الأولى والثانية، ويعتدل في السجود، ولا يطول على الناس قدر الاستطاعة، وهكذا في الثالثة والرابعة من الظهر والعصر والعشاء يقرأ الفاتحة، ويركع ركوعا معتدلا ليس فيه طول كثير، ويعتدل بعد الركوع ليس فيه طول يشق على الناس، وهكذا السجود كله سواء، يكون فيه طمأنينة واعتدال وعدم عجلة، لكن لا يخص السجدة الأخيرة بالطول الذي لا يوجد دليل عليه، إنما هو مأمور بالطمأنينة وعدم العجلة، في قيامه يخشع في القراءة ولا يعجل، وفي الركوع يخشع ولا يعجل، واعتداله بعد الركوع لا يعجل فيه، وهكذا في السجود، وهكذا بين السجدتين فتكون صلاته متقاربة، هكذا علمنا النبي صلى الله عليه وسلم.

حكم قيام الإمام بالدعاء له وللمصلين عقب كل صلاة

47 - حكم قيام الإمام بالدعاء له وللمصلين عقب كل صلاة س: هل يجوز للإمام أن يقوم بالدعاء له وللمصلين عقب كل صلاة،

أم يدعو في سره (¬1)؟ ج: السنة أن يدعو في سجوده في آخر التحيات لنفسه وللمسلمين، أما إذا سلم يرفع يده ويدعو هو وإياهم ليس له أصل، هذا ليس له أصل. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (365).

حكم قراءة الإمام لسورة الإخلاص بعد كل أربع ركعات من التراويح

48 - حكم قراءة الإمام لسورة الإخلاص بعد كل أربع ركعات من التراويح س: يقول السائل: في قيام رمضان بعد كل أربع ركعات يجلس الإمام، ويقرأ سورة الإخلاص حتى ينتهي منها، فيقرؤها المصلون بصوت واحد، وذلك ثلاث مرات، ما حكم هذا العمل (¬1)؟ ج: هذا من البدع لا أصل له، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والستون من الشريط رقم (431).

حكم قراءة الإمام عدة أحاديث بعد الصلاة كل يوم

49 - حكم قراءة الإمام عدة أحاديث بعد الصلاة كل يوم س: هذا السائل ع. ع. يقول: في بعض المساجد وخاصة بعد صلاة العصر يقرأ الإمام، أو أحد الإخوة عدة أحاديث من رياض

الصالحين في كل يوم، فهل هذا العمل من البدعة (¬1)؟ ج: ليس هذا بدعة، هذا من التذكير والتعليم؛ لأن هذا من باب تعليم الجماعة وإرشادهم لما ينبغي لهم في المسجد بعد العصر أو بعد العشاء، أو في أي وقت لتعليم الجماعة لتعليم الحاضرين، هذا كله مطلوب؛ لأنه من باب التعليم. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (430).

حكم الصلاة خلف شخص معتنق الطريقة التيجانية

50 - حكم الصلاة خلف شخص معتنق الطريقة التيجانية س: إذا كان شخص ما على الطريقة التيجانية فهل يجوز أن يصلي بالناس إماما (¬1)؟ ج: الطريقة التيجانية طريقة خبيثة رديئة، لا يجوز اعتناقها ولا البقاء عليها، ولا يجوز لأهلها أن يتخذوا أئمة في المساجد، ولا يصلى خلفهم، فالواجب تركها والحذر منها، وقد كتبنا في ذلك ما تيسر، وذلك المكتوب يوزع لمعرفة حقيقتها، فنصيحتي لأهلها أن يتركوها، وأن يستقيموا على طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم في خلواتهم خاصة وفي سائر أعمالهم، يقول الله عز وجل: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (¬2)، ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (215). (¬2) سورة الأحزاب الآية 21

فالأسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم، لا بأحمد التيجاني ولا غيره، فالواجب على أهل الإسلام أن يتأسوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في أقوالهم وأعمالهم وسيرتهم، وأن يستقيموا على دينه وطريقه عليه الصلاة والسلام، وأن ينفذوا ما أمر الله به ورسوله، وأن ينتهوا عما نهى الله عنه ورسوله، أما العقيدة التيجانية فهي طريقة محدثة وبدعة منكرة، ولا يجوز أن يؤخذ منها إلا ما وافق الكتاب والسنة، منها ومن غيرها؛ لأن الاعتبار بموافقة الكتاب والسنة، وما خالف ذلك وجب طرحه وتركه.

تعريف البدع وبيان حكمها

51 - تعريف البدع وبيان حكمها س: سائل من ليبيا له سؤال طويل عن البدع؛ البدع الحسنة وغير الحسنة، يقول فيه: هل توجد بدع حسنة وبدع سيئة؟ مع أن بعض البدع لا بأس به، ولا تمس جوهر الدين في شيء. وهل لأصحاب المذاهب آراء في ظهور البدع؟ وهل منهم من أجاز البعض منها؟ لأننا عندما نتحدث إلى شخص، ونحاول إقناعه بأن بعض الذي يعمله بدعة، وكل بدعة ضلالة، فيقول: هذه لا بأس بها؛ لأنها لا تضر بالدين. مع العلم أن هناك من يرى الدعاء بعد الصلاة بالمصلين وهو

إمام، وكاد بعض المصلين أن يؤذيه؛ لأنه ترك الدعاء بهم، هذا إلى جانب تفشي كثير من البدع، أرجو توضيح هذه المسألة جزاكم الله خيرا، ووفقكم لأداء رسالتكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (¬1) ج: البدع ليس فيها حسنة، كلها ضلالة، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «وكل بدعة ضلالة (¬2)» هذا كلام عظيم وقاعدة كلية عظيمة، قالها النبي صلى الله عليه وسلم، والبدع هي التي يحدثها الناس في الدين، عبادات ما شرعها الله يقال لها: بدعة. مثل: إحداث شيء ما شرعه الله في الصلاة؛ من رفع اليدين بين السجدتين، أو في آخر الصلاة، أو بعد السلام من الفريضة. هذه بدعة ما شرعها الله جل وعلا. مثل: إحداث الاحتفالات بالموالد، هذه بدعة ما أنزل الله بها من سلطان. مثل: إحداث البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، هذه من البدع أيضا، وما أشبه ذلك مما أحدثه الناس. والقاعدة أن كل ما أحدثه الناس في الدين، وسموه طاعة وقربة، وليس له أصل في الشرع يسمى بدعة. أما ما يظن بعض الناس أنه بدعة حسنة، وليس كذلك فهذا ليس من البدع، مثل: بناء المساجد بالأسمنت، هذا شيء جديد ولا يسمى ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (176). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (867).

بدعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر ببناء المساجد، سواء كانت بالطين أو باللبن أو بالحجر أو بالخشب أو بالأسمنت، كله ما يسمى بدعة، مثل: المدارس المبنية والربط هذه ما تسمى بدعة ضلالة، وإن سماها الناس بدعة من جهة اللغة، من جهة أنها لم تكن - سابقة غير موجودة - لكن الرسول أمر بما ينفع الناس، أمر بالتعليم وأمر بتعمير المساجد، فإذا عمر الناس مسجدا بالأسمنت، أو عمر الناس مدرسة أو رباطا للفقراء أو للمهاجرين أو للغرباء فلا بأس، كل هذا ما يسمى بدعة سيئة، هذه من الأمور الشرعية؛ لأن نفع المسلمين والإحسان إليهم امتثال لأمر الله عز وجل؛ في الأمر بنفع المسلمين والإحسان إلى الفقراء وتعليم الجاهل، سواء كان يعلم في المسجد، أو يعلم في مدرسة، ليس هذا من البدع التي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم، وإن سميت بدعة من حيث اللغة، كما قال عمر رضي الله عنه في التراويح: " نعمت البدعة هذه "، يعني من حيث اللغة؛ لأنه رتبهم على إمام واحد في كل ليلة، فسماها بدعة من حيث اللغة؛ لأنهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون أوزاعا، كل جماعة وحدهم، صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث ليال ثم تركهم،

وقال: «إني خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل (¬1)» أو قال: إني أخاف أن تفرض صلاة الليل. فترك ذلك خوفا على الأمة من أن يفرض عليهم صلاة الليل، فلما كان في زمن عمر جمع الناس على إمام واحد يصلي بهم التراويح، وقال: نعم البدعة (¬2) يعني من حيث اللغة، وإلا فهي سنة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، ورغب فيها عليه الصلاة والسلام. فهكذا الربط والمدارس التي يفعلها الناس للتعليم، وهكذا ما يسمى بالمعاهد، وهكذا ما يسمى بالمجامع للناس لتحفيظهم القرآن، أو ما أشبه ذلك على اختلاف الأسماء، أو خلوات على حسب اختلاف الناس في الأسماء، كل ذلك مما ينفع الناس وليس من البدع، بل هو من باب التعاون على البر والتقوى، ومن باب الحرص على تعليم الناس الخير، وجمعهم في أماكن تحفظهم وتحفظ أدوات التعليم، وليس هذا من باب البدع. أما قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا كان بين الإمام وبين القوم حائط أو سترة، برقم (729)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان، برقم (761). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب صلاة التراويح، باب فضل من قام رمضان، برقم (2010).

وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء (¬1)» فهذا معناه إظهار السنن، يعني إظهار العبادة التي خفيت وجهلها الناس، فالذي يظهرها للناس ويسنها للناس له أجر عظيم؛ لأنه أحيا السنن، وليس معناه أنه يبتدع في الدين ما لم يأذن به الله؛ لأن الله ذم من فعل ذلك، فقال: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (¬2)، وقال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬3)» فالإحداث منكر، ولكن إحياء السنن وإظهارها بين الناس عند خفائها، وعند جهل الناس بها هذه هي السنة في الإسلام، وهو معنى: «من سن في الإسلام (¬4)» ويدل على هذا أن الحديث سببه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حرض على الصدقة، وحث الناس على الصدقة جاء إنسان بصرة في يده كادت كفه تعجز عنها فقدمها، فلما رأوه الناس ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو كلمة طيبة، وأنها حجاب من النار برقم (1017). (¬2) سورة الشورى الآية 21 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور برقم (1718). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو كلمة طيبة، وأنها حجاب من النار برقم (1017).

تتابعوا وجاءوا بالصدقات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك: «من سن في الإسلام سنة حسنة (¬1)»، يعني أظهر الصدقة وجاء بالمال، فتتابع الناس واقتدوا به في ذلك. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم العلم (1017)، سنن الترمذي العلم (2675)، سنن النسائي الزكاة (2554)، سنن ابن ماجه المقدمة (203)، مسند أحمد (4/ 359)، سنن الدارمي المقدمة (512، 514).

حكم الصلاة خلف من يتهاون بالصلاة

52 - حكم الصلاة خلف من يتهاون بالصلاة س: ما حكم الصلاة خلف إنسان يصلي بعض الفرائض، ويترك بعضها تهاونا (¬1)؟ ج: هذا لا يصلى خلفه؛ لأنه قد أتى منكرا عظيما بإجماع المسلمين، وهو ترك الصلاة تهاونا، وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه كافر بتركها تهاونا ولو بعضها، فإذا ترك الظهر تهاونا أو العصر تهاونا واستمر على ذلك، أو تارة يصلي وتارة لا يصلي يكون كافرا، فلا يصلى خلفه، بل يستتاب من جهة ولاة الأمور. وعلى ولي الأمر إذا ثبت لديه ذلك أن يستتيبه، فإن تاب وإلا قتل، ولا يصلى خلفه ولا كرامة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (233). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» نسأل الله العافية والسلامة. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه برقم (22428).

حكم الصلاة خلف إمام يدعو للتبرك بقبور الصالحين

53 - حكم الصلاة خلف إمام يدعو للتبرك بقبور الصالحين س: الأخ: ص. ي. من جيبوتي يقول: كنا نصلي في مسجد، فإذا بإمامه يأمر الناس بفعل ما حرم الله في كتابه، أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، فمثلا في خطبة الجمعة أمرنا بأن نتبرك بقبور الصالحين، سواء كانوا أمواتا أم أحياء، كما أمرنا في حالة السؤال أن نقول: بجاه فلان. هل يجوز أن نصلي خلف هذا الإمام أم لا (¬1)؟ ج: لا يجوز الصلاة خلف هذا الذي يأمر بالتبرك بالصالحين وبقبورهم، هذا جاهل بالحكم الشرعي، وجاهل بالتوحيد، أما كلمة: بجاه فلان. فهذه الكلمة بدعة لا تكون كفرا، بجاه فلان أو بحق فلان لا تجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعل هذا ولا أصحابه، وليست من التوسل الشرعي، بل الواجب ترك ذلك، فلا يجوز للمسلم أن يقول في دعائه: بجاه محمد. أو: بجاه فلان. أو: ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (202).

بجاه الأنبياء. أو: بحق الأنبياء؛ لأن هذا لم يشرع، ولم يرد في أدعية النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أدعية الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. أما كونه يأمر بالتبرك بقبور الصالحين فهذا كلام مجمل، التبرك بقبور الصالحين يقتضي أنه يسألهم أو يتبرك بهم، أو يتبرك بسؤالهم أو الاستغاثة بهم، وهذا كلام شديد خطير، مثل هذا يدل على جهله، ينبغي أن يعزل ولا يكون إماما، ينبغي أن يسعى لدى المسؤولين في إبداله بغيره، ولا يصلى خلفه إلا إذا علم وبين له الحق، وتاب من ذلك فلا حرج إن شاء الله إذا استقام وتاب، فالتوبة تجب ما قبلها.

حكم الصلاة خلف من يعتقد في التمائم من القرآن

54 - حكم الصلاة خلف من يعتقد في التمائم من القرآن س: يسأل هذا المستمع ويقول: هل الصلاة وراء من اعتقد في التمائم التي تكتب من القرآن وتعلق، هل تجوز الصلاة خلف مثل هؤلاء؟ جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: الصلاة خلفهم صحيحة؛ لأنها مسألة خلافية، التمائم التي من القرآن بعض أهل العلم يجيزها، والصواب أنها لا تجوز؛ لأنها وسيلة لتعليق التمائم الأخرى، ولأن الأحاديث عامة في النهي عن التمائم، ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (396).

مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له (¬1)» هذا عام، فينبغي ترك التمائم كلها من القرآن وغير القرآن، فلا يعلق تميمة على ولده ولا على بنته ولا على دابته، لا من القرآن ولا من غير القرآن، بل يتوكل على الله، يسأله العافية والشفاء ويترك تعليق التمائم، سواء كانت من حديد أو من خرق، أو من آيات قرآنية أو من أحاديث أو من غير ذلك، الأحاديث عامة، والرسول يقول صلى الله عليه وسلم: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له (¬2)»، «من علق تميمة فقد أشرك (¬3)» لكن الصلاة خلفه صحيحة؛ لأن المسألة خلافية بين أهل العلم، والذي ننصح به الإمام أن يدع هذا الأمر. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم (16951). (¬2) مسند أحمد (4/ 154). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم (16969).

حكم الصلاة خلف من يحلف بغير الله

55 - حكم الصلاة خلف من يحلف بغير الله س: هل يجوز أن يصلى خلف إمام يحلف بغير الله، وإذا نصح لا يسمع النصيحة (¬1)؟ ج: الواجب أن يعزل هذا عن الإمامة؛ لأن الحلف بغير الله شرك، لكنه ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (262).

شرك أصغر، والواجب أن يعزل عن الإمامة، ويرفع بأمره إلى الجهات المختصة، والصلاة صحيحة؛ لأنه مسلم، فالأصل أنه لا يخرج عن الإسلام، والصلاة صحيحة كما لو صلى خلف أهل المعاصي، لكن إذا تيسر عزله فالواجب إبعاده، إلا أن يتوب ويقلع ويدع هذا الشرك، كالحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم أو الأمانة أو بشرف فلان أو بالكعبة، كل هذا لا يجوز، وهو من الشرك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (¬1)» وهو عند أهل العلم من الشرك الأصغر، إلا أن يكون في قلبه ما يجعله في تعظيم الله أو يعتقد فيه السر، وأنه يتصرف في الكون أو ما أشبه ذلك، فيكون شركا أكبر، نسأل الله السلامة، فالأصل في الحلف بغير الله أنه من الشرك الأصغر، وكان الصحابة يحلفون بآبائهم في أول الإسلام، ثم نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: «إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت (¬2)» فإذا كان الإمام يحلف بغير الله ونصح ولم يقبل فإن الواجب عزله، وأن يولى من هو أسلم منه توحيدا وأقل شرا، وليرفع أمره إلى الجهات المسؤولة؛ لأن هذا أمره خطير، قد يكون عنده ما ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه برقم (331). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب لا تحلفوا بآبائكم، برقم (6646)، ومسلم في كتاب الأيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، برقم (1646).

يجعل الفتن أكبر، فالواجب لهذا العناية في الجماعة بالموضوع، وأن يرفعوا أمره إلى الجهات المختصة، وأن يجدوا في الأمر حتى يعزل.

حكم الصلاة خلف من يستغيث بغير الله

56 - حكم الصلاة خلف من يستغيث بغير الله س: ما حكم الصلاة وراء رجل يستغيث بغير الله ويتوسل بالصالحين (¬1)؟ ج: الصلاة خلف مشرك لا تجوز، ولا يجوز أن يقتدى به؛ لأن من استغاث بغير الله يعتبر مشركا، فلا يصلى خلفه، سواء استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو بالبدوي، أو بالحسين رضي الله عنه، أو بالشيخ عبد القادر، أو بغيرهم من الناس، فالذي يستغيث بالأموات ويسألهم الحاجات والمدد يعتبر مشركا، عليه أن يتوب إلى الله وأن يبادر بذلك، ومن تاب صادقا تاب الله عليه، لكن لا يتخذ إماما ولا مؤذنا، بل يجب أن يكون المؤذن من أهل التوحيد وهكذا الإمام، وإذا وجد في المسجد إمام مشرك يجب أن يزال، يجب على ولاة الأمور أن يزيلوه وأن يعينوا مكانه عالما موحدا بعيدا عن الشرك؛ لأن ذلك هو الواجب على أئمة الإسلام وعلى حكام المسلمين؛ ألا يقدموا في المساجد من هو مشرك بالله، فإن إمامته باطلة، وهكذا المؤذنون يجب أن يكونوا مسلمين؛ لأنهم يخبرون الناس بالأوقات ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (171).

ويعتمد عليهم، فلا بد أن يكون المؤذن أمينا مسلما موحدا، نسأل الله للجميع الهداية.

حكم الصلاة خلف من عرف بدعاء غير الله

57 - حكم الصلاة خلف من عرف بدعاء غير الله س: هل تصح الصلاة خلف من عرف بدعاء غير الله؟ ما حكم من يصلي خلفه (¬1)؟ ج: من صلى خلف من يشرك بالله لا تصح صلاته، ما دام يدعو غير الله، يستغيث بغير الله، أو ينذر لغير الله، لا يصلى خلفه عند أهل العلم، لا يصلى خلف الكافر، ولا تصح الصلاة خلف الكافر، إنما الخلاف في الفاسق، أما الكافر فلا. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (283).

س: أحد الإخوة المستمعين الأخ: أ. س. أ: يسأل ويقول: هل تصح الصلاة وراء الكاهن؟ علما بأنه هو الإمام، وكيف حكم صلاتنا خلفه (¬1)؟ ج: الكاهن هو الذي يدعي علم المغيبات، ويصدق الشياطين والجن فيما يقولون، فلا يتخذ إماما، ولا يصلى خلفه، فإن كنت أردت السؤال ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (34).

عن شخص آخر بينه في سؤال آخر، أما الكهنة فهم الذين لهم أصحاب من الجن، يصدقونهم في علوم الغيب، ويدعون علم الغيب بأسبابه، ويأتيهم الناس يسألونهم عن حاجاتهم، هؤلاء لا يجعلون أئمة، ولا يصدقون ولا يسألون أيضا، لا يسألون ولا يصدقون ولا يجعلون أئمة، ولا يصلى خلفهم، نسأل الله العافية.

حكم الصلاة خلف من يعتقد أنه يوجد في البشر من يعلم الغيب

58 - حكم الصلاة خلف من يعتقد أنه يوجد في البشر من يعلم الغيب س: هل تجوز الصلاة خلف إنسان يعتقد بأنه يوجد في البشر من يعلم الغيب؟ وهل يؤكل ذبحه (¬1)؟ ج: من يعتقد أنه يوجد في الدنيا من يعلم الغيب هذا كافر، لا تؤكل ذبيحته ولا يصلى خلفه، ولا يجوز أن يكون إماما، ليس في الدنيا من يعلم الغيب، لا يعلم الغيب إلا الله، قال الله سبحانه وتعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (¬2)، فعلم الغيب إليه سبحانه وتعالى، فلا يعلمه الأنبياء ولا غيرهم، فالذي يعتقد أنه يوجد في الدنيا من يعلم الغيب من جن أو إنس فهو كاذب وكافر، فعليه أن يتوب إلى الله جل وعلا. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (321). (¬2) سورة النمل الآية 65

حكم الصلاة خلف من يعتقد في القبور

59 - حكم الصلاة خلف من يعتقد في القبور س: الأخ: ع. من السودان يسأل ويقول: هل تجوز الصلاة خلف من يعتقد في القبور؟ ج: هذا السؤال فيه إجمال، فإن الاعتقاد في القبور أنواع: فإذا كان يعتقد فيها أنها تصلح أن تعبد من دون الله، وأن يستغاث بأهلها، وينذر لهم ويذبح لهم ويطاف بقبورهم هذا الشرك الأكبر، فلا يصلى خلفه؛ لأنه مشرك، والصلاة لا تصح إلا خلف المسلم، فإذا كان يعتقد أن أصحاب القبور يدعون من دون الله ويستغاث بهم وينذر لهم ويذبح لهم ونحو ذلك، كما يفعل بعض الجهلة عند قبر البدوي، أو الحسين، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهم هذا من الشرك الأكبر. فالذين يعتقدون هذه الاعتقادات في أصحاب القبور ليسوا مسلمين، بل هم كفار، فعلهم فعل كفار قريش وأشباههم من جهلة مشركي العرب؛ لأن العرب كانت تعبد أصحاب القبور كاللات والعزى، ويعبدون الأصنام والأشجار والأحجار، ويستغيثون بهم وينذرون لهم ويذبحون لهم، فحكم الله عليهم بالشرك، قال جل وعلا في كتابه العظيم: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ} (¬1)، ويقول ¬

_ (¬1) سورة يونس الآية 18

سبحانه جل وعلا: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ} (¬1)، فالذي يعبد الأصنام أو الأشجار أو الأحجار أو أصحاب القبور يعتبر مشركا في حكم الإسلام، ولا يصلى خلفه، أما إن كان يعتقد في أصحاب القبور أنه يستحب زيارتهم والدعاء لهم، كما شرع الله ذلك هذا أمر مشروع، أصحاب القبور من المسلمين يستحب أن تزار قبورهم، وأن يدعى لهم بالرحمة والمغفرة، هذا لا حرج فيه. وهناك نوع ثالث يعتقد في أصحاب القبور أنه يصلى عند قبورهم، يقرأ عندها وأن هذا فيه بركة، لكن لا يعبدون ولا يدعون ولا يصلى لهم ولا يطاف لهم، لكن يرى أنه يصلى عند قبورهم للبركة؛ لأنها بقعة مباركة، أو يرى أنه يقرأ عندها أو يتحرى عندها الدعاء؛ دعاء الله لا دعاءهم، هذا من البدع ولا يكون مشركا بذلك، لكن من البدع، ينكر عليه ويبين له أن هذا غلط، وأن الله ما شرع لنا أن نصلي عند القبور، ولا أن نقرأ عندها، ولا أن ندعو الله عندها، يقول صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 17 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، واتخاذ الصور فيها، والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (529).

فالمساجد هي التي يصلى فيها ويدعى فيها ويقرأ فيها، أما القبور لا، تزار للدعاء لهم، تزار القبور إذا كانت قبور المسلمين، يدعى لهم بالرحمة والمغفرة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة (¬1)» وكان يعلم أصحابه عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم، يعلمهم إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (¬2)» وفي حديث عائشة رضي الله عنها في مسلم كان يقول: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬3)» «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (¬4)». وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم زار القبور، قبور المدينة، فقال: «السلام عليكم يا ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها برقم (974). (¬4) صحيح مسلم الجنائز (974)، سنن النسائي الجنائز (2039)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 111).

أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر (¬1)» هذه الزيارة الشرعية، المسلم يزور قبور المسلمين في بلده من غير شد رحال، ويسلم عليهم ويدعو لهم بالرحمة والمغفرة والعافية، هذه الزيارة فيها خير كثير، تنفع الميت والحي، الحي يتذكر الآخرة ويستعد للآخرة، ويدعو لإخوانه الميتين، والأموات ينتفعون بهذا الدعاء. أما إن كان الميت ليس بمسلم فإنما يزار للعبرة فقط، ولا يدعى له، كما زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه، وسأل ربه أن يستغفر لها فلم يؤذن له، فزارها للعبرة. فإذا زار قبور الكفار للعبرة والتذكر، تذكر الآخرة فلا بأس، لكن لا يدعو لهم؛ لأن الكافر لا يستغفر له ولا يدعى له، وهكذا من مات على حال الجاهلية على كفر الجاهلية، كأم النبي صلى الله عليه وسلم، ماتت على دين الجاهلية، فنهي أن يستغفر لها عليه الصلاة والسلام. فالحاصل أن زيارة القبور على هذا التفصيل، والاعتقاد في القبور على هذا التفصيل؛ من يعتقد فيها أنها تدعى من دون الله، وأنها يصلح أن تتخذ آلهة تعبد من دون الله، وتدعى من دون الله، ويستغاث بها، ويطاف بها كما يطاف بالكعبة للتقرب إلى ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم (1053).

أصحاب القبور، يذبح لأهلها فهذا شرك أكبر، وهذا عمل الجاهلية، ودين الجاهلية من قريش وغيرهم، فلا يصلى خلف صاحبه، ولا تؤكل ذبيحته؛ لأنه ليس بمسلم. النوع الثاني: أن يعتقد في أهل القبور أنهم يزارون، وأنه يدعى لهم ويترحم عليهم من دون شد رحال، هذه زيارة شرعية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة (¬1)» والأموات في حاجة إلى هذه الزيارة، يدعى لهم ويستغفر لهم، ويترحم عليهم، هذا أمر مشروع فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأمر به. النوع الثالث: أن يعتقد في القبور أن الصلاة عندها قربة ومفيدة، أو القراءة عندها، أو الدعاء عندها، هذا لا أصل له، هذا بدعة، لا تزار لأجل أن يدعى عندها، أو يصلى عندها، أو يقرأ عندها لا، هذا لا أصل له، بل هذا يكون في المساجد وفي البيوت، يصلي في المسجد، يقرأ في المسجد أو في بيته، يدعو في البيت أو في المسجد، هذا ليس من شأن القبور، القبور لا تزار لأجل هذا، لا تزار لأجل أن يجلس عندها للدعاء أو الصلاة عندها أو القراءة عندها، هذا ليس ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569).

بمشروع، بل هو من البدع، ومن وسائل الشرك، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.

حكم الصلاة خلف من يعتقد في الصالحين أنهم ينفعون أو يضرون

60 - حكم الصلاة خلف من يعتقد في الصالحين أنهم ينفعون أو يضرون س: هل يجوز أن نصلي خلف من يعتقد في الأولياء والصالحين، ويعتقد نفعهم ويلتجئ إليهم ويناديهم؟ جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: الذي يعتقد في الأنبياء والصالحين، ويلتجئ إليهم، ويسألهم قضاء الحاجات وتفريج الكروب هذا مشرك شركا أكبر، هذا شرك الجاهلية، شرك أبي جهل وأشباهه، قال الله تعالى: {وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (¬2)، سماه كفرا. وقال في المشركين: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} (¬3)، يعني اليهود والنصارى، عبدوهم مع الله ودعوهم واستغاثوا بهم، وبنوا على قبورهم المساجد، فكفروا بذلك. وهكذا وقع لقوم نوح لما توفي ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر، وهم ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (80). (¬2) سورة آل عمران الآية 80 (¬3) سورة التوبة الآية 31

رجال صالحون في قوم نوح، لما ماتوا في زمن متقارب حزن عليهم قومهم، ودس عليهم الشيطان أن يصوروا صورهم، وأن يرسموها في مجالسهم كما قال ابن عباس رضي الله عنهما، ففعلوا؛ صوروهم ونصبوا الصور في مجالسهم، فلما طال الأمد على الناس عبدوهم من دون الله، استغاثوا بهم ونذروا لهم وذبحوا لهم، فوقعوا في الشرك، فبعث الله إليهم نوحا عليه الصلاة والسلام، ودعاهم إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاما، يدعوهم إلى الله إلى توحيد الله والإخلاص له، فلما استمروا في العناد أهلكهم الله بالغرق جميعا، ولم ينج منهم إلا من كان مع نوح في السفينة، كما قال تعالى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ} (¬1)، فالذي يدعو الأولياء، أو يدعو الأنبياء أو الملائكة أو الجن يستغيث بهم، ينذر لهم، يسألهم الشفاعة، يسألهم شفاء المريض، النصر على الأعداء، كل هذا كفر بالله عز وجل، ردة عن الإسلام، كما يفعله بعض الناس مع الحسين - رضي الله عنه - أو مع بدوي، أو مع ابن عربي في الشام، أو مع الشيخ عبد القادر الجيلاني في العراق، أو غيرهم، أو مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة، أو مع الصديق أو مع ¬

_ (¬1) سورة العنكبوت الآية 15

عمر، أو مع البقيع فهذا كفر لا يجوز دعاء الأموات والاستغاثة بهم، ولا دعاء الملائكة، ولا دعاء الجن، ولا النذر لهم ولا الذبح لهم، ولا أن يتقرب إليهم، يرجو نفعهم ودفع الضر منهم، كل هذا شرك أكبر، وكل هذا عمل الجاهلية، وإذا اعتقد أنهم ينفعون ويضرون من دون الله صار شرك الربوبية أكبر وأعظم، أعظم من شرك الجاهلية الأولى، إذا اعتقد فيهم أنهم ينفعون من دون الله ويضرون، وأن الله أعطاهم هذا يتصرفون في الكون صار هذا شركا في الربوبية، أعظم من شرك أبي جهل وعباد الأوثان من قريش وغيرهم، وهكذا إذا اعتقد في شجرة أو صنم، واستغاث به أو نذر له أو اعتقد أنه ينفع ويضر، كل هذا كفر أكبر، نسأل الله العافية، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك وأن يتوب إلى الله مما قد وقع منه، هذا الواجب على جميع من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، بل على جميع أهل الأرض كلهم، يجب عليهم أن يعبدوا الله وحده، وأن يشهدوا أنه لا إله إلا الله، وأنه لا معبود بحق سواه، ويشهدوا أن محمدا عبد الله ورسوله، ويعبدوا الله وحده دون كل ما سواه، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، ويصوموا رمضان، ويحجوا البيت، وعليهم أن يمتثلوا أوامر الله كلها، وينتهوا عن نواهيه سبحانه وتعالى، هذا واجب على جميع أهل الأرض من جن وإنس، اليهود

والنصارى، أو الشيوعيين أو الوثنيين أو غيرهم، يجب عليهم جميعا أن يعبدوا الله وأن يشهدوا له بالوحدانية سبحانه، ولنبيه محمد بالرسالة، وأن يصدقوا الله ورسوله في كل شيء، وأن يصدقوا الرسل الماضين، وأنهم جاءوا بالحق، وأن يصدقوا بما أخبر الله به ورسوله عن الجنة والنار والآخرة، وعما يكون في آخر الزمان، إلى غير ذلك، يجب على كل إنسان أن يعبد الله وأن يدخل في الإسلام، وإذا كان مسلما فعليه أن يستقيم على الإسلام، وعليه أن يحفظ إسلامه، وأن يصونه عن أسباب الردة، وأن يجتهد في ترك ما نهى الله عنه، وفي فعل ما أمر الله به، يرجو ثوابه ويخشى عقابه، وفق الله الجميع.

س: إذا كان الإمام الذي يؤم المصلين ممن يعتقدون في الأولياء والصالحين، ويجوزون الاستغاثة بهم فهل نصلي خلفه (¬1)؟ ج: هذا لا يصلى خلفه، هذا كافر، إذا كان يجوز الاستغاثة بغير الله ودعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات أو الطواف بالقبور فهذا لا يصلى خلفه ولا كرامة؛ لأنه كافر، والكافر لا يصلى خلفه، نسأل الله العافية، ولكن ينصح ويعلم، ولا ييأس منه؛ لعل الله يهديه ويمن عليه بالتوبة. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون الشريط رقم (204).

س: بعض المسلمين يعتقدون أن للأولياء تصرفات تضر وتنفع، وتجذب المنافع، وتدفع البلاء، بينما هم ينتمون إلى الإسلام، ويؤدون شعائر الإسلام كالصلاة وغيرها، فهل تصح الصلاة خلف إمامهم؟ وهل يجوز الاستغفار لهم بعد موتهم؟ أفيدونا مشكورين (¬1)؟ ج: هذا قول من أقبح الأقوال، وهذا من الكفر والشرك بالله عز وجل؛ لأن الأولياء لا ينفعون ولا يضرون، ولا يجيئون بمنافع، ولا يدفعون مضار إذا كانوا أمواتا وصح أن يسموا أولياء؛ لأنهم معروفون بالعبادة والصلاح، فإنهم لا ينفعون ولا يضرون، بل النافع الضار هو الله وحده، هو الذي يجلب النفع للعباد، ويدفع عنهم الضرر، كما قال الله جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} (¬2)، فهو سبحانه النافع الضار جل وعلا، قال سبحانه وتعالى في المشركين: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (¬3)، فالله جل وعلا هو النافع الضار، وجميع الخلق لا ينفعون ولا يضرون، أما الأموات فظاهر؛ لأنهم قد انقطعت ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (9). (¬2) سورة الأعراف الآية 188 (¬3) سورة يونس الآية 18

حركاتهم وذهبت حياتهم، فلا ينفعون أنفسهم ولا غيرهم، ولا يضرون؛ لأنهم قد فقدوا الحياة، وفقدوا القدرة على التصرف، وهكذا في الحياة لا ينفعون ولا يضرون إلا بإذن الله، هم بزعمهم أنهم يستقلون بالنفع والضر وهم أحياء كفر أيضا، بل النافع الضار هو الله وحده سبحانه وتعالى، ولهذا لا تجوز عبادتهم ولا دعاؤهم ولا الاستغاثة بهم ولا النذر لهم ولا طلبهم المدد، ومن هذا يعلم كل ذي بصيرة أن ما يفعله الناس عند قبر البدوي، أو عند قبر الحسين، أو عند قبر الكاظم، أو عند قبر الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو ما أشبه ذلك من طلب المدد والغوث أنه يكفر بالله، بل يشرك بالله سبحانه وتعالى، فيجب الحذر من ذلك والتوبة من ذلك والتواصي بترك ذلك، ولا يصلى خلف هؤلاء؛ لأنهم مشركون بعملهم هذا شركا أكبر، فلا يصلى خلفهم، ولا يصلى على ميتهم؛ لأنهم عملوا الشرك الأكبر الذي كانت عليه الجاهلية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كان عليه أبو جهل وأشباهه من كفار مكة، وعليه كفار العرب وهو دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والأشجار والأحجار، هذا عين الشرك بالله عز وجل، والله يقول سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬1). والواجب على أهل العلم أن يبينوا لهم، وأن يوضحوا لهم الحق، وأن يرشدوهم إلى الصواب، ويحذروهم من هذا الشرك بالله عز وجل. يجب ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 88

على العلماء في كل مكان؛ في مصر والشام والعراق ومكة والمدينة وسائر البلاد أن يرشدوا الناس ولا سيما عند وجود الحجاج، يجب أن يرشدوا ويبينوا لهم هذا الأمر العظيم والخطر الكبير؛ لأن بعض الناس قد وقع فيه في بلاده عن جهل أو تقليد، فيجب أن يبين لهم توحيد الله، ومعنى: لا إله إلا الله. وأن معناها: لا معبود بحق إلا الله. فهي تنفي الشرك وتنفي العبادة عن غير الله، وتثبت العبادة لله وحده، وهذا معنى قوله سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬1)، {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬2)، وهذا هو معنى قوله جل وعلا: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (¬3) {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (¬4)، وقوله سبحانه: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (¬5)، فالواجب توجيه العباد إلى الخير وإرشادهم إلى توحيد الله، وأن الواجب على كل إنسان أن يعبد الله وحده، ويخصه بالعبادة وبالدعاء والخوف والرجاء وبالتوكل وطلب الغوث والصلاة والصوم وغير ذلك كله لله وحده، لا يجوز أبدا أن يعبد شيء من ذلك من دون الله سبحانه، سواء كان نبيا أو وليا أو غير ذلك، فالنبي لا يملك لنفسه ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 23 (¬2) سورة البينة الآية 5 (¬3) سورة الزمر الآية 2 (¬4) سورة الزمر الآية 3 (¬5) سورة غافر الآية 14

ضرا ولا نفعا، لكن يتبع ويطاع في الحق، يطاع ويتبع ويحب المحبة الصادقة له، ونبينا صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء وأشرفهم، ومع هذا لا يدعى من دون الله ولا يستغاث به ولا يسجد له، ولا يصلى له، ولا يطلب المدد منه، ولكن يتبع ويصلى عليه ويسلم عليه، ويجب أن يكون أحب إلينا من أنفسنا وأموالنا وأولادنا وآبائنا وغير ذلك، هذا هو الواجب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين (¬1)» لكن هذه المحبة لا تجوز لنا أن نشرك به، لا تسوغ لنا أن ندعوه من دون الله، أو نستغيث به أو نسأله المدد أو الشفاء، بل نحبه المحبة الصادقة؛ لأنه رسول الله إلينا، ولأنه أفضل الخلق، ولأنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة، نحبه لله محبة صادقة فوق محبة الناس والمال والولد، ولكن لا نعبده مع الله، وهكذا الأولياء نحبهم في الله، ونترحم عليهم من العلماء والعباد، ولكن لا ندعوهم مع الله، ولا نبني على قبورهم ولا نستغيث بهم، ولا نطوف بقبورهم، ولا نطلبهم المدد، كل هذا شرك بالله، ولا يجوز الطواف بالكعبة إلا لله وحده، فالذي يطوف بالقبر لأجل ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان، رقم (15)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب وجوب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من الأهل والولد والوالد والناس أجمعين وإطلاق عدم الإيمان على من لم يحبه هذه المحبة، برقم (44).

طلب الفائدة من الميت، أو طلب المدد أو طلب الشفاء، أو طلب النصر على الأعداء كل هذا من الشرك بالله عز وجل، فالواجب الحذر منه غاية الحذر.

س: يقول السائل: هل الصلاة صحيحة خلف من يقول بعذر عباد القبور؟ فإنني وكثير من إخواني لا نصلي خلفهم لعدم تكفيرهم القبوريين، وإذا صليت خلفهم ارتبت في صلاتي، وصليتها من جديد (¬1)؟ ج: لا يصلى خلف القبوريين الذين بين المسلمين، لا يصلى خلفهم؛ لأن الصلاة لا تصح خلف المشرك، فالذي يعبد القبور لا يصلى خلفه؛ كعباد الحسين وعباد البدوي وعباد أمثالهم، وعباد الشيخ عبد القادر الجيلاني، وعباد الأصنام وغير هذا، كل من كان يعبد غير الله يدعوه أو يستغيث به، أو يطوف أو يسأله قضاء الحاجة أو يصلي له أو يذبح له، أو ما أشبه ذلك هؤلاء لا يصلى خلفهم؛ لأن ظاهرهم الكفر، فلا يصلى خلفهم، وهكذا من يدعو إلى ذلك ويجيز ذلك ويحبذه لا يصلى خلفه، وإذا صلى خلف القبوري يعيد صلاته. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (152).

حكم الصلاة خلف من يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم

61 - حكم الصلاة خلف من يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم س: يسأل أخونا ويقول: ما رأيكم في الصلاة خلف إمام يتوسل بالنبي؛ كأن يدعو في آخر الدعاء بقوله: بحرمة النبي أحمد؟ هل تجوز الصلاة خلفه أم لا؟ وهل علينا إعادة الصلاة التي صليناها خلفه؟ وقد سألت عالما عندنا، فأفتى بأنه جائز التوسل بالنبي؛ لأن النبي كان يتوسل بحمزة، وعمر بن الخطاب توسل بعم النبي العباس، أفتونا في هذا بارك الله فيكم (¬1)؟ ج: التوسل بحرمة النبي صلى الله عليه وسلم، أو بجاه النبي أو بحق النبي صلى الله عليه وسلم، أو بحق الأنبياء أو بجاه الأنبياء هذا بدعة عند أهل العلم، عند جمهور أهل العلم بدعة لا يجوز؛ لأن الله ما شرعه لنا، والتوسل عبادة، فلا يجوز أن يفعل إلا ما شرعه الله سبحانه وتعالى، فلا يجوز أن يقال: أسألك بحق فلان، أو بجاه فلان، أو بذات فلان، لا النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره. وإنما يتوسل العبد بأسماء الله وصفاته، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (147).

كما قال سبحانه: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (¬1). وكما في الحديث: «اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت (¬2)» الحديث. وكما توسل أصحاب الغار بأعمالهم الصالحة، الذين دخلوا غارا بسبب مطر والمبيت، فانحدرت عليهم صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار، ولم يستطيعوا إزالتها، فقالوا فيما بينهم: لا ينجيكم من هذا إلا أن تسألوا الله بصالح أعمالكم. فسألوا الله بصالح أعمالهم، فأزاحها عنهم سبحانه وتعالى، وهذا ثابت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، عن النبي عليه الصلاة والسلام، أحدهم توسل ببره لوالديه، والثاني توسل بأدائه الأمانة، والثالث توسل بعفته عن الزنى، فأزاح الله عنهم الصخرة بأسباب أعمالهم الطيبة التي توسلوا بها إلى الله عز وجل؟ أما التوسل بجاه فلان وحق فلان فهذا ليس بمشروع، ولكن تصح ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 180 (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22456).

الصلاة خلف من فعل ذلك؛ لأنه ليس بكافر، إنما هو عاص مخطئ في هذا الأمر، أتى بدعة لا تخرجه من الإسلام، فإذا صلى الناس خلفه فلا حرج في ذلك، الصلاة صحيحة، لكن وجود غيره أولى منه، وجود إنسان لا يتوسل بهذه البدعة يكون أفضل وأولى من إمامته، وينبغي أن ينصح ويعلم ويوجه. أما قول العالم الذي سألتم أنه يجوز فهذا قول خطأ، وإن كان قد قال به بعض أهل العلم، لكنه خطأ على الصحيح عند العلماء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)» والتوسل بالجاه وبالحق محدث، فلا يجوز فعله، ثم هو وسيلة إلى الغلو والشرك، فينبغي تركه، والنبي صلى الله عليه وسلم ما توسل بحمزة، ولا عمر توسل بالعباس، إنما توسل بدعائه، فهم إذا استسقوا يستسقون بالنبي صلى الله عليه وسلم ليدعو لهم، يقول: يا رسول الله، قد أجدبنا، هلكت الأموال، هلكت الأنفس، فادع الله لنا. فيستغيث لهم، وهذا توسل بدعائه عليه الصلاة والسلام في حياته، وقد فعلوا ذلك في خطبة الجمعة، فاستغاث لهم وأغاثهم الله، وقد طلبوا منه ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور برقم (1718). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور برقم (1718).

الاستغاثة، فخرج إلى الصحراء وصلى بهم ركعتين، واستغاث لهم فأغاثهم الله. وهكذا فعل عمر لما أجدبوا في عهد عمر، قال: «اللهم إنا كنا إذا قحطنا توسلنا بنبينا فتسقينا (¬1)» توسلنا بنبينا يعني بدعائه ما هو بذاته، بدعائه عليه الصلاة والسلام، يدعو لهم، يتوسلون بدعائه، يعني أنه يدعو لهم، فيستغيث لهم، يرفع يديه ويدعو فيغيثهم الله، ثم إنهم توسلوا بالعباس ما هو بذاته، ما قالوا: إنا نسأل بجاه العباس، لا، إنما قالوا للعباس: ادع الله ونؤمن. فالعباس قام ودعا وأمنوا على دعائه، هذا استسقاؤهم به، فلا ينبغي أن يلتبس على المؤمن هذا الأمر، التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالعباس إنما هو بالدعاء، طلبوا من النبي أن يدعو لهم فدعا لهم عليه الصلاة والسلام، وهكذا عمر طلب من العباس أن يدعو ويستغيث، ففعل العباس ودعا وأمن المسلمون فأغاثهم الله، وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا برقم (1010).

حكم الصلاة خلف المشعوذ ومن يدعي علم الغيب

62 - حكم الصلاة خلف المشعوذ ومن يدعي علم الغيب س: ما حكم الصلاة خلف المشعوذين ومن يدعي علم الغيب ويعمل

البخور، ومن هذا عمله (¬1)؟ ج: إذا كان ممن يدعي علم الغيب، أو يعرف بعبادة الجن هذا لا يصلى خلفه؛ لأنه كافر، ويجب على أهل الإيمان هجره والتحذير منه ورفع أمره إلى ولاة الأمور، إذا كان في بلاد يمكن أن يحكم عليه ويمنع، وعليهم أن يجتهدوا في القضاء عليه من طريق ولاة الأمور، ويحذر الناس منه ولا يصلى خلفه، أما إذا كان دواؤه بالدواء المعتاد، العلاج المعتاد بين الناس الذي ليس فيه عبادة الجن، وليس فيه دعوى علم الغيب، ولا يشتمل على نجاسة، وإنما هي أمور معروفة ومعتادة بين الناس، يستعملونها في علاج المرضى، فينفع الله به هذا لا حرج عليه، وإذا كان أهلا للإمامة صلي خلفه. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (185).

س: هل تجوز الصلاة خلف إمام مشعوذ ودجال، علما بأن منهم من يجيد قراءة القرآن؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: إذا كان الإمام مشعوذا يدعي علم الغيب، ويقوم بخرافات من المنكرات ما ينبغي أن يتخذ إماما، ولا يصلى خلفه؛ لأنه من ادعى علم الغيب، يكون كافرا، نسأل الله العافية، يقول جل وعلا: ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (167).

{قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} (¬1)، وإذا كان عنده شيء من المعاصي وليس عنده دعوى علم الغيب، ولكن عنده شيء من المعاصي فينبغي التماس غيره، وإن صحت الصلاة خلفه؛ لأن الصحيح أن الصلاة تصح خلف العاصي إذا كان ما هو بكافر، تصح الصلاة خلفه، لكن ينبغي التماس من هو أحسن منه، وأن يوظف للمسلمين الأخيار والطيبون؛ حتى يكونوا أئمة لهم، أما العصاة فلا ينبغي أن يتخذوا أئمة، لكن لو وجدوا وصاروا أئمة صحت الصلاة خلفهم؛ لأن هذا قد يبتلى به الناس، أما إذا كان كافرا يدعي علم الغيب، أو يدعو غير الله ويستنجد بالموتى، ويستغيث بهم ويطلبهم المدد فهذا لا يصلى خلفه، أو ساحر يسحر الناس، ويتعلم السحر ويعلمه الناس لا يصلى خلفه، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) سورة النمل الآية 65

س: يقول السائل: لديهم إمام مسجد يعمل في أعمال الدجل والسحر وفك الأعمال، فهل تجوز الصلاة خلفه (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل: إن كان يتعاطى أمورا كفرية من السحر أو دعاء الجن، أو الاستغاثة بالجن فهذا كفر أكبر لا يصلى خلفه، أما إن كان ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (341).

عنده أمور أخرى غير الشرك الأكبر، فالصلاة خلفه صحيحة، كما يتعاطى بعض الناس التمائم من القرآن يعلقها، فهذه فيها شبهة وإن كانت لا تجوز، لكن لا تمنع عن صحة الصلاة خلفه، أما إذا كان يتهم بالشرك ويتهم بالكفر واستغاثة بالجن، ويكتب التمائم الشركية التي فيها دعوة غير الله من الشرك بالله، أو فيها تعلق بالسحر أو تصديق السحرة، أو أنهم يعلمون الغيب أو خدمة السحرة بدعاء الجن والاستغاثة بالجن ونحو ذلك، المقصود أنه إذا كان يتعاطى السحر أو الاستغاثة بالجن ونحو ذلك فذلك من الكفر الأكبر، نسأل الله العافية.

س: السائل: ع. د. م. يسأل ويقول: يوجد رجل يؤمنا في الصلاة، إلا أنه يعمل بعض الأعمال، فمثلا يصنع الحجاب للناس ويكتب بعض الأوردة السحرية، ويكتب ما يسمى بالمحو، وهي عبارة عن آيات يكتبها ثم يغسلها في إناء ثم يعطيها للناس يشربونها؛ زعما أن ذلك ينفعهم، ما حكم الدين في هذا الرجل؟ وهل تجوز إمامته (¬1)؟ ج: إذا كان الرجل معروفا بما ذكرته أنه يكتب الأحجبة، التمائم التي تعلق على الناس هذا لا يجوز، ما ينبغي أن يكون إماما؛ لأن تعليق ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (272).

التمائم من الشرك، من الشرك الأصغر، ولا يجوز للمسلم فعلها ولا تشجيع الناس عليها، بل يجب تركها، وهكذا إن كان يتعاطى السحر فهو أعظم، كذلك إذا ثبت عليه أنه يتعاطى السحر فالسحر شرك أكبر لا تجوز إمامة صاحبه، بل إمامته منكرة باطلة، أما كتابة الآيات في الصحون والأوراق يسمونها المحو، إذا كان معروفا بالخير، يكتب بعض الآيات والأدعية بالزعفران فلا حرج في هذا عند أهل العلم، لكن كونه يكتب الأحجبة، التمائم التي تعلق على الناس على الأولاد والمرضى هذا منكر عظيم، ومثل هذا لا ينبغي أن يكون إماما، بل يرفع الأمر إلى المسؤولين حتى يفصل ولا يكون إماما، أما إن كان يتعاطى السحر أو يتعاطى عبادة القبور، ويستغيث بالأموات هذا لا يجوز أن يكون إماما، هذا الكفر الأكبر والعياذ بالله، بل يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، يجب على ولي الأمر والمحاكم الشرعية أن تستتيبه، فإن تاب وإلا قتل، نسأل الله العافية.

حكم الصلاة خلف المشعوذ بعد إعلانه التوبة

63 - حكم الصلاة خلف المشعوذ بعد إعلانه التوبة س: يقول السائل: يوجد لدينا إمام مسجد بالقرية التي نسكنها، وهذا الإمام يقوم بمعالجة الناس مستخدما التعامل مع الجن، وإنه طبيب

شعبي، ويقول هذا الإمام إنه تاب من ذلك التعامل، وبدأ ينهج نهجا صحيحا. برأيكم هل نستمر بالصلاة خلف هذا الإمام (¬1)؟ ج: هذا يحتاج إلى سؤال أهل الخبرة به من الصلحاء والأخيار والثقات، فإذا علمت توبته فالحمد لله، لا مانع من بقائه في المسجد والصلاة خلفه، أما إذا كان متهما ببقائه على عمله السيئ، واستخدام الجن فلا يصلى خلفه، بل يجب الإنكار عليه ورفع أمره إلى الجهة المسؤولة، إلى الهيئة أو إلى المحكمة؛ حتى يمنع من هذا العمل السيئ ويؤدب بما يستحق، لكن متى ثبتت توبته ورجوعه إلى الله وترك هذا العمل السيئ من طريق الثقات الأثبات، أو من طريق المحكمة فلا بأس بالصلاة خلفه. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (238).

س: يقول السائل: عندنا إمام لمسجدنا ومدرس للمواد الدينية، يأتي إليه المرضى فيعمل لهم حرزا أو بيضة دجاجة يكسرها في بيت المريض في محافظتنا، هل تصح الصلاة وراءه حفظكم الله (¬1)؟ ج: هذا خطير ومنكر عظيم، لا يجوز أن يفعل هذا الفعل، فإن اتخاذ الحروز منكر، وهي التمائم وتسمى الحجب، ويسميها بعض الناس ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (120).

الجوامع، لا تجوز، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له (¬1)» والتميمة هي الحرز وهي الجامعة، وهي الحجاب كما يسميها بعض الناس، وهي شيء يعلق على الأولاد أو على المرضى، أو على الكبار عن العين أو عن الجن، يكتبون فيها كتابات في رقاع، أو يضعون ودعا أو خرزا، أو يضعون طلاسم حروفا مقطعة لا يدرى ما معناها، يكتبونها ويجعلونها في رقع، ويربطونها على الصبيان، أو على المرضى أو على الكبار، ويزعمون أنها تدفع العين أو تدفع الجن، كل هذا باطل، كل هذا غلط ومنكر؛ لأن الرسول أنكر هذا عليه الصلاة والسلام، فالواجب على المؤمن أن يحذر ذلك، وأن لا يفعل ذلك، وهذا من الشرك، وهو من الشرك الأصغر، لكن إذا كان صاحبه يعتقد أنها تنفع وتضر من دون الله هذا يكون شركا أكبر، نعوذ بالله، فالحاصل أنه لا يجوز تعاطي هذا الشيء، وهكذا كسر البيضة في بيت المريض، أو في البيت الذي يعتقد أنها تنفعه هذه خرافة لا أساس لها، بل هو من الدجل والكذب والخداع، ومثل هذا لا ينبغي أن يتخذ إماما، ولا يؤمن أن ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم (16951).

يكون عنده عقائد خبيثة أكثر من هذا، وينبغي ألا يصلى خلفه، وأن يبعد عن الإمامة ويسعى في ذلك، إلا أن يتوب توبة صادقة ظاهرة بارزة واضحة، والتوبة تجب ما قبلها، والله المستعان.

حكم الصلاة خلف مستور الحال

64 - حكم الصلاة خلف مستور الحال س: هل تصح الصلاة خلف مستور الحال في المجتمع الذي أعيش فيه أم لا؟ والمجتمع الذي يعيش فيه السائل مجتمع فيه بدع، تكثر فيها المعتقدات الباطلة؛ من قبوريين واعتقاد في الموتى وغير ذلك من المعتقدات الفاسدة (¬1)؟ ج: نعم إذا كان مستور الحال، ولا تعرف عنه شيئا من الشرك وهو مسلم يتظاهر بالإسلام تصح الصلاة خلفه والحمد لله، حتى تعلم ما يوجب منع ذلك؛ من ظهور الكفر والشرك، أما ما دام مستورا مع المسلمين لا يظهر منه ما يوجب ردته فإنك تصلي خلفه والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (106).

س: هل تصح الصلاة خلف من لم نعرف حاله (¬1)؟ ج: نعم من كان ظاهره الإسلام ويؤم المسلمين فإنه تصح الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (155).

خلفه، حتى يتبين منه ما يدل على أنه كافر لا تصح الصلاة خلفه، ولو بان أنه فاسق فإن الصلاة خلف الفاسق صحيحة في أصح قولي العلماء، لكن متى بان أنه كافر عند ذلك لا يصلى خلفه، ويمنع من الإمامة، ولا تصح الصلاة خلفه، كالذي يظهر أنه منافق يسب الدين ويستهزئ بالدين، أو يسب الرسول عليه الصلاة والسلام، أو ما أشبه ذلك مما يوجب ردته عن الإسلام، أو يظهر منه أيضا أنه يعبد أصحاب القبور، ويستغيث بهم وينذر لهم وما أشبه ذلك مما يدل على ردته وكفره، نسأل الله السلامة.

حكم الصلاة خلف إمام يميل عن جهة القبلة قليلا لضعف بصره

65 - حكم الصلاة خلف إمام يميل عن جهة القبلة قليلا لضعف بصره س: يقول هذا السائل: يوجد بالحي الذي أقيم فيه إمام كبير في السن، وهو إمام للمسجد ومؤذن في نفس الوقت، يأتي في بعض الأحيان للأذان في وقت متأخر؛ أي بعد الأذان بخمس دقائق أو عشر دقائق تقريبا أو أكثر، وثانيا عندما يصلي يكون اتجاهه في الركعة الثانية قد بدأ يميل خارجا عن القبلة، إما شمالا أو يمينا، ولعلمكم نظره بسيط، وقد سألناه مرة من أجل الميول، فقال: يا إخوان بأن القبلة واسعة وعريضة ولا بأس في ذلك. فهل إجابته هذه تكفي؟ أم بماذا تنصحوننا

وتنصحونه سماحة الشيخ؟ ج: فإننا ننصح المذكور بأن يعتني بالأذان في وقته، وأن يؤذن مع الناس؛ حتى لا يسبب تأخر جماعة مسجده عن الحضور عن الوقت الذي ينبغي، وحتى لا يلبس على الناس، فالواجب عليه المحافظة على الوقت والعناية بالوقت، هذا هو الواجب عليه لأنها أمانة، والله يقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (¬1)، أما القبلة فأمرها واسع كما قال صلى الله عليه وسلم: «ما بين المشرق والمغرب قبلة (¬2)» بالنسبة للشمال والجنوب ما بين المشرق والمغرب قبلة، وبالنسبة للمشرق والمغرب ما بين الشمال والجنوب قبلة، لكن يشرع التحري الكامل للقبلة، هذا هو الأفضل، وإلا فلا يضر الميل اليسير بالنسبة لليمين والشمال، ما يضر والحمد لله. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 58 (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبلة، برقم (342).

نصيحة عامة لأئمة المساجد

66 - نصيحة عامة لأئمة المساجد س: نصلي مع إمام ضيق الصدر ومصاب بكثير من الأمراض، ويؤخر إقامة الصلاة، ونحن على خلاف دائم معه؛ مما اضطر

بعض المصلين إلى أن يصلوا في مساجد أخرى غير ذلك المسجد، نرجو من سماحتكم نصح هذا الإمام ونصح الأئمة حتى يكونوا على وفاق مع جماعتهم، جزاكم الله خيرا (¬1). ج: الواجب على الأئمة جميعا أن يتقوا الله، وأن يتحروا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاتهم وفي كل شؤونهم، والواجب على الجماعة أن يتقوا الله أيضا، وأن يكونوا عونا للأئمة على فعل السنة، الإمام يتحرى السنة في صلاته، في قراءته وركوعه وسجوده حتى لا يشق على الناس، ويتحرى السنة أيضا بألا يتأخر عنهم ويحبسهم في المسجد، يأتي في أوقات محددة ويراعي الأوقات المحددة؛ حتى لا يشق على الناس ويرفق بهم، والجماعة عليهم أن يراعوا ذلك أيضا ولا يشقوا عليه، ويلجئوه إلى أن يخالف السنة، أو يلجئوه إلى أن يوكل حتى تكون الصلاة لكثير من الناس، بل يتعاونوا مع أخيهم الإمام، والجماعة يتعاونون على البر والتقوى، وعلى العناية بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك؛ حتى يكون أداؤهم للصلاة على وجه مرضي، وإذا كان الإمام يعاندهم ولا ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (212).

يعتني بالسنة يرفع أمره إلى الأوقاف، وإذا كانت الأوقاف لم تلب الدعوة، ولم تبال يرفع إلى المحكمة؛ حتى تنظر المحكمة في الموضوع، أو إلى الهيئة من باب التعاون على البر والتقوى، وإن استقام الأمر فالحمد لله، والواجب على الإمام ألا يلجئهم إلى المحكمة أو إلى القاضي، بل يتحرى السنة ويعلمهم السنة؛ حتى يعلموها، وحتى يقتنعوا بها وبأن عمله طيب، وإذا لم يقتنعوا فالمحكمة أو الهيئة ترشد الجميع، إذا كانت الأوقاف لم تقم بالواجب، نسأل الله للجميع الهداية.

حكم الاعتذار عن إمامة المصلين وتعليم الناس الخير بسبب الخجل

67 - حكم الاعتذار عن إمامة المصلين وتعليم الناس الخير بسبب الخجل س: إنني كثير الخجل، ولا أستطيع أن أؤم الناس، رغم أني في بعض الحالات أكون الأقرأ لكتاب الله، وإذا وجه إلي سؤال أرتعش من الخجل، ما هو الحل لقضيتي (¬1)؟ ج: الواجب على المؤمن وعلى طالب العلم أن تكون عنده همة عالية؛ من القوة والنشاط في إبلاغ الخير والدعوة إلى الخير، وتعليم ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (146).

الجاهل وإرشاد الضال، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا هو الذي ينبغي للمؤمن، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير (¬1)» لكن المؤمن القوي الذي يعلم الناس ويصلي بهم إذا احتاجوا، ويقرأ عليهم العلم ويرشدهم، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر أفضل من المؤمن الضعيف العاجز الذي لا يستطيع تعليمهم ما ينفعهم. ووصيتي لهذا السائل أن يتقي الله، وأن تكون همته عالية، وأن يؤم الناس إذا كان أفضل الموجودين، وأن يبادر بذلك، وأن يظهر علمه إن كان عنده علم، وأن يفتي السائل بما عنده من العلم عن الله وعن رسوله، وألا يخجل، فليس هذا محل خجل، الخجل للجاهل والفاعل للمعصية، أما من يعلم الناس الخير ويفتيهم بالعلم الشرعي ويسعى في مصالحهم فلا يليق به أن يخجل، ولا ينبغي له أن يجبن، ولا يليق به أن يتأخر، بل ينبغي له أن يتقدم وأن يكون في المقدمة في كل شيء؛ حتى ينفع الناس ويرشدهم ويكون إماما في الخير. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز، والاستعانة بالله، وتفويض المقادير لله، برقم (2664).

س: ما حكم الإمام الذي لا يصلي تحية المسجد (¬1)؟ ج: الإمام تكفيه الفريضة، إذا جاء وشرع في الفريضة كفته، كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي ويبدأ بالفريضة، ما يصلي تحية المسجد، ينصى محل الإمامة فيصلي عليه الصلاة والسلام، فالإمام إذا قصد الصلاة ولم يجلس في المسجد إنما جاء ليؤدي الفريضة بدأ بها وكفت، وهكذا الذي جاء والإمام قد دخل في الصلاة وقد أقيمت الصلاة تكفيه الفريضة عن تحية المسجد. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (153).

حكم جلوس الإمام في بيته بعد الأذان حتى إقامة الصلاة

68 - حكم جلوس الإمام في بيته بعد الأذان حتى إقامة الصلاة س: إذا كان إمام المسجد ينتظر في بيته ولا يحضر إلى المسجد إلا عند الإقامة، ولا ينشغل في البيت بصلاة نافلة أو قراءة قرآن فهل الأفضل له التبكير إلى المسجد قبل الإقامة (¬1)؟ ج: هذا لا نعلم فيه حدا محدودا ولا سنة واضحة، بل الأمر يرجع إلى الإمام، فإن رأى أن حضوره للمسجد أصلح لقلبه وأنفع للناس ليصلي ما تيسر ويقرأ، وربما كان عالما فيفتي الناس بما يسألونه عنه ونحو ذلك كان هذا أفضل، وإن رأى أن بقاءه في البيت أصلح له، يقرأ ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (146).

في بيته ويصلي الرواتب في بيته، ثم يأتي عند إقامة الصلاة كما هو الغالب من فعل النبي عليه الصلاة والسلام، والمعروف من فعله صلى الله عليه وسلم أنه كان يبقى في البيت، فإذا جاء وقت الإقامة خرج إلى الناس عليه الصلاة والسلام هذا هو الأصل؛ أن يبقى في بيته، ويشتغل بما يسر الله له من قراءة أو علم أو صلاة نافلة أو نحو ذلك، ويحرص على الرواتب التي شرعها الله من أربع قبل الظهر وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح، الرواتب التي حافظ عليها النبي عليه الصلاة والسلام، فإن فعلها الإمام في البيت، وفعل ما يسر الله له من الخير؛ كقراءة القرآن أو قراءة علم، أو يحفظ شيئا ينفعه من العلم أو القرآن فكل هذا طيب، فالأصل أن الإمام يبقى في البيت اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، ثم يأتي وقت الإقامة فيقيم الصلاة، فإذا رأى في حالة من الحالات أو في قرية من القرى أو بلد من البلدان أن مجيئه إلى المسجد قبل الصلاة، ينتظرها مع الناس في المسجد، ويصلي ما كتب الله له مما شرع الله، ويقرأ القرآن أو يسبح ويهلل في محل من المسجد، حتى يحضر وقت الإقامة كل هذا لا بأس به، والخلاصة أن الأصل والأفضل أن يكون في البيت حتى يأتي وقت الإقامة اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام، فإذا حصل له أمر آخر

يقتضي أنه يحضر في المسجد، وأن في ذلك لمصلحة راجحة على البقاء في البيت فلا أعلم في هذا بأسا، بل ينبغي له أن يتحرى ما هو أقرب إلى المصلحة والنفع للمسلمين.

س: إذا كنت إماما في مسجد، وتخلفت في بعض الفروض في الشهر مرة أو مرتين لأعذار معينة فهل من حرج علي (¬1)؟ ج: ليس عليك حرج، لكن توصيهم بألا يتعطلوا، أو تعين من يؤمهم، أو توصيهم بأن لو تأخرت عن الوقت المعتاد يقدمون من يصلي بهم، وعليك أن تجتهد بالاستقامة بالأشياء العارضة والقليلة. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون الشريط رقم (355).

بيان ما يفعله الإمام إذا تذكر أثناء الصلاة أنه على غير طهارة

69 - بيان ما يفعله الإمام إذا تذكر أثناء الصلاة أنه على غير طهارة س: الأخ: ع. س. غ. من الباحة، يسأل ويقول: إذا تذكر الإمام أثناء الصلاة أنه على غير طهارة فماذا يفعل (¬1)؟ ج: يستنيب من يكمل بهم، يقدم واحدا ممن حوله يكمل بهم الصلاة والحمد لله، هذا هو الصواب، يستنيب من يكمل بهم الصلاة ممن حوله من الطيبين، مثل ما فعل عمر رضي الله عنه لما طعن، قدم عبد الرحمن بن ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (253).

عوف وصلى بهم، كمل بهم الصلاة، وإن استأنفوها من أولها قدموا غيره واستأنفوها من أولها فلا حرج، وإن انتظروه؛ جلسوا ينتظرونه حتى يتوضأ ثم يعود ويصلي بهم من أول الصلاة فلا بأس، ولكن الأفضل أن يستنيب حتى لا يشق عليهم، أن يستنيب من يكمل بهم والحمد لله، أما هو يعيد، يتوضأ ويعيد الصلاة.

بيان ما يفعله المصلي إذا دخل المسجد ووجد الصف متكاملا

70 - بيان ما يفعله المصلي إذا دخل المسجد ووجد الصف متكاملا س: إذا قدم المسلم يريد الدخول في الصلاة، ولكنه وجد الصف مكتملا هل يسحب أحد المصلين ويصلي معه، أم إنه يصلي منفردا متابعا للإمام (¬1)؟ ج: المشروع له أن يلتمس فرجة لعله يجد، فإن لم يجد وقف عن يمين الإمام، فإن لم يتيسر ذلك انتظر ولا يسحب أحدا؛ لأن سحبه ظلم وتعد عليه وفتح فرجة في الصف، ولكن ينتظر، وإن قضيت الصلاة ولم يأت أحد صلى وحده والحمد لله معذور. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (253).

س: إذا صلى الركعة الأولى منفردا مع الإمام، ثم دخل معه مصل آخر في الركعة الثانية، وبعد الانتهاء من الفرض هل يسلم مع الإمام، أم إنه يقوم فيأتي بالركعة الأخيرة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (253)؟

ج: إذا صلى ركعة واحدة بطلت صلاته، فعليه أن يستأنف من الجديد مع الشخص الذي جاء، يستأنف معه من أول الصلاة، وإذا استمر ولم يستأنف يعيدها؛ لأن صلاته باطلة؛ لأنه صلى ركعة وحده خلف الصف، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬1)» هكذا صح عنه صلى الله عليه وسلم، وصح عنه أنه أمر من صلى وحده خلف الصف أن يعيد الصلاة (¬2) لكن لو صلى ما ركع وحده ثم دخل في الصف، أو وقف معه آخر في السجود صحت وأجزأت والحمد لله، كما فعل أبو بكرة رضي الله عنه. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539).

حكم استخلاف الإمام غيره إذا أحدث

71 - حكم استخلاف الإمام غيره إذا أحدث س: إذا أحدث الإمام في الصلاة كيف يكون خروجه، حتى يحل محله إمام آخر، أم يكمل الصلاة أم يعيد؟ ثم إذا لم يكن هناك أهل لمن يخلفه فكيف يكون التوجيه (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (347).

ج: إذا أحدث الإمام في الصلاة يقطعها، ويقول لهم: انتظروني. ويذهب ويتوضأ، ثم يستأنف الصلاة من أولها. أما إذا كان هناك من يقوم مقامه فيقول: تقدم يا فلان، أو يأخذ بيده فيقدمه، حتى يكمل بهم الصلاة، ولما طعن عمر رضي الله عنه أخذ بيد عبد الرحمن وقدمه وصلى بالناس رضي الله عنه، المقصود أنه إذا أحدث في الصلاة يقطعها ولا يكملها، ويقدم من يصلي بالناس ويكمل بهم إن تيسر، وإلا فإنهم ينتظرونه ثم يعود ويستأنف بهم الصلاة.

س: إذا كان الإمام في الصلاة في حالة الركوع أو السجود، وخرج منه شيء أبطل صلاته فماذا عليه؟ هل يتم الصلاة أو يقدم من الذين خلفه واحدا (¬1)؟ ج: إذا أحدث الإمام في الصلاة في ركوعه أو سجوده أو في غيرهما لا يستمر، ينفتل ويقدم من يصلي بالناس، لما طعن عمر رضي الله عنه قدم عبد الرحمن بن عوف، فصلى بالناس. فإذا خرج منه ريح أو بول فإنه ينفتل عن الصلاة وينصرف، ويستخلف من يصلي بالناس ممن وراءه، قدمه ليكمل بالناس. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (425).

س: إذا صلى الإمام ثم طرأ عليه ما يبطل صلاته كيف يعمل في هذه

الحالة (¬1)؟ ج: ينصرف وينبه الناس إذا طرأ عليه ريح خرجت منه أو بول يقطع الصلاة، ويقدم من يصلي بهم بقية الصلاة، يعني يستخلف من يصلي بهم بقية الصلاة، فإن انصرف ولم يستخلف يقدموا واحدا منهم حتى يصلي بالناس حتى يكمل بالناس، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (356).

س: إذا أصيب الإمام برعاف، وكان باب المسجد خلف المصلين فهل يقطع صفوفهم لكي يخرج من المصلى، أو ينتظر حتى يتموا صلاتهم (¬1)؟ ج: إذا أصابه رعاف أو انتقض وضوؤه فإنه يستنيب على الراجح، يستخلف من يكمل للناس الصلاة، ويخرج إذا استطاع الخروج ولو يشق الصفوف؛ لأنه معذور، فإذا لم يستطع جلس حتى يسهل له الخروج، ويتحفظ حتى لا يقطر الدم في المسجد، ولا بأس عليه والحمد لله، لكن الصواب أنه يستخلف حتى لا يعطلهم كما فعل عمر رضي الله عنه، فإنه لما طعن استخلف عبد الرحمن بن عوف وصلى بهم، كمل بالناس الصلاة، هذا هو الصواب. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (155).

س: ما حكم صلاة الإمام الذي نسي أن يتوضأ ولم يتذكر إلا وهو في الركعة الأولى؟ وما حكم صلاة المأمومين (¬1)؟ ج: الصواب أن الإمام إذا دخل في الصلاة، ثم تذكر أنه على غير وضوء أنه يستخلف؛ لأن عمر رضي الله عنه لما طعن استخلف عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فدل ذلك على أن الصواب أنه يستخلف، هذا هو الأصح، وبعض أهل العلم يقول: إنه لا يستخلف، بل يبتدئون صلاتهم وينتظرونه حتى يتوضأ ثم يرجع، أو يستخلف من يصلي بهم، ويبتدئ الصلاة من أولها، أو هم يستخلفون. ولكن الصواب أنه يستخلف ويصلي بهم بقية الصلاة، أو هم يستخلفون من يصلي بهم بقية الصلاة؛ لأن صلاتهم لم يتعرض لها شيء، هم صلوا بوضوء وطهارة، وهو دخل بغير طهارة ناسيا، فلو استمر فيها حتى سلم بهم صلاتهم صحيحة، وإنما يعيد هو، فكما أنه يعيد إذا صلى بهم وصلاتهم صحيحة فهكذا إذا تذكر أثناء الصلاة يستخلف من يصلي بهم وصلاتهم صحيحة، أو هم يقدمون من يصلي بهم إذا لم يستخلف والحمد لله، هذا هو الصواب. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (128).

حكم استخلاف الإمام في صلاته للمأموم المسبوق

72 - حكم استخلاف الإمام في صلاته للمأموم المسبوق س: أنا رجل مسبوق في صلاة الجماعة بركعة، وحصل للإمام حدث، ثم خلفته لكي أكمل الصلاة، ماذا أفعل وأنا مسبوق؟ سألت أحد الناس فقال: أنت تشير للناس بأن يبقوا في هيئتهم لتأتي بما سبقت به ثم تسلمون جميعا. هل ما قاله صحيح (¬1)؟ ج: لا يتابعون في زيادة وتشير إليهم، إذا كنت تخشى أن يقوموا تشير إليهم أن يبقوا حتى تكمل ما عليك، ثم تسلم ويسلمون معك والحمد لله، الواجب عليك إذا كنت قد صرت الخليفة بعده أن تكمل صلاتك وهم ينتظرونك، فإذا كملت صلاتك سلمت وسلموا معك، وإذا خشيت أن يقوموا أشر لهم بيدك حتى يبقوا، لا يقوموا معك. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (294).

بيان الواجب على المصلين إذا خرج الإمام من صلاته لضر أصابه

73 - بيان الواجب على المصلين إذا خرج الإمام من صلاته لضر أصابه س: كنا خلف إمام تقدم بنا ليصلي، إلا أنه ارتبك في قراءة القرآن، فخرج من أمامنا، هل يتقدم منا أحد، أم نقطع الصلاة ونبدؤها من جديد وبإمام جديد (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (9).

ج: الصواب في هذا أن لهم الخيار، إذا انفتل الإمام أو أصابه الحدث يعني سبقه الحدث فهم بالخيار، إن شاؤوا قدموا واحدا منهم إن كان الإمام ما قدم أحدا، وإن شاؤوا قدموا واحدا وصلى بهم وبنى على الصلاة، وإن شاؤوا بدؤوها من أولها، واستأنفوها من أولها هم بالخيار، لكن الأولى والأفضل أن يقدموا واحدا يكمل بهم، القريب من الإمام يقدم ويكمل بهم الصلاة والحمد لله، هذا هو الأرجح، ولا حرج في ذلك إن شاء الله، وقد طعن عمر رضي الله عنه فاستخلف عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وصلى بهم بقية الصلاة.

س: ذهبت إلى المسجد لصلاة العشاء، فوجدت الجماعة قد سبقوني بركعتين، وبعد أن كبرت للدخول في الصلاة حصل للإمام عذر جعله يقطع الصلاة، ويجعلني إماما مكانه، فماذا أفعل في هذه الحالة وأنا مسبوق بركعتين (¬1)؟ ج: يصلي الركعتين اللتين أدركهما مع الإمام، ويجلس للتشهد، وإذا تشهد التشهد الأول، والأفضل يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقوم ويشير لهم أن يجلسوا حتى يفرغ ويسلم بهم جميعا، يشير لهم حتى ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (47).

يجلسوا ولا يتابعوه، فإذا قضى الركعتين اللتين عليه سلم بهم جميعا؛ لأنه معذور في هذه الحالة، فهو يقوم حتى يكمل صلاته، وهم ينتظرونه لأنه قام لعذر، فيسلم بهم جميعا، هذا هو المشروع، ولو أن الإمام استخلف إنسانا لم يفته شيء لكان أولى، لكن ما دام استخلفه فإن الصلاة صحيحة والحمد لله، فهو يصلي بهم ركعتين، ويتشهد بهم ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم على الأصح بعد الشهادتين، ثم ينهض مكبرا إلى الثالثة حتى يكمل لنفسه، فإذا كمل لنفسه سلم بهم جميعا، أما هم فلا ينهضون معه، ينتظرون حتى يسلم بهم جميعا، ولو قام معه جاهلا فصلاته صحيحة، لكن هو يشير لهم حتى يجلسوا وينبههم بعد الصلاة أن هذا هو المشروع، إذا حصل مثل هذا يجلسون وينتظرون.

حكم صلاة الجماعة خلف إمام صلى بهم على غير طهارة

74 - حكم صلاة الجماعة خلف إمام صلى بهم على غير طهارة س: من المستمع: ي. أ. مقيم في المملكة يقول: ذات يوم أممت الناس بالصلاة، وفي أثناء الصلاة تذكرت بأني لست على طهارة، ولم أدر ماذا أصنع، وارتبكت فأكملت الصلاة بهم وقد أعدت الصلاة بالنسبة لي، أما بالنسبة للمأمومين فلم أخبرهم بشيء، وذلك لأنني خجلت،

أفتوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: صلاتهم صحيحة؛ لأنهم لم يعلموا، فإذا صلى الإنسان ثم تذكر في الصلاة أنه محدث، وأتم الصلاة فصلاة المأمومين صحيحة، أما هو فعليه أن يعيد، والواجب عليه أن يتقي الله، وأن يقطع الصلاة ولا يتم إذا أحدث، أو ذكر أنه محدث فإنه يقطع الصلاة ويستخلف بأن يقول: تقدم يا فلان. لمن خلفه واحد منهم، يتقدم حتى يكمل بهم، وهذا هو الاستخلاف، يقول: تقدم يا فلان. فإن لم يستخلف وخرج قدموا واحدا وصلى بهم وكمل بهم؛ لأن عمر رضي الله عنه لما طعن قدم عبد الرحمن وأتم بالناس الصلاة، هذا هو الأفضل، وإن تركهم وقدموا إنسانا وصلى بهم فلا بأس، وإن أعادوها من أولها فلا بأس، الأمر واسع، الحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (339).

س: صليت بجماعة، واكتشفت بعد الصلاة أنني كنت على غير طهارة، فكيف أتصرف والحال ما ذكر؟ جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: إذا لم تعلم وتذكر إلا بعد الصلاة فلا شيء عليك، صلاتهم صحيحة، وأنت عليك الإعادة، عليك أن تتوضأ وتعيد، أما هم فصلاتهم ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (297).

صحيحة، أما إن تذكرت وأنت في الصلاة فإنك تكتفي تستخلف من يتم بهم، تقول لمن وراءك: تقدم تم بهم. وإن استأنفوا وصلوا من أول الصلاة، أو انتظروك حتى ترجع وصليت بهم من أول الصلاة فلا بأس، لكن الأسهل عليهم والأرفق بهم أن تقدم من يتم بهم الصلاة، وأنت تذهب وتتوضأ وتعيد الصلاة، هذا هو الصواب في هذه المسألة.

س: بعدما صليت الفجر في جماعة اكتشفت بأنني جنب، فقمت بالاغتسال، ثم صليت الفجر بعد الاغتسال، فهل صلاتي قبل الاغتسال كانت صحيحة؛ لأنني لم أعرف بأنني جنب (¬1)؟ ج: الصلاة غير صحيحة، ما دام علمت بأنك جنب، أو على غير طهارة الصلاة غير صحيحة، لكن صلاة الذين صلوا معك وأنت لا تعلم وهم لا يعلمون صلاتهم صحيحة، أما أنت فصلاتك غير صحيحة تعيدها؛ لأنك علمت أنك على حدث، فعليك أن تعيد الصلاة كما لو صليت وأنت محدث حدثا أصغر، ثم علمت بعد الصلاة، عليك أن تعيد الصلاة، فالجنب والمحدث حدثا أصغر عليهما الإعادة إذا صليا على غير طهارة، ثم علما عليهما الإعادة، أما لو كانا إمامين ولم يعلما إلا بعد الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (383).

فإن صلاة من خلفهم صحيحة، أما هما فعليهما الإعادة، ولو تنبه وهو في الصلاة انفصل منها واستخلف من يصلي بهم ويكمل بهم، يقدم واحدا يصلي بهم، والحمد لله.

س: الأخ: س. خ. د. يسأل ويقول: إذا صليت خلف إمام، وأثناء الصلاة لاحظت أن بإحدى رجليه بقعة لم يصلها الماء، فنبهته بعد الصلاة فلم يبال، فأعدت الصلاة فما حكم ما فعلت (¬1)؟ ج: إذا صلى الإمام بالناس، ثم بان أنه محدث أو أن طهارته غير صحيحة فصلاة المأمومين صحيحة، هذا هو الصواب، صلاتهم صحيحة، وعليه هو الإعادة إذا علم أنه محدث، أو أن طهارته فيها خلل يبطلها عليه أن يعيده، وليس على الجماعة الإعادة، صلاتهم صحيحة، والواجب عليه هو أن يعيد، والمأموم إذا أعاد اعتقادا منه أن فعله صحيح فلا حرج عليه، إذا أعاد اجتهادا منه لا حرج عليه، لكن ينبغي أن يعلم الحكم الشرعي، وأنه لا إعادة عليه، فمن أعاد يظن أن عليه إعادة فهو مأجور إن شاء الله لاجتهاده. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (156).

س: إذا دخل الرجل المسجد وهو يعتقد أنه على طهارة وصلى مع

الناس، وحينئذ اتضح له أنه على غير طهارة بم تنصحونه (¬1)؟ ج: إن كان بعد ما فرغ من الصلاة فعليه الإعادة، ولا شيء عليه، فإن ذكر في الصلاة وجب عليه الانفتال وقطعها والخروج منها، ولا يصل معهم وهو على غير وضوء، لا يكمل الصلاة. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (184).

حكم صلاة المفترض خلف المتنفل

75 - حكم صلاة المفترض خلف المتنفل س: ما حكم صلاة المفترض خلف المتنفل (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك، صلاته صحيحة، فلو أن إنسانا وهو متنفل أم الناس وهم مفترضون صحت صلاتهم، وقد ثبت في الصحيحين أن معاذا رضي الله عنه كان يصلي مع النبي عليه الصلاة والسلام العشاء، ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، فهو متنفل وهم مفترضون، ولم ينكر عليه النبي ذلك عليه الصلاة والسلام ومثل هذا لا يخفى عليه، عليه الصلاة والسلام، كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (205).

أنه صلى صلاة الخوف بطائفة ركعتين (¬1) ثم سلم ثم صلى بآخرين ركعتين، فكانت الأولى فرضه والثانية نفلا له، وهي فرض للصحابة رضي الله عنهم، وبهذا يعلم أنه لا حرج في ذلك أن يكون الإمام متنفلا والمأموم مفترضا. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف، برقم (843).

س: هل يجوز لي أن أصلي مع المتنفل بنية الفرض إذا دخلت المسجد والصلاة قد انتهت، أم لا يجوز؟ وماذا أفعل إذا كنت أصلي النافلة، ودخل المسجد أحد المصلين، وصلى معي ظنا منه أنني أصلي الفرض؟ هل يجوز أن أكون له إماما، أم أدفعه بعيدا أم أبتعد عنه؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا حرج في أن تصلي مع المتنفل وأنت ناو الفرض؛ لأن الجماعة مطلوبة، ولا حرج أيضا أن تصلي بمن دخل معك وهو قد فاته الفرض؛ أن تصلي به وتنوي الإمامة؛ لأن الجماعة مطلوبة، هذا هو الصواب، وذهب بعض أهل العلم إلى أن هذا لا يصلح إلا في النافلة، والصواب أنه يجوز في الفرض والنفل، والدليل على هذا أن معاذا رضي الله عنه كان يصلي مع النبي العشاء عليه الصلاة والسلام فرضا، ثم يذهب إلى قومه ويصلي بهم ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (170).

فرضهم وهو يصلي نفلا؛ لأنه قد صلى الفرض مع النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي بهم فرضهم فدل ذلك على أنه يجوز للمفترض أن يصلي خلف المتنفل. ومن ذلك ما صح عنه صلى الله عليه وسلم في بعض أنواع صلاة الخوف أنه صلى بطائفة ركعتين ثم سلم، ثم صلى بآخرين ركعتين (¬1) فكانت الأولى له فرضا وكانت الثانية له نفلا عليه الصلاة والسلام، فهذا هو الدليل على أنه لا حرج أن يكون المتنفل إماما للمفترض. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف، برقم (843).

حكم من فاتته صلاة العشاء ووجد الإمام يصلي التراويح

76 - حكم من فاتته صلاة العشاء ووجد الإمام يصلي التراويح س: كثيرا ما يحدث في رمضان أن تدخل جماعة أخرى وتصلي العشاء جماعة، ونحن في وقتها نصلي التراويح، فهل يجب عليهم أن يدخلوا معنا في التراويح أم يصلوا منفردين؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا صلوا منفردين فلا بأس، ولعله أولى خروجا من الخلاف، وإذا صلوا معكم التراويح وإذا سلم الإمام قاموا وكملوا فلا بأس على الصحيح، لكن إذا صلوا وحدهم فهذا أصح عند الجميع، وإذا صلوا خلف من يتنفل ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (329).

ثم قاموا وكملوا أجزأ على الصحيح وصح.

س: يقول السائل: في وقت رمضان وجدت الإمام انتهى من صلاة العشاء، وفي الركعة الأولى من صلاة التراويح إذا الأمر كذلك هل أصلي معه ركعتي التراويح، وبعد ما يسلم الإمام أقوم وآتي بركعتين وأسلم وأعتبرها صلاة عشاء، أم كيف أتصرف (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك، إذا أتى المسلم إلى المسجد وقد صلى الناس في رمضان صلاة العشاء، وشرعوا في التراويح ودخل معهم ناويا العشاء، ثم أتم صلاته بعد ما يسلم الإمام فلا بأس عليه، والحمد لله، ويرجى له فضل الجماعة، وهذا هو الأفضل، وإن صلى وحده أجزأه ذلك، لكن الأفضل أن يصلي معهم حتى تحصل له الجماعة بنية العشاء، إذا سلم الإمام قام وكمل صلاته والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (332).

س: أتيت إلى المسجد لأصلي العشاء في رمضان، ووجدت المصلين يصلون التراويح، وقد انتهوا من صلاة العشاء، فهل يجوز أن أنضم إليهم بنية الفرض، على أن أكمل ركعتين بعد سلامهم ولي أجر الجماعة، أم أصلي منفردا العشاء (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (42).

ج: إن صليت وحدك فلا بأس، وإن صليت معهم لأجل الجماعة فهو أفضل، صل معهم، ثم إذا سلم الإمام تقوم وتأتي بالركعتين الباقيتين من العشاء ولك أجر الجماعة إن شاء الله، وقد ثبت في الصحيحين عن معاذ رضي الله عنه «أنه كان يصلي مع النبي عليه الصلاة والسلام العشاء فرضه، ثم يذهب معاذ فيصلي بجماعته صلاة العشاء نافلة له، وهي فرضهم، وقد أقره النبي على ذلك عليه الصلاة والسلام (¬1)» والحاصل أنه يجوز أن يصلي المفترض خلف المتنفل، كما أقره النبي صلى الله عليه وسلم من فعل معاذ، وثبت أيضا أنه صلى الله عليه وسلم في بعض صلاة الخوف صلى بجماعة ركعتين؛ هي فرضه وفرضهم، ثم صلى بجماعة آخرين ركعتين، فصارت فرضا لهم وكانت نافلة له عليه الصلاة والسلام (¬2) هذا كله يدل على أنه لا بأس أن يصلي المفترض خلف المتنفل، كالذي جاء في التراويح في رمضان، وقد صلى الناس العشاء فإنه يصلي معهم بنية العشاء، ثم إذا سلم الإمام من إحدى تسليمات التراويح يقوم ويصلي بقية العشاء. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا برقم (6106)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، برقم (465). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف، برقم (843).

س: يقول السائل: فاتتني صلاة العشاء مع الجماعة في رمضان، ودخلت

المسجد والإمام يصلي التراويح، فدخلت معه على نية صلاة العشاء، ولما سلم الإمام وقفت للركعة الثالثة، وقد وقف الإمام للصلاة فأكملت معه الركعتين التاليتين من صلاة التراويح، فأصبحت في حقي أربع ركعات، هل يجوز ذلك؟ وهل تعتبر حينئذ صلاتي صحيحة (¬1)؟ ج: كان الذي ينبغي لك لما سلم تقوم وتكمل صلاتك، إذا سلم من الثنتين تقوم أنت وتكمل صلاتك وحدك، كالذي يصلي مع إنسان فاته بعضها، فيقوم بعد سلام إمامه ويكمل، والصواب أن الصلاة صحيحة، وأن صلاة المفترض خلف المتنفل صحيحة، هذا هو الأرجح من قولي العلماء؛ أنه يجوز للمفترض أن يصلي خلف المتنفل، كما «كان معاذ رضي الله عنه يصلي بأصحابه العشاء وهو قد صلاها مع النبي صلى الله عليه وسلم، فيصلي بهم متنفلا وهم مفترضون (¬2)» أما هذه الحالة التي سلم إمامك ثم قمت تابعته الركعتين الأخريين حتى كملت أربعا في صحتها نظر، والأقرب - والله أعلم - أنها صحيحة ليس عليك إعادة، هذا هو الأقرب إن شاء الله، ولكن في المستقبل إذا كان مثل هذا فالأحوط لك أنه إذا سلم أن تقضي وحدك ما بقي عليك. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (245). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا برقم (6106)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، برقم (465).

حكم تقديم صلاة التراويح قبل صلاة العشاء

77 - حكم تقديم صلاة التراويح قبل صلاة العشاء س: حضرت لصلاة العشاء ووجدت الناس يصلون ودخلت معهم، ثم تبين أنهم يصلون التراويح فأكملت معهم، ثم صليت العشاء، هل تجوز العشاء بعد التراويح؟ وهل تجوز التراويح قبل العشاء (¬1)؟ ج: على كل حال السنة التراويح بعد العشاء، قيام رمضان بعد العشاء، لكن هذا نافلة، صلاتك معهم قبل صلاة العشاء تعتبر صلاة نافلة في حقك بين العشاءين، والصلاة بين العشاءين جائزة، لكن ليست هي القيام المعروف قيام رمضان، قيام رمضان يكون بعد العشاء، فتعتبر هذه نافلة لك بين العشاءين وصلاتك بعد ذلك صحيحة، صلاة العشاء صلاة صحيحة، وإنما الأفضل والأولى أنك تبدأ بالفريضة، تبدأ بها ثم صل معهم التراويح، هذا الذي ينبغي حتى يجتمع لك فعل السنة مع أداء الفريضة، ولو أنه صلى معهم بنية الفريضة لما سلم من التراويح قام وتمم الفريضة أجزأه ذلك، لو صلى معهم الثنتين الأولى مع الإمام بنية التراويح وهو يصلي الفريضة، ثم إذا سلم قام وأتم صلاته أجزأه ذلك، فالحاصل أن هذا لا حرج فيه إن شاء الله، صلاته صحيحة وصلاته في ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (2).

التراويح صحيحة، وتعتبر نافلة ليست هي التراويح، وليست هي قيام رمضان المشهور، إنما قيام رمضان يكون بعد العشاء، وهذا صلاها قبل العشاء، فتكون من النوافل التي تستحب بين المغرب والعشاء.

س: إذا وجد شخص أناسا يصلون صلاة العشاء، فأحرم معهم بالصلاة، فتبين أنهم في التراويح، فما حكم صلاته هذه (¬1)؟ ج: إذا أحرم الإنسان مع الناس في ليالي رمضان يظنهم في الفريضة، وظهر أنهم في التراويح فإنه يصلي معهم يستمر، فإذا سلم الإمام في التراويح يقوم ويكمل صلاته ولا بأس؛ لأنه على الصحيح يجوز أن يصلي المفترض خلف المتنفل، «وقد صلى معاذ رضي الله عنه بأصحابه العشاء وهو متنفل وهم مفترضون؛ فيصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء فرضه، ثم يأتي ويصلي بأصحابه العشاء وهو متنفل وهم مفترضون (¬2)» والنبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة الخوف الصلاة الأولى فرضا، وصلاة الطائفة الثانية وهو متنفل عليه الصلاة والسلام وهم مفترضون (¬3) فلا حرج، فإذا وجدهم يصلون التراويح ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (30). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا برقم (6106)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، برقم (465). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف، برقم (843).

صلى معهم بنية فرضه، ثم إذا سلم الإمام قام وكمل صلاته والحمد لله، هذا هو الصواب.

حكم اختلاف الإمام والمأموم في النية في الصلاة

78 - حكم اختلاف الإمام والمأموم في النية في الصلاة س: يقول السائل: إذا اختلفت نية المأموم والإمام فهل الصلاة صحيحة (¬1)؟ ج: الصواب أنها صحيحة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى في الخوف ببعض المسلمين ركعتين صلاة الخوف، ثم صلى بطائفة أخرى ركعتين فصارت الأولى له فريضة والثانية له نافلة، وهم لهم فريضة (¬2) وكان معاذ رضي الله عنه يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء صلاة الفريضة، ثم يرجع فيصلي بقومه صلاة العشاء نافلة له وهي لهم فرض (¬3) فدل ذلك على أن لا حرج في اختلاف النية، وهكذا لو أن إنسانا جاء إلى مسجد يصلون العصر، وهو لم يصل الظهر فإنه يصلي معهم العصر بنية الظهر ولا حرج عليه في أصح قولي العلماء، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (249). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف، برقم (843). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الخوف، برقم (843).

ثم يصلي العصر بعد ذلك.

س: يقول السائل: إذا اختلفت نية الإمام والمأموم فهل الصلاة صحيحة (¬1)؟ ج: الصواب أنها صحيحة، إذا كان الإمام مثلا يصلي العصر، وجاء إنسان ما صلى الظهر وصلى خلفه بنية الظهر صحت على الصحيح، أو كان الإمام قد أدى الفريضة وصلى بالناس الآخرين نافلة وهي لهم فريضة كذلك، كما فعل معاذ كان يصلي مع النبي عليه الصلاة والسلام فريضته، ثم يأتي لقومه فيصلي بهم فريضتهم وهو متنفل، أو كان الإمام مفترضا والمأمومون متنفلين لا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (249).

حكم صلاة من صلى خلف متنفل يظنه مفترضا

79 - حكم صلاة من صلى خلف متنفل يظنه مفترضا س: إذا دخل رجل وأنا في صلاة نفل، واعتقد ذلك الرجل أنني أصلي الفرض، فاتخذني إماما ليصلي معي الفرض، فما الحكم في هذا؟ هل أدفعه قبل البدء معي؟ مع العلم أنه قيل لي: إنه يجب أن نفرق بين الفرض والنفل؛ بأن ترفع صوتك في التكبيرات بالنسبة

للفرض بخلاف النفل، فما رأي سماحتكم في ذلك (¬1)؟ ج: قد دلت السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بأنه لا حرج في أن يكون المأموم مفترضا والإمام متنفلا، فإذا كنت أيها السائل تصلي نفلا فجاء رجل وصف معك ليصلي فريضته فلا بأس، ولا حرج على الصحيح، وإن كان بعض أهل العلم يرى أنه لا يصلي المتنفل بالإمام المفترض، لكنه قول ضعيف، قول مرجوح بالدليل، والصواب أنه لا حرج في ذلك، فإذا دخل معك فلا بأس أن تؤمه، وهو يصلي فرضا وأنت تصلي نفلا، لا حرج في ذلك، وليس لما قلته أصل بأنه يرفع صوته في التكبير في الفرض ويخفض في النفل، هذا لا أصل له فيما أعلم، بل التكبير فيهما سواء يكبر في صلاته الفريضة والنافلة سواء، لا نعلم في هذا شيئا إلا الإمام فإنه يكبر يرفع صوته؛ لأنه ينبه الناس ويبلغ الناس، أما المأموم والمنفرد فصوته في الفريضة والنافلة سواء، لا نعلم في هذا سنة تفرق بينهما. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (13).

س: يقول: كنت أصلي السنة، فدخل أحد الأشخاص، ورآني أصلي فظن أني أصلي الفرض فائتم بي، هل ما فعل هذا الشخص صحيح (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (311).

ج: لا حرج في ذلك.

حكم نية الإمامة في الصلاة

80 - حكم نية الإمامة في الصلاة س: هذا السائل أ. أ. أ. من المنطقة الشرقية يقول: هل يشترط في الإمامة نية الإمامة في الصلاة (¬1)؟ ج: نعم، لا بد من نية الإمامة. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (357).

حكم الدخول في الصلاة مع من يصلي منفردا

81 - حكم الدخول في الصلاة مع من يصلي منفردا س: كنت أصلي منفردا، فجاء رجل فصلى معي بقصد صلاة الجماعة، وأنا كنت أصلي منفردا بدون قصد جماعة، فهل صلاته صحيحة أم أن الجماعة لها نية من البداية، والمنفرد له نية؟ هل هذه الصلاة تصح جماعة أم لا (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك، إذا جاء المؤمن وأخوه يصلي وحده، ثم وقف عن يمينه وجعله إماما له وصلى به أخوه لا بأس، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي في الليل وحده، فجاء ابن عباس فصف عن يساره، فأداره النبي صلى الله عليه وسلم عن يمينه وصلى به النبي ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (203).

صلى الله عليه وسلم افتتح الصلاة وحده ليس بإمام ولم ينو الجماعة، ولكن لما جاء ابن عباس وصف عن يساره جعله عن يمينه وصلى به فإذا كان الإنسان يصلي فاتته الصلاة، وجاء أخوه وصف عن يمينه وصليا جماعة لا بأس بذلك، يبتدئ النية من أثناء الصلاة؛ نية الجماعة، نية الإمامة من أثناء ما وقف معه أخوه.

س: هل يشرع الدخول مع شخص قد شرع في الصلاة لتكون جماعة (¬1)؟ ج: حسن إن شاء الله، هذا هو الأحسن؛ لأن الجماعة مطلوبة، إذا شرع يصلي وحده وجاء آخر وصلى معه فحسن إن شاء الله. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (350).

س: ما الحكم فيمن يصلي منفردا، ثم يأتي شخص آخر يصلي خلفه؟ فهل تحسب لهما صلاة الجماعة أم لا (¬1)؟ ج: الصواب لا حرج في ذلك؛ في كونه يأتم بهذا المنفرد لا بأس، ويحصل لهما فضل الجماعة؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «كان يصلي ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (341).

وحده، فجاء ابن عباس وصف عن يساره في صلاة الليل، فأداره النبي صلى الله عليه وسلم عن يمينه (¬1)» فصلى به النبي صلى الله عليه وسلم وقد أحرم وحده، ثم جاء ابن عباس فدخل معه فأقره النبي صلى الله عليه وسلم وصلى به وجعله عن يمينه. وثبت عنه أيضا عليه الصلاة والسلام أنه رأى رجلا دخل بعد الصلاة قد فاتته الصلاة، فقال: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (¬2)» فالمقصود أن يكون المنفرد الذي يقضي يكون إماما، أو جاء وقد فاتته الصلاة فكبر يصلي وحده، ثم جاء إنسان فصف عن يمينه، أو جاء جماعة وقدموه لا حرج في ذلك، الصواب لا حرج في ذلك، ومن هذا «أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي وحده، فجاء جابر وجبار من الأنصار فصفا عن يمينه وشماله، فجعلهما خلفه وصلى بهما (¬3)» وكان قد أحرم وحده عليه الصلاة والسلام، فدل هذا على أن النبي أحرم وحده، ثم جاء من صف عن يمينه فلا بأس، ومن صف عن يساره فأداره عن يمينه، وإن كانوا اثنين فأكثر، فجعلهم خلفه ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التخفيف في الوضوء، برقم (138)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (763). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3014).

هذا هو السنة.

س: في كثير من الأحيان أكون في أي صلاة من أي فرض من الفروض وأصلي منفردا، ويأتي بجانبي مصل آخر وينوي الصلاة جماعة، وإذا أتى مصل آخر أتقدم للأمام خطوة ويتابعونني في صلاتي، في حين أنني نويت في الأول أن أصلي هذا الفرض منفردا، فما حكم صلاتي أنا؟ وما حكم صلاة المأمومين الذين ائتموا بي؟ أفيدوني بارك الله فيكم (¬1) ج: الواجب على المؤمن أن يسارع حتى يحضر الجماعة، وحتى يشارك في الجماعة في بيوت الله عز وجل، ولا يجوز له التأخير من غير عذر شرعي، بل تجب المبادرة حتى يشارك مع إخوانه المسلمين، ويحضر الجماعة مع إمام المسجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» وقوله صلى الله عليه وسلم لما سأله رجل أعمى، قال: «يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يلائمني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (86). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793).

فقال له عليه الصلاة والسلام: " هل تسمع النداء للصلاة؟ "، قال: نعم، قال: " فأجب (¬1)» خرجه مسلم في صحيحه؛ ولأن الجماعة فضلها عظيم فلا ينبغي لمسلم أن يحرم نفسه هذا الخير العظيم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة (¬2)» متفق على صحته، لكن لو قدر أن الإنسان تأخر وفاتته الجماعة وصلى وحده، فجاء بعض الناس فصلى عن يمينه وصارا جماعة فلا بأس، ولو كان عند الإحرام وحده لم ينو الإمامة، فإنه إذا جاء معه ثان فإنه ينوي الإمامة، فإن جاء معه ثالث أخرهما وتقدم كما فعلت، وقد ثبت «أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي وحده في الليل، فجاء ابن عباس رضي الله عنهما، فصف عن يساره، فأخذه بيمينه وجعله عن يمينه وصلى به عليه الصلاة ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل صلاة الجماعة، برقم (645)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف، برقم (650).

والسلام (¬1)» وهو لم ينو الإمامة أولا، كان يصلي وحده. متفق على صحته، وهكذا وقع في قصة أخرى لأنس «لما زار النبي صلى الله عليه وسلم بيت جدته، فصلى عندهم الضحى قام أنس عن يمينه، وصلى به عليه الصلاة والسلام وهو عن يمينه والمرأة خلفهما (¬2)» وثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه كان يصلي وحده، فجاء جابر وجبار فصفا عن يمينه وشماله، فأخرهما خلفه فصلى بهما (¬3)» رواه مسلم في صحيحه، هذا هو الأمر المشروع، والله أعلم. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التخفيف في الوضوء، برقم (138)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (763). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على الحصير، برقم (660). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3014).

س: إذا دخلت المسجد أو أي محل، ووجدت شخصا واحدا يصلي فهل يجوز لي الدخول مع الإمام، وهو لم ينو أن يأتم بأحد، بل نيته أن يصلي منفردا؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا حرج في ذلك إذا دخلت وأنت لم تصل، ووجدت إنسانا يصلي أن يكون إماما لك، وأن تصلي معه حتى يحصل لكما فضل ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (348).

الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلا دخل بعد انتهاء الصلاة: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (¬1)» المطلوب فضل الجماعة، «ولأنه صلى الله عليه وسلم قام يصلي من الليل، فقام ابن عباس وصف عن يساره، فأداره عن يمينه فصلى به (¬2)» فدل ذلك على أن التماس الجماعة في النافلة والفريضة أمر مطلوب، تصلي الفريضة التي لك وقد فاتتك الجماعة ووجدت إنسانا يصلي أو جماعة تصلي معهم، ويكون عن يمين الإمام إذا كان واحدا تكون عن يمينه. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التخفيف في الوضوء، برقم (138)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (763).

س: إذا دخلت في صلاة الفرض أو صلاة النفل، وبعد تكبيرة الإحرام دخل رجل بجواري هل تكون صلاتي معه جماعة؟ وإذا كانت صلاتي نفلا فما الحكم أيضا جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: نعم يكون جماعة في النفل أو الفرض، إذا دخل معك واحد يكون عن يمينك وأنت الإمام يكون لك فضل الجماعة في الفرض والنفل. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (322).

اختلاف النية في الصلاة بين الإمام والمأمومين

82 - اختلاف النية في الصلاة بين الإمام والمأمومين س: رجل صلى بجماعة بنية صلاة غير الصلاة الحاضرة فهل تبطل صلاتهم (¬1)؟ ج: لا، لا بأس بذلك، إذا صلى رجل بجماعة العصر، وصلى معه أناس الظهر فلا حرج، صلاتهم صحيحة على الصحيح، وقد «كان معاذ رضي الله عنه يصلي مع النبي العشاء عليه الصلاة والسلام، ثم يرجع فيصلي بجماعته العشاء نفلا له وفرضا لهم (¬2)» فلا بأس أن يصلي من عليه الظهر خلف من يصلي العصر، ثم يصلي العصر بعد ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (165). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا برقم (6106)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في العشاء، برقم (465).

حكم من صلى في جماعة ثم صلى بأهله تلك الصلاة في بيته

83 - حكم من صلى في جماعة ثم صلى بأهله تلك الصلاة في بيته س: أصلي العشاء جماعة في المسجد، ثم أعود إلى البيت فأصلي بزوجتي العشاء محتسبا إياها نافلة لي وهي بالنسبة للزوجة فريضة، هل في ذلك شيء (¬1) ج: ليس في ذلك حرج، إذا كان المقصود تعليمها وتوجيهها إلى الصلاة الشرعية، فقد كان معاذ بن جبل رضي الله عنه يصلي مع النبي ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (119).

صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، فتكون له نافلة ولجماعته فريضة، فلا حرج في ذلك، وفي هذا فائدة من جهة التعليم والتوجيه، ولا أعلم بهذا بأسا إن شاء الله.

س: السائل ع. س. س: هل يجوز أن يصلي المفترض وراء المتنفل (¬1)؟ ج: نعم لا حرج في ذلك، لو أن إنسانا لم يصل فريضته، وجاء إلى إنسان يصلي نافلة فصلى معه صحت، كان معاذ رضي الله عنه يصلي بأصحابه العشاء نفلا - لأنه قد صلاها مع النبي صلى الله عليه وسلم - وهم مفترضون، ولأنه صلى الله عليه وسلم في بعض أنواع صلاة الخوف صلى بطائفة ركعتين فرضهم، ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين نفلا له ولهم فرض، فلا حرج. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (268).

حكم صلاة المأموم ظهرا خلف من يصلي العصر

84 - حكم صلاة المأموم ظهرا خلف من يصلي العصر س: كنت مسافرا ووجبت صلاة العصر، ولم أكن قد صليت الظهر بعد، عندما قابلني مسجد بالطريق توضأت وصليت الظهر ونويت لها وصليت الركعة الأولى وكنت بمفردي، وفي حالة القيام للركعة

الثانية حضر رجلان ودخلا معي الصلاة بنية العصر، وأنا أصلي الظهر، فهل صلاتهما خلفي صحيحة (¬1)؟ ج: نعم صلاتهم صحيحة، لهم نيتهم وأنت لك نيتك، هذا هو الصحيح وهو الصواب، أنت لك نية الظهر، وهم لهم نيتهم العصر، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (336).

س: الأخ: أ. س. ح. يسأل ويقول: إذا دخلت المسجد والجماعة يصلون العصر، وأنا لم أصل الظهر بعد، فهل أدخل مع الجماعة بنية الظهر، أم أصلي الظهر منفردا ثم ألحق الجماعة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الأرجح أن تصلي معهم بنية الظهر، هذا هو الصواب، ثم تصلي العصر بعد ذلك، ولا يضر بالنية، فتدخل معهم وتصلي معهم الظهر بنية الظهر، وإذا فرغت تصلي العصر وحدك أو مع من تيسر من الجماعة الأخرى، هذا هو الصواب. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (258).

حكم صلاة المصلي عشاء خلف من يصلي التراويح

85 - حكم صلاة المصلي عشاء خلف من يصلي التراويح س: في رمضان إذا دخلت المسجد والجماعة يصلون التراويح، وأنا لم أصل العشاء هل أنضم معهم أو أصلي منفردا (¬1)؟ ج: إن صليت منفردا فلا بأس، وإن صليت معهم بنية الفريضة، وإذا سلم تممت صلاتك فلا بأس كله طيب. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (258).

س: اختلفت مع زميل لي في كيفية صلاة الجماعة لشخصين مثلا وفي وقت صلاة العصر، إذا علمنا أن أحدهم قد نسي ولم يصل الظهر، ولكنه استدرك في وقت العصر. والسؤال: هل يدخل في صلاة الجماعة مع زميله لصلاة العصر على أن ينوي هو بصلاة الظهر، ثم بعد الفراغ منها يصلي العصر أم لا؟ ثانيا: أيهما يؤم الثاني، إذا هما للجماعة وكل منهما ينوي صلاة معينة؛ كأن نوى الأول لصلاة الظهر والثاني لصلاة العصر، علما أن كلا منهما مستوف لشروط الإمامة (¬1)؟ ج: نعم إذا كانا هكذا فلا مانع من أن يصليا جماعة، وأيهما أم صاحبه فلا بأس، فإن أم من يريد العصر صلى خلفه من عليه الظهر بنية الظهر، فإذا ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (58).

فرغا صلى العصر بعد ذلك حسب الترتيب الشرعي، وإذا أم من عليه الظهر لكونه أقرأ، أو أسن أو نحو ذلك صلى خلفه من عليه العصر في وقت العصر، صلاها بنية العصر، هكذا يجب.

حكم صلاة المأموم عصرا خلف إمام يصلي المغرب

86 - حكم صلاة المأموم عصرا خلف إمام يصلي المغرب س: إذا كان أحدنا لم يصل العصر، ودخل وقت صلاة المغرب، وحضرت الجماعة في صلاة المغرب هل يصلي العصر أم يصلي مع الجماعة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا أمكنه أن يصلي العصر أولا بدأ بها ثم صلى معهم المغرب، فإن خشي أن تفوته معهم صلى معهم المغرب بنية العصر، فإذا سلموا من المغرب قام وأتى بالرابعة من العصر، ثم يصلي المغرب بعد ذلك، أما إذا أمكنه أن يصلي العصر وحده في المسجد قبل أن يصلي المغرب فإنه يصليها ثم يدخل معهم في المغرب، فإن لم يتيسر ذلك صلى معهم على الصحيح بنية العصر، فإذا سلموا قام وأتى بالرابعة، ثم يصلي المغرب بعد ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (351).

بيان كيفية صلاة المغرب خلف من يصلي صلاة العشاء

87 - بيان كيفية صلاة المغرب خلف من يصلي صلاة العشاء س: رجل دخل المسجد ليصلي المغرب، ووجد رجلا يصلي فالتحق به، فإذا به يصلي العشاء، فماذا يفعل الرجل الذي يصلي المغرب؟ هل يكمل معهم، أم ينفصل عنه في الركعة الثالثة؟ ج: إذا دخل المسلم مع إنسان يصلي صلاة رباعية وهو قصده المغرب؛ بأن دخل معه يظنه يصلي المغرب فصار يصلي العشاء، كما قد يقع ذلك في الأسفار وفي فترة الأمطار فإنه إذا قام الإمام إلى الرابعة يجلس هو في الثالثة، ويقرأ التشهد ويدعو حتى يسلم إمامه ثم يسلم معه وتجزئه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «إنما الأعمال بالنيات (¬1)» هذا له نيته، وهذا له نيته، «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى (¬2)» هكذا قال عليه الصلاة والسلام، وهكذا لو صلى معه العشاء وهو ناو المغرب، وهو مسافر فسلم من ثنتين فإنه يقوم ويصلي الثالثة، وصلاته صحيحة له نيته وذاك له نيته، هذا نوى المغرب وهي ثلاث، وهذا نوى العشاء مقصورة لأنه مسافر، وسلم من ثنتين، فإذا سلم قام وأتى بالثالثة الذي يصلي المغرب، وهكذا لو ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنية، وأنه يدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال، برقم (1907). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنية، وأنه يدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال، برقم (1907).

صلى الظهر واقتدى به من يصلي العصر، جاء وهم يصلون في وقت الجمع في السفر مثلا، فظن أنهم يصلون الظهر، فصاروا يصلون العصر وهو يصلي الظهر، فإن صلاته صحيحة وله نيته ولهم نيتهم، هذا هو الصواب، الأعمال بالنيات.

بيان كيفية صلاة من أدرك الجماعة في صلاة العشاء ولم يصل المغرب

88 - بيان كيفية صلاة من أدرك الجماعة في صلاة العشاء ولم يصل المغرب س: رسالة وصلت من أحد الإخوة المستمعين، رمز في نهايتها لاسمه، وهو: أبو عبد العزيز ح. ب. ر. أخونا يقول: رجل تأخر ولم يصل المغرب حتى دخل وقت العشاء، فلما أتى إلى المسجد رأى الإمام يصلي بالجماعة صلاة العشاء وهو في الركعة الثانية، فدخل معهم وصلى العشاء، ثم قام بعدها وصلى المغرب، فقلت له: كان الأولى بك أن تدخل مع الإمام ونيتك صلاة المغرب، ثم تقوم بعدها وتصلي العشاء منفردا أو مع جماعة أخرى. فقال: كيف أصلي معه بنية المغرب وهو في الركعة الثانية؟ هل أسلم مع الإمام أم أقوم وآتي بالركعة التي فاتت خوفا من إنكار الذي يصلي بجواري؟ فسوف يقول لي: قم وأت بركعة، فاحترت ثم بعثت بسؤالي

إليكم، أفتونا بارك الله في أعماركم وأعمالكم وعلمكم (¬1) ج: المشروع لك وأمثالك إذا جئت والإمام في الصلاة؛ صلاة العشاء، وأنت لم تصل المغرب أن تدخل معهم بنية المغرب، ولا حرج في ذلك في أصح قولي العلماء، فإذا كان قد صلى واحدة نويت المغرب وصليت معهم الثلاث، وتكفيك عن المغرب وتسلم معهم، وإن كنت في أول الصلاة جئتهم وهم في أول الصلاة دخلت معهم، فإذا فرغت من الركعة الثالثة جلست تنتظر الإمام حتى يسلم ثم تسلم معه، وتكفيك عن المغرب، ثم تصلي العشاء بعد ذلك وحدك إن لم يتيسر جماعة أخرى، هذا هو المشروع لك ولأمثالك، ولا حرج في اختلاف النية، أنت نويت المغرب وهم ينوون العشاء، لا حرج في ذلك؛ لأن الترتيب واجب، ترتيب بين الصلوات واجب، فالمغرب تؤدى قبل العشاء، وهكذا الظهر قبل العصر، وهكذا إذا جاء الإنسان وهم يصلون العصر وعليه الظهر يصلي معهم العصر بنية الظهر، وإذا فرغ من الصلاة معهم العصر وهي له الظهر صلى العصر بعد ذلك وحده، أو مع جماعة إن تيسر هذا، وهو الصواب في هذه المسألة، والله ولي التوفيق. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (312).

س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم من صلى المغرب بعد إمام يصلي العشاء قصرا في نفس الوقت (¬1)؟ ج: ذا فعل مجمل، إذا قدم العشاء على المغرب لا يجوز، لا بد أن يقدم المغرب على العشاء، فعليه أن يصلي المغرب أولا، ثم يصلي العشاء بالترتيب، وليس له أن يصلي العشاء ثم يصلي المغرب، لكن إذا صلى معهم العشاء بنية المغرب إن كانوا يقصرون مسافرين، صلى معهم العشاء بنية المغرب، ثم قام بعد السلام وأتى بالركعة الثالثة أجزأ، أو كانوا مقيمين صلى معهم العشاء بنية المغرب، وجلس في الثالثة حتى سلموا ثم سلم، ثم صلى العشاء لا بأس على الصحيح. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (384).

س: أفيد سماحتكم أنني وأحد الزملاء كنا راجعين من سفر مسافة قصر، فلما حان وقت صلاة المغرب ونحن نسير طلبت من زميلي أن نؤخر صلاة المغرب، ونجمعها مع صلاة العشاء، فلما وصلنا إلى الرياض سمعنا أذان العشاء، وأثناء سيرنا إلى المنزل طلب مني زميلي أن نتوقف ونصلي العشاء في المسجد، ومن ثم نصلي المغرب، إما في البيت أو في المسجد بعد صلاة العشاء، فرفضت ذلك وقلت: بل نصلي المغرب في المسجد

أولا، ثم نلحق بالجماعة في صلاة العشاء. وفعلا صليت المغرب ومن ثم لحقت بالجماعة بصلاة العشاء، أما هو فقد أصر على رأيه وصلى العشاء أولا، فلما انتهت الصلاة صلى المغرب، أينا الذي على صواب (¬1)؟ ج: الصواب معك؛ لأن الله أوجب الترتيب، فالواجب أن تبدأ بالمغرب ثم بعد ذلك تدخل معهم في صلاة العشاء، فقد أصبت وهو عليه القضاء، عليه أن يعيد العشاء، فإنه صلاها قبل المغرب، والله أوجب أن تصلى العشاء بعد المغرب، فعليه أن يعيد العشاء؛ لأنه صلاها في غير وقتها، وقتها بعد المغرب، وأما أنت فقد أصبت، ونسأل الله للجميع التوفيق. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (205).

بيان كيفية صلاة من أتى المسجد والجماعة يصلون المغرب والعشاء جمعا

89 - بيان كيفية صلاة من أتى المسجد والجماعة يصلون المغرب والعشاء جمعا س: أتيت المسجد فوجدت الجماعة يصلون المغرب والعشاء جمعا لسبب ما، وقد انتهى الإمام بالجماعة من أداء فريضة المغرب، وقاموا ليصلوا فريضة العشاء عقب المغرب مباشرة، وأنا لم أصل

المغرب، فهل أصلي العشاء معهم جماعة، ثم أصلي المغرب بعد ذلك؟ أم ماذا أفعل (¬1)؟ ج: إذا كان الواقع مثل ما ذكره السائل فإنه يصلي معهم العشاء بنية المغرب، هذا هو الأرجح، فإذا قام الإمام إلى الرابعة جلس هو ينتظر؛ يتشهد يقرأ التحيات ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو حتى يسلم الإمام، ثم يسلم معه، ثم يصلي العشاء بعد ذلك، فله نيته والإمام له نيته، واختلاف النية في هذا لا يضر على الصحيح من أقوال العلماء، فيدخل معهم في العشاء إذا كانوا مقيمين ويصلي معهم ثلاثا، ثم يجلس والإمام يقوم للرابعة، فإذا سلم الإمام سلم معه، ثم صلى العشاء بعد ذلك، أما إن كان في سفر فإنه يصلي معهم بنية المغرب، فإذا سلم الإمام من ثنتين؛ لأن المسافر يقصر العشاء ثنتين، فإذا سلم الإمام من الثنتين قام وأتى بواحدة تمام المغرب، ثم صلى العشاء بعد ذلك، هذا هو الواجب، وإن صلى معهم العشاء نافلة، ثم صلى المغرب والعشاء وحده الفريضة فلا بأس، ولكن الأولى هو الأول حتى يحصل له فضل الجماعة في صلاة المغرب، فيصلي معهم بنية المغرب ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (43).

ويجلس في الثالثة إذا كانت رباعية، إذا كانوا يصلون في الحضر في إقامة، فإذا سلم الإمام سلم معه، ثم صلى العشاء بعد ذلك، وإن كانوا في السفر صلى معهم أيضا بنية المغرب، فإذا سلموا من العشاء من ثنتين قام هو وأتى بالثالثة.

س: إذا كان هناك إنسان أتى من مكان بعيد ولم يستطع أن يصلي مثلا صلاة المغرب، وعندما وصل إلى البيت فإذا بصلاة العشاء تقام هل يصلي العشاء أولا، أو يصلي المغرب (¬1)؟ ج: يصلي معهم العشاء بنية المغرب، لا يضيع الجماعة، يصلي معهم العشاء بنية المغرب، ويجلس في الثالثة ويسلم معهم بعد ذلك، ثم يصلي العشاء حتى تحصل له الجماعة، هذا هو المختار، وهذا هو الأرجح. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (323).

حكم دخول المصلي مأموما مع مصل منفرد لفضل الجماعة

90 - حكم دخول المصلي مأموما مع مصل منفرد لفضل الجماعة س: شخص دخل لصلاة العصر بعد انتهاء صلاة الجماعة، وقام يصلي منفردا، وأثناء صلاته دخل شخص آخر، هل يدخل معه في الصلاة؟ هل تعتبر صلاتهما صلاة جماعة، أو لا يصح إلا مع الإمام الراتب (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (72).

ج: نعم هذا هو الأفضل، إذا قام يصلي وجاء آخر فالأفضل أن يصف معه عن يمينه، فإن كان الداخل اثنين صفا خلفه حتى تحصل لهم فضيلة الجماعة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى رجلا بعد الصلاة قد دخل وفاتته الصلاة، فقال عليه الصلاة والسلام: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (¬1)» فالسنة أن يقوم بعض الإخوان، بعض الحاضرين فيصلي مع الداخل حتى تكون له جماعة، لكن إن كان واحدا فعن يمينه، وإن كانوا أكثر من واحد صاروا خلفه، هذا هو السنة، وهذا هو المشروع، وفي هذا فضل عظيم؛ لأن الرجل يحصل له فضل الجماعة بقيام إخوانه معه ولو واحدا. أما من يرى أن ذلك لا يصح إلا مع الإمام الراتب فهو قول غير صحيح، وليس له أصل، لكن الواجب البدار بصلاة الجماعة والصلاة مع الإمام وعدم التأخر، لكن متى قدر أنه تأخر لعلة من العلل، ثم صادف من يصلي معه يرجى له أجر الجماعة لعموم الأدلة. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016).

س: صليت المغرب جماعة، وبعد الانتهاء جاء رجل للمسجد يريد الصلاة، فهل يجوز أن أصلي معه جماعة؟ ومن يكون الإمام (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (298).

ج: لا بأس أن يصلي معه جماعة، وإن كان أقرأ منك فهو الإمام، وإن كنت أقرأ منه فأنت الإمام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى رجلا دخل المسجد بعدما فرغ الناس من الصلاة، يقول صلى الله عليه وسلم: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (¬1)» فقام بعض الصحابة وصلى معه. فإذا صار صلى إماما وأنت المأموم، أو إن كنت أقرأ منه وقدمك إماما صلى معك مأموما، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016).

س: دخلت المسجد فوجدت واحدا يصلي، لكني لا أعلم هل هو يصلي السنة أم الفرض، ماذا أفعل (¬1)؟ ج: إذا كان الجماعة لم يحضروا فانتظر، تصلي سنة التحية، وإن كانت لها راتبة قبلها كالظهر صليت الراتبة، وتنتظر الجماعة حتى يحضروا فتصلي معهم، أما إذا كانوا قد صلوا تصلي معه حتى تكون جماعة، تكون مأموما وهو إمام حتى يحصل لك فضل الجماعة، ولو كانت نافلة يحصل لك فضل الجماعة، أو تسأله تقول: هل صلى الناس؟ إذا كان المسألة فيها إشكال، تقول: هل صلى الناس؟ إن كان ما صلوا تنتظر، وإن كان قد صلى الناس تصلي معه حتى يحصل لك فضل الجماعة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (294).

حكم إمامة المسبوق

91 - حكم إمامة المسبوق س: يقول السائل: هل يصح إذا دخل رجلان إلى المسجد، وقد فرغ الإمام من الركوع الأخير أن يقول أحدهما للآخر: أنت تؤم بالصلاة إذا سلم الإمام, ومن ثم يدخلان مع الجماعة الأولى ويتمان بقية الركعة، ثم يقومان لأداء الصلاة يؤم أحدهما الآخر (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك، وإن صلى كل واحد لنفسه فهو أفضل، كل واحد يكمل لنفسه والحمد لله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم «لما أم عبد الرحمن بن عوف في غزوة تبوك الناس، والنبي صلى الله عليه وسلم ذهب في حاجته، وتأخر عن الناس، فقدموا عبد الرحمن وصلى بالناس في غزوة تبوك، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ومعه المغيرة بن شعبة، فوجد الناس قد قدموا عبد الرحمن وقد صلوا ركعة، فلما رآه عبد الرحمن أراد أن يتأخر، فأومأ إليه الرسول عليه الصلاة والسلام فصلى بهم وصلى النبي صلى الله عليه وسلم والمغيرة مع عبد الرحمن ما بقي من الصلاة، فلما سلم عبد الرحمن قضى كل واحد ما فاته، النبي ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (393).

صلى الله عليه وسلم قضى ركعته والمغيرة قضى ركعته (¬1)» ما أمه النبي صلى الله عليه وسلم، ودل على أنهم إذا صلوا مع الإمام وقد فاتهم بعض الشيء كل واحد يكمل لنفسه، هذا هو الأفضل، ولا يحتاج يؤم أحدهما الآخر، ولو أن أحدهما أم الآخر صحت الصلاة، لكن كون كل واحد يقضي لنفسه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم والمغيرة هذا هو الأولى، كل واحد يكمل لنفسه بعد سلام الإمام. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة باب المسح على الناصية والعمامة، برقم (274).

س: السائل يقول: دخلت جماعة المسجد والإمام جالس في التشهد الأخير، ثم اشترك هؤلاء الجماعة في هذه الفريضة، وعندما سلم الإمام قام هؤلاء الجماعة وتقدم واحد منهم وأم هؤلاء وصلى بهم، نرجو منكم التوضيح هل ما فعلوه صحيح (¬1)؟ ج: صلاتهم صحيحة ولا بأس بذلك، لكن الأولى ترك ذلك، الأولى أن يقضي كل واحد لنفسه، هذا هو الذي ينبغي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما جاء، وعبد الرحمن بن عوف قد صلى بالناس ركعة في غزوة تبوك صلى هو مع عبد الرحمن الركعة التي بقيت والمغيرة، فلما سلم عبد الرحمن قام النبي صلى الله عليه وسلم وقام المغيرة، وقضى ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (219).

كل واحد لنفسه الركعة التي فاتتهما، فهذا هو الأفضل؛ أن كل واحد يقضي لنفسه، ولا يحتاج أن يتقدمهم واحد منهم ويصلي بهم، لكن صلاتهم صحيحة، لا نعلم مانعا من صحتها.

س: هل يجوز للمسبوق أن يكون إماما (¬1)؟ ج: إذا ائتم به بعض الناس فلا حرج إن شاء الله على الصحيح، لو فاته مثلا ركعة أو أكثر ودخل إنسان وجعله إماما فلا حرج إن شاء الله. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (353).

س: دخلنا المسجد مسبوقين، وبعد سلام الإمام قمنا بتكملة صلاتنا، وائتم بنا الشخص الذي دخل معي، هل فعله هذا صحيح (¬1)؟ ج: لا حرج عمله صحيح إن شاء الله، لكن لو أن كل واحد قضى بنفسه يكون أحسن ولا حاجة للإمامة، لو أن كل واحد قضى لنفسه كفى؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما صلى الصحابة في إمامة عبد الرحمن بن عوف في غزوة تبوك، لما تأخر النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأيام في صلاة الفجر قدم الصحابة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وصلى بهم صلاة الفجر، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن في الثانية، فأراد أن يتأخر فأشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يبقى، فكمل عبد ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (311).

الرحمن بهم، وصلى النبي صلى الله عليه وسلم الركعة الثانية هو والمغيرة بن شعبة رضي الله عنه، فلما سلم عبد الرحمن قام النبي وقضى، والمغيرة قضى، كل واحد قضى لنفسه، ما ائتم المغيرة بالنبي صلى الله عليه وسلم، فكل واحد قضى لنفسه، فهذا هو الأفضل تأسيا بفعله عليه الصلاة والسلام، لكن لو أن أحد المسبوقين ائتم بصاحبه، أو جماعة ائتموا بواحد منهم فلا حرج إن شاء الله.

س: هل يجوز للمأموم أن يصلي بمن جاء من ورائه، مثلا: رجل لم يلحق بالمغرب إلا بركعة واحدة، ثم قام ليكمل ما بقي، وجاء رجل آخر فهل يقتدي به أم لا؟ وما صحة ذلك مأجورين (¬1)؟ ج: إن اقتدى به فلا بأس، وإن صلى وحده فهو أفضل، وإن اقتدى بالمسبوق وجعله إماما له جاز، فإذا سلم المسبوق كمل ما عليه فلا حرج إن شاء الله على الصحيح. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (382).

س: دخلت المسجد وقد انتهى الإمام من الصلاة، فهل يجوز لي أن أصلي خلف مأموم من الجماعة (¬1)؟ ج: إن صليت خلف الذي يقضي وصار إماما لك فلا بأس، وإن ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (326).

صليت وحدك فلا بأس، الأمر واسع والحمد لله.

س: الأخ م. ك. ي. من صبيا يسأل ويقول: إذا صلى إنسان مع آخر قد لحق بعض الركعات مع جماعة سابقة فما حكم ذلك (¬1)؟ ج: لا مانع أن يتخذه إماما، وإن كان مأموما سابقا لا مانع أن يتخذه الأخير إماما، فيصلي معه، وإذا سلم قضى ما عليه، وإن صلى كل واحد على حدة فالحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (329).

س: إذا دخل رجل فوجد رجلا يصلي فهل يأتم به؟ وهل يشرع الائتمام بالمسبوق (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك، وإن صلى وحده فلا بأس، وإن ائتم بالمسبوق وجعله إماما له ليحصل فضل الجماعة هذا حسن. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (357).

بيان كيفية صلاة من دخل مع الإمام بنية العشاء وتذكر أنه لم يصل المغرب

92 - بيان كيفية صلاة من دخل مع الإمام بنية العشاء وتذكر أنه لم يصل المغرب س: لو أنني دخلت في صلاة العشاء مثلا وأصلي منفردا، ثم تذكرت أني لم أصل المغرب، فهل يجوز لي أن أحول نية صلاة العشاء إلى صلاة المغرب، علما بأنني لم أركع الركعة الأولى؟ وإذا كنت في

جماعة فهل أقطع صلاتي وأصلي المغرب أولا قبل العشاء، وبهذا تفوتني فضيلة الجماعة, أرجو بيان الكيفية؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا تذكرت أنك لم تصل المغرب تقطع صلاة العشاء، تنوي قطعها ثم تبتدئ بتكبيرة الإحرام ناويا المغرب، سواء كنت وحدك أو مع الجماعة، ولا بأس أن تخالف نيتك نية الجماعة، لا حرج أن تصلي خلف من يصلي العشاء وأنت ناو المغرب؛ لأنك ما صليتها، اقطع النية نية العشاء بالنية، ثم كبر تكبيرة الإحرام ناويا المغرب سواء كنت وحدك أو مع الإمام، ثم بعد الفراغ تصلي العشاء بعد ذلك، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (312).

حكم من أحرم لصلاة منفردا ثم رأى جماعة تصلي أمامه

93 - حكم من أحرم لصلاة منفردا ثم رأى جماعة تصلي أمامه س: كنت أصلي الظهر بمفردي، وفي أثناء الركعة الثانية وجدت صلاة جماعة تصلي أمامي، هل أنوي مع صلاة الجماعة وأنا واقف مكاني، أو أكمل الصلاة بمفردي (¬1)؟ ج: تقطعها وتدخل معهم من أول الصلاة، وإذا سلموا تقضي ما ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (224).

فاتك؛ لأن صلاة الجماعة مطلوبة، وإن كملت فلا حرج، وإن دخلت معهم فإنك معذور لأجل فضل الجماعة.

حكم قطع المسبوق صلاته بعد التسليم والدخول مع جماعة ثانية

94 - حكم قطع المسبوق صلاته بعد التسليم والدخول مع جماعة ثانية س: يقول السائل: دخلت المسجد ووجدت الإمام في جلوس التشهد الأخير، وبعد قيامي لإكمال الصلاة رأيت جماعة جديدة، فهل يجوز قطع هذا القيام، والانضمام إلى الجماعة الجديدة للصلاة (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك؛ لأن هذا قطع لما هو أفضل، وهو الصلاة معهم، وإن أتممت فلا حرج، وإن قطعتها وذهبت مع الجماعة فذلك أفضل؛ لما في ذلك من أدائها جماعة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (388).

حكم إمامة المسافر بالمقيم أو العكس

95 - حكم إمامة المسافر بالمقيم أو العكس س: ما حكم ائتمام من يقصر بمن يتم صلاته أو العكس؟ وكيف يفعلان (¬1)؟ ج: إذا أم من يقصر الصلاة بمن يتمها فإنه إذا سلم من صلاته ثنتين ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (46).

يقوم المقيم ويتم أربعا، إذا كان الإمام هو المسافر يصلي ثنتين، ثم إذا سلم يقوم من وراءه فيصلون أربعا إذا كانوا مقيمين غير مسافرين، والمسافرون يسلمون معه، هذا إذا كان الإمام هو المسافر، أما إذا كان الإمام هو المقيم والمسافرون خلفه فإنهم يتمون معه، وليس لهم القصر، بل يتمون معه أربعا، وليس لهم القصر خلف من يتم أربعا؛ لما ثبت في الصحيح من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما «أنه سئل عن من يصلي خلف الإمام؛ قالوا له: يا ابن عباس، ما لنا إذا صلينا خلف الإمام صلينا أربعا، وإذا صلينا في رحالنا صلينا ثنتين؟ قال: هكذا السنة (¬1)» وهكذا رواه أحمد في مسنده بإسناد جيد، وفي صحيح مسلم، هذا يدل على أن الصلاة مع الإمام لا بد أن تكمل أربعا، صلاة المسافر مع الإمام في المسجد مع أهل البلد، أما إذا صلى خلف المسافرين فإنه من جنس المسافرين يصلي ثنتين، لكن متى صلى المسافر خلف من يصلي أربعا من المقيمين فإنه يتم أربعا، ولا يقصر خلفه وهو مقيم، هكذا السنة أن المسافر يتم خلف المقيم، أما المقيم خلف المسافر فإنه يتم صلاته إذا سلم المسافر. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها برقم (688).

حكم صلاة المسافر إذا صلى مع جماعة من المقيمين

96 - حكم صلاة المسافر إذا صلى مع جماعة من المقيمين س: رجل جاء ومجموعة يصلون في المسجد، وهو مسافر وهم في الركعتين الأخيرتين، وهذا المسجد في الطريق بين مكة والمدينة، ولكنه لا يعلم هل هذه الصلاة قصر أو تامة؟ فهل يكمل الصلاة، أم يسلم معهم وينوي الصلاة قصرا أم تامة؟ وما هو الأفضل له في هذه الحالة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب عليه أن يصلي أربعا؛ لأن أهل المسجد يصلون أربعا، فالواجب عليه أن يصلي أربعا، وإذا أدرك ثنتين يقوم ويأتي بثنتين بعد السلام؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن المسافر إذا صلى مع المقيمين يصلي أربعا ولا يصلي ثنتين (¬2)» بل يصلي أربعا، أما إذا علم أنهم مسافرون وصلى معهم ثنتين فلا بأس، أو كان عليهم علامات السفر فاعتقدهم مسافرين، وأصاب في اعتقاده فإن صلاته صحيحة، أما إذا لم يعلم ذلك فإن الأصل في أهل المساجد أنهم مقيمون، فيصلي معهم أربعا لا ثنتين، فإذا أدرك ثنتين وسلموا قام فأتى ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (262). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها برقم (688).

بالثنتين الأخيرتين.

س: كنت على سفر وأنا أقصر الصلاة، فأدركت جماعة تصلي العصر، فصليت معهم ركعة واحدة وسلم الإمام، ولا أدري هل كان قاصرا أم صلى تامة؟ فكيف تنصحونني لو تكرر الحال؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كان الذين صليت معهم مسافرين فتأتي بركعة؛ لأن الظاهر أنهم مسافرون صلوا ركعتين، أما إذا صليت مع المقيمين فإنك تصلي أربعا، فإذا سلموا تقوم وتأتي بثلاث إذا كنت أدركت واحدة، وإن كنت أدركت ثنتين تقوم وتأتي بالثنتين؛ لأن الظاهر من أهل المقيمين الأربع أنهم يصلون أربعا، فالمشروع والواجب على المسافر إذا صلى مع المقيمين أن يصلي أربعا، أما إذا كنت مع مسافرين فإنك إذا أدركت واحدة تقوم وتأتي بالثانية؛ لأن الظاهر من حالهم أنهم صلوا ثنتين وأنهم مسافرون. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (263).

س: ما حكم من صلى قصرا مع إمام يتم؛ أي إنه صلى ركعتين معه، ثم سلم وترك الإمام في صلاته (¬1)؟ ج: القصر سنة مؤكدة ثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام في حق ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (17).

المسافر، لكن إذا صلى المسافر خلف المقيم فإن الواجب عليه هو التمام، هذا هو الحق والصواب الذي عليه جمع من أهل العلم، وليس له أن يقصر مع الإمام المقيم، بل يتابعه ويصلي معه أربعا، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ما يدل على ذلك، فإن ابن عباس رضي الله عنهما سئل قيل له: «ما لنا نصلي مع الإمام أربعا، وإذا صلينا في رحالنا صلينا ركعتين؟ قال: هكذا السنة (¬1)» خرجه الإمام أحمد والإمام مسلم رحمه الله. وهذا يدل على أن السنة أن المسافر يصلي أربعا مع الإمام، وإذا صلى مع أصحابه المسافرين صلى ركعتين، والذي يصلي مع الإمام المتم وهو مسافر يصلي معه ركعتين يلزمه أن يعيد إذا سلم من ذلك، ولم يتابع إمامه، فقد غلط وقد أخطأ، وعليه أن يقضي هذه الصلاة التي صلاها مع الإمام وقصرها، عليه أن يقضيها ويصليها أربعا عملا بهذه السنة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها برقم (688).

س: صليت العصر مع الإمام في مدينة الرياض وأنا مسافر، فأدركت معه ركعة فقط، ثم صليت واحدة وسلمت لأنني أقصر، فلما سلمت سألني بعض الإخوان: لماذا صليت ثنتين وسلمت؟ فقلت له: لأنني

مسافر، وقد صليت الظهر لوحدي ركعتين، وأدركت مع الإمام ركعة فصليت الثانية وسلمت. فقال لي: لا يجوز؛ لأنك إذا أدركت الإمام مع الجماعة فدخلت في الجماعة لا يجوز لك القصر، ويجب عليك أن تتابع الجماعة متى وجدتها. وقد امتثلت لفتواه، لكن ما الذي أصنعه في الأمور السابقة لهذه الفتوى إن كانت صحيحة (¬1)؟ ج: نعم هذه الفتوى صحيحة، المسافر إذا صلى وحده صلى ثنتين، أو صلى مع الجماعة المسافرين صلى معهم ثنتين، أما إذا صلى مع المقيم الذي يصلي أربعا فإنه يصلي معه أربعا ولا يقصر، وإذا أدرك معه الصلاة أدرك معه ركعة في صلاة الظهر، أو العصر أو العشاء فإنه يأتي بثلاث حتى يكمل أربعا، وإذا أدرك معه ركعة من المغرب أتى بثنتين حتى يكمل المغرب ثلاثا، وإذا أدركه بركعة في الجمعة أو الفجر أتى بركعة ثانية حتى يكملها، وهذا قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن المسافر يصلي مع الإمام، قال: يصلي أربعا، فإذا صلى مع المسافرين صلى ثنتين. فقال له السائل في ذلك، فقال: هكذا السنة. والسائل قال: «ما بالنا إذا صلينا مع الإمام صلينا أربعا، وإذا صلينا في رحالنا صلينا ثنتين؟ فقال ابن عباس: هكذا ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (21).

السنة (¬1)» خرجه مسلم في صحيحه، وخرجه أحمد رحمه الله بإسناد جيد، وهذا هو الصواب؛ أن المسافر لا يقصر إلا إذا كان وحده أو مع المسافرين، أما إذا صلى مع المقيمين الذين يصلون أربعا فإنه يصلي معهم أربعا، سواء كان من أولها أو في أثنائها، إذا جاء في أثنائها ثم سلم الإمام يكمل الأربع، هذا هو الواجب، أما الصلوات التي صليتها سابقا صليتها ثنتين وأنت مع الإمام، فهذه إن كانت قليلة فالأحوط أن تقضيها، أما إن كان لها دهر طويل فلعله يعفى عنك إن شاء الله لأجل أنك صليت بجهل، والنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى المسيء في صلاته، أمره أن يعيد الصلاة الحاضرة، ولم يأمره بقضاء الصلاة الفائتة لأجل الجهل، فأنت كذلك، إذا كانت الصلوات قليلة وأعدتها فهو حسن، وإلا فلا شيء عليك؛ لأن المطلوب أن تفعل ما بلغك من العلم الشرعي، فلما بلغك العلم الشرعي وامتثلت فالحمد لله، والباقي أرجو أن يعفو الله عنك سبحانه وتعالى، والأقرب - والله أعلم - أنه ليس عليك شيء فيما مضى؛ لأنك فعلته ظنا منك أنك على الصواب والحق، ومعك شبهة ما هو المعروف في حق المسافرين من الصلاة ثنتين، فأنت لك شبهة، والله يعفو عن الجميع، وليس عليك قضاء ما فات إن شاء الله، ولكن في المستقبل إذا وافقت الأئمة المقيمين تصلي معهم ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة المسافرين وقصرها برقم (688).

أربعا، وإن فاتك شيء فإنك تكمل أربعا.

س: رسالة من المستمع من القصيم يقول: نأمل من سماحتكم إفتاءنا فيما يأتي: قوم سافروا سفر قصر، وفي أثناء سفرهم هذا مروا ببلد وقت صلاة العشاء وهم لم يصلوا المغرب، فدخلوا مع جماعة المسجد على حالات ثلاث؛ الأولى: جماعة دخلوا مع الإمام بنية صلاة العشاء، وبعد السلام صلوا المغرب. الحالة الثانية: جماعة دخلوا مع الإمام بنية صلاة المغرب، فلما قام الإمام لركعته الرابعة جلسوا حتى سلم الإمام فسلموا معه وصلوا العشاء بعد ذلك. الحالة الثالثة: جماعة دخلوا مع الإمام بنية صلاة المغرب أيضا، فلما قام الإمام لركعته الرابعة جلسوا فتشهدوا وسلموا، ولحقوا بالإمام في الركعة الرابعة له بنية صلاة العشاء لهم، وأكملوا بعد ذلك ثلاث ركعات. ولكي تتم صلاة العشاء فأي هذه الحالات وافقت الصواب؟ وهل على أحد منهم إعادة؟ أفتونا مأجورين جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الطائفة الأولى الذين صلوا العشاء معه، ثم صلوا المغرب عليهم ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (307).

أن يعيدوا العشاء؛ لأنهم غيروا الترتيب، الواجب عليهم الترتيب؛ يصلون المغرب ثم العشاء، وليست الجماعة عذرا في ترك الترتيب، فعليهم أن يعيدوا صلاة العشاء؛ لأنهم صلوها قبل المغرب. أما الذين صلوا مع الإمام بنية المغرب وجلسوا في الثالثة، وانتظروا حتى سلموا معه فإنهم قد أصابوا ولا شيء عليهم، والحمد لله. والثالثة جلسوا بعد الثالثة وتشهدوا وسلموا كملوا المغرب، ثم قاموا وصلوا معه الركعة الرابعة بنية العشاء، هؤلاء الأقرب والأحرى - إن شاء الله - أنها تجزئهم وأنها صحيحة، لكن الذين جلسوا حتى سلموا معه أولى وأقرب.

حكم ترك المسافر للجماعة ليصلي وحده قصرا

97 - حكم ترك المسافر للجماعة ليصلي وحده قصرا س: المسافر إذا وصل إلى المدينة، وأراد أن يصلي لوحده قصرا هل يجوز له ذلك؛ علما بأنه يسمع الأذان وقريب من المسجد ويدرك الجماعة (¬1)؟ ج: لا يجوز له إذا كان وحده، لا يجوز له بل يصلي مع الناس؛ لأن الجماعة واجبة، أما إذا كانوا عدد اثنين فأكثر فهم مخيرون، إن شاؤوا ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (21).

صلوا وحدهم قصرا، وإن شاؤوا صلوا مع الأئمة في المساجد وأتموا أربعا.

س: السائل: س. س. ع. يمني مقيم بالمملكة: إذا حضر المسافر صلاة جماعة أيهما أفضل في حقه: أن يصلي مع تلك الجماعة صلاة تامة، أو ينفرد ويصلي صلاة مسافر (¬1)؟ ج: إذا كان مفردا ليس معه أحد فالواجب عليه أنه يصلي مع الجماعة، يصلي أربعا ولا يصلي وحده؛ لأن الجماعة واجبة والقصر سنة، ولا يترك الواجب من أجل السنة، بل يصلي مع الجماعة ويتمها أربعا، أما إن كانوا عددا اثنين فأكثر فهم بالخيار؛ إن شاؤوا صلوا وحدهم قصرا، وإن شاؤوا صلوا مع الجماعة أربعا. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (275).

مسألة في إمامة المسافر للمقيمين

98 - مسألة في إمامة المسافر للمقيمين س: صلاة المسافر الذي يقصر ويجمع بالمقيمين هل تجوز أم لا (¬1)؟ ج: نعم صلاة المسافر بالمقيمين صحيحة، وإذا سلم يتمون إذا كان مسافرا وهم مقيمون، كأن صلى معهم الظهر ثنتين والعصر ثنتين أو ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (303).

العشاء اثنتين، فإذا سلم يتم المقيمون أربعا، أما هو المسافر إذا صلى خلف المقيم فإنه يتم، هذا هو الأفضل، يصلي أربعا إذا كان المسافر مأموما والإمام مقيم، فإن المسافر يتم يصلي أربعا، هذا هو السنة.

س: رسالة من المملكة الأردنية الهاشمية من المرسل: س. يسأل ويقول: شخص يقصر في صلاته، هل يجوز أن يكون إماما للمقيمين؟ جزاكم الله خيرا. وإذا حصل هذا فهل له أن يقول: أتموا صلاتكم فإني أقصر الصلاة (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك، إذا صلى بهم وهو مسافر يصلي ثنتين، ويقول لهم عند الإحرام: أتموا. أو إذا سلم يقول: أتموا. كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك في عام الفتح (¬2) وإن أتم بهم فلا حرج؛ بأن يصلي بهم أربعا، ولو كان مسافرا فلا حرج، فقد أتم عثمان بالناس في آخر خلافته في حجاته الأخيرة رضي الله عنه وأرضاه، فالمقصود أنه إن أتم بهم فلا بأس، وإن صلى بهم ثنتين وقال: أتموا. فكله طيب وكله حسن. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (338). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب متى يتم المسافر برقم (1229).

حكم إقامة جماعتين في مسجد مع اختلاف الفريضة

99 - حكم إقامة جماعتين في مسجد مع اختلاف الفريضة س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم إقامة جماعتين في مسجد واحد في وقت واحد، ولكنهم مختلفون في الفريضة (¬1)؟ ج: الواجب أن يصلوا جميعا، إذا كانوا في وقت واحد عليهم أن يصلوا جميعا، وليس لهم أن ينقسموا، عليهم أن يصلوا جميعا، أما إذا صلت الجماعة الأولى ثم جاءت جماعة أخرى صلوا وحدهم ولا حرج، لكن ما داموا جميعا وقت الصلاة الأولى عليهم أن يصلوا جميعا الوقت الحاضر، وليس لهم أن يتفرقوا، بل يجب أن يصلوا جميعا بإمام واحد. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (384).

حكم المرور بين صفوف المصلين

100 - حكم المرور بين صفوف المصلين س: ما حكم المرور بين صفوف المصلين حتى يجد المار مكانا يصلي فيه (¬1)؟ ج: لا حرج أن يمر المسلم بين المصلين، والإمام يصلي يلتمس مكانا إذا لم يجد طريقا سوى ذلك، أما إذا وجد طريقا بحيث يذهب ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (75).

معه؛ حتى يتصل بآخر الصفوف فالأولى به أن يذهب مع الطريق؛ حتى لا يشوش على أحد، أما لو احتاج إلى ذلك فلا بأس؛ لأن المأموم لا يضره من مر بين يديه؛ لأنه مربوط بصلاة الإمام، فلا يضره من مر بين يديه، وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: «أتيت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يصلي في منى وأنا على أتان، فنزلت عنها وتركت الأتان ترتع ودخلت في الصف (¬1)» فلم يضر ذلك صلاتهم؛ لأنهم محكومون بحكم الإمام، سترة الإمام سترة لهم، فلا يضرهم مرور الأتان، يعني أنثى الحمار، أو مرور إنسان آخر، لكن إذا تيسر أن يكون مرور الإنسان أو دابته من جهة أخرى؛ حتى لا تشوش على الصفوف فهذا هو الأولى، ولعل السبب في مرور أتان ابن عباس عدم تيسر طريق لها ذاك الوقت حتى مرت من بين بعض الصفوف. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب متى يصح سماع الصغير برقم (76)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب سترة المصلي برقم (504).

حكم المرور بين يدي المصلي في المسجد

101 - حكم المرور بين يدي المصلي في المسجد س: ما حكم المرور أمام المصلي في المساجد؟ وهل هناك مسافة

يسمح فيها (¬1)؟ ج: المرور بين يدي المأمومين لا بأس به ولا حرج فيه، أما المرور بين يدي الإمام أو الذي يصلي وحده فهذا لا يجوز، الرسول صلى الله عليه وسلم حذر منه، وأخبر أنه «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه (¬2)» فلا يجوز المرور بين يدي المصلي قريبا منه ثلاثة أذرع فأقل، أو بينه وبين السترة، أما إذا كان بعيدا أكثر من ثلاثة أذرع فهذا لا حرج فيه؛ لأن رده يشق لبعده، ولأنه لا يعد بين يديه في الحقيقة، والأصل في هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما صلى في الكعبة جعل بينه وبين الجدار الغربي ثلاثة أذرع، هذا يدل أن محل السترة بهذه المثابة فأقل، والأولى أن يبعد أكثر من المصلي خروجا من الخلاف، أما إذا كان له سترة فلا يمر بينهما، ولكن يمر من ورائها، هذا أيضا يشمل المرأة والحمار والكلب؛ إذا مروا بعيدا منه لا يضر ثلاثة أذرع فأكثر أو من وراء السترة. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (38). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إثم المار بين يدي المصلي، برقم (510)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (507).

حكم المرور بين يدي المصلي في الحرم

102 - حكم المرور بين يدي المصلي في الحرم س: هل للمسجد الحرام والمسجد النبوي خاصية بمرور النساء والرجال أمام المصلي؛ اضطرارا ودفعا للحرج (¬1)؟ ج: الصواب في المسجد الحرام أنه لا تقطع فيه الصلاة، وأن من مر بين يدي أخيه لا يضره، فلا يمنع المار ولا يقطع المار الصلاة في المسجد الحرام؛ لأنه مظنة الزحمة ومشقة الدفع، والحاجة ماسة إلى المرور بين يدي المصلين في المطاف وغير المطاف، فالصواب في ذلك أن المصلي في المسجد الحرام لا يمنع المار، ولو مر بين يديه امرأة لم تقطع صلاته؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحفظ عنه في هذا شيء؛ أنه يمنع المار أو أنه تقطع الصلاة فيه، بل جاء عنه في بعض الأحاديث وإن كان فيها ضعف؛ «أنه ما كان يمنع المار في المسجد الحرام، وأنه كان يصلي والناس يمرون بين يديه (¬2)» لكن فيه ضعف. وثبت عن بعض الصحابة كابن الزبير أنه كان يصلي والناس يمرون بين يديه، ولأن المسجد الحرام مظنة الزحام، ولا سيما في أيام ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (137). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث مطلب بن أبي وداعة رضي الله عنه، برقم (26699)، وأبو داود في كتاب المناسك، باب في مكة، برقم (2016).

الحج وأيام العمرة في رمضان، فقد يصعب رد المار والتحرز من المار، وتلحق بقية أيامه بذلك، أما المسجد النبوي فلم يرد فيه ما ورد في المسجد الحرام، بل ثبت عن أبي سعيد رضي الله عنه أنه كان يصلي في المسجد النبوي، فأراد أحد أن يمر بين يديه فمنعه، فاشتكاه المار إلى مروان، فدعا أبا سعيد فسأله، فأخبره أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان (¬1)» فأبو سعيد رأى أن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم مثل غيره، ويمنع المار فيه، وهذا والله أعلم عند إمكان ذلك، أما إذا كانت الزحمة الشديدة فإنه في هذه الحال يلحق بالمسجد الحرام، وهكذا في أي مكان يكون فيه الزحمة الشديدة؛ لا يمنع المار في هذا للضرورة في أي مكان، فإذا ازدحم الناس في أي مكان واحتاج المصلي إلى أن يصلي فريضته، أو الراتبة فإن المار لا يقطع في هذه الحالة، ولا يمنع لعدم إمكان منع المار والتحرز منه، بل قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (¬2)، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب يرد المصلي من مر بين يديه برقم (509)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (505). (¬2) سورة الأنعام الآية 119

فالضرورات لها أحكامها وهذا منها، والله أعلم.

بيان حكم حديث يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب

103 - بيان حكم حديث «يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب (¬1)» س: يشيع عند عامة الناس أن الذي يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود، وإذا مر أحد هذه الثلاثة بين يدي المصلي فإن صلاة المصلي تعتبر باطلة، هل هذا الاعتقاد صحيح (¬2) ج: هذا فيه تفصيل: إن كان المار امرأة أو حمارا أو كلبا أسود قطع، كما ثبت في الحديث الصحيح من حديث أبي ذر (¬3) وحديث أبي هريرة (¬4) وابن عباس (¬5) أما إن كان المار غير هذه الثلاث فإنه لا يقطع لكن ينقص، إذا أمكن رده وجب رده، أما إذا ما أمكن رده بل غلب المار المصلي فالإثم عليه لا على المصلي، وهذا في غير المسجد الحرام كما تقدم، وفي غير مواضع الزحمة التي لا حيلة فيها. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم الصلاة (511)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (950)، مسند أحمد (2/ 425). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (137). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (510). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب قدر ما يستر المصلي، برقم (511). (¬5) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقطع الصلاة، برقم (703).

حكم المرور أمام المصلين فيما سوى الحرم من المساجد

104 - حكم المرور أمام المصلين فيما سوى الحرم من المساجد س: هل المرور أمام أوجه المصلين حرام في جميع المساجد، وأيضا في المسجد الحرام يحدث كثيرا؟ نرجو التوجيه وفقكم الله (¬1) ج: ليس للمسلم أن يمر بين المصلين أو أمامهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه (¬2)» فليس للمسلم أن يمر بين يدي إخوانه المصلين إذا كان الإمام لم يقم الصلاة، وهم يصلون النوافل، بل عليه أن ينتظر حتى ينتهوا من الصلاة، وليس له أن يمر بها بين أيديهم وهم يصلون، بل يسلك مسلكا آخر حيث أمكن، بل يلتمس موقفا مع المصلين على طريقه، لا يمر بين يدي مصل قريب منه، إذا كان بعيدا منه ولا يضر ذلك، أو أمام السترة، بين المصلي وبينه السترة فلا بأس بذلك، وهكذا إذا كان الناس في الصلاة وقد أقيمت الصلاة فلا بأس أن يمر بين يدي المصلين وهم في الصلاة؛ لأنهم مستورون بالإمام، ولكن لا يمر بين يدي مصل فردا، ولا بين يدي الإمام، ولا يمر بينه وبين السترة أيضا، بل يكون بعيدا عن ذلك، وأن يمر وراء السترة ولا بأس للحديث السابق. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (3). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إثم المار بين يدي المصلي، برقم (510)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب منع المار بين يدي المصلي، برقم (507).

حكم من سبق إلى مكان في المسجد

105 - حكم من سبق إلى مكان في المسجد س: حضرت إلى المسجد في يوم الجمعة، ووقفت في الصف الأمامي، وقبل بداية الصلاة أمرني الإمام بالرجوع إلى الصف الخلفي لكي يقف مكاني شخص آخر أكبر مني سنا، ما هو نظر الشرع في مثل هذه المسألة جزاكم الله خيرا (¬1) ج: من سبق إلى مكان فهو أحق به، إذا سبقت إلى مكان في الصف الأول فأنت أحق به ممن هو أفضل منك وأعلم منك، أنت السابق للصف الأول أو الثاني أو الثالث، من سبق إلى مكان في الصف فهو أحق به، إلا إذا سمح وآثر غيره فلا بأس، إذا سمح وآثر أباه أو شيخه أو شيخا كبيرا أكبر منه أو عالما فهذا لا بأس به ولا حرج عليه، وإلا فليس لأحد أن يؤخره ويجلس مكانه، فالسابق أحق، جاء في الحديث الصحيح: «من قام من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به (¬2)» المقصود أن السابقين هم المقدمون في الصف الأول والثاني، وهكذا وفي حلقات العلم. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (299). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب إذا قام من مجلسه ثم عاد فهو أحق به، برقم (2179).

حكم حجز المكان في المسجد بسجادة أو نحوها

106 - حكم حجز المكان في المسجد بسجادة أو نحوها س: هل يجوز لمن حضر إلى المسجد متأخرا أن يصلي تحية المسجد أمام وجه مصل آخر؟ ويضايق المصلين في الصف؟ حتى إن بعض المصلين يخرج من الصف ويترك المكان له، وهذا كثير ما يحدث، والبعض يضع سجادة أو إحرامه ويذهب للطواف ليحجز المكان من المسجد الحرام، نرجو الإفادة عن هاتين النقطتين (¬1) ج: ليس للمؤمن أن يضايق أخاه في الصف، بل يصلي حيث انتهى ويقف، ويصف مع الناس حيث انتهى الصف، وليس له أن يفرق بين اثنين كما جاءت به النصوص، لكن إذا وجد فرجة تسع له فإنه لا بأس أن يدخل فيها ويسدها؛ لأن المسلمين مأمورون بسد الفرج عند تراص الصفوف، فله أن يصلي - إذا كان أمامه أحد - تحية المسجد أو الراتبة، وإن كان أمامه شخص جالس؛ الإمام ونحو ذلك فلا بأس ولا حرج عليه في ذلك، وإنما يجب أن يلاحظ عدم الإيذاء لإخوانه المسلمين؛ لأجل أن يصفوا مع الناس حيث انتهت الصفوف، ولا يؤذي الناس بمضايقة المسلمين ما لم يكن فرجة تسع له فلا بأس أن يسدها كما هو مأمور بذلك. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (3).

كذلك حجز المكان، ليس له حجز المكان، ليس لأحد أن يحجز المكان يوم الجمعة ولا غيره، بل ينبغي له أن يأتي الصلاة على نية الإقامة في المسجد حتى يصلي مع الناس، أما أن يأتي ليجعل في المكان سجادة أو شيئا آخر حتى يرجع ويذهب إلى بيته أو الطواف أو إلى شيء آخر، ثم يرجع ليس له ذلك؛ لأن هذا يمنع منه المتقدمين إلى الصلاة، فالواجب على المؤمن أن يدع هذه الأمور، وأن يقصد الصلاة، يقيم في المسجد لا ليضع عمامة أو عباءة أو سجادة أو غير ذلك، ثم يخرج لحاجات أخرى.

حكم المكث في المسجد لغير الصلاة

107 - حكم المكث في المسجد لغير الصلاة س: هل يجوز دخول المسجد والجلوس فيه لغير الصلاة حتى يؤذن؟ أرجو إفادتي جزاكم الله خير الجزاء (¬1) ج: لا بأس أن يدخل المسجد ويجلس فيه للراحة أو للنوم القيلولة أو ما أشبه ذلك، لا بأس بذلك، وقد كان بعض الصحابة ينامون في المسجد في عهده عليه الصلاة والسلام، ولكن لا ينبغي له الجلوس إلا بعد التحية إذا كان على طهارة، إذا كان على وضوء يصلي ركعتين ثم يجلس، أما إذا كان ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (3).

على غير طهارة فلا حرج عليه، يجلس والحمد لله.

حكم أداء تحية المسجد في أوقات النهي

108 - حكم أداء تحية المسجد في أوقات النهي س: يقول السائل من اليمن: دخل شخص المسجد قبل أذان المغرب بحوالي ربع ساعة أو عشر دقائق، فهل على هذا الشخص أن يصلي ركعتين تحية للمسجد، أم يظل واقفا حتى يؤذن للمغرب (¬1) ج: السنة أن يصلي ركعتين متى دخل المسجد ولو قبل الغروب؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬2)» وهاتان الركعتان من ذوات الأسباب، ليس لهما وقت نهي كسجود التلاوة وكصلاة الكسوف، فإن الشمس متى كسفت صلى الناس للكسوف ولو بعد العصر، فهكذا ركعتا التحية حكمهما حكم ذوات الأسباب ليس لهما وقت نهي. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (387). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1167)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين، وكراهة الجلوس قبل صلاتهما، وأنها مشروعة في جميع الأوقات، برقم (714).

بيان كيفية وقوف المصلي إذا وجد إماما يؤم رجلا عن يمينه

109 - بيان كيفية وقوف المصلي إذا وجد إماما يؤم رجلا عن يمينه س: يقول السائل: الأخ: إ. م. س. ع. من اليمن يسأل ويقول: إذا صلى اثنان جماعة فيكون المأموم من جهة يمين الإمام، فإذا جاء رجل آخر وهم في الركوع هل يحرم بجانب المأموم، فإذا أحرم فلا يستطيع أن يركع؟ لكن وجهونا ماذا يعمل جزاكم الله خيرا (¬1) ج: قد دلت سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام أن الرجلين إذا صليا جميعا فإن الإمام يجعل المأموم عن يمينه ويصلي به، فإذا جاء آخر فإنهما يتأخران ويكونان خلفه، هذا هو السنة، ولا يقف لا عن يمين المأموم ولا عن يسار الإمام، بل يتأخران، وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان يصلي لوحده، فجاء جابر وجبار الأنصاريان فصفا عن يمينه وشماله، فأخذ بأيديهما وجعلهما خلفه عليه الصلاة والسلام (¬2)» وصلى ذات يوم بابن عباس في الليل فجعله عن يمينه، وصلى بأنس فجعله عن يمينه، هذا هو السنة، إذا جاء الرجل ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (167). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3014).

والإمام يصلي ومعه واحد عن يمينه فإنه يجره خلفه بالرفق والحكمة، ويصفان خلف الإمام، فإن خشي أن تفوت صف عن يمين المأموم أو عن يسار الإمام وركع معه، ثم تأخرا جميعا، تأخرا جميعا خلف الإمام حتى يدرك الركعة.

حكم تقدم الإمام أو تأخر المأموم إذا دخل معهما ثالث أو أكثر

110 - حكم تقدم الإمام أو تأخر المأموم إذا دخل معهما ثالث أو أكثر س: إذا كان اثنان يصليان صلاة الجماعة، أحدهما على اليمين، ودخل عليهما الثالث يريد الصلاة جماعة هل يجوز للإمام أن يتقدم أمام الصلاة ويقرأ (¬1) ج: لا حرج في ذلك، يتقدم أو يؤخرهما خلفه ويبقى في مكانه، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه كان يصلي، فجاء جابر فصف معه عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فصف عن يساره، فأخذهما وجعلهما خلفه عليه الصلاة والسلام (¬2)» وبقي في مكانه عليه الصلاة والسلام، فالإمام حينئذ ينظر ما هو أنسب، فإن كان الأنسب أن يتقدم؛ لأن ما خلفه لا يتسع لهما تقدم، وإن كان ما خلفه يتسع لهما أخرهما وبقي في ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (232). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3014).

مكانه وصلى بهما.

س: إذا كان شخصان يصليان في الجماعة، ثم أردت الانضمام إليهما فهل أكبر قبل أن أقدم الإمام، أم أقدم الإمام ثم أكبر؟ وهل الأفضل تقديم الإمام، أم تأخير المأموم (¬1) ج: الأمر في هذا واسع؛ إن كانت السعة قدام تقدم الإمام، وإن كان السعة خلف تأخر المأمومان ويكبر سواء بعد تقديم الإمام أو تأخيره كله واحد، يكبر ويصف مع أخيه خلف الإمام، أما بالنسبة للتكبير فسواء كبر قبل تقديمه أو بعد التقديم، المهم أن يكون تكبيره بعد الإمام، لا يكبر إلا بعد تكبير الإمام، يعني كون الإمام كبر قبل أن يتقدم لا يضر، أو قبل أن يتأخر إن كان سوف يتأخر. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (350).

س: إذا دخلت مع أحد المصلين في جماعة، ودخل آخر معنا، نرجو من سماحة الشيخ الإفادة الصحيحة لما يفعله الإمام والمصلون في هذه الحالة، جزاكم الله خيرا، وكيف يتقدم (¬1) ج: إذا كان المصلي يصلي وحده، ثم جاء إنسان وصف معه يجعله عن يمينه، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع ابن عباس وغيره، فإن ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (344).

جاء ثان يصير ثالثا لهم أخرهم خلفه، صاروا خلفه، وهكذا لو جاء ثالث كلهم يصيرون خلفه، ولهذا «لما جاء ابن عباس للنبي صلى الله عليه وسلم في الليل، وصف عن يساره جعله النبي عن يمينه (¬1)» وهكذا ثبت من حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم زارهم وصلى في البيت وأقام أنس عن يمينه وثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه كان يصلي وحده، فجاء جابر وجبار من الأنصار فصفا معه، فجعلهما خلفه عليه الصلاة والسلام (¬2)» هذا هو السنة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التخفيف في الوضوء، برقم (138)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (763). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3014).

س: يقول السائل: إذا كان مع الإمام واحد أول الصلاة، ثم جاء ثالث، وكان يريد إدراك الركعة والإمام راكع هل يقف على يمين ذلك المأموم، أم يجذب المأموم الأول لديه ويبقى في الصف الثاني (¬1) ج: يركع مع الأول عن يمينه أو عن يسار الإمام؛ حتى لا تفوته ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (273).

الركعة، ثم يتأخران جميعا خلف الإمام، إذا جاء والإمام راكع ومع واحد فهو مخير؛ إن شاء صف مع الذي عن يمينه، وإن شاء صف عن يسار الإمام؛ لأن يمينه مشغولة، ثم بعد الرفع السنة أن يتأخرا خلف الإمام، هذا هو السنة.

حكم إجزاء مصافة الصبي في الصلاة مع رجل خلف الإمام

111 - حكم إجزاء مصافة الصبي في الصلاة مع رجل خلف الإمام س: إذا وجبت الصلاة ونحن جماعة ثلاثة، الثالث منا صبي عمره اثنتا عشرة سنة تقريبا، ولم يبلغ الحلم فهل نصلي بجنب الإمام، أو يصطف أحدنا والصبي خلف أحدنا؛ لكون أحدنا إماما؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كانوا ثلاثة يقف الإمام أمامهم، ثم يصف الثاني مع الصبي الذي بلغ اثنتي عشرة سنة خلف الإمام، هذا هو السنة، حتى ولو كان أقل من اثنتي عشرة سنة، ابن سبع أو ثمان يصف مع الكبير، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى مع أنس ومعه اليتيم جعلهم خلفه صفا فالمقصود أنه إذا كان مع الإمام رجلان أو صبيان أو رجل وصبي فإنهم يصفون خلفه، ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (277).

أما المرأة إذا كان معهم نساء يكن خلف الرجال، ولو امرأة واحدة، لا تصف مع الرجال، هذا هو المشروع، ولو صلوا عن يمينه وشماله صح، لكن السنة أن يكونوا خلفه، لما «صف معه صلى الله عليه وسلم جابر وجبار جعلهما خلفه عليه الصلاة والسلام (¬1)» ولما «صلى في بيت أنس بأنس وأخيه جعلهما خلفه (¬2)» وكان أخوه أصغر منه. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3014). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة على الحصير برقم (380)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على الحصير برقم (658).

حكم قطع الصلاة لإرشاد الأولاد وتأديبهم

112 - حكم قطع الصلاة لإرشاد الأولاد وتأديبهم س: ما حكم قطع الصلاة؟ وذلك لأن بعض الأولاد في الصف الثاني يسببون صخبا شديدا، ويتكلمون وينتظرون ركوع الإمام، فهل لي أن ألتفت إليهم وأقوم بإرشادهم وتأديبهم على ذلك الفعل (¬1) ج: لا، يكفي الإشارة، لا تقطع صلاتك استمر، تكفي الإشارة لتعاملهم بالهدوء، ولا تقطع الصلاة، استمر في صلاتك، وبعد السلام تنصحهم وتوجههم ولا تقطع الصلاة، يلزمك إذا دخلت فيها فأتمها، ولكن بالإشارة لا بأس أن تشير إليهم بيدك حتى يهدؤوا. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (383).

حكم دخول الأطفال في الصفوف الأول

113 - حكم دخول الأطفال في الصفوف الأول س: عندما نقيم للصلاة نجد هناك أطفالا يقفون مع الرجال في الصفوف الأول، هل نمنعهم ونقيم الصلاة ونجعلهم في آخر الصفوف؟ أم كيف تنصحوننا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كانوا من أهل الصلاة فاتركوهم، وهو ابن سبع فأكثر، هؤلاء أمرهم النبي بالصلاة، وأمر آباءهم بأمرهم بالصلاة، قال عليه الصلاة والسلام: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر (¬2)» فإذا كانوا بهذا السن فيتركون مع الناس يصلون، إلا أن يعبثوا فيزالوا عن محل العبث، أو يفرقوا في الصف حتى لا يعبثوا، أما إذا كانوا دون ذلك فليسوا من أهل الصلاة، ولكن إذا دعت الحاجة كأن يكون جنب أبيه لئلا يضيع فلا حرج في ذلك، ولا يضر الصف، كما لو كان بين الشخصين عمود أو كرسي أو ما أشبه ذلك، فالمقصود إذا كان دون السبع فالأولى لأبيه ألا يأتي به، يبقى في البيت حتى لا يشوش على الناس ولا يعبث، أو يكون خلف الصفوف ينتظر أباه حتى ينتهي، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (263). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، برقم (6717).

فإن خاف عليه وجعله مما يليه فلا حرج في ذلك إن شاء الله، إذا كان لا يعبث ولا يؤذي أحدا.

حكم إمامة الرجل للصبيان وبيان كيفية وقوفهم معه

114 - حكم إمامة الرجل للصبيان، وبيان كيفية وقوفهم معه س: عندي أولادي أعمارهم من إحدى عشرة سنة إلى سبع سنوات، هل الأفضل أن يصفوا خلفي في الصلاة أو إلى جانبي؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: السنة أن يصفوا خلفك ولو كانوا صغارا، إذا كانوا أبناء سبع فأكثر، فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيت بعض الصحابة لما زارهم الضحى، فصلى بهم صلاة الضحى، وصف أنس واليتيم خلفه عليه الصلاة والسلام، فالسنة أن يصفوا خلفك ولو كانوا صغارا، إذا كانوا أبناء سبع فأكثر، ولكن ليس لك أن تصلي في البيت صلاة الفريضة، بل يجب عليك أن تصلي في المسجد مع الناس، وتأمرهم أيضا أن يصلوا مع الناس، إذا كانوا أبناء سبع أو ثمان يؤمرون، أما إذا بلغوا عشرا فيؤمرون ويضربون إذا تخلفوا؛ حتى يصلوا مع الناس ويعتادوا الصلاة، لكن إذا صليتها في البيت في الليل، تهجدت في الليل أو صلاة ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (295).

الضحى فلا بأس يصلون خلفك، أما إذا كنت في البادية فإنهم يصلون معك في جماعة في مسجدكم مسجد بادية، أنت وجيرانك إذا كان لديك جيران، لا تصل في محلك، صل مع إخوانك في مصلاكم أنت والجيران، أما إذا كان وحده فيصلي مع أولاده، ويصلون خلفه.

س: إذا أم إمام صبيين أو ثلاثة دون العاشرة هل يكون عن يسارهم أم أمامهم (¬1) ج: السنة أن يكون أمامهم، لا بأس أن يصف الصبيان خلفه، فإن لهم صفوفا إذا كانوا ابن سبع سنين فأكثر ممن يعقل الصلاة، فإنهم يصفون خلفه كالرجال، وإذا كان معهم رجال كذلك، فهم يتمون الصفوف، ويصفون خلف الإمام ولا حرج، هذا هو الصواب، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه أم أنس بن مالك ويتيما عندهم يقال له: حسن بن ضميرة. صاروا خلف النبي صلى الله عليه وسلم، اليتيم وأنس (¬2)» «وصلى بابن عباس، صار عن يساره فأداره عن يمينه عليه الصلاة والسلام (¬3)» فالحاصل أن الصبيان يكونون خلف الإمام كالرجال إذا ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (19). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة على الحصير برقم (380)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على الحصير برقم (658). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التخفيف في الوضوء، برقم (138)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (763).

كانوا اثنين فأكثر، أما الواحد فيكون عن يمين الإمام كالرجل، هذا هو المشروع حتى في الفريضة، الفريضة والنافلة، هذا هو الصواب، بعض أهل العلم يرى أن هذا في النافلة خاصة، والصواب أنه جائز في النافلة والفريضة جميعا؛ لأن ما جاز في النافلة جاز في الفريضة؛ حتى يرد مسوغ يخص هذه دون هذه.

س: إذا فاتتني صلاة الجماعة وأنا رجل بالغ، وأردت أن أصلي، فأتى أولاد في سن العاشرة والثانية عشرة والثالثة عشرة والرابعة عشرة والخامسة عشرة، أي من عشر إلى خمس عشرة سنة، فهل أتقدمهم، أم يكون الجميع في صف واحد معي على اليمين؟ فقد قال لي أحد الرجال: إنه لا يتقدم إذا كان كل من معك في هذا العمر أو أقل؛ لأنهم لا يضبطون صلاتهم. أفتوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كان الواقع ما ذكره السائل فإنه يتقدم بهم ويصلي بهم، ويكونون خلفه صفا أو أكثر إذا كانوا أبناء سبع فأكثر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع (¬2)» فابن السبع مأمور بالصلاة ويميز، فإذا كانوا أبناء سبع فأكثر وهم اثنان فأكثر فإنهم يصفون خلف ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (199). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، برقم (6717).

الإمام، وقد «صلى النبي صلى الله عليه وسلم بأنس واليتيم، فصارا خلفه عليه الصلاة والسلام (¬1)» أما إذا كان الصبي واحدا فقط فإنه يصلي عن يمين الإمام، كالرجل الكبير يصلي عن يمينه، كما «صلى ابن عباس عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل (¬2)» وكما «صلى أنس عن يمينه لما زار صلى الله عليه وسلم جدة أنس (¬3)» فالمقصود أنه إذا كان واحدا ولو كبيرا يكون عن يمين الإمام، أما إذا كان المأمومون اثنين فأكثر، ولو لم يبلغوا الحلم فإنهم يصفون خلف الإمام، إذا كانوا من أهل الصلاة وهم أبناء سبع فأكثر. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة على الحصير برقم (380)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على الحصير برقم (658). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب التخفيف في الوضوء، برقم (138)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (763). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة على الحصير برقم (380)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على الحصير برقم (658).

حكم صلاة الرجل بين طفلين دون سن التمييز في الصف

115 - حكم صلاة الرجل بين طفلين دون سن التمييز في الصف س: يقول السائل: هل وجود المأموم بين مجموعة من الأطفال دون سن التمييز عن يمينه وشماله في الصف يؤثر، أو يخل بصلاته (¬1) ج: نعم، إذا كانوا دون السبع يعتبر فردا، إذا كان ما يوجد غيرهم، ما صف معهم غيرهم يعتبر فردا ولا يصح، عليه أن يعيد الصلاة؛ لقول ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (255).

النبي صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬1)» وهو حكمه حكم المنفرد إذا كانوا دون السبع. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862).

حكم وقوف الصبي دون السابعة في صف الرجال

116 - حكم وقوف الصبي دون السابعة في صف الرجال س: هذا سائل للبرنامج أرسل بهذا السؤال، ولم يذكر الاسم في هذه الرسالة، يقول: هل الصبي يقطع صف الصلاة؟ حيث إن بعض الأشخاص يحضرون معهم أبناءهم الصغار جدا، ويقف الابن بجانبه، ثم يقف المصلي الآخر بجانب الطفل (¬1) ج: الأولى لأولياء الأطفال ألا يأتوا بهم إلى الصلاة إذا كانوا أقل من سبع، الأولى أن يبقوا في بيوتهم عند أهلهم، أما إذا كان ابن سبع فأكثر فإنه لا يقطع الصف، بل يصف مع الرجال ويعتبر، لكن إذا كان دون السبع تركه مع أهل البيت أولى وأفضل؛ حتى لا يتأذى به الناس، فلو وجد مع أبيه لا يقطع الصف ولا حرج إن شاء الله، كاللبنة بين الصفين أو العمود بين الصفين لا يضر، المقصود أنه إذا كان وجد ودعت الحاجة إليه؛ لأن أباه قد يأتي به لأنه يضر أهله لو بقي عند أهله، كما يروى «أن الحسن قد يأتي ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (395).

والنبي يصلي بالناس، قد يرتحله وهو ساجد (¬1)» وكما صلى النبي بأمامة بنت بنته للحاجة والتعليم، يعلم الناس أن مثل هذا لا يضر، فإن دعت الحاجة إلى مثل هذا وكان أبوه لا يستطيع بقاءه عند أهل البيت، أو ما عنده في البيت أحد فيكون معذورا، ويكون مثل حجر بين الصفين، أو كرسي بين الصفين أو ما أشبه ذلك، وقد تأتي الحاجة إلى هذا الشيء، فلا يضر إن شاء الله. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث شداد بن الهاد رضي الله عنه، برقم (27100).

حكم الصلاة بين أعمدة المسجد

117 - حكم الصلاة بين أعمدة المسجد س: لدينا مسجد في الحارة التي نسكن فيها، والمسجد صغير الحجم خاصة في صلاة العصر والمغرب والعشاء، وفي وسط المسجد توجد أعمدة يصلي الناس بجانبها، ويتسع حينئذ المسجد، ولكن الإمام أفتى الناس أن الصلاة بجانب الأعمدة غير مقبولة، وأخذ الناس بكلام الإمام، ولم يصلوا بجانب الأعمدة، فأصبح المسجد

حينئذ ضيقا، ما رأيكم في هذا (¬1) ج: لا حرج في الصلاة بين الأعمدة عند الحاجة إلى ذلك، إنما تكره عند عدم الحاجة لقطعها الصفوف، فأما إذا كانت هناك حاجة فإنهم يصلون بين الأعمدة، ولا حرج في ذلك وتزول الكراهة، كما دلت على ذلك السنة، وعمل الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (184).

س: سائل يقول: في بعض المساجد توجد أعمدة في بعض الصفوف تؤدي إلى قطعها وتجزئتها إلى أكثر من صف، فهل الأفضل في مثل هذه الحالة أن يصلي الإنسان بجانب العمود، ومن ثم يكون الصف منقطعا، أم الأفضل أن يكمل الصف بأن يجعل العمود من خلفه؟ مع العلم بأن الصف بهذه الحالة يكون مكتملا، ولكن مائلا لخروج المصلي قليلا عن الصف، أفتونا في ذلك مأجورين (¬1) ج: السنة أن تستقيم الصفوف متصلة والأعمدة خلفهم، ولا تقطع الصفوف إلا عند الضرورة، إذا ازدحم المسجد وضاق المسجد صف أناس بين السواري فلا حرج للحاجة، ولهذا كان الناس يتقون ذلك عند عدم الحاجة إلى ذلك، فالسنة أن يتقدم المأمومون ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (401).

وتكون الأعمدة خلفهم، ولا يضر لو تقدم قليلا من جهة العمود ليكون خلفهم العمود، لكن ينبغي للذين بين العمودين أن يتقدموا قليلا حتى يستقيم الصف، ولا يتقدم أحد على أحد.

حكم صلاة الرجل بزوجته أو غيرها من النساء

118 - حكم صلاة الرجل بزوجته أو غيرها من النساء س: هل يمكن للرجل أن يصلي مع زوجته في البيت؟ وفي هذه الحالة أين تقف الزوجة؟ هل تقف عن يمينه أو شماله أو خلفه؟ نرجو الإفادة جزاكم الله خيرا (¬1) ج: أما الفريضة فيلزمه أن يصلي مع المسلمين في المسجد، وليس له أن يصلي في بيته، لا مع أهله ولا مع غيرهم، يجب على المؤمن أن يصلي مع الناس في بيوت الله عز وجل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» ولأنه عليه الصلاة والسلام سأله رجل أعمى قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: " هل ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (205). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793).

تسمع النداء بالصلاة؟ "، قال: نعم، قال: " فأجب (¬1)» فلم يرخص له أن يصلي في البيت مع أنه أعمى، وليس له قائد يلائمه، فالواجب على المسلمين من الرجال الصلاة في المساجد في بيوت الله مع إخوانهم، ولا يجوز التخلف عنها، لكن لو صلى الإنسان مع امرأته نافلة كالتهجد بالليل أو صلاة الضحى فلا بأس، وتكون خلفه، أما الرجل الواحد يكون عن يمينه، أما المرأة تكون خلفه ولو أنها زوجته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم «لما صلى في بيت أنس صلاة الضحى جعل أنسا عن يمينه، وجعل أم أنس خلفهم، وفي لفظ آخر: صلى بأنس واليتيم، وجعلهما خلفه وجعل المرأة خلفهما (¬2)» وهي جدة أنس، فالمقصود أن المرأة وإن كانت زوجة أو أما أو أختا لا تصف مع الرجل، ولكن تكون خلفه، سواء كان إماما أو مأموما، إن كان إماما فهي خلفه، وإن كانت صفوف صلت خلف الصفوف، هذا في النافلة، أما الفريضة فالواجب على الرجل أن يصلي مع الناس، لكن لو كان مريضا أو فاتته الصلاة في المسجد، وصلى في البيت وصلت خلفه فلا بأس صلاة الفريضة؛ لأنه بهذه الحال معذور؛ لأنه مريض، أو لأنه قد فاتته الفريضة مع الرجال. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة على الحصير برقم (380)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على الحصير برقم (658).

س: من مكة المكرمة رسالة، بعث بها المستمع: إ. ص. م. يقول: إذا قام الرجل يصلي هو وزوجته فهل تقف الزوجة على يمينه، أم خلفه؟ وما هو الترتيب للرجل وزوجته والأطفال الذين لم يبلغوا الرشد، بل دون التاسعة وما حولها؟ هل يكونون خلف الإمام، أم خلف النساء؟ أم كيف توجهوننا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إن صلى وحده وصلت وحدها فلا بأس، كان النبي يصلي وحده، ثم يدير عائشة لليسار، ولم يحفظ عنه فيما نحفظ أنه صلى بها عليه الصلاة والسلام ولا غيرها من النساء، وإن صلى بامرأته تكون خلفه، إذا صلى إنسان بزوجته أو بغيرها من النساء يكن خلفه، لا يقفن عن يمينه ولا عن شماله، بل تكون المرأة خلف الرجل، سواء كانت زوجته أو أمه أو غير ذلك، أما الصبيان فإن كانوا قد بلغوا سبعا يصفون خلفه سبعا فأكثر، وهكذا البنات سبعا فأكثر، كلهن خلفه، لا يصففن مع الرجال، يكن خلفه، لكن الصبيان يكونون خلفه، أما إن كان واحدا فإنه يصف عن يمينه كالرجل، كما صلى ابن عباس عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم وهو من هو، المقصود أن الصبيان لهم حالتان: إن كانوا اثنين فأكثر فالسنة خلف الإمام، وإن كان الصبي واحدا فإنه يصف عن يمينه كالرجل عن يمين الإمام. أما ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (347).

النساء سواء كن كثيرات أو قليلات يكن خلف الإمام، وهكذا الواحدة تكون خلف الإمام، ولو كان زوجها لا تكون معه، وإذا كان الأطفال صبيانا وصبايا من السابعة حتى العاشرة تكون صفوفهم خلف الإمام، يتمون الصف الأول ثم الصف الثاني، ولو أنهم صبيان اثنان فأكثر والبنات خلفهم يصففن خلف الصبيان، والذي يلي الإمام الكبار فهم مقدمون على الصغار، فإذا صفوا جميعا فلا بأس، لكن إذا جاء الكبار وصفوا فالبنات خلفهم، وإذا اختلطوا في الصف فلا بأس، لكن النساء خلف الصبيان وإن كن كبيرات.

س: إذا صلى رجل وأمه، أو أحد محارمه في غرفة واحدة منفردين، وليسوا جماعة فهل يجب أن يتقدم الرجل وتتأخر المرأة، علما بأنهما منفردان؟ نريد الإجابة مصحوبة بالدليل إذا أمكن، وفقكم الله (¬1) ج: إذا أراد أن يصلي بالمرأة فإنها تكون خلفه، لا تكون معه في الصف، ولو كانا زوجا وزوجة، أو مع أمه أو أخته أو بنته، المشروع أنها تقف خلفه، ولهذا لما صلى النبي صلى الله عليه وسلم بأم سليم كانت أم سليم خلفه، صلى بأنس عن يمينه وأم سليم خلفه - أم أنس - وهكذا لما صلى بأنس والحسن صارا خلفه صفا، وصارت أم سليم خلفهما ولم ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (5).

تصف معهما، ولا مع النبي صلى الله عليه وسلم، والسنة في موقف النساء خلف الرجال، ولو كانت أم الإمام أو زوجة الإمام لا تصف معه، بل تكون خلفه هذه السنة، ولا يلزم ذلك أن يصلي جماعة، لو صلى وحده وهي وحدها فلا بأس، لكن إذا أراد أن تصلي معه في التهجد في الليل، أو في الفريضة مثلا: مريض لا يستطيع أن يصلي في المسجد، أو فاتته الفريضة في المسجد، فصلت معه الفريضة فلا بأس، أو التهجد فلا بأس أن يصلي بها، لكن تكون خلفه لا معه.

س: كيف يقوم رجل وامرأة بتأدية صلاة الجماعة (¬1) ج: هذا له أحوال: تارة يمكن أن يصليا جميعا في النوافل، يصلي هو وامرأته وأهل بيته بصلاة الضحى نافلة، أو التهجد بالليل أو صلاة الوتر، فيقوم هو وحده وتصف النساء خلفه، حتى ولو كانت زوجته تصف خلفه لا تصف معه، لا بأس بهذا، وهكذا في التراويح، لو صلى مع الإمام يصلين خلفه، أو صلى بهن صاحب البيت صلين خلفه، سواء واحدة أو عدد يصلين خلفه، وكذلك في الفرائض، لو جاء النساء ليصلين مع الناس في المساجد فإنهن يصلين خلف الأئمة وخلف ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (45).

المأمومين، ولا تصف امرأة مع رجل، لا مع زوجها ولا مع أبيها ولا مع غيرهم، موقفهن خلف الرجال، سواء في الفريضة أو في النافلة في الليل أو في النهار، المقصود أن هذه الأنواع طريقها واحد، المرأة فيها تكون خلف الإمام أو خلف المأمومين إذا كان هناك مأمومون، ولا تقف مع الإمام ولا مع المأمومين. وإن كن نساء فقط تقف الإمامة وسطهن، لا تتقدمهن لا تتشبه بالرجال.

س: أين تقف الزوجة إذا صلت مع زوجها ? (¬1) ج: إذا صلت مع زوجها تقف خلفه، وإن كان معها نساء يقفن معها، ولا تقف مع الرجل لا مع زوجها ولا مع غيره، هكذا علم النبي صلى الله عليه وسلم النساء، كان يصلي في بعض الأيام ببعض النساء لما زارهم، وكانت المرأة خلفهم، فالمرأة تصلي خلف الرجال ولو أنها واحدة، ولو أنه زوجها تصلي خلفه. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (382).

س: السائل: أ. م. سوداني مقيم بحائل، يقول: كنت أنا وزوجتي نصلي في جماعة وهي في صف معي في صف واحد، وقد سمعت من بعض الإخوة بأنه لا يجوز للمرأة أن تصلي مع الرجل في صف واحد،

وأصبحت أفكر كثيرا في الأيام التي كانت تصليها معي زوجتي في صف واحد، هل أعيد الصلاة ? (¬1) ج: ليس عليك إعادة، لكن في المستقبل تكون خلفك، النبي صلى الله عليه وسلم أمرهن أن يكن خلف الرجال، وصلى مرة في بيت أم أنس، فقام أنس عن يمينه والمرأة خلفهم؛ جدة أنس، فالمقصود أن موقف النساء يكون خلف الرجال، وحتى ولو هي زوجته تكون خلفه لا تصف معه. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والأربعون من الشريط رقم (403).

حكم إمامة الرجل للنساء

119 - حكم إمامة الرجل للنساء س: هل يجوز أن يؤم رجل النساء ? (¬1) ج: نعم يجوز أن يؤم النساء في الصلاة في التراويح، النبي صلى الله عليه وسلم زار أنس بن مالك، وصلى خلفه أنس بن مالك ويتيم عندهم، صفا خلفه وصفت أم سليم خلفهم. وكان النساء يصلين خلف الإمام في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في حياته صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته، فلا بأس أن يصلي النساء خلف الإمام ولو كان وحده الإمام وكلهن نساء؛ لأن الخلوة بالثنتين فأكثر لا ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (242).

تحرم، إنما تحرم الخلوة إذا كانت بواحدة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يخلون رجل بامرأة، فإن الشيطان ثالثهما (¬1)» فإذا كان معها نساء أو معها رجال ما تسمى خلوة، وقد مكث النبي صلى الله عليه وسلم مع أنس واليتيم وأم سليم جميعا، وصلى بهم عليه الصلاة والسلام، وهكذا في رمضان لو صلى بالنساء في التراويح في البيت صلى بهم رجل كفيف فلا حرج، أو بصير لكن يتغطين عنه، ويحتجبن إذا سلم لا يكشفن، بل يتحجبن عنه عند إقباله عليهن وسلامه هذا لا حرج فيه؛ لأن المقصود هو عدم الخلوة وعدم النظر إلى العورات، فإذا كن مستورات عن البصير، أو كان الإمام أعمى وليس هناك خلوة فلا حرج في ذلك، ولكن إذا كان أعمى يكون أسلم وأبعد عن الفتنة. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم (115).

حكم تسوية الصفوف في الصلاة وسد الفرج

120 - حكم تسوية الصفوف في الصلاة وسد الفرج س: السائل: أ. أ. أ: ما هي الأحاديث الواردة في تسوية الصفوف ? (¬1) ج: الأحاديث كثيرة في ذلك، منها فعله صلى الله عليه وسلم، فقد كان إذا وقف يصلي بالناس التفت يمينا وشمالا وحرضهم: «رصوا صفوفكم، ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (389).

وقاربوا بينها حاذوا بالأعناق (¬1)» «من وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله (¬2)» هكذا يحرضهم على تسوية الصفوف، ويقول: «سدوا الفرج، فإن الشياطين تدخل بين المسلمين في الفرج كأولاد الغنم (¬3)» وكان صلى الله عليه وسلم يحثهم على إقامة الصفوف وسد الفرج التي بينهم، وأن يستقيموا، ويقول: «ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ " قالوا: يا رسول الله، كيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: " يتمون الصفوف الأول ويتراصون في الصف (¬4)» هكذا قال، يعني يتمون الصف الأول فالأول، ويتراصون فيها ثم يعتنون بذلك غاية العناية، هذا ما يجب على المؤمنين أن يتراصوا في الصفوف، وأن يكملوا الصف الأول فالأول؛ عملا بأمره صلى الله عليه وسلم وتوجيهه، ويقول: «رصوا صفوفكم وقاربوا بينها وحاذوا بالأعناق (¬5)» وهذا يتكرر منه عليه الصلاة والسلام في كل صلاة؛ حتى ينتبه الناس، وحتى يتواصوا بهذا الأمر ويتناصحوا، ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف، برقم (667). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (13324). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه برقم (21760) ولفظه " وسدوا الخلل فإن الشيطان يدخل بينكم بمنزلة الحذف يعني أولاد الضأن الصغار ". (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الأمر بالسكون في الصلاة برقم (430). (¬5) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف، برقم (667).

وحتى يبلغ بعضهم بعضا. وفي بعض الأوقات أراد أن يكبر، فرأى رجلا باديا صدره، فقال: «عباد الله، لتسون صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم (¬1)» ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب تسوية الصفوف عند الإقامة وبعدها برقم (717).

س: بخصوص تسوية الصفوف في المسجد ما حكمها؟ وهل يجب على المأموم إذا كان هناك صف متأخر أن يعدله، خاصة وأن بعض الصفوف فيها بعض الفراغات الكبيرة، أم أن هذا مختص بالإمام ? (¬1) ج: الواجب تعديل الصفوف وسد الخلل على الإمام والمأموم، الإمام ينبههم، وعلى المأمومين أن يفعلوا ذلك، وإذا جاء إنسان ورأى خللا سد الخلل وقارب بين الصف حتى يسد الخلل؛ لأن الرسول أمر بهذا عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (409).

س: السائل: ع. من الرياض يقول: سمعت أنه يجب على المصلين في الصف الواحد أن تكون قدم كل واحد منهم ملامسة للآخر، ومن يصلي بجانبهم في الصف، فهل ورد في ذلك شيء سماحة الشيخ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (386).

ج: ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر برص الصفوف، أمر الصحابة أن يتراصوا في الصف، وأن يسدوا الفرج، وكان بعض الصحابة يلزق قدمه بقدم صاحبه؛ حتى لا تقع فرجة، لكن ما فيه محاكة ولا إيذاء، يكون قريبا منه حتى لا تكون فرجة، والسنة أن يكون الصف متراصا ليس فيه فرج، هذه السنة، أما كونه يحاك قدم أخيه فليس بلازم، المهم أن يسد الفرجة؛ لأن بعض الناس ما يتحمل أن يلمس الإنسان رجله، فتكون حولها من دون محاكة، ومن دون أذى لكن ما فيه فرجة.

س: ما هي كيفية وضع القدمين في الصلاة بالنسبة للمأمومين؟ هل يقوم بإلزاق رجله اليمنى برجل من على يمينه، ورجله اليسرى برجل من على يساره في حالة السجود ? (¬1) ج: يسد الخلل ولا حاجة إلى المحارشة، والمعنى سد الخلل، مثل ما أمر به صلى الله عليه وسلم، سد الخلل ما يكون بينهما فرجة، وكان الصحابة رضي الله عنهم يلصق أحدهما قدمه بقدم صاحبه لسد الخلة، فالسنة أن يسد الخلل بإلصاق قدمه بقدم أخيه من دون أذى لأخيه. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (425).

س: هل من تسوية الصفوف في الصلاة أن يلصق المصلي قدمه في قدم

من في جواره ? (¬1) ج: نعم لا بد من سد الخلل، قال الصحابة: «يكاد أحدنا أن يلزق قدمه في قدم صاحبه (¬2)» فالسنة إلصاق القدم في القدم؛ حتى لا تبقى فرجة، لكن من دون إيذاء، لا يؤذ جاره، لكن يلصق قدمه بقدمه حتى لا يكون بينهما فرج. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (434). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف برقم (725).

حكم التفريج بين القدمين في الصلاة

121 - حكم التفريج بين القدمين في الصلاة س: يقول: ح. أ. أ: قال لي أحد الإخوة: إذا وقفت في الصلاة لا تفرق بين قدميك، وخل بينهما شبرا أو أقل من ذلك. فهل كلامه صحيح ? (¬1) ج: هذا كلام متناقض، يقول: لا تفرق. ثم يقول: اجعل بينهما شبرا. السنة أنه يفرق بين رجليه، ولا يضمهما حسب التيسير، يكون بين رجليه فجوة وهو قائم، هذا هو السنة، أما التحديد فلا حاجة للتحديد. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (393).

س: الأخ: م. أ. ع. من جدة، يسأل ويقول: إنه يشاهد بعض المصلين

يتكلف في المباعدة بين القدمين أثناء الصلاة، ويرجو من سماحة الشيخ التوجيه (¬1) ج: السنة للمؤمن في هذا أن يقارب بين قدميه، ولا يؤذي جيرانه، وهكذا الآخر والآخر، كلهم يتقاربون ويسدون الخلل بينهم والفرج، ولا يؤذي بعضهم بعضا، فيكون قدماه في مكانهما المناسب؛ بحيث لا يؤذي من عن يمينه وشماله، وهكذا الآخر والآخر، كل واحد يلصق قدمه بقدم صاحبه؛ حتى لا يكون بينهما فرج ومن غير أذى ولا محاكة، هكذا، أما أن يفشج حتى يؤذي من حوله فلا يجوز هذا، الواجب أنه يجر صاحبه إليه، والآخر يجر صاحبه إليه حتى يسدوا الفرج، ويتقاربوا من دون أن يؤذي بعضهم بعضا، تكون مقاربة يسد بها الخلل، ولكن ليس فيها إيذاء ولا مضايقة للمصلي، كل واحد يلاحظ أخاه، ولا يضايقه ولا يؤذيه، ولكن مع هذا يسدون الخلل، يتقاربون من غير حاجة إلى أن يفشج هذا ويفشج هذا، بل يتقاربون حتى يسدوا الخلل بينهما، هذا هو المشروع، وهذا هو الواجب. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (106).

س: يلحظ على المصلين أن الواحد يبعد عن الثاني بما يعادل طول قدمه، ويرجو التوجيه والنصيحة جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (105).

ج: الواجب على المسلمين في الصفوف التراص والتقارب، ولا يجوز ترك الفرج؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تراصوا (¬1)» كان يأمرهم عند الدخول في الصلاة أن يتراصوا وأن يسدوا الفرج، فوجب على المسلمين الامتثال وأن يسدوا الفرج وأن يتراصوا، فيلزق قدمه بقدم جاره، ويتقاربوا جميعا، حتى لا يكون بينهم فرج، وبعض الناس قد يؤذي جيرانه بأن يفشج يتوسع، ويلصق أقدامه بأقدام إخوانه، لكن يحصل بذلك بعض الأذى، فالسنة أن يستقيم في وقوفه، وأن يجذب أخاه إليه من هنا ومن هنا حتى يتراصوا، وحتى لا يؤذيهم بشيء، يستقيم ويجر أخاه إليه من هنا ومن هنا حتى يسد الفرجة، ولا يفشج ويمد رجليه من هنا ومن هنا من أجل رص قدمه بقدمهم لا، بل يعلمهم السنة بأن يستقيم في وقفته، ويجر هذا الذي على يمينه وعن شماله حتى يسد الفرجة برفق وحكمة، وحتى لا يكون هناك شقاق ونزاع، وحتى تحصل السنة التي دعا إليها النبي عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، برقم (12983).

مسألة في حكم المبالغة في التفريج بين القدمين

122 - مسألة في حكم المبالغة في التفريج بين القدمين س: نلاحظ أن بعض الناس يبالغ في الفتحة ما بين القدمين حتى إنه

يؤذي من بجانبه (¬1) ج: ينبغي لكل مصل ألا يؤذي جاره، وأن يحرص على سد الخلل من دون إيذاء، كل واحد يطلب من أخيه أن يقرب حتى يلزق قدمه بقدمه بدون محاكة ولا إيذاء، المقصود سد الخلل، فلا يفشج ويباعد بين رجليه ويؤذي جيرانه، ولا يمتنع الجيران من القرب منه، بل كل واحد يقرب من أخيه ويسد الخلل، كما أمر بهذا النبي عليه الصلاة والسلام، فإنه قال: سدوا الفرج، وقال أنس رضي الله عنه: «كان أحدنا يلصق قدمه بقدم صاحبه (¬2)» فينبغي لك يا عبد الله أن تلاحظ سد الخلل وسد الفرج من دون أن تؤذي جيرانك بالفشج، وهو كذلك جارك يحرص على أن يستقيم في وقفته وفي موضع قدميه؛ حتى يأخذ سد الخلل من دون الإيذاء من كل واحد لجاره. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (212). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف برقم (725).

س: إذا جلس المصلي في صلاة الجماعة للتشهد هل يجب عليه أن يصف نفسه، ويقدمها بحيث يجعل ركبتيه بجانب ركبتي اللذين بجانبه، أم المهم أن يكون المظهر موازيا لزميله الذي

يصلي بجانبه؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: على كل حال نرى أنه يصلي المأموم حيال الإمام، ويلاحظ أن يكون محاذيا لقدميه، وأن تكون الأكعب متحاذية، ويكفي ولو كان ظهره أطول، المقصود أنه إذا صار قدمه حيال قدمه كفى، هذا هو السنة أن يكونا متحاذيين بالأقدام والأكعب والحمد لله، ولو كان المأموم مع الإمام وحده لا يتأخر ولا يتقدم، يكون محاذيا له، المهم بداية الصف تكون من الوسط، والمحاذاة تكون بالأقدام لا سواء مع الإمام إذا كان واحدا، أو المأمومين أنفسهم يتحاذون بالأقدام. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (302).

حكم قول الإمام صفوا الأقدام في طاعة الديان

123 - حكم قول الإمام صفوا الأقدام في طاعة الديان س: يقول هذا السائل: هل يجوز قول: صفوا الأقدام في طاعة الرحمن، صفوا الأقدام في طاعة الديان. وذلك قبل إقامة الصلوات (¬1) ج: لا أعلم له أصلا، ليس له أصل بهذا الكلام، ولكن يقول: استووا استقيموا، حاذوا بين الأقدام، حاذوا بين المناكب. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو السنة بهذه الألفاظ: استووا تراصوا اعتدلوا ساووا بين المناكب، ساووا بين الأقدام. لا بأس على ألفاظ ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (377).

النبي عليه الصلاة والسلام.

حكم قول الإمام استووا تراصوا تقاربوا

124 - حكم قول الإمام استووا، تراصوا، تقاربوا س: أرجو أن توجهوا لنا نصيحة من الكتاب والسنة بالنسبة للمصلين، الإمام يقول: تراصوا واعتدلوا. إلى آخره، ولكن للأسف الشديد لا شيء يحصل من ذلك، فأرجو أن توجهونا جميعا (¬1) ج: الواجب على المصلين أن يتقوا الله، وأن يرصوا الصفوف ويتقاربوا ولو ما قال الإمام شيئا، لكن الإمام يقول لهم يذكرهم، يقول: استووا، تراصوا، تقاربوا، أكمل الأول فالأول. فالواجب عليهم أن يفعلوا ذلك حتى ولو سكت الإمام، يجب عليهم أن يكملوا الصف الأول فالأول، وأن يتراصوا فيما بينهم لا يكون فرج، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تذروا فرجا للشيطان، سدوا الخلل (¬2)» فيتقاربوا حتى يكون قدم كل واحد يلي قدم الآخر، يلصق قدمه بقدمه من غير أذى حتى يسد الخلل، ويكونوا مستوين لا يتقدم أحد على أحد، يكون صدره مساويا صدر أخيه لا يتقدم عليه، وهكذا ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (369). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف، برقم (666).

كل ما تم صف كملوا الصف الثاني والثالث وهكذا، هذا الواجب على الجميع، كما أمر النبي بهذا عليه الصلاة والسلام، قال: «رصوا صفوفكم وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق (¬1)» وقال: «من وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله (¬2)» وقال: «سدوا الخلل، لا تذروا فرجات للشيطان (¬3)» فالواجب على الجماعة في المسجد أن يتراصوا فيما بينهم، وأن يسدوا الخلل، وأن يكملوا الصف الأول فالأول، هكذا الواجب على الجميع. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف، برقم (667). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (13324). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف، برقم (666).

س: هل من السنة عندما يقول الإمام للمأمومين في تسوية الصفوف في الصلاة: استووا اعتدلوا يرحمني ويرحمكم الله (¬1) ج: ما نعلم في هذا بأسا إذا دعا لهم؛ لأنه كان يأمرهم بالاستواء، يأمرهم بتعديل الصفوف، يأمرهم بسد الخلل، وإذا دعا ما أعلم في هذا بأسا، لو قال: غفر الله لنا ولكم. أو: رحمنا الله وإياكم. لا أعلم في هذا بأسا إن شاء الله. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (185).

125 - حكم مساعدة المأمومين للإمام في تسوية الصفوف س: م. ع. غ الرياض: بعض المأمومين يذهبون في مساعدة الإمام في تسوية الصفوف في الصلاة، كأن يقول: تقدم يا فلان وتأخر يا فلان. وفي رص الصفوف، فما حكم تسوية الصفوف من قبل المأمومين أثابكم الله. ج: لا حرج في ذلك، هذا من باب التعاون على البر والتقوى، الرسول صلى الله عليه وسلم أمر برص الصفوف وتسويتها، وقال: «فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة (¬1)»، إذا ساعد بعض المأمومين الإمام فيما حولهم، يلاحظونهم ويأمرونهم بالاستواء والتراص هذا كله خير، هذا من باب التعاون على البر والتقوى، ولا نعلم به بأسا. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إقامة الصف من تمام الصلاة، برقم (723).

حكم زيادة الصف من جهة اليمين

126 - حكم زيادة الصف من جهة اليمين س: رسالة من حائل باعثها مستمع رمز لاسمه بالحروف: س. ك. ج. أخونا يقول: هناك أمر قد أشكل علينا كثيرا؛ وهو استواء الصف من

جهة اليمين والشمال، فإذا كان من جهة اليمين أكثر مما هو في جهة الشمال فهل للإمام نقل من كان أكثر إلى الجهة الأخرى حتى يعتدل الصف، أو يبقيه على ما هو عليه؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ليس للإمام أن ينقل ما زاد في جهة اليمين إلى جهة اليسار، بل يترك الأمر على حاله؛ لأن اليمين أفضل، اليمين في كل صف أفضل، فإذا زاد اليمين فلا بأس ولو كان اليسار أقل، ولا حرج في ذلك، والإمام في الوسط في محله، ولا حرج أيضا إذا كانت الزيادة في اليسار، لكن لو نبههم كأن يقول لهم: إن الأفضل من جهة اليمين. من باب الوعظ والتذكير والترغيب. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (327).

بيان أن الصف يبدأ من الوسط خلف الإمام

127 - بيان أن الصف يبدأ من الوسط خلف الإمام س: يمتلئ الصف الأول في المسجد، فنريد أن نكون الصف الثاني، فهل نبدأ به من خلف الإمام مباشرة بموازنة، أم من اليمين أم من اليسار؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (302).

ج: الواجب البدء من وسط الصف مما يلي الإمام، يعني ما يقابل الإمام، يبدأ الصف من هذا، ثم يصفون على اليمين والشمال، البداءة من وسط الصف كالأول.

بيان فضل الصف الأول

128 - بيان فضل الصف الأول س: هل الصلاة في الصف الأول في المسجد لها شيء من الفضل عن باقي الصفوف، أو عن الصف الخلفي؟ أرشدوني أفادكم الله (¬1) ج: نعم الصف الأول أفضل، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا (¬2)» يعني لاقترعوا، فله فضل عظيم، جاء في بعض الأحاديث أنه يكون له مثل أجور من خلفه من الصفوف، يكون له أجره مقدما على غيره، ويكون له مثل أجور من خلفه؛ لأنه كالقائد لهم وكالإمام لهم، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من دل على خير ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (123). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الاستهام على الأذان، برقم (615)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول، برقم (437).

فله مثل أجر فاعله (¬1)» فالصف الأول له مثل أجور من خلفه مع أجره الذي كتبه الله له سبحانه وتعالى، هذا فضل عظيم، ولما فيه من المسابقة إلى الخيرات والمسارعة إلى الطاعات والقرب من الإمام؛ حتى يشاهد حركاته، لو انقطع الصوت أو ضعف الصوت يشاهد ويرى الإمام ويقرب منه، فالحاصل أن الصف الأول له فضل عظيم؛ لما في التوجه إليه من المسابقة إلى الخيرات والمسارعة إلى الطاعات، وتحريض الناس على ذلك وتشجيعهم على ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره وخلافته في أهله بخير، برقم (1893).

حكم تخطي رقاب الناس للوصول إلى الصف الأول

129 - حكم تخطي رقاب الناس للوصول إلى الصف الأول س: يقول السائل: رجل يأتي متأخرا في الصلاة، ويريد أن يدخل في الصف الأول، ويفرق بين الجالسين في الصف الأول ليفسحوا له فرجة، هل يجوز له هذا (¬1) ج: المشروع أن ينتهي حيث انتهت الصفوف لا يزاحم الناس، إذا كان الصف الأول انتهى يصف في الصف الثاني، وإذا انتهى الصف ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (375).

الثاني فالثالث وهكذا، إلا إذا وجد فرجة ما سدوها فهم الذين أخلوا يذهب إليها، أما إذا كان ما فيه فرجة إنما يزاحمهم ويقول: تفسحوا. لا، يصف في منتهى الصف الذي وجده اثنين أو ثلاثة على حسب الحال، ولا يزاحم الناس ولا يقطع الصفوف ولا يتخطى رقاب الناس، إلا إذا كان الصف الأول ما تم وصفوا في الصف الثاني يروح للصف الأول ويكمله، أو تركوا فرجا وذهب إلى فرجة يسدها لا بأس؛ لأنهم هم الذين قصروا.

حكم وقوف الإمام وسط الصف لضيق المكان

130 - حكم وقوف الإمام وسط الصف لضيق المكان س: هل يجوز أن يكون الإمام داخل الصف إذا لم يسع المكان بغير صف واحد، أو أنهم يصلون كل جماعة على حدة بالتفريق (¬1) ج: يصلون جميعا ويقف الإمام في وسطهم، يقف الإمام وسطهم، إذا كان المكان ضيقا، لا يمكن أن يتقدم فيه الإمام صلوا جميعا وهو في وسطهم والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (256).

حكم وجود دواليب المصاحف خلف المصلين واستدبارها

131 - حكم وجود دواليب المصاحف خلف المصلين واستدبارها س: بعض المساجد نشاهد فيها الدواليب التي توضع فيها المصاحف

مفتوحة من الأمام والخلف؛ مما يسبب عند إقامة الصلاة أن تكون المصاحف خلف بعض الصفوف، هل يجوز ذلك، أم لا بد من سدها مع إحدى الجهات، وهي التي تكون في ظهور المصلين (¬1) ج: الأمر في هذا واسع؛ لأنهم ما قصدوا استدبارها، وإنما وضعت لينتفع بها المسلمون، فالأمر في هذا واسع، لكن لو جعل أمام المسجد قدام المصلين لكان أولى وأحسن وأبعد عن هذا الأمر، وأبعد عن مشابهة المستدبرين المحتقرين أو المستهينين، فبكل حال وجودها في مقدمة المسجد أو في جوانب المسجد يمينا وشمالا يكون أصلح وأولى، وأبعد عن هذا الشيء الذي يتوهمه السائل، فالمصلون ما قصدوا احتقارها ولا الاستهانة بها، ولكن هكذا كان وضعها في بعض المساجد، فينبغي في المسجد التي توضع فيه هكذا أن توضع في الأمام، أو على جنب المصلي عن يمينه أو شماله في جوانب المسجد، والاستهانة غير مقصودة، وإنما المقصود التسهيل للناس حتى لا يتخطوا الصفوف، والأمر في هذا واسع إن شاء الله، ولو جعلت الدواليب مفتوحة من هنا ومن هنا للتسهيل على القراء، الذي من هنا يأخذ والذي ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (41).

من هنا يأخذ؛ حتى يكون أخذ المصحف متيسرا من هنا أو من هنا، وجعل الحائل ما يمنع الاستدبار، ولو سد أحد الجانبين فالاستدبار حاصل.

حكم وجود صناديق الأحذية بين الصفوف

132 - حكم وجود صناديق الأحذية بين الصفوف س: توجد في بعض المساجد صناديق تحتوي على الأحذية تتخلل الصفوف، فما الحكم في الصلاة إلى هذه الصناديق (¬1) ج: لا حرج في ذلك، الصناديق التي أمام الصف لا حرج فيها، إذا كان فيها نعال أو فيها غير ذلك من مصاحف أو كتب، حتى ولو فرض أن في بعضها نجاسة فلا يضر؛ لأنها في مكانها ما هي تحت المصلي، في مكان خاص، كونه أمامهم أو خلفهم لا يضر. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (46).

حكم صلاة المنفرد خلف الصف

133 - حكم صلاة المنفرد خلف الصف س: يقول السائل: ما حكم رجل صلى منفردا خلف صفوف المأمومين؟ وما الذي يترتب عليه (¬1) ج: إذا صلى الإنسان منفردا خلف الصف، أو امرأة خلف صف النساء ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (242).

منفردة وجبت الإعادة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬1)» ولما رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده أمره صلى الله عليه وسلم أن يعيد الصلاة، وهذا يدل على أن من صلى خلف الصف وحده يعيد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬2)»، لكن المرأة إذا ما كان معها نساء صلاتها صحيحة خلف الصف مستثناة، أما إذا كان معها نساء وتركت النساء وصلت خلفهن وحدها فإنها كالرجل في هذا تعيد الصلاة، أما إذا كانت خلف الرجال وليس معها أحد فإنه يجزئها ذلك؛ لأن أم سليم صلت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وحدها خلف الرجال، أما الرجل فلا، إذا صلى خلف الصفوف فإنه يقضي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬3)» «وفي حديث وابصة بن معبد أنه رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة (¬4)» ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (¬4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539).

س: ما حكم صلاة المنفرد خلف الصف (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (228).

ج: لا تصح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬1)»، «ولما رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده أمره أن يعيد الصلاة (¬2)» عليه الصلاة والسلام، ولم يسأله، ما قال: هل وجدت فرجة؟ أو: ما وجدت فرجة؟ أمره أن يعيد سدا للباب، فليس لأحد أن يصف خلف الصف، بل ينتظر إن لم يجد فرجة، أو يتقدم مع الإمام إن تيسر يصلي عن يمينه، أو يصبر حتى يجد فرجة، أو يجيء أحد يصلي معه، فإذا انتهت الصلاة صلى وحده. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539).

س: ما حكم من صلى منفردا خلف الصف (¬1) ج: لا تصح صلاته، من صلى خلف الصف وهو منفرد لا صلاة له، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمنفرد خلف الصف (¬2)»، «ورأى رجلا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد عليه الصلاة والسلام (¬3)» فالواجب على المؤمن أن يلتمس فرجة حتى يقف في الصف، فإن عجز صلى مع الإمام عن يمين الإمام إذا تيسر ذلك، فإن ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (352). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539).

لم يتيسر انتظر حتى يأتي من يصف معه.

س: الأخوان: ع. أ. د. (و) ص. ع. م: من سوريا، يسألان عن صلاة المنفرد خلف الصف: إذا دخل الإنسان ووجد الصف قد امتلأ فهل يشرع في الصلاة؟ أم كيف يكون حاله؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: المشروع له أنه يبقى حتى يجد فرجة، يعني يلتمس فرجة في الصف حتى يدخل فيها، أو مع الإمام عن يمينه إذا تيسر ذلك، وإلا فليبق لا يصل وحده، لعله يجد أحدا من الجماعة الداخلين من جديد يصلون معه، ولا يصل وحده، إن صلى وحده ما صحت صلاته، لا بد إما أن يجد فرجة، يتأنى ويصبر حتى يجد فرجة، لا يعجل، أو يقف مع الإمام عن يمينه، فإن لم يجد مع الاجتهاد انتظر لعله يأتي أحد فيصف معه، فإن صلوا ما أتى أحد، يصل وحده، النبي عليه السلام قال: «فلا صلاة لرجل منفرد خلف الصف (¬2)» «ولما رأى رجلا وحده خلف الصف أمره أن يعيد الصلاة (¬3)» ولما ركع أبو بكرة دون الصف نهاه، وقال: «زادك الله حرصا ولا تعد (¬4)» فلا يركع دون الصف ثم يمشي في ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (231). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

الصف، ولا يصلي وحده خلف الصف ولكن عن يمين الإمام، أو يلتمس فرجة لعله يجد حتى يدخل في الصف، فإن تعذر عليه ذلك بعد الاجتهاد انتظر ولا يجذب أحدا أيضا؛ ولا ينبغي أن يجذب أحدا ليصلي معه؛ لأن الجذب تصرف فيه وتعد عليه وفتح فرجة في الصف أيضا لأجل مصلحته، والصف يجب سد خلله، والإنسان يفرح بالصف الذي قبله قبل مكانه، يعني يكون صاحب صف يحب أن يبقى في صفه، فالحاصل أنه لا يجذب، أما حديث: «ألا دخلت معهم أو اجتذبت رجلا (¬1)» فهذا ضعيف، الصواب أنه لا يجذب أحدا، ولكن يلتمس فرجة، فإن وجد فرجة وإلا فليصف عن يمين الإمام، فإن لم يتيسر انتظر ولا حرج عليه والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج 16، ص 18)، وفي الأوسط برقم (8416).

س: حدثونا عن الوقوف منفردا خلف الإمام عند الصلاة، كيف يكون ذلك؟ فهل هو جائز؟ وهل تصح الصلاة (¬1) ج: الوقوف خلف الإمام وأنت وحدك ليس بجائز، ولا تصح معه الصلاة، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «فلا صلاة لرجل فرد خلف ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (328).

الصف (¬1)» «ورأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره عليه الصلاة والسلام أن يعيد الصلاة (¬2)» فليس للفرد أن يصلي خلف الإمام وحده، ولكن ينتظر حتى يجد فرجة، أو يحصل من يصف معه، أو يتقدم فيصف مع الإمام عن يمينه، أما أن يصلي لوحده لا، ولكن ينتظر أو يأتي في فرجة في الصف. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539).

س: السائل: ع. س. ج: ما حكم صلاة المنفرد خلف الصف (¬1) ج: حكمها عدم الصحة البطلان؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬2)». «ولأنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة (¬3)» ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (268). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539).

س: السائل: أ. م. من الرياض يقول: ما الصحيح في أقوال العلماء في صلاة المنفرد خلف الصف؟ وهل صلاة من صلى ركعة واحدة

خلف الصف منفردا، ثم اكتمل الصف بعد ذلك، هل صلاته صحيحة، أم يجب عليه الإعادة (¬1) ج: من صلى خلف الصف وجبت عليه الإعادة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬2)» «ولأنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة (¬3)» ولم يستفصله، فدل ذلك على أن من صلى خلف الصف وحده يؤمر بالإعادة، لكن لو جاء والإمام راكع فركع وحده، ثم دخل معه آخر قبل السجود صحت الصلاة، أما من صلى ركعة وحده فإن الصلاة لا تصح، إلا إذا استأنفها بعد الركعة، استأنف التكبير بالنسبة إلى الباقي، يعني استأنف دخوله مع إمام بعد الركعة التي انفرد فيها، اعتقد بطلانها وأتى بتكبيرة الإحرام ليصلي الركعات الباقية صحت ويقضي ما فاته، المقصود أن صلاة المنفرد خلف الصف وحده لا تصح مطلقا، سواء وجد من يصف معه أو لم يجد لا يصلي خلف الصف، بل ينتظر حتى يأتي من يصف أو يلتمس فرجة أو يصف مع الإمام عن يمينه إذا تيسر ذلك، هذا هو الواجب، ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (420). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539).

لكن مجرد أنه كبر وحده أو ركع وحده، ثم جاء من صف معه هذا صحيح.

س: بالنسبة لصلاة المنفرد خلف الصف علما بأنه وجد الصف أمامه قد امتلأ تماما، ماذا يلزمه في مثل هذه الحالة (¬1) ج: يكون اثنين فأكثر، لا يصل وحده، يلتمس فرجة أو يقف مع الإمام عن يمينه إلا إذا وجد معه آخر لا بأس، يصير اثنان أو أكثر لا بأس خلف الصف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬2)» «ولأنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة (¬3)» ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (386). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539).

س: الذي يأتي والصفوف ملأى وصلى منفردا، ماذا تقولون له (¬1) ج: يؤمر بالإعادة، كما أمره النبي بالإعادة عليه الصلاة والسلام؛ لأن بعضنا قد يستعجل، ولو تأنى لوجد فرجة أو وقف مع الإمام عن يمينه، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬2)» ورأى رجلا يصلي خلف الصف لوحده، فأمره أن يعيد ولم ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (202). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862).

يستفصله، ولم يقل له: هل وجدت فرجة؟ أو: ما وجدت فرجة؟ هل حصلت أحدا؟ أو: ما حصلت أحدا؟ ولأن في هذا سدا لباب التساهل، وعلى المرء أن ينتظر حتى يأتي أحد أو يجد فرجة، إما أن يجد فرجة وإلا ينتظر حتى يجد أحدا، أو يقف مع الإمام عن يمينه، ولا يجذب أحدا؛ لأنه تصرفه في إيجاد فرجة في الصف تصرف بغير إذن شرعي، أما حديث: هلا أدخلت معهم رجلا فهو حديث ضعيف، لا تقوم به الحجة.

س: يقول هذا السائل: ما حكم الصلاة خلف الصف منفردا؟ نرجو من سماحتكم القول الراجح في ذلك (¬1) ج: الصلاة خلف الصف منفردا لا تصح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬2)» فالذي يصلي وحده خلف الصف صلاته باطلة، بل عليه أن يجتهد حتى يجد فرجة، أو يقف عن يمين الإمام، أو ينتظر حتى يأتي أحد. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والستون من الشريط رقم (434). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862).

س: يقول هذا السائل: دخلت المسجد فلم أجد لي مكانا في الصف، وانتظرت مدة فلم يحضر أحد، هل أصلي منفردا خلف الصف (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (435).

ج: لا تصل منفردا، بل تقدم صل مع الإمام عن يمينه، وإلا قارب بين الصف حتى تجد فرجة، فإن لم تجد فاصبر حتى يسلم الإمام، ثم تصلي وحدك.

س: السائل: أ. م. من سوريا يقول: رجل صلى ركعة منفردا خلف الصف، فلما سلم الإمام أتى بخامسة (¬1) ج: الذي يظهر أنه لا تصح الصلاة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬2)» فإذا صلى ركعة فأكثر فلا صلاة له، أما لو صلى بعض الشيء؛ مثل: قام خلف الصف ثم جاء معه آخر، أو دخل في الصف، أو ركع ثم دخل في الصف، أو جاء مع آخر لا بأس، أما إذا كمل الركعة فإنها لا تصح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬3)»، وأقر أبا بكرة لما ركع دون الصف، ثم دخل في الصف ولم يأمره بالقضاء، فدل على أنه إذا كان الانفراد في الركوع أو في القيام قبل الركوع هذا يجزئ، ثم دخل في الصف أو صف معه آخر، أما إذا سجد وليس معه أحد، أو أتى بأكثر من ذلك فإن الصلاة غير صحيحة، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (404). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862).

وقال: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬1)». ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862).

س: هذا سائل آخر يستفسر ويقول: رجل دخل المسجد والإمام في الركعة الثانية من الظهر، ولم يجد فرجة في الصف فصلى منفردا، وفي الركعة التالية جاء البعض من الناس وأتموا الصف، فهل الركعة التي صلاها هذا الرجل منفردا صحيحة، أم عليه أن يعيد هذه الركعة فقط؟ أفيدونا مأجورين (¬1) ج: صلاته غير صحيحة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬2)» فهو صلى ركعة أو أكثر، صلاته غير صحيحة، إلا إذا كان أبطلها واعتقد، وابتدأ وكبر تكبيرة الإحرام لما جاء معه أحد فهو صحيح ما أدرك بعد ذلك؛ يعني إذا جاء معه في الركعة الأخيرة، وقطع الصلاة وابتدأ كبر تكبيرة الإحرام ناويا الصلاة مع الإمام لما جاء معه شخص آخر يكون أدرك ركعة حسب ما وقع له، أما إذا كان بنى على صلاته التي هي فيها منفردا فصلاته غير صحيحة؛ ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (400). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862).

لقوله صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬1)» «ورأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيدها عليه الصلاة والسلام (¬2)» المقصود أن الصلاة خلف الصف باطلة، وعلى صاحبها الإعادة إذا كانت فريضة. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539).

س: السائل: أ. ع. من القصيم بريدة، يقول: رجل دخل المسجد والإمام في الركعة الأخيرة من الصلاة، والصف قد اكتمل في الصلاة، هل أصلي خلف الصف منفردا؟ وهل صلاتي صحيحة (¬1) ج: ليس لك ذلك، انتظر لعل الله يأتي بأحد يصلي معك، لا تصل وحدك خلف الصف، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬2)» «ولما رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده أمره أن يعيد الصلاة (¬3)» فأنت تلتمس فرجة أو تنتظر لعل الله يأتي بأحد، فإن لم يتيسر صل وحدك والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (398). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539).

حكم اجتذاب أحد المصلين من الصف الأمامي ليصف معه

134 - حكم اجتذاب أحد المصلين من الصف الأمامي ليصف معه س: يقول السائل: سمعنا من أناس كثيرين أنه إذا جاء المسلم إلى المسجد للصلاة، ووجد أن الصف مزدحم من جميع الجهات فعليه أن يسحب أحد المصلين ليصلي معه. وسمعنا أناسا آخرين قالوا: لا يجوز ذلك، بل يصلي وحده من غير أن يسحب أحدا. نرجو من سماحتكم البيان في ذلك جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذه المسألة كما ذكر السائل: بعض أهل العلم يرى أنه إذا كان الصف قد كمل، وليس فيه فرجة فلا مانع من أن يسحب أحدهم ويصف معه في الصف الذي بعده، وجاء في حديث ضعيف: «ألا دخلت معهم، أو اجتذبت رجلا (¬2)» ولكنه حديث ضعيف لا يعول عليه، والصواب القول الثاني: أنه لا يسحب أحدا؛ لأن ذلك يفتح فرجة في الصف، والرسول أمر بسد الخلل وسد الفرج والتراص في الصفوف، ولأنه تصرف فيمن سبقه إلى حرمانه من هذا الفضل، فلا ينبغي له ولا يجوز له أن يتصرف فيه، ولكن يلتمس فرجة، أو يقف مع الإمام إذا تيسر عن يمين الإمام، فإن لم يتيسر ذلك انتظر حتى يأتي من يصف معه، فإن انتهت الصلاة ولم يأت أحد صلى وحده؛ لقول النبي ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (154). (¬2) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج 16، ص 18)، وفي الأوسط برقم (8416).

صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬1)»، ولأنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة ولما صف أبو بكرة رضي الله عنه خلف الصف حين الركوع أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ألا يعود إلى ذلك، قال: «زادك الله حرصا ولا تعد (¬2)» فلا يجوز أن يصف وحده، بل يصبر حتى يأتي من يصف معه، أو يجد فرجة في الصف، أو يقف عن يمين الإمام إذا تيسر ذلك، فإن فاتت الصلاة ولم يتيسر له أحد فإنه يصلي وحده وهو معذور، وله أجر الجماعة؛ لأنه ترك الدخول معهم لعذر شرعي، فيكون له أجر الجماعة كالمريض ونحوه الذي لم يتيسر له الصلاة في الجماعة. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

س: إذا دخل المصلي المسجد، ووجد الصف الأول قد امتلأ، ويريد أن يدرك الركعة فماذا يفعل؟ هل يقف وحده، أم يجذب أحد المصلين من الصف الأول؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: عليه أن يلتمس فرجة، فإذا لم يجد لا يجذب أحدا، بل ينتظر حتى ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (261).

يأتي أحد ولو فاتته الركعة، وإن تيسر له أن يتقدم مع الإمام ويقف عن يمينه هذا طيب، وإلا فلينتظر حتى يأتي أحد، ولا يصل وحده، ولا يجذب الناس، أما الحديث الذي تضمن جذب من يصف معه، وهو: «ألا دخلت معهم، أو اجتذبت رجلا (¬1)» فهذا فيه نظر؛ لأن جذب الرجل يفتح فرجة في الصف، وتصرف فيه بغير حق، والحاصل لا يجر رجلا ولا يصل وحده؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬2)» ولكن ينتظر حتى يأتي من يصف معه، فإن لم يأت أحد صلى بعد ذلك إذا سلم الإمام، صلى وحده وهو معذور، ونرجو له أجر الجماعة؛ لأنه معذور شرعا. ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج 16، ص 18)، وفي الأوسط برقم (8416). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862).

حكم امتناع المصلي إذا جذبه مصل آخر ليصف معه خلف الصف

135 - حكم امتناع المصلي إذا جذبه مصل آخر ليصف معه خلف الصف س: هل يجوز السحب من الصف الأول وهو ما كمل بعد؟ وهل علي إثم إذا سحبني أحد ولم أنسحب؟ والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا (¬1)»، نرجو تبيين الخلاف في ذلك، وإعطاءنا ¬

_ (¬1) صحيح البخاري الشهادات (2689)، صحيح مسلم الصلاة (437)، سنن الترمذي الصلاة (225)، سنن النسائي الأذان (671)، مسند أحمد (2/ 375)، موطأ مالك النداء للصلاة (295).

الرأي الراجح، وشكرا لكم (¬1) ج: لا ينبغي السحب من الصف الأول ولا غيره، بل الذي يأتي يلتمس فرجة فيدخل فيها، فإن لم يجد صبر حتى يأتي أحد فيصف معه، وإن تقدم مع الإمام صلى عن يمين الإمام فلا بأس، أما أنه يسحب من الصف الأول أو من الثاني فلا، أما حديث: «ألا دخلت معهم أو اجتذبت رجلا (¬2)» فهو حديث ضعيف لا يلزم التعويل عليه، ولأن السحب تصرف في الناس بغير حق، فالحاصل أنه لا ينبغي السحب، ولا يلزم المسحوب أن ينسحب، بل إذا أحب أن يبقى في صفه يبقى في صفه، وليس لأحد أن يسحبه من صفه، ثم السحب من الصف يسبب خللا في الصف وفرجة في الصف، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بسد الخلل ورص الصفوف، فالذي يدخل لا ينبغي له أن يسحب أحدا، بل يلتمس إن وجد فرجة دخل فيها وسد الصف، فإن لم يجد تقدم مع الإمام وصف عن يمين الإمام، فإن لم يتيسر ذلك فالمشروع له الصبر حتى يأتي أحد فيصفا جميعا، فإن فرغت الصلاة ولم يأت أحد صلى وحده بعد ذلك والحمد لله ولا حرج عليه؛ لأن النبي عليه السلام قال: «فلا ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (10). (¬2) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج 16، ص 18)، وفي الأوسط برقم (8416).

صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬1)» فلا يجوز له أن يصلي وحده خلف الصف، ولكن يصبر حتى يجد من يدخل معه، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا ما وجد أحدا يسوغ له أن يصلي وحده، ولكنه قول ضعيف مخالف لظاهر الأحاديث الصحيحة، فلا وجه للتعويل عليه، لكن المؤمن يصبر لعله يجد أحدا يصف معه، فإن وجد فرجة دخل فيها، وإن تيسر له الوقوف مع الإمام وقف مع الإمام عن يمينه، هذا هو المشروع فيما نعلم. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862).

حكم الوقوف عن يمين الإمام لمن دخل بعد اكتمال الصفوف

136 - حكم الوقوف عن يمين الإمام لمن دخل بعد اكتمال الصفوف س: إذا حضر المصلي ووجد الصف الأول كاملا وليس معه أحد - ومن المعلوم أنه يأخذ معه واحدا من الصف الذي أمامه - فهل يأخذ من خلف الإمام أو من نهاية الصف؟ وكما أشاهد الكثير إذا كان الصف كاملا، وحضر قليل أشاهدهم يصفون؛ إما على يمين الإمام أو على يساره من بعد الصف، فما الحكم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كان الصف كاملا فليس لك أن تأخذ أحدا، هذا هو الصواب، والحديث الوارد في ذلك ضعيف: «ألا دخلت معهم، أو اجتذبت ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (217).

رجلا (¬1)» هذا ضعيف، لكن تنتظر لعله يأتي أحد يصف معك، أو تتقدم وتصلي مع الإمام عن يمينه، كل هذا لا حرج فيه، وليس لك أن تأخذ أحدا من الصف؛ لأنك تفتح فرجة في الصف، والرسول أمر بسد الخلل في الصفوف، فعليك أن تلتمس فرجة لعلك تجد، ولا تعجل فإن لم تجد فاصبر حتى يأتي أحد معك ولو فاتت الركعة، أو تتقدم وتصف مع الإمام عن يمين الإمام. ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج 16، ص 18)، وفي الأوسط برقم (8416).

حكم الوقوف خلف الصف لانتظار من يصف معه

137 - حكم الوقوف خلف الصف لانتظار من يصف معه س: يقول السائل: صلاة الفذ لا تجوز، ولكن إذا دخل المصلي ووجد الإمام راكعا هل يجر من وسط الصف أو من يمينه، أو يركع وحده على احتمال دخول آخر معه ولو بعد الركعة (¬1) ج: هذا، الذي ينبغي له ألا يعجل، إذا جاء والإمام راكع يلتمس المكان المناسب، فرجة يدخل فيها في طرف الصف حتى يكمل الصف، ولا يعجل ولو فاتته الركعة، النبي عليه الصلاة والسلام قال: «فما أدركتم فصلوا، ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (19).

وما فاتكم فأتموا (¬1)» ونهى عن العجلة، فالداخل لا يعجل ولا يصف وحده، بل يلتمس الفرجة أو يصف في طرف الصف، فإن لم يجد تقدم وصف عن يمين الإمام، ولا يصل وحده، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬2)» «ولما رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده أمره أن يعيد الصلاة (¬3)» فالحاصل أنه لا يجذب أحدا؛ لأنه تصرف في الناس بغير حق، ولأن هذا يفتح فرجة في الصف، إذا جره فتح فرجة في الصف، والمطلوب سد الخلل وسد الفرج وعدم إيجاد الفرج في الصفوف، لكن ينتظر لعله يأتيه أحد، إذا كان الصف قد كمل وليس هناك محل مع الإمام ينتظر، وإلا فليتقدم فيصل مع الإمام عن يمينه، أو يقارب بين أفراد الصف حتى يجد فرجة فيدخل فيها، ولا يصل وحده. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة، برقم (908)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539).

س: من المستمع: م. ن. يقول: إذا دخل المسجد للصلاة مع الجماعة،

والصف كامل هل له الصلاة خلفهم في صف ثان، أو يسحب من الصف الأول واحدا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب عليه أن يلتمس فرجة حتى يدخل فيها، ولا يصلي وحده، يلتمس فرجة أو يصف عن يمين الإمام ولا يجذب أحدا؛ لأنه إذا جذب أحدا فتح فرجة في الصف، والرسول أمر بسد الخلل وعدم الفرج في الصلاة، لكن ينتظر لعله يأتي أحد ويصف معه، فإن سلموا صلى وحده وهو معذور والحمد لله، أما أن يصلي وحده خلف الصف فلا؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬2)» «ولما رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده أمره أن يعيد الصلاة (¬3)» ولم يسأله ليقول: هل أنت وجدت؟ أم: ما وجدت؟ بل أمره أن يعيد الصلاة لما رآه يصلي خلف الصف وحده، أمره أن يعيد الصلاة، وقال: «فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف (¬4)»، فليس لأحد أن يصلي خلف الصف وحده، ولكن ينتظر أو يلتمس فرجة أو يقف عن يمين الإمام، هذا هو الواجب عليه. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (320). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث وابصة بن معبد الأسدي رضي الله عنه، برقم (17539). (¬4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن شيبان رضي الله تعالى عنه، برقم (15862).

حكم من جاء في الركعة الأخيرة والصف مكتمل والإمام في الركعة الأخيرة

138 - حكم من جاء في الركعة الأخيرة والصف مكتمل والإمام في الركعة الأخيرة س: أدركت الإمام في آخر ركعة، وكان الصف قد اكتمل ولم يتسع لي، ولم أتمكن من سحب شخص من الصف الأول، فهل يجوز أن أقف منفردا في الصف (¬1) ج: ليس لك ذلك، تصلي عن يمين الإمام، تلتمس فرجة، وإلا تصل عن يمين الإمام، ولا تصل وحدك، فإن لم تجد أحدا تصبر، فإذا سلم الإمام تصلي وحدك إن لم يأت أحد. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (432).

حكم صلاة من أدرك ركعة وهو منفرد خلف الصف

139 - حكم صلاة من أدرك ركعة وهو منفرد خلف الصف س: دخلت إلى المسجد ووجدت أحد المأمومين يقف منفردا خلف الصفوف، ووقفت معه ودخلت في الصلاة، ثم زاد الصف طولا وانتهت الصلاة، فقلت له: يا أخي، الوقوف منفردا خلف الصف لا تصح صلاة من فعل ذلك على ما سمعت من هذا البرنامج. قال لي بأنه حاول أن يسحب أحدا من الصف الذي أمامه، لكن لم يستجب له أحد. الآن ما صحة صلاته هو؟ وما صحة ما فعلت أنا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (171).

ج: إذا كان الشخص الذي سبقك وقف في الصف، ثم جئت قبل الركوع أو بعد الركوع صحت صلاتكما جميعا، أما إذا كان مجيئك بعدما صلى ركعة أو أكثر فإن صلاتك صحيحة؛ لأنك تعتقد سلامة صلاته وصلاته غير صحيحة، عليه أن يعيدها، أما إن كنت تعلم أن صلاته باطلة حين وقفت معه فعليك أن تعيد أيضا، لكن إذا كنت لا تعتقد ذلك، وتجهل الحكم الشرعي فصلاتك صحيحة، أو كان وقوفه قبل الركوع أو بعد الركوع، لكن جئت معه قبل أن يسجد في الركعة الأولى فإن صلاتكما صحيحة أيضا؛ لقصة أبي بكرة؛ لأن أبا بكرة الثقفي رضي الله عنه جاء والنبي راكع عليه الصلاة والسلام، فركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: «زادك الله حرصا، ولا تعد (¬1)» ولم يأمره بالإعادة، فدل على أن من وقف دون الصف في الركوع أو فيما بعد الركوع، لكنه أدرك السجود في الصف أو صف معه غيره فإن صلاته صحيحة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

حكم وضع ساتر بين الرجال والنساء في المسجد

140 - حكم وضع ساتر بين الرجال والنساء في المسجد س: يوجد عندنا مسجد وبه جزء للنساء يفصله عن مسجد الرجال حائط، وعند النساء سماعة من المكرفون لسماع الإمام والمدرس، فقام رجل وأراد هدم الحائط لترك النساء أمام الرجال ودليله في ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «تصف الرجال ثم الصبيان ثم

النساء (¬1)» وحدث في ذلك خلاف شديد، فما هو توجيهكم؟ جزاكم الله خيرا (¬2) ج: كل ذلك لا حرج فيه، كان النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يصلين مع الرجال، خلف الرجال من دون حائط من دون شيء، يتسترن ويتحجبن، ويصلين مع الرجال في المؤخرة، كما في الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: «خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها (¬3)»؛ لأن أولها قد يقرب من الرجال، فإذا صلين في أسفل المسجد خلف الرجال وتسترن فلا حرج، ولا حاجة إلى الجدار ولا لغيره، وإن جعل جدار أو ستار غير الجدار حتى يأخذن راحتهن ويكشفن وجوههن ويسترحن فلا بأس بذلك، حتى يسترحن في مصلاهن ويسمعن عن طريق المكبر، أو من طريق الإمام إذا كان يسمعنه بدون مكبر، لا حرج في ذلك الأمر في هذا ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير معجم الحارث أبي مالك الأشعري، شهر بن حوشب عن أبي مالك الأشعري جـ 3 (291)، برقم (3436). (¬2) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (256). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول منها، والازدحام على الصف الأول والمسابقة إليها، وتقديم أولي الفضل وتقريبهم من الإمام، برقم (440).

واسع والحمد لله، وإن جعل شبك يرى منه الإمام والمأمومون، ويسمعن الصوت فلا بأس أيضا، الأمر كله واسع لا ينبغي في هذا التشديد، الجدار أو الشبك أو الستارة أو بدون ذلك كله طيب كله جائز، والحمد لله، وقد كن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ليس هناك جدار ولا غيره، يتسترن ويصلين مع الناس خلف الرجال والحمد لله، فإذا جعل جدار أو شبك يسترهن، أو ستارة حتى يسترحن يضعن عبيهن، ويكشفن وجوههن ويسترحن ولا يراهن الرجال كان في هذا مصلحة لهن، وراحة لهن فقط، ولا حرج في ذلك والحمد لله.

س: يقول السائل: يرى الناس أن الزمان ليس كالزمان في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، وأنه لا بد من وضع ساتر وحاجز حتى لا يرى الرجال النساء في المسجد (¬1) ج: لا بد من هذا، إذا كن لا يتسترن لا بد من هذا، إذا كن من طبيعتهن في بعض البلدان لا يتسترن لا بد من وضع جدار أو ستارة، أما إذا كن يعتنين مثل ما كن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، يعتنين بالحجاب ويتسترن فلا حرج، ولا حاجة للحجاب، يصلين ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (256).

خلف الرجال صفوفهن خلف الرجال، وخير صفوفهن آخرها، وشرها أولها، لكن إذا كن لهن عادة في التساهل وكشف الوجوه فوجود حجاب يسترهن هذا هو الواجب؛ حتى لا يفتن ولا يفتن.

حكم صلاة المرأة بين صفوف الرجال

141 - حكم صلاة المرأة بين صفوف الرجال س: في أحد أيام الجمعة وفي صلاة الجمعة ذهبت للصلاة مع الجماعة، وقد رأيت المسجد الجامع قد امتلأ بالمصلين، فاضطررت للصلاة مع الجماعة خارج المسجد، ولكن أثناء إقامة الصلاة كان هناك نساء فقيرات جالسات، وبعد إقامة الصلاة تقدمت إحدى النساء فصلت في أحد صفوف المصلين وهي جالسة. السؤال: هل تجوز الصلاة مع النساء، علما بأن المرأة كانت في الوسط ويوجد رجال أمامها وخلفها؟ ماذا أفعل يا سماحة الشيخ؟ ج: الصلاة صحيحة والحمد لله، وهذا يقع كثيرا في المسجد الحرام والمسجد النبوي، وعند زحمة الناس وقت الحج يختلط الرجال بالنساء، فالصلاة صحيحة، ولكن يجب على النساء أن يتأخرن عن الرجال، وليس لهن أن يتقدمن بين الرجال أو أمام الرجال، لكن إذا وقع

ذلك بسبب الزحام فالصلاة صحيحة، ولا يضر ذلك والحمد لله، أما في حال الاختيار فإنها تؤخر، يقال لها: تأخري خلف الرجال. وتؤمر بذلك، أما صلاتها جالسة غير صحيحة إن كانت تقدر، إن كانت تقدر على الصلاة قائمة لم تصح صلاتها الفريضة وهي جالسة، لا الجمعة مع الناس ولا غيرها، أما إذا كانت عاجزة لا تقدر تقف فلا بأس كالرجل.

حكم صلاة الرجال خلف النساء

142 - حكم صلاة الرجال خلف النساء س: م. ع. من المدينة المنورة: ما حكم صلاة الرجال خلف النساء، أو بجانبهن في الجهة الأخرى (¬1) ج: المشروع أن يكون الرجال أمام النساء، وأن يكون النساء خلف الرجال في المساجد إذا صلوا هذا هو المشروع، هذا هو الواجب، لكن لو دعا ضرورة في موسم الحج في المسجد النبوي والمسجد الحرام، وقد يقع النساء على يمين المصلين أو يسارهم أو أمامهم فلا يضر صلاة الرجال، صلاة الرجال صحيحة، أو كان النساء على يمينهم أو شمالهم أو غير ذلك، أما السنة والمشروع والواجب أن يكن خلف المصلين، هذا هو السنة. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (3).

حكم إمامة المرأة للنساء

143 - حكم إمامة المرأة للنساء س: تقول السائلة: ما حكم إمامة المرأة في الشريعة الإسلامية؟ وما دليل ذلك من القرآن أو السنة، أو من اجتهاد الأئمة الأربعة (¬1) ج: إمامة المرأة للنساء لا بأس بها، ولا حرج فيها وهي جائزة، بل تستحب عند الحاجة إلى ذلك؛ للتعليم والتوجيه، ويعمهن قوله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة (¬2)» الحديث. وقد ثبت عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أنهما أمتا بعض النساء فإذا تيسر للمرأة القارئة الفقيهة أن تؤم نساء أهل دارها، أو إذا اجتمع عندها بعض أخواتها فتؤمهن هذا كله حسن وفيه مصالح، وقد روي عن أم ورقة أنها كانت تؤم أهل دارها (¬3) الحاصل أن إمامة المرأة ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (121). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة؟ برقم (673). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث الأنصارية، برقم (26739).

للنساء لا بأس بها، ولا حرج فيها، بل هي مستحبة إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وصارت الإمامة عندها علم وعندها فقه حتى تعلم أخواتها وتفقههن، وحتى يتأسين بصلاتها وبقراءتها وسجودها وركوعها، وجلستها بين السجدتين واعتدالها بعد ركوعها، هذا كله ينفع النساء كما ينفع الرجال، يستفيدونه من إمامهم.

موقف المرأة من الصف إذا أمت النساء

144 - موقف المرأة من الصف إذا أمت النساء س: إذا صليت بالجماعة مع النساء صلاة جماعة، وكنت في وسطهن وأقمت الصلاة بنفسي، وبعد الصلاة دعوت بلسان الجميع بصوت يسمع هل يكون في ذلك حرج؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الصلاة بهن مناسبة للتعليم، وليستفدن من عملك، ولكن لا يشرع لك الإقامة، صلاة بلا أذان ولا إقامة، الأذان يكفي الذي يصدر من الرجال، وليس عليكن إقامة، ولكن إذا قمت وسطهن كبرت تكبيرة الإحرام، ثم يكبرن معك وهكذا يتابعنك، والدعاء الجماعي لا أصل له، ولكن إذا سلمت تأتين بالأذكار الشرعية؛ أول شيء: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله. بصوت مرتفع يسمعنه: اللهم أنت السلام ومنك السلام، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (183).

تباركت يا ذا الجلال والإكرام. ثم تقولين: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. وكل واحدة تقول مثلك يتعلمن من غير حاجة إلى أن يكون صوت جماعي؛ لأن الرسول كان يفعل هذا عليه الصلاة والسلام، ثبت هذا الذي ذكرته لك، ثبت عنه من حديث المغيرة بن شعبة ومن حديث ابن الزبير ومن أحاديث أخرى، فعليك أن تعلميهن ذلك بصوتك، وهن يسمعن ويتعلمن منك، ثم بعد هذا يشرع للجميع أن تقول كل واحدة: سبحان الله والحمد لله والله أكبر. ثلاثا وثلاثين مرة، تعقدها بالأصابع، ثم تقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله

الحمد وهو على كل شيء قدير. لأن الرسول حرض على هذا، وأخبر أن هذا من أسباب المغفرة، ويستحب أيضا مع هذا قراءة آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (¬1)، وقراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2) و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (¬3) و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (¬4) بعد كل فريضة، هذا هو الأفضل، لكن بعد المغرب وبعد الفجر تكرر السور الثلاث ثلاث مرات، هذا هو الأفضل، وفقك الله وأخواتك ونفع بكن جميعا. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 255 (¬2) سورة الإخلاص الآية 1 (¬3) سورة الفلق الآية 1 (¬4) سورة الناس الآية 1

س: إذا توفر في المرأة شروط الإمامة فهل ينبغي لها أن تصلي بالنساء في جماعة أم لا (¬1) ج: إن صلت بهن فهو أفضل في بيتها، ولكن لا يجب؛ لأن الجماعة غير واجبة في حق النساء، لكن لو صلت بهن جماعة للتعليم والتوجيه فهذا طيب، وقد روي عن أم سلمة وعن عائشة أنهما صلتا ببعض النساء جماعة هذا من باب التعليم والتوجيه إلى الخير، ولكن لا يجب، وتصلي بهن في وسطهن. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (23).

حكم إقامة صلاة الجماعة بين النساء

145 - حكم إقامة صلاة الجماعة بين النساء س: ما حكم صلاة الجماعة للمرأة في المدارس أو غيرها؟ آمل التوجيه (¬1) ج: صلاة الجماعة على النساء غير واجبة، لكنها إذا تيسرت أفضل حتى يتعلم بعضهن من بعض، وحتى يستفيد بعضهن من بعض، وقد جاء عن أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما أنهما أمتا بعض النساء فذلك يدل على أن هذا أمر معلوم عندهن في العهد الأول والقرن الأول، ومعلوم ما في هذا من الفضائل والمصالح، فإن وجود امرأة ذات علم وبصيرة تؤم النساء يستفيد منها النساء كثيرا يتعلمن كيف يصلين، كيف يركعن، كيف يسجدن، إلى غير ذلك، فصلاتهن جماعة خلف إمامة صالحة ذات بصيرة وعلم هذا لا شك فيه أنه ينفع الجميع، وهي تقف وسطهن وتجهر في الجهرية كالمغرب والعشاء والفجر، فالحاصل أنه مستحب إذا تيسر، وليس بواجب إنما تجب الجماعة على الرجال في بيوت الله عز وجل، حيث قد شرع لنا ذلك، وأما النساء فصلاتهن مفردات جائزة، وإذا تيسرت الجماعة لهن فيما بينهن فهو حسن، ولا ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (72).

سيما إذا وجدت امرأة لديها علم وبصيرة؛ حتى تصلي بهن وتعلمهن الصلاة الشرعية التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «وصلوا كما رأيتموني أصلي (¬1)» وهذا يعم النساء والرجال جميعا، فعلى المسلمين أن يصلوا كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، والمرأة الفاهمة العالمة تعلم أخواتها في الله وبناتها وغيرهن الصلاة الشرعية، وإذا صلت بهن كان ذلك أكمل في التعليم. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة برقم (631).

س: هل فضل صلاة جماعة النساء مثل فضل جماعة الرجال (¬1) ج: لا أعلم ذلك، الله أعلم؛ لأن الجماعة شرعت للرجال، أما النساء فقصارى ما يقال فيهن أنه يجوز لهن أن يصلين جماعة، ويقال: إنه يجوز لهن أن يصلين جماعة. وأما هن فلسن مأمورات بالجماعة، مأمورات أن يصلين في بيوتهن، ولسن مأمورات بالجماعة، ولكن لو صلين جماعة فلا بأس، ونرجو لهن الخير في ذلك إذا كان المقصود من الجماعة الاستفادة حتى يتعلم بعضهن من بعض، ويستفيد بعضهن من بعض، فهذا طيب. وقد روي عن أم ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (151).

سلمة وعائشة أنهما صلتا ببعض من النساء جماعة للتعليم والتوجيه، فلا بأس بهذا ولا حرج، أما كونها يحصل لها فضل الجماعة التي وعد الله بها الرجال فلا أعلم ذلك.

س: إذا توفر مجموعة من النساء في مكان واحد فهل تجب عليهن صلاة الجماعة؟ وهل هناك إثم إذا صلت كل واحدة بمفردها ولم يصلين جماعة (¬1) ج: لا حرج في ذلك، ولا تجب عليهن جماعة، الجماعة من اختصاص الرجال، وجوبها في حق الرجال، أما المرأة فليس عليها جماعة، لكن لو صلين جماعة وصلت بهن إحداهن، ولا سيما من لها بصيرة وعلم حتى تعلمهن وحتى ترشدهن فهذا طيب، هذا مستحب، فقد روي عن أم سلمة وعائشة أنهما صلتا ببعض النساء فالحاصل أنه إذا وجد فيهن امرأة قارئة معلمة تفيدهن، وصلت بهن فهذا طيب ومشروع بالتعليم، تخبرهن كيف تصلي المرأة، كيف تركع، كيف تطمئن، كيف تخشع في صلاتها، وتكون إمامتهن بينهن في وسطهن كما ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (58).

تقدم، وتجهر بالقراءة في المغرب والعشاء والفجر كالرجل حتى يستفدن منها، وإذا رأت منهن شيئا من الخلل علمتهن، وتعظهن وتذكرهن إذا كان عندها علم، هذا شيء مطلوب، لكن لو لم يصلين جماعة فلا حرج ولو كن موجودات في البيت الواحد، إذا صلت كل واحدة لوحدها فلا حرج.

س: هل إذا اجتمع النساء في وقت الصلاة في مسجد، أو في مكان طاهر يجب عليهن أن يصلين جماعة، أم تصلي كل واحدة منهن لوحدها؟ وإذا صلين جماعة فما هي صفة الإمامة لهن؟ وهل تقرأ جهرا أم سرا؟ وهل تكون صلاة الجماعة في هذه الحالة واجبة عليهن، أم مستحبة لهن (¬1) ج: إذا اجتمع النساء في أي مكان لم تجب عليهن الجماعة، كل واحدة لها أن تصلي وحدها ولا حرج؛ لأن الجماعة من شأن الرجال، أما النساء فليس عليهن جماعة، لكن لو صلين جماعة وأمتهن إحداهن فلا بأس، فقد روي عن عائشة رضي الله عنها وأم سلمة أنهما أمتا في بعض الأحيان بعض النساء، فإذا صلت المرأة بجماعة من النساء في بيتها، أو في أي مكان فلا حرج، وإذا صلت بالنساء تقف وسطهن تكون ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (364).

في وسطهن، لا تقدم مثل الرجل، تكون في وسط الصف الأول وترفع صوتها بالتكبير، وإذا كانت الصلاة جهرية كالمغرب والعشاء والفجر تجهر بالقراءة حتى تسمعهن وتفيدهن، وإذا كانت سرية كالرجل تسر بالقراءة، لكن ترفع صوتها بالتكبير وبقول: سمع الله لمن حمده. مثل الرجل حتى تسمع النساء وحتى يقتدين بها، وعليها الخشوع والطمأنينة وعدم العجلة حتى يتأسين بها.

س: يقول السائل: هل صلاة النساء في جماعة أفضل من الانفراد، وذلك في أمكنة يجتمع فيها النساء كمدارس البنات والمستشفيات مثلا (¬1) ج: نعم إذا تيسر أن يصلين جماعة فهو خير؛ لأنه يتعلم بعضهن من بعض، ويستفيد بعضهن من بعض، وقد روي عن عائشة وأم سلمة رضي الله تعالى عنهما أنهما كانتا تصليان جماعة بالنساء، فالحاصل أن وجود ذلك أمر طيب، وفيه فوائد تتعلم كل واحدة من أخواتها، والإمامة التي تصلي بهن إذا كانت طالبة علم تنصحهن وتعلمهن وتقف بينهن، لا أمامهن وهن عن يمينها وعن شمالها وخلفها، وتصلي بهن ترفع صوتها بالقراءة في المغرب والعشاء والفجر، يعني في الأولى ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (245).

والثانية من المغرب والعشاء، أما في السرية فتسر الظهر والعصر، والثالثة والرابعة من العشاء، والثالثة من المغرب تسر كالرجل.

س: تسأل الأخت فتقول: هل من الأفضل أن تصلي المرأة وحدها، أو تصلي في جماعة النساء (¬1) ج: كل ذلك جائز، إن صلت وحدها فلا بأس، وإن صلت مع النساء فلا بأس، الأمر واسع في ذلك، وكان النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يصلين وحدهن، كل واحدة تصلي وحدها، فإذا تيسر الجماعة من النساء، وصلين جميعا في البيت وأمتهن خيرهن فذلك حسن، وقد روي عن أم سلمة وعن عائشة أنهما أمتا بعض النساء في بعض الأحيان فالحاصل أنه لا بأس بأن تصلي في جماعة من النساء، وتكون الإمامة وسطهن عن يمينها بعضهن، وعن يسارها بعضهن، ترفع صوتها في التكبير والقراءة في أوقات الجهر كالمغرب والعشاء والفجر، وتعمل كما يعمل الرجل، تكبر وترفع يديها إلى حذاء منكبيها أو أذنيها، وتقول بعد التكبير: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك. أو تأتي بنوع من أنواع الاستفتاح الصحيحة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ثم ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (158).

تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ثم تسمي، ثم تقرأ الفاتحة، ثم تقرأ سورة معها، وهكذا في الثانية في المغرب والعشاء، أما في الثالثة فتقرأ الفاتحة فقط، وهكذا في الثالثة والرابعة في العشاء الفاتحة فقط، وفي الفجر تقرأ الفاتحة وما تيسر معها، لكن أطول من العشاء والمغرب، وهكذا في الظهر والعصر تصلي بهن سرا ليس فيها جهر بالقراءة، فالحاصل أنها مثل ما يصلي الرجل، لكنها تكون وسطهن لا تتقدم، وتركد في صلاتها وتطمئن، وتحرص أن تعلمهن السنة إذا كانت تعرف السنة؛ حتى يقتدين بها ويستفدن منها، وفي هذا لها أجر كبير لما فيه من التعليم، فإذا كانت المرأة فقيهة في دينها، وأمت من تيسر من النساء في بيتها حتى تعلمهن هذا خير عظيم، وفيه فضل كبير، ولكن ليس بواجب، بل متى صلت وحدها فلا بأس.

س: رسالة من الطائف باعثها المستمع: م. ع. يقول فيها: هل يجوز أن تصلي المرأة بالنساء؟ وإذا كان الجواب: نعم. فهل لهن أجر الجماعة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا بأس أن تصلي المرأة بالنساء، فقد ورد ذلك في فعل عائشة وأم ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (320).

سلمة رضي الله عنهما ونرجو لهن في ذلك فضل الجماعة وأجر الجماعة، وفيه مصالح؛ لأن إمامتها للنساء فيها فوائد من التعليم والتوجيه، فكل واحدة تتعلم من أخواتها ما تحتاج إليه في صلاتها، ولا سيما إذا كانت الإمامة متعلمة، وقد يكون فيهن أيضا متعلمات فيستفدن جميعا، فصلاتهن جماعة فيها مصالح كثيرة.

س: السائلة: م. ع. من الجنوب تقول: سماحة الشيخ، أنا معلمة وأقوم بإمامة الطالبات في الصلاة، ونصلي في ساحة المدرسة، علما بأنها تكون متسخة غير نظيفة؛ وذلك من إفطار الطالبات، ويصلون على بعض البسط، ولكنها تكون أيضا غير نظيفة بالتراب، وقد أخبرنا المدرسة في ذلك، ولكن لم يتم التغيير نظرا لعدم وجود إمكانية في ذلك، فما حكم صلاتنا؟ وما حكم ذلك لصلاة الطالبات مأجورين (¬1) ج: لا حرج في ذلك، كونها تؤمهن حتى يتعلمن ويستفدن من صلاتها لا بأس بذلك، ولا بأس بالصلاة على الفرش وإن كانت غير نظيفة ما دام ما فيها نجاسة، ووجود التراب عليها أو بعض الأوراق ما ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (425).

يضر إذا كانت الأرض طاهرة والبسط، ولو كانت فيها بعض الأوساخ يصلى عليها، والطالبات يستفدن من المعلمة إذا صلت بهن، وتكون الإمامة في وسطهن.

س: السائلة الأخت: أم أ. ع. تسأل: سماحة الشيخ، أنا فتاة أصلي بأمي في المنزل جماعة، هل يجوز لها ذلك؟ وهل يجوز لي أن أرفع صوتي بالتلاوة حتى تسمع أمي القراءة؟ وهل رفع صوتي بالقراءة في جميع الركعات يجوز لي ذلك (¬1) ج: لا بأس أن تصلي بأمها، أو ببناتها جماعة حتى يتعلمن ويستفدن، كل هذا طيب، إن كانت واحدة عن يمينها، وإن كن جماعة السنة أن تكون بينهن، وتصلي بهن حتى يتعلمن ويستفدن، ويرجى لهن فضل الجماعة فلا بأس بهذا، وترفع صوتها بالقراءة في المغرب والعشاء والفجر؛ حتى تسمع أمها ومن معها كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (397).

س: كيف يمكن للنساء أن يصلين في البيت جماعة إذا جاز ذلك (¬1) ج: إذا تيسر لهن ذلك فهو أفضل، وقد جاء عن أم سلمة وعائشة ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (348).

أنهما كانتا تصليان بالنساء جماعة فإذا تيسر لصاحبة البيت أن تصلي بأخواتها أو ببناتها أو خادماتها هذا طيب، تكون وسطهن، يصففن عن يمينها وعن شمالها وهي وسطهن، ترفع صوتها بالقراءة والتكبير حتى يتعلمن؛ الجميع ويستفيد الجميع. ونوصي أم البنات إذا كان عندها علم بذلك، وإن كان من البنات من أعلم منها أن يتقدم العالم منهن، أو الأخوات، المقصود يؤمهن أقرؤهن وأعلمهن، وهذا مستحب لما فيه من الفائدة العظيمة والأجر العظيم. والصواب أنه لا بأس به؛ لعموم الأدلة ولفعل عائشة وأم سلمة

بيان أفضلية صلاة المرأة إذا دخلت في المسجد تصلي مع الإمام

146 - بيان أفضلية صلاة المرأة إذا دخلت في المسجد تصلي مع الإمام س: مررت أنا وزوجتي ونحن في السيارة بأحد المساجد، والإمام مقيم للصلاة، فدخلت زوجتي في مصلى النساء، وأنا دخلت مع الرجال، فما هو الأفضل لزوجتي: أن تصلي مع الإمام أي تأتم به، أم تصلي لوحدها (¬1) ج: السنة أن تصلي مع الإمام مع النساء الموجودات، تصلي معهم ما ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (365).

أدركت من صلاة الإمام، وما فاتها تقضي، تصلي ما أدركت، وما فات عليها القضاء كالرجل. وإذا كان لم يوجد نساء فهي معذورة تصلي وحدها ما أدركت، ثم تقضي ما فاتها، إذا أدركت مع الإمام ركعتين إذا سلم الإمام تقوم وتقضي ركعتين، إذا كانت الظهر مثلا والعشاء والعصر، وفي المغرب إذا أدركت مع الإمام ركعتين تقوم وتصلي واحدة التي فاتتها من المغرب كالرجل.

بيان أن الأفضل للمرأة الصلاة في بيتها

147 - بيان أن الأفضل للمرأة الصلاة في بيتها س: تقول هذه السائلة من الأردن: سماحة الشيخ، ما هو الأفضل للمرأة: أن تصلي في البيت، أم في المسجد (¬1) ج: أفضل لها في البيت، صلاة المرأة في بيتها أفضل مع الطمأنينة والخشوع، والعناية بالوقت والطهارة، الصلاة في البيت أفضل، وإن صلت مع الرجال متسترة محتشمة لطلب الفائدة وسماع المواعظ وسماع الأحاديث فلا بأس، الرسول نهى أن يمنعن من المساجد، لكن يخرجن وهن متسترات. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (425).

س: يقول هذا السائل: أيهما أفضل للمرأة: الصلاة في بيتها، أو في المسجد (¬1) ج: الصلاة في بيتها أفضل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وبيوتهن ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والستون من الشريط رقم (425).

خير لهن (¬1)» وأستر لهن وأبعد عن الفتنة، فالبيت أفضل. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (5445).

س: هل فضل صلاة المرأة في بيتها يعدل فضل صلاة الرجل في المسجد (¬1) ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة المرأة في بيتها أفضل (¬2)» لها فضل عظيم، قد يكون مثل المسجد، وقد يكون أفضل، وقد يكون أقل، المقصود أن أفضل صلاتها في البيت، فإذا كان فضلها في البيت أفضل من المسجد معناه: أنه يحصل لها مثل أجر المسجد أو أكثر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة المرأة في بيتها أفضل (¬3)» فدل على أن الأجر الذي يحصل للرجل في المسجد يحصل لها، أو ما هو أكثر منه؛ لطاعتها الله ورسوله، وقربها لأمر الله ورسوله، فهي على خير عظيم، ولأن بيتها أصون لها وأبعد عن الفتنة، فإذا أطاعت الرسول صلى الله عليه وسلم، وصلت في البيت يرجى لها مثل أجر المصلين في المسجد أو أكثر. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (377). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في خروج النساء للمساجد، باب التشديد في ذلك، برقم (570). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في خروج النساء للمساجد، باب التشديد في ذلك، برقم (570).

س: سائلة تقول: أنا أحب المساجد؛ لأنها بيوت الله، ولكن لا أذهب إليها؛ لأنني امرأة، والمرأة غير مستحب لها ذهابها إلى المساجد، فهل أكون مع السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (¬1) ج: يرجى لك ذلك؛ لأنك ذكرت شرعا بأن بيتك أفضل لك، فأنت لولا أن الرسول صلى الله عليه وسلم شرع للنساء البيوت لسارعت إلى المساجد لحبك المساجد، فالمعذور كالمريض والمقعد ونحو ذلك إذا كانت نيته الصلاة في المساجد، ويحب الصلاة في المساجد - لولا العذر - فيكون هو مع المصلين في الأجر. وهكذا النساء اللاتي يحببن الصلاة في المساجد، لولا أن الله شرع لهن الصلاة في البيوت فهي مع المحافظين على الصلاة في المسجد في الأجر، وفي كونهن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله؛ لأنهن يفترضن فيه لولا أن الله شرع لهن الصلاة في البيت، ومن أدلة ذلك قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل مقيما صحيحا (¬2)» فأعطاه الله أجر الصائمين وهو لم يصم؛ لأنه منعه المرض والسفر، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (286). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (2996).

في غزوة تبوك: «إن في المدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم»، قالوا: يا رسول الله وهم بالمدينة؟! قال: «وهم في المدينة، حبسهم العذر (¬1)» وفي اللفظ الآخر: «المرض (¬2)» وفي لفظ «إلا شاركوكم في الأجر (¬3)» وهذا يدل على أن المعذور شرعا من فعل الشيء، وهو يحب أن يفعله - لولا العذر - أنه مع العاملين، وله أجر العاملين. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، برقم (4423). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، برقم (1911). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، برقم (1911).

س: المرأة التي تتخذ سجادة للصلاة في بيتها، هل في ذلك بأس يا شيخ (¬1) ج: لا حرج أن تتخذ سجادة أو حصيرا، لا حرج في ذلك، كان النبي له حصير يصلي عليه، عليه الصلاة والسلام، لا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (399).

حكم قراءة الفاتحة للمأموم

148 - حكم قراءة الفاتحة للمأموم س: حدثونا لو تكرمتم بقول واضح عن حكم قراءة الفاتحة بالنسبة

للمأموم (¬1) ج: الصواب أن المأموم تلزمه قراءة الفاتحة، ولكنها في حقه دون وجوبها على الإمام والمنفرد، ولهذا ذهب الجمهور إلى أنها لا تجب على المأموم، ولكن تستحب في السرية وفي سكتات الإمام، ولكن الصحيح أنها تلزمه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬2)» فهو عام، وقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف الإمام» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لا يقرأ بها (¬3)» هذا صريح في أن على المأموم أن يقرأ، وأنه لا صلاة إلا بذلك، لكن لو تركها ناسيا أو جاهلا بالحكم الشرعي فإن صلاته صحيحة؛ لأن وجوبها في حقه ليس كوجوبها في حق الإمام والمنفرد، والدليل على هذا أن الذي أدرك الإمام راكعا تجزئه الصلاة، كما في الحديث عن أبي بكرة الثقفي عند البخاري رحمه الله تعالى (¬4) فإنه جاء والنبي راكع، فركع دون الصف ثم دخل الصف، ولم يأمره ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (172). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

النبي بالإعادة، فدل على أنها أجزأته الركعة؛ لأنه لم يدرك الوقوف، ولا قراءة الفاتحة فعفي عنه، فالذي نسيها أو جهل الحكم الشرعي، وقلد من لا يوجبها من باب أولى أن يسقط عنه ذلك، كما سقطت الفاتحة عمن أدرك الإمام راكعا؛ لأنه لم يدرك الوقوف، أما من أدرك الوقوف وتمكن من قراءة الفاتحة، وهو يعلم الحكم الشرعي فإنه يلزمه أن يقرأها؛ عملا بالأدلة الشرعية وخروجا من خلاف العلماء رحمهم الله.

س: يقول هذا السائل: ما حكم قراءة الفاتحة على المأموم؟ وإذا كانت واجبة فكيف الجمع بينها وبين الإنصات للقرآن؟ لأنني سمعت بعض الإخوة يقول بأنه لا يجوز للإمام السكوت بعد قراءة الفاتحة، بل يواصل القراءة (¬1) ج: حكم القراءة للمأموم أنها واجبة، يجب على المأموم أن يقرأ الفاتحة هذا الصحيح، وذهب أكثر أهل العلم إلى أنها لا تجب عليه اكتفاء بالإمام، ولكن الصواب أنها تجب عليه في السرية والجهرية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (395).

بها (¬1)» وهو حديث صحيح رواه أحمد وغيره، ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬2)» لكنها في حق المأموم واجبة، إذا تركها جاهلا أو ناسيا، أو لم يأت إلا عند ركوع الإمام فركع معه سقطت عنه، كما جاء في حديث أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه؛ أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف ثم دخل في الصف، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم بعد السلام، فقال صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصا، ولا تعد (¬3)» ولم يأمره بقضاء الركعة. أما الإمام والمنفرد فهي ركن في حقهما لا بد منها، فلو تركها الإمام أو المنفرد قراءة الفاتحة بطلت صلاته إذا تعمد ذلك، وإن نسيها في ركعة أتى بركعة بدل التي نسيها منها ويسجد للسهو. أما المأموم فهي واجبة في حقه، لو تركها ناسيا أو جاهلا صحت صلاته؛ لأنه تابع للإمام، والجمع بينها وبين النصوص التي فيها الإنصات أنها خاصة، والنصوص عامة، فيخص منها قراءة الفاتحة. وأما الإمام فإن سكت بعد الفاتحة فلا بأس، وإن واصل القراءة فلا بأس، لم ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

يثبت في هذا النص، جاء في بعض الأحاديث أنه لا يسكت بعد قوله: {وَلَا الضَّالِّينَ} (¬1)، وجاء في بعضها أنه يسكت بعد نهاية القراءة، فإن سكت بعد الفاتحة فلا بأس، وإن واصل القراءة فلا بأس، فالأمر واسع إن شاء الله. ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 7

س: الأخ: ع. ع. ع. يسأل عن حكم قراءة الفاتحة بالنسبة للمأموم، حيث يقول: إنه سمع حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬1)» فعند انتهاء الإمام من قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية هل نقرأ الفاتحة؟ وهل إذا قرأنا الفاتحة، وبدأ في السورة هل نكمل قراءة الفاتحة؟ أم كيف نتصرف؟ جزاكم الله خيرا (¬2) ج: عليك أن تقرأ الفاتحة وتجتهد؛ لأن الصحيح أنها تجب على المأموم، وإذا شرع الإمام في القراءة تكمل ولو شرع ثم تنصت لقراءة الإمام، وفي السرية تقرأ الفاتحة وما تيسر معها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف الإمام؟ قلنا: نعم. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (¬2) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (175).

قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬1)» فتجمع بين الأمرين؛ تنصت لقراءة إمامك، وتقرأ الفاتحة ولو كان يقرأ إذا كان لم يسكت سكوتا يكفي. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186).

حكم قراءة المأموم للفاتحة أثناء قراءة الإمام

149 - حكم قراءة المأموم للفاتحة أثناء قراءة الإمام س: ما حكم قراءة المأموم الفاتحة أثناء قراءة الإمام؟ وماذا يعمل إذا شرع الإمام في قراءة السورة التي بعد الفاتحة؟ هل تجب عليه قراءة الفاتحة أثناء قراءة الإمام، أم ينصت للإمام، ويكفي قراءة الإمام للفاتحة عن قراءته هو (¬1) ج: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم على أقوال ثلاثة: فمن أهل العلم من قال: إن الإمام يتحمل الفاتحة ولا يلزم المأموم القراءة مطلقا، لا في السرية ولا في الجهرية. والقول الثاني: أن على المأموم أن يقرأ مطلقا في السرية والجهرية. والقول الثالث: أنه يقرأ في السرية دون الجهرية. والأرجح من الأقوال الثلاثة أنه يقرأ مطلقا فيها جميعا؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (42).

الكتاب (¬1)» ولأنه صلى الله عليه وسلم قال: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬2)» هذا يدلنا على أن المأموم يقرأ في الجهرية والسرية جميعا، وإذا شرع الإمام في القراءة وهو لم يقرأ فإنه يقرأ سرا، ثم ينصت ولو كان الإمام يقرأ، أو قرأ بعض الفاتحة، ثم شرع إمامه في السورة فإنه يكمل قراءة الفاتحة، ثم ينصت لإمامه، والحاصل أن المأموم يقرأ الفاتحة مع إمامه، أو قبله أو بعده، لكن إذا كان الإمام له سكتة فإن المأموم يقرؤها في السكتة؛ حتى ينتهزها فرصة لذلك ليستمع لقراءة إمامه ولا يدع القراءة، بل يقرأ ولا بد، ثم ينصت لبقية القراءة، وهذا مستثنى من قوله صلى الله عليه وسلم: «وإذا قرأ فأنصتوا (¬3)» ومن عموم قوله جل وعلا: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (¬4)، هذا مستثنى منه الفاتحة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404). (¬4) سورة الأعراف الآية 204

س: ما حكم قراءة الفاتحة في صلاة الجماعة في الركعة الثالثة والرابعة بالنسبة للمأموم إذا لم يعط الإمام للمأموم وقتا لتكملة الفاتحة (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (157).

ج: الواجب على المأموم أن يبادر من حين يقف يقرأ الفاتحة في الثالثة والرابعة، كما يقرؤها في الأولى والثانية، ولا يتساهل يقرؤها قراءة متصلة حتى لا تفوته، وعليه أن يبادر فإذا كبر الإمام ولم يكملها كملها إذا كان الباقي قليلا، كالآية والآيتين كملها، ثم ركع فإن خاف أن يفوته الركوع ركع وسقط عنه بقية الفاتحة؛ لأنه مأموم، مثل: لو جاء والإمام راكع ركع معه وسقطت عنه الفاتحة، كما في حديث أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع، فركع دون الصف ثم دخل في الصف وكمل الصلاة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصا، ولا تعد (¬1)» ولم يأمره بقضاء الركعة، فالمأموم أسهل من الإمام والمنفرد، إذا أدرك الفاتحة قرأها، وإن فاتته لكونه لم يأت إلا والإمام راكع، أو عند الركوع، أو كان الإمام سريع القراءة، فركع قبل أن يتمها، ولم يتيسر له تمامها أجزأه ذلك والحمد لله، هذا هو الصواب. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

س: في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬1)»، فهل تبطل صلاة المأموم إذا لم ¬

_ (¬1) صحيح البخاري الأذان (756)، صحيح مسلم الصلاة (394)، سنن النسائي الافتتاح (911)، سنن أبي داود الصلاة (822)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (837)، مسند أحمد (5/ 314).

يقرأ الفاتحة، وخاصة في صلاة الفجر (¬1) ج: الواجب على الجميع قراءة الفاتحة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬2)» لكن المأموم إذا فاته القيام جاء والإمام راكع أجزأته الركعة والحمد لله، أو نسي القراءة، أو جهل الحكم فصلاته صحيحة للعذر الشرعي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكرة لما جاء والإمام راكع، فركع من دون الصف ثم دخل في الصف، ولم يأمره بقضاء الركعة، بل قال: «زادك الله حرصا، ولا تعد (¬3)» أي: لا تعد إلى الركوع دون الصف، بل اصبر حتى تدخل في الصف. ولم يأمره بقضاء الركعة، فدل على أن من جاء والإمام راكع أو عند الركوع معذور إذا لم يقرأ الفاتحة؛ لأنه لم يبق له وقت، وهكذا لو جهل الحكم الشرعي، أو نسي قراءتها فإن صلاته صحيحة. أما الإمام فلا بد من قراءتها، فلا تسقط عنه، وكذلك المنفرد لا بد من قراءتها، وإذا نسيها في أي ركعة أتى بركعة بدلا من الركعة التي نسي فيها الفاتحة وسجد للسهو. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (320). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

س: يقول السائل: إذا كنت مأموما في صلاة جهرية فمتى أقرأ الفاتحة وما يتيسر من القرآن؟ هل أقرأ والإمام يقرأ؟ أم ماذا أعمل (¬1) ج: إذا كان له سكوت تقرأ في حال السكوت، وإن كان ما له سكوت تقرأ ولو يقرأ، تقرأ الفاتحة ثم تنصت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «2 لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬2)» هذا الحديث الصحيح يدل على أن المأموم يقرأ الفاتحة، وينصت بعدها في الجهرية، وإذا كان للإمام سكتة بعد الفاتحة قرأت في حال السكوت، أما إن كان ما له سكتة تقرأ، وإن كان يقرأ تقرأ الفاتحة ثم تنصت، وإذا كان في السرية كالظهر والعصر تقرأ زيادة مع الفاتحة في الأولى والثانية؛ تقرأ ما تيسر. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (412). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186).

حكم قراءة الفاتحة في كل ركعة

150 - حكم قراءة الفاتحة في كل ركعة س: السائل: ي. ق. يقول: بالنسبة لقراءة الفاتحة في كل ركعة هل هي واجبة؟ وهل يغني عنها شيء؟ وإذا لم يترك الإمام فرصة لقراءتها هل يتحمل ذلك مأجورين (¬1) الواجب أن تقرأ في كل ركعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (420).

صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬1)» «لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن (¬2)» «لا تقبل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب (¬3)» ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها في كل ركعة، ويقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬4)» والمأموم يقرؤها ولو لم يسكت إمامه، يقرؤها في كل ركعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬5)» يقرؤها المأموم، وإن كان إمامه لا يسكت يقرأها، يقرؤها بينه وبين نفسه ثم يسكت ثم ينصت. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث رجل من أهل البادية رضي الله عنه، برقم (20217). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة برقم (631). (¬5) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186).

حكم سكتة الإمام بعد الفاتحة

151 - حكم سكتة الإمام بعد الفاتحة س: يقول السائل: ما حكم السكتة اللطيفة من بعض الأئمة بعد الفاتحة حتى يعطي فرصة لقراءة الفاتحة (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (413).

ج: لا بأس، الأمر واسع، إن سكت فلا بأس، وإن لم يسكت فلا بأس، يقرؤها سواء سكت الإمام أو ما سكت الإمام، والإمام مخير إن سكت فحسن، وإن لم يسكت فلا حرج؛ لأن الأحاديث التي في السكتة ليست واضحة، وليس هناك حديث صحيح يدل على السكتة، والمقصود بالسكتة يعني بعد الفاتحة، أما السكوت بعد تكبيرة الإحرام هذا سنة، يسكت حتى يأتي بالاستفتاح، كان النبي يأتي بالاستفتاح بعد التكبيرة؛ التكبيرة الأولى تكبيرة الإحرام، ثم بعد هذا يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويسمي بينه وبين نفسه، ثم يقرأ الفاتحة في الجهرية جهرا وسرا في السرية، والمأموم كذلك يستفتح أيضا بعد تكبيرة الإحرام قبل أن يشرع إمامه في القراءة.

س: عند صلاة الجماعة الإمام يقرأ سورة الفاتحة، ويدع لنا فرصة لكي نقرأها نحن أيضا، ولكنه بعد قليل يبدأ في السورة الصغيرة ولم نكمل بعد. سؤالي هنا: هل نكمل الفاتحة بسرعة، أم نسكت ولا نكمل لكي نستمع إليه؟ جزاكم الله خيرا. وهل يكون جائزا ألا نقرأها من بعده ولو جعل لنا فرصة؛ لأنه هو قد قرأها عنا (¬1) ج: الواجب على المأموم أن يقرأ الفاتحة في السرية والجهرية في ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (282).

أصح أقوال العلماء، قال بعض أهل العلم: إنه لا يقرأ في الجهرية ويقرأ في السرية. وقال بعضهم: لا قراءة عليه لا في السرية ولا في الجهرية، بل يتحملها الإمام. وكلا القولين ضعيف، والصواب أنه يقرأ في السرية والجهرية، في السرية يقرأ الفاتحة ويقرأ معها ما تيسر في الأولى والثانية من الظهر والعصر، وفي الجهرية كالعشاء والمغرب والفجر والجمعة، يقرأ فقط بالفاتحة ثم ينصت لإمامه، فإن كان الإمام في السكوت قرأ في سكتة إمامه، وإن بدأ الإمام القراءة ولم يكمل كملها ثم أنصت، ولو كان الإمام لا يسكت فإنه يقرؤها بينه وبين نفسه ثم ينصت لإمامه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬1)» هذا صريح في أن المأموم يقرأ الفاتحة خلف الإمام في جميع الصلوات، لكن لو سبق بأن جاء والإمام في الركوع أجزأته الركعة وسقطت عنه الفاتحة؛ لأنه لم يدرك القيام، وهكذا لو نسي أو كان جاهلا بالحكم صلاته صحيحة؛ لأن الفاتحة في حق المأموم واجبة، تسقط بالسهو والجهل بخلاف الإمام والمنفرد فإنها ركن في حقهما، لا بد منها ولا تسقط لا بالسهو ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186).

ولا بالجهل، لا بد منها، أما المأموم تسقط عنه بالسهو وبالجهل، وهكذا لو لم يدرك القيام جاء والإمام راكع سقطت عنه عند جمهور أهل العلم، وأجزأته الركعة.

س: إذا كنا في صلاة جهرية، وقرأ الإمام في الركعة الأولى الفاتحة، وبعد أن انتهى من قراءة الفاتحة لم يسكت بعد الفاتحة، بل واصل فهل في حق المأموم أن يقرأ الفاتحة، أم ينصت إلى الإمام؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: يقرأ إذا كان ما قرأها يقرؤها، ولو كان الإمام يقرأ فعليه أن يقرأ الفاتحة ثم ينصت؛ لأن الفاتحة واجبة عليه على الصحيح. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬2)» ومن هنا أخذ الوجوب، فيقرأ الفاتحة، ولكن إذا كان هناك سكوت للإمام طويل يقرأ في السكوت، أما إذا كان الإمام لا يسكت، أو سكوت قليل فإنه يقرأ الفاتحة ويكمل، ولو مع قراءة إمامه ثم ينصت. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (278). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186).

س: الأخ: ع. س. يسأل ويقول: إذا قرأ الإمام سورة الفاتحة جهرا وانتهى منها، وبدأ في قراءة سورة بعدها فهل يجوز للمأموم أن

يقرأ سورة الفاتحة (¬1) ج: نعم الواجب على المأموم أن يقرأ الفاتحة، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن القراءة لا تجب على المأموم، ولكن الصواب أنها تجب عليه، والواجب عليه أن يأتي بها فقط، ولو كان الإمام يقرأ ما سكت يقرؤها ثم ينصت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬2)» متفق على صحته. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬3)» هذا هو الصواب، إلا إذا لم يدرك الإمام عند القيام أدركه في الركوع أو عند الركوع، ما تمكن من القراءة فإن الصواب أنه يعفى عنه في هذه الحالة، وتجزئه الركعة. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (139). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186).

س: هل تجوز قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية؟ علما بأن الإمام لا يترك فرصة للمأمومين بقراءتها، بل يبدأ بقراءة القرآن بعد انتهاء المؤتمين من قول: آمين. مباشرة، فما الحكم (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (79).

ج: نعم يقرأ المأموم الفاتحة وإن كان الإمام يقرأ لأنه مأمور بذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬1)» متفق عليه. ويقول صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬2)» فعلى المأموم أن يقرأ بها، إن كان الإمام سكت فيقرؤها في حال سكوته، وإن قرأ يقرأها وإن كان يقرأ الإمام ثم ينصت؛ عملا بالأحاديث كلها، فينصت بعد قراءتها ولا حرج عليه في ذلك، وهذا هو الصواب. قال بعض أهل العلم: إنها تسقط عنه. واحتجوا بحديث ضعيف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من كان له إمام فقراءته له قراءة (¬3)» لكنه حديث ضعيف عند أهل العلم. والصواب: أنه يقرأ المأموم في حال سكتات الإمام إن سكت، وإلا فليقرأ وإن كان يقرأ الإمام ثم ينصت. هذا هو المختار وهذا هو الصواب. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، برقم (14233).

س: يقول السائل: إذا كنت مأموما في الصلاة الجهرية، وكان الإمام لا

يتوقف بين قراءة الفاتحة والسورة التي بعدها فهل أقرأ الفاتحة أثناء قراءة الإمام، أم أنصت له (¬1) ج: عليك أن تقرأ الفاتحة ولو ما سكت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة: «لعلكم تقرؤون خلف الإمام» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬2)» فالواجب على المأموم أن يقرأها، وإن استمر إمامه بالقراءة يقرأ الفاتحة ثم ينصت، فإن كان جاهلا أو ناسيا صحت صلاته؛ المأموم خاصة، أما الإمام والمنفرد فلا بد من الفاتحة، ولا تصح صلاته بدون ذلك لا ناسيا ولا جاهلا، أما المأموم فهو أسهل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما دخل أبو بكرة والنبي راكع ركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصا، ولا تعد (¬3)» ولم يأمره بقضاء الركعة، فدل على أن المأموم إذا جاء والإمام راكع تجزئه الركعة قد فاتته القراءة، وهكذا لو جهل أو نسي ولم يقرأ مع الإمام كفته قراءة الإمام، لكن لا يتعمد تركها. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (418). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

بيان أقوال العلماء في قراءة الفاتحة للمأموم

152 - بيان أقوال العلماء في قراءة الفاتحة للمأموم س: إذا قرأ الإمام في الصلاة الجهرية بالفاتحة، ثم أتبعها بسورة، ولم يترك بينهما وقتا فهل أقرأ أنا الفاتحة، أم أسكت؟ وإذا فصل بين الفاتحة والسورة وقرأت أنا، ولكن المدة لم تكف، وقرأ هو السورة وأنا ما زلت في الفاتحة فهل أكمل الفاتحة، أم أسكت (¬1) ج: الواجب قراءة الفاتحة مطلقا سواء سكت الإمام أم لم يسكت الإمام، إن سكت شرع للمأموم أن يقرأها في سكتته حتى يجمع بين القراءة وبين الإنصات، ولو قرأت ثم بدأ يقرأ وأنت لم تكمل كملتها، فإن لم يسكت تقرأ وإن كان يقرأ، ثم تنصت بعد ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬2)» هذا نص صريح في أمر المأموم بقراءتها مطلقا في الجهرية والسرية، وهكذا لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬3)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «من صلى صلاة لم يقرأ ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (223). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394).

فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج، فهي خداج (¬1)» يعني غير تمام. فالواجب على المأموم في أصح أقوال أهل العلم أن يقرأ في السرية والجهرية، والعلماء لهم أقوال ثلاثة: أحدها: أنه لا يقرأ مطلقا لا في السرية ولا في الجهرية، بل تسقط عنه بقراءة الإمام. والقول الثاني: يقرأ في السرية دون الجهرية؛ لعموم قوله جل وعلا: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (¬2)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «وإذا قرأ فأنصتوا (¬3)» والقول الثالث: أنه يقرأ في السرية والجهرية؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬4)» ولقوله أيضا عليه الصلاة والسلام: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬5)» فهذا حديث صحيح يدل على أن المأموم يقرأ في السرية والجهرية الفاتحة خاصة، ثم ينصت، إذا كان في جهرية ينصت لإمامه، أما ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (395). (¬2) سورة الأعراف الآية 204 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (¬5) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186).

السرية فيقرأ زيادة ولا حرج؛ لأنه ليس هناك قراءة ينصت لها، أما قوله جل وعلا في كتابه العظيم: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (¬1) فهذا من العام المخصوص، والسنة تخصص القرآن، هذه آية مخصوصة بغير الفاتحة، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: «وإذا قرأ فأنصتوا (¬2)» هذا عام مخصوص بالفاتحة، والقاعدة الكلية أن السنة تخصص الكتاب، وأن الأحاديث يخصص بعضها بعضا، هذه قاعدة معلومة عند أهل الأصول، وعند أهل المصطلح، فإذا تعارضت النصوص وجب تخصيص العام بالخاص، ووجب تقييد المطلق بالمقيد، وهذا أمر معلوم عند أهل العلم، والله ولي التوفيق. ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 204 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404).

س: هل إذا شرع الإمام في قراءة السورة التي بعد الفاتحة، هل يجوز لي أن أقرأ الفاتحة وهو يقرأ ما تيسر من القرآن (¬1) ج: نعم لك أن تقرأ الفاتحة، فإذا تيسر أن تقرأها في حال السكوت فهو أولى، فإذا كان لا يسكت، أو لم يتيسر لك أن تقرأها فاقرأها ولو كان يقرأ، ثم تنصت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (335).

تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬1)» فإذا تمكنت من قراءتها في حال السكوت فافعل، وإلا فاقرأها ثم أنصت، لكن من نسيها من المأمومين، أو جهل حكمها، أو جاء والإمام راكع تجزئ الركعة والحمد لله؛ لأنها من حق المأموم التي تسقط عنه بخلاف الإمام والمنفرد، فإنها ركن في حقهما، أما في حق المأموم فهي سنة عند بعض العلماء، والصحيح أنها واجبة في حق المأموم، لكن إذا نسي أو جهل سقطت عنه، أو جاء والإمام راكع ما أمكنه قراءتها أجزأته الركعة؛ لحديث أبي بكرة الذي جاء والنبي عليه الصلاة والسلام راكع، فركع دون الصف ثم دخل في الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصا، ولا تعد (¬2)» ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

حكم صلاة الإمام الذي لا يطمئن في صلاته

153 - حكم صلاة الإمام الذي لا يطمئن في صلاته س: ما حكم صلاة الإمام الذي يسرع في صلاته؛ بحيث لا يتمكن المأموم من قراءة الفاتحة؟ فهل صلاته صحيحة أم لا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (18).

ج: الواجب على الإمام وعلى المنفرد وعلى المأموم الطمأنينة، فالطمأنينة من أركان الصلاة العظيمة، فلا يجوز للمؤمن أن يتساهل في صلاته سواء كان إماما أو مأموما أو منفردا؛ لما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للمسيء صلاته: «اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها (¬1)» وكان عليه الصلاة والسلام إذا ركع اطمأن حتى يعود كل فقار مكانه، وإذا رفع اعتدل؛ استوى حتى يعود كل فقار مكانه، وإذا سجد استوى واعتدل حتى يعود كل فقار مكانه، وإذا رفع وجلس بين السجدتين اعتدل حتى يعود كل فقار مكانه، هذا هو الواجب، فالإمام الذي يسرع في الصلاة ولا يطمئن لا تصح صلاته، بل تكون باطلة، فالواجب أن ينبه، فإن استقام وإلا يجب عزله ولا يصلى خلفه، لا بد أن يطمئن، ويجب أيضا أن يأتي في الركوع بالتسبيح، يقول في الركوع: سبحان ربي العظيم. والواجب مرة، والأفضل أن يكررهن ثلاثا أو أكثر، خمسا أو ستا أو سبعا، هذا هو الأفضل، وأقل الكمال ثلاث ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، باب من رد فقال عليك السلام، برقم (6251).

مرات، يأتي بها في الطمأنينة: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. فإذا زاد جعلها خمسا أو سبعا كان أفضل، والواجب مرة وهكذا في السجود: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. أقل الكمال ثلاث، والواجب مرة، وإذا زاد وجعلها خمسا أو سبعا أو عشرا كان أفضل، ويستحب أن يدعو في السجود أيضا، ويجتهد في الدعاء كما جاءت به السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام. أما الإسراع والنقر فهذا لا يجوز مطلقا، بل هو يبطل الصلاة. نسأل الله العافية.

حكم قراءة المأموم الفاتحة في الصلاة الجهرية

154 - حكم قراءة المأموم الفاتحة في الصلاة الجهرية س: هل قراءة الفاتحة بالنسبة للمأموم في الصلاة الجهرية جائزة أم لا؟ وهل إذا سكت الإمام بعد قراءة الفاتحة يقرأ المأمومون؟ وإذا لم يسكت هل عليه الاستماع أم القراءة؟ وعلى حسب علمي أن السكتة بعد الفاتحة قصيرة جدا، لا تسع أن يقرأ المأمومون فيها الفاتحة، فهل إذا أطالها الإمام لكي يقرؤوا تعتبر هذه بدعة أم لا؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (178).

ج: القراءة في حق المأموم، يعني قراءة الفاتحة تنازع العلماء فيها، فأكثر أهل العلم يقولون: إنها سنة في حق المأموم، لا واجبة. وقال آخرون من أهل العلم: إنها واجبة. كالشافعي رحمه الله والبخاري وجماعة، وهذا القول هو الصواب لظاهر الأدلة، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬1)» متفق عليه. ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬2)» خرجه الإمام أحمد وجماعة بإسناد جيد. فهذا الحديث صريح بأنها تجب على المأموم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬3)» هذا صريح في أنها تجب على المأموم، لكن وجوبها عليه أخف من الإمام والمنفرد، ولهذا لو أدرك الإمام في الركوع أجزأه الركوع وأجزأته الركعة، وسقطت عنه الفاتحة لفوات القيام، ومثل ذلك لو سها عنها أو تركها تقليدا أو اجتهادا فإنها تسقط عنه من أجل شبهة الاجتهاد والتقليد، أو النسيان، كما تسقط ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186).

عنه إذا لم يدرك القيام، وإنما أدرك الركوع في أصح قولي العلماء، كما قاله الجمهور رحمهم الله.

س: يقول السائل: هل أقرأ الفاتحة خلف الإمام أم لا (¬1) ج: الواجب أن تقرأها خلف الإمام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬2)» هذا يدلنا على أنه يقرأ خلف الإمام الفاتحة ثم ينصت، ولا يقرأ زيادة عليها إلا في السرية كالظهر والعصر، يقرأ زيادة في الأولى والثانية على الفاتحة؛ لأنه لا يسمع شيئا، أما في المغرب والعشاء والفجر فإنه يكتفي بالفاتحة، ولا يزد عليها، بل يستمع لقراءة إمامه، فإن جاء متأخرا ولم يدرك إلا الركوع أجزأه ذلك - والحمد لله - على الصحيح عند جمهور أهل العلم، وهكذا لو ترك الفاتحة جهلا منه وهو مع الإمام، أو ناسيا أجزأته الركعة، كالذي جاء والإمام راكع، ويجزئه ذلك للعذر الشرعي، فهي في حقك واجبة بخلاف الإمام والمنفرد، فهي ركن بحقهما، أما في حق المأموم فوجوبها أسهل؛ ولهذا لم يأمر النبي صلى الله ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (255). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186).

عليه وسلم من أدرك الإمام راكعا أن يقضي الركعة، بل قال: «زادك الله حرصا، ولا تعد (¬1)» لما ركع دون الصف، ثم دخل في الصف خوفا أن تفوته الركعة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

ذكر اختلاف العلماء في قراءة الفاتحة خلف الإمام

155 - ذكر اختلاف العلماء في قراءة الفاتحة خلف الإمام س: السائل: ط. أ. من غانا غرب أفريقيا يقول: اختلف العلماء في بلادنا عند قراءة الفاتحة خلف الإمام، فإن منهم من قال بأنها تجوز، ويستدلون بقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬1)». وهي أم القرآن؛ أم الكتاب. وقال بعضهم: لا يجوز. ويستدلون بقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (¬2). ما هو الأصح من الأدلة في ذلك (¬3) ج: المسألة فيها خلاف بين العلماء؛ بعض أهل العلم يقولون: قراءة الإمام قراءة للمأموم ويكفي، ولا تلزمه القراءة لا الفاتحة ولا غيرها، ويكفيه قراءة الإمام. والقول الثاني: أنه لا بد من الفاتحة. وهذا هو الصواب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف ¬

_ (¬1) صحيح البخاري الأذان (756)، صحيح مسلم الصلاة (394)، سنن النسائي الافتتاح (911)، سنن أبي داود الصلاة (822)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (837)، مسند أحمد (5/ 314). (¬2) سورة الأعراف الآية 204 (¬3) السؤال الثاني والخمسون من الشريط رقم (420).

إمامكم»، قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬1)» فنص النبي على أن المأموم يقرأ الفاتحة ثم ينصت، وفي السرية يقرؤها وما تيسر معها، وفي الجهرية يقرؤها ثم ينصت، هذا هو القول الصواب. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186).

حكم صلاة من ترك قراءة الفاتحة خلف الإمام جهلا

156 - حكم صلاة من ترك قراءة الفاتحة خلف الإمام جهلا س: السائل: م. م. مقيم بجدة، يقول: عندما كنت في صلاة الجمعة قال الإمام: يجب على المأموم إذا قرأ الإمام أن ينصت لقراءته، وحتى وإن لم يقرأ الفاتحة. وبالفعل صليت عدة صلوات ليست بالكثيرة، وذلك بدون قراءة الفاتحة، وبالذات عندما لا يعطي الإمام فرصة ويقرأ مباشرة بعد الفاتحة، فأنصت له، فسألت في الأمر فعرفت أنه يجب علي أن أقرأ الفاتحة، فهل علي شيء في الصلوات الفائتة التي لم أقرأ فيها الفاتحة (¬1) ج: اختلف العلماء في هذا، فجمهور أهل العلم يرون أن الفاتحة لا تجب على المأموم، وأن الإمام يقوم بذلك عنه ويكفي. والقول الثاني: أنه ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (413).

لا بد من قراءة الفاتحة. وهو الصواب، الصواب أنه لا بد أن يقرأ المأموم الفاتحة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬1)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم»، قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬2)» فالواجب على المأموم أن يقرأها ولو ما سكت الإمام، يقرؤها ثم ينصت هذا هو الواجب، لكن من تركها جاهلا؛ لأنه أفتوه بعض أهل العلم بأنه يتركها، أو تركها ناسيا فصلاته صحيحة، وليس عليه قضاء، ليس عليك قضاء؛ لأنك تركتها من أجل ما سمعت من بعض أهل العلم. وهكذا لو تركها المأموم ناسيا ليس عليه قضاء، وهكذا لو جاء المأموم والإمام راكع، وعند الركوع فإنه يركع معه، وتسقط عنه الفاتحة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186).

س: هل أقرأ سورة الفاتحة إذا كنت مأموما، أم لا؟ لأن بعض العلماء يقولون: يجب الاستماع والإنصات للقرآن الكريم والفاتحة أولى؛ لأن الفاتحة أم القرآن، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 204

فوجب الاستماع والإنصات، سواء في الصلاة أو في غير الصلاة؛ لأن الذي يقول: آمين. كأنه يدعو، مثل قوله تعالى: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} (¬1)، وهارون عليه السلام كان يقول: آمين. فقط. وبعض العلماء يقولون: يجب قراءة الفاتحة للإمام وللمأموم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬2)». ما هو التطبيق بين القرآن والحديث؟ أفيدونا بأدلة كاملة، جزاكم الله خيرا؛ لأن الأولين يقولون: حديث: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬3)» للإمام والمنفرد فقط، لا للمأموم (¬4) ج: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم رحمهم الله، فمنهم من قال: إن المأموم ليس عليه قراءة الفاتحة. كما أخبرك هؤلاء الذين أخبروك، وقالوا: إن عليه أن ينصت في حال الجهرية، وأنه يتحمل عنه الإمام القراءة، حتى في حال السرية. وبعض آخر من أهل العلم قالوا: إنه يقرأ في حال السر، ولا يقرأ في حال الجهر، بل يستمع وينصت ¬

_ (¬1) سورة يونس الآية 89 (¬2) صحيح البخاري الأذان (756)، صحيح مسلم الصلاة (394)، سنن النسائي الافتتاح (911)، سنن أبي داود الصلاة (822)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (837)، مسند أحمد (5/ 314). (¬3) صحيح البخاري الأذان (756)، صحيح مسلم الصلاة (394)، سنن النسائي الافتتاح (911)، سنن أبي داود الصلاة (822)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (837)، مسند أحمد (5/ 314). (¬4) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (205).

للآية الكريمة التي تلوت؛ وهي قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (¬1)، ولحديث: «إذا قرأ فأنصتوا (¬2)» والقول الثالث: أنه يلزمه أن يقرأ بالفاتحة في السرية والجهرية جميعا للحديث الذي ذكرت؛ وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬3)» ولقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم» قلنا: نعم. قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬4)» خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وجماعة بإسناد جيد وله شواهد. وهذا القول أصح الأقوال الثلاثة؛ وهو أن المأموم يقرأ بالفاتحة في السرية والجهرية مع إمامه، ثم ينصت، ويكون هذا الحديث وما جاء في معناه مخصصا للآية الكريمة: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (¬5)، هي عامة والحديث ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 204 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (¬4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (¬5) سورة الأعراف الآية 204

يخصها، والقاعدة الشرعية: أن الخاص يقضي على العام ويخصه، وبهذا تعلم أنه لا معارضة بين الحديث والآية، الآية عامة والحديث بقراءة الفاتحة للمأموم خاص، والخاص يحكم به على العام، ويقضى به على العام، فنصيحتي لك ولكل مسلم أن يقرأ خلف الإمام الفاتحة مطلقا في الجهرية والسرية، ثم ينصت بعد قراءة الفاتحة لإمامه، وإذا كان للإمام سكوت قرأ في حال السكوت، وإن كان ما له سكوت قرأ ولو كان إمامه يقرأ، وإذا فرغ من الفاتحة أنصت لإمامه، وفق الله الجميع.

حكم قراءة السورة بعد الفاتحة للمأموم في الصلاة السرية

157 - حكم قراءة السورة بعد الفاتحة للمأموم في الصلاة السرية س: نظرا للسرعة المفرطة التي يؤدي بها بعض الأئمة الصلاة، غالبا ما يضطر الإنسان معهم إلى عدم قراءة السورة بعد الفاتحة في الصلاة السرية، فهل أعيد الصلاة بعد مثل هؤلاء، والصلاة معهم ينقصها الخشوع والاطمئنان (¬1) ج: الواجب على الأئمة أن يتقوا الله، وأن يطمئنوا في صلاتهم في ركوعهم وسجودهم، وأن يرتلوا القراءة، ويطمئنوا في القراءة، ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (46).

حتى يؤدوا كلام الرب في عبارة واضحة، وألفاظ واضحة، هذا الواجب على الأئمة؛ أن يجتهدوا في الطمأنينة والخشوع في الصلاة؛ حتى يستفيدوا ويستفيد من خلفهم، وحتى يؤديها كما شرع الله، وقد قال الله سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} (¬1) {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (¬2)، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسيء في صلاته أن يطمئن، قال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا (¬3)» الحديث. فالواجب على الأئمة أن يعنوا بهذا الأمر، وأن يطمئنوا في ركوعهم وسجودهم، وبعد الركوع وبين السجدتين، وأن يعنوا بالقراءة، أن يقرؤوا قراءة واضحة بينة، ليس فيها خفي ولا إسقاط شيء من الحروف، وأن يمكنوا من وراءهم من قراءة سورة بعد الفاتحة، وإن كانت غير واجبة، لكن أفضل في السرية، يقرأ المأموم الفاتحة وما تيسر معها مع إمامه، والإمام كذلك يقرأ سورة مع الفاتحة، أو آيات في السرية وفي الجهرية، لكن في السرية يقرأ المأموم زيادة على الفاتحة، وفي الجهرية تكفي الفاتحة، ¬

_ (¬1) سورة المؤمنون الآية 1 (¬2) سورة المؤمنون الآية 2 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، باب من رد فقال عليك السلام، برقم (6251).

وينصت لإمامه في الجهرية، تكفيه الفاتحة لكنه في السرية يقرأ مع الفاتحة ما تيسر، فإذا لم يتمكن المأموم أن يقرأ مع الفاتحة شيئا؛ لأن الإمام استعجل فلا يضره، ذلك لأن الواجب الفاتحة، وما زاد عليها ليس بواجب، فلا يضر هذا بالصلاة ولا يبطلها، ولكن يجب أن يعتني بالركوع والسجود؛ من جهة الطمأنينة وبين السجدتين وبعد الركوع كذلك، هذه أمور عظيمة وفريضة لا بد فيها من الطمأنينة والاعتدال الكافي، أما القراءة الزائدة على الفاتحة فليس بواجب، وإنما هو سنة، فإن تيسر فهو الأفضل للإمام والمأموم، وإن لم يتيسر صار نقصا لا يضر الصلاة، ولا يبطلها.

158 - بيان ما يفعله المأموم إذا ركع إمامه قبل أن يكمل الفاتحة س: إذا جاء إنسان والإمام والمأمومون ما زالوا قائمين في الصلاة، وكبر تكبيرة الإحرام، وعندما قرأ ثلاث آيات من سورة الفاتحة ركع الإمام فهل يركع أم يكمل السورة؟ علما بأنه إذا أكملها سوف يتأخر عن الإمام والمصلين في الركوع والسجود (¬1) ج: الواجب على المأموم متى وصل إلى الإمام وهو في الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (188).

الدخول معه في الصلاة، فإذا دخل معه في الصلاة وهو قائم قرأ، ويستحب له أن يستفتح ثم يتعوذ ثم يسمي ثم يقرأ الفاتحة، فإن أمكنه إكمالها فالحمد لله، وإن لم يمكنه ركع مع إمامه ولم يكملها، وإمامه يقوم مقامه في هذه الحالة، ولا يلزمه الإكمال كما لو جاء والإمام راكع، فإنه يركع معه، وتجزئه الركعة على الصحيح، ويسقط عنه واجب القراءة لما فاته القيام، هذا هو الذي عليه جمهور الأئمة من الأئمة الأربعة وغيرهم؛ لحديث أبي بكرة الثقفي رضي الله عنه؛ أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع دون الصف ثم دخل في الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بعدما سلم: «زادك الله حرصا، ولا تعد (¬1)» المعنى: لا تعد إلى الركوع دون الصف. ولم يأمره بقضاء الركعة، فدل ذلك على سقوط القراءة عنه؛ لأنه فاته محلها، وهكذا الذي جاء والإمام واقف قبل أن يركع، لكن لم يمكنه أن يكمل الفاتحة فإنه يركع معه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا ركع فاركعوا (¬2)» فهو مأمور بمتابعة إمامه، أما إذا ما بقي منها إلا آية، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، برقم (378)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (412).

أو آيتان فيمكنه أن يقرأهما فليقرأهما، الحاصل أنه إذا أمكنه أن يكملها كملها وإلا ركع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا ركع فاركعوا (¬1)»، ويسقط عنه ما بقي من الفاتحة؛ لأنه مأمور بالمتابعة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، برقم (378)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (412).

س: يقول السائل: م. ع. يقول: هل المأموم يقرأ القرآن عند الصلاة (¬1) ج: المأموم يقرأ الفاتحة في الجهرية، أما في السرية يقرأ الفاتحة وما تيسر معها في الظهر والعصر، ويقرأ في الثالثة من المغرب الفاتحة، وفي الثالثة والرابعة من الظهر والعصر يقرأ الفاتحة. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (393).

س: الذين يقولون: إن قراءة الإمام الفاتحة قراءة للمأموم. ما رأيك فيما يقولون سماحة الشيخ (¬1) ج: هذا يقوله الأكثرون، لكنه ضعيف، يقول الأكثرون إن قراءة الإمام تكفي، وإنه يكفي عن المأموم، ولكنه قول ضعيف، يحتج بحديث رواه بعض الأئمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من كان له إمام فقراءته له قراءة (¬2)» لكنه ضعيف عند أهل العلم، والصواب أنه يقرأ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (252). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، برقم (14233).

بفاتحة الكتاب (¬1)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬2)» فالمأموم يقرأ بها، لكن لو فاتته بأن نسي ولم يقرأ، أو جهل يحسب أنه لا قراءة عليه صلاته صحيحة، أو ما جاء إلا والإمام راكع أجزأته الركعة على الصحيح؛ لأنها في حق المأموم أسهل، ولكنها في حق الإمام والمنفرد ركن لا بد منه، أما المأموم فالأمر فيه أسهل، ولهذا الأكثرون يرونها غير واجبة على المأموم الفاتحة، لكن الأصح أنها تجب عليه مع العلم ومع الذكر، فلو نسي أو جهل سقطت، أو جاء والإمام راكع، ما أمكنه أن يقرأها قبل الركوع فإنه يجزئه ذلك؛ لأنه ثبت في حديث أبي بكرة رضي الله عنه (¬3) أنه أتى والإمام راكع، فركع معه ولم يأمره بقضاء الركعة عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

حكم قراءة المأمومين الفاتحة أثناء قراءة الإمام

159 - حكم قراءة المأمومين الفاتحة أثناء قراءة الإمام س: سماحة الشيخ، أكثر ما يسأل الناس عن قراءة الفاتحة إذا شرع

الإمام في القراءة، وهم لم يتمكنوا بعد من قراءة الفاتحة، هل يقرؤون ولو كان الإمام يقرأ (¬1) ج: نعم، يقرؤون سرا ثم ينصتون، إلا إذا كان له سكتة طويلة يعرفون أنه يسكت يؤجلون القراءة حتى يسكت، ثم يقرؤون في السكتة. أما إذا كان الإمام ما له سكتة فإنهم يقرؤون ولو كان يقرأ ثم ينصتون؛ عملا بالأدلة الشرعية. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (252).

حكم ترك التأمين بعد قراءة الإمام ولا الضالين

160 - حكم ترك التأمين بعد قراءة الإمام " ولا الضالين " س: هل صحيح أن المأموم في الصلاة الجهرية لا يقرأ الفاتحة خلف إمامه، ولا يؤمن بعد إتمام الإمام الفاتحة حسب المذهب الحنفي؟ إذا كان الأمر كذلك فماذا عليه أن يفعل (¬1) ج: المذهب الحنفي هنا مرجوح، والصواب مع الجمهور؛ أن المأموم يؤمن مع إمامه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمن الإمام فأمنوا (¬2)» وفي لفظ آخر: «إذا قال الإمام: ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (53). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب جهر الإمام بالتأمين، برقم (780)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب التسبيح والتحميد والتأمين برقم (410). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب جهر المأموم بالتأمين، برقم (782).

فقولوا: آمين. فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه (¬1)» وهذا هو الصواب الذي عليه جمهور أهل العلم خلافا لمذهب الأحناف، المذهب الحنفي هنا مرجوح، وكذلك يقرأ على الصحيح في الجهرية الفاتحة فقط، ثم ينصت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬2)» فاستثنى الفاتحة عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أنه يقرأ الفاتحة فيما أسر إمامه، إذا أسر وإن كان الإمام ما أسر؛ يعني قرأ الفاتحة ثم شرع بعدها، ولم يكن له سكتة قرأها ولو في حالة قراءة إمامه جهرا، يقرؤها سرا في نفسه، ثم ينصت لإمامه عملا بالأحاديث الكثيرة الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أما في السرية كالظهر والعصر والثالثة من المغرب، والثالثة والرابعة من العشاء فيقرأ فيها على كل حال، يلزمه أن يقرأ الفاتحة عند الأكثر؛ لقول النبي صلى الله عليه ¬

_ (¬1) سورة الفاتحة الآية 7 (¬3) {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186).

وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬1)» وللحديث السابق: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب (¬2)» هذا في الجهرية، أما في السرية فإنه يقرأ الفاتحة ويقرأ معها ما تيسر في الأولى والثانية من الظهر والعصر، ويقرأ الفاتحة في الثالثة والرابعة من الظهر والعصر، والثالثة من المغرب. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186).

حكم قراءة المأموم سورة بعد الفاتحة في الصلاة الجهرية

161 - حكم قراءة المأموم سورة بعد الفاتحة في الصلاة الجهرية س: سمعت من بعض الإخوة بأنهم يقولون: إن الفاتحة واجبة في الجهرية. وسمعت من آخرين يقولون بأنها ليست واجبة في الجهرية؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (¬1) (¬2) ج: نعم القراءة واجبة في السرية والجهرية على الصحيح على المأموم، في الجهرية يقرأ ثم ينصت، وفي السرية يقرؤها. ويقرأ معها ما تيسر في الأولى والثانية من الظهر والعصر، والمغرب والعشاء والفجر، ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 204 (¬2) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (383).

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬2)» فدل ذلك على وجوب القراءة على المأموم في الجهرية والسرية، لكن لو فاتته القراءة جهلا أو نسيانا سقطت عنه؛ لأنها واجبة لا ركن في حق المأموم، وهكذا لو جاء والإمام راكع سقطت عنه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر أبا بكرة لما جاء والإمام راكع، ولم يأمره بقضاء الركعة، بل قال: «زادك الله حرصا، ولا تعد (¬3)» لما ركع دون الصف قال: «زادك الله حرصا، ولا تعد (¬4)» ولم يقل له: اقض الركعة. التي لم يقرأ فيها الفاتحة. أما حديث: «من كان له إمام فقراءته له قراءة (¬5)» فهو حديث ضعيف، والصواب أن المأموم يقرأ في الجهرية والسرية، بالفاتحة فقط في الجهرية، أما في السرية يقرأ معها ما تيسر في الأولى والثانية. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). (¬5) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، برقم (14233).

مسألة في قراءة الفاتحة في الصلاة السرية والجهرية

162 - مسألة في قراءة الفاتحة في الصلاة السرية والجهرية س: هل تختلف الصلاة الجهرية عن السرية في وجوب قراءة الفاتحة على المأموم (¬1) ج: لا، فقد أطلق الحكم سواء في الجهرية أو السرية، والحجة في هذا ما رواه البخاري في الصحيح من حديث أبي بكرة الثقفي؛ أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع معه ولم يقرأ الفاتحة، بل فاته القيام فركع دون الصف، ثم مشى دون الصف فدخل في الصف والإمام راكع، المقصود أنه جاء والإمام راكع فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف ودخل فيه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصا، ولا تعد (¬2)» ولم يأمره بقضاء الركعة، فدل ذلك على أن من أدرك الإمام راكعا أجزأته الركعة، وسقطت عنه قراءة الفاتحة؛ لأنه معذور بفوات القيام، وهكذا من جهل الحكم الشرعي، أو أنسي الفاتحة وهو مع الإمام فيتحملها عنه الإمام. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (39). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

حكم صلاة المأموم الذي لا يقرأ الفاتحة في صلاته

163 - حكم صلاة المأموم الذي لا يقرأ الفاتحة في صلاته س: ما حكم من يصلي خلف الإمام، ولا يقوم بقراءة أي شيء حتى الفاتحة لا يقرؤها، ولا يقول: آمين. عند الانتهاء من الفاتحة (¬1) ج: الأكثر من أهل العلم على أن صلاته صحيحة، وأن الإمام يتحمل عنه قراءة الفاتحة، ولكن ترك المشروع؛ لأن المشروع له أن يأتي بالفاتحة في السرية، أو يقرأ معها ما تيسر في الأولى والثانية من الظهر والعصر، أما في الجهرية يقرأ الفاتحة فقط، يكتفي بها هذا هو المشروع، وإذا كان للإمام سكتة قرأها في السكتة. وذهب بعض أهل العلم إلى وجوب قراءة الفاتحة على المأموم، وأن الواجب عليه أن يقرأها إذا قدر، وهذا هو الصواب أن عليه أن يقرأها إذا تمكن من ذلك؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬2)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬3)» وهو حديث صحيح رواه أحمد والترمذي والجماعة ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (341). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186).

بسند صحيح. لكن لو فاته القيام مع الإمام ولم يدرك إلا الركوع أجزأه على الصحيح؛ لما ثبت في صحيح البخاري رحمه الله؛ أن أبا بكرة الثقفي رضي الله عنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع، فركع قبل الصف ثم دخل في الصف، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «زادك الله حرصا، ولا تعد (¬1)» فلم يؤمر بقضاء الركعة؛ فدل على إجزائها؛ لأنه معذور بسبب غيابه وقت القراءة؛ وقت وقوف الإمام، وهكذا من جهل الحكم الشرعي، أو نسي فالصواب أنها تسقط عنه بالجهل والنسيان؛ لأنها في هذه الحالة واجبة في حقه، لا ركن؛ في حق المأموم؛ بدليل أنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر أبا بكرة لما فاته القيام أن يقضي الركعة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

حكم الإنصات بعد قراءة الإمام الفاتحة

164 - حكم الإنصات بعد قراءة الإمام الفاتحة س: عندما يقرأ الإمام الفاتحة، وبعدها يقرأ سورة طويلة، في تلك اللحظات هل أسأل الله سبحانه وتعالى بعض الدعاء، أم أقرأ، أم أنصت (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (92).

ج: الواجب الإنصات؛ لقول الله سبحانه: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (¬1)، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا قرأ فأنصتوا (¬2)» إلا الفاتحة فإنه يقرؤها، سواء سكت الإمام، أو ما سكت، إن كان يسكت يقرأها في السكتات، فإن كان لا يتابع القراءة قرأها ثم أنصت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬3)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬4)» فيقرأ بها سرا، ثم ينصت لإمامه. ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 204 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (¬4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186).

حكم تكرار المأموم السورة بعد الفاتحة مرارا حتى يركع الإمام

165 - حكم تكرار المأموم السورة بعد الفاتحة مرارا حتى يركع الإمام س: أنا لا أحفظ سوى بعض السور القصار، وعندما يكبر الإمام تكبيرة الإحرام أقرأ الفاتحة وسورة قصيرة، وعندما تنتهي السورة بسرعة أقع في حيرة: هل أستمر في قراءة السور القصار، أم أظل صامتا حتى يكبر الإمام تكبيرة الركوع؟ أرجو إيضاح ما يجب علي أن

أفعله، جزاكم الله خير الجزاء (¬1) ج: السنة أن تقرأ ما تيسر معك حتى يركع الإمام، ولو كررت السورة التي تحفظها مع الفاتحة، أو كررت سورا أخرى فالحمد لله، تقرأ ما تيسر من الآيات، أو سورا قصيرة حتى يركع الإمام، ولا تسكت لما في القراءة من الفضل العظيم، حتى ولو الفاتحة إذا كنت ما عندك إلا الفاتحة، ترددها بينك وبين نفسك حتى يركع الإمام، كل حرف به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (177).

س: في الركعة الثالثة أو الرابعة أكون قد انتهيت من قراءة الفاتحة والإمام لم يركع بعد، هل أعيد قراءة الفاتحة، أم أقرأ سورة أخرى (¬1) ج: تقرأ ما تيسر أو تسكت ولا تعيد الفاتحة، تقرأ ما تيسر آية أو آيتين، أو تسكت حتى يكبر. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (183).

س: إذا صليت الظهر أو العصر وراء إمام، وأطال القراءة، وقد قرأت سورة قصيرة فهل أشرع في قراءة سورة ثانية حتى يركع، أم أبقى

منتظرا صامتا حتى يركع (¬1) ج: ينبغي لك أن تقرأ زيادة سورة أو آيات حتى يركع إمامك؛ لأن المأموم لا يسكت؛ إما أن يقرأ وإما أن ينصت، فإذا كان الإمام في صلاة سرية فإنك تقرأ زيادة حتى يركع إمامك. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (170).

س: إذا جاء المصلي والإمام يقرأ سورة بعد الفاتحة هل يقرأ المصلي الفاتحة، أم يستمع لقراءة الإمام (¬1) ج: يقرأ الفاتحة ثم ينصت؛ لأنه مأمور بالفاتحة، قد أمره النبي بقراءتها عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (182).

حكم صلاة المأموم إذا شك في قراءة الفاتحة

166 - حكم صلاة المأموم إذا شك في قراءة الفاتحة س: يقول السائل: إذا شك المصلي هل قرأ الفاتحة في الركعة الأولى، وهذا الشك حصل في الركعة الثانية ماذا يعمل (¬1) ج: إذا كان مأموما لا يضره ذلك والحمد لله، يتحملها الإمام، إذا تركها جاهلا أو ناسيا، أو شك في الأمر لا يضره، لكن لا يجوز له تعمد تركها، بل يلزمه أن يقرأها مع الإمام، هذا هو الصواب. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (409).

حكم جهر المأموم بالقراءة خلف الإمام

167 - حكم جهر المأموم بالقراءة خلف الإمام س: ما هي المواضع التي يجهر فيها المأموم بالقراءة خلف الإمام (¬1) ج: المأموم لا يجهر خلف الإمام، وإنما يقرأ سرا، وإنما الإمام هو الذي يجهر في المغرب والعشاء، والفجر والجمعة والعيد، يجهر في الأولى والثانية من العشاء والمغرب، ويجهر في الفجر أيضا، ويجهر في الجمعة، ويجهر في صلاة العيد وصلاة الكسوف وصلاة الاستسقاء، والمأموم يقرأ سرا بينه وبين نفسه، ولا يجهر هذا هو المشروع. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (103).

حكم قراءة المأموم سورة بعد الفاتحة في الصلاة السرية

168 - حكم قراءة المأموم سورة بعد الفاتحة في الصلاة السرية س: هل يكتفي المأموم بقراءة الفاتحة خلف الإمام، أم يقرأ مع الفاتحة سورة قصيرة (¬1) ج: في الجهرية تكفي الفاتحة، أما السرية مثل الظهر والعصر لا بأس أن يقرأ زيادة في الأولى والثانية على الفاتحة؛ لأنه ليس هناك قراءة يستمعها وينصت لها. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (224).

حكم قراءة المأموم الفاتحة في سكتات الإمام

169 - حكم قراءة المأموم الفاتحة في سكتات الإمام س: السائل: ع. ح. م. المدينة المنورة، يقول: متى يقرأ المأموم الفاتحة في الصلاة الجهرية خلف الإمام (¬1) ج: يقرؤها إذا سكت الإمام، يقرأ الفاتحة الإمام فإذا سكت يقرؤها وقت سكوت الإمام، فإن كان الإمام لا يسكت يقرأها في أي وقت ولا حرج، يقرؤها المأموم، وإن كان إمامه يقرأ يقرأها، ثم ينصت سواء قبل الفاتحة أو بعد الفاتحة، لكن إن كان الإمام له عادة يسكت يقرأها المأموم في حال السكوت؛ جمعا بين المصلحتين بين قراءتها وبين الاستماع للإمام وقت القراءة. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (360).

س: ما هو حكم المصلي خلف الإمام في الصلوات الجهرية؟ هل يستمع فقط، أم يصلي الصلاة كما وجبت عليه إذا صلى منفردا؟ إذ إنني أسمع بعض المصلين يعيدون الفاتحة بعد الإمام بسرعة حيث لا يتدبرون معناها (¬1) ج: ليس فيها خلاف عند العلماء، والصواب أنه يقرأ في الجهرية والسرية جميعا، وإن سكت إمامه يقرأ في السكوت، وإن لم يقرأ إمامه ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (363).

قرأها ثم أنصت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬1)» وقال: «لعلكم تقرؤون خلف الإمام قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬2)» في الجهرية والسرية، لكن يقرؤها سرا ثم ينصت. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186).

مسألة في سكوت الإمام بعد الفاتحة

170 - مسألة في سكوت الإمام بعد الفاتحة س: هل يلزم الإمام السكوت بعد الفاتحة؟ وما مقدار السكتة (¬1) ج: ليس على ذلك دليل، ولا يلزمه السكوت، ومن فعل فلا بأس، ومن ترك فلا بأس، ولأن الحديث في هذا الباب ليس بثابت، واختلف العلماء في ذلك، فمنهم من رأى هذه السكتة بعد الفاتحة؛ حتى يقرأ المأمومون الفاتحة، ومنهم من لم ير ذلك، فالأمر في هذا واسع لا تلزم السكتة، إذا شرع بعد الفاتحة وقرأ فلا حرج، والمأموم يقرأ وإن قرأ إمامه، يقرأ الفاتحة بينه وبين نفسه، ثم ينصت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا ¬

_ (¬1) السؤال الخمسون من الشريط رقم (358).

بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬1)» فالمأموم يقرأ بها في السر والجهر، فإن كان هناك سكتة فتقرأ في السكتة، وإن كان الإمام لم يسكت قرأها المأموم، وإن كان الإمام يقرأ يقرأها سرا ثم ينصت لإمامه، هذا إذا كانت جهرية، أما إذا كان في مثل الظهر والعصر فيقرأ الفاتحة وما تيسر معها؛ لأنها سرية. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186).

حكم دعاء الاستفتاح لمن دخل بعد قراءة الإمام الفاتحة

171 - حكم دعاء الاستفتاح لمن دخل بعد قراءة الإمام الفاتحة س: يقول السائل: أبو عابد من الرياض: إذا صلى شخص هل صحيح بأنه إذا دخل المأموم والإمام يقرأ أي سورة بعدما قرأ الفاتحة، والمأموم لم يقرأ دعاء الاستفتاح فهل في ذلك شيء؟ وهل تبطل الصلاة بمثل هذه الحالة (¬1) ج: إذا دخل المأموم والإمام يقرأ بعد الفاتحة فإنه يقرأ الفاتحة فقط، ولا يقرأ دعاء الاستفتاح؛ لأن دعاء الاستفتاح نافلة، والمأموم مأمور بالإنصات، لكن قراءة الفاتحة لازمة، فيقرأ الفاتحة ثم ينصت لإمامه، أما دعاء الاستفتاح فلا حاجة إلى قراءته. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (386).

حكم صلاة من لم يكمل قراءة الفاتحة قبل ركوع الإمام

172 - حكم صلاة من لم يكمل قراءة الفاتحة قبل ركوع الإمام س: إذا ركع الإمام وأنا أقرأ الفاتحة، ولم أكملها بعد فهل أركع معه، أم أكمل الفاتحة؟ ومتى تسقط الفاتحة عن المأموم في الصلاة (¬1) ج: إذا كان لم يبق إلا شيء يسير كالآية أو الآيتين يكمل، وإذا كنت تخشى أن يرفع فاركع، ويسقط عنك ما بقي، كما لو جئت والإمام قد ركع تركع، وتسقط عنك الفاتحة، مثل: جاء المأموم والإمام راكع فركع معه أجزأته الركعة، كما في صحيح البخاري من حديث أبي بكرة رضي الله عنه أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع، فركع دون الصف ثم دخل في الصف، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «زادك الله حرصا، ولا تعد (¬2)» ولم يأمره بقضاء الركعة، وهذا قول الأئمة الأربعة جميعا: أنه إذا أدرك الإمام راكعا أجزأته الركعة، وسقطت عنه الفاتحة، فهكذا إذا قرأ أولها ثم خاف أن تفوت الركعة يركع ولا يضره ذلك، وهكذا لو نسي المأموم، أو كان جاهلا سقطت عنه وأجزأته صلاته مع الإمام، بخلاف المنفرد فإنها لا تجزئه لو سها عنها أو جهلها، لا بد من قراءتها؛ لأنها ركن صلاته، أما المأموم فهي في حقه ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (223). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

واجبة مع الذكر ومع العلم؛ بدليل أنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر أبا بكرة الثقفي بالإعادة لما جاء والإمام راكع.

حكم متابعة الإمام إذا ركع ولو لم يكمل المأموم قراءة الفاتحة

173 - حكم متابعة الإمام إذا ركع ولو لم يكمل المأموم قراءة الفاتحة س: يقول السائل: أعاني من ثقل في القراءة؛ حيث يركع الإمام في الركعتين الأخيرتين، أو للثالثة في المغرب قبل أن أتمكن من إتمام الفاتحة، فإذا أتممت الفاتحة رفع، أو ربما يرفع الإمام من الركوع قبل أن أركع، لاسيما إذا صليت خلف إمام يخفف الصلاة، والسؤال هنا: هل أمضي وأتمم الفاتحة حتى ولو رفع الإمام من الركوع، أم يتعين علي متابعة الإمام حتى ولو لم أتمكن من إتمام الفاتحة في الصلاة كلها؟ حيث إنني سمعت بعض طلبة العلم يقولون: إن متابعة الإمام هي أهم وأوجب من إتمام الفاتحة في كل الركعات. فهل هذا هو الصحيح؟ ج: الواجب عليك متابعة الإمام وإن لم تكمل الفاتحة؛ لقول النبي

صلى الله عليه وسلم: «فإذا ركع فاركعوا (¬1)» فعليك أن تركع معه، إذا ركع تركع بعده وإن لم تكمل الفاتحة، لكن عليك أن تعتني بقراءة الفاتحة من حين التكبير، ومن حين ينهض من السجود وتستقيم واقفا، عليك أن تعتني بالقراءة ولا تتباطأ، تقرأ قراءة خفيفة حتى تدرك إكمال الفاتحة قبل الركوع، وعليك بالحذر من الوساوس، اقرأ قراءة جيدة والحمد لله ولو كنت أسرعت فيها بعض الإسراع، بعض الناس يقرأ قراءة مقطعة يتأخر، لا، عليك أن تقرأ قراءة متصلة واضحة من حين تكبر تكبيرة الإحرام بعد الاستفتاح، وهكذا في الركعات الأخرى من حين تقف تبادر بالقراءة وأنت بهمة عالية، لا بالتباطؤ ولا بالتكاسل، لكن لو فرضنا أنه ركع وأنت عليك بعض الآيات اركع معه، إلا إن كانت بقيت آية أو آيتان تكملها ثم تركع؛ لأنه يمكنك أن تكملها وتركع، أما إذا خشيت أن يرفع فاركع، ولا حرج عليك والحمد لله، كما لو جئت والإمام راكع ركعت معه وسقطت عنك الفاتحة، إذا جاء المسبوق والإمام راكع، وركع معه أجزأه وسقطت الفاتحة، كما صح ذلك من حديث أبي بكرة رضي الله عنه، فإنه أتى النبي صلى الله عليه ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، برقم (378)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (412).

وسلم وهو راكع فركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصا، ولا تعد (¬1)» وهكذا لو أن المأموم يجهل الحكم ما قرأ الفاتحة، أو نسيها أجزأه؛ لأن القراءة في حق المأموم واجبة، تسقط بالسهو والجهل، وبعدم إدراك الإمام وهو واقف، كل هذا من أسباب سقوطها، إذا جهل الحكم أو سها عنها أو نسيها، أو جاء والإمام راكع، أو قرب الركوع ما أمكنه أن يقرأها سقطت عنه والحمد لله. هذا هو الصواب. وقال الجمهور: إنها غير واجبة على المأموم. قال أكثر أهل العلم: إنها غير واجبة على المأموم. والصواب أنها واجبة على المأموم، لكنه إذا سها عنها أو جهل الحكم، أو جاء متأخرا والإمام راكع أو عند الركوع سقطت عنه كالواجبات الأخرى، كما لو سها عن: سبحان ربي العظيم. أو: سبحان ربي الأعلى. أو: ربنا ولك الحمد. أو نحو ذلك، أجزأ وسقطت عنه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬2)» هذا يدل على أن المأموم يقرأ خلف إمامه، وأن هذا هو الواجب عليه، لكن متى ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186).

سها عن ذلك، أو جهل الحكم الشرعي سقط عنه ذلك: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1)، والأصل في هذا حديث أبي بكرة (¬2) لما جاء والنبي راكع عليه الصلاة والسلام ركع معه، ولم يأمره بإعادة الركعة مع أنه لم يقرأ الفاتحة؛ لأنه معذور بسبب عدم حضوره حال قيام الإمام. ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

حكم قراءة الفاتحة للإمام والمنفرد

174 - حكم قراءة الفاتحة للإمام والمنفرد س: إذا ترك المأموم الركن الثاني من أركان الصلاة - وأقصد الفاتحة - فهل تبطل صلاته؟ حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم، إن الصلاة التي لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب هي خداج خداج خداج. وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬1)» (¬2) ج: أما الإمام والمنفرد فإن صلاتهما تبطل إذا لم يقرآ بفاتحة الكتاب؛ للحديثين المذكورين، وأما المأموم ففيه خلاف، فإن تعمد تركها عن علم مما جاء في السنة، ومع اعتقاده أن معناهما لا معارض ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (¬2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (39).

له فإن صلاته تبطل في أصح أقوال أهل العلم، أما إن ترك قراءتها؛ لأنه اجتهد، ورأى أنها في المنفرد وفي الإمام، أو جهلا منه بالحكم الشرعي فإن صلاته تكون صحيحة؛ لأنه لم يتعمد فعل ما حرم الله، ولا ترك ما أوجب الله، بل تركها إما اجتهادا، وإما جهلا بالحكم الشرعي، فهذا صلاته صحيحة. أما الذي يعرف الحكم الشرعي، ويعتقد أنها تجب عليه، ثم تركها عمدا فهذا تبطل صلاته؛ لأنه خالف اعتقاده، وخالف ما يعلم أنه حق. ولا شك أن قراءتها مهمة جدا، واختلف العلماء في وجوبها، والأرجح أنها تجب على المأموم؛ لعموم الأحاديث في ذلك، فلا ينبغي له تركها، بل الواجب عليه أن يقرأها، لكن لو تركها نسيانا أو جهلا، أو لم يدرك القيام، بل جاء والإمام راكع فإن صلاته صحيحة، والركعة تجزئه ولا يلزمه قضاء الركعة التي أدرك الإمام في ركوعها، هذا هو الصواب الذي عليه جمهور أهل العلم.

حكم قضاء الركعة للمأموم إذا نسي قراءة الفاتحة خلف الإمام

175 - حكم قضاء الركعة للمأموم إذا نسي قراءة الفاتحة خلف الإمام س: السائل يقول: لقد صليت صلاة الفجر في جماعة، ولكن في الركعة

الأولى نسيت قراءة الفاتحة، وبعد تسليم الإمام قمت للركعة الأولى التي نسيت فيها الفاتحة؛ لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬1)» أكملت صلاة الركعة الأولى، وبعد السلام ذكرت علي سجود السهو ففعلتها. المرجو من سماحتكم إفادتي في عملي، هل هو على الطريقة الصحيحة (¬2) ج: لا حرج في ذلك إن شاء الله، والصواب أنه ليس عليك قضاء، أما الذي فعلته فهو جار على رأي بعض العلماء، وأن من تركها يقضي. ولكن الصواب أن المأموم إذا نسيها، أو جهل الحكم الشرعي، أو حضر والإمام راكع أجزأه الركوع، وليس عليه قضاء؛ لأنها في حقه واجبة تسقط مع النسيان والجهل، ويسقط أيضا مع فوات القيام، إذا جاء والإمام راكع أجزأه أن يصلي مع الإمام، وتجزئه الركعة التي أدرك ركوعها؛ لما ثبت في صحيح البخاري رحمه الله عن أبي بكرة رضي الله عنه؛ أنه جاء والنبي راكع عليه الصلاة والسلام، فركع معه؛ ركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصا، ولا تعد (¬3)» ولم يأمره بقضاء الركعة؛ لأنه معذور بفوات القيام، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (257). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

فهكذا من نسي القراءة مع الإمام، أو جهل الحكم الشرعي، أو جاء والإمام راكع فإنها تجزئه الركعة والحمد لله، هذا هو الصواب بخلاف الإمام، لا بد من قراءة الفاتحة في حقه، وإذا نسيها في الركعة الأولى تقوم الركعتان مقامها ويأتي بركعة زائدة، وهكذا المنفرد؛ لأنها في حقهما ركن لا بد منه، أما المأموم فأمره أوضح وأسهل، ولهذا ذهب الجمهور من أهل العلم إلى أن المأموم ليس عليه قراءة واجبة، يتحملها الإمام، ولكن الصواب أن عليه الفاتحة إذا ذكر وعلم؛ لظاهر الأحاديث وعمومها، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬1)» فهذا يدل على وجوبها على المأموم، لكن إذا نسيها أو جهلها سقطت، كما لو نسي التسبيح في الركوع أو السجود سقط عنه الوجوب، وهكذا إذا لم يدرك الإمام قائما، وإنما أدركه راكعا أو عند الركوع سقطت عنه؛ لحديث أبي بكرة، والأحاديث يفسر بعضها بعضا. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186).

حكم ترك المأموم قراءة الفاتحة خلف الإمام عمدا أو سهوا

176 - حكم ترك المأموم قراءة الفاتحة خلف الإمام عمدا أو سهوا س: إذا كان المأموم خلف الإمام، وترك قراءة الفاتحة عمدا أو سهوا، سواء

كانت الصلاة سرية أو جهرية هل في ذلك شيء (¬1) ج: الواجب على المأموم أن يقرأ الفاتحة، هذا هو المختار من أقوال أهل العلم، وقد ذهب بعض أهل العلم - وهم الأكثرون - إلى أنها لا تجب قراءتها على المأموم، وأن الإمام يتحملها عنه، ولكن الأرجح في هذه المسألة أنه لا يتحملها الإمام، بل عليه أن يقرأها؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬2)» وما جاء في معنى ذلك، لكن لو نسيها أو تركها جهلا، أو اعتقادا أن الإمام يتحملها فصلاته صحيحة، أما تعمد تركها فلا ينبغي، بل عليه أن يقرأها لما يراه جمع من العلماء، وإذا تعمد تركها الأحوط له أن يقضي الصلاة التي ترك فيها الفاتحة عمدا؛ من دون اجتهاد ولا تقليد منه لغيره من أهل العلم، ولا قصدا لتركها؛ لكونه يرى أنه لا تجب؛ لكونه طالب علم قد درس الموضوع، وتأمل الأدلة، فإن هذا معذور، أما الذي لا يعرف الحكم، ويعلم أنه ملزم بالقراءة في الصلاة، ثم يتعمد تركها، وقد علم أنه مأمور بقراءتها، وأن قراءتها لازمة فإنه يعيدها للخروج من خلاف العلماء، بخلاف ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (38). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394).

الذي تركها ساهيا أو جاهلا، أو عن اجتهاد أنها لا تجب، أو تابعا لمن قال: لا تجب. تقليدا له، وظنا أنه هو المصيب، فهذا ليس عليه إعادة؛ لكونه عمل باجتهاده أو تقليده لمن يرى أنها لا تجب، أو لأنه جهل الحكم الشرعي أو نسيه، فهذا ليس عليه إعادة. أما كونه يعرف الحكم الشرعي، ويدري أنه مأمور بقراءتها، وتجب عليه قراءتها، ثم يتساهل ويدعها عمدا فهذا ينبغي له القضاء، بل يجب عليه القضاء؛ لكونه خالف ما يعتقد.

حكم صلاة المأموم إذا ترك ركنا أو واجبا خلف الإمام

177 - حكم صلاة المأموم إذا ترك ركنا، أو واجبا خلف الإمام س: إذا نسيت ركنا أو واجبا مع الإمام ماذا أفعل؛ أعيد الصلاة، أو يلزمني سجود السهو (¬1) ج: إذا نسي المصلي - وهو مأموم - واجبا من واجبات الصلاة سقط عنه؛ مثلا: نسي أن يقول: سبحان ربي الأعلى. في السجود، أو نسي أن يقول: سبحان ربي العظيم. في الركوع، أو نسي التكبير عند الركوع أو السجود، أو عند الرفع من السجود، فإن هذا يسقط عنه، ولا شيء عليه؛ لكونه تابعا للإمام، وهكذا لو نسي التشهد الأول، شغل ولم يأت به ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (35).

وقام مع الإمام، ولم يأت به ناسيا، فلا شيء عليه، يتحمله الإمام. أما الأركان وهي الفرائض العظيمة فلا بد منها، فإذا نسيها يأتي بها، ثم يلحق إمامه، فلو سها عن الركوع وكبر الإمام راكعا، ثم رفع الإمام فانتبه فإنه يركع ثم يرفع، ويتابع الإمام. وهكذا لو نسي السجدة الأولى وسجد الإمام، ثم رفع فانتبه المأموم، والإمام قد رفع من السجدة الأولى فإنه يسجد ثم يرفع، ثم يلحق الإمام في السجدة الثانية. فالمقصود أن الأركان وهي الفرائض المؤكدة لا تسقط بالسهو عن المأموم، بل يأتي بها ثم يتابع إمامه.

بيان ما يتحمله الإمام عن المأموم في صلاته

178 - بيان ما يتحمله الإمام عن المأموم في صلاته س: تقول السائلة: إذا صليت مع الجماعة، وأخطأت خطا يستوجب مني سجود السهو فما الحكم (¬1) ج: إذا صليت مع الجماعة من أول الصلاة، ونسيت مثلا: سبحان ربي الأعلى. أو نسيت: سبحان ربي العظيم. في الركوع، أو: رب اغفر لي. بين السجدتين فإنه ليس عليك سجود سهو، يتحمله الإمام والحمد لله، أو نسيت الفاتحة يتحمل الإمام والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (293).

س: هذه السائلة تقول: سماحة الشيخ، قمت بقراءة الفاتحة بدلا من التشهد الأخير في صلاة الظهر مع الجماعة، ولكنني أدركت بأنني أخطأت، وقرأت التشهد مرة أخرى، فهل أسجد سجدتين للسهو بعد أن ينتهي الإمام من صلاة الجماعة؟ أم ماذا أفعل (¬1) ج: يكفي إذا قرأت التشهد والحمد لله، وليس عليك شيء، المأموم تبع الإمام ليس عليه سهو. والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (425).

حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاء ذكره أثناء قراءة الإمام في الصلاة

179 - حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاء ذكره أثناء قراءة الإمام في الصلاة س: إذا كنت أصلي صلاة جهرية مع الجماعة، وفي أثناء قراءة الإمام ورد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم؛ كمثل قوله سبحانه: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} (¬1) الآية. هل يجوز لي أن أقول: صلى الله عليه وسلم. إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم (¬2) ج: الأفضل الإنصات، إذا كان الإمام يقرأ في صلاة المغرب والعشاء والفجر، أو الجمعة، الأفضل الإنصات، فلا تسبح عند التسبيح والتهليل، ¬

_ (¬1) سورة الفتح الآية 29 (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (228).

ولا تصل عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله يقول: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (¬1)، فالأفضل الإنصات، ولو صلى على النبي، أو قال: سبحان الله. عند ذكر أسماء الله فلا حرج، لكن ترك هذا أفضل؛ لأن المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قرأ في الجهرية لا يقف عند آية الرحمة، ولا عند آية الوعيد، ولا عند آية الأسماء والصفات بل يستمر، فالأفضل لك أن تستمع ولا تقف، ولا تقل شيئا عند مرور الآيات من الإمام وهو يقرأ، ولا منك وأنت تقرأ في الفرض، أما النافلة فالأمر واسع كالتهجد بالليل ونحوه، إذا قرأت تقف عند آية الرحمة تسأل، وعند آية الوعيد تتعوذ، وعند أسماء الله تسبح الله، وعند ذكر النبي تصلي عليه، عليه الصلاة والسلام، وهكذا إذا كنت خلف الإمام في مثل التراويح، أو القيام في رمضان وسكت يدعو دعوت أنت، أو إذا سكت يصلي عليه صليت عليه أنت، وإذا استمر تنصت؛ لأنك مأمور بالإنصات. ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 204

بيان ما تدرك به الركعة

180 - بيان ما تدرك به الركعة س: إذا أدركت الإمام راكعا وركعت فهل تكتب لي ركعة، أم

أعيدها؟ علما بأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» (¬1) ج: هذه المسألة تنازع فيها أهل العلم، فمنهم من قال: تجزئه الركعة. وهذا قول الأكثرين، وهو قول الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم، قالوا: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سأله أبو بكرة الثقفي عن هذه القضية، «فإن أبا بكرة جاء والإمام راكع، فركع دون الصف ثم دخل في الصف، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من الذي فعل هذا؟ " قال أبو بكرة: أنا يا رسول الله. فقال: " زادك الله حرصا، ولا تعد (¬2)» ولم يأمره بقضاء الركعة، بل نهاه أن يعود للركوع دون الصف، فالداخل ليس له أن يركع دون الصف، بل يصبر حتى يتصل الصف، ويصف في الصف، وليس له أن يركع دونه، ولم يأمره بقضاء الركعة، ولأنه معذور ما أدرك القراءة، فكان معذورا، فيكون هذا الحديث مخصصا للحديث الذي ذكره السائل، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬3)» فهذا عام يستثنى منه الذي ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (131). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394).

دخل والإمام راكع، أو دخل مع الإمام ونسي قراءتها، أو يعتقد أنها لا تجب عليه، كما يقول الجمهور أنها لا تجب على المأموم، فهو مستثنى عند الجمهور، والصواب أنها تجب على المأموم، لكن إذا تركها ناسيا أو تقليدا لغيره لم يعرف الحكم الشرعي، أو لم يدرك إلا الركوع؛ بأن جاء عند الركوع، أو والإمام راكع فهذا معذور، والصواب أنها تجزئه، هذا هو الصواب الذي عليه عامة أهل العلم وأكثر أهل العلم. وذهب بعضهم إلى أنها لا تجزئه، وبه قال البخاري رحمه الله وجماعة لهذا الحديث؛ حديث: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬1)» ولكنهم محجوجون بحديث أبي بكرة، فهو معذور لعدم أمر النبي صلى الله عليه وسلم له بالقضاء، فلو كان من فاتته القراءة يقضي ولا تجزئه لأمره عليه الصلاة والسلام بذلك، فإنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فهذا وقت البيان، فلما سكت النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمره بقضاء الركعة دل على أنه لا قضاء عليه، وأن هذا مستثنى. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات، برقم (756)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وأنه إذا لم يحسن الفاتحة، ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394).

حكم صلاة المأموم إذا دعا أو سبح أثناء قراءة الإمام في الصلاة

181 - حكم صلاة المأموم إذا دعا أو سبح أثناء قراءة الإمام في الصلاة س: يقول السائل سمعت شخصا وهو يصلي صلاة المغرب مع المصلين خلف الإمام، حين كان الإمام يقرأ إحدى السور، يقول: اللهم ارحمني وجميع المسلمين. جهرا، فما حكم ذلك وفقكم الله (¬1) ج: الواجب على المأموم أن ينصت لإمامه إذا قرأ، وألا يتكلم بشيء، بل ينصت ويتدبر ويتعقل؛ لأن الله يقول سبحانه: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (¬2)، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «إذا قرأ يعني الإمام فأنصتوا (¬3)» هذا هو الواجب، ولا يتكلم بشيء، لكن لو سكت الإمام بعض السكتات، فقالها فيما بينه وبين نفسه، قال شيئا يتعلق بالقراءة لا حرج؛ كذكر الجنة أو النار، فقال في الجنة: اللهم اجعلني من أهلها. وفي النار: أعوذ بالله منها. فالسكتة التي بعد القراءة لا حرج في ذلك إن شاء الله، وأما وقت القراءة فالواجب أن يراعي الإنصات وألا يتكلم بشيء، إلا في الفاتحة يقرؤها المأموم، ولو قرأ ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (11). (¬2) سورة الأعراف الآية 204 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (404).

الإمام بذلك إذا تيسر سكتة، فإذا كان الإمام لا يسكت فإن المأموم يقرأ الفاتحة مع إمامه، ثم ينصت لبقية القراءة، وأقصد به في الصلاة الجهرية على الصحيح من أقوال العلماء.

حكم قول آمين للمأموم والإمام والمنفرد

182 - حكم قول آمين للمأموم والإمام والمنفرد س: هل قراءة الفاتحة في الصلاة تكون بنية القراءة، أم بنية الدعاء؟ ولماذا تؤمن على الدعاء فيها (¬1) ج: تكون بنية القراءة وفيها الدعاء؛ لأن الفاتحة فيها دعاء، ونؤمن على القراءة في آخر الفاتحة بقول: آمين. للإمام والمأموم والمنفرد، لأن القارئ يدعو بقول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (¬2)، فهو يؤمن ويؤمن أيضا المأمومون على قراءة الإمام، بأن يدعو الله أن يهديه إلى الطريق المستقيم؛ وهو الإسلام، وأن يباعده عن طريق المغضوب عليهم وهم اليهود، والضالين وهم النصارى. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (331). (¬2) سورة الفاتحة الآية 6

حكم التبليغ وراء الإمام للحاجة

183 - حكم التبليغ وراء الإمام للحاجة س: ما حكم التبليغ وراء الإمام؟ وهل هو يلزم في كل صلاة، أم يكون

عندما لا يسمع الإمام جميع من يؤمهم؟ وأطلب عدد المرات التي بلغ فيها في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (¬1) ج: التبليغ مشروع عند الحاجة إليه؛ حتى يتمكن المأمومون من الاقتداء بالإمام، أما إذا لم يحتج إليه لكون الإمام يسمعهم فلا حاجة إلى التبليغ، وهكذا لما يسر الله مكبرات الصوت استغنى الناس عن التبليغ بسبب المكبرات، إلا إذا كان المسجد كبيرا، وله نواح كثيرة يخشى ألا يسمعوا الإمام فلا مانع من التبليغ كما في المسجد الحرام والمسجد النبوي؛ لأنهم قد يخفى عليهم صوت الإمام في بعض الجهات، فالحاصل أن التبليغ مشروع عند الحاجة إليه، وإذا انتفت الحاجة لم يشرع سواء انتفت الحاجة بوجود المكبر، أو لأن الجماعة قليلون يسمعون فلا حاجة إلى التبليغ. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى في مرضه الأخير قاعدا، وصلى أبو بكر عن يمينه قائما، وصلى الناس خلفهما قياما (¬2) وكان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يصلي بالناس، وأبو بكر يبلغ عنه؛ ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (232). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب المرضى، باب إذا عاد مريضا فحضرت الصلاة فصلى بهم جماعة، برقم (5658).

لأن صوته بسبب المرض لا يسمعهم، فكان أبو بكر يبلغ عنه فهذه الحادثة المحفوظة، الذي بلغ فيها عنه صلى الله عليه وسلم فيما نعلم، والحكم يعم كل حادثة بعده، متى وجدت الحاجة فإن التبليغ يشرع، ومتى انتفت الحاجة لم يشرع التبليغ.

س: ما حكم التبليغ للإمام بالتكبير في الصلاة خلفه بصوت عال، مع العلم أن الجميع يسمعون الصوت؛ تكبيره وتحميده (¬1) ج: إذا كان الجماعة يسمعون صوت الإمام، ولا يخفى عليهم فلا حاجة إلى التبليغ، أما إذا كان قد يخفى على بعضهم كالصفوف المؤخرة فإنه يستحب التبليغ، وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم في مرضه عليه الصلاة والسلام، وكان صوته ضعيفا، وكان الصديق يبلغ عنه عليه الصلاة والسلام، فهذا لا بأس به، إذا احتيج إلى التبليغ من سعة المسجد وكثرة الجماعة، أو لضعف صوت الإمام؛ لمرض أو غيره فإنه يقوم بعض الجماعة بالتبليغ. أما إذا كان الصوت واضحا يسمعه الجميع، ولا يخفى على أحد في الأطراف، بل معلوم أنه يسمع الجميع فليس هناك حاجة إلى التبليغ، ولا يشرع التبليغ. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (45).

س: هل يجب على الإمام إذا انقطع صوته لأي سبب أن يتأخر ويتقدم

أحد مكانه، أم يقتدى به بالحركات، ويرفع من خلفه بالصوت يسمع المأمومين (¬1) ج: هذا هو الأقرب، إذا حصل العارض حتى انخفض صوته أن يكون له منبه يبلغ الناس تكبيره في ركوعه وسجوده، يكون منبه يبلغ الناس والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (365).

حكم الاقتداء بالإمام والإنصات لقراءته

184 - حكم الاقتداء بالإمام والإنصات لقراءته س: يقول السائل: ما هي الأحكام التي يجب أن يقتدي بها المصلون خلف الإمام في صلاة الفجر والمغرب والعشاء؟ وهل يقرؤون الفاتحة وسورة قصيرة عندما يقرأ الإمام، أم يكتفون بقراءة الإمام (¬1) ج: المأموم تابع لإمامه في جميع الصلوات؛ لأن الإمام جعل ليؤتم به، فلا يختلف عليه المأموم، ولكن بعده: إذا كبر كبر، وإن ركع ركع، وإذا رفع رفع، وهكذا وينصت لقراءته في الفجر والمغرب والعشاء، ينصت إذا قرأ الإمام، وعليه أن يقرأ الفاتحة فقط في الجهرية، يقرؤها سرا وينصت بعد ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعلكم ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (249).

تقرؤون خلف الإمام قلنا: نعم. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬1)» وفي الأخيرتين من العشاء يقرأ الفاتحة فقط، وفي الأخيرة من المغرب الفاتحة فقط، أما في الظهر والعصر فيقرأ في الأولى والثانية الفاتحة وما تيسر معها؛ لأنها سرية، يقرأ فيها وفي الأخيرة يقرأ الفاتحة فقط، الثالثة والرابعة من الظهر والعصر يقرأ الفاتحة، وإن قرأ مع الفاتحة زيادة في الثالثة والرابعة مع الظهر فلا بأس، قد ورد في حديث أبي سعيد عند مسلم ما يدل على ذلك، فإنه رضي الله عنه أخبر أنهم حصروا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر قدر ثلاثين آية. قالوا: الأخريين من الظهر والعصر. قال: النصف (¬2) هذا يقتضي أنه كان يقرأ في الظهر زيادة في الثالثة والرابعة، لكن لعل هذا بعض الأحيان؛ لأن أبا قتادة في الصحيحين أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقرأ في الثالثة إلا بفاتحة الكتاب، والرابعة كذلك في الظهر والعصر. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22186). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب القراءة في الظهر والعصر، برقم (452).

حكم موافقة الإمام ومسابقته والتأخر عنه أثناء الصلاة

185 - حكم موافقة الإمام ومسابقته والتأخر عنه أثناء الصلاة س: أشاهد في بعض الأحيان أن المصلين لا يركعون ولا يسجدون ولا يسلمون في وقت واحد، بل بعضهم يتأخر عن الآخر، أو يتقدم عليهم، هل هذا يؤثر على صلاتهم (¬1) ج: الواجب على المأموم متابعة الإمام متصلا، فإذا انقطع صوت الإمام بادر المأموم بالمتابعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا، ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده. فقولوا: ربنا ولك الحمد. وإذا سجد فاسجدوا، ولا تسجدوا حتى يسجد (¬2)» فقوله: إذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا. إلى آخره، معناه المتابعة باتصال؛ لأن الفاء في قوله: فكبروا. عند أهل العلم معناها المتابعة بالاتصال من غير تأخر، لكن لا يركع حتى ينقطع صوت الإمام مكبرا، ولا يرفع كذلك، ولا يسجد كذلك إلا بعد انتهاء الإمام بعد انقطاع صوته، ثم يتابع، هكذا ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (188). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8297).

المأموم مع الإمام لا يعجل، ولا يسابق إمامه ولا يوافقه، ولكن بعد الاتصال، فإذا تأخر يسيرا عن إمامه، كما يقع لبعض المأمومين؛ لثقله أو كبر سنه، أو لمرضه أو نحو ذلك ما يضر، المهم أنه يتحرى المتابعة وعدم التأخر، فإذا تأخر قليلا لا يضره ما دام تابعه، ركع معه وسجد معه لا يضره ذلك، وهكذا لو تأخر في التسليم قليلا ما يضره ذلك، إنما السنة أن يبادر، إذا ركع ركع، وإذا سلم سلم، وإذا كبر كبر، يكون بالاتصال من دون موافقة ولا مسابقة، لكن بعدها متصلا.

س: سبق أن تفضلتم وقلتم سماحة الشيخ: إن التأخير اليسير لا يضر. مع توصيتكم بالحرص على المتابعة، لكن إذا تقدم المأموم إمامه قبل أن ينقطع صوته فما الحكم (¬1) ج: هذا يسمى موافقة، مكروهة، بعض أهل العلم حرمها؛ لظاهر الأحاديث، والصلاة صحيحة؛ لأنه بين آثم وبين غير آثم، لكنه قد فعل مكروها، فالواجب ألا يعجل حتى ينقطع صوت الإمام، أما المسابقة فمحرمة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أما يخشى أحدكم أو لا يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (188).

يجعل الله صورته صورة حمار (¬1)» وهي مبطلة للصلاة، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: «إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود، ولا بالقيام ولا بالانصراف (¬2)» فالواجب ألا يسابق، السنة أن يتابع ولا يوافق، فلا يوافقه ويكون معه، ولا يسابقه ولكن بعده، فالمسابقة تبطل الصلاة، والموافقة مكروهة في الصلاة، والسنة أن يكون بعد إمامه، إذا انقطع صوت الإمام تابعه. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إثم من رفع رأسه قبل الإمام، برقم (691)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما، برقم (427). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما، برقم (426).

س: يقول السائل: ما حكم الصلاة التي رفعت فيها رأسي من السجود قبل الإمام (¬1) ج: إذا كنت رفعت رأسك قبل الإمام فعليك أن ترجع فتسجد ثم ترفع بعده، فإن لم تفعل جاهلا فلا شيء عليك والصلاة صحيحة، أما إن كنت تعلم الحكم الشرعي وتعمدت هذا، لم ترجع للسجود فصلاتك باطلة، تعيدها، أما إن كنت جاهلا فصلاتك صحيحة، ولا تعد ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (281).

إلى ذلك، فإذا رفعت رأسك تحسب الإمام رفع، ثم علمت أنه لم يرفع ارجع واسجد، ثم ارفع بعده.

س: حكم صلاة الذين لا يتابعون الإمام بدقة كافية وهم يتأخرون عنه، أو قد يسبقونه، أو قد يوافقونه (¬1) ج: الواجب متابعته، لا يسبقونه ولا يوافقونه، الواجب بعده، مثل ما قال صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع (¬2)» الحديث. فالواجب عليهم أن يكونوا بعده، لكن متصلين، لا يتأخروا ولا يسابقوه ولا يوافقوه، بل يكونوا بعده متصلين به، هذا هو المشروع، وهذا هو الواجب. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (352). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، برقم (378)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (412).

حكم تأخر المأموم عن إمامه في الركوع حتى يرفع لانشغاله بقراءة الفاتحة

186 - حكم تأخر المأموم عن إمامه في الركوع حتى يرفع لانشغاله بقراءة الفاتحة س: البعض من الناس يطيلون في قراءة الفاتحة، فيركع الإمام وما زال المأموم واقفا، يقرأ الفاتحة وعندما يرفع الإمام من الركوع يبدأ

المأموم في الركوع، وقد فاتته الركعة مع الإمام، ما حكم صلاة مثل هؤلاء (¬1) ج: لا يجوز هذا، الواجب على المأموم إذا ركع إمامه أن يركع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا وإذا قال: سمع الله لمن حمده. فقولوا: ربنا لك الحمد. وإذا سجد فاسجدوا (¬2)» فإذا ركع إمامه ركع وسقط عنه باقي الفاتحة، كما لو جاء والإمام راكع فإنه يركع معه وتسقط عنه الفاتحة؛ لحديث أبي بكرة في صحيح البخاري رحمه الله؛ أن أبا بكرة رضي الله عنه جاء والإمام راكع -النبي راكع عليه الصلاة والسلام- فركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «زادك الله حرصا، ولا تعد (¬3)» ولم يأمره بقضاء الصلاة، فدل ذلك على صحتها؛ لأنه معذور، لما فاته القيام سقطت عنه الفاتحة، وهكذا المأموم إذا ركع إمامه قبل أن يكملها ركع مع إمامه وسقط عنه باقيها، وينبغي له أن يلاحظ ذلك حال قيامه حتى يقرأها قبل ركوع إمامه، يبدأ بقراءتها في أول ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (191). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، برقم (378)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (412). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا ركع دون الصف، برقم (783).

الركعة حتى يقرأها قبل إمامه قبل أن يركع، ولا يتساهل.

حكم صلاة من أصابه نعاس حتى فاتته ركعة من الصلاة مع الإمام

187 - حكم صلاة من أصابه نعاس حتى فاتته ركعة من الصلاة مع الإمام س: المصلي إذا جلس مع الإمام في الجلوس الأوسط، وعندما قام الإمام للركعة الثالثة لم يقم المصلي معه؛ لأنه كان نعسان، ونام نوما خفيفا أثناء قراءة التشهد، وظل نائما حتى أتم الإمام الركعة الثالثة وهي سرية طبعا، وعندما كبر الإمام للركوع انتبه المصلي وقام واقفا، فوجد الإمام قد رفع من الركوع، كيف يكمل هذا المصلي صلاته (¬1) ج: إذا نعس وبقي في جلوسه حتى ركع الإمام يقوم ويركع مع الإمام، فإن سبقه الإمام يركع ثم يلحق الإمام، يسجد معه يركع ثم يرفع ثم يعتدل، ثم يلحق الإمام، ويجزئه إذا كان نعاسه خفيفا ما أزال الشعور، عنده بعض اليقظة؛ بعض الانتباه، لكن لم ينتبه للتكبير، ولم يستغرق في النوم. أما إذا كان قد استغرق في النوم فإن صلاته تبطل، يعني يستأنفها من أولها؛ لأن النوم ينقض الوضوء إذا استغرق فيه، أما ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (311).

إذا كان نعاسا فقط؛ يعني نوما خفيفا، ما استغرق فإنه يتابع مع الإمام، وتسقط عنه الفاتحة؛ لأنه في هذه الحالة لم يتعمد تركها، بل أخذه النوم.

حكم صلاة من أطال السجود حتى قضى إمامه ركعة أخرى

188 - حكم صلاة من أطال السجود حتى قضى إمامه ركعة أخرى س: ماذا يجب على الفرد إذا كان في صلاة جماعة وأطال السجود، وقام الإمام ونزل للأخرى وهو ما زال في سجدته (¬1) ج: هذا لا يجوز، إذا تعمد ذلك بطلت صلاته، أما إذا كان ينعس، أو ما سمع صوت الإمام فإنه يقوم ويتبع الإمام ولا يضره، أما إذا تعمد حتى فاته القيام بطلت صلاته، نسأل الله العافية، لكن إذا كان ما سمع صوت الإمام، أو ينعس فهذا يتابع الإمام، وصلاته صحيحة. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (352).

حكم مسابقة الإمام في تكبيرة الإحرام

189 - حكم مسابقة الإمام في تكبيرة الإحرام س: يقول السائل: صليت إماما برجلين، سمعت أحدهما كبر للإحرام أثناء تكبيري للإحرام، وقد مضيت في الصلاة مع اعتقادي بطلان صلاة الرجل المذكور، فما الحكم حفظكم الله (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (255).

ج: الأظهر أن صلاتك صحيحة، وصلاة الرجل الثاني صحيحة، أما هو فيؤمر بالإعادة؛ لأنه كبر مع الإمام، والواجب أن يكبر بعد الإمام، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إذا كبر فكبروا (¬1)» فتأمره بعد السلام بأن يعيد الصلاة، أما أنت فأنت معذور؛ لأنك سمعته وأنت في الصلاة، والمأموم معذور حين تأخر مع صاحبه، يظن أن صلاته صحيحة وهو له شبهة، وأنت لك شبهة في عدم الإنكار عليه وقد كبرت، فالأظهر في هذا الصحة إن شاء الله، لشبهة صحة صلاته؛ بسبب أنه وقف مع المأموم الثاني، وأنت لا تستطيع الإنكار عليه في الصلاة. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8297).

حكم الصلاة خلف إمام يعجل في صلاته

190 - حكم الصلاة خلف إمام يعجل في صلاته س: إذا كان الإمام سريعا في الصلاة، فهو لا يمكن المأمومين من فعل بعض المسنونات في الصلاة، هل يجوز أن يسرع المأمومون في قراءة الفاتحة والتشهد وغيرها من الأدعية (¬1) ج: نعم يصلون مع إمامهم حتى لا تفوتهم، وينصحونه حتى يطمئن ولا يعجل، وإلا فإنها تكفي تسبيحة واحدة، تسبيحتان في الركوع والسجود، مرة أو مرتين، لا بأس، لكن ينصح ويوجه حتى يطمئن، وحتى لا يعجل حتى ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (182).

يتمكن الجماعة من فعل السنن هذا هو الذي ينبغي.

حكم قيام المسبوق قبل تسليم إمامه التسليمة الثانية

191 - حكم قيام المسبوق قبل تسليم إمامه التسليمة الثانية س: إذا جاء رجل في أثناء الصلاة متأخرا عن بعضها، وبعدما سلم الإمام بانتهاء الصلاة وقف المتأخر لإكمال الباقي عليه، ولكنه قام متعجلا وقبل انتهاء الإمام من التسليمة الثانية، بل قام بعد التسليمة الأولى، وهذا يتكرر من بعض الناس - هداهم الله - فما الحكم في ذلك (¬1) ج: إذا قام يقضي قبل تسليم الإمام من التسليمة الثانية فقد أخطأ؛ لأن الصواب أن التسليمة الثانية لا بد منها. وذهب جمهور أهل العلم أن التسليمة الأولى تكفي، ولكن الأحاديث الصحيحة تدل على أنه لا بد من التسليمة الثانية، فإذا قام قبل أن يسلم الإمام التسليمة الثانية فقد ترك أمرا مفترضا؛ وهو الجلوس حتى يسلم إمامه، والذي ينبغي أن يعيد الصلاة خروجا من الخلاف، واحتياطا لدينه؛ لأنه لما قام بطلت صلاته؛ لأنه قام قبل أن يتمم الإمام الصلاة، والمسبوق ليس له أن يقوم حتى يسلم الإمام، مثل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، لما سلم عبد ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (346).

الرحمن بن عوف حين صلى معه في غزوة تبوك، لما سلم عبد الرحمن قام يقضي عليه الصلاة والسلام، فالقضاء يكون بعد سلام الإمام، وهذا من باب الاحتياط.

حكم صلاة من ركع عند سجود إمامه للتلاوة

192 - حكم صلاة من ركع عند سجود إمامه للتلاوة س: رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى المستمعات من مكة، تقول: أنا فتاة صليت صلاة الفجر في جماعة في المسجد، وأثناء قراءة الإمام السورة التي عقب الفاتحة كبر وسجد سجود التلاوة، وأنا لم أكن أعلم أنه سجد لسجود التلاوة، فركعت حتى النساء اللاتي بجواري ركعن، ثم كبر الإمام وبدأ يكمل السورة، ثم ركع فركعت معه مرة ثانية، وبعض النساء سجدن. فما حكم تلك الصلاة بالنسبة لي، وبالنسبة للنساء أمثالي (¬1) ج: الحكم في هذا أن النساء اللاتي ركعن معه بعدما ركع صلاتهن صحيحة، فركوعهن الأول صدر عن جهل فلا يضر، وصلاتهن صحيحة، وركوعهن الأول الذي ركعنه وهو للتلاوة لا يضر من أجل الجهل، أما اللاتي لم يركعن، بل سجدن ثم استمررن ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (321).

في الصلاة، ولم يركعن معه ولم يأتين بركعة بعد السلام فعليهن قضاء تلك الصلاة، عليهن قضاؤها الآن بالنية عن تلك الصلاة؛ لأنهن أخللن بركعة من الصلاة، وطال الفصل فعليهن أن يأتين بالصلاة كاملة، يقضينها كاملة، والله ولي التوفيق.

بيان كيفية صلاة المأمومين إذا نسي الإمام أن يجلس للتشهد الأول

193 - بيان كيفية صلاة المأمومين إذا نسي الإمام أن يجلس للتشهد الأول س: في صلاة العصر نسي الإمام أن يجلس للتشهد الأول، فذكره المأمومون، غير أنه أصر على القيام للركعة الثالثة دون قراءة التشهد، فتبعه الناس عدا رجلين، جلسا وقرآ التشهد، وبقيا جالسين حتى سجد الإمام سجدتي الركعة الثالثة، وقام للرابعة فقاما معه، وعليه فأصبحت للإمام ومن تبعه الرابعة، غير أنها بدون تشهد أول، وللرجلين الثالثة، وبعد التشهد الأخير سجد الإمام سجدتي السهو وسلم، وسجد جميع الناس للسهو مع الإمام بما فيهم الاثنان، غير أنهما لم يسلما معه، ولكن قاما فأتيا بالرابعة، فقال من تبع الإمام: كان عليكما -أي الرجلين - أن تتبعا الإمام وتقتديا به. وقال الرجلان: بل نتبعه إذا كنا على يقين بأننا

مخطئون والإمام مصيب، أو إن كنا في شك، ولكن إن كنا على يقين بأننا المصيبون وهو المخطئ فلا يجب أن نتبعه؛ لأنه يجب البناء على اليقين، ونحن على يقين بأنه مخطئ، والإمام نفسه كان على شك من نفسه، أو قد أيقن أنه مخطئ بدليل أنه سجد للسهو. فأي الفريقين مصيب؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هؤلاء الذين قاموا مع الإمام هم المصيبون، والشخصان اللذان بقيا هما المخطئان، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قام عن التشهد الأول، فقام الناس معه ولم يجلسوا، فلما فرغ من صلاته سجد سجدتين للسهو قبل أن يسلم ثم سلم، عليه الصلاة والسلام، وهاتان السجدتان بدلا من ترك التشهد الأول، والتشهد الأول واجب عند بعض أهل العلم، وسنة مؤكدة عند آخرين، فتركها ينجبر بسجدتي السهو، والصواب أنه واجب لكن ليس من جنس الأركان، فإذا قام الإمام ولم يجلس فإن المأمومين يقومون معه، ينبهونه قبل أن يستتم، فإن نبهوه قبل أن يستتم وجب عليه أن يرجع، فإن لم يرجع قاموا معه؛ لأنه قد يكون جهل الحكم الشرعي، وقد يكون ما سمعهم، فالواجب على كل حال ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (221).

أن يقوموا معه، ويكملوا معه، ويسجدوا معه ولا يجلس أحد منهم، هذا هو الواجب كما فعل الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقل لهم: من كان كذا فليفعل كذا. بل أقرهم، فالشخصان اللذان جلسا قد أخطآ. أما في غير هذه المسألة لو قام إلى ثالثة في الفجر، وهناك من يعلم أنه خطأ لا يقومون معه، يعني زيادة في الصلاة. أو قام إلى خامسة في الظهر لا يقومون معه، ينتظرون حتى يسلم ويسلمون معه مع التنبيه، وهكذا لو جلس عن نقص في الثالثة في الظهر، أو العصر، أو العشاء ينبهونه، فإن تنبه وإلا قاموا وكملوا صلاتهم.

بيان كيفية صلاة المأمومين مع الإمام إذا قام إلى ركعة زائدة

194 - بيان كيفية صلاة المأمومين مع الإمام إذا قام إلى ركعة زائدة س: أ. ع. من السودان، يسأل ويقول: إذا كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية، ونحن كنا مأمومين، ولقد تمت الصلاة، لكن الإمام سها، فقلنا: سبحان الله. ولم يرجع، ثم قلنا: الحمد لله تمت الصلاة. ولم يرجع فماذا نعمل (¬1) ج: الواجب على الإمام إذا نبهه المأمومون عن زيادة أن يرجع، وعن نقص أن يقوم إذا كان المنبهون اثنين فأكثر، إلا إذا كان يعتقد أنه ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (210).

هو المصيب وأنهم مخطئون فإنه يعمل بما يعتقد، ويستمر فيما رأى، أما المأمومون فعليهم أن يعملوا بما يعتقدون، فإذا كانوا يعتقدون أنه مصيب تبعوه، وإذا اعتقدوا أنه مخطئ في الزيادة؛ بأن قام إلى رابعة في المغرب، أو خامسة في الظهر أو العصر أو العشاء، أو قام إلى ثالثة في الفجر أو الجمعة، إذا اعتقدوا أنه مخطئ فإنهم لا يتابعونه، يجلسون وينتظرون حتى يسلم ثم يسلمون معه، أما من لا يعلم ذلك، بل عنده شك فإنه يتابع إمامه في الزيادة، يقوم معه، وهكذا من جهل الحكم، الذي لا يعرف الأحكام الشرعية وقام معه لا يضره. أما الواجب من جهة الحكم الشرعي فإن من علم أنه زائد لا يقوم معه، يجلس ولا يتابعه في الزيادة، إذا سلم سلم معه، وهكذا في النقص إذا جلس في الثالثة في الرباعية، أو في الثانية في الثلاثية، أو بعد الأولى في الثنائية فإنهم ينبهونه: سبحان الله، سبحان الله. لا يقول: تمت الصلاة. ولا: نقصت الصلاة. ينبهونه بالتسبيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فليسبح الرجال، وليصفح النساء (¬1)» وقال: «من نابه شيء في صلاته فليقل: سبحان الله (¬2)» هذا هو المشروع؛ أن يقول: سبحان الله، سبحان الله. فإذا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب الإمام يأتي قوما فيصلح بينهم، برقم (7190)، ومعنى (ليصفح أي ليصفق). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب رفع الأيدي في الصلاة لأمر ينزل به، برقم (1218).

لم يستجب وبقي جالسا فإن المأموم إذا كان يعتقد أنه ناقص يقوم، يقوم إذا كملت صلاته، يتمم صلاته والحمد لله، أما الإمام فإن كان يعتقد أنه مصيب فصلاته صحيحة، وإن كان يعتقد أنه غير مصيب فالواجب عليه متابعة المنبهين، وألا يبقى على الشك، فإذا نبهوه أنه ناقص يقوم يكمل، وإذا نبهوه أنه زائد يرجع إذا كان المنبهون اثنين فأكثر، أما إذا كان المنبه واحدا فإنه لا يلزمه الرجوع إليه، بل يعمل بما يعتقد؛ فإن كان يعتقد أنه ناقص قام وكمل، وإن كان يعتقد أنه زائد يرجع، وإن كان شاكا فليبن على اليقين، إذا كان شك في رابعة أو خامسة يجعلها رابعة ويجلس، شك في ثالثة أو رابعة يجعلها ثالثة ويكمل، فعند الشك يبني على اليقين، وإذا كان متيقنا صواب نفسه عمل بصواب نفسه، وإذا كان عنده تردد وليس عنده يقين يتابع المنبهين إذا كانوا اثنين فأكثر. هذا هو المشروع للإمام والمأمومين، أما المأموم فقد عرفت أنه إن كان يعتقد أن الإمام مصيب يتابعه، أو كان ليس عنده يقين، بل عنده شك فإنه يتابع الإمام أيضا في النقص والزيادة. أما المأموم الذي يعلم أن الإمام مخطئ فإنه لا يتابعه؛ لا في النقص ولا في الزيادة.

س: إذا قام الإمام بعد إتمام الصلاة وقبل السلام، وهم بأن يأتي بركعة زيادة عن الصلاة، واستدرك المأمومون ذلك، وأرادوا التنبيه عن

سهوه بقول: سبحان الله. ولكنه مع ذلك أصر على الوقوف في الزيادة فما حكم ذلك؟ وماذا يعمل المأمومون بعده؟ أفيدونا أفادكم الله (¬1) ج: الواجب على المأمومين التنبيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من رابه شيء في صلاته فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيق للنساء (¬2)» والواجب على الإمام إذا نبهوه أن يرجع، إلا إذا كان يعتقد أنه مصيب وأنهم مخطئون فإنه يعمل بصواب نفسه باعتقاده، ويستمر حتى يكمل الصلاة على اعتقاده، والذين نبهوا إن كانوا متيقنين أنه غلطان وأنه مخطئ لا يقوموا معه، بل يجلسوا يقرءون التحيات، ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعون وينتظرونه حتى يسلموا معه؛ لأنه معذور وهم معذورون، هم معذورون باعتقادهم أنه مخطئ، وهو معذور باعتقاده أنه مصيب وأنهم مخطئون، فكل منهم معذور باجتهاده وتيقنه بزعمه صواب نفسه، فإذا سلم سلموا معه، أما ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (58). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول، برقم (684)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام، برقم (421).

إن كان ما عنده يقين فالواجب عليه أن يرجع إذا كان من نبهه اثنان فأكثر، عليه أن يرجع إذا كان ليس عنده يقين، إنما ظن فإنه يرجع كما رجع النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقول ذي اليدين، لما نبهه وسأل الناس وصوبوا ذا اليدين رجع النبي صلى الله عليه وسلم، وأتم صلاته ولم يعمل بقول ذي اليدين؛ لأنه واحد، فالواحد لا يلزم الرجوع إليه، إلا إذا اعتقد الإمام أنه مصيب رجع، أما إذا كان المنبه اثنين فإنه يرجع لقولهما، ويبني على قولهما ويدع ظنه، هكذا الواجب، وأما المأمومون فإنهم لا يتابعونه في الخطأ، لا في زيادة ولا في نقص، إن كان في زيادة فيجلسون حتى يسلم ويسلموا معه، وإن كان في نقص ولم يمتثل، وجلس في الثانية من الظهر مثلا أو العشاء أو العصر، أو جلس في الثانية من الفجر أو الجمعة ولم يطعهم فإنهم يقومون يكملون صلاتهم، ويتمونها ويخالفونه؛ لأنه أخطأ في اعتقادهم.

س: يقول هذا السائل: إذا قام الإمام إلى ركعة خامسة في العشاء، وعندما قام قال له المصلون: سبحان الله. ولكنه لم يقعد وأكمل الركعة، وقام المصلون من خلفه فما حكم هذه الركعة؟ وما حكم

عمل هذا الإمام (¬1) ج: الواجب تنبيهه بالتسبيح، فإذا لم يرجع انتظروه؛ لأنه قد يعتقد صواب نفسه، فينتظرونه حتى يسلم ويسلموا معه، والذي لا يعلم أنه مخطئ يقوم معه الذي لا يعلم الحال، يقوم معه يتابع إمامه، والذي يعلم أن الإمام مخطئ يجلس حتى يسلم مع الإمام، بعدما يسلم الإمام، ومن اعتقد أنه قد أخطأ فليس له القيام بل يصبر، وأما الإنسان الذي ما عنده خبر: هل الإمام مصيب أو ما هو بمصيب؟ فإنه يتابعه؛ لأن الأصل متابعة الإمام حتى يسلم معه. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (400).

س: في حال سهو الإمام وقيامه للركعة الخامسة ماذا نقول؟ هل نقول: الحمد لله. أم: سبحان الله؟ نرجو أن توجهونا (¬1) ج: السنة أن يقول المأموم (مما سوى الإمام) سبحان الله، سبحان الله. حتى ينتبه الإمام، وإذا كان هناك حاجة إلى آية يتلوها؛ كأن يقول إذا لم يسجد: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} (¬2)، أو الركوع: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا} (¬3) ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (351). (¬2) سورة العلق الآية 19 (¬3) سورة الحج الآية 77

فلا بأس، المقصود أن الأصل التسبيح: سبحان الله، سبحان الله، وإذا تلا آية من الآيات التي ترشد الإمام فلا بأس.

س: إذا كان الإمام في الركعة الثالثة، والمأموم مسبوق بركعة؛ أي إنه في الثانية هل يجلس للتشهد، أم يقف مع الإمام؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: يتابع الإمام ويسقط عنه التشهد، إذا أدرك ركعة مع الإمام يجلس معه للتشهد عند جلوس الإمام الثانية للإمام، وهي واحدة للمأموم لا بأس، يجلس مع المتابعة ولا يجلس بعد الثالثة بحق الإمام، التي هي الثانية بحق المأموم؛ لأن عليه حينئذ المتابعة. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (329).

حكم صلاة المأموم إذا قام مع الإمام لركعة وهو يعلم أنها زائدة

195 - حكم صلاة المأموم إذا قام مع الإمام لركعة وهو يعلم أنها زائدة س: يقول السائل: هل يقوم المأموم مع الإمام إذا زاد الإمام ركعة بالصلاة سهوا إذا علم المأموم أن الصلاة تامة؟ وإذا قام المأموم مع الإمام في الركعة الزائدة، والمأموم يعلم أنها زائدة هل تصح

صلاته أم لا (¬1) ج: إذا علم المأموم أن الإمام قد زاد ركعة لا يقوم معه ويجلس وينبهه: سبحان الله، سبحان الله. وعلى الإمام أن يرجع إذا سبحوا به اثنان فأكثر، عليه أن يرجع ويجلس ويقرأ التحيات ويسجد للسهو ثم يسلم، فإن أبى ولم يرجع لا يتابعونه، يجلسون ينتظرونه، حتى المسبوق الذي سبق لا يتابعه، يجلس لأنه خطأ، وعلموا أنه خطأ فلا يتابعونه، فإن تابعوه جهلا بالحكم الشرعي فصلاتهم صحيحة، ولو عرفوا أنها زائدة إذا جهلوا الحكم الشرعي؛ يحسبون أنه يلزمهم المتابعة فالصلاة صحيحة. أما إن كانوا يعلمون الحكم الشرعي لا يجوز لهم، ثم تابعوا تبطل صلاتهم؛ لأنهم تعمدوا الزيادة بالصلاة، أما إذا كانوا جهالا ولو علموا أنها زائدة يظنون أنها تلزمهم المتابعة فإن قيامهم معه لا يضرهم، وصلاتهم صحيحة لأنهم جهال. أما من عرف أنها زائدة وعرف الحكم الشرعي؛ أنه لا يجوز متابعته لا يقوم ولا يتابع، وإذا تابع بطلت صلاته، وهكذا في النقص؛ لو جلس في الثالثة في الظهر والعصر والعشاء، ونبهوه ولم يقم يقومون ويتركونه ويكملون ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (234).

لأنفسهم، وهو إن كان في اعتقاده مصيبا صلاته صحيحة، وإن كان ما عنده اعتقاد ولم يقم بطلت صلاته؛ لأن الواجب عليه المتابعة لمن نبهه إذا كانا اثنين فأكثر، فإذا جلس ولم يكمل ونبهوه؛ سلم ولم يكمل فتكون صلاته باطلة؛ لأنه تعمد النقص إلا أنه يعتقد الصواب لنفسه، إذا كان يعتقد أنه مصيب هو وأنهم مخطئون فصلاته صحيحة، وهم على اعتقادهم، فله اعتقاده ولهم اعتقادهم، فصلاتهم صحيحة إذا اعتقدوا أنهم مصيبون، وصلاته صحيحة إذا اعتقد أنه مصيب، وعليهم جميعا في مثل هذه المسائل أن ينتبهوا حتى لا يقعوا في الباطل، المسلم إذا دخل في الصلاة يقبل عليها بقلبه، ينتبه يخشع فيها حتى لا يقع سهو، وإذا وقع السهو عمل بشرع الله، إن كان إماما نبهوه: سبحان الله، سبحان الله. إن كان بزيادة لم يتابعوه بزيادة، وإن كان في النقص لم يتابعوه بالنقص، إذا علموا أنه زاد أو نقص إذا علموا بالزيادة يجلسون ينتظرونه، وإذا علموا بالنقص يقومون ويكملون، وعليه هو سجود السهو إذا زاد أو نقص، يتابعونه بالسجود، إن كان بالزيادة كمل الصلاة وسجد للسهو، وإن كان عن نقص قام وأتى بالنقص وسجد للسهو وسجدوا معه.

حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول

196 - حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول س: إذا أطال الإمام في التشهد الأول هل نصلي على النبي بعد التشهد، أو نقرأ التشهد ونصمت حتى يقوم الإمام (¬1) ج: السنة أن يقرأ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا تيسر، سواء كان إماما أو منفردا أو مأموما؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل عن ذلك بين لهم كيفية الصلاة، ولم يقل: هذا التشهد الأخير فقط. فأطلق فدل ذلك على أنه يشرع في التشهد الأول والأخير جميعا، فإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وآل محمد. إلى آخره، في التشهد الأول والأخير جميعا، هذا هو الأفضل وهذا هو الأرجح، وإن قام الإمام ولم يكمل قوله يقم مع الإمام، ويكفي قوله: وأن محمدا عبده ورسوله. لكن إذا تمكن يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، أو كان إماما أو منفردا يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، هذا الأفضل وهو ظاهر الأحاديث الصحيحة. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (29).

حكم صلاة الإمام إذا قام إلى ركعة زائدة جهلا منه

197 - حكم صلاة الإمام إذا قام إلى ركعة زائدة جهلا منه س: صليت المغرب مع جدي، وقد سبقني بركعة واحدة، وبدلا من أن يجلس للتشهد الأخير بعد الثالثة نهض ليأتي بركعة زائدة فأمسكته بيدي، وقلت: سبحان الله. ولكنه أصر على ذلك، وعندما جاء بهذه الركعة لم أسلم أنا ونهضت لأكمل صلاتي بركعة، هي في العدد رابعة، ولم أحتسب الركعة الرابعة له الثالثة لي، وبعدما انتهت الصلاة قلت له: لم زدت ركعة؟ قال: لكي تكمل صلاتك معي! جهلا منه. فما حكم هذه الزيادة في غير سهو، وجهل منه بحكم ذلك؟ وماذا عليه فعله الآن؟ وما حكم صلاتي أنا حيث زدت ركعة رابعة؛ إذ لم أحتسب زيادته، وأيضا سجدت للسهو جبرا للزيادة المعلومة (¬1) ج: أما عملك أنت فقد أصبت حين نبهته، قلت: سبحان الله. وأمسكته ليجلس؛ لأن هذا هو الواجب عليه أن يجلس إذا نبه ولا يأتي بزيادة، وأنت الواجب عليك أن تجلس وتنتظر، فإذا جلس وسلم قمت وأتيت بالركعة التي فاتتك، ولا تتابعه في الزيادة، هذا هو المشروع، إذا قام الإمام إلى رابعة في المغرب، أو إلى ثالثة في الفجر، أو إلى خامسة ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (47).

في الرباعية كالظهر فإن المأموم ينبهه، يقول: سبحان الله، سبحان الله. والمرأة تصفق، ويلزمه الرجوع، يلزم الإمام الرجوع إلا إذا كان عنده يقين أنه لم يخطئ وأنهم هم المخطئون، وإلا فعليه الرجوع والجلوس حتى يكمل صلاته ثم يسلم، وعليه أن يسجد للسهو قبل أن يسلم سجدتين للسهو، فإن كان عنده يقين أنهم مخطئون وأنه مصيب كمل صلاته وتممها، أما المأمومون فهم يعملون بيقينهم، فإن كان عندهم يقين أنه زائد جلسوا وانتظروه حتى يسلموا معه، وإن كان ما عندهم يقين تابعوه وكملوا معه؛ لأنه إمامهم وعليهم متابعته، وليس لهم مخالفته إلا إذا كان عندهم يقين أنه مخطئ فهم يجلسون ولا يتابعونه في الزيادة. وهذا الذي قام لخامسة أتى بركعة زائدة جهلا منه؛ من أجل أن تكمل معه الصلاة هذا صلاته صحيحة؛ لأجل الجهل، مثل الذي قام لخامسة في الرباعية، أو ثالثة في الثنائية، أو رابعة في الثلاثية جهلا منه؛ يحسب أنه لا يرجع إذا قام واستوى قائما، بعض الناس يظن أنه إذا استوى قائما لا يرجع بل يكمل، وهذا غلط وجهل، صلاته صحيحة لجهله، ولكن ينبغي له أن يتعلم صلاته، ويتفقه في صلاته؛ حتى لا يعود لمثل هذا الجهل، والمقصود أنه إذا أتى بالخامسة، أو بالرابعة في الثلاثية، أو بالثالثة في الثنائية جهلا أو نسيانا فصلاته صحيحة، ولكن يسجد للسهو إذا كان

عن نسيان، أما لو تعمد الخامسة في الرباعية، أو الثالثة في الثنائية، أو الرابعة في الثلاثية؛ المغرب وهو يعلم الحكم الشرعي، وتعمد القيام هذا متلاعب وصلاته باطلة، لكن الغالب أن هذا لا يقع تعمدا، إنما يقع من أجل الجهل أو النسيان، وتكون الصلاة صحيحة وعليه سجود السهو للنسيان، والمأموم عليه ألا يتابعه في الخطأ، إذا عرف أنه مخطئ لا يتابعه، بل ينبهه ولا يتابعه لا في الزيادة ولا في النقص، بل المأموم يعمل بيقينه، فإن كان الإمام زائدا جلس، وإن كان الإمام ناقصا قام المأموم يكمل ما عليه إذا لم يطاوعه الإمام، هذا هو الواجب على المأموم، وهذا هو الواجب على الإمام كما سمعت.

بيان وجه الاختلاف بين تحريم متابعة الإمام في الركعة الزائدة وبين حديث إنما جعل الإمام ليؤتم به

198 - بيان وجه الاختلاف بين تحريم متابعة الإمام في الركعة الزائدة وبين حديث: «إنما جعل الإمام ليؤتم به (¬1)» س: لماذا التزم الفقهاء عدم متابعة الإمام في الركعة الزائدة، بينما الحديث المرفوع يثبت متابعة الإمام وعدم الاختلاف عليه في السهو؟ ومن بين ذلك ما رواه الإمامان في الصحيحين، عن أبي هريرة ما يثبت متابعة الإمام في السهو حتى في الركعة الزائدة؛ وذلك عند قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم ¬

_ (¬1) صحيح البخاري الجمعة (1236)، سنن الترمذي الصلاة (361)، سنن أبي داود الصلاة (605)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1239)، مسند أحمد (6/ 194)، موطأ مالك النداء للصلاة (307).

به، فإذا كبر فكبروا (¬1)» إلى آخره، والحديث الثاني: لا تختلفوا عليه ج: قد تقرر بالنص والإجماع أن الصلوات معروفة العدد ليس فيها زيادة ولا نقص، الظهر أربع في حق المقيم غير المسافر، والعصر كذلك والعشاء كذلك، والمغرب ثلاث والفجر اثنتان والجمعة اثنتان، فهي صلوات معروفة العدد، فإذا زاد الإمام ركعة فهو إما ساه وإما عامد، ولا يتصور أن إنسانا يزيدها عمدا إلا إنسانا لا يعرف الأحكام، ولا يدري عما هو فيه، وإنما الواقع أن يكون سهوا، فإذا زاد ركعة سهوا نبه، فإن انتبه ورجع وجلس فالحمد لله، وإن لم ينتبه وأصر على الزيادة فإن الواجب على من علم الزيادة ألا يتابعه؛ لأن هذه متابعة خطأ، ونحن مأمورون ألا نتابع الأئمة في الخطأ، إنما الطاعة في المعروف، الإمام نقتدي به لكن في المعروف لا في الخطأ، فالزيادة التي يزيدها الإمام سهوا تعتبر خطا وزيادة في الصلاة الشرعية، فمن عرفها وعلم أنها خطأ ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8297).

لا يتابعه، بل يجلس ولا يتابعه خامسة في الظهر والعصر والعشاء، ولا في الرابعة في المغرب، ولا في الثالثة في الفجر والجمعة، بل يجلس، أما من لم يعرف أنها زائدة فإنه يتابعه عملا بالحديث الذي ذكره السائل: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا ركع فاركعوا (¬1)» الحديث، هذا يتابعه، الجاهل الذي ما درى عن الزيادة، يتابعه لأن الأصل وجوب المتابعة، أما الذي عرف أنها زيادة فقد عرف أنها خطأ، فلا يتابعه في الخطأ، بل يجلس ولا يتابعه في الخطأ، ولا أعلم في هذا خلافا بين أهل العلم، وإن من عرف أن الإمام زاد ركعة فإنه ينبهه بقول: سبحان الله، سبحان الله. فإن أجاب الإمام ورجع إلى الصواب وإلا وجب على من علم أنها زائدة أن ينتظر الإمام، يجلس ولا يتابعه في الخطأ، هذا هو المعروف عند أهل العلم، وهو الموافق للأدلة الشرعية، إنما الطاعة في المعروف، وليس هناك أحد يطاع في المعاصي أبدا، ولا في الأخطاء، إذا عرفت أنه أخطأ لا تتابعه في الخطأ، أما الإمام الذي أصر ولم يرجع هو بين أمرين؛ إن كان يعتقد صحة ما فعل وأنه المصيب، وأن الذين نبهوا أخطئوا فقد أصاب وأحسن ولا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، برقم (378)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، برقم (412).

بأس عليه، إذا كان يعتقد أنه مصيب يكمل صلاته على نيته وعلى اعتقاده وصلاته صحيحة، والذين اعتقدوا أنه زائد صلاتهم صحيحة أيضا، ولا حرج على الجميع، كل تراجع باعتقاده وما علم أنه الصحيح بنفسه، أما إن كان هو ليس عنده ضبط، ولكنه أصر من دون ضبط فقد غلط، ولا يجوز له ذلك؛ لأنه أصر على الخطأ، فيكون هذه الزيادة، وهو قد نبهه اثنان فأكثر من المأمومين على أنها خطأ، وليس عنده ضبط يكون عمله غير صحيح، وتكون الزيادة هذه مبطلة لصلاته؛ لأنه تعمد زيادة ركعة غير مشروعة، فيكون زاد في الصلاة عمدا ما ليس منها فتبطل الصلاة بذلك، وأما الذين انفردوا عنه وجلسوا لاعتقادهم أنها زائدة فصلاتهم صحيحة، يكملون صلاتهم ويقرؤون التحيات ويسلمون، أما هو إذا كان ما عنده بصيرة، ولكن أصر على الخطأ، ولم يطاوع من نبهه من الجماعة إذا كانوا اثنين وأكثر فإن صلاته غير صحيحة، وعليه أن يعيدها من أولها؛ لكونه استمر في الباطل والخطأ على غير هدى، وأما إذا كان يعتقد أنه مصيب، وأن الذين نبهوا أخطؤوا، هذا مثل ما تقدم صلاته صحيحة، وهو مسؤول عن اعتقاده ولا حرج عليه، وإذا استمر ولم يرجع فالأفضل لهم أن ينتظروه، وإن سلموا أجزأت صحت؛ لأنهم معذورون بالانفراد، لكن إذا انتظروه يكون

أحسن؛ لأنه قد يكون معذورا، قد يكون يعتقد هو بنفسه فيكون معذورا، فإذا انتظروه وسلموا معه يكون أحسن.

حكم إمامة من لا يصلي الفجر في جماعة

199 - حكم إمامة من لا يصلي الفجر في جماعة س: هل تارك صلاة الفجر، وحالق اللحية يقدم للإمامة بالمسلمين في الصلوات (¬1)؟ ج: الذي لا يصلي الفجر في جماعة عاص، والذي يحلق لحيته عاص، وهكذا المدخن وشارب السكر كلهم عصاة، فلا ينبغي أن يكونوا أئمة للمسلمين، ينبغي لولاة الأمور ألا يجعلوهم أئمة، لكن لو بلي بهم الإنسان وصلى خلفهم صحت صلاته، كما صلى ابن عمر وغيره من الصحابة خلف الحجاج بن يوسف وهو من أظلم الناس سفاك للدماء؛ لأنه مسلم، وإنما الذي به معاص، الحاصل أن المعصية لا تمنع الإمامة، ولكن يكون صاحبها ناقصا الإمامة، يحسن الصلاة خلف غيره ويجب إبداله، إذا كانت معصيته ظاهرة، على ولاة الأمور الذين الشأن في الإمامة والنصب والعزل بأيديهم، عليهم أن يعزلوه ويلتمسوا الشخص السليم من هذه المعاصي حسب الإمكان، لكن إن ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (2).

كان يترك الفجر بالكلية لا يصلي بالكلية هذا كافر، لا يكون إماما لهم نعوذ بالله، إذا كان لا يصليها بالكلية هذا كافر، لكن الظاهر من مراد السائل: لا يصليها في الجماعة يتكاسل عنها. فهذا عاص، وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: «لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق (¬1)» يعني في الجماعة، الحاصل أن من ترك الجماعة سواء الفجر أو الظهر أو العصر هذه معصية، إذا تركها من دون عذر هذه معصية، ومن كان معروفا بهذا الشيء لا ينبغي أن يكون إماما، بل ينبغي أن يعزل، وأن يتخذ إمام أصلح منه وأنفع للمسلمين وأبعد عن فعل المحرمات، لكن مثل ما تقدم إذا بلي الإنسان بمثل هذه الأمور فإن صلاته صحيحة، ولا يصلي وحده، بل يصلي مع الناس، تجوز الصلاة مع إمام يحلق، مع إمام يدخن، مع إمام قد يتكاسل عن بعض الصلوات في الجماعة، فإنه يصلي خلفه، والصلاة مع الجماعة مطلوبة، وهذا العاصي مضرته على نفسه، وعلى الناصحين أن يوجهوه ويرشدوه ويحذروه من مغبة هذا العمل السيئ، والله جل وعلا لطيف بعباده سبحانه وتعالى، وقد يوفق بما نصح للتوبة، يعني بسبب نصيحة إخوانه ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654).

قد يرجع للصواب بسبب هذه النصيحة والتوجيه.

حكم قضاء صلاة الراتبة بعد صلاة الفرض

200 - حكم قضاء صلاة الراتبة بعد صلاة الفرض س: يقول هذا السائل: عندما أذهب إلى المسجد لصلاتي الفجر والعصر أجد المؤذن يقيم الصلاة، أو أجد المصلين قد دخلوا في الصلاة، فهل أصلي السنة بعد الفجر والعصر في هذه الحالة؟ وماذا عن تحية المسجد (¬1)؟ ج: إذا جئت والإمام في الصلاة، أو المؤذن يقيم فادخل معهم في الصلاة، ولا تصل تحية المسجد ولا الراتبة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (¬2)» رواه مسلم في الصحيح. فإذا جئت والمؤذن يقيم فصف معهم وكبر معهم في الصلاة، ولا تصل النافلة؛ لا سنة الفجر ولا التحية، وهكذا إذا جاء - من باب أولى - وهم في الصلاة يدخل في الصلاة، ولا يصلي تحية ولا راتبة، وإذا فرغت من الصلاة: الظهر تصلي الراتبة القبلية ثم البعدية، والفجر كذلك؛ إذا فرغت من صلاة الفجر تصلي السنة الراتبة، ثنتين بعدها أو ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (298). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة، برقم (710).

بعد طلوع الشمس، أما سنة المغرب فهي بعدها، والعشاء بعدها والحمد لله.

حكم قطع صلاة النافلة إذا أقيمت الصلاة المفروضة

201 - حكم قطع صلاة النافلة إذا أقيمت الصلاة المفروضة س: إذا أقيمت الصلاة وأنا قد شرعت في صلاة السنة هل أقطعها وكيف يتم ذلك؟ أم أن علي أن أكمل حتى لو فاتتني ركعة من صلاة الفريضة (¬1)؟ ج: الصحيح أنك تقطعها بالنية ويكفي، ما يحتاج سلام، تقطعها بالنية، وتشتغل بالفريضة تقف مع الإمام وتستعد لتكبيرة الإحرام؛ لأن الفريضة مقدمة، والأصل في هذا قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (¬2)» رواه مسلم في الصحيح. فالفريضة أهم، تقطع النافلة وتشتغل بالإعداد للفريضة، وقال بعض أهل العلم: إنه يتمها خفيفة. ولكنه قول مرجوح مخالف للحديث الصحيح، لكن لو أقيمت وأنت في الركعة الأخيرة في السجود أو في التحيات تكمل؛ لأن هذا شيء بسيط لا يمنعك من القيام للفريضة، إذا كنت قد ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (177). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة، برقم (710).

ركعت الركعة الثانية تكمل؛ لأنه ما بقي إلا أقل من الركعة، أما إذا أقيمت وأنت في الأولى، أو في الثانية قبل الركوع فإنك تقطع، هذه السنة.

س: إذا شرع الإنسان في صلاة النافلة، وأقيمت الصلاة المكتوبة وأثناء تأديته للنافلة هل يتم صلاته، أم يقطعها بالدخول في الفريضة؟ وإذا قلتم بقطع النافلة فهل تصير دينا عليه أن يؤديها بعد الفريضة أم لا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لقد شرع الله جل وعلا على المسلم إذا سمع الإقامة أن يقطع الصلاة التي هو فيها، ويشتغل بالفريضة، فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (¬2)» خرجه مسلم في صحيحه. فإذا أقيمت الصلاة والمؤمن يصلي فإنه يقطعها سواء كانت تحية المسجد، أو راتبة يقطعها ويشتغل بالفريضة، وليس عليه قضاؤها بعد ذلك؛ لأنها نافلة لا يجب عليه قضاؤها. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (248). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة، برقم (710).

س: إذا أقيمت الصلاة وأنا في النافلة هل أقطعها لأدرك التكبيرة مع

الإمام (¬1)؟ ج: هذا هو الأفضل قطعها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (¬2)» تقطعها وتشتغل بالصلاة مع الإمام، إلا إذا كنت في آخرها بعد الركوع في الثانية تكمل، ما بقي من الصلاة إلا قليل، وأقل الصلاة ركعة، فإذا كنت قد صليت ركعتين ركعت الركوع الثاني، ما بقي إلا السجود أو التحيات فالأظهر - والله أعلم - أنه لا حرج عليك تكملها؛ لأنه ما بقي إلا جزء من ركعة. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (228). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة، برقم (710).

س: أثناء صلاة الراتبة تقام صلاة الفريضة، فهل أترك صلاة الراتبة وأذهب لصلاة الفريضة، أم أكمل صلاة الراتبة؟ كيف أخرج من صلاة الراتبة (¬1)؟ ج: ما دمت صليت الفريضة يكفيك هذا، وإذا شرعت في صلاة النافلة كملها، وليس هناك حاجة لقطعها للصلاة مع الناس الآخرين، وإن صليت معهم قبل أن تشرع في النافلة، صليت مع الجماعة الجديدة فلا بأس، لكن هم ليسوا في حاجة إليك، وإن صليت معهم فلا بأس، فإن كان واحد صل معه حتى تكون أنت وإياه جماعة؛ لقوله صلى الله ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (356).

عليه وسلم لما دخل رجل وقد صلى الناس، قال عليه الصلاة والسلام: «من يتصدق على هذا فيصلي معه (¬1)» إذا كان واحدا قد فاتته الصلاة، وقمت وصليت معه حتى تكونا جميعا جماعة هذا حسن، أما إن كانوا جماعة فأنت مخير؛ إن صليت معهم فلك أجر، وإن اشتغلت بالنافلة فلا بأس، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر أنه يأتي في آخر الزمان قوم يؤخرون الصلاة عن وقتها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل، فإنها لك نافلة (¬2)» ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11016). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهية تأخير الصلاة عن وقتها المختار، برقم (648).

س: يقول السائل: إذا أقيمت الصلاة وأنا في نافلة، ثم صار هناك فراغ بيني وبين الصف هل علي حرج أن أمشي حتى أصل إلى نهاية الصف (¬1)؟ ج: عليك أن تقطع النافلة، يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (409).

الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (¬1)» فعليك أن تقطعها وتدخل في الفريضة، تتقدم إلى الفرجة وتسدها، إلا إذا كنت في آخرها قد ركعت الركوع الثاني، في السجود، في التحيات تكملها، ثم تقوم وتدخل في الصف مع الإمام، أما إذا كان بقي عليك ركعة أو أكثر تقطعها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (¬2)» أخرجه مسلم في الصحيح. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة، برقم (710). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن في إقامة الصلاة، برقم (710).

حكم من صلى منفردا ثم أقيمت جماعة أخرى

202 - حكم من صلى منفردا ثم أقيمت جماعة أخرى س: ما حكم من صلى الفرض منفردا ثم أقيمت جماعة؟ هل يعيد الصلاة مع الجماعة؟ وإذا أعاد الصلاة مع الجماعة هل ينويها قضاء أو نفلا، أو يعيد الفرض نفسه الذي صلاه قبل الجماعة (¬1)؟ ج: يشرع لمن صلى فردا ثم جاءت جماعة أن يصلي معهم؛ اغتناما لفضل الجماعة، وتكون صلاته معهم نافلة والأولى هي فرضه، هذا هو الصواب، ومما يدل على هذا قوله عليه الصلاة والسلام لأبي ذر لما ذكر الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، قال: «صل الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (5).

لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل، فإنها لك نافلة (¬1)» ولما دخل رجل وقد صلى الناس قال عليه الصلاة والسلام: «ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه (¬2)» فالحاصل أنه إذا صلى الفرض فرد، ثم جاءت جماعة شرع له أن يصلي معهم حتى يدرك فضل الجماعة، وإن كان صلى قبل الناس يحسب أنهم قد صلوا، ثم جاء الناس وجاء الإمام فيشرع له أن يصلي معهم، وتكون فرضه الأولى، والثانية نافلة سواء كان منفردا أو في جماعة، إذا صلى الأولى فرضه منفردا أو في جماعة، ثم حضر جماعة أخرى فصلاته معهم نفل لا فرض، ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم لما قيل له في منى في حجة الوداع، عن شخصين إنهما لم يصليا، دعاهما فقال: «ما منعكما أن تصليا معنا؟ "، قالا: قد صلينا في رحالنا. قال عليه الصلاة والسلام: " فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكم، ثم أدركتم الإمام لم يصل فصليا معه، فهي لكم نافلة (¬3)» ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهية تأخير الصلاة عن وقتها المختار، برقم (648). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11219). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث يزيد بن الأسود العامري رضي الله عنه، برقم (17025).

فأمرهما أن يصليا مع الإمام إذا حضرا وهو في الصلاة، وأخبر أنها نافلة لهما، وأن صلاة الفريضة هي التي تقدمت.

حكم إقامة الإمام للصلاة مبكرا ولم تحضر الجماعة بعد

203 - حكم إقامة الإمام للصلاة مبكرا ولم تحضر الجماعة بعد س: إذا كان الإنسان قد أتى المسجد وهو إمام، ولم يأت أحد ليصلي، ثم صلى فحضر أناس بعدما صلى هل يصلي معهم أو بهم، أو تكفيه صلاته؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: المشروع للإمام إذا جاء للمسجد ألا يعجل، وأن ينتظر المأمومين، يتأخر عن العادة قليلا؛ لأن الناس قد يشغلون بأشغال تمنعهم التبكير، فإذا تأخروا تأخرا خلاف العادة وصلى، ثم جاءوا فإنه يشرع أن يصلي بهم فتكون له نافلة، كما كان معاذ بن جبل يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم يرجع ويصلي بأصحابه وتكون له نافلة ولهم فريضة، فإذا صلى بهم فجزاه الله خيرا، وإن أمهم غيره ولم يصل بهم فلا حرج عليه. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (291).

حكم تعدد جماعات المصلين في المسجد لوقت واحد

204 - حكم تعدد جماعات المصلين في المسجد لوقت واحد س: هل يجوز الانتقال من جماعة في المسجد إلى جماعة أخرى؟ وأي

الصلاة تكون هي الصلاة الواجبة؟ وأيها تكون السنة (¬1)؟ ج: إذا صلى مع جماعة فلا وجه لانتقاله إلى جماعة أخرى، إذا أحرم مع جماعة ثم جاءت جماعة أخرى فيكمل مع الجماعة التي أحرم معها، ولا نرى وجها لانتقاله لجماعة أخرى، ما دام أحرم مع جماعة يصلي معهم، ثم جاءت جماعة أخرى تصلي فإنه لا ينتقل إليها، بل عليه أن يصلي مع الناس، فإذا جاءت جماعة أخيرة تصلي مع الجماعة الأولى ولا تنفرد؛ لأن هذا اختلاف لا وجه له، وبدعة في الشرع، كونه يصلي جماعتان في المسجد أو ثلاث فلا وجه له، بل الواجب أنهم إذا جاءوا والإمام الأول لم يصل صلوا معه إذا لم يكن به مانع، أما إذا كان الإمام الأول فيه مانع؛ ككونه - مثلا - كافرا لا تصح الصلاة خلفه هذا له وجه شرعي، لكن إذا كان الإمام ممن تصح الصلاة خلفه فإنه لا تتعدد الجماعة، بل يصلون جميعا، ولا يتعدد في المسجد جماعات في وقت واحد، لكن إذا صلى الجماعة الأولى، وجاء ناس ما صلوا فإنهم يصلون جماعات، وقول بعض السلف: إنهم يصلون فرادى قول ضعيف ليس بصواب، والصواب أنهم إذا جاءوا وقد صلى الناس يصلون ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (5).

جماعة لا غبار عليه؛ حرصا على فضل الجماعة وعملا بالأحاديث العامة، ومن ذلك ما يروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده؛ وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل؛ وما كان أكثر فهو أحب إلى الله (¬1)» فالجماعة مطلوبة، فإذا فاتته الصلاة مع الجماعة الرسمية التي هي الجماعة الأساسية في المسجد، ثم أدرك جماعة يصلون صلى معهم جماعة، ولا يصلي وحده. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في فضل صلاة الجماعة، برقم (554)، والنسائي في المجتبى، كتاب الإمامة، باب الجماعة إذا كانوا اثنين، برقم (843).

حكم صلاة من سلم قبل أن يسلم الإمام التسليمة الثانية

205 - حكم صلاة من سلم قبل أن يسلم الإمام التسليمة الثانية س: الأخ: أ. ع. ن. م. ص. من الجمهورية العربية اليمنية، يسأل ويقول: صليت في بعض المساجد فوجدت لهم طريقة عجيبة في التسليم، حيث يسلم الإمام التسليمة الأولى، ويسلم المصلون خلفه، ثم يسلم الثانية ويسلمون، فهل ذلك صحيح (¬1)؟ ج: السنة أن يسلم الإمام التسليمتين جميعا، ثم يسلم المأمومون بعده، هذا هو السنة، ولكن هذا الذي فعله هؤلاء صحيح، صلاتهم ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (106).

صحيحة، إذا سلموا الأولى بعد الأولى والثانية بعد الثانية فلا حرج في ذلك، إلا أنه خلاف السنة، خلاف الأفضل، بل السنة أن ينتظروا حتى يسلم إمامهم التسليمتين، ثم يسلموا بعده، هذا هو السنة وهذا هو المعروف من فعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة فيما بلغنا، لكن إذا كان سلموا بعد التسليمة الأولى، ثم سلموا بعد التسليمة الثانية صحت الصلاة، ولا شيء عليهم لأنهم لم يسابقوه، ما سبقوه بشيء.

س: السائل: أبو معاذ، من الرياض، يقول: يقوم بعض الناس بالتسليم مع الإمام، والبعض الآخر يسلم بعد التسليمة الأولى للإمام، فهل صلاتهم صحيحة؟ وما الحكم في هذه الحالة (¬1)؟ ج: الواجب التسليم بعد الإمام، النبي صلى الله عليه وسلم أمر ألا يسلم إلا بعد سلام الإمام، فلا يجوز للمأموم أن يسلم إلا بعد سلام إمامه، وإذا سلم عامدا قبل سلام إمامه، أو قبل التسليمة الثانية بطلت صلاته، عليه أن يعيدها إذا كانت فريضة، أما إذا كان ساهيا لا، إذا كان ساهيا يعود ينوي الصلاة، ثم يسلم بعد إمامه، ولا يضر إذا كان ساهيا. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (420).

س: يقول السائل: عندما يسلم الإمام من الصلاة هل يسلم المأمومون

بعد التسليمة الثانية، أو الأولى مباشرة (¬1)؟ ج: بعد الثانية، لا يسلمون حتى يسلم الثانية. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والستون من الشريط رقم (431).

حكم صلاة من سلم قبل إمامه سهوا

206 - حكم صلاة من سلم قبل إمامه سهوا س: ما حكم السلام قبل الإمام في حالة السهو؟ هل صلاته صحيحة أم لا (¬1)؟ ج: إذا سلم المأموم قبل الإمام سهوا فإنه يرجع إلى نية الصلاة، ثم يسلم بعد إمامه ولا شيء عليه، صلاته صحيحة إلا أن يكون مسبوقا، فإن كان مسبوقا بركعة أو أكثر فإنه يسجد للسهو بعد أن يقضي ما عليه، فإذا قضى ما عليه من الركعات سجد للسهو عن سلامه سهوا قبل إمامه. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (36).

حكم صلاة الإمام إذا كان يسلم تسليمة واحدة

207 - حكم صلاة الإمام إذا كان يسلم تسليمة واحدة س: هذا السائل: ف. ص. يقول: لنا في قريتنا مسجد يصلون فيه صلاة الجماعة، ولكن الإمام بعد الانتهاء من الصلاة يسلم على جهة يده اليمنى فقط؛ أي تسليمة واحدة. هل يجوز ذلك (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (406).

ج: الصواب لا يجوز، يعلم والذي مضى مضى، ولكن يعلم بأن يسلم ثنتين؛ لأن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسلم تسليمتين، عليه الصلاة والسلام، فيعلم هذا الإمام، وما مضى يعفو الله عنه إن شاء الله، لكن لأجل جهله واعتقاده أن هذا هو المجزئ، لكن المستقبل يجاهد نفسه، ويعلم يوضح له أن الواجب عليه أن يسلم تسليمتين.

حكم خروج المأموم من المسجد قبل انصراف الإمام

208 - حكم خروج المأموم من المسجد قبل انصراف الإمام س: بعض الناس بعد انصراف الإمام للمأمومين يقول: لا يجوز للمأموم أن يفارق المسجد ما لم ينصرف الإمام إليه. هل هذا صحيح أم لا (¬1)؟ ج: محتمل، والأقرب أنه غير صحيح، لكن والأولى له ألا ينصرف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالانصراف (¬2)» والمشهور في الانصراف هنا أنه السلام، الانصراف إليهم مثل ما قال ثوبان: كان إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا. إذا انصرف يعني: سلم. أما انصرافه إليهم فالأولى أن يصبروا حتى ينصرف إليهم، هذا هو الأولى، ولكن لو قاموا قبل ذلك فالظاهر أنه لا ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (15). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود ونحوهما، برقم (426).

حرج، إنما الانصراف في الحديث المراد به السلام، هذا هو الظاهر من الأحاديث.

حكم صلاة المسبوق ووجه الإمام مقابل له بعد الانصراف من الصلاة

209 - حكم صلاة المسبوق ووجه الإمام مقابل له بعد الانصراف من الصلاة س: نعلم أنه من السنة أن يلتفت الإمام بعد السلام، ولكن هناك بعض الناس يكمل صلاته، ويكون وجه الإمام مقابلا له، فماذا يفعل الإمام (¬1)؟ ج: لا يضره، بل يصلي ويقضي ما عليه، ولو كان أمامه الإمام. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (262).

حكم الاقتداء بالتليفزيون أو الراديو في الصلاة

210 - حكم الاقتداء بالتليفزيون أو الراديو في الصلاة س: إذا كنت أشاهد الناس يصلون في التليفزيون، أو أسمعهم في الراديو فهل لي أن أقتدي وأصلي (¬1)؟ ج: لا ليس لك ذلك، تصلي وحدك إلا أن تستطيع الخروج إلى الجماعة، وإلا فعليك أن تصلي في المساجد، أما إذا كنت مريضا تصلي وحدك، إن كان معك أحد في البيت يصلي معك فليصل معك؛ كأهلك، ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (221).

وإلا صل وحدك والحمد لله، أما إذا كنت تستطيع فالواجب عليك أن تصلي مع الجماعة في مساجد الله، وعليك أن تحذر مشابهة أهل النفاق، أما الصلاة عن طريق الراديو أو من طريق التلفاز، تقتدي بالإمام بصوت المكبر فهذا لا يجوز.

س: تقول السائلة: هل لي أن أصلي مقتدية بما أسمع في الراديو (¬1)؟ ج: ليس لك ذلك، صلي وحدك، ولا تقتدي بما في الراديو. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (292).

س: من يسمع صوت المصلين هل يقتدي بالإمام وهو في الراديو مثلا (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل: إن كان مقصوده أنه يصلي بموجب الراديو، والذي ينقل صوت الإمام من مسجد آخر فهذا لا يجوز أن يصلي به. أما إذا كان قصده: أنه قد يشوش عليهم الراديو إذا تحدث الراديو بكلام، أو مفتوح هذا ينبغي إغلاقه؛ حتى لا يشوش عليهم وهم يصلون. أما إذا كان المقصود أن يأتم بالراديو، ويصلي خلف الراديو الذي ينقل مثل صلاة الحرم وصلاة المدينة، أو صلاة أي مسجد فهذا لا يجوز؛ لأنه قد ينقطع فتختل العبادة، ولأنه ليس مع الصفوف في المسجد، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (151).

وهو بعيد عنهم، فليس له أن يقتدي بالراديو، بل يصلون صلاة مستقلة، ليس فيها تعلق بالراديو، وهذا هو الواجب.

حكم متابعة المرأة للإمام وهي في بيتها المجاور للمسجد

211 - حكم متابعة المرأة للإمام وهي في بيتها المجاور للمسجد س: الأخ: ب. م. ع: يقول: زوجتي تصلي صلاة المغرب، وهي تتابع الإمام، تصلي في البيت، فهل ما تفعل صحيح أم لا (¬1)؟ ج: إذا كانت ترى الإمام، أو ترى المأمومين فلا بأس، وإن كانت لا تراهم فليس بصحيح، فالواجب أن تصلي وحدها، ولكن لا قضاء عليها إن شاء الله، وقيل: إن بعض أهل العلم قال بجواز ذلك، لكن في المستقبل لا تصل مع الإمام إلا إذا كانت تراه، أو ترى بعض المأمومين، أو معهم في المسجد. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (272).

حكم صلاة النساء في مصلى محاذ لصفوف الرجال

212 - حكم صلاة النساء في مصلى محاذ لصفوف الرجال س: في حضرموت توجد مساجد للنساء ملاصقة تماما لمساجد الرجال، حيث تصلي فيها النساء الفرائض. والسؤال هو: هل للنساء مساجد؟ حيث وضع هذه المساجد التي في حضرموت أنها ملاصقة وموازية للرجال وليس خلفهم، ومفتوح لها باب

بالجانب إذا أقيمت الصلاة، وتكون النساء مصافات للرجال، ولكن خلف الإمام (¬1) ج: لا نعلم لهذا أصلا؛ أنهن يوجد لهن مساجد، وإنما المعروف أنهن يصلين خلف الرجال في مؤخرة المسجد، هذا هو الأولى، أن يكون في المؤخرة خلف الرجال، هذه السنة أن يكن خلف الرجال في مؤخرة المسجد، لكن هؤلاء إذا جعلوا عن يمين الرجال، أو عن شمال الرجال فلا بأس، يصح لأنهن لسن مخالطات للرجال، فصح أن يكن معهم في هذا، إذا كانت صفوفهن توازي صفوف الرجال عن اليمين أو الشمال، فإن الصلاة صحيحة حينئذ، ولا حرج في ذلك، لكن الأفضل والأولى أن تكون مصلياتهن خلف الرجال في مؤخرة المساجد، ويكون بينهن وبين الرجال شيء من الستر، فيكون حسنا حتى يتمكن من الصلاة من غير تعب ولا مشقة، إذا كان بينهن وبين الرجال ستر لا يمنع من رؤيتهن المأمومين، ولا يمنع من سماع صوت الإمام هذا هو الأفضل، لكن وجودهن عن يمين الصفوف، أو عن شمال الصفوف، مثل ما ذكر هنا لا حرج فيه إن شاء الله؛ لأنهن يستفدن من الصلاة مع ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (21).

الإمام، ومن الخطبة ومما قد يقع من المواعظ، هذا كله لا بأس به، والنبي عليه السلام قال: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله (¬1)» لكن عليهن أن يخرجن في غير تبرج ولا طيب ولا تكشف؛ حتى لا يفتن الرجال. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء، برقم (900)، ومسلم في كتاب الصلاة، باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة، وأنها لا تخرج مطيبة، برقم (442).

حكم متابعة جماعة من المصلين خارج المسجد للإمام في صلاته

213 - حكم متابعة جماعة من المصلين خارج المسجد للإمام في صلاته س: يوجد في الحي الذي نسكن فيه مسجد، ويوجد خلفه مكان يصلي فيه النساء صلاة التراويح في رمضان، وهذا المكان منفصل عن المسجد بجدار، ويمر أمامه بعض الرجال الخارجين من المسجد، ولا نرى الإمام. هل تجوز الصلاة والحال ما ذكر؟ جزاكم الله خيرا، علما بأنا قد صلينا عدة أعوام في ذلكم المكان، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كنتم ترون المأمومين، أو بعض المأمومين فلا بأس، وإن ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (274).

كنتم لا ترون لا الإمام ولا المأمومين فلا تصلوا في هذا المكان، صلوا في بيوتكم، أو يفتح نوافذ في الجدار الذي عندكم حتى تروا المأمومين، وإلا فصلوا في بيوتكم، والماضي يعفو الله عما سلف، لا حرج في الماضي؛ لأن بعض أهل العلم يرى أنه لا بأس بهذا، لكن الصواب إذا كان المكان خارج المسجد فلا يصلي فيه أحد، إلا إذا كان يرى الإمام أو المأمومين، ولا يكتفى بالصوت سماع الصوت. أما إذا كان البناء ملحقا بالمسجد فإنه لا بأس، كالخلوة ونحوها.

حكم صلاة النساء في مصلى منفصل عن المسجد

214 - حكم صلاة النساء في مصلى منفصل عن المسجد س: يوجد في بعض الأسواق مصلى للنساء، وهو يلتصق بالمسجد في ذلك السوق، فهل يجب على النساء اللاتي يصلين فيه أن يلتزمن بصلاة إمام المسجد، أم يصلين لوحدهن مع العلم أنهن يسمعن صوت الإمام (¬1)؟ ج: إن هؤلاء النسوة يصلين لوحدهن، ولا يقتدين بالإمام، وإذا كن لا يرين الإمام ولا يرين المأمومين، وإنما يسمعن الصوت، الصوت لا يكفي ما دمن خارج المسجد، ما دمن خارج المسجد يصلين وحدهن، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (364).

كل واحدة تصلي وحدها، أما إذا كن يرين الإمام أو المأمومين، أو كن في داخل المسجد فلا بأس، يكفي أن يقتدين بالإمام في هذه الحالة، أما إذا كن خارج المسجد فإنهن يصلين وحدهن إذا كن لا يرين الإمام، ولا يرين المأمومين.

حكم صلاة المرأة وراء الإمام وهي في غرفتها فوق المسجد

215 - حكم صلاة المرأة وراء الإمام وهي في غرفتها فوق المسجد س: السائلة: ن. ع. من المدينة المنورة، تقول السائلة: امرأة تسكن مع زوجها في الطابق الأعلى من المسجد، وهي تقوم بالصلاة وراء الإمام، وهي في غرفتها فوق المسجد، فهل صلاتها جائزة، أم لا؟ مع العلم أنها تقوم بمتابعة الإمام في الصلاة منذ سنتين تقريبا، فهل الصلاة جائزة وصحيحة، أم لا؟ وإذا كانت غير جائزة هل تقوم بقضائها (¬1)؟ ج: إذا كانت لا ترى الإمام ولا المأمومين فلا ينبغي لها أن تقتدي بالإمام، بل تصلي وحدها، وما مضى لا إعادة عليها فيه؛ لأن المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، منهم من رأى جواز ذلك، فنرجو ألا يكون عليها إعادة، ولكن في المستقبل ننصحها أن تصلي وحدها، لا تتابع ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (273).

الإمام إلا إذا كانت ترى الإمام، أو ترى من خلفه، وإلا فإنها تصلي وحدها؛ لأن محلها ليس تابعا للمسجد، المسجد مستقل، وسطح المسجد على ما ذكرته السائلة مستقل؛ لأن الذي بنى المسجد إنما أراد الطابق الأسفل، أما الطابق الأعلى فجعله مسكنا، ليس من المسجد، ولهذا سكنه هو وأهله، فالحاصل إذا كان سطح المسجد ليس تابعا للمسجد فإن أهله ينامون فيه، ويجامع زوجته، ويقضي حاجته؛ لأنه ليس تابعا للمسجد، إنما بني المسجد الذي تحت السقف. أما إذا كان المسجد بني للعبادة، وسقفه تبع له، ناويه تبعا للمسجد فهذا لا يسكن فيه فوق للمرأة وأهلها يجامعها فيه وتحيض فيه وتقضي حاجتها؛ لأنه من المسجد، بل يصلى فيه ويحفظ ويصان؛ لأنه تابع للمسجد. أما إذا كان المسجد إنما هو الأسفل، والذي بنى المسجد ما نوى السطح تبعا للمسجد، بل نواه سكنا له أو للتأجير فهذا مستقل، ولا يكون له حكم المسجد، والساكن فيه لا يصلي فيه تبعا لإمامة المسجد، إلا إذا كان يرى الإمام أو يرى من خلفه، أو بعضا من المأمومين، وإلا فإن المرأة فيه تصلي وحدها، أو المريض الذي فيه يصلي وحده، لا يصلي مع الناس، ما دام لا يرى الإمام ولا يرى بعض من خلفه، لكن إذا كان السقف تابعا للمسجد فإنه لا يتخذ سكنا؛ بحيث يجامع الرجل فيه

امرأته، وبحيث يقضي حاجته من بول أو غيره، أو تجلس فيه الحائض؛ لأنه تابع المسجد، أما إذا كان ليس تابعا للمسجد فما تحته فهو مملوك لأهله. أما إذا كان المسجد يتكون من دورين لا يشترط على الذين في الدور العلوي أن يروا الإمام أو بعض من خلفه؛ لأنه تابع للمسجد، مثل الخلوة في المسجد، بشرط أن يسمعوا الصوت.

حكم الصلاة فوق سطح المسجد

216 - حكم الصلاة فوق سطح المسجد س: ما الحكم في الصلاة فوق سطح المسجد، علما أن السطح ينفصل عن المأمومين الذين يقعون خلف الإمام، وربما تقدمت الصفوف التي في السطح على الإمام (¬1)؟ ج: الصلاة في السطوح صحيحة، سطح المسجد أو سطح الخلوة، ما داموا يستطيعون متابعة الإمام بالرؤية، أو بسماع التكبير صارت صلاتهم صحيحة؛ لأنهم في المسجد ومع الإمام، لكن لا يتقدموا على الإمام، يكونون خلف الإمام أو عن يمينه وشماله، ولا يتقدموا عليه، لا يجوز التقدم عليه، بل الواجب أن يكونوا خلفه، وعند الحاجة عن يمينه وشماله، وإلا فليكونوا خلفه، مثل الصفوف التي وراءه بالأسفل، ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (41).

وصلاتهم صحيحة إذا تمكنوا من المتابعة؛ برؤية الإمام أو رؤية من وراءه، أو سماع الصوت.

حكم الصلاة في توسعة المسجد الحرام

217 - حكم الصلاة في توسعة المسجد الحرام س: هذه رسالة وصلت من مستمعة للبرنامج تقول: هل تجوز الصلاة في المكان الواسع؛ أي أمام باب السلام في مكة؛ أي خارج الحرم؟ علما بأنه يوجد أماكن واسعة داخل الحرم في صلاة الجماعة. وكذلك هل تصح الصلاة في بئر زمزم (¬1)؟ ج: الواجب الدخول إلى المسجد والصلاة مع الجماعة في المسجد، فإذا كان هناك صفوف في الخارج فلا حرج أن يصلي معهم، أما أن يصلي وحده في الخارج فلا، يدخل ويصف مع الناس، ولو فرضنا أن هناك صفوفا في الخارج وصفوفا في الداخل، وأمكنه الدخول فإن المشروع له والأفضل أن يدخل حتى يكمل الصفوف الأولى. ولا حرج في الصلاة في زمزم، وعلى ظهر زمزم لا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (357).

بيان الأعذار التي تجيز التخلف عن صلاة الجماعة

218 - بيان الأعذار التي تجيز التخلف عن صلاة الجماعة س: يقول السائل: ما هي الأعذار التي تجيز للمسلم التخلف عن

حضور صلاة الجماعة في المسجد (¬1)؟ ج: الأعذار ذكر العلماء منها عدة: منها المرض؛ مثل المريض الذي يشق عليه الخروج. ومنها: الخوف لو خرج يخشى على نفسه. ومنها: حضور أحد الخبثين: البول والغائط، كونه يتخلف لقضاء حاجته نزل به هذا، ولم يتيسر له الخروج لقضاء الحاجة، وفاتته الجماعة فهو معذور، لكن ينبغي له أن يتحرى قبل ذلك؛ ليتفرغ للجماعة، لكن لو حدث أراد الخروج فحدث به حادث البول، أو الغائط فإنه مأمور للتخلص منهما؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان (¬2)» ومنها: إذا حضر الطعام بين يديه يبدأ به، لا يتخذه عادة يقدم الطعام حتى يتخلف عن الصلاة، لكن لو قدم بين يديه في بيته، أو عند بعض من استضافهم فإنه يبدأ بالطعام ولو فاتته الجماعة، هذه الأعذار. ومنها: لو كان بعيدا لا يسمع النداء، المساجد بعيدة عنه لا يسمع النداء فهذا عذر أيضا، أما إذا كان يسمع النداء فيلزمه أن يجيب، من طريق الصوت العادي، أما من طريق المكبرات فقد يسمع ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (247). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال، وكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين، برقم (560).

من بعيد ولا يلزمه، لكن إذا كان بالصوت العادي بدون مكبر يسمع عليه أن يجيب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬1)» أو كان في البلد يجيب؛ لأن البلد لو هدأت الأصوات لسمع، عليه أن يجيب ويصلي مع الناس ولا يتأخر. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793).

حكم التخلف عن صلاة الجماعة لعذر

219 - حكم التخلف عن صلاة الجماعة لعذر س: أعيش في منزل ليس فيه سوى والدي وزوجتي وطفلين صغيرين، وفي إحدى المرات أمرني والدي أن أصلي الفجر في المسجد، لكن زوجتي استحلفتني بالله ألا أخرج من البيت إلا بعد مجيء والدي من المسجد؛ خوفا من بقائها وحدها، وعندما عاد والدي وسألني عن عدم ذهابي إلى المسجد أخبرته، فاستحلفني بالله ألا أذهب إلى المسجد، وأن أصلي في البيت، فأخبرته أن صلاة المسجد أفضل من صلاة المنزل، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد». ومع هذا أصر علي أن أصلي في البيت، وأنني إذا خرجت فسوف لن

يسمح لي بدخوله مرة أخرى، فأطعته امتثالا لأمره. أفتوني في هذا جزاكم الله خيرا، ولا سيما أن الزوجة تشكو دائما من بقائها وحدها في المنزل (¬1) ج: إذا كان على زوجتك خطر وهي غير آمنة؛ لأن حولها من يخشى منه فلك عذر أن تصلي في البيت خوفا على زوجتك. أما إذا كان المحل آمنا، ولا شبهة فيما ذكرته الزوجة، وإنما هو تساهل منها فصل في المسجد، وأطع الله قبل والدك، عليك أن تصلي في المسجد مع المسلمين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» وفي حديث آخر: قد سأله رجل أعمى قال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يلائمني للمسجد، فهل لي من رخصة إن صليت في بيتي؟ فقال له عليه الصلاة والسلام: " هل تسمع النداء للصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (¬3)» رواه مسلم في الصحيح. والرسول أمر أعمى ليس له قائد يلائمه أن يصلي في المسجد ولم يعذره، فأنت أولى وأولى. ولا تلزم طاعة الوالد في خلاف الشرع؛ لأن الرسول ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (164). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653).

يقول عليه الصلاة والسلام: «إنما الطاعة في المعروف (¬1)» ويقول: «لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل (¬2)» لكن إذا كانت الزوجة غير آمنة، والمحل غير آمن، والخطر موجودا فلا بأس، هذا عذر شرعي. أما حديث: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد (¬3)» فهذا حديث ضعيف. ليس محفوظا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه مشهور عن علي رضي الله عنه، ولكن صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يغني عن ذلك؛ وهما الحديثان السابقان: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬4)» وحديث أبي هريرة في قصة الأعمى الذي تقدم ذكره، قال للأعمى: «أجب (¬5)» هذان الحديثان الصحيحان يغنيان عن حديث: «لا صلاة لجار المسجد إلا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وتحريمها في المعصية، برقم (1840). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (1098). (¬3) أخرجه الدارقطني في سننه، باب الحث لجار المسجد على الصلاة فيه إلا من عذر (ج1 419). (¬4) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653).

في المسجد (¬1)». المقصود أن الواجب على المسلمين من الرجال أن يصلوا في المساجد، وأن يكثروا سواد المسلمين، وأن يخرجوا إلى المسجد، وألا يتشبهوا بالمنافقين، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: «لقد رأيتنا وما يتخلف عنها - يعني في البيت - إلا منافق معلوم النفاق (¬2)» وقد هم النبي صلى الله عليه وسلم أن يحرق على من تخلف بيته. فالواجب عليك وعلى كل مسلم قادر أن يصلي في بيته إلا من عذر شرعي؛ كالمرض والخوف. رزق الله الجميع الهداية والتوفيق. ¬

_ (¬1) أخرجه الدارقطني في سننه، باب الحث لجار المسجد على الصلاة فيه إلا من عذر (ج1 419). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب صلاة الجماعة من سنن الهدى، برقم (654).

حكم صلاة العامل في محل عمله لعذر

220 - حكم صلاة العامل في محل عمله لعذر س: الأخت: خ. أ. ع. من الرياض، تقول: سماحة الشيخ، هل يجوز لمن يمنعه عمله من الصلاة مع الجماعة أن يصلي وحده إذا كان ليس معه أحد يصلي في العمل، أم يجب عليه ترك العمل (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل: إن كان عمله يمنعه من الجماعة؛ لأنه عمل خطير، لو ذهب عنه لوقع الخطر كالحارس هذا له العذر، يصلي في محل حراسته، أما إذا كان يستطيع أن يذهب ويرجع؛ لأنه لا خطر في ذلك فإنه ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (148).

يذهب ويرجع لعمله كسائر الموظفين، إذا أذن الظهر خرجوا للصلاة ثم رجعوا إلى عملهم، ليس في هذا شيء، ولا يجوز له أن يصلي وحده، بل يجب عليه أن يصلي مع المسلمين في مساجدهم، ثم يرجع إلى عمله، أما إن كان عمله يقتضي أن يلازم المحل، وألا يتعدى المحل، كالحارس مثلا ونحوه، ممن أعمالهم توجب لزومهم المكان الذي عينوا فيه؛ لأن فراقه يحصل به خلل من حراسة ونحوها فهؤلاء يصلون في محلهم، ويكون عذرا لهم هذا العمل الذي وكل إليهم.

حكم تأخير أداء الصلاة مع الجماعة لعذر العمل

221 - حكم تأخير أداء الصلاة مع الجماعة لعذر العمل س: يسأل المستمع ويقول: أنا أعمل في مدرسة كمشرف، والدوام يستمر حتى انتهاء صلاة الظهر، ولا أستطيع الخروج من المدرسة لأداء الصلاة في الجماعة الأولى، فهل يجوز لي تأخير الصلاة إلى ما بعد انتهاء الدوام (¬1)؟ ج: الواجب عليك أن تصلي مع الجماعة في المسجد أو في محلكم، إن كان أمكنك الخروج إلى المسجد وجب عليكم جميعا أن تصلوا في المسجد إذا كان المسجد قريبا تسمعون الأذان، فإن كان ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (384).

المسجد بعيدا وجب أن تصلوا جماعة في محل العمل، وليس لأحد منكم أن يصلي لوحده؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بالجماعة، وقال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬1)» وقال له رجل أعمى: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (¬2)» فالواجب على المؤمن أن يصلي مع الجماعة، إن أمكن صلى في المسجد، وإن كان المسجد بعيدا صلوا جماعة في محلهم؛ محل عملهم، وليس لأحد أن يتخلف. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653).

حكم صلاة المسافر في مقر سكنه مع قرب المسجد

222 - حكم صلاة المسافر في مقر سكنه مع قرب المسجد س: كان لدي ضيوف، فحان وقت صلاة العشاء، فقلت لهم: حان وقت الصلاة في المسجد. فلم يستجيبوا لي، فكررتها عليهم عدة مرات، لكنهم ظلوا في البيت، فهل قمت بواجبي نحو أمرهم بالمعروف (¬1)؟ ج: إذا كانوا مسافرين فلهم أن يصلوا في البيت قصرا، إذا كانوا ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (335).

مسافرين، مروا بك مسافرين، ليسوا مقيمين في البلد مدة تزيد على أربعة أيام فإن كانوا في السفر، ومروا ضيوفا وهم اثنان فأكثر فلهم أن يصلوا قصرا في البيت، وإن صلوا مع الناس صلوا أربعا. أما إذا كانوا ضيوفا من أهل البلد، أو ناوين الإقامة أكثر من أربعة أيام فعليهم الصلاة في المسجد مع الناس، والواجب عليهم السمع والطاعة، وألا يخالفوك، بل يجب عليهم أن يخرجوا إلى المسجد، ويصلوا مع الناس، وإذا أبوا أديت ما عليك، وعليك أن تصلي مع الناس، ثم ترجع إليهم، تخرج وتصلي مع الجماعة ثم ترجع.

حكم صلاة الحارس في مقر عمله

223 - حكم صلاة الحارس في مقر عمله س: أنا أقيم حاليا في الرياض، وأعمل في مزرعة بجوار المسجد، وحصلت عندنا سرقة غنم نهارا، وصاحب المزرعة منعني أن أصلي في المسجد، وأمرني أن أصلي في المزرعة كل الأوقات الخمسة؛ حتى أكون حارسا على المزرعة وما فيها، وحتى لا تتكرر السرقة. هل صلاتي والحال ما ذكر جائزة، أم لا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (221).

ج: الحراسة عذر شرعي في التخلف عن الجماعة، ولا حرج عليك في ذلك، فالحارس في المزرعة أو على دكان أو على بيت، أو نحو ذلك معذور عن حضور الجماعة؛ لمسيس الحاجة إلى الحراسة، ولا حرج في ذلك إن شاء الله.

س: أعمل حارسا في عمارة، ولا أتمكن من الصلاة في المسجد سوى يوم الجمعة وصلاة الفجر فقط؛ وذلك لظروف معينة، فهل يلزمني حينئذ شيء؟ وهل أكون آثما (¬1)؟ ج: إذا كنت حارسا، ولا يسمح لك بترك الحراسة وقت الصلاة فلا حرج عليك أن تصلي في مكان الحراسة؛ لأنك معذور في طلب الرزق، وفي حفظ مال من استأجرك، فكون الإنسان حارسا على بيت أو دكان، أو أشياء أخرى له العذر أن يصلي في مكانه، وتسقط عنه الجماعة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (337).

حكم صلاة الراعي في الصحراء وحده

224 - حكم صلاة الراعي في الصحراء وحده س: أنا مقيم وأعمل بالمملكة العربية السعودية راعيا للإبل، وليس بجواري مدينة أو قرية، وأنا رجل مسلم أحب الصلاة، فماذا

أفعل في هذا الأمر حيث لا أجد جماعة من المصلين أصلي معهم؛ لأنني في الصحراء أرعى الإبل؟ ج: الحمد لله، يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1)، تصلي في مكانك مع إبلك، تصلي في مكانك الذي أنت فيه، ولا يلزمك أن تذهب إلى المساجد، ما عندك مساجد، ما عندك إلا الصحراء، تصلي في الأرض التي أنت فيها والحمد لله، ولا حرج عليك، فإذا قدمت البلد تصلي مع الناس في المساجد، وما دمت في البر ترعى الإبل، أو الغنم أو البقر تصلي في مكانك والحمد لله. ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16

حكم صلاة المزارع في المزرعة لبعد المسجد

225 - حكم صلاة المزارع في المزرعة لبعد المسجد س: أنا مقيم في مزرعة تبعد عن المسجد أكثر من ستة ونصف كيلو، هل يجوز لي أن أصلي في المزرعة (¬1)؟ ج: نعم لأنك بعيد، حتى وأنت ومن معك من العمال في المزرعة، ولك أن تهيئ مسجدا تصلي فيه أنت ومن يحضر معك، وإن تكلفت وذهبت إلى المسجد فأنت على خير عظيم. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (325).

حكم صلاة حارس المستودع وحده لظروف العمل

226 - حكم صلاة حارس المستودع وحده لظروف العمل س: السائل: ق. م. س. من جمهورية مصر ويعمل في الرياض طريق الخرج، يقول: أعمل حارسا في مستودع في إحدى الشركات، وظروف العمل تضطرني للتواجد أربعا وعشرين ساعة؛ حيث لا يوجد بديل غيري، والمستودع الذي أعمل فيه لا يوجد فيه أحد غيري، وأضطر للصلاة بمفردي حيث لا يوجد مسجد قريب مني، فهل تعتبر صلاتي صحيحة وحالي ما ذكرت؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم لا بأس، صلاتك صحيحة والحمد لله، وأنت معذور حتى ولو كان قربك مسجد، إذا كان ذهابك فيه خطر على المستودع تصلي وحدك؛ لأنك معذور، أما إذا كان لا خطر، وبقربك مسجد، وتسمع الأذان وجب عليك أن تصلي في المسجد، أما إذا كان الذين جعلوك لا يرضون بهذا، ويخشون على مستودعهم فالحارس معذور إذا صلى في محله. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (327).

بيان أن المتخلف عن صلاة الجماعة لعذر يرجى له أجر الجماعة

227 - بيان أن المتخلف عن صلاة الجماعة لعذر يرجى له أجر الجماعة س: نحن في الأمن الصناعي، دوامنا ورديات، وبالطبع تمر علينا الصلوات، وأحيانا نضطر ليصلي كل واحد منا بمفرده. سؤالنا: هل تكتب لنا صلاة الجماعة وأجرها، علما بأننا نصلي أحيانا فرادى (¬1)؟ ج: إذا اضطر الإنسان للصلاة مفردا، وهو معذور لمرض أو حراسة يرجى له أجر الجماعة؛ لأنه معذور؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل مقيما صحيحا (¬2)» وفي قوله صلى الله عليه وسلم لمن تخلفوا عن غزوة تبوك في المدينة، قال عليه الصلاة والسلام: «إن في المدينة أقواما ما سرتم مسيرا، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم " قالوا: يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال: " وهم في المدينة، حبسهم العذر (¬3)» وفي لفظ آخر: «حبسهم المرض (¬4)» ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (323). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (2996). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، برقم (4423). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، برقم (1911).

فالمعذور له أجر العاملين إذا كان تخلف من أجل العذر الشرعي.

بيان من تسقط عليهم الجمعة والجماعة

228 - بيان من تسقط عليهم الجمعة والجماعة س: م. م. د: هل الجندي أثناء عمله ليس عليه جمعة ولا جماعة (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل: الجندي إذا كان حارسا على شيء للدولة؛ كأن يكون حارسا على سجن أو حارسا على مال يخشى عليه، أو على محل من المحلات يخشى أن تنتهك هذا ليس عليه جماعة ولا جمعة، بل يصلي فردا. أما جنس الجندي إذا لم يكن حارسا على شيء، ولا مريضا فإن عليه ما على الناس المصلين؛ الجمعة والجماعة، هذا الإطلاق ليس له وجه، الجندي مثل غيره إلا إذا كان هناك عذر شرعي؛ مرض أو خوف لو خرج إلى الجماعة أو الجمعة، أو كان حارسا على شيء يخشى عليه؛ كالحارس على باب السجن أو على أموال يخشى عليها، أو ما أشبه ذلك هذا عذر. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (3).

حكم من حضر صلاة الجماعة وفيه رائحة كريهة تؤذي المصلين

229 - حكم من حضر صلاة الجماعة وفيه رائحة كريهة تؤذي المصلين س: الرسالة وصلت إلى البرنامج من الخرطوم، يقول فيها: إنني - والحمد لله - من المواظبين على حضور الجماعة في المسجد، إلا

أنه اعتراني منذ سنوات مرض أصاب حلقي، فنتج عن هذا انبعاث رائحة كريهة يتضايق منها من يقف بجانبي، وهذا يسبب لي حرجا شديدا، ويجعلني غير خاشع في صلاتي. فأرشدوني وفقكم الله ماذا أفعل؟ هل هذا من الأعذار المبيحة لترك الجماعة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أن يشهد الصلاة مع المسلمين؛ لأن ذلك يؤذي المسلمين ويؤذي الملائكة، فإذا كان هذا الذي يخرج منك له رائحة كريهة تؤذي المسلمين، وأنت لا تستطيع علاجها فلا حرج عليك في التخلف عن الجماعة، بل هذا هو المشروع لك، المشروع أن تتخلف عن الجماعة ولا تؤذي الناس، وتصلي في بيتك، إلا إذا وجدت حيلة وعلاجا لهذا الأمر الذي حصل لك فإنه يلزمك حينئذ أن تعالج لإزالة هذه الرائحة بالدواء المباح؛ لعلك تسلم من شره، وتحضر الجماعة مع إخوانك. المقصود أن المشروع لك أن تعالج هذا الداء؛ حتى تزول هذه الرائحة الكريهة، فإن لم يتيسر ذلك، أو عالجت ولم يحصل فائدة، وأنت تعلم أنه يؤذي من حولك فأنت معذور. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (308).

بيان العذر الشرعي للمتخلف عن جماعة المسجد

230 - بيان العذر الشرعي للمتخلف عن جماعة المسجد س: أسكن في منطقة تكاد تكون بعيدة عن أقرب المساجد؛ مما لا يمكنني من تأدية صلاة الفجر، وأقوم بتأديتها في وقتها في المنزل، هل أنا آثم (¬1)؟ ج: إذا كان المسجد بعيدا لا تسمع النداء فإنك معذور، أما إذا كنت تسمع النداء لو كانت الأرض متهيئة، وما فيها أصوات تمنع ولا فيها أشياء تمنع فإنك تذهب إلى المسجد. فالمقصود صوت المؤذن بدون المكبر إذا كنت تسمع الصوت المعتاد عند هدوء الأصوات، تسمعه فعليك السعي إليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر، قالوا: وما العذر قال: خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬2)» وجاء الرسول عليه الصلاة والسلام الأعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال عليه الصلاة والسلام: ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (328). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551).

" هل تسمع النداء للصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (¬1)» هذا رجل أعمى، فأمره النبي أن يجيب، وليس له قائد يقوده، فكيف بحال البصير القادر! المقصود أن عليك الإجابة إذا كنت في محل تسمع فيه النداء، فأنت عليك الإجابة، أما إذا كنت بعيدا لا تسمع فيه النداء فلا يلزمك، وإن تجشمت المشقة وصبرت بالسيارة، أو على قدميك فأنت على خير عظيم. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653).

س: إذا كان لرجل بيت على رأس جبل، وليس بجانبه بيوت فهل له أن يصلي بأسرته جماعة؟ وكيف يكون حالهم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كانت المساجد بعيدة لا يسمع النداء صلى وحده، وإن صلى بأهله فلا بأس، أو صلى بنسائه يكن معه فلا بأس، أما إن كان عنده أولاد فليصل وإياهم، أو عنده إخوة أو خدم يصل كما يصلي الناس، يكون هو الإمام ويصلون خلفه، وإذا صلى نساؤهم معهم خلفهم يكون هذا لا بأس به، أما إن كان بقربهم مساجد، يسمعون النداء فالواجب عليهم السعي إلى المسجد؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (327).

سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬1)» إذا كان المسجد قريبا، يسمع نداءه بدون مكبر لقربه فيلزمه الذهاب إليه، أما إن كان بعيدا لا يسمعه إلا بالمكبر لبعده فهذا لا يلزمه، وإن ذهب إليه يطلب الأجر فهذا خير وأفضل. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793).

س: هناك مجموعة من الرجال يسكنون في منزل بعيد عن الناس، فهو بعيد قليلا، وأقرب مسجد لهذا المنزل يبعد أكثر من الكيلو بقليل، وهم يسمعون النداء من مساجد تبعد أكثر من كيلوين؛ بسبب عوامل منها قوة مكبرات الصوت، ومن هؤلاء الرجال من يجيد القراءة، وقد جعلوه إماما، وجعلوا لهم مكانا مخصصا للصلاة، وهم يصلون الصلوات كلها جماعة، ويقيمون الصلاة، فهل يجوز لهؤلاء الصلاة في مسجدهم الخاص هنا، حتى ولو كانوا ثلاثة أو أربعة، مع أن وسائل النقل موجودة، وهي تصعب في بعض الأوقات؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كانوا يسمعون النداء بدون المكبر، إذا استمعوا له في الأوقات الهادئة، يسمعون النداء فيلزمهم الذهاب إلى المسجد على ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (320).

أقدامهم أو بواسطة وسائل النقل، أما إذا كانوا بعيدين بحيث لا يسمعون النداء إلا بالمكبر فإنه لا يلزمهم، وإذا صلوا جماعة في مكانهم كفى ذلك، وإذا صبروا وذهبوا إلى المساجد، ولو ما سمعوا النداء إلا بالمكبر، ذهبوا على الأقدام أو بواسطة وسائل النقل هذا خير لهم وأفضل وأبعد عن الشبهة، وعن التساهل بهذا الأمر العظيم، فنصيحتي لهؤلاء الصبر على بعض التعب والذهاب إلى المساجد؛ لأن الشيطان قد يزين لهم التساهل، ويقول لهم: إنكم لا تسمعون النداء. هم يسمعون النداء لو استمعوا، لكن ينبغي للمؤمن أن يتحرى الخير وأن يسارع إليه، وأن يبتعد عن الشبهة؛ حتى لا يتهم بالتساهل في أمر الله. والذهاب على الأقدام كله خير؛ لأن كل خطوة يرفعه الله بها درجة ويحط بها عنه خطيئة، ويكتب الله بها حسنة، هذا خير عظيم، وهكذا في السيارات كذلك، فنصيحتي للجميع العناية بالصلاة في الجماعة، والذهاب إلى المساجد ولو فيها بعض التعب اليسير، فالحمد لله لكن الرخصة لهم رخصة إذا كانوا لا يسمعون النداء إلا بالمكبرات، لا يسمعون النداء لبعد المسجد عنهم فلا حرج عليهم.

حكم أداء الصلاة بحضرة الطعام

231 - حكم أداء الصلاة بحضرة الطعام س: إذا أذن المؤذن للصلاة, وأنا أتعشى فهل يصح لي ترك الطعام للذهاب إلى المسجد، وهل هذا ينطبق إذا لم أبدأ بالأكل بعد؟ أرجو الإيضاح جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم إذا أحضر العشاء عند صلاة المغرب أو العشاء أو العصر قدم الأكل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء فابدؤوا بالعشاء (¬2)» في اللفظ الآخر: «إذا قدم العشاء فابدؤوا به قبل أن تصلوا المغرب (¬3)» في اللفظ الآخر: «لا صلاة بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الأخبثان (¬4)» المؤمن إذا حضر طعامه يبدأ بالطعام؛ لأنه إذا ذهب إلى الصلاة، والطعام قد حضر ذهب وقلبه مشغول فلا يؤديها كما ينبغي، فيبدأ بالطعام ثم يصلي الصلاة بقلب ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (175). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأطعمة، باب إذا حضر العشاء فلا يعجل عن عشائه، برقم (5465)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال، وكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين، برقم (557). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة، برقم (672). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال، وكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين، برقم (560).

مقبل فارغ، يخشع في الصلاة ويقبل عليها، لكن لا ينبغي له أن يجعل ذلك عادة له، ويأمرهم بإحضار الطعام وقت الصلاة، لا، بل يجب عليه أن يبدأ بالصلاة ويعتني بالصلاة ولا يقوم بإحضار الطعام، لكن لو صادف أنه أحضر الطعام فإنه يبدأ به، لكن لا يجوز أن يتخذه عادة ويحتج به لإضاعة الصلاة في الجماعة، نعوذ بالله من ذلك.

حكم صلاة الرجل في البيت لمشقة الطريق إلى المسجد

232 - حكم صلاة الرجل في البيت لمشقة الطريق إلى المسجد س: رسالة من المستمع: م. ع. ح. من مكة المكرمة، له سؤال طويل يقول فيه: لقد أصبت بمرض منذ ثماني سنوات، فجعلني حبيس المنزل، وهذا المرض اكتئاب شديد، ثم إني استقلت من العمل نتيجة لذلك المرض، ولا أستطيع الخروج من المنزل أو الذهاب إلى المسجد؛ لأن المسجد في مكان مرتفع، وكما تعلمون أن معظم منازل مكة مرتفعة، ولا أستطيع الصعود إليه؛ لأنه كما سبق وذكرت أنني مريض، رغم أني أصلي صلاة الجمعة في المسجد، أما باقي الصلوات فإنني أصليها في المنزل، فهل علي إثم في هذا رغم أنني - ولله الحمد - أصلي النوافل، وأسبح الله كثيرا ولله

الحمد؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نسأل الله أن يمنحك الشفاء والعافية، وأن يثبتنا وإياك على الهدى، والله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (¬3)» فإذا كنت لا تستطيع الوصول إلى المسجد في الصلوات الخمس فإنه لا بأس عليك أن تصلي في البيت. أما إن كنت تستطيع فالواجب عليك أن تصلي في المسجد مع إخوانك، وأن تحذر الكسل وطاعة الشيطان، وأن تحذر أيضا التشبه بالمنافقين المتخلفين عن الصلاة في الجماعة، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (¬4)، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (¬5). فنوصيك بالجد والنشاط والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وسؤال الله ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (320). (¬2) سورة التغابن الآية 16 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288)، ومسلم في كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، برقم (1337). (¬4) سورة الطلاق الآية 2 (¬5) سورة الطلاق الآية 4

العافية والشفاء وأنت في السجود، وفي آخر الصلاة، وفي صلاة الليل، وبين الأذان والإقامة، اسأل ربك واضرع إليه بصدق أن يعافيك، وأن يمنحك الشفاء، وأن يعينك على كل عمل يرضيه. وأبشر بالخير إذا صدقت، والله جل وعلا سوف يعينك على أداء ما فرضه عليك على الوجه الذي يرضيه سبحانه وتعالى.

حكم صلاة من يدافعه الأخبثان

233 - حكم صلاة من يدافعه الأخبثان س: إذا كان الإنسان مصابا بمرض، كثير التبول، إذا دخل الخلاء وقضى حاجته ثم توضأ وذهب إلى المسجد، وبعد حوالي عشر دقائق جاء البول فهل يصلي؟ أو هل يترك الصلاة ويذهب يتبول؟ أفيدونا جزاكم الله عنا خيرا (¬1) ج: إذا حضرت الصلاة وحضر ما يشوش عليه صلاته؛ من بول أو غيره فإنه ينفتل ينصرف من المسجد ليتوضأ؛ لأن النبي عليه السلام قال: «لا صلاة بحضرة الطعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان (¬2)» والأخبثان هما البول والغائط، إذا كانا يدافعانه ويشقان عليه فإنه لا ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (34). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال، وكراهة الصلاة مع مدافعة الأخبثين، برقم (560).

يصلي، بل يرجع إلى البيت حتى يتخلص منهما، ثم يصلي ولو في بيته، إذا كان لا يلحق على الجماعة يصلي في بيته؛ فصلاته في بيته مع الخشوع والسلامة من المدافعة أولى، وأفضل من صلاته مع الإمام وهو يدافع الأخبثين، والرسول صلى الله عليه وسلم أراد بهذا العناية بالصلاة وتعظيم شأنها؛ حتى تؤدى على خير وجه، فالمشغول بالبول أو بالغائط قد لا يؤدي الصلاة على الكمال، قد ينشغل بهذين الأخبثين فلا يؤديها كما ينبغي، لكن لو كان التأثر بهما قليلا ضعيفا، ما يشوش عليه صلاته فإنه يصلي ثم يخرج ولا يذهب إلى البيت، إذا كانت المسألة خفيفة المدافعة لا تؤثر على صلاته، ولا تخل بخشوعه؛ لأنه إنما أحس بشيء قليل لا يشق عليه فإنه يصلي. أما إذا كانت المدافعة شديدة وقوية فإنه يخرج من المسجد، بل ويقطع الصلاة حتى يتفرغ منهما. وفي مثل حالة السائل لإصابته بمرض سرعة التبول فإن الأولى ألا يعجل بحضوره للمسجد بالوضوء؛ حتى يكون مجيئه قرب إقامة الصلاة؛ حتى يتمكن من أدائها مع الجماعة، ثم يرجع سليما، هذا ما ينبغي أن يلاحظه الذي أصيب بسلس البول أو الريح أو ما أشبه ذلك، ينبغي له أن يتحرى قرب الإقامة حتى يتمكن من الأمرين: صلاة الجماعة وسلامة الطهارة.

حكم التخلف عن صلاة الجماعة بسبب النوم

234 - حكم التخلف عن صلاة الجماعة بسبب النوم س: هل النوم يعد عذرا للتخلف عن صلاة الجماعة أو تأخيرها بحيث لا يخرج وقتها، خاصة إذا كان الإنسان مجهدا في عمل معين، وذلك لحديث: «من نسى صلاة أو نام عنها (¬1)» وحديث: «رفع القلم عن ثلاثة (¬2)» وذكر منهم النائم، أرجو من سماحتكم التوضيح (¬3) ج: إذا كان النائم معذورا؛ يعني فعل الأسباب واجتهد وغلبه النوم فلا بأس، مثل ما قال صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها (¬4)» فقد وقع للنبي صلى الله عليه وسلم مرات في السفر، ناموا عن الصلاة، فلما استيقظوا قضوا، ولكن مع الحيطة بحيث يجعل ساعة يركدها على وقت الصلاة، أو بعض أهله يوقظونه، ولا يسهر بل يبكر بالنوم، وعليه أن يتعاطى الأسباب التي ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (959). (¬3) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (307). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (684) واللفظ له.

تعينه على ذلك القيام، فإذا غلب ولم تنفع الأسباب فهو معذور، أما إذا تساهل ويسهر الليل، ثم يقول: أقوم. هذا هو الذي يتعاطى أسباب عدم القيام، فهو آثم حتى يفعل الأسباب الشرعية من عدم السهر، كأن يجعل الساعة لتعينه على ذلك، أو بعض أهله يوقظونه، المقصود لا بد من تعاطي الأسباب، فإذا تعاطى الأسباب الشرعية واجتهد ثم عاوده النوم فهو معذور.

حكم تخلف حارس الممتلكات عن الجمعة والجماعة

235 - حكم تخلف حارس الممتلكات عن الجمعة والجماعة س: أنا حارس على شيء مهم من ممتلكات الدولة، وحولي مسجد جمعة، ولكن أخشى بعد ذهابي على ما كلفت بحراسته، فهل يجوز لي تركه والذهاب للصلاة (¬1)؟ ج: لا تذهب؛ لأن الحراسة عذر، الحارس على شيء مهم يخشى عليه ليس له أن يدعه ويذهب إلى صلاة الجمعة والجماعة، عليه أن يصلي في محله، ويسقط عنه حضور الجمعة والجماعة في هذه الحال، إلا إذا وجد من ينوب عنه ممن لا جمعة عليه؛ كالمملوك والنساء وأشباه ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (33).

حكم صلاة الرجل في محله إذا لم يسمع الأذان لبعد المسافة

236 - حكم صلاة الرجل في محله إذا لم يسمع الأذان لبعد المسافة س: الأخ: ع. ط. يقول: عملي يتطلب وجودي به طول الوقت، والمسجد بعيد عني بحيث لا أسمع الأذان، فهل تصح الصلاة لوحدي (¬1)؟ ج: إذا كنت لا تسمع الأذان مع هدوء الأصوات، ومع كون الوقت ليس فيه ما يمنع سماع الصوت فإنك لا يلزمك الحضور، أما إذا كان عدم سماع الأذان من أجل وجود أصوات، أو رياح تمنع الصوت عن جهتك، أو ما أشبه ذلك - وإلا لو كانت الأصوات هادئة والجو هادئا لسمعت - فإنه يلزمك؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» وإذا اجتهدت في ذلك وتحريت الصلاة مع المسلمين - ولو كنت بعيدا - فهو خير لك وأفضل لك، وأبعد لك عن الشبهة مع الأجر العظيم في أداء الصلاة في الجماعة، لكن لا يلزمك إلا إذا كنت تسمع النداء في الوقت الذي يسمع فيه النداء، ليس هناك موانع تمنع من صوت المؤذن. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (202). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793).

س: الأخ: م. ر. ع. مصري مقيم في الأردن يقول: أنا رجل أعمل في

مزرعة وأسكن فيها، وهذه المزرعة تبعد عن المسجد حوالي أربعة كيلو أمتار، لا أملك ما أركبه، فهل يجوز لي أن أصلي مع زوجتي؟ وهل يصح معها الصلاة لو كان يصلي معي شخص آخر؟ وما هي شروط ذلك (¬1)؟ ج: إذا كان الأمر كما قلت فإنك تصلي وحدك، ولا حاجة إلى أن تصلي معك زوجتك، وإن صلت معك خلفك فلا بأس، لا تصلي إلى جنبك، لكن تصلي خلفك، المرأة لا تصف مع الرجال، أما أن يصلي معكما شخص آخر أجنبي فلا، أما إذا كان أخاها أو عمها أو أباها يكون عن يمينك وهي خلفكما، أما إذا كان أجنبيا فلا تصلي معكما، إلا إذا صلت وهي مستورة متحجبة، لا يرى منها شيء فلا بأس والحمد لله، كما كان النساء يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لا تصلي مكشوفة أو متساهلة، بل تصلي وحدها في محل آخر إذا كان معك أجنبي من العمال أو غيرهم، وإذا صلت خلفكم مستورة فلا حرج في ذلك والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (257).

س: يسأل المستمع ويقول: إنني أعمل مزارعا، والمزرعة تبعد عن

المسجد، ولا أستطيع صلاة الجماعة، فبماذا توجهونني؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كنت بعيدا لا تسمع النداء فصل في المزرعة والحمد لله، وأما إذا كنت قريبا تسمع النداء العادي إذا أذن وجب عليك أن تصلي مع الجماعة، أما صوت المكبر فهذا لا يتعلق بالحكم؛ لأنه يسمع من بعيد، لكن إذا كنت تسمع النداء بغير مكبر عند هدوء الأصوات وعدم الموانع فالواجب عليك البدار، وتصلي مع الناس، إذا كنت لا تخشى على المحل الخطر بادر وصل مع الجماعة، ولا حرج عليك بترك الصلاة مع الجماعة إذا كنت لا تسمع النداء، فصل في محلك، وهكذا لو كنت في محل تخشى عليه إذا ذهبت فإنك تصلي فيه؛ حفاظا عليه وحذرا من الخطر إذا لم يكن فيه من يصونه، أما إذا كنت تستطيع إغلاق الأبواب، أو وجود من يحرسه، والمقصود أنه إذا كان لا خطر فالواجب عليك أن تصلي مع الجماعة إذا سمعت النداء؛ إذا كنت تسمع النداء في الأوقات التي ليس فيها ما يمنع صوت النداء، أما صوت المكبر فهذا قد يسمع من بعيد، ولا يتعلق بالحكم، فالحكم في الصوت العادي عند هدوء الأصوات وعدم وجود الموانع، فالواجب عليك السعي وأن تؤدي ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (346).

الصلاة مع المسلمين.

س: السائل رجل يقول: أعمل في المزرعة في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، وأعمل في المزرعة طوال الوقت وأصلي الفروض داخل المزرعة، وأما يوم الجمعة فإن صاحب المزرعة لا يسمح لي بالذهاب لصلاة الجمعة , فكيف تنصحونني؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كنت قريبا من المسجد تسمع النداء فعليك أن تذهب إلى المسجد، أما إذا كنت بعيدا لا تسمع النداء فلا حرج أن تصلي في المزرعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر، قالوا: ما العذر؟ قال: خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬2)» ولأنه صلى الله عليه وسلم جاءه رجل أعمى، فقال: «يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء للصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (¬3)» هذا أعمى وليس له قائد، ومع هذا أمره النبي أن يجيب عند سماع المؤذن، وأن يحضر مع الجماعة هكذا، وفي غير ذلك يلزمه أن يصلي مع الجماعة في المساجد ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (363). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653).

إذا كانوا قريبين يسمعون النداء، وإلا صلوا في محلهم جماعة.

س: السائل يقول: إذا كان المسجد بعيدا عن المصلى وهو لا يملك سيارة تقوم بنقله, فهل يستأجر سيارة أو أنه لا يلزمه الذهاب إلى المسجد (¬1)؟ ج: ما دام لا يسمع صوت المؤذن، لو كان من دون مكبر ما يلزمه، إذا كان الصوت العادي للمؤذن العادي المعروف، لو أذن ما سمعوه في محلهم لبعدهم فلا حرج عليهم من الصلاة في البيت، لكن إذا كان في السير إليها مشقة، وصبروا وتحملوا فهذا خير لهم وأفضل. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (270).

مسألة في صلاة الجماعة في البيت لبعد المسجد

237 - مسألة في صلاة الجماعة في البيت لبعد المسجد س: سائل يقول: منزلي يبعد عن المسجد، ولكني أسمع الأذان من مكبر الصوت، ونحن مع ذلك نصلي في البيت، هل نكون آثمين حينئذ؟ وهل صلاتنا صحيحة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كان المسجد بعيدا عنكم، لا تسمعون الأذان بالصوت المعتاد عند هدوء الأصوات فإنه لا يلزمكم الجماعة في المسجد، لكن لو ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (265).

ذهبتم إليه ولو بالركوب، أو تحمل بعض المشقة يكون أفضل؛ لما فيه من الفضل العظيم، ومضاعفة الأجر، والاجتماع بالمصلين، والتعارف والتعاون على الخير. أما صوت المكبر فلا يثبت، ولا يلزم به الحضور؛ لأنه يسمع من بعيد، لكن من أجاب على صوت المكبر، وذهب للجماعة وصبر على المشقة فله أجر عظيم.

س: سائل من المملكة المغربية يقول: المسجد بعيد عن البيت، حوالي كيلو متر واحد، ولا يسمع الأذان إلا بواسطة مكبر الصوت، فيقوم والدي ويؤذن للصلاة، ثم يقيم ويؤم جميع أفراد البيت ويصلي بهم، فهل يجوز ذلك (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك، إذا كان بعيدا منكم المسجد لا تسمعون الأذان إلا بمكبر فلا بأس، لكن سعيكم للمسجد والصبر على ذلك على الأقدام أو السيارة أفضل وأعظم أجرا؛ لما فيه من الخير العظيم، والحضور مع المسلمين، والخطوات التي يمشيها المؤمن كل خطوة يرفع الله له بها درجة، ويحط بها عنه خطيئة، ويكتب له بها حسنة، هذا فضل عظيم، فسعيكم إلى المساجد - وإن بعدت - بالأقدام، أو بالسيارة أفضل وأعظم أجرا، وإن صليتم في البيت بأذان وإقامة فلا بأس ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (256).

بذلك، عند بعد المسجد وعدم سماع الأذان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬1)» فإذا كان المسجد بعيدا لا يسمع الأذان إلا من طريق المكبرات فهذا عذر شرعي. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793).

س: يقول السائل: إذا كنت أبعد عن المسجد مسافة ربع ساعة، إلا أنني أسمع النداء بواسطة مكبرات الصوت فهل علي إثم إن صليت في البيت جماعة مع إخوتي (¬1)؟ ج: ينبغي لك أن تسارع إلى الصلاة في المسجد، وأن تستعين بالله بالأقدام أو بالسيارة، وأبشر بالخير العظيم؛ لأن ربع الساعة ليست بكثير بالنسبة لأصحاب السيارات وأصحاب القوة. أما إذا كنت يشق عليك ذلك؛ لكبر السن ونحو ذلك فلا بأس، والاعتبار ليس بصوت المكبر، ولكن بصوت المؤذن العادي، إذا كان صوت المؤذن العادي يسمع في مكانكم عند هدوء الأصوات، وعدم وجود مشوشات وجب عليكم السعي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر قالوا: ما العذر؟ قال: خوف أو مرض لم تقبل منه ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (270).

الصلاة التي صلى (¬1)» وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل أعمى، يقول: «يا رسول الله، هل لي بالرخصة أن أصلي في بيتي؛ لأنه ليس لي قائد يقودني للمسجد؟ فقال له صلى الله عليه وسلم: " هل تسمع النداء للصلاة؟ " قال: نعم. قال: " فأجب (¬2)» فالواجب عليكم أن تجيبوا وأن تحضروا المساجد إذا استطعتم ذلك، أما إذا لم تستطيعوا ذلك؛ لبعد المكان كما ذكرتم، أو لمرض أو لخوف فأنتم معذورون للصلاة في البيت. نسأل الله التوفيق للجميع. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المساجد على من سمع النداء، برقم (653).

بيان فضل تحمل المشقة في الذهاب إلى المسجد

238 - بيان فضل تحمل المشقة في الذهاب إلى المسجد س: أستيقظ لأداء صلاة الفجر والحمد لله، ولكن ليس بجانبي مسجد قريب، فالمساجد بعيدة، ولكني أسمع الأذان في المساجد، وأصلي في البيت في وقت صلاة الفجر، فهل صلاتي صحيحة (¬1)؟ ج: إذا كانت المساجد بعيدة، إنما تسمع بواسطة مكبرات الصوت فلا حرج عليك، وإن تجشمت مشقة في السيارة أو على قدميك، ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (373).

وذهبت إلى المسجد فهذا أفضل لك. أما إذا كنت تسمع الأذان بغير مكبر لقرب المسجد فإنه يلزمك أن تذهب وتصلي مع الناس، أما إذا كانت المسافة بعيدة، لا تسمع إلا بواسطة المكبر فلا حرج عليك إذا صليت في البيت، وإن ذهبت وصبرت على المشقة فهذا خير لك وأفضل.

س: يقول السائل: بيتي بعيد عن المسجد ولا أسمع الأذان، وأصلي بدون أن أسمع الأذان، هل ما أفعله صحيح (¬1)؟ ج: لا بد من التأكد من دخول الوقت بسماع الأذان، أو بالساعات، أو بطرق أخرى تعرف بها الوقت إذا كان المسجد بعيدا عنك لا تسمع الأذان. أما إن كان المسجد قريبا تسمع الأذان فيجب عليك الصلاة في المسجد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر قالوا: ما العذر؟ قال: خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى (¬2)» فالواجب على المؤمن أن يتحرى الأوقات، وأن يصلي في المساجد مع المسلمين، إلا إذا بعدت عنه؛ بحيث لا يسمع النداء من الصوت المعتاد فإنه يجوز له أن يصلي في مكانه، وإن تجشم ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (216). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (551).

المشقة وصبر وصلى في المساجد كان أفضل وأعظم أجرا، والاعتبار بالصوت المعتاد بدون مكبر؛ لأن المكبر يبلغ مداه طويلا، ولكن من لا يعلم الوقت؛ بألا يسمع الأذان لا بد من التحري وعدم العجلة؛ حتى يغلب على ظنه دخول الوقت بأي طريق يتأكد بها ذلك، أو غلب على ظنه ذلك.

باب صلاة أهل الأعذار

باب صلاة أهل الأعذار 239 - بيان كيفية صلاة المريض، وطهارته س: الأخ ف. ع. من الجمهورية العراقية، أخونا رسالته مطولة يشكو من حالة هو فيها، ذلكم أنه وقع له حادث سيارة، وأفقده السيطرة على نفسه نتيجة إصابته بالشلل النصفي، وهو في الحالة هذه يسأل سماحة الشيخ عن الوضوء وعن الصلاة وعن قراءة القرآن، كيف يكون حاله؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: يعمل بقوله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (¬3)» فإذا كان أصابه الشلل وأفقده القيام فإنه يصلي على حسب حاله، يصلي ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (141). (¬2) سورة التغابن الآية 16 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288)، ومسلم في كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، برقم (1337).

قاعدا، ويركع ويسجد إذا استطاع ذلك وهو قاعد، مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب (¬1)» أخرجه البخاري رحمه الله في الصحيح، وأخرجه النسائي بزيادة: «فإن لم تستطع فمستلقيا» هذا هو الواجب، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2) وإذا عجز عن الماء تعفر بالتراب، تيمم، إذا كان معه مرض يضره الماء تعفر بالتراب، يحضر له التراب، ويضرب التراب بيديه، ويمسح به وجهه وكفيه عند الحاجة، وله الجمع إذا شق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها، فله الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء كسائر المرضى. أما ما يتعلق بالحاجة بالدبر والقبل فهذا يكفيه مسحها بالمناديل ونحوها، ولا حاجة إلى الماء، فإن استعمل الماء وقدر على الماء فلا بأس، الماء أكمل وأفضل، فإذا لم يتيسر له ذلك فإنه يستعمل الاستجمار بالمناديل، أو بالحجارة، أو باللبن، والمناديل أرفق به، فيستعمل المناديل الخشنة الطاهرة، يمسح بها الدبر والذكر عن البول وعن الغائط ثلاث مرات، فإن لم تكف زاد رابعة وخامسة إلى ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). (¬2) سورة التغابن الآية 16

آخره، والأفضل أن يقطع على وتر، إذا زاد رابعة وكفت يستحب أن يزيدها خامسة حتى يكون استجماره على وتر، وإذا لم تكف الخامسة زاد سادسة، وإذا كفت السادسة يستحب أن يزيد سابعة حتى يقطع على وتر، والمهم أنه يستعمل من المناديل ونحوها ما يزيل الأذى بشرط أن يكون ثلاثا فأكثر، لا ينقص عن ثلاث؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نهى أن يستجمر بأقل من ثلاث، فإن كفت الثلاث في إزالة الأذى عن الدبر والقبل فالحمد لله، وإن لم تكف زاد حتى يزول الأذى، والأفضل أن يقطع على وتر خمسا أو سبعا وهكذا، ولا حاجة إلى الماء، حتى ولو قدر على الماء الاستجمار يكفيه، لكن الماء أفضل، فإن جمع بينهما - يعني استطاع أن يجمع بينهما - فزال الأذى بالمنديل أو بالحجر ثم استنجى بالماء هذا خير إلى خير، هذا أكمل وأفضل، ولكن كل واحد منهما يكفي، الماء وحده يكفي، والاستجمار وحده يكفي حتى من الصحيح، يعني الذي لا مرض معه. أما كونه لا يستطيع البقاء على وضوء وليس لديه الوقت الكافي لأداء الصلاة، فإن عليه أن يتقي الله ما استطاع، يتوضأ لكل صلاة، فإذا كان معه سلس لما أصابه الشلل، انطلق الدبر، أو انطلق الذكر، وصار لا يستطيع إمساكه فإنه يصلي على حسب حاله، لكن يتوضأ لوقت كل صلاة، إذا

دخل وقت الظهر يستنجي ويتوضأ وضوء الصلاة أو يتيمم على حسب طاقته، ثم يجمع بين الصلاتين، وهكذا المغرب والعشاء. إذا شق عليه من أجل المرض وإن كان ما شق عليه فإنه يصلي كل صلاة في وقتها مثل المستحاضة وصاحب السلس، الحال واحد، العاجز عن الجماعة، حضور الجماعة مثله يصلي جمعا إذا شق عليه كل صلاة في وقتها، وهو أرفق به، وإن صلى كل صلاة في وقتها فلا بأس، أما الرجل الذي لا يصلي مع الجماعة إذا كان يستطيع فلا بد أن يصلي مع الجماعة، ويتوضأ لوقت كل صلاة. بالنسبة لقراءة القرآن فإنه إذا توضأ يقرأ القرآن من المصحف إلى الوقت الآخر، ما بين الوقتين يقرأ القرآن، وإن انتقض الوضوء، إذا كان صاحب سلس مستمر، إذا توضأ للظهر يقرأ إلى العصر، إذا توضأ للمغرب يقرأ إلى العشاء، كما يصلي لو تطوع بين الظهر والعصر، وتطوع بين المغرب والعشاء ولو خرج معه البول؛ لأنه عاجز، فهو مثل المستحاضة سواء بسواء، يصلي ويقرأ ما بين الوقتين، وهذا يسر من الله سبحانه بعباده، يقول جل وعلا في كتابه العظيم: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} (¬1) ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 185

ويقول عز وجل: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (¬1) فمن رحمة الله سبحانه وتعالى أن صاحب السلس - وهو البول الدائم - أو الريح الدائمة، وهكذا المستحاضة التي معها الدم الدائم ما يقف عنها وهو غير دم الحيض، الدم الدائم يقال له: الاستحاضة، هؤلاء وأشباههم لهم الجمع بين الصلاتين، ويكفيهم الوضوء لوقت كل صلاة، وهذا من تيسير الله، وإذا دخل وقت الظهر يتوضأ لوقت الظهر، ويتوضأ لوقت العصر وهكذا المغرب والعشاء، يعني كل صلاة يتوضأ لوقتها؛ لأن حدثه دائم، سلس أو ريح أو استحاضة أو نحو ذلك، وما بين الوقتين يصلي فيه ما شاء، ويقرأ القرآن ويطوف إذا نزل مكة، ولا حرج في ذلك لأنه معذور وصار في حكم الطاهرين والطاهرات ما بين الوقتين؛ لأن الرسول أمر المستحاضة بذلك في قصة حمنة وغيرها. وكذلك ما يتعلق بالصوم يفطر ويقضي بعد ذلك، المريض إذا عجز عن الصوم وشق عليه المرض، هذا من يسر الشريعة، وهكذا المسافر يفطر في السفر ويقضي بعد ذلك، كل هذا من لطف الله، وهكذا المرضع إذا شق عليها الصيام والحامل إذا شق عليها الصيام أفطرتا وقضتا بعد ¬

_ (¬1) سورة الحج الآية 78

ذلك.

س: سائل يطلب أن توجهوه سماحتكم - جزاكم الله خيرا - إلى مشروعية الصلاة الخاصة بالمريض، هل ورد في ذلك شيء؟ ج: لا أعلم شيئا يخص المريض، المريض يتقي الله ما استطاع، والله جل وعلا يكتب له أجره، يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل مقيما صحيحا (¬1)» والحمد لله، يعني أعماله التي يعملها في الصحة تكتب له، من صلاة الضحى، من صيام وغير ذلك، إذا منعه المرض تكتب له أجورها؛ لأنه حبسه عذر شرعي، يقول صلى الله عليه وسلم لما كان في غزوة تبوك: «إن في المدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا وهم معكم " وفي اللفظ الآخر: " إلا شركوكم في الأجر (¬2)» «قالوا: يا رسول الله، وهم في المدينة؟ قال: " وهم في المدينة، حبسهم العذر (¬3)» حبسهم المرض. فالمريض له أجور الأعمال التي كان يعملها في حال الصحة، وعليه أن يصلي الفريضة حسب طاقته، وإذا صلى النافلة حسب ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (2996). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، برقم (1911). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، برقم (4423).

طاقته فهذا خير وأفضل.

س: هل يجوز للمريض المقعد أن يصلي وهو جالس (¬1)؟ ج: المريض له الصلاة وهو جالس، إذا شق عليه القيام يصلي وهو جالس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لعمران بن الحصين لما اشتكى قال: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (¬2)» وهذا من تسهيل الله والحمد لله، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬3). فالمريض من الرجال أو من النساء الذي يعجز أو يشق عليه القيام يصلي قاعدا، فإن عجز عن القعود لشدة المرض صلى على جنبه الأيمن أفضل، أو الأيسر حسب التيسير، والأيمن أفضل، فإن شق عليه ذلك صلى مستلقيا، وتكون الجهة إلى القبلة، ويصلي مستقبلها بوجهه أو وهو على ظهره، وهكذا المقعد الذي لا يستطيع القيام لشلل به يصلي قاعدا ووجهه إلى القبلة - والحمد لله - ويسجد في الأرض، ويركع في الهواء، ويسجد في الأرض، يضع وجهه على الأرض في ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (162). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). (¬3) سورة التغابن الآية 16

السجود، أما الركوع ففي الهواء إلا إذا عجز عن السجود لمرض به يشق عليه السجود ويمنعه من السجود، فإنه يسجد في الهواء كالركوع، ويكون سجودا أخفض من الركوع، يركع في الهواء ويسجد في الهواء ولكن يكون السجود أخفض من الركوع إذا عجز عن السجود على الأرض؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، ويقول عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16

س: هذه رسالة وصلت من مستمع للبرنامج رمز لاسمه بـ. أ. أ. أيقول: قال الرسول صلى الله عليه وسلم في صلاة المريض: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب (¬1)» كيف يصلي المريض على جنبه وكيف يركع ويسجد مأجورين (¬2)؟ ج: هذا من رحمة الله جل وعلا: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬3)، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬4). إذا عجز الإنسان عن الصلاة قائما صلى ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (357). (¬3) سورة البقرة الآية 286 (¬4) سورة التغابن الآية 16

قاعدا سواء قعوده متربعا أو محتبيا لا فرق في ذلك، أي قعود كان يجزيه، لكن الأفضل أن يكون متربعا، النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى جالسا صلى متربعا (¬1) فإن عجز عن القعود صلى على جنبه، والأفضل جنبه الأيمن إذا تيسر، وإلا على جنبه الأيسر، فإن عجز صلى مستلقيا على ظهره ورجلاه إلى الكعبة إلى القبلة، وإذا صلى على جنبه أو مستلقيا يكبر يقول: الله أكبر. بنية الصلاة تكبيرة الإحرام، ثم يقرأ الفاتحة، ثم ما تيسر معها، ثم يكبر ناويا الركوع ويقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. ناويا الركوع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده. إذا كان إماما أو منفردا: سمع الله لمن حمده. ناويا الرفع من الركوع: ربنا ولك الحمد. إلى آخره. ثم يكبر ساجدا ويقول: سبحان ربي الأعلى. بالنية، ثم يكبر رافعا، ويبقى بعض الشيء في محل جلسته بين السجدتين: ربي اغفر لي، ربي اغفر لي. بعد رفعه من السجدة الأولى يقول: ربي اغفر لي. وهو على جنبه، ثم يكبر للسجدة الثانية ناويا السجدة الثانية ويقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. وهكذا تكمل الصلاة. ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة القاعد، برقم (1661).

س: يقول السائل: أنا رجل مريض، عندي كسر في العمود الفقري، ومصاب باسترسال الحدث، كيف تكون صلاتي (¬1)؟ ج: يقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2) صل على حسب حالك، إذا كان الحدث مستمرا صل على حسب حالك، إذا دخل الوقت تستنجي ولو بالمناديل حتى ينظف بثلاث مرات أو أكثر، ثم تتوضأ وضوء الصلاة، وتصلي على حسب حالك ولو خرج الماء، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬3) مثل المستحاضة التي تصلي على حسب حالها ولو خرج الدم، ما دام الدم مستمرا معها، تصلي في غير أوقات الحيض، وتدع الصلاة وقت الحيض، وتتوضأ لكل صلاة، وهكذا صاحب السلس الذي أصابه مرض أو كسر في الظهر أو ما أشبه ذلك واستمر معه البول أو الغائط يصلي على حسب حاله، لكن إذا دخل الوقت يستنجي بالخرق والمناديل أو بالماء، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ثم يصلي ولو خرج الحدث، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬4). ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (218). (¬2) سورة التغابن الآية 16 (¬3) سورة التغابن الآية 16 (¬4) سورة التغابن الآية 16

س: يقول السائل: إذا كنت أصلي قاعدا لأنني كبير في السن وعندي آلام في الركب فهل في ذلك شيء يا سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: يقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2) والنبي يقول صلى الله عليه وسلم: «وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (¬3)» إذا عجز عن القيام صلى جالسا، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (431). (¬2) سورة التغابن الآية 16 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288)، ومسلم في كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، برقم (1337).

س: السائل ح. ع. من المدينة المنورة يقول: مريض الكلى كيف يصلي وكيف يصوم؟ وهل خروج الدم ينقض الوضوء؟ وهل يجوز له أن يجمع الصلوات أثناء الغسيل (¬1)؟ ج: الله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2) ويقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬3) فمريض الكلى مثل غيره يصلي حسب طاقته، إن استطاع يصلي قائما يصلي قائما، وإن استطاع أن يصلي قاعدا صلى قاعدا، وإن شق عليه جمع بين الصلاتين، كل ذلك لا بأس به، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والستون من الشريط رقم (430). (¬2) سورة التغابن الآية 16 (¬3) سورة البقرة الآية 286

وإذا كان يخرج منه شيء كالدماء المستمرة جمع بين الصلاتين، ويتوضأ لكل صلاة كالمستحاضة، أما إذا كان ما يخرج منه شيء ولكن تشق عليه الصلاة في كل وقت جمع بينهما كسائر المرضى، وإذا كان يغسل الكلية فاليوم الذي يغسل فيه يقضيه؛ لأنه يخرج دم ويدخل دم، (ويتوضأ لكل صلاة) ويتوضأ للصلاة بعد الغسيل.

س: تقول السائلة: هل للمرأة أن تصلي وهي جالسة (بدون صوت) وبدون أي حركة إن كانت مريضة (¬1)؟ ج: نعم مثل الرجل، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا» تستطع فقاعدا إذا عجزت لمرض أو كبر سن صلت قاعدة - والحمد لله - كالرجل. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (431).

س: تسأل مستمعة وتقول: هل يجوز لي جمع الصلاة: الظهر والعصر والمغرب والعشاء مع بعض (¬1)؟ ج: إذا كانت مريضة جاز لها، أو كانت عندها استحاضة - الدماء التي تمشي بين حيضتين - أو مستحاضة فيشق عليها جاز لها الجمع لكن ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (431).

الأفضل أن يكون جمعا بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما جمع تقديم أو جمع تأخير، أي تؤخر الظهر في آخر وقتها والعصر في أول وقتها، وكذا المغرب في آخر وقتها والعشاء في أول وقتها، وإن صلت كل صلاة في وقتها فهو أفضل، لكن إذا دعت الحاجة إلى الجمع فلا حرج كما أفتى النبي صلى الله عليه وسلم حمنة رضي الله عنها (¬1) ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب من قال: إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة، برقم (287).

س: يقول السائل: والدتي لا تقدر على القيام والركوع والسجود وإنما تصلي جالسة، وتعمل تلك الأركان بالإشارة بيدها، ما صحة صلاتها (¬1)؟ ج: الله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2) ويقول سبحانه: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬3) فإذا كانت أمك لا تستطيع القيام صلت قاعدة، وإذا كانت لا تستطيع قاعدة صلت على جنبها، وإذا كانت لا تستطيع على جنبها صلت مستلقية ورجلاها إلى القبلة، هكذا جاء الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام لما سأله بعض ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (174). (¬2) سورة التغابن الآية 16 (¬3) سورة البقرة الآية 286

الصحابة وكان مريضا عن الصلاة، قال: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (¬1)» هكذا السنة، وهكذا إذا عجز عن الركوع والسجود فحسب ما يستطيع، يخفض رأسه عند الركوع قليلا وعند السجود كذلك أخفض من الركوع إن استطاع، فإن لم يستطع بالكلية نوى الركوع ونوى السجود ولا حاجة إلى الخفض {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2) إذا قرأ نوى الركوع وقال: الله أكبر، سبحان ربي العظيم. وهو على حاله قاعدا أو قائما إذا كان لا يستطيع أن يحني رأسه ولا ظهره شيئا يأتي بذكر الركوع: سبحان ربي العظيم. وهو على حاله: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي. ثم يقول: سمع الله لمن حمده. إذا كان منفردا، وإن كان مأموما يقول: ربنا ولك الحمد. عندما يرفع إمامه وهو على حاله جالسا أو قائما على حسب طاقته، وهكذا في السجود ينوي السجود وهو على جلسته إذا كان لا يستطيع السجود، ينوي السجود ويخفض رأسه إن استطاع، وظهره إن استطاع، قدر ما يستطيع، فإن لم يستطع خفضا كبر على حاله قال: الله أكبر، سبحان ربي الأعلى. وهو ناو السجود: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. يدعو في السجود بما تيسر من الدعوات، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). (¬2) سورة التغابن الآية 16

ثم يرفع قائلا: الله أكبر. بنية الرفع وهو على حاله ناويا الرفع من السجود، ثم يقول: رب اغفر لي - بين السجدتين - اللهم اغفر لي وارحمني. ثم يكبر وهو ناو السجدة الثانية: سبحان ربي الأعلى. ثم يكبر ناويا الرفع من السجود في صلاته كلها، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16

س: يصاب رأسي بصداع أحيانا، ويستمر فلا أستطيع أن أصلي إلا صلاة بالإيماء، فلا أسجد بسبب هذا الصداع الذي لا أستطيع أن أسجد وأنا مصاب به، فما الحكم، جزاكم الله خير الجزاء (¬1)؟ ج: الله سبحانه وتعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2) ويقول عز وجل: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬3) فمن أصيب في رأسه بمرض يشق عليه معه السجود في الأرض ويضره لا حرج عليه يومئ إيماء، ويكون إيماؤه في السجود أخفض من الركوع، ولا حرج عليه يركع ويسجد بالإيماء، ولكن يكون سجوده أخفض من الركوع، يركع في الهواء ويسجد في الهواء، ولكن يكون سجوده أخفض من ركوعه إذا كان يشق عليه مس الأرض للسجود والسجود على الأرض لمرض ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (36). (¬2) سورة التغابن الآية 16 (¬3) سورة البقرة الآية 286

في رأسه أو غير ذلك من الأمراض التي تمنعه من السجود.

س: مستمع رمز لاسمه ب. ج يسأل ويقول: إنني أشكو من وجع في الظهر ويمنعني من الركوع في الصلاة، ولكني بحمد الله أؤدي جميع أركان الصلاة، فما هو توجيهكم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: يقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2) إذا كنت لا تستطيع الركوع تركع حسب طاقتك، تحني رأسك وظهرك قليلا حسب طاقتك، ولا بأس ولا حرج، فإن لم تستطع تكبر وتنوي الركوع مع الإمام وفي النوافل وأنت واقف، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬3) وهكذا السجود، من عجز عنه سجد في الهواء، خفض رأسه قليلا حسب طاقته، ويقول: سبحان ربي الأعلى. {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬4). ثم يرفع رأسه، المقصود أن يفعل ما يفعله المصلي لكن بغير سجود ولا ركوع حسب طاقته، فإن عجز عن الركوع كبر للركوع وقال: سبحان ربي العظيم. ثم يقول: سمع الله لمن حمده. إذا كان منفردا، وإن كان مع ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (315). (¬2) سورة التغابن الآية 16 (¬3) سورة التغابن الآية 16 (¬4) سورة التغابن الآية 16

الإمام إذا رفع الإمام يرفع ويقول: ربنا ولك الحمد. وهكذا في السجود إذا عجز يكبر ساجدا بنية السجود، ويخفض رأسه حسب طاقته ويقول: سبحان ربي الأعلى. ويدعو ربه ثم يرفع ويكبر إن كان وحده، وإن كان مع الإمام إذا رفع الإمام وكبر رفع وكبر، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1). والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (¬2)» هذا عام، وهكذا الصيام، الذي لا يستطيع الصيام لكونه كبير السن، أو لمرض لا يرجى برؤه يفطر، ويطعم عن كل يوم مسكينا نصف صاع، كيلو ونصف عن كل يوم إذا كان كبير السن، أو عجوزا كبيرة لا تستطيع الصيام، أو مريضا مرضا لا يرجى برؤه حسب تقرير طبيب مختص، فهذا لا يلزمه الصوم، وليس عليه صوم، يطعم عن كل يوم مسكينا نصف صاع، مقداره كيلو ونصف تقريبا، يعطيه بعض الفقراء ولو فقيرا واحدا، أما من يستطيع القضاء إذا مرض يفطر، ثم يقضي بعد ذلك، وهكذا المسافر إذا سافر وأفطر يقضي بعد ذلك؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (¬3). يعني ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288)، ومسلم في كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، برقم (1337). (¬3) سورة البقرة الآية 185

مريضا يستطيع القضاء، ومن كان لا يستطيع القضاء لكبر سنه أو عجوزا لا تستطيع القضاء لكبر سنها، لا تستطيع الصيام فإنها تفطر وتطعم عن كل يوم مسكينا، تجمعها وتعطيها بعض الفقراء، والرجل كذلك يعطيه بعض الفقراء، وإن وجد فقيرا مسكينا يفطر معه كل يوم؛ لأنه لا يستطيع الصوم حصل به المقصود، أو يتعشى عنده كل يوم لا بأس، لكن إذا أعطاه كفى والحمد لله.

بيان كيفية صلاة العاجز عن القيام لمرض أو كبر

240 - بيان كيفية صلاة العاجز عن القيام لمرض أو كبر س: السائلة ع. ع. د من جازان تقول: والدي شيخ كبير في السن لا يستطيع الوقوف طويلا في الصلاة، ولا يقوى على الركوع أو السجود؛ وذلك لأنه يشتكي من آلام شديدة في مفاصله، فلا يصلي إلا وهو جالس على مقعد، وإذا أراد الركوع أو السجود لا تصل أعضاؤه إلى الأرض، وجميع الصلوات يصليها في المنزل علما بأننا إذا نصحناه أن يصلي في المسجد يجيبنا بقوله: إن الله يعلم بعجزي وضعفي يا أولادي. والسؤال: هل يعذر الوالد في صلاته بالمنزل، وهل تصح الصلاة دون أن تصل الأعضاء إلى الأرض (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (428).

ج: نعم إذا كان عاجزا تصح، يصلي في الهواء يركع في الهواء، ويسجد في الهواء، ويصلي وهو قاعد، هو أعلم بنفسه، والله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1). والنبي يقول صلى الله عليه وسلم لعمران بن الحصين لما كان مريضا: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (¬2)» فالمؤمن يصلي حسب حاله، والله جل وعلا يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬3). ويقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬4). والنبي يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (¬5)» فإذا كان عاجزا عن السجود في الأرض وعن الركوع فإنه يفعل المستطاع، يركع للمستطاع، ويسجد للمستطاع، ويكون سجوده أخفض من الركوع. ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). (¬3) سورة التغابن الآية 16 (¬4) سورة البقرة الآية 286 (¬5) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288)، ومسلم في كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، برقم (1337).

س: بعض كبار السن يقرأ أول سورة الفاتحة وهو جالس، ثم يواصل بعد قيامه في القراءة، ما حكم هذا العمل (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (382).

ج: إذا كان عاجزا ما يستطيع القيام الكلي وإنما يستطيع بعض القيام هذا لا بأس به أن يقرأ أولها، يخاف أن يفوته، إن أخرها، أما إذا كان يتمكن من قراءتها وهو قائم فيؤجلها حتى يقرأها وهو قائم، أما إذا كان لا يستطيع وإن أجلها قد تفوته قد يركع الإمام قرأ بعضها في حال الجلوس ثم يكمل وهو قائم إذا كان عاجزا، أما إن كان عن كسل وتساهل فلا يجوز، يجب أن يبادر بالقيام ولا يحل له الجلوس، فإذا جلس بطلت صلاته، لكن إذا كان عاجزا لعذر شرعي يشق عليه القيام حالا هذا عذر له شرعي، وإذا قرأ بعض الفاتحة لأنه لا يتمكن من قراءتها وهو قائم يركع الإمام قبله فلا بأس، هذا عذر شرعي؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1). ويقول النبي صلى الله عليه وسلم لمن عجز عن الصلاة قائما: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (¬2)» المقصود أنه يراعي قوته وقدرته. ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117).

س: يقول السائل: إنني رجل كبير في السن ولدي آلام في فقرات

الظهر، وبعض الأحيان أؤدي الصلاة وأنا جالس، فما حكم ذلك (¬1)؟ ج: الله سبحانه يقول في كتابه العظيم: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2). فإذا كنت لا تستطيع الصلاة وأنت قائم فلا حرج، مثل مرض الظهر لا حرج عليك إذا كان فيه مشقة كبيرة، صل جالسا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين لما اشتكى قال له صلى الله عليه وسلم: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (¬3)» والله سبحانه يقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬4)، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (250). (¬2) سورة التغابن الآية 16 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). (¬4) سورة البقرة الآية 286

س: يقول السائل: يوجد رجل كبير في السن، ومصاب بالشلل النصفي، وهو يحرص على الصلاة في المسجد مع الجماعة، ويجلس على كرسي ويضع أمامه بعض الأشياء المرتفعة عن سطح الأرض ليتمكن وجهه من ملامسته أثناء السجود، فهل هذا صحيح أم أنه يكتفي بأن يكون السجود أخفض من الركوع مع

عدم وجوب ملامسة الوجه (¬1)؟ ج: لا يحتاج إلى ذلك، يومئ إيماء مثل ما جاء في الحديث، وهو حديث مرفوع وموقوف «أن جابرا رأى رجلا يصلي على وسادة فأمره بإبعاد الوسادة وأن يومئ بركوعه وسجوده (¬2)» ولا حاجة إلى وسادة يرفعها، بل يركع في الهواء ويسجد في الهواء، ويخفض سجوده عن الركوع، ويكفي والحمد لله، لكن لو سجد على شيء يرفع ويسجد عليه لا يضر، ولا حرج، لكن من الأفضل أن يكون بالإيماء إذا شق عليه السجود يسجد في الهواء بالخفض، يخفضها عن الركوع، هذا هو السنة لمن عجز عن السجود في الأرض، ولا حاجة إلى الوسادة أو الكرسي، ولا يسجد على شيء. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (375). (¬2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى في كتاب الصلاة، باب الإيحاء بالركوع والسجود إذا عجز عنهما، (2/ 306).

س: تقول السائلة: هل يجوز للمصاب بالفشل الكلوي أن يصلي جالسا؟ لأنه يتعب إذا صلى واقفا، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هو أعلم بنفسه، إذا عجز عن القيام صلى قاعدا، إذا كان يشق ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (292).

عليه شقا كبيرا صلى قاعدا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين وكان مريضا بالبواسير: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (¬1)» والله جل وعلا يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2). والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). (¬2) سورة التغابن الآية 16

كيفية صلاة الحامل إذا عجزت عن القيام

241 - كيفية صلاة الحامل إذا عجزت عن القيام س: زوجتي في شهرها الأخير حين كتبت الرسالة، ولا تستطيع الوقوف للصلاة حيث إن وضع الركوع والسجود يسبب لها آلاما كبيرة، ولا تستطيع أيضا الصلاة جالسة، فهل يجوز لها الصلاة على هيئة أخرى (¬1)؟ ج: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال لعمران بن حصين لما اشتكى: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (¬2)» الله يقول سبحانه: ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (88). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117).

{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1). فجميع بني آدم في هذا سواء الرجل والمرأة، إذا عجز الرجل أو المرأة عن الصلاة قائما أو قاعدا صلى على حسب حاله، على جنبه الأيمن، أو جنبه الأيسر أو مستلقيا حسب قدرته، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬2). ويعمل الأعمال بالنية إذا كان على جنبه أو مستلقيا، يعمل بالنية نية القيام، فيستفتح الصلاة ويتعوذ بالله من الشيطان، ويسمي ويقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم ينوي الركوع ويكبر، فيقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. ثم ينوي الرفع فيقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد. إلى آخره. ثم ينوي السجود فيكبر ويسجد، فهكذا. ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16 (¬2) سورة البقرة الآية 286

س: تقول السائلة ف، م. من فيفاء: إذا كانت المرأة حاملا وفي الأشهر الأخيرة ولم تستطع الصلاة واقفة فكيف تصلي (¬1)؟ ج: تصلي حسب حالها، الله يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2). فإذا عجزت عن القيام تصلي قاعدة متربعة، أو تفترش يسراها وتنصب ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (275). (¬2) سورة التغابن الآية 16

يمناها، أو محتبية على مقعدتها وترفع فخذيها ورجليها على أي قعدة، فتفعل ما هو أيسر عليها، سواء كانت متربعة أو مثل جلوسها بين السجدتين، أو محتبية ترفع فخذيها وساقيها وتقعد على مقعدتها، كل ذلك واسع، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمران لما كان مريضا: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (¬1)» فقوله: " فقاعدا " يعم أنواع القعود، هذا من الله توسعة سبحانه وتعالى، إذا عجزت الحامل عن القيام فإنها تصلي قاعدة على أي حال كانت من القعود ما هو أرفق بها، تفعل ما هو الأرفق بها، القعود الذي يناسبها تفعله، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117).

س: تقول السائلة: امرأة أجريت لها عملية جراحية فلا تستطيع الوضوء ولا التيمم، وكذلك لا تستطيع الصلاة وهي قائمة أو جالسة، فكيف تكون الصلاة حينئذ (¬1)؟ ج: تصلي بالتيمم، إذا لم تستطع الماء تصلي بالتيمم، ييممها أخوها أو أمها أو زوجها أو بعض محارمها بالتراب، تكون ناوية وهو يمسح وجهها وكفيها بالتراب التراب الخفيف، ليس من الشرط أن تفعله بيديها ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (209).

هي، إذا كانت عاجزة تيممها أمها أو أخوها أو أبوها أو زوجها أو غيرهم من محارمها، يضرب التراب، ثم يمسح وجهها وكفيها بيديه بنية الوضوء، وهي تأمرهم بذلك وتنوي ذلك، ويكفيها ذلك والحمد لله، ولا تصلي إلا بالتيمم إذا كانت عاجزة عن الماء، أما ما يتعلق بالخارج من القبل والدبر فهذا يكفيه الاستجمار باللبن أو بالحجارة أو المناديل، الخارج من الدبر والقبل من البول والغائط، المريض يتمسح بالمناديل حتى يزيل الأذى من دبره وقبله ذكرا كان أو أنثى بشرط أن يكون ثلاث مسحات فأكثر حتى يزيل الأذى، وإذا كان عاجزا فالذي يمرضه يقوم بذلك، الممرضة للمرأة والممرض للرجل، أو أمه أو أخته أو زوجته يقوم بذلك، يزيل الأذى بالمناديل، وهذه حالة ضرورة، يجوز للممرض مع المريض والممرضة مع المريضة، الرجل يتولاه الرجل، والمرأة تتولاها المرأة.

حكم النيابة في الصلاة عن العاجز عنها

242 - حكم النيابة في الصلاة عن العاجز عنها س: أفيدكم أن والدتي عاجزة عن الصلاة بعض الأوقات، هل أنوب عنها بالصلاة أم لا (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (33).

ج: الصلاة لا ينوب فيها أحد عن أحد، فإن كانت عاجزة عن الصلاة قائمة صلت قاعدة إذا كان عقلها معها، فإذا عجزت عن القعود تصلي على جنبها، فإذا عجزت عن الجنب تصلي مستلقية ورجلاها إلى القبلة، هذا هو الواجب عليها، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1). أما إن كانت عاجزة قد تغير عقلها بسبب الخرف - يعني صارت كبيرة في السن لا تعي - فلا صلاة عليها، ولا تصل عنها، وهكذا لو كانت معتوهة مجنونة ليس عليها صلاة. أما العاقل فعليه الصلاة على حسب حالة العقل، المكلف يصلي على حسب حاله قائما أو قاعدا أو على جنبه أو مستلقيا، هكذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام، يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2). ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16 (¬2) سورة التغابن الآية 16

حكم ترك الصلاة بسبب المرض

243 - حكم ترك الصلاة بسبب المرض س: يقول السائل: إن بعض المرضى لا يؤدون الصلاة المفروضة أثناء المرض إما لعدم المقدرة لها وإما أنه يعطي نفسه الأمل بأن يقضيها بعد الشفاء، هل تصح صلاة المريض الذي لا يستطيع

القيام من فراشه بدون وضوء وأينما كان، فكيف يولي وجهه وهو على فراشه؟ نرجو الإفادة، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الصلاة واجبة على المريض: صلاة الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء على حسب طاقته، ويجب التقوي لمن يجب أن يصليها على حسب حاله، النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن سأله: «صل قائما، فإذا لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب (¬2)» أخرجه البخاري في صحيحه. هذا هو الواجب على المريض، يصلي قائما إن استطاع، فإن عجز صلى قاعدا، يركع ويسجد، فإن لم يستطع صلى على جنبه، يقرأ ويأتي بالألفاظ القولية، ويأتي بالأفعال الفعلية بالنية، الركوع بالنية، والسجود بالنية، والرفع من الركوع بالنية، والرفع من السجود بالنية، مع الأذكار الشرعية، فإذا عجز صلى مستلقيا على ظهره ورجلاه إلى القبلة، يكبر ويقرأ، ثم يكبر ويركع بالنية، ثم يقول: سمع الله لمن حمده. بالنية، رافعا من الركوع، ثم يكبر ناويا للسجود ويقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ثم يكبر ناويا رافعا من السجود، يجلس بين السجدتين بالنية ويقول: ربي ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (363). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117).

اغفر لي، ربي اغفر لي. ثم يكبر ناويا للسجدة الثانية، وهكذا؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1). وهذه استطاعته، ليس له ترك الصلاة، فإذا عجز عن الماء تيمم بالتراب - الصعيد: التراب - يمسح وجهه وكفيه، إن لم يستطع استعمال الماء أو ليس عنده من يوضئه. ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16

س: السائل: خ. ش. م. يقول: إنني كنت أصلي وأصوم - والحمد لله - وأقرأ القرآن، ولكن الآن تركت الصلاة منذ ثلاثة أعوام، والسبب أنني أصبت بإصابتي - شلل الأطراف السفلى - ونسبة العجز مائة في المائة، ولا أستطيع أن أصلي، وليس هناك من يعينني، فبماذا توجهونني - جزاكم الله خيرا - علما بأنني أشرب في كل ساعتين نصف لتر من الماء حسب توجيه الطبيب، جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: عليك أن تصلي حسب طاقتك؛ يقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، ويقول سبحانه: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬3). ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صل قائما، فإن ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (276). (¬2) سورة التغابن الآية 16 (¬3) سورة البقرة الآية 286

لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (¬1)» وعليك بالوضوء بواسطة من يعينك على ذلك إذا تيسر ذلك، فإن عجزت عن الماء فالتيمم، فإذا كانت يداك لا تستطيع بهما التيمم فعليك أن تستعين بغيرك من زوجة أو غيرها حتى توضئك بالماء إن تيسر، وإلا فالتيمم بالتراب، تمسح وجهك وكفيك بالتراب، بالنية عنك، تأمرها بذلك أنت تنوي وهي تفعل، أو خادم أو ولد أو أخ، تستعين بمن يتيسر من الناس حتى يقربك من الماء إن استطعت الماء، فإن لم تستطع فالتيمم، أما الخارج من السبيلين فيزال بالاستجمار، إن تيسر بالماء تزيله بالماء، فإن لم يتيسر فبالاستجمار بالحجارة أو اللبن أو بالمناديل، تزيل الأذى من الدبر أو من الذكر بالمنديل أو بالحجر أو نحوهما ثلاث مرات، تكرر ثلاث مرات أو أكثر حتى يزول أثر الغائط وأثر البول. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117).

س: والدي أجرى عملية بالمستشفى، وجلس في المستشفى أكثر من خمسة عشر يوما، ولم يصل أربعا وأربعين فرضا كانت قبل العملية، وقد اشتد عليه الوجع ولم يصل تلك الأربعة، أما

أربعون فرضا فهو كان في حالة بنج ولا يتمكن من الطهارة الكاملة التي تمكنه من أداء الصلاة؛ لذا أرجو إرشاده عن القضاء والكفارة، وفقكم الله (¬1) ج: إذا مات الميت وعليه صلوات لا تقضى عنه، ما شرع الله القضاء لكن ينبغي لأهل المريض أن يلاحظوا تنبيهه على الصلاة، لكي يصلي على حسب حاله قاعدا أو قائما أو على جنبه أو مستلقيا مثل ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عمران بن حصين قال: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (¬2)» فينبغي لأهل المريض أن يلاحظوا هذا ويشجعوا المريض ويوجهوه، ويعلموه حتى يصلي على حسب حاله في المرض، ولو كانت ملابسه نجسة إن تيسر غسلها أو إبدالها بغيرها فالحمد لله، وإلا صلى على حسب حاله؛ لقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬3). وهكذا الفراش يصلى عليه وإن كان نجسا, {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬4)، ولكن إذا تيسر تغيير الفراش، وتغيير الملابس بشيء طاهر فهذا هو ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (28). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117). (¬3) سورة التغابن الآية 16 (¬4) سورة التغابن الآية 16

الواجب، فإذا ما تيسر صلى على حسب حاله ولو ما توضأ، ولو كانت الثياب فيها نجاسة، وهكذا الفراش، وإن قدر على الوضوء أو التيمم وجب عليه ذلك، فإن قدر على الوضوء يحضر له الماء ويتوضأ، وإن لم يقدر على استعمال الماء أحضر عنده بعض التراب حتى يتيمم، يتعفر على وجهه وكفيه كما هو معروف، وإذا عجز عن هذا وعن هذا ولم يتيسر صلى على حسب حاله، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1). ولكن كثيرا من الناس لا يبالون بهذه المسائل، يتركون المريض ربما يتأول أنه قد اشتد به المرض وأنه سوف يفعل إذا خف عنه المرض، وقد يأتيه الموت ولا يفعل، فلا ينبغي هذا، بل يجب أن المريض يصلي على حسب حاله بالماء أو بالتيمم قائما أو قاعدا أو على جنبه أو مستلقيا حسب حاله، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، هذا هو الواجب. أما إذا كان شعوره قد تغير - يعني أصابه ما يغير عقله - فلا صلاة عليه، إذا تغير العقل فلا صلاة عليه، لكن ما دام عقله معه فعليه الصلاة، وإذا أخذ البنج وتأخر صحوه من البنج يوما أو يومين فهذا مثل النائم إذا استيقظ يصلي ما ترك، أما إذا كان أصابه خلل في عقله بأن اختل عقله ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16 (¬2) سورة التغابن الآية 16

بسبب المرض ومضى عليه مدة طويلة فهذا لا شيء عليه، لا قضاء عليه لو صحا بعد ذلك، وإن قضى احتياطا فحسن، لكن لا قضاء عليه على الصحيح إذا طالت المدة، أما إذا كانت المدة يوما أو يومين أو ثلاثة فيقضي بعد أن يصحو من غشيته وذهاب عقله، وهو على كل تقدير لا تقضى عنه الصلاة سواء تعمد ذلك لجهله أو لعلة من العلل، فلا تقضى الصلاة عنه، إنما يقضى الصوم، إذا مات وعليه صيام قد فرط في قضائه يقضى عنه أما إذا مات وهو عليه صيام، مات ما كمل قضاءه في مرضه، ومات ما تمكن من قضاء الصوم فلا صوم عليه، لكن بعض الناس قد يشفى ثم يتأخر فلا يقضي ما عليه من صيام رمضان، فهذا يقضي عنه أولياؤه ورثته كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه (¬1)» وسئل عدة أسئلة عليه الصلاة والسلام، قال بعض السائلين: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صيام شهر. وآخر يقول: إن أبي مات وعليه كذا. فيأمرهم بالصوم ويقول لهم: أرأيت لو كان على أبيك، لو كان على أمك، لو كان على أختك دين، أكنت قاضيه؟ اقضوا الله فالله أحق بالوفاء. فيشبه ما عليه من الصوم بالدين، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم، برقم (1952)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت، برقم (1147).

ويأمر أولياءهم بالقضاء، أما الصلاة فلم يأمر أحدا بقضائها عليه الصلاة والسلام. وعن الصيام هل هو خاص برمضان أو بكل صيام، فإن الصواب أنه عام، بعض أهل العلم يخص الصوم بالنذر، ويقول: هذا في النذر خاصة. لكنه قول ضعيف، والأحاديث عامة في رمضان وفي غيره، صوم رمضان، وصوم الكفارة يقضيه عنه أولياؤه.

حكم قضاء الصلاة للمريض بعد شفائه

244 - حكم قضاء الصلاة للمريض بعد شفائه س: كنت مريضة لمدة ثلاث سنوات، ولم أصل في هذه الفترة إلا بعض الأوقات، أما الأوقات الأخرى فإني لم أستطع أن أصليها لأنني كنت في غيبوبة، وأيضا أسأل عن الصيام، فقد مضت سنتان لم أصم شهر رمضان فيهما من شدة المرض، وإلى الآن لم أستطع الصوم، أرجو إفادتي عن: ماذا يجب علي فعله نحو الصيام والصلاة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: أما الصيام فعليك قضاء الصيام، إذا كان تركه من شدة المرض فعليك قضاء الصيام إذا شفاك الله عز وجل؛ لأن الله قال سبحانه ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (48).

وتعالى: ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر. أما إذا كان تركه عن زوال عقل، أصابك المرض الذي أزال العقل وصادف رمضان وأنت غير عاقلة، قد زال العقل منك فلا صيام عليك إذا كانت المدة التي في رمضان والعقل مفقود، فلا صيام لأن التكليف مربوط بالعقل، فإذا زال العقل زال التكليف، أما إذا كان لشدة المرض فقط فعليك القضاء، وهكذا الصلاة إن كان تركك الصلاة من أجل زوال العقل، بسبب ما أصابك من الإغماء الذي فقدت معه العقل، حتى مضى عليك سنة أو سنتان وأنت غير عاقلة، قد ذهب عقلك فلا قضاء؛ لأن من ذهب عقله فهو شبه المجنون والمعتوه لا قضاء عليهما، أما إن كان من أجل المرض مع شدة المرض وتساهلت ولم تصلي تحسبين أنه يجوز لك ذلك فعليك أن تقضي ما تركت من الصلوات التي غلب على ظنك أنك تركتها بسبب شدة المرض، تقضينها حسب الطاقة، تسردين ما ظننت أنك تركته في كل وقت، تجمعين جملة من الصلوات وتقضينها لأنك تركتها عن جهل منك، وعن غلط منك بسبب المرض، والمريض يصلي على حسب حاله، يصلي قاعدا، فإن عجز صلى على جنبه، فإن عجز صلى مستلقيا، لا يتساهل، والنبي صلى الله عليه وسلم

قال للمريض: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (¬1)» هكذا يجب على المؤمن إذا مرض إن استطاع القيام صلى قائما، فإن عجز صلى وهو قاعد، ويركع ويسجد في الأرض، فإن عجز عن القعود صلى على جنبه، والأفضل على جنبه الأيمن، يقرأ ويكبر ويتعاطى ما شرع الله بالكلام، وينوي الأفعال بالنية، ينوي الركوع بالنية، ينوي السجود، ينوي الجلوس بين السجدتين بالنية، ينوي الجلوس للتحيات بالنية، ويأتي بالأقوال المشروعة من القراءة وغيرها، فإن عجز صلى مستلقيا، يستلقي ويجعل رجليه للقبلة، ويصلي وهو مستلق، يكبر ويقرأ، يكبر ويركع بالنية، يقول: سمع الله لمن حمده. بالنية ويرفع بالنية ويقول: ربنا ولك الحمد. ثم يكبر ناويا السجود، وهكذا من الرقود على جنبه، ومن المستلقي، أما إذا كنت قد فقدت الشعور، فقد فقدت عقلك فالمدة التي فقدت فيها عقلك، المدة الطويلة هذه لا قضاء فيها، أما إذا كانت المدة قليلة، اليوم واليومين التي فقدت فيها عقلك والباقي صاحية فاليوم واليومان والثلاثة تقضى، كالنائم يقضي، لكن إذا طالت المدة أكثر من ثلاثة أيام، طالت المدة بسبب فقد العقل والإغماء فلا قضاء على الصحيح، المقصود أن عليك قضاء المدة التي تركت فيها الصلاة من أجل شدة ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117).

المرض لا من أجل زوال العقل، فإذا كان من أجل شدة المرض هذا يعد تساهلا منك، وعليك القضاء مرتبا: ظهر، عصر، مغرب، عشاء، فجر. وهكذا يرتب ولو في أيام قلائل، كل وقت تصلين فيه عدة صلوات حسب ظنك وعلى غلبة ظنك تجتهدين وتصلينها إن شاء الله، هذا هو الأحوط لك والأفضل لك. والصيام كذلك، ما ترك من أجل شدة المرض تقضينه، وما كان عند زوال العقل - يعني بعد ذهاب عقلها ولم يكن معها عقل - فلا قضاء، مثل المعتوه، ولا يلزمها شيء إلا الصيام؛ لأنها معذورة. أما إذا كان تركك أيتها السائلة للصلاة عن عمد، قلة مبالاة، ما هو عن شبهة، وتظنين أن المرض عذر، قد تركتها قلة مبالاة وتساهلا بها هذا كفر وضلال، فلا تقضى بعدئذ، التوبة تكفي فقط؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن ترك الصلاة كفر، قال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» فإذا كنت تركتها عمدا لا عن شبهة ولا عن ظن أنه يجوز لك تأخيرها من أجل المرض فهذا منكر عظيم وكفر صريح، فالتوبة تكفي ولا قضاء عليك لما مضى؛ لأن تركها من غير عذر كفر وضلال وردة عن الإسلام في أصح قولي العلماء، فإذا تاب العبد من ذلك كفته التوبة فقط، نسأل الله السلامة. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه برقم (22428).

بيان كيفية قضاء الصلاة للمريض لفترة طويلة

245 - بيان كيفية قضاء الصلاة للمريض لفترة طويلة س: يقول السائل: أنا كنت مريضا في المستشفى، حوالي أسبوع، واشتد علي المرض، لم أستطع أن أصلي، لكن بعد ما طلعت من المستشفى صليت كل الأوقات التي فاتتني في عصر، وصليتها قصرا كل وقت ركعتين ركعتين، هل صلاتي هذه صحيحة أم لا (¬1) ج: أولا الواجب عليك أن تصلي في حال المرض ولو أنك جالس أو مضطجع، تصلي على حسب حالك؛ لأن الله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2) والنبي صلى الله عليه وسلم قال للمريض: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (¬3)» هكذا أمره النبي عليه الصلاة والسلام. فالمريض يفعل ما يستطيع، إن استطاع قائما صلى قائما، وإن عجز صلى قاعدا، وإن عجز صلى على جنبه الأيمن أو الأيسر، والأيمن أفضل، فإن عجز صلى مستلقيا ورجلاه إلى القبلة، هذا هو المشروع، فإذا لم يفعل وجب عليه القضاء؛ لأنه لم يفعل - بزعمه - يصلي بعد حين، أكمل، أو أنه يشق عليه حال وجود المرض، كل هذا غلط، ولكن ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (61). (¬2) سورة التغابن الآية 16 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117).

عليه القضاء؛ لأنه تركها بشبهة، فعليه القضاء والمبادرة بالقضاء إذا استطاع ذلك، ويصلي أربعا ما يصلي ثنتين، ثنتان هذه للمسافر، أما المريض فيصلي أربعا ولا يصلي ثنتين، إنما قصر الصلاة للمسافرين خاصة، أما المرضى فإنهم يجمعون فقط؛ لأن لهم الجمع بين الصلاتين: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. أما القصر فكون المريض يصلي ثنتين فلا يجوز، لكن يغتر بعض الناس بما يسمع من بعض العامة يقول: المريض له أن يقصر، وقصدهم بالقصر الجمع، يسمي الجمع قصرا، وهذا غلط في اللغة؛ لأن جمع الظهر والعصر، وجمع المغرب والعشاء ما يسمى قصرا، يسمى جمعا لأنه جمع بين الصلاتين في وقت إحداهما، فيسمى جمعا لا قصرا، أما القصر فهو كونه يصلي الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين، هذا القصر، لكن بعض العامة يسمي الجمع قصرا، فنتج عن هذا أن بعض الناس قصر في المرض لما يسمع من بعض العامة أن المريض يقصر، ومراده أنه يقصر يعني يجمع، هذه لغة العامة، يسمون الجمع قصرا وهو غلط في اللغة العربية، فالجمع ما يسمى قصرا، يسمى جمعا إذا صلى الظهر والعصر جميعا في وقت الظهر أو وقت العصر، هذا يسمى جمعا ما يسمى قصرا، وهكذا إذا صلى المغرب والعشاء جمعا في وقت المغرب أو وقت العشاء، هذا يسمى جمعا لا قصرا. أما القصر فكونه يصلي العشاء

ثنتين، الظهر ثنتين، والعصر ثنتين هذا القصر، وهذا خاص بالمسافرين، المسافر هو الذي يصلي ركعتين، أما المريض فعليه أن يصلي أربعا، لكن له أن يجمع بين الظهر والعصر، وله أن يجمع بين المغرب والعشاء من أجل المرض.

حكم ترك المريض صلاته لعدم الطهارة

246 - حكم ترك المريض صلاته لعدم الطهارة س: يقول السائل: جدتي كبيرة في السن وهي تحب الصلاة حبا شديدا، والصيام أيضا، والتقرب إلى الله، ولكن لم تكن تستطيع في الشهور الأخيرة من عمرها أداء الصلاة؛ وذلك لعدم طهارتها وعدم استطاعتها أن تقرأ أو أن تفعل شيئا من أفعال الصلاة رغم أنها تملك عقلها كاملا، فهل عليها إثم في ذلك؟ وعندما نقول لها: حاولي أن تؤدي الصلاة، كانت تقول: إنني أشعر بقناعة تامة عن الصلاة، وكانت تلهث بشدة عند أي حركة تؤديها وكأن روحها ستخرج، ما هو الحكم في مثلها (¬1)؟ ج: الواجب عليها أن تصلي قائمة أو قاعدة أو على جنبها أو مستلقية، بالماء أو بالتيمم، هذا هو الواجب عليها، ولا يجوز لها ترك ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (213).

الصلاة؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1). والنبي صلى الله عليه وسلم قال لعمران لما كان مريضا، قال: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (¬2)» فالمؤمن والمؤمنة هكذا يقومون بالواجب حسب الطاقة، ولا يجوز ترك الصلاة من أجل الضعف أو كبر السن، بل على المريض وكبير السن أن يصلي على حسب حاله، حتى ولو على جنبه، حتى ولو مستلقيا إذا عجز عن الجنب، يقرأ ويكبر، يقول: الله أكبر. ناويا الصلاة، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم يكبر ناويا الركوع، يقول: سبحان ربي العظيم. ثم يقول: سمع الله لمن حمده. ناويا الرفع: ربنا ولك الحمد. إلى آخره، ثم يكبر ناويا السجود، يقول: سبحان ربي الأعلى. ثم يكبر ناويا الجلسة بين السجدتين ويقول: رب اغفر لي. ثم يكبر ناويا السجدة الثانية، وهكذا بالقول إذا عجز عن الفعل، وأما هذه التي تأخرت عن الصلاة وهي تعقل فقد أثمت، وهي على خطر عظيم، ويخشى عليها أن تكون كافرة بذلك لأنها تركت الصلاة مع القدرة ومع العقل، فالحاصل أن هذا العمل عمل سيئ ومنكر، والواجب عليها أن تصلي على حسب ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117).

حالها، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1) إذا كان عقلها موجودا، أما ماذا عليكم أن تفعلوا بعد وفاتها فليس عليكم شيء، أمرها إلى الله، وظاهر حالها الكفر، نسأل الله العافية؛ لأنها ضيعت الصلوات من أجل جهلها، الله جل وعلا يتولى أمرها سبحانه وتعالى، ما دام تركت الصلاة وهي عاقلة فلا تدعوا لها ولا تتصدقوا عنها؛ لأنها تركت الصلاة وهي عاقلة كما ذكرتم، وترك الصلاة مع العقل والتكليف كفر أكبر على أصح قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه برقم (22428).

س: يقول السائل: مرضت أمي مرضا أقعدها في المنزل، ولم تستطع أن تصلي، وماتت وهي على ذلك الحال، فبماذا تنصحوننا تجاهها، جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: إن كان ذهب عقلها فلا شيء عليها، وإلا فالواجب أن تصلي ولو على جنب إذا لم تستطع الصلاة قائمة ولا قاعدة، يقول النبي صلى الله ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (221).

عليه وسلم: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (¬1)» هكذا يجب على المريض، إن استطاع أن يصلي قائما فإذا صلى قائما، ركع وسجد، وإن عجز صلى قاعدا وأومأ بالركوع، وسجد في الأرض إن استطاع، وإلا أومأ بالركوع والسجود، وجعل السجود أخفض من الركوع، فإن عجز صلى على جنب، والأفضل على جنبه الأيمن، يصلي باللفظ والنية، يكبر ويقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم يكبر وينوي الركوع ويقول: سبحان ربي العظيم. ثم يقول: سمع الله لمن حمده. وهو على جنبه ناويا الرفع من الركوع ويقول: ربنا لك الحمد. إلى آخره. ثم يكبر ناويا السجود ويقول: سبحان ربي الأعلى. ويدعو ربه، ثم يكبر ناويا الرفع من السجود والجلسة بين السجدتين ويقول: رب اغفر لي. ثم يكبر ناويا السجدة الثانية، وهكذا حتى يكمل صلاته وهو على جنبه أو مستلقيا، وإذا كان مستلقيا يجعل رجليه إلى القبلة، ويرفع رأسه قليلا حتى يصلي إلى القبلة مثل ما فعل الذي على جنبه، يصلي بالنية والقول، ويرفع يديه إذا كان يستطيع عند الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام للتشهد الأول، إذا كان يستطيع يرفع يديه وهو على جنبه أو مستلقيا أو قاعدا. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب برقم (1117).

المجلد الثالث عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

صفحة فارغة

تكملة باب صلاة أهل الأعذار

صفحة فارغة

بقية باب صلاة أهل الأعذار 1 - حكم قضاء الصلاة عن فاقد الشعور لمرض أو كبر سن س: السائلة: ر، ف، ي، ل، من العراق تقول: كانت والدتي تصوم وتصلي، وقد مرضت مرضا شديدا منذ سنتين توفيت على أثره، ولم تكن تصوم ولا تصلي في وقت مرضها لعدم الاستطاعة، فهل يلزمني دفع كفارة عنها أو الصيام والصلاة عنها؟ أفيدوني بارك الله فيكم (¬1) ج: ما دامت ماتت وهي مريضة ما استطاعت الصيام فليس عليك صيام عنها، إذا كانت ماتت وهي في مرضها لم تستطع الصيام في المدة الطويلة فإنك لا تقضين عنها شيئا، وليس عليك إطعام أيضا، والحمد لله، أما الصلاة فقد غلطت في ترك الصلاة، كان الواجب عليها أن تصلي ولو كانت مريضة، ولا تترك الصلاة. الواجب على المريض أن يصلي على حسب حاله، إن استطاع القيام صلى قائما، وإن عجز صلى قاعدا، فإن لم يستطع القعود صلى ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (50).

على جنبه الأيمن أفضل أو الأيسر على حسب طاقته، فإن لم يستطع الصلاة على جنبه صلى مستلقيا، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم لما شكا إليه بعض الصحابة رضي الله عنهم المرض قال له: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا (¬1)» هذا هو الواجب على المريض ذكرا كان أو أنثى، يصلي قاعدا إذا عجز عن القيام سواء مستوفزا أو متربعا أو كجلسته بين السجدتين، كل ذلك جائز، فإن عجز عن القعود صلى على جنبه الأيمن أو الأيسر، والأيمن أفضل، إذا استطاع ينوي أركان الصلاة وواجباتها، ويتكلم بما يستطيع، يكبر، يقرأ الفاتحة أول شيء، يقرأ ما تيسر، ثم يكبر وينوي الركوع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده، ويقول إذا نوى الرفع: ربنا ولك الحمد، إلى آخره، ثم يكبر ناويا السجود، يقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى، ثم يرفع مكبرا ناويا الجلوس بين السجدتين ويقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي. يكررها ثلاثا، ثم يكبر ناويا السجدة الثانية، وهكذا بالنية والكلام حسب طاقته، ولا تقضي الصلاة، وإنما عليك الدعاء لها، والتراحم عليها والاستغفار لها إذا كانت مسلمة موحدة، أما إذا كانت تدعو الأموات، وتستغيث ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117) بدون ذكر " فإن لم تستطع فمستلقيا ".

بالأموات والقبور، تدعو غير الله، هذه لا يدعى لها؛ لأن هذا شرك أكبر، فإذا كانت في حياتها تدعو الأموات، وتستغيث بالأموات أو بأصحاب القبور أو تسأل البدوي أو عبد القادر أو غير عبد القادر الجيلاني، هذا من الشرك الأكبر، لأن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، كأن يقول: يا سيدي عبد القادر، اشف مريضي أو انصرني أو عافني، أو: يا سيدي فلان – من الأموات - افعل بي كذا، أو: يا رسول الله، افعل بي كذا: أو: يا سيدي البدوي، افعل كذا، أو: يا فلان افعل كذا، من الأموات، كل هذا من الشرك الأكبر، والذي يموت على هذه الحالة لا يدعى له، لأنه مات على ظاهر الشرك، نسأل الله السلامة. أما إن كانت موحدة بحمد الله لا تدعو إلا الله، بل تعبد الله وحده فيدعى لها ويستغفر لها، ولا يصلى عنها، لأن الصلاة لا تقضى.

س: عندنا مريض كبير في السن لا يصلي ولا يصوم ولا يشعر بنفسه دائما، فهل نصلي عنه أم لا، وهل تصوم عنه زوجته أم لا (¬1)؟ ج: ليس عليه شيء، ما دام لا يشعر فقد سقط عنه التكليف والحمد لله، مثل المعتوه والمجنون والهرم، الهرم الذي زال شعوره ليس عليه صلاة ولا صوم، ولا يصلي عنه أحد ولا يصوم عنه أحد، لا زوجته ولا غيرها لأنه سقط عنه التكليف، نسأل الله للجميع حسن الختام. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (198).

بيان ما يجب على من به سلس البول

2 - بيان ما يجب على من به سلس البول س: أنا مصاب بسلس البول، كيف تنصحونني سماحة الشيخ كي أؤدي صلاتي على الوجه الأكمل (¬1)؟ ج: صاحب السلس مثل المرأة صاحبة الاستحاضة، الواجب عليه كما بين أهل العلم، أنه يتوضأ لكل صلاة، إذا دخل الوقت يتوضأ ويصلي مع الناس والحمد لله، يتحفظ بشيء من القطن أو غيره على ذكره حتى لا يتأذى بالبول في ثيابه وبدنه، كما لو استحاضت المرأة تتنظف وتتحفظ بشيء، وتصلي الصلوات في أوقاتها، وتتوضأ إذا دخل الوقت، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام للمستحاضة: «توضئي لوقت كل صلاة (¬2)» فصاحب السلس ومثله صاحب الريح الذي يخرج منه الريح دائما، لا يستطيع البقاء إلى وقت يؤدي فيه الصلاة، فإنه يصلي على حسب حاله، يتوضأ إذا دخل الوقت، ويصلي مع الناس، ولو خرج منه الريح أو خرج منه البول كما تصلي المستحاضة ولو خرج منها الدم، لكن يتوضأ بعد دخول الوقت ما دام الحدث دائما، وننصحهم – صاحب السلس والمستحاضة - بالتحفظ دائما، وذلك أسلم للبدن والثياب. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (201). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب غسل الدم، برقم (228).

س: أنا في السابعة عشر من عمري، مصاب بسلس البول، ولا أستطيع

أن أحافظ على صحة وضوئي حتى أتمكن من إتمام الصلاة، كيف تنصحونني؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: المصاب بالسلس يتوضأ إذا دخل الوقت كالمصابة بالاستحاضة، الدم الدائم، إذا دخل الوقت استنجى وتوضأ وضوء الصلاة وصلى ولو خرج منه شيء، كما تصلى المستحاضة التي معها الدم الدائم، تتوضأ إذا دخل الوقت – يعني تستنجي وتتوضأ وضوء الصلاة - وتتحفظ بشيء وتصلي جميع الوقت، إذا توضأت للظهر تصلي الظهر وتصلي النوافل، تقرأ القرآن من المصحف ولو خرج شيء حتى يأتي الوقت الآخر، وهكذا كلما جاء وقت تستنجي وتتوضأ وضوء الصلاة إذا خرج شيء، وهكذا صاحب السلس إذا دخل الوقت، إذا استنجى وتحفظ بشيء توضأ وضوء الصلاة، ثم يصلي ما بدا له من وقت مع النوافل حتى يأتي الوقت الآخر، فإذا جاء الوقت الآخر وقد خرج منه شيء يعيد الوضوء، يستنجي ويعيد الوضوء، أما لو سلمه الله ولم يخرج شيء فلا إعادة عليه، ووضوؤه صحيح، ويصلي به الوقت الآخر ولا حرج. المقصود أنه كالمستحاضة بهذا العمل، يتوضأ لكل صلاة، هكذا صاحب السلس إذا كان معه البول الدائم، وهكذا المرأة التي معها الماء الدائم من فرجها تتوضأ لوقت كل صلاة كالمستحاضة، إذا دخل وقت الفجر وطلع الفجر توضأ للفجر، ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (191).

استنجى وتوضأ للفجر، وإذا دخل وقت الظهر وزالت الشمس كذلك يستنجي، ثم يتوضأ وضوء الصلاة للظهر ويصلي النوافل إلى العصر، ويقرأ من المصحف كذلك، ثم إذا دخل وقت العصر أعاد الوضوء، إذا كان قد خرج منه شيء، يستنجي ويعيد الوضوء، وهكذا المغرب، وهكذا العشاء.

س: سائل يقول: هناك رجل مصاب بمرض سلس البول، وهو شيخ كبير وأكثر الأحيان وفي أغلب الأوقات يكون فراشه غير نظيف، ولا يستطيع السيطرة على نفسه، وأيضا لا يستطيع القيام من فراشه بسهولة، فهل تجوز له الصلاة على حالته هذه؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: يقول الله سبحانه وتعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2)، فعليه أن يتوضأ لكل صلاة، يتحفظ بخرقة أو نحوها على فرجه ويغسل ما أصاب بدنه وثيابه، أو يغسله له زوجته أو أولاده، ويجزئه ذلك. كل صلاة تتوضأ، ولو خرج منه بعد ذلك في الوقت فيتوضأ للظهر ويصلي، ويقرأ القرآن من المصحف لا بأس حتى يأتي وقت العصر، فإذا جاء وقت العصر يعيد الوضوء مرة أخرى إذا خرج منه شيء، وهكذا المغرب وهكذا العشاء، ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (235). (¬2) سورة التغابن الآية 16

وهكذا الفجر، والفراش يطهر له، يضع عليه رداء طاهرا يصلي عليه كل صلاة، إذا كان الرداء أصابه بول يؤخر، يؤتى ببدله أو يغسل ما أصابه في كل وقت. وإذا نزل به شيء وهو يصلي ما يضره، مثل المستحاضة التي ينزل بها الدم {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1)، لكن في الوقت، إذا خرج الوقت يعيد الوضوء ويغسل ما أصاب ثوبه أو يبدله، وهكذا. ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16

س: إذا أصيب الإنسان بالسلس لكبر أو لمرض هل يصلي أم أن الصلاة تسقط عنه (¬1)؟ ج: الصلاة لا تسقط ما دام العقل موجودا، عليه أن يصلي ولكن يتوضأ لكل صلاة، إذا أصابه السلس – وهو البول المستمر - يتوضأ لكل صلاة ويصلي كل صلاة في وقتها، مثل المستحاضة التي معها الدم الدائم تتوضأ لكل صلاة وتصلي، ولا تسقط عنها ولا عن صاحب السلس الصلاة، ولهما الجمع إذا شق عليهما الأمر، لكن الرجل ينبغي عليه ألا يجمع حتى يصلي مع الجماعة، أما المرأة إذا جمعت لحاجة فلا بأس؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رخص لحمنة رضي الله عنها أن تجمع، الحاصل أن صاحب السلس يتوضأ لكل صلاة ويصلي مع الجماعة، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (216).

ويتحفظ بشيء، بخرقة يربطها على ذكره حتى لا ينتشر البول إلى الملابس، ويتوضأ لكل صلاة، والحمد لله. وإذا خرج شيء أثناء الصلاة لا يضر لا المرأة ولا الرجل، لا المستحاضة ولا صاحب السلس، لا يضرهما ما خرج في الوقت ولو في الصلاة.

بيان كيفية طهارة من به حدث دائم

3 - بيان كيفية طهارة من به حدث دائم س: رسالة من المستمع: م. ك. ر. صدرها بقوله: أشهد الله ثم إني أشهدكم بأني أحبكم في الله، أصبت ببلاء، وأصبحت لا أتحكم في نفسي ولا في بطني إلا بصعوبة، وقد ينتقض وضوئي في مرات كثيرة في الصلاة أو أثناء الذهاب للمسجد، وقد لا ينتقض في بعض الأوقات، وهي قليلة، أصبحت لا أعلم متى ينتقض وضوئي ومتى لا ينتقض، هل أنا بهذه الحالة من أصحاب الأعذار؟ وإذا كنت كذلك فهل لي أن أتوضأ قبل دخول الوقت لكي أدرك الجماعة؟ لأنني قرأت فتوى لابن تيمية يقول: يتوضأ صاحب العذر لكل صلاة، أو لوقت كل صلاة، فهل لي أن أتوضأ قبل دخول الوقت لإدراك صلاة الجماعة مع العلم بأنني إذا توضأت بعد دخول الوقت فإنني قد لا أدرك صلاة الجماعة؟ وهل لي أن أجمع بين صلاتين بوضوء واحد مع إمام يجمع في مطر أو في سفر؟ هل لي أن

أمسح على الجوارب وأنا بهذه الحالة؟ وهل لي أن أصلي إماما إذا لم يحضر إمام المسجد وكنت أقرأ الموجودين وأعلمهم بالسنة؟ وهل إذا صليت بهم إماما أكون آثما؟ وجهوني حول هذه الأمور جزاكم الله خيرا (¬1) ج: أسأل الله أن يمنحنا وإياك الشفاء والعافية من كل سوء، وأما ما يتعلق بمحبتي في الله فإن المحبة في الله من أفضل القربات، فنقول: أحبك الله الذي أحببتنا له، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا أحب أحدكم أخا فليعلمه أنه يحبه (¬2)» وإذا أعلمه أخوه فليقل: أحبك الذي أحببتنا له، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (¬3)» ذكر منهم رجلين تحابا في الله، اجتمعا عليه وتفرقا عليه، وصح عنه أيضا عليه الصلاة والسلام أنه قال: يقول الله يوم القيامة: «أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (307). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث المقدام بن معدي كرب الكندي أبي كريمة، برقم (16719)، وأبو داود في كتاب الأدب، باب إخبار الرجل الرجل بمحبته إياه، برقم (5124). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد، برقم (660)، ومسلم في كتاب الزكاة باب فضل إخفاء الصدقة برقم (1031).

إلا ظلي (¬1)» أما ما ذكرت من جهة استمرار الحدث فإنك تتوضأ لوقت كل صلاة، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة التي حدثها دائم، قال لها: «توضئي لوقت كل صلاة (¬2)» رواه البخاري. فأنت تتوضأ في وقت كل صلاة، ولو خرج منك شيء في الطريق أو في المسجد أو في الصلاة لا يضرك والحمد لله، إن أنت توضأت بعد دخول الوقت فإن الحدث الذي يخرج منك في الطريق أو في المسجد أو في الصلاة أو بعد الصلاة لا ينقض وضوءك، بل لك أن تصلي في الوقت ما دمت على هذه الحال حتى يأتي الوقت الآخر، لك أن تصلي وتقرأ من المصحف وتطوف في مكة، إذا كنت في مكة تطوف، وإذا توضأت للعصر تطوف بوضوء العصر بعد العصر، إذا توضأت للظهر تطوف بوضوء الظهر، أو تصلي به، وإذا كان جمعا كفى وضوء واحد والحمد لله، توضأ وصل الصلاتين بوضوء واحد. وأبشر بالخير، ونسأل الله لك العافية والتوفيق. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب في فضل الحب في الله، برقم (2566). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب غسل الدم، برقم (228).

بيان ما يفعله من أصيب باستمرار خروج الريح

4 - بيان ما يفعله من أصيب باستمرار خروج الريح س: إنني لا أستطيع الصلاة حيث إنني مريض في المعدة من الهواء، إنني أتوضأ في كل صلاة وأكثر الأحيان إنني أصلي وأنقض الوضوء من نصف الصلاة فأكمل الصلاة، هل الصلاة صحيحة أم لا (¬1)؟ ج: ما دام الحدث مستمرا فأنت في حكم صاحب السلس، فصلاتك صحيحة ولو خرج منك الريح مثل صاحب السلس، الريح والماء، والمستحاضة يخرج منها الدم دائما، فتتوضأ في الوقت أيها السائل، ثم تصلي على حسب حالك ما دام هذا شيئا مستمرا معك، لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولو خرج في الصلاة ولو خرج في الوقت ما دمت توضأت في الوقت، ثم صليت كما أمر الله، فخروج هذه الريح منك وأنت تصلي أو قبل الصلاة أو بعد الصلاة لا يضر ما دام مستمرا، في حكم المستمر مثل خروج الدم من المستحاضة التي يستمر معها الدم في غير وقت الحيض، ومثل خروج البول من صاحب السلس إذا استمر معه وليس له حيلة هذا معذور، يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2). ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (24). (¬2) سورة التغابن الآية 16

كيفية قضاء المغمى عليه للصلوات

5 - كيفية قضاء المغمى عليه للصلوات س: أنا رجل مريض بداء السكري، وآخذ عنه علاجا، وأحيانا ينزل السكر تحت المعدل ثم أصاب بإغماء في النوم، وإذا قمت ما أدري هل أنا في اليوم الذي نمت فيه أو بعده بيوم، فأسأل عشيرتي ويخبرونني بنفس اليوم الصحيح، فأصلي مجتهدا، ولكن لا أضبط صلاتي من حيث عدد الركعات، فهل هذه الصلوات صحيحة أو أعيدها إذا صحيت جدا؟ وشكرا (¬1) ج: الواجب على من يصاب بالإغماء أنه إذا انتبه واستيقظ من الإغماء أن يتوضأ ويقضي إذا كان مدة الإغماء قليلة، إذا كان يوما أو يومين أو ثلاثة، فقد جاء عن بعض الصحابة أنهم أغمي عليهم كعمار وغيرهم، فقضوا الصلوات، فهو إذا انتبه وزال إغماؤه يقضي ما مضى لكن لا يعجل حتى يؤول إليه عقله، وحتى يثبت عقله، لا يعجل وهو ما بعد ثبت عقله حتى لا يميز بين الركعات، لهذا لا يعجل حتى يستقيم عقله، حتى يستطيع أن يؤدي الصلوات مضبوطة، أما إذا أداها وعقله حتى الآن ما يميز بين الركعتين والثلاث فهو حتى الآن ما بعد استقام عقله، ولا تصح صلاته إنما عليه التأني والتثبت، فإذا تم حضور عقله واستقام أمره قضى الأيام التي أخبره إخوته الذين عرفوا حاله أنه ضيعها. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (15).

أما بالنسبة لصلواته التي صلاها وهو ما بعد صحا من الإغماء فإن عليه أن يعيدها، يعيد الصلوات التي صلاها بغير شعور ما ضبطها، وإذا كان لا يعلم هل هي الظهر أو العصر فإنه يتحرى، والحمد لله.

بيان المدة التي يقصر فيها المسافر

6 - بيان المدة التي يقصر فيها المسافر س: يقول السائل: ح. من المدينة: المسافر كم المدة التي يقصر فيها؟ وكم كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقصر في سفره إلى مكة، هل صحيح بأنه جلس عشرة أيام يقصر في السفر (¬1)؟ ج: في حجة الوداع عشرة أيام، قدمها صبيحة رابعة من شهر ذي الحجة، وسافر صبيحة أربعة عشر وهو يقصر، لكن استنبط العلماء من ذلك أنه يقصر في أربعة أيام، لأنه جلس من الرابع إلى يوم الثامن، ثم انتقل إلى أعمال الحج، فإذا عزم المسافر على إقامة أكثر من أربعة أيام أو أكثر فإنه يتم، أما إذا كانت أربعة أيام فأقل فإنه يقصر، أو إذا عزم على الإقامة أكثر من أربعة أيام فالإتمام أحوط وأفضل، لأن الإقامات الأخرى التي أقامها ليس فيها دلالة على أنه جزء من الإقامة، كما أقام في تبوك عشرين يوما يتحرى العدو، هذا ليس فيه جزم أنه نوى الإقامة، قد يكون ما نوى الإقامة إنما جلس لأسباب ينظر فيها أمر العدو. المقصود أن أكثر أهل ¬

_ (¬1) السؤال السابع والستون من الشريط رقم (430).

العلم يقول: إذا عزم الإقامة أكثر من أربعة أيام في بلد أو في منزل أتم، إما إن كانت الإقامة أربعة أيام فأقل فلا بأس أن يقصر، هذا قول الأكثر ولا حرج، وإن كانت إقامته أكثر وهو مسافر وقصر فلا حرج، لكن تخير قول الجمهور أحوط وأولى.

بيان أحكام القصر للمسافر

7 - بيان أحكام القصر للمسافر س: يرجو السائل من سماحتكم الحديث عن صلاة المسافر (¬1) ج: المسافر يشرع له أن يصلي ركعتين الرباعية الظهر والعصر والعشاء، هذه السنة، إذا غادر بلده وفارق بناءها صلى ركعتين حتى يرجع، فإذا أقام في أثناء السفر إقامة طويلة أكثر من أربعة أيام أتم عند جمهور أهل العلم، وإن كانت الإقامة قصيرة يومين، ثلاثة، أو مثلا ما عنده علم هل تطول أو ما تطول فهذا يقصر، لأنه لا يدري هل تكون أربعة أو عشرة، ينتظر حاجته فهذا له القصر ولو طالت المدة، أما إذا عزم على الإقامة أكثر من أربعة أيام فهو يتم عند جمهور أهل العلم، ومثله الصيام، له أن يفطر في السفر، إذا سافر في رمضان وليس قصده التحيل إنما سافر لحاجه فإنه يشرع له الفطر حتى يرجع، فإذا أقام في أثناء السفر إقامة طويلة أكثر من أربعة أيام فإنه يصوم. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (347).

حكم جمع الصلوات للمسافر

8 - حكم جمع الصلوات للمسافر س: سماحة الشيخ، متى يجوز للمسافر أن يجمع (¬1)؟ ج: إذا جاز له القصر جاز له الجمع، لكن الأفضل إذا كان مقيما مستريحا أن يصلي كل صلاة في وقتها، مثلا نزل في محل يقيم فيه يومين أو ثلاثة لحاجة فالأفضل عدم الجمع، وإن جمع فلا حرج، والدليل على هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما نزل في منى لم يجمع، وجمع في تبوك وهو نازل، والأمر واسع إن شاء الله، لكن إذا كان نازلا ولا مشقة عليه فالأفضل عدم الجمع، إذا كان نازلا يومين أو ثلاثة أو أربعة الأفضل عدم الجمع، وإن جمع فلا حرج، المقصود أن الجمع تابع للقصر متى جاز القصر جاز الجمع. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (347).

حكم الجمع والقصر للمسافر إذا مر ببلده

9 - حكم الجمع والقصر للمسافر إذا مر ببلده س: إذا كنت مسافرا وأقمت يوما أو يومين في قريتي، هل يشرع لي حينئذ القصر والجمع أم أصلي مع الجماعة (¬1)؟ ج: إذا كنت وحدك يلزمك أن تصلي مع الجماعة، ولا تصل وحدك، عليك أن تصلي مع الجماعة تماما، أما إذا كنتم اثنين فأكثر فأنتم مخيرون ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (347).

إن صليتم وحدكم قصرتم، وإن صليتم مع الناس أتممتم أربعا، الأمر في هذا واسع.

بيان مدة السفر الذي يترخص فيه بقصر الصلاة وجمعها

10 - بيان مدة السفر الذي يترخص فيه بقصر الصلاة وجمعها س: ما هو القصر والجمع، ومتى يكون؟ وما هو الفرسخ وما يعادله من الكيلومترات؟ وما هي مسافة السفر التي يقصر فيها الصلاة، ويفطر فيها الصائم (¬1)؟ ج: القصر أن يصلي الرباعية ثنتين، هذا يسمى القصر، قصر الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين بسبب السفر، لا تقصر الصلاة إلا في السفر خاصة، المريض لا يقصر، المريض له أن يجمع الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، لكن لا يصلي الظهر ثنتين بل يصلي أربعا وإنما القصر في السفر خاصة، والجمع معناه ضم الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، هذا هو الجمع، يجوز للمسافر والمريض، وأم مسافة أهل القصر فهي عند جمهور أهل العلم يومان، مسافة سبعين كيلو، ثمانين كيلو، هذا يسمى سفرا، والفرسخ ربع بريد، والبريد نصف يوم، والمسافة أربعة برد، والبريد أربعة فراسخ، والفرسخ ربع بريد وثمن اليوم، فما كان يعادل يومين للمطايا فهو يعادل الآن سبعين كيلو، ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (38).

ثمانين كيلو، وما يقاربها.

بيان الوقت الذي يبدأ فيه المسافر الجمع والقصر للصلاة

11 - بيان الوقت الذي يبدأ فيه المسافر الجمع، والقصر للصلاة س: السائل: س. ي. من اليمن يسأل في أحكام السفر: متى يبدأ وقت الجمع والقصر (¬1)؟ ج: إذا غادر بلده وفارق بنيانها له قصر الصلاة وله الجمع، لكن إذا كان نازلا مستريحا فالأفضل عدم الجمع، أما إذا كان على ظهر سير يجمع الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا سافر من صنعاء إلى مكة، ومن صنعاء إلى المدينة، من صنعاء إلى غيره مسافة طويلة، ثمانين كيلو أو أكثر فله رخص السفر يقصر ويجمع إذا شاء، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (403).

س: متى يجوز للمسافر أن يقصر الصلاة، هل إذا خرج من المدينة أم يجوز له أن يقصر الصلاة قبل خروجه من المدينة (¬1)؟ ج: إذا خرج من المدينة، إذا غادر البلد، كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يقصر إلا إذا غادر المدينة وصار في ذي الحليفة، إذا غادر بلده وانتقل وخرج عن دائرة البناء قصر، وهكذا إذا رجع يقصر حتى يدخل البلد ما ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (413).

دام خارج البلد يقصر، وإذا كان المطار خارج البلد يقصر في المطار.

س: إذا نوى الشخص السفر وهو لم يسافر، ما زال داخل البلد فهل له أن يجمع ويقصر أم لا بد أن يخرج من البلد، ثم يحق له حينئذ الجمع والقصر؟ نرجو الإجابة، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ما دام في البلد يصلي صلاة أهل البلد أربعا، لا يقصر ولا يجمع حتى يسافر. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (351).

س: نرجو الإفادة عن صلاة المسافر، ومتى يباح له القصر والجمع (¬1)؟ ج: المسافر يشرع له في سفره القصر، وهو أن يصلي الرباعية ركعتين الظهر والعصر والعشاء، فالمسافر يصلي هذه الصلوات الثلاث ركعتين تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، فإنه كان إذا سافر عليه الصلاة والسلام صلى ركعتين حتى يرجع، أم المغرب فإنها ثلاث لا تقصر في السفر والحضر، وهكذا الفجر ركعتان لا قصر فيها، وإنما القصر في الرباعية، فإذا فارق البلد، خرج عن عمران البلد إلى المطار الذي هو بعيد عن البلد، أو على سيارته خارج البلد صلى ركعتين، أما ما دام في البلد فيصلي أربعا. فإذا غادر البلد وخرج عن بنيانها وعمارتها فإنه يصلي ركعتين في ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (157).

طريقه إلى جهته التي يريد، وهكذا في البلد الذي يمر بها يصلي ركعتين، وهكذا في الرجوع يصلي ركعتين، لكن إذا صلى مع المقيمين وهذا أولى، إذا صلى خلف إمام مقيم صلى معه أربعا، هكذا السنة، «سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن صلاة المسافر مع المقيم أربعا قال: هكذا السنة»، إذا صلى المسافر مع المقيمين في المسجد الحرام أو في المسجد النبوي أو في أي مكان فإنه يصلي أربعا يقتدي بإمامه، وهكذا إذا أقام إقامة طويلة في البلد أكثر من أربعة أيام قد عزم عليها فإنه يصلي أربعا إذا نوى هذه الإقامة ونوى عليها وعزم عند جمهور أهل العلم، أما إذا كانت الإقامة أقل من ذلك ثلاثا أو أربعا أو يومين فإنه يصلي ثنتين إذا كان معه أحد أما إذا كان وحده فإنه يصلي مع الناس أربعا ولا يصلي وحده، بل يصلي مع الجماعة ويتم معهم أربعا، لكن إذا كان وحده في السفر صلى ثنتين لا بأس، أو معه جماعه ولو في الحضر صلى ثنتين؛ لأنهم مسافرون، لكن إذا كانت الإقامة قد عزموا عليها وهي أكثر من أربعة أيام فإنهم يصلون أربعا؛ لأن الرسول الله صلى الله عليه وسلم أقام في حجة الوداع أربعا في مكة لما نزلها في رابع ذي الحجة، أقام حتى يخرج في يوم الثامن من ذي الحجة إلى منى، هذه أربعة أيام قد عزم عليها وقصر فيها، فدل ذلك على أن المسافر إذا عزم على الإقامة أربعة أيام أو أقل فإنه يقصر، لكن إذا كان واحدا كما تقدم يصلي مع الجماعة ويتم، ولا يصلي وحده إلا إذا كان ما عنده أحد أو فاتته الجماعة يصلي ثنتين؛ لأنه

مسافر، ومثل ذلك لو كانت الإقامة غير مجزومة لا يدري هل يقيم يومين أو خمسة أو عشرة، عنده تردد فهذا يصلي ثنتين يقصر ما دام لم يجزم على مدة معلومة، فإنه يصلي ثنتين، ولو طالت المدة كالذي يطلب إنسانا ولم يجده أو له حاجة يلتمسها ولم يجدها ولا يعرف مدة إقامته فإنه يصلي ثنتين؛ لأنه في حكم المسافر.

حكم جمع الصلاة وقصرها للمسافر المقيم في غير بلده

12 - حكم جمع الصلاة وقصرها للمسافر المقيم في غير بلده س: هل يجوز للمسافر القصر والجمع جميعا وهو في طريقه، وهل من فعل ذلك عليه إعادة صلاته، وإذا كان لا يعلم عدد الصلوات فما الحكم (¬1)؟ ج: المسافر يقصر ويجمع ولا حرج عليه بل سنة، والقصر أن يصلي الأربع ثنتين، الظهر والعصر والعشاء، هذا القصر، وأما ضم العصر إلى الظهر، وضم المغرب إلى العشاء هذا يقال له: جمع، وبعض العامة يغلط في هذا ويسمي الجمع قصرا، والصواب أن الجمع ضم الظهر إلى العصر، وضم المغرب إلى العشاء، وهذا يسمى جمعا. والقصر معناه أن يصلي الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين، هذا يسمى قصرا، فالمسافر يشرع له أن يقصر ما دام في السفر ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (188).

ولو صلاها في الوقت ولم يجمعها، هذا السنة، لكن إذا دعت الحاجة إلى الجمع جمع، كأن يعزم على الرحيل بعد زوال الشمس، فالأفضل له أن يضم العصر إلى الظهر، ويصلي جمع تقديم ثم يمشي، وكذلك لو ارتحل بعد غروب الشمس من مكانه إلى مكان آخر وهو في السفر فإن الأفضل له أن يضم العشاء إلى المغرب جمع تقديم، وهكذا بالعكس لو ارتحل قبل الزوال فإن السنة له أن يؤخر الظهر مع العصر فيكون جمع تأخير، أو ارتحل قبل غروب الشمس فإن الأفضل له أن يؤخر المغرب إلى العشاء ويصليهما جمع تأخير، هكذا كان يفعل عليه الصلاة والسلام، أما إذا كان مقيما مستريحا فإنه يصلي كل صلاة في وقتها، هذا هو الأفضل، ولهذا لما كان النبي صلى الله عليه وسلم في منى في حجة الوداع صلى الصلوات في أوقاتها، ما جمع. فالحاصل أن المقيم المستريح الأفضل له ألا يجمع وإن كان مسافرا، وإن كان في أثناء السفر في البر الأفضل له عدم الجمع، لكن إذا دعت الحاجة إلى الجمع فلا حرج في ذلك.

حكم الجمع والقصر في الطائرة

13 - حكم الجمع والقصر في الطائرة س: متى يجوز قصر الصلاة في السفر؟ أي بعد كم من الكيلومترات يتم ذلك؟ وهل هو الحال واحد سواء كان السفر في السيارة أو في

الطائرة أو في البحر؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم، المسافر يقصر سواء من طريق البر أو من طريق الجو أو من طريق البحر، ومتى غادر البلد شرع في القصر، أي تجاوز البناء صلى ثنتين، خارج البلد سواء كان في المطار أو غيره، إذا كان المطار خارج البلد أو خرج في سيارته خارج البلد، أو انتقل من البلد إلى السفينة أو الباخرة يصلي ثنتين ما دام في السفر، فإذا أقام إقامة طويلة تزيد على أربعة أيام أتم أربعا عند أكثر العلماء، أما إن كانت الإقامة أربعا فأقل فإنه يصلي ثنتين، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (220).

مسألة في بيان مسافة السفر التي تقصر فيه الصلاة

14 - مسألة في بيان مسافة السفر التي تقصر فيه الصلاة س: ما هي المسافة التي يجوز لي فيها أن أقصر الصلاة، وما هي صفة القصر (¬1)؟ ج: المسافة ما تعد سفرا وهو يوم وليلة للمطية، يقدر بثمانين كيلو وما يقاربها حدا تقريبا، والقصر أن تصلي الرباعية ركعتين، تصلي الظهر ركعتين، العصر ركعتين، العشاء ركعتين، هذا هو القصر، أما الجمع فهو الجمع بين الظهر والعصر في السفر أو في المرض، والجمع بين ¬

_ (¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (320).

العشاء والمغرب في السفر أو في المرض، وهذا يسمى جمعا، إذا صليت المغرب مع العشاء يسمى جمعا، وإذا صليت الظهر مع العصر يسمى جمعا، أما إذا صليت الظهر ثنتين والعشاء ثنتين أو العصر ثنتين فهذا يسمى قصرا، وفق الله الجميع.

مسألة في بيان مسافة القصر ومدته

15 - مسألة في بيان مسافة القصر ومدته س: هل هناك مسافة معينة ومدة معينة لقصر الصلاة (¬1)؟ ج: نعم، يوم وليلة للماشي والمطية، وأما بالكيلو فثمانون كيلو تقريبا إذا كانت المسافة بين البلد ثمانين كيلو، أو بين الجهة التي قصدها وبلده ثمانين كيلو فهذا سفر شرعي، ويقصر ويجمع فيه. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (425).

حكم الجمع والقصر في السفر للنزهة

16 - حكم الجمع والقصر في السفر للنزهة س: نحن من سكان مكة المكرمة، خرجنا في رحلة ترفيهية تبعد عن مكة بمقدار مائة كيلو، وحان موعد الصلاة، فهل يجوز لنا أن نقصر ونجمع أم نقصر فقط؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: المشروع لكم إذا كان الواقع ما ذكرتم المشروع القصر؛ لأن هذا سفر، السنة صلاة القصر ثنتان، أما الجمع فأنتم بالخيار، إن جمعتم فلا ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (295).

بأس، وإن تركتم الجمع فهو أفضل إذا كنتم مستقرين لا مشقة عليكم في ترك الجمع فهو أفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم في منى في حجة الوداع لم يجمع لكونه نازلا في منى، فلم يجمع عليه الصلاة والسلام لكن إذا جمع المسافر فلا حرج، إلا أن الترك أفضل إذا كان مستريحا مستقرا.

س: سائل يقول: عندنا استراحة تبعد عن الرياض حوالي تسعين كيلو مترا، ونحن نخرج لها كل نهاية أسبوع، فهل نحن تنطبق علينا أحكام السفر في ذهابنا إليها (¬1)؟ ج: نعم عليكم أحكام السفر إذا ذهبتم إليها والإقامة مدة يوم، يومين، أنتم مسافرون، والمدة طويلة، تسعون كيلو مدة طويلة، أما إذا كانت أقل، إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل هم مسافرون، أما إذا عزموا على الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنهم مقيمون على قول الجمهور، يصلون أربعا، أما إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل أو الخميس والجمعة ثم يرجع هو مسافر، وإن صلى أربعا فلا حرج إذا كانت المسافة ثمانين كيلو فأكثر، يوم وليلة، يعني للمطية. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (377).

بيان تحديد مسافة القصر بالكيلومترات

17 - بيان تحديد مسافة القصر بالكيلومترات س: هل مسافة خمسة وثمانين كيلو تعتبر سفرا، وهل يجوز الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء؟ وهل تترك فيها الرواتب والنوافل (¬1)؟ ج: مسافة ثمانين كيلو تعتبر سفرا، مسافة يومين قاصدين يعني يوما وليلة، فإذا كانت المسافة تبلغ ثمانين كيلو تقريبا فهي سفر فأكثر؛ لأنه جاء عن جماعة من الصحابة ما يدل على هذا المعنى، فما كان بهذه المسافة يسمى سفرا، تقصر فيه الصلاة، الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين، ويجوز فيه الجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم أو جمع تأخير، وهكذا بين المغرب والعشاء جمع تقديم في وقت المغرب، أو جمع تأخير في وقت العشاء، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع في السفر وقصر في السفر عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (365).

مسألة في حكم الجمع والقصر للمسافر إذا كان مقيما في غير بلده

18 - مسألة في حكم الجمع والقصر للمسافر إذا كان مقيما في غير بلده س: هل يجوز إذا كنت على سفر بعيد أن أجمع صلاة الظهر والعصر؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (228).

ج: المسافر له الجمع، الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، كان النبي يجمع في السفر عليه الصلاة والسلام، وإذا كان مقيما قصر ولم يجمع، فإذا كان على ظهر سير جمع عليه الصلاة والسلام، كان إذا ارتحل قبل غروب الشمس أخر المغرب مع العشاء وصلى جمع تأخير، وإذا ارتحل بعد غروب الشمس قدم العشاء مع المغرب وجمع جمع تقديم، وإذا ارتحل قبل الزوال أخر الظهر مع العصر جمع تأخير، وإذا ارتحل بعد الزوال قدم العصر مع الظهر وجمع جمع تقديم، أما إذا كان نازلا مستريحا فالأفضل عدم الجمع، ولهذا في منى في حجة الوداع أيام منى قصر ولم يجمع عليه الصلاة والسلام، لأن المستريح يصلي الظهر وحدها، والعصر وحدها، والمغرب وحدها، والعشاء وحدها، هذا هو الأفضل، وفي بعض الأيام وهو في تبوك وهو نازل جمع، فدل على الجواز فلو جمع في السفر وهو نازل لا بأس لا سيما عند الحاجة، كقلة الماء أو في شدة البرد أو نحو ذلك، وإن صلى كل واحدة في وقتها فهو أفضل إذا كان نازلا، أما إذا كان على ظهر سير فالأفضل الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، تأسيا بالمصطفى عليه الصلاة والسلام.

بيان أقوال العلماء في تحديد مدة القصر

19 - بيان أقوال العلماء في تحديد مدة القصر س: تسأل المستمعة وتقول: ما الدليل على عدد أيام القصر خمسة أيام علما بأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان يقصر في كل سفر

سواء كان خمسة أيام أو أكثر كما قرأت؟ وهل القصر سنة أم واجب (¬1)؟ ج: الأكثرون قالوا: الأصل في حق المقيم الإتمام، هذا هو الأصل، فلما أقام النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أربعة أيام في اليوم الرابع مشى إلى منى في اليوم الثامن قالوا: هذه الأربعة قد عزم عليها وقصر، فنقصر، وما زاد عليها إذا كنا مقيمين نتم. وقال آخرون من أهل العلم: يشرع له القصر وإن زادت الأيام ما دام في نية السفر، وعلى حال السفر، فإذا أقام عشرا أو أقل أو أكثر وهو مسافر فإنه يقصر، لأنه ما زال مسافرا. وقال ابن عباس وجماعة: تحدد المدة تسعة عشر يوما؛ لأن الرسول أقام في مكة تسعة عشر يوما عام الفتح، وما زاد عليها يتم المسافر. وقال بعضهم، عشرة أيام، لأن الرسول أقام في حجة الوداع عشرة، قدم في اليوم الرابع وسافر إلى المدينة في اليوم الرابع عشر، صارت عشرة أيام كما قال أنس وغيره، فمن أقام عشرا وعزم عليها قصر، ومن زاد فأتم، إلا أن الأحوط للمؤمن من قول الأكثرين، إن كان أربعة أيام أو إحدى وعشرين صلاة هذا يقصر، فإذا نوى أكثر من واحد وعشرين صلاة - يعني عزم على الإقامة - فالأحوط له الإتمام؛ لأن ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (408).

الأصل في حق المقيم الإتمام، هذا من باب الاحتياط، هذا قول الجمهور من باب الاحتياط.

س: متى يقصر المسلم في صلاته، وما المدة التي يجوز فيها القصر (¬1)؟ ج: إذا سافر المؤمن سفر قصر شرع له القصر، لأن الله جل وعلا قال: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} (¬2) كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر قصر، يعني صلى ثنتين الظهر والعصر والعشاء، هذا محل القصر، أما الفجر فلا قصر فيه، والمغرب لا قصر فيها، إنما القصر في الظهر والعصر والعشاء – يعني في الرباعية - فإذا سافر ما يعد سفرا من سبعين كيلو، ثمانين كيلو أو أكثر من ذلك، وهما في العهد الأول مرحلتان للإبل يعني يومين قاصدين، فلما ذهبت الإبل وصارت السيارات، الآن سبعين كيلو، ثمانين كيلو وما يقاربها تعد سفرا، هذا هو الأحوط للمؤمن إذا كان في هذه المسافة قصر، وإذا كان في أقل منها كالخمسين والأربعين فالأحوط ألا يقصر؛ لأنها تشبه الضواحي للبلد، وتقرب من البلد بالنسبة إلى سرعة السيارات، وقد ذهب أهل العلم إلى أن السفر، كل ما يعد سفرا فإذا احتاج إلى زاد ومزاد فهذا يعد سفرا، وإن لم يبلغ سبعين كيلو ولم يبلغ يوما وليلة إذا كان ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (15). (¬2) سورة النساء الآية 101

يحتاج إلى زاد وإلى مزاد، إلى ماء، يعني أن ما يعد سفرا هو الذي يقصر فيه، وهو الذي يحتاج إلى الزاد - يعني الطعام - والمزاد - يعني الماء - كخمسين كيلو، أربعين كيلو، ونحو ذلك في المطية والمشي على الأقدام، أما السيارة فإن حالها غير حال الأقدام، وغير حال المطية كما هو معلوم بسبب السرعة، فلهذا إذا احتيط لهذا وصار السفر ما يعد سبعين كيلو تقريبا أو ثمانين كيلو أقرب وأحوط، وموافق لما قرره العلماء سابقا بيومين قاصدين، فإذا ذهب إلى نحو هذه المسافة قصر، صلى الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين، وإن كانت أقل من ذلك فإنها تشبه ضواحي البلاد، فالأحوط له أن يتم أربعا ولا يقصر.

س: ما المدة التي يجوز فيها القصر؟ ويعني بذلك المدة التي يقيم فيها الإنسان في سفره (¬1)؟ ج: المدة التي يقيمها الإنسان في سفره تنقسم قسمين: مدة هو يحددها، ومدة لا يحددها، فأما المدة التي يحددها فهي أن يكون له حاجه في البلد لا يدري متى تنقضي، مثل طلب الإنسان، فإذا التمس إنسانا لعله يجده، مثل حق له على إنسان يطلبه منه، مثل خصومة يريد إنجازها، وما أشبه ذلك، ليس لها مدة معلومة بل مهمتها مثل هذه الحاجة، ولو في يوم واحد أو يومين، هذا يقصر مدة بقائه ومدة إقامته، لأنه ليس له أمد ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (15).

محدود، هذا لا يزال يقصر حتى ينتهي. أما الحالة الثانية فهي حالة الإنسان إذا علم أن الأيام معلومة قد حددها، قال: أقيم عشرة أيام، عشرين يوما، أربعين يوما، أربعة أيام، خمسة أيام، هذه اختلف فيها أهل العلم، فمنهم من قال: تحدد بثلاثة أيام أو محددة بأربعة أيام، أو محددة بخمسة عشر يوما، وقيل: بعشرين يوما. والأحوط في هذا أربعة أيام، إذا نوى أكثر من أربعة أيام أتم، والحجة في هذا إقامة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع؛ لأنه أقام أربعة أيام، لأنه صبح مكة اليوم الرابع صباحا، وأقام اليوم الرابع والخامس والسادس والسابع، ثم توجه إلى منى وعرفات اليوم الثامن، قال العلماء: هذه أربعة أيام قد عزم على إقامتها، فيقصر فيها الصلاة كما قصر النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا نوى أكثر من ذلك أتم، لأن الأصل هو الإتمام، الواجب هو إتمام الصلاة. فقد شرع الله القصر في السفر، فهذه إقامة ليست سفرا، فيتم فيها بخلاف الأربعة أيام فأقل فإنها في حكم السفر كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، ولعل هذا أحوط إن شاء الله وأقرب.

بيان ذكر المذاهب الأربعة في تحديد مدة القصر

20 - بيان ذكر المذاهب الأربعة في تحديد مدة القصر س: هل صحيح أن المسافر يقصر الصلاة مهما طالت مدة السفر ولو بلغت سنتين أم أن هناك زمنا محددا ينتهي فيه القصر؟ وما حكم

السفر فيمن يسافر للدراسة أو العمل خارج بلده هل الصحيح أنه يقصر حتى يرجع من الدراسة أو العمل (¬1)؟ ج: أما السفر فإن المسافر يقصر فيه، السنة له القصر ما دام في الرحلة، ما دام على ظهر سفر، فإذا سافر مثلا من السعودية إلى أمريكا قصر ما دام في الطريق، أو سافر من مكة إلى مصر أو من مصر إلى مكة قصر ما دام في الطريق، وهكذا إذا نزل في البلد فإنه يقصر ما دام في البلد إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل، إذا عزم على إقامة أربعة أيام فأقل فإنه يقصر كما قصر النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل في مكة في حجة الوداع، فإنه نزل في مكة صبيحة أربع ذي الحجة، ولم يزل يقصر حتى خرج إلى منى، وكذلك إذا كان عازما على الإقامة لكنها إقامة لا يحددها بل يقول: متى حصل لي كذا سافرت، فهو لا يدري متى تنتهي، يقول: اليوم أخرج، غدا أخرج، فهو مقيم حتى تأتي حاجته، وحاجته لا يدري متى تنتهي، كالذي يلتمس شخصا عليه دين أو له به حاجة، أو يلتمس سلعة ليشتريها ما يدري متى يجدها، أو خصومة لا يدري متى تنتهي، أو ما أشبه ذلك فإنه يقصر ما دام مقيما، لأن إقامته غير محددة، فهو لا يدري متى تنتهي هذه الإقامة، فله القصر، ويعتبر مسافرا، يقصر ويفطر في رمضان ولو مضى على هذا سنوات. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (164).

أما من أقام إقامة طويلة للدراسة أو لغيرها من الشؤون وهو يعزم على الإقامة مدة طويلة فهذا الواجب عليه الإتمام، هذا هو الصواب الذي عليه جمهور أهل العلم الأئمة الأربعة وغيرهم أنه يتم، فإذا أقام أكثر من عشرين ليلة، عزم على الإقامة أكثر من عشرين ليلة وجب عليه الإتمام للدراسة وغيرها، واختلف العلماء فيما إذا كانت الإقامة تسعة عشر يوما أو خمسة عشر يوما، فذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقصر إذا كانت الإقامة تسعة عشر يوما، جاء ذلك عن جماعة من أهل العلم، ولكن المعتمد في هذا كله هو أن الإقامة تكون أربعة أيام فأقل، هذا هو الذي عليه الأكثرون، وفيه احتياط للدين وبعد عن الخطر في هذه العبادة العظيمة التي هي عمود الإسلام، فنصيحتي لإخواني المسافرين للدراسة وغيرها أن يتموا الصلاة، وألا يقصروا وأن يصوموا رمضان، وألا يفطروا إلا إذا كانت الإقامة قصيرة أربعة أيام فأقل، أو كانت الإقامة غير محددة لا يدري متى تنتهي لأن له حاجة يطلبها لا يدري متى تنتهي كما تقدم، فإن هذا بحكم المسافر، هذا هو أحسن ما قيل في هذا المقام، وهو الذي عليه أكثر أهل العلم، وهو الذي ينبغي فيه الاحتياط للدين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (¬1)» ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم (27819).

ويقول: «فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه (¬1)» وإقامته صلى الله عليه وسلم في مكة تسعة عشر يوما عام الفتح محمولة على أنه لم يجمع عليها، ولكنه إنما قام لإصلاح أمور الدين، وتأسيس توحيد الله في مكة، وتوجيه المسلمين إلى ما يجب عليهم، فلا يلزم من ذلك أن يكون عزم على هذه الإقامة، فقد يحمل على أنه أقامها إقامة لم يعزم عليها، وإنما مضت به الأيام في النظر في شؤون المسلمين، وإصلاح ما يحتاج إلى إصلاح، وإقامة شعائر الدين في مكة المكرمة، وليس هناك ما يدل على أنه عزم عليها حتى يحتج بذلك على أن المدة تسعة عشر يوما كما جاء ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهكذا إقامته في تبوك عشرون يوما ليس هناك ما يدل على أنه عازم عليها عليه الصلاة والسلام، بل الظاهر أنه أقام يتحرى ما يتعلق بحرب الروم، وينظر في الأمر، فليس عنده إقامة جازمة لذلك، لأن الأصل عدم الجزم، بالإقامة إلا بدليل وهو مسافر للجهاد والحرب مع الروم، وتريث في تبوك هذه المدة للنظر في أمر الجهاد، وهل يستمر في الجهاد ويتقدم إلى الروم أم يرجع، ثم اختار الله له سبحانه أن يرجع إلى المدينة، وصار الجهاد بعد ذلك على يد الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، برقم (52)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، برقم (1599).

المقصود أنه ليس هناك ما يدل على الجزم على أنه نوى الإقامة تسعة عشر يوما في مكة، ولا أنه نوى الإقامة الجازمة في تبوك عشرين يوما حتى يقال: إن هذه أقل مدة، إنها أقصر مدة للإقامة، بل ذلك محتمل كما قاله الجمهور في تحديد الإقامة بأربعة أيام فأقل، إذا نوى أكثر منها أتم، وفيه احتياط للدين، واحتجاج بإقامته صلى الله عليه وسلم في مكة عام حجة الوداع؛ فإنه أقام أربعة أيام لا شك أنه عازم على الإقامة فيها من أجل الحج من اليوم الرابع إلى أن خرج إلى منى. وقال جماعة من أهل العلم: إنها تحدد الإقامة بعشرة أيام؛ لأنه أقام عشرة أيام في مكة لحجة الوداع. وأدخلوا بذلك إقامته في منى وفي عرفة، وقالوا: إنها إقامة تكون المدة عشرة أيام المعزوم عليها، وهذا قول له قوته وله وجاهته، لكن الجمهور جعلوا توجهه من مكة على منى شروعا في السفر لأنه توجه إلى منى ليؤدي مناسك الحج، ثم يسافر إلى المدينة، وبكل حال فالمقام مقام خلاف بين أهل العلم، وفيه عدة أقوال لأهل العلم، ولكن أحسن ما قيل في هذا وأحوط ما قيل هو ما تقدم من قول الجمهور، وهو أنه إذا نوى الإقامة في بلد أكثر من أربعة أيام أتم، وإن نوى أقل قصر، وإذا كان ليس له نية محدودة، يقول: أسافر غدا، أسافر بعد غد، لأن له حاجة يطلبها لا يدري متى تنتهي فإن هذا في حكم السفر، والله ولي التوفيق.

والمسافر للدراسة أو في دورة تدريبية مثل ما تقدم ننصحه بالإتمام، يتم الصلاة ولا يقصر، ولا يفطر، وهكذا السفراء في أي بلاد؛ لأن حكمهم حكم المقيمين إلا أن تأمرهم الدولة بالرجوع، فهم حكمهم حكم المقيمين يتمون ويصومون، وهكذا المسافر للدراسة أو لدورات يعلم أنها تطول مدتها فإنه في حكم المقيم.

بيان القول الراجح في مدة القصر

21 - بيان القول الراجح في مدة القصر س: اختلف العلماء في المدة التي يجوز للمسافر القصر فيها فمنهم من قال: أربعة أيام فأقل، ومنهم من قال: لم يحدد الرسول صلى الله عليه وسلم مدة معينة، فما الأصح الذي عليه الدليل (¬1)؟ ج: هذه المسألة مثل ما قال السائل فيها خلاف بين أهل العلم، والذي عليه الفتوى وهو الأقرب التحديد بأربعة أيام، فإذا كانت النية أربعة أيام فأقل فله القصر كما أقام النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أيام في مكة قبل ذهابه إلى منى وهو يقصر في حجة الوداع، قال العلماء: وهذه إقامة متيقنة، قصر فيها عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أن المسافر إذا عزم على الإقامة أربعة أيام أو أقل فإنه يقصر، يصلي ثنتين الظهر والعصر والعشاء، أما إذا كانت المدة أكثر فإن الواجب أن يتم، لأن الأصل هو ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (188).

الإتمام، هذا هو الأصل في صلاة المقيم، فالواجب أن يتمسك بالأصل فيصلي أربعا، وهذا هو الذي قاله الجمهور، وهو الذي نفتي به لما فيه من الحيطة.

س: نرجو توضيح مسألة صلاة القصر في السفر، هل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتم الصلاة في السفر؟ وهل تخضع صلاة السفر للمسافة والمدة؟ نرجو توضيح هذه المسألة مع الأدلة من الكتاب والسنة، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر يصلي الرباعية ركعتين: الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين حتى يرجع من سفره، هذا هو المحفوظ عنه عليه الصلاة والسلام. وروي عنه أنه كان يقصر في الصلاة ويتم، ولكنه ليس بمحفوظ، والمحفوظ عنه في الأحاديث الصحيحة أنه كان في السفر يقصر حتى يرجع، أما المغرب فإنه يصليها على حالها ثلاثا سفرا أو حضرا، وهكذا الفجر كان يصليها ثنتين سفرا أو حضرا، ويصلي مع الفجر سنتها القبلية ركعتين خفيفتين، أما سنة الظهر وسنة المغرب وسنة العشاء فكان يتركها في السفر عليه الصلاة والسلام، فينبغي للمؤمن أن يفعل ما كان يفعله عليه الصلاة والسلام في السفر. والسفر عند أهل العلم هو ما بلغ من ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (149).

المسافة يوما وليلة – يعني مرحلتين - هذا الذي عليه جمهور أهل العلم، ويقدر ذلك بنحو ثمانين كيلو تقريبا لمن يسير في السيارة، وهكذا الطائرات، وفي السفن والبواخر، هذه المسافة وما يقاربها تسمى سفرا، وتعتبر سفرا في العرف السائد بين المسلمين، فإذا سافر الإنسان على الإبل أو على قدميه أو في السيارات أو في الطائرات أو في المراكب البحرية هذه المسافة أو أكثر منها فهو مسافر. وقال بعض أهل العلم: إنه يحد بالعرف ولا يحد بالمسافة المقدرة بالكيلومترات، بل ما يعد سفرا في العرف يسمى سفرا ويقصر فيه، وما لا فلا، والصواب ما قرره أهل العلم أنه يحدد بالمسافة، هذا هو الذي عليه أهل العلم، فينبغي الالتزام بذلك، وهو الذي جاء عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وهم أعلم الناس بدين الله، وهم أعلم الناس بسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام.

س: السائل: ش. ع يقول: كنت أقصر الصلاة في السفر بعدة المدة التي قضيتها في المنطقة التي ذهبت إليها وهي ما يقارب من شهرين أو ثلاثة على حد علمي بمدة القصر، فما حكم صلاتي التي صليتها قصرا في سفري وما يجب علي (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (431).

ج: صلاتك صحيحة، وليس عليك إعادة، لأنه ذهب جمع من أهل العلم إلى أن المسافر يقصر ولو طالت مدته لظاهر بعض الأحاديث، وهو قول قوي، ولكن الأحوط للمؤمن إذا كان واثقا إذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام في بلدة من البلدان أو قرية أو في البر أن يتم إذا عزم على إقامة أكثر من أربعة أيام هذا هو الأحوط الذي عليه الجمهور، ولكن لو قصر أخذ بالقول الثاني فلا إعادة عليه ولا حرج عليه. لكن السنة أن يتحرى ما هو الأحوط له، فإذا عزم على الإقامة أكثر من أربعة أيام في منزله في البر أو في قرية أو بلد من البلدان فالأفضل له أن يصلي أربعا. هذا هو الأحوط له، فينبغي تحري ذلك، ولا يصلي وحده بل يجب أن يصلي مع الناس أربعا في المساجد، لا يصلي وحده، إذا كان في بلد وجب عليه أن يصلي مع الناس أربعا.

س: المسافر أكثر من أربعة أيام وهو يعرف ذلك هل يقصر الصلاة من أول يوم أو بعد انتهاء اليوم الأول أم يقصر أربعة أيام متوالية (¬1)؟ ج: إذا أقام المسافر إقامة يعزم عليها أكثر من أربعة أيام فإنه يصلي أربعا إذا عزم عزما جازما على أنه يقيم في بلدة معينة: مكة، المدينة، أو غير ذلك أكثر من أربعة أيام فإنه يتم، هذا عند جمهور أهل العلم أما إذا ما كان عنده جزم يحسب بعد يومين بعد ثلاثة، بعد أربعة بعد خمسة، عنده ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (330).

تردد فهذا يقصر الصلاة، وله الجمع حتى يجزم على أكثر من أربعة أيام، إذا جزم أمسك من حين يجزم يصلي أربعا صلاة الجمع إذا كان معه أحد، أما إذا كان وحده فيصلي مع الجماعة لا يصلي وحده، يصلي مع الجماعة؛ لأن الجماعة واجبة، والقصر سنة، فهو لا يترك الواجب من أجل السنة، يعني يلزمه أن يصلي مع الناس ويتم، لكن لا بأس أن يصلي قصرا ويجمع في مكان إقامته أربعة أيام فأقل، وهكذا في أثناء السفر.

س: متى يحق للمسافر القصر والجمع وكم المدة؟ وإذا نوى الشخص السفر وجمع وصلى الظهر والعصر جمعا، ثم وصل إلى البلد الذي يريده هل يحق له الجمع والقصر على الرغم من أن مدة بقائه في هذا البلد لا تزيد عن أربعة أيام؟ وهل إذا زادت عن الأربعة أيام يجوز له القصر والجمع أم لا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: السفر بينه العلماء والصحابة رضي الله عنهم أنه مسافة يوم وليلة للمطية، فإذا سافر إلى كل من بلد أو قرية هذه المسافة يوم وليلة، أي مطية مدة أربع وعشرين ساعة هذا سفر يقصر فيه الصلاة، وله الجمع الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، وإذا نزل في بلد ويريد القرار بها يوما أو يومين أو ثلاثة أو أربعة فله القصر وله الجمع إلا أن يكون واحدا فيصلي مع الناس أربعا ولا يقصر، لأن الجماعة واجبة، فعليه أن يصلي. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (325).

مع الناس جماعة ويكون معهم، لأن المسافر إذا صلى مع المقيم يجب عليه الإتمام، أما إذا كانا اثنين أو أكثر فله أن يصلي وحده جمعا أو قصرا، وله أن يصلي مع الناس ما دامت المدة أربعة فأقل، فإن كانت أكثر من ذلك نوى الإقامة أكثر من ذلك فإنه يصلي أربعا.

حكم الأذان والإقامة في الجمع بين الصلاتين

22 - حكم الأذان والإقامة في الجمع بين الصلاتين. س: من أسئلة هذا المستمع يقول: سماحة الشيخ، ما الصواب في هاتين المسألتين: الجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، الجمع بينهما بأذانين وإقامتين (¬1)؟ ج: السنة بأذان واحد وإقامتين، هذه سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الحج، وفي أسفاره، يؤذن للمغرب والعشاء أذانا واحدا، وللظهر والعصر أذانا واحدا، ويقيم لكل واحدة، هذا هو السنة إذا صلى المغرب والعشاء جمعيا، أو الظهر والعصر جميعا في السفر، وهكذا في الحج أذان واحد وإقامتان كما ثبت ذلك من حديث جابر رضي الله عنه ومن أحاديث أخرى. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والخمسون من الشريط رقم (430).

مسألة في الجمع والقصر

23 - مسألة في الجمع والقصر س: الأخ: س. م. م. ع. مصري مقيم في العراق، يسأل ويقول: هل يجوز لإنسان أن يصلي قصرا لمدة ثلاثة أيام أم هل هناك مدة محددة بالنسبة لصلاة القصر (¬1)؟ ج: المسافر يقصر أربعة أيام على الصحيح، الذي قاله جمهور أهل العلم، إذا كان أراد الإقامة أربعة أيام فأقل، يعني أراد الإقامة جازما بها أربعة أيام فأقل في أي محل، في سفره، مثلا قد سافر إلى العراق لحاجة وعزم أن يقيم في العراق، في بغداد أو في البصرة أو نحوهما أربعة أيام أو أقل، له أن يقصر، يصلي الرباعية ثنتين: الظهر ثنتين، العصر ثنتين، العشاء ثنتين. أما إن كانت النية أكثر من ذلك، قد عزم أن يقيم خمسة أيام أو عشرة أيام هذا يصلي أربعا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقام في حجة الوداع أربعة أيام يقصر في حجة الوداع في مكة، قدمها في الرابع من ذي الحجة، وتوجه إلى منى في الثامن، فصارت إقامته أربعة أيام وهو يقصر عليه الصلاة والسلام، فإذا كانت إقامته مثل ما أقام النبي صلى الله عليه وسلم في مكة فإنه يقصر، أما إذا أقام إقامة طويلة خمسة أيام فأكثر - يعني أكثر من أربعة أيام - فهذا إذا عزم عليها يصلي أربعا، وهكذا ما يكون في ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (176).

الإقامات العارضة في الطريق وهو مسافر، يقصر يوما، يومين، ثلاثة في الطريق، كلما أقام يقصر، يصلي ثنتين. أما الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء فالأفضل تركه إذا كان مقيما، أما إذا كان في حاجة إلى الجمع يجمع، والحمد لله، أو كانت الإقامة يسيرة نزل في محل إقامته يسيرة، ثم ارتحل بعد زوال الشمس يجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم، أو ارتحل قبل غروب الشمس فإنه يؤخر المغرب مع العشاء جمع تأخير، أو ارتحل قبل الزوال يؤخر الظهر مع العصر جمع تأخير، لأنه أرفق به فلا بأس بذاك.

مسألة في تحديد مدة السفر لجمع الصلاة وقصرها

24 - مسألة في تحديد مدة السفر لجمع الصلاة وقصرها س: إذا كانت الإقامة في السفر أكثر من أربعة أيام يا سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: إذا كانت الإقامة، إذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام يتم، وبعض أهل العلم يقولون: ما دام في نية السفر له القصر ولو طالت المدة. لما جاء في الأحاديث من إطلاق، ولأنه قصر والمدة أكثر من أربعة أيام أقام في مكة تسعة عشر يوما وهو يقصر، وأقام في تبوك وهو يقصر عليه الصلاة والسلام، قالوا: هذا يدل على أن المسافر ما لم ينو الإقامة المطلقة، فإنه يقصر، واحتجوا بهذا، والجمهور يقولون: إنه صلى الله ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (411).

عليه وسلم أقام في مكة وفي تبوك إقامة لم ينوها، لا يدري متى يتيسر له السفر هذا يقصر، فإذا الإنسان نزل منزلا ولا يدري متى يرتحل، ينتظر جماعة يفدون إليه، أو ينتظر شيئا آخر ولا يدري متى يرتحل فهذا يقصر ولو أقام شهورا، لأنه لا يدري متى يرتحل، وهذا هو الذي حمل عليه الجمهور إقامة النبي في تبوك وفي مكة، لأنه أقام لإزالة أثر السيل في مكة، وأقام في تبوك على نية غزو الروم، ثم اختار الله الرجوع ولم يمض، فحمله الجمهور على أن هذه الإقامة لم يعزم عليها بل هو متردد وينتظر شيئا.

حكم جمع وقصر الصلاة للمسافر إذا نوى الإقامة شهرا

25 - حكم جمع وقصر الصلاة للمسافر إذا نوى الإقامة شهرا س: يسأل المستمع: ص. ع. من الأردن ويقول: أسافر إلى بلد أجنبي، والمدة من شهرين إلى أربعة أشهر، وأنا لا أحدد المكوث هناك، فمثلا أسافر يا سماحة الشيخ إلى هذه البلدان في إحدى المرات وبنية أن أمكث شهرا واحدا لظروف قاهرة فأمكث ثلاثة أشهر فبالنسبة للصلاة الجمع والقصر كيف تكون في مثل هذه الحالة (¬1)؟ ج: إذا أجمعت الإقامة أكثر من أربعة أيام فالذي عليه جمهور أهل العلم أنك تتم، مكثت شهرا أو شهرين أو عشرة أيام فجمهور أهل العلم على ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (392).

أنك تصلي أربعا، أما إذا كانت الإقامة التي أجمعتها أربعة أيام فأقل فلا مانع أن تصلي ركعتين قصرا إلا أن تكون وحدك فعليك أن تصلي مع الجماعة أربعا، لا تصلي وحدك، لأن الجماعة واجبة، فعليك أن تصلي مع الجماعة وتتم أربعا، أما إذا كان معك أصحاب تصلون جميعا قصرا فلا بأس ثنتين إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل، أما إذا عزم المسلم على الإقامة أكثر من أربعة أيام فالأكثرون من أهل العلم على أنه يتمها أربعا ولا يجمع، واحتجوا في هذا بقصة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فإنه صلى الله عليه وسلم أقام أربعا يقصر الصلاة حين قدم مكة في اليوم الرابع من ذي الحجة، وقصر الصلاة حتى توجه إلى منى اليوم الثامن، وهذه الأيام قد أقامها ومع هذا قصر فيها، فإذا أقام المسافر أربعة أيام فله أن يقصر، وإذا أقام أكثر، نوى إقامة أكثر فإنه يتم، هذا هو الأصل، الأصل في المقيمين الإتمام، فإذا نوى أكثر من أربعة أيام أتم ولم يقصر ولم يجمع، أما إن كانت إقامته ما هي محددة، لا يدري هل يقيم ثلاثة أو خمسة أو شهرا، لحاجة لا يدري متى تنقضي، فهذا له حكم السفر، له أن يقصر وله أن يجمع، له حكم المسافر؛ لأنه لم يجمع الإقامة إذا كان معه أصحاب، أما إذا كان وحده فإنه يصلي مع الناس ولا يقصر، يصلي مع الناس في الجماعة في المساجد، يصلي أربعا؛ لأن الجماعة واجبة.

س: نقوم بالسفر من المحافظة التي نوجد بها إلى المحافظة الأخرى التي تبعد مسافة سبع ساعات بالقطار السريع، حوالي ثلاثمائة وخمسين كيلو مترا، وفي هذا السفر نجلس بالشهر الكامل لكي نحضر المحاضرات بالجامعة، وفي هذه المدة نقصر الصلاة ونجمع في الصلاة، فهل هذا صحيح يا سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: إذا كنتم تجلسون مقيمين ناوين الإقامة شهرا فالذي عليه الجمهور أنكم تتمون لا تقصرون، لأنكم قد أقمتم إقامة طويلة أكثر من أربعة أيام، جمهور أهل العلم أن الإقامة إذا زادت عن أربعة أيام ونوى أكثر من أربعة أيام فإنه يتم، لأن الأصل في حق المقيم أن يتم، هذا هو الأصل، وإنما السفر عارض، فإذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنه يتم، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نوى الإقامة إقامة أربعة أيام في مكة في حجة الوداع، لما قدم صبيحة رابعة ذي الحجة نوى أربعة أيام، ثم خرج إلى منى وعرفات في اليوم الثامن والأصل في حق المقيم أنه يتم الصلاة، هذا هو الأصل في حق المقيم وذهب بعض أهل العلم إلى أن المسافر يقصر ما دام في السفر ولو طالت إقامته حتى يرجع إلى بلاده، هو قول قوي، ولكن الأحوط في حق المؤمن في مثل هذا أن يتم، إذا نوى أكثر من أربعة أيام يتم أخذا بالحيطة وأخذا بالقول الأكثر من أهل العلم. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (359).

مسألة في جمع وقصر الصلاة في بلد غير مسلم

26 - مسألة في جمع وقصر الصلاة في بلد غير مسلم س: يسأل م. ح. فيقول: كنت في صحة جيدة، وكنت دائما أسافر لطلب الرزق في بلاد غير إسلامية، وكان الظهر يؤذن ولا أستطيع الصلاة لعدم وجود أماكن للوضوء فكنت أصل إلى الفندق وأتوضأ وأصلي الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، والفجر أصليه حاضرا، فهل علي شيء فيما كنت أفعل (¬1)؟ ج: أولا ننصح الأخ بعدم السفر إلى بلاد الكفرة، وأن تكون التجارة في بلاد إسلامية لا يظهر فيها الشرك والشر، جاهد نفسك في ذلك، واحذر لعلك تسلم، لعلك تنجو، وإذا كنت مسافرا لأي بلد فلك أن تجمع بين الصلاتين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير ما دمت في حال السفر، إذا كان السفر لا تتخلله الإقامة الطويلة، أما إذا وجدت إقامة طويلة فإنك لا تجمع بل تصلي أربعا، وتصلي الصلاة في وقتها إذا كانت الإقامة التي عزمت عليها في البلد تزيد على أربعة أيام قد عزمت عليها، فالذي عليه أكثر أهل العلم أنك تصلي أربعا ولا تجمع، أما إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل، أو كنت مترددا لا تدري هل تقيم أربعة أو أكثر أو أقل فإنه لا حرج عليك أن تصلي قصرا، وتجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (329).

والقصر معناه أن تصلي الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين، يعني هذا القصر. والجمع معناه: تضم المغرب إلى العشاء، والظهر إلى العصر، هذا هو الجمع. وإذا كان حولك مسلمون فصل معهم جماعة في الحجرة التي أنت فيها، في الفندق، في أي مكان، أحرص على الجماعة إذا تيسرت، وإذا كان هناك مسجد فصل معهم، لا تصل وحدك، صل معهم وأتم أربعا، لأن الجماعة لازمة، أما إن كنتم اثنين أو ثلاثة فلا بأس أن تصلوا وحدكم قصرا في حال السفر، وإن صليتم مع الجماعة فصلوا أربعا، وفق الله الجميع.

حكم الترخص برخص السفر للطلاب المبتعثين أثناء إقامتهم للدراسة

27 - حكم الترخص برخص السفر للطلاب المبتعثين أثناء إقامتهم للدراسة. س: هذا الطالب: إ. أ. يقول في هذا السؤال الذي بعثه من أمريكا يقول فيه: الذاهبون للدراسة من الطلاب يا سماحة الشيخ هل يأخذون حكم المسافر في قصر الصلاة وفي الإفطار في رمضان وغيرها حتى ولو امتدت مدة الدراسة إلى زمن طويل (¬1)؟ ج: قد تنازع العلماء في هذه المسألة كطالب العلم المسافر لطلب العلم، أو السفير الذي يقيم مدة في البلد ثم يرجع، أو التاجر يذهب بتجارة ثم ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (391).

يرجع على قولين للعلماء: أحدهما: أن من سافر فله القصر مطلقا حتى يرجع وإن طالت المدة سنة أو سنتين أو أكثر ما دام لم يرد الإقامة إنما أقام لحاجة من تجارة أو طلب أو سفارة أو ما أشبه ذلك. والقول الثاني: الذي عليه الجمهور أنه إذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام يتم ولا يجمع، وهذا هو الذي عليه العمل ونفتي به، لأنه الأحوط والأقرب لقواعد الشرع، فمن أقام مدة تزيد على أربعة أيام ناويا لها فإنه يتم الصلاة أربعا سواء كان طالبا أو تاجرا أو سفيرا أو غير ذلك، ولا يجمع بين الصلاتين، له حكم المقيمين؛ لأن الأصل وجوب الإتمام، والأصل في حق المقيم أن يتم، هذا هو الأصل، صار في هذا في إقامة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، أقام أربعة أيام لانتظار القيام بأعمال الحج، وهي الرابع والخامس والسادس والسابع، ثم خرج يوم الثامن إلى منى، ثم بعدها عرفة، فصارت الإقامة التي يجزم بها أربعة أيام، ثم خرج إلى أداء المناسك، وهذا الخروج بدء للسفر عند الجمهور لأنه بإنهاء أعمال الحج سافر صباح يوم الرابع عشر، وقال قوم: عشرة أيام؛ لأن الرسول أقام عشرة أيام في حجة الوداع، وهي الأربعة أيام التي قبل الحج وأيام الحج، الجميع عشرة من الرابع إلى الرابع عشر. وقال قوم: تسعة عشر يوما. قاله ابن عباس رضي الله عنهما؛

لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقام في مكة تسعة عشر يوما. قال: فإذا أقمنا تسعة عشر يوما قصرنا، وإذا زدنا أتممنا. ولكن القول الراجح والأقرب والأحوط أنه متى أقام أكثر من مدة أربعة أيام فإنه يتم ولا يجمع احتياطا للدين وعملا بالسنة كلها.

س: السائل يقول: إنه في منطقة القصيم، وجاء إلى الرياض للدراسة لمدة ثلاث سنوات، هل يجوز أن أقصر الصلاة هذه المدة، وهل يجب علي أن أفعل السنن الرواتب (¬1)؟ ج: الواجب أن يصلي مع الناس، يصلي مع الناس أربعا في المساجد ما دام نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام عند جمهور أهل العلم، يجب عليه أن يصلي مع الناس أربعا، ويسن له أن يصلي الرواتب قبل الظهر أربعا تسليمتين، وبعدها ركعتين، وإن صلى بعدها أربعا كان أفضل، يصلي أربعا قبل العصر هذا أفضل، ليست راتبة لكنه أفضل، يصلي أربعا قبل العصر تسليمتين للحديث الصحيح: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬2)» بعد المغرب تسليمة ركعتان، بعد العشاء تسليمة ركعتان، قبل ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (366). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، برقم (5944)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر برقم (430).

الفجر تسليمة ركعتان، كل هذه رواتب، السنة أن يصليها ولا يقصر بل يتم مع الناس، لأن هذه المدة طويلة.

مسألة في حكم صلاة الطلاب الذين تبعد عنهم المدرسة مسافة قصر

28 - مسألة في حكم صلاة الطلاب الذين تبعد عنهم المدرسة مسافة قصر س: أنا طالب جامعي أدرس في جامعة تبعد عن مدينتي مائة وخمسين كيلو مترا، وأرجع إلى مدينتي كل أسبوع أو أسبوعين، وأثناء الدراسة أسكن في المدينة الجامعية، فهل أعتبر نفسي مسافرا وأقصر الصلاة، وأحرص فقط على ركعتي الفجر والوتر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحرص عليهما في السفر؟ أفيدوني عن ذلك (¬1) ج: الواجب عليك أن تصلي صلاة المقيم لأنك مقيم، فعليك أن تصلي صلاة مقيم أربع ركعات، ولست بمسافر، وعليك أن تصوم مع الناس رمضان، لأن المسافر هو الذي يقيم إقامة محدودة أربعة أيام فأقل، فإذا كانت الإقامة أكثر من ذلك عند جمهور أهل العلم فإنه يلزمه الإتمام ويلزمه الصوم، ولا يكون له حكم المسافر، وهذا القول فيه احتياط للدين وبعد عن التساهل، والأخذ بالرخص التي يسعى لها بدون دليل واضح فنوصيك بأن تصلي مع الناس أربعا، وتحافظ على صلاة الجماعة، وتصوم ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (201).

مع الناس رمضان، وألا تعتبر نفسك مسافرا، لأنك مقيم إقامة طويلة لأجل الدراسة وهكذا عند زيارته لأهله ما دام نيته الإقامة عند أهله إذا فرغ من الدراسة، إنما أقام من أجل الدراسة، هذا بلد له ووطن له، أما إذا نوى الانتقال إلى بلد الجامعة وترك وطنه فإذا جاء إلى أهله زيارة فله القصر إذا كانت المدة أربعة أيام فأقل، ولا يصلي وحده، لأن الجماعة متعينة، فيصلي مع الناس أربعا، لكن لو فاتته الجماعة صلى ثنتين، هذا إذا كانت الإقامة محدودة، أربعة أيام فأقل، إذا كان ما عنده نية الإقامة مع أهله إذا انتهى من الجامعة، أما إذا كان إنما أقام من أجل الدراسة ولكن نيته العودة إلى وطنه والبقاء في وطنه فهذا لا يزال وطنيا في وطن أهله. ومن الأدلة على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم انتقل من مكة إلى المدينة وكان مستوطنا بالمدينة، ولما رجع إلى مكة صلى ثنتين، لأنه مسافر قد انتقل من مكة واعتبرها غير وطن له، واعتبر المدينة هي الوطن، فلما رجع إلى مكة في حجة الوداع لم يتم بل قصر.

حكم صلاة من أقام في مجتمع غير مسلم

29 - حكم صلاة من أقام في مجتمع غير مسلم س: أنا طالب أحضر الدراسات العليا في الهندسة في مجتمع غير مسلم في أيرلندا، هل يجوز لي الجمع والقصر في الصلاة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (177).

ج: إذا كنت مقيما في الدولة هذه إقامة معينة فليس لك القصر وليس لك الجمع بل تصلي أربعا، وتصلي كل صلاة في وقتها ما دمت قد نويت الإقامة أكثر من أربعة أيام، تصلي الظهر أربعا، والعصر أربعا، والعشاء أربعا، كل واحدة في وقتها والمغرب في وقتها والفجر في وقتها. هذا هو الواجب عليك، أما لو كنت مقيما إقامة لا تدري متى تنتهي هل هي يومان أو ثلاثة أو أربعة أو أكثر – يعني إقامة ما تعلم مداها - فهذه لا تمنع من القصر، ولا تمنع من الجمع، لك أن تقصر ولك أن تجمع، وهكذا لو كانت الإقامة محدودة بأربعة أيام أو أقل فإنك تقصر فيها إذا شئت وتجمع ولا حرج في ذلك، أما إذا عزم الإنسان على أكثر من أربعة أيام للدراسة أو غير الدراسة أو لحاجة من الحاجات فإنه يكمل أربعا ولا يجمع. أما إذا كانت الدراسة مثلا سبع سنوات فلا يجمع ولا يقصر، ولا يفطر أيضا بل يصوم مع الناس.

حكم جمع وقصر الصلاة لمن أقام في غير بلده للوظيفة

30 - حكم جمع وقصر الصلاة لمن أقام في غير بلده للوظيفة س: أنا مدرس أردني في سلطنة عمان، أسافر لأهلي هناك للتدريس وأبقى سنة أو اثنتين، وأعود إلى وطني في الأردن، فهل في هذه المدة يحق لي قصر الصلاة الرباعية أم أصليها تامة أربع ركعات في هذه المدة رغم أنني لم أتخذ من عمان وطنا لي للإقامة طوال حياتي (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (256).

ج: الواجب عليك وعلى أمثالك أن تصلي أربعا ما دمت عزمت الإقامة مدة التدريس، فعليك أن تصلي أربعا، تصلي مع الجماعة، ولا تجمع بين الصلاتين بل تصلي في كل وقت وتصلي أربعا، وهكذا كل إنسان يقدم بلدا لحاجة ويعزم على الإقامة فيها أكثر من أربعة أيام فإنه يصلي أربعا ويصلي مع الجماعة أربعا، ولا يصلي وحده إذا كان ليس معه إخوة بل يصلي مع الجماعة ويتم معهم أربعا ما دام نوى الإقامة أربعة أيام، أما إذا كانت الإقامة يسيرة يومين ثلاثة، أربعة أو ما عنده جزم ما يدري متى يسافر إنما قدم لحاجة يطلب غنيمة أو يلتمس سلعة يشتريها ليس عنده إقامة معلومة، فهذا له القصر مدة إقامته ما لم يجمع الإقامة أربعة أيام فله القصر لأنه حينئذ مسافر ليس له نية معلومة، لكن يصلي مع الناس أربعا إذا كان وحده وهناك جماعة يصلي مع الجماعة أربعا، ولا يصلي وحده، لأن الجماعة واجبة.

مسألة في حكم صلاة المسافر

31 - مسألة في حكم صلاة المسافر س: سمعت عن صلاة المسافر وأن عليه القصر في الصلاة، ونحن مسافرون ونقيم، لكن زوجاتنا في بلداننا الأصلية حدثوني عن صلاة السفر تلك، لأني لم أسمع بها من قبل؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (209).

ج: صلاة السفر ركعتان في الظهر والعصر والعشاء كما قال الله جل وعلا: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} (¬1). والضرب: السفر، وقوله سبحانه: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} (¬2). هذا عند أهل العلم منسوخ، وليس بشرط لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قصر وهو آمن، فدل ذلك على أنه ليس بشرط إنما هو وصف الأغلب أو منسوخ كما قال جماعة من أهل العلم وليس بواجب، القصر مستحب، فلو صلى أربعا وهو مسافر فصلاته صحيحة كما صلى عثمان الخليفة الراشد بالمسلمين في آخر حياته في حجاته، صلى تماما، فلا حرج في ذلك لكن القصر أفضل، فإذا كان مسافرا فإنه يصلي ثنتين حال سفره، وهكذا لو مر ببلاد وأقام بها يوما أو يومين أو ثلاثة أو أربعة قصر أيضا. فإن عزم على إقامة في البلد أكثر من أربعة أيام فإنه يتم عند جمهور أهل العلم وأكثرهم، أما إذا أقام إقامة لا يعرف متى تنتهي، مر بالبلد وله حاجة، يلتمس إنسانا، أو له خصومة لا يدري متى تنتهي، أو له ضالة ينشدها أو لقطة ينشدها لا يدري متى يجدها فإنه يقصر ولو طالت مدته ما دام لا يدري متى ينتهي، أما إذا عزم على إقامة معلومة أربعة أيام فأقل فإنه يقصر، فإن عزم على إقامة معلومة أكثر من أربعة أيام فإنه يتم عند أكثر أهل العلم. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 101 (¬2) سورة النساء الآية 101

حكم جمع وقصر الصلاة لمن سفره دائم

32 - حكم جمع وقصر الصلاة لمن سفره دائم س: إذا كنت أعمل في سيارة كبيرة ودائما طول السنة في السفر، وأقل مسافة بين مكة وجدة حوالي خمسة وسبعين كيلو مترا، هل يجوز لي الصوم وعدم تقصير الصلاة وأداء السنن الراتبة، وما هي أقل مسافة بالكيلو مترات التي تقصر فيها الصلاة ويفطر فيها الصائم، وإذا أتى على مسجد فهل يصلي معهم (¬1)؟ ج: السنة في السفر القصر والفطر، ومن أتم في السفر أو صام في السفر فلا حرج عليه، إذا أتم وإذا صام لا حرج عليه ولكن الأفضل أنه في السفر يفطر ويقصر، ويصلي الرباعية ركعتين، هذا هو السنة التي كان النبي يفعلها عليه الصلاة والسلام وأصحابه، وكان يصوم في السفر وربما أفطر عليه الصلاة والسلام في السفر، وهكذا كان أصحابه يسافرون ومنهم الصائم ومنهم المفطر، وقد دلت السنة على أن الإفطار أفضل ولا سيما مع شدة الحر، فالفطر أفضل والقصر أفضل بكل حال إذا سافر يقصر ركعتين، والسفر الذي تقصر فيه الصلاة هو ما يعد سفرا عرفا هذا هو السفر هو الذي يحتاج إلى الزاد والمزاد، يحتاج إلى الماء، يحتاج إلى الطعام، إذا سافر الإنسان في الطريق الذي ما فيه قهاوي ولا فيه شيء يحتاج فيه إلى الزاد والمزاد هذا هو السفر، وحده الأكثرون ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (16).

بمسافة يومين قاصدين نحو سبعين كيلو، ثمانين كيلو، هذا سفر، إذا كانت المسافة سبعين كيلو، ثمانين كيلو وما يقارب ذلك هذا يعد سفرا، ويحتاج إلى الزاد والمزاد إذا كان في جهة ليس فيها قهاوي في الطريق، فإن العاقل لا يسافر إليه إلا باحتياط، معه ماء، معه طعام لئلا يتعطل في الطريق، أما الطرق التي فيها القهاوي وفيها المطاعم فالناس لا يحتاجون فيها إلى زاد ومزاد، بوجود ما يكفيهم في الطرقات فلا تعتبر هذه، فالحاصل أن ما كان مسافته من الطريق ما يساوي ثمانين كيلو، سبعين كيلو مثل ما بين الطائف ومكة، وجدة ومكة، كل هذا يعتبر سفرا، وهكذا ما أشبه ذلك يعتبر سفرا لكن لا ينبغي للمؤمن أن يصلي وحده بل يصلي مع الناس إذا وجد مسجدا يصلي معهم، إذا كان جماعة موجودين يصلي معهم أربعا إذا كانوا مقيمين، لا يصلي وحده ثنتين؛ لأن الجماعة واجبة، فالمسافر إذا صادف جماعة مقيمين صلى معهم أربعا، ولا يصلي وحده فإن لم يجد صلى وحده ثنتين لأنها السنة، أو كان معه جماعة مسافرون يصلي هو وإياهم جميعا ثنتين الظهر والعصر والعشاء، أما المغرب فتصلى ثلاثا دائما لا تقصر، والفجر على حالها ثنتان لا تقصر، إنما القصر في الظهر والعصر والعشاء، هذه الصلوات الثلاث هي محل القصر، والله سبحانه وتعالى أعلم.

س: يقول السائل: أنا أسمع برنامجكم كثيرا ولدي بعض الأسئلة التي

تحيرني، أرجو أن تتفضلوا بالإجابة عليها، أنا سائق شاحنة وعلى سفر دائم، وسؤالي هو: صلاتي هل أصليها قصرا أم أصليها في وقتها (¬1)؟ ج: المشروع لك أن تصليها قصرا، كل واحدة لوحدها إذا كنت نازلا في السفر، الظهر ثنتين والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين، أما المغرب فتصلى على حالها ثلاثا ما تقصر، وهكذا الفجر تصلى على حالها ثنتين لا تقصر، فإذا كنت نازلا في السفر للراحة فصل في منزلك كل صلاة في وقتها، وإن شق عليك ذلك جمعت بين الثنتين: بين المغرب والعشاء، وبين الظهر والعصر، أما إذا كنت على ظهر سير وأنت في السفر وارتحلت بعد زوال الشمس فالأفضل أن تصلي الظهر والعصر جميعا جمع تقديم، وهكذا المغرب إذا ارتحلت بعد غروب الشمس من منزلك في السفر تجمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم، تقدم العشاء مع المغرب. أما إن كنت ارتحلت من منزلك قبل الظهر فإن الأفضل أن تؤجل الظهر مع العصر جمع تأخير حتى تستمر في السير، وإذا ارتحلت من منزلك في السفر قبل الغروب تؤجل المغرب مع العشاء جمع تأخير، هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام كما رواه ابن عباس رضي الله عنهما وغيره، أما إذا كنت نازلا، نزلت الضحى ولن ترحل إلا في الليل ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (255).

فالأفضل أن تصلي الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، وهكذا إذا كنت مقيما في الليل تصلي المغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، وإن جمعت بينهما فلا حرج، إن جمعت بين الظهر والعصر وأنت نازل بين المغرب والعشاء وأنت نازل في وقت إحداهما فلا بأس، قد جمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو نازل في تبوك عليه الصلاة والسلام، وفي منى في حجة الوداع لم يجمع في أيام منى، صلى كل صلاة في وقتها وهو نازل في منى عليه الصلاة والسلام. أما إذا كنت في بلدك التي أنت مقيم فيها فلا تصل قصرا ولا تجمع، صل مع الناس أربعا إذا كنت في البلد التي أنت اتخذتها مقاما لك، أنت مثلا في جدة، في المدينة، في دمشق، في بغداد، في أي مكان، المدينة التي أنت مقيم فيها تصلي أربعا ولا تجمع، صل مع الناس في المساجد، فإذا ارتحلت من المدينة مسافرا في سيارتك، وجاوزت البنيان فحينئذ تبدأ في القصر والجمع بعدما جاوزت البنيان من محل إقامتك، خرجت من المدينة وجاوزت بناء المدينة تقصر وتجمع إذا شئت، إذا خرجت من الرياض وجاوزت بناء الرياض تقصر وتجمع إذا شئت، خرجت من القاهرة من دمشق وجاوزت البنيان تقصر وتجمع، وهكذا من بغداد، وهكذا من لاهور، وهكذا من أي بلاد إذا فارقت بنيانها، وصلت إلى البرية الصحراء تعمل برخصة السفر من القصر والجمع، والفطر في رمضان، والمسح

ثلاثة أيام بلياليها على الخفين، أحكام السفر، أما ما دمت في البلد التي أنت مقيم فيها أو هي بلدك وطنك فهذه لا تجمع فيها ولا تقصر، بل صل أربعا مع الناس، وكل صلاة في وقتها مع الناس، وامسح يوما وليلة على الخفين، ولا تجمع، ولا تفطر في رمضان وأنت مقيم في البلد إلا إذا كنت مارا بها غير مقيم فيها، وأنت مسافر تقيم فيها يوما أو يومين أو ثلاثة وأنت مسافر، أو أربعة لك أن تفطر وتقصر إذا كنتم جماعة، أما إذا كنت وحدك لا تقصر، صل مع الناس أربعا، فإن عزمت في البلد أن تقيم أكثر من أربعة أيام فصل أربعا مع الناس، ولا تفطر في رمضان، لأنك الآن صرت في حكم المقيمين بهذه النية عند جمهور أهل العلم.

س: ماذا عن الرجل المسافر على الدوام كأن يكون سائقا بين المدن، هل الأفضل له القصر أم الإتمام، وعلى هيئتها بقية الرخص في السفر (¬1)؟ ج: المسافر الذي من شأنه السفر مثل سائق التكس أو الجمال، إن كان يسافر على الإبل مثل ما مضى من الزمان له القصر مدة السفر، وله الجمع مدة السفر، فإذا وصل إلى بلده لم يقصر ولم يجمع، وإذا وصل إلى بلد يريد أن يقيم فيها أكثر من أربعة أيام لم يقصر ولم يجمع، أما ما دام في السفر أو في حكم السفر ولو أن طبيعته السفر، ولو أنه دائم الأسفار، ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (256).

فالحاجة تعمه بنص القرآن والسنة، كلاهما يعمه ويعم غيره، فالإنسان الذي من عادته السفر لأنه جمال، لأنه صاحب تكس، له أن يقصر في سفره، وفي مدة إقامته في البلد التي يمر بها إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل، إلا أنه لا يصلي وحده إذا لم يكن معه ركاب وعنده جماعة يصلي مع الجماعة، ويتم معهم إذا كانوا متمين كما تقدم في السؤال السابق.

حكم جمع وقصر الصلاة والإفطار لمن يجتاز مسافة القصر يوميا من أجل عمله

33 - حكم جمع وقصر الصلاة والإفطار لمن يجتاز مسافة القصر يوميا من أجل عمله س: السائل يقول: الذي يخرج كل يوم إلى عمله بالمدينة التي يقيم فيها إلى مدينة أخرى تبعد عنها أكثر من مائة كيلو متر ويرجع في نفس اليوم، هل يجوز له القصر والجمع في الصلاة والإفطار في رمضان؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا يجوز له القصر في طريقه وفي محل العمل لأنه مسافر، إذا كان لا يقيم يرجع فهو مسافر لكن لا يصلي وحده، يلزمه أن يصلي مع الجماعة ويتم، أما إذا كانوا جماعة وصلوا قصرا فلا بأس، أما إذا كان واحدا فلا يصلي إلا مع الجماعة ويتم، ولا يجوز له القصر لا في الطريق ولا في البلد التي يعمل فيها إذا كان وجد معه شخص آخر فأكثر فإنهم ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (368).

يصلون جماعة، فإن كان الإمام مسافرا قصر معه، وإن كان مؤتما أتم معه، والواحد لا يصلي وحده إذا كان عنده جماعة آخرون يتمون وجب أن يصلي معهم ويتم، فإن صلى خلف إمام يقصر في الطريق أو في البلد التي يعمل فيها قصر ولا بأس، المسافر مشروع له القصر.

حكم قصر الصلاة لمن ذهب إلى أطراف البلد

34 - حكم قصر الصلاة لمن ذهب إلى أطراف البلد س: يسأل السائل ويقول: ذهبنا لتوصيل أحد الإخوان إلى مطار الملك خالد في الرياض فأخبرنا أحد الإخوة بأنه يجوز لنا القصر مع أننا لسنا بمسافرين، فصلينا العشاء قصرا وصلى معنا المسافر أيضا قصرا، فهل عملنا صحيح، وهل علينا إعادة علما بأن المطار يبعد عن منزلنا حوالي ستين كيلو مترا (¬1) ج: الذهاب إلى المطار مطار الرياض أو مطار جدة أو ما أشبههما ما يسمى سفرا، هذا من باب التنقل في البلد وأطراف البلد، لا يسمى سفرا، المسافر الذي يرتحل له أن يقصر في المطار قبل أن يركب الطائرة، أما الذي يشيعه المشيعون سيرجعون إلى البلد هؤلاء ليسوا مسافرين في مطار جدة أو مطار الرياض أو ما أشبههما، هذه أشياء تبع البلد ما يسمى صاحبها مسافرا، من ذهب إليها لا يسمى مسافرا، وليس له القصر ولا الجمع. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (421).

حكم من قصر الصلاة في أقل من مسافة قصر

35 - حكم من قصر الصلاة في أقل من مسافة قصر س: السائل: س. ي. من اليمن يقول: أعمل في مدينة صنعاء، وأحيانا أقوم بزيارة أقاربي في مدينة تبعد حوالي خمس وأربعين إلى خمسين كيلو، وأنا أنوي أن أعود في نفس اليوم فهل أجمع الظهر مع العصر وأقصر الرباعية؟ وهل يكون الجمع جمع تقديم أو جمع تأخير جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: الصواب في هذا أنه ليس بمسافر، إذا خرج من صنعاء إلى بلد تقل عن ثمانين كيلو فهو ليس بمسافر، لأن السفر يوم وليلة بالمطية، كما كان في السلف الصالح، ثم جاءت السيارات، فإذا كانت المسافة ثمانين كيلو وما يقاربها فهذا سفر، وإن كان أقل من ذلك فإنه يعتبر نفسه غير مسافر، إذا ذهب إلى القرى التي تبعد عن صنعاء أو غيرها خمسين، أربعين، ستين وما أشبه ذلك هذا ليس بسفر، هذا هو الأرجح عند الأكثر، فلا يقصر ولا يجمع. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (403).

س: يسأل السائل ويقول: هل يحوز للإنسان أن يجمع الصلوات إذا كان يمشي مسافة من عشرين إلى خمسة وعشرين كيلو وهو على دابة (¬1)؟ ج: ليس له الجمع بل يجب أن يصلي كل صلاة في وقتها إلا إذا كان ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (423).

مسافرا، هذا ليس بسفر، إذا كان مسافرا له أن يجمع، أما مسافة عشرين كيلو، خمسة وعشرين كيلو ليس هذا سفرا، السفر ثمانون كيلو فأكثر، هذا هو المعتمد، ثمانون كيلو فأكثر، يوم وليلة للمسافر، يعني يوما وليلة للمطية، فمقدارها ثمانون كيلو تقريبا، فإذا كان بهذه المسافة أو أكثر يقصر ويجمع، أما إذا خرج لنزهة أو لأسباب أخرى عشرين كيلو، ثلاثين كيلو، أربعين كيلو، خمسين كيلو، هذا لا يقصر ولا يجمع، يصلي كل صلاة في وقتها، ويصليها أربعا.

حكم صلاة من سار مسافة قصر ولم يقصر الصلاة

36 - حكم صلاة من سار مسافة قصر ولم يقصر الصلاة س: من السائل: ع. ع. ج. من معهد البريد بالرياض يقول: ذهبنا إجابة لدعوة أخ لنا في مدينة تبعد عن الرياض حوالي مائة وثلاثين كيلو مترا، وفي أثناء الطريق توقفنا لأداء صلاة الظهر، فاختلفنا هل نصليها قصرا أم كاملة علما بأننا لم نكن ننوي أن نصلي معها العصر لأننا سنصلي مع الشخص الذي دعانا صلاة العصر، ماذا يجب علينا؟ أفتونا مأجورين (¬1) ج: هذا سفر، ولكم أن تصلوا في الطريق جمعا وقصرا، لأن السفر ثمانون كيلو فأكثر سفر قصر، فإذا قصر المسافر في الطريق أو جمع فلا حرج في ذلك، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (372).

حكم قصر المرأة للصلاة في بيت والدها إذا كان يبعد عن بيت زوجها مسافة قصر

37 - حكم قصر المرأة للصلاة في بيت والدها إذا كان يبعد عن بيت زوجها مسافة قصر س: هل يجوز للمرأة قصر الصلاة إذا أرادت زيارة بيت والدها الذي يبعد عن بيت زوجها مسافة قصر أم لا؟ وفقكم الله (¬1) ج: نعم، إذا أرادت السفر لزيارة بيت أبيها أو غيره في مسافة قصر فإنها تقصر الصلاة سواء عند أبيها أو عند غير أبيها ما دامت ساكنة في محل آخر عند غير زوجها، فإذا رجعت إلى أبيها تزوره أو إلى أمها أو أخواتها فإنها تقصر، إذا كانت المسافة مسافة قصر وهي يوم وليلة في المشي على الأقدام، على الإبل ونحوها، أما اليوم فهي بمقدار ثمانين كيلو. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (230).

حكم الترخص برخص السفر في سفر النزهة

38 - حكم الترخص برخص السفر في سفر النزهة س: الأخ: ع. م. أ. س، من جدة يسأل ويقول: إذا ارتحل الإنسان للنزهة في مكان ما أو بلد معين وأقام الصلوات منفردا طوال إقامته في ذلك البلد لتعذر إيجاد الجماعة، فهل عليه إثم في ترك الجماعة في هذه الحالة؟ وهل صحيح أنه لا يأخذ برخص القصر والجمع لأنه مسافر من أجل النزهة (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (187).

ج: السفر من أجل النزهة لا يمنع الأخذ بالرخص على الصحيح، فإذا سافر للنزهة في الصحراء لأجل الراحة أو التمتع بالأعشاب والنعمة التي تكون من آثار المطر هذا كله يسمى سفر نزهة، ولا بأس أن يترخص برخص السفر إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل، يصلي ركعتين، ويجمع بين الصلاتين لا بأس. أما إن كانت الإقامة أكثر من أربعة أيام بل عزم عليها فالذي عليه جمهور أهل العلم أنه يتم، يصلي أربعا، والواجب عليه إذا كان واحدا أن يصلي مع الجماعة، وليس له الترخص بل يجب عليه أن يصلي مع الجماعة ويصلي معهم أربعا، أما إذا كان معه آخر أو كانوا جماعة أكثر فيصلون قصرا وجمعا، ولا حرج عليهم إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل قد عزموا عليها، أما إن كانت الإقامة أكثر من ذلك قد عزموا عليها فإنهم يصلون أربعا ويصلون مع الناس في الجماعة. أما إنسان ما يدري عن الإقامة، ليس عنده عزم فهذا يصلي أبدا قصرا، لأنه لا يعلم مدة الإقامة فهو في سفر، فإذا كان لا يدري يمشي اليوم يمشي غدا بعد غد، ما عنده شيء يوجب عزما على مدة معلومة، مثلا إنسان يطلب رجلا في البلد لعله يدركه، أو له خصومة ما يدري متى تنتهي، أو له حاجة لا يدري متى تنتهي، فهذا له حكم السفر ما دام بهذه الحالة ولو طالت المدة، فإذا صلى وحده صلى ثنتين، وإذا صلى مع

المسافرين صلى ثنتين، وإذا صلى مع المقيمين صلى أربعا لأنه في حكم السفر إلا إذا صلى مع المقيمين أو تغيرت النية بأن عزم بعد ذلك على الإقامة أكثر من أربعة أيام، فإنه بتغير النية وبحصول هذا العزم يصلي أربعا، ولو كانت معه زوجته وأطفاله لا يتغير الحكم، الحكم معلق بنيته هو وعزمه هو؛ لأنهم تبع له. وبالنسبة لصلاة الجماعة إذا صلى بهم جماعة يكون قد أدى الواجب. ولا يكون له عذر بأن يصلي بهم جماعة. فالحريم يصلون وحدهم لكن هو يصلي مع الرجال. ولا يكون عذره أن يصلي بهم بل يصلي مع الرجال في مساجد الله، يصلي معهم أربعا، لكن ولو فاتته ولم يدركها مع الجماعة صلى ثنتين إذا كان على ما ذكرنا، إما ليس له مدة معلومة بل لا يدري متى يرتحل، أو له مدة معلومة لكنها أربعة أيام فأقل، وإذا لم يجد جماعة ما عليه شيء: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1). المهم إذا وجدت جماعة يصلي فيها. ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16

س: رسالة من الأخ: ي. ع. ي. من المنطقة الشرقية يقول: أسأل فضيلتكم عن الموضوع: كثيرا ما نشد مع البدو الرحل من منطقة الربع الخالي متجهين شمالا ونحن في السيارات وكل يوم نمشي مسافة عشرين كيلو وما فوقها قليلا، وأحيانا ننزل قبل منتصف النهار،

فهل يجوز لنا القصر مع العلم أن الرحلة سوف تستغرق شهرا؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كانت الرحلة إلى مكان بعيد ثمانين كيلو مترا فأكثر فإن هذا سفر، ولو نزلتم في أثنائه بعض المنازل إذا كان النزول لا يستغرق أكثر من أربعة أيام فإن الجميع مسافرون، فإذا كانت الرحلة فيها نزول في موضع الرعي، مواضع الخير لكن تكون الإقامة أربعة أيام فأقل، ثم ترتحلون وهكذا، وهذا كله سفر ما دام النهاية ثمانين كيلو فأكثر، إذا يجوز لهم القصر والحال ما ذكر. نعم في منازلهم إذا كان المنزل لا يستغرق أكثر من أربعة أيام، يومين، ثلاثة، أربعة، ثم يرتحلون، يعني أن نزولهم لا يزيد على أربعة أيام ثم يرتحلون إلى المحل الثاني، وهكذا. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (347).

حكم صلاة العيدين بالنسبة للبدو الرحل

39 - حكم صلاة العيدين بالنسبة للبدو الرحل س: سائل يقول: نحن في حالتنا هذه يأتينا أي من العيدين ونؤدي صلاته كصلاة المقيمين، فهل عملنا هذا صواب (¬1)؟ ج: صلاة العيد والجمعة في حق المقيمين، ليس على الرحل عيد، أنتم ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (347).

البدو الرحل والمسافرون ليس عليهم عيد ولا جمعة بل يصلون صلاة المسافرين، وليس عليهم عيد.

بيان الإقامة التي تقطع حكم السفر

40 - بيان الإقامة التي تقطع حكم السفر س: إذا خرجت من سلطنة عمان إلى دولة الإمارات، وتبعد دولة الإمارات عن سلطنة عمان أربعمائة وخمسين كيلو مترا، هل يجوز أن أصلي صلاة حضر أم سفر، وأنا أخرج لمدة ستة أشهر أو سنة؟ أجيبوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كنت في الطريق تصلي صلاة مسافر ركعتين، الظهر والعصر والعشاء، وإذا نزلت في الإمارات أو غيرها وأنت تقصد الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنك تصلي أربعا ما دمت مقيما في الإمارات أو غيرها. أما إذا كنت مقيما في الإمارات إقامة غير معينة لا تدري متى ترجع لك حاجات، لا تدري متى تنتهي ولم تعزم على البقاء أربع ليال ولا أكثر ولا أقل فإنك تصلي ثنتين إذا صليت وحدك، وإن صليت مع المقيمين صليت أربعا. وإذا كنت وحدك فالواجب عليك أن تصلي مع الناس في المساجد ولا تصلي وحدك، تصلي معهم أربعا. فإن صليت وحدك صليت ثنتين إذا كنت لم تقصد الإقامة إلا أربعة أيام فأقل، أو كنت لا تقصد إقامة معينة لا ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (181).

تدري ما عندك يقين هل تقيم ثلاثة أو عشرة أو أكثر أو أقل، إذا كان ليس عندك نية معلومة فإنك تصلي ثنتين إلا مع الحضر المقيمين فإنك تصلي أربعا، وعرفت أنه يجب عليك أن تصلي معهم إذا كنت واحدا؛ لأن الجماعة واجبة، فالواجب عليك أن تصلي معهم وتكمل أربعا؛ لأن المأموم يتبع الإمام في ذلك، هكذا جاءت السنة، إذا صلى المسافر مع المقيمين فإنه يصلي معهم أربعا كما ثبت هذا في صحيح مسلم ومسند أحمد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه سئل عن هذا فقال: هذا هو السنة.

س: رجل يعمل في جدة، وأهله بمن فيهم زوجته يسكنون في أبها، أي إن له في جدة بيتا وفي أبها بيت آخر، هل يجوز له القصر فيما إذا سافر من جدة إلى أهله في أبها؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا، ليس له القصر لأنه متأهل في جدة وفي أبها، فإذا كان في جدة لا يقصر، وإذا كان في أبها كذلك ما دام مقيما في جدة للعمل مثلا أو لديه زوجة في جدة فهو مقيم، يصلي صلاة المقيمين، وإذا رجع إلى أهله في بلده أبها أو في بلده الخميس، أو في جيزان أو غيرها فإنه لا يقصر أيضا لأنه في بلده، بل يصلي أربعا. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (179).

أما في الطريق فلا بأس، ما دام في الطريق فهو مسافر، لا بأس أن يصلي ثنتين وأن يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء لأنه في الطريق بينهما مسافر.

حكم جمع وقصر الصلاة لركاب السفينة

41 - حكم جمع وقصر الصلاة لركاب السفينة س: أنا رجل أعمل في القوات البحرية في جدة، أسأل وأقول: نحن بحارة نطلع في السفينة من الميناء إلى البحر لمدة ثلاثة أيام أو أربعة، فهل يجوز لنا قصر الصلوات وجمعها علما بأن طلوعنا لا يبعد عن المدينة كثيرا بل لبعض الأعمال؟ أرجو أن تفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: راكب السفينة أو راكب الأنواع الأخرى من المراكب البحرية مثل راكب السيارة بالبر والقطار في البر، إن كانت المسافة مسافة سفر قصر وجمع، وإلا فلا إذا كانت السفينة حول الميناء حول الساحل ما تذهب بعيدا عشرة كيلو عشرين كيلو أو نحو ذلك هذا لا يقصر، وليس له حكم السفر، أما إذا كانت تذهب بعيدا مما يسمى سفرا كسبعين كيلو، ثمانين كيلو، مائة كيلو أكثر، هذا سفر، لأهلها القصر ولأهلها الفطر والجمع بين الصلاتين؛ لأنهم مسافرون، كالذي خرج إلى البرية لمسافة نحو ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (83).

ثمانين كيلو، سبعين كيلو، تسعين كيلو، مائة كيلو، سبعين كيلو، تقريبا يوم وليلة للمطية سابقا.

حكم جمع وقصر الصلاة لركاب الطائرة في المطار قبل الركوب

42 - حكم جمع وقصر الصلاة لركاب الطائرة في المطار قبل الركوب س: الأخ من القصيم: أ. أ، يقول: بالنسبة للصلاة في الطائرة إذا كانت ستقلع قبل الظهر، ما هي أحكام قصر الصلاة في مثل هذه الحالة؟ هل أصلي الظهر والعصر وأنا في المطار أم أنتظر حتى أصل (¬1)؟ ج: إذا كنت في المطار خارج البلد لا بأس أن تصلي الظهر والعصر جمع تقديم إذا صار الوقت قد دخل، مثل مطار الرياض ومطار جدة خارج البلد تصلي في المطار، تجمع بين الصلاتين ولا بأس - والحمد لله - إذا كان قد دخل وقت الظهر أو وقت المغرب. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (429).

حكم الصلاة في الطائرة

43 - حكم الصلاة في الطائرة س: يقول السائل: هل تجوز الصلاة في الطائرة (¬1)؟ ج: إذا دعت الحاجة إليها أو نافلة، أما الفريضة إذا تيسر أنه يصلي قبل أو بعد فهو الأحوط حتى يصلي قائما. أما إذا دعت الحاجة إلى ذلك بأن صار السفر طويلا يصلي على حسب حاله ولو الفريضة، لكن يصلي إلى ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (427).

القبلة، يدور مع القبلة حيث دارت ولو صلى جالسا: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1). لكن إذا تيسر له في الطائرة أن يصلي قائما ويركع ويسجد وجب عليه ذلك، ويدور مع الطائرة في الفريضة خاصة، أما النافلة فلا بأس أن يصلي قاعدا، ويصلي بجهة سيره كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل على ناقته، يصلي إلى جهة سيره في النافلة. ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16

كيفية أداء الصلاة في الطائرة

44 - كيفية أداء الصلاة في الطائرة س: كيفية الصلاة بالطائرة أو القطار ذلكم أن الراكب يتعرض لأشياء كثيرة من الاهتزاز والانحراف يمينا وشمالا عن القبلة، وجهوا الناس حول هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كان السفر قصيرا صلى الإنسان في البلد الذي قصده، إن كان سفره قبل دخول الوقت، وإن كان سفره بعد دخول الوقت صلى قبل أن يسافر في المطار أو غيره، أما إن كان السفر طويلا فإنه يصلي في الطائرة، أو في القطار - والحمد لله - ولا يترك الصلاة حتى يخرج الوقت يصليها على حسب طاقته إلى القبلة، ويدور مع القطار، ويدور مع الطائرة حيث دارت، ويصلي قائما إن استطاع، فإن لم يستطع صلى ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (168).

جالسا، يدور مع القبلة مثل صاحب السفينة، صاحب الباخرة، كل منهم مأمور بطاقته، فالله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1). فإذا استطاع أن يقوم في وسط الطائرة، وفي وسط الباخرة، وفي وسط القطار أو في أي مكان منه قام وصلى قائما، وركع وسجد، وكمل صلاته مستقبل القبلة، فإذا كانت الطائرة أو القطار أو الباخرة تدور دار معها إلى القبلة في الفريضة، وهكذا في النافلة في القطار أو الطائرة، لأنه يشق أن يدور معها في النافلة، ولأنه صلى الله عليه وسلم في النافلة كان يصلي على راحلته حيث كان وجهه في النافلة، وكان إذا أراد الإحرام كبر إلى القبلة، ثم صلى إلى جهة سيره على الراحلة، لكن ذكر بعض أهل العلم أن الدوران مع القبلة على الراحلة يصعب لأن وجهه إلى جهة سيره يدبر الدابة، فيصعب عليه أن يلتفت إلى القبلة عليه أن يلتفت إلى القبلة، لكن في القطار وفي الطائرة وفي السيارة الأمر بيد غيره، ليس هو الذي يصرف القطار أو الطائرة، فبإمكانه يدور مع الطائرة ولو في النافلة، فليس مثل راكب البعير أو البغل أو الفرس أو الحمار في السفر، بل هو أقدر على الدوران مع القبلة حتى في النافلة، فإذا دار في النافلة لأنه يستطيع ذلك فعل ذلك كما يفعله في الفريضة، أما إن لم يستطع ذلك الدوران ويخاف أن تفوته النافلة التي يجب أن يصليها كصلاة الضحى والتهجد بالليل في ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16

الطائرة ونحو ذلك فلعل في الأمر سعة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى جهة سيره في النافلة، وقد يشق ملاحقة القبلة في الطائرة في حالة التهجد بالليل ونحو ذلك، قد يشق عليه ذلك، فلعله إذا صلى إلى جهة سيره في النافلة خاصة لعله يعفى عنه إن شاء الله إلحاقا للطائرة بالبعير ونحوه الذي كان يصلي عليه النبي صلى الله عليه وسلم إلى جهة سيره، لكن إن أمكنه أن يستقبل ويدور في النافلة فعل ذلك خروجا من الخلاف وعملا بما قاله بعض أهل العلم في هذا الباب، أما الفريضة فلا بد من الدوران فيها، إذا لم يتيسر له أن يصليها في الأرض قبل السفر أو بعد السفر بأن كانت الرحلة طويلة، ولا يتمكن من صلاتها في الأرض فإنه يصليها في القطار أو في الطائرة، لكن يدور مع القبلة في الفريضة، وإن قدر قائما صلى قائما، وإن لم يستطع صلى جالسا {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1). ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16

س: أرجو أن تعطوني فكرة عن الصلاة في الطائرة، وأيهم أفضل الصلاة في الطائرة أم تأجيل الصلاة إلى حين الوصول إذ نصلي جمع تقديم أو جمع تأخير حسب الأحوال (¬1)؟ ج: تجوز الصلاة في الطائرة أو في الباخرة أو في السفينة أو في القطار أو ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (336).

في السيارة إذا دعت الحاجة إلى ذلك. ويصلي إلى القبلة في الفريضة، يدور في الطائرة وفي الباخرة مع القبلة، يسأل عن اتجاهها ولا يصلي إلى غير القبلة ويدور إليها حتى يصلي إلى القبلة وهو في مكانه، أما النافلة فيصلي إلى جهة سيره، والأفضل أن يحرم إلى القبلة عند الإحرام ثم يصلي إلى جهة سيره في الباخرة، في السفينة، في الطائرة، لكن إذا كان في الطائرة، إذا كانت مدتها قليلة بحيث يمكن أن يصلي في الوقت أجل الصلاة إلى وقت النزول، إذا كان مثلا يمكن أن تصل الطائرة قبل خروج وقت العصر – أي قبل أن تصفر الشمس - فإنه يؤجلها حتى يصلي في المطار صلاة كاملة، هذا أفضل له، وهكذا إذا كانت صلاة المغرب يمكن أن تنزل الطائرة قبل غروب الشفق – آخر وقت المغرب - لا بأس، وهكذا في العشاء يمكن أن يؤخر المغرب والعشاء حتى تنزل الطائرة قبل نصف الليل، فتأخيرها أفضل ويصليهما جمعا. أما الطيران الطويل لمدة طويلة فإنه يصلي في الطائرة على حسب حاله، كالمتوجه إلى أمريكا وإلى بلاد بعيدة فإنه يصلي في الوقت حسب طاقته، وإذا كان يستطيع القيام يقوم، إن كان لا يستطيع يصلي وهو جالس –والحمد لله - لكن يتابع القبلة، هذا في الفريضة، أما النافلة يصلي جهة سيره والحمد لله، إلا إذا تيسرت القبلة صلى إلى القبلة.

س: السائل أبو عبد الله يقول: إذا كان الإنسان مسافرا لجدة، وأقلعت

الطائرة قبل أذان العصر بربع ساعة، فهل يصلي بالطائرة أم يصلي عندما يصل إلى جدة مع العلم بأن المسافر قد يصل بعد غروب الشمس (¬1)؟ ج: الواجب عليه أن يصلي في الطائرة، ولا يؤخر الصلاة عن وقتها، فإن استطاع أن يقف صلى واقفا قائما، وإن لم يستطع صلى جالسا إلى القبلة، القبلة أمامه ما دام متوجها إلى جدة، القبلة أمامه فيصلي إلى القبلة، ويصلي قاعدا إذا لم يستطع قائما، صلى قاعدا، وإن استطاع القيام وجب عليه القيام، ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد الوقت إلى أن تصفر الشمس. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (421).

حكم قصر الصلاة للمسافر في المطار

45 - حكم قصر الصلاة للمسافر في المطار س: كنا في رحلة طلابية، وقبل أن تقلع الطائرة صليت العصر قصرا، وعند العودة صليت العشاء قصرا قبل دخول وقت العشاء فما حكم عملنا هذا، وهل صلاتنا صحيحة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كان المطار خارج البلد خارج البنيان وقد عزمتم على السفر فالصلاة في المطار قصرا في الرباعية لا بأس به؛ لأنكم باشرتم السفر، ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (251).

وقد قصر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي الحليفة وهو في طريق المدينة بعدما غادر المدينة عليه الصلاة والسلام، فإذا كان المطار مثل المطار الجديد هنا في الرياض خارج البلد فلا بأس أن يقصر المسافر فيه الصلاة عند القدوم، والمسافر القادم ما بعد وصل للبلد فله أن يصلي في المطار العشاء أو الظهر أو العصر قصرا، والذي سافر وخرج من البلد وانتظر الإقلاع وصلى الظهر قبل أن يقلع أو العصر أو العشاء قبل أن يقلع قصرا ركعتين لا بأس بذلك، أو جمع بين المغرب والعشاء كذلك لا حرج، لأنه باشر السفر بوصوله إلى المطار الذي هو خارج البلد.

س: رسالة بعث بها أحد الإخوة المستمعين يسأل سماحتكم عن حكم من سافر إلى مكة وفي أثناء الطريق وافق صلاة العصر والمغرب ثم العشاء علما بأنه في الطائرة، وفي بعض الأوقات كان في المطار وكان مشغولا بأمور هامة ولم يستطع تأديتها لوجود النساء معه، فهل يأثم على تأخيرها أم لا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: أما العصر فيصليها في المطار قبل السفر، أما المغرب والعشاء فلا مانع من تأجيلهما، إذا سافر قبل الغروب يؤجل المغرب مع العشاء جمع تأخير، أما إذا كان في المطار فيصلي والحمد لله، يصلي العصر في وقتها، والمغرب في وقتها والحمد لله، فإن ارتحل قبل الغروب جمع جمع تأخير. ¬

_ (¬1) السؤال الخمسون من الشريط رقم (338).

حكم جمع وقصر الصلاة للمسافر

46 - حكم جمع وقصر الصلاة للمسافر س: يقول السائل: نحن نسافر في نزهة في بعض الأيام، هل لنا يا سماحة الشيخ أن نقصر ونجمع مع أننا في نزهة برية نجتمع وليس لنا شغل؟ هل نقصر فقط الصلاة ونصلي كل فريضة في وقتها أم نقصر ونجمع (¬1)؟ ج: الأفضل عدم الجمع، تصلون كل صلاة في وقتها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع لما نزل في منى صار يقصر ولا يجمع؛ لأنه مقيم مستريح، فالإنسان إذا كان مستريحا فالأفضل له عدم الجمع وهو مسافر، يصلي كل صلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء، هذا هو الأفضل، وإن جمع فلا حرج؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع في تبوك وهو نازل عليه الصلاة والسلام، لكن في السفر الذي فيه راحة كونه لا يجمع وهو مستريح، تصلي كل صلاة في وقتها هذا أفضل وأولى، وإن جمع فلا حرج، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (421).

بيان أحكام السفر

47 - بيان أحكام السفر س: يقول السائل: حدثونا عن أحكام السفر سماحة الشيخ، جزاكم

الله خيرا (¬1) ج: السفر له أحكام منها الفطر في رمضان، ومنها قصر الصلاة في السفر، والجمع بين الصلاتين في السفر، كل هذا من أحكام السفر، والمسح على الخفين ثلاثة أيام بدل يوم وليلة في الإقامة، هذا كله في السفر، يمسح المقيم يوما وليلة، والمسافر ثلاثة أيام بلياليهن على خفيه، وعلى عمامته المحنكة، إذا سترت رأسه ولبسها على طهارة، يصلي قصرا ثنتين، الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين، ويجوز له الجمع وهو نازل، كل هذا من أحكام السفر، وله أن يفطر في رمضان. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (421).

حكم اقتران جمع وقصر الصلاة في جميع أحوال السفر

48 - حكم اقتران جمع وقصر الصلاة في جميع أحوال السفر س: رجل سافر ولم يكن يعلم كم سيبقى في البلدة التي سافر إليها، فجمع وقصر صلواته حتى ارتحل إلى منطقة أخرى ليست أيضا محل إقامته، والسؤال: هل الجمع والقصر مقترنان على الدوام؟ وهل يستمر الرجل في القصر والجمع معا أم يكتفي بالقصر دون الجمع؟ أفيدونا رعاكم الله، وأرجو أن يكون ذلك مفصلا (¬1) ج: القصر سنة من سنن السفر، سنة مؤكدة، وهو أن يصلي ركعتين، الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين، هذا يسمى القصر، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (186).

كان النبي صلى الله عليه وسلم يقصر يصلي ركعتين عليه الصلاة والسلام حتى يرجع، فالذي قصد قرية ولا يعلم ماذا يقيم فيها هل يقيم فيها يومين أو ثلاثة أو أربعة أو أكثر هذا السنة أن يقصر اثنتين للرباعية، الظهر والعصر والعشاء إذا كان وحده؛ أما إذا كان هناك جماعة فإنه يصلي مع الناس أربعا، ولا يصلي وحده؛ لأن الجماعة واجبة، أما إذا كان معه أصحاب فإنه يصلي ثنتين، وإن صلوا مع الجماعة صلوا أربعا ما داموا لا يعلمون مدة إقامتهم، أما الجمع فهو رخصة ليس مثل القصر، إن احتاج إليه فعله وإلا تركه، فإذا كان على ظهر سير مسافر جمع الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، أما إذا كان مستريحا نازلا فالأفضل أن يصلي الظهر وحدها، والعصر وحدها، والمغرب وحده، والعشاء وحدها، كل صلاة في وقتها، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي كل صلاة في وقتها كما فعل في منى في حجة الوداع، كان يصلي كل صلاة في وقتها، وهكذا في غالب أسفاره إذا أقام يصلي كل صلاة في وقتها، أما إذا دعت الحاجة إلى الجمع لكونه على ظهر سير أو لأجل المشقة في عدم الجمع فإنه يصلي الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا، إذا دعت الحاجة إلى ذلك لبرد أو قلة ماء أو ما أشبه ذلك من الأسباب.

حكم جمع الصلوات الخمس في السفر

49 - حكم جمع الصلوات الخمس في السفر س: هل يجوز للمسلم إذا كان مسافرا سفر طويلا أن يجمع الصلوات

الخمس في آخر اليوم (¬1)؟ ج: هذا منكر عظيم لا يقوله أحد من أهل العلم، يجمع الصلوات الخمس؟ لا، ليس له ذلك وإنما يجمع بين الظهر والعصر فقط في وقت إحداهما، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما، أما الفجر فلا تجمع إلى غيرها، تصلى في وقتها دائما في السفر والحضر قبل طلوع الشمس، أما الظهر والعصر فلا مانع من جمعهما قبل أن تصفر الشمس، يصلي الظهر مع العصر بعد دخول وقت العصر، لكن قبل أن تصفر الشمس لا يؤخر أو يقدم العصر معها في السفر جمع تقديم، وهكذا المغرب والعشاء، أما أن يقدم العشاء مع المغرب فيصليهما بعد دخول الوقت، أو يؤخر المغرب ويصليها مع العشاء بعد غروب الشفق وقبل نصف الليل هذا هو المشروع للمسلمين، أما جمع الجميع في آخر النهار فهذا لا يجوز. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (76).

س: هل يجوز جمع الصلوات الخمس وأنا مسافر ولا يوجد عندي ماء للوضوء (¬1)؟ ج: جمع الصلوات الخمس لا يجوز بإجماع المسلمين، كل صلاة في وقتها، يجب أن يصلي كل صلاة في وقتها في الحضر والسفر إلا المغرب ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (256).

والعشاء، والظهر والعصر له جمعهما، أما الفجر فتصلى في وقتها، ولا يؤخر العصر إلى الليل، ولا الظهر إلى الليل، ولا تؤخر المغرب والعشاء إلى نصف الليل، المقصود أن على المؤمن المسافر وغير المسافر أن يصلي الصلوات كما شرع الله، كل صلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، والفجر في وقتها، لكن يجوز للمسافر أن يجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما، وهكذا المريض يجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما، وهكذا في المطر الذي يشق على الناس الخروج فيه إلى المساجد يجمع المغرب والعشاء من أجل المطر والدحض، وهكذا بين الظهر والعصر إذا كان مشقة بسبب المطر والدحض على الأصح من أقوال العلماء، أما جمع الخمس في وقت واحد فهذا لا يقوله أحد من أهل العلم، بل هو باطل، والذي يجمع الخمس في وقت واحد هذا منكر عظيم لا يجوز عند أحد من أهل العلم، وإنما يجوز ما ذكرنا من التفصيل. والتيمم هذا عند عدم الماء، إذا لم يجد الماء في السفر أو كان في حضر محبوس عن الماء ممنوع من الماء فليتيمم، يقول الله سبحانه: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} (¬1). إذا كان ما حوله ماء ولا عنده ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 43

ماء يتيمم، والحمد لله.

حكم جمع وقصر الصلاة في السفر الطويل

50 - حكم جمع وقصر الصلاة في السفر الطويل س: نحن قناص بالصقور، ويأتي علينا وقت نمشي فيه طويلا، ووقت آخر نمكث عدة أيام، فهل يجوز لنا القصر أو الجمع مع العلم بأننا نقصر وقت المكوث لعدة أيام، وأصدقائي يجمعون، فما هو توجيهكم (¬1)؟ ج: إذا كنتم مسافرين سفرا طويلا، ثمانين كيلو أو حولها من بلدكم أو ما يقارب ذلك فأنتم مسافرون، لكم القصر والجمع إلا إذا عزمتم على الإقامة أربعا، ولا تجمعون إلا إذا عزمتم على الإقامة أكثر من أربعة أيام في محل معين من أجل الصيد، أما إذا كنتم لا تجزمون – يعني لا تدرون هل تقيمون يومين أو ثلاثة أو أربعة على حسب الصيد ما عندكم جزم – ولو أتممتم مدة طويلة ما عندكم جزم فالسنة لكم القصر والجمع، أنتم بالخيار، إن شئتم جمعتم وإن شئتم تركتم الجمع، وتركه أفضل إذا كنتم مقيمين بالغين، وترك الجمع أفضل، وكل صلاة في وقتها أفضل، وإن جمعتم فلا حرج ما دامت الإقامة أربعة أيام فأقل، أو غير مجزومة، ما جزمتم عليها ولا طالت فلكم القصر والجمع جميعا. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (322).

حكم قصر صلاة من سافر مسافة قصر إلى مزرعته للنزهة

51 - حكم قصر صلاة من سافر مسافة قصر إلى مزرعته للنزهة س: لي مزرعة تبعد عن الرياض ثمانين كيلو مترا، وكنت أذهب إليها مع محارمي وأولادي، وأقصر الصلاة بينها وبين الرياض وأجمع، وإذا كنت فيها أقصر الصلاة إلا أنه من مدة يسيرة جاءني زوار ورأوني أقصر في مزرعتي، فقالوا: إنها مزرعتك ولا يجوز أن تقصر فيها؟ أرشدوني وفقكم الله (¬1) ج: لا ريب أن هذا سفر، وأنه إذا ذهب إليها له أن يقصر، وله أن يجمع في الطريق هو ومحارمه، أما إذا نزل بها فإن كانت إقامته يومين أو ثلاثة أو أربعة فله القصر والجمع، فإن كانت إقامته أكثر من أربعة أيام ففي المسألة خلاف مشهور بين العلماء، والأحوط ألا يقصر ولا يجمع إذا كانت نيته الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنه يتم أربعا ولا يجمع، هذا هو الأحوط له والخروج من الخلاف، أما إذا كانت إقامته في المزرعة أربعة أيام فأقل فإنه يقصر ويجمع إذا شاء ولا حرج عليه، والقصر أفضل، وهكذا في الطريق قبل أن يصل إليها، إذا صلى في الطريق قصر الصلاة ثنتين، وإن أحب أن يجمع بين الظهر والعصر في الطريق، وبين المغرب والعشاء فلا بأس بلا شك ولا ريب كما دلت عليه السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (19).

مسألة في حكم جمع وقصر صلاة من تكرر سفره لمسافة قصر من أجل عمله

52 - مسألة في حكم جمع وقصر صلاة من تكرر سفره لمسافة قصر من أجل عمله س: م. ع. ك. يقول: أنا موظف حكومي، عملي بعيد عن أهلي علما أني أقوم بزيارة أهلي بعد كل أسبوعين، وذلك بعد انتهاء دوام يوم الأربعاء وإن هذه المسافة تستغرق أربع ساعات ونصفا تقريبا، وأرجع إلى مقر عملي يوم الجمعة، المطلوب: هل يصح لي قصر الصلاة وجمعها مثل الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، أم القصر فقط، أم الجمع بدون قصر، أم أصلي كل صلاة على وقتها ولا تشملني رخصة المسافر، وذلك لكثرة تكراري السفر لقصد عملي الأصلي ومكان أهلي علما أنني أمتلك سيارة في حال ذهابي وإيابي وتحت تصرفي الخاص؟ أفيدوني وفقكم الله (¬1) ج: المسافر إذا سافر إلى أهله أو لحاجة يقصر ويجمع ولا حرج عليه ولو تكرر هذا منه، ولو يذهب كل أسبوع أو كل أسبوعين إلى أهله في محل بعيد، إذا كان السفر في محل يعد سفر فلا بأس أن يقصر، يصلي ركعتين الظهر والعصر والعشاء، ولا بأس أن يفطر في رمضان في الطريق إذا كان السفر طويلا، لا بأس عليه في ذلك ولا حرج، فله الجمع وله القصر، وله الإفطار في السفر، إذا كانت المسافة تعد سفرا كالذي يعمل في ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (3).

الرياض ويسافر إلى القصيم أو يسافر إلى حائل، أو إلى الوشم، إلى شقراء إلى كذا وكذا، هذا كله سفر، ما دام في سفر فله الإفطار إلا إذا تعمد السفر من أجل الفطر، إذا قصد من أجل الفطر فلا يجوز هذا لأن هذا تحايل، أما إذا كان السفر لحاجته لزيارة أهل أو لأجل حاجاته فلا حرج في ذلك، وله أن يصلي الظهر ركعتين إذا كان في سفره، الظهر في سفره، والعصر في سفره، وله أن يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، لا بأس بذلك لكن إذا سافر أول النهار مفطرا ثم وصل إلى أهله في النهار فإنه يمسك، لأنه وصل إلى وطنه، يمسك ويقضي هذا اليوم الذي أفطر فيه، وإن صام في الطريق حتى لا يقضي ولم يفطر فلا حرج، الصوم جائز، والفطر جائز والحمد لله، المقصود كل ما يسمى سفرا فله القصر وله الفطر، لكن إذا كان يصل في أثناء النهار لبلده فإن صام حتى لا يتكلف القضاء فالصوم أحسن له وأولى له من تكلف القضاء، وإن أفطر وأمسك في بلاده إذا وصل فهذا هو الواجب عليه، ويقضي اليوم الذي أفطر فيه، وهكذا الصلوات يقصر الظهر والعصر والعشاء ثنتين، وله الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، يفعل ذلك في كل ما يعد سفرا، ثمانين كيلو، سبعين كيلو، وما يقاربها، كل هذا يسمى سفرا.

حكم الجمع بين الصلاتين في الحضر من غير سبب

53 - حكم الجمع بين الصلاتين في الحضر من غير سبب س: هل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع من غير

مرض أو مطر (¬1)؟ ج: نعم، «ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه جمع من غير خوف ولا سفر ومن غير مطر (¬2)» قال بعض أهل العلم: جمع لعلة أوجبت ذلك إما مرض أو غيره من العلل التي توجب الجمع. وقال بعضهم: إن هذا منسوخ، كان في أول الإسلام ثم نسخ، والمقصود أنه لا يجوز الجمع إلا لعلة. أما الحديث المذكور صحيح لكنه محمول على أنه جمع لعذر أو كان جائزا في الأصل ثم نسخ. قال الترمذي رحمه الله: إن العلماء أجمعوا على عدم العمل به، هذا الحديث، يعني مع عدم العذر، لا يجوز الجمع إلا لعذر كالمرض، كالمطر، كالدحض في الأسواق، الزلق في الأسواق بسبب المطر، يجمع بينهما، الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، أو كان مسافرا، إذا كان في السفر. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (421). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705).

س: سائل يقول: في بعض المساجد يجمعون بين صلاتي الظهر والعصر في وقت الظهر، ويزعمون أن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع بينهما أربعين يوما في المدينة تخفيفا على أمته، نرجو التوجيه في

ذلك، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم صح عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه صلى الظهر والعصر جميعا في المدينة، والمغرب والعشاء جميعا في المدينة من غير خوف ولا مطر ولا سفر (¬2)» لكن لم يحفظ هذا عنه إلا مرة واحدة عليه الصلاة والسلام لا أربعين. فالقول بأنه فعلها أربعين هذا باطل لا أساس له من الصحة، وإنما المحفوظ أنه فعل هذا مرة واحدة، قال بعض أهل العلم: لعله كان لوجود دحض في الأسواق من آثار المطر، أو لوجود مرض عام ووباء عام، أو لأسباب أخرى. قال ابن العباس: لئلا يحرج أمته ويحملها المشقة عنهم. فإذا حصل ما يشق عليهم من مرض، أو دحض - هو آثار المطر في الأسواق - أو ما أشبه ذلك مما فيه مشقة جاز هذا الجمع، أما من غير عذر فالواجب ألا يفعل، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت في المدينة للناس، ووقتها له جبريل في مكة عليه الصلاة والسلام. وقال صلى الله عليه وسلم: «الصلاة فيما بين هذين الوقتين (¬3)» ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (106). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (10856)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في المواقيت، برقم (393)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة، على النبي صلى الله عليه وسلم برقم (149).

وكان يصلي الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، هذا هو المحفوظ عنه في المدينة عليه الصلاة والسلام، فالواجب على المسلمين أن يصلوا كل صلاة في وقتها، وألا يجمعوا إلا من عذر شرعي، وهذه المرة التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم محمولة على أنها كانت لعذر شرعي أراد به دفع الحرج عن أمته عليه الصلاة والسلام بسبب ذلك العذر الذي لم يذكر في الحديث، والواجب على الأمة أن تأخذ بالأمور المحكمة الواضحة، وأن تدع المشتبهات، يقول الله جل وعلا في كتابه العظيم: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} (¬1). فلا يجوز للمؤمن أن يأخذ بالمتشابه الذي ليس فيه وضوح، ويدع المحكم الواضح البين الذي هو صلاته، كل صلاة صلاها في وقتها في حياته صلى الله عليه وسلم في المدينة مدة عشر سنين عليه الصلاة والسلام، وقد وضح للأمة ذلك، وقال: «الصلاة بين هذين الوقتين (¬2)» وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬3)» فلا يجوز أن نأخذ بشيء لم يتضح سببه يخالف الأحاديث الصحيحة والعمل المستمر في حياته صلى الله عليه ¬

_ (¬1) سورة آل عمران الآية 7 (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (10856)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في المواقيت، برقم (393)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة، على النبي صلى الله عليه وسلم برقم (149). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631).

وسلم، بل هذا من اتباع المتشابه الذي لا يجوز لأهل الإيمان، فإذا وجدت علة تسوغ الجمع فلا بأس كالمرض والمطر والسفر ونحو ذلك، فلا بأس بذلك كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام في أسفاره، ورخص للمستحاضة أن تجمع لعذرها، والمريض كذلك معذور، فلا بأس بذلك للعذر الشرعي.

س: يقول هذا السائل: سماحة الشيخ، هل يجوز الجمع بين صلاة الظهر والعصر بدون سفر لأي سبب آخر (¬1)؟ ج: لا يجوز، فقد كان يجوز في الأول، ثم شرع الله الأوقات، فوجب أن تفعل الصلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها إلا لعلة كالسفر يجوز الجمع، أو مرض، أو مطر والدحض يجوز الجمع كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (401).

حكم جمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة

54 - حكم جمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة س: يسأل السائل: م. ح، ويقول: سماحة الشيخ، يقولون بأنه لا يجوز أن نجمع صلاة العصر مع أي صلاة، وبعضهم يقول: الأفضل ألا نجمعها مع الصلوات الأخرى. فما رأي سماحتكم في ذلك (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (413).

ج: العصر تجمع مع الظهر في حق المريض والمسافر جمع تقديم وجمع تأخير، لكن لا تجمع العصر مع الجمعة يوم الجمعة، إذا صلى مع الناس الجمعة لا يصلي معها العصر، يصلي العصر في وقتها. إذا صلى الجمعة مع الناس خارج البلد وصلى معهم الجمعة وهو مسافر يصلي العصر في وقتها. وأما في غير الجمعة يجمع العصر مع الظهر لا بأس إذا كان مريضا يشق عليه عدم الجمع، أو مسافرا لا بأس.

حكم الكلام بين الصلاتين أثناء الجمع

55 - حكم الكلام بين الصلاتين أثناء الجمع س: السائلة أم خالد تقول: بالنسبة لصلاة الظهر والعصر إذا كان الإنسان مسافرا وصلى صلاة الظهر ركعتين، هل يجوز له مثلا أثناء الفصل بين صلاة الظهر والعصر إذا تكلم هل يجوز له، أو عمل شيئا فصل بين الصلاتين (¬1)؟ ج: ما يضر لو تكلم أو قام لحاجة أو شرب أو أكل ما يضر شيئا. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (420).

مسألة في جمع وقصر الصلاة في السفر

56 - مسألة في جمع وقصر الصلاة في السفر س: السائل: ح. س. ع. من سوريا: هل يجوز لي إذا كنت على سفر بعيد ما يقارب أربعمائة كيلو متر هل يجوز أن أجمع صلاة

الظهر والعصر (¬1)؟ ج: المسافر يشرع له القصر، يصلي ركعتين، الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين، هذا هو الأفضل، هذا هو السنة إذا سافر وله الجمع، يجوز له الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء لكن تركه أفضل إذا كان نازلا ليس عليه مشقة، تركه أفضل، أما إذا كان فيه مشقة وهو نازل يجمع، النبي صلى الله عليه وسلم جمع في أسفاره وترك، تارة يجمع وتارة يترك عليه الصلاة والسلام، في حجة الوداع لم يجمع وهو نازل في منى صلى كل صلاة في وقتها وهو في منى، فإذا كان الإنسان نازلا يومين ثلاثة في السفر فالأفضل عدم الجمع إلا إذا كان عليه مشقة، وهو مع أصحابه فلا بأس من الجمع. أما القصر فسنة ولو نازلا يصلي ركعتين إذا كان نزوله أربعة أيام فأقل فإذا عزم على أكثر، عزم على أكثر من أربعة أيام فإنه يصلي أربعا عند جمهور أهل العلم. أما إذا كان لا يدري متى يسافر، ما عنده جزم، قد يقيم يومين أو ثلاثة أو أكثر، ما عنده جزم فهذا يقصر. ولو طالت المدة، يصلي ركعتين، وله الجمع ولو طالت المدة ما دام ما عنده يقين متى يسافر، لأن له حاجه ينتظرها، ما يدري متى يدركها، فهذا حكمه حكم السفر، والسفر يقدر بثمانين كيلو، إذا كانت المسافة ثمانين ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (275).

كيلو وما يقاربها فهذا سفر، وليس السفر أربعمائة كيلو، ولو ثمانين كيلو أو ما يقاربها هذا سفر، إذا كان خارجا عن بلده ثمانين كيلو وما يقاربها، مثل سفر أهل الرياض إلى الخرج، إلى الحوطة، إلى شبه ذلك، كل هذا سفر.

مسألة في الجمع والقصر

57 - مسألة في الجمع والقصر س: إذا سافرت لمسافة تزيد عن مائة وخمسين كيلو مترا وأدركني وقت الظهر، ولظروف ما أخرته إلى وقت العصر، فهل يجوز لي الجمع والقصر في وقت العصر، أم لا يصح ذلك، وإنما الجائز الجمع فقط دون قصر؟ أرجو توضيح ذلك ولكم الشكر (¬1) ج: المسافر يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، ويقصر الظهر والعصر والعشاء، هذا من سنة السفر أن يقصر، يصلي الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين، أما المغرب فيصليها ثلاثا تماما، والفجر كذلك ثنتين، وله أن يجمع بين الظهر والعصر ما دام في السفر ويصليهما في وقت الأولى وهي الظهر، أو في وقت الثانية وهي العصر، أو بينهما، وله أن يجمع بين المغرب والعشاء، فيصليهما في وقت المغرب جمع تقديم، أو في وقت العشاء جمع تأخير، أو بين الوقت في ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والستون من الشريط رقم (63).

آخر الوقت الأول وأول الوقت الثاني، كل هذا لا بأس به والحمد لله، الأمر واسع.

حكم قضاء صلاة السفر في الحضر

58 - حكم قضاء صلاة السفر في الحضر س: يسال المستمع ويقول: لقد سافرت مسافة تقدر بتسعين كيلو مترا، وحضرت صلاة الظهر أثناء الرحلة فأخرتها إلى العصر، ولكن صلاة العصر صليتها في بيتي فنسيت الظهر ولم أذكر ذلك إلا عند النوم، فقمت وصليت الظهر والعصر جمعا وقصرا، هل عملي هذا صحيح (¬1)؟ ج: لا، ليس بصحيح، عليك أن تصلي أربعا لما ذكرت في البلد بعدما عدت عليك أن تصلي الظهر التي نسيتها، تصليها أربعا، أما العصر إذا كنت صليتها في الطريق قصرا ما تعيدها لأنك ناس، قدمتها على الظهر ناسيا فلا عليك شيء، أما الظهر فإنك تصليها أربعا لما ذكرتها، وإذا كنت صليت العصر في البيت ثنتين فعليك أن تعيدها، أما إذا كنت صليتها في الطريق طريق العودة ثنتين ناسيا الظهر فالصلاة صحيحة، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (424).

حكم سفر الشخص وحده دون جماعة

59 - حكم سفر الشخص وحده دون جماعة س: مستمع يسأل ويقول: أردت الخروج من مكة قبل صلاة العصر وبعد

صلاة الظهر مع الجماعة في الحرم، صليت وحدي العصر ثم سافرت، فهل فعلي هذا صحيح (¬1)؟ ج: الواجب عليك أن تصلي مع الجماعة، إذا أدركت الجماعة العصر وأنت موجود تصلي معهم. أما إذا سافرت قبل العصر وصليت وحدك في سفرك فلا حرج إذا كان معك أحد، لكن يكره السفر وحدك أو اثنين، السنة أن يكون السفر ثلاثة فأكثر، أن يكون المسافرون ثلاثة فأكثر لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «الراكب الشيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب (¬2)» إذا تيسر أن يكون معك رفيقان هذا هو الواجب، أما إذا كان ضرورة فلا حرج. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (391). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه برقم (6709)، وأبو داود في كتاب الجهاد، باب في الرجل يسافر وحده، برقم (2607)، والترمذي في كتاب الجهاد، باب ما جاء في كراهية أن يسافر الرجل وحده، برقم (1674)، ومالك في كتاب الجامع، باب ما جاء في الوحدة في السفر، للرجال والنساء برقم (1831).

مسألة في حكم جمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة

60 - مسألة في حكم جمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة س: ذهبنا إلى مكة لأداء العمرة وكنا عازمين – إن شاء الله - بعد صلاة الجمعة أن نسافر إلى بلدنا، فأشار علينا أحد الإخوة أن نصلي

العصر قصرا بعد صلاة الجمعة مباشرة حيث إننا مسافرون مع أننا لم نجلس في مكة سواء ثلاثة أيام، فهل عملنا هذا صحيح؟ وإذا كان غير ذلك ماذا يجب علينا أن نعمل (¬1)؟ ج: جمع العصر بعد الجمعة لا نعلم له أصلا، لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، وقد نص العلماء على أنه لا يجوز، فالواجب أن يقضي العصر الذي جمعه مع الجمعة، الواجب عليه قضاؤها إذا نبه قبل العصر يقضيها بعد العصر، وإذا نبه بعد ذلك يقضيها لأنه جمعها في غير وقتها، قدمها على وقتها، ولا نعلم لهذا أصلا، قال بعض الشافعية وبعض الناس: إنه لا بأس، لكن لا دليل على ذلك، والصواب أن العصر لا تجمع مع الجمعة، وأن من جمعها مع الجمعة فعليه الإعادة، وإن تأخر فيقضيها متى علم أنها تقضى. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (380).

حكم تقديم صلاة العشاء مع المغرب للمسافر إذا كان قد صلى المغرب خلف مقيم

61 - حكم تقديم صلاة العشاء مع المغرب للمسافر إذا كان قد صلى المغرب خلف مقيم س: مسافر صلى مع الجماعة المغرب، فهل يقوم حال التسليم ليصلي العشاء جمعا (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال السابع والخمسون من الشريط رقم (350).

ج: إذا كان مسافرا تلك الساعة صلى العشاء وإلا أخر وصلى مع الناس أفضل له أربعا، لا يصلي وحده، يصلي مع الناس، يجب أن يصلي مع الناس، أما إن سافر الآن، وليس جالسا إلى العشاء يصلي العشاء ثنتين بعد المغرب، والحمد لله.

حكم صلاة الجماعة للمسافرين

62 - حكم صلاة الجماعة للمسافرين س: هل يجوز للمسافر ترك الجماعة إن تيسرت، كأن يكون في مدينة أقام فيها فترة وجيزة (¬1)؟ ج: ليس للمسافر أن يترك الجماعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» فالواجب عليه أن يصلي مع الجماعة ويتم أربعا إذا كانوا مقيمين، أما إن كان مسافرا معه غيره اثنين فأكثر فلهم أن يقصروا؛ لأنهم مسافرون ولهم القصر، وليس عليهم أن يصلوا مع المقيمين إذا كانوا جماعة، والاثنان جماعة فأكثر، أما الواحد فليس له أن يقصر وحده، بل عليه أن يصلي مع الناس ويتم أربعا، لكن لو فاتته مع المقيمين صلى ثنتين لأنه مسافر. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (256). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793).

س: بالنسبة إلى الشخص إذا كان في مكان تقام فيه الصلاة لكن لديه مثلا أناس مسافرون مثله، هل يذهب للمسجد أو يقيم صلاته مكانه (¬1)؟ ج: هم مخيرون، إن صلوا وحدهم صلوا ثنتين، وإن صلوا مع الناس صلوا أربعا، هذه السنة، المسافر إن صلى مع المقيم صلى أربعا، وإن صلى وحده مع أصحابه المسافرين صلوا ثنتين، وهم مخيرون، والقصر أفضل لهم. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (16).

س: هل يمكن للجماعة المسافرة أن تصلي الظهر مثلا قصرا وهم في جماعة (¬1)؟ ج: إذا كانوا مسافرين السنة أن يصلوا الظهر ثنتين، فإن صلوا مع الناس مع المقيمين صلوا معهم، دخلوا معهم في الصلاة، وجب عليهم الإتمام، يصلون أربعا، لكن المسافر إذا صلى خلف المقيم يلزمه أن يصلي أربعا. هكذا جاء في السنة، أما إذا صلوا وحدهم وهم مسافرون الظهر أو العصر أو العشاء فإنهم يصلون ثنتين، هذا هو الأفضل لهم، وإن صلوا أربعا فلا حرج. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (298).

س: السائل: ش. ع. ب، يقول: بالنسبة للمسافر إذا قصر وجمع وأتى المسجد في وقت الصلاة ووجد من كان قبله قد أقاموا الصلاة

وصلوا وهم مقيمون، ماذا يفعل، هل يصلي معهم أم ينتظر جماعة أخرى (¬1)؟ ج: عليك أن تصلي معهم وتتم، تصلي معهم وتكمل الصلاة أربعا إذا كان ظهرا أو عصرا أو عشاء، ولا تنتظر، صل مع الجماعة، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (412).

س: سائلة تقول: سافر رجل من بلد إلى بلد، ووصل إلى البلد قبل صلاة الظهر، ولما أذن للصلاة لم يصل بقصد الجمع بين الظهر والعصر، وجلس في البلد، ولما أذن العصر جمع بين الصلاتين وهو في البلد، وبعد الصلاة ذهب إلى بلده، فهل صلاته صحيحة (¬1)؟ ج: الصلاة صحيحة إن شاء الله، لكنه قد أخطأ وأساء حين صلى وحده، فالواجب عليه أن يصلي مع الناس، لأنه حضر في البلد، ولا يصلي وحده لأن الجماعة فرض، والواجب على من قدم البلد وهو وحده فرد أن يصلي مع الناس ويتم أربعا إذا كان جاء من بلدة بعيدة تعتبر سفرا فإنه يصلي مع الناس أربعا، وليس له أن يصلي وحده، لكن لو فاتته الصلاة مع الناس صلى وحده ثنتين إذا كان جاء من بلاد بعيدة يعتبر سفره منها سفرا شرعيا، أما كونه يصلي وحده فلا يجوز، بل الواجب عليه أن يصلي مع الجماعة ويتم أربعا، لكن لو كان معه صاحب أو أكثر فصلوا ثنتين ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (22).

وجمعوا فلا حرج في ذلك.

س: ما حكم الجمع لمن مر بمدينة ولبث فيها يوما أو يومين (¬1)؟ ج: المسافر إذا مر بمدينة أو قرية ونيته الإقامة فيها يوما أو يومين أو ثلاثة لا حرج أن يقصر ويجمع؛ لأنه مسافر، وهكذا لو نوى أربعا كذلك إلا إذا نوى أكثر من أربع وعزم على الإقامة في البلد التي مر بها أكثر من أربعة أيام فإنه لا يقصر ولا يجمع عند جمهور أهل العلم. ولكن لا يصلي وحده، الواجب عليه أن يصلي مع الجماعة، يصلي أربعا إذا صلى مع الجماعة، لأن الواجب على الفرد أن يصلي مع الجماعة، لا يصلي وحده، وهكذا الواجب على المسافر إذا صلى مع المقيمين أن يصلي أربعا، هكذا السنة، لكن لو كانوا جماعة وصلوا جميعا وقصروا فلا بأس بذلك، وجمعوا لا بأس ما داموا مسافرين ولم يريدوا الإقامة مدة تزيد على أربعة أيام بل يومين، ثلاث لا بأس بذلك أن يقصروا ويجمعوا، أما الواحد فالواجب عليه أن يصلي مع الناس، ويصلي معهم أربعا إذا كانوا مقيمين، ولا يقصرها وحده، ولا يصلي وحده. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (256).

حكم المسافر إذا صلى جمعا وقصرا ثم وصل البلد

63 - حكم المسافر إذا صلى جمعا وقصرا ثم وصل البلد س: إذا كنت مسافرة وجمعت صلاة المغرب والعشاء، ولكن بعد ذلك

توقفت في بلدة ما، وحان فيها وقت صلاة العشاء، فهل أعيدها أم يكفيني ما صليت قصرا (¬1)؟ ج: ليس عليك الإعادة ولا على الرجل إذا صلى جمعا في المغرب والعشاء، ثم قدم البلد والناس لم يصلوا العشاء فليس عليه أن يصلي معهم، فإن صلى معهم فهي نافلة، وهكذا المرأة إذا صلت جمعا في السفر، ثم قدمت البلد التي هي بلدها أو بلد أخرى فلا يلزمها أن تصلي مع الناس؛ لأنها أدت الفريضة، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (202).

س: إذا جمع المسافر والمغرب والعشاء، ثم وصل بلد الإقامة فهل إذا سمع النداء للعشاء هل عليه جماعة (¬1)؟ ج: لا، إن صلى معهم فهو نافلة، وإلا فقد أدي الفريضة، وهكذا لو جمع الظهر والعصر ثم جاء البلد مثل العصر لا يلزمه حضور الظهر والعصر، قد صلاها، لكن إن حضرها مع الناس فهي نافلة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والخمسون من الشريط رقم (355).

س: إذا كان الشخص في سفره وهو قد جمع العصر مع الظهر وقصر أو العكس، أو جمع العشاء مع المغرب أو العكس، فهل له إذا ركب الراحلة أن يقول الذكر المشروع بعد الصلاة مثل أن يستغفر الله ثلاث مرات إلى آخره، ويسبح ويحمد ويكبر الله كلا ثلاثا

وثلاثين، ويختم بالمائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ويقرأ آية الكرسي وسورة الإخلاص والمعوذتين وهو على راحلته، أو يكتب له الأجر بدون ذكرها؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا صلى الجمع وهو في سفره، ثم ركب الدابة أو السيارة يأتي بالأذكار الشرعية، إذا أتى بها في الأرض فالحمد لله، وإن ركب لأن الحاجة ماسة إلى السرعة فإنه يأتي بها وهو في السيارة أو على الراحلة، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (351).

حكم أذكار الصباح والمساء للمسافر

64 - حكم أذكار الصباح والمساء للمسافر س: إذا حضر وقت صلاة المغرب هل يجوز أن يقرأ سورة الإخلاص والمعوذتين وهو قد نوى أن يجمع المغرب مع العشاء، وهل يكتب له أجر أذكار الصباح والمساء وهو لم يذكرها أم لا بد من ذكرها؟ نرجو الإجابة مفصلة، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: السنة أن يأتي بالأذكار الشرعية والدعوات الشرعية الصباح والمساء سواء جمع المغرب مع العشاء أو لم يجمع، السنة أن يأتي بالأذكار ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (351).

الشرعية قبل الصلوات أو بعد الصلوات، يأتي بها في العصر، يأتي بها في الليل، أو بعد صلاة الجمع، الأمر واسع بحمد الله. إذا صلى المغرب جمع معها العشاء، إذا كان في حاجة إلى الجمع لأنه على جناح سير، أما إذا كان مقيما نازلا فالأفضل عدم الجمع، يصلي المغرب، يأتي بالأذكار بعدها الشرعية، يصلي العشاء في وقتها، ويأتي بالأذكار الشرعية، وهكذا الظهر والعصر، أما إذا دعت الحاجة إلى الجمع فإنه يجمع، ثم يأتي بالأذكار الشرعية بعد الثانية، أذكارها، وتسقط أذكار المساء ويأتي بالأذكار الشرعية بعد الثانية، وهكذا، ما يتعلق بالورد، أذكار المساء يأتي به إما قبل الجمع وإلا بعد الجمع، وهكذا في الصباح يأتي بالأذكار الشرعية بعد صلاة الفجر أو بعد طلوع الشمس.

حكم السنن والرواتب للمسافر

65 - حكم السنن والرواتب للمسافر س: السائل: أ. ع. يقول: أيهما أفضل بالنسبة للمسافر، أن يؤدي السنن الرواتب أو يتركها، وكذلك النوافل (¬1)؟ ج: المسافر السنة له أن يدع الرواتب، لا يأتي بها كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، فإنه كان عليه الصلاة والسلام إذا سافر يترك سنة الظهر وسنة المغرب وسنة العشاء، أما سنة الفجر فكان يأتي بها عليه ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (388).

الصلاة والسلام، كان يصلي الفجر ويصلي راتبتها سفرا وحضرا، أما سنة الظهر والمغرب والعشاء فكان يترك ذلك عليه الصلاة والسلام في السفر، أما العصر فليس لها راتبة، لكن كان يصلي قبلها أربعا بعض الأحيان، وربما صلى قبلها ثنتين بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام، ويقول صلى الله عليه وسلم: «رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا (¬1)» فالأفضل في السفر تركها؛ لأنها تشبه الراتبة، أما النوافل الأخرى فالأفضل فعلها مثل سنة الضحى، التهجد بالليل، الوتر، هذا سنة في السفر والحضر، سنة الوضوء، إذا توضأ، هذه نوافل مشروعة في السفر والحضر، كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي سنة الضحى في السفر، وصلاها عام الفتح ثمان ركعات عليه الصلاة والسلام، وكان يتهجد بالليل في السفر ويصلي على بعيره بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام النافلة في السفر، ويوتر على بعيره أيضا عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، برقم (5944)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة قبل العصر، برقم (1271)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الأربع قبل العصر برقم (430).

حكم صلاة النافلة للمسافر بعد الجمعة

66 - حكم صلاة النافلة للمسافر بعد الجمعة س: أ. ع. من الرياض يقول: إذا صلى المسافر الجمعة هل تسقط عنه الراتبة، وإذا وصل هذا المسافر إلى بلد آخر هل تسقط عنه الرواتب (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (360).

ج: إذا صلى المسافر الجمعة يصلي معها أربعا، السنة أربع ركعات تسليمتين، وإذا صلى قصرا فليس لها راتبة، يصلي ثنتين فقط الظهر قصرا، كان صلى الله عليه وسلم لا يصلي راتبة الظهر ولا المغرب ولا العشاء في السفر، الفجر فقط، أما إذا صلى الجمعة وباقي الأوقات مع الناس صلى الرواتب معهم، وبالنسبة إذا وصل المسافر إلى بلد آخر على حسب الحال، إذا بقي فيها أربعة أيام فأقل يصلي ثنتين إلا إذا كان واحدا يصلي مع الناس أربعا، لا يصلي وحده، الجماعة واجبة، لكن إذا كانوا جماعة اثنين أو أكثر وصلوا قصرا سقطت عنهم الرواتب إلا سنة الفجر والتهجد في الليل والوتر، أما إذا كان واحدا يصلي مع الناس، لا يصلي وحده ولو أنه مسافر، إذا كان عنده جماعة يصلي جماعة، يصلي أربعا، لكن إذا كانوا جماعة مسافرين إن صلوا قصرا سقطت عنهم الرواتب، الأفضل تركها إلا سنة الفجر، وإلا التهجد بالليل، فإن صلوا مع الناس جماعة مع المقيمين صلوا أربعا، وصلوا الرواتب.

حكم الجمع بين الصلاتين للمقيم لأجل العمل

67 - حكم الجمع بين الصلاتين للمقيم لأجل العمل س: ما حكم من يجمع بين الصلاتين من أجل العمل؟ وهل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (384).

ج: ليس له الجمع من أجل العمل، بل كل صلاة في وقتها، وإنما جمع النبي صلى الله عليه وسلم لأسباب، إما السفر وإما المرض، أو الدحض والزلق والمرض، أما الجمع بدون سبب ما كان يجمع عليه الصلاة والسلام، وما ورد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما «أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر (¬1)» فهذا محمول على عذر آخر كالدحض والزلق أو المرض، قد استقرت الشريعة على أنه لا يجوز إلا لعذر شرعي. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705).

س: الأخ: م. ص. ن، من مكتبة المستمع بالخبر يسأل ويقول: ما رأيكم في النساء اللائي يجمعن بين الصلوات نظرا لانشغالهن بأمور البيت (¬1)؟ ج: لا يجوز هذا، ليس لهن الجمع، والواجب عليهن أن يصلين كل صلاة في وقتها مثل الناس، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والعشاء في وقتها، والمغرب في وقتها، وهكذا شرع الله سبحانه لعباده. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (142).

مسألة في صلاة أهل الأعذار

68 - مسألة في صلاة أهل الأعذار س: هل يجوز للمرأة أن تجمع بين صلاة العصر والظهر أو أنه لا يجوز؟ وهل يجب عليها أن تؤدي السنة قبل الصلاة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (168).

ج: الرجل والمرأة في هذا الباب سواء، على كل منهما أن يصلي الصلاة لوقتها، فالظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، والفجر في وقتها، على الرجل والمرأة جميعا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت مواقيت، وقال عليه الصلاة والسلام: «الصلاة فيما بين هذين الوقتين (¬1)» فعلى المرأة أن تصلي الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، ولا تجمع بينهما، وهكذا المغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، ولا تجمع بينهما كالرجل، وهكذا الفجر في وقتها إلا بعذر شرعي كالمسافر لا بأس أن يجمع بين الصلاتين، والمريض من الرجال والنساء لا بأس أن يجمع بين الصلاتين، وهكذا في المطر الذي يتأذى به المسلم لا بأس أن يجمع المصلون في المساجد عند وجود الأمطار والدحض في الطرق ما يحصل به الأذى، يشرع لهم الجمع بين المغرب والعشاء، وهكذا بين الظهر والعصر في أصح قولي العلماء تيسيرا من الله عز وجل لعباده، ورحمة لعباده، وهو سبحانه يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته، وهكذا المرأة إذا كانت مستحاضة كما في حديث حمنة بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لها في تأخير الظهر وتعجيل العصر والجمع بينهما، تأخير المغرب وتعجيل العشاء والجمع بينهما من أجل ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (10856)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب في المواقيت، برقم (393)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في مواقيت الصلاة، على النبي صلى الله عليه وسلم برقم (149).

استحاضتها، من أجل استمرار الدم معها. فهذا عذر أيضا، أما امرأة سليمة معافاة ليست مسافرة فليس لها أن تجمع، وهكذا الرجل ليس له أن يجمع إلا بعذر شرعي. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

حكم الجمع بين الصلاتين للسائق

69 - حكم الجمع بين الصلاتين للسائق س: السائل: أ. أ. م. من جمهورية مصر العربية، يقول السائل: عملي سائق، وفي بعض الأوقات أجمع الصلاتين الظهر والعصر، وهذا لكوني مجبرا بذلك، لأني أعمل ثماني ساعات أو عشرا يوميا، فهل يجوز ذلك (¬1)؟ ج: ليس لك الجمع وأنت مقيم، بل عليك أن تصلي مع الناس كل صلاة في وقتها، أما إذا كنت مسافرا في طريق إلى بلد من البلدان فلك الجمع مثل غيرك من المسافرين، أما ما دمت في البلد بين بيتك وبين محل العمل فليس لك أن تجمع بل عليك أن تصلي مع الناس، وليس لك أن تطيع غيرك في معصية الله، بل تصلي مع الناس الظهر في جماعة، والعصر في جماعة ولا تجمع، وهكذا المغرب والعشاء، إذا كان العمل في الليل تصلي مع الناس، وهكذا أصحابك عليهم أن يصلوا في الجماعة، ولا يجوز أن يصلوا جمعا. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (273).

حكم جمع وقصر الصلاة للمريض

70 - حكم جمع وقصر الصلاة للمريض س: هل يجوز للمريض أن يقصر الصلاة ويجمعها (¬1)؟ ج: المريض ليس له قصر الصلاة، إنما هو في حق المسافر خاصة، أما المريض فلا يقصر لكن له أن يجمع الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، يصلي الظهر أربعا، والعصر أربعا جمعا، يصلي المغرب ثلاثا والعشاء أربعا جمعا، وليس له القصر، القصر من خصائص السفر. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (386).

س: من بريدة يقول السائل: هل للمريض أن يجمع في الصلاة، وإن كان كذلك فهل الذي انكسرت رجله وجبست له أن يجمع في الصلاة؟ أفتونا مأجورين (¬1) ج: نعم، المريض له أن يجمع بين الصلاتين، والمجبس مريض له أن يجمع - ولا حرج - بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما، وإن لم يشق عليه صلى كل واحدة لوحدها، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (367).

س: عندي والد كبير السن، ويجمع صلاة المغرب وصلاة العشاء، يصلي المغرب ثم العشاء، وإذا نصحته قال: إنه لا يستطيع أن يبقى على الوضوء، ولا يستطيع أن يقوم في وقت العشاء، فما رأيكم؟

جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كان والدك عاجزا عن الصلاة في وقتها فلا بأس أن يجمع بين الصلاتين، كالمريض وكالشيخ الكبير العاجز الذي حكمه حكم المريض إذا احتاج إلى الجمع فلا بأس، أما إن كان يستطيع أن يقوم العشاء في وقتها والمغرب في وقتها من دون مشقة كبيرة فإنه لا يجمع، وإذا استطاع أن يصلي مع الناس في المساجد وجب عليه أن يصلي مع الناس في المساجد، أما إن كان عاجزا لا يستطيع الصلاة في المسجد ولا يستطيع الصلاة في الوقت الثاني - يعني العشاء - فإن يجمع ولا حرج في ذلك كما يجمع المريض والمسافر. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (132).

س: طلب مني والدي أن أبعث إليكم بهذا السؤال ذلك بأنه يجمع الصلوات، فمثلا يصلي المغرب والعشاء في وقت واحد، فهو يصعب عليه أن يصليها في وقتها، لأنه ضخم الجسم حيث يبلغ وزنه مائتين وعشرين كيلو، وهو يقول: عندما أقف على أقدامي فهي تؤلمني كثيرا، فبماذا تنصحونه؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: يقول الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2). ويقول النبي صلى الله ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (118). (¬2) سورة التغابن الآية 16

عليه وسلم لما اشتكى إليه بعض المرضى: «صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب (¬1)» فإذا كان لا يستطيع القيام يصلي قاعدا، ويصلي كل صلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها والعشاء في وقتها، ومجرد كونه عاجزا عن القيام لا يجعله يجمع بين الصلاتين، أما إذا كان معه مرض يشق عليه تفريق الصلاتين وصلاة كل واحدة في وقتها لمرضه وآلامه هذا شيء آخر، المريض له أن يجمع إذا كان مريضا يتألم بقيام كل واحدة لوجود أمراض معه من حمى أو غيرها من الأمراض التي يحصل بها مشقة عليه بإفراد كل صلاة في وقتها فلا بأس، قد أذن النبي صلى الله عليه وسلم للمستحاضة أن تجمع لأن معها نوع مرض، فالمرض الذي معه آلام حمى أو غيرها له أن يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، أما الفجر فتصلى في وقتها، ولا تجمع إلى غيرها لا قبلها ولا بعدها، وعليه مع ذلك أن يلاحظ قيامه في الصلاة ولو خفيفا، يقرأ الفاتحة وما تيسر معها ولو قليلا وهو قائم، لأنه مأمور بالقيام فإن عجز وشق عليه ذلك صلى قاعدا، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب، برقم (1117) بدون ذكر " فإن لم تستطع فمستلقيا ".

س: السائل س. امرأة كبيرة في السن لا تضبط نفسها من حيث الطهارة، هل لها الجمع بين الصلوات (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (268).

ج: نعم، لا بأس أن تجمع كالمريض لأنها مريضة، فلا بأس أن تجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما، والمغرب والعشاء في وقت إحداهما.

حكم الصلاة في البيوت حال المطر

71 - حكم الصلاة في البيوت حال المطر س: م. د. ع. ي، يسأل سماحتكم عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلوا في رحالكم (¬1)» متى يصلي الإنسان في رحاله؟ وهل هذا القول منسوب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم (¬2)؟ ج: نعم، هذا صحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم في أوقات المطر والدحض، يقول المؤذن: صلوا في رحالكم. عند قوله: حي على الصلاة، حي على الفلاح. يقول: صلوا في رحالكم، صلوا في بيوتكم، أو بعد الأذان: صلوا في بيوتكم. إذا هناك مشقة على الناس من جهة المطر أو الزلق في الأسواق، هكذا فعله ابن عباس رضي الله عنهما في الطائف، أمر المنادي أن ينادي، وأخبر أن النبي فعل ذلك عليه الصلاة والسلام، هذا من باب الرحمة بالمسلمين والشفقة عليهم. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (632)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الصلاة في الرحال في المطر، برقم (697). (¬2) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (306).

حكم الجمع بين الصلاتين في المطر

72 - حكم الجمع بين الصلاتين في المطر س: رسالة من المستمع س. ف. غ، من الأحساء من العيون: أخونا يناقش في قضية فيقول فيها: سماحة الشيخ، أرجو إجابتي على هذا السؤال: هل يجوز الجمع بين الظهر والعصر في أوقات نزول الأمطار أو اشتداد البرد القارص الذي يؤثر على كبار السن؟ لاحظنا في الشتاء وفي بعض المساجد أنها تجمع بين الظهر والعصر، وبعضها لا يجمع إلا بين المغرب والعشاء، وهل هذا ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أما ما بين الظهر والعصر فالبعض يقول: فيه رخصة. والبعض الآخر يقول بعدم الجمع أولى. نريد الإجابة الشافية في هذا الموضوع. جزاكم الله خيرا (¬1) ج: يجوز الجمع في الصحيح من قولي العلماء بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في السفر أو في المرض أو في المطر، كل هذا جائز، وفي الحديث الصحيح «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر (¬2)» وفي لفظ آخر: «من غير خوف ولا مطر (¬3)» فدل ذلك على أن الجمع من المطر أمر ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (326). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705).

معلوم ولا حرج فيه، وإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم ترك الجمع لغير عذر كان يصلي كل صلاة في وقتها، فاستقرت الشريعة على أن الصلاة في وقتها، وأنه لا جمع إلا من عذر، ولهذا علمهم الرسول صلى الله عليه وسلم الأوقات حتى يصلوا الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، والفجر في وقتها، لكن إذا عرض عارض الإنسان من مطر يشق عليه الذهاب إلى المسجد فيجمع الإمام بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في الأصح، وبعض أهل العلم أجازه بين المغرب والعشاء، ولم يجزه بين الظهر والعصر، والصواب جوازه فيهما جميعا إذا دعت الحاجة إلى ذلك، للمرض أو للسفر أو للمطر، إذا نزل مطر واشتد على الناس يشق عليهم، أو دخلوا في الأسواق يشق عليهم السير فيها. والصواب أنه لا حرج في الجمع.

س: في مساء أحد الأيام كنت في مجلس عند رجل، وقد اجتمع ما يزيد على خمسة عشر رجلا لوجود عرس عنده، وكل واحد منا ينوي يسهر يتعلل في هذا المكان، كانت السماء تمطر مطرا متقطعا ليس مستمرا أو وسطا، لا هو بالشديد الغزير ولا هو بالخفيف، وحالة الطقس متوسطة البرودة، وعندما جاءت صلاة المغرب صليناها جماعة في نفس المكان، فقال بعضهم: يجب أن نجمع صلاة العشاء مع المغرب؛ لأن السماء تمطر والطقس بارد علما أننا سنمكث إلى ما بعد صلاة

العشاء، فهل يجوز الجمع والناس في أماكنهم أم لا؟ وفقكم الله (¬1) ج: إذا كان الواقع كما ذكر فلا مانع من الجمع لأنه عذر، وإن صلوا المغرب وحدها وتركوا العشاء لوحدها فلا بأس، المقصود ما دامت السماء تمطر والطقس كما قال شديد البرودة، فبكل حال فالمطر عذر مطلقا ما دام متصلا وليس بخفيف، بل يبل الثياب ويؤذي من يخرج من بيته إلى الطرقات، فهذا عذر شرعي بالجمع بين الصلاتين حتى ولو كانوا في مكانهم؛ لأن الرخصة تعمهم. وإن أجلوا العشاء في وقتها فحسن. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (38).

س: ما حكم جمع صلاة الظهر والعصر في حال المطر (¬1)؟ ج: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، هل يجمع بين الظهر والعصر في حال المطر والدحض أم لا؟ على قولين. والصواب أنه لا بأس كالمغرب والعشاء، فلا بأس أن يجمع الإمام بالناس في الظهر والعصر من أجل المطر الذي يؤذيهم أو الدحض في الأسواق والزلق في الأسواق؛ لأن الله جل وعلا يقول: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} (¬2). ويقول سبحانه: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (¬3). «والنبي صلى الله عليه ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (227). (¬2) سورة البقرة الآية 185 (¬3) سورة الحج الآية 78

وسلم جمع في المدينة من غير خوف ولا مطر (¬1)» وفي رواية: «من غير خوف ولا سفر (¬2)» فدل ذلك على أن المطر مما يسوغ الجمع، وهكذا آثاره من الدحض في الأسواق والطين في الأسواق مما يتأذى به المصلون، هو عذر شرعي أيضا. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705).

حكم جمع الظهر والعصر من أجل العمل

73 - حكم جمع الظهر والعصر من أجل العمل س: أنا عندي عمل مجبرة عليه، أذهب في الثانية والنصف بعد الظهر حتى الساعة الخامسة والنصف أو أكثر، والمسافة التي تقطعها السيارة حوالي اثني عشر كيلو ونصف تقريبا، وفي هذا الوقت تضيع مني صلاة العصر، فأضطر إلى جمعها مع الظهر، وذلك بأن أؤخر صلاة الظهر إلى زوال الشمس ثم أجمعها جمع تقديم بدون قصر، فهل علي إثم في هذا أم أن عملي صحيح؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا يجوز الجمع في هذه الحالة بل تصلي الصلاة في وقتها، العصر في وقتها، والظهر في وقتها، لأن هذا ليس بسفر، عليك أن تصلي العصر في وقتها، والظهر في وقتها؛ فإذا تقدمت للعمل قبل العصر فصلي في الطريق؛ انزلوا وصلوا في الطريق صلاة العصر، وإلا فتأخروا في الرحيل ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (338).

إلى أن تصلوا صلاة العصر، الفريضة مقدمة على الأعمال، لا بد من التحري لما أوجب الله، فإما أن تنزلوا، تصلوا العصر، وإما أن تصلوا قبل السفر، ويكون السفر بعد دخول وقت العصر ليس بسفر الذهاب نعني بذلك.

بيان الضابط في الجمع والقصر عند نزول المطر

74 - بيان الضابط في الجمع والقصر عند نزول المطر س: ما هو الضابط في جمع الصلوات عند نزول الأمطار؟ وجهونا بذلك سماحة الشيخ (¬1) ج: الجمع رخصة عند نزول المطر وعند السفر كذلك، والله جل وعلا يحب أن تؤتى رخصه، فإذا نزل بالمسلمين مطر يشق عليهم معه أداء الصلوات في وقتها، العشاء مع المغرب، أو العصر مع الظهر فلا بأس أن يجمع كما يجمع في السفر، المسافر يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، فهكذا المسلمون في القرى والأمصار إذا نزلت بهم الأمطار فصارت الأسواق فيها الدحض والزلق والسيول فإنهم يجمعون بين المغرب والعشاء جمع تقديم لئلا يشق عليهم الخروج للعشاء مع وجود المطر المتتابع، أو الزلق في الأسواق، والدحض والطين في الأسواق، والظهر والعصر في الجمع بينهما خلاف بين أهل العلم، والصواب أنه لا حرج في الجمع بينهما عند وجود العذر الشرعي، جاز ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (379).

الجمع كما جمع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر وفي الخوف والمرض، يجوز الجمع ولا بأس، والنبي صلى الله عليه وسلم حث الأمة على ما فيه الرفق وما فيه الخير لها، وقال: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته (¬1)» قال ابن عباس رضي الله عنهما: «إن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر (¬2)» وفي رواية: «من غير خوف ولا سفر (¬3)» قيل لابن عباس: ما أراد؟ قال لئلا يحرج أمته؟ (¬4) يعني لئلا تقع أمته في الحرج، فإذا كان هناك مطر أو خوف أو مرض جاء الحرج فلا بأس أن يجمعوا، والحديث هذا قال جماعة من أهل العلم: إنه منسوخ. ولكن الصواب أنه غير منسوخ لكنه محمول على أنه جمع لعذر شرعي. لأنه غير الخوف وغير المطر وغير السفر كالدحض، فإن الدحض عذر شرعي أيضا. إذا كانت الأسواق فيها زلق وطين حول المسجد ويؤذي بعض الجماعة فإن هذا عذر. لو أن بعض الجماعة ما عليهم مشقة لكن بقية الجماعة عليهم مشقة من الطين ومناقع الماء هذا عذر شرعي، وإذا ترك الجمع بين الظهر والعصر خروجا من الخلاف، وصبروا على بعض ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، برقم (5832). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705).

المشقة فهذا حسن إن شاء الله، لكن الدليل يقتضي الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء عند الحاجة والمشقة.

س: ما حكم جمع الصلوات جمع تقديم في المطر، وما الضابط في ذلك؟ مأجورين (¬1) ج: إذا كان المطر يشق على الناس ويكون فيه زلق وطين - دحض - يجمع جمع تقديم المغرب والعشاء، وهكذا الظهر والعصر على الصحيح، لو كانت الطرقات فيها مضرة على المصلين من شدة المطر فإنه يجمع أيضا على الصحيح جمع تقديم؛ لأن الله جل وعلا قال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (¬2). وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يجمع في الحضر من غير خوف ولا مطر ولا سفر، ثم ترك ذلك عليه الصلاة والسلام فصار الجمع إنما هو للعذر، وجمع الصحابة لعذر رضي الله عنهم وأرضاهم في الدحض والمطر. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والستون من الشريط رقم (418). (¬2) سورة الحج الآية 78

س: أحد الإخوة المستمعين بعث رسالة يسأل فيها، فهو يقول فيها: عند هطول المطر وخاصة في المساء يؤذن لصلاة المغرب، وبعد تأدية الصلاة تقام صلاة العشاء جمعا، وذلك رأفة بالمصلين من أجل المطر، هل يجوز ذلك مع أن الوقت تغير عن الماضي وأصبح كل

شيء مجهزا لدى البعض مثل المواصلات وما أشبه ذلك (¬1)؟ ج: الجمع رخصة من الله، فإذا كان وقت المطر لا بأس بالجمع رخصة، يستحب الجمع من أجل الرحمة بالناس والتيسير عليهم، وعدم إلجائهم إلى التأذي بالخروج، ولو لم يجمعوا جاز للإنسان أن يصلي في بيته، وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أمر بالصلاة في البيوت عند وجود المطر، قال: «صلوا في رحالكم (¬2)» فالحاصل أنه إذا صار في وقت مطر أو دحض في الأسواق أو زلق أو طين فإن السنة الجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، ومن لم يجمع أو شق عليه الخروج فله الصلاة في بيته، وهو عذر لترك الجماعة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (299). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (632)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الصلاة في الرحال في المطر، برقم (697).

س: في إحدى المرات كنا عند بعض الجماعة فنزل المطر، وكان ذلك وقت صلاة المغرب، وبعد أن صلينا المغرب قال: أحدهم أقيموا صلاة العشاء. فجمعنا العشاء مع المغرب، ولم أكن أعرف شيئا عن ذلك، ولما سألته قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا نزل خير فاجمعوا. ولم أذكر بالضبط نص الحديث فهل صلاتنا صحيحة؟ وهل ورد ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (171).

ج: الجمع في المطر وفي المرض مشروع، وهو من الرخص التي جاء بها الإسلام. وأما الحديث الذي ذكره لك الشخص: إذا نزل خير فاجمعوا. فهذا لا نعلم له أصلا. ولا يعرف في السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولكنه من عمل السلف الصالح الجمع في المطر، وهكذا دل الحديث على ذلك حيث قال ابن عباس رضي الله عنهما: «إن النبي جمع صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء، والظهر والعصر في غير خوف ولا مطر ولا سفر (¬1)» فدل ذلك على أن الجمع للمطر أمر معلوم كما أن الجمع للسفر أمر معلوم، فإذا كان هناك مطر يشق على الناس أو دحض في الأسواق وزلق في الأسواق يشق على الناس شرع الجمع من باب التيسير على المسلمين والتسهيل عليهم. وقبول رخص الله سبحانه وتعالى، فقد قال عليه الصلاة والسلام: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته (¬2)» وهكذا المريض يجمع إذا وجدت المشقة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، برقم (705). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، برقم (5832).

س: الأخ: ق. يقول: في وقت المطر في الليل متى تجمع صلاة العشاء والمغرب علما أن السكن في حي به إزفلت وإنارة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (169).

ج: تجمع الصلاة في وقت المطر إذا كان هناك مشقة على الجماعة في الطرقات، ولو فيه إزفلت إذا كان فيه مشقة، لأن المطر يمطر، والطرق فيها الماء يؤذي المشاة، فإنه لا بأس بالجمع، بل يشرع لهم الجمع لما فيه من التيسير على الجماعة وعدم إخراجهم في وقت العشاء في وقت الأذان من الدحض والمطر، فأما إذا كان ما هناك مشقة تصلى المغرب وحدها، ولا يجمع العشاء معها، المعول على المشقة، فإذا كان هناك مشقة فالله جل وعلا دفع المشقة بجواز الجمع، أما إن كان المحل لا مشقة فيه ولا شيء عليهم لأن المطر هادئ واقف، والماء ذهب في الطرقات، وليس فيها شيء للمصلين فلا وجه للجمع، لكن ما دام المطر يمطر وهم في الصلاة فلا حرج أن يضم العشاء إلى المغرب دفعا للمشقة عن المصلين في الحارة. س: أخونا يذكر إنارة الشوارع وزفلتتها، لا أدري ما تعليقكم على هذا سماحة الشيخ؟ ج: النور والزفلتة لا يدفع المشقة إذا كان المطر موجودا، فإن الماء الذي يجري في الأسواق يشق على المصلين، والمطر الذي ينزل يشق على المصلين لخروجهم ورجوعهم.

حكم قول المؤذن في المطر صلوا في رحالكم

75 - حكم قول المؤذن في المطر: صلوا في رحالكم س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم الصلاة عند المطر، هل يقول المؤذن: صلوا في رحالكم، وهل يجمعون (¬1)؟ ج: إذا كان فيه مشقة وقال: صلوا في رحالكم. فلا بأس، وإن جمعوا فلا بأس في الظهر والعصر، والمغرب والعشاء إذا كان في المطر وفيه مشقة أو دحض في الأسواق، مشقة في الأسواق، كل هذا جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والخمسون من الشريط رقم (431).

حكم إعادة صلاة العشاء لمن جمعها مع صلاة المغرب جمع تقديم من أجل المطر

76 - حكم إعادة صلاة العشاء لمن جمعها مع صلاة المغرب جمع تقديم من أجل المطر س: يقول هذا السائل: نحن نتعلم في المسجد في كل ليلة بين صلاة المغرب والعشاء، وأحيانا نجمع بين الصلاتين لأجل المطر، فإذا بقينا للدراسة بعد الجمع وقد أدركنا وقت صلاة العشاء هل نعيد الصلاة أم يكفينا ما صلينا مع الإمام (¬1)؟ ج: لا تعاد الصلاة، يكفيكم ما صليتم مع الإمام، وإذا جلستم للمذاكرة والتعلم ودراسة القرآن والعلم كله طيب، والصلاة مضت والحمد لله، صليتم مع الناس، لا تعيدوا شيئا، صلاتكم مع الناس كافية، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الستون من الشريط رقم (430).

حكم من صلى المغرب ثم انتقل إلى مسجد آخر ليجمع العشاء مع المغرب من أجل المطر

77 - حكم من صلى المغرب ثم انتقل إلى مسجد آخر ليجمع العشاء مع المغرب من أجل المطر س: إذا كان فيه مطر كثير، وصليت في مسجد لم يجمع، ولما خرجت سمعت الإقامة لصلاة العشاء، هل يجوز أن أجمع معهم (¬1)؟ ج: ينبغي ألا تجمع؛ لأنك فرقت بينهما تفريقا كثيرا بين المغرب والعشاء، صار الفصل طويلا، فينبغي أن تدع ذلك خروجا من خلاف العلماء، تصلي مع أصحابك العشاء إن شاء الله، ولا تصلي مع هؤلاء لأنك فرقت بينهما فرقا طويلا. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (382).

بيان كيفية صلاة الخوف

78 - بيان كيفية صلاة الخوف س: أرجو أن توضحوا لي وتفيدوني عن صلاة الحرب الخاصة بالعسكريين المتواجدين في ساحة المعركة، هل أن العسكري يصلي دائما صلاة القصر، أو إذا استقر بعض الشيء عن ساحة المعركة يصلي صلاة الحضر مع بقية النوافل والسنن؟ وإذا كانت له الرغبة في ذلك فأيهما أفضل؟ وفقكم الله (¬1)؟ ج: صلاة الحرب مختلفة، إن كان مسافرا ليس في بلده فإنه يصلي صلاة ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (22).

قصر، يصلي ثنتين، الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، والعشاء ثنتين كسائر المسافرين، والسنة لهم أن يصلوها كما صلاها النبي صلى الله عليه وسلم، يصلونها جماعة، والواجب أن يصلوها جماعة مع القدرة بإمام، فيصلي بهم ركعتين، وإذا كان العدو في القبلة يصلي بهم جميعا ويركع بهم جميعا، ثم يسجد بالصف الأول، ويبقى الصف الثاني يراقب لئلا يهجم العدو، فإذا قام الصف الأول من السجود سجد الصف الثاني كما فعله الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك يتقدم الصف الأول ويتأخر الصف الثاني، ويصلي بهم جميعا ويركع بهم جميعا، ثم يسجد بالصف الأول الذي كان مؤخرا في الركعة الأولى، ويقف الصف الثاني الذي هو مقدم في الأولى، يقف ينتظر وينظر ويحرس، فإذا قام الصف الأول من سجوده سجد الصف الثاني، ثم سلم بهم جميعا. هذا نوع من صلاة الخوف، وهناك أنواع أخرى في صلاة الخوف ينبغي أن يراعيها الإمام الذي يصلي بهم. ومنها أنه يصلي بهم، يصلي بطائفة ركعة، ثم تصلي لنفسها الركعة الثانية، وتسلم وتذهب للحراسة، وتأتي الطائفة الأخرى فتصلي معه الركعة الثانية، فإذا فرغ من السجود قامت وقضت ما عليها من الركعة، ثم سلم بها. هذا نوع آخر فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وهناك أنواع أخرى تعرف في كتب أهل الحديث، مثل بلوغ المرام، ومثل منتقى الأخبار، ومثل صحيح البخاري، ومثل صحيح مسلم، ومثل السنن الأربع موضحة فيها أنواع صلاة الخوف، ويجوز أن

يصلي ركعة واحدة، هذا على قول المختار أيضا، ويجوز أن تصلي كل طائفة ركعة واحدة، أو يصلي بهم جميعا ركعة واحده فلا بأس، الحاصل أن صلاة الخوف أنواع معروفة، فينبغي للإمام أن يصلي بهم ما تيسر من الأنواع، التي يستطيعها، فإذا لم يستطيعوا صارت الحرب شديدة، والاختلاط بين العدو وخصمه، فإنهم يصلون رجالا وركبانا ولو بالإيماء، كل يصلي لنفسه مستقبل القبلة، وغير مستقبلها عند الضرورة كما قال الله جل وعلا: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} (¬1). وأما إن كان الحرب في الحضر في بلد الإقامة فإنه يصلي أربعا كسائر المقيمين، ولا يصلي ثنتين، إنما هذا في السفر خاصة أما الذي يحارب في البلد فيصلي أربعا، ولا يصلي ثنتين، في السفر يصلي صلاة السفر ثنتين ثنتين، في الظهر والعصر والعشاء، لا يصلي أربعا، الأفضل أن يقصر الصلاة ثنتين ثنتين، هذا هو الأفضل في السفر، وهذا هو السنة، وفي السفر الأفضل ترك الرواتب، يصلي ثنتين فقط، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ثنتين فقط، ولا معها الرواتب لا قبلها ولا بعدها في السفر، يعني إلا سنة الفجر، إذا استطاع صلاها في السفر، وهكذا الوتر إذا استطاع يوتر بركعة أو ثلاث ركعات أو أكثر من ذلك وترا في الليل بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، هذا محل الوتر إذا صلى، إذا كان عنده فرصة في صلاة ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 239

الضحى، وإذا تهجد في الليل كله طيب، المعنى لا يتركه، يصلي التهجد بالليل إذا كان عنده فرصة، الضحى يصلى لا بأس ولو في السفر. س: في الحرب إذا كان في المعركة وهو على دبابته أو ما شابه ذلك على أي حال يصلي (¬1)؟ ج: يصلي على حاله بالإيماء إذا لم يقدر على غيره، وإن قدر أن يركع أو يسجد في محله الذي يصلي فيه فعل، وإلا صلى بالإيماء، وإن استقبل القبلة فالحمد لله، وإلا إلى أي جهة عند الضرورة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (22).

باب صلاة الجمعة

باب صلاة الجمعة 79 - بيان أول جمعة في الإسلام س: يسأل ويقول: أين أقيمت أول جمعة في الإسلام؟ ومن الذي خطب الخطبة فيها وصلى بالناس (¬1)؟ ج: أول جمعة في المدينة، وصلى بهم أسعد بن زرارة رضي الله عنه، وكان ذلك قبل أن يهاجر النبي صلى الله عليه وسلم، فقد جمع الناس وصلى بهم في الخاضمات - موضع معروف في المدينة - وأول جمعة في غير المدينة بجواثى - قرية في مجمع البحرين - وهذا هو المعروف في السير وكتب الحديث، ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وصار يقيمها في مسجده عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (200).

حكم ترك الجمعة لعدم وجود جامع بجواره

80 - حكم ترك الجمعة لعدم وجود جامع بجواره س: يقول السائل: في قريتنا لا يوجد جامع، وفي إحدى القرى المجاورة لها جامع، وأهل قريتنا لا يذهبون ليصلوا صلاة الجمعة، ما حكمهم (¬1)؟ ج: يجب عليهم أن يصلوا مع إخوانهم في الجامع الثاني، وإن كان بعيدا عليهم وجب عليهم أن يصلوا في محلهم، أما تركها فلا يجوز، هذا منكر عظيم، نعوذ بالله من ذلك، بل تقدم ما يدل على أنه ردة ترك الصلاة بغير عذر شرعي، يقول صلى الله عليه وسلم: «لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين (¬2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاونا بها طبع على قلبه (¬3)» فالحاصل أن الواجب على المسلم أن يصلي الجمعة، وأن يحافظ عليها إذا كان مقيما غير مسافر، وإذا كانت قريته ليس فيها جمعة لصغرها ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (234). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب التغليظ في ترك الجمعة، برقم (865). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي جعد الضمري رضي الله تعالى عنه، برقم (15072)، وأبو داود في كتاب الجمعة، باب التشديد في ترك الجمعة، برقم (1052)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في ترك الجمعة من غير عذر، برقم (500)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الجمعة من غير عذر، برقم (1125).

وبجانبها قرية فيها جمعة صلى مع إخوانه في القرية الثانية، وإن كان فيه مشقة أقام الجمعة في محله في القريتين، هذه فيها جمعة، وهذه فيها جمعة، لكن إذا كانتا متقاربتين جدا كالقرية الواحدة صلوا جمعيا في مسجد واحد إذا كان المسجد يسعهم وإلا صلوا في مسجدين كما لو تباعدت القرى يصلي كل واحد في مسجده، ولا يصح لأهل القرية أن يهملوها، إما أن يصلوا وحدهم إذا كانوا بعيدين، وإما أن يصلوا مع إخوانهم الذين تقام عندهم الجمعة، ولا يجوز التساهل في هذا التهاون، بل يجب البدار بالصلاة مع إخوانهم الذين يصلون الجمعة، أو يجمعون جمعة عندهم، يسألون المحكمة عندهم أو المفتي إذا كان في بلادهم مفت حتى يوجههم للحكم الشرعي، وحتى يبين لهم ما يجب عليهم، ولا يجوز التساهل في هذا الأمر، وإن كان السائل في السعودية فلا مانع أن يكتب لنا حتى ننظر في الموضوع، حتى إذا كانتا القريتان متقاربتين وأمكن صلاتهم جميعا الحمد لله، وإلا كل قرية تقيم جمعة لوحدها.

حكم التخلف عن الجمعة بسبب صعوبة ظروف العمل

81 - حكم التخلف عن الجمعة بسبب صعوبة ظروف العمل س: الأخ يسأل ويقول: نحن نعمل بمنطقة جبلية، وليس بها مساجد، والمساجد القريبة منا يصعب الوصول إليها لظروف عملنا، ونحن جماعة قليلون، فكم عدد المصلين التي تصح بهم صلاة الجمعة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (161).

ج: الواجب عليكم السعي للجمعة إذا كنتم تسمعون النداء وتستطيعون الإجابة على الأقدام أو بالسيارة؛ لأن الجمعة جامعة، تجمع أهل القرية، تجمع أهل المحل، فالواجب عليكم السعي إليها، والصلاة مع المسلمين في القرية التي أنتم فيها، وليس لكم الترخص، وأن تقيموا الجمعة وحدكم إلا إذا كانت المسافة بعيدة، فعليكم أن تستفتوا وتقدموا إلى دار الإفتاء إذا كنتم في المملكة، ودار الإفتاء تنظر الأمر وتكتب إلى المحكمة في طلبكم حتى تعرف الحقيقة، ثم تصدر الفتوى بذلك، لكن مهما أمكن المؤمن أن يسعى إلى الجمعة ويشارك إخوانه في الجمعة فهذا هو الخير العظيم، وله في خطواته أجر كبير، وحط السيئات، فينبغي لهم أن يشاركوا في الخير، وأن يحرصوا على الجمة ولو بعدت لكثرة الأجر، ولاجتماعهم بإخوانهم، وتكثير سوادهم، واطلاعهم على أحوالهم، وتعرفهم عليهم حتى يتعاون الجميع على البر والتقوى، ويتساعد الجميع على ما فيه الخير، فإذا كان هناك مشقة بينة فلا مانع من إرسال استفتاء إلى دار الإفتاء وهي تنظر في الأمر إن شاء الله.

حكم الذهاب إلى الجمعة مع بعد المسافة وصعوبة الطريق

82 - حكم الذهاب إلى الجمعة مع بعد المسافة وصعوبة الطريق س: نحن نسكن بقرية لا يوجد فيها مسجد، فهل يجب علينا الذهاب إلى مسجد في قرية تبعد عنها مسافة اثنين كيلو متر لصلاة الجمعة؟ وهل تجب على من يجد صعوبة في الوصول إلى المسجد الموجود في

تلك القرية حيث إن الطريق جبل وعرة، فما حكم من يصليها ظهرا في منزله (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل، إذا كان المسجد بعيدا لا يسمعون النداء كما ذكره السائل ويشق عليهم الذهاب إلى المسجد لم يلزمهم ذلك، وعليهم أن يصلوا ظهرا في محلهم إن لم يتيسر لهم إقامة الجمعة، فإن تيسر لهم إقامة الجمعة أقاموها في قريتهم ولا حاجة إلى ذهابهم إلى القرية الأخرى، إذا كانوا ثلاثة أو أكثر وجب عليهم في أصح أقوال أهل العلم أن يقيموا الجمعة، وليس من شرطها أربعون على الصحيح، هذا القول ضعيف، فإذا وجد في القرية ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو عشرة أقاموا الجمعة، وخطب بهم أحدهم وصلى بهم. وخطب بما تيسر مما فيه عظة وذكرى للحاضرين والحمد لله. يحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويتشهد الشهادتين، ويعظ إخوانه ويذكرهم لما تيسر، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب الثانية ويذكر إخوانه مثل ما فعل في الأولى، ثم يصلي بهم ركعتين يجهر فيهما بالقراءة كما هو معلوم، ولا يلزمهم الذهاب إلى المسجد البعيد، فإن الكيلوين فيهما بعد ومشقة ولا سيما إذا كانت الأرض فيها وعورة، فالمقصود أنهم يقيمون الجمعة في محلهم ويكفي، أما إذا تيسر لهم أن يذهبوا مع إخوانهم ويكثروا جمعهم ولا ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (72).

مشقة عليهم فذهابهم مع إخوانهم هناك وصلاتهم معهم أفضل، كلما كان هناك وكلما تجمع المسلمون كان خيرا لهم وأفضل، ولكن ما يلزمهم والحال ما ذكر، فلهم أن يقيموا جمعة في محلهم، وأن يصلوا في محلهم، والحمد لله.

حكم صلاة الجمعة خارج المدن والقرى

83 - حكم صلاة الجمعة خارج المدن والقرى س: ما هو قولكم في صلاة الجمعة خارج القرية أو المدينة علما بأن الذين صلوا الجمعة خارج القرية أو المدينة كانوا قد خرجوا للنزهة أو ذهبوا إلى رحلة كما يقال، وقد جاؤوا بأدلة تثبت صلاة الجمعة خارج القرية، ونحن نعلم أن لصلاة الجمعة شروطا، فما هو قولكم (¬1)؟ ج: الواجب أن تصلي الجمعة مع المسلمين في المدن والقرى، أما صلاتها خارج البلد في أسفار النزه فلا، يصلون ظهرا لا جمعة، وإنما تصلى الجمعة في المدن والقرى خاصة، هكذا جاءت الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. ولم يأمر البوادي التي حول المدينة ولا المسافرين أن يصلوا جمعة، وقد وافقت حجته صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة في يوم عرفة ولم يصلها جمعة، صلى ظهرا عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (221).

حكم صلاة الجمعة في مسجد لا يقام فيه غيرها من الصلوات

84 - حكم صلاة الجمعة في مسجد لا يقام فيه غيرها من الصلوات س: ما هو رأيكم في مسجد لا تقام فيه من الصلوات إلا صلاة الجمعة (¬1)؟ ج: إذا كانت الحاجة ماسة لذلك فلا حرج في ذلك، أما إن كان هناك مساجد تغني عنه تقام فيها الجمعة فلا حاجة إلى إقامتها فيه، أما إذا كانت بعيدة وجيران المسجد يحتاجون إلى إقامة الجمعة فيه فلا حرج في ذلك، وهذا يراجع قاضي محكمة البلد حتى ينظر في الأمر؛ لأن هذا مقام يحتاج له عناية، لماذا لا يصلي فيه إلا جمعة؟ فعلى السائل أن يراجع المحكمة في البلد أو يكتب إلينا في الموضوع حتى نكتب للمحكمة بذلك. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (337).

حكم تكلف الذهاب للجمعة من مسافة بعيدة

85 - حكم تكلف الذهاب للجمعة من مسافة بعيدة س: نحن في قرية بعيدة عن القرية الكبيرة بما يقرب من عشرين كيلو مترا، وأهل القرية لا يؤدون صلاة الجمعة، ولا نملك وسيلة نقل إلى القرية المجاورة لنا حتى إننا لا نستطيع إحضار ماء الشرب إلا بالكلفة، نرجو أن تفتونا في موضوعنا؟ جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: عليكم أن تصلوا ظهرا. لأن المسافة طويلة، فلا يلزمكم الذهاب إلى ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (83).

هناك والتكلف، ولكن ينبغي لأهل القرية التي أنتم فيها أن يقيموا صلاة الجمعة في قريتهم، ولو كانوا أقل من أربعين فليس شرط أربعين شرطا معتبرا على الصحيح، فعليهم أن يقيموا صلاة الجمعة، وأن يطلبوا من الجهة الدينية ومن جهة المحكمة تعيين الإمام الذي يصلي بهم، وفي إمكانهم الاتصال بإدارة الأوقاف حتى تؤمن لهم الإمام، فالحاصل أن الواجب على أهل القرية أن يصلوا جمعة ولو كانوا عشرة، ولو كانوا عشرين، حتى ولو كانوا ثلاثة على الأقل، أقل عدد تجب عليه الجمعة ثلاثة في أصح أقوال أهل العلم، فإذا كانوا في قرية مستوطنين وجبت عليهم الجمعة، ولا يجوز لهم أن يصلوا ظهرا والإمام بالإمكان تحصيله بواسطة الأوقاف الجهة المسؤولة، أو بواسطة المحكمة، أو بواسطة الأخيار الطيبين الذي يعرفون حالهم، فيمكن أن يتوجه إليهم بعض طلبة العلم حتى يصلي بهم، فالمقصود أن هذا واجب عليهم ليس لهم التساهل فيه، وأنت أيها السائل من جملتهم، إذا أقاموا الجمعة صليت معهم.

حكم ترك المسجد القريب إلى مسجد آخر يوم الجمعة

86 - حكم ترك المسجد القريب إلى مسجد آخر يوم الجمعة س: سماحة الشيخ، نفيدكم بأننا نذهب أنا وبعض الأشخاص يوم الجمعة لأداء صلاة الجمعة في مسجد جامع في قرى مجاورة بالرغم من وجود مسجد جامع لدينا وبه خطيب، فهل يجب أن يصلي الشخص في الجامع الموجود في قريته أم أنه يصلي الجمعة

في أي جامع آخر؟ والسلام عليكم (¬1) ج: لا حرج على المسلم أن يصلي في أي جامع لا سيما إذا كان الجامع الذي يقصده خطبة صاحبه أحسن وأنفع، أو صلاته أركد، أو جماعته أكثر، لا بأس إذا ترك المسجد الذي حوله لمصلحة شرعية، وإن صلاها في مسجد قربه فلا بأس - الحمد لله - لكن إذا ترك المسجد الأقرب لمصلحة شرعية من أجل كثرة الخطا أو من أجل أن خطيب ذاك المسجد أكثر فائدة أو صلاته أكمل أو لأسباب أخرى فلا بأس. أما إذا ترك المسجد القريب على وجه يشق على أهله تركه لهم أو يوجب أنهم يتهمونه بأنه غير راض عن الإمام، أو يتهم الإمام، ينبغي أن يدفع عن نفسه الشيء الذي يخشى منه، ينبغي أن يصلي مع هذا تارة ومع هذا تارة حتى لا تكون هناك شكوك وأوهام، إذا كان إمام المسجد الذي حوله طيب ولا شبهة فيه يصلي معهم بعض الأحيان حتى لا يظنوا به أنه ظن به السوء، أو أنه لا يصلح، المقصود إذا كانت صلاته في المسجد البعيد لا يترتب عليها شيء من المضار فلا بأس ولا سيما إذا كان تجاوز هذا المسجد قد يسبب ظنا بإمامه، وأنه ليس أهلا للإمامة فينبغي أن يصلي فيه بعض الأحيان حتى تزول هذه الشكوك. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (378).

حكم الجمعة لمن ابتعد عن المدن والقرى

87 - حكم الجمعة لمن ابتعد عن المدن والقرى س: الأخ: س. ع. مصري، يقول: نحن اثنان نعمل في مزرعة، وتبعد كثيرا عن المدينة، وليست لدينا سيارة، ولذلك فقد تأخرنا عن صلاة الجمعة لمدة أربعة أشهر، ما حكم ما فعلنا؟ (¬1) ج: ليس عليكم جمعة ما دمتم بعيدين عن المدن، ليس عليكم إلا الظهر، لأنكم في حكم المسافرين، أو في حكم غير المقيمين، فالحاصل أن الإنسان الذي يقيم في مزرعة بعيدة وليس مستوطنا فيها ليس عليه جمعة، لأنه عامل ليس بمستوطن، أما إذا أقام أهلها فيها مستوطنين فإنهم يقيمون الجمعة فيها، يصلون صلاة الجمعة فيها، أما العمال الذي يقيمون فيها للعمل ثم ينتقلون عنها فهؤلاء ليس عليهم جمعة، وإنما عليهم الظهر. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (187).

حكم صلاة المنفرد لوحده ظهرا يوم الجمعة لبعد الجامع عنه مسافة طويلة

88 - حكم صلاة المنفرد لوحده ظهرا يوم الجمعة لبعد الجامع عنه مسافة طويلة س: أنا أعمل في مزرعة، والمسافة بين المزرعة والمسجد ثمانية كيلو مترات، وعندما أذهب إلى صلاة الجمعة أذهب ماشيا على الأقدام وأرجع ماشيا، ولكن المشوار يؤثر علي في العمل، ولم أكمل في هذا اليوم عملي، لأني أحس بالتعب والإرهاق، هل علي ذنب في

هذا العمل أم أصلي في المزرعة خوفا من الله؛ لأني قصرت في عملي في هذا اليوم؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كان الواقع كما ذكرت فلا يلزمك الذهاب إلى المسجد الذي يبعد عن المزرعة هذه المسافة ثمانية كيلو، ولك أن تصلي في المزرعة ظهرا، وهكذا بقية الأوقات إذا كان ما حولك مسجد، وإذا كان جماعة صل مع الجماعة، ولا تصل وحدك، ولا تلزمك الصلاة في المسجد البعيد الذي ذكرت؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» وهذه المسافة لا يسمع معها النداء، أما سماعة بالمكبر فلا يترتب عليه الحكم، المقصود سماعه بالسمع المعتاد والصوت المعتاد والأذان المعتاد، أما المكبرات فقد تسمعها من بعيد فلا يتعلق الحكم بها. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (290). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793).

حكم تخلف العامل عن صلاة الجمعة والجماعة وهو يسمع النداء

89 - حكم تخلف العامل عن صلاة الجمعة والجماعة وهو يسمع النداء س: مستمع رمز لاسمه بحروف: أ. ل. من جمهورية مصر العربية، يقول: أعمل في داخل المملكة في مزرعة، وأصلي كل أوقاتي في المزرعة، ولكن لا أصلي صلاة الجمعة في المسجد؛ لأني حينئذ

في العمل، وصاحب المزرعة لا يسمح لي بالخروج من المزرعة، والمسجد يبعد عني قرابة كيلو ونصف، فما هو توجيهكم (¬1)؟ ج: أما الجمعة فعليك أن تصلي صلاة الجمعة، ولا يجوز لصاحبك أن يمنعك من الجمعة إلا إذا كان هناك خطر على المال الذي أنت حارس له، فالحراسة عذر، أما إذا أمكن أن تصلي والعمل ليس هناك خطر على من تحت يديك فإنك يلزم أن تصلي جمعة، لأن المسافة المذكورة لا تمنع سماع النداء، وهكذا الصلوات الخمس، عليك أن تصلي مع الجماعة إلا إذا كنت حارسا على أموال تخاف عليها لو ذهبت، فأنت في حكم الحارس المعذور. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (348).

حكم إقامة الجمعة في المزارع

90 - حكم إقامة الجمعة في المزارع س: يسأل السائل ويقول: نحن مجموعة عمال عددنا خمسة عشر عاملا، نعمل في الحراسة في المزارع أو الاستراحات، وليس حولنا جوامع تقيم الجمعة إلا بعيدا، ويوم الجمعة نعاني كثيرا حيث إن الجامع يبعد عنا مسافات طويلة يصعب علينا الذهاب إليه، فهل نقيم الجمعة في محلنا وعددنا كما ذكرت خمسة عشر؟ ويؤمنا ويخطب فينا أحد الإخوة ممن عندهم علم شرعي؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (419).

ج: ليس لكم إقامة الجمعة بل تصلون ظهرا، وإن تيسر لكم الصلاة في الجوامع الموجودة فالحمد لله، وإلا صلوا ظهرا إذا كنتم إنما أقمتم للحراسة، لستم مستوطنين في محل سكن استيطان إنما إقامتكم مؤقتة للحراسة، فليس عليكم جمعة، عليكم أن تصلوا ظهرا إلا إذا تيسر لكم الذهاب إلى الجوامع، تصلون فيها ولو بعدت، صليتم معهم الجمعة، وإذا صبرتم وصليتم في الجوامع هذا خير لكم عظيم، نسأل الله لنا ولكم العون والتوفيق.

س: نحن عشرة، ونعمل في مزرعة، ونبعد عن أقرب مسجد لنا حوالي أربعة كيلو مترات، فقام فرد فينا نحن العشرة وحضر خطبة الجمعة، وخطب فينا في نفس مكان العمل، هل ما فعلنا صحيح؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كنتم ساكنين في محل فلا بأس أن تقيموا صلاة الجمعة، لأنكم بعيدون عن الجوامع، أما إذا كنتم إنما تأتون للمزرعة لبعض الإصلاحات فليس لكم أن تصلوا الجمعة فيها، بل عليكم أن تسعوا إلى الجمع، فإن لم تسعوا صلوها ظهرا في محلكم، لأنكم بعيدون، وليس عليكم جمعة، وإن سعيتم وصليتم مع الناس فذلك أفضل لكم. وإن كنتم بعيدين فالسيارات - والحمد لله - توصلكم، المقصود أن المحل هذا إذا ¬

_ (¬1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (301).

كان فيه مستوطنون مقيمون شتاء وصيفا فإنه تقام بينهم الجمعة، وأنتم معهم تصلون الجمعة، أم إذا كان لا يقيم فيه أحد إنما فيه عمال غير مستوطنين، وأنتم تزورون المحل زيارة فقط فليس لكم أن تصلوا جمعة في المحل هذا، ولكن تصلون مع الناس الجمعة، وإن صادف يوم الجمعة وأنتم هناك وصليتم ظهرا فلا بأس للبعد.

س: نعمل في مزرعة تبعد عن المدن بحوالي خمسة كيلو مترات، وعدد الرجال خمسة عشر رجلا، فهل يصلح لنا صلاة الجمعة أم لا؟ أنا أجيد الخطبة والحمد لله، وأجد معي من القرآن جزء عم وبعض الأحاديث الدينية وبعض الدعاء، نرجو إفادتنا هل نقيم جمعة أم لا (¬1)؟ ج: إذا كانت المزرعة يستوطنها أهلها، ويقيمون فيها صيفا وشتاء، وهم ثلاثة فأكثر وجب عليهم أن يقيموا الجمعة، ومن حضر صلى معهم، أما إذا كانت عارضة يقيمون فيها أياما أو مدة للزراعة، ثم يذهبون للبلد، وليست محل استيطان وليست محل إقامة فهذه لا تقام فيها الجمعة، لأنها ليست وطنا وليست محل استيطان، وهم بعيدون عن مسجد تقام فيه الجمعة وهم بعيدون عن الجمعة لبعدهم، فيصلون ظهرا، أما إذا كانوا مستوطنين يقيمون فيها شتاء وصيفا قد عمروا فيها مساكن واستقروا فيها ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (33).

فيصلون الجمعة إذا كانوا ثلاثة فأكثر.

حكم صلاة حارس بوابة المزرعة للجمعة داخل غرفته

91 - حكم صلاة حارس بوابة المزرعة للجمعة داخل غرفته س: السائل: ع. ف. ر. مصري الجنسية، يقول: أعمل في مزرعة بمدينة الرياض حارسا على بوابة، وقد طلب مني ألا أترك البوابة يوم الجمعة ما دام صاحب المزرعة موجودا، وأنا أصلي صلاة الجمعة داخل غرفتي المجاورة للبوابة مع العلم بأن المزرعة بها مسجد، ولكن سيغضب هذا الشخص صاحب هذه المزرعة عندما أذهب إلى المسجد البعيد، فهل يجوز لي أن أصلي داخل الغرفة (¬1)؟ ج: عليك أن تصلي ظهرا، لك عذر شرعي؛ لأن الحارس معذور، فيصلي ظهرا ولا يصلي جمعة، يصلي الظهر أربعا، ولا يصلي جمعة. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (379).

بيان الحكم فيمن ترك الجمعة لبعده عن الجوامع بسبب الرعي

92 - بيان الحكم فيمن ترك الجمعة لبعده عن الجوامع بسبب الرعي س: أنا راعي غنم، ولي سنة ونصف لم أصل الجمعة مع الجماعة لأنني في الصحراء وراعي غنم، وليس عندي ما يوصلني، ومقيم في رعاية الغنم، نرجو الإفادة (¬1) ج: ليس عليك جمعة، إذا كنت بعيدا عن البلد لا تسمع النداء في غنمك ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (256).

في الصحراء فليس عليك جمعة، تصلي ظهرا، والحمد لله.

حكم صلاة الرعاة للجمعة

93 - حكم صلاة الرعاة للجمعة س: إذا كنت راعيا للغنم، فهل تسقط عني صلاة الجمعة (¬1)؟ ج: إذا كنت بعيدا عن البلد لا تسمع الأذان بعيدا فإنك تصلي ظهرا، أما إذا كنت تسمع النداء قريبا من البلد فعليك أن تصلي الجمعة. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (316).

س: يقول السائل: أنا إنسان مشغول بالإبل والأغنام، وأكثر الأوقات لا أصلي الجمعة، فهل علي إثم مع العلم أن المسجد يبعد عني قرابة خمسة عشر كيلو مترا (¬1)؟ ج: هذا بعيد، أنت معذور، هذا بعيد، لكن إذا كنت قريبا تسمع النداء عند هدوء الأصوات وعند هدوء الرياح، تسمع النداء يلزمك، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» أما البعيد مثل خمسة عشر كيلو أو عشرة كيلو أو أشبه ذلك هذا بعيد، صل مع من معك. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (362). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793).

حكم تخلف الراعي عن صلاة الجمعة وهو يسمع النداء

94 - حكم تخلف الراعي عن صلاة الجمعة وهو يسمع النداء س: رسالة بعث بها أحد الإخوة يقول: أنا شاب عمري خمسة وعشرون عاما، أعمل راعيا للغنم، وبعيدا عن المدينة؛ ولذلك فإني لا أصلي صلاة الجمعة، فماذا يترتب علي؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كنت بعيدا لا تسمع الأذان لبعدك فإنه لا يلزمك الجمعة، وعليك صلاة الظهر فقط، أما إذا كنت قريبا تسمع النداء الأذان المعتاد فيلزمك إذا كان عند الغنم من يحفظها، أما إذا كنت تخشى عليها فلا يلزمك، وأنت معذور. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (443).

س: يقول هذا السائل: أنا أعمل راعيا في البر، ولم أصل الجمعة حتى أعود إلى بلدي وذلك لمدة سنتين، ولا يوجد مسجد عندنا فما الحكم في ذلك؟ ج: إذا كان بعيد عن المساجد ولا يسمع النداء ما عليه من جمعة، إذا كان بعيدا في البر مع الإبل أو مع البقر أو مع الغنم راعيا ليس عليه جمعة، يصليها ظهرا، أما إذا كان في البلد يصلي مع الناس جمعة.

حكم تخلف الابن عن صلاة الجمعة لانشغاله بالرعاية لوالديه الكبيرين

95 - حكم تخلف الابن عن صلاة الجمعة لانشغاله بالرعاية لوالديه الكبيرين س: الأخ: أ. ع. ع. من اليمن يقول: أنا شاب أدرس في الثانوية، ولدي

أب وأم، ويوجد لديهم غنم، يوم العطلة وهو يوم الجمعة أذهب لرعي الغنم، وذلك خارج إرادتي، فهل أرفض أمر أبي أمي وأذهب إلى صلاة الجمعة أم أبقى مع الغنم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا كان والداك في حاجة إليك، والغنم في حاجة إليك، لا يوجد من يرعاها فلا مانع من مساعدة والدك وبره، وأن تذهب للرعي، ويكون عذرا لك في صلاة الجمعة، تصلي ظهرا إذا لم يكن هناك أحد يكفيك الرعي حتى تصلي الجمعة إذا كنت قريبا من مساجد الجمعة، أما إن كنت بعيدا، الغنم بعيدة عن مساجد الجمعة ما تسمع النداء، بعيدة، فليس عليك إلا الظهر، هذا من بر والديك، أما إن تيسر من يكفيك رعيها في وقت الصلاة وأنت قريب من الجوامع تسمع الأذان وتصلي الجمعة وترجع إليها، إذا وجدت من يكفيك من نساء ثقات، أو إنسان آخر يقوم بمقامك ليس عليه الجمعة كالمريض ونحوه فلا بأس بذلك أو صبي صغير ليس عليه جمعة تثق به في رعايتها فلا بأس، يلزمك أن تصلي الجمعة إذا كنت قريبا تسمع النداء، أما إذا كنت بعيدا فلا جمعة عليك، تصلي ظهرا والحمد لله، وتبر والديك وتساعدهما. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (193).

حكم طاعة العامل لصاحب العمل في التخلف عن الجمعة

96 - حكم طاعة العامل لصاحب العمل في التخلف عن الجمعة س: السائل: أ. أ. م. من جمهورية مصر العربية، يقول السائل: منعني

صاحب العمل من أداء صلاة الجمعة لكي أعمل وأواظب على الساعات الثمان، فماذا علي أن أفعل في ترك صلاة الجمعة (¬1)؟ ج: إن كنت حارسا وقت صلاة الجمعة فالحارس معفو عنه، أما أن تدع الجمعة لقول صاحبك فلا يجوز طاعته في المعصية، إنما الطاعة في المعروف، فالعمال يصلون الجمعة مع الناس، ثم يرجعون للعمل كما يصلون الأوقات الأخرى الخمس، على العامل والموظف أن يصلي الصلاة مع الجماعة في وقتها، ثم يرجع إلى عمله، إلا إذا كان حارسا على شيء، إذا خرجوا يحرس لئلا يؤخذ أو لئلا يفسد ما أمر بحراسته، فهذا الحارس له عذر، الحارس يصلي في مكانه لأنه معذور، أما إنسان ليس بحارس فعليه أن يصلي مع الناس في الجماعة، العامل وغير العامل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الطاعة في المعروف (¬2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل (¬3)» ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (273). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها، برقم (1840). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، برقم (3879).

س: يقول السائل: أنا شاب في مكان عملي، وأثناء دوامي لا يسمح لي بالخروج من مكان العمل، وذهبت إلى صلاة الجمعة هل تصح (¬1)؟ ج: الأقرب - والله أعلم - أنه تصح صلاة الجمعة، لكن لا يجوز لك حتى تخبرهم بأنك لا تستطيع أن تترك الجمعة، فإما أن يسمحوا لك وإما أن يضعوا بدلك، لا تفرط في عملك إلا بإذنهم، لأن الحراسة أمرها عظيم، والخطر في تركها كبير في بعض الأحيان، فالواجب عليك أن تستأذن أو تعتذر، تقول: لا أوافق على هذا الأمر. فإن أذنوا لك صليت الجمعة وإلا فالزم الحراسة وصل في مكانك ظهرا. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (244).

س: الأخ: ص. أ. ع. من اليمن، يسأل ويقول: أعمل في محطة بنزين تبعد عن المسجد ما يقرب من اثنين كيلو متر، ومنذ أن بدأت أعمل في هذه المحطة لم أصل صلاة الجمعة بل أبقى في المحطة خوفا عليها من الحريق أو من أي شيء آخر، ما رأيكم؟ هل أكون آثما في هذا العمل (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل، إن كنت حارسا عليها مأمورا بالحراسة لا يسمح لك فالمحاسب معذور كالحارس عند أبواب المكاتب وأبواب العمارات، والحارس في مواضع أخرى في مواضع يخشى عليها، الحارس معذور، ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (241).

أما إن كان من اجتهادك فلا يجوز لك، بل تغلق الباب وتحفظ الأشياء التي يجب حفظها، وتذهب إلى الجمعة وإلى صلاة الجماعة، وهذا هو الواجب عليك إذا كان ليس هناك خطر، أما إذا كان هناك خطر وأن الحراسة لا بد منها فلا حرج عليك كما تقدم.

حكم رفع اليدين عند التأمين على دعاء الخطيب يوم الجمعة

97 - حكم رفع اليدين عند التأمين على دعاء الخطيب يوم الجمعة س: هذا السائل يقول: يا سماحة الشيخ، ما هو المشروع أثناء دعاء الخطيب في صلاة الجمعة، هل نؤمن على دعاء الإمام رافعين اليدين أم نؤمن على دعائه دون رفع اليدين (¬1)؟ ج: لا يرفع يديه ولا ترفعون أيديكم، التأمين بينك وبين نفسك، وهو يدعو ولا حاجة لرفع اليدين إلا في الاستسقاء، إذا كان يستغيث يرفع يديه، ويرفعون أيديهم. أما الدعاء العادي في الخطبة فلا يرفع يديه، لا يرفع هو ولا يرفع المأموم، لأن النبي ما كان يرفع في الخطبة خطبة الجمعة عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (430).

حكم إصلاح مكبرات الصوت إذا تعطلت أثناء خطبة الجمعة

98 - حكم إصلاح مكبرات الصوت إذا تعطلت أثناء خطبة الجمعة س: يقول السائل: إذا تعطلت المايكروفونات يوم الجمعة والإمام

يخطب، فهل القيام بتصليحها يعتبر جائزا أم لا (¬1)؟ ج: هذا طيب ومناسب لا يضر إن شاء الله، تصليحها لا يضر لأنه في مصلحة المسلمين. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون الشريط رقم (432).

حكم الاقتداء بالمذياع في صلاة الجمعة

99 - حكم الاقتداء بالمذياع في صلاة الجمعة س: هل يجوز أن أقتدي بما أسمع في المذياع عند نقل صلاة الجمعة (¬1)؟ ج: يلزمك أن تصلي مع الناس، تذهب إلى المساجد وتصلي مع الناس، ولا تكتفي بسماع المذياع بل عليك أن تسعى إلى المساجد وتصلي مع الناس، ولا تصح صلاتك بالمذياع صلاة الجمعة، ولا يحصل لك فضل الجماعة بل تعتبر صليت وحدك ولم تؤد الجماعة، ثم أيضا تكون مفردا ولا تجوز صلاة المنفرد خلف الصفوف، فالواجب عليك أن تسعى حتى تصلي مع الناس، وحتى تدخل في الصفوف، لا تكن لوحدك. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (22).

مسألة في اقتداء البعيد عن المسجد بالمذياع في صلاة الجمعة

100 - مسألة في اقتداء البعيد عن المسجد بالمذياع في صلاة الجمعة س: إنني أقطن بمنطقة نائية تبعد كثيرا عن المسجد، وذلكم يمنعني من صلاة الجمعة، فهل لي أن أصلي صلاة الجمعة في بيتي أثناء نقلها

مباشرة وسماعها من الراديو (¬1)؟ ج: إذا استطعت أن تحضر فعليك أن تحضر، إذا كنت تسمع النداء عند هدوء الأصوات فعليك أن تحضر، أو كنت في طرف البلد عليك أن تحضر مطلقا، ولو بعدت المسافة عليك أن تحضر الجمعة، أما إذا كنت بعيد خارج البلد لا تسمع النداء ويشق عليك الحضور فلا حرج عليك، تصلي ظهرا لا تصلي جمعة، عليك أن تصلي ظهرا أربع ركعات؛ لأن الجمعة تجب الصلاة في جماعة، أما الإنسان في بيته فيصلي ظهرا لمرضه أو بعده. وهكذا النساء يصلين ظهرا أربع ركعات، لا يصلين جمعة، المرأة تصلي في بيتها أربع ركعات في كل مكان، وهكذا الرجل المريض الذي ما يحضر الجمعة يصلي ظهرا أربع ركعات. وهكذا البعيد عن المساجد الذي لا يستطيع الحضور لبعده عن المساجد ولا يسمع صوت المؤذن هذا يصلي ظهرا أربع ركعات، لكن إذا تيسر لك ولو بالسيارة تحضر الخير لتشهد الجمعة هذا خير عظيم. أما إذا بعدت المسافة عنك ولو بالسيارة فلا يلزم إذا كنت بعيدا لا تسمع النداء عند هدوء الأصوات، فعدم سماعه بدون مكبر فلا يوجب الحضور إذا كنت بعيدا، لكن إذا تجشمت المشقة وصبرت وجئت هذا خير لك عظيم. سواء على رجليك أو بالسيارة أو بالدراجة، أنت على خير عظيم، لكن ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (349).

لا يلزمك إذا كنت بعيدا، إنما يلزمك إذا كنت قريبا تسمع الصوت والنداء عند هدوء الأصوات، تسمعه إذا كانت الأصوات هادئة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬1)» وفي الحديث الآخر يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله رجل أعمى قال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، هل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب (¬2)» ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653).

حكم انعقاد صلاة الجمعة بثلاثة أشخاص

101 - حكم انعقاد صلاة الجمعة بثلاثة أشخاص س: هل تجوز الصلاة صلاة الجمعة لثلاثة أشخاص إذا كانوا في الصحراء أو متابعة ذلك على الراديو، وماذا يصلونها؟ مأجورين (¬1) ج: يصلون ظهرا ما داموا في الصحراء، وليس عليكم جمعة، أنتم في حكم المسافرين، إن كنتم مسافرين أو في حكم المسافرين كالبادية ليس عليكم جمعة، ولو كنتم غير مسافرين؛ لأن البادية ليس عليهم جمعة، يصلون ظهرا، والمسافر ليس عليه جمعة يصلي ظهرا. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (372).

حكم من يتجشم حضور الجمعة من مسافة بعيدة

102 - حكم من يتجشم حضور الجمعة من مسافة بعيدة س: هل يجب علينا أن نؤدي صلاة الجمعة ونحن نبعد عن المسجد خمسة وثلاثين كيلو ومعنا سيارة (¬1)؟ ج: هذا مكان بعيد لا يلزمكم فيه، لكن إن تحملتم المشقة وذهبتم إلى الجمعة فأنتم مأجورون، وإلا هذا محل بعيد لا يسمع فيه النداء ولو كان بالمكبر، قد لا يسمعونه حتى بالمكبر، لكن العبرة بالصوت المعتاد لا بالمكبر، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر (¬2)» فإذا كان يسمع النداء في المكان بالأذان المعتاد بالصوت من دون المكبرات عند هدوء الأصوات وعدم الموانع يلزمه الذهاب إلى المسجد، أما إذا كان بعيدا لا يسمع النداء لو لم يكن هناك مكبرات فإنه لا يلزمه الحضور للبعد، لكن لو حضر وتجشم المشقة على دابة أو على السيارة كان أفضل. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (231). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793).

حكم من ترك الجمعة لوجود قبر في الجامع

103 - حكم من ترك الجمعة لوجود قبر في الجامع س: لقد انتقلت من القرية من أجل العمل في مكان صحراوي لمدة أشهر، وكان قرب هذا المكان يوجد قرية وبها مسجد وفيه قبر،

وفي بداية الأمر كنت أذهب لصلاة الجمعة إلى هذه القرية لأنها الوحيدة القريبة منا، ولكن عندما اتضح لي بأن المسجد به قبر تركت الصلاة، وطول مدة عملي في هذا المكان وأنا لا أصلي الجمعة علما بأن جميع الفروض أصليها كاملة، فهل علي ذنب لتركي الصلاة طول هذه المدة؟ وأعني صلاة الجمعة (¬1)؟ ج: ليس عليك بأس لأن المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها، وعليك أن تعيد ما صليت في المسجد هذا الذي فيه القبر، عليك أن تعيد صلواتك، تعيدها ظهرا، وتصلي في محلك، وإذا تيسر بقربك جيران يصلون معك تصلون جماعة، فاحرص أن تجتمع مع جيرانك وأن تصلوا جماعة في بيت أحدكم، أو في مسجد تقيمونه سليم من القبور، وعليكم أن تنصحوا أصحاب المسجد، تجتمع أنت وأصحابك الطيبون بالمسؤولين عن المسجد حتى يزال القبر من المسجد، وحتى ينقل إلى القبور، ينبش وينقل إلى القبور، وحتى يبقى المسجد سليما من القبور، الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون الشريط رقم (220). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، برقم (529).

قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬1)» فنهاهم عن اتخاذها مساجد، ورأى عمر أنسا أراد أن يصلي حول قبر، فقال له عمر رضي الله عنه: القبر القبر نبهه على أن هنا قبرا حتى لا يصلي حوله. المقصود أن الصلاة في المساجد التي فيها القبور، والصلاة بين القبور أو في المقبرة كلها باطلة، الواجب على المسلمين أن يحذروا ذلك، وأن تكون المساجد سليمة من القبور، الواجب على العلماء أن ينبهوا الناس، الواجب على العلماء في كل مكان وفي كل دولة أن ينبهوا الناس على ذلك حتى تسلم المساجد من وجود القبور، وكل مسجد فيه قبر يجب نبش القبر وإبعاده عن المسجد إلا إذا كان المسجد بني عليه والقبور سابقة، فإنه يهدم وتبقى القبور على حالها، هذا هو الواجب على الأمراء والعلماء أن يعنوا بهذا الأمر، وألا يتساهلوا فيه؛ لأن هذا من الشعائر الظاهرة التي يجب العناية بها. نسأل الله للجميع الهداية. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، برقم (532).

حكم ترك الجمعة لفترة طويلة بسبب العمل

104 - حكم ترك الجمعة لفترة طويلة بسبب العمل س: ما حكم الذي يترك الجمعة ثلاث مرات أو فترة كبيرة ولم يذهب علما بأني أشتغل حارسا في محل بعيد خارج عن المدينة، ولم يسمح لي صاحب العمل للذهاب من هذا المكان (¬1)؟ ج: الصلوات الخمس فرض على المسلمين، وهي عمود الإسلام كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت (¬2)» وصلاة الجمعة إحدى الخمس في يوم الجمعة، وهي فرض عظيم، وهي فرض الوقت، وقد جاء فيها نصوص خاصة، فتركها أعظم من ترك سواها من الصلوات، فالواجب على من تركها المبادرة بالتوبة إلى الله، والرجوع إليه سبحانه وتعالى، والندم على ما مضى، والعزم ألا يعود، وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات - يعني عن تركهم الجمعات - أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (15). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب بني الإسلام على خمس، برقم (8)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام، برقم (16).

الغافلين (¬1)» وهذا وعيد عظيم لمن ترك الجمعة؛ لأنه من أسباب ختم القلب والطبع عليه، وأن يكون صاحبه من الغافلين، نعوذ بالله. وجاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من ترك صلاة الجمعة ثلاث مرات بغير عذر طبع على قلبه (¬2)» فالحاصل أن ترك الجمعة من أعظم أسباب الطبع على القلب والختم عليه. فيجب على المؤمن أن يبادر بالتوبة إذا ترك ذلك، والندم والإقلاع، والجمهور على أنه يقضي بدلها ظهرا، ولكن ذهب بعض أهل العلم إلى أن تركها كفر وردة عن الإسلام. وهكذا بقية الصلوات من تركها حتى خرج الوقت - والعياذ بالله - كفر بذلك؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» فالأمر عظيم وخطير. فالواجب عليه البدار بالتوبة، والحذر من العودة إلى مثل ذلك والاستكثار من العمل الصالح لعل الله يتوب عليه سبحانه وتعالى، قال عز وجل: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (¬4) ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب التغليظ في ترك الجمعة، برقم (865). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي جعد الضمري رضي الله تعالى عنه، برقم (15072)، وأبو داود في كتاب الجمعة، باب التشديد في ترك الجمعة، برقم (1052)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في ترك الجمعة من غير عذر، برقم (500)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الجمعة من غير عذر، برقم (1125). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة برقم (2621). (¬4) سورة طه الآية 82

وإذا قضى كما قال الجمهور قضاها ظهرا فلا بأس. ولكن لا يلزمه على الصحيح إذا كان كافرا أن يقضي، وإنما الواجب عليه التوبة، ومن ترك الصلاة عمدا كفر، فالواجب على من ترك ذلك أن يبادر بالتوبة، ولا يلزمه القضاء في أصح قولي العلماء.

حكم من تخلف عن ثلاث جمع لبعد الجامع

105 - حكم من تخلف عن ثلاث جمع لبعد الجامع س: إني تخلفت عن الجمعة أكثر من ثلاث جمع، وذلك لبعد الجامع عن قريتنا فأنا سوف أذهب إلى القرية الفلانية وآتي بصلاة الجمعة (¬1) ج: إذا صلى في إحدى القرى التي في الطريق أو حولهم فهذا طيب، إذا كان حولهم قرية يجب عليهم أن يصلوا فيها إذا كانت قريبه منهم، الأولى بكل حال أن يصلوا فيها. وهل يجوز؟ فيه نظر، لكن الأولى بكل حال أن يصلوا في القرية التي بقربهم. ويجوز للمسافر أن يؤخر الجمعة إلى صلاة العصر ويصليها ظهرا قصرا وجمعا مع العصر أو العكس، لأنه ما عليه جمعة، فإذا أخر صلاة الظهر مع العصر لا بأس؛ لأنه ليس عليه الجمعة في سفره ولو كان في يوم الجمعة، إن شاء جمع جمع تقديم، وإن شاء جمع جمع تأخير، لكن الأفضل للمسافر إذا ارتحل من مكانه في السفر ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (11).

قبل الظهر أنه يؤخر الظهر مع العصر جمع تأخير، إذا ارتحل بعد دخول الوقت الأول - يعني بعد دخول وقت الظهر - الأفضل أن يقدم العصر مع الظهر ويصليهما جمع تقديم كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، أما إذا كان نازلا مستريحا من الضحى مثلا ويبقى حتى تغيب الشمس أو يبيت في المحل - يعني ليس عنده العجلة - فهذا مخير، إن شاء صلى كل صلاة في وقتها، وهو أفضل إذا كان ما فيه مشقة، كل صلاة في وقتها، الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، هذا هو الأفضل، وإن جمع فلا بأس، إن جمع جمع تقديم أو جمع تأخير أو في وسط الوقت فلا باس؛ لأن المجموعتين وقتهما واحد.

حكم طاعة صاحب العمل في التخلف عن الجمعة

106 - حكم طاعة صاحب العمل في التخلف عن الجمعة س: ما حكم من ترك صلاة الجمعة مرة أو مرتين متواصلة بالرغم أنه غير راض، ولكن ذلك مغصوب بموافقة الكفيل بحجة العمل رغم أن الكفيل موجود بالمزرعة ومعه سيارة (¬1)؟ ج: ترك الجمعة لا يجوز، وصاحبها على خطر إذا تعمد تركها عند جمع من أهل العلم يراه كافرا إذا تعمد تركها، فالواجب الحذر، في الحديث الصحيح، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لينتهين أقوام عن ودعهم ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (355).

الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين (¬1)» هذا من ترك ثلاث جمع من غير عذر طبع الله على قلبه، الحاصل يجب عليه الحذر، وأن يتوب إلى الله إذا تركها، وأن يقضيها ظهرا، ولا يجوز طاعة أحد لا رئيس العمل ولا غيره، يجب تقديم طاعة الله ورسوله إذا كان قريبا من المسجد حيث يسمع النداء، أما إذا كان في محل بعيد في الصحراء بعيد عن البلد يصلي ظهرا. ما دام قريبا من البلد يسمع النداء، يجب أن يصلي مع الناس الجمعة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب التغليظ في ترك الجمعة، برقم (865).

حكم من بلغ سن التكليف ولم يصل الجمعة جهلا بوجوبها

107 - حكم من بلغ سن التكليف ولم يصل الجمعة جهلا بوجوبها س: أفيدكم أنني أصلي من يوم بلغت، وإلى حد الآن لم أعرف ولم أصل صلاة الجمعة لأنني لا أعرفها، فماذا يكون؟ أرجو الإفادة جزاكم الله خيرا (¬1) ج: على السائل أن يتوب إلى الله عز وجل، وأن ينيب إليه، وأن يبادر بصلاة الجمعة مع الناس، ونسأل الله أن يمن عليه بالعفو عما مضى، عليه البدار بالتوبة والإقلاع عما مضى من تركه للجمعة، وأن يحرص على حضورها كلما جاء وقتها مع المسلمين، ونسأل الله عز وجل أن يعفو عما سلف، وعليه التوبة الصادقة والندم على ما مضى منه، والعزم ألا يعود في ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (13).

توجيه لمن يتخذ يوم الجمعة وقتا للتنزه والفسحة

108 - توجيه لمن يتخذ يوم الجمعة وقتا للتنزه والفسحة س: سماحة الشيخ، الذين اتخذوا يوم الجمعة وقتا لتنزههم وفسحهم وتركهم هذا اليوم العظيم، هل من توجيه سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: نعم، السنة للمؤمن ألا يترك الجمعة، ويحرص على حضورها وسماع الخطبة، ولا يفرح بالذهاب إلى النزهة، لأن هذا يفوت عليه خيرا كثيرا، فالأفضل للمؤمن أن يتحرى ويحرص على أدائها مع الناس وسماع الخطبة لما في هذا من الخير العظيم والفائدة الكبيرة. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم (386).

حكم المسافر إذا صلى الجمعة مع المقيمين

109 - حكم المسافر إذا صلى الجمعة مع المقيمين س: صليت الجمعة وأنا مسافر، فهل ما فعلته صحيح، وإن لم يكن فماذا أفعل (¬1)؟ ج: نعم إذا صلى المسافر مع المقيم صلاة الجمعة أجزأته عن الظهر، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (298).

بيان كيفية صلاة المسافر للظهر يوم الجمعة

110 - بيان كيفية صلاة المسافر للظهر يوم الجمعة س: المسافر يوم الجمعة هل يصليها ظهرا أربع ركعات أو ركعتين (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون الشريط رقم (399).

ج: يصليها ظهرا، إذا سافر يصليها ظهرا ركعتين في السفر، إذا سافر قبل الزوال قبل الأذان الأخير يصليها في السفر ركعتين صلاة ظهر، النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع صلى يوم الجمعة ظهرا يوم عرفة، صلى الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، ما صلى الجمعة عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع.

بيان المدة التي إذا أقامها المسافر لزمته الجمعة

111 - بيان المدة التي إذا أقامها المسافر لزمته الجمعة س: هل تسقط صلاة الجمعة عن المسافر؟ وهل هناك مدة محددة للسفر يكون المرء بعدها مقيما (¬1)؟ ج: المسافر لا تلزمه الجمعة، لكن إذا حضرها أجزأته، إذا مر بالبلد وصلى معهم أجزأته وإلا فلا تلزمه، وصلى النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يوم الجمعة صلاة الظهر يوم عرفة، ولم يصل جمعة لأنه مسافر، صلاها ظهرا، كان يصلي في أسفاره ظهرا ولا يصلي جمعة. والمدة التي يمنع فيها الإنسان من القصر وتلزمه الجمعة أربعة أيام، فإذا نوى أكثر من أربعة أيام صلى جمعة وصلى تماما، فهذا الذي عليه جمهور أهل العلم. إذا دخل البلد ينوي الإقامة أكثر من أربعة أيام عازما عليها من أجل حاجة في البلد فإنه تلزمه الجمعة تبعا لغيره، ويلزمه أن ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (268).

يصلي أربعا، أما إذا كانت النية أربعة أيام فأقل فإنه يصلي ركعتين، لكن يلزمه أن يصلي مع جماعة إذا كان ما عنده أحد، إذا كان وحده لا يصلي وحده، يصلي مع الناس جماعة لأن الجماعة واجبة، فيصلي مع إخوانه جماعة، ويصلي أربعا، لأن المسافر إذا صلى مع المقيمين صلى معهم أربعا، أما إذا كانوا جماعة من اثنين فأكثر فهم مخيرون إن شاؤوا صلوا وحدهم قصرا، وإن شاؤوا مع الجماعة أربعا. أما أولئك الذي يقولون: إن الشخص المسافر وإن أقام أكثر من أربعة أيام فإن قولهم مرجوح، وفيه خلاف بين العلماء، بعضهم يحدد بأحد عشر يوما، وبعض العلماء يحدد بتسعة عشر يوما، وبعضهم يحدد بأكثر من ذلك، وبعضهم لا يحدد. والأقرب والأظهر ما قاله الجمهور رحمة الله عليهم. الأكثرون من التحديد إذا نوى أكثر من أربعة أيام لأن الأصل في حق المقيم أن يصلي أربعا، هذا هو الأصل، والأصل في حق المسافر أن يصلي ثنتين، ومن أقام أكثر غلب عليه حكم الإقامة، ولأنه صلى الله عليه وسلم لما أقام في حجة الوداع أربعة أيام صلى ثنتين، فدل على أن الأربع لا تزيل السفر، لأنه قدم يوم الرابع من ذي الحجة ولم يزل يصلي ثنتين حتى توجه إلى منى وعرفات عليه الصلاة والسلام.

حكم السفر قبل صلاة الجمعة بقليل

112 - حكم السفر قبل صلاة الجمعة بقليل س: الأخ يسأل ويقول: لظروف عملي أسافر يوم الجمعة قبل أذان الظهر أو بعد الأذان، وأقوم بصلاة الظهر والعصر جمع تقديم وقصرا في نفس الوقت، هل هذا جائز؟ وهل يجوز لي التأخير علما بأن هذا يحدث في كل شهر مرة (¬1)؟ ج: إذا كان السفر قبل الأذان - أي قبل زوال الشمس - فلا حرج إن شاء الله، والأفضل لك عدم السفر حتى تصلي الجمعة، هذا هو الأفضل لك، لكن إن سافرت قبل دخول الوقت فلا حرج عليك في ذلك. ولا حرج في الجمع ما دام السفر سفر قصر كالسفر إلى الخرج أو مكة أو الحوطة أو غير ذلك، والمقصود مسافة ثمانين كيلو تقريبا، يعني: يوم وليلة للمطية سابقا، وهي الآن بالكيلو ثمانون كيلو، وما يقارب هذه المسافة تعد سفرا، لكن ينبغي لك يا أخي أن تحرص على حضور الجمعة لما فيها من الخير العظيم والفائدة الكبيرة، ولئلا تتخذ هذا عادة فيقسو القلب، ويقل الاعتناء بهذا الأمر، فأنصحك أن تجاهد نفسك حتى تصلي الجمعة ثم تسافر، لكن لا يلزمك ذلك إذا كان السفر قبل وقت الجمعة؛ يعني قبل الزوال. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (171).

حكم السفر لأداء صلاة الجمعة

113 - حكم السفر لأداء صلاة الجمعة س: إني أعيش في البادية، وفي يوم الجمعة أسافر إلى أقرب قرية وأصلي الجمعة، وأعود إلى أهلي في آخر النهار، وفي أثناء الطريق يجيء وقت العصر، هل الأفضل أن أقصر العصر ركعتين أم أصلي أربعا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا يلزمك السفر إلى القرية حتى تصلي الجمعة، وإنما عليك أن تصليها في محلك أربعا، لكن إذا سافرت فلا بأس وصليت معهم الجمعة، أما كونك تصلي العصر في الطريق ركعتين هذا يحتاج إلى معرفة السفر، فإن كان ما بين محلك والقرية يعتبر مسافة قصر - يعني يعتبر مسافة يوم وليلة بالمطية - قدره ثمانون كيلو أو خمس وسبعون كيلو تقريبا فلا مانع أن تقصر، أما إذا كانت المسافة قريبة، ثلاثين كيلو، أربعين كيلو، عشرين كيلو تصلي أربعا، هذا ما يسمى سفرا. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (295).

بيان كيفية صلاة من فاتته صلاة الجمعة

114 - بيان كيفية صلاة من فاتته صلاة الجمعة س: إذا كان الإنسان في سفر في يوم الجمعة، وفاتته صلاة الجمعة وهو في الطريق في سفره، هل يصليها قصرا ركعتين أم أربعا ظهرا (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (386).

ج: يصليها ظهرا ركعتين إذا غادر البلد ضحى قبل الزوال، يصليها ركعتين ظهرا إذا كان مسافرا، لكن إذا زالت الشمس وهو موجود يصلي مع الناس الجمعة لا يخرج - يعني وجبت عليه - إلا إذا خاف فوات الرفقة فله عذر، المقصود أنه إذا حضرت الصلاة وزالت الشمس يصلي جمعة مع الناس ويسافر، أما لو خرج ضحى قبل الزوال فلا حرج عليه، ويصلي في الطريق ظهرا ركعتين.

حكم صلاة الجمعة للمسافر الذي لا يعرف مدة إقامته

115 - حكم صلاة الجمعة للمسافر الذي لا يعرف مدة إقامته س: إنني في غير بلدي، ولا أعرف مدة الإقامة في هذا البلد، فهل تعتبر صلاة الجمعة واجبة علي، وهل أعتبر مسافرا أم لا؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: قد بين أهل العلم مقتضى ما دلت عليه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام أن الرجل إذا أقام في بلد وليس له نية معروفة لا يدري هل يقيم يوما أو يومين أو أربعا أو أكثر فإنه في حكم السفر وله القصر وله الجمع ولا تلزمه الجمعة وله حكم المسافرين، لكن إذا كان فردا ليس معه أحد فالواجب عليه أن يصلي مع الجماعة لوجوب الجماعة في الأوقات الخمسة، ويصلي معهم الجمعة من أجل وجوب الجماعة، أما إن كان ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (142).

موجودا اثنان فأكثر فهم مخيرون، إن شاؤوا صلوا مع الجماعة وأتموا أربعا أو صلوا الجمعة وأجزأتهم، وإن شاؤوا صلوا ظهرا قصيرا، أما إذا أجمع الإقامة على مدة أكثر من أربعة أيام فإنه تلزمه الجمعة بغيره. ويتم الظهر والعصر والعشاء أربعا عند جمهور أهل العلم. وكذلك يصوم إذا صادف الصيام وليس له الفطر إذا كان أجمع الإقامة أكثر من أربعة أيام عند جمهور أهل العلم، وهو قول جيد، وفيه جمع بين الأقوال.

حكم البقاء في بلد أو عمل لا يستطيع معه إقامة الجمعة

116 - حكم البقاء في بلد أو عمل لا يستطيع معه إقامة الجمعة س: الأخ: ز. ع. ز. م. من اليمن الشمالي، رداع، يقول: إن عملي في الاتحاد السوفيتي ونظام العمل لا يسمح بصلاة الجمعة لأني أعمل حتى الساعة الثانية عصرا ولا أستطيع الخروج من العمل للصلاة، فماذا أعمل؟ أفيدوني أفادكم الله (¬1) ج: أولا الواجب عليك الخروج من هذه الدولة، لأن وجودك فيها خطير على دينك وأخلاقك، فالواجب عليك أن تغادرها وأن تذهب إلى بلاد المسلمين، إلى بلادك أو غيرها من بلاد المسلمين التي تستطيع فيها إظهار دينك وإقامة شعائر دينك، وأداء الصلاة في أوقاتها مع إخوانك، فالجلوس في بلاد الشيوعيين خطر عظيم، فالواجب عليك الحذر والبدار ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (129).

بالخروج إلى بلاد المسلمين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين (¬1)» فنصيحتي لكل مسلم بين المشركين في أي بلاد سواء كان في بلاد شيوعية أو يهودية أو نصرانية أو غير ذلك أن يبتعد عن الخلطة مع المشركين والإقامة بين أظهرهم، إلا أن يكون من أهل علم ممن يدعوا إلى الله ويعلم الناس الخير، وتكون إقامته فيها مصلحة للمسلمين، ودعوة لهم إلى الخير مع كونه لا يخشى على نفسه في ذلك، فهذا خير عظيم. وله فضله - أي فضل الدعوة - وإلا فليحذر ولينتقل إلى إخوانه المسلمين، وليكن مع المسلمين في بلدانهم وقراهم حتى يشاركهم في الخير ويعينهم عليه، وعلى ترك الشر، أما ما دمت في الحال الذي قلت، ما دمت في هذا العمل وأنت لا تستطيع فالله جل وعلا لا يكلف نفسا إلا وسعها، يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2) فصل الظهر في محل عملك حتى يجعل الله لك فرجا ومخرجا، وتستطيع الخروج إلى الجمعة. أما إن كان المانع نقص الدراهم أو لأنه يخصم عليك بعض الشيء ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود، برقم (2645)، والترمذي في كتاب السير، باب ما جاء في كراهية المقام بين أظهر المشركين، برقم (1604)، والنسائي بمعناه في كتاب القسامة، باب القود بغير حديدة، برقم (4780). (¬2) سورة التغابن الآية 16

هذا ليس بعذر، فعليك أن تخرج وتصلي الجمعة، ولو خصموا عليك بعض الدراهم، ولو خصموا عليك شيئا من الرواتب الأخرى، إذا كان لك رواتب أخرى غير المعاش فالحاصل أنه إذا كان المانع أنه يحصل لك نقص في المرتب أو في أمور دنياك فليس هذا بعذر، اخرج وصل صلاة الجمعة، وأبشر بالخير وبالخلف العظيم لما قد يحصل لك من النقص، ولا تتساهل في هذا الأمر من أجل المادة، أما إن كان عجزك من أجل القوة أنهم يمنعوك بالقوة فأنت معذور والحمد لله. وصل ظهرا واجتهد في الخروج من هذه البلدة إلى بلد تستطيع فيها إقامة دينك، والله المستعان.

بيان الأصح في العدد الكافي لإقامة الجمعة

117 - بيان الأصح في العدد الكافي لإقامة الجمعة س: هل هناك عدد محدد لصلاة الجمعة، أم أنه يكفي الصلاة مهما كان عدد المصلين (¬1)؟ ج: في ذلك خلاف بين العلماء وأقوال، ولكن أصحها أنه يكفي الثلاثة فأكثر، إذا كان في البلد ثلاثة مستوطنين أحرار فأكثر صلوا الجمعة، فإن كانوا أقل صلوا الظهر، أما الواحد والاثنان فإنهم يصلون ظهرا، أما إذا كانوا ثلاثة أو أكثر مستوطنين فإنهم يصلون جمعة، ويعتبر الإمام واحدا والجماعة اثنين، وهكذا لو كانوا أربعة فأكثر، هذا هو المختار، وذهب ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (336).

جماعة إلى أنه لا بد من أربعة، وآخرون يقولون: عشرة، وآخرون يقولون: أربعين، والصواب أنه يكفي الثلاثة، وهم أقل الجمع - والحمد لله - خطيب وهو الإمام، واثنان جماعة، إذا كانوا مستوطنين في البلد وهم أحرار.

س: هل تصح صلاة الجمعة بأقل من اثني عشر رجلا (¬1)؟ ج: صلاة الجمعة في عددها خلاف كثير بين العلماء، وأرجح الأقوال ثلاثة، أقل الجماعة ثلاثة: الإمام، واثنان معه، إذا كانوا مستوطنين في قرية مقيمين بها تجب عليهم الجمعة فأكثر، أربعة، خمسة، عشرة، عشرين، أما القول بأنه لا بد من اثني عشر أو من أربعين فلا أصل له، ليس عليه دليل واضح، وأقل ما قيل في ذلك هو ثلاثة وأرجحها؛ لأنها أقل الجماعة بالنسبة إلى الجمعة. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون الشريط رقم (222).

بيان صحة صلاة الجمعة باثني عشر أو أقل

118 - بيان صحة صلاة الجمعة باثني عشر أو أقل س: الأخ: د. ع. ن. من سوريا بعث يقول: سمعت من أحد طلاب كلية الشريعة بأن الرسول صلى الله عليه وسلم خطب الجمعة في اثني عشر رجلا، هل هذا صحيح أم لا؟ أفيدونا أفادكم الله (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (183).

ج: نعم، كان يخطب فجاءت عير من الشام، فانفتل الناس إليها فلم يبق إلا اثنا عشر رجلا، وهذا دليل على أنه يصح أن يخطب الإمام وليس معه إلا اثنا عشر، ويصح أيضا أن يصلي ولو كان الجماعة اثني عشر أو أقل، والصواب أن الجماعة تنعقد بثلاثة فأكثر إذا كانوا مقيمين مستوطنين في البلد أحرار بالغين فإنها تقام بهم الجمعة، أما من شرط اثني عشر أو الأربعين أو غير هذا فلا دليل عليه، والصواب أنها تقام بثلاثة فأكثر من المكلفين الأحرار المقيمين المستوطنين في البلد، والحديث المذكور من الدلائل على أن الجمعة تقام باثني عشر، ولا حرج في ذلك.

مسألة إقامة القرية للجمعة إذا كانوا اثني عشر فقط

119 - مسألة إقامة القرية للجمعة إذا كانوا اثني عشر فقط س: السائل: ي. س. ع. ج. من حضرموت، يسأل ويقول: يوجد في قريتنا مسجد يتسع لحوالي أربعين شخصا، وعدد سكان القرية لا يزيد عن اثني عشر شخصا؛ ولهذا نحن لا نصلي صلاة الجمعة في هذا المسجد وإنما نذهب إلى مسجد آخر يبعد عنا بضعة كيلو مترات، والسبب هو عدم توفر أربعين شخصا لقيام صلاة الجمعة، فهل يجوز قيام صلاة الجمعة بهذا العدد القليل وهو اثنا عشر شخصا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (197).

ج: نعم يجوز في أصح أقوال العلماء، ينبغي لكم أن تقيموا الجمعة في محلكم إذا كان عندكم إمام يصلح لذلك والحمد لله، إذا كان المسجد الذي يجمع فيه بعيدا عنكم وفيه مشقة يبعد عنكم عدة كيلو مترات تقيمون في قريتكم الجمعة والحمد لله. ولو كانوا خمسة، ولو ستة، أقل ذلك ثلاثة، إذا كانوا ثلاثة مستوطنين أحرار مقيمين في القرية جاز لهم أن يجمعوا ولو أنهم ثلاثة أو أربعة، أما اشتراط أربعين فليس بصحيح، قول ضعيف ومرجوح عند أهل العلم. فلا بأس ولا حرج عليكم أن تجمعوا في قريتكم، وإن كنتم اثني عشر أو أقل من ذلك ما لم تنقصوا عن ثلاثة، هذا هو الصواب.

حكم صلاة الستة للجمعة في قرية بعيدة عن الجامع

120 - حكم صلاة الستة للجمعة في قرية بعيدة عن الجامع س: نحن مجموعة من الأشخاص لا يزيد عددنا عن ستة، ويتعذر علينا حضور صلاة الجمعة، لأن أقرب جامع يبعد عنا خمسة وستين كيلو، فنضطر لصلاة الجمعة ظهرا، فهل علينا حرج في ذلك (¬1)؟ ج: لا حرج عليكم في ذلك والحمد لله، ولكن لو صليتم جمعة صح ذلك في أصح قولي العلماء، لأن الجمعة تصح بثلاثة أو أكثر إذا كنتم مستوطنين مقيمين في قرية فإنكم من أهل الجمعة على الصحيح، ولو ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (209).

كنتم ثلاثة بدلا من ستة الصحيح أنها تنعقد فيكم الجمعة وتصح الجمعة، فينبغي أن تقيموها في محلكم هذا إذا كنتم مقيمين مستوطنين في المحل إقامة تامة في بناء في بيوت، فصلوا جمعة، هذا هو الأرجح والأولى بكم، أما الماضي فصلاتكم صحيحة والحمد لله.

س: يسأل المستمع ويقول: نحن في مكان يبعد عن المسجد بمقدار أربعة كيلو متر، ولا نسمع الأذان على الرغم أن هناك خطيبا يعيش معنا، فما الحد الأدنى لعدد المصلين لإتمام صلاة الجمعة (¬1)؟ ج: قد اختلف أهل العلم في العدد الذي تنعقد به الجمعة على أقوال، وأرجحها وأصوبها أن الثلاثة كافية، وأنهم تقام بهم الجمعة، وتلزم بهم الجمعة إذا كانوا مستوطنين أحرارا، فإذا كنتم ثلاثة أو عشرة أو أكثر أقيموا الجمعة لبعدكم عن مساجد الجمعة، المقصود أن الثلاثة فأكثر تقام بهم الجمعة إذا كانوا مستوطنين في المحل وكانوا أحرارا لا أرقاء فإنهم تقام بهم الجمعة، هذا هو أرجح ما قيل في ذلك لما في الجمعة من الخير العظيم، في إقامتها من الخير العظيم والمواعظ والتذكير. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (417).

س: هل تجوز صلاة الجمعة بأقل من أربعين مصليا (¬1)؟ ج: نعم، الصواب أنه لا يشترط أربعون لعدم الدليل، المشروط جماعة ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (297).

ثلاث فأكثر، الشرط أن يكون جماعة ثلاثة فأكثر، هذا هو الصحيح، إذا كانوا مستوطنين في قرية وكانوا أحرارا فإنهم يصلون جمعة ولو كانوا أقل من أربعين.

حكم التخلف عن الجمعة للذهاب إلى السوق

121 - حكم التخلف عن الجمعة للذهاب إلى السوق س: المستمع: ي، من اليمن يقول: أعيش في قرية صغيرة، ويوجد في هذه القرية جامع، وعدد سكان القرية قرابة العشرين رجلا إضافة إلى الأطفال، وعندنا سوق وموعده هو يوم الجمعة، ونضطر في هذا اليوم إلى الذهاب إلى السوق لشراء بعض الأغراض فلا يبقى في القرية إلا عشرة أشخاص أغلبهم صغار السن، فهل يجب على هذا العدد إقامة صلاة الجمعة علما أنه من الصعوبة أن نترك السوق لأنه وسيلة لشراء مستلزماتنا وبيع ما عندنا (¬1)؟ ج: إذا كان في القرية ثلاثة مكلفون مستوطنون تقام بهم الجمعة والحمد لله، والباقي تبع، أما إذا كان كلهم ما فيهم ثلاثة أو ما فيهم إلا واحد كبير أو اثنان فإنهم يصلون ظهرا، أما إذا كان فيهم ثلاثة فأكثر مكلفون بالغون مستوطنون أحرار فإنهم يصلون جمعة، والباقي من الصغار تبع لهم في ذلك، وإذا تيسر تغيير يوم السوق من يوم الجمعة إلى يوم آخر فهذا طيب لأنه ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (346).

جمع بين مصلحتين، يتفرغون لهذا السوق ويصلون الجمعة كاملة جميعا، فإذا تيسر تغيير يوم السوق إلى يوم الخميس أو السبت فهذا أفضل.

حكم الجمعة للمقيمين في الثكنات العسكرية للتجنيد

122 - حكم الجمعة للمقيمين في الثكنات العسكرية للتجنيد س: نحن هنا في التجنيد العسكري هناك اختلافات حول جواز صلاة الجمعة في الثكنة علما بأننا نحن المصلين عددنا حوالي أربعة وثلاثين شخصا، ونبعد عن المدينة بخمسة وعشرين كيلو مترا، ومدة التجنيد سنتان، هل علينا صلاة جمعة أم لا (¬1)؟ ج: نعم، إذا كنتم مواطنين مستقرين في محل فعليكم صلاة الجمعة في محلكم، تصلون الجمعة في محلكم، لأن المساجد عنكم بعيدة، فتصلون الجمعة، يكون عندكم خطيب وتصلون الجمعة جميعا، أما إذا كانت الإقامة سنتين وهم ليسوا مواطنين بل يرجعون إلى بلاد أخرى فهؤلاء يصلون ظهرا، لأنهم ليسوا مستقرين، يكون الحكم مثل حكم المسافر المقيم إقامة عارضة ما تجب عليهم الجمعة بأصلهم إلا إذا كان معهم مواطنون صلوا معهم الجمعة، أما إذا كانوا هم ليسوا مواطنين بل أقاموا في المحل هذا إقامة عارضة، ثم يرجعون إلى بلادهم فهؤلاء إذا أقيمت عندهم الجمعة صلوا مع المصلين الجمعة، وإن لم تقم عندهم الجمعة صلوا ظهرا. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (175).

نصيحة للمقيمين في الثكنات العسكرية بشأن الجمعة

123 - نصيحة للمقيمين في الثكنات العسكرية بشأن الجمعة س: سماحة الشيخ، هل هناك أفضلية تنصحون بها بالنسبة لمن يقيم إقامة مؤقتة (¬1)؟ ج: نعم ننصحهم بصلاة الجمعة إذا تيسرت مع المساجد التي تقيم الجمعة ولو بعدت، السيارات متيسرة والحمد لله، فإذا ذهبوا وصلوا الجمعة كان ذلك خيرا، كان ذلك خيرا لهم وأفضل وأبعد عن الريبة، أما الثكنة فلا يصلى فيها إلا ظهر. إلا إذا كان فيهم مواطنون ولو قليل ولو ثلاثة فأكثر صلوا الجمعة، أو كانوا هم ليسوا خارجين من البلد بل هم من أهل البلد، لكن لهم محل معين وإلا فهم من أهل البلد، فهم يعتبرون مواطنين، ولو كان محل سكنهم بعيدا عن الثكنة عشرة كيلو، خمسة كيلو، ستة كيلو، يجتمعون فيها من أجل العمل، فهذه الثكنة إذا أقاموا فيها صلاة الجمعة فقد أحسنوا، وإن سمح لهم بأن ينتقلوا إلى مسجد آخر يصلون فيه الجمعة فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (175).

بيان الحكم فيمن يعمل بمكان ليس فيه من يقيم الجمعة

124 - بيان الحكم فيمن يعمل بمكان ليس فيه من يقيم الجمعة س: الأخ: ح. م. ع. مقيم في جزيرة قبرص، يسأل ويقول: إنني وحيد في جزيرة قبرص ولم أجد مسلمين أصلي معهم، ولا يوجد أي

مسجد إلا أنني أسمع الأذان عن طريق إحدى الدول العربية بالراديو، وأصلي الجمعة خلف المذياع في إحدى الدول العربية، فهل صلاتي هذه تعتبر صلاة جماعة؟ وماذا أفعل إذا وأنا أتأخر في بعض أوقات الصلاة لأنه لا بد لي من الاغتسال خوفا أن يكون عملي الذي سبق وأن ذكرته لكم وهو في مصنع للحوم الخنازير، أخشى أن يكون في عملي هذا شيء من النجاسة فأغتسل قبل الصلاة، أرجو توجيهي حيال ما سألت، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا شك أن صلاة الجمعة واجبة على المسلمين، ولكن ليس لك أن تصلي خلف المذياع، بل الواجب عليك أن تلتمس من المسلمين من يقيم صلاة الجمعة، وعليك أن تجتهد في ذلك، فإذا تيسر لك جماعة من المسلمين في أي مسجد من المساجد تصلي معهم الجمعة ولو اثنين، وتكون أنت الثالث؛ لأن الصحيح أن الجمعة تنعقد بثلاثة، فإذا كانوا مستوطنين مقيمين في بلد ليسوا مسافرين بل هم مقيمون مستوطنون فإنكم تصلون جميعا جمعة، وإذا كانوا أكثر من ثلاثة فأحسن وأحسن، وينبغي لك وأمثالك من الإخوان الطيبين أن يسعوا في هذا الأمر، وأن يجتهدوا في إقامة صلاة الجمعة وصلاة الجماعة في المساجد الموجودة، وأن تحرصوا على فتحها، لأنه بلغني أن هناك مساجد كثيرة مغلقة، فينبغي ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (170).

لك أنت وإخوانك أن تسعوا حثيثا في فتح ما تيسر منها، وأن تقيموا صلاة الجمعة فيما تيسر منها، ولا تصل خلف مذياع، لكن إذا لم يتيسر لك أحد فإنك تصلي ظهرا، تصلي أربعا ظهرا بعد زوال الشمس ودخول الوقت، ولا تصل الجمعة إلا إذا كان معك اثنان أو أكثر من الناس المستوطنين في البلد، هكذا بين أهل العلم. ونسأل الله أن يجعلك مباركا وأن يعينك على أسباب الخير، وأن يجعلك مفتاحا للخير، أما الغسل فهو سنة مؤكدة يوم الجمعة لمن يصلي الجمعة، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوبه، وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من جاء منكم الجمعة فليغتسل (¬1)» وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم (¬2)» وأن يستاك ويتطيب، قال جمهور أهل العلم: معنى واجب يعني متأكدا، فيسن لك الغسل للجمعة إذا كنت تصلي الجمعة، أما صلاة الأوقات فلا يشرع لها الغسل، وإن كنت تعلم أن في ثوبك نجاسة أو بدنك نجاسة من لحم الخنزير ودم الخنزير أو من بول أو غير ذلك فاغسل المحل فقط، وليس عليك ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء، برقم (894)، ومسلم في كتاب الجمعة، باب، برقم (844). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الغسل يوم الجمعة وهل على الصبي شهود، برقم (879)، ومسلم في كتاب الجمعة، باب وجوب غسل الجمعة على كل بالغ من الرجال، برقم (846).

الغسل، عليك أن تغسل ما أصابه الدم أو النجاسة من الخنزير في يدك أو رجلك أو ثوبك، أما الغسل فلا يلزمك لكن يستحب لك الغسل للجمعة، ويجب عليك الغسل للجنابة، إذا جامعت زوجتك أو أنزلت منيا بشهوة فإنك تغتسل للجنابة، نسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يمنحنا وإياك الفقه في الدين والثبات عليه، ونوصيك مرة أخرى بالحرص على جمع إخوانك والتعاون معهم وأن تصلوا جميعا الجمعة والجماعة، وأن تجتهدوا في فتح المساجد وتشجيع من حولها من المسلمين أن يصلوا فيها الجمعة والجماعة، كل مسجد حوله جماعة يصلون فيه جماعة، وإذا كانت الجمعة بعيدة عنهم صلوا جمعة أيضا، وإذا كانوا متقاربين اجتمعوا في واحد من المساجد وصلوا جمعة، ولا يتفرقون بل يصلون جميعا في مسجد واحد إلا إذا تباعدت المساجد والمحلات تباعدا كثيرا، فكل حي يصلون في حيهم جمعة إذا صار بعيدا عن الحي الآخر بما يشق معه الذهاب إلى الحي الآخر، والله المستعان. وقد أوصيناه بأنه يجب عليه ترك العمل في مصنع لحوم الخنزير، يقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (¬1) وليس له أن يعمل في مصنع للخنزير، وليس لأحد أن يساعد صناع ما حرم الله من صناعة الخمر أو بيع لحم الخنزير أو غير هذا مما حرم الله، ليس للمسلم أن يشاركهم في ¬

_ (¬1) سورة الطلاق الآية 2

ذلك، ولا أن يعينهم في ذلك، لأن الله يقول: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (¬1) والنبي صلى الله عليه وسلم لعن الخمر وشاربها، وساقيها، وعاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه، وبائعها ومشتريها، وآكل ثمنها، لماذا؟ لأنهم تساعدوا على الباطل ولأنهم أعانوا أهل الشر، فلهذا لعنوا، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة الحذر من الإعانة على ما حرم الله عملا بقوله سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (¬2) فالذي يعين على بيع الخمر أو بيع الخنزير أو أكل لحم الخنزير أو شرب المسكر، أو يعين على أكل الربا أو يكتب الربا أو يشهد على الربا كلهم داخلون في اللعنة، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 2 (¬2) سورة المائدة الآية 2

حكم صلاة الجمعة قبل الوقت المحدد في تقويم أم القرى

125 - حكم صلاة الجمعة قبل الوقت المحدد في تقويم أم القرى س: هل يجوز أن يصعد الخطيب المنبر يوم الجمعة قبل وقت الظهر الموضح في تقويم أم القرى مثلا، ويؤذن المؤذن له عندما يصعد (¬1)؟ ج: يجوز على الصحيح أن يصليها قبل الزوال الساعة الحادية عشرة - يعني قبيل الزوال - لا بأس، قد جاء في الأدلة ما يدل على جواز ذلك ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (184).

لكن الأفضل يكون بعد الزوال، لأن أكثر أهل العلم يمنعون من فعلها قبل الزوال، ولأنه الغالب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصليها بعد الزوال، فينبغي للمؤمن أن يحتاط لدينه وأن يبتعد عن مسائل الخلاف التي فيها شبهة، فإذا صلى بعد الزوال كان أولى، وإن صلى قبل الزوال في الساعة الحادية عشرة - يعني في الساعة الأخيرة قبل الزوال - فلا حرج في ذلك على الصحيح.

حكم إقامة الجمعة في مسجد المدرسة

126 - حكم إقامة الجمعة في مسجد المدرسة س: يقول الأخ: يوجد في إحدى القرى مدرسة داخلية للطلبة وبها مسجد تقام به الصلوات الخمس في فترات المدرسة، هل يجوز إقامة الجمعة في مثل هذا المسجد مع العلم بأن الدراسة سوف تتعطل في فترات الإجازات (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل، إذا كان المسجد حوله مساجد أخرى تقام فيها الجمعة لا يجوز أن تقام فيه، بل على الطلبة وغيرهم أن يصلوا الجمعة مع الناس في الجوامع الموجودة، أما إذا كانت القرية ما فيها جامع قريب، الجوامع عنها بعيدة في القرى الأخرى فلهم أن يقيموها في هذا المسجد إذا كان حول المسجد أناس يقيمون، ولو أنهم ثلاثة فأكثر يكونون ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (190).

مقيمين مستوطنين فلهم أن يصلوا الجمعة، ومن حضر معهم من الناس من طلبة وغيرهم، إلا إذا كان هناك مسجد قريب يسمعون النداء لا يشق عليهم الذهاب إليه وجب عليهم أن يذهبوا إلى المسجد القريب ويكفي، لكن متى كانت المساجد بعيدة التي تقام فيها الجمعة ويشق عليهم الذهاب إليها ولا يسمعون النداء - يعني النداء بغير المكبرات - النداء العادي عند خلو الأصوات وعدم وجود ما يمنع السماع فإنهم في هذه الحالة لهم أن يصلوا الجمعة في مسجدهم إذا كان المسجد حوله ناس مستوطنون، ثلاثة أو أكثر في أصح قولي العلماء، ولا يشترط أن يكونوا أربعين ولا اثني عشر، ليس على هذا دليل، بل متى وجد ثلاثة أو أربعة أو خمسة مستقيمون مستوطنون في البلد فإنهم يصلون الجمعة إذا كان ما حولهم جوامع بعيدة عنهم.

حكم صلاة الجمعة في مسجد فيه قبور

127 - حكم صلاة الجمعة في مسجد فيه قبور س: الأخ: أ. ح. ع. من السودان يقول: يوجد بقريتنا مسجد واحد وعن شماله وخلفه قباب تشد إليها الرحال، ويطاف حولها ويستغاث بها، ما حكم الصلاة في هذا المسجد وخاصة صلاة الجمعة وهذا المسجد هو الوحيد في القرية؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (190).

ج: هذا المسجد إذا كان على ما ذكرت ليس في الصلاة فيه بأس، لا حرج أن يصلى فيه الجمعة وغير الجمعة، وكون قبور هناك شماله وخلفه لا يمنع من ذلك، ولكن الواجب على أهل العلم وعلى أخيار القرية أن ينكروا على الناس عملهم مع القبور من الشرك بالله والاستعانة بأهلها ودعائهم من دون الله والطواف بها، كل هذا من المحرمات العظيمة بل من الشرك الأكبر، سؤال الأموات والاستغاثة بالأموات من الشرك الأكبر من عمل الجاهلية، من عمل أبي جهل وأشباهه، وهكذا الطواف بالقبور يتقرب إليهم بالطواف، هذا من الشرك الأكبر، أما إن كان يظن أن الطواف بالقبور عبادة لله لا يتقرب بها إلى القبر فهو بدعة ومنكر، ومن وسائل الشرك، لأن الطواف إنما يكون بالبيت العتيق بالكعبة، الطواف بالقبور إذا كان لقصد التقرب إلى أهلها كان شركا أكبر، وإن كان القصد التقرب إلى الله، يظن أنها قربة هنا فهذا كله بدعة ومنكر وباطل، لأن الطواف من خصائص البيت العتيق، يقول سبحانه: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (¬1) المقصود أنه لا يجوز الطواف بالقبور وإنما الطواف يكون بالبيت العتيق كما قال الله سبحانه: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (¬2) والواجب على أهل العلم أينما ¬

_ (¬1) سورة الحج الآية 29 (¬2) سورة الحج الآية 29

كانوا أن يعلموا الناس ويرشدوهم ولا سيما في السودان وفي غيرها من البلاد التي فيها القبور التي تعبد من دون الله، يجب على أهل العلم أن يعلموهم وأن ينكروا عليهم هذا الشرك العظيم. وهكذا المساجد التي تبنى على القبور لا تجوز بل يجب هدمها وإزالتها، القبور يجب أن تكون ضاحية شامسة ليس فوقها بناء، لا قبور ولا غيرها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)» ولما أخبرته أم سلمة وأم حبيبة رضي الله تعالى عنهما عن كنائس في الحبشة وما فيها من الصور قال عليه الصلاة والسلام: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله (¬2)» فأخبر أنهم شرار الخلق لأنهم بنوا على القبور، واتخذوا عليها الصور، وهذا من وسائل العبادة، من وسائل عبادتها من دون الله والشرك بها، فلهذا بين عليه الصلاة والسلام أنهم شرار الخلق، وصح عن جابر رضي الله عنه «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها (¬3)» رواه مسلم في الصحيح. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، برقم (529). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، برقم (427)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، برقم (528). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه، برقم (970).

فلا يجوز أن يبني على القبور لا مساجد ولا قباب ولا غيرها، ولا أن تجصص ولا أن تدعى من دون الله، ولا أن يستغاث بأهلها، بل يجب الحذر من ذلك، إنما تزار الزيارة الشرعية بالسلام على أهلها والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، فأما البناء عليها أو اتخاذ المساجد عليها أو القباب فهذا كله منكر ومن وسائل الشرك. وأما دعاءها والاستغاثة بأهلها وطلبهم المدد فهذا من الشرك الأكبر، إذا قال: يا فلان، يا سيدي فلان، المدد المدد، الغوث الغوث، هذا من الشرك الأكبر - نعوذ بالله - كما يفعل ذلك عند بعض القبور، كقبر البدوي والحسين في مصر، والشيخ عبد القادر في العراق وغيرها من القبور التي يعبدها الجهلة، فالواجب على أهل العلم أينما كانوا بيان هذا للناس وتحذيرهم من الشرك، والله أخذ على العلماء العهد والميثاق أن يبينوا للناس، وأن ينذروهم ويعلموهم، والواجب على العامة أن يسألوا وأن يتبصروا ويتفقهوا في الدين، ولا يغتروا بعادات الآباء والأجداد، الله سبحانه ذم المشركين لما احتجوا بآبائهم حيث قال الله عنهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (¬1) ذمهم على هذه الحال، والواجب على المسلم أن يتبصر في دينه ويتفقه في دينه، يتعلم، يتبصر، يسأل أهل العلم ¬

_ (¬1) سورة الزخرف الآية 23

ولا يحتج بعادات الجاهلية، ولا بعادات الآباء والأجداد التي تخالف شرع الله سبحانه وتعالى، نسأل الله للجميع الهداية.

حكم من أدرك الركعة الأخيرة من صلاة الجمعة

128 - حكم من أدرك الركعة الأخيرة من صلاة الجمعة س: م. م. من السودان يقول: سماحة الشيخ، إذا دخلت المسجد ووجدت الإمام قائما وأدركت معه الركعة الأخيرة من صلاة الجمعة فكيف أتم صلاتي (¬1)؟ ج: تأتي بالركعة الثانية، إذا أدركت ركعة من الجمعة وسلم الإمام تقوم وتأتي بالركعة الثانية - والحمد لله - وقد أجزأتك، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى وقد تمت صلاته (¬2)» والواجب على كل مسلم أن يبادر إلى الجمعة قبل الأذان الأخير، لأن الأذان الذي بعده الخطبة، فالواجب أن يبادر حتى يسمع الخطبة ويحضر الصلاة، والله جل وعلا بين لعباده أن الواجب إذا نودي لصلاة الجمعة أن نذر البيع ونترك المشاغل، فالواجب على المؤمن أن يتحرى الوقت المناسب يوم الجمعة ويفرغ نفسه حتى يبكر إليها، يصلي ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (414). (¬2) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123).

ما تيسر، يقرأ من القرآن ما تيسر، حتى إذا جاء الخطيب فإذا هو قد فرغ من صلاته وقراءته التي أراد، المقصود أن المشروع للمؤمن أن يبكر ويبادر إلى الجمعة، والذي يأتي إليها في أول الوقت كمهدي بدنة، والذي يليه كمهدي بقرة، والذي يليه كمهدي كبش، والذي يليه كمهدي دجاجة، والخامس كالمهدي بيضة، فالمشروع للمؤمن أن يبادر ويسارع قبل الأذان الآخر، حتى إذا أذن الأذان الأخير فإذا هو حاضر قد استعد لسماع الخطبة.

س: المستمع: ص. ق، بعث يسأل ويقول: ما حكم من دخل المسجد في الركعة الأخيرة في صلاة الجمعة ولم يدرك منها إلا الركوع، هل يتمها ظهرا أم جمعة؟ (¬1) ج: من أدرك الإمام في صلاة الجمعة في الركوع الثاني أتمها جمعة، لما جاء في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى وقد تمت صلاته (¬2)» ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (¬3)» والصلاة ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (320). (¬2) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من أدرك من الصلاة ركعة، برقم (580)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم (607).

تدرك بالركوع، فإذا جاء والإمام راكع ركع معه، وإذا سلم الإمام قام فأتى بالركعة الثانية، وتسقط عنه الفاتحة، لأنه فاته القيام، فصلاته صحيحة.

بيان ما تدرك به صلاة الجمعة

129 - بيان ما تدرك به صلاة الجمعة س: رجل تأخر عن صلاة الجمعة فأدرك التشهد، ورجل تأخر عن صلاة الجمعة فأدرك الركعة الثانية، ما العمل في كلتا الحالتين، هل نتم الصلاة أربع ركعات أم ركعتين (¬1)؟ ج: الذي أدرك ركعة من الجمعة هذا قد أدركها، فليضف إليها أخرى بعد سلام الإمام، يأتي بركعة ثانية، ثم بعد التشهد والدعاء يسلم وقد تمت جمعته؛ لما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى وقد تمت صلاته (¬2)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (¬3)» أما الذي أدرك التشهد فقط فهذا يصلي الجمعة ظهرا، فقد فاتته الجمعة، فإذا كان قد زالت الشمس صلى ظهرا، وأما إذا كان ما زالت الشمس فإنه لا يصلي إلا بعد زوال الشمس، لأن بعض الناس قد يصلي الجمعة قبل زوال الشمس يبكر، والذي ينبغي للخطباء والأئمة أن يتأخروا حتى ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (215). (¬2) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123). (¬3) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123).

تزول الشمس، لأن الجمهور من أهل العلم يرون أنها لا تجزئ إلا بعد الزوال كالظهر، وذهب بعض أهل العلم إلى أنها تجزئ قبل الزوال، لأدلة وردت في ذلك، لكن الأحوط للمؤمن أن يتأخر حتى يصليها بعد الزوال خروجا من الخلاف، فإذا جاء المتأخر وأدرك الإمام في التشهد وقد زالت الشمس فإنه يصلي أربعا، إذا سلم الإمام يقوم يصلي أربعا بنية الظهر، أما إذا كان ما زالت الشمس فإنه يصلي ركعتين نافلة، ويصلي الظهر بعد ذلك في بيته أو في المسجد أو في أي مكان.

س: رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين يسأل ويقول: ماذا يفعل من دخل المسجد يوم الجمعة ووجد المصلين في التشهد، هل يدخل في الجماعة ويكمل في الصلاة ركعتين أم يصليها أربعا (¬1)؟ ج: إذا دخل يوم الجمعة والناس في التشهد فإنه يصلي أربعا ظهرا، لأنه فاتته الجمعة لأنها لا تدرك إلا بركعة، فإذا كان الإمام قد ركع الركوع الثاني ولم يدركهم الداخل إلا في السجود أو في التشهد فإنه يصلي ظهرا أربعا إذا كانت الشمس قد زالت، إذا كان الإمام قد صلاها في الوقت بعد الزوال، أما إذا كان صلاها قبل الزوال فإنه يصلي الظهر بعد الزوال، يتأخر لا يعجل، فإن صلى ركعتين عند دخوله نواها تحية المسجد فلا ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (170).

بأس، يدخل معهم ويصلي ركعتين بنية تحية المسجد إذا كانت الصلاة التي أقامها الإمام قبل الزوال، لأن بعض الأئمة يبكر بالجمعة، والمشروع أن يكون بعد الزوال، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على جوازها قبل الزوال، ولهذا ذهب إليه بعض أهل العلم، لكن المشروع والأفضل والأحوط للمؤمن أن يصليها بعد الزوال كما قاله جمهور أهل العلم ليخرج من الخلاف، وليؤدي الجمعة بيقين، فإذا أدرك الإمام وهو في التشهد وهو بعد الزوال في وقت الظهر فإنه يصلي أربعا، يدخل معهم فإذا سلم الإمام قام وصلى أربعا بنية الظهر؛ لأن الجمعة لا تدرك إلا بركعة.

س: إذا لحق المصلي التشهد في صلاة الجمعة هل تكون صلاته تامة - بمعنى أنه أدرك صلاة الجمعة - أم ينويها ظهرا ويصليها أربع ركعات؟ أفتونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الجمعة لا تدرك إلا بركعة، فمن لمن يدرك ركعة منها صلى ظهرا، لما جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى وقد تمت صلاته (¬2)» ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (¬3)» فإذا كان ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (168). (¬2) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123). (¬3) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123).

مجيئه إلى الجمعة بعد الركوع الثاني بأن أدركه في السجود الأخير أو في التشهد فإنه يأتي بأربع، يصلي ظهرا، ينويها ظهرا، ولا تجزئه الجمعة.

س: يقول السائل: إذا دخلت المسجد يوم الجمعة وأدركت التشهد فقط من صلاة الجمعة، فهل أصلي ركعتين أم أصليها ظهرا أربع ركعات؟ وإذا صلى خلفي رجل آخر لم يدرك التشهد هل يصلي الجمعة أم الظهر (¬1)؟ ج: عليكم أن تصلوا ظهرا، لأن الجمعة ما تدرك إلا بركعة، فإذا جاء المسبوق وقد فاتته الركعتان يصليها ظهرا، ينويها ظهرا أربعا، والذي يقتدي به كذلك ظهرا، لأن الجمعة إنما تدرك بركعة واحدة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (288). (¬2) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123).

س: إذا جاء شخص يوم الجمعة إلى المسجد ووجد الصلاة قد قضيت، ووجد رجلا بقيت عليه ركعة، فهل يكملها ظهرا أم جمعة، ولو انضم إليه شخص آخر بعد أن قضى ركعة فهل يكملها ظهرا أم يكملها جمعة (¬1)؟ ج: الواجب أن يكملها ظهرا، لأن الجمعة فاتت لمن لم يدرك منها ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (45).

شيئا، فاتت الجمعة، وإنما تدرك بركعة واحدة، إذا أدرك الركعة الثانية مع الإمام صلاها جمعة، أما إذا لم يأت إلا بعد السلام أو بعد الركعة الثانية في التشهد أو في حال السجود في الركعة الثانية فإنه لا يصليها جمعة، ولكن يصليها ظهرا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى وقد تمت صلاته (¬1)» فمفهومه أنه إذا أدرك أقل من ركعة لا يكون مدركا للجمعة، هذا هو المشروع أن يصلي ظهرا، وإذا أدرك إنسانا يقضي يصلي معه ظهرا، ولا يصلي جمعة، وهذا يلاحظ فيه أن يكون بعد الزوال، أما إذا كانت الجمعة صلوها قبل الزوال فإنه لا يصلي الظهر إلا بعد الزوال، والجمعة يجوز أن تصلى قبل الزوال في الساعة السادسة قبل الزوال لا بأس على الصحيح، فلو كانت الجمعة صليت حين فاتته، صليت قبل الزوال فإنه لا يصلي الظهر إلا بعد الزوال. ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب من أدرك ركعة من صلاة الجمعة، برقم (1425)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة، برقم (1123).

بيان كيفية صلاة النوافل قبل صلاة الجمعة وبعدها

130 - بيان كيفية صلاة النوافل قبل صلاة الجمعة وبعدها س: الأخ: م، له سؤال يقول: في يوم الجمعة هل يصلي الإنسان الأربع الرواتب قبلها - أي الظهر والركعتين بعدها - أم يقتصر على ركعتين أو أربع بعد الجمعة ويترك راتبتي الظهر يوم الجمعة دون سائر الأيام (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (431).

ج: يوم الجمعة يصلي قبلها ما تيسر، أربع وإلا ست وإلا ثمان وإلا عشر وإلا أكثر، النبي ما حدد شيئا، قال: «صلى ما قدر له (¬1)» أما بعدها فالسنة أن يصلي أربعا تسليمتين، النبي عليه السلام قال: «إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا (¬2)» يعني تسليمتين، أما قبلها فحسب عمله صلى الله عليه وسلم ثم أتى المسجد فصلى ما قدر له، يصلي ما تيسر قبلها ثنتين أو أربعا تسليمتين، أو ثلاث تسليمات، أو أربع تسليمات، أو خمس تسليمات، أو أكثر، ما في ذلك شيء محدود، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881).

بيان حكم الأذان الثاني يوم الجمعة

131 - بيان حكم الأذان الثاني يوم الجمعة س: من أحد الإخوة المستمعين يقول في هذا السؤال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬1)» وقال أيضا: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

بعدي (¬1)» وقد كان في زمان الخليفة عثمان رضي الله عنه أذان واحد، ثم زاد الأذان الثاني بصلاة الجمعة، هل هذه الزيادة تعتبر من البدع أم من السنة؟ وما هي البدع وما هي أقسامها؟ مأجورين (¬2) ج: هذه الأحاديث التي ذكرها السائل أحاديث صحيحة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬3)» حديث متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها، وفي لفظ يقول صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬4)» أخرجه مسلم في صحيحه، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (¬5)» والبدعة هي التي يحدثها الناس في الإسلام مثل الطاعات والقربات، يقال لها: بدعة، ما ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث العرباض بن سارية، برقم (17144)، وأبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607)، والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676)، وابن ماجه في المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، برقم (42)، والدارمي في المقدمة، باب اتباع السنة برقم (95). (¬2) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (374). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬5) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607).

أحدثه الناس في التعبد يقال: بدعة، مثل الاحتفال بالمولد، مثل بدعة البناء على القبور، واتخاذ المساجد على القبور والقباب، وما أشبه ذلك مما يحدثه الناس، ومعنى الرد يعني: مردودا، لكن ما فعله عثمان من الأذان الثاني في خلافته ليس من البدع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي (¬1)» وهو من الخلفاء الراشدين، وقد أحدث الأذان الثاني - وهو الأول - من المصلحة، لمصلحة المسلمين حتى ينتبهوا للجمعة، ولهذا أقره الصحابة في زمانه وعمله المسلمون من بعده، لأنه داخل في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ (¬2)» وهكذا ما فعل في عهده من جمع المصحف، كان الناس يحفظون القرآن في صدورهم، وفي زمانهم خافوا على الناس أن يضيع منهم القرآن، فاجتمع رأي الصحابة أنه يكتب في المصاحف حتى يبقى بين أيدي المسلمين وحتى يحفظ، وكان هذا من الأعمال الطيبة التي وفق الله الصحابة لها. وهكذا ما فعله عمر رضي الله عنه من جمع الناس على إمام واحد في التراويح في رمضان، وكانوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يصلون أوزاعا في المسجد، كل يصلي ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث العرباض بن سارية، برقم (17144)، وأبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607)، والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676)، وابن ماجه في المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، برقم (42)، والدارمي في المقدمة، باب اتباع السنة برقم (95). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث العرباض بن سارية، برقم (17144)، وأبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607)، والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676)، وابن ماجه في المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، برقم (42)، والدارمي في المقدمة، باب اتباع السنة برقم (95).

لنفسه أو يصلي معه اثنان أو ثلاثة أو أربعة أو أكثر، ثم جمعهم عمر على إمام واحد، لأنه رأى أن هذا أولى من تفرقهم، وتأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى بالناس في رمضان عدة ليال جماعة في رمضان، ثم قال: «خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل (¬1)» فأمرهم أن يصلوا في بيوتهم، فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم انقطع الوحي، وأمن فرضها، فلهذا جمعهم عمر وصارت سنة عمرية، جمع الناس على إمام واحد في رمضان في التراويح والقيام. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد، برقم (924)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، برقم (761).

بيان في تعريف البدعة

132 - بيان في تعريف البدعة س: يقول السائل: كيف نعرف البدعة وأقسامها يا سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: البدعة ما أحدثه الناس في الشرع ويخالف الشرع، هذا يقال له: بدعة، ما أحدث في الدين يقال له: بدعة، مثل ما مثلنا، مثل بدعة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وبدعة بناء المساجد على القبور واتخاذ القبب عليها، هذه بدعة، كلها بدعة منكرة، مثل بدعة الجهمية في الصفات والأسماء، وبدعة المعتزلة في الصفات، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (374).

وقول المعتزلة: إن صاحب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين، هذه البدع التي أحدثها المبتدعة.

حكم قول السلام على النبي في التشهد

133 - حكم قول: السلام على النبي في التشهد س: يقول السائل: ع. إ. ع، من جنوب أفريقيا في سؤاله في التشهد: هل يقال: السلام على النبي، أم: السلام عليك أيها النبي؟ وجهونا في ذلك (¬1) ج: الأفضل أن يقال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، هذا هو الذي علمه النبي أصحابه، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهم يعملون ذلك، ولم يقل لهم: إذا مت فقولوا: السلام على النبي، على أنهم يقولون: السلام عليك أيها النبي. حيا وميتا، معنى: عليك أيها النبي. من باب الاستحضار في الذهن والقلب، والسلام عليك أيها النبي ليس دعاء ولكنه دعاء له، يدعو له بالسلام والرحمة والبركة، لا يطلب منه شيئا، وإنما يدعو له بالسلامة والرحمة والبركة، ويقول: سلام الله عليك أيها النبي. يعني: أعطاك الله السلام، وأعطاك الله الرحمة، وأعطاك الله البركة، هذا هو الأفضل. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (374).

حكم تعدد الأذان يوم الجمعة

134 - حكم تعدد الأذان يوم الجمعة س: هل للجمعة أذان واحد أم أذانان، وهل بينهما سنة قبلية للجمعة (¬1)؟ ج: الجمعة لها أذان واحد، هذا هو الأصل، وهذا هو المفترض عند دخول الخطيب، وهو الواقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا دخل الخطيب أذن بلال رضي الله عنه، ثم زاد عثمان أذانا ثانيا مستحبا لتنبيه الناس على أن اليوم يوم الجمعة قبل الأذان الأول - يعني قبل الأذان السابق الذي عند دخول الخطيب - يؤذن به قبل الوقت بنصف ساعة أو نحوها أو ساعة حتى يعلم الناس الجمعة، وحتى يستعدوا للمجيء، وقد درج السلف على هذا تأسيا بعثمان رضي الله عنه في عهد عثمان وفي عهد علي وعهد الصحابة بعد عثمان، ثم درج عليه السلف الصالح، فهذا مشروع من عمل الخلفاء الراشدين، والرسول عليه السلام قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي (¬2)» ومعلوم أن عثمان رضي الله عنه وعليا رضي الله عنه كلهم من الخلفاء الراشدين، فالسنة أن يؤتى بالأذان الأول للجمعة للتنبيه كما فعل عثمان ومن بعده رضي الله عنهم، أما الأذان الأول الذي عند دخول الخطيب فهذا هو الموجود على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو المفترض. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (365). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث العرباض بن سارية، برقم (17144)، وأبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607)، والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676)، وابن ماجه في المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، برقم (42)، والدارمي في المقدمة، باب اتباع السنة برقم (95).

حكم الاكتفاء بأذان واحد يوم الجمعة

135 - حكم الاكتفاء بأذان واحد يوم الجمعة س: عندنا أذان واحد يوم الجمعة، ثم الخطبة، هل هذا الصحيح؟ نرجو توضيح ذلك مأجورين (¬1) ج: هذا هو الأصل، في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان أذانا واحدا بين يدي الخطيب عند دخول الخطيب ثم في عهد عثمان رضي الله عنه أمر بأذان قبل ذلك أولا يؤذن قبل دخول الخطيب، واستمر عليه العمل بعد عثمان رضي الله عنه، فإذا فعل فهو أحسن، وإلا ما يضر إذا اكتفي بأذان واحد، لا حرج في ذلك كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد الصديق وعهد عمر رضي الله عنهما، لكن إذا جعل أذان ثان للتنبيه على أنه يوم الجمعة حتى يستعد الناس ويتأهبوا للجمعة هذا لا بأس به، بل هو حسن وعليه العمل الآن لأن فيه فائدة كبيرة ينتبه الناس للجمعة ويستعدون. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (359).

بيان سبب أخذ أهل السنة بالأذانين يوم الجمعة

136 - بيان سبب أخذ أهل السنة بالأذانين يوم الجمعة س: لاحظت في بلدكم المملكة العربية السعودية أنه يوجد أذانان للجمعة، وهذا غير صحيح إذ إنه كان إذا صعد الإمام المنبر أذن بين يديه أذان واحد، وجميع كتب السنة تؤيد ذلك، فأرجو أن تحولوا

هذا إلى الجهات المختصة كدار الإفتاء التي يرأسها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، ليحق الله الحق ويبطل الباطل (¬1) ج: نعم، هو كمال قال السائل، كان الأمر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أذانا واحدا مع الإقامة، كان إذا دخل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الخطبة والصلاة أذن المؤذن، ثم خطب النبي صلى الله عليه وسلم الخطبتين، ثم يقام للصلاة، هذا هو الأمر المعلوم وهو الذي جاءت به السنة كما قال السائل، وأمر معروف عند أهل العلم والإيمان، ثم إن الناس كثروا في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه في المدينة، فرأى أن يزاد الأذان الثالث - ويقال: الأذان الأول - لأجل تنبيه الناس على أن اليوم يوم الجمعة؛ حتى يستعدوا ويبادروا إلى الصلاة قبل الأذان المعتاد المعروف بعد الزوال، وتابعه في هذا الصحابة في عهده، وكان في عهده علي رضي الله عنه، وعبد الرحمن بن عوف أحد العشرة والزبير بن العوام أحد العشرة أيضا، وطلحة بن عبيد الله، وغيرهم من أعيان الصحابة وكبارهم، وهكذا سار المسلمون على هذا في غالب الأمصار والبلدان تبعا لما فعله الخليفة الراشد رضي الله عنه عثمان، وتابعه عليه الخليفة الراشد أيضا علي رضي الله عنه وأرضاه، وكذا بقية الصحابة، فالمقصود أن هذا حدث في خلافة عثمان وبعده ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (49).

واستمر عليه غالب المسلمين في الأمصار والأعصار إلى يومنا هذا، وذلك أخذا بهذه السنة التي فعلها عثمان رضي الله عنه، لاجتهاد وقع له ونصيحة للمسلمين، ولا حرج في ذلك، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ (¬1)» وهو من الخلفاء الراشدين رضي الله عنه، والمصلحة ظاهرة في ذلك، فلهذا أخذ بها أهل السنة والجماعة، ولم يروا بهذا بأسا لكونها من سنة الخلفاء الراشدين عثمان وعلي ومن حضر من الصحابة في ذلك الوقت رضي الله عنهم جميعا. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث العرباض بن سارية، برقم (17144)، وأبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607)، والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676)، وابن ماجه في المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، برقم (42)، والدارمي في المقدمة، باب اتباع السنة برقم (95).

س: يقول السائل: عندنا خلاف حول الأذان الأول من يوم الجمعة، فمنهم من يقول بأنه ليس من السنة، لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا فيجب تركه. ومنهم من يصر على الاستمرار في الأذان الأول، فما السنة يا سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: الأذان الأول من السنة، لأنه فعله عثمان رضي الله عنه وأقره عليه علي والصحابة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي (¬2)» وعثمان من الراشدين وعلي كذلك، وقد فعله عثمان وأقره علي والصحابة، وفيه مصالح: تنبيه الناس ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والأربعون من الشريط رقم (424). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث العرباض بن سارية، برقم (17144)، وأبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607)، والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676)، وابن ماجه في المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، برقم (42)، والدارمي في المقدمة، باب اتباع السنة برقم (95).

على أن اليوم يوم الجمعة حتى يستعدوا للتبكير إليها، فلا حرج فيه وليس ببدعة بل هو سنة، لأنه من سنة الخلفاء الراشدين، وقد أوصى بذلك النبي عليه الصلاة والسلام.

بيان حكم الخطبة يوم الجمعة

137 - بيان حكم الخطبة يوم الجمعة س: هل خطبة الجمعة يا سماحة الشيخ، هل هي واجبة أم سنة أم فرض؟ وهل هي من إكمال الصلاة؟ أفيدونا مأجورين (¬1) ج: خطبة الجمعة شرط من شروط الصلاة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حافظ عليها، كان يخطب في الجمعة ولم يتركها مرة واحدة، فهي شرط من شروط صحة صلاة الجمعة أن يخطب خطبتين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬2)» وكان يخطب خطبتين عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (358). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631).

بيان الشروط المعتبرة في خطيب الجمعة

138 - بيان الشروط المعتبرة في خطيب الجمعة س: السائل: ط. من ليبيا يقول: ما هي الشروط الواجب توفرها في خطيب الجمعة، وكذلك للصلوات الخمس (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (423).

ج: كونه مسلما يجيد القراءة هذا هو المشروط فيه أما كونه أعلم الناس أو كونه عالما أو كونه سنه كذا لا يشترط، لكن إذا تيسر أنه ذو بصيرة، وأن قراءته حسنة، ويجيد الخطبة، هذا هو المطلوب، «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (¬1)» هذا هو الأفضل أن يكون أقرأ من غيره، له قراءة جيدة وذا علم وبصيرة يستطيع الخطبة، سواء كان كبير السن أو شابا لكن يكون قد بلغ الحلم خروجا من خلاف من قال: لا يؤم المتنفل المفترض. فإذا كان قد بلغ الحلم مكلفا كان أحوط خروجا من الخلاف، ويكون ممن يجيد القراءة، يجيد الصلاة، يحسن الصلاة، ويجيد الخطبة، إذا كان في الجمعة أو الأعياد، ولا يلحن في الفاتحة بل يجيد قراءة الفاتحة المقصود أن يكون ممن يجيد القراءة التي تصح معها الصلاة، وأن يكون يجيد الخطبة حتى يعظ الناس، حتى يذكرهم في الجمعة والأعياد، والأحوط أن يكون قد بلغ الحلم خروجا من خلاف من قال: لا تصح إمامة من كان متنفلا بمن كان مفترضا، والصحيح أنه تجوز إمامة المتنفل بالمفترض، قد كان معاذ رضي الله عنه يصلي مع النبي العشاء ثم يرجع فيصلي بأصحابه فريضتهم وهو متنفل، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف فريضة بجماعة، ثم صلى صلاة ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة برقم (673).

الخوف بآخرين جماعة، وهي له نافلة ولهم فرض، عليه الصلاة والسلام.

س: ما هي الشروط اللازمة للخطيب، وهل تصح خطبة من هو أعزب إذا لم يوجد غيره في البلد (¬1)؟ ج: شروط الخطيب أن يكون ذا علم وذا بصيرة، أو يخطب من كتاب مأمون قد وضعه أهل العلم والبصيرة، فيخطب منه للناس إذا كان صوته يسمع الناس، أو من طريق المكبر، وكان عدلا، أما إذا كان معروفا بالمعاصي فينبغي ألا يولى الخطابة، ينبغي أن يولى أهل العدل والخير والفضل، فالمقصود أن الخطيب إذا كان مسلما صحت صلاته، وصحت خطبته إذا حصل المقصود بها من وعظ الناس وتذكيرهم من جهة نفسه لكونه عالما. أو من كتاب يحصل به المقصود مما ألف في خطب الجمعة، فلا حرج في ذلك، وينبغي للمسؤولين ألا يولوا إلا أهل الفضل والعدالة والاستقامة، لكن لو قدر أنه ذو معصية وصلى بالناس صحت صلاتهم في الصحيح ما دام مسلما، فالمعصية لا تبطل صلاته، ولا صلاة من خلفه، لا جمعة ولا جماعة، لكن المسؤولون المشروع لهم والواجب عليهم أن يتحروا في ذلك، وأن يجتهدوا بتولية الأخيار، وألا يولوا على أمور المسلمين لا في الإمامة ولا في الأذان ولا في الخطابة ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (215).

إلا من عرف بالخير والاستقامة والأهلية للخطابة، لأنه ذو علم وبصيرة وكفؤ للإمامة، لأنه ذو فضل وبصيرة وأنه صالح للإمامة، وهكذا في الأذان، ذو أمانة وعدالة وصوت حسن، فالمسؤولون يختارون لهذه الوظائف من هو أهل لها، وإذا علموا أن هذا الرجل ليس صالحا لهذه الوظيفة أما لعي في لسانه فما يصلح أن يكون خطيبا، أو لأنه معروف بالمعاصي أو بالبدعة فلا يولى، وهكذا الإمام لا يولى إذا كان معروفا بالمعاصي، لا يولى على المسلمين إلا خيارهم وأفاضلهم ومن هو صالح للإمامة لحسن تلاوته وعدالته في نفسه، وكونه أهلا للصلاة في طمأنينته وأداء حق الصلاة، وهكذا الخطيب يكون أهلا لذلك، يحسن الخطابة، ولأنه ذو علم وفضل، أو لأنه يخطب من كتاب معروف معتمد من تأليف أهل العلم والبصيرة المعروفين بالاستقامة.

س: يسأل عن الشروط التي لا بد أن تتوفر في خطيب الجمعة (¬1)؟ ج: ينبغي أن يختار لخطبة الجمعة أهل العلم والبصيرة والتقوى، هكذا على المسؤولين في الأوقات وغيرها والمسؤولين عن تعيين الخطباء الواجب أن يتحرى فيهم العلم والفضل والتقوى والعدالة وحسن السمعة، حتى يوجهوا الناس إلى الخير، وحتى يكونوا قدوة صالحة في أخلاقهم وأعمالهم، هكذا يختار للخطبة الرجل المعروف بالعلم ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (342).

والفضل والسيرة الحميدة، والسمعة الحسنة والصوت الحسن، هذا ينفع الله به الناس في علمه وفي أخلاقه وفي سيرته، يكون قدوة في أخلاقه نافعا في علمه وتوجيهاته.

س: المستمع: ع. أ، من اليمن يسأل عن الشروط التي لا بد أن تتوفر في خطيب الجمعة (¬1)؟ ج: خطيب الجمعة يجب أن يكون ممن تتوفر فيه العدالة، ويفهم كيف يخطب الناس، وبعض أهل العلم يشترط فيه أن يكون مكلفا، ولكن لو صلى غير مكلف أجزأ، فإن إمامة غير المكلف مجزئة كما أم عمرو بن سلمة جماعته، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (¬2)» فإذا كان قارئا يجيد الخطبة فالحمد لله، والأولى أن يكون مكلفا معروفا بالخير معروفا بالعدالة الظاهرة حتى تطمئن قلوب الجماعة، ولكن ليس شرطا أن يكون مكلفا، وليس شرطا أن يكون عالما، بل متى ما أتقن الخطبة ولو لم يكن عالما ولو من صحيفة أجزأ ذلك، وإذا كان معروفا بالعدالة والاستقامة هذا هو الواجب. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (443). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة برقم (673).

س: هل هناك شروط يجب توفرها في خطيب الجمعة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (362).

ج: نعم، أن يكون ذا علم يستطيع أن يسمع الناس الخطبة، وأن يكون لها أثر في وعظهم وتذكيرهم، ينبغي أولا ولا بد من كونه مسلما، لأن الصلاة خلف غير مسلم ما تصح، وإذا كان عدلا فهو الأولى، وفي عدالته خلاف، لكن كونه عدلا معروفا بالخير هذا الذي ينبغي حتى تقبل موعظته، حتى تؤثر، ويكون من أهل العلم والبصيرة فيما أوكل إليه، وكل هذا مطلوب في الخطيب، أما كونه مسلما فهذا شرط أساسي، وجماعة من أهل العلم يقولون: لا بد أن يكون عدلا أيضا شرط، ولكن الصواب أنه ليس بشرط، لو خطب وهو عاص صحت الخطبة إذا كان مسلما ولكن إذا كان بالاختيار ينبغي لولاة الأمور والمسؤولين أن يختاروا الخطيب الرجل الطيب الصالح، الفقيه الصالح للخطبة في صوته ووعظه وتذكيره.

بيان المسنون لخطيب الجمعة

139 - بيان المسنون لخطيب الجمعة س: أنا خطيب جمعة في أحد المساجد في بلدتي، بماذا تنصحوني، وأي الكتب أقتنيها من أجل الخطبة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ننصحك بأن تقتني الكتب التي ألفها العلماء الأخيار، وتستفيد منها في خطب الجمعة، وننصحك بعدم التطويل، وعليك الاختصار وعدم ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (289).

التطويل الذي يشق على الناس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة (¬1)» رواه مسلم في الصحيح من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه، والكتب المؤلفة في هذا كثيرة، مؤلفة في خطب الجمعة، تقتني منها ما تيسر، وتستفيد منها وتنتفع منها، ومنها من المشايخ وأئمة الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وغيره من المشايخ، منها خطب لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، وفضيلة الشيخ عبد الله بن حسن بن القعود، وفضيلة الشيخ عبد الله خياط، وكتب أخرى تستفيد منها وتنتفع بها، ولكن مثل ما تقدم تحرص على عدم التطويل الذي يشق على الناس، وتتحرى الكلمات المناسبة الواضحة، وإيضاح الأحكام التي يحتاجها الناس، ولا سيما في الأوقات التي يناسب الإيضاح والأحكام التي تناسبها. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (869).

حكم وضع الخطيب العمامة على رأسه أثناء الخطبة

140 - حكم وضع الخطيب العمامة على رأسه أثناء الخطبة س: رسالة وصلت إلى البرنامج من محافظ الفيوم من مصر، مستمع رمز لاسمه: ف. س، يسأل ويقول: هل يجب على الخطيب عندما يصعد على المنبر أن يضع شيئا على رأسه على سبيل المثال عمامة؟ وهل

يجوز للشاب غير المتزوج أن يكون خطيبا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: السنة لكل مؤمن إذا قصد الصلاة أن يأخذ زينة، ويوم الجمعة بوجه أخص يستحب فيه أخذ الزينة، قال الله جل وعلا: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (¬2) فالسنة للخطيب وغيره أخذ الزينة يوم الجمعة ويوم العيد، ولذا إذا كان غطاء الرأس في بلده معروفا ومن الزينة شرع له ذلك، وإذا كان أهل بلده لا يعتادون ذلك فلا حرج في تركه، ولكن غطاء الرأس بالزينة المعتادة أو العمامة المعتادة يكون أفضل، وليس شرطا لأنه ليس بعورة، والشاب له أن يكون خطيبا وإن لم يتزوج إذا كان أهلا لذلك، إذا كان عنده علم وعنده بصيرة ومعروفا بالخير فلا حرج أن يكون خطيبا، ليس من شرط الإمامة والخطابة أن يكون الإمام ذا زوجة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (443). (¬2) سورة الأعراف الآية 31

بيان ما ينبغي مراعاته في خطبة الجمعة

141 - بيان ما ينبغي مراعاته في خطبة الجمعة س: يسأل حول خطبة الجمعة فيقولون: هل يجب أن تكون خطبة مأخوذة عن النبي صلى الله عليه وسلم أم تكون الخطبة مرتجلة، لمكافحة الخطايا التي تنشأ في المجتمع؟ بمعنى: هل يجب أن تكون الخطبة معاصرة أم كيف توجهون الناس؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (327).

ج: الخطبة ليست توقيفية، فالإنسان يخطب بما يسر الله له، وإن لم يكن خطب بخطبة النبي عليه الصلاة والسلام، المقصود أن خطب الجمع والأعياد والمواعظ ليست توقيفية، لا يخطب الإنسان إلا بالشيء المنقول عن النبي عليه الصلاة والسلام لا، بل يخطب بما دل عليه الكتاب والسنة ولو لم يحفظ أن هذا منقول عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خطب بذلك، فيخطب يوم الجمعة بما يعظ الناس وينفعهم في كل زمان، وفي كل عصر بما يناسبه، ففي الأماكن التي يكثر فيها الخمر يعظ الناس عن الخمر، ويحذرهم من الخمر، ويبين لهم أنه من الكبائر العظيمة، وما فيه من المفاسد والأخطاء، وإذا كان في بلد كثر فيه الربا يحذرهم من الربا، ويبين لهم شدة تحريم الربا، وإذا كان في بلد تكثر فيه الغيبة والنميمة حذرهم من ذلك، وإذا كان في بلد يكثر فيه الزنى واللواط حذرهم من ذلك، وإذا كان في بلد كثر فيه الإعراض والغفلة والجهل حثهم على طلب العلم والتفقه في الدين، وأرشدهم إلى حلقات العلم وإلى العلماء حتى يتعلموا، فهو يخاطب كل قوم بما يناسبهم وبما هو أنسب لحالهم ولمعلوماتهم، المقصود أنه يتحرى ما هو الأنفع في كل زمان وفي كل مكان.

بيان ما يقوله الخطيب عند صعود المنبر

142 - بيان ما يقوله الخطيب عند صعود المنبر س: السائل ج. ح. يقول: ماذا يقول خطيب الجمعة عندما يصعد المنبر

في خطبة الجمعة (¬1)؟ ج: يسلم، يقول: السلام عليكم، ثم يجلس، فإذا فرغ المؤذن قام وخطب. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (406).

حكم قول الخطيب فاذكروا الله في آخر الخطبة

143 - حكم قول الخطيب: " فاذكروا الله. . . " في آخر الخطبة س: هل قول: فاذكروا الله يذكركم آخر الخطبة سنة (¬1)؟ ج: لا أعلم في هذا شيئا، استعمله الخطباء ولا أعلم أنه ورد فيه شيء، لكنه من عمل الأئمة والخطباء المعروفين من أهل السنة والجماعة، ولكن لا أعلم شيئا في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما هذا معروف بين الخطباء من العلماء المعروفين من علماء السنة، ولا أعلم مانعا في قوله. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (350).

حكم التزام الخطيب قراءة قوله تعالى إن الله يأمر بالعدل في آخر الخطبة

144 - حكم التزام الخطيب قراءة قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} (¬1). . . في آخر الخطبة س: ما حكم التزام الخطيب في الخطبة الثانية: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} (¬2) الآية (¬3)؟ ¬

_ (¬1) سورة النحل الآية 90 (¬2) سورة النحل الآية 90 (¬3) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (367).

ج: ما هو بلازم إن فعلها وإلا ما هو بلازم، وإلا غيرها من الآيات، المقصود أنه يقرأ بعض الآيات.

حكم إمامة غير الخطيب في الجمعة

145 - حكم إمامة غير الخطيب في الجمعة س: قرأت في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة رأيا للمالكية في شروط صحة الجمعة التي من صحتها الإمام، وحتى الإمام من شروطه شرطان: أحدهما أن يكون هو الخطيب، وإذا كان من خطب غير من صلى فالصلاة باطلة إلا أن يكون هناك عذر منع الإمام، ولم أجد إشارة لهذا الشرط عند الشافعية، حيث إنني رأيت في صلاة الجمعة واحدا يخطب وآخر يصلي. فما هي الإجابة؟ هل صحيح أنه يجب على من يخطب أن يكون هو الذي يصلي؟ وإذا كنت مالكيا فكيف تكون صلاتي؟ هل هي باطلة كما ورد في رأي المالكية؟ أفيدونا جزاكم الله عنا خير الجزاء، وفقكم الله لكل خير، ووفقنا لاتباع الرأي الصائب (¬1)؟ ج: المسألة مسألة خلافية بين أهل العلم، والصواب أنه لا يشترط أن يكون الخطيب هو الإمام في الصلاة، لأن الخطبة منفصلة ليس لها اتصال بالصلاة، فالصلاة منفصلة، والخطبة منفصلة، فالأفضل والسنة ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (76).

أن يتولى الخطابة من يتولى الإمامة، فيكون الإمام هو الخطيب يوم الجمعة، وهكذا العيد، لكن لو قدر أن الخطيب لم يتيسر له ذلك بأن أصابه مانع أو حيل بينه وبين ذلك فالصلاة صحيحة، وهكذا لو صلى باختياره ولم يخطب بل استناب من يخطب عنه فلا بأس، الصحيح أنه لا حرج في ذلك، لأن هذا منفصل، هذه عبادة مستقلة، وهذه عبادة مستقلة، فالذين أجازوا أن يتولى الإمامة غير الخطيب لا حرج في ذلك ولا بأس بذلك قولهم صحيح، ولكن الأفضل والأولى أن يتولاهما واحد كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده، فالسنة أن يكون الإمام هو الخطيب، لكن لو عرض عارض أو منع مانع فصلى غير الخطيب فلا بأس.

س: يوم الجمعة ألقى الخطيب الخطبة، وبعد الفراغ منها أقيمت الصلاة، فتقدم شخص غير الخطيب ليؤدي صلاة الجماعة، ما حكم ما فعلوا (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك أن يكون الخطيب شخصا والمصلي شخصا آخر، ولكن الأفضل أن يتولى الصلاة من تولى الخطبة، هذا هو الأفضل، فإذا تولى الصلاة غير من تولى الخطبة فلا حرج في هذا إن شاء الله. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (184).

حكم توزع الأذان والخطبة والإمامة بين ثلاثة أشخاص

146 - حكم توزع الأذان والخطبة والإمامة بين ثلاثة أشخاص س: في يوم الجمعة أذن رجل الأذان الأول، وأذن آخر الأذان الثاني، وخطب خطبتي الجمعة رجل ثالث، وصلى بنا رجل آخر، ما حكم ذلك (¬1)؟ ج: ليس في هذا حرج والحمد لله، يجوز أن يتولى الأذان الأول واحد، والثاني آخر، والخطبة شخص، والإمامة شخص، كل هذا لا حرج فيه والحمد لله، لكن الأفضل أن يتولى الخطبة من يتولى الصلاة إذا تيسر ذلك، والأفضل أن الإمام هو الخطيب كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون وغيرهم، هذا هو الأفضل، لكن لو خطب إنسان وصلى آخر فلا حرج. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (149).

س: الأخ: س. ع، من خميس مشيط يقول: صليت إحدى الجمع في أحد المساجد في إحدى القرى، وعند انتهاء الخطيب من الخطبة ونزوله للشروع في الصلاة رأيته يقدم شخصا آخر بدلا عنه، وعند الانتهاء من الصلاة قام الشخص الآخر بإلقاء موعظة لمدة عشر دقائق، وعند خروجنا من المسجد قال لي أحد المصلين بأن هذا لا يجوز، خطبة على خطبة، لذا فإنه لم يجلس للاستماع إليها، فهل هذا صحيح (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (413).

ج: لا حرج أن يصلي الجمعة غير الخطيب إذا رأى الخطيب تقديم أحد يصلي الجمعة لا بأس، وإذا وعظ إنسان بعد الجمعة فلا حرج، والذي يقول: خطبة بعد خطبة، ليس عنده علم، فإذا وعظ واعظ بعد الجمعة وذكر مذكر بعد الجمعة فلا حرج، والحمد لله.

س: سماحة الشيخ، الإفتاء بغير علم يتجرأ بعض الناس ويفتون بغير علم، هل من توجيه (¬1)؟ ج: الإفتاء من غير علم من أعظم الكبائر والذنوب العظيمة، فيجب على المسلم أن يتقي الله، وأن يفتي إلا عن علم وعن بصيرة، يقول الله جل وعلا: {إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (¬2) جعل القول على الله بغير علم في المرتبة العليا فوق الشرك لعظم خطره، وعظم فساده، قال تعالى في وصف الشيطان: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (¬3) فالواجب على كل مسلم أن يتقي الله، وألا يقول على الله إلا عن علم. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (413). (¬2) سورة الأعراف الآية 33 (¬3) سورة البقرة الآية 169

حكم الاقتصار على خطبة واحدة للجمعة

147 - حكم الاقتصار على خطبة واحدة للجمعة س: حدث أن خطب الإمام يوم الجمعة خطبة واحدة، وهو رجل صلى بالنيابة عن الإمام لغياب الإمام، وهو كبير السن، وبعد نهاية خطبته الأولى قال للناس: قوموا للصلاة. فالناس قاموا وصلوا، ثم اختلف بعد ذلك كثير من الناس، هل الصلاة صحيحة أم لا؟ وأردنا من سماحتكم الإفادة (¬1)؟ ج: الصلاة غير صحيحة، وعليه أن يرجع ويخطب الخطبة الثانية، ثم يعيد الصلاة فلا بد من خطبتين كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهما شرط لصحة الصلاة، هذا هو الأصح، فعلى هذا الرجل أن يعيد الصلاة وأصحابه عليهم أن يعيدوا عليه وعلى أصحابه أن يعيدوا الصلاة ظهرا، وفي المستقبل لا بد من خطبتين قبل الصلاة. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (328).

حكم ترجمة خطبة الجمعة إلى لغة غير العربية

148 - حكم ترجمة خطبة الجمعة إلى لغة غير العربية س: يوجد بالشركة التي نعمل بها عمال ينطقون بأكثر من عشر لغات، ولا يعلمون اللغة العربية، فهل يجوز خلال خطبة الجمعة أن يوجد من يترجم الخطبة؟ يعني يخطب الخطيب لمدة عشرة دقائق ثم يليه المترجم وهكذا، أرجو أن توجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (134).

ج: لا ريب أن تفهم الناس مقاصد الخطبة بلغتهم التي يفهمونها أمر مهم، والحاجة إليه ماسة، وكتبنا في ذلك ما شاء الله مما نرجو أن ينفع الله به الأمة، والذي نرى في ذلك أنه ينبغي للخطيب إذا كان يجيد لغة الحاضرين أن يبين لهم بلغتهم معاني الخطبة ومقاصد الخطبة حتى تتم الفائدة، وإذا كان لا يجيد ذلك فلا مانع من وجود مترجم يترجم مقاصد الخطبة للحاضرين الذين لا يفهمون اللغة العربية سواء كان ذلك في أثناء الخطبة بعد كل جملة يتكلم بمعانيها بغلتهم، أو عند نهاية الخطبة يترجم لهم مقاصدها ومعانيها ليستفيدوا من ذلك وتحصل الفائدة لهم كما حصلت لغيرهم من إخوانهم الذين يفهمون لغة الخطيب.

149 - حكم ترك المسجد المجاور إلى مسجد في قرية أخرى س: من الأخ: ص. ع. ش، يقول: إنني وبعض الأشخاص نذهب يوم الجمعة لأداء صلاة الجمعة في مسجد جامع في قرى مجاورة بالرغم من وجود مسجد جامع لدينا وبه خطيب، فهل يجب علينا أن نصلي في ذلكم المسجد أم أنه لا مانع من أن يصلي الإنسان في الجامع البعيد منه؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ليس هناك مانع من الانتقال من جامع إلى جامع ولو كان أبعد من ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (340).

الجامع الذي بقربه، لا حرج أن تذهب إلى جامع آخر لمصلحة شرعية، لأن خطيبه أعلم وأفقه، أو لأنك تتأثر بخطبته أكثر، أو لأسباب أخرى شرعية المقصود أنه لا حرج، وليس من اللازم أن تصلي في الجامع الذي حولك ما لم يترتب على تركك له مضرة، فأنت بالخيار تصلي في أي جامع ولا سيما الجامع الذي يحصل لك فيه تأثر وخشوع، وللانتفاع بالفائدة.

س: يوجد في منطقتنا مسجدان: أحدهما قريب علينا، والآخر بعيد عنا، ولكننا غالبا ما نذهب إلى البعيد، وذلك لأن خطيبه يجيد الخطبة بدون استعمال ورقة مع بلاغته، أما المسجد القريب لنا فإن خطيبه يستعمل في خطبته الورقة مما جعل أغلب الناس يتجهون إلى ذلك المسجد البعيد ويتركون هذا المسجد، فهل هذا جائز؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: المؤمن يلتمس ما هو الأنفع له وما هو أكثر أثر في قلبه، فإذا كانت الصلاة مع البعيد تؤثر في القلب أكثر، وينتفع بها أكثر بحسن أسلوب خطابته، ولعنايته بالخطبة واهتمامه بها فهذا أولى سواء كان يخطب بالورقة أو عن ظهر قلب، ولا عيب على الخطيب بالورقة لأنها قد تكون أضبط لخطبته وأثبت له، فإذا كان يخطب بالورقة ولكنه يحسن الخطبة ويجيدها ويعتني بما يكتب في الورقة هذا طيب ولا لوم عليه، ولا عيب ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (143).

عليه في ذلك، وبعض الناس الذين يخطبون من دون ورقة قد يغلطون كثيرا وقد يرددون الكلام على غير فائدة، فأنت يا أخي عليك أن تستعمل ما هو أصح لقلبك وما هو أنفع لك، فالمسجد البعيد فيه زيادة الخطى، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «أعظم الناس في الصلاة أجرا أبعدهم فأبعدهم ممشى (¬1)» وإذا كانت خطبته أنفع لقلبه وأشد أثرا فيه فلا مانع من الذهاب إليه، أما كونها بالورقة أو من غير ورقة فهذا لا ينبغي أن يكون له أثر، بل الخطبة من الورق ومن غير ورقة كلها جائزة والحمد لله، والخطيب ينظر ما هو أصلح. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب فضل صلاة الفجر في جماعة برقم (651).

حكم ترك المسجد المجاور إلى مسجد آخر لمصلحة شرعية

150 - حكم ترك المسجد المجاور إلى مسجد آخر لمصلحة شرعية س: يوجد بجوارنا مسجد ولله الحمد، وتقام فيه الجمعة ولكن للأسف الشديد الخطيب لا يحسن الخطبة ويتحدث في مواضيع لا تفيد كثيرا، فهل يجوز لنا الذهاب لمسجد آخر أبعد منه طلبا للاستماع للخطبة الجيدة والمفيدة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم، الإنسان يلتمس الخطب المؤثرة ولو بعدت، يلتمس الخطب المؤثرة ويذهب إلى المساجد التي فيها الخطيب الجيد المؤثر ولو ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (352).

بعدت، وهذا الخطيب الذي ليس عنده بصيرة تبلغ الجهات المختصة حتى تلتمس من يقوم مقامه ممن هو خير منه، الجهات المختصة تبلغ عن هذا الخطيب الذي لا يصلح حتى يلتمسوا من يقوم مقامه من أهل الخير.

حكم الخروج من المسجد يوم الجمعة بعد الأذان ودخول الخطيب

151 - حكم الخروج من المسجد يوم الجمعة بعد الأذان ودخول الخطيب س: يقول: كنا جلوسا قبل صلاة الجمعة في المسجد لانتظار الخطيب فإذا بخطيب أعرف عنه سابقا أنه لا يجيد الخطبة، ولا تعجبني خطبته فهل لي أن أخرج إلى جامع آخر (¬1) ج: لا ينبغي لك أن تخرج بعد الأذان، لا يخرج الإنسان، صل والحمد لله واستمع للفائدة، وإن رأيت خللا فانصحه بعد ذلك، وتوصيه بالخير. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (272).

حكم النيابة عن الإمام في الخطبة وصلاة الجمعة

152 - حكم النيابة عن الإمام في الخطبة وصلاة الجمعة س: أنا أصلي بجماعة صلاة الجمعة حيث إنني تقدمت بالصلاة بهم وقراءة الخطبة، حيث إنه لا يوجد لدى الجماعة المذكورين في سؤالي هذا - وهم من أهالي القرية - من يستطيع أن يقوم بذلك، وإنني يا سماحة الشيخ لا أريد معاشا على ذلك، وإنما أسأل هل علي ذنب من تقدمي للصلاة بهم بحيث إنهم قدموني أخطب بهم

وأصلي بهم؟ والله يحفظكم (¬1) ج: لا حرج في هذا، أنت محسن، إذا تقدم الإنسان بإخوانه قدمه إخوانه يصلي بهم لأن إمامهم غير حاضر، أو لأن إمامهم توفي أو مستقيل، ولم يرسل إليهم إمام وخطيب، فقدموا أحدهم وصلى بهم فلا حرج في ذلك إذا كان أهلا للإمامة والخطبة فلا بأس، وهو مشكور ومأجور، وليس من شرط ذلك أن يعطى راتبا أو يعين من جهة الحكومة وإنما الراتب للمساعدة، ليس بشرط إنما تبذل الحكومة الرواتب للأئمة والخطباء لمساعدتهم وإعانتهم على هذا الأمر العظيم وعلى المشروع الجليل، فإذا احتسب بعض الجماعة وصلى بجماعته الجمعة أو الأوقات ابتغاء ما عند الله عز وجل فله أجره عند الله سبحانه وتعالى، ولا حرج عليه. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (12).

توجيه لمن يرغب في الخطابة من الشباب

153 - توجيه لمن يرغب في الخطابة من الشباب س: أنا شاب في الخامسة والعشرين، وبعد بلوغي هذا السن وفقني الله إلى حفظ أكثر من نصف القرآن، وأجد في نفسي الرغبة في إلقاء الخطبة يوم الجمعة، أرجو التوجيه من فضيلتكم وبأسماء المراجع التي أستعين بها؟ وجزاكم الله خيرا. ج: إذا كان لديك القدرة وسمحت لك الجهات المختصة فلا بأس

بذلك، لكن أنصحك أن تأخذ بعض الكتب التي ألفها العلماء وتستعين بها في ذلك، مثل الخطب للشيخ محمد بن صالح العثيمين، والخطب للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، والشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن الشيخ، وخطب أخرى للمشايخ لا بأس بها تستفيد منها، وإذا سمحت لك الجهة المختصة وعينتك خطيبا، أو سمحت لك أن تخطب في مسجد فلا بأس أن تستعين بالكتب المؤلفة في هذا الباب، وإن كان لديك قدرة وجمعت أحاديث في الباب، وكلمات طيبة تعرضها على بعض العلماء حتى يساعدوك في هذا الشيء وتستعين برأيهم، فهذا مناسب.

بيان في بعض ما يقرأ في آخر الخطبة من الآيات

154 - بيان في بعض ما يقرأ في آخر الخطبة من الآيات س: هذه السائلة: د. م. م، من جمهورية مصر العربية تقول: قرأت حديثا بأن قول الإمام عند الانتهاء من خطبة الجمعة: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} (¬1) إلى آخر الآية، هذا بدعة، فهل هذا صحيح، وإن كان كذلك فكيف يقع هذا من أئمة المساجد؟ جزاكم الله خيرا (¬2) ج: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الخطبة، خطبة الجمعة، بعض الآيات عليه الصلاة والسلام، وهذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} (¬3) ¬

_ (¬1) سورة النحل الآية 90 (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (395). (¬3) سورة النحل الآية 90

من أجمع الآيات، فلهذا كان الكثير من الخطباء يقرؤها في الخطبة، فقراءتها من أفضل القربات لأنها آية جامعة للأمر بالخير والنهي عن الشر: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (¬1) فهي آية عظيمة جامعة من جوامع الكلم، فلا بأس بقراءتها في الخطب. ¬

_ (¬1) سورة النحل الآية 90

حكم قول الخطيب أسمعونا الصلاة على النبي

155 - حكم قول الخطيب: " أسمعونا الصلاة على النبي " س: من الأخ: م. ز. س، من شمال سيناء يقول: بعض الأئمة في خطبة الجمعة وأثناء الخطبة يقول: سمعونا الصلاة على النبي، بين الفينة والأخرى، وأكثر من خمس أو ست مرات في الخطبة الواحدة، ويقول ذلك باللهجة العامية، فهل هذا جائز؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا ليس بمشروع، لا يقول: سمعونا، بل الواجب عليهم الإنصات للخطيب حتى يستفيدوا من خطبته، وإذا صلى على النبي بينه وبين نفسه عند سماع ذكره صلى الله عليه وسلم فلا بأس، ولا يرفع صوته بل بينه وبين نفسه حتى لا يشوش على غيره، والواجب الإنصات على المأمومين ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (340).

لخطبة الخطيب يوم الجمعة، ولا يتكلمون بشيء يشوش عليهم أو على غيرهم، ولكن إذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين نفسه عند مرور ذكره فهذا هو المشروع.

حكم التأمين والصلاة على النبي عند دعاء الخطيب

156 - حكم التأمين والصلاة على النبي عند دعاء الخطيب س: السائل من اليمن يقول: هل تجوز الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟ وقول: آمين، عند دعاء الخطيب بالنسبة للمستمعين أم يعتبر ذلك من اللغو (¬1)؟ ج: لا بأس بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من غير جهر يشوش على من حولك، إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم تصلي عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: «رغم انف امرئ ذكرت عنده فلم يصل علي (¬2)» فإذا سمعت الصلاة على النبي تصلي عليه بينك وبين نفسك من غير جهر، وهكذا غيرك، للحديث المذكور وغيره من الأحاديث. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (385). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7402)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب قول رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم أنف رجل، برقم (3545).

بيان ما يشرع فعله للخطيب والسامعين أثناء الخطبة

157 - بيان ما يشرع فعله للخطيب والسامعين أثناء الخطبة س: يقوم الخطيب بالدعاء رافعا يديه إلى السماء والناس يؤمنون على دعائه بقولهم: آمين، وقد سمعنا من خلال برامجكم أن هذا غير جائز، أي أن التأمين على دعاء الخطيب غير وارد، فالسؤال هنا: ماذا يفعل الجالسون إذا قام الخطيب بالدعاء بصوت مرتفع، هل يرفعون أيديهم معه أم ماذا يفعلون؟ وأرجو أن تفيدونا عن الأفضل للخطيب فعله في الخطبة، هل هو تطويلها أم اختصارها؟ وما هي المواضيع التي تفضلون للخطيب أن يتناولها، هل هي سرد القصص، أم بيان الأمور الفقيهة، أم فيما يخص العقيدة؟ أرشدونا إلى الصواب، وجزاكم الله عنا كل خير (¬1) ج: المشروع للخطيب الاقتصاد في الخطبة وعدم التطويل، قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة (¬2)» أخرجه مسلم في صحيحه من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه، وهذا يدل على أن السنة والأفضل أن يطيل الصلاة، ويقصر الخطبة تقصيرا لا يخل بالمقصود، ويشرع له أن يتحرى ما يحرك القلوب ويقربها من الله، ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (163). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (869).

ويباعدها من أسباب غضبه، ويذكر في خطبته ما يحتاجه الناس من الأحكام الشرعية، بيان ما أوجب الله وما حرم الله، ويكون فيها تحريك القلوب بالوعظ والقصص المفيدة النافعة، والآيات القرآنية التي فيها الوعظ والتذكير، والترغيب والترهيب، ولا يرفع يديه في الخطبة إلا في الاستسقاء إذا كان يستغيث يطلب السقيا يطلب المطر يرفع يديه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما استسقى في خطبة الجمعة رفع يديه، أما الخطب العادية التي ليس فيها استسقاء فلا يشرع فيها رفع اليدين، بل يدعو من دون رفع اليدين، هكذا السنة، والمأموم إذا أمن بينه وبين نفسه على الدعاء لا حرج إن شاء الله بينه وبين نفسه كما تقدم، ولا يرفع يديه، المأموم كالإمام لا يرفع يديه إلا في الاستسقاء إذا استسقى - يعني إذا طلب الغوث من الله أو المطر - فإنه يرفع يديه كما رفع النبي يديه في الاستسقاء والمأمومون كذلك يرفعون أيديهم إذا رفع الإمام في الاستسقاء، أما خطب الجمعة العادية فإنه لا يرفع فيها، وهكذا خطب العيد لا يرفع فيها، الرفع في خطبة الاستسقاء خاصة كما ثبت ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.

حكم رفع اليدين للدعاء أو التأمين أثناء الخطبة

158 - حكم رفع اليدين للدعاء أو التأمين أثناء الخطبة س: ما حكم رفع اليدين بالدعاء للمأمومين في يوم الجمعة ذلك بأنني

أرى هذه الظاهرة منتشرة بكثرة؟ (¬1) ج: أما حال الخطبة فلا يرفع الإمام ولا يرفع المأموم، ينصتون ولا يرفعون أيديهم، ولا يرفعون في الخطبة إلا في الاستسقاء، إذا استسقى طلب الغوث طلب المطر يرفع يديه، ويرفعون أيديهم معه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة لما استسقى عليه الصلاة والسلام، أما الخطبة العادية التي ليس فيها استسقاء فإن السنة أنه لا يرفع هو ولا يرفعون هم، ولو دعا يدعو لكن من دون رفع، وهكذا خطبة العيد ليس فيها رفع إلا إذا استسقى، إذا طلب السقيا طلب الغوث طلب المطر فإن السنة أنه يرفع يديه، والمأمومون يرفعون أيديهم في الجمعة وفي غيرها حتى لو كان جالسا بين أصحابه، إذا استسقى العالم بين أصحابه وهو جالس ورفع يديه يرفعون أيديهم في حلقة العلم، أو في أي مكان، وهم محتاجون للغيث، ورفع يديه وهم في حلقة قال: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا. ورفعوا أيديهم، كله طيب لا حرج فيه، ولا حرج في ذلك أيضا إذا رفع الإنسان يدعو ربه يسأل ربه من فضله في بعض أوقاته، في بيته، في المسجد بعد صلاة النافلة، أو في أي مكان، إذا دعا ربه ورفع يديه، فرفع اليدين من أسباب الإجابة، والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن ربكم حيي كريم، يستحيي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (222).

صفرا (¬1)» يعني خاليتين، فرفع اليدين من أسباب الإجابة، لكن المواضع التي لم يرفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم وقد وجدت في عهده لا نرفع فيها، يعني تركه حجة وفعله حجة عليه الصلاة والسلام، فخطبة الجمعة وخطبة العيد لم يرفع فيهما، فلا نرفع إلا إذا كان في الاستسقاء في طلب الغيث والمطر، وهكذا بعد الفريضة إذا سلم لا يرفع يديه فلا نرفع بعد الفريضة، وهكذا في دعاء آخر الصلاة قبل أن يسلم، كان يدعو قبل أن يسلم ولم يرفع يديه، وهكذا بين السجدتين كان يدعو ولا يرفع يديه، فالشيء الذي ما رفع فيه النبي صلى الله عليه وسلم وهو موجود في عهده وقد فعله لا نرفع أيدينا فيه تأسيا به صلى الله عليه وسلم في الفعل والترك، والله المستعان. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء، برقم (1488)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3556)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب رفع اليدين في الدعاء، برقم (2865).

س: ما حكم من يرفع يديه والخطيب يدعو للمسلمين في الخطبة الثانية مع الدليل؟ أثابكم الله وجزاكم خيرا (¬1) ج: رفع اليدين غير مشروع في خطبة الجمعة، ولا في خطبة العيد لا للإمام ولا للمأمومين، وإنما الإنصات للخطيب والتأمين على دعائه بينه وبين نفسه من دون رفع صوت، وأما رفع اليدين فلا يشرع، ولم يكن ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (149).

النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في خطبة الجمعة ولا في خطبة الأعياد، ولما رأى الصحابة بعض الأمراء يرفع يديه في خطبة الجمعة أنكروا عليه ذلك، قالوا: ما كان النبي يرفعهما عليه الصلاة والسلام. نعم إذا كان في الاستسقاء يستغيث في خطبة الجمعة فإنه يرفع يديه في حال الاستغاثة، حال الاستسقاء طلب الغيث طلب المطر، كان النبي يرفع يديه في هذه الحالة إذا استسقى في خطبة الجمعة أو في خطبة العيد، كان يرفع يديه عليه الصلاة والسلام أما في الخطبة التي ليس فيها استسقاء فما كان يرفع عليه الصلاة والسلام.

س: هل يجوز رفع الأيدي عندما يدعو الخطيب يوم الجمعة؟ لأنني سمعت أنه لا يجوز رفع الأيدي عند دعاء يوم الجمعة (¬1) ج: لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه في خطبة الجمعة، ولما رأى بعض الصحابة بعض الأمراء يرفع يديه في خطبة الجمعة أنكر ذلك، والعبادة توقيفية ليس للرأي فيها مجال، فلا ينبغي للخطيب يوم الجمعة أن يرفع يديه بالدعاء، لأن هذا لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا إذا كان يستسقي، يعني يستغيث، يطلب من الله الغوث من الجدب والقحط فلا بأس أن يرفع يديه في خطبة الجمعة عند دعاء الاستغاثة كما فعل ذلك النبي الكريم عليه الصلاة والسلام؛ فإنه لما ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (143).

استغاث يوم الجمعة في خطبة الجمعة رفع يديه ودعا، ورفع الناس أيديهم، أما الخطب العادية التي ليس فيها استغاثة فإنه لا يرفع يديه، لماذا؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يرفع يديه، وهو الذي يقول: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬1)» والله يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (¬2) فلما كان عليه الصلاة والسلام لا يرفع في خطبة الجمعة وهكذا خطبة العيد فإنه لا يشرع لنا أن نرفع فيهما إلا في الاستسقاء أو في الجمعة أو في العيد إذا استسقى الإمام يرفع يديه كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631). (¬2) سورة الأحزاب الآية 21

س: كثر السؤال سماحة الشيخ عن رفع اليدين للدعاء في يوم الجمعة، وكذلك الإمام حين يدعو بالمأمومين ويجهر بصوته، وتأمين المأموم، هل هذا صحيح أم لا؟ (¬1) ج: السنة للإمام يوم الجمعة في الخطبة ألا يرفع يديه، ما كان يرفع النبي يديه عليه الصلاة والسلام لا في الجمعة ولا في العيد، وهكذا الجماعة لا يرفعون أيديهم، ولكن إذا أمنوا بينهم وبين أنفسهم على دعائه، سمعوا الدعاء وأمنوا بينهم وبين أنفسهم فلا حرج في ذلك، وإنما الرفع يكون في ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (175).

خطبة الاستسقاء، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استسقى وطلب الغيث رفع يديه واستسقى، والسنة للجماعة أن يرفعوا أيديهم أيضا كما رفع الإمام، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رفع يديه ورفع الصحابة أيديهم في الاستسقاء - يعني في طلب الغيث طلب المطر - أما الجمعة والعيد فيدعو الإمام في الخطبة، ولكن لا يرفع يديه، وهكذا الجماعة لا يرفعون أيديهم، هذا هو السنة.

س: بعض المساجد يوجد فيها شخص بعد صلاة الجمعة يرفع يده ويطلب الله عز وجل، والبعض من المصلين من حوله يقولون: آمين، هل هذا العمل جائز؟ (¬1) ج: هذا لا أصل له، هذا بدعة ليس بجائز، كل يدعو بينه وبين ربه، كل واحد يدعو بينه وبين ربه. س: هل يجوز رفع اليد عند دعاء الإمام في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة؟ (¬2) ج: إذا كان يستسقي، أما غير الاستسقاء لا يرفع الإمام ولا هم، لكن إذا استسقى، طلب الغيث يرفع يديه، وسن لهم أن يرفعوا أيديهم في الدعاء عند طلب الغيث في جمعة أو في غير جمعة. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (359). (¬2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (359).

حكم رفع اليدين بالدعاء عند جلوس الخطيب بين الخطبتين

159 - حكم رفع اليدين بالدعاء عند جلوس الخطيب بين الخطبتين س: سأل السائل ويقول: ما حكم الدعاء ورفع اليدين بعد استراحة الخطيب يوم الجمعة، وما هي أوقات الإجابة في ذلك اليوم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: رفع اليدين لا أعلم أنه ورد في هذا شيء، لكن الدعاء طيب بين الخطبتين، إذا دعا ترجى الإجابة، وهكذا في سجوده في صلاة الجمعة، وفي التحيات وبعد الشهادة، وبعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء ترجى إجابته في آخر صلاة الجمعة قبل أن يسلم، وفي السجود كل هذا محل دعاء، وكذلك بين السجدتين إذا دعا ترجى الإجابة، أما رفع اليدين ما أعلم أنه ورد في هذا شيء في هذا الوقت، ولعل عدم الرفع أولى لعدم وروده، والأصل جواز رفع اليدين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن رفع اليدين من أسباب الإجابة، فإذا رفع يديه في موضع لم يعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رفع أو ترك فلا حرج، أما الموضع الذي يعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم ما رفع لا يرفع، مثل خطبة الجمعة لا يرفع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما رفع يديه في دعاء خطبة الجمعة، ولا في الدعاء بين السجدتين، ولا في الدعاء في التحيات، لا يرفع، ولا إذا سلم من الصلاة الفريضة لا يرفع؛ ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (420).

لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما رفع في هذه المواضع، أما إذا رفع في دعوات، إذا دعا ربه بينه وبين ربه، أو بعد النافلة رفع بعض الأحيان بعد النافلة فلا حرج، أما في دعائه بين الخطبتين هذا هو محل النظر، لم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع بين الخطبتين، ولا دعا بين الخطبتين، فالأفضل الترك في هذا، يدعو بينه وبين نفسه فقط.

مسألة في بيان ساعة الإجابة من يوم الجمعة

160 - مسألة في بيان ساعة الإجابة من يوم الجمعة س: وما أرجى وقت لاستجابة الدعوة يوم الجمعة سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: إذا جلس الإمام على المنبر إلى أن تقضى الصلاة، وكذلك بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس هذا أرجى يوم الجمعة، من صعوده المنبر حتى تنتهي الصلاة وبعد صلاة العصر إلى غروب الشمس هذا أرجى وقت الدعوة في يوم الجمعة، ساعة الجمعة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (420).

س: تقول السائلة: متى تكون ساعة الإجابة من يوم الجمعة، هل بين أذان الظهر الأول والثاني أم من صلاة العصر إلى أن يحين أذان المغرب؟ (¬1) ج: الجمعة كل ساعاتها مظنة الإجابة، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (140).

أن فيها ساعة لا يرد فيها سائل، وهي ساعة قليلة، فالمشروع للمؤمن والمؤمنة الإكثار من الدعاء يوم الجمعة من أوله إلى آخره، لكن أحرى الساعات وقتان، أحراها بالإجابة وقتان: أحدهما حين يجلس الإمام للخطبة يوم الجمعة على المنبر إلى أن تقضى الصلاة، جاء فيها حديث رواه مسلم في الصحيح أنها ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة، وقد أعله بعضهم بالوقف على أبي بردة، والصواب أنه متصل مرفوع، رواه مسلم في الصحيح، والوقت الثاني ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، جاء فيها حديث أيضا، هذان الوقتان هما أرجى الساعات وأحراها بساعة الإجابة، ولكن مع ذلك يستحب الدعاء في جميع أوقات الجمعة حرصا على هذه الساعة.

س: ما هو أرجى وقت لساعة الإجابة في يوم الجمعة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: يوم الجمعة فيه ساعة لا يرد فيها سائل، من سأل الله وتضرع إليه وأخلص له وصدق في الدعاء كما أخبر بذلك النبي عليه الصلاة والسلام، ذكر أنه فيه ساعة لا يرد فيها سائل، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن أرجى وقت لهذه الساعة وقتان: أحدهما إذا جلس الإمام يوم الجمعة على المنبر للصلاة والخطبة؛ لأن فيه حديثا صحيحا ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (289).

رواه مسلم عن بريدة، أن هذه الساعة لا يرد فيها السؤال ما بين جلوس الإمام على المنبر إلى أن تقوم الصلاة يوم الجمعة. والوقت الثاني ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، جاء في ذلك أحاديث أيضا تدل على أن هذا الوقت ترجى فيه الإجابة من يوم الجمعة، ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، هذا الوقت الثاني، وجميع أوقات الجمعة كلها محل دعاء إذا دعاء بعد صلاة الجمعة والصبح، في جزء من يوم الجمعة، هو وقت ترجى فيه الإجابة، لكن هاتان الساعتان أرجى الساعات للإجابة، وهو ما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى أن تقوم الصلاة، وما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس.

بيان تنقل ساعة الإجابة في يوم الجمعة

161 - بيان تنقل ساعة الإجابة في يوم الجمعة س: يقول هذا السائل من الكويت: أ. ف. قرأت في كتاب العبارات التالية، وأريد من سماحتكم بيان صحة ذلك، العبارة: واختلف في هذه الساعة - يعني ساعة الاستجابة في يوم الجمعة - ففي أفراد مسلم من حديث أبي موسى أنها ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تنقضي الصلاة، وفي حديث آخر: هي ما بين فراغ الإمام من الخطبة إلى أن تقضى الصلاة، وفي حديث جابر بأنها في آخر ساعة بعد العصر، وفي حديث أنس قال: التمسوها ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس. وقال أبو بكر الأثرم: لا تخلو هذه الأحاديث

من وجهين: إما أن يكون بعضها أصح من بعض، وإما أن تكون هذه الساعة تنتقل في الأوقات كتنقل ليلة القدر في ليالي العشر، هل صحيح يا سماحة الشيخ أن هذه الساعة تنتقل في الأوقات، وكذلك ليلة القدر تنتقل في ليالي العشر؟ (¬1) ج: نعم، ليلة القدر تنتقل في ليالي العشر، من الحادية والعشرين إلى الثلاثين، ترجى في الليالي كلها، لكنها في الأوتار آكد، وهكذا ساعة الجمعة ترجى ما بين جلوس الإمام على المنبر إلى أن تقضى الصلاة، وبعد العصر إلى غروب الشمس، كلها مظنة لهذه الساعة كما جاءت بها الأحاديث، فيستحب للمؤمن أن يتحراها في هذه الأوقات، يدعو الله في هذه الأوقات بين جلوس الإمام على المنبر يوم الجمعة إلى أن تقضى الصلاة، في سجوده أو بين الخطبتين وقبل الدخول في الصلاة، يدعو بما تيسر من الدعوات الطيبة، وفي آخر الصلاة قبل أن يسلم، وهكذا بعد العصر، يجلس في مصلاه ينتظر الصلاة، لأن من جلس ينتظر الصلاة فهو في صلاة، فإذا جلس في مصلاه ينتظر الصلاة في المغرب ودعا ربه آخر نهار الجمعة ترجى له الإجابة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (429).

حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

162 - حكم قراءة " سورة الكهف " يوم الجمعة س: هل هناك نص نبوي شريف يحث على قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة؟ (¬1) ج: جاء في أحاديث ضعيفة، ولكن ثبتت قراءتها يوم الجمعة من فعل بعض الصحابة، فإذا قرأها الإنسان فحسن إن شاء الله، لأن فعل الصحابة يدل على أن لها أصلا، فعل الصحابة ذلك يدل على أن لها أصلا. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (420).

حكم الجلوس للدعاء في آخر ساعة من يوم الجمعة

163 - حكم الجلوس للدعاء في آخر ساعة من يوم الجمعة س: تسأل المستمعة وتقول: قرأت في أحد الكتب بأن ساعة الإجابة يوم الجمعة في آخر ساعة بعد العصر، وأنا في هذا الوقت أقوم وأتوضأ، ثم أجلس متجهة نحو القبلة، وأدعو وأتضرع، ولكنني أخاف من هذا العمل أن يكون بدعة؟ (¬1) ج: لا، هذا عمل طيب، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر: «أن في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله عز وجل فيها شيئا إلا أعطاه إياه (¬2)» وأشار إلى أنها ساعة قليلة، وجاء في بعض الروايات أنها ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (435). (¬2) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب ذكر الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة، برقم (1432)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الساعة التي ترجى في الجمعة، برقم (1127).

ما بين أن يجلس الإمام يوم الجمعة على المنبر إلى أن تقضى الصلاة، يعني ما بين جلوسه على المنبر إلى أن يفرغ من الصلاة، هذا محل الإجابة، إذا دعا فيه بين الخطبتين، أو في السجود في الصلاة الفريضة، أو في آخر الصلاة، كل هذا محل إجابة، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنها بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، فإذا جلس الإنسان بعد العصر على وضوء ينتظر المغرب ودعا فهو في حكم المصلي، المنتظر للصلاة كالمصلي، إن جلس ينتظرها فهو في صلاة، فينبغي الإكثار من الدعاء في هذه الحالة.

بيان بشأن الساعة الأولى من يوم الجمعة

164 - بيان بشأن الساعة الأولى من يوم الجمعة س: يقول هذا السائل: سماحة الشيخ، أرجو منكم التوضيح عن الساعة الأولى في الجمعة، فأنا أريد أن أذهب في الساعات الأولى، وهل هي الساعة التاسعة أو العاشرة أو الثامنة؟ وماذا ورد في الأحاديث في التبكير في صلاة الجمعة يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (426).

الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة (¬1)» هذا فيه فضل عظيم. ينبغي التبكير والمسارعة إلى الجمعة حتى يجتهد في القراءة والصلاة قبل أن يأتي الإمام، إذا جاء المسجد اجتهد في الصلاة، يصلي ما كتب الله له، ثم يجتهد في القراءة، يقرأ ما كتب الله له حتى يطلع الإمام للصلاة، هذا فضل عظيم، أما الساعة الأولى فالله أعلم بها، لكن الأقرب - والله أعلم - أنها بعد ارتفاع الشمس قيد رمح بعدما يصلي سنة الإشراق، سنة الضحى المبكرة، هذا هو الأقرب - والله أعلم - أن هذه الساعة الأولى، لأن السنة للمصلي أن يبقى في مصلاه حتى ترتفع الشمس، فيكون بعد هذا إذا راح في الساعة الأولى بعدما تطلع الشمس، بعدما يقضي حاجته في بيته يذهب إلى المسجد، هذه الساعة الأولى، هذا هو الأقرب، والله أعلم. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الجمعة، برقم (881)، ومسلم في كتاب الجمعة، باب الطيب والسواك يوم الجمعة، برقم (850).

حكم التبكير إلى صلاة الجمعة

165 - حكم التبكير إلى صلاة الجمعة س: السائل أبو محمد من سوريا يقول: هل ورد أحاديث وآيات تدل على فضل التبكير لصلاة الجمعة؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (404).

ج: نعم، التبكير لها سنة، ومن هذا الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان في الصحيحين أنه قال صلى الله عليه وسلم: «الرائح إلى الجمعة في الساعة الأولى كالمقرب بدنة، وفي الساعة الثانية كالمقرب بقرة، وفي الساعة الثالثة كالمقرب كبشا، وفي الرابعة كالمهدي دجاجة، والخامسة كالمهدي بيضة (¬1)» هذا يدل على شرعية التبكير، ومتفاوتة للتفاوت في الأجر، وأن السنة للمؤمن أن يبكر للصلاة، لما في هذا من الخير العظيم، يصلي ما يسر الله من الركعات، يقرأ القرآن يشتغل بالتسبيح والتهليل والاستغفار، فيه فوائد جمة في التبكير، فالسنة التبكير إليها لما في ذلك من الخير العظيم والفوائد الجمة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الجمعة، برقم (881)، ومسلم في كتاب الجمعة، باب الطيب والسواك يوم الجمعة، برقم (850).

حكم المداومة على الدعاء بعد الخطبة

166 - حكم المداومة على الدعاء بعد الخطبة س: ما حكم المداومة على الدعاء بعد نهاية خطبة الجمعة، هل هو بدعة أم أن ذلك حسن بالجواز؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو في خطبته، فلا حرج إذا دعا الإمام في خطبته يوم الجمعة، فهو مشروع، أو العيد، والاستسقاء، كلها يدعا فيها. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (263).

حكم الدعاء في الخطبة وكيفية تأمين السامع

167 - حكم الدعاء في الخطبة وكيفية تأمين السامع س: هل الدعاء وارد في خطبة الجمعة، أي في نهايتها؟ وهل للمأموم أو المستمع أن يقول: آمين، سواء كان ذلك سرا أم بصوت مرتفع؟ (¬1) ج: النبي كان يدعو في خطبه، فإذا دعا الإمام أمن المأموم بينه وبين نفسه، لا يجهر. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (412).

حكم امتثال أمر الخطيب إذا قال قولوا لا إله إلا الله

168 - حكم امتثال أمر الخطيب إذا قال: " قولوا لا إله إلا الله " س: السائل م. ق. من الأردن يقول: أود أن أسأل عن خطبة الجمعة، إذا قال الخطيب: قولوا: لا إله إلا الله، فهل نفعل أم يكون هذا غير جائز؟ وهل نرفع الأيدي أثناء التأمين على دعاء الخطيب؟ لأن إمام المسجد ينكر على من يرفع يديه أثناء التأمين على الدعاء (¬1) ج: إذا قال: قولوا: لا إله إلا الله، أو صلوا على رسول الله، نعم يذكر الله ويصلي على نبيه، لكن من دون جهر من دون أن يشغل من حوله بصوت منخفض، يصلي على الرسول، يذكر الله بصوت منخفض، ولكن لا يرفع الأيدي، لا الإمام ولا المأموم لا يرفعون أيديهم إنما هذا في الاستسقاء إذا استسقى طلب السقيا طلب المطر يرفع يديه، والمأمومون ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (424).

يرفعون أيديهم، أما الخطبة العادية يوم الجمعة إذا دعا فيها لا يرفع يديه ولا يرفعون أيديهم، المأمومون كلهم لا يرفعون، لأن الرسول ما كان يرفع عليه الصلاة والسلام إلا في الاستسقاء.

حكم دعوة الخطيب إلى وليمة على المنبر يوم الجمعة

169 - حكم دعوة الخطيب إلى وليمة على المنبر يوم الجمعة س: السائل: أ. م. أ. يقول: هل يجوز للإمام في يوم الجمعة أن يدعو لوليمة زواج على المنبر قبل أسبوع من تاريخ الزواج؟ (¬1) ج: الأظهر لي والأقرب عندي أنه لا يفعل ذلك، ليست المنابر محلا للدعوة للولائم، المنابر محل دعوة لطاعة الله، واتباع شريعته، وتعظيم أمره ونهيه، أما دعوة الولائم فتكون في وقت آخر، الذي يظهر لي أنه لا ينبغي للأئمة والخطباء أن يدعوا للولائم في خطبة الجمعة، ولا في خطبة العيد، دعوة الولائم تكون بالمكاتبة أو بالتليفون أو بإرسال رسول للمدعو، وما أشبه ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (405).

حكم التلفظ بالنية لصلاة الجمعة

170 - حكم التلفظ بالنية لصلاة الجمعة س: ماذا يقول الإنسان عندما ينوي الصلاة؟ وأعني بالذات صلاة الجمعة (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (352).

ج: ينوي بقلبه ويكفي، لا يقول شيئا إلا التكبير، ينوي بقلبه الصلاة مثل بقية الصلوات، ثم إذا كبر الإمام كبر، ويقول: الله أكبر، ناويا بقلبه صلاة الجمعة. مثلما يكبر ناويا صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وصلاة العيد إلى غير ذلك، أما ما يقول بعض الناس: نويت أن أصلي كذا، هذا لا أصل له بدعة، لا يتلفظ بالنية، النية محلها القلب، فالتلفظ بها بدعة سواء جهر أو سر، لا يجوز ولكن ينوي بقلبه إذا قام إلى الصلاة، قام بنية الصلاة، فإذا كبر الإمام كبر وقال: الله أكبر، ناويا بقلبه صلاة الجمعة، أو صلاة الظهر، أو صلاة الفجر، إلى غير ذلك.

حكم المداومة على قراءة الأعلى والغاشية في الجمعة

171 - حكم المداومة على قراءة " الأعلى " و " الغاشية " في الجمعة س: الأخ: م. ف. ع. سوداني من الدويم، يسأل ويقول: عندنا إمام يصلي بنا ولكنه لا يقرأ في صلاة الجمعة إلا الغاشية والأعلى، فهل هذا العمل صحيح؟ وهل من نصيحة للأئمة حول ذلك؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا العمل سنة، فالنبي صلى الله عليه وسلم قرأ بـ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} (¬2) في الركعة الأولى من الجمعة، وقرأ بالغاشية، لكن المداومة عليها أمر لا ينبغي، بل ينبغي أن يقرأ بغيرهما بعض الأحيان، كالجمعة ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (135). (¬2) سورة الأعلى الآية 1

والمنافقين، فإن النبي قرأ بهما في الجمعة أيضا عليه الصلاة والسلام، قرأ بالجمعة والمنافقين في الركعتين بعد الفاتحة، وقرأ بسبح والغاشية في الركعتين، وقرأ أيضا بالجمعة. و: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} (¬1) فالمحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم ثلاث سور، يعني ثلاثة أنواع: النوع الأول: سبح في الأولى والغاشية في الثانية بعد الفاتحة، النوع الثاني: الجمعة في الأولى والمنافقون في الثانية، والنوع الثالث: الجمعة في الأولى والغاشية في الثانية. ¬

_ (¬1) سورة الغاشية الآية 1

بيان كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للظهر بعرفة يوم الجمعة

172 - بيان كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للظهر بعرفة يوم الجمعة س: هل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى الجمعة أربعا في عرفة؟ (¬1) ج: هذا غلط، هذا ليس صحيح، فالنبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر في عرفات ركعتين، ما صلى جمعة، كان في السفر لا يصلي الجمعة عليه الصلاة والسلام. وكان في حجة الوداع صادف يوم عرفة يوم الجمعة، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين، سماها الراوي ظهرا، ثم صلى بعدها العصر ركعتين جمعا وقصرا، جمع تقديم يوم عرفة يوم الجمعة، ولم يجهر بالقراءة بل أسرها. ولو كان جمعة لجهر ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (11).

بالقراءة، ثم خطب الناس عليه الصلاة والسلام خطبة واحدة، وكان في الجمعة يخطب خطبتين، وهنا خطب الناس قبل الأذان، وكان في الجمعة يؤذن ثم يخطب، فلا يخفى أنه صلى ظهرا لا جمعة من وجوه كثيرة، من جهة أنه صلاها ركعتين سماها الراوي ظهرا، وصلى معها العصر قصرا وجمعا، ومنها أنه خطب خطبة واحدة قبل الأذان والجمعة خطبتان، ومنها أنه خطب قبل الأذان، والقاعدة في الجمعة أنه يخطب بعد الأذان، ومنها أنه لم يجهر بالقراءة، والجمعة يجهر فيها بالقراءة فعلم بذلك أن المسافر لا يصلي جمعة، وإنما يصلي ظهرا ركعتين، وهذا الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم في عرفات، وفعله معه المسلمون، أما الذين يذهبون للبرية دائما في رحلات نهاية الأسبوع فإنهم يصلون ظهرا، ولا يصلون جمعة، لأنهم في حكم السفر.

حكم الجمع بين صلاة الجمعة وصلاة الظهر احتياطا

173 - حكم الجمع بين صلاة الجمعة وصلاة الظهر احتياطا س: هل تنوب صلاة الجمعة عن صلاة الظهر؟ أرجو توضيح ذلك على كافة المذاهب (¬1) ج: نعم، إذا صليتم الجمعة كفت عن صلاة الظهر عند جميع أهل العلم، إذا صلى المسلم الجمعة على الوجه الشرعي الذي شرعه الله فإنها تجزئ ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (22).

عن صلاة الظهر، وفيه قول آخر لبعض العلماء، أنه إذا كان في البلد عدة جوامع فإنه يصلي الظهر بعد الجمعة احتياطا لأنه يخشى أن تكون بعض الجمعات لم تصح بسبب أنها صليت من دون عذر في التعدد، وهذا قول ليس بشيء ولا ينبغي أن يعول عليه متى تعددت الجمعة في البلد للحاجة إليها فإن كل جمعة مجزئة لمن صلى، فإذا كان في البلد أربعة جوامع خمسة جوامع كلها مجزئة عن صلاة الظهر والحمد لله، ولا ينبغي أن يصلي بعدها ظهرا كما يفعل بعض الناس في بعض البلدان، يصلي الظهر بعد الجمعة احتياطا، هذه بدعة لا وجه لها. ولا أصل لها، فمن صلى الجمعة كفته والحمد لله، فالله فرض علينا خمس صلوات وليست ستا، فمن صلى الظهر بعد الجمعة أتى بست صلوات، وهذا منكر، والله إنما فرض على العباد خمس صلوات في اليوم والليلة، خمس، والخامسة هي صلاة الجمعة في يوم الجمعة، فمن أتى بالظهر بعدها فقد أتى بسادسة، وهذا لا يجوز، وهذا بدعة فالجمعة كافية بحمد الله، إذا صلى الجمعة كفت، والحمد لله.

حكم إقامة جامعين في قرية قليلة السكان

174 - حكم إقامة جامعين في قرية قليلة السكان س: الأخ: م. ع. ع. سوداني، يسأل ويقول: هل يجوز بناء جامعين في قرية واحدة قليلة السكان؟ وإذا كان ذلك يجوز فهل تجب الصلاة - أي صلاة الجمعة - في كلا الجامعين أم أن الجمعة لا

تقام إلا في الجامع الأقدم؟ نرجو الإيضاح والتوجيه، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا يجوز إقامة جامعين في قرية صغيرة لا تتحملهما، بل يكفي أن يصلوا في جامع واحد، وليس لهم أن يقيموا جامعا ثانيا ولا ثالثا إذا لم تكن هناك حاجة، بل هذا إسراف وغلط ومنكر، أما إذا كان هناك حاجة من أجل أن الجامع الأول لا يكفي لصغره، وأقاموا جامعا آخر، أو لأن البلد فيه قبيلتان أو جماعتان حصل بينهما وحشة وتهاجر وقطيعة، ويخشى لو اجتمعا في المسجد أن تقع بينهما كارثة فلا حرج للعذر الشرعي. وأما بدون عذر فالواجب أن يصلوا في الجامع الموجود، ولا يحتاج إلى جامع آخر، ولا يتفرقوا، ولو قدر حاجته إلى التوسعة وسعوه إذا أمكن فالحاصل أنه بدون حاجة لا يجوز جامع ثان، فإذا دعت الحاجة إلى جامع ثان لضيق الأول وعدم تيسر توسيعه، أو في توسيعه كلفة فإنهم يصلون في جامع ثان ولا حرج، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (183).

حكم الانتقال بالجمعة من مسجد قديم إلى جديد أوسع منه

175 - حكم الانتقال بالجمعة من مسجد قديم إلى جديد أوسع منه س: يوجد مسجد تقام فيه الجمعة والجماعة، وصار الآن ضيقا على المصلين وخاصة يوم الجمعة، وبني مسجد حديث أكبر من الأول، فإذا أقيمت صلاة الجمعة في المسجد الحديث هل هو

جائز أم لا؟ مع العلم أن القرية صغيرة لا تقام فيها جماعتان يوم الجمعة (¬1) ج: يقول السائل: إن القرية التي هو فيها بها مسجد صغير ضيق بالناس في الجمعة، وقد بني مسجد واسع فهل تنقل الصلاة إلى المسجد الواسع؟ هذا يرجع إلى أهل البلد، فتراجع أهل البلد وتراجع قاضي البلد وهو ينظر في الموضوع، فإن كان المسجد الأول لا يسع الناس انتقل إلى المسجد الثاني وصلي فيه، ولا يصلى جمعتان بدون مسوغ شرعي، ولكن بكل حال هذا يرجع لفضيلة قاضي البلد وأعيانها، وفيهم - إن شاء الله - الكفاية. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (31).

حكم صلاة الظهر بعد الجمعة بسبب تعدد الجوامع

176 - حكم صلاة الظهر بعد الجمعة بسبب تعدد الجوامع س: الأخ: ع. س، من العراق يقول: يوجد عندنا اختلاف في موضوع الجمعة، بعض العلماء يقولون: إذا تعددت المساجد في المدينة يجب إعادة فرض الظهر أربع ركعات جماعة في المسجد، وينسبون هذا القول إلى الإمام الشافعي رحمه الله، فهل هذا وارد؟ نرجو الإيضاح جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (210).

ج: ليس هذا بصحيح بل بدعة، بل صلاة الجمعة مجزئة، وإذا تعددت المساجد لعذر، لأن مسجدا واحدا لا يكفي، فالصلاة فيها جميعا جائزة وصحيحة والحمد لله، ولا نعلم ثبوت هذا عن الشافعي رحمه الله، ولو فرضنا أن الشافعي قاله عن اجتهاد فليس الشافعي ولا غيره من الناس معصومين، فالشافعي وغيره من أهل العلم قد يقول القول بغير حجة، بل عن اجتهاد فيكون قوله مرجوحا، وهذه المسألة: قول من قال بأنه يصلي صلاة الظهر بعد الجمعة قول مرجوح سواء قاله الشافعي أو غيره، الصواب أنه لا يعيد ولا يصلي ظهرا بل تكفيه الجمعة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يكونوا يأتون بصلاة الظهر بعد الجمعة، وهكذا أصحابه رضي الله عنهم بعده، وهكذا سلف الأمة، والخير كله في اتباع سلف الأمة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)» وإعادة الظهر بعد الجمعة عمل ليس عليه أمره، بل هو محدث، فيكون مردودا والجمعة كافية والحمد لله. نسأل الله للجميع التوفيق. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

حكم صلاة المرأة للجمعة في المسجد الحرام وغيره

177 - حكم صلاة المرأة للجمعة في المسجد الحرام وغيره س: تسأل المستمعة وتقول: هل للمرأة صلاة جمعة في المسجد الحرام؟ وهل تصلي مثل الرجال صلاة جمعة أم لا بد أن تصلي

صلاة الظهر حتى ولو كانت في المسجد الحرام؟ (¬1) ج: ليس على المرأة جمعة، بل عليها أن تصلي ظهرا في بيتها فإن صلت مع الناس الجمعة أجزأتها، إن صلت الجمعة مع الناس في المسجد أجزأتها عن الظهر وكفت، وإلا فإنها تصلي في بيتها ظهرا أربع ركعات، لكن لو حضرت الجمعة في المسجد الحرام أو غيره وصلت مع الناس الجمعة أجزأت وكفت عن الظهر، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (408).

س: تقول السائلة: أريد أن أعرف كيفية صلاة الجمعة بالنسبة للمرأة هل تصلي مثل الرجل أو تصلي الظهر كبقية الأيام؟ وهل يجوز أن تصلي قبل إقامة الصلاة؟ وهل يصح أن تصلي على أذان جامع آخر إذا سمعت الأذان قبل أذان الجامع الذي بجوار المنزل؟ (¬1) ج: المرأة ليس عليها جمعة، الجمعة في شأن الرجال، تصلي ظهرا أربع ركعات إذا كانت مقيمة، وركعتين إذا كانت مسافرة، وليس عليها جمعة إنما الجمعة في حق الرجال فقط، لكن لو حضرت مع الرجال وصلت الجمعة أجزأتها، كان بعض النساء يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة وتجزئهن، إذا صلت المرأة مع المسلمين الجمعة أجزأتها عن الظهر، أما متى تصلي فتصلي إذا دخل الوقت، وليس لها تعلق ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (174).

بالرجال، إذا دخل الوقت وعلمت دخول الوقت بسماع الأذان المعروف المضبوط، أو بزوال الشمس، تعرف زوال الشمس لرؤية الشمس، إذا زالت صلت ولا عليها من الرجال ولو ما سمعت إقامة الرجال، تصلي قبلهم أو بعدهم لا شيء عليها في ذلك، هي مسؤولة عن نفسها، ليس لها تعلق بصلاة الرجال، لكن الواجب ألا تعجل حتى يجب الوقت، وحتى يتأكد الوقت، يمضي بعض الوقت، حتى تكون صلاتها على بصيرة فلا تعجل؛ لأن بعض المؤذنين قد يعجل، وقد يكون استعجل قبل الوقت، وقد تكون ساعته مقدمة ويعتمدها ويؤذن قبل الوقت، فلا تعجل حتى ينتهي الناس من الأذان، وحتى يمضي وقت ربع ساعة مثلا، حتى تطمئن أن الوقت دخل، دخل وقت الظهر، دخل وقت العصر، دخل وقت المغرب، إلى آخره، لا تعجل. وهكذا المريض الذي لا يخرج إلى المساجد لا يعجل عند سماع أول مؤذن، لا يعجل؛ لأن الصلاة قبل وقتها غير صحيحة، باطلة، وكونه يؤخرها بعض الشيء ما فيه خطر، فلا يعجل الإنسان، لا المريض ولا المرأة، لا تعجل حتى يطمئن كل منهما إلى أن الوقت دخل بفراغ المؤذنين، أو سماع أهل المساجد يصلون، يعني يتيقن أن الوقت قد دخل، ولكن ليس مربوطا بالمصلين لو صلت المرأة قبل الناس أو بعدهم، أو المريض قبل الناس أو بعدهم بعد دخول الوقت لا حرج في ذلك.

بيان حكم مساواة المرأة للرجل في المسائل المتعلقة بيوم الجمعة

178 - بيان حكم مساواة المرأة للرجل في المسائل المتعلقة بيوم الجمعة س: الأخت أم أنس من حائل تقول: هل النساء كحكم الرجال في المسائل التالية: في أجر انتظار الصلاة في بيتها وعلى مصلاها، وفي البقاء بعد الصلاة في مصلاها، وفي غسل يوم الجمعة والتطيب قبل صلاة الظهر في ذلك اليوم يوم الجمعة، وفي سنة قراءة سورة السجدة والإنسان في فجر يوم الجمعة؟ (¬1) ج: نعم، الأصل أن النساء والرجال سواء فيما شرع الله من الأحكام من صلاة وغيرها، هذا هو الأصل إلا ما دل الدليل على تخصيص المرأة أو الرجل به، وإلا فالأصل أنهما سواء، فالتبكير بالصلاة والخشوع فيها والإقبال عليها والاجتهاد فيها كل هذا مشروع للجميع، وإحضار القلب فيها والطمأنينة، كل هذا مشروع للجميع، أما غسل يوم الجمعة فهذا خاص بالرجل؛ لأنهم يتوجهون إلى المسجد ويجتمعون بالناس، فقد يحصل منهم رائحة تؤذي من حولهم من جيرانهم، وهكذا الطيب، فالظاهر - والله أعلم - أن هذا من خصائص الرجال، الطيب والغسل يوم الجمعة من خصائص الرجال؛ لأن المقصود عدم إيذاء من يصلي حوله، ومع كونه يأتي الصلاة بحالة فيها النشاط والقوة والرغبة في الخير، وهذا مفقود في حق النساء؛ لأنهن يصلين في البيوت وإذا صلت مع الرجال ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (435).

في الجمعة، صلى النساء مع الرجال واغتسلن فلا أعلم بأسا في ذلك، ولا حرجا في ذلك لوجود العلة، لكن الطيب لا؛ لأن المرأة عورة والطيب قد يفتن عند خروجها من بيتها إلى المسجد ورجوعها، ولكن الاغتسال لا بأس به، لو اغتسلت وصلت مع الناس يوم الجمعة فلا حرج في ذلك، لكن بيتها أفضل، بيتها خير لها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

حكم تقديم المرأة الاستماع لخطبة الحرم على صلاة الظهر

179 - حكم تقديم المرأة الاستماع لخطبة الحرم على صلاة الظهر س: أيهما أفضل: الاستماع لخطبتي الحرمين وتأخير الصلاة عن وقتها بالنسبة للمرأة تنقضي الخطبة أم الصلاة في وقتها وتفويت الخطبة؟ أرجو بذلك التوجيه مأجورين (¬1) ج: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد، فلا شك أن استماع الخطبة والاستفادة منها أولى من تقديم الصلاة لأن الصلاة وقتها واسع والحمد لله، والخطبة تفوت والصلاة لا تفوت، فنوصي بالعناية بالخطب المفيدة كخطب الحرمين وغيرها؛ لأن هذا شيء يتعلق بطلب العلم والتفقه في الدين، وهذا أمر مطلوب؛ يقول النبي صلى الله عليه ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (365).

وسلم: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (¬1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة (¬2)» فنوصي جميع الإخوان والأخوات بالعناية باستماع الخطب المفيدة كخطبة الحرمين، وخطب المساجد الأخرى المفيدة كخطبة الجامع الكبير وغير ذلك من الخطب المفيدة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تزال، برقم (7312)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة برقم (1037). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على قراءة القرآن وعلى الذكر، برقم (2699).

حكم صلاة المرأة للظهر قبل بداية الخطبة يوم الجمعة

180 - حكم صلاة المرأة للظهر قبل بداية الخطبة يوم الجمعة س: من مكة أ. ع. ت تسأل: بالنسبة للمرأة في يوم الجمعة هل يجوز لها أن تصلي الظهر قبل أن تقام الخطبة في المسجد؟ وهل تنصحونها بالتقيد بالتقويم؟ (¬1) ج: المرأة عليها أن تصلي الظهر في الوقت بعد الزوال سواء كان الخطيب قد خطب أم لم يخطب، ليس لها تعلق بالجمعة، عليها أن تتحرى الوقت، فإذا زالت الشمس، ودخل وقت الظهر تصلي، سواء كان ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (333).

الخطيب خطب للجمعة أم لم يخطب، لكن عليها التثبت وعدم العجلة حتى تعلم أن الوقت دخل، وأن الشمس قد زالت، ثم تصلي الظهر بعد ذلك، وإن صلت مع الناس الجمعة أجزأت الجمعة عن صلاة الظهر، فالحمد لله تكفيها الجمعة، والتقويم ينفع ويعين على معرفة الوقت؛ لأن مراجعة التقويم يعين على ذلك، لكن لا تعجل، تصلي بعد التقويم بربع ساعة، بثلث ساعة حتى تحتاط لدينها.

حكم تأخير المرأة لصلاة الظهر حتى يخرج الرجال من المسجد يوم الجمعة

181 - حكم تأخير المرأة لصلاة الظهر حتى يخرج الرجال من المسجد يوم الجمعة س: سمعت من بعض الناس أن المرأة في يوم الجمعة لا تصلي حتى يخرج الرجال من المسجد، فهل هذا صحيح؟ (¬1) ج: ليس بصحيح، فعليها أن تصلي إذا دخل الوقت، إذا زالت الشمس تصلي ولو ما صلى الناس الجمعة، ولو قبل صلاة الجمعة، إذا زالت الشمس ودخل الوقت، لكن لا تعجل؛ لأن بعض الناس يصلي قبل دخول الوقت في الجمعة، يقدمونها على الزوال، فينبغي لها ألا تعجل حتى تجزم وتتحقق أن وقت الظهر قد دخل، فإذا دخل وقت الظهر تصلي. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (227).

س: سائل من اليمن يقول: إن بعض النساء يؤخرن صلاة الظهر يوم الجمعة إلى ما بعد صلاة الجمعة بوقت طويل، فما حكم ذلك؟ (¬1) ج: ليس لها أصل، إنما هو جهل منهن، فإذا أذن المؤذن، إذا زالت الشمس، المرأة تصلي في بيتها الظهر أربع ركعات وليس لها شأن في الجمعة ولو صاحب الجمعة تأخر، ليس عليها أن تنتظر الجمعة لكن لو شهدت الجمعة مع الناس كفاها، صلت معهم ركعتين وكفاها عن الظهر. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (414).

حكم صلاة المرأة للجمعة في بيتها

182 - حكم صلاة المرأة للجمعة في بيتها س: بالنسبة للجمعة والمرأة سماحة الشيخ إذا صلتها في بيتها (¬1) ج: الجمعة ليست واجبة على المرأة، بل هي على الرجال، وهكذا الجماعة ليست واجبة على المرأة، بل هي على الرجال. والسنة للمرأة أن تصلي في بيتها الجمعة وغير الجمعة، بل هي في بيتها أفضل لها. لكن إن صلت مع الناس أجزأتها الجمعة عن الظهر. إذا كانت متسترة متحفظة متحجبة وتخرج من غير طيب، هذا لا بأس عليها؛ لسماع الفائدة، لسماع الخطبة، ولسماع المواعظ، لا بأس، لكن تكون حريصة على ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (65).

الحجاب والستر والبعد عن الفتنة، وتكون في طريقها غير متطيبة، تخرج بدون طيب متحجبة متسترة وتصلي مع الناس، كما كان بعض النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يصلين معه صلى الله عليه وسلم، لكنه قال: «وليخرجن تفلات (¬1)» يعني بدون رائحة طيبة؛ لئلا يفتن الناس، ويكن غير متجملات في الخروج، لئلا يفتن الناس أيضا، وقال صلى الله عليه وسلم: «وبيوتهن خير لهن (¬2)» فبيوتهن أفضل في الفرض والنفل وجميع الأحوال، لكن لو صلت مع الجماعة مع الستر والحجاب والعناية والبعد عن أسباب الشر وعن الرائحة الطيبة والطيب فلا بأس بذلك، وهكذا بقية الأوقات الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، لو صلت مع الناس بهذا الشرط بشرط العناية والستر والحجاب وعدم الطيب فلا بأس بذلك، ولكن مع هذا كله بيتها أفضل لها وأبعد لها عن الفتنة، والله ولي التوفيق. ¬

_ (¬1) سنن أبو داود الصلاة (565)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 438)، سنن الدارمي الصلاة (1279). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد، برقم (567).

س: إذن نفهم مما تفضلتم به أن المرأة لا جمعة عليها (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (65).

ج: ليس عليها جمعة، تصليها ظهرا في بيتها، لكن إذا صلتها مع الناس جمعة أجزأتها وكفتها، كالمريض ليس عليه جمعة ومع ذلك لو صلى مع الناس أجزأته الجمعة، وكالعبد المملوك ليس عليه جمعة، وإذا صلى مع الناس أجزأته، وهكذا المسافر لو صلى مع الناس الجمعة أجزأته عن الظهر؛ لأن المسافر ما عليه جمعة، فلو مر بلدا وهو مسافر وصلى معهم الجمعة أجزأته عن الظهر.

س: هذه السائلة تقول في مقدمة رسالتها: حيث لم نجد أحدا يخبرنا ويهدينا إلى الصواب. وهذا يلفت النظر، بلد بأكمله لا يوجد فيه من يخبر أهله عن شيء من أمور دينهم، ما هو تعليق سماحتكم على هذا؟ (¬1) ج: هذا حسب علمها، والذي نعتقده أنه يوجد في بغداد من الأخيار، ومن طلبة العلم من يعلم هذا، ويستطيع أن يوجه الناس إلى الصلاة الشرعية والأمور الشرعية وغير هذا، نعتقد أن في بغداد من الأخيار - إن شاء الله - من يقوم بهذا. لكن يمكن عندها وحولها في حارتها وحيها من يعلمها، هذا إذا بحثت هو المظنون بها، والمعتقد أنها تريد القريبين منها ومن يتصلون بها. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (65).

حكم تنفل المرأة بأربع ركعات قبل صلاة الظهر يوم الجمعة

183 - حكم تنفل المرأة بأربع ركعات قبل صلاة الظهر يوم الجمعة س: بالنسبة لصلاة الظهر يوم الجمعة للمرأة التي اعتادت أن تصلي أربع ركعات قبل الظهر، هل تصليها أيضا يوم الجمعة؟ (¬1) ج: نعم تصلي ما شاءت، تصلي أربعا أو ثمانا أو أكثر من ذلك، ليس لها حد محدود لا في يوم الجمعة ولا في غيرها، والرجل كذلك يصلي ما قسم الله له ركعتين أو أربع ركعات أو ست ركعات أو ثمان ركعات أو أكثر، لكن الأفضل أن يسلم من كل ثنتين وهكذا الأنثى أن تسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل؛ لما روى الخمسة - وهم أهل السنن وأحمد رحمة الله عليهم - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (¬2)» هذا هو الأفضل، وأقل شيء ركعتا الضحى، هذا هو الأفضل، أقل المشروع ركعتان يركعهما من الضحى؛ جمعة أو غيرها. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (192). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322).

حكم تأخير المرأة لصلاة الظهر يوم الجمعة

184 - حكم تأخير المرأة لصلاة الظهر يوم الجمعة س: تقول السائلة: إذا حضرت الصلاة وهي تسمع خطبة أو تسمع القرآن، هل تؤخر الصلاة حتى نهاية الخطبة أو القرآن أم تصلي من حين دخول الوقت؟ (¬1) ج: لا مانع من تأجيل الصلاة حتى تسمع الفائدة من الخطبة والموعظة، لا مانع من ذلك، ولكن بشرط ألا يفوت الوقت، أما تأخيرها عن أول الوقت نصف ساعة، ثلث ساعة، فلا بأس بذلك، الأمر واسع، لكن صلاتها في أول الوقت أفضل، وإذا أخرتها لمصلحة عظيمة، لسماع موعظة أو تعليم جاهل، أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو ما أشبه ذلك، الذي يدعو لتأخيرها بعض الوقت فلا بأس بذلك؛ لأن فيه مصلحة عظيمة، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (282).

حكم صلاة المرأة الظهر يوم الجمعة قبل خروج الرجال من المسجد

185 - حكم صلاة المرأة الظهر يوم الجمعة قبل خروج الرجال من المسجد س: تقول السائلة: هل صحيح أنه يجب على المرأة ألا تصلي الظهر يوم الجمعة إلا إذا خرج الرجال من المسجد؟ (¬1) ج: ليس بصحيح، وقتها وقت الظهر، إذا زالت الشمس فإنها تصلي ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (128).

الظهر، ولو أن الرجال لم يصلوا الجمعة، المهم هو الوقت فإن الواجب في حق المرأة هو الظهر، وهكذا المريض الذي لا يحضر الجمعة في بيته فإنه يصلي ظهرا إذا زالت الشمس ولو لم يصل الرجال الجمعة، فإن بعض الخطباء قد يطول الخطبة، ويتأخر في صلاة الجمعة فلا يلزم أن يتأخر المريض أو المرأة في بيتها، ومتى دخل الوقت صلى المريض، وصلت المرأة في بيتها ولو لم يصلوا صلاة الجمعة.

حكم صلاة المرأة ركعتين يوم الجمعة في بيتها بدلا من الظهر

186 - حكم صلاة المرأة ركعتين يوم الجمعة في بيتها بدلا من الظهر س: سائلة تقول: كنت أجهل أن المرأة تصلي صلاة الجمعة ظهرا أربع ركعات، بل كنت أصليها - كما يصليها الرجال - في البيت، فما الحكم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: عليك أن تقضي تلك الأيام ظهرا حسب ظنك واجتهادك إذا كنت لا تحصينها بالظن والاجتهاد وإن أحصيتها فالحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (272).

س: إذا كان ينبغي للمرأة الصلاة مع الجماعة فكيف لا تجب عليها صلاة الجمعة؟ (¬1) ج: المرأة، الأفضل لها الصلاة في بيتها، لا يشرع لها الصلاة مع ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (23).

الجماعة، لكن إن صلت مع الجماعة فلا بأس، ولا يمنعها زوجها من الجماعة إذا خرجت متسترة من دون طيب ولا فتنة فلا بأس، ولكن بيتها خير لها في الجمعة وغيرها، بيت المرأة خير لها من صلاة الجمعة والجماعة جميعا، لكن لو صلت مع الناس أجزأها، ولكن بشرط أن تخرج تفلة غير متطيبة ولا متزينة، طيبا يشمه الناس، وزينة يطلع عليها الناس.

متابعة الراديو في صلاة الجمعة

187 - حكم اقتداء المرأة بالراديو في صلاة الجمعة وهي في بيتها س: السائلة أم تركي تقول: إذا أذن الراديو وذلك الأذان الأول ليوم الجمعة أقوم وأتوضأ وأجلس لاستماع الخطبة وأنا في بيتي، وإذا أقيمت الصلاة في الراديو فأقوم وأصلي، فهل صلاتي صحيحة بمتابعتي الراديو أم أن علي الإعادة؟ (¬1) ج: عليك الإعادة؛ لأن الصلاة صحيحة لو كنت معهم في المسجد، أما وأنت في بيتك على الراديو فلا، عليك أن تصلي ظهرا، وعليك أن تعيدي ما صليت. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (393).

بيان من تجب عليه الجمعة وكيفية التنفل قبلها

188 - بيان من تجب عليه الجمعة وكيفية التنفل قبلها س: من المعروف أن صلاة الجمعة فرض على كل مسلم، فكم سنة الجمعة إذ إني رأيت بعض الناس يصلي قبل الصلاة - أي قبل

الخطبة - أربع ركعات متواصلة دون جلوس بينهما، فما هي تلك الأربع ركعات إذ إني أعرف أن هناك ركعتين سنة تؤدى بعد الصلاة؟ وفقكم الله (¬1) ج: الجمعة كما قال فرض على المسلمين المكلفين من الرجال، لا شك أنها فرض، والواجب على المؤمن أن يحافظ عليها وأن يعتني بها، ومن حضرها من النساء أجزأتها، ولكن بدون تبرج، بل بالعناية بالستر والحجاب والبعد عن المشاكل والفتنة، ولكن ليست فرضا على النساء، وإنما هي فرض على الرجال، وأما سنتها فليس لها راتبة قبلها، ولكن يشرع للمؤمن إذا وصل إلى المسجد أن يصلي ما تيسر، يصلي تحية المسجد ركعتين، ثم يصلي ما تيسر أربعا أو ستا أو ثمانا أو ما شاء الله، ليس فيه حد محدود، وكان الصحابة رضي الله عنهم يصلون يوم الجمعة كثيرا قبل الخطبة، فليس في هذا حد محدود، ومن صلى ركعتين تحية المسجد كفت، ومن صلى أربعا فقد زاد خيرا، ومن صلى ستا زاد خيرا وهكذا، لكن يسلم من كل ثنتين، لا يسردها سردا، بل الأفضل يسلم من كل ثنتين؛ لأن النبي عليه السلام قال: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (¬2)» وزيادة النهار جيدة وثابتة في أصح أقوال أهل الحديث، وقوله: «صلاة الليل ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (36). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322).

والنهار مثنى مثنى (¬1)». يدل على أن الأفضل أن يسلم من كل ثنتين، وهكذا كان الحال من فعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ثنتين ثنتين، يصلي الضحى ثنتين، وتحية المسجد ركعتين، وقبل الظهر ركعتان، وبعد الظهر ركعتان، وبعد المغرب ركعتان، وبعد العشاء ركعتان، وقبل الصبح ركعتان، هذا يدل على أن الركعتين أولى من سرد الأربع، فيسلم من كل ثنتين هذا هو الأفضل، وإذا صلى أربعا أو ثمانا أو ستا أو عشرا أو اثنتي عشرة أو ما هو أكثر من ذلك قبل الخطبة فلا بأس بهذا، والصلاة مرغب فيها في ضحى الجمعة، أما بعدها فيصلي ركعتين في البيت أو أربعا في المسجد، كل هذا جاء عنه صلى الله عليه وسلم، كان يصلي ركعتين في بيته، وكان يقول صلى الله عليه وسلم: «من كان مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا (¬2)» فدل ذلك على أنه يصلي أربعا في المسجد بتسليمتين، وإن صلى في البيت صلى ثنتين فقط، وإن زاد فلا بأس، هذا هو المشروع وهذا هو الأفضل والظهر جاء فيها ركعتان قبلها وجاء فيها أربع، والأفضل أربع قبل الظهر، لقول عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدع أربعا قبل الظهر (¬3)» هكذا جاء عنها في رواية للبخاري رحمة الله عليه: «كان النبي لا يدع أربعا قبل الظهر (¬4)». عليه ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب الصلاة بعد الجمعة برقم (1131). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1182). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الركعتين قبل الظهر، برقم (1182).

الصلاة والسلام، وابن عمر روى ركعتين قبل الظهر، ولا منافاة، فلعل الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض الأيام يصلي ركعتين قبل الظهر، وفي بعض الأيام يصلي أربعا، فيكون الجميع اثنتي عشرة ركعة في الأوقات الخمسة، وهذه تسمى الرواتب: أربعا قبل الظهر، وثنتين بعدها، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح، هذه اثنتا عشرة ركعة تسمى الرواتب، كان النبي يحافظ عليها عليه الصلاة والسلام ويقول: «من صلى ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة تطوعا بنى الله له بيتا في الجنة (¬1)» وهذا فضل عظيم يدل على أنه يشرع للمؤمن والمؤمنة صلاة هذه الرواتب، هذه الاثنتا عشرة ركعة، وهي سنة مؤكدة مع الصلوات الخمس، بل الأربع؛ لأن العصر ليس لها راتبة، ولكن الظهر والمغرب والعشاء والفجر لها رواتب، مقدارها اثنتا عشرة ركعة، وربما صلى عشرة عليه الصلاة والسلام، لكن الكمال أن يحافظ المؤمن والمؤمنة على ثنتي عشرة ركعة، يصلي أربعا قبل الظهر بتسليمتين، ويصلي ثنتين بعد الظهر، ويصلي ثنتين بعد صلاة المغرب، ويصلي ثنتين بعد صلاة العشاء، وثنتين قبل صلاة الصبح، هذا هو الأفضل، والأفضل أن تكون في البيت لا في المسجد؛ لأن النبي عليه السلام حث على الصلاة في البيت، وقال: ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، برقم (728) بنحوه.

«أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (¬1)» وقال: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورا (¬2)» فالسنة أن يصلي هذه الرواتب وهذه النوافل في البيت، هذا هو الأفضل، وإن صلاها في المسجد فلا حرج، لكن في البيت أفضل، وسمعت أنه عليه الصلاة والسلام قال: «من صلى ثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بنى الله له بيتا في الجنة (¬3)» وهذا فضل عظيم، ينبغي للمؤمن والمؤمنة ألا يفرطا في هذا الخير العظيم. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجماعة والإمامة. باب صلاة الليل، برقم (698)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته، برقم (781). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب كراهية الصلاة في المقابر، برقم (422)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (777). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن، برقم (728) بنحوه.

س: هل للجمعة سنة قبلية واردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو صحابته من بعده؟ حيث كنت أصليها مع أهل البلد يوم الجمعة، فلما علمت من بعض الكتب المقررة علينا في الدراسة أنها ليست سنة كما يظن البعض تركتها، فأنكر علي بعض الإخوة ذلك، أرجو أن توجهوني إلى الطريق الصحيح، جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (230).

ج: ليس لها راتبة معينة، ولكن يشرع قبلها الصلاة ما يتيسر ثنتان أو أربع أو كثر من ذلك، مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له، ثم أنصت حينما يتكلم الإمام ولم يفرق بين اثنين، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام (¬1)» وصلى ما قدر له: يفيد أنه يصلي ما تيسر. وفي اللفظ الآخر: «من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام (¬2)» فصلى ما قدر له، يعني يصلي ما تيسر: ثنتين بتسليمتين، ثلاثا، أربعا، حتى يخرج الإمام، فإذا خرج الإمام جلس يستمع، وأقلها سنة التحية، أقل كل شيء ركعتان، تحية المسجد أول ما يدخل المسجد، فإذا صلى معها زيادة فهو مشروع، لكن ما تسمى راتبة، تطوع قبل الجمعة، أما بعدها فلها راتبة، ثنتان أقلها، وأربع أكثرها. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع (أنصت في الخطبة)، برقم (857).

س: أحد الإخوة المستمعين من المملكة الأردنية الهاشمية يسأل عن السنة القبلية لصلاة الجمعة، هل لها سنة أم لا؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (175).

ج: تقدم أنه لا سنة لها قبلية، ولكن يصلي ما كتب الله له، يصلي ثنتين، أو تسليمتين، أو ثلاث تسليمات، من ركعتين ركعتين حسب ما يسر الله له، إذا وصل إلى المسجد يصلي ما قدر الله له كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يجلس ينتظر خروج الإمام وسماع الخطبة والصلاة، فالحاصل أنه ليس لها سنة راتبة قبلية، ولكن يصلي ما يسر الله له، وإذا صلى ركعتين تحية المسجد كفى، وإذا صلى معهما ركعات أخرى كان أفضل وأكمل؛ لأنه يوم عظيم، ويوم فاضل، ويوم عيد، فإذا صلى قبلها ركعات يسلم في كل ثنتين كان ذلك أفضل، ثم يجلس ينتظر مسبحا ومهللا، أو قارئا أو مستغفرا أو ساكتا.

بيان في السنة القبلية والبعدية للجمعة

189 - بيان في السنة القبلية والبعدية للجمعة س: السائل ع. من المدينة يقول: صلاة الجمعة بينوا لنا النافلة القبلية والبعدية لها، وأين يصلي النافلة البعدية؟ وهل هو صحيح بأن من صلاها في المسجد تكون أربعا، ومن صلاها في البيت تكون ركعتين؟ (¬1) ج: الجمعة يشرع قبلها أن يصلي المؤمن ما تيسر له قبلها: ثنتين أو أربعا، أو ستا، أو ثمانا، أو أكثر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (390).

يحدد في ذلك حدا، بل قال: «من اغتسل ثم أتى المسجد فصلى ما قدر له (¬1)» ولم يحدد، وفي لفظ: «من توضأ في بيته ثم أتى المسجد وصلى ما قدر له (¬2)» فدل ذلك على أنه يصلي ما يسر الله له: ركعتين، أو أربع ركعات، أو ست ركعات، أو ثمان ركعات، أو أكثر من ذلك، يسلم من كل ثنتين، لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (¬3)» هذا هو الأفضل؛ يصلي ما كتب الله له، أما بعدها فالسنة أربع، سواء في البيت أو في المسجد، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من كان مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها أربعا (¬4)» وفي اللفظ الآخر: «إذا صليتم الجمعة فصلوا أربعا (¬5)» أخرجه مسلم في الصحيح، هذا يدل على أن السنة بعدها أربع بتسليمتين، سواء صلاهما في المسجد أو في البيت، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي في بتيه ركعتين بعد الجمعة، ولعل هذا كان قبل أن يقول للناس: «إذا صليتم بعدها فصلوا أربعا (¬6)» لعل هذا كان أولا، ثم بين لهم أن السنة أربع، ويحتمل أنه فعلها ركعتين في البيت لبيان أنه لا حرج في ذلك، إن صلى أربعا فهو الأفضل، وإن صلى ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881). (¬6) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881).

ثنتين فلا حرج، وأن الأمر ليس للوجوب، فالمقصود أن الأربع أفضل، كونه يصلي أربعا بتسليمتين في المسجد أو في البيت يكون هذا هو الأفضل بعد الجمعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعا (¬1)» واللفظ الآخر: «من كان مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها أربعا (¬2)» هذا يدل على أن السنة أربع - يعني تسليمتين - سواء فعلهما في البيت أو في المسجد، الأمر في هذا واسع، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881).

س: اثنان من الإخوة المستمعين، الأول هو المستمع ص. س. ح، والثاني الأخ ي. ك. ي يسألان عن السنة القبلية لصلاة الجمعة، الأخ ص. يقول: قرأت في بعض الكتب أن صلاة الجمعة ليس لها سنة قبلية، وعندما أذهب إلى المسجد أشاهد المؤذن بعد فراغه من الأذان الأول يقول بصوت مرتفع: قوموا إلى صلاة سنة الجمعة يرحمني ويرحمكم الله، فهل هذا وراد؟ (¬1) ج: قد دلت سنة رسول الله - عليه الصلاة والسلام - على أنه ليس للجمعة سنة راتبة قبلها، ولكن المؤمن متى وصل إلى المسجد يصلي ما كتب الله ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (175).

له، يصلي ثنتين أو أكثر لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من اغتسل يوم الجمعة، ثم أتى المسجد فصلى ما قدر الله له، ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته، كتب له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام (¬1)» أو كما قال عليه الصلاة والسلام. فالحاصل أنه صلى الله عليه وسلم لم يحدد شيئا، وقال في الأحاديث: ما قدر له. فليصل الإنسان ما يسر الله له، من ركعتين، أو أكثر قبل صلاة الجمعة، ثم يجلس ينتظر قارئا، أو ساكتا، أو مسبحا ومهللا وذاكرا بينه وبين ربه حتى يخرج الإمام، وبعد ذلك يجيب المؤذن، ثم يسمع الخطبة، أما بعدها فلها سنة راتبة ركعتان أو أربع ركعات، كان صلى الله عليه وسلم إذا صلى الجمعة صلى في بيته ركعتين، وقال عليه الصلاة والسلام: «من كان مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها أربعا (¬2)» فدل ذلك على أن الأفضل أربع، وإن صلى ركعتين بعد الجمعة كفى ذلك، والأفضل في البيت، وإن صلى أربعا في المسجد أو في البيت فهو أفضل بتسليمتين، هذا هو الأفضل، وأما قبلها فليس لها سنة راتبة، بل يصلي المؤمن متى وصل المسجد تحية المسجد ركعتين، وما تيسر معها، أربع، ست، ثمان، عشر، أكثر، ليس في ذلك حد محدود، ولكن الأفضل أن يسلم من كل ثنتين، لقوله صلى الله عليه ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881).

وسلم: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (¬1)» رواه أهل السنن والإمام أحمد بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما، أما ما ذكرت عن المؤذن أنه ينادي بعد الأذان الأول: قوموا يرحمكم الله للصلاة، فهذا بدعة لا أصل له، هذا لا أصل له، بل هو بدعة من هذا المؤذن، فالمؤمن إذا جاء المسجد يصلي ما يسر الله له، وليس هناك حاجة إلى أن يقول المؤذن هذا الكلام. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322).

س: يقول السائل: هل هناك سنة قبلية لصلاة الجمعة أو بعدية؟ (¬1) ج: الجمعة ليس لها سنة راتبة قبلها، يصلي ما يسر الله له، ثنتين، أو أربعا أو أكثر من ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من اغتسل يوم الجمعة، ثم أتى المسجد فصلى ما قدر له، ثم أنصت إذا خرج الإمام " (¬2) ولم يقدر له شيئا، قال: صلى ما قدر له. دل ذلك أنه يصلي ما كتب الله له، يصلي تسليمة، تسليمتين، ثلاثا، أربعا، أكثر ... حتى يخرج الإمام، فإذا خرج الإمام ترك الصلاة بعد ذلك وانتظر الخطبة حتى ينصت لها، أما بعدها، فلها سنة راتبة، ثنتان، أو أربع، الأربع أكمل، والثنتان كافيتان، وإن صلى أربعا فهو أفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من كان مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها أربعا " (¬3) وفي لفظ آخر قال: " إذا صليتم ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (236). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881).

بعد الجمعة فصلوا أربعا " (¬1) وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الجمعة أتى بيته فصلى ثنتين (¬2) دل على أن الثنتين كافيتان، والأربع أفضل. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (882).

س: هل الجمعة لها سنة أم سنة الضحى تكفي؟ (¬1) ج: يستحب قبل الجمعة الإكثار من الركعات - يعني يصلي ما تيسر - يصلي ما كتب الله له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثم يصلي ما كتب الله له (¬2)» يصلي أي شيء، فليس لها راتبة قبلها، بل يصلي الإنسان ما تيسر، ركعتين، أو أربعا، أو ستا، أو ثمانا، أو أكثر، يسلم من كل ثنتين، وإن صلى من حين يصلي إلى دخول الخطيب كله طيب، كله حسن، يسلم من كل ثنتين، ولها راتبة بعدها، وهي أربع؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها أربعا (¬3)» السنة أن يصلي أربعا بتسليمتين بعد الجمعة في المسجد أو في بيته، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي ثنتين في بيته، ولكنه أوصى من صلى أن يصلي أربعا قال: «من كان مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (333). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدهن للجمعة، برقم (843). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881).

أربعا (¬1)» وقال: «إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعا (¬2)» هذا هو السنة، الأربع أفضل من الثنتين، سواء صليتهما في البيت أو في المسجد، وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881).

س: مستمع يسأل عن معرفة الحكم عن السنة القبلية ليوم الجمعة؟ (¬1) ج: يوم الجمعة ليس لها سنة قبلية، بل يصلي الإنسان ما يسر الله له، إذا جاء المسجد صلى ما كتب الله له، ولم يحدد النبي صلى الله عليه وسلم ركعات معدودة، بل قال: «يصلي ما قدر له (¬2)» ويكفي، هكذا قال صلى الله عليه وسلم، الإنسان متى جاء يوم الجمعة، ثم أتى المسجد فصلى ما قدر له، ثم أنصت حتى فرغ من خطبته، غفر له إلى الجمعة الأخرى وثلاثة أيام. ونص القول «فصلى ما قدر له (¬3)» ولم يحدد ركعات معلومة، فدل ذلك على أنه يستحب أن يصلي ما يسر الله له، ركعتين على الأقل، أو أربع ركعات، أو أكثر من ذلك، ولو صلى حتى يخرج الإمام فلا شيء عليه، كله طيب، يصلي ثمانيا أو عشرا أو أكثر، فإذا خرج الإمام للخطبة جلس ينتظر الخطبة. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (272). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدهن للجمعة، برقم (843). (¬3) صحيح مسلم الجمعة (857)، سنن الترمذي الجمعة (498)، سنن أبو داود الصلاة (1050)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1090)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 424).

س: هل هناك سنة للجمعة؛ لأن بعض المؤذنين هنا بعد الانتهاء من الأذان الأول يقول: سنة الجمعة يرحمكم الله؟ (¬1) ج: هذا غلط، المؤذن الذي يقول هذا الكلام فعله غلط، وبدعة لا أصل لها، والجمعة ليس لها راتبة قبلها، بل يصلي ما يسر الله له، يصلي ثنتين، أو أربع ركعات تسليمتين، أو ست ركعات ثلاث تسليمات، أو أكثر، يصلي ما قدر له إذا وصل المسجد - والحمد لله - وليس هناك حد محدود قبل صلاة الجمعة، ولو صلى مائة ركعة قبل أن يدخل الإمام يسلم من كل ثنتين، أما بعدها فالأفضل أربع ركعات، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا (¬2)» وقال: «من كان مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها أربعا (¬3)» فالسنة أن يصلي بعدها أربعا تسليمتين، سواء في المسجد أو في البيت، هذا هو الأفضل. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (268). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881).

حكم صلاة الركعتين بعد الأذان الأول يوم الجمعة

190 - حكم صلاة الركعتين بعد الأذان الأول يوم الجمعة س: السائل إ. ع. أمن الرياض يقول: البعض من الناس إذا أذن المؤذن يوم الجمعة في مكة أو المدينة الأذان الأول يقوم بعده

ويصلي ركعتين، فما حكم ذلك؟ وهل هذا مشروع؟ (¬1) ج: لا أعلم له أصلا؛ لأن الأذان هذا مما أحدثه عثمان رضي الله عنه في خلافته، ووافقه عليه الصحابة، والتزم به الناس؛ لأن يوم الجمعة يتقدم، وهذا الأذان غير داخل في قوله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (¬2)» المراد بالأذانين الأذان والإقامة، أما هذا فهو أذان للتنبيه على أنه يوم الجمعة، فالأظهر والأقرب ترك القيام بالصلاة بعد الأذان الأول، وبعض أهل العلم رأى أنه يدخل في العموم أنه لو قام وصلى فلا بأس، فالأمر في هذا فيه سعة - إن شاء الله - لكن ترك ذلك فيما أرى أفضل. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (379). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (828).

س: إني أرى بعض الناس في يوم الجمعة يصلون، يقومون بعد الأذان الأول، وهم يقولون: إنها سنة فهل ما قالوه صحيح؟ وأنا سمعت في برنامجكم هذا أنها بدعة، أرجو الجواب الكافي، جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (222).

ج: بعد الأذان الأول يوم الجمعة لا تشرع الصلاة بعد الأذان؛ لأنه شرع للتنبيه، وكان هذا بعد النبي صلى الله عليه وسلم في خلافة عثمان رضي الله عنه للتنبيه على أنه يوم الجمعة، ومن صلى فلا حرج - إن شاء الله - لكن ترك ذلك أولى وبعض أهل العلم قالوا: يصلي؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة (¬1)» وهذا أذان شرعي، أحدثه الخليفة الراشد عثمان للمصلحة الشرعية، ولكن تركه أولى؛ لأنه ليس داخلا في الحديث؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة (¬2)» مراده الأذان والإقامة، وهذا ليس بين الأذان والإقامة، بين أذانين، بين الأذان الأول والأذان الثاني، فالأولى ترك ذلك، أما وصفه بأنه بدعة فمحل نظر. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء، برقم (627)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بين كل أذانين صلاة، برقم (828). (¬2) صحيح البخاري الأذان (627)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (838)، سنن الترمذي الصلاة (185)، سنن النسائي الأذان (681)، سنن أبي داود الصلاة (1283)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1162)، مسند أحمد (5/ 56)، سنن الدارمي الصلاة (1440).

حكم صلاة عشر ركعات قبل الجمعة وبعدها

191 - حكم صلاة عشر ركعات قبل الجمعة وبعدها س: هناك بعض الناس يصلون قبل صلاة الجمعة عشر ركعات، وبعد صلاة الجمعة عشر ركعات ويقولون: إنها لازمة، هل ما قالوه صحيح؟ (¬1) ج: ليس بصحيح، لا يلزم قبلها شيء ولا بعدها شيء، لكن يستحب ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (219).

للمؤمن إذا جاء للمسجد يوم الجمعة أن يصلي ما كتب الله له قبل حضور الإمام، يصلي ثنتين، أربعا، ستا، ثمانا، أكثر، يسلم من كل ثنتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة: «من اغتسل ثم أتى الجمعة، فصلى ما قدر له، ثم أنصت إذا خطب الإمام (¬1)» إلى آخره. فلم يقدر صلاة، بل قال: ما قدر له. هو يصلي ما يسر الله له حين يصل المسجد، ثنتين تحية المسجد أو يزيد تسليمتين، ثلاث تسليمات، أربع تسليمات، أكثر، أقل، لا حرج في ذلك، أقل ذلك تسليمة واحدة تحية المسجد، أما أنه يلزمه شيء فلا يلزمه شيء، لا عشر ولا غيرها. وهكذا بعدها لا يلزمه عشر ولا غيرها، لكن يستحب له أن يصلي بعدها أربعا، هذا هو الأفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا صليتم الجمعة فصلوا بعدها أربعا (¬2)» وفي لفظ آخر: «من كان مصليا بعد الجمعة فليصل بعدها أربعا (¬3)» هذا هو الأفضل، وليس بلازم، بل سنة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881).

حكم صلاة ركعتين بعد الجمعة وإهداء ثوابها لروح الميت

192 - حكم صلاة ركعتين بعد الجمعة وإهداء ثوابها لروح الميت س: يسأل السائل من الأردن ويقول: أنا في كل جمعة وبعد صلاة الفريضة أقول: نويت أن أصلي ركعتين طاعة لله عز وجل ولرسوله،

وتبعث اللهم أجر هذه الصلاة إلى أرواح والدي ووالدتي (¬1) ج: هذا غير مشروع، والتلفظ بالنية بدعة، لا يجوز التلفظ بالنية، النية محلها القلب، تنوي بقلبك الصلاة، صلاة نافلة أو فريضة، أو صوما بالنية، لا تلفظ بها، ولا تثوب القراءة والصلاة لوالديك ولا غيرهم، ولكن تدعو لوالديك، تستغفر لهم، ترحم عليهم، تتصدق عنهم، كل هذا طيب، تحج أو تعتمر، كل هذا طيب إذا كانا ميتين، أو كانا عاجزين، كبيري السن، عاجزين عن الحج والعمرة، لا بأس بالحج عنهما والعمرة لعجزهما أو لموتهما. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (419).

حكم الاغتسال يوم الجمعة

193 - حكم الاغتسال يوم الجمعة س: هل الاغتسال في الجمعة واجب؟ لأنني قرأت حديثا يوجب الاغتسال يوم الجمعة؟ (¬1) ج: ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب الاغتسال يوم الجمعة، واحتجوا بالحديث الذي أشرت إليه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم (¬2)» وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه سنة ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (83). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الغسل يوم الجمعة وهل على الصبي شهود، برقم (879)، ومسلم في كتاب الجمعة، باب وجوب غسل الجمعة على كل بالغ من الرجال، برقم (846).

وليس بواجب؛ لأحاديث جاءت في ذلك، منها قوله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل (¬1)» ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ يوم الجمعة، ثم أتى المسجد فصلى ما قدر له، ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته، ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام (¬2)» ولم يذكر الغسل، إنما ذكر الوضوء، فدل ذلك على أن الوضوء مجزئ. وأن الغسل ليس بواجب، لكنه سنة مؤكدة، وتأولوا قوله صلى الله عليه وسلم واجب، يعني متأكدا، كما تقول العرب: حقك علي واجب، هذا من باب التأكيد، فينبغي للمؤمن أن يعتني بهذا وأن يجتهد في الغسل يوم الجمعة خروجا من خلاف العلماء. وعملا بظاهر الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في الوضوء يوم الجمعة، برقم (497)، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب في الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة، برقم (354) والنسائي في كتاب الجمعة، باب الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة، برقم (1380). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857).

حكم من اغتسل للجمعة وصلى ناسيا بدون وضوء

194 - حكم من اغتسل للجمعة وصلى ناسيا بدون وضوء س: السائل ع. أ. يقول: رجل اغتسل للجمعة ثم راح للمسجد

للصلاة ثم بعدما صلى وقبل أن يخرج من المسجد أو بعد خروجه من المسجد ذكر بأنه لم يتوضأ، فما هو الجواب في هذه المسألة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الذي اغتسل للجمعة ولم يتوضأ ثم ذكر بعد الصلاة، عليه أن يعيد صلاة الجمعة ظهرا. يتوضأ ويصلي ظهرا؛ لأن صلاته غير صحيحة صلى بغير وضوء، والغسل لا يقوم مقام الوضوء، غسل الجمعة ما يكفي حتى يتوضأ قبله، أو بعده، فإذا صلى ولم يتوضأ فإنه يعيدها ظهرا. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (387).

بيان بداية يوم الجمعة والوقت الأفضل للاغتسال

195 - بيان بداية يوم الجمعة والوقت الأفضل للاغتسال س: يسأل السائل ويقول: متى يدخل يوم الجمعة؟ وهل يجوز أن يغتسل الإنسان بعد صلاة المغرب يوم الخميس عن غسل الجمعة، ومتى ينتهي هذا اليوم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: يوم الجمعة مثل غيره، يدخل بطلوع الفجر، فإذا اغتسل بعد طلوع الفجر أو بعد طلوع الشمس حصل له السنة، والأفضل أن يكون اغتساله عند التوجه إلى الصلاة، إذا أراد التوجه يغتسل، هذا هو الأفضل، وإن اغتسل بعد صلاة الفجر، أو بعد طلوع الشمس فلا بأس، المقصود أن يوم ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (409).

الجمعة مثل غيره، كل يوم يدخل بطلوع الفجر.

حكم الاغتسال يوم الجمعة بالنسبة للنساء

196 - حكم الاغتسال يوم الجمعة بالنسبة للنساء س: أيضا من المدينة المنورة رسالة بتوقيع إحدى الأخوات، تقول المرسلة: ما حكم غسل الجمعة للنساء اللائي لا يذهبن إلى المساجد، بل يصلين في بيوتهن، وإذا كان واجبا عليهن فمتى يكون، هل هو قبل الظهر؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ليس على النساء غسل جمعة، الغسل على من راح إلى الجمعة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل (¬2)» أما هن فالسنة لهن الصلاة في البيوت، وليس عليهن غسل، وإنما هو على الرجال. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (312). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الجمعة، برقم (882)، ومسلم في كتاب الجمعة برقم (844) بنحوه.

بيان ساعات يوم الجمعة

197 - بيان ساعات يوم الجمعة س: ع. س. ع يسأل ويقول: ما هي ساعات الجمعة التي وردت في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم فيما معناه: من أتى في الساعة

الأولى فكأنه قدم بدنة " إلى آخر الحديث؟ (¬1) ج: هذا حديث صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في الصحيحين أنه قال عليه الصلاة والسلام: «من راح إلى الجمعة في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن، ومن راح في الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الخامسة فكأنما قرب بيضة (¬2)» الحديث. وهو حديث عظيم شريف صحيح، يدل على شرعية التبكير عند الجمعة، وذلك أمر معروف عند أهل العلم، ودلت عليه الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أما المبدأ فقيل: يبدأ من بعد صلاة الفجر، وقيل: من طلوع الشمس، وهذا محتمل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما بين المبدأ قال: من راح، من بكر وابتكر، ولم يبين المبدأ، والأقرب - والله أعلم - أنه من طلوع الشمس؛ لأن الصفرة تابعة لما قبلها، وهي محل الجلوس في المساجد والتعبد والذكر والاستغفار وقراءة القرآن، أو الذهاب إلى البيت للحاجة، أو قضاء الحاجة من تعاطي أو الطعام الذي يستعين به على البقاء في المسجد للجمعة، إلى غير ذلك، فالأقرب - والله أعلم - والأحرى أنه يكون بعد ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (133). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الجمعة، برقم (881)، ومسلم في كتاب الجمعة، باب الطيب والسواك يوم الجمعة، برقم (850).

ارتفاع الشمس، حتى إذا ذهب إلى المسجد يكون محل الصلاة والتعبد، هذا هو الأقرب والأظهر، والله أعلم. يعني الساعات الأولى من بعد ارتفاع الشمس أحل للمسلم الصلاة في مسجده وبيته، هذا هو الأقرب والأحرى، وظاهر الأحاديث أن الليل اثنتا عشرة ساعة، والنهار اثنتا عشرة، مجزأ اثنتي عشرة ساعة، والنهار كذلك على اختلاف الأوقات.

س: المقصود بالساعة الأولى والساعة الثانية والثالثة والرابعة والخامسة من يوم الجمعة؟ هل هي الساعة المتعارف عليها أم زمن نسبي، ومتى تبدأ الساعة الأولى؟ (¬1) ج: الأقرب والله أعلم أنها تبدأ بعد ارتفاع الشمس قيد رمح؛ لأن هذا شرع للمؤمن أن يجلس في مصلاه يذكر الله ويدعوه حتى ترتفع، الأقرب والله أعلم أنها تدخل من ارتفاع الشمس، ويكون النهار مجزأ ست ساعات ما بين خروجه من مسجده أو من بيته إلى دخول الخطيب، ست ساعات تختلف بطول النهار وقصر النهار، الساعة الأولى فيها بدنة، والذاهب في الساعة الثانية كأنما قرب بقرة، وفي الثالثة كأنما قرب كبشا أقرن، وفي الرابعة كأنما قرب دجاجة، وفي الخامسة كأنما قرب بيضة، يكون ما بين ارتفاع الشمس إلى غروبها اثنتي عشرة ساعة مجزأة حسب طول النهار وقصره. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون، الشريط رقم (369).

بيان فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

198 - بيان فضل قراءة " سورة الكهف " يوم الجمعة س: سمعت أن من يقرأ سورة الكهف يوم الجمعة يسلمه الله إلى الجمعة الثانية، ويبعده عن كل مكروه، لذلك فإنني أقرأ هذه السورة كل يوم جمعة، هل هذا صحيح؟ أرشدونا أثابكم الله (¬1) ج: قراءة سورة الكهف يوم الجمعة جاءت فيها أحاديث كلها ضعيفة، لكن يشد بعضها بعضا، وثبت عن ابن عمر أنه كان يقرؤها رضي الله عنه كل جمعة، فإذا قرأها الإنسان يوم الجمعة فهو حسن، ويرجى لك فيها الثواب الذي جاء في الأحاديث، وليس ذلك بأمر مقطوع به؛ لأن الأحاديث فيها ضعف، إنما هو مستحب. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (100).

وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

199 - وقت قراءة سورة الكهف يوم الجمعة س: رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين، يقول فيها: ما هو أفضل وقت لقراءة سورة الكهف يوم الجمعة لما ورد في فضل قراءتها يوم الجمعة؟ (¬1) ج: كل يوم الجمعة وقت، تقرؤها في أول النهار، أو في وسط النهار، أو في آخر النهار، ورد فيها أحاديث فيها ضعف، لكنه ثابت عن بعض ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (333).

الصحابة، وعن أبي سعيد الخدري أنه كان يقرؤها، ويروى عن ابن عمر ذلك، فإذا قرأتها فهو حسن إن شاء الله، سواء في أول الوقت أول اليوم، أو في وسطه، أو في المسجد، إن كنت ذاهبا إلى الصلاة أو بعد ذلك، الأمر واسع والحمد لله.

س: في أي وقت من يوم الجمعة تقرأ سورة الكهف، أهو في كل وقت أم وقت محدد؟ (¬1) ج: في جميع اليوم، في أوله وفي آخره، جاء في هذا بعض الأحاديث الضعيفة، وثبت من فعل الصحابة عن أبي سعيد أنه كان يقرؤها كل جمعة، فإذا قرأها الإنسان فحسن، جزاكم الله خيرا. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (368).

س: هل صحيح أن من قرأ سورة الكهف له فضل يوم الجمعة؟ وما هو الحديث الذي يبين فضل هذه السورة العظيمة؟ (¬1) ج: هذه السورة ينصح بقراءتها يوم الجمعة؛ لأن فيها أحاديث فيها ضعف، ولكن ثبت عن بعض الصحابة أنه كان يقرؤها، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، ويروى عن ابن عمر، وهذا يدل على أن لها أصلا، فإن الصحابي لما واظب عليها دل على أنه عنده علم من ذلك فأفضل قراءتها يوم الجمعة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (359).

حكم قراءة القرآن بصوت مرتفع يوم الجمعة

200 - حكم قراءة القرآن بصوت مرتفع يوم الجمعة س: هل يجوز قراءة القرآن يوم الجمعة قبل دخول الإمام حتى يستمع الحضور ويستفيدوا، وذلك بصوت مرتفع؟ (¬1) ج: إذا كان العدد محدودا ورضوا به أن يقرأ وهم يستمعون فلا بأس، وإلا فليقرأ سرا ليس جهرا ليتمكن كل واحد من القراءة ولا يشوش على غيره، هذا يقرأ وهذا يقرأ بصوت ليس فيه تشويش، هذا هو المشروع، أما لو كانت الجماعة محدودة، في مسجد مثلا في قرية صغيرة جماعة محدودون، أربعون، خمسون، ورضوا بأن يقرأ ويستمعوا لحاجتهم إلى ذلك فلا بأس بذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (351).

بيان حكم حديث من صلى علي يوم الجمعة مائتي مرة غفر الله له ذنب مائتي عام

201 - بيان حكم حديث: " من صلى علي يوم الجمعة مائتي مرة غفر الله له ذنب مائتي عام " س: قرأت في أحد الكتب الدينية حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه ما معناه أن من صلى علي يوم الجمعة مائتي مرة غفر الله له ذنب مائتي عام. فما درجة صحة هذا الحديث؟ وكيف تكون المغفرة مائتي عام مع أن الإنسان قد لا يعيش إلى هذا السن؟ (¬1) ج: هذا الخبر لا نعلم له أصلا، بل هو فيما يظهر موضوع مكذوب عن ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (48).

النبي صلى الله عليه وسلم، لا أصل له، نعم صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حث على الصلاة عليه، وقال: «من صلي علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا (¬1)» وجاء في بعض الروايات زيادة: «كتب الله له عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات (¬2)» والله عز وجل قال: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (¬3) وقبلها يقول سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (¬4) فهذا هو السنة، أما هذا الخبر فلا أصل له. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد، برقم (408). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري رضي الله عنه، برقم (16352). (¬3) سورة الأحزاب الآية 56 (¬4) سورة الأحزاب الآية 56

حكم دعاء الخطيب عند صعود المنبر

202 - حكم دعاء الخطيب عند صعود المنبر س: السائل ط. من ليبيا يقول: هل هناك دعاء معين يستحب لخطيب الجمعة أن يذكره عند صعوده للمنبر؟ وكيف يكون ذلك؟ (¬1) ج: لا أعلم شيئا في هذا. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (423).

حكم الاكتفاء بخطبة واحدة يوم الجمعة

203 - حكم الاكتفاء بخطبة واحدة يوم الجمعة س: يقول: شخص يخطب الجمعة خطبة واحدة، هل يكون قد خالف السنة بذلك؟ (¬1) ج: نعم، لا بد من خطبتين، من شرط صحة الجمعة خطبتان، كما كان النبي يفعل صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يخطب إلا خطبة لم تصح الجمعة، بل عليه أن يأتي بالخطبة الثانية ويعيد صلاة الجمعة. ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (423).

بيان بعض البدع التي تفعل قبل صلاة الجمعة

204 - بيان بعض البدع التي تفعل قبل صلاة الجمعة س: الأخ ص. ح. ج. ر. اليماني من الطائف، أخونا يقول في أحد أسئلته: لدينا عادات وتقاليد مخالفة لشريعتنا الإسلامية الغراء، ومن هذه العادات ما يلي: يجتمع الناس يوم الجمعة قبل صلاة الجمعة فيصلون على النبي صلى الله عليه وسلم بصوت مرتفع وجماعي، ثم إنهم يستغيثون بالنبي صلى الله عليه وسلم وبأولياء الله الصالحين بهذه الألفاظ: شيء لله يا رسول الله، شيء لله يا أولياء الله الصالحين، شيء لله يا رجال الله المؤمنين، أغيثونا، أعينونا، مدونا بالرعاية، وكأمثال هذه الألفاظ، ويرجو التوجيه، جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (151).

ج: أما الاجتماع على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصوت جماعي أو بصوت مرتفع فهذا بدعة، والمشروع للمسلمين أن يصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم من دون رفع الصوت المستغرب المستنكر، ومن دون أن يكون الذكر جماعيا، كل واحد يصلي بينه وبين نفسه، يقول: اللهم صل على رسول الله، اللهم صل وسلم على رسول الله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، إلى آخره. يصلي بينه وبين نفسه؛ لأن يوم الجمعة يشرع فيها الإكثار من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أمر بهذا عليه الصلاة والسلام قال: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي " قيل: يا رسول الله، تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت؟ يعني بليت قال: " إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء (¬1)» فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم شرع لنا أن نكثر من الصلاة عليه والسلام في يوم الجمعة، فيشرع لنا أن نكثر من ذلك في المسجد وفي غيره، لكن كل واحد يصلي على النبي بينه وبين نفسه بالصلوات المشروعة المعروفة من دون أن يكون ذلك بصوت مرتفع يشوش على من حوله، أو بصوت جماعي يتكلم الجماعة جميعا، كل هذا بدعة، ولكن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين نفسه، في مسجده وفي طريقه وفي بيته، ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب سجود القرآن باب في الاستغفار، برقم (1522).

وفي كل مكان، وهكذا في بقية الأوقات تشرع الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم حتى في غير الجمعة، في بقية الأوقات، والله يقول سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (¬1) اللهم صل عليه وسلم صلاة وسلاما دائمين إلى يوم الدين. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا (¬2)» فأنا وأنت والآخر والآخر، كل منا مشروع له أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم من الرجال والنساء جميعا. لكن بالطريقة التي درج عليها المسلمون، ودرج عليها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، كل واحد يصلي على النبي بينه وبين نفسه من غير حاجة إلى أن يرفع صوته حتى يشغل من حوله، ومن غير حاجة إلى أن يكون معه جماعة بصوت جماعي. أما الاستغاثة بالأنبياء أو بأهل الخير أو بالأولياء، هذا من الشرك الأكبر. هذا أعظم وأطم، لا يجوز هذا، فلا يقول: يا رجال الغيب، أشيء لله؟ أو: يا أولياء الله، أشيء لله؟ أو: يا رسول الله، أشيء لله؟ أو: أغيثونا، أو: أعينونا، أو: انصرونا، كل هذا منكر وشرك أكبر بالله عز وجل، يقول الله سبحانه في كتابه العظيم: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬3) ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب الآية 56 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد، برقم (408). (¬3) سورة المؤمنون الآية 117

سماه كفرا، وقال عز وجل: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬1) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬2) سماه الله شركا. فالواجب الحذر من هذا، والله يقول سبحانه: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬3) ويقول جل وعلا: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬4) فالله هو الذي يدعى سبحانه وتعالى، وهو الذي يسأل، وهو الذي يكشف الضر، وهو الذي يجلب النفع سبحانه وتعالى، فتقول: يا رب اشفني، يا رب أعني، يا رب اهدني سواء السبيل، يا رب أصلح قلبي وعملي، يا رب توفني مسلما. تدعو ربك، يقول سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬5) ويقول سبحانه: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} (¬6) ويقول جل وعلا: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (¬7) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدعاء ¬

_ (¬1) سورة فاطر الآية 13 (¬2) سورة فاطر الآية 14 (¬3) سورة الجن الآية 18 (¬4) سورة غافر الآية 60 (¬5) سورة غافر الآية 60 (¬6) سورة النساء الآية 32 (¬7) سورة البقرة الآية 186

هو العبادة (¬1)» والواجب على المسلمين رجالا ونساء الإكثار من الدعاء والحرص على دعاء الله جل وعلا. والضراعة إليه في جميع الحاجيات سبحانه وتعالى، أما دعاء الأنبياء أو الأولياء أو غيرهم من الناس عند قبورهم أو في أماكن بعيدة عنهم فكل هذا منكر. وكله شرك بالله عز وجل وكفر أكبر يجب الحذر منه، كهذا الذي ذكره السائل: يا عباد الله، يا أولياء الله، يا نبي الله، أعينونا، أغيثونا، انصرونا. هذا كله من الشرك الأكبر، قال الله جل وعلا: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (¬2) ويقول سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬3) ويقول جل وعلا يخاطب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (¬4) فالأمر عظيم، ويقول سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬5) فالواجب الحذر، الواجب على كل مسلم وكل من ينتسب للإسلام ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة - باب الدعاء، برقم (1479)، والترمذي في كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة المؤمن برقم (3247)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب فضل الدعاء برقم (3828). (¬2) سورة لقمان الآية 13 (¬3) سورة الأنعام الآية 88 (¬4) سورة الزمر الآية 65 (¬5) سورة الأنعام الآية 88

وكل مكلف أن يعبد الله وحده، وأن يخصه بالعبادة دون ما سواه، يقول سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬1) ويقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬2) فلا تسأل نبيا ولا وليا ولا شجرا ولا حجرا ولا صنما ولا غير ذلك، لا تسأله حاجة من نصر ولا شفاء مريض، ولا غير ذلك، بل اسأل الله سبحانه حاجتك كلها، هذا هو توحيد الله، وهذا هو الدين، وهذا هو الإسلام، بل توجه إلى الله بسؤالاتك وحاجاتك، وأن تعبده وحده بدعائك وصلاتك وصومك، وسائر عباداتك، أما المخلوق وإن كان عظيما كالأنبياء لا يدعى من دون الله، ولا يستغاث به، ولا ينذر له، ولا يذبح له، فعلى المسلمين أن يفهموا هذا جيدا، على كل إنسان أن يفهم هذا جيدا، وأن يعلم أن هذا أمره عظيم، وأن أصل دين الإسلام وقاعدة دين الإسلام إخلاص العبادة لله وحده، وهذا هو معنى: لا إله إلا الله، فإن معناها: لا معبود بحق إلا الله، فسبحان الله، هو سبحانه الذي يدعى، يسأل كما قال عز وجل: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (¬3) {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} (¬4) فالخطأ في هذا أمر عظيم جدا، لا يجوز التساهل به؛ لأنه شرك ¬

_ (¬1) سورة الإسراء الآية 23 (¬2) سورة الفاتحة الآية 5 (¬3) سورة البقرة الآية 163 (¬4) سورة طه الآية 98

الجاهلية، شرك المشركين الأولين؛ لأنه ضد الإسلام، ضد لا إله إلا الله، فالواجب الحذر من هذه الشركيات، وعليك أيها السائل أن تنذر قومك وأن تبلغهم، وأن ترشدهم إلى أن يسمعوا هذا البرنامج حتى يستفيدوا لما فيه من الخير العظيم، هذا البرنامج: نور على الدرب، فيه خير عظيم وفوائد كثيرة، في التوحيد وفي أحكام الشريعة، فأنا أوصي وأنصح جميع المسلمين أن يستمعوا هذا البرنامج في كل مكان، في هذه المملكة وفي خارجها، أنصح جميع المسلمين وجميع المكلفين أن يسمعوا هذا البرنامج، وأن يعتنوا به حتى يستفيدوا منه، وحتى يبلغوا غيرهم من إخوانهم من الرجال والنساء، وحتى يستفيدوا، وهو بحمد الله برنامج: من قال الله، قال رسوله، ليس من الآراء، برنامج يبين فيه أهل العلم ما قاله الله ورسوله في توحيده وفي أحكام شريعته، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

حكم قول يا لطيف جماعيا بعد كل صلاة

205 - حكم قول: " يا لطيف " جماعيا بعد كل صلاة س: دخلت أحد المساجد لأداء صلاة الجمعة، وبعد نهاية الصلاة والتسبيح بالباقيات الصالحات سمعت الإمام يقول: يا لطيف. وشرع المصلون في قولها، سألت جاري، فقال لي: قلها مائة مرة، واسمع من أركان المسجد نغمة آمين يرددها المصلون. فهل هناك دليل على قول يا لطيف بعد الباقيات الصالحات، وما الحكم؟

جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا نعلم على هذا دليلا، بل هو من البدع التي أحدثها الناس، كونه يقول: يا لطيف مائة مرة، أو عشر مرات، أو أقل، أو أكثر على طريقة ثابتة بعد كل صلاة هذا لا أصل له، بل هو من البدع، أما إذا قالها عارضا عند قيامه: يا لطيف الطف بنا، يا لطيف اغفر لي، أو: يا رحمن اغفر لي. شيء عارض وشيء ليس بالمعتاد، وإنما هو عند قيامه أو في حال مشيه أو في حال ذكره لله، لا بأس بهذا، أما اتخاذ هذا عادة يقولها بعد كل صلاة، أو يقولها هو والجماعة بعد كل صلاة في السنة الراتبة عشر مرات، أو مائة مرة، أو أكثر أو أقل هذا لا أصل له، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» يعني: فهو مردود. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (171). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

كيفية التحلق المنهي عنه يوم الجمعة

206 - كيفية التحلق المنهي عنه يوم الجمعة س: ما المقصود بالنهي عن التحلق يوم الجمعة؟ (¬1) ج: على ظاهره، كونهم يتحلقون للدرس والفائدة أو لقراءة القرآن، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (386).

يكون حلقة أمام المعلمين والقارئين، هذا المنهي عنه، أما كون الواحد في الصف يقرأ، أو مستندا على الجدار يقرأ لنفسه ما يسمى حلقة.

حكم تخصيص يوم الجمعة بأعمال معينة

207 - حكم تخصيص يوم الجمعة بأعمال معينة س: ماذا كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة؟ (¬1) ج: لا أعلم أنه كان يخص يوم الجمعة بشيء عليه الصلاة والسلام لا بصيام، ولا تخص ليلته بقيام، لكنه يوم فاضل، يوم قراءة، يوم ذكر، يوم صلاة وتعبد، فلا أعلم شيئا كان يخصه النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة، إلا أنه ورد عنه صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة فيضاء له من النور ما بين الجمعتين (¬2)» أو كما قال عليه الصلاة والسلام. وجاء هذا عن أبي سعيد بإسناد صحيح (¬3) أنه كان يقرأ الكهف يوم الجمعة، وروي عن ابن عمر، فهذا مستحب قراءة الكهف يوم الجمعة، أما تخصيصها بصيام أو بصدقات خاصة أو بزيارة القبور أو ما أشبه ذلك فلا أعلم له أصلا. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (337). (¬2) رواه الحاكم في المستدرك برقم (3392). (¬3) أخرجه الدارمي في كتاب الوصايا، باب من قال المدبر من الثلث، برقم (3273).

س: هل يجوز تخصيص ليلة الجمعة بإقامة الليل علما بأننا طلبة وموظفون، ولكي ننتهز عطلة الجمعة للراحة؛ لأن أحد الإخوان قال: يوجد حديث يدل على عدم تخصيص يوم أو ليلة للعبادة؟ (¬1) ج: نعم لا يجوز تخصيص ليلة الجمعة بالتهجد؛ لأن الرسول نهى عن هذا عليه الصلاة والسلام، ولا يجوز تخصيص يومها أيضا بالصوم، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تخصوا يوم الجمعة بصيام، إلا أن يكون فيه صوم يصومه أحدكم، ولا تخصوا ليلة الجمعة بقيام (¬2)» فلا تخص ليلتها بالقيام ولا يومها بصيام، وهكذا لا يجوز اتخاذ ليلة معينة يخصها الناس بالتهجد لعدم الدليل. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (226). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب كراهة صيام يوم الجمعة منفردا، برقم (1144).

بيان ما يفعله من دخل المسجد أثناء الأذان الثاني ليصلي تحية المسجد

208 - بيان ما يفعله من دخل المسجد أثناء الأذان الثاني ليصلي تحية المسجد س: الدكتور ب. أ. م يسأل ويقول: نرى يوم الجمعة بين يدي الخطيب وقبل الخطبة والمؤذن يؤذن الأذان الثاني - أناسا يقفون منتظرين انتهاء الأذان، ثم يصلون ركعتي تحية المسجد، فهل هناك من دليل على هذا، أم أنهم يصلون الركعتين غير منتظرين انتهاء الأذان حتى

يدركوا الخطبة والتي هي واجب والأذان سنة كما نعلم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا هو الأفضل؛ أن يسمع الأذان ويجيب المؤذن، ثم يصلي ركعتين، ولا يمنعه ذلك من سماع الخطبة؛ لأن صلاة ركعتين أمر خفيف، وقتها خفيف، في إمكانه أن يصليها والخطيب لم ينته من مقدمة الخطبة، المقصود أن الأفضل أنه يجيب المؤذن، ثم يصلي ركعتين، وإن صلى ركعتين وهو يؤذن فلا حرج في ذلك والحمد لله، لكن كونه يجمع بين السنتين سنة إجابة المؤذن وسنة تحية المسجد - فهذا هو الأفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول (¬2)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬3)» يجمع بين السنتين، هذا هو الأفضل، فيجمع بينهما ولا يفوته بذلك سماع الخطبة والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (290). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه، برقم (384). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1163)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين، برقم (714).

ذكر الواجب على الناس أثناء الخطبة

209 - ذكر الواجب على الناس أثناء الخطبة س: الذي يناقش سماحة الشيخ ويناقش كثيرا من الناس معه، كيف أن الإنسان يهتم بالسنة ويترك الواجب، ألا وهو الإنصات للخطبة، ما هو توجيهكم؟ (¬1) ج: الواجب الإنصات، إذا فرغ ينصت، يستمع ولا يعبث ولا يتكلم، هذا واجب عليه، الواجب على الجماعة أن ينصتوا للخطبة، الرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم بهذا، أمرهم بالإنصات، الواجب أن ينصتوا ويستفيدوا؛ لأن الخطبة من أجلهم لأجل وعظهم وتذكيرهم، الواجب أن ينصتوا لها، وأن يستفيدوا مما يقوله الإمام. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (290).

حكم الانشغال عن الخطبة بتأدية تحية المسجد

210 - حكم الانشغال عن الخطبة بتأدية تحية المسجد س: الذين يرون أن الانشغال بتأدية تحية المسجد عن الاستماع للخطبة يرون أن هذا غير مستساغ، ما هو توجيهكم؟ (¬1) ج: لا يضر هذا؛ لأنه يصلي ركعتين، ركعتان هما دقيقتان أو دقيقة، أو دقيقة ونصف، ما تعطله عن الخطبة، الخطيب يجيب المؤذن، ويأتي بذكر الدعاء بعد الأذان، والداخل كذلك يجيب المؤذن ويأتي بالدعاء ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (290).

الشرعي، ثم يصلي ركعتين والإمام في مقدمة الخطبة، وقد يسمع ما يقوله الخطيب وهو في الصلاة، ما يفوته، قد يسمع ما يقوله الخطيب وينتهي وهو في الصلاة.

س: السائل ع. ح. ق. من اليمن: إذا دخلت المسجد يوم الجمعة والمؤذن يؤذن الأذان الأخير، فهل أصلي تحية المسجد أم أستمع للأذان؟ والناس قد أنكروا علي إذا صليت والمؤذن يؤذن، وقالوا: يستحسن أن تتابع المؤذن ثم تصلي السنة (¬1) ج: هذا هو الأفضل؛ لأنهم قد أصابوا في نصيحتك، فالأفضل أن تجمع بين الحسنيين وبين العبادتين، تجيب المؤذن، ثم تصلي ركعتين والحمد لله، ثم تجلس للاستماع. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (263).

س: إذا دخلت المسجد في يوم الجمعة والإمام يخطب، فهل أجلس أم أصلي ركعتين، وما الدليل على ذلك؟ (¬1) ج: السنة يا أخي أن تصلي ركعتين قبل أن تجلس ولو أن الإمام يخطب، لما ثبت في صحيح مسلم عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إذا جاء أحدكم المسجد والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (181). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب التحية والإمام يخطب، برقم (875).

يعني يخففهما، يعني تخفيفا لا يمنع الطمأنينة، هكذا أمر عليه الصلاة والسلام، أمر الداخل والإمام يخطب أن يصلي ركعتين، لكن لا يطول فيهما حتى يفعل السنة ويتمكن من سماع الخطبة.

س: إذا دخلت المسجد والإمام يخطب في يوم الجمعة، هل الأفضل أن أصلي تحية المسجد أم أجلس للاستماع للخطبة؟ (¬1) ج: صل التحية ثم أجلس، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬2)» ولما دخل رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يقوم فيصلي ركعتين، وهذا يدل على تأكد هاتين الركعتين، وأنه يصليهما قبل أن يجلس وإن كان الإمام يخطب، فهما متأكدتان. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (106). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1163)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب تحية المسجد بركعتين، برقم (714).

س: هل أصلي تحية المسجد والإمام يخطب؟ (¬1) ج: نعم، إذا دخلت المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب فصل الركعتين وتجوز فيهما، ثم اجلس واستمع لأنه صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا جاء أحدكم والإمام يخطب فليصل ركعتين وليتجوز ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (125).

فيهما (¬1)» رواه مسلم في صحيحه، فهذا واضح من كلامه صلى الله عليه وسلم في الأمر بالصلاة ركعتين ثم الجلوس، وأنت بهذا قد أخذت بالسنة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب التحية والإمام يخطب، برقم (875).

س: أرى بعض أئمة المساجد إذا دخل المسجد يوم الجمعة يشرع في الصلاة، فيصلي تحية المسجد ثم يصعد إلى المنبر، فهل هذا جائز؟ (¬1) ج: لا نعلم لهذا أصلا، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل يقصد المنبر مباشرة، ولا يصلي تحية المسجد. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (171).

حكم تحية المسجد لخطيب الجمعة

211 - حكم تحية المسجد لخطيب الجمعة س: دخلت المسجد أريد أن أصلي صلاة الجماعة، وعند دخولي المسجد انتهت الصلاة، سؤالي: هل أصلي تحية المسجد أم أبدأ بالفرض؟ (¬1) ج: أنت مخير، إن بدأت بالفرض كفى عن تحية المسجد؛ لأن المقصود ألا يجلس المؤمن في المسجد إلا بعد صلاة، وصلاة الفريضة أعظم من ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (125).

التحية، إذا دخل الإنسان فيها كفت عن تحية المسجد، كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي من بيته إلى المسجد فيبدأ بالفريضة، وتكفيه عن تحية المسجد عليه الصلاة والسلام، وهكذا الأئمة في الغالب يأتون من بيوتهم ثم يقصدون محل الفريضة، تقام الصلاة ويبدؤون بالفريضة، ومن صلى ركعتين قبل ذلك في المسجد قبل إقامة الصلاة فلا بأس إلا الجمعة، فالأفضل للإمام أن يتأخر في بيته، فإذا جاء بدأ بالخطبة، وتكفيه الفريضة عن تحية المسجد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأتي فيدخل المسجد ويقصد المنبر ويجلس عليه، ثم يؤذن المؤذن، ثم يخطب عليه الصلاة والسلام، ولم يحفظ عنه ولو مرة واحدة أنه صلى ركعتين حين يدخل يوم الجمعة؛ لأن جلوسه جلوس خفيف على المنبر، ثم يشرع في الصلاة، جلوسه لانتظار الأذان، وجلوسه بين الخطبتين، وكلاهما جلوس خفيف حتى يؤدي الخطبة عليه الصلاة والسلام، فالأئمة مثله يتأسون به عليه الصلاة والسلام.

حكم صلاة الخطيب ركعتين في بيته قبل الذهاب إلى المسجد

212 - حكم صلاة الخطيب ركعتين في بيته قبل الذهاب إلى المسجد س: يسأل عن الإمام الذي يخطب يوم الجمعة هل يصلي ركعتين في بيته قبل أن ينصرف إلى المسجد (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (272).

ج: لا نعلم في هذا شيئا، إذا صلى في بيته صلاة الضحى طيبة ومشروعة، لكن ليس من أجل الجمعة، صلاة الضحى مشروعة في البيت كل يوم، فإذا صلى في بيته الضحى ركعتين أو أكثر من ذلك ثم جاء الجمعة فهذا حسن.

حكم حث المصلين على الإنصات قبل الخطبة

213 - حكم حث المصلين على الإنصات قبل الخطبة س: عندما يصعد الخطيب فوق المنبر يبدأ الأذان يوم الجمعة، بعد الأذان مباشرة يقوم الإمام الخامس ويقول: عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت، والإمام يخطب، فقد لغوت، ومن لغا فلا جمعة له (¬1)» أنصتوا يرحمكم الله، أنصتوا يرحمكم الله، أنصتوا يرحمكم الله. بعد إتمام هذا الحديث يجلس ويقوم الإمام لبدء خطبة الجمعة، مع العلم أن هذا يتكرر كل جمعة، أفتونا في هذا، جزاكم الله خيرا (¬2) ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب، وإذا قال لصاحبه: أنصت، فقد لغا، برقم (943)، ومسلم في كتاب الجمعة، باب في الإنصات يوم الجمعة في الخطبة، برقم (851) دون زيادة " ومن لغا فلا جمعة له " عندهما. (¬2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (153).

ج: هذا العمل ليس له أصل في الشرع، بل هو بدعة، كونه يقوم إنسان، ليقول: أيها الناس - إلى بقية الحديث - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت (¬1)» «ومن مس الحصى فقد لغا (¬2)» هذا ليس له أصل، وما كان يفعله المسلمون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا عهد خلفائه الراشدين، بل هو من البدع، بل إذا أذن المؤذن يوم الجمعة قام الخطيب وخطب الناس، وليس هناك من ينبه الناس ويقول لهم: أنصتوا، لا بتلاوة الحديث ولا بغير ذلك، فهذا من المحدثات التي ليس لها أصل، والواجب على من أحدثها أن يدعها، وأن يتوب إلى الله من ذلك؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬3)» وقوله عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا - يعني في ديننا - ما ليس منه فهو رد (¬4)» يعني: فهو مردود. وكان عليه الصلاة والسلام في خطبة الجمعة يقول: «أما بعد. . فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب، وإذا قال لصاحبه: أنصت، فقد لغا، برقم (943)، ومسلم في كتاب الجمعة، باب في الإنصات يوم الجمعة في الخطبة، برقم (851) دون زيادة " ومن لغا فلا جمعة له " عندهما. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

بدعة ضلالة (¬1)» أخرجه مسلم في صحيحه. فالواجب على أهل الإسلام التمسك بالسنة في كل شيء، والسير عليها والتواصي بها، والحذر من البدع التي أحدثها الناس، ومن ذلك ما ذكرته أنه يفعل عندكم قبل الخطبة بأن يقوم إنسان يتلو الحديث المعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة فقد لغوت (¬2)» ثم يكرر يقول: أنصتوا، أنصتوا، كل هذا لا أصل له كما سمعت، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق لما فيه اتباع السنة. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7686).

حكم تشميت العاطس أثناء الخطبة

214 - حكم تشميت العاطس أثناء الخطبة س: من يتكلم والإمام يخطب أو قال للذي بجانبه: اسكت فقد لغا، فإذا كنت بجوار واحد وعطس وحمد الله، وقلت له: يرحمك الله، فهل لغوت؟ وإذا كنت لغوت فماذا يجب علي علما بأنني قلت له والإمام يخطب؟ (¬1) ج: لا يجوز الكلام - والإمام يخطب - مع الناس، لا مع العاطس ولا مع غيره، الواجب الإنصات واستماع الخطيب، إلا مع الخطيب لا بأس إذا ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (20).

كان الخطيب يسأل عن شيء، أو ينكر عليه شيئا أخطأ فيه يجب إنكاره، فالكلام مع الخطيب لا بأس به، والخطيب لا بأس أن يتكلم هو؛ لأن هذا من جنس خطبته، أما الناس فيما بينهم فلا، حتى ولو عطس وحمد الله، لا تقل له: يرحمك الله كما لا تقول في الصلاة إذا عطس وهو يصلي وحمد الله، ما يقال له: يرحمك الله. وهكذا في الخطبة، المستمع لها كالمصلي فلا يتكلم ولا يرد السلام، ولا يبدأ بالسلام ولا يشمت العاطس، هذا هو الواجب عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت (¬1)» مع أنه يأمر بالمعروف سمي لاغيا وهو يأمر بالمعروف، وفي الحديث الآخر: «من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا، والذي يقول له: أنصت ليست له جمعة (¬2)» فهذا يدل على أن الجمعة تلغى، ويفوته ثوابها بسبب كلامه في أثناء الخطبة، ولو أن كلامه في عمل طيب يأمر بالمعروف أو ينهى عن منكر كتشميت العاطس، فالواجب ترك ذلك كما يجب ترك ذلك مع المصلي، وهكذا مع المستمع للخطبة، فلا بأس أن تبدأ المصلي بالسلام، وهو يرد بالإشارة، لكن في الخطبة لا، أنت مأمور بالإنصات، ولا يتكلم والإمام يخطب لا بتشميت ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7686). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عباس، برقم (2033).

عاطس ولا برد السلام. وهكذا أخوك الذي في الصف لا يتكلم، وإذا حمد الله في نفسه فأنت لا تقول له: يرحمك الله والإمام يخطب؛ امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم فيما أمر به من الإنصات، وحذرا من الوعيد الذي جاء في ذلك وإلغاء الجمعة وعدم حصول ثوابها.

س: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قال: اسكت والإمام يخطب فقد لغا (¬1)» فما حكم التأمين والصلاة على النبي جهرا والإمام يخطب؟ (¬2) ج: السنة للمؤمن الإنصات أثناء الخطبة، ينصت لسماع الخطيب، ولا يتكلم؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت (¬3)» فلا يجوز له أن يتكلم ولا يقول: أنصت يا فلان، ولا: اسكت يا فلان، بل ينصت، لكن يشير إشارة لا مانع من الإشارة للمتكلم حتى يسكت، أما أنه يتكلم فلا، ومعنى: لقد لغوت، يعني ألغيت الجمعة، يعني فضلها، يعني فاته فضلها، وإلا الصلاة صحيحة، لكن فاته الفضل. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري الجمعة (934)، صحيح مسلم الجمعة (851)، سنن الترمذي الجمعة (512)، سنن النسائي الجمعة (1401)، سنن أبي داود الصلاة (1112). (¬2) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (383). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7686).

حكم الاستغفار أثناء خطبة الجمعة

215 - حكم الاستغفار أثناء خطبة الجمعة س: من ي. ق. يقول: سماحة الشيخ هل يكون الاستغفار في يوم

الجمعة في الخطبة بين الخطبتين باللسان أم بالقلب؟ وإذا كان باللسان فهل أكون قد لغوت؟ (¬1) ج: بين الخطبتين لا بأس، يدعو أو يستغفر بين الخطبتين لا بأس، يعني ما هو محل سماع، الخطيب ساكت، وهكذا قبل الخطبة وبعد الخطبة، لكن حال الخطبة ينصت ولا يتكلم بشيء، ينصت ويستمع إلا إذا مر ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يصلي عليه عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (418).

حكم رد السلام أثناء خطبة الجمعة

216 - حكم رد السلام أثناء خطبة الجمعة س: تعلمون - وفقكم الله - أن رد السلام واجب، وأن الإنصات لخطبة الجمعة واجب، فإذا سلم أحد الأشخاص والخطيب يخطب فهل أرد عليه خاصة إذا ألح علي واضطرني إلى الرد؟ أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيرا (¬1) ج: السلام في وقت الخطبة غير مشروع، بل يصلي التحية ويجلس ولا يسلم على أحد حتى ينتهي الخطيب، وإذا سلم عليك لا ترد إلا بالإشارة، كما لو سلم عليك في الصلاة ترد بالإشارة ويكفي، وليس له أن يلح في طلب السلام، وإذا مد يده تمد يدك، ولا تتكلم بشيء حتى ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (251).

ينتهي الخطيب، فإذا سكت الخطيب ترد عليه - والحمد لله - والمؤمن يتأدب بالآداب الإسلامية ويتعلم كما أنه في الصلاة يرد بالإشارة فهكذا إذا سلم عليه أخوه والإمام يخطب يرد بالإشارة بيده أو برأسه ويكفي، والحمد لله.

كيفية رد السلام أثناء خطبة الجمعة

217 - كيفية رد السلام أثناء خطبة الجمعة س: إذا سلم علي شخص وقت الخطبة هل أرد عليه السلام؟ (¬1) ج: بالإشارة، رد بالإشارة، كالمصلي يرد بالإشارة. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (350).

بيان معنى حديث من مس الحصى فقد لغا

218 - بيان معنى حديث: " من مس الحصى فقد لغا " س: رسالة وصلت إلى البرنامج من الأردن، جرش تقول: أختكم في الله ف. م. تسأل عن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي معناه: «ومن مس الحصى فقد لغا (¬1)» ماذا يقصد بالحصى؟ وهل هي مقصودة بذاتها أو أنها تشير إلى معان فقط (¬2) ج: الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد، فهذا الحديث الصحيح أرشد به النبي صلى الله ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (305).

عليه وسلم إلى الإنصات إلى الخطيب يوم الجمعة وعدم العبث بما يشغل عن سماع الخطبة، ومس الحصى من ذلك، وليس مقصودا بذاته، بل المقصود العناية بالاستماع والبعد عن كل ما يشغل عن الاستماع والإنصات، فإذا مس الحصى أو مس أشياء أخرى في المسجد من أهداب الفرش أو من أوراق عنده، أو ما أشبه ذلك مما يشبه مس الحصى، والمقصود كله هو أن ينصت إلى الخطيب، وأن يفرغ قلبه لذلك، ويكف الجوارح عن العبث الذي قد يشغله عن الاستماع، ومعنى: فقد لغا. يعني ألغيت جمعته، أي نحسبه ألا يكون له ثواب الجمعة، يكون له ثواب الظهر، وليس ثواب الجمعة؛ لأنه هو الثواب العظيم الذي رتبه الله على الجمعة.

حكم الاستياك أثناء خطبة الجمعة

219 - حكم الاستياك أثناء خطبة الجمعة س: يقول السائل: بعض الناس من المسلمين يستعملون المسواك والخطيب يخطب يوم الجمعة، فما حكم عملهم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: السنة وقت الخطبة الإنصات وترك العبث، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «من مس الحصى فقد لغا (¬2)» السنة أن يترك السواك، ويترك ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (293). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة، برقم (857).

العبث بالحركة، ويقبل على الخطبة، مستمعا منصتا خاشعا، هذا هو الأولى بالمؤمن، ولو أن السواك مشروع لكن في غير هذا المحل، مشروع عند الدخول في الصلاة، عند الوضوء، لكن عند الخطبة الأولى ترك ذلك؛ لأنه قد يشغله عن الاستماع المطلوب مثلما أن مس الحصى قد يشغله عن ذلك.

حكم فرقعة الأصابع أثناء خطبة الجمعة

220 - حكم فرقعة الأصابع أثناء خطبة الجمعة س: ما حكم استعمال السواك والإمام يخطب، سواء كان ذلك في صلاة الجمعة أو في صلاة العيدين والاستسقاء؟ وما حكم فرقعة الأصابع أثناء الصلاة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد، فإن المشروع عند سماع الخطب الإنصات والإصغاء والتأثر بهذه الخطب؛ لأن المقصود منها وعظ الناس وتذكيرهم وحثهم على طاعة الله، وتنبيههم على ما قد يخفى عليهم، فالواجب العناية بالإنصات والاستماع والاستفادة، وترك السواك هو أولى؛ لأن وقت الاستماع ليس محل السواك، فالأولى ترك السواك لأنه قد يكون شيئا من العبث، فلا يتسوك في هذه الحالة، بل ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (369).

يعتني بالخطبة ويصغي لها، ويقبل عليها بقلبه وقالبه، وهكذا فرقعة الأصابع وقت الصلاة أو عند سماع الخطبة لأنه نوع من العبث.

حكم رمي الريحان على المستمعين أثناء خطبة الجمعة

221 - حكم رمي الريحان على المستمعين أثناء خطبة الجمعة س: يقول: يوجد في قريتنا أناس يحضرون يوم الجمعة ومعهم ريحان، فيقومون برميه على المصلين والإمام يخطب، فهل هذا مخل بالصلاة؟ (¬1) ج: ليس هذا مخلا بالصلاة، إذا طرحه في المسجد، لا يضر إن شاء الله لأجل الرائحة الطيبة، وهو مسألة سهلة، لا تشغلهم عن سماع الخطبة، ولا عن تحية المسجد إذا دخلوا ورموه، وصلوا تحية المسجد وجلسوا يسمعون الخطبة ليس بهذا شيء، أما إذا كان له مؤنة بحيث يشوش على الناس أو يشغلهم عن تحية المسجد وقتا طويلا، فينبغي تأجيله إلى وقت آخر أو التبكير به يوم الجمعة قبل الخطبة حتى يطرح في المسجد، أما وقت الخطبة فينبغي له إذا جاء أن يشتغل بركعتي التحية تحية المسجد ركعتين، ثم يستمع للخطبة، أما إذا كان شجرة في يده يرميها وهو ماش ما تشوش على أحد فلا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (193).

حكم الاحتباء أثناء خطبة الجمعة

222 - حكم الاحتباء أثناء خطبة الجمعة س: من الأردن و. ع يقول: ما حكم الاحتباء؟ وهو ضم الفخذين إلى البطن - بالثوب أو اليدين - عند الاستماع إلى الخطبة (¬1) ج: تركه أولى؛ لأنه قد يسبب النوم والكسل، يكون على جلسة أخرى؛ لأن ذلك أقرب إلى النشاط والبعد عن النوم. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (387).

حكم الكلام مع الخطيب أثناء الخطبة

223 - حكم الكلام مع الخطيب أثناء الخطبة س: ما حكم الكلام مع الخطيب في يوم الجمعة؟ (¬1) ج: إذا دعت الحاجة فلا بأس، فعندما تدعو الحاجة أن يكلم الخطيب يقول: ادع الله أن يغيثنا، ادع الله لنا؛ لأننا في جدب وفي حاجة، أو يسأله عن شيء ينفع الناس فلا بأس؛ فقد تقدم بعض الناس للنبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الجمعة وقالوا: «يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله أن يغيثنا، فاستغاث عليه الصلاة والسلام لهم وقال - اللهم صل وسلم عليه -: " اللهم أغثنا (¬2)» ودعا ربه. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (320). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الاستسقاء في خطبة الجمعة غير مستقبل، برقم (1014)، ومسلم في كتاب صلاة الاستسقاء، باب الدعاء في الاستسقاء، برقم (897).

حكم اصطحاب الأطفال إلى المسجد يوم الجمعة

224 - حكم اصطحاب الأطفال إلى المسجد يوم الجمعة س: بماذا تنصحون الذين يصطحبون أطفالهم إلى المسجد يوم الجمعة فيشغلون المصلين بالكلام واللعب والخطيب على المنبر؟ (¬1) ج: الطفل الذي دون السبع ينبغي أن يبقى عند أهله حتى لا يشغل الناس، ينبغي أن يبقى عند أهله حتى لا يحصل به إيذاء للناس، أما إذا كان الطفل قد أكمل السبع فأكثر فهذا يصلي مع الناس؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الأولياء بأمرهم بالصلاة قال: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر (¬2)» فعلى آبائهم وعلى إخوانهم الكبار أن يخرجوا بهم إلى الصلاة، وأن يوجهوهم ويؤدبوهم إذا آذوا الناس، ويمنعوهم حتى يستقيموا على الطريق السوي، وحتى يصلوا مع الناس من دون أذى. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (362). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، برقم (6756).

بيان كيفية الإنكار على من يتكلمون خارج المسجد أثناء الخطبة

225 - بيان كيفية الإنكار على من يتكلمون خارج المسجد أثناء الخطبة س: إذا كان الخطيب يخطب والناس يتكلمون خارج هذا المسجد، فكيف تنصحونهم جزاكم الله خيرا؟ وهل للخطيب أن ينبههم إلى ما ينبغي أن يكونوا عليه؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (294).

ج: نعم، إذا وجد ما يشوش على الناس فإمام المسجد ينبههم، الخطيب ينبههم إذا كانوا يسمعون، أو يرسل لهم من يأمرهم بالسكوت والبعد عن المسجد إذا لم يكونوا من أهل الصلاة، أو الدخول في المسجد حتى يصلوا مع المسلمين.

بيان الوقت الذي يحرم فيه البيع يوم الجمعة

226 - بيان الوقت الذي يحرم فيه البيع يوم الجمعة س: هل يحرم البيع أثناء الأذان وبعده؟ وكيف الحال في يوم الجمعة؛ هل يحرم البيع بعد الأذان الأول أم الثاني؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: البيع يحرم بعد الأذان الأول الذي بين يدي الإمام في الجمعة؛ لأن الله سبحانه قال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (¬2) فلا يجوز البيع ولا الشراء ولا الإجارة ولا المساقاة، بل يجب أن يتفرغ للعبادة ويبادر لصلاة الجمعة. ولا يتشاغل بشيء آخر، أما الأوقات الأخرى فقد تلحق بصلاة الجمعة وقد لا تلحق، فالأحوط له أن لا يبيع بعد الأذان أذان الظهر والعصر والمغرب؛ لأنه قد يشغله عن الجماعة، فالأحوط له أن يحذر ذلك إلا أن يكون شيئا يسيرا لا يشغله، فلعله لا حرج في ذلك؛ لأن الله جل وعلا إنما جاء عنه النص في صلاة الجمعة؛ لأن أمرها عظيم، ويجب ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (302). (¬2) سورة الجمعة الآية 9

حضورها، وتفوت بفواتها، فأمرها أعظم، وهي فرض أسبوع، فالمقصود أن الجمعة لا يقاس عليها غيرها، لكن إذا حذر هذا الشيء وابتعد عنه لئلا يشغله عن الجماعة كان هذا أولى، وبكل حال فإذا كان بيعه قد يشغله عن أداء الصلاة في الجماعة حرم البيع، لكن بعض الأحيان قد تكون الصلاة متأخرة لتأخر الإمام، فيمكن للإنسان في طريقه أن يشتري سلعة أو يبيعها فقد لا يضر حضوره الصلاة، وبكل حال على الإنسان أن يبتعد عن هذا الشيء ويستأنس بما جاء في الجمعة ويكون هذا أحوط حتى يتشبه بالجمعة في الحذر.

حكم تأجير السيارة بعد الأذان الثاني

227 - حكم تأجير السيارة بعد الأذان الثاني س: علمنا أنه يحرم البيع بعد النداء الثاني في يوم الجمعة، فهل هذا ينطبق على أصحاب سيارات الأجرة والباصات الذين يتقاضون على إركاب الركاب قيمة معينة؟ وهل من توجيه لهم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم، تأجير السيارات بيع؛ لأن الأجرة بيع، بيع المنافع يدخل في الآية الكريمة: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} (¬2) تقف السيارات ويقف أهل التكاسي، ويتوجهون إلى المسجد، يجب عليهم ولا يجوز ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (361). (¬2) سورة الجمعة الآية 9

لهم أن يؤجروها في هذه الحال، بل يوقفونها ويتوجهون إلى المسجد إذا سمعوا النداء، هذا هو الواجب عليهم؛ لأن التأجير نوع من البيع، بيع المنافع تسمى أجرة، وهو بيع.

بيان النداء المعتمد عند تفاوت المساجد

228 - بيان النداء المعتمد عند تفاوت المساجد س: سماحة الشيخ، إذا كان النداء الثاني يتفاوت من مسجد إلى آخر قد يكون بين بعض المساجد والبعض الآخر ما يقرب من نصف ساعة، ما هو توجيه سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: متى سمع المنادي في المحل الذي هو فيه كفى ولو تفاوتت المساجد. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (361).

س: كثيرا ما أرى في المنام أنني في شأن من شؤون الصلاة، إما الأذان، وإما الوضوء، وإما الإمامة، وما أشبه ذلك، هل من توجيه لسماحتكم حول ما أراه؟ (¬1) ج: هذا يدل على خير إن شاء الله، يدل على عنايتك بالصلاة واهتمامك بالصلاة، فأنت على خير إن شاء الله، هذه علامات خير إن شاء الله. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (361).

حكم إلقاء الدرس قبل الأذان يوم الجمعة

229 - حكم إلقاء الدرس قبل الأذان يوم الجمعة س: ما رأي سماحتكم في مدرس يلقي كل يوم جمعة درسا، وبالتحديد

درسا قبل الأذان، ويمتد إلى أن يرفع الأذان، هل هذا الدرس من سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؟ (¬1) ج: لا أعلم فيه بأسا، ويروى عن أبي هريرة أنه كان يقوم بذلك، يروى عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه يقوم بهذا الدرس قبل دخول الخطيب، فإذا أذن ترك ذلك، وإن ترك الناس يقرؤون القرآن ويذكرون الله ويدعون فهذا حسن - إن شاء الله - وإن فعله في بعض الأحيان فهذا أيضا أسهل، أما الاستمرار عليه كل جمعة فلعل تركه أولى؛ لأنه قد يشغل الناس عن قراءة القرآن، وعن الدعاء والضراعة إلى الله، والتسبيح والتهليل، ونحو ذلك، ويملون، قد يضعفون عن سماع الخطبة خطبة الجمعة، فلعل ذلك أولى، وإذا فعل ذلك في بعض الأحيان فأرجو ألا حرج فيه كما روي هذا عن أبي هريرة رضي الله عنه. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (337).

حكم تشغيل شريط قرآن وبصوت مرتفع بين الأذانين

230 - حكم تشغيل شريط قرآن وبصوت مرتفع بين الأذانين س: في صلاة الجمعة بعد الأذان يضعون شريط كاسيت في مسجل، يقرأ القرآن وبصوت عال بحيث يسمع جميع أهل الحي، وينصت الناس الذين في المسجد إلى هذا القرآن إلى أن يحين موعد الأذان الثاني، مع العلم أن لا أحد يقرأ القرآن بنفسه، هل هذا

العمل جائز أم لا (¬1)؟ ج: إذا كان أهل المسجد متفقين على ذلك فلا بأس، إذا اتفقوا على أن يقرأ واحد منهم ويستمعون له، أو شريط ويستمعون له؛ لأن أكثرهم عوام، ويرغبون أن يسمعوا هذا القارئ، هذا كله لا بأس به، كما لو جعلوا أحدهم يقرأ ويستمعون، أما أن يفعل ذلك من غير اختيار أهل المسجد فلا؛ لأن فيهم من يريد الصلاة حتى يخرج الإمام، وفيهم من يحب أن يقرأ بنفسه، فلا أرى أن هذا مناسب إلا باختيارهم ومشاورتهم، وإذا كانوا محصورين، وجماعة قليلة ووافقوا على هذا فلا بأس أن يقرأ واحد وهم يستمعون، أو من شريط بصوت حسن بالقراءة فلا بأس بذلك، إن كان الجماعة معدودين وهم راضون بهذا الشيء، وموافقون عليه، وإلا فالذي ينبغي ترك الناس وعدم إذاعة شريط يستمعون فيه بالقراءة، ولا أن يجهر أحد على أحد، بل كل واحد يقرأ بينه وبين نفسه بقراءة لا تشغل من حوله، ولا تؤذي من حوله، ولا تشوش على من حوله، كل يقرأ لنفسه ما تيسر، وكذلك من يصلي، لا يتشوش بقراءة من حوله، بل يخفضها، فإن بعض الناس قد يصلي إلى قرب دخول الإمام، فوجود من يقرأ برفع الصوت يشوش على القارئين وعلى المصلين، والله المستعان. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (128).

حكم القراءة في المكبر يوم الجمعة وتهليل الحاضرين عند كل آية

231 - حكم القراءة في المكبر يوم الجمعة وتهليل الحاضرين عند كل آية س: يوجد في أغلب المساجد يوم الجمعة قارئ يقرأ القرآن بصوت عال في مكبر الصوت الميكروفون، ويستمع إليه المصلون حوالي نصف ساعة، وعندما ينتهي من قراءة آية من القرآن يهللون، وترتفع أصواتهم، علما بأن أغلب المصلين يجهلون القراءة والكتابة، فما صحة قراءة القرآن يوم الجمعة بهذه الصورة؟ أم أن هذه دخلت علينا من باب البدع، وهل هي مكروهة؟ وهل للجمعة أذانان أم أذان واحد (¬1)؟ ج: إذا كان المأمومون محدودين ورضوا بذلك أن يقرأ قارئ حتى يستمعوا ويستفيدوا؛ لأنهم لا يقرؤون فلا حرج في ذلك، ولكن ليس لهم هذه الفوضى والكلام بعد ذلك، وإنما يستمعون وينصتون، وإذا مرت آية فيها تسبيح أو دعاء فلا بأس، أما هذا الضجيج ورفع الصوت فلا ينبغي لهم، أما إذا كان ليس عددهم مضبوطا، وليس كلهم موافقين فلا ينبغي لهم؛ لأن هذا يشغلهم ويمنع الآخرين من القراءة، فالأولى أن يكون كل واحد يقرأ بنفسه ليستفيد، يقرأ لنفسه ويستمع من حوله، ولا يزعجهم بالمكبر، أما إذا كانوا محدودين أميين، وأحبوا أن يسمعوا القارئ منهم حتى يحضر الخطيب فلا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (304).

وللجمعة أذانان: الأذان الأول هذا رآه عثمان رضي الله عنه وأرضاه في خلافته، عثمان بن عفان رأى إحداث أذان جديد حتى ينتبه الناس للجمعة، ويستعدوا لها، ويأتوا إليها، وكان هذا في عهد عثمان، وأما في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الصديق وعمر فلم يكن هناك إلا أذان واحد عند دخول الخطيب بعد الزوال، لكن رأى عثمان رضي الله عنه وأرضاه هذا الأذان الثاني وهو الأذان الأول، ورأيه للمصلحة، وهو أحد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم الذين قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي (¬1)» فلهذا عمل به المسلمون من ذلك الوقت إلى وقتنا هذا، وهو أفضل، أفضل أن يكون لها أذان أول، وهو يسمى الأذان الثاني وهو الأول لمصلحة المسلمين حتى ينتبهوا للجمعة، وحتى يحضروا، والأفضل ألا يكون بعيدا عن الثاني حتى ينتبه الناس ويتقدموا للصلاة قبل دخول الخطيب، ويكون ذلك قبل الثاني بنصف ساعة أو نحو ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث العرباض بن سارية، برقم (17144)، وأبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607)، والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676)، وابن ماجه في المقدمة باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، برقم (42)، والدارمي في المقدمة، باب اتباع السنة برقم (95).

حكم تشغيل إذاعة القرآن بمكبر الصوت في المسجد يوم الجمعة

232 - حكم تشغيل إذاعة القرآن بمكبر الصوت في المسجد يوم الجمعة س: في بلدي تعودنا في القرية في يوم الجمعة وقبل الصلاة أن نشغل الإذاعة - أي إذاعة القرآن الكريم - من مكبرات الصوت، ويبدأ

القارئ في قراءة القرآن حتى أذان الجمعة، فما حكم الإسلام في هذا العمل؟ (¬1) ج: أما إذاعة القرآن من الإذاعة العامة للناس فهذا فيه خير كثير، أما إذاعة القرآن بين المصلين في المسجد فهذا لا أصل له؛ لأنه يشوش على القراء ويشوش على المصلين، فالواجب ترك ذلك حتى يقرأ من شاء ويصلي من شاء ... لا يشوش على الناس، كونه يشغل إذاعة المسجد حتى يقرأ القارئ والناس الذين يصلون، والناس الذين يقرؤون، هذا لا أصل له، والواجب تركه حتى يقرأ من يقرأ لنفسه، وحتى يسبح من يسبح، وحتى يصلي من يصلي ولا يشوش عليه. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (373).

س: ما حكم إعادة صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة، هل هي واجبة أم مندوبة؟ لأنه عندنا الإمام يقوم بإعادة صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة، ويقول: خوفا من عدم قبول صلاة الجمعة، وذلك لعدم توفر جميع أركان الجمعة، أفيدونا أفادكم الله (¬1) ج: إعادة صلاة الظهر بعد صلاة الجمعة أمر محدث، لم يكن في عهد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد التابعين لهم بإحسان، والجمعة تكفي عن الظهر وهي فرض الوقت، فلا يجوز أن يجمع ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (62).

بينهما؛ الله فرض علينا خمس صلوات في يوم الجمعة، وفي غير يوم الجمعة، في يوم الجمعة خمس: الفجر والجمعة والعصر والمغرب والعشاء، هذه خمس فروض، فإذا صلى ظهرا بعد الجمعة زاد سادسة، فلا وجه لذلك، فهو بدعة، فنرجو ممن يتعاطى هذا من أهل العلم أن يعيد النظر، وأن يتبصر في الأدلة، ومتى أعاد النظر وفقه الله للبصيرة في هذا، أرجو من إخواني أهل العلم الذين يفعلونها أن يعيدوا النظر، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)» متفق على صحته من حديث عائشة رضي الله عنها. فالواجب على أهل العلم الذين يعيدونها أن يتقوا الله، وأن يتركوا هذه الإعادة فإنها بدعة لا وجه لها، ومتى صليت الجمعة أجزأت عن الظهر، وإذا كان عندهم شك في الجمعات، ولهم النظر في الموضوع ليس إلى غيرهم فلينظروا، فالجمعة التي لا حاجة إليها تلغى، والجمعة التي لها حاجة تبقى، أما مجرد الشكوك والظنون والأوهام فلا وجه لها، الأصل أن هذه الجمعة إنما أقيمت للحاجة إليها، إما للتباعد وإما لكون الجمعة الموجودة في المسجد يضيق بالناس، أو لأسباب أخرى قضاها الشرع، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

الأصل أن هذه الجمعات مجزئة، هذا هو الأصل فلا يجوز ظن السوء، حمل الناس على أنهم صلوا الجمعة غير صحيحة هذا سوء ظن لا وجه له، بل يجب حمل الناس على أحسن حمل، وإنما هذه الجمعة أقيمت للحاجة إليها، فلا حاجة إلى صلاة الظهر بعدها، والرسول صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح: «وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬1)» الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «أما بعد (¬2)» يقوله في خطبة الجمعة فيما روى مسلم في الصحيح: «أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬3)» فليس للعالم ولا لغير العالم أن يحدث في دين الله ما ليس منه، ولكن خطأ العالم أكثر؛ لأنه يقتدى به، فالواجب أن ينظر ويتأمل حتى يحكم بما فعل على بصيرة، ولا شك أن هذه بدعة لا وجه لها، فالواجب تركها على العالم وغير العالم، وهذا الشك الوارد في هذه المسألة أن هناك خلافا بين العلماء في إقامة الجمعة الثانية والثالثة والرابعة، بعض أهل العلم يقول: لا بد في المدينة من جمعة واحدة، ولا حاجة إلى جمعات، وهذا قول خاطئ؛ لأن المدن تختلف، ليس كل مدينة يكفيها جمعة واحدة، بعض المدن بين أطرافها ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607).

مسافات طويلة، والمسجد لا يسع من حوله من الناس، ولا يسع من بعد عنه، ولا يستطيعون المجيء إليه، فلهذا قرر العلماء رحمة الله عليهم إقامة جمعات في مدينة واحدة إذا اتسعت البلدة وتباعدت أطرافها وكثر سكانها، يكون في كل حي منها جمعة يكفي أهله، هذا هو الواجب، وهذا هو الذي تقرر عند أهل العلم، فإذا وجدت الأسباب بالتباعد أو ضيق المسجد، أو صارت البلدة فيها قبيلتان أو قبائل بينها تشاحن لا يستطيعون أن يجتمعوا في مكان واحد يخشى أن يقع بينهم فتنة، يجعل لكل قبيلة مسجد يخصهم دفعا للفتن، هذا كله من الأسباب.

س: هل تجب إعادة صلاة الظهر، بعد صلاة الجمعة في بلد تعددت فيه المساجد؟ (¬1) ج: لا يجوز ذلك، بل الواجب أن يتحرى ويصلي جمعة والحمد لله، وليس له أن يعيد ظهرا؛ لأن هذه بدعة ليس لها أصل، متى صلى جمعة فالحمد لله، والتعدد له مسوغات، فحسن الظن بالمسلمين، وأنها إنما تعددت لمسوغ شرعي أولى سوء الظن. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (142).

س: عندنا عادة وهي بعد صلاة كل جمعة نقوم بعد الصلاة بصلاة الظهر، وذلك بعد الانتهاء من صلاة الجمعة، فهل يجوز هذا أم أنه بدعة؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (223).

ج: صلاة الظهر بعد الجمعة بدعة لا أصل لها، لم يفعلها سلف الأمة من الصحابة ولا من بعدهم من سلف الأمة، بل هي بدعة، ونوع وسوسة، كأنهم يقولون: لا ندري هل صحت الجمعة أم لا؟ وهذا وسواس لا وجه له، وشك لا وجه له، فالواجب على المؤمن حسن الظن بالله، وحسن الظن بما درج عليه المسلمون قبله، وعدم الشك الذي لا وجه له ولا موجب له، فصلاة الجمعة كافية والحمد لله، والله ما فرض على العباد إلا خمس صلوات في اليوم والليلة، فإذا صليت الظهر بعد الجمعة جعلتها ستا فلا يجوز، فصلاة الظهر بعد الجمعة بدعة لا تجوز أبدا.

س: هل تصلى الظهر بعد صلاة الجمعة؟ فبعض الناس بعد أن يصلي الجمعة يصلي بعدها أربع ركعات، هل هذا صحيح؟ (¬1) ج: لا، هذا بدعة، لا يجوز، صلاة الجمعة كافية - والحمد لله - عن الظهر، كونه يصلي الظهر بعدها هذا بدعة، يقول بعض الناس: إن البلد إذا كان فيها جمعات كثيرة أخشى أن هذه الجمعة ما صحت، هذا من وساوس الشيطان، فلا يجوز أن تصلي الظهر بعد الجمعة، بل يجب أن يكتفى بالجمعة، لكن من فاتته الجمعة، جاء وقد صلوا، أو مريض ما حضر الجمعة، أو مسافر يصلي ظهرا، أما من صلى الجمعة فليس عليه صلاة ظهر؛ لأن صلاة الظهر مع الجمعة جميعا بدعة، لا في المسجد ولا ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (371).

في غير المسجد، نسأل الله العافية. س: لأخينا سؤال آخر يسأل فيه سماحتكم عن رأيكم فيمن يصلي الجمعة ثم يصلي الظهر أيضا في يوم الجمعة؟ (¬1) ج: هذا بدعة، ما يفعله بعض الناس من صلاة الظهر بعد الجمعة هذا بدعة لا أصل له. والمشروع للمؤمن إذا صلى الجمعة أن يصلي بعدها أربع ركعات نافلة كما قال عليه الصلاة والسلام: «إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا بعدها أربعا (¬2)» عليه الصلاة والسلام. وكان يصلي في بيته ركعتين عليه الصلاة والسلام، فالسنة أن يصلي بعد الجمعة أربعا، وإن صلى ركعتين فلا بأس، أما أنه يصلي الظهر فهذا بدعة لا أصل له، ولا ينبغي أن يغتر بما يفعله بعض الناس في بعض البلدان، هذا شيء لا أصل له، وهو ناشئ عن الشك، بعضهم يقول: أخشى أن الجمعة غير صحيحة، هذا شيء لا محل له، ولا ينبغي هذا التشكك وهذه الوسوسة، نسأل الله السلامة. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (144). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881).

س: السائل ع. من الرياض يقول: هل ورد أن صلاة الجمعة لا تجزئ عن صلاة الظهر، وأنه يجب أن يصلى صلاة الظهر بعدها؟ (¬1) ج: الجمعة كافية، ولا يجوز هذا الظن، ولا يجب أن يصلي بعدها ¬

_ (¬1) السؤال الرابع الأربعون من الشريط رقم (386).

ظهرا، الله جعلها كافية عن الظهر، والذين أحدثوا صلاة الظهر بعد الجمعة هذه بدعة، من صلى الجمعة كفته عن الظهر، والحمد لله.

س: هل بعد فرض صلاة الجمعة يعاد فرض صلاة الظهر؟ (¬1) ج: هذا بدعة ليس لها أصل، من صلى الجمعة فليس عليه صلاة ظهر، وليس له أن يعيد الظهر، بل هذا من التكلف والتنطع والوسوسة، لا يجوز. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (418).

س: سماحة الشيخ، كنت في الماضي لا أصلي الجمعة، بل أصلي في البيت، وقبل ذلك كنت أصلي الظهر والجمعة، وذلك لجهلي، فماذا علي الآن، هل أصلي ركعتين إلى ركعتي الجمعة السابقتين بنية الظهر؟ وكيف الحال للتشهد؟ بارك الله فيكم (¬1) ج: عليك التوبة إلى الله من المسألة، التوبة الصادقة والندم على الماضي، والعزم على ألا تعود، وعليك أن تحضر الجمعة وتصلي الجمعة مع المسلمين، والماضي عليك التوبة إلى الله منه، والحمد لله، التوبة تجب ما قبلها. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (298).

س: لدينا مدرس مصري الجنسية متعلم ومثقف - حسب ما نعرف - في الدين، ولا يفارق المسجد وقت الصلوات، ولكن إذا صلى صلاة الجمعة معنا قام وصلى أربع ركعات معا بدون تسليم بينها، وصلى

بعدها ركعتين، فهل هذه الصلاة صحيحة أم لا؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، إن كان قصده أن يصلي الظهر احتياطا، وأن الجمعة يرى أنها لا تكفيه كما يفعله كثير من الناس في بلدان كثيرة، ويقولون: إن البلد إذا كان فيه جمعات يخشى ألا يصح بعضها فلهذا يصلون الظهر احتياطا مع الجمعة، هذه بدعة ولا تجوز، وعليه التوبة من ذلك، وهكذا جميع من يتعاطى هذا الأمر، الذي يصلي الظهر بعد الجمعة هذا كله غلط وبدعة، فالواجب عليهم التوبة إلى الله من ذلك، ومتى وجدت أسباب إقامة جمعة ثانية وثالثة ورابعة في البلدة الواسعة المتباعدة فلا حرج في ذلك ولا بأس، فيجوز أن تقام جمعتان أو أكثر في البلدة الواحدة إذا كانت واسعة متباعدة، أو كان المسجد قد ضاق بأهله واحتاجوا إلى مسجد ثان، أو كان مسجدان فضاقا واحتاج المسلمون إلى ثالث في المدينة، كل هذا لا بأس به، ومتى وجد المسوغ فلا وجه لصلاة الظهر، بل هذا من البدع ومن التنطع والغلو في الدين الذي لا وجه له، أما إن كان قصده أن هذه راتبة كما جاء في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا (¬2)» فهذا لا بأس به، لكن الأفضل أن يصليها ثنتين ثنتين، هذا هو الأفضل، لا يسرد أربعا، لقول ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (61). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب الصلاة بعد الجمعة، برقم (881).

النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى (¬1)» وفي لفظ آخر: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (¬2)» فالأفضل أنه يصلي ثنتين ثنتين، أربعا بعد الجمعة، وإن صلى في بيته ثنتين بعد الجمعة كفى ذلك، وإن صلى أربعا فهو أفضل، أما الثنتان الأخريان فلا أعلم لهما وجها إلا أنه جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان في مكة يصلي بعد الجمعة أربعا ثم ثنتين، فلعل هذا سمع خبر ابن عمر فصلى ذلك؛ لأن ابن عمر ذكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلا نعلم أسباب ذلك، وإذا فعله من أجل حديث ابن عمر الذي سمعه فلا بأس بذلك، أما المحفوظ الذي نعرفه من السنة فهو أنه يصلي أربعا بعد الجمعة في المسجد أو في بيته، وإذا اكتفى بثنتين في بيته كما كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعل فلا بأس بذلك، وإن كان هذا الرجل صلاها من أجل أنه سمع حديث ابن عمر أن ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما برقم (4791) وأبو داود في كتاب الصلاة باب في صلاة النهار، برقم (1295) والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء أن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى برقم (597)، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار باب كيف صلاة الليل، برقم (1666) وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، برقم (4791)، أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في صلاة النهار، برقم (1295)، والترمذي في كتاب الجمعة، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (597)، والنسائي في المجتبى في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف صلاة الليل؟ برقم (1666)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى، برقم (1322).

فيه أربعا وثنتين فلا حرج في ذلك، لكن الأفضل أنه يصلي ثنتين ثنتين، كل ثنتين بسلام، لا يسرد الأربع.

حكم من لا يصلي سوى الجمعة

233 - حكم من لا يصلي سوى الجمعة س: يقول السائل: هناك رجل يصلي صلاة الجمعة فقط دون أن يصلي بقية الفروض، هل تقبل صلاته؟ (¬1) ج: لا تقبل صلاته؛ لأنه صار كافرا بذلك، فصلاته الجمعة وصومه وسائر أعماله كلها باطلة، قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬2) وقال سبحانه: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (¬3) فمن كفر كفرا أكبر أو أشرك شركا أكبر حبط عمله - نسأل الله العافية - وترك الصلاة كفر أكبر. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (339). (¬2) سورة الأنعام الآية 88 (¬3) سورة المائدة الآية 5

س: بعض الناس ألاحظ أنهم لا يصلون إلا يوم الجمعة. ما هو توجيهكم؟ (¬1) ج: الذي لا يصلي إلا الجمعة أو رمضان كافر؛ لأن الرسول عليه الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (178).

والسلام قال: «إن بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» وهذا يعم الصلوات التي بين الجمعة والجمعة، والصلوات التي بين رمضان ورمضان، فلا بد من الحفاظ عليها، ولا بد من أدائها في جميع السنة؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» أما إن جحد وجوبها، قال: لا تجب علي وهو مكلف عاقل ليس بمجنون، هذا كافر عند جميع العلماء، سواء كان رجلا أو امرأة، لكن من يعلم وجوبها ويؤمن بوجوبها ثم يدعها يكون كافرا في أصح قولي العلماء للحديث السابق، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» ولما ذكر لأصحابه عليه الصلاة والسلام بعض الأمراء الذين يأتون في آخر الزمان، فيعرف منهم وينكر، قالوا: يا رسول الله، أفلا نقاتلهم؟ قال: «لا، إلا أن تروا كفرا بواحا، عندكم من الله فيه برهان (¬4)» وفي اللفظ ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة برقم (2621). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة برقم (2621). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم سترون، برقم (7056)، ومسلم في كتاب، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709).

الآخر قال: «لا تقاتلوهم ما أقاموا فيكم الصلاة (¬1)» فدل على أن عدم إقامة الصلاة من الكفر البواح، فيجب على كل مؤمن ومؤمنة من المكلفين الحفاظ على الصلاة ولزومها في أوقاتها، والحذر من التخلف عنها وتركها، هذا هو الواجب على جميع المسلمين، قال الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (¬2) وقال سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} (¬3) وقال عليه الصلاة والسلام ذات يوم بين أصحابه في شأن الصلاة: «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة، ويحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف (¬4)» نسأل الله العافية. قال بعض أهل العلم: إنه يحشر من ضيع الصلاة مع هؤلاء الكفرة؛ لأنه إنما يضيعها شغلا بالرئاسة فشابه فرعون، فيحشر معه، يوم القيامة في النار، وإن ضيعها شغلا بالوزارة شابه هامان، ويحشر معه إلى النار يوم القيامة، وإن ضيعها بسبب الأموال والشهوات شابه قارون الذي خسف الله به وبداره الأرض، فيحشر معه يوم القيامة، وإن ضعيها ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855). (¬2) سورة البقرة الآية 238 (¬3) سورة البقرة الآية 43 (¬4) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما برقم (6576).

بسبب التجارة والبيع والشراء والمعاملات شابه أبي بن خلف تاجر أهل مكة، فيحشر معه إلى النار - نسأل الله العافية - فالواجب الحذر من الإضاعة لهذا العمود العظيم، والواجب التواصي بفعلها في أوقاتها، وأدائها في الجماعة في حق الرجل، وعلى النساء المكلفات أن يحرصن على أدائها في بيوتهن في أوقاتها، فهي عمود الإسلام، وهي الفارقة بين المرء والكفر والشرك، وقد قال الله عز وجل: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} (¬1) يعني خسارا ودمارا وعذابا، نسأل الله العافية، وقال بعض أهل العلم: إن غيا واد في جهنم خبيث طعمه، بعيد قعره، نسأل الله العافية، وقال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} (¬2) {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} (¬3) إذا كان الساهي ويل له، فكيف التارك؟ يكون أمره أشد وأعظم وأخطر، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) سورة مريم الآية 59 (¬2) سورة الماعون الآية 4 (¬3) سورة الماعون الآية 5

س: إذا كان الإنسان لا يصلي إلا يوم الجمعة فهل يعتبر كافرا؟ (¬1) ج: نعم، الذي لا يصلي إلا في يوم الجمعة يعتبر كافرا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة " (¬2) وهذا قد ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (326). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة برقم (82).

تركها، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من ترك صلاة العصر حبط عمله (¬2)» حبوط العمل يكون بالكفر بالله، هذا هو الأغلب، حبوط العمل يكون بالكفر، قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬3) وقال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (¬4) فالواجب عليه التوبة إلى الله، والندم على ما مضى منه، وإن يستقيم على الصلاة في جميع الأوقات حتى يموت، ومن تاب تاب الله عليه. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة برقم (2621). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب مواقيت الصلاة باب التبكير بالصلاة في يوم غيم، برقم (594). (¬3) سورة الأنعام الآية 88 (¬4) سورة المائدة الآية 5

س: ما حكم الذي لا يصلي إلا الجمعة فقط؟ (¬1) ج: الصواب أنه يكفر بذلك، ومن ترك الصلوات كفر وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء، أما إن جحد وجوبها كفر عند الجميع، إذا قال: الصلاة ما هي واجبة، كفر عند الجميع، أما إذا كان يتساهل كأن يصلي وقتا ويدع وقتا، أو يصلي الجمعة فقط، أو في رمضان فقط، هذا ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (297).

كافر في أصح قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» والكفر والشرك المعرف هو الشرك، والكفر الأكبر والشرك الأكبر، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» كل هذه أحاديث صحيحة؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم لما سأله المسلمون عن الأمراء الذين توجد لهم بعض المعاصي. هل يقاتلونهم؟ قال: «لا، ما أقاموا فيكم الصلاة (¬3)» وفي لفظ آخر قال: «إلا أن تروا كفرا بواحا، عندكم من الله فيه برهان (¬4)» فدل على أن ترك الصلاة يعتبر من الكفر البواح، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة برقم (2621). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم برقم (1855). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم سترون، برقم (7056)، ومسلم في كتاب، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709).

س: تقول هذه السائلة: هل تارك الصلاة هو الذي يصلي الجمعة فقط، أو يصلي بعض المرات، ولكن لا يجحد وجوب الصلاة، ولكنه تركها تكاسلا؟ (¬1) ج: الصواب أنه يكفر بذلك، أما إذا جحد وجوبها كفر عند جميع أهل العلم، أما إذا تركها تكاسلا الجمعة أو غير الجمعة من الفرائض - يكفر ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (406).

بذلك كفرا أكبر على الصحيح من قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬2)» ولأنها عمود الإسلام، فهي أعظم الفرائض بعد الشهادتين؛ ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة (¬3)» نسأل الله السلامة والعافية. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة برقم (2621). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616).

بيان الحكم عند موافقة العيد للجمعة

234 - بيان الحكم عند موافقة العيد للجمعة س: ما حكم صلاة الجمعة إذا صادفت يوم العيد، هل تجب إقامتها على جميع المسلمين أم على فئة معينة؟ ذلك أن بعض الناس يعتقد أنه إذا صادف العيد الجمعة فلا جمعة إذا (¬1) ج: الواجب على إمام الجمعة وخطيبها أن يقيم الجمعة، وأن يحضر في المسجد ويصلي بمن حضر، كان النبي يقيمها صلى الله عليه وسلم في يوم العيد، يصلي العيد ويصلي الجمعة عليه الصلاة والسلام، وربما قرأ ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (67).

في العيد والجمعة بسبح والغاشية، بهما جميعا، كما قاله النعمان بن بشير رضي الله عنه لما ثبت عنه في الصحيح، لكن من حضرها من الناس ساغ له أن يترك الجمعة وأن يصليها ظهرا في بيته أو مع بعض إخوانه إذا كان حضر العيد، وإن صلى الجمعة مع الناس كان أفضل وأكمل، وإن ترك صلاة الجمعة؛ لأنه حضر العيد فلا حرج عليه، ولكن عليه أن يصلي ظهرا فردا أو جماعة.

س: إذا وافق العيد الجمعة فهل تصلى صلاة الجمعة؟ (¬1) ج: نعم، يصلي الإمام بالناس الحاضرين صلاة الجمعة، ومن حضر العيد لا تلزمه الجمعة، لكن إذا صلاها تكون أفضل له، وخيرا له، ولكن لا تلزمه، يصلي ظهرا، من حضر العيد يصلي ظهرا إذا لم يحضر الجمعة، وإن حضر الجمعة كان أفضل، والإمام يقيم الجمعة ويصلي بمن حضر. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (248).

باب صلاة العيدين

باب صلاة العيدين 235 - حكم إقامة صلاة العيدين في المسجد بسبب المطر س: في صلاة العيدين نخرج للمصلى ذكورا وإناثا، ولكن في حالة المطر نصلي في المسجد؛ لأن مصلى العيد مكشوف، وهذا المسجد الذي نصلي فيه صغير الحجم حيث لا يتسع للمصلين، فنقوم بالصلاة عدة مرات جماعة بعد جماعة، وفي آخر الجماعة يقوم الإمام بإلقاء خطبة العيد، فهل هذه الصلاة صحيحة أم لا؟ (¬1) ج: لا حرج في الصلاة في المسجد، لكن إذا تيسر في الصحراء فهو الأفضل إذا لم يكن هناك مانع من مطر، فإن الصلاة في الصحراء هي السنة، صلاة العيد والاستسقاء وإذا منع مانع من جهة المطر صلوا في المساجد، ولا حرج في ذلك، وحتى ولو لم يكن مانع لا بأس من الصلاة في المسجد، لكن الأفضل أن تكون صلاة العيد وصلاة الاستسقاء في الصحراء، وإذا كان هناك مانع فلا حرج في صلاتها في المساجد، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (205).

والسنة أن تكون صلاة واحدة، يصلي بالناس صلاة واحدة، ويخطب بالناس، ومن فاتته الصلاة صلى في بيته، أو في المسجد بعد الناس ركعتين، والحمد لله، ويكفي ذلك، ولا حاجة إلى إعادة الصلاة للناس، بل يصلي بالناس المجتمعين ويخطب بهم، ثم بعد ذلك إذا خرجوا كل من جاء صلى لوحده، والحمد لله، أو صلى في بيته إذا ما أدرك الناس، وفي إمكانهم أن يلتمسوا مسجدا أوسع حتى يصلوا جميعا، ولو كان غير مجاور لهم، ولو كان بعيدا حتى يصلوا جميعا، أما أن يصلوا جماعة بعد جماعة فهذا لا نعلم له أصلا لا في الجمعة ولا في العيد، بل يصلي الإمام في الجمعة والأعياد، ومن فاتته صلى وحده، الجمعة تصلى ظهرا، وفي العيد يصلي ركعتين والحمد لله كما يصلي مع الإمام، ويكفي، والحمد لله.

حكم صلاة العيد في المسجد بسبب رفض الإمام الخروج إلى المصلى

236 - حكم صلاة العيد في المسجد بسبب رفض الإمام الخروج إلى المصلى س: في صلاة العيدين لا يخرج أهل القرية خارج المسجد، وأخبرناهم أنا والشباب بأن السنة في صلاة العيدين أن تكون في مصلى لكن الإمام رفض، هل نصلي نحن والشباب في المصلى ونترك هذا الإمام ومن معه أو نصلي معهم في المسجد صلاة العيدين، وهذا الإمام دائما معاند ونحن دائما معه في نقاش، هل نجالسه أو نترك مجالسته؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (371).

ج: صلوا معهم في المسجد، ولا ينبغي الشقاق والخلاف، صلوا معهم في المسجد والحمد لله، وارفعوا الأمر إلى المحكمة، والمحكمة فيها بركة، تنصحهم وتوجههم إلى الخير، أما أنتم فصلوا معهم ولا تنازعوا، عليكم بالاتفاق والتعاون على البر والتقوى، واتركوا الجدال، وارفعوا الأمر للمحكمة، والمحكمة فيها البركة.

حكم صلاة النساء لصلاة العيد في غير مصلى الرجال

237 - حكم صلاة النساء لصلاة العيد في غير مصلى الرجال س: في السنوات الماضية اجتمع أهل القرى عندنا من النساء وأقمن صلاة العيدين على أكمل وجه، وكانت تؤم المصلين امرأة متفقهة بحمد لله، وسبب تجمعهن أن مصلى العيد للرجال بعيد يقدر بساعتين سيرا على الأقدام، ولأن الرجال لا يسمحون لهم في ذلك ... أخونا يستمر في سرد هذا الموضوع ليسأل في النهاية عن حكم ما فعل أولئك النساء، وهل هو من البدعة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا أعلم في ذلك حرجا؛ لأن صلاة العيد مشروعة للرجال والنساء، والسنة والخروج لها في الصحراء، فإذا لم يتيسر للنساء الخروج حتى يصلين مع الرجال وصلين في بيوتهن فرادى أو جماعات فلا حرج في ذلك، ولهن أجر كبير في ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (156).

حكم صلاة العيد في مكان يقابل المقبرة

238 - حكم صلاة العيد في مكان يقابل المقبرة س: الأخ ع. هـ. من السودان يسأل ويقول: هل تجوز صلاة العيد إلى المقابر وتكون المقبرة أمامهم؟ وبماذا تنصحوننا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الصلاة إلى القبور لا تجوز؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها (¬2)» رواه مسلم في الصحيح، فالقبر لا يصلى إليه ولا يجلس عليه، يحرم الجلوس عليه أو التغوط عليه، أو وطؤه بالرجل، قبر المسلم لا يجوز ذلك، ولا يصلى إلى القبور اتجاه القبلة ولا بينها؛ لما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد؛ فإني أنهاكم عن ذلك (¬3)» فشدد في النهي عن اتخاذ القبور مساجد - يعني المصلى - فإني أنهاكم عن ذلك، فلا يصلى بينها ولا إليها، بل يجب أن يكون بين المسجد وبينها فاصل كالجدار أو مسافة بعيدة كواد بينهم وبين القبور، أو جبل أو أرض واسعة بعيدة حتى لا يظن أنه يصلى إليها، وأنها تقصد، وإذا كان بين ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (280). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه برقم (972). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، برقم (532).

المسجد وبينها جدار آخر غير جدار المسجد كان ذلك أبعد عن الفتنة، وإذا كانت المقبرة عن يمين أو شمال يكون أحسن وأبعد عن الفتنة أيضا، والمساجد يجب أن تكون بعيدة عن مظان الشرك، وأسباب الشرك، فإذا كانت بين القبور أو أمهامها القبور، أو كانت في وسطها شيء من القبور كان هذا من وسائل الشرك؛ ولهذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في المساجد التي في القبور، وقال عليه الصلاة والسلام في اليهود والنصارى: «لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)» وقال في الحديث الآخر في حديث عائشة رضي الله عنها عن أم سلمة وأم حبيبة، أنهما رأتا كنيسة في أرض الحبشة وما فيها من الصور فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أولئك إذا مات فيهم رجل صالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله (¬2)» فأخبر أنهم شرار الخلق بسبب عملهم الخبيث، وهو بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور عليها - يعني صور أهل القبور - كما فعل قوم نوح حين صوروا ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا، ونصبوها على مجالسهم حتى عبدت من دون الله، والخلاصة أن الواجب أن تكون المساجد بعيدة عن القبور، وألا يقبر فيها أحد، لا يجوز أن يقبر في المسجد أحد، لا في قبلته ولا في شماله ولا جنوبه ولا مؤخره، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، برقم (532). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، برقم (427)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، برقم (528).

يجب أن تكون المساجد بعيدة عن القبور، بينها وبين القبور فاصل حتى لا يظن أن المصلين يصلون إلى القبور، إما فاصل من الجدران أو البيوت أو طريق فاصل بينها وبين المساجد، أو واد، أو نحو ذلك مما يبعد الشبهة.

حكم من أدركته صلاة العيد بعيدا عن القرى

239 - حكم من أدركته صلاة العيد بعيدا عن القرى س: إذا كان الإنسان في صحراء وحان وقت صلاة العيد، هل يصليها أم بماذا تنصحونه؟ (¬1) ج: صلاة العيد لا تشرع للمسافرين، ولا للبادية، صلاة العيد للمقيمين بالقرى والأمصار كالجمعة، أما المسافرون والبادية فلا تشرع لهم صلاة العيد ولا صلاة الجمعة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (201).

حكم اشتراط العدد لصلاة العيدين

240 - حكم اشتراط العدد لصلاة العيدين س: هل يشترط لصلاة العيد عدد معين كصلاة الجمعة مثلا؟ وما الحكم لو صادف العيد يوم الجمعة بالنسبة لصلاة الجمعة؟ فقد سمعت أنه لا جمعة للمأمومين بعكس الإمام، فكيف تجب على الإمام لوحده وكيف يقيمها بمفرده؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (55).

ج: صلاة العيد وصلاة الجمعة من الشعائر العظيمة للمسلمين، فالجمعة عيد أسبوعي، وصلاة العيد عيد الأضحى والفطر عيد سنوي، وكلتاهما واجبة، الجمعة فرض عين، وصلاة العيد فرض كفاية عند الأكثر، وفرض عين عند بعض أهل العلم كالجمعة، واختلف العلماء في العدد هل يشترط لهما؟ وأصح ما قيل في ذلك أن أقل العدد ثلاثة فأكثر، وأما اشتراط الأربعين فليس له دليل واضح يعتمد عليه، ومن شرطها الاستيطان، تكون في البلد، أما أهل البر أهل البادية والمسافرون فليس عليهم جمعة ولا عيد؛ ولهذا لما حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع صادف يوم الجمعة ولم يصل جمعة، ولم يصل عيدا يوم النحر، فدل ذلك على أن المسافرين ليس عليهم عيد ولا جمعة، وهكذا سكان البادية لا عيد ولا جمعة، وإذا وافق العيد يوم الجمعة جاز لمن حضر العيد ألا يصلي الجمعة ويصليها ظهرا، لما ثبت عن النبي في هذا عليه الصلاة والسلام، فإنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رخص في الجمعة لمن حضر العيد، واجتمع في يومهم هذا عيدان، فمن شهد العيد فلا جمعة عليه، أو ما هذا معناه، المقصود أنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على الرخصة لمن شهد العيد ألا يصلي الجمعة، ولكن لا يدع الظهر بل عليه أن يصلي الظهر؛ لأن الله أوجب عليه خمس صلوات في اليوم والليلة، فإذا لم يصل جمعة صلى ظهرا، وليس لدينا يوم لا يجب فيه إلا أربع، بل علينا خمس صلوات سوى العيد، العيد صلاة سادسة، فإذا

صادف العيد يوم الجمعة فإن عليه أن يصلي الظهر إذا لم يصل الجمعة، أما الإمام فيصلي بالناس لمن حضر.

مسألة في حكم اجتماع العيد مع الجمعة

241 - مسألة في حكم اجتماع العيد مع الجمعة س: أفيدونا عن صلاة العيد إذا وافقت يوم الجمعة، هل تجزئ عن صلاة الجمعة؟ (¬1) ج: نعم، إذا وافقت صلاة العيد وصلى مع الناس صلاة العيد لا تلزمه الجمعة كما نص عليه النبي صلى الله عليه وسلم، لكن يصلي ظهرا، عليه أن يصلي ظهرا إن تيسر جماعة صلاها جماعة وإلا صلاها وحده، وإن صلى الجمعة مع الناس فهو أفضل، فإذا وافق يوم الجمعة يوم العيد وصار ممن حضر صلاة العيد مع الناس سقطت عنه الجمعة وصلاها ظهرا، وإن صلى مع الناس الجمعة فإن الأئمة عليهم أن يقيموا الجمعة، على أهل المساجد أن يقيموا الجمعة لمن حضر، ومن لم يصل معهم صلى ظهرا. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (235).

حكم التكبير الجماعي يوم العيد

242 - حكم التكبير الجماعي يوم العيد س: يقول السائل من اليمن: ما هي صيغة التكبير في العيدين، وهل يجوز التكبير الجماعي بصوت واحد؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (424).

ج: التكبير: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد. أو يثلث: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، مثله: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا. كل هذا مشروع في عيد الفطر بعد غروب الشمس إلى الفراغ من الخطبة، وفي الأضحى من دخول شهر ذي الحجة إلى نهاية أيام التشريق، ثلاثة عشر يوما من أول ذي الحجة إلى غروب الشمس، من اليوم الثالث عشر كله محل تكبير، ولكن في أيام التشريق، وفي يوم عرفة والعيدين يكون فيه التكبير المطلق والمقيد أدبار الصلوات، والمطلق في جميع الأوقات في يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة، يجتمع فيها المطلق والمقيد، أما ما قبل عرفة فهو مطلق في الليل والنهار، هذا هو السنة، أما التكبير الجماعي فهو غير مشروع، بدعة، كونهم يتكلمون بصوت واحد هذا بدعة وغير مشروع.

كيفية التكبيرات في صلاة العيد

243 - كيفية التكبيرات في صلاة العيد س: يسأل الأخ: ل. ص. من اليمن ويقول: متى يستمر التكبير في العيدين، وكم عدد التكبيرات في كل ركعة عدا تكبيرة الإحرام في الركعة الأولى، وتكبيرة الانتقال من السجود إلى القيام في الركعة الثانية؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (385).

ج: يستحب التكبير في العيدين للمسلمين رجالا ونساء من غروب الشمس ليلة عيد الفطر إلى أن تقضى الخطبة من صلاة العيد، يستحب التكبير في البيوت وفي الأسواق وفي أثناء الخطبة، لقوله جل وعلا: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} (¬1) وفي عيد النحر يكبر من دخول الشهر، من أول شهر ذي الحجة يكبر في الليل والنهار، وفي يوم عرفة وأيام العيد يكبر أدبار الصلوات، وفي بقية الأوقات، تكبير مطلق ومقيد جميعا، إذا صلى صلاة الفجر يوم عرفة كبر بعده، وهكذا بقية الأوقات مع التكبير في بقية الأوقات إلى أن تغيب الشمس يوم الثالث عشر من أيام التشريق، تغيب الشمس يوم الثالث عشر ينقطع التكبير، يعني في شهر ذي الحجة ثلاثة عشر يوما من أول الشهر إلى غروب الشمس من اليوم الثالث عشر كله محل تكبير، لكن في يوم عرفة وما بعده يكون التكبير مطلقا ومقيدا، مطلق في جميع الأوقات، ومقيد أدبار الصلوات، هذا هو الراجح والمستحب في هذه الحال جمعا بين الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما في الصلاة فكبر في الأولى ستا بعد تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمسا بعد تكبيرة النقل، يكبر في الأولى تكبيرة الإحرام، ثم يتبعها بست تكبيرات متوالية، وإن قال بينها: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا. هذا حسن أيضا، ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 185

كما جاء في حديث ابن مسعود. وفي الثانية خمسا بعد تكبيرة النقل، إذا رفع من السجود وانتصب يكبر خمسا واحدة بعد واحدة، ويقول بينها: الله أكبر كبيرا. إلى آخره.

حكم رفع اليدين في جميع تكبيرات صلاة العيد

244 - حكم رفع اليدين في جميع تكبيرات صلاة العيد س: السائل من اليمن يقول: إمام مسجدنا لا يأخذ بالقياس - أي بقول العلماء - وإنما يأخذ بظاهر الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم مثل رفع اليدين عند التكبيرات في صلاة العيد، وقال: لم يرد حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم برفع يديه بالتكبيرات، إنما العلماء استنبطوا ذلك وأخذوه بالقياس مثل الرفع عند تكبيرة الإحرام في الصلوات الأخرى، ما رأيكم في صحة هذا القول؟ وهل يجوز أن نأخذ بقول العلماء أم بظاهر الحديث؟ مأجورين (¬1) ج: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبر أربع تكبيرات على الجنازة: السنة أن يكبر أربع تكبيرات، في الأولى يقرأ الفاتحة، وفي الثانية يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كما يصلي في الصلاة، وفي الثالثة يدعو للميت: «اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (389).

الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان (¬1)» «اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، اللهم أدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النار (¬2)» كل هذا كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم للموتى، ثم يكبر الرابعة ويسلم تسليمة واحدة، وكان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام - التكبيرة الأولى في الصلوات كلها - أما في الجنازة فقد ثبت عن ابن عمر أنه كان يرفع في التكبيرات كلها، قال بعض أهل العلم: وهذا يدل على أنه تلقاه عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا لا يقال من جهة الرأي، ففعل ابن عمر رضي الله عنه معتبر فعله من السلف، يدل على أن هذا كان متوارثا عندهم عن النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن هذه المسائل لا تقال من جهة الرأي، فالأفضل في هذا هو الرفع في جميع التكبيرات، تكبيرات الجنازة، ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (22619) وأبو داود في كتاب الجنائز، باب الدعاء للميت، برقم (3201) والترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يقول في الصلاة على الميت، برقم (1024) والنسائي في كتاب الجنائز، باب الدعاء، برقم (1986)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الدعاء في الصلاة على الجنازة، برقم (1498). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب الدعاء للميت في الصلاة برقم (963).

وهكذا تكبيرات العيد السبع الأولى، والخمس الأخيرة في صلاة العيد، وكلما فعل ذلك بعض الصحابة دل على أنه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ليس من محلات الاجتهاد بل هذا مما يتعلق بالرفع، يعني لا يتوهم فيه أنه من الرأي؛ لأنه لا مجال للرأي فيه، بل الظاهر حمله على أنه تلقاه عن النبي عليه الصلاة والسلام، فالأفضل في هذا هو أنه يرفع يديه في جميع تكبيرات الجنازة، وفي جميع تكبيرات صلاة العيد، هذا هو الأفضل كما فعل ذلك بعض السلف من الصحابة كابن عمر وغيره، والخلاف في هذا بحمد الله يسير، لكن هذا الأفضل، والعالم عليه أن يتحرى الحق من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، هذا هو الواجب على أهل العلم أن يتحروا الحق من القرآن والسنة الصحيحة، ومما فعله أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح بعدهم، فإن الأدلة الشرعية في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ثم إجماع سلف الأمة، ثم القياس الصحيح الذي تتوافر فيه الشروط، فالجمهور على أن القياس الصحيح الذي تتوافر فيه الشروط يعتمد إذا لم يوجد دليل من الكتاب والسنة والإجماع، وهذه المسائل مسائل عبادة تتلقى عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه، ليست محل القياس، القياس في مسائل الأحكام في الفروع، أما العبادات فهي محل توقيف ليست محل قياس، إنما هي توقيفية عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم والصحابة إذا فعل الواحد منهم ما

لا مجال للرأي فيه، ليس مما يتلقى عن الماضين، فإن هذا يكون له حكم الرفع؛ لأن الصحابة تلقوا دينهم وتلقوا عباداتهم عن نبيهم عليه الصلاة والسلام، فإذا لم يوجد نص من الكتاب أو السنة، ولكن وجد من فعل الصحابة في المسائل التي لا مجال للرأي فيها، وليس الراوي لها ممن يتلقى عن الماضين، فإن هذا العمل يعطى حكم الرفع.

س: هل من السنة الصحيحة أن يرفع المصلي يديه في التكبيرات الزوائد في العيدين؟ (¬1) ج: هذا هو الأفضل، الأفضل أن يرفع يديه في صلاة العيدين وفي الجنازة أيضا في التكبيرات الأربع، وكذلك في صلاة العيدين في الأولى والثانية. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (409).

حكم نسيان الإمام للتكبيرات في الركعة الثانية من صلاة العيد

245 - حكم نسيان الإمام للتكبيرات في الركعة الثانية من صلاة العيد س: في صلاة عيد الأضحى المبارك في عام مضى نسي الإمام أن يكبر للركعة الثانية؛ حيث إنه لم يكبر وشرع في القراءة بعد قيامه من السجود، ولم يرد عليه أحد من المصلين، ما حكم ذلك وهل الصلاة ناقصة؟ (¬1) ج: الصلاة صحيحة ولا حرج في ذلك، والتكبير سنة ما هي بواجبة، فإذا ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (414).

نسيها فلا حرج والحمد لله، وتكبيرات يوم العيد ست في الأولى بعد الإحرام، وخمس في الأخرى، كلها مستحبة لو تركها لا بأس، وهكذا في الاستسقاء.

حكم تقديم الفاتحة على التكبيرات في صلاة العيد

246 - حكم تقديم الفاتحة على التكبيرات في صلاة العيد س: صلى بنا رجل صلاة عيد الأضحى، فلم يبدأ بالتكبيرات بل شرع في قراءة الفاتحة وسورة بعدها، وقبل الركوع أتى بالتكبيرات، ثم ركع، وفعل ذلك كذلك في الركعة الثانية، ما صحة هذه الصلاة؟ وما هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة العيدين؟ (¬1) ج: لا بأس بهذا، صلاته صحيحة، هذا قول بعض أهل العلم، ولكن الصواب والأفضل أنه يبدأ بالتكبير قبل القراءة، هذا هو المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كبر قبل أن يقرأ، كبر للإحرام ثم كبر ست تكبيرات في الأولى، وخمسا في الأخرى قبل القراءة، هذا هو الأفضل والسنة. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (182).

بيان ما يشرع البدء به في خطبة العيد

247 - بيان ما يشرع البدء به في خطبة العيد س: ما هو السنة في خطبة العيد، هل تبدأ بالتكبير أم تبدأ بخطبة الحاجة، وهل هي خطبة واحدة بدون جلسة خفيفة كخطبة الجمعة

يسن الجلوس بين الخطبتين؟ (¬1) ج: المشروع في العيد خطبتان كالجمعة، والمشروع أن تبدأ كل خطبة بالحمد، بالحمد لله والثناء عليه، والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم، والشهادتين شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله في الجمعة وفي العيدين، كلها تبدأ بحمد الله والثناء عليه، والشهادة لله بالوحدانية، وللنبي بالرسالة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم وعظ الناس وتذكيرهم في الجمعة وفي العيد. ¬

_ (¬1) السؤال الخمسون من الشريط رقم (424).

بيان كيفية الخطبة يوم العيد

248 - بيان كيفية الخطبة يوم العيد س: هل يخطب الإمام خطبة أم خطبتين يوم العيد؟ وماذا يجب أن تشتمل عليه هذه الخطبة خطبة العيد؟ (¬1) ج: العيد كالجمعة يخطب خطبتين، يفصل بينهما بالجلوس، يعظ الناس فيها ويذكرهم، ويذكر ما يتعلق بالعيد عيد النحر وعيد الفطر، يذكرهم، ويذكر ما في عيد الفطر من شكر الله على نعمه، نعمة صيام رمضان ويحثهم على الاستقامة على طاعة الله، وأن يستمروا على الخير، وألا يرجعوا إلى معاصيهم بعد رمضان، وأن يستقيموا على التوبة، ويحثهم ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (412).

على أنواع الذكر والخير والعبادة الطاعة، وأنواع العبادات والصدقات، والمسارعة إلى الخيرات، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يحثهم على كل خير في صلاة عيد الفطر، ويبين لهم حكم زكاة الفطر. أما في صلاة عيد النحر، فيحثهم على ما شرع الله من الضحايا، والتكبير، والذكر أيام التشريق، ويحذرهم من الصيام؛ لأنها أيام أكل وشرب، ليست أيام صيام، إلا من لم يجد الهدي من الحجاج من المتمتعين فله أن يصومها بدلا من الهدي إذا عجز، أيام التشريق خاصة، ويبين لهم ما شرع الله من التكبير فيها والذكر ونحر الهدايا والضحايا، ويوصيهم بتقوى الله وطاعة الله، والأعمال الصالحة، ويحذرهم من المعاصي مثل ما فعل في خطبة عيد الفطر.

س: صلاة العيد هل لها خطبة واحدة أم خطبتان؟ (¬1) ج: خطبتان عند أهل العلم كالجمعة. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (167).

مسألة في خطبتي العيدين

249 - مسألة في خطبتي العيدين س: يسأل سماحتكم عن خطبة العيدين، هل هي خطبة واحدة أم خطبتان؟ وما الدليل على ذلك؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (443).

ج: خطبة العيد خطبتان، يخطب خطبتين كالجمعة، هكذا قال أهل العلم، فقاسوا العيد على الجمعة، ووردت بعض الأحاديث التي تدل على أنه خطب في العيد خطبتين، لكن في أسانيدها ضعف، والعمدة في ذلك أن العيد كالجمعة، فالعيد عيد العام، والجمعة عيد الأسبوع، فالعلماء قاسوا صلاة العيد على صلاة الجمعة، فخطبوا خطبتين، هذا هو المشروع خطبتان كالجمعة؛ لأنها عيد السنة، فالعيدان هما عيد السنة، والجمعة عيد الأسبوع، وكذلك فيه العمل بالخبر الضعيف الذي يعضده قياس العيد على الجمعة.

حكم تقديم الخطبة على صلاة العيد

250 - حكم تقديم الخطبة على صلاة العيد س: من المعلوم أن خطبتي صلاة الجمعة تكون قبل الصلاة، أما الخطب في صلاة العيدين والاستسقاء فإنها تكون بعد الصلاة، ومن المعلوم أن معظم الناس هداهم الله يبادرون بالخروج من صلاة العيدين وصلاة الاستسقاء قبل شروع الخطيب بإلقاء الخطبة، فما حكم الإسلام في تقديم الخطب قبل صلاة العيدين، وصلاة الاستسقاء حتى يتمكن المسلمون من الاستفادة من الخطب لا سيما وأن صلاة العيدين وصلاة الاستسقاء سنة مؤكدة؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (264).

ج: الواجب على أهل الإسلام أن يتبعوا الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به، وأن يعملوا كعمله، ولا يزيدوا بآرائهم ولا يغيروا، يقول صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي (¬1)» فالله أمر بالصلاة مجملة قال: {وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (¬2) يعني حافظوا على الصلوات، والرسول بينها وفصلها عليه الصلاة والسلام بقوله وفعله، فعلى المسلمين أن يتبعوا ولا يبتدعوا، ولا يجوز للمسلمين أن يقدموا خطبة العيد أو خطبة الاستسقاء، خطبة العيد خاصة، أما الاستسقاء فقد جاء تقديمها وتأخيرها، لكن خطبة العيد لا تقدم بل يصلي ثم يخطب، هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم وفعله خلفاؤه الراشدون والمسلمون، ولما فعل مروان ما يخالف السنة من تقديم الخطبة في العيد أنكر عليه أبو سعيد الخدري، فالحاصل أن الواجب على المسلمين أن يصلوا كما صلى عليه الصلاة والسلام، والسنة للمسلمين أن يحضروا خطبة العيد، وخطبة الاستسقاء ولا يعجلوا، هذه سنة لهم أن يحضروها ويستفيدوا، ولكن من خرج منهم فلا حرج، ولا يجوز تقديم الخطبة على الصلاة بل تبقى على حالها كما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم يصلي العيد ثم يخطب، أما الجمعة فخطبتها قبلها، وأما الاستسقاء فقد جاء هذا وهذا، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامة، برقم (631). (¬2) سورة الأنعام الآية 72

جاء خطبة قبلها، وبعدها جاء فيه خطبة كصلاة العيد، وجاء خطبة قبلها كصلاة الجمعة، والأمر فيها واسع، والحمد لله.

حكم من نسي الفاتحة في الركعة الأولى من صلاة العيد

251 - حكم من نسي الفاتحة في الركعة الأولى من صلاة العيد س: السائل من الكويت يقول: في صلاة العيد نسيت في الركعة الأولى أن أقرأ الفاتحة عندما سكت الإمام، هل علي إعادة هذه الصلاة أم تجزئ قراءة الإمام عني؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ما دمت ناسيا فقراءة الإمام تكفي، فليس على المأموم أن يدع الفاتحة لا لصلاة العيد ولا للفرائض، بل يقرأ الفاتحة، لكن إذا نسيها أو كان جاهلا تحملها الإمام، أو لم يأت إلا في الركوع تحملها عنه الإمام، والحمد لله، ولا إعادة عليه. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (306).

بيان كيفية إتيان المسبوق بما فاته من صلاة العيد

252 - بيان كيفية إتيان المسبوق بما فاته من صلاة العيد س: إذا أراد شخص أن يكمل ما فاته مثلا من صلاة العيدين أو الكسوف أو الخسوف، فهل يكملها كما في حكم الصلوات المفروضة أو يختلف الأمر هنا؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (83).

ج: في صلاة العيد وصلاة الجمعة يكملها على هيئتها، فصلاة الجمعة كصلاة الجمعة، وصلاة العيد كصلاة العيد، يكبر فيها التكبيرات المشروعة أفضل، وهي خمس في الأخيرة، إذا فاتت الأولى من العيد صارت الثانية هي أول صلاته، فإذا قضى فيكبر خمسا أفضل في قضائه، وإن لم يكبر خمسا اكتفى بالواحدة التي قام بها من السجود، فلا بأس ولا حرج عليه، ولكن كونه يقضيها على حالها يكون هذا أفضل، يقضيها على أنها صلاة عيد، هذا هو الأفضل، وإن قضاها كسائر الصلوات ولم يأت بالتكبيرات التي في أولها، واكتفى بالتكبيرات التي في أولها واكتفى بالتكبيرة التي يقوم بها من جلوسه بعد سلام إمامه هذا لا بأس به، ولا حرج عليه، أما الكسوف فهو يصليها كما شرع الله بقراءتين وركوعين وسجودين، فإذا فاتته الركعة الأولى صلاها كما صلاها الإمام بقراءتين وركوعين وسجدتين؛ لأنه مشروع له أن يصليها كما أمره الله، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، أمر المسلمين أن يصلوا صلاة الكسوف بقراءتين وركوعين وسجودين، كما فعل عليه الصلاة والسلام فإنه قال: «فإذا رأيتم ذلك فصلوا (¬1)» وقد فسر ذلك بفعله عليه الصلاة والسلام فصلاها ركعتين بقراءتين وركوعين وسجدتين في كل ركعة، فالسنة لنا أن نصليها كما صلاها عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا انفلتت الدابة في الصلاة، برقم (1212).

بيان ما تدرك به صلاة العيد

253 - بيان ما تدرك به صلاة العيد س: إذا فاتتني من صلاة العيد ركعة، فهل أقضي الركعة؟ وهل أكون قد أدركت صلاة العيد أم لا؟ (¬1) ج: نعم، كالجمعة، إذا أدركت ركعة من صلاة العيد تقضي الركعة الثانية، وهكذا الجمعة تقضي الركعة الثانية وتدرك الجمعة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (177).

حكم التكبير بصوت مرتفع قبل عيد الأضحى

254 - حكم التكبير بصوت مرتفع قبل عيد الأضحى س: يقول السائل: قبل عيد الأضحى يكبر الناس ويهللون بصوت مرتفع في المساجد، فهل هذا جائز؟ (¬1) ج: السنة في ليلة العيد التكبير مع الصباح إلى انتهاء صلاة عيد الفطر؛ لقوله جل وعلا: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (¬2) فالسنة التكبير في ليلة عيد الفطر في الليل وفي الصباح، وعند اجتماعهم في المسجد حتى ينتهي الإمام من الخطبة، كله تكبير، وهكذا في عيد الأضحى، سن التكبير في أيام العشر من أول ليلة من شهر ذي الحجة إلى ليلة العيد، ويوم العيد، وأيام التشريق، ثلاثة عشر يوما، كلها تكبير من شهر ذي الحجة من أول الشهر إلى غروب الشمس من ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (443). (¬2) سورة البقرة الآية 185

اليوم الثالث عشر، كله تكبير، لكن في يوم عرفة وما بعده يكون التكبير مقيدا ومطلقا، يكبر تكبيرا مقيدا بعد الصلوات الخمس، ويكبر في بقية الأوقات الرجل والمرأة بعد صلاة الفجر يوم عرفة، ويوم العيد وأيام التشريق أدبار الصلوات، وفي بقية الزمان، وفي بقية النهار والليل، في منى وفي غير منى، في المدن والقرى والصحارى والسفر، السنة التكبير رجالا ونساء، وكان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان في أيام العشر إلى الأسواق يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام أعظم عند الله العمل فيهن من أيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتحميد والتكبير (¬1)» وبهذا يعلم أن التكبير في عيد الفطر حتى يفرغ الإمام من الخطبة، وفي شهر ذي الحجة حتى تغرب الشمس من اليوم الثالث عشر، كلها تكبير، لكن في الخمسة الأيام: التاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة يكون فيها تكبيران المطلق والمقيد، وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه، برقم (5422).

س: من المستمع ف. ق. يسأل عن التكبير في يوم العيد هل هو سنة أم بدعة؟ لأني ألاحظ أنه اختفى في كثير من المناسبات (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (331).

ج: التكبير في أيام العيد سنة يوم عيد الفطر، وليلة العيد من صباح العيد حتى تنتهي الخطبة، هذا في عيد الفطر، يستحب التكبير ليلة العيد وصباح العيد إلى انتهاء الخطبة من الإمام والمأموم وغيرهم، أما في عيد النحر فيستحب التكبير في أول الأيام العشر كلها من أول شهر ذي الحجة إلى نهاية اليوم الثالث عشر، ثلاثة عشر يوما كلها محل تكبير من أول يوم إلى نهاية الثالث عشر إلى غروب الشمس، وفي يوم عرفة وما بعده يجتمع فيه التكبير المطلق والتكبير المقيد، التكبير المطلق في جميع الأوقات في يوم عرفة وما بعده، والمقيد عقب الصلوات الخمس يكبر بعدها.

حكم التكبير الجماعي بعد الصلوات أيام العيد

255 - حكم التكبير الجماعي بعد الصلوات أيام العيد س: ما حكم التكبير الجماعي في العيدين بعد الصلوات علما بأنه يذكر الناس بهذه الشعيرة المباركة؟ (¬1) ج: يكبرون، كل يكبر في صفه، وفي الطريق، لكن ليس على صفة جماعية؛ لأن هذا بدعة لا أصل له، وإلا الكل يكبر، هذا يكبر وهذا يكبر، وبهذا يتذكر الناس، ويستجيب الناس، أما كونه بلسان واحد من جماعة هذا لا أصل له، وهو التكبير الجماعي أو التلبية الجماعية، لا يشرع هذا، لكن الكل يلبي، أما أن يكبر من تحرى أن يبدأ الصوت مع ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (267).

صوت أخيه وينتهي مع صوت أخيه هذا لا أصل له، ولا نعلمه عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، ومن فعل هذا يخشى عليه من الإثم؛ لأنه بدعة.

بيان كيفية التكبير في المساجد

256 - بيان كيفية التكبير في المساجد س: بالنسبة للتكبير في المساجد هل يكبر أحد الناس ويكبر الناس بعده (¬1)؟ ج: كل يكبر على حسب حاله، ليس هناك تكبير جماعي، هذا يكبر وهذا يكبر، ولا يشرع التكبير الجماعي، كل يكبر على حسب حاله، وإذا صادف صوته صوت أخيه ما يضر ذلك، أما تنظيم التكبير من أوله إلى آخره، يشرعون جميعا وينتهون جميعا هذا لا أصل له. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (252).

س: الأخ ص. من السودان يقول: نحن نصلي صلاة العيد خارج القرية، ومعنا مجموعة من القرى المجاورة، ولكن نصلي خلف المقابر التي تبعد بمسافة عشرة إلى خمسة عشر مترا، وسمعنا من عبر برنامجكم أن الصلاة على المقابر لا تجوز، وفي الحين انقسمنا إلى مجموعتين: مجموعة خلف المقابر، ومجموعة تركت المقابر على اليمين، ونطلب من سماحتكم الإجابة والتفصيل في

هذا الموضوع الذي قسم شملنا بعد مجموعة طيبة وكبيرة. (¬1) ج: الواجب عليكم وعلى غيركم من المسلمين عدم الصلاة إلى القبور، وأن تكون الصلاة بعيدة عن القبور، في محل بعيد عن القبور، ليس في قبلتكم القبور؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (¬2)» رواه مسلم في الصحيح. وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (¬3)» رواه مسلم، فلا يجوز أن يصلى إلى القبور، ولا أن تتخذ مساجد يصلى بينها، لكن لو كان بينكم وبين القبور حاجز جدار يمنعكم منها فالصلاة صحيحة، أو بينكم وبينها بيت، مسكن، أو شيء يمنع منها، مثل الوادي، بينكم وبينها وادي السيل، أو ما أشبه ذلك، لكن بعدكم عنها أسلم، تكون عن يمينكم أو شمالكم هذا هو الطريق السليم، لا تجعلوها أمامكم إلا إذا كان بينكم وبينها حاجز يبعدكم عنها، ولا يوهم أنكم تصلون إليها تعظيما لها، تكونون بعيدين عنها، بينكم وبينها الجدار، وإذا كان جدار آخر غير جدار المقبرة يكون أسلم وأحسن، أو ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (279). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه برقم (972). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، برقم (532).

واد بينكم، هذا يبعدكم عن شبهة استقبالها، لكن بكل حال إذا كنتم بعيدين عنها أو عن يمينها أو شمالها أو أمامها هي خلفكم ما يضر إذا كانت الأرض ليست من المقبرة ولا داخلة في المقبرة.

حكم استقبال مقبرة غير مستورة في صلاة العيد

257 - حكم استقبال مقبرة غير مستورة في صلاة العيد س: سائل يقول: إذا كانت المقابر تبعد عنا خمسة عشر مترا في مصلى العيد، فهل يجوز ذلك؟ (¬1) ج: قد لا يكفي هذا؛ لأن الاستقبال إذا كانت غير مستورة أمامهم قد يحصل بذلك الاستقبال، ويظن أنهم قصدوا الاستقبال، فالبعد عنها أسلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بترك المشتبهات، قال: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (¬2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه (¬3)» صلى الله عليه وسلم فالبعد عنها أسلم، تكون عن يمين أو شمال أو خلفهم، أو بينهم وبينها ستر جدار، فإذا كان جدارا آخر غير جدارها مثل جدار حوش، أو جدار منزل، أو بيت قائم يكون هذا أبعد عن الشبهة. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (279). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم (27819). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، برقم (52)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، برقم (1599).

حكم الخروج لزيارة القبور بعد صلاة العيد

258 - حكم الخروج لزيارة القبور بعد صلاة العيد س: السائل من اليمن يقول: أهل مسجدنا يخرجون جميعا بعد كل صلاة عيد إلى زيارة القبور جماعة، ما الحكم في هذا (¬1)؟ ج: ليس لهذا أصل، الخروج إلى القبور بعد صلاة العيد عادة لبعض الناس، فإذا زاروا القبور يوم العيد أو يوم الجمعة أو في أي يوم، ما فيه يوم مخصوص لا بأس، أما تخصيص يوم العيد، أو تخصيص يوم الجمعة، أو تخصيص يوم آخر فلا، ليس له أصل، ولكن السنة أن يزوروا القبور بين وقت وآخر على حسب التيسير إذا كان وقتهم يسمح، في يوم الجمعة، في يوم العيد، في أوقات أخرى يفعلون، أما أن يظنوا أن لهذا اليوم خصوصية فلا، لكن السنة أن يزوروا القبور عندما يتيسر ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬2)» وكان يزورها عليه الصلاة والسلام، ويدعو لأهلها. فلا فرق بين يوم العيد، أو يوم الجمعة أو الخميس أو غير ذلك، ليس لهذا وقت معروف فيما نعلم، ولكن المؤمن يتحرى الأوقات التي يحصل له فيها فرصة؛ لأن الإنسان قد تشغله المشاغل، فإذا تيسر له فرصة في الجمعة أو في يوم العيد، أو ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (389). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569).

في غير ذلك فعل ذلك، زار القبور وسلم عليهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية (¬1)» «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬2)» هذا تعليمه لأصحابه عليه الصلاة والسلام، سواء زرتهم في الليل أو في وسط النهار حسب التيسير، أما النساء فلا، ليس لهن زيارة القبور، الرسول لعن زائرات القبور، لكن يصلين على الميت في المساجد، يصلين مع الرجال على الموتى لا بأس، أما زيارتهن للقبور فقد زجرهن عن ذلك عليه الصلاة والسلام، ولعن زائرات القبور، والحكمة في ذلك - والله أعلم - لأنهن قليلات الصبر، ولأنهن فتنة كما قال عليه الصلاة والسلام: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء (¬3)» فالواجب عليهن طاعة الله ورسوله، وعدم الزيارة للقبور، لكن الدعاء مطلوب من الجميع ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب: ما جاء فيما يقال إذا دخل المقابر، برقم (1547). (¬2) أخرجه النسائي في كتاب الجنائز، باب الأمر بالاستغفار للمؤمنين برقم (2037). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب ما يتقى من شؤم المرأة، برقم (5096)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء، برقم (2740).

من الرجال والنساء، الدعاء لأموات المسلمين، الدعاء لأقاربهم وأمواتهم: اللهم اغفر لهم، اللهم ارحمهم، اللهم أنجهم من النار، اللهم ارفع درجاتهم في الجنة، إلى غير هذا من الدعوات الطيبة، اللهم كفر سيئاتهم، اللهم تقبل حسناتهم، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم، الدعاء مطلوب في البيت، في الطريق، عند القبر، كله طيب عند الزيارة.

حكم النداء بـ الصلاة جامعة يوم العيد

259 - حكم النداء بـ " الصلاة جامعة " يوم العيد س: سماحة الشيخ، الذين ينادون في صلاة العيد، وفي صلاة الاستسقاء بقولهم: الصلاة جامعة، هل عليهم في ذلك من شيء (¬1)؟ ج: لا نعلم لهذا أصلا، بل الذي ينبغي تركه؛ لأنه في الحكم الشرعي من البدع، فلا ينبغي أن يقال: الصلاة جامعة، ولا: صلاة العيد، ولا: صلاة التراويح. كل هذا لا ينبغي، إنما يقال هذا في صلاة الكسوف: الصلاة جامعة. جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر أن ينادى: «الصلاة جامعة (¬2)» هذا خاص بالكسوف، وكان إذا أراد اجتماع الناس لأمر مهم قال: الصلاة جامعة. عليه الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (187). (¬2) أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه، منها في كتاب الصلاة، باب النداء بالصلاة جامعة في الكسوف، برقم (1045)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب ذكر النداء بصلاة الكسوف الصلاة جامعة برقم (910).

والسلام، كأن يجمعهم لأمر مهم، نادى فيهم: الصلاة جامعة؛ لأن يحدثهم بأمر مهم، عليه الصلاة والسلام، أما لصلاة العيد وصلاة الاستسقاء فلا يشرع شيء من ذلك، وينكر على من فعله، ويعلم أن هذا غير مشروع، قال جابر رضي الله عنه وأرضاه: «إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العيد بلا أذان ولا إقامة (¬1)» وهكذا الاستسقاء. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة العيدين، برقم (885).

بيان صيغة التهاني في العيدين

260 - بيان صيغة التهاني في العيدين س: يسأل ويقول: ما صيغة تهاني عيد الأضحى المبارك وقد عرفنا أنه في عيد الفطر يقول الناس لبعضهم: تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال. فماذا نقول في عيد الأضحى؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ليس لهذا صيغة معروفة، فإذا دعا له، قال: تقبل الله منا ومنك، أو: عيدكم مبارك، أو: العيد مبارك، أو: جعل الله عيدكم مباركا. سواء كان عيد الأضحى أو عيد الفطر، كله واحد، وهكذا في الحج: حجك مقبول، تقبل الله منك، عمرة مقبولة، تقبل الله منك، كل هذا وأشباهه كاف، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (280).

حكم الوليمة المسماة بـ الفاتحة يوم العيد

261 - حكم الوليمة المسماة بـ " الفاتحة " يوم العيد س: في ليلة العيد أو الجمعة يؤتى بطعام من كل بيت في المسجد، أو في وسط القرية يأكلونه، وبعد ذلك يقرأ الإمام من آيات القرآن الكريم، ويختم بالدعاء بطلب الرحمة والمغفرة للأموات اعتقادا منهم أن بركة الطعام تصل إلى الأموات. وهذه الوليمة تسمى: الفاتحة - أو: الفواتح - والأسئلة حول هذا الموضوع: هل هذه الفاتحة تنفع الميت؟ وهل تسمى صدقة عندما يأكلها الغني؟ ثم ما هو العمل الذي يجب على أهل الميت القيام به نحو فقيدهم والذي يصل إليه العمل الصالح؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا الاجتماع على الوجه المذكور لا أعلم له أصلا في الشرع، فهو من البدع، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬3)» أما الدعاء للأموات والصدقة عنهم فهذا ينفعهم، الصدقة تنفع الميت، والدعاء ينفع الميت، وصلاة الجنازة والحج عن الميت والعمرة عن الميت وقضاء دينه، كل هذا ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (305). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

ينفع الميت، أما قراءة الفاتحة وغير الفاتحة ليس عليه دليل، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله وغيره عن بعض العلماء أنه لا بأس بالقراءة للميت، وأنه يقرأ له، يثوب له القرآن، ذكر هذا جماعة من أهل العلم، ذكر هذا ابن القيم في كتاب الروح، ولكن لا أعلم عليه دليلا، وتثويب القراءة، وأن يقرأ ويثوب للميت لا أعلم عليه دليلا، فتركه أحوط وأولى، ولكن الدعاء هذا ليس فيه خلاف، فالدعاء للميت والترحم عليه، وطلب المغفرة هذا أمر معلوم متفق عليه بين المسلمين أنه ينفع الميت، وهكذا الصدقة عنه تنفع الميت، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه سأله رجل قال: يا رسول الله، «إن أمي ماتت، وأظنها لو تكلمت تصدقت، فهل لي أن أتصدق عنها؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " نعم (¬1)» الصدقة تنفع الميت والدعاء له، وصلاة الجنازة تنفعه، ودعاء المسلم له ينفعه، والحج عنه والعمرة، وقضاء الدين، كل هذا معروف، أما كونه يقرأ ويثوبه له فهذا هو محل النزاع، ولا أعلم له دليلا شرعيا على استحباب ذلك وشرعيته، والأصل في العبادة التوقيف، هذا هو الأصل، إلا ما شرعه الله، أو ورد عن رسوله عليه الصلاة والسلام، فالأحوط في هذا ترك القراءة للميت، ولكن يدعى له ويترحم عليه، ويتصدق عنه، والحج عنه والعمرة عنه، كل هذا طيب، وكله نافع. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب موت الفجأة البغتة، برقم (1388)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه، برقم (1004).

باب صلاة الكسوف

باب صلاة الكسوف 262 - بيان عدد الركعات في صلاة الكسوف س: نسأل عن صلاة الكسوف، كم عدد ركعاتها؟ (¬1) ج: صلاة الكسوف سنة مؤكدة، إذا كسفت الشمس أو القمر شرع للمسلمين أن يصلوا صلاة الكسوف، وقد بينها الرسول صلى الله عليه وسلم بفعله وبقوله عليه الصلاة والسلام، فالسنة فيها أن تصلى ركعتين بقراءتين وركوعين وسجدتين في كل ركعة، هذا هو السنة التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، فيكبر ويقرأ قراءة طويلة بعد الاستفتاح، ثم يركع ويطيل، ثم يرفع ويقرأ الفاتحة، ويقرأ بعدها ما تيسر ويطيل، لكن دون القراءة الأولى، ثم يركع ويطيل لكن دون الركوع الأول، ثم يرفع ويطيل لكن دون الرفع الأول، ثم يسجد سجدتين طويلتين، ثم يقوم فيقرأ، فيطيل لكن دون القراءة السابقة، ثم يركع ويطيل لكن دون الركوع السابق، ثم يرفع ويقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ويطيل دون ما قبله، ثم ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (316).

يركع ويطيل لكن دون ما قبله، ثم يرفع بعد الركوع الثاني ويطيل بعض الإطالة دون ما قبله، ثم يسجد سجدتين طويلتين، ثم يقرأ التشهد - التحيات - والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء، ثم يسلم، ثم يذكر الناس ويخطب الناس، ثم يبين لهم شرعية صلاة الكسوف، ثم يذكرهم بالله، ثم يأمرهم بالإكثار من التكبير عند رؤية الكسوف، والصدقة، وإعتاق الرقاب، والصلاة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا»، «افزعوا إلى ذكر الله، ودعائه، واستغفاره (¬1)». وأمر بالتكبير والعتق عند الكسوف عليه الصلاة والسلام، فالسنة للمسلمين عند الكسوف الإكثار من ذكر الله، وتكبيره، واستغفاره، والصدقة، والعتق، والصلاة التي فعلها صلى الله عليه وسلم وأمر بها: قراءتان، وركوعان، وسجدتان، كل قراءة دون التي قبلها، وكل ركوع دون الذي قبله، ويطيل في السجدتين إطالة لا تشق على المأمومين، لا تشق على الناس حسب الاستطاعة، حسب التيسير، لكنها صلاة متميزة عن غيرها بالطول خوفا من الله، وتعظيما له؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يرسل الكسوف تخويفا لعباده (¬2)» وقال: «إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله يخسفهما يخوف ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الذكر في الكسوف، برقم (1059)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب ذكر النداء بصلاة الكسوف: الصلاة جامعة، برقم (912). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: يخوف الله عباده بالكسوف، برقم (1048) بنحوه.

بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشفا (¬1)» وفي لفظ آخر: «إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله، وإلى دعائه واستغفاره (¬2)» وأمر بالتكبير عند الكسوف وبالعتق وبالصدقة، فالمؤمن وهكذا المؤمنة يشرع لهما الصلاة والصدقة، والاستغفار، والإكثار من الذكر عند رؤية الكسوف، وينادى لها: الصلاة جامعة، ينادى لها على المنارات أو في المكبرات: الصلاة جامعة، الصلاة جامعة، يكررها مرتين أو ثلاثا أو أكثر حتى يبلغ الناس، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم: الصلاة جامعة، الصلاة جامعة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: يخوف الله عباده بالكسوف، برقم (5784)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب ذكر النداء بصلاة الكسوف: الصلاة جامعة، برقم (911). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الذكر في الكسوف، برقم (1059)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب ذكر النداء بصلاة الكسوف: الصلاة جامعة، برقم (912).

بيان كيفية صلاة الخسوف

263 - بيان كيفية صلاة الخسوف س: حدثونا لو تكرمتم عن صلاة الخسوف وعن كيفيتها؟ (¬1) ج: صلاة الخسوف، ويقال لها: صلاة الكسوف، بين النبي صلى الله عليه ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (261).

وسلم صفتها بفعله عليه الصلاة والسلام، وهي سنة مؤكدة إذا كسفت الشمس أو خسف القمر، سواء ذهب النور كله أو بعض منه، فإن السنة أن يصلي المسلمون ركعتين، في كل ركعة قراءتان وركوعان وسجدتان، هذا هو أصح ما ورد في ذلك أن يصلي المسلمون في أي وقت، حتى ولو بعد العصر على الصحيح، متى وقع الكسوف، ولو وقت النهي، من السنة أن يصلي الناس، أن تصلى صلاة الكسوف، وهي ركعتان تشتملان على قراءتين وركوعين وسجدتين في كل ركعة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما كسفت الشمس في عهده صلى الله عليه وسلم لما مات إبراهيم كسفت الشمس، وقال بعض الناس: إنها كسفت لموت إبراهيم. فخطب الناس النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته (¬1)» يعني لا لموت إبراهيم ولا لغيره، وإنما هما آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده: «فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله (¬2)» وإلى دعائه واستغفاره، وفي الحديث الآخر: «فإذا رأيتموهما فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم (¬3)» وفي اللفظ الآخر: «فادعوا الله وكبروا وتصدقوا (¬4)» وأمر بالعتق عند الكسوف، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: يخوف الله عباده بالكسوف، برقم (5784)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب ذكر النداء بصلاة الكسوف: الصلاة جامعة، برقم (911). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الذكر في الكسوف، برقم (1059)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب ذكر النداء بصلاة الكسوف: الصلاة جامعة، برقم (912). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة في كسوف الشمس، برقم (1040). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصدقة في الكسوف، برقم (1044)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف برقم (901).

وصلى بالناس ركعتين، كبر عليه الصلاة والسلام، وقرأ الفاتحة، ثم قرأ قراءة طويلة - قال ابن عباس: تقدر بنحو سورة البقرة - ثم ركع وأطال الركوع، ثم رفع وقرأ قراءة طويلة أقل من الأولى، ثم ركع ركوعا طويلا أقل من الركوع الأول، ثم رفع وأطال دون الإطالة الأولى، ثم سجد سجدتين طول فيهما عليه الصلاة والسلام، ثم قام وقرأ وأطال، لكن دون قراءته السابقة، ثم ركع فأطال، لكن دون الركوعين السابقين، ثم رفع وقرأ، ولكن دون القراءة السابقة، ثم ركع الركوع الرابع وأطال فيه، لكن دون الركوع الذي قبله، ثم رفع وأطال، لكن أقل مما قبله، ثم سجد سجدتين طويلتين عليه الصلاة والسلام، ثم تشهد، قرأ التحيات وتشهد كالمتبع، ثم سلم، وخطب الناس ووعظهم عليه الصلاة والسلام، وأخبرهم أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته، وقال: «إذا رأيتموهما فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم (¬1)» وأمرهم بالصدقة والعتق عليه الصلاة والسلام، وأمر بالاستغفار والذكر - هذه السنة - حتى تنكشف الشمس أو القمر، والسنة الخطبة بعد ذلك كما فعلها النبي عليه الصلاة والسلام، إذا صلى الإمام يخطب الناس ويذكرهم ويبين لهم أحكام صلاة الكسوف، ويحذرهم من المعاصي ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة في كسوف الشمس، برقم (1040).

والشرور، ويدعوهم إلى طاعة الله عز وجل، ويرغبهم في الصدقة والعتق، والإكثار من ذكر الله عز وجل، والاستغفار كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر في الخطبة صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الكسوف أنه عرضت عليه الجنة والنار وهو في الصلاة، فتقدم لما رأى الجنة، لما عرضت عليه الجنة تقدم، وتقدمت الصفوف، حتى حاول أن يأخذ منها عنقودا من العنب، وقال: «لو أخذته لأكلتم منه ما بقيت في الدنيا (¬1)» ثم عرضت عليه النار عليه الصلاة والسلام، فتأخر وتأخرت الصفوف، وقال: «رأيت فيها - في النار - عمرو بن لحي الخزاعي - رئيس أهل مكة في الجاهلية - يجر قصبه في النار (¬2)» يعني يجر أمعاءه في النار؛ لأنه أول من سيب السوائب، وغير دين إبراهيم. يعني سيب السوائب للأصنام، يعني الإبل والبقر والغنم للأصنام لا تؤكل ولا تحلب، وأول من غير دين إبراهيم لعبادة الأصنام ودعائها من دون الله؛ فلهذا صار عذابه شديدا، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب كفران العشير وهو الزوج وهو الخليط من المعاشرة، برقم (5197)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب ما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار، برقم (907). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب قصة خزاعة، برقم (3521)، ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء، برقم (2856).

ورآه الرسول صلى الله عليه وسلم يجر أمعاءه في النار، وقال: «ورأيت فيها امرأة تعذب في هرة حبستها، لا هي أطعمتها وسقتها حين حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض (¬1)» وعذبت بها. هذا يدل على أنه لا يجوز تعذيب الحيوان، لا الهر ولا الكلب ولا الدجاج ولا الحمام ولا الإبل ولا البقر، لا تعذب، بل إما أن يعلفها ويقوم بواجبها، وإلا يبيعها إذا أحب البيع، أو يطلق سراحها تأكل من أرض الله، أما حبسها وعدم إطعامها وإسقائها فهذا ظلم لا يجوز حتى ولو هرة، حتى ولو كلبا لا يجوز؛ لأنه ظلم، فإذا كان هذا في هرة أو في كلب ونحو ذلك فكيف بالذي يحبس المسلم بغير حق، ويظلمه أو يتعدى عليه بقتل أو بغيره، يكون ذنبه أعظم وجريمته أكبر، وعذابه أشد، نسأل الله العافية. قال: «ورأيت فيها سارق الحجيج، فإذا فطن له قال: هذا عمل المحجن (¬2)» كان في الجاهلية بعض الناس يسرق الحجاج، معه عصا محنية الرأس مثل المشعاب، كان يمر حول الحجيج حول أمتعتهم يجر من أمتعتهم بمشعابه ما أمكنه، فإذا فطنوا له قال: تعلق بمحجني، ما قصدت، وإذا لم ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب صفة الصلاة، باب ما يقول بعد التكبير، برقم (745)، ومسلم في الكسوف، باب ما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار، برقم (904). (¬2) أخرجه النسائي في كتاب الكسوف، باب القول في السجود في صلاة الكسوف، برقم (1496).

يفطنوا له هرب بذلك الشيء وأخذه، ورآه النبي صلى الله عليه وسلم يعذب في النار بمحجنه الذي كان يسرق به الحاج، والعياذ بالله. هذه تفيد الحذر من السرقة، والدعوة إلى الشرك، وتعذيب الحيوانات وغيرها من المعاصي؛ فإنها من أسباب العذاب في النار، نسأل الله العافية. فالواجب على المسلم أن يحذر ظلم الناس، وظلم الحيوان، وأخذ الأموال بغير حق، سواء غصبا أو سرقة أو خيانة، يجب الحذر من ذلك.

س: نرجو منكم أن تبينوا لنا كيفية صلاة الكسوف وصلاة الجنازة، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: أما صلاة الكسوف فقد أوضحها النبي عليه الصلاة والسلام في الأحاديث الصحيحة، وأخبر عليه الصلاة والسلام أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، وأنهما لا يكسفان لموت أحد من الناس ولا لحياته، ثم قال: «فإذا رأيتموهما فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم (¬2)» ولما وقع ذلك في عهده صلى الله عليه وسلم كسفت الشمس في عهده صلى الله عليه وسلم صلى بالناس ركعتين، كبر وقرأ الفاتحة، وقرأ معها قراءة وطول عليه الصلاة والسلام، ثم ركع طويلا، ثم رفع وقرأ الفاتحة وقراءة ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (42). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة في كسوف الشمس، برقم (1040).

أخرى وطول فيها، لكن دون الأولى، ثم ركع طويلا عليه الصلاة والسلام، ثم رفع، لكن ركوعه هذا دون الركوع الأول، ثم رفع وأطال بعض الطول، لكن دون الطول الأول، ثم سجد سجدتين مطولتين عليه الصلاة والسلام، ثم قام فقرأ الفاتحة وما تيسر معها، وطول، لكن دون ما قبله في الطول، ثم ركع فطول، لكن دون ما قبله، ثم رفع فقرأ الفاتحة ومعها زيادة وطول لكن دون ما قبله، ثم ركع وطول، لكن دون ما قبله، ثم رفع وطول، لكن دون ما قبله، ثم سجد سجدتين طويلتين، ثم تشهد، ثم سلم، ثم خطب الناس وذكرهم عليه الصلاة والسلام، فكانت صلاته أربع ركوعات في ركعتين وفي أربع سجدات، كل ركعة فيها ركوعان، وفيها سجدتان، وفيها قراءتان. وروي عنه أنه صلى ثلاث ركوعات، وأربع ركوعات، وخمس ركوعات في كل ركعة، لكن في صحتها نظر عند أهل العلم، وأصح ما ورد في ذلك وأثبت ما ورد في ذلك أنه صلى ركعتين، في كل ركعة قراءتان وركوعان وسجدتان، هذا هو المحفوظ في الصحيحين وغيرهما، فالمشروع للمؤمنين إذا وقع فيهم كسوف سواء كانت الشمس أو القمر فإنه يصلي ركعتين طويلتين، في كل ركعة ركوعان وقراءتان وسجدتان؛ ولهذا في حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: لما كسفت الشمس قام النبي فزعا عليه الصلاة والسلام فصلى بأطول قيام، وأطول ركوع وأطول سجود عليه الصلاة والسلام، ثم لما فرغ قال: «إذا

رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله وإلى دعائه واستغفاره (¬1)» أمر الناس بالصدقة والتكبير والعتق والذكر عليه الصلاة والسلام، وقال: «لو تعملون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا (¬2)» والخطبة سنة بعد الفراغ من الصلاة، يذكر الناس، يبين لهم أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، وأنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس ولا لحياته كما يظن بعض أهل الجاهلية، ولكنهما آيتان يخوف الله بهما عباده، يعني هذا الكسوف يحصل للتذكير والتخويف والتنبيه أن هذا العالم بيد الله يصرفه كيف يشاء سبحانه. أما صلاة الجنازة فقد بين صلى الله عليه وسلم حكمها وصفتها بفعله عليه الصلاة والسلام فإنه كان يكبر، ثم يقرأ الفاتحة عليه الصلاة والسلام، ويقرأ ما تيسر معها كما ثبت في حديث ابن عباس، سورة قصيرة نحو آية أو آيتين، وإن اكتفى بالفاتحة كفى، ثم يكبر ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم مثل صلاته في الصلاة - الصلاة الإبراهيمية - اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. أو نوع آخر من ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الذكر في الكسوف، برقم (1059)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب ذكر النداء بصلاة الكسوف: الصلاة جامعة، برقم (912). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب: الصدقة في الكسوف، برقم (1044).

أنواع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا فعل ذلك كفى، مما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام، ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت، ويدعو بما ورد في النصوص، ومن ذلك: اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم اغفر له - إن كان رجلا - أو: اللهم اغفر لها - إن كانت امرأة - وإن كان لا يعلم قال: اللهم اغفر لهذا الميت، أو: اللهم اغفر لهذه الجنازة، اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله. وإن زاد وقال: اللهم إن كان محسنا فزده في حسناته، وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته، اللهم اغفر له وثبته بالقول الثابت، وكرر ذلك هذا حسن، ثم يكبر الرابعة، يقول: الله أكبر، ويقف بعدها قليلا، ثم يسلم تسليمة واحدة عن يمينه. هذه صفة صلاة الجنازة، هذا هو المحفوظ.

حكم تكرار صلاة الكسوف إذا لم ينجل في الأولى

264 - حكم تكرار صلاة الكسوف إذا لم ينجل في الأولى س: صلينا مرة صلاة الكسوف، فلما انتهينا منها ولم ينجل بعد أعاد الإمام الصلاة، فهل هذا الفعل مشروع أم لا (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (38).

ج: المشروع في هذا هو الصلاة عند كسوف الشمس وكسوف القمر مع الذكر والاستغفار والتكبير والصدقات وإعتاق الرقاب، كل هذا مشروع كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه ذكر كسوف الشمس والقمر، فقال: «إنهما آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد من الناس ولا لحياته (¬1)» ثم قال عليه الصلاة والسلام: «فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى ذكر الله وإلى دعائه واستغفاره (¬2)» وفي لفظ آخر: «فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم (¬3)» فالسنة أن يصلي الإمام ركعتين، في كل ركعة قراءتان وركوعان وسجدتان، فإن انكشف الكسوف فالحمد لله وإلا اشتغل الناس بذكر الله والدعاء والاستغفار والتكبير والصدقات، ويكفي، ولا تشرع إعادة الصلاة إذا لم ينجل، هذا هو المعروف عند أهل العلم. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: يخوف الله عباده بالكسوف، برقم (5784)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب ذكر النداء بصلاة الكسوف: الصلاة جامعة، برقم (911). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الذكر في الكسوف، برقم (1059)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب ذكر النداء بصلاة الكسوف: الصلاة جامعة، برقم (912). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة في كسوف الشمس، برقم (1040).

بيان ما تدرك به الركعة في صلاة الكسوف

265 - بيان ما تدرك به الركعة في صلاة الكسوف س: إذا جاء رجل ليصلي صلاة الكسوف فوجدهم في الركعة الأولى في الركوع الثاني، هل يحسب له ركعة أم لا؟ (¬1) ج: إذا جاء المأموم والإمام في الركوع الثاني في صلاة الكسوف، فإنه ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (176).

يكبر معهم ويصلي معهم، ولكن لا يحتسب الركعة؛ لأن العمدة على الركوع الأول، فعليه أن يقضيها يقضي ما فاته، يقضي الركعة الأولى بركوعها وسجدتيها فيكون الركوع الثاني الذي أدركه له نافلة وفائدة، لكنه عند القضاء يقضي الركعة الأولى بركوعيها وسجدتيها.

حكم الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف

266 - حكم الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف س: هل يجهر بالقراءة في صلاة الكسوف أم لا؟ (¬1) ج: نعم، السنة الجهر في صلاة الكسوف؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جهر فيها عند حصول الكسوف وصلى بالناس. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (335).

بيان ما يقدم إذا وافق الخسوف وقت العشاء

267 - بيان ما يقدم إذا وافق الخسوف وقت العشاء س: إذا دخل وقت العشاء وخسوف القمر، أيهما نصلي؛ الخسوف أم العشاء؟ (¬1) ج: السنة يبدأ بالعشاء الفريضة؛ لأن صلاة الخسوف تطول، قد يفوت الوقت، فالسنة أن يبدأ بالفريضة، ثم الصلاة صلاة الخسوف، وهكذا لو كسفت الشمس وقت العصر، يبدأ بالعصر، ثم يصلى الكسوف. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (265).

حكم صلاة الخسوف في أوقات النهي

268 - حكم صلاة الخسوف في أوقات النهي س: السائل إ. ع. أ. يسأل ويقول: سماحة الشيخ في حالة خسوف القمر بعد صلاة الفجر وشوهد، هل تصلى صلاة الخسوف في هذا الوقت أم لا؟ وكذلك بعد صلاة العصر؟ وجهونا يا سماحة الشيخ (¬1) ج: نعم، إذا خسفت الشمس بعد العصر شرعت الصلاة والذكر والدعاء والصدقة والتكبير؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد، فإذا رأيتموهما فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم (¬2)» وفي الحديث الآخر يقول صلى الله عليه وسلم: «فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره (¬3)» وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما رأى الكسوف أمر بالصدقة والتكبير والعتق، هذا هو السنة ولو بعد العصر على الصحيح. وقال بعض أهل العلم: إنه لا يصلى لها بعد العصر؛ لأنه وقت نهي، والصواب أنه يصلى لها؛ لأن صلاة الكسوف من ذوات الأسباب، وذوات الأسباب تفعل ولو في وقت النهي مثل صلاة الطواف إذا طاف بعد العصر، ومثل تحية ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (396). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصلاة في كسوف الشمس، برقم (1040). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الذكر في الكسوف، برقم (1059)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب ذكر النداء بصلاة الكسوف: الصلاة جامعة، برقم (912).

المسجد إذا دخل المسجد، ومثل أن يدخل قبل المغرب يصلي ركعتي التحية، ومثل الوضوء لو توضأ بعد العصر يصلي ركعتين، هذا هو الصواب. ذوات الأسباب لا بأس بها في وقت النهي، وصلاة الكسوف من ذوات الأسباب، هذا هو الصواب والراجح من قولي العلماء. وهكذا إذا كسف القمر في آخر الليل، أو في أول النهار يصلي لكسوفه أفضل، ومن ترك فلا حرج؛ لأن وقته قد ذهب، قد ذهب سلطانه بعد الفجر، ولم يبق إلا الشيء اليسير من سلطانه، فمن صلى فهو أفضل، ويخفف حتى يصلي الفجر بعد ذلك في وقتها، ومن لم يصل فلا حرج؛ لأن القمر إذا طلع الفجر ذهب سلطانه ولم يبق منه إلا اليسير، فمن صلى بعد طلوع الفجر له ذلك؛ لعموم الحديث فلا بأس، وهو أفضل، ومن ترك ذلك فلا حرج، وإن صلى فليخفف، يبدأ بصلاة الكسوف قبل الفجر، ثم يصلي صلاة الفجر في وقتها قبل الشمس.

بيان كيفية القراءة في صلاة الكسوف

269 - بيان كيفية القراءة في صلاة الكسوف س: سماحة الشيخ، يقول هذا السائل في صلاة الكسوف: هل القراءة سرا أم جهرا؟ (¬1) ج: صلاة الكسوف جهرا، كان النبي صلى الله عليه وسلم لما كسفت ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (430).

الشمس قرأ جهرا في الليل والنهار، كسوف الشمس وخسوف القمر يقرأ جهرا.

حكم تصديق الفلكيين في توقعاتهم للخسوف

270 - حكم تصديق الفلكيين في توقعاتهم للخسوف س: سماحة الشيخ، توقعات الحسابيين وإخبارهم عن أوقات الكسوف والخسوف هل يعمل به، وما حكم ذلك؟ (¬1) ج: أخبار الحسابيين والفلكيين عن خسوف القمر وكسوف الشمس، القمر يخسف في كذا، والشمس تكسف في كذا، قد يصدقون وقد يخطئون، مثل ما قال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهما، فهم قد يخطئون وقد يصيبون، لكن لا يعمل بأقوالهم إلا إذا شاهدنا الكسوف بأعيننا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يكسفان لموت أحد ولا لحياة أحد، ولكن الله يرسلها يخوف بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم (¬2)» فإذا رأيتم ذلك فافزعوا لله ودعائه. والسنة الفرار. فأنتم مأمورون أن تفزعوا للصلاة والذكر والدعاء عند المشاهدة، عندما تشاهدون الكسوف والخسوف، أما إخبار الفلكيين والحسابيين أنها تكسف الشمس يوم كذا أو صباح كذا، أو القمر في ليالي كذا، فهذا لا يعمل به إلا إذا ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (374). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: يخوف الله عباده بالكسوف، برقم (5784)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب ذكر النداء بصلاة الكسوف: الصلاة جامعة، برقم (911).

رئي، إذا وجد فإن الناس يصلون ويعملون ما شرع الله جل وعلا، وهكذا لو كسف في أمريكا وإنجلترا وفي مصر ما نعمله، يعمله الذين كسفت عندهم، إذا شاهدوا في مصر شرع لهم أن يصلوا هناك، وإذا شاهدوا الكسوف في لندن شرع لهم الصلاة هناك، وإذا وجد الكسوف عندهم في أمريكا شرع لهم الصلاة، وهكذا، أما البلد التي ما فيها كسوف ولكن يبلغه الخبر أنه وقع في أمريكا أو في كذا لا يشرع لهم، وهكذا قول الحسابيين: إن القمر يكسف في ليلة أربع عشرة الساعة كذا، أو في ليلة خمس عشرة الساعة كذا، أو الشمس تكسف يوم ثمانية وعشرين، أو في تسعة وعشرين، أو في ثلاثين. كل هذا لا يقبل منه ولا ينبغي أن يعمل به ولا يجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم علق الحكم بالمشاهدة، قال: «إذا رأيتم ذلك (¬1)» وينبغي التنبيه لهذا، ونسأل الله لأولئك الحسابيين الهداية، ونسأل الله لنا ولهم الهداية، فاشتغلوا بأشياء لا تعنيهم ولا تهمهم ولا تترتب عليها مصالح. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: يخوف الله عباده بالكسوف، برقم (5784)، ومسلم في كتاب الكسوف، باب ذكر النداء بصلاة الكسوف: الصلاة جامعة، برقم (911).

باب صلاة الاستسقاء

صفحة فارغة

باب صلاة الاستسقاء 271 - بيان كيفية صلاة الاستسقاء س: ما كيفية صلاة الاستسقاء؟ (¬1) ج: صلاة الاستسقاء مثل صلاة العيد، يصلي ركعتين، ويكبر في الأولى سبعا، وفي الأخرى خمسا، يكبر تكبيرة الإحرام، وستا بعدها، ثم يستفتح، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم يركع، ثم يرفع، ثم يسجد سجدتين، ثم يقوم للثانية ويصليها مثل صلاة العيد، يكبر خمس تكبيرات إذا اعتدل، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم يقرأ التحيات، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو، ثم يسلم مثل صلاة العيد؛ لأنه صلاها كما كان يصلي في العيد عليه الصلاة والسلام، ثم يقوم ويخطب الناس خطبة يعظهم فيها ويذكرهم ويحذرهم من أسباب المعاصي، ومن أسباب القحط، ويحذرهم من المعاصي؛ لأنها أسباب القحط وأسباب حبس المطر، وأسباب العقوبات، ويحذر الناس من ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (261).

أسباب العقوبات من المعاصي والشرور، وأكل أموال الناس بالباطل، والظلم، وغير ذلك من المعاصي، ويحثهم على التوبة والاستغفار، ويقرأ عليهم الآيات الواردة في ذلك، والأحاديث، ثم يدعو ربه رافعا يديه، ويرفع الناس أيديهم يدعون، يسألون ربهم الغوث، ومنها: «اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا (¬1)» ثلاث مرات «اللهم اسقنا غيثا مغيثا، هنيئا، مريئا، غدقا، مجللا، سحا، طبقا، عاما، نافعا، غير ضار، تنمي به البلاد، وتغيث به العباد، وتجعله يا رب بلاغا للحاضر والباد (¬2)» هذا من الدعاء الذي دعا به النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أنبت لنا الزرع، وأدر لنا الضرع، واسقنا من بركاتك. فلنلح في الدعاء، ونكرر في الدعاء: اللهم اسقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين، مثل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يستقبل القبلة في أثناء الدعاء، يستقبل القبلة وهو رافع يديه، ويكمل الدعاء بينه وبين ربه وهو رافع يديه، ثم ينزلها، والناس كذلك يرفعون أيديهم ويدعون مع إمائهم، وإذا استقبل القبلة كذلك يدعون معه في استقبال القبلة بينهم وبين أنفسهم، ويرفعون أيديهم، والسنة أن يحول رداءه في أثناء الخطبة عندما يستقبل القبلة، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الاستسقاء في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة، برقم (1014)، ومسلم في كتاب صلاة الاستسقاء، باب الدعاء في الاستسقاء، برقم (897). (¬2) انظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي (ج2/ 250).

يحول رداءه، يجعل ما على الأيمن على الأيسر إذا كان عليه رداء أو بشت، إن كان بشتا يقلبه، وإن كان ما عليه شيء الغترة يقلبها، قال العلماء: تفاؤلا بأن الله يحول القحط إلى الخصب، ويحول الشدة إلى الرخاء؛ لأنه جاء في الحديث المرسل عن محمد بن علي الباقر «أن النبي صلى الله عليه وسلم حول رداءه ليتحول القحط (¬1)» يعني تفاؤلا. وثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد، «أن النبي صلى الله عليه وسلم حول رداءه لما خرج من صلاة الاستسقاء (¬2)» فالسنة للمسلمين كذلك، أما في خطبة الجمعة لم يحول رداءه عليه الصلاة والسلام، دعا واستغاث وهو في خطبة الجمعة في ضمن دعائه عليه الصلاة والسلام، والاستغاثة تكون في خطبة الجمعة، وتكون في خطبة العيد، وتكون في غير ذلك، ليست سواء للجالس في البيت أو في السوق لا بأس، دعاء الاستسقاء مطلوب من الفرد والجماعة، لكن إذا صلى بهم ركعتين خرج بهم إلى الصحراء وصلى بهم ركعتين كالعيد فإنه يخطب بعد ذلك، ويدعو ويحول رداءه كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم عند استقباله للقبلة، ¬

_ (¬1) أخرجه الدارقطني في الجزء الثاني، برقم (1798) مرسلا، وأخرجه الحاكم في المستدرك، برقم (1216) عن محمد بن علي الباقر، عن جابر رضي الله عنه مرفوعا. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الاستسقاء وخروج النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (1005)، ومسلم في كتاب صلاة الاستسقاء، برقم (894).

ويجوز أن يخطب قبل ذلك - قبل الصلاة -، ثم يصلي بعد ذلك، جاء هذا وجاء هذا عن النبي، جاء أنه خطب قبل الصلاة، وأنه خطب بعد الصلاة كالعيد، وقبل الصلاة كالجمعة، وكل هذا فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فعل هذا وهذا عليه الصلاة والسلام، والمقصود هو الدعاء والضراعة إلى الله، ورفع الشكوى إليه جل وعلا في إزالة القحط والشدة، وفي إنزال المطر والغوث منه سبحانه وتعالى، وقد جاء في بعض الأحاديث أنه ركع ثلاث ركوعات، وبعضها أربع ركوعات، وبعضها خمس ركوعات، لكن الأصح والأرجح عند المحققين من أهل العلم أنه صلى ركعتين بركوعين فقط، بركوعين وقراءتين، هذا هو الأصح فيما جاء في هذا كما تقدم، صلى ركعتين، في كل ركعة قراءتان وركوعان وسجدتان، ثم قرأ التحيات وصلى على النبي ودعا، ثم لما سلم خطب الناس وذكرهم، وبين لهم أحكام الاستسقاء، وبين لهم عقوبات الذنوب والحذر منها، وبين لهم أنه ينبغي لهم الصدقة والإحسان، والإكثار من ذكر الله واستغفاره، وهكذا ينبغي لأمته في الصلاة والخطب، فيذكروا الناس وينبهوهم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

س: حدثوني وبالتفصيل - جزاكم الله خيرا - عن صلاة الاستسقاء، وكيف هي؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (269).

ج: صلاة الاستسقاء سنة، قد فعلها المصطفى صلى الله عليه وسلم لما أجدبت المدينة، خرج بالناس بعد ارتفاع الشمس وصلى بهم ركعتين مثل صلاة العيد، هذا هو السنة، يصلي ركعتين، ثم يخطب الناس ويذكرهم، ويكثر في خطبته من الدعاء وسؤال الله الغيث، والنبي صلى الله عليه وسلم لما صلى خطب الناس وذكرهم ورفع يديه ودعا، قال: «اللهم اسقنا غيثا مغيثا، هنيئا، مريئا، غدقا، مجللا، طبقا عاما، نافعا غير ضار، عاجلا غير آجل (¬1)» تحيي به البلاد، وتسقي به العباد، إلى آخر دعواته الكثيرة عليه الصلاة والسلام. فالمقصود أن صلاة الاستسقاء ركعتان مثل صلاة العيد، يجهر فيهما بالقراءة، ويكبر في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمس تكبيرات، ويقرأ فيهما بسبح والغاشية بعد الفاتحة، أو بالجمعة والمنافقون بعد الفاتحة، أو يقرأ بغير ذلك بعد الفاتحة فلا بأس. وإن خطب قبل الصلاة فهذا فعله النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان، ولكن كونه يصليها كالعيد كما هو عليه العمل الآن فهو ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث كعب بن مرة السلمي رضي الله عنه، برقم (17599)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب رفع اليدين في الاستسقاء، برقم (1169)، وابن ماجه بنحوه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الدعاء في الاستسقاء، برقم (1270).

الأولى؛ حتى تكون الصلاة جميعها على نمط واحد. والسنة أن يقوم بها المسلمون عند الجدب في كل مكان بحسبه، فإذا أجدبت الأرض في جيزان مثلا، أو في الشمال في الجوف أو حائل استسقوا، ولو ما استسقى الجهات الأخرى، فإذا كان مثلا جهة الشمال خصبا وجهة الجنوب جدبا يستسقي أهل الجنوب جيزان، أبها، غامد، إلى غير ذلك. وإذا كان جهة الجنوب خصبا وجهة الشمال جدبا كحائل أو الجوف أو تبوك استسقوا، يستسقي الأئمة والخطباء في الجمعة في خطب الجمعة، أو يخرج أمير البلد وقوادها والمسلمون إلى الصحراء ويصلون ركعتين. وليس من شرطها إذن ولي الأمر، ما يحتاج إلي استئذان، فإذا أجدبت الأرض خرج، نبه الحاكم رئيس المحكمة أو الأمير بالاتفاق مع المحكمة، يتفقون على يوم معين ويبلغون الناس أنهم سيستسقون في اليوم الفلاني حتى يخرج الناس إلى الصحراء، فيستسقي بهم خطيب الجامع، أو من يراه الحاكم الشرعي، يستسقي بهم ويكرر الاستسقاء مرتين، ثلاثا، ما دام الجدب موجودا، ولو صلاها عدة مرات في كل واحدة أو شهرين، كله سنة. ويسن أيضا الاستسقاء في خطبة الجمعة، النبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا استسقى في الجمعة، رفع يديه واستسقى، وهكذا خرج

للصحراء وصلي ركعتين عليه الصلاة والسلام، كله سنة هذا وهذا، والمشروع لأئمة الجوامع أن يستسقوا في الخطب في البلاد التي فيها جدب، وليس هناك حاجة إلى أن يستأذن الأمير أو الحاكم أو ولي الأمر إذا كان الجدب موجودا معروفا.

بيان محل الاستفتاح في صلاة الاستسقاء

272 - بيان محل الاستفتاح في صلاة الاستسقاء س: متى يستفتح لصلاة الاستسقاء وصلاة العيدين (¬1)؟ ج: بعد التكبيرة الأولى يستفتح، ثم يكبر التكبيرات الست، في الأولى إذا قال: الله أكبر، استفتح، ثم يكبر معها التكبيرات، ثم بعد الأخيرة يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، ويقرأ وإذا أخر الاستفتاح بعد أداء التكبيرات فلا حرج، الأمر واسع. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والخمسون من الشريط رقم (350).

حكم تقديم الخطبة على الصلاة في الاستسقاء

273 - حكم تقديم الخطبة على الصلاة في الاستسقاء س: هل يسن تقديم الخطبة على الصلاة أحيانا في صلاة الاستسقاء؟ (¬1) ج: جاء هذا وهذا، إن قدمها فلا بأس، وإن أخرها فلا بأس، الأمر في هذا واسع. ¬

_ (¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (350).

حكم رفع اليدين في دعاء الاستسقاء

274 - حكم رفع اليدين في دعاء الاستسقاء س: هل الأفضل أثناء الدعاء في كل وقت غير الاستسقاء رفع الأيادي أم عدم رفعها؟ (¬1) ج: الأفضل رفع الأيدي بالدعاء، هذا هو الأفضل؛ لأنه من أسباب الإجابة، إلا في حالات ما رفع فيها النبي صلى الله عليه وسلم فإنا لا نرفع فيها، وما عداها نرفع في المواضع التي رفع فيها صلى الله عليه وسلم، كصلاة الاستسقاء، في خطبة الاستسقاء، وفي المواضع التي ندعو فيها نرفع أيدينا، لكن المواضع التي ما رفع فيها صلى الله عليه وسلم مثل صلاة الفريضة ما رفع فيها، ولا بين السجدتين، ولا قبل السلام ولا بعد السلام لو فعلها لنقلها الصحابة؛ لأنهم ما تركوا شيئا - رضي الله عنهم - إلا نقلوه، فلما لم ينقلوا أنه كان يرفع يديه بعد الفريضة دل على أنه لا يشرع، وكذلك في خطبة الجمعة، ما كان يرفع يديه في خطبة الجمعة، ولا في خطبة العيد عليه الصلاة والسلام، فنحن لا نرفع إلا إذا استسقينا، إذا استسقينا في خطبة الجمعة والعيد نرفع أيدينا في الاستسقاء. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (261).

حكم التقرب إلى الله بالذبح بعد صلاة الاستسقاء

275 - حكم التقرب إلى الله بالذبح بعد صلاة الاستسقاء س: الأخ أ. ح. يقول: من عادة الناس في بعض المناطق بعد صلاة

الاستسقاء الذبح والتقرب إلى الله بنزول المطر، هل ورد في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك أم يعتبر ذلك بدعة؟ (¬1) ج: لا أصل لهذا إلا في عيد الأضحى، يضحي بالضحية، وفي أيام منى، النحر، أما كونه في عيد الفطر فما فيه ذبح، أما إذا كان عنده ضيوف أو دعا أقاربه وجعل لهم ضيافة لأجل أن دعاهم للغداء عنده يتغدون، أو جاءه ضيوف فلا بأس، أما اتخاذ هذا تعبدا، يذبح ذبائح في عيد الفطر أو بعد صلاة الاستسقاء يرى أنها قربه، فهذا ليس له أصل. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (385).

بيان أسباب عدم نزول المطر

276 - بيان أسباب عدم نزول المطر س: كثيرا ما أسمع أن عدم نزول القطر من السماء متعلق بالعبادة، فإذا كان كذلك فهل الذي في الهند وغيرهم الذين يأتيهم المطر باستمرار يعبدون الله أكثر مما نحن نعبده، أو أن المسألة دوران فلك؟ أرجو توضيح ذلك لو تكرمتم، والواقع يشغل هذا سماحة الشيخ أذهان كثير من الناس. (¬1) ج: على المؤمن وعلى كل مسلم أن يعلم أن الله سبحانه خلق الخلق وتكفل بأرزاقهم، سواء كانوا كفارا أو مسلمين، قال عز وجل: ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (78).

{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} (¬1) وقال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (¬2) {مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} (¬3) {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} (¬4) وقال سبحانه: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ} (¬5) فهو سبحانه خلق الخلق من جن وإنس وكفار ومسلمين، وتكفل بأرزاقهم، فهو ينزل الأمطار ويجري الأنهار في البلاد الإسلامية وغيرها، ويرزق هؤلاء وهؤلاء، لكنه سبحانه يؤدب عباده المسلمين إذا فعلوا ما يخالف شرعه، وعصوا أمره، قد يؤدبهم ويعاقبهم لينتبهوا، وليحذروا أسباب غضبه، فيمنع القطر كما منع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أصلح الناس، عهد النبي أصلح الناس، وأصلح العهود؛ فالنبي أصلح الناس وصحابته أصلح العباد، ومع هذا ابتلوا بالقحط والجدب حتى طلب المسلمون من الرسول أن يستغيث، وقالوا: يا رسول الله، هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله أن يغيثنا. فاستغاث فرفع يديه وقال: «اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا (¬6)» فأنزل الله المطر وهو على المنبر عليه الصلاة والسلام، أنشأ الله السحاب سبحانه وهو على المنبر، ثم اتسعت وأمطرت، فخرج الناس تهمهم نفوسهم من شدة المطر، فلم يزل المطر حتى جاءت الجمعة الأخرى، ¬

_ (¬1) سورة هود الآية 6 (¬2) سورة الذاريات الآية 56 (¬3) سورة الذاريات الآية 57 (¬4) سورة الذاريات الآية 58 (¬5) سورة العنكبوت الآية 60 (¬6) أخرجه البخاري في كتاب الاستسقاء، باب في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة، برقم (1014)، ومسلم في كتاب صلاة الاستسقاء، باب الدعاء في الاستسقاء، برقم (897).

فجاءوا إليه وقالوا: يا رسول الله، هلكت الأموال وانقطعت السبل، فادع الله أن يمسكها عنا، فضحك عليه الصلاة والسلام من ضعف بني آدم، في الجمعة الأولى يطلبون الغيث، وفي الجمعة الأخرى يطلبون الإمساك، فرفع يديه، وقال: «اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر (¬1)» قال أنس: فتمزق السحاب في الحال، وصارت المدينة مثل الجوبة، يمطر هاهنا وهاهنا، المقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم استغاث، وأصيب الناس بالجدب في زمانه، وأصاب أصحابه الجدب وهم خير الناس؛ تأكيدا وتنبيها حتى ينتبه الناس وحتى يضرعوا إلى ربهم، ويسألوه من فضله سبحانه وتعالى؛ لأن تأديبهم فيه خير لهم، يتنبهون ويعبدونه بالدعاء ويضرعون إليه، ويعلمون أنه الرازق، فهكذا البلاد الإسلامية، وإن كانت بلادهم أصلح من بلاد الكفار، وهم خير من الكفار، وهم أعبد الناس لربهم سبحانه وتعالى، لكن يبتليهم بالسراء والضراء، بالسراء حتى يشكروا، وبالضراء حتى ينتبهوا ويصبروا، وحتى يجازيهم بالأجر العظيم على صبرهم، وبالأجر العظيم على شكرهم، فإذا لم ينتبهوا أصيبوا بالجدب والقحط، أو بتسليط الأعداء أو بغير هذا حتى ينتبهوا وحتى يرجعوا إلى الله، وحتى ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الاستسقاء، باب في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة، برقم (1014)، ومسلم في كتاب صلاة الاستسقاء، باب الدعاء في الاستسقاء، برقم (897).

يتوبوا إليه، كما قال سبحانه: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (¬1) وقال في قصة أحد لما أصابهم ما أصابهم من الهزيمة، قال سبحانه: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} (¬2) يعني يوم بدر: {قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} (¬3) فالمسلمون في بدر نصروا على الكفار، وهزم الله الكفار وأسروا منهم سبعين وقتلوا سبعين من الكفار، وصارت الدائرة على الكفار والنصر للمسلمين، وفي يوم أحد جرى على المسلمين مصائب بأسباب أنفسهم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الرماة أن يلزموا الثغر الذي خلف المسلمين، وكانوا خمسين، أمر عليهم عبد الله بن جبير، وقال لهم: لا تبرحوا مكانكم ولو رأيتمونا تخطفنا الطير سواء نصرنا أو لم ننتصر، لا تبرحوا مكانكم. فلما نصر الله المسلمين وهزم الكفار ظن الرماة أنها الفيصلة، وأن الأمر انتهى، وأنه ما بقي إلا جمع الغنائم، فانصرفوا من مكانهم، فأمرهم أميرهم أن يبقوا، وذكرهم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم فامتنعوا عليه وقالوا: إن الأمر انتهى، والكفار انهزموا. فلما فعلوا ذلك جاءت خيل الكفار من خلف المسلمين ودخلوا مع هذا الثغر الذي أهملوه وصارت المصيبة على المسلمين بأسبابهم، فالمقصود أن المسلمين قد ¬

_ (¬1) سورة الشورى الآية 30 (¬2) سورة آل عمران الآية 165 (¬3) سورة آل عمران الآية 165

يبتلون بأمور فيها تذكير لهم، وفيها مصالح لهم، وربك أحكم وأعلم - سبحانه وتعالى - لينتبهوا وليعلموا أن النصر بيد الله، وأن كونهم عبدوا الله وكونهم فيهم رسول الله لا يكفي، بل لا بد من العمل بطاعة الله، لا بد من القيام بأمر الله، لا بد من الصبر على جهاد أعداء الله؛ ولهذا نبههم بقوله سبحانه وتعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} (¬1) فإذا كان الرسول وأصحابه تصيبهم عقوبات الذنوب، ويبتلون كما يبتلى غيرهم، فكيف بغيرهم؟ أما أولئك الكفرة فقد فرغ منهم، قد أطاعوا الشيطان، وتابعوا الشيطان في الهند وفي غير الهند، وفي أمريكا وفي إنجلترا وفي كل مكان، فإذا أجرى الله عليهم النعم، وأدر عليهم الأرزاق وجاءتهم الأمطار فهو استدراج لهم، والعاقبة وخيمة كما قال عز وجل: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً} (¬2) فقد تنزل بهم عقوبات كما نزلت بهم الحرب العظمى الأولى والثانية، نزلت فيهم عقوبات بأسباب الكفر والذنوب، فالله سبحانه وتعالى يملي ولكن لا يغفل سبحانه وتعالى: {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} (¬3) ويقول سبحانه: ¬

_ (¬1) سورة آل عمران الآية 165 (¬2) سورة الأنعام الآية 44 (¬3) سورة البقرة الآية 74

{وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} (¬1) فقد يملي للكفرة، ويتابع عليهم النعم من الأمطار، وجري الأنهار، وأصول الثمار، ثم يأخذهم إذا شاء أخذ عزيز مقتدر سبحانه وتعالى، ثم هم بعد ذلك مستدرجون، فكلما زادت النعم واستمر الأمن وهم في معاصي الله صار عذاب يوم القيامة أكبر، وصار أشد عليهم يوم القيامة مما لو أخذوا في الدنيا ببعض الشيء، فينبغي للعاقل أن لا يغتر بهذه الأمور، وينبغي للمسلم أن ينتبه لهذه الأمور، وأن المسلمين قد يبتلون، ثم تكون لهم العاقبة الحميدة، ثم بلواهم تنفعهم إن بلوا بالسراء فشكروا نفعهم ذلك، وإن بلوا بالضراء واستكانوا لله وصبروا وسألوه واستغاثوا به وتابوا إليه نفعهم ذلك، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية. ¬

_ (¬1) سورة الأعراف الآية 183

باب أحكام الجنازة

باب أحكام الجنازة 277 - حكم كتابة الوصية عند المرض س: إذا مات الإنسان ولم يكتب وصيته لجهله، أو لغير ذلك، وعندما توفي هذا الشخص جاء أحد الناس وقال: لي في ذمة المتوفى مبلغ معين، وقمنا برد ذلك المبلغ ولكن بعد فترة لم نستطع تسديد بقية الديون؛ لضيق ذات اليد، فهل يعذب الميت، حتى يقضى دينه، وحالنا ما ذكرنا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الوصية للميت مستحبة فيما ينفعه، إذا كان عنده مال كثير يستحب أن يوصي بالثلث أو بالربع، أو بالخمس في وجوه البر وأعمال الخير، ولا تجب عليه، ولكن إذا أراد ذلك ينبغي أن يبادر ويكتبها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده (¬2)» خرجه الشيخان من حديث ابن عمر رضي الله ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (334). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب الوصايا، برقم (2738)، ومسلم في كتاب الوصية، برقم (1627).

عنهما. فإذا كان يحب أن يوصي فالسنة أن يبادر، وأن يكتب الوصية التي يحب أن يوصي بها في ثلثه، في ربعه، في خمسه، في بيت معين، في نخل معين، في أرض معينة، هذا هو المشروع له وهو الأفضل أن يبادر، أما إذا كان عليه ديون، أو عنده أمانات للناس فالوصية واجبة، يجب أن يوصي بها ويبينها لمن خلفه: أن لفلان كذا، ولفلان كذا، وعنده أمانة لفلان؛ حتى لا يجحدها الورثة، وحتى توصل إلى أهلها، المقصود إذا كان عنده حقوق للناس يجب عليه أن يوصي من ديون وأمانات ونحوها؛ حتى يبرئ ذمته من حق الناس، أما تأخرهم في تسديد ذلك الدين لضيق ذات اليد؛ فإن الله سبحانه وتعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1)، فإذا أخروه لعجز مثلا، ما عندهم مال، وما خلف تركة وهم أحبوا أن يوفوا عنه فلهم أجر، ولا شيء عليهم، أما إذا كان عنده تركة فالواجب البدار ببيعها وإيفاء الدين منها؛ حتى لا يتأخر الدين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه (¬2)» فعلى الورثة البدار ببيع العقار حتى يوفى الدين، أو ببيع المواشي الحيوانات، أو الأمتعة الأخرى، فكون الورثة يبادرون ببيع بعض التركة حتى يوفى عن ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16 (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه، برقم (1078)، وابن ماجه في كتاب الأحكام، باب التشديد في الدين، برقم (2413).

الميت دينه هذا واجب، وللقاضي أن يلزمهم بذلك إذا ترافعوا للمحكمة. أما كون الميت يعذب في قبره؛ نظرا لكونه مات وعليه ديون لم تسدد فما ورد في هذا شيء، وإنما يعذب بالمعاصي والسيئات، أما تأخر الدين فهذا فيه تفصيل، لكن إذا كانت له معاص، ومات على غير توبة فهذا يخشى عليه، مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنه مر على قبرين، فرآهما يعذبان، قال: وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يتنزه من البول (¬1)» المقصود أنه إذا كان عنده حقوق يجب أن يؤديها للناس، ويخشى عليه من العذاب إذا فرط في حقوق الناس، أو مات على غير توبة من المعاصي. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله، برقم (216)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه، برقم (292).

حكم وصية الميت لأحبابه بعدم النياحة عليه

278 - حكم وصية الميت لأحبابه بعدم النياحة عليه س: سماحة الشيخ، كلنا إلى الموت قادمون، بمن نوصي من محبينا إذا متنا حتى لا ينوحوا علينا (¬1)؟ ج: الرجل يوصي أهله، وكذلك المرأة توصي أهلها بأن لا ينوحوا، يوصيهم كما حذرهم النبي صلى الله عليه وسلم. يقول: إياكم والنياحة ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (251).

علي. الرجل يوصي أهله، والمرأة توصي أهلها، توصي زوجها، والزوج يوصي زوجته، يوصي أهله، والله يقول في سورة العصر: {وَالْعَصْرِ} (¬1) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (¬2) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (¬3). التواصي لا بد منه؛ لأن المسلم أخو المسلم، والزوج يحب لزوجته الخير، والزوجة كذلك، والأب يحب لولده الخير، والولد كذلك، والولد يحب لأبيه وأمه الخير، فالتواصي لا بد منه؛ لأن النياحة تضر الميت وتضرهم، يأثمون، والميت يضره ذلك، فالتواصي بترك ذلك الذي يضر الجميع أمر مطلوب، فالله سبحانه يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} (¬4). نسأل الله للمسلمين التوفيق والهداية. ¬

_ (¬1) سورة العصر الآية 1 (¬2) سورة العصر الآية 2 (¬3) سورة العصر الآية 3 (¬4) سورة المائدة الآية 2

حكم التبرع بالأعضاء عند اليأس من الشفاء

279 - حكم التبرع بالأعضاء عند اليأس من الشفاء س: بالنسبة لبعض الناس، حينما ييأس مثلا من شفائه من مرض ما، ويكون إلى الموت أقرب فقد يتبرع بشيء من أعضائه كالعينين مثلا، أو ربما يبيعهما بيعا، فما الحكم في هذا (¬1)؟ ج: أنا حتى الآن لم يتضح لي الجواز، وبعض إخواننا قد أجاز ما يتبرع به الإنسان إذا كان لا يضره، أو بعد موته إذا لم يترتب عليه نزاع بين الورثة ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (52).

ولا فتنة، أما أنا فالذي يظهر لي عدم الجواز؛ لأن هذه أمور أعطاها الله العبد، وليس له التصرف فيها، بل يجب عليه أن يقف عند حده، ولا يتصرف في أعضائه، ويعلم أن المثلة محرمة في الحياة، وهذا نوع من المثلة، كونه يسمح أن يمثل به، فيؤخذ قلبه، أو أن تؤخذ كليته أو ما أشبه ذلك، أخشى أن يكون داخلا في النهي عن المثلة، وأخشى أن يكون عليه بهذا حرج، فأنا عندي التوقف في هذا، وأنا إلى المنع أميل، أما بعض العلماء فإنهم يجيزون بعض هذا. والبيع عندي حكم التبرع أو أشد؛ ذلك أن البيع ما أعلم له مجيزا، ما أعلم أحد من إخواننا العلماء أجاز البيع، إنما الخلاف هذا من أجل التبرع.

حكم إنفاذ وصية الميت بالحج عنه من تركته

280 - حكم إنفاذ وصية الميت بالحج عنه من تركته س: الأخ ر. ع. ج. ح. من اليمن، لواء حجة، يقول: أنا لي أم متوفاة إلى رحمة الله عز وجل من اثني عشر عاما، ولها أولاد ثلاثة توفي منهم اثنان، ولم يبق إلا الله عز وجل، وأنا العبد الفقير إلى الله، ووالدي ما زال على قيد الحياة، وله زوجة أخرى ولها أولاد لوالدي، والمرحومة الوالدة تركت شيئا بسيطا من المال، وأنا لم آخذ منه شيئا وهو مع والدي، وقبل وفاة المرحومة والدتي أوصتني بحجة لها، زيارة بيت الله الحرام مقابل هذا المال الذي تركته،

وهذا المال موجود طرف والدي الحي، وقد طلبت هذا المال من والدي، فرفض إعطائي أي مبلغ، علما بأن والدتي قالت: إنك لا تحج إلا من مالها الحقيقي الذي تركت، والسؤال الآن هو: هل يجوز في الشرع أن يستولي والدي على أموال المرحومة والدتي بدون وجه؟ وهل يصح أن أحج لها من أموالي الخاصة بي؟ الرجاء التكرم بالإفادة جزاكم الله عني خيرا (¬1) ج: أولا: يجب أن يقول: إلا الله، ثم أنا، وثانيا: قولك: المرحومة. هذا الجزم لا وجه له، ولكن تقول: والدتي رحمها الله. تدعو أو: غفر الله لها. ولا تقول: المرحومة والمغفور لها؛ لأن هذا لا يعلمه إلا الله، فالجزم بمثل: المرحومة والمغفور له. أمر لا يجوز؛ لأن أهل السنة والجماعة لا يشهدون لأحد برحمة، ولا مغفرة ولا جنة ولا نار، إلا من شهد الله له، أو شهد له رسوله عليه الصلاة والسلام بذلك، فمثل هذا الكلام يقع من كثير من الناس، يقول: فلان المرحوم، فلانة المرحومة، فلان المغفور له، وهذا لا ينبغي، بل الواجب أن يقول: غفر الله له، رحمه الله. من دون الجزم. وأما هذه الوصية فالواجب على أبيك وعليك، وعلى جميع الورثة أن ينفذوا وصيتها بالثلث فأقل، تكون الحجة فيما يبلغ الثلث فقط، أو ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (117).

أقل إذا كانت لم تحج، أو كانت قد حجت، فإذا كانت لم تحج الفريضة فينظر في حالها، فإن كانت مليئة في حياتها قادرة فالواجب إخراج الحجة، من مالها قبل كل شيء كالدين، يحجج عنها، أما إن كانت غير موسرة في حياتها، والمال الذي خلفت قليل، لا تكون به موسرة في حياتها فإن وصيتها تكون بالثلث فأقل، فالثلث يؤخذ من مالها، وتحج به أنت كما أوصتك به أمك، وإن تركت المال لأبيك وحججت عن والدتك من نفسك؛ لئلا يحصل بينك وبين أبيك نزاع وشنآن وبغضاء ووحشة فلا بأس، حج عنها من نفسك والحمد لله، وإذا تركت المال لأبيك فأنت على خير ومأجور؛ لما لأبيك من الحق العظيم، ولأن في ترك ذلك بعدا عن الشحناء بينك وبين أبيك، والمقصود حصول الحجة، فإذا حججت عنها من مالك، واستغنيت عن مالها مراعاة لخاطر أبيك فلا بأس بذلك ولا حرج، بل ذلك هو المطلوب وهو الأولى والأفضل؛ حسما لمادة النزاع بينك وبين والدك، والله المستعان.

حكم من أوصى بالذبح عند قبره أثناء الدفن

281 - حكم من أوصى بالذبح عند قبره أثناء الدفن س: السائل ح. إ. من اليمن يقول: إذا مات الرجل، وأوصى قبل موته أن يذبحوا رأسا من الغنم أو أكثر أثناء الدفن، وتقسم على الحاضرين، فهل أكلها جائز؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (395).

ج: هذه بدعة، لا تنفذ، هذه وصية بدعة، ليس لهم تنفيذها.

حكم من أوصى بدفنه في المدينة النبوية

282 - حكم من أوصى بدفنه في المدينة النبوية س: البعض من الناس يوصي بدفنه في المدينة المنورة، هل تنفذ مثل هذه الوصية؟ وهل لذلك فضل؟ (¬1) ج: الأقرب عدم التنفيذ، ولا حاجة إلى التنفيذ، يدفن في بلده مع المسلمين، ولا يكلف ورثته، ولا يكلف الناس، يدفن في بلده، إذا كان فيها مقبرة للمسلمين، وإلا يقبر في محل متحد عن الكفار، ولا حاجة للنقل. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (382).

حكم من أوصى بأن يدفن في قبر جدته

283 - حكم من أوصى بأن يدفن في قبر جدته س: رجل أوصى أن يدفن بعد موته في نفس القبر الذي دفنت فيه جدته؛ لأنها كانت محبوبة لديه في حياتها ويحبها بحجة أن المدة التي مضت على وفاتها فترة طويلة، وأصبح لا وجود للجثة في التربة، فهل تنفذ مثل هذه الوصية؟ (¬1) ج: السنة أن يحفر له قبر مستقل، ولا تنفذ، يبقى القبر لصاحبه، إلا عند الضرورة، لو كان هناك ضرورة ضيق في الأرض والبلد ضيقة، ما ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (377).

عندهم مكان، إذا بلي يدفن معه واحد، لكن ما دام ليس هناك ضيق فالسنة تبقى القبور على حالها، ويدفن في قبر مستقل، ولو كان يحبها كثيرا، بل يدفن في قبر مستقل، هكذا كانت السنة، وهكذا كان الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، يدفن كل واحد في قبر على حدة، إنما جمع الاثنين والثلاثة في وقعة أحد لما أصيبوا وشق عليهم أن يدفن كل واحد على حدة، صار يجمع الاثنين والثلاثة في قبر واحد في وقعة أحد، لكن في وقت السعة لا، كل واحد في قبر واحد، والحمد لله.

حكم إنفاذ وصية من أوصى بدفنه في مكان مخصص

284 - حكم إنفاذ وصية من أوصى بدفنه في مكان مخصص س: إذا أوصى الإنسان في حياته بأن يدفن في مكان مخصص، فهل تنفذ هذه الوصية، يعني عند الوفاة يدفن في المكان الذي اختاره قبرا له؟ (¬1) ج: إن كانت البقعة مناسبة، كأن يقول: في مقابر المسلمين، أو مع الجماعة في مقابر الجماعة، فلا بأس، أما أن يوصي في محل خاص في بيته، أو في محل آخر فردا دون الناس فلا، لا تنفذ له الوصية؛ لأن في بيته خلاف المشروع، وهو وسيلة أن يمتهن أو يغالى فيه، وفي مكان آخر وحده قد يمتهن، أو يغالى فيه، ولكن يدفن مع المسلمين في بلاده، وإن ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (103).

أوصى بنقله إلى بلاد أخرى فلا يجب التنفيذ؛ لما فيه من الكلفة وعدم الحاجة وعدم المشروعية، بل يدفن في مقبرة بلاده إن كان فيه مقبرة للمسلمين، يدفن معهم، ولا حاجة إلى نقله إلى محل يكلف مئونة، أو يكون في نقله إليه محذور آخر، كأن يدفن مع أناس معروفين بالبدعة، أو معروفين بالكفر والشرك، لا يدفن معهم، ينقل إلى مقابر المسلمين المعروفة في بلده ويكفي، والحمد لله، ولا حاجة إلى أن يتكلف الورثة نقله إلى بلاد أخرى. فإن تيسر مقبرة يقبر في مقبرة المسلمين، أما إن كان في بر أو مزرعة بعيدة عن الناس فيدفن في محل خاص في الأطراف حول المزرعة هو ومن يموت، يكون لا يمتهن بعيدا عن الامتهان، يكون قبرا بارزا معروفا على هيئات القبور، هذا لا بأس به، أما أن يدفن في مكان يمتهن؛ بالمياه أو بالوطء عليه أو ما أشبه ذلك فلا، لكن متى وجد مقبرة قريبة منهم نقل إليها حتى لا يمتهن، فإذا أوصى الإنسان أن يقبر في مقبرة أخرى غير ممتهنة فهو محق، والواجب على أهل البلد أن يصونوا مقابرهم، يصونوها بجدار أو بشبك من الشوك، أو بشبك من الحديد، أو غيره حتى لا تمتهن، والحكومة وفقها الله قد عمدت البلديات هنا بصيانة المقابر، وهي تصان إذا كتب إليهم بهذا وذكروا، صانوها والحمد لله، وإذا تساعد أهل البلد، وتعاونوا ولم يحتاجوا الحكومة فهذا خير وأفضل.

حكم إنفاذ وصية من أوصى بأن يدفن بجوار رجل صالح

285 - حكم إنفاذ وصية من أوصى بأن يدفن بجوار رجل صالح س: هل يصح أن يوصي الميت في حياته بدفنه في المكان الفلاني، أو إلى جانب الشخص الفلاني؟ وإن حصل شيء من ذلك فهل على أهله تنفيذ طلبه في دفنه حيث أوصى؟ (¬1) ج: لا بأس أن يوصي بأن يدفن في المقبرة الفلانية، أو بجوار فلان؛ لأنه قد يكون له قصد في هذا؛ لأنه من الصلحاء والأخيار، فلا بأس أن يدفن مع الصلحاء والأخيار، وإذا أوصى بذلك فلا بأس، وعلى الوصي أن ينفذ هذه الوصية إذا تيسر تنفيذها، أما إذا لم يتيسر تنفيذها؛ لعجزه عن ذلك أو لبعد المسافة، أو ما أشبه ذلك فلا حاجة إلى التنفيذ ويدفنه بأي مقبرة من مقابر المسلمين والحمد لله، وإذا كانت المقبرة بعيدة من بلد إلى بلد فلا وجه لهذه الوصية، ولا حاجة إلى تنفيذها، بل يدفن في مقبرة بلده إذا كانت مسلمة، أو في مقبرة أخرى من مقابر المسلمين ويكفي، ولا حاجة أن يتكلفوا من التركة أموالا لنقله بالطائرات أو غيرها، هذا لا حاجة إليه، أما ما دام أن هذه المقبرة للمسلمين فالحمد لله، ولا حاجة إلى تنفيذ هذه الوصية؛ لأن الوصية لا وجه لها شرعا، أما إذا كان دفن في المقبرة التي أراد لنفسه في نواحي البلد في أطراف البلد؛ لأنه يوجد فيها مقابر، واختار واحدة منها فالأمر في هذا واسع، والتنفيذ أولى. ولا ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (50).

يدفن معه أحد في قبر واحد، بل بجواره إذا تيسر المكان.

حكم الإكثار من تذكر الموت

286 - حكم الإكثار من تذكر الموت س: يقول هذا السائل: دائما يشرد ذهني فأتذكر الموت هل في ذلك حرج؟ (¬1) ج: ذكر الموت مطلوب، جاء في الحديث الصحيح: «أكثروا من ذكر هادم اللذات (¬2)» وهو الموت، فذكر الموت فيه مصالح، ومن أسباب الاستعداد للآخرة والتأهل للقاء الله عز وجل، فيستحب للمسلم أن يكثر من ذكر الموت، وأن يكون على باله حتى يحين وقت العودة للآخرة، أعاننا الله على الموت، وغفر لنا جميعا ما بعد الموت. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (321). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الزهد، باب ما جاء في ذكر الموت، برقم (2307)، والنسائي في المجتبى كتاب الجنائز، باب كثرة ذكر الموت، برقم (1824) وابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر الموت والاستعداد له، برقم (4258).

حكم الفزع الزائد عند تذكر الموت

287 - حكم الفزع الزائد عند تذكر الموت س: سائلة تقول: في بعض الأحيان أفكر في الموت، وأرتعد خوفا منه؛ لأنني قرأت كثيرا عن أهوال الموت، وأهوال يوم القيامة

لدرجة تجعلني أخاف من النوم، وإنني أعلم أن الموت حق، وأن البعث حق، ولكن هل أهوال الموت والقيامة تكون حسب صلاح الإنسان؛ بمعنى أنه إذا كان الإنسان صالحا تكون الأهوال سهلة عليه؟ وهل هذه الأهوال يتساوى فيها جميع الناس؟ وكيف الطريق للنجاة منها؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: المؤمن إذا قبضه الله يسر الله له كل خيرا، وصار قبره روضة من رياض الجنة، ولا يرى إلا الراحة والنعيم، وإذا اشتد عليه المرض، أو أسباب الموت قبل الوفاة فلا يضره ذلك، فقد اشتد هذا على النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته، فالمقصود أنه قد يشتد على الإنسان المرض، ثم يهون الله عليه خروج الروح، وتخرج براحة وطمأنينة، ويبشر برحمة الله ورضاه عند خروج الروح، يقول له ملك: أبشر برحمة من الله وفضل، فيحب لقاء الله ويحب الله لقاءه عند خروج الروح المؤمن والمؤمنة، فهو على خير عظيم، ويفرج الله له الكربات، ويسهل أموره، ولا يرى بعد الموت إلا الخير والنعيم، والراحة والطمأنينة في قبره، ويفتح له باب إلى الجنة، فيرى محله في الجنة، ويأتيه من ذلك المحل من ريحها وطيبها، وما فيها من النعيم، فهو على خير عظيم، الرجل والمرأة جميعا، فأبشري بخير كثير، ولا تخافي فالموت ليس بعده للمؤمن إلا الخير والنعيم العظيم، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (305).

والفائدة الكبيرة، والراحة والطمأنينة، الدنيا هي سجن المؤمن، فإذا مات انتقل من السجن إلى الراحة والنعيم، وإذا كانت المرأة مؤمنة بالله، وتؤدي حقوق الله سبحانه وتعالى فلتستبشر بالموت، ولا تفزع منه؛ لأنه حق.

مسألة في الإكثار من ترقب الموت

288 - مسألة في الإكثار من ترقب الموت س: السائلة ح. م. من الرياض تقول: أنا دائما أفكر في الموت وفي القبر، وإذا شعرت بأي ألم أحس بأنه الموت، وإذا تذكرت القبر لا أستطيع أن أنام إلا بعد فترة طويلة من التفكير والخوف الشديد، فهل هذا هو حال المؤمن الذي يخاف الله، ويرجو رحمته؟ (¬1) ج: نعم، هذا هو حال المؤمن الذي يخاف الله ويراقبه، ويخشى الموت، ويخشى عذاب القبر حتى يعد العدة، وحتى يعمل الصالحات، فإذا اجتهد في الخير، وعمل الصالحات، وكف نفسه عن المعاصي فليرتح، ولا يشغل نفسه بالوساوس، لا في نومه، ولا في غير نومه، لكن ما دام أن هناك أشياء يخشى منها من المعاصي فليحذر، ويذكر الموت، وليذكر عذاب القبر؛ حتى يستعين بذلك على كف نفسه عن المعاصي والشرور، فإذا هداه الله والتزم فينبغي له ترك الوساوس. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (435).

بيان كيفية معالجة الوسواس المتعلق بالموت

289 - بيان كيفية معالجة الوسواس المتعلق بالموت س: يسأل السائل ويقول: كيف يعالج الإنسان الخوف من الموت؟ لا سيما إذا كان يخاف ركوب - مثلا - الطائرة، ويقول: ربما تقلع الطائرة وقد أموت؟ (¬1) ج: يعالج هذا بالتوكل على الله وسؤاله العافية، والتعوذ بالله من الشيطان، من هذه الوسوسة، كل الناس يركبون الطائرات والسيارات، والإبل والبغال والحمير، ولا يضر، والحمد لله، لا يقع عليه إلا ما قدر له، فعليه أن يكون واثقا بالله، وأن يكون حسن الظن بالله، ويسأل ربه العافية ويحذر هذه الوساوس وهذه المخاوف التي لا أساس لها. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (409).

بيان أجر المريض الصابر وكيفية الصبر على المرض

290 - بيان أجر المريض الصابر وكيفية الصبر على المرض س: الأخت ر. ع. ع. من الزلفي، تقول: هل للمريض أجر إذا صبر؟ وما هي كيفية الصبر على المرض؟ (¬1) ج: له أجر عظيم إذا صبر واحتسب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «عجبا لأمر المؤمن؛ إن أمره كله له خير، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له (¬2)» فالصبر كون الإنسان ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والخمسون من الشريط رقم (428). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب المؤمن أمره كله خير، برقم (2999).

عند المرض لا يفعل ما يخالف الشرع، لا يشق ثوبا، ولا ينوح، ولا يفعل ما حرمه الله، بل يصبر ويحتسب ويتكلم بالكلام الطيب، هذا من الصبر. أما كونه يتشكى للناس: أنا كذا، أنا كذا. هذا خلاف الصبر، لكن مجرد الخبر عن مرضه لا بأس به، كونه يخبر أنه أصابه كذا، وأصابه كذا من غير شكوى للناس، أو يخبر الطبيب حتى يعالجه لا بأس، أما أن يفعل ما حرم الله من الصياح والنياحة، أو شق الثوب، أو لطم الخد، أو نتف الشعر، أو ما أشبه ذلك فهذا لا يجوز.

حكم أنين المريض أثناء المرض

291 - حكم أنين المريض أثناء المرض س: السائل ح. م. ح. من الرياض يقول: هل يجوز الأنين للمريض، أم هذا من الشكوى سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: الأنين لا بأس به، إذا تألم لا بأس، ليس من الشكوى، إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وصار فيه راحة له فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (394).

بيان أجر عيادة المريض

292 - بيان أجر عيادة المريض س: ما هو الأجر من الله عز وجل في زيارة المريض؟ وإذا كلمه في

التليفون هل يكفي هذا؟ (¬1) ج: السنة بعيادة المريض، الرسول أمر بعيادة المرضى عليه الصلاة والسلام قال: «عودوا المريض، وأطعموا الجائع، وفكوا العاني (¬2)» قال البراء بن عازب رضي الله عنه: «أمرني الرسول صلى الله عليه وسلم بسبع. ذكر منها عيادة المريض (¬3)» فالسنة أن يعود المريض، وإذا كلمه بالتليفون هذا فيه فضل، لكن ليس مثل الذي يعوده ويزوره في بيته، الذي يعوده ويزوره في بيته أفضل. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والأربعون من الشريط رقم (429). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب فكاك الأسير، برقم (3046). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب الأمر باتباع الجنائز، برقم (1239)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال، برقم (2066).

حكم تمني الموت بسبب الوجع

293 - حكم تمني الموت بسبب الوجع س: هل للشخص أن يتمنى الموت لوجع أصابه؟ (¬1) ج: ليس له ذلك؛ لأن الرسول نهى عن هذا عليه الصلاة والسلام، فقد ثبت عنه في الصحيحين في حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (100).

متمنيا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي (¬1)» هذا لا بأس، يقول: اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي. أما أن يقول: اللهم أمتني، اللهم عجل موتي، اللهم عجل وفاتي. فليس له ذلك؛ لأن عمر المؤمن لا يزيده إلا خيرا، قد تكون حياته فيها خير له، قد تمر عليه ساعات يكسب بها عملا صالحا، يقرأ قرآنا، يسبح الله، يصلي، يتصدق، إلى غير هذا من وجوه الخير، فكل ساعة تمر بالمؤمن أو المؤمنة، وكل دقيقة تمر بالمؤمن والمؤمنة ينتفع بها ولو بقوله: سبحان الله، أو الحمد لله، أو الله أكبر، أو لا إله إلا الله، أو أستغفر الله، ولهذا في اللفظ الآخر من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يتمنى أحدكم الموت، ولا يدعو من قبل أن يأتيه، فإن عمر المؤمن لا يزيده إلا خيرا (¬2)» فعمر المؤمن لا يزيده إلا خيرا؛ لما يكتسبه من الخير، من صلوات وصدقات وتسبيح وتحميد وتهليل وقراءة قرآن، واستغفار، إلى غير هذا من وجوه الخير. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب الدعاء بالموت والحياة، برقم (6351)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب كراهة تمني الموت لضر نزل به، برقم (2680). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب كراهة تمني الموت لضر نزل به، برقم (2682).

مسألة في موت الفجأة

294 - مسألة في موت الفجأة س: هل موت الفجأة من علامات القيامة؟ وهل هناك ما يعصم منه؟ وهل الاستعاذة منه كافية؟ (¬1) ج: جاء في بعض الأحاديث ما يدل على أن موت الفجأة يكثر في آخر الزمان وهو أخذة غضب للفاجر، وراحة للمؤمن، وقد يصاب المؤمن بموت الفجأة بسكتة أو غيرها، ويكون راحة له ونعمة من الله عليه؛ لكونه قد استعد واستقام وتهيأ للموت، واجتهد في الخير، فيؤخذ فجأة وهو على حال طيبة، على خير وعمل صالح، فيستريح من كروب الموت، وتعب الموت ومشاق الموت، وقد يكون بالنسبة إلى الفاجر، قد يقع هذا بالنسبة إلى الفجار، وتكون تلك الأخذة أخذة غضب عليهم، فهم فوجئوا على أشر حال. نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (138).

وصية في بر الوالدين بعد وفاتهما

295 - وصية في بر الوالدين بعد وفاتهما س: الأخ م. ط. ف. السوداني يقول: مرض والدي ومكث فترة في المستشفى، ثم أخرج من المستشفى رغما عنه وعنا نحن أبناءه، ثم توفي بعد أيام ثلاثة في البيت، نشعر بشيء من الحرج تجاه التصرف تجاه والدنا، هل يلحقنا إثم في خروجه من المستشفى؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (200).

ج: ما دام خروجه بغير اختياركم ليس عليكم شيء: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1). الإنسان لا يكلف ما لا يطيق: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬2). تدعون له بالمغفرة والرحمة، تتصدقون عنه، إذا كان والدكم يصلي، وصاحب خير فالحمد لله، اسألوا الله له المزيد من الحسنات ومضاعفة الخير، اسألوا له تكفير السيئات، وتصدقوا عنه وادعوا له بالمغفرة والرحمة، وأبشروا بالخير إن شاء الله، وهكذا الحج عنه والعمرة. ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16 (¬2) سورة البقرة الآية 286

مسألة في سواد وجه الميت عند الاحتضار

296 - مسألة في سواد وجه الميت عند الاحتضار س: إذا كان الإنسان يعاني من سكرات الموت، واسود وجهه والعياذ بالله من ذلك هل يدل على شيء؟ أم أن ذلك من سكرات الموت فقط والمعاناة منه؟ (¬1) ج: لا شك أن سواد الوجه عند الموت ليس علامة خير، بل هو علامة شر، ولكن ما دام ظاهره الإسلام يدعى له بالمغفرة والرحمة، ويرجى له الخير، ما دام مات على التوحيد والإسلام فالحمد لله. والمؤمن قد يبتلى بالسيئات والمعاصي ويموت عليها فيكون على خطر، قد يموت على ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (376).

الزنا ولم يتب، أو على عقوق والديه، أو قد يموت على شرب الخمر، أو أكل الربا، وقد يموت على معاص كثيرة، فهو بهذا على خطر، لكنه لا يخلد في النار، إن دخل النار؛ لأنه مسلم مات على التوحيد، فلو دخل النار ما يخلد فيها، ولكن يعذب على قدر معاصيه، ثم يخرجه الله من النار إلى الجنة، وقد يعفو الله عنه كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬1) سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 48

حكم قراءة سورة يس عند المحتضر

297 - حكم قراءة سورة " يس " عند المحتضر س: ما حكم قراءة يس عند الميت؟ (¬1) ج: جاء في حديث فيه ضعف أن النبي أمر بقراءة يس عند موتانا: «اقرءوا على موتاكم يس (¬2)» يعني عند المحتضرين، فسر العلماء هنا الموتى بالمحتضرين، المحتضر سمي بالميت؛ لأنه قرب الموت. ولكن الحديث ضعيف، فلا تسن على الصحيح؛ لعدم صحة الحديث، وبعض ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (28). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث معقل بن يسار رضي الله تعالى عنه، برقم (20314)، وأبو داود في كتاب الجنائز، باب القراءة عند الميت، برقم (3121)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء فيما يقال عند المريض إذا حضر، برقم (1448).

أهل العلم ظن صحته فاستحبها، وإذا قرئ من باب الوعظ إذا كان يعقل؛ ليستفيد بقراءة يس أو غيرها من القرآن هذا كله طيب، لكن الحكم بأنها سنة يحتاج إلى دليل، والحديث ضعيف عند أهل التحقيق؛ لأنه من رواية شخص يقال له: أبو عثمان. وهو مجهول.

حكم توجيه المحتضر إلى القبلة

298 - حكم توجيه المحتضر إلى القبلة س: كيف يكون وضع الإنسان حال موته؟ هل تكون أرجله نحو القبلة، أو تكون نحو الشرق ورأسه نحو الغرب، واتجاه وجهه نحو القبلة؟ وهل تغميض عيون الميت سنة؟ (¬1) ج: الكعبة قبلة المسلمين أحياء وأمواتا، فإذا ظهرت علامات الموت في الرجل، أو المرأة يوجه إلى القبلة يجعل على جنبه الأيمن، ويوجه وجهه إلى القبلة في أي مكان كان، سواء كانت القبلة في الغرب أو في الشرق أو في الجنوب على حسب البلدان، فإذا كان في بلد قبلته المغرب يوجه وجهه إلى المغرب كنجد، أو إذا كان في بلد قبلته للجنوب كالمدينة والشمال يوجه إلى الجنوب، وهكذا، على جنبه الأيمن، وإذا مات غمضت عيناه قبل موته، لكن عند خروج روحه تغمض عيناه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، ولا يقال عند موته إلا خيرا: ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (28).

اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم ثبته على الحق، ونحو هذا من الكلام الطيب، مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تدعو إلا بخير؛ فإن الملائكة تؤمن على ما تقولون (¬1)» فعند الميت لا يقال إلا خيرا؛ دعاء طيب من ذكر الله، من استغفار من الدعاء له بالمغفرة والرحمة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب في إغماض الميت والدعاء له إذا حضر، برقم (920).

مسألة في توجيه المحتضر والمقبور إلى القبلة

299 - مسألة في توجيه المحتضر والمقبور إلى القبلة س: الذي يحتضر هل يوجه وقت احتضاره إلى القبلة؟ وكذلك الميت في قبره هل يوجه إلى القبلة؟ (¬1) ج: هذا هو السنة، السنة أن يوجه إلى القبلة، القبلة قبلة المسلمين أحياء وأمواتا. المحتضر يوجه إلى القبلة، وفي القبر يوضع على جنبه الأيمن إلى جهة القبلة، هذا السنة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (398).

س: توجيه الميت إلى القبلة هل هو مشروع؟ (¬1) ج: نعم، سنة عند الموت، وفي القبر يوجه للقبلة على جنبه الأيمن. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (382).

س: ما حكم استقبال القبلة للمحتضر عند الموت؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (430).

ج: هذا هو الأفضل، وكذلك وضعه في القبر يوجه للقبلة، وعند الاحتضار كذلك.

حكم من ناول المريض شرابا وتوفي على إثره

300 - حكم من ناول المريض شرابا وتوفي على إثره س: تسأل المستمعة وتقول بأن لديها بنتا عمرها أربع سنوات، وكانت منذ ولادتها وهي مصابة بالشلل. وقد توفيت في المستشفى، وفي يوم وفاتها كانت في غيبوبة تامة منذ الصباح، ولم تأكل شيئا منذ الصباح، ولقد قمت بإعطائها بعض الحليب خوفا عليها من الجوع، وأول ما شربت هذا الحليب طلع من فمها وفارقت الحياة، وفي الحقيقة بأنني لم أعرف أنها ماتت إلا بعدما شاهدها الطبيب؛ لأنني لم أشاهد أحدا يموت أمامي سوى ابنتي هذه الصغيرة، وقد حدث هذا قبل ست عشرة سنة تقريبا، فهل علي كفارة علما بأنني لا أريد أن أعطيها هذا الحليب إلا لخوفي عليها من الجوع؟ أرجو إفادتي يا سماحة الشيخ (¬1) ج: ليس عليك شيء، أنت محسنة، والله يقول سبحانه: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} (¬2) وأنت بإعطائها الحليب محسنة، فلا حرج عليك ولا بأس، جاءها أجلها وتم، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (408). (¬2) سورة التوبة الآية 91

بيان وجوب تسديد ديون الميت بعد وفاته

301 - بيان وجوب تسديد ديون الميت بعد وفاته س: الأخ ع. ع. ع. من منطقة الباحة، الدفاع المدني بالمندق، يسأل ويقول: وضع مبلغ؛ أربعون ريالا فضة، ومبلغ سبعمائة وسبعون ريالا ورقا أمانة عند والدي، وقد احتاج إليها نظرا لظروف الحياة في ذلك الوقت، وقد طلبها أصحابها إلا أنها لم تكن موجودة عند والدي حين طلبها، وحيث كان والدي عازما على إعادة المبلغ، إلا أن أصحابها قد توفوا منذ ما يقارب من خمس عشرة سنة. أرجو التوجيه جزاكم الله خيرا، علما بأن والدي قد توفي منذ سبعة أشهر، والمبلغ لا يزال في ذمته، وجهوني كيف أتصرف؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب عليك البدار بتسديد المبلغ لأهله، من تركة أبيك إذا كان له تركة، يوفى منها هذا المبلغ، فعليك أن توصل المبالغ إلى أهلها، وإذا كانوا قد ماتوا فإلي الورثة، يدفع المال إلى الورثة؛ الفضة والورق جميعا، الفضة فضة والورق ورق، فعليك أن تسلم الفضة لأهلها والورق لأهله، إلا أن يتسامحوا فيأخذوا عن الفضة ورقا، عن كل ريال ريال، هذا إليهم، وإلا فالواجب عليك أن تدفع لهم الفضة التي تركوها عند والدك أمانة، أو قيمتها بمتاع أو ذهب أو فضة أو نحو ذلك، تعطيهم ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (144).

قيمتها أو ذاتها، عليك أن تسلم ذات الفضة أو ما يقابلها من القيمة، بالسعر الحاضر وقت التسليم لأهلها، أو للورثة أنفسهم، وعليك الدعاء لوالدك بالرحمة والعفو، وقد أساء في تصرفه فيها وتعطيل أهلها، أساء في هذا إساءة كبيرة، فنسأل الله أن يعفو عنه، وعليك أن تجتهد في إيصال هذا الحق إلى أهله، واستسماحهم حتى يدعوا لوالدك ويسامحوه، والله المستعان.

مسألة في تسديد ديون الميت

302 - مسألة في تسديد ديون الميت س: لي أخ توفي قبل اثنتي عشرة سنة، وقبل وفاته بعدة سنوات أخذ من أحد الأشخاص خمسين ريالا بدون علم هذا الشخص، واليوم مضى عليها أكثر من خمس عشرة سنة، هل أذهب إلى الشخص وأعطيه الفلوس، أم أتصدق بها على الفقراء؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب عليك رد النقود إلى صاحبها بأي طريقة، توصلها إليه وإذا كنت لا تحب أن يعلم ذلك توصلها إليه بطرق أخرى، لا يعلم أنها منك، ولكن مع التيقن أنها وصلت إليه، كأن يقول له الرسول: هذه أعطانيها لك إنسان يقول: إن عليه لك حقا. فيعطيها إياه وتبرأ ذمته، وليس لك ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (168).

ترك ذلك، بل عليك أن تسلمها له ما دمت تستطيع تسلمها له، فإن عجزت عن تسليمها له لكونه غائبا لا تعرف محله أو لكونه مات ولا تعرف ورثته فإنك تتصدق بها على الفقراء بالنية عنه مع التوبة والندم، والإقلاع والعزم ألا تعود لمثل ذلك، والله يعفو عن التائب سبحانه وتعالى، أما مع القدرة على إيصالها إليه، أو إلى ورثته إن كان ميتا فالواجب عليك إيصالها إليه بأي طريق.

س: لي أخ توفي منذ اثنتي عشرة سنة، وقبل وفاته بسنوات قليلة أخذ من الأقارب مبلغ خمسين ريالا بدون علم منه، وكان عمر أخي آنذاك سبع عشرة سنة، ماذا أفعل أنا حتى يعفو عنه الشخص الذي ذكرت؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب تسليم الخمسين لصاحبها، حتى يعفو عنه ويسمح عنه، وإن سمح بدون تسليم الدراهم، وعفا عن الميت فلا بأس، جزاه الله خيرا، وهذا في التركة إذا كان له تركة، أما إذا كان ليس لأخيك تركة، وتبرعت أنت بها من مالك فجزاك الله خيرا. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (177).

حكم من أخذ عارية وسرقت منه

303 - حكم من أخذ عارية وسرقت منه س: الأخت أ. أ. من العراق تقول: إن ابنا لها استعار ساعة من

زميله وسرقت منه، وتوفي وهي في ذمته، وهم لا يعرفون صاحب الساعة ويسألون كيف يتصرفون؟ (¬1) ج: إذا كانت عنده أمانة من زميله، وسرقت بغير تفريط منه فلا حرج عليه ولا يلزمه الضمان؛ لأنها أمانة، فإذا سرقت من يده وهو نائم، أو سرقت من صندوقه بأن كسر الصندوق أو ما أشبه ذلك فليس عليه ضمان؛ لأن زميله قد أذن له في ذلك، أنه يلبسها وجعلها عنده ليلبسها. أما إن كان زميله أعطاه إياها ليحفظها لديه، ثم جعلها في يده ولم يبال فهذا يضمن، وإذا كان صاحبها لا يعرف تصدقوا بقيمتها، اعرفوا قيمتها وتصدقوا بقيمتها؛ لأنه مفرط حين لبسها، حتى سرقت من يده وهو نائم أو غافل، أما إذا كانت سرقت من محل مأمون، مأمون المحل مثل صندوق، أو بيت مأمون كسر فهذا لا يضمن؛ لأنه لم يفرط، أما إن كان قد فرط في ذلك، بأن لبسها ونام وزميله لم يأذن له في لبسها، ولم يعطه إياها ليلبسها، ولكن ليحفظها لديه فهو مفرط، فإن عرفتم الزميل فأعطوه قيمتها، وإن لم تعرفوه تصدقوا بقيمتها على بعض الفقراء بالنية عن صاحبها، والله لا يضيع أجر المحسنين، بل يثيبكم أنتم على براءة الذمة، ويثيب صاحبها بإيصال الأجر إليه، سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (169).

بيان واجب الأبناء تجاه والدهم إذا مات وعليه دين

304 - بيان واجب الأبناء تجاه والدهم إذا مات وعليه دين س: توفي والدي وعليه دين سبعة دنانير ونصف، حسب ما يقول لي الناس وأمي، هل يمكن أن أوفي ذلك الدين عنه؟ (¬1) ج: هذا أحسن، يدفع عنه هذا الدين؛ لأن هذا تكشف عنه، فإذا كان هناك دين، وتيسر أن توفي عنه، أو خلف مالا فيقدم وفاء الدين؛ لما جاء في حديث الرجل الذي قدم للصلاة عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أعليه دين "؟ قالوا: نعم، درهمان. فتنحى صلى الله عليه وسلم وقال: " صلوا على صاحبكم " فقال رجل: يا رسول الله، هي علي. فتقدم وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (7). (¬2) أخرجه البخاري، كتاب في الحوالات، باب إن أحال دين الميت على رجل جاز، برقم (2289).

س: هذا السائل أبو عبد الله، يقول: ما جاء في حديث: «نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه (¬1)» فإذا مات المسلم وعليه دين فهل يقضي عنه الأبناء؟ وإذا لم يكن له تركة فما العمل مأجورين (¬2)؟ ج: الواجب أنه يقضي عنه الأبناء، أو غير الأبناء يعني من الورثة إذا ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: نفس ... ، برقم (1078). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (426).

كان له تركة، ولا يجوز لهم التساهل في هذا، أما إذا كان ما خلف تركة فلا يلزمهم شيء؛ إن قضوا عنه من باب التبرع هم مأجورون، وإلا فلا يلزمهم إذا كان ما خلفه تركة.

حكم من مات وعليه قروض بنكية

305 - حكم من مات وعليه قروض بنكية س: الأخت أ. أ. ح. من الدمام، وتقول: هل قرض البنك العقاري والزراعي يعتبر دينا على الشخص إذا استقرضه وتوفي قبل أن يسدده؟ ثم ماذا يجب على الورثة تجاه ذلك؟ لأنهم يريدون في الواقع راحة الميت، إذا لم يستطيعوا أن يسددوا البنك بسرعة، فما الحكم؟ (¬1) ج: فالقرض الذي للبنك العقاري ولغيره من البنوك الزراعية ونحوها مثل غيره من الدين، يجب أن يسدد في وقته في حق الحي والميت، وإذا مات الإنسان وعليه دين للبنك وجب أن يسدد من التركة في أوقاته، إذا التزم به الورثة، فإن لم يلتزموا سدد في الحال من التركة؛ حتى يستريح الميت من تبعة الدين، وقد جاء في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه (¬2)» لكن إذا كان الدين مؤجلا، والتزم الورثة أو بعضهم بأنه يؤدي في وقته فإنه يتأجل، ولا يحل ولا يضر ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (161). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه، برقم (1078)، وابن ماجه في كتاب الأحكام، باب التشديد في الدين، برقم (2413).

الميت؛ لأنه مؤجل، فإن لم يلتزم أحد به في وقته وجب أن يسدد من التركة؛ حتى يسلم الميت من تبعة ذلك. أما كون الدين على أقساط فيسدد كل قسط في وقته، يسدد في وقته، إلا إذا لم يوجد من الورثة من يلتزم بذلك فإنه يسدد الجميع من نفس التركة، كالدين الحال.

حكم من مات وعليه ديون أقساط شهرية

306 - حكم من مات وعليه ديون أقساط شهرية س: شخص مات وعليه دين لإحدى المؤسسات تسديد فواتير، وسوف يسدد هذا الدين على أقساط شهرية، تصل السنة أو أقل أو أكثر مثلا، حسب اتفاق تم بين الورثة وبين المؤسسة، هل ذمة الميت تكون معلقة حتى ينتهي من تسديد جميع الدين أو تبرأ من حين يبدأ في التسديد؟ ما هي وجهة نظركم في ذلك؟ وما هو الحل الذي ترونه مناسبا حتى تبرأ ذمة الميت؟ علما بأن هذه المبالغ تراكمت لدى المؤسسة؛ لأنه كان في تلك الفترة مريضا بالمستشفى، وجهونا جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: إذا كان الدين حالا وفي التركة سعة للقضاء وجب القضاء، ووجبت المبادرة بقضاء الديون كلها من دون تأخير، أما إن كانت الديون مؤجلة ¬

_ (¬1) السؤال من الشريط رقم (309).

فتبقى على آجالها، ولا حرج على الميت في ذلك، أو كانت التركة عاجزة ليس فيها ما يوفي الديون فلا بأس أن يؤجلوا وهم محسنون، لكن إذا كانت التركة فيها سعة فالواجب أن توفى الديون بسرعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «نفس المؤمن معلقة بالدين حتى يقضى عنه (¬1)» فالواجب البدار بقضاء الديون في التركة وعدم التأجيل وعدم التأخير، إلا إذا كانت الديون مؤجلة فهي تبقى على آجالها، إلا أن يسمح الورثة بتعجيلها، وهكذا لو كان الدين للبنك العقاري يبقى مؤجلا على حاله على أقساط، لكن إذا كان الميت ليس خلفه شيء فإن الورثة محسنون، فإذا عجلوا القضاء أو أجلوه فلا حرج عليهم، محسنون بكل حال. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه، برقم (1078)، وابن ماجه في كتاب الأحكام، باب التشديد في الدين، برقم (2413).

حكم من توفي والده وعليه دين لا يعرف قدره ولا صاحبه

307 - حكم من توفي والده وعليه دين لا يعرف قدره ولا صاحبه س: السائل/ م. ن. س. من الصومال. يسأل ويقول: توفي والدي وأنا صغير السن، وبعد أن كبرت سمعت أن عليه دينا، ولا أعلم مقدار هذا الدين، ولا من هو صاحب الدين، كما أن الذي أخبرني عن هذا الدين توفي إلى رحمة الله تعالى دون أن أعرف منه صاحب الدين، فكيف أعمل لأبرئ ذمة والدي من هذا الدين الذي لا أعرف مقداره ولا من هو صاحبه؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا. (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (197).

ج: لا يلزمك شيء يا أخي، ما دمت لا تعلم أهل الدين، ولم يطالبك أحد فلا يلزمك شيء والحمد لله، إلا إذا علمنا دينا بالبينة الشرعية، ولوالدك تركة توفي عنه من التركة، وإن كنت أوفيت من مالك فجزاك الله خيرا، أما ما دام الأمر هكذا، لا تعلم الدين ولا أهل الدين ولم يطالبك أحد، فلا شيء عليك، والحمد لله.

بيان كيفية تغسيل الميت

308 - بيان كيفية تغسيل الميت س: يسأل أخونا عن الطريقة الصحيحة لغسل الميت؟ كيف توجهون الناس؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الطريقة الصحيحة لغسل الميت المشروعة: أن الغاسل يبدأ فينجي الميت بخرقة، يضع على يده خرقة وينجيه، إن كان خرج منه شيء يرفعه بعض الشيء حتى يخرج ما تهيأ للخروج، يرفعه كالقاعد من غير جلوس كامل حتى يخرج، إن كان هناك شيء من بول أو غائط أو تهيأ فإن خرج شيء غسله ونظفه بالماء بخرقة بيده، ثم بعد ذلك يوضئه وضوء الصلاة. أما إن كان ما خرج منه شيء فليس هناك حاجة إلى الاستنجاء، بل يوضئه الوضوء الشرعي، يمسح فمه ومنخريه بالماء، ويغسل وجهه وذراعيه مع المرفقين ويمسح رأسه بالماء وأذنيه ويغسل رجليه، ثم بعد ذلك يغسل ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (151).

شعر رأسه بالماء والسدر، ثم بدنه؛ الشق الأيمن، ثم الأيسر ثلاث مرات، فإن احتاج إلى زيادة غسله خمس مرات أو سبع مرات كما أمر النبي بهذا عليه الصلاة والسلام، لما غسلوا ابنته زينب قال: «اغسلنها بثلاث أو خمس، أو أكثر من ذلك - إن رأيتن ذلك - بالماء والسدر - هذا السنة - واجعلن في الأخيرة كافورا (¬1)» هذا السنة، يكون في الغسلة الأخيرة شيء من الكافور؛ لأنه يطيب الرائحة ويصلب الجسم، والسدر مع الماء ينظف، هذا هو المسنون لغسل الميت؛ أولا: ينجيه إن كان خرج منه شيء، ثم يوضئه وضوء الصلاة، ثم يغسل رأسه بالماء والسدر، ثم يفيض الماء على جسده بالماء والسدر، يبدأ بالشق الأيمن، ثم الأيسر، ثم يعممه بالماء ثلاث مرات وإن احتاج إلى أكثر كأن يكون فيه وسخ زاد إلى خمس أو إلى سبع؛ حتى يزيل ما هناك من وسخ، ويكون الماء فاترا ليس بحار كثير وليس ببارد، بل يكون من الماء الفاتر الذي يعين على إزالة الأوساخ، من دون أن يكون حارا حرارة شديدة، يكون حارا حرارة خفيفة إذا دعت الحاجة إليه، وإن غسل بماء ليس بحار فلا بأس إذا كان ما هناك حاجة إليه، أما إذا كان هناك حاجة؛ كأن يكون فيه أوساخ تحتاج إلى ماء حار، يكون هناك ماء حار لا يؤذي، لكن مع السدر، هذا السنة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب غسل الميت ووضوئه بالماء والسدر، برقم (1253)، ومسلم في كتاب الجنائز، باب غسل الميت، برقم (939).

ولو غسل غسلة واحدة كفى، أو غسل غسلة واحدة ولم يكرر؛ لأنه نظيف كفى ذلك، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم في قصة الذي مات في عرفات لما سقط عن دابته، قال: «اغسلوه بالماء والسدر (¬1)». ولم يأمر بالتكرار، قال: «اغسلوه بالماء والسدر، وكفنوه في ثوبيه (¬2)» ولم يقل: ثلاثا. ولا غيرها، فدل على أنه يجزئ الغسلة الواحدة، لكن إذا دعت الحاجة إلى الثلاث، أو كررها للاحتياط فحسن؛ لأن الرسول قال في زينب: «اغسلنها ثلاثا (¬3)» تكرار الثلاث حسن، وإن دعت الحاجة إلى أكثر كذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب سنة المحرم إذا مات، برقم (1851)، ومسلم في كتاب الحج، باب ما يفعل بالمحرم إذا مات، برقم (1206). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب سنة المحرم إذا مات، برقم (1851)، ومسلم في كتاب الحج، باب ما يفعل بالمحرم إذا مات، برقم (1206). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب غسل الميت ووضوئه بالماء والسدر، برقم (1253)، ومسلم في كتاب الجنائز، باب غسل الميت، برقم (939).

بيان كيفية الصلاة على الميت

309 - بيان كيفية الصلاة على الميت س: ما هي كيفية غسل الميت والصلاة عليه (¬1)؟ ج: غسل الميت فرض كفاية، وهكذا الصلاة عليه، فإذا قام بغسله من يكفي سقط عن الباقين، وهكذا الصلاة، فغسله فرضه النبي صلى الله عليه وسلم حيث أمر بغسل الميت، فالواجب تغسيله، ويتولى ذلك العارف بذلك، الثقة الأمين، فيغسل جميع بدنه ويبدأ بتنجيته بخرقة، أي ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (61).

يرفعه قليلا؛ لعله يخرج منه ما كان متهيئا للخروج؛ من بول أو غيره، ثم ينجيه بماء وخرقة، ثم بعد ذلك يوضئه الوضوء الشرعي، فيمسح فمه بالماء، وأنفه بالماء ليزيل ما في الأنف، ويغسل وجهه ثلاثا أو ثنتين أو واحدة، والأفضل ثلاثا، ثم يغسل ذراعيه ثلاثا ثلاثا، أو واحدة واحدة، أو ثنتين ثنتين كالوضوء، ثم يمسح رأسه وأذنيه، ثم يغسل رجليه، ثم بعد ذلك يفيض الماء على جميع بدنه؛ يبدأ بالشق الأيمن، ثم الأيسر، وإذا تيسر غسله بالسدر كان أفضل، فإن لم يتيسر السدر فالصابون أو الإشنان لتنظيفه، ويعتني برأسه، يجعل في رأسه من السدر بعض الشيء؛ حتى يزيل ما فيه من أذى، ثم يفيض الماء على جسده كله بادئا بالشق الأيمن ثم الأيسر، والأفضل أن يكرره ثلاثا، فإن لم تكف الثلاث لوجود أوساخ كرره خمسا، فإن لم تكف كرره سبعا، كما جاء في حديث بنت النبي صلى الله عليه وسلم زينب رضي الله عنها، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «اغسلنها ثلاثا، أو خمسا، أو سبعا بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافورا، أو شيئا من كافور (¬1)» فإذا تيسر السدر جعل في الماء شيئا من السدر، وإن لم يتيسر جعل ما ينوب منابه مما ينظف؛ من صابون أو إشنان مما يحصل به التنظيف، ويكرر الغسل ثلاثا أو خمسا أو سبعا، ولو احتيج إلى أكثر فعل، هذا هو الغسل الشرعي للرجل والمرأة جميعا، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب غسل الميت ووضوئه بالماء والسدر، برقم (1253)، ومسلم في كتاب الجنائز، باب غسل الميت، برقم (939).

والرجل يغسله الرجال، والمرأة تغسلها النساء، ويجوز للزوج أن يغسل زوجته، وللزوجة أن تغسل زوجها، كل هذا ثابت، وقد غسل علي رضي الله عنه زوجته فاطمة رضي الله عنها، وغسلت أسماء بنت عميس زوجها أبا بكر الصديق، رضي الله عنهما جميعا، فلا حرج في ذلك، وهكذا السرية؛ الأمة التي يتسراها الرجل، المملوكة، إذا مات سيدها تغسله وهو يغسلها، يعني كالزوجة، وهكذا الصغير الذي دون السبع يغسله النساء والرجال؛ لأنه لا عورة له، فإذا بلغ سبعا غسله الرجال، وإذا بلغت الجارية سبعا غسلتها النساء، هذا هو المشروع. أما الصلاة فيجب أن يصلى عليه، الصلاة فرض كفاية، فلو صلى عليه واحد مكلف كفى، ولكن كلما كثر الجمع - إن تيسر العدد الكثير - فهو أفضل، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «ما من رجل يصلي عليه أمة من الناس يبلغون مائة إلا شفعهم فيه (¬1)» وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال عليه الصلاة والسلام: «ما من رجل مسلم يقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه (¬2)» وهذا يدل على أن وجود جماعة كثيرة في الصلاة ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب من صلى عليه مائة شفعوا فيه، برقم (947). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب من صلى عليه أربعون شفعوا فيه، برقم (948).

أفضل حسب الإمكان وحسب التيسير، وإلا فالواجب شخص واحد مكلف إذا صلى عليه كفى، ولكن إذا تيسر عدد كثير فهو أفضل، والأفضل لأهل الميت أن يتحروا له المساجد التي فيها العدد الكثير حتى يكون هذا أنفع له.

بيان ما يجزئ من غسل الميت

310 - بيان ما يجزئ من غسل الميت س: كان لي ثلاثة أصدقاء غرقوا في البحر وتوفوا –رحمهم الله - فقمت بغسلهم في المستشفى لكني لا أعرف الطريقة الصحيحة للغسل الشرعي، هل علي إثم؟ (¬1) ج: ما دمت عممتهم بالماء، غسلتهم بالماء غسلا كاملا فإنه يجزئ والحمد لله. أما الغسل الشرعي فإنه يبدأ أولا بالاستنجاء، إذا كان خرج منه شيء من بول أو غائط، يجعل المغسل رأسه على يديه ويلف خرقة على يده لينقي دبره وفرجه عن الأذى، ويصب الماء ويغطي ما بين السرة والركبة عن الأنظار، ثم بعد ذلك يوضئه الوضوء الشرعي، يمسح فمه وأنفه بالماء ويغسل وجهه وذراعيه ويمسح رأسه وأذنيه، ويغسل رجليه ثم يفيض الماء على رأسه بالماء والسدر على رأسه ثم على جنبه ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (181).

الأيمن ثم الأيسر، ثم يكمل غسله، هذا هو الأفضل، ويجعل في الغسلة الأخيرة كافورا، وهو طيب معروف يقوي الجسد ويطيب الرائحة، هذا هو الأفضل، وكيفما غسل أجزأه، المهم أن يعمه الماء ويزيل الأذى، لكن الأفضل أنه يبدأ بالاستنجاء ثم الوضوء الشرعي، ثم يغسله بالماء والسدر ثلاث غسلات، يغسل رأسه أولا بالماء والسدر ثلاث مرات، ثم يفيض الماء على جسده ثلاث مرات الأيمن ثم الأيسر ثلاث غسلات، فإن احتاج أزيد من ثلاث فخمس، فإن احتاج أكثر فسبع، يقطع على وتر هذا هو الأفضل وإن غسله واحدة أو ثنتين أجزأه ذلك، لكن الأفضل ثلاث فخمس فسبع إن احتيج إلى ذلك، والأفضل بكل حال ثلاث غسلات، لكن إن احتاج إلى أزيد، لأن عليه أوساخا كثيرة يكون خمسا، على وتر، فإن لم تكف زاد إلى سابعة، حتى يزيل الأوساخ وينظف الميت.

بيان فضل تغسيل الأموات

311 - بيان فضل تغسيل الأموات س: سماحة الشيخ، ونحن نتحدث عن تغسيل وتكفين الموتى، هل من كلمة تجاه من يقومون محتسبين بتغسيل الأموات، ويبتغون الأجر من الله عز وجل؟ (¬1) ج: نعم يستحب للمؤمن أن يساعد إخوانه المسلمين بتغسيل الميت، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (401).

والمرأة كذلك، وهذا من باب التعاون على الخير، الرجل الذي يحسن الغسل، والمرأة التي تحسن الغسل يشرع لهما جميعا أن يساعدوا في هذا الأمر الرجل يغسل الميت ويغسل زوجته أيضا، والمرأة كذلك تغسل الميتة من النساء، وتغسل زوجها، وإذا تعلمت وتعلم الرجل ذلك للإحسان فهذا خير عظيم وفضل كبير، لأن الناس يحتاجون إلى هذا، يحتاجون لمن يغسل موتاهم من الرجال والنساء، فيشرع للرجل أن يفعل ذلك ويحتسب، ويشرع للمرأة أن تفعل ذلك وتحتسب، لمسيس الحاجة إلى هذا الأمر، والأمر واضح بحمد الله، مبين وموضح في كتب أهل العلم في كيفية تغسيل الميت، يراجع كتب أهل العلم، ويستفيد في كتاب الجنائز في تغسيل الميت، فيوجد فصل في التغسيل، وقد وضح العلماء فيه الكيفية، فالمرأة تراجع والراجل يراجع، ويستفيد ويسأل أهل العلم عما أشكل عليه.

بيان كيفية تغسيل من توفي وهو جنب

312 - بيان كيفية تغسيل من توفي وهو جنب س: إذا توفي الإنسان وعليه غسل هل غسل الجنازة يكفي عن ذلك الغسل؟ (¬1) ج: الغاسل إذا كان يعلم ينويهما جميعا، وإذا كان لا يعلم سده ¬

_ (¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (414).

غسل الميت.

س: السائل / ص. ص. ع. سوداني مقيم في ساجر: من فاجأه الموت لسبب أو لآخر وهو جنب هل يكون آثما؟ (¬1) ج: لا يكون آثما، إذا كان ما فرط لا يكون آثما، إذا أخر غسل الجنابة أتى أهله بعد طلوع الشمس أو بعد الفجر، ثم إذا فاجأه الأجل الضحى ما عليه شيء، لكن يغسل عن نية الجنابة وعن نية الموت، يكفي غسل واحد. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (268).

313 - حكم غسل الزوج لزوجته إذا توفيت س: يقول: سمعت من بعض أئمة المساجد أنه إذا توفيت المرأة لا يجوز لزوجها أن يغسلها، وذلك بأنها أجنبية عنه بوفاتها، هل هذا صحيح؟ (¬1) ج: ليس بصحيح، الصواب أن له غسلها إذا ماتت، ولها هي أن تغسله إذا مات، لأن السنة ثبتت بما يدل على ذلك، وقد غسلت أسماء بنت عميس زوجها الصديق رضي الله عنه لما مات، وغسل علي رضي الله عنه زوجته فاطمة رضي الله عنها، المقصود أن تغسيل الزوج لزوجته، ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (311).

والزوجة لزوجها أمر لا بأس به، لأنه أعلم بها وهي أعلم بحاله، وقد بقيت العشرة بينهما فترة، فلا بأس ولا حرج في تغسيله لها وتغسيلها له.

حكم غسل المرأة لزوجها إذا توفي

314 - حكم غسل المرأة لزوجها إذا توفي س: هل للمرأة أن تغسل زوجها عند وفاته؟ (¬1) ج: نعم للمرأة أن تغسل زوجها، لأن النبي قال لعائشة: «لو مت قبلي لغسلتك (¬2)» وعلي رضي الله عنه غسل فاطمة، وأسماء بنت عميس غسلت الصديق أبا بكر زوجها، فلا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (327). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عائشة رضي الله عنها برقم (25908)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز باب ما جاء في غسل الرجل امرأته وغسل المرأة زوجها برقم (1465).

حكم تغسيل الرجل لمحارمه من النساء

315 - حكم تغسيل الرجل لمحارمه من النساء س: هل يحق للرجل أن يغسل من مات من محارمه، وذلك مثل والدته، أو ابنته أو عمته وخالته، أم يقتصر على غسل الزوجة فقط؟ (¬1) ج: ليس للرجل أن يغسل المرأة، سواء كانت أمه أو أخته أو بنته إلا الزوجة فقط أو السرية التي يملكها ويباح له جماعها وهي مملوكة، وما ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (382).

عداهما من النساء ليس للرجل تغسيلها، ولكن يغسل النساء النساء، ويغسل الرجال الرجال إلا الزوجة فقط، فقد غسل علي فاطمة رضي الله عنها، وقد غسلت زوجة الصديق أسماء بنت عميس غسلت زوجها الصديق رضي الله عنه، وهكذا السرية مثل الزوجة، السرية المملوكة التي يحل له جماعها، لأنها مملوكة له ملكا شرعيا، فإنها تغسله ويغسلها كالزوجة، أما كونه يغسل أمه أو بنته فلا، ولكن إذا كان ما عندهم امرأة تيمم، يمسح وجهها ويديها بالتراب، ييممها ويكفي، إذا كان ما عندهم نساء، ولا زوج لها فإنها تيمم، يعني وليها يمسح وجهها بالتراب ييمم وجهها وكفيها ثم يصلي عليها.

حكم غسل الأبناء لأمهم إذا لم يوجد من يغسلها

316 - حكم غسل الأبناء لأمهم إذا لم يوجد من يغسلها س: السائل / أ. ع. من اليمن يقول: امرأة ماتت، وليس في القرية مغسلة تغسلها، وزوجها قد مات أيضا من قبلها، والسؤال: هل يجوز لأبنائها أن يقوموا بتغسيلها؟ (¬1) ج: إذا ماتت المرأة ولم يوجد من يغسلها من النساء فإنها تيمم، أولادها ييممونها بالتراب لوجهها وكفيها، ويكفي بنية غسل الميت، وليس لهم النظر إلى عورتها ولا تغسيلها، إن وجد امرأة تغسلها فالحمد لله، وإن لم ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (427).

يوجد أحد فإنها تيمم، ولكن في الغالب أنه ما دامت في القرية إذا التمسوا وجدوا، ولكن إن قدر أنهم لم يجدوا فإنها تيمم، ييممها أولادها بالتراب فهو طهور، في الوجه والكفين بنية غسل الميت ويكفي.

س: توفيت امرأة في مكان ليس فيه مغسلة، ولا زوج لها، بل يوجد فيه ابنها، فهل يقوم ابنها بتغسيلها أم لا يقوم؟ (¬1) ج: الأرجح أنه لا يقوم بتغسيلها، بل تيمم، ييممها وليها، يضرب التراب بيديه ويمسح بها وجهها وكفيها بنية غسل الموت ويكفي، لأن المرأة لا يغسلها إلا أحد شخصين، إما امرأة، وإما الزوج والسيد الذي تباح له، أما في هذه الحال الذي لا يحضرها سوى ابنها أو أخيها أو عمها أو أجنبي فإنها تيمم على الراجح، يعني يضرب التراب بيديه ويمسح بهما وجهها وكفيها بنية تغسيلها عن الموت، وصفة التيمم كصفة تيمم الصلاة، فالتيمم عن الميت هو والصلاة سواء سواء، وجهها وكفيها مثل الصلاة، مثل الذي عليه جنابة ولا عنده ماء، كما بين الله ذلك في سورة المائدة. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (1).

حكم تغسيل الرجل الأجنبي للمرأة المتوفاة

317 - حكم تغسيل الرجل الأجنبي للمرأة المتوفاة س: توفيت امرأة في القرية، وغسلها رجل أجنبي وابنها موجود،

وزوجة ابنها موجودة، ونساء كثيرات أيضا، أما كان منه أن يعلم أحد هؤلاء النساء بدلا من هذا الرجل الأجنبي، لغسل هذه الميتة، فما الحكم في فعله هذا؟ (¬1) ج: هذا العمل منكر، وليس للرجل أن يغسل المرأة التي ليست زوجة له، وليست أمة له، والواجب أن يغسلها النساء، هذا هو الواجب، وهذا خطأ، وعليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، وعلى ابنها التوبة إلى الله حيث تساهل في هذا الأمر، والواجب أن يغسل النساء النساء، إلا الزوجة يغسلها زوجها لا بأس، والأمة المملوكة التي تحل لسيدها فإنه يغسلها أيضا، أما غيرهن فلا، الرجال لا يغسلون النساء ولو كان محرما لها، ولو كان أباها، ولو كان أخاها، ولو كان عمها، ليس لهم تغسيلها، يغسلها النساء. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (48).

حكم تغسيل المرأة للأطفال الذكور

318 - حكم تغسيل المرأة للأطفال الذكور س: ما رأيكم في امرأة عمرها حوالي عشرين عاما تغسل الصبية والأولاد الصغار إذا توفوا؟ (¬1) ج: إذا كانوا دون السبع فلا بأس أن تغسلهم، إذا كان الصبي دون السبع ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (128).

فإنه تغسله المرأة ويغسله الرجل، وهكذا البنت الصغيرة دون السبع يغسلها الرجل والمرأة جميعا، فإذا بلغ الذكر سبعا غسله الرجال، وإذا بلغت الجارية سبعا غسلها النساء، وما دون السبع أمره واسع من الرجال والنساء.

حكم ترك ضفر شعر المرأة المتوفاة بعد غسلها

319 - حكم ترك ضفر شعر المرأة المتوفاة بعد غسلها س: من / ش. أ. س. من القنفذة، تقول السائلة: عندما توفيت والدتي لم نضفر شعرها ثلاثة قرون كما هو معروف، وذلك لارتباكنا في ذلك الوقت، وإنما ترك كما هو بتمشيط يديها قبل الوفاة ضفيرتين، ولم يوضع طيب كاف، فهل علينا حرج في ذلك يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: ليس عليكم حرج في ذلك والحمد لله، لأن الضفر الثلاثة مستحب وليس بلازم، فتركهم إياها ضفيرتين لا حرج فيه، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (356).

بيان الرد على من ادعى بعدم جواز تغسيل المرأة للمتوفيات ولم ينقطع عنها الحيض

320 - بيان الرد على من ادعى بعدم جواز تغسيل المرأة للمتوفيات ولم ينقطع عنها الحيض س: هذه السائلة / م. من المنطقة الشمالية، تقول في سؤالها: تذكر بأنها امرأة متزوجة تبلغ من العمر الثامنة والثلاثين تصلي وتصوم وقد قامت بالتعلم في كيفية تغسيل النساء المتوفيات،

ولقد قامت امرأة كبيرة تقول لها بأنه لا يجوز لهذه المرأة أن تقوم بتغسيل الميت، لكونها ما زالت امرأة يأتيها العذر الشرعي، وحلفت يمينا بأن لا تغسل أحدا، ثم اضطرت لتغسيل ميتة، لأن أهلها لم يجدوا من يقوم بتغسيلها، وقامت بذلك، هل هذا صحيح بأن المرأة لا تغسل النساء لكونها تأتيها العادة الشهرية؟ (¬1) ج: هذا كلام باطل، لها أن تغسل ولو تأتيها العادة، المقصود أن المرأة تغسل النساء أو تغسل زوجها ولا بأس، سواء كانت تأتيها العادة، أو ما تأتيها العادة، والأمر في هذا واسع والحمد لله، سواء شابة أو كبيرة، تأتيها العادة أو ما تأتيها العادة، أما هذه التي حلفت فعليها كفارة يمين عن يمينها، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، كيلو ونصف من قوت البلد من تمر أو غيره، أو كسوتهم كل واحد له قميص أو إزار ورداء عن يمينها، وأما التي قالت لها: لا تغسلي وأنت تأتيك العادة، هذا غلط، فالمرأة تغسل النساء وتغسل زوجها مطلقا، سواء كانت شابة تأتيها العادة أو عجوزا. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (401).

حكم تقليم أظفار الميت وقص شاربه وحلق عانته

321 - حكم تقليم أظفار الميت وقص شاربه وحلق عانته س: إذا مات الميت شرعوا في ختانه وتقليم أظفاره وحلق عانته، فهل

هذا جائز أم لا؟ (¬1) ج: أما تقليم أظفاره وقص شاربه فهذا حسن، وأما حلق العانة فلا حاجة إليه ولا وجه له. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (23).

حكم الوضوء أو الغسل بعد تغسيل الميت

322 - حكم الوضوء أو الغسل بعد تغسيل الميت س: ما حكم من غسل ميتا؟ هل يجب عليه الغسل أم الوضوء، أم غير ذلك؟ (¬1) ج: من غسل ميتا فينبغي له أن يتوضأ لأنه أفتى بهذا جماعة من الصحابة، فينبغي أن يتوضأ وضوء الصلاة، يتمسح يتمضمض ويغسل وجهه وذراعيه ويمسح رأسه مع أذنيه، ويغسل قدميه هذا الوضوء الشرعي، ينبغي له أن يتوضأ خروجا من خلاف العلماء، وعملا بما أفتى به بعض الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، أما الغسل فلا يجب عليه، وإذ اغتسل فهو أفضل، الغسل (التروش) أفضل ولا يجب، وجاء في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يغتسل من غسل الميت، فإذا غسل ميتا شرع له أن يغتسل (يتروش) وأما الوضوء فيجب عند جمع من أهل العلم، وإذا غسل فرجه وجب الوضوء بكل حال، لكن ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (21).

مشروع للذي يغسل الميت أنه لا يمس الفرج، بل يغسله من وراء خرقة، يغسل فرجه بخرقة، لا يلمس الفرج، لكن لو قدر أنه لمسه جهلا أو خطأ فإنه ينتقض وضوؤه بكل حال، لكن لو غسله بخرقة ولم يمس الفرج لا الدبر أو القبل فإنه ينبغي أن يتوضأ وضوء الصلاة فقط، هذا يجب عند جمع من أهل العلم، وأما الغسل فلا يجب، قولا واحدا، بل يستحب استحبابا ويشرع ذلك، قال بعض أهل العلم، ولعل الحكمة في ذلك أن تقليب الميت مما يوهن القوى ويضعف القوى، لأن الإنسان يتذكر الموت، ويتذكر حال القبر، فيحصل له ضعف في قواه وانهيار، فشرع الله الغسل حتى يستفيد من ذلك، وحتى يقوى وينشط البدن للضعف الذي أصابه.

بيان كيفية غسل الميت وتكفينه

323 - بيان كيفية غسل الميت وتكفينه س: أرجو إيضاح صفة غسل الجنازة وتكفين الميت، والفرق بين تكفين الذكر والأنثى؟ (¬1) ج: غسل الميت فرض كفاية، لأن الرسول أمر بغسل الموتى، فيغسل كما يغتسل المؤمن الحي، يغسل جميع جسده من رأسه إلى قدميه، يعمم بالغسل مرة واحدة هذا الواجب، والأفضل أن يبدأ بمواضع الوضوء، ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (51).

لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بالبدء بمواضع الوضوء، فيمسح أسنانه وأنفه ويغسل وجهه ثلاثا أفضل، وذراعيه مع المرفقين ثلاثا، ويمسح رأسه مع أذنيه ويغسل قدميه ذكرا كان أم أنثى، ثم يصب الماء على رأسه ثلاث مرات، ويغسل بماء وسدر ثم يفرغ الماء على جسده، بادئا بالشق الأيمن قبل الأيسر، حتى يعم البدن مرة واحدة هذا الواجب، وإذا كرره ثلاثا يكون أفضل، أو خمسا أفضل، وترا هذا هو الأفضل وإذا كان به أوساخ أو لصوقات يزيد في الغسل، حتى تزول الأوساخ واللصوقات ولو إلى سبع لكن وترا أفضل، حتى تزول الأوساخ واللصوقات، وينقى البدن بالماء والسدر، ويستحب أن يكون فيه كافور في الغسلة الأخيرة، شيء من الكافور، لأن هذا يطيب الجسد، ويصلبه ويقويه ويطيب الرائحة، ثم يكفن في ثوب يستره جميعا من رأسه حتى قدميه قطعة من الثوب تستره، والأفضل في ثلاث لفائف كما كفن الرسول صلى الله عليه وسلم في ثلاث لفائف، يبسط واحدة فوق واحدة ثم تلف عليه، ثم يحزم ما فوق رأسه وما تحت رجليه بحزام، وهكذا وسطه تربط العقد على رأسه وعلى رجليه ووسطه حتى لا يخرج الكفن من أطرافه، فوق الرأس تربط وأطرافه بعد الرجلين تربط، وهكذا وسطه حتى يستقر، وحين وضع في اللحد شرع حل هذه العقد، وتبقى على حالها، تفك وتبقى على حالها، وإن كفن في قميص مقطع، يعني ولفافة ومئزر كفى ذلك، والمرأة تكون في قميص ومئزر وخمار على

رأسها ولفافتين هذا أفضل، خمس قطع إزار وقميص مدرعة وخمار على رأسها، ثم تلف بلفافتين وتحزم ما فوق الرأس وما تحت الرجلين والوسط، حتى ينضبط الكفن، هذا هو الأفضل، واحد يتولى هذا الشيء، وآخر يصب عليه الماء والعورة مستورة ما بين السرة والركبة، تستر ويصب الماء عليه حتى ينقى مثل ما تقدم، وفي أول غسلة عندما ينجى من الخرقة يرفع قليلا برفع رأسه وظهره، حتى يتهيأ إن كان هناك شيء يخرج، ثم ينظف بالخرقة فرجه وينجى بالماء، حتى يزول إن كان خرج شيء ثم يوضأ الوضوء الشرعي جميع أطرافه كما تقدم مواضع الوضوء، يبدأ بمسح الفم والأنف وغسل الوجه ثم اليدين ثم مسح الرأس مع الأذنين ثم الرجلين كما تقدم، ثم يعمم الماء هذا هو المشروع في حقه، وهو غسل واجب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اغسلوه بماء وسدر " للذي مات في عرفات، وأمر النساء أن يغسلن ابنته بثلاث أو بخمس أو بسبع وترا عليه الصلاة والسلام، وأمر أن يبدأ بميامينها وبمواضع الوضوء منها عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أن ذلك هو الأفضل وهو الأكمل، ويكون في الماء سدر، وأمرهم أن يكون في الأخيرة شيء من الكافور كما تقدم. والذي يغسله يستحب له الغسل، كان النبي صلى الله عليه وسلم

يغتسل من غسل الميت، إذا فرغ يغتسل بعد ذلك غسلا، هذا هو الأفضل، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يجب عليه الوضوء بعد تغسيل الميت، قاله جمع من أهل العلم، ورد عن بعض الصحابة، فإذا توضأ الوضوء الشرعي واغتسل يكون أفضل.

بيان الأفضل في أنواع الكفن

324 - بيان الأفضل في أنواع الكفن س: يسأل السائل ويقول: هل يجوز أن نلبس الميت قميصا وسروالا وعمامة، ثم نقوم بلفه بثلاثة أثواب بيضاء؟ أفيدونا بذلك (¬1) ج: الأفضل ثلاث لفائف هذا هو الأفضل، وإن كفن في قميص وإزار ولفافة فلا بأس، وإن كفن في لفافة واحد فلا بأس، ولكن الأفضل ثلاث لفائف هذا هو الأفضل كما فعل بالنبي صلى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (419).

حكم إلباس القميص للميت

325 - حكم إلباس القميص للميت س: يسأل المستمع ويقول: هل الميت يلبس ملابس غير الكفن عند الدفن ذكرا كان أم أنثى، أم يكتفى بالكفن؟ (¬1) ج: السنة الاكتفاء بالكفن، الكفن يكفي، إذا كفن الرجل بثلاثة أثواب، هي لفائف يلف فيها، هذا هو الأفضل، أو لفافة واحدة يلف فيها يكفي، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (278).

وإن لبس قميصا مع اللفافة فلا حرج، لكن الأفضل ثلاث لفائف تبسط بسطا، ثم تلف الأولى ثم الثانية ثم الثالثة، ثم تربط عليه عند رأسه وعند وسطه وعند رجليه، والمرأة كذلك تلبس إزارا وقميصا وخمارا ثم لفافتين، ويكفيها هذا، ولا حاجة إلى زيادة على هذا.

الرد على من زعم أن الميت يعرف من يغسله

326 - الرد على من زعم أن الميت يعرف من يغسله س: استمعت في خطبة صلاة الجمعة عن كيفية تغسيل وتكفين الميت، وعرفت في تلك الخطبة كما قال الخطيب: أن الميت يعرف من يغسله ومن يكفنه، وحينئذ بدأ يتردد في ذهني سؤال: كيف يكون ذلك؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا لا أصل له، وليس هناك دليل يدل على أن الميت يعرف من غسله ومن كفنه، وهذا قول على الله بغير علم، فالسنة أن يغسل ثلاثا أو خمسا أو سبعا حسب حاجة الميت، والأفضل ألا تنقص عن ثلاث غسلات، وإن غسله مرة كفى، لكن الأفضل أن يكرر ثلاثا أو خمسا حتى يكون أنظف، وإن دعت الحاجة إلى سبع فلا بأس، ثم يكفنه، والأفضل في ثلاثة أثواب بيض، هذا هو الأفضل، يلف عليه الأولى ثم الثانية ثم الثالثة، وإن كفنه في ثوب واحد عمه كله فلا بأس وأجزأ، ويطيب الميت ¬

_ (¬1) السؤال من الشريط رقم (323).

بأنواع الطيب في رأسه وفي لحيته وفي مغابنه، كل هذا جيد كما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم إلا إذا كان مات وهو محرم فلا يطيب ولا يغطى رأسه ولا وجهه، يكفن في إزاره وردائه، يكون رأسه ووجهه مكشوفا إذا كان محرما، أما المرأة ولو كانت محرمة تكفن في كفن يعمها ويسترها كلها، بخلاف الرجل لأنها عورة، فتكفن - ولو كانت محرمة - كفنا يسترها كلها حتى وجهها، لأن الممنوع في وجهها النقاب، ولكن تستر بغير النقاب بالكفن والحمد لله.

حكم قيام الجنب بتجهيز الميت

327 - حكم قيام الجنب بتجهيز الميت س: من السودان الذي رمز لاسمه / د. م. ع. يقول: سؤالي الأول: من جهز ميتا وعليه جنابة فما الحكم في ذلك؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا حرج في ذلك، لا حرج والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (357).

بيان فضل الشهداء

328 - بيان فضل الشهداء س: تقول السائلة: من هو الشهيد بالمعنى الشرعي؟ (¬1) ج: بينه النبي صلى الله عليه وسلم الشهداء كثير، وأعظمهم وأفضلهم: الشهيد في سبيل الله المقتول في سبيل الله، ومنهم: المبطون، الذي ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (408).

يموت بالبطن، ومنهم: من يموت بالطاعون، هذا أيضا شهيد، مع جماعة قد بينهم النبي عليه الصلاة والسلام، لكن أفضلهم وأعظمهم الشهيد في المعركة، وصاحب الهدم شهيد، وصاحب الحريق شهيد، والمرأة التي تموت بسبب الولد بسبب النفاس شهيدة.

س: تقول هذه السائلة: النبي صلى الله عليه وسلم عد الشهداء في الصحيح، فذكر منهم المقتول في الجهاد، والمبطون والحريق والنفساء يقتلها ولدها، فهل لهؤلاء حق أجر الشهادة المذكورة عن النبي صلى الله عليه وسلم: للشهيد سبع خصال؟ وكيف إن كان أحد هؤلاء من العصاة؟ (¬1) ج: الشهيد له ما وعده الله من الأجر، والأمر بيد الله سبحانه وتعالى، والعاصي تحت المشيئة، إن شاء الله عفا عنه، وإن شاء عاقبه على معصيته، فالشهداء لهم أجرهم، ويرجى لهم الخير العظيم، إذا كانوا مخلصين في جهادهم وفي أعمالهم فلهم أجرهم، وهكذا من ذكره النبي صلى الله عليه وسلم، كالمطعون والمبطون، وصاحب ذات الجنب، هؤلاء الشهداء فأمرهم إلى الله جل وعلا، لكن لهم فضل الشهادة، وأمر المعاصي تحت مشيئة ربهم جل وعلا إن شاء غفر لهم وإن شاء عذبهم. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (406).

بيان الفرق بين أرواح الشهداء وأرواح الصالحين في الحياة البرزخية

329 - بيان الفرق بين أرواح الشهداء وأرواح الصالحين في الحياة البرزخية س: إن الله تبارك وتعالى لم يخبر عن الأموات أنهم أحياء إلا الشهداء، ففي أي حالة تكون أرواح الصالحين الذين لم يموتوا شهداء؟ وهل هناك فرق بينهم في حياة البرزخ؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الشهداء من شرفهم وفضل عملهم بين الله سبحانه أنهم أحياء عند ربهم يرزقون حياة خاصة، حياة برزخية وهم أموات، وقد حكم فيهم بأحكام الموتى، لكن أحياء، لأن أرواحهم في نعيم الجنة في أجواف طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت ثم تأوي، إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: بأنها معلقة تحت العرش، كما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام فهو شرف لهم، وحث لهم على الجهاد في سبيل الله، وهكذا أرواح المؤمنين عند الله، أي في الجنة أحياء عند الله في الجنة، لكنهم دون الشهداء، جاء في الحديث الصحيح: «إن روح المؤمن طائر يعلق في شجرة الجنة (¬2)» روح المؤمن يجعلهم الله طائرا يعلق في شجر الجنة ويأكل من ثمارها، حتى يعيدها الله إلى جسده، وهذا فضل عظيم وهكذا أرواح الكفار حية تعذب في البرزخ، وفي النار في البرزخ مع ¬

_ (¬1) السؤال من الشريط رقم (256). (¬2) أخرجه النسائي في كتاب الجنائز، باب أرواح المؤمنين، برقم (2073)، وابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر القبر والبلى، برقم (4271).

الجسد، الأجساد في الأرض وهي تعذب في النار، والجسد والروح يوم القيامة يعذبان في النار أيضا نسأل الله العافية، فالمؤمنون ينعمون في البرزخ وفي الجنة أرواحا وأجسادا، والكفار يعذبون في البرزخ وفي النار أرواحا وأجسادا، وللروح نصيبها وللجسد نصيبه، ولم لم يقع به إلا القليل فالواجب على كل مسلم أن يحذر، وأن يعد العدة إلى لقاء ربه، وأن يبتعد عن كل ما حرم الله عليه، والعاصي على خطر، وإذا مات على المعاصي هناك خطر من عذاب في القبر، ومن عذاب النار، وإن كان لا يخلد فيها لو دخلها لكنه على خطر، الواجب الحذر من المعاصي كلها لعل الله أن ينجيه من شرها، وقد «ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى شخصين يعذبان في قبريهما، أحدهما: يعذب بالنميمة، كان يمشي بالنميمة وهي معصية كبيرة من كبائر الذنوب، والثاني: يعذب لأنه ما كان يستنزه من البول (¬1)» ما كان يتحرص من البول، هذا يفيد أهمية الحذر من المعاصي، ويفيد الحذر من التساهل في البول. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله، برقم (216)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه، برقم (292).

بيان أنواع الشهداء ومراتبهم في الفضل

330 - بيان أنواع الشهداء ومراتبهم في الفضل س: أختنا تقول: أخبروني عن الشهداء جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (127).

ج: الشهداء أنواع: أفضلهم الشهيد في سبيل الله الذي يقتل في قتال الكفار، أو قتال البغاة، ويموت في المعركة بنية صالحة، يقصد ثواب الله، ويريد نصر دينه، فهذا هو أفضل الشهداء، والله وعدهم الجنة، ومن الشهداء من يموت بمرض الطاعون المعروف، ومرض البطن وهو الإسهال، أو بالغرق أو بالهدم، كل هؤلاء من الشهداء كما قال عليه الصلاة والسلام.

حكم إطلاق لفظ الشهيد على المتوفى بسبب حادث سيارة

331 - حكم إطلاق لفظ الشهيد على المتوفى بسبب حادث سيارة س: الأخ / ع. ح. ع. يقول: المتوفون في حوادث السيارات هل هم شهداء؟ (¬1) ج: يرجى لهم الشهادة، لأنهم من جنس صاحب الهدم، صاحب الهدم شهيد، صاحب الغرق شهيد، وصاحب حادث بالسيارة الذي يصدم، أو تنقلب به السيارة حتى يموت هو من جنس صاحب الهدم، نرجو له الشهادة. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (169).

حكم تارك الصلاة إذا توفي ببعض أسباب الشهادة

332 - حكم تارك الصلاة إذا توفي ببعض أسباب الشهادة س: الأخ: ح. س. ن. من سوريا يقول: توفيت زوجتي وهي تلد، وكثير من الناس عندنا يقولون: إنها شهيدة، والشهيد إلى الجنة، مع أن

زوجتي لا تصلي، هل تعتبر من الشهداء؟ (¬1) ج: الموت بسبب الولادة شهادة، جاء بذلك بعض الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ماتت المرأة بسبب الولادة، لكن التي لا تصلي ليست مسلمة، والشهادة إنما هي للمسلم، فالتي لا تصلي جاء في النص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كافر، قال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» وهذا هو الأصح من قولي العلماء، أن الذي يتعمد ترك الصلاة ولا يصلي لا يعتبر مسلما، سواء كان رجلا أو امرأة، فلا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين، ولا يغسل ولا يكفن، لأنه ترك عمود الإسلام، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) السؤال من الشريط رقم (176). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة برقم (2621).

حكم اعتقاد أن المتوفاة بسبب الولادة حورية

333 - حكم اعتقاد أن المتوفاة بسبب الولادة حورية س: تسأل المستمعة / أ. م. س. تقول: البعض من الناس يقولون بأن المرأة طول فترة النفاس، وهي أربعون يوما بعد الولادة إذا ماتت فهي حورية، أي في الجنة، فهل هذا صحيح؟ (¬1) ج: هذا ما له أصل، لكن يرجى لها الخير، جاء في بعض الأحاديث ما ¬

_ (¬1) السؤال من الشريط رقم (405).

يدل على أنها إذا ماتت بسبب الولادة أنها شهيدة، يرجى لها الخير، أما كونها حورية ما أعلم له أصلا، لكن يرجى لها الخير، إذا ماتت بسبب الولادة يرجى أن تكون من الشهداء كصاحب الهدم والغرق.

حكم وصف المتوفى بسبب السرطان بأنه شهيد

334 - حكم وصف المتوفى بسبب السرطان بأنه شهيد س: هل الذي يموت بالسرطان شهيد؟ (¬1) ج: ما أعلم في هذا شيئا، ما أذكر شيئا في هذا، جاء في الحديث: ميت الهدم والغرق والحرق وذات الجنب والشهيد في سبيل الله، والمطعون أصابه الطاعون، هذا إن سمي طاعونا يدخل ولكن الطاعون معروف، الطاعون شيء يقع على الإنسان يخرج منه حبات قليلة حارة يموت بسرعة، إما في اليد، وإما في الجنب، فهذا محل احتمال هل يلحق بالطاعون أو ما يحلق بالطاعون، السرطان محل احتمال الله أعلم، ما أعلم شيئا واضحا في هذا الأمر، لكن الطاعون معروف، من مات به مات شهيدا. ¬

_ (¬1) السؤال من الشريط رقم (397).

حكم وصف من مات بصعق الكهرباء أنه شهيد

335 - حكم وصف من مات بصعق الكهرباء أنه شهيد س: لي خال يجيد بعض الأعمال غير العمل المتخصص فيه، وفي يوم من الأيام طلب منه أحد الجيران أن يعمل في منزله ليسلك له بعض

الأعمال الكهربائية فتوفي في حادث التماس كهربائي، حدثني شخص عن الحادث، فقال: عندما التمس التيار الكهربائي طلب خالك من صاحب المنزل أن يطفئ التيار، فلم يستطع صاحب المنزل إطفاء التيار، لأنه ذهل بالمشهد، هل على صاحب المنزل كفارة؟ وهل تعتبر الحادثة قتلا متعمدا؟ وهل يعتبر المتوفى شهيدا؟ (¬1) ج: إذا كان الواقع كما ذكره السائل فيرجى له الشهادة، وليس بقتل متعمد، وليس على كل منهما شيء، لأنهما لم يتعمدا. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (217).

حكم القول باستشهاد من صدمته السيارة

336 - حكم القول باستشهاد من صدمته السيارة س: كان أحد إخوتي يقود السيارة بسرعة شديدة، وأخي الثاني جالس إلى جوار حائط المنزل، فقدر الله أن تندفع السيارة تجاهه، وقد أحدث ذلك إصابات بليغة، توفي على أثرها في الحال دون أن ينطق بأي كلمة، وعندما قدم المعزون ذكر العديد منهم أنه يعتبر شهيدا، وأخبروا بأن العلماء قد أجمعوا على ذلك، لأن الوفاة في حادث سيارة يدخل في حكم الهدم، فهل صحيح أنه شهيد؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (310).

ج: نرجو ذلك، فالأقرب - والله أعلم - أنه في حكم الشهيد، لأن ضرب السيارة له أو انقلابها به أو المصادمة كل هذه في حكم الهدم، وهو – إن شاء الله - شهيد إذا دفعته السيارة، أو انقلبت به السيارة، أو صدمته السيارة من أمام أو من خلف، كله في حكم الشهداء إن شاء الله، أي من جهة الأجر، لكن يغسل ويصلى عليه، أما الشهداء الذي لا يغسلون ولا يصلى عليهم هؤلاء شهداء المعركة الشهداء في المعركة الذين يقتلون ويموتون في المعركة، معركة الجهاد في سبيل الله، هؤلاء لا يغسلون ولا يصلى عليهم، بل يدفنون في ثيابهم ودمائهم كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في قتلى أحد، الذين ماتوا في وقعة أحد شهداء المعركة لم يغسلهم ولم يصل عليهم، عليه الصلاة والسلام، وأخبر أنهم أحياء عند ربهم يرزقون. أما الذي مات في هدم أو غرق، أو في مواضع في البطن، أو الطاعون هؤلاء يقال عنهم: شهداء. وهكذا في حكمهم من يصدم بالسيارة، أو تنقلب به السيارة، أو نحو ذلك، هؤلاء لهم حكم الشهداء من جهة الأجر، لكنهم يغسلون ويصلى عليهم.

حكم من قتل نفسه خطأ

337 - حكم من قتل نفسه خطأ س: توفي لي أخ شاب مطيع لله ومؤمن، قتل لكنه قتل غير عمد، إذ أراد أن يبعد السلاح عن صديقه، فأصابته وتوفي، فهل هو شهيد، علما

أنه قتل خارج بلدته وبعيدا عن أهله؟ (¬1) ج: ترجى له الشهادة، لأنه لم يتعمد قتل نفسه، فأشبه المقتول ظلما، والمقتول خطأ. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (286).

س: السائلة / م. ع. ع. المنطقة الشرقية، تقول: يقولون بأن من مات وهو صغير، أي بمعنى مولود يكون من حور الجنة، هل هذا القول صحيح؟ (¬1) ج: لا ليس بصحيح، حور الجنة نساء خلقن في الجنة وللجنة، أما هو فيكون من أهل الجنة، الطفل شفيع لوالديه إذا كان مسلمين، ويكون من أهل الجنة من جنس بني آدم، مثل ما يحصل لبني آدم غيره من أهل الجنة، يتنعم في الجنة، وله من الحور، هو من أبناء الدنيا. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (398).

بيان حكم سؤال الشهيد والطفل في القبر بعد دفنهما

338 – بيان حكم سؤال الشهيد والطفل في القبر بعد دفنهما س: هل يسأل الشهيد والطفل؟ (¬1) ج: ظاهر الأحاديث أنه يسال المكلفون، أما الطفل ما عليه شيء، ظاهر الأحاديث أن الميت المكلف يسأل عن ربه، وعن دينه، وعن نبيه، أما ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (409).

الطفل فلا أعلم في هذا ما يدل على أنه يسأل، لأن الأطفال بإجماع أهل السنة من أهل الجنة، أطفال المسلمين من أهل الجنة.

بيان سن التكليف الذي يحاسب عليه العبد بعد فعله للمعاصي

339 - بيان سن التكليف الذي يحاسب عليه العبد بعد فعله للمعاصي س: هل الأطفال الذين يموتون في سن التاسعة والعاشرة، هل عليهم ذنب؟ وما هو السن الذي يحاسب به العبد؟ ج: السن الذي يحاسب عليه إذا حصل البلوغ الذي يتم به التكليف، وذلك بإكمال خمس عشرة سنة، أو بإنبات الشعر حول الفرج، هذا يسمى بالغا يسمى مكلفا، والمرأة كذلك تسمى مكلفة وبالغة، وتزيد أمرا رابعا وهو الحيض، إذا حاضت صارت مكلفة، عليها واجب الصلاة والصوم والحج، أما الزكاة فتجب ولو مع الصغير، تجب في مال اليتيم ومال الصغير، على وليه أن يخرجها.

بيان فضل من مات في رمضان أو في يوم الجمعة

340 - بيان فضل من مات في رمضان أو في يوم الجمعة س: السائل: أ. من سوريا يقول: هل من مات في رمضان، أو في يوم الجمعة، أو في ليلتها، هل له فضل على بقية الأيام، حيث سمعنا من ذلك من أحد الإخوة؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (392).

ج: لا أعلم في هذا شيئا، الأحاديث الواردة في موت الجمعة كلها غير صحيحة، وكذلك إذا مات في رمضان ما أعلم فيه شيئا يدل على فضل خاص، لكن يرجى له، إذا مات وهو صائم مستقيم يرجى له الخير العظيم، ولكن لا أعلم شيئا خاصا في موت رمضان، أما الموت في ليلة الجمعة أو يوم الجمعة فيروى في ذلك أخبار غير صحيحة.

حكم الحج والاعتمار عمن مات دون البلوغ

341 - حكم الحج والاعتمار عمن مات دون البلوغ س: السائل من الكويت يقول: كان لي أخوان أحدهما في سن التاسعة عشر، والآخر في سن الخامسة عشر، وقعا في حفرة وماتا مختنقين تحت التراب، سؤالي: هل عليهما تكليف فنستغفر الله لهما، ونحج عنهما ونعتمر عنهما؟ وهل يعتبران من الشهداء؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: يرجى لهما الخير، وإذا كانا لم يبلغا الحلم فإنهما لا شيء عليهما في جهة التكليف من جهة الإثم، ولهما أجر أعمالهما الطيبة، من صلاة وذكر وقراءة ونحو ذلك، إذا كان أحدهما قد بلغ أو كان قد بلغ خمس عشرة سنة، يعني قد كملها فهو مكلف، وإذا كان لم يكملها ولم يعرف أنه أنبت الشعر، ولم يعرف أنه أنزل بشهوة فهو لم يكلف، ولا بأس بأن ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (306).

يحج عنه أو يعتمر عنه، أو يتصدق عنه، أو عن أخيه كله نفع وخير.

حكم سقوط الحمل قبل تخلقه وبيان مكان دفنه

342 - حكم سقوط الحمل قبل تخلقه وبيان مكان دفنه س: لي جارة حملت وسقط حملها بعد شهرين، ولا يعرف هل هو ذكر أو أنثى، وقد دفن في جانب من الحارة ولم يدفن في مقبرة المسلمين، فما حكم هذا الدفن؟ (¬1) ج: المرأة إذا أسقطت جنينا فيه تفصيل: إن كان الجنين دما محضا هذا ما يسمى جنينا، ولا يسمى نفاسا الدم الخارج بسببه، ولا يكون لها حكم النفساء، بل عليها أن تصلي وأن تصوم وتحل لزوجها، لأن هذا لا يسمى نفاسا، ما دام ابن شهرين، أو ابن ثلاثة أشهر، هذا في الغالب ما يتخلق، فهذا يكون دما فاسدا، وتصلي وتصوم والدم المجتمع الذي سقط يدفن في أي مكان في البيت، أو في الحوش، لا يذهب به إلى المقابر، ما فيه حاجة لذلك، لأن هذا ليس بإنسان، وعليها أن تصلي وأن تصوم، وتعتبر هذا الدم دما فاسدا مثل الدم الذي يخرج من الجراحات الأخرى دما فاسدا لا يمنعها من الصلاة والصوم، ولا يمنع زوجها من غشيانها لأنه دم فاسد، لا يسمى نفاسا ولا يسمى حيضا، أما إن كان الدم قد اجتمع فيه لحمة، وفيها خلق إنسان ولو خفي: مثل رأس، رجل، يد، إذا علمت ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (14).

ذلك المرأة، أو القابلة التي عندها الثقة بأن هذا اللحم فيه خلق الإنسان هذا يسمى ولدا، ويعتبر نفاسا، فليس لها حينئذ أن تصلي ولا أن تصوم، وليس لزوجها أن يقربها، أي يطأها لأنها نفساء، ما دامت اللحمة التي خرجت فيها خلق الإنسان، ولو ما مضى عليها أربعة أشهر في اعتقادها لأن الجنين قد يخلق قبل ذلك، والغالب أنه لا يخلق إلا في الطور الثالث بعد المضغة لكن جاء ما يدل في بعض الأحاديث أنه قد يقع قبل ذلك، فالحاصل أنه إذا كان فيه خلق الإنسان يعتبر نفاسا، وعليها أن تمتنع من الصلاة والصوم وعلى زوجها أن يمتنع من غشيانها حتى تطهر، فإذا طهرت ولو لعشرة أيام، أو ليوم تباح لزوجها، ليس من شرط الطهارة أن تكمل أربعين يوما، لا، لو طهرت وهي بنت عشرين أو بنت ثلاثين فالطهارة صحيحة، تصلي وتصوم وتحل لزوجها وليس للنفاس حد محدود قبل الأربعين، ليس له حد محدود، لأن النساء يختلفن فقد تطهر المرأة لشهر، وقد تطهر لخمسة وعشرين يوما، وقد تطهر لأقل من ذلك، أو لأكثر من ذلك، كل هذا واقع، والحكم يكون بالطهارة بانقطاع الدم وبيان الطهارة فإذا رأت الطهارة بانقطاع الدم، ورأت ما يدل على الطهارة بأن ترى الماء الأبيض، أو بأن تحتشي بقطنة في فرجها ونحوها من البياض فلا يتأثر هذه علامة الطهارة فتغتسل وتصلي وتصوم وتحل لزوجها ولو أنها ما مضى عليها من النفاس إلا عشرون يوما أو ثلاثون يوما، فإذا استمر الدم حتى كملت الأربعين والدم معها فإن هذا الدم

الزائد يعتبر دما فاسدا بعد الأربعين، وتصلي وتصوم وتحل لزوجها، وتتحفظ في هذا الدم بالقطن ونحوه، وتتوضأ لوقت كل صلاة كما تفعل المستحاضات، والمستحاضات غير الحيض، المستحاضات اللاتي يستمر معهن الدم بعد الحيض، والحيض شيء والمستحاضات شيء آخر، الحيض هن اللاتي يجلسن وقت الحيض المعتاد يقال لها: حائض التي جاءها الدم في وقتها المعتاد يعتبر دمها حيضا، فهذه تسمى حائضا لا تصلي ولا تصوم ولا تحل لزوجها، والمستحاضة هي التي تصاب بدم زائد على الحيض يستمر معها هذا الدم الزائد ويسمى استحاضة، إذا جاء هذا الدم تغتسل وتصلي وتصوم وإذا جاء وقت الحيض المعتاد وقفت عن الصلاة والصوم وحرمت على زوجها حتى تنتهي أيام الحيض، وهذه النفساء كذلك مثل الحائض، وقت الدم في النفاس لا تصلي ولا تصوم ولا تحل لزوجها، فإذا ذهب هذا الدم لشهر أو عشرين يوما طهرت، اغتسلت وصلت وصامت وحلت لزوجها ولو ما كملت الأربعين. وهذا الدم الذي ليس فيه خلق الإنسان ليس له حكم الولد، لا يغسل ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، أما إذا كان فيه خلق الإنسان فإنه يعتبر جنينا، ويكون لها حكم النفاس، لكن إذا كان ما نفخت فيه الروح، ولا تحرك في بطن أمه لا بأس أن يدفن في أعراض، يحفر له في الحوش ويدفن لا حرج لأنه ما صار له حكم الأموات حينئذ،

لم ينفخ فيه الروح، ولم يتحرك في بطن أمه، وليس له حكم الأموات، لكن له حكم الإنسان في حكم النفاس فقط، أما إذا نفخت فيه الروح وتحرك ثم ولدته ميتا أو حيا، ثم مات هذا يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، هذا الذي ينبغي، وهذا هو تفصيل هذه المسالة.

حكم تغسيل السقط

343 - حكم تغسيل السقط س: هذا سائل يقول: ما حكم تغسيل السقط يا سماحة الشيخ عند موته؟ (¬1) ج: يجب تغسيل الميت إذا كمل أربعة أشهر، إذا ولد في الخامس أو في السادس يغسل ويكفن ويصلى عليه، إذا كان ولد بعدما نفخت فيه الروح يجب تغسيله وتكفينه والصلاة عليه. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والخمسون من الشريط رقم (430).

بيان في انتفاع الوالدين بالحمل الساقط قبل نفخ الروح فيه

344 - بيان في انتفاع الوالدين بالحمل الساقط قبل نفخ الروح فيه س: إذا أسقطت المرأة حملها قبل أن تنفخ فيه الروح هل هذا السقط ينفع والديه يوم القيامة؟ (¬1) ج: قبل أربعة أشهر لا يسمى ولدا، إنما يسمى ولدا بعد الأربعة أشهر، بعد نفخ الروح فيه يغسل ويصلى عليه ويعتبر طفلا، ترجى شفاعته ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (351).

لوالديه. أما قبل ذلك فليس بإنسان وليس بميت ولا يعتبر طفلا ولا يغسل ولا يصلى عليه ولو كان لحمة فيها تخطيط ولا يجوز لها إسقاطه، ليس للمرأة أن تسقطه إلا في الأربعين الأولى إذا دعت الحاجة لذلك، كالعزل في الأربعين الأولى لا بأس إذا دعت الحاجة إلى هذا للمصلحة الشرعية.

حكم الطفل الذي مات قبل الختان

345 - حكم الطفل الذي مات قبل الختان س: يقول السائل: توفي لي ابن عندما اكتمل له عام، وأنا لم أقم بختانه بعد، فهل أكون آثما؟ وهل علي كفارة؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك، لأن الختان لا يتعين في مدة الرضاع، لو ما ختنه إلا بعد خمس سنين أو ست سنين أو أكثر لا حرج لأنه يختن قبل أن يبلغ وإذا ختنه في سن الرضاع كان أسهل وأيسر، والأمر فيه واسع والحمد لله، وإذا مات ولم يختن لا حرج عليه لأن الختان لا يجب في سن الرضاع، بل يمكن تأخير ذلك إلى ما قبل البلوغ. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (236).

مسألة في ختان الطفل الذي مات قبل أن يختن

346 - مسألة في ختان الطفل الذي مات قبل أن يختن س: مستمعة تسأل عن الطفل الذي مات ولم يختن، تجادل فيها أناس،

فقيل: يختن، وقيل: لا داعي للختان، ما هو توجيهكم؟ (¬1) ج: إذا مات الطفل ولم يختن فلا حاجة إلى ختانه، ولا يجب ختانه، ولا يشرع بعد الموت والحمد لله، الختان سنة فات محلها، محلها الحياة، وقد أوجبه جمع من أهل العلم، وبكل حال لما توفي ما في ذلك حاجة إلى تختينه. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (291).

حكم من مات رضيعها وظنت أنها تسببت في وفاته

347 - حكم من مات رضيعها وظنت أنها تسببت في وفاته س: إنني امرأة ربة بيت، وقد رزقت بمولود بقي على قيد الحياة قرابة أربعين يوما، وفي ذات يوم نمت قبيل العصر والمولود بخير واستيقظت من المنام صلاة العصر وإذا بالمولود ميت على الفراش، لذا خشيت بأنني انقلبت عليه في أثناء النوم، فهل علي شيء في ذلك؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا، علما بأنني لا أعلم له سببا، إلا إذا كان لحقه مني شيء وأنا نائمة. (¬1) ج: إذا كنت أيتها السائلة لا تعلمين أنه جرى منك شيء فليس عليك شيء، والموت قد يأتي بغتة لأسباب يجهلها الإنسان، فإذا كنت لا تعلمين أنك انقلبت عليه، أو فعلت شيئا يكون سببا لموته فليس عليك دية ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (6).

ولا كفارة ولا براءة للذمة من الدية والكفارات إلا بأمر واضح يوجب ذلك، والآجال بيد الله، ولها أسباب قد تخفى على الناس فلا يلزمك دية ولا كفارة إلا بعد العلم بأن موته بسببك، والله سبحانه وتعالى أعلم، نسأل الله أن يجعله شافعا مشفعا.

بيان فضل شفاعة الصغار لوالديهم

348 - بيان فضل شفاعة الصغار لوالديهم س: السائلة / أ. ع، من المدينة المنورة، تقول: هل شفاعة الأطفال الصغار لوالديهم سواء كانوا ذكورا أو إناثا أم أن الشفاعة تخص الأطفال الذكور فقط؟ (¬1) ج: الشفاعة تعم الجميع، الذكور والإناث، والحمد لله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات له ثلاثة أفراط لم يبلغوا الحنث كن له حجابا من النار " قالوا: يا رسول الله، أو اثنين. قال: " أو اثنين (¬2)» ولم يسألوه عن الواحد. ويقول صلى الله عليه وسلم: «من مات له صفيه من الدنيا فصبر واحتسب عوضه فيه الجنة (¬3)» أو كما قال عليه الصلاة والسلام ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (412). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم؟ برقم (101)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه، برقم (2633). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب العمل الذي يبتغى به وجه الله برقم (6424).

المقصود أن الإنسان إذا أصاب قريبه الذي هو صفية من الدنيا، قريب أو صديق، واحتسب عوضه فيه الجنة، هذا معنى الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي اللفظ الآخر: «من أخذت صفيه من الدنيا فاحتسبه عوضته فيه الجنة (¬1)» وهكذا الأفراط إذا احتسبهم والدهم وأمهم كانوا لهم شفعاء، سواء كانوا ثلاثة أو أكثر، أو اثنين، أما الواحد فلم يسألوه عنه عليه الصلاة والسلام لكنه داخل في الصفي، إذا صبر واحتسب عوضه فيه الجنة وإن كان واحدا. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب العمل الذي يبتغى به وجه الله برقم (6424).

بيان كيفية غسل وتكفين ودفن النبي صلى الله عليه وسلم

349 - بيان كيفية غسل وتكفين ودفن النبي صلى الله عليه وسلم س: السؤال عن كيفية غسل النبي عليه الصلاة والسلام وتكفينه والصلاة عليه ودفنه وفقكم الله (¬1) ج: الرسول صلى الله عليه وسلم غسل في ثيابه، فإنهم سمعوا مناديا، الصحابة لما اختلفوا هل يجردونه أم لا، سمعوا مناديا من داخل البيت يقول: أن غسلوا الرسول في ثيابه، فغسلوه في ثيابه وصبوا الماء عليه، ثم كفنوه في ثلاثة أثواب بيض، سحولية من كرسف، يعني من قطن ليس ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (35).

فيها قميص ولا عمامة، كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها (¬1) ثم صلى عليه الناس عليه الصلاة والسلام، صلى عليه الناس فرادى، ما أمهم إمام، كل يدخل ويصلي عليه في المسجد عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز باب في ستر الميت عند غسله، برقم (3141).

بيان مشروعية صلاة الجنازة للنساء

350 - بيان مشروعية صلاة الجنازة للنساء س: عن صفة صلاة الجنازة وحكمها وهل تشرع أيضا للنساء كما هي للرجال؟ (¬1) ج: صلاة الجنازة مشروعة للجميع، للرجال والنساء، وهي فرض كفاية إذا قام بها واحد كفى وأجزأت، لكن السنة أن يصلي عليها جم غفير، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «ما من مسلم يصلي عليه أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه (¬2)» وفي لفظ آخر يقول صلى الله عليه وسلم: «ما من رجل مسلم يصلي عليه أمة من الناس يبلغون مائة، كلهم يشفعون فيه إلا شفعهم الله فيه (¬3)» أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فكلما زاد الجمع صار خيرا ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (52). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب من صلى عليه أربعون شفعوا فيه، برقم (948). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب من صلى عليه أربعون شفعوا فيه، برقم (948).

له، يدعون له ويترحمون عليه، وصفتها أن الإمام يكبر أربع تكبيرات يقف عند رأس الرجل، وعند وسط المرأة أما قول بعض الفقهاء: عند صدر الرجل، فهو قول ضعيف لا أساس له، وإنما السنة أن يقف عند رأس الرجل وعند وسط المرأة، هذا ما جاءت به السنة من حديث سمرة بن جندب في الوقوف وسط المرأة، ومن حديث أنس في الوقوف عند رأس الرجل وعجيزة المرأة، فالسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على أنه يقف الإمام عند رأس الرجل، وعند وسط المرأة ثم يكبر، يقول: الله أكبر. ثم يقرأ الفاتحة ويتعوذ بالله من الشيطان. ويسمي ويقرأ سرا الفاتحة، ليس فيها استفتاح على الأرجح، لأنها مبنية على التخفيف، وإن جهر بعض الشيء حتى يعلم من وراءه أنه يقرأ، حتى يستفيدوا بعض الأحيان يكون حسنا، كما فعله ابن عباس للتعليم، ويقرأ سورة مع الفاتحة قصيرة، لما جاء في الأحاديث الكثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعدا (¬1)» يعني فأكثر إذا قرأ سورة زيادة، وجاء في بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم قرأ بالفاتحة وسورة، هذا أفضل، وإن اقتصر على الفاتحة كفى، وإذا قرأ معها (العصر) أو (قل هو الله أحد) وأشباه ذلك ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، وإنه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، برقم (394).

كان حسنا حتى يجمع بين الفاتحة وزيادة ثم يكبر الثانية: الله أكبر. ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما يصلي في الصلاة: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد. والمقصود أنه يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما يصلي في الصلاة، ثم يكبر الثالثة، ويدعو للميت ويأتي بالدعوات الشرعية: اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه وأكرم نزله، ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، اللهم أدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار، وأفسح له في قبره ونور له فيه، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله، وإن زاد دعوات مثل: اللهم إن كان محسنا فزده في إحسانه، وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته، أو قال: اللهم اغفر له وثبته بالقول الثابت. أو ما أشبه ذلك من الدعوات الطيبة فكله حسن، ثم يكبر الرابعة ويسكت قليلا لأن هذا جاء في بعض الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسلم تسليمة واحدة، هذا هو المحفوظ عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الوجه، والشريعة عامة للنساء

والرجال في الصلاة، لكن الخروج مع الجنازة للمقبرة هذا خاص بالرجال، وهكذا زيارة القبور خاص بالرجال، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن له قيراطان " قيل: يا رسول الله ما القيراطان؟ قال: " مثل الجبلين العظيمين (¬1)» هذا يدل على الفضل العظيم، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من تبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معها حتى يصلى عليها، ويفرغ من دفنها فإنه يرجع بقيراطين، كل قيراط مثل جبل أحد (¬2)» هذا فضل عظيم، فإن الخروج مع الجنائز فيه جبر للمصابين، وتعزية لهم ومواساة لهم، فإنه إذا خرج معهم جبر قلوبهم وعزاهم بعمله وقوله جمعيا، ولهذا شرع الله الصلاة على الموتى، واتباع الجنائز لهذه الفوائد الكثيرة للإحسان للميت، والدعاء له ولجبر المصابين، ومواساتهم، ولتذكر الموت وما يكون بعد الموت، من العجائب والأهوال والأخطار، حتى يستعد المؤمن للموت وما بعده، نسأل الله للجميع العافية والسلامة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب من انتظر حتى تدفن، برقم (1225)، ومسلم في كتاب الجنائز باب فضل الصلاة على الجنائز واتباعها، برقم (945). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب اتباع الجنائز من الإيمان، برقم (47).

صفحة فارغة

انتهى بحمد لله تعالى الجزء الثالث عشر ويليه بمشيئة الله تعالى الجزء الرابع عشر القسم التاسع من الصلاة وأوله بقية باب أحكام الجنائز

المجلد الرابع عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

صفحة فارغة

بقية باب أحكام الجنائز

صفحة فارغة

بقية باب أحكام الجنائز 1 - حكم الطهارة لصلاة الجنازة وكيفيتها س: ما هي كيفية الصلاة على الميت بالتفصيل؟ وهل يشترط فيها الطهارة؟ (¬1) ج: نعم، صلاة الميت صلاة لا بد لها من الطهارة؛ لأن الرسول سماها صلاة عليه الصلاة والسلام، هي صلاة فيها افتتاح وفيها تكبير وفيها تسليم، فهي صلاة تجب لها الطهارة، تجب فيها قراءة الفاتحة، والدعاء للميت أيضا، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهي صلاة، فمن صلى بغير طهارة لم تصح صلاته، والمشروع فيها أن يكبر أولا، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم يكبر ثانية ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، مثلما يصلي في الصلاة، الصلاة الإبراهيمية المعروفة: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (190).

على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت: اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، ثم يقول: اللهم اغفر لفلان، اللهم اغفر له وارحمه. أو: اللهم اغفر لها. إذا كانت امرأة، وإن سماهما باسمهما فحسن: اللهم اغفر لفلان ابن فلان، اللهم اغفر لفلانة بنت فلان، اللهم اغفر لها وارحمها، وعافها واعف عنها، وأكرم نزلها ووسع مدخلها، واغسلها بالماء والثلج والبرد، ونقها من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أبدلها دارا خيرا من دارها، وأهلا خيرا من أهلها، وأدخلها الجنة وأعذها من عذاب القبر ومن عذاب النار، وافسح لها في قبرها، ونور لها فيه. وإن كان الرجل الميت له زوجة يقل: زوجة خيرا من زوجته. والمرأة كذلك: زوجا خيرا من زوجها. إذا كان لها زوج إذا مات زوجها: زوجة خيرا من زوجته. وإذا كانت الميتة امرأة ولها زوج قيل فيها كذلك، وهو يعرف أن لها زوجا، يقول: اللهم أبدله زوجة خيرا منها. وإن زاد وقال: اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته أنت أهل الجود والفضل، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تضلنا بعده، كل هذا حسن، كله مشروع، وإن زاد بعض الدعوات كذلك، ثم يكبر الرابعة ويسكت قليلا، ثم يسلم تسليمة واحدة عن يمينه هذا هو المشروع في صلاة الجنازة: أربع تكبيرات يرفع يده مع كل

تكبيرة هذا هو الأفضل، ويقرأ بعد الأولى الفاتحة، والأفضل عدم الاستفتاح، وإن استفتح فلا حرج، ويقرأ مع الفاتحة سورة قصيرة أو بعض الآيات، كما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم (¬1) ثم يكبر الثانية، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم مثلما يصلي في الصلاة، كما تقدم، ثم يكبر الثالثة، فيقول ما تقدم: اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، -هذا عام- اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم اغفر له - إذا كان الميت ذكرا - اللهم اغفر لها. أو يريد الميت: اللهم اغفر له. أو يريد الجنازة يقول: اللهم اغفر لها. كله جائز، إلخ. ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في كتاب الجنائز باب الدعاء برقم (1987).

بيان كيفية صلاة الجنازة على الغائب وحكم الصلاة على السقط

2 - بيان كيفية صلاة الجنازة على الغائب وحكم الصلاة على السقط س: يقول السائل من ليبيا: اشرحوا لنا صلاة الجنازة، وهل تختلف صلاة الجنازة الحاضرة عن صلاة الغائب؟ وهل يصلى على السقط؟ (¬1) ج: صلاة الجنازة مثل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم: أربع تكبيرات، يكبر ثم يقرأ الفاتحة، ثم يكبر ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يكبر الثالثة، ويقول: اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (431).

وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ثم يدعو له، إن كان رجلا يقل: اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وإن كان عنده زوجة: وزوجا خيرا من زوجه، اللهم أدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النار، وافسح له في قبره، ونور له فيه، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تضلنا بعده، واغفر لنا وله، والمرأة كذلك لكن يقول: اللهم اغفر لها وارحمها، وإن كانوا جماعة قال: اللهم اغفر لهم وارحمهم، ثم يكبر الرابعة، ثم يسلم عن يمينه، والسقط يصلى عليه، مثل ما يصلى على الكبير ويدعى لوالديه بعد الثالثة، يقول: اللهم اجعله ذخرا لوالديه وفرطا وشفيعا مجابا، اللهم أعظم به أجورهما، وثقل به موازينهما، وألحقه بصالح المؤمنين، واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام، وقه برحمتك عذاب الجحيم.

حكم تسوية الصفوف في صلاة العيد والجنازة

3 - حكم تسوية الصفوف في صلاة العيد والجنازة س: هل يجب تسوية الصفوف في صلاة العيد والجنازة؟ لأنه من الملاحظ على بعض الناس عدم الاهتمام بذلك مأجورين. (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (424).

ج: الصف الأول فالأول في الصلوات كلها، يكمل الصف الأول فالأول في الجمعة والأعياد والجنازة إذا تيسر ذلك، يكمل الصف الأول فالأول، هذا الأصل، هذه القاعدة الشرعية.

بيان محل نظر المصلي في الجنازة وحكم المسبوق فيها

4 - بيان محل نظر المصلي في الجنازة وحكم المسبوق فيها س: عند صلاة الجنازة هل ينظر المصلي إلى موضع سجوده كما في بقية الصلوات، أم لا يجب ذلك؟ وماذا يفعل من فاته أكثر من تكبيرة واحدة في صلاة الجنازة؟ (¬1) ج: السنة للمصلي في الجنازة وغير الجنازة أن ينظر محل سجوده، حتى لا يحصل عبث ولا تشاغل عن الصلاة، حتى يخشع هذا هو الأفضل، وإذا أدرك بعض الصلاة، فما أدركه هو أول صلاته، هذا هو الأفضل، وما يقضيه هو آخرها، فإذا أدرك التكبيرة الثالثة كبر وقرأ الفاتحة، وإذا كبر إمامه الرابعة كبر وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا سلم إمامه كبر وقال: اللهم اغفر له وارحمه، ثم كبر وسلم. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (424).

بيان موقف المأمومين من الإمام في صلاة الجنازة

5 - بيان موقف المأمومين من الإمام في صلاة الجنازة س: هل يجوز إذا وقف الإمام لكي يصلي على الميت، هل يجوز أن يصف الناس عن يمينه وعن شماله، أم لا بد أن يكون جميع

المصلين عن يمينه؟ (¬1) ج: السنة دلت على أن يكون المصلون خلف الإمام، إذا زادوا عن واحد فالسنة أن يكونوا خلف الإمام، هذا هو المعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولما صف عن يمينه وعن شماله جابر وجبار - رضي الله عنهما - أخرهما، وجعلهما خلفه عليه الصلاة والسلام، ولم يسمح أن يصلي عن يمينه إلا واحد، لما صف معه أنس وابن عباس رضي الله عنهم، أنس في بعض الروايات في بيت جدته، وفي حديث ابن عباس في صلاة الليل، أما اثنان فأكثر، فيكونون خلف الإمام، هذه السنة في صلاة الجنازة وغيرها. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (41).

بيان كيفية قضاء المسبوق ما فاته في صلاة الجنازة

6 - بيان كيفية قضاء المسبوق ما فاته في صلاة الجنازة س: يسأل المستمع ويقول: يفوتني أحيانا في صلاة الجنازة تكبيرة أو أكثر، حيث لا أدرك إلا الثالثة التي يدعى فيها للميت، ثم أسلم بعد ذلك مع الإمام، فهل يجوز ذلك، أم لا بد من أداء التكبيرات التي فاتتني (¬1)؟ ج: المشروع لك أن تؤدي التكبيرات، لقوله صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا (¬2)» يعم صلاة الجنازة وغيرها، فإذا ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (392). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة برقم (908)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602).

أدركت الثالثة هي أول صلاتك، إذا كبرت تقرأ الفاتحة وما تيسر معها، ثم إذا كبر الرابعة صليت على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إذا سلم كبرت وقلت: اللهم اغفر للميت، تدعو له بالمغفرة كلمات قليلة، ثم تكبر وتسلم. س: يقول السائل: عندما يحضر المسلم إلى صلاة الجنازة ويجد أن الإمام قد سبقه في بعض التكبيرات، فهل يعيد ما فاته منها، أم يبدأ مع الإمام، وينتهي معه ويسلم؟ وفقكم الله (¬1) ج: تواترت النصوص الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يبدأ مع الإمام في صلاة الجنازة في التكبيرات التي يدركها، فإذا أدركه في التكبيرة الثالثة كبر معه في الثالثة، وقرأ الفاتحة، ثم إذا كبر الرابعة صلى هو على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إذا سلم كبر الثالثة، وقال: اللهم اغفر لهذا الميت، اللهم اغفر له وارحمه، ثم كبر وسلم، قبل أن ترفع الجنازة يبادر، وإن فاتته الأولى كبر ثانية، وقرأ الفاتحة، ثم إذا كبر الإمام الثالثة، كبر معه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إذا كبر الرابعة كبر معه الرابعة وهي ثالثة له، فيدعو للميت ويترحم عليه، ثم يكبر ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (25).

ويسلم يقضي ما فاته بسرعة، يدعو للميت بسرعة كلمتين ثلاثا قبل أن ترفع الجنازة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا (¬1)» يعني: فأتموا. وهذا يعم صلاة الجنازة وغيرها. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة برقم (908)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة، والنهي عن إتيانها سعيا، برقم (602).

حكم رفع اليدين في تكبيرات صلاة الجنازة والعيد

7 - حكم رفع اليدين في تكبيرات صلاة الجنازة والعيد س: هل الصحيح رفع اليدين في كل تكبيرة في صلاة الجنازة أم يكبر بدون رفع اليدين، وكذلك في صلاة العيدين؟ (¬1) ج: الأفضل الرفع وإن لم يرفع فلا بأس، والأفضل الرفع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يرفع في تكبيرات الجنازة، ومثلها تكبيرات العيد، السنة الرفع، لأنها تكبير عن قيام، فأشبه تكبير الاستفتاح وتكبير الركوع، يرفع فيها في الصلوات كلها إذا كبر للإحرام بالرفع، وإذا كبر للركوع بالرفع، فالأفضل في تكبيرة الجنازة أن يرفع، وبعض أهل العلم قال: يرفع في الأولى فقط. والصواب والأفضل أن يرفع في الجميع في جميع تكبيرات الجنازة وتكبيرات العيد. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (374).

حكم الجهر في صلاة الجنازة

8 - حكم الجهر في صلاة الجنازة س: ما حكم صلاة الجنازة على الميت؟ هل تكون سرا أم جهرا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا السؤال مجمل، فإن كان مراد السائل القراءة، فالقراءة سر، يقرأ في صلاة الجنازة سرا، ويدعو سرا، وإن كان مراده غير ذلك، فما فهمناه صلاة الجنازة كلها سر، يقرأ سرا ويدعو سرا، ولو سمع صوته من حوله فلا بأس، لا شيء عليه والحمد لله، فالصحابة سمعوا صوت النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء على الجنازة، فالمقصود أنه لا حرج في أن يسمع صوته من حوله، لكن ليس بمشروع الجهر الذي يشوش على من حوله، إنما الجهر الخفيف لكي يسمع من حوله للاستفادة، ويتعلم بعض الناس من بعض، وإلا فالسنة في الجنازة ليلا أو نهارا السر في القراءة والدعاء، لكن الجهر اليسير الذي قد يسمعه من حوله لا يضر. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (302).

بيان الأدعية التي تقال في صلاة الجنازة

9 - بيان الأدعية التي تقال في صلاة الجنازة س: ما هو الدعاء الذي يقال في الصلاة عند صلاتنا على الميت؟ (¬1) ج: أولا عند الدعاء يقول بعد التكبيرة الثالثة: اللهم اغفر لحينا وميتنا، ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (419).

وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، هذا عام في كل جنازة، ثم بعد هذا يقول: اللهم اغفر له إن كان رجلا، أو: اللهم اغفر لها. إن كانت امرأة، أو: اللهم اغفر لهم، إن كانوا جماعة: اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافهم واعف عنهم، وأكرم نزلهم ووسع مدخلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أبدلهم دورا خيرا من دورهم، وأهلا خيرا من أهلهم، اللهم أدخلهم الجنة وأعذهم من عذاب القبر ومن عذاب النار، وافسح لهم في قبورهم، ونور لهم فيها. إذا كانوا جماعة، وإن كان واحدا: اللهم اغفر له ... إلى آخره: اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تضلنا بعده، واغفر لنا وله، اللهم اغفر له وثبته بالقول الثابت، كله دعاء طيب.

س: كيف نصلي على الميت؟ وما هي الأدعية المأثورة؟ (¬1) ج: تصلي عليه أربع تكبيرات وأنت واقف تصلي عليه مع الإمام، وتقرأ بعد الأولى الفاتحة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬2) وما تيسر معها من آيات أو سور قصيرة، ثم تكبر وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كما تصلي في الصلاة، ثم تكبر الثالثة وتدعو للميت بما يسر الله، ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (230). (¬2) سورة الفاتحة الآية 2

ومنه: اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، وأكرم نزله ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، اللهم أدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار، وافسح له في قبره، ونور له فيه. ومنها: اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده إلى غير هذا مما ورد، يدعو الإنسان بهذا وبما أشبهه مما ورد من الدعوات الطيبة، ثم يكبر الرابعة ويسلم عن اليمين قبل الرابعة يسكت قليلا ثم يقول: السلام عليكم ورحمة الله عن يمينه، هذه الصفات الشرعية لصلاة الجنازة، هذا إذا تيسر له ذلك، أما إذا فاتته فلا شيء عليه، ولا قضاء لأنها فرض كفاية، فإذا دفن الميت سقط عن الباقين، وإن أدرك بعضها صلى ما أدرك، وقضى ما فات كبقية الصلوات.

س: أخونا يسأل - لو تكرمتم - عن الدعاء للميت في الصلاة. (¬1) ج: لا بأس أن يدعو للميت في الصلاة وفي خارج الصلاة، يقول: اللهم اغفر لي ولوالدي، في التحيات بين السجدتين، في السجود: اللهم اغفر لأخي فلان، اللهم اغفر لشيخي فلان، اللهم اغفر لأصحاب ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (112).

الرسول صلى الله عليه وسلم وارض عنهم، اللهم صل على رسول الله واجزه عنا خيرا، وهكذا يدعو لمن شاء من المسلمين في سجوده، وفي آخر الصلاة بين السجدتين محل دعاء حيا أو ميتا.

حكم صلاة الجنازة على الذكر والأنثى مرة واحدة

10 - حكم صلاة الجنازة على الذكر والأنثى مرة واحدة س: يقول السائل: إذا أحضرت جنازتان بالمسجد إحداهما ذكر، والأخرى أنثى، هل يجوز الجمع بينهما في صلاة واحدة، أو يصلى على الأنثى وحدها، وكذلك على الذكر وحده؟ (¬1) ج: السنة أن يجمعا ويصلى عليهما جميعا، لأنه أسرع في إنجازهما، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «أسرعوا بالجنازة (¬2)» فصلى على جماعة عليه الصلاة والسلام، فالسنة أن يجمع الرجل والمرأة أو الرجلان والمرأتان أو أكثر، فيصلى عليهم جميعا، فإذا كانا رجلين يقول: اللهم اغفر لهما وارحمهما، وهكذا المرأتان، وإن كانوا جماعة قال: اللهم اغفر لهم وارحمهم وعافهم واعف عنهم ... إلى آخره، ويدعو لهم. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (288). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب السرعة بالجنازة، برقم (1315) ومسلم في كتاب الجنائز، باب الإسراع بالجنازة، برقم (944).

بيان عدد التسليمات في صلاة الجنازة

11 - بيان عدد التسليمات في صلاة الجنازة س: هل لصلاة الجنازة تسليمة واحدة فقط؟ (¬1) ج: هذا هو السنة، تسليمة واحدة هذا هو الثابت عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تسليمة واحدة على اليمين. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (416).

س: هناك بعض الأئمة عندنا بعد السلام من صلاة الجنازة يدعو وهو لا زال واقفا، والناس يدعون معه، فما هو الحكم فيما فعلوا؟ (¬1) ج: هذا شيء لا أصل له، هذه بدعة لا أصل لها، إذا سلم الناس انتهت الجنازة، وانتهى الدعاء، والوقوف بعد السلام بالدعاء بالناس هنا، لا أصل له فيما نعلم، بل هو بدعة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (262).

حكم من ترك الصلاة على الطفل بسبب الجهل

12 - حكم من ترك الصلاة على الطفل بسبب الجهل س: سمعت من برنامج: (نور على الدرب) أن الطفل الذي يتوفى يصلى عليه، وأنا توفي مني أربعة أطفال، لا يقل عمر كل واحد منهم عن سنة واحدة، ولم يصل عليهم، لأنني مفوض الأمر لوالدي، أفيدوني أفادكم الله. (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (6).

ج: لا شك أن الطفل في الصحيح أنه يصلى عليه، الطفل الصغير، الصحيح أنه يصلى عليه، هذا هو الصواب، قال بعض أهل العلم: لا يصلى عليه، ولكن الصواب أنه يصلى عليه، فإذا جهل الإنسان ودفنه، ولم يصل عليه جهلا منه، فنرجو أن يعفو الله عنه، وليس عليه شيء، لكن ينبغي له التنبه للمستقبل، وألا يدفن حتى يصلى عليه، يغسل ويكفن ويصلى عليه كالكبير، يغسل ويكفن ويطيب، ويصلى عليه ثم يدفن كالكبار، هذا هو المشروع، هذا هو الواجب، وهذا هو الأرجح من قولي العلماء في الطفل الصغير.

حكم الصلاة على الطفل الصغير

13 - حكم الصلاة على الطفل الصغير س: هذا سائل من اليمن يقول: هل تجوز الصلاة على الطفل الصغير؟ ج: نعم يصلى عليه ويدعى لوالديه.

حكم صلاة الجنازة في أوقات النهي

14 - حكم صلاة الجنازة في أوقات النهي س: هل تجوز صلاة الجنازة بين صلاتي العصر والمغرب، لأن بعض الناس يقولون: إنها لا تجوز، إذ الوقت بين صلاتي العصر والمغرب من أوقات النهي، نرجو الإفادة جزاكم الله خيرا. (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (198).

ج: لا شك أنه يجوز أداء صلاة الجنازة بعد صلاة العصر، لأنها من ذوات الأسباب، ولا حرج في أداء ذوات الأسباب بعد صلاة العصر، وبعد صلاة الصبح، لكن إذا اصفرت الشمس فينبغي ترك ذلك حتى تغيب الشمس، لقول عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ثلاث ساعات كان رسول الله ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول الشمس، وحين تصفر الشمس للغروب (¬1)» هذه الأوقات الثلاثة ينبغي فيها تأجيل الصلاة، أولا: عند طلوع الشمس، يمسك عن صلاة الجنازة حتى ترتفع الشمس، وهكذا: عند قيام الشمس في وسط النهار، وعند وجودها في كبد السماء قبل أن تميل إلى الغرب، وهو وقت قصير. والثالث: عند اصفرارها للغروب، إذا اصفرت جدا ومالت للغروب، في هذه الحالة تؤجل إلى ما بعد غروب الشمس. أما بعد صلاة العصر، فلا حرج في صلاة الجنازة، وهكذا بعد صلاة الفجر قبل أن تطلع الشمس، لا حرج في ذلك، والله ولي التوفيق. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، برقم (831).

حكم صلاة المرأة على الجنازة

15 - حكم صلاة المرأة على الجنازة س: الأخت ف. س. س. من جيزان، تسأل وتقول: هل للمرأة أن

تصلي على الجنازة أم لا؟ (¬1) ج: نعم، الصلاة على الجنازة مشروعة للجميع، للرجال والنساء، تصلي على الجنازة في البيت أو في المسجد، كل ذلك لا بأس به، وقد صلت عائشة رضي الله عنها والنساء على سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، لما توفي، المقصود أن الصلاة على الجنائز مشروعة للجميع، وإنما المنهي عنه ذهابها للقبور، اتباع الجنائز وزيارة القبور، أما صلاتها على الميت في مسجد أو في مصلى، أو في بيت أهله فلا بأس بذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (156).

س: السائلة م. ع. من حائل: تقول: أسأل عن حكم صلاة المرأة على الميت؟ (¬1) ج: مثل الرجل، يشرع لها الصلاة على الميت، تصلي مع الناس في المساجد، في المصلى على الموتى، أو في البيت، تصلي مع أهل البيت على الميت، لكن لا تتبعه للمقبرة، الرسول نهاها عن اتباع الجنائز للموتى، لأنه نهى المرأة أن تتبع الجنائز، وأن تزور القبور، أما الصلاة على الميت فهي مشروعة للجميع، للرجل والمرأة جميعا، سواء في المسجد أو في المصلى، أو في بيته، تصلي عليه مع أهله. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (392).

حكم تشييع النساء للجنازة

16 - حكم تشييع النساء للجنازة س: لماذا سقطت عن المرأة صلاة الجنازة وتشييعها؟ ولمن يكون ثواب صلاة الجنازة، للمصلي أم للمصلى عليه، أم للاثنين معا؟ وبأي قدر؟ (¬1) ج: المصلي له ثواب الصلاة، والمصلى عليه له الدعاء، يرجى من الله له أن يقبل الدعاء، والمقصود في الصلاة هذه الدعاء له، والترحم عليه، والشفاعة له، والمرأة غير ساقطة عنها الصلاة، تصلي على الجنازة، لكن لا تشيعها إلى المقابر، لا تخرج معها إلى المقابر، أما الصلاة فتصلي مع الناس على الجنازة، وإذا صلت على الجنازة فلها أجر المصلي كالرجال، لكن لا تتبعها إلى المقابر. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (23).

حكم وضع الجنازة أمام المصلين أثناء الصلاة عليها

17 - حكم وضع الجنازة أمام المصلين أثناء الصلاة عليها س: لو أحضرت جنازة يوم الجمعة أثناء الصلاة، هل نضعها أمامنا أو وراءنا؟ وشكرا لكم (¬1) ج: الأمر في هذا واسع، سواء وضع أمام أو خلف، أو عن يمين المصلين أو شمالهم، لا حرج في ذلك، الميت يوضع في المسجد أو قرب ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (35).

المسجد حتى يصلي الناس، ثم يقدم حتى يصلي الناس عليه، ولا حرج في أن يكون موضوعا أمام المصلين، أو عن يمينهم أو عن شمالهم أو خلفهم، لا أعلم بهذا بأسا، لكن المهم أن يبادر بالصلاة عليه قبل خروج الناس، حتى ينتفع بصلاة الأكثرين، ويكون قريبا من المسجد، أو في نفس المسجد حتى يقدم للصلاة قبل خروج الناس من حين ينصرفون من الصلاة، حتى يحصل له فضل كثرة المصلين، وإذا مات أثناء الصلاة يترك في مجلسه الذي مات فيه حتى يفرغوا من الصلاة، ثم ينقل إلى محل تغسيله وتكفينه، ثم بعد ذلك يقدم للصلاة عليه، ولا يشتغلون به وقت الصلاة، لأنه قد يعطل عليهم صلاتهم، ولكن يترك في محله حتى يسلموا، ويتحققوا من موته، أو ينقلوه إلى المستشفى، ليعلم موته، ثم بعد ذلك يسعى في تجهيزه.

حكم تغطية الميت بغطاء فيه آيات قرآنية

18 - حكم تغطية الميت بغطاء فيه آيات قرآنية س: ما حكم وضع الغطاء، وهذا الغطاء فيه آيات قرآنية، وذلك على الميت أثناء الصلاة؟ (¬1) ج: لا يجوز هذا أيضا، لأن فيه امتهانا للآيات القرآنية، فلا تكتب الآيات في اللحاف، ولا في الجلال، ولا في الثياب، الألبسة، ولا في ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (367).

السراويل، الآيات تحترم، ولا تجعل في الغطاء على الجنائز، وفي اللحاف على الإنسان، أو في فراش الإنسان أو الوسادة، تجعل في قراطيس يقرؤها الإنسان، أما أن تجعل في اللحاف أو في الفراش أو في الحصير أو في الوسادة فهذا إهانة وامتهان وتلاعب لا يجوز.

حكم من فاتته الفريضة، وقد أقيمت صلاة الجنازة

19 - حكم من فاتته الفريضة، وقد أقيمت صلاة الجنازة س: إذا دخلت وهم يصلون على جنازة هل أدخل معهم في صلاة الجنازة أم أبدأ بصلاة الفرض مع أني لم أصل معهم الفرض؟ (¬1) ج: تبدأ بالجنازة، لأنها تفوت، والفرض في إمكانك أن تصلي بعد ذلك، تبدأ بالجنازة، ثم بعد ذلك تصلي الفرض، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (367).

حكم الصلاة على القبر لمن فاتته الصلاة على الميت في المصلى

20 - حكم الصلاة على القبر لمن فاتته الصلاة على الميت في المصلى س: نرجو أن تبينوا لنا الأسباب التي تمنع من الصلاة على القبر، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: السنة لمن لم يصل على الميت في المصلى، أو في المسجد، أن يصلي عليه في المقبرة على القبر إذا تيسر له ذلك، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على القبر لما أخبر أن امرأة كانت تقم ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (163).

المسجد وماتت، وصلي عليها ليلا، قال: «دلوني على قبرها (¬1)» فدلوه، فخرج فصلى عليها عليه الصلاة والسلام بعد الدفن، فلا مانع من الصلاة على الميت بعد الدفن في المقبرة، فذهب جمع من أهل العلم على أن ذلك إلى شهر، إذا مضى شهر أو ما يقارب الشهر ترك ذلك، لأن أكثر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم على: «أنه صلى على أم سعد، وقد مضى عليها شهر (¬2)» وهذا هو الأحوط والأولى، لأن ذلك لو ترك دائما لكانت القبور محل الصلاة دائما، فالأحوط أنه ينتهي الأمر من الشهر، أو ما يقاربه. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة باب كنس المسجد والتقاط الخرق والقذى والعيدان برقم (458) ومسلم، في كتاب الجنائز باب الصلاة على القبر برقم (956). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز باب ما جاء في الصلاة على القبر، برقم (1038).

بيان كيفية الصلاة على الميت بعد دفنه

21 - بيان كيفية الصلاة على الميت بعد دفنه س: رسالة يقول صاحبها المقيم في المملكة: كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم حينما صلى على المرأة التي كانت تقم المسجد بعد دفنها، هل وضع القبر بين يديه كما توضع الجنازة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم، صلى عليها مثل ما يصلي على الجنازة، صلى عليها جعلها ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (317).

أمامه، وصلى حيال وسطها، ودعا لها كما في صلاة الجنازة، فالميت نصلي عليه قبل الدفن وبعد الدفن، فإذا ما صلي عليه قبل الدفن صلي عليه بعد الدفن، فالرجل يقف المصلي عند رأسه، والمرأة عند وسطها كما لو كانت باقية على وجه الأرض، وهكذا عندما «صلى على الخادمة التي كانت تقم المسجد صلى على قبرها عليه الصلاة والسلام (¬1)» ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة باب كنس المسجد والتقاط الخرق والقذى والعيدان برقم (458) ومسلم، في كتاب الجنائز باب الصلاة على القبر برقم (956).

حكم الصلاة على الميت بعد دفنه

22 - حكم الصلاة على الميت بعد دفنه س: المستمع ع. ع. ح. من القطيف بعث يسأل ويقول: هل تجوز الصلاة على الميت بعد دفنه؟ (¬1) ج: نعم، إذا كنت لم تصل عليه فصل عليه ولو بعد الدفن، وهكذا لو دفن ولم يصل، يصلى عليه بعد الدفن إلى شهر تقريبا، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى على الميت بعد الدفن، وصلي على ابن أم مكتوم بعدما مضى شهر، فلا حرج في ذلك، بل هو سنة. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (348).

حكم الصلاة على الجنازة وسط المقابر

23 - حكم الصلاة على الجنازة وسط المقابر س: هل تجوز صلاة الجنازة في وسط المقابر؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (261).

ج: لا حرج في ذلك، صلاة الجنازة يصلى عليها وتفعل في المقبرة، وهكذا على الميت بعد الدفن، النبي صلى الله عليه وسلم صلى على الميت بعد الدفن في المقبرة، والصلاة على المقبرة مثل الصلاة على القبر، سواء بسواء، وإذا وضعت هناك وصلى عليها الناس فلا حرج في ذلك، الممنوع الصلوات ذات الركوع والسجود، تمنع في المقابر، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (¬1)» وقال صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا (¬2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم - يعني: من الأمم - كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬3)» فلا يجوز أن يصلى في القبور، ولا يبنى عليها مسجد ولا قبة، ولا غير ذلك: لا قبور أهل البيت، ولا قبور ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور برقم (531). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب النهي عن بناء المساجد على القبور برقم (532).

العلماء، ولا غيرها، فلتجعل ضاحية مكشوفة ليس عليها بناء، لا قبة ولا مسجد، ولا غير ذلك، ترفع عن الأرض قدر شبر، كما فعل بقبره صلى الله عليه وسلم بالتراب الذي حفر منها، ترفع وتوضع عليها النصائب في طرفي القبر، ولا مانع أن يوضع عليها حصباء لحفظ التراب، وترش بالماء فلا مانع، أما أن تبنى عليها قبة، أو مسجد أو حجرة خاصة هذا لا يجوز، ما يبنى على القبر، أما السور الذي يعم المقبرة كلها أن يحفظها عن سير الناس وعن السيارة فلا بأس، من باب الصيانة لها، أما أن توضع للقبر تعظيما له قبة، أو بناية أو مسجد هذا لا يجوز، الرسول صلى الله عليه وسلم لعن من فعل ذلك، فلا يجوز للمسلمين أن يبنوا على أي قبر مسجدا ولا قبة، سواء كان من قبور الصحابة أو من قبور أهل البيت أو من قبور العلماء أو الرؤساء والحكام كلهم لا يبنى على قبورهم، ولا يتخذ عليها مساجد، كل هذا منكر، ويجب الحذر منه.

س: الأخ م. ع. ح. من الرياض يسأل ويقول: ما حكم الصلاة عند القبور؟ وهل ما يفعله البعض من القيام بصلاة الجنازة عند قبر الميت بعدما تفوته الصلاة عليها في المسجد هل هذا العمل مشروع أم لا؟ (¬1) ج: الصلاة عند القبور، الصلاة ذات الركوع والسجود لا تجوز هذا لا ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (202).

يجوز، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)» وكل قبر يصلى عنده فقد اتخذ مسجدا، وإن لم يبن حوله مسجد، وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوها مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬2)» رواه مسلم في الصحيح، وما ذلك إلا لأن الصلاة عندها وسيلة إلى عبادتها ودعائها، ولهذا لعن النبي من فعل ذلك عليه الصلاة والسلام، وحذر من ذلك سدا لذريعة الشرك، حتى لا تكون الصلاة لهم بعد حين، قد يصلي لله ثم يجره الشيطان إلى أن يصلي لهم، أو يدعوهم من دون الله، فلا تجوز الصلاة عند القبور لا فرضا ولا نفلا، ولا الجلوس عندها: للدعاء أو قراءة القرآن أو الصدقات، لا تتخذ محلا لهذا، إنما تزار للذكرى والموعظة، ذكر الموت والموعظة والدعاء للمقبورين، أما أن يزورها لقصد آخر، ليجلس عندها يدعو لأنه يرى أنها أحرى بالإجابة، أو يجلس عندها يقرأ أو يجلس عندها يصلي هذا لا أصل له، والصلاة أشد، إذا صلى عندها أشد، صارت باطلة، أما صلاة الجنازة إذا صلى على الجنازة عند القبور لا بأس، أو صلى على القبر ما حضر الصلاة في المسجد مثلا، وصلوا على القبر ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، برقم (436) ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور برقم (531). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب النهي عن بناء المساجد على القبور برقم (532).

لا حرج في ذلك، فعله النبي صلى الله عليه وسلم فإنه صلى على قبر بعدما دفن، عليه الصلاة والسلام، فلا حرج في ذلك، صلاة الجنازة لا حرج فيها إنما الكلام على الصلاة ذات الركوع وذات السجود فهي الممنوعة في المقابر.

س: هل تجوز الصلاة على الجنازة في المقبرة؟ (¬1) ج: نعم الجنائز يصلى عليها في المساجد والمصليات والمقابر، لا حرج في ذلك، ربما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على الجنازة في المسجد، وربما صلى عليها في المصلى وكان يصلي على القبر، والصلاة على القبر مثل الصلاة على الجنازة، فإذا أحضروها في المقبرة، وصلوا عليها فلا بأس، وإن كانت قد دفنت صلي على القبر. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (41).

س: هل تجوز الصلاة على الجنازة في المقبرة، أم لا؟ (¬1) ج: لا حرج تصلي عليها في المقبرة، ويصلى على القبر، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى على القبر، وفي المقبرة، لما فاتته الصلاة عليه في المسجد، صلى عليه في المقبرة عليه الصلاة والسلام، والصلاة على الجنازة في المقبرة مثل الصلاة على القبر سواء بسواء، فإذا فاتته الصلاة عليه في المصلى، وجاء إلى المقبرة وهو موجود ما دفن بعد فلا بأس أن ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (40).

يصلي عليه هو، ومن لم يصل عليه في المقبرة، وإن شاؤوا أخروا الصلاة عليه حتى يدفن، كل هذا بحمد الله موسع، ولا حرج في ذلك.

حكم الصلاة على الميت الغائب قبل دفنه

24 - حكم الصلاة على الميت الغائب قبل دفنه س: ما حكم صلاة الغائب؟ وهل يجوز أن تصلي على من لم يدفن بعد؟ (¬1) ج: الصلاة على الغائب فيها تفصيل: بعض أهل العلم يرى أنه لا يصلى على الغائب، وبعضهم يرى الصلاة عليه، لكن إذا كان الغائب له شأن في الإسلام، كالنجاشي رحمه الله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي، لما مات في بلاده أخبر به الصحابة، وصلى عليه صلاة الغائب، ولم يثبت عنه في صلاة الغائب إلا هذا الحديث، فإذا كان الغائب إماما عدلا وإمام خير صلي عليه صلاة الغائب، ولي الأمر يأمر بالصلاة عليه صلاة الغائب وهكذا علماء الحق ودعاة الهدى، إذا صلي عليهم صلاة الغائب هذا حسن كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي، عليه الصلاة والسلام، أما أفراد الناس فلا تشرع الصلاة عليهم، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما صلى على كل غائب، إنما صلى على شخص واحد له قدم في الإسلام، فإنه آوى المهاجرين من الصحابة الذين هاجروا إلى الحبشة، آواهم ونصرهم وحماهم، وأحسن إليهم فكانت له ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (149).

اليد العظيمة في الإسلام، فلهذا صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم لما مات، وصلى عليه الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فهو كان بهذه المثابة له قدم في الإسلام، مثل ما صلى المسلمون في خارج البلاد على ضياء الحق رئيس جمهورية باكستان رحمه الله، لما كانت له مواقف طيبة إسلامية أمر ولي الأمر أن يصلى عليه في الحرمين، فصلي عليه، لأنه أهل لذلك، لمواقفه الكريمة، وعنايته بتحكيم الشريعة، فقد أمر بها وحرص على ذلك، نسأل الله لنا وله العفو والمغفرة، المقصود أن من كان بهذه المثابة من حكام المسلمين من علماء المسلمين، إذا مات في بلاد الغربة، أو في بلاده أيضا جاز أن يصلى عليه من المسلمين في البلاد الأخرى.

مسألة في حكم الصلاة على الغائب لغير الرسول صلى الله عليه وسلم

25 - مسألة في حكم الصلاة على الغائب لغير الرسول صلى الله عليه وسلم س: يقول السائل: ما حكم الصلاة على الميت الغائب؟ هل يجوز أن يصلى على إنسان غائب؟ لأن البعض يحتج بأن الصلاة على الغائب خاصة بالرسول عليه الصلاة والسلام، عندما صلى على النجاشي. (¬1) ج: هذا محل خلاف بين أهل العلم، وليس هناك شيء واضح في الحكم، لكن إذا صلي على من له قدم في الإسلام، كأمير صالح وعالم له أثر في الإسلام صلاة الغائب فلا حرج إن شاء الله، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (393).

صلى على النجاشي لما حصل من الخير على يديه، في إيوائه الصحابة ونصره الحق، ثم دخل في الإسلام، فلهذا صلى عليه النبي لما بلغته وفاته، وقال: «صلوا على صاحبكم (¬1)» ولم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى على غيره من الناس، مع كثرة الموتى، في مكة وغيرها، فلهذا احتج جمع من أهل العلم أنه لا يصلى على الغائب؛ لأن هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالنجاشي، وقال بعض أهل العلم: يصلى على الغائب وأن الأصل عدم الخصوصية، لكن من كان مثل النجاشي، عالم له أثر في الإسلام، أمير له أثر في الإسلام، ومنفعة للمسلمين، ليس على كل حال هذا له وجهه، والأحوط ترك ذلك، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله مع الموتى الكثيرين عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي سريحة الغفاري حذيفة بن أسيد رضي الله تعالى عنه، برقم (16146) وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز باب ما جاء في الصلاة على النجاشي، برقم (1537).

حكم الصلاة على ميت غائب وقد صلي عليه في بلده

26 - حكم الصلاة على ميت غائب وقد صلي عليه في بلده س: م. ع. يقول: ما حكم الصلاة على الميت الغائب، علما بأنه قد صلي عليه في البلد الذي مات فيه؟ (¬1) ج: الصلاة على الغائب فيها خلاف بين العلماء منهم من رآها خاصة ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (387).

بالنجاشي، وأنه لا يصلى على غائب، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يصلي على الغائبين، وإنما صلى على النجاشي خاصة، وذهب بعض أهل العلم أنه يصلى على الغائب إذا كان له قدم في الإسلام كالنجاشي، من علماء السنة وأمراء الحق، الذين يدعون إلى الله ويعلمون الناس دين الله، ولهم مواقف حميدة في نصر الدين، تشبيها لهم بالنجاشي، والأمر في هذا واسع إن شاء الله، والقول أنه خاص بالنجاشي قول قوي لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحفظ عنه أنه صلى على غير النجاشي، ولو كانت الصلاة على الغائب سنة لصلى على كثير من الناس، لأنه مات في زمانه جمع غفير في مكة وغيرها، ولم يحفظ أنه صلى على أحد، فالأحوط، تركها على الغالب، إلا إذا كان إنسانا له قدم في الإسلام، كما كان للنجاشي فلا مانع إن شاء الله من الصلاة عليه.

حكم صلاة النساء على ميت غائب

27 - حكم صلاة النساء على ميت غائب س: هل يجوز للنساء الصلاة على الميت صلاة الغائب؟ علما بأن الميت قد مضى على وفاته شهر ونصف، أو ما يشبه ذلك، مع العلم أيضا أنهن لم يستطعن الحضور بالصلاة عليه أبدا؟ (¬1) ج: صلاة الغائب فيها خلاف بين العلماء والأقرب والأظهر من حيث ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (310).

الدليل أنه لا يصلى على الغائب، إلا إذا كان من المعروفين بشيء ينفع المسلمين، كعالم كبير نفع المسلمين، وكأمير نفع المسلمين، كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي، لأنه نفع المسلمين، أسلم ونفع المسلمين المهاجرين إليه، هذا يصلى عليه صلاة الغائب، وليس كل ميت يصلى عليه صلاة الغائب، إنما من له شهرة بالإسلام، وقدم بالإسلام ونفع بالمسلمين، من عالم أو أمير أو كبير نفع المسلمين، فلا مانع من أن يصلى عليه صلاة الغائب، كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام في النجاشي لما بلغه خبره، أخبر المسلمين وصلوا عليه صلاة الغائب، ولم يقل: صلوا على عامة الناس، عليه الصلاة والسلام، فإذا كان الذي مات مشهورا بالعلم والدعوة إلى الله، أو مشهورا بين المسلمين بماله وجاهه ونفعه للمسلمين، سلطانا أو أميرا، أو من له قدم في الإسلام، فإن صلوا عليه صلاة الغائب، فلا مانع من أن تصلي عليه النساء كذلك.

حكم صلاة الغائب على المرأة المتوفاة

28 - حكم صلاة الغائب على المرأة المتوفاة س: إذا علم الشخص بموت قريبة له وهو في بلد، وهذه المرأة في بلد، فهل يصلي عليها صلاة الجنازة؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (425).

ج: لا بل يدعو لها بالمغفرة؛ لأن النبي ما كان يصلي على الغائبين، إلا إذا كان له شأن، كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي، لأنه له شأن وله دعوة إلى الله، وكان قد أكرم المهاجرين إليه، فإذا كان الميت ممن له شأن، كالأمير الصالح، والعالم الصالح، ونحو ذلك، إذا صلي عليه صلاة الغائب فلا بأس، أما عامة الناس، فلا يصلى عليهم صلاة الغائب، لأنه مات الجم الغفير في مكة وغيرها، ولم يصل عليهم النبي عليه الصلاة والسلام صلاة الغائب.

س: تقول السائلة: ما حكم صلاة الغائب بالنسبة للمرأة؟ (¬1) ج: إذا صلى المسلمون على الغائب تصلي معهم، أما أن تصلي وحدها على الغائب فلا، لكن إذا حضرت مع الناس، وصلى الإمام على الغائب تصلي معهم، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (194).

حكم الصلاة على الميت لمن لم يصل عليه قبل وضعه في القبر

29 - مسألة في حكم الصلاة على الميت لمن لم يصل عليه قبل وضعه في القبر س: ما حكم الصلاة على الميت قبل الدفن؟ (¬1) ج: يجوز أن يصلى عليه قبل الدفن وبعده، والغائب والحاضر سواء، يقدمون هذا المعروف يصلون عليه قبل أن يدفنوه، والغائبون إذا علموا ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (149).

أنه مات صلوا عليه، ولو قبل الدفن.

حكم تكرار الصلاة على الجنازة

30 - حكم تكرار الصلاة على الجنازة س: نرى كثيرين يصلون على الجنازة أكثر من مرة، فما حكم الصلاة على الجنازة أكثر من مرة؟ (¬1) ج: لا نعلم فيها بأسا، إذا حضر الجنازة صلى عليها مع الجماعة، ثم حضر الجماعة، وصلى عليها في المقبرة، أو في مكان آخر لا حرج في ذلك إن شاء الله، ولا بأس في ذلك، الواجب أن يصلى عليها مرة واحدة، لكن إن قدر أنه صلى عليها في المسجد، ثم جاء آخرون وصلى معهم في المقبرة، أو في مسجد آخر، وحضر وصلى معهم فلا بأس كل هذا مزيد من الخير. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (5).

حكم الصلاة على ميت غائب قد صلي عليه

31 - مسألة في حكم الصلاة على ميت غائب قد صلي عليه س: عند وفاة شخص ما يصلى عليه صلاة الجنازة ثم يدفن، فإذا جاء يوم الجمعة طلب أهل الميت من أئمة المساجد أن يصلوا على ميتهم صلاة الغائب بعد الانتهاء من صلاة الجمعة، هل صلاة الغائب بهذه الكيفية جائزة؟ مع العلم أن الميت قد مات في نفس البلد،

وقد صلي عليه قبل دفنه؟ (¬1) ج: هذه بدعة لا أساس لها، لا يصلى عليه صلاة الغائب ولا الحاضر، قد صلي عليه والحمد لله، لا يحوز هذا العمل، هذا غلط كبير بدعة لا أصل لها، صلاة الغائب على الذي مات بعيدا عن البلد، وله شأن كأمير داع إلى الله، وعالم كبير، كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي، لأنه نفع الله به المسلمين، أما أن يصلي على الميت في الأسبوع الآتي بعد موته صلاة الغائب، فهذا منكر لا أصل له. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (350).

س: يقول السائل: في بعض الأحيان يقف الإمام بعد صلاة الجمعة، ويقول: الصلاة على الميت الغائب: فلان ابن فلان، وعلى من جازت عليه الصلاة من المسلمين، هل تجوز هذه الصلاة؟ (¬1) ج: الصلاة على الغائب فيها تفصيل: إذا كان الغائب عرف له قدمه في الإسلام مشهور، رفع الله به المسلمين، أو أمير مشهور رفع الله به المسلمين هذا يجوز عند بعض أهل العلم، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي ملك الحبشة، لما أسلم وآوى المهاجرين ونصرهم وحماهم، ثم مات، صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الغائب، ولم يحفظ عنه أنه صلى على غيره، فقال بعض أهل العلم: إن ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (288).

هذا خاص بالنجاشي فقط، لأنه مات كثيرون ولم يصل عليهم النبي صلى الله عليه وسلم. وقال آخرون: من كان مثل النجاشي له قدر في الإسلام، وله شأن شرعت الصلاة عليه صلاة الغائب، وإلا فلا، وهذا القول وجيه وقريب، من كان له شأن في الإسلام، وإن ترك ولم يصل عليه اكتفاء بمن صلى عليه، فالحمد لله.

حكم الصلاة على قاتل نفسه ودفنه في مقابر المسلمين

32 - حكم الصلاة على قاتل نفسه ودفنه في مقابر المسلمين س: هل يعد قاتل نفسه من المخلدين في النار؟ وإذا كان كذلك فهل يصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، ويعزى أهله فيه ويستغفر له؟ (¬1) ج: قتل النفس من أكبر الكبائر، من أعظم الجرائم، قد حرم الله على العبد أن يقتل نفسه قال الله جل وعلا: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (¬2) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة (¬3)» هكذا يقول صلى الله عليه وسلم: من قتل نفسه ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (362). (¬2) سورة النساء الآية 29 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه وأن من قتل نفسه بشيء عذب به في النار، وأنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، برقم (110).

بشيء عذب به يوم القيامة، حديدة أو سيف أو بندق أو غير ذلك فالواجب الحذر، ولو أصابه شدة، ولو أصابه مرض شديد أو قلق أو غير ذلك يجب عليه أن يتقي الله، وأن يحذر قتل نفسه، لكن لا يخلد في النار خلود الكفار، من جنس بقية أهل المعاصي تحت مشيئة الله جل وعلا، قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬1) فقتل النفس من جملة المعاصي التي دون الشرك، فهو تحت مشيئة الله، إن شاء الله عفا عنه، وإن شاء عذبه على قدر الجريمة التي فعلها، ثم بعد التطهير والتمحيص، يخرجه الله من النار إلى الجنة، بسبب توحيده وإيمانه وإسلامه الذي مات عليه. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 48

س: وجدنا شخصا ميتا معلقا في شجرة، وفي عنقه حبل، ولا ندري: هل قتل نفسه بالخنق، أو علقه أحد بعد أن قتله، فإذا كان هو الذي علق نفسه بالحبل في الشجرة لكي يموت فهل يصلي عليه المسلمون أم لا؟ (¬1) ج: هذا إذا كان مسلما فإنه يصلى عليه، سواء كان قتل نفسه، أو قتله غيره، يصلى عليه وإن كان أتى جريمة عظيمة، ومن قتل نفسه بالخنق فقد أتى جريمة عظيمة؛ لأن المسلم ليس له أن يقتل نفسه، الله جل وعلا حرم ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (42).

على الناس أن يقتلوا أنفسهم قال سبحانه: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} (¬1) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة (¬2)» لكن لو علم أنه قتل نفسه فإنه يكون قد أخطأ وأتى جريمة، وأما الصلاة فيصلى عليه، لأن المعصية لا تمنع من الصلاة عليه، يصلي عليه بعض المسلمين والمحسنين، يغسلونه أولا، ويكفنونه ثم يصلى عليه، ثم يدفن في مقابر المسلمين، وهكذا لو علم أنه مقتول، قتله غيره ظلما فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه، ويدفن في مقابر المسلمين، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 29 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه وأن من قتل نفسه بشيء عذب به في النار، وأنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، برقم (110).

حكم الصلاة على تارك الصلاة المنتهك للحرمات

33 - حكم الصلاة على تارك الصلاة المنتهك للحرمات س: رجل في قرية لا يصلي ولا يصوم ولا يقوم إلا بما يتنافى مع شريعتنا السمحاء، مثل: السرقة والمشاحنة بين المسلمين، فهل إذا مات يغسل ويكفن ويصلى عليه؟ نرجو توضيح موقف المسلمين من هذا الشخص، جزاكم الله خير الجزاء (¬1) ج: قد دلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن من ترك الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (36).

فإنه كافر، ومعلوم أن الكافر لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، بل يجب أن يوارى في الأرض في محل آخر غير مقابر المسلمين، لئلا يؤذي الناس بنتنه وجيفته، فالحاصل أن من كان لا يصلي ومعروف بهذا، فإنه لا يصلى عليه ولا يغسل، وإذا كان مع ذلك يؤذي المسلمين صار شره أكثر، ولكن العمدة في كفره على تركه الصلاة، نسأل الله العافية، ومما ورد في ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة (¬1)» خرجه مسلم في صحيحه. وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (¬3)» هذه الأحاديث وما جاء في معناها، كلها تدل على كفر تارك الصلاة، نسأل الله العافية والسلامة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة برقم (82). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث بريدة الأسلمي، رضي الله عنه برقم (22428). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، برقم (21563).

بيان حديث صلوا على كل ميت من أهل القبلة

34 - بيان حديث: «صلوا على كل ميت من أهل القبلة (¬1)» س: السائل ح. من الأردن الكرك يقول: هل تجوز الصلاة على من مات ولم يصل؟ وما معنى الحديث: «صلوا على من مات من أهل القبلة»؟ هل هم المصلون الذين يتوجهون للقبلة، أم هذا الحديث عام لكل المسلمين الموحدين؟ (¬2) ج: من مات ولا يصلي لا يصلى عليه، لأن ترك الصلاة كفر والعياذ بالله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬3)» أخرجه مسلم في صحيحه، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬4)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع، بإسناد صحيح، أما حديث: «صلوا على كل ميت من أهل القبلة (¬5)» و: «صلوا على من قال: لا إله إلا الله (¬6)» فهي أحاديث ضعيفة، ولو صحت لكان المراد يعني: صلوا على من كان ¬

_ (¬1) سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1525). (¬2) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (392). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة برقم (82). (¬4) أخرجه أحمد في مسنده من حديث بريدة الأسلمي، رضي الله عنه برقم (22428). (¬5) أخرجه الدارقطني في السنن كتاب العيدين، باب صفة من تجوز الصلاة معه والصلاة عليه (2/ 57). (¬6) أخرجه الدارقطني في السنن، كتاب العيدين باب صفة من تجوز الصلاة معه والصلاة عليه (2/ 56).

مسلما، يقول: لا إله إلا الله، ويلتزم بها ولا يأتي بمكفر، كسائر الأحاديث التي في فضل: لا إله إلا الله المراد إذا قالها مع أداء حقها والالتزام بما يحفظ عليه إسلامه، ولهذا في الأحاديث الصحيحة: «إلا بحقها (¬1)» إلا بحق إسلامه، فمن قالها ونقضها بكفره وضلاله فما تنفعه كالمنافقين يقولون: لا إله إلا الله وهم في الدرك الأسفل من النار، لأنهم نقضوها بكفرهم وضلالهم، فالذي يقول: لا إله إلا الله وهو يدعو البدوي، أو يدعو الحسين، أو يدعو عليا رضي الله عنه، أو يدعو الشيخ عبد القادر، أو يستغيث بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو غيره، هذا كفر ما تنفعه لا إله إلا الله، تنفع: لا إله إلا الله من قالها، وأدى حقها، واستقام على دين الله. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب فضل استقبال القبلة يستقبل بأطراف رجليه، برقم (392) ومسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، برقم (21).

حكم الصلاة على تارك الصلاة إذا نطق بالشهادتين عند وفاته

35 - حكم الصلاة على تارك الصلاة إذا نطق بالشهادتين عند وفاته س: من كان يعرف عنه أنه كان لا يصلي في حياته، إلا أنه ختم حياته بالشهادتين، عند احتضاره هل يصلى عليه، أم أنه من الذين قال الله فيهم: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} (¬1) (¬2) ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 18 (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (331).

ج: إذا لم يصرح بالتوبة فالشهادة يقولها وهو حي. والمنافقون يقولونها فلا تنفعهم إذا لم يكن معها توبة من الكفر بالله، فإذا كان لا يصلي أو يعرف أنه يسب الدين، وأنه لا خير فيه، فكلمة الشهادتين لا تنفعه، لا في حياته ولا عند موته، إلا إذا كان عن توبة، فأمره إلى الله يوم القيامة، وفي ظاهره الشر، فلا يصلى عليه، ولا يغسل، نسأل الله العافية، أما إذا قال: تبت إلى الله من عملي، وأنا كنت لا أصلي، وأنا أشهدكم أني تائب، أو صرح عندهم: أني تبت إلى ربي من ترك الصلاة وكفى، ثم مات هذا، يكون حكمه حكم التائبين.

س: هل يصلح أن أصلي عن شخص متوفى ترك صلاته بعض الوقت ولم يصل؟ (¬1) ج: الصلاة لا تقضى، إن كان تركها عمدا، فهذا كفر كفرا أكبر، أعوذ بالله، وإن تركها من غير شعوره اختل شعوره فلا شيء عليه، المقصود أن الصلاة لا تقضى، سواء تركها عن شعور، أو عن غير شعور، فإن كان تركها عن شعور متعمدا، فهذا قد كفر كفرا أكبر، أعوذ بالله من ذلك، لا يصلى عليه ولا يغسل، وليس بمسلم على الصحيح، أما إن كان تركها لأجل اختلال الشعور مع شدة المرض، اختل شعوره، فلا يعرف شيئا، فلا شيء عليه، ولا قضاء عليه. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (334).

حكم الصلاة على الخارج عن حدود الشريعة

36 - حكم الصلاة على الخارج عن حدود الشريعة س: إذا خرج المسلم من حدود الشريعة الإسلامية، هل ينبغي للمسلمين أن يصلوا عليه عند مماته أم لا؟ (¬1) ج: هذا يختلف، إن كان الخارج عن الحدود مرتدا، فلا يصلى عليه، أما إن كان خروجه بالمعصية، مثل: زنى وهو لا يستحل الزنى، أو شرب الخمر وهو لا يستحل الخمر، أو معصية أخرى لا يستحلها، هذا يصلى عليه، ويدعى له بالمغفرة والرحمة، لأنها معاص، أما إن كانت معصية توجب الردة، تخرجه عن الإسلام، هذا لا يصلى عليه، مثل ترك الصلاة نعوذ بالله، والجحد لوجوبها، ومثل استحلال الزنى يراه حلالا، ومثل سب الدين، أو سب الرسول، أو الاستهزاء بالرسول، فالذي يموت على هذه الحال لا يصلى عليه، هذه ردة عن الإسلام، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (23).

حكم الصلاة على شارب الخمر

37 - حكم الصلاة على شارب الخمر س: سائل من ليبيا يسأل سماحتكم: عمن مات وهو شارب للخمر، هل يصلى عليه؟ نرجو أن تنصحونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم، العاصي يصلى عليه إذا كان مسلما، فإنه يصلى عليه، سواء كان ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (332).

شارب خمر، أو عاقا لوالديه، أو قاطعا للرحم، أو يتعاطى أموال الربا، أو ما أشبه ذلك من المعاصي، أما إن كان كافرا، أي: تاركا للصلاة، أو يسب الدين، أو معروفا بشيء من أسباب الردة من نواقض الإسلام، فإنه لا يصلى عليه، أما المعصية فلا تمنع الصلاة، بل يصلى عليه، وإن كان عاصيا، ويغسل ويكفن ويدعى له بالمغفرة والرحمة، سواء كان شارب خمر، أو عنده معصية أخرى، لكن ليس بكافر.

حكم الصلاة على من قتل قصاصا

38 - حكم الصلاة على من قتل قصاصا س: سؤال عن الذي يحكم عليه بالقصاص قتلا، هل يصلى عليه، أو لا؟ (¬1) ج: نعم، يصلى عليه، إذا كان مسلما، يصلى عليه، ولو أنه فعل هذه الجريمة، والقصاص كفارة، وهكذا من زنى وهو محصن، أو زنت وهي محصنة، فقتل بسبب الرجم يصلى عليه، سواء كان ثبت عليه ذلك بالشهود، أو بالإقرار، «والنبي صلى الله عليه وسلم صلى على ماعز الذي زنى وهو محصن، فأمر النبي برجمه، ثم صلى عليه (¬2)» «وصلى على الغامدية عليه الصلاة والسلام، التي زنت وهي محصنة، فأمر برجمها ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (105). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب الرجم بالمصلى، برقم (6820).

وصلى عليها، عليه الصلاة والسلام (¬1)» لأن إقرارهم وتوبتهم له شأن عظيم، التوبة يمحو الله بها الذنوب، ثم الحد زيادة من أسباب الكفارة أيضا، فالحاصل أن من قتل بحق وهو مسلم يصلى عليه، فالقصاص حق، وإقامة الحدود حق، فيصلى عليهم، وهكذا لو قتل إنسان ظلما من باب أولى أن يصلى عليه، فالقصاص كفارة، لكن يبقى حق القتيل، هذان لحق الله، ولحق الورثة، أما حق القتيل فيبقى، وإذا كان القاتل تاب توبة صادقة، فالله سبحانه يرضى عنه بما يشاء سبحانه وتعالى، أما بقية المعاصي الأخرى، فهي مثل ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أدركه الله في الدنيا، كان كفارة له، ومن مات على ذلك مستورا فأمره إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه» سبحانه وتعالى، ويقع هذا في كل المعاصي التي أدرك حدها في الدنيا، أنه من تاب منها في الدنيا تغفر له، أما من مات عليها لم يحد ولم يتب، فهذا أمره إلى الله لقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬2) سبحانه وتعالى، وهذا فيه بشارة لأهل المعاصي، مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما بايع الناس قال: «ألا يشركوا ولا يسرقوا ولا يزنوا ولا يقتلوا (¬3)» قال بعد هذا: «فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا، فعوقب ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحدود باب من اعترف على نفسه بالزنى، برقم (1695). (¬2) سورة النساء الآية 48 (¬3) صحيح البخاري الإيمان (18)، صحيح مسلم الحدود (1709)، سنن الترمذي الحدود (1439)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (5002)، سنن الدارمي السير (2453).

به فهو كفارته، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه (¬1)» ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحدود، باب الحدود كفارة، برقم (6784)، ومسلم في كتاب الحدود، باب الحدود كفارة لأهلها برقم (1709).

حكم الصلاة على من مات وعليه دين

39 - حكم الصلاة على من مات وعليه دين س: هل تجوز الصلاة على من مات وعليه دين؟ وهل تجوز الصلاة على من مات وكتب في وصيته أن يعطى بعض أولاده مالا أكثر من البعض الآخر، أي من التركة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم، يصلى على من مات وعليه دين، كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يصلي على من عليه دين حتى يضمنه أحد، ثم ترك ذلك عليه الصلاة والسلام، كان يصلي على المدينين مطلقا، وهكذا من مات، وقد جار في وصيته، أو فعل معصية، فإن هذا لا يمنع الصلاة عليه ما دام مسلما، يصلى عليه ولا تنفذ وصيته المخالفة للشرع، وهذا إلى القضاة لا ينفذونها إلا برضا بقية الأولاد، إذا رضوا أن يعطى واحد منهم أكثر منهم فلا بأس، هذا إليهم، ولكن هذا لا يمنع الصلاة، ولكن لا يجوز لمؤمن أن يوصي أو يعطي أحد أولاده أكثر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (128).

«اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم (¬1)» فلو فعل بأن أعطى بعضهم أكثر، أو أوصى لبعضهم بأكثر فهذا إليهم، إن سمحوا فلا بأس، وإلا رفعوا الأمر إلى الحاكم والحاكم ينظر في الوصية ويمنع العطية الزائدة، عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم (¬2)» إذا أصحاب المعاصي المماثلة يصلى عليهم. وإنما تمنع الصلاة على الكافر، أما العاصي فيصلى عليه ولو عرف بأنه عاص، طالما أنه مسلم محكوم بإسلامه فإنه يصلى عليه حتى يحكم الحاكم المعروف أو يعرف أنه مرتد، بسبه الله، أو بسبه دين الله، أو تركه الصلاة أو غير هذا من موجبات الردة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587).

مسألة في حكم الصلاة على من مات وعليه دين

40 - مسألة في حكم الصلاة على من مات وعليه دين س: هل تجوز الصلاة على الميت وهو عليه دين؟ ج: نعم، يصلى عليه، وإن كان عليه دين، كان النبي صلى الله عليه وسلم أولا ترك ذلك، ثم صلى عليهم وقضى ديونهم، عليه الصلاة والسلام، فيصلى عليه وإن كان عليه دين ويجتهد الورثة، أو الوصي في قضاء دينه، يجب على الورثة أن يبادروا بقضاء الدين أو الوصي، إن كان له وصي يبادر بقضاء الدين.

حكم تشغيل شريط القرآن أثناء حمل الجنازة إلى القبر

41 - حكم تشغيل شريط القرآن أثناء حمل الجنازة إلى القبر س: يقول السائل: شاعت ظاهرة حمل الميت في سيارة وعليها مكبر للصوت، ويوضع شريط قرآن حتى يصلوا بالميت إلى المقبرة، وأيضا في الأعياد نجد الناس يذهبون إلى المقبرة، ومعهم تسجيل، ويفتح على القبر معتقدين هذا العمل بأنه ينفع الميت، ما حكم هذه الأفعال؟ (¬1) ج: هذا لا أصل له، كونه يضع مكبرا على السيارة التي فيها الجنازة ويقرأ القرآن أو يذهب بالمسجل ويقرأ القرآن عند القبور هذه بدعة لا أصل لها، ولا ينبغي فعل ذلك، ولم يشرع الله القراءة عند القبور ولا الدعاء عندها، يتحرى هذا، إنما يدعو عند الزيارة حين يسلم عليهم، يدعو لهم ولنفسه كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وأرشد الأمة إلى ذلك، كان يقول صلى الله عليه وسلم إذا زار القبور: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (¬2)» وكان يعلم أصحابه رضي الله عنهم إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام على أهل الديار من المؤمنين ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (288). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974).

والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون (¬1)» هكذا يشرع عند زيارة القبور الدعاء لهم وللزائر، أما قراءة القرآن أو الصلاة عند القبر أو الجلوس عنده يتحرى الدعاء عنده، هذا لا أصل له. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974).

حكم الإسراع بالجنازة

42 - حكم الإسراع بالجنازة س: يقول هذا السائل: بعض الناس يقول: جرت العادة في بلدي بأنهم يمشون بالجنازة وهم يرددون لا إله إلا الله، ثم البعض من الناس يقولون بأن هذا بدعة، فيقومون بأخذ الجنازة من المسجد، ويذهبون بها حتى القبر ويدعون بالحديث: «أسرعوا بالجنازة (¬1)» علما أن مع الجنازة رجالا كبارا في السن يريدون أجر الجنازة، ولا يصلون عند القبر إلا والناس قد دفنوا الميت، فهل يجوز ذلك العمل؟ (¬2) ج: السنة الإسراع بالميت، هذه السنة، النبي عليه السلام قال: «أسرعوا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب السرعة بالجنازة برقم (1315) ومسلم في كتاب الجنائز باب الإسراع بالجنازة برقم (944). (¬2) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (406).

بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن يك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم (¬1)» ولكن السرعة لا تؤذي الحاملين، ولا تؤذي التابعين، سرعة متوسطة، ليس فيها أذى لحاملها، وليس فيها أذى للمشيعين، ولو تأخروا ولم يأتوا إلا عند الدفن أو بعد الدفن دعا له وترحم عليه، والحمد لله، وله أجر المتابعة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب السرعة بالجنازة، برقم (1315)، ومسلم في كتاب الجنائز باب الإسراع بالجنازة برقم (944).

حكم الإشارة بالسبابة والنطق بالشهادة عند رؤية الجنازة

43 - حكم الإشارة بالسبابة والنطق بالشهادة عند رؤية الجنازة س: يقول هذا السائل: في بعض البلاد وعندما تشيع الجنازة ينتشر عادة بين كثير من المسلمين، فعندما يرون النعش المحمول به الميت يقومون بالإشارة إليه بسبابتهم، وينطقون بالشهادة، فما رأيكم في ذلك سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: لا أعلم له أصلا، ولكن السنة إذا رأوها أن يقوموا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول عند رؤية الجنازة: «قوموا فإن للموت فزعا (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (401). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه برقم (7800)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في القيام للجنائز، برقم (1543).

وقال: «إذا رأيت جنازة فقم حتى تجاوزك (¬1)» وليس بواجب، لأن الرسول قام وقعد، فدل على أنه ليس بواجب القيام، لكن سنة، أما الإشارة بالأصبع لا أعرف لها أصلا، والشهادة لا أعرف لها أصلا. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عامر بن ربيعة رضي الله تعالى عنه، برقم (15247).

حكم الذكر بصوت عال عند تشييع الجنازة ووضع الورود على النعش

44 - حكم الذكر بصوت عال عند تشييع الجنازة، ووضع الورود على النعش س: بعضهم يضعون أيضا الورود على النعش وهم يحملون الميت إلى المقبرة، ويقولون بصوت عال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. (¬1) ج: كل هذا لا أصل له، وضع الورود على النعش، وعلى الميت كل هذا لا أصل له، إنما السنة تطييبه، بعدما يغسل يطيب ويكفن، هذا السنة، أما طرح الورود أو الأطياب على النعش هذا لا أصل له كذلك رفع الصوت بالتسبيح أو بالتهليل أو التحميد أو التكبير لا أصل له، بل السنة في هذا المقام خفض الصوت والإقبال على محاسبة النفس والتفكير في الموت وما بعده حتى يعد العدة لهذا الأمر العظيم الذي وقع بهذا الميت، فالذي وقع به سوف يقع بغيره، فالسنة خفض الأصوات في هذه ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (290).

الحال مع الجنائز، وعدم رفع الأصوات مع الجنازة عند السير بها إلى الصلاة أو الدفن، أما ما يفعله بعض الناس: سبحوه أو: وحدوه، أو: اذكروا الله. فهذا ليس له أصل.

حكم رفع الصوت أثناء حمل الجنازة

45 - حكم رفع الصوت أثناء حمل الجنازة س: يقول السائل: هل يجوز رفع الصوت أثناء حمل الجنازة؟ (¬1) ج: لا، السنة السر في هذا وخفض الصوت، ويتذكر الإنسان المصير وأنه سوف يصيبه ما أصاب هذه الجنازة، يتذكر الموت وما بعده أما ما يفعله بعض الناس: وحدوه، وحدوه، اذكروا الله، هذا ليس عليه دليل. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (288).

حكم تكرار لا إله إلا الله جماعيا عند حمل الجنازة

46 - حكم تكرار لا إله إلا الله جماعيا عند حمل الجنازة س: هذا سائل للبرنامج ع. أمن اليمن يقول: من المعتاد عندنا أن الناس إذا حملوا الجنازة إلى المقبرة يقومون بذكر لا إله إلا الله، مكررا بالصوت الجماعي، وعندما يصلون إلى المقبرة يقرؤون سورة (يس) بصوت جماعي، وجهونا حول هذا العمل من حيث الجواز، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: رفعهم الصوت عند حملهم الجنازة بصوت جماعي هذا بدعة ما لها ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (395).

أصل، المشروع عند حمل الجنازة يتذكرون هذا المصير، يتذكرون الآخرة والموت، يكون عندهم تذكر وخوف وحذر، أما وحدوه، أو لا إله إلا الله، برفع الصوت هنا بدعة ما له أصل، وهكذا قراءة (يس) عند القبر بدعة لا أصل لها، لأنها تقرأ (يس) عند المحتضر قبل أن يموت في بيته، أو في أي مكان أما أنها تقرأ في المقابر، أو عند الدفن هذا بدعة لا أصل له.

س: يقول السائل: أثناء تشييع جنازة متوفى أجد بعض الناس يقولون: لا إله إلا الله بصوت مرتفع وأجد بعضهم يقول: اذكروا الله. ما حكم هذا العمل؟ (¬1) ج: ليس عليه دليل، السنة في هذا كان السلف إذا اتبعوا الجنازة يسرون ويخشعون ويتذكرون الموت وما بعده، فالسنة في مثل هذا عدم الكلام والتفكر في المصير وما يكون بعد الموت، وكيف يسأل الميت في قبره، حتى يكون الإنسان متأثرا بهذا المحضر، أما أن يقول: اذكروا الله، أو وحدوا الله، أو قولوا: لا إله إلا الله هذا لا دليل عليه، فينبغي تركه. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (288).

حكم رفع الصوت بالذكر الجماعي عند تشييع الجنازة

47 - مسألة في حكم رفع الصوت بالذكر الجماعي عند تشييع الجنازة س: المستمع أ. س. يسأل ويقول: عند تشييع الجنازة إلى المقبرة

يرددون الأذكار بصوت جماعي، مثل: لا إله إلا الله، محمد رسول الله وغير ذلك، وعندما يدخل الميت في القبر يؤذنون ويقيمون وبعد الدفن يلقنونه ويقولون: يا فلان ابن فلان قل: لا إله إلا الله قل: ربي الله، وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم، ما رأيكم في مثل هذا العمل؟ (¬1) ج: هذا العمل كله بدعة لا يجوز، رفع الأصوات مع الجنائز: وحدوه أو لا إله إلا الله. كلها بدعة، السنة مع الجنائز التدبر والتأمل والخشوع وتذكر الموت والدعاء للميت، أما رفع الأصوات بالأذكار، أو وحدوه كل هذا لا أصل له وهكذا الأذان في القبر أو الإقامة في القبر كله بدعة، وهكذا التلقين، يا فلان اذكر ما خرجت عليه من الدنيا كله بدعة، والأحاديث في التلقين كلها غير صحيحة، وغير ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا كله بدعة لا يلقن ولا ينفعه التلقين، ما ينفعه إلا عمله السابق قبل الموت، أما بعد الموت فلا ينفعه، وهكذا الأذان في قبره، والإقامة في قبره، والقراءة، كله بدعة لا تجوز. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (425).

ما ينبغي فعله لمن يشيع الجنازة

48 - بيان ما ينبغي فعله لمن يشيع الجنازة س: هل يوجد ذكر مشروع عند الذهاب بالجنازة إلى القبر، من تهليل أو

تكبير؟ وماذا يلزم تابع الجنازة والحاملين لها؟ (¬1) ج: لا أعلم في هذا شيئا مشروعا إلا التفكير والنظر في الموت، وعواقب الموت، وما بعد الموت، يكون التابع للجنائز يفكر في هذه الأمور وأنه صائر إلى ما صار إليه هذا الميت، حتى يعد العدة، أما ما يفعله بعض الناس من قوله: اذكروا الله، وحدوا الله، فهذا لا أصل له، كان من عادة السلف عند اتباع الجنائز الصمت والتفكير، والنظر في عواقب الأمور، وفي حياة الإنسان وأن منتهاه هو منتهى هذا الرجل الذي هو يتبعه، فهذا يوجب التفكير والنظر والعبرة، وأما الكلام فلا يشرع بهذا كلام فيما أعلم، والذي يفعله بعض الناس من قولهم وحدوه، اذكروا الله، هذا كله لا أصل له. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (23).

س: توفي رجل، ثم قام الناس بتشييعه وهم يقولون: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وبصوت مسموع ومرتفع، ثم قام أهل الميت بالصدقة عليه، وعندما رجع الناس من دفنه بدؤوا في الأكل والشرب والضحك فيما بينهم، ما رأي سماحتكم في مثل هذه التصرفات؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: اتباع الجنازة بارتفاع الأصوات بالذكر أو الصلاة على النبي صلى الله ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (314).

عليه وسلم لا أعلم له أصلا في الشرع، بل السنة خفض الصوت في هذه الحالة، وأن الإنسان يحاسب نفسه، ويتذكر مصير هذا الميت ومصيره هو أيضا، لأن الموت له شأن عظيم، وذكره يحرك القلب إلى الاستعداد للقاء الله، والقيام بحقه، والحذر من معاصيه سبحانه وتعالى، فالمسلم عند اتباع الجنازة عليه أن يتأمل مصير هذا الميت ومصيره هو، وأن يعد العدة، والناس عليهم أن يخفضوا الأصوات تقديرا لهول الموقف، وشدة الحاجة إلى الاستعداد للآخرة، والتأهب للموت قبل نزوله. وأما صنع الطعام لأهل الميت، فهذا فيه تفصيل، أما صنع الطعام من أجل المصيبة، وجمع الناس فهذا ليس من المشروع، بل من عمل الجاهلية أما إذا صنعوه لأجل ضيف نزل بهم، أو لأنفسهم فلا بأس، أو جاءهم طعام من غيرهم، يعني: مثل جيرانهم وغيرهم بأن يصنعوا لهم طعاما، لأنه قد أتاهم ما يشغلهم فلا بأس بذلك، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر أهله أن يصنعوا طعاما لأهل جعفر، لما قتل في مؤتة، لما جاء خبره إلى المدينة، رضي الله عنه، جعفر بن أبي طالب، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أهله أن يصنعوا لآل جعفر طعاما، وقال: «إنه أتاهم ما يشغلهم (¬1)» فإذا صنع أقارب الميت لأهل الميت طعاما، ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610).

أو جيرانه فهذا مشروع، فإذا دعا أهل الميت من يأكل معهم هذا الطعام، أو قدموه لمن كان عندهم، كل هذا لا بأس به. أما رجوعهم بعد الدفن إلى الضحك واللعب فهذا ليس بمناسب، بل الأفضل لهم أن يتدبروا الأمر، ويظهر عليهم أمارات الحزن والاستعداد، ولهذا لما مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، قال عليه الصلاة والسلام: «العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون (¬1)» ولما حضر موت ابن بنته عليه الصلاة والسلام تأثر النبي صلى الله عليه وسلم لما حضر، فلما رأى نفس الصبي تقعقع عند الخروج بكى، فسأله بعض الحاضرين عن ذلك، فقال: «هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء (¬2)» فالأفضل لأهل الميت ألا يشتغلوا بالضحك واللعب بل يقدروا الموقف، ويظهر عليهم أثر الحزن مع الرضا عن الله والاسترجاع: إنا لله وإنا إليه راجعون، والصبر والاحتساب، أما مقابلة ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا بك لمحزنون، برقم (1303)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، برقم (2315). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه، إذا كان النوح من سنته برقم (1284)، ومسلم في كتاب الجنائز باب البكاء على الميت برقم (923).

ذلك بالضحك واللعب، فليس من المشروع وليس من المناسب بل المناسب إظهار الحزن وإظهار الدعاء للميت، والاستغفار له، وعدم إظهار اللعب والضحك، ونحو ذلك مما يدل على عدم المبالاة، وفي التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم الخير والبركة، فما كان صلى الله عليه وسلم عند الموت يظهر الضحك، بل كان يظهر الحزن والبكاء، ويقول: إنها رحمة، وفق الله الجميع.

حكم ترديد الشهادة بصفة جماعية عند حمل الجنازة

49 - حكم ترديد الشهادة بصفة جماعية عند حمل الجنازة س: بعد الفراغ من الصلاة على الميت يقوم بعض الأشخاص بحمل الجنازة إلى المقبرة، ويرددون بصوت جماعي كلمة التوحيد، ويستمر هذا الوضع حتى تصل الجنازة إلى المقبرة، فهل هذا العمل صحيح؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا العمل ليس مشروعا بل هو بدعة، كونهم يرفعون أصواتهم بالتوحيد حتى تنتهي الجنازة، كل هذا منكر، ولكن الإنسان في نفسه يفكر وينظر ويتذكر أن مصيره هو هذا المصير، الموت، وأن هناك حسابا وجزاء فيتأمل ويتذكر ويعد العدة لهذا الموقف. أما رفع الصوت بذكر الله أو وحدوه، أو غير ذلك من أذكار بصوت جماعي، حتى تنتهي الجنازة إلى المقبرة، هذا ليس له أصل، بل هو من البدع، وقد قال عليه الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (365).

والسلام في الحديث الصحيح: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)» يعني: هو مردود، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم، ولا عن الصحابة أنهم كانوا يفعلون هذا الفعل، فصار أمرا محدثا ومردودا. س: من رأس المعرة في الجمهورية العربية السورية، بعثها السائل ر. ع، يقول: عندنا عادة يسير مع الجنازة الناس أثناء تشييعها إلى المقبرة، ثم يرددون كلمة: لا إله إلا الله، محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بصوت عال ومرتفع، فهل ورد هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أنه بدعة محرمة؟ جزاكم الله خيرا (¬2) ج: هذا بدعة ما له أصل، كان السلف حال الجنازة يخفضون أصواتهم يتأملون حال الموت وما بعد الموت من الأمور العظيمة أما رفع الصوت بالأذكار مع الجنازة فلا أصل له، يعتبر من البدع لكن إذا دفن الميت وفرغوا من دفنه يشرع الدعاء له، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفنه وقف عليه، وقال: «استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل (¬3)» السنة الدعاء للميت: اللهم اغفر له، اللهم ثبته ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (317). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف برقم (3221).

بالقول الثابت بعد الفراغ من دفنه، اللهم أدخله الجنة، وأنجه من النار، لا بأس بذلك كله طيب لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت (¬1)» فإذا سأل له المغفرة والثبات فهذا طيب أما رفع الأصوات مع الجنازة عند الدفن على طريقة خاصة، وقول لا إله إلا الله، محمد رسول الله، كل هذا ما له أصل. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف برقم (3221).

حكم تلقين الميت بعد دفنه في قبره

50 - حكم تلقين الميت بعد دفنه في قبره س: توجد عندنا عادات قديمة، ولا يزال الكثيرون يتبعون هذه العادات، وهي: الاستغفار والتهليل بالرنة والترانيم عند حمل الميت بما يسمون ذلك التشهودة، كما يقومون بتلاوة القرآن أثناء دفن الميت والأذان عليه، وعند الفراغ من دفنه يقوم أحدهم عند رأسه، ويقول له مخاطبا للميت: إذا جاءك كذا قل: كذا. ما رأيكم في ذلك؟ أثابكم الله (¬1) ج: كل هذه بدع لا أصل لها، فالسنة مع الجنازة التفكير وخفض الصوت، وتأمل مصير الميت ماذا يقال له؟ وماذا يجيب به؟ وتذكر هذا الأمر العظيم لأنك صائر إلى ما صار إليه، فينبغي للمؤمن أن يستشعر ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (75).

هذا الأمر العظيم، وكان السلف رضي الله عنهم يخفضون أصواتهم، ولا يتكلمون برفع الصوت في مثل هذه الحال مع الجنائز، بل يخفضون أصواتهم، ولا يتكلمون إلا بالتفكير والموعظة، وتذكير الناس بالخير، ودعوتهم إلى الخير، أما: وحدوه، لا إله إلا الله، وسبحان الله، بأصوات مرتفعة فهذا غير مشروع، بل هذا بين الإنسان وبين نفسه، كذلك الأذان عند القبر أو يقيم عند القبر أو في نفس القبر هذه بدعة أيضا، أو يقرأ فيه القرآن، هذا بدعة لا أصل لذلك؛ لا في نفس القبر ولا عند القبر، كل هذا من البدع، والمقابر ليست مثل المساجد، يقول صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورا (¬1)»؛ لأن القبور لا يصلى عندها، ولا يقرأ عندها، ليست مثل المساجد، كذلك التلقين، كونه يقف عند رأسه بعد الدفن يقول: قل كذا، قل كذا، وإذا سألك الملك عن كذا فقل كذا، يسمونه التلقين، ويقولون: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا؛ أنك تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأنك ترضى بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، وبالقرآن إماما ... إلى غير ذلك مما يقولون، هذا لا أصل له، فقد جاء في أخبار موضوعة عن النبي ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب كراهية الصلاة في المقابر، برقم (432)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (777).

صلى الله عليه وسلم لا أصل لها، فعله بعض أهل الشام، كما ذكره جماعة، وليس فعلهم بحجة، ولا غيرهم من الناس، الحجة فيما قاله الله ورسوله، وفيما أجمع عليه الصحابة، أما قول بعض الناس من المتأخرين والتابعين وأتباع التابعين إذا اختار شيئا، أو رأى شيئا - لا يكون حجة على الناس، ولا يكون دينا، الدين ما شرعه الله ورسوله وما أمر الله به ورسوله.

س: في ريفنا اليمني يقوم المشيعون للجنازة بترديد بعض الأذكار جماعات جماعات وبأصوات مرتفعة، وهذه الأذكار هي: الله يا الله، لا إله إلا الله، محمد رسول الله، الله يا الله، فهل هذا جائز شرعا؟ وما كلمتكم للمشعين في مثل هذا الموقف؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذه الألفاظ من البدع، فلا يجوز للمشعين أن يرفعوا أصواتهم بهذا الكلام: لا إله إلا الله، أو الله، الله. أو يا الله، يا الله، بل المشروع للمشيع أن يستحضر أمر الموت، وما يسأل عنه الميت، وخطر القبر، تكون على باله هذه الأمور، حتى يستعد لهذا الأمر، وحتى يحذر من ركونه إلى الدنيا، واشتغاله بها عن الآخرة، قال قيس بن عبادة التابعي المشهور: كان السلف رضي الله عنهم إذا كانوا مع الجنائز صمتوا (¬2) مشتغلين بالتفكير فيما للميت، وما أمامه من الأهوال والعجائب؛ لأن القبر إما ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (142). (¬2) انظر: كتاب الزهد لابن المبارك، باب التفكر في اتباع الجنائز (ج1 ص 83).

روضة من رياض الجنة، وإما حفرة من حفر النار، فالواجب على المشيعين أن يتذكروا هذا المقام، وأن يكون على بالهم، أما رفع أصواتهم بشيء من الذكر، أو الدعاء جماعيا أو فرادى كل ذلك لا يجوز، وليس هذا من هدي السلف الصالح، بل من هديهم السكوت عند الجنائز، والإنصات وخفض الأصوات والتفكير في مآل الميت وما يكون له في القبر وما ينزل به، ويعد الإنسان لهذا عدته؛ لأنه صائر له ما صار لهذا الميت فيكون على باله، هذا هو المشروع في هذه المسألة، فينبغي توجيه هؤلاء إلى الخير، وأن يخفضوا أصواتهم، وأن يفكروا في مآل الميت وما ينزل به حين يوضع في قبره، وسؤاله وماذا يجيب به ... إلى غير هذا من الأمور العظيمة التي كل إنسان سيمر بها، والله المستعان.

س: إذا مات الشخص عندنا لا يصلون عليه صلاة الجنازة إلا في المقبرة، فهل هذا جائز؟ وإذا أردنا دفنه صاح الجميع بصوت مرتفع: لا إله إلا الله طوال فترة الدفن، وإذا أراد أحد أن يساعد أخاه في عملية الدفن طلب من المجرفة بقوله: وحد الله، ثم بعد الفراغ من الدفن يقف الملقن على قبر الميت، فيقول كلاما بليغا يخاطب فيه الميت، قد يؤثر في السامعين لما فيه من عبارات التذكير بعذاب القبر ونعيمه، فما الحكم في كل هذا؟ أفيدونا أثابكم الله (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (143).

ج: أما الصلاة على الميت في المقبرة فلا بأس بها، قد صلى النبي صلى الله عليه وسلم على صاحب قبر بعدما دفن، لكن الأفضل أن يصلى عليه في المصلى المعد للجنازة، أو المساجد حتى يصلي عليه جمع غفير من الناس، وأفضل لأهله أن يقدموه للمسلمين يصلون عليه في المساجد، أو في المصلى المعد للجنائز إذا كان هناك مصلى معد، فإن لم يتيسر ذلك، وصلي عليه في المقبرة فلا حرج، أما رفع الصوت بـ: لا إله إلا الله عند الدفن وعند الحفر، أو عند السير بالجنازة هذا لا أصل له، بل المشروع أن الإنسان ينظر ويفكر في عاقبة الموت وما بعد الموت، ويحاسب نفسه، ولا يرفع صوته بذكر الله ولا بغير ذلك مع الجنازة، ولا عند الدفن، ولا عند الحفر، أما كون الإنسان يتكلم بشيء عادي حال سيره مع الجنازة بينه وبين نفسه؛ من دعاء أو ذكر لله، أو في المقبرة أو غير ذلك فلا بأس، أما شيء يتعمد بصوت عال: وحدوه، أو: لا إله إلا الله بصوت جماعي، أو عند الدفن هذا شيء لا أصل له، وكان من عادة السلف رحمة الله عليهم غض الصوت عند الجنائز، والتفكير في أحوال الميت، وما يقال له وما يقول هذا هو الذي ينبغي للمؤمن، فيفكر عند اتباعه للجنازة، وعند حضوره إلى القبور، وعند حضوره للدفن، يفكر في هذه الأمور العظيمة وماذا يقال للميت؟ وماذا يقول؟ وهل يجيب، أو ما يجيب؟ يكون عنده تفكير طويل حتى ينتفع بذلك، ولا مانع من الدعاء

والاستغفار بينه وبين نفسه والذكر بين العبد وبين نفسه لا بأس به، أما تعمد رفع الصوت بذلك، أو أن يكون صوتا جماعيا هذا لا أصل له، والسنة بعد الدفن أن يدعى للميت بالمغفرة والثبات، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت يقول: «استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت؛ فإنه الآن يسأل (¬1)» فالسنة أن يوقف عليه بعد الدفن ويدعى له بالمغفرة والثبات، أما التلقين فهو بدعة، هذا هو الصواب، أو أن يقال للميت بعد الدفن: يا فلان، اذكر ما خرجت به من الدنيا، أنك تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن الإسلام دينك وأن محمدا نبيك، وأن القرآن إمامك ... إلى آخر هذا من الكلمات التي يقولونها، هذا لا أصل له، جاء فيه أخبار لكنها موضوعة غير صحيحة، الصواب في هذا والمعتمد في هذا عند أهل السنة أن التلقين لا أصل له في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، بل هو بدعة، وإنما يدعى للميت بالمغفرة والثبات بعد الدفن كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، هذا هو المعتمد، وهذا هو المشروع. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف برقم (3221).

حكم ترحيل جثة العامل الميت إلى بلده

51 - حكم ترحيل جثة العامل الميت إلى بلده س: سائل من عمان يقول: استقدمت أحد العمال من الخارج للعمل لدي، وبعد مدة توفي، وتحملت نفقة تجهيزه، وترحيل جثته إلى بلده

بما يزيد على خمسة آلاف ريال، هل علي شيء بعد ذلك تجاهه لتبرأ ذمتي؟ (¬1) ج: عليك أن تسلم لأهله الأجور التي عندك، إذا كان له أجور عندك، بقايا أجور عليك أن تسلمها، أو تركة عندك عليك أن تسلم جميع أمواله التي عندك من أجور، أو تركة له، من نقود أو متاع عليك أن تسلم ذلك، أما ما أنفقته في تجهيزه فأنت أعلم بنيتك، إن كنت أنفقت ذلك تبرعا منك فجزاك الله خيرا، وليس لك الرجوع في ذلك، وإن كنت أنفقت ما أنفقت بنية الرجوع فلك أن ترجع بما أنفقت في كفنه وحفر قبره ونحو ذلك، أما تجهيزه إلى أهله فليس لك الرجوع؛ لأنه ليس واجبا عليك أن تجهزه إلى أهله، ولو دفنته مع المسلمين في البلد كفى، إلا إذا كان أهله طلبوا منك ذلك، ووافقوا على أن تأخذ قيمة السفر من ماله فلا بأس، وإلا فليس عليك أن تجهزه إلى بلده، بل الواجب أن يدفن مع المسلمين في عمان، كما لو مات في مكة أو المدينة أو غير ذلك يدفن مع المسلمين ولا يرسل إلى بلاده، لكن لو طلب أهله إرساله إلى بلاده والتزموا بالنفقة، أو سمحوا بأخذ النفقة من التركة فلا بأس، مع أن ترك ذلك أفضل، كونه يدفن مع المسلمين ولا يسفر أولى من التكلف، هذا هو الأولى، إنما يتكلف في ذلك إذا كان في بلاد الكفار، في بلاد لا يدفن فيها المسلم، ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (173).

هذا لا بأس بنقله إلى بلد مسلم أو إلى أهله، أو سمح أهله بنقله إليهم لمصلحة رأوها، يكون على حسابهم على حساب من سمح بذلك، من طلب نقله والتزم بقيمة التذاكر، أما أنت فلا يلزمك ذلك، لكن إذا تبرعت بذلك فليس لك الرجوع. أما إذا كان العامل غير مسلم فلا يكفن ولا يصلى عليه، ولا يجهز إلى بلاد قومه، يدفن مع الكفار إذا كان في بلد فيها كفار، أو يحفر له في محل بعيد عن المسلمين في الصحراء، ويسوى قبره وانتهى الأمر، ولا يصلى عليه ولا يغسل ولا يكفن، بل يدفن فيما تيسر من الثياب الساترة.

حكم بناء ورفع القبور لضيق المساحة

52 - حكم بناء ورفع القبور لضيق المساحة س: سائل من مصر يقول: نحن في معظم قرى ومدن مصر نعاني من مشكلة ضيق المساحة في القبور؛ حيث إنها محددة في أماكن معلومة، ولا يجوز ترك مكانها، وخاصة في بلاد الدلتا، أي البلاد البعيدة عن الصحراء؛ مما اضطر الناس لبنائها وارتفاعها عن الأرض أكثر من المتر في بعض الأحيان؛ وذلك لدفن عدد من الموتى في كل قبر، فما حكم ذلك؟ وماذا نفعل إن أردنا أن نفعل الصواب في عدم بنائها، فلا نجد الظروف التي تعيننا على ذلك؟ أفتونا مأجورين أثابكم الله، وجزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (283).

ج: أيها الأخ الكريم: نسأل الله لك المثوبة على دعواتك، ونسأل الله أن يتقبل منك دعواتك، وأن يثيبنا وإياك وأن يجعلنا وإياك من عباد الله الصالحين، إنه خير مسؤول. أما القبور فالواجب ألا تبنى، هذا الواجب، وأن تحفر في الأرض وتعمق، هذا هو الواجب؛ لأنه ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما في صحيح مسلم أنه نهى عن تجصيص القبور والبناء عليها، ولعن اليهود والنصارى على اتخاذهم المساجد على القبور، وأخبر أنهم شرار الخلق بهذا العمل، وهو البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، فالواجب على أهل الإسلام في مصر وغير مصر، الواجب عليهم أن يحفروا القبور في الأرض، وأن يعمقوها إلى نصف القامة تقريبا؛ حتى لا تظهر رائحتها، وحتى لا تحفرها الكلاب ونحوها، فإذا كانت البلدة ليس فيها محل للحفر؛ لأنها صلبة حجرية فلا حرج أن يدفن على ظهرها، ويحوط عليها لأجل حفظها عن الكلاب وغيرها، وصيانتها واجب؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1) ويقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (¬2). فالبناء - حينئذ - لحفظها لا لتعظيمها والغلو فيها، ولكن لحفظها عن ظهور الروائح الكريهة وعن ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16 (¬2) سورة البقرة الآية 286

امتهانها، وعن تناول السباع لها فلا حرج بقدر الحاجة فقط والضرورة، أما مع القدرة على الحفر فلا يجوز البناء، لا متر ولا غيره، يجب أن تكون في الأرض وأن تبين للناس ترفع قدر شبر مثلا تقريبا، ترابها يكون على كل قبر ترابه، وعليه النصائب في أطرافه حتى يعرف أنه قبر، وإذا رش وجعل عليه بطحاء فذلك أفضل، هذا هو المشروع في القبور، لكن من لم يستطع ذلك؛ لأن الأرض لا يمكن حفرها فإنه معذور بقدر الحاجة فقط. س: إذا كانت الأرض بعكس ذلك سماحة الشيخ، وكانت التربة تنهار ولا تتماسك فما هو الحل الذي يراه سماحتكم؟ (¬1) ج: إذا كانت الأرض ضعيفة لا يستطاع الحفر فيها، لضعفها وانهيارها يجعل ما يحفظ الميت من ألواح، أو حجارة أو نحو ذلك مما يحفظ الميت؛ حتى لا ينهار به القبر، يفعل ما يستطيع المؤمن من ألواح أو أخشاب أو حديد، المقصود الذي يستطيع به حفظ الميت؛ حتى لا ينهار به القبر حسب الطاقة: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2). فلا شك أن هذا مهم، نسأل الله للجميع التوفيق، ثم نعيد أيضا مرة أخرى التحذير من البناء على القبور، الذي فعله اليهود والنصارى، ولا يجوز أن يبنى عليها مساجد ولا ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (283). (¬2) سورة التغابن الآية 16

قباب ولا غير ذلك؛ لأن هذا البناء من أسباب الشرك بالله والغلو، كما فعله اليهود والنصارى، وفعله أشباههم من عباد القبور، الذين ظنوا أن هذا مشروع، فاتخذوا مساجد على القبور، وغالوا فيها واستغاثوا بأهلها، ونذورا لهم وطافوا بقبورهم، وهذا هو البلاء العظيم، هذا هو الشرك الأكبر؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)» وقال عليه الصلاة والسلام لما أخبرته أم حبيبة وأم سلمة بكنيسة في بلاد الحبشة، وما فيها من الصور قال عليه الصلاة والسلام: «أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور، فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة (¬2)» حكم عليهم بأنهم شرار الخلق، الواجب الحذر، وفي الصحيح - صحيح مسلم - عن جندب بن عبد الله البجلي ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (529). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، ويتخذ مكانها مساجد، برقم (427)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528).

رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك (¬1)» هذا نهي عظيم؛ لوجوه ثلاثة: أولا - ذم من فعل ذلك؛ اليهود والنصارى وغيرهم، وهذا تحذير من التشبه بهم. الثاني - قوله: «فلا تتخذوا القبور مساجد (¬2)» هذا نهي صريح: لا تتخذوا القبور مساجد. الثالث - قوله: «إني أنهاكم عن ذلك (¬3)» هذا أيضا تأكيد للنهي في قوله: «إني أنهاكم عن ذلك (¬4)». فالواجب الحذر، والسر في هذا - والله أعلم، كما هو معروف عند أهل العلم - أنه ذريعة للشرك، أن هذا البناء وهذا التصوير عليها من أسباب الشرك بها، واتخاذ أهلها آلهة مع الله، كما قد وقع لليهود والنصارى وغيرهم، فيجب الحذر من ذلك وأن لا يبنى على القبر، لا مسجد ولا غيره، ولا قبة ولا غيرها، ولا يدعى من دون الله، ولا يستغاث ولا يطاف به .... إلى غير ذلك، العبادة حق الله وحده، هو الذي يدعى ويرجى ويصلى له، ويسجد له وينذر له، ويذبح له، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي} (¬5) يعني: قل يا محمد للناس: إن صلاتي: {وَنُسُكِي} (¬6): ذبحي وعبادتي {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬7) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (¬8). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532). (¬2) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532). (¬3) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532). (¬4) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532). (¬5) سورة الأنعام الآية 162 (¬6) سورة الأنعام الآية 162 (¬7) سورة الأنعام الآية 162 (¬8) سورة الأنعام الآية 163

هكذا أمره الله أن يبلغ الناس عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (¬1) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (¬2). وقال تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (¬3). الطواف بالبيت العتيق، ما يطاف بالقبور، الطواف بالقبور عبادة لها من دون الله وشرك بالله عز وجل، إذا طاف يتقرب للميت بالطواف، أو يصلي له أو يسجد له، أو يقول: يا سيدي أغثني. أو: انصرني. أو: اشف مريضي. أو: أنا في جوارك. كل هذا شرك بالله، كل هذا عبادة لغيره سبحانه وتعالى، فالواجب الحذر غاية الحذر، نسأل الله للجميع الهداية. ¬

_ (¬1) سورة الكوثر الآية 1 (¬2) سورة الكوثر الآية 2 (¬3) سورة الحج الآية 29

حكم بناء القبور فوق سطح الأرض لضعف التربة

53 - حكم بناء القبور فوق سطح الأرض لضعف التربة س: عندنا الأرض ترابية، فنقوم بحفرها لتسوية القبور، ونبنيها بطوب محروق، ما رأيكم في هذا؟ (¬1) ج: الواجب أن تحفروا فقط، أما البناء لا تبنوا شيئا، الرسول نهى أن ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (382).

يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه (¬1) ولكن تحفرون حفرا إلى نصف القامة مثلا، ثم يجعل فيها لحد ثم يدفن الميت ويجعل في اللحد، وينصب عليه اللبن، ثم يهال عليه التراب ويرفع عن الأرض قدر شبر بالطين حتى يعرف أنه قبر، وتجعل النصائب في أطرافه لحفظ ترابه، أما أن يبنى عليه شيء فلا يبنى عليه شيء، إنما يجعل التراب فوقه، إذا نصب عليه اللبن ينصب عليه اللبن نصبا، ويسد ما بين اللبن بالطين وكسر اللبن، ثم يهال عليه التراب ويرفع قدر شبر بتراب القبر، حتى يعرف أنه قبر، أما أنه يبنى عليه شيء من الداخل، أو من خارج فلا يجوز، الرسول نهى عن تجصيص القبور، ونهى عن القعود عليها، ونهى عن البناء عليها، عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه، برقم (970).

س: السائل ص. ج. يقول: هل يجوز بناء المقابر فوق سطح الأرض إذا كانت الأرض التي بها المقابر طينية، أو زراعية؟ علما بأنه لو تم حفر حوالي نصف أو ربع المتر سوف يظهر الماء، وليس هناك سوى هذا المكان في هذه البلدة (¬1) ج: إذا كان هكذا يجعل خشب أو ألواح، ليحول بين الماء وبين الميت، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (414).

ويدفن في الأرض، ولا بناء عليه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يبنى على القبور، لكن يحفر بالقدر الذي لا يظهر الماء، ثم يجعل لوحا تحته أو أخشابا أو شبه ذلك تمنع الماء، ثم يدفن الميت ويوضع عليه اللبن، ويدفن بالتراب ولا يبنى عليه بناية.

س: يوجد عندنا مدافن على جبل من الرمل، وكان المعتاد شق أخدود ووضع الميت فيه في تابوت من الخشب، فجاء بعض الناس وأراد البناء، ليجمع العائلة كلها، فقال البعض: إن هذا محرم وغير شرعي، واستند لحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ونهيه عن البناء على القبور وتجصيصها وقام الخلاف في ذلك، لكنا في انتظار ما نسمع من سماحتكم جزاكم الله خيرا (¬1) ج: البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها والقباب أمر لا يجوز؛ بنص النبي عليه الصلاة والسلام ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» وقالت له أم سلمة وأم حبيبة: إنهما رأتا في أرض الحبشة كنيسة، ورأتا فيها صورا كثيرة، قال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (256). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (529).

تلك الصور (¬1)». ثم قال صلى الله عليه وسلم: «أولئك شرار الخلق عند الله (¬2)» فسماهم شرار الخلق، وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه (¬3)» فالقبور لا تجصص ولا يبنى عليها، ولا يبنى عليها مساجد، ولا يتخذ لها قباب، بل هذا من وسائل الشرك، وهذا من عمل اليهود والنصارى فالواجب الحذر منه، لكن إذا كانت الأرض رديئة يحفر فيها، ويجعل فيها ما يمسك التراب من صندوق أو لوح وألواح، حتى لا تنهار على الميت، أو حجارة حتى لا ينهار، ويوضع الميت بينها، وإذا تيسر أرض صلبة جيدة تحفر فيها القبور، ويكون فيها اللحد من جهة القبلة، يوضع الميت في اللحد من جهة القبلة يكون هذا أفضل؛ لأن هذا هو الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: «احفروا له والحدوا لحدا، فإن اللحد لنا والشق لغيرنا (¬4)» وهذا هو الأفضل، فإن لم يتيسر؛ لأن الأرض رديئة يشق شقا في الأرض، ويجعل على جانبي الشق ما يحفظ التراب من ألواح أو حجارة من دون بدع، ثم يوضع الميت ثم يوضع فوقه ألواح أو حجارة ثم يردم عليه التراب، ¬

_ (¬1) صحيح البخاري الأدب (6130)، صحيح مسلم فضائل الصحابة (2440)، سنن أبو داود الأدب (4931)، سنن ابن ماجه النكاح (1982)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 234). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، ويتخذ مكانها مساجد، برقم (427)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه، برقم (970). (¬4) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج2/ 465، برقم / 2279).

ويجعل عليه النصائب؛ حتى يعرف أنه قبر، وتلتمس الأرض الطيبة ما هي بالأرض الرملية، إذا تيسر أرض طيبة فلا يوضع فيها الميت حتى يحفر فيها، وإذا ما تيسر إلا أرض رديئة رملية يجتهدون بجعله في محل مناسب، ثم يجعل فيه حجارة أو ألواح تحفظه من التراب، ثم يوضع الميت، ثم يوضع فوقه الحجارة تقية من التراب، أو ألواح تقيه التراب، ثم يهال عليه التراب إذا لم يتيسر أرض طيبة جيدة يحفر فيها، ويكون فيها لحد ويوضع عليه اللبن، إذا تيسر هذا فهو السنة، أما إذا لم يتيسر يشق في الأرض ويوضع فيه الميت، وتوضع على جانبيه وأطرافه الحجارة؛ حتى تقيه التراب ثم يوضع فوقها حجارة كبيرة، توضع فوق الحجارة تستره وتمنعه من التراب، وهذا هو المشروع في هذه الحالة.

بيان آداب دفن الميت

54 - بيان آداب دفن الميت س: ما هي آداب دفن الميت في الإسلام؟ (¬1) ج: السنة في دفن الميت أن يكون له لحد، هذا الأفضل لحد إذا أنزل في القبر في قبره، ثم يدفن على جنبه الأيمن، ويوجه إلى القبلة، ثم ينصب عليه اللبن نصبا، ويسد الخلل بالطين، ثم يهال عليه التراب، ويرفع القبر عن الأرض مقدار شبر؛ حتى يعلم أنه قبر، هذا هو السنة في دفن أموات ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (299).

المسلمين: أن يحفر ويعمق القبر إلى النصف، إلى السرة، سرة الرجل القائم ونحو ذلك، وأن يكون له لحد هذا هو الأفضل في جهة القبلة بقدر الميت، ثم يوضع الميت على جنبه الأيمن، ويقول عند وضعه بسم الله، وعلى ملة رسول الله، ثم ينصب عليه اللبن ويسد الخلل، حتى لا يدخل عليه التراب، ثم يهال عليه التراب، ويرفع القبر قدر شبر؛ حتى يعرف أنه قبر فلا يمتهن، هذا هو السنة، ثم يرش بالماء ويوضع عليه الحصباء، وتوضع عليه الأنصبة على أطراف القبر، لبنة لبنة عند أطرافه حتى يعرف أنه قبر.

س: هل يلقى الميت في القبر على ظهره، أو على جنبه الأيمن متجها إلى القبلة؟ لأني أرى الناس عندنا يطرحون الميت على ظهره، وبعد الأربعين من موت الميت يقوم أقاربه بإلقاء عزيمة كبيرة، ويسمونها الفاتحة، ما هو رأيكم فيما يفعله الناس؟ (¬1) ج: السنة أن يوضع على جنبه الأيمن موجها إلى القبلة، هذا هو السنة، فإن الكعبة هي قبلة المسلمين أحياء وأمواتا، وأما هذه العزيمة فلا أصل لها، بل هي بدعة. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (290).

حكم الأذان والإقامة عند وضع الميت في اللحد

55 - حكم الأذان والإقامة عند وضع الميت في اللحد س: يسأل المستمع ويقول: رأيت البعض من الناس عندما يضعون الميت في اللحد يقومون بالأذان والإقامة فوقه، هل هذا صحيح؟ (¬1) ج: هذا بدعة، الأذان في القبر، والإقامة في القبر بدعة لا تجوز، كل هذا لا يجوز؛ لا بعد الدفن ولا قبل الدفن، كله لا يجوز. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (424).

حكم إراقة المياه التي غسل بها الميت

56 - حكم إراقة المياه التي غسل بها الميت س: بعض الناس إذا مات لهم ميت يحفرون له في الأرض، ويكسرون البلاط الذي في الغرفة التي مات فيها، ويغسلونه فيها لادعائهم أن الماء الذي يغسل به الميت لا يجوز رميه في الخارج، فما الحكم في هذا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا كلام باطل، وعملهم لا أصل له، كالنظافات العامة، ماء الميت الذي يغسل به يراق مثل المياه الأخرى في الحمام وغيره، ولا شيء فيه يغسل في الحمام أو في غير الحمام، ولا يحفر له، ولا ينقض البلاط، كل هذا غلط كل هذا من إضاعة المال بالباطل، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (291).

حكم كشف وجه الميت عند وضعه في القبر

57 - حكم كشف وجه الميت عند وضعه في القبر س: يقول السائل: هل يكشف عن وجه الميت عند وضعه في اللحد؟ (¬1) ج: لا يكشف، يستر جميع البدن حتى الوجه، لا المرأة ولا الرجل، المشروع أنه يستر وجهه وغيره، ولا يكشف شيء. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (430).

س: ما حكم كشف وجه الميت إذا وضع في قبره؟ (¬1) ج: المشروع أن يغطى وجهه وجميع بدنه، الميت إذا وضع في القبر لا يكشف منه شيء، بل يكون الكفن شاملا له كله، من رأسه إلى رجليه، هذا هو السنة، وهذا هو الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأرشد إليه. وما يظنه بعض العامة أنه يكشف وجهه غلط، الواجب أنه يغطى كله إلا إذا كان محرما فإنه لا يغطى رأسه ولا وجهه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات رجل في إحرامه قال صلى الله عليه وسلم: «اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه، ولا تمسوه بطيب ولا تخمروا رأسه ولا وجهه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا (¬2)» إلا إذا كان امرأة يغطى وجهها ورأسها؛ لأنها ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (414). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب سنة المحرم إذا مات، برقم (1851)، ومسلم في كتاب الحج، باب ما يفعل بالمحرم إذا مات، برقم (1206).

محرمة لا بأس أن تغطي وجهها وإن كانت محرمة، أما الرجل فلا يغطى وجهه، إذا كان محرما ومات يغسل ويكفن، ولا يغطى وجهه ولا رأسه.

حكم كشف وجه الميت وإلقاء نظرة الوداع عليه قبل دفنه

58 - حكم كشف وجه الميت وإلقاء نظرة الوداع عليه قبل دفنه س: الأخ ص. س. من الهند يسأل ويقول: عندنا إذا مات الميت وأثناء وجوده في البيت، وعندما يجيء أحد في العزاء يقوم أحد الحاضرين ويكشف وجه الميت، وبعدما يغسل ويصلى عليه في المسجد يقوم أحد أقاربه بفك الغطاء عن وجه الميت، بذكر الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، ثم يقوم الحاضرون جميعا بما يسمونه نظرة الوداع، فما هو رأيكم في هذا العمل؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا العمل لا أصل له، السنة أن يدفن مغطى بالكفن كله، وجهه وغير وجهه، السنة أن يكون الكفن عاما، وألا يكشف وجهه ولا غيره، أما ما دام بينهم وكشفوه ليسلم عليه من هو من محارمه، إن كانت زوجته أو أخواته، أو يسلم عليه الرجل إذا كان رجلا فلا بأس، أو امرأة يسلم عليها محارمها أو زوجها لا حرج في ذلك، النبي صلى الله عليه وسلم لما توفي وجاء الصديق إلى منزله كشف وجهه وقبله، وقال: «طبت حيا ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (290).

وميتا (¬1)» عليه الصلاة والسلام، فإذا كشف لمصلحة تقبيله أو النظر إليه، والدعاء له فلا حرج في ذلك، لكن عند وضعه في القبر لا يكشف وجهه، بل يكون مغطى، والوجه وجميع البدن في القبر. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذا خليلا، برقم (3670).

حكم تغطية قبر المرأة وإنزالها فيه من غير المحارم

59 - حكم تغطية قبر المرأة وإنزالها فيه من غير المحارم س: هل يغطى قبر المرأة عند إنزالها في القبر؟ وهل يجوز أن ينزلها أحد من غير أقاربها؟ (¬1) ج: أفضل أن تغطى بعباءة أو غيرها، ولا بأس أن ينزلها أحد من غير أقاربها، ولا يشترط المحرم، ولو أنزلها غير أقاربها. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (350).

حكم الكتابة على القبور

60 - حكم الكتابة على القبور س: ما هو القبر الشرعي في الإسلام؟ وهل يجوز أن يرتفع عن الأرض، أو يوضع عليه لوحات رخامية، أو يحلق به غرف للجلوس عند القبر؟ (¬1) ج: تقدم إيضاح القبر الشرعي، تقدم إيضاحه في سؤال سابق، ولا يجوز وضع اللوحات عليه مكتوبا عليها شيء، ولا يكتب عليه؛ لأن الرسول ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (299).

صلى الله عليه وسلم «نهى عن الكتابة على القبور (¬1)» لا في لوحات ولا في غيرها، «ونهى عن البناء عليها أو تجصيصها (¬2)» لا تجصص ولا يبنى عليها، ولا يوضع عليه لوحات ولا كتابات. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب في البناء على القبر، برقم (3225). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، ويتخذ مكانها مساجد، برقم (427)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528).

حكم رفع القبر أكثر من شبر

61 - حكم رفع القبر أكثر من شبر س: أرى بعض الناس عند دفن الميت يرفعونه أكثر من شبر، وإذا نهيتهم قالوا: إن ذلك وقاية له من السيل، كذلك أراهم يزيدون حصباء فوق القبر بعد الدفن زيادة على ترابه الأصلي، كذلك يرشون عليه ماء، فما حكم ما يفعلون؟ (¬1) ج: كل هذا لا بأس به، الأفضل شبر وما حوله، وإذا زاد يسيرا بالحصباء أو نحوه فالأمر سهل في هذا؛ حتى تعلم القبور وتعرف، وحتى لا تمتهن فإذا دفنوه بترابه وجعلوا الحصباء؛ حتى تثبت التراب ويبقى، ويرش بالماء؛ حتى يبقى هذا لا بأس به، حفظا لترابه وبقاء له. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (146).

س: يسأل ويقول: البعض يذكر أن القبر يرفع عن الأرض بمقدار شبر، فهل هذا صحيح أم لا؟ وما دليله؟ وإن زيد على شبر فما حكمه؟ وكيف نوفق بين ذلك وبين ما ورد عن علي رضي الله عنه، كما ورد

في مسلم: «هل أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبرا مشرفا إلا سويته (¬1)» (¬2)؟ ج: نعم، القبور لا بأس أن ترفع قدر شبر، كما ثبت من حديث سعد بن أبي وقاص، وأنه رفع قبره قدر شبر، وأن قبر النبي صلى الله عليه وسلم كان كذلك؛ والسر في ذلك لتعرف أنها قبور، حتى لا تمتهن وحتى لا توطأ وحتى لا يجلس عليها؛ فإنها إذا سويت بالأرض قد تخفى معالمها، فإذا رفعت قدر شبر، أو ما يقاربه فهذا يعفى عنه ومشروع، لتعرف أنها قبور، ولتصان ولا تداس، أما حديث علي وما جاء في معناه فالمراد به الإشراف الزائد على هذا، كأن يبنى عليها مساجد أو قباب أو بنية، هذه تزال، وإنما ترفع بترابها، نفس التراب الذي أخذ من اللحد، هذا الذي يجعل فوق القبر؛ لأنه إذا دفن بقي بعض التراب الذي للحد، وبعض التراب الآخر؛ لأنه لو كان مرصوصا أولا رصا عظيما، ثم بعدما أخرج يتراكم بعضه على بعض، ويبقى منه بقية إذا دفن الميت، فهذه البقية تجعل على القبر علامة على أنه قبر، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يزاد على ترابه، فالتراب الذي بقي من الميت يكون هو المرفوع على محله، علامة على أنه قبر، ولا يؤتى بزيادة أخرى من تراب أو لبن ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب الأمر بتسوية القبر، برقم (969). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (202).

أو حصى أو غير ذلك، لا، بل يكفي التراب، وتوضع النصائب علامة على أنه قبر في طرفيه، علامة أنه قبر، ولا بأس أن يوضع عليه شيء من الحصباء؛ لحفظ التراب ويرش بالماء، كل هذا لا بأس به.

حكم البناء على القبور

62 - حكم البناء على القبور س: هل يجوز البناء على الميت، كالبيت مثلا؟ (¬1) ج: البناء على القبور لا يجوز مطلقا، بل ذلك من أسباب الشرك، ومن فظائع الشرك، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» وثبت في الصحيح من حديث جابر رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه (¬3)» فلا يجوز البناء عليه، لا قبة ولا حجرة ولا مسجد، ولا غير ذلك، ولا يقعد عليه ولا يجصص، ولا يجعل عليه الستور والأطياب، كل هذا منكر ومن وسائل الشرك، فالواجب الحذر من ذلك، والواجب على المسلمين في كل مكان أن يحذروا هذا العمل السيئ الذي انتشر في بلاد كثيرة وفي مدن كثيرة، فالواجب هدم المساجد التي على القبور إذا كانت ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (287). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (529). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه، برقم (970).

بنيت عليها، والقباب التي على القبور تهدم وتزال، هذا هو الواجب على الدول الإسلامية، أن يزيلوها وتكون القبور مكشوفة، ليس عليها شيء، أما إن كان القبر جديدا ودفن في المسجد، والمسجد قبله قديم فإنه ينبش القبر ويخرج ويدفن مع المقابر، ولا يكون في المسجد بل يجب أن ينبش وأن ينقل رفاته إلى المقابر العامة، ويبقى المسجد سليما يصلى فيه، أما إن كان القبر هو القديم، وبني المسجد عليه فإنه يهدم المسجد، ولا يجوز بقاؤه، يجب على رؤساء الدول الإسلامية المسؤولين أن يقوموا بهذا الواجب، وأن يمنعوا الناس من الشرك، من دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، هذا شرك أكبر، وبناء المساجد على القبور بدعة، ومن أسباب الشرك؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عن جندب بن عبد الله البجلي قال صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد؛ فإني أنهاكم عن ذلك (¬1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» ولما قالت له أم سلمة وأم حبيبة: إنهما رأتا في أرض الحبشة صورا في بعض الكنائس، قال صلى الله عليه وسلم في حق ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب النهي عن بناء المساجد على القبور برقم (532). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (529).

النصارى: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور (¬1)» ثم قال: «أولئك شرار الخلق عند الله (¬2)» فأخبر أنهم شرار الخلق، بسبب أعمالهم، وهي البناء على القبور، واتخاذ الصور عليها، فالواجب على الحكومات الإسلامية، وعلى جميع العلماء أن يسعوا في إزالة هذه الأبنية التي على القبور، من مساجد وقباب وغيرها، وأن تكون القبور بارزة مكشوفة ليس عليها بناء، ولا مانع من رفع القبر قدر شبر، حتى يعرف أنه قبر، ويكون له لحد، ويكون التراب الباقي يرمى على القبر حتى يكون فوقه، ليدل على أنه قبر، وعليه نصائب ويكون قدر شبر أو نحوه، حتى يعرف أنه قبر، أما البناء فلا يبنى عليه لا مسجد ولا غيره، ولا قبة ولا غيرها، ولا يجوز أن يدعى صاحب القبر، يقول: يا سيدي، أو يا فلان، أو يا أبا عبد الله، أو يا محمد. أو يا فلان اغفر لي، أو انصرني، أو اشف مريضي، أو أنا في جوارك. ولا يقال: يا رسول الله، ولا يا أبا بكر. ولا يا سيدي البدوي، ولا يا سيدي الحسين، ولا يا سيدي عبد القادر، ولا غيرهم، لا يجوز هذا كله، بل هذا من الشرك الأكبر؛ لأن دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات من الشرك الأكبر، فلا يدعى الرسول صلى الله عليه وسلم ولا غيره من الصحابة ولا غيرهم من العلماء، بل هذا من الشرك الأكبر عند جميع ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، ويتخذ مكانها مساجد، برقم (427)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، ويتخذ مكانها مساجد، برقم (427)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528).

أهل العلم من أهل السنة والجماعة. وقد كانوا في الجاهلية يعظمون القبور، ويدعونها من دون الله، ويستغيثون بأهلها، فنهى الله عن ذلك، وحرم ذلك على المسلمين، قال عز وجل: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (¬1). وقال سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (¬2). وقال عز وجل: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (¬3) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} (¬4). فسماه شركا سبحانه وتعالى، فدعاء الأموات وسؤالهم الشفاعة أو النصر على الأعداء، أو شفاء المرضى أو النذر لهم أو الذبح لهم كل هذا من الشرك الأكبر، ومن عبادة غير الله، والله سبحانه يقول: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} (¬5)، وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} (¬6)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة (¬7)» فدعاء الميت عبادة ¬

_ (¬1) سورة الجن الآية 18 (¬2) سورة المؤمنون الآية 117 (¬3) سورة فاطر الآية 13 (¬4) سورة فاطر الآية 14 (¬5) سورة الإسراء الآية 23 (¬6) سورة البينة الآية 5 (¬7) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب الدعاء، برقم (1479) والترمذي في كتاب تفسير القرآن باب ومن سورة البقرة، برقم (2969).

وشرك بالله سبحانه وتعالى، نسأل الله السلامة والعافية، ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمنحهم الفقه في الدين وأن يصلح ولاة أمرهم، حتى يزيلوا ما وقع من الشرك وذارئعه ووسائله.

س: يسأل يقول: كثير من الناس يبنون على القبور بالطوب، والبناء لا يكون مرتفعا، بل يكون ارتفاعه شبرين أو ثلاثة أشبار هل هذا البناء محرم؟ (¬1) ج: نعم، الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن البناء على القبور، ونهى عن اتخاذ المساجد عليها؛ لأنه وسيلة إلى الغلو فيها والشرك وتعظيمها، فلا يجوز للمسلم أن يبني على القبور، لا مسجدا ولا غيره؛ فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬2)» رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين، وروى مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد؛ فإني أنهاكم عن ذلك (¬3)» رواه مسلم في الصحيح. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (130). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (529). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب النهي عن بناء المساجد على القبور برقم (532).

فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ القبور مساجد، وأخبر أنه من عمل الماضين الذين ذمهم الله وعابهم، وأخبر أنه ينهى عن هذا عليه الصلاة والسلام، وقد وقع الناس في الشرك بسبب هذه الأبنية وهذه المساجد؛ ولهذا لعن صلى الله عليه وسلم من اتخذها؛ لأنها وسيلة للشرك، وعبادة المخلوقين من دون الله، وفي الصحيح عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، عن أبيه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه (¬1)» فأخبر جابر رضي الله عنه أن الرسول نهى عن تجصيص القبور، وعن القعود عليها، وعن البناء عليها، وهذا صريح في تحريم ذلك، فالبناء على القبر محرم، وهكذا القعود عليه، وهكذا تجصيصه؛ لأنه وسيلة إلى الغلو فيه، ثم إلى عبادته من دون الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، كما جرى لليهود والنصارى، وكما جرى للغلاة من هذه الأمة، الذين بنوا على القبور وعظموها حتى عبدت من دون الله، وحتى صارت آلهة تعبد مع الله، كما قد وقع مثل ذلك عند قبر الحسين بن علي رضي الله عنهما في مصر، وعند قبر البدوي، وعند قبر الجيلاني في العراق، وعند قبور كثيرة حتى فعله بعض الجهلة عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة لجهلهم لما رأوا أنه مبني عليه، وعليه قبة ظنوا أن هذا مما يسبب لهم ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه، برقم (970).

الدعاء، والرسول صلى الله عليه وسلم إنما دفن في حجرته في بيت عائشة لم يبن عليه، خوفا أن يغلوا فيه الناس إذا جعل في البقيع بارزا عند الناس، فدفن في بيتها رضي الله عنها وأرضاها، ثم وضع القبة على الحجرة بعض الأمراء المتأخرين في المدينة الذين قبل الدولة السعودية، فالحاصل أن البناء على القبور لا يجوز، وهو من وسائل الشرك سواء كان البناء مسجدا أو غير مسجد، أو قبة تبنى عليه، كل ذلك لا يجوز، والواجب أن تكون القبور ضاحية بارزة في المقابر، كما كان الحال على ذلك في عهده صلى الله عليه وسلم في البقيع وفي غير البقيع.

س: السائل إ. ع. مصري ومقيم بالمملكة يقول: عن تجصيص القبر، وهل يجوز بناء القبر بالطوب الأحمر، أو الأسمنت إذا كانت الأرض رخوة أو بها بلل؟ عندنا في بلادنا يكثر مثل هذا، أفتونا مأجورين. (¬1) ج: تجصيص القبور لا يجوز، والبناء عليها لا يجوز؛ لأن الرسول نهى عن تجصيصها والبناء عليها، ولا يجوز اتخاذ المساجد عليها؛ لأنه وسيلة الشرك، لكن إذا كانت الأرض رديئة غير متماسكة لا بأس بأن تضبط بشيء مما يمسكها؛ بألواح، أو خشب، أو حجر، شيء يضبط الأرض حتى يوضع فيها الميت. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (398).

س: هل يصح بناء القبور من الطوب والأسمنت والحديد؟ (¬1) ج: لا يجوز بناء القبور، بل تحفر ولا تبنى؛ لأنه ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن بناء القبور، ونهى عن تجصيصها وعن البناء عليها، ولكن يحفر في الأرض ويجعل فيه لحد من جهة القبلة بقدر الميت، ويكون القبر عميقا بقدر نصف الرجل؛ حتى يكون بعيدا عن السباع والكلاب، ويكون أبعد عن الروائح الكريهة التي قد تخرج من القبر، وإذا دعت الضرورة إلى البناء، بأن كانت الأرض صلبة ولا يستطيعون الحفر فلا مانع من جعله بين أحجار، يبنى أحجار ويجمع بينها، ثم يوضع فوقها ألواح وغيرها حتى تستره عن السباع وعن الكلاب ونحو ذلك، ويوضع عليها أحجار تستره عن ذلك حسب الطاقة من دون حاجة إلى بناء إلا عند الضرورة. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (149).

س: هذا سائل يقول: ما هو الحكم الشرعي في نظركم سماحة الشيخ في البناء على القبور بالتفصيل؟ (¬1) ج: البناء على القبور محرم، لا يجوز البناء على القبر، «النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجصص القبر وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه (¬2)»؛ ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (401). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، ويتخذ مكانها مساجد، برقم (427)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528).

لأنه من أسباب الغلو فيه، يحط عليه قبة أو مسجد، هذا لا يجوز، أما كون المقبرة - عموم المقبرة - تحاط بشيء حتى لا تمتهن من الدواب والناس لا بأس، هذا من باب صيانتها، أما أن يبنى على القبر تعظيما له واحتراما له؛ لأن قبر فلان يضع عليه قبة أو مسجدا فهذا لا يجوز.

حكم بناء غرف تحت الأرض لدفن الموتى جماعيا

63 - حكم بناء غرف تحت الأرض لدفن الموتى جماعيا س: تبنى القبور عندنا من الحقان والرخام، وتبنى مدافن على شكل بيوت تحت الأرض يوضع فيها الأموات هل هذا العمل جائز؟ (¬1) ج: أما البناء على القبور واتخاذ البنايات عليها وتجصيصها فهذا منكر لا يجوز، الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يبنى على القبر، وإن يجصص وأن يقعد عليه؛ لأن هذا من وسائل الشرك والغلو، ولا يبنى عليها مسجد ولا قبة أيضا، أما جعل حفرة في الأرض يجعل فيها الأموات فهذا خلاف السنة، السنة أن يكون كل ميت في قبر لوحده، يلحد له، ويوضع في قبره على حدة، هذا هو السنة، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، وفعله المسلمون، لكن إذا دعت الضرورة لكثرة الأموات ومشقة الدفن لكل واحد لوحده، لا مانع أن يجمع الاثنان والثلاثة في قبر واحد، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (221).

يوم أحد لما كثر الأموات، فالحاصل أن السنة كل واحد يدفن وحده إذا تيسرت الأرض واستطاع الناس ذلك، ولا يدفن اثنان جميعا ولا ثلاثة جميعا ولا أكثر، لكن إذا كان عند الضيق والمشقة فإنه لا مانع أن يدفن الاثنان والثلاثة جميعا في قبر واحد، ويقدم أفضلهم إلى القبلة كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم.

حكم بناء القبور فوق سطح الأرض

64 - حكم بناء القبور فوق سطح الأرض س: في مصر يبنون قبورا فوق سطح الأرض، والأغنياء يبنون قبورا، أما الفقراء فإنهم يدفنون في القبور القديمة، وكثيرا ما نشاهد أجسامهم من خلال القبور القديمة المهدومة، وأصبحت هذه عادة، وقد فكرت في بناء عدة قبور للفقراء في قريتي، ولكن ترددت؛ لأن السنة النبوية تحتم بأن يدفن المسلم تحت التراب، وأقنعت الناس جميعهم بذلك، ولكنهم لم يستجيبوا، فهل لي أن أبني قبورا للفقراء فوق سطح الأرض تمشيا مع العادة، أم لا تجوز هذه الحسنة؟ ولو بنيتها فهل لي أجر وثواب؟ أرجو إفادتي (¬1) ج: السنة الحفر في الأرض للقبور، أن يحفر فيها ويعمق فيها إذا كانت الأرض صالحة، إذا كانت الأرض صالحة فالسنة أن يحفر فيها ويعمق الحفر إلى نصف الرجل فوق السرة، فوق نصف الرجل، يعني فوق ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (9).

العورة، وأن يكون لحدا يجعل فيه من جهة القبلة يكون فيه الميت، هذه السنة لكن لو كانت الأرض رديئة، ما تتماسك، ضعيفة، فلا بأس أن تضبط بالبناء، أي يحفروا له حفرا ويضبطوه بالبناء، أو بالألواح حتى لا ينهدم، لا بأس بهذا عند الحاجة، أما البناء فلا يبنى بل يحفر له في الأرض، ويضبط التراب بألواح أو بحجارة حتى يستقر التراب فوق ذلك، هذا هو السنة، الدفن في الأرض لا البناء، أما البناء فلا ينبغي، لكن من أراد الإحسان فليحفر لهم حفرا مناسبة ويحيي السنة، لا يوافقهم على ما أحدثوا، بل المؤمن يحيي السنة ويدعو إليها، ويصبر على ما في ذلك من المشقة، هكذا ينبغي للمؤمن، ومن البلايا التي وقعت الآن في الناس - ولكن بجهل - تطويل البناء على القبور، القبر يكون في الأرض أو على سطح الأرض، ثم يبنى عليه قبة أو مسجد، هذا من البدع ومن المنكرات العظيمة، ومن وسائل الشرك، وهذا واقع في مصر والشام والعراق وغير ذلك، وقد كان واقعا في مكة المكرمة وفي البقيع، حتى أزال الله ذلك على يد الحكومة السعودية، وأحسنت في ذلك جزاها الله خيرا؛ لأنها أزالت البدع، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، نهى عن البناء على القبور وعن تجصيصها، وقال: «لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)» هذا هو الواجب على حكام المسلمين: ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (529).

أن يمنعوا البناء على القبور، وأن يمنعوا اتخاذ المساجد عليها، والصلاة عندها، وألا يطاف بها، وألا تدعى من دون الله، ولا يستغاث بأهلها، كل هذا من المنكرات لأن البناء من وسائل الشرك، أما دعاء الميت أو الاستغاثة بالميت، وطلب المدد منه فهذا من الشرك الأكبر، ومن عبادة غير الله سبحانه وتعالى، كما هو واقع في بعض البلاد، هذا الذي ينبغي الحذر منه وتحذير الناس منه.

س: هذا السائل يسأل ويقول: ما حكم الشرع في القبور التي ترتفع عن سطح الأرض؛ كالقبور التي تتكون من دورين، وهذا يكون بسبب ضيق المساحة المخصصة، للقبور، سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: الواجب أن تكون القبور في داخل الأرض، يحفر بقدر نصف القامة ويدفن، هذا إذا استطاع، إذا تيسر ذلك، أما إذا كانوا في أرض جبلية لا يستطيعون فإنه يكوم حصى من هنا وهنا ويدفن بينها، ويوضع على الشق الذي دفنوا فيه شيء من الحجارة، حتى يغطى، وهذا جهدهم: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2). أما إذا أمكن الحفر فالسنة أنه يحفر له في الأرض وأن يدفن في الأرض، وألا يرفع عن الأرض إلا قدر شبر وما حوله؛ حتى يعرف أنه قبر، أما وضع أحجار أو بناء على القبر بدون موجب فهذا ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (374). (¬2) سورة التغابن الآية 16

لا يجوز، أن يجصص القبر أو يقعد عليه، أو يبنى عليه، لكن إذا دعت الضرورة يجمع الحصى ويكون مثل القبر، ويجعل الميت في وسطه، ويجعل فوقه الحجارة تغطيه، هذه إذا ما وجد مكان؛ صار في بلد كلها حجرية ما يمكن الحفر، هذا جائز لهم؛ لأن الله جل وعلا يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1). فإذا فرضنا أن ناسا نزلوا في أرض حجرية ما فيها محل للدفن، ما فيه محل للحفر فلهم أن يدفنوا بين الأحجار. ¬

_ (¬1) سورة التغابن الآية 16

حكم الدفن في التابوت

65 - حكم الدفن في التابوت س: ح. إ. ع. من اليمن يسأل ويقول: هل التوابيت والقبور والأضرحة للأموات حرام؟ وإذا كانت في مسجد فماذا نعمل؟ أنفصلها أم نتركها ملتحمة بالمسجد؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: السنة الدفن في الأرض لا في تابوت، ولا في غيره من الصناديق ولا يجصص القبر، ولا يسفلت ولا يوضع فيه شيء آخر، من الحديد أو الألواح أو غير ذلك، السنة أن يدفن الميت في الأرض كما دفن صلى الله عليه وسلم في الأرض، ودفن الصحابة في الأرض، وهكذا غيرهم، يحفر له في الأرض ويلحد له ويجعل في الأرض: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} (¬2). ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (137). (¬2) سورة طه الآية 55

لكن إذا كانت الأرض رخوة مائية ضعيفة فلا مانع من جعله في تابوت، أو جعل ألواح تحته تمسكه، حتى لا تنهار الأرض به، أو حجارة أو نحو ذلك، لا بأس بذلك عند الحاجة، أما إن كانت الأرض قوية فلا حاجة إلى شيء من ذلك. أما دفنه في المسجد فلا يجوز، يجب أن تكون القبور خارج المسجد؛ لأن دفن القبور في المساجد وسيلة إلى عبادة الأموات من دون الله عز وجل، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)» متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن كان من قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك (¬2)» رواه مسلم في الصحيح عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، هذا يدل على أنه لا يجوز اتخاذ القبور مساجد يصلى فيها، وإذا كان الأمر هكذا لم يجز أيضا الدفن فيها؛ لأن الدفن فيها يجعل القبور مساجد أيضا، وإذا وجد في المسجد قبر وجب أن ينبش وينقل رفاته إلى المقبرة، أما إن كان القبر هو القديم وبني عليه المسجد وجب هدم المسجد، وألا يصلى فيه وألا يبقى، بل يهدم؛ لأنه بني على معصية الله، فلا يبقى بل تجب إزالته. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (529). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب النهي عن بناء المساجد على القبور برقم (532).

ولا ينبغي أن يغتر بما وقع في بعض البلدان الإسلامية من البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها، فإن هذا منكر، وإن فعله كثير من الناس فهو منكر، تجب إزالته على ولاة الأمور، يجب على ولاة أمر المسلمين أن يزيلوا هذا المنكر، وألا يبنوا على القبور، وألا يتخذوا عليها المساجد؛ لأن الرسول نهى عن هذا عليه الصلاة والسلام، وكذلك لا تجصص ولا يبنى عليها قبة، ولا أي بناء؛ لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من حديث جابر رضي الله عنهما أنه «نهى عن تجصيص القبور، والقعود عليها، والبناء عليها (¬1)» رواه مسلم في الصحيح، فالقبر لا يبنى عليه لا قبة ولا غيرها، ولا يجصص، ولا يتخذ عليه قبة ولا مسجد، كل هذا منكر، وإن فعله بعض الناس كما قد يوجد في مصر والشام والعراق وغير ذلك كله غلط، نسأل الله أن يوفق ولاة الأمور في كل مكان لإزالة هذه المساجد، وإبقاء القبور على الطريقة المحمدية التي درج عليها رسول الله عليه الصلاة والسلام في مقابر بارزة، لا يبنى عليها، لا مساجد ولا غيرها، ولا تجصص بأي شيء بل الواجب أن يدفن الموتى في الأرض، كما كان الرسول يفعل عليه الصلاة والسلام في المدينة، وكما فعله المسلمون بعده، والبناء عليها واتخاذ القباب وسيلة إلى عبادتها من دون الله، وسؤالها والاستغاثة بها والنذر لها، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، ويتخذ مكانها مساجد، برقم (427)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528).

والذبح لها، وهذا هو الشرك الأكبر كما قد وقع، وقد يطاف بالقبور إذا وضعت في المساجد كما قد يفعل ذلك كثير من الناس في قبور معروفة، وبسبب هذا الغلو وقع الشرك في الناس، لما بني على القبور وعظمت ظن العامة أنها تدعا من دون الله، وأنه يستغاث بها وأنه يطاف بها، ففعلوا، فوقع الشرك الأكبر والعياذ بالله. نسأل الله للجميع العافية والهداية.

حكم الدفن في القبور المشيدة

66 - حكم الدفن في القبور المشيدة س: أجيبوني لو تكرمتم عن حكم الذي يدفنه أهله في القبور المشيدة وهو غير راض مع العلم أنه لا يوجد في بلدته سوى القبور المشيدة، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إن الله جل وعلا شرع لعباده في الدفن، أن يدفن المؤمن في القبر في الأرض كما قال تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ} (¬2) وقال تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} (¬3). فيحفر له نحو نصف القامة أو ما يقارب ذلك، ويجعل له اللحد في جهة القبلة، ويوضع في اللحد، ويصف عليه اللبن، ويطين حتى لا يصل إليه التراب، ثم يدفن ويرفع القبر قدر شبر تقريبا من تراب ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (324). (¬2) سورة طه الآية 55 (¬3) سورة عبس الآية 21

القبر، ولا يجوز البناء عليه، لا قبة ولا مسجد ولا غير ذلك، ولا يجوز تجصيصه ولا الكتابة عليه ولا الزيادة عليه من غير ترابه لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (¬2)» رواه مسلم في الصحيح، وروى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه (¬3)» هذا كله لا يجوز: تجصيص القبر، ولا البناء عليه، ولا القعود عليه. لكن إذا دفن الإنسان في قبر عليه بناء فالإثم على من فعل، لا عليه هو، إذا كان لم يأذن ولم يرض، إذا دفنه أهله في قبر مشيد، قد بني عليه أو جصص عليه يكون الإثم على من فعله، أما هو فلا شيء عليه إذا كان لم يرض ولم يأذن، وعليه أن يوصي بأن يدفن في المقابر السليمة، يعني يوصي ويجتهد أن يكون دفنه في القبور السليمة البعيدة عن البناء عليها، ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (529). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب النهي عن بناء المساجد على القبور برقم (532). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، ويتخذ مكانها مساجد، برقم (427)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528).

هذا هو الواجب عليه أن يوصي أهله وقرابته، يوصيهم أو يحذرهم.

حكم وضع العلامة على القبر

67 - حكم وضع العلامة على القبر س: ما حكم وضع علامة على القبر؟ (¬1) ج: لا حرج في وضع علامة حجر أو عظم أو حديدة، أما الكتابة فلا يكتب شيء لكن بحجر يضعه، عظم أو خشبة أو شبه ذلك لا بأس، «والنبي صلى الله عليه وسلم علم على قبر عثمان بن مظعون لما توفي رضي الله عنه (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم (350). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب في جمع الموتى في قبر والقبر يعلم، برقم (3206).

س: يقول هذا السائل: يشاهد بعض الناس الدفن بأنه يوضع على القبر علامتان من الأحجار، وقبر المرأة ثلاث علامات وتسمى شاهدا، فما حكم ذلك؟ (¬1) ج: لا بأس بتعريف القبر بما يعرفه صاحبه زوجة أو أما، أو خالة أو أبا، أو عما، لا بأس بحجر أو حجرين لا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (430).

حكم وضع علامات مميزة على القبر

68 - حكم وضع علامات مميزة على القبر س: هل تجوز الكتابة على القبور، أو وضع علامات مميزة؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: أما الكتابة على القبور فلا تجوز؛ لأن الرسول نهى عن ذلك عليه الصلاة والسلام، فلا تجوز الكتابة عليها، ولا يبنى عليها لا مسجد ولا قبة، ولا غير ذلك، بل يعاد لها ترابها، ويرفع القبر قدر شبر تقريبا، حتى يتضح أنه قبر، ولا يزاد عليه شيء ولا يبنى عليه، ولا يكتب عليه ولا يجصص، هذا الذي صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه نهى عن تجصص القبور وعن القعود عليها، والبناء عليها والكتابة عليها، وألا يزاد عليها إلا بترابها؛ لأن هذا من أسباب الغلو، فالواجب ترك ذلك، أما التعليم فلا بأس، إذا علم بحجر خاص أو بقطعة حديد أو بعظم أو بلوح ليس فيه كتابة، لا حرج، «وقد علم النبي على قبر عثمان بن مظعون رضي الله عنه (¬2)» فالحاصل أن التعليم بحجر أو بلبنة أو بلوح أو بغير ذلك لا بأس بهذا. ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (303). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب في جمع الموتى في قبر والقبر يعلم، برقم (3206).

س: السائل م. م. ص. من اليمن يقول في سؤال: لقد طلب مني رجل أن أكتب على سطح قبر زوجته الذي هو مبني يقول: طلب مني أن

أكتب آية الكرسي بالطلاء، وكتبت الآية على سطح القبر، فهل علي إثم في ذلك؟ (¬1) ج: أولا: القبر لا يجوز البناء عليه، الرسول نهى أن يبنى على القبر، وأن يجصص وأن يقعد عليه، أخرجه مسلم في الصحيح، فلا يجوز البناء على القبور لأن البناء عليه قبة أو غيره يسبب الغلو فيه، الواجب أن يدفن وأن يرفع التراب عن الأرض قدر شبر، علامة أنه قبر، ولا يبنى عليه شيء، لا قبة ولا حجرة ولا غير ذلك، ولا يجوز الكتابة عليه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يكتب على القبر، وأن يبنى عليه، وأن يقعد عليه، وأن يجصص كل هذا نهى عنه صلى الله عليه وسلم، والكتابة عليه قد تجر إلى الشر، قد يكتب عليه أنه كذا وأنه كذا، فيفتن الناس به، فلا تجوز الكتابة عليه، لا قليلا ولا كثيرا. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (403).

س: الأخ ح. ع. من اليمن يسأل ويقول: توفي والدي رحمه الله، فعند زيارتي لقبر والدي أشاهد بعض القبور عليها أحجار كبيرة، وعليها اسم المتوفى، وليس على قبر والدي سوى التراب المركوم وحجارة صغيرة ليس عليها الاسم، فهل يجب علي أن أفعل مثل ما في هذه القبور من كتابة الاسم ووضع التراب عليها؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (388).

ج: السنة في القبور ألا ترفع قدرا أكبر من الشبر، الشبر وما يكون قربه، تمييزا لها عن غيرها، حتى يعرف أنها قبور، أما رفعها أكثر من ذلك فلا يجوز. وهكذا لا يجوز الكتابة عليها، لا اسم صاحبها ولا غيره، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تجصيص القبور وعن البناء عليها وعن الكتابة عليها فالبناء عليها لا يجوز، وهكذا تجصيصها لأن هذا من وسائل الشرك ومن وسائل الغلو فيها، وهكذا بناء المساجد عليها والقباب كله لا يجوز؛ لأنه من وسائل الشرك، وهكذا الكتابة لأن الرسول نهى عنها عليه الصلاة والسلام فلا يكتب عليها اسم الميت ولا غيره، وإذا وضع حجر للعلامة لا بأس. إنما توضع النصائب التي تحفظ التراب على أطراف القبر، أو يوضع عليه حصباء ويرش بالماء لحفظ التراب لا بأس، أما الحصى الكبار فلا حاجة إليها، إنما توضع حصاة للعلامة لا بأس.

س: هل وضع لوحة على قبر المتوفى تحوي اسمه وتاريخ وفاته جائز أم لا؟ (¬1) ج: لا يجوز هذا، فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يكتب على القبور، وأن يزاد عليها من غير ترابها، وأن يبنى عليها فلا يجوز البناء عليها، لا قبة ولا مسجد ولا تجصص ولا يكتب عليها لا لوحة ولا ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (334).

غيره، لا اسمه ولا اسم غيره.

حكم وضع جريد النخل أو غيره من الأغصان على القبر

69 - حكم وضع جريد النخل أو غيره من الأغصان على القبر س: يقول السائل: ما حكم وضع جرائد النخيل، أو الأراك على القبر في وقتنا الحاضر؟ لأن البعض يحتج بأن وضع الجريد، أي جريد النخل على القبر هو خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه علم بالعذاب الذي كان يعذب به صاحبا القبرين، وجهونا في ضوء ذلك (¬1) ج: هذا هو الصواب، ليس لأحد أن يضع الجريد ولا غيره على القبور؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يضع على القبور شيئا، قبور البقيع وغيرها ما كان يضع عليها شيئا، إنما وضع الجريدة على قبرين أطلعه الله على عذابهما، فوضع الجريدتين وقال: «لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا (¬2)» ولم يضع الجريد على القبور الأخرى، فدل ذلك على أنه لا يوضع الجريد ولا غير الجريد على القبور؛ لأنا لا نعلم عذابهم، والله سبحانه أطلع نبيه على عذاب القبرين، فوضع الجريد لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا، فليس لنا أن نشرع شيئا جديدا. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (393). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب ما جاء في غسل البول برقم (218).

س: يقول السائل: هل وضع الشجرة أو غصن الشجرة على القبر يخفف من العذاب، كما وضعه النبي صلى الله عليه وسلم أم أنه خاص به صلى الله عليه وسلم فقط؟ وضحوا لنا ذلك يا سماحة الشيخ (¬1) ج: وضع الجريد على القبور غير مشروع، بل هو بدعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك إلا في قبرين خاصين، اطلع على عذابهما، فوضع عليهما الجريدتين، ولم يضع جرائد على قبور أهل البقيع ولا على غيرها، فدل على أن هذا الوضع خاص بالقبرين اللذين أطلعه الله على عذابهما خاصة، ولو كانت سنة لفعلها صلى الله عليه وسلم في سائر القبور. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (387).

حكم وضع الأحجار أو الأشجار على القبر

70 - حكم وضع الأحجار أو الأشجار على القبر س: يسألن السائلات عن وضع الأحجار فوق القبر وتسمى النصائب، وهي وضع حجر واحد فوق قبر الرجل، ووضع حجرين فوق قبر المرأة؟ (¬1) ج: يوضع أحجار تحفظ التراب، حجر أو حجران، الرجل والمرأة واحد سواء، ليس فيه تخصيص، ليس فيه فرق بين المرأة والرجل، بل ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (423).

يوضع في طرف القبر من فوق، ومن أعلى ومن أسفل لبنة أو حجر يحفظ التراب أو علامة يعرف بها القبر لا بأس، أما تخصيص المرأة بحجرين والرجل بحجر هذا لا أصل له، ولكن القبور واحدة، إذا جعل عليها حجر في أعلاها أو في أسفلها لحفظ التراب، أو كب عليها حصباء تحفظ التراب كل هذا طيب.

س: ما حكم وضع الأشجار على القبر، وذلك بقصد تماسك التربة وعدم انجراف القبر من شدة الريح، وكذلك رشه بالماء للحفاظ عليه من الانجراف؟ (¬1) ج: لا بأس برش بعض الحصباء عليه، يوضع عليه حصباء تمسكه، أما الشجر فلا، لا حاجة لذلك، قد يعتقد فيه شيء، أما نصب الجريدة التي فعلها الرسول عليه الصلاة والسلام فكان في قبرين اطلع على عذابهما عليه الصلاة والسلام، أما نحن فلا نعرف المعذب من غير المعذب، فلا يشرع لنا أن نجعل عليه جريدا ولا شجرا، ولكن إذا جعل عليه حصباء ورش بالماء فهذا حسن، لأجل ضبط التراب. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (356).

س: يقول السائل: هو وضع الشجرة أو غصن الشجرة على القبر يخفف من العذاب كما وضعه النبي صلى الله عليه وسلم أم أنه خاص به صلى الله عليه وسلم فقط؟ وضحوا لنا ذلك يا سماحة الشيخ.

ج: وضع الجريد على القبور غير مشروع، بل هو بدعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك إلا في قبرين خاصين اطلع على عذابهما، فوضع عليهما الجريدتين، ولم يضع جرائد على قبور أهل البقيع، ولا على غيرها، فدل على أن هذا الوضع خاص بالقبرين اللذين أطلعه الله على عذابهما خاصة، ولو كانت سنة لفعلها صلى الله عليه وسلم في سائر القبور.

حكم زراعة الأشجار على القبور

71 - حكم زراعة الأشجار على القبور س: هل يجوز زرع الأشجار على القبور؟ (¬1) ج: لا ينبغي، لا أصل له، كان النبي صلى الله عليه وسلم قد وضع جريدة على قبرين معذبين، أما نحن فلا نعرف عذابهما، فلا يوضع جريدة ولا غيرها، ليس مشروعا، بل بدعة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (372).

حكم وضع نبات البرسيم على القبر عند الدفن

72 - حكم وضع نبات البرسيم على القبر عند الدفن س: هذا السائل يقول: هناك أناس عند الدفن لموتاهم يضعون نبات البرسيم بعد وضع الجنازة، ما حكم ذلك؟ (¬1) ج: هذا ليس له أصل، ليس هو بمشروع، الذي وضع الجريدة على ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (367).

القبرين عرف أنهما يعذبان، ولم يوضع على بقية القبور عليه الصلاة والسلام، وضع جريدتين على قبرين يعذبان عرفهما، فلا يجوز وضع ذلك على قبور أخرى؛ لأنه لا يعرف أنهم يعذبون، فلا يوضع عليها شيء، لا برسيم ولا غيره.

حكم تأخير دفن الميت لحضور أقاربه

73 - حكم تأخير دفن الميت لحضور أقاربه س: ما حكم تأخير الدفن يوما أو يومين، لحضور أقارب الميت؟ (¬1) ج: السنة الإسراع والمبادرة بالدفن، ولا يؤخر إلا الشيء اليسير، ساعة، ساعتين، حتى يحضروا إذا كانوا قريبين، أما يوما أو يومين فلا، النبي عليه السلام قال: «أسرعوا بالجنازة (¬2)» فالسنة الإسراع بها والبدار بها، ولا تؤخر إلى أن يأتي الأقارب من بعيد يوما أو يومين، بل يصلي على قبرها إذا جاء القريب والحمد لله، يصلى على القبر ولا يلزم تأخر الجنازة. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (350). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب السرعة بالجنازة، برقم (1315) ومسلم في كتاب الجنائز، باب الإسراع بالجنازة، برقم (944).

حكم وضع الميت في الصندوق

74 - حكم وضع الميت في الصندوق س: هل الصندوق لوضع الموتى حرام للنساء أو خاص للرجال فقط؟ ولفضيلتكم جزيل الشكر (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (21).

ج: المشروع للموتى أن يدفنوا في التراب، ولا يجعلوا في الصناديق، الصندوق ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا فعله أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، هذا خلاف السنة، ولا ينبغي فعله؛ لأنه خلاف سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، وخلاف ما فعله أصحابه وأهل العلم من بعدهم، فالسنة أنه يكفن في ثلاثة أثواب بيض للرجل، هذا هو الأفضل، وإن كفن في غيرها، في سوداء أو خضراء أو زرقاء جاز، وإن كفن في ثوب واحد حتى ستره جميعه فلا بأس، لكن لا يوضع في صندوق، بل يوضع داخل التراب، يوضع في اللحد على التراب، ويوضع عليه اللبن الذي يسد اللحد، ثم يهال عليه التراب، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وفعله المسلمون، أما وضع الموتى في التوابيت، في الصناديق هذا لا أصل له، ولا ينبغي فعله.

حكم وضع أكثر من ميت في قبر واحد

75 - حكم وضع أكثر من ميت في قبر واحد س: هل يجوز وضع ميتين في قبر واحد لأي مناسبة؟ (¬1) ج: إذا أمكن دفنهما في قبرين منفصلين هذا هو السنة، ولا يشرع دفنهما جميعا إلا عند الضرورة، إذا عجز عن وجود قبرين، لخوف أو لكثرة الموتى فلا بأس أن يدفنهما جميعا، كما دفن النبي صلى الله عليه وسلم ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (348).

الاثنين والثلاثة يوم أحد، لكثرة القتلى والجراحات في الصحابة، أما إذا تيسر دفن كل واحد في قبر فإن هذا هو المشروع ولا يجمعون جميعا إلا في حالة الضرورة وكثرة الموتى ومشقة الذين يحفرون القبور، أو الخوف من أن يحفروا قبرين لأسباب تقتضي الخوف.

س: هل يجوز دفن أكثر من جثة في قبر واحد؟ (¬1) ج: إذا دعت الحاجة إلى ذلك لكثرة الموتى، فلا بأس أن يدفن الاثنان والثلاثة في قبر واحد، النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد دفن الاثنين والثلاثة في قبر واحد؛ لكثرة القتلى والمشقة في جعل كل واحد في قبر، فإذا حصل مصيبة وكثر الموتى فلا مانع أن يدفن الاثنان والثلاثة في قبر واحد، ويقدم الأفضل فالأفضل إلى القبلة، الأفضل فالأفضل إلى القبلة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، كان يقدم أفضلهم للقبلة، أيهم أكثر قرآنا يقدمه في اللحد. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (382).

حكم نبش قبر قديم لإدخال ميت جديد عليه من أقاربه

76 - حكم نبش قبر قديم لإدخال ميت جديد عليه من أقاربه س: تقول السائلة: إذا توفي شخص، وأرادوا دفنه مع إنسان قريب له قد توفي قبله، فعندما يفتح ذلك القبر يقومون بتوزيع صدقة لذلك

المتوفى من قبل، ويسمونه: صدقة أو قربة، فهل هذا حرام؟ (¬1) ج: ليس لهذا أصل، بل هو بدعة، وهو لا يجوز فعله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحدثات الأمور (¬2)» وقوله عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬3)» والسنة أن يقبر وحده، لا يفتح القبر الأول، بل يحفر له حفرة وحده، ويدفن الميت الجديد وحده، هذا هو السنة، كل ميت يكون وحده في قبر مستقل إلا عند الضرورة، إذا كثر الموتى وشق على الناس كل واحد في قبر، فلا بأس أن يجمع بين الاثنين والثلاثة عند الضرورة وشدة الحاجة، وإلا فالسنة أن يكون كل ميت في قبره على حدة، هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون يقبرون كل واحد وحده، لكن لما كانت وقعة أحد، وكثر الموتى، والناس فيهم جراحات ومشقة دفن الرسول صلى الله عليه وسلم الاثنين والثلاثة جميعا في قبر، لأجل الحاجة، وإلا فالسنة أن يكون واحد في قبر مستقل، هذا هو السنة. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (329). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607) والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676)، وابن ماجه كتاب المقدمة، باب اجتناب البدع والجدل، برقم (46). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

مسألة في التوأمين المتلاصقين إذا توفي أحدهما

77 - مسألة في التوأمين المتلاصقين إذا توفي أحدهما س: الأخ ط. ش. من العراق، محافظة السليمانية يسأل ويقول: إذا أنجبت امرأة طفلين توأمين متلاصقين من ناحية الظهر، أي أنهما مختلفان في الوجوه، فإذا مات أحدهما أو ماتا جميعا كيف يتم دفنهما؟ هل يجب فصلهما؟ أو كيف يتصرف أهلهم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا وقع مثل هذا يعرض على الأطباء المختصين، إن وجدوا حيلة في ذلك فعلوا، حتى يخلص هذا من هذا، وإن لم يجدوا حيلة إذا ماتا دفنا جميعا، وإن مات أحدهما فصل الميت من الحي بالطرق التي يراها الأطباء، ثم يغسل ويصلى عليه إذا كان مسلما ويدفن وحده، ويبقى الحي على حاله، ولا يضر الحي بسبب الميت، بل يستعمل الأطباء الطريقة التي يفصلون بها هذا الذي مات حتى يدفن وحده. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (147).

حكم دفن الأم مع ولدها

78 - حكم دفن الأم مع ولدها س: هل بالإمكان دفن الأم مع ولدها في قبر واحد؟ (¬1) ج: إذا دعت الحاجة إلى هذا، وإلا فالسنة أن يدفن كل واحد في قبر، ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (334).

لكن إذا كان الموتى كثيرين والمشقة كبيرة، يوضع الاثنان والثلاثة في قبر واحد، كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام، أما إذا كانت الحاجة غير ماسة والأرض موجودة، والدافنون موجودين بدون مشقة كل واحد في قبر، فالسنة: كل ميت يدفن في قبر لوحده، هذه هي السنة، إلا إذا دعت الحاجة الشديدة أو الضرورة إلى دفن الاثنين والثلاثة فلا بأس.

مسألة في دفن المرأة الحبلى وفي شهرها الأخير

79 - مسألة في دفن المرأة الحبلى وفي شهرها الأخير س: ما حكم المرأة إذا توفيت وهي حامل في الشهر الأخير؟ هل تدفن وهي حامل، أم يعمل لها عملية جراحية ويخرج الجنين إذا كان حيا؟ وما الحكم إذا كان موقع الوفاة بعيدا عن المستشفيات؟ هل هناك من حرج إذا دفنت؟ نرجو التوضيح حول هذا، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: تدفن إذا ماتت وهي حبلى، تدفن بحملها، وليس هناك حاجة إلى عملية إخراج الجنين؛ ولأنه في الغالب إذا ماتت مات معها أيضا، ولو قدر أنه بقي شيئا يسيرا فإن هذا لا يوجب أن يعمل لها عملية، فإن الغالب أنه متى ماتت مات معها جنينها، فهي تغسل وتكفن ويصلى عليها وتدفن بحملها. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (198).

حكم جمع من يصلي ومن لا يصلي في مقبرة واحدة

80 - حكم جمع من يصلي ومن لا يصلي في مقبرة واحدة س: يقول السائل: في بلادنا ندفن الموتى مع بعضهم؛ من كان يصلي ومن لم يكن يصلي، فما هو توجيهكم؟ (¬1) ج: الواجب أن تكون المقبرة خاصة بالمسلمين، وإذا عرف أن الرجل لا يصلي يدفن في محل آخر غير مقبرة المسلمين، هذا هو الأرجح، في محل بعيد، ووري في أرض ميتة، حتى لا يعرف فلا بأس، مثل الكافر المعروف؛ النصراني واليهودي والشيوعي، يدفن في محل بعيد عن مقبرة المسلمين، في أرض ميتة بعيدة، وتسوى عليه الأرض، حتى لا تعرف قبورهم، ويستراح منهم، حتى لا يتأذى الناس بجيفهم، وقال بعض أهل العلم أنه إذا كان لا يصلي، لكنه يقر بأنها واجبة وفريضة أنه لا يكفر بذلك، ويدفن مع المسلمين، هذا قاله جماعة من أهل العلم، وذكر بعض أهل العلم أنه قول الأكثرين، فإذا دفنوه مع المسلمين بفتوى أحد العلماء فلا بأس، وإلا فالأصل والأصح أن تارك الصلاة كافر كفرا أكبر، هذا هو الأصح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة (¬2)» ولقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» ولما سئل عليه الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (293). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة برقم (82). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث بريدة الأسلمي، رضي الله عنه برقم (22428).

والسلام عن الأئمة الذين يخرج عليهم؛ لأنهم أتوا كفرا بواحا قال في حقهم: «لا تخرجوا عليهم ما أقاموا فيكم الصلاة (¬1)» ولما سألوه: هل نقاتلهم؟ قال: «لا، ما أقاموا فيكم الصلاة (¬2)». فدل على أن ترك الصلاة من الكفر البواح، نسأل الله العافية. فنسأل الله لجميع المسلمين، ولجميع الضالين والكافرين التوفيق للتوبة، نسأل اله أن يمن عليهم بالتوبة النصوح. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855).

حكم دفن من لا يصلي في مقابر المسلمين

81 - حكم دفن من لا يصلي في مقابر المسلمين س: م. ق. من الأردن، يسأل ويقول: ما حكم من مات وهو لا يصلي ولكنه موحد؟ فهل يصلى عليه؟ وهل يدفن في مقابر المسلمين؟ (¬1) ج: إذا علم أنه لا يصلي فهو كافر في أرجح القولين، ولا يدفن مع المسلمين إذا علم أنه لا يصلي، وقال بعض أهل العلم: إنه إذا كان لم يجحد وجوبها أنه يصلى عليه ويدفن مع المسلمين، ولكن الأرجح أنه إذا علم بالبينة الشرعية أنه يترك الصلاة فإنه يكفر بذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬2)» أخرجه ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (424). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة برقم (82).

مسلم في صحيحه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬1)» نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث بريدة الأسلمي، رضي الله عنه برقم (22428).

حكم دفن المسلم في مقابر الكفار

82 - حكم دفن المسلم في مقابر الكفار س: من مات في بلد الكفار هل يدفن عندهم؟ (¬1) ج: يدفن في محل مستقل ليس مع قبورهم، إما في محل المسلمين، وإلا في محل بعيد عن قبور الكفار خارج عن قبورهم. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (382).

حكم دفن زوجة المسلم النصرانية إذا كانت حاملا في مقابر المسلمين

83 - حكم دفن زوجة المسلم النصرانية إذا كانت حاملا في مقابر المسلمين س: امرأة نصرانية بعلها مسلم، توفيت وفي بطنها جنين له سبعة أشهر، هل تدفن مع المسلمين أو مع النصارى؟ (¬1) ج: المعروف عند أهل العلم أنها تدفن في محل لا مع الكفار ولا مع المسلمين، تكون في محل خاص؛ لأن فيها مسلما محترما، فلا يكون مع الكفار، ولأنها كافرة فلا تكون مع المسلمين، ولكن تدفن في محل خاص، لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء، ويسوى القبر - حتى لا يمتهن - في أرض ميتة، ليس فيها قبور للكفار ولا قبور للمسلمين، وتجعل على ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (196).

يسارها؛ حتى يكون وجه الولد إلى القبلة؛ لأن وجه الولد إلى ظهرها، فيكون وجهه إلى القبلة، حتى لا تكون على جنبها الأيمن؛ لأنه إذا كان جنبها الأيمن صار وجهه إلى غير القبلة، فيراعى الولد حتى يكون وجهه إلى القبلة في محل وضعها في قبرها.

مسألة في بيان جواز جمع أكثر من ميت في قبر واحد

84 - مسألة في بيان جواز جمع أكثر من ميت في قبر واحد س: يوجد لدينا محل الأموات على شكل غرفة تحت الأرض؛ حيث يوضع الميت، وبعد سنة يفتح هذا القبر ويوضع ميت آخر، فهل يعذب المذنب ويجازى المحسن في قبر واحد؟ (¬1) ج: السنة أن يقبر كل إنسان على حدة مع القدرة إذا اتسعت الأرض، وأمكن قبر كل واحد على حدة، فهذا هو السنة، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم في البقيع، يقبرون الموتى هكذا كل واحد على حدة، أما إذا حصل ضرورة، ولم يوجد مكان إلا هكذا فلا حرج، وكل يؤخذ بذنبه؛ المحسن يجازى بإحسانه، والمسيء يجازى بإساءته: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (¬2). لكن مهما أمكن فالمشروع أن يدفن كل واحد على حدة، كل قبر على حدة، ولا يجمعون في محل واحد. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (271). (¬2) سورة الأنعام الآية 164

حكم دفن الميت في قبر دفن فيه ميت آخر

85 - حكم دفن الميت في قبر دفن فيه ميت آخر س: يوجد في بلدتنا عادة؛ وهي أنه عندما يتوفى الإنسان يوضع في قبر لقريب له إذا مر عليه سنة أو أكثر، فهل هذا يصح؟ (¬1) ج: السؤال فيه إجمال، فإذا كان مراد السائل أن الميت الجديد يدفن مع الميت القديم مدة، ثم ينقل فهذا لا يجوز، بل يدفن في قبر مستقل، ولا يجوز أن يدفن مع الموتى السابقين إلا للضرورة، إذا كانت ضرورة قصوى: ما عندهم أراض، أو في خوف، أو أموات كثيرون، كثروا عليهم الأموات فلا مانع من دفن الاثنين والثلاثة جميعا، كما فعل النبي يوم أحد عليه الصلاة والسلام، وإلا فالواجب أن يكون كل واحد على حدة، كما هو السنة المتبعة في موتى المسلمين من عهد النبي عليه الصلاة والسلام، أما إن كان قصد السائل أنه يحفر لقريب له قبرا، ثم إذا مات بعض الأقرباء دفن في هذا القبر الذي ما مات فيه قريبه، بل معد لقريبه، ولكنه لم يمت القريب، ودفن هذا في قبره إذا سمحوا بذلك فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (149).

حكم المقبرة إذا جرفتها السيول

86 - حكم المقبرة إذا جرفتها السيول س: تسأل المستمعة من اليمن وتقول: جرت عندنا سيول عظيمة، مما أدى إلى جرف الأراضي، وأضرت ببعض عظام الموتى. وقامت

بعض من النساء بجمع العظام ودفنها في الأرض، فهل على هؤلاء النسوة شيء؟ (¬1) ج: إذا جرفت السيول المقبرة فعلى ولي الأمر والجهات المختصة أن ينظروا في ذلك، وأن يعيدوا العظام إلى مدافنها ويسووها ويسوروا المقبرة؛ حتى لا تصاب مرة أخرى، على ولي الأمر - أو على المحسنين الذين يطلبون الأجر - أن يعيدوا العظام في محلها، كل عظام قبر في محلها، وإذا لم يعرفوا ذلك دفنوها في أي محل من المقبرة، وسووا ظاهر القبور على حالها؛ حتى تعرف أنها قبور، وتسور المقبرة بشبك أو ببناء؛ حتى لا تمتهن، وحتى لا تدخلها السيول. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (396).

حكم وضع الزهور على القبور

87 - حكم وضع الزهور على القبور س: يوضع أزهار على القبور وخاصة يوم الأعياد، فهل هذا جائز؟ (¬1) ج: ليس بجائز ولا مشروع، لا يوضع على القبور لا أزهار ولا غيرها، إنما وضع النبي صلى الله عليه وسلم جريدتين على قبرين معذبين، أطلع الله عليهما نبيه على أنهما يعذبان، فوضع عليهما جريدتين، قال: «لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا (¬2)» ولم يأمر بوضع الجريدة على القبور ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (220). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب ما جاء في غسل البول برقم (218).

الأخرى، إنما وضعها على قبرين اطلع على عذاب أصحابهما قال: «أما أحدهما فكان لا يتنزه من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة (¬1)» يبين لنا هذا عظم الخطر في عدم التنزه من البول وعظم الخطر في النميمة، نسأل الله العافية، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة العناية بالطهارة، والحرص على السلامة من البول في البدن وفي الثوب وفي المصلى، كذلك الحذر من النميمة والغيبة، يجب على كل مسلم ومسلمة أن يحذر من الغيبة ومن النميمة، والغيبة ذكرك أخاك بما يكره: فلان بخيل، فلان كذا، فلان كذا، فلانة كذا. بما تكره، والنميمة: نقل الكلام السيئ من فلان إلى فلان. فلان يقول فيك كذا، فلانة تقول فيك كذا. هذه النميمة، وهي من الكبائر ومن أسباب البغضاء والشحناء بين المسلمين، فالواجب الحذر منها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة نمام (¬2)» والنمام من أهل الغيبة، قال: «ذكرك أخاك بما يكره " قيل: يا رسول الله، إن كان في أخي ما أقول؟ قال: " إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته (¬3)» فالواجب الحذر، والله يقول سبحانه: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب ما جاء في غسل البول برقم (218). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان غلط تحريم النميمة برقم (105). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الغيبة، برقم (2589). (¬4) سورة الحجرات الآية 12

ويقول سبحانه: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ} (¬1) {هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ} (¬2) نسأل الله للمسلمين العافية. ¬

_ (¬1) سورة القلم الآية 10 (¬2) سورة القلم الآية 11

حكم تزيين القبور

88 - حكم تزيين القبور س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم تزيين القبور؟ (¬1) ج: التزيين يختلف: إن كان المقصود كونه يجمع التراب عليها، أو يجعل عليها النصائب فهذا لا بأس، ما يسمى تزيينا، هذا هو المشروع، إذا دفن الميت يرفع قبره قدر شبر ببقية التراب، يسوى على قبره حتى يعرف أنه قبر، ويجعل النصائب على طرفيه من اللبن؛ حتى يعرف أنه قبر، حتى لا يوطأ ولا يمتهن، أما تزيينه بالجص، أو بالطيب يكب عليه، أو بالبناء عليه فهذا منكر لا يجوز، «الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن تجصيص القبور، ونهى عن القعود عليها، ونهى عن البناء عليها (¬2)» رواه مسلم في الصحيح، ونهى أن يكتب عليها أيضا، فلا يكتب عليها ولا تجصص، ولا يبنى عليها لا مسجد ولا غيره، ولا قبة، كل هذا بدعة، والذي يفعل في بعض الدول من البناء على القبور، واتخاذ القباب عليها والمساجد من البدع، ومن وسائل الشرك، لا يجوز هذا، والواجب على ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (384). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه، برقم (970).

المسلمين ترك ذلك، والواجب على أمراء المسلمين أن يمنعوا هذا، وأن يزيلوا هذه الأشياء، يجب على جميع الدول الإسلامية أن تمنع هذا، تمنع البناء على القبور، وتزيل المساجد التي على القبور، أو الأبنية التي عليها والقباب، يجب أن تزال، وإذا كانت مساجد قديمة ولكن دفن فيها ميت ينبش، إذا كانت المساجد هي القديمة ولكن دفن فيها - ينبش، ويخرج منها إلى المقابر، يوضع في حفرة في المقابر، ويسوى عليه التراب كسائر القبور، ولا يجوز إبقاء قبور في المساجد، أما إن كانت قبورا قديمة، ولكن بني عليها فالواجب هدم البناء قبة أو مسجدا، يهدم ويزال ولا يجوز؛ لأن هذا وسائل الشرك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)» وقالت له بعض أزواجه: يا رسول الله، إنا رأينا كنيسة في أرض الحبشة وفيها صور، قال عليه الصلاة والسلام: «أولئك إذا مات فيهم رجل صالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله (¬2)» أخبر أنهم شرار الخلق، لبنائهم على القبور واتخاذ المساجد عليها والصور. قال صلى الله عليه وسلم: «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها (¬3)» وروى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (529). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، ويتخذ مكانها مساجد، برقم (427)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (528). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972).

عنهما قال: «نهى رسول الله أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه (¬1)» فالواجب على علماء المسلمين في كل مكان، وعلى أمراء المسلمين في كل مكان إزالة هذا الشيء، ووعظ الناس وتذكيرهم وتحذيرهم، وعلى ولاة الأمور أن يزيلوه بالقوة، يهدموا المسجد الذي على القبر ويهدموا القبة التي على القبر، تكون القبور بارزة ليس عليها قباب ولا مساجد، كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في البقيع، وهكذا الآن في الدولة السعودية في البقيع وفي غير البقيع مكشوفة، ليس عليها بناء ولا مساجد، وهكذا كان الحال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كانت القبور في البقيع وفي غير البقيع في مكة والمدينة وغيرها مكشوفة، وهكذا في عهد الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم حتى جاءت الرافضة وغلت في القبور، وهكذا من شابههم من غير الرافضة والفاطميين، فالواجب الحذر، الواجب هدم المساجد التي على القبور، وهدم الأبنية والقباب التي على القبور، وأن تكون القبور مكشوفة ليس عليها شيء، يزورها الناس للسلام عليهم، يزورها المسلمون للسلام فقط، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة (¬2)» وكان صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه، برقم (970). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569).

زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون (¬1)» هذه السنة، المسلمون يزورون القبور، ويسلمون عليهم فقط، لا يسألونهم ولا يدعونهم، ولا يتمسحون بالقبور، كل هذا من المنكر من الشرك، دعاء الميت والاستغاثة بالميت هذا من الشرك الأكبر، يقول: يا فلان اشفع لي. أو: انصرني. أو: اشف مريضي. سواء كان هذا عند النبي صلى الله عليه وسلم أو عند البدوي، أو عند الحسين، أو عند فلان، كل هذا شرك أكبر، لا يجوز هذا أبدا عند جميع المسلمين، لا يجوز أن تأتي القبر، تقول: انصرني. أو: اشف مريضي. أو: أنا في جوارك. أو: أنا في حسبك. لا قبور الأنبياء ولا غيرها. ولا يجوز أن تدعوه، تقول: يا سيدي فلان. أو: يا رسول الله، انصرني. أو: اشف مريضي. هذا من الشرك الأكبر، سواء كان ذلك مع الأنبياء أو مع أهل البيت، أو مع غيرهم ولا يجوز التمسح بالقبور والتبرك بها، وإنما تزار فقط، يزورهم ويسلم عليهم فقط، يقول: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون (¬2)» هكذا علم النبي أصحابه عليه الصلاة ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974).

والسلام، هكذا رواه مسلم في الصحيح، هكذا ذكر العلماء في (بلوغ المرام) وفي (منتقى الأخبار) وكان هكذا ذكره أهل العلم في كتب الحديث وكتب الفقه، بينوا هذا، الواجب على علماء المسلمين نشر ذلك وبيان ذلك للناس، يجب على العلماء أن يبينوا في المساجد، وفي خطب الجمعة وفي غيرها، وفي المحاضرات وفي المدارس يعلمون الناس يعلمونهم هذه الأمور، حتى يكونوا على بصيرة، حتى يدعوا الغلو في القبور حتى لا يبنوا عليها، وحتى لا يتخذوا عليها المساجد، وحتى لا يدعوها من دون الله، ولا يستغيثوا بها وبأهلها. المصيبة عظيمة الآن، هذه المسألة في كثير من البلدان الإسلامية، يبنى على القبور مساجد وقباب، ويدعى أهلها من دون الله، ويستغاث بهم وينذر لهم، هذا هو الشرك، دعاؤهم من دون الله والاستغاثة بهم والنذر لهم هذا هو الشرك الأكبر، واتخاذ المساجد وسيلة لذلك، واتخاذ القباب وسيلة لذلك، فالواجب على أمراء المسلمين في كل مكان، عليهم أن يزيلوا هذه القباب وهذه المساجد التي على القبور، ويجب على العلماء أن ينبهوهم وينصحوهم ويذكروهم إذا كانوا مسلمين، فعليهم أن يزيلوا ما حرم الله، إذا كان الوالي مسلما فليتق الله، وليزل ما حرم الله من القباب والمساجد التي على القبور، وليمنع الناس من دعاء الموتى والاستغاثة بهم والنذر لهم، هذا لله وحده، هو الذي يدعى، هو الذي ينذر له، هو الذي يستغاث

به يقول: يا رب اغفر لي، يا رب انصرني، يا رب اشف مريضي، يا رب ارحم ضعفي، يا رب ارزقني يدعو ربه، أما الميت فلا يدعى الميت ولا الصنم ولا الكوكب ولا الجن، لا يدعون من دون الله، الله سبحانه وتعالى هو الذي يدعى، فلا يجوز دعاء الأنبياء ولا دعاء المؤمنين ولا دعاء غيرهم، ولا دعاء الكواكب والنجوم، ولا دعاء الأصنام ولا دعاء الجن، كل هذا لا يجوز، بل يجب إخلاص العبادة لله وحده، فيقول في دعائه: يا رب اغفر لي، يا رب ارحمني، يا رب انصرني، يا الله يا ذا الجلال والإكرام اغفر لي وارحمني، اشف مريضي، ارزقني من فضلك، أما أنه يأتي الميت ويقوله له: ارزقني، أو اشف مريضي، حتى ولو كان النبي محمدا عليه الصلاة والسلام، من جاء إلى قبره أو بعيدا عنه يقول: ارزقني يا محمد، أو: انصرني. هذا الشرك الأكبر، أو يقول: يا سيدي عبد القادر، يا سيدي الحسين، أو: يا سيدي البدوي. أو: يا سيدي فلان انصرني، أو: اشف مريضي، أو: أنا في جوارك، أو: أنا في حسبك، هذا هو الشرك الأكبر يجب الحذر من هذه الأمور، ويجب على العلماء أن يبينوا للناس، وأن ينصحوهم، ويجب على أمراء المسلمين أن يمنعوا هذا، وأن يزيلوا الأبنية التي على القبور، وأن تكون مكشوفة، ليس عليها مساجد ولا قباب، هذا هو الواجب على المسلمين، حماية لجناب التوحيد، وحرصا على صلابة عقيدة

المسلمين ودعوة لهم إلى الحق، وأداء لواجب الدعوة، نسأل الله أن يوفق ولاة أمر المسلمين لما يرضيه، ونسأل الله أن يعين العلماء على البلاغ والبيان، ونسأل الله أن ينصر الجميع للحق، وأن يعيذ الجميع من مضلات الفتن، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

حكم وضع الجريد الأخضر على القبور في الأعياد

89 - حكم وضع الجريد الأخضر على القبور في الأعياد س: في أيام العيد نضع على قبور الموتى جريدا أخضر، هل لهذا أصل؟ (¬1) ج: ليس له أصل، النبي صلى الله عليه وسلم وضع جريدا على قبرين معذبين، أطلعه الله على عذابهما، قال: " أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة - والعياذ بالله - وأما الآخر فكان لا يستتر من البول " (¬2) ولم يضع على قبور الصحابة في البقيع، ولا في أحد، فدل ذلك على أن ذلك خاص بالقبرين، فليس للإنسان أن يضع على القبور جريدا، لا في أيام عيد ولا في غيرها، بل هذا منكر وبدعة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (216). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب ما جاء في غسل البول برقم (218).

حكم قراءة شيء من القرآن على الميت عند دفنه

90 - حكم قراءة شيء من القرآن على الميت عند دفنه س: قرأت كتاب رياض الصالحين في باب الدعاء للميت بعد الدفن، والقعود عند دفنه ساعة: قال الشافعي رحمه الله في هذا الباب:

يستحب أن يقرأ عنده شيء من القرآن، وإن ختموا القرآن كله كان حسنا، أرجو من سماحتكم التوجيه النافع لمثل هذا القول (¬1) ج: هذا ليس عليه دليل إن صح عن الشافعي، والصواب أنه لا يستحب، والشافعي رحمه الله من العلماء المعروفين بالسنة، ولكن كل يخطئ ويصيب، كل عالم له أخطاء مثل ما قال مالك رحمه الله: كل منا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر، يعني النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي عليه السلام يقول: «كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون (¬2)» فليس للقراءة عند القبر دليل، والسنة أن لا يقرأ عند القبور، ولكن يدعى للميت بعد الدفن، كما كان صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، قال: «استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل (¬3)» ولما زار قبر أمه استأذن ربه أن يستغفر لها، فلم يؤذن له، فجلس عندها وبكى وأبكى عليه الصلاة والسلام، لما حصل من المصيبة بعدم إذنه سبحانه في الاستغفار لها، وكانت ماتت في الجاهلية، ولما حضرت الوفاة عمرو بن العاص رضي الله عنه أوصى بنيه، ومن يحضر قبره أن يجلسوا عنده قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها، كي يستأنس ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (227). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4251). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف برقم (3221).

بهم حتى ينظر بماذا يراجع رسل ربه، وهذا قاله من اجتهاده، وليس في هذا قراءة إنما قصده الدعاء له والترحم عليه، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم بينة في هذا، وهي أنه يدعى له بالمغفرة والثبات، أما كونهم يجلسون قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها فهذا من اجتهاد عمرو وليس عليه دليل، إنما المشروع أن يدعى له، ويستغفر للميت المسلم بعد الدفن، أما قراءة القرآن عنده، سورة أو سور أو ختم القرآن فهذا ليس عليه دليل وينبغي تركه.

حكم قراءة سورة يس على الميت

91 - حكم قراءة سورة يس على الميت س: عندما يتوفى مسلم يقرؤون عليه سورة يس على المقبرة وفي المنزل لمدة أسبوع، ويوم ذكرى مرور أربعين يوما على وفاته، هل هذا جائز؟ وجهوا الناس حيال هذا الموضوع فهو منتشر بكثرة، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا العمل الذي سأل عنه السائل بدعة لا أصل له، فلا يشرع أن يقرأ على الميت بعد موته، لا في البيت ولا في المقبرة، ولا على رأس الأربعين من وفاته، ولا في غير ذلك بهذا القصد من هذه البدع التي أحدثها الناس، وإنما المشروع أن يقرأ عنده حين الاحتضار قبل أن ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (220).

يموت، إذا كان محتضرا شرع أن يقرأ عنده، وإذا قرئ عنده سورة يس فذلك حسن، لأنه ورد بها بعض الأحاديث: «اقرؤوا على موتاكم يس (¬1)» وإن كان في سنده كلام، لكن لا بأس، قد يتعظ من هذا، وقد يستفيد من هذا قبل أن يموت، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله (¬2)» يلقن، يقال له: قل: لا إله إلا الله. حتى يختم له بها، في الحديث: «من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله، دخل الجنة (¬3)» فذلك من أسباب دخول الجنة إذا مات على التوحيد والإيمان صادقا مخلصا، أما التلقين عند القبر فهذا بدعة، الصحيح لا يقلن عند القبر، لا يقال له عند الدفن: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإنك آمنت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، وبالقرآن إماما، هذا لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، الصواب أنه غير مشروع، هذا التلقين بعد الدفن عند القبر ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث معقل بن يسار رضي الله تعالى عنه، برقم (19790)، وأبو داود في كتاب الجنائز، باب القراءة عند الميت، برقم (3121)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء فيما يقال عند المريض إذا حضر، برقم (1448). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب تلقين الموتى لا إله إلا الله، برقم (917). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب في التلقين، برقم (3116).

يعني: يلقن أنه يجيب الملكين بالشهادتين، وما ذكر معهما، هذا لا أصل له، أما التلقين قبل أن يموت بـ: لا إله إلا الله. فتقدم، سنة قبل أن يموت، يقال: لا إله إلا الله. فإذا قالها سكت عنه، حتى يختم له بها.

حكم قراءة أحد أقرباء الميت شيئا من القرآن على قبره بعد الدفن

92 - حكم قراءة أحد أقرباء الميت شيئا من القرآن على قبره بعد الدفن س: بعد الفراغ من دفن الميت يقوم أحد أقربائه بقراءة شيء من القرآن على قبره، فهل هذا جائز؟ (¬1) ج: هذا لا أصل له، الدعاء فقط، القرآن ليس بمشروع، ولا يقرأ عند القبور، لكن إذا فرغ يقف عليه ويقول: اللهم اغفر له، اللهم ثبته بالقول الثابت ... ونحو ذلك، هو والحاضرون، كان النبي إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، وقال: «استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل (¬2)» هكذا يقول صلى الله عليه وسلم يأمر الناس بهذا بعد الدفن، أما قراءة القرآن فلا يقرأ عليه القرآن لعدم الدليل. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (353). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف برقم (3221).

س: بالنسبة لقراءة القرآن عند الدفن ما حكمه؟ (¬1) ج: بدعة ليس لها أصل، لا يقرأ عند الدفن القرآن، القرآن محله ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (372).

المساجد والبيوت، ليس محله القبور، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتخذوها قبورا (¬1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة (¬2)» دل على أن القبور ليست محل صلاة ولا قراءة القرآن، والصلاة محلها البيوت والمساجد. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب كراهية الصلاة في المقابر، برقم (432)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (777). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (780).

حكم دفن ورقة فيها الاستغفار مع الميت

93 - حكم دفن ورقة فيها الاستغفار مع الميت س: أحد الإخوة المستمعين بعث برسالة وضمنها جمعا من الأسئلة، وهو من الأردن، يقول: هل يجوز دفن ورقة مكتوبا عليها استغفار في قبر الميت؟ وهل ينفع ذلك الميت؟ (¬1) ج: هذا لا أصل له ولا يجوز، ولا يدفن معه شيء إلا كفنه، فلا يدفن معه مصحف، ولا أوراق فيها كتابة، ولا سيف ولا خنجر ولا غير ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (348).

حكم الدعاء للميت بعد دفنه من شخص وتأمين الباقين

94 - حكم الدعاء للميت بعد دفنه من شخص وتأمين الباقين س: عندما يدفن الميت يقوم أحد الأشخاص بالوقوف أمام القبر،

ويدعو بصوت مرتفع، وباقي المشيعين يؤمنون على دعائه، هل هذا جائز، أم هو من المبتدعات؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا حرج في ذلك، النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: «استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل (¬2)» فالسنة أن يسألوا كلهم، كل واحد يقول: اللهم اغفر له، اللهم ثبته عند السؤال، اللهم ثبته على الحق. وإذا قاله واحد وأمن الباقون فالحمد لله، لا حرج في ذلك، ولكن الأفضل أن كل واحد يدعو مثل ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «استغفروا لأخيكم (¬3)» كل واحد يقول: اللهم اغفر له، اللهم ثبته على الحق، فهذا من حق المسلم على أخيه، ويكفي والحمد لله، فإن قام واحد وقال: اللهم اغفر له، اللهم ثبته على الحق. فقالوا: آمين، حصل المطلوب إن شاء الله، لكن كل واحد يدعو بنفسه يمتثل للأمر، هذا هو الأفضل. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (344). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف برقم (3221). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف برقم (3221).

حكم الدعاء الجماعي عند القبر

95 - حكم الدعاء الجماعي عند القبر س: ما حكم الدعاء الجماعي عند القبر؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (372).

ج: الدعاء الجماعي عند القبر ليس له أصل، يتعمد يقول: أنا أدعو وأنتم تؤمنون، هذا ليس له أصل، لا نعلم له أصلا عند السلف الصالح، ولا عن النبي عليه الصلاة والسلام، لكن لو دعا إنسان وأمنوا على دعائه من غير قصد، سمعوه يدعو فقالوا: آمين. ليس فيه شيء، لو دعا إنسان بعدما دفنوا الميت: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم ثبته بالقول الثابت، فقال بعض الحاضرين: آمين. ما يضر، أما كونهم يتفقون أن هذا يدعو وهم يؤمنون هذا لا أصل له، لا ينبغي ذلك، لأن الدعاء الجماعي إذا كان مقصودا فلا أصل له، لم ينقل لنا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فقد تركوه، وهذا الذي ينبغي، أما إذا دعا إنسان، سمعوه يدعو وأمنوا من غير قصد، من غير تجمع، من غير قصد لهذا الشيء، إنما كانوا يدعون للميت بعدما دفنوه فأمنوا على الدعاء، سمعوا واحدا يدعوا فقالوا: آمين آمين، أو دعاء هذا وقال الآخر: آمين، من غير قصد أو تواطؤ.

س: وماذا عن الدعاء بعد دفن الميت جماعة؟ (¬1) ج: كل واحد يدعو بنفسه، كل واحد يقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم ثبته بالقول الثابت. هكذا لا يحتاج يجتمعون على قول واحد، لكن لو دعا واحد وأمنوا من غير قصد، سمعوه يدعو فقالوا: ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (372)

آمين من غير قصد فلا حرج.

حكم رفع الأيدي أثناء الدعاء للميت عند القبور

96 - حكم رفع الأيدي أثناء الدعاء للميت عند القبور س: يسأل عن رفع اليدين وقراءة الفاتحة للمتوفى مع أهل المتوفى، هل ذلكم جائز؟ وهل يجوز الجهر بالدعاء؟ جزاكم الله خيرا. ج: عند القبر إذا دفنوه لا بأس، إذا رفعوا الأيدي بالدعاء عند الدفن بعد الدفن، يسألون له الثبات والمغفرة لا بأس. تقول عائشة رضي الله عنها: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور القبور ويدعو ويرفع يديه.

حكم الوعظ في المقبرة

97 - حكم الوعظ في المقبرة س: هل من السنة الوعظ في المقبرة لجمع المشيعين؟ (¬1) ج: إذا تيسر ذلك فهو حسن، إذا تيسر وعظهم، وتيسر من يصغي له ويستفيد فهو مستحب، لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وعظ الناس في المقبرة، لما أتوا إلى قبر ولما يلحد، وجلس مع أصحابه ذكرهم عليه الصلاة والسلام، وبين لهم حال العبد إذا وضع في قبره، وسألوه عن القدر، قالوا: هل نعمل في أمر مضى، أو في أمر مستأنف؟ فقال: في أمر مضى. فقالوا: يا رسول الله كيف العمل ونحن قد فرغ من ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (100).

أمرنا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «اعملوا، فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة - ثم تلا قوله سبحانه: (¬7)» المقصود أنه صلى الله عليه وسلم ذكرهم، وتلا عليهم بعض الأحاديث عليه الصلاة والسلام، فإذا تيسر تذكير الحاضرين ووعظهم فلا بأس بذلك، وهو حسن إن شاء الله. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب (فسنيسره للعسرى)، برقم (4949)، ومسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته، برقم (2647)، واللفظ لمسلم، والآيات في سورة الليل (5 - 10). (¬2) سورة الليل الآية 5 (¬1) {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} (¬3) سورة الليل الآية 6 (¬2) {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} (¬4) سورة الليل الآية 7 (¬3) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (¬5) سورة الليل الآية 8 (¬4) {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} (¬6) سورة الليل الآية 9 (¬5) {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} (¬7) سورة الليل الآية 10 (¬6) {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}

حكم تلقين الميت بعد دفنه

98 - مسألة في حكم تلقين الميت بعد دفنه س: من سلطنة عمان بعث السائل رسالة ضمنها ثماني قضايا، في إحداها يقول: نعيش ظاهرة غريبة بعد دفن الميت، وهي ظاهرة تلقين الميت بعد أن يدفن، حيث يقوم الخطيب أو الإمام بقراءة بعض من آيات الذكر الحكيم، ثم يتلوها بوصية للميت، ومن بين الكلام الذي يخطب به للميت يقول: يا عبد الله، لا تنس العهد الذي بيننا وبينك الذي كنت عليه: إن دينك الإسلام، ونبيك محمد

صلى الله عليه وسلم، ولا تجزع من الملكين، فهما عباد الله ... ، إلى آخر مثل ذلك القول. والسؤال: هل ذلك ورد عنه صلى الله عليه وسلم أو عن صحابته؟ أرجو من سماحتكم توضيح ذلك، مع ذكر الدليل من السنة إن ورد شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالتلقين للميت بعد الدفن لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم، وإنما ورد فيه حديث موضوع رواه الطبراني من حديث أبي أمامة الباهلي، وهو ليس بثابت وليس بصحيح، بل هو موضوع، ويروى عن جماعة من أهل الشام غير ذلك، والصواب أنه بدعة لا يشرع، والميت على ما مات عليه، وإنما التلقين قبل خروج الروح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله (¬2)» وللمحتضر أن يقلن قبل أن يموت هذه الكلمة العظيمة، وهي: لا إله إلا الله، وأنه صلى الله عليه وسلم قال: «من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله دخل الجنة (¬3)» فإذا قالها عن صدق وعن ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (305). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب تلقين الموتى لا إله إلا الله، برقم (917). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب في التلقين، برقم (3116).

إخلاص وإيمان بما دلت عليه من توحيد الله، والإخلاص له والبراءة من الشرك وأهله، فإن الله جل وعلا يجعل أولئك من أسباب نجاته وسعادته إذا لم يكن مصرا على شيء من الكبائر، وإلا فهو تحت مشيئة الله، فمن مات على المعاصي فهو تحت مشيئة الله، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه على قدر المعاصي التي مات عليها، ثم بعد تطهير النار يخرجه الله من النار إلى الجنة، إذا كان مات على التوحيد، عند أهل السنة والجماعة، هذا هو الحق، خلافا للمعتزلة ومن سار على نهجهم، وخلافا للخوارج فإنهم يقولون: إن العاصي مخلد في النار، والخوارج تكفره بذلك، والذي عليه أهل السنة والجماعة، وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان. يرون: أن من مات على التوحيد وعنده معاص لا يدخل النار، ولا يخلد في النار إن دخل النار، بل هو تحت مشيئة الله، إن شاء الله جل وعلا غفر له وعفا عنه بتوحيده وإيمانه وأعماله الصالحة، وإن شاء عذبه على قدر المعاصي التي مات عليها من الكبائر، كالزنى أو السرقة أو عقوق الوالدين أو قطيعة الرحم أو أكل الربا، أو نحو ذلك من الكبائر، لقول الله عز وجل في كتابه العظيم في آيتين من سورة النساء، يقول سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬1)، فأخبر سبحانه أنه لا يغفر لمن مات على الشرك، وأنه يغفر ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 48

ما دون ذلك من غير الشرك لمن يشاء، فدل ذلك على أنه ليس بكافر، فالعاصي الذي مات على شيء من الكبائر ليس بكافر إذا مات موحدا مؤمنا فإذا مات على ما كان من الزنى، أو عقوق الوالدين أو أحدهما، أو أكل الربا، ولم يكف ولم يستحل ذلك فهو تحت مشيئة الله، وهكذا صاحب الغيبة والنميمة، وما أشبه ذلك من المعاصي فهو تحت مشيئة الله عند أهل الحق، عند أهل السنة والجماعة، خلافا للخوارج والمعتزلة ومن سار على نهجهم في الآية الكريمة، ولأنه ثبت بالتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يشفع يوم القيامة فيمن دخل النار من أهل التوحيد، فيحد الله له حدا يخرجه من النار، ثم يشفع ثم يشفع ثم يشفع، كلما شفع حد الله له حدا فأخرجه من النار، وهكذا يشفع النبيون والملائكة والمؤمنون والأفراط، ويبقى بقية من أهل التوحيد في النار، يخرجهم الله سبحانه من النار بفضله ورحمته جل وعلا بعدما يرى تعذيبهم فيها المدة التي يراها الله سبحانه وتعالى، هذا هو الحق الذي لا ريب فيه، وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم. أما التلقين بعد الدفن فهو بدعة، كأن يقف عند القبر ويقول: اذكر كذا، اذكر كذا، فهذا لا أصل له في الشرع، وإنما هو قول لبعض العلماء، ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم.

س: أود لو تعطوني فكرة عن التلقينة، هل هي صحيحة، أم بدعة، تلقينة الميت عند نزوله في القبر؟ ج: التلقين اختلف فيه العلماء، وهو أن يقال له: يا فلان، اذكر ما خرجت به من الدنيا، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله ... ، إلى آخره، وجاء في بعض الأحاديث لكنها غير صحيحة، جاء في بعض الآثار عن بعض أهل الشام، والصواب أن التلقين بدعة، لا يقال له: يا فلان، اذكر ما خرجت به من الدنيا، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا، وبالقرآن إماما، هذا ليس له أصل يعتمد عليه، فالذي ينبغي تركه هذا هو المعتمد لعدم الدليل، ولكن يستحب إذا فرغ الناس من دفن الميت، يستحب الوقوف عليه والدعاء له بالمغفرة والثبات، هذا المشروع إذا فرغ الناس من دفن الميت يوقف عليه ويدعى له بالمغفرة والثبات، هكذا جاءت السنة، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من الدفن وقف عليه، وقال: «استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل (¬1)» هذا هو السنة، وهذا هو الواجب العمل به. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف برقم (3221).

س: يعتقد البعض أن الميت يلقن الحجة، وهي أن يقال له بعد ذهاب الناس بعد الدفن، ينادى باسمه منسوبا إلى أمه عند سؤال الملكين:

قل كذا وكذا، هل هذا وارد في السنة؟ (¬1) ج: هذا ورد فيه أحاديث ضعيفة، بل موضوعة، وورد عن بعض السلف لكنه قول ضعيف غير صحيح بل بدعة، ولا يشرع أن يلقن، يروى عن جماعة من أهل الشام من العلماء، لكنه قول ضعيف، وهذه المسائل لا تقال بالرأي ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لقن أو أمر بالتلقين، بل الأحاديث فيه موضوعة غير صحيحة، والمشروع ألا يلقن بل إذا فرغ الناس من دفنه دعوا له بالثبات والمغفرة فقط، كما كان النبي يفعل صلى الله عليه وسلم، كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، وقال: «استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل (¬2)» وما كان يلقنه بالقول: اذكر ما خرجت به من الدنيا أنك تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينان وبمحمد رسولا، وبالقرآن إماما. ما كان يفعل هذا عليه الصلاة والسلام، المقصود أنه ما كان يلقن الميت، وما كان أصحابه يلقنونه، وإنما كان يدعو له إذا فرغ من دفنه قال: «استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل (¬3)» هكذا السنة، يقول: اللهم اغفر لفلان، اللهم اغفر ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (223). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف برقم (3221). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف برقم (3221).

له، اللهم ثبته بالقول الثابت، اللهم ثبته على الحق، هذا هو المشروع.

حكم اعتقاد أن قراءة القرآن للميت يصل ثوابها له

99 - حكم اعتقاد أن قراءة القرآن للميت يصل ثوابها له س: السائلة: أم. أ. ع. مقيمة في الدمام، تقول: هل الأموات يشعرون بما يقدم لهم من قراءة الفاتحة، أو قراءة القرآن؟ (¬1) ج: لا يشرع أن يقرأ للأموات قراءة القرآن ولا الفاتحة ولا غيرها، ولكن يدعى لهم، الأموات يدعى لهم، يتصدق عنهم، يحج عنهم، يعتمر عنهم لا بأس، أما قراءة القرآن لهم فليس له أصل، القارئ يقرأ القرآن يطلب الأجر من الله لنفسه، ويدعو لأمواته، أبويه أو غيرهم بالمغفرة والرحمة، الدعاء مطلوب، أما القراءة للأموات فلا أصل لها وليس بمشروع، والدعاء ينفع الأموات، والصدقة تنفعهم، الصدقة عنهم. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (393).

حكم اعتقاد أن الميت يعلم من يجهزه إلى قبره

100 - حكم اعتقاد أن الميت يعلم من يجهزه إلى قبره س: السائل: ع. أ. من مكة المكرمة، يقول: هل الميت إذا مات يعلم من يغسله ويكفنه ويدخله إلى القبر؟ (¬1) ج: لا أعلم دليلا على ذلك، الميت انقطع علمه من الدنيا كلها، قال الله ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (393).

جل وعلا فيهم: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} (¬1)، وقال: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ} (¬2)، الميت قد انقطع عمله، ولا يسمع دعاء الناس، ولكن ينفعه الدعاء إذا دعوا له وترحموا عليه، ولهذا شرع بعد الدفن أن يقال: اللهم اغفر له، اللهم ثبته عند السؤال، اللهم اغفر له وثبته بالقول الثابت، ينفعه الدعاء، ويستثنى من هذا أهل بدر، فإنهم لما ماتوا قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم لما قذفوا في قليب بدر: «هل وجدتم ما وعد ربكم حقا " فقال له عمر: تكلم قوما قد جيفوا؟ قال: " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا (¬3)» هذا يستثنى يدل على أن أهل بدر قد سمعوا كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الله أسمعهم تقريعه لهم، وتوبيخه لهم، وهذا شيء خاص، أما بقية الأموات فليس هناك دليل أنهم يسمعون، ولكن ينتفعون بالدعاء، وينتفعون بالصدقة عنهم. ¬

_ (¬1) سورة فاطر الآية 22 (¬2) سورة فاطر الآية 14 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب قتل أبي جهل، برقم (3976)، ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، برقم (2874)، واللفظ لمسلم.

في علم الميت بأحوال أهله

101 - مسألة في علم الميت بأحوال أهله س: هل الميت بعد دخوله القبر، وصعود روحه إلى خالقها يحس بأهله في الدنيا وما فعلوه من بعده؟ (¬1) ج: ليس لهذا أصل، إذا مات انقطع علمه بأهل الدنيا، يقول جل وعلا: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} (¬2)، قال تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} (¬3)، فالمقصود أن الميت إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. ولا يعلم أحوال الناس، ولا أحوال أهله ولا غيرهم. س: السائل: ب. ع. من جمهورية مصر العربية، يقول: هل الميت بعد دخوله القبر، وصعود روحه إلى خالقها، هل يشعر بأهله في الدنيا، وما فعلوا من بعده؟ (¬4) ج: ما يشعر، الميت انقطع عمله، الله جل وعلا يقول: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} (¬5)، {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} (¬6)، ويقول النبي صلى الله عليه ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (418). (¬2) سورة النمل الآية 80 (¬3) سورة فاطر الآية 22 (¬4) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (419). (¬5) سورة فاطر الآية 22 (¬6) سورة النمل الآية 80

وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (¬1)» فالميت ما يشعر بأحوال أهله، والله المستعان. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631).

اجتماع الميت بمن سبقه من الموتى وسؤالهم عن أهليهم

102 - بيان في اجتماع الميت بمن سبقه من الموتى وسؤالهم عن أهليهم س: إذا مات المسلم وأدخل في القبر فهل ترد عليه روحه؟ وهل يأتيه إخوانه الموتى، ويسألونه عن أحوال أهليهم وذويهم؟ أفيدونا بالتفصيل نفع الله بعلمكم. (¬1) ج: إذا وضع الميت في قبره ثبت في الأحاديث الصحيحة أنه ترد عليه روحه، ويأتيه ملكان يسألانه عن ربه وعن دينه وعن نبيه، هذا ثابت، أما اجتماعه بأهله فلا أصل له في الأحاديث الصحيحة، إنما الثابت أنه ترد عليه روحه حتى يسأل، وهي حياة برزخية ليست من جنس حياة أهل الدنيا، بل هي حياة خاصة، يعقل ويفهم ما يسأل عنه، فيثبت الله أهل الإيمان، ويضل الله الظالمين. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (357).

الروح تغادر جسد الإنسان عند الموت وتعاد إذا وضع في قبره للسؤال

103 - بيان أن الروح تغادر جسد الإنسان عند الموت وتعاد إذا وضع في قبره للسؤال س: هل صحيح أن روح الميت تظلله حتى يدخل إلى قبره، فتدخل معه؟ وهل صحيح أن الميت يحس بالذين يغسلونه، والذين يمشون في جنازته؟ (¬1) ج: لا أعلم لهذا أصلا، روح المؤمن إذا قبر ترفع إلى السماء إلى الله، ثم يؤمر بإرجاعها إلى جسدها، حتى يسأل في القبر، من ربه؟ ما دينه؟ من نبيه؟ والكافر إذا ارتفعت روحه غلقت عنها أبواب السماء، فهذا يدل على أن الروح تغادر جسد الإنسان عند الموت، لا تظلل عليه، بل تغادر، لكن روح المؤمن ترفع إلى السماء فوق السماء السابعة، ويقول الله جل وعلا: ارجعي من حيث جئت، يردها إلى جسدها حتى يسأل عن ربه، وعن دينه، وعن نبيه، والكافر تغلق عنه أبواب السماء، وتطرح طرحا نسأل الله السلامة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (412).

مسألة في علم الأموات بزيارة الأحياء

104 - مسألة في علم الأموات بزيارة الأحياء س: هل يعلم الأموات بزيارة الأحياء؟ وأين مقر الأرواح؟ (¬1) ج: ليس في هذا ما يدل على علمهم من الأدلة الشرعية، لكن سنة أن ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (409).

يزوروهم، يزوروا القبور ويدعوا لهم، ويسلموا عليهم، لكن ورد في بعض الأحاديث: «ما من رجل يسلم على رجل كان يعرفه في الدنيا إلا رد الله عليه روحه فرد عليه السلام (¬1)» رواه ابن عبد البر وقواه، ولكن في سنده نظر، والمهم أن يسلم عليهم ويدعو لهم سواء عرفوه، أو ما عرفوه والحمد لله، ليس هناك أحاديث فيما نعلم صحيحة ثابتة تدل على أنهم يعلمون الزائر، ولكن السنة أن تزور القبور وتسلم على أهلها إذا كانوا مسلمين وتدعو لهم، وسواء عرفوك أو لم يعرفوك المهم الزيارة والدعاء لهم، والفضل والأجر الذي يحصل لك، أما الكافر لا يزار قبره للدعاء، لكن يزار للعظة، إذا زار قبر قريب له كافر لا يسلم، يزورهم ويمر عليهم من باب العظة، كما زار النبي قبر أمه، واستأذن ربه أن يدعو لها فلم يأذن له، فإذا زار قبر من مات في الجاهلية أو على كفر لا يدعو له، لا بأس أن يزور للتذكر، ولكن لا يدعو له ولا يسلم. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن عبد البر في الاستذكار ج: 1 ص 185 بلفظ: ما من أحد مر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام.

حكم اعتقاد أن الميت يسمع ما يقول مشيعوه

105 - حكم اعتقاد أن الميت يسمع ما يقول مشيعوه س: سمعت من بعض العلماء بأن الميت إذا أتي به إلى القبر ليدفن فإنه

يسمع كل ما يقول الناس الذين أتوا لدفنه، فهل هذا صحيح أم لا؟ (¬1) ج: أمور البرزخ وأمور الموت هي الأمور العظيمة الغيبية، التي لا يطلع عليها إلا الله سبحانه وتعالى، وما يقوله الناس في هذا الباب لا يعتمد عليه، وإنما الثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إنه ليسمع قرع نعالهم (¬2)» يعني بعد انصرافهم وبعد الدفن، هذا هو المحفوظ، أما سماع ما يقول الناس وما يتحدثون به فلم يرد فيه شيء فيما نعلم، ولا يجوز الجزم بذلك إلا بدليل، فهو عليه الصلاة والسلام ذكر أنه يسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا من دفنه، فلا يجوز لمؤمن ولا لغيره أن يجزم بشيء عن الأموات إلا بدليل. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (27). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب الميت يسمع خفق النعال، برقم (1338)، ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، برقم (2870).

حكم التقاء الأرواح بعد الموت وتعارفهم

106 - حكم التقاء الأرواح بعد الموت وتعارفهم س: هل تلتقي الأرواح بعد الموت حتى وإن بعثت، أو بعدت المسافات بين الأجساد، بوجود أحدهما في مدينة، والآخر في مدينة أخرى؟ فقد علمنا كما يقول صاحب السؤال أن أصحاب المقبرة يستقبلون الميت الطيب، فهل يقتصر الاستقبال على المقبرة التي سوف يدفن

فيها أم لا؟ وقد علم ذلك أيضا، قد علم ذلك الاستقبال من الرؤى لعدة أشخاص؟ (¬1) ج: أما من حيث الأدلة الشرعية فلا أعلم في باب ذلك شيئا من الآيات والأحاديث مما يدل على تلاقي الأرواح، وأنها تتعارف وتتلاقى وتتساءل. أما المرائي فكثيرة، المرائي رؤيا المؤمنين، فإن المرائي كثيرة في تلاقي الأرواح واستبشارهم بروح المؤمن، إذا كان المؤمنون يستبشرون بروح المؤمن، والكفار كذلك، يسوؤهم ما يحصل لهم من أرواح أخرى يذهب بهم إلى النار، هذه المرائي كثيرة في تلاقي الأرواح، كذلك مراء تدل على أن الميت قد يبين لأهله شيئا لم يذكره لهم، وقد يقولون: عليه دين لفلان. ثم يسأل ويصدق، قد يقول: تجدون في المحل الفلاني كذا، ويجدونه، وقد يأتي بأشياء في المرائي يصدقها الواقع، هذا واقع في المرائي، وقد حدث بهذا كثير من الناس الثقات بأنه رأى أباه، أو رأى أخاه، أو رأى فلانا، فقال: أعطوا فلانا عني كذا وكذا، أعطوا فلانا عنى كذا وكذا، لأنه يطلبني كذا وكذا، فيسألون الشخص، فيقول: نعم، إني أطلبه كذا وكذا، هذا وقع في مراء كثيرة، وليس هذا ببعيد، فهذا ممكن. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (310).

س: السائل من اليمن ومقيم في جدة، يقول: أفتوني هل الموتى الذين أرواحهم في البرزخ، هل يلتقي بعضهم ببعض؟ وهل يتعارفون؟ (¬1) ج: هذا لم يرد فيه شيء واضح يجزم به، لكن هناك وقائع قد تتلاقى الأرواح، ولكن ليس هناك شيء نعلمه من الأحاديث الصحيحة يدل على هذا، قد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة (¬2)» وقال عليه الصلاة والسلام: «وأرواح الشهداء في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل (¬3)» هذا ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أما تلاقيها في الدنيا، تلاقيها روح الميت مع النائم لا أعلم فيه شيئا صحيحا، ولكن ذكر ابن القيم وغيره أن هذا واقع، وأنه قد تتلاقى الأرواح، والناس يقولون أشياء كثيرة من هذا من التلاقي الدال على أنه موجود، والله جل وعلا على كل شيء قدير، سبحانه وتعالى، فإن أمر الروح أمر غريب أمر خاص، فبالإمكان أنها في الجنة، وأنها تتلاقى مع ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (372). (¬2) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الجنائز، باب أرواح المؤمنين، برقم (2073)، وابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر القبر والبلى، برقم (4271)، واللفظ لابن ماجه. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب بيان أرواح الشهداء في الجنة وأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، برقم (1887).

أرواح أخرى، قد تحدث لنا كثير من الناس عن وقائع وحوادث تدل على التلاقي، من ذلك أن إنسانا حدثني أن أباه كان عليه دين لفلان، فرأى في النوم شخصا آخر يقول له: إن لي على أبيك كذا وكذا، ولفلان كذا وكذا، ولفلان كذا وكذا، فسألهم الولد، قالوا: نعم، كله صحيح، المقصود أن يقع أشياء لا يتهمون فيها تدل على شيء من التلاقي، والله أعلم سبحانه وتعالى.

مسألة في رؤية الميت أهله في الدنيا

107 - مسألة في رؤية الميت أهله في الدنيا س: تسأل الأخت وتقول: هل الميت يرى أهله في الدنيا؟ ومتى يراهم؟ ومتى يحجب عنهم؟ (¬1) ج: لم يثبت في هذا شيء يدل على أنه يراهم، إنما ذكر بعض أهل العلم أن الأرواح في النوم قد تلتقي بأرواح الأموات، وهذا قد يقع في بعض الأحيان ما يدل عليه، فإن الروح عند الله عز وجل، روح المؤمن في الجنة، وروح الكافر تعذب، لكن قد ترسل هذه الروح إلى البدن للسلام على من يسلم على القبور والرد عليه، هذه الروح قد تلتقي مع روح النائم في النوم، وتتحدث معها في شيء كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله وغيره من أهل العلم، وقد يموت الإنسان وعنده دين لأحد، فتتفق روحه مع روح بعض النوام، ويخبرهم بأن عليه لفلان كذا، ولفلان ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (280).

كذا، فيسأل من ذكر له ذلك، فيصدق ذلك، وقد يخبره بأشياء له أنها في المحل الفلاني والمحل الفلاني، برؤيا المنام التي التقت فيها روح الميت وروح النائم، هذه الأشياء تدل على أنها قد تلتقي الأرواح، روح الميت بأرواح النوام من أقاربه أو غيرهم، لكن ليس في الأحاديث الصحيحة فيما نعلم ما يدل على أن هذه الأرواح تتلاقى، وإنما هو من الواقع والتجارب الواقعة بين الناس، ولا أذكر شيئا في وقتي هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى، لا يحضرني فيه شيء في هذا الوقت، ولكن ابن القيم رحمه الله في كتاب (الروح) ذكر أشياء كثيرة في هذا المعنى، وسرد أشياء كثيرة، فمن أحب أن يراجعه فليراجعه ففيه فائدة كبيرة.

مسألة في سماع الميت كلام من يزوره

108 - مسألة في سماع الميت كلام من يزوره س: هل يعرف الميت أخبارنا؟ وكيف ذلك إذا كان يعرفها؟ وهل يسمعنا إذا ذهبنا إلى مكان القبر وكلمناه؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، أما كونه يسمع أخبارهم على الإطلاق فلا، يقول الله جل وعلا: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} (¬2)، ويقول سبحانه: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} (¬3). ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (369). (¬2) سورة النمل الآية 80 (¬3) سورة فاطر الآية 22

ويقول صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (¬1)» ومن ذلك السمع منقطع إلا ما جاء به النص، يعني هو استثني، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم (¬2)» هذا جاء به النص، كونه يسمع في قبره الملك إذا سأله: من ربك؟ ما دينك؟ هذا جاء به النص، أما كونه يسمع أخبارهم في بيوتهم لا، لا دليل على ذلك، لا يسمع ولا يعلم أخبارهم، ولا يسمعها، أما من جاء يسلم عليه فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، وفيه أخبار جاءت فيها ضعف، أنه إذا سلم عليه من يعرفه رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام. هذا قول له قوة، منه هذا الحديث الصحيح، قوله صلى الله عليه وسلم: «ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي، حتى أرد عليه السلام (¬3)» هذا قول قوي، إذا سلم عليه من يعرفه في الدنيا، كونه ترد عليه روحه حتى يرد السلام قول قوي، ولكن الأحاديث في صحتها نظر، فيها ضعف: فيقال: يمكن هذا، والله أعلم. يمكن إن صحت الأخبار، لأن الأخبار فيها ضعف. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب الميت يسمع خفق النعال، برقم (1338)، ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه، برقم (2870). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب زيارة القبور، برقم (2041).

بيان الأسباب المنجية من عذاب القبر

109 - بيان الأسباب المنجية من عذاب القبر س: ما الأسباب المنجية من عذاب القبر، والتي تجادل عن صاحبها؟ هل المريض بالسرطان في بطنه يعتبر شهيدا، لأن المبطون شهيد، ويموت بذلك؟ أفيدونا مأجورين (¬1) ج: أسباب السلامة في القبر طاعة الله ورسوله، بالاستقامة على دين الله، والحذر من المعاصي، هذه أسباب السلامة في القبر. والمريض بالسرطان أو غيره على خير يرجى له خير عظيم، المرض كفارة للسيئات، فإذا أصاب الإنسان مرض فهو كفارة، ما أصاب العبد مرض أو هم أو غم حتى الشوكة يكفر الله بها من خطاياه، وأسباب الشهادة كثيرة، المطعون الذي يصاب بالطاعون، المبطون الذي يصاب بمرض البطن، والمجذوم، وكذلك صاحب الهدم والغرق والشهيد في سبيل الله، كل هذه أنواع من الشهادة، وكل إنسان يصيبه مرض هو كفارة لخطاياه حتى الشوكة. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (372).

حكم قول دفن في مثواه الأخير

110 - حكم قول دفن في مثواه الأخير س: السائلة: أم. س. ع. تسأل وتقول: نسمع في كثير من الأحيان هذه الألفاظ، هل يجوز أن يقولها المسلم؟ وهي: بحق السماء، ترعاك

عين السماء، فال الله ولا فالك، ودفن في مثواه الأخير (¬1) ج: هذه كلمات ما تصلح، في حق السماء، وترعاك عين السماء، ما يصلح: يرعاك الله، يصرح يقول: يرعاك الله، رعاك الله، وفقك الله، أو يقول: بالله، أو بصفات الله، ليس بحق السماء، اسألوا الله بصفاته العليا، اسألوا الله بعلمه وما أشبه ذلك، أسألك بالله أن تفعل هكذا. أما قول: فال الله ولا فالك. فهذه كلمة عامية، تركها أحسن، يعني: قل الخير، تكلم بالخير، لا تتكلم بالشيء الذي ليس بزين. ومثواه الأخير بالنسبة إلى الدنيا، آخر ما له في الدنيا القبر، ولكن ما هو بالأخير كلية، سوف يبعث ويجازى، يسمونه الأخير، لأنه آخر ما له من الدنيا، من مجالس الدنيا ومساكن الدنيا، هو مسكنه الأخير ثم يبعث. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (398).

بيان إمكانية سماع الأنين والصياح في القبور

111 - بيان إمكانية سماع الأنين والصياح في القبور س: يوجد رجل منزله قريب من المقبرة، وهذا الرجل يقول: إنه في آخر الليل يسمع أنينا يأتي من المقابر، هل ثبت مثل هذا في التاريخ؟ (¬1) ج: نعم، نقل جمع من العلماء أنه يقع هذا، يسمع عذاب بعض المعذبين، نسأل الله العافية، والنبي صلى الله عليه وسلم مر على قبرين ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (227).

فسمع عذابهما، وأخبر الناس بذلك عليه الصلاة والسلام، وقال: «أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من البول (¬1)» نسأل الله العافية، وحدثني بعض الناس من نحو أربعين سنة أنه زار عمة له في المقبرة، فسمع صياحا في قبرها، وقد مضى عليها مدة طويلة من الموت، وقد أخبره الناس بذلك فذهب ليتحقق الحقيقة، فسمع ما سمع الناس، نسأل الله العافية، وقد ذكر ابن رجب في أهوال القبور جملة من هذه الأشياء ووقائع، لا حول ولا قوة إلا بالله، يري الله عباده العبر حين يطلع بعض الناس على هذه الأشياء من باب التذكير، ومن باب التحذير ليعتبروا ويتذكروا، نسأل الله السلامة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب ما جاء في غسل البول برقم (218).

مسألة في رؤية عذاب أهل القبور

112 - مسألة في رؤية عذاب أهل القبور س: نسمع من بعض الناس أن هناك أمورا حصلت بعد دفن الموتى، مثل خروج نار من القبر، أو ثعبان ونحو ذلك، فهل ما يقال سبق له ذكر، وورد في بعض الكتب أم لا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين أنه مر على قبرين، وقال: «إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير "، ثم قال: " بلى، أما أحدهما ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (308).

فكان لا يستتر من البول (¬1)» وفي اللفظ الآخر: «لا يستنزه من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة (¬2)» فعذاب القبر حق، والإنسان يعذب في قبره، وبعض العصاة يعذب في قبره إلا من عفا الله عنه، ومن ذلك ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبي القبرين، وأنهما يعذبان: أحدهما بعدم تنزهه من البول، وأنه لا يبالي بالنجاسة، والثاني لمشيه بالنميمة، نعوذ بالله، وقد ذكر ابن رجب رحمه الله في كتابه (أهوال القبور) أشياء من هذا النوع من التعذيب الذي يقع لأهل القبور، بسبب معاصيهم، فإن بعض الناس قد تدعوه الحاجة إلى نبشه، إما لكونهم نسوا مسحاة عنده أو عتلة أو غيره، هذا مما تحفر به القبور، فقد ينبشونه ثم يجدونه يعذب، نسأل الله العافية، وقد يجدونه يشتعل قبره عليه نارا، وبعضهم يجدون في رقبته نارا، وبعضهم يجدون نفس المسحاة قد جعلت في رقبته تشتعل نارا ... إلى غير هذا كما ذكر ابن رجب رحمه الله، المقصود أن الله قد يطلع بني آدم على بعض العذاب للذي يكون في القبور، وقد أخبرني إنسان لا أذكره الآن من نحو ثلاثين سنة، أو أربعين سنة: أنه بلغه أن عمته تعذب في قبرها، وأنه أخبره أناس عندهم وقفوا على قبرها وسمعوا العذاب، قال لي: إني ذهبت إليها في يوم من الأيام ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب ما جاء في غسل البول برقم (218). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، برقم (1981).

لأعرف الحقيقة، فجئت إلى القبر، فسمعت فيه صياحا مما يدل على العذاب، وهذا ليس ببعيد، فإن الله يطلع بعض عباده على ما يشاء للعظة والذكرى والترهيب، كما يطلعهم سبحانه على بعض النعيم لبعض أهل القبور، فقد يدفن الإنسان، ثم يظهر من قبره ريح المسك، كما ذكر ذلك بعض السلف، وأخبرني ثقة من إخواننا من نحو ثلاثين سنة أو حولها أنهم كانوا في بيداء من الأرض مسافرين، فمات معهم شخص، فنزلوا ليدفنوه فحفروا في أرض ليس فيها أثر في أثناء سفرهم، فوجدوا قبرا فيه إنسان يفوح قبره مسكا طيبا عظيما، ووجدوه على حاله لم يتغير في قبره، فدفنوه وساووا قبره عليه، وحفروا لميتهم في مكان آخر ودفنوه، فهذه من آيات الله سبحانه، قد يطلع بعض عباده على نعيم قوم وعلى عذاب آخرين، للذكرى والعظة.

حكم ما يقال في فضل الموت يوم الجمعة

113 - حكم ما يقال في فضل الموت يوم الجمعة س: هل من يموت يوم الجمعة يجار من عذاب القبر؟ وهل الجزاء ينطبق على يوم الوفاة، أم على يوم الدفن؟ أفتونا مأجورين (¬1) ج: الأحاديث في هذا ضعيفة، الأحاديث في موت يوم الجمعة، وأن من مات يوم الجمعة دخل الجنة ووقي النار كلها ضعيفة غير صحيحة، من ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (367).

مات على الخير والاستقامة دخل الجنة في يوم الجمعة وغير يوم الجمعة، من مات على دين الله على توحيد الله والإخلاص له فهو من أهل الجنة في أي مكان مات، وفي أي زمان، وفي أي يوم، إذا استقام على دين الله فهو من أهل الجنة والسعادة، وإن مات على الشرك بالله فهو من أهل النار في أي يوم، وفي أي مكان، نسأل الله العافية، وإن مات على المعاصي فهو على خطر تحت مشيئة الله، لكنه في الجنة إذا كان موحدا مسلما منتهاه الجنة، لكن قد يعذب بعض العذاب عن المعاصي التي مات عليها غير تائب، لقول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬1)، فبين سبحانه أن الشرك لا يغفر لمن مات عليه، وأما ما دونه من المعاصي فهو تحت المشيئة، إذا مات وهو زان لم يتب، مات بشرب الخمر لم يتب، مات عاقا لوالديه، مات يأكل الربا فهو تحت مشيئة الله، إن شاء الله غفر له لأعماله الطيبة وتقواه، وإن شاء عذبه على قدر هذه المعاصي، ثم بعد هذا يخرج من النار بعد التطهير، يخرج من النار إلى الجنة. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 48

س: هل صحيح أن الذي يموت في يوم الجمعة، أو في يوم الإثنين، أو في شهر رمضان، أو في اليوم التاسع من ذي الحجة، أن الله يدخله الجنة، ويمحو الله جميع خطاياه؟ جزاكم الله خيرا، وأرجو أن

تصححوا مفاهيم الناس حول هذا، أفادكم الله (¬1) ج: ليس بصحيح، ولا أصل لهذا، ورد في الجمعة أحاديث لكنها ضعيفة غير صحيحة، من مات فيها غفر له، لكنها غير صحيحة لكن يرجى لمن مات على أثر عبادة في أثر الصيام، أثر صيام عرفة، أثر الحج، يرجى له الخير في هذا، إذا ختم له بوقت العبادة، وفي أثناء العبادة يرجى له الخير، والسلف يرجون الخير لمن مات في العبادة، أو على أثر العبادة، عند انصرافه من الحج، عند إفطاره من رمضان، عند صومه عرفة، وما أشبه ذلك إن شاء الله يرجى له الخير لهذا العمل الذي مات على إثره، يرجى له به الخير، يتفاءل به عليه. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (279).

س: إذا توفي مسلم في يوم الجمعة، أو في شهر رمضان هل ينجو من عذاب القبر؟ (¬1) ج: ليس هناك دليل، أحاديث في الجمعة كلها غير صحيحة، لكن يرجى إذا مات على أثر صوم وأثر عبادة يرجى له الخير، وأما إذا مات في رمضان، أو مات في الجمعة فهل ينجو من العذاب؟ لا يوجد دليل على ذلك، لأن هذا إلى الله سبحانه وتعالى، إن مات على استقامة فله الجنة والكرامة، وإن مات على معاص فهو على خطر، ويدعى له بالمغفرة. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (334).

مسألة في سؤال الميت وعذابه إذا لم يقبر

114 - مسألة في سؤال الميت وعذابه إذا لم يقبر س: يتبادر إلى أذهان كثير من الناس أن الميت إذا مات، ولم يدفن في القبر فإنه ينجو من عذاب القبر، فبماذا تنصحون من يفكر هذا التفكير؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الميت يسأل سواء كان في قبره، أو في أي مكان، في الصحراء أو في البحار، أو في بطون السباع، هو مسؤول، والمسؤولية للروح، والروح سالمة، فهو يسأل ويعذب إن كان شقيا، أو ينعم إن كان تقيا، تنعم روحه في الجنة، أو تعذب في النار، وللجسد نصيبه الذي بقي منه عظام أو جلد، ما بقي من الجسد له نصيبه من النعيم أو العذاب على الكيفية التي يعلمها الله سبحانه وتعالى، ولكن المعظم على الروح في البرزخ، ويوم القيامة يجتمع العذاب على البدن والروح، وهكذا النعيم، إما في الجنة لأهل الإيمان والتقوى، وإما في النار كأهل الكفر بالله، فالحاصل أن النعيم والعذاب للروح والجسد جميعا، لكن في البرزخ معظمه على الروح، والجسد يناله نصيبه وإن كان في البحار، وإن كان في بطن السباع، وإن كان في أي مكان، فالروح لها نصيبها من النعيم أو العذاب مطلقا، لكن في البرزخ الروح لها الحظ الأوفر من النعيم أو العذاب، ويوم القيامة يتوفر النعيم لأهل الإيمان للروح والجسد جميعا، ولأهل ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (221).

الشقاء يتوفر العذاب للروح والجسد جميعا، نسأل الله العافية، وهكذا العاصي له نصيبه إن دخل النار، فالعذاب للروح والجسد، وإن أنجاه الله فالنعيم للروح والجسد، وهكذا بعد الخروج من النار، فإن العصاة كثير منهم يدخلون النار بمعاصيهم ويطهرون، فإذا طهروا من سيئاتهم بالعذاب أخرجهم الله إلى الجنة، فهم يعذبون روحا وجسدا، وينعمون روحا وجسدا، ولا يخلد في النار إلا الكفرة، لا يخلد في النار الخلود النهائي الذي لا نهاية له إلا الكفرة، قد يخلد العاصي، كالزاني والقاتل قد يخلد خلودا له نهاية خلودا طويلا، يعني مدة طويلة، لكن له نهاية، كما قال الله سبحانه في القاتل والزاني: {وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (¬1)، وقال في القاتل: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ} (¬2) الآية، هذا خلود له نهاية، ليس مثل خلود الكفار، أما خلود الكفار - نعوذ بالله - فإنه لا ينتهي، كما قال الله تعالى في حقهم: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} (¬3)، وقال في حقهم سبحانه: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ} (¬4)، نسأل الله العافية. ¬

_ (¬1) سورة الفرقان الآية 69 (¬2) سورة النساء الآية 93 (¬3) سورة البقرة الآية 167 (¬4) سورة فاطر الآية 36

مصير الأولاد الذين ماتوا قبل سن التكليف

115 - بيان مصير الأولاد الذين ماتوا قبل سن التكليف س: هل الأولاد والبنات الذين يموتون قبل سن التكليف، هل يتزوجون في الآخرة؟ وما مصيرهم؟ (¬1) ج: نعم، إذا ماتوا قبل التكليف هم من أولاد المسلمين من أهل الجنة بإجماع المسلمين، الخلاف في أولاد المشركين، أما أولاد المسلمين فهم في الجنة، والجنة ليس فيها عزب، كل أهل الجنة يتزوجون، لهم فيها ما يشتهون، ولهم فيها ما يطلبون، ولهم أزواج من الحور العين ومن نساء الدنيا، كل رجال الجنة لهم أزواج. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (372).

حكم إزالة القبور القديمة لبناء مساكن عليها

116 - حكم إزالة القبور القديمة لبناء مساكن عليها س: نزلت بموقع وبنيت لي مسكنا فيه، وكان بالقرب من المنزل قبور قديمة منذ مائة وخمسين سنة كما يقال، وبمرور الأيام وتزايد عدد الأسرة، وكان حتما علينا توسيع المسكن، وحيث إن التوسعة يحال دونها مثل تلك القبور، أرجو إفادتي، هل يجيز لي الشرع إزالة هذه المقابر ودفنها في جهة أخرى، أم ماذا؟ أرجو إفادتي لأني حائر بين أمرين، ضيق المنزل، وعظم حرمة الموتى لدي،

جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ليس لك التعرض للقبور، بل يجب عليك أن تجتنبها وتحترمها، وتحذر التعدي عليها، لأنها سابقة لك، فهي أحق بمكانها، وأهلها أولى بمكانهم، إلا إذا كانت القبور قليلة، قبرين أو ثلاثة فبالإمكان أن تكتب لنا، حتى نكتب للمحكمة هناك، تعطينا الخبر الحقيقي عن ذلك، أما إن كان هناك قبور كثيرة فاجتنبها ولا تعارضها بشيء، لأنها سابقة، وهي أولى بمكانها، أما قبران أو ثلاثة شاذة عن القبور فاكتب لنا عنها، وننظر في الأمر إن شاء الله بواسطة المحكمة لديكم. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (217).

وجوب احترام المقابر

117 - بيان وجوب احترام المقابر س: لقد شقت طرق إلى بلادنا في أعالي الجبال، ومن عادة أجدادنا أنهم جعلوا المقابر إلى جوار القرى، واليوم جعل بعض الناس هذه المقابر مواقف للسيارات، ودكت القبور بالجرارات، حتى لم يبق شيء يدل على أن هذه مقبرة، وجهونا ووجهوا الناس، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب احترام قبور المسلمين، ولا يجوز دهسها بالسيارات ولا ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (150).

امتهانها بالمرور عليها، أو وضع القمامات عليها، أو نحو ذلك، فالواجب أن يمنع هؤلاء، وعلى الدولة وعلى المسؤولين أن يلاحظوا ذلك، وأن يمنعوا الناس من الاستهانة بالموتى، والإيذاء للموتى، وفي الإمكان أن تسور المقبرة بسور يمنع من هذا. فالواجب على من يقع عنده شيء من ذلك أن يرفع الأمر إلى المسؤولين في البلد، كالأمير والحاكم والقاضي، حتى يقوموا بما يلزم إن شاء الله، فعليك أيها السائل، وعلى إخوانك أيضا أن يرفعوا الأمر، إذا وجدوا شيئا في بعض المقابر أن يرفعوا الأمر إلى من في البلد من المسؤولين، حتى يمنعوا من هذا الشيء الذي يضر الموتى ويمتهنهم ويؤذيهم، نسأل الله للجميع الهداية.

س: أرفع إليكم مشكلتي، وهو أنني قمت بالتوسيع في بناء بيتي، وفي أثناء حفر الأساس في الجهة الرابعة للمنزل، وبعد تأسيس الجهات الأخرى وجدت قبورا، وعند ذلك ذهبت إلى من عندنا من كبار السن، وسألتهم عن ذلك المكان، هل كانوا يعرفون أن يوجد فيها قبور؟ فقالوا: لا نعرف ذلك المكان، إلا أن فيه سكنا قديما وزريبة للمواشي، وعندما علمت بذلك الخبر قمت بأخذ ما فيه من تراب وعظام، وقمت بقبرها في مقبرة، علما بأن هذا المكان الذي وجدت فيه القبور كان موضعا لوقوف السيارات، ولا يوجد فيه علامة للقبور، ويبعد عن بيتي ما يقارب اثنين كيلو

متر، فهل علي إثم في نقل القبور؟ وإذا كان علي إثم ماذا أفعل حيث إنني قد تكلفت في نقل طلبات البناء، وخسرت ما يقارب عشرين ألفا؟ أفتوني مأجورين. (¬1) ج: عليك أن تكتب إلينا، وتوضح محل القبور والمحكمة التي يتبعها محلك، حتى نكتب للمحكمة، وننظر في الأمر إن شاء الله، أو تتصل على المحكمة، والمحكمة تكتب إلينا في ذلك، حتى ينظر في الأمر على بصيرة. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (369).

حكم بناء المسجد في مكان المقبرة القديمة

118 - حكم بناء المسجد في مكان المقبرة القديمة س: أنا مواطن من تونس، أسكن في قرية من القرى، توجد بها مقبرة مهجورة استعملها أجدادنا سابقا، وهي الآن غير مستعملة لوجود مقبرة أخرى بنفس القرية، وقد اجتمع أهل البر والإحسان وتبرعوا بمشروع بناء مسجد لكنهم لم يجدوا له مكانا إلا تلك المقبرة، لكن هناك من اعترض، وقال: لا يجوز بناء المسجد في المقبرة، أرجو أن توجهونا كيف نتصرف؟ جزاكم الله خيرا، وهل لنا أن نبني المسجد مكان تلك المقبرة القديمة؟ (¬1) ج: ليس لكم ذلك، المقبرة تبقى على حالها محترمة، لا يدفن فيها أحد، ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (219).

ولا تمتهن بالوطء والمشي عليها، ولا بإلقاء القمامة عليها، وإذا تيسر تسويرها بشبك أو بناء يحميها عن الامتهان كان هذا أولى، أما المسجد فلا يبنى فيها، يبنى في غيرها ولو بشراء أرض، يشتريها أهل الحي ويبنون عليها المسجد، أما البناء في المقبرة فلا يجوز.

حكم اتخاذ شارع عبر مقبرة يدفن فيها

119 - حكم اتخاذ شارع عبر مقبرة يدفن فيها س: يوجد عندنا مقبرة عمرها حوالي مائتي سنة، وحتى الآن يدفن في هذه المقبرة من الجهة الثانية البعيدة، ولكن فيها شارعا يمر من طرفها، من وسط المقبرة أيضا فهل يجوز ذلك؟ وإذا كان لا يجوز فهل يمكن نقل العظام وبقايا القبور إلى مكان خارج المنطقة؟ (¬1) ج: الواجب منع الشارع وعدم مروره على القبور، القبور محترمة، وقبور المسلمين محترمة، فلا يحوز أن تمتهن لا بالسيارات ولا بالمشاة، بل يجب احترامها، وأن يمنع الطريق بوضع سور يمنع الطريق حتى يصرف إلى جهة أخرى غير المقبرة، أما لو دعت الضرورة إلى ذلك، ولا يمكن صرفه، وصارت الضرورة واضحة أنه يستفتى العلماء في ذلك، علماء الشرع في البلد، فإذا أفتوا بنقل الرفاة إلى مكان آخر فلا بأس، ولا يجوز للدولة ولا الإمارة أن تقدم على غير بصيرة، بل لا بد أن تستفتي ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (223).

وتنظر، لعله يوجد مساغ للطريق غير المقبرة، فإذا ضاقت الدنيا، ولم يوجد مساغ، وتحققت الضرورة واستفتي العلماء في ذلك، العالم المعروف الشرعي، المعروف بعلمه وفضله ودينه فلا بأس أن يفتح الطريق للضرورة، وتنقل الرفات من محل الطريق إلى مواضع أخرى من المقبرة، ويجعل كل رفات قبر في حفرة على حدته، ويسوى ظاهر الحفرة كظاهر القبور حتى لا تمتهن للضرورة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك عند الضرورة. س: في قريتنا مقبرة تقع على طريق الناس، فما هي نصيحتكم؟ (¬1) ج: الواجب تسويرها، حتى لا يطأها الناس، وحتى لا يمتهنوها، تسور ويجعل لها باب للحاجة، حتى لا يطأها الناس ولا يمتهنوها، وفي الإمكان الاتصال بالمحكمة حتى تقوم باللازم. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (215).

حكم رعي المواشي في المقبرة

120 - حكم رعي المواشي في المقبرة س: هل يجوز لرعاة الأغنام أن يتركوا مواشيهم ترعى بين المقابر وتدوسها؟ وهل عليهم إثم في ذلك، علما بأنها ترعى على المقابر عمدا منهم، وهم يرونها بأعينهم؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (272).

ج: ليس لهم ذلك، بل يجب كف الغنم وغيرها من المواشي عن المقابر، وإذا كان هناك علف حشيش في المقابر يحشونه ويعطونه غنمهم، هم يحشونه من دون إيذاء الأموات، يحشونه بالطريقة السليمة التي ليس فيها إهانة للموتى، ولا يطؤون على قبورهم، أما ترك المواشي في المقابر فهذا لا يجوز، لأن هذا فيه امتهان للقبور وعدم المبالاة بها.

س: توجد لدينا مقابر، ولا يوجد عليها أحواش، وتوجد بداخلها أشجار منوعة، وتدخل الدواب في المقبرة، وبعض الناس يقضون حاجتهم من خلف القبور، فما الحكم في ذلك؟ (¬1) ج: المقابر التي يساء إليها بمشي الناس فوقها أو الدواب، أو يلقى عليها بعض الزبل، أو يتخلى بينها ينبغي أن تحوش، ينبغي أن تسور، يتعاون أهل البلد في تسويرها بجدار يمنع الدواب، ويمنع الضرر من الناس من المرور عليها، وإذا عجز أهل البلد يكتبون لوزارة الشؤون البلدية والقروية، وهي إن شاء الله لا تقصر في هذا، بأن تساعد في تسوير المقابر، حتى لا تمتهن. ولا يجوز للمسلم أن يبول بين القبور، أو يتخلى بين القبور، هذا لا يجوز له، ولا يجوز أيضا المشي فوقها وإهانتها كل هذا لا يجوز، وإذا كانت هناك أشجار قد تسبب في دخول البهائم في المقبرة وإيذاء ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (22).

المقبورين فينبغي أن تقطع وتزال هذه الأشجار المؤذية التي تسبب امتهان القبور وإيذاء الموتى، فتقطع هذه الأشجار حتى لا يبقى سبب لدخول هذه البهائم التي قد تحفر القبور وتسبب امتهانها.

حكم قضاء الحاجة في المقبرة

121 - حكم قضاء الحاجة في المقبرة س: في أحد الأيام ذهبت إلى قرية الحناكية أنا وأحد أصدقائي، لقضاء بعض اللازم، ولما وصلنا الحناكية دخل صديقي على منزل أحد أقربائه، وبقيت أنا خارج المنزل لأنتظره، وأثناء ذلك ذهبت إلى أرض فضاء قريبة من المنزل المذكور لقضاء الحاجة، ولما جلست لقضاء الحاجة صاح بي أحد الأطفال بأن هذا المكان موضع مقابر، ولا يجوز قضاء الحاجة في المقابر، علما بأنه لا توجد آثار واضحة المعالم تدل على أنها مقابر، ولم أعلم عنها قبل ذلك، أفيدوني هل علي إثم في ذلك، أم لا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: القبور لا يقضى فيها الحاجة، الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها (¬2)» فلا يجلس عليها للحاجة ولا لغير الحاجة بل تحترم، المسلم يحترم حيا وميتا، فلا يجوز لأحد أن يقضي الحاجة على القبور، لا في البول ولا في الغائط، وليس له أن يطأ ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (9). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972).

القبر أو يجلس عليه، بل يجب التحرز من ذلك، لكن الذي قضى حاجته في أرض، ما علم أنها مقبرة ليس عليه إثم، ما دام ما علم ولا دري أنها مقبرة لا إثم عليه حتى يعلم أنها مقبرة.

حكم التنعل أثناء المشي بين المقابر

122 - حكم التنعل أثناء المشي بين المقابر س: ما قولكم في الأحاديث الواردة والناهية عن لبس النعلين حين دخول القبور أو المقبرة؟ (¬1) ج: جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: أنه رأى رجلا يمشي في نعليه بين القبور، فأمره بخلعها قال: «يا صاحب السبتيتين، ألقهما (¬2)» احتج العلماء بأنه يكره المجيء إلى المقبرة بالنعال إلا عند الحاجة، إذا كان في المقبرة شوك، أو الشمس حارة في وقت الشمس فلا بأس، أما من غير حاجة فيكره ذلك المشي عليها، كما يكره الجلوس على القبر، أو الوطء عليه أو توسده، كل هذا ما يجوز: لا يطأ القبر، ولا يجلس عليه، ولا يتوسده، لأن الرسول نهى عن ذلك عليه الصلاة والسلام، ولا يجصص القبر، ولا يبنى عليه قبة ولا مسجد، كله منكر، لأن الرسول ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (354). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بشير بن الخصاصية السدوسي رضي الله عنه، برقم (21446)، والسبتية: منسوب إلى السبت، وهو كل جلد مدبوغ، ويصنع منه النعال. لسان العرب: س. ب. ت.

نهى عن امتهان القبور، وعن القعود عليها، وعن البناء عليها، عليه الصلاة والسلام، وعن اتخاذها مساجد، وقال: «لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)» وما ذاك إلا لأنها من أسباب الشرك، البناء عليها واتخاذ المساجد والقباب من أسباب الشرك كما وقع في بني إسرائيل وغيرهم، وهكذا وقع الآن في المسلمين في بلاد المسلمين لما بني على القبور المساجد دعيت من دون الله، كما جرى عند قبر الحسين، والبدوي وغيرهما، فالواجب الحذر من هذا، وألا يبنى على القبور لا مساجد ولا غيرها. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (529).

حكم إزالة ما في القبور ونبشها للاستفادة من الأرض

123 - حكم إزالة ما في القبور ونبشها للاستفادة من الأرض س: هل يجوز إزالة ما في القبور وقد طال عليها الزمن، حتى يستفاد من أرضها؟ (¬1) ج: الواجب بقاء المقبرة على حالها، ولا يتعرض لها فتبقى الأموات فيها على حالهم، ولا يتعرض لها بزرع ولا غيره، لكن إن دعت الحاجة إلى أن يقبر فيها مع الأموات السابقين عند الحاجة والضرورة، وإلا فالواجب إيجاد أراض أخرى، كلما امتلأت أرض توجد أرض أخرى ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (351).

للدفن تكون مقبرة.

س: هل يجوز نبش القبور بعد مضي عام، ودفنها في مكان آخر، للاستفادة من تلك القبور، طالما أنها داخل البلد مثلا؟ (¬1) ج: إذا كان هناك حاجة ضيق ما هناك أرض فلا بأس، وإلا تبق القبور على حالها، ويقبر الجديدون في أرض أخرى، كل ميت يبقى على حاله وأن يحدث مقابر أخرى جديدة للباقين، وهكذا، إلا عند الضرورة القصوى، فلا بأس أن يجمع الاثنان والثلاثة في قبر واحد، أو ينبشون ويجعلون في محل خاص في حفرة خاصة، لكن بقاءهم على حالهم هو الواجب إلا عند الضرورة. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (354).

س: ما حكم الشرع في نظركم يا سماحة الشيخ في نقل عظام الميت من مكان إلى مكان آخر، بغرض بناء القبر من الطوب اللبن إلى الطوب الأحمر؟ (¬1) ج: لا يشرع هذا، إذا دفن الميت على الوجهة الشرعية فالحمد لله، لا حاجة إلى نبشه، ولا حاجة إلى تغيير اللبن من نوع إلى نوع، أما إذا كان دفن في محل غير مناسب على الطريق، أو محل تأتي فيه السيول، أو ما أشبه ينقل من المحل إلى المقبرة العامة، إلى محل بعيد عن الخطر، ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (373).

على العادة التي يدفن عليها الناس، يوضع في لحده ويوضع عليه اللبن، ثم يهال عليه التراب كغيره من الموتى، أما أنه ينبش من أجل تغيير اللبن أو تغيير كذا فهذا لا أصل له، بل يترك على حال دفنه ما دام قد دفن على الطريقة الشرعية.

حكم نقل الميت من قبره إلى قبر آخر

124 - حكم نقل الميت من قبره إلى قبر آخر س: توفي والدي وأنا لا أزال صغيرا، فدفن في مقبرة لعمي، وبعد مضي عدة سنوات حصل بيني وبين عمي نزاع، فقال لي: أخرج والدك من مقبرتي، وهددني بسوء إن لم أفعل، فلم أجد حلا إلا أن أجبت طلبه، ونقلت جثمان والدي إلى مقبرة تخصني، فهل علي إثم في ذلك؟ وهل المقابر ملك للأحياء يتصرفون فيها كيف شاؤوا، أم أنها ملك لساكنيها؟ أفيدونا بارك الله فيكم. (¬1) ج: نقله لهذه الحاجة لا بأس، نقل أبيك من مقبرة إلى مقبرة دفعا للشر والفتنة لا بأس عليك، ولا حرج في ذلك والحمد لله، أما المقابر فتختلف: إذا كان الذي سبلها أرادها لقوم معينين فليس لغيرهم أن يدفنوا فيها إلا بإذنه إذا كان عينها لقرابته، أو لجيرانه، أو لقبيلة معينة فليس لغيرهم الدفن فيها إلا بإذنه، أما إذا كان أرادها للمسلمين عموما: له ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (50).

ولجاره وللمسلمين، إذا كان ما أراد جماعة معينة فلا مانع أن يدفن فيها غير من أراد من قرابته، إذا كان ما أرادها لأحد معين، إنما سبلها للمسلمين فلا مانع من القبر فيها، والدفن فيها لكل أحد، وما دام هددك وشدد عليك حتى تخرج أباك فلا بأس عليك، واتقاء الفتنة مطلوب ودفع الشر، ومطلوب نقله في مثل هذه الحال، ولا حرج فيه إن شاء الله، لما في هذا من دفع الحرج، ودفع الفتنة والشر. أما الذي أمره فلا يجوز له هذا العمل، ما دام أذن في دفنه في أرضه ومقبرته ليس له بعد هذا أن يتراجع، بل هو آثم في هذا الأمر ومخطئ.

س: كنت أعمل عند رجل في مزرعة، وقيل له: إن في هذه المزرعة قبرين، فأمرني بنبشهما وإزاحة العظام إلى مكان أخر هل أكون آثما والحال ما ذكر؟ (¬1) ج: إذا كان القبران ليس حولهما مقبرة فلا بأس أن ينبشا، وينقل رفاتهما إلى المقبرة العامة في حفرتين، كل قبر في حفرة، وتسوى حتى تكون مثل القبور الأخرى، حتى لا تمتهن، لأن وجودهما في المزرعة قد يفضي إلى امتهانهما والوطء عليهما، فينبغي نقلهما في هذه الحالة، أما إذا كانا ضمن المقبرة الموجودة فالواجب على صاحب المزرعة أن يبتعد عن المزرعة كلها، ولا يحفر شيئا منها، ولا يمتهنها لأنها سابقة له، فهي ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (216).

أولى بمكانها، وعليه أن يلتمس مكانا آخر ليس فيه قبور.

حكم تحديد أربعين عاما لإزالة المقابر

125 - حكم تحديد أربعين عاما لإزالة المقابر س: سمعنا أن المقابر تزال بعد مرور أربعين عاما على آخر دفين فيها، فهل هذا صحيح؟ لأننا نرى أن العظام قد درست، لا فرق بين جثة وجثة، أفيدونا أفادكم الله. (¬1) ج: ليس لهذا أصل، ولكن ذكر جمع من العلماء أن المقبرة إذا كانت طالت بها المدة، وفنيت العظام، وصار الميت ترابا جاز أن يدفن فيه غيره، وأما ما دام له بقايا من عظام ورفات فإن الذي ينبغي، بل الواجب ألا يدفن معه غيره إلا عند الضرورة لضيق الأرض وكثرة الموتى، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، لما كثر الموتى ودفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد، أما عند السعة فالواجب أن يكون كل واحد في قبر، وألا يدفن عليه أحد حتى يبلى بالكلية، ولا يبقى له أثر، لا عظم ولا غيره. أما هذا الحديث الذي ذكرته (أربعين) فلا أصل له. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (193).

حكم نقل الميت من القبر إذا أوصى بذلك

126 - حكم نقل الميت من القبر إذا أوصى بذلك س: الأخ: ش. م. ع. يقول: أنا مواطن عربي، ولي سؤال يحيرني دائما: أنا مسافر منذ سنتين إلى بلد عربي، وقبل سفري قالت لي أمي: إذا

مت وأنت موجود في بلدنا أرجو منك أن تدفنني بعيدا عن أهلك، وشاءت الأقدار أنها توفيت وأنا في السفر، فهل يصح عند عودتي من السفر أن أنقلها إلى مكان آخر؟ (¬1) ج: لا، بل ما دامت دفنت في محل بين المسلمين فلا تنقلها، ولو كنت حاضرا لم تلزمك هذه الوصية، بل تدفنها في المحل المناسب ولو كان بخلاف وصيتها؛ لأن الوصية التي تخالف شرع الله لا يلزم تنفيذها، فلو كنت حاضرا شرع لك دفنها في المحل المناسب بين المسلمين، وإذا كنت غائبا وقد دفنت في محل بين المسلمين فلا تنقلها، أما إذا كانت دفنت في محل بين الكفار، أو في محل غير لائق في طريق الناس قد يطؤها الناس، أو في محل عليه خطر من السيل يجرفه فلا بأس أن تنقلها إلى المحل المناسب بين المسلمين من باب الإحسان، وأما قولك: شاءت الأقدار، فإن الأقدار لا تشاء، وإنما المشيئة لله رب العالمين. وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (176).

حكم فتح القبر بعد الدفن للتأكد من الميت

127 - حكم فتح القبر بعد الدفن للتأكد من الميت س: إنني لا أعرف والدي ولا والدتي، حيث توفيا في سن مبكرة، ولم يربني إلا خالتي أخت أمي إلى أن أصبحنا في سن الاعتماد على

الله، ثم على النفس، وحيث كنا ثلاثة إخوة توفي أخي الأكبر، وعندما توفي كان ذلك في الماضي حيث الجهل والخرافات، قال الناس لخالتي: إن موت أخي كان غير طبيعي، وإنه قد خطفه الجن، ودارت الشكوك على خالتي، وبعد ثلاثة أيام من العزاء ذهبنا، ففتحنا القبر وتأكدنا، وإذا بالمتوفى داخل القبر، ثم أعدناه كما كان، هل في تصرفنا هذا شيء؟ وجهونا، وإذا كان علينا من كفارة، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب على المؤمن الحذر من وسواس الشيطان، ومن طاعة دعاة الشيطان، فالمسلم متى دفن لم يفدهم أن ينظر ماذا أصابه؟ أو ماذا حل به؟ بل يدعى له بالمغفرة والرحمة، إذا كان مسلما، ولا حاجة إلى أن يفتش القبر لدعوى أنه خطفته الجن، أو لدعوى أن كذا، أو لدعوى أنه كذا، كل هذا لا ينبغي؛ لأنه قد يفتش القبر فترى أشياء تحزن من كشف القبر، قد يرى أنه يعذب، فلا ينبغي أن يراجع القبر إلا لحاجة لا بد منها، مثل لو نسي الدافنون حاجة مهمة، مثل آلة الحفر، أو ما أشبه هذا لا بأس أن ينبشوا حتى يأخذوا حاجتهم، أما لأجل وساوس الشيطان أو دعاوى الجهلة فلا، بل يدعى له بالمغفرة والرحمة، ولا يعاد نبشه لأجل ادعاء، من أجل قول فلان أنه أخذته الجن، أو بنشوف أنه معذب أو ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (364).

منعم، فكل هذا لا يصح، لا يجوز. ليس عليهم كفارة، عليهم الاستغفار والتوبة، والحمد لله، وليس عليهم من كفارة.

حكم دفن الميت مع تركيبة أسنان الذهب

128 - حكم دفن الميت مع تركيبة أسنان الذهب س: ما هو حكم الإسلام إذا كان للإنسان أسنان من الذهب عند الموت؟ هل يجب أن يدفن هذا الميت دون أن تنزع الأسنان منه، أم أن الإسلام يحكم بنزعها؟ وفقكم الله (¬1) ج: المشروع نزعها؛ لأنها مال، فلا ينبغي أن يضاع، الرسول كره إضاعة المال، وسبب إضاعة المال، فينبغي أن تنزع إن تيسر ذلك، أما إذا لم يتيسر فلا حرج، وإذا أرادوا أن ينزعوها بعد الموت بأيام فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (39).

حكم إزالة الأشجار المؤذية في المقبرة

129 - حكم إزالة الأشجار المؤذية في المقبرة س: هل يجوز قطع الأشجار المؤذية من المقابر؟ (¬1) ج: ينبغي هذا، لعلها تؤذي الزوار، فينبغي قطعها، إذا وجد شجر على المقابر، ولا سيما ذات الشوك ينبغي إزالتها، وهكذا إذا كانت قد ظن منها صاحبها ولي عند بعض العامة، أو صاحبها يدعى من دون الله، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (83).

ينبغي أن تزال حتى لا يظن في صاحب القبر خلاف الحق، فإذا كان وجود أشجار قد تسبب شرا فإنها تزال ولو كانت نابتة من جهة المطر، وكذا إذا كان فيها شوك يؤذي زوار المقابر تزال، وهكذا من غرسها بعض الناس، قد يغرس جريدة عليها، تزال، لأن الصواب أنه لا يغرس عليها جريد ولا غيره، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما غرس الجريدتين على قبرين عرفهما، وأنهما معذبان، ولم يغرس على قبور المدينة والبقيع، ولا أصحابه شيئا.

مسألة في اعتقاد فضل الميت إذا نبتت على قبره الأشجار

130 - مسألة في اعتقاد فضل الميت إذا نبتت على قبره الأشجار س: بعض العامة إذا رأى شجرة نبتت على قبر ما يصف صاحب القبر بأنه له من الصفات ما هو كذا وكذا، هل لنبات الأشجار على القبور شيء من العلاقة؟ (¬1) ج: لا أصل لهذا، وليس للنبات شيء معين، لأن النبات عند نزول الأمطار قد يكون التراب الذي على القبر ترابا مناسبا تراب حرث، فتنبت فيه الأشجار والعشب، ولا يدل على صلاح ولا فساد، بل هذا من أسباب طبيعة الأرض التي جعل الله فيها ما جعل، من أصول النبات، وجذور النبات، فإذا كانت الأرض فيها بذور نبتت بإذن الله، وإن كانت ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (83).

خالية لم ينبت عليها شيء، الحاصل أنه ينبت على قبر الطيب وعلى قبر الخبيث، ليس دليلا على أنه طيب، بل هذا من ظنون العامة، أو أهل العقائد والطرق الأخرى المنحرفة.

حكم استخدام حصى المقبرة في مصلحة الأحياء

131 - حكم استخدام حصى المقبرة في مصلحة الأحياء س: إنني حفرت بئرا، ونشرب منها نحن والجيران، وبنيته من حصى المقبرة، وعمري كان خمس عشرة سنة، هل علي في هذه الحال ذنب؟ أم كيف أعمل؟ جزاكم الله خيرا، والبئر لا زال موجودا في سوريا (¬1) ج: إذا كان الحجر معدا للمقبرة لأنهم يردمون بها اللحد فلا بأس، إذا كان معدا للمقبرة يشتري بدلا منه بدل الذي جعله للبئر، ويحطه للمقبرة إذا كان الحجر هذا مملوكا للمقبرة مسبلا للمقبرة، وأخذ منه للبئر، والبئر ما هي لمصلحة المقبرة، أما إن كان لمصلحة المقبرة، بأن يغسلوا منها الموتى، ويستفيدوا منها في تغسيل الموتى هذا من عمل مصلحة المقابر لا بأس، أما إذا كانت البئر لا تعلق لها بالموتى ولا بالمقبرة، وإنما لأبناء السبيل مثلا فهذا الحجر الذي أخذه من أحجار المقبرة يلزمه أن يبدله، يعني يشتري بدله الذي حطه في البئر، يشتري بدلا منه، ويحطه مع أحجار المقبرة لحاجة المقبرة. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (10).

حكم عودة الناس إلى بيت الميت بعد دفنه وقراءة القرآن فيه

132 - حكم عودة الناس إلى بيت الميت بعد دفنه وقراءة القرآن فيه س: الأخ / ح. ع. من أوجلة في ليبيا يسأل ويقول: بعد دفن أي ميت في بلدتنا ورجوع أهل الميت إلى المنزل يصحبهم الكثير من أهالي البلدة فيجتمع القراء في بيت المتوفى، ويقرؤون القرآن بطريقة تقسيم القرآن إلى أجزاء ويتلونه معا في ساعة واحدة، كل يقرأ جزءا أو اثنين، ثم يتناولون طعام الصدقة الذي تم إعداده، وهو عبارة عن عدة رؤوس من الأغنام تم ذبحها قبل دفن الميت، يتم هذا في اليوم الأول والثاني والثالث، فهل يصل ثواب القراءة والصدقة على هذا النحو للميت؟ مع العلم أن الذين حضروا وأكلوا من طعام الصدقة ليسوا من المحتاجين، أفتونا جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء (¬1) ج: هذا العمل لا أعلم له أصلا في الشرع، وهو من البدع التي أحدثها الناس، فليس من عادة النبي صلى الله عليه وسلم ولا من عادة أصحابه الرجوع إلى بيت المتوفى، أو غيره بعد الدفن ليجتمعوا على الطعام، وعلى قراءة القرآن، ليس هذا من سنة المسلمين فيما نعلم، أما لو كان ذلك من غير قاعدة ومن غير اتباع معين، بل صدفة بأن دعاهم بعدما رجعوا من الدفن، دعاهم بعض إخوانهم، وقدم لهم طعاما، أو قرأ أحدهم بعض ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (135).

القراءة من غير أن تكون عادة مستمرة، ولا سنة قائمة، بل عارض لعارض هذا لا يضر، رجعوا دعوا إخوانهم، تفضلوا عندي، وأطعمهم ما تيسر، أو قرأ أحدهم بعض القراءة لأنفسهم هذا لا بأس به، أما أن يتخذوا هذا عادة بعدما يرجعون إلى محل الميت أو إلى محل فلان أو فلان قاعدة؟ ليقرؤوا القرآن ويثوبوه، ويأكلوا مما أعد قبل الموت هذا لا أصل له، بل هو من البدع، فالرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬1)» متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» أخرجه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة (¬3)» وكان يقول في خطبة الجمعة عليه الصلاة والسلام: «أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬4)» رواه مسلم في الصحيح. زاد النسائي ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607) والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676)، وابن ماجه كتاب المقدمة، باب اجتناب البدع والجدل، برقم (46). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (867).

بإسناد جيد: «وكل ضلالة في النار (¬1)» فنصيحتي لإخواني هؤلاء ألا يفعلوا هذا، وإذا فرغوا من دفن الميت كل يذهب إلى أهله وإلى رحله، ويدعو لميتهم، أما قراءة القرآن للميت فليس لها أصل، وإن قال في ذلك جمع من أهل العلم، وقالوا: لا بأس، لكن ليس له أصل معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن الصحابة، وقد قال الله عز وجل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (¬2)، وقال سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (¬3) وبالنظر في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا نعلم ما يدل على ذلك، لأن الرد إليهما واجب، فليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، وليس من هدي أصحابه، ثم فيه تكليف لمن يبذل هذه الأموال سواء كان أهل الميت أو غيرهم. وشرع لم يأذن به الله، والله يقول سبحانه: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (¬4) فالواجب ترك هذه العادة والاشتغال بما ينفع من الدعاء للميت في الطريق وفي البيت، الدعاء له والترحم عليه، وإذا أحب أحد بأن يتصدق عنه من غير إلزام ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب صلاة العيدين، باب كيف الخطبة، برقم (1578). (¬2) سورة النساء الآية 59 (¬3) سورة الشورى الآية 10 (¬4) سورة الشورى الآية 21

لأحد فلا بأس، الصدقة تنفع الميت، أو يتصدق عنه أهله، الصدقة تنفع الميت بأن يعطوا الفقراء صدقة أو ملابس، أو نقودا أو طعاما كل هذا طيب، من فعله عن الميت فهو مأجور إذا كان الميت مسلما، كذلك بعث الطعام إلى أهل الميت، إذا صنع لهم جيرانهم أو أقاربهم طعاما وبعثوه إلى أهل الميت، لأنهم مشغولون بالمصيبة، فهذا مشروع لأنه ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه لما أتى خبر موت جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في الشام في مؤتة أمر أهله أن يصنعوا لهم طعاما، يصنعوا لأهله طعاما، قال: «اصنعوا لأهل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم (¬1)» فأمر ببعث الطعام إلى آل جعفر رضي الله عنه، لأن المصيبة قد شغلتهم عن صنع الطعام لأنفسهم، هذا لا بأس به، بل هو مشروع، أما أهل الميت فلا، أهل الميت لا يقدمون الطعام للناس، ولا يصنعونه للناس، ولا يكلفون بذلك، لا من مال الميت ولا من غير مال الميت، لكن لو نزل عليهم ضيف فأطعموه من طعامهم، أو أطعموا مما يناسبه، لأنه ضيف لا من أجل الميت، لا من أجل اتخاذ العادة بل من أجل الضيف فلا بأس. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610).

حكم الاحتفال والتصدق عن الميت عدة أيام بعد دفنه

133 - حكم الاحتفال والتصدق عن الميت عدة أيام بعد دفنه س: من العادات الموجودة عندنا في أرتيريا إذا مات إنسان بالغ سواء

كان رجلا أو امرأة يذبح عليه، ويحتفلون ثلاثة أيام، وكذلك يقرؤون القرآن الكريم، ويقولون: يلحق هذا صدقة، ويعتبر صدقة للميت، ويقولون: لا نعمل غير مذهبنا سواء كان صدقا أو غير صدق. فما هو توجيهكم للناس؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا لا يجوز، هذا من البدع ومن عمل الجاهلية، لا يصح كونه يذبح بعد الموت فيدعو الناس يومين أو ثلاثة أو عشرة، كل هذا لا أصل له، إنما المشروع الدعاء له، والترحم عليه، والاستغفار له، وإذا صنع جيرانه أو أقاربه طعاما وأرسلوه إلى أهل الميت لا بأس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما توفي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، لما قتل في مؤتة وجاء خبره، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أهل بيته أن يصنعوا طعاما لآل جعفر، قال: «إنه أتاهم ما يشغلهم (¬2)» فإذا صنع الجيران طعاما لهم، أو الأقارب لا بأس، أما هم فلا يصنعون الطعام ولا يقيمون الوليمة، ولا يدعون الناس، ولا يحزنون ثلاثة أيام أو سبعة، فكل هذا لا أصل له، هذا من البدع، نسأل الله السلامة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (317). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610).

حكم ذبح الذبيحة للميت قبل دفنه

134 - حكم ذبح الذبيحة للميت قبل دفنه س: الأخ: ع. ع. ر. ع. يسأل عن قراءة القرآن على الميت، هل هي

حلال؟ وهل الذبيحة التي يذبحها أهل الميت قبل طلوعه إلى الدفن يلحقه منها شيء؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا أصل للقراءة على الموتى، ولا تشرع القراءة على الموتى، ولكن يدعى لهم بالمغفرة والرحمة بعد الموت، وفي جميع الأحوال الموتى يدعى لهم بالمغفرة، إذا كانوا مسلمين يدعى لهم بالمغفرة والرحمة عند الموت وقبل الموت وبعد الموت، دائما يدعى لهم بالمغفرة والرحمة والنجاة من النار، ومضاعفة الحسنات وتكفير السيئات والعفو عن الزلات، يدعى لهم، أما قراءة القرآن على الموتى أو على القبور فهذا لا أصل له في أصح قولي العلماء، بل هو من البدع التي لا أصل لها، كذلك الذبيحة عن الميت يوم الموت، أو اليوم الرابع أو يوم الأربعين، أو يوم السابع، واعتقاد أن هذا مشروع لا أصل لهذا، أما إذا ذبح في أي وقت وتصدق على الفقراء أو تصدق بالدراهم أو بالطعام في أي وقت من غير قصد، ولا تعيين يوم معين، ولا في يوم الموت ولا في غيره، بل حسب التيسير هذا لا بأس به، الصدقة عن الموتى مطلوبة، فيها خير كثير، أما أن يكون عن قصد وأن الذبيحة يوم الموت أو في يوم الرابع، أو السابع، أو العاشر، أو على رأس السنة بأن هذا مشروع فلا، ليس لهذا أصل ولكن يتصدق متى شاء بالمال من الطعام، بالنقود بالملابس، بالذبيحة ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (176).

يذبحها ويقسمها على الفقراء، أو نحو ذلك كل هذا لا بأس به.

أقوال العلماء في قراءة القرآن على الأموات

135 - ذكر أقوال العلماء في قراءة القرآن على الأموات س: هل تصل قراءة القرآن إلى روح الأموات؟ إذا كان الجواب بنعم، فالمعروف بأن الشافعي رحمه الله ينكر هذا، وقال مالك رحمه الله: ما علمنا أحدا فعل ذلك، ومذهب أحمد أيضا، لا قراءة على القبر هذا ما قرأته في كتاب رياض الصالحين، أرجو إعطائي الجواب الشافي، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذه المسألة اختلف فيها العلماء رحمة الله عليهم، فمنهم من رأى أن القراءة للأموات تنفعهم وتلحقهم، وقاسوا ذلك على الصدقة عنهم، والدعاء لهم، وآخرون من أهل العلم كالشافعي - رحمه الله - وجماعة من أهل العلم قالوا: لا، لا تلحقهم، لأنها ليس عليها دليل، لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة أنه فعل ذلك، والعبادات ليست محل قياس، العبادات توقيفية فلا يحلق الأموات إلا ما جاء به الشرع كالصدقة عنهم، والدعاء لهم، الحج عنهم، وقضاء الدين عنهم، والعمرة عنهم، هذا هو الذي جاءت به النصوص، أما القراءة عنهم أو الصلاة عنهم فهذا لم يرد، وهذا هو الصواب، الصواب ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (163).

والأرجح من قولي العلماء أنه لا يلحق الأموات إلا ما دل عليه الشرع، فالقراءة لهم والصلاة عنهم ليس عليهما دليل، والصوم عنهم تطوعا كذلك لا يلحقهم هذا، وهو الصواب، وهذا هو المعتمد، أما الصوم عنهم إذا كان أداء واجب قضاء عنهم، دينا واجبا، صوم رمضان، مات ولم يصم بغير عذر، يعني أفطر عن مرض مثلا أو سفر ثم لم يقض تساهل ولم يقض هذا يصام عنه، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه (¬1)» كذلك الديون تقضى عنهم، هكذا الحج عنهم والعمرة وهكذا الدعاء لهم والاستغفار لهم كله يلحقهم وكله ينفعهم، أما القراءة لهم وصوم التطوع لهم فليس عليه دليل، والقول بأن ذلك لا يلحقهم هو الأرجح، وهو الأقرب والأظهر بالدليل، والله ولي التوفيق. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952) ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147).

نصيحة وتوجيه حول قراءة القرآن على الأموات

136 - نصيحة وتوجيه حول قراءة القرآن على الأموات س: أرجو من سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز أن ينبه المسلمين إلى حكم قراءة القرآن على الأموات، هل هو جائز أم لا، وما حكم الأحاديث الواردة في ذلك؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (83).

ج: القراءة على الأموات ليس لها أصل يعتمد عليه، ولا تشرع، وإنما المشروع القراءة بين الأحياء ليستفيدوا ويتدبروا كتاب الله ويتعقلوه، أما القراءة على الميت عند قبره، أو بعد وفاته قبل أن يقبر، أو القراءة في مكان بعيد حتى تهدى له فهذا لا نعلم له أصلا، قد صنف العلماء في ذلك وكتبوا في هذا كتابات كثيرة، منهم من أجاز أن يثوب له القرآن، وأن يتلى له ختمات، ومن أهل العلم من قال: هذا أمور توقيفية هذه عبادات فلا تجوز أن يفعل منها إلا ما أقره الشرع، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)» وليس هناك شيء يلزم به في هذا الباب لعدم الدليل، فينبغي أن تبقى على الأصل، وهو أنها عبادة توقيفية فلا تفعل للأموات بخلاف الصدقة عنهم، الحج، العمرة، قضاء الدين، هذه أمور تنفعهم، قد جاءت بها النصوص، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (¬2)» وقال الله سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} (¬3) بعد الصحابة: {يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ} (¬4) وقد دعا هؤلاء المتأخرون لمن سبقهم، هذا ينفعهم ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631). (¬3) سورة الحشر الآية 10 (¬4) سورة الحشر الآية 10

الدعاء وهكذا الصدقة تنفعهم، وفي الإمكان أنه بدل ما يقرأ أو يستأجر يتصدق بالمال الذي يريد أن يستأجر به على الفقراء والمحاويج بالنية عن هذا الميت، لينتفع بهذا المال، ينتفع بالصدقة، قد ثبت في الصحيح «أن رجلا قال: يا رسول الله، إن أمي افتلتت نفسها ولم توص، وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال النبي: " نعم (¬1)» فبين صلى الله عليه وسلم أن الصدقة عن الميت تنفعه، وهكذا الحج عنه، والعمرة قد جاءت الأحاديث بذلك، وهكذا قضاء دينه ونفعه، أما كونه يتلو له القرآن يثوبه له، أو يصلي له، أو يصوم تطوعا فهذا لا أصل له، الصواب أنه غير مشروع. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب موت الفجأة البغته برقم (1388) ومسلم في كتاب الزكاة، باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه برقم (1004) واللفظ لمسلم.

حكم إهداء ثواب قراءة القرآن للميت

137 - حكم إهداء ثواب قراءة القرآن للميت س: هل قراءة القرآن وجعل ثوابه للميت بدعة ولم تقره المذاهب الأربعة؟ فما هو الشيء إذا الذي ينفع الميت؟ (¬1) ج: قراءة القرآن وتثويبها للموتى فيها خلاف بين العلماء، منهم من أجازها واستحبها، وقال: إنها تصل إلى الأموات وتنفعهم وهذا هو ¬

_ (¬1) ورد هذا السؤال في الشريط رقم (204).

المعروف في مذهب أحمد والجماعة، بل حكاه بعض أهل العلم، بل هو قول جمهور العلماء، وقرره ابن القيم رحمه الله في كتاب الروح، وأطال في ذلك، وقال آخرون من أهل العلم: إن تثويب القراءة للموتى لا تلحق ولا تشرع، إن تثويب القراءة للميت لا يشرع ولا يلحق الميت، وهو المروي عن الشافعي رحمه الله والجماعة من السلف، وهذا أصح لعدم الدليل، لأن العبادات توقيفية، والتثويب للموتى نوع من العبادة، فلا ينبغي أن يفعل إلا بدليل، ولا نعلم دليلا واضحا في شرعية أن يصلي الإنسان عن غيره أو يقرأ عن غيره، فالأرجح والأولى عدم التثويب للموتى وغيرهم، ولكن يدعو لهم ويستغفر لهم، ويترحم عليهم، ويتصدق عنهم لا بأس، ولكن لا نقول: بدعة ولا نقول: محرم نقول: هذا هو الأولى والأحوط، لأن القول الثاني له حظه من القوة، والذين قالوا بجوازه قاسوه على الدعاء وقاسوه على الصدقة، قالوا: كما يجوز أن ندعو له ونتصدق عنه فلا مانع من أن نقرأ ونثوب له القراءة، أو نصلي ونثوب له الصلاة، أو نطوف ونثوب له الطواف، فالقول له حظ من القوة في قياس العبادات بعضها على بعض، ولكن القاعدة الشرعية أن العبادات لا قياس فيها، وأنها توقيفية فلهذا قلنا: إن القول بعدم التثويب أولى وأرجح وأحوط للمؤمن، ولكن لا نقول: إنه بدعة، ولا نقول: إنه محرم بل مسألة خلاف بين أهل العلم مشهورة.

س: هل قراءة القرآن سرا وإهداء الثواب إلى الميت يصل أم لا؟ وما الدليل على الجواز أو عدم الجواز؟ ج: إهداء القرآن سرا أو جهرا لا دليل عليه، والعبادات توقيفية فالدليل على من أجاز وإلا فالأصل المنع، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)» يعني: مردود. ويقول عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)» ولم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة أنهم كانوا يهدون القرآن لأحد بأن يقرؤوا ويهدوا القراءة، الذي سيقرأ ليستفيد من قراءته كلام الله عز وجل لا لثوابه للناس، لكن يدعو لمن أحب، يدعو لأبيه، لأبويه، لأقاربه، يدعو لهم بالمغفرة وبالرحمة لا بأس، الدعاء طيب، الصدقة بالمال لا بأس الحج عن الميت منهم أو العاجز الذي لا يرجى برؤه، المريض أو الهرم يحج عنه أو يعتمر، كل هذا لا بأس به، أما أنه يهدي القرآن، يقرأ القرآن يهديه للميت أو لي هذا لا دليل عليه، فالأصل المنع. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

حكم الاجتماع لقراءة القرآن وإهداء ثوابه للأموات مرة في كل عام

138 - حكم الاجتماع لقراءة القرآن وإهداء ثوابه للأموات مرة في كل عام س: من العادات التي عندهم يجتمع حوالي خمسة أشخاص ويتلون

المصحف الشريف، ويهبون للمتوفى الثواب مرة كل عام، هل هذا العمل صحيح؟ (¬1) ج: ليس بمشروع بل هو بدعة، وقد اختلف العلماء رحمة الله عليهم هل يصل ثواب القراءة إلى الميت على قولين: أرجحهما أن ذلك لا يصل لعدم الدليل، والعبادات توقيفية ليست بالرأي والاستحسان ولا بالقياس، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» فالأرجح أنه لا تشرع الصلاة عن الميت، ولا الطواف عن الميت، ولا القراءة عنه، بل تدعو له في صلاتك، في طوافك، في قراءتك تدعو لأبيك وأمك، لأمواتك، هذا طيب إذا كانوا مسلمين، أما الصدقة عن والديك فهذا أمر مشروع ينفعهما، وينفع غيرهما أيضا من أقاربك والمسلمين جمعيا، هكذا الدعاء لوالديك ولغيرهم نافع ومفيد، كما قال الله سبحانه عن الصالحين إنهم يقولون في دعواتهم: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ} (¬3) هذا من دعوات الأخيار لسلفهم الصالح ومن ذلك أيضا الحج عن الميت والعاجز، والعمرة كذلك فإنها تنفع الميت، ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (134). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬3) سورة الحشر الآية 10

وهكذا العاجز وكبير السن، العاجز عن العمرة، والحج إذا حج عنه ولده أو غيره نفعه ذلك، لما جاء في الأحاديث الصحيحة الدالة على ذلك، ومما يلتحق بهذا الإشارة إلى ما يفعله بعض الناس من العمرة عن أمواتهم وهم في مكة، أو عن نفسه وهو مقيم في مكة كالذي جاء للحج، أو من أهل مكة ويأخذ عمرة من الحل، قد ذهب بعض أهل العلم إلى عدم شرعية ذلك، وقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك حينما كان بمكة بعد الفتح، وذهب الجمهور إلى أنه لا بأس بذلك، وأنه مشروع واحتجوا على هذا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعمر عائشة رضي الله عنها وكانت في مكة يوم حجة الوداع أعمرها من التنعيم، وأمر عبد الرحمن أخاها أن يخرج معها، فأدت عمرة من التنعيم، وهي في ذلك الوقت في مكة، فدل ذلك أنه لا حرج في الخروج من مكة إلى الحل لأداء العمرة فكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك لا يدل على عدم شرعية ذلك، لأنه قد يدع الشيء لأسباب كثيرة عليه الصلاة والسلام ومنها أنه يدعه لئلا يشق على أمته عليه الصلاة والسلام، كما كان عليه الصلاة والسلام لا يواظب على صلاة الضحى مع أنه أوصى بذلك أبا هريرة وأبا الدرداء وأوصاهما بصلاة الضحى دائما، فصلاة الضحى دائما سنة مؤكدة، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أوصى بها، وإن كان لا يداوم عليها، كما أخبرت بذلك عائشة - رضي الله عنها - عنه

عليه الصلاة والسلام فالمقصود أنه قد يدع الشيء وهو مستحب لئلا يشق على أمته، أو لأسباب أخرى عليه الصلاة والسلام وقد أخبر عليه الصلاة والسلام: «إن أحب الصيام إلى الله صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما (¬1)» ومع هذا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل هذا، فالقول غير الفعل، والتشريع القولي مقدم على التشريع الفعلي، وقد أمر عائشة بالقول عليه الصلاة والسلام أن تخرج للحل فتعتمر، فدل ذلك على أنه لا حرج ولا بأس في حق من خرج من مكة لأخذ عمرة عن نفسه أو عن أمواته، أو عن العاجزين من قراباته أو غيرهم، كل ذلك لا بأس به، وحديث عائشة حجة قائمة، وهو متفق على صحته نسأل الله التوفيق. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود وأحب الصيام إلى الله برقم (3420) ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به، برقم (1159) واللفظ للبخاري.

حكم جمع القراء في بيت الميت لقراءة القرآن بعد دفنه

139 - حكم جمع القراء في بيت الميت لقراءة القرآن بعد دفنه س: الأخ غ. م. من الجزائر يسأل ويقول: ما حكم أولئك الذين يجمعون المقرئين في بيت الميت بعد دفنه ويقرؤون ما يتيسر من القرآن ثم يأكلون ويشربون، وقد يأخذون مبلغا ماليا على تلك القراءة؟ وجهونا سماحة الشيخ؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (384).

ج: هذا الاجتماع لا أصل له في الشرع بل هو بدعة، إنما السنة أن يزار أهل الميت للتعزية والدعاء لميتهم جبرا لمصابهم، وأما أن يجمعوهم ليقرؤوا ويطعمونهم فهذا بدعة، يقول جرير رضي الله عنه - جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد الدفن من النياحة (¬1)» أخرجه الإمام أحمد بإسناد حسن، المقصود أن كونهم يجمعونهم ليقرؤوا ويأكلوا هذا لا أصل له، بل هي من البدع، أما لو زارهم إنسان يسلم عليهم، ويدعو لهم ويعزيهم، وقرأ في المجلس قراءة عارضة ليست مقصودة، لأنهم مجتمعون فقرأ آية أو آيات لفائدة الجميع ونصيحة الجميع فلا بأس، أما أن أهل الميت يجمعون الناس أو يجمعون جماعة معنية ليقرؤوا أو يطعموهم أو يعطوهم فلوسا فهذا بدعة لا أصل له. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده: من حديث عبد الله بن عمرو برقم (6866).

حكم قراءة القرآن على المحتضر

140 - حكم قراءة القرآن على المحتضر س: يقول هذا السائل: ما هو حكم قراءة القرآن على الميت؟ مأجورين ج: القرآن لا يقرأ على الموتى، يقرأ على المحتضر قبل أن يموت، إذا قرئ عنده يس، أو قرئ عنده شيء من القرآن حتى يؤنسه وحتى يذكره بالله كله طيب أما الموتى فلا يقرأ عليهم: إذا مات انقطع عمله إلا من

ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له.

حكم من يهدي ثواب ختمة القرآن لأقاربه المتوفين

141 - حكم من يهدي ثواب ختمة القرآن لأقاربه المتوفين س: السائل م. ي. من اليمن يقول: سماحة الشيخ بأنه يختم القرآن ختمات متعددة ويريد أن يتصدق بها على أقاربه المتوفين، هل يجوز له ذلك؟ وهل يكتب له الأجر؟ وماذا يقول عند الإهداء؟ ج: ليس لهذا أصل، يقرأ لنفسه، يدعو لهم، أما إهداء ختمات وبعض السور ما له أصل في أصح قولي العلماء فلا يجوز إهداء القراءة ولا إهداء الصلاة، ولكن يقرأ لنفسه ويصلي لنفسه، ويدعو لوالديه ولأقاربه ولأحبابه الدعاء كاف أما هدية القرآن أو الصلاة فهو غير مشروع.

حكم قراءة القرآن والصلاة عند القبور

142 - حكم قراءة القرآن والصلاة عند القبور س: استمعت في برنامج نور على الدرب عن القراءة والصلاة والدعاء عند القبور، حيث أفتى سماحة الشيخ ابن باز بأن قراءة القرآن عند القبور لا تجوز، وطالب الشيخ بالدليل لمن يقول بجواز قراءة القرآن عندا لقبور، وقد اطلعت على كتاب الروح لابن قيم الجوزية حيث وجدت الحديث التالي: قال الخلال: وأخبرني الحسن بن أحمد الوراق، حدثني علي بن موسي الحداد - وكان صدوقا - قال: كنت مع أحمد بن حنبل، ومحمد بن قدامة الجوهري في

جنازة فلما دفن الميت جلس رجل ضريرا يقرأ عند القبر فقال له أحمد: يا هذا إن القراءة عند القبر بدعة، فلما خرجنا من المقابر قال محمد بن قدامة لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله، ما تقول في مبشر الحلبي؟ قال: ثقة. قال كتبت عنه شيئا؟ قال: نعم. فأخبرني مبشر عند عبد الرحمن بن العلاء بن الجلاح عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها وقال: سمعت ابن عمر يوصي بذلك. فقال له أحمد: ارجع وقل للرجل، يقرأ. انتهى. وقال الحسن الزعفراني: سألت الشافعي عن القراءة عند القبر فقال: لا بأس بها، انتهى، وقد نقلت هذين النصين حرفيا من كتاب الروح لابن القيم، وهناك أقوال كثيرة في هذا الكتاب تجيز القراءة والصلاة عند القبر، أرجو من سماحة الشيخ توضيح هذه المسألة مأجورين بإذن الله تعالى، وفقكم الله وجزاكم الله خيرا (¬1) ج: لقد اطلعت على ما ذكره السائل، وما نقله عن كتاب الروح، قد اطلعت عليه في كتاب الروح، ولكن ينبغي أن يعلم السائل أن الأدلة الشرعية منحصرة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفي إجماع أهل العلم، أما ما يتعلق بأقوال أفراد الصحابة فهي تعرض على ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (118).

الكتاب والسنة والعبادات توقيفية لا يجوز منها إلا ما أجازه الشرع، ولم يثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ولا عن خلفائه الراشدين أنهم كانوا يقرؤون عند القبور، ولا يصلون عند القبور، أما ما فعله ابن عمر فهذا اجتهاد منه رضي الله عنه، وهكذا من فعله بعده من بعض السلف من باب الاجتهاد والاجتهاد يخطئ ويصيب، والواجب هو عرض ما تنازع فيه الناس على كتاب الله وعلى سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وعلى ما أجمع عليه أهل العلم، ومعلوم أن القراءة محلها البيوت والمساجد، وليس محلها المقابر، المقابر إنما تزار ويدعى لأهلها، وهكذا الصلاة ليس محلها المقابر، وإنما محلها المساجد والبيوت، فكما أنه لا يصلى عند القبور كذلك لا تتخذ محلا للقراءة، لا عند الدفن، ولا بعد الدفن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (¬1)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا (¬2)» فدل ذلك على أن القبور ليست محلا للصلاة، فقال: «لا تتخذوها قبورا (¬3)» يعني بترك الصلاة فيها، بل صلوا في بيوتكم، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها (¬4)» وكلها أحاديث ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، برقم (529). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب كراهية الصلاة في المقابر، برقم (432)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (777). (¬3) صحيح البخاري الجمعة (1187)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (777)، سنن الترمذي الصلاة (451)، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1598)، سنن أبي داود الصلاة (1043، 1448)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1377)، مسند أحمد (2/ 6). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه، برقم (972).

صحيحة ثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة (¬1)» المقصود أن المساجد والبيوت هي محل الصلاة، وهي محل القراءة، وليست المقابر محل صلاة ولا محل قراءة، وإنما تزار للدعاء لأهلها، ولتذكر الآخرة والزهد في الدنيا، وتذكر الموت، وكان عليه الصلاة والسلام إذا زار القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون أسأل الله لنا ولكم العافية (¬2)» ولم يعلمهم أن يقرؤوا عندها القرآن وقالت عائشة رضي الله عنها: كان عليه الصلاة والسلام إذا زار القبور يقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (¬3)» فلم يكن عليه الصلاة والسلام يقرأ عند القبور، ولم يكن يصلي عند القبور عليه الصلاة والسلام، والخير كله في اتباعه والسير على مناهجه عليه الصلاة والسلام، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته برقم (780). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974).

ولهذا قال جل وعلا في كتابه العظيم: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (¬1) ولم يكن خلفاؤه الراشدون يفعلون ذلك، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ (¬2)» وابن عمر له اجتهادات خالف فيها السنة فمن ذلك أنه كان يغسل داخل عينيه، وهذا خلاف السنة، وهذا من اجتهاده رضي الله عنه، ومن ذلك أنه كان إذا حج واعتمر يأخذ من لحيته ما زاد على القبضة، وهذا خلاف السنة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى (¬3)» خرجه البخاري في صحيحه، وقال عليه الصلاة والسلام: «قصوا الشوارب وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين (¬4)» متفق على صحته، وكان يأخذ ماء لأذنيه، والسنة أن تمسح الأذنان بماء الرأس، فالحاصل أنه له اجتهادات رضي الله عنه لا يوافق عليها من جهة السنة، فهكذا ما يروى عنه من ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب الآية 21 (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب لزوم السنة، برقم (4607) والترمذي في كتاب العلم عن رسول الله، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع برقم (2676) وابن ماجه في كتاب المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين برقم (42) واللفظ لأبي داود. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب تقليم الأظافر برقم (5892) ومسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة برقم (259) واللفظ لمسلم. (¬4) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب تقليم الأظافر برقم (5892) ومسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة برقم (259) واللفظ لمسلم.

القراءة عند القبر عند وقت الدفن، هذا شيء اجتهد فيه رضي الله عنه، والسنة بخلافه، والإمام أحمد لما بلغه ذلك كان باجتهاده رضي الله عنه ورحمه، رأى أن يوافق ابن عمر، وأن يقر الكفيف على قراءته بعد ما قال له: إنها بدعة. فقوله الأول هو الصواب وهو الذي يوافق الأدلة الصحيحة الكثيرة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولأن القراءة عندها والصلاة عندها وسيلة لعبادتها من دون الله، فالناس قد يظنون أن القراءة عندها لها مزية، ولها ثواب زائد، وهكذا الصلاة عندها، فيجرهم هذا إلى اتخاذها مساجد وإلى دعاء أهلها، وإلى الاستغاثة بأهلها والتوسل بأهلها، فيقع الشرك، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

س: سماحة الشيخ - وفقكم الله - تضعون مدرسة ينبغي أن ينهل منها طلاب العلم، ذلكم أنكم كثيرا ما تقدرون لابن تيمية ولابن القيم وبالذات اجتهاداتهم، وأنتم هنا تدعون إلى الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله عند ما يكون الخلاف بين العلماء، أطمع في كلمة في هذه المناسبة لو تكرمتم (¬1) ج: نعم، شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وابن القيم والإمام الشافعي والإمام مالك والإمام أبو حنيفة والإمام أحمد رحمة الله على الجميع، والإمام الثوري والإمام إسحاق بن راهوية، والإمام الأوزاعي وغيرهم ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (118).

من الأئمة كلهم لهم المنزلة العظيمة عندنا، وعند غيرنا من أهل العلم، يعرفون لهم فضلهم وجهادهم وعلمهم، لا شك في هذا، ولكن لا يلزم من قولنا - نعظمهم ونعرف لهم أقدارهم - أن نوافق على ما قد يقع من خطأ من بعضهم، لأن كل إمام يقع له بعض الأخطاء وبعض الأغلاط، وكل إمام يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإن قوله هو الحق كما قال مالك رحمه الله: ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر، يعني الرسول عليه الصلاة والسلام، وقال الإمام الشافعي رحمه الله: أجمع الناس على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لأحد من الناس، حكاه إجماعا لأهل العلم، وهذا صحيح، فإن الواجب على الأمة كلها تقديم ما قاله الله ورسوله في مسائل النزاع وفي مسائل الإجماع، فكما أن مسائل الإجماع يجب أن تحترم وأن يؤخذ بها، وألا يلتفت إلى من خالفها فهكذا من باب أولى الكتاب والسنة يجب تعظيمهما والأخذ بهما، وترك ما خالفهما من أقوال الناس.

رد بعض الشبه حول جواز إهداء القرآن للميت

143 - رد بعض الشبه حول جواز إهداء القرآن للميت س: في رد لسماحتكم مجيبين عن السؤال الآتي: هل تجوز تلاوة القرآن على المتوفى أو إهداء ثوابه له؟ علمت من ردكم أن هناك خلافا بين العلماء في هذا الأمر، وكما قلتم: إنه ليس هناك دليل من الشارع

على هذه المسألة أرجو من فضيلة مولانا المزيد من الإيضاح في تعليقه على هذه الملاحظات، إذا جاز لنا أن نحج عن المتوفى وأن نتصدق له ألا يعني هذا أن من يحج عن المتوفى عليه أن يؤدي مناسك الحج جميعها المفروض منها والمسنون؟ فإذا قام مثلا بصلاة ركعتين عند المقام والسنة ألا يهدي ثواب هذه الصلاة للمتوفى، وبالتالي ألا يكون ما قرأه من القرآن في صلاته كان مهداة للمتوفى كسائر أعمال الحج، فضيلة مولانا الشيخ، الدعاء للمتوفى جائز، أليس الدعاء مخ العبادة، وإذا كان القرآن رحمة وشفاء للمؤمنين، ألا يكون المتوفى أحوج لهذه الرحمة، وأن القرآن يحتوي على الكثير من آيات الدعاء، والخلاصة إذا كانت تلاوة القرآن لا تجوز على المتوفى هذا يعني ألا نتلو الآيات الشاملة على الترحم له؟ أرجو إلقاء المزيد من الضوء على هذا الدرب، وجزاكم الله عن الأحياء والأموات خيرا (¬1) ج: إني أشكر للسائل عنايته واهتمامه بهذه الأمور الشرعية العظيمة، وأسأل الله له ولنا المزيد من كل خير، أيها الأخ السائل: إن أمور العبادات ليست محل قياس، والعبادات توقيفية كما قال أهل العلم، لا يقال فيها بالرأي المجرد، والقياس من عبادة على عبادة ولكن يتلقى أمر ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (113).

العبادة عن الشارع عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام، ولا نقيس شيئا على شيء بدون حجة، فالرسول صلى الله عليه وسلم أقر الحج عن الميت، وأذن فيه، وعن العاجز أيضا كالشيخ الكبير العاجز يحج عنه، والصلاة التي يصليها الطائف تبعا للطواف يكون ثوابها وثواب الطواف للميت من غير حاجة إلى أن يهدي الصلاة أو يهدي القراءة، لأنه صلى تبعا للطواف، وهذه الصلاة جازت تبعا لا استقلالا، ولا يشرع لأحد أن يصلي عن ميت أو يصوم عنه تنفلا، لأن هذا لم يرد في الشرع والعبادات مثل ما تقدم توقيفية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)» ويقول الله عز وجل في ذلك ما هو أعم من هذا: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (¬2) ويقول عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا -يعني في ديننا وشرعنا - ما ليس منه فهو رد (¬3)» يعني: فهو مردود. فالواجب على أهل الإسلام الاتباع لما جاء به نبيهم عليه الصلاة والسلام، وليس لهم أن يبتدعوا فالحج بأعماله الواجبة والمشروعة جاءت من الشارع، فإذا حج عن الميت أو عن العاجز، وصار الآجر للمحجوج عنه عن النفل ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬2) سورة الشورى الآية 21 (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

والفرض جميعا حسب ما جاء عن الشارع، ولا نقيس على هذا فنقول: كما جازت الصلاة تبع الطواف للميت المحجوج عنه لنا أن نصلي عن الموتى ونصوم عنهم، لا، هذا قياس غير مناسب، فالحج عبادة مستقلة، فلا يقاس عليها أن نصوم عنه نافلة أو نصلي عنه نافلة، بل علينا أن نتبع ونقف عند الشرع، وهكذا التلاوة التي يقرؤها الإنسان في الصلاة عن الميت، والتلاوة في ركعتي الطواف، والتلاوة في الطواف، كل هذه تبع فلا يقاس عليها، التلاوة المستقلة، كونه يقرأ على الميت ويجعل الثواب للميت، أو يقرأ على القبر أو يقرأ خارج ذلك في أي مكان وينوي للميت هذا يحتاج إلى دليل، وإن كان جملة من أهل العلم ذهبوا إلى جواز ذلك وأنه لا بأس به، وقاسوه على الحج، والدعاء والصدقة، لكن مثل ما تقدم القاعدة الشرعية عدم القياس، وأن علينا أن نتبع ولا نخترع، ولا نبتدع في ديننا ما لم يأذن به الله، وإذا فتح هذا الباب دخل الناس في البدع، ولم يقفوا عند حد، فلهذا قلت سابقا وأقول الآن: إن الأرجح عدم تثويب التلاوة للميت، وعدم الصلاة عنه، وعدم الصوم عنه إلا إذا كان عليه دين صوم واجب كرمضان أو من كفارة أو نذر فلا مانع من الصوم عنه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه (¬1)» وسئل غير مرة عمن مات وهو عليه صيام، فأفتى المستفتي ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952) ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147).

أن يصوم عن ميته، هكذا نقول مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وهو عليه صيام يصام عنه (¬1)»، هذا مشروع بأمر النبي عليه الصلاة والسلام حتى رمضان على الصحيح، إذا مات وهو عليه صيام ولم يقضه من دون عذر شرع لأوليائه أن يصوموا عنه كما يصومون عنه الكفارات والنذور، وبعض أهل العلم خص ذلك بالنذر، والصواب أنه لا يخص النذر بل يعم، لما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه (¬2)» هكذا قال عليه الصلاة والسلام: من مات - هذا عموم - وعليه صيام صام عنه وليه، فيعم من مات وعليه صوم رمضان أو صوم كفارة أو صوم نذر، ومن زعم تخصيص ذلك بالنذر فلا دليل عليه، وليس معه حجة يحسن الاعتماد عليها، ولم يقل عليه الصلاة والسلام من مات وعليه صلاة صلى عنه وليه، ولم يقل: من مات فليقرأ عنه وليه. لكن الدعاء نعم شرع لنا أن ندعو للأموات ونصلي وندعو لهم، والله يقول سبحانه وتعالى في كتابه العظيم مثنيا على عباده الصالحين بقوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} (¬3) فالدعاء أمر مطلوب للميت والحي جميعا، ولهذا شرع الله صلاة الجنازة لما فيها من ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952) ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952) ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147). (¬3) سورة الحشر الآية 10

الدعاء للميت، فأرجو يا أخي ألا يشتبه عليك الأمر، وأن تطمئن إلى أن السنة أن تلزم ما جاءت به الشريعة، وألا تحيد عنه، وألا تزيد عليه في العبادات لأنها توقيفية، والله ولي التوفيق. كذلك ينبغي ألا يستعمل كلمة مولانا، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «ولا يقل العبد لسيده مولاي فإن مولاكم الله (¬1)» هكذا روى مسلم في الصحيح، فينبغي للمؤمن تركها، وقد أجازها بعض أهل العلم واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم في حق العبد: «وليقل سيدي ومولاي (¬2)» قالوا: هذا يدل على جوازها كما جازت في حق العبد يعني يقولها لسيده، فالأولى في هذا ألا نقيس على العبد، بل هذا خاص بالعبد يقوله لسيده، أما غيره فينبغي له أن يتأدب بالأدب الشرعي، فيقول: يا فلان، يا أخي، يا أبا فلان، يا شيخ فلان، ويكفي هذا، ليحتاط لدينه ويبتعد عن الشيء الذي فيه شبهة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الألفاظ في الأدب وغيرها، باب حكم إطلاق لفظة العبد والأمة والمولى والسيد، برقم (2249). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب العتق، باب كراهية التطاول على الرقيق، برقم (2552) ومسلم في كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها، باب حكم إطلاق لفظة العبد والأمة والمولى والسيد، برقم (2249).

وصول ثواب قراءة القرآن إلى الميت

144 - مسألة في وصول ثواب قراءة القرآن إلى الميت س: الذين يقرؤون القرآن للميت يعتبرونه صدقة له، هل ثواب قراءة القرآن يصل للميت أم لا؟ (¬1) ج: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، فمن أهل العلم، من يقول: إن قراءة القرآن تصل إلى الميت إذا قرأ وثوب للميت تصل إليه كما تصل إليه الصدقة والدعاء، والحج عنه والعمرة، وأداء الدين، ينتفع بهذا كله، فقالوا: إن هذا مثل هذا، إن قراءة القرآن أو كونه يصلي له يلحقه كما تلحقه الصدقة وتنفعه الصدقة والحج عنه والعمرة والدعاء، وقال آخرون: لا لعدم الدليل، لأن العبادات توقيفية، لا يفعل منها شيء إلا بالدليل لا مجال للرأي فيها فالعبادات توقيفية، المعنى أنها تتلقى عن الله وعن رسوله لا بالرأي والهوى والقياسات، لا، العبادات توقيفية، قال الله، قال رسوله، ما شرعه الله في كتابه أو رسوله صلى الله عليه وسلم بالسنة فهذا هو الذي يؤخذ به ويعمل به، وما لا فلا، وهذا هو الصواب أن القراءة لا تهدى، لا يشرع أن تهدى، وهكذا الصلاة لا يصلي أحد عن أحد لعدم الدليل، ما كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعل هذا عن أقاربه، وما فعله الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم عن أقاربهم، فالمشروع لنا أن نتبع طريقهم وسبيلهم، فلا نقرأ عن الميت، ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (198).

ولا لغير الميت، يعني لا نثوب القراءة له ولا نصلي له، ولا نصوم له، لأنه لم يرد إلا إذا كان عليه دين صوم رمضان ولم يقضه يصام عنه، كما قال عليه الصلاة والسلام: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه (¬1)» لكن لا يقاس عليه الصلاة، ولا تقاس عليه القراءة والعبادات ليست محل قياس، القياس في أمور أخرى غير العبادات، فالمؤمن حق عليه أن يلتزم بما شرعه الله، يؤدي العبادة كما شرعها الله، ولا يحدث شيئا لم يشرعه الله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» رواه مسلم في الصحيح. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬3)» متفق عليه. وقوله صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة: «إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة (¬4)» رواه مسلم أيضا، فالمؤمن يتبع ولا يبتدع فيقرأ لنفسه، ويصلي لنفسه، يرجو ثواب الله، أما أنه يهدي صلاته وقراءته إلى حي أو ميت فهذا ليس بمشروع على الصواب فينبغي تركه، وإن قال آخرون من أهل العلم: إنه يفعل فالاعتبار بالأدلة الشرعية لا بأقوال الناس، يقول ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952) ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (867).

الله عز وجل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (¬1) ويقول سبحانه وتعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (¬2) فهذه المسألة إذا أردناها إلى الله ورسوله لم نجد في الكتاب العزيز ولا في السنة المطهرة ما يدل على أننا نصلي عن فلان، أو نقرأ عن فلان ونهدي له ثواب قراءتنا وصلاتنا ولا صومنا، لكن جاء في السنة الصدقة عن الميت نافعة، والدعاء له بالمغفرة والرحمة نافع بإجماع المسلمين، هكذا الحج عنه والعمرة عنه إذا كان ميتا، أو عاجزا لا يستطيع الحج لهرمه، أو لمرض لا يرجى برؤه، لا بأس أن يحج عنه ويعتمر هكذا إذا كان عليه دين قضاه أخوه المسلم ينفعه، أما أن يصام عنه تطوعا أو يصلى عنه أو يقرأ عنه فهذا ليس عليه دليل، فلا ينبغي أن يفعل، ولا يشرع عملا بالأدلة الشرعية، ووقوفا عندها، والله ولي التوفيق. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 59 (¬2) سورة الشورى الآية 10

س: هل تجوز قراءة القرآن عند قبر الميت، وما هو الوارد شرعا؟ (¬1) ج: قراءة القرآن عند القبور لا أصل لها بل هي من البدع، لم يشرع الله لنا القراءة عند القبور، ولا الصلاة عند القبور قال عليه الصلاة والسلام: ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (195).

: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة (¬1)» فدل على أن القبور ما هي محل صلاة، ولا محل قراءة، القبور تزار للذكرى والعظة والدعاء للأموات بالمغفرة والرحمة، فالرسول قال: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬2)» وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية (¬3)» وفي حديث عائشة: «يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر (¬4)» فالزيادة للعظة والذكرى، والإحسان للموتى بالدعاء لهم والترحم عليهم، والاستغفار لهم، أما القراءة عند قبورهم فما تفيدهم، انقطعت أعمالهم، يفيد الدعاء لهم والصدقة عنهم، والحج عنه والعمرة عنهم، وقضاء ديونهم هذا الذي ينفعهم، أما القراءة عند قبورهم فلا تشرع بل هي بدعة، حتى القراءة لهم وتثويبها لهم ليس عليه دليل، الصواب أنه لا يشرع، بعض الناس قد يقرأ ويجعل ثواب القراءة لأبيه أو أمه الميت، هذا لا دليل عليه، تركه أولى، وهكذا الصلاة عنهم، لا يصلى عنهم، ما ورد هذا في الشرع، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته .... برقم (780). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬4) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم (1053).

إنما يدعى لهم ويترحم عليهم، ويتصدق عنهم، ويحج عنهم ويعتمر لا بأس فقد أجمع المسلمون على أن الصدقة تنفع الميت والدعاء كذلك، أما كونه يقرأ في المقبرة أو يصلي في المقبرة فهذه من البدع.

س: يقول السائل: عند زيارتي للقبور أجد بعض الأشخاص يقرؤون القرآن عند قبور موتاهم، فهل تجوز قراءة القرآن عند القبر أم لا؟ (¬1) ج: لا تجوز القراءة عند القبر ولا دليل عليها، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة (¬2)» فدل على أن القبور لا تتخذ مصلى ولا مسجدا ولا محل قراءة، وإنما يسلم عليهم المؤمن يقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين اللهم اغفر لهم وارحمهم هكذا يسلم عليه، أو يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين، والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين يدعو لهم بالمغفرة والرحمة، هذا هو المشروع أما أن يأتي بالقراءة عند القبور أو يجلس عندها للصلاة أو يتخذها للدعاء ويرى أن الدعاء عندها أفضل من غيرها ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (209). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته .... برقم (780).

وأقرب للإجابة فهذا غلط، إنما يدعو لهم فقط وينصرف.

س: هل تجوز قراءة القرآن على الميت في المقبرة؟ (¬1) ج: تقدم أنه لا يقرأ على الميت، لا يقرأ في القبور ولا على الموتى، ما فعل ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ولكن إذا زارهم يسلم عليهم، يقول: «السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر (¬2)» وإن شاء قال: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (¬3)» «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬4)» هكذا كان النبي يفعله ويعلم أصحابه عليه الصلاة والسلام أما أنه يقرأ على القبور أو يقرأ عند القبور أو يصلي عند القبور فكل هذا بدعة، أو يطوف عند القبور كل هذا بدعة، وأعظم من ذلك الذي يدعوهم، أو يستغيث بهم، كونه يدعو الميت، أو يستغيث به، أو ينذر له أو يذبح له كل هذا بدعة من من الشرك الأكبر، فإذا قال: يا فلان، يا سيدي فلان، أو: يا ولي الله فلان، انصرني أو: اشف مريضي، أو: المدد المدد، أو ما أشبه ذلك مما ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (220). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم (1053). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974).

يفعله عباد القبور، هذا من الشرك الأكبر، نسأل الله العافية، فيجب الحذر من هذه الأمور.

س: سمعت بأن الإنسان لا يصله ثواب قراءة القرآن إلا إذا كان من ابنه أو ابنته وهل هذا يعني بأننا قرأنا القرآن أو آية منه ووهبت ثواب ذلك إلى إنسان ميت أو حي لا يصل هذا الثواب؟ وهل يؤجر على ذلك؟ (¬1) ج: الصواب أن القراءة لا تصل إلى الأموات. ذكر أبو العباس، ابن تيمية شيخ الإسلام رحمه الله أن هذا لا يجوز بلا نزاع أخذ الأجرة على مجرد القراءة، وأنها لا تصل إلى الموتى لأنه ما قرأها لله، إنما قرأ للأجرة، وهكذا لو قرأ بدون أجرة لا تصل لعدم الدليل، فلا يصل إلى الموتى إلا ما جاء به الدليل. لأن هذه العبادات توقيفية ليس للرأي فيها مجال، وقد جاءت النصوص دالة على أن الصدقة تنفع الميت، وهكذا الدعاء، وهكذا الحج عنه والعمرة وقضاء دينه، أما كونه يقرأ إنسان له أو يصلي له فهذا ما عليه دليل، والأصل أنه لا ينتفع بذلك إلا بدليل وهذا هو الأرجح أنه لا يشرع لأحد أن يقرأ لأحد من الموتى، أو يصلي له أو يصوم له إلا إذا مات وعليه دين الصوم، فإنه ينفعه قضاء الدين، لقوله ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (369).

صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه (¬1)» إذا مات وعليه صوم من رمضان ما قضاه أو كفارة، وقضاه عنه غيره ينفعه، أما أن يصلي تطوعا أو يصوم له تطوعا فهذا لا دليل عليه، أو يقرأ هذا لا دليل عليه، إنما ينتفع الميت بما جاءت به النصوص، بالدعاء بالصدقة عنه، بالحج عنه، بالعمرة عنه، بقضاء دينه، هذا كله جاءت به السنة بأن يلحق الميت، أما إنسان يقرأ له ولده أو غيره يثوب له فهذا ما عليه دليل والذي ينبغي تركه. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952) ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147).

س: ما حكم قراءة القرآن على الميت سواء من ولده أو من رجل آخر قريب أو غير قريب بمقابل أو بدون مقابل؟ (¬1) ج: قراءة القرآن على الموتى لا أصل لها، بل هي من البدع، هذا هو الصواب فلا يجوز أن يغتر المسلم بمن أجاز بغير حجة ولا دليل، فلا يقرأ على الموتى لا في المقابر ولا بعد الموت قبل الدفن، ولا يثوب لهم القرآن لعدم الدليل على ذلك، فالقراءة على القبور كالصلاة عند القبور لا تجوز، لأنها من وسائل الشرك، فلا يصلي عند القبر، ولا يقرأ عنده ولا يجلس عنده للدعاء، ولكن إذا زار القبور يسلم عليهم، ويدعو لهم ثم ينصرف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (171).

تذكركم الآخرة (¬1)» وكان صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (¬2)» «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬3)» وكان إذا زار القبور عليه الصلاة والسلام يقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (¬4)» ومر ذات يوم على قبور من أهل المدينة فقال: «السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر (¬5)» هذه سنته عليه الصلاة والسلام أما أن يدعو الميت أو يستغيث به أو يطلبه المدد فهذا من الشرك الأكبر لا يجوز، وهكذا كونه يقرأ عند القبر أو يقرأ على الميت في البيت قبل أن ينقل إلى القبر، أو يقرأ له القرآن يثوبه للأموات هذا ليس عليه دليل، ولكن المشروع أن يدعو لهم ويستغفر لهم، يترحم عليهم، يتصدق عنهم، يحج عنهم، يعتمر، يقضي ديونهم، كل هذا مطلوب ينفع الميت، أما كونه يقرأ له أو يصلي له فهذا لا دليل عليه، والله المستعان. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974). (¬5) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم (1053).

حكم إقامة عزاء بقراءة القرآن وختامه بقراءة الفاتحة إلى روح النبي

145 - حكم إقامة عزاء بقراءة القرآن وختامه بقراءة الفاتحة إلى روح النبي صلى الله عليه وسلم س: يسأل الأخ ويقول: في بعض قرى ومدن محافظة حضرموت إذا مات شخص يقوم أقرب الناس له أو أسرته بعقد عزاء على روحه، وهو قراءة القرآن لمدة يوم أو ثلاثة أيام في المسجد للرجال، وفي البيت للنساء ويتم الختام بقراءة الفاتحة إلى روح سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه أجمعين، وإلى روح الأموات الذين لهم صلة قرابة بالمتوفى، كما يتم خلال ذلك توزيع القهوة والدخون على كل الحاضرين لهذا العزاء، ما حكم عملهم هذا؟ أفيدونا أفادكم الله. (¬1) ج: هذا العمل بدعة، ليس بمشروع تجمعهم يوما أو ثلاثة أيام على هذه القراءة، ثم يختمون بالفاتحة على النبي صلى الله عليه وسلم كل هذا لا أصل له، ولكن يأتي المؤمن ويعزيهم، يدعو لميتهم بالمغفرة ولهم بالصبر والاحتساب والأجر، ويكفي هذا، ولو صبوا له قهوة أو طيبوه لا بأس، أما تجمع خاص في يوم أو يومين أو ثلاثة أو أكثر فيه قراءة خاصة، ثم ختم بالفاتحة كل هذا لا أصل له، ما كان يفعل في عهده صلى الله عليه وسلم ولا في عهد أصحابه بل نص أهل العلم على أن ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (197).

مثل هذا بدعة، فالمشروع للمؤمن في مثل هذا أنه يأتي أخاه في البيت، أو في الطريق، أو في المسجد، ويقول: أحسن الله عزاءك، وجبر الله مصيبتك وغفر الله لميتك، والآخر يقول: جزاك الله خيرا، تقبل الله منك، ونحو ذلك، يكفي هذا والحمد لله.

حكم ذهاب أقارب الميت بالصدقات عنه إلى قبره

146 - حكم ذهاب أقارب الميت بالصدقات عنه إلى قبره س: بعد دفن الجنازة يذهب أهل الميت لإحضار مقرئ يتلو القرآن الكريم لمدة ثلاثة أيام، وبعد خمسة عشر يوما من الوفاة يذهب ذوو المتوفى إلى المقبرة وهم يحملون الخبز، ويتصدقون به، فهل هذا العمل صحيح ومشروع؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: هذا ليس مشروعا، لا القراءة على الميت أسبوعا ولا يوما ولا أكثر، كل هذا من البدع ولكن يدعى له، يدعى للميت بالمغفرة والرحمة، ويتصدق عنه بما يتيسر في كل وقت، ولو بعد موته بسنوات، الصدقة تنفع الميت والدعاء ينفع الميت، والحج عنه، والعمرة كذلك، قضاء دينه كل هذا ينفعه، أما إحضار المقرئ يقرأ أسبوعا أو أقل أو أكثر، أو عند قبره أو في بيته فكل هذا لا أصل له، والواجب تركه، لأن الله جل وعلا لم يشرعه ولو شرعه لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم وبينه أصحاب ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (365).

النبي عليه الصلاة والسلام، والواجب على أهل الإسلام الاتباع وعدم الابتداع، كذلك الذهاب إلى القبور من أجل الصدقة بالطعام أو بالخبز يوزع عند القبور لا أصل له، كل هذا من البدع، تزار القبور للدعاء لهم والتراحم عليهم، يقول صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬1)» وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون أسأل الله لنا ولكم العافية (¬2)» وكان إذا زارها يقول صلى الله عليه وسلم كذلك: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬3)» هكذا السنة أما زيارتها لتوزيع الخبز أو اللحوم فهذا لا أصل له. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974).

حكم الذبح عن الميت قبل دفنه وقراءة القرآن عليه

147 - مسألة في حكم الذبح عن الميت قبل دفنه وقراءة القرآن عليه س: ع. من مصر يسأل ويقول: هل قراءة القرآن على الميت حلال، وهل الذبيحة التي يذبحها أهل الميت قبل خروجه إلى الدفن لها أجر يلحق الميت في قبره؟ أرجو الإفادة، جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: أولا التسمي بعبد النبي لا يجوز، فكون اسم أبيك عبد النبي هذا ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (219).

خطأ، الأسماء تكون معبدة لله، أجمع العلماء على أنه لا يجوز التعبيد لغير الله، فلا يقال: عبد النبي، ولا عبد الكعبة، ولا عبد عمر، ولكن يقال: عبد الله، عبد الرحمن، عبد اللطيف، وأشباه ذلك من أسماء الله سبحانه وتعالى، فالواجب على أبيك إن كان حيا أن يغير اسمه، فيقول: عبد رب النبي، أو عبد الله، أو عبد الرحمن. أما قراءة القرآن على الميت فلا أصل لها، لا يقرأ على الميت ولا عند القبر كلها بدعة، أما قبل الموت حال كونه محتضرا فهذا لا بأس أن يقرأ عنده بسورة يس، أو غيرها من القرآن لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اقرؤوا على موتاكم يس (¬1)» موتاكم يعني محتضريكم، المحتضر يقال له: ميت، ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم: «لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله (¬2)» يعني من حضره الموت يقال له: قل: لا إله إلا الله حتى يكون آخر كلامه، لا إله إلا الله، أما كونه بعد الموت يقرأ عليه فهذا غير مشروع، كذلك عند القبور غير مشروع، فينبغي للمؤمن أن يتأدب بالآداب الشرعية، ويحرص على التمسك بما شرع الله لعباده، ويتواصى مع إخوانه في ذلك، لأن الله جل وعلا قال: {وَالْعَصْرِ} (¬3) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (¬4) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (¬5) ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث معقل بن يسار رضي الله تعالى عنه، برقم (19790)، وأبو داود في كتاب الجنائز، باب القراءة عند الميت، برقم (3121)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء فيما يقال عند المريض إذا حضر، برقم (1448). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب تلقين الموتى لا إله إلا الله، برقم (917). (¬3) سورة العصر الآية 1 (¬4) سورة العصر الآية 2 (¬5) سورة العصر الآية 3

وهكذا الذبح بعد الموت غير مشروع، وكونه يذبح يقيم مأتما، أو يتصدق بها عند الموت هذا لا دليل عليه، لكن إذا تصدق عليه بعد ذلك لا عند الموت، يتصدق عنه بدراهم، يتصدق عنه بطعام أو ذبيحة وزعها على الفقراء لا عند الموت بل في أوقات أخرى فلا بأس بذلك، لأن الصدقة تنفع الميت، أما اعتقاده أنه يذبح عند الموت ذبيحة فهذا لا أصل له.

حكم تثويب القرآن للميت

148 - حكم تثويب القرآن للميت س: كانت لي والدة قد توفيت قبل عامين، وأنا فقير لا أملك شيئا من المال لكي أتصدق به عليها، ولا أحفظ دعاء كثيرا أدعو به لها، ولكن أريد أن أقرأ وأرتل القرآن، وأهب هذا الأجر والثواب العظيم الذي وعد به الله الذين يرتلون القرآن، فهل يجوز لي هذا الترتيل والقراءة؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا (¬1) ج: تدعو لها الدعوات الطيبة، تسأل الله لها الجنة، وتسأل لها النجاة من النار، وتسأل الله لها المغفرة والرحمة هذه دعوات طيبة، وتتصدق عنها مما تيسر ولو درهما واحدا، ولو طعاما قليلا، ولو شيئا من الملابس، كل هذا ينفعها، أما تثويب القرآن لها وإهداء القرآن لها فهذا محل ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (24).

خلاف أكثر أهل العلم يرونه لا بأس به وأنه ينفعها وبعض أهل العلم يرى أن هذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا وجه لإهدائه، لأنه لم يرد كالصلاة كما أنه لا يصلي لها ولا يهدي لها القرآن، هذا قول جماعة من أهل العلم، وهو أظهر في الدليل فالأولى أن تعتني في الدعاء لها والترحم عليها، والصدقة عنها مما تيسر ولو بالقليل، والدعاء بحمد الله ميسور، الدعاء واضح وميسور، تقول: اللهم اغفر لأمي، اللهم أدخلها الجنة، اللهم أنجها من النار، اللهم اعف عنها، اللهم ارفع منزلتها في الجنة، اللهم اجزها عني خيرا وأكثر من الدعوات الطيبة.

حكم استئجار من يقرأ القرآن على الميت بعد دفنه

149 - حكم استئجار من يقرأ القرآن على الميت بعد دفنه س: من عادات بلدي حينما يموت شخص يقرأ عليه الناس ما تيسر من القرآن لمدة ثلاثة أيام، ويؤجر قريب الشخص المتوفى أحد الناس المعروف بإجادة قراءة القرآن، ويؤجره على قراءة كتاب الله بمبلغ معين، ثم توهب وتهدى هذه القراءات إلى روح المتوفى، ما حكم هذه القراءة، وهل تصل إلى روح الميت؟ أثابكم الله أفيدونا. (¬1) ج: هذه القراءة بدعة لا أساس لها في الشرع، ولم يرد في الشرع ما يدل على استحبابها، ولا جوازها فالواجب تركها، وعدم فعلها لأن ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (15).

المستأجر لا يرجو ثواب الله، لأنه ما يقرأ إلا بالأجرة، وقد أجمع العلماء على أنه لا يجوز الاستئجار على قراءة القرآن فالذي يستأجر ويتلو للميت أو للحي يرجو ثواب الناس لا الله، ولم يقرأ لله، بل قرأ للأجرة، فأي شيء يهدي فالمقصود أن هذا منكر، ولا يجوز، والمستأجر ليتلو قد أتى منكرا عظيما ومحرما بالإجماع، وليس له ثواب حتى يهدي، فلا يجوز فعل هذا، بل المشروع الدعاء له وتعزية أهله، أما كونهم يرتبون أناسا يقرؤون أو يستأجرون أناسا يقرؤون للميت، ويهدى له ثواب ذلك فليس له أصل، والاستئجار على هذا منكر وباطل.

س: يقوم بعض الناس في مناطقنا وخاصة في شهر رمضان المبارك بتأجير قارئ يقرأ القرآن عن الأموات مقابل عشرة ريالات عمانية للختمة الواحدة، هل تجوز المتاجرة بكلام الله سبحانه وتعالى؟ وهل هذا المبلغ حلال؟ وما نصيحتكم لمن يقومون بذلك إن كان هذا الأمر مخالفا للدين الحنيف؟ نرجو توضيح ذلك، فالآن قد وقعنا في الشبهات، ثم هل ذلك ينفع الميت حيث إن البعض يستند إلى الحادثة التي صادفها الرسول صلى الله عليه وسلم عندما مر بقبرين وهما يعذبان. ثالثا هل قراءة القرآن على الأموات من قبل ذويهم تنفعهم حيث إن ذلك شائع عندنا خاصة بعد ثلاثة أيام من دفن الميت، إضافة إلى ذبح الذبائح بعد موته، ويتحول ذلك البيت

إلى مناسبة عرس تنعدم فيه الخشية والعبرة، أنقذونا من البدع أثابكم الله فإن مجتمعنا تنص عليه الآية: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (¬1)؟ (¬2) ج: سبق الكلام في القراءة للميت، وأنه لا دليل على القراءة للأموات، أو أن يستأجر إنسان يتلو آيات من القرآن، هذا لا أصل له، ولا يجوز ولا تحل هذه الأجرة، وقد حكى العلماء وبعض أهل العلم الإجماع على تحريم ذلك، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ذكر الإجماع على أنه لا يجوز أخذ الأجرة على قراءة القرآن، وأنه محرم بلا نزاع، فكونه يقرأ بثمن معين عن آيات أو جزء أو أكثر أو أقل بمال يقرأ به للأموات ولأي كان لا يجوز هذا، وإنما تؤخذ الأجرة للتعليم، يعلم الأولاد، ويعلم الناس القرآن، فإنه يعطى أجرة على التعليم، أما كونه يقرأ آيات ويأخذ أجرة على هذه الآيات التي يسمعها الناس منه أو يثوبها للميت فهذا لا أصل له، بل فيه ما تقدم من قول شيخ الإسلام، الأصل فيه الإجماع وأنه محرم بلا نزاع، يأخذ أجرة على مجرد التلاوة، أما كونه معلما فيعطى حتى يعلم الأولاد، وحتى يعلم الناس القرآن فلا بأس بهذا، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن أحق ما أخذتم عليه أجرا ¬

_ (¬1) سورة الزخرف الآية 23 (¬2) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (305).

كتاب الله (¬1)» يعني للتعليم والتوجيه تعليم الناس القرآن لا بأس أن يؤخذ عليه أجرة، أما كون أهل الميت يقومون بالذبائح والولائم بعد الموت، يوم الموت أو يوم ثالث أو يوم عاشر، أو على رأس الشهر، أو على رأس الأربعين، أو على رأس السنة، فهذا بدعة لا يجوز، ولكن يتصدقون عن الميت بطعام يوزعونه على الفقراء نيئا أو مطبوخا، يوزع على الفقراء أو أرز أو غيره، هذا لا بأس به، أما كونهم يصنعون طعاما للناس، وجعل مأتم للميت، أو يدعون الناس إليه، ويقيمون الولائم فهذا بدعة، أما إذا أحبوا أن يتصدقوا بدراهم أو بغيرها في أي وقت على الفقراء عن الميت فإن الصدقة تنفع الميت، ولها أجر عظيم، وفرق بين الصدقة على الفقراء والمساكين وبين إقامة المآتم وجمع الناس يأكلون في بيت الميت، تذبح لهم الذبائح هذا لا أصل له، والسنة أن يدفع لهم الطعام لأهل الميت، من جيرانهم وأقاربهم، يصنعون لهم طعاما، لما ثبت في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتى نعي جعفر بن أبي طالب يوم مؤته يوم قتل فمات، لما جاء خبره رضي الله عنه، إلى المدينة أمر النبي صلى الله عليه وسلم أهله أن يصنعوا طعاما لأهل جعفر قال: «إنه أتاهم ما يشغلهم (¬2)» فإذا صنع الجيران أو الأقارب ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب الشرط في الرقية بقطيع من الغنم برقم (5737). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610).

طعاما لأهل الميت، لأنهم مشغولون بالمصيبة هذا أمر مستحب، أما كون أهل الميت هم الذين يصنعون للناس ويدعون الناس فهذا غير مشروع، أما إذا جاءهم الطعام من جيرانهم ودعوا عليه من يأكلون فلا بأس إذا جاءهم طعام كثير يزيد عن حاجتهم، ودعوا جيرانهم دعوا من يأكل معهم هذا لا بأس به.

إهداء ثواب قراءة القرآن للميت

150 - مسألة في إهداء ثواب قراءة القرآن للميت س: هل قراءة القرآن الكريم وإهداء ثوابها للميت جائز أم لا؟ (¬1) ج: ليس عليه دليل، ولا أعلم في هذا ما يدل على إهداء القرآن للموتى ولا لغير الموتى، ولكن يقرأ لنفسه، ويدعو الله للموتى بالمغفرة والرحمة، أما الإهداء في المال بالصدقة بالمال، بالحج والعمرة، هذا هو محل الإهداء بالصدقة بالمال، ويصوم عنه إذا كان مات وعليه صوم، صام عنه هذا لا بأس به، أما أن يقرأ القرآن ويهدي له القرآن فليس عليه دليل فيما أعلم، فالذي ينبغي ترك ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (328).

حكم تخصيص يوم من الأيام لقراءة القرآن عن الميت

151 - حكم تخصيص يوم من الأيام لقراءة القرآن عن الميت س: يسأل عن حكم قراءة القرآن عن الميت في أي يوم من الأيام كيوم

الجمعة مثلا أقرأ سورة البقرة وأقول: هذه إلى روح فلان فهل يصح ذلك؟ (¬1) ج: ليس عليه دليل القراءة على الموتى ليس عليه دليل، قد قاله بعض أهل العلم لكن ليس عليه دليل، فتركه أولى، تدعو للميت دعوات طيبة، تصدق عنه بالمال، تحج عنه تعتمر عنه، كل هذا طيب أما القراءة عنه فليس عليها دليل، وتركه أولى تدعو للميت وتقرأ في نفسك، تدعو للميت: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم ضاعف حسناته، اللهم أنجه من النار، إلى غير ذلك تدعو له، تتصدق عنه بالمال، تحج عنه، تعتمر لا بأس كله طيب. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (330).

وصول ثواب قراءة القرآن إلى الميت

152 - مسألة في وصول ثواب قراءة القرآن إلى الميت س: السائل: م. ح. أ. من السودان يقول: هل يصل ثواب قراءة القرآن إلى الميت؟ (¬1) ج: ليس له أصل هذا، لكن الدعاء، أما القراءة لثواب الموتى ليس له أصل، ولا يشرع يقرأ الإنسان يريد الثواب لنفسه، أما الموتى يدعو لهم بالمغفرة والرحمة، يتصدق عنهم، يحج عنهم، يعتمر، هذا يلحقهم ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (419).

ينفعهم أما قراءة القرآن أو الصلاة هذا ليس له أصل، ليس يصلى عن الأموات، ولا يقرأ لهم القرآن لعدم الدليل، والعبادات توقيفية يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)» ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة أنهم كانوا يقرؤون للموتى. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

بيان ما يصل نفعه إلى الميت

153 - بيان ما يصل نفعه إلى الميت س: وما أفضل شيء يصل إلى الميت يا شيخ؟ (¬1) ج: الدعاء والصدقة، الدعاء له والصدقة عنه، هذا ينفعه الله به كثيرا. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (419).

حكم قراءة القرآن على الميت

154 - مسائل في حكم قراءة القرآن على الميت س: السائل ن. ق. يقول: هل قراءة القرآن تصل إلى الميت؟ أي بمعنى عندما يختم المسلم القرآن ويقول: وهبت ذلك إلى أبي المتوفى، هل يصله هذا الأجر، وهل يصله هذا الثواب؟ وكذلك قراءة الفاتحة؟ (¬1) ج: ليس لهذا أصل، تثويب القرآن ليس له أصل، إنما يدعو له فقط، يقرأ والثواب له للقارئ، ما يثوبه للموتى ولا لغير الموتى، لكن يدعو ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (392).

للميت بـ: اللهم اغفر له اللهم ارحمه، اللهم ضاعف حسناته هذا مشروع، الصدقة عليه بالمال مشروعة، أما كونه يثوبه القرآن هذا لا دليل عليه، وليس بمشروع بل يقرأ يرجوا الثواب من الله له هو، للقارئ، وإذا دعا لوالده أو لغير والده من المسلمين هذا مشروع، كونه يدعو لوالده، يتصدق عن والده، كل هذا طيب، يحج عنه إذا كان ميتا ويعتمر.

س: الأخ ف. سوداني ومقيم في ليبيا يقول: هل يجوز للميت أن نقرأ عليه القرآن الكريم، هل هذا مكروه أم يجوز؟ (¬1) ج: الميت لا يقرأ عليه، انتهى إلى الله حسن الخاتمة، ما يستتفيد من القراءة عليه، إنما يقرأ عند المحتضر سورة يس، لا بأس بذلك عند جمع من أهل العلم قبل أن يموت أما الميت ما يقرأ عليه شيء، انتهى إلى الله، ما ينتفع بهذا، يدعى له بالمغفرة والرحمة إذا كان مسلما. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والخمسون من الشريط رقم (421).

الحكمة من قراءة سورة يس على المحتضر

155 - بيان الحكمة من قراءة سورة يس على المحتضر س: ما هي الحكمة من قراءة سورة يس على المحتضر؟ (¬1) ج: لعله يستفيد منها، يسأل ربه المغفرة، أو يسأل ربه حسن الختام، يستفيد مما فيها من العظات، والحديث في سنده بعض المقال، لكن إذا ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والخمسون من الشريط رقم (421).

قرأها الإنسان قرأها عند المحتضر لا بأس.

حكم قراءة يس وقل هو الله أحد على قبر الميت

156 - حكم قراءة يس وقل هو الله أحد على قبر الميت س: يقول السائل: إنه حين يدفن الميت في المقبرة يأتي أناس ويقرؤون على قبر الميت سورة يس و: قل هو الله أحد هل هذا جائز؟ (¬1) ج: ليس بجائز إنما تقرأ يس عند المحتضر قبل أن يموت، أما على قبره لا تقرأ يس ولا غيرها، ولكن يدعى له بعد الدفن، وعند الزيارة يدعى له بالمغفرة والرحمة والنجاة من النار، أما أن يقرأ على الميت على قبره سورة يس أو غيرها فهذا غير مشروع. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (293).

حكم قراءة الفاتحة على الميت عند قبره

157 - حكم قراءة الفاتحة على الميت عند قبره س: ما حكم قراءة الفاتحة على الميت عند قبره؟ (¬1) ج: بدعة، لا يقرأ على القبور، إذا زار الميت يسلم عليه، يقول: السلام عليك يا فلان غفر الله لك، رحمنا الله وإياك، السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم، أما القراءة فلا، لا يشرع لا الفاتحة ولا غيرها، لا يقرأ عند القبور الفاتحة ولا غيرها، بل ذلك من البدع، ولا يصلي عند القبور أيضا، ولكن يسلم عليهم، يقول: «السلام عليكم أهل ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (382).

الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (¬1)» يغفر الله لنا ولكم كما علم النبي أصحابه هذا الدعاء هكذا يعلم أصحابه عليه الصلاة والسلام، أما الصلاة عند القبور أو الطواف بها أو القراءة عندها كل هذا لا يجوز، الصلاة عندها بدعة، القراءة عندها بدعة، والطواف بها إذا أراد بذلك التقرب إلى الميت شرك أكبر، أما إذ ظن أن الطواف بها قربة وطاعة لله، يعني فهذا بدعة مثل الصلاة عندها -نسأل الله العافية - أما إذا صلى لصاحب القبر أو طاف لصاحب القبر يتقرب إليه بذلك فهذا من الشرك الأكبر، نعوذ بالله. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975).

حكم ختمة القرآن عن الميت

158 - حكم ختمة القرآن عن الميت س: يسأل السائل من ليبيا ويقول: أسأل عن ختمة القرآن والتي تعمل للشخص المتوفى من قبل أهله، ويعتبرونها صدقة، وهي عبارة عن مجموعة من القراء يختمون القرآن، وبعدها يتناولون الطعام طعام الغداء، وهي لا شك بأنها صدقة ويمكن أن يحضرها أي شخص ما حكم ذلك؟ مأجورين. (¬1) ج: لا أعلم لهذا أصلا، ختمة القرآن لفلان أو فلان لا أعلم له أصلا، بعض أهل العلم يجيز ذلك، لكن لا أعلم له أصلا، الرسول يقول صلى ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (410).

الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)» كونهم يجتمعون للقراءة لفلان أو لفلان هذا لا أعلم له أصلا، الإنسان يقرأ لنفسه يطلب الثواب من الله لنفسه، يقرأ القرآن، أو اثنان يتدارسان، أو ثلاثة يتدارسون لا بأس، يطلب الثواب من الله جل وعلا، ما هو لأجل فلان أو فلان، أو القراءة لفلان، النبي كان يدارس جبرائيل عليه الصلاة والسلام في رمضان كل ليلة، فالحاصل أن المدارسة لا بأس بها، أما اجتماعهم الناس ليقرؤوا ختمة لفلان أو فلان هذا ما أعلم له أصلا في الشرع، الواجب تركه. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

حكم بعض العادات التي تفعل عن الميت

159 - حكم بعض العادات التي تفعل عن الميت س: هذا السائل م. ج. يقول: سماحة الشيخ إذا مات الشخص عندنا يقيمون له فاتحة ثلاثة أيام، ويذبحون له بعضا من الخراف، والنساء يبكين بصوت عال جدا، ويحملون الميت إلى المقبرة، ويطلقون النار، فما الحكم في ذلك؟ (¬1) ج: كل هذا منكر، الصياح منكر، وجعل الولائم منكر، وإطلاق النار ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (422).

منكر، كل هذا لا أصل له، الواجب الصبر والاحتساب والحمد لله، والبكاء بدمع العين من دون صوت لا بأس به، مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون (¬1)» لما مات ابنه إبراهيم عليه الصلاة والسلام وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحم (¬2)» والرسول لعن النائحات ونهى عن النوح كما قال أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " برئ من الصالقة والحالقة، والشاقة (¬3)» يعني عند المصيبة الصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة والحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة، والشاقة: التي تشق ثوبها عند المصيبة، وقال صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لطم الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية (¬4)» أي عند ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا بك لمحزنون، برقم (1303)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، برقم (2315). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب البكاء عند المريض، برقم (1304) ومسلم في كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت، برقم (924). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما ينهى عن الحلق عند المصيبة، برقم (1296) ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب برقم (104). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب ليس منا من شق الجيوب برقم (1293).

المصائب وقال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، «كنا نعد الاجتماع عند أهل الميت ووضع الطعام عند الدفن من النياحة (¬1)» فلا يصنعوا للناس طعاما ولا يجمعوهم لكن إذا بعث إليهم أقاربهم طعاما سنة. لما جاء نعي جعفر عندما قتل في الشام قال النبي صلى الله عليه وسلم لأهل بيته: «اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد آتاهم ما يشغلهم (¬2)» ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده: من حديث عبد الله بن عمرو برقم (6866). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610).

س: السائل ع. ع. من الأردن يقول: والدي ووالدتي ماتا منذ زمن طويل، وأنا كل يوم أقرأ القرآن الكريم ما يتيسر وفي النهاية أقرأ الفاتحة وأقول: اللهم ابعث ثواب ما قرأت إلى ورح والدي ووالدتي، فهل يجوز لي ذلك؟ (¬1) ج: هذا غير مشروع، ولم يرد في السنة، تثويب القراءة غير مشروع، لكن تصدق عنهم، ادع لهما، حج عنهما، اعتمر عنهما، أما تثويب القراءة أو تثويب صيام أو تثويب صلاة ليس له أصل في الشرع، قالوا: يجب ترك ذلك، لكن يشرع لك يا أخي أن تجتهد في الدعاء لهما والترحم عليهما، والاستغفار لهما، والصدقة عنهما، والحج عنهما أو العمرة، كل هذا طيب، نسأل الله لك التوفيق. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (419).

بعض الأعمال التي تنفع الميت

160 - بيان بعض الأعمال التي تنفع الميت س: ثواب الأعمال يصل إلى الميت سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: أعمال الحي التي جاء بها النص كالصدقة عنه، ينفع الميت الدعاء والاستغفار وينفعه كذلك الحج عنه، والعمرة كذلك تنفعه. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (419).

جمع القراء والإطعام عن الميت

161 - مسألة في جمع القراء والإطعام عن الميت س: السائل إ. م. يقول: عندما يموت قريب لنا يأتي إلى منزله عدد من القراء، أو من طلبة تحفيظ القرآن الكريم، ويقرؤون القرآن بنية وصول الثواب للميت، ثم بعد ذلك يدعون للميت، فبعد ما ينتهون يطعم الطعام المقرئين أو يدفع لهم مالا أو يجمع بينهما أو يفعل مثل هذا للمريض بالشفاء لمرضه، أو للذي بنى له منزلا ليبارك الله عز وجل في منزله، فما الحكم؟ (¬1) ج: هذا لا أصل له، ولا يقرأ للميت، أو يجمعهم على الأكل ويقرؤون للميت، كل هذا لا أصل له، وغير مشروع أما كونه يزورهم ليعزيهم يزور أهل الميت للتعزية هذا مستحب، أما جمعهم للقراءة فالقراءة ليس عليها دليل، ولا جمعهم للقراءة أو للأكل أو للتحدث، ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (420).

وصناعة الطعام للناس لا، النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يفعل هذا مع الموتى، يقول جرير بن عبد الله رضي الله عنه وهو من الصحابة المعروفين: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصناعة الطعام بعد الدفن من النياحة (¬1)» أما إذا زاروهم يعزونهم ويقهوونهم فنجان قهوة، أو فنجان شاي لا بأس، أما تجمع قصد التجمع ونصب الخيام وأشباه ذلك، أو دعوة القراء، كل هذا من البدع لا أصل له. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده: من حديث عبد الله بن عمرو برقم (6866).

س: أيضا بعد موت الميت يقومون بالقراءة لمدة ثلاثة أيام، وبعد ذلك تؤخذ باقة من الورد وتلقى على قبره؟ (¬1) ج: كذلك هذه بدعة، القراءة على القبر لا يوم ولا أيام كله بدعة، لا يقرأ على القبور ولا يجتمع للقراءة للميت، كل هذا من البدع أما إذا كان في المجلس وقرأ واحد يسمعهم للفائدة فلا حرج في ذلك، أما أن يجتمعوا ليقرؤوا للميت ويثوبوا للميت هذا لا أصل له، وهكذا لو اجتمعوا على قبره أو قام أحد يقرأ على قبره كل هذه خلاف الشرع. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (290).

س: الأخ س. م. من بقيق يسأل ويقول: هل تجوز قراءة القرآن للميت، وهل يجوز للإنسان أن يصلي للميت أم الصدقة والدعاء والحج

يكفي ذلك؟ أرشدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ليس في الأدلة الشرعية ما يدل على شرعية القراءة عن الميت أو الصلاة عن الميت، وإنما المشروع عن الميت الصدقة عنه والدعاء له والحج عنه والعمرة، هذا هو الوارد في الأحاديث أما كونه يقرأ عنه، يثوب أو يصلي عنه، هذا لا أعلم له دليلا شرعيا، ولو قاله بعض أهل العلم لكن ليس عليه دليل فيما أعلم. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (290).

س: هل قراءة القرآن للمتوفى تفيده في قبره؟ (¬1) ج: لا دليل على هذا، قراءة القرآن لا تقرأ عن الأموات ولكن يدعى له بالمغفرة والرحمة ويتصدق عنه، هذا هو المشروع، وأما قراءة القرآن وتثويبها للأموات فهذا لا دليل عليه وإن كان قاله بعض العلماء، ولكن قول لا دليل عليه. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (334).

س: هل من يقرأ القرآن في البيت ويثوبه لميت هل يصل ثوابه إليه أم لا؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: ليس على هذا دليل، قراءة القرآن للأموات الراجح أنه لا يستحب، ولا يشرع، إنما يقرأ يطلب الثواب لنفسه، ويدعو لمن أحب من أقاربه ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (348).

وغيرهم، أما أن يقرأ بالنية عن فلان فهذا لا دليل عليه والأظهر في الأدلة الشرعية أنه لا يجوز، وإن أجازه بعض أهل العلم، فالذي نرى في هذا عدم القراءة للناس يهدي ثوابها للناس بل يقرأ يرجو ثوابا من الله لنفسه، ويدعو لمن أحب من إخوانه المسلمين.

حكم قراءة الأبناء القرآن عن والدهم الميت

162 - حكم قراءة الأبناء القرآن عن والدهم الميت س: هل يصل أجر قراءة القرآن للميت حينما يقرأ الأبناء على نيتهم بالنسبة لوالدهم، وهل الدعاء له أفضل أم قراءة القرآن الكريم أفضل؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: القرآن لا يقرأ على الناس، لا عن الميت ولا عن غيره، كل يقرأ لنفسه، وثوابه لنفسه لم يثبت في الأدلة الشرعية أن أحدا يقرأ عن أحد أو لأحد وذكر أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه ليس هناك نزاع بين أهل العلم في أنه لا يقرأ على الميت، لا يقرأ أحد لأحد، قال: إنه لا نزاع فيه بين أهل العلم أن هذا ممنوع، لكن الصدقة والدعاء أمر مطلوب، إذا دعا للميت: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم أنجه من النار، اللهم تقبل أعماله، أو تصدق عنه، هذا طيب، وهذا ينفع الميت لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (373).

ثلاث: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (¬1)» وقد أخبر الله عن السلف الصالح أنهم كانوا يدعون لسابقيهم، قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (¬2) فالدعاء مشروع للحي والميت بإجماع المسلمين ليس فيها نزاع وصلاة الجنازة دعاء للميت، فالمسلمون يدعون للميت بعد التكبيرة الثالثة، ما بعد التكبيرة الثالثة كله دعاء للميت، فالدعاء للميت فيه خير كثير ومصالح جمة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631). (¬2) سورة الحشر الآية 10

س: يقول السائل: إن والدي متوفى، هل يجوز لي عند قراءتي في المصحف أن أقول: يا رب ببركة وفضل السورة أن تهبها لوالدي، ثم أتصدق وتكون نيتي له، هل يجوز مثل هذا العمل؟ (¬1) ج: لم يرد ما يدل على الصدقة بالقرآن، ولكن تدعو له عند قراءتك، وفي غيرها تدعو له، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، أما الصدقة عنه بالآيات وقراءة القرآن فليس عليها دليل، وإنما تدعو لأبيك تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم أجره من النار، اللهم ضاعف حسناته، اللهم اجزه ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (362).

عنا خيرا، تصدق عنه بالمال، تحج عنه، تعتمر عنه، تقضي دينه كل هذا طيب كله ينفع، أما أن تقرأ عنه القرآن أو تصلي عنه هذا لم يرد.

س: هل تجوز قراءة القرآن عن الميت؟ (¬1) ج: لم يشرع هذا، الميت منقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم فقراءة القرآن عليه لا تنفعه ولا يستفيد منها، لأنه لا يسمعها، ولا يستفيد منها بعد الموت. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (265).

حكم قراءة سورة معينة من القرآن عند القبور

163 - حكم قراءة سورة معينة من القرآن عند القبور س: هل قراءة القرآن عند القبور بدعة، وخاصة سورة الفاتحة وسورة البقرة، علما بأني قرأت في كتاب الروح لابن القيم عن قراءة القرآن عند دفن الميت، وقراءة القرآن أيضا عقيب الدفن، ومثال ذكر على ذلك أن جماعة من السلف أوصوا بأن يقرأ عند قبورهم وقت الدفن، قال عبد الحق: يروى أن عبد الله بن عمر أمر أن يقرأ عند قبره سورة البقرة، وممن رأى ذلك المعلى بن عبد الرحمن، وكان الإمام أحمد ينكر ذلك أولا حيث لم يبلغه فيه أثر، ثم رجع عن ذلك، أفيدونا عن هذا الأمر جزاكم الله خيرا. (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (274).

ج: القراءة عند القبور بدعة، ولا يجوز فعلها، ولا الصلاة عندها، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك، ولا أرشد إليه ولا خلفاؤه الراشدون؛ ولأن هذا مما يفعل في المساجد والبيوت، يقول صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا (¬1)» فدل إلى أن القبور ما يصلى عندها ولا يقرأ عندها، لأن هذا من خصائص المساجد والبيوت، إنما يسلم على أهلها يزارون ويسلم عليهم ويدعى لها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: «استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل (¬2)» ولم يقرأ عنده ولم يقم بالقراءة عنده، وما يروى عن عبد الله بن عمر إن صح عنه لا يعول عليه، لأن العبادات تتلقى من الرسول صلى الله عليه وسلم أو من القرآن، ولا يحتج فيها بقول صاحب ولا غيره ما عدا الخلفاء الراشدين، حيث قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ (¬3)» فما جاء عن الخلفاء الراشدين يعتمد إذا كان لا يخالف سنته عليه الصلاة والسلام، وأما ما يروى عن ابن عمر أو غيره من الصحابة ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب كراهية الصلاة في المقابر، برقم (432)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (777). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف برقم (3221). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب لزوم السنة، برقم (4607) والترمذي في كتاب العلم عن رسول الله، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع برقم (2676) وابن ماجه في كتاب المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين برقم (42) واللفظ لأبي داود.

وغيرهم في العبادات فلا يعول عليه، لأن العبادات توقيفية لا تؤخذ إلا عن القرآن أو السنة الصحيحة عن الرسول عليه الصلاة والسلام، وما ذكره ابن القيم عن بعض العلماء لا يعتمد عليه، فالواجب في مثل هذا الباب هو الاعتماد على القرآن والسنة، وما خالفهما من جهة العبادة يكون بدعة، فلا يصلى عند القبور، ولا يقرأ عندها، ولا يطاف بها، ولا تدعى من دون الله، ولا يستغاث بأهلها، فدعاء الميت والاستغاثة بالميت والنذر له هذا من الشرك الأكبر والدعاء عند القبر مثل أن يدعو الله عند القبر بدعة، وهكذا القراءة عند القبر بدعة.

رجوع الإمام أحمد عن منع قراءة القرآن عند القبور

164 - مسألة حول رجوع الإمام أحمد عن منع قراءة القرآن عند القبور س: هل رجع الإمام أحمد فعلا عن القول بهذا؟ (¬1) ج: يروى هذا ولا يدرى عن صحته، ولو رجع عنه ولو قاله أحمد، أحمد يخطئ ويصيب مثل غيره من العلماء، ابن عمر أفضل من أحمد فنقول: العمدة على الكتاب والسنة يقول الله جل وعلا في كتابه العظيم: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (¬2) ويقول جل وعلا: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (¬3) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (274). (¬2) سورة النساء الآية 59 (¬3) سورة الشورى الآية 10

ويقول جل وعلا: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (¬1) هذه العبادات وهذه المسائل عظيمة يتلقاها المسلمون عن القرآن العظيم والسنة المطهرة. ¬

_ (¬1) سورة الحشر الآية 7

قراءة الفاتحة عند زيارة القبور

165 - مسألة في قراءة الفاتحة عند زيارة القبور س: هل يجوز قراءة الفاتحة عند وصولي إلى المقبرة أم قراءة الفاتحة بعد الزيارة؟ (¬1) ج: لا تشرع قراءة الفاتحة ولا غيرها من السور، إذا زار المؤمن القبور يسلم عليها فقط، هذا المشروع، أما كونه يقرأ الفاتحة أو غيرها من القرآن فليس لهذا أصل، فالرسول عليه الصلاة والسلام قال: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تجعلوها قبورا (¬2)» فالقبور ليست محل صلاة ولا محل قراءة، وقال: «فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة (¬3)» فالقرآن محله المساجد والبيوت، وليس محله القبور، فلا يقرأ في المقبرة لا الفاتحة ولا غيرها، والأحاديث التي يرويها بعض الناس ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (205). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب كراهية الصلاة في المقابر، برقم (432)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (777). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته .... برقم (780).

في القراءة في المقابر، وأنها تنفع الموتى كل ذلك لا أصل له، كلها غير صحيحة، وإنما السنة لمن زار القبور أن يسلم عليهم السلام المشروع، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (¬1)» ولم يعلمهم أن يقرؤوا الفاتحة أو غيرها من القرآن هكذا كان يعلمهم يقول، قولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (¬2)» وكان عليه الصلاة والسلام إذا زارها يقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون (¬3)» وفي رواية: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬4)» هذه الدعوات التي تقال عند الزيارة: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، غفر الله لنا ولكم، وما أشبه هذا الكلام، هذا هو السنة، أما القراءة فلا أصل لها، ولا تشرع لا قبل الزيارة ولا بعدها ولا عندها. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء برقم (249). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974).

حكم استئجار القراء للقراءة على أرواح الموتى

166 - مسألة في حكم استئجار القراء للقراءة على أرواح الموتى س: ما حكم قراءة القرآن ولا سيما الفاتحة ويس على أرواح الموتى؟ وما حكم ما يفعله بعض الناس من إحضار القراء ليقرؤوا القرآن على أرواح الموتى بمبالغ باهظة؟ وما صحة الحديث: " اقرؤوا يس على موتاكم "؟ ج: هذا العمل لا يجوز، كونه يستأجر من يقرأ القرآن على الموتى هذا لا يجوز، والذي يقرأ بالأجرة ما له ثواب حتى يهديه للموتى، ما قرأ إلا للأجرة فليس له ثواب حتى يهدي، ثم السنة عدم إهداء القراءة للموتى لا منك ولا من غيرك لعدم الدليل على ذلك؛ لأنه لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة أنهم كانوا يفعلون ذلك، لكن بعض أهل العلم رأى جواز ذلك من غير أن يستأجر بأجرة بل من باب التبرع، إذا تبرع وقرأ وثوب لميته أو لإنسان حي ذكر بعض أهل العلم أنه جائز، ولا حرج في ذلك، وقاسوه على الصدقة والدعاء، ولكن ظاهر الأدلة الشرعية أن ذلك لا ينبغي وأنه يخشى أن يكون بدعة لعدم الدليل عليه، فالأولى بالمؤمن والأحوط له ألا يفعل ذلك، بل يحسن إلى موتاه بالدعاء، بالصدقة عنهم، بالحج عنهم، بالعمرة، هذا لا بأس كله مشروع، أما كونه يقرأ ويثوب لهم أو يسبح ويثوب لهم هذا لا دليل عليه،

فالأولى بالمؤمن ترك ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)» أما كونه يستأجر من يقرأ هذا لا يجوز، لأن كونه يقرأ للأجرة فهذا ليس له ثواب، فكيف يهدي، ما هناك شيء يهدي، وقد أجمع العلماء على تحريم أخذ الأجرة على تلاوة القرآن، ذكر ذلك أبو العباس بن تيمية رحمه الله، وقال: إنه لا نزاع بين أهل العلم في تحريم أخذ الأجرة على تلاوة القرآن. فالواجب الحذر من هذا العمل، وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

حكم التهليل سبعين ألف مرة للميت

167 - حكم التهليل سبعين ألف مرة للميت س: ما حكم قراءة سورة يس على المقابر بعد الفراغ من الدفن وقبله، والتهليل سبعين ألف مرة للميت، وفي ثالث أيامه يحتفلون ويذبحون خير بقرة له، ثم في الخامس عشر، وفي تمام الشهر من وفاة الميت يحتفلون ويذبحون، ويأكلون ولا يبالون بما بقي لليتامى والورثة، ما حكم الشرع في مثل هذا في نظركم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (184).

ج: كل هذا بدعة لا أصل له في الشرع، فـ: يس لا تقرأ على الأموات، ولا على القبور، وإنما تقرأ على المحتضر قبل أن يموت، كما جاء به الحديث الشريف، وإن كان في سنده مقال، لكن صححه بعض أهل العلم فلا بأس بقراءتها على المحتضر قبل أن يموت، أما قراءتها على الميت بعد الموت أو على القبر فهذا لا أصل له ولا يشرع، بل هو بدعة، وهكذا الاستغفار له والدعاء له سبعين ألف مرة هذا لا أصل له، وهكذا الاحتفال والذبح لله في ثالث الموت أو خمسة عشر بعد الموت، أو على رأس الشهر أو بعد ذلك، على رأس الأربعين أو على رأس السنة كل هذا من البدع لا يجوز لهم أن يفعلوه لا من أموالهم ولا من أموال الورثة؛ لأن الرسول ما فعل هذا، ولا فعله أصحابه رضي الله عنهم، فالخير في اتباعهم وقد قال الله جل وعلا: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (¬1) وقال صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» فلا يخص بدعاء ولا باستغفار سبعين ألف، وبعشرة آلاف، ولا ألف ولا ألفين، ولا شي مقدر، بل يدعى لهم بالمغفرة والرحمة، ولأموات المسلمين، ويتصدق عنه لا بأس، يضحى عنه لا بأس، أما الاحتفال بشيء معين من ذبائح في يوم معين، يوم الموت، أو ثالث ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب الآية 21 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

الموت أو عاشر الموت، أو خامس عشر، أو بعد شهر، أو بعد سنة، كل هذا من البدع يجب التناهي عن هذا، يجب التناصح بين المسلمين في ذلك، ويجب على من يعلم إرشاد من لا يعلم، هكذا يجب على المسلمين التناصح والتواصي بالحق حتى تزول البدع ويقل الشر، قال الله عز وجل في وصف الرابحين: {وَالْعَصْرِ} (¬1) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (¬2) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (¬3) وقال جل وعلا: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (¬4) وأخذ الذبائح من أموال اليتامى، أو من أموال الورثة ظلم، وإذا رضوا بذلك فهذا جهل وبدعة من عمل الجاهلية، فالواجب الحذر والتناصح. ¬

_ (¬1) سورة العصر الآية 1 (¬2) سورة العصر الآية 2 (¬3) سورة العصر الآية 3 (¬4) سورة المائدة الآية 2

س: هذا السائل من اليمن ع. ع. أ. يقول سماحة الشيخ في بلدنا إذا مات الشخص يقام له في بيته ثلاث أو سبع ليال تسمى بالتهاليل، لأنه يهلل فيها ثلاث دفعات في كل دفعة مائة تهليلة، وذلك في كل ليلة من تلك الليالي، وقبل التهليل في الدفعة الأولى فقط تقرأ سورة يس جماعيا من قبل الحاضرين، وفي نهاية وتمام المائة يقال دعاء طويل يختم به الفاتحة إلى روح الميت والأولياء والنبي

صلى الله عليه وسلم أفيدونا سماحة الشيخ عن هذا العمل؟ (¬1) ج: هذا يا أخي بدعة ما يجوز، هذا منكر وبدعة لا أصل له في الشرع، بل يجب تركه، إذا مات الميت يعزون ويدعى لهم بالصبر والاحتساب، وبالدعاء للميت بالمغفرة إذا كان مسلما، أما هذه الأعمال منكرة، كلها بدعة لا أصل لها في الشرع، ولم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم، فهي بدعة منكرة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والخمسون من الشريط رقم (418).

س: هذا السائل يقول: إذا مات عندنا إنسان نقوم بعمل ما يسمى بالتهليل والتكبير وهو قراءة يس وسورة الملك، وإهداء ثواب ذلك إلى هذا الميت، والقراءة تكون بصوت جماعي بعد أن تنقسم هذا الجماعة إلى فرقتين، كل فريق يقرا آية، ما صحة هذا العمل؟ (¬1) ج: هذا من البدع، قراءة يس وسورة الملك بعد الموت، أو القيام بهذا من جماعة أو جماعات كل هذا بدعة لا يجوز هذا، إنما يدعى له، يستغفر له، ويترحم عليه، ويتصدق عنه، أما القيام بهذا الأمر في بيته أو في أي مكان أو في المقبرة فكل هذا بدعة لا أصل له، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (406). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

حكم الذبح وقراءة القرآن على الميت

168 - مسألة في حكم الذبح وقراءة القرآن على الميت س: هل يجوز الذبح وقراءة القرآن على الموتى؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل: الذبح إن كان قصده التضحية عن الميت يضحي عنه فالضحية مشروعة، للحي والميت، كونه يضحي عنه، أو يذبح ذبيحة يتصدق بها يعطيها الفقراء عنه لا بأس، أما الذبح له، يتقرب هو للميت، فهذا شرك، يذبح له، يتقرب إليه، كما يذبح عباد الأصنام لأصنامهم، هذا شرك أكبر، أما أن يذبح يتقرب إلى الله ضحية عن الميت أو صدقة يعطيها الفقراء عن الميت، أو يتصدق بدراهم أو بطعام عن الميت، فهذا لا بأس به، بل فيه نفع للميت، يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (¬2)» «قال رجل: يا رسول الله، إن أمي ماتت ولم توص، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال النبي: " نعم (¬3)» هذا فيه خير عظيم، أما القراءة عند القبور بدعة، لا تشرع القراءة عند القبور، ولا الصلاة عند القبور، بل هذا من البدع، بل من وسائل الشرك، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا (¬4)» فدل ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (383). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب موت الفجأة البغته برقم (1388) ومسلم في كتاب الزكاة، باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه برقم (1004). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب كراهية الصلاة في المقابر، برقم (432)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (777).

على أن القبور ما يصلى فيها، ولا يقرأ عندها، اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا، فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة، هذا يدل على أن البيوت هي محل القراءة، أما القبور فليست محلا للصلاة والقراءة، فالبيت يصلى فيه النافلة، يصلي فيه المريض العاجز عن المسجد، يقرأ في البيت كل هذا طيب، أما القبور فإنما تزار للدعاء لهم، والترحم عليهم، والإحسان إليهم بالدعاء، أما أن يتخذها للصلاة عندها أو للذبح عندها أو للقراءة عندها فهذا بدعة.

حكم الوعظ عند القبور

169 - حكم الوعظ عند القبور س: بالنسبة للوعظ عند القبور ما رأيكم فيه؟ (¬1) ج: الوعظ لا بأس به، النبي وعظ عند القبر جاء عنه صلى الله عليه وسلم من حديث علي، ومن حديث البراء بن عازب، أنه وعظ الناس عند القبر وهم ينتظرون، وعظهم وذكرهم عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (383).

حكم قراءة سورة يس على الميت الذي كان لا يصلي قبل وفاته

170 - حكم قراءة سورة يس على الميت الذي كان لا يصلي قبل وفاته س: كان لي أخ قد وافاه الأجل، وكان مستقيما في سلوكه - أي لا يؤذي أحدا ولا يكذب ولا يرتكب المحرمات - وكل الناس يثنون على أدبه وخلقه، وكان محبوبا من قبل الجميع، ولكنه لم يكن يصلي

ولا يصوم، علما بأنه كان مطربا - أي يغني - ولديه أغان ... ويستمر في سرد مثل هذا الوصف، ويقول في نهاية رسالته: إنه يقرأ عليه سورة يس عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «يس قلب القرآن، لا يقرأها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر الله له، واقرؤوها على موتاكم (¬1)» ولكني سمعت من برنامجكم الكريم بأن الشخص الميت لا يصل إليه ثواب قراءة القرآن، أرجو التوجيه، جزاكم الله خيرا (¬2) ج: الذي لا يصلي حالته سيئة جدا، وقد اختلف العلماء في كفره، إذا كان يقر بأن الصلاة واجبة، ويعرف أنها واجبة وفرض، ولكنه يتساهل، فلا يصلي، فذهب جمع من أهل العلم إلى أنه عاص، ومعصيته كبيرة أعظم من الزنى، وأعظم من السرقة، ولكنه لا يكون كافرا، بل تحت مشيئة الله، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه، إذا كان موحدا مسلما يعبد الله وحده ويعلم أن الصلاة فريضة، ولكنه يتساهل، والقول الثاني: أنه يكفر كفرا أكبر ولو أقر بوجوبها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬3)» أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم في ¬

_ (¬1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (ج15، برقم 16905). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (100). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث بريدة الأسلمي، رضي الله عنه برقم (22428).

الحديث الآخر: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة (¬1)» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله، رضي الله تعالى عنهما، ولأحاديث أخرى جاءت في الباب، قال عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل رحمه الله: «لم يكن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرون شيئا تركه كفر غير الصلاة (¬2)» يعني أن الصحابة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرون أن الصلاة من الأعمال التي يكفر تاركها، ولو لم يجحد وجوبها، وهذا القول أصح وأظهر دليلا، فنوصيك أيها السائل ألا تدعو لأخيك هذا، ولا تتصدق عنه، لأنه في ظاهر حاله ليس بمسلم، ولا تدعو عليه أيضا ولا تسبه، وأمره إلى الله، وأما قراءة القرآن: هل يحلق بالميت وينفعه، فهذا أيضا فيه خلاف بين أهل العلم، فمن أهل العلم من قال: إن القراءة تنفع الميت إذا قرأ عليه - يعني: إذا قرأ له؛ ثوب له - قرأ بعض القرآن وجعل ثوابها له، وقال آخرون من أهل العلم: ليس عليه دليل ولا يلحق؛ لأن القرب والعبادات توقيفية، فلا يصار إلى شيء منها إلا بدليل، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن الصحابة ما يدل على القراءة للأموات، وحديث معقل بن يسار في سورة يس ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2622).

ضعيف، ولو صح لكان المراد به المحتضر: «اقرؤوا على موتاكم يس (¬1)» يعني: المحتضر الذي قد دنا أجله حتى يستفيد وحتى يتذكر، لعل الله يحسن له الخاتمة، فالمعنى: اقرؤوا على المحتضر - على من دنا أجله، من دنا موته - سورة يس، لكنه حديث ضعيف، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم: «لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله (¬2)» رواه مسلم في الصحيح، معناه: لقنوهم عند حضور الأجل حتى يختم لهم بها، وحتى تكون هذه الكلمة آخر كلامهم، وهي: لا إله إلا الله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله دخل الجنة (¬3)» وهذا يدل على أن معنى الموتى المحتضرون، لقنوا موتاكم، يعني: محتضريكم، وبذلك يعلم أن القراءة للموتى ليس عليها دليل، والأظهر عدم وصولها إليهم، ولكنهم ينتفعون بالصدقة عنهم، بالدعاء لهم، بالحج عنهم، بالعمرة عنهم، بقضاء الدين الذي عليهم، كل هذا ينتفعون به بإجماع المسلمين، أما الصلاة عنهم والقراءة لهم فهذا لا يصل إليهم على الصحيح، فإذا كانوا مسلمين فإنهم ينتفعون بذلك، ومن كان غير مسلم لا ينتفع، ومن ترك الصلاة حكمه حكم الكفار على الصحيح. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث معقل بن يسار رضي الله تعالى عنه، برقم (19790)، وأبو داود في كتاب الجنائز، باب القراءة عند الميت، برقم (3121)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء فيما يقال عند المريض إذا حضر، برقم (1448). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب تلقين الموتى لا إله إلا الله، برقم (917). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب في التلقين، برقم (3116).

حكم قراءة سورة الملك ويس أثناء دفن الميت

171 - حكم قراءة سورة الملك ويس أثناء دفن الميت س: ما حكم قراءة سورة يس وسورة الملك في أثناء دفن الميت وبصوت مرتفع؟ (¬1) ج: لا يقرأ عند دفنه لا يس ولا الملك ولا غيرهما، ليس هذا بمشروع، لا يقرأ القرآن عند دفنه ولا بعد دفنه، كله غير مشروع، وإنما تقرأ يس عند المحتضر، يستحب أن تقرأ عند المحتضر قبل أن يموت ليسمعها ويستفيد، وإذا قرئ عنده غيرها أيضا فلا بأس من القرآن أو الأحاديث، كل هذا لا بأس به ليستفيد، ويكون ذلك أقرب إلى استحضار عظمة الله، وإخلاصه لله ودعائه له سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (151).

س: ما حكم قراءة القرآن للميت بعد الدفن بعدة أيام؟ هل يستفيد منها خاصة قراءة سورة يس، وتبارك، وقل هو الله أحد، أم أن الدعاء له أن يرحمه ويغفر له ربه أنفع؟ وما الذي ورد عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في ذلك؟ (¬1) ج: الذي ورد هو الدعاء للموتى والترحم عليهم، أما أن يقرأ لهم القرآن عند القبور أو في مكان آخر، فهذا لا نعلم له أصلا، وإن كان قاله بعض أهل العلم واستحبه بعض أهل العلم، وقالوا: إنه يلحق الميت وينفعه، لكن ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (133).

ليس عليه دليل، فالذي ينبغي أن يكون الإحسان للميت بالدعاء والصدقة له والحج عنه والعمرة عنه وقضاء دينه، هذا هو الذي ينبغي، وهذا هو الذي جاء في الأحاديث الصحيحة، الصدقة عن الميت، الدعاء بالمغفرة والرحمة، قضاء دينه، الحج عنه، العمرة عنه، هذا هو المحفوظ، أما أن يقرأ عنه أو يقرأ له سورة يس أو تبارك في أي مكان، أو عند القبور، فهذا لا أصل له ولا ينبغي وليس بمشروع، وإنما تشرع قراءة " يس " عند المحتضر قبل أن يموت لينتفع بذلك وليوعظ ويذكر، ويقرأ عنده القرآن هذا ينفعه قبل أن يموت، أما بعد الموت فقد انتهى الأمر، ومما قد يقع من بعض الناس أن بعض الناس يقرأ في القبر، إذا انحفر القبر جعل يقرأ فيه، وبعضهم يؤذن فيه ويقيم، هذا كله بدعة لا أصل له، لا أذان في القبر ولا إقامة في القبر ولا قراءة في القبر، كل هذا مما أحدثه الناس، والله المستعان.

حكم قراءة سورة الإخلاص دبر كل صلاة وإهداء ثوابها للميت

172 - حكم قراءة سورة الإخلاص إحدى عشرة مرة دبر كل صلاة، وإهداء ثوابها للميت س: توفي والدي - عليه رحمة الله - منذ شهرين، وبالعادات عندنا بالسودان بدون سند أن يقرأ الابن لوالده المتوفى دبر كل صلاة سورة الإخلاص إحدى عشرة مرة، ويهب ما تلاه لروح المرحوم والده، هل لهذا العمل من دليل؟ أفيدونا عنه جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (134).

ج: هذا العمل ليس له دليل بل هو بدعة، ولو اعتاده جماعتكم فإن البدع لا تبررها العادات، فالواجب ترك هذه البدعة والحذر منها، ويكفي أن تدعو لأبيك وأن تتصدق عنه، هذا هو المشروع، فالدعاء والصدقة والحج عنه والعمرة كل هذا ينفعه بإذن الله فنوصيك بالاستكثار من الدعاء لوالدك بالمغفرة والرحمة، وهكذا الصدقة عنه إذا تيسر ولو بالقليل، والله جل وعلا يثيبك ويخلف عليك ما أنفقت في هذا السبيل بالخلف العظيم، ويأجرك على دعواتك لأبيك، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (¬1)» الذي يلحق بالميت بعد وفاته دعاء الولد، والولد يشمل الذكر والأنثى البنت والابن، كلاهما يقال له ولد، كما قال الله سبحانه: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} (¬2) فالأولاد تطلق على الذكور والإناث، والولد يقال للذكر والأنثى، ويقال للذكر: ابن، وللأنثى: بنت، فقوله صلى الله عليه وسلم: «أو ولد صالح يدعو له (¬3)» يعني: الذكر أو الأنثى، فمن البر للوالد بعد وفاته الدعاء له، وقد سئل عليه الصلاة والسلام، سأله بعض الصحابة، قال له: «يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما؟ قال ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631). (¬2) سورة النساء الآية 11 (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631).

عليه الصلاة والسلام: " نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما (¬1)» فذكر خمسة أشياء: الصلاة عليهما يعني الدعاء لهم، ومن الصلاة عليهما صلاة الجنازة أيضا، والاستغفار لهما طلب المغفرة لهما، والثالث: إنفاذ عهدهما من بعدهما، إذا أوصيا بشيء ينفذه، إذا كانت وصية لا تخالف الشرع ينفذها، والرابع: صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، كإكرام أعمامك وعماتك وأخوالك وخالاتك، والإحسان إليهم، وصلتهم، كل هذا من بر والديك، والخامس: إكرام صديقهما، إذا كان لهما صديق تكرمه بما تستطيع بالكلام الطيب، والزيارة، والدعوة إلى البيت، وإكرام الضيافة، ومواساته، إن كان فقيرا، كل هذا من إكرام الصديق، والله المستعان. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب باب في بر الوالدين برقم (5142) وابن ماجه في كتاب الأدب، باب صل من كان أبوك يصل، برقم (3664).

حكم قراءة الفاتحة عقب كل صلاة على روح النبي صلى الله عليه وسلم

173 - حكم قراءة الفاتحة عقب كل صلاة على روح النبي صلى الله عليه وسلم س: السائل ع. ح. ع. من الجمهورية اليمنية يقول: هل يجوز قراءة الفاتحة عقب كل صلاة على روح النبي صلى الله عليه وسلم، أم أن

هذا بدعة، وكيف نعرف البدعة يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: هذا بدعة ليس له أصل في الشرع، والبدعة هي: فعل شيء ما شرعه الله، هذا بدعة، تعبد بشيء لم يشرعه الله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)» أي هو مردود. وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬3)» وقال عليه الصلاة والسلام: «كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (¬4)» فالتعبد بشيء ما شرعه الله يسمى ضلالة، فهذه القراءة للنبي - صلى الله عليه وسلم - قراءة مخصوصة أو مطلقة، هذا ما شرعه الله، فأنت تصلي عليه، تقول: اللهم صل وسلم على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم اجزه عنا خيرا كما أحسن إلينا، هكذا تكثر من الصلاة عليه، عليه الصلاة والسلام، وتدعو له وتثني عليه، وتتبع سنته، تحرص على اتباع السنة، والاستقامة على دينه، والعمل بشرعه، أما القراءة له فما شرع الله القراءة له، ولكن تصلي عليه، وتسلم عليه وتدعو له، إلى ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (394). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (867).

غير هذا من الدعوات الطيبة.

حكم قراءة سورة الإخلاص على روح الميت

174 - مسألة في حكم قراءة سورة الإخلاص على روح الميت س: أرجو إفادتي عن قراءة سورة الإخلاص على روح الميت في أي وقت من الأوقات، أو في أي مكان من الأمكنة؟ (¬1) ج: لا نعلم لقراءة سورة الإخلاص للموتى شيئا واضحا، ولا عن السلف الصالح لكن يجوز أن تقرأ القرآن، وأن تجعل ثوابه لوالديك أو غيرهم، هذا يراه الأكثر من أهل العلم أنه لا حرج في ذلك، أما تخصيص سورة معينة لبعض الناس فلا أعلم له أصلا، ولا نعلم أصلا أيضا لتجويز ثواب القرآن للموتى، لكن بعض أهل العلم الذين أجازوه قاسوا ذلك على الصوم، وقاسوا على الدعاء والصدقة، هذا وجه ما قاله الأكثرون من تجويز القرآن لوالديك أو غيرهم، وأما تخصيص سورة الإخلاص أو الكافرون، أو سورة من السور، أو آية يهدى ثوابها لأناس معينين فما نعلم له أصلا، إلا أن ذلك داخل في العموم عند من أجاز تثويب القرآن، والأولى عندي والأفضل عندي عدم الإجازة لعدم النقل عن السلف الصالح بخلاف الدعاء لهم والصدقة عنهم. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (23).

حكم رفع الأيدي وقول الفاتحة للمرحوم عند العزاء

175 - حكم رفع الأيدي وقول الفاتحة للمرحوم عند العزاء س: السائل ع. م. أ. سوداني ومقيم بالرياض يقول: عندنا عادة، وهي عند وفاة شخص يحضر الناس للمأتم، وعند حضور أي شخص يرفع يديه ويقول: الفاتحة للمرحوم فلان، ويرفع بقية الجالسين أيديهم أيضا ويقرؤون عند رفعها سورة الفاتحة والإخلاص فما حكم الشرع في نظركم يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: هذه القراءة وهذا الرفع بدعة لا أصل لها، ولا يجوز فعل ذلك لعدم الدليل، والرسول عليه السلام يقول: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬3)» ويقول: «كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (¬4)» ولم يكن يفعل هذا هو ولا أصحابه رضي الله عنهم، أما المأتم ففيه تفصيل إن كان مجيئهم للتعزية فقط فلا بأس، أما كونه للطعام يصنعون لهم طعاما ويجتمعون عندهم فهذا لا يجوز، يقول جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: «كنا نعد الاجتماع إلى الميت وصناعة الطعام بعد الدفن من ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (412). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (867).

النياحة (¬1)» أما إذ زاروهم للتعزية فقط، سلموا عليهم وعزوهم ولو شربوا قهوة أو شايا ما يخالف، أما أن يحط مأتم، أهل الميت يصنعون طعاما للناس، فهذا لا يجوز. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده: من حديث عبد الله بن عمرو برقم (6866).

س: يقول هذا السائل: أسأل عن قراءة الفاتحة مثلا على أرواح الموتى، هل هذا جائز؟ (¬1) ج: ليس له أصل، لا الفاتحة ولا غيرها، لا يقرأ على الموتى لا الفاتحة ولا غيرها، القراءة على الأموات ليس لها أصل، ولكن يدعى لهم بالمغفرة والرحمة، يتصدق عنهم، هذا هو المشروع، يحج عن الميت يعتمر عنه، أما أن يقرأ له القرآن، فهذا لا أصل له. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (374).

س: ما حكم قراءة الفاتحة على أرواح الموتى؟ (¬1) ج: ليس لهذا أصل مما ذكر، استحبه بعض العلماء، ولكن الصحيح لا يستحب قراءة الفاتحة ولا غيرها للأموات ولا غيرهم، فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم بها شيء، ولا شرعية لقراءة القرآن الذي يثوب للموتى أو غيرهم، ولكن تقرؤه لتستفيد، لتعمل به، لتعرف معناه وتعمل به، لا تثوبها لغيرك، ولكن تقرؤه للعمل وللعلم وللفائدة، أما قراءته حتى ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (265).

تثوب لغيرك من الأموات وغيرهم فهذا لا دليل عليه، والمشروع تركه، ولكن تقرؤه لتعمل به وتعرف معناه، وليحصل الثواب من الله على القراءة والعمل.

س: ما حكم قراءة الفاتحة على الأموات في المقابر؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا شيء لا أصل له، ولا تشرع القراءة على القبور لا الفاتحة ولا غيرها، القراءة على القبور بدعة، والقراءة عندها كذلك، السنة زيارتها للسلام عليهم والدعاء لهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة (¬2)» وكان يعلم أصحابه صلى الله عليه وسلم إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (¬3)» «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬4)» هكذا السنة، يدعو لهم ويستغفر لهم يسلم عليهم، أما أن يقرأ فهذا لا أصل له، فلا تشرع القراءة للموتى، ولا القراءة عند القبور، ولم يفعله المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه رضي الله عنهم. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (316). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974).

س: امرأة تسأل عن الفاتحة على روح الميت كما يفعله كثير من الناس، ما الحكم فيها؟ (¬1) ج: ليس في هذا أصل، القراءة للميت الفاتحة وغيرها ليس في هذا أصل، هذا هو الصواب، إنما يدعى للميت بالمغفرة والرحمة، ودخول الجنة والنجاة من النار، ويتصدق عنه بالمال، يحج عنه، يعتمر عنه، هذا هو الوارد، أما أن يقرأ عنه القرآن ويثوب فهذا ليس له أصل فيما نعلم، هذا هو الصواب. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (333).

س: أختنا تسأل عن حكم قراءة الفاتحة على الميت، في أي وقت؟ (¬1) ج: ليس للقراءة على الميت أصل، فلا يشرع أن يقرأ على الميت لا الفاتحة ولا غيرها، الميت انقطع عمله بالموت، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (¬2)» والولد يشمل الذكر والأنثى، من علم خلفه للناس على تلاميذه، ونشره في الناس أو في كتب ألفها أو اشتراها ووزعها بين الناس، فاستفادوا منها، أو صدقة جارية وأوقاف سبلها حتى يتصدق منها في وجوه الخير، وفي المشاريع الخيرية، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (138). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631).

كعمارة تؤجر على وقف تصرف أجورها في نفع المسلمين، وكتعمير المساجد، ومواساة الفقراء، وإقامة المشاريع الخيرية ونحو ذلك، أو ولد صالح يدعو له سواء كان ذكرا أو أنثى، الولد يشمل هذا وهذا كما قال عز وجل: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} (¬1) من الذكور والإناث، الولد يشمل الذكر والأنثى، فمعنى قوله صلى الله عليه وسلم: «أو ولد صالح (¬2)» يعني: ابن أو بنت يدعو للميت، هذا ينفع الميت إذا دعا له ولده - يعني ابنه أو بنته - إذا دعوا له في ظهر الغيب كان هذا مما ينفعه، فينبغي للولد ذكرا كان أو أنثى أن يكثر من الدعاء لوالده ووالدته بالمغفرة والرحمة وتكفير السيئات وبالمنازل العالية، هكذا ينبغي للذكر والأنثى أن يدعوا لوالديهما، أما قراءة الفاتحة للميت فلا أصل لها، لا يقرأ الفاتحة على الميت ولا غير الفاتحة، ليس هذا مشروعا، ولا يقرأ للأموات الفاتحة ولا غيرها، هذا هو الصواب بعض أهل العلم يقول: يلحق ثواب التلاوة للميت، ولكن ليس عليه دليل، فالأفضل ترك ذلك، والأحوط ترك ذلك، وأن يستعمل الدعاء والصدقة والحج عن الميت، والعمرة كذلك، كل هذا ينفعه. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 11 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631).

س: السائلة ف. من مصر تقول: اعتاد بعض الناس عند ذهابهم للمقابر أن يقرؤوا الفاتحة والإخلاص والمعوذتين، فهل يصل الثواب

للأموات؟ وما رأيكم سماحة الشيخ في توزيع الخبز والفواكه والخضروات عند القبور؟ وهل يجوز أهل العلم هذه الأشياء؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: القراءة عند القبور غير مشروعة بل بدعة، لا يجوز قصد القبور للقراءة عندها لا الفاتحة ولا غيرها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر، فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة (¬2)» فدل على أن القبور ما هي بمحل صلاة ولا محل قراءة، البيوت والمساجد هي محل القراءة، ومحل الصلاة، فالمساجد محل صلاة الفريضة، ومحل القراءة، والبيوت محل صلاة النافلة والقراءة، أما المقابر فليست محلا للصلاة، ولا محلا للقراءة، ولكن من زارها يدعو للميتين، يستغفر لهم ويترحم عليهم ويتذكر الآخرة وأنه صائر إلى ما صاروا إليه حتى يعد العدة للقاء الله. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (388). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته .... برقم (780).

س: السائل ح. ع. من مصر يقول: هل يجوز لي أن أقرأ القرآن على قبر والدي، وأن أقرأ الفاتحة عليه؟ وهل يصل أجر قراءتي لهذا القرآن أم أنني أكتفي بالدعاء؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (388).

ج: ليس لك القراءة، ولا تجوز القراءة على القبور، ولكن الدعاء يكفي، النبي صلى الله عليه وسلم دعا للموتى، وقال عليه الصلاة والسلام لأصحابه، وعلمهم إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (¬1)» وفي اللفظ الآخر: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬2)» هذا هو السنة أما القراءة فغير مشروعة بل بدعة. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974).

بعض ما ينفع الميت من الأعمال

176 - بيان بعض ما ينفع الميت من الأعمال س: من الأخوين ع. ع. و - م. ع. رسالة يقولان فيها: ما هو العمل الذي ينفع الميت؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الأعمال التي تنفع الميت كثيرة، منها الدعاء للميت بالمغفرة والرحمة، والنجاة من النار، ومضاعفة الحسنات، فالدعاء للأموات من المسلمين من أهم القربات والطاعات، بل شرع الله - جل وعلا - صلاة الجنازة لما فيها من الدعاء للميت والترحم عليه، ومنها الصدقة للميت، كونه قريبه أو أخاه في الله يتصدق عنه هذا مما ينفع الميت، بالنقود أو ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (318).

بالطعام، أو بالملابس أو بغير ذلك من أنواع المال، فالصدقة تنفع الميت بإجماع المسلمين، وبالنص عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهكذا الحج عنه والعمرة عنه، وقضاء دينه، كل هذا ينفعه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (¬1)» فالوصية لجميع إخواننا المسلمين الدعاء لإخوانهم المسلمين، الدعاء لأقاربهم، ووالديهم المسلمين، الدعاء لهم والترحم عليهم، والصدقة عنهم كل هذا ينفعهم كثيرا. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631).

س: سماحة الشيخ يستفسر كثير من الناس عن إهداء ثواب الأعمال، فما حكمها، وما هو أفضل شيء يعمله الإنسان لوالديه المتوفين؟ (¬1) ج: الوارد في الأحاديث إنما هو الصدقة عن الميت وعن الحي، والحج عن الميت والعمرة عنه، وعن العاجز لكبر سن، أو مرض لا يرجى برؤه، والدعاء كذلك، أما كونه يصلي عنه أو يصوم عنه فلا، هذا غير مشروع، المشروع أن يدعو له ويتصدق عنه، هذا المشروع، أما الحج عن الميت أو العاجز أو العمرة عنه فلا بأس، وهكذا الصدقة عن الحي والميت، الصدقة طيبة ونافعة للحي والميت، وهكذا الدعاء للحي والميت. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (404).

س: ما أفضل شيء يصل إلى الميت بعد وفاته يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: السنة الدعاء له، والصدقة عنه، كل هذا ينفع الميت، والسنة لأقاربه وغيرهم الدعاء بالمغفرة والرحمة والصدقة عنه، والحج عنه، والعمرة له، كله طيب. قيل: «يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به؟ قال: " نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما (¬2)» «وقال رجل: يا رسول الله، إن أمي ماتت، فهل لي أجر إن تصدقت عليها؟ قال النبي: " نعم (¬3)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (¬4)» وقال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} (¬5) الآية. وشرعت الصلاة على الميت لهذا بالدعاء له بعد موته، والترحم عليه في صلاة الجنازة. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (425). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب باب في بر الوالدين برقم (5142) وابن ماجه في كتاب الأدب، باب صل من كان أبوك يصل، برقم (3664). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب موت الفجأة البغته برقم (1388) ومسلم في كتاب الزكاة، باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه برقم (1004). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631). (¬5) سورة الحشر الآية 10

حكم إخراج الصدقة عن الصديق الميت

177 - حكم إخراج الصدقة عن الصديق الميت س: تقول هذه السائلة: لها صديقة توفيت، فهل إذا تصدقت لها من مالها الخاص هل يصلها الثواب لا سيما أن لها ولدا؟ (¬1) ج: نعم، إذا تصدقت المرأة لبعض أقربائها وصديقاتها فلا بأس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية ... (¬2)» فإذا تصدق، أو أوقف شيئا نفعه، وإذا تصدق عنه غيره نفعه ذلك كما ينفعه الدعاء، فإذا تصدقت عن زميلتها وصديقتها أو قريبتها تصدقت عنها أو دعت لها بعد الموت أو حجت عنها أو اعتمرت كله طيب، ينفع الله به الموتى. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (435). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631).

معنى الصدقة الجارية

178 - بيان معنى الصدقة الجارية س: ماذا تعني كلمة الصدقة الجارية بالنسبة للميت، وكذلك العلم الذي ينتفع به؟ (¬1) ج: الصدقة الجارية، يعني: مستمرة، التي تبقى بعد موت الشخص، وتستمر حسب التيسير، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (311).

انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (¬1)» فإذا سبل بيتا مثلا تصرف أجرته في أعمال الخير، صدقة للفقراء، في مساعدة طلبة العلم، في الحج، في العمرة، في الأضاحي، كل هذا صدقة جارية، أو سبل أرضا تزرع بالإيجار، تصرف الأجرة في أعمال الخير، أو دكانا - يعني: حانوتا - يؤجر، وتصرف أجرته في أعمال الخير، كل هذه صدقة جارية، وهكذا لو جعل في بيته شيئا معلوما، قال: في بيته كل سنة مائة ريال أو ألف ريال يتصدق به على الفقراء، يبقى في البيت، وهكذا من صار إليه البيت، ولو بالشراء يخرج هذه الصدقة الجارية، وأما العلم النافع فمعناه تعليم الطلبة، تعليم الناس العلم، الطلبة الذين يخلفم ينتفع الناس بتحصيلهم العلم، يكون له أجر في تعليم الناس وانتفاعهم هم أيضا، انتفاعهم بتعليم الناس العلم، بالإصلاح والتعليم، والتذكير ونحو ذلك، يكون له أجر في ذلك، لهم أجر، وله أجر، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير، فله مثل أجر فاعله (¬2)» فهو له أجر التعليم والدلالة عليه، ولهم أجرهم أيضا للتعليم والدلالة على الخير، وفضل الله واسع، وهكذا لو ألف مؤلفات نافعة هو ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب أو غيره، برقم (1893).

من تعليم العلم أيضا، فالأئمة رحمهم الله الذين خلفوا كتبا نافعة أجرهم باق مثل: البخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وغيرهم. لهم أجر هذه الكتب النافعة التي خلفوها رحمة الله عليهم، وهكذا كل مسلم يخلف كتابا نافعا مفيدا ينتفع به الناس له أجره.

نفع الصدقة الجارية من الكتب والأموال للميت

179 - بيان نفع الصدقة الجارية من الكتب والأموال للميت س: من ورث مكتبة يا سماحة الشيخ، أو أهداها إلى إحدى دور العلم مثلا، هل يعتبر عمله من العلم النافع؟ (¬1) ج: كذلك إذا كان عنده مكتبة فيها كتب نافعة مفيدة، وجعلها في المكتبات العامة النافعة، أو وقف شيئا من ماله، أو وكل عليها من يلاحظها ويعتني بها، ويفتحها للناس يكون له أجر ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (311).

س: السائل ح. من المدينة يقول: الصدقة الجارية هل تصل إلى الميت، وهل المال أيضا يصل أجره إلى الميت؟ (¬1) ج: نعم، الصدقة تصل إلى الميت إذا تصدق عنه غيره وأحسن بالنية عنه بماء أو مال أو غيرهما، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والستون من الشريط رقم (430).

صالح يدعو له (¬1)» ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631).

س: ما هي الأشياء التي من الممكن أن يقدمها الإنسان الحي للإنسان الميت لفائدته، وهل ختم القرآن يجوز كهدية للميت، وهل الصدقة تجوز عنه أيضا؟ (¬1) ج: الميت ينتفع بالصدقة عنه، والدعاء له، والحج عنه والعمرة، كل هذه تنفعه، وقضاء الدين إن كان عليه دين، كل هذا ينفع الميت، أما إهداؤه القرآن فلا دليل عليه، وليس بمشروع إهداء القرآن، يعني: كونه يقرأ من أجله ويهدي ثوابه له هذا ليس بمشروع على الصحيح، أما الصدقة عنه، فهذا ينفعه بإجماع المسلمين، وهكذا الدعاء له بالمغفرة والرحمة ورفع الدرجات والعفو عن السيئات ينفعه بإجماع المسلمين، وهكذا إذا حج عنه أو أعتمر عنه ينفعه، وهكذا إذا أدى دينه إن كان عليه دين، كل هذا ينفع الميت. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (271).

س: السائل م. ف. س. إذا كان والدي متوفى، وأريد أن أتصدق له بصدقة جارية، هل ثوابها يكون له أم لي؟ (¬1) ج: إذا تصدقت عنه بصدقة جارية يكون لك أنت وإياه، له أجر ولك ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (275).

أجر، إذا تصدقت عنه بمال دفعته عنه، أو بيت وقفته له، أو دكان، أو نخل، أو أرض تصرف غلتها في مصالح المسلمين، أو في الفقراء، أو في عمارة المساجد، أو في تعليم القرآن، كل هذا طيب، له أجر ذلك، وأنت لك أجر في هذا الوقف، والله سبحانه فضله واسع، فضله واسع يعطيك أجرا عظيما، ويعطي والدك، الصدقة تصل الوالد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (¬1)» وسئل عليه الصلاة والسلام، سأله رجل قال: «يا رسول الله، إن أمي ماتت ولم توص، فلها أجر إن تصدقت عنها؟ فقال النبي: " نعم (¬2)» فأنت يا أخي تصدق عن والديك، وعن أقاربك المسلمين، وأبشر بالخير، ولك أجر في الوقف وغيره. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب موت الفجأة البغته برقم (1388) ومسلم في كتاب الزكاة، باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه برقم (1004).

بعض ما ينفع الميت وما لا ينبغي فعله

180 - مسألة في بيان بعض ما ينفع الميت وما لا ينبغي فعله س: الدعاء أفضل شيء للميت، فهل يصل إليه ثواب التسبيح والأذكار وقراءة القرآن الكريم والصلاة، وصيام التطوع، وتقديم الصدقة من ثياب وطعام ونحوها؟ مع العلم بأن ثواب هذه الأعمال يكون

للميت، وليس لفاعلها نصيب في ثوابها، حيث إن ذلك قد ورد في إحدى حلقات نور على الدرب، ولكن فاعلها يكررها له أيضا مثل قراءة سورة الإخلاص عشر مرات، وينوي ثوابها للميت، ثم يقرؤها عشر مرات أخرى لنفسه، علما بأن الميت لم يبلغ سن التكليف؟ (¬1) ج: الصدقة للميت تنفع الميت؛ من ملابس ونقود وطعام، بإجماع المسلمين، وهكذا الدعاء للميت بالمغفرة والرحمة، ورفع المنازل والنجاة من النار تنفع الميت، سواء كان الميت بالغا أو قبل أن يبلغ، فالدعاء والصدقات كلها تنفع الميت، الميت ينتفع بالصدقات والدعاء وإن كان صغيرا لم يبلغ، وهكذا الحج والعمرة، أما القراءة - قراءة القرآن - للميت أو التسبيح أو التهليل، فهذا لا نعرف فيه حجة، وليس عليه دليل أنه يلحق الميت، فالأفضل والأحوط ترك ذلك، بل زعم بعض أهل العلم أنه يلحق الميت، ولكن ليس له دليل فيما نعلم، كونه يقرأ للميت أو يسبح أو يهلل له أو يصوم له متطوعا، ليس عليه دليل فيما أعلم، وإنما المعروف بالأدلة الشرعية الدعاء له والصدقة عنه، والحج عنه، والعمرة عنه، وقضاء لدينه، هذا ينفعه، الصوم عنه، إن كان عليه صوم رمضان، أو صوم نذر، أو كفارة يصام عنه، هذا ينفعه لقول النبي عليه الصلاة ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (310).

والسلام: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه (¬1)» أما من مات وعليه صوم نذر أو صوم رمضان أو صوم كفارة فيصام عنه، أما أن يصوم تطوعا أو يصلي تطوعا فليس عليه دليل فيما نعلم، إنما الدليل فيما إذا كان عليه صوم واجب، فهذا مستحب الصيام عنه، فإن لم يتيسر الصيام عنه أطعم عنه كل يوم مسكينا، الطعام نصف صاع، فإذا لم يتيسر الصوم عنه إذا أفطر في رمضان من سفر، أو المرأة في الحيض أو النفاس، ثم تساهلت وماتت قبل أن تقضي، أو مات الرجل بعد السفر قبل أن يقضي، فإنه يشرع الصيام عنه في أقاربه أو غيرهم، فإن لم يتيسر أطعم من التركة نصف صاع عن كل يوم مسكينا. والميت إذا دعا عنه قريبه أو أي شخص أو حج عنه أو اعتمر، فإنه ينفعه ذلك، الفاعل له أجر، والميت له أجر، والله الموفق. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952) ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147).

حكم تثويب الاستغفار للميت

181 - حكم تثويب الاستغفار للميت س: ما حكم تثويب الاستغفار للميت؟ وأيهما أفضل يا سماحة الشيخ وضع برادة ماء وقف عن شخص ميت أم توضع في مساعدة حج من أسلم حديثا عن طريق مكاتب الجاليات؟ وفقكم الله.

ج: التبرع بالاستغفار وتثويبه له ليس بمشروع، لكن الدعاء، تقول: اللهم اغفر له. أما أن تستغفر لنفسه، وتقول: اللهم اجعل ثوابه له فهذا لا أصل له، لكن تقول: اللهم اغفر لفلان، اللهم ارحمه، اللهم أنجه من النار، هذا دعاء تدعو له، والصدقة بالماء في المساجد للصوام وغيرهم قربة، ومساعدة المحتاج في الحج قربة، كلها قرب طيبة وعظيمة النفع وفيها ثواب جزيل، أما التفضيل بينها، فالله أعلم، لكن إيجاد الماء في المساجد ينفع الله به جما غفيرا. أما المساعدة في الحج في مساعدة فردية.

حكم الدعاء والاستغفار للميت

182 - مسألة في حكم الدعاء والاستغفار للميت س: يسأل المستمع ع. م. ويقول: أرجو أن تدلونا على الأدعية التي تقال للميت، وعن أفضل هذا الدعاء، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: النبي عليه الصلاة والسلام أمر بالاستغفار للميت، كان إذا فرغ من دفن الميت وقف على القبر وقال: «استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل (¬2)» والله يقول سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} (¬3) يعني: من بعد الصحابة: {يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} (¬4) ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (392). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف برقم (3221). (¬3) سورة الحشر الآية 10 (¬4) سورة الحشر الآية 10

فالدعاء للميت يدعى له بالمغفرة وبالرحمة، ودخول الجنة والنجاة من النار، هذه الدعوات التي شرعها الله للموتى، أن يدعى لهم بالمغفرة والرحمة، ودخول الجنة والنجاة من النار، وأن يضاعف الله حسناتهم ويرفع درجاتهم هذه الدعوات الطيبة للموتى من المسلمين.

س: الأخ ع. ح. يسأل ويقول: ما هو الشيء الذي إذا فعله الإنسان الحي يصل ثوابه إلى الميت؟ وجهونا جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: الدعاء للميت، والصدقة عن الميت، والصلاة عليه بصلاة الجنازة، والحج عنه، والعمرة عنه، وقضاء دينه إذا كان عليه دين، كل هذا ينفعه حيا وميتا. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (290).

حكم طلب العفو للميت من الأحياء الحاضرين

183 - حكم طلب العفو للميت من الأحياء الحاضرين س: يسأل المستمع ويقول: بعض الناس عندما يقال: فلان مات، يقول للحاضرين: حللوه أو أبيحوه، هل الأفضل أن يقول مثل ذلك، أو أن يقول: ادعوا له بالمغفرة؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (424).

ج: السنة أن يقال: استغفروا له، أو ادعوا له بالمغفرة، ترحموا عليه، أما إذا كان ما بينهم وبينه شيء فلا حاجة للتحليل، أما إذا كان يعرف أن بينهم حسابات ومنازعات إذا طلب منهم تحليله ومسامحته، جزاه الله خيرا.

فضل بر الوالدين

184 - بيان فضل بر الوالدين س: السائل ع. ي من اليمن يقول: توفي والدي - يرحمه الله - وكنت أراه والحمد لله مداوما على الصلاة محافظا على الخير، وأريد أن أقدم له عملا يزيد من حسناته، ويخفف من سيئاته، فبماذا يتمثل هذا العمل - جزاكم الله خيرا - هل هو بتلاوة القرآن وإهدائها له، أم التصدق أم الدعاء له؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: إن بر الوالدين، من أهم الواجبات ومن أعظم الفرائض كما قال الله جل وعلا في كتابه العظيم: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (¬2) قال سبحانه: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} (¬3) برهما من أهم القربات وأفضلها، قد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم فقيل: «يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد مماتهما؟ قال: " الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (368). (¬2) سورة الإسراء الآية 23 (¬3) سورة لقمان الآية 14

الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما (¬1)» كل هذا من حقهما، نوصيك أيها السائل بكثرة الدعاء لوالديك لأبيك ولأمك، والصدقة عنهما كذلك بالقليل والكثير على الفقراء والمحاويج، ولا سيما فقراء الأقارب بالنية عن والدك أو عن والديك جميعا، وعن نفسك معهم كذلك، وإذا كان له وصية شرعية تنفذها، كالإيصاء بالثلث أو الربع في أعمال البر، في وجوه الخير، في ضحايا، في حج، في صدقات، عليك التنفيذ كذلك صلة الأقارب من أعمامك وبني عمك وأجدادك، تصلهم وتحسن إليهم بالهدية، بالصدقة بالدعاء، بالزيارة، كذلك الأصدقاء، إذا كان لأبيك أصدقاء تكرمهم وتحسن إليهم، كل هذا من حق والدك، ومن حق أمك أيضا، أما القراءة لهما فغير مشروعة، لم يذكر الشرع القراءة للأموات، فاقرأ لنفسك، وتقرأ وتسأل ربك أن يتقبل منك، وأن يثيبك، أما إهداء القرآن إلى غيرك فلا، لأنه لم يرد في الشرع لكن الدعاء للوالدين والصدقة عنهما، الحج عنهما، العمرة عنهما بعد وفاتهما، كل هذا طيب، إكرام أصدقائهما بالصدقة، بالزيارة، إكرام أقاربك من أبيك وأمك من أعمام، عمات، أخوال وخالات وغيرها، كل هذا من بر والديك، وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب باب في بر الوالدين برقم (5142) وابن ماجه في كتاب الأدب، باب صل من كان أبوك يصل، برقم (3664).

تأثر الميت بمعصية ولده

185 - مسألة تأثر الميت بمعصية ولده س: إذا كان بعض من إخواني سواء كانوا ذكورا أو إناثا يقصرون في بعض الصلوات، هل هذا يؤثر على والدي المتوفى، علما بأن بعض الإناث متزوجات؟ (¬1) ج: إن كان قصر في حياته، لم يأمر أبناءه وبناته ولم يعلمهم فهو على خطر من ذلك، ادع له أن الله يسامحه ويعفو عنه، أما إن كان لم يقصر بل اجتهد في تربيتهم وتعليمهم وأمرهم بالخير، ولكن قصروا بعد وفاته هم، فالإثم عليهم، وليس عليه من ذلك شيء، إذا قصروا بعد وفاته في الصلاة أو في غيرها فالإثم عليهم، لكن في حياته إذا كان قد تساهل في حقهم فهو على خطر، تدعون له بالرحمة والمغفرة والرحمة، إذا كان تساهل معهم ولم يعلمهم ولم يؤدبهم، فقد ترك الواجب عليه، وهو مسؤول عن هذا، وعلى خطر من هذا الشيء، لكن تدعو له بالمغفرة والرحمة والعفو، وعليكم أيضا أن تتواصوا بالخير فيما بينكم، وأن تتناصحوا وأن تجتهدوا في أداء حق الله، وأن تحافظوا على الصلاة في الجماعة، وأن تجتهد مع أخواتك أيضا بنصيحة أخواتك وتوجيههن إلى الخير، وأمرهن بالصلاة والمحافظة عليها في أوقاتها وغير هذا من وجوه الخير كأداء الزكاة، وصوم رمضان والمحافظة عليه، صلة ذات ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (368).

الرحم، إكرام الجار، حفظ اللسان عما لا ينبغي، توصي جميع إخوتك من ذكور وإناث بتقوى الله، توصيهم بطاعة الله ورسوله، وتوصيهم بفعل الخير وترك الشر، وتوجيههم بكثرة التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والذكر وقراءة القرآن، توصيهم بإكرام جيرانهم، وإكرام أقاربهم، وصلة أرحامهم، وأنت على خير، يقول الله عز وجل: {وَالْعَصْرِ} (¬1) {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (¬2) {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (¬3) من أفضل الخصال بالإيمان التواصي بالحق والتناصح، يقول جل وعلا: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (¬4) ويقول سبحانه وتعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (¬5) فأنت أيها السائل عليك أن تتعاون مع إخوانك ومع أقربائك ومع جيرانك على البر والتقوى، وعلى طاعة الله ورسوله، وعلى الصلاة مع الجماعة، وعلى بر الوالدين، وعلى صلة الرحم، وعلى حفظ اللسان عما لا ينبغي، كل هذا من التناصح والتواصي بالحق. ¬

_ (¬1) سورة العصر الآية 1 (¬2) سورة العصر الآية 2 (¬3) سورة العصر الآية 3 (¬4) سورة النحل الآية 125 (¬5) سورة المائدة الآية 2

أفضل ما يفعل للميت بعد وفاته

186 - بيان أفضل ما يفعل للميت بعد وفاته س: والدي توفي، وأريد أن أعرف ما هي الأعمال التي يصل ثوابها إليه، وهل قراءة القرآن إذا كانت نيته للميت يذهب الأجر إليه، وكذلك العمرة؟ أفيدونا أفادكم الله. (¬1) ج: الميت في حاجة إلى الدعاء والصدقة، وأحسن ما يفعل مع الميت الدعاء له بظهر الغيب الدعاء له والترحم عليه، وسؤال الله سبحانه أن يغفر له، ويتغمده بالرحمة، وأن يعفو عنه، ويرفع درجاته في الجنة، ونحو هذا من الدعاء الطيب والصدقة، كذلك بالنقود وبالطعام وبالملابس وبغير هذا من أنواع المال، كل هذا ينفع الميت، وهكذا الحج عنه، وهكذا العمرة عنه، كل هذا ينفع الميت، وإن كان عليه دين وجب البدار بقضائه من ماله إن كان له مال، وإن كان ما له مال شرع لأوليائه وذريته وقراباته أن يوفوا عنه، الوفاء عنه من أعظم الصدقات عليه، كل هذا مطلوب، أما القراءة فلا، لم يأت ما يدل على شرعية ذلك، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن القراءة تنفع الميت، ولكن ليس عليه دليل، فالأولى ترك ذلك، لأنه ليس هناك دليل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه في أن القراءة تصل الميت، وأنه يقرأ له ويثوب له، هذا ليس عليه دليل واضح، فالأولى والأفضل والأحوط ترك ذلك، ولكن ¬

_ (¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (46).

يدعى للميت ويستغفر له، ويترحم عليه، ويتصدق عنه بأنواع المال، ويحج عنه ويعتمر عنه، ويقضى عنه الدين، كل هذا ينفع الميت، ويأجر الله هذا وهذا، الميت ينتفع والفاعل من الأحياء يؤجر على ذلك أيضا، وقد صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (¬1)» وثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أن رجلا سأله قال: إن أمي ماتت، فهل لي أجر إن تصدقت عنها؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " نعم (¬2)» فالصدقة عن الميت تنفعه بإجماع المسلمين، وهكذا الدعاء له بإجماع المسلمين ينفعه، والله المستعان. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب موت الفجأة البغته برقم (1388) ومسلم في كتاب الزكاة، باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه برقم (1004) واللفظ لمسلم.

نفع الدعاء للميت

187 - مسألة في بيان نفع الدعاء للميت س: المستمع يقول في هذا السؤال: إذا مات الميت ودعا له أحد من أهله، مثل والدته أو أبيه أو إخوانه، هل يصله ذلك الدعاء؟ وهل يعلم بالشخص الذي دعا له؟ (¬1) ج: الدعاء ينفع الميت كما ذكر الله عن المؤمنين من السلف الصالح، يقول الله عنهم: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} (¬2) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (388). (¬2) سورة الحشر الآية 10

فالدعاء ينفع الميت، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (¬1)» وشرع الله صلاة الجنازة؛ لأن المسلمين يدعون للميت في صلاة الجنازة بعد التكبيرة الثالثة، يستغفرون له ويترحمون عليه، فالدعاء ينفع الميت بإجماع المسلمين، وهكذا الصدقة عنه، فإذا دعا له أقاربه أو غير أقاربه نفعه ذلك، وهكذا الصدقة عنه، والحج عنه والعمرة، كل هذا ينفعه ويزاد في حسناته، وفي ثقل ميزانه، أما كونه يعلم ذلك، فهذا إلى الله سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631).

توجيه من يرى أحبابه المتوفين في المنام

188 - توجيه من يرى أحبابه المتوفين في المنام س: يسأل ويقول: كان لي أخت توفيت قبل أربع سنوات، لكنني كثيرا ما أراها في المنام وكنت أحبها في حياتها حبا كبيرا، هل هناك توجيه؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: نعم نوصيك بالدعاء لها بالرحمة والمغفرة والدرجات العالية، والصدقة عنها -جزاك الله خيرا - كل هذا طيب، وكونك تراها كثيرا هذا ينشأ من حبك لها من أجل حبك لها، وكونها على بالك تراها في المنام ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (240).

هذا لا حرج فيه، إن شاء الله خير لك وخير لها، تدعو لها وتستغفر لها، تتصدق عنها، كل هذا طيب، بارك الله فيك.

حكم الصدقة عن العاصي بعد موته

189 - حكم الصدقة عن العاصي بعد موته س: تقول السائلة: لدي خال أحبه كثيرا، توفي - رحمه الله - وكان يكثر من شرب الخمر وغيرها، ولكنه كان طيب القلب، ولا يحب الأذى لأحد أبدا، وإذا وجد مالا أعطى المحتاج، ودائما يسعى لعمل الخير، ما رأيكم في هذا يا سماحة الشيخ؟ هل من عمل أقدمه له في حياتي حتى يخفف عنه - جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم - وإذا كان ذلك كقراءة القرآن أو العمرة أو ما أشبه ذلك؟ وجهوني جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: إذا كان يصلي في حياته فالصدقة عنه تنفع، الصدقة عنه تنفع، والدعاء له بالمغفرة والرحمة في سجودك وفي آخر الصلاة وفي كل وقت، والصدقة عنه والحج عنه والعمرة عنه، كل هذا ينفعه إذا كان يصلي، أما إذا كان لا يصلي فالذي لا يصلي كافر مع شرب الخمر - نعوذ بالله - لكن إذا كان يصلي فشرب الخمر معصية ليست بكفر، ليس ردة عن الإسلام، لكنه معصية كبيرة من كبائر الذنوب، وخطرها عظيم، في الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن على الله عهدا ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (364).

لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال " قيل: يا رسول الله، ما طينة الخبال؟ قال: " عصارة أهل النار (¬1)» نسأل الله العافية، وقد قال صلى الله عليه وسلم في صاحب الخمر: «لعن عشرة في الخمر: لعن الخمر، وشاربها، وساقيها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، وشاريها، وآكل ثمنها (¬2)» نعوذ بالله، وقال: «لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن (¬3)» وهذا وعد عظيم، فالمقصود أن عمله قبيح شديد الخطورة، وهو شرب الخمر، لكن لا يكفر بذلك. لكنه قال: أتى هذا كبيرة عظيمة، وصار فاسقا بها، فإذا كان يصلي وليس هناك ما يوجب ردته، فادعي له واستغفري له، وتصدقي عنه، لعل الله أن يخفف عنه. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأشربة باب بيان أن كل مسكر خمر، وأن كل خمر حرام، برقم (2002). (¬2) سنن أبو داود الأشربة (3674)، سنن ابن ماجه الأشربة (3380)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 71). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأشربة، باب قول الله تعالى: " إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون " برقم (5578) ومسلم في كتاب الإيمان باب بيان نقصان الإيمان بالمعاصي، ونفيه عن المتلبس برقم (57).

الصدقة من الأبناء للأموات من البر

190 - مسألة بيان أن الصدقة من الأبناء للأموات من البر س: هل الصدقة للميت إذا كان لأحد الوالدين يكون نوعا من البر، وهل تكفي النية أو التلفظ وهل لي بها أجر؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (369).

ج: نعم، الصدقة من البر، الصدقة عن الوالد الميت أو عن الوالدة أو عن الأقارب من البر والصلة، ولك أجر، والنية كافية ما تحتاج تكلما بالنية، عندما تعطيها الفقير ناويا أنها عن أبيك أو أمك، تكفي النية، والحمد لله، ولك أجر.

استجابة دعاء الأبناء للأموات

191 - مسألة في استجابة دعاء الأبناء للأموات س: سمعت بأنه يستجاب دعاء الزوجة إذا كانت تدعو لزوجها المتوفى، فهل يستجاب من الأبناء على حسب الحديث: «إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث (¬1)» ومنها الولد الصالح الذي يدعو له؟ (¬2) ج: نعم يستجاب لكل مسلم دعا دعوة ليس فيها إثم ولا قطعية رحم، يستجاب من الزوجة ومن الوالدين ومن الولد ومن غيرهم الدعاء، الله جل وعلا وعد فيه بالإجابة يقول سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬3). وإذا دعا الولد الصالح أو الزوجة الصالحة أو الأب الصالح أو الأم الصالحة وجدت الإجابة للحديث الذي ذكره السائل، يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631). (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (373). (¬3) سورة غافر الآية 60

أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (¬1)» وهكذا إذا دعا له غيره ليس الولد للتخصيص، حتى دعاء الأب ودعاء الأم ودعاء الإخوان ودعاء غيرهم ترجى إجابته، إذا كان ابن صالح فهو ترجى إجابته سواء كان قريبا أو غير قريب، لأن الله يقول سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (¬2) جل وعلا ويقول سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (¬3) سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631). (¬2) سورة غافر الآية 60 (¬3) سورة البقرة الآية 186

فضل الدعاء في أوقات الإجابة

192 - بيان فضل الدعاء في أوقات الإجابة س: ما هو الدعاء الأحسن للمتوفى، وفي أي وقت يكون أفضل؟ (¬1) ج: الدعاء مطلوب للمتوفى وينفعه، وإذا كان في أوقات الإجابة كان أنفع وأنفع، إذا كان آخر الليل، ومثل آخر نهار الجمعة بعد الصلاة، صلاة العصر، ومثل عند جلوس الإمام على المنبر إلى أن تنقضي الصلاة يوم الجمعة، وفي جوف الليل، وفي السجود، كل هذا أقرب ما يكون للإجابة. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (334).

حكم التصدق عن عموم الأموات من المسلمين

193 - حكم التصدق عن عموم الأموات من المسلمين س: من المنطقة الشرقية إحدى الأخوات المستمعات رمزت لاسمها بالحروف س. ع. تقول: أريد أن أقدم تمرا على من نعرفهم ومن لا نعرفهم، فهي صدقة عن ميت، وهذا الميت ليس لنا به صلة قرابة، هل هذا جائز أم لا؟ (¬1) ج: المسلم أخو المسلم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل (¬2)» والمسلم أخو المسلم ينفعه بالصدقة، وينفعه بالدعاء، فإذا تصدق عن أخيه بنقود أو بطعام أو بملابس، فله أجره عند الله عز وجل. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (317). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب السلام باب استحباب الرقية من العين والنملة والحمة، برقم (2199).

حكم لبس ملابس الوالد بعد موته

194 - حكم لبس ملابس الوالد بعد موته س: يقول السائل ح. من مصر: بالنسبة للملابس، ملابس والدي المتوفى، هل يجوز لي أن ألبس ملابس والدي التي كان يلبسها وهو في حياته؟ علما بأن بعضها لم تزل جديدة. (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (388).

ج: لك أن تلبسها إذا كنت وحدك الوريث، أما إن كان معك شركاء فاستأذنهم إن سمحوا لك، وإلا تباع مع التركة كلها، أما إذا كنت وحدك ما ورثه إلا أنت فلك أن تلبسها ولك أن تتصدق بها، ولك أن تبيعها، أما إذا كان معك ورثة فلا بد من استئذانهم، فإذا سمحوا لك فلا بأس، وإلا تباع مع التركة.

حكم غسل ملابس الميت والتصدق بها

195 - حكم غسل ملابس الميت والتصدق بها س: يسأل عن قضية دارت على ألسنة العامة، وهي أنه يجب أن تغسل ملابس الميت جميعها والتصدق بها، ما هو توجيه سماحتكم؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: ليس على هذا دليل، يتصدق بها ولو لم تغسل إلا إذا كان فيها نجاسة تغسل، إما إذا كان ما فيها نجاسة إن غسلوها لأجل مصلحة الفقير، فجزاهم الله خيرا، ولو تصدقوا بها ولم تغسل فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال الخمسون من الشريط رقم (301).

عدم حصر أوجه التصدق عن الميت في عدد معين

196 - بيان عدم حصر أوجه التصدق عن الميت في عدد معين س: ما هي السبع التي تجري أو يجري على الميت أجرهن في قبره؟ (¬1) ج: هذا يحتاج إلى تأمل، الصدقة الجارية هذه تنفعه في قبره، ومثل وقف ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (334).

له أوقفه، ومثل صدقة أجراها له بعض أقربائه أو غيرهم، ومثل علم علمه الناس، فيبقى أجره فيما علم الناس من قرآن أو علم نافع، ومثل أشياء أوقفها من مصاحف أو كتب اشتراها، ووقفها ووزعها للناس يجري عليه أجرها، وهكذا كل شيء له فيه أسباب فعله لله وبقي يكون له أجره، وليس منحصرا في سبع ولا أذكر أنها منحصرة في سبع، كما قال السائل.

حكم تسبيل الزرع للميت

197 - حكم تسبيل الزرع للميت س: إذا زرع شخص زرعا ونوى ثوابه للميت، فإذا أكل منه شخص أو بهيمة أو طير فهل يصل ثوابه ذلك إليه؟ (¬1) ج: هذا من الصدقة، نعم ينتفع به الميت، فهذا من الصدقة، فالزرع والنخل والثمار إذا تصدق بها للميت، ونوى ثوابها للميت، فإنه ينتفع بها. ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (310).

حكم تسبيل الكتب عن الزوج المتوفى

198 - حكم تسبيل الكتب عن الزوج المتوفى س: اشتريت بمبلغ من المال كتبا صغيرة، وهي الأذكار طرفي النهار، ونويت عند شراء هذه الكتب أن أتصدق بها، وأجعل ثواب ذلك لزوجي المتوفى، فما الحكم أيضا في هذا السؤال؟ (¬1) ج: كل هذا طيب، تصدق بكتب أو طعام عن زوجها، كتب طيبة معروفة ¬

_ (¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (372).

عند أهل العلم أنها طيبة، أو بطعام أو ملابس، كله طيب عن زوجها وعن أبيها وعن نفسها.

ما يفعله من عليه دين للميت

199 - بيان ما يفعله من عليه دين للميت س: لي خال توفي وفي ذمتي له ألف وخمسمائة جنيه، كيف أتصرف في هذا المبلغ هل أتصدق به، أم أحج عنه، أم أسلمه للورثة، أم كيف توجهونني؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: عليك أن تسلمه إلى الورثة إذا مات إنسان وله دين عند الناس، فعلى من عنده الدين أن يسلم الدين الذي عنده للورثة، هذا يجب عليه وجوبا من كان عنده دين لأحد، فإنه يسلمه لورثته إذا مات ولا يكتم ذلك، ولا يتصدق به، بل يعطيه الورثة. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (365).

حكم الصدقة والدعاء من الزوجة لزوجها المتوفى

200 - حكم الصدقة والدعاء من الزوجة لزوجها المتوفى س: من البحرين السائلة ح. ع. تقول: هل صحيح يا سماحة الشيخ أن الزوجة لا يصلح لها أن تتصدق عن زوجها بعد وفاته ولا تترحم عليه، ولا تدعو له؟ وإذا صح ذلك ما هي الأسباب؟ نرجو منكم الإفادة الشرعية؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (360).

ج: هذا ليس بصحيح، هذا غلط، الذي يقول هذا قد غلط، وهو جهل ومنكر، بل يشرع لها أن تتصدق عنه، والدعاء له والاستغفار والحج عنه، وكله طيب، الله جعل بينهم عشرة واجتماعا، الله سبحانه يقول: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} (¬1) لا تنسى الزوجة زوجها، ولا ينساها هو إن ماتت قبله، كل منهم يشرع له الإحسان إلى الميت قبله بالصدقة والدعاء والاستغفار والحج عنه وقضاء دينه، وغير هذا من وجوه الخير، والذي يقول: لا يفعل هذا، قول باطل منكر لا يقوله عاقل. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 237

حكم التصدق عن الوالدين أو عن أحدهما بعد الوفاة

201 - مسألة في حكم التصدق عن الوالدين أو عن أحدهما بعد الوفاة س: ما حكم من تصدق بشيء، وقال: اللهم اجعل أجر ذلك لوالدي ووالدتي، أو لزوجتي المتوفاة، أو غير ذلك، فهل يكون له أجر الصدقة كاملا؟ (¬1) ج: نعم، لا بأس بذلك، يتصدق عن الميت أبيه أو أمه أو زوجته، كل هذا طيب ينفعها ينفع الميت، سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا فقال: " نعم " قال رجل: «يا رسول الله، إن أمي ماتت ولم توص، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال النبي: " نعم (¬2)» عليه الصلاة والسلام. وقال عليه ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (359). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب موت الفجأة البغته برقم (1388) ومسلم في كتاب الزكاة، باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه برقم (1004) واللفظ لمسلم.

الصلاة والسلام: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (¬1)» وهكذا سئل عن الحج عن الميت، فأجاب بأنه لا بأس به، سألته امرأة: «هل تحج عن أبيها شيخ كبير عاجز؟ قال: " نعم، حجي عن أبيك (¬2)» وسأله أبو رزين العقيلي ليحج عن أبيه؛ لأنه عاجز، قال: «حج عن أبيك واعتمر (¬3)» وهكذا الحج عن الميت. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء أن عرفه كلها موقف، برقم (885)، والنسائي في المجتبى في كتاب مناسك الحج، باب الحج عن الميت الذي لم يحج، برقم (2634). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الحج، باب منه، برقم (930)، والنسائي في المجتبى في كتاب آداب القضاة، باب ذكر الاختلاف على يحيى بن أبي إسحاق فيه برقم (5395) وابن ماجه في كتاب المناسك باب الحج عن الحي إذا لم يستطع، برقم (2908).

حكم إشراك الوالدين في الصدقة بعد وفاتهما

202 - حكم إشراك الوالدين في الصدقة بعد وفاتهما س: السائل يقول: أريد أن أتصدق على والدي بعد وفاتهما بأي صدقة كانت كبناء مسجد أو معهد ديني لتعليم القرآن الكريم، أو ما شابه ذلك من الصدقات، فهل يجوز إشراكهما في مشروع واحد، أو لا بد لكل منهما من مشروع منفرد؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (252).

ج: لا مانع من إشراكهما في مشروع واحد، وأنت معهم أيضا، أنت أيها المتصدق معهم تجعل نفسك معهم، أو من شئت من أقاربك، الحمد لله، الأمر واسع، فضل الله واسع، فلا مانع أن يكون المشروع لأبيك أو أمك أو لهما جميعا، أو لك معهما أيضا، كله طيب.

حكم التصدق عن غير الوالدين بعد الموت

203 - مسألة في حكم التصدق عن غير الوالدين بعد الموت س: تسأل المستمعة ن. ع. م. من الأردن، وتقول: توفي خالي، وأردت أن أتصدق عنه، فقال لي البعض من الناس بأنه لا يجوز أن تتصدقي إلا عن والدك بعد موته، أما غيره، مثل العم والخال فلا تصل الصدقة لهم، فما رأيكم في ذلك سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: هذا الذي قال هذا الكلام جاهل غالط، بل الصدقة تقبل وتنفع عن الأب والأم وعن غيرهما، من فضل الله جل وعلا الصدقة عن الميت تنفعه، والدعاء له ينفعه، فإذا تصدقت عن عمك أو عن أخيك أو عن غيرهما فلا بأس، كله طيب يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية - هذا عام -، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (¬2)» وسأله رجل قال: «يا رسول الله، إن أمي ¬

_ (¬1) السؤال ... من الشريط رقم (390). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631).

توفيت ولم توص، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " نعم (¬1)» فالصدقة فيها خير كثير عن الحي والميت، وهكذا الدعاء والاستغفار للحي والميت، والحج عن الميت، والعمرة عن الميت، وهكذا عن الكبير العاجز، والعجوز الكبيرة، والحج عنهما، والعمرة عنهما، المقصود أن الصدقة عن الميت فيها خير كثير، وعن الحي أيضا سواء كان عما أو أخا أو أبا أو غيرهم. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب موت الفجأة البغته برقم (1388) ومسلم في كتاب الزكاة، باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه برقم (1004) واللفظ لمسلم.

حكم الذبح عن الميت وإقامة الوليمة له

204 - حكم الذبح عن الميت وإقامة الوليمة له س: ما حكم الذبح عن الميت حين وفاته بقصد عمل وليمة للصدقة على هذا الميت كما هي العادة عندنا في البادية في صحراء مصر العربية؟ (¬1) ج: لا يشرع للمسلم صنع وليمة لميته لا بالذبح ولا بغيره، إذا مات الميت شرع لأقاربه أن يصنعوا لأهل الميت طعاما، وجيرانهم ونحو ذلك، أما أهل الميت فلا يصنعون طعاما، ولا يذبحون من أجل الميت، ولا يجمعون الناس عليها، قال النبي صلى الله عليه وسلم، لما أتى نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه حين قتل في الشام في الأردن، أمر أهل بيته أن يصنعوا لهم طعاما، قال: «اصنعوا لآل جعفر طعاما، فقد أتاهم ما ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (45).

يشغلهم (¬1)» فالسنة أن يصنع لأهل الميت طعام من جيرانهم وأقاربهم الأباعد للأقارب الأدنين، أما كون أهل الميت يصنعون الطعام ويجمعون الجيران، فهذا لا يصلح بل هو من البدع، ومن المآتم المنكرة، قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصناعة الطعام بعد الموت من النياحة (¬2)» فأخبر جرير رضي الله عنه، أنهم كانوا يعدون اجتماع الناس لأهل الميت وصنعة الطعام من أهل الميت للناس، كانوا يعدون هذا من النياحة - يعني: يعده الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم - فدل ذلك على أن أهل الميت لا يصنعون طعاما للناس، ولا يجمعونهم، ولكن يستحب لجيرانهم وأقاربهم الأباعد أن يبعثوا لهم طعاما لكونهم مشغولين بمصيبة، وأما من ذبح ذبيحة لأجل الصدقة بها عن الميت على الفقراء والمساكين، فلا حرج في ذلك، لكن لا تكون في وقت مخصوص، ولا يجمع لها أحد، بل تذبح ويوزع لحمها على الفقراء والمساكين صدقة في أي وقت كان، ليس لها وقت مخصوص، وليس لها خصوصية بيوم الموت، بل متى فعلها في أي وقت لقصد مواساة الفقراء أو أعطاهم نقودا أو ملابس أو طعاما غير اللحم، كل هذا نافع للميت، ويؤجر عليه فاعله، وقد ثبت عنه صلى الله عليه ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده: من حديث عبد الله بن عمرو برقم (6866).

وسلم أنه سئل عن هذا، قال له رجل: «يا رسول الله، إن أمي ماتت ولم توص، وأظنها ولو تكلمت تصدقت، أفلها أجر إذا تصدقت عنها؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " نعم (¬1)» فالصدقة عن الميت نافعة بإجماع المسلمين، لكن ينبغي أن تكون في غير وقت الموت، حتى لا يتخذ ذلك سنة وعادة بل يوزعها في أوقات أخرى للفقراء بدون تخصيص وقت معين، لا يوم الموت، ولا يوم سابع الموت، ولا يوم أربعين للموت، ما يكون لها خصوصية، أما ما يفعله بعض الناس من إيجاد مآتم في اليوم الأول أو في السابع أو في الأربعين، مآتم يجمع فيها الناس، ويذبح فيها الغنم أو غيرها كل هذا شيء لا أصل له، بل هو من البدع فلا تجوز. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب موت الفجأة البغته برقم (1388) ومسلم في كتاب الزكاة، باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه برقم (1004) واللفظ لمسلم.

حكم الذبح عن الميت من أجل التصدق عنه

205 - حكم الذبح عن الميت من أجل التصدق عنه س: تقول السائلة: هل الذبح يندرج تحت باب الصدقة، وإذا أردت أن أذبح من أجل التصدق عن الميت هل هذا جائز؟ وجهوني جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: لا شك أن الذبح لله والتقرب إليه بذلك من أفضل الصدقات، ومن أفضل القربات كما قال الله عز وجل: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} (¬2) يعني ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (178). (¬2) سورة الأنعام الآية 162

ذبحي: {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬1) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (¬2)، وقال سبحانه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} (¬3) {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (¬4) فالتقرب إلى الله بالذبائح فيه خير عظيم، ولهذا شرع الله سبحانه وتعالى الضحية في أيام عيد النحر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بكبشين أملحين كل سنة، عليه الصلاة والسلام، أحدهما عنه وأهل بيته، والثاني عمن وحد الله من أمته عليه الصلاة والسلام، فإذا ذبح الإنسان ذبيحة يقصد بها التقرب إلى الله ونفع الفقراء والإحسان إليهم، فلا بأس بذلك، وكان عليه الصلاة والسلام يذبح في بعض الأحيان ذبيحة، ويوزعها بين صديقات زوجته خديجة رضي الله عنها، وهكذا التصدق بالنقود وبالطعام من التمر، أو الأرز أو غير ذلك أو الملابس، كل ذلك قربة وطاعة إذا كان لله وحده سبحانه وتعالى على الوجه الذي شرعه الله جل وعلا، أما الذبح من أجل التقرب إلى الموتى، كالذبح للبدوي والحسين أو للشيخ عبد القادر الجيلاني بقصد التقرب إليهم، ليشفعوا له أو ليشفوا مريضه، أو يقضوا حاجته، أو يطلبوا المدد، ويذبحوا له من أجل ذلك هذا شرك بالله ولا يجوز، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «لعن الله من ذبح لغير الله (¬5)» والتقرب بالذبائح للموتى ليشفعوا للذابح ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 162 (¬2) سورة الأنعام الآية 163 (¬3) سورة الكوثر الآية 1 (¬4) سورة الكوثر الآية 2 (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب تحريم الذبح لغير الله تعالى، ولعن فاعله، برقم (1978).

أو يقضوا حاجته، أو ليشفوا مريضه، أو يمدوه بمدد ينفعه، أو يحفظوا مزرعته، أو بهائمه، كل هذا شرك بالله عز وجل، وقد يفعل هذا بعض الجهلة، وهذا من الشرك الأكبر، وهكذا الذبح للأصنام وللصور المنحوتة على صور بعض العظماء أو للجن أو للكواكب أو للملائكة يتقرب إليهم، كل هذا من الشرك الأكبر، وهكذا دعاؤهم والاستغاثة بهم، والنذر لهم، كل هذا من الشرك الأكبر - نعوذ بالله من ذلك - وإذا ذبح الإنسان الذبيحة من أجل الصدقة لا بأس، يتصدق بها عن أبيه، أو عن أمه، أو عن أخواته، يتقرب بها إلى الله، ويرجو ثوابها لهذا الميت، لا بأس بذلك، أو للحي كذلك.

س: إذا توفي أحد من أقاربي، نقوم بذبح ذبيحة، ونقوم بتوزيعها في المسجد، ونأكل بعضا منها، فهل ما نفعله والحال ما ذكر صحيح أم توجهوننا إلى شيء آخر؟ (¬1) ج: هذا لا أصل له، ليس لهذا أصل، ولكن إذا تصدقتم بها إلى الفقراء والمحاويج، أو بالدراهم أو بالطعام عن الميت فهذا ينفعه، أما فعل هذا حسب ما ذكرتم في المسجد على صيغة خاصة فما له أصل، لكن تستحب الصدقة عن الميت بالدراهم أو باللحم أو بالملابس أو بالطعام ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (311).

يتحرون به الفقراء، تدفع لهم ما تيسر.

حكم الأضحية عن الميت وعن غيره

206 - حكم الأضحية عن الميت وعن غيره س: الأخت أم عادل تسأل وتقول: ماذا يعمل من ينفق على روح الميت بأضحية وما أشبه ذلك مثل العشاء بذبح شاة أو بقرة، وما حكم ذلك لغير الميت؟ وما يقتضي عمله لغير الميت؟ وهل يصح تكرار الأضحية للعيد الكبير كل سنة، وكم مرة تكرر في العمر؟ (¬1) ج: ليس لهذا حد، فله أن يضحي عن الميت، وله أن يضحي عن الحي من أهل بيته، كأن يذبح ضحية عنه وعن والديه الأحياء وعن أهل بيته من زوجة وأولاد، وله أن يضحي عن الميت من أبيه أو أمه أو خالته أو خاله أو نحو ذلك، وليس لذلك حد، إن ضحى كل سنة فهذا حسن، والضحية سنة كل سنة، النبي كان يضحي كل سنة عليه الصلاة والسلام بضحيتين، إحداهما عنه وعن آل محمد، والثانية عمن وحد الله من أمته عليه الصلاة والسلام، وإذا تصدق بغير الأضحية ذبح في رمضان أو في غيره ناقة أو بقرة أو شاة أو عددا أكبر، نوى بذلك الصدقة عن نفسه أو عن والديه الحيين أو الميتين، أو عن غيرهم صدقة يطلب بها ثواب الله، وتصدق بها على الفقراء والمساكين، كل ذلك نافع وكل ذلك فيه أجر ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (169).

كثير يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار (¬1)» والله يقول سبحانه: {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (¬2) ويقول جل وعلا: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (¬3) والصدقة بالمال كالنقود والذبائح والملابس والأطعمة، كلها طيبة إذا قصد بها وجه الله، والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى عن الأحياء والأموات في رمضان وفي غيره، وهكذا الضحية في أيام الضحية في يوم عيد النحر وأيام التشريق، هذه الضحايا مشروعة للمسلمين، يضحي عن نفسه وعن أهل بيته، وعمن شاء من إخوانه وأحبابه. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله باب ما جاء في حرمة الصلاة برقم (2616) وابن ماجه في كتاب الزهد باب الحسد، برقم (4210). (¬2) سورة البقرة الآية 280 (¬3) سورة البقرة الآية 274

حكم لزوم أهل الميت أن يضحوا عنه إذا أوصى

207 - حكم لزوم أهل الميت أن يضحوا عنه إذا أوصى س: يقول السائل: هل يلزم أهل الميت العيب له؟ أي ذبح الأضحية في عيد الأضحى له؟ (¬1) ج: لا يلزمهم، لكن إذا ضحوا فهم مأجورون، من باب التطوع كالصدقة ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (424).

عنه وإلا فلا يلزمهم إلا إذا أوصى بذلك، أوصى في بيت أو مزرعة عليهم أن ينفذوا الوصية في الثلث فأقل، أما إذا كان ما أوصى فلا يلزمهم، لكن إذا تطوعوا وضحوا عنه أو تصدقوا عنه فلهم أجر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (¬1)» وسأله رجل قال: «يا رسول الله، إن أمي ماتت، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " نعم (¬2)» هذا يدل على أنه إذا تصدق عن أمه أو أبيه، أو فلان أو فلان فله أجر. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب موت الفجأة البغته برقم (1388) ومسلم في كتاب الزكاة، باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه برقم (1004) واللفظ لمسلم.

انتفاع الكافر بالصدقة عنه بعد موته

208 - مسألة في انتفاع الكافر بالصدقة عنه بعد موته س: هل الرجل الكافر الذي يموت بدون صلاة وصوم، هل تصل إليه الصدقة إذا أراد أولاده أو أقاربه التصدق عليه بعد الموت؟ (¬1) ج: من مات كافرا لا ينفعه شيء من أعمال الأحياء، لا تنفعه صدقاتهم ولا دعاؤهم إذا مات كافرا، فلا يتصدق عنه ولا يدعى له، ولا تلحقه تلك الصدقات، ولا تنفعه لأنه مات على كفر يحبط الأعمال، ويمنع ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (339).

وصول الخير إليه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬1) وفي الحديث الصحيح: «إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة في الدنيا (¬2)» ¬

_ (¬1) سورة الأنعام الآية 88 (¬2) أخرجه مسلم في كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة، برقم (2808).

حكم تصدق المرأة عن والديها من مال زوجها

209 - حكم تصدق المرأة عن والديها من مال زوجها س: هل يجوز للمرأة أن تتصدق عن أبويها عند موتهما من مال زوجها؟ (¬1) ج: إذا سمح بذلك، وإلا ليس لها ذلك، لكن تتصدق من مالها، تتصدق على الفقراء والمساكين في أي وقت، أما من مال الزوج فلا بد من إذنه. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (103).

حكم إشراك المتصدق عن الميت في أجر الصدقة

210 - حكم إشراك المتصدق عن الميت في أجر الصدقة س: إن أنا تصدقت عن والدي، فهل يصيبني نفس الأجر؟ حيث إن والدي متوفى، وأرجو بيان الأوجه التي يمكن الإنفاق فيها عن الميت، وهل الدعاء أفضل من هذا كله؟ (¬1) ج: الصدقة عن الميت مشروعة ومفيدة ونافعة للميت، وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن ذلك، قال له ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (135).

رجل: «يا رسول الله، إن أمي ماتت، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: " نعم (¬1)» فالصدقة تنفع الميت، ويرجى للمتصدق مثل الأجر الذي يحصل للميت، لأنه محسن متبرع، فيرجى له مثل ما بذل كما قال عليه الصلاة والسلام: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله (¬2)» المؤمن إذا دعا إلى خير، أو فعل خيرا في غيره يرجى له مثل أجره، فإذا تصدق عن أبيه أو عن أمه أو ما أشبه ذلك فللمتصدق عنه أجر، وللباذل أجر، وهكذا إذا حج عن أبيه أو عن أمه فله أجر، ولأبيه وأمه أجر، ويرجى أن يكون مثلهم أو أكثر لفعله الطيب، وصلته للرحم، وبره لوالديه، وهكذا أمثال ذلك، وفضل الله واسع، وقاعدة الشرع في مثل هذا أن المحسن إلى غيره له أجر عظيم، وأنه إذا فعل معروفا عن غيره يرجى له مثل الأجر الذي يحصل لمن فعل عنه ذلك المعروف، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (¬3)» فأنت يا عبد الله في صدقتك عن والديك، وفي إحسانك إلى عباد الله بما تفعله من المعروف لك فيه الأجر العظيم، ولمن أحسنت إليهم بأن علمتهم وقبلوا منك، وأرشدتهم وقبلوا منك، ودللتهم على الخير وقبلوا منك، لهم أجر أيضا، ولك مثلهم. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب موت الفجأة البغته برقم (1388) ومسلم في كتاب الزكاة، باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه برقم (1004) واللفظ لمسلم. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب أو غيره، برقم (1893). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631).

الدعاء للميت لا يقوم مقام الصدقة

211 - بيان أن الدعاء للميت لا يقوم مقام الصدقة س: هل الدعاء يقوم مقام الصدقة يا شيخ عبد العزيز؟ (¬1) ج: الدعاء مستقل، الدعاء فيه خير عظيم، ولكن لا يقوم مقام الصدقة، الصدقة مشروعة والدعاء مشروع والدعاء عام للوالدين ولغير الوالدين، وهكذا الصدقة، والصدقة نوع من البر والخير والعبادة، والدعاء كذلك، فلا يغني هذا عن هذا، فينبغي للولد ونحوه أن يفعل هذا وهذا، يدعو لوالديه ويتصدق، وهكذا عن أقاربه، وهكذا عن أحبابه وأصدقائه الطيبين، يدعو لهم ويتصدق عنهم، كله طيب، وقد يكون الدعاء في حال أفضل، وتكون الصدقة في حال أفضل، والدعاء ميسور بحمد الله ما يكلف شيئا، الدعاء ميسور والصدقة قد تكلف، وقد يكون أجرها أكبر ولا سيما إذا أوقعت في محلها، في الفقراء والمحاويج وعند الحاجة، فأجرها عظيم مع الدعاء. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (135).

حكم امتناع الوارث من الصدقة عن الميت من التقاعد الذي خلفه

212 - حكم امتناع الوارث من الصدقة عن الميت من التقاعد الذي خلفه س: لدي أخت توفي ابنها في حادث سيارة، ولم يترك وراءه مالا إلا ما يأتيه من التقاعد، ويستلمه والده، ولم يعط والدته شيئا لكي تتصدق به عنه، وعندما تقول: تصدق عنه، يقول: قد فعلت ذلك.

إنها لا تملك شيئا من المال لكي تتصدق به، هل عليها ذنب في ذلك، وماذا تفعل؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: ليس عليها شيء ولا بأس في ذلك، وليس على أبيه شيء ما دام تصدق عنه، هم أحوج إلى الصدقة إذا كانوا فقراء، فهم أحوج إلى التقاعد حتى يأكلوا هم وأولادهم، وإذا تيسر لهم الصدقة عنه من مالهم ولو قليلا فالصدقة تنفع الميت، لكن لا تلزم الصدقة، إذا كان لم يوص بشيء فلا تلزم الصدقة، أما إن كان أوصى بشيء من ماله، إذا كان له مال وأوصى بشيء بالثلث فأقل تنفذ وصيته، وأما إذا كان ما أوصى بشيء فإنه لا شيء يلزم الأم ولا يلزم الأب، والتقاعد الذي للميت يكون للورثة، لأبيه والورثة مع أبيه، لأبيه وأمه، وإن كان له أولاد فلأولاده حصتهم، ولزوجته حصتها من التقاعد، وإن كانت الدولة جعلته لأبيه وحده أو جعلته لأمه أو لأبيه وأمه فالدولة تنظر في ذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (169).

حكم تصدق الزوجة عن والديها من مال الزوج

213 - مسألة في حكم تصدق الزوجة عن والديها من مال الزوج س: هل يحق للبنت المتزوجة أن تقوم بتوزيع الثواب لوالدتها المتوفاة علما بأن الزوج موافق على القيام بالثواب على نفقته؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (13).

ج: لا مانع من الصدقة عن والديها المسلمين من مالها، أو من مال الزوج إذا سمح أن تتصدق من مالها أو من مال الزوج ما يسر الله من المال لوالديها المسلمين، أو لأخواتها المسلمات، أو لخالاتها أو لعماتها أو لأولادها، لا بأس بذلك، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك، ومن ذلك أن امرأة قالت: «إن أمي ماتت ولم توص، وأظنها لو تكلمت تصدقت، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ " قال النبي صلى الله عليه وسلم: " نعم (¬1)» وقد أجمع علماء الإسلام على أن الصدقة تلحق الميت، وتنفع الميت، وهكذا الدعاء فإذا تصدق الإنسان عن والديه المعروفين بالإسلام أو دعا لهما فإنه ينفعهما ذلك، سواء كان المال من ماله الخاص أو من مال غيره إذا سمح له بذلك، من الزوج إذا أعطى زوجته، قال: لا بأس، تصدقي من مالي، أو من أخيها إذا أعطاها، قال تصدقي منه، أو قال لها أبوها كذلك، أو عمهما، إذا أعطاها مالا تتصدق به فلا بأس، ينفع الميت إذا كان الميت مسلما، أما إذا كان الميت كافرا فلا، ما يتصدق عن الكافر إنما هذا في حق الميت المسلم. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب موت الفجأة البغته برقم (1388) ومسلم في كتاب الزكاة، باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه برقم (1004) واللفظ لمسلم.

حكم الحج والعمرة عن الميت وانتفاعه بالأعمال الصالحة

214 - حكم الحج والعمرة عن الميت وانتفاعه بالأعمال الصالحة س: هل صحيح أن ثواب العمرة أو الحج تصل إلى الميت، وترفع

درجاته في الجنة؟ (¬1) ج: إن الحج عن الميت والعمرة عن الميت من أفضل القربات، وينتفع به الميت المسلم كثيرا، ولقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك مرات كثيرة، فقال للسائل: «حج عن أبيك (¬2)» أو السائلة: «حجي عن أبيك (¬3)» والآخر: «عن أمك (¬4)» «وسمع عليه الصلاة والسلام رجلا يقول: لبيك عن شبرمة. قال: " من شبرمة " قال: أخ لي. أو: قريب لي - قال: " هل حججت عن نفسك " قال: لا. قال: " حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة (¬5)» فالناس أقسام، منهم من قد حج الفريضة وأدى العمرة، الفريضة هذا يحج عنه نافلة، فمن حج عنه أخوه أو أبوه أو أخ من إخوانه في الله كل ذلك طيب، وهكذا العمرة، أما إذا كان ما أدى الحج ولا العمرة فإن الذي يحج عنه يكون قد أدى عنه فريضة، وكذلك العمرة يكون قد أدى عنه عمرة الفريضة، وهو على كل حال يكون مأجورا، والميت ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (310). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الحج، باب منه، برقم (930)، والنسائي في المجتبى في كتاب آداب القضاة، باب ذكر الاختلاف على يحيى بن أبي إسحاق فيه برقم (5395) وابن ماجه في كتاب المناسك باب الحج عن الحي إذا لم يستطع، برقم (2908). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج باب وجوب الحج وفضله برقم (1513). (¬4) أخرجه النسائي في كتاب مناسك الحج، باب حج الرجل عن المرأة، برقم (2643). (¬5) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك باب الرجل يحج عن غيره برقم (1811) وابن ماجه في كتاب المناسك باب الحج عن الميت برقم (2903).

مأجورا، كلاهما مأجور عن العمل الطيب، وعن إحسانه لأخيه، مأجور عليه، والميت مأجور بذلك، وهكذا الصدقة وهكذا الدعاء يتصدق عن أخيه يؤجر هو والميت، جميعا على خير، وهكذا إذا دعا لأخيه الميت، يؤجر هو، وينتفع الميت بالدعاء.

س: هل الأعمال الصالحة تنفع الميت وترفع درجاته في الجنة كما يظهر؟ (¬1) ج: الأعمال الصالحة التي شرع الله فعلها على الميت من حج أو عمرة أو قضاء دين أو دعاء أو صدقة عنه، كلها تنفع الحي والميت. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (310).

بعض العبادات التي لا تفعل عن الميت

215 - مسألة في بيان بعض العبادات التي لا تفعل عن الميت س: هل هناك أعمال لا يصح أن يعملها الإنسان عن الميت؟ (¬1) ج: نعم، مثل الصلاة عنه لا تنفعه أو قراءة القرآن عنه لم يأت في الشرع ما يدل على شرعيتها أو صوم تطوع عنه. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (310).

س: الواقع يا سماحة الشيخ أن الناس يخلطون بين هذا وذاك، لعلها مناسبة أن تتفضل في توجيه المسلمين في هذه الحلقة؟ (¬1) ج: الواقع أنه ثبت في الشرع أن الميت ينتفع بالحج عنه، وبالعمرة عنه، ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (310).

وبالصدقة عنه، وبالدعاء عنه، وبالاستغفار له، وبأداء قضاء دينه، وهكذا إذا كان عليه صوم فريضة في رمضان، أو كفارة أو نذر فإنه يصام عنه، أما كونه يصام عنه، أو يصلى عنه، أو يطاف عنه تطوعا فهذا ليس عليه دليل فيما نعلم، وهكذا كونه يقرأ عنه القرآن فليس عليه دليل، وإن كان بعض العلماء يرى ذلك، وأنه ينتفع بقراءة القرآن عنه ولكن ليس عليه دليل. والقربات بابها التوقيف، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)» ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)» ولا نعلم في الشريعة ما يدل على أنه يشرع للمؤمن أن يصلي عن فلان، أو يصوم عن فلان تطوعا، أو يقرأ عنه، أو يطوف عنه، أو يتوضأ عنه، إنما الثابت هو الحج التام أو العمرة التامة، أو يتصدق عنه بالمال أو يدعو له، أو يستغفر له، أو يدعو له بالجنة، كل هذا ثابت. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

س: يا سماحة الشيخ لعله من المهم أن تتفضل ببيان ما هو توقيفي أو غير توقيفي حتى لا يخلط الناس بين هذين الأمرين؟ (¬1) ج: التوقيفي: العبادات وما يتعلق بالقربات والطاعات، لا يسوغ منها إلا ما جاء بالشرع. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (310).

وأما غير التوقيفي: هو ما يتعلق بأمور الدنيا والمعاملات، وهذه لا بأس بها، يتعامل الناس بما ينفعهم بشرط ألا يخالف الشرع.

ما يفعله من يعتمر عن الميت

216 - بيان ما يفعله من يعتمر عن الميت س: هل يجوز أداء العمرة بدلا عن المتوفى أم أهدي ثوابها له؟ وإن كان جائزا أرجو ذكر النية أو صيغة ما أقول في ذلك؟ وفقكم الله (¬1) ج: لا شك أن العمرة عن الغير من الموتى أو العاجزين عن الوصول إلى مكة لكبر السن جائزة كالحج، فلك أيها السائل أن تعتمر عمن شئت من إخوانك المسلمين الموتى، وإذا أحرمت تحرم عن الميت أو العاجز، وعن نفسك، وتنوي العمرة عن الشخص الذي أردت أداءها عنه، والأفضل أن تقول: اللهم لبيك عمرة عن فلان، هذا هو الأفضل، وإن لم تقل: عن فلان ونويتها عنه كفى ذلك ولا حاجة إلى اللفظ، وقد كان عليه الصلاة والسلام يصرح بتلبيته بالنسك، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه في حجة الوداع قال: «اللهم لبيك عمرة وحجا (¬2)» فالإخبار عن النسك الذي يريده الإنسان في تلبيته أمر مشروع، وإذا كان يريد ذلك ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (35). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الحج باب في الإفراد والقران بالحج والعمرة، برقم (1232).

عن غيره فإنه يسميه، هذا هو الأفضل؛ ولهذا جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: «لبيك عن شبرمة. فقال: " من شبرمة؟ " قال: أخ لي - أو: قريب لي - قال: " هل حججت عن نفسك؟ " قال: لا. قال: " حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة (¬1)» فدل ذلك على أنه الأفضل أن يسمي من يحج عنه في تلبيته. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك باب الرجل يحج عن غيره برقم (1811) وابن ماجه في كتاب المناسك باب الحج عن الميت برقم (2903).

س: من حائل م. ح. س. ما حكم العمرة عن الوالدة المتوفاة، هل تجوز أو لا؟ وهل لذلك من شروط؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: العمرة عن الوالدة وعن الوالد قربة إذا كانا متوفيين، قربة وطاعة، وهكذا الحج عنهما، وإذا كانا ما حجا ولا اعتمرا وجب أن يحج عنهما من مالهما إذا كان لهما مال، فإن كان ما لهما مال شرع لأولادهم الحج عنهما، والعمرة عنهما، وهذا من البر والصلة، كونه يعتمر عن والده أو والدته، أما الحي فلا، إلا إذا كان عاجزا كشيخ كبير أو عجوز كبيرة فلا مانع من الحج عنهما. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (325).

س: هل يجوز لي أن أعتمر وأتصدق عن قريبي المتوفى؟ أرجو توضيح المسألة وإجابتي. جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (314).

ج: نعم، تكون مشكورا ومأجورا، إذا اعتمرت عنه أو تصدقت عنه أنت مشكور ومأجور؛ لأن هذا من باب الإحسان إلى أخيك، تنفعه العمرة، وتنفعه الصدقة، وينفعه الدعاء، فأحسن إليه جزاك الله خيرا، وأبشر بالخير، وإذا كنت لم تعتمر في عمرك فابدأ بنفسك ثم اعتمر عنه، وإذا كنت اعتمرت فيما مضى عن نفسك فالحمد لله، فاعتمر عن أخيك الميت، وإذا تصدقت عنه بما يسر الله من النقود والطعام وغير ذلك فكله طيب، وهكذا إذا دعوت له بالمغفرة والرحمة.

حكم الصلاة عن الوالدين المتوفيين

217 - حكم الصلاة عن الوالدين المتوفيين س: هل يجوز لي أن أصلي لوالدي في صلاتي ركعة زيادة في كل فرض، وأحج له وهو متوفى؟ (¬1) ج: قد شرع الله جل وعلا للعباد البر بوالديهم، والإحسان إليهم بالصدقة والدعاء وسائر أنواع الخير التي تنفع الوالدين أحياء وأمواتا، لكن الصلاة للوالدين غير مشروعة، ولم يأت به نص، فلا يصلي الولد لوالده، ولكن يدعو له، يتصدق عنه، يحج عنه، إذا كان ميتا أو عاجزا لا يستطيع الحج لكبر سنه أو مرض لا يرجى برؤه ونحو ذلك، أما كونه يصلي عنه فهذا غير مشروع، ولكن يدعو له ويتصدق عنه ويحج عنه إذا ¬

_ (¬1) السؤل الأول من الشريط رقم (48).

كان ميتا أو عاجزا، وهكذا سائر أنواع الخير التي تنفعه، مثل الضحية عنه، والاعتمار عنه، والإحسان إلى أصدقائه وأقاربه، ونحو ذلك من وجوه الخير، ولا يصلي عنه ركعة زيادة في كل فرض، فهذا غير مشروع، إذا زاد ركعة في الصلاة أبطلها، فإذا صلى الظهر مثلا خمسا، الخامسة لأبيه أو لأمه هذا باطل، هذا غلط وبدعة ومنكر حتى لو صلاها مستقلة، لا يجوز ذلك؛ لأن الله سبحانه لم يشرع لنا أن نصلي عن آبائنا ولا عن أمهاتنا، فهذا منكر، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم، قد سأله رجل فقال: «يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما (¬1)» هكذا بين النبي صلى الله عليه وسلم، فالصلاة عليهما يدعو فيها بالدعاء في صلاة الجنازة، والدعاء يسمى صلاة، قال الله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} (¬2) يعني: ادع لهم، والصلاة على الوالدين الدعاء لهما بالمغفرة والرحمة والنجاة من النار، والدعاء لهما في حياتهم بمضاعفة الأجر، وقبول الحسنات والعافية والصحة ونحو ذلك، والاستغفار لهما طلب المغفرة لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، إنفاذ ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب باب في بر الوالدين برقم (5142) وابن ماجه في كتاب الأدب، باب صل من كان أبوك يصل، برقم (3664). (¬2) سورة التوبة الآية 103

وصاياهما إذا أوصوا بشيء ما يخالف الشرع، فالولد ينفذ الوصية، وصية والده؛ لأن الله جل وعلا شرع له ذلك، وهذا من إعانته على الخير، فإذا أوصى والده بشيء مما يحبه الله كالصدقة وبناء المساجد والضحية عنه وأشباه ذلك فإن الولد ينفذ ذلك، أما لو أوصى بشيء لا يشرع فالولد لا ينفذ، لو أوصى أبوه أنه يبني على قبره مسجدا، أو يبني عليه قبة، هذه بدعة ومنكر، لا يقبل هذه الوصية ولا ينفذها؛ لأنها مخالفة للشرع، كذلك لو أوصاه والده أن يقطع أرحامه، وألا يكلم عمه، وألا يصل إخوانه، هذه وصية باطلة وقطيعة للرحم لا ينفذها، ولكن ينفذ الوصايا الشرعية، مثل إذا أوصى بأنه يتصدق عنه أو يعمر عنه مسجدا على وجه التبرع، أو يضحي عنه ويحج عنه لا بأس، فالمقصود أنه ينفذ عهد أبيه وأمه إذا كان ذلك شيئا شرعيا، أما إذا كان ذلك يخالف الشرع فلا، وهكذا إكرام صديق والديه، يكرمهم ويحسن إليهم، قد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه (¬1)» هذا من أبر البر، كونه يصل أحباب أبيه وأولياء أبيه وأقاربه، وكذلك صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما مثل الإحسان إلى أعمامه وإلى جده أبي أبيه، وإلى أخواله إخوة ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل صلة أصدقاء الأب والأم ونحوهما، برقم (2552).

أمه، وأخوال جداته، ونحو ذلك، هذا كله من الصلة للوالدين، صلته أقارب والديه صلة لهما.

مسألة في حكم الصلاة والصيام عن الميت

218 - مسألة في حكم الصلاة والصيام عن الميت س: هل الصلاة والصيام ينفعان الميت إذا عملا له؟ (¬1) ج: الصلاة ما هي مشروعة، لا يصلى عن الميت، وهكذا القراءة، أما الصيام إذا كان عليه صوم يصام عنه صوم الواجب، إذا كان عليه صيام فرط فيه، عليه صيام ولم يصم - يصوم عنه أولياؤه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه (¬2)» فيصوم عنه ولده الذكر والأنثى أو زوجته أو غيرهما من أقربائه، هذا طيب وينفع الميت، وقد سأل جماعة النبي صلى الله عليه وسلم عن أنواع من الصوم، فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضية؟ اقضوا الله؛ فالله أحق بالوفاء (¬3)» شبهه بالدين، سواء كان صوم رمضان أو كفارة أو نذرا، كله يصام عنه على الصحيح ولو كان صوم رمضان، ولو كان صوم الكفارة، قال بعض أهل العلم: ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (46). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952) ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب الحج والنذور عن الميت والرجل يحج عن المرأة، برقم (1852) بنحوه.

إنما يصام عنه النذر خاصة، ولكن هذا قول ضعيف الأحاديث الصحيحة تدل على خلافه، الأحاديث الصحيحة دالة على أنه يصام عنه حتى رمضان؛ ولهذا قالت عائشة -رضي الله عنها - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه (¬1)» أخرجه الشيخان في الصحيحين، وفي الصحيح عن عدة من الصحابة «أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عمن مات وعليه صوم شهر، وبعضهم قال: صوم شهرين، أنصوم عنه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " صوموا عنه (¬2)» وشبهه بالدين، ولم يستفسر هل هو رمضان، وهل هو كفارة وهل هو نذر؟ فدل ذلك على أن الأمر عام، يعم الكفارة ويعم النذر، ويعم رمضان، وفي مسند أحمد بسند جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما «أن امرأة قالت: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم رمضان، أفأصوم عنها؟ قال: " صومي عن أمك، أرأيت لو كان عليها دين، أكنت قاضيته؟ اقضوا الله؛ فالله أحق بالوفاء (¬3)» وهذا صريح في رمضان، وإسناده قوي جيد أما إذا كان الميت ما فرط بل مات في مرضه هذا فلا صوم عليه عند عامة أهل العلم وجمهور أهل العلم، لا يقضى عنه صوم، ولا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952) ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147). (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (ج7، برقم 36121). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب الحج والنذور عن الميت والرجل يحج عن المرأة، برقم (1852) بنحوه.

يطعم عنه؛ لأنه غير مفرط معذور؛ لأن الله قال: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (¬1) فالذي توفي في مرضه فأدرك الأيام الأخر معذور ليس عليه صيام، وليس عليه إطعام، أي ليس على ورثته إطعام ولا صيام. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 185

س: هل يجوز الصلاة والصيام عن الميت؟ (¬1) ج: يصام عنه إذا كان عليه دين، إذا كان عليه رمضان أو نذور يصام عنه، أو كفارات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه (¬2)» يعني قريبه، يعني صوم الواجب من رمضان، مرض ولا صام ثم عافاه الله، وتساهل ولا صام ومات، يصام عنه، أو الحائض كذلك أفطرت في رمضان، أو النفساء ثم ظهر رمضان وتساهلت، ثم ماتت قبل أن تقضي يقضى عنها، وهكذا كفارة الظهار، كفارة الجماع في رمضان، كفارة القتل، إذا مات وعليه صيام صام عنه وليه، هذا هو المشروع، أما رمضان نفسه إذا كان معذورا فلا، مثل: أفطر في رمضان للمرض، ولكن مات في مرضه ما يقضى عنه شيء؛ لأنه معذور مات في مرضه والتطوع لا يتطوع عن أحد لا يصوم أحد عن أحد تطوعا، ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (378). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952) ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147).

إنما يصوم عنه إذا كان عليه قضاء من رمضان فلم يقضه، تساهل، فيستحب لأوليائه من الورثة أن يقضوا عنه، ولو جماعة يتقاطعونه إذا صار من رمضان، كل واحد يصوم بعض الأيام، أما الكفارة فلا، لا بد أن يصومها واحد لأنها متتابعة، يصوم كفارة القتل شهرين متتابعين، أو كفارة الجماع في رمضان شهرين متتابعين لمن عجز عن الرقبة، أو كفارة القتل لمن عجز عن الرقبة شهران، هذه يصومها واحد لأنها متتابعة، يستحب لأقربائه أن يصومها منهم واحد، هذه الكفارة المتتابعة.

س: هل يجوز قراءة القرآن وكذلك صيام يوم عرفة ويوم عاشوراء وتثويبها للميت؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا يصام عن الميت صيام تطوع، ولا يقرأ عنه، ما ورد في السنة ما يدل على هذا، ليس في السنة ما يدل على تثويب القرآن أو الصيام، أو الصلوات فيما نعلم، أما إذا كان عليه دين صيام فرض فإنه يقضى عنه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه (¬2)» الصلاة عنه أو القراءة عنه هذا غير مشروع فيما نعلم، وإنما يشرع الصدقة عنه، الدعاء له، الحج له، العمرة، هذا هو المشروع قضاء دينه إذا كان عليه أسلاف ودين يقضى عنه أيضا. ¬

_ (¬1) السؤال من الشريط رقم (309). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952) ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147).

س: هل تجوز قراءة القرآن وصوم النوافل والصدقة على الفقراء عن الميت، وهل إذا دعا للميت أثناء الصلاة جائز؟ (¬1) ج: أما الصدقة فنعم، سنة ثابتة في الأحاديث الصحيحة، وإنه عليه الصلاة والسلام سئل عن ذلك فقال للسائل: نعم، فبين أن الصدقة تنفع الميت، وقد أجمع المسلمون على ذلك، وأن الصدقة عن الميت تنفعه إذا كان مسلما، تنفعه الصدقة من ولده أو من غير ولده، وهكذا الدعاء والاستغفار له ينفع الميت، أما قراءة القرآن للميت ففيها خلاف، بعض أهل العلم يرى أنها تصل، وبعض أهل العلم يرى أنها لا تصل؛ لأنها لم تنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة، فالأولى أنه لا يقرأ القرآن للميت، هذا هو الأولى والأفضل والأحوط، بل يقرأ لنفسه ويدعو لأمواته إذا ختم القرآن، أو في أثناء القراءة، يدعو لأمواته بالمغفرة والرحمة، أما أنه يقرأ ليثوب الختمة لهم فالأفضل ترك ذلك لعدم الدليل؛ لأن هذا لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه أنهم فعلوه، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا بأس به، مثل الصدقة لا بأس أن يقرأ القرآن ثم يثوبه لأبيه أو لأمه أو نحو ذلك، ولكن الأفضل والأولى ترك ذلك، أما الصلوات فلا يصلي عنهم نافلة، ولا يصوم عنهم نافلة لعدم الدليل؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة ما يدل ¬

_ (¬1) ورد هذا السؤال في الشريط رقم (42).

على أنه يصام عن فلان نافلة، أو يصلى عنه نافلة، فالذي ينبغي ترك ذلك.

س: هل تجوز الصلاة أو الصيام عن الأموات، وهل يصل الأجر للمتوفى كأجر الحي أم يثاب فقط؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: أما الصلاة فلم يصل عن الأموات، ولم يفعل هذا النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم مطلقا، أما الصيام فلا بأس أن يصام عنهم إذا كان عليهم دين، إذا مات الميت وعليه صوم نذر أو صوم كفارة أو صوم من رمضان لم يصمه، وقد عافاه الله وصح من مرضه، ولكن تساهل هذا يقضى عنه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه (¬2)» متفق على صحته، وفي المسند بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما «أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم رمضان، أفأصوم عنها؟ قال: " صومي عن أمك (¬3)» واستفتاه جم غفير من الناس عن أمهاتهم وآبائهم، فأفتاهم بأن يصوموا، أما صوم التطوع فلا يصام عنهم التطوع، إنما يصام عنهم إذا كان عليهم صوم دين، فرض واجب، فإذا صام عنه ولده أو أخته أو عمته أو أخوه كله طيب، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه (¬4)» يعني قريبه، يشمل ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (221). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952) ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت، برقم (1148). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952) ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147).

الأب والابن والأخ والعم ونحو ذلك، أما الصلاة فلا، لا يصلى عن أحد.

س: اعتدت بعد أن أصلي النوافل أن أصلي ركعتين وأقول بأن ثوابهما لوالدي المتوفيين، فهل يصح هذا أم لا؟ (¬1) ج: ليس لهذا أصل، لا تفعل هذا، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة يفعلون ذلك، لكن تدعو لوالديك ولقراباتك، تستغفر لهم، وتتصدق عنهم لا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (213).

س: قبل عامين توفي ابن لي وهو في الخامسة والعشرين، ومنذ وفاته أقوم بعد أداء الصلوات المكتوبة والسنة البعدية والقبلية بأداء ركعتين إضافيتين زيادة، وأهب ثوابهما لابني المتوفى، هل يجوز ذلك، وهل تصح؟ وهل يصل ثوابهما للمتوفى؟ (¬1) ج: هذا بدعة لا تجوز، الصلاة عن الغير بدعة، ولكن عليك الدعاء له بالمغفرة والرحمة، والصدقة عنه، هذا أمر طيب، جزاك الله خيرا، أما أن تصلي عنه أو تصومي عنه فلا، هذا غير مشروع، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» أي هو مردود، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة يصلون عن أحد، ولا ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (177). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

يصومون عن أحد، إلا إذا كان عليه دين، صوم الفريضة، نذر، أو صيام رمضان، أو كفارة، مات قبل أن يصوم، فهذا يصام عنه عن تلك الفريضة، التي مات عنها ولم يقضها إذا كان قد فرط وتساهل، أما إذا مات في مرضه ما فرط فلا صوم عليه، المقصود أن الصلاة عن الميت أو الصوم عنه من دون واجب هذا بدعة، لا يصلى عنه تنفلا ولا يصام عنه.

س: أسألكم عن صديق كان عاقا لوالده قبل وفاته، وبعد وفاته بدأ يصلي له كل يوم ركعتين ويدعو له حتى يكفر عن أخطائه تلك، وجهوه هل ما يعمله صحيح؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الصلاة للميت ليس لها أصل ثابت فيما نعلم، ولكن يشرع الدعاء له، يدعو لوالده في سجوده، وفي الليل وفي كل وقت، يدعو له بالمغفرة والرحمة والعفو ومضاعفة الحسنات، ويتصدق عنه ما يسر الله من المال ويحج عنه ويعتمر، هذه هي الطرق الصحيحة التي تنفع والده، أما كونه يصلي عنه ويصوم عنه فليس في هذا أصل فيما نعلم، وإنما ينبغي الإكثار من الدعاء، والإكثار من الصدقات والأعمال الخيرية لأبيه. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (303).

س: هل يصل الميت عندما يصلى له وتوهب له هذه الصلاة، وكذلك الطعام والشراب وقراءة القرآن؟ وماذا يقول الواهب عند ذلك؟

جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا يصلي له، الصلاة لا، لكن يتصدق عنه، أما الصلاة لم ترد النصوص بها، لكن يتصدق عنه، يدعى له، يحج عنه، كل هذه تنفعه، لكن كونه يصلي عنه أو يقرأ له فليس عليه دليل، لكن الصدقة عنه والدعاء والحج عنه كل هذا طيب ينفعه. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (356).

حكم جمع الأقارب على الشاي والقهوة بنية الصدقة عن الأموات

219 - حكم جمع الأقارب على الشاي والقهوة بنية الصدقة عن الأموات س: هذا السائل من الطائف يقول: بعض الناس يفعلون قهوة، ويدعون بعض الأقارب، ويفرقون عليهم شيئا من الكعك مع القهوة، ويقولون بأن هذه هبة لموتانا، فهل يجوز ذلك؟ وتكون صدقة تصل إلى الميت أم لا؟ وهل يجوز حضور مثل ذلك؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إذا فعلوا هذا لأقاربهم أو لجيرانهم لا بأس، إذا كانوا فقراء صارت صدقة، أما إذا كانوا أغنياء ما هي بصدقة، الصدقة تكون على الفقراء، أما هذه إذا كان مع أغنياء ليست صدقة، لكن من باب الهدية، ومن باب الإكرام مع الأقارب أو مع الجيران لا بأس، الصدقة تكون على الفقراء. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (406).

حكم تخصيص مكان للعزاء

220 - حكم تخصيص مكان للعزاء س: هل العزاء بعد الدفن لأهل الميت في مكان خاص لمدة ثلاثة أيام مشروع مع إحضار الطعام؟ (¬1) ج: ليس لهذا أصل، أما العزاء فليس له محل معين، يعزيهم في الطريق، يعزيهم في المسجد، يعزيهم في المقبرة قبل الدفن أو بعد الدفن، كل هذا لا بأس به، أما أنهم يصنعون الطعام للناس للمعزين وغيرهم، فهذا لا يجوز، من عمل الجاهلية، ولكن لو جلسوا في بيتهم وجاءهم المعزون من غير أن يصنعوا طعاما للناس فلا بأس به، إذا جاءهم المعزي في البيت فعزاهم وخرج في ليل أو نهار فلا بأس بهذا، أما أنهم يصنعون طعاما للناس ليكرموهم إذا جاؤوا يعزون فهذا ليس له أصل، وهو من عمل الجاهلية، يقول جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة (¬2)» أما كون جيرانهم أو أقاربهم يصنعون لهم طعاما ويرسلونه إليهم فهذا لا بأس به، هذا مشروع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أتى نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه يوم مؤتة قال النبي صلى الله عليه وسلم لأهله: «اصنعوا لآل جعفر طعاما؛ فقد أتاهم ما يشغلهم (¬3)» فإذا صنع الأقارب أو ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (100). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده: من حديث عبد الله بن عمرو برقم (6866). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610).

الجيران لأهل الميت طعاما وبعثوه إليهم أيام المصيبة لأنهم مشغولون، فهذا مستحب ولا حرج فيه، إنما الحرج في كون أهل الميت هم الذين يصنعون، لكن إن صنعوا طعاما لهم ولأنفسهم أو لضيوفهم، جاءهم ضيوف فصنعوا لهم لا يضر، لكن لا يتعمدون شيئا من أجل الميت، أو عادة من أجل الميت، لكن لو أنهم صنعوا طعامهم، ما جاءهم من أحد شيء، ما أعطاهم أحد شيئا، صنعوا طعامهم فلا بأس، أو نزل بهم ضيوف زادوا في طعامهم لأجل الضيوف لا بأس.

بيان وقت بداية العزاء

221 - بيان وقت بداية العزاء س: المستمع م. م. من الرياض يقول: متى يبدأ العزاء لأهل الميت، هل هو بعد الوفاة مباشرة أم بعد الدفن؟ (¬1) ج: يبدأ من حين الموت، قبل الصلاة وقبل الدفن، يعزون من حين يموت الميت ولو قبل أن يغسل، أو بعد التغسيل، بعد الصلاة، لا حد له، أما بدؤها من حين الموت والنهاية لا حد لها. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (429).

حكم السفر للعزاء

222 - حكم السفر للعزاء س: ما حكم السفر للعزاء؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (429).

ج: لا بأس أن يسافر إلى بلد يعزي أقاربه، لا بأس به، أو يصلي على الميت لما بلغه أنه يصلى عليه الوقت الفلاني، لا بأس.

حكم التعزية بعد ثلاثة أيام من الوفاة

223 - حكم التعزية بعد ثلاثة أيام من الوفاة س: السائل أبو أحمد يقول: سماحة الشيخ، هل العزاء يحدد بمكان معين، وما حكم التعزية إذا تأخرت أكثر من يومين أو ثلاثة؟ (¬1) ج: ليس للعزاء مكان ولا عدد من الأيام، لم يحدد أيام العزاء ولا مكان العزاء، يعزيه في أي مكان، في الطريق، في المسجد، في المقبرة، في بيته عن طريق الهاتف، ما فيه بأس، وليس للأيام حد، يعزيه في اليوم الأول أو في اليوم الثاني أو في اليوم الثالث أو الرابع، والمستحب أن يبادر بالتعزية؛ لأن المصيبة في أولها أشد؛ لأن المبادرة في التعزية أفضل في أولها، في أول المصيبة. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (400).

حكم الذهاب إلى بيت الميت بعد دفنه

224 - حكم الذهاب إلى بيت الميت بعد دفنه س: هل يجوز لنا أن نذهب لمنزل الإنسان الميت بعد دفنه؟ وما هو تفسير قوله صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا لآل جعفر طعاما (¬1)»؟ ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610).

جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الذهاب للمنزل للتعزية مشروع، وإذا صادفت المعزى بغير المنزل في الطريق أو في المسجد وعزيته كفى، أما الذهاب للمنزل فليس مقصودا لذاته، وإنما المقصود الذهاب للتعزية فإذا ذهبت إلى منزل لتعزية أهل البيت فهذا مشروع من باب جبر المصاب، والتأثر بموت أخيك، والحرص على جبر أهل المصيبة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى (¬2)» ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا (¬3)» وشبك بين أصابعه، لكن إذا صادفت المعزى في الطريق أو في المسجد أو في بيت آخر كفى ذلك، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (282). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم، برقم (2586). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب نصر المظلوم برقم (2446).

مسألة في حكم السفر للتعزية

225 - مسألة في حكم السفر للتعزية س: سماحة الشيخ، ما حكم السفر للتعزية؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (374).

ج: لا بأس به، يسافر يعزي أخاه أو أباه لا بأس والحمد لله، والتليفون يكفي في التعزية، لكن إذا سافر إليهم أو زارهم في البيت كان أكمل وأبلغ في التعزية؛ ولأنها مواساة وتطمين ودعاء للميت ولهم بالثبات.

حكم سفر المرأة للتعزية

226 - حكم سفر المرأة للتعزية س: هل من السنة أن تذهب زوجتي للعزاء داخل القرية وخارجها في القرى المجاورة لنا بالسيارة مع النساء؟ (¬1) ج: لا مانع من ذهاب زوجتك أيها السائل لتعزية إخوانها وأقاربها في القرية، لا بأس بذلك مع النساء إلا إذا كان المحل بعيدا يسمى سفرا فلا بد من محرم، أما إذا كانت في القرية أو ما يعد تابعا للقرية فهذا لا بأس به، ولو كانت ليس معها محرم، يكفي النساء معها، والتعزية مستحبة من الرجال والنساء لأقاربهم ولجيرانهم ولأحبائهم؛ لأن المصيبة لها أثر في النفوس، فالتعزية مشروعة، أما مواساة أهل العزاء بالمال فإنه يشرع إذا كانوا فقراء محاويج، يشرع أن يواسوا إذا كان عميدهم الذي ينفق عليهم توفي، وليس وراءهم ما يقوم بحالهم، وهم محتاجون فيما يعلمه المحسن إليهم فلا بأس، يشرع لجيرانهم ولأقاربهم أن يواسوهم سواء وقت الموت أو بعد الموت بمدة على حسب الحال، أما أن يساعدوهم ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (100).

على إقامة مأتم فلا، لكن يساعدونهم لفقرهم بمال، بطعام، بملابس لا بأس، لكن على وجه لا يكون فيه إعانة على منكر.

حكم أكل طعام أهل الميت

227 - حكم أكل طعام أهل الميت س: ما حكم التردد لمكان العزاء عدة مرات، أو المبيت عندهم، أو أكل طعامهم إذا صادفتهم يتناولون وجبة ما؟ (¬1) ج: لا مانع أن تأكل معهم إذا كان نفس الطعام بعث إليهم، أما تشجيعهم أن يضيفوا طعاما للناس فلا، لكن إذا كان الطعام بعث إليهم وجئت وأكلت معهم أو دعوك فلا بأس، لكن المجيء بغير دعوة كأن جئت للتعزية أو جئت لحاجة أخرى أو صادفت الطعام، أما أن تأتي لأجل الطعام فالأولى عدم المجيء إلا إذا كان أمرا بينك وبينهم معتادا لا يستنكر ولا يستغرب؛ لأنهم كأهلك فلا بأس، أو دعوك لذلك أو الطعام يصنع أو تأتي لطعام يصنع. ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (371).

حكم جلوس أهل الميت للعزاء عدة أيام

228 - حكم جلوس أهل الميت للعزاء عدة أيام س: تقول السائلة: في بلادنا عندما يموت إنسان يبقى أقارب الميت في العزاء مدة سبعة أيام، لا يبرحون مكان العزاء ويتردد المعارف على مكان العزاء مدة ثلاثة أيام، تذبح الذبائح طيلة تلك المدة،

ماذا عن ذلك؟ جزاكم الله خيرا. ونرجو النصح والتوجيه (¬1) ج: ليس للعزاء مدة معلومة، بل السنة للمؤمن والمؤمنة التعزية على أي حال كان، في الطريق أو في البيت بعد الموت، قبل الصلاة وبعدها، وقبل الدفن وبعده، وليس لذلك مدة معلومة، ولا مكان معلوم، بل المؤمن يعزي إخوانه في الله، والمؤمنة تعزي أخواتها في الله، وأقاربها وجيرانها تعزيهم، وأما كونهم يلزمون البيت سبعة أيام أو ثلاثة أيام فهذا لا أصل له، بل يخرجون لحاجاتهم وفي أعمالهم، ومن صادفه في الطريق أو في محل العمل أو في البيت عزاهم، وإذا جلسوا في البيت وقت الجلوس المعتاد وجاءهم إخوانهم وعزوهم فلا بأس، أما أن يصنعوا للناس وليمة يذبحون الذبائح من أجل الميت فهذه بدعة من عمل الجاهلية لا أصل لها، يقول جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصناعة الطعام بعد الدفن كنا نعده من النياحة (¬2)» فليس لأهل الميت أن يصنعوا الطعام للناس بسبب الميت، لكن إذا أهدى إليهم جيرانهم وأقاربهم طعاما فهذا لا بأس به، بل هو مستحب أن يهدي الجيران أو الأقارب لأهل الميت طعاما؛ لأنهم مشغولون بالمصيبة، فقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر أهل بيته ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (205). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده: من حديث عبد الله بن عمرو برقم (6866).

عليه الصلاة والسلام لما جاء خبر موت ابن عمه جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه من الشام، قال صلى الله عليه وسلم لأهله: «اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم (¬1)» إذا صنع الجيران أو الأقارب لأهل الميت طعاما فهذا مشروع، وإذا دعا إليه أهل الميت جيرانهم ومن نزل بهم من الضيوف وأكلوا فلا بأس؛ لأنه قد يكون طعاما كثيرا فيحتاج إلى من يأكله، فإذا دعوا جيرانهم وبعض أقاربهم للأكل معهم فلا بأس بذلك، وهكذا لو نزل بهم ضيف، وصنعوا له طعاما فلا حرج في ذلك؛ لأن هذا ليس من أجل الميت بل من أجل الضيف، وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610).

س: العادة عندنا بأنه تمتد أيام التعزية إلى أكثر من ثلاثة أيام نظرا لما ذكرنا من المسافة، وكون بعض الناس لا يعلم إلا متأخرا بعد وفاة الميت بثلاثة أيام أو أكثر، وقد يستمر سبعة أيام، فما الحكم أيضا في ذلك؟ (¬1) ج: ليس للعزاء حد محدود، لا ثلاثة ولا أكثر، قد لا يعلم العزاء إلا بعد أربعة أيام أو خمسة أيام، المقصود ليس له حد محدود، المعزي لو عزاهم بعد ثلاثة أو بعد أربعة أو بعد خمسة - يعني حين بلغه الخبر - فلا بأس، إنما الثلاث حد للإحداد، وإحداد المرأة القريبة إلى الميت؛ لأن ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (19).

النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تحد المرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج (¬1)» فالإحداد لقريبات الميت لا يجوز فوق ثلاث، وأما الزيارة للتعزية فليس لها حد بالثلاث، ولا صنع الطعام لهم من جيرانهم وأقاربهم ليس له حد، فلو صنع لهم الطعام أحد الجيران بعد ثلاث لأنهم لا يزالون مشغولين بالمصيبة فلا بأس، ليس له حد فيما نعلم في الشرع. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الطلاق، باب الكحل للحادة، برقم (5339)، ومسلم في كتاب الطلاق، باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة وتحريمه في غير ذلك، برقم (938).

حكم وصف الميت بأنه مغفور له أو مرحوم

229 - حكم وصف الميت بأنه مغفور له أو مرحوم س: ما هي صحة العبارات التي تطلق على الأموات، فنحن نسمع أن فلانا المغفور له أو المرحوم، هل هذه العبارات صحيحة، وكيف توجهون الناس (¬1)؟ ج: الواجب في هذا أن يقال: غفر الله له، رحمه الله، ولا يجزم بالمغفور له والمرحوم، هذا هو الذي ذكره أهل العلم، وكان أهل السنة والجماعة يقولون: لا يجوز الشهادة لمعين بجنة أو نار إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم أو شهد الله له في كتابه وإلا فلا، فمن شهد الله له في الكتاب العزيز بالنار، أبو لهب شهد الله له بالنار، وهكذا من ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (72).

شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة كأبي بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي، وبقية العشرة، وغيرهم ممن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة، أو بالنار، هذا يشهد له، أما من لم يشهد له الله ولا رسوله لا بجنة ولا بنار فإنا لا نشهد له بذلك لا هذا ولا هذا، ولكن أهل السنة يرجون للمحسن، ويخافون على المسيء، والذي يظهر أن قول القائل: المرحوم فلان والمغفور له فلان، في معنى الشهادة بالجنة والنار؛ لأن المرحوم والمغفور له معناه أنه في الجنة، يعني أن كل إنسان مرحوم ومغفور له فهو من أهل الجنة، هذا فيه جرأة وعدم تورع، والذي ينبغي في مثل هذا أن يقول: رحمه الله، غفر الله له، هذا هو الذي ينبغي في هذا المقام.

حكم دفن الميت ليلا

230 - حكم دفن الميت ليلا س: هل يجوز دفن الميت ليلا، وهل هناك أوقات نهي للدفن؟ (¬1) ج: إذا تمكن أهله من الصلاة عليه وتكفينه وتغسيله والصلاة عليه فلا بأس، وقد دفن النبي صلى الله عليه وسلم بعض الأموات ليلا، ودفن هو ليلا عليه الصلاة والسلام، وهكذا الصديق، وهكذا عمر دفن ليلا، وهكذا عثمان، فالمقصود أن الدفن في الليل لا بأس به إذا توافرت الأمور ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (72).

المشروعة وتمكن أهله من الدفن، أما ما جاء من النهي عن الدفن ليلا فهذا محمول عند أهل العلم على ما إذا كان الدفن في الليل يفضي إلى عدم أداء الواجب في حق الميت. أما عن الأوقات التي ينهى فيها عن الدفن فإن هناك ثلاث ساعات. ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه عند مسلم رحمه الله: «ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا، حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب (¬1)» هذه الثلاث عند طلوع الشمس حتى ترتفع قيد رمح، وعند قيامها قبيل الظهر حتى تزول قبل الظهر بقليل، وعند انحدارها للغروب واصفرارها، في هذه الحال لا يصلى على الميت ولا يدفن، بل يتوقف. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها، برقم (831).

قول المغفور له للميت

231 - مسألة في قول المغفور له، للميت س: سائلة تسأل عن بعض العبارات مثل عبارة: المغفور له فلان، هل تجوز أم لا؟ (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (302).

ج: ظاهر الأدلة الشرعية أنها لا تجوز، بل لا يجزم؛ لأن الله هو الذي يعلم الحقائق سبحانه وتعالى، فأهل السنة والجماعة يقولون: لا نشهد لمعين بجنة ولا نار إلا من شهد الله ورسوله عليه الصلاة والسلام له بذلك، ولكن نرجو للمحسنين، ونخاف على المسيئين، يقال: المؤمنون مغفور لهم، المؤمنون في الجنة، الكفار في النار، أما من يقول: فلان ابن فلان مغفور له، أو في الجنة، فلا يجوز، إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم كالعشرة؛ الصديق، وعمر، وعثمان، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، وأبي عبيدة بن الجراح، وسعيد بن زيد، هؤلاء شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة رضي الله عنهم فالمقصود من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة نشهد له، وهكذا من شهد له الله أو رسوله بالنار نشهد له بالنار كأبي لهب، أما نحن فلا نشهد لأحد معين - ونقول: فلان ابن فلان - بالجنة أو بالنار، بل نقول: إن كان مؤمنا ومات على هذا فهو من أهل الجنة، وإن كان كافرا ومات على الكفر فهو من أهل النار.

حكم بعض العادات في العزاء

232 - بيان حكم بعض العادات في العزاء س: ما رأيكم في العادات المتبعة لدى البعض في العزاء من الولائم، وقراءة القرآن والأربعينيات والسنويات أيضا، وما شاكل ذلك؟

فنرجو التوجيه من سماحة الشيخ (¬1) ج: هذه العادات لا أصل لها، ولا أساس لها، بل هي من البدع ومن أمر الجاهلية، كونه يقيم وليمة إذا مات الميت يدعو لها الجيران والأقارب، ونحو ذلك، ويقيمونها بالبكاء وبالقراءة أو نحو ذلك، هذه بدعة لا تجوز، وهكذا إقامتها على رأس الأربعين، وعلى رأس الأسبوع، وعلى رأس الشهر، وعلى رأس السنة، كلها من بدع الجاهلية ومما لم يشرعه الله سبحانه وتعالى، وإنما المشروع لأهل الميت الصبر والاحتساب والعزاء مما أصابهم، أي يتعزون بالله ويرضون عما قدر الله عليهم سبحانه وتعالى، ويحتسبون الأجر عنده عز وجل، ولا مانع أن يصنعوا لأنفسهم الطعام العادي لأكلهم وحاجاتهم، وهكذا لو نزل بهم ضيف وصنعوا له الطعام العادي لا بأس، أما أن يصنعوه من أجل الموت ومن أجل المأتم لإقامة مأتم يجمعون الناس ليقرؤوا القرآن أو ليقرؤوا الأحاديث والأشعار، أو ليبكوا معهم وينوحوا معهم فكل ذلك من البدع المحدثة، وليس لها أصل في الشرع المطهر، ويشرع لأقاربهم وجيرانهم ونحو ذلك أن يصنعوا لهم طعاما يرسلونه إليهم؛ لأنهم مشغولون بمصيبة، فإذا صنع لهم جيرانهم أو بعض أقاربهم طعاما يوم الموت واليوم الثاني أو نحوه وأرسلوه إليهم جبرا لهم لمصابهم، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (71).

وإعانة لهم على المصيبة؛ لأنهم مشغولون، قد لا يتفرغون للطبخ، وقد يكسلون عن ذلك لشدة المصيبة، هذا أمر مشروع، وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه لما أتى نبأ جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه حين قتل في مؤتة بالشام، وجاء خبره إلى المدينة رضي الله عنه أمر النبي صلى الله عليه وسلم أهله أن يصنعوا طعاما لآل جعفر، قال: «اصنعوا لآل جعفر طعاما؛ فقد أتاهم ما يشغلهم (¬1)» يعني: ابعثوا لهم طعاما، من أهله صلى الله عليه وسلم لأهل جعفر؛ لأنه قد أتاهم ما يشغلهم عن صنع الطعام، فهذا أمر مشروع وليس فيه بأس. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610).

س: عندما يتوفى المرء في بلدنا يجلس الأقارب في بيت المتوفى مدة خمسة أيام أو أكثر من ذلك لاستقبال المعزين، فيقرؤون الفاتحة ويرفعون أيديهم إلى الوجه، ثم يقولون بصوت جماعي: جبر الله كسرك، ولأهل الميت: عظم الله أجرك. فما حكم الشرع في هذه العادة، وهل هي صحيحة أم أنها بدعة؟ نرجو الإفادة، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذه العادة بدعة، لا أصل لها في الشرع، لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه يفعلون ذلك، فالواجب على المؤمن الحذر من ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (203).

البدع، فهي شر وبلاء؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة (¬1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)» فهو مردود. وكان يقول في خطبة الجمعة عليه الصلاة والسلام: «أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم - يعني السيرة - وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (¬3)» خرجه مسلم في صحيحه. فالمصابون يعزون في ميتهم، ويدعى لهم أن الله يجبر كسرهم، ويحسن عزاءهم، ويغفر لميتهم إذا كان مسلما، أما كونهم يجلسون للعزاء، ويتجمعون على القراءة وعلى الأكل والشرب فهذا لا أصل له، لكن إذا جلس في بيته في الوقت المعتاد الذي يجلسه الناس في بيوتهم، وجاءه الناس يعزونه من دون إحداث شيء، بل الجلوس العادي، وإن صب لهم الشاي لا بأس، هذه جلسات عادية لا بأس بها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه خبر جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، لما قتل في مؤتة قال الصحابي: جلس واجما يرى عليه أثر الحزن. عليه الصلاة والسلام. فالمقصود أن ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607) والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم (2676)، وابن ماجه كتاب المقدمة، باب اجتناب البدع والجدل، برقم (46). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (867).

الجلوس عند المصيبة وعند روعة المصيبة ليس فيه حرج، لكن كونه يتعمد أن يكون لهذا نظام خاص بإيجاد الطعام، أو مأتم الحزن، أو جمع قراء، أو قراءة خاصة يفعلونها بينهم، أو دعوات يجتمعون عليها، ويرفعون أيديهم، أو ما أشبه ذلك هذا لا أصل له، أما كونه جلس في بيته الجلوس المعتاد ضحوة أو ظهرا أو عصرا أو مغربا، ومر عليه جيرانه وأقاربه وعزوه، أو عزوه في الطريق أو المسجد أو في المقبرة، كله جائز والحمد لله، من دون أن يتخذ لهذا نظاما خاصا، كذلك لا أصل لقراءة الفاتحة ولا غيرها، أما إذا قرؤوا على العادة، اجتمعوا وقرؤوا من القرآن لا لأجل الميت، بل لأنهم مجتمعون، وقرأ واحد يسمعهم كلام الله لا بأس بهذا، أما أن يكون للمصيبة بقصد المصيبة فهذا لا أصل له.

حكم ذهاب الدعاة إلى الاجتماعات المخالفة في العزاء لأجل الدعوة

233 - حكم ذهاب الدعاة إلى الاجتماعات المخالفة في العزاء لأجل الدعوة س: عندنا في السودان إذا مات شخص يجتمع الناس بعد الدفن، والسؤال: هل يجوز للداعية أن يذهب إليهم ويدعوهم إلى الإسلام وينكر عليهم، ويعلمهم، وهذا الداعي يذهب إليهم بنية الدعوة إلى الله، ويبين الحق من الباطل، وهو لا يجالسهم ولا يأكل عندهم، بل إن قصده أن يبلغ دعوة الله لكونهم مجتمعين ثم ينصرف ولا يجالسهم؟ أسال عن هذا لأن بعض الإخوة لا يرون الذهاب بقصد الدعوة لأنهم في منكر، أرجو التوضيح بالتفصيل،

جزاكم الله خيرا (¬1) ج: ذهاب الدعاة للمجتمعات المخالفة للشرع للدعوة والتوجيه - أمر مطلوب؛ لأنها فرصة ينبغي أن تستغل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمر على مجامع الكفرة في منى فيدعوهم إلى الله، ويطلب منهم أن يؤووه حتى يبلغ رسالات الله، وذهب مرة إلى سعد بن عبادة يعوده في المدينة وهو مريض، فمر على مجتمع فيه اليهود، وفيه بعض الكفرة الوثنيين، وفيه بعض المسلمين، فوقف عندهم ودعاهم إلى الله عز وجل، ورغبهم في الخير، فالدعاة إذا زاروا بعض المجتمعات المنحرفة كالذين يجتمعون بعد موت الميت ويقيمون مأتما عند أهل الميت يعلمهم، يقول: هذا ما يجوز، أهل الميت لا يقيمون للناس مأتما ولا طعاما، ولا يجمعون الناس، ولكن إذا بعث إليهم جيرانهم طعاما، أو أقاربهم طعاما فلا بأس بهذا، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه يوم مؤتة؛ أمر أهله أن يبعثوا لأهل جعفر طعاما، وقال: «إنه أتاهم ما يشغلهم (¬2)» هذا لا بأس به، بل هو مشروع، أما كون أهل الميت يقيمون مأتما، يقيمون طعاما للناس يجمعونهم فهذا لا يجوز، هذا من عمل الجاهلية، كذلك الاجتماعات على المولد، مثل ¬

_ (¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (87). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610).

الاحتفال بالمولد في أي مكان، فيأتيهم الدعاة فيقولون: هذا الاحتفال لا يجوز، وليس في الشريعة موالد يحتفل بها، ولم يشرع هذا النبي صلى الله عليه وسلم، لا في مولده ولا في مولد غيره، ولم يفعله الخلفاء الراشدون مع نبيهم عليه الصلاة والسلام، ولا بقية الصحابة، ولا التابعون ولا أتباعهم بإحسان، حتى ينتبه الناس لهذه البدع، ويحذروها، هذا كله لا بأس به، إنما المنكر أن يحضر معهم للمشاركة فقط، أما إذا حضر لا للمشاركة بل للدعوة والتوجيه والإرشاد ثم ينصرف، فهذا مأجور غير مأزور، والله المستعان.

حكم الوعظ عند القبور

234 - حكم الوعظ عند القبور س: بالنسبة للوعظ عند القبور، ما رأيكم فيه؟ (¬1) ج: الوعظ لا بأس به، النبي وعظ عند القبر، جاء عنه صلى الله عليه وسلم من حديث علي ومن حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما أنه وعظ الناس عند القبر وهم ينتظرون، وعظهم وذكرهم عليه الصلاة والسلام. ¬

_ (¬1) السؤال من الشريط رقم (383).

س: يقول هذا السائل: ما رأي سماحتكم في الوعظ عند القبور؟ (¬1) ج: الوعظ عند القبور مستحب إذا تيسر ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (401).

وسلم وعظ عند القبور؛ لحديث علي رضي الله عنه، ومن حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي وعظهم عند القبور عليه الصلاة والسلام، فإذا حضر بعض أهل العلم، ووعظ الناس عند القبر عند انتظارهم الدفن، أو عند وقوفهم للدفن، وذكرهم بالله فحسن، كله طيب.

حكم اجتماع الناس في بيت الميت في اليوم الثالث من موته

235 - حكم اجتماع الناس في بيت الميت في اليوم الثالث من موته س: هذا السائل ح. إ. من اليمن يقول: سماحة الشيخ، في اليوم الثالث من موت الميت عندنا تقام محاضرة في بيت الميت، ويحضرها جمع من الناس، هل هذا العمل جائز أم هو من البدع؟ (¬1) ج: اعتياد إقامة محاضرة في بيت الميت في اليوم الثالث أو طعام أو شبه ذلك - ليس من الشرع في شيء، بل هو بدعة، أما إذا كان عارضا اجتمعوا يسلمون على أهل الميت يعزونهم، فذكرهم بعض الناس فلا بأس، شيء عارض، أما اتخاذ هذا عادة وسنة جارية في اليوم الثالث أو الثاني أو الرابع أو الخامس، إقامة حفل وموعظة أو خطبة أو أكل، هذا بدعة، نسأل الله للجميع الهداية. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (395).

حكم رفع الأيدي والدعاء للميت عند مصافحة أهله

236 - حكم رفع الأيدي والدعاء للميت عند مصافحة أهله س: من أسئلة السائلة المستمعة من السودان تقول: يا سماحة الشيخ،

إذا ذهبنا للعزاء قبل أن نصافح أهل الميت نرفع الأيدي وندعو للميت، ثم نقوم بمصافحتهم، هل هذه العادة صحيحة؟ (¬1) ج: لا أعرف لها أصلا، لكن الدعاء للميت لا بأس قبل أو بعد، أما رفع الأيدي واعتيادها فلا أصل له، لكن إذا الإنسان سلم عليهم ودعا لميتهم قبل أو بعد لا حرج، كله طيب، أما رفع الأيدي قبل ذلك والدعاء قبل ذلك فما أعرف له أصلا. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (422).

س: عندنا بعض العادات في العزاء، ومنها أن يرفع الناس أيديهم لأهل الميت، ويقولون: الفاتحة، ويقرؤون سورة الفاتحة، فهل هذا جائز أم لا؟ (¬1) ج: المشروع في العزاء هو الدعاء لأهل الميت بالتوفيق وبالصبر والاحتساب، وعظيم الأجر وغفران الذنوب للميت، أما رفع الأيدي إليهم وقراءة الفاتحة فليس له أصل، ورفع الأيدي ما ندري ما مراده، فإن كان المراد به المصافحة عند اللقاء فهذا لا بأس به، هذا مشروع، كونه يصافح المعزى إذا كان رجلا أو كانت امرأة ذات محرم له كخالته وعمته وأمه ونحو ذلك، فلا بأس أن يصافح المعزى ويقول له: أعظم الله أجرك. وأحسن عزاك، وغفر لميتك وجبر مصيبتك، هذا كله طيب. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (43).

ويقول هذا الرجل والمرأة جميعا، فيصافح الرجل ويصافح المرأة إذا كانت محرما له كأخته وعمته وخالته، أما النساء غير المحارم فلا يصافحهن، وما يفعله بعض الناس من مصافحة النساء فهو غلط لا يجوز، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إني لا أصافح النساء (¬1)» وتقول عائشة رضي الله عنها: «ما مست يد رسول الله يد امرأة قط عند البيعة، قالت: ما كان يبايعهن إلا بالكلام (¬2)» فهذا يدلنا على أن المرأة الأجنبية ليس للرجل أن يصافحها، لكن لا بأس بمصافحته المرأة ذات المحرم، كأمه وجدته وخالته وعمته ونحو ذلك عند العزاء وعند اللقاء، لا بأس عند المقابلة إذا قابل خالته أو عمته، إذا زارها عند العزاء صافحها ودعا لها، وهكذا إذا قابل الرجل عند اللقاء في الطريق، أو زاره في البيت وصافحه، كل هذا طيب، وهكذا عند العزاء يصافحه، ويدعو له، أما إن كان رفع الأيدي على غير هذه الطريقة، رفع الأيدي إلى السماء بغير مصافحة فهذا لا أصل له، وهكذا قراءة الفاتحة عند لقاء المعزى ليس له أصل، بل هو من البدع، وهكذا اجتماعهم على القراءة ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب البيعة، باب بيعة النساء، برقم (4181). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الطلاق، باب إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذمي، برقم (5288)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب كيفية بيعة النساء، برقم (1866).

وقت العزاء، هذا كله لا أصل له، إنما يعزي ويدعو لهم وينصرف، أما اجتماعهم عند أهل الميت على قراءة القرآن، أو على قراءة أشياء أخرى، أو للأكل والشرب فهذا ليس له أصل، وإنما السنة أن جيران أهل الميت أو أقاربهم يبعثون لهم طعاما، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه نبأ جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه حين قتل في مؤتة في الشام، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأهله: «اصنعوا لآل جعفر طعاما؛ فقد أتاهم ما يشغلهم (¬1)» هذا هو الأفضل، وهذا هو السنة، أما كون أهل الميت يصنعون طعاما ويجمعون الناس على قراءة أو على دعاء، أو على غير ذلك، فهذا ليس من السنة، قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام عندهم كنا نعده من النياحة (¬2)» هذا يدل على أن هذا لا يجوز ولا ينبغي، وليس من المشروع، بل هو خلاف المشروع، كذلك عند المقابر، هذا لا يجوز أيضا، وليس له أصل، فلا ترفع الأيدي عند المقابر، ولا يقرأ القرآن بين القبور ولا عند زيارة المقابر كل هذا ليس له أصل، ولكن السنة أن يدعوا للموتى ويستغفروا لهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا زار القبور دعا للأموات بالمغفرة والرحمة، وكان يعلم أصحابه إذا زاروا ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده: من حديث عبد الله بن عمرو برقم (6866).

القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (¬1)» وفي رواية أخرى: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬2)» «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (¬3)» يدعو لهم هكذا عليه الصلاة والسلام، وهذا يدلنا على أن السنة في زيارة القبور الدعاء للأموات والترحم عليهم، أما أنه يقرأ لهم القرآن أو يرفع الأيدي إلى السماء أو بالإشارة فهذا شيء لا أصل له. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974).

س: جرت العادة عندنا أنه إذا دخل أحدنا العمل يقرأ الفاتحة بصوت عال، وإذا قمنا بصلح بين جماعة قرأنا الفاتحة للنبي صلى الله عليه وسلم وإذا حضرنا عزاء متوفى نقول: الفاتحة للمتوفى، هل هذا جائز أم أنه بدعة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا لا دليل عليه، بل هو بدعة، فالواجب تركه، أصلح الله حال الجميع. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (193).

حكم الذهاب للعزاء مع العلم بما فيه من البدع

237 - حكم الذهاب للعزاء مع العلم بما فيه من البدع س: سوداني مقيم بالرياض يقول: هل يجوز الذهاب إلى أهل الميت

وتعزيتهم إذا كانت لديهم بدعة مثل قراءة الفاتحة مع رفع الكفين قبل إلقاء السلام عليهم؟ نرجوكم الإفادة (¬1) ج: نعم، تعزيهم وتنصحهم عما عندهم من البدع - والحمد لله - تجمع بين الخيرين؛ التعزية، وإنكار المنكر. ¬

_ (¬1) السؤال من الشريط رقم (371).

حكم ترديد النساء لا إله إلا الله في العزاء بصوت عال

238 - حكم ترديد النساء: " لا إله إلا الله " في العزاء بصوت عال س: السائل يقول: اعتاد البعض من النسوة أثناء التعزية في الأموات وخاصة قبل دفن الجثمان أن يرددن قول: لا إله إلا الله، بصوت عال، أي امرأة تقول والباقي يرددن وراءها، وصوت المرأة مسموع عند الرجال، ويرين أن هذا أفضل من اللطم أو العويل، ويهدئ من حالة أهل الميت، فما صحة ذلك؟ (¬1) ج: الظاهر أن هذه بدعة، حتى لو ما سمعه الرجال، كونهن يرددن: لا إله إلا الله - لأنهن نسوة - عند التعزية هذا لا أصل له، التعزية: أحسن الله عزاءك وجبر مصيبتكم، وغفر لميتكم. ونحو هذا من الكلام، أما أن يرددن: لا إله إلا الله، أو: سبحان الله، بصوت جماعي فهذا بدعة، سواء سمعها رجال أو ما سمعها رجال، لا ينبغي هذا العمل، والسنة أن ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (374).

يقال: اتقوا الله، لا تجزعوا، الحمد لله، هذه سنة الله في عباده، كل يموت، يتحدثن معهن بالوصية والنصيحة، هذه التهدئة، الوعد بالخير، التحذير من الشر، أما أن يأتين بلا إله إلا الله، بصوت جماعي، وما أشبه ذلك فهذا من البدع؛ لأن البدعة هي ما أحدثه الناس خلاف الشرع، كما قال صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬1)» وقال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬2)» فهذا ليس من أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وليس من عمل الصحابة بل هذا من البدع. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

حكم نصب الخيام وإشعال الأنوار للعزاء

239 - حكم نصب الخيام وإشعال الأنوار للعزاء س: ما حكم الذين ينصبون الخيام ويشعلون الأنوار سماحة الشيخ لأجل العزاء؟ (¬1) ج: ليس له أصل، بل يبقون على حالهم، إذا زارهم في بيوتهم أو في الطريق أو في المسجد، وعزاهم كفى، فلا حاجة إلى نصب الخيام وجعل الأنوار الخاصة، بل هذا لا أصل له. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (175).

حكم الفرش للميت وبقائه ثلاثة أيام

240 - حكم الفرش للميت وبقائه ثلاثة أيام س: الأخ ع. م. سوداني، يسأل ويقول: عندنا عندما يموت الشخص يفرشون له ثلاثة أيام، ويقرؤون له القرآن وبعض الأدعية، فهل هذا من السنة؟ (¬1) ج: ليس هذا من السنة، كونهم يفرشون له فرشا ليبقى عليها حتى يتأخر دفنه هذا مكروه، بل السنة التعجيل، وهكذا القراءة له، كل ذلك ليس من السنة، بل هو مكروه، ولا دليل عليه، أما إن كان السائل أراد بالفراش شيئا آخر وأن يفرشوا له في القبر، فكذلك مكروه، لا يشرع أن يفرش له، بل يوضع على التراب، أما إن كان أراد شيئا آخر فعليه أن يسأل سؤالا آخر. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (241).

ما يفعله المعزي لمن عندهم مخالفات شرعية

241 - بيان ما يفعله المعزي لمن عندهم مخالفات شرعية س: مستمع يسأل ويقول: إذا كان لي جيران يقيمون المأتم عندما أريد تعزيتهم في فقيد لهم، ماذا أفعل؛ علما بأن هناك مخلفات لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم في العزاء (¬1)؟ ج: تعزيهم وتنصحهم، تقول: أحسن الله عزاءكم، يا إخواني، ترى هذا ما يجوز، إذا كان عندهم نياحة تنصحهم، وإن كانوا يقيمون أطعمة أو ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (347).

يشترون طعاما للناس تعلمهم أن هذا لا يجوز، وأن هذا من عمل الجاهلية؛ لما فيه مصلحتهم تعزيهم وتنصحهم، وتأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر جمعا بين المصالح.

حكم إقامة العزاء والعزائم من تركة الميت

242 - حكم إقامة العزاء والعزائم من تركة الميت س: يسأل الأخ عن بدع العزاء كاستحداث الصواوين والعزائم والقراءة، ويقول: إن هذه النفقات تنفق كلها من تركة الميت، وربما يكون الورثة في أمس الحاجة إليها، فما الحكم؟ (¬1) ج: لا يجوز لأهل الميت إقامة عزائم - يعني إقامة مأتم - بإيجاد الطعام ودعوة الناس للأكل ونحو ذلك على حساب الميت، أو على حساب أيتام الميت، أو على حسابهم هم، كل ذلك لا يجوز لأنها من أمر الجاهلية، ولكن يصبرون ويحتسبون، ويقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون. ويستقبلون المعزين، لا بأس، يستقبلونهم، يصبون لهم قهوة، يصبون لهم شايا لا بأس، أما أن يقيموا مأتما بالبكاء والنياحة أو بصنع الطعام للناس فهذا لا يجوز، بل هو من أمر الجاهلية وإذا كان بيتهم صغيرا وجعلوا مكانا أوسع لاستقبال المعزين من دون إحداث مأتم ولا شيء، بل مجرد إحداث خيمة أو صالون يسع المعزين فلا حرج في ذلك إذا كان ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (187).

ليس فيه بدعة، لا مأتم ولا إحداث نياحة، ولا أشياء مما حرم الله، إنما مجرد استقبال وسلام عليهم وصب القهوة والشاي، هذا لا يضر ولا حرج في ذلك إن شاء الله عند ضيق المكان، أما إذا أتوا بالقراء وما أشبه ذلك فإن هذا لا يجوز، هذا بدعة، بالقراء أو بصنع الطعام هذا بدعة، لكن لو جاءهم ضيوف واستحوا أن يتركوهم وصنعوا لهم طعاما لأنهم ضيوف جاؤوا من مكان بعيد فلا بأس، أو دعوهم إلى ما عندهم من الطعام المهدى إليهم فإن السنة أن يهدى إلى أهل الميت طعام من جيرانهم وأقاربهم، فإذا وافقه الضيوف وأكلوا معهم فلا بأس.

حكم إقامة العزائم بعد أربعين يوما من الوفاة

243 - حكم إقامة العزائم بعد أربعين يوما من الوفاة س: بعض العامة بعد وفاة قريب لهم بأربعين يوما يقومون بما تعارفوا على تسميته بالأربعين، وفي هذه الأربعين يقومون بدعوة الناس، فيقوم المدعوون بقراءة بعض الأذكار، وبعد تناول الطعام يقومون بتلاوة القرآن الكريم، ويدعون بثواب القراءة للميت، فما حكم الشرع في هذا الفعل، هل هو جائز أم هو محرم؟ (¬1) ج: هذا لا يجوز، هذا من المأتم، من أعمال الجاهلية، لا يجوز، لا في الأربعين ولا في اليوم الأول، ولا في الأسبوع الثاني، ولا على رأس ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (213).

السنة، كله من البدع والخرافات، ومن أعمال الجاهلية، لا تجوز إقامة هذا العمل، ولكن يدعا للميت ويتصدق عنه، هذا طيب، أما إقامة مأتم على رأس الأربعين أو رأس الأسبوع أو رأس الشهر أو رأس السنة، فكل هذا لا أصل له، يقول جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصناعة الطعام بعد الدفن من النياحة (¬1)» فلما توفي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه شهيدا في سبيل الله، وجاء نعيه إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام لم يتخذ مأتما لا على رأس الأسبوع ولا في أول يوم ولا على رأس الأربعين، وهكذا الصحابة رضي الله عنهم لم يفعلوا هذا لنبيهم صلى الله عليه وسلم ولا للصديق ولا عمر ولا عثمان ولا علي ولا غيرهم، فالواجب ترك ذلك؛ لأنه من عمل الجاهلية. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده: من حديث عبد الله بن عمرو برقم (6866).

حكم تقديم الدخان للمعزين

244 - حكم تقديم الدخان للمعزين س: ما حكم تقديم الدخان مع ما يقدم بعد حضور الناس للتعزية للميت، وفقكم الله وشكركم وقدر مسعاكم؟ (¬1) ج: لا يجوز لأهل الميت ولا غيرهم أن يقدموا الدخان للناس ولا الخمر، هذا حرام منكر؛ لأن الدخان حرام والخمر حرام، فليس لأهل ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (19).

الميت أن يقدموا ما حرم الله لزوارهم والمعزين، هذا لا يجوز، هذا من التعاون على الإثم والعدوان، لكن لا بأس أن يقدموا قهوة أو شايا، أو شرابا طيبا لا بأس، أما أن يقدموا الدخان أو الخمر أو الحشيش أو الحبوب المسكرة والمخدرة فهذا كله لا يجوز، بل هذا من التعاون على الإثم والعدوان، والله سبحانه نهى عن ذلك، نسأل الله للجميع الهداية.

نصيحة حول المخالفات في العزاء وغيره

245 - نصيحة حول المخالفات في العزاء وغيره س: سماحة الشيخ، حتى ينتهي الناس عن هذه المخالفات في العزاء وفي غيره، ما هي كلمتكم يحفظكم الله؟ (¬1) ج: الواجب على المسلمين جميعا أن يتقيدوا بالشرع في كل شيء في الجنائز وغير الجنائز في صلاة الجنازة وغير ذلك، في جميع العبادات؛ لأن الله جل وعلا يقول ذاما لقوم أحدثوا: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (¬2) ويقول جل وعلا: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا} (¬3) ويقول صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (¬4)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (365). (¬2) سورة الشورى الآية 21 (¬3) سورة الجاثية الآية 18 (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (¬1)» فليس للناس أن يحدثوا عبادات في شرع الله ما أنزل الله بها من سلطان لا في أمر الجنائز ولا في غير الجنائز، جميع البدع ينهى عنها، والإنسان يتقيد بالشرع، يسأل عما شرع الله، يتفقه في الدين، ويسأل عما شرعه الله، ويعمل بذلك كما قال صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (¬2)» فالتفقه في الدين مطلوب، ويعلم الإنسان علما من شرع الله عز وجل، أما التعزية فمشروعة، كونه يزور أخاه يعزيه في البيت، أو في الطريق أو في المسجد أو في الدكان أو في المزرعة لا بأس، يزوره إخوانه يعزونه في أبيه، في أخيه، في أمه لا بأس، أما أن يتخذ لذلك طعاما، يصنعن طعاما لهم، أو يتخذ قراء يقرؤون للميت أو أشياء أخرى تفعل من أجل الميت عند الموت، أو على رأس الأسبوع، أو بعد الأربعين يوما، أو على رأس السنة فكل هذا لا أصل له. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، برقم (7312)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، برقم (1037).

حكم قول إنا لله وإنا إليه راجعون إذا كان الميت كافرا

246 - حكم قول: إنا لله وإنا إليه راجعون إذا كان الميت كافرا س: إذا مات رجل أو امرأة وهو كافر، هل يمكن أن نقول: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (¬1) ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 156

أم لا يجوز؟ ونقول أيضا: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} (¬1) {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً} (¬2) إلى آخره؟ (¬3) ج: الكافر إذا مات لا بأس أن نقول: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (¬4) الحمد لله، إذا كان من أقربائك لا بأس، كل الناس إلى الله راجعون، كل الناس ملك لله سبحانه وتعالى، لا بأس بهذا، ولكن لا يدعى له ما دام كافرا لا يدعى له، ولا يقال: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} (¬5) {ارْجِعِي} (¬6) لأن نفسه ما هي مطمئنة، نفسه فاجرة، ما يقال له هذا، وإنما يقال هذا في المؤمن، فالحاصل أن الكافر إذا مات لا بأس أن تقول: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (¬7) ولا بأس أن يقول لك غيرك: عظم الله أجرك فيه، وأحسن عزاءك فيه، ما فيه بأس، قد يكون لك مصلحة في حياته، قد يكون في حياته يحسن إليك، ينفعك فلا بأس، لكن لا يدعى له، ولا يستغفر له، ولا يتصدق عنه إذا مات كافرا. ¬

_ (¬1) سورة الفجر الآية 27 (¬2) سورة الفجر الآية 28 (¬3) السؤال الرابع من الشريط رقم (10). (¬4) سورة البقرة الآية 156 (¬5) سورة الفجر الآية 27 (¬6) سورة الفجر الآية 28 (¬7) سورة البقرة الآية 156

حكم قول اللهم أجرني في مصيبتي

247 - حكم قول: اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها - للمسلم والكافر س: السائلة ف. ع. من مكة المكرمة تقول: هل هذا الدعاء يخص

المسلم فقط؟ أم أنه يخص الكافر أيضا، لو دعا به فيستجاب له: اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها؟ (¬1) ج: يدعو بها المسلم والكافر، الدعاء مطلوب من المسلم والكافر، والمسلم حري بأن يجاب، والكافر قد يجاب وقد لا يجاب؛ لأن كفره قد يكون من أسباب حرمانه للإجابة، وقد يجاب فيرزقه الله ولدا صالحا، أو قريبا صالحا يدعوه إلى الله ويحسن إليه ويعلمه الدين ويهديه الله على يديه، الدعوة دعوة طيبة، يدعو بها المسلم والكافر. ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (394).

حكم التعزية في وفاة من لا يصلي

248 - حكم التعزية في وفاة من لا يصلي س: هل يجوز أن يعزى المؤمن في شخص لا يصلي؟ (¬1) ج: هذا محل نظر، التعزية في الكافر ذكر أهل العلم أنه لا بأس أن يقول: أحسن الله عزاءكم، أو: جبر الله مصيبتكم أو نحو ذلك ولا يدعى له، للميت، لا يدعى له، لا يقال: غفر الله لميتكم، ولكن إذا يدعى لهم بحسن العزاء وحثهم على الصبر، وأن الرجل هذا قد أتى معصية عظيمة فلا ينبغي الحزن عليه، ولا ينبغي التكدر من موته؛ لأنه ليس أهلا لذلك بسبب كفره، أو بسبب تركه الصلاة التي تركها كفر على الصحيح ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (175).

من قولي العلماء ولو كان ما جحد الوجوب، فإن العلماء اختلفوا فيمن تركها تكاسلا هل يكفر أم لا، والأرجح أنه يكفر والعياذ بالله إذا تركها تكاسلا، أما إذا تركها جاحدا للوجوب كفر إجماعا، نسأل الله العافية، مثل هذا لا يدعى له، ولكن إذا دعا لهم هم، قال: أحسن الله عزاءكم، أو: جبر مصيبتكم، أو: عوضكم الله خيرا منه، أو ما أشبه ذلك، فلا بأس بذلك، ولكن ينبغي له أن يطمئنهم أن مثل هذا ليس كفؤا للحزن عليه، وليس أهلا للحزن عليه، لما هو عليه من الباطل والكفر، نسأل الله العافية، فينصحهم ويدعو لهم بالدعوة المناسبة.

حكم التعزية فيمن مات بالانتحار أو ارتكاب المحرمات

249 - حكم التعزية فيمن مات بالانتحار أو ارتكاب المحرمات س: أحيانا تحدث وفاة شخص إما متعمدا للانتحار، أو شخص سكير شرب مسكرا يحتوي على كمية كبيرة من المسكر، أو المسكرات المؤدية للوفاة، أو شخص اعتدى عليه بالقتل للخلاص من شره، فهل يجوز مواساة والدة المتوفى لسبب من هذه الأسباب، أو لمن يمت إليه بصلة؟ حيث إنني أتردد كثيرا، هل أذهب أم لا، فتوجهت إليكم لترشدوني إلى ما يرضي الله سبحانه وتعالى، جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (89).

ج: نعم، لا بأس بالتعزية، بل تستحب التعزية، ولو كان بهذه المثابة، وإن كان عاصيا، إذا انتحر أو قتله من اعتدى عليه، أو قتل قصاصا، أو قتل حدا كالزاني المحصن لنفسه، وهكذا من شرب الخمر حتى مات بسبب ذلك إذا كان لم يستحل ذلك، ولم يبد منه ما يوجب ردة في الأقوال أو الأعمال فهذا عاص، ولا مانع من تعزية أهله في ذلك، ولا مانع من الدعاء له بالمغفرة والرحمة، ويغسل ويصلى عليه، لكن لا يصلي عليه أعيان المسلمين مثل السلطان والقاضي ونحو ذلك، يصلي عليه بعض الناس من باب الزجر عن عمله السيئ إذا كان قتل نفسه، أو مات بسبب تعاطيه المسكرات، أما إذا مات بالعدوان عليه بظلم فهذا مظلوم يصلى عليه، ويدعى له، أو كالذي مات بالقصاص بأن قتل قصاصا؛ لأنه قتل فقتل قصصا، هذا يصلى عليه أيضا، ويدعى له ويعزى أهله في ذلك إذا كان مسلما، إذا كان ليس عنده ما يوجب ردته.

س: هل يجوز لنا تعزية أهل الميت إذا كان الميت توفي عن طريق الانتحار؟ (¬1) ج: نعم يعزون ويدعى له بالمغفرة إذا مات مسلما، إذا كان مسلما فانتحاره لا يخرجه من دائرة الإسلام، كبيرة من الكبائر. ويدعى له بالعفو والمغفرة، ويصلى عليه، لكن لا يصلي عليه يعني السلطان أو الأمير أو ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (344).

العالم - من باب التعزيز له ولأمثاله، يصلي عليه بعض الناس لأنه مسلم ليس بكافر، من ينتحر مسلما - أتى كبيرة عظيمة، فيصلى عليه ويدعى له بالعفو والمغفرة، ويتصدق عنه، نسأل الله العافية والسلامة.

حكم مساعدة أهل الميت في صنع الطعام لهم

250 - حكم مساعدة أهل الميت في صنع الطعام لهم س: هل يحق مساعدة أهل الميت في حالة التعزية في الطعام - ونحن نسميها التعاون - مثل الجيران أو الأعمام أو الأقرباء؟ (¬1) ج: السنة أن يبعث لهم طعاما مصنوعا كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء خبر جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه حين قتل في مؤتة في الشام، لما جاء خبره أمر أهله عليه الصلاة والسلام أن يبعثوا لدار جعفر طعاما، وقال: «إنه أتاهم ما يشغلهم (¬2)» فإذا دفع الجيران أو الأقارب لأهل الميت طعاما مصنوعا أيام العزاء؛ لأنهم مشغولون عن صنع الطعام بالمصيبة هذا سنة، أما المساعدة بالنقود أو بغير النقود فهذا لا بأس به إذا كانوا فقراء وساعدهم إخوانهم من أجل موت القائم عليهم، والكاسب لهم، هذا حسن، مساعدة لهم لأجل فقرهم، وأما أن يقوموا هم بصنع طعام للناس من أجل الميت فهذا من عمل الجاهلية لا يجوز، ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (178). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610).

لا يقوم أهل الميت بصنع الطعام للناس إلا إذا نزل بهم ضيف ليكرموه فلا بأس؛ لأنهم صنعوه من أجل الضيف لا من أجل الميت، فلا بأس بهذا.

س: السائل ع. من الجزائر يقول في سؤاله: ما حكم الشرع فيما يسمى بعشاء الميت يا فضيلة الشيخ؟ (¬1) ج: إذا عشوا أهل الميت سنة، إذا مات إنسان شرع لجيرانه وأقاربه أن يعشوهم، أن يبعثوا لهم عشاء؛ لأنهم مشغولون بالمصيبة، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما جاء خبر جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، لما قتل في غزوة مؤتة قال لأهله صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا لآل جعفر طعاما؛ فقد أتاهم ما يشغلهم (¬2)» فإذا مات قريب الإنسان أو جاره استحب لأهله أن يصنعوا لهم طعاما؛ لأنهم شغلوا بالموت، أما أهل الميت فلا يصنعون شيئا، هذا بدعة، كونهم يصنعون للناس ويجعلونه للناس هذا يسمى مأتما، ما يصلح، يقول جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت، وصناعة الطعام بعد الموت من النياحة (¬3)» يجتمعون لينوحوا عليه، أو ليصنعوا الطعام للناس ما يصلح، أما أن يأتوا للتعزية، يأتي الجيران أو غيرهم يعزونهم أو يبعثون ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (405). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده: من حديث عبد الله بن عمرو برقم (6866).

لهم طعاما لأنهم مشغولون فلا بأس.

حكم تقديم الأغنام والذبائح لأهل الميت أثناء العزاء

251 - حكم تقديم الأغنام والذبائح لأهل الميت أثناء العزاء س: الأخ أ. ح. بعث برسالة يقول: أفتونا فيما هو واقع عندنا في التعزية، والطريقة التي هي عندنا هي أن أهل الميت يتوافد عليهم الناس في الحال، فمن هؤلاء الناس من يأتي معه بالذبائح الجاهزة للأكل، ويقوم أهل الميت بدورهم لتقديمها للمعزين الذين جاؤوا لتقديم العزاء كغداء أو عشاء، والبعض الآخر من الناس يأتي معه بالغنم حية، ويقوم أهل الميت بعمل اللازم لتقديمها أيضا كغداء أو عشاء، والبعض - وهم القلة - يجعلون ما أتوا به من أموال - غنم أو نقود - لأهل الميت، ولا يأكلون ولا يجلسون إلا الوقت القليل ومن ثم يذهبون، هل هذا العمل صحيح أم من الواجب أن يجلسوا في البيت ليتلقوا التعازي مع أهل الميت؟ وجهونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا حرج في هذا إذا تصدقوا عليهم وجاؤوا لهم بشيء من الغنم أو شيء من اللحم لا حرج في ذلك إذا صنعه أهل الميت لهم لأنهم ضيوف وأكرموهم بما جاؤوا به من اللحم أو من الذبائح لا حرج عليهم في ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (169).

ذلك، وإن أعطوهم مالا أو غنما أو غير ذلك، وذهبوا ولم يجلسوا مساعدة لأهل الميت فلا بأس بذلك، وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وهو ابن عمه لما قتل في مؤتة في الشام قال النبي صلى الله عليه وسلم لأهله: «ابعثوا لآل جعفر طعاما؛ فقد أتاهم ما يشغلهم (¬1)» فأمر أهله أن يبعثوا إليهم طعاما مصنوعا؛ لأنه أتاهم ما يشغلهم، فالأفضل لهؤلاء أن يبعثوا طعاما مصنوعا دون ذبائح يكلفون بها أهل الميت، لكن ما داموا جاؤوا بها وأعطوها أهل الميت، فأهل الميت عليهم أن يضيفوا ضيوفهم، ويحسنوا إليهم، ويكونوا كرماء لا لؤماء، فإذا صنعوا منها طعاما لهم، وأطعموهم غداء أو عشاء فلا حرج في ذلك، إنما المكروه الذي لا ينبغي والمنكر الذي يكون من عمل الجاهلية كون أهل الميت يصنعون الطعام من مالهم للناس، يجعلون هذا مأتما للميت، يصنعون الطعام للناس، هذا هو الذي لا ينبغي، وهو من عمل الجاهلية، وقال جرير رضي الله عنه: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصناعة الطعام بعد الموت من النياحة (¬2)» يعني إذا فعله أهل الميت من مالهم، أما إذا فعله الضيوف الذين نزلوا بهم، أو فعلوه هم من الذبائح التي جاء بها الضيوف فهذا ليس ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده: من حديث عبد الله بن عمرو برقم (6866).

فيه بأس؛ لأنهم ملزمون بهذا؛ لأن إكرام الضيف أمر لازم، ولا حرج في إكرام الضيف بل هو واجب، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه (¬1)» فإذا جاءهم الضيوف سواء معهم طعام أو ما معهم طعام، إذا جاءهم الضيوف ونزلوا عندهم وجلسوا إلى وقت الغداء أو العشاء وضيفوهم فلا بأس، وإذا كان معهم غنم أو لحوم كان الأمر أشد وآكد، لكن لا يبدؤونهم، أهل الميت لا يصنعون الطعام ويجعلون مأتما للناس وعادة، هذا هو الذي ينكر عليهم وينهون عنه، والأفضل للذين يزورونهم أن يصنعوا الطعام في بيوتهم، ويبعثوه إليهم مصنوعا كاملا حتى لا يكلفهم صنعة الطعام؛ لأنهم مشغولون بالمصيبة، فالذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم وسنه للأمة أن جيرانهم أو أقاربهم يبعثون بالطعام مصنوعا إليهم حتى يكفوهم المؤنة، هذا هو الأفضل، وإذا جاءهم الطعام وقدموه للضيوف ليأكلوا منه، أو دعوا إليه الجيران أو أقاربهم ليأكلوا فلا حرج في ذلك؛ لأن الطعام لو ترك ضاع بغير فائدة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه، برقم (6138)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الحث على إكرام الجار والضيف، برقم (48).

س: من العادات السائدة أنه إذا توفي عندنا إنسان يجتمع الناس للتعزية في بيت أهل المتوفى وحاملين معهم ما يسمى بالتعازي، كالنقود

والذبائح وما أشبه ذلك، وعلى إثر ذلك يقوم أهل الميت بالذبح من هذه التعازي، ويشترون ببعض النقود من الشاي والقهوة علما بأن الذين يقومون على الذبح هم أقارب وجيران الميت بقصد المساعدة لكون أهل الميت مشغولين، ولا يخفى أيضا مساعدة أهل الميت، نرجو منكم التوضيح إن كان ذلك جائزا أم لا؟ وفقكم الله وبارك فيكم (¬1) ج: السنة للمسلمين أن يساعدوا أهل الميت ببعث العشاء لهم، يعزون بميتهم، ويبعث لهم أقاربهم وجيرانهم أيام العزاء طعام العشاء؛ لأنهم مشغولون عن صنعة طعام العشاء بسبب المصيبة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لأهله لما جاء نبأ جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه يوم مؤتة: «ابعثوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم (¬2)» هذا من السنة، أما كون أهل الميت يقومون بصناعة الطعام للناس فهذا لا ينبغي، هذا منكر، وهو من جملة النياحة، قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام لهم من النياحة (¬3)» فلا ينبغي هذا، ولا يجوز لهم أن يصنعوا الطعام للناس ويجمعوا الناس عنده ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (19). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده: من حديث عبد الله بن عمرو برقم (6866).

للأكل؛ لأنهم مشغولون بالمصيبة، لكن زوارهم ينبغي أن يخففوا، يزورونهم للتعزية ثم ينصرفون، ولا يثقلون عليهم، ولا يحوجونهم إلى صنع الطعام، وينبغي للمعزين أن يعزوا ثم ينصرفوا من دون إبطاء وتأخر عندهم حتى لا يشق عليهم، وإذا كان المعزون جاؤوا من بلاد بعيدة ضيوفا على المعزين فلا بأس حينئذ - من أجل الضيافة - أن يصنع لهم أهل الميت طعاما أو يصنع لهم الجيران ويقدمونه لهم لا بأس بهذا، أما أن يتخذ عادة بأن أهل الميت يصنعون طعاما للمعزين فهذا لا ينبغي، بل هذا من المنكر، من عمل الجاهلية ومن النياحة، لكن إذا اضطروا إلى هذا بسبب الضيوف الذين جاؤوهم من بعيد، ويستحون من تركهم فلا بأس أن يصنعوا لهم الطعام من باب الضيافة لا من باب المأتم، ولا من باب صنع الطعام من أجل الميت، لا، بل هذه حاجة عارضة، وأما جيرانهم وأقاربهم فالأفضل أن يصنعوا لهم طعاما يهدونه إليهم من أجل أنهم مشغولون، فيكفيهم المؤنة جيرانهم وأقاربهم، ويهدونه إليهم، وإذا أكل معهم بعض المعزين أو بعض الجيران فلا بأس؛ لأنه طعام حاصل إن لم يأكلوه طرح في العراء، فلا بأس حينئذ أن يأكل معهم جيرانهم وضيوفهم، كل هذا لا بأس به.

كيفية التصرف في الأموال والأطعمة التي تبقى بعد العزاء

252 - بيان كيفية التصرف في الأموال والأطعمة التي تبقى بعد العزاء س: ما حكم المتبقي من هذا الطعام وغيره كذبائح، والمال، هل يجوز

أن يكون من مال الورثة المتبقي عنهم أم يرجع على أصحابه؟ (¬1) ج: ما يتبقى من الطعام يكون لأهل الميت، يكون للورثة، ما يتبقى من هذه الأموال التي أهدوها ينتفعون بها جميعا. ¬

_ (¬1) السؤال من الشريط رقم (19).

حكم الإتيان بالطعام إلى بيت الميت والأكل منه

253 - حكم الإتيان بالطعام إلى بيت الميت والأكل منه س: يقول السائل: أسأل عن الاجتماع في بيت الميت لعدة أيام علما بأنهم يأتون بطعام من بيوتهم، ويأكلون في بيت الميت بحجة الحديث: «اصنعوا لآل جعفر طعاما (¬1)» (¬2)؟ ج: لا بأس إذا صنعوا لهم طعاما وأكلوا معهم، لا بأس؛ لأنهم فعلوا ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم، قال لأهله: «اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم (¬3)» لما قتل جعفر في الشام، وجاء خبره في المدينة أمر أهله صلى الله عليه وسلم أن يصنعوا لآل جعفر طعاما، فيستحب لأقارب الميت - غير أهله، أو جيرانه - أن يصنعوا لهم طعاما، فإذا شاركهم بعض الجيران وأكل معهم فلا بأس. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610). (¬2) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (393). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610).

حكم الأكل والشرب في طعام المأتم

254 - حكم الأكل والشرب في طعام المأتم س: ما هو حكم الشرع في نظركم - سماحة الشيخ - في الأكل والشرب من طعام المأتم؟ (¬1) ج: لا يستجيب لهم، ولا يحضرهم، الذي يضعها من أجل الميت لا يحضر، أما إذا دعوه إلى طعام سيق إليهم فلا بأس، إذا بعث إليهم جيرانهم أو أقاربهم طعاما فلا بأس، سنة أن يبعث إليهم طعام، فإذا دعوا جيرانهم ليأكلوا معهم لا بأس، أما أن أهل الميت يصنعون للناس ليقيموا مأتما فلا، هذا بدعة. ¬

_ (¬1) السؤال من الشريط رقم (442).

حكم إرسال الطعام لأهل الميت أكثر من ثلاثة أيام

255 - حكم إرسال الطعام لأهل الميت أكثر من ثلاثة أيام س: السائلة أم عبد الله تسأل وتقول: نرى البعض من الناس إذا توفي لهم قريب يجتمعون في بيت واحد - أي يجتمع أفراد العائلة من إخوة وأخوات وأعمام وخالات - ونجد أن أقاربهم ومعارفهم يرسلون لهم الطعام لمدة ثلاثة أيام، وأحيانا يكون ذلك أكثر من ثلاثة أيام، فهل في ذلك شيء؟ (¬1) ج: ليس في ذلك شيء، السنة أن أقارب الميت أو جيرانه يبعثون لهم ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (403).

طعاما؛ لأنهم قد أتاهم ما يشغلهم، والنبي صلى الله عليه وسلم لما قتل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في مؤتة في الشام قال النبي صلى الله عليه وسلم لأهل بيته: «ابعثوا لآل جعفر طعاما؛ فإنهم قد أتاهم ما يشغلهم (¬1)» فالسنة لأقاربهم أو جيرانهم أن يبعثوا لهم الطعام أيام الحزن ثلاثة أيام أو أكثر، وإذا زارهم غيرهم وعزوهم هذا أفضل، سنة التعزية، أما أهل الميت فلا، ليس لهم أن يصنعوا شيئا، لكن التعزية كونهم يزارون ويعزون هذا سنة، ولا بأس بالتليفون أن يعزي به أو بالمكاتبة، كله طيب. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610).

حكم إقامة الوليمة للميت بعد أسبوع من وفاته

256 - حكم إقامة الوليمة للميت بعد أسبوع من وفاته س: يسأل المستمع ويقول: بعد وفاة الميت بأسبوع يقوم أهل الميت بعمل وليمة ويسمونها صدقة، فهل هذا العمل جائز ويصل إلى الميت؟ (¬1) ج: هذا بدعة ما يجوز، هذا مأتم لا يجوز، يقول جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه الصحابي الجليل: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصناعة الطعام بعد الدفن من النياحة (¬2)» هذا ما يصلح. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والخمسون من الشريط رقم (431). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده: من حديث عبد الله بن عمرو برقم (6866).

حكم إعطاء المعزي مبلغا من المال لأهل الميت

257 - حكم إعطاء المعزي مبلغا من المال لأهل الميت س: يقول: لدينا عادة حيث يدفع المعزي مبلغا من المال حسب قدرته لأهل الميت، هل يجوز هذا؟ (¬1) ج: إذا كانوا فقراء واعتاد الناس إعطاءهم فلا بأس إذا كانوا فقراء، يعطونهم لفقرهم، ولكن الأفضل من هذا تصنعون لهم طعاما غداء أو عشاء أيام المصيبة، ثلاثة أيام أو أكثر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر أهله أن يصنعوا لأهل جعفر طعاما لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، أمر أهله أن يصنع طعام لأهله؛ لأنه أتاهم ما يشغلهم، فإذا صنعتم لأهل الميت فلا بأس، سنة، أما أن يصنعوا الطعام هم لا يصنعون للناس، لكن يصنع لهم ويرسل لهم، وإذا كانوا فقراء وساعدهم إخوانهم بالمال فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (371).

س: عندنا العادة عند وفاة أحد الأشخاص حيث يجلس بعض الأيام في أكل وشرب، وبعض الأيام يعطون فلوسا وهدايا، فما حكم هذا؟ (¬1) ج: ليس لأهل الميت أن يصنعوا الطعام للناس عند المصيبة بالموت في المأتم، لا، هذا كله من عمل الجاهلية، لكن إذا صنع لهم أقاربهم وجيرانهم فهو أفضل، يصنع لهم طعام يبعث إليهم؛ لأنهم شغلوا ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (332).

بالموت والمصيبة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما جاء خبر جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أنه توفي يوم مؤتة، أمر أهله أن يصنعوا لآل جعفر طعاما، فقال: «اصنعوا لآل جعفر طعاما؛ فقد أتاهم ما يشغلهم (¬1)» فالسنة أن الجيران والأقارب يبعثون لأهل الميت طعاما، أما كون أهل الميت يقومون بذلك، ويصنعون الطعام ويجمعون الناس فلا، هذا غير مشروع، بل هو من عمل الجاهلية، قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه الصحابي الجليل: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنع الطعام عند الدفن من النياحة (¬2)» لكن إذا جاءهم طعام ودعوا إليه جيرانهم أو ضيوفهم وأكلوا فلا بأس، الطعام الذي يأتيهم من جيرانهم، ومن أقاربهم إذا أكل معهم جيرانهم أو ضيوفهم فلا بأس بذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده: من حديث عبد الله بن عمرو برقم (6866).

حكم الاجتماع في بيت أهل الميت والإتيان بالأطعمة ثلاثة أيام

258 - مسألة في حكم الاجتماع في بيت أهل الميت والإتيان بالأطعمة ثلاثة أيام س: عندما يموت إنسان يجتمع الناس في بيت أهل الميت، وكل واحد يأتي بأكل معين لمدة ثلاثة أيام، ما رأيكم في هذا؟ وما هو توجيهكم؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (350).

ج: الاجتماع الذي يحصل به تعطيل الأعمال لا دليل عليه، الأفضل ترك ذلك، ولا ينبغي مثل هذا، أما أهل الميت إذا جلسوا في محلهم المعتاد حتى يسلم عليهم الناس، ويعزونهم فلا بأس، لكن ليس لهم أن يصنعوا للناس طعاما، أما إذا صنع بعض الناس لهم طعاما أرسله إليهم فلا بأس، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه أمر أهل بيته أن يصنعوا لآل جعفر طعاما لما جاء خبر موته رضي الله عنه (¬1)» جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، لما جاء خبر قتله رضي الله عنه يوم مؤتة، وقال: «إنهم أتاهم ما يشغلهم (¬2)» فإذا صنع الجيران أو الأقارب لأهل الميت طعاما أيام الحزن فلا بأس، وإذا نادوا عليه من يأكل معهم فلا بأس، أما أن يقوموا هم بصنع الطعام للناس ودعوة الناس فهذا لا أصل له، بل يجب تركه؛ لما ثبت عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة (¬3)» النياحة محرمة، لكن إذا زارهم الناس وعزوهم وشربوا القهوة أو الشاي، أو أكلوا طعاما قد أهدي إليهم، وأكلوا معهم منه لا حرج عليهم في هذا. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده: من حديث عبد الله بن عمرو برقم (6866).

س: المستمع ع. ع. ح. سوداني، يقول: في المآتم عندنا يستمر المأتم ما يقارب شهرا، وخلاله ينفق الكثير من المال، فهل يعتبر هذا صدقة

للمتوفى أم أنه تبذير؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: إقامة المأتم لا تجوز، فالواجب على أهل الميت الصبر والاحتساب، وألا يقيموا أي مأتم، هذا هو الواجب عليهم، لكن إذا بعث إليهم جيرانهم أو أقاربهم طعاما فلا بأس، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر أهل بيته أن يبعثوا إلى آل جعفر طعاما لما قتل رضي الله عنه، وجاء خبره قال: «فإنهم أتاهم ما يشغلهم (¬2)» فلا بأس في ذلك إن جاءهم الطعام، فيدعون إليه جيرانهم ومن حولهم ليأكلوا معهم؛ لأنه كثير، فلا بأس أن يدعوا من يأكل معهم، أما أنهم يصنعونه للناس فلا يجوز هذا، هذا من المأتم المنهي عنه، يقول جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - الصحابي الجليل: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنع الطعام من النياحة (¬3)» النياحة المنهي عنها، فالواجب على المسلمين التقيد بالأمر الشرعي، وعدم إيجاد المآتم التي يفعلها أهل الجاهلية، وتعتبر من النياحة، ولكن يستحب لجيرانهم أو أقاربهم أن يبعثوا إليهم طعاما، فإنهم قد أتاهم ما يشغلهم، وإذا كان الطعام كثيرا ودعوا إليه من يأكل معهم فلا بأس. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (326). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده: من حديث عبد الله بن عمرو برقم (6866).

حكم نصيحة من يعمل المأتم ويسرف فيه

259 - حكم نصيحة من يعمل المأتم ويسرف فيه س: أخونا من ليبيا يقول: هناك عادة في بلدنا، فحين يتوفى شخص يكثر الإسراف، ثم هناك الأربعون يوما، فهل على المؤمن أن ينصحهم ببطلان ما يفعلون؟ أم لا يأتي لتعزيتهم؟ (¬1) ج: ينصحهم، يعزيهم وينصحهم؛ لأن قيام أهل الميت بالإسراف وطعام الناس من أجل الميت في يوم الموت، أو في العاشر، أو في الأربعين أو على رأس السنة أو غير ذلك - لا أصل له، بل هو من عمل الجاهلية، وإنما يصنعون طعاما لحاجتهم، والسنة لأصحابهم وأقاربهم أن يبعثوا لهم طعاما كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأهله لما جاءه نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه لما قتل في مؤتة في الشام وجاء خبره، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أهله أن يصنعوا لأهل جعفر طعاما، وقال: «إنه قد أتاهم ما يشغلهم (¬2)» فالسنة لأقرباء الميت أو جيرانه أن يصنعوا لهم طعاما إذا جاءهم نعي الميت؛ لأنهم مشغولون بالمصيبة، أما أن أهل الميت يقومون يصنعون الطعام للناس يدعونهم في اليوم الأول أو في اليوم الثالث أو السابع أو العاشر أو الأربعين أو على رأس السنة فكل هذا لا أصل له، لكن إذا صنعوا لأنفسهم طعاما وجاءهم ¬

_ (¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (175). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610).

غيرهم وشاركهم، أو صنعوا للضيف طعاما بغير قصد إقامته للميت، لكن لما نزل بهم الضيف فإن الضيف يجب إكرامه إذا صنعوا له طعاما لا بأس، لا من أجل الميت، بل من أجل الضيافة.

حكم الاستدانة لإقامة الاحتفالات للميت

260 - حكم الاستدانة لإقامة الاحتفالات للميت س: ما حكم العادات التي عليها الناس بعد وفاة متوفى لديهم، فهم يضطرون لأن يستدينوا من أجل الاحتفالات التي تقام للأكل والشرب وما أشبه ذلك حتى وإن كان المتوفى فقيرا ولم يخلف شيئا؟ (¬1) ج: قد كتبنا في هذا أحوبة كثيرة، وقد نبهنا في هذا البرنامج مرات عديدة على أنه لا يجوز الاحتفال عند الموت لأحد من الناس، فليس لأهل الميت أن يقيموا احتفالا بذلك، ولا يذبحوا ذبائح، ولا يضعوا طعاما للناس، كل هذا من البدع والجهالات التي كان يفعلها بعض الناس، وهي من الجاهلية؛ فقد ثبت عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة (¬2)» فهذا من عمل الجاهلية، ومن النياحة التي كانوا يفعلونها في الجاهلية، ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (70). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده: من حديث عبد الله بن عمرو برقم (6866).

فالواجب على المسلمين إذا مات الميت أن يسألوا الله له المغفرة والرحمة، وأن يتركوا هذه الاحتفالات، وهذه الأطعمة التي تقام من أهل الميت، وقد يكون الميت فقيرا، وقد يكون عنده أيتام فيضرونهم، المقصود أنها لا أصل لها حتى ولو كان غنيا، ولا ينبغي فعلها، ولا يجوز فعلها، لكن يشرع لجيرانهم وأقاربهم أن يصنعوا لهم طعاما؛ لأنهم مشغولون بالمصيبة، ولهذا ثبت من حديث عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه نعي جعفر لما قتل في مؤتة، وجاء نعيه إلى المدينة، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أهله أن يصنعوا لآل جعفر طعاما، قال: «لأنهم أتاهم ما يشغلهم (¬1)» فإذا صنع لهم طعام من جيرانهم أو أقاربهم وأرسل إليهم لأنهم مشغولون بالمصيبة فهذا مستحب، هذا سنة، أما أهل الميت فليس لهم صنع الطعام، ولا ينبغي لهم أن يصنعوا للناس الطعام، أما إذا صنعوه لأنفسهم ولأكلهم أو لضيوف نزلوا بهم فلا بأس، أما أن يصنعوه من أجل الميت، مأتما للميت لينوحوا عليه أو يقيموا عليه الأشعار والمراثي، أو يدعوا الناس إلى ذلك، كل هذا من البدع، كل هذا من الجهالات، ومن أمر الجاهلية، لا يجوز، المقصود من هذا كله أن المنكر هو أن يصنعوا للناس، أهل الميت يصنعون طعاما ليجمعوا الجيران أو الأقارب وينوحوا أو ليقرؤوا أو غير هذا، هذا هو المنكر، هذا هو ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610).

الجاهلية، لا ينبغي لأهل الإيمان وأهل الإسلام أن يعتادوا أمر الجاهلية، ويفعلوا أمر الجاهلية، بل ينبغي التواصي بتركهم أمر الجاهلية، هكذا ينبغي للمسلمين، وأما جيرانهم وأقاربهم فيستحب لهم أن يصنعوا لهم طعاما يوصلونه إليهم؛ لأنهم مشغولون بالمصيبة، هذا إذا تيسر فهو أفضل، وهذا سنة.

ما ينبغي فعله للميت بعد دفنه

261 - بيان ما ينبغي فعله للميت بعد دفنه س: هل يجوز أن ينصب للميت بعد دفنه؟ لأن هناك بعض العادات القديمة ينصبون ويجلسون ثلاثة أيام، والبعض سبعة أيام، وعند ذلك يدفع نقود عند العزاء، ويسجلون الأسماء، ويحضرون الذبائح، وبعد ذلك يحضر المشايخ والدراويش ويهللون ويزغردون ويسمونها بالتهليلة على الميت، ويقولون: إن الذي لا يأكل من العزاء لا يحب المرحوم، ما هو المفروض بعد دفن الجثة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: أما النصب فلم يوضحه السائل، ما هو النصب؟ لم يوضحه، والسنة في حق الميت إذا فرغ من دفنه أن يدعى له بالمغفرة والثبات، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، وقال: «استغفروا ¬

_ (¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (161).

لأخيكم، واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل (¬1)» ولا يجوز البناء على قبره، ولا اتخاذ مسجد على قبره، بل يجب أن يترك هكذا في الصحراء ضاحيا للشمس، ليس عليه بناء والرسول صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى على اتخاذهم المساجد على القبور، فالواجب أن تبقى القبور هكذا ليس عليها بناء، ونهى أن تجصص وأن يقعد عليها، وأن يبنى عليها، وأما العزاء واتخاذ الذبائح من أهل الميت، يدعون له الناس ويجتمعون عليها ثلاثة أيام أو أكثر فهذه بدعة من أمر الجاهلية لا تجوز، أما المستحب فهو أن يبعث لهم طعام، يبعث لأهل الميت الطعام من جيرانهم أو من أقاربهم أيام الموت؛ لأنهم مشغولون بالمصيبة، فلا بأس بذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، لما قتل في مؤتة في الشام وجاء نعيه إلى المدينة أمر أهل بيته أن يصنعوا طعاما لآل جعفر قال: «اصنعوا لهم طعاما؛ فإنه قد أتاهم ما يشغلهم (¬2)» فإذا صنع جيرانهم أو أقاربهم لهم طعاما وبعثوه إليهم في بيوتهم فهذا مشروع لا بأس به، وإذا دعوا إليهم من يأكل معهم من جيرانهم لأنه طعام كثير، ودعوا إليهم من يأكله معهم فلا بأس، أما أن يقوم أهل الميت بصناعة الطعام، وذبح الذبائح ودعوة الناس فهذا بدعة ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف برقم (3221). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت برقم (998)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في الطعام يبعث إلى أهل الميت، برقم (1610).

ومنكر، ومن أمر الجاهلية، وهكذا الزغردة والصياح، والكلام الفارغ الذي يفعلونه بمناسبة الميت لا أصل له، وقد قال جرير بن عبد الله رضي الله عنه: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصناعة الطعام بعد الدفن من النياحة (¬1)» يرى أنه يعد من النياح عند أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام. فالمشروع لأهل الميت الصبر والاحتساب وأن يستعملوا ما شرع الله من الصبر والاحتساب، وقول: إنا لله وإنا إليه راجعون. والسنة لأقاربهم وجيرانهم أن يبعثوا لهم طعاما وقت المصيبة، اليوم الأول أو الثاني أو الثالث، ليس له حد، ولا مانع أن يدعوا بعض جيرانهم أو أقاربهم ليأكلوا معهم مما بعث إليهم من الطعام، أما أن يصنعوا طعاما هم ويذبحوا ذبائح أو يحبسوا أنفسهم في البيت من أجل المصيبة فلا، هذا ليس من أمر الإسلام، بل هو من أمر الجاهلية فالمصاب له أن يخرج وله أن يذهب إلى حاجاته، وإلى مزرعته، وإلى حاجاته الأخرى، وإذا جلس بعض الوقت الجلوس المعتاد ليسلم عليه من يزوره للعزاء فلا بأس بذلك، وإن سلموا عليه في الطريق أو في المقبرة قبل الدفن أو بعد الدفن كل ذلك لا بأس به، يكفي في الطريق، في المسجد، في المقبرة، قبل الدفن، بعد الدفن في بيته، كل ذلك واسع، ولا يلزمه أن يبقى في البيت، أو يشرع له أن يبقى في البيت يحبس نفسه لأجل ذلك، وفق الله الجميع. ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد في مسنده: من حديث عبد الله بن عمرو برقم (6866).

حكم البكاء والنياحة على الميت

262 - حكم البكاء والنياحة على الميت س: أنا أختكم في الله، توفيت والدتي في رمضان، وبكينا عليها بكاء كثيرا مدة طويلة، قيل لنا: لا بد من صيام الأيام التي بكينا فيها، وأنه يعذب الميت في قبره ببكاء أهله عليه، وقيل: إنه يأتي ملكان فيرشان على الميت الماء الساخن، ويقولان: هذا هدية أهلك لك. فهل الحديث هذا صحيح، وهل نحن آثمون على بكائنا؟ وما حكم تذكر الميت بعد وفاته بوقت طويل، وما حكم البكاء عليه وهل للميت أضحية؟ (¬1) ج: البكاء على الميت فيه تفصيل، فإن كان البكاء بدمع العين بدون نياحة فلا حرج في ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما مات ابنه إبراهيم: «العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون (¬2)» وقال صلى الله عليه وسلم ذات يوم لأصحابه: «اسمعوا إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، وإنما يعذب بهذا أو يرحم (¬3)» وأشار إلى لسانه، وقال صلى الله عليه وسلم: «الميت يعذب في قبره بما نيح عليه (¬4)» فالميت إذا نيح عليه بالصوت المرتفع ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (251). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا بك لمحزنون، برقم (1303)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، برقم (2315). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب البكاء عند المريض، برقم (1304) ومسلم في كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت، برقم (924). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من النياحة على الميت، برقم (1292) ومسلم في كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه برقم (927).

الصياح هذا جاء في الحديث أنه يعذب، في الحديث الصحيح عذاب، الله أعلم بحقيقته، عذاب، الله يعلمه سبحانه وتعالى، وذلك يفيد أنه لا يجوز لأهل الميت أن ينوحوا عليه، أي يرفعوا الصوت بالنياحة عليه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لطم الخدود أو شق الجيوب أو دعا بدعوى الجاهلية (¬1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة (¬2)» الصالقة: هي التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: هي التي تحلق شعرها، والشاقة: هي التي تشق ثوبها، هذا كله لا يجوز، أما الحديث الذي ذكره السائل أنه يأتي ملكان يرشان ماء ساخنا فلا نعلم له أصلا، هذا الحديث ليس له أصل فيما نعلم، وإنما المحفوظ والمعروف: «أن الميت يعذب في قبره بما نيح عليه (¬3)» هذا ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام لكنه عذاب، الله أعلم بكيفيته، وفيه تحذير للأقارب والأصدقاء من النياحة على الميت؛ لأنه يضره، وأما الصيام فلا أصل له، الصيام عن الميت بعدد الأيام التي نيح عليه فيها فهذا لا أصل له، ليس على أهله الصيام، إنما عليهم التوبة ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب ليس منا من شق الجيوب برقم (1293). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما ينهى عن الحلق عند المصيبة، برقم (1296) ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب برقم (104). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من النياحة على الميت، برقم (1292) ومسلم في كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه برقم (927).

إذا كانوا ناحوا ورفعوا الصوت، عليهم التوبة إلى الله والندم وعدم العود إلى مثل هذا، هذا هو الواجب، هذا من ناح - أي من رفع صوته - يتوب إلى الله ويندم، ويعزم ألا يعود، ويترك ذلك الشيء، هذا هو الواجب التوبة فقط، أما الصيام فلا، والضحية لا بأس بها، إذا ضحى عن الميت أو تصدق عنه كله طيب، إذا ضحى عن الميت أو عنه، وعن الميت ذبيحة واحدة، عن الرجل وأهل بيته، ويدخل فيهم الميت من أبيه، وأمه، أو المرأة عن زوجها، أو عنها وعن زوجها، كله طيب، هكذا الصدقة، الصدقة عن الميت بالمال بالنقود، أو بالطعام أو الملابس، كله طيب، كله ينفع الميت، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه جاءه رجل فقال: «يا رسول الله، إن أمي ماتت ولم توص، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " نعم (¬1)» يعني لها أجر، وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (¬2)» فالدعاء للميت والصدقة عنه ينفعه الله بذلك، وهكذا العلم النافع الذي خلفه بين الناس، خلف طلبة يعلمون الناس، خلف كتبا نافعة يتعلم منها الناس، هذا ينفعه بعد الموت، كما أن الدعاء له والاستغفار والترحم عليه ينفعه، وهكذا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب موت الفجأة البغته برقم (1388) ومسلم في كتاب الزكاة، باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه برقم (1004) واللفظ لمسلم. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631).

تعمير المساجد بالنية عنه وقفا له، مسجدا ومدرسة يعلم فيها القرآن والأحاديث والشريعة المحمدية، هذا ينفع الميت، وهكذا الأوقاف الطيبة وقف على الفقراء بيوت تؤجر ويتصدق بأجرتها على الفقراء، ونخيل، بساتين توقف ويتصدق بثمرتها على الفقراء والمساكين، وفي وجوه الخير، كل هذا ينفع الميت.

س: ما الفرق بين النياحة والبكاء الذي برفع الصوت إذا غلب الإنسان على ذلك، أو النياحة بالأجرة كما كان يفعل في المجتمع الجاهلي؟ بم توجهون الناس حول هذا؟ (¬1) ج: النياحة مثل ما تقدم رفع الصوت سواء كان بأجرة أو بغير أجرة، هو الذي يرفع صوته من شدة الألم، من شدة الحزن أو مجاراة الغير، أو رياء أو إرضاء لأهل الميت، كل هذا لا يجوز، أما البكاء العادي بدمع العين، أو مع صوت يسير خفيف هذا ما يسمى نياحة؛ لأن هذا قد يقع من الإنسان عند شدة المصيبة، أو كلمات قليلة تسمع من ولد الميت، أو أخيه، مثل ما وقع لفاطمة رضي الله عنها أو غيرها بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، الشيء القليل يعفى عنه، أما النياحة التي هي رفع الصوت والاستمرار في ذلك فهذا هو الممنوع، أما الشيء اليسير بدون صوت - يعني دمع العين ولكن بدون صوت يسمع - فهذا لا حرج، يسمى بكاء. ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (251).

س: إذا غلب الإنسان أثناء البكاء وارتفع صوته، غلب ولا قدرة له على ذلك؟ (¬1) ج: نرجو ألا يضره إذا كان قليلا ومن غير اختياره وغلبه الأمر، من غير اختيار، من شدة المصيبة، ومن شدة وقعة المصيبة، وقع منه شيء، ثم تراجع وحزن لا حرج في ذلك، نرجو ألا يضره ذلك: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬2). ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (251). (¬2) سورة التغابن الآية 16

س: لا بد يا سماحة الشيخ من وصية للناس. (¬1) ج: الوصية تقوى الله، والحذر من المعاصي، النياحة معصية، وإذا كان معها لطم خد أو شق ثوب أو نتف شعر يكون أشد في الجريمة، لا يجوز ذلك، فالمسلم يتصبر، والمسلمة كذلك، فالمصيبة لا بد منها، كل إنسان سيموت فلا بد أن يكون الإنسان عند تحمل، يحمد الله، فالله يقول: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (¬2) {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (¬3) وقال سبحانه: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (¬4) فلا بد من صبر. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (251). (¬2) سورة البقرة الآية 155 (¬3) سورة البقرة الآية 156 (¬4) سورة البقرة الآية 157

قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان (¬1)» فالمؤمن يتحمل ويصبر، ولا يجزع ولا ينوح ولا يرفع صوته بالصياح، ولا بشق ثوبه، ولا بلطم خد، ولا بنتف شعر، بل يحذر ذلك كله، ويتحمل، ويتوب إلى الله، ويصبر ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، قدر الله وما شاء فعل، اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها، هكذا المؤمن مأمور، في الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد يصاب بمصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها، إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها (¬2)» لا بد من التحمل والصبر. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز، برقم (2664). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند المصيبة برقم (918).

ما يقال عند المصيبة

263 - بيان ما يقال عند المصيبة س: في الحديث الشريف: «اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرا منها (¬1)» فهل الأفضل هنا أن يسمي الإنسان المصيبة ويقوم بذكرها كما في تسمية الحاجة في دعاء الاستخارة، أم يكتفي بالنية كما ورد دون ذكر لها، وهل على الإنسان أن يجمعها في حال وجود أكثر ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند المصيبة برقم (918).

من واحدة، كأن يقول: اللهم أجرني في مصائبي، واخلف لي خيرا منها؟ جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: لا شك أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من عبد يصاب بمصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرا منها، إلا آجره الله في مصيبته، وأخلف له خيرا منها (¬2)» فإذا أصيب الإنسان بموت أخيه أو ابنه أو أبيه أو في ماله أو غير هذا يقول هذا الدعاء، ويكفي: اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرا منها. وإن كررها فلا بأس، وإن قال: في مصائبي، فلا بأس، لكن لفظ الحديث كاف؛ لأن المصيبة كلمة مفردة، تعم، لفظ المصيبة إذا أضيف يعم الواحدة والثنتين والثلاثة والأكثر، فإذا قال: اللهم أجرني في مصيبتي. قصده مصيبة الولد ومصيبة الزرع ومصيبة كذا، عمها الحديث - والحمد لله - حسب نيته ولا حاجة إلى التعداد، وإن عدد فلا بأس، وأفضل الأدعية عندما يصاب بمصيبة مثل ما بين الله جل وعلا، قال تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (¬3) {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (¬4) {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (¬5) وفي ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (401). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند المصيبة برقم (918). (¬3) سورة البقرة الآية 155 (¬4) سورة البقرة الآية 156 (¬5) سورة البقرة الآية 157

الحديث يقول: «ما من عبد يصاب بمصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها إلا آجره الله في مصيبته، وأخلف له خيرا منها (¬1)» فيزيد مع قوله: «إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها (¬2)» وإذا دعا زيادة على ذلك لا بأس، لكن هذا الدعاء الذي قاله النبي كاف عليه الصلاة والسلام، كلام جامع، وإذا أخلف الله له خيرا منها حصل له المطلوب، والحمد لله. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند المصيبة برقم (918). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند المصيبة برقم (918).

حكم ضرب الصدور والصياح على الميت

264 - حكم ضرب الصدور والصياح على الميت س: هل يجوز البكاء بصوت عال أو ضرب الصدور إذا مات لأي إنسان ولد له، أو قريب عزيز عليه؟ عندنا في قريتنا هذه العادة، وأنا أقول لهم: إن ما تفعلونه حرام، فلا يصدقونني، فنرجو منكم التوجيه (¬1) ج: هذا لا يجوز، ضرب الصدور والصياح هذا منكر عند المصيبة، إذا مات الولد أو الأب أو الأخ أو الزوج أو الزوجة، هذا منكر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «ليس منا من ضرب الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية (¬2)» يعني عند المصيبة، ويقول ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (376). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما ينهى من الويل ودعوى الجاهلية عند المصيبة، برقم (1298)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية، برقم (103).

صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة (¬1)» والصالقة: هي التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة أو تنتفه، والشاقة: تشق ثوبها عند المصيبة. كل هذا منكر لا يجوز، وكذلك يقول صلى الله عليه وسلم: «أربع في أمتي من أمور الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب، والطعن بالأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة (¬2)» فالنياحة من عمل الجاهلية، وقال: «النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة - يعني من قبرها - وعليها سربال من قطران ودرع من جرب (¬3)» (¬4) ولما بايع النساء صلى الله عليه وسلم أخذ عليهن ألا ينحن، وقال عليه الصلاة والسلام: «الميت يعذب في قبره بما نيح عليه (¬5)» فالنياحة ورفع الصوت والصياح، لا تجوز. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما ينهى عن الحلق عند المصيبة، برقم (1296) ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب برقم (104). (¬2) صحيح مسلم الجنائز (934)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 343). (¬3) رواه مسلم في (الجنائز) باب التشديد في النياحة برقم (934). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب التشديد في النياحة، برقم (934). (¬5) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من النياحة على الميت، برقم (1292) ومسلم في كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه برقم (927).

الفرق بين البكاء المشروع والممنوع

265 - بيان الفرق بين البكاء المشروع والممنوع س: ما حكم البكاء على الميت بعد موته دون شق الجيوب أو التلفظ بالمحرمات، ولكن بكاء الحزن والخشوع، هل يعذب هذا الميت

بهذا البكاء في قبره (¬1)؟ ج: البكاء الممنوع هو النياحة ورفع الصوت، وشق الثوب، ولطم الخد، هذا هو الممنوع، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لطم الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية (¬2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة (¬3)» الصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة، والشاقة: التي تشق ثوبها عند المصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة أو تنتفه. هذا هو الممنوع، أما دمع العين والبكاء بدمع العين فهذا ليس فيه بأس، يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لما مات ابنه إبراهيم: «العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزنون (¬4)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، وإنما يعذب بهذا أو يرحم (¬5)» وأشار إلى لسانه عليه الصلاة والسلام. فالمحرم هو رفع الصوت باللسان وهو النياحة، أما البكاء العادي من دون رفع الصوت فلا بأس به. ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (378). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب ليس منا من شق الجيوب برقم (1293). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما ينهى عن الحلق عند المصيبة، برقم (1296) ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب برقم (104). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا بك لمحزنون، برقم (1303)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، برقم (2315). (¬5) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب البكاء عند المريض، برقم (1304) ومسلم في كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت، برقم (924).

س: هذا السائل يقول: سماحة الشيخ، أنا لدي بنت عمرها ست سنوات وكنت أحبها وأغليها، وقد توفاها الله في العام الماضي، وما زلت أبكي عليها وأندب، وخيالها معي ليلا ونهارا، فما حكم بكائي عليها حيث إنني متعلق بها يا سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: الواجب عليك الصبر، وسؤال الله أن يعوضك خيرا منها، الله جل وعلا قال: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (¬2)، قال جل وعلا: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (¬3) {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (¬4) {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (¬5)، ويقول صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد يصاب بمصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها، إلا آجره الله في مصيبته، وأخلف له خيرا منها (¬6)» ولما مات أبو سلمة رضي الله عنه أمر النبي صلى الله عليه وسلم أم سلمة رضي الله عنها بالصبر والاحتساب، وقال: «اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، وافسح له في قبره ونور له فيه (¬7)» وأمرهم بالصبر والاحتساب، فالمؤمن يصبر ويحتسب، ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (429). (¬2) سورة الزمر الآية 10 (¬3) سورة البقرة الآية 155 (¬4) سورة البقرة الآية 156 (¬5) سورة البقرة الآية 157 (¬6) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند المصيبة برقم (918). (¬7) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب في إغماض الميت والدعاء له إذا حضر، برقم (920).

أما البكاء بدمع العين فقط لا يضر، أما بصوت فلا يجوز، والنياحة لا تجوز.

س: الأخت أ. هـ. من العراق تسأل وتقول: إنني أصوم وأصلي وأقرأ القرآن، وعندي إيمان قوي بالله، ولكني عندما أتذكر زوجي وابنتي التي تسأل عن أبيها أبكي بكاء بشدة، وقد أخبرتكم أن زوجي قتل في الحرب، أذهب إلى قبره، هل هذا حرام على المرأة أن تزور القبور؟ علما بأنني عندما أذهب إلى قبره أرتاح وأكف عن البكاء، هل الموتى يرون الأحياء كما يقال؟ وجهوني حول هذه القضايا، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: أسأل الله لك الثبات على الحق، قد سرني كثيرا ما ذكرت من استقامتك على طاعة الله، وأبشري بالخير، وعليك بالثبات على الحق، والاستقامة على توحيد الله والإخلاص له، والمحافظة على الصلاة في أوقاتها، وصوم رمضان، وأداء الزكاة، وغير هذا مما أوجب الله عليك مع الحفاظ على الحجاب والبعد عن أسباب الفتنة، أما زيارة قبر زوجك وزيارة القبور فالصواب أنها لا تشرع للنساء، بل تنهى عنها النساء، وإنما تشرع للرجال؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬2)» ولعن ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (200). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569).

زائرات القبور عليه الصلاة والسلام من النساء، فالواجب عدم الذهاب إلى القبور، وادعي له كثيرا في بيتك، وأحسني إليه بالدعاء والصدقة عنه، وأما زيارة قبره فلا حاجة إلى ذلك، والنياحة على الميت من الكبائر، وتضره أيضا، أما دمع العين فلا يضر، دمع العين بدون صوت لا بأس عند التذكر، تدمع العين فلا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم لما مات ابنه إبراهيم دمعت عينه، وقال: «العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون (¬1)» فنوصيك بالصبر الجميل، والدعاء له بالمغفرة والرحمة إذا كان مات على خير وعلى صلاة وعلى صلاح، فالحمد لله، احمدي الله أنه مات على الإسلام، وعلى المحافظة على الصلاة، ولا تجزعي، بل سلي الله له العفو والمغفرة والرحمة، وأحسني التربية لابنته وأبشري بالخير العظيم، والثواب الجزيل، والصدقة كذلك تنفعه من مالك، أما إذا كان لا يصلي فلا، أما إذا كان لا يصلي فإنها لا تدعو له، ولا تتصدق عنه؛ لأن الذي يترك الصلاة فإنه كافر في أصح قولي العلماء ولو أقر بالوجوب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» وقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا بك لمحزنون، برقم (1303)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، برقم (2315). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث بريدة الأسلمي، رضي الله عنه برقم (22428).

الصلاة (¬1)» فالأمر خطير وعظيم ولا حول ولا قوة إلا بالله، وعليك أنت أيتها السائلة الحرص على أداء الصلاة، والمحافظة عليها، وسؤال الله الثبات، والتوبة عما سلف من التساهل مع زوجك. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان باب إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة برقم (82).

س: تقول هذه السائلة: يا سماحة الشيخ، أنا من القصيم، وأم، هل الحزن على الطفل الذي يموت وظهور الدموع عليه فيه إثم؟ ج: لا بأس، الحزن ودمع العين لا بأس به، لما مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزنون (¬1)» فدمع العين وحزن القلب لا يضر على الصغير، وعلى الكبير، إنما الممنوع رفع الصوت، والصياح، وشق الثوب، ولطم الخد، هذا الممنوع، يقول صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من ضرب الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية (¬2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة (¬3)» الصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة أو ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا بك لمحزنون، برقم (1303)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، برقم (2315). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب ليس منا من شق الجيوب برقم (1293). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما ينهى عن الحلق عند المصيبة، برقم (1296) ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب برقم (104).

تنتفه، والشاقة: التي تشق ثوبها عند المصيبة. كل هذا منكر، أما دمع العين وحزن القلب فلا حرج فيه.

س: سائلة تقول: إنها تبكي بكاء شديدا على أولادها الستة الذين توفوا، وترجو التوجيه (¬1) ج: ننصحك بأن تصبري وتحتسبي، وأن تسألي الله أن يجعلهم شفعاء لك، وأن يعوضك عنهم خير الدنيا والآخرة، وأن يبارك في الباقين، ويصلحهم، ولا تجزعي ولا تكثري البكاء، بل عليك الصبر، يقول الله جل وعلا: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (¬2) {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (¬3) ثم قال سبحانه: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (¬4) الصبر هو الواجب، وقد يكون لك في ذلك خير كثير، وعاقبة حميدة، والله أحكم وأعلم سبحانه وتعالى، فاحتسبي واصبري واسألي الله الأجر العظيم وحسن العاقبة وصلاح الموجودين. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (176). (¬2) سورة البقرة الآية 155 (¬3) سورة البقرة الآية 156 (¬4) سورة البقرة الآية 157

س: مستمعة تسأل: هل بكاء الأم على موت ابنها يعتبر حراما؟ وماذا تفعل لتعد من المؤمنات الصابرات وتحتسب عند الله (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (277).

ج: إذا وقعت المصيبة تحتسب عند الله، والبكاء لا يضر، كونها تبكي بدمع العين، لكن الذي يمنع النياحة، رفع الصوت، فإذا دمعت العين لا يضر؛ لأن الموت له فجأة وله آثار في النفوس، فإذا بكى الإنسان بدمع العين فلا حرج في ذلك، وإنما المؤاخذة باللسان النياحة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما مات ابنه إبراهيم: «العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون (¬1)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا أو يرحم (¬2)» وأشار إلى لسانه، يعني النياحة. ويقول صلى الله عليه وسلم: «أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستقاء بالنجوم، والنياحة (¬3)» يعني رفع الصوت بالبكاء على الميت. وقال: «النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب (¬4)» وقال صلى الله عليه وسلم: «الميت يعذب في قبره بما يناح عليه (¬5)» فالنياحة خطرها عظيم لا تجوز. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا بك لمحزنون، برقم (1303)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، برقم (2315). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب البكاء عند المريض، برقم (1304) ومسلم في كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت، برقم (924). (¬3) صحيح مسلم الجنائز (934)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 343). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب التشديد في النياحة، برقم (934). (¬5) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من النياحة على الميت، برقم (1292) ومسلم في كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه برقم (927).

س: إذا غلب الإنسان سماحة الشيخ، وارتفع صوته بالبكاء دون أن يقصده للنياحة، فما هو الحكم (¬1)؟ ج: يجب أن يعالج نفسه، وأن يحذر، فإذا غلبه شيء نرجو ألا شيء عليه، لكن يجب أن يعالج نفسه، وأن يحذر رفع الصوت. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (284).

حكم البكاء المطلق

266 - حكم البكاء المطلق س: السائلة أ. ر. تقول: في المدرسة التي تدرس فيها قالت لنا معلمة بأننا نحاسب على الدموع، وأن كل دمعة سوف نسأل عنها، فهل هذا يحرم علينا البكاء أحيانا؟ المرأة ضعيفة يبكيها الضرب أو الآلام أو جرح المشاعر أو أي شيء ظلما، فهل معنى ذلك بأن الدموع في هذه الحالة حرام؟ ولكن نحن نساء ضعيفات مثل ما يقولون: سلاح المرأة الدموع، بل الدموع متنفس ومخرج من بعض الهموم، فهل من المعقول ألا نبكي أبدا إلا في جنب الله فقط (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك، وقول المعلمة هذا لا أصل له، ولا أساس له، لا حرج في البكاء عند الحاجة، والدمع عند الحاجة لا حرج في ذلك، إذا أصاب المرأة أو غيرها ما يؤذيها ودمعت عيناها لا بأس، المحرم الصياح والنياحة وضرب الوجه وشق الثوب ونتف الشعر، أما كونها ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (360).

تبكي وتدمع عيناها فلا يضر هذا عند الحاجة، عندما يحزبها شيء، كونها تضرب إلى غير ذلك لا حرج في هذا.

تضرر الميت بالنياحة عليه

267 - بيان تضرر الميت بالنياحة عليه س: هل يتضرر الميت بالبكاء عليه (¬1)؟ ج: لا يتضرر إلا بالنياح، أما البكاء العادي فلا يضر، أما بالنياح برفع الصوت فهذا يتضرر؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «إن الميت يعذب في قبره بما نيح عليه (¬2)» والنياحة رفع الصوت، فلا يجوز لأهل الميت أن ينوحوا عليه؛ ولأن هذا حرام عليهم، ويضره أيضا، فالواجب الحذر والابتعاد من ذلك، أما البكاء بدمع العين وحزن القلب فلا يضر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات ابنه إبراهيم قال عليه الصلاة والسلام: «العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزنون (¬3)» وقال لأصحابه: «ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا أو يرحم (¬4)» وأشار إلى لسانه؛ أي بالصوت. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (310). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من النياحة على الميت، برقم (1292) ومسلم في كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه برقم (927). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا بك لمحزنون، برقم (1303)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، برقم (2315). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب البكاء عند المريض، برقم (1304) ومسلم في كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت، برقم (924).

حكم لطم الخدود والصدور وشق الثياب عند موت القريب

268 - حكم لطم الخدود والصدور وشق الثياب عند موت القريب س: أمي لا تعرف القراءة ولا الكتابة، وأنا أكتب إليكم باسمها هذا السؤال، وهي عندما تذهب عند أهل المتوفى من أقربائنا عندما تصل إليهم تصيح بأعلى صوتها وتلطم على خديها، وعلى صدرها، وفي بعض الأحيان عندما يكون الشخص قريبا لها تتوارى بالتراب وتشق ثوبها، ونحن ننصحها كثيرا، ولكن لا ينفع معها النصح، وتقول: لست أنا وحدي، كل النساء هكذا، ومنذ زمن بعيد، أتريدين أن تغيري الزمن؟ هذا شيء مفروض علينا نحن النساء. هي تقول كذلك، فعندما ننصحها تقول: ما يدريني بأن ما تقولين هو الحق، ربما يكون كذبا، أرسلي بسؤال إلى برنامج نور على الدرب لكي يتبين الحق من الباطل، وعندما أسمع الجواب فسوف أتوب إلى الله جل وعلا، وأعرف أني كنت مذنبة ذنبا عظيما، وأستغفر الله العلي العظيم، إنه غفور لمن تاب وأناب، وأعترف بخطيئتي، أرجو أن تتفضلوا بإيضاح هذا الموضوع، وأن تولوه جل اهتمامكم، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: لا ريب أن لطم الخدود وشق الثياب ورفع الصوت بالصياح والتمرغ بالتراب أو حثي التراب على الرأس كل هذا من المنكرات، كله من ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (118).

المحرمات عند المصائب، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا كله، وأبان فيه ما يشفي ويكفي، حيث قال عليه الصلاة والسلام: «ليس منا من ضرب الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية (¬1)» وقال عليه الصلاة والسلام: «أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة (¬2)» الصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها، والشاقة: التي تشق ثوبها. وجاء في هذا المعنى أحاديث كثيرة كلها تدل على تحريم هذه الأعمال لكونها تدل على الجزع وقلة الصبر، فالواجب على المؤمن عند المصائب الاحتساب والصبر، وعدم إظهار ما يدل على الجزع، والله يقول: {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (¬3) ويقول سبحانه: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (¬4) ولما احتضر ابن لبعض بنات النبي صلى الله عليه وسلم أرسلت إليه وطلبت منه الحضور، فقال لرسولها: «إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب (¬5)» فبعثت إليه تؤكد عليه أن يحضر، وكان رؤوفا رحيما عليه ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب ليس منا من شق الجيوب برقم (1293). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما ينهى عن الحلق عند المصيبة، برقم (1296) ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب برقم (104). (¬3) سورة الأنفال الآية 46 (¬4) سورة الزمر الآية 10 (¬5) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تبارك وتعالى: (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى)، برقم (7377)، ومسلم في كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت، برقم (923).

الصلاة والسلام يراعي القريب والمسكين، ويراعي أصحابه رضي الله عنهم، ويتلطف بهم ويرحمهم، فقام عليه الصلاة والسلام وذهب إلى ابنته فقدموا إليه الطفل ونفسه تقعقع للخروج، فلما رأى علامات الموت ذرفت عيناه عليه الصلاة والسلام بكاء، وسئل عن ذلك فقال: «إنها رحمة، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء (¬1)» فالبكاء الذي ليس معه صوت لا بأس به، رحمة يجعلها الله فيمن يشاء من عباده، فيتعذر عدم وجود التأثر عند الميت، وعندما يرى الإنسان الميت في النزع، لكن ليس له أن يفعل ما حرم الله من النياحة ورفع الصوت، أو شق الثوب، أو لطم الخد، أو حلق الشعر أو قصه، أو ما أشبه ذلك مما يدل على الجزع وقلة الصبر، وهكذا الكلام السيئ والدعاء بالويل والثبور، هذا كله ممنوع، وإنما الرخصة في دمع العين فقط من دون صوت، أو من دون شق ثوب أو لطم خد، أو حلق شعر أو ما أشبه ذلك، وأنت ومن لديك عليكم أن تعظوا الوالدة، وأن تنصحيها، ولعلها تسمع هذا الكلام فتستفيد منه إن شاء الله، ويحصل لها المقصود من البعد عما حرم الله، والصبر على ما قضاه الله، والصابرون لهم شأن عظيم، وفضل كبير، فقد قال الله سبحانه: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (¬2) والله يقول: ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه، إذا كان النوح من سنته برقم (1284)، ومسلم في كتاب الجنائز باب البكاء على الميت برقم (923). (¬2) سورة الزمر الآية 10

{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} (¬1) وقد ندب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصبر في أحاديث كثيرة، ورغب فيه، وقال صلى الله عليه وسلم: «ما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر (¬2)» والصبر يتضمن أمورا ثلاثة: صبرا على طاعة الله، وصبرا عن معاصي الله، وصبرا على المصائب من موت قريب، وحصول مرض ونحو ذلك، فالمؤمن هكذا صبور، صبور على الطاعات حتى يؤديها، صبور عن المعاصي حتى يحذرها، صبور عند المصائب حتى لا يفعل ما حرم الله من شق ثوب، أو لطم خد، أو نحو ذلك، نسأل الله الهداية. س: الواقع سماحة الشيخ أن الصورة التي تذكرها أختنا صورة مؤثرة فيما يبدو لي، والأكثر تأثيرا أنهم اعتبروا هذا البرنامج مرجعا أساسيا لسلك طريق الحق، وهي منزلة تجعلنا نتفانى في سبيل خدمة هذا البرنامج (¬3) ج: لا شك والحمد لله أن هذا من نعم الله، نسأل الله أن يوفق القائمين عليه لكل خير، وأن ينفع بهم العباد والبلاد، وأن يسدد الخطا، وأن يمنحهم إصابة الحق، ولا شك أنه نافع ومفيد، والذين يستمعونه يشهدون له ¬

_ (¬1) سورة النحل الآية 127 (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب الاستعفاف عن المسألة، برقم (1469). (¬3) السؤال الثالث من الشريط رقم (118).

بذلك، فنسأل الله أن يوفق القائمين عليه بالصبر والمصابرة وإصابة الحق.

س: الأخت إ. م. من العراق تقول: أفتوني عن المرأة التي تمزق ثوبها، وتقص شعرها، وتخبط خدها حتى تسيل منه الدماء على من يتوفى، هل هذا حرام؟ وما الذي يمكن عمله للتكفير عن هذا (¬1)؟ ج: هذا العمل منكر وحرام، لا يجوز؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من ضرب الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية (¬2)» رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين. هذا من المنكرات، وقال عليه الصلاة والسلام: «أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة (¬3)» والصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة أو تنتفه أو تقصه، والشاقة: التي تشق ثوبها عند المصيبة. كل هذا منكر، فالواجب عليها التوبة إلى الله، الواجب على المرأة التي فعلت هذا التوبة إلى الله، والتوبة تجب ما قبلها، عليها التوبة الصادقة بالندم على ما مضى، والعزم الصادق ألا تعود إليه، والله يقول سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} (¬4) ويقول سبحانه: ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (197). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب ليس منا من شق الجيوب برقم (1293). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما ينهى عن الحلق عند المصيبة، برقم (1296) ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب برقم (104). (¬4) سورة طه الآية 82

{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬1) ويقول سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} (¬2) فعليها أن تستغفر الله وتتوب إليه، وتندم على ما مضى، وتعزم ألا تعود في ذلك، والله سبحانه يتوب على التائبين الصادقين. ¬

_ (¬1) سورة النور الآية 31 (¬2) سورة التحريم الآية 8

حرمة رفع الأصوات عند المصيبة

269 - بيان حرمة رفع الأصوات عند المصيبة س: سائلة تقول عن وفاة أحد الأشخاص: نحن النساء يحتضن بعضنا البعض ونبكي بأعلى صوت لمدة عشر دقائق، ويخرج الناس السرر، وتفرش الأرض لمدة ثلاثة أيام، ما حكم هذا العمل (¬1)؟ ج: لقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة (¬2)» الصالقة: هي التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: هي التي تحلق شعرها عند المصيبة، والشاقة: التي تشق ثوبها عند المصيبة. وكون كل واحدة منكن ترفع صوتها بالنياحة هذا منكر لا يجوز، فالواجب عليكن التوبة من ذلك، والحذر، وأن تنصحن غيركن في ذلك، أما مجرد البكاء من دون صوت فلا بأس، قد بكى النبي ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (264). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما ينهى عن الحلق عند المصيبة، برقم (1296) ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب برقم (104).

صلى الله عليه وسلم على بعض بناته وبعض أولاد بناته، لا حرج في ذلك، يقول صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا أو يرحم (¬1)» وأشار إلى لسانه عليه الصلاة والسلام. ولما مات ابنه إبراهيم عليه السلام قال النبي صلى الله عليه وسلم: «العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون (¬2)» فلا مانع من الحزن والبكاء بدمع العين، أما الأصوات فلا تجوز، رفع الصوت لا يجوز، هذه النياحة التي حرمها الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الميت يعذب في قبره بما نيح عليه (¬3)» فنياحتهن على ميتهن من أسباب التعذيب، إذا ناح أقارب الميت على ميتهم، إذا ناحوا عليه صار هذا من أسباب تعذيبه، فالواجب عليكن وعلى غيركن الحذر من ذلك، وأن يكون الحزن بدون رفع الصوت بالبكاء لا بأس. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب البكاء عند المريض، برقم (1304) ومسلم في كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت، برقم (924). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا بك لمحزنون، برقم (1303)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، برقم (2315). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من النياحة على الميت، برقم (1292) ومسلم في كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه برقم (927).

بطلان القول بأن النياحة تجوز في الأيام الثلاثة الأولى من العزاء

270 - بيان بطلان القول بأن النياحة تجوز في الأيام الثلاثة الأولى من العزاء س: سائلة تقول: بعض النساء يقلن: إن الله يسمح بالنواح والندب لمدة ثلاثة أيام، وهي الأيام الأولى من العزاء، وأنا أعرف أن هذا

جهل، فبماذا ننصح هؤلاء النساء الجاهلات؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نعم، مثلما ذكرت النوح محرم مطلقا، وهذا القول الذي قاله بعض الناس أنه يجوز ثلاثة أيام هذا باطل ليس له أصل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من ضرب الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية (¬2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة (¬3)» الصالقة: هي التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: هي التي تحلق شعرها عند المصيبة، والشاقة: هي التي تشق ثوبها عند المصيبة. ويقول عليه الصلاة والسلام: «أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة على الميت (¬4)» وقال صلى الله عليه وسلم: «النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب (¬5)» خرجه مسلم في الصحيح. وهذا يدل على أن النوح محرم مطلقا، وأن فيه وعيدا شديدا، وأن النائحة تقوم من قبرها يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب، قال صلى الله عليه ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (284). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب ليس منا من شق الجيوب برقم (1293). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما ينهى عن الحلق عند المصيبة، برقم (1296) ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب برقم (104). (¬4) صحيح مسلم الجنائز (934)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 343). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب التشديد في النياحة، برقم (934).

وسلم: «اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت (¬1)» هذا وعيد شديد، رواه مسلم وغيره، اثنتان في الناس، ثم سماهما كفرا، هما بهم كفر، الطعن في النسب؛ يعني عيب أنساب الناس، وتنقص أنساب الناس. والنياحة على الميت، وقال عليه الصلاة والسلام: «الميت يعذب في قبره بما نيح عليه (¬2)» فالواجب الحذر من النياحة، وشق الثياب ولطم الخدود، والدعاء بدعوى الجاهلية، هذا هو الواجب على أهل الميت وأصدقائه، أن يتقوا الله وأن يحذروا هذه الأعمال المنكرة، أما البكاء بدمع العين فلا بأس، كونها تدمع العين ويحزن القلب لا حرج، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما مات ابنه إبراهيم، قال عليه الصلاة والسلام: «العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون (¬3)» هكذا قال عليه الصلاة والسلام، وقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا أو يرحم (¬4)» وأشار إلى لسانه؛ يعني النياحة. وتركها طاعة لله فيها الثواب، والنياحة فيها الإثم. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب إطلاق الكفر على الطعن في النسب والنياحة، برقم (67). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من النياحة على الميت، برقم (1292) ومسلم في كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه برقم (927). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا بك لمحزنون، برقم (1303)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، برقم (2315). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب البكاء عند المريض، برقم (1304) ومسلم في كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت، برقم (924).

حكم الحزن الشديد على الميت

271 - حكم الحزن الشديد على الميت س: تقول السائلة: توفيت أمي - رحمها الله - منذ أربع سنوات، وأنا منذ ذلك الحين أبكيها دائما، وأحن إليها، ولم أستطع نسيانها، وحاولت كثيرا أن أخفف من هذا الحزن دون جدوى، قرأت القرآن، ودعوت الله لها ولوالدي بالرحمة والمغفرة، وأتصدق على أن يكون ثواب الصدقة لها، وكنت في البداية من شدة الحزن عليها أدعو الله أن يلحقني بها وأتمنى لألحق بها، ولكن عمي نهاني عن ذلك، وقال لي: هذا حرام ولا يجوز. فكففت عن ذلك، وندمت وتبت إلى الله، ولم أعد إلى ذلك أبدا، ومع ذلك لا زلت حزينة ولم أستطع النسيان، فما توجيهكم لي جزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: الحمد لله الذي من عليك بالتوبة، فإن النياحة على الميت منكر من المنكرات لا تجوز، ومعصية، أما الحزن بدمع العين لا يضر، من دون صوت هذا لا يضر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما مات ابنه إبراهيم: «العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون (¬2)» وقد بكى صلى الله عليه وسلم على بناته لما متن، عليه الصلاة والسلام، ولما عرضت عليه إحدى بناته طفلا ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (203). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا بك لمحزنون، برقم (1303)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، برقم (2315).

لها في النزع، ورأى نفسه تقعقع للخروج دمعت عيناه عليه الصلاة والسلام، فسئل عن هذا فقال: «إنها رحمة، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء (¬1)» فحزنك عليها وبكاؤك عليها الذي ليس معه صوت لا يضر، أما النياحة ورفع الصوت هذا لا يجوز، أو شق الثوب، أو لطم الخد، أو نتف الشعر، كل هذا لا يجوز، يقول صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من ضرب الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية (¬2)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة (¬3)» والصالقة: هي التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: هي التي تحلق شعرها عند المصيبة، والشاقة: هي التي تشق ثوبها عند المصيبة. كل هذا لا يجوز، أما الدعاء لها والصدقة عنها فهذا شيء مطلوب، ومشروع، ولك فيه أجر، أنت مأجورة على ذلك الدعاء للوالدة، والترحم عليها، هذا أمر مشروع إذا كانت ماتت على إسلام، يدعى لها بالمغفرة والرحمة والنجاة من النار، ورفع الدرجات وتكفير السيئات، ويتصدق عنها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له (¬4)» وفي ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه، إذا كان النوح من سنته برقم (1284)، ومسلم في كتاب الجنائز باب البكاء على الميت برقم (923). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب ليس منا من شق الجيوب برقم (1293). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما ينهى عن الحلق عند المصيبة، برقم (1296) ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب برقم (104). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631).

الحديث الصحيح أن رجلا قال: «يا رسول الله، إن أمي ماتت ولم توص، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: " نعم (¬1)» يعني لها أجر الصدقة من ولدها، أو من غير ولدها، كله طيب، تتصدق عن الوالد، عن الوالدة، عن الأخ، عن الأقرباء، عن غيرهم من المسلمين ينفعهم، ينفع الأموات، وهكذا الدعاء لهم، والحج عنهم والعمرة، كل هذا ينفع الميت، وقضاء دينه ينفع، أما تمني الموت واللحاق بالموتى أو الدعاء به فهذا لا يجوز سواء كان الميت أبا أو أما أو أخا أو غيرهم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يتمنى أحدكم الموت، ولا يدع به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا (¬2)» هكذا رواه مسلم في الصحيح. وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا محالة فليقل: اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي (¬3)» هذا الدعاء طيب، وفي حديث عمار بن ياسر رضي الله ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب موت الفجأة البغته برقم (1388) ومسلم في كتاب الزكاة، باب وصول ثواب الصدقة عن الميت إليه برقم (1004) واللفظ لمسلم. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب كراهية تمني الموت لضر نزل به، برقم (2682). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب الدعاء بالموت والحياة، برقم (6351)، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب كراهة تمني الموت لضر نزل به، برقم (2680).

عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: «اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي (¬1)» هذا الدعاء طيب، لكن قول: اللهم أمتني، أو: اللهم ألحقني بفلان - يعني أمتني - هذا لا يجوز، لا مع الوالدة ولا مع غيرها، فعليك التوبة من ذلك، والحمد لله قد تبت، نسأل الله أن يتقبل منك، أما إذا قال الإنسان: اللهم أحيني إذا كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي فهذا لا بأس به، أو قال: كما في حديث عمار: «اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي (¬2)» كل هذا طيب، فعله النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه أوكل الأمر إلى الله، ولم يتمن الموت، ولم يدع به، إنما أوكل الأمر إلى الله، وهو أعلم بأحوال عباده وما يصلحهم سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب نوع آخر، برقم (1305). (¬2) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب نوع آخر، برقم (1305).

حكم وصية الأهل بعدم النياحة للشخص قبل وفاته

272 - حكم وصية الأهل بعدم النياحة للشخص قبل وفاته س: ما هي وصيتكم لنا يا سماحة الشيخ حتى لا يناح علينا (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (310).

ج: الوصية لكل مسلم ألا يناح عليه بالوصية لأهل كل مسلم ألا ينوح عليه أحد، أما دمع العين أو النشيج فلا يضر، لكن رفع الصوت، الصياح أو الصراخ، أو نتف الشعر، أو خمش الوجه، أو شق الثوب فهذا منكر، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «ليس منا من ضرب الخدود، أو شق الجيوب أو دعا بدعوى الجاهلية (¬1)» كأن يقول: واعضداه، واناصراه، وانكسار ظهراه، إلى غير ذلك من أنواع الصياح. فيقول الرسول: «أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة (¬2)» والصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها أو تنتفه، والشاقة: هي التي تشق ثوبها أو خمارها أو قميصها. كل هذا محرم لا يجوز، كله من الجزع المحرم. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب ليس منا من شق الجيوب برقم (1293). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما ينهى عن الحلق عند المصيبة، برقم (1296) ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب برقم (104).

س: هل هناك فرق يا سماحة الشيخ بين من يوصي بالنياحة عليه ومن لم يوص في الحكم الذي تفضلتم به (¬1)؟ ج: الذي يوصي أشد إثما، والذي لم يوص أقل إثما، أقل خطرا، أو أقل أذى، لكن الذي يوصي صار راضيا بالمعصية. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (310).

س: إذا مات الإنسان وقبل موته كان ينهى أهله عن النياحة عليه بعد

الموت، فإذا فعلوا ذلك فهل يعذب كما جاء في الحديث (¬1)؟ ج: نرجو له أن يسلم إذا كان نهاهم وحذرهم، والأحاديث عامة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الميت يعذب بما نيح عليه (¬2)» هذا فيه زجر للأهل أن ينوحوا، وتحذير لهم أن ينوحوا، أما هو فقد أدى ما عليه، ويرجى له السلامة، لكن هم لا يجوز لهم أن ينوحوا، ويخشى عليه من تلك النياحة لإطلاق الأحاديث، لكن ما دام نهاهم وحذرهم فيرجى له أن يسلم؛ لأنه أدى ما عليه من البلاغ والإنذار والتحذير. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (233). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من النياحة على الميت، برقم (1292) ومسلم في كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه برقم (927).

س: إذا قال الإنسان قبل وفاته: إذا أقمتم علي النياحة فأنا بريء منكم (¬1) ج: فنرجو له ذلك، والإثم عليهم، ولكن لا يجوز لهم أبدا أن يفعلوا ذلك، ولا يقولوا: ما دام تبرأ منا فالإثم علينا، لا يجوز؛ لأنه يخشى أن يناله شر منهم لعموم الأحاديث التي فيها تعذيب الإنسان بنياحة أهله عليه، ولكن من نهاهم وحذرهم وقال: أنا بريء منكم، أو: من عملكم، يرجى له ذلك، لكن هم لا يجوز لهم مطلقا، يحرم عليهم النياحة مطلقا. ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (233).

حكم الندبة على الميت

273 - حكم الندبة على الميت س: الأخ م. م. س. مصري ويعمل في العراق، أخونا يسأل عن حكم الدين في الندابة التي تندب على الميت (¬1) ج: ندب الميت والنياح عليه أمر محرم ومنكر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «ليس منا من ضرب الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية (¬2)» متفق عليه من حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه في الصحيحين. وفي الصحيحين أيضا من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «أنا بريء من الصالقة، والحالقة، والشاقة (¬3)» وأما الصالقة فالتي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة التي تحلق شعرها عند المصيبة، والشاقة التي تشق ثوبها عند المصيبة. وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إن الميت يعذب بما نيح عليه (¬4)» وفي الحديث الآخر «أن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة (¬5)» وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب، والطعن ¬

_ (¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (161). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب ليس منا من شق الجيوب برقم (1293). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما ينهى عن الحلق عند المصيبة، برقم (1296) ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب برقم (104). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من النياحة على الميت، برقم (1292) ومسلم في كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه برقم (927). (¬5) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب في النوح، برقم (3128).

في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة (¬1)» يعني النياحة على الميت. وقال: «النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب (¬2)» خرجه مسلم في صحيحه. فالنياحة على الموتى والندب وتعداد المحاسن، واظهراه: انقطع ظهراه، واكاسياه، واعضداه، ووالداه، واأبواه، إلخ. هذا ما يصلح، الواجب الصبر والاحتساب، والدعاء للميت والاستغفار له، أما البكاء فلا بأس، دمع العين لا بأس، حزن القلب لا بأس، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال عليه الصلاة والسلام لما مات ابنه إبراهيم: «العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون (¬3)» هكذا قال عليه الصلاة والسلام. وقال عليه الصلاة والسلام يوما بين أصحابه: «إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، وإنما يعذب بهذا أو يرحم (¬4)» وأشار إلى لسانه، اللهم صل عليه وسلم. فالواجب على المسلمين الصبر، وعدم الجزع، وعدم تعاطي ما حرم الله من الندب والنياحة وشق الثياب ولطم الخدود، والدعاء بدعوى الجاهلية، هذا هو المنكر، والله يقول: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (¬5) {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (¬6) {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (¬7). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم الجنائز (934)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 343). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب التشديد في النياحة، برقم (934). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا بك لمحزنون، برقم (1303)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، برقم (2315). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب البكاء عند المريض، برقم (1304) ومسلم في كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت، برقم (924). (¬5) سورة البقرة الآية 155 (¬6) سورة البقرة الآية 156 (¬7) سورة البقرة الآية 157

وفي صحيح مسلم أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت (¬1)» فدل ذلك على أن النياحة من الكبائر، فينبغي الحذر منها. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب إطلاق الكفر على الطعن في النسب والنياحة، برقم (67).

حكم توجيه الإنسان لأهله ألا ينوحوا عليه بعد وفاته

274 - مسألة في حكم توجيه الإنسان لأهله ألا ينوحوا عليه بعد وفاته س: تقول السائلة: إني قلت للأهل: إذا توفيت فلا تبكوا علي، ولا تذيعوا بالميكروفون، وأنا أخاف أن يفعلوا ذلك، ما هو توجيهكم لهم جزاكم الله خيرا؟ ج: الواجب على المسلمين في هذه الأمور الصبر والاحتساب وعدم النياحة، وعدم شق الثوب، ولطم الخد، ونحو ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لطم الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية (¬1)» ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: التفاخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة (¬2)» يعني النياحة على الميت. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب ليس منا من شق الجيوب برقم (1293). (¬2) صحيح مسلم الجنائز (934)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 343).

وقال صلى الله عليه وسلم: «النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب (¬1)» نسأل الله السلامة. وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «أنا بريء من الصالقة، والحالقة، والشاقة (¬2)» الحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة أو تنتفه، والشاقة: التي تشق ثوبها عند المصيبة، والصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة. كل هذا لا يجوز، كل هذا من الجزع، فلا يجوز للمرأة ولا غيرها فعل ذلك، والواجب على أهلك أن يقبلوا هذه الوصية، وأن يحذروا النياحة عليك؛ لأن النياحة تضر الميت كما في الحديث الصحيح: «الميت يعذب في قبره بما نيح عليه (¬3)» فلا ينبغي لهم، بل لا يجوز لهم النياحة على موتاهم، والنياحة رفع الصوت، أما البكاء بدمع العين فلا يضر، وحزن القلب هذا لا حرج فيه، وإنما الممنوع رفع الصوت بالصياح. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب التشديد في النياحة، برقم (934). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما ينهى عن الحلق عند المصيبة، برقم (1296) ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب برقم (104). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من النياحة على الميت، برقم (1292) ومسلم في كتاب الجنائز، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه برقم (927).

حكم الشهقة وقول لا عند سماع موت القريب

275 - حكم الشهقة وقول: (لا) عند سماع موت القريب س: تقول السائلة: عندما يأتيني خبر وفاة أحد الأشخاص المقربين لدي لا أنوح، ولكن عندما يأتيني الخبر أشهق وأقول: لا، وكلمة لا، ليس اعتراضا مني، ولكن استغرابا، ثم أقول: لا إله إلا الله،

هل يعتبر هذا الشهيق ضياع أجر الصبر عند الصدمة الأولى (¬1)؟ ج: ليس هذا بنوح، النوح رفع الصوت بالصياح، أما دمع العين أو سبق اللسان بكلمة: لا، أو شهقة الروعة فلا يضر، إنما هذا قد يقع من شدة الروعة والمصيبة، أو يقول: الخبر ليس صحيحا؛ لأنها استنكرت، هذا ليس من النياحة، النياحة رفع الصوت، ولا يجوز رفع الصوت عند المصيبة، أما كون العين تدمع ويبكي الإنسان، فدمع العين لا يعذب بهذا ربنا، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون (¬2)» وقال عليه الصلاة والسلام للصحابة ذات يوم: «اعلموا أن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، وإنما يعذب بهذا أو يرحم (¬3)» وأشار إلى لسانه؛ أي بالنوح. وهذا ليس من عدم الصبر الذي يضر، كونها تنوح أو تخمش الوجه أو تشق الثوب هذا هو الممنوع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا بريء من الصالقة، والحالقة، والشاقة (¬4)» الصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: هي التي تحلق شعرها عند المصيبة أو تنقضه، والشاقة: هي التي تشق ثوبها عند المصيبة. فالواجب الحذر من هذا. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (342). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنا بك لمحزنون، برقم (1303)، ومسلم في كتاب الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال، برقم (2315). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب البكاء عند المريض، برقم (1304) ومسلم في كتاب الجنائز، باب البكاء على الميت، برقم (924). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما ينهى عن الحلق عند المصيبة، برقم (1296) ومسلم في كتاب الإيمان، باب تحريم ضرب الخدود وشق الجيوب برقم (104).

حكم لبس الثوب الأسود للحداد

276 - حكم لبس الثوب الأسود للحداد س: المعروف بالنسبة للنساء في العراق إذا شخص مات ألبسوها ثوبا أسود لمدة سنة كاملة، وإذا لم تلبس يقولون عليها بأنها فرحت بموت ذلك الشخص، وكلام الناس لا ينتهي، ولا يدعون الناس في حالهم، وأنا علمت أن هذا لا يجوز، فماذا تقولون لو تكرمتم في هذا عسى أن يستفيد الناس ويعملوا (¬1)؟ ج: هذا الذي ذكرت هو مثل ما ذكرت لا يجوز، كونها تحد سنة كاملة في ثوب أسود هذا لا أصل له، هذا من عمل الجاهلية، كانت الجاهلية تحد المرأة فيهم إذا مات زوجها سنة كاملة، فأبطل ذلك الإسلام، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا من سنة الجاهلية، وأوجب الله على المرأة بدلا من ذلك أربعة أشهر وعشرا إذا كانت غير حامل، أما إن كانت حبلى فإنها تنتهي من العدة بوضع الحمل ولو بعد موت زوجها بساعات أو أيام، أما أن تعتد سنة أو في لباس خاص أسود فقط فهذا لا أصل له، بل هو من عمل الجاهلية، فلها أن تلبس الأسود والأصفر والأخضر والأزرق، لكن تكون بملابس غير جميلة، ملابس عادية لا تلفت النظر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نهى الحاد أن تلبس شيئا من الثياب الجميلة ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (64).

المصبوغة، قال: «إلا ثوب عصب (¬1)» فقال أهل العلم: ثوب العصب ليس فيه جمال. فالمشروع لها أن تلبس ثيابا ليس فيها جمال؛ لأنها تعرضها للفتنة، تكون ملابسها ملابس عادية لا تلفت النظر، هذا هو المشروع للحاد، كما أنه يجب عليها أن تتجنب الطيب مدة العدة، وكذلك الحلية من الذهب والفضة ونحوهما كاللؤلؤ والماس وأشباه ذلك مدة العدة، وهكذا تجتنب الكحل في عينيها، والحناء، كل هذا مما تمنع منها الحاد، والحاصل أن الحاد تؤمر بخمسة أمور: الأول: أنها تبقى في بيت زوجها الذي مات وهي ساكنة فيه حتى تنتهي العدة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للحاد: «امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله (¬2)» هكذا قال عليه الصلاة والسلام، لكن لا بأس أن تخرج لحاجة في السوق تشتريها من طعام وغيره، أو إلى الطبيب لحاجتها إلى الطبيب، لا بأس ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الطلاق، باب القسط للحادة عند الطهر، برقم (5341)، ومسلم في كتاب الطلاق، باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة وتحريمه في غير ذلك، برقم (938). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الطلاق، باب في المتوفى عنها تنتقل، برقم (2300)، والترمذي في كتاب الطلاق واللعان عن رسول الله، باب ما جاء أين تعتد المتوفى عنها زوجها، برقم (1204)، والنسائي في المجتبى في كتاب الطلاق، باب عدة المتوفى عنها زوجها من يوم يأتيها الخبر، برقم (3532)، وابن ماجه في كتاب الطلاق، باب أين تعتد المتوفى عنها زوجها، برقم (2031).

بهذا، أما خروجها لغير ذلك كالزيارات ونحو ذلك فلا، بل تبقى في بيتها، ولا تسافر أيضا لا لحج ولا غيره حتى تنتهي من عدتها. الأمر الثاني: أنها لا تلبس الملابس الجميلة، بل تلبس ملابس عادية ليس فيها جمال يلفت النظر، سواء كانت سوداء أو خضراء أو زرقاء، وغير ذلك. والأمر الثالث: عدم الحلي من الذهب والفضة ونحوهما، كاللؤلؤ والماس وأشباه ذلك، لا تلبس هذا؛ لأن الرسول نهى عن ذلك عليه الصلاة والسلام. الأمر الرابع: عدم الطيب؛ لأن الرسول قال: «لا تمس طيبا (¬1)» فهي حاد، سواء كان من البخور أو غير ذلك من دهن العود والورد وأشباه ذلك، إلا إذا كانت تحيض كالشابة، فإنه لها أن تتبخر لطهرها من حيضها كما أمر بهذا النبي صلى الله عليه وسلم. والخامس: الكحل، ليس لها أن تكتحل ولا أن تتعاطى الحناء؛ لأنه جمال فتجتنب ذلك. وما أشبه هذه الأمور الخمسة هي التي يلزم الحاد أن تراعيها وتعتني بها، أما ما سوى ذلك فهي من جنس بقية النساء، لها أن تغتسل متى شاءت، تتروش متى شاءت، تغير ثيابها متى شاءت، تستعمل الدواء في عينيها أو غيره من الأدوية على ما عندها من مرض، تطبخ حاجتها في البيت، تخدم بيتها، تصعد في السطح في الليل تنظر إلى القمر، تخرج إلى الحوش وإلى ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب وجوب الإحداد في الوفاة وتحريمه في غير ذلك، برقم (938).

الحديقة في بيتها، كل هذا لا بأس به، تكلم من شاءت، من يكلمها من جيرانها، أو من غير جيرانها من طريق الهاتف أو غيره، كل هذا لا بأس به إذا كان كلاما ليس فيه ريبة ولا منكر، فهي من جنس بقية النساء.

بيان حكم الرثاء على الميت

277 - بيان حكم الرثاء على الميت س: إنني أرتاح عندما يرثي، أو يغني جماعة ما لأحد الموتى، وحيث إن الدين نهى عن ذلك ونهى عن البكاء على الميت، ولكني أتأثر وأرتاح عندما يبكونه جماعة، أو يرثون أحد الموتى، فهل علي ذنب أو كفارة في ذلك؟ أدامكم الله على طريق الحق (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، إذا كان الرثاء من باب ذكر محاسن الميت بما يشوق إلى التأسي به والاقتداء به في الأعمال الطيبة، من الجود والكرم والجهاد في سبيل الله، وإنكار المنكر، والدعوة إلى الخير، فذكر هذا في المراثي ينفع المسلمين ولا يضرهم، ويرتاح له كل مؤمن، أما إذا كان الرثاء تهيج المصائب، وتدعو إلى النياحة، وتحرك أحوال أهل الميت، حتى يشتغلوا بالنياحة والصياح فلا ينبغي ذكرها، ولا ينبغي قراءتها عندهم؛ لأن هذا يسبب مشكلات، ويفضي إلى محرمات، فلا يفعل، أما الأغاني التي تتضمن الدعوة إلى الفسوق والعصيان، أو تتضمن دعوة إلى شرب ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (17).

الخمور أو إلى غير هذا من الفساد، أو إلى التشويق إلى النساء بغير حق، أو إلى الحب بغير حق، أو ما أشبه ذلك فهذه يجب إنكارها، ويجب الحذر منها؛ لأنها تفسد الأخلاق، وتفسد القلوب كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: «الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل (¬1)» والله يقول سبحانه وهو أصدق القائلين: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (¬2) أما الغناء الذي فيه الدعوة إلى الخير والأمر بالخير فينبغي أن يكون بألحان العرب، يكون بالأشعار العربية المعروفة والقصائد العربية، فلا محذور فيه، لكن بغير ألحان النساء، وأشباه النساء، يكون بالألحان العربية، بالشعر العربي كما كان حسان ينشد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في الرد على المشركين. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب كراهية الغناء والزمر، برقم (4927)، والبيهقي في السنن الكبرى، باب الرجل يغني فيتخذ الغناء صنعة، برقم (21537)، واللفظ له. (¬2) سورة لقمان الآية 6

حكم تعليق صورة الميت على الحائط

278 - حكم تعليق صورة الميت على الحائط س: الأخت ن. ع. م. من العراق، تسأل وتقول: هل صورة المتوفى عند وضعها في إطار وتعليقها على الحائط تضر المتوفى؟ وهل هذا

حرام ممن يفعله أم لا (¬1)؟ ج: تعليق الصور لا يجوز لا في المكاتب ولا في المجالس، ولا في غير ذلك، أعني صور ذوات الأرواح، كصورة الرجل أو الأسد أو الذئب أو القط أو غير ذلك، كلها لا تجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: «لا تدع صورة إلا طمستها (¬2)» وقال عليه الصلاة والسلام لما رأى سترا عند عائشة فيه تصاوير هتكه، وقال: «إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم (¬3)» فلا يجوز للمسلم أن يعلق صورة، ولا للمسلمة أن تعلق صورة في بيت زوجها أو في بيتها، أو في مكتب، أو في مجلس، أو نحو ذلك، أما الميت فلا يضره ذلك إذا كان لم يأمر بهذا، ولم يرض بهذا، إنما يضر من علقه، الإثم على من علقه، أما الميت الذي لم يرض بهذا أو لم يأمر به فليس عليه من ذلك شيء؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (¬4) ولكن المعلق هو الذي يأثم بذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (197). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب الأمر بتسوية القبر، برقم (969). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (والله خلقكم وما تعملون)، برقم (7557)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم تصوير صورة الحيوان، برقم (2107). (¬4) سورة الأنعام الآية 164

حكم زيارة القبور وأدلة ذلك

279 - بيان حكم زيارة القبور وأدلة ذلك س: يسأل عن الآداب التي يجب الإحاطة بها عند زيارة المقابر، وهل حث الإسلام على زيارة القبور، وزارها النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة وأجاز للنساء زيارة القبور؟ وهل جاء في القرآن الكريم شيء عن زيارة قبور الصالحين كما قال تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} (¬1) وجهونا (¬2) ج: زيارة القبور سنة مؤكدة من فعل النبي وقوله عليه الصلاة والسلام؛ لما فيها من التذكير بالموت والتذكير بالآخرة، والسنة أن يزورها المؤمن بخشوع ورغبة في الآخرة، وقصد للاعتبار والذكر، ورحمة الأموات والدعاء لهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكر الموت (¬3)» خرجه مسلم في صحيحه. وكان النبي يزورها بين وقت وآخر في الليل والنهار، يزورها ويسلم عليهم عليه الصلاة والسلام، ويدعو لهم ويقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون (¬4)» ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 84 (¬2) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (354). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه، برقم (976). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء برقم (249).

«يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬1)» «أسأل الله لنا ولكم العافية (¬2)» يغفر الله لنا ولكم، كان هذا من فعله عليه الصلاة والسلام، فالمؤمن يسن له أن يزورها لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولقوله: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬3)» والمقصود من الزيارة الدعاء لهم، الدعاء للميتين بالمغفرة والرحمة، وذكر الآخرة وذكر الموت، والتأهب لذلك، هذا المقصود، ومن آدابها أنه لا يصلي عند القبور ولا يجلس عندها للدعاء والقراءة، وإنما يسلم بخشوع ورغبة في الآخرة، وخوف من عذاب الله، وقصد علاج قلبه حتى لا يموت، إذا تذكر الموت والقبور صار هذا أدعى لاستعداده للآخرة، وألين للقلب، يذكر الموت ويذكر الآخرة، ويذكر جمع الناس يوم القيامة، فيلين قلبه، فزيارة القبور تلين القلوب، وتذكرها بالآخرة وبالموت، فيكون ذلك من أسباب الاستعداد والحذر من الركون إلى الدنيا، لكن لا يصلي عندها ولا يطوف بها، ولا يسأل أهلها شيئا، الصلاة عندها بدعة من وسائل الشرك، والقراءة عندها بدعة، والجلوس عندها للدعاء بدعة، أما الطواف بها فشرك بالله، إذا طاف يتقرب إلى أصحاب القبور فهذا شرك أكبر، كالدعاء، كدعائها والاستغاثة بأهلها، والنذر لهم، والذبح لهم، ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569).

هذا شرك أكبر، كما يفعل عند بعض القبور، يقول: يا سيدي انصرني، أو: اشف مريضي، أو: أنا بحسبك، أو: اشفع لي. أو ما أشبه ذلك، كل هذا من الشرك الأكبر لا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا عند قبور الصحابة ولا عند غيرهم، إنما يسلم عليهم ويدعو لهم، يقول: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (¬1)» هكذا، وليس للمؤمن أن يسألهم أو يستغيث بهم، أو ينذر لهم، أو يذبح لهم، كل هذا من الشرك الأكبر، ولا يطوف تقربا إليهم، هذا شرك أكبر، أما لو طاف يحسب أنه مشروع يقصد التقرب إلى الله بالطواف فهذا بدعة، منكر؛ لأنه من وسائل الشرك، الطواف خاص بالكعبة، أما إذا طاف يتقرب إليهم ويريد شفاعتهم، أو أن ينفعوه فهذا شرك أكبر، كدعائهم من دون الله، والاستغاثة بهم والنذر لهم، كله شرك أكبر، كما يفعل عند البدوي أو عند الشيخ عبد القادر في العراق، أو عند قبر أبي حنيفة، أو عند قبر الحسن والحسين في مصر، كل هذا شرك أكبر، دعاؤهم والاستغاثة بهم، والنذر لهم، وهكذا ما يفعله بعض الجهال عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم من دعاء الاستغاثة به وطلبه النصر، طلبه شفاء المرضى، كل ذلك من الشرك الأكبر، نسأل الله العافية، أما النساء فلا، أما النساء فليس لهن زيارة ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975).

للقبور، النساء لا يزرن القبور؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهاهن عن هذا، ولعن زائرات القبور؛ ولأنهن فتنة وصبرهن قليل، وأما قوله: {وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} (¬1) هذا نهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوقوف على قبور المنافقين والصلاة عليهم، أما المسلم يوقف على قبره ويدعى له بعد الموت بعد الدفن، إذا دفن يوقف عليه ويسأل له التثبيت والمغفرة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان إذا فرغ من دفن الميت عليه الصلاة والسلام قال: «استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت (¬2)» فإذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، وقال: «استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل (¬3)» فالمؤمن يوقف عند قبره ويسأل له المغفرة والثبات، أما المنافق فلا يصلى عليه، ولا يوقف عند قبره، نسأل الله العافية والسلامة. ¬

_ (¬1) سورة التوبة الآية 84 (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف برقم (3221). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف برقم (3221).

حكم البكاء عند زيارة القبور

280 - حكم البكاء عند زيارة القبور س: عندما أذهب أنا وبعض إخواني إلى المقبرة للزيارة وللاعتبار أستمع أحيانا إلى بعض الناس يبكون بصوت عال، فهل هذا يجوز (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (219).

ج: إذا غلبه البكاء لا حرج، الرسول صلى الله عليه وسلم بكى عند قبر أمه وأبكى، فلا بأس إذا غلبه البكاء، ولا حرج في ذلك، وليس في هذا حد محدود، لكن يكتم صوته إذا أمكنه ذلك حتى لا يشوش على أحد، وحتى لا يظن فيه الرياء، وأنه قصد شيئا آخر، فالمقصود أنه إذا غلبه البكاء فلا حرج في ذلك؛ لأنه إذا حضر عند القبور وتذكر أقاربه وأحبابه قد تغلب عليه العبرة والبكاء.

الحكمة في زيارة القبور

281 - بيان الحكمة في زيارة القبور س: يسأل السائل ويقول: ما حكم زيارة المقابر؟ وما هو المطلوب عند زيارتها (¬1)؟ ج: زيارة المقابر سنة، قربة، طاعة لله جل وعلا؛ لما فيها من التفكير في الموت، والتفكير بالآخرة، والدعاء للأموات، والترحم عليهم فهي عبادة عظيمة؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة (¬2)» وكان يعلم أصحابه عليه الصلاة والسلام إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم يا أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون (¬3)» «أسأل ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (292). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974).

الله لنا ولكم العافية (¬1)» وكان يزور القبور صلى الله عليه وسلم ويدعو لهم، ويقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون (¬2)» ويقول: «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (¬3)» يدعو لهم، السنة الدعاء لهم بما تقدم، وهذه الزيارة فيها خير عظيم، وفضل كبير، وتذكير بالآخرة وبالموت، لكن هذا خاص بالرجال، أما النساء فلا يزرن القبور، الرسول صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور، هذا هو الصواب الذي عليه أهل الحق أن المرأة لا تزور القبر، ولا تتبع الجنائز إلى القبور، ولكن تصلي على الميت لا بأس، تصلي على الميت في المصلى أو في المسجد لا بأس، وقد صلت عائشة رضي الله عنها على سعد بن أبي وقاص لما توفي في آخر حياتها رضي الله عنها، المقصود أن الصلاة على الموتى مشروعة للرجال والنساء جميعا، لكن زيارة القبور خاصة بالرجال لا للنساء. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء برقم (249). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974).

كيفية الوقوف أمام القبر للسلام عليه

282 - كيفية الوقوف أمام القبر للسلام عليه س: يقول هذا السائل: في المقبرة وعند زيارة القبر للسلام على الميت هل من المشروع أن يقف الإنسان متجها للقبلة والقبر أمامه أم

يكون ذلك متجها لجهة الشرق حتى يكون مواجها لوجه الميت (¬1)؟ ج: ليس في هذا تحديد، السنة أن يقف على القبر ويسلم على الميت، سواء من خلفه أو أمامه، المهم أن يسلم عليه، وإذا أتاه من أمامه حتى يكون أمام وجه الميت هذا لا بأس، الأمر واسع في هذا، فالنبي عليه السلام قال: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬2)» ولم يعين جهة معينة، فالأمر واسع والحمد لله، المهم أنه يزور القبور، ويسلم عليهم ويدعو لهم، وإذا خص بعض الناس كأبيه أو أخيه زاره وخص وسلم عليه، فالأمر واسع، الحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (401). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569).

سماع الميت لمن يزوره للسلام عليه

283 - مسألة في سماع الميت لمن يزوره للسلام عليه س: السائل ع. م. يقول في سؤاله: إن والدي قد توفي منذ عشر سنوات، وأنا دائما أذهب إلى قبره وأسلم عليه وأدعو له أثناء زيارتي، ولكن قال لي شخص: إن الأموات لا يسمعون الأحياء. والسؤال: هل عندما أذهب لزيارة أبي منذ توفي لأسلم عليه هل يسمع كلامي ويرد علي السلام؟ أفيدوني مأجورين (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (406).

ج: الزيارة مشروعة لك، الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬1)» فالسنة زيارة القبور، والسلام عليهم والدعاء لهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يزورها، ويعلم أصحابه أن يزوروها، فالسنة أن تزور القبور، وتسلم على أبيك، وتدعو له، أما كونه يسمع كلامك أو يعلم هذا فالله أعلم، هذا إلى الله جل وعلا، ليس في هذا حديث صحيح يدل على أنه يسمع كلامك، أو أنه يعلم زيارتك، لكن ينتفع بهذه الزيارة، وينتفع بالدعاء إذا دعوت له في البيت أو في المسجد أو عند الزيارة، أو في أي مكان، الدعاء فيه فائدة كبيرة، والصدقة عنه كذلك، والحج عنه والعمرة عنه، والضحية عنه، كل هذا شيء نافع يفيده، أما كونه يعلمك ويسمع كلامك فهذا إلى الله، والله الذي يعلمه سبحانه وتعالى، جاء في بعض الأحاديث التي في سندها ضعف أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «ما من عبد يزور شخصا كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام (¬2)» لكن في صحته نظر. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬2) أخرجه ابن عبد البر في الاستذكار (1/ 185).

حكم قراءة القرآن على الأموات عند زيارة القبور

284 - حكم قراءة القرآن على الأموات عند زيارة القبور س: ما حكم قراءة القرآن على الأموات أثناء التعزية وعند زيارة القبور أو

عند المرور بجانبها (¬1)؟ ج: لا يجوز قراءة القرآن عند القبور؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون (¬2)» «أسأل الله لنا ولكم العافية (¬3)» هكذا يسلم عليه: اللهم اغفر لهم وارحمهم، السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، نسأل الله لكم العافية. فيعلمهم إذا زار القبور، فليقل: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين. أما عند التعزية فيعظهم ويذكرهم بالآية الكريمة: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (¬4) {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (¬5) هذا لا بأس عند المصائب، يذكر الآيات التي فيها الصبر، يذكر من باب النصيحة، لا بأس، هذا مشكور، يعزيهم ويدعو لهم، ويذكرهم بالآيات والأحاديث التي بها الحث على الصبر. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (363). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء برقم (249). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬4) سورة البقرة الآية 155 (¬5) سورة البقرة الآية 156

حكم قراءة سورة الإخلاص وآية الكرسي عند المرور على القبور

285 - حكم قراءة سورة الإخلاص وآية الكرسي عند المرور على القبور س: السائلة تقول: يا سماحة الشيخ، سمعت من إحدى صديقاتي عند المرور على القبور بأنه مستحب أن نقرأ سورة الإخلاص إحدى عشرة مرة، وآية الكرسي في هذا اليوم، فيرفع عنهم العذاب، وعلى قدر عددهم أن يغفر الله لهم الذنوب (¬1) ج: كل هذا باطل لا أصل له، وبدعة ظاهرة، ولكن إذا مر عليهم يسلم عليهم، يقول: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين. هذا للرجل، أما المرأة لا تزور القبور، لكن الرجل إذا مر عليهم يسلم، أما قراءة: قل هو الله أحد، أو آية الكرسي فكل هذا لا أصل له. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (414).

حكم الوقوف والدعاء للأموات عند المرور بالمقبرة

286 - حكم الوقوف والدعاء للأموات عند المرور بالمقبرة س: نحن إذا خرجنا من المسجد بعد صلاة العشاء أو صلاة الفجر يوجد على طريقنا مقبرة، فيقف عندها إمام المسجد، ونقف حوله، ويقرأ الدعاء على أرواح أهل المقبرة، ونحن نؤمن على دعائه، ما رأيكم في هذا العمل (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (227).

ج: لا حرج في هذا الدعاء لهم، هذه زيارة، إذا مررتم بهم ودعوت لهم جزاكم الله خيرا.

حكم السلام على الأموات أثناء المرور بجوار المقبرة على السيارة

287 - حكم السلام على الأموات أثناء المرور بجوار المقبرة على السيارة س: سماحة الشيخ، بالنسبة للسلام على الموتى هل يشرع السلام داخل المقبرة أو المرور بالسيارة مثلا (¬1)؟ ج: إذا دخل فهو أفضل، يقف عليهم ويسلم عليهم؛ لأنه أقرب إلى الخشوع والتأثر، وإن مر عليهم بالسيارة وسلم أو على دابته وسلم، أو وقف على الجدار وسلم كفى، لكن كونه يقصد القبور ويدخل عليهم ويدعو لهم هذا أكمل وأشد في التأثر. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (414).

س: هذا السائل يقول: إذا مررت بالمقابر هل أسلم عليهم وأنا مثلا في سيارتي وبيني وبينهم سور المقبرة أم لا بد من السلام عند الوقوف عليهم داخل المقابر (¬1)؟ ج: إذا تيسر الوقوف عليهم يكون أولى وأكمل، تنزل وتقف على المقابر وتسلم، وإن سلمت من بعيد فلا بأس إن شاء الله، إذا كنت قريبا منهم يسمعون، بحيث يسمعون، وإن نزلت ووقفت على الجدار وتكلمت ¬

_ (¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (370).

يكون هذا أكمل وأبلغ، تقول: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون (¬1)» «أسأل الله لنا ولكم العافية (¬2)» اللهم اغفر لهم، اللهم ارحمهم، كل هذا طيب عند الجدار، تقف على الجدار، تكلم أو تدخل وتسلم عليهم من داخل، كله طيب، الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة (¬3)» وإذا مر الإنسان بها وسلم له أجر كبير. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569).

حكم اجتماع الرجال والنساء عند المقابر في الأعياد

288 - حكم اجتماع الرجال والنساء عند المقابر في الأعياد س: نشاهد عند بعض الناس وخاصة في المناطق الريفية في بلادنا أيام الأعياد أنهم يذهبون إلى المقابر، وهناك يجتمعون نساء ورجالا، وهناك يعملون الدبكات والأغاني، وقسم يحمل المسجلات والكمرات ليلتقطوا أصوات وصور النساء، فما الحكم لذلك أثابكم الله (¬1) ج: أما قصد القبور أيام الأعياد فلا أعلم له أصلا، زيارة القبور سنة، ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (24).

وليس لها حد محدود، ولا وقت معين، بل يزورها ليلا ونهارا، في العيد وفي غيره، ما لها وقت محدود، أما تخصيص زيارة لأيام العيد أو بيوم معين فليس له أصل، ولكن متى تيسرت الزيارة فقد شرعت الزيارة في ليل أو نهار، وفي أي يوم؛ لأنها تذكر الآخرة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬1)» وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا ": «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (¬2)» وفي لفظ: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬3)» فالسنة أن يزوروا القبور، وأن يدعوا لأهلها بالمغفرة والرحمة، هذا هو السنة؛ ولأن زيارتها ذكرى للمؤمن، يذكر الموت، يذكر الآخرة، يستعد للقاء الله عز وجل، وهذا للرجال خاصة، أما النساء فلا يشرع لهن زيارة القبور، بل ينهين عن ذلك، وأما اجتماع النساء والرجال عند القبور وتعاطي الأغاني وأشباه ذلك فهذا لا يجوز، واختلاط الرجال بالنساء أمر منكر مطلقا لا يجوز، لا في القبور ولا في غير القبور؛ لأن هذا يسبب الفتنة والشر كذلك، كونهن يحضرن عند القبور أو غير القبور ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974).

بالأغاني والآلات والملاهي فهذا منكر سواء كان عند القبور أو في محلات أخر، لا يجوز هذا، كذلك تصوير النساء، تصويرهن في هذه الحال أو في أي حال كان كاشفات أو شبه عاريات كل هذا فتنة، أو تصوير وجوههن، كل هذا لا يجوز، يل يجب الحذر من ذلك؛ لأن هذا التصوير يجر إلى شر كثير، وربما صور فلانة وفلانة وحصل بها فتنة، فالحاصل أن هذا لا يجوز مطلقا، لا في القبور ولا في غيرها، ولا يجوز للنساء الخروج إلى المقابر بالأغاني وآلات الملاهي، ولا الرجال أيضا، كل هذا منكر يجب الحذر منه والتناصح في ذلك.

س: هل زيارة القبور في أيام العيد من الحلال أم من الحرام (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك في أي وقت، لكن تخصيصها بوقت العيد لا يصلح إذا كان بقصد أن يوم العيد أفضل أو كذا، أما إذا كان التخصيص من أجل الفراغ في تلك الأيام فلا حرج، وإلا فالزيارة ليس لها وقت معلوم، يزورها في الليل أو في النهار، في أيام العيد أو في غيره، ليس لها حد محدود، الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬2)» ولم يحدد وقتا، فالمؤمن يزورها في كل وقت، في الليل والنهار، في أيام العيد وغيرها، ولا يخصص يوما معينا لذلك لقصد أنه أفضل من غيره. ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (216). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569).

حكم ذهاب النساء للمقابر لأخذ الحشائش لعلف الدواب

289 - حكم ذهاب النساء للمقابر لأخذ الحشائش لعلف الدواب س: الحشائش في المقابر من ناحيتين، الناحية الأولى الطرق، والناحية الثانية وصول النساء إلى هناك من أجل الاستفادة من الحشائش والأعلاف التي تنبت على هذه المقبرة - جزاكم الله خيرا - ما حكم ذلك (¬1)؟ ج: لا حرج في ذهاب النساء إلى أخذ الحشائش التي في المقابر لعلف دوابهم، ولا بأس في ذلك، إنما المنهي عنه أن يزرن القبور، أما إذا أتين القبور لأخذ الحشائش التي فيها والاستفادة منها مع الطرق المعينة في ذلك فلا بأس، والطرق التي وضعت في المقبرة للمرور بها للزائرين فلا بأس إذا كانت ليس فيها قبور فلا حرج، أما إن كان فيها قبور فالواجب على الزائر أن يتخلل القبور، ولا يطأ على القبر، بل يمشي بين القبور، وهكذا المرأة إذا جاءت لأخذ الأعشاب تمشي بين القبور، ولا تطأ قبرا، لا هي ولا الرجل؛ لأنه لا يجوز للجميع امتهان القبور بالوطء عليها، ولكن يمشي بين القبور، وفي خلال الفرج التي بين القبور حتى يأخذ حاجته. ¬

_ (¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (290).

التقاء الأموات وتعارفهم

290 - مسألة في التقاء الأموات وتعارفهم س: السائلة من الباحة تقول: أرجو من سماحة الشيخ إجابتي على هذا

السؤال، تقول: هل الميت بعد موته يلتقي بأهله وإخوانه الذين ماتوا من قبل ويعرفهم؟ وهل يلتقي أهل الخير ويتعارفون بعد موتهم (¬1)؟ ج: الله أعلم، لا أعلم في هذا نصا ثابتا، وإنما ذكر بعض أهل العلم هذا المعنى كابن القيم في كتاب الروح وغيره، ولكن هذه المسائل تحتاج إلى دليل عن النبي صلى الله عليه وسلم في إثبات اللقاء، أما أرواح المؤمنين فهي في الجنة كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أن أرواح المؤمنين طائر يعلق في شجر الجنة حتى يردها الله إلى أجسادها (¬2)» «وأرواح الشهداء تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش (¬3)» هذه أرواح الشهداء المقتولة في سبيل الله، وأما أرواح المؤمنين فإنها تسرح في الجنة حتى يردها الله إلى أجسادها في صور طير في الجنة، أما كونهم يتلاقون ويتعارفون فهذا يحتاج إلى دليل ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام، كون أرواحهم تتلاقى ويتعارفون فهذا يوجد بعض المرائي التي يراها أهل الصلاح والخير، تدل على شيء من التلاقي، لكن الجزم بذلك وأن هذا شيء ثابت لجميع الأرواح يحتاج إلى دليل ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام، لكن بعض المرائي تدل على وقوع شيء من هذا. ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (388). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه، برقم (15349). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب بيان أرواح الشهداء في الجنة وأنهم أحياء عند ربهم يرزقون، برقم (1887).

مسألة في رؤية الميت من يزوره

291 - مسألة في رؤية الميت من يزوره س: هل الشخص الميت يراك في قبره أم لا؟ وهل الزيارة يوم الاثنين أو الخميس خاصة، وهل تجوز في باقي الأيام (¬1)؟ ج: الزيارة في كل وقت، جميع الأوقات، ليس لها وقت معين، في جميع أيام الأسبوع، في الليل والنهار، متى تيسر له الزيارة زار، أم كون الميت يراه فلا أصل لهذا، الميت انتهى أمره، وحيل بينه وبين ذلك، وهو روحه إما في الجنة إن كان مؤمنا، وإما في النار إن كان كافرا، والعاصي على خطر من ذلك، وليس هناك دليل على أن الميت يرى زائره. ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (205).

حكم ذهاب النساء إلى المقبرة لدفن الميت

292 - حكم ذهاب النساء إلى المقبرة لدفن الميت س: الأخت ب. أ. أ. مصرية مقيمة في المملكة، أختنا تتحدث عن القبور والبدع التي تثار حول الجنائز، والتي يرتكبها كثير من الناس، ولخصت في أسئلة منها هذا السؤال: ما حكم الدين في ذهاب النساء للمقابر لدفن الميت؟ وهل من تذهب لن تشم نسيم الجنة كما روي عن الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - عندما رأى فاطمة آتية وعليها غبار الطريق، فظن أنها كانت تشيع الجنازة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (133).

ج: قد ثبت عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - أنه لعن زائرات القبور، ونهى عن اتباع النساء للجنائز، فلا يجوز أن يتبع النساء الجنائز للمقابر، ولا أن يزرن المقابر، هذا هو المحفوظ عن النبي - عليه الصلاة والسلام -، وأما الوعيد بعدم شمها نسيم الجنة، فهذا في سنده نظر، ولكن الثابت أنها منهية عن ذلك، فلا تذهب مع الجنائز إلى المقابر، ولا تزور المقابر، هذا هو الثابت عن النبي - عليه الصلاة والسلام -، والحكمة في ذلك - والله أعلم - لأنهن فتنة، وصبرهن قليل، فكان من حكمة الله أن نهاهن عن ذلك سدا لباب الفتنة بهن ومنهن.

حكم ذهاب أهل الميت من الرجال والنساء إلى قبره لتوزيع الصدقات

293 - حكم ذهاب أهل الميت من الرجال والنساء إلى قبره لتوزيع الصدقات س: هناك عادات تقضي بأن يذهب أهل الميت من رجال ونساء إلى قبره كل يوم خميس خلال الأسابيع الثلاثة الأولى بعد الوفاة، وذلك للتصدق بالفطائر والخبز، ما حكم الإسلام في ذلك؟ أليس الأولى أن يتم التصدق على الفقراء والمحتاجين في أي مكان آخر دون الذهاب إلى المقابر خاصة بعد أن ثبت أن معظم من يتواجدون بها من الأحياء يبيعون ما يجمعونه من أهل الموتى ويتاجرون فيه (¬1) ¬

_ (¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (133).

ج: ليس لهذا أصل، ليس لتحديد الزيارة كل أسبوع، أو الصدقة عند القبور أصل، بل الواجب أن تكون الزيارة غير محددة، متى تيسرت الزيارة شرع أن تزار القبور من الرجال، يزورها الرجال لذكر الآخرة، وذكر الموت، والدعاء للموتى، فيقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون (¬1)» «أسأل الله لنا ولكم العافية، يغفر الله لنا ولكم» هكذا كان النبي يعلم أصحابه - عليه الصلاة والسلام -، كان يعلمهم إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (¬2)» وكان - عليه الصلاة والسلام - إذا زار القبور يقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، غدا مؤجلون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (¬3)» هكذا كان يفعل - عليه الصلاة والسلام -، ويقول: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬4)» «زوروا القبور فإنها تذكركم الموت (¬5)» هذا كله في حق الرجال، أما النساء فلا يزرن القبور كما تقدم، وأما تخصيص يوم معين، الخميس أو الجمعة للزيارة فلا أصل ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء برقم (249). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974). (¬4) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬5) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569).

له، وهكذا تخصيص توزيع الصدقات من خبز أو لحوم أو غير ذلك عند القبور، لا أصل له، بل المشروع أن صاحب الصدقة يتبع الفقراء في بيوتهم وفي محلاتهم ويعطيهم الصدقة، ولا يكلف عليهم، ولا يدعوهم إلى المقابر، فالحاصل أن المشروع على المؤمن أن يتبع الفقراء، ويعرف محلاتهم حتى يذهب إليهم بالصدقة، وإذا جاؤوا إليه في بيته وطلبوا أن يتصدق عليهم، أما أن يتخذ المقبرة محلا للصدقة، فهذا لا أصل له.

معنى حديث لعن الله المرأة النائحة والمستمعة

294 - بيان معنى حديث «لعن الله المرأة النائحة والمستمعة» س: هل يحرم على النساء زيارة القبور إذا كان المتوفى أعز شخص، قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله المرأة النائحة والمستمعة» صدق رسول الله، لكني في الحقيقة لم أفهم معنى المستمعة في هذا الحديث، هل يقصد المرأة الفضولية التي تتنصت على كلام الناس أم المرأة التي تستمع الأغاني أم التي تستمع التلفاز والراديو؟ نرجو التوضيح عن هذا، وجزاكم الله خيرا (¬1)؟ ج: زيارة القبور للنساء لا تجوز، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة (¬2)» يعني به الرجال، ويعلم أصحابه ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (64). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569).

إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (¬1)» وفي حديث عائشة: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬2)» أما النساء فنهاهن عن هذا، جاء في الأحاديث: «لعن زائرات القبور (¬3)» فلا يجوز لهن زيارة القبور، ولكن يشرع لهن الدعاء لموتاهن بالمغفرة والرحمة ودخول الجنة والنجاة من النار، من غير زيارة القبور، وهن في بيوتهن، ولا مانع أن يصلين على الموتى في المساجد، أو في المصلى كما صلى النساء على الجنائز في عهده - صلى الله عليه وسلم -، وفي عهد أصحابه. أما النائحة والمستمعة فقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النوح، وقال: «أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة على الميت (¬4)» وقال: «النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب في زيارة النساء القبور، رقم (3236)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في كراهية أن يتخذ على القبر مسجدا، برقم (320)، والنسائي في كتاب الجنائز، باب التغليظ في اتخاذ السرج على القبور، برقم (2043). (¬4) صحيح مسلم الجنائز (934)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 343).

سربال من قطران، ودرع من جرب (¬1)» خرجه مسلم في صحيحه. فبين - صلى الله عليه وسلم - أن النياحة على الموتى من أمر الجاهلية المذموم، فالواجب تركه، وقالت أم عطية في البيعة: «ألا ننوح (¬2)» وروى أبو داود رحمه الله في سننه عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه لعن النائحة والمستمعة (¬3)» وفي سنده ضعف، ولكن معناه له شواهد؛ لأن النوح محرم ومنكر فلا يجوز للمرأة أن تتعاطى النوح، ولا الرجل أيضا، ليس للرجال ولا النساء النياحة، والنياحة هي رفع الصوت بالبكاء، هذه النياحة، وهكذا قوله: واعضداه، واكاسيها واحر قلباه. برفع الصوت، كل هذا من النياحة، وأما المستمعة فهي التي تستمع للنوح، وتشجع على النوح، تجلس معهن تستمع نياحتهن، وتشجعهن على النياحة، هذه داخلة في ذلك؛ لأن جلوسها نوع من التشجيع، فلا يجوز لها أن تستمع، بل إذا لم تسكت النائحة وجب أن تفارق، وألا تجلس معها من باب هجرها، من باب الإنكار عليها، فإذا جلست تستمع صار في ذلك نوع من المساعدة، ونوع من التشجيع، فلا يجوز أن تستمع للنائحة، بل تنكر عليها وتنهاها، فإن أقلعت وإلا تركتها ولم تجلس معها ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب التشديد في النياحة، برقم (934). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما ينهى من النوح والبكاء والزجر عن ذلك، برقم (1306). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب في النوح، برقم (3128).

تستمع لها، أما سماع الأغاني فهذا شيء آخر غير النياحة، وهو أيضا منكر على النساء والرجال، الأغاني من المنكرات، ومن أسباب مرض القلوب وقسوتها، والضلال عن الحق كما قال الله عز وجل في كتابه العظيم: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} (¬1) هذا دليل على أن اشتراء لهو الحديث، يعني: سواء بغير ثمن أو بالثمن يكون من المنكر المذموم، والله ذكر هذا على سبيل الذم لهم والعيب لهم. {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي} (¬2) يعني: يعتاض لهو الحديث؛ {لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (¬3) قرئ بالضم: ليضل، وقرئ: ليضل بالفتح، هذا يدل على أن اشتراء لهو الحديث من أسباب الضلال والإضلال بغير علم، ومن أسباب اتخاذ الآيات هزوا؛ ولهذا قال بعده: {وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا} (¬4) يعني سبيل الله، يعني دين الله، وهذا خطر عظيم، ولهو الحديث هو: الغناء، كما قال جمهور أهل العلم، قال أكثر أهل العلم من المفسرين وغيرهم: إنه الغناء، فإذا كان معه آلة عزف، كالعود أو الكمان أو الدف أو الطبل، كان التحريم أشد، وكان الإثم أكبر، فلا يجوز ذلك لا للمرأة ولا للرجل، تعاطي ذلك سواء كان ذلك في التلفاز أو في الإذاعة أو في المسجلات وغير ذلك، وفي الفيديو كل هذا ممنوع، وإذا كان مع ذلك في الفيديو مرائي منكرة، كاجتماع الرجال والنساء، والتقاء الرجال بالنساء، أو هيئة ¬

_ (¬1) سورة لقمان الآية 6 (¬2) سورة لقمان الآية 6 (¬3) سورة لقمان الآية 6 (¬4) سورة لقمان الآية 6

الرجل مع زوجته، وما أشبه ذلك كان التحريم أكثر، وكان الإثم أعظم، فلا يجوز مثل هذا أبدا لا للرجال ولا للنساء، ولكن مسألة النياحة شيء آخر، النياحة لها تعلق بالميت سواء كانت النياحة في البيت أو عند القبر، أو في أي مكان، فلا يجوز الاستماع للنائحة، ولا تشجيعها على عملها السيئ، بل يجب الإنكار عليها، وتحذيرها ومنعها من ذلك، والله المستعان.

بيان رجحان عدم زيارة النساء للقبور

295 - بيان رجحان عدم زيارة النساء للقبور س: تقول السائلة: إنها زارت قبر النبي صلى الله عليه وسلم فلاحظت أن هناك أناسا أنكروا عليها، ترجو توجيه سماحة الشيخ (¬1) ج: زيارة القبور بالنسبة للنساء فيها خلاف بين العلماء، من أهل العلم، منهم من قال: إن النساء يزرن القبور مثل الرجال، والقول الثاني: إنهن لا يزرن القبور، لا قبر النبي ولا غيره - عليه الصلاة والسلام -، وهذا القول أرجح القولين وأصح؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «لعن زائرات القبور (¬2)» وفي اللفظ الآخر: «زوارات القبور (¬3)» فدل ذلك ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (174). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب في زيارة النساء القبور، رقم (3236)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في كراهية أن يتخذ على القبر مسجدا، برقم (320)، والنسائي في كتاب الجنائز، باب التغليظ في اتخاذ السرج على القبور، برقم (2043). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز عن رسول الله، باب ما جاء في كراهية زيارة القبور للنساء، برقم (1056)، وابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في النهي عن زيارة النساء القبور، برقم (1575).

على أنهن لا يزرن القبور، وكن أول الأمر مع الرجال يزرن القبور عموما، ثم نهى الله النساء، وبقيت الرخصة للرجال، والسر في ذلك - والله أعلم - لأنهن فتنة، وصبرهن قليل، فشرع الله لهن ترك ذلك لئلا يفتن أو يفتن بزيارة القبور، فيدعون لأمواتهن بالمغفرة والرحمة في البيوت وفي الطرقات وفي المساجد، ولا حاجة لزيارة القبور.

س: سماحة الشيخ، تفضلتم وقلتم: إن القبور تزار، هل ذلك مطلقا أم أنه للرجال فقط، أم أنه للرجال والنساء (¬1)؟ ج: الزيارة للرجال، أما النساء فلا يشرع لهن الزيارة، بل لعن الرسول زائرات القبور، فالواجب على النساء ترك ذلك؛ لأنهن فتنة، فالواجب عليهن ترك ما نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وإنما الزيارة للرجال خاصة، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة (¬2)» وكان يزورها - صلى الله عليه وسلم -، ويعلم أصحابه أن يزوروها، وكان يعلمهم، يقول - عليه الصلاة والسلام -: إذا زاروا القبور يقول لهم: «قولوا: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (¬3)» وفي حديث ¬

_ (¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (190). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975).

عائشة: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬1)» «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (¬2)» كان إذا زارهم دعا لهم، والبقيع مقبرة المدينة، جاء في الحديث الصحيح: «لعن الرسول - صلى الله عليه وسلم - زوارات القبور (¬3)» وفي الرواية الأخرى: «لعن زائرات القبور (¬4)» فالحاصل أن القبور يزورها الرجال للذكرى والترحم على أهلها والدعاء لهم، وذكر الموت وذكر الآخرة، ولا يدعون مع الله، ولا يستغاث بهم، ولا ينذر لهم، ولا يذبح لهم، ولا يطلب منهم المدد والعون، كل هذا لا يجوز، بل هو من الشرك الأكبر، أما النساء فلا يزرن القبور، لكن الدعاء، تدعو لأمواتها في بيتها في كل مكان، لكن لا تزور القبور، تدعو لهم بالمغفرة والرحمة في بيتها وفي مسجدها وفي كل مكان، أما القبور فلا تزار للنساء. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب في زيارة النساء القبور، رقم (3236)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في كراهية أن يتخذ على القبر مسجدا، برقم (320)، والنسائي في كتاب الجنائز، باب التغليظ في اتخاذ السرج على القبور، برقم (2043). (¬4) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب في زيارة النساء القبور، رقم (3236)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في كراهية أن يتخذ على القبر مسجدا، برقم (320)، والنسائي في كتاب الجنائز، باب التغليظ في اتخاذ السرج على القبور، برقم (2043).

س: الأخت تسأل وتقول: هل زيارة المقبرة جائزة للنساء أم لا؟ لأنني سمعت من خلال هذا البرنامج أنه لا يجوز، هل ما سمعته صحيح (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (187).

ج: نعم صحيح، ليس للنساء زيارة القبور، الرسول لعن زائرات القبور - عليه الصلاة والسلام -، وإنما الزيارة للرجال، قال: «زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة (¬1)» أما النساء فلا، فنهاهن عن الزيارة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زائرات القبور (¬2)» فلا يجوز لهن زيارة القبور، لكن يصلين على الجنائز مع الناس لا بأس، الصلاة مشروعة للرجال والنساء على الجنائز، فإذا حضرن مع الناس وصلين على الجنائز في المسجد، أو في المصلى فهذا مطلوب، أما الذهاب إلى المقابر وزيارة القبور فهذا للرجال خاصة. أما الحكمة - والله أعلم - أنهن فتنة، فإذا اعتدن زيارة القبور قد يحصل بهذا فتنة للزوار من الرجال بسبب الاختلاط؛ ولأنهن في الغالب قليلات الصبر إذا تذكرن أولادهن أو آباءهن أو أمهاتهن أو إخوانهن، فربما جزعن وقل صبرهن، وحدث منهن ما لا ينبغي من النياحة أو شق الثياب، أو ضرب الخدود أو التعري، فكان من حكمة الله أن منعهن من الزيارة؛ سدا لباب الفتنة، وحذرا من أن يقع منهن ما لا يحمد عقباه، لعل هذا هو الحكمة، والله أعلم سبحانه وتعالى. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب في زيارة النساء القبور، رقم (3236)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في كراهية أن يتخذ على القبر مسجدا، برقم (320)، والنسائي في كتاب الجنائز، باب التغليظ في اتخاذ السرج على القبور، برقم (2043).

س: يسأل السائل عن حكم زيارة القبور بالنسبة للنساء (¬1) ج: زيارة القبور سنة للرجال، ممنوعة للنساء؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة (¬2)» وكان يزورها - صلى الله عليه وسلم - والصحابة يزورونها، وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (¬3)» وربما قال: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬4)» وربما قال: «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (¬5)» وربما قال: «يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر (¬6)» أما النساء فلا، الرسول لعن زائرات القبور - عليه الصلاة والسلام -، فلا يجوز لهن زيارة القبور، هذا الأمر الذي استقرت عليه السنة، كان - صلى الله عليه وسلم - نهى الجميع عن الزيارة للقبور في أول الإسلام، ثم أذن للجميع بعد ذلك، ثم نهى النساء وأقر الرجال، فاستقرت الشريعة على أن الزيارة للقبور سنة للرجال، ممنوعة في حق النساء. ¬

_ (¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (409). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974). (¬6) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم (1053).

س: تقول السائلة: أم. أ: هل زيارة القبور حرام أم حلال؟ وماذا عن لبس الأسود على المتوفى بالنسبة للنساء (¬1)؟ ج: زيارة القبور للنساء ممنوعة، الرسول - عليه الصلاة والسلام - نهاهن عن الزيارة، ولعن زائرات القبور من النساء، أما للرجال فهي سنة، النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «زوروا القبور - يعني الرجال - فإنها تذكركم الآخرة (¬2)» وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى الجميع، ثم رخص للجميع، ثم جاء الوحي بتخصيص الرجال خاصة، ومنع النساء من زيارة القبور لحكمة بالغة، ولعل من الحكمة أنهن فتنة، وصبرهن قليل، فمن رحمة الله وإحسانه إليهن وإلى الناس أن منعهن من الزيارة للقبور، أما الصلاة على الميت، فإنها مشروعة للجميع، الرجال يصلون على الميت، والنساء كذلك يصلين على الميت، سواء في البيت أو في المصلى، أما زيارة القبور فهذه خاصة بالرجال. ¬

_ (¬1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (393). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569).

الحكمة في منع النساء من زيارة القبور

296 - بيان الحكمة في منع النساء من زيارة القبور س: السائلة تقول: نعلم بأن زيارة القبور محرمة على النساء، ولكن السؤال: إذا مرت المرأة في طريقها بالقبور، فهل تقول دعاء

المرور بالقبر، وما الحكمة من منع النساء من زيارة القبور (¬1)؟ ج: قد ثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «زوروا القبور، فإنها تذكركم بالآخرة (¬2)» وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (¬3)» «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬4)» والحكمة في الزيارة أنها تذكر الإنسان بالموت، تذكره بالآخرة مع ما فيها من الإحسان للموتى، والدعاء لهم والترحم عليهم، أما النساء فقد منعهن الرسول من ذلك، وكان الرسول منع الجميع من الزيارة سابقا في أول الإسلام لما كان الناس حديثي عهد بالشرك منعوا، ثم أذن للجميع بالزيارة، ثم خص الرسول - صلى الله عليه وسلم - الرجال بالزيارة دون النساء، بل جاء في الحديث: «لعن الله زائرات القبور من النساء (¬5)» والحكمة في ذلك كما قال أهل العلم - والله أعلم - أنهن قليلات الصبر، وفتنة للرجال، فسد الله هذا الباب؛ لأنهن إذا زرن القبور قد لا يملكن أنفسهن من البكاء والعويل والصراخ، وقد تفتن الرجال ¬

_ (¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (386). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974). (¬5) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب في زيارة النساء القبور، رقم (3236)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في كراهية أن يتخذ على القبر مسجدا، برقم (320)، والنسائي في كتاب الجنائز، باب التغليظ في اتخاذ السرج على القبور، برقم (2043).

الزائرين للقبور في الطريق أو في المقبرة أو في الرجوع، فالحكمة في ذلك - والله أعلم - كما قال أهل العلم أنهن فتنة، وأنهن قليلات الصبر، فلا يؤمن عليهن إذا شاهدن القبور قبور آبائهن وأمهاتهن وإخوانهن وأزواجهن أن يقع منهن ما لا ينبغي من الصراخ والنحيب والنياحة، وشق الثياب ونحو ذلك، ولا يؤمن أيضا أن يفتن الرجال أو يفتتن بالرجال الزائرين، والله جل وعلا هو الحكيم العليم، لا يمنع شيئا إلا لحكمة.

صحة حديث تعليم النبي عائشة رضي الله عنها دعاء زيارة القبور

297 - بيان صحة حديث تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة رضي الله عنها دعاء زيارة القبور س: يستفسر السائل عن درجة الحديث الوارد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما سألته عائشة رضي الله عنها أن يعلمها الدعاء الذي تقول حينما تزور القبور، فعلمها. هل هذا حديث صحيح، وهل يدل هذا على جواز زيارة القبور للنساء (¬1)؟ ج: الحديث صحيح، ولكن كان في وقت الإذن، كان نهى الجميع، ثم أذن للجميع، ثم جاءت السنة الأخيرة بمنع النساء، وأمر الرجال بالزيارة، كان أول ما أسلم الناس نهاهم عن زيارة القبور؛ لأنهم حديثو عهد بكفر، فصار هذا حماية لهم من الشرك، وإبعادا لهم منه، ثم أذن ¬

_ (¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (409).

للجميع - عليه الصلاة والسلام -، ثم استقرت السنة بالنهي للنساء عن الزيارة، والسماح للرجال بالزيارة، وكان كلامه - عليه السلام - لعائشة في الوقت الذي كانت الزيارة للجميع للرجال والنساء.

حكم زيارة النساء للقبور وتقديم البخور عندها

298 - حكم زيارة النساء للقبور وتقديم البخور عندها س: تسأل المستمعة وتقول: هل يجوز لي أن أزور القبور - أي أن أزور أخي رحمه الله - فأنا منذ أن توفي أخي أذهب دائما لزيارته وأقدم البخور، وأبقى عنده فترة، وأترحم عليه، وأدعو له دائما بدخول الجنة، هل هذا جائز (¬1)؟ ج: هذا لا يجوز، الرسول لعن زائرات القبور، والنساء لا يزرن القبور، وهكذا الذهاب بالطيب إلى القبور، كل هذا منكر، ولكن ادعي له في البيت، ادعي له في بيتك وسجودك، وترحمي عليه، وتصدقي عنه، أما زيارة القبور فلا، النساء لا يزرن القبور، وعليك التوبة مما سلف، وعليك التوبة مما فعلت سابقا، والدعاء له في البيت، والحمد لله. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (431).

حكم زيارة قبر أم النبي

299 - حكم زيارة قبر أم النبي - صلى الله عليه وسلم س: إ. أ. ح يقول: البعض من الناس يزورون قبر أم الرسول

- صلى الله عليه وسلم - في الأبواء، فهل هذا من السنة (¬1) ج: ليس زيارتها من السنة، إنما زيارة القبور على العموم سنة، النبي عليه السلام قال: «زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة (¬2)» وأم النبي ماتت في الجاهلية، زارها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسأل ربه أن يستغفر لها، فلم يأذن له، بكى وأبكى - عليه الصلاة والسلام -، فدل ذلك على أن قبور أهل الجاهلية إذا زيرت فلا بأس، كما زار النبي أمه، لكن لا يدعى لهم، إنما تزار للاعتبار فقط، وأما قبور المسلمين، فالسنة أن تزار ويدعى لهم ويسلم عليهم ويستغفر لهم، أما قبور أهل الجاهلية كأم النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبور الكفار فلا بأس بزيارتها، لكن ليست سنة، إنما تزار للاعتبار، ذكر الآخرة، ذكر الموت، أما قبور المسلمين فتزار للدعاء لهم والترحم عليهم، وذكر الآخرة، قال: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬3)» كذا يقول - صلى الله عليه وسلم -، وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (¬4)» «ويرحم الله ¬

_ (¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (416). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975).

المستقدمين منا والمستأخرين (¬1)» وربما قال: «يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر (¬2)» وإذا زار قبور الكفار للعبرة والاتعاظ، فلا بأس كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد يقال: إنه سنة للاعتبار؛ لأن النبي زار قبر أمه، وهي ماتت في الجاهلية، قد يقال: إنه سنة أيضا، يدخل في العموم من جهة الاعتبار فقط، من جهة الاعتبار والذكرى، وليس للدعاء لهم؛ لأنه لا يدعا لهم، لكن إذا زارها للاعتبار فالقول بأنه سنة أيضا قول له قوة، تأسيا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في زيارته لقبر أمه. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم (1053).

حكم زيارة المرأة للمقبرة مع المحرم

300 - حكم زيارة المرأة للمقبرة مع المحرم س: تقول السائلة: ما حكم زيارة القبور للنساء، هل هو حلال أم حرام؟ وتقول: إنها سألت إمام الجامع لديهم عن الزيارة فقال: إنها حلال، ولكن بشرط أن يكون مع الزائرة محرم كالأخ والأب (¬1)؟ ج: الصواب أنها لا تجوز الزيارة للنساء، وهذا الذي قاله من أفتى لك قول ضعيف مرجوح، والصواب أنها لا تجوز؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعن زائرات القبور، فلا يجوز للمرأة أن تزور القبور، والرسول قد لعن من فعل ذلك من النساء، وإنما الزيارة من اختصاص ¬

_ (¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (194).

الرجال، هذا هو الواجب، أما الصلاة على الميت فلا بأس أن تصلي على الأموات، فقد كان النساء يصلين على الأموات مع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولا حرج في هذا، وهكذا إذا صلى المسلمون على الغائب تصلي على الغائب، إذا كان غائبا يصلي عليه المسلمون؛ لأنه معروف بالعلم والفضل، أو أنه أمير مصلح نافع للمسلمين، يصلي عليه المسلمون من أجل أنه قد حصل منه ما ينفع المسلمين، واشتهر بالخير، كما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - على النجاشي ملك الحبشة لما كان مسلما، قد ساعد المسلمين وحماهم، لما هاجروا إليه ونصرهم وآواهم، فإذا مات عالم مشهور نافع للمسلمين، أو أمير صالح، أو ملك صالح نافع للمسلمين، فلا مانع من الصلاة عليه صلاة الغائب، وتصلي المرأة عليه مع الناس، أو في بيتها إذا صلى عليه المسلمون صلاة الغائب، لا مانع أن تصلي عليه مثلهم، لكن لا تصلي على أحد لم يصل عليه المسلمون، ولم يتقرر في الشرع أنه يصلى عليه؛ لأنه ليس كل غائب يصلى عليه، إنما يصلى على الرجل الذي اشتهر بالنفع للمسلمين من أمير وحاكم وعالم، ونحو ذلك.

حكم إحضار الأطعمة عند المقابر لتوزيعها

301 - حكم إحضار الأطعمة عند المقابر لتوزيعها س: السائل يقول: أمي تذهب إلى المقابر مع جمع من النساء، وهذا في كل عام، وتذهب بالأكل والأطعمة وما أشبه ذلك، وقد غضبت

من هذا العمل ونصحتها، ولكنها لم تنته، بماذا توجهونني؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نوصيك بالاستمرار والنصيحة، وطلب النصيحة، من أهل العلم عندكم حتى ينصحوهن وينصحوا أمك ومن معها؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعن زائرات القبور، فلا يجوز للنساء زيارة القبور لا في السنة، ولا في أقل من السنة، والرسول - صلى الله عليه وسلم - لعن زائرات القبور، فأنت تنصحينهن وتقولين: ليس لهن الزيارة. ولكن يشرع لهن الدعاء للأموات في بيوتهن وفي كل مكان، الدعاء طيب، أما زيارة القبور للنساء فهذه منهي عنها، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - لعن زائرات القبور، فأنت تستمرين في النصيحة، وتطلبين من إخوتك أو الرجال الطيبين أو أهل العلم الذين عندكم أن ينصحوهن، وأن يبينوا لهن أن ذلك لا يجوز، ولا مانع أن تقرئي عليهن بعض الكتب التي فيها النهي عن ذلك، وبيان منع الزيارة للنساء، وعندكم كتابي التحقيق والإيضاح، لو قرأت عليهن ما ذكرته فيه لعلهن يستمعن لذلك، وكذلك ما يذاع في إذاعة القرآن في هذا البرنامج إذا أسمعتهن إياه، فالله يهديهن لذلك. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (346).

في حكم زيارة النساء للقبور

302 - مسألة في حكم زيارة النساء للقبور س: هل من الجائز قيام النساء بزيارة للقبور (¬1)؟ ج: لا، ليس لهن ذلك، بل منكر؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعن زائرات القبور، فزيارتهن لا تسمى بدعة، لكن إذا كن قاصدات التقرب بذلك يكون بدعة من هذه الحيثية، وإلا هي معصية؛ لأنها الوقوع فيما نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فالنساء منهيات عن زيارة القبور، بل ملعونات، فلا يجوز لهن زيارة القبور، ولو تقربن بهذا لكانت القربة بدعة؛ لأنه تقرب بشيء نهى الله عنه. ¬

_ (¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (358).

حكم زيارة النساء القبور لغرض تذكر الآخرة

303 - حكم زيارة النساء القبور لغرض تذكر الآخرة س: هل يجوز للنساء زيارة القبور علما بأن الزيارة تذكر الإنسان الآخرة (¬1)؟ ج: النساء ليس عليهن زيارة، الزيارة للرجال، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة (¬2)» فيستحب للرجل أن يزور القبور من دون شد رحل، يزورها في البلد، يدعو الله لهم بالمغفرة ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (230). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569).

والرحمة، ويتذكر بهذا أنه صائر لما صاروا إليه، وأن الموت لا بد منه حتى يستعد، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة (¬1)» وكان يعلم أصحابه رضي الله عنهم، يقول لهم إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (¬2)» وفي رواية: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬3)» ولا يشد الرحال، بل هذا في البلد؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن شد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: «المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى (¬4)» هذه التي تشد لها الرحال، فالقبور لا يشد لها الرحال، لكن إذا زار القبور في بلده، أو زار بلدا للتجارة أو لغيرها، وزار قبورها هذا مستحب، وفيه خير عظيم، أما النساء، فقد جاء في الأحاديث: «لعن الله زائرات القبور (¬5)» فلا يزرن القبور؛ لأنه جاء في ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، برقم (1189)، ومسلم في كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، برقم (1397). (¬5) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب في زيارة النساء القبور، رقم (3236)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في كراهية أن يتخذ على القبر مسجدا، برقم (320)، والنسائي في كتاب الجنائز، باب التغليظ في اتخاذ السرج على القبور، برقم (2043).

الحديث لعنهن على ذلك؛ لأنهن فتنة، وصبرهن قليل، فلا يزرن القبور.

س: هل يجوز للنساء أن يزرن القبور من أجل الزيارة فقط والتسليم على أهلهن الذين سبقوهن مع عدم البكاء عليهم؟ أفيدونا أفادكم الله (¬1) ج: الزيارة للنساء لا تجوز، يصلين على الميت مع الناس، لا بأس بها، الصلاة على الميت لا بأس بها، قد صلى النساء على الميت مع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لكن زيارة القبور منهي عنها، ليس للنساء أن يزرن القبور؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعن زائرات القبور، فلا يجوز لهن الزيارة، ولكن يدعين لأمواتهن في البيت، الدعاء مطلوب، أما زيارة القبور فلا. ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (356).

حكم من زارت القبور جهلا منها

304 - حكم من زارت القبور جهلا منها س: تسأل أختنا وتقول: إن خالتها توفي والدها، وزارت قبره مرة، وتريد أن تزوره مرة أخرى، وقد سمعت حديثا عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - معناه يحرم زيارة المرأة للقبور، فهل هذا الحديث صحيح؟ وإذا كان صحيحا، فهل على خالتها إثم يستوجب الكفارة (¬1)؟ ج: الصحيح أن الزيارة للنساء للقبور لا تجوز للحديث المذكور، وقد ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (167).

ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه لعن زائرات القبور، فالواجب على النساء ترك زيارة القبور، والتي زارت القبر جهلا منها لا حرج عليها، وعليها ألا تعود، فإن فعلت فعليها التوبة والاستغفار، والتوبة تجب ما قبلها، الزيارة للرجال خاصة، قال - عليه الصلاة والسلام -: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬1)» هذا للرجال، كانت الزيارة ممنوعة في أول الإسلام للرجال والنساء زيارة القبور؛ لأن الكفار حدثاء عهد بعبادة الأموات والتعلق بالأموات، فمنعوا من زيارة القبور سدا لذريعة الشر، وحسما لمادة الشرك، فلما استقر الإسلام وعرفوا الإسلام شرع الله لهم زيارة القبور لما فيها من العظة والذكرى، ذكر الموت، وذكر الآخرة، والدعاء للموتى والترحم عليهم، ثم منع الله النساء من ذلك في أصح قولي العلماء؛ لأنهن يفتن الرجال، وربما فتن في أنفسهن، ولقلة صبرهن، وكثرة جزعهن، ومن رحمة الله وإحسانه إليهن أن حرم عليهن زيارة القبور، وفي ذلك أيضا إحسان للرجال؛ لأن اجتماع الجميع في القبور قد يسبب فتنة، فمن رحمة الله أن منعن من زيارة القبور، أما الصلاة فلا بأس، تصلي على الميت في المسجد أو في المصلى لا بأس، وإنما النهي عن زيارة القبور، فليس للمرأة أن تزور القبور في أصح قولي العلماء لما جاء في ذلك من الأحاديث الدالة على منع ذلك. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569).

وليس عليها كفارة، وإنما التوبة فقط إذا كانت تساهلت في هذا، أما إن كانت جاهلة، فالجاهل معفو عنه، إن شاء الله.

بيان الحكمة في منع النساء لزيارة القبور

305 - مسألة في بيان الحكمة في منع النساء لزيارة القبور س: السائلة ف. ي. من مصر، تقول: هل يجوز لي أن أذهب إلى القبور، وذلك للعبرة وليس للنياحة؛ لأنني أعلم بأنها محرمة على النساء، ولكنني أحب أن أتذكر الآخرة، وما الحكمة من منع النساء من زيارة القبور؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بزيارة القبور، قال: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬2)» ولعن زائرات القبور من النساء. ذكر أهل العلم أن الحكمة في ذلك أنهن في الغالب لا يصبرن، ولأنهن فتنة، فإذا زرن القبور قد يحصل منهن من البكاء والنياحة الشيء الذي لا ينبغي لقلة صبرهن في الغالب؛ ولأنهن قد يختلطن بالرجال، ويكن فتنة، والله جل وعلا هو الحكيم العليم، لا ينهى عن شيء إلا لحكمة بالغة سبحانه وتعالى، هو الحكيم في قوله وفعله وشرعه وقدره جل وعلا، ومن حكمته سبحانه نهي النساء عن زيارة القبور، إما لأنهن فتنة، وإما لقلة صبرهن، وإما للأمرين جميعا، وإما لأمور أخرى، لكن الحمد لله لهن ¬

_ (¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (388). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569).

الدعاء، يدعين لموتاهن في بيوتهن وفي كل مكان، ويصلين على الجنائز في المسجد أو في المصلى، هذا كله مسموح به والحمد لله، فهي تدعو لقريبها ولزوجها في بيتها وفي كل مكان، تستغفر له، تتصدق عنه، كل هذا طيب ينفع الميت، من الرجل والمرأة جميعا، أما الزيارة للقبور فهي خاصة بالرجال؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬1)» ولعن زائرات القبور من النساء، ومنعهن من ذلك، قالت أم عطية: «نهينا عن اتباع الجنائز (¬2)» ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب الطيب للمرأة عند غسلها من المحيض، برقم (313).

حكم رؤية الميت في المنام لمعرفة حاله

306 - مسألة في حكم رؤية الميت في المنام لمعرفة حاله س: تقول السائلة: هل الشخص المتوفى يعرف بما يدور في بيت أهله، وكذلك يرى أهله عند زيارتهم له في المقبرة؟ إنني والدة شهيد، وأبكي كثيرا، وأزوره كل يوم خميس في المقبرة، وأطعم الفقراء، ولا أعرف قراءة القرآن، لأني لا أعرف القراءة، ولكني أقرأ سورة الفاتحة وبعض السور القصار، ولا أصلي، وأريد أن أرى ابني في المنام، ولا أستطيع، فماذا أفعل (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (121).

ج: المشروع لك الدعاء له إذا كان مات مسلما، والترحم عليه والصدقة عنه، هذا ينفعه كثيرا، أما الزيارة فليس لك الزيارة، الرسول - صلى الله عليه وسلم - منع النساء من زيارة القبور، وقال - عليه الصلاة والسلام -: «زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة (¬1)» وأراد بذلك الرجال، أما النساء، فقد ثبت عنه لعن زوارات القبور من النساء، فالواجب عليك ألا تزوريه في المقبرة، ولكن تدعين له في بيتك، وفي كل مكان بالمغفرة والرحمة، وتتصدقين عنه إن تيسر لك صدقة، وأنت على خير إن شاء الله، وأما الزيارة فلا، عليك أيضا أن تتقي الله وأن تصلي، فإن الصلاة عمود الإسلام، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر (¬2)» فالصلاة عمود الإسلام، وأمرها عظيم، والله يقول فيها سبحانه في كتابه العظيم القرآن: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (¬3) ويقول سبحانه في كتابه العظيم: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (¬4) فالواجب عليك أن تقيمي الصلاة في وقتها، الظهر أربعا، العصر أربعا، المغرب ثلاثا، العشاء أربعا، الفجر ثنتين، هذا الواجب عليك، ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث بريدة الأسلمي، رضي الله عنه برقم (22428). (¬3) سورة البقرة الآية 238 (¬4) سورة النور الآية 56

وعلى كل مسلم، ومن تركها كفر ولا حول ولا قوة إلا بالله، فالواجب عليك أن تتوبي مما سلف، وأن تستقبلي زمانك بالصلاة، والمحافظة على دين الله، وأن تسألي عما أشكل عليك من دينك أهل العلم، أو من طريق هذا البرنامج بالمكاتبة، وسوف تجدين - إن شاء الله - في هذا البرنامج ما يكفي ويشفي. وأما كون الميت يطلع على أحوال أهله، ويعلم أخبارهم، فهذا لا دليل عليه، قد قاله بعض الناس في بعض مرائيهم، وزعموا أنهم يرون بعض موتاهم، وأنهم يخبرونهم ببعض ما يقع، ولكن هذا لا يعول عليه، المرائي المنامية، لا يعول عليها في أشياء من علم الغيب، ولكن على المؤمن أن يحرص على الإحسان إلى أمواته، سواء عرفوا أو ما عرفوا، عليه أن يحرص على الدعاء لهم، والترحم عليهم، وعلى الصدقة عنهم، وقد سئل النبي - صلى الله عليه وسلم -، «قال له رجل: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما؟ قال: " نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما - يعني: وصاياهما الشرعية - وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما (¬1)» فالدعاء للميت والاستغفار له، والترحم عليه والصدقة عنه، كل هذا ينفعه في حياته وبعد مماته، أما كونهم يعلمون بالزائر، فهذا أيضا محل نظر، ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب باب في بر الوالدين برقم (5142) وابن ماجه في كتاب الأدب، باب صل من كان أبوك يصل، برقم (3664).

فقد جاء في بعض الأحاديث أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من عبد يزور أخا له كان يعرفه في الدنيا، فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام (¬1)» هكذا روى ابن عبد البر وابن أبي الدنيا بإسناد جيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما من رجل يزور أخا له كان يعرفه في الدنيا، فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام (¬2)» فالحاصل أنه سواء عرفه أو ما عرفه، المهم أنه يزوره يدعو له، النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة (¬3)» فالمهم أنها تنفع الحي، تعينه على تذكر الآخرة، وتذكر الموت حتى يستعد للقاء الله، وتنفع الميت من جهة أن الزائر يدعو له، ويترحم عليه، فالزيارة للقبور فيها مصالح للحي والميت جميعا، يزورهم ويسلم عليهم ويدعو لهم، ثم ينصرف، لا يتمسح بقبورهم ولا يصلي عند قبورهم، ولا يسأل الله بهم، ولكن يدعو لهم ويقول: اللهم اغفر لهم، اللهم ارحمهم. كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية (¬4)» وفي حديث آخر: «يرحم الله المستقدمين منا ¬

_ (¬1) أخرجه ابن عبد البر في الاستذكار (1/ 185). (¬2) أخرجه ابن عبد البر في الاستذكار (1/ 185). (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975).

والمستأخرين (¬1)» «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (¬2)» يدعو لهم - عليه الصلاة والسلام -، هكذا أمته تتأسى به، فتدعو للأموات، وتسأل الله لهم المغفرة والعافية، وهذا هو المشروع، ويكفي هذا للمؤمن أن يفعل ما شرعه الله، وأن يقف عند الحد الشرعي. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974).

حكم ذهاب المرأة إلى قبر زوجها للسلام عليه

307 - حكم ذهاب المرأة إلى قبر زوجها للسلام عليه س: والدتي تذهب كل يوم خميس إلى قبر والدي، فهل يجوز هذا أم لا (¬1)؟ ج: الصحيح من أقوال العلماء أن الزيارة تختص بالرجال، وأن النساء لا يزرن القبور؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لعن زائرات القبور، كان أولا نهى عن زيارة القبور مطلقا للرجال والنساء، ثم رخص للجميع - عليه الصلاة والسلام - لما في زيارتها من ذكر الآخرة، ولما في ذلك من الإحسان للموتى بالدعاء لهم، ثم استقرت الشريعة على منع النساء، وعلى شرعيتها للرجال، وقال - عليه الصلاة والسلام -: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬2)» وفي لفظ: «تذكركم الموت (¬3)» فالزيارة فيها مصالح ¬

_ (¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (42). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569).

من تذكير الآخرة وتذكير الموت، والزهد في الدنيا، والدعاء للأموات، والترحم عليهم، لكن هذا في حق الرجال، وأما النساء فلا يزرن القبور، هذا هو الصحيح، وهذا هو الصواب، لا يزرن القبور للنهي الأخير؛ ولأنه - صلى الله عليه وسلم - لعن زائرات القبور، ولأن في زيارتهن خطرا؛ لأنهن فتنة، وربما سبب ذلك فتنة للزوار من الرجال، وربما أيضا سبب ذلك فتنة لها هي في شدة جزعها، وقلة صبرها إلا من رحم الله، فالمقصود أن الزيارة للقبور مختصة بالرجال دون النساء في أصح قولي العلماء، فلا ينبغي لأم السائلة أن تزور قبر أبيها ولا غيره، بل تدعو له في بيتها، وفي كل مكان، تدعو له بالمغفرة والرحمة إذا كان مات على الإسلام، والحمد لله، وتتصدق عنه، هذا كله طيب، أما أنها تزور قبره فلا؛ لأن الرسول نهى النساء عن ذلك - عليه الصلاة والسلام.

حكم دخول المرأة الحائض المقبرة وقراءة العزائم وهي حائض

308 - حكم دخول المرأة الحائض المقبرة وقراءة العزائم وهي حائض س: الأخت أ. إ. م. من العراق تسأل وتقول: هل يجوز دخول الحائض إلى المقبرة؟ وهل يجوز أن تقرأ العزائم من سور القرآن على الغير وهي على تلكم الحالة (¬1)؟ ¬

_ (¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (135).

ج: أما ذهابها إلى المقبرة فلا، لا يشرع لها الذهاب إلى المقبرة؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعن زائرات القبور سواء كانت حائضا أو طاهرة، ليس للنساء زيارة القبور، لكن لو مرت بالمقبرة لحاجة الطريق فلا فرق بين أن تكون حائضا أو غير حائض، مرورها بالمقبرة لحاجة الطريق ذاهبة إلى جهة، أو راجعة من جهة لا يضر ذلك، أما أن تزورها لقصد الزيارة، فلا يجوز، سواء كانت طاهرة، أو حائضا، أو نفساء، فليس للنساء زيارة للقبور مطلقا، وأما كتب العزائم أو قراءة العزائم من القرآن فقد اختلف العلماء في ذلك، هل لها أن تقرأ القرآن وهي حائض أو نفساء على قولين: ذكر بعضهم التحريم، وأنه قول الأكثر من أهل العلم؛ لأنها محدثة حدثا أكبر يلزمها فيه الغسل لتطهر، فهي مثل الجنب، والجنب لا يجوز أن يقرأ القرآن، ولا يمس المصحف الجنب حتى يغتسل، شبهوها بالجنب، وهكذا النفساء. وقال آخرون من أهل العلم: لا، ليست مثل الجنب، الجنب يستطيع أن يغتسل في الحال ويقرأ، أما الحائض فليست تشبهه؛ لأنها تبقى مدة، وهكذا النفساء، فهي في حاجة إلى أن تقرأ القرآن، فالصواب أنه يجوز لها أن تقرأ عن ظهر قلب، وهكذا من طريق لمس المصحف من وراء حائل كأن يكون عليها قفازان أو رداء أو غيره تمسك المصحف به، يكون من وراء الحائل للحاجة إلى ذلك، أما مسه مباشرة، فليس لها مس المصحف، كالمحدث الحدث الأصغر، ليس لهما مس المصحف، وأما ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:

«لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن (¬1)» فهو حديث ضعيف عند أهل العلم، لا تقوم به الحجة، والصواب أن لها أن تقرأ، وهكذا النفساء؛ لأن مدتهما تطول، فليستا مثل الجنب، أما الجنب فليس له أن يقرأ، لا من المصحف ولا عن ظهر قلب حتى يغتسل، هذا هو الصواب، والله ولي التوفيق. ¬

_ (¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، عن رسول الله، باب ما جاء في الجنب والحائض، أنهما لا يقرآن القرآن، برقم (131).

حكم حديث من زار أهل بيتي بعد وفاتي كتبت له سبعون حجة

309 - بيان حكم حديث «من زار أهل بيتي بعد وفاتي كتبت له سبعون حجة» س: ما حكم الشرع في الآتي: زيارة القبور أمثال الإمام علي رضي الله عنه، والحسين والعباس وغيرهم، وهل الزيارة إليهم تعدل سبعين حجة من البيت الحرام؟ وهل قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «من زار أهل بيتي بعد وفاتي كتبت له سبعون حجة»؟ نرجو أن تفيدونا، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: زيارة القبور سنة، فيها عظة وذكرى، وإذا كانت القبور من قبور المسلمين دعا لهم، وكان النبي يزور القبور - عليه الصلاة والسلام -، ويدعو للموتى، وهكذا أصحابه رضي الله عنهم، ويقول صلى الله عليه ¬

_ (¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (154).

وسلم: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬1)» وكان يعلم أصحابه - رضي الله عنهم - إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (¬2)» وفي حديث عائشة في الزيارة «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬3)» وفي حديث ابن عباس «يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر (¬4)» فالدعاء لهم بهذا وأشباهه كله طيب، وفي الزيارة ذكرى وعظة؛ ليستعد المؤمن لما نزل بهم، فإنه سوف ينزل به الموت، فليعد العدة ويجتهد في طاعة الله ورسوله، ويبتعد عما حرم الله ورسوله، ويلزم التوبة عما سلف منه من التقصير، هكذا يستفيد المؤمن من الزيارة. أما ما ذكرت من زيارة قبور علي رضي الله عنه والحسن والحسين أو غيرهم أنها تعدل سبعين حجة، فهذا باطل وموضوع ومكذوب على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، بل ليس له أصل، وليست الزيارة لقبر النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي هو أفضل الجميع تعدل حجة، الزيارة لها حالها وفضلها، لكن لا تعدل حجة، فكيف بزيارة غيره - عليه الصلاة والسلام -؟ هذا من الكذب، وهكذا: من زار قبور أهل بيتي كتب الله له سبعين حجة. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974). (¬4) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم (1053).

كل هذا لا أصل له، كله باطل، كله مما كذبه الكذابون، فيجب على المؤمن الحذر من هذه الأشياء المكذوبة الموضوعة على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وإنما تسن الزيارة للقبور سواء لقبور أهل البيت أو لغيرهم من المسلمين، يزورهم ويدعو لهم، ويترحم عليهم وينصرف، أما إن كانت القبور لكفار، مقابر كفار فإن زيارتهم للعظة والذكرى من دون أن يدعو لهم ولا يسلم عليهم، كما زار النبي قبر أمه، ونهي أن يستغفر لها، زارها للعظة والذكرى ولم يستغفر لها، فهكذا القبور الأخرى، قبور الكفرة إذا زارها المؤمن للعظة والذكرى فقط، لا يسلم عليهم، ولا يستغفر لهم؛ لأنهم ليسوا أهلا لذلك.

الزيارة البدعية والشرعية للقبور

310 - بيان الزيارة البدعية والشرعية للقبور س: بعض الناس عندنا يؤكدون بأن زيارة قبور المشايخ حلال، وليس فيها شيء من البدعة، وأقصد بقبور المشايخ الشيخ البدوي، والإمام الحسين والعباس والسيدة زينب، والشيخ عبد القادر الجيلاني، وغيرهم، وليس هذا فحسب بل إنهم يروجون بعض الحكايات عن الإمام الحسين بأنه يرد السلام بصوت جهوري، ويعتذر عندما لا يرد السلام، ويبين السبب الذي غالبا ما يكون باجتماعه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والناس عندنا يصدقون ذلك، وينساقون وراء زيارتهم والتبرك بهم، ونريد إلى جانب الإجابة على سؤالنا،

وهو موقف الإسلام من زيارة قبور المشايخ والصالحين كلمة توجيهية لمن يقومون بزيارة هذه القبور ويتبركون بأصحابها، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: زيارة القبور زيارتان: زيارة بدعية، وزيارة شرعية، أما زيارة القبور للدعاء للميت والترحم عليه، وذكر الآخرة، فهذا شيء مشروع، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬2)» كان النبي يزور البقيع - عليه الصلاة والسلام -، ويزور الشهداء ويدعو لهم، فزيارة المشايخ من العلماء والأخيار أو عموم المسلمين، زيارة القبور للدعاء لهم والترحم عليهم وذكر الآخرة أمر مشروع؛ لأن الإنسان إذا زار القبور يذكر الموت، يذكر الآخرة، ويحصل له بذلك إعداد للآخرة، ونشاط في الخير والعمل الصالح، ولا فرق في ذلك بين زيارة قبور العلماء أو عامة الناس، فإذا زار قبر الحسين أو قبر البدوي أو السيدة زينب أو غير ذلك للذكرى، للآخرة والدعاء لهم والترحم عليهم هذا من الزيارة الشرعية. أما الزيارة الثانية البدعية فهي التي تقع من أجل التبرك بالميت، والتمسح بقبره أو الطواف بقبره، أو الاستغاثة به، بأن يقول: يا سيدي المدد المدد، أو: الشفاعة الشفاعة، أو: الغوث الغوث. هذه زيارة بدعية ¬

_ (¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (213). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569).

منكرة، بل شركية، إذا كان فيها دعاء واستغاثة صار فيها شرك أكبر، هذا دين المشركين، دين أبي جهل وأشباهه مع اللات والعزى ومناة، يدعونهم ويستغيثون بهم، هذا الشرك الأكبر، والذين يزورون الحسين ويدعونه مع الله، ويستغيثون به أو ينذرون له أو يطلبون المدد، أو البدوي أو العباس أو زينب أو غير ذلك، هذا كله شرك أكبر، والذين يسمعون منه الصوت ليس صوت الحسين ولا صوت البدوي ولا غيره، ولكنه صوت الشياطين يدعونهم إلى الغلو في هؤلاء، يسمعون أصواتا من الشياطين الذين يدعون إلى الشر، شياطين الجن التي تدعو إلى الشرك بالله، وعبادة غير الله، فرد السلام من ميت ليس معناه أنه يسمع، وفي رده خلاف بين أهل العلم، منهم من أثبت رده، ولكنه شيء لا يسمع، ومنهم من نفى ذلك، فقد صح عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال: «ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام (¬1)» وفي الحديث الآخر: «إن لله ملائكة يبلغوني من أمتي السلام (¬2)» - عليه الصلاة والسلام، وهو يرد عليهم وإن لم يسمعوه، وهكذا الميت، جاء في بعض الروايات: أن العبد إذا زار الميت الذي يعرفه في الدنيا فسلم عليه رد ¬

_ (¬1) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب زيارة القبور، برقم (2041). (¬2) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب السهو، باب السلام على النبي - صلى الله عليه وسلم -، برقم (1282).

عليه السلام (¬1) لكن ليس معناه أنه يسمع صوته، وإنما الروح ترد السلام، والجسد قد فني وأتى عليه البلى، أو أتى على بعضه البلى، إنما هي الأرواح، فرد السلام ليس يسمع من الميت، ورد السلام أيضا لا يوجب دعاءه والاستغاثة به، فإذا رد السلام أو ما رد السلام هذا لا يتعلق به حكم شرعي، فإنما الحكم يتعلق بدعاء الميت والاستغاثة بالميت، هذا شرك أكبر، وطلبه المدد أو العون أو الشفاعة هذا من الشرك الأكبر، حتى ولو رد السلام، حتى لو قدرنا أنه إذا سمع رد السلام، لا يجوز لك أن تدعوه من دون الله، ولا أن تستغيث به، ولا أن تنذر له، ولا أن تطلبه المدد والعون، كل هذا عبادة لغير الله من الأموات أو من الأصنام أو من الأشجار أو الأحجار، كل هذا لا يجوز، وهذا هو عمل المشركين الأولين، فالواجب الحذر من ذلك، وهكذا التبرك بالقبور، بترابها وأحجارها وشبكها، لا يجوز، إذا أراد بهذا طلب البركة منهم وأنهم يعطونه بركة صار هذا نوعا من عبادتهم من دون الله، وإنما الزيارة لذكر الآخرة، والترحم على الميت كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬2)» فالمؤمن يزورها ليتذكر الآخرة، ويدعو لهم؛ لأنهم هم في حاجة للدعاء، يدعو لهم ويترحم عليهم، يسأل الله ¬

_ (¬1) أخرجه ابن عبد البر في الاستذكار (1/ 185). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569).

لهم المغفرة والرحمة والعفو، هكذا الزيارة الشرعية. ويجب على كل من يدعي الإسلام أن يحذر ما ينقض إسلامه، ويفسد عليه إسلامه من الشرك بالله عز وجل، ويجب على الجاهل أن يسأل أهل العلم ويبصروه، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (¬1)» «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬2)» ويقول عند زيارة أهل البقيع: «اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (¬3)» يدعو لهم ويترحم عليهم، هذه الزيارة الشرعية. فالواجب على كل مسلم أن يلتزم بهذه الزيارة الشرعية، وأن يحذر الزيارات البدعية والشركية التي يفعلها الجهال مع كثير من القبور، والله المستعان. ¬

_ (¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974).

حكم زيارة قبور الأولياء للرجال والنساء

311 - حكم زيارة قبور الأولياء للرجال والنساء س: ما حكم زيارة قبور الأولياء بالنسبة للرجال والنساء (¬1)؟ ج: زيارة القبور سنة، سواء كانوا أولياء أو ليسوا بأولياء، عموم المسلمين، سواء كانوا من المعروفين بالاستقامة والعلم والفضل، وهم المؤمنون ¬

_ (¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (168).

يسمون أولياء الله، كل مؤمن فهو ولي لله، أو كان فيه بعض المعاصي، فهي تزار للذكرى، لذكر الموت والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، والعاصي بحاجة إلى الدعاء له والترحم عليه، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يزور القبور ويدعو للموتى بالمغفرة والرحمة، ويقول - عليه الصلاة والسلام -: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬1)» وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية (¬2)» وفي الرواية الأخرى: «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬3)» وكان يزور البقيع ويقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (¬4)» هذه سنته - عليه الصلاة والسلام -، الزيارة للقبور، والدعاء للموتى، لموتى المسلمين بالمغفرة والرحمة، أما النساء فلا يزرن القبور؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعن زائرات القبور، ولأنهن فتنة، وصبرهن قليل في الغالب، فمن رحمة الله ومن إحسانه أنه لم يشرع لهن زيارة القبور، كانت الزيارة ممنوعة أولا للجميع، ثم رخص فيها ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974).

للجميع، ثم جاء النهي للزيارة للنساء خاصة، واللعن على ذلك، فالواجب عليهن ترك الزيارة للقبور، أما الصلاة على الميت، فيصلي عليه الجميع الرجل والمرأة، لكن الزيارة للقبور واتباع الجنائز للمقبرة هذا خاص للرجال، فالمرأة لا تتبع الجنازة للمقبرة، ولا تزور القبور، هذا هو الصحيح من أقوال العلماء، والله - جل وعلا - المسؤول أن يوفقنا وجميع المسلمين، لما فيه رضاه.

حكم السفر لزيارة القبور

312 - حكم السفر لزيارة القبور س: الإخوة م. ر. ح. ح. و. أ. ع. م. مصريون مقيمون في العراق: ما رأيكم في الانتقال من بلد إلى بلد لزيارة ضريح أحد الأولياء، ولو كانت المسافة قصيرة، ولتكن المسافة مثلا مائة كيلو متر، وليكن مثلا هذا الولي هو أحد الصحابة؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: السفر لزيارة القبور ما يجوز، لكن تزار بدون سفر، يزور القبور في بلده، يسلم عليهم ويدعو لهم إذا كانوا مسلمين، وإن كانوا كفارا يزورهم للاعتبار والعظة فقط، ولا يسلم عليهم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (¬2)» هكذا قال صلى الله عليه ¬

_ (¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (268). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569).

وسلم: «زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة (¬1)» رواه مسلم في صحيحه، وكان يعلم أصحابه رضي الله عنهم إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية (¬2)» «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين (¬3)» وربما قال في بعض كلماته إذا زار القبور: «غدا مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد (¬4)» وربما قال: «السلام يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا، ونحن بالأثر (¬5)» فالإنسان يسلم عليهم نحو هذا، نحو ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو لهم لكن من دون شد رحل، لكن البعيدين لا يشد الرحل، يزور القبور التي في بلده من دون شد رحل، وإذا سافر إلى بلد لأجل مصلحة التجارة أو زيارة أخ له وأحب أن يزور القبور، هذا لا بأس إذا كان السفر ليس لأجلها بل لأجل التجارة أو زيارة قريب حي، أو صديق، أو لأسباب أخرى، وأحب أن يزور القبور فهي سنة، الزيارة سنة، فيها عظة، فيها مصالح، تذكره الموت، تذكره الآخرة، كما قال ¬

_ (¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في زيارة القبور، برقم (1569). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقول عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (975). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974). (¬5) أخرجه الترمذي في كتاب الجنائز باب ما يقول الرجل إذا دخل المقابر، برقم (1053).

النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن ليس له أن يشد الرحل إليها إذا كانت بعيدة، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى (¬1)» هذه المساجد الثلاثة التي تشد لها الرحال للصلاة فيها والعبادة، وللحج في المسجد الحرام، أما غيرها من المساجد والبقاع والقبور، فلا تشد لها الرحال، لا تشد الرحال إلى بقعة من البقاع، لا مقبرة ولا صحراء ولا الطور، الذي كلم الله فيه موسى، ولا غير ذلك أبدا، لا تشد الرحال لهذه الأشياء، ولما سافر أبو هريرة إلى الطور أنكر عليه بصرة بن أبي بصرة الغفاري، وقال: لو علمت لما سافرت، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى (¬2)» فأنت يا عبد الله عليك أن تتبع السنة، ولا تخرج عنها، تزور القبور في بلدك، ولا تشد الرحال إليها في أي مكان، لا تسافر إليها، وهذا للرجال خاصة، أما النساء، فليس لهن زيارة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لعن زائرات القبور، فلا يزرن القبور، وإنما يزورها الرجال فقط، هذا هو الصواب. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، برقم (1189)، ومسلم في كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، برقم (1397). (¬2) أخرجه النسائي في كتاب الجمعة، باب ذكر الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة، برقم (1430).

صفحة فارغة

انتهى بحمد الله تعالى الجزء الرابع عشر ويليه بمشيئة الله تعالى الجزء الخامس عشر وأوله كتاب الزكاة

المجلد الخامس عشر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كتاب الزكاة

كتاب الزكاة 1 - بيان آثار الزكاة على المجتمع س: يقول السائل: نود أن تحدِّثونا يا سماحة الشيخ عن آثار الزكاة على المجتمع (¬1). ج: الزكاة أمرها عظيم، وفائدتها كبيرة في المجتمع، مواساة من المسلمين بعضهم لبعض، الزّكاة مواساة يواسي الغنيُّ الفقير، ويرفده ويعطيه من ماله ما يعينه على حاجاته، فالزكاة لها شأن عظيم في المجتمع يواسي بها الفقير، ويقضي بها الدَّيْن، وتؤلَّفُ بها القلوب، وفيها مصالح؛ لهذا شرعها الله حقًّا للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب (عتق العبيد) والغارمين؛ (أهل الدين) تقضي ديونهم إذا عجزوا، وفي سبيل الله (في الجهاد وفي أبناء السبيل)؛ الذين يمرُّون بالبلد وهم ليس في أيديهم شيء يعطون، هذه مصالح عظيمة في المجتمع. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (377).

بيان حكم تارك الزكاة

2 - بيان حكم تارك الزكاة س: هل ترك الزكاة يخرج من الملة أم لا؟ (¬1) ج: ترك الزكاة لا يخرج من الملة، بل هي معصية كبيرة من كبائر الذنوب، لكن صاحبها لا يخرج من الملة، وهو تحت مشيئة الله؛ لأنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صُفِّحت له صفائح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيد له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد يرى سبيله؛ إما إلى الجنة وإما إلى النار» (¬2) ما قال: إلى النار فقط. قال: إلى الجنة أو إلى النار. فدل على أنه تحت مشيئة الله، فإنه قد يدخل الجنة بعد التعذيب؛ بعدما يعذب، كما أن كثيرًا من العصاة يعذَّبون كالزناة وأصحاب العقوق، وآكل الربا وغير ذلك، قد يعذبون ثم يدخلون الجنة إذا كانوا ماتوا على التوحيد والإسلام، وقد لا يعذَّبون إذا كانت لهم حسنات عظيمة وأعمال صالحة وعفا الله عنهم، فالله يعفو ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (315). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم (987).

لمن يشاء سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل في كتابه العظيم: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}. ثم قال سبحانه: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}. ما دون ذلك أي: ما دون الشرك، كالعقوق وترك الزكاة وترك الصيام وترك الحج مع الاستطاعة، وأكل الربا وشرب المسكر، كل هذه وأشباهها من المعاصي تحت مشيئة الله، قد يدخل النار ويعذب وقد يعفى عنه، لكن من دخل النار من أهل المعاصي لا يخلد بها، بعد مدة من بقائِه بها يخرجه الله، والمدة: الله الذي يعلمها سبحانه وتعالى على حسب معاصيه، بعد التطهير والتمحيص يخرجه الله من النار إلى الجنة: إما بشفاعة الشفعاء، كنبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم، أو بشفاعة غيره، أو برحمة الله وعفوه إذا انتهت المدة التي كتبها الله عليه في النار، ولا يخلد خلافًا للخوارج والمعتزلة. الخوارج والمعتزلة يقولون: المعاصي صاحبها مخلد في النار، مَن ترك الزكاة يخلد في النار، من زنى يخلد في النار، من عقَّ والديه يخلد في النار، من شرب المسكر يخلد في النار. هذا غلط عظيم.

الخوارج يقولون: كافر ويخلد في النار. والمعتزلة يقولون: في منزلة بين منزلتين، ليس بكافر وليس بمسلم، لكنه في الآخرة مخلد في النار. فهم مع الخوارج بالقول: إنه في الآخرة مخلد في النار كالكفار. وهذا باطل خلافًا لأهل السنة والجماعة، أهل السنة والجماعة يقولون: العاصي ليس بكافر، الزاني والسارق ومن ترك الزكاة، أو ترك صيام رمضان أو الحج مع الاستطاعة ليس بكافر، إذا لم يجحد وجوبها فإنه يكون عاصيًا متوعدًا بالنار، فإن دخلها لم يخلد، وإن عفا الله عنه فهو أهل الكرم والجود سبحانه وتعالى، وإن دخل النار فإنه يعذَّب مدة يشاؤها الله، ثم يخرجه الله من النار إلى الجنة، فضلاً منه سبحانه وتعالى، ولا يخلد إلا الكفار الذين ماتوا على الكفر بالله، والعاصي إذا استحل يكون كافرًا، إذا استحل ترْك الزكاة أو استحل ترْك الصيام؛ قال: ليس واجبًا عليَّ صيام رمضان بدون علة شرعية. أو قال - وهو مستطيع الحج -: ليس واجبًا. فإنه يكفر بذلك، أو قال: الزنى ليس حرامًا. أو قال: عقوق الوالدين ليس حرامًا. أو قال: شرب المسكر ليس بحرام. أو قال: أكل الربا، أو كُل الربا ما فيه ربا، كلُّه حلال. هذا كفر أكبر، يكون مع الكفرة نعوذ بالله، أما إذا تعاطى الربا وهو يعرف أنه عاصٍ، أو زنى وهو يعرف أنه عاصٍ، أو شرب المسكر وهو يعرف أنه عاصٍ، أو عقَّ

والديه وهو يعرف أنه عاصٍ فتحت مشيئة الله، فهو عاصٍ وأتى كبيرة وعلى خطر من دخول النار، لكن لا يكون كافرًا خلافًا للخوارج، ولا يخلد في النار إذا دخلها خلافًا للمعتزلة والخوارج جميعًا، ولكنه تحت مشيئة الله، إن عفا الله عنه لأسباب توحيده وأعماله الصالحة فالله سبحانه صاحب الجود والكرم، وإن عذَّبه على قدر المعاصي فهو الحكم العدل سبحانه، يعذِّبه كما يشاء بقدر سيئاته وأعماله القبيحة، ثم إذا مضت المدة التي قدرها الله عليه يخرجه الله من النار إلى الجنة؛ فضلاً منه وإحسانًا، هذا قول أهل السنة والجماعة قاطبة، وقول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، ومما دل عليه كتاب الله ودلَّت عليه سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ولذلك إذا زنى يحدُّ، لا يقتل إلا إذا كان ثَيِّبًا واعترف، أو ثبت بأربعة شهداء يحدُّ حد البكر بمائة جلدة وتغريب عام، لو كانت بالردة عن دين الإسلام يقتل مرتدًّا، الثيب إنما يقتل إذ زنى وهو ثيب قد تزوج ووطئ هذا يرجم، إذا كان حرًّا مكلفًا يرجم، أما إذا كان مجنونًا ما عنده عقل هذا ليس عليه حدٌّ، المقصود إذا كان مكلَّفًا وزنى وهو ثيب؛ أي قد تزوج ودخل بالمرأة ووطئها يرجم حدًّا ويصلى عليه وليس بكافر، وإن كان بكرًا لم يتزوج، أو تزوج ولم يطَأ يجلد مائة جلدة ويغرب عامًا، فدل على أنه ليس بكافر، لو كان

كافرًا يقتل، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «من بدل دينه فاقتلوه» (¬1) رواه البخاري. المرتد الكافر هو: من كان مسلمًا ثم ارتد عن الإسلام، هذا يقتل إلا أن يتوب، أما شارب الخمر لا يقتل بل يجلد، العاق لوالديه يعزره ولي الأمر ويردعه ولا يُقتَل، كذلك صاحب الغيبة والنميمة كلها معاصٍ يستحق التأديب صاحبها، وليست كفرًا بل هي معاصٍ، صاحبها تحت مشيئة الله إذا مات عليها، خلافًا للخوارج قبحهم الله الذين يُكَفِّرون بالذنوب، وخلافًا للمعتزلة الذين يقولون: إنه مخلد في النار. فنسأل الله السلامة والعافية. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بعذاب الله، برقم (3017).

بيان صحة إخراج الزكاة من تارك الصلاة

3 - بيان صحة إخراج الزكاة من تارك الصلاة س: تسأل المستمعة أم عثمان من اليمن: هل تصح زكاة تارك الصلاة؟ (¬1) ج: من لم يصلِّ فهو كافر، نسأل الله العافية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة» (¬2). وإن لم يجحد ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (384). (¬2) صحيح مسلم الإيمان (82)، سنن الترمذي الإيمان (2620)، سنن أبو داود السنة (4678)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1078)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 389)، سنن الدارمي الصلاة (1233).

وجوبها؛ لعموم الحديث. أمّا من جحد وجوبها، قال: ما تجب. هذا كافر عند الجميع، لا تصح صلاته ولا زكاته ولا غير ذلك ولو صلى، ما دام يجحد وجوبها فهو كافر. أما إذا كان يقول: إنها واجبة، ولكن يتكاسل ولا يصلي فهذا فيه خلاف بين العلماء، والصواب أنه كافر كفرًا أكبر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬1) أخرجه مسلم في الصحيح؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬2) أرجه أهل السنن والإمام أحمد بإسناد صحيح؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من ترك صلاة العصر حبط عمله» (¬3) ولقوله صلى الله عليه وسلم: «رأس ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428)، والترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، برقم (553).

الأمر الإسلام، وعموده الصلاة» (¬1) ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616).

مشروعية الزكاة ومكانتها

4 - مشروعية الزكاة ومكانتها س: الأخ أ. ص. يقول: ما حكم من يصلي ولا يزكي، وهو يعتقد بأن الزكاة فريضة؟ مأجورين (¬1) ج: الزكاة ركن عظيم من أركان الإسلام الخمسة، وهي الركن الثالث، قد قرنها الله بالصلاة في مواضع كثيرة من القرآن، وهكذا الرسول صلى الله عليه وسلم قرنها بالصلاة في كثير من الأحاديث، يقول جل وعلا: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}. ويقول: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}. ويقول سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (432).

«بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت» (¬1) ولمّا بعث معاذًا لليمن قال له عليه الصلاة والسلام: «ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائِهم وترد على فقرائِهم» (¬2) الذي يبخل بالزكاة هذا منكر عظيم وكبيرة عظيمة، متوعد بالعذاب يوم القيامة كما في قوله جل وعلا: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ}. وصحَّ عن النبي صلى الله ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب بني الإسلام على خمس، برقم (8)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام، برقم (16). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة، برقم (1395)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، برقم (19).

عليه وسلم أنه قال: «يؤتى بالرجل يوم القيامة الذي لم يؤدِّ زكاته، ويؤتى بكنزه، فيحمى عليه في نار جهنم، فيكوى به جبينه، وجنبه، وظهره، كلما بردت تعجل له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله: إما إلى الجنة، وإما إلى النار» (¬1) فهو متوعد بالنار وعلى خطر عظيم، لكن لا يكفر، يكون عاصيًا إذا لم يجحد وجوبها، يعلم أنها واجبة، ولكن بخل يكون عاصيًا وأتى كبيرة عظيمة متوعدًا عليها بالنار، وهو على خطر من دخول النار، نسأل الله العافية. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم (987).

حكم منع الزكاة مع الإيمان بوجوبها

5 - حكم منع الزكاة مع الإيمان بوجوبها س: السائل من جمهورية مصر العربية، ويقيم في الخارج يقول: ما حكم مَن يرفض دفع الزكاة، ولكنه لا ينكر وجوبها؟ هل يكفر؟ (¬1) ج: من تأخر عن صرف الزكاة في مصارفها فقد عصى الله وأتى كبيرة عظيمة، ولكنه لا يكفر إذا كان يؤمن بوجوبها ويعلم أنها فرض عليه، ولكن يحمله البخل والشح، فهذه معصية كبيرة، وعلى ولي الأمر المسلم أن يلزمه بإخراجها، ويؤدبه على ذلك، وإلا فلا يكفر؛ لقوله ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (308).

صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي يوم القيامة، ولا يؤدي زكاته، أن يعذب بماله يوم القيامة، ثم يرى سبيله: إما إلى الجنة، وإما إلى النار، ولم يقل: إنه من أهل النار. بتاتًا وقطعًا، فدل ذلك على أنه تحت مشيئة الله كسائر المعاصي.

بيان ما يلزم من ترك الزكاة عدة سنوات من غير عذر

6 - بيان ما يلزم من ترك الزكاة عدة سنوات من غير عذر س: سائل يقول: كنت لا أخرج الزكاة لسنوات كثيرة، فتبت إلى الله عز وجل، ولا أعرف عدد السنوات، ومالي وعقاري كثير، كيف السبيل لإخراج ما مضى؟ وكيف الطريق إلى التوبة؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) ج: الطريق إلى التوبة الندم على الماضي، والعزم ألاَّ تعود فيه، والإقلاع من ذلك، والمبادرة بإخراج الزكاة عمّا مضى، تتحرى الماضي، وتخرج الزكاة عما مضى، تتحرى وتجتهد، إذا كنت تظنُّها خمسًا زَكِّ خمسًا، تظنها ستًّا زَكِّ ستًّا. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (381).

مسألة في حكم من يتعمد تأخير إخراج زكاة ماله لسنوات طويلة

7 - مسألة في حكم من يتعمد تأخير إخراج زكاة ماله لسنوات طويلة س: هذا السائل من الرياض، رمز لاسمه بـ: ع. أ. أ.: رجل لديه أموال طائلة، ولم يخرج زكاة أمواله منذ عشر سنوات، وعندما نصحناه: زكِّ هذه الأموال. قال: سأزكي عليها بعد كل خمس عشرة سنة. نرجو منكم التوجيه في هذا (¬1) ج: هذا منكر لا يجوز، فالواجب على المسلم أن يزكي كل سنة، ولا يجوز التأخير لا سنتين ولا أكثر، يجب أن يزكي عند نهاية كل عام عن جميع الأموال التي عنده من الذهب والفضة وعروض التجارة، وهكذا إذا كان يزرع يزكي زكاة الزرع، زكاة التمور، زكاة العنب كل سنة بسنتها، إذا بلغت النصاب هذا هو الواجب؛ لأن الله جل وعلا قال: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}. وقال: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}. هذه للفورية، وأقيموا الصلاة في وقتها، وآتو الزكاة في وقتها، وأخبر جل وعلا أن الذين يكنزون الذهب والفضة، ولا ينفقونها في سبيل الله أنهم ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (368).

موعودون بالعذاب الأليم، قال جل وعلا: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ}. هذا جزاء مَن بخل بالزكاة ولم يخرج حقَّها، كل مالٍ لا تؤدى زكاته فهو كنز، يعذب عليه صاحبه يوم القيامة، وفي الحديث الصحيح: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار قيل: يا رسول الله، فالإبل. قال: ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها ومن حقها حلبها يوم وردها إلاَّ إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلاً واحدًا تطؤه بأخفافها وتعضه بأفواهها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتَّى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، قيل: يا رسول الله فالبقر والغنم قال ولا صاحب بقرٍ ولا غنم لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة

بطح لها بقاعٍ قرقرٍ لا يفقد منها شيئًا ليس فيها عقصاء ولا جلحاءُ ولا عضباءُ تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها كلما مرَّ عليه أولاها ردَّ عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار» (¬1) هذا جزاؤه، نسأل الله العافية، فالواجب: مَن كان عنده مال زكوي أن يخرج الزكاة كل سنة، وعلى هذا الشخص أن يتوب إلى الله، وأن يخرج الزكاة عمَّا مضى من السنين، عليه التوبة والندم والإقلاع والاستغفار، والبدار بإخراج الزكاة عن السنوات الماضية. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم (987).

بيان الأموال التي تجب فيها الزكاة ونصابها

8 - بيان الأموال التي تجب فيها الزكاة ونصابها س: الأخ ف. م. م، من جمهورية مصر العربية، مدينة السلوم محافظة مطروح: ما هو نصاب الأموال التي يزكى عليها؟ (¬1) ج: هذا سؤال عام، والأموال أنواع، كل نوعٍ له نصاب، فنصاب الذهب عشرون مثقالاً، ومقداره اثنان وتسعون جرامًا، ومقداره بالجنيه السعودي والإفرنجي أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع جنيه، فإذا بلغ ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (182).

الذهب هذا المقدار وجبت فيه الزكاة، وهي ربع العشر، من كل أربعين جنيهًا جنيهٌ واحدٌ، وإذا بلغت العملة قيمة ذلك، سواءً كانت بالدولار أو الجنيه بالمصري أو كانت غير ذلك، إذا بلغت هذا المقدار وجبت فيها الزكاة ربع العشر، أما الفضة فنصابها مائة وأربعون مثقالاً، ومقداره بالدرهم السعودي الفضي ستة وخمسون ريالاً، فإذا بلغت العُمَلُ هذا المقدار أو قيمة هذا المقدار وجبت فيها الزكاة، وهي ربع العشر، من الألف خمسة وعشرون، ومن الألفين خمسون وهكذا. أما الحبوب والثمار فنصابها خمسة أوسق، والوسق ستون صاعًا بصاع النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا بلغ حاصل التمر أو الحبوب من الذرة، أو الحنطة أو الشعير أو الأرز ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم؛ يعني خمسة أوسق وجبت فيها الزكاة، وصاع النبي صلى الله عليه وسلم أربع حفنات باليدين المعتدلتين المملوءتين. والواجب نصف العشر إذا كان الزرع أو النخل يسقى بمؤونة كالمكاين والسواني ففيه نصف العشر، من كل ألفٍ خمسون، كلِّ ألف وزنه مثلاً، أو كيلو خمسون. وهكذا العنب إذا بلغ منه خمسة أوسق مثل التمر فيه نصف العشر إذا كان المؤونة بالسواني أو المكاين، أما إذا كانت الحبوب والثمار تسقى بالمطر أو بالأنهار أو بالعيون الجارية

ففيها العشر كاملاً، من كل ألفٍ مائةٌ، من كل ألفِ صاعٍ أو ألفِ كيلو مائة كيلو أو مائة صاع، ومن عشرة آلافٍ ألفٌ كاملٌ وهكذا. وعروض التجارة هي السلع التي تعد للبيع من السيارات والأقمشة والأواني ونحوها، هذه نصابها نصاب الذهب والفضة، إذا بلغت قيمتها نصاب الذهب والفضة وجبت فيها الزكاة ربع العشر، وأما الإبل والبقر والغنم فلها نُصُب خاصة، إذا كانت سائمة ترعى غالب الحول أو كل الحول فإن فيها زكاة مقدرة، قدرها النبي صلى الله عليه وسلم في الغنم، في أربعين شاةً شاةٌ واحدةٌ، وإذا كانت الغنم أقل من أربعين؛ ليس فيها شيء، إلى مائة وعشرين فإذا زادت على مائة وعشرين صار فيها شاتان مائة وإحدى وعشرون شاتان، إلى مائتين، فإن زادت على مائتين ففيها ثلاث شياه، وهكذا في كل مائة شاة بعد ذلك، في أربعمائة أربع شياه، وفي خمسمائة خمس شياه، وهكذا. أما البقر فأقل نصابها ثلاثون، تبيع أو تبيعة قد بلغ كل واحد سنة كاملة، ذكر أو أنثى سنة كاملة، فيه تبيع أو تبيعة، إذا كانت البقر ثلاثين سائمة ترعى سنة كاملة ففي الثلاثين تبيع أو تبيعة قد بلغ سنة واحدة، فإذا بلغت أربعين ففيها مسنَّة تم لها سنتان، ثم ليس فيها شيء إلى أن تبلغ ستين، فإذا بلغت ستين ففيها تبيعان إلى سبعين، فإذا بلغت سبعين

ففيها تبيع ومسنَّة، وهكذا في كل أربعين مسنَّة، وفي كل ثلاثين تبيع، فإذا بلغت مائة وعشرين استوى الفرضان؛ إن شاء أخرج ثلاث مسنات؛ لأنها فيها أربعون ثلاث مرات، وإن شاء أخرج أربعة أتبعة؛ لأن فيها ثلاثين أربع مرات. أما الإبل فأنصباؤُها متعددة: ففي الخمس شاة واحدة، وفي العشر شاتان، وفي خمسة عشر ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه. فإذا بلغت خمسًا وعشرين وهي ترعى غالب السنة، أو كل السنة وجب فيها بنت مخاض، بكرة تم لها سنة، ودخلت في الثانية إلى ست وثلاثين، فإذا بلغت ستًّا وثلاثين ففيها بنت لبون؛ أنثى تم لها سنتان، إلى ستٍّ وأربعين، فإذا بلغت ستًّا وأربعين ففيها حقة طروقة الجمل، تم لها ثلاث سنين إلى إحدى وستين. فإذا بلغت إحدى وستين ففيها جذعة قد تم لها أربع سنين ودخلت الخامسة، فإذا بلغت ستًّا وسبعين ففيها بنتا لبون، كل واحدة قد تم لها سنتان إلى إحدى وتسعين، فإذا بلغت إحدى وتسعين ففيها حقتان طروقتا الجمل إلى مائة وعشرين، فإذا بلغت مائة وعشرين ففيها ثلاث بنات لبون إلى مائة وثلاثين، فإذا بلغت مائة وثلاثين ففيها بنتا لبون وحقة واحدة، بنتا لبون في ثمانين وحقة عن الخمسين، الجميع حقة وبنتا لبون في مائة وثلاثين. فإذا بلغت مائة

وأربعين ففيها حقتان عن المائة وبنتا لبون عن الأربعين. فإذا بلغت مائة وخمسين ففيها ثلاث حقاق، وهكذا في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، لكن بشرط أن تكون ترعى سائمة غالب السنة أو كل السنة، في البقر والغنم والإبل جميعًا. فإذا كانت معلفة فليس فيها شيء، إذا كانت تعلف غالب السنة ليس فيها شيء، إلا أن تكون للبيع لتجارة فإنه يزكيها زكاة التجارة، سواء كانت إبلاً أو بقرًا أو غنمًا، يزكيها زكاة التجارة، إذا كانت للبيع، وإن كان يعلفها، والله ولي التوفيق.

بيان الأموال التي يجب فيها الزكاة والتي لا تجب فيها

9 - بيان الأموال التي يجب فيها الزكاة والتي لا تجب فيها س: احصروا لنا جميع ما يجب فيه الزكاة، وما لا تجب فيه الزكاة (¬1) ج: الزكاة تجب في الذهب والفضة والنقود التي يتداولها الناس الآن؛ العملة الورقية المعروفة، وعروض التجارة التي تعد للتجارة من أراضٍ أو سيارات أو مكائن أو أراضٍ زراعية أو غير ذلك، هذه أيضًا من أموال الزكاة، وهكذا الزروع؛ الثمار إذا استوت وبلغت النصاب، تزكى من تمرٍ وعنبٍ وحَبٍّ وأرزٍ، إذا بلغت النصاب تزكى، وهكذا بهيمة الأنعام: الإبل ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (59).

والبقر والغنم، إذا كانت ترعى؛ تسوم في البر ترعى غالب السنة أو كل السنة ففيها الزكاة، هذه أموال الزكاة: النقود، وعروض التجارة، والخارج من الأرض من الثمار والحبوب، وبهيمة الأنعام، هذه أموال الزكاة. أما الأموال الأخرى التي غير هذه فليست فيها زكاة، الفرش والسيارات التي تركبها، والعمارة التي تسكنها وأشباه ذلك، والأراضي التي تؤجرها، والعمارات التي تؤجرها وما أشبه هذه الأمور هذه ليس فيها زكاة.

بيان معنى بلوغ النصاب في الزكاة

10 - بيان معنى بلوغ النصاب في الزكاة س: ما معنى بلوغ النصاب في الزكاة؟ هل الزكاة غير الإنفاق؟ لأن الإنفاق تكرر كثيرًا في الجزء الثالث من سورة البقرة (¬1) ج: النصاب غير الإنفاق، الإنفاق ينفق مما أعطاه الله من المال غير الزكاة، أما الزكاة فشيء فرضه الله لأصناف معينين؛ ثمانية ذكرهم الله في سورة التوبة: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} الآية. والزكاة تختلف في النقود: ربع العشر، يعني السهم من أربعين، هذا في ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (366).

النقود، الذهب والفضة وعروض التجارة السهم من أربعين ربع العشر، وفي الحبوب والثمار إن كانت بمؤونة بالمكاين وأشباهها نصف العشر؛ يعني السهم من عشرين، وإن كان بالأمطار؛ سقي الزروع بالأمطار والأنهار فهذا العشر كاملاً، واحد من عشرة، فيه كله عشرة؛ واحد؛ يعني عشرة أوسق فيها العشر، هكذا في الحبوب والثمار، أما الإبل والبقر والغنم لها زكاة خاصة، بينها الرسول صلى الله عليه وسلم، إذا كانت راعية سئمة فالإبل لها زكاة، والغنم لها زكاة، والبقر لها زكاة مبينة في كتب العلماء وفي الأحاديث الصحيحة.

حكم إخراج الزيادة على القدر الواجب في الزكاة

11 - حكم إخراج الزيادة على القدر الواجب في الزكاة س: السائل أ. م يقول: سمعت في شهر رمضان مَن يقول بأن الواجب في الزكاة هو اثنان ونصف، وأن من يدفع ثلاثة بالمائة فإنه يكون محادًّا لله ولرسوله، وأنا في بعض الأحيان أدفع أكثر من اثنين ونصف، وليس قصدي المحادّة لله ولا للرسول، وإنّما قصدي الرغبة في الخير إن شاء الله، فما رأي سماحتكم في ذلك؟ (¬1) ج: الواجب اثنان ونصف في المائة، يعني ربع العشر في الزكاة، ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (403).

خمس وعشرون في الألف، ألف واحد في أربعين ألفًا، ربع العشر، هذا الواجب، وإذا أحب أن يخرج الزيادة طوعًا منه فهو مأجور، ولا حرج في ذلك. أمّا إذا كان يعتقد أن هذا الربع لا يجزئ، وأن الشّرع ناقص فهذا غلط. الشرع كامل والحمد لله، فإذا اعتقد أن الشرع ناقص، وأنه يريد أزيد مما شرع الله، يظن أن الشرع ناقص هذا غلط كبير، أمّا إذا أراد التطوع والزيادة في الفضل فهذا مأجور ولا بأس، فإذا كان عليه زكاة ألف وأخرج ألفين، ألف تطوع وألف زكاة، هذا مأجور وله فضل عظيم، وأجر عظيم، وهكذا إذا كان عليه خمسة آلاف أو أكثر، وأخرج عشرة كله طيب، المقصود إذا كانت الزيادة عن رغبة في الخير، وعن رحمة للفقراء، وأنه يعلم أن ما شرعه الله كافٍ فلا حرج، مأجور ومثاب ومخلوف عليه.

حكم زكاة الأوقاص

12 - حكم زكاة الأوقاص س: يقول السائل: هل في الوقص وهو ما بين الفريضتين زكاة؟ مثلاً، نعلم أن في خمسٍ من الإبل شاة، إلى عشر ففيها شاتان، فكم يكون في السبع من الإبل؟ كذلك الغنم، الأربعون فيها شاة، فكم في الواحدة والأربعين؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (245).

ج: ليس في الوقص شيء، الذي بين النّصابين ليس فيه شيء، ليس فيه إلا الواجب في النصاب الأول، فإذا كان عنده خمس من الإبل فعليه شاة واحدة، إلى أن تبلغ عشرًا، فإذا كانت سبعًا، أو ثمانًا، أو تسعًا، ليس عليه إلا شاة واحدة، فإن بلغت عشرًا صار عليه شاتان، وهكذا الغنم، إذا بلغت أربعين ففيها شاة واحدة، إلى مائة وإحدى وعشرين، فإذا كانت أقل من ذلك ليس فيها إلا شاة واحدة، في المائة شاة واحدة، في الستين شاة واحدة، في الخمسين شاة واحدة، هذا الوقص ليس فيه زيادة، شاة واحدة فقط، وهكذا إذا بلغت مائة وواحدًا وعشرين ففيها شاتان إلى مائتين، ليس فيها زيادة، فالوقص الطويل من المائة وواحدًا وعشرون إلى مائتين ليس فيه شيء، إذا بلغت مائتين وواحدة صار فيها ثلاث شياه، والمقصود من هذا أن الوقص ليس فيه زيادة.

حكم من وجبت الزكاة في ماله ولم يخرجها حتى دار عليها الحول

13 - حكم من وجبت الزكاة في ماله ولم يخرجها حتى دار عليها الحول س: الأخ ب. ن. ع. ر. من الرياض، يقول: هل على الزّكاة التي دار عليها الحول زكاة؟ (¬1) ج: المال يزكى، المال إذا دار عليه الحول يزكى، وعليه أن يخرجه ¬

(¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (427).

من حين يتم الحول، ولا تكون زكاة إلا إذا أخرجها، المال كلّه يزكى إذا حال عليه الحول، يسحبه ويُخرج زكاته، ربع العشر، أمّا لو عزلها ليعطيها الفقراء، ولا أعطاها الفقراء، وحال عليها الحول يزكيها؛ لأنها ما خرجت عن ماله، لو كان عنده مثلاً أربعون ألفًا، وعزل ألفًا ليعطيه الفقراء، وحال الحول وهو ما أخرجه يزكيه؛ لأنّ ماله ما ذهب للفقراء، يزكِّي الألف خمسًا وعشرين ريالاً، زكاة الألف، ربع العشر.

حكم من ملك النصاب وأنفقه قبل تمام الحول

14 - حكم من ملك النصاب وأنفقه قبل تمام الحول س: أملك ستة آلاف ريال، ولها عندي ستة أشهر، وبعثتها إلى السودان، هل عليها زكاة؟ (¬1) ج: إذا تم عليها الحول عندما ترسلها للسودان، وتم عليها سنة زكّها، أما إذا أرسلتها للسودان لتصرف في حاجات أهلك، أو لقضاء دَيْن، أو في تعمير مسكنك، أو ما أشبه ذلك فلا زكاة فيها؛ لأنه ما تمّ عليها الحول، ستة أشهر ليست بحول، الحول اثنا عشر شهرًا، إذا تم عليه الحول وهي عندك أو عند وكيلك فعليها الزكاة، فإن صرفت في ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (297).

حاجاتك قبل تمام الحول، أو في قضاء دَيْن، أو نحو ذلك ممّا تصرف فيه هذه الدّراهم فإنّه لا زكاة فيها، كما لو بنى بها وكيلك في البيت حاجة أو أصلح، أو شرى بها شيئًا في بيتك، أو أنفقها على عيالك قبل تمام الحول، أو أنفقتها أنت قبل تمام الحول فلا شيء فيها، إنما الزكاة تجب فيها إذا بقيت حتى يتم عليها الحول.

حكم إخراج الزكاة من مال المتوفى

15 - حكم إخراج الزكاة من مال المتوفى س: من الرياض، السائل: إ. أ. ح. يقول: هل في مال المتوفَّى زكاة؟ (¬1) ج: نعم، على الورثة، فإذا مات على الورثة أن يزكُّوا، إذا كان عنده نقود يزكِّي الورثة، كل واحد يزكِّي حقه إذا بلغ النصاب، وإذا مات وعنده مائة ألف ريال وعنده ولدان، كل واحد يزكِّي عن خمسين، يبتدئ الحول من موت والدهم، إذا تمت السنة بعد الموت لزم كل واحد زكاة الخمسين، وإذا كانوا عشرة كل واحد يزكي عشرة آلاف في المائة ألف، حصته، وهكذا. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (398).

عليهم أن يزكُّوا حصصهم، كل واحد يزكِّي حصته إذا حال عليها الحول من النقود. وإذا مات عن إبل أو غنم أو بقر زكوها أيضًا، إذا كانت ترعى سائمة يزكونها زكاة السائمة، كل واحد يزكِّي نصيبه، وإذا كانت ترعى جميعًا يزكون زكاتها جميعًا، عليهم إخراج الزّكاة عن الجميع إذا كانت مختلطة.

حكم إخراج الزكاة من مال الأيتام

16 - حكم إخراج الزكاة من مال الأيتام س: السائلة الأخت أ. ع. ق. تقول: سماحة الشيخ، أنا امرأة أرملة، وعندي سبعة من الأيتام، وأعيش في بيتٍ متواضع، ولي دخل أقتات منه أنا وأولادي، وقد حصلت على عشرة آلاف ريال زكاة من أهل الخير، وقد احتفظت بها للزّمن، أي لمستقبل أطفالي، وكانت مدة هذا الاحتفاظ بهذه الفلوس ما يقارب من سنتين، فهل تجب فيها زكاة مع أننا فقراء؟ (¬1) ج: نعم، تجب فيها الزكاة، في كل ألف خمسٌ وعشرون: ربع العشر، سواء لكِ أو لأولادك، أو لكما جميعًا، هكذا أوجب الله، قال تعالى: ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (395).

{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}. أموال الأيتام تؤدى زكاتها، على ولي اليتيم أن يؤدي الزكاة عن اليتيم وعن اليتيمة.

حكم إخراج المرأة للزكاة من قيمة حليها

17 - حكم إخراج المرأة للزكاة من قيمة حليها س: السائلة أ. ف. من الأحساء، تقول: إنها امرأة مطلقة، وليس عندها أي دخل مادي، وتذكر بأن زوجها لا يعطيها إلا القليل من المساعدة لها ولأولادها، فتقول: أصبحت أبيع مما عندي من مجوهرات وألماس، وأي شيء أملكه، هل على ذلك زكاة فيما أبيع؟ (¬1) ج: إذا حال عليها الحول والنقود عندكِ زكّيها، أما إذا أنفقتها قبل أن يحول عليها الحول ما فيها زكاة. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (413).

بيان ابتداء حول المال الموروث

18 - بيان ابتداء حول المال الموروث س: تقول السائلة: ترك زوجي مبلغًا من المال، وقسمته على أبنائي حسب الشريعة الإسلامية، ولكن مال هذا الصغير أود أن

أحتفظ به حتى يبلغ، هل أدفع عنه زكاة، أم لا؟ وإن كان هناك زكاة فقد ترك زوجي المال في ذي الحجة، فهل أدفع ذلك في رمضان أم في ذي الحجة؟ (¬1) ج: إذا حفظت المال عندكِ وحال عليه الحول فادفعي المال في تمام الحول، على رأس الحول، فإذا كان المال حصل بأن مات الزوج في رمضان فالزكاة تكون في رمضان على المال الذي بقي والنقود التي بقيت إلى رمضان، وإذا مات في ذي الحجة فالزكاة في ذي الحجة، على رأس السنة، وإن قدم للزكاة قبل تمام الحول فلا حرج، إذا قدمت فلا بأس، إذا أعطاها للفقراء، والزكاة عنك وعن أموال أولادك إذا كان لهم أموال من النقود، ذهب أو فضة زكيها، وهكذا إذا كان لهم أراض معدة للبيع، تُزكى إذا حال عليها الحول، سواءً كانوا بالغين أو غير بالغين، الزكاة على الجميع، إذا حال الحول على المال بعد موت الميت يزكي صاحبه، إذا كان ذهبًا أو فضة يزكى إذا حال الحول، وإن كان عقارًا للبيع يزكى، على رأس الحول، ومن قدم الزكاة قبل تمام الحول، قدمها للمصلحة، رأى فقراء وقدم لهم الزكاة فلا بأس. ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (416).

بيان التفضيل في زكاة الدين

19 - بيان التفضيل في زكاة الدين س: هل الديون تدفع عنها الزكاة أم لا؟ (¬1) (¬2) ج: الديون فيها تفصيل: إن كانت على المعسرين، أو أناس مماطلين لا يؤدون الحقوق فلا زكاة فيها حتى يقبضها صاحبها، ثم يستقبل بها حولاً جديدًا، أما إن كانت على إنسان مليء قادر لو طلبه أعطاه فإنها تزكى، كالأمانة التي عند زيد أو عمرو، يزكيها إذا حال حولها، أما المعسر فلا؛ لأنها مواساة، والمال الذي عند المعسر عليه خطر، لا يدري يحصل أو لا يحصل، وهكذا المليء الذي يماطل، ولا يعطي الحق فهذا مثل المعسر، نسأل الله العافية. س: ما الحكم في الدَّيْن الذي يمضي عليه الحول وهو عند المدين، ولم أستلم، هل أخرج الزكاة؟ أم كيف أتصرف؟ (¬3) ج: إذا كان الدَّيْن على إنسان معسر فلا زكاة فيه حتى تقبضه، وهكذا لو كان الدَّيْن على إنسان مماطل، تطلبه الحق ولا يعطيك، فإنه لا زكاة عليك، حتى تقبضه وتستقبل به عامًا جديدًا، أما إذا كان الدَّيْن على ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (214). (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (214). ') "> (¬3) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (362). ') ">

إنسان مليء غير مماطل، متى طلبته أعطاك، فإن الواجب عليك الزكاة، متى تم الحول عليك أن تزكي، ولو ما قبضت؛ لأنه كالذي عندك، ما دام عند إنسان مليء غير مماطل فهو كالذي عندك، فيه الزكاة متى تم الحول. س: عندي مبلغ من المال، وقد أقرضته بعض المحتاجين له، وقد صرفوا هذا المال ولم يبق معهم شيء، هل عليَّ زكاة في هذا المال أم لا، أرجو الإفادة، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: ما داموا معسرين إذا كان المقترض معسرًا، فليس عليك زكاة، أو كان موسرًا، لكنه مماطل ما أعطاك، تطلبه ولا يعطيك، فلا زكاة عليك حتى تقبضه ثم تستقبل حولاً جديدًا، فتزكيه بعد ذلك، أمَّا إذا كان الذي عليه القرض مليئًا باذلاً، فعليك الزكاة فيه، ولو مكث عنده خمس سنوات، عليك أن تزكيه عن كل سنة، ما دام مليئًا لو طلبته أعطاك، ليس بمماطل فإنك تزكيه، كأنه أمانة، أمَّا إذا كان معسرًا، فإن الدَّيْن عليه ما تجب زكاته؛ لأنه ليس في يدك، والزكاة مواساة، وأنت لا تملك الآن قبضه، فلا زكاة عليك، وهكذا إذا كان يستطيع، لكنه يماطل ولم يعطك، ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (198) ') ">

ولم يقم بالواجب الذي عليك، من دفع حقك فإنه لا زكاة عليك؛ لأن المماطل كالمعسر، فلا زكاة عليك حتى تقبضه، ثم تستقبل به حولاً كاملاً، وتزكيه بعد ذلك. س: لي دَيْن عند أحد الإخوة، هل تلزمني زكاته، أو أن هناك وقتًا محددًا؟ (¬1) ج: إذا كان الدَّيْن الذي لك على موسرين بالغين، متى طلبته أعطوك حقّك، فعليك أن تُزكيه كلما حال الحول، كأنّه عندك، كأنه عندهم أمانة، فعليك أن تُزكيه، أمّا إن كان من عليه الدين معسرًا، ولا يستطيع أداءه لك، أو كان غير معسر لكنه يماطله، ولا تستطيع أخذه منه، فالصحيح من أقوال العلماء أنه لا يلزمك أداء الزكاة حتى تقبضه من هذا المماطل أو هذا المعسر، فإذا قبضته استقبلت به حولاً، وأدّيت الزكاة بعد تمام الحول من قبضك له، وإن أديت الزكاة عن سنة واحدة من السنوات السابقة التي عند المعسر، أو المماطل فلا بأس، قال هذا بعض أهل العلم، ولكن لا يلزمك إلا في المستقبل، متى قبضت المال من المعسر أو المماطل، واستقبلت به حولاً، ودار عليه الحول، تلزمك ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (69). ') ">

الزّكاة، هذا هو المختار. س: كيف تخرج الزكاة مما يأتي من الأموال التي في ذمة الغير كالديوان، ولم أستلمها، ومضى على بعضها أربع سنوات أو أكثر؟ (¬1) ج: إذا كانت الديون على أملياء متى طلبتها أخذتها فعليك أن تزكيها كل عام، بهذا الشرط، إذا كانت على أملياء باذلين، متى أردت أخذها سلموها لك، فإنها الأمانة عندهم، فعليك أن تزكيها كل عام، أما إن كانت الديون عند أناس معسرين أو مماطلين لا يحصل المال إلا بتعب كبير، إذا طلبته لا يعطونك إياه إلا بتعب ومتابعة ونحو ذلك، فإنه لا تجب الزكاة في هذه الأموال؛ لأنها ليست في قبضتك، وليست في تصرفك، فإذا قبضتها أديت عنها الزكاة مستقبلاً، وإن زكيت عنها عامًا واحدًا، كما قاله بعض أهل العلم فحسن، لكن ليس بواجب، وإنما الواجب أن تزكي عنها مستقبلاً إذا حال عليها الحول بعد قبضك إياه، فالحاصل أن المدينين أقسام ثلاثة: مليء باذل، هذا عليك أن تؤدي الزكاة التي عنده؛ لأنه كالأمانة، الثاني مدين معسر، فهذا لا تجب الزكاة في المال الذي عنده حتى يسلمه لك، وحتى يحول عليه الحول بعد ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (59). ') ">

قبضه، الثالث مدين يماطل، لا يحصل منه المال إلا بتعب ومتابعة، فهذا لا يحكم على المال الذي عنه أنه كالمال الذي عندك، لا، لا تلزمك زكاته حتى تقبضه؛ لأن بعض المماطلين أشد من المعسرين، وما عنده أبعد مما عند المعسرين. س: تقول السائلة: أنا فتاة متوفًّى عني والدي، وترك لي إرثًا كثيرًا من المال، وهذا المال قد سلفته إخواني، جميع المبلغ الذي ترك لي والدي، يقارب سبعمائة ألف ريال، فهل علي زكاة في هذا المبلغ، وهذا ليس عندي، ولا أنتفع به، وقد قال لي الأخ الكبير أنا أعطيك مبلغًا من المال لتزكي عن أموالك، نظرًا لأن هذا الأخ متسلف مبلغًا كبيرًا من مالي هذا، فهل يصح أن آخذ منه لأزكي أم لا زكاة عليَّ؟ (¬1) ج: إذا كان المال عند الإخوة وهم أملياء ليس فيه خطر فإن عليك الزكاة، تزكين هذا المال، سواء من المال الذي قال أخوك الكبير أنا أعطيك إياه، أو من المال الذي عندك إن كان عندك شيء، فالحاصل أن الإخوة الذين اقترضوا المال ينظر فيهم، فإن كانوا أملياء والمال ليس ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (2). ') ">

عليه خطر عندهم فإن عليك الزكاة، تزكين هذا المال كل سنة، وإن أجلت الزكاة حتى تقبضي وتزكي هذا المال عن كل سنة ماضية فلا بأس، لكن الأولى والأحوط أن تزكيه كل حول، حذرًا من الموت، حذرًا من النسيان، ما داموا أملياء فإن عليك أن تزكيه كل حول، هذا المال الذي عند أخوتك بقرض، أما إن كانوا معسرين فقراء يخشى على المال الذي عندهم ألاَّ يرجع؛ لأنهم ليسوا بأملياء فليس عليك زكاة حتى تقبضي، فإذا قبضت المال استقبلت به حولاً جديدًا؛ لأنهم معسرون، هذا هو التفصيل في هذه المسألة. س: يوجد لدي مبلغ من المال، فهل عليه زكاة حيث إنه ليس بحوزتي الآن، بل هو أسلاف عند الناس؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، إن كانوا أغنياء فإذا قبضت فزكّ عما مضى، وإن كان عندك شيء فزكّ في الحال، وإن كان ما عندك شيء فكلما قبضت شيئًا زكّ، أما إذا كانوا ليسوا بأغنياء، إنما كانوا معسرين أو مماطلين فليس عليك شيء حتى تقبض، فإذا قبضت فاستقبل حولاً جديدًا، نسأل الله السلامة. س: الأخ ب. ط. ج، من السودان، يسأل ويقول: لي صديق، طلب ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (336). ') ">

مني مبلغًا قدره ثلاثة آلاف وثمانمائة جنيه، وقال لي: أسلمك هذا المبلغ في خلال شهر أو شهرين، وأنا سلمته ذلكم المبلغ في عام ستة وثمانين، والآن نحن في عام ثمانية وثمانين ولم أستلم المبلغ، هل تجب علي زكاته أو كيف أتصرف؟ ج: هذا فيه تفصيل، إذا كان الذي عنده المبلغ موسرًا ولو طلبت المال لأعطاك، فإنك تزكيه، أما إذا كان يماطلك، أو معسرًا فلا زكاة عليك، إذا كنت طلبته فأبى، وماطل حتى طالت المدة، فإنه لا زكاة عليك. أما إذا كان التأخير منك وهو مليء، فعليك الزكاة لكل الأعوام، أما إذا كان مماطلاً أو معسرًا فلا زكاة عليك.

حكم إخراج الزكاة عن الديون الميؤوس منها

20 - حكم إخراج الزكاة عن الديون الميؤوس منها س: إذا كان لي دَيْن عند أناس مضى عليه عدة سنوات، فمنهم المماطل، ومنهم من لا يستطيع السداد لظروفهم، ومنهم الفقير، ولم أكن واثقًا من حصولي على هذه الديون، فهل عليها زكاة؟ علمًا بأنه مضى عليه عدة سنوات (¬1) (¬2) ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (360). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (360). ') ">

ج: ليس عليها زكاة إذا كانت على مماطلين، أو فقراء، أو معسرين، ليس عليها زكاة؛ لأن الزكاة مواساة، وهذا المال ليس في يده، كيف يواسي عنه، هذا هو الصواب من أقوال أهل العلم، أن المال الذي في ذمة المعسرين أو المماطلين لا زكاة فيه حتى يحصل عليه ربه، فإذا حصل عليه ربه زكّاه إذا تم عليه الحول. س: استدنت من امرأة مبلغًا من المال، وكنت أضع لها من مرتبي الشهري مبلغا، أحتفظ به عندي، وهي على علم بذلك، حتى إذا ما جمع مبلغ كبير أقدمه لها سدادًا للدَّيْن، فهي تسأل كيف تزكي هذا المال؟ هل تزكيه شهريًّا، أم عندما تستلمه دفعة واحدة؟ (¬1) ج: إذا مر عليه الحول تزكيه، سواءً عندها أو عند المرأة، أو عند غير المرأة، ما دام عند شخص مليء يعطيها حقها، تزكيه إذا حال عليه الحول، سواءً كان عندها أو عند المدين، كلما حال الحول على المال الذي عند المدين يزكى ولو ما سدده ما دام مليئًا. س: يقول هذا السائل، أ. أ. من الرياض: أقرضت رجلاً مبلغًا من المال، وقد تأخر عنده هذا المبلغ، وهو كامل النّصاب، فهل ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (365). ') ">

أقوم بتزكيته؟ (¬1) ج: إذا كان الذي عليه المال مليئًا، متى طلبته أعطاك عليك الزكاة، أما إن كان معسرًا، أو مماطلاً، طلبته ولم يعطك، مماطلاً، فليس عليك الزكاة؛ لأنك غير قادر عليه، أما إذا كان مليئًا وليس بمماطل، ولكن أنت تساهلت فإنك تزكي، أمّا الديون على المعسرين فلا زكاة فيها حتى تقبضها، وهكذا المماطل الذي تطلبه حقك ولا يعطيك، فليس عليك زكاته حتى تقبض وتبتدئ حولاً. فإذا كان على معسر فما فيه زكاة، أو على مماطل لم يعطه حقّه، لا زكاة فيه، أما إذا كان مليئًا ولكن هو تساهل يزكيه عن جميع السنين. س: السائل أخ مصري يعمل بالمملكة، يقول: أرجو الإجابة على سؤالي، وهو أن لي نقودًا عند شخص، وقد حال عليها الحول، فهل أخرج عنها زكاة؟ أي هل على الدَّيْن زكاة؟ وإذا كان هذا الرجل عليه ديون كثيرة، وأعرف ظروفه المالية، هذا الرجل ظروفه صعبة جدًّا، فماذا يلزمني؟ ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (400). ') ">

ج: إذا كان الدَّيْن على معسر فليس عليك زكاة، إذا كان الدَّين على رجل معسر، أو رجال معسرين، فلا عليك زكاة، أمّا إذا كان الدَّين عند مليء لو طلبته أعطاك، فإنّك كلما دار الحول تزكِّي، أمّا إذا كان الدَّيْن على أناس معسرين، أو مماطلين، تطلبهم ولا يعطونك، فليس عليك زكاة حتى تقبض؛ لأن الزكاة مواساة، وهؤلاء لم يعطوك حقّك، إمّا لمطل وعدم مبالاة، وإمّا لعسر وعدم قدرة، فلا تلزمك الزكاة حتى تقبض منهم ويحول الحول.

حكم زكاة المال المرهون

21 - حكم زكاة المال المرهون س: على من تجب زكاة الشيء المرهون؟ (¬1) ج: المرهون فيه تفصيل، إن كان المرهون نقودا ورهنتها عنده فعليك زكاتها؛ لأنها أمانة، الرهن أمانة، فإن كان الذي عنده عروض، أرض مرهونة، وأنت أعددتها للتجارة، أو عمارة مرهونة، أو سيارة مرهونة، فإن كنت أعددتها للتجارة وهي مرهونة فعليك زكاتها، وإن كانت مرهونة ولم تعد للتجارة، ولكن مرهونة حتى توفيه حقه، وإذا أوفيته فهي للسكن أو للتأجير، فهذه ليس فيها زكاة، كما تقدم التفصيل. ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (59).

حكم إخراج الزكاة من مؤخر الصداق قبل قبضه

22 - حكم إخراج الزكاة من مؤخر الصداق قبل قبضه س: ما حكم المال المؤخّر وغير مقبوض من المهر؟ (¬1) ج: هذا حكمه حكم الديون، إن كان على معسر، على زوج معسر، متى طلبته أعطاها إياه، عليها زكاته، فإن كان على معسر، أو ليس لها حق فيه إلا بعد حضور الأجل، يعني بينه وبينها أجل، إلى الطلاق أو إلى الموت، فإنها غير قادرة، فليس عليها زكاته، كالدَّيْن الذي على معسر، أمّا الدَّيْن المؤجل في التجارة والبيع والشراء هذا يزكى إذا كان على موسر، أمّا الدَّيْن الذي بين المرأة والرجل، إذا كان لها دَيْن عليه وهو معسر فليس عليها زكاة أو مماطل ما أعطاها الدَّيْن، ليس عليها زكاة، أمّا إذا كان موسرًا وليس بمماطل، فعليها زكاة الدَّيْن الذي لها على زوجها، والخلاصة أن الدَّيْن إذا كان على معسر، أو إنسان مماطل فلا زكاة على صاحبه، أمّا إن كان الذي عليه الدَّيْن موسرًا، ومتى طُلِبَ أدّى، سلّم، فإن على صاحب الدَّيْن أن يزكي هذا الدَّيْن كأنه عنده. ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (382).

حكم إخراج الزكاة عن مؤخر الصداق إذا لم يكن مقدورا عليه

23 - حكم إخراج الزكاة عن مؤخر الصداق إذا لم يكن مقدورا عليه س: السائل ح. إ. ح. ع. من العراق يقول: يقع كثيرًا هذا الزمان

أن يتزوج الرجل المرأة على مهر، مقدّم ألف دينار مثلاً، والمؤخر عشرة آلاف دينار، ثم يترك المؤخّر زمانًا طويلاً لا يؤدّيه إلى الزوجة، أو إلى أن يموت، فكيف الحال بالنسبة للزكاة؟ (¬1) (¬2) ج: ليس عليها زكاة إذا كان معسرًا به، أما إذا كان موسرًا فإنّ عليها الزكاة، وأن تزكي المهر المؤجل؛ لأنها متى طلبته فلها أخذه، وتأجيله برضاها، فعليها الزّكاة إذا كان موسرًا، أما إذا كان معسرًا فلا زكاة عليها. س: السائلة أ. ن، من دمشق تقول في سؤالها: هل في صداق المرأة زكاة، وإن كانت لم تقبضه، ولكن زوجها قادر على إيفائه؟ (¬3) ج: نعم، فيه الزكاة، إذا كانت تستطيع أن تقبضه، أو عند مليء فعليه الزكاة، أمّا إن كان معسرًا، أو ماطلها ومنعها فليس عليها زكاة، أمّا إذا كان عاجزًا، وتستطيع أن تقبضه منه، فهذا عليها الزكاة، تزكّيه كلّّ سنة. س: هل يجوز إخراج الزكاة من مؤخر صداق المرأة، علمًا بأنها لا تستطيع أن تطالب الزوج بهذا الصّداق، ومن الذي يجب عليه ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (263). (¬2) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (263). ') "> (¬3) السؤال من الشريط رقم (386). ') ">

إخراج الزكاة في مثل هذه الحالة سماحة الشيخ؟ ج: ليس عليها زكاة؛ لأن هذا الدّين غير مقدور عليه، ليس في قدرتها، فهو مثل الدّين الذي على المعسر، ليس في قدرة صاحبه الحصول عليه، وهو مثل المال الضائع لا زكاة فيه، أما الدّين المؤجل الذي يقدر عليه صاحبه عند الأجل هذا يزكّى إذا كان على ملي، أما الصداق المؤجل الذي لا تستحقه إلا بالفراق فليس عليها زكاة له؛ لأنها لا تقدر على قبضه الآن ولا في وقته الحقيقي؛ لأنه مؤجل لا يدرى متى يحصل.

حكم إخراج الزكاة من رواتب لم يتم استلامها

24 - حكم إخراج الزكاة من رواتب لم يتم استلامها س: يقول السائل: رجل يشتغل عند عمه سنة، وأجر عمله كلّه عند عمه، كيف يزكي؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كان المال الذي عند العم بلغ النصاب، وحال عليه الحول فعليه أن يزكّي، ولو كان عند عمه إذا كان مليئًا ليس بمعسر، ولا بمماطل، فإنّ صاحب العمل يزكي، أمّا إن كان عمه معسرًا، ما يقدر ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (294).

يسدّد الدّين، أو مماطلاً يطلبه حقه ولا يعطيه حقه فليس عليه زكاة حتى يقبضه، فإذا قبضه استقبل به هذا العامل حولاً جديدًا، أما إن كان عمه مستعدًّا أن يعطيه، ولكنه جلس عنده، كالأمانة، فإنه يزكي كُلَّما حال عليه الحول.

حكم إسقاط المزكي دينه عن الفقير المدين واعتباره من الزكاة

25 - حكم إسقاط المزكي دينه عن الفقير المدين واعتباره من الزكاة س: لي في ذمة أحد الناس مبلغ من المال، ويرجو سداده، ولكن في الوقت الحاضر لا يتمكّن المدين من السداد، وفي نفس الوقت المدين يستحق الزكاة، فهل أضع عنه ممّا لي في ذمته مقابل زكاتي له؟ أم أدفع له من غير ما عنده من الدَّين؟ (¬1) (¬2) ج: المشروع لك أن تعطيه مما لديك إذا كان من أهل الزكاة، وأما الإسقاط مما عليه عن الزكاة فلا يجزئ؛ لأن الزكاة إعطاء ودفع، وليس إبراء، فالدَّين الذي عليه يمهل إذا كان معسرًا حتى يتيسر له الوفاء؛ لأن الله قال: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}. وأما الزكاة فلا بأس أن يعطى من الزكاة، إذا كان من أهلها، إن ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (42). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (42). ') ">

كان فقيرًا، يعطى من المال الذي عندك، وأما إسقاط شيء مما عليه عن الزكاة فلا يجزئ. س: يسأل السائل ويقول: أنا صاحب دكّان، وقد سبق لي أن أقرضت أحد الأشخاص مالاً، وكلما طلبت المبلغ يقول: لا أملك شيئًا، فهل يجوز لي أن أخصم ما عليه من مال الزكاة؟ (¬1) ج: لا، ليس لك أن تخصم ما عليه من مال الزكاة؛ لأن الزكاة دفع إيتاء للفقراء، ولكن تمهله حتى يوفي الله عنه؛ لأن الله يقول سبحانه: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} فعليك أن تنظر أخاك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أنظر معسرًا أو وضع له أظله الله في ظله» (¬2) فأنت بين أمرين، إما أن تبرئه من المال، تسامحه، وأما أن تسقطه من الزكاة فلا، لكن إذا أعطيته من الزكاة لفقره، وأعاد ذلك إليك عن الدَّين من دون شرط بينك وبينه ولا تواطؤ، فلا حرج لو أعطيته من الزكاة، ولكن هو رد إليك ذلك المال من الدَّين، أو بعضه ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (253). ') "> (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3014).

من الدَّين من دون تواطؤ بينكم ولا حيلة ولا شرط فلا بأس. س: الأخ ن. ع. من جيزان، بعث يسأل ويقول: إذا كان لي عند أحد الأشخاص مبلغ من المال، ولم يستطع تسديده، فهل لي أن أتركه له، وأنا أنوي أنه زكاة عن جزء آخر من أموالي؟ (¬1) ج: ليس لك ذلك، ولكن تمهله، تنظره حتى يوفيك إن شاء الله، أن تسامحه وتعفو عنه، جزاك الله خيرًا، أما أن تجعل الدّين الذي على المعسرين زكاة لك فلا، لا يصلح ذلك. س: هل يجوز فتح حساب في البنك حتى أستلم الراتب منه مثلاً، وأنا موظف في جهة أخرى؟ (¬2) ج: نعم، لا مانع، إذا حول راتبك عن طريق البنك لا حرج عليك. س: السائل أ. أ. من الرياض يقول في سؤاله: هل يجوز إسقاط الدَّين واحتسابه من الزكاة؟ ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (253). ') "> (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (253). ') ">

ج: ليس له إسقاطه واحتسابه من الزكاة، ولكن ينظر المعسر، وإذا أعطاه من الزكاة لأجل عسره وفقره فلا بأس، أمّا إسقاط الدَّين عن الزكاة، فلا يجوز، الزكاة إعطاء ليست إسقاطًا، فلا يقي ماله بإسقاط الدَّين عن المعسرين، ولكن يجب عليه أن يمهلهم، وإذا أسقطهم تبرعًا ومساعدة لا زكاة فلا بأس.

حكم خصم الدين من الزكاة عن تارك الصلاة المعسر

26 - حكم خصم الدين من الزكاة عن تارك الصلاة المعسر س: السائل أ. ب. ر: هل يجوز خصم دَين على معسر من قيمة الزكاة الواجبة؟ وإذا كان الجواب بنعم، ما هي شروط ذلك؟ وإذا كان المعسر لا يصلي، هل يجوز ذلك أيضًا؟ (¬1) (¬2) ج: لا يجوز خصم الدَّين عن الزكاة، ولكن ينظر المعسر، وأمَّا أن يعتبر دينه على المعسرين من الزكاة فلا؛ لأن هذا وقاية لدينه، لماله؛ لأنّه يخشى أن يضيع عليه المال الذي عند المعسر، فيجعله وقاية لماله، لا، فالزكاة إعطاء، الزكاة إيتاء، يؤتي المال الذي عنده، أمَّا الدَّين الذي على المعسر، فهذا ينظر فيه حتى يوفِّي الله عنه؛ لأنّ الله تعالى يقول: ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (389). (¬2) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (389). ') ">

{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} فلا يجوز جعله زكاة، وإذا كان لا يصلي لا يُعطى من الزكاة؛ لأن ترك الصلاة كفر، نسأل الله العافية، إلا إذا كان مؤلّفًا من المؤلفة قلوبهم، من رؤساء العشائر، من الكبار الذين يرجى بإسلامهم وقوة إيمانهم أن يسلم نظراؤهم ليقوى إيمانهم ويقتدى بهم؛ لأنّ الله جعل للمؤلفة حقًّا في الزكاة إذا كانوا ممّن يطاع من الرؤساء والأعيان الذين يرجى بإسلامهم إسلام نظرائهم، وقوة إيمانهم قوة إيمان نظرائهم. س: يقول هذا السائل: إذا كان لي دَيْن على شخص، وعجز هذا الشخص عن سداد الدين، هل أجعله من الزكاة، وأترك المطالبة لهذا الشخص ولا أخبره؟ ج: ليس لك ذلك، بل يبقى في ذمته، وعليك إنظاره إذا كان معسرًا حتى يوفّيك، ولا تحسبه من الزكاة، الزكاة أخرِجْها من المال الذي عندك، أمّا الدَّين فلا يجوز جعله زكاة، ولكن ينظر صاحبه إذا كان عاجزًا، ينظر؛ لأن الله يقول سبحانه: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}.

في الحديث الصحيح: «من أنظر معسرًا أو وضع له أظله الله في ظله» (¬1) ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق، باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، برقم (3014).

حكم الإنابة في توزيع الزكاة

27 - حكم الإنابة في توزيع الزكاة س: تسأل المستمعة ع، من جازان: كيف تكون النيابة عن الغير في العبادة؟ نرجو الإيضاح في ذلك (¬1) ج: الإنابة فيما تدخل النيابة فيه، الإنابة في توزيع الصدقة، في أداء الدَّين، في الحج والعمرة إذا كان عاجزًا، شيخًا كبيرًا، أو عاجزًا كبيرًا لا يستطيع الحج والعمرة، واستنابه لا بأس، أو وكّله في قضاء دَين، أو في الصدقة على فلان، أو فلان، لا حرج في ذلك. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (390).

حكم إخراج المدين زكاة الدين الذي اقترضه دون الدائن

28 - حكم إخراج المدين زكاة الدين الذي اقترضه دون الدائن س: أقرضت شخصًا عشرة آلاف ريال، وحال عليها الحول عنده، وأخرج هو زكاتها برضى منه، ومن جيبه الخاص، من غير شرط بيني وبينه، وأخبرني بذلك، ورضيته، هل تبرأ ذمتي بهذا

الإخراج؟ (¬1) (¬2) ج: إخراج الزكاة عبادة وقربة، وتحتاج إلى نية من المخرج، فإذا أخرج إنسان عن آخر زكاة ماله، سواء كان ذلك عن قرض أو أمانة، أو غير ذلك فإن في صحة الإخراج خلافا بين العلماء مبنيًّا على التصرف الفضولي، وهو تصرف الإنسان في مال غيره، بغير إذنه، ومن أهل العلم من قال: إن ذلك يجزئ إذا أجازه المالك والمسؤول، ومنهم من قال: لا يجزئ، بل لابد من نية مصاحبة للإخراج في مثل هذا، فالأظهر عند جمع من أهل العلم أنه لا يجزئ؛ لأنه أخرجه من دون أن يشاور صاحب الزكاة، من دون أن يأخذ إذنه في ذلك، بل أخرجه تبرعًا من دون إذن، فالأحوط لهذا المخرَج عنه أن يزكي، وألاّ يكتفي بهذه الزكاة، وإذا اكتفى بها أجزأت عند جمع من أهل العلم؛ لأنه أجازها. س: سماحة الشيخ: ماذا لو أنه قد رضي الدائن بإخراج الزكاة عنه بعدما أُخبر أنه أخرجها المقترض؟ ج: هو رضى جديد، ما كان رضى سابقًا، أما المقترض فقد أخرج ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (1). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (1). ') ">

المال من دون استئذان، كأنه قد رأى أنه يمون عليه في هذا الشيء، وأن هذا إحسان سوف يوافق عليه، فلهذا لم يستأذنه، أو لعله خاف أن يمنعه من ذلك، وهو يحب أن يجازيه على إقراضه بالإحسان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن خيار الناس أحسنهم قضاء» (¬1) فالحاصل أن الإجزاء قال به جمع من أهل العلم بالإمضاء والإجازة، والقول الثاني: أن لا يجزي؛ لأن النية لم تصاحب ذلك الوقت، إذا أخرج ليس عنده إذنٌ سابق بنى عليه، حتى يكون وكيله. ¬

(¬1) أخرجه البخاري، في كتاب الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس، باب هل يعطى أكبر من سنه، برقم (2392)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب من استسلف شيئًا فقضى خيرًا منه، برقم (1600).

مسألة فيمن تجب عليه زكاة الدين

29 - مسألة فيمن تجب عليه زكاة الدين س: منذ خمس سنوات تقريبًا بدأت أقترض من أحد الأشخاص، إلى أن بلغ ماله في ذمتي ما يقارب خمسين ألف ليرة، فهل عليّ دفع زكاتها أنا؟ أم صاحبها يزكيها؟ (¬1) (¬2) ج: الدّين الذي على الإنسان زكاته على صاحبه، وليس على الغريم زكاة، إنّما الزكاة على من له الدَّين، إذا كانت الأموال التي اقترضها قد ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (54). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (54). ') ">

صرفها في حاجاته غير موجودة لديه، وقد صرفها في حاجاته؛ اشترى بها مثلا سيارة يستعملها لحاجته، أو يستعملها للأجرة (تكسي) أو أرضًا للسكنى، أو اشترى بها فرشًا للبيت، أو ما أشبه ذلك، ليس فيها زكاة، أمّا إذا كانت الديون عنده لعياله، أخذها قرضًا ولكنها باقية، الفلوس عنده موجودة ما أنفقها، فإن عليها الزكاة إذا حال عليها الحول، يزكيها هو إذا حال عليها الحول، أمّا صاحبها الذي أقرضه إيّاها، هذا ينظر فيه، فإن كان من عليه الدَّين مليئًا زكّاها صاحبها أيضًا، وإن كان معسرًا أو مماطلاً فلا زكاة عليها بالنسبة إلى صاحبها، أمّا بالنسبة إلى الذي أخذها واقترضها فالأمر كما تقدم، والمهم أن الزكاة على المقرِض إذا كان المقرَض مليئًا غير مماطل، فإنّ على المقرِض أن يزكيها إذا حال عليها الحول. س: يقول السائل: أموال الناس التي في ذمتي ومضى عليها أكثر من سنتين، هل تجب الزكاة فيها عليَّ أو على أهلها؟ ج: أموال الناس التي عليك ليس عليك زكاتها، إلا إذا كانت عندك موجودة في قبضتك وفي حوزتك، فهذه أموالك ليست أموالهم، أموالهم في الذمة، أما ما كان في حوزتك من النقود، أو عروض التجارة، ولو أنها

جاءتك بالسلف والاستدانة فعليك أن تزكيها إذا حال عليها الحول، أما الديون التي في ذمتك للناس فهذه زكاتها عليهم، إن كنت موسرًا وباذلاً، وإن كنت معسرًا أو مماطلاً فلا زكاة عليهم كما تقدم.

بيان نصاب زكاة الإبل وكيفية إخراجها

30 - بيان نصاب زكاة الإبل وكيفية إخراجها س: الأخ س. س. ق. من محافظة عفيف، يسأل ويقول: ما هو نصاب الإبل، وكم يجب فيها، وما عدده، وكم زكاته؟ (¬1) ج: نصاب الإبل مختلف ومتنوع، فأقل النصاب خمس من الإبل فيها شاة، إذا كانت سائمة ترعى وهي مملوكة له كلها، ففيها شاة، وإذا كانت عشرًا ففيها شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، فإذا بلغت خمسا وعشرين وهي سائمة ترعى وجب فيها بنت مخاض، يعني تمّ لها سنة، ودخلت في الثانية، وانتقل الواجب من الغنم إلى الإبل، إلى ست وثلاثين، فإذا بلغت ستًّا وثلاثين تجب فيها بنت لبون، وهي ما لها سنتان ودخلت في الثالثة، إلى ست وأربعين، فإذا بلغت ستًّا وأربعين ففيها حقة؛ تمت لها ثلاث سنين ودخلت في الرابعة، إلى إحدى وستين، فإذا بلغت إحدى وستين ففيها جذعة، ثُمَّ ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (188).

فيها تفصيل بعد ذلك، المقصود أنها منوّعة، والمؤمن يراجع كلام أهل العلم، والأحاديث الواردة في ذلك، إذا كانت عنده الإبل، حتى يعلم الزكاة على بصيرة، ولابد أن تكون سائمة راعية، ويكون ذلك عند تمام الحول من كل سنة. ولابد أن تكون راعية أكثر الحول، إذا كانت ترعى أكثر الحول وجبت فيها الزكاة، فإن كان الأكثر علفًا فليس فيها شيء، إلا إذا كانت للتجارة والبيع والشراء، فعليها زكاة التجارة، زكاة العروض.

بيان اشتراط السوم لوجوب الزكاة في الإبل والغنم

31 - بيان اشتراط السوم لوجوب الزكاة في الإبل والغنم س: هل زكاة الغنم مثل زكاة الإبل سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: مثلها من جهة السّوم، أما النصاب فغير، لابد في الغنم والإبل والبقر، لابد من السوم وهو الرّعي، وإذا كانت تعلف فليس فيها شيء، إلا إذا كانت للتجارة، تزكى زكاة التجارة. ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (188).

بيان كيفية إخراج الزكاة من الغنم

32 - بيان كيفية إخراج الزكاة من الغنم س: ما زكاة الآتي: مائتان وثلاثة من الغنم، ثلاثمائة وخمسة من

الغنم، وهل تحسب صغارها؟ (¬1) ج: زكاة المائتين والثلاث ثلاث شياه من الغنم، تبدأ من مائتين وواحد إلى ثلاثمائة، فإذا بلغت مائتين وواحدًا وجب فيها ثلاث شياه، إلى أربعمائة، فإذا بلغت أربعمائة وجب فيها أربع شياه، في كل مائة شاة، وفي خمسمائة خمس شياه، وهكذا، في كل مائة شاة، وما زاد على مائة واحدة كله يسمى وقصًا، من مائة واحدة إلى أربعمائة، مائة وتسعة وتسعون كلها وقص ليس فيها شيء. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (246).

حكم احتساب نتاج الغنم عند إخراج الزكاة

33 - حكم احتساب نتاج الغنم عند إخراج الزكاة س: يقول الأخ السائل: إنني أعمل عند أحد الإخوة، وله عدد من الأغنام، ولها عدد من الصغار، وهو يبلغ النّصاب، ويقول: هل هذه الصّغيرات من الشياه لا يجوز فيها الزكاة، فمتى تجب الزكاة في الشياه الصغار؟ (¬1) (¬2) ج: تبع لنصاب الكبار، إذا كان النّصاب تبعًا له، فإذا كانت أربعين شاة من صغارها وكبارها، وحال عليها الحول بعدما كملت أربعين ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (432). (¬2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (432). ') ">

يزكيها بشاة واحدة إلى مائة وعشرين، فإذا بلغت مائة وإحدى وعشرين، وحال عليها الحول زكّاها صغارها وكبارها شاتين، إلى مائتين، فإذا بلغت مائتين وواحدة، وحال عليها الحول زكّاها بثلاث شياه، صغارها وكبارها، الصغار تتبع الكبار. س: السائل ع. أ، من جمهورية السودان العربية، يقول في هذا السؤال: رجل كان يملك ما يقارب من أربعمائة رأس من البقر، ولم يخرج عنها الزكاة سنين عديدة، بماذا تنصحون مثل هذا مأجورين؟ ج: الواجب عليه أن يتّقي الله، وأن يتوب إلى الله من عمله السيئ، وأن يؤدي الزكاة عمّا مضى من السنين إذا كانت سائمة ترعى السنة، أو غالب السنة، في كل أربعين مسنة، وفي كل ثلاثين تبيع أو تبيعة، والتّبيع ما تمّ له سنة، والمسنة ما تمّ لها سنتان، وفي أربعمائة بقرة عشر مسنات، وفي كل أربعين مسنة، كل واحدة قد تم لها سنتان عن السنوات التي لم يخرج عنها، مع التوبة إلى الله، والندم والاستغفار، والأعمال الصالحة.

بيان شروط وجوب الزكاة في الأنعام

34 - بيان شروط وجوب الزكاة في الأنعام س: يسأل السائل أ. أ. من جمهورية مصر العربية، ويقول: عندي مجموعة من الأغنام والأبقار والإبل، هل تجب فيها الزكاة؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، إذا كانت الإبل، أو البقر، أو الغنم سائمة راعية وقد بلغت النصاب وجب عليك زكاتها، والإبل أقل نصاب لها خمسة رؤوس من الإبل، والبقر أقل النصاب ثلاثون، والغنم أقل النصاب أربعون، فإذا بلغت عندك النصاب وهي راعية في جميع السنة، أو في أغلب السنة، أو أكثر السنة وجبت عليك الزكاة، أما إن كانت الإبل أقل من خمس، أو البقر أقل من ثلاثين، أو الغنم أقل من أربعين، فليس فيها زكاة، إلا إذا كانت للتجارة، إذا كانت للبيع والشراء للتجارة، فإنها تكون عروض تجارة، يزكيها زكاة التجارة، إذا كان عندك بعض الإبل دون الخمس لكنها للتجارة، للبيع والشراء، أو البقر دون الثلاثين، لكن للبيع والشراء، أو الغنم دون الأربعين، لكن للبيع والشراء، فإنك تزكّيها زكاة التجارة إذا بلغت قيمتها نصاب الذهب والفضة، أما إن كانت لا، للقنية ليست للتجارة، فلابد من شرط بلوغ النصاب، وأن تكون سائمة راعية، ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (423).

إذا كانت للقنية، وللدر والنسل، فلابد تكون نصاب خمس من الإبل فأكثر، ثلاثين من البقر فأكثر، أربعين من الغنم فأكثر، وأن تكون راعية سائمة، أما إذا كانت لا، معلوفة ما ترعى، في الحوش تعلفها، وليست للتجارة، بل للقنية والنسل فليس عليك زكاة إلا بالشرطين: أن تكون سائمة في الحول كله، أو أغلبه، وأن تبلغ النصاب.

حكم زكاة الغنم المعلوفة إذا بلغت النصاب

35 - حكم زكاة الغنم المعلوفة إذا بلغت النصاب س: يوجد عندي أربعون رأسًا من الغنم، والمصروف الشهري لها ثلاثمائة وخمسون ريالاً في حب وبرسيم، فهل يجب فيها زكاة؟ (¬1) (¬2) ج: هذه الغنم إذا كان الغالب عليها أنها ترعى وتستفيد من البر والعشب في غالب السنة، فإن عليك زكاتها بشاة واحدة في الأربعين إلى مائة وعشرين، فيها شاة واحدة، كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، أما إذا كانت ليس لها مرعى في غالب السنة، وإنما الأكثر والأغلب إعلافها، فإذا كنت تعلفها في غالب السنة فلا زكاة فيها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم شرط في الزكاة أن تكون سائمة، والسائمة هي الراعية، فإذا كانت في غالب السنة ترعى فلا عبرة بالإطعام القليل في أثناء ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (12). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (12). ') ">

السنة، أما إذا كان غالب السنة أنها تعلف ولا ترعى فإنه لا زكاة فيها. س: السائل ع. ع. هل تجب الزكاة في الأغنام التي ترعى في البر وفي الوقت نفسه تعلف في بعض السنة؟ (¬1) ج: الزكاة على الراعية التي ترعى الحول كله، أو أكثره، هذه هي التي تزكَّى، أمَّا التي تُعلف فلا زكاة فيها، إلا إذا كانت للبيع، تزكى زكاة التجارة، إذا كانت التي تعلف مُعدّة للبيع، فتقوّم كالسِّلَع ماذا تساوي، فإذا كانت تساوي عشرة آلاف، زكّى العشرة آلاف، تساوي عشرين ألفًا، زكى عشرين، وهكذا، أمّا السائمة من الإبل التي ترعى غالب الحول، فهذه تزكَّى منها: في الخمسة وعشرين بنت مخاضٍ، وفي الخمسة وثلاثين بنت لبون ... إلخ. س: هل تجب الزكاة في الأغنام التي تأكل من المرعى، وفي نفس الوقت تعلف بالليل وتخرج لمرعى أحيانًا؟ (¬2) ج: نعم، إذا كانت في الغالب ترعى، ترعى غالب السنة ولو علفوها في الليل، إذا كانت غالب السنة ترعى فيها الزكاة، في الأربعين شاة، إلى ¬

(¬1) السؤال بدون رقم الشريط. ') "> (¬2) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (370). ') ">

مائة وعشرين، فإذا بلغت مائة وواحدة وعشرين صار فيها شاتان، إلى مائتين، فإذا زادت على المائتين واحدة، ففيها ثلاث شاه، ثم بعد هذا في كل مائة شاة، إذا كانت في الأكثر، أي في غالب السنة ترعى ما تيسر ولو علفوها وزادوها علفًا. س: يقول السائل: الماشية التي يقوم صاحبها بعلفها، هل عليها زكاة أم لا؟ (¬1) ج: إذا كانت لا ترعى غالب الحول، ليس فيها زكاة؛ لأن النبي شرط أن تكون سائمة، عليه الصلاة والسلام، وهي الراعية، إلا إذا كانت معدّة للبيع للتجارة، يزكّيها، ولو كان يعلفها كل سنة، حسب قيمتها، أمّا إذا كانت للدر والنسل والانتفاع بها وبلبنها وصوفها، ليست للبيع، فلا زكاة فيها، إذا كانت على العلف غالب الحول. س: يقول السائل: الكثير من الناس لا يؤدي زكاة الغنم؛ لأنه يقوم بتعليفها أكثر من سِتَّةِ شهور، ويقول: أكثر من ستة شهور لا تجوز الزكاة فيها، ما صحة هذا الكلام؟ (¬2) ج: إذا كان غالب الوقت أنها تعلف ما ترعى ما فيها زكاة، إنما الزكاة ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (219). ') "> (¬2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (416). ') ">

في الإبل والبقر والغنم إذا كانت ترعى أكثر الحول، أما إذا كان لا، في الحوش ينفق عليها، يعلفها أكثر الحول فلا تجب فيها الزكاة، إلا إذا كانت للتجارة، للبيع والشراء، فيزكّيها زكاة النقدين، زكاة التجارة، زكاة العروض، إذا كانت في الأحواش والبيوت تعلف للتجارة والبيع، فإنه يزكيها زكاة التجارة، ربع العشر، زكاة النقدين. أما إذا كانت ترعى في البرية غالب الحول، يزكّيها زكاة الماشية، في الأربعين شاة، شاة واحدة، وفي المائة والواحدة وعشرين شاتان، وفي المائتين وواحدة ثلاث شياه، ثم في كل مائة شاة، وهكذا الإبل؛ في الخمس شاة، والعشر شاتان، والخمس عشرة ثلاث شياه، وفي العشرين أربع شياه، وإذا بلغت خمسًا وعشرين من الإبل ترعى وجب فيها بنت مخاضٍ تم لها سنة. المقصود أنه معروف إذا كانت ترعى فيها زكاة من نفسها، الإبل والبقر والغنم، زكاتها من نفسها، إذا كانت ترعى أما إذا كانت للبيع والشراء، تعلف ما ترعى، للبيع والشراء، هذه زكاة النقدين، زكاة العروض. س: الأخ السائل ف. س، من الكويت، يقول: رجل عنده أغنام كثيرة تجب فيها الزكاة، وهو يطعمها ستة أشهر، وترعى في البر ستة

أشهر أخرى، ما مقدار الزكاة فيها، أفتونا مأجورين؟ ج: إذا كانت للتجارة يزكّيها كلها، إذا كانت للبيع والشراء، يزكّيها زكاة التجارة، زكاة الذهب والفضة؛ لأنها ما ترعى إلا أقل من أكثر السنة، نصف السنة، أما إذا كانت ترعى أكثر السنة يزكّيها زكاة السائمة المعروفة، أما إذا كانت ترعى نصف السنة أو أقل، يعلفها، فإن فيها زكاة التجارة إذا كانت للبيع. أما إذا كانت للدر والنسل لا البيع، لشرب اللبن والدر والنسل فلا زكاة فيها، إذا كانت لا ترعى إلا نصف السنة أو أقل، أما إذا كانت ترعى أكثر السنة فإنه يزكيها زكاة السائمة، أو كانت للبيع والشراء، للتجارة، فإنه يزكّيها زكاة التجارة، إذا كانت لا ترعى غالب السنة.

حكم إخراج الزكاة من الأغنام التي يشترك فيها عدد من الأشخاص

36 - حكم إخراج الزكاة من الأغنام التي يشترك فيها عدد من الأشخاص س: أنا أعيش مع والدي ووالدتي وإخواني، ونملك عددًا من الأغنام، ولكن كل واحد منّا يخصه بعضها، فماذا نفعل في زكاتها، هل نزكيها جميعًا، أم كل واحد يزكي ما يخصه فقط، وما العمل لو لم يبلغ نصابًا، وكذلك الأضحية، هل تكفي عنّا

شاة واحدة أم لا؟ (¬1) ج: إذا كنتم جميعًا مختلطين في الإبل، أو الغنم، أو البقر، في المراح والمرعى، فعليكم زكاة واحدة، عليكم أن تزكوها جميعًا، إذا كنتم مختلطين، فإذا كانت مثلاً خمسًا من الإبل سائمة ترعى، فعليكم شاة واحدة مشتركة بينكم، لكلِّ واحد قسط منها بحسب نصيبه من الإبل، وإذا كنتم في البقر شركاء، مثلاً ثلاثون بقرة بين خمسة، كل واحد له ست، بينكم التّبيع الواجب فيها أخماسًا، وهكذا لو كانت أربعين بقرة بينكم، كل واحد له عشر، بينكم فيها مسنة عليكم قيمتها جميعًا، أرباعًا، وهكذا في الغنم، إذا كان عندكم غنم تبلغ أربعين شاة ترعى فعليكم الزكاة جميعًا، فيها شاة واحدة تكون قيمتها بينكم، إذا سلّمها واحد منكم يرجع على الباقين بقسطه من القيمة، إذا كانت أربعين بين عشرة، كل واحد عليه عُشر، وإذا كانت بين أربعة، كل واحد عليه ربع، وهكذا، أمّا إذا كان لكل واحد له نصيبه مختص منفرد، يرعاه لوحده، فهذا إن كان بلغ النصاب زكّى، وإلا فلا، فإذا كان كل واحد مثلاً له عشر من الغنم ترعى غير مختلطة فليس عليه زكاة، حتى تبلغ أربعين شاة سائمة ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (49).

راعية، وهكذا في البقر، لو كان بينكم ثلاثون بقرة، لكن كل واحد مستقل، كل له عشر أو خمس مستقلة يرعاها وحدها، ما فيه زكاة عليه؛ لأنه ما بلغ النصاب، وهكذا الإبل، لو كان عندكم عشر من الإبل، كل واحد عنده ثنتان أو ثلاث يرعاها مستقلة، ما عليه زكاة حتى تبلغ خمسًا من الإبل، هذا أقل نصاب. أما الضّحية فيجزئ عنكم ضحية واحدة إذا كنتم جميعًا في بيت واحد، يعني كلكم جميعًا مختلطون، فالضحية تكفي عنكم، يقول أبو أيوب رضي الله عنه: «كان الرجل منّا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بالشّاة الواحدة عنه وعن أهل بيته، ويأكلون ويطعمون» (¬1) والنبي صلى الله عليه وسلم، ضحى بشاة واحدة عنه وعن أهل بيته، وكان عنده تسع نسوة، مع مَن عنده من البنات، المقصود أن الضّحية تكفي عنكم إذا كنتم جميعًا في البيت، طعامكم واحد، مشتركون في الطعام، فإنّ الضحية الواحدة تكفي عنكم جميعًا، ولو كنتم كثيرين، أنتم وأزواجكم وأولادكم، أمّا إذا كان كل واحد في بيت مستقل، فكل واحد يضحي ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الأضاحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء أن الشاة الواحدة تجزئ عن أهل البيت، برقم (1505)، وابن ماجه في كتاب الأضاحي، باب من ضحى بشاة عن أهله، برقم (3147).

هذه السنة، يضحي عن نفسه وعن أهل بيته بضحية مستقلة.

حكم إخراج الزكاة من المواشي بالقيمة

37 - حكم إخراج الزكاة من المواشي بالقيمة س: هل يجوز إخراج زكاة المواشي مالاً، أم يجب إخراجها من الماشية؛ فقد سألت بعض الإخوة فقالوا لي: يجوز إخراجها مالاً؛ لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}. وهل يجوز إخراج زكاة الفطر نقودًا؟ (¬1) ج: الواجب إخراج الزكاة من نفس المال، من الإبل، والبقر، والغنم، والطعام، هذا هو الواجب، هذا هو الأصل كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام، لكن إذا دعت الحاجة والمصلحة إلى إخراج القيمة؛ لأن ولي الأمر طلب القيمة فلا بأس، أو لأن المالك لم يجد السن المطلوب، أو لأن الفقراء طلبوا ذلك لأنه أصلح لهم، فأعطاهم القيمة الوسط، فلا حرج في ذلك؛ للمصلحة الشرعية، أن تكون القيمة وسطا؛ لأن الأصل وجوب الوسط في الإبل، أو البقر، أو الغنم، والطعام لا الرديء، ولا الأغلى والأعلى، ولكن بين ذلك، وهكذا لو كان إنسان باع ثمرته في ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (333).

التمر، أو من الحبوب فإنه يعطي الزكاة في الثمن، بدلاً من الطعام لأن الطعام قد بيع وذهب، فيعطي زكاته من الثمن، وإذا أخرجها من التمر أو من الحبوب كان ذلك أفضل وأكمل وأحوط، وهكذا زكاة الفطر لابد من الطعام، لا تجزئ من القيمة، الواجب إخراجها من الطعام كما بيّن النبي صلى الله عليه وسلم: «صاع من تمر، أو صاع من شعير» (¬1) وكانوا يخرجون في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صاعًا من أقط أيضًا، وصاعًا من زبيب، كل هذا كان يخرج في عهده صلى الله عليه وسلم، وصاعًا من طعام من قوت البلد، يعني كالأرز ونحوه، فالواجب إخراج زكاة الفطر من قوت البلد الذي يعيش فيه الإنسان، من أرز، أو تمر، أو حنطة، أو شعير، أو ذرة، أو غير ذلك، هذا الذي عليه جمهور أهل العلم، أمّا القيمة فلا، والقول بإخراج القيمة قول ضعيف مرجوح. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب صدقة الفطر على العبد، برقم (1504)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير، برقم (984).

بيان السن الذي يجزئ إخراجه من زكاة الغنم

38 - بيان السن الذي يجزئ إخراجه من زكاة الغنم س: يقول السائل: هل التي دون سن الإجزاء من الغنم تخرج زكاة؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (331).

ج: لا يجزئ إلا جذع الضأن، أو ثنيِّ المعز في الزكاة كالضحيّة.

حكم إخراج الزكاة من الأموال الضائعة

39 - حكم إخراج الزكاة من الأموال الضائعة س: هل تجب الزكاة على المال شبه الضائع، ولا يُعرف هل سيعود إلى صاحبه أو لا؟ (¬1) ج: المال الضائع لا زكاة فيه، مثل الإبل الضائعة، أو الغنم الضائعة، أو بقر ضائعة، أو نقود ضاعت لا يدري أين ذهبت، ليس عليه زكاة حتى يجدها، ثم يستقبل بها حولاً جديدًا، إذا وجدها يبدأ الحول، وهكذا الديون التي على المعسرين؛ لأنها كالضائع، الدَّين الذي على المعسر لا يستطيع الأداء، ليس عليه زكاة حتى يُسلَّم له، حتى يقبضه منه فيستقبل به حولاً كاملاً، وهكذا الديون التي على المماطلين الذين لا يعطون الحق، المماطلون الذين لا يعطون الحق، ليس فيه زكاة حتى يُقبض المال، فالمماطل من جنس المعسر، صاحبه تعبان معه، ليس عنده مال في الحقيقة حتى يقبضه، فإذا قبضه زكّاه إذا حال عليه الحول بعد قبضه. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (231).

والخلاصة أن المال الضائع والمفقود الذي ما يدرى عنه أين ذهب؟ وسواءً كان نقودًا أو إبلاً، أو بقرًا، أو غنمًا ما فيه زكاة، حتى يجده ربه، ثم يستقبل به حولاً كاملاً، ومن ذلك ما كان على المعسرين، الديون على المعسرين لا زكاة فيها حتى تُقبض ويستقبل بها حولاً كاملاً، أو على المماطلين الذين لا يؤدّون الحق إلا بالتّعب والأذى، هذا لا زكاة فيه حتى يعطوه حقه.

بيان كيفية إخراج الزكاة من الحبوب

40 - بيان كيفية إخراج الزكاة من الحبوب س: الأخ م. ح، من معّرة النعمان في الجمهورية العربية السورية، يسأل ويقول: قريتنا تزرع القمح والشعير والعدس والكمون، والزيتون والعنب والبطيخ، وكل ما ذكر يزرع بعليًّا، يروى بماء السماء، ونحرث ونعشّب ونسمّد ونحصد البعض منها باليد العاملة، وإن اليد العاملة أصبحت حاليًّا تكلف الكثير، نرجو من سماحتكم أن تجيبونا عن الأنواع التي يجب أن تدفع فيها الزكاة؟ وما مقدارها بالنسبة لهذا النوع من الزراعة البعليّة؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (153).

ج: تجب الزكاة في الحبوب التي تخرج في الأراضي بالبعل، كالشعير والحنطة، والذرة والأرز، ونحو ذلك، إذا بلغت النصاب، وهو خمسة أوسق ... بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، والوسق ستون صاعًا، فهي ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، وصاع النبي صلى الله عليه وسلم أربع حفنات باليدين المعتدلين المملوءتين، كما ذكر ذلك صاحب القاموس وغيره، أربع حفنات باليدين المملوءتين المعتدلتين، هذا هو صاع النبي عليه الصلاة والسلام، وهو أربعمائة وثمانون مثقالاً، والمدّ مائة وعشرون مثقالاً، فإذا تحصل من المزرعة خمسة أوسق، أي ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، فإن فيها الزكاة، العشر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريًّا - بعلاً - العشر» (¬1) يعني سهمًا من عشرة، إذا حصل له ألف صاع يكون فيها مائة صاع، وإذا حصل ألفان يكون فيها مائتا صاع، العشر، أما لو كان يسقى بالمكائن والدواب، فإنه يكون فيه نصف العشر، في الألف خمسون صاعًا، نصف العشر، إذا كان يسقى ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة باب العشر فيما يسقى من ماء السماء برقم (1483).

بالآلات والمكائن والكلفة. أمّا الفواكه فليس فيها زكاة، البطيخ والرمان والخوخ، وأشباه ذلك كالتفاح والبرتقال، هذه ليس فيها زكاة، أما العنب ففيه الزكاة إذا بلغ النصاب كالتمر بعد أن يكون زبيبًا، إذا زبَّبَ وبلغ النصاب يزكّى، فإذا خرص ولم يترك حتى يكون زبيبًا، أخرص وبيع رَطْبًا، يزكى بالخَرْص، كالتمر إذا خرص، على أن يكون خمسة أوسق من الزبيب يزكّى. أما اليد العاملة مثل ما تقدم، إذا كان الحرث بالعمل صارت الزكاة نصف العشر، والعمال قد يكونوا عمالاً للمكينة، وقد يكونوا عمالاً للحرث والبذر والسقي، المقصود العمل ما يمنع الزكاة.

بيان مقدار زكاة الحبوب والثمار والعسل والمعدن والركاز

41 - بيان مقدار زكاة الحبوب والثمار والعسل والمعدن والركاز س: كم نصاب زكاة الزروع والثمار، وهل يجوز لنا أن نسلمها للفقراء؟ (¬1) (¬2) ج: زكاة الزروع والثمار إن كانت تسقى بالسيل والمطر أو الأنهار العشر، ألف صاع مائة صاع، عشرة آلاف صاع ألف صاع، وهكذا ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (418). (¬2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (418). ') ">

العشر، أما إذا كانت تسقى بالمكائن والدواليب، أو الحيوانات يكون فيها نصف العشر، نصف عشر الزرع، نصف عشر الثمر في النخل أو العنب، نصف العشر إذا كان بمؤونة كالدواليب ونحوها. س: أسأل عن الحبوب الزراعية، فمعلوم أن الزرع الذي يُسقى بماء السماء والمطر فيه العشر، وما سُقي بالنضح فيه نصف العشر، والفرق بينهما أن ما سقي بالنضح فيه مشقة ومؤونة كبيرة، فعدل إلى نصف العشر، وما سقي بماء المطر ليس فيه مشقة ولا مؤونة كبيرة، فلذلك لم يعدل إلى نصف العشر، بل فيه العشر، وفي زماننا هذا حتى بما سُقي بماء السماء والمطر مشقة، ومئونة كبيرة؛ لأنه يزرع بالآلات الأوتوماتيكية، فتحرق في زراعتها وقودًا كثيرًا، وربما يوضع عليه سماد كيماوي، فيصرف فيه ثمن كثير، ويحصد بالآلات الأوتوماتيكية فتحرق في حصادها وقودًا كثيرًا، ويصرف عليه مؤونة كثيرة، فهل يقاس هذا على ما سقي بالنضح لعلة المشقة والمؤونة حتى يخرج من نصف العشر، أم لا يقاس فيخرج منه العشر، أفيدونا جوابًا شافيًا، أثابكم الله.

ج: النبي صلى الله عليه وسلَّم علّق الحكم بالسقي، ولم يلتفت إلى ما بعد ذلك من جهة الحصاد، ولا إلى ما قبل ذلك من جهة تسوية الأرضين، هذا شيء آخر لا تعلّق له بالزكاة، فالرسول صلى الله عليه وسلم علق الحكم بشيء غير هذا، فالرسول صلى الله عليه وسلم يشرع للأمة كلها، أولها وآخرها، بل هي لأهل زمانه ولمن يأتي بعدهم إلى يوم القيامة، والله عز وجل يعلم ما يكون في مستقبل الزمان من حدوث الآلات والوقود والمكائن التي يحتاج إليها في حصد، وفي ذري، وفي غير ذلك، فهذه الأشياء التي ذكرها السائل فيما يتعلق بالأراضي التي تزرع بماء المطر لا تؤثر في الزكاة، والواجب في ذلك هو العشر، لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «فيما سقت السماء والعيون العشر، وفيما سقي بالنّضح نصف العشر» (¬1) رواه البخاري في الصحيح، وله أيضًا شواهد، فهذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يراع ما بعد السقي، وما بعد تمام الزرع، ولا ما قبل ذلك من حين البذر، وإنما الحكم مناط بالسقي، فما سقي بالعيون الجارية والأنهار والأمطار فهذا فيه العشر كاملاً، واحد من عشرة، من كل ألف مائة، ¬

(¬1) سبق تخريجه في ص (72).

وهكذا، وما سقي بالدواليب والمكائن، بالإبل بالبقر، ونحو ذلك، أو الرّش، كل هذا فيه نصف العشر، من أجل المؤونة التي تحصل في سقيه، والله ولي التوفيق.

بيان كيفية إخراج الزكاة من التمور

42 - بيان كيفية إخراج الزكاة من التمور س: السائل م. ح. م. من العيص، ينبع: إذا كان لدي أنواع شتى من التمور، ومنها البرحي، على سبيل المثال، هل عند إخراج الزكاة، يلزمني إخراج زكاة كل نوع على حدة، أم إخراجها مختلطة؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الواجب إخراج من الوسط، لا من الرديء، ولا من الأطيب، وإن أخرجه من كل نوع فهذا أكمل وأكمل، لكن إذا أخرجه من الوسط هذا أكمل، من وسط التمور، ليس بالرديء، وليس بأعلى، وإن أخرجه من كل نوع ذلك أكمل وأفضل. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (355).

بيان مقدار زكاة الشعير والفواكه والخضروات

43 - بيان مقدار زكاة الشعير والفواكه والخضروات س: الأخ غ. إ. م، من جمهورية مصر العربية، محافظة مطروح،

يسأل عن مقدار زكاة الشعير والبطيخ، وأنواع الخضروات (¬1). ج: الشعير مثل غيره من الحبوب، كالحنطة والبر، ومثل الرز والذرة، كلها نصابها خمسة أوسق، بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، خمسة أوسق ثلاثمائة صاع، بصاع النبي عليه الصلاة والسلام، الوسق ستون صاعًا، فالتمور والزبيب، والحبوب من ذرة وشعير وحنطة، ونحو ذلك، كلها نصابها واحد، خمسة أوسق، الوسق ستون صاعًا، الجميع ثلاثمائة صاع، بصاع النبي عليه الصلاة والسلام، وصاع النبي صلى الله عليه وسلم خمسة أرطال وثلث الرطل العراقي المعروف سابقًا، وهو تسعون مثقالاً بالرطل العراقي، وبالحفنات أربع حفنات، وهي أوضح من غيرها، أربع حفنات باليدين المعتدلتين المملوءتين، كما قال صاحب القاموس وغيره، صاع النبي صلى الله عليه وسلم أربع حفنات باليدين المعتدلين المملوءتين، كل حفنة مُدّ، هذا هو الصاع النبوي، وبالمثقال أربعمائة وثمانون مثقالاً، المدّ مائة وعشرون مثقالاً، والرطل تسعون مثقالاً بالرطل العراقي، كما ذكر جماعة من العلماء. والحفنات أوضح، وإذا ضبط بوزن الحبوب المعتدلة فلا بأس، ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (137).

الحبّ المعتدل المتوسط فهو أربعمائة وثمانون مثقالاً، أمّا البطيخ والخضار فهذا ليس فيه زكاة، والبطيخ والرمان والتفاح وأشباهها، فليس فيها زكاة؛ لأنها تؤكل في وقتها، ما تدّخر، لكن لو ادّخرها في البرادات الآن، وهو يقصد البيع، ينتجها للبيع، وحال عليها الحول يزكيها إذا بلغت النصاب، نصاب الذهب والفضة؛ لأنها عروض تجارة حينئذٍ من باب العروض. وقد جاء في الحديث من حديث سمرة عند أبي داود، «أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن تخرج الصدقة من الذي نعد للبيع» (¬1) فإذا أعدّ أنواعًا من الفواكه، البطيخ والرمان والتفاح والبرتقال وأشباهها، وصار محفوظًا في برادات حتى حال عليها الحول وهو معدّ للبيع فإنه يُزَكَّى حسب القيمة، فإذا كان هذا المُعَدُّ للبيع يساوي عند الحول ألف ريال زكّى ألفًا، وإذا كان عند الحول يساوي عشرة آلاف زكّى عشرة آلاف، وهكذا حسب قيمته من الذهب أو الفضة؛ لأنّه حينئذ من باب عروض التجارة، ليس من باب الفواكه، من باب عروض التجارة، كما يُزَكِّي السلع الأخرى، كالسيارات التي يعدها للبيع، ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة باب العروض إذا كانت للتجارة برقم (1562).

وكأنواع الخام، وأنواع الحديد، وأنواع المكائن التي تُعَدُّ للبيع، إذا حال عليها الحول تُزَكّى قيمتها، بالغة ما بلغت، إذا حال عليها الحول وهي معدة للتجارة للبيع، وبقية البقول مثلها سواء بسواء إن كانت تؤكل في الحال، وتصرف في الحال، فليس عليها شيء، وإذا كان يعدها للبيع وتبقى، إما لكونها لا يضرها الحر والبرد، كما لو عمل عملاً يحفظ قوة القتّ أو شيئًا من الزروع الذي يجعل في أماكن محفوظة يباع، فدار عليه الحول، وهو موجود محفوظ له قيمة يزكّيه. سواءً كان قَتًّا أو الجرجير، أو زرعًا آخر، مما يتخذ للعلف أو أشباه ذلك. المقصود إذا حفظ على وجه ينفع، وصارت له قيمة، وحال عليه الحول زُكّي قيمته إذا بلغت النصاب وحال عليه الحول، مثل الفواكه سواء، إذا حفظها في محل بارد وعاشت وسلمت حتى حال عليها الحول، وهو أعدها للبيع، يزكيها.

حكم إخراج الزكاة من الفول السوداني

44 - حكم إخراج الزكاة من الفول السوداني س: لي مزرعة كل إنتاجها من الفول السوداني، فهل عليه زكاة؟ وإذا كان عليه زكاة فأرجو إيضاح مقدارها، جزاكم الله خيرًا (¬1). ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (211).

ج: نعم، فيها زكاة مثل زكاة الحبوب والثمار الأخرى، إذا بلغت خمسة أوسق تزكّيها، والوسق ستون صاعًا بصاع النبي عليه الصلاة والسلام، وصاع النبي أربع حفنات باليدين المعتدلتين المملوءتين، وهو خمسة أرطال وثلث بالعراقي، مقداره بالمثقال أربعمائة وثمانون مثقالاً، هذا هو صاع النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا بلغت مزرعتك خمسة أوسق، يعني ثلاثمائة صاع من الفول تزكّيها بنصف العشر، إذا كانت بالسّقي بالمكائن، أمّا إذا كانت بالمطر أو النهر ففيها العشر، في كل ألف كيلو مائة، يعني عشر الحبوب الحاصلة، كما أن في التمر العشر، والحبوب الأخرى كالرّز والحنطة العشر، إذا كان يسقى بماء النهر أو بالمطر، أما إذا كانت المزرعة تسقى بالمكائن، وسحب الماء بالكلفة، فهذا فيه نصف العشر، وأمّا إن كانت الحبوب الحاصلة أقل من خمسة أوسق فليس فيها زكاة.

بيان من تجب عليه زكاة الأرض إذا بيعت قبل الحصاد

45 - بيان من تجب عليه زكاة الأرض إذا بيعت قبل الحصاد س: أجّرت رجلاً أرضًا حرثها شعيرًا، ولكنه لما نضج الزرع باعه لشخص آخر، والزرع ما زال لم يحصد بعد، فعلى من تجب الزكاة؟ على الأول، أم على الثاني؟ جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (182).

ج: على الأول، الذي اشتد الحب وهو في ملكه عليه الزكاة.

بيان من تجب عليه الزكاة من المشتركين في المزارعة

46 - بيان من تجب عليه الزكاة من المشتركين في المزارعة س: يقول السائل: رجلان اشتركا في حرث قطعة أرض، ولكن الذي قام بالعمل حتى أصبح المحصول جاهزًا شخص واحد فقط، فعلى من تجب الزكاة، على الاثنين، أم على الذي لم يقم بجمع المحصول؟ (¬1) ج: ما داما مشتركين، البذر منهما، والعمل بينهما، ولكن سمح أحدهما بالقيام بالعمل عن صاحبه، فالزكاة عليهما؛ لأن المال مالهما. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (182).

مسألة في حكم إخراج الزكاة من الفواكه والخضراوات

47 - مسألة في حكم إخراج الزكاة من الفواكه والخضراوات س: هل على الفواكه والخضروات زكاة؟ وما مقدارها، ومتى تخرج؟ (¬1) (¬2) ج: ليس عليها زكاة، الفواكه والخضروات ليس فيها زكاة، الزكاة في الحبوب والثمار المكيلة المدخرة. س: من جمهورية مصر العربية، من الأخت ع. ع. خ، تقول: هل ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (359). (¬2) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (359). ') ">

تجب الزكاة في فاكهة الخوخ؟ علمًا بأننا نسمع أراءً كثيرة حول هذا الموضوع، فمن الناس من يقول: إنها تجب، ومن الناس من يقول: لا، وجّهونا حول هذه الفاكهة، وحول ما شابهها من الثمار، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: فاكهة الخوخ وأشباهها ليس فيها زكاة، إنما الزكاة فيما يدّخر كالعنب والثمر، أما الخوخ والرمان وأشباه ذلك هذا ليس فيه زكاة؛ لأنه يؤكل في وقته، وليس مما يدّخر، وليس مما يكال، المقصود أنها لا زكاة فيها، لكن لو كانت للتجارة، واجتمع منها مال يبلغ النصاب زكَّاه إذا حال عليه الحول، إذا تحصل عنده منها أموال وحال عليها الحول يزكيها، أما إذا كان للأكل، بأن كان يأكلها أو يهديها، وليس يتحصل منها مال يحول عليه الحول فلا زكاة فيها، أما إذا كان يباع ويحصل منه أموال، ويحول عليها الحول فهذا كله فيه زكاة؛ لأنه يكون من عروض التجارة، مثل ما تجب الزكاة في الملابس التي للبيع، والأواني التي للبيع، والأراضي التي للبيع، وما أشبه ذلك. س: يقول السائل: ع. س، نقوم في بلادنا بزراعة شجر الخوخ، وهو ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (340). ') ">

يسقى من ماء السماء، والمحصول وافر والحمد لله، هل علينا زكاة أم لا؟ ج: لا أعلم زكاة في الخوخ والتفاح والرمان والبرتقال، وأشباه ذلك، لا أعلم فيها زكاة، فليست مما يؤكل ويدّخر، بل يؤكل منه مثل الفواكه الأخرى كالخضروات، فليس فيه زكاة فيما نعلم، وإن تصدقتم بشيء فجزاكم الله خيرًا.

بيان معنى الركاز وحكم إخراج الزكاة منه

48 - بيان معنى الركاز وحكم إخراج الزكاة منه س: يقول السائل جاء في بعض الأحاديث عن زكاة الركاز، فما هو الركاز؟ (¬1) ج: الركاز دفن الجاهلية، الأموال التي توجد في بعض الخربات، وفي بعض الصحارى من دفن الجاهلية، عليها علامة الجاهلية الكفار، إمَّا ذهب أو فضة أو أوانٍ، أو سلاح، أو غير ذلك من الأموال تكون مدفونة في الأرض، عليها علامة تدل على أنها من دفن الجاهلية، عليها علامة الدولة الكافرة، عليها علامة الكفار، هذا يسمى ركازًا، يعني ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (247).

مركوز في الأرض، يعني مدفون فيها، ركاز بمعنى مركوز، المعنى أنه يجده مدفونًا في الأرض، ليس معدنًا، لا، بل مدفون، فهذا فيه الخمس لولي الأمر، إذا كان في البلاد الإسلامية، يعطى ولي الأمر خمس هذا الركاز، أمَّا إن كان في غير البلاد الإسلامية فيتصدق بالخمس على الفقراء، والأربعة له، خمس كالزكاة يتصدق على الفقراء، وإن كان في البلاد الإسلامية فيها والٍ مسلم يعطيها إيّاه لبيت المال، والأربعة الأخماس له، هذا يسمى ركازًا، أمَّا المعدن الذي من أصل الأرض، ذهب أو فضة، هذا لا يسمى ركازًا، هذا لمن استخرجه، يكون له، وإذا استخرج ذهبًا يبلغ النصاب فزكّاه إذا حال عليه الحول، واستخرج فضة زكّاها إذا حال عليها الحول، أمَّا إذا كان شيئًا آخر من المعادن، كبريت أو غير ذلك يكون له إذا كان في أرضٍ ميّتة ليست مملوكة لأحد.

حكم إخراج الزكاة من الذهب

49 - حكم إخراج الزكاة من الذهب س: هل على الذهب زكاة؟ (¬1) ج: نعم، تجب زكاة الذهب والفضة، تجب الزكاة فيهما إذا حال عليهما الحول وبلغا النصاب، إن كان نقودًا، أو حليًّا، أو غير ذلك. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (392).

بيان نصاب الذهب والفضة

50 - بيان نصاب الذهب والفضة س: يقول السائل: أسأل سماحتكم عن نصاب الذّهب، لديَّ ما يقرب من مائة غرام لزوجتي، هل الزكاة تجب في هذا المقدار، أم تجب فيما زاد عن النصاب، وأنا أعلم أن النصاب ثلاثة وثمانون غرامًا؟ (¬1) ج: نصاب الذهب كما بيَّن أهل العلم عشرون مثقالاً، ومقدار المثقال بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع الجنيه؛ لأن الجنيه مثقالان إلا ربع، وهي تحصّل من أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع، ويكون الجميع عشرين مثقالاً، والمعنى أحد عشر جنيهًا ونصف، هذا النصاب من الذهب بالجنيه، أمَّا بالغرام فقد اختلف المقدرون لذلك، على حسب ضبطهم للغرام، والذي نفتي به أن النصاب اثنان وتسعون غرامًا، بعد ما سألنا كثيرًا من أهل الخبرة عن زنة الغرام، فالجميع اثنان وتسعون، هذا هو النصاب بالجرام، فإذا بلغت الحليّ من الذهب هذا المقدار وجبت فيها الزّكاة، سواء كانت أسورة أو قلائد، أو غير ذلك، فالمرأة تجمعها إذا بلغ الجميع اثني عشر جنيهًا ونصفًا، اثنين وتسعين ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (238).

غرامًا، وجب عليها الزكاة في جميع أنواع الحلي، سواء كانت تلبسها أو لا تلبسها، أو تلبس بعضها وتدّخر بعضها، فالجميع فيه الزكاة على الصحيح من أقوال أهل العلم، وقد ذهب بعض أهل العلم أن التي تلبسها لا زكاة فيها، والصواب أن فيها الزكاة مطلقًا؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «ما من صاحب ذهبٍ ولا فضة لا يؤدي زكاتها» (¬1) وفي لفظٍ: «حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار» (¬2) الحديث. ولأنه صلى الله عليه وسلم: «دخلت عليه امرأة وفي يدها مسكتان من ذهب، يعني سوارين من ذهب، فقال: أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا. قال: أيسُرُّكِ أن يسوِّرك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما وقالت: هما لله ورسوله» (¬3) خرّجه النسائي رحمه الله وأبو داود بسندٍ صحيح من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وأخرجه التّرمذي بإسنادٍ آخر ضعيف، ولكن العمدة على رواية النّسائي ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم (987). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم (987). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1563)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (2479).

وأبي داود، ولحديث أم سلمة رضي الله عنها، «أنها قالت: يا رسول الله، وكانت تلبس أوضاحًا من ذهب، أكنز هذا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ما بلغ أن يُزكى فزُكي فليس بكنز» (¬1) لم يقل لها: ليس فيه زكاة لأنه حلي، بل قال: ما بلغ النصاب " فزكي فليس بكنز ". وأمَّا ما يزكَّ فإنه يسمى كنزًا، أي يعذب به صاحبه، ولو كان حليًّا، والنبي صلى الله عليه وسلم يشير بقوله هذا إلى قوله جل وعلا في سورة التوبة: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} فالكنز ما لم يزكَّ، وإن كان على وجه الأرض، وإن كان في الصناديق، وإن كان في البنوك يسمى كنزًا، وما زُكِّي فليس بكنز، ولو كان في باطن الأرض لا يسمى كنزًا إذا أُدِّيَ حقه، أمّا حديث أنه قال صلى الله عليه وسلم: «ليس في الحليّ زكاة» (¬2) فهو حديث ضعيف عند أهل العلم، لا يصح الاعتماد عليه، والزكاة ربع العشر، في المائة اثنان ونصف، وفي الألف خمسة وعشرون، وهكذا ربع العشر كل سنة، فإذا كان أقل من ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1564). (¬2) أخرجه ابن الجوزي في كتاب التحقيق في أحاديث الخلاف برقم (2/ 42).

النّصاب فلا شيء عليه، فإذا كان الموجود نصابا فأكثر فعليه ربع العشر، سهمان ونصف من المائة، وخمسة وعشرون من الألف وهكذا.

بيان كيفية تحديد نصاب الذهب بالغرام

51 - بيان كيفية تحديد نصاب الذهب بالغرام س: لقد سمعت من فضيلتكم في حلقة سابقة من هذا البرنامج أن مقدار نصاب الذهب هو اثنان وتسعون غرامًا، فأرجو من فضيلتكم أن توضحوا لنا كم تكون زكاة النصاب بالريال السعودي المتداول حاليًّا في الأسواق؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: نعم، نصاب الذهب عشرون مثقالاً، وهو يقدر باثنين وتسعين غرامًا، ويقدر بالجنيه بأحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع الجنيه، يعني أحد عشر جنيهًا ونصف؛ لأن الفرق بين الثلاثة أسباع والنصف شيء يسير، فإذا بلغ الذهب أحد عشر جنيهًا ونصفًا، سواء كان أسورة أو غير ذلك اثنين وتسعين غراما وجبت فيه الزكاة، والزكاة ربع العشر من كل شيء، الزكاة ربع العشر، من المائة اثنان ونصف، من الألف خمسة وعشرون، من الأربعين واحد، وهكذا، ربع العشر من الذهب والفضة جميعًا. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (67). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (67). ') ">

س: تسأل المستمعة م. أ. س. فتقول: ما مقدار النصاب في الأموال النقدية في الزكاة؟ وما الحكم إذا أضفت إلى نصابي مبالغ أخرى خلال السنة، كيف أُخرجها، أرجو الإفادة؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: أما نصاب الذهب فهو عشرون مثقالاً، مقداره أحد عشر جنيهًا سعوديًّا ونصفًا، يقال له نصاب، عشرون مثقالاً، وبالغرام اثنان وتسعون غرامًا، هذا هو النصاب بالذهب، فإذا كان أقل من هذا فلا زكاة فيه، ولا تجب الزكاة إلا إذا حال الحول، إذا حال الحول على هذا الذهب وجبت الزكاة، مثلاً دفع للإنسان ثمن مبيع، وتم البيع وأعطاه القيمة، مائة جنيه، أو وهبه مائة جنيه، أو صداق لها مائة جنيه، إذا حال الحول تزكّى، أما الفضة فنصابها مائة وأربعون مثقالاً، مقداره ستة وخمسون ريالاً فضّة بالريال السعودي، فما بلغ هذا المقدار أو قيمته يكون نصابًا، إذا حال عليه الحول يزكى، وإذا جاءت نقود متأخرة يكون لها حول آخر، فالإنسان الذي عنده مثلاً عشرة آلاف ريال اقترضها من فلان، أو أعطيت له مساعدة، أو ما أشبه ذلك، إذا حال عليها الحول زكّاها، وإذا ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (317). ') ">

جاءت إليه دراهم أخرى بعد هذه الدّراهم بشهر أو شهرين يكون حولها إذا تم لها سنة، يعني يكون حولها إذا مضى عليها سنة بعد مجيئها، أو أعطي عشرة آلاف في أول رمضان مساعدة، وفي شوال أعطي عشرة آلاف ريال أخرى مساعدة، كل شيء له حوله، التي في رمضان حولها رمضان، والتي في شوال حولها شوال، وهكذا، والله الموفق. س: ما قيمة العشرين مثقالاً من الذهب بالغرامات، فقد سمعنا في ذلك بضعة أقوال، نها ما يقول بأن مقدار العشرين مثقالاً من الذهب يساوي ثمانين غرامًا، وقول يقول: خمسة وثمانين، وآخر: اثنين وتسعين، ورابع: ستة وتسعين، فأيها الصحيح؟ وما مقدار درهم الفضة بالغرامات؟ (¬1) ج: الأقرب اثنان وتسعون غرامًا، هذا هو نصاب الذهب، وهو عشرون مثقالاً، وقيمتها بالغرام اثنان وتسعون غرامًا، هذا هو الذي تحرّينا مع أهل الخبرة، وعليه الفتوى، وبالجنيه أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع الجنيه، يعني نصف الجنيه؛ لأن الشيء اليسير لا يضر هذا عشرون مثقالاً، وهو نصاب الذهب، سواء كان حليًّا أو غير حلي، تجب ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (229). ') ">

فيه الزكاة على الراجح، أمّا الدرهم الفضّة فهو نصف مثقال، خمس مثقال، ولهذا نصاب الفضة مائة وأربعون مثقالاً، وإذا ضربت مائة وأربعين مثقالاً على مقدار عشرين مثقالاً اثنين وتسعين، فإنها تكون مائة، أخذ اثنين وعشرين مثقالاً اثنان وتسعون، يعني اثنان وتسعون تضرب في سبعة، يحصل بذلك سبعمائة غرام، ينزل منهما ستة وخمسون، فيكون الجميع ستمائة غرام وأربعة وأربعون غرامًا، هذا نصاب الفضة، من ضرب اثنين وتسعين في سبعة. س: إحدى الأخوات تسأل وتقول: أملك خمسة وثمانين غرامًا من الذهب، ما هو مقدار الزكاة؟ وجّهوني حول هذا الموضوع، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الزكاة ربع العشر، في أربعين جنيه واحد جنيه، فإذا كنت تملكين خمسًا وثمانين جراما، فهو في الأصح أقل من النصاب قليلاً، فإذا أدّيت الزكاة عنه احتياطًا؛ لأنّ بعض أهل العلم يقول: إنّ خمسًا وثمانين تبلغ النّصاب، قد حررنا هذا، وعدلنا النّصاب اثنين وتسعين، إلاّ كسرًا يسيرًا، اثنين وتسعين جرامًا، يعني عشرين مثقالاً أحد عشر جنيهًا ونصفًا ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (299). ') ">

سعوديًّا، فإذا بلغ الذّهب عندك هذا المقدار أحد عشر جنيهًا ونصفًا سعوديًّا تؤدي زكاته ربع العشر، يعني جنيهًا واحدًا من أربعين جنيها، ونصف الجنيه من عشرين جنيهًا، هذا ربع العشر، أمّا خمسة وثمانون جرامًا فهي فيما حررنا أقل من النصاب، وإن أديت زكاتها احتياطًا فحسن. س: يقول السائل: هل الذهب يزكّى بقدر قيمته، أم بقدر وزنه بالجرام؟ وإذا كان بالوزن، فكم مقدار الوزن الذي تجب فيه الزكاة؟ ج: يزكى الذهب من الذهب، إذا كان أربعين عليه زكاة ربع العشر، أما إذا كان يزكّى بالقيمة فإنه مثلاً مَن عنده عشرون جنيهًا زكاتها نصف جنيه، لكن الجنيه ما فيه أنصاف، ما يتيسر أنصاف، فإنه يخرج نصف قيمة الجنيه، بما يساوي الجنيه في السوق، فإذا كان الجنيه يساوي مائة يأخذ خمسين، أمّا إذا كانت الجنيهات كثيرة، عنده أربعون يخرج واحدًا ربع العشر، وإذا كان عنده ستون يخرج واحدًا وقيمة النصف، يخرج جنيهًا ونصفًا من الستين، وإن أخذ القيمة كلها وفرّقها بين الفقراء كله طيب.

حكم إخراج الزكاة من الذهب إذا لم يبلغ النصاب

52 - حكم إخراج الزكاة من الذهب إذا لم يبلغ النصاب س: الذهب إذا لم يبلغ نصابًا، بل ادخرته للاحتياج فقط، فهل عليه زكاة؟ (¬1) (¬2) ج: إذا كان ما يبلغ النصاب ليس فيه زكاة، أمّا إن كان يبلغ النّصاب بنفسه أو بإضافة مال عندها أو فضة فإنه يزكّى. س: أريد أن أعرف بالضّبط، الزكاة على الذهب كم هي من الجرامات، وهل أدفع كل سنة أم مرّة واحدة تجزئ؟ جزاكم الله خيرًا؟ (¬3) ج: الزكاة تخرج كل سنة، والواجب ربع العشر للذهب والفضة جميعًا، في الألف خمسة وعشرون، والمائة اثنان ونصف، ومائة الألف ألفان ونصف، ألفان وخمسمائة، وبالجرام الواجب في الزكاة ربع العشر، في الجرام وغير الجرام، ولكن نصاب الذهب بالجرام اثنان وتسعون جرامًا، وبالمثاقيل عشرون مثقالاً، وبالجنيه أحد عشر ونصف جنيه سعودي، مقداره بالجرام اثنان وتسعون جرامًا، وبالمثاقيل عشرون ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (227). (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (227). ') "> (¬3) السؤال العاشر من الشريط رقم (282). ') ">

مثقالاً، أما الفضّة فمائة وأربعون مثقالاً، مائة وأربعون، ومقداره بالريال السعودي، فضة ستة وخمسون ريالاً في الفضة. وما يعادل ستة وخمسين ريالاً من العُمل يكون نصابًا، يكون أول النصاب، وما يعادل أحد عشر ونصف جنيه من الذهب يكون نصابًا، وهكذا عروض التجارة، من أوانٍ، أو ملابس، أو فرش، أو غير ذلك التي يراد بيعها معدّة للبيع، إذا بلغت قيمتها ستة وخمسين ريالاً فضة، أو بلغت قيمتها أحد عشر ونصف جنيه سعودي، فإن فيها الزكاة كلما حلّ عليها الحول، ما دامت منوية للتجارة، المقصود بها التجارة والبيع والشّراء، سواء أكانت أواني أو أراضي، أو ملابس، أو غير ذلك. س: الأخ السائل ر. ح، من محافظة تمير، يقول: درسنا في الفقه أن زكاة النقدين الذهب والفضة هي: في الذهب عشرون مثقالاً، أي ما يعادل اثني عشر جنيهًا، ونصاب الفضة مائتا درهم، أي ما يعادل ستة وخمسين ريالاً سعوديًّا، فأرجو التوضيح لهذه المسألة، وهل الريال المراد به الريال الورقي أم الفضة، وكذلك توضيح الذهب بالجرام، وأقل النصاب في ذلك، أو بالورق السعودي؟ جزاكم الله خيرًا؟

ج: أمّا الذهب فالنصاب عشرون مثقالاً، وبالجرام اثنان وتسعون جرامًا، والذهب بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهًا ونصفًا، أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع، يعني نصفًا إلا يسيرًا، فأحد عشر جنيهًا ونصف، هذا هو النصاب بالجنيه السعودي، وبالمثاقيل عشرون مثقالاً، وبالجرام اثنان وتسعون جرامًا، هذا هو النصاب، ما كان أقل من هذا فليس فيه زكاة، أما الفضة فهي مائة وأربعون مثقالاً، وبالريال السعودي ستة وخمسون ريالاً من الفضة، أو ما يعادلها من الورق، وبالريال في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مائتا درهم، وفي عهدنا ستة وخمسون ريالاً من الفضة، وما يقوم مقامها من الورق، والعُمل الأخرى، هذا هو النصاب، فإذا حال عليه الحول وجبت فيه الزكاة ربع العشر، في المائة اثنان ونصف، وفي الألف خمس وعشرون من الذهب والفضة.

بيان كيفية إخراج الزكاة من الذهب عند تغير الأسعار

53 - بيان كيفية إخراج الزكاة من الذهب عند تغير الأسعار س: بالنسبة لزكاة الذهب، هل أخرجها حسب المبلغ الأصلي الذي اشتريت به، أم حسب المبلغ الذي سيكون عند إخراج الزكاة؟ (¬1) (¬2) ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (265). (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (265). ') ">

ج: الزكاة تخرج من العروض على حسب القيمة عند إخراجها لا على حسب الثمن، إذا اشترى أرضا بعشرة آلاف للتجارة، وعند تمام الحول صارت تساوي عشرين ألفًا يزكي عشرين ألفًا، وهكذا لو كان عنده أوانٍ للتجارة، أو سيارات للتجارة، اشتراها بـ خمسين ألفًا، وعند تمام الحول صارت تساوي مائة ألف، الاعتبار بالقيمة عند إخراج الزكاة. س: أنا بعت ذهبًا قديمًا، ولم أزكّه من قبل، فأرجو أن توضِّحوا لنا كيف تكون زكاته، وإذا بعتُه بأربعة آلاف ريال، فهل أدفع الزكاة من هذا المبلغ؟ (¬1) ج: إذا كنتِ لم تعلمي وجوب الزكاة إلا بعد ذلك فلا شيء عليك، وإن كنتِ تعلمين ذلك فزكِّي هذه الأربعة، من كل ألف خمسة وعشرون ريالاً عن السنة الواحدة، عن كل ألف ربع العُشر، وهكذا السنوات التي قبلها، بحسب قيمة الذهب في السوق، الواجب ربع العُشر، تؤدِّين الزكاة من العملة المعروفة، وأما إن كنتِ لا تعلمين الزّكاة إلا في السنة الأخيرة فعليك الزكاة عن السنة الأخيرة، من كل ألف خمسة وعشرون. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (69). ') ">

س: هذه السائلة تقول: سماحة الشيخ، عندي ذهب هدية، فهل فيه زكاة؟ ج: نعم، إذا حال الحول على هدية وهي تبلغ النّصاب يجب فيها الزكاة، إذا أهدى إنسان إلى إنسان ما يبلغ النصاب من الذهب أو الفضة، وحال عليه الحول وجبت عليه الزكاة؛ لأنه صار ماله بالهدية، إذا قبلها صارت مالاً له، فإذا حال الحول بعد قبوله الهدية وقبضه لها فإنه يزكي الهدية، سواءً كانت ذهبًا أو فضة، أو مالاً آخر نوى به التجارة والبيع، فإذا حال فيه الحول وجبت فيه الزكاة.

حكم نقل الزكاة من بلد إلى آخر

54 - حكم نقل الزكاة من بلد إلى آخر س: أفيد سماحتكم أنَّني أعمل خارج بلدي، وبحمد الله استطعت أن أجمع مبلغًا لا بأس به من المال، وأحبّ أن أخرج الزكاة، لكني لا أعرف مقدار الزكاة الواجبة، ولا لمن تُعطى، هل تعطى للمساكين المتجمعين أمام المساجد، أم للمحتاجين من الأقرباء، وهل يجوز لي أن أرسلها لمن أرى أنه يستحقها من

أبناء بلدي خارج البلد الذي أعمل فيه؟ أرجو الإفادة عن هذه القضايا، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: أمَّا الزكاة فهي ربع العشر، بالنصّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبإجماع علماء المسلمين في مسألة النقود وعروض التجارة، يعني سهم من أربعين سهمًا، ربع العشر، الذهب والفضة وما يقوم مقامهما من العُمل، وقيمة عروض التجارة كالسيارات والأراضي، وأشباه ذلك، تعرف القيمة، وبعد ذلك يكون فيها ربع العشر، في المائة اثنان ونصف، في الألف خمسة وعشرون، وهكذا ربع العشر، يعني سهم من أربعين، هذا هو الواجب في النقود، وما يقوم مقامها من العُمل الورقية، وهو الواجب أيضًا في عروض التجارة، وعروض التجارة هي الأموال التي تُعَدُّ للبيع من أراضٍ أو سيارات، أو خام، أو حبوب، أو غير ذلك من الأمتعة، هذه يقال لها عروض تجارة المعدة للبيع، فإذا حال الحول عليها وجبت الزكاة في قيمتها، ربع العشر، فإذا كان عنده سيارات للبيع، وعند تمام الحول بلغت قيمتها مليونًا، زكّى مليونًا ربع العشر، خمسة وعشرون ألفًا، لأن عشر المليون مائة ألف، والربع خمسة وعشرون، هذا ربع العشر، وهكذا لو كان عنده أراضٍ تساوي مليونًا ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (194).

أعدّها للبيع، إذا حال عليها الحول يزكيها ربع قيمتها، فإذا كانت تساوي مليونًا، فيها خمسة وعشرون ألفًا، وإذا كانت تساوي مائة ألف، فيها ألفان ونصف (ألفان وخمسمائة)، وهكذا. المقصود ربع العشر، وهو سهم من أربعين سهمًا، هذه زكاة النقود من الذهب والفضة، وفيما يقوم مقامها من العُمل الورقية، وفي عروض التجارة، وهي الأموال المعدة للبيع. أمَّا زكاة الحبوب والثمار فهذه نوع آخر، وهي نصف العشر فيما يسقى بالمؤونة، بالمكائن والسّواني، والعشر فيما يسقى بالمطر والأنهار الجارية، والبعل الذي على المطر، هذا يكون فيه العشر كاملاً. فإذا كان ألف كيلو: يكون مائة كيلو، وهكذا عشرة آلاف كيلو يكون ألفًا، الزكاة العشر فيما يسقى بلا مؤونة، بلا كلفة، بالأنهار بالمطر بالبعل، كونه يبذر في الأرض ويصلح على نداوة الأرض التي فيها الماء بغير حاجة إلى مكائن ولا سوانٍ ولا تعب، هذا فيه العشر كاملاً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سُئل عن ذلك: «فيما سقي بالنّضح نصف العشر، وفيما سُقي بالأنهار العشر» (¬1) المقصود أن هذا هو الحكم فيما ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة باب العشر فيما يسقى من ماء السماء برقم (1483).

يسقى بالمؤونة، وبغير مؤونة، ما يسقى بالمؤونة بالسّواني والمكائن فيه نصف العشر، وما يسقى بلا مؤونة ولا كلفة فيه العشر كاملاً. وأمَّا الحيوانات فلها زكاة أخرى نوع آخر أيضًا إذا كانت زكاة سائمة، راعية من الإبل والبقر والغنم، مفصّلة في الأحاديث، ومن كلام أهل العلم، والسائل إنما سأل عن النقود، وهذا بيان النقود، كما سمعت، ربع العشر. أمَّا إخراجها فإنها تصرف للفقراء والمساكين، وغيرهم ممن سمَّى الله في قوله جل وعلا: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}. فإذا كان في بلده فقراء من أقاربه أو غيرهم فهم أولى من غيرهم، الفقراء في البلد أولى من غيرهم، فإذا كانوا من الأقارب فهم أولى، الصدقة والصلة، وإذا دعت الحاجة إلى نقلها إلى فقراء خارج البلد، أقارب فقراء خارج البلد؛ لأنهم أشدّ حاجة وأشد ضرورة فلا بأس بنقلها على الصحيح، وهكذا لو نقلها إلى المجاهدين في أرض فلسطين

فلا بأس بذلك؛ لأنهم في حاجة، ونقلها إليهم فيه مصلحة عظيمة، ومتى اجتهد صاحب الزكاة وفرّقها في بلده، أو في فقراء خارج بلده من الأقارب وغيرهم، فكل ذلك جائز والحمد لله، إذا كان في البلد فقراء هم أفضل وأولى، وإذا كانوا أقارب فالصدقة فيهم أفضل أيضًا؛ لأنها صدقة وصلة رحم جميعًا، ولكن يجوز نقلها لمصلحة راجحة، يجوز أن تنقل من بلد إلى بلد، إذا كانت المصلحة أرجح لأقارب بعيدين، أو المجاهدين في سبيل الله المحتاجين، أو فقراء حاجتهم شديدة، فينقلها مثلاً من مكة إلى جدة، أو من الرياض إلى الخرج، وإلى الأحساء، وإلى أبها، إلى غير هذا، لمن يعرف أنه فقير يعطى، سواء كان " فمن " يتجمع حول المساجد، أو في أيّ مكان، من ادّعى الفقر والحاجة، والعلامات ظاهرة عليه، ولا يوجد ما يكذّبه فلا بأس أن يعطى. والنبي صلى الله عليه وسلم لمَّا شكا إليه جلان، وطلبا منه الزكاة ورآهما جلدين، يعني نشيطين، قال: «إن شئتما أعطيتكما ولا حظّ فيها لغني ولا لقوي مكتسب» (¬1) والإنسان قد يكون جلدًا ولكن ما عنده ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب من يعطى من الصدقة وحد الغنى، برقم (1633)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب مسألة القوي المكتسب، برقم (2598).

مال، ولا وجد عملاً، فيعطى إذا أظهر الحاجة والفقر، ولا يوجد ما يدل على أنه كاذب يعطى؛ لأنه قد يكون صادقًا، ما وجد عملاً، ما حصل له شيء، فالحاصل أن من أظهر الفقر والحاجة، وسأل ولا يوجد ما يدل على كذبه يعطى.

مسألة في تقدير نصاب الذهب والفضة بالجنيه السعودي

55 - مسألة في تقدير نصاب الذهب والفضة بالجنيه السعودي س: ما هو مقدار نصاب النقود؟ (¬1) ج: الذهب عشرون مثقالاً، ومقدارها بالغرام اثنان وتسعون غرامًا، ومقدار النصاب بالجنيهات السعودية: أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع جنيه، ولا بأس بالتعميم بنصف، أحد عشر ونصف؛ لأن الفرق يسير بين النصف وبين الثلاثة أسباع، فهذا هو النصاب، أحد عشر جنيهًا ونصفًا؛ لأنه أوضح في حساب العامة. هذا هو النصاب بالجنيه، هو عشرون مثقالاً، وبالغرام اثنان وتسعون غرامًا. أما الفضة فإن نصابه مائة وأربعون مثقالاً، وبالدراهم السعودية ستة وعشرون ريالاً فضة، وبالغرامات مثل نصاب الذهب سبع مرات؛ لأنها مائة وأربعون مثقالاً، ستمائة وأربعون غرامًا، ستمائة وأربعون ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (254).

غرامًا هي ضرب سبعة في عشرين، ستمائة وأربعون غرامًا، الفضة.

مسألة في تقدير نصاب الذهب والذهب بالريال السعودي

56 - مسألة في تقدير نصاب الذهب والذهب بالريال السعودي س: هذا السائل ص. ح. يقول: ما هو نصاب زكاة النّقود بالريال، سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: زكاة النّقود من الفضة مائة وأربعون مثقالاً، مقدارها بالفضة بالريال السعودي الفضي ستة وخمسون ريالاً، وبالعملة الورقية ما يقابل ذلك، ما يساوي ستة وخمسين ريالاً فضيًّا فيه زكاة، وقال بعض أهل العلم ستة وخمسون ريالاً ورقيًّا فيها زكاة كالفضة؛ لأنها أقيمت مقامها، وفي كل حال إذا كان عنده من الورق سواء من عملة الريال أو عملة العشرة، أو عملة ما فوق العشرة كالخمسين، إذا كان عنده عملة تساوي ستة وخمسين ريالاً فضة، فهذا نصاب، وما زاد على ذلك بحسابه. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (374).

بيان نصاب الزكاة من الريال السعودي

57 - بيان نصاب الزكاة من الريال السعودي س: هل إذا كان لدى امرأة مال في حدود ثلاثة آلاف ريال، وربما أقل، هل تجب فيه الزكاة حينئذٍ؟ (¬1) (¬2) ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (231). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (231). ') ">

ج: نعم، في الثلاثة آلاف وما دونها أيضًا، متى صار عنده نصاب وجبت عليه الزكاة إذا حال عليه الحول. ولو قليل، فإذا حال الحول عليه وعنده مائة ريال يزكّيها ريالين ونصفا. أو ألف ريال يزكيها خمسة وعشرين. المقصود إذا حال الحول وعنده نصاب وجبت عليه الزكاة ولو كان قليلاً، والنصاب من الفضة ستة وخمسون ريالاً فضة، وما يقوم مقامه من العُمل المعروفة من الدولار، أو الريال السعودي الورق، أو من الدنانير، وما يقوم مقامها يزكّى. س: الأخ ع. أ. ع، يقول: إن لديه مبلغ عشرة آلاف ريال سعوديٍّ، ويريد أن يخرج زكاتها، لكنه لا يعرف كيف يخرجها، وهل يجوز أن يبقيها حتى يرجع إلى بلده، ويخرج زكاتها هناك، أم لا يجوز ذلك؟ وفقكم الله (¬1) ج: الواجب على المسلم البدار بإخراج الزكاة، إذا حال الحول، يجب أن يبادر في أي محل كان، ويلتمس الفقراء والمحاويج، يسأل عنهم أهل الثقة والأمانة في بلده، الذي هو فيه، ثم يخرج الزكاة، سواءً كان في اليمن أو في الشام، أو في مصر، أو في الجزيرة، أو في أي ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (162). ') ">

مكان، الله أوجب عليه إخراج الزكاة، وإذا كان المال عشرة آلاف، فالزكاة مائتان وخمسون ريالاً، ربع العشر؛ لأن الألف هو العشر، وربعه مائتان وخمسون، فيلتمس بعض الفقراء، ويدفع إليه الزكاة، ويستعين في ذلك بأهل الثقة والأمانة من أصحابه وإخوانه، حتى يدلّوه على الفقراء ويرشدوه إليهم، فإن لم يتيسر له فقراء أرسلها إلى من يعرفهم من الفقراء في بلاده، أو في بلاد أخرى بواسطة الثقات الذين يؤدونها إلى الفقراء والمحاويج، ولا يتساهل، ولا يؤجل، بل يبادر بإخراجها في وقتها. س: تقول السائلة: لدينا بعض المال في المصرف، يبلغ حوالي ألفًا وسبعمائة دينار، من ضمن ما تركه لنا والدنا، لي ولإخوتي، ونحن لا نتصرف في هذا المال، وهو موجود في المصرف إلى حين نكبر، ويكبر إخوتي القُصر، ونعطيه لهم، هل تجب في هذا المال زكاة، وما مقدار المال الذي تجب فيه الزكاة؟ (¬1) ج: نعم، تجب فيه الزكاة كل سنة، وهي ربع العشر، من كل ألف خمسة وعشرون، ومن كل مائة اثنان ونصف، فالواجب على أولياء ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (203) ') ">

القاصرين أن يخرجوا الزكاة، ولا ينبغي أن تبقى هذه الدراهم في المصرف، بل ينبغي أن تسلم لمن يتّجر فيها، ويتسبب فيها حتى تنمو، ولا ينبغي أن يعامل بها المصرف معاملة ربوية بفائدة معينة، كخمسة بالمائة، هذا لا يجوز، لكن لا تبقى في المصرف، بل ينبغي دفعها إلى الثقات، يتصرف فيها، يتّجر فيها بربع الربح، أو بنصف الربح، يعني جزء مشاعًا معلومًا، هذه مضاربة لا بأس بها، فإذا دُفع المال إلى إنسان ثقة يتجر فيه بنصف الربح، أو بثلث، أو بربع، أو نحوه، هذا أولى من جلوسها في المصرف تنقصها الزكاة، ولا يستفيد منها القاصرون، ولا يجوز أن يعامل بها البنك بالربا، ولكن وليّ القاصرين يأخذ الدراهم، ويجعلها في يد إنسان ثقة يتسبّب فيها، ويتجر بنصف الربح، أو بأقل، أو بأكثر، يعني جزء مشاعًا معلومًا، وأقل النصاب ما يعادل عشرين مثقالاً من الذهب، أو مائة وأربعين مثقالاً من الفضة، هذا أقل النصاب، يعني يساوي هذا من الذهب والفضة، أو عروض التجارة، يكون فيها الزكاة، وهو ما يساوي عشرين مثقالاً من الذهب، وهو يساوي اثنين وتسعين غرامًا إلا كسرًا يسيرًا، هذا يسمى نصابًا، وهكذا ما يساوي مائة وأربعين مثقالاً من الفضة، هذا يسمى نصابًا، إذا كان يساوي هذا، أو يزيد عليه يسمى نصابًا، وفيه الزكاة إذا حال عليه الحول.

س: أنا أملك مبلغًا حوالي عشرين ألف ريال، منها عشرة آلاف سلف لدى شخص، وعشرة آلاف حسابي في البنك، وكل من المبلغين مرَّ عليه عام، وأنا أحتاجهما لكي أعمر بيتًا لأولادي بمصر، وأنا لم أذهب من عامين لمصر لأجل توفير هذا المبلغ لأولادي، رجاء تعليمي، هل يصح عليهم الزكاة أم لا؟ وهل يجوز أن أرسلها إلى إخوتي في مصر؟ (¬1) ج: نعم، العشرة المحفوظة في البنك عليك زكاتها ربع العشر، وربع العشر مائتان وخمسون؛ لأن عشرها ألف، وربعه مائتان وخمسون، أمَّا التي عند بعض الإخوان على سبيل القرض، فهذا إن كان موسرًا ليس بمماطل، متى طلبتها أعطاك إياها، فعليك زكاتها أيضًا مثل العشرة الأخرى، مائتان وخمسون، أمَّا إن كان معسرًا عاجزًا عنها، لا يستطيع ردّها إليك، أو مماطلاً لا يبادر بتسديدها إليك، بل يماطل ولا يعطيك إياها، فإنك لا تلزمك زكاتها، حتى تقبضها، فإذا قبضتها فاستقبل بها حولاً جديدًا، فإن زكّيتها عن هذا العام فلا بأس، لكن لا يجب عليك، المقصود أنه لا زكاة عليك إذا كان معسرًا، أو مماطلاً، أمَّا إن كان ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (152). ') ">

موسرًا، متى طلبتها أعطاك فعليك زكاتها، كالعشرة التي في البنك، ولا بأس أن ترسلها إلى إخوتك في مصر إذا كانوا محاويج. س: نرجو الإفادة عن زكاة المال، وإذا أمكن ذلك بالجنيه المصري؟ ج: زكاة المال ربع العشر من الذهب والفضة، وما يقوم مقامها من العُمل، الواجب في النقدين الذهب والفضة ربع العشر، والنصاب في الفضة مائة وأربعون مثقالاً، والذهب عشرون مثقالاً، وما يقوم مقام هذه المثاقيل، هذا أقل نصاب، والواجب على من عنده مال يبلغ النصاب إخراج ربع العشر، سواء كان جنيهًا مصريًّا، أو استرلينيًّا أو دولارًا، أو عملة سعودية، أو غير ذلك، الواجب ربع العشر، في المائة اثنان ونصف، في المائتين خمسة، في الألف خمسة وعشرون، هذه الزكاة الواجبة، وهكذا كلما زاد المال زادت الزكاة، وهي ربع العشر، يعني سهمًا من أربعين.

حكم زكاة المال إذا بلغ حولا وهو دون النصاب

58 - حكم زكاة المال إذا بلغ حولاً وهو دون النصاب س: لي خمسة دنانير في البنك، وقد مر عليها الحول ولم أستفد منها، فهل عليها زكاة؟ علمًا بأن خمسة دنانير حوالي أربعين ريالاً سعوديًّا (¬1) (¬2). ج: إذا كان عندك دراهم تكمل النصاب فعليك الزكاة إذا تم الحول، أما إذا ما كان عندك إلا هذه الدنانير، فإنها ليس فيها زكاة، يعني لا تبلغ النصاب، فإذا كان عندك دنانير تم عليها الحول تضم إلى هذه فلا بأس، إذا كان الجميع نصابًا وتم على الجميع الحول فإنك تزكي الجميع، أما إذا كان الذي عندك هذه الدنانير فقط، الخمسة دنانير، فإنها لا تبلغ النصاب، فلا زكاة فيها. س: كم مقدار المال الذي تجب عليه الزكاة وفقكم الله؟ ج: النصاب الذي تجب فيه الزكاة من الذهب عشرون مثقالاً، أو ما يقوم مقامها من الدنانير الكويتية، وغيرها، ومن الفضة مائة وأربعون مثقالاً، ومقدار ذلك بالجنيه السعودي والإفرنجي أحد عشر جنيهًا ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (6). (¬2) السؤال من الشريط رقم (6). ') ">

وثلاثة أسباع الجنيه؛ لأن الجنيه مثقالان إلا ربع، والنصاب عشرون مثقالاً، فإذا كان عند الإنسان أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع الجنيه من الذهب، فإنه تجب فيه الزكاة إذا حال عليه الحول، سواءً كان الذهب جنيهات بنفسها، أو كانت حليًّا، أو كانت قطعًا غير مسبوكة، أو كان عنده ما يقابلها من العُمل الورقية، فإنه يزكّي ذلك إذا حال عليه الحول، وهكذا الفضة إن كان عنده منها ما يقابل مائة وأربعين مثقالاً، ومقدار ذلك ستة وخمسون ريالاً فضة من الدراهم السعودية، أو ما يقابل ذلك من العملة الورقية، بحسب القيمة في الأسواق، هذا هو الذي تجب فيه الزكاة، وما كان أقل من ذلك فإنه لا زكاة فيه.

كم إعطاء الفقير من الزكاة إذا كان يمتلك مالا بلغ النصاب

59 - كم إعطاء الفقير من الزكاة إذا كان يمتلك مالاً بلغ النصاب س: ما هو نصاب الزكاة بالنسبة للعملة العراقية (الدينار)، وهل تجب الزكاة على الشخص الذي تدفع له الزكاة في نفس الوقت؟ (¬1) ج: أمَّا النصاب فقد وضّحه النبي صلى الله عليه وسلم، فالذهب نصابه عشرون مثقالاً، ومقدار ذلك بالغرام اثنان وتسعون غرامًا، وبالجنيه السعودي والإفرنجي أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع الجنيه، ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (62).

يعني أحد عشر ونصف، الكسر اليسير لا يضر؛ لأنه أوضح للحاسب، هذا هو النصاب بالنسبة للذهب، والفضة نصابها مائة وأربعون مثقالاً من الفضة، فما يقوم مقام ذلك من الدولار الأمريكي، أو الدينار العراقي، أو غير ذلك، ما يقوم مقام هذا ما يساوي مثلاً مائة وأربعين مثقالاً من الفضة، أو يساوي أحد عشر جنيهًا ونصفًا من الذهب، هذا يسمى نصابًا، ويجب فيه ربع العشر، في المائة اثنان ونصف، في المائتين خمسة، في الألف خمسة وعشرون، ربع العشر، وإذا أحب أن يزكّي ما عنده ولا ينظر إلى النصاب فالأمر في هذا واسع؛ لأن النصاب قليل؛ لأن أقل من النصاب يكون شيئًا قليلاً، فإذا كان عند الإنسان أموال تزكّى؛ لأن النّصاب قليل جدًّا، مقدار عشرين مثقالاً من الذهب، أو مائة وأربعين مثقالاً من الفضة، مقداره ستة وخمسون ريالاً من السعودي، وهذا شيء قليل، ولا يحتاج الإنسان إلى التكلف من جهة النصاب، يزكي ما عنده، والحمد لله؛ لأنه في الغالب قد بلغ النصاب، وأهل المئات والألوف قد بلغ النصاب، إنما قد يشتبه على أهل الدنانير القليلة الذين عندهم شيء قليل، هؤلاء ينظرون في قيمتها بالنسبة إلى الجنيه الإفرنجي والسعودي المعروف، بالنسبة إلى عشرين مثقالاً من الذهب ماذا تساوي، إذا كان ما عنده يساوي عشرين مثقالاً من الذهب

وجبت فيه الزكاة، أو يساوي مائة وأربعين مثقالا من الفضة وجبت فيه الزكاة، ويعرفون هذا بالنظر في أهل الذهب والفضة، إذا راجعوهم أهل الذهب والفضة والصيارفة، وسألوهم عن قيمة عشرين مثقالاً من الذهب، وعن قيمة مائة وأربعين مثقالاً من الفضة عرفوا ذلك، ولا حاجة إلى التكلف إذا زكّى ما عنده، فالحمد لله. إذا كان عليه زكاة وهو فقير يعطى، إذا كان مثلاً إنسان عنده ألف دينار، قلنا: عليه خمسة وعشرون زكاة، ربع العشر، ولكن هذا الألف الذي يتسبب فيه ويعمل فيه ما يكفيه، عنده عائلة، ما يكفيه هذا، لو صرف هذا المال ما بقي عنده شيء، فهو يعمل في هذا المال في بيع وشراء في سلع، وقد يعطى من الزكاة ما يقوم بحاله وتبقى هذه الجنيهات التي عنده أو الدولارات التي عنده، يتسبب فيها ليستعين بها على حاجات البيت، فيعطى؛ لأنه فقير، ويزكّي ما عنده من هذا المال الذي بلغ النصاب، فعنده ألف دينار، مثلاً، يزكيه خمسة وعشرين كل سنة إذا كان في حاجات يبيعها في دكان، أو مبسط، أو بقالة، يزكيها ويعطي من الزكاة ما يكمل حاجته؛ لأن ربح الدينار أو الدولار، أو الجنيه الإسترليني، أو ما يقوم مقامها، ربحها قد لا يقوم بحاله، ولا يكفيه في حاجات البيت، فيعطى من الزكاة ما يسد حاجته، ولا يقال

عليك أن تنفق هذا، وتبقى معطلاً، بل يتسبّب في هذا المال الذي لديه حتى يستعين بربحه في حاجات البيت، ويعطى من الزكاة ما يقوم بحاله، وهكذا لو أن عنده مائة دينار، وزكى منها اثنين ونصفًا في المائة، الباقية ما تسوي شيئًا بالنسبة لحاجته فيعطى ما يسدّ حاجته من زكاة إخوانه المسلمين، ولا بأس، هذا الذي عليه جمهور أهل العلم، ذهب بعض أهل العلم بأن من زكى لا يعطى، وهذا قول ضعيف، الصواب أنه يعطى إذا كان فقيرًا، ولو وجبت عليه الزكاة في مالٍ عنده.

بيان كيفية إخراج الزكاة من جميع الأوراق النقدية

60 - بيان كيفية إخراج الزكاة من جميع الأوراق النقدية س: متى تستحق الزكاة، وكم زكاة الفلوس العراقية إذا كان المبلغ ألفين ومائتي دينار عراقي؟ (¬1) (¬2) ج: العراق مثل غيره، كلما جمع مال فيه ربع العشر، سواء الدينار العراقي أو غيره، فالألفان فيهما خمسون، والألف فيه خمسة وعشرون، ربع العشر زكاةً، وإذا كان عنده مائة ألف من الدنانير فيها ربع العشر ألفان ونصف، في المليون ربع العشر، خمسة وعشرون ألفًا، وهكذا، المقصود ربع العشر مما يملك الإنسان من النقود، سواء عراقية أو ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (32). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (32). ') ">

أردنية، أو إنجليزية أو أمريكية، أو غير ذلك، ربع العشر من الذهب والفضة، من الأوراق النقدية هذه، وتعطى للمستحق للزكاة، تعطى الفقراء والمحاويج من المسلمين، والإنسان الذي عليه دَيْن يعجز عن أدائه، والغارم يعطى ما يسدد دينه، والمؤلَّف رئيس العشيرة، كبار القوم إذا كانوا فقراء، أو ضعيفًا إسلامهم، أو يُخشى عليهم الردة يعطَوْن ما يؤلفون به حتى يقوى إيمانهم ويقوى إسلامهم، رؤساء العشائر كبار القوم الذين يرجى من عطيتهم قوة إيمانهم، وقوة إسلامهم، وتعاونهم مع المسلمين. س: الأخت س. ع. أ. من العراق تقول: عندي مبلغ سبعة آلاف دينار، لم أخرج زكاتها حتى الآن، حيث إنني عزباء وأختي عزباء، ولا أملك دارًا للسكن ولا أثاثًا، حيث أسكن حاليًّا في بيت من الطين، ورثته أنا وأشقائي ووالدتي عن والدي، فهل عليّ أن أخرج الزكاة أم لا؟ أرجو الإفادة مأجورين، جزاكم الله خيرًا. ج: نعم، عليك الزكاة؛ لأن المؤمن يزكي ماله الذي عنده إذا دار عليه

الحول، ولو أنه أعدّه لشراء بيت أو للتزوّج، أو لقضاء دَين، أو لغير هذا من الأمور التي تهمه، إذا حال عليه الحول يزكيه.

بيان أن التبرع بالمال بعد مضي الحول لا يسقط الزكاة

61 - بيان أن التبرع بالمال بعد مضي الحول لا يسقط الزكاة س: رجل يملك خمسة آلاف دينار، ومضى عليه سنة كاملة، وفي نهاية السنة دفع منها ألفي دينار، تبرع بها لبناء مسجد، هل تجب عليه حينئذٍ زكاة الخمسة أم زكاة الثلاثة الباقية؟ (¬1) ج: تجب زكاة الخمسة إذا حال الحول عليها قبل أن يسلم الألفين في عمارة المسجد، إذا كانت السنة دارت عليها وتمت فعليه أن يزكي الخمسة جميعًا، أمّا إن كان أخرج الألفين قبل تمام السنة فإنه يزكي الثلاثة فقط. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (136).

بيان كيفية إخراج المقيم في غير بلده زكاة ماله

62 - بيان كيفية إخراج المقيم في غير بلده زكاة ماله س: معي مبلغ من الدنانير الأردنية، مضى عليها نصف الحول، فهل أدفع الصدقة عنها أو الزكاة في البلد الذي أقيم فيه، أم في بلدي، وبالقيمة التي يجب دفعها، وجهوني (¬1) (¬2). ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (354). (¬2) السؤال من الشريط رقم (354). ') ">

ج: إذا حال عليها الحول تؤدي الزكاة في محلك الذي أنت فيه، سواء كنت في بلدك أو في غيرها، إذا حال عليها الحول، السنة، فعليك أن تؤدي زكاتها، ربع العشر، في المائة ثنتان ونصف، في الألف خمسة وعشرون، في المحل الذي أنت فيه، تعطيه الفقراء في بلدك، وإن نقلتها إلى بلدٍ آخر أجزأت والحمد لله، وليس عليها زكاة الدنانير والدراهم، وجميع أموال الزكاة ليس فيها زكاة حتى تكمل الحول، إلا الحبوب والثمار، هذه فيها زكاتها إذا نضجت، إذا نضجت فعليه زكاتها، وإذا جعلها في البيدر ويبست أخرج زكاتها، المقصود أن الثمار والحبوب والتمور والعنب زكاتها تجب إذا استوت ونضجت، وجبت فيها الزكاة، وأما الأموال الأخرى؛ الذهب والفضة، والإبل والبقر والغنم الراعية، وعروض التجارة هذه لا بد فيها من السنة، الزكاة لا تجب إلا في السنة مرة، كل سنة يزكّيها. س: أنا أعمل هنا بالمملكة، وقد تغرّبت عن بلدي بحثًا للرزق الحلال والحمد لله، فقد جمعت مبلغًا من المال، وادّخرته إلى حين عودتي إلى أهلي الذين هم في أمس الحاجة إليه، فهل تجب عليّ فيه زكاة أم لا؟ نظرًا لحاجة أهلي الماسة إليه؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (55). ') ">

ج: إذا جمع المسلم مالاً يبلغ نصاب الزكاة، وأرصده لقضاء دَين، أو للزواج، أو ليذهب به إلى أهله، أو ليشتري به مسكنًا، أو لغير ذلك، فإن هذا المال تجب فيه الزكاة إذا حال عليه الحول، ولا يكون إرصاده من أجل الزواج، أو قضاء الدَّين، أو الذهاب إلى الأهل، لا يكون عذرًا في إسقاط الزكاة، ولا مسوغًا لذلك، هذا هو المعروف من الأدلة الشرعية، ومن كلام أهل العلم، فعليك أيها السائل أن تؤدي زكاة المال إذا حال عليه الحول، ولو كنت أرصدته لتذهب به إلى بلادك للإنفاق على والديك، أو للزواج، أو لأسباب أخرى. س: أنا موظف أعمل في إحدى الشركات، والشركة التي أعمل بها بعثت بي إلى الخارج للدراسة، وفي أثناء تواجدي في الخارج للدراسة كانت الشركة تضع لي مرتبي الشهري وعلاواتي في البنك، وقد مضى عليها سنتان وهي تتجمع في البنك، ولم آخذ منها إلا مبالغ قليلة أثناء تواجدي في بلدي، ثم أسافر لأكمل دراستي، والسؤال هنا هل علي زكاة في هذا المال، علمًا أني لا أدخره للتجارة، أو نحو ذلك، بل إنني أجمعه حتى تنتهي دراستي وأعود إلى بلادي نهائيًّا؛ لكي أتزوج منه وأبني أسرتي،

وإن كانت هناك زكاة ما هو المقدار فيها؟ (¬1) ج: لا ريب أن الأموال التي يجمعها المؤمن إمّا لزواج، وإمَّا لتعمير سكن، وإما لغير هذا تجب فيها الزكاة؛ لأن الله جل وعلا أوجب الزكاة في النقدين وما يقوم مقامها من العمل، وهكذا أوجب الزكاة في بهيمة الأنعام السائمة، من الإبل والبقر والغنم، وتجب الزكاة أيضًا في عروض التجارة المعدة للبيع، وأوجب الزكاة في الحبوب والثمار إذا بلغت النصاب، وهذه الأموال التي تحفظ في البنك وتودع في البنوك ليستنفع بها صاحبها في قضاء دَين، أو ليستنفع بها في زواج، أو في تعمير سكن، أو في غير ذلك، كلها تجب فيها الزكاة، ولا نعلم خلافًا بين أهل العلم في ذلك إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، والواجب ربع العشر، في كل مائة اثنان ونصف، في الألف خمسة وعشرون، هذا هو الواجب عند جميع أهل العلم، ربع العشر كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام، قال: «في كل مائتين خمسة دراهم» (¬2) هكذا قال عليه الصلاة والسلام. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (68). ') "> (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة، برقم (1574) والترمذي في كتاب الزكاة عن رسول الله، باب ما جاء في زكاة الذهب والحلي، برقم (620).

س: سائل يقول: بعد إخراج زكاة مالي للعام الماضي، وبالتحديد في نهاية شهر رمضان الماضي، كانت جملة ما تبقى معي خمسة وعشرين ألف ريال، ثم ادّخرت من راتبي الشهري مبلغًا، حيث أصبح معي خمسة وثلاثون ألف ريال، ثم اشتريت بعض الأغراض من هذه الأموال، بحيث أصبح ما معي الآن واحدا وعشرين ألف ريال، وهكذا، فإن المبلغ يزيد وينقص، فكيف أخرج الزكاة هذا العام، وهل يتم تقدير الزكاة على ما أملك، ويكون تحت يدي في شهر رمضان القادم إن شاء الله، أم على الخمسة والعشرين ألفًا؟ وجهوني جزاكم الله خيرًا. ج: عليك أن تخرج الزكاة على المبلغ الذي يحول عليه الحول، فإذا حال الحول على خمسة وعشرين ألف ريال فإنك تزكي خمسة وعشرين ألفًا، وإذا حال على أكثر منها زكّه، أمّا الشيء الذي يأتي إليك من راتب، أو غيره، ثم تنفقه قبل أن يحول عليه الحول، هذا لا زكاة فيه، فإذا أنفقته قبل أن يحول عليه الحول فليس فيه زكاة، المقصود أن الزكاة في الذي يحول عليه الحول، وفي ربحه إن كان له ربح ربحه تبعٌ

له، لا حاجة إلى حول إذا كان عندك خمسة وعشرون، ثم بعت فيها واشتريت فيها، حتى صارت ثلاثين أو أكثر، زكّ الجميع إذا حال الحول على الأصل، أما الزيادات التي تأتي إليك من راتب أو من هدية أو نحو ذلك، فهذه لا زكاة فيها حتى يمر عليها الحول.

بيان كيفية إخراج الموظف زكاة المال من راتبه

63 - بيان كيفية إخراج الموظف زكاة المال من راتبه س: يقول السائل: أنا موظف، ولديَّ راتب شهري، فهل على الراتب الشهري زكاة، وما مقدارها؟ مع العلم أن راتبي حوالي مائة دينار عراقي، وفقكم الله (¬1). ج: لا شك أن في الرواتب زكاة إذا حال عليها الحول، إذا كان راتب الإنسان من الدنانير أو الدولارات، أو الدراهم، أو الجنيهات، كل أنواع العُمل فيها زكاة إذا حال عليها الحول، فإذا حال على راتبك، أيها السائل، إذا جمعت منه مالاً، وحال عليه الحول، فإنه تجب فيه الزكاة، ربع العشر، من كل أربعين دينارًا دينار واحد، ربع العشر، أمّا إذا كنت تنفق راتبك في وقته، ولا يبقى عندك شيء منه فليس عليك زكاة، إنما الزكاة فيما حال عليه الحول، إذا اجتمع من راتبك شيء يبلغ النصاب، ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (24).

وحال عليه الحول، فإنه يجب عليك فيه الزكاة، أما إذا كنت لا تبقي شيئًا منه بل تنفقه في وقته فلا زكاة في ذلك.

مسألة في بيان كيفية إخراج الزكاة من الراتب

64 - مسألة في بيان كيفية إخراج الزكاة من الراتب س: ما هي الكيفية التي يجب أن أزكي بها راتبي الشهري، مع العلم بأني موظف، وليس لدي من الأموال غير هذا الراتب الذي أتقاضاه، هل أزكي كل راتب ساعة استلامه شهرًا بشهر، كزكاة الزروع والثمار؟ أم أنتظر حتى يحول الحول على كل شهر ثم أزكي رصيده في نفس الشهر من العام المقبل، أم ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: الواجب أن يزكى الراتب وغير الراتب إذا حال حوله، فإذا حصل لك في رمضان عشرة آلاف ريال وبقيت إلى الحول زكيتها، أو بقي نصفها زكّيت الباقي، وهكذا في شوال، وهكذا في ذي القعدة، وهكذا في ذي الحجة، كل شهر بشهره إذا حال حوله تزكي ما بقي منه، وتضبط الأمور بالكتابة، حتى تحفظ ما يجب عليك، هذا الواجب عليك، ولا يجب إخراج الزكاة من حين وصول مرتبك إليك، لا، الواجب إذا حال ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (139). (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم (139). ') ">

الحول، كما قال ابن عمر رضي الله عنهما وغيره إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من استنفد مالاً فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول» (¬1) وجاء مرفوعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث علي رضي الله عنه: «لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول» (¬2) هذا هو الصواب، أما قول من قال: إنه يزكي ما حصل له من هبة أو مرتب من حين استلامه بدون حول، فهذا قول ضعيف مرجوح. والصواب أنه لا يجب في الإرث، ولا فيما يهدى إليك، ولا في مرتبك زكاة حتى يحول الحول على ذلك، على نصيبك من المال في الإرث، إذا كان نقودًا من الذهب والفضة حتى يحول الحول، وهكذا لا يجب عليك الزكاة فيما وهبك أحد إخوانك، أو أهدى إليك أحد إخوانك، ليس عليك زكاةٌ حتى يحول عليه الحول، إذا أنفقته قبل ذلك فلا شيء عليك، وهكذا المرتب، إنما تجب زكاته إذا حال عليه الحول. س: يسأل سماحتكم عن الزكاة، وعن زكاة الراتب بالذات، كيف ¬

(¬1) أخرجه الترمذي أبواب الزكاة عن رسول الله، باب لا زكاة على المال المستفاد حتى يحول عليه الحول، برقم (631). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزكاة، باب من استفاد مالاً، برقم (1792).

يخرجها؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كان الراتب يحفظ حتى تمر عليه السنة فإنه يزكى إذا كان يبلغ النصاب، أي أكثر من ستة وخمسين ريالاً فضة، أو ما يقوم مقامها من النقود، إذا حال عليها الحول يزكيه، أما إذا أنفق قبل أن يتم الحول فلا زكاة فيه. س: كيف هي زكاة الراتب الشهري إذا لم أوفر منه شيئًا، وأنفقه على الوجه الشرعي؟ ج: إذا كان الراتب لا يتوفر منه شيء، بل ينفق في وقته فليس فيه زكاة، أما إذا كان يبقى شيء حتى حال عليه الحول فإنه يزكى، إذا كان نصابًا وحال عليه الحول، يزكى في كل مائة اثنان ونصف، وفي الألف خمسة وعشرون، أمّا إذا كان الرّاتب ينفق في وقته، ولا يبقى شيء فليس فيه زكاة، والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (338). ') ">

بيان كيفية إخراج الزكاة من الإيجار

65 - بيان كيفية إخراج الزكاة من الإيجار س: كيف نزكي الإيجار والراتب، ولا سيما أن البعض لا يدفع

الإيجار إلا عند نهاية العام؟ (¬1) ج: إذا حال الحول على الأجرة يزكيها، سواء كان عندك أو عند المستأجر، إذا حال الحول وتمت السنة وهي موجودة تزكيها، أمّا إن قبضتها قبل تمام السنة، وأنفقتها في حاجاتك فلا زكاة عليك، الزكاة عليك إذا قبضتها وحال عليها الحول، أو بقيت عند صاحبها وسلمها للأجرة عند تمام الحول يزكيها. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (295).

مسألة في بيان كيفية إخراج الزكاة من الراتب الشهري

66 - مسألة في بيان كيفية إخراج الزكاة من الراتب الشهري س: أنا أعمل في المملكة، وكل شهر أستلم مرتبي، فعندما يحول الحول كيف أخرج الزكاة؟ هل عن الشهر الأول الذي حال عليه الحول، أم عن مرتب السنة كلها التي عملتها من أول شهر وآخر الشهر الذي أخرج فيه الزكاة؟ (¬1) (¬2) ج: كلما حال الحول على راتب فزكّه، الشهر الأول يزكى أولاً، والشهر الثاني هكذا، أو الثالث، هكذا كلما تَمَّ الحول على راتب وجبت فيه الزكاة، إلا إذا أردت تقديم الزكاة عن الأحوال المتأخرة قدمّتها مع ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (297). (¬2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (297). ') ">

الأول فلا حرج عليك، لا بأس يجوز تقديم الزكاة، لكن لا يلزمك إلا إذا تم الحول على كل راتب، بمعنى يزكى راتب محرم في محرم، وصفر في صفر، وهكذا. س: سائل يقول: إنني أعمل بمزرعة، وأقتضى راتبًا شهريًّا، فهل هذا المال الذي أجمعه تجب فيه الزكاة، مع العلم بأنني شاب في سن الزواج، وفي احتياج هذا المال؛ لأنني أقوم حاليًّا ببناء منزل تمهيدًا للزواج، ولا أحد يساعدني من أسرتي؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: عليك أن تزكي ما جمعت إذا حال عليه الحول، كلما حال الحول على شيء تزكيه، ولو أنك أعددته للزواج، أو لبناء مسكن أو غير ذلك، إذا حال الحول على الراتب الأول زكّه، والراتب الثاني، وهكذا، كلما حال الحول على راتب تزكيه بربع العشر، في المائة اثنان ونصف، في الألف خمسة وعشرون، وأبشر بالخير، الزكاة طهرة لك ولمالك، ومن أسباب المنّ والبركة والحفظ. س: أنا موظف، وأحتفظ بمبلغ من المال في كل شهر من راتبي ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (299). ') ">

لوقت الحاجة، أو للزواج، فهل يجب على ما أدخره زكاة؟ (¬1) ج: نعم عليه الزكاة، كل جزء حال عليه الحول يزكيه، وإن زكى الجميع تبع الأول فلا بأس، طيب، وإلا، كل جزء عليه زكاته إذا حال حوله، في رمضان ادخر ألفًا عليه زكاته إذا جاء رمضان، في شوال ادخر ألفًا ثانيًا عليه زكاته إذا جاء شوال، فإذا دخل عليه ألف ثالث إذا جاء وقته يزكيه، وهكذا، ولو زكاهم جميعًا في حول الألف الأول في رمضان كفى، والحمد لله. س: كيف يؤدي المرء زكاة ماله إذا كان راتبه مثلاً سبعمائة ريال شهريًّا؟ (¬2) ج: إذا كان هذا الراتب يصرف في حاجاته ولا يبقى عنده شيء ما عليه زكاة، أما إذا كان يحفظه لأنه في بيت ينفق عليه، كأبيه أو غيره، ويحفظ هذه الرواتب فإنه يزكّيها كلما حال عليها الحول، فإذا حال الحول على راتب رمضان زكاه في رمضان المقبل، وإذا حال الحول على راتب شوال زكّاه في شوال، وإذا حال الحول على راتب ذي ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (418). ') "> (¬2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (226). ') ">

القعدة زكّاه في ذي القعدة، وهكذا كل راتب يزكى في الحول عند تمام السنة، فإن زكّى المتأخر مع المتقدم عجّل زكاة المتأخر مع المتقدم كان له الفضل في ذلك، ولا بأس، مثلاً، أخرج زكاة شوال مع زكاة رمضان، أو أخرج زكاة ذي القعدة مع زكاة شوال مع زكاة رمضان، عجّلها، هذا طيب ولا بأس. س: المستمع ص. ع. من عرعر، يقول: قمت بتجميع جزء من رواتبي، فحال عليها الحول، وصرفت جزءًا من هذا المال قبل مضي الحول، وبقي لديّ جزء آخر، هل أخرج الزكاة عن المال المتبقي؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: المال المتبقي الذي حال عليه الحول يجب عليك إخراج زكاته، إذا كان يبلغ النصاب أكثر من ستة وخمسين ريالاً، إذا كان يبلغ النصاب عليك أن تخرج الزكاة، وهي ربع العشر، من كل ألف خمسة وعشرون، والذي أخرجته قبل أن يتم الحول ما عليه زكاة، الذي أنفقته في حاجات بيتك مثلاً، أو قضيت به دَينًا قبل أن يتم الحول ليس فيه زكاة، لكن الذي بقي حتى تم عليه الحول عليك أن تخرج زكاته، تطلب مرضاة الله ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (345). ') ">

وأداء الحق الذي عليك لله سبحانه. س: يسأل سماحتكم عن الزكاة، وعن زكاة الراتب بالذات، كيف يخرجها؟ جزاكم الله خيرًا. ج: إذا كان الراتب يحفظ حتى تمر عليه السنة فإنه يزكى إذا كان يبلغ النصاب، أي أكثر من ستة وخمسين ريالاً فضة، أو ما يقوم مقامها من النقود، إذا حال عليها الحول يزكيه، أما إذا أنفق قبل أن يتم الحول فلا زكاة فيه.

حكم إخراج الزكاة من الاستقطاع المدخر للموظف عند الدولة

67 - حكم إخراج الزكاة من الاستقطاع المدخر للموظف عند الدولة س: هناك استقطاع، يؤخذ منه راتب الموظف من قبل الدولة لتدّخره له، وعند تقاعده أو استقالته ترده إليه وزيادة، فهل على المبلغ المستقطع زكاة؟ (¬1) ج: ليس عليه زكاة؛ لأنه ليس في يده، ولا يدري ما يحكم الله فيه، فإن وصل إليه بعد ذلك، أو إلى ورثته زكاه، إذا حال عليه الحول يزكيه إن بقي عنده، وإن أكلوه قبل الحول فلا شيء عليه، وهكذا إذا أخذ ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (205).

التقاعد في حياته، ما حال عليه الحول وهو نصاب زكاة، وإلا فلا. بعدما يتقاعد إذا بقي المال عنده حتى حال عليه الحول زكّاه بعدما قبضه، كل شهر، وإن أكله قبل قضاء الحول، أو قضى به دَينًا عليه فلا شيء عليه، حكمه حكم الراتب في غير التقاعد.

حكم احتساب الأموال التي يتصدق بها أثناء السنة من الزكاة

68 - حكم احتساب الأموال التي يتصدق بها أثناء السنة من الزكاة س: سائل يقول: أعمل لمدة ثلاث سنوات متتالية، وأتقاضى من عملي مبلغًا وقدره ستة آلاف ريال تقريبًا، ولكني منذ عملت حتى الآن لم أزكّ منها شيئًا، إلا أنني إذا وجدت أي متسول أعطيه شيئًا بسيطًا، وأيضًا النساء من أقاربي أعطيتهن كلما زرتهن، لذلك أسأل هل عليّ ذنب في ذلك؟ وهل أزكي الآن، وكيف أحصر رواتبي؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: إذا كانت هذه الرواتب تنفق وتصرف ولا تبقى سنة، تنفقها لحاجاتك وصدقاتك النافلة فلا زكاة عليك، أما إن كان يبقى منها شيء، ويحول عليه الحول، فإن ما حال عليه الحول منها يزكى، وعليك أن تحفظ ذلك، وأن تعلم بالذي ينفق والذي يبقى، فيكون للمدخر محل أو ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (45). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (45). ') ">

دفتر أو صندوق خاص، وما كان للنفقة يكون له محل آخر حتى لا يشتبه الأمر، فما حال عليه الحول من المدّخرات من هذا الراتب زكاته ربع العشر، في الألف خمسة وعشرون، وما أنفقته قبل الحول فليس عليك فيه زكاة، وما دفعته للسائلين أو إلى قراباتك بنية الزكاة وهم فقراء احتسب من الزكاة، إذا كنت نويته عند الدفع من الزكاة، وهن فقيرات؛ فإنه يحسب من الزكاة، وهكذا، ما تعطيه السائلين الشّحاذين، إذا كنت تحتسبه من الزكاة فإنه من الزكاة، أما ما أعطيت قراباتك، أو السائلين من المال لغير نية الزكاة لا يحسب من الزكاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى» (¬1). س: لقد تُوفي والدي منذ زمن، ونحن ستة إخوة، ولقد رزقنا الله بمبلغ لا بأس به من المال، وهو عندنا منذ سنة، مع العلم أنه لا يدر علينا ربحًا، بل هو محفوظ، هل عليه زكاة، وما هو نصاب زكاة المال أو العملة الورقية؟ (¬2) ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (152). ') ">

ج: نعم، إذا كان حال عليه الحول فعليكم الزكاة، سواء حصل لكم بلإرث، أو بغير الإرث، والواجب ربع العشر، في كل ألف خمس وعشرون، وفي الألفين خمسون، وهكذا. س: هل تجب الزكاة على المال المستودع في البنك لحاجته عند الضرورة، وليس للتجارة؟ (¬1) ج: نعم، تجب الزكاة في المال المودع في البنوك أو غير البنوك إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول، سواءً كان مودعًا في البنك، أو عند بعض الثّقات، أو في أي مكان. س: لديّ مبلغ من المال أضعه في البنك، وذلك مصروفي خلال السنوات الأربع المقبلة من الدراسة، هل عليه زكاة؟ (¬2) ج: نعم، كل ما حال عليه الحول عليه زكاة، على الموجود في البنك إذا بلغ النصاب. س: أموالي الموضوعة في البنوك كيف أزكيها؟ (¬3) ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (153). ') "> (¬2) السؤال من الشريط رقم (177). ') "> (¬3) السؤال من الشريط رقم (59). ') ">

ج: فيها الزكاة، المال الذي في البنك فيه الزكاة، وليس لك أن تتعامل بالربا، لكن مالك الذي وضعته في البنك كالأمانة عليك أن تزكيه، لأنك متى طلبته أخذته. س: إذا توفر معي بعض مصاريفي، ومصاريف الأولاد خمسة آلاف ريال لمدة سنة، فهل عليّ زكاة، علمًا بأنني مقيم في الأحساء للعمل؟ (¬1) ج: نعم، إذا توفر لديك ما يبلغ النصاب، وحال عليه الحول وجبت عليك الزكاة، والخمسة آلاف لا شك أنها نصاب، بل أنصب، فعليك أن تخرج زكاتها إذا حال عليها الحول، وهي ربع العشر. س: المستمعة أ. ن، من الرياض، تسأل وتقول: بأن لديها مبلغًا من المال ووضعته في مصرف لشراء بيت لها، ودار عليه الحول، فهل عليه زكاة أيضًا؟ (¬2) ج: نعم، عليه زكاة، إذا جعلته في مصرف أو غيره، تنتظر شراء البيت، ثم حال عليه الحول قبل أن تشتري عليه الزكاة، تزكيه؛ لأنّه تم الحول ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (28). ') "> (¬2) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (427). ') ">

وهو موجود، ما صرف في البيت. س: رجل عنده منزلان قديمان، باع أحدهما، وهدم الآخر على أن يجدد بناءه، ولكن لعدم توفر المواد المطلوبة للبناء فقد تأخر فيه إلى أن حال الحول على قيمة البيت الذي باعه، وبعد مرور الحول وجد المواد اللازمة لبناء البيت، وقام بإنشاء البيت الجديد، وأكمل بناءه وسكن فيه، فهل يلزمه دفع زكاة عن المبلغ الذي حال عليه الحول من قيمة البيت المباع، والتي رصدها لبناء البيت الجديد؟ أفيدونا أثابكم الله (¬1). ج: إن النقود التي يرصدها المسلم لتعمير بيت، أو لقضاء دين، أو للزواج، أو لأغراض أخرى متى حال عليها الحول وجب عليها زكاتها؛ لعموم الأدلة الدّالة على أن جميع النقود التي يحول عليها الحول، وهكذا جميع السلع والأمتعة التي يحول عليها الحول، وهي للتجارة، أو للبيع، كلها فيها الزكاة إذا حال عليها الحول، ولو كان صاحبها، أي النقود، أرصدها ليعمر بها بيتًا، كسكن، أو ليشتري بها حاجات للبيت، أو ليتزوج منها، أو ليقضي بها ديونًا، أو غير ذلك، الصواب أن فيها ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (53). ') ">

الزكاة؛ لعموم الأدلة. س: يقول بعض الناس: إن الإنسان إذا لم يتخذ بيتًا، وجمع أموالاً يقصد أن يتخذ منزلاً فلا زكاة عليه، ما صحّة هذا القول؟ (¬1) ج: هذا القول غلط، إذا جمع الإنسان مالاً ليشتري بيتًا، أو ليتزوج، أو ليشتري سيارة، أو يشتري دكانًا، أو يشتري نخلاً، أو غير ذلك فعليه أن يزكيه إذا حال عليه الحول قبل أن يصرف في الجهة التي أعد لها، فإنه يزكى، والقول بأنه لا يزكى قول غلط، لا وجه له، ولا أصل له، فإذا اجتمع عنده مثلاً أربعون ألفًا، أو خمسون ألفًا، أو أكثر، أو أقل؛ ليشتري بيتًا له، أو دكانًا، أو سيارة، أو ما أشبه ذلك، فإنه يزكّيه إذا حال عليه الحول، ولا يجوز له ترك الزكاة. س: عندي مبلغ من المال، وأحفظه لأقوم بأي مشروع به، هل تجب الزكاة على هذا المال إذا حال عليه الحول، جزاكم الله خيرًا؟ ج: نعم، عليك الزكاة إذا حال عليه الحول، حتى تضعه في مشروع، ما دام عندك لم تنفقه فعليك الزكاة إذا حال عليه الحول، حتى تقذفه في مشروع، ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (192). ') ">

عمارة مسجد، أو مدرسة، أو تتصدق به على الفقراء، أو نحو ذلك.

حكم إخراج الفقير المحتاج زكاة الأموال التي يتصدق بها عليه

69 - حكم إخراج الفقير المحتاج زكاة الأموال التي يتصدق بها عليه س: المرأة غير العاملة، وتأتيها نقود من أبويها وإخوانها وأقاربها، وتدخر هذه النقود، وقد تنفق بعضًا منها، فهل على هذه النقود زكاة إذا مر الحول عليها؟ (¬1) ج: نعم، إذا تجمع عند المرأة نقود، مثل امرأة يعطيها أبوها وإخوتها مساعدات، إذا مر عليها عام كامل وهي نصاب وجبت الزكاة فيها، وهكذا الفقراء الذين يسألون إذا تجمع عندهم مال، وحال عليه الحول وجب عليهم زكاته، وإن كانوا فقراء، لو أن إنسانًا فقيرًا سأل الناس، فتجمع عنده عشرة آلاف ريال وحال عليها الحول يزكيها، وهكذا المرأة السائلة الفقيرة تسأل وتجمع عندها أموالاً وحال عليها الحول، تزكيها، كألف وألفين وثلاثة، وأشباه ذلك، ربع العشر، فهي فقيرة، وبالنظر إلى أنها ما عندها صنعة أو راتب يقوم بحالها، وهي غنية بوجود النصاب عندها، فتزكي النصاب الذي عندها. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (2).

حكم إخراج زكاة مهر الزواج

70 - حكم إخراج زكاة مهر الزواج س: أنا امرأة، تزوجت ثم طلقني زوجي وأعطاني مهري جنيهات ذهب، فأخذه أبي من عندي، وبعد ذلك طلبته منه ويقول لي: لا أعطيك هذا المهر، ثم ترددت عليه، وأخيرًا قال لي: لا أعطيك إياه حتى الموت، والسؤال عن هذا هو هل تجب عليه زكاة، علمًا بأنه ليس عندي؟ (¬1) ج: ما دام أخذه والدها فالوالد يملك أخذه إذا كانت البنت مستغنية عنه، أو كان يقوم بنفقتها، فالمال الذي أخذه والدها لا حرج فيه، والمال ماله حينئذٍ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «أنت ومالك لأبيك» (¬2) قال عليه الصلاة والسلام: «إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم» (¬3) فالمال الذي يأخذه من البنت، أو من الذكر ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (9). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب الرجل يأكل من مال ولده، برقم (3530)، وابن ماجه في كتاب التجارات، باب ما للرجل من مال ولده، برقم (2291). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب الرجل يأكل من مال ولده، برقم (3530)، والترمذي في كتاب الأحكام عن رسول الله، باب ما جاء أن الوالد يأخذ من مال ولده، برقم (1358)، وابن ماجه في كتاب التجارات، باب ما للرجل من مال ولده، برقم (2290).

الذي هو ولد له، له أن يأخذ من ماله ما لا يضره، فإذا أخذ من مال بنته ما لا يضرها، أو من مال ابنه ما لا يضره فلا حرج في ذلك على الصحيح، وإذا كانت هذه البنت يضرّها هذا الذهب وهي في الضرورة إليه ففي إمكانها ترفع الأمر للمحكمة، والمحكمة تنظر في ذلك، أما إن كانت لا يضرها ذلك لأنها غنية عنه، أو لأن والدها يقوم بحالها وينفق عليها، أو لأن زوجها يقوم بحالها ولا تحتاج لهذا المال، فإن والدها لا حرج عليه في ذلك، ولا حرج عليها ألاَّ تخاصم إن تيسر ذلك من دون مخاصمة، فهذا هو الأولى للسائلة، وإن كانت هناك حاجة للخصومة فالأولى ترك ذلك؛ لأن والدها له حق عظيم، وبرّه واجب، وقد يكون محتاجًا لهذا المال، فإذا استغنت عنه، أو ممكن أن تستغني عنه هذا أولى لها، وخير لها ألاَّ تخاصم والدها.

حكم إخراج الزكاة من الإعانات السنوية

71 - حكم إخراج الزكاة من الإعانات السنوية س: الأموال التي تمنح سنويًّا من قِبل بعض الجهات، مثل الإعانات السنوية، وما يسمى بالشّرهة، هل عليها زكاة، مع العلم أنه يعلم

مقدارها قبل استلامها؟ (¬1) ج: ليس عليه فيها زكاة إلا بعد قبضها، فإذا قبضها وحال عليها الحول يزكيها، أمَّا ما دامت عند الدولة، أو عند الذي يعطيه العادة، فهي ليست في قدرته ولا يملكها، فقد تحصل وقد لا تحصل، وقد تؤخر وقد تقدم، المقصود أنها لا تكون في ملكه إلا بعد قبضه إياها، فإذا قبض هذه العادة، وبلغت النصاب، وحال عليها الحول زكّاها، فإن أكلها قبل الحول فلا شيء عليه. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (111).

حكم إخراج الزكاة مما يجمعه هواة جمع النقود المعدنية

72 - حكم إخراج الزكاة مما يجمعه هواة جمع النقود المعدنية س: بعض الهوايات كالتي يمارسها بعض الناس، مثل هواية جمع الطوابع، وهو أن يجمع النقود المعدنية المختلفة، ماذا يقول فيها الشرع، وهل تجب فيها الزكاة؟ (¬1) ج: نعم، إذا جمع ما يبلغ النصاب وجبت فيها الزكاة، وإن كانت قليلة دون النصاب ليس فيها شيء، أو أنفقها قبل الحول، ما حال عليها الحول، تصدّق بها أو كلها، أو صرفها في حاجات له أخرى، فليس ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (111).

عليه شيء، أمَّا إذا حال عليها الحول وهي تبلغ النصاب، والنصاب من الفضة ستة وخمسون ريالاً فضة بالريال السعودي، أو ما يقابل قيمة ذلك من العمل الأخرى.

بيان ما يباح للمرأة من الحلي وحكم إخراج الزكاة منها

73 - بيان ما يباح للمرأة من الحلي وحكم إخراج الزكاة منها س: سمعت في برنامج نور على الدرب في حلقة سابقة أن حليّ المرأة يزكّى إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول، فنرجو من سماحتكم ترغيب نساء المسلمين وحثهن على الاقتصاد في لبس الذهب، أي دون النصاب، واعتبار أن زيادة ذلك عن النصاب إسراف وتبذير؛ لأن هناك كتابًا عنوانه: يا فتاة الإسلام، اقرئي حتى لا تخدعي، حيث ذكر في ذلك الكتاب أن المرأة يجب عليها ألا تنخدع بالمظاهر، وألا تكون كالمعرض للمجوهرات والذهب، وجزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: المرأة يباح لها من الحليّ ما تدعو الحاجة إليه، الله أباح لها الحليّ؛ لأنها في حاجة إلى التزين لزوجها، ولهذا قال جل وعلا في ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (82).

كتابه العظيم: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} فهي تنشأ في الحلية، وتزيّن بالحلية حتى تكون أرغب للأزواج، وحتى تكون عند زوجها محبوبة، وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «أحل الذهب والحرير لإناث أمتي، وحرم على ذكورها» (¬1) فالمرأة محتاجة للتزين بالحليّ، وإذا اقتصدت في ذلك، واكتفت بما يكفي للزينة، ويرغّب في اتصال الزوج بها، وأنسه بها، فهذا يعتبر شيئًا طيبًا وحسنًا، أمَّا القول: بأن ما زاد على ما يبلغ النصاب يكون إسرافًا فهذا لا أعلم له أصلاً، ولا دليل عليه، فلها أن تلبس ما يبلغ النصاب والنصابين والثلاثة، وأكثر من ذلك، ثم هو مال تحفظه لها، ينفعها في المستقبل، الحليّ مال ينفعها في المستقبل، فلا حرج عليها في لبس ما دعت الحاجة إليه، وما جرت العادة به في بلادها من قلائد أو أسورة أو خواتم، أو غير هذا مما جرت به العادة، ولا نعلم بأسًا في شيء من ذلك، ولا نعلم حدًّا محدودًا لحليّ المرأة، لكن متى بلغ النصاب فعليه الزكاة في أصح قولي العلماء، وفي القول الآخر: لا زكاة عليها فيما يُلبس، والقول الثاني أن عليها ¬

(¬1) أخرجه النسائي في كتاب الزينة، باب تحريم الذهب على الرجال، برقم (5148).

الزكاة، هو الصواب، وهو الأرجح؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره» (¬1) وقوله صلى الله عليه وسلم: «لما دخلت عليه امرأة وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب، قال: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار، فألقتهما، قالت: هما لله ولرسوله» (¬2) «كانت أم سلمة تلبس أوضاحًا من ذهب، فقالت: يا رسول الله، أكنز هو؟ فقال: ما بلغ أن تؤدى زكاته فزُكِّي فليس بكنز» (¬3) ولم يقل لها إن الحلي ليس فيها زكاة، أما ما يروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ليس في الحليّ زكاة» (¬4) فهو حديث ضعيف عند أهل العلم، لا يحتج به، فالزّكاة واجبة في الحليّ إذا بلغت النصاب، والنصاب من الذهب عشرون مثقالاً، ومقداره بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع جنيه، يعني أحد عشر ونصفًا، وبالجرام مقداره اثنان ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم (987). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1563)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (2479). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1564). (¬4) أخرجه ابن الجوزي في كتاب التحقيق في أحاديث الخلاف برقم (2/ 42).

وتسعون جرامًا، هذا هو النصاب، فإذا كان الذي عليها من الذهب يبلغ هذا فعليه الزكاة، ربع العشر، في كل ألف خمسة وعشرون ريالاً، وفي المائة اثنان ونصف، وإذا كان الذي عليها أقل من ذلك فلا زكاة عليها، وإن كان أكثر ففي الحساب كلما زاد، فعليها ربع العشر، إذا كان الذي عليها يبلغ أربعين ألفًا فعليها ألف وحد كل سنة، وهكذا، والفضة كذلك، فيها الزكاة إذا بلغت النصاب، وهو مائة وأربعون مثقالاً، ومقداره بالدراهم ستة وخمسون ريالاً فضة بالريال السعودي، إذا بلغت النقود الفضية ستة وخمسين وجبت فيها الزكاة، وهكذا ما يعادلها من العُمل التي يتعامل بها الناس من الدولار، والجنيه الإسترليني، والجنيه المصري، والريال السعودي، وغير ذلك، متى بلغت النصاب من الذهب والفضة وجبت فيها الزكاة.

حكم لبس المرأة لحليها إذا لم تخرج عنه الزكاة

74 - حكم لبس المرأة لحليها إذا لم تخرج عنه الزكاة س: الأخت س. ج. ن. تقول: لدى أختي مقدار من الذهب، وقد مرت عليه عدة سنوات، ولم تلبسه، ولم تزكّ عنه، وهي تبلغ سن الرشد، وقد سمعت بأنه لا يجوز لها أن تلبسه مرة أخرى؛ لأنه حرام عليها، إذا كان هذا صحيحًا فماذا عليها أن تفعل بعد

ذلك حتى تستطيع أن تلبسه، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: لا حرج عليها في لبسه، والذي قال لها: إنّه حرام عليها لبسه، قد غلط عفا الله عنا وعنه، فلها أن تلبسه ولا حرج في ذلك، وعليها أن تؤدي الزكاة بعدما علمت بوجوب الزكاة، أمّا السنوات التي مضت عليها وهي لا تعلم ليس عليها شيء، ولكن بعدما علمت عليها أن تزكي إذا تم الحول، عليها أن تزكي عن الذهب إذا بلغ أحد عشر جنيهًا ونصفًا، إذا كان الذي عندها يبلغ أحد عشر جنيهًا ونصفًا من قلائد، وأسورة، وخواتم، وغير ذلك، يوزن الجميع، فإذا بلغ الجميع أحد عشر جنيهًا ونصفًا، بالجنيه السعودي، أو أكثر من هذا فإن عليها الزكاة كل سنة، وهي ربع العشر، في الألف خمس وعشرون، وفي الألفين خمسون، وهكذا في العشرة الآلاف مئتان وخمسون، ربع العشر، وعليها التوبة والاستغفار عما حصل من التقصير، وأما اللبس فلا حرج عليها أن تلبس قبل الزكاة وبعد الزكاة، نسأل الله للجميع الهداية. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (172).

حكم إخراج الزكاة من الذهب المعد للاستعمال

75 - حكم إخراج الزكاة من الذهب المعد للاستعمال س: هل على الذهب المعدّ للاستعمال زكاة، وإذا كانت، فما قيمتها

بالريال السعودي؟ (¬1) ج: الذهب المعد للبس وهكذا الفضة، الصواب أن فيهما الزكاة، وفي قول بعض أهل العلم، أنه لا زكاة في ذلك، إذا كانت معدّة للبس أو تلبس، ولكن الصواب أن المعدة للبس والملبوس وغيرهما كلها فيها الزكاة؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك، فإذا كان عند المرأة ذهب يبلغ النصاب وهو عشرون مثقالاً، ومقداره من الجنيه السعودي أحد عشر جنيهًا ونصفًا، ومن الغرام اثنان وتسعون غرامًا، إذا كان يبلغ هذا ففيه الزكاة، وهكذا لو كان أكثر وهي ربع العشر، في الألف خمسة وعشرون، سواءً كان ملبوسًا أو معدًّا للبس، أو غير ذلك، هذا هو الصواب، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه رأى امرأة على ابنتها سواران من ذهب، فقال: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار، فألقتهما، وقالت: هما لله ولرسوله» (¬2) وقال عليه الصلاة والسلام: «ما ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (139). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1563)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (2479).

من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها .. » (¬1) وفي اللفظ الآخر « ... حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره» (¬2) الحديث، وهذا يعم الحلي وغيرها من أنواع الذهب والفضة، وفي الباب أحاديث أخرى تدل على ذلك، أما إن كان الموجود أقل من النصاب، كانت الحلي أقل دون أحد عشر جنيهًا ونصفًا، أو كانت الفضة أقل من النصاب، نصاب الفضة مائة وأربعون مثقالاً، ومقداره بالريال السعودي ستة وخمسون ريالاً من الفضة، وما يعادلها من العُمل الأخرى، إذا كان أقل من ذلك فلا زكاة فيه، فإن كان يبلغ هذا ستة وخمسين ريالاً فضة أو أكثر وجبت الزكاة فيه إذا حال عليه الحول. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم (987). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، با إثم مانع الزكاة، برقم (987).

بيان كيفية إخراج الزكاة من الذهب المعد للاستعمال

76 - بيان كيفية إخراج الزكاة من الذهب المعد للاستعمال س: إذا كانت المرأة تريد أن تزكي عن حليها كيف الزكاة، هل تجمع حليها وتزنه، وتخرج على حسب وزنه إذا حال عليه الحول، وإذا كان كذلك فإن كل شيء من حليها اشترته في زمن قد

نسيت في أي شهر من السنة، أرشدوني كيف أزكي ن حليِّي لأنني أريد ذلك رغم اختلاف العلماء في وجوب زكاة الحلي، وهل يصح ذلك في شهر رمضان، نظرًا لأن كل نوع من هذه الحلي قد اشتري في شهر من شهور السنة؟ (¬1) (¬2) ج: الحلي من الذهب والفضة، في وجوب الزكاة فيه محل اختلاف بين أهل العلم كما قالت السائلة، ولكن الصواب أن فيه الزكاة، الصواب والأرجح من قولي العلماء أن في الحلي من الذهب والفضة الزكاة؛ لأنه ورد في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ما يدل على وجوب الزكاة في الحلي الذهب والفضة، ولو كانت تلبسه، ولو كانت تعيره، هذا هو الصواب، ومن ذلك ما روى أبو داود والنسائي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما «أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وعليها سوران من ذهب، فقال: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما، وقالت: هما لله ورسوله» (¬3) وفيه أحاديث أخرى تدل ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (2). (¬2) السؤال من الشريط رقم (2). ') "> (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1563)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (2479).

على ذلك، والواجب أن تنظر في النصاب، فإذا كان يبلغ النصاب زكته كل سنة على حسب قيمة الذهب، فإذا كان الذهب يبلغ أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع جنيه، يعني حول النصف، نصف جنيه تقريبًا، إذا بلغ ذلك فيه الزكاة، وما زاد فبحساب ذلك، فإذا كان عندها ذهب يقدر بأربعين جنيهًا يكون فيه جنيه واحد أو قيمته، وهكذا ما زاد على ذلك، ويمكن سؤال الصاغة عن زنته؛ لأن النصاب عشرون مثقالاً، ومقدار ذلك بالجنيهات أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع جنيه، هذا مقدار عشرين مثقالاً ذهبًا، وزكاته العشر، أما الفضة فنصابها مائة وأربعون مثقالاً، مقداره من الذهب الفضي السعودي ستة وخمسون ريالاً فضيًّا، فإذا بلغ النصاب هذه الفضة أو هذا الورق بلغ ما قيمته ستة وخمسون ريالاً فضيًّا وجبت فيه الزكاة، وهكذا الذهب، إذا كان عندها ذهب بلغ أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع الجنيه وجبت فيه الزكاة كل سنة، ولو بلغ آلاف الجنيهات عليها أن تزكي ربع العشر من هذه الحلي من القلائد من الذهب أسورة أخراص غير ذلك، تجمع الجميع وتزكي الجميع ربع العشر، إذا كان يبلغ مثلاً مائة ألف ريال تزكي هذا المبلغ ألفين ونصفًا، ربع العشر عن هذا الذهب الذي عندها، أما الماس واللؤلؤ والعقيق هذا لا زكاة فيه إذا كان في حليها ماس أو عقيق أو شبه ذلك من اللآلي، هذا لا زكاة فيه،

إنما الزكاة في الذهب، خاصة إذا كانت هذه الأمور لم تعد للتجارة، اللؤلؤ ونحوه والماس إنما عد للبس فليس فيه زكاة، وإنما الزكاة في الذهب خاصة والفضة عند أهل العلم، كما جاء في الأخبار عن النبي عليه الصلاة والسلام، والواجب ربع العشر في الذهب الموجود عندها كل سنة، ولا عبرة بأثمانها السابقة، العبرة بالقيمة وقت الزكاة، ما يساوي هذا الذهب وقت الزكاة في رمضان أو في غير رمضان. س: يقول السائل: سماحة الشيخ الزكاة عن الذهب والفضة إذا كانت حليًّا، هل يلزم أن يبلغ الذهب أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع، والأقل ما فيه زكاة، والفضة خمسة أواق مائة وأربعين مثقالاً، وإذا نقص ليس عليه شيء؟ (¬1) ج: لا، ما كان أقل من هذا ليس عليه شيء. س: سماحة الشيخ عبد العزيز، كثير من إخواننا المستمعين لهذا البرنامج يتمنون ألاّ يكون هناك خلاف في الفتاوى بين العلماء، وهذه أخت تقول في رسالتها: إنني سمعت في البرنامج أنه ليس هنالك زكاة على الحلي المعد للزينة، وقال المفتي في تلكم ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (2). ') ">

الحلقة: إن هذا معمول به في المملكة، وهنالك كتاب يتحدث عن زكاة الحلي مستدلاًّ بأحاديث وآثار صحيحة، وأقوال علماء من الحاضرين، وسؤالي مرة أخرى: هل للحلي المعد للزينة زكاة؟ وما رأيكم في الكتاب الذي يتحدث عن زكاة الحلي؟ جزاكم الله خيرًا. ج: الاختلاف لابد منه في بعض المسائل الفرعية، ولا يمكن السلامة من ذلك، فقد كان موجودًا في عهد الصحابة رضي الله عنهم، ومن بعدهم بسبب اختلاف الفهم، وبسبب خفاء الأدلة على بعض أهل العلم، فلهذا يقع بعض الخلاف، فإن بعض أهل العلم قد يبلغه الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد لا يبلغ الآخر، وكذلك قد يفهم من الآية ومن الحديث فهمًا لا يفهمه الآخر في بعض المسائل، فلهذا تقع الخلافات بين أهل العلم في بعض المسائل الفرعية، أما العقائد والأمور الأصولية فالحمد لله، ليس فيها خلاف بين أهل العلم، وإنما تقع الخلافات في مسائل فرعية، قد يخفى فيها الدليل على بعض أهل العلم، وقد يختلف فيها الفهم، فعلى طالب العلم وعلى السائل

وعلى المستفيد أن يتحرى ويجتهد في الاستيضاح من أهل العلم حتى يطمئن قلبه إلى ما وقع من خلاف، وحتى يعرف الصواب، ومن ذل مسألة الخضاب بالسواد كما تقدم في سؤال سابق، ومن ذلك مسألة الحلي، هل فيها زكاة أم لا، فإن جماعة من أهل العلم قالوا: ليس فيها زكاة؛ لأنها تستعمل فأشبهت الإبل التي تستعمل، والبقر التي تستعمل وليست سائمة فلا زكاة فيها، وقال آخرون: بل فيها الزكاة؛ لأنها داخلة في عموم الذهب والفضة، الذين أوجب الله فيهما الزكاة؛ ولأنه ليس هناك دليل يخص الحليّ، باستثنائها من وجوب الزكاة، ولأنه قد وردت أحاديث تدل على أن الحلي فيها الزكاة، مثل ما رواه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: «أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم، وفي يد ابنتها سواران ضخمان من الذهب - في رواية - مسكتان غليظتان من الذهب، فقال: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال عليه الصلاة والسلام: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما وقالت: هما لله ولرسوله» (¬1) وثبت من حديث أم سلمة رضي الله عنها، أنها كانت ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1563)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (2479).

تلبس أوضحًا من ذهب، فقالت: يا رسول الله، أكنز هو؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكّي فليس بكنز» (¬1) ولم يقل ليس عليك فيه زكاة، ولم يقل ليس في الحلي زكاة، فدل ذلك على أن الواجب أداء الزكاة عن الحلي إذا بلغت النصاب، وكتبنا في هذا رسالة أوضحنا فيها شيئًا من أدلة، وكتب بعض أهل العلم في ذلك أيضًا. فالمقصود أن الصواب هو القول بأن الزكاة واجبة في الحلي من الذهب والفضة إذا بلغت النصاب، وهو عشرون مثقالاً، ومقداره أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع الجنيه، من الجنيه السعودي، أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع، يعني نصفًا، أحد عشر جنيهًا ونصفًا؛ لأن الكسر قليل بين السُبع وثلاثة الأسباع والنصف، فالمقصود أنه إذا بلغ أحد عشر جنيهًا ونصفًا، فإن الحلي فيها الزكاة وهو ما يقارب اثنين وتسعين غرامًا، فإذا كانت الحلي أقل من ذلك فلا زكاة فيها والحمد لله، والمؤمن يذهب إلى ما هو أحوط لدينه، وأقرب إلى سلامته في كل شيء، إلاّ إذا وضح الدليل في أنّ هذا الشيء ليس فيه شيء، فالحمد لله، وما دام أن هناك شبهة، وهناك خلافًا، ولم يتضح للمؤمن ما يبرئ ذمته فإنه يحتاط ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1564).

ويأخذ بالفتوى التي فيها السلامة والحيطة والخلوص من الواجب.

حكم منع الزوج زوجته من إخراج زكاة حليها

77 - حكم منع الزوج زوجته من إخراج زكاة حليها س: إذا كان للمرأة مال، كالحلي أو كأي شيء آخر، وأحبت أن تزكيه، فهل لزوجها أن يمنعها من ذلك؟ نرجو التوجيه جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: ليس لزوجها أن يمنعها من الزكاة، ولا أن يمنعها من الصدقة، بل ينبغي له أن يعينها على ذلك، وأن يشجعها على ما ينفعها في الآخرة، فإذا أرادت أن تزكّي حليها، فالواجب عليه أن يعينها على ذلك، وليس له أن يمنعها، والصواب أن الحلي فيه زكاة إذا بلغ النصاب، هذا هو الصواب من قولي العلماء؛ لأدلة في ذلك واضحة تدل على وجوب الزكاة في الحلي، إذا بلغت النصاب من الذهب أو الفضة فإن على المرأة أن تزكّيها كل سنة، والزكاة ربع العشر، والنصاب عشرون مثقالاً من الذهب، قدره اثنان وتسعون غرامًا، ومن الجنيهات أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع الجنيه، يعني أحد عشر ونصف الجنيه السعودي، فإذا بلغت الحلي هذا المقدار وجبت الزكاة فيها إذا حال الحول عليها، كل ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (192). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (192). ') ">

سنة ربع العشر، من كل مائة اثنان ونصف، الألف خمسة وعشرون، وهكذا يعني ربع العشر، وهكذا الفضة إذا بلغت النصاب مائة وأربعين مثقالاً، ومقدار ذلك ستة وخمسون ريالاً سعوديًّا من الفضة وما يعادلها من العُمل فإن الواجب زكاة ذلك، يعني ربع العشر، ففي المائتين خمسة، وفي الأربعمائة عشرة، وفي الألف خمسة وعشرون، وهكذا. وإذا أرادت الصدقة من مالها من مهرها أو غيره، من ورثها من أبيها، أو من تجارتها، ليس له أن يمنعها، حتى التطوع، بل المشروع له أن يشجعها على الخير، وأن يعينها على الخير، والله يقول جل وعلا: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» (¬1) فالمشروع لها أن تعينه على الخير، والمشروع له أن يعينها، كل منهما يعين الآخر، هي تعينه على طاعة الله ورسوله، وعلى الصدقة، وعلى صلة الرحم، وعلى جميع أنواع الخير، وهو كذلك يشرع له أن يعينها على الصدقة، وعلى صلة الرحم، وعلى غير هذا من أنواع الخير، رزق الله الجميع الهداية والتوفيق. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، برقم (2699).

س: يقول السائل: يشوش على بعض الناس موضوع زكاة الحلي يا سماحة الشيخ كون بعض الباحثين يقول: إنه لا زكاة في الحلي المستعمل؟ ج: قد أوضحنا هذا بأنه مسألة خلاف بين العلماء، لكن الله يقول جل وعلا: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا} فرددناه إلى الكتاب العظيم، فالله يقول جل وعلا: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} هذا عام للأموال من الذهب والفضة، ويقول سبحانه: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل مال لا تؤدّى زكاته فهو كنز» (¬1) هذا ما يسمى مالاً، فكل ما لم يؤد زكاته فهو كنز، وعرفنا هذه السنة أيضًا في حديث عبد الله ¬

(¬1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب الكنز الذي ورد، برقم (27484).

ابن عمرو، فوجدنا أن في الحلي الزكاة، وفي الأحاديث العامة في الذهب والفضة عمت الحلي، والله يقول سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}، هذا حكم الله فيما ظهر، وقال بهذا القول بعض من أهل العلم، وهو الراجح أن فيها الزكاة بهذه الأدلة. ومن اعتمد على القول بعدم الزكاة في الحلي يكون على حسب اجتهاده، إذا كان عاميًّا عليه أن يأخذ بالحق الذي سمعه ويطمئن إليه من أهل العلم، يتأمّله، فإذا اطمأن لمن أفتاه من أهل العلم أخذ بقوله؛ لأن العامي يقتدي بمن أفتاه من أهل العلم، فإذا سمع القولين فعليه أن يحتاط لدينه، وأن يخرج الزكاة، حتى يسلم من العهدة، والقول: بالأخذ بالزكاة أخذ بقول الرسول صلى الله عليه وسلم. أمَّا الذين قالوا بعدم الزكاة فليس عندهم إلا القياس على العوامل التي تعمل من الإبل والبقر ولا ترعى، تكون تستعمل سواني وما أشبه ذلك، هذه ليس فيها زكاة؛ لأنها عوامل ليس سائمة، فلا يقاس عليها. فالحاصل أنه ليس في أيديهم فيما نعلم إلا أقيسة، وليس في أيديهم فيما نعلم حجة من الرسول صلى الله عليه وسلم، أو من الكتاب

العظيم على أنه لا زكاة فيها، نعم، معهم بعض أقوال الصحابة، وأقوال الصحابة ليس فيها حجة إذا خالفت النّص، النص مقدم على أقوال الصحابة وعلى غيرهم.

بيان القول الراجح في مسألة إخراج الزكاة من الحلي

78 - بيان القول الراجح في مسألة إخراج الزكاة من الحلي س: الأخت أم عثمان من اليمن، تسأل وتقول: إذا تعارضت أقوال الأئمة في مسألة ما، كاختلاف الأئمة مثلاً في زكاة الحلي، فالبعض يوجب زكاة الحلي مطلقًا، الملبوس والمكنوز والمستعمل، وغير ذلك، والبعض يوجب زكاة الحلي المكنوز فقط، دون المستعمل، فبأيهما نأخذ يا سماحة الشيخ، بالأحوط، أم بالأيسر، أو يكون لنا الخيار؛ لأن البعض يقول: يجب أن نأخذ بالأحوط اتقاء الشبهة، والبعض من الناس يقول: نأخذ بالأيسر؛ لأن الله يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر، وجّهونا في ضوء هذا السؤال الذي اختلف على كثير من الناس؟ (¬1) (¬2) ج: هذه المسألة وأشباها من مسائل الخلاف بين العلماء، الواجب عرضها على الكتاب والسنة، الحكم فيها بالدليل، لقول الله جل وعلا: ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (384). (¬2) السؤال من الشريط رقم (384). ') ">

{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}. ولقوله عز وجل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا} فالواجب على أهل العلم أن يردوا مسائل النزاع إلى الأدلة الشرعية، وإذا كان المكلّف قد خفي عليه الأمر، ولم تتضح له الأدلة، فإنه يأخذ بالأحوط والأبعد عن الشبهة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (¬1) ويقول: «فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه» (¬2) العاميّ ومن تشتبه عليه الأدلة يأخذ الأحوط، وهو ترك المشتبه، والاستبراء لدينه، لهذين الحديثين: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (¬3). والحديث الثاني: «من اتقى الشبهات استبرأ لدينه ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب منه، برقم (2518)، والنسائي في كتاب الأشربة باب الحث على ترك الشبهات، برقم (5711). (¬2) أخرجه البخاري، في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، برقم (52)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، برقم (1599). (¬3) سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2518)، سنن النسائي الأشربة (5711)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 200)، سنن الدارمي البيوع (2532).

وعرضه» (¬1) وهذه المسألة مسألة الحلي الصواب فيها أن فيها الزّكاة؛ لأنه جاء فيها نص يدل على وجوب الزكاة في الحلي من الذهب والفضة، سواءً كانت تستعمل أم لا تستعمل، الحكم واحد؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال لامرأة عليها بعض الحلي: «أتؤدِّين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسركِ أن يسوركِ الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما، وقالت: هما لله ورسوله» (¬2) فأخبر أنها إذا لم تزكّي فهي معرضة للنار، وقالت أم سلمة وعليها أوضاح من ذهب: «يا رسول الله أكنزٌ هو؟ قال صلى الله عليه وسلم: ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز» (¬3) فدلّ على أن الحلي كنز إن لم تؤدّ زكاته. وهذا إشارة إلى قوله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ َلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}. والحديث ¬

(¬1) سبق تخريجه في ص (157). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1563)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (2479). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1564).

يدل على أنها كنز لابدّ أن تؤدى زكاته، فالحلي التي تبلغ النصاب من الذهب والفضة، إذا لم تؤدّ زكاته فهو كنز، هذا هو الأرجح من قولي العلماء في هذه المسألة، أن الحليّ من الذهب والفضة، سواءً كان أسورة أو كانت قلائد، أو غير ذلك، إذا بلغ النصاب أحد عشر جنيهًا ونصفًا من الذهب، هذا فيه زكاة، وهو عشرون مثقالاً، أو من الفضة بلغ مائة وأربعين مثقالاً، ستة وخمسين ريالاً فضة، فضة غير العملة الورقية، هذا نصاب من الفضة، والحاصل أنه إذا بلغ الذهب والفضة نصابًا وجب فيه الزكاة، وإن كان حليًّا تلبس، هذا هو الأرجح من قولي العلماء. س: يقول السائل، من اليمن: أرجو من سماحة الشيخ أن يحدّثنا عن حليّ النساء، وهل فيه زكاة أم لا؟ لأننا نسمع البعض يقول بأن عليه زكاة، وهل إذا كان معدًّا للزينة، هل تزكِّي عليه المرأة، وإذا كانت تزكي عليه، فما هو المقدار الذي يزكى عليه، وإذا لم يكن لديها مال، فهل يزكي عنها الزّوج، أو الأب أو الأخ، وهل يجوز أن تبيع منه وتزكي عنه؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (387). ') ">

ج: الزكاة في الحلي مسألة خلاف بين العلماء، والأصح والأرجح فيما يظهر لي من جهة الأدلة الشرعية وجوب الزكاة في الحلي من الذّهب والفضّة، وهو الذي أفتي به من دهرٍ طويل، ولم أفتِ بغيره، وهو وجوب الزكاة في الحلي إذا بلغ الذهب نصابًا، أو الفضة، والنّصاب عشرون مثقالاً من الذهب، ومائة وأربعون مثقالاً من الفضة، ومقدار ذلك أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع الجنيه، من الجنيه السعودي، ومن الفضة ستة وخمسون ريالاً، وما يقوم مقامها من العملة الورقية، وإذا كانت الزوجة لا تستطيع الزكاة لعدم وجود مال عندها، فتبيع منه وتزكي، وإن زكى عنها زوجها بإذنها كفى والحمد لله، إذا زكى عنها زوجها، أو أبوها، أو ولدها بإذنها كفى، وإلا عليها أن تزكي، إمّا باقتراض من غيرها، أو ببيع شيء منه وتزكي. س: الأخت ح. م. ش. من الرياض، تقول: هل في الحلي الملبوس للزينة زكاة، وإذا وقع خلاف بين العلماء حول مسألة ما، بأي قول آخذ وأعمل؟ أفتونا بذلك مأجورين. ج: الصواب أن فيها الزكاة، الحلي من الذهب والفضة فيها الزكاة،

هذا الصواب، بعض أهل العلم لا يرى فيها الزكاة، لكن الصواب أن فيها الزكاة، إذا بلغت النصاب وحال عليها الحل تزكِّي من الذهب أو الفضة ربع العشر، في المائة ريالان ونصف، ومن الذهب إذا كان من الجنيه جنيهًا ونصفًا، يعني ربع العشر، هذا هو الواجب، هذا هو الصواب، وإذا اختلف العلماء فالواجب الأخذ بالدليل، الذي معه الدليل من القرآن والسنة هو الذي يجب اتباعه؛ لأن الله يقول سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} فإذا تنازع العلماء في شيء فالواجب الرد إلى القرآن والسنة، وقد دلّت السنة على أن الحلي فيها الزكاة، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الذهب فيه الزكاة، والفضة فيها الزكاة، ورأى امرأة عليها حلي قال: «أتؤدين زكاتها؟ قالت: لا، قال: أيسركِ أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار» (¬1) فدل على وجوب الزكاة، ولما سألته أم سلمة عن حلي لها أكنز هو؟ قال: «ما بلغ أن تؤدى زكاته، فزكي فليس بكنز» (¬2) ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1563)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (2479). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1564).

حكم إهداء أو بيع حلي الذهب تهربا من إخراج زكاته

79 - حكم إهداء أو بيع حلي الذهب تهربا من إخراج زكاته س: تقول السائلة: كنت لا أعلم بأن الذهب، أي ذهب الزينة عليه زكاة، ولكن حينما علمت بذلك قررت أن أبيع جزءًا من هذا الذهب، والآخر أعطيه لابنتي الصغيرة، هل عملي هذا حرام، أم لا؟ (¬1) ج: عليك بعدما علمت إخراج الزكاة، الصواب أن في الذهب الزكاة، ولو كان حليًّا، بعض العلماء لا يرى الزكاة فيه؛ لأنه مستعمل، ولكن الراجح أن فيه الزكاة إذا بلغ النصاب، فإذا زكيت بعدما علمت هذا هو الواجب، وإن كنتِ ما زكيت بعد العلم فعليك إخراج الزكاة بعد العلم عن السنوات التي مضت بعد علمك بالزكاة ولم تخرجي، وكونكِ أعطيته لبنتكِ ما يسقط عنكِ الزكاة، عليك الزكاة عن السنوات التي علمت أنها واجبة عليك ولم تخرجيها، أمّا إعطاؤه البنت فهذا فيه تفصيل، إن كان ما عندكِ إلا هي فلا بأس، وإن كان هناك بنات أخريات أو أولاد، لم يجز لكِ ذلك، حتى تسوِّي بينهم، تقسميه بينهم؛ لأن الرسول يقول صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬2) ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (408). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الهبة باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587).

فليس لكِ أن تخصي البنت الصغيرة، ولا غيرها، إذا كان لها أخوات أو إخوة إلا برضاهم، إذا كانوا رشيدين بالغين، ورضوا فلا بأس، وإلاّ فالواجب التسوية للذكر مثل حظ الأنثيين، وإلا فاجعليه عارية، إذا لبستها بعض المرات، اجعليه عارية، إذا زينتها به عند الذهاب بها إلى أحد، أو في وقت عرس، أو ما أشبه ذلك، من باب العارية، وهو مالك، لا تخصيها بشيء دون إخوتها وأخواتها.

حكم إخراج الزوج عن زوجته زكاة حليها من ماله

80 - حكم إخراج الزوج عن زوجته زكاة حليها من ماله س: يسأل السائل س. ي، من اليمن، يقول: هل يصح أن أخرج عن زوجتي زكاة حليها الذي تلبسه للزّينة؟ وما القول الرّاجح في ذلك سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: لا بأس أن تخرج عنها الزكاة، إذا رضيت، إذا سمحت لك بإخراج زكاة حليها لا بأس، والرّاجح أن الحلي فيها الزكاة، هذا الرّاجح، إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول من الذهب والفضة، فالراجح أن فيها الزكاة، هذا هو الأرجح من أقوال العلماء، وإذا سمحت لزوجها، أو لأبيها، أو لأخيها أن يخرج الزكاة من ماله عنها فلا بأس. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (403).

حكم إخراج الزكاة من الحلي الذي لا يلبس

81 - حكم إخراج الزكاة من الحلي الذي لا يلبس س: الأخت أ. ن، من الرياض، تقول: عندي حلي، جزء منها يلبس وجزء لا يلبس، فهل عليها زكاة، علمًا بأن عندي هذا منذ عدة سنوات؟ (¬1) (¬2) ج: الصواب أن كل الحلي تزكى، هذا هو الصواب، والسنون الماضية، إذا كنتِ لا تعلمين ما عليك شيء تزكينه في المستقبل، أما إذا كنت تعلمين، قد أُفتيتِ أن عليك الزكاة وتساهلتِ أدِّي عما مضى، أمّا إذا كنتِ جاهلة فزكيه عن المستقبل من حين سمعتِ الفتوى الآن، زكيه عن السنة الحاضرة والسنوات المستقبلة، هذا هو الصواب، وهذا هو الأرجح، إذا بلغ النِّصاب وحال عليه الحول، والنِّصاب أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع الجنيه، يعني حوالي النصف، أحد عشر جنيهًا ونصفًا، إذا كان الذهب يبلغ هذا المقدار أو أكثر يزكى. س: السائلة ن. ح. تقول: أهدتني إحدى الأخوات أسورة، ولم ألبسها إلا مرتين، وكذلك أعطتني المدرسة سبيكة ذهبية صغيرة، فهل علي في هذا الذهب إخراج للزكاة؟ وكيف أقوم بإخراجه؟ ¬

(¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (427). (¬2) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (427). ') ">

علمًا بأنني لم أشتره، بل أهدي إليّ، وهو عندي من حوالي أربع سنوات؟ (¬1) ج: نعم، عليكِ الزكاة إذا بلغت النصاب هذه الهدية، أو عندك ما يكمل النصاب، فعليك الزكاة كل سنة من حين ملكتها، لكن إذا كنتِ جاهلة سقطت الزكاة عندك في هذا الحلي حتى يتم الحول بعدما علمت ووجهت إلى الخير، وإن زكيت عما مضى فهو أحوط، أمّا الوجوب فلا يجب عليك إلا بعدما علمتِ؛ لأن زكاة الحلي فيها خلاف بين أهل العلم، وأنتِ لم تعلمي، فليس عليكِ شيء حتى بلغكِ العلم، فالمقصود أنّك تزكين هذا إذا حال عليها الحول، وكانت تبلغ النصاب، أو عندك ما يكمل النصاب. س: السائلة ن. ع. ن. من اليمن، تقول: هل في حليّ المرأة المستعمل للزينة زكاة؟ (¬2) ج: الحلي من الذهب والفضة فيه خلاف بين العلماء، كثير من أهل العلم يرون أنه لا زكاة فيها؛ لأنها مستعملة، ليست للنماء وذهب ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (392). ') "> (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (416). ') ">

آخرون إلى أن فيها الزكاة، وهو الأصح وهو الأرجح، إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول ففيها الزكاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر امرأة عليها الحلي أن تؤدي الزكاة، وقالت له أم سلمة لما عرضت عليه حليّها: أكنز هو؟ قال: «ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز» (¬1) فدل على أن الحلي تزكى وأنها إذا لم تزكَ فهي كنز، هذا هو الأرجح، وهذا هو الأحوط، إذا بلغت الحلي النصاب، ذهبًا أو فضة. س: تحتفظ زوجتي بقدر من الذهب بقصد الزينة، فهل تجب عليه الزكاة، خاصة أننا سمعنا في هذا الموضوع آراء عدة؟ ج: اختلف العلماء في الحلي المعدة للبس والملبوسة، والصواب في ذلك أن فيها الزكاة، هذا هو الصواب؛ لعدة أحاديث وردت في الباب، فإذا بلغ مجموع الحليّ من قلائد وأسورة، ونحو ذلك نصاب الزكاة وهو عشرون مثقالاً من الذهب وجبت فيها الزكاة، ومقدارها بالعملة الموجودة أحد عشر جنيهًا سعوديًّا ونصفًا، هي ثلاثة أسباع جنيه، لكن ثلاثة الأسباع قرب النصف، والنصف أوضح للناس، والمقصود أنها ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1564).

أحد عشر جنيهًا ونصفًا، إذا بلغت الحلي هذا المقدار أو أكثر من ذلك ففيها الزكاة، فإن كانت أقلّ من هذا فلا زكاة فيها ولو كانت ملبوسة، هذا هو الصواب من قولي العلماء.

بيان كيفية إخراج الزكاة من الذهب إذا اختلف وقت شرائه

82 - بيان كيفية إخراج الزكاة من الذهب إذا اختلف وقت شرائه س: تقول هذه السائلة: اشتريت ذهبًا يبلغ النّصاب في شهر صفر، ثم اشتريت ذهبًا آخر أيضًا بلغ النصاب في شهر رمضان، كيف أخرج الزكاة؟ وهل في الذهب المستعمل زكاة؟ (¬1) (¬2) ج: الصواب ن الحليّ فيها الزكاة، هذا هو الراجح، فالذي اشتريته في صفر زكِّيه إذا جاء صفر، والذي في رمضان إذا جاء رمضان، كلّ واحد إذا حال عليه الحول، إذا كان نصابًا، والنصاب أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع الجنيه، عشرون مثقالاً من الذهب، فإذا بلغ النّصاب زكِّيه، ويضم إليه الذي ملكتِ في رمضان، يزكّى إذا جاء رمضان. س: أعرف أن هناك كثيرًا من النساء لديهن ذهب كثير، ولا يلبسنه إلا في المناسبات، فهل في مثل هذا الذهب زكاة، أم يعتبر من ¬

(¬1) السؤال بدون رقم الشريط. (¬2) السؤال بدون رقم الشريط. ') ">

الادخار؟ جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: الموضوع فيه خلاف بين العلماء، منهم من رأى أن لا زكاة فيه إذا كان يستعمل، ومنهم رأى أن فيه الزكاة؛ لعموم الأدلة الشرعية في ذلك، وهذا هو الصواب الذي نوجهه ونفتي به أنّ في الحليّ زكاة، إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول؛ لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة في الذهب والفضة، وعدم الدليل على استثناء ذلك. س: هل زكاة الذهب ضروريّة، وإذا كان لبسه في المناسبات وليس للبيع والشراء، أفيدونا بذلك؟ (¬2) ج: الصحيح وجوب الزّكاة في الحليّ من الذهب والفضة، هذا هو الرّاجح من أقوال العلماء، إذا بلغ النّصاب، وحال عليه الحول على المرأة أن تزكي ذهبها أو فضّتها، إذا حال عليها الحول وكان نصابًا. س: هذه سائلة من الرياض تقول: سماحة الشيخ، لديَّ مجموعة من الذهب المستعمل، وعرضت أن أخرج عنه الزكاة، وعندما ذهبت لوزنه وجدته يزن تسعة وسبعين جرامًا تقريبًا، أي دون ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (294). ') "> (¬2) السؤال بدون رقم الشريط. ') ">

النصاب البالغ خمسة وثمانين جرامًا، ولكنني في نفس اليوم الذي زنت فيه الذهب القديم اشتريت ذهبًا آخر يزن ثلاثة وعشرين جرامًا، فأصبح مجموع وزن الذهب الجديد والقديم حوالي مائة واثنين جرام، والسؤال هو يا سماحة الشيخ، هل أضيف مجموع وزن الذهب الذي اشتريته مع وزن القديم وأخرج عنه الزكاة، أم أنتظر حتى يحول الحول عليهما جميعًا وأخرج الزكاة عنهما جميعًا؟ ج: ليس عليك زكاة للحول الحاضر، ولكن بعد ضم الجديد إلى القديم إذا حال الحول تزكين، أما قبل ذلك فلا؛ لأنه ناقص، والحمد لله.

حكم إعطاء المرأة زكاة حليها لزوجها المدين

83 - حكم إعطاء المرأة زكاة حليها لزوجها المدين س: المستمعة ز. ح. ج، تقول: سماحة الشيخ، هل يجوز أن أخرج زكاة ذهبي لزوجي الذي عليه ديون كثيرة، أفتوني مأجورين؟ (¬1) ج: فلا حرج في إعطاء الزوج الزكاة إذا كان فقيرًا، لا حرج في ذلك على الصحيح من أقوال العلماء إذا كان فقيرًا، يعطى الزكاة من زوجته، ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (370).

وإذا كان عليه ديون لا يستطيع أن يقضيها فهو فقير، إذا كان عليه ديون عاجز عن قضائها فهو غارم فقير يعطى الزكاة.

حكم الاكتفاء بإخراج زكاة الحلي لسنة واحدة فقط في العمر

84 - حكم الاكتفاء بإخراج زكاة الحلي لسنة واحدة فقط في العمر س: هل تزكى حلي المرأة كل عام، أم يكفي تزكيتها مرة واحدة في العمر مع العلم أنها إذا زكيت في كل عام لكان معناه أن المرأة تدفع ثمنًا آخر لحليها، وقيمة الحلي لا تنمو؟ (¬1) (¬2) ج: نعم، عليها الزكاة، ولو ما نمت، مثل الذي عنده ذهب في الصندوق يزكيه، ولو ما نمى كل سنة، من يمنعه من التنمية؟ تزكى الحلي التي تبلغ النصاب، مواساة للفقراء والمحاويج، وإذا نقص عن النصاب، ما فيه زكاة، أما ما دام يبلغ النصاب، عشرين مثقالاً، مائة وتسعين غرامًا، فإنها تزكيه ربع العشر، كل ألف خمسة وعشرون، المائة اثنان ونصف، هذا ظاهر الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعض أهل العلم يرى أنه لا زكاة في الحلي؛ لأنها مستعملة، ولكن الصواب أن فيها الزكاة؛ لعموم الأدلة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (229). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (229). ') ">

يوم القيامة صفحت له صفائح من نار» (¬1) الحديث، ولم يستثن الحليّ، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «لما رأى امرأة عليها أسورة: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة بسوارين من نار؟ فألقتهما، فقالت: هما لله ورسوله» (¬2) ولم يقل ما عليها زكاة، بل أمرها بالزكاة، وهي حلي في أيديها، وهكذا «أم سلمة رضي الله عنها، كان عليها أوضاح من ذهب، وقالت: يا رسول الله، أكنز هو؟ قال: ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز» (¬3) قال: فزكي، ولم يقل: الحلي ليس من الكنز، ولم يقل لها: لا زكاة فيها. س: السائلة تقول: أنا مصرية مقيمة في إحدى القرى بالمملكة مع زوجي الذي يعمل مدرسًا، ولي قدر من الحليّ الذهبية، ومنذ شرائها وأنا أعلم أن الحليّ ليس فيها زكاة، وقد سمعت في برنامجكم من أحد العلماء الأفاضل أن الحليّ لا زكاة فيها، وفي حلقة أخرى سمعت أن الحليّ فيها زكاة، فأحضرت كتاب تلخيص الحبير، وقد وجدت في صفحة واحدة حديثًا روي أنه ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم (987). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1563)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (2479). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1564).

صلى الله عليه وسلم قال: «ليس في الحلي زكاة» (¬1) ثم روى حديثًا آخر «عن أسماء بنت يزيد قالت: دخلت أنا وخالتي على النبي صلى الله عليه وسلم، وعلينا أساور من ذهب، فقال لنا: أتعطيان زكاته، فقلنا: لا، قال: أما تخافان أن يسوركما الله بسوارٍ من نار، أديا زكاته» (¬2) أرجو أن تفيدوني مأجورين؛ لأني قلقة جدًّا بالنسبة لهذا الموضوع؟ جزاكم الله خيرًا. ج: نعم، اختلف العلماء في زكاة الحليّ، فبعض أهل العلم رحمهم الله قالوا: إنه لا زكاة فيها، لأنها تُستعمل، فأشبهت الإبل التي تُستعمل، والبقر التي تُستعمل فلا زكاة فيها، واحتجّوا بحديث: «ليس في الحليّ زكاة» (¬3). وقالوا: إن هذا يؤيد الأصل، وهو أن المستعمل ليس محل زكاة، وبما روي عن جماعة من الصحابة، عن عائشة وأسماء وجماعة، أنهم قالوا: لا زكاة في الحلي وقال آخرون من أهل العلم: إن في الحلي زكاة إذا بلغت النصاب، واحتجّوا بحديث أسماء بنت يزيد وما جاء في ¬

(¬1) أخرجه ابن الجوزي في كتاب التحقيق في أحاديث الخلاف برقم (2/ 42). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الزكاة، باب ما جاء في زكاة الحلي، برقم (637). (¬3) أخرجه ابن الجوزي في كتاب التحقيق في أحاديث الخلاف برقم (2/ 42).

معناه، وأن الرسول أمرها بالزكاة، وهكذا حديث أم سلمة، قال لها النبي صلى الله عليه وسلم لما سألت عن الحليّ، قال: «ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز» (¬1) جاء في حديث عن عائشة رضي الله عنها ما يدل على ذلك أيضًا، مع عموم الحديث الصحيح، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفّحت له صفائح من نار» (¬2) الحديث. وهذا القول هو الأصح، أنّ فيها الزكاة؛ لحديث أسماء وما جاء في معناه، إذا بلغت النصاب، والنصاب عشرون مثقالاً، ومقداره بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهًا ونصفًا، وبالغرام اثنان وتسعون غرامًا إلاّ يسيرًا، فهذا هو النّصاب، فالواجب عليها أن تزكّي ما بلغ هذا المقدار، سواءً من نفس الذهب أو من العُمل الورقية، أو من الريال الفضّي، كله واحد، عليها أن تزكي ربع العشر، فإذا كان ذهبها الذي عليها يساوي مثلاً ألف ريال، عليها الزكاة خمس وعشرون، ربع العشر، وإذا كان يساوي عشرين ألفًا، فعليها ربع العشر، وهو خمسمائة ريال؛ لأن عُشر العشرين ألفان، وربع العشر خمسمائة، فإذا كان يساوي أربعين جنيهًا ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1564). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم (987).

فعليها ربع العشر، جنيهًا واحدًا؛ لأن عشر الأربعين أربعة، وربع العشر، جنيه واحد، فالمقصود أن عليها ربع العشر من قيمة الحليّ، سواءً أخرجت ذلك ذهبًا أو فضة، أو من العُمل الورقية، وهذا هو القول المختار، وهو الأصح بالدليل، وأمّا حديث: «ليس في الحليّ زكاة» (¬1) فهو حديث ضعيف، لو صحّ لكان كافيًا، لكنّه ليس بصحيح، هو حديث غير صحيح عند أهل العلم، فلا يحتجّ به. ¬

(¬1) أخرجه ابن الجوزي في كتاب التحقيق في أحاديث الخلاف برقم (2/ 42).

بيان ما يجب على الزوج إذا كانت زوجته لا تخرج زكاة حليها

85 - بيان ما يجب على الزوج إذا كانت زوجته لا تخرج زكاة حليها س: يقول السائل: إذا مضى عليَّ أكثر من سنة ولم تزكّ امرأتي حليّها، فماذا أفعل؟ (¬1) (¬2) ج: الزكاة عليها ليست عليك، الزكاة على المرأة المالكة للحلي إن وجدت مالاً، وإلاّ تبيع من الحلي وتزكِّي، وإذا نقص وزن الحلي عن النّصاب سقطت الزكاة بعد ذلك، أمَّا إن زكيت عنها بإذنها وموافقتها فجزاك الله خيرًا، لا بأس، أو زكَّى عنها أخوها أو أبوها برضاها فلا بأس. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (238). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (238). ') ">

س: سائلة تقول: هل أزكي الحلي التي أتحلّى بها غالب الأحيان؟ (¬1) ج: الحلي من الذهب والفضة فيها خلاف بين العلماء، جماعة من العلماء يقولون: لا زكاة فيها إذا كانت تستعمل، وآخرون يقولون: فيها الزكاة، ولو أنها تستعمل إذا بلغت النصاب، وهذا القول أصح أقوال العلماء، بأنها تزكى إذا بلغ الحلي النصاب، لما جاء في الحديث مما يدل على ذلك، فقد جاءته امرأة في يدها مسكتان، يعني سوارين من ذهب، فقال: أتعطين زكاتها؟ قالت: لا، قال: «أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟» (¬2) وقال لعائشة لمّا كان عندها فتخات لا تزكيها: «حسبك من النار» (¬3) وقال: لأم سلمة وكانت تلبس لها أوضاحًا من ذهب، لما قالت له: أكنز هو؟ فقال: «ما بلغ أن تؤدي زكاته فزكي فليس بكنز» (¬4) فدل على أن هذه الحلي تزكى، وإن لم تزك فهي كنز يعذب به صاحبه، فالواجب على النساء إذا كان عندهن حلي ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (312). ') "> (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1564). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1565). (¬4) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1564).

من الذهب والفضة تبلغ النصاب، الواجب عليهن الزكاة، في أصح قولي العلماء، إذا كانت الحلي تبلغ النصاب، والنصاب أحد عشر جنيهًا ونصفًا، يعني عشرين مثقالاً، المثقال اثنان وتسعون غرامًا تقريبًا، فإذا كانت الحلي تبلغ هذا، وجبت الزكاة في الذهب، أما الفضة فنصابها مائة وأربعون مثقالاً، يعني ستة وخمسين ريالاً، بالريال السعودي الفضة، إذا بلغ النصاب، فإذا بلغت الفضة هذا النصاب، قيمة ستة وخمسين ريالاً، مائة وأربعون مثقالاً فإنها تزكى، هذا هو الصواب، وهذا هو الأرجح، وهذا هو الحق. س: لقد كثر الاختلاف في وجوب زكاة الذهب الذي يلبس، وليس للإعارة أو الإجارة، فما هو رأي الدين في ذلك؟ ج: العلماء اختلفوا في الذهب والفضة الذي تتحلى به المرأة وتلبسه عند الحاجة، هلى يزكى أم لا يزكى، وهل تكفي العارية، على أقوال لأهل العلم، والأرجح والأصح أنه يزكّى، وأنه تجب فيه الزكاة إذا بلغ النصاب، والنصاب عشرون مثقالاً، ومقداره بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهًا ونصفًا، بالجنيه السعودي، والإفرنجي أيضًا، هذا هو النصاب،

فإذا بلغ حليّ المرأة من الذهب أحد عشر جنيهًا ونصفًا وجبت عليه الزكاة، في الألف خمسة وعشرون ريالاً، والذهب الذي قيمته ألف، فيه خمسة وعشرون، يخرج عنه خمسة وعشرون ريالاً، وهكذا، يعني ربع العشر، كسائر أنواع الذهب والفضة، أمّا إذا كان أقل من عشرين مثقالاً، يعني أقلّ من أحد عشر جنيهًا ونصفًا، فلا شيء فيه، هذا هو الصواب، هذا هو الأصح من أقوال أهل العلم؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه قد دخلت عليه امرأة وفي يديها سواران من ذهب، فقال: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما، وقالت: هما لله ورسوله» (¬1). «وقالت له أم سلمة: يا رسول الله، وكانت تلبس أوضاحًا من ذهب، هل في هذا زكاة؟ فقال: ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز» (¬2) ولعموم الحديث: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفّحت له صفائح من نار» (¬3) الحديث، فإنه يعم هذه الحلي. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1563)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (2479). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1564). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم (987).

بيان ما يعتبر به سعر الذهب عند إخراج الزكاة

86 - بيان ما يعتبر به سعر الذهب عند إخراج الزكاة س: هل يجوز زكاة الذهب الملبوس بالثمن الذي اشتري به؟ (¬1) (¬2) ج: المسألة فيها خلاف بين أهل العلم في أصلها، هل يجب إخراج الزكاة عن حُليّ المرأة التي تلبسها، أم ذلك ساقط عنها، هذا محل خلاف بين أهل العلم، والصواب أنه يجب إخراج الزكاة في الحلي؛ لأن الأدلة الدالة على ذلك سليمة من المعارض، فالواجب على المرأة إخراج الزكاة من حليّها إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، سواء كانت الحلي أسورة أو قلائد، أو غير ذلك من أنواع الحلي، إذا بلغت النصاب، وهو عشرون مثقالاً من الذهب، مقداره بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع جنيه، يعني نصف جنيه، أحد عشر جنيهًا ونصفًا، وبالجرام اثنان وتسعون جرامًا، فإذا بلغ هذا المقدار وجبت فيه الزكاة، وإن كان أقل لم تجب فيه الزكاة، وهذا كله على مقتضى الأدلة حسب القول الراجح في هذه المسألة، ولو كان ملبوسًا، لكن الزكاة لا تكون بالثمن، يراعى فيها القيمة، فلو كانت اشترت الحلي بعشرة آلاف ريال، وعند تمام الحول لا يساوي إلا ثمانية آلاف لا تزكي إلا ثمانية؛ ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (57). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (57). ') ">

لأنه نقص، وهكذا العكس، لو كانت اشترته بعشرة، وعند تمام الحول يساوي خمسة عشر، زاد الذهب وغلا، تزكي خمسة عشر، القيمة الموجودة عند تمام الحول، زائدة أو ناقصة، وليس لازمًا أن يكون من نفس المزكى، يمكن من العُملة الورقية، لا بأس. س: امرأة لها سبائك من الفضة، أو أساور من الفضة، ومضى عليها زمن قديم، وهي تحتفظ بها، وليس الغرض منها المتاجرة ولا اللبس، إنما تحتفظ بها كتحف وآثار، فهل عليها زكاة أم لا؟ وإذا كانت تجب فيها الزكاة، فكم النصاب الذي يجب إخراجه، وماذا تفعل في زكاة الأعوام الماضية؟ (¬1) ج: الحلي فيها الزكاة ولو كانت للبس، ولو كانت للاحتفاظ للحاجات الأخرى، لابد من الزكاة فيها إذا بلغت النصاب، على الصحيح من أقوال العلماء، ولو كانت للبس أو العارية، أو الادخار عليها أن تزكيها إذا بلغت النصاب، والنصاب في الذهب عشرون مثقالاً، ومقداره من الجنيه السعودي أحد عشر جنيهًا ونصفًا سعوديًّا أو هنديًّا، إذا بلغ هذا عليها الزكاة، وما كان أقل من ذلك فليس فيه زكاة، ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (46). ') ">

والزكاة ربع العشر، من كل ألف خمسة وعشرون ريالاً، والعشرة آلاف فيها مائتان وخمسون، يعني ربع العشر، هذه زكاة الذهب والفضة، والفضة نصابها مائة وأربعون مثقالاً، ومقدارها بالريال السعودي ستة وخمسون ريالاً، فعليها أن تزكي الفضة، ربع العشر، والذهب ربع العشر، ولو كانت حليًّا، على الصحيح من أقوال العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار» (¬1) فينبغي أداء الزكاة مطلقًا، هذا هو الصواب، ولو كانت للبس، ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أن امرأة دخلت عليه وعليها مسكتان من ذهب، فقال: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما وقالت: هما لله ورسوله» (¬2) وأما ما مضى من الأعوام ولم تزك فليس عليها شيء ما دام ما علمت، فليس عليها شيء، وعليها أن تزكي في المستقبل بعدُ ما دام ما علمت. س: شخص لديه زكاة في أغنام عنده، ومعروف أن عاملة الزكاة تقرر ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم (987). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1563)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (2479).

ثمن الزكاة، وتأخذها نقدًا، وتقول لصاحب الغنم: بع الشاة أو الشاتين أو أكثر، فإذا كان لديه أغنام كثيرة ويعطيهم قيمتها حالاً، وهذا الشخص سدّد لعاملة الزكاة من ماله، ولم يبع من غنمه شيئا، ولم يخرج منها، فما حكم ذلك، هل هو جائز أن يدفع للعاملة المبلغ المطلوب، دون أن يخرج من الغنم أي شيء، علمًا أنه قد مضى على ذلك عدة سنوات، ويمكن أن تكون قد توالدت الغنم، فما الحكم؟ (¬1) ج: يكفي إذا أخرج من المال الذي عنده، إذا أعطى العمال من الدراهم التي عنده ولا باع شيئًا، لا بأس، ما هو من اللازم أن يبيع من غنمه، أو من إبله، فإذا أعطاهم ما طلبوا عن النصاب، أو الأنصباء من الدراهم التي عنده فلا حرج، ولكن الواجب هو الوسط، فإذا كانت الحكومة ما أخذت إلا القليل يرى أنه دون الوسط، فينبغي له أن يكمل ويعطي الفقراء الذين عنده في قبيلته أو غيرهم، كمال الزكاة؛ لأن هذا أبرأ لذمته، وأحوط له، فقد يتساهل العمال فيأخذوا زكاة قليلة أقل من الواجب، والواجب الوسط، فإذا كانت مثلاً الشاة التي تجب عليه ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (46). ') ">

تساوي الوسطى ستمائة، والعظيمة السمينة ألفًا، والناقصة التي هي اللائمة أربعمائة، وأخذوا ما يقابل أربعمائة، أخذوا مقابل اللائمة والناقصة، فينبغي له أن يكمل حتى يخرج قيمة الوسطى ستمائة ونحوها، المقصود أنه يلاحظ أن تكون الزكاة على الوسط من غنمه أو إبله، فعليه أن يزكي ويتوب إلى الله، ويستغفر، وعليه أن يزكي الباقي، إن كذب عليه فعليه أن يزكي الباقي. س: ما هو الحكم بالنسبة لزكاة الحلي، الذهب أو الفضة، إذا وجبت الزكاة فيهما، فما هو النّصاب، وهل يقدّر على أساس الوزن، أم العيار؟ (¬1) ج: الذهب والفضة من الأموال الزّكوية، ويقدر النصاب بالوزن، فنصاب الذهب عشرون مثقالاً، ومقدار ذلك أحد عشر جنيهًا ونصف الجنيه، من الجنيه السعودي، واثنان وتسعون غرامًا بالغرام، ومقدار نصاب الفضة، مائة وأربعون مثقالاً، ومقدار ذلك ستة وخمسون ريالاً بالفضة، فإذا بلغ النصاب ما ذكر وجبت الزكاة، ولو كانت حليًّا من الذهب والفضة؛ لأنها تزكى متى بلغت النصاب، وجب أن تزكى، وإن كانت حليًّا تلبس على الصحيح من أقوال العلماء؛ لما ورد في هذا من ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (43). ') ">

الأحاديث الصحيحة، ومن جملتها حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، «أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وعليها مسكتان من ذهب، فقال: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما، وقالت: هما لله ورسوله» (¬1)، هكذا حديث: «ما من صاحب ذهب لا فضة لا يؤدّي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفّحت له صفائح من نار» (¬2) الحديث، وهكذا حديث أم سلمة رضي الله عنها، «أنها كانت تلبس أوضاحًا من ذهب، فقالت: يا رسول الله، أكنز هذا؟ فقال: ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز» (¬3) فدل ذلك على أن ما لم يزكّ من الحلي وغيرها من الذهب والفضة فإنه يسمى كنزًا، يعذب به صاحبه، نسأل الله السلامة. الخلاصة، أن الحلي تزكى، ولو كانت تلبس من الذهب والفضة، إذا بلغت النصاب، وهو أحد عشر جنيهًا ونصفًا من الذهب، ومائة وأربعون مثقالاً من الفضة، وبمثاقيل الذهب عشرون مثقالاً من الذهب، وبالغرامات من الذهب اثنان وتسعون غرامًا من الذهب، فإذا بلغ هذا ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1563)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (2479). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم (987). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1564).

زكّي، فالاعتبار بالوزن، أما من جهة القيمة فينظر قيمته وقت الحول في السوق ماذا يساوي الذهب في السوق، فيزكى حسب القيمة، وإن كان كثيرًا وزكّاه من الذهب كفى، أو كانت الحلي تبلغ أربعين جنيهًا زكّاها بجنيه واحد، ربع العشر؛ لأن العشر أربعة جنيهات، والربع فيها واحد، فإذا أخرج جنيهًا واحدًا وأعطاه بعض الفقراء كفى، وإن أخرج قيمته من النقود ووزّعه بين الفقراء كفى. س: يسأل السائل ويقول: رجل متزوج وله ابنة، زوجته تمتلك حليًّا ذهبية، بعضها كان في حوزتها قبل الزواج، سواءً من أبيها أو هدية من الرجل في فترة الخطوبة، والبعض الآخر اشتراه لها كهدية بعد الزواج، وكذلك اشترى لابنته بعض الحليّ الذهبية، والسؤال الآن: كيف تخرج الزكاة عن هذه الحليّ؟ هل يجمع ما تمتلكه الزوجة والابنة ويحسب النصاب، أم كل على حدة؟ وإن كان النصاب يحسب لكل من الزوجة والابنة منفردين، فمن يخرج زكاة حلي الزوجة، هل الزوج، أم تخرجه هي من نفس ذهبها؟ علمًا بأنها ليس لديها مال، ثم تقول: ما هي قيمة النصاب؟ وعلى أي عيار من عيارات الذهب تحسب؟ علمًا بأن الذهب الموجود عيارات مختلفة، وهل الزكاة تخرج عن كل

الذهب، أو على ما زاد عن النصاب فقط؟ وإذا اشترى الرجل لزوجته ذهبًا ليس من باب الهدية، ولكن من باب حفظ المال، على أساس بيعه وقت الحاجة، فهل يضم إلى مالها، أو يبقى مع ماله؟ وإذا كان من ماله، فهل تجمع قيمته على أمواله النقدية عند حساب النصاب؟ وإذا كان لهذا الرجل أولاد ذكور فهل يعد شراؤه ذهبًا لابنته دونهم ظلمًا لهم، وهل يلزمه شراء مقابل مساوٍ لهم؟ أفيدونا أفادكم الله (¬1). ج: أما الأول: فإن الزكاة تكون على ذهب الزوجة وحدها، وعلى ذهب البنت وحدها إذا بلغ النصاب، كل عليه زكاته، الزوجة عليها زكاة ذهبها ولا فرق بين كونه عيار ثمانية عشر، أو عيار واحد وعشرين، أو عيار أكثر من ذلك، كلّه يزكى على حسب ما يساوي في السوق، قيمته في السوق، فعليها أن تزكي ذهبها إذا بلغ النصاب، وعلى البنت زكاة ذهبها إذا بلغ النصاب، والنصاب عشرون مثقالاً، ومقداره بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهًا ونصفًا، هذا هو النصاب، وهو عشرون مثقالاً، وهو واحد وتسعون غرامًا وكسورًا، يعني اثنين وتسعين على ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (208). ') ">

سبيل الاحتياط، اثنان وتسعون غرامًا، فإذا بلغ الذهب الذي عند المرأة هذا المقدار أحد عشر جنيهًا ونصفًا، اثنين وتسعين غرامًا فعليها أن تزكيه من مالها، فإذا كان ما عندها مال تبيع من هذا الذهب وتزكي، أو تقترض، أو يزكي عنها زوجها إذا سمح، إذا هداه الله وزكى عنها بإذنها فلا بأس، أو أبوها، أو أخوها بإذنها فلا بأس، وإلا فتبقى الزكاة دَينًا في ذمتها حتى تخرجها ببيع شيء من مالها حتى تزكي، أما إن كان الذهب أقل من النصاب، أقل من أحد عشر جنيهًا ونصفًا فلا زكاة عليها، وهكذا البنت، يُوزن، فإذا بلغ النصاب أحد عشر جنيهًا ونصفًا يزكى، وزكاتها عليها من مالها، تبيع من هذا الذب وتزكي، إلا إذا زكى عنها زوجها أو أخوها أو غيرهما فلا بأس، وليس للأب أن يخص البنات بذهب وعطايا دون البنين، بل إذا أعطى البنات شيئًا يعطي البنين، ولا يخصهم بشيء؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬1) وإنما يلزمه النفقة، ينفق على البنت، ما دامت في حسابه، وما دامت عنده، ليس عندها مال ينفق عليها، فإذا أغناها الله ما بقي عليه نفقة، وهكذا الولد ينفق عليه ما دام فقيرًا، فإذا أغناه الله فليس له نفقة، ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الهبة باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587).

والنفقة تختلف، نفقة الصغيرة غير نفقة الكبيرة، نفقة الصغير غير نفقة الكبير، والنفقة واجبة على الأب ما دام الأولاد فقراء، فإذا أغناهم الله، أغنى الله البنت والزوج أو بمال فلا نفقة لها عليه، وهكذا الولد، إذا أغناه الله بوظيفة أو بتجارة فلا نفقة له على والده. والذهب كما تقدم، يزكّى مطلقًا، على أي عيار كان، الذهب الرديء والطيب، وينظر في السوق ماذا يساوي، فيخرج زكاته، في الألف خمس وعشرون، وإذا كان الذهب يبلغ أربعين جنيهًا مثلاً، زكاته واحد جنيه، ربع العشر، فإذا كان أقل أو أكثر، فلا مانع من إخراجه بالنقود الورقية، ما هو بلزوم أن يخرج من الذهب، لو أخرج القيمة من النقود الورقية، فلا بأس بذلك، وزال الحرج في ذلك. س: هل يجوز أن أزكي الذهب الذي أستعمله كزينة مثل القلائد والخواتم وما شابه ذلك؟ (¬1) ج: نعم، إذا بلغ النصاب وجبت الزكاة، إذا كان الحلي من الذهب أو الفضة يبلغ النصاب وجب عليك الزكاة في أصح قولي العلماء، ولو أنه حُليّ، والنصاب عشرون مثقالاً، مقدارها أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (362). ') ">

الجنيه، يعني الجنيه السعودي، يقال: هذا نصاب، وهكذا ما أكثر منه يزكى، ومقداره بالغرام اثنان وتسعون غرامًا، فالمقصود أن الحلي إذا بلغت النصاب تزكى، سواءً كان من الذهب أو الفضة، والفضة نصابها مائة وأربعون مثقالاً، مقدارها ستة وخمسون ريالاً فضة، وما يقوم مقامها من العُمل، فالواجب على من لديها حلية من أسورة أو قلائد، أو غير ذلك، تبلغ النصاب أن تزكي ذلك، وذلك ربع العشر، فإذا كانت قيمة الحلي تبلغ عشرة آلاف مثلاً تزكيها مائتين وخمسين، ربع العشر، يعني عشرها ألف، وربع العشر مائتان وخمسون، وإذا كانت تساوي أربعين ألفًا فعليها الزكاة، ألفٌ واحد، هو ربع العشر، وفق الله الجميع. س: هل تجب الزكاة للذهب الذي أُعد للزينة واللبس، علمًا بأنه مع مرور الزمن على هذا الحلي تبيعه لتستبدل غيره؟ (¬1) ج: الصواب فيه الزكاة، الحلي المعدّ للزينة واللبس فيه خلاف بين العلماء، ولكن الصواب الذي نفتي به أن فيه الزكاة، كلما حال عليه الحول إذا بلغ النصاب، وهو أحد عشر جنيهًا ونصفًا، إذا كان من الذهب، في كل ألف خمسة وعشرون، يعني ربع العشر، هذا هو ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (301). ') ">

الصواب الذي دلت عليه السنة، سنة الرسول صلى الله عليه وسلم. وبعض أهل العلم يرى أنه إذا كان معدًّا للبس لا شيء فيه، ولكن هذا قول مرجوح، والصواب أن فيه الزكاة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمر امرأة عليها بعض الأسورة بما يدل على وجوب الزكاة، قال لها لما رأى عليها سوارين قال: «أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما، وقالت: هما لله ولرسوله» (¬1) فالوعيد على عدم الزكاة بالنار يدل على وجوب الزكاة، وكذلك قال لأم سلمة لما سألته وكانت تلبس أوضاحًا من ذهب: أكنز هو؟ قال: «ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز» (¬2) فدل على أن الحلية ليست بكنز إذا أُدِّيت الزكاة. كونها تلبسه لفترة ثم تبيعه لتستبدله بغيره، فالصواب إذا باعته قبل تمام الحول ما عليها زكاة، لكن إذا عادت وشرت يبتدئ الحول، إذا كانت الدراهم عندها فالزكاة باقية، إذا كانت باعت الذهب بدراهم، فالزكاة باقية في الدراهم على الحول السابق تزكيها، لكن لو باعت ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1563)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (2479). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1564).

الحلي واشترت بالدراهم حاجات أخرى مثل سيارة للركوب، ومثل ملابس، ومثل غرف للبيت انقطع الحول، وصار ما فيه زكاة؛ لأنه ليس للتجارة، فإذا عادت وشرت سلعة أخرى يكون فيها الزكاة إذا حال عليها الحول. س: يوجد عند بعض النساء كمّيات كبيرة من الفضة، وهي التي كانت تدفع لهن مهورًا، ولوحظ أنهن لا يزكين هذا الحليّ، فهل تنصحونهن بالزكاة، أم كيف يكون توجيهكم، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: الواجب على النساء والرجال الذين عندهم فضّة تبلغ النّصاب بنفسها أو بغيرها، يجب عليهم أن يزكوا الذي عندهم من فضة تبلغ النصاب، وهي ستة وخمسون ريالاً فضة عربيًّا سعوديًّا، يعني مائة وأربعين مثقالاً، هذا هو النصاب مائة وأربعون مثقالاً، فإذا كان عند المرأة فضّة تبلغ ستة وخمسين ريالاً من الفضة سعوديًّا، يعني مائة وأربعين مثقالاً، وجبت الزكاة فيها، أو عندها بعض الفضّة، لكنها لا تبلغ النّصاب مثلاً، عندها نقود أخرى من الورق، إذا ضمت إليها بلغت ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (327). ') ">

النصاب وجبت الزكاة على الرجل والمرأة جميعًا، سواءً كانت من الورق المعروفة، أو الفضة، أو منهما جميعًا. س: توجد ظاهرة في منطقتنا - الجزائر - وهي أن النساء أكثرهن يجعلن مهورهن ذهبًا، وعلى شكل حليّ، ولا تلبسها فقط إلا للمناسبات، ويدّعون أنها لا زكاة عليها، وذلك استنادًا على بعض العلماء شريطة أن تلبس المرأة هذا الحليّ ثلاث مرات في السنة؟ ج: الصواب أن فيها زكاة، والخلاف بين العلماء، بعض أهل العلم لا يرى الزكاة فيها، لكن الصواب أن فيها الزكاة إذا حال عليها الحول، فالواجب على المرأة أن تزكي الحلي، لبستها أو لم تلبسها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة التي رأى عليها الحلي: «أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟» (¬1) ولقوله لأم سلمة لما سألته أنها كانت تلبس أوضاحًا من الذهب: كنز هو؟ قال «ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز» (¬2) دل على أنها ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1563)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (2479). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1564).

تزكى، وأنها تكون كنزًا إذا لم تؤد زكاتها، سواء كانت أسورة أو قلائد، أو خواتم من الذهب، على مقدار أحد عشر جنيهًا ونصفًا بالسعودي، وبالغرام اثنين وتسعين غرامًا، والفضة مائة وأربعة مثقالات من الفضة، وبالريال السعودي ستة وخمسون ريالاً، هذا أقل نصاب، فالواجب على من عنده حلي من الذهب والفضة أن يزكي إذا بلغ النصاب المذكور، وهكذا ما يقدم مهرا في الأعراس، ومن الجنيهات من العملات؛ لأن العملة تقوم مقام الذهب والفضة.

حكم العمل بقول من لا يرى وجوب الزكاة في الحلي

87 - حكم العمل بقول من لا يرى وجوب الزكاة في الحلي س: سماحة الشيخ، مَن عمل بقول القائلين بعدم وجوب الزكاة في الحلي، ما هو تعليقكم يحفظكم الله؟ (¬1) ج: الصواب، يجب فيها الزكاة، والصواب على من كانت عنده الحلي عندما تبلغ النصاب تجب فيها الزكاة، وليس كل قول يكون معتبرًا، والله يقول: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}. يقول الله عز وجل: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}. فالواجب عليه ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (363).

ترك العمل، والعمل بما دل عليه النص.

حكم إخراج الزكاة من الذهب الذي لا يستعمل إلا في المناسبات

88 - حكم إخراج الزكاة من الذهب الذي لا يستعمل إلا في المناسبات س: عندنا النساء يلبسن الذهب بكثرة، وخاصة في المناسبات، ولكن هناك نوع كبير من الذهب، بمعنى أن حجمه كبير، مثل ما هو معروف بالعُقد عندنا والإسوار والخلخال، وهذا النوع من الذهب لا تلبسه المرأة إلا في أفراح الزواج، لكن أحيانًا لا يستعمل هذا النوع من الذهب لمدة طويلة قد تصل إلى سنتين، فهل يجب عند ذلك زكاة هذا الذهب؟ جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) (¬2) ج: الواجب أن يزكى، ولو كان يستعمل، هذا هو الصحيح من أقوال العلماء، فيه خلاف بين العلماء، هل يزكى الذهب والفضة المستعمل؟ على قولين؛ أحدهما: أنه لا زكاة فيه إذا كان يستعمل أو يعار، والقول الثاني: أن فيه الزكاة، وهذا هو الصواب، عليها أن تزكيه منه، بالغًا ما بلغ، إذا بلغ النصاب فأكثر، ولو مائة ألف تزكيه ربع العشر، في المائة ألف ألفان وخمسمائة، إلا إذا كان أقل من أحد عشر جنيهًا ونصفًا، أقل من اثنين وتسعين غرامًا، إذا كان أقل من النصاب فلا شيء فيه، والنصاب ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (324). (¬2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (324). ') ">

اثنان وتسعون غرامًا، يعني أحد عشر جنيهًا سعوديًّا ونصفًا، إذا كان أقل من هذا فليس فيه شيء، وإذا كان يبلغ هذا أو أكثر ففيه ربع العشر، ولو كان مليونًا عليها أن تزكيه ولو لم تلبسه أو لبسته، الواجب الزكاة. س: هل ذهب المرأة الذي يستعمل للزينة، والذهب غير المستعمل للزينة هل في ذلك زكاة أو لا؟ (¬1) ج: الحلي من الذهب والفضة فيها خلاف بين العلماء، هل فيها زكاة أم لا، بعض أهل العلم يرى أنه لا زكاة فيها، وأن زكاتها استعمالاتها وعاريتها، والقول الثاني أن فيها الزكاة، وهو الأصح وهو الأرجح، أن فيها الزكاة إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، فإذا كان الذهب يبلغ النصاب أو الفضة وجب أن يزكى إذا حال عليه الحول، ولو كانت تلبسه من قلائد أو أسورة أو خواتم أو غير ذلك، والنصاب أحد عشر جنيهًا ونصفًا بالجنيه السعودي، عشرون مثقالاً، وبالجرام اثنان وتسعون جرامًا، فإذا بلغت الحلي هذا المقدار زكيت من الذهب، والفضة مائة وأربعون مثقالاً، مقدار ستة وخمسين ريالاً فضة سعوديًّا، وما هو أكثر من ذلك، وما يعادل ذلك من الورق، من العُملة الورقية يزكى إذا حال ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (365). ') ">

عليه الحول، أما ما كان أقل من ذلك فلا زكاة فيه. س: كيف يزكى الذهب والفضة الذي تلبسه النساء، وما هو نصاب العملة الورقية؟ ج: الصواب من قولي العلماء في شأن الحلي أنها تزكى، ولو كانت تستعمل فعلى النساء أن يزكين حليهن من الذهب والفضة إذا بلغت النصاب، هذا هو القول الصواب؛ لعموم الأدلة، ولأدلة أخرى خاصة تدل على وجوب الزكاة فيها، إذا بلغت النصاب، ونصاب الذهب أحد عشر جنيهًا سعوديًّا ونصفًا، يعني عشرين مثقالاً، ومقدار ذلك بالغرام اثنان وتسعون غرامًا، أما الفضة فنصابها مائة وأربعون مثقالاً، وهي مائتا درهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي عهدنا الآن ستة وخمسون ريالاً سعوديًّا من الفضة، أو ما يعادلها من الورق، ما يعادل ستة وخمسين ريالاً فضة من الورق، من العمل الورقية؛ دولار أو ريال سعودي أو الدينار، وغيره من العمل إذا بلغت قيمتها ستة وخمسين ريالاً فضة، أو أحد عشر جنيهًا ونصفًا سعوديًّا زكّيت، والواجب ربع العشر، والزكاة على المرأة فإن زكَّاها عنها زوجها برضاها، أو أبوها، أو غيرهما فلا بأس، وإلا فالزكاة

واجبة عليها؛ لأنها المالكة، وما كان أقل من هذا فليس فيه زكاة، ما كان أقل من أحد عشر جنيهًا ونصفًا سعوديًّا من الذهب، وأقل من ستة وخمسين ريالاً فضة من الفضة فلا زكاة فيه، وهكذا ما يعادل ذلك من العُمل، ما كان أقلّ من قيمة الذهب أحد عشر ونصفًا جنيهًا، وكانت قيمته أقل من ستة وخمسين ريالاً من الفضة لا زكاة فيه.

حكم إخراج الزكاة من الأطقم المحتوية على الماس

89 - حكم إخراج الزكاة من الأطقم المحتوية على الماس س: تقول السائلة: أملك بعض الحلي من الذهب، ومنها طقم ذهب، ولكنه يحتوي على فصوص كثيرة ليست ذهبًا، فهل أخرج زكاة على وزن الطقم كله، أم على وزن الذهب فقط من غير الفصوص، وإذا كان الذّهب من عيار ثمانية عشر فكيف أخرج زكاته؟ (¬1) (¬2) ج: عليك إخراج الزكاة عن الذهب فقط، بما يساوي صرفه في السوق، تخرجين الزكاة عن الذهب فقط، أمَّا الفصوص والماس، فلا زكاة فيه إذا كان للاستعمال، فإذا كان الذهب يبلغ النصاب من عيار ثمانية عشر أو أكثر فإنه يزكى، والنصاب عشرون مثقالاً، اثنان وتسعون ¬

(¬1) السؤال بدون رقم الشريط. (¬2) السؤال بدون رقم الشريط. ') ">

غرامًا من الذهب، ومقداره بالجنيه السعودي، أحد عشر جنيهًا سعوديًّا، أمَّا إذا كان أقل فلا زكاة فيه. س: هل على حلي النساء زكاة، وما مقدارها؟ (¬1) ج: الصواب أن فيها زكاة، على الراجح من أقوال العلماء، في كل ألف خمسة وعشرون، فإذا بلغت النصاب زكيت، والنصاب عشرون مثقالاً، ومقداره اثنان وتسعون غرامًا، وبالجنيه السعودي أحد عشر جنيهًا ونصفًا، فإذا بلغ النصاب وحال عليه الحول وجبت فيه الزكاة في أصح أقوال أهل العلم، يعطاها الفقراء كسائر الزكوات، وعليكم أن تزكوا عن السنوات الماضية، إذا كانت المرأة قد علمت بهذا في السنوات الماضية، فعليها أن تزكي عن السنوات الماضية، أما إذا كانت لم تعلم إلا أخيرًا، فإنها تزكي في المستقبل، والحمد لله، والماضي يعفو الله عنه لعدم العلم. س: ما هو وزن ومبلغ الحلي الذي تخرج زكاته؟ (¬2) ج: تقدم بيان ذلك في الجواب السابق، وأن الحلي التي فيها الزكاة ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (224). ') "> (¬2) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (229). ') ">

هي التي تبلغ النصاب إذا كانت الحلي تبلغ أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع الجنيه، يعني أحد عشر جنيهًا ونصف الجنيه، هذه تخرج زكاتها، أما إذا كانت أقل فليست فيها زكاة، ومقدارها بالغرام اثنان وتسعون غرامًا، فإن كانت الحلي قل من هذا فليس فيها زكاة، أما إن كانت أكثر ففيها زكاة بالحساب، ربع العشر، في كل ألف خمسة وعشرون، في عشرة الآلاف مائتان وخمسون، في عشرين ألفًا خمسمائة، في أربعين ألفًا، ألف واحد، وهكذا. س: يوجد عند زوجتي ذهب تقدر قيمته بأكثر من خمسين ألف ريال، فهل تجب فيه الزكاة، علمًا بأنها تلبسه دائمًا، وتقصد منه الاستعمال للزينة فقط؟ (¬1) ج: الواجب في الحلي الزكاة في أصح قولي العلماء، ولو كانت تستعمل ذلك الواجب عليها الزكاة، هذا هو الصحيح وهي ربع العشر، من أربعين ألفًا ألف واحد، ومن عشرة آلاف مئتان وخمسون، يعني: ألفًا ومئتين وخمسين، في خمسين ألفًا، ربع العشر، والله جل وعلا أوجب على عباده الزكاة في الذهب والفضة، وفي الإبل والبقر والغنم ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (229). ') ">

الراعية، وفي عروض التجارة، فلا يجوز للمؤمن أن يتساهل في هذه الأمور، وهكذا أوجبها عليه في الحبوب والثمار، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها» (¬1) وفي لفظ آخر، «لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين الناس، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار» (¬2) وهذا وعيد عظيم يعم ذهب الحلي وفضة الحلي وغيرهما، ولأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه دخلت عليه امرأة في يد ابنتها مسكتان من ذهب، يعني سوارين من ذهب، فقال: أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما، وقالت: هما لله ورسوله» (¬3) رواه الإمام أبو داود، والإمام النسائي رحمة الله عليهما في سننهما بإسناد صحيح. وثبت «عن أم سلمه رضي الله عنها أنها كانت تلبس أوضاحًا من ذهب، قالت: يا رسول الله، أكنز هذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم (987). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم (987). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1563)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (2479).

وسلم: ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز» (¬1) ولم يقل لها: ليست في الحلي زكاة، أما ما لم يزكّ فبلغ النصاب فإنه كنز يعذب صاحبه يوم القيامة، يشير إلى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}. الحاصل أن الحلي من الذهب والفضة التي تستعملها النساء فيها الزكاة إذا بلغت النصاب، والنصاب عشرون مثقالاً، ومقداره أحد عشر جنيهًا ونصفًا، ومقداره بالغرامات اثنان وتسعون غرامًا، فإذا كان الذهب أقل من هذا فلا زكاة فيه. س: هل على الذهب الذي تستعمله المرأة للزينة زكاة، علمًا بأنه يصل إلى مائة غرام؟ نرجو الإفادة، جزاكم الله خيرًا؟ (¬2) ج: نعم، الصواب فيه زكاة، حلي المرأة من الذهب والفضة فيه الزكاة، وهي ربع العشر، ولو أنه يستعمل، هذا هو الصواب، فيه خلاف بين العلماء، بعض أهل العلم يرى أنه لا تجب الزكاة في الحلي، ولكن ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1564). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (198). ') ">

الصواب أنها تجب فيها الزكاة إذا بلغت النصاب، والنصاب اثنان وتسعون غرامًا تقريبًا، عشرون مثقالاً، وبالجنيه السعودي أحد عشر جنيهًا ونصفًا، وبالفضة العربي ستة وخمسون ريالاً من الفضة، أو ما يعادلها، فإذا كانت الحلي تبلغ نصاب الزكاة وجبت فيها الزكاة على الصحيح، وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم «أنه دخلت عليه امرأة وعلى ابنتها مسكتان من ذهب، يعني سوارين من ذهب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار؟ فألقتهما، وقالت: هما لله ورسوله» (¬1) وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره» (¬2) الحديث، وهذا يعم الحلي من الذهب والفضة، والمقصود أنّ الراجح والصواب أنّ الحلي ولو أنه مستعمل أنه يزكى إذا بلغت النصاب كل حول، في الألف خمس وعشرون، وفي الألفين خمسون، وهكذا، تعرف قيمة الذهب وقت الحول، ويزكى حسب قيمته. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1563)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (2479). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم (987).

س: إحدى الأخوات تقول: أنا المستمعة م. س. ع. من بلاد زهران، عندي حلي من الذهب والفضة، حيث إنني أتزيّن بها، ولا أريد أن أخزنها إلى وقت الحاجة، فهل عليها زكاة؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) ج: الصواب فيها الزكاة إذا بلغت النصاب، بعض أهل العلم يرى أنه ليس فيها زكاة، ولكن الصواب والراجح أن فيها الزكاة، سواء كان الحلي ذهبًا أو فضة، إذا بلغت النصاب، والنصاب في الذهب أحد عشر جنيهًا ونصفًا، وعشرون مثقالاً، اثنان وتسعون غرامًا، فإذا بلغت الحلي من الذهب هذا المبلغ؛ عشرين مثقالاً، يعني أحد عشر جنيهًا ونصفًا سعوديًّا، اثنين وتسعين غرامًا تجب فيها الزكاة إذا حال عليها الحول، سواء كان للاستعمال أو غيره، هذا هو الصحيح، أما الفضّة فنصابها مائة وأربعون مثقالاً، ومقداره بالريال السعودي ستة وخمسون ريالاً من فضة، وما زاد على ذلك وهو ستة وخمسون الذي هو أقل النصاب، وما يعادل ذلك من العُمل كالدولار والدينار، والجنيه الإسترليني، وغيرها من العُمل السعودية، وما يعادل ذلك، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا زكاة في ذلك؛ لأنها تعد للاستعمال، ولكنه قول مرجوح، والصواب ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (348). ') ">

أن فيها الزكاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة دخلت عليه وعلى ابنتها سواران: «أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما، وقالت: هما لله ولرسوله» (¬1) وقال لأم سلمة لما سألته عن الحلي، أكنز هو؟ قال: «ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز» (¬2) ولم يقل لها: هذه الحلي ليس فيها زكاة. س: سمعت شيخًا يقول: إنها تجب الزكاة على الحلي التي تلبس إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، فما هو النصاب، وما قيمته، وكيف أخرج الزكاة عن الحلي الملبوسة إذا كنت لا أعرف قيمتها؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا (¬3). ج: الصواب أن فيها زكاة، الحلي الذهب والفضة، والنصاب عشرون مثقالاً من الذهب، ومقداره اثنان وتسعون غرامًا، بالغرامات، ومقداره بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهًا ونصفًا، والواجب ربع العشر، في كل ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1563)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (2479). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1564). (¬3) السؤال الرابع من الشريط رقم (218). ') ">

ألف خمسة وعشرون، إذا حال الحول وهو يبلغ النصاب، في كل ألف خمسة وعشرون، أما الماس والجواهر الأخرى فليس فيها زكاة إذا كانت للبس، إنما الزكاة في الذهب والفضة خاصة، أما الفضة فنصابها مائة وأربعون مثقالاً، ومقداره بالعملة السعودية ستة وخمسون ريالاً بالريال الفضي، إذا بلغت قيمة الحلي هذا النصاب من الذهب والفضة زكّاها، يستعين في ذلك بالمختصين أصحاب الذهب والفضة، يسألهم، يعطيهم الذهب والفضة التي عنده حتى يعرفوا وزنها، يعلموه، أما إن كان الحلي من غير الذهب والفضة، بل ماس أو الجواهر الأخرى، من العقيق ونحوه، هذه لا زكاة فيها، إلا إذا كانت للبيع والتجارة، ففيها زكاة التجارة. س: تقول السائلة: تركت أمي بعد وفاتها بعض الحلي، هو ملكها، لا أعرف مقداره بالجرامات، ونحن لا نستعمله، فهل تجب في هذا الحلي زكاة، وما هو المقدار الذي تجب فيه الزّكاة من الحلي؟ (¬1) ج: تجب فيه الزكاة إذا كان يبلغ عشرين مثقالاً من الذهب، والمثقال ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (203). ') ">

يعادل اثنتين وسبعين شعيرة معتدلة، وهو يعرفه الصاغة بالوزن، فينبغي إذا كان الحلي يبلغ النصاب، كما تقدم، عشرين مثقالاً من الذهب، وهو يعادل أحد عشر جنيهًا سعوديًّا، وثلاثة أسباع الجنيه بالعملة السعودية، أو الإفرنجية، وبالفضة يعادل مائة وأربعين مثقالاً، ويعادل ستة وخمسين ريالاً فضيًّا من العملة السعودية، فإذا كانت الحلي تزيد على هذا تُزكى، وفيها ربع العشر، حسب قيمتها في الأسواق، إذا كانت مثلاً تساوي ألف دولار، أو ألف ريال سعودي، أو ألف دينار، أو ما أشبه ذلك من العُمل في البلاد، يزكى ربع العشر، يخرج ربع العشر منها، من كل ألف خمسة وعشرون، هذا ربع العشر والصواب أن الحلي فيها الزكاة، وإن كانت معدّة للاستعمال أو العارية، هذا هو الأرجح من أقوال أهل العلم. س: تقول أختنا: عندي ستّ حبات بناجر، وقلادة ذهب، هل يجب عليها زكاة؟ (¬1) ج: نعم، الصواب فيها الزكاة إذا بلغت النصاب، ولو تلبس أو تعار، الصواب فيها الزكاة إذا كانت تبلغ أحد عشر جنيهًا ونصفًا، عشرين مثقالاً، وذلك ما يقارب اثنين وتسعين غرامًا، وإذا كانت تبلغ هذا تدفع ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (162). ') ">

الزكاة، وأمّا إن كانت أقل من هذا المقدار، يعني أقل من أحد عشر جنيهًا ونصفًا، أقل من تسعين غرامًا، فليس فيها زكاة، والزكاة ربع العشر، في المائة اثنان ونصف، في الألف خمس وعشرون، في العشرة آلاف مائتان وخمسون، وهكذا، ربع العشر، يعني السهم من أربعين. س: تقول السائلة: أملك بعض الحلي من الذهب أكثر من النصاب، ولكني لا أستعمله كله، حيث أحتفظ ببعضه، لكي ينفع أولادي البنين عند زواجهم، حيث إنهم ما زالوا في مرحلة التعليم، والنقود سرعان ما نتصرف فيها بعكس الذهب، وسؤالي، هل أستعمل زكاة الذهب الذي لا أستعمله فقط، حتى وإن كان أقل من النصاب، أم يجب عليَّ دفع زكاة جميع ما عندي من ذهب؟ (¬1) ج: الصواب أن عليك زكاة الجميع، وبعض أهل العلم يقول: إن الحلي المستعملة لا زكاة فيها، ولكنه قول مرجوح، والصواب الذي عليه الأدلة الشرعية أن الحلي تزكى، سواء كانت مدّخرة أو مستعملة، أو معارة، الواجب أداء الزكاة فيها إذا بلغت النصاب، والنصاب عشرون مثقالاً من الذهب، ومقداره بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهًا وثلاثة ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (160). ') ">

أسباع الجنيه، يعني أحد عشر جنيهًا ونصفًا، فإذا بلغت الحلي هذا المقدار وجبت الزكاة فيها، ربع العشر كل سنة، فإذا كانت الحلي تبلغ عشرة آلاف مثلاً ففيها مائتان وخمسون، ربع العشر، ربع الألف العاشر مائتان وخمسون، وهكذا، وهي بالغرام قريب من اثنين وتسعين غرامًا، يعني واحدًا وتسعين غرامًا وكسورا، فإذا زكت وبلغ هذا المقدار اثنين وتسعين غراما تقريبًا، وهو أحد عشر جنيهًا ونصفًا سعوديًّا، فإذا زكّتْ هذا المبلغ فهو الواجب عليها، وهكذا ما زاد عليها، أمَّا إذا كان أقل من ذلك فليس فيه شيء؛ لأن النصاب شرط في وجوب الزكاة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، ثم يرى سبيله إمّا إلى الجنة وإمَّا إلى نار» (¬1) الحديث، متفق على صحته، وجاءته صلى الله عليه وسلم امرأة ومعها ابنتها، وفي يدها سواران من ذهب، فقال: «أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم (987).

بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما، وقالت: هما لله ولرسوله» (¬1) وسألته أم سلمة رضي الله عنها، وكانت تلبس أوضاحًا من ذهب، فقالت: يا رسول الله، أكنزٌ هو؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز» (¬2) فدل ذلك على أن ما لا يزكى يعتبر كنزًا يستحق صاحبه العقوبة، فالحليّ التي لا تزكى من الكنوز، كالجنيهات المحفوظة، وقطع الذهب، إذا بلغت النصاب تسمى كنزًا، وإن كانت على وجه الأرض، وإن كان في المخازن الظاهرية والصناديق، كل شيء لا تؤدى زكاته وهو من أموال الزكاة، يعتبر كنزًا يعذّب به صاحبه يوم القيامة، نسأل الله العافية، فعليك أيتها الأخت في الله أن تؤدي الزكاة عن الملبوس والمحفوظ جميعًا، إذا بلغ الجميع النصاب، وفقك الله ويسر أمركِ. س: هل تجب الزكاة على الذهب الخاص بالزوجة والبنات، والمشترى بقصد استعماله للزينة، أم لا تجب في ذلك الزكاة؟ (¬3) ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1563)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (2479). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1564). (¬3) السؤال الثاني من الشريط رقم (160). ') ">

ج: اختلف فيها العلماء رحمة الله عليهم، منهم من أوجب فيها الزكاة؛ لعموم الأدلة والأدلة الخاصة، ومنهم من قال: إنها لا تجب؛ لأنها مستعملة، والصواب أنها تجب الزكاة في الحلي إذا بلغ النصاب، ولو أنه مستعمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره» (¬1) الحديث. ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه جاءته امرأة في يد ابنتها مسكتان من ذهب - يعني سوارين من ذهب - فقال: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما، وقالت: هما لله ورسوله» (¬2) فالمقصود أن الحلي داخلة في عموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة في الذهب والفضة، ومن هذا حديث أم سلمة رضي الله عنها «كانت تلبس أوضاحًا من ذهب، قالت: يا رسول الله، أكنز هو؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز» (¬3) ولم يقل لها: ليس في الحلي زكاة، أمَّا حديث: ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم (987). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1563)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (2479). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1564).

«ليس في الحلي زكاة» (¬1) فهو حديث لا يصح عن النبي عليه الصلاة والسلام. والخلاصة، أن الصحيح من قولي العلماء أن في الحلي الزكاة من الذهب والفضة، إذا بلغت النصاب، والنصاب عشرون مثقالاً، ومقدار ذلك بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع الجنيه، يعني أحد عشر جنيهًا ونصفًا؛ لأن الفرق يسير، ومن الفضّة مائة وأربعون مثقالاً، ومقدار ذلك بالفضة بالريال السعودي ستة وخمسون ريالاً من الفضة وما يعادلها من العُمل، فإذا بلغت الحلي هذا المقدار وجب على صاحبتها الزكاة إذا حال عليها الحول، والواجب ربع العشر، فإذا كانت الحلي تبلغ عشرة آلاف، ففيها مائتان وخمسون، ربع العشر، وإذا كانت تبلغ عشرين ألفًا ففيها خمسمائة، ربع العشر، وهكذا، وذلك يزيدها خيرًا ويبرئ ذمتها. س: رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين، يسأل فيها عن زكاة الحلي من الذهب (¬2). ¬

(¬1) أخرجه ابن الجوزي في كتاب التحقيق في أحاديث الخلاف برقم (2/ 42). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (133). ') ">

ج: الصواب فيه الزكاة إذا بلغ النصاب، ولو كانت المرأة تلبسه وتتزين به عليها أن تزكيه إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول، هذا هو المختار من أقوال أهل العلم، وهو الصواب، والنصاب اثنان وعشرون مثقالاً، ومقداره بالغرام اثنان وتسعون غرامًا، ومقداره بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهًا، وثلاثة أسباع جنيه، يعني أحد عشر ونصفًا، هذا هو النصاب، أحد عشر جنيهًا ونصفًا، لأن ثلاثة الأسباع نصف إلا شيئًا يسيرًا، والنصف أوضح للمخاطب، فأحد عشر جنيه ونصف هذا هو النصاب من الذهب؛ لأنّ الجنيه اليوم مثقالان إلا ربعًا، وفي عهد النبي صلى الله عليه وسلم الدينار مثقال، والنصاب عشرون مثقالاً، عشرون دينارًا، فلما كان اليوم يزيد على ذلك صار ينقص عن عشرين، فيكون أحد عشر جنيهًا ونصف جنيه، هذا هو النصاب، فإذا كان عند المرأة أحد عشر جنيهًا ونصفًا، أو أكثر من ذلك فعليها الزكاة، إذا حال الحول على ذلك، تنظر قيمته في السوق وتخرج الزكاة، وإن كان الذهب كثيرًا كان لكل أربعين جنيهًا جنيه واحد، ربع العشر، إذا كان الذهب كثيرًا من الحلي، ففي أربعين جنيهًا جنيه واحد، تخرج جنيهًا واحدًا، وتعطيه بعض الفقراء، ولو لم تعلم قيمته في السوق، لكن إذا كان أقل من ذلك فإنها تعرف قيمته في السوق، وتخرج من النقود الأخرى مقابل ما

عليها، فإذا كان عليها مثلاً، إذا كان عندها عشرون جنيهًا في الحلي، يكون عليها نصف الجنيه، تعرف قيمته في السوق، وتخرج قيمته عند السوق من النقود الأخرى من الورق أو من الفضة، والحمد لله، من الورق الذي يتعامل به الناس. س: ما الزكاة في الحلي؟ (¬1) ج: الحُلي من الذهب والفضة، اختلف العلماء فيها، هل فيها زكاة أم لا؟ على قولين مشهورين، والأرجح منها أن في الحُلي الزكاة إذا بلغت النّصاب، فإذا بلغ نصاب الذهب وهو عشون مثقالاً، ومقدار ذلك بالعملة الذّهبية السعودية أحد عشر جنيهًا ونصفًا، وإن قلت أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع فصحيح، ولكن النصف أوضح للناس، والفرق بين ثلاثة الأسباع والنصف شيء يسير، فإذا بلغت الحُلي من الذهب هذا المقدار أحد عشر جنيهًا ونصف الجنيه فأكثر فإن فيها الزكاة على الصحيح، وهو ربع العشر، من كل ألف خمسة وعشرون، من المائة اثنان ونصف، ومقدار ذلك بالجرام اثنان وتسعون جرامًا. فإذا بلغ الحُلي هذا المقدار وجبت الزكاة فيه، وهكذا في الفضة، ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (69). ') ">

إذا كان عند المرأة حُلي من الفضة تُزكيها إذا بلغت مائة وأربعين مثقالاً، ومقدارها بالدرهم السعودي ستة وخمسون ريالاً سعوديًّا، هذا هو الواجب؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، ويكوى بها جبينه وجنبه وظهره ... » (¬1) الحديث، وهذا يعم الحُليّ وغير الحُليّ، كذلك ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه دخلت عليه امرأة وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب - يعني سوارين من ذهب - فقال: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما، وقالت: هما لله ولرسوله» (¬2) وثبت أيضًا أنه صلى الله عليه وسلم «سألته أم سلمة رضي الله عنها عن حليّ كانت تلبسه من الذهب، أكنز هو؟ فقال: ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز» (¬3) فدل ذلك على أن الحُلي تعتبر كنزًا إذا لم تُزك، فالواجب على المرأة أن تزكي ما عندها من الحُلي من الذهب والفضة إذا بلغت النصاب، كما تقدم، وحال عليها الحول. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، برقم (987). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1563)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (2479). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1564).

س: ما صفة إخراج زكاة الحلي للنساء إذا لم يكن الذهب فيها خالصًا وحده، بل مرصعًا بأنواع عديدة من الفصوص والأحجار الكريمة، فهل يحسب وزن هذه الأحجار والفصوص مع الذهب؛ لأنه من الصعب فصل الذهب عنها في حالة إخراج زكاته؟ (¬1) ج: الذهب هو الذي فيه الزكاة إذا كان للبس، وأمّا الأحجار الكريمة من اللؤلؤ والماس وأشباه ذلك، هذه لا زكاة فيها، فإذا كانت قلائد أو غيرها، فيها هذا وهذا، فإن المرأة، أو زوجها، أو أولياءها، ينظرون ويتأملون، ويقدرون الذهب، فما غلب على الظن كفى في ذلك، فإذا بلغ النصاب زكي، والنصاب عشرون مثقالاً، ومقداره بالجنيه السعودي والفرنجي أحد عشر جنيهًا ونصفًا سعوديًّا، وبالغرامات اثنان وتسعون غرامًا، فإذا بلغت الحلي من الذهب هذا المقدار ففيها الزكاة، وإذا كانت فيها فصوص وماس وأشباه ذلك قدر الذهب في غالب الظن واجتهد، أو عرض على أهل الخبرة، فإنه قد يكون تمييزهم أكثر حتى يقدروا الذهب، فإذا بلغ الذهب هذا المقدار، يعني اثنين وتسعين غرامًا، عشرين مثقالاً، أحد عشر جنيهًا ونصفًا سعوديًّا وفرنجيًّا، هذا هو ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (72). ') ">

النصاب، فيزكّى كل سنة، وفيه ربع العشر، لكل ألف خمسة وعشرون، هذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم فيما يتعلق بالحلي، أما إن كان للتجارة فإنها تزكى كلها، وما فيها من لآلئ أو ماس، أو غير هذا للتجارة فإنها تزكى كلها حسب القيمة، كسائر عروض التجارة عند جمهور أهل العلم، وحكاه بعضهم بإجماع أهل العلم. س: سماحة الشيخ، هذه سائلة تقول: ما مقدار زكاة الذهب، وهل ذهب الزينة له زكاة؟ بيّنوا لنا ذلك مأجورين (¬1). ج: زكاة الذهب ربع العشر، وهكذا الفضة ربع العشر، من كل مائة اثنان ونصف، والألف خمسة وعشرون، وهي واجبة في الحلي التي تلبسها المرأة، على الصحيح، فإذا كانت تبلغ النصاب وجبت فيها الزكاة، سواء كانت قلائد أو أسورة أو حزامًا، أو غير ذلك، الواجب فيها الزكاة، والنصاب عشرون مثقالاً من الذهب، مقداره أحد عشر جنيهًا ونصفًا، الجنيهات السعودية، اثنان وتسعون غرامًا من الغرامات، فإذا كان عند المرأة نصاب من الحلي وجبت فيها الزكاة إذا حال عليها الحول، فإذا كانت الحلي تبلغ عشرين ألفًا عليها زكاة، ربع العشر ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (368). ') ">

خمسمائة؛ لأن عُشر العشرين ألفان، ربع العشر خمسمائة، فإذا كانت تبلغ خمسين ألفًا، الحلي صار فيها ربع العشر، عُشرها خمسة آلاف، ربع العشر ألف ومائتان وخمسون، سواء ذهب أو فضة. س: الأخ ع. ع. يسأل عن الذهب الذي بأيدي النساء، هل فيه زكاة أم لا؟ (¬1) ج: الحلي الذي تلبسه النساء فيه الخلاف بين العلماء، منهم من قال فيه زكاة، ومنهم من قال ليس فيه زكاة؛ لأنها تستعمله، والصواب من أقوال العلماء أن فيها زكاة إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، والنصاب من الذهب عشرون مثقالاً، ومقداره من الجنيه السعودي أحد عشر جنيهًا ونصف جنيه سعودي، إذا بلغ ذهب المرأة هذا المقدار فإنها تزكّيه بأن تخرج ربع العشر، في كل ألف خمسة وعشرون، والفضة تزكّى، ونصابها ستة وخمسون ريالاً فضة، بالريال السعودي، فإذا بلغت مثل هذا المقدار تزكّى إذا حال عليها الحول، أما الألماس واللؤلؤ والجواهر الأخرى فهذه ليس فيها زكاة إذا كانت للبس، أما إذا كانت للبيع والشراء ففيها زكاة العروض، ومن الأدلة في ذلك ما ثبت عن ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (443). ') ">

عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة وفي يد ابنتها مسكتان من ذهب، فقال: أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا. فقال: أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار؟ فألقتهما، وقالت: هما لله ورسوله» (¬1) فأخبر أن عليها زكاة، وهكذا «قالت أم سلمة رضي الله عنها يا رسول الله، كان عليها سوار من الذهب، أكنز هو؟ قال: ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز» (¬2) فدل على أن الذهب إذا لم يزكّ وإن كان حليًّا يكون كنزًا. س: تقول السائلة: أملك حليًّا ذهبية وألبسها، وقد اشتريتها منذ زمنٍ، لكني كل فترة أزيد عليها، إلى أن بلغ ثمنها الآن ألفًا وخمسمائة جنيه مصري، فهل يحق دفع زكاة على هذه الحلي، أم أنها تعتبر زينة أتحلى بها، كذلك لي طفلة صغيرة اشتريت لها ذهبًا لكي تلبسه، وأنا أحتفظ بهذا الذهب حتى تكبر فتلبسه، أي أنه يكون مثل المال المركون، وثمنه حوالي ثمانمائة جنيه مصري، فهل يجب دفع زكاة لهذا الذهب؛ لأن الله سبحانه وتعالى توعد ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1563)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (2479). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1564).

الذين يكنزون الذهب والفضة بعذاب أليم إن لم يخرجوا زكاتهما، وإذا لم يكن عليه زكاة، فما معنى الكنز إذًا؟ (¬1) ج: هذه المسألة خلاف بين أهل العلم في حلي المرأة التي تلبسها، والصواب أنه فيها زكاة، هذا هو الأرجح من أقوال أهل العلم في حلي المرأة وحلي البنت جميعًا إذا بلغ كل منهما النصاب، والنصاب عشرون مثقالاً من الذهب، مقداره اثنان وتسعون غرامًا، وهو بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهًا ونصف الجنيه، فإذا كان الذهب الذي لديك يبلغ هذا المقدار ففيه الزكاة، وهكذا الذي عند ابنتك، إذا بلغ هذا المقدار ففيه الزكاة، وهي ربع العشر، من كل ألف خمسة وعشرون، هذا هو الزكاة في الذهب، ولو كان يلبس، ولو كان للزينة، هذا هو المختار، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة التي جاءت إليه في يد ابنتها مسكتان من ذهب: «أتعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة بسوارين من نار؟ فألقتهما وقالت: هما لله ولرسوله» (¬2) وكانت أم سلمة رضي الله عنها تلبس أوضاحا من ذهب فقالت: «يا ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (51). ') "> (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1563)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (2479).

رسول الله، أكنز هو؟ فقال: ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس بكنز» (¬1) فدل ذلك على أن الحلي يعتبر كنزًا إذا لم يُزكّ، فالواجب عليك إخراج الزكاة عن حليك وعن حلي البنت إذا بلغ كل منهما النصاب الذي سمعت، وهو عشرون مثقالاً من الذهب، وبعبارة أخرى اثنان وتسعون غرامًا، وبعبارة ثالثة أحد عشر جنيهًا ونصفًا ذهبًا سعوديًّا، أو إفرنجيًّا الموجود الآن، هذا هو مقدار النصاب، فإذا كان أقل من هذا فليس فيه زكاة، والواجب ربع العشر، يعني: سهمًا من أربعين، من كل ألف خمسة وعشرون، هذا هو الواجب في الذهب والفضة. س: سائلة تقول: إننا عائلة نتألف من سبعة إخوة، أنا أكبرهم، عمري ثمان عشرة سنة، وأبٌ متوفى، تربينا أمي، وجدتي امرأة كبيرة، وتملك بيتًا نعيش فيه، وراتبًا شهريًّا نصرف منه، قدره مائتان وثمانون دينارًا، ولدينا بعض الحلي القليلة، فما هو مقدار الزكاة التي يجب علينا دفعها للفقراء؟ ج: إذا كان المال الذي عندكم بقدر الحاجة، ولا يبقى ما يحول عليه ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1564).

وهو النصاب ما فيه زكاة، لابد أن يكون الحول على نصاب، فإذا بقي عندكم ما يساوي أحد عشر جنيهًا سعوديًّا ونصفًا، ما يساوي اثنين وتسعين غرامًا، وحال عليه الحول يزكى من هذه النقود، وأمّا إذا كان الباقي قليلاً لا يبلغ هذا المقدار فليس فيه زكاة، وهكذا الحليّ التي على المرأة، إذا كانت دون النصاب، دون اثنين وتسعين غرامًا، فليس فيها زكاة، إنما الزكاة فيما بلغ النصاب وحال عليه الحول.

حكم بيع المرأة بعض حليها لإخراج الزكاة عن الباقي

90 - حكم بيع المرأة بعض حليها لإخراج الزكاة عن الباقي س: سائلة تقول: عندي بعض الحلي التي أستعملها، وقد سمعت في برنامجكم أنه تجب الزكاة في الحلي، وقد مرّ علي سنون وأنا لا أزكي، فكيف تكون زكاتها، أعني زكاة الذهب، أرجو إعلامي بذلك، وإذا كانت زكاتها بدفع مبلغ من المال فأنا لا أملك أي مال، وزوجي لا يعطيني، فهل أبيع منها وأزكيها؟ (¬1) (¬2) ج: عليك الزكاة في المستقبل، الماضي ليس عليك فيه؛ لأنك لم تعلمي، فعليك الزكاة في المستقبل حين علمت، تبيعين من الحلي وتزكين والحمد لله عن السنة الحاضرة وما بعدها بعد العلم، في كل ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (215). (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم (215). ') ">

ألف خمسة وعشرون ريالاً، وفي الألفين خمسون ريالًًًا، وهكذا. س: هل الذهب الملبوس الذي تلبسه المرأة دائمًا مثل البناجر والقلائد، هل تجوز الزكاة فيها؟ أفيدونا أفادكم الله (¬1) ج: حلي الذهب والفضة الذي يلبسه النساء فيه خلاف بين العلماء، بعض أهل العلم قال: فيه الزكاة، وبعض أهل العلم قال: ما فيه زكاة، والصواب أن فيه الزكاة، الراجح من أقوال العلماء أن فيه الزكاة إذا بلغ النصاب، فإذا بلغ الذهب عشرين مثقالاً، ومقدارها أحد عشر جنيهًا ونصفًا من الذهب، الجنيه السعودي، هذا فيه الزكاة، وإن كان أقل من ذلك ليس فيه زكاة، كما جاءت به السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، وهكذا الفضة، إذا كان حلي من الفضة إذا بلغت مائة وأربعين مثقالاً، مقدارها ستة وخمسون ريالاً بالفضة، هذا فيه الزكاة، وإن كان أقل من ذلك ليس فيه زكاة، هذا هو الصواب، أما الحلي من اللآلئ، أو الماس، أو العقيق، أو ما أشبه ذلك، هذا ما فيه زكاة إذا لم يكن للتجارة بل للبس، هذا ليس فيه زكاة، وإنما الزكاة في الذهب والفضة خاصة إذا بلغ النصاب، كما تقدم على القول المختار في الصحيح. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (17). ') ">

س: هل في الذهب الذي يستعمل زكاة أم لا، لأن الذي ندرسه في الدراسة عن الزكاة يقول: لا زكاة في الذهب المعد للاستعمال، وإذا كان عليه زكاة فكيف نخرجها وفقكم الله؟ (¬1) ج: الحلي المستعمل من الذهب والفضة فيه خلاف بين العلماء، بعض أهل العلم يرى أنه لا زكاة فيه، وهو المعروف في مذهب الشافعي وأحمد بن حنبل رحمه الله عند الحنابلة، وهو المدرّس في المعارف هنا في السعودية، والقول الثاني أن فيه زكاة؛ لأنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك، وهذا هو الأرجح أن فيه الزكاة إذا بلغ النصاب عشرين مثقالاً، ومقدارها أحد عشر جنيهًا ونصفًا، هذا فيه زكاة، فإن كان أقل من ذلك فلا زكاة فيه، سواء كان ملبوسًا أو غير ملبوس، إذا كان أقل من النصاب لا زكاة فيه، أما إذا بلغ النصاب فإنها تزكيه ولو كان معدًّا للبس والعارية على الأرجح؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم «قال: لامرأة دخلت عليه وعليها سواران من ذهب، قال: تعطين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فألقتهما، وقالت: هما لله ولرسوله» (¬2) ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (27). ') "> (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب الكنز ما هو وزكاة الحلي، برقم (1563)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب زكاة الحلي، برقم (2479).

وجاء في المعنى أحاديث تدل على أن فيه الزكاة، فهذا هو الأرجح، وإذا كان الملبوس أو المعد للبس أقل من العشرين مثقالاً فلا زكاة فيه. س: السائلة من بريدة تقول: بالنسبة لزينة المرأة من الذهب هل لها مقدار معين، وإذا كانت ذات وزن كبير مثلاً فكيف تكون الزكاة؟ ج: ليس لحلي المرأة مقدار معين فيما نعلم، فلا بأس أن تتزين بما يسر الله لها من الزينة، من أساور وقلائد وخواتم ونحو ذلك، وإذا بلغت هذه الزينة من الذهب النصاب، وهو عشرون مثقالاً، يعني أحد عشر جنيهًا ونصفًا سعوديًّا، وبالغرام اثنين وتسعين غرامًا، فإذا بلغت النصاب يجب عليها الزكاة في أصح قول العلماء، وتزكي خمسة وعشرين في الألف، ربع العشر، هذا هو الصواب. وقال بعض أهل العلم: إن الحلي ليس فيها زكاة، والصواب أن فيها زكاة، وقد ورد في ذلك أحاديث صحيحة.

حكم إخراج الزكاة من حلي الفتيات اللاتي لم يتزوجن

91 - حكم إخراج الزكاة من حلي الفتيات اللاتي لم يتزوجن س: هل على الفتيات اللاتي لم يتزوجن زكاة على ما يلبسن من

ذهب ولو كان قليلاً، جزاكم الله خيرًا، وما حكم من لم تزك (¬1)؟ ج: الحلي فيها زكاة، من الذهب والفضّة ففيها زكاة على الصحيح من أقوال العلماء، سواء كانت المرأة ذات زوج أم ليست بذات زوج، كثيرًا أو قليلاً، الواجب الزكاة، هذا هو الصحيح، إذا كان يبلغ النصاب، فيجب زكاة الحلي من الذهب أو الفضة عندما تبلغ النصاب، والنّصاب من الذهب عشرون مثقالاً، أحد عشر جنيهًا ونصفًا سعوديًّا، اثنان وتسعون غرامًا، ومن الفضة ستة وخمسون ريالاً، اثنان وأربعون مثقالاً، وأكثر منها إذا كانت الحلي تبلغ هذا المقدار تجب فيها الزكاة، في الألف خمسة وعشرون، وفي الألفين خمسون، وهكذا، أما إذا كانت أقل من ذلك فليس فيها شيء، والواجب عليها أن تزكي ولو بيع بعض الحلي، تبيع بعض الحلي إذا لم يكن زوجها أو أخوها، أو أبوها، أو أمها يزكون عنها فلا بأس، إذا كان زوجها يزكي عنها بإذنها وموافقتها فلا بأس، وإلا فإن عليها أن تبيع من الذهب أو الفضة، أو تستدين حتى تخرج الزكاة. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (335).

حكم إخراج الابن لزكاة حلي والدته

92 - حكم إخراج الابن لزكاة حلي والدته س: هل يصح للابن أن يخرج زكاة الحلي عن والدته (¬1) (¬2)؟ ج: نعم، إذا رضيت بذلك يصح أن يخرجها عنها زوجها وولدها وأخوها وبنتها، وغيرهم، وإذا أخرجها عنها غيرهم من الناس بإذنها فهو وكيل، ولا بأس. س: يقول السائل: ما هو مقدار نصاب الزكاة في الذهب، وهل الرجل هو المسئول عن دفع زكاة حلي وذهب امرأته أم هي، وهل عليه أن يجبرها على دفع زكاة ذهبها أم يتركها وهي تتصرف (¬3)؟ ج: النصاب عشرون مثقالاً، نصاب الذهب عشرون مثقالاً عند أهل العلم، وقدره بالعملة الموجودة أحد عشر جنيهًا ونصفًا سعوديًّا؛ لأن الجنيه مثقالان إلا ربعًا، وإذا حسبت صار أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع جنيه يكون هو النصاب، ثلاثة أسباع حوالي النصف، التعبير بالنصف يكون أوضح للمخاطب، أحد عشر جنيهًا ونصفًا، هذا النصاب، وبالجرامات اثنان وتسعون جرامًا هذا هو النصاب، وإذا كان أقل من ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (337). (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (337). ') "> (¬3) السؤال الثامن من الشريط رقم (249). ') ">

ذلك وليس عندها شيء يضاف إلى الحلي فلا يجب عليها شيء، أمَّا إن كان عندها ذهب آخر تضيفه إلى الحلي ويكمل النصاب فإنها تزكي، والزكاة عليها هي بمالها هي، ليست على الزوج، هذا مالها والزكاة عليها، وإذا أخرج عنها برضاها وموافقتها فلا بأس، كالوكيل، إذا سمح أن يخرج عنها الزكاة من ماله برضاها وموافقتها فلا بأس، أو أخرج عنها أبوها أو أخوها فلا بأس إذا رضيت بذلك، وإلا فالزكاة بمالها هي، وعليه نصيحتها بإخراج الزكاة، وتوجيهها إلى الخير وتعليمها، وإذا لم تزكي فالإثم عليها ليس عليه، إنما عليه النصيحة؛ لأن المسألة فيها خلاف بين العلماء، وقد تكون أخذت بقول بعض العلماء الذين يقولون: لا زكاة في الحلي؛ لأن الحلي فيها خلاف بين العلماء، منهم من يرى فيها الزكاة، ومنهم من لا يرى فيها الزكاة، يراها مستعملة لا زكاة فيها، ولكن الأصح من قولي العلماء أنها تزكي، فإذا زكت فهذا هو الأبرأ لذمتها والأحوط لها، وإن لم تزكي فالإثم عليها ليس عليك أنت، أنت عليك النصيحة، وهي عليها أن تجتهد في براءة ذمتها، وإن اطمأنت لقول من قال: لا زكاة فيها؛ لأنها طالبة علم وعندها بصيرة، واطمأنت بأن القول بعدم الزكاة أصلح فلا حرج عليها، هي مسئولة عما تعلم من دينها، أمّا إذا كانت عامية لا تعلم فالأحوط لها والواجب عليها أن تأخذ

بالأحوط وأن تزكي. س: يقول السائل: ما هي الأشياء التي تدخل في حكم الحلي بالنسبة للرجال؟ ج: الرجال لو كان عندهم خواتيم للبيع، أو يستعمل ما شاء منها وتبلغ النصاب يزكيها من الفضة، إذا بلغ نصاب الفضة، أو كان عنده سلاح فيه ذهب يزكي الذهب الذي يبلغ النّصاب، أو أدوات أخرى فيها ذهب كالأواني وغيرها يلزمه أن يزكي الذّهب، وليس له استعمال الأواني، بل عليه أن يكسرها حتى يستفيد من ذهبها وفضتها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام حرم استعمال الأواني من الذهب والفضة (¬1) ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأشربة، باب آنية الفضة، برقم (5633)، ومسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم إناء الذهب والفضة على الرجال، برقم (2067).

حكم إخراج الزكاة من السلع المعدة للبيع

93 - حكم إخراج الزكاة من السلع المعدة للبيع س: هذه الرسالة من الجزائر، يقول السائل فيها: سماحة الشيخ، كيف تكون زكاة العروض، وكيف تقوّم بالبيع مأجورين (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (430).

ج: زكاة العروض هي زكاة السلع المعدة للبيع، يقال لها زكاة العروض، فإذا كان عنده مثلاً: سيارات للبيع، أو ملابس للبيع، أو فرش للبيع يقوّمها كلما دارت السنة في السوق، فإذا كانت قيمة السيارة في السوق مائة ألف، أو مائتي ألف، أو الملابس أو الكراسي أو الأواني زكّاها ربع العشر، ويعطيها الفقراء.

بيان كيفية إخراج الزكاة من أموال التجارة

94 - بيان كيفية إخراج الزكاة من أموال التجارة س: أعمل في التجارة، فهل أقوم بإخراج الزكاة عن رأس مالي، أم أنني أخرج الزكاة عن رأس المال والأرباح سويًّا، علمًا بأن هذه الأرباح لم يمض عليها الحول (¬1)؟ ج: الواجب على التاجر أن يزكي الأموال التي عنده، التي يقصد بها التجارة وأرباحها وإن لم يحل الحول على الأرباح؛ لأن الربح تابع للأصل، فإذا كان الأصل مثلاً عشرة آلاف، وربحت في آخر الحول قبل تمام الحول ألفًا، فصارت أحد عشر ألفًا، زكِّ الجميع، الأصل والربح، كما أن نتاج الإبل والبقر والغنم يتبعها، فإذا كان عندك مثلاً تسع من الإبل، ونتجت منها واحدة صارت عشرًا قبل تمام الحول وجب عليه ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (213).

شاتان؛ لأنه تمّ النصاب قبل تمام الحول بهذا النتاج الجديد، فوجب عليه شاتان؛ لأنه في كل خمسٍ شاة، المقصود أن الربح يتبع الأصل إذا كان فيه زكاة يتبعه الربح، وهكذا الإبل والبقر والغنم، إذا كان الأصل فيه الزكاة يتبعه النتاج ولا يحتاج إلى حول جديد، أمّا الأشياء التي ليست للتجارة، بل هي أدوات تستعمل في التجارة كالميزان، والأشياء التي لا تباع، إنما هي موجودة للحاجة إليها، كالدكان نفس الحانوت، والأدوات التي يفرشها ويجلس عليها، أو الميزان، أو الأشياء التي ليست للربح هذه ليست فيها زكاة، إنّما الزكاة في السلع المعدّة للبيع.

حكم إخراج الزكاة من المحلات والشقق المؤجرة

95 - حكم إخراج الزكاة من المحلات والشقق المؤجرة س: إذا كان للإنسان محلات وشقق مؤجرة، فكيف تكون زكاتها (¬1) (¬2)؟ ج: الزكاة في الأجرة، إذا كانت الشقق للقنية والاستفادة والتأجير ليس فيها زكاة، ولكن الزكاة تكون في الأجرة، إذا حال عليها الحول زكاها، فإذا أجر الشقة مثلاً بألف ريال إذا حال الحول على الألف وهو عنده ما أخرجه ولا أنفقه يخرج زكاته ربع العشر إذا حال الحول على الأجرة إذا بقيت عنده حتى حال عليها الحول، أما إذا أوفى بها دَينًا، أو ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (361). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (361). ') ">

أنفقها في حاجاته قبل الحول فلا زكاة فيها. س: يوجد عمارة بها شقق يتم تأجيرها بالشهر، وتارة تبقى الشّقق بدون إيجار لعدة شهور، ويخرج المستأجر ويأتي آخر بعد شهر أو أكثر، فكيف نؤدي زكاة إيجار تلك الشقق، وما حكم المصاريف على تلك الشقق من ناحية إصلاحها بالنسبة للزكاة مأجورين؟ ج: متى أجرت بأجرة وحال عليها الحول تزكى الأجرة، أما إذا تعطلت ما فيها زكاة؛ لأنها للإيجار ما هي للبيع، إذا تعطلت ليس فيها زكاة، لكن إذا أجرها سواء أجرها سنة أو أكثر يزكي، يزكي الأجرة إذا حال عليها الحول، أما لو أجرها لفترة مستعجلة وأكلها، أنفقها في حاجاته ليس فيها زكاة، الزكاة في الأجرة إذا بقيت حتى يحول عليها الحول، يزكيها إذا كانت نصابًا، والنصاب ستة وخمسون جنيهًا من الفضة فأكثر، أو ما يقوم مقامها من الأوراق من العُمل الورقية.

حكم إخراج الزكاة عن البضائع التي لم تسدد مبالغها

96 - حكم إخراج الزكاة عن البضائع التي لم تسدد مبالغها س: من الأخ إ. ص. ص، يسأل ويقول: رجل لديه بضاعة، عروض

تجارة في محله نصفها له ونصفها الآخر للشركات التي يتعامل معها بالآجل، بحيث يسدّد لهم على فترات، هل يزكي على كل ما في المحل من عروض تجارته، أو يزكي على الذي يملك فقط (¬1)؟ ج: إن عليه أن يزكي عما يملكه من هذه العروض قاصدًا به للبيع، فإذا كان يقصد بيعها فكل ما في المحل من الأموال التي يملكها وهو قاصد للبيع يزكي كل ما حال عليه الحول، إذا بلغ النّصاب وحال عليه الحول يزكيه، سواءً كان في عروض تجارة: سيارات أو ملابس، أو أواني أو أطعمة، وغير ذلك، أمّا النوع الثاني من الشركات، هذا فيه تفصيل، إذا كان وكيلاً في بيعه فزكاته عليهم، فإن كان ملكًا له، أو أراد به التجارة يبيع ويوفي هذا يزكيه، إذا كان في ملكه ولكنه يبيع ويسدّد فهو يزكيه إذا حال عليه الحول، كلما حال عليه الحول يزكيه حسب القيمة. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (346).

بيان كيفية إخراج الزكاة من الغنم المعدة للتجارة

97 - بيان كيفية إخراج الزكاة من الغنم المعدة للتجارة س: يقول السائل: أنا ولله الحمد أبيع وأشتري في الغنم، مع أن

البضاعة التي أشتريها أبيعها ولا يدور عليها الحول، لا أدري هل الفلوس التي أقبضها تجب فيها الزكاة أو لا (¬1)؟ ج: نعم، عليك الزكاة، إذا حال الحول زكّ الذي في يدك، الذي حال عليه الحول في يدك تزكيه، قليل أو كثير، ما دام يبلغ النصاب، إذا حال الحول زكّ الذي في يدك من ثمن الغنم، أو من الغنم التي ما بعدُ بعتها وهي للبيع تزكيها، زكّ قيمتها، فإذا حال الحول وعندك أطراف من الغنم وعندك دراهم تزكي الجميع حسب قيمة الغنم. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (362).

حكم إخراج الزكاة عن أدوات معمل الصناعة

98 - حكم إخراج الزكاة عن أدوات معمل الصناعة س: المستمع م. ع. ح. من العراق، يقول: أملك معملاً لصناعة الكرتون، وأضع نقودي وحساباتي في البنك بدون فوائد، وأحتسب الزكاة كما يلي: أفترض أن رأس المال عند بداية العمل ستة آلاف دينار، وعند نهاية السنة أصبح مثلاً ستة عشر ألف دينار، فأقوم بحسم رأس المال، وأزكي على عشرة آلاف دينار، فهل هذا صحيح أم لا (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (214). (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (214). ') ">

ج: إذا كنت تريد برأس المال الأدوات التي تشتغل فيها وتعمل بها هذه لا زكاة فيها، وإنما الزكاة في المال المعدّ للبيع منه، أو النقود الموجودة، هذه محل الزكاة؛ فإذا كانت النقود الموجودة والأدوات المعدّة للبيع بلغت عشرة آلاف، والأدوات التي للعمل لا للبيع قيمتها ستة آلاف، هذه لا زكاة فيها، فإذا كنت أردت هذا فلا زكاة في أدوات العمل من جميع الأدوات التي تستعملها في هذا المعمل؛ لأنها ليست للبيع، إنما هي للعمل، فما كان للعمل فليس فيه زكاة، وما كان للبيع هو الذي فيه الزكاة. س: نحن نملك محلاًّ تجاريًّا ونخسر فيه خسارة كبيرة، هل علينا زكاة عروض التجارة؟ ج: إذا كانت السلع التي فيه للتجارة للبيع فعليكم زكاتها، أما المحل الذي يعد للبيع فيه لا يباع ولكنه بيت للبيع، أو دكان للبيع هذا ليس فيه زكاة، لكن السلع التي فيه للبيع هي التي تسمى عروض تجارة، وتزكّى كلها عندما يحول الحول، تعرف قيمتها وتزكّى، أما نفس البيت أو الدّكان المعد للبيع فيه فليس فيه زكاة؛ لأنه ليس للبيع هو، لا يباع هو،

ولكن توضع فيه السلع إذا كان معدًّا لوضع السلع فيه التي للبيع، أما هو فليس معدًّا للبيع فلا زكاة فيه؛ لأنه ليس مقصودًا للبيع، إنما تجعل فيه السلع، والسلع التي تعدّ للبيع تسمى عروض تجارة، وفيها الزكاة.

حكم إخراج الزكاة من أدوات المنزل المعدة للاستعمال

99 - حكم إخراج الزكاة من أدوات المنزل المعدة للاستعمال س: السائل: أ. ح. من مصر، يقول: رجل أنشأ مستودعًا للبوتوجاز، فاشترى أنابيب لهذا المستودع بحوالي عشرين ألفًا من الجنيهات، وأخذ يعبي الأنابيب ويعطي المشترين الأنبوبة المليئة بالبوتوجاز ويأخذ منهم الفارغة، فهو يتاجر في الغاز، فهل على صاحب هذا المستودع في هذه الحالة أن يزكي الأنابيب وهي فارغة، أم عليه أن يزكي الربح العائد من الغاز فقط (¬1) (¬2)؟ ج: الشيء المعدّ للاستعمال ليس فيه زكاة، أنابيب أو غيره، إن كان معدًّا للاستعمال فإنه ليس فيه زكاة، أمّا ما كان معدًّا للبيع والتجارة من أنابيب أو غيرها، فإنه يزكى إذا تم الحول، تزكى القيمة إذا تم الحول، ويعرف الحول بتحديده بشهر معين، رمضان أو غيره، حينما وصل إليه المال، فتمام الحول هو الشهر الذي حصل فيه المال، واجتمع لديه ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (147). (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم (147). ') ">

المال فيه، من إرث أو هبة، أو غير ذلك من وجوه التملك، فإذا ملك في رمضان صار حوله رمضان، وإذا ملك المال في رجب صار الحول رجبًا، وهكذا، والقاعدة أن ما يعد للبيع هو الذي يزكى، وما كان من الأدوات التي تستعمل في المحل فإنها لا تزكى. س: هل الزكاة عن قيمة كامل العقار المؤجر، أما أنها على دخله السنوي فقط، وبإيضاح أكثر، لو افترضنا أن لديَّ عمارة قيمتها خمسمائة ألف ريال، ومؤجرة بخمسين ألف ريال، هل الزكاة على الخمسمائة ألف، أم على الخمسين ألفًا فقط، أفيدونا جزاكم الله خيرًا (¬1)؟ ج: العقار إذا كان للتأجير ليس فيه شيء، وإنما الزكاة في أجرته، هذا العقار الذي بخمسمائة ألف ريال ليس فيه زكاة إذا كان للتأجير لا للبيع، ولكن أجرته التي هي خمسون ألف ريال مثلاً فيها الزكاة إذا حال عليها الحول، أمَّا لو أخذها صاحبها وأنفقها في حاجاته، أو قضى بها دَينًا عليه قبل أن يحول عليها الحول ليس فيها زكاة حتى يحول الحول على الأجرة نفسها أو ما بقي منها، وإنما تجب فيها الزكاة إذا دار عليها ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (174). ') ">

الحول بعد العقد، وهكذا جميع العقارات التي للسكن أو للإيجار ليس فيها زكاة، إنما الزكاة للعقارات التي للبيع، كأن يشتري العمارة بخمسمائة ألف ريال يريد بيعها والاستفادة منها، فيزكي قيمتها إذا حال عليها الحول التي تساويها عندما حال الحول، يعني عند رأس السنة، وهكذا الأراضي والدكاكين إذا كانت للبيع، إذا تم الحول تعرف قيمتها حسب السعر الحاضر وتزكّى، كالسيارات ونحوها. س: السائل أبو معاذ من الرياض، يقول: أرجو التفضل بالإجابة على هذه الأسئلة، هل في البيوت المعدة أصلاً للإيجار زكة؟ وهل في البيوت غير المعدة أصلاً للإيجار زكاة؟ ج: ليس فيها زكاة، الزكاة في الأجرة، إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، أما البيت ما فيه زكاة ما دام معدًّا للأجرة، أو لم يعد للأجرة ولا للبيع، ما فيه زكاة، إنما الزكاة إذا كان البيت أو الأرض معدة للبيع، هذه تزكى، والبيت يزكى إذا حال عليه الحول حسب قيمته. أما إذا كان معدًّا لأن يؤجر إذا جاء أجرة أجر فلا يزكى إلا الأجرة، إذا بقت الأجرة عنده حتى حال عليها الحول يزكيها إذا كانت تبلغ

النصاب، أما إن أكلها قبل أن يتم الحول أو تصرف فيها فلا زكاة فيها. المقصود أنه لا زكاة في البيت، ولا في الأراضي، ولا في السيارات، ولا في غيرها من العروض إلا بالنية، بنية البيع، إذا كان نواها للبيع والتجارة يزكيها إذا حال عليه الحول، يزكي قيمتها.

مسألة في بيان معنى ' عروض التجارة '

100 - مسألة في بيان معنى " عروض التجارة " س: سماحة الشيخ، عروض التجارة، هل هو كل ما أعد للبيع (¬1) (¬2)؟ ج: نعم، هذه عروض التجارة، كل ما أعد للبيع، من بيت، أو دكان، أو سيارة، أو حيوان، أو ما أشبه ذلك. س: أملك دارًا مؤجّرة للغير للسكنى فيها، وعند تقدير قيمة الدار لإخراج الزكاة المستحقة عليها بواقع ربع العشر أجد أن مقدار الزكاة الواجب إخراجه يزيد على ريع هذه الدار، علمًا بأن ريعها يمثّل جزءًا من مصاريف حياتنا اليومية، أفيدونا جزاكم الله خيرًا عن الواجب عمله في مثل هذه الحالة (¬3) ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (416). (¬2) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (416). ') "> (¬3) السؤال الخامس من الشريط رقم (56). ') ">

ج: إذا كانت الدار معدّة للتأجير لا للبيع فليس فيها زكاة، وإنما الزكاة في الأجرة إذا حال عليها الحول على الصحيح، تزكى، بعض أهل العلم قال تزكى من حين قبضها، لكن الصواب أنها تزكى إذا حال عليها الحول، يخرج ربع العشر، من كل ألف خمسًا وعشرين، هذا هو الواجب، أما نفس الدار فليس فيها زكاة إذا كانت معدة للتأجير أو للسكن، فما فيها زكاة، أما لو أعدت للبيع ففيها الزكاة إذا حال الحول عليها، ينظر في قيمتها ويزكيها صاحبها على حسب القيمة، إذا بلغت مثلاً مليونًا زكاها زكاة مليون، وإذا كانت أقل أو أكثر على حسب ذلك، ربع العشر، أما ما دامت معدّة للتأجير، يستفيد من الأجرة ويستغلونها فليس فيها زكاة، وإنما الزكاة في الأجرة إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، إذا أمضى العقد ومضى عام كامل زكى الأجرة إذا كانت باقية، أو ما بقي منها، فإن كان أنفقها في حاجاته قبل تمام الحول فلا شيء فيها. س: يقول هذا السائل: لديّ قطعة أرض ممنوحة من الدولة منذ عشرين سنة، وفي نيتي ألا أتصرف فيها إلا عند حاجتي للمال، والسؤال يا سماحة الشيخ، هل عليها زكاة، وإن كان عليها فهل أخرج الزكاة من تاريخ استلامي لهذه الأرض؟

ج: عليها زكاة إذا عزمت على البيع وحال الحول، أما ما دمت ما عندك عزم، متردد في البيع، ما فيه زكاة.

بيان السعر المعتبر عند تقويم عروض التجارة

101 - بيان السعر المعتبر عند تقويم عروض التجارة س: إذا كان لديّ بضاعة وأنا تاجر، وكان سعر البضاعة محددًا، مثلاً مائة جنيه، وبعد مرور الحول صار سعر البضاعة في السوق مائتي جنيه، أي الضعف، فكيف أزكي؟ هل أخرج الزكاة بدلاً من سعره الأول، وهو مائة جنيه، أم بسعره الثاني بمرور الحول وهو مائتا جنيه (¬1) (¬2)؟ ج: الواجب على من لديه أموال عنده للتجارة أو للبيع والشراء أن يراعي سعرها عند تمام الحول، لا سعرها في أول الحول، ولا في أثناء الحول، ولا ثمنها، إنما يراعي سعرها عند تمام الحول، فإذا كانت في وسط الحول أو في أول الحول بمائة ألف، أو اشتراها بمائة ألف، ولكن عند تمام الحول صارت تساوي مائتي ألف، أو ثلاثمائة ألف فإنه يزكي الأخير، يزكي سعرها عند تمام الحول. س: يقول السائل: زكاة الأموال المتفرقة الموجودة في الدكان كيف ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (97). (¬2) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (97). ') ">

تؤدى (¬1)؟ ج: فيها تفصيل، التي في الدكان لقصد البيع يزكى، والذي في الدكان من الفراش والكتب والآلات التي تستعمل ويحتاج إليها هذه ليس فيها زكاة، وإنما الزكاة فيما يكون في الدكان للبيع خاصة. س: زكاة الأموال المتفرقة كالعمائر والأراضي والدكاكين كيف تتم ج: هذه فيها تفصيل، إن كانت معدة للتجارة فعليك زكاتها كل حول حسب القيمة غلاءً ورخصًا، إن غلت فزكها غالية، وإن رخصت زكها رخيصة حسب قيمتها عند تمام الحول، إذا كانت للبيع للتجارة، أما إن كانت للسكن أو للتأجير لا للتجارة والبيع، بل للسكن أو للتأجير، أو عندك تردد لم تجزم بشيء فلا زكاة فيها، ولكن إذا كانت للتأجير تزكى الأجرة إذا حال عليها الحول. ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (59). ') ">

حكم إخراج الزكاة مما تزين به السيوف من الذهب والفضة

102 - حكم إخراج الزكاة مما تزين به السيوف من الذهب والفضة س: عند أبي مجموعة من السيوف وهي خمسة، ومطعمة أبياتها

بالفضة، وكذلك السيوف، فهل تجب على تلك الفضة زكاة، وكيف يخرجها وهي لا يمكن وزنها وهي ملصقة بالسيف، هل يخرج على قيمتها الأولى (¬1)؟ ج: إذا كانت السيوف للبيع للتجارة تقدر قيمتها كل سنة، والفضة إذا بلغت النصاب بنفسها أو بضمها بما لديكم من المال حتى يزكى الجميع، أمَّا إن كانت السيوف للقنية والحفظ وليست للبيع فليس فيها زكاة، لكن الفضة التي فيها تقدر، فإذا بلغت النصاب وحدها أو مع ما عندكم من أموال تجارية أو نقود فإنها تزكى بقدر الفضة، هل تساوي أربعين ريالاً، خمسين ريالاً، بحسب معرفة أهل الخبرة بمقدارها، ثم تضم إلى ما عند الوالد من النقود وتزكى جميعًا كل سنة. ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (186).

حكم إخراج المدين للزكاة قبل التخلص من الديون

103 - حكم إخراج المدين للزكاة قبل التخلص من الديون س: بالنسبة لرجل لديه تجارة وعليه ديون، هل يسدد الزكاة، أم يسدد الديون التي عليه من زكاته (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (346).

ج: الواجب عليه أن يزكي، والدَّين يبقى في الذمة ولا يمنع الزكاة، هذا الصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم، الدَّين لا يمنع الزكاة، ولكن عليه أن يزكي من الأموال التي في يده، والله يوفي عنه سبحانه وتعالى، لكن لو أراد أن يسدد الدَّين لا مانع أن يخرج الدَّين قبل وجوب الزكاة، قبل ميعاد الزكاة يوفي الدَّين ثم يزكي الباقي، ويوفي الدَّين من نفس المال، إذا كان عنده مال آخر يوفي من نفس المال، المقصود أن يزكي المال ولا يمنعه الدَّين، لكن لو أن هذا المال الذي أعدّ للزكاة من العروض، لو أراد أن يخرج منه الزكاة ويريد قضاء الدَّين فلا بأس قبل أن يحول الحول، مثلاً الحول يحول في رمضان، وأوفي المدين من هذا المال في شعبان أو في رجب، فإنه تسقط زكاة الذي أخرج لوفاء الدَّين، ولا يسدد الدين من نفس الزكاة، بل من نفس المال، والزكاة يعطيها المستحقين، إنما التسديد من المال نفسه للغرماء، إذا كان قبل حول الزكاة زكي الباقي، أما إذا حال الحول يزكي الموجود ولا يمنعه الدين، ولا مانع أن يقدم الزكاة للمصلحة، لا بأس.

بيان ما يلزم من حال عليه الحول وليس معه إلا عروض تجارة

104 - بيان ما يلزم من حال عليه الحول وليس معه إلا عروض تجارة س: الأخ ع. م. هـ. من اليمن صنعاء، يقول: عندي دكان لبيع أدوات

سيارات، ولكن لم أملك نقودًا لكي أزكِّي في الوقت الحاضر، ذلكم أني لم أبع شيئًا، وإنما البضاعة مطروحة، فهل أزكي عندما تكون لدي فلوس ولو بعد رمضان أو كيف أتصرف (¬1) ج: نعم، متى أيسرت تزكي ولو بعد الحول، إذا تم الحول وعندك نقود تخرج الزكاة منها في رمضان أو في غيره، متى تم الحول وجب عليك إخراج الزكاة، فإذا كنت معسرًا بالمال ما عندك إلا عروض فلا مانع من الانتظار حتى يتيسر بيع شيء من العروض ثم تخرج الزكاة؛ لأن الله يقول: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}. إن أخرجت من العروض بقدر الزكاة لبعض الفقراء صح ذلك في أصح قولي العلماء، كأن تخرج ملابس أو بطانيات أو ما أشبه ذلك بالقيمة السائدة في السوق المعروفة، تعطيها بعض الفقراء بنية الزكاة، صح ذلك في أصح قولي العلماء؛ لأن الزكاة مواساة، وقد واسيت ممّا عندك. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (148).

بيان كيفية زكاة الأراضي والعقارات

105 - بيان كيفية زكاة الأراضي والعقارات س: تقول السائلة: لدي أرض اشتراها لي إخوتي من مدة خمس سنوات، وأنا ليس لدي دخل أزكي هذه الأرض منه، ومنذ ذلك الوقت ووالدي يزكي عنها بسعرها الذي اشتريناها به دون أن يسأل عن سعرها في وقت الزكاة، وتستمر على هذا المنوال، وتقول: إن والدها استمر على هذا الحال إلى أن أفتاه بعض العلماء قال: إنه يجب عليك أن تزكيها بقيمتها الحالية، وتسأل هل تقضي ما فات من الزكوات في السنوات الماضية؟ وجهونا، جزاكم الله خيرًا (¬1) ج: إذا كانت الأرض للبيع ما هي للقنية ولا للسكن، وإنما للبيع فإنها تزكى كل سنة بقيمتها، كل سنة بقيمتها، وإذا كانت زكاة الوالد أقل من الزكاة الواجبة أوجب البقية التي أخل بها الوالد، إذا كان الوالد زكّاها عن أمرك وعن موافقتك فالزكاة صحيحة، لكن إذا كانت الزكاة التي أخرجها أقل من الواجب فعليك أن تخرجي الزيادة التي تبين أنها أقل، أنها زائدة على ما أخرج الوالد، عليك أن تخرجيها في السنوات التي ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (345).

زادت فيها القيمة على ما أخرجه الوالد.

بيان كيفية إخراج الزكاة من الأسهم

106 - بيان كيفية إخراج الزكاة من الأسهم س: حدثونا عن زكاة الأسهم، كيف تكون الزكاة فيها، هل يزكى الربح مع رأس المال، أم الربح وحده ورأس المال وحده، وهل تجب الزكاة من حين الاكتتاب أم عند رأس الحول؟ وجهونا جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2) ج: شركات المساهمة فيها تفصيل، إن كانت السهام للبيع، وأراد الربح فهذه تزكى إذا حال الحول على أصلها، كل ما حال الحول تعرف قيمة السهام، من أراضٍ، أو سيارات، أو عمارات، أو غير ذلك، كل ما حال الحول على أصل المال الذي جعل في السهام تزكى بعد معرفة القيمة لهذه الأرض، أو لهذه السيارات، أو لهذه العمارات، أو ما أشبه ذلك، تزكى مع ربحها، فإذا كان السهم اشتراه بعشرة آلاف، وعندما حال الحول صار يساوي عشرين ألفًا يزكي عشرين ألفًا، والعكس كذلك، لو اشتراه بعشرة، ولكن عند الحول نقص وصار يساوي ثمانية أو سبعة، فإنه يزكي القيمة الناقصة، فالعبرة في الزكاة بقيمة المبيع، يعني ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (213). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (213). ') ">

السهم حين تمام الحول، أما إن كانت السهام لا للبيع، إنما هي للاستثمار والبقاء وليست للبيع، كأن يساهم في أرض ليعمر فيها سكنًا ويؤجرها، ولا أراد البيع، ولكنهم أرادوا بهذه الأرض أن يعمّروها ويجعلوها مساكن لأنفسهم، أو يؤجروها، فليس فيها زكاة، إنما الزكاة فيما يحصل لهم من الأجور، إذا حصل لهم أجور وحال عليها الحول تزكى الأجور، أما رقبة الأرض فلا زكاة فيها، وهكذا لو كانت المساهمة في عمائر لم يقصدوا بيعها، وإنما ساهموا ليؤجروا، فالزكاة في الإيجار إذا حال عليه الحول، وهكذا بالسيارات، إذا ساهموا بسيارات ليستعملوها تكاسي، أو ليؤجروها بصفة خاصة على من يستعملونها، فالزكاة في الأجرة إذا حال عليها الحول. س: إذا كان السهم نفسه عرضة للبيع والشراء، سماحة الشيخ، فكيف يزكى (¬1)؟ ج: حسب النية، إذا كان نيته البيع يزكيها زكاة عروض التجارة، وإن كان حين المساهمة، ما نوى البيع إنما نوى الاستثمار، فلا يزكي إلا الثمرة، يعني الأجرة. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (213). ') ">

س: سائل يقول: هل تجب الزكاة على رأس المال المستثمر في شركة في شكل أسهم، أم أن الزكاة على الربح فقط إذا بلغ النصاب؟ وما مقدار النصاب؟ ج: هذا فيه تفصيل، فإن كانت السهام للبيع وجبت الزكاة فيها وفي الأرباح جميعًا، والنصاب في الذهب عشرون مثقالاً، وفي الفضة مائة وأربعون مثقالاً، ومقداره من الذهب بالجنيه السعودي أحد عشر جنيهًا وثلاثة أسباع الجنيه، ومن الفضة ستة وخمسون ريالاً فضة سعوديًّا، فالزكاة تجب في السهام وفي الأرباح إذا كانت للبيع، كأن يساهم في أرض للبيع، أو يساهم في سيارات للبيع، أو ما أشبه ذلك للبيع، فيزكي الجميع، أما إذا كانت المساهمة في شيء للاستغلال لا للبيع مثل الأرض، ساهم فيها يستغلونها بالزراعة ونحوها، أو بالتأجير، هذه الزكاة في نتاجها في الزراعة، إذا بلغت النصاب الحبوب زكّوها، وإن كانت تمورًا زكّوها إذا بلغت النصاب، وهكذا، المقصود إذا كانت المساهمة في أرض ليست للبيع مثلاً، بل للاستغلال بالزراعة ونحوها، أو بالتأجير، فليس فيها زكاة، إنما الزكاة في نتاجها، الأجرة التي تؤخذ عنها

إذا بلغت النصاب تزكى إذا حال عليها الحول، والحبوب والثمار التي فيها تزكى إذا بلغت النصاب، وهكذا.

حكم إخراج زكاة الأسهم شبه المفقودة

107 - حكم إخراج زكاة الأسهم شبه المفقودة س: أخونا ع. س. يقول: ساهمت بمبلغ في مساهمة عقارية، ربحت في بداية الأمر، فتركت المبلغ وتركت ربحه لعله يكسب مرة أخرى، لكن خسرت المساهمة الثانية، والمبلغ الآن مشكوك في سلامته، وفي عودته، فهل عليه زكاة وعلى ربحه أم كيف أتصرف (¬1)؟ ج: ما دامت المساهمة للتجارة والفائدة والربح فإن على المساهم الزكاة كل سنة بحسابها، عليه أن يزكي السنة التي فيها الربح حسب قيمة العقار، والسنة التي خسرت وضعف فيها الربح لها زكاتها، فإذا كانت السنة الأولى تساوي الأرض مائة ألف عليه زكاة مائة ألف ألفان ونصف، ربع العشر، فإذا كانت السنة الثانية نزلت صار ما تساوي إلا خمسين عليه زكاة الخمسين، عُشرها خمسة آلاف، ربع العشر ألف ومائتان وخمسون، وهكذا لو كانت السنة الثانية أربعين ألفًا زكى ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (81).

أربعين، فيه ألف ريال، فالمقصود أن الزكاة تدور مع القيمة، فإذا غلت القيمة ارتفعت الزكاة، وإذا نزلت القيمة نزلت الزكاة على حسبها، ربع العشر، وهذا في العقار وغير العقار مما يعدّ للتجارة، قد يشتري سيارات للتجارة مثلاً، تبقى عنده سنة وهي للتجارة، قيمتها ما زالت مائة ألف أو أكثر، ثم تنزل قيمتها لوجود موديل جديد، فتنزل قيمتها فيزكيها في السنة الثانية على حسب قيمتها الجديدة الأخيرة التي نزلت، وهكذا غيرها، فالأرض والسيارة وسائر السلع دربها واحد، تدور الزكاة مع القيمة إن ارتفعت ارتفعت الزكاة، وإن نزلت نزلت الزكاة، أمّا إن رأس المال والربح مشكوك في عودته فإن هذا يختلف، إن كان أنها بيعت وصارت عند إنسان مماطل، يعطي أو ما يعطي، فما عليه زكاة حتى يسلم له المال، أو عند إنسان فقير معسر ما عليه زكاة على الصحيح حتى يستلم المال، ويستقبل بحوله من المعسر والمماطل إذا قبض، يستقبل به حولاً مستقبلاً (حولاً جديدًا)، قال بعض أهل العلم: إنه يؤدي عن زكاة سنة واحدة، إن أدّى عن زكاة سنة واحدة فعلى حسب؛ إذا زكى عن سنة واحدة من السنوات الماضية التي بقيها المال عند هذا المماطل أو عند المعسر، إذا زكى عن عام واحد، على حسب ما قاله جماعة من أهل العلم، وإلا فالصواب أنه لا يلزمه شيء، يستقبل

حولاً جديدًا، إذا يسر الله له المال من هذا المعسر أو من هذا المماطل فإنه يزكيه من جديد إذا حال عليه الحول، أما إذا كانت الأرض موجودة ولكن رخص سعرها، ولا يشك في حفظ رأس المال يزكي الموجود، اشتراها بمائة ألف، ولكن ما تساوي الآن إلا خمسين ألفًا، كسدت الأراضي، يزكي خمسين ألفًا، يزكي الخمسين التي تساوي الأرض، حتى لو ما تساوي إلا عشرة وهي بمائة ألف يزكي العشرة التي حال عليها الحول، وهي التي فيها القيمة.

حكم إخراج زكاة المال المستثمر مع رجل مماطل

108 - حكم إخراج زكاة المال المستثمر مع رجل مماطل س: يقول هذا السائل: أعطيت شخصًا خمسين ألف ريال للاستثمار، وكانت هذه أول مرة أتعامل معه، فلم أكن متأكدًا إذا كنت سآخذ هذه الأموال أم لا، وظلت هذه النقود لمدة عامين عنده ثم أخذتها منه، دون زيادة أو نقصان، فهل أخرج الزكاة عن العامين السابقين، أم أستقبل بها عامًا جديدًا (¬1) (¬2) ج: عليك إخراج زكاة هذين العامين؛ لأنها في ملكك وهي عنده كالأمانة؛ لأنه شغلها، فعليك زكاتها، أما لو عمل فيها وربحت فعليك ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (374). (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (374). ') ">

زكاتها وزكاة الربح، لكن ما دامت بقيت عنده ولم يعمل شيئًا فهي مثل الوديعة تزكِّيها. س: لدي مشاركات في معامل، ولم أقبض منها أيّ ربح حتى الآن، فهل أدفع الزكاة عن رأس المال أم لا؟ جزاكم الله خيرًا ج: هذه المشاركة تحتاج إلى نظر، إن كانت مشاركة في المعمل فالزكاة في المعد للبيع، أمّا إذا كانت مساهمة في المعمل، في الأدوات التي تستعمل في المعمل ويستعان بها في المعمل وليست للبيع فأنت شريك فيما يباع، إذا تمّت الشركة بينكما على أنكما شريكان في الأدوات وفي النتائج وما يباع، فالزكاة عليكما جميعًا فيما يباع وكان معدًّا للبيع من مالك، أو من مال الشريك الآخر، كذلك يقدّر عند تمام الحول ويزكى.

بيان كيفية إخراج زكاة المال المودع في البنك

109 - بيان كيفية إخراج زكاة المال المودع في البنك س: لديّ مبلغ من المال أودعته بالبنك الإسلامي، وهو يدر عليَّ ربحًا جيدًا في نهاية كل سنة، هل أزكي عن رأس المال العامل

كله، أو على ما يدره هذا المبلغ من ربح فقط (¬1) (¬2)؟ ج: يزكى الجميع؛ الأصل والربح؛ لأن الأصل معد للبيع، فيزكى هذا وهذا؛ لأن الربح تابع للأصل ولو ما حال عليه الحول. س: هل المواد الأولية غير المصنعة عليها زكاة، أم أن الزكاة لا تجب عليها إلا بعد تصنيعها وبيعها؟ ج: هذه المواد الأولية ما فهمناها كما ينبغي، إذا كنت أردت بها موادّ للبيع، وأنها هي الأساس للبيع، تباع هذه فيها الزكاة، أمّا إذا كانت مواد أولية تبقى في المعمل، ويستعان بها في المعمل ولا تباع، قد تقدم أنها لا زكاة فيها، وهذا يحتاج إلى تفسير منك أنت، إذا كانت تصنع وتعد للبيع تزكى قيمتها عند تمام الحول؛ لأنها معدّة للبيع، ومن عروض التجارة. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (89). (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (89). ') ">

حكم إخراج زكاة الأراضي المعدة للتجارة

110 - حكم إخراج زكاة الأراضي المعدة للتجارة س: هل في الأرض التي تشترى بغرض بيعها مرة أخرى، هل فيها زكاة (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (139).

ج: نعم، إذا اشترى أرضًا أو سيارة أو عمارة أو غير ذلك لقصد البيع فإنه يزكيها إذا حال عليها الحول، تسمى عرضًا من عروض التجارة، وهذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، وحكاه بعضهم إجماعًا، ويدل عليه ما رواه أبو داود رحمه الله عن سمرة بن جندب رضي الله عنه، قال: «أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعد للبيع» (¬1) هذا يدل على أن ما أعد للبيع تخرج فيه الزكاة، وله شواهد، وهو أيضًا صحيح من جهة المعنى؛ لأن التجارة ما تبقى في النقود تقلب، تقلب في العروض من السيارات والأراضي، والبيوت، وغيرها مما يحتاجه الناس، فإذا حال الحول وجب إخراج الزكاة من قيمة ما عنده من العروض التي أعدها للبيع، سواءً كانت العروض سيارات، أو أراضي، أو بيوتًا، أو غير ذلك. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة باب العروض إذا كانت للتجارة برقم (1562).

حكم إخراج زكاة الأرض المعدة للاستعمال والتأجير

111 - حكم إخراج زكاة الأرض المعدة للاستعمال والتأجير س: اشتريت قطعة أرض، وحوّطتها بقصد الاستعمال والإيجار، وحال عليها الحول دون أن أستعملها، أو أؤجرها، هل تجب الزكاة والحال ما ذكر (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (219).

ج: لا زكاة فيها ما دمت أردتها للاستعمال، أو التأجير، فإنه لا يقع فيها شيء، لكن لو أجّرتها تزكى الأجرة بعدما يجري عليها الحول، أمّا ما دمت ما أجرتها فلا شيء فيها، إنما الزكاة لو أعددتها للبيع، لو قصدت إعدادها للبيع وأنّك تريد بيعها فهذه تزكيها إذا حال عليها الحول، تزكي قيمتها عند أهل المعرفة، أمّا الأرض المعدة للسكن للاستعمال أو للإيجار أو ليزرعها هذه ما فيها زكاة.

حكم زكاة الأراضي الممنوحة قبل استلامها

112 - حكم زكاة الأراضي الممنوحة قبل استلامها س: هل على من له منحة أرض زكاة وهو ينويها للتجارة، ومضى عليها أربع سنوات وهو لم يستلمها، وإنما استلم صكها ورقم القطعة (¬1) (¬2)؟ ج: ليس عليه زكاة إلا إذا استلمها واستقرت في يده ونواها للتجارة. س: اشتريت قطعة أرض منذ ثمان سنوات، وثمنها قد ارتفع الآن عن وقت شرائها بحوالي عشر مرات، ولكنها لا تزرع، وهي أرض فضاء أريد من فضيلتكم أن أعرف هل تجب عليها الزكاة، فإذا ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (33). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (33). ') ">

كانت تجب فكيف أعرف مقدارها، وهل يجب إخراج الزكاة عن كل عام مضى على شرائها، وإذا لم أتمكن من إخراج الزكاة عن المدة السابقة لعدم وجود المال اللازم؛ لكثرته، ولكثرة أولادي الذين أقوم بتربيتهم، فما العمل في هذه الحالة؟ ج: إذا كانت الأرض للبيع وأنت جزمت على أنك أعددتها للبيع، ونويت ذلك، فإن عليك الزكاة عن كل عام بحسب قيمتها، العام الأول له حال، والثاني له حال، وهكذا، تسأل أهل الخبرة عن قيمتها كل سنة، وتزكي كل سنة عن هذه الأرض بحسب قيمتها عند تمام الحول حسب طاقتك، وإذا كنت معسرًا يؤجل عليك أمر الزكاة حتى يتيسر لك المال، ثم تزكي، أولاً تبيعها ثم تزكي من ثمنها، هذا إذا كنت أردتها للبيع أما إذا كنت ما أردتها للبيع، بل أردتها للسكن، أو مترددًا لم تجزم بشيء، أو تريد أن تبني عليها بيوتًا للتأجير، أو تريد أن تجعلها مزرعة، ولكن لم يتيسر ذلك، فليس عليك زكاة، إنما الزكاة فيمن أعدها للبيع، فيزكيها كل سنة بحسب قيمتها في كل سنة عند رأس الحول، وإذا عجز عن الزكاة أُجِّلتْ عليه حتى يتيسر له الزكاة؛ لقول الله سبحانه:

{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}. وهذه الآية تعمّ حق الله وحق العباد، ومتى تيسّر لك المال من هبة أو إرث أو غير هذا أدّيت الزكاة التي عليك عن هذه الأرض، أو بعتها، كذلك تؤدي الزكاة، وإذا بعت تزكيها عن الثمان السنوات كل سنة بحسبها، قد تكون مثلاً في السنة الأولى تساوي عشرة آلاف، وفي الثانية تساوي خمسة عشر، في الثالثة تساوي عشرين، وهكذا كل سنة بحسبها.

حكم زكاة الدار المعدة للسكن

113 - حكم زكاة الدار المعدة للسكن س: أفيد سماحتكم أنني أملك فيلاّ في أحد أحياء مدينة الرياض الجديدة، ولم يصلها الكهرباء، وأنا ساكن بالإيجار، ولا أملك غير هذه الفيلاّ، والسؤال: هل تجب عليها زكاة أم لا؟ وأنا معمّرها منذ ثلاث سنوات، وأريد بيعها، وإذا كان عليها زكاة فهل تحسب من قيمة بنائها أم من قيمة ثمنها الحالي لو بعتها (¬1) (¬2)؟ ج: إذا كنت أردت بها السكن فليس عليها زكاة؛ لأن المساكن لا ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (192). (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (192). ') ">

تزكى، وهكذا البيوت المعدة للإيجار، والدكاكين لا تزكى، ولكن تزكى الأجرة إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، يعني الأجرة تزكى، أما رقبة البيت أو الدكان إذا كان للسكن أو كان للأجرة فلا زكاة فيه، ولكن إذا كان للأجرة فإن الأجرة تزكى إذا بلغت النّصاب وحال عليها الحول، أما إذا أنفقها في حاجاته قبل أن يحول عليها الحول فليس فيها زكاة، لكن الفيلا أو غيرها إذا نويتها للبيع بعد أن نويتها للسكن فإنّها تدخل في حكم الزّكاة من حين نويتها للبيع، فإذا حال عليها الحول بعد نيّة البيع زكّيْت قيمتها وقت الحول، فإذا نويت أن هذا البيع في رمضان، وجاء رمضان الآخر فعليك زكاة قيمتها عند تمام الحول، فإن رجعت عن نية البيع، قبل تمام الحول فلا زكاة في ذلك، وهكذا جميع السنوات ما دمت ناويًا البيع تزكى عند تمام الحول، ومتى رجعت عن نية البيع سقطت الزكاة عنك في المستقبل؛ لأنك فسخت نية التجارة، يعني نية البيع بالسكن أو التأجير، وإنما جاء الحديث أن الرسول «أمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع» (¬1) فإذا كان المؤمن ما أعدَّها للبيع، ولكن للسكن أو للتأجير صارت في غير حكم الزكاة، بل في حكم المساكن ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة باب العروض إذا كانت للتجارة برقم (1562).

المعدة للسكن، وفي حكم الأدوات التي يستعملها الإنسان في حاجاته ولا يعدها للبيع، ليس فيها زكاة كالبسط والفرش، وأواني البيت، والدواب التي يستعملها في حاجاته، والسيارة التي يستعملها في حاجاته ليست للبيع، كل هذه ليس فيها زكاة. س: امرأة تملك سكنًا، وعليها نصف ثمنه دَينًا، وعندها حوش، هل تجب على الحوش زكاة من قيمته وقت الشراء أو من قيمته وقت البيع لأنها تريد أن تبيعه لتوفي دينها، وهي تملكه منذ ثلاث سنوات (¬1)؟ ج: عليها فيه الزكاة إذا كان الحوش أعدّ للبيع، فعليها من حين أعدّ للبيع الزكاة حسب قيمته، سواءً أعدته للبيع من أجل قضاء الدين أو لأسباب أخرى، فالحوش الذي أعد للبيع يكون من عروض التجارة، فإذا حال عليه الحول بعدما أعدّته للبيع فإنه يزكى حسب القيمة عند تمام الحول كما تقدم. س: من المستمع ع. ط. ط. سوري مقيم بالدمام، يقول: كنت قد اشتريت قطعة أرض لأقيم عليها بناء أسكن فيه، ولأسباب عدة ¬

(¬1) السؤال الحاد عشر من الشريط رقم (192). ') ">

لم أستطع أن أقوم بذلك، وقررت بيعها، فهل عليها زكاة، وكيف تحسب إذا كان ثمنها خمسة وسبعين ألف ليرة سورية حين اشتريتها، وهل أزكّيها منذ وقت شرائها أم لسنتها الأخيرة التي قررت بيعها فيها، أفيدونا حفظكم الله. ج: الأرض التي قصد صاحبها البناء عليها للسكن ليس فيها زكاة، وهكذا لو قصد البناء عليها للتأجير، ليس فيها زكاة، أو تردد في ذلك ليس عنده جزم، هل يبني للسكن، أو للتجارة، أو لغير ذلك، ليس عليه زكاة، لكن إذا كان للإيجار يزكي الأجرة إذا أجرها وحصل على الأجرة، يزكي الأجرة إذا حال عليها الحول، وأما إذا قصد بها البيع فإنه يزكيها من حين نوى البيع، هذه الأرض التي ذكرها السائل دخلت في الحول على الصحيح من حين نواها للبيع، إذا حال عليها الحول زكّى قيمتها التي تساويها حين حال الحول عليها، أما ثمنها الذي اشتراها به فلا ينظر إليه، ولكن ينظر إلى قيمتها حين تمّ الحول عليها بعد نيته للبيع، سواء كانت القيمة أقل من ثمنها أو أكثر، هذا هو المختار والراجح في مثل هذا.

حكم إخراج الزكاة من السيارة والمحل التجاري المغلق

114 - حكم إخراج الزكاة من السيارة والمحل التجاري المغلق س: الأخ ج. م. ع، يسأل ويقول: هل على السيارة زكاة؟ وهل على المحل الذي يعمل فيه زكاة؟ جزاكم الله خيرًا، وكذلك المحل المغلق (¬1) (¬2)؟ ج: هذه فيها تفصيل، السيارات، والمحل المغلق والذي يعمل، والأراضي والعمارات، كلها إذا كانت للبيع والشراء فيها الزكاة، معدة للبيع فيها الزكاة، تسمى عروض تجارة، فإذا حال عليها الحول زكيت قيمتها سواءً كانت سيارة أو عمارة، أو أرضًا، أو غير ذلك، أما إذا كانت العمارة أو الأرض أو الدكان " الحانوت " ما قصد به التجارة، ولكن قصد به أن يؤجره ويستفيد من أجرته، أو أراد أن يستعمله هو فهذا ليس فيه زكاة، لكن إن حصل له أجرة تبلغ النصاب وحال عليها الحول يزكّي الأجرة، وهكذا ما فيه من أثاث وأوانٍ إذا كانت للاستعمال لا للتجارة فليس فيها زكاة، أما إذا كان فيه أثاث أو أوانٍ للتجارة والبيع فهي عروض تجارة، تزكى كلها إذا حال عليها الحول، تقوّم وتزكى، فالحاصل أن هذه الأشياء التي يجمعها الناس من سيارات أو محلات ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (231). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (231). ') ">

بيع وشراء، من دكاكين أو بيوت، أو غير ذلك، إن كانوا فعلوا ذلك للبيع والتجارة ففيها الزكاة في الدكان، في المعمل والمصنع، في البيت إذا كان أراد به التجارة يقوّم عند الحول، فإذا كان يساوي مائة ألف زكى مائة ألف، يساوي مائتي ألف زكاها، وهكذا، يقوّم عند الحول بما يساوي عند الناس، وتجب الزكاة فيه؛ لأنه من عروض التجارة. س: السائل ح. من الأردن: هل يجب إخراج الزكاة عن السيارة التي تحت تصرفي، وكيف يكون ذلك؟ ج: إذا كانت السيارة للبيع تخرج زكاتها، أمّا إذا كانت للاستعمال فما فيها زكاة، أمّا إذا كنت تشتري السيارة تريد الفائدة هذه فيها الزكاة اعتبارا بأصل الدراهم التي عندك، إذا كانت الدراهم التي عندك من محرم، واشتريت السيارات في صفر أو في ربيع إذا جاء دور الدراهم في شهر محرّم تزكي السيارات بعدما تعرف قيمتها.

بيان ما يلزم من الزكاة فيمن يمتلك عددا من السيارات

115 - بيان ما يلزم من الزكاة فيمن يمتلك عددًا من السيارات س: هل في ملكية السيارات إذا تعدّدت زكاة؟ أم أنها تعتبر واسطة

نقل كأثاث البيت مثلاً كما يدعي بعض الناس (¬1) (¬2)؟ ج: السيارات لها حالات، إحداها: أن تكون للحاجة، للركوب وقضاء الحاجات، هذه لا زكاة فيها، مثل البعير الذي يتخذ للحاجة، ومثل الحمار فيما تقدم للحاجة، وأشباه ذلك، والفرش وجميع السيارات التي تتخذ للحاجة، للركوب، ولو تعددت ليس فيها زكاة، ومثل التكاسي ليس فيها زكاة، وسيارة النقل الكبيرة التي تتخذ لاستعمالها والنقل عليها لا زكاة فيها إلا إذا كانت للبيع، الحالة الثانية: أن تكون للبيع، يتخذها لبيعها ويتجر فيها، هذه فيها الزكاة من جنس العروض الأخرى، متى حال الحول على أصلها زكاها، أو عليها، إن كانت دراهمها في الذمة فإن زكاتها عند تمام الحول، إذا تم الحول يزكيها حسب قيمتها، هذا هو الواجب. س: المستمع م. ش. إ. من أبها، بعث يسأل عن السيارة الخاصة، هل يؤدي عنها زكاة؟ وعن سيارة الأجرة أيضًا، جزاكم الله خيرًا ج: السيارة الخاصة للاستعمال، وسيارات الأجرة ليس فيهن زكاة، ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (44). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (44). ') ">

لكن الأجرة إذا حال عليها الحول وهي تبلغ النِّصاب يزكِّيها صاحبها إذا صار عنده دراهم كسبها من السيارة، فحال عليها الحول وهي تبلغ النصاب، مثل خمسين ريالاً فأكثر، أو ما يعادلها، يزكِّيها، أمّا نفس السيارة، جرم السيارة ليس فيه زكاة؛ لأنه ليس معدًّا للبيع، بل معد للاستعمال، والزكاة إنما تجب في العروض المعدة للتجارة للبيع، فإذا أعد السيارة للبيع وجبت فيها الزكاة، وهكذا إذا أعد البيت أو الأرض للبيع وجبت فيها الزكاة، أمّا إذا كان البيت معدًّا للإيجار، والسيارة للإيجار فلا زكاة فيها، لكن الأجرة إذا حال عليها الحول وهي تبلغ النصاب زكيت.

حكم إخراج الزكاة عن ماكينة التطريز

116 - حكم إخراج الزكاة عن ماكينة التطريز س: يوجد عندي ماكينة للتطريز منذ إحدى عشرة سنة لم أشتغل عليها، حيث إن سعرها أكثر من خمسين ألف ليرة سورية، فهل يجب علي أن أخرج عليها زكاة، أم ليس عليها زكاة، مع العلم أنني مقيمة في جدة وماكينتي في بلدي (¬1)؟ ج: إذا كانت الماكينة معدة للعمل لا للبيع فليس فيها زكاة، أما إذا ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (359).

كانت معدة للبيع وقصدتِ بيعها فعليكِ زكاتها كل سنة حسب قيمتها عند تمام الحول، أما إذا كانت الماكينة مرصدة للعمل فليس فيها زكاة.

حكم إخراج الزكاة من الحطب والفحم

117 - حكم إخراج الزكاة من الحطب والفحم س: هل يوجد في كتاب الله زكاة للحطب والفحم (¬1)؟ ج: الله جل وعلا أجمل الزكاة في القرآن ولم يفصلها، بل فصلها النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله جل وعلا: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}. وقال سبحانه: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}، فأجمل الأموال سبحانه وتعالى، وقال في الذهب والفضة خاصة: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}، وإنفاقها في سبيل الله إخراج زكاتها وإخراج ما أوجب الله فيها، لكن تفصيلها جاء في السنة، وغير الذهب والفضة، الإبل والبقر والغنم السائمة التي ترعى فيها الزكاة، ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (265).

بنص النبي عليه الصلاة والسلام، كذلك الحبوب والثمار بالنّص فيها الزكاة، نصف العشر إذا سقيت بمؤونة بمكائن، أو الحيوانات، وفيها العشر إذا كانت تسقى بالأمطار وماء الأنهار، فيه العشر ثمرة من الزروع والتمور والعنب، بنص النبي عليه الصلاة والسلام، وهكذا عروض التجارة، إذا كان عنده حطب أو خشب وغيرها مما يبيع فيها ويشتري تزكى إذا حال عليها الحول قيمتها، وهذه تسمى عروض التجارة، فإذا كان عنده مثلاً حطب وأوانٍ وملابس وأراضٍ للبيع إذا حال عليها الحول يزكي قيمتها؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع» (¬1) يعني مما يعد للبيع والشراء، ويسمى عروض التجارة، وفي الحديث الآخر عن أبي ذر رضي الله عنه، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «وفي البزّ الزكاة» (¬2) والبزّ ما يباع، المقصود إذا كانت الأموال للتجارة وجب فيها الزكاة إذا بلغت النّصاب وحال عليها الحول. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة باب العروض إذا كانت للتجارة برقم (1562). (¬2) أخرجه الدارقطني في سننه، في كتاب الزكاة، باب ليس في الخضروات صدقة، برقم (1955).

حكم إخراج الزكاة من أثاث المنزل

118 - حكم إخراج الزكاة من أثاث المنزل س: هل تجب الزكاة على أثاث المنزل، وبالذات الأثاث الكامل مثل غرف النوم الكاملة وغرف السفرة وما أشبه ذلك (¬1)؟ ج: أثاث المنزل ليست فيها زكاة، كالفرش والسرر والكراسي والأواني، كلها ليس فيها زكاة؛ لأنها للاستعمال، ليست للتجارة، وليس فيها زكاة. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (340).

حكم من يكتسب مالا وينفقه قبل حلول الحول

119 - حكم من يكتسب مالا وينفقه قبل حلول الحول س: تقول السائلة: إنني ربة بيت، وشغلي أخيط ملابس نسائية، وملابس أطفال، والأجرة التي أقتضيها أصرفها على البيت والأولاد؛ لأن زوجي حالته متواضعة، هل عليَّ زكاة، وإني أخيط منذ عشر سنوات، لكن لم أجمع مالاً، أصرفه أولاً بأول، أرشدوني أثابكم الله (¬1) (¬2) ج: أنت مأجورة، جزاك الله خيرًا، للمساعدة لزوجك والقيام على أولادك، وهذا العمل طيب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (232). (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (232). ') ">

«أي الكسب أطيب؟ قال: عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور» (¬1) وهذا من عمل اليد، الخياطة من عمل اليد، وفي الحديث الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام: «ما أكل طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه الصلاة والسلام كان يأكل من عمل يده» (¬2) هذا العمل طيب، وأنت مأجورة في عملك، وعليك أن تنصحي في الخياطة، وتتقي الله في الخياطة، وأنت مأجورة في ذلك، والكسب طيب ولا حرج في ذلك، وأنت في إحسانك إلى زوجك وإلى أولادك مأجورة في ذلك، والخلاصة، أن الخياطة والنجارة والحدادة والكتابة كلها مكاسب طيّبة، هكذا التجارة إذا نصح المؤمن في ذلك، ولم يخن ولم يكذب، تحرى النصيحة والأمانة وعدم الكذب، وعدم الغش، فهو مأجور والكسب طيب، أمَّا إذا دخله الخيانة والكذب فهذا لا يجوز، نسأل الله العافية، والله يقول جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}. يقول النبي صلى الله عليه ¬

(¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث رافع بن خديج رضي الله عنه، برقم (17265). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب كسب الرجل وعمله بيده، برقم (2072).

وسلم في البيِّعين، البائع والمشتري: «فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما» (¬1) فالمهم في أعمال اليد النصح والجد، وعدم الغش وعدم الخيانة، وبذلك تكون المكاسب طيبة، البيع والشراء والخياطة والنجارة والحدادة وغير ذلك. أما الزكاة فليس عليك زكاة إذا كانت النقود تصرف في البيت ولم يمض عليها سنة أمَّا إذا كانت تبقى عندك نقود يمضي عليها سنة وهي نصاب فعليك الزكاة، فلو كان عندك ألف ريال مثلاً يبقى عندك سنة ما أنفقته فأدِّي زكاته، وهي ربع العشر، خمسة وعشرون من ألف، أمَّا إذا كانت الأجرة تنفق في وقتها، أو بعد وقتها لكن لا تبقى سنة فليس عليك زكاة، إلا إذا اجتمع مال من هذه الخياطة يبلغ النصاب، ودارت عليه السنة فإنه يزكى، وأقل النصاب ستة وخمسون ريالاً فضة، أو ما يقوم مقامها من النقود الورقية. س: يوجد عندنا في سوريا قبور، يقال: إنها من عهد الروم، فيوجد فيها قطع من الذهب أو صور من فخار أو خرز ثمين، ثم يحفر ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، برقم (2110).

الناس القبور المذكورة لأجل استخراج هذه الأشياء التي فيها، فهل عليهم في ذلك من إثم؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا؟ ج: لا نعلم في هذا بأسًا؛ لأن هذه الأموال في حكم الأموال الضائعة التي ليس لها مستحق، والأموال الضائعة لا بأس أن يأخذها من وجدها، سواء كانت ذهبًا أو فضة، أو غير ذلك مما يتمول وينتفع به.

بيان حكم زكاة الفطر وعلاقتها بالصوم

120 - بيان حكم زكاة الفطر وعلاقتها بالصوم س: إني العام الماضي لم أزك زكاة النفس في آخر رمضان، لا عني ولا عن أهلي بدون أي عذر، سواء الكسل والتهاون، وقد سمعت بعض العلماء يقولون ما لنا صوم بدون زكاة النفس، أرجو الإفادة عن ذلك وجزاكم الله خيرًا (¬1) ج: زكاة الفطر من الفرائض، ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنه فرض زكاة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين» (¬2) وأمر أن ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (6). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب صدقة الفطر برقم (1503)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير، برقم (984).

تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، وقد أجمع علماء الإسلام على وجوبها، وأنها واجبة على جميع المسلمين من الذكور والإناث، والصغار والكبار، والأحرار والعبيد، على الجميع زكاة فطر، عن كل رأس صاعًا واحدًا، أربع حفنات باليدين المعتدلتين المملوءتين، هذا الصاع النبوي، فالواجب على كل مسلم صاع واحد عن نفسه، وصاع واحد عن زوجته، وصاع واحد عن كل واحد من أولاده الذين يقوم عليهم ويمونهم، وصاع واحد عن خدمه الذي عنده. المقصود صاع واحد عنه وعمن يعول عن كل واحد، والواجب إخراج ذلك قبل الصلاة كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، أعني قبل صلاة العيد، هذا هو الواجب، فإذا تساهل أو نسي فلم يخرج ذلك وجب عليه الإخراج بعد ذلك قضاءً مع التوبة إذا كان متعمدًا، عليك التوبة إلى الله أيها السائل، وعليك إخراج زكاة الفطر من حين هداك الله، تخرجها للفقراء والمساكين، صاع عن كل واحد من تحت يدك، وعليك التوبة إلى الله من هذا التأخير والتكاسل، ومن تاب تاب الله عليه،

والتوبة مضمونها الندم على الماضي من المعصية، والعزم الصادق ألا تعود في المعصية مع الإقلاع منها، وتركها، والحذر منها، فأنت عليك أن تتوب إلى الله، وتندم على ما مضى منك من التفريط، وعليك أن تؤديها إلى مستحقيها، مع العزم الصادق على ألا تعود لمثل هذا الشيء، هذا هو الواجب. أما الصيام فما له تعلق بذلك، معلوم أنها من تمام الصيام، كما جاء في الحديث الصحيح: «أنها طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين» (¬1) لكن لا يبطل الصيام بتركها، الصيام صحيح ومجزئ ونافذ، ولكنه يكون ناقصًا، يكون فيه نقص؛ لعدم هذه الزكاة، فالزكاة تجبر النقص بمثابة سجود السهو في الصلاة، فهي جابرة ومكملة، فإذا تأخرت أو تكاسل صاحبها أو لم يؤدها عمدًا فإن هذا إثم، وعلى صاحبها التوبة، والتوبة تجبر النقص، وعليه مع التوبة الأداء، فيخرج الزكاة قضاءً. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب زكاة الفطر، برقم (1609)، وابن ماجه في كتاب الزكاة، باب صدقة الفطر، برقم (1827).

بيان من تجب عليه زكاة الفطر

121 - بيان من تجب عليه زكاة الفطر س: احصروا لنا جميع من تجب عليهم زكاة الفطر ومن لا تجب عليهم، وما مقدارها، وهل يجوز إخراج قيمتها (¬1)؟ ج: زكاة الفطر تجب على كل مسلم صغير أو كبير إذا كان موجودًا حين غابت الشمس ليلة الفطر من رمضان، والنبي صلى الله عليه وسلم «فرض زكاة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على العبد والحر، والذكر والأنثى، الصغير والكبير من المسلمين» (¬2) وأمر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، أي إلى صلاة العيد، فهذا هو الواجب على أولئك الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم من الذكور والإناث، والصغار والكبار، والأحرار والعبيد من المسلمين، أما الحمل الذي في جوف المرأة حين العيد فليس عليه زكاة فطر، ولكن تستحب؛ لأن عثمان رضي الله عنه الخليفة الراشد أخرجها عن الحمل، واستحب أهل العلم اقتداء بعثمان رضي الله عنه، وهكذا لا تجب على الكافر والكافرة؛ لأنهما ليسا من أهل الطهارة، وليسا أهل الزكاة حتى يسلما، ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (59). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب صدقة الفطر برقم (1503)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير، برقم (984).

فإذا كان عنده عبد كافر أو ولد كافر لا يزكي عنه؛ لأنه خبث بالكفر لا تطهره الزكاة، فلا زكاة إلا عن المسلم.

حكم إخراج زكاة الفطر بعد صلاة العيد

122 - حكم إخراج زكاة الفطر بعد صلاة العيد س: أفيدكم بأني قد زكيت في رمضان، وزكت زوجاتي وأولادي، وأبقيت زكاتي ناويًا إخراجها قبل الصلاة، وأعرف الشخص الذي أُعطيه الزكاة ونسيتها ولم أذكرها إلا في الصلاة، وأخرجتها بعد الصلاة، أرجو أن تفيدوني، هل علي شيء تجاه ذلك؟ وجزاكم الله خيرًا (¬1) ج: لا ريب أن السنة إخراج زكاة الفطر قبل صلاة العيد كما أمر بهذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، وقد أحسنت فيما فعلت في إخراجها قبل الصلاة، لكن هذا الشيء الذي نسيته لا حرج عليك فيه، وإخراجه بعد الصلاة مجزئ، والحمد لله، وإن كان جاء في الحديث «أنه صدقة من الصدقات» (¬2) لكن لا يمنع ذلك الإجزاء، وأنه وقع في ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (64). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب زكاة الفطر، برقم (1609)، وابن ماجه في كتاب الزكاة، باب صدقة الفطر، برقم (1827).

محله، ونرجو أن يكون مقبولاً، وأن تكون زكاة كاملة؛ لأنك لم تؤخر ذلك عمدًا، وإنما أخرته نسيانًا، وقد قال الله عز وجل: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}. وثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «يقول الله عز وجل: قد فعلت» (¬1) فأجاب دعوة عباده المؤمنين في عدم المؤاخذة بالنسيان. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق، برقم (126).

حكم إخراج أصحاب الأعمال زكاة الفطر عن العمال لديهم

123 - حكم إخراج أصحاب الأعمال زكاة الفطر عن العمال لديهم س: لقد أفتانا بعض الإخوان بأن زكاة الفطر عن العمال المستقدمين تلزم صاحب العمل، وهذا كان يخفى علينا، وسؤالي: ما هو الواجب في العمال الذين قد انتهت مدتهم، وغادروا إلى بلادهم، هل ندفع عن السنوات الماضية، وهل صحيح ما أفتانا به أخونا: تجب زكاة العمال على صاحب العمل (¬1)؟ ج: لا تجب زكاة الفطر على صاحب العمل، وإنّما زكاتهم على ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (152).

أنفسهم، إلا إذا كانوا شرطوا على صاحب العمل أن يزكي عنهم، فالمسلمون على شروطهم، أمَّا إذا كانوا لم يشترطوا فزكاتهم على أنفسهم.

حكم من لم يجد فقيرا يعطيه زكاة فطره

124 - حكم من لم يجد فقيرا يعطيه زكاة فطره س: من لم يجد حوله من يستحق زكاة الفطر ليدفعها إليه، فماذا يفعل، وما الحكم لو تركها إلى ما بعد صلاة العيد (¬1)؟ ج: زكاة الفطر فريضة فرضها الله جل وعلا على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم على الرجال والنساء، والصغير والكبير، والحر والمملوك، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تؤدى قبل خروج الناس إلى صلاة العيد، فالذي لا يجد حوله فقراء يلزمه أن يقدمها إلى فقراء آخرين في القرى المجاورة، ويسارع إلى إخراجها قبل صلاة العيد، وليس له تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد؛ لأن هذا خلاف أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أمر النبي عليه الصلاة والسلام أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، وقال: «من أداها قبل الصلاة فهي زكاة ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (55).

مقبولة، ومن أدّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات» (¬1) فالواجب عليك أيها السائل أن تعنى بهذا الأمر، وأن تخرجها قبل صلاة العيد، ولو قبل العيد بيوم أو يومين، أو ثلاثة لا بأس، اليوم الثامن والعشرين، أو التاسع والعشرين والثلاثين، وكان ابن عمر يخرجها قبل العيد بيومين وهكذا الصحابة، وربما أخرجها قبل العيد بثلاثة أيام ابن عمر رضي الله عنه، المقصود أنه لا حرج في ذلك، يبدأ بإخراجها من اليوم الثامن والعشرين، ويستمر إلى صلاة العيد، فليس لك أن تؤخرها إلى ما بعد الصلاة، وإذا كان مكانك ليس فيه فقراء فاطلب الفقراء في مكان آخر ولو بالسفر. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب زكاة الفطر، برقم (1609)، وابن ماجه في كتاب الزكاة، باب صدقة الفطر، برقم (1827).

بيان وقت زكاة الفطر ومقدارها

125 - بيان وقت زكاة الفطر ومقدارها س: ما مقدار زكاة النفس وميعادها (¬1)؟ ج: إذا كان المقصود من السؤال زكاة الفطر في رمضان فمقدارها صاع من جميع الأقوات، صاع من البر، أو صاع من الشعير، أو صاع ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (19).

من التمر، أو صاع من قوت البلد، وهو أربع حفنات باليدين المعتدلتين الممتلئتين، هذا هو الصاع النبوي، أربعة أمداد، والمدّ باليدين الممتلئتين، والأربع صاع، وبالوزن الصاع أربعمائة مثقال وثمانون مثقالاً، والمد مائة وعشرون مثقالاً، فالحاصل أن الزكاة صاع فقط من قوت البلد، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم، أمر الناس أن يتصدقوا بصاع من تمر، أو صاع من شعير، إلى آخره، فرض النبي على الناس زكاة الفطر، صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، إلى آخره، وأخرجه الصحابة كذلك صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من أقط، أو صاعًا من زبيب، أو صاعًا من طعام، هذا هو الواجب على الناس، على الصغير والكبير، والذكر والأنثى، سواء كان قمحًا حنطة أو غير ذلك، قال بعض أهل العلم أنه يجزئ نصف الصاع من الحنطة من البر، ولكنه قول مرجوح، الصواب أنه لا بد من صاع من جميع الأقوات التي في البلد.

بيان الأفضل في إخراج زكاة الفطر

126 - بيان الأفضل في إخراج زكاة الفطر س: ما حكم زكاة الفطر، وما هو الأفضل؛ الأرز أم القمح أو خلافه (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (359).

ج: حكم زكاة الفطر سنة واجبة، فريضة تجب عند رمضان، ويجب إخراجها قبل العيد، والأفضل يوم العيد قبل الصلاة، وإن أخرجها قبل العيد بيوم أو يومين لا بأس، من قوت البلد، صاع من قوت البلد رز أو شعير أو تمر من قوت البلد، والأفضل الأنفع والأغلى، كل ما كان أنفع وأغلى هو الأفضل.

بيان مقدار الصاع النبوي بالوزن الحديث

127 - بيان مقدار الصاع النبوي بالوزن الحديث س: كم قدر الصاع النبوي صلى الله عليه وسلم بالوزن الجديد يا شيخ (¬1) (¬2)؟ ج: الصاع النبوي أربع حفنات باليدين المعتدلتين، الحاصل أنه بالحفنات أضبط، حفنات باليدين المعتدلتين المملوءتين، هذا صاع النبي عليه الصلاة والسلام، وهو بالرطل خمسة أرطال وثلث، بالرطل العراقي، والرطل تسعون مثقالاً، والرطل والثلث يعني مائة وعشرين مثقالاً، فالمعنى أنه أربعمائة وثمانون مثقالاً، الصاع النبوي، لكن باليدين أضبط من الوزن، كونه باليدين المعتدلتين المملوءتين كما بيّن أهل اللغة. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (409). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (409). ') ">

س: ما هو مقدار الصاع في زكاة الفطر بالكيلو جرام في يومنا هذا، وهل تسقط زكاة الفطر مع عدم الاستطاعة لإخراجها؟ ج: زكاة الفطر مقدارها بصاعنا الآن ثلاثة كيلو تقريبًا؛ لأنه خمسة أرطال بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو باليدين الممتلئتين المتوسطتين أربع مرات، كما ذكر في القاموس وغيره، فإذا ملأ يديه أربع مرات وهما معتدلتان، وملأهما ملأ تامًّا هذا عن مد، والأربعة عن صاع، وبالكيلو ثلاثة كيلو تقريبًا يَشِفُّ قليلاً، وإذا أخرج ثلاثة كيلو فقد احتاط وأخرج صاعًا كاملاً للفطرة.

حكم إخراج زكاة الفطر عن المسافر

128 - حكم إخراج زكاة الفطر عن المسافر س: لي أخ أكبر مني سنًّا، ويقيم في اليمن، ويريد أن يدفع عني وعن أسرتي في الرياض زكاة الفطر، فهل يصح هذا أم لا؟ وإذا كان لا يجوز وفعل ذلك، فهل يلزمني إخراجها مرة أخرى أم لا؟ وما مقدارها (¬1)؟ ج: إذا كانت حالكما واحدة وأنتما شريكان في الأموال فلا بأس أن ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (55).

يخرجها عنك وعن أسرتك في البلاد، ولكن الصواب والأولى والأحوط أن تخرجها عن نفسك في محلك، وعن أسرتك؛ زوجتك ومن تحت يدك في محلك في البلد التي أنت فيها؛ لأن كثيرًا من أهل العلم يوجبون إخراجها في بلد المزكي التي هو مقيم فيها، فعليك أيّها السائل أن تحتاط لنفسك، وأن تخرجها أنت، ولو أخرجها هو عليك أن تخرجها في بلدك الذي أنت فيه عن نفسك وعن أهل بيتك؛ لأنها مواساة لفقراء البلد، والإحسان إليهم، وكف لهم عن السؤال؛ حتى يتفرّغوا لما يتفرغ له إخوانهم من السرور والفرحة بالعيد، وعدم التشاغل بسؤال الناس، فالحاصل أن الأحوط والذي ينبغي أن تخرجها في محلك عن نفسك وعن أسرتك، لكن لو أخرجها عنك بإذنك، أو لأنكما شريكان صح على الصحيح وأجزأت، ولكن كونك تخرجها في محلك عن نفسك وعن أسرتك سواء كنت شريكًا أو لست بشريك هو الذي ينبغي.

حكم من أخر إخراج زكاة الفطر لعذر

129 - حكم من أخر إخراج زكاة الفطر لعذر س: م. هـ. من مكة، يقول: كنت أرغب أن أخرج زكاة الفطر قبل صلاة العيد؛ لأن هذا هو الأفضل، ولكن قبل الفجر نمت، ولم

أستيقظ إلا عند الساعة السابعة، ولم أخرج زكاة الفطر، فما حكم هذا العمل، وما الواجب عليَّ (¬1) ج: الواجب إخراجها بعد الصلاة، والحمد لله، مع التوبة والاستغفار، قضاءً، والسنة إخراجها قبل صلاة العيد إذا تيسّر، وإذا أخرجها الإنسان قبل العيد بيوم أو يومين كما فعله الصحابة فلا بأس؛ لأن الوقت ضيق ما بين صلاة الفجر وصلاة العيد، الوقت ضيق، ليس كل أحد يستطيع ذلك، لكن إذا أخرجها قبل الصلاة بيوم أو يومين فلا بأس. ¬

(¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (3).

حكم إرسال المسافر زكاة الفطر إلى بلده

130 - حكم إرسال المسافر زكاة الفطر إلى بلده س: رسالة وصلت إلى البرنامج من أحد الإخوة المستمعين، يقول: أنا طالب في جامعة الملك سعود، ومن المعروف أن الدراسة في هذه السنة تستمر إلى ما بعد رمضان، وعلى هذا سأكون في المملكة خلال عيد الفطر المبارك إن شاء الله تعالى، والسؤال: هل يجوز أن أرسل زكاة الفطر إلى بلدي؟ مع العلم أن المملكة تفطر قبلهم وإذا كان هذا يجوز، فهل أرسلها حسب قيمتها في المملكة أو في بلادي؟ أرجو من سماحتكم أن تبيّنوا لي هذا،

وحبذا لو كتبتم لأمثالي من المغتربين، فالأمر فيما أرى مشكل عليهم؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2) ج: المشروع للمغترب أن يخرج زكاة الفطر في محله، محل إقامته، إذا كان في الرياض في الرياض، وفي المدينة في المدينة، في مكة في مكة، هذا هو السنة، تخرج صدقات الفطر من الأغنياء، يعطاها الفقراء، تخرج منهم لإخوانهم الفقراء في البلد الذي صاموا فيه، هذا هو المشروع، أن يدفعها للفقراء في البلد الذي هو فيه أو فيما حوله، أمّا نقلها إلى بلاد بعيدة، فالأولى ترك ذلك، وفيه خلاف بين أهل العلم وكثير منهم لا يرى جواز ذلك، فالمؤمن يحتاط ويوزعها في بلاده التي أقام فيها، أو فيما يقاربها من القرى المجاورة، هذا هو المشروع، وهذا هو الأحوط للمؤمن، فإن نقلها إلى بلده أو غيره وأعطاها للفقراء أجزأت على الصحيح، لكن ذلك ترك لما هو الأحوط والأفضل. س: أنا مصري ومقيم في عمان، وأريد أن أخرج زكاة شهر رمضان، زكاة الفطر عن أولادي الذين هم في مصر، هل يجوز أن ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (133). (¬2) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (133). ') ">

أخرجها في عمان (¬1)؟ ج: عليك أن تخرج الزكاة عنك وعن أولادك في عمان، الحمد لله، لأنّهم تبع لك، فعليك أن تخرج زكاة الأولاد والزوجة معك، وإن كان الجميع في مصر أو في غير مصر، هم تابعون لك، فعليك أن تخرج الزكاة عنهم في محلك، زكاة الفطر. س: هذا السائل م. ع، يقول: نحن مجموعة من الإخوة المقيمين بالمملكة العربية السعودية من السودان، نجمع زكاة الفطر حسب تكلفة زكاة الفطر للفرد الواحد هنا في المملكة، ثم نرسل هذا المبلغ لبلادنا لشخص موثوق ليستخرج زكاة الفطر حسب قوت أهل بلادنا، ثم يقوم ذلك الشخص بشراء زكاة الفطر حسب ما لديه من عدد أفراد الأسرة المرسل له من المملكة، وعندما يبقى مبلغ بعد الشراء يقوم بتوزيعها كصدقة تطوع، هل يجوز ذلك حفظكم الله (¬2) ج: لا حرج في ذلك، لكن الأحوط أن تخرجوا زكاة الفطر في البلد ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (382). ') "> (¬2) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (418). ') ">

التي تقيمون فيها، هذا هو الأحوط لكم، إخراجها في البلد التي أنت مقيم فيها، هذا أولى؛ لأنها مواساة لأهل البلد التي أنت فيها، فإذا أرسلتها إلى فقراء في بلدك أجزأت إن شاء الله، لكن الأحوط والأفضل هو إخراجها في البلد التي أنت مقيم فيها؛ لأن جملة من العلماء يقولون يجب إخراجها في البلد التي يصوم فيها المسلم، هذا عند جمع من أهل العلم، وإذا نقلها للحاجة لا بأس إن شاء الله، لكن كونه يخرجها في البلد الذي هو مقيم فيه صائم فيه، هذا هو الأحوط. س: الأخ: ع. م. س. ع. يسأل ويقول: أنا عامل في المملكة، ولي مدة أكثر من سنة، هل زكاة الفطر أبعثها إلى أهلي، أم أنفقها حيث أقيم (¬1)؟ ج: الأفضل تنفقها في محلك حيث تقيم، تخرج الزكاة في محلك، وإن بعثتها أجزأت إن شاء الله، لكن إخراجها في محلك أولى وأفضل. س: أنا من المقيمين في قطر ولست من أهلها، فهل لي أن أبعث بصدقة الفطر إلى بلدي أم أدفعها حيث أنا مقيم (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (254). ') "> (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (310). ') ">

ج: تدفع صدقة الفطر في المحل الذي أنت فيه، تخرج زكاة الفطر في محلك في قطر، في الفقراء عندك، لا ترسلها إلى بلدك. س: أرسلت زكاة الفطر الخاصة بي إلى أهلي لكي يخرجوها في البلد فهل هذا العمل صحيح؟ ج: لا بأس، تجزئ إن شاء الله، ولكن إخراجها في محلّك أفضل، كونك تخرجها في محلك الذي أنت مقيم فيه لبعض الفقراء يكون أول، وإذا بعثتها لأهلك ليخرجوها على الفقراء فلا بأس.

حكم إخراج المسافر زكاة الفطر من قوت البلد الذي يقيم فيه

131 - حكم إخراج المسافر زكاة الفطر من قوت البلد الذي يقيم فيه س: أنا رجل مقيم في المملكة، ولي أسرة في السودان، هل أفطر عن هذه الأسرة من معيشة السودان أم من معيشة السعودية (¬1)؟ ج: من معيشة السعودية أولى؛ لأنك تقيم فيها من قوتك أنت، ولو أطعمت مما يعيشه السودان، كأن تكون معيشتهم الذرة، أو الرز فلا بأس، لكن كونك تفطر من معيشتك أنت أولى. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (351).

بيان مقدار الصاع بالمكاييل الحالية

132 - بيان مقدار الصاع بالمكاييل الحالية س: كم يعدل الصاع بالمكاييل الحالية، وكم يعدل الفرسخ بالمقاييس الحالية أيضًا وفقكم الله (¬1)؟ ج: أما الصاع بالمقاييس الحالية فهو قريب من ثلاثة كيلو، الصاع النبوي قريب من ثلاثة كيلو إلا قليلاً، فإذا أخرج ثلاثة كيلو عن الصاع للفطرة زكاة الفطر فقد أخرج شيئًا كافيًا. وأما الفرسخ، يمكن أن يقدر الفرسخ تقريبًا؛ لأن اليومين القاصدين أربعة برد، والبريد أربعة فراسخ، والأربعة ستة عشر فرسخًا، يوم وليلة، يعني أربعًا وعشرين ساعة، معناه أن البريد ست ساعات، والفرسخ ساعة ونصف، ويمكن أن يقارب البريد عشرين كيلو، ويكون الفرسخ قريبًا من خمسة كيلو، تقريبًا خمسة كيلو، أربعة فراسخ عشرون كيلو، ستة عشر فرسخًا ثمانون كيلو تقريبًا، هذه مسافة القصر التقريبية عند الأكثر، ما يقاربها سبعون كيلو، ثمانون كيلو مسافة القصر عند الأكثرين، فإذا سافرها الإنسان قصر فيها الصلاة وما يقاربها، وبهذا يعلم مقدار الفرسخ بالكيلو تقريبًا خمسة كيلو. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (16).

حكم إخراج زكاة الفطر بالقيمة

133 - حكم إخراج زكاة الفطر بالقيمة س: هذه السائلة تقول: سماحة الشيخ، أنا أعرف بأن زكاة الفطر لا يجوز إخراجها نقدًا، وقلت لوالدي ذلك، ولكنه لم يقبل مني، وقال بأنه لا ينكر الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن البلد تخرج نقدًا، فعلينا أن نفعل مثل بعض الناس، نخرج نقدًا، ولكنني أخرجت عن نفسي بدون أن أنوي، فهل تقبل مني؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) ج: الواجب إخراجها طعامًا، هذا الذي عليه جمهور أهل العلم، صاعًا من قوت البلد، تمر أو شعير أو أرز، هذا هو الواجب عن كل نفس، عن الرجل والأنثى، والصغير والكبير، وقال جماعة من أهل العلم: يجوز إخراجها نقدًا، ولكنه قول ضعيف، والصواب أن الواجب إخراجها طعامًا عند جمهور أهل العلم، أكثر أهل العلم كما جاء في ذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا نصحت والدك ولم يفعل، فأنت أخرجي عن نفسك ولو ما درى، أخرجيها طعامًا ولو ما علم أبوك. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (414).

حكم إعطاء الأب زكاة فطره لابنته المتزوجة

134 - حكم إعطاء الأب زكاة فطره لابنته المتزوجة س: هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقدًا، وهل يجوز للأب أن يعطي زكاة الفطر إلى ابنته المتزوجة؟ علمًا أن دخل زوجها لا يكفيهم (¬1) (¬2) ج: ليس له إخراجها نقدًا، الزكاة تخرج طعامًا، الرسول فرضها طعامًا، صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، صاعًا من زبيب، صاعًا من أقط، يعني صاعًا من قوت البلد، يجب إخراج زكاة الفطر طعامًا عند جمهور أهل العلم، ولا يجوز إخراجها نقدًا، ولا يجوز إعطاؤه الزكاة لبنته، إن كان زوجها فقيرًا يعطيها الزوج نفسه لا بأس، فلا يعطون الزكاة الفرع والأصل، أما إذا أعطاها أخته الفقيرة، أو عمته الفقيرة، أو خالته الفقيرة، أو عمه الفقير الذي ليس عنده في بيته، مستقل، وأعطاها إياه لا بأس. س: السائل ر. ف. ع. من الأحساء، يقول: أفيدكم بأنني أخرجت زكاة الفطر عن نفسي ثلاث ريالات فقط، أسوة باستخراجها في مصر، ولم أعلم بأنّها أكثر من ذلك بالنسبة للفرد هنا، حيث إنني مصري الجنسية، إلا عندما علمت من أحد الإخوة بأنها أكثر من ¬

(¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (418). (¬2) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (418). ') ">

ذلك، ولي ثلاث سنوات في السعودية، وفي هذه الفترة كانت الزكاة تستخرج عني في مصر مع بقية الأسرة، هل هذا يعتبر خطأ، وماذا أعمل؟ مأجورين (¬1) ج: نعم، عليك أن تخرج صاعًا، الدراهم ما تجزئ، الذي عليه جمهور أهل العلم والنّصوص الصحيحة، عليك أن تخرج صاعًا من قوت البلد في مصر، أو في البلد الذي تعمل فيه، صاعًا عنك وعن كل واحد من أسرتك؛ زوجتك وأولادك، صاعًا صاعًا من صاع النبي صلى الله عليه وسلم، ومقداره أربع حفنات من اليدين المعتدلتين المملوءتين، هذا صاع النبي صلى الله عليه وسلم وهو ثلاثة كيلو تقريبًا، فعليك أن تخرج عنك وعن أهل بيتك عن السنة الماضية بعدد أفرادهم، وتسلمها للفقراء بالنّية عما مضى. س: إذا أراد صاحب زكاة الفطر أن يدفع نقودًا بدلاً من القمح والشعير وغيرهما، فهل هذا جائز أم لا (¬2)؟ ج: هذا لا ينبغي؛ لأن الذي عليه جمهور أهل العلم أنه يزكي ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (387). ') "> (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (21). ') ">

بالطعام، ولا يزكي بالنقود؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخرج طعامًا، وهكذا أصحابه، وهكذا عامة أهل العلم وأكثرهم، فلا ينبغي إخراج النقود، بل يجب إخراج زكاة الفطر من الطعام، هذا هو الواجب. س: يقول السائل: ما حكم الإسلام في رجل صام رمضان وقامه والحمد لله، إلا أنه عند نهاية شهر رمضان، وعند إخراج زكاة الفطر التي هي طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين كما جاء في الحديث، وهي صاع من بر، وصاع من شعير، إلى آخر الحديث، لكن هذا الرجل أخرجها نقودًا، ظنًّا منه أن النقود قد تحل محل التمر والدقيق أو الأرز، ما رأيكم في هذا سماحة الشيخ؟ ج: لا يجوز هذا، الصواب أنه يخرجها طعامًا كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، هذا قول جمهور أهل العلم، والقول بإخراج النقود بدلاً من الطعام قولٌ ضعيف، والصواب أن الواجب على المسلمين إخراج الزكاة طعامًا، صاعًا من قوت البلد هذا هو الواجب، ولا يجوز لأحد الاجتهاد في هذا بإخراج النقود.

حكم إخراج الفقير زكاة الفطر مما يعطاه من أصواع

135 - حكم إخراج الفقير زكاة الفطر مما يعطاه من أصواع س: الفقير الذي يستقبل زكاة أبدان الناس، هل يخرج زكاة بدنه من نفس الذي يعطاه، أو لا يجوز ذلك (¬1)؟ ج: نعم يخرج، إذا جاءه العطاء قبل العيد يخرج، أما إذا ما جاءه العطاء إلا بعد العيد ما عليه شيء، إذا كان فقيرًا ما عنده شيء ليلة العيد، ما عنده صاع يخرجه عن نفسه، ولا أكثر من ذلك عن نفسه وأهل بيته لشدة فقره، ما عليه شيء، فليس عليه شيء، لكن إذا كان عنده سعة يستطيع أن يخرج صاعًا عن نفسه، وأصواعًا أخرى عن أهل بيته بقدر حاجته يوم العيد وليلة العيد، هذا يلزمه، يدّخر حاجته يوم العيد وليلة العيد، ويخرج من الباقي الفطرة عنه وعن أهل بيته. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (228).

حكم توزيع زكاة الفطر على العمال

136 - حكم توزيع زكاة الفطر على العمال س: يقول السائل: إذا أخرجنا زكاة الفطر ووزّعناها على العمال، فهل يجزئ ذلك (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (293).

ج: إذا كنت تعلم أنهم فقراء، أو يغلب على ظنّك أنهم فقراء فلا بأس، وإلا فوزعها على ناس تعرف أنهم فقراء.

حكم إعطاء زكاة الفطر لغير المسلمين

137 - حكم إعطاء زكاة الفطر لغير المسلمين س: تسأل الأخت بخصوص الصدقة أو فطرة عيد الفطر، هل يجوز إعطاؤها لغير المسلمين؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2) ج: أما صدقة التطوع فلا بأس أن يعطاها الكافر الفقير، الذي بينه وبينهم أمان، أو ذمة أو عهد، لا بأس، يقول الله جل وعلا في كتابه العظيم في سورة الممتحنة: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} فالله سبحانه لا ينهانا عن هذا. البر معناه الصدقة، وقد قدمت أم أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها على النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة في أيام الهدنة تسأل بنتها صدقة مساعدة، فاستأذنت أسماء النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن أمي قدمت علي وهي راغبة، أفأصلها؟ قال: نعم ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (279). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (279). ') ">

صليها فالمقصود أن الإحسان والصدقة على الفقراء من أقارب كفار أو من غيرهم لا بأس بذلك إذا كان بينه وبينهم أمان أو ذمة أو معاهدة، أما إذا كان في حال حرب فلا، لا نعطيهم شيئًا، لا قليلاً ولا كثيرًا في حال الحرب؛ لأن هذا موالاة لهم، لا نعطيهم لا قليلاً ولا كثيرًا، أمّا الزكاة فلا، لا يعطاها إلا المؤلفة قلوبهم، من رؤساء العشائر كبار القوم، الناس الذين إذا أعطوا يرجى إسلامهم أو إسلام من وراءهم، يدفعون عن المسلمين الشر؛ لأن الرؤساء كبار وأعيان يعطون من الزكاة؛ لأن الله قال جل وعلا في كتابه العظيم: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} المؤلفة قلوبهم يدخل فيها المسلم والكافر. س: الأخت ف. ح. ش, من ليبيا، تقول: هل يجوز إعطاء صدقة الفطر لغير المسلمين (¬1)؟ ج: قد شرع الله عز وجل للمسلمين أن يحسنوا إلى غيرهم من الكفار ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (279). ') ">

وغير الكفار، وأن يعطوا المؤلفة قلوبهم من الزكاة وغيرها تأليفًا لقلوبهم على الإسلام، وتقوية لإيمانهم، ودعوة لغيرهم إلى الدخول في الإسلام، ودفعًا لشر من يخشى شره، ولهذا قال جل وعلا: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} الآية، فجعل لهم نصيبًا من الزكاة، قال جماعة من العلماء: هم السّادة المطاعون في عشائرهم، هم الكبار والأعيان الذين إذا أعطوا نفع العطاء فيهم في قوة إيمانهم، أو بإسلامهم إن كانوا كفارًا، أو بإسلام نظرائهم، أو بدفع شرهم إذا كانوا يخشى شرهم، كل هذا من السياسة الشرعية، ويجوز أن يعطوا من الزكاة من بيت المال من صدقات المسلمين، تأليفًا لقلوبهم، ودفعًا لشرهم إذا خشي شرهم، ودعوة لغيرهم إلى الإسلام، قال الله عز وجل في كتابه العظيم في سورة الممتحنة: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}. أخبر سبحانه أنه لا ينهانا عن هؤلاء الذين لم يقاتلونا في الدين ولم يخرجونا من ديارنا أن نحسن إليهم ونبرهم، ونقسط إليهم؛ لما في ذلك

من تأليف قلوبهم، وترغيبهم في الإسلام، ودفع شرهم إذا خُشي شرهم، فيعطون من بيت المال، ويعطيهم المسلمون من أموالهم وصدقاتهم جبرًا لحاجتهم، وسدًّا لهم، وتأليفًا لقلوبهم، ودعوة لهم إلى الإسلام، أو حرصًا على قوة إيمانهم إن كانوا مسلمين، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها لما قدمت عليها أمها في حال الهدنة وهي كافرة تريد الصلة والإحسان، قال لها صلى الله عليه وسلم: «صلي أمك» (¬1) من باب التأليف والإحسان لأمها وهي على دين قومها في حال الهدنة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة، وكان عمر يصل بعض أقاربه في مكة في وقت الهدنة، رضي الله عنه. والمقصود أن الصلة والإحسان للكفار الذين ليس بيننا وبينهم حرب في حال الهدنة، أو في حال العهد والذمة، أو في حال الأمان إذا رآها ولي الأمر، أو رآها الإنسان مع أقاربه، أو مع غيرهم لا بأس بها، بل فيها تأليف للقلوب، ودعوة للإسلام، وترغيب فيه، ليعلموا أن الإسلام يرغِّب في الإحسان، ويدعو إلى الإحسان مع ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الهبة، باب الهدية للمشركين، برقم (2620)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين، برقم (1003).

أهله ومع غير أهله ممن ليس حربًا لنا، وكم حصل بالإحسان من خير عظيم، جماعة كثيرون كانوا يبغضون النبي صلى الله عليه وسلم ويعادونه، ولما أحسن إليهم وواساهم أحبّوه ودخلوا في الإسلام، ومن ذلك صفوان بن أمية رضي الله عنه، «قال رضي الله عنه: والله لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني، وإنه لأبغض الناس إلي فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي» (¬1) وحتى أدخل الله عليه الإسلام، وهذا كلامه أو معناه، وهكذا قال غيره ممن أحسن إليه النبي صلى الله عليه وسلم، «وقد جاءه أعرابي يسأله، فأعطاه غنمًا، وذهب إلى قومه، وقال: يا قوم، أسلموا فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر» (¬2)، المقصود أن في الإحسان للمسلم وغيره منفعة كثيرة، يقوي إيمان المسلم، إذا أعطاه ولي الأمر أو أعطاه المسلمون، أو أعطاه إخوانه من زكاتهم وصدقاتهم وهو محتاج يصدق إيمانه، ويقوى حبه لإخوانه المسلمين، ويقوى عمله في الإسلام، وإذا أحسن المسلمون إلى غيرهم من الكفار ولا سيما الرؤساء والكبار كان ذلك فيه خير ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الفضائل، باب ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط، فقال: لا، وكثرة عطائه، برقم (2309). (¬2) صحيح مسلم كتاب الفضائل (2312)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 284).

عظيم، فيه دعوة لهم للإسلام، وإخبار لهم بما في الإسلام من الخير والإحسان والجود على خصومه إذا لم يكونوا حربيين، فالإسلام يأمر بالإحسان والجود والكرم في فقراء المسلمين وفي فقراء غيرهم ممن لهم ذمّة، أو أمان أو عهد، يتألفهم بذلك المؤمن، ويدعوهم إلى أن يدخلوا في الإسلام، ويحبب الإسلام إليهم، فينبغي للمؤمن أن يلاحظ ذلك مع أقاربه، ومع جيرانه إذا كان في بلد فيها كفار وهناك أمن بينهم لا حرب أن يحسن إليهم حتى يرغّبهم في الإسلام، وحتى يقوي إيمانهم إن كانوا مسلمين، أمّا الزكاة فتدفع إلى الرؤساء والكبار عند الجمهور، إنّما تدفع للرؤساء والأعيان والسادة، تأليفًا لهم إن كانوا مسلمين، وتقوية لإيمانهم، ودعوة لهم للإسلام إن كانوا غير مسلمين، ودعوة لغيرهم من أمرائهم، ودفعًا لشرهم إن كان فيهم شر، أمّا صدقة التطوع فهي عامة للرؤساء وغير الرؤساء من الكفار الذين ليس بيننا وبينهم حرب، يعطون من المال، ويحسن إليهم بغير المال من شفاعة تنفعهم، أو تفريج كربة، ودفع شر عنهم؛ ليرغبوا في الإسلام، وليتوجّهوا إليه بقلوبهم، وليعرفوا فضله وفضل أهله، والله المستعان. ولا شك أن هذا الأمر يجهله كثير من الناس، فينبغي أن يعلم، ولهذا جعل الله للمؤلفة قلوبهم حقًّا في الزكاة، وحقًّا في بيت المال،

وعلى ولي الأمر أن يلاحظ ذلك، ويعتني بالمؤلفة قلوبهم حتى يكونوا عونًا للمسلمين، وحتى يرغبوا في الإسلام، أو يكفوا شرهم عن المسلمين، وهكذا أفراد المسلمين يحسنون لجيرانهم إذا كانوا في بلاد فيها كفار، يحسنون إليهم ويرغّبونهم في الإسلام، ويعطونهم من صدقاتهم ما يرغبهم في الإسلام، وإذا كانوا من السادة والكبار أعطوهم أيضًا من الزكاة لعلهم يسلمون، أو يسلم أمراؤهم وأشباههم، نسأل الله أن يفقه المسلمين في دينهم، وأن يعينهم على كل خير. س: بالنسبة للزكاة المالية أو العينية، أو كل ما وجبت فيه الزكاة مما لا شك فيه أنه تزكى، تجب كلما دار عليها الحول، وهل يتعيّن على المزكّي أن يخرج الزكاة في وقت أو في يوم معين يكون له الأفضلية من أيام السنة، أو أشهر السنة مثل شهر رمضان مثلاً؟ ج: الواجب إخراج الزكاة حين يتم الحول في أي وقت، والبدار بها حين يتم الحول، هذا هو الواجب، والتأخير اليسير يعفى عنه، فإذا تمّ الحول في آخر شعبان، وأخرجها في رمضان، الأمر في هذا واسع إن شاء الله في الأيام اليسيرة، وإلا البدار بإخراجها؛ لأنها وجبت عليه،

فالتأخير قد يعرض الرجل إلى أخطار، قد يموت ولا يخرجها الورثة، وقد يذهب المال، إلى غير ذلك.

حكم الاحتفاظ بالزكاة من أجل فقراء معينين

138 - حكم الاحتفاظ بالزكاة من أجل فقراء معينين س: هل يصح أن يحتفظ بالزكاة من أجل إعطائها لأحد الفقراء الذين لم أتصل بهم بعد (¬1)؟ ج: إذا كانت المدة يسيرة غير طويلة فلا بأس أن يحتفظ بالزكاة حتى يعطيها بعض الفقراء من أقاربه، أو من هم أشد منهم فقرًا وحاجة، لكن لا تكون مدة طويلة، تكون المدة أيامًا غير كثيرة، وذلك في زكاة الأموال، لكن زكاة البدن تقدم على العيد، يجب تقديمها على العيد كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وتخرج قبل العيد بيومين أو ثلاثة فلا بأس، ولكنها لا تؤجل بعد العيد. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (69).

بيان قدر التأخير الجائز في الزكاة

139 - بيان قدر التأخير الجائز في الزكاة س: إلى أي وقت يمكن تأخير أداء الزكاة بعذر، وهل يمكن التّعجل

فيها، ومتى (¬1) (¬2)؟ ج: المعذور يؤدي الزكاة متى ما زال العذر، فإذا حلّت الزكاة مثلاً في رمضان وليس عنده مال، ثم يسّر الله المال في شوال أو ذي القعدة أخرج الزكاة، أو في إبل أو غنم وليس عنده النصاب، ليس عنده الزكاة الواجبة يطلبها يلتمسها من ههنا أو ههنا، إذا وجدها أخرجها، سلمها للعمال إذا كان العمال يأتونه، وإلا تصدق بها، المقصود أنه متى وجد الزكاة بادر بها، وعليه السعي إلى تحصيلها من حين تجب، من حين يتم الحول يسعى ويجتهد حتى يحصل الواجب ويخرجه ولا يتساهل، وإن عجلها فلا بأس إن عجّل الزكاة قبل وقتها، والنصاب موجود وعجّل الزكاة فلا بأس ولا حرج في ذلك. س: طيلة السنوات الثلاث جمعت مالاً ولم أزكه حتى الآن، بماذا تنصحونني؟ ج: الواجب عليك الزكاة عن السنوات الثلاث إذا كان قد بلغ النصاب، فعليك الزكاة عن السنوات الثلاث في كل مائة اثنان ونصف، ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (298). (¬2) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (298). ') ">

في الألف خمس وعشرون، يعني ربع العشر.

حكم تعجيل الزكاة

140 - حكم تعجيل الزكاة س: يقول هذا السائل: هل يجوز إخراج زكاة المال في كل شهر، فقد أفتى لنا بعض الإخوة في ذلك، فما هو الصواب (¬1) (¬2)؟ ج: نعم، إذا رأى المصلحة في ذلك عجّلها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعجّل في زكاة العباس رضي الله عنه، المقصود أنه إذا رأى التعجيل فيه مصلحة فهو مسارعة إلى الخيرات، مثل زكاته تحل في رمضان، ولكن رأى فقراء محتاجين فعجل لهم في رجب أو في جمادى، فهو مأجور ولا بأس، وليس بشرط أن يحول عليها الحول، الشرط الوجوب، لا تجب عليه حتى يحول عليها الحول، لكن لو عجلها قبل أن يحول طلبًا للثواب فهو مأجور. س: تقول السائلة: هل يجوز إخراج الزكاة قبل حلول موعد إخراجها بشهر أو بشهرين، وهل يصح أن تكون راتبة لبعض المحتاجين بصفة دائمة، خاصة وأنهم لا يزالون بحاجة إليها (¬3)؟ ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (401). (¬2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (401). ') "> (¬3) السؤال الخامس من الشريط رقم (205). ') ">

ج: نعم، لا حرج في إخراج الزكاة قبل موعدها للمصلحة الشرعية، وقد تعجّل النبي صلى الله عليه وسلم زكاة عمّه العباس رضي الله عنه قبل موعدها، فإذا أخرج الإنسان الزكاة قبل موعدها لوجود فقراء محتاجين تعجل لهم الزكاة، أو المجاهدين، أو الفقراء من أقاربه لشدة حاجتهم، أو نحو ذلك، كل هذا لا بأس، بل ذلك مشروع وفيه خير كثير، ويجوز أن تكون الزكاة راتبًا لبعض المحتاجين، يدفعها إليه كل سنة صاحب الزكاة إذا عرف حاجته، وأن حاجته مستمرة، فيعطيها إيّاها كل سنة، عادة سنوية؛ لعلمه بحاجته، وأنه من أهل الزكاة، لا حرج في ذلك، بل هذا في محله، وصاحبه مأجور إذا تحرَّى حاجة إخوانه المساكين، وأعطاهم إيّاها كل سنة لحاجتهم وفقرهم حتى تزول الحاجة. س: لديّ مبلغ مدخر وقدره عشرة آلاف ريال وتمام الحول يكون في شوال أي بعد رمضان ولكن لدي الرغبة في أن أخرج زكاته في رمضان، فهل يجوز ذلك، وكم أخرج زكاة العشرة الآلاف، وهل أخرج قيمة الزكاة من راتبي أم من نفس المبلغ؟ أرجو الإفادة، جزاكم الله عني وعن المسلمين خيرًا (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (223). ') ">

ج: تعجيل الزكاة لا بأس به من أجل المصلحة، لا بأس، فإذا كان الحول يتم في شوال، وأحب المسلم أن يدفع زكاته في رمضان فلا حرج في ذلك، لأجل فضل رمضان، أو صادف فقراء حاجتهم شديدة قبل تمام الحول، فعجل لهم الزكاة، أو عجّلها للمجاهدين، كل هذا طيب، وما أشبهه، ولا بأس بذلك، والواجب في عشرة الآلاف ربع العشر مثل غيرها، ففي العشرة واجب مائتان وخمسون؛ لأن عشرها ألف، وربع الألف مائتان وخمسون، هذه زكاة العشرة الآلاف، وفي الألف الواحد خمسة وعشرون، وفي المائة اثنان ونصف، فالزكاة ربع العشر، ولا يجب إخراجها من نفس المال، فإذا أخرجت الزكاة من راتبك، أو من مال آخر فلا حرج، ليس إخراج الزكاة من نفس المال المحفوظ في بنك أو غيره لازمًا، إذا أخرج الزكاة من مال آخر، أو من راتبه فلا حرج في ذلك. س: هل يجوز للابنة أن تخرج زكاة الحلي عن والدتها وتعطيه شقيقتها (¬1)؟ ج: إذا سمحت والدتها وأذنت لها أن تزكي عنها فلا بأس، ولا بأس ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (334). ') ">

أن تعطيها شقيقتها الفقيرة، أما إذا كانت شقيقتها غير فقيرة، أو لها أب ينفق عليها، أو زوج ينفق عليها فلا تعطيها، أما إذا كانت أخت فقيرة، وليس لها من يقوم عليها فلا بأس أن تعطيها الزكاة، وقد أخرج النبي صلى الله عليه وسلم الزكاة عن عمه العباس رضي الله عنه. س: من السائلة أ. ع، تقول: والدتي متوفاة من سنوات طويلة، ولها تركة، قليل من المال والذهب، ولم تقسم تركتها إلا هذه السنة عن طريق المحكمة؛ لخلاف الإخوة والمحكمة أيضًا، إنني لا أدري إذا كانت والدتي كانت تخرج زكاة هذا المال، مع العلم أنها جمعته مما تحصله مع أولادها جميعًا، وكانت تريد بذلك أن تشتري بيتًا تسكنه بدل بيت الإيجار، ولكن قضاء الله وقدره فوق كل شيء، وسؤالي: هل يجب علينا بعد أن نستلم من المحكمة التركة، هل يجب علينا أن نزكي، أم كيف توجهوننا؟ جزاكم الله خيرًا ج: ليس عليكم زكاة، إلا إذا كانت أوصت بإخراج الزكاة عنها سنة أو سنتين، أما ما دمتم لا تعلمون فليس عليكم شيء، والحمد لله،

الأصل أنها زكّت، والحمد لله.

حكم إخراج الورثة للزكاة عن مورثهم الذي لم يزك

141 - حكم إخراج الورثة للزكاة عن مورثهم الذي لم يزك س: هل يجوز لوارثٍ أن يزكي لوالده الذي لم يزكّ (¬1) (¬2) ج: نعم، إذا كان الميت ما زكى ماله، فعلى الورثة أن يزكّوا المال إذا كان مورثهم لم يؤدِّ الزكاة سنة أو سنتين، وجب عليهم إخراجها؛ لأنه حق ودين على والدهم وعلى مورثهم، عليهم إذا علموا ذلك أن يؤدوا عنه، ويستغفروا له ويدعوا له إذا كان مسلمًا. س: هل يجوز إعطاء الزكاة للمسلمين خارج البلد الذي نعيش فيه، مثل مكة والمدينة أثناء الحج أو العمرة، وهل يجوز إرسالها إلى منكوبي الجفاف، أو إلى المجاهدين في فلسطين، أو غيرهم (¬3)؟ ج: فقراء البلد أولى؛ لأنهم في حاجة إليها، والرسول قال: تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم (¬4) ولأنها مواساة؛ فالغني يواسي فقيره ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (145). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (145). ') "> (¬3) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (217). ') "> (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب وجوب الزكاة، برقم (1395)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، برقم (19).

الذي عنده في بلده، فإذا كان الفقراء في البلد قليلين، وحصل لهم ما يكفي فلا مانع من نقلها إلى بلاد أخرى، كالمجاهدين بداخل فلسطين أو غير ذلك، أو كان له أقارب حاجتهم شديدة، فنقلها إليهم، أو فقراء يعرف عنهم أن حاجتهم شديدة أشد من حاجة فقراء البلد فلا حرج في ذلك، وإلاّ فالأصل أن فقراء البلد هم أولى. س: يقول السائل: عندي مبلغ من المال، وهذا المبلغ هو زكاة أموالي، وإنني بعيد عن وطني، وأعرف أن هناك أناسًا من أقاربي هم في أمس الحاجة، فهل لي أن أرسلها لهم نقودًا أم ملابس، أو بماذا توجهونني؟ جزاكم الله خيرًا، وما الحكم فيما إذا أرسلتها قبل حلول الحول (¬1)؟ ج: الأفضل أن تصرفها في محلها إذا كان فيه فقراء محتاجون، وإن نقلتها إلى أقاربك الفقراء في بلدك لشدة حاجتهم فلا حرج في ذلك بعد التأكد من حاجتهم إلى الزكاة، والأفضل أو ترسلها نقودًا إليهم، فإن كانت الحاجة ماسة إلى أن ترسلها ملابس أو طعامًا بواسطة ثقات؛ لأنهم نساء أو أيتام يُخشى أن يتلاعبوا بالنقود فلا بأس، ولكن الأفضل ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (321). ') ">

أن ترسل النقود بواسطة ثقة، حتى يسلمها لهم نقودًا إذا كان مؤهلاً لذلك، أما إذا كانوا أيتامًا فابعثها بواسطة ثقة، أن توصي به للأيتام، إذا كانوا نساء مرشدات توصيه على تسليمهن بأيديهن، فإن كن غير مرشدات أن توصي لهن وصيًّا مؤتمنًا، وإذا رأيت أن الأصلح أن تدفع لهم الزكاة ملابس، أو طعامًا خشية التلاعب بالنقود فلا بأس بذلك ولا حرج، ولا مانع من تقديم الزكاة قبل تمام الحول، ولا حرج في التقديم إذا رأيت مصلحة في ذلك. س: الأخ م. س، من جمهورية مصر، يسأل ويقول: لدي مبلغ من المال، ومضى عليه عام، ولي أقارب، هل يجوز أن أبعث إليهم بزكاة مالي؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) ج: إذا كانوا فقراء فلا مانع أن تبعث إليهم؛ لأن في ذلك صلة وصدقة، يجتمع لك اثنان، يجتمع لك في ذلك اثنتان صدقة وصلة، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم اثنتان؛ صدقة وصلة» (¬2) فإذا ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (254). ') "> (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الزكاة، باب ما جاء في الصدقة على ذي القرابة، برقم (658)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب الصدقة على الأقارب، برقم (2582)، وابن ماجه في كتاب الزكاة، باب فضل الصدقة، برقم (1844).

بعثت إليهم زكاتك لشدة حاجتهم فلا حرج، وإن أنفقتها في الفقراء الذين لديك في البلد فلا حرج. س: الأخت تسأل: هل يجوز أن نبعث الصدقة إلى الجمعيات الخيرية وهي تقوم بتوزيعها على الفقراء؟ ج: نعم، إذا كانت الجمعية موثوقة، والقائمون عليها ثقات، لا بأس، ترسل الصدقة إليهم زكاة أو غير زكاة، وهم يتولّون توزيعها.

بيان أهل الزكاة ومن يجوز دفع الزكاة لهم

142 - بيان أهل الزكاة ومن يجوز دفع الزكاة لهم س: يسأل سماحتكم عن أهل الزكاة، فيقول: من هم (¬1)؟ ج: أهل الزكاة مثل ما قال الله سبحانه في سورة براءة: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} هؤلاء هم أهل الزكاة: الفقراء، والمساكين ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (443).

الضعفاء الذين عندهم مال يسير، فالفقير ليس عنده شيء إلا شيء يسير، أو ما عنده شيء البتة، والمسكين عنده بعض الشيء، وهو أحسن حالاً من الفقير، وإذا أطلق هذا دخل فيه الآخر، إذا قيل: مسكين، دخل فيه الفقير، وإذا قيل: فقير، دخل فيه المسكين، والعاملون عليها هم الجباة والحفاظ الذين يرسلهم ولي الأمر إلى الناس يأخذون منهم الزكوات، هم يقال لهم العمال، والمؤلفة قلوبهم هم الذين يعطون لأجل تقوية إيمانهم، أو رجاء إسلامهم، أو كفّ شرهم عن الناس، سواء كانوا مسلمين أو كفارًا، إذا أعطوا رجاء إسلامهم، أو حتى يقوى إيمانهم، أو حتى يكفّ شرهم، أو حتى يسلم من وراءهم، فهذا مطلوب، ويقال لهم المؤلفة قلوبهم على الدين، والخامس في الرقاب؛ إعتاق الرقاب وإعتاق الأسارى من الزكاة لا بأس، والسادس الغارمون هم المدينون الذين عليهم ديون يعجزون عن أدائها، يعطون من الزكاة، وإذا كان غارمًا لإصلاح ذات البين فيعطى ولو كان غنيًّا ليؤدي الحمالة، حتى يصلح بين قبيلتين أو جماعتين، أصلح بينهم بمال فهذا محسن، فيعطى هذه الغرامة من الزكاة ولو كان غنيًّا، أما الغارم لحاجاته وحاجات عياله فيقال: غارم لنفسه، فإذا كان فقيرًا فيعطى من الزكاة ما يسد حاجته، والسابع في سبيل الله وهم المجاهدون، يعطون إذا كان ليس لهم ما

يكفيهم من بيت المال يعطون من الزكاة في الجهاد، والثامن ابن السبيل، وهو الإنسان الذي يمر ببلد وتنفد نفقته أو تسرق نفقته، أو نحو ذلك، يعطى ما يوصله لبلده، وإن كان غنيًّا في بلده.

مسألة في بيان الأصناف الثمانية الذين تصرف إليهم الزكاة

143 - مسألة في بيان الأصناف الثمانية الذين تصرف إليهم الزكاة س: لعلكم سماحة الشيخ حفظكم الله تبينون من هم أهل الزكاة (¬1)؟ ج: مثلما قال الله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} هؤلاء هم أهل الزكاة، الفقراء المعروفون، والمساكين هم الذين لا يجدون ما يكفيهم في السنة، أسبابهم ضعيفة، أو ليس لهم أسباب، هؤلاء هم الفقراء والمساكين، والعاملون عليها هم العمال الذين يبعثهم ولي الأمر يخرصون النخيل والثمار، وزكاة الإبل والغنم، هؤلاء يقال لهم عمال، يبعثهم ولي الأمر يعطيهم من الزكاة، أو من بيت المال، والمؤلفة قلوبهم هم الرؤساء والسادة من الناس الذين إذا أسلموا هداهم الله، ولو كانوا كفرة يعطون، أو كانوا مسلمين يعطون، يرجى بعطيتهم إسلام ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (419).

نظرائهم، أو قوة إيمانهم، هؤلاء هم المؤلفة قلوبهم، السادة الكبار المطاعون في عشائرهم الذين يرجى بعطائهم قوة إيمانهم، أو إسلام نظرائهم، وبالرقاب عتق الرقاب، كونه يشتري من الزكاة رقابًا تعتق، وهكذا المكاتبون الذين شروا أنفسهم من السادة بدَين في الذمة، يُعطى المكاتب ما يسد به الدَّين الذي عليه الذي اشترى به نفسه من سيده، والغارمين أهل الدَّين الذين عليهم ديون وهم عاجزون، سواء كانت الديون لإصلاح ذات البين أو لحاجاتهم، فإذا كانوا عاجزين عن قضاء الديون هؤلاء هم الغارمون، يعطون من الزكاة لقضاء الدَّين، وفي سبيل الله: الجهاد، يُعطى الغزاة ما يعينهم على الغزو، وابن السبيل الذي يمر بالبلد وينقطع ما عنده شيء يعطى ولو كان غنيًّا في بلاده، إذا مر بالبلد وأنت تعلم أنه منقطع، أو قال: إنه منقطع وأنت لا تعرف حاله، وقال: إنه منقطع تعطيه من الزكاة.

حكم من يجمع أموال الزكاة ويعطي منها والديه الفقيرين

144 - حكم من يجمع أموال الزكاة ويعطي منها والديه الفقيرين س: ما حكم من يقوم بجمع أموال الزكاة، ويعطي منها لوالديه الفقيرين علمًا بأنه يستطيع الإنفاق عليهما (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (320).

ج: إذا كان يطلب من الناس المساعدة لإخوانه الفقراء، ومن جملتهم والداه وهما فقيران فهو مأجور، ويكون وكيلاً لمن دفع إليه الزكاة، فإذا كان صادقًا متحرّيًا لأهل الحاجة فلا بأس عليه، يعطي والديه وغير والديه إذا كانا فقيرين.

حكم شراء بيت للأيتام من أموال الزكاة

145 - حكم شراء بيت للأيتام من أموال الزكاة س: إذا اجتمع أناس مثلاً وجمعوا مبلغًا معينًا من أموال الزكاة ليشتروا به بيتًا لأيتام فقراء، هل يجوز هذا أو لا يجوز (¬1)؟ ج: لهم ذلك، نعم، يشترون به بيتًا، أو يستأجرون به بيتًا للأيتام، لا بأس؛ لأن الحاجة ماسة للسكن. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (319).

حكم دفع الزوجة زكاتها لزوجها الفقير

146 - حكم دفع الزوجة زكاتها لزوجها الفقير س: السائل م. إ. يقول: زوج وزوجة، الزوج فقير جدًّا والزوجة غنية، هل يجوز إعطاء زكاة أموالها لزوجها (¬1)؟ ج: في هذا خلاف بين أهل العلم، والصواب أنه يجوز؛ لحديث ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (357).

زينب امرأة ابن مسعود رضي الله عنه لا بأس أن تعطي زكاتها لزوجها.

حكم دفع الزكاة للأصهار الفقراء

147 - حكم دفع الزكاة للأصهار الفقراء س: السائل أ. ش. من الجمهورية السورية، يقول: هل تجوز الزكاة على زوج البنت، أو على زوجة الولد، إذا كانوا بحاجة (¬1) (¬2)؟ ج: إذا كانوا فقراء لا بأس، زوج البنت وزوج الخالة وزوج الأخت. س: هل يجوز أن نعطي العمال القادمين إلى المملكة زكاة أموالنا وزكاة أبداننا أم لا يجوز؟ ج: إذا عرفت أنهم فقراء ومحتاجون، وأن الرواتب التي لهم قليلة لا تقوم بحالهم وحال عوائلهم، وهم مسلمون، لا بأس أن تعطيهم من الزكاة، زكاة المال، وزكاة الفطر، أمّا إن كنت لا تعرف أحوالهم، أو تشك، هل رواتبهم تكفيهم أو لا تكفيهم فلا تعطهم، أعط غيرهم ممن تعرف أنهم فقراء، ولا تخاطر بزكاتك. ¬

(¬1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (430). (¬2) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (430). ') ">

حكم دفع الزكاة للأخ إذا كان راتبه ضعيفا

148 - حكم دفع الزكاة للأخ إذا كان راتبه ضعيفًا س: أرجو من سماحتكم الرأي والمشورة، أنا والحمد لله ميسور الحال ماديًّا، ولدي أموال أريد استخراج الزكاة عليها، ولي أخ يعمل موظفًا في إحدى الشركات، ومتزوجٌ وله أولاد، ولكن مشكلته أنه موظفٌ في إحدى الشركات، وراتبه ضعيف، وليس لديه سكن، هل لي أن أعطيه زكاة مالي ليبحث بها عن مسكن له؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) ج: لا حرج في أن تعينه في السكن، تأمره ويشتري، وإذا اشترى وثبت الدَّين تسدد عنه، كما تعطيه ما يساعده في حاجاته، وقضاء دَينه الآخر ما دام لا يستطيع؛ لأن راتبه ضعيف، ولا يستطيع به الأجرة أو الشراء، لا حرج في ذلك أن تعطيه الأجرة، أو يشتري ثم تعطيه الثمن، لا تعطيه حتى يشتري، لئلا تضيع الدراهم الزكاة إذا اشترى صاحب الدَّين يسلم له الدَّين؛ لأنه فقير. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (264).

حكم دفع المرأة زكاتها لأخي زوجها الفقير

149 - حكم دفع المرأة زكاتها لأخي زوجها الفقير س: يقول السائل: إن زوجته ربما تشاركه في هذا الأمر، فتدفع ثمن

المنزل أيضًا لأخيهم الفقير هذا (¬1)؟ ج: لا بأس إذا شاركت، جزاها الله خيرًا، ما دام فقيرًا يستحق العون؛ لفقره، أو لأنه غريم، يشتري البيت ولزمه الثمن، إن صار غريمًا يعطى منك ومنها ما يسدد به الثمن من الزكاة. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (264).

حكم إعطاء زكاة المال للأخ

150 - حكم إعطاء زكاة المال للأخ س: تقول أختنا: أنا فتاة مؤمنة ولله الحمد، لي أخ متزوج، ووالده هو الذي يصرف عليه؛ لأنّ أخي هذا لا يزال يدرس في الثانوية، والمصروف الذي يعطيه والده قد لا يكفيه، فهل يجوز لي أن أدفع له الزكاة (¬1)؟ ج: ليس لك أن تدفعي له الزكاة، بل عليه أن يطالب أباه بحاجته أو يقتصد؛ لأن هذا قد يفضي إلى تساهل أو إسراف، فالذي ينبغي في مثل هذا، الإرشاد إلى الاقتصاد، أو سؤال أبيه باللّطف والكلام الطّيب للزيادة التي يحتاجها، أما أنتِ فادفعي الزكاة إلى من تعرفين أنه محتاج وفقير، ولا تتساهلي فيها، والولد في إمكانه أن يتصل بأبيه ويطلب منه ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (158).

الزيادة، أو يقتصد في النفقة.

حكم إعطاء الزكاة للأقارب

151 - حكم إعطاء الزكاة للأقارب س: من الإمارات العربية المتحدة، رسالة بتوقيع إحدى المستمعات، هـ. أ. أ. تقول: إنها تعطي جزءًا من راتبها كزكاة لأقاربها، فهل يجزئ ذلك أو لا؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2) ج: إذا كان أقاربها فقراء فلا بأس، الزكاة تجزئ فيهم، إذا كانوا ليسوا من عمودي النسب، ليسوا من آبائها وأجدادها، ولا من أمهاتها وجداتها، وليسوا من أولادها وأولاد أولادها، فلا بأس، الإخوة والأعمام والأخوال، وبنو العم وبنو الخال، ونحو ذلك، إذا كانوا فقراء وأعطتهم الزكاة فهذه صدقة وصلة، وهو أمر طيب. س: أعطيت زكاة مالي لإخوتي الذين ليس لهم القدرة على تكاليف الزواج هذه الأيام، من سكن وغيره، وذلك حتى يستطيعوا التزوج، فهل يجزئ ذلك؟ ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (318). (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (318). ') ">

ج: الصدقة للإخوان والمساعدة في الزواج إذا كانوا فقراء من أفضل القرب، ولا بأس أن يكون من الزكاة إذا كانوا فقراء مثل ما قلت.

مسألة في حكم إعطاء زكاة المال للأخت

152 - مسألة في حكم إعطاء زكاة المال للأخت س: هل يجوز أن أعطي أختي زكاة مالي التي لا دخل لها غير معاش والدي المتوفى (¬1) (¬2)؟ ج: إذا كانت أختك مستقلة في بيتٍ وحدها، عاجزة ما عندها ما يقوم بحالها، لك أن تعطيها الزكاة، أما إن كانت عندك في بيتك تنفق عليها، فلا، لا تعطها زكاتك، فهي واقعة في نفقتك عليها، وإن أنفقت عليها من مالك وأعطيت الزكاة لغيرها فهذا أحسن وأحوط إذا كنت قادرًا. س: هل يجوز إعطاء الأخ جزءًا من الزكاة، زكاة المال، علمًا بأنه موظف، ولكن دخله لا يكفي لأسرته، جزاكم الله خيرًا (¬3) ج: لا حرج في ذلك إذا كان الأخ أو العم أو الخال فقيرًا، ومرتبه ضعيفًا لا يقوم بحاله، لا بأس أن يعطى من الزكاة، وهكذا ابن العم، أما الأب والأم والأولاد فلا يعطون من الزكاة، بل يعطون من مالك غير ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (322). (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (322). ') "> (¬3) السؤال الثاني من الشريط رقم (322). ') ">

الزكاة، أما إن كان الأخ فقيرًا ضعيفًا، أو الخال أو العم أو ابن العم، أو ما أشبه ذلك من الأقارب فالصدقة فيهم من الزكاة صدقة وصلة، يعطون من الزكاة، يكون فيها أجران؛ أجر الزكاة وأجر صلة الرحم. س: هل تجوز الزكاة في الأقارب مثل البنت والأخت، والعم والعمة؟ والدي يعطي كل سنة من الزكاة بناته وإخوته، وأخواته، وسمعت من قال: لا تجوز الزكاة في البنات؛ لأنهن سيرثن والدهن بعد موته، علمًا بأن أخواتي متزوجات، وبعضهن حالة زوجها المادية ضعيفة (¬1)؟ ج: الأقارب فيهم تفصيل، فإذا كان القريب من الفروع: كالأولاد وأولاد البنين، وأولاد البنات والبنات أنفسهن، لا يعطون من الزكاة، هذا الذي عليه أهل العلم، ولكن ينفق عليهم والدهم، إذا كانوا فقراء ينفق عليهم من ماله، وهكذا الآباء والأجداد والأمهات لا يعطون من الزكاة. أما بقية الأقارب كالإخوة والأعمام وبني العم وبني الخال وبني الخالة وأشباههم، فيعطون الزكاة إذا كانوا فقراء أو غارمين عليهم ديون لا يستطيعون أداءها؛ لقوله سبحانه: ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (274). ') ">

{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ}. وتعتبر صدقة وصلة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الصدقة على ذي الرحم صدقة وصلة» (¬1) وأما الآباء والأجداد والأمهات والذرية فليسوا من أهل الزكاة، ولا يعطون من الزكاة؛ لأنهم شيء واحد: الأولاد بضعة منه، وهو بضعة من أبيه وأمه، فالواجب أن ينفق عليهم من صلب ماله، لا من الزكاة إذا كانوا فقراء. س: هل تجوز الزكاة للأخ والعم والخال، والأخت والعمة، إذا كانوا في حاجة للزكاة (¬2)؟ ج: نعم، إذا كان أخ مستقلّ ليس في نفقته، وهكذا الخالة والعمة مستقلين يعطون من الزّكاة إذا كانوا فقراء، صدقة وصلة، الزّكاة فيهم صدقة وصلة، في العم والخال، والأخ وابن الأخ، وابن الخال، إذا كانوا فقراء مستقلين. س: من أعطى زكاته إلى أخيه، أو أبناء أخيه، وهم في حاجة، ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الزكاة، باب ما جاء في الصدقة على ذي القرابة، برقم (658)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب الصدقة على الأقارب، برقم (2582)، وابن ماجه في كتاب الزكاة، باب فضل الصدقة، برقم (1844). (¬2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (431). ') ">

وعليهم دَين، وهم لا يشاركون المزكي، هل يجوز أم لا (¬1)؟ ج: نعم، إذا أعطى أخاه أو أولاد أخيه وهم فقراء لا بأس، إذا كانوا مستقلين ما هم شركاء له. س: هل تجوز زكاة الفلوس على الأخ والأخت إذا كانت ساكنة بحوزة المزكي؟ الأخت مطلّقة وتسكن مع أولادها بحوزة المزكي (¬2) ج: إذا كانت محتاجة، وكان الأخ محتاجًا، جاز صرف الزكاة فيهما؛ لأنهما من أهلها لفقرهم، لكن إذا تيسر للأخ أن يقوم بحالهم، وينفق عليهما من ماله كان هذا أفضل وأحسن، تبعًا لذريته وعائلته، أمَّا إذا خصّها بشيء لحاجتها وحاجة أطفالها بكسوة ونحوها، فإن هذا لا بأس به، أمَّا الأكل فتأكل معهم في طعامهم وشرابهم في البيت؛ لأن الأكل موضوع للجميع، أمَّا إذا كانت على حدة وتصنع طعامها على حدة، لها عزلة من البيت فإنها تعطى ما يكفيها من الزكاة لها ولأولادها في الكسوة والطعام وغير ذلك بسبب الحاجة. ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (219). ') "> (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (232). ') ">

س: ما حكم صرف الزكاة إلى الأخت من الأب وأبنائها، وإلى الأب، وإخواني من أبي، وما حكم بعث الزكاة إلى السودان؛ لكثرة الفقراء هناك (¬1)؟ ج: لا مانع من صرف الزكاة لإخوتك الذكور والإناث إذا كانوا محاويج فقراء، هذا فيه الصلة والزكاة جميعًا، صلة وصدقة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصدقة على الفقير صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان، صدقة وصلة» (¬2) فإذا كان أخو الإنسان فقيرًا، أو أخته فقيرة، أو عمه، أو خاله، أو نحو ذلك، فالصدقة فيهم أولى من غيرهم؛ لأنها تجمع أمرين: الصلة والصدقة جميعًا. س: رجل عنده مال من أغنام وغيرها، ويخرج زكاته، هل يجوز أن يعطي تلك الزكاة لابنه أو ابنته، أو أخيه وأخته، جزاكم الله خيرًا (¬3)؟ ج: ليس له أن يعطي الزكاة لابنه أو ابنته، وأبيه أو أمه، أو أجداده، أما إعطاؤها إخوته الفقراء أو أخواله أو أعمامه فلا حرج. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (143). ') "> (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الزكاة، باب ما جاء في الصدقة على ذي القرابة، برقم (658)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب الصدقة على الأقارب، برقم (2582)، وابن ماجه في كتاب الزكاة، باب فضل الصدقة، برقم (1844). (¬3) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (35). ') ">

س: هل يجوز دفع الزكاة أو الصدقة للإخوة الأشقاء الصغار الذي ليس لهم من يعولهم سوى أخيهم (¬1)؟ ج: إن أنفق السائل عليهم من ماله فهو أحوط، إذا كان يستطيع، وإلا جاز أن يعطيهم من الزكاة، لكن إذا أنفق عليهم من ماله من غير الزكاة إذا كان يستطيع كان أحوط وأطيب. س: المستمع يسأل ويقول: لي أولاد أخ من أب غير شقيق، هل يجوز أن أصرف لهم الزكاة من باب أولى؟ وهل يجوز أن أعمل لهم راتبًا شهريًّا من هذه الزكاة؟ وليس دفعة واحدة، أي على مدار العام؟ أفيدونا سماحة الشيخ (¬2) ج: إذا كانوا فقراء فلا بأس، وليسوا في حضانتك، ليسوا في عيالك، بل هم مستقلون وهم فقراء، لا مانع أن يعطوا من الزكاة، أمَّا ترتيبها لهم فلا بأس إذا كانت معجلة، أمّا تأخيرها فلا، الواجب البدار بصرف الزكاة، لكن إذا كانت معجّلة، تعجّلها لهم قبل وقتها فلا بأس، أمّا التأخير فلا، بل متى حال الحول وجب صرف الزكاة فيهم وفي غيرهم ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (346). ') "> (¬2) السؤال العشرون من الشريط رقم (404). ') ">

من المستحقين للزكاة وعدم تأجيلها. س: هل يجوز دفع الزكاة للأقارب إذا كانوا فقراء وهم الأب والأم، والأخ والأخت؟ ج: يجوز دفع الزكاة للفقراء من الأقارب، صدقة وصلة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل قال: «الصدقة على الفقير صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة» (¬1) فلا بأس أن يعطي أخاه وعمه وخاله إذا كان فقيرًا من زكاته، أو صدقة تطوّع صدقة وصلة، لكن إذا كان الفقير من آبائه أو أجداده، أو أمهاته فلا؛ لأنّه عليه أن ينفق عليهم، أو كانوا من ذرّيته، لا يعطيهم من الزكاة، ينفق عليهم؛ لأن الولد حقّ عليه أن ينفق على أبيه، والأم كذلك، إذا كان عاجزًا وهي غير قادرة، المقصود: الأولاد الذرية لا يعطون من الزكاة، بل ينفق عليهم أبوهم وأمهم من ماله إذا كانوا فقراء، وهكذا الآباء والأمهات، والأجداد والجدات لا يعطون من الزكاة، يعطون من غير الزكاة. ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الزكاة، باب ما جاء في الصدقة على ذي القرابة، برقم (658)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب الصدقة على الأقارب، برقم (2582)، وابن ماجه في كتاب الزكاة، باب فضل الصدقة، برقم (1844).

حكم إعطاء زكاة المال لمن يرثه

153 - حكم إعطاء زكاة المال لمن يرثه س: يقول: هل صحيح أن الزكاة لا تدفع للذي يرث (¬1) (¬2)؟ ج: ليس بلازم، إذا كان أخًا له يعطيه من الزكاة إذا كان فقيرًا، الصحيح أنه لا بأس، إنما المنع في الأصول والفروع، الأصول الآباء والأمهات، والأجداد والجدات، أو الفروع كالأولاد وأولاد الأولاد، وأولاد البنات. س: هل تعطى الزكاة للقريب، مثل الأخ أو الجد أو الخالة؟ ج: نعم، يعطيها القريب الفقير، صدقة وصلة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان؛ صدقة وصلة» (¬3) الأخ الفقير، الخالة، العمة، ابن العم، ابن الخال، كل هؤلاء إذا كانوا فقراء يعطون، لكن لا تعطي أولادك، ولا تعطي أباك ولا أمك، ولا جدك ولا جدتك، هؤلاء لا، الأصول والفروع لا يعطون من الزكاة، تعطيهم من مالك، لا من الزكاة، الذرية وإن كانوا فقراء تعطيهم ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (405). (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (405). ') "> (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الزكاة، باب ما جاء في الصدقة على ذي القرابة، برقم (658)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب الصدقة على الأقارب، برقم (2582)، وابن ماجه في كتاب الزكاة، باب فضل الصدقة، برقم (1844).

من مالك، أو ذرية البنات تعطيهم من مالك، أو أمك أو الأب، أو الجد أو الجدة، هؤلاء لا تعطهم من الزكاة، تعطيهم من مالك، بارك الله فيك.

حكم إعطاء العاجز على تكاليف الزواج من الزكاة

154 - حكم إعطاء العاجز على تكاليف الزواج من الزكاة س: يسأل المستمع، ويقول: رجل يرغب في الزواج، وهو غير مستطيع، هل تجوز له الزكاة؛ ليتمكن من الزواج (¬1) ج: نعم، العاجزون عن الزواج يعطون من الزكاة ما يعينهم على الزواج إذا كانوا عاجزين، يشرع أن يعطوا من الزكاة بما يعينهم على الزواج. ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (431).

حكم إعطاء الزكاة لمن يمتلك سيارة أجرة يتكسب منها

155 - حكم إعطاء الزكاة لمن يمتلك سيارة أجرة يتكسب منها س: السائلة أ. ع. تقول: هل يجوز أن أعطي زكاة المال لشخص متزوج وله بنت صغيرة، عنده سيارة أجرة، يكتسب منها في الشهر حوالي سبعمائة جنيه، ويمر شهر آخر تكون السيارة معطلة، علمًا بأنه موظف حكومي مرتبه مائة وخمسون جنيهًا (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (419). (¬2) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (419). ') ">

ج: إذا كنتِ تعلمين أنه فقير، وأنه عرض له حاجة وفقر فلا بأس، وإلا فالذي عنده أسباب تقوم بحاله لا يعطى الزكاة، ولكن إذا عرض عارض وعرفت أنه فقير فلا بأس أن تعطيه من الزكاة، وإلا فالأصل أن من كان له أسباب تقوم بحاله لا يعطى من الزكاة. س: السائل ع. أ. م. من حفر الباطن، يسأل ويقول: أنا شاب متزوج ولدي أولاد، وأحمد الله على ذلك، دخلي الشهري محدود، وأعيش مع والدي وإخوتي جميعًا، وإن أحد الإخوة يعلم بدخلي الشهري المحدود، وقام بمساعدتي ورفضت أن آخذ في البداية منه هذا المبلغ، لكنه ألح علي، فقبلته كمساعدة علمًا بأنه أخبرني أن ذلك من الزكاة، فهل يحل لي هذا المال؟ علمًا بأنني مطالب بدفع مبلغ من المال وقدره ثمانية عشر ألف ريال لدى إحدى الجهات بعد سنتين من هذا اليوم، ولا أملك هذا المبلغ، أرجو الإفادة، جزاكم الله خيرًا ج: أنت أعلم بنفسك، إذا كنت محتاجًا له فقيرًا إليه فلا بأس، إذا كان الدخل الذي يدخل عليك لا يكفي مؤنة أهلك ومؤنتك فلا بأس أن

تأخذ، وإذا كان عليك دَين وأنت الآن تأخذ لأجل الغرم؛ لأن الله جعل للغارمين حقًّا من الزكاة، ولو كان الدَّين مؤجلاً، إلا إذا كان له وفاء، إذا كان له وفاء لا تأخذ الزكاة، فعليك الحذر من أخذ الزكاة بغير حق؛ فإن كنت محتاجًا إليه لأن الراتب لا يكفي لحاجتك فلا بأس، أو أخذته للغرم وليس عندك مال تؤدي منه الدين فلك أن تأخذه وتسدد منه الدين.

حكم تخصيص فقير واحد بالزكاة ليستغني

156 - حكم تخصيص فقير واحد بالزكاة ليستغني س: كيف يكون صرف الزكاة إلى الفقير، هل يعطى حتى يغتني، أو توزع على أكثر من فقير، إذا كان المال المزكى يعطى مبلغًا كبيرًا هو الزكاة (¬1) (¬2)؟ ج: الواجب أن تعطي للفقير ما يسد حاجته سنته كلها، عامه كله، فإذا كان الفقير عنده ما يكفيه نصف السنة أعطي ما يكفيه بقية السنة، وإذا كان صاحب الزكاة لا يعرف حاله ولكن يعلم أنه فقير يعطيه ما يتيسر من الزكاة ويكفي، أما إذا كان يعرف حاله وعنده زكاة كبيرة يستطيع أن يعطيه ما يسده في العام يعطي ما يسد في العام، ويحرم على الفقير أن ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (319). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (319). ') ">

يسأل بعد ذلك، يكتفي بما أعطي، ويحرم عليه أن يسأل زكاة بعد ذلك وهو عنده ما يكفيه من الزكاة التي وصلت إليه. س: الأخ ع. س. يقول: أهل الزكاة ثمانية، منهم الغارمون والمؤلفة قلوبهم، أريد أن أفهم معنى هذين الصنفين؟ ج: الغارمون هم المدينون، الغارم الذي عليه الدَّين، إما لمصلحته كحاجة بيته، أو لإصلاح بين الناس، يغرم مالاً ليصلح بين الناس، أو لحاجة نفسه وعائلته، هذا يعطى من الزكاة حتى يقضي دينه، إذا كان عاجزًا أو كان دينه لإصلاح ذات البين فإنه يعطى ولو كان غنيًّا؛ لأنه محسن، فيعطى ما يقضي به الغرامة التي أصلح بها بين الناس، أما المؤلفة قلوبهم فهم الذين يضعف إيمانهم، فيعطون ما يقوِّي إيمانهم من رؤساء العشائر وسادات الناس، أو كفارًا يرجى إسلامهم، أو إسلام نظرائهم، فيعطون من الزكاة رؤساء العشائر، رؤساء القبائل، كبار الناس الذين يرجى بإعطائهم من الزكاة إسلامهم إن كانوا كفارًا، أو إسلام نظرائهم، أو قوة إيمانهم، أو يرجى من إعطائهم أن يدفعوا عن المسلمين، وأن يحموا بلاد المسلمين، ويكفوا الشر عن بلاد المسلمين،

شبه هذه المصالح وأشباهها لا بأس، هؤلاء هم المؤلفة قلوبهم.

حكم إعطاء الغني زكاته لفقير واحد عليه ديون

157 - حكم إعطاء الغني زكاته لفقير واحد عليه ديون س: شخص عليه دَين كثير، والشخص يشتغل بالتجارة، وفي كل عام يخرج الزكاة، ويعطيها لصاحب الدين حتى يقضي عنه دينه، هل هذا العمل مشروع؟ (¬1) ج: إذا تواطؤوا على ذلك فلا، أمّا إذا أعطاه لفقره ثم هو رأى أن يوفي منها من غير تواطؤ ولا اتفاق فلا حرج، أمّا أنه يقول: أنا أحق بها تعطينيها، فلا يصلح. ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (351).

حكم إعطاء الزكاة لصاحب الدين العاجز عن التسديد

158 - حكم إعطاء الزكاة لصاحب الدين العاجز عن التسديد س: هل يجوز لفرد ما أن يأخذ من أموال الزكاة إذا كان عليه دين ولا يستطيع أن يسدده؟ (¬1) ج: نعم، له أن يأخذ من مال الزكاة ما يقضي به الدَّين إذا كان عاجزًا عن قضاء الدين، وليس له صرفه في غير ذلك، فإذا أخذ من إخوانه ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (320).

الطيبين مساعدة في قضاء دينه من الزكاة فالواجب عليه صرف ذلك في قضاء الدَّين لا في حاجته الأخرى.

حكم إعطاء الزكاة لمن يملك ما يقيم حاله

159 - حكم إعطاء الزكاة لمن يملك ما يقيم حاله س: لي صديق اشترى بيتًا له، وكلّفه مبلغًا من المال، وصل إلى ثلاثمائة ألف ريال، أو يزيد، ولكنه لم يستطع تسديد المبلغ بالكامل، فقد بقي مدينًا قرابة الخمسين ألفًا، فهل يحق أن يأخذ من الزكاة التي تأتي من المسلمين، مع العلم أنه يملك أرضًا وبيته القديم؟ (¬1) ج: إذا كان اشترى البيت الجديد للتجارة، أو لمزيد الدنيا وعنده بيت يكفيه فلا يستحق الزكاة، بل يبيع بيته القديم ويوفي ما عليه من الدين، أو يلتمس ذلك من جهة أخرى؛ لأنه ليس فقيرًا، ما دام عنده السكن فإنه يبيع هذا البيت ويسدّد ما عليه من الدين، ويستعمل الباقي في حاجاته، ولا يسمى فقيرًا وعنده أرض وهذا البيت الجديد وعنده سكن، الزكاة لابد أن يكون صاحبها فقيرًا، ليس عنده ما يقوم بحاله ويغنيه عن الزكاة، أمّا إذا كان عنده ما يغنيه من كسب يسد حاجته، أو وظيفة تسدّ حاجته، ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (213).

أو مال يستطيع أن يبيع منه ليسد حاجته فلا يعطى.

حكم إعطاء الزوجة زكاتها لزوجها الغارم

160 - حكم إعطاء الزوجة زكاتها لزوجها الغارم س: زوجي يمر هذه السنة بظروف مادية صعبة، رغم أن راتبه جيد، ولكن عليه بعض الديون، هذا مع إيجار البيت رغم أن الدائنين لا يطالبونه بالدين، ولكني أراه مهمومًا أحيانًا، هل أعطيه زكاة ذهبي هذه السنة أم لا يجوز ذلك جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إذا كان غارمًا وليس عنده وفاء لا بأس إذا كان علي دين ثابت، وهو معسر بالقضاء؛ لأن الدخل يصرف لنفقة البيت، لا بأس أن تعطيه زكاتك، هذا هو الصواب، هذا هو الحق، لا بأس أن تعطي زوجك زكاتك إذا كان فقيرًا أو غارمًا عليه دين ليس له قضاء. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (344).

حكم إعطاء صغار السن من أموال الزكاة

161 - حكم إعطاء صغار السن من أموال الزكاة س: هل تجوز الزكاة لفتاة عمرها عشرون سنة، وكم يكون مقدارها، وما هو وقتها؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (102).

ج: نعم الزكاة لها ولغيرها من الفقراء، ليس للزكاة سن مشروط، فالفقير يعطى وإن كان صغيرًا، وإن كان طفلاً، إذا كان عند أهله الفقراء يعطى، فالمقصود أنه ليس هناك سن معينة للفقير، فالفتاة التي لها عشرون أو خمسة عشر عامًا، أو عشرة، وأقل أو أكثر، إذا كانت فقيرة تعطى من الزكاة، يعطى القائم عليها ومتولّيها، إلا إذا كان القائم عليها غنيًّا، كأبيها وأخيها، فالنفقة عليهم، لكن لو كانت فقيرة عند أناس قد أحسنوا فيها وحضنوها ليرجوا ما عند الله هم ليسوا أقارب لها، فإنها تعطى من الزكاة ولو كانت كبيرة، وهكذا لو كانت وحدها، تعطى من الزكاة صغيرة أو كبيرة، إذا كانت فقيرة قد توافرت فيها شروط أهل الزكاة.

حكم شراء المرأة من زكاة المال حليا للزينة

162 - حكم شراء المرأة من زكاة المال حليًّا للزينة س: هل يجوز استعمال شيء من أموال الزكاة في شراء ذهب وغيره أم لا؟ (¬1) ج: إذا كانت المرأة فقيرة، وأعطيت من الزكاة شيئًا من المال، وأحبت أن تشتري منها سلعة تلبسها من الذهب أو الفضة فلا حرج في ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (25).

ذلك؛ لأن هذا من الأمور العادية، مثلما تلبس الملابس الجميلة في المناسبات وإن كانت من الزكاة فلا حرج عليها أن تشتري من مال الزكاة الذي دفع إليها حاجتها من الملابس الذهبية وغيرها.

حكم إعطاء الزكاة لمن يمتلك النصاب

163 - حكم إعطاء الزكاة لمن يمتلك النصاب س: السائل ف. ق. من مدينة حمص، بالجمهورية السورية: توفيت جدتي، وكان عندها خمسة آلاف ليرة من المال، وقد جمعتهم من الناس الذين يأتون عليها قبل وفاتها، ويقدمون لها الزكاة؛ لأنهم كانوا يحسبون أنها محتاجة، وأنا أعلم أن من ملك نصاب الزكاة لا يجوز أن يأخذ زكاة نهائيًّا، ولكن جدتي كان معها أكثر من النصاب بكثير، وكانت تأخذ الزكاة من الناس، وبعدها توفيت، وأراد أولادها الورثة أخذ هذا المال، فهل يجوز أن يأخذوا هذا المال، وهي كانت تأخذه حرامًا؛ لأنها مالكة للنصاب؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: مثل هذه المرأة التي تملك خمسة الآلاف ليرة لا تعد غنية، بل هذا قد لا يكفيها للسنة لو استمرت تنفق، وليس من ملك نصاب الزكاة ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (7). (¬2) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (7). ') ">

يكون غنيًّا على الصحيح غناه غنى وجوب الزكاة عليه، فمن ملك النصاب صار غنيًّا لوجوب الزكاة عليه، ولكن ليس غنيًّا بالنسبة لمنعه من أخذ الزكاة، الغنى قسمان: غنًى يوجب الزكاة، ولكن لا يحصل به الغنى عن الحاجة، ويسد مال الحاجة، الغنى الثاني غنًى يسد الحاجة، ويغني عن الحاجة إلى الناس، ويحصل به المقصود، فالذي يمنع الزكاة هو الثاني، هو الغنى الذي لا يحتاج معه صاحبه الدين، ولا إلى سؤال الناس، بل يكفيه ويكفي عائلته إن كان له عائلة، هذا الغنى يمنع الزكاة ولا يعطى صاحبها، أما إذا كان عنده مال قليل يزكّيه، ولو أنفقه لأكله بسرعة، وهو يزكيه لوجوده عنده كرأس مال يحفظه ويزكيه، ولكن لو أكله لذهب بسرعة، لا بأس أن يعطى من الزكاة بما يسد حاجته ويغنيه عن الطواف على الناس، هذا هو الصواب، والغنى الذي يمنع الزكاة هو الغنى الذي تحصل به الكفاية، لا الغنى الذي تحصل به الزكاة، ينبغي معرفة الفرق بينهما، هذا هو الصواب، أما قول بعض العلماء: مَن ملك النصاب الذي تجب فيه الزكاة، فهو غني لا يعطى من الزكاة، قول ضعيف، قول مرجوح. س: السائل يقول: هل العمال الذين يعملون في الحرف المختلفة

يعتبرون من الفقراء والمساكين، وما الفرق بين الفقير والمسكين؟ ج: فيهم تفصيل، من عرف أنه فقير يعطى من الزكاة وغيرها إذا كان مسلمًا، يعطى من الزكاة ومن الصدقات إذا كان معاشه قليلاً، أو ما له معاش، ما تيسر له معاش، يعطى من الصدقات سواء كان مسلمًا أو غير مسلم، لكن إن كان مسلمًا يعطى من الزكاة وغير الزكاة، وإن كان غير مسلم وهو فقير يعطى من غير الزكاة أحوط، إلا إذا كان إنسانًا مؤلفًا له شأن، إذا أعطي من الزكاة إذا أسلم يسلم غيره، فإنه لا بأس يعطى من الزكاة؛ لأن الله جعل للمؤلفة قلوبهم حقًّا في الزكاة، وهم الرؤساء والأعيان الذين يتبعهم غيرهم، هذا يعطى من الزكاة، أما أفراد الكفار وعامة الكفار يعطون من غير الزكاة، إذا كانوا محاويج فقراء، الفرق بين الفقير والمسكين، الفقير: المعدم الذي ما عنده شيء بالكلية، أو شيء يسير، والمسكين لا، عنده بعض الشيء، لكن ليست عنده النفقة كاملة، فالمسكين أحسن حالاً من الفقير، وإذا أطلق أحدهما دخل فيه الآخر، إذا قيل: فقير، دخل فيه المسكين، وإذا قيل: المسكين، دخل فيه الفقير،

وإذا جمع قيل الفقير، المسكين مثل ما جاء في الزكاة: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}، فالفقير المعدم الذي ما عنده شيء بالكلية أو عنده شيء يسير، والمسكين الذي عنده بعض النفقة نصفها أو ثلثاها يعني عنده شيء جيد منها، لكنه ما عنده الذي يكمل سنته.

حكم إعطاء الراعي من زكاة الغنم الذي يرعاه

164 - حكم إعطاء الراعي من زكاة الغنم الذي يرعاه س: مستمع رمز إلى اسمه س. م. ع. يقول: أنا لدي عامل راعي غنم، هل يجوز أن أعطيه زكاة المال من هذه الماشية؟ أفيدوني بارك الله فيكم (¬1) (¬2). ج: إذا كنت تعلم أنه فقير، وأن معاشه لا يكفيه فلا بأس أن تعطيه من الزكاة، لكن إذا كنت تعطيه لأجل أن يبقى عندك قد يكون معاشه قليلاً، تعطيه الزكاة حتى يرغب ويبقى فلا يجوز، والأحوط أن تعطي الزكاة غيره، يكفيه معاشه، يكفيه راتبه؛ لأني أخشى أن تكون هذه العطية من أجل بقائه لديك، وتكون نوعًا من زيادة الأجرة، فالزكاة أعطها الفقراء الذين ليس لك شبهة في إعطائهم. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (344). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (344). ') ">

س: هل يجوز دفع زكاة المال على الخدم لإرسالها إلى أهلهم وأقاربهم؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل: إذا كنت تعرف الخادم، وأنه فقير، وأن أهله فقراء، وعندك يقين في هذا لا بأس إذا كان مسلمًا وأهله مسلمون، أما الخدم الذين لا تعرف حالهم ولا حال أهليهم فلا، الواجب أن تلتمس الفقراء المعروفين بالإسلام حتى تدفع إليهم على بصيرة في بلدك، والخادم تكفيه أجرته والحمد لله، لكن لو تيقنت أنه فقير، وأن الأجرة ضعيفة، وأن لديه عائلة، أو والدين فقيرين وهم مسلمون، وهذا شيء لا شك فيه، فلا مانع أن يعطى من الزكاة، بشرط ألا تكون وقاية لمالك حتى لا يطالب بزيادة الأجرة. س: هل يمكن أن تعطى الزكاة أو الصدقة للخادمة؟ ج: إذا كانت فقيرة تعلم حالها وأعطيتها من الزكاة لا بأس، لكن الاحتياط أن يكفيها راتبها، وتعطي أناسًا تعرف حالهم وفقرهم، تواسيهم وتحسن إليهم، أما الخادمة فقد يشتبه أمرها، وقد لا تعلم ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (222). ') ">

حالها كما ينبغي، ولعل في راتبها ما يكفي.

حكم إخراج زكاة الغنم بالقيمة

165 - حكم إخراج زكاة الغنم بالقيمة س: هل يجوز لجابي زكاة الماشية أخذ الزكاة نقدًا، فيقول لصاحب الماشية: ادفع لي ثلاثمائة ريال عن كل رأس من الغنم؟ (¬1) ج: إذا رأى المصلحة في ذلك؛ لأنه يشق عليهم جلب الغنم ونقلها من مكان إلى مكان، وأخذ قيمتها المعتادة لا بأس، وإن رأى المصلحة في الرأس أخذ الرأس من الغنم والإبل، وإن رأى المصلحة في القيمة أخذ القيمة، وعليه تقوى الله، وأداء الأمانة، يعني هذا حق الفقراء، عليه أن يتّقي الله، إن رأى المصلحة في أخذ القيمة وافية أخذها، لكن بعض العمال يتساهل في هذا، ولا يجوز له ذلك، بل يجب أخذ القيمة وافية، وإلا فيأخذ الرأس، ويبيعه بعد ذلك. ¬

(¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (350).

حكم إعطاء الزكاة لمن يمنعه الكسل من العمل

166 - حكم إعطاء الزكاة لمن يمنعه الكسل من العمل س: إنسان لا يعمل، وينفق ماله فيما لا يفيد، ثم يحتاج إلى لقمة العيش ليأكلها من شدة الحاجة، فهل إذا أعطيت مثل هذا

الشخص أكون ممن فرج كربة أخي، علمًا بأنه لا يعمل تكاسلاً، وإذا حصل على مبلغ بطريق ما فإنه ينفقه بسرعة، وأحيانًا لا يجد ما يأكل؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: نعم، إذا كان في حاله التي لا يجد فيها شيئًا، وأحسن إليه إنسان فهو قد أحسن إلى أخيه، وفرَّج كربته، ولكن هذا الذي ذكر لا يكون عمله إلا من إنسان ناقص العقل ليس بعاقل، بل سفيه، لا يعمل ومع هذا ينفق ما في يديه فيتعطل، هذا ليس من العقلاء، لكن متى وجد منه حاجة يعطى بما يسد به حاجته؛ لأن المال الذي معه ذهب، فصار فقيرًا محتاجًا إلى الدعم والمساعدة، فلو دعمه وساعده بما يزيل بها كربته، ويسد حاجته فهو مأجور إن شاء الله كسائر السفهاء المفرّطين. س: السائل م. ع. يسأل: من هم الذين لا تجب لهم الزكاة، أو الصدقة، حتى ولو كانوا محتاجين؟ ج: أهل البيت لا يعطون الصدقة، بنو هاشم رهط النبي صلى الله عليه وسلم لا يعطون من الزكاة، وهكذا والداك وأولادك وزوجتك، تنفق ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (304). (¬2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (304). ') ">

عليهم من مالك لا من الزكاة، إذا كانوا محتاجين تنفق عليهم من مالك: أبوك وأمك، وجدك وجدتك، وأولادك، لا من الزكاة، الزّكاة لغيرهم، للفقراء من أقاربك الآخرين، إخوتك الفقراء بني عمك، جيرانك، الفقراء الآخرين من المسلمين الأجانب، تعطيهم من الزكاة، أمَّا والداك: أبوك وأمك، وجدك وجدتك، وأولادك فهؤلاء تنفق عليهم من مالك، لا من الزكاة، وهكذا كل غني لا يعطى من الزكاة، لا يعطاها إلا الفقراء، والكافر لا يعطاها إلا إذا كان مؤلفًا على الإسلام، يعطى الزكاة تأليفًا له للدخول في الإسلام، أو لقوة إيمانه ويقينه.

حكم دفع الزكاة للوالدين

167 - حكم دفع الزكاة للوالدين س: أنا شاب مقتدر، ولي عقارات كثيرة وغيرها، هل يجوز أن أعطي من زكاة مالي لوالدي ووالدتي؟ (¬1) (¬2) ج: ليس للرجل ولا للمرأة دفع الزكاة إلى والديهم، ولا إلى أولادهم، وإنّما تدفع للأقارب الآخرين إذا كانوا فقراء، وليسوا في حوزته، وليسوا في نفقته، تكون صدقة وصلة، أما دفعها لوالديه أو ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (381). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (381). ') ">

أولاده أو أولاد البنات، فليس له ذلك، بل يجب عليه أن ينفق عليهم من ماله إذا احتاجوا له، وأمّا إعطاؤهم من الزكاة فلا، لكن إذا كان له أخ فقير، أو عم فقير، أو خال فقير، وليس في بيته من ينفق عليهم فلا بأس أن يعطيهم من زكاته. س: هل يجوز أن أعطي والدي وأخي من زكاة مالي، مع العلم بأنه يوجد لدي أرض زراعية تنتج محصولاً كل ستة شهور، ولكن في وسط الستة شهور يكونون محتاجين لبعض المصاريف، فهل أعطيهم زكاة من مالي، أم أعطيهم جزءًا منه وأوزع الباقي على بعض الأقارب والمحتاجين؟ (¬1) ج: أما أبوك تعطيه من مالك، لا تعطيه من زكاتك، فعليك أن تنفق عليه من مالك إذا كان محتاجًا، لا من زكاتك، وأما أخوك فيه تفصيل، فإن كان في بيتك وتنفق عليه فلا تعطه من الزكاة، أما إن كان مستقلاً، وهو محتاج وفقير تعطيه من الزكاة، أما الأب والجد، والأم والجدة، والأولاد، فإنك لا تعطيهم من زكاتك؛ لأنهم أنت وإياهم شيء واحد، فالزكاة لغيرهم، ولو غضبا تبين وتوضح لهما، هذا أمر الله، وهذا عبادة ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (375). ') ">

لله عز وجل، تستسمحهما حتى يسمحا ويأذنا في إعطاء الزكاة لغيرهما. المقصود أن والديك تنفق عليهما من مالك، والزكاة لغيرهما، أما الأخ ففيه التفصيل، إذا كان في بيتك وتحت نفقتك فلا بأس، تنفق عليه من مالك، ولا تعطيه الزكاة؛ لأنك أكفيت عنه المئونة، فالواجب أن تعطيه من مالك؛ لأنه من تبعياتك، أما إن كان مستقلاًّ وفقيرًا فلا بأس أن تعطيه من الزكاة. س: ما حكم دفع الزكاة إلى والدتي ووالدي، وأخي وأختي؟ (¬1) ج: دفع الزكاة للوالدين وللأولاد لا يجزئ عند جمهور أهل العلم، بل حكاه بعضهم إجماعًا لأهل العلم، أما دفعها للأخ أو الأخت، أو العم أو العمة، أو الأخوات، أو بقية الأقارب فلا بأس إذا كانوا فقراء، إذا كانوا من أهل الزكاة، أمّا الوالدان فتنفق عليهما من مالك غير الزكاة، وهكذا أولادك وزوجتك، تنفق عليهما من مالك، لا من الزكاة، الزكاة لا تدفع للوالدين، ولا للزوجة، ولا للأولاد، ولكن بقية الأقارب إذا كانوا فقراء من إخوة، أو أعمام، أو أخوال، أو بني عم، أو غيرهم، لا بأس إذا كانوا فقراء، صدقة وصلة. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (258). ') ">

س: ما حكم دفع زكاة النقود إلى الأم، هل هو جائز؟ (¬1) ج: الزكاة لا تدفع للأم ولا للأب، ولا للجدات ولا للأجداد، ولا للأولاد، ذكورًا كانوا أو إناثًا، ولا لأولادهم؛ لأن هؤلاء الأصول والفروع، ليس لهم حق في الزكاة بالنسبة للولد، وإنّما ينفق عليهم من ماله إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وإنما تدفع الزكاة للفقراء من غيرهم، كالإخوة والأخوات وأولادهم، والأعمام والعمات وأولادهم، وغيرهم من الفقراء، أمَّا الوالدان والأولاد، وهكذا الأجداد والجدات فلا تدفع لهم الزكاة. س: الأخ ش. ص. ل. من ثانوية عفيف، يسأل ويقول: ما حكم دفع زكاة النقود على الأم؟ ج: الزكاة لا تصرف للأم ولا للأب، ولا للأولاد، الزكاة فرض الله صرفها إلى جهات مخصوصة؛ لقوله سبحانه: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ} ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (154). ') ">

فهذه الجهات هي التي تصرف لها الزكاة، أما الأم والأب والأولاد فالواجب على المسلم أن ينفق عليهم من ماله، لا من الزكاة، الزكاة تصرف لغيرهم، وأمّا والداه وأولاده وزوجته فالواجب أن يصرف عليهم من ماله، لا من الزكاة.

حكم صرف الرجل زكاة ماله على نفقة أولاده ومعيشتهم

168 - حكم صرف الرجل زكاة ماله على نفقة أولاده ومعيشتهم س: هل يعتبر إنفاقي على ولدي ثوابًا يغنيني عن إخراج زكاة أموالي؟ (¬1) (¬2) ج: الإنفاق على الولد أمر لازم إذا كان الولد فقيرًا وليس له أبٌ ينفق عليه، إما ميت وإمّا عاجز، فالنفقة منك عليه واجبة على الصحيح إذا كنت قادرة، والزكاة لا تصلح للولد ولا للأب ولا للأم، وإنما تصلح للفقراء من الإخوة والأخوات، والأعمام والعمات، ونحو ذلك، أما ولدك فالواجب عليك الإنفاق عليه من مالك، أما الزكاة فتنفق في جهات أخرى، الزكاة تنفق في أهلها من الفقراء والمساكين، وغير أولادك، وغير أبيك. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (124). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (124). ') ">

س: الأخ م. م. ع، من جدة يسأل ويقول: هل يجوز صرف الزكاة على الابن والأخ الذي يرث من أمه؟ أو الأخت التي ليس لها زوج؟ نرجو أن توجّهونا، جزاكم الله خيرًا، وكذلك الابن إذا كان محتاجًا؟ ج: لا حرج في صرف الزكاة للأخ الفقير والأخت الفقيرة، وبقية الأقارب الفقراء، كالأخوال والأعمام، وابن العم ونحوهم؛ لعموم الأدلة، ومنها قوله جل وعلا: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} فهم يدخلون في هذه الآية الكريمة، أما الابن فلا، أما الأولاد لا؛ أنهم مضغة من الرجل، فلا يصرف فيهم الزكاة، وعليه نفقتهم، فأولاد الإنسان من ذكور وإناث، وأولاد أولاده وإن نزلوا، كلهم لا يعطون الزكاة، إذا كانوا فقراء يعطيهم من ماله، ينفق عليهم من ماله، ولا يعطيهم من الزكاة، هذا هو الذي عليه أهل العلم، وهكذا الآباء والأمهات، والأجداد والجدّات لا يعطون من الزكاة، ينفق عليهم ولدهم أيضًا من غير الزكاة.

حكم إعطاء المرأة المتزوجة من الزكاة

169 - حكم إعطاء المرأة المتزوجة من الزكاة س: يسألون أيضًا عن النساء المتزوجات واللاتي لا دخل لهن، سواء ما يتكرم به قريب أو زوج، هل يجوز صرف الزكاة لمثل هذا النوع من الزوجات، ولا سيما إذا كان الزوج لا يعطيها شيئًا سوى ما تأكل أو تشرب أو تكتسي؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: لا يجوز لك أن تعطي ذات الزوج من الزكاة، وإنما يعطى الزوج إذا كان الزوج فقيرًا، يعطى ما ينفقه على زوجته، أما هي فلا تعطى؛ لأنها غنيّة بزوجها، فإذا كان زوجها لا يقوم باللازم ففي إمكانها أن تطلب من المحكمة إنصافها، أو من أوليائها حتى يناصحوه، أو من جيرانها حتى يناصحوه، المقصود عليها أن تسعى في حلّ المشكلة من أي طريق، من طريق نصيحة الجيران، أو الأقارب، أو الأصدقاء، أو فيما بينها وبينه، تخوفه من الله، وتطلب منه أن يعطيها حقها، أما أن تعطى من الزكاة فلا؛ لأن كثيرًا من النساء يتساهلن في هذا الأمر، قد تطلب من الزكاة وهي تلعب بالمال وعندها ما يكفيها، أو تشتري حاجات وأشياء لا ضرورة إليها، المقصود أن الزكاة لا تدفع للزوجة، ما دام عندها زوج ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (319).

هو المسؤول عنها، لكن إذا كان فقيرًا يعطى هو؛ لأنه هو الذي ينفق على زوجته.

حكم إعطاء أهل الذمة من الزكاة

170 - حكم إعطاء أهل الذمة من الزكاة س: هل يصح إعطاء الزكاة لذمي؟ (¬1) ج: الزكاة على قول الجمهور لا تعطى للذميين، وهو الصواب، الزكاة مواساة للمسلمين، وعناية بسد حاجتهم وفقرهم، ويجب أن توزع على المسلمين لسد حاجتهم وفقرهم. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (69).

حكم إعطاء تارك الصلاة والصوم من الزكاة

171 - حكم إعطاء تارك الصلاة والصوم من الزكاة س: ماذا أصنع في أخ أو قريب أو جار، وهو في حاجة إلى الزكاة والصدقة، لكنه لا يصوم ولا يصلي، هل يستحق مني أن أعطيه مما ذكرت؟ وجهوني جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: نعم، تنصحه لله، وتعطيه من مالك ما ترى أنه من أسباب دعوته للإسلام، وتركه ما هو عليه من الباطل، ولا تعطيه الزكاة، فالزكاة تعطى من هو معروف بالاستقامة والإسلام من الفقراء، لكن تعطيه من مالك ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (308). (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (308). ') ">

غير الزكاة، تؤلف قلبه لعل الله يهديه، تعطيه إذا كان فقيرًا لعله يتوب إلى الله، ويصلي ويصوم؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر، نعوذ بالله من ذلك، في أصح قولي العلماء، حتى ولو كان ما يجحد وجوبها، أما إذا جحد وجوبها كفر عند جميع العلماء، لكن إذا كان يقرّ بوجوبها، ولكن يتكاسل في الأحيان فلا يصلي، فإنه يكفر بذلك عند جمع من أهل العلم، وهو الأصح من أقوال العلماء، وقال آخرون: بل يكون عاصيًا أتى كبيرة عظيمة، وقد أتى كفرًا دون كفر، ولا يكون كفرًا أكبر، ولكن الصحيح من ناحية الدليل أنه يكفر كفرًا أكبر، لكن إذا أعطيته من الصدقة غير الزكاة ونصحته لله، ووجهته إلى الخير، فأنت على خير، وإذا كان كبيرًا، أو رئيسًا، أو مطاعًا في قومه وأعطيته من الزكاة من باب التأليف جاز أيضًا؛ لأن المؤلفة قلوبهم من أهل الزكاة، فالكافر يعطى من الزكاة إذا كان يرجى بهذا تأليف قلبه، ودخوله في الإسلام، أو كفّ شره عن الناس، لكن الأحوط لك أن تعطيه من مال الصدقة؛ لقول الله عز وجل: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}.

فالكافر الذي لا يقاتلنا لا مانع أن نعطيه من الصدقة حتى نؤلف قلبه بذلك، ونحسن إليه لعله يتوب، لعله يهتدي، وقد ثبت في الصحيح «أن أم أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قدمت المدينة في وقت الصلح بين النبي صلى الله عليه وسلم وأهل مكة وقت الهدنة، جاءت إلى بنتها أسماء تطلب الرفد والمساعدة، وهي كافرة على دين قومها من أهل مكة، فسألت أسماء النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صليها» (¬1) فأمرها أن تصلها وهي كافرة؛ لأن في هذا برًّا لها، ولأنه وسيلة إلى إسلامها. س: الأخت أم ياسر، من الرياض، تقول: هل يجوز أن أعطي زكاة المال لامرأة لا تصلي؟ ج: لا تعطيها الزكاة، أعطي امرأة تصلي، ابحثي عن الفقراء الطيبين، الذي لا يصلي كافر، ونعوذ بالله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬2) ولا يعطى ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الهبة، باب الهدية للمشركين، برقم (2620)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين، برقم (1003). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428)، والترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

الكفرة، إلا المؤلفة قلوبهم، يعطون من الزكاة، المؤلفة قلوبهم من رؤساء العشائر وكبار الناس الذين إذا هداهم الله هدى الله بهداهم غيرهم، وحصل بهداهم نفع كبير للناس، أما أفراد الناس الكفرة لا.

حكم إعطاء عصاة المسلمين من الزكاة

172 - حكم إعطاء عصاة المسلمين من الزكاة س: كثير من إخواننا يسألون، هل يجوز أن تصرف الزكاة إلى ذوي المعاصي من المسلمين؟ (¬1) ج: نعم، يجوز صرفها في ذوي المعاصي من المسلمين، لكن لا تصرف في الكفرة غير المؤلفة، أما المؤلفة قلوبهم من الكفرة فيعطون أيضًا من الزكاة، كما قال الله جل وعلا: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} الآية، أما العاصي فهو خير من الكافر، فإذا أعطاه لعل الله يهديه بسبب العطية الصدقة، لعل الله يهديه ويرده إلى الصواب بسبب إحسان قريبه إليه بالزكاة إذا كان فقيرًا، ولكن كونه يعتني بالطيبين والمعروفين بالخير من الفقراء أولى من العصاة، هم أحق بالزكاة من العصاة، وإن صرفها لهم، للعصاة، يرجو ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (254).

بذلك أن يهديهم الله ويؤلفهم بهذا على الخير فهو مشكور ومأجور، ولكن مهما كانت الحال فإنه يلتمس الأفضل فالأفضل من الفقراء من أقاربه حتى يعطيهم الزكاة ليعينهم على طاعة الله، وليسد حاجتهم عن الحاجة إلى الناس، وإذا صرفها للفقير من العصاة لقصد صالح، لعل الله يهديه، لعل الله يمن عليه بالرجوع إلى الحق هذا أمر حسن.

حكم إعطاء القبوريين وتاركي الصلاة من الزكاة

173 - حكم إعطاء القبوريين وتاركي الصلاة من الزكاة س: إذا كانوا من القبوريين، أو كانوا من تاركي الصلاة هل يعطون من الزكاة؟ (¬1) (¬2) ج: لا يعطون من الزكاة، إلا إذا كان من السادة، من الرؤساء، الذين إذا أعطوا يرجى إسلامهم، أو يرجى إسلام نظرائهم معهم، أو يرجى قوة إيمانهم إذا كانوا مسلمين، فهم من المؤلفة، إذا كانوا يرجى في عطيته دخوله في الإسلام إن كان كافرًا، أو قوة إيمانه إن كان ضعيف الإيمان، أو إسلام نظرائه إذا أعطي، قال نظراؤه: سوف يعطونا إذا أسلمنا، فيسلمون. ¬

(¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (254). (¬2) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (254). ') ">

س: إذا كان هناك فقير، لكنه لا يصلي، هل يجوز أن نعطيه الزكاة، أم نصرفها لزوجته وأولاده؟ ج: الفقير الذي لا يصلي لا يعطى من الزكاة؛ لأنه كافر على الصحيح، وإن لم يجحد الوجوب، وإذا كانت زوجته مسلمة ومحتاجة إلى النفقة؛ لأنه لا ينفق عليها تعطى من الزكاة لذاتها، ولكن لا مانع أن يعطى من غير الزكاة تأليفًا له لعل الله يهديه، يُعطى من غير الزكاة، لا بأس.

حكم دفع الزكاة للمجاهدين الفلسطينيين

174 - حكم دفع الزكاة للمجاهدين الفلسطينيين س: ما حكم دفع الزكاة للمجاهدين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة؟ (¬1) ج: لا أعلم مانعًا من ذلك؛ لأنه بلغنا عنهم والحمد لله ما يسرنا من استقامتهم، وحرصهم على الدين، وحرصهم على الصلاة، وصلاح أحوالهم، وعندهم بحمد الله من الإخوة في الله الذين درسوا في الجامعة الإسلامية، وفي الجامعة في غزة إخوان يرشدونهم ويعلّمونهم ويوجهونهم، فلا مانع من إعطائهم الزكاة. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (128).

حكم إعطاء طلاب العلم الشرعي من الزكاة

175 - حكم إعطاء طلاب العلم الشرعي من الزكاة س: هل لطالب العلم الشرعي والذي ليس لديه من المال ما يكفيه للدراسة مثل السكنى والنفقة والمواصلات، وبقي عليه حوالي خمس سنوات دراسة، السؤال هل يجوز له أخذ شيء من الصدقة أم لا يجوز؟ (¬1) (¬2) ج: إذا كان في حاجة إليها لحاجاته الضرورية من ملابس، أو للسيارة التي يستغلها للذهاب إلى الدراسة، أو ما أشبه ذلك جاز له الأخذ من الزكاة، إذا كان فيه حاجة في ملابسه، أو مأكله، أو مركبه للذهاب إلى الدراسة والرجوع، الحمد لله {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ}، هذا يسمى فقيرًا. س: يسأل، هل يجوز لطالب العلم الشرعي أن يأخذ من الزكاة علمًا بأنه في أمس الحاجة؟ ج: لا حرج على طلبة العلم أن يأخذوا من الزكاة إذا كانوا فقراء، ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (365). (¬2) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (365). ') ">

سواءً كانوا طلابًا في المساجد، أو في المؤسسات العلمية، لا حرج عليه إذا كان فقيرًا، ليس عنده ما يقوم بحاله، فله أن يأخذ من الزكاة.

حكم إعطاء الداعية من الزكاة ليتفرغ للدعوة

176 - حكم إعطاء الداعية من الزكاة ليتفرغ للدعوة س: يوجد طالب علم وداعية إلى الله، وهو يريد أن يتفرغ لطلب العلم والدعوة إلى الله، لكنه يشتغل عند أحد التجار بأجر شهري؛ لأنه ليس عنده ما يصرف منه على نفسه وعلى عائلته، وقد اتفقت معه على أن أعطيه راتبًا شهريًّا، نصفه من الزكاة، ونصفه من رأس المال، على أن يدع العمل ويتفرغ لطلب العلم والدعوة إلى الله، ويكون أجر الدعوة إلى الله بيننا مشتركًا، هل هذا العمل صحيح؟ (¬1) ج: نعم، العمل صحيح وطيب، وأنت مأجور، وهو مستحق للزكاة، وإذا تفرغ الإنسان لطلب العلم وليس عنده ما يقوم بحاله فإنه يعطى من الزكاة ما يقوم بحاله، والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (213).

حكم دفع الزكاة في تمويل المدارس وتعميرها

177 - حكم دفع الزكاة في تمويل المدارس وتعميرها س: ما قولكم يحفظكم الله في تمويل المدارس بالزكاة لتعميرها، وإذا كانت الزكاة تصرف إلى طلبة العلم، فمن باب أولى فيما أرى أن تصرف على المدارس؟ (¬1) ج: المدارس لا تعمر بالزكاة، وهكذا المساجد، وهكذا الرُبط، لا تعمر من الزكاة، الزكاة لها مصارف بيّنها الله جل وعلا في قوله سبحانه: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ} هؤلاء هم أهل الزكاة، والمقصود في سبيل الله يعني الجهاد، هكذا قال جمهور أهل العلم، المراد به الجهاد، ولا تصرف أموال الزكاة في تعمير المساجد ولا تعمير المدارس والربط، ولا غيرها من المشاريع الخيرية، كإصلاح الطُرقات أو إصلاح السّفن لنقل الفقراء، أو ما أشبه ذلك، لكن إذا دفعها للفقراء المحاويج من الطلبة في المدرسة إذا كان فيها فقراء، طلبة فقراء، وأعطاهم من الزكاة، ومدرسين فقراء ليس لهم رواتب ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (261).

تكفيهم، وأعطاهم من الزكاة مما يعينهم على تدريس أبناء المسلمين، هذا كله طيب ولا حرج، فيه مصلحتان؛ مصلحة أنهم فقراء، ومصلحة أنهم يطلبون العلم، أو يعلمون الناس.

حكم صرف الزكاة في بناء المساجد

178 - حكم صرف الزكاة في بناء المساجد س: إذا كان لدي مال فهل يجوز أن أصرف زكاته في بناء مسجد، أو لابد من صرفها على الفقراء؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: الزكاة لا تصرف في عمارة المساجد والمدارس، ولكن تصرف للأصناف الثمانية المذكورة في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} فأنت يا أخي اصرفها في الفقراء والمساكين، والحمد لله. س: هل الزكاة تجوز في بناء وتعمير المساجد أم لا؟ (¬3) ج: لا يجوز تعمير المساجد من الزكاة عند جمهور أهل العلم، بل ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (338). (¬2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (338). ') "> (¬3) السؤال الخامس من الشريط رقم (106). ') ">

هو كالإجماع من أهل العلم، وإنما أجاز هذا بعض المتأخرين، وليس عليه دليل، بل الصواب أن الزكاة تصرف في مصارفها الثمانية، وليس من ذلك تعمير المساجد، ولا المدارس، ولا غيرها، بل الزكاة تصرف في الجهات الثمانية المذكورة في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} قال جمهور أهل العلم معنى قوله: في سبيل الله، يعني الجهاد، وبعض المتأخرين قال: في سبيل الله يعم الجهاد والمساجد والمدارس والربط، وأشباه ذلك من المشاريع الخيرية، كالقناطر وإصلاح الطرق ونحو ذلك، ولكن الذي عليه أكثر أهل العلم وهو الأرجح أن في سبيل الله، يخص الجهاد والدعوة إلى الله سبحانه؛ لأنها من الجهاد أمَّا المساجد والمدارس والقناطر والربط ونحو ذلك فهذه تعمر من بيت المال، ومن مساعدة المسلمين؛ لأنها مصالح عامة. س: السائل: أ. أ. يقول: هل يجوز الصرف على المساجد، وذلك

لترميمها أو فرشها الفرش الطيب، ونحو ذلك، وذلك من الزكاة؟ ج: المساجد ليست من مصارف الزكاة، بناؤها ولا فرشها، مصارف الزكاة وضحها الرب جل وعلا في قوله سبحانه: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} فليست المساجد من مصارف الزكاة، لا بناءً ولا فرشًا، ولا غير ذلك، وفي سبيل الله يعني الجهاد، فالزكاة لا تصرف في المساجد، لا في تعميرها ولا في فرشها.

حكم إعطاء الأسرة من الزكاة إذا كان بعض أفرادها لا يصلي

179 - حكم إعطاء الأسرة من الزكاة إذا كان بعض أفرادها لا يصلّي س: هل تجوز الزكاة لأسرة فقيرة أحد أفرادها لا يصلي، وهو يأكل معهم، فإذا لم تجب، فهل يجب إعادة الزكاة كلها، أم جزء منها بنسبة هذا الفرد إلى عدد أسرته؟ (¬1) (¬2) ج: الزكاة يعطاها من يستحقها من المسلمين ولو أكل معهم شخص آخر غير مسلم، المقصود يعطاها المسلمون، والفقراء والمحتاجون ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (299). (¬2) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (299). ') ">

إليها، ولا يضرهم كونه يوجد من بينهم من قد يختفي كفره إذا كانت معطاة ومسلمة للمسلم. س: من المستمع س. أ. من مدينة القاهرة، يسأل ويقول: نحن نقوم ببناء مسجد بالجهود الذاتية، ونجمع زكاة المال، وننفقها في هذا المسجد، فهل هذا يجوز؟ (¬1) ج: الصواب عند جمهور أهل العلم أن الزكاة لا تصرف في المساجد، بل تصرف للأصناف الثمانية التي بينها الله، لقوله عز وجل: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ}. هذه مصارف الزكاة، ليس منها المساجد والمدارس، والمراد بـ {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} الجهاد، فالواجب على المؤمن والمؤمنة أن يتقيا الله في صرف الزكاة، وألا تصرف إلا في أهلها، لا في مساجد، ولا في الأغنياء، ولا في أولادك، ولا في آبائك، ولكن تعطيها الفقراء من إخوتك الفقراء، أو أخوالك، أو أعمامك، أو بني عمك الفقراء، أو غيرهم من الناس الفقراء المسلمين. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (311). ') ">

س: جمعنا أموال الزكاة وأقمنا بها مسجدًا يتعلم الناس فيه شؤون دينهم، ومن ذلك الصلاة، علمًا بأن ليس هناك من يستحق هذه الزكاة في المكان الذي جمعت منه، فهل في ذلك حرج؟ ج: المساجد لا تبنى من الزكوات في أصح قولي العلماء، عند جمهور أهل العلم، فالذي قدم الزكاة لبناء المسجد يجب عليه أن يعيد ذلك، وأن يزكي زكاة أخرى للفقراء والمساكين، أو الغارمين أو غيرهم من أصناف الزكاة، وهذه النفقة التي صرفت على المسجد تكون صدقة مطلقة، له أجرها، وفضلها عند الله عز وجل، وعليه أن يخرج الزكاة في أصنافها بدلاً من المال الذي صرفه في تعمير المسجد، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، وهو أصح قولي العلماء؛ لأن تعمير المساجد ليس من أصناف الزكاة الثمانية، وأما قوله سبحانه: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} فالمراد به الجهاد كما هو قول جمهور أهل العلم.

حكم إعطاء الزكاة لمن يستحقها ويرفض أخذها

180 - حكم إعطاء الزكاة لمن يستحقها ويرفض أخذها س: يقول: إن له نصيبًا في الزكاة فيما يرى، لكنه يرفض أخذها،

فما الحكم؟ (¬1) (¬2) ج: هذا يخضع لما يقدر من المصالح، فإذا كان يرى أن ترك الأخذ من هذا المال من الزكاة فيه مصلحة له فلا بأس؛ لأنه ينظر ما هو الأصلح، ليس لازم أنه يأخذ من الزكاة إذا كان عنده ما يسد حاله، أو زكاةٌ أخرى يُسِّرت له من جهة أخرى، وهذا الذي يأخذ منه الزكاة يعني قد يضره، أو يمن عليه، أو يؤذيه، أو ما أشبه ذلك، إذا كان ترك ذلك لأسباب بيّنة واضحة فلا بأس، المقصود ينظر ما هو الأصلح، يأخذ من هذا ولا يأخذ من هذا، ينظر ما هو الأصلح في دينه وسمعته، وعدم إيذاء المعطي له، أو منته عليه، أو ما أشبه ذلك، يتحرى ما هو الأصلح. إذا كان يخشى أن تعوده الخمول والكسل يترك، ويعمل يجتهد إذا كان يستطيع، يعمل ويكتسب لعله يدرك ما يكفيه، ويستغني عن الصدقة، عن الزكاة، إذا كان عنده قدرة فالواجب عليه أن يعمل ويجتهد، ولا يلجأ إلى الصدقات، بل يعمل حتى يدرك حاجته. س: يسكن منزلاً مؤجرًا بعشرين ألف ريال، له أطفال، راتبه الشهري حوالي خمسة آلاف ريال، هل يجوز له أن يأخذ الزكاة، مع ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (362). (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (362). ') ">

العلم بأنه ليس عليه ديون، ولكنه يريد أن يجمع كي يشتري منزلاً، وما حكم الفلوس التي أخذها من أعمامه وأقاربه، هل يقوم بإرجاعها، أم ماذا يفعل؟ وجهونا مأجورين. ج: لا يجوز له أخذ فلوس الزكاة ما دام هذا المبلغ الذي أرسل إليه يكفيه في السكن وفي حاجة النفقة، إذا كان راتبه يكفيه لحاجة النفقة وحاجة الأجرة فلا يجوز أن يدفع له شيء من الزكاة لشراء المنزل، أو الاستئجار، أما إذا كان راتبه لا يكفي؛ لكثرة العائلة والنفقة فله أن يأخذ من الزكاة ما يشتري به سكنًا، أو يستأجر به.

حكم من يأخذ الزكاة وهو غير مستحق لها

181 - حكم من يأخذ الزكاة وهو غير مستحق لها س: هل يجوز لشخص لا تحل له الزكاة أن يأخذها؟ (¬1) ج: إذا كان الرجل لا تحل له الزكاة يحرم عليه أخذها، ولو أراد أن يعطيها غيره ليس له أخذها إلا بإذن صاحبها، إذا قال: أنا أريد أن أعطيها أناسًا فقراء، يوكله في ذلك، هذا من باب التوكيل، أما أنه يأخذها على أنه فقير، ولكن في نيته أن يعطيها غيره فلا، الواجب عليه ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (11).

أنه لا يأخذها إلا إذا كان أهلاً لها، إلا إذا كان من باب الوكالة ليدفعها إلى أناس فقراء، فليصرح لصاحب الزكاة بذلك، يخبره بذلك حتى يوكله أو لا يوكله.

حكم إعطاء الزكاة لمن لا يستحقها عن غير علم

182 - حكم إعطاء الزكاة لمن لا يستحقها عن غير علم س: يقول السائل: أحد المدرسين من الإخوة المصريين أعطاني خمسين ريالاً، وقال: خذ هذه الخمسين، وأعطها أي شخص ترى أنه مستحق لها، فإنها من زكاة مالي، فأخذتها وأعطيتها شخصًا تبين بعد ذلك أنه غير مستحق لها، علمًا أن هذه الحادثة وقعت منذ وقت بعيد، وكلما تذكرتها أضيق، ويؤنبني ضميري؟ (¬1) (¬2) ج: إذا كان الشخص الذي دفعت له الخمسين أظهر الفقر والحاجة، ودفعتها إليه بسبب ما ظهر لك من حاجته وفقره فلا حرج في ذلك، فقد وقعت موقعها وأجزأت والحمد لله، أما إن كنت أعطيتها إياه من غير نظر ولا تأمل، ولم يظهر لك أنه محتاج، وتساهلت في ذلك فإنك تغرمها، وتعطيها شخصًا تعرف حاجته وفقره. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (35). (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم (35). ') ">

س: إذا دفعت الزكاة لشخص أعتقد أنه فقير، وتبين غير ذلك، هل أكون قد أديت الزكاة؟ ج: نعم، الصحيح أنه يجزئ؛ لأن ضبط فقر الناس فيه تعب، فإذا ظن أنه فقير من علامات، أو بشهادة من بعض الناس، ثم بان أنه غني يجزئه ما أخرج.

حكم إعطاء المتسولين من أموال الزكاة

183 - حكم إعطاء المتسولين من أموال الزكاة س: هل إعطاء الصدقات للمتسوّلين يعتبر زكاة؟ (¬1) (¬2) ج: نعم، إعطاء السائل الذي لا تعرف حاله، أو تعرفه بالفقر لا مانع منه، ويجوز أن يكون ذلك من الزكاة؛ لأنه من أهلها، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} فالسائل من أهل الحق، إلا إذا عرفت أنه غني، فإنّك تنصحه وتحثّه على التّعفف، وتخبره أن سؤاله لا يجوز، ولا يجوز لك أن تعطيه من الزكاة؛ لأنه لا يستحقها، أمَّا إذا كان معروفًا أنه فقير، أو مجهول الحال، فهذا لا مانع من إعطائه. ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (178). (¬2) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (178). ') ">

السائلون أقسام ثلاثة: معروف بالغنى، هذا لا يعطى من الزكاة، بل يزجر ويحذر، ويخبر بأنه لا يجوز له السؤال، بل منكر في حقه، والثاني: معروف بالفقر، هذا يعطى، والثالث: مجهول الحال، فهذا يوز إعطاؤه ولا حرج. س: يقول السائل: احترت كثيرًا فيمن يتسولون، هل أعطيهم أم أمنعهم، أفيدونا جزاكم الله خيرًا. ج: السنة أن تعطي المتسول، إلا أن تعلم أنه كذّاب، أو أنه غني فلا تعطه، بل انصحه، وقل: اتق الله، هذا لا يجوز لك، أما إذا كنت تعرف أنه فقير، أو تجهل حاله، لا تعلم حاله، فالسنة أن تعطيه؛ لقول الله عز جل يوصي المؤمنين: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}. في آية أخرى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} فالسنة أن تعطي السائل وتحسن إليه ما دمت لا تعرف عنه أنه كذاب، وأنه غني، تعطيه سواء كان مجهولاً أو معروفًا لديك بأنه فقير، فالسنة أن تعطيه

وتحسن إليه.

حكم من وكل بإيصال زكاة مال فأكله

184 - حكم من وكل بإيصال زكاة مال فأكله س: من الجبيل: الأخ الذي رمز لاسمه بالحروف ع. ع. ع. يقول: عندما كنت أبلغ الثالثة عشرة، وفي نهاية ذلك العام أرادت والدتي أن تخرج زكاة الذهب الذي تملكه، وأخذت ذلك المبلغ لكي أتصدق به، وكنت في حاجة ماسة إليه، وبعد مرور سنتين قلت في نفسي: هل هذا المبلغ حرام؟ مع العلم أن والدتي لم تعلم حتى الآن، فكيف أتصرف الآن؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: عليك أن تغرمه وتعطيه لبعض الفقراء بنية الزكاة؛ لأن أمك وكّلتك في ذلك، فعليك أن تغرم المال الذي تصرفت فيه، وأن تعطيه بعض الفقراء بنيّة الزكاة عن أمك، أو تخبرها وهي تقوم بذلك، تفعل الزكاة عما مضى؛ لأنه دَين في ذمتك، وليس لسنّ التكليف تأثير، عليك أن تغرم ما وكلت فيه ولو أنك صغير. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (348).

حكم صرف الزكاة في كفالة الأيتام

185 - حكم صرف الزكاة في كفالة الأيتام س: هل تعتبر كفالة الأيتام من مصارف الزكاة؟ (¬1) ج: إذا كان اليتيم فقيرًا يكون من مصارف الزكاة، داخل في الفقراء والمساكين، إذا كان فقيرًا ما خلّف له والده ما يقوم بحاله، ولا عنده من ينفق عليه من أقاربه يعطى، أما أن يكون له مال ينفق عليه منه لا يعطى من الزكاة. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (382).

حكم الاكتفاء بكفالة الأيتام عن إخراج الزكاة

186 - حكم الاكتفاء بكفالة الأيتام عن إخراج الزكاة س: إذا تصدق رجل بمبلغ معين للأيتام شهريًّا ولم يخرج زكاة ماله، مع العلم أن الصدقة التي يتصدق بها أكثر من الزكاة المستحقة بكثير، فهل يجزيه ذلك عن الزكاة، حتى وإن لم ينوِ أن تكون هذه الصدقة هي زكاة ماله؟ (¬1) ج: إذا كان الأيتام فقراء، ونوى أن ما صرفه فيهم من زكاته فلا بأس، أمّا إذا كان ما نوى، وإنّما تصدق عليهم وأنفق عليهم احتسابًا، ولم ينوه زكاة فإنها لا تجزئ، لا تكون زكاة إلا بالنية؛ لقول المصطفى عليه ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (155).

الصلاة والسلام: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» (¬1) فإذا أعطى فقيرًا أو يتيمًا فقيرًا مالاً ولم ينوه زكاة، إنما نواه صدقة أو مساعدة، فإنه لا يكون من الزكاة، ولا يحسب من الزكاة، إلا إذا نوى ما صرفه لليتيم الفقير، أو للسائل الفقير، إذا نواه زكاة صار زكاة الأعمال بالنيات. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1).

حكم استفادة الأغنياء من الضمان الاجتماعي

187 - حكم استفادة الأغنياء من الضمان الاجتماعي س: هل يجوز الضمان الاجتماعي لمن ليس في حاجة له؟ (¬1) ج: الذي نعلم أن الحكومة وفقها الله جعلت الضمان الاجتماعي للفقير، فالذي لا توفر فيه الشروط ليس له أخذ الضمان، وليس له أن يكذب، إنما يأخذ الضمان من كان من أهله، من توافرت فيه الشروط المطلوبة، أما الذي يكذب ويزعم أنه فقير، أو تزعم أنها ليست ذات زوج، أو ما أشبه ذلك فليس له أخذ ذلك، الحاصل أنه لا يجوز أخذ الضمان، إلا للذي توفرت فيه الشروط التي وضعتها الدولة، هذا هو الواجب عليه، الواجب أن يتقي الله المؤمن، وأن يحذر أخذ شيء لا يحل له. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (11).

حكم اتخاذ المصاحف وفرش المسجد صدقة جارية

189 - حكم اتخاذ المصاحف وفرش المسجد صدقة جارية س: يقول السائل: عندما أذهب إلى بلدي في الإجازة آخذ معي من المصاحف، وآخذ فرشًا للمسجد، هل هذا يعتبر صدقة جارية، وأيضًا أرجو أن تحدثوني كثيرًا عن الصدقة الجارية ابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى (¬1). ج: نعم، المصاحف والكتب العلمية، وفرش المسجد من الصدقة الجارية ما دامت ينتفع بها، وهكذا بناء المساجد من الصدقة الجارية، وبناء المدارس لتدريس العلم الشرعي من الصدقة الجارية، وإصلاح الطرق للمسلمين من الصدقة الجارية، وهكذا توزيع الكتب على الناس، الكتب النافعة المفيدة، من الصدقة الجارية، وهكذا إيقاف الأوقاف الشرعية في وجوه الخير، كأن يوقف بيتًا تصرف غلته لفقراء المسلمين، أو في عمارة المساجد، أو في توزيع الكتب المفيدة والمصاحف، كله من الصدقة الجارية، فالصدقة الجارية تشمل صدقة المال، وبإيجاد الأوقاف الشرعية النافعة، وبناء المساجد، وجميع ما يبقى نفعه للمسلم، كله يسمى صدقة جارية، تبقى هذه الصدقة الجارية ما دام النفع مستمرًّا، ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (327).

وما دام الفراش ينتفع به، ما دام الكتاب ينتفع به، وما دام المصحف ينتفع به، ما دام المسجد ينتفع به، وهكذا، كله صدقة جارية، والمال الذي يبذل في سبيل الله لغلة الوقوف من الصدقة الجارية.

حكم التصدق على المساجد

190 - حكم التصدق على المساجد س: هل تجوز الصدقة على المساجد؟ (¬1) ج: نعم، الصدقة على المساجد طيّب، ومن أفضل القربات، إذا كانت الصدقة تطوعًا ما هي زكاة، فإذا بنى المساجد، أو رمّمها، أو كمل نقصها، أو فرشها هذا عمل صالح وقربة إلى الله عز وجل، لكن من غير الزكاة، أما الزكاة فتكون في الأصناف الثمانية، المذكورة في قوله سبحانه: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} في سبيل الله هم المجاهدون. ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (222).

بيان فضل شراء كتب العلم الشرعي والتصدق بها

191 - بيان فضل شراء كتب العلم الشرعي والتصدق بها س: يقول السائل: إذا امتلكت مبلغًا من المال عن طريق حلال،

فأيهما أفضل، أن أشتري بها كتب علم وأتصدق بجزء من المال، أم أتصدق بالمال جميعًا؟ (¬1) ج: إذا كان عند إنسان رأس مال، وهو يحتاج لكتب العلم فكتب العلم أولى، يشتري كتب العلم حتى يستفيد منها، أو عنده من يحتاج إليها في بعض البلد، يضعها في مكتبة يستفيد منها طلبة العلم، ويشتري كتبًا تنفع الناس، مثل الصحيحين والسنن الأربع، ومثل المغني، ومثل غيرها من الكتب النافعة، وتفسير ابن كثير، وتفسير البغوي، وتفسير ابن جرير، إلى غير ذلك من الكتب المفيدة، فكونه يشتري كتبًا مفيدة في مكتبة يحتاجها هو، أو يحتاجها أولاده أو إخوانه وطلبة العلم، أو يجعلها في مكتبة المسجد، أو في المكتبات العامة، يرد إليها الناس، ويستفيد منها الناس، هذا أولى من الصدقة، وأما إن كان ما هناك حاجة إلى المكتبة؛ لأن هناك كتبًا تغني عن شرائه، فإذا تصدق بها على الفقراء من أقاربه أو غيرهم فهذا حسن، هذه قربة إلى الله جل وعلا، لكن الكتب إذا كانت لها حاجة أنفع وأفضل؛ لأن نفعها أعظم. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (5).

بيان فضل الصدقة على الأقارب

192 - بيان فضل الصدقة على الأقارب س: هل نصرف الصدقة على الأقارب أم لا؟ وهل نتصدق بطعام أو مال؟ (¬1) (¬2) ج: نعم، الصدقة في الأقارب صلة وصدقة، فيها أجران؛ أجر الصلة وأجر الصدقة إذا كانوا فقراء، فهم أولى من غيرهم، والصدقة فيهم مضاعفة فهي صلة رحم وصدقة، إذا أهديت إليهم هذا من صلة الرحم، ومن أسباب المحبة والمودة، والتقارب وصفاء القلوب، فعليكم بالصدقة، وأوصيك أيها السائل وغيرك ممن يسمع هذه الكلمة، فأوصي الجميع بالصدقة والكلام الطيب، والدعاء للمسلمين، والدعاء لأقاربك وإخوانك بالتوفيق والهداية، وصلاح النية والقول والعمل، كل هذا مطلوب. س: سائلة تقول: أريد أن أتصدق على روح والدتي بمبلغ من المال، فهل يجوز أن أعطي لأخي هذا المبلغ، حيث إنه ذو عيال، وعليه ديون كثيرة؟ ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (333). (¬2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (333). ') ">

ج: نعم، وفيه أفضل، صدقة وصلة، صرف المال في أخيكِ، أو في عم، أو نحوه من المحتاجين، يكون فيه أجران؛ أجر الصدقة وأجر صلة الرحم، هذا أفضل من الصدقة على البعيد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصدقة على الفقير صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان؛ صدقة وصلة» (¬1) ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الزكاة، باب ما جاء في الصدقة على ذي القرابة، برقم (658)، والنسائي في كتاب الزكاة، باب الصدقة على الأقارب، برقم (2582)، وابن ماجه في كتاب الزكاة، باب فضل الصدقة، برقم (1844).

بيان تفسير قوله تعالى (متاع قليل) وصلة ذلك بالصدقة

193 - بيان تفسير قوله تعالى: {مَتَاعٌ قَلِيلٌ} وصلة ذلك بالصدقة س: هل معنى كثرة الرزق متاع قليل، ثم بعده عذاب عظيم؟ (¬1) ج: الدنيا كلها متاع قليل، قال الله تعالى: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ}. وقال تعالى: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ}. ولو كان عنده ملك قارون وأمثاله وأمثال أمثاله، كلها قليل. لكن إذا استعان به على طاعة الله، وجاد به على عباد الله نفعه ذلك ولو كان قليلاً، تصدق وأحسن وأقام مشروعات خيرية، وعمّر مساجد، ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (359).

وتصدق على الفقراء، إلى غير ذلك، كل هذا ينفعه ذلك.

حكم إنفاق المرأة مما يأتيها من أهلها من غير إذن زوجها

194 - حكم إنفاق المرأة مما يأتيها من أهلها من غير إذن زوجها س: عندما يأتي المرأة أهلها زائرين، ويحضرون لها معهم شيئًا من طعام، وأحبت أن تتصدق منه، فهل هي آثمة إن تصدقت منه بغير إذن زوجها ورضاه؟ (¬1) ج: هذا الطعام هدية من أهلها لها ولزوجها، فإذا تصدقت منه لكونه كثيرًا يفضل عن حاجتها وحاجة زوجها فلا بأس، أمّا إذا كان بقدر الحاجة فلا، إلا بإذنه؛ لأن الهدية المطلوب أكلها، وأكل زوجها من هذه الهدية، أو من هذا الطعام، والمقصود منه أيضًا مراعاة خاطر الزوج وخاطر الزوجة، والتقرب إليهما بما يسرهما من هذه الهدية، فإذا كانت الهدية بقدر الحاجة فلا، أمّا إذا كانت الهدية واسعة كثيرة فالطعام الذي يفضل الصدقة منه خير من أن يفسد ويضيع. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (192).

حكم التصدق على المتسولين الواقفين في الشوارع

195 - حكم التصدق على المتسولين الواقفين في الشوارع س: يوجد لدينا أشخاص يقفون في الطرقات، ويمدون أيديهم التماسًا للحصول على النقود، ولا ندري عن هؤلاء الأشخاص

هل يصلّون ويستحقون الصدقة، أم لا، وكذلك لا ندري هل هم بحاجة إليها أم لا، ومع هذا فإننا نتحرج إذا لم نعطهم، تطبيقًا لقوله تعالى: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} فهل إعطاؤهم جائز ومطلوب منّا، أم هو من قبيل معاونتهم على البطالة والتكاسل عن العمل، وإذا كنا لا نعرف حالهم، هل هم مقيمون لحدود الله أم لا، فما الحكم لما نقوم به؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: يقول الله سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} في أموال المؤمنين حق للسائل والمحروم، والسائل له أحوال ثلاثة: تارة تعلم أنه غني، وتارة تعلم أنه فقير، وتارة لا تعلم حاله، فإذا كنت لا تعلم حاله، أو تعلم أنه فقير فالسنة أن تعطيه ما تيسر ولو قليلاً؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا النار ولو بشق تمرة» (¬3) أما إن كنت تعلم أنه غني، فالواجب نصيحته ونهيه عن هذا ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (143). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (143). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب اتقوا النار ولو بشق تمرة، برقم (1417)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة، برقم (1016).

العمل، وزجره عن ذلك؛ لأن الله حرمه عليه، لا يجوز سؤاله عن غنى، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سأل الناس أموالهم تَكَثُّرًا فإنما يسأل جمرًا، فليستقل أو ليستكثر» (¬1) فالواجب على من كان عنده ما يكفيه ألا يسأل، وأن يحذر السؤال، أما أنت أيها المارّ بالسائل إذا كنت لا تعرف حاله، أو تعرف أنه فقير، فيستحب لك أن تعطيه ما تيسر؛ للآية الكريمة: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}. وفي آية أخرى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}. وليس لك أن تنهره؛ لقول الله سبحانه: {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ}. ولقوله جل وعلا: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى}. وإذا كان شابًّا تنصحه أن يعمل إذا وجد عملاً حتى يستغني عن السؤال، إذا كان قويًّا حتى ولو كان غير شاب، إذا كان قويًّا تنصحه أن يعمل ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب كراهة المسألة للناس، برقم (1041).

ويكدح، يطلب الرزق حتى يغنيه الله عن السؤال، فالمؤمن ينصح أخاه، ويوجهه إلى الخير، ويعينه إلى الخير، ويساعده إذا احتاج إلى مساعدة. س: ظاهرة التسول منتشرة في كثير من البلاد، ما حكم الامتناع عن التصدق على أولئك المتسولين؛ لأننا نعلم هل هم محتاجون حقًّا، أم أنهم محتالون، حيث سبق أن كثيرًا منهم ليسوا في حاجة، ولكن اتخذوا من التسول عملاً، فما الواجب تجاههم؟ (¬1) ج: السنة الصدقة عليهم إذا كنت لا تعرف أحوالهم، أو تعرف أنهم فقراء؛ لقول الله سبحانه في مدح المؤمنين المتقين: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} فأثنى عليهم بإعطاء السائل، والمحروم وهو الفقير، هذا هو السنة، إذا كنت تعرف أنه فقير تعطيه أو لا تعلم حاله، أما إذا كنت تعلم أنه غني فإنك تنصحه وتستره، وتبين له أنه لا يجوز، فالسائل أقسام ثلاثة: سائل تعرف أنه غني لا يعطى، وسائل تجهل حاله يعطى، وسائل معروف أنه فقير يعطى. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (337). ') ">

س: هل تجوز الصدقة على أناس أعرف أنهم لا يصلون؟ (¬1) ج: إذا كان تطوعًا وترجو أن ينفعهم الله بذلك لفقرهم وحاجتهم فلا بأس بذلك؛ لأن الصدقة على الكافر جائزة، ومن ترك الصلاة كفر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬2) فمن ترك الصلاة من الرجال والنساء كفر، وإن لم يجحد وجوبها في أصح قولي العلماء، ولكن إن جحد وجوبها أو استهزأ بها صار كافرًا عند الجميع، نعوذ بالله من ذلك، لكن إذا كان فقيرًا، وأعطيته لفقره أو لقرابته وفقره فلا حرج عليك بذلك، ولعل الله أن يهديه بأسباب ذلك، ولعله يسمع منك النّصيحة بسبب ذلك قال الله سبحانه في كتابه العظيم: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} فأذن سبحانه أنه لا ينهانا أن نحسن إلى هؤلاء، يعني الكفرة الذين لم يقاتلونا، ولم يخرجونا من ديارنا، بيّن سبحانه أنه لا ينهانا عن برهم ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (126). ') "> (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428)، والترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

والإحسان إليهم، وفي الصحيحين عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما أخت عائشة رضي الله عنها، «أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم في وقت الهدنة التي كانت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة الصلح، قالت: يا رسول الله، إن أمي وفدت علي، وهي راغبة في الصلة، وهي كافرة على دين قومها، ثم قالت: يا رسول الله، أفأصلها، فقال عليه الصلاة والسلام: صليها» (¬1) فأمرها أن تصلها؛ لأنها أمها، وقد جاءت راغبة في البر والإحسان، وهي على دين قومها كفار أهل مكة، فدلّ ذلك على أنه لا مانع من صلة الكافر والإحسان إليه إذا كان فقيرًا أو قريبًا، أو لمقصد الدعوة والهداية والإرشاد والترغيب في الخير، فقد صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أعطى كثيرًا من الكفرة يوم حنين، أعطاهم أموالاً جزيلة، يرغبهم في الإسلام وهم كفار، من باب التأليف، فأعطى صفوان بن أمية وهو كافر مائة من الإبل من غنائمه في حنين، وأعطى أبا سفيان مائة من الإبل، وأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة بن حصن الفزاري رئيس فزارة مائة من الإبل، وأعطى العباس بن مرداس خمسين ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الهبة، باب الهدية للمشركين، برقم (2620)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين، برقم (1003).

من الإبل، ثم استزاده العباس فأعطاه كمال المائة، وأعطى غيرهم يتألفهم على الإسلام ويعينهم على الثبات على دين الحق، وأن يكونوا من أنصاره وأعوانه، فالله جل وعلا شرع لنا أن نتألف الكفار حتى يدخلوا في الإسلام، وأن نتألف حدثاء العهد بالإسلام حتى يقوى إسلامهم، وبهذا يعلم أن الصدقة على الكافر والفاسق من غير الزكاة لا بأس بها، وتجوز الصدقة على الكافر من الزكاة إذا كان مؤلفًا كرؤساء العشائر وكبار الناس إذا أعطاهم من الزكاة يتألفهم حتى يدخلوا في الإسلام، وحتى يتأسى بهم غيرهم، فلا بأس بذلك، كما قال الله عز وجل: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ}. والمؤلفة قلوبهم السادة الرؤساء المطاعون في عشائرهم، يعطون من الزكاة ما يقوى به إيمانهم، ما يرغبون إليه في الدخول في الإسلام، ما يرغبون به في إسلام نظرائهم، إلى غير ذلك من المصالح، والله ولي التوفيق. س: بجواري جار مسلم، لكنه لا يصلي، لو أعطيته صدقة أو نحوها أكون مأجورًا؟

ج: الواجب نصيحته وإنكار عمله السيئ وهو ترك الصلاة، فإذا استجاب فالحمد لله، وإلا فالواجب هجره ومقاطعته حتى يصلي؛ لأن ترك الصلاة منكر عظيم، بل كفر أكبر على أصح قولي العلماء، فلا يجوز التساهل معه، بل يجب أن ينصح ويوجه، وبين له عظم الخطر في عمله السيئ، ولا يعطى من الزكاة شيئًا حتى يسلم، حتى يصلي، أمّا صدقة التّطوع إذا أعطاه من باب الترغيب من باب الدعوة إلى الله كما يعطى الكافر المعاهد والذمي من صدقة التطوع فلا بأس من هذه الحيثية.

حكم إعطاء غير المسلمين من الصدقة

196 - حكم إعطاء غير المسلمين من الصدقة س: تقول السائلة: ما حكم الصدقة لغير المسلمين؟ (¬1) ج: الصدقة على غير المسلمين جائزة إذا كانوا ليسوا حربًا لنا، في حال أمان وهدنة ومعاهدة، ونحو ذلك فلا بأس؛ لقول الله عز وجل: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}. ولأنه ثبت في الصحيحين عن أسماء بنت ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (145).

أبي بكر رضي الله عنهما، «أن أمها وردت عليها وقت صلح الحديبية، حين صالح النبي صلى الله عليه وسلم أهل مكة، وفدت عليها في المدينة تطلب الرّفد منها، فقالت أسماء: يا رسول الله، هل أصلها؟ قال النبي عليه الصلاة والسلام: صليها» (¬1) فأمرها أن تصل أمَّها وهي كافرة، فالحاصل أن للمسلم أن يصل أقاربه الكفار، وغير أقاربه من الكفار بالمال والإحسان إذا كانوا ليسوا حربًا لنا في حال الهدنة، أمَّا إذا كانوا حربًا لنا في حال الحرب لا، لا يوصلون بشيء ولا يعانون بشيء، ولا يجوز أن يعانوا بشيء، لا قليل ولا كثير. ¬

(¬1) سبق تخريجه في ص (295).

حكم التصدق من الأموال المكتسبة من الحرام

197 - حكم التصدق من الأموال المكتسبة من الحرام س: ما حكم ومصير الأموال التي يكتسبها العبد من الحرام، فقد تاب إلى الله ثم تصدق بهذه الأموال، فهل يأجر عليها؟ أفتونا مأجورين (¬1). ج: يؤجر على التوبة، توبته من الحرام، وعليه أن يؤدي الأموال إلى أهلها إذا كان قد أخذها غصبًا أي سرقة، يردها إلى أهلها، والتوبة يأجره الله عليها، ويمحو عنه ما سلف، لكن عليه أن يرد المال والدراهم إلى ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (359).

أهلها، فإن كان ما يعرفهم يتصدق بها عنهم بالنية عنهم، مع التوبة إلى الله، والله يأجره على توبته سبحانه، وعلى تخليص ذمته من هذه الأموال التي أخذها بغير حق.

حكم التصدق بالفوائد الربوية

198 - حكم التصدق بالفوائد الربوية س: هل يجوز لي التصدق بالمبلغ المضاف إلى رأس المال الذي أضعه في البنك، والذي يسمى فائدة من بنوك الربا، علمًا بأنها ستضاف إليه، سواءً أبيت أم رضيت، مثلاً أتبرع بها للمركز الإسلامي، أو للمجاهدين، أو لغير ذلك (¬1) (¬2). ج: لا حرج، ولا تأكلها، ولكن تدفعها في وجوه الخير. س: الأخ ع. ع. يسأل ويقول: إنه عمل لفترة طويلة خارج وقت الدوام، وكان يستلم الاستحقاق في ذلك، إلا أنه لم يكن يداوم بالفعل، والآن بدأ يفكر في هذا الموضوع وضميره يؤنبه من ذلك ويرجو التوجيه، كيف يتصرف قي تلك المبالغ؟ ¬

(¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (177). (¬2) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (177). ') ">

ج: عليه التوبة إلى الله سبحانه بالندم على الماضي، والعزم ألا يعود في ذلك، والله جل وعلا يقول سبحانه:: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} وعليه أن يتصدق بما يظن أنه لم يقابل عملاً منه، ويظنه زائدًا على حقه حسب ظنه واجتهاده، يتصدق به في بعض الجهات الخيرية، مثل الفقراء، مثل المجاهدين، مثل إصلاح دورات المياه، إلى غير ذلك من وجوه الخير حسب ما يظن، يتحرى المبلغ الذي لا يستحقه فيتصدق به مع التوبة إلى الله والندم.

حكم التصدق بحق الغير إذا لم يمكن وصوله إليه

199 - حكم التصدق بحق الغير إذا لم يمكن وصوله إليه س: أثناء عملي مندوبًا في إحدى الشركات لتوزيع منتجاتها حدث أنني أخطأت ذات يومٍ مع أحد العملاء للشركة، وأخذت منه ثمن وحدتين من هذه البضاعة زيادة على حساب البضاعة التي أعطيتها له في هذا اليوم، ولم أعرف بذلك، وأثناء توريد الإيراد للشركة وجدت أن معي ثمن وحدتين زيادة عن المطلوب للشركة، وعندما رجعت إلى هذا العميل كالعادة لأعطيه بضاعته قال لي: إنني في المرة الماضية أعطيته البضاعة ناقصة وحدتين

وقلت له: إنني سأعطيك وحدتين، ولكن في يوم آخر، وحتى الآن لم أعطه إياها، حيث إنني استقلت من الشركة بعدها مباشرة، فماذا أفعل الآن، وأنا أرغب في أن أعطيه نقودًا ثمن تلك الوحدتين، إلا أنني لا أعرف مكانه بالضبط، فماذا أفعل جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) (¬2) ج: عليك أن تتصدّق بذلك على الفقراء بالنية عنه ويكفي، ومتى عرفته بعد حين وطلبها تخيره، إن شاء قبل الصدقة وصار أجرها له، وإن شاء أعطيته وصار الأجر لك. س: أخذت من شخص مبلغًا من المال، ولا أدري أين هو، والآن أريد أن أتصدّق بهذا المبلغ له، هل يجوز أن أتصدق به على أقاربي وله الأجر؟ (¬3) ج: نعم، لا بأس أن تتصدّق به، فإن أجاز ذلك، وإلا ترده إذا حضر وطالب بحقه، فإن أجاز الصدقة فله الأجر، وإن لم يجزها كان الأجر لك، وعليك أن تعطيه ماله. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (264). (¬2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (264). ') "> (¬3) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (335). ') ">

س: اشتريت ذات يوم من صاحب بقالة شيئًا، فأعطيته خمسين ريالاً، وأعطاني أربعمائة وخمسين ريالاً، وكنت عارفًا بالخطأ، وحينئذٍ ندمت، والآن أريد أن أعيد له ما يستحقه عندي، لكني لا أعرف مكانه، كيف تنصحوني أن أتصرف جزاكم الله خيرًا؟ ج: إذا لم تعرف مكانه ولا عنوانه تتصدق به بالنية عنه، تعطيه بعض الفقراء بالنية عنه، والله ينفعه بذلك، فإذا جاء بعد ذلك وعرفته تخيره، إن شاء قبل الصدقة، وإن شاء أعطيته ماله وكانت الصدقة لك والثواب لك، والحمد لله.

حكم التصدق بدين المتوفى إذا لم يعثر على ورثته

200 - حكم التصدق بدين المتوفى إذا لم يعثر على ورثته س: يقول السائل: إنه أخذ دينارًا من رجل، ثم توفي الرجل، ولم أعرف له أحدًا أبدًا، وله مدة طويلة متوفى ذلك الرجل، فماذا أفعل؟ (¬1) (¬2) ج: إذا كان عند الإنسان دَين أو رهن، أو وديعة لآخر ولم يعرف ورثته بعد موته، وسأل واجتهد ولم يعرف أحدًا، فإنه يتصدق بها في وجوه البر على الفقراء، أو عمارة مسجد، كلها مشروعات خيرية ينويها ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (25). (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (25). ') ">

عن صاحبها، بشرط أنه قد اعتنى واجتهد، وسأل عن أقاربه ولم يجد أحدًا، فإنه يتصدق بها على الفقراء، أو يصرفها في تعمير مسجد، أو مشروعات خيرية، أو يسلمها للقاضي في البلد، وهذا يكفي، ولكن إنجازها وصرفها في وجوه الخير أسرع بالخير وأنفع لصاحبها؛ لأنه يؤجر على ذلك إذا تصدق بها عنه كما بينا ذلك. س: السائل م. أ. س. من الرياض يقول: علي دَين لصديق انقطع الاتصال به، ولا أدري عنوانه الآن، والآن أريد أن أسدد ما علي، فما هي الوسيلة؟ أرشدوني جزاكم الله خيرًا؟ ج: المشروع لك أن تتصدق به عنه، والله جل وعلا ينفعه بذلك، وتبرأ ذمتك، ومتى جاء إليك يطلب حقه خيّره، فإن أمضى الصدقة فهي له، وإن لم يمضها كان لك أجرها، وتعطيه حقه، والحمد لله.

حكم التصدق بالعارية على المستعير إذا لم يردها

201 - حكم التصدق بالعارية على المستعير إذا لم يردها س: سائلة تقول: لي صديقة أخذت مني بعض الأشياء ولم تردها، وأخجل أن أطالبها، فهل لي أن أنوي من جديد بأنها

صدقة عليها؟ (¬1) (¬2) ج: لا مانع إذا أبحتها، جزاكِ الله خيرًا، بلغيها أنك أبرأتها، وأنكِ سامحتها، هذا طيب، وإن طالبتها حقك فلا بأس، إن طلبت وقلت، يا فلانة أرجو أن تردي علي حقي أو قرضي، يعني ما سلفتك فلا بأس والحمد لله، وإن سامحتها وأبرأتها فأخبريها ولك أجر الصدقة. س: تسأل المستمعة وتقول: أقوم بالتوفير من مصروفي، علمًا بأنها طالبة جامعية كما تذكر، وفي مرحلة الدراسة، ووالدها هو الذي ينفق عليها، تقول: وأجمع هذه الأموال وأتصدق بها على الفقراء، فهل لي الأجر، مع أن المال ليس لي؟ ج: نرجو لك الأجر إذا اقتصدت، أعطاكِ الوالد ما يكفيكِ واقتصدت، وتصدقت من ذلك، أرجو ألا يكون في هذا بأس، وأنك مأجورة؛ لأنكِ اقتصدت لطلب الأجر من الله والإحسان لعباده، فأرجو ألا حرج في ذلك. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (333). (¬2) السؤال من الشريط رقم (333). ') ">

حكم التصدق بمال الأب دون علم منه بذلك

202 - حكم التصدق بمال الأب دون علم منه بذلك س: يقول السائل: هل يجوز لي أن أتصدق من مال أبي وهو لا يعرف، علمًا بأنه مغترب، وإن كان موجودًا هل يجوز ذلك، علمًا بأن الصدقة قليلة ولا تؤثر في المال؟ (¬1) ج: إذا كانت الصدقة دارجة العادة وأبوك يسمح بها من فضول الطعام ما يبقى من الطعام لا بأس، أو شيئًا قد سمح به أبوك لك ولأهل بيتك فلا بأس، وإلا فلابد من إذنه؛ لأن المال ماله، فلابد من إذنه في الصدقة، وإذا أخذتم بالقاعدة قلتم له: نتصدق بكذا، وسمح لكم فلا بأس، الشيء الذي جرت به العادة أنه يسمح به أخرجوه من دون حاجة لإذنه، مثل فضول الطعام، مثل سقي الماء، مثل إعارة المتاع الذي يحتاجه الناس، لا بأس إذا كان عرفتم من والدك السماح بهذه الأمور. ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (288).

حكم تصدق الولد بهبات والده له إذا كان تاركا للصلاة

203 - حكم تصدق الولد بهبات والده له إذا كان تاركًا للصَّلاة س: تقول السائلة: والدي للأسف الشديد لا يصلي، ويقوم أحيانًا بإعطائي بعض النقود في المناسبات كالأعياد مثلاً، فهل يجوز لي

أن آخذها، وإذا أخذتها وتصدقت بها فهل تصحّ الصّدقة أم لا؟ (¬1) ج: لا بأس بأخذ الدراهم من والدك، ولا يلزم الصدقة بها، أما الانتفاع بها فلا حرج في ذلك مع النصيحة لوالدك بالكلام الطيب، وتخويفه من الله جل وعلا، وحثّه على الصلاة، كذلك تشجيع أعمامك، إن كان لك أعمام، أو إخوة كبار ينصحونه، أو جيران خيرون ينصحونه، ولا تغفلي ولا يغفل إخوانك، ولا أعمامك، عليكم أن تتقوا الله فيه وتنصحوه، وأن تستمروا في ذلك، أمَّا هديته فاقبلوها ولا حرج في ذلك. ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (293).

حكم ذبح الشاة بنية الصدقة فيأكل منها ويطعم جيرانه

204 - حكم ذبح الشاة بنية الصدقة فيأكل منها ويطعم جيرانه س: بعض الناس يذبح شاة ويقول: هي صدقة، لكن لا يعطيها للفقراء والمساكين، بل يأكلها هو وأهل بيته وجيرانه وأصحابه، فهل تعتبر هذه صدقة؟ (¬1) ج: إذا كان في جيرانه فقراء كانت صدقة عليهم، وهذا من باب إكرام أهله وجيرانه، ولو كانوا أغنياء لا بأس، يؤجر على ذلك؛ لأن إكرام الجار والإحسان إلى الجار فيه خير عظيم، فإذا أحسن إليهم ودعاهم ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (376).

وأكرمهم فهذا فيه خير عظيم، ولو كانوا أغنياء، وإن كان فيهم فقراء فقد أحسن إليهم أيضًا؛ لفقرهم ولكونهم جيرانه، كل هذا طيب، والحمد لله.

حكم ذبح البهيمة في شهر رمضان صدقة على الموتى

205 - حكم ذبح البهيمة في شهر رمضان صدقة على الموتى س: يقول السائل: بعض الناس يذبحون في رمضان ويقولون: اللهم اجعلها لموتانا، ما حكم ذلك؟ (¬1) (¬2) ج: لا حرج في ذلك إذا تصدقوا لموتاهم، ذبحوا ذبيحة أو أكثر، وقسموها على الفقراء في رمضان، الشهر الكريم، أو في غير رمضان، ووزعوها على الفقراء أو على أقاربهم، لا بأس بذلك صدقة، والحمد لله، أو وزعوا الفواكه، أو وزعوا أطعمة أخرى، أو ملابس كله طيب، أو نقود. س: يقول السائل: هل يجوز ذبح الحسنة للميت في عشوة رمضان، إذ إن هناك أناسًا يقولون: إن هذا العمل بدعة؟ ج: لا حرج في ذلك، إذا ذبح شاة أو غيرها في رمضان، ويوزع على الفقراء، أو على أقاربه أو جيرانه في هذا الشهر الكريم، هذا من باب تحري مضاعفة الأجر، فإن الصدقة في رمضان مضاعفة، وإذا ذبحها في ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (288). (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (288). ') ">

غير رمضان وتصدق بها كذلك لا بأس بذلك، الصدقة عن الميت ليست بدعة، بل سنة في رمضان، وفي غيره، باللحم أو بالفاكهة أو بالنقود أو بالملابس، كله طيب.

حكم ذبح البهيمة وتسميتها بصدقة البيت

206 - حكم ذبح البهيمة وتسميتها بصدقة البيت س: هناك بعض الناس يذبحون سنويًّا ذبيحة، ويسمونها صدقة البيت، هل هذا العمل مشروع أو لا؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: لا أعلم لهذا أصلاً، ذبيحة صدقة البيت، ما نعرف لها أصلاً، هذه بدعة ما لها أصل، إذا أراد أن يتصدق بها على الفقراء فما هي بصدقة البيت، يطلب بها ما عند الله، إن أراد أن يذبح كل يوم ويعطي الفقراء لا بأس، أمّا صدقة البيت فهذا شيء لا أصل له، هذه خرافة لا أصل لها. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (278).

المجلد السادس عشر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كتاب الصيام

كتاب الصيام 1 - حكم البشارة والتهنئة بشهر رمضان س: ما حكم استقبال رمضان والبشارة به والتهاني به من قبل الأصدقاء والرفاق (¬1) (¬2)؟ ج: رمضان شهر عظيم، شهر مبارك يفرح به المسلمون، كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يفرحون به، وكان النبي يبشر أصحابه بذلك، فإذا فرح به المسلمون واستبشروا به، وهنَّأ بعضهم بعضًا في ذلك فلا حرج في ذلك، كما فعله السلف الصالح؛ لأنه شهر عظيم مبارك يُفرَح به؛ لما فيه من تكفير السيئات، وحط الخطايا والمسابقة إلى الخيرات، وفيه أعمال صالحات أخرى. س: الأخ: أ. ب. من الرياض، يقول: في أول يوم من شهر رمضان، وبعد صلاة الظهر قام جماعة المسجد بالسلام فيما بينهم، والتهنئة بدخول ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (12). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (12). ') ">

الشهر الكريم، وقد أنكر عليهم أحد الإخوان، وقال بأن السلام والتهاني في الأعياد فقط، فهل كلامه صحيح؟ وهل التهنئة بدخول رمضان جائزة؟ وهل توجد عبارات في التهنئة (¬1)؟ ج: لا أعلم فيها بأسًا؛ لأنه شهر كريم فيه خير عظيم، فالتهنئة به لا بأس بها، والحمد لله، مثل ما يُهنَّأ بالولد، والمنزل الطيب، والقدوم من السفر، والسلامة، كل هذه أمور بين المسلمين لا بأس بها، مثل ما قال الله في حق المرأة إذا سمحت لزوجها: {فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}. أما صيغ أو عبارات في التهنئة فهي: بارك الله لكم في الشهر. أو: أهنئكم بقدوم الشهر. أو: أهنئكم ببلوغ الشهر. أو: مبارك هذا الشهر. أو ما أشبه ذلك، وكله طيب. س: ما حكم الاحتفال بشهر رمضان بعد صلاة العشاء، وسماع القرآن والوعظ والإرشاد؟ نرجو الإفادة. ج: رمضان شهر كريم، ينبغي فيه العناية بالصوم وقيام الليل والصدقات، كل هذا مشروع، فيصلي التراويح، يصلي في بيته إن كان ما صلى مع الناس ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (431). ') ">

في المسجد مع ما تيسر، يتصدق يعتني بالصدقة وفي أعمال الخير؛ لأنه شهر مبارك عظيم تضاعف فيه الحسنات، فالمشروع للمؤمن أن يعتني به من جهة الصلاة وغيرها.

بيان حكم صيام رمضان

2 - بيان حكم صيام رمضان س: سماحة الشيخ عبد العزيز، لعله من المناسب أن تتفضلوا بالحديث عن الركن الرابع من أركان الإسلام؛ صيام رمضان، تحدثونا - لو تكرمتم - عن هذا الركن وعن صيامه، ثم هناك بعض الأسئلة سيطرحها البرنامج لو تكرمتم (¬1). ج: لقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «بني الإسلام على خمس؛ شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت» (¬2) وصيام رمضان ركن عظيم من أركان الإسلام الخمسة، فرضه الله على عباده في السنة الثانية من الهجرة، وكان سبحانه وتعالى فرضه مخيِّرًا من شاء صام وهو أفضل، ومن شاء أطعم ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (84). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب بني الإسلام على خمس، برقم (8)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أركان الإسلام ودعائمه، برقم (16).

عن كل يوم مسكينًا وأفطر، كما قال عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}. فعلى هذه الآية كان المسلمون من شاء أطعم مسكينًا فأكثر وأفطر، ومن شاء صام، والصوم أفضل؛ ولهذا قال: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ}. ثم فرض الله عليهم الصيام - سبحانه وتعالى - في قوله: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. فقوله سبحانه: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} يعني مَنْ حضره صحيحًا مقيمًا وجب عليه الصوم، ونسخ التخيير، ومن كان مريضًا لا يستطيع الصوم يشق عليه الصوم، أو على سفر فله الفطر؛ ولهذا قال: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. يعني: فأفطر فعليه عدة من أيام أخر. وهذا من فضله سبحانه وإحسانه، وتيسيره على عباده؛ ولهذا قال

بعده: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ}. يعني في قضاء الأيام: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. فإذا صام بعد ذلك فأكمل العدة بعد بُرْئِهِ من مرضه، وبعد رجوعه من سفره. وقال عليه الصلاة والسلام: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه» (¬1) «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه» (¬2) والمعنى: من صامه إيمانًا بشرع الله له، وتصديقًا بذلك واحتساب الأجر عنده سبحانه وتعالى، لا مجرد تقليد للناس، ولا رياء، بل يصومه احتسابًا، يرجو ما عند الله سبحانه وتعالى، ويؤمن بأنه فرض عليه، شرعه الله له، فهذا يكون صومه فيه خير عظيم، ومن أسباب المغفرة، وهكذا قيام رمضان عن إيمان واحتساب يكون من أسباب المغفرة، أما مَنْ ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب صوم رمضان احتسابا من الإيمان، برقم (38)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان، برقم (760). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب تطوع قيام رمضان من الإيمان، برقم (37)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان، برقم (759).

صامه رياء أو تقليدًا للناس أو مجاملة أو ما أشبه ذلك فليس له هذا الفضل، ثم الواجب على المؤمن أن يصونه، وعلى المؤمنة كذلك؛ أن تصون هذا الصيام عن المعاصي، فإن المعاصي تجرحه وتضعف ثوابه، فالواجب على المؤمن وعلى المؤمنة أن يصونوا هذا الصيام من سائر المعاصي؛ من الغيبة والنميمة، وأكل الحرام، وسائر المعاصي، كل واحد يحاسب نفسه، فيتقي الله في كل شيء؛ حتى يبتعد عما يجرح صومه، وينقص ثوابه، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من لم يدَعْ قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدَع طعامه وشرابه» (¬1) رواه البخاري في صحيحه. وقال عليه الصلاة والسلام: «ليس الصيام من الطعام والشراب، إنما الصيام من اللغو والرفث» (¬2) قال بعض السلف: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء. فالصائم قد فعل عبادة عظيمة، وتَلَبَّسَ بعبادة عظيمة، وهي سر بينه وبين ربه سبحانه وتعالى، فيجب عليه أن يصونها ويحفظها من كل ما يجرحها وينقص ثوابها؛ ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب قول الله تعالى: (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)، برقم (6057). (¬2) أخرجه ابن حبان في صحيحه، في كتاب الصوم، باب آداب الصوم، برقم (3479).

حتى يؤديها كاملة، وهكذا يقول صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه» (¬1). فليلة القدر ليلة عظيمة في العشر الأخيرة من رمضان، شأنها عظيم، قال فيها الرب عز وجل: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلاَمٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}، فهذه الليلة ليلة عظيمة، العمل فيها والاجتهاد فيها في أنواع الخير خير من العمل في ألف شهر مما سواها، وهذا فضل عظيم، وقال فيها سبحانه: {حَمْ (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ}، فهي ليلة عظيمة تقدر فيها حوادث السنة، فينبغي من المؤمن أن يغتنمها أيضًا إذا بلغه الله العشر الأخيرة، وأن يجتهد في هذه العشر بأنواع العبادة؛ من صلاةٍ وذكرٍ وقراءةٍ وصدقاتٍ وغير ذلك؛ حتى يفوز بهذه الليلة، ولا شك أن من قام العشر الأخيرة محتسبًا فإنه يدركها ولا بد؛ لأنها واحدة منها، فعلينا جميعًا معشر المسلمين من ذكور وإناث أن نعرف لهذا الشهر ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من صام رمضان إيمانا واحتسابا، برقم (1901)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في قيام رمضان، برقم (760).

قدره، وأن نصون صيامنا وقيامنا عما يجرحه من سائر المعاصي، وأن نستكثر فيه من أنواع الخير، هذا زمن المسابقة، هذا ميدان السباق في الخير، فينبغي للمؤمن أن يسابق وينافس في هذا الشهر الكريم بأنواع الذكر والاستكثار من قراءة القرآن الكريم، بالتدبر والتعقل ليلاً ونهارًا، والإكثار من الصدقة وصلة الرحم، وبر الوالدين وكثرة الاستغفار والدعاء، وعيادة المريض إلى غير هذا من وجوه الخير، رزقنا الله وإياكم الاستقامة، وبلغنا وإياكم صيامه وقيامه. الكلمة الختامية في هذا اللقاء الوصية المكررة؛ بسؤال الله عز وجل أن يبلغ كل مسلم هذا الشهر الكريم، وأن يسأل ربه أن يبلغه إياه، وأن يعينه على صيامه وقيامه إيمانًا واحتسابًا، وكم لله من إنسان لا يبلغه وإن كان لم يبقَ إلا الشيء القليل، فوصيتي لكل مؤمن ولكل مؤمنة الضراعة إلى الله عز وجل، ودعاؤُه بصدق وإخلاص أن يبلغه هذا الشهر الكريم، وأن يعينه على صيامه وقيامه إيمانًا واحتسابًا، والعناية بالتوبة وتجديد التوبة قبل دخول هذا الشهر الكريم؛ حتى يدخل عليك شهر رمضان وأنت في سلامة من ذنوبك، قد محاها الله عنك بالتوبة الصادقة ثم العزم الصادق، أن تستقيم في رمضان، وأن تبتعد عن كل ما حرم الله عز وجل، هكذا ينبغي للمؤمن؛ أن يعزم عزمًا صادقًا، وأن يجتهد في رمضان، وأن يصون جوارحه عن محارم الله، وأن

يستكثر من الخير في الليل والنهار، ثم العزم الصادق ألاّ يعود للذنوب بعد رمضان، بل يصمم على أنه يستمر في الخير في رمضان وفي غيره، فهو لا يدري متى يهجم عليه الأجل، فليصمم على الخير والعمل الصالح؛ لعله يوفق فيستقيم إلى أن ينزل به الأجل، رزق الله الجميع التوفيق والهداية، وبلغ الله المسلمين جميعًا في كل مكان صيام هذا الشهر العظيم وقيامه، ورزقهم فيه الإيمان والاحتساب والصدق والإخلاص والمسارعة إلى كل خير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

بيان معنى حديث إذا دخل رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن

3 - بيان معنى حديث إذا دخل رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن س: في الحديث: «إذا دخل رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن» (¬1) هل معنى ذلك بأنه بعد انتهاء رمضان يخلصون إلى ما يخلصون إليه، ويتمكنون من انحراف الإنسان (¬2)؟ ج: الشياطين مسلطون على هذا الإنسان، كما قال تعالى: ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في فضل شهر رمضان، برقم (682)، وابن ماجه في كتاب الصيام، باب ما جاء في فضل شهر رمضان، برقم (1642). (¬2) السؤال من الشريط رقم (381).

{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا}. وقال سبحانه: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}. وقال جل وعلا: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}. فالشياطين من الإنس والجن مسلطون، والواجب على المؤمن أن يتقي شرورهم بسؤال الله العافية، وبالتعوذ بالله من شرهم، والجد في طاعة الله ورسوله، والحذر عما نهى الله عنه ورسوله؛ لعل الله يخلصه منهم، ولا ينبغي له التساهل، بل يجب أن يحذر شر الشياطين من الإنس والجن، وأن يتعوذ بالله من نزغاتهم وشرورهم، وأن يأخذ حذره دائمًا، كما قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ}. فيحذر الشياطين، ويحذر طاعتهم ويحذر وساوسهم، ويحذر ما يشيرون به؛ من شياطين الإنس والجن، ويكون عنده ميزانان: الكتاب والسنة، فيعرض ما يقع في خاطره، وما توسوس به نفسه على الكتاب والسنة، فما أجازه كتاب الله، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أو إجماع أهل العلم أخذ به، وما ظهر له منع الكتاب

له أو السنة له تركه، هكذا المؤمن يعرض مسائله على كتاب الله وسنة رسوله، قال الله جل وعلا: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}. وقال عز وجل: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}. أما إذا كان عاميًّا يسأل أهل العلم في زمانه، ولو بالسفر إليهم، يسأل عن علماء السنة؛ علماء الحق المعروفين، يسأل العلماء المعروفين بالعلم والفضل والعقيدة الصالحة والورع، يتحرى حتى يسأل خيرهم وأفضلهم عما أشكل عليه، والأمور عظيمة مهمة لا بد من العناية بها، لا بد أن يعتني، فلا يتساهل في الفتاوى، بل يعتني بسؤال أهل العلم المعروفين بالخوف من الله والخشية والعقيدة الطيبة، والعلم النافع حتى يدلوه على ما شرع الله، وعلى ما أوجبه الله، وعلى ما حرمه الله، أما إن كان ذا علم وذا بصيره فإنه ينظر في الأدلة الشرعية، ويعتني بالأدلة الشرعية، ثم يأخذ بما يراه أرجح وأقرب إلى الحق.

بيان شروط التوبة

4 - بيان شروط التوبة س: ما هي شروط التوبة من الذنوب الكبيرة والصغيرة؟ وكيف يستغل رمضان للتكفير عن الذنوب (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (143).

ج: التوبة لجميع الذنوب لا بد أن تشتمل على أمور ثلاثة كما ذكر أهل العلم، أولها: الندم على ما مضى من الذنب، يندم عليه ويحزن من فعله إياه. والأمر الثاني: الإقلاع منه وتركه خوفًا من الله وتعظيمًا له. الأمر الثالث: العزم الصادق ألا يعود إليه. هكذا تكون التوبة، وبهذا يمحو الله الخطايا ويحط السيئات، كما قال عز وجل: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. وقال سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمَِ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}. وهذا يعم جميع الذنوب؛ الشرك فما دونه متى تاب إلى الله من ذلك، هذه التوبة: وهي الندم على الماضي والإقلاع منه، وتركه والعزم الصادق ألا يعود إليه خوفًا من الله وتعظيمًا له، بهذا يعتبر تائبًا، ويكون كمن لم يذنب، التائب من الذنب كمن لا ذنب له، لكن إن كان الحق الذي تاب منه يتعلق بمخلوقين فلا بد أيضًا من أمر رابع: وهو رد حقهم إليهم أو استحلالهم منه. كما نص على ذلك أهل العلم وجاءت به السنة، فقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخِذَ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أُخِذَ من سيئات

صاحبه فحمل عليه» (¬1) فالواجب على من عنده حقوق للناس أن يدفعها إليهم، أو يتحللهم منها؛ حتى تتم توبته، وحتى تكمل توبته، فإن لم يفعل بقي عليه هذا الجزاء، وسوف يقتص منه يوم القيامة لصاحبه؛ إما أن يعطي من حسناته، وإما أن يحمل من سيئات المظلوم على حسب حاله، وفي الحديث الآخر يقول عليه الصلاة والسلام للناس: «أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. قال عليه الصلاة والسلام: إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصوم وزكاة، ويأتي وقد ضرب هذا، وشتم هذا وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته، قبل أن يقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار» (¬2) نعوذ بالله، فالواجب على من عليه شيء للغير؛ من أموال أو دماء أو أعراض أن يتحللهم، وأن يطلب منهم أن يبيحوه ويسامحوه، أو يرضيهم عن ذلك بما يشاؤون، حتى يسلم من تبعة هذه المظلمة، فإن لم يفعل بقيت عليه عهدتها وتبعتها إلى يوم القيامة، وأما بقية الذنوب مثل ما تقدم يكفي فيها الندم، والإقلاع والعزم الصادق ألا يعود إليها. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب من كانت له مظلمة عند الرجل فحللها له، وهل يبين مظلمته، برقم (2449). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (2581).

بيان كيفية صيام الجوارح عما حرم الله

5 - بيان كيفية صيام الجوارح عما حرم الله س: كيف تصوم الجوارح في رمضان (¬1) (¬2)؟ ج: صوم الجوارح بُعْدُها عما حرم الله عليها؛ اللسان يصوم عما حرم الله من الغيبة والنميمة والكذب ونحو ذلك، واليد تصوم عما حرم الله عليها من السرقة، ومن الظلم ومن العدوان ونحو ذلك، والقدم أيضًا تبتعد عما حرم الله عليها، فلا يسير إلى ما حرم الله، ولا يمشي إلى ما حرم الله، وهكذا البطن يصان عن أكل الحرام، فيصون بطنه عن أكل الحرام، ويصون سمعه عن سماع ما حرم الله؛ من آلات الملاهي، من الغيبة والنميمة إلى غير هذا. س: كيف تصوم الجوارح في رمضان؟ أرجو الإفادة؟ ج: صوم الجوارح بترك ما حرم الله من المعاصي، هذا صيامها، فلا يمس بيده ما حرم الله، ولا يمس بفمه ما حرم الله، ولا ينظر بعينه إلى ما حرم الله، ولا يمشي برجله إلى ما حرم الله، وهكذا صيامها إمساكها عما حرم الله؛ إذا صام المؤمن صامت جوارحه، صام لسانه عن الكذب، وصامت عينه عن النظر المحرم، وصامت يده عن البطش المحرم، ورجله عن المشي المحرم. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (381). (¬2) السؤال من الشريط رقم (381). ') ">

بيان حرمة التساب في شهر رمضان وغيره

6 - بيان حرمة التساب في شهر رمضان وغيره س: ما حكم اللعن في رمضان (¬1)؟ ج: اللعن في رمضان وفي غيره محرم، ولا يجوز التساب، الله جل وعلا أوجب على عباده حفظ ألسنتهم مما حرم عليهم، قال سبحانه: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}. وقال: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}. والإنسان مأمور بالحفظ؛ بحفظ لسانه، وصيانة جوارحه مما حرم الله عليه، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «ولعن المؤمن كقتله» (¬2) شبه اللعن بالقتل، وقال: «إن اللعانين لا يكونون شهداء، ولا شفعاء يوم القيامة» (¬3) وقال: «ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء» (¬4) ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (17). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال، برقم (6105)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه، برقم (110). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب النهي عن لعن الدواب وغيرها، برقم (2598). (¬4) أخرجه أحمد في مسنده من حديث ابن مسعود رضي الله عنه برقم (3938)، والترمذي في كتاب البر والصلة باب ما جاء في اللعنة، برقم (1977).

فالسب واللعن أمر منكر، وقال عليه الصلاة والسلام: «سباب المسلم فسوق، وتاله كفر» (¬1) فالواجب على المؤمن حفظ اللسان، وهكذا المؤمنة يجب عليهما حفظ اللسان عما حرم الله من السباب والكذب وقول الزور، سواء في رمضان أو في غيره، لكن في رمضان يكون الإثم أشد، السب في رمضان، أو في أيام ذي الحجة؛ تسع ذي الحجة يكون التحريم أشد والإثم أكثر، وإلا فاللعن محرم في جميع الأوقات، وفي جميع الأماكن، وعلى المؤمن أن يحذر ما حرم الله في كل وقت؛ من شتم ولعن وقول زور وغير ذلك، لكن في مثل رمضان وأيام ذي الحجة يكون الإثم أكثر وأشد، نسأل الله السلامة والعفو. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب ما ينهى من السباب واللعن، برقم (6044)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان قول النبي سبب المسلم فسوق وقتاله كفر، برقم (64).

بيان حرمة الغيبة والنميمة في شهر رمضان

7 - بيان حرمة الغيبة والنميمة في شهر رمضان س: تقول السائلة: بالنسبة لرمضان يا سماحة الشيخ، الغيبة والنميمة هل تفطران في رمضان؟ وما الأسباب المعينة على التدبر والخشوع في الصلاة (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (432).

ج: الغيبة والنميمة معصيتان كبيرتان، ولكن لا تفطر الصائم، لكن عليه إثم كبير؛ لأنهما من كبائر الذنوب في رمضان وفي غيره، لكن لا تفطر الصائم. أما الأسباب المعينة على التدبر والخشوع في الصلاة فمنها: الإقبال على الله، وتذكر أنه واقف بين يديه، وأن الله جل وعلا ينظر إليه؛ فيتذكر عظمة الله، وأنه بين يديه، وأن الله أوجب عليه أن يطمئن في صلاته حتى يخشع.

بيان معنى قول الزور

8 - بيان معنى قول الزور س: يقول هذا السائل: ما هو قول الزور المنهي عنه الصائم سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: قول الزور هو الكذب: قال فلان كذا، فعل فلان كذا، وهو يكذب، هذا قول الزور، الله يقول سبحانه: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}، يعني الكذب. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (430).

فضل التفقه في أحكام الصيام

9 - فضل التفقه في أحكام الصيام س: بم تنصحون الناس سماحة الشيخ حول الفقه في أحكام صيام رمضان (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (362).

ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» (¬1) فالواجب على المسلمين أن يتعلموا ما يخفى عليهم، وأن يسألوا أهل العلم عما أشكل عليهم فيما يتعلق بالصوم وغيره؛ لأن الله يقول سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» (¬2) ويقول عليه الصلاة والسلام: «من لم يدَع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه» (¬3) فالمؤمن يسأل ويتبصر ويتفقه في الدين؛ حتى يعرف ما أوجب الله عليه وما حرم عليه. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، برقم (71)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، برقم (1037). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره برقم (1893). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم، برقم (1903).

بيان وجوب الصيام على الصبي إذا بلغ خمسة عشر عاما

10 - بيان وجوب الصيام على الصبي إذا بلغ خمسة عشر عامًا س: متى يجب الصيام على الصبي؟

ج: إذا بلغ الحلم، إذا بلغ خمس عشرة سنة وجب عليه الصيام.

حكم من يصوم ولا يصلي

11 - حكم من يصوم ولا يصلي س: هذا السائل من اليمن يقول: ما حكم الصيام بلا صلاة؟ هل صحيح أن الصيام يقبل، ويتحمل الإنسان الإثم بعد ذلك؛ بتركة الصلاة؟ أم ماذا مأجورين (¬1)؟ ج: الصواب أنه لا يقبل؛ لأنه كافر، من ترك الصلاة كفر، تبطل أعماله، كما قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. والرسول عليه الصلاة والسلام قال: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬2) أخرجه مسلم في صحيحه. وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬3) أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (406). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428)، والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (1079).

بإسناد صحيح عن بريدة، رضي الله عنه. وقال عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة» (¬1) وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئًا تركه كفر إلا الصلاة، تركها كفر أكبر، هذا هو الصواب من قولي العلماء، وقال بعض أهل العلم: لا يكفر بذلك إلا إذا جحد وجوبها، ولكن يكون كفرًا أصغر، لا كفرًا أكبر. والصواب أنه كفر أكبر؛ لظاهر الحديث، نسأل الله العافية. ¬

(¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث معاذ رضي الله عنه برقم (21563)، والترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616).

حكم قضاء صيام رمضان للذي لا يصلي

12 - حكم قضاء صيام رمضان للذي لا يصلي س: يقول السائل أنا شاب في العشرين من العمر، ذهبت إلى الدراسة خارج المملكة، وقد مر عليَّ شهر رمضان في إحدى السنوات الأولى في بعثتي، ولم أصم ذلك الشهر للأسف من باب التفريط، وكذلك لم أكن أؤدي الصلوات في تلك السنة، ولكن بعد ما رجعت تبت إلى الله والحمد لله، ماذا أفعل في هذا الشهر الذي لم أصمه؟

هل أقضيه متواصلاً، أم متفرقًا؟ أم ماذا ترون (¬1) (¬2)؟ ج: ما دمت لا تصلي فالذي لا يصلي كافر، والتوبة تجب ما قبلها، فلا يقضي الصوم ولا الصلاة؛ لأن من ترك الصلاة كفر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬3) وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬4) لكن لو قضيتَ الصيام خروجًا ممن قال: إنه لا يكفر كفرًا أكبر إذا كان لا يجحد وجوبها. فلا بأس، لكن الصواب أنه يكفر تارك الصلاة وإن لم يجحد وجوبها، والكافر يكفيه التوبة، قال الله جل وعلا: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}. وقال جل وعلا: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}. فالتوبة تجب ما قبلها، وليس عليك قضاء إذا كنت لا تصلي كما قلت في السؤال، وبالنسبة للصلوات التي تركتها لا قضاء الصوم ولا الصلاة، التوبة تجب ما قبلها. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (383). (¬2) السؤال من الشريط رقم (383). ') "> (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428)، والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (1079).

س: الأخت: أم. ع. من الخرج، تقول: عندما كانت صغيرة فاتها أعوام لم تصم فيها. وتقول بأن أهلي لم يوجهوني على الصيام والصلاة، ولم أعرف أمور ديني، والآن أنا عمري ثمان وعشرون سنة، ماذا يلزمني من كفارة وصيام؟ ج: إذا كانت لا تصلي عليها التوبة، التوبة مما تركت من الصلاة والصوم يكفي، أما إن كانت تصلي، ولكن تركت الصيام فعليها القضاء عما مضى، أما إذا كانت لا تصلي جاهلة، تركت الصوم والصلاة لعدم التعليم فعليها التوبة ويكفي، والحمد لله.

بيان الواجب على الآباء في توجيه أولادهم إلى الخير

13 - بيان الواجب على الآباء في توجيه أولادهم إلى الخير س: هل من توجيه كريم للآباء والأمهات في توجيه أولادهم في السن المبكر؛ لتعويدهم على الأمور الشرعية (¬1)؟ ج: نعم، الواجب على الآباء والأمهات تعليم الأولاد وتوجيههم إلى الخير، وتعليم البنين والبنات، وإرشادهم فيما يتعلق بالصوم والصلاة وبما يتعلق بحيض المرأة وغير ذلك، يجب على الأب والأم إرشاد الأولاد، يقول ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (431).

سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}. فالله جل وعلا أمرهم بهذا، وقال صلى الله عليه وسلم: «لكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والراجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية، في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها» (¬1) كلهم راع، الواجب على الأب أن يعتني بالأولاد وأن يرشدهم، وهكذا الأم، كلهم مسؤولون: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. الأب يعلم أولاده الذكور والإناث، والأم كذلك؛ حتى ينشؤوا على خير وعلى هدى وعلى بصيرة، نسأل الله للجميع الهداية. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الجمعة في القرى والمدن، برقم (893)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر، برقم (1829).

حكم من يصلي ولا يصوم

14 - حكم من يصلي ولا يصوم س: ما حكم الإسلام في الذي يصلي ولا يصوم (¬1)؟ ج: حكمه أنه عاصٍ، يجب أن يتوب إلى الله، وإذا علم به ولاة الأمور ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (295).

يجب أن يؤدب ويضرب؛ حتى يتأدب ولا يعود.

حكم قضاء من كان لا يصلي ولا يصوم ثم تاب

15 - حكم قضاء من كان لا يصلي ولا يصوم ثم تاب س: هذا سائل سوداني ومقيم بالمنطقة الشرقية يقول: عندما كان عمري الحادية والثلاثين من العمر، كنت لا أصلي ولا أصوم إلا القليل، وكنت لا أبالي في ارتكاب الآثام قبل ثمان سنين، وقد منَّ الله عليّ عز وجل بالتوبة والاستقامة، أحمد الله على ذلك، فأرجو من سماحتكم أن توضحوا لي ماذا أعمل بالصوم الذي لم أصمه، ولا أدري عدد الشهور أو الأيام؟ وهل يلزمني إعادة الصلوات؟ وهل عليّ الحج (¬1) (¬2)؟ ج: التوبة تكفي والحمد لله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تجب ما قبلها» (¬3). ويقول صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (413). (¬2) السؤال من الشريط رقم (413). ') "> (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج، برقم (121)، والحديث جاء بلفظ (والهجرة تهدم ما كان قبلها)، ولم يرد بلفظ التوبة، وأخرجه أحمد في مسنده من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه برقم (17813)، بلفظ (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها)، وقد ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره (8/ 130). وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (3/ 38/1039): وفي ظني أن الحديث التبس أمره على ابن كثير ومختصره بالحديث الصحيح (إن الإسلام يجب ما كان قبله، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها).

ذنب له» (¬1) وهذا هو معنى قوله سبحانه: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}. وأجمع العلماء على أن هذه الآية الكريمة في التائبين، وأن من تاب إلى الله من شركه وكفره تاب الله عليه، وهكذا من جميع المعاصي، فليس عليك يا أخي قضاء للصلاة الفائتة التي تركتها ولا للصوم، والحمد لله، قد عفا الله عن ذلك بتوبتك، وعليك بالجد والاجتهاد في طاعة ربك والإكثار من العمل الصالح، والله يقول سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}. س: يقول السائل: حاليًا أعمل هنا في المملكة حيث كنت لا أصلي في جميع الأوقات، والآن - لله الحمد - التزمت، وأصوم أيام ثلاثة عشر، وأربعة عشر، وخمسة عشر من كل شهر والحمد لله، كما أداوم على قراءة القرآن الكريم في أكثر الأوقات. والسؤال: كنت في ¬

(¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250).

السابق لا أصلي إلا ما ندر، ولا أصوم في رمضان، وهجرت القرآن، هل عليّ إعادة لتلك الأيام (¬1)؟ ج: ليس عليك إعادة، التوبة تجب ما قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله والحمد لله، ما دمت رجعت إلى دين الله، وأسلمت وتبت فالذي مضى ليس عليك قضاء، ولكن عليك لزوم التوبة والاستقامة وكثرة العمل الصالح والاستغفار، وأبشر بالخير؛ التوبة تجب ما قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله والحمد لله. س: يقول السائل بعض الشباب يتذكر تلك الأيام، ويوسوس له الشيطان عن تلك الأيام التي لم يصلِّها، أو لم يصم فيها، هل من توجيه لأولئك الذين عادوا إلى الله (¬2)؟ ج: إذا خطرت له هذه الوساوس عليه أن يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويحسن ظنه بربه، ويكثر من الاستغفار ويكثر من التعوذ بالله من الشيطان، ولا يضره ذلك، الشيطان يوسوس ويؤذي المؤمن، ولكن عليه أن يكون قويًّا ضد عدو الله، وأن يستعيذ بالله من الشيطان، وأن يحذر الوساوس، ويحمد ربه على ما منَّ عليه من التوبة. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (410). ') "> (¬2) السؤال من الشريط رقم (410). ') ">

س: تقول السائلة: ج. م.: والدي كان في الماضي لا يصوم ولا يصلي جاهلاً بأمور الدين، والآن أصبح يصوم ويصلي والحمد لله، فماذا عليه فيما مضى من السنوات الماضية؟ مع العلم بأنه نسي عدد السنوات التي لم يُصَلِّ فيها، ولا يستطيع أن يصوم كل هذه السنوات، فهل التوبة والاستقامة تكفي وتجب ما قبلها، أم أن عليه شيئًا (¬1)؟ ج: نعم، عليه التوبة فقط، فالتوبة تجب ما قبلها، وصلواته التي تركها سابقًا والصوم ليس عليه قضاء؛ لأن ترك الصلاة كفر، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، يقول الله جل وعلا: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}. فالتوبة كافية وليس عليه قضاء صوم ولا صلاة، وعليه الاستمرار في التوبة والاستقامة على طاعة الله، والله يعفو عما سلف سبحانه وتعالى. س: رسالة من الأخت التي رمزت لاسمها: ق. ق. ولها عدة أسئلة، في أحد أسئلتها تقول: في شبابي كنت فتاة لا أعرف الدين، ولا أصلي ولا أصوم، ولم يأمرني أحد بذلك، واستمررت؟ على هذا الحال فترة من الزمان، والآن تزوجت والحمد لله، وهداني الله وعرفت الدين، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (387). ') ">

فبدأت أصلي وأصوم ولله الحمد، ماذا أفعل؟ هل أصلي وأصوم السنين التي فاتتني، أم أُكَفِّرُ؟ أم ماذا أفعل؟ وإذا كان عليّ صيام هذه السنين فهل أصوم الأيام متتابعة، أو منفردة؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: ليس عليك إلا التوبة، الواجب عليك التوبة إلى الله، التوبة النصوح؛ وذلك بالندم على ما مضى من ترك الصلاة والصيام، مع الاستقامة على أداء الصلاة والصيام وطاعة الله ورسوله في كل شيء، هذا الواجب عليك: أن تستقيمي على طاعة الله ورسوله، وأن تحافظي على الصلوات الخمس في أوقاتها بالخشوع والطمأنينة، وأن تحافظي على صيام رمضان، وأن تحجي حج البيت إن كنت لم تحجي، فالواجب عليك هذا الأمر مع التوبة الصادقة، والندم على ما مضى، والعزم الصادق ألاّ تعودي في ذلك، هذا هو الواجب عليك، ونسأل الله أن يمنحك التوبة الصادقة والثبات على الحق. س: تقول السائلة: أنا امرأة مسلمة في الرابعة والعشرين من عمري، لم أكن أصوم، ولم أكن أصلي حتى بلغت العشرين، وحينئذٍ بدأت أصوم رمضان وأصلي، ولكنني لم أقضِ الأيام التي كنت أفطرها بسبب العذر الشرعي، فيكف تنصحونني والحال ما ذكر؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (340). ') ">

ج: ليس عليك قضاء، وإنما التوبة إلى الله؛ لأنك تركتِها عمدًا، وهذا كفر نعوذ بالله من ذلك، فعليك التوبة مما فعلت من ترك الصلاة والصوم، وعليك أن تستقبلي الزمان بالتوبة إلى الله والصلاة والصوم في المستقبل، أما إذا كنت ما تعرفين أحكام الله، ولا تعرفين الصلاة والصوم فهذا إن صمت القضاء فلا حرج، ولكن الأصل أنه لا شيء عليك، بل التوبة تكفي، لأن الله يقول سبحانه: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}، وهذه الأمور ما تجهل، معروفة من الدين بالضرورة، فكون أهلك أو غير أهلك لم يشجعوك، أو لم ينبهوك في هذا ما يمنع من علمك بالصلاة، وأنتِ تشاهدين الناس يصلون، فالحاصل أنه ليس عليك صلاة ولا صوم، والتوبة كافية إن شاء الله.

حكم صيام من لا يصلي إلا في شهر رمضان

16 - حكم صيام من لا يصلي إلا في شهر رمضان س: ما الحكم في رجل يصوم ولا يصلي إلا في شهر رمضان؟ هل يُقبل صيامه (¬1) (¬2)؟ ج: الصواب أن من ترك الصلاة كفر وإن لم يجحد وجوبها، هذا هو ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (337). (¬2) السؤال من الشريط رقم (337). ') ">

الحق فإذا كفر فلا صيام له ولا حج له، حتى يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، فإذا صام وهو لا يصلي فإن صومه باطل، وحج وهو لا يصلي حجُّه باطل، لا يجزئه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬1) وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬2) وقوله عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة» (¬3) في أحاديث كثيرة في هذا الباب. س: هل يُقبل الصيام من رجل لا يصلي (¬4)؟ ج: لا يقبل وسائر بقية الأعمال؛ لأنه بكفره حبط عمله، نسأل الله العافية. س: ما الحكم الشرعي في نظركم في أناس لا يقيمون الصلاة إلا في شهر رمضان؟ هل يصح صيامهم؟ ج: من ترك الصلاة كما تقدم كفر، ولا يصح صيامه في أصح قولي العلماء؛ ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428)، والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (1079). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث معاذ رضي الله عنه برقم (21563)، والترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (¬4) السؤل من الشريط رقم (339). ') ">

لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬1) ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬2) مع أحاديث أخرى في ذلك، نسأل الله العافية. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428)، والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (1079).

بيان آداب الصيام

17 - بيان آداب الصيام س: الأخ السائل: ر. ع، يصف بعض أحوال المسلمين في رمضان خاصة، ويقول: إن البعض منهم يسهر حتى منتصف الليل، ثم يتناول الطعام وينام، فإذا ما أذن الفجر استيقظ وشرب ماء، وربما شرب شيئًا محرمًا، واتجه إلى الصلاة، والحال كذلك بالنسبة للإفطار، فهو يفطر على بعض المباحات، وقد يخلطها ببعض المحرمات. ويرجو من سماحة الشيخ أن يتفضل بتنبيه المسلمين على الحال الأفضل، الذي ينبغي أن يكون عليه المسلم، جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: لا شك أن الله عز وجل لا يرضى لعباده أن يتناولوا ما حرم عليهم، بل قد حرم عليهم أشياء ونهاهم عن تناولها، وأباح لهم أشياء وأمرهم بتناولها، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (137). (¬2) السؤال من الشريط رقم (137). ') ">

فالواجب على المؤمن أن يتقي الله فيما يأتي ويذر، كما شرع له أن يتحرى الأمر المشروع في صيامه وقيامه وسائر حركاته وسكناته، فالسنة للمؤمن في هذا الشهر الكريم أن يعمره بطاعة الله، وأن يحفظ أوقاته بالمنافسة في الخير، والمسارعة إلى الطاعات من الصلاة والصدقات، وقراءة القرآن والتسبيح والتهليل، والتحميد والتكبير والاستغفار، وعيادة المريض، والدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونحو هذا من وجوه الخير، هكذا ينبغي للمؤمن أن يعمر هذه الأوقات الشريفة بطاعة الله، والمنافسة فيما يرضيه سبحانه وتعالى، والحذر مما يجرح صومه من معاصي الله؛ ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام: «الصيام جُنَّةٌ» (¬1) يعني: سترة فهي سترة وحرز من النار، لمن صان هذا الصيام وحفظه؛ ولهذا في اللفظ الآخر: «الصيام جُنَّةُ أحدكم من النار كجُنَّته من القتال» (¬2) «والصيام جُنّة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب فضل الصوم، برقم (1894)، ومسلم في كتاب الصيام، باب فضل الصيام، برقم (1151). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه، برقم (15839)، والنسائي في كتاب الصيام، باب ذكر الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب في حديث أبي أمامة في فضل الصائم، برقم (2230)، وابن ماجه في كتاب الصيام، باب ما جاء في فضل الصيام، برقم (1639).

امرؤ صائم» (¬1) ويقول صلى الله عليه وسلم: «من لم يدَع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجه في أن يدَع طعامه وشرابه» (¬2) هذا يبين لنا أن المقصود حفظ الجوارح عن محارم الله؛ من الغيبة والنميمة والكذب، والأيمان الفاجرة، والدعاوى الباطلة، والسب والشتم وغير هذا من الأقوال الضالة، وهكذا الأفعال المحرمة؛ من السرقة والخيانة والزنى، وغير هذا مما حرم الله، فيصون جوارحه ليلاً ونهارًا عن كل ما حرم الله، فيستعملها بطاعة الله ورسوله دائمًا ولكن في هذا الشهر الكريم تكون العناية أكثر، والعناية بما شرع الله أكثر، ويكون الحذر مما حرم الله أكثر، ويشرع له أن يبادر بالإفطار إذا غابت الشمس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر» (¬3) وقوله عليه الصلاة والسلام: «يقول الله عز وجل: أحب عبادي إليّ أعجلهم فطرًا» (¬4) والسنة أن يفطر على مباح لا على حرام، كالتمر والماء وسائر ما أباح الله، والأفضل على التمر أو الرطب إن تيسر ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب هل يقول إني صائم إذا شتم، برقم (1904). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم، برقم (1903). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب تعجيل الإفطار، برقم (1957). (¬4) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه برقم (8160)، والترمذي في كتاب الصوم باب ما جاء في تعجيل الإفطار، برقم (700).

الرطب، فإن لم يتيسر فالتمر، فإن لم يتيسر فالماء، وليحذر كل الحذر أن يفطر على ما حرم الله؛ من المسكرات، أو التدخين، أو القات، ليحذر ما حرم الله، فليكن فطره على ما أباح الله، وما شرع من الطعام الطيب والشراب الطيب، أما إفطاره على ما حرم الله؛ من المسكرات والمخدرات والتدخين والقات، فهذا شيء يجب الحذر منه، ولا يختم صيامه بهذه القاذورات، وهكذا في السحور، السنة أن يؤخر السحور، لا يتسحر في وسط الليل، السنة أن يتأخر في السحور؛ اقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام فإنه كان يتسحر في آخر الليل قرب الأذان عليه الصلاة والسلام، ففي الصحيحين: عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: «تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الصلاة - في رمضان - فقال له أنس: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين أو ستين، يعني آية» (¬1) وفي لفظ آخر: «كم كان بين السحور والصلاة؟ قال: قدر خمسين آية» (¬2) والمعنى بين الأذان - الذي ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر، برقم (1921)، ومسلم في كتاب الصيام، باب فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره، برقم (1097). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت الفجر، برقم (575)، ومسلم في كتاب الصيام، باب فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره، برقم (1097).

هو دخول وقت الصلاة - وبين السحور - يعني بين السحور عند التسحر - قدر خمسين آية، وهو ما يقارب خمس دقائق، أو عشر دقائق، وهذا يدل على أن التأخير أفضل وهو أقوى للصائم، وأنشط له على العمل في النهار، فالسنة التبكير بالإفطار بعد غروب الشمس، والتأخير في السحور، ولهذا في بعض الروايات عن سهل بن سعد رضي الله عنه: «لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الإفطار وأخروا السحور» (¬1) وهكذا جاء مرفوعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول صلى الله عليه وسلم: «تسحروا فإن في السحور بركة» (¬2) متفق على صحته، والسُّحور بالضم هو التسحر، هو الأكل بآخر الليل، والسَّحور بالفتح هو ما يؤكل، يقال له: سحور، من تمر أو طعام آخر. ويقول صلى الله عليه وسلم: «فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر» (¬3) رواه مسلم في الصحيح، هذا يبين لنا أن الفصل بين صيام المسلمين وبين صيام اليهود والنصارى أكلة السحر، فالمعنى أن ترك ذلك ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي ذر رضي الله عنه، برقم (20805). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب بركة السحور من غير إيجاب، برقم (1923)، ومسلم في كتاب الصيام، باب فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره، برقم (1095). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره، برقم (1096).

يكون فيه مشابهة لليهود والنصارى، فمن يأكل السحور في وسط الليل خالف السنة وشابه أهل الكتاب، فالمؤمن لا يليق به ذلك، بل الواجب عليه أن يتحرى ما شرعه الله، وما كان عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام في كل شيء، وأن يبتعد عما يخالف ذلك، ثم نومه بعد ذلك قد يكون وسيلة إلى نومه عن الصلاة؛ صلاة الفجر، ثم إذا قام عند الأذان قد يأكل بعد الأذان، أو يشرب بعد الأذان فيعرض صومه للبطلان؛ لأنه قد يكون شربه بعد ما طلع الفجر؛ فيكون صومه باطلاً، فالواجب أن يحذر، وأن يكون أكله قبل طلوع الفجر، ولا يتساهل في هذه الأمور، والصواب أن من أكل بعد الفجر، ثم بان له أنه أكل في النهار أنه يقضي، هذا هو المعتمد، وهذا هو الأرجح، وهكذا لو أفطر قبل غروب الشمس، ثم عرف أنه أفطر قبل غروب الشمس عليه أن يقضي؛ لكونه أفطر جزءًا من النهار من غير حق، فالحاصل ينبغي للمؤمن أن يكون تسحره ليلاً؛ لكن في آخر الليل قبيل الفجر؛ حتى يكون نشيطًا، يخرج إلى الصلاة ويصلي مع المسلمين وهو نشيط، ولا يعرض صومه للأكل بعد الصبح، ولا يعرض أيضا صلاته للذهاب والفوات في وقتها أو مع الجماعة، ومع ذلك إذا أكل في آخر الليل شابه فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وسَلِمَ من مشابهة أهل الكتاب، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.

س: يقول السائل: الواقع سماحة الشيخ كما ذكر أن حياة الناس تنقلب رأسًا على عقب في رمضان، فيتحول الليل إلى نهار، وتبقى الأسواق عامرة بالناس حتى الفجر، وفي النهار تكاد تخلو الشوارع من المارة، وهذا يجعل الناس في حياة متغيرة تمامًا، حتى إذا ما انقضى رمضان مضى عليهم فترة حتى يتكيفون مع الحياة الجديدة العادية، لا بد لسماحة الشيخ من توجيه، كيف يكون الناس في رمضان حتى تبقى حياتهم مستمرة؟ ج: السنة في رمضان وفي العشرين الأول أن ينام ويقوم، يصلي ما تيسر وينام، أما السهر فلا وجه له، فلا ينبغي السهر، ينبغي أن ينام ما تيسر حتى يتقوى بذلك على العمل في النهار، وعلى حاجاته وعلى عمل وظيفته، فلا ينبغي السهر، بل المشروع أن ينام بعض الشيء في العشرين الأول ويقوم، أما في العشر الأخيرة فالسنة فيها إحياء الليل لمن قدر بالعبادة والقراءة والصلاة، كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، قالت عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله» (¬1) شد مئزره يعني: شمر إلى العبادة. هذا هو الأفضل في ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب صلاة التراويح، باب العمل في العشر الأواخر من رمضان، برقم (2024)، ومسلم في كتاب الاعتكاف، باب الاجتهاد في العشر الأواخر من شهر رمضان، برقم (1174).

العشر الأخيرة؛ إحياء الليل بالعبادة: بالقراءة، بالصلاة، بالذكر. أما العشرون الأول فالسنة فيها أن ينام ويقوم كفعل النبي عليه الصلاة والسلام، وبهذا تصلح الأمور، وبهذا ينشط المؤمن على العمل في النهار، وتكون حياته شبيهة بحياته الأولى، بخلاف مَن سهر في الليل فإنه إذا كان في النهار سقط في الغالب؛ لأن الإنسان ضعيف يحتاج إلى النوم، كما قال الله عز وجل: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}، والله المستعان.

حكم صيام من ينام طوال النهار في رمضان وتفوته صلاة الجماعة

18 - حكم صيام من ينام طوال النهار في رمضان وتفوته صلاة الجماعة س: كثير من الناس ينامون طوال أيام رمضان في النهار؛ حتى تفوتهم كثير من أوقات الصلاة مع الجماعة، فما موقف الإسلام من هؤلاء الصوام (¬1) (¬2)؟ ج: هؤلاء قد فرطوا وتساهلوا، والواجب عليهم أن يهتموا بالصلاة، الصلاة أعظم من الصوم، الصلاة هي الركن الأول من الإسلام بعد الشهادتين، وهي أعظم الأركان وأهمها بعد الشهادتين، وهي عمود الإسلام، وهي أعظم وأكبر شأنًا من الصوم، فالواجب أن يهتم بها، وأن يحرص ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (30). (¬2) السؤال من الشريط رقم (30). ') ">

المؤمن على أدائِها في وقتها في الجماعة حرصًا تامًّا، فإذا نام في النهار، أو في الليل فينبغي أن يكون عنده موقظ من أهله ينبهونه، أو الساعة يوقتها على وقت الصلاة؛ حتى إذا نبهته يقوم، ولا يجوز التفريط إذا كان عنده والدة أو والد أو زوجة جيدة توقظه الحمد لله، وإلا وجب أن يشتري ساعة، ويجعلها عند رأسه يوقتها على وقت الصلاة في الليل والنهار، ولا يجوز له التساهل في هذا وينام حتى يضيع صلاة الظهر أو صلاة العصر، هذا لا يجوز، كما أنه لا يجوز أن يضيع صلاة الفجر بسبب التساهل والنوم لا، بل يجب عليه أن يهتم بهذا الأمر، وأن يصلي مع الناس في أوقات الصلاة، وأن يستعمل ما يعينه على ذلك؛ من منبهين من أهله، أو ساعة عند رأسه. س: يقول السائل: أفتونا عن صائم يقضي نهاره بالنوم، ويحيي ليله بالسهر واللهو أمام عدة وسائل، أو أمام عدة ألعاب، كيف تنصحون مثل هؤلاء لو تكرمتم؟ ج: صومه صحيح ومجزئ، لكنه فاته أجر عظيم في إضاعة الوقت فيما يضره، وعدم حفظ الصيام بالذكر والدعاء والقراءة، وأنواع العبادات في النهار، وإذا ما حصل عليه إثم في الليل بما يتعاطاه من الملاهي، إذا كان

يتعاطى الملاهي: سماع الأغاني والملاهي وغير ذلك، ويفوته فضل النوم والراحة الذي يعينه على العمل في النهار، أما الصوم فصحيح ولو سهر، لكن إذا كان سهره على معصية أثم في ذلك، وإن كان سهره على غير معصية كره له ذلك، وفاته أجر التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم، فينبغي الاستعانة بالنوم على إحياء النهار بالعبادة والطاعة ونفع المسلمين ونحو ذلك.

بيان أهمية المحافظة على الصلوات المفروضة في رمضان

19 - بيان أهمية المحافظة على الصلوات المفروضة في رمضان س: يقول السائل: أرجو بيان فضل الصلوات في رمضان (¬1) (¬2)؟ ج: الصلاة أمرها عظيم، وفي رمضان أشد وأعظم، إذا كانت في حق المسلمين فريضة في كل وقت، وتركها كفر وضلال وإن لم يجحد وجوبها بأصح قولي العلماء، والتكاسل عنها من صفات أهل النفاق، ففي رمضان يكون الأمر أعظم والإثم أكثر، إذا تهاون بها في رمضان صار الإثم أكبر، وإذا تركها بالكلية مثل ما تقدم لا صوم له؛ لأنه يكفر بتركها كفرًا أكبر، نعوذ بالله؛ لما تقدم في الأحاديث، نسأل الله السلامة، ومن هذا البلاء ما يفعله بعض الناس من النوم عن صلاة الفجر، ولا يقوم إلا للعمل هذا - لا حول ولا قوة إلا بالله - لا يهمه إلا أمور دنياه، فقد أضاع الفريضة العظيمة، فإذا ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (84). (¬2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (84). ') ">

تعمد ذلك فهو داخل فيمن يحكم بكفره؛ لأنه تعمد ترك فريضة إلى الضحى إلى ما بعد طلوع الشمس، فيكون بهذا قد تعمد تركها بالكلية، فيعمه الحديث: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬1) ولا عبرة في كون الأكثرين من المتأخرين من العلماء، والمشهورين قالوا بأنه كفر أصغر، لا عبرة بهذا، العبرة بالأدلة، فالعبرة بالنصوص، ومرد الناس النصوص، كما قال الله سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}. والتعلق بالرُّخَصِ يفضي الإنسان إلى ترك الدين بالكلية، والواجب على المؤمن أن يحذر الرُّخص التي لا وجه لها ولا دليل عليها، والواجب عليه أن يأخذ لدينه بالحيطة، وأن يحرص على سلامة دينه، ولا شك أن الصلاة أعظم واجب، وأعظم فريضة بعد الشهادتين، فإذا تساهل بها فأي شيء عنده بعد ذلك؛ ولهذا روى مالك رحمه الله عن نافع قال: كان عمر يبعث إلى عماله وأمرائِه، ويقول لهم: [إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع]. وروى الإمام أحمد في المسند بإسناد صحيح، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: ذكر ¬

(¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428)، والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (1079).

النبي صلى الله عليه وسلم يومًا بين أصحابه فقال: «من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، كان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان، وأبي بن خلف» (¬1) وهذا وعيد عظيم، ولم يقل: إذا جحد وجوبها. قال بعض أهل العلم عن هذا الحديث: إنما يحشر مضيع الصلاة مع فرعون، وهامان وزير فرعون، وقارون التاجر المعروف في بني إسرائيل، وأبي بن خلف التاجر في أهل مكة من كفار قريش، إنما يحشر مضيع الصلاة مع هؤلاء؛ لأنه إن ضيعها من أجل الرئاسة والملك والإمارة شابه فرعون الذي طغى وبغى بسبب الرئاسة؛ فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، وإن ضيعها بأسباب الوظيفة والوزارة شابه هامان وزير فرعون، الذي طغى وبغى بأسباب وظيفته؛ فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، ولا تنفعه هذه الوظيفة ولا تجيره من النار، وإن ضيعها بأسباب المال والشهوات أشبه قارون؛ تاجر بني إسرائيل الذي قال الله فيه في كتابه العظيم: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ} ¬

(¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، برقم (6540).

الآية. فقال بعده: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ}. فهذا الرجل شغل بأمواله وشهواته وعصى موسى عليه الصلاة والسلام، واستكبر عن اتباعه وبغى؛ فصارت العاقبة أن خسف الله به الأرض وبماله جميعًا، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة عقوبة عاجلة غير عقوبة النار، نعوذ بالله، الذي ضيع الصلاة بأسباب المال والشهوات يكون شبيهًا بقارون؛ فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، نسأل الله العافية، والرابع الذي ضيعها بأسباب التجارة والبيع والشراء، والأخذ والعطاء شغل بالمعاملات والأخذ والعطاء، والنظر في الدفاتر، وماذا على فلان؟ وماذا أدى فلان؟ حتى ضيع الصلوات، فهذا أشبه أبي بن خلف تاجر أهل مكة من الكفرة؛ فيحشر معه إلى النار يوم القيامة نعوذ بالله، وهذا لا شك أنه وعيد عظيم، ويدل على كفر من ضيعها، نعوذ بالله.

حكم من تفوته صلاة المغرب في رمضان بسبب الإفطار

20 - حكم من تفوته صلاة المغرب في رمضان بسبب الإفطار س: يقول السائل: في رمضان لا أصلي المغرب مع الجماعة؛ وذلك لبعد المسجد وانشغالي بالإفطار، علمًا بأني أصلي بقية الفروض جماعة في المسجد، فما الحكم في ذلك (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (245).

ج: الواجب عليك أن تصلي المغرب في المسجد كبقية الفرائض إذا كنت تستطيع ذلك وتسمع النداء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر» (¬1) وفي صحيح مسلم: عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه سأله رجل أعمى، قال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال: فأجب» (¬2) وفي رواية لغير مسلم قال: «لا أجد لك رخصة» (¬3) فإذا كان أعمى ليس له قائد لا يأذن له الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يسمح له أن يصلي في بيته، فكيف بحال البصير القادر، فمن باب أولى ألا يسمح له، فإذا كنت تسمع النداء فعليك أن تبادر، تأكل ما تيسر من الفطور: ثلاث تمرات، خمس تمرات، ما تيسر، ثم تذهب إلى الصلاة، كان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة يفطرون ثم يذهبون إلى الصلاة، فأنت كذلك تفطر بما يسر ¬

(¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب المساجد والجماعات، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، برقم (793). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء، برقم (653). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في التشديد في ترك الجماعة، برقم (552).

الله لك، ثم تذهب إلى الصلاة، أما إذا كان المسجد بعيدًا عنك، لا تسمع النداء؛ لبعد المسجد فأنت معذور، وإن ركبت السيارة وتجشمت المشقة وذهبت فهو أفضل وأعظم لأجرك، والمراد بالأذان يعني الأذان العادي بغير المكبرات، الأذان العادي الذي يسمع بالصوت المعتدل الذي يسمع إذا هدأت الأصوات وأنت في مكانك، أما إن كان بطريق المكبرات وإلا فهو بعيد، ولكن تسمع من طريق المكبر فهذا لا يلزمك إذا كان بعيدًا، وإن ذهبت إليه وتجشمت المشقة، أو على السيارة كان خيرًا لك وأفضل.

بيان وجوب صيام رمضان برؤية الهلال وعدم الاعتماد على الحساب

21 - بيان وجوب صيام رمضان برؤية الهلال وعدم الاعتماد على الحساب س: سماحة الشيخ عبد العزيز: مع مطلع هذا الشهر الكريم يتحدث الناس بطبيعة الحال عن الرؤية، وتسمع عبارة يرددها البعض، فيقولون مثلاً: لو اتفق المسلمون على بدء الصيام في يوم واحد، والفطر في يوم واحد. ويرون أن هذا من وحدة الصف ومن وحدة المسلمين، هل يمكن أن يتحقق ذلك سماحة الشيخ؟ أرجو أن تتفضلوا ببيان وجه الحق في هذا (¬1). ج: العبادات ليست إلى البشر واختيارهم وآرائِهم، العبادات توقيفية، ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (84).

تلقاها المسلمون عن ربهم في كتابه العظيم، وعن رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام في سنته الصحيحة، وليس لأحد أن يخترع شيئًا من كيسه، فيجمع الناس على شيء لم يجمعهم الله عليه ولا رسوله عليه الصلاة والسلام، فالله جل وعلا أمر رسوله أن يبلغنا متي نصوم؟ ومتى نفطر؟ فعلى العباد أن يمتثلوا أمر لله وأمر رسوله، فقال عليه الصلاة والسلام: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين» (¬1) وقال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غمّ عليكم فاقدروا له» (¬2) وقال عليه الصلاة والسلام: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غبّي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين،» (¬3) فالمؤمنون هكذا يعتمدون من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يتحروا دخول الشهر وخروجه، فإن ضبطوا شهر شعبان ثاثين صاموا، وإن رُئِيَ الهلال لليلة ثلاثين من شعبان صاموا، ثم ¬

(¬1) أخرجه النسائي في كتاب الصيام، باب ذكر الاختلاف على عمرو بن دينار، برقم (2124). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1906)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1909).

بعد ذلك رمضان هكذا، إن رأوا هلال شوال للثلاثين أفطروا وصار شهرهم تسعًا وعشرين، فإن لم يروا الهلال ليلة شوال صاموا ثلاثين، هكذا أمرهم نبيهم عليه الصلاة والسلام، والأمة كذلك في جميع الدنيا عليهم هذا الأمر، عليهم أن يعملوا ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا رُئِيَ في بلد من بُلْدَانِ المسلمين، وصاموا بالرؤية فقد تنازع العلماء في ذلك: هل يلزم جميع أهل الأرض أن يصوموا بصومهم؟ على قولين لأهل العلم، منهم من قال: يلزم. وذكره بعضهم قول الجمهور أنه يلزم بقية المسلمين أن يصوموا، إن ثبت في السعودية مثلاً، أو في مصر أو في الشام، أو في كذا أو في كذا رؤية شرعية وجب على الباقين أن يصوموا معهم، إذا ثبت ذلك من طريق محكمة شرعية معتمدة يوثق بها، وقال آخرون من أهل العلم: لا يلزم ذلك، بل لكل أهل بلد رؤيتهم؛ لأن المطالع تختلف وتتباعد بعض الأحيان، كما بين أمريكا والجزيرة العربية، وبين أمريكا ومصر والشام وأشباه ذلك. واحتجوا على هذا بما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قدم عليه كريب من الشام، فسأله، قال: متى صمتم؟ قال صمنا يوم الجمعة، ورأى الناس الهلال وصام معاوية، وصام الناس، قال ابن عباس: نحن رأيناه في المدينة ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين، أو نراه. فقال له كريب: ألا تكتفي برؤية معاوية والناس؟ قال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى

الله عليه وسلم؛ حيث قال لنا: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين» (¬1) فابن عباس رأى أن الحديث لا يعم الدول كلها والبلاد كلها، وأن كل بلاد منفصلة عن بلاد وبعيدة عنها تختلف مطالعها فلها أن تستقل برؤية، وتابعه على هذا جماعة من أهل العلم، وقالوا بمثل قول ابن عباس. وقال الأكثرون: القول هو قول من قال بالعموم؛ لأن الأدلة عامة؛ لأنه قال صلى الله عليه وسلم: «صوموا» (¬2). والخطاب للأمة، ما هو لأهل المدينة، الخطاب للأمة كلها: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته» (¬3) وهكذا قوله: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه» (¬4) ليس المراد المدينة، المراد الأمة، وقال عليه الصلاة والسلام: «إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين» (¬5) وأشار بأصابعه العشرة ثلاث مرات، يعني ثلاثين: «والشهر هكذا وهكذا وهكذا» (¬6). وحبس إبهامه في الثالثة، يعني تسعة وعشرين. ثم قال: «فلا ¬

(¬1) أخرجه النسائي في كتاب الصيام، باب ذكر الاختلاف على عمرو بن دينار، برقم (2124). (¬2) سنن الترمذي الصَّوْمِ (688)، سنن النسائي الصِّيَامِ (2189)، سنن أبي داود الصَّوْمِ (2327)، سنن الدارمي الصَّوْمِ (1686). (¬3) أخرجه النسائي في كتاب الصيام، باب ذكر الاختلاف على عمرو بن دينار، برقم (2124). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1906)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080). (¬5) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي لا نكتب ولا نحسب، برقم (1913)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080). (¬6) صحيح البخاري الطَّلاَقِ (5302)، صحيح مسلم الصِّيَامِ (1080)، سنن النسائي الصِّيَامِ (2141)، سنن أبي داود الصَّوْمِ (2319).

تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له» (¬1) هذه أخبار صريحة صحيحة ظهرها العموم، ولكن الناس قد يوافقون لبعض الدول في رؤيتها، وقد يتهمون بعض الدول بأنها تعتمد على الحساب، والحساب لا يعتمد عليه عند جميع أهل العلم، أجمع العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن تبعهم بإحسان إلى أنه لا يعتمد الحساب في الرؤية، حكى ذلك أبو العباس ابن تيمية وجماعة، وحكى بعضهم خلافًا شاذًّا في ذلك. فالحاصل أن الحساب لا يعتمد عليه بنص الرسول صلى الله عليه وسلم، فدعوى الناس أن الحساب ينبغي أن يعتمد عليه، وأنه متى ولد الهلال اعتمد، ومتى لم يولد لم يعتمد، هذا مصادم للسنة، ومصادم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنا أمة أمية لا نحسب ولا نكتب» (¬2) هذا يجب أن يطرح، وأن يعمل بقوله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته» (¬3) الحديث. «فلا تصوموا حتى تروا الهلال» (¬4)، والنبي صلى الله عليه وسلم أنصح الناس، وأفصح الناس وأعلم الناس، وأكملهم أمانة، فلو كان يجوز للناس أن يعتمدوا الحساب لقال: إذا عرفتم الحساب، تواجد ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1906)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي لا نكتب ولا نحسب، برقم (1913)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080). (¬3) أخرجه النسائي في كتاب الصيام، باب ذكر الاختلاف على عمرو بن دينار، برقم (2124). (¬4) صحيح البخاري الصَّوْمِ (1906)، سنن النسائي الصِّيَامِ (2121)، سنن أبي داود الصَّوْمِ (2320)، مسند أحمد (2/ 63)، موطأ مالك الصِّيَامِ (634)، سنن الدارمي الصَّوْمِ (1684).

لكم الحساب فاعتمدوه. يعرف أن يقول هذا الكلام، وهو أقدر الناس على الكلام عليه الصلاة والسلام، وهو مأمور بالبلاغ، فقد بلغ البلاغ المبين عليه الصلاة والسلام، فلم يقل للناس: احسبوا واعتمدوا الحساب إذا وجد فيكم من يحسب. ولا تزال الأمة أكثرها لا يعرف الحساب من شرقها إلى غربها، ثم لو عرفه نصفهم أو أكثرهم أو كلهم لم يَجُزْ لهم أن يعتمدوه؛ لأن عليهم الاتباع لا الابتداع، عليهم أن يتبعوا الرسول صلى الله عليه وسلم، كما قال الله عز وجل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}، وقال سبحانه: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} - يعني يحيدون عن أمره - {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. ويقول عز وجل: {وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}. ويقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}. قال أهل العلم: الرد إلى الله: الرد إلى القرآن العظيم،

والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم: الرد إليه في حياته، عليه الصلاة والسلام، وبعد وفاته الرد إلى سنته الصحيحة، في حياته كان يعمل بالرؤية، فإن لم يرَ أكمل الشهر، وبعد وفاته أرشدنا ماذا نعمل؟ قال: افعلوا كذا، وافعلوا كذا. فالواجب على الأمة أن تمتثل أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن تقف عند الحد الذي حدَّه، وأن تحذر خلاف ذلك، فإذا لم تقتنع الدولة المعينة برؤية الدولة الأخرى اعتمدت رؤيتها عندها، وعلماؤها عندها، فتنظر ما يقوله العلماء عندها؛ علماء الشرع، وتعتمد على ذلك، ولو خالفت دولة أخرى؛ لأنها قد لا تقتنع برؤيتها، قد تظن أنها أخطأت لرؤيتها، أو الشهود أخطؤوا فليس في إمكان الناس أن يجمعوا قلوب الناس وعقولهم على عقل واحد، ورأي واحد، هذا إلى الله سبحانه وتعالى، فمن اطمأن إلى رؤية البلد أو الدولة صار معها قرب أو بعد، ومن لم يطمئن؛ لأن الدولة تحكم بغير الشريعة، ولا تحكم بالشريعة، أو لأسباب أخرى منعت من اتباع تلك الدولة فإنه يستقل ويعمل بما ثبت لديه من الرؤية، ولو سبق الدولة الأخرى أو تأخر عنها في الصوم والفطر فالأمر في هذا واسع والحمد لله، ولا حرج على الناس في ذلك، ولا يضرهم اختلاف صومهم وعيدهم، لا يضرهم في ذلك ما داموا متمسكين بالشرع، وطالبين ما قاله الله ورسوله، ومتمسكين بحكم الله ورسوله لا يضرهم ذلك، والله ولي التوفيق،

وعند عدم تيسر الاجتماع فإن لكل بلد رؤيته، أما إذا تيسر الاجتماع، واطمأن الناس إلى دولة يثقون بها ويطمئنون إليها فإنهم يجتمعون عليها، وعندي أن الدولة السعودية أولى الدول في هذا المقام؛ لأن المحاكم - بحمد لله - تعتني بهذا، وتجتهد في توثيق الشهود، ولا تعمل إلا بالرؤية، فإذا عمل الناس بما ثبت في السعودية فقد أحرزوا دينهم، وقد احتاطوا لدينهم والحمد لله، والله ولي التوفيق.

المشروع للمسلمين في أي بلد أن يصوموا ويفطروا جميعا

22 - المشروع للمسلمين في أي بلد أن يصوموا ويفطروا جميعًا س: هذه رسالة من الهند، وبعثها مجموعة من الإخوان من هناك، إخواننا يقولون: نحن الطلبة المسلمين في البلاد غير الإسلامية تواجهنا مشكلة تحديد ليوم لرمضان، فنحن مثلاً في الهند نصوم بعد سماع رؤية الشهر في السعودية، أو إحدى الدول العربية، لكن السكان المسلمين هناك - وهم يمثلون نسبة لا بأس بها - يصومون في يوم يختلف حسب رؤية الهلال عندهم؛ حسب دوران الأرض، نرجو أن توضحوا لنا علمًا بأن المسلمين في الهند يمثلون مائة مليون مسلم، جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (127). (¬2) السؤال من الشريط رقم (127). ') ">

ج: على المسلمين في الهند وفي غير الهند أن يجتهدوا في ضبط دخول الشهر وخروجه، وأن يكون لهم من يعتني بذلك؛ كالمجالس الإسلامية أو المحاكم إن كان هناك محكمة إسلامية تعنى بهذا الأمر، وتأمر من يلتمس الهلال حتى يطبقوا الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» (¬1) فالمسؤولون عن الصيام يعرفون دخول شعبان، فإذا رأوا الهلال ليلة الثلاثين من شعبان صاموا، وإلا كملوا ثلاثين وصاموا، ويعينون من يعتني بهذا الأمر من الثقات العدول بالرؤية، أو تكليف من يتراءى الهلال في أول شعبان، وفي أول رمضان، وعلى كل فرد من المسلمين أن يكونوا مع إخوانهم، يصومون مع إخوانهم ويفطرون مع إخوانهم، ولا ينقسمون ولا يتفرقون، المشروع للمسلمين في أي بلد أن يصوموا جميعًا، وأن يفطروا جميعًا، وأن يتعاونوا على الخير، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون» (¬2) فالمشروع لك أيها السائل أن تصوم مع إخوانك في الهند، وهكذا في أمريكا، وهكذا في أوروبا، وهكذا في ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1909). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء: الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون، برقم (697).

غيرها من البلاد التي يغلب فيها الكفار ويكون المسلمون فيها أقلية، المسلمون يجتهدون ويتحرون الشهر ويصومون، وإذا رأوا أن يصوموا برؤية دولة معينة كالسعودية مثلاً، لأنهم يثقون فيها وصاموا برؤيتها فلا بأس، ولو تيسر أن يصوم المسلمون جميعًا فهذا أفضل وأحسن؛ لأن المسلمين شيء واحد، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته» (¬1) هذا خطاب عام للمسلمين، قال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له» (¬2) فالمسلمون عليهم أن يعتنوا بهذا في أي مكان، وأن يصوموا إذا رأوا الهلال أو أكملوا عدة شعبان، وأن يفطروا إذا رأوا الهلال أو كملوا رمضان ثلاثين، وأن يتعاونوا في هذا، وأن يكونوا جميعًا يدًا واحدة، لا يختلفون، هذا هو الواجب، وهذا هو المشروع. س: سماحة الشيخ عبد العزيز، تفضلتم وقلتم: إنه لو صام المسلمون كلهم جميعًا في يوم واحد لكان أفضل، هناك فارق في التوقيت سماحة الشيخ لا يقل عن سبع ساعات بين شرق الكرة الأرضية وغربها فما توجيهكم وفقكم الله تعالى (¬3). ¬

(¬1) أخرجه النسائي في كتاب الصيام، باب ذكر الاختلاف على عمرو بن دينار، برقم (2124). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1906)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080). (¬3) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (127). ') ">

ج: لا يضر اختلاف المطالع، لا يضر على الصحيح، وإن كان اعتبره بعض أهل العلم، وقالوا: إنه يعتبر. لكنه في الحقيقة والصواب أنه لا يمنع أن يصوموا جميعًا ولو اختلف المطالع، كما بيننا وبين أفريقيا ومصر ونحو ذلك، وكما بيننا وبين أوروبا وأمريكا ونحو ذلك، لكن قال بعضهم: إنه إذا بعد جدًّا، وصار النهار ليلاً والليل نهارًا فلهذا البعد تكون لهم رؤيتهم، هؤلاء البعيدون يكون لهم رؤيتهم؛ لأنهم لا يشتركون معنا في الليل. هذا له وجه، ذكره ابن عبد البر رحمه الله وجماعة، ولو صاموا مع غيرهم ولو بجزء قليل من الليل كفى ذلك والحمد لله؛ لعموم الأدلة، فلو - مثلاً - طلع عليهم الليل في آخر الليل عندنا فهم معنا في اليوم الذي يصبحون عليه، ولا بأس، وإذا صاموا برؤيتنا فلا حرج في ذلك، وإذا صمنا برؤية مَن نثق به في البلاد الأخرى فلا بأس، المهم الثقة، فإذا كانت الدولة التي صامت تصوم بالرؤية ويوثق برؤيتها، وصام الناس برؤيتها فلا بأس، أما الصوم بالحساب فلا، لا يصام بالحساب ند جميع أهل العلم، حكاه أبو العباس ابن تيمية شيخ الإسلام، حكاه بإجماع أهل العلم، وقد درس مجلس هيئة كبار العلماء في هذه البلاد هذه المسألة، وأجمع المجلس على أنه لا يصام بالحساب أبدًا، كما أجمع عليه العلماء، ورأوا أنه لا مانع من العمل باختلاف الرؤية والمطالع، وأن عند كل أهل بلد رؤيتهم؛ لأن هذا أمر فعله المسلمون من

قديم، ولم يحفظ أن المسلمين في سنة من السنين اجتمعوا على رؤية واحدة؛ لتباعد الأقطار، فإذا علمت - مثلاً - السعودية برؤيتها، أو مصر برؤيتها، ومثلاً أوروبا أو المغرب، أو كذا برؤيته فلا بأس، لكن إذا تيسر اجتماعهم واتفاقهم على رؤية واحدة فهذا أفضل وأكمل وأوفق للأحاديث. س: يقول السائل: يجمع الجغرافيون سماحة الشيخ على أن مكة المكرمة تقع في وسط الكرة الأرضية، فما رأيكم لو اقتدى الناس في شرق الكرة الأرضية، وفي غربها برؤية أهل مكة (¬1)؟ ج: ليس لهذا أصل، المهم الرؤية، فإذا رآه أهل مكة، السعودية مثلاً وثبت عندهم، وصام الناس برؤيتهم فلا بأس، ولو صام أهل الأرض كلهم عملاً بظاهر النصوص، وهكذا إذا رُئِىَ في مصر أو في الشام، أو في الأردن أو في العراق أو في أي مكان، فكونه يطمئن إليها من طريق المحكمة الشرعية، من طريق الشهود العدول، لا من طريق الحساب فإنه يصام بذلك بشرط الطمأنينة إلى أن الذين رأوا عدول، وأنه طريق الرؤية، لا من طريق الحساب. المعول على ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، لا على اختلاف المطالع وعلى الحساب، المعول على ما قاله صلى الله عليه وسلم، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (127). ') ">

حيث قال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له» (¬1). وقال عليه الصلاة والسلام: «الشهر هكذا وهكذا وهكذا» (¬2)، يعني ثلاثين ثم قال «وهكذا وهكذا وهكذا»، يعني تسعًا وعشرين يقول: مرة ثلاثين ومرة تسعًا وعشرين، وقال: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له» (¬3). وقال: «إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا» (¬4). فعرف بذلك أن الصيام يكون بالرؤية أو بإكمال العدة، وليس لنا أن نصوم بالحساب، وليس لنا أن نعمل بمجرد اختلاف المطالع من غير نظر، أو ندع الرؤية من أجل اختلاف المطالع، لا، فإن المطالع تختلف، حتى بين مكة والرياض، حتى بين مكة وما هو أقل من ذلك أيضًا، فإذا صام أهل مكة برؤية الرياض، وأهل الرياض برؤية مكة أو جدة أو على المدينة أو الشام أو مصر أو نحوه فلا بأس بهذا، المهم ثبوت الرؤية، برؤية العين، لا بالحساب، فإذا ثبتت الرؤية، واطمأن ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1906)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080). (¬2) صحيح البخاري الطَّلاَقِ (5302)، صحيح مسلم الصِّيَامِ (1080)، سنن النسائي الصِّيَامِ (2141)، سنن أبي داود الصَّوْمِ (2319). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1906)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي لا نكتب ولا نحسب، برقم (1913)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080).

أهل البلد الذين يجاورون بلد الرؤية أنها رؤية شرعية، وعرفوا أن هذه البلاد تعتني بالرؤية، وأنها تعتني بالشهود، وأنها لا تعمل بالحساب فإنها يقتدى بها. س: يقول السائل: إذا كان البَلَدَان ملتصقين، واختلف صيامهما، فهل يؤثر ذلك؟ ج: لا يؤثر، لهم رؤيتهم؛ لأن كل بلد ملتصقة، مثلاً السعودية ملتصقة بالأردن، ومثلاً بحدود الشام، وإذا استقلت الأردن أو مصر برؤيتهم؛ لأسباب اقتضت ذلك عندهم وعند علمائِهم، أو السعودية استقلت بسبب ذلك فلا بأس بذلك، كما قرر مجلس هيئة كبار العلماء، وكما قرره العلماء، وأصل هذا ما ثبت عن ابن عباس، هذا هو الأصل، فقد ثبت في صحيح مسلم: عن ابن عباس رضي الله عنهما، من طريق كريب أنه قدم على المدينة قادمًا من الشام، قال: فأتيت ابن عباس رضي الله عنهما، فسألني عن رؤية أهل الشام، قلت: نعم، رأيناه ليلة الجمعة، وصمنا يوم الجمعة في الشام، وصام معاوية وصام الناس، فقال ابن عباس: نحن رأيناه يوم السبت، فلا نزال نصوم حتى نرى الهلال، أو نكمل العدة. فقال كريب أفلا تكتفي برؤية معاوية والناس؟ قال: لا، هكذا أمرنا نبينا عليه الصلاة والسلام (¬1). يعني ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم وأنهم إذا رأوا الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بعد عنهم، برقم (1087).

بقوله: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» (¬1) فابن عباس تأولها على أنها لا تعم الناس، بل تخص كل دولة وكل بلد بنفسها إذا تباعدت عن البلد الأخرى، كبعد المدينة عن الشام ونحو ذلك، وهذا فِقْهُ ابن عباس رضي الله عنهما، وعمل به جماعة من أهل العلم، وقالوا: لكل أهل بلد رؤيتهم إذا تباعدت البلاد بعض التباعد. هذا هو الأصل في هذه المسألة. ¬

(¬1) أخرجه النسائي في كتاب الصيام، باب ذكر الاختلاف على عمرو بن دينار، برقم (2124).

حكم الاعتماد على المراصد في رؤية هلال رمضان

23 - حكم الاعتماد على المراصد في رؤية هلال رمضان س: يقول السائل: ما ظهر في العصر الحديث ما يسمى بالمراصد الفلكية، هل يعتمد عليها سماحة الشيخ (¬1) (¬2)؟ ج: يستعان بها، ولكن لا يجب أن تتخذ حجة، إذا ما رآه أهل المرصد يقال مثلاً: عندنا مرصد، وفي مصر مرصد مثلاً. لا يقال: إذا كان المرصد ما رأى لا تقبل الشهادة في مصر، ولا في الرياض، ولا في الشام، المرصد يستعان به، لكن إذا شهد عندنا شاهدان عدلان أنهما رأيا الهلال نعمل بشهادتهما، ولا نلتفت للمرصد، ولو قال: إنهما أخطآ. ولو قال: إن الهلال ما ولد. شهادة العدول مقدمة على المرصد، وعلى غير المرصد، وحتى ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (127). (¬2) السؤال من الشريط رقم (127). ') ">

الواحد في دخول الشهر على الصحيح مقدم، وقد ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: [«تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصام، وأمر الناس بالصيام» (¬1)] برؤية عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما س: لو رآه من وراء النظارة؟ ج: المقصود إذا جزم بأنه رآه بعينه أو بواسطة المكبر وهو عدل يعمل برؤيته، والشاهدان أحوط إذا تيسرا، هذا في الدخول وفي الخروج لا بد من شاهدين، وهكذا بقية الشهور. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصوم، باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان، برقم (2342)، والدارمي في كتاب الصوم، باب الشهادة على رؤية هلال رمضان، برقم (1691).

حكم من صام رمضان مع بلد مجاور ولم يوافق صيام المسلمين في بلده

24 - حكم من صام رمضان مع بلد مجاور ولم يوافق صيام المسلمين في بلده س: الأخ: م. ش. ع. من الجزائر، يقول: هذه السنة صمت مع المملكة، بينما بلدي لم تَصُمْ معكم إلا بعد اليوم الثاني، علمًا بأني تعرفت على يوم الصوم شهر رمضان من إذاعتكم، هل صومي صحيح أم عليّ كفارة؟ حيث قال لي أحد العارفين: يجب عليك أن تصوم مع بلدك (¬1) (¬2). ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (175). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (175). ') ">

ج: ليس عليك كفارة، ولكن تصوم مع بلدك وتفطر مع بلدك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون» (¬1) ولأن الخلاف قد يسبب شرًّا كثيرًا، فالنزاع والانقسام في البلد شره كثير، فينبغي لأهل البلد أن يصوموا جميعًا ويفطروا جميعًا، والواجب على الدولة أن تتحرى الأمر الشرعي، فإذا ثبت رمضان عند الدولة من طريق المحكمة أو من طريق الحكومات المجاورة ثبوتًا شرعيًّا، لا بالحساب صاموا بذلك، فإذا ثبت عند المملكة مثلاً بالبينة الشرعية صام المسلمون الذين ثبت عندهم ذلك برؤية المملكة؛ لأنها رؤية شرعية بالبينة الشرعية، لا بالحساب، أما الحساب فلا يجوز اعتباره عند جميع أهل العلم، وإنما الاعتبار بالرؤية أو بإكمال العدة، لكن إذا صام أهل بلدك برؤيتهم، أو بفتوى علمائِهم فلا بأس، فقد قال جمع من أهل العلم: لكل أهل بلد رؤيتهم، فإذا اعتمد أهل البلد وحكومة البلد على علمائِها ومحكمتها، ورأت المحكمة والعلماء أنهم يصومون في يوم غير اليوم الذي صامته المملكة، أو غير المملكة فالعمدة على ما رأته المحكمة في بلدك والعلماء في بلدك، ولا تشق العصا، وعلى كل مسلم أن يوافق بلده في الصوم والإفطار؛ حتى لا يتنازعوا، وعلى الحكومة في البلد أن تعتني بالأمر. ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء: الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون، برقم (697).

س: السائل: ف. أ. مقيم بالرياض، يقول: إذا أعلنت دار الإفتاء في بلد إسلامي عدم ثبوت رؤية هلال رمضان في هذا البلد، بينما الرؤية قد ثبتت في بلد إسلامي مجاور، فما الحكم إذا صام البعض من الناس في البلد التي لم تثبت فيه مع البلد المجاور، بينما عموم الناس من حولهم مفطرون (¬1)؟ ج: الواجب على كل بلد أن يصوموا لصوم المسؤولين فيهم: «الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون» (¬2) فإذا ثبت في البلد صام أهلها، وليس لهم أن يصوما صوم الآخرين؛ لأن هذا يفضي إلى الخلاف والنزاع واختلاف الكلمة، فإذا ثبت في الرياض - مثلاً - عند المحاكم الشرعية فعليهم أن يصوموا بما ثبت، وإذا لم يثبت هنا، وثبت في مصر ليس لهم أن يصوموا بذلك؛ لأن هذا يفضي إلى الخلاف والنزاع، والرسول يقول: «الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون» (¬3) فالواجب على كل رعية أن يسمعوا مَنْ فوقهم، راعيهم، ولا يختلفوا عليه، فالصوم يوم يصومون والفطر يوم يفطرون، إلا إذا رأى ولي الأمر في مصر مثلاً أن يصوم ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (387). ') "> (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء: الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون، برقم (697). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء: الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون، برقم (697).

بصوم السعودية، أو بصوم الخليج، أو بصوم الإمارات، أو بصوم الكويت، أو رأى الكويت أن يصوم بصوم مصر لا بأس به، ثم الصوم يكون بالرؤية، ليس بالحساب، لا يجوز الحساب، يكون بالرؤية أو بإكمال العدة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غبّي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» (¬1) فالواجب على المسلمين أن يكون صومهم بالرؤية، أو بإكمال العدة، وهكذا إفطارهم؛ يكون بإكمال العدة ثلاثين أو بالرؤية، سواء كان في السعودية أو في مصر أو غير ذلك، لا يجوز الاعتماد على الحساب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غبِّي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» (¬2) ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إنا أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا يعني مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين» (¬3) - «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له» (¬4) والواجب على جميع الدول الإسلامية أن تتقي الله، وأن تعمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم في الرؤية لا بالحساب. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1909). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1909). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي لا نكتب ولا نحسب، برقم (1913)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1906)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080).

س: في ثبوت رؤية هلال رمضان في السنة الماضية سمعنا ثبوته من خلال إذاعة عربية، وصمنا على ذلك، ولكن لم تبثه إذاعة بلدنا، وحدث خلاف بين الناس، قال البعض: يعتبر هذا اليوم يوم شك. السؤال: هل الشخص ملزم أو مقيد ببلده وبالرؤية في بلده، أو بالرؤية في أي بلد إسلامي؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: صومه مع أهل بلده أولى؛ حذرًا من الخلاف والشقاق كونه يصوم معهم ويفطر معهم، فإذا كانوا يفطرون ويصومون على الوجه الشرعي، ويتحرَّون رؤية الهلال فصومه معهم ويفطر معهم أولى؛ خروجًا من الخلاف، وحذرًا من الانشقاق، أما إذا كانوا لا يبالون فإنه يصوم بالرؤية، إذا ثبتت الرؤية في أي بلد رؤية شرعية في بلد إسلامي يصوم بها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» (¬2) فإذا كانت الدولة تحكم بالشرع في ذلك، وتعتني بالرؤية فإنه يصوم برؤيتها والحمد لله، لكن إذا كان أهل بلده يعتنون ويصومون بالرؤية ويفطرون فهو معهم، لا يشذّ عنهم، ولا يحصل فتة، وليكن معهم في الصيام والإفطار؛ لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (291). ') "> (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1909).

أنه «قدم عليه كريب مولاه من الشام، وابن عباس في المدينة رضي الله عنه، فسأل كريبًا عن صوم أهل الشام، فقال كريب: صاموا بالجمعة، رأوه بالجمعة وصاموا وصام معاوية. فقال ابن عباس رضي الله عنهما: لكنا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه فقال: لا، هكذا أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم» (¬1) يعني بهذا في قوله عليه الصلاة والسلام: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» (¬2) فجعل ابن عباس رضي الله عنهما صوم أهل المدينة على السبت أولى من متابعة معاوية، هذا حجة لمن قال: لكل أهل بلد رؤيتهم. إذا كانوا يعتنون بالشرع؛ يعني بالرؤية، وإن صام المسلم بصوم البلد التي سبقتهم، ورأت الرؤية ورأت الهلال وثبت ذلك، إذا صام برؤيتهم فهو أولى لهم؛ حتى تكون كلمة المسلمين واحدة؛ حتى يجتمعوا على شهرهم العظيم؛ شهر رمضان، وإن انفرد أهل بلد وصاموا برؤيتهم فهو معهم ولا حرج؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون» (¬3) ولخبر ابن عباس رضي الله عنهما الذي تقدم في قصته مع أهل الشام، والخلاصة أن ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم وأنهم إذا رأوا الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بعد عنهم، برقم (1087). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1909). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء: الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون، برقم (697).

الإنسان يصوم مع أهل بلده، ويفطر معهم إذا كانوا يعتنون بالرُّؤية، وإن صام مع غيرهم إذا كانوا لا يعتنون، ولا يهتمون بالرؤية هذا هو الذي يجب عليه؛ عملاً بالسنة، لكن إذا كانوا يعتنون بالرؤية، ويصومون بالرؤية أو بالعدة فإنه يصوم معهم، ويفطر معهم؛ حذرًا من الانشقاق والتفرق، أما إذا كانوا ليس عندهم عناية بالشهر، أو يصومون بالحساب فلا، فإنه عليه أن يصوم مع من صام بالرؤية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته» (¬1) س: هل يجوز صيام رمضان عند رؤية الهلال في دولة إسلامية أخرى قبل الرؤية في دولتنا؟ ج: تصوم مع دولتك، إذا كانت الدولة تصوم فتصوم مع دولتك، أما إذا كانت الدولة لا تصوم فتصوم إذا ثبت الهلال عند أي دولة من الدول الإسلامية بالرؤية، إذا ثبت بالرؤية تصوم معهم، أما إذا كانت دولتك تصوم صم معها وأفطر معها والحمد لله، كما قال صلى الله عليه وسلم: «الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون» (¬2) لأن الاختلاف قد يفضي إلى شر بينك وبين جماعتك. ¬

(¬1) أخرجه النسائي في كتاب الصيام، باب ذكر الاختلاف على عمرو بن دينار، برقم (2124). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء: الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون، برقم (697).

بيان وجوب صيام رمضان إذا ثبت بشهادة الثقة

25 - بيان وجوب صيام رمضان إذا ثبت بشهادة الثقة س: ما حكم من يعتمد في رؤية الهلال على العين المجردة إذا كانوا من أهل البادية، وهم يقومون في ليلة تحري الهلال ذكورًا وإناثًا كبارًا وصغارًا، فينظرون عند غروب الشمس حتى مغيب الشفق، فلا يرون الهلال مهما كانت السماء صافية، ثم يفاجؤون في منتصف الليل أنه قد ثبتت الرؤية، وذلك في وسائل الإعلام مثلاً، توجيهكم شيخ عبد العزيز حول هذه القضية جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: متى ثبت أنه رُئِيَ بشهادة الثقة وجب الصوم على من بلغه ذلك في المملكة المعينة مثل السعودية مثلاً، أو في أي دولة أعلنت الهلال على الوجه الشرعي برؤية الهلال بالعين، فإنه يلزم أن يصوم أولئك البادية وإن لم يروه، فإن البصر يختلف، ومعرفة محل الهلال والتحديد عليه تختلف بالنسبة إلى الناس، فليس كل من تراءاه يعرف محله وموضع وجوده حتى يركز عليه، وليست الأبصار على حد سواء، بل هي مختلفة، فإذا ثبتت رؤيته عند غيرهم وجب عليهم أن يصوموا، إذا كانت الرؤية معتبرة كإعلانها من هذه الدولة، أو من دولة تعتمد على الرؤية لا على الحساب فإن الواجب ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (165).

اتباع ذلك، وأن يصام بالرؤية، وإن كان أولئك البادية مثلاً، أو القرية أو المدينة لم يروه؛ لأن النبي عليه السلام قال: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، وانسكوا لها، فإن غم عليكم فأكملوا ثلاثين، فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا» (¬1) اعتمد عليه الصلاة والسلام على الرؤية بالشهادة من دون حاجة إلى أن يراه الجميع، بل متى رآه شاهدان كفى، بل شاهد واحد ثقة يكفي، قال ابن عمر رضي الله عنهما: «تراءى الناس الهلال، فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام وأمر الناس بالصيام» (¬2) عليه الصلاة والسلام. ¬

(¬1) أخرجه النسائي في كتاب الصيام، باب قبول شهادة الرجل الواحد على هلال شهر رمضان برقم (2116). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصوم، باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان، برقم (2342)، والدارمي في كتاب الصوم، باب الشهدة على رؤية هلال رمضان، برقم (1691).

حكم صيام من رأى الهلال وحده ولم تقبل شهادته

26 - حكم صيام من رأى الهلال وحده ولم تقبل شهادته س: إذا رأيت هلال رمضان، وتقدمت للإفادة بذلك، لكن لم يؤيدني أحد فهل أصوم ثلاثين يومًا إذا كان الناس لم يصوموا إلا تسعة وعشرين يومًا (¬1)؟ ج: إذا تقدم الإنسان، وذكر للقاضي أو المسؤول أنه رأى الهلال؛ هلال رمضان فلم يقبل منه، ولم يعمل برؤيته فهذا فيه خلاف بين العلماء، ذهب الأكثرون إلى أنه يصوم؛ لأنه ثبت الشهر في حقه برؤيته، فيصوم ويسبق ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (136).

الناس بيوم، ويصوم معهم إذا صاموا، ويفطر معهم إذا أفطروا. وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه لا يصوم إذا لم يُعْمَلْ برؤيته، لا يصوم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون» (¬1) وهذا اليوم لم يَصُمْه المسلمون فلا يصومه. وهذا هو اختيار أبي العباس ابن تيمية رحمه الله وجماعة، وهو أظهر في الدليل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الصوم يوم تصومون» (¬2). والمسلمون لم يصوموا، فتكون شهادته حينئذٍ لاغية في حقه وفي حق غيره فلا يصوم، هذا هو الأرجح، وإن صام مع القول الثاني الذي قاله الجمهور فلا حرج عليه إن شاء الله، لكن عدم صومه أولى وأفضل. ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء: الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون، برقم (697). (¬2) سنن الترمذي الصَّوْمِ (697)، سنن أبي داود الصَّوْمِ (2324)، سنن ابن ماجه الصِّيَامِ (1660).

حكم من لا يصوم مع الناس حتى يرى هلال الشهر بعينه

27 - حكم من لا يصوم مع الناس حتى يرى هلال الشهر بعينه س: السائل من تشاد يقول: جدتي كانت لا تصوم مع الناس، وكانت تقول: لا أصوم إلا إذا رأيت الهلال بعيني. وماتت على هذه الحالة ولم تصم، وأنا الآن أقوم بالتصدق على الفقراء، وأقول: اللهم ألحق أجر هذه الصدقة لجدتي. وأطلب من الله عز وجل أن يغفر لها ذنوبها، هل دعائي هذا يصلها، وهذا الأجر يصلها (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (413).

ج: هي غلطانة في هذا العمل، غلطانة وجاهلة، وأنت مأجور على الصدقة عنها، وإن صمت عنها الأيام التي تركتها فأنت مأجور، أو غيرك من أقاربها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» (¬1) يعني قريبه، فإذا صام عنها بعض أولادها، أو بعض أخواتها، أو بعض أقاربها كان ذلك حسنًا وطيبًا مع الاستغفار لها والدعاء لها بالمغفرة والرحمة؛ لأنها جاهلة. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147).

حكم الإمساك لمن ثبت لديه دخول رمضان ضحى

28 - حكم الإمساك لمن ثبت لديه دخول رمضان ضحى س: أحيطكم علمًا أنني أنا وعددًا من العمال الذين يشتغلون في مزرعتي ليلة تحري رؤية الهلال؛ هلال رمضان جلسنا نترقب الخبر حتى ساعة متأخرة من الليل، فلم نسمع عنه، وبعد ذلك نمنا جميعًا قبل أن نسمع ثبوت الرؤية، وفي صباح اليوم الثاني أفطرنا جميعًا، ثم ذهبنا للعمل، وفي الضحى ذلك اليوم نفاجأ من الإذاعة أنه أول يوم من رمضان، فما حكم اليوم الذي أفطرناه قبل علمنا بالصيام؟ وماذا نفعل ونحن قد أفطرنا أول يوم من رمضان بعذر، هو عدم ثبوت الرؤية (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (42).

ج: الحكم في ذلك أنكم لا حرج عليكم؛ لأنكم لم تفرطوا، استمعتم فلم تسمعوا الخبر، فلا إثم عليكم إن شاء الله، ولكن عليكم القضاء لهذا اليوم، عليكم الإمساك لما علمتم، بعدما فوجئتم بالخبر في الضحى، وعلمتم أنه من رمضان تمسكون عند عامة أهل العلم، بل هو كالإجماع من أهل العلم، ثم تقضون هذا اليوم مع الإمساك، تقضونه بعد العيد لأنكم لم تكملوا، بتم ولم تنوُوا الصوم، وإنما أمسكتم بعد ذلك، هذا اليوم يقضى مع الإمساك جميعًا، وليس عليكم كفارة، ولا شيء ولا إثم إن شاء الله.

حكم الاعتماد على الحساب الفلكي دون الرؤية

29 - حكم الاعتماد على الحساب الفلكي دون الرؤية س: تعتمد الرؤية في بعض البلاد الإسلامية، وفي تحديد مواعيد دخول شهر الصيام، أو دخول شهر شوال، أو كذلك دخول ذي الحجة على الحساب الفلكي دون الرؤية، كما أن الإعلان عن ذلك يكون عادة عن طريق جهات الإفتاء والشؤون الدينية في البلد، فهل يعتمد الحساب؟ وهل يؤخذ بقول تلك الجهات، أم يؤخذ بأخبار الإذاعات في الدول التي تعتمد الرؤية (¬1)؟ ج: الواجب في إثبات الأهلة في الحج وفي رمضان هو الرؤية، كما قال ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (71).

رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» (¬1) وقال عليه الصلاة والسلام: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له» (¬2) في عدة أحاديث صحيحة في الصحيحين وغيرهما عن النبي عليه الصلاة والسلام، وقال: «إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا» (¬3)، وبسط يديه الثنتين، وكررها ثلاثًا، يعني ثلاثين، «والشهر هكذا وهكذا وهكذا» (¬4) وخنس واحدة، خنس الإبهام، يعني تسعًا وعشرين، «فصوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا العدة» (¬5) وفي لفظ: «فأكملوا العدة ثلاثين» (¬6) وفي لفظ آخر: «فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» (¬7) وفي لفظ ثالث: «فصوموا ثلاثين» (¬8) هكذا أوضح النبي عليه الصلاة ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1909). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1906)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080). (¬3) صحيح البخاري الصَّوْمِ (1913)، صحيح مسلم الصِّيَامِ (1080)، سنن النسائي الصِّيَامِ (2141)، سنن أبي داود الصَّوْمِ (2319)، مسند أحمد (2/ 129). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي لا نكتب ولا نحسب، برقم (1913)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080). (¬5) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي بكرة رضي الله عنه، برقم (19919). (¬6) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الهلال فصوموا برقم (1907). (¬7) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1909). (¬8) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1081).

والسلام، أما الحساب فلا يعتمد ولا يجوز التعويل عليه، وقد نبهنا على هذا غير مرة، وكتبنا مرات كثيرة، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أن العلماء أجمعوا على أن الحساب لا يعتمد في إثبات الأهلة، وإنما العمدة هو رؤية الهلال أو إكمال العدة، فإذا رُئِيَ شعبان مثلاً ليلة الأحد وجب إكماله، فيكون الصوم بالثلاثاء؛ لأن كماله يوم الاثنين، والصوم بالثلاثاء إذا لم يرَ الهلال ليلة الاثنين، ولو قال الحاسبون إنه يدخل يوم الاثنين، وكذلك لو قال الحاسبون إنه لا يدخل إلا يوم الأربعاء فلا عبرة بقولهم، يصام بالثلاثاء؛ لأنا كملنا شعبان ثلاثين؛ لأنه دخل ليلة الأحد، فإذا لم يرَ ليلة الاثنين كملناه ثلاثين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» (¬1) وقد أكملنا بحمد الله ثلاثين، المقصود أنه لا يعول على الحساب، ولا على قول الحسابين، وإنما التعويل على الرؤية، هكذا أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام، وهكذا درج سلفنا الصالح من الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان، وهكذا نقل الإجماع على ذلك مَن ذكرنا، وهو أبو العباس ابن تيمية شيخ الإسلام، وبيَّن ذلك آخرون من أهل العلم، وأما وجود من خالف هذا من المتأخرين فلا يلتفت إليهم ولو كانوا كبارًا، ولو كانوا علماء ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1909).

لا يلتفت إليهم في هذا الأمر؛ لأنهم خالفوا السنة، والله سبحانه يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}. ويقول سبحانه: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}. وهذه المسألة إذا ردت إلى كتاب الله فالله يقول: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}. ويقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}. ويقول سبحانه: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. ويقول عز وجل: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}. هكذا جاء في كتاب الله العظيم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فاقدروا له» (¬1) وفي لفظٍ آخر: «لا تقدموا الشهر حتى تكملوا العدة أو تروا ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي إذا رأيتم الهلال فصوموا، برقم (1906)، ومسلم في كتاب الصيام، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، برقم (1080).

الهلال حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ثلاثين» (¬1) فهذا أصح شيء وأبيَنُه في كلام النبي عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز أن يعول على ما يخالف ذلك، والله ولي التوفيق. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصوم، باب إذا أغمي الشهر، برقم (2326)، والنسائي في كتاب الصيام، باب ذكر الاختلاف على منصور في حديث ربعي فيه، برقم (2127)، بنحوه.

حكم إثبات هلال رمضان بواسطة المنظار المكبر

30 - حكم إثبات هلال رمضان بواسطة المنظار المكبر س: الأخ: ط. م. م. من المنطقة الشرقية، يقول: سؤالي هو: إذا كانت البدعة هل كل عمل لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، أو كل عمل جاء بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن عليه أمره، فماذا عن إثبات هلال رمضان بواسطة المنظار المكبر في الوقت الذي يصعب فيه رؤية الهلال بالعين المجردة؟ علمًا بأن هذا المكبر لم يكن موجودًا في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته» (¬1) الحديث. ثم أليس المقصود هنا الرؤية بالعين المجردة (¬2) (¬3)؟ ¬

(¬1) أخرجه النسائي في كتاب الصيام، باب ذكر الاختلاف على عمرو بن دينار، برقم (2124). (¬2) السؤال من الشريط رقم (165). (¬3) السؤال من الشريط رقم (165). ') ">

ج: البدعة هي التي أحدثها الناس تقربًا من الله، ولم يشرعها الرسول صلى الله عليه وسلم، هذه يقال لها: بدعة. كما قال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» (¬1) ويقول صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (¬2) يعني في ديننا، فالبدع هي العبادات المحدثة التي ما شرعها الله يقال لها: بدعة. مثل البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، مثل الاحتفال بالموالد، ومثل الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، وما أشبه ذلك، هذه يقال لها: بدعة. أما الاستعانة بالمنظار على رؤية الهلال فليس هذا من القربات، وليس هذا من البدع، بل هذا مما يستعان به على الرؤية، كما يستعان بكونه يكون في محل مرتفع؛ كالمنارة أو السطوح المرتفعة، أو يبتعد عن المحلات التي فيها ما يشوش على البصر من الغبار أو شبه ذلك، والعمدة في هذا العين، فالمنظار أو غير المنظار مما يعين على الرؤية لا يضر؛ لأن الرؤية بالعين فقط إنما هذا يعين على إدراكها المرئي، وهو الهلال، فإذا استعان بكونه في السطح المرتفع، أو في المنارة، ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

أو في محلات بعيدة عن التشويش على الرؤية، ومن ذلك المنظار فلا يضر، إذا كان العمدة على رؤيته بالعين، وإنما المنظار يساعد فقط فهذا لا يضر، وإنما الذي يمنع أن يعتمد على الحساب، وأنه ولد هذه الليلة أو ما ولد، فالحساب لا يعتمد عليه عند أهل العلم، بل هو إجماع أهل العلم المعتمدين: أن الحساب لا يعول عليه في إثبات الهلال، وإنما المعول على الرؤية بالعين لا بالحساب. فالمنظار الذي يستعان به فقط على الرؤية، والعمدة على العين، كالمنارة والسطح المرتفع الذي يستعان بالوجود فيه، والجلوس فيه للرؤية، والله ولي التوفيق، فالبدعة هي ما كان له صلة مباشرة بالعبادة، أما ما يتعلق بالعادات وأمور الدنيا، ولو كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم؛ كالسيارات، والطائرات، والتليفون، وأشباه ذلك، والقطارات هذه لا تسمى بدعة من حيث الشرع، وإن سميت بدعة من حيث اللغة لأنها جديدة. س: يقول السائل: لا أدري عن رأي سماحة الشيخ في المراصد، لو أقيمت المراصد لتتبع موالد الأهلة (¬1). ج: المراصد لا زال الناس يتكلمون فيها، والمراصد لا مانع من وجودها للاستعانة بها فقط، أما أن تعتمد فلا، لا تعتمد في إثبات الرؤية، ولا تعتمد في مخالفة الرؤية، فلو رآه عدل في الدخول أو عدلان، وقال أهل المرصد: إنه ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (84). ') ">

لم يولد. لا نلتفت إليهم، ولا نعلق قبول الشهادة بهم، وهكذا لو لم يرَ عندنا، وقال أصحاب المرصد: إنه ولد. بحسب حسابهم لا يعتمد، لا في الدخول ولا في الخروج، لكن إذا استعانوا به في رؤية الهلال، ورآه المسؤولون عن المرصد وهم ثقات عدول، قالوا: رأيناه لا مجرد الحساب. قالوا: رأينا قد هلَّ في الدخول أو في الخروج. يُقبلون إذا كانوا عدولاً ولو واحدًا بالدخول، واثنين في الخروج. س: يقول السائل: المعروف يا سماحة الشيخ أن المراصد تستخدم للرؤية لا للحساب. ج: هو هكذا وهكذا، هم يستعملونها لهذا وهذا، إنما بلغنا للحساب، متى يولد ومتى لا يولد، ومقارنته للشمس وانفصاله عنها، ويستعملونها أيضًا للرؤية لمن كان عنده عناية بالرؤية، فهو يُقبل في الرؤية لا في الحساب بشرط أن يكون القائمون عليه عدولاً، تقر لهم المحاكم الشرعية.

بيان وقت وجوب الصوم على المرأة

31 - بيان وقت وجوب الصوم على المرأة س: متى يجب على المرأة أن تصوم شهر رمضان (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (129).

ج: يجب عليها مثل الرجل، إذا بلغت الحلم كالرجل، إذا بلغ الرجال والنساء الحلم وجب عليهم الصوم، وكلاهما يبلغ في ثلاثة أمور: إكمال خمس عشرة سنة، هذا واحد، فإذا أكمل كل واحد خمس عشرة سنة صار مكلفًا يجب عليه الصيام والصلاة. والثاني: إنزال المني بالاحتلام أو بغيره، إذا أنزل المني باحتلام أو بتفكير أو ملامسة، أنزل المني صار مكلفًا سواء كان رجلاً أو امرأة. الثالث: بنات الشعر الخشن؛ الشعرة، يسمونها العانة، وتسمى الشعرة حول الفرج حول القبل، فهذه الشعرة التي هي الشعر الخشن هذه علامات البلوغ، بخلاف الشعر اليسير الضعيف الأملس، هذا ليس بشيء، لكن الشعر القوي الخشن الذي يظهر حول الفرج حول القبل؛ قبل المرأة وقبل الرجل هذه يقال لها: الشعرة. ويقال لها: العانة. فإذا ظهر واتضح فهذه من أمارات البلوغ، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في قصة قريظة، لما نزلوا على حكم سعد أن يقتل من بلغ منهم، وأن يستبقى من لم يبلغ، وكانوا يعرفون البالغ بالعانة؛ شعر العانة، إذا فتشوا عن عانته وجدوا أنه قد أنبت صار بالغًا. الرابع: في حق المرأة خاصة، هو الحيض، إذا حاضت ولو كانت بنت إحدى عشرة، أو اثنتي عشرة، أو ثلاث عشرة أو عشر، إذا حاضت جاءتها الدورة الشهرية فهي بهذا تكون مكلفة، ويلزمها الصوم.

حكم صوم المرأة إذا أتتها العادة الشهرية قبيل المغرب

32 - حكم صوم المرأة إذا أتتها العادة الشهرية قبيل المغرب س: إذا أتت المرأة العادة الشهرية قبيل المغرب في أيام رمضان فهل يجب عليها الصيام (¬1)؟ ج: إذا خرج الدم قبل المغرب بطل الصوم، وعليها أن تقضي ذلك اليوم، أما إذا خرج بعد الغروب، غابت الشمس وهي سليمة فصومها صحيح. ¬

(¬1) السؤال الثالث والستون من الشريط رقم (350).

حكم صيام الحائض

33 - حكم صيام الحائض س: تقول السائلة: البعض من النساء تصوم في فترة حيضها خاصة في رمضان؛ لجهلٍ أو لغيره. فأرجو من سماحتكم التكرم ببيان ما يحرم على الحائض، وما يجب عليها عند انتهاء مدة حيضتها، جزاكم الله خيرًا. (¬1) (¬2) ج: الحائض لا تصوم ولا يصح منها الصوم، صومها باطل، ولا يجوز لها نية الصوم، وإذا فعلت ذلك فعليها التوبة إلى الله من ذلك، والندم والعزم على ألا تعود في ذلك، وعليها قضاء الأيام التي وقع فيها الحيض من رمضان، عليها أن تقضيها؛ لأن صومها غير صحيح، والحائض عليها إذا رأت الدم أن تدَع الصلاة وتدَع الصيام، وألا يقربها زوجها بالجماع، وألا ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (255). (¬2) السؤال من الشريط رقم (255). ') ">

تمس المصحف، وألا تطوف إذا كانت بمكة لحج أو عمرة حتى تطهر، ومتى طهرت تغتسل غسل الجنابة، تغسل بالماء بدنها كله، ثم بعد الغسل تباح لزوجها، وتصلي مع الناس، وتصوم مع الناس؛ لأن الحيض انتهى، كل هذا مما يتعلق بالحائض، وإذا كانت في حج أو عمرة لا تطوف حتى تطهر، ولا بأس أن تلبي وتذكر الله، وتسبح وتهلل وتقف مع الناس في عرفات، وترمي الجمار، وتقف معهم في المزدلفة ولو كانت حائضًا، لكن لا تطوف حتى تطهر، واختلف العلماء هل تقرأ، أو ما تقرأ، والصواب أن لها أن تقرأ عن ظهر قلب، لا تمس المصحف، لكن تقرأ من محفوظها عن ظهر قلبها؛ لأن مدتها تطول، فعليها مشقة في ترك القراءة، وقد تنسى ما حفظت بخلاف الجنب، فإنه لا يقرأ حتى يغتسل، أما الحائض والنفساء فالصواب أنهما تقرآن، لا بأس لكن مما في صدرورهما؛ يعني عن ظهر قلب، لا تقرآن من المصحف، ولو احتاجتا للمصحف جاز لهما مسه من دون حائل؛ لمراجعة بعض الآيات، يكون في يديها قفازان، أو شبه القفازين؛ حتى لا تباشر المصحف وقت طلب الآيات التي تحتاج إلى مراجعتها، أو تستعين بمن تشاء من أخواتها؛ حتى يراجعن لها المصحف إذا أشكل عليها، أو غلطت فيه. س: تقول السائلة: إذا أتى المرأة عذرها لمدة أربعة أيام ثم انقطع عنها، واغتسلت لظنها أنها قد طهرت، وصامت ليوم كامل، وفي اليوم التالي

عاودها العذر مرة أخرى، فهل عليها قضاء ذلك اليوم أم لا؟ ج: ليس عليها قضاء ذلك اليوم، إذا كان الدم غاب عنه ذلك اليوم، ولم ترَ دمًا إلا بعد غروب الشمس فإن ذلك اليوم صومه صحيح، والدم الذي عاد عليها بعد ذلك اليوم يعتبر دم الحيض إذا كان في العدة في أيام العادة، أما إن كان خارج العادة إذا كانت عادتها أربعة أيام وطهرت، ثم جاءها دم بعد اليوم الخامس الذي طهرت فيه فهذا فيه تفصيل: فإن كان كدرة أو صفرة فإنه لا عمل عليه، تصلي وتصوم وتتوضأ لكل صلاة. أما إذا كان دمً صحيحًا فإنه تابع للحيض، يكون حيضًا تابعًا للأول، واليوم الذي فيه الطهارة صومه صحيح، والحمد لله.

حكم الأكل والشرب جهارا لمن أفطر لعذر شرعي

34 - حكم الأكل والشرب جهارًا لمن أفطر لعذر شرعي س: بعض النساء يفطرن في رمضان لعذر شرعي، فهل لهن الأكل والشرب جهارًا، أم يأكلن سرًّا ولو أدى ذلك إلى أكثر من ثلاث وجبات. (¬1)؟ ج: من أفطر في رمضان لعذر فإنه يفطر سرًّا كالمسافر، الذي لا يُعرف أنه مسافر، والمرأة التي لا يُعرف أنها حائض، فيكون أكلها سرًّا وشربها سرًّا؛ حتى ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (328).

لا تُتهم أنها متساهلة، وحتى لا يُتهم الرجل بأنه متساهل بأمر الله، أما إذا كان بين قوم يعرفون حاله أنه مسافر، أو كانت بين جماعة من النساء يعرفون أنها حائض فلا حرج عليها أن تأكل عندهم وأن تشرب؛ لأنهم يعرفون حالها، وهكذا المسافر بين قوم يعرفون حاله، أما أن يأكل عند الناس وهم لا يعرفون حاله هذا لا ينبغي له، بل الواجب عليه أن يختفي بذلك؛ حتى لا يُتهم بالشر، وهكذا المرأة التي لا يعرف من حولها أنها حائض، فإنها لا تأكل عندهم ولا تشرب؛ لأن هذا يسبب تهمتها بأنها متساهلة بأمر الله، وأنها لا تصوم رمضان.

حكم تناول حبوب منع الدورة الشهرية حرصا على صيام رمضان

35 - حكم تناول حبوب منع الدورة الشهرية حرصًا على صيام رمضان س: بعض النسوة يستعملن الحبوب في شهر رمضان زيادة عن الوقت بدون انقطاع؛ لكي لا يأتيهن العذر الشهري؛ ولهذا لا يأكلن يومًا واحدًا في شهر رمضان، هل هذا جائز أم لا (¬1) (¬2)؟ ج: لا أعلم في هذا بأسًا إذا كان لا يضرهن ذلك، لا أعلم في هذا حرجًا؛ لأن لهن مصلحةً كبيرةً في الصيام مع الناس وعدم القضاء بعد ذلك. س: تقول هذه السائلة: س. ع. من سوريا: البعض من النساء تأخذ حبوبًا لمنع العادة الشهرية في رمضان، فهل يجب على المرأة أن تقضي ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (297). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (297). ') ">

الأيام التي لم تفطرها من وقت العادة، أم يجب عليها الإعادة (¬1)؟ ج: ما دامت أخذت الحبوب وارتفع الحيض ما عليها شيء إذا صامت وهي طاهرة، فليس عليها أن تقضي والحمد لله. س: يقول السائل: ما حكم استعمال حبوب منع الحيض في رمضان بالنسبة للمرأة والحج؛ لتتمكن هذه المرأة من أداء عبادتها (¬2)؟ ج: لا حرج في ذلك، ولا حرج في هذا. س: تسأل المستمعة من الأردن، وتقول: هل يجوز للمرأة أن تتناول حبوب منع الدورة؛ حرصًا على صيام شهر رمضان المبارك كاملاً (¬3)؟ ج: لا حرج في ذلك أن تتعاطى ما يمنع الدورة؛ من أجل الحج، أو من أجل رمضان، لا حرج في ذلك. س: هذه سائلة تسأل سماحتكم عن الحبوب التي تمنع نزول الحيض؛ من أجل أن تتمكن المرأة من الصيام، أو من الحج. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (386). ') "> (¬2) السؤال من الشريط رقم (428). ') "> (¬3) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (405). ') ">

ج: لا مانع من تعاطي الحبوب في رمضان، أو في أيام الحج؛ لمنع العادة الشهرية، إذا كانت الحبوب ليس فيها مضرة، وتعرف أن ليس فيها مضرة عليها فلا بأس أن تستعملها لمنع العادة؛ حتى تصوم مع الناس، وتصلي مع الناس، وهكذا في الحج؛ حتى لا تعطل وليها، كل هذا لا بأس به إن شاء الله؛ لأنه مصلحة بالعوض، بلا أذى، أما إذا كان فيه مضرة عليها؛ تضر رحمها، أو يضر بدنها فلا يجوز.

بيان ما يلزم من أفطر لكبر السن أو مرض

36 - بيان ما يلزم من أفطر لكبر أو مرض س: سماحة الشيخ عبد العزيز، هذه الحلقة ستكون بإذن الله عن الصيام وعن المرضى، فهل من كلمة نستهل بها هذا اللقاء لو تكرمتم (¬1)؟ ج: لقد سبق في حلقة مضت ما يتعلق بشأن الصيام، وفضل صيام رمضان ووجوبه على المسلمين، وما يجب أيضًا على المسلمين من العناية بحفظه وصيانته عما حرم الله عز وجل؛ حتى يوفوا أجورهم كاملة، ومعلوم أن الإنسان يعرض له عوارض من المرض والسفر، والله عز وجل قد بيَّن هذا في كتابه العظيم، فمَن نزل به المرض وشق عليه الصوم فله أن يفطر ثم يقضي بعد ذلك، وهكذا مَن عَنَّ له سفر لحاجة فلا بأس أن يسافر ويفطر ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (84).

ويقضي، وليس لأحد أن يسافر من أجل الإفطار والتحايل على الإفطار، هذا لا يجوز؛ ولهذا يقول سبحانه وتعالى في كتابه العظيم لما ذكر الصيام، قال: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} الآية. فالمؤمن يحاسب نفسه، وهكذا المؤمنة، فإن وجد أحدهما مرضًا يشق عليه معه الصوم، والله يعلم أنه صادق فلا حرج عليه في الفطر، وهكذا إذا سافر لحاجه فإنه لا بأس عليه أن يفطر، ثم يقضي بعد ذلك والحمد لله.

حكم صيام من يعاني من مرض الفشل الكلوي

37 - حكم صيام من يعاني من مرض الفشل الكلوي س: من أنواع المرض ذلكم الذي تفشى في كثير من المسلمين، ونسأل الله لهم العافية، هو الفشل الكلوي، فالمصاب بهذا المرض يحتاج إلى الغسيل، والغسيل قد يكون في نهار رمضان، ويسأل كثير من المصابين بهذا المرض فيما لو أذن لهم الأطباء بالصيام، هل يؤثر غسيل الكلى على الصيام أو لا يؤثر (¬1)؟ ج: الأمراض متنوعة، والمرضى أعلم بأنفسهم، فكل مرض يشق معه الصيام ويؤثر على المريض زيادة في المرض، أو تأخر البرء، فإنه يجوز له ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (84).

الإفطار، فالغسيل الذي يحصل لأصحاب الكلى، إذا كان هذا الغسيل يؤثر عليه لو صام فإن له الفطر ولا حرج عليه، أما نفس الغسيل كونه يُعْطَى شيئًا دواء، يخرج منه شيئًا يضره، ويبقى فيه شيء ينفعه فلا أعلم ما يمنع من ذلك، إذا كان مثل الحقن بالإبر التي يعطاها الإنسان؛ لحفظ الصحة أو لإسكان المرض كالحمى، أو لإخراج دم فاسد من فمه أو دبره فهذا لا يعتبر مفطّرًا له في هذه الحالة؛ لأنه لم يتعمده، وإنما هو من جهة العلاج الذي تحفظ به صحته، فهو يعطى هذا لحفظ الصحة، وسلامته من الهلاك، ويترتب على هذا العلاج من الإبر التي يعطاها خروج شيء ودخول شيء، فهو يدخل له شيءٌ طيب ويخرج منه ما يضره بقاؤُه، هذا هو الذي يتبادر فيما نعلم من عملهم في الغسيل، وإذا كان صومه في هذه الحال يضره في تأخير المرض وطول أجله، أو زيادته فإنه يفطر، فيتعاطى هذا العمل وهو مفطر، ولا حاجة إلى الصوم الذي يضره، والله به أرحم سبحانه وتعالى، وهو القائل عز وجل: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. هذا هو المتبادر في هذه المسألة، وإذا قضى بعد ذلك احتياطا؛ لإخراج هذا الذي يخرج منه ما نعلم بأسًا في ذلك، أما الذي يظهر - والله أعلم - أنه في هذه الحال شبه مَن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: «من ذرعه القيء

فلا قضاء عليه» (¬1) لأنه إن ترك العمل أضره الترك، وإذا أعطي هذه الإبر التي تحفظ بها صحته خرج منه هذا الشيء، كما قد يخرج من الطريق الأسفل، يعطى مواد تجعله يصاب بالإسهال، وخروج ما يضره من الأسفل، فهكذا خروج ما يضره من فوق من طريق القذف أو النزيف، نزيف الدم أو نحو ذلك، أو خروجه من الأسفل من أجل العلاج ما يضره إن شاء الله. ¬

(¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (10085)، وأبو داود في كتاب الصوم، باب الصائم يستقيء عمدا، برقم (2380)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء فيمن استقاء عمدا، برقم (720)، وابن ماجه في كتاب الصيام، باب ما جاء في الصائم يقيء، برقم (1676).

حكم صيام من يتعاطى بخاخا للربو

38 - حكم صيام من يتعاطى بخاخًا للربو س: يقول السائل: ما حكم صيام المصابين بالربو، وهم يتعاطون الأكسجين؟ هل يؤثر هذا الأكسجين على الصيام أم لا (¬1)؟ ج: الفتوى صادرة في هذا بأنه لا يضر؛ لأنهم مضطرون إليه، وهو ليس بأكل ولا بشرب، ولا يشبه الأكل والشرب، وإنما هو هواء يعطيهم شيئًا من الراحة، فهو هواء فيه شيء من دواء خفيف يعطيهم شيئًا من الراحة. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (84).

حكم صيام المصاب بمرض السكر

39 - حكم صيام المصاب بمرض السكر س: بالنسبة للمصابين بمرض السكر ماذا يقول سماحة الشيخ عبد العزيز لمثل هؤلاء في الصيام (¬1) (¬2)؟ ج: إن كان المرض يضرهم، ولا يستطيعون معه الصوم، بل يشق عليهم الصوم؛ بزيادة المرض عليهم والتعب عليهم تعبًا كثيرًا واضحًا، أو يسبب عدم برئِه فلهم الفطر، أما إن كان عاديًّا، المرض معهم سواء صاموا أم لم يصوموا، هو معهم لا يتغير عليهم ولا يضرهم فالواجب عليهم الصوم؛ لأنه مرض عادي، لا يضرهم معه الصوم، فأشبه حال الهزالى وكبير السن الذي لا يضره الصوم. س: ماذا لو احتاج مَن يغسل الكلى تعاطي نوع من الأدوية ربما يكون الإبر أو ما أشبهها؟ ج: أم الأكل فلا، حبوب أو شراب يفطر الصائم، أما الإبر في العضل أو في العروق يحصل بها تخفيف الربو، أو ما أشبه ذلك فلا حرج في ذلك إن شاء الله؛ لأن هذه الإبر فيما نعتقد وبما نفتي به محل البحث لا تعتبر أكلاً ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (84). (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (84). ') ">

ولا شربًا، وإنما هي علاج ودواء.

حكم صيام من يأخذ الإبر عن طريق الوريد أو غيره

40 - حكم صيام من يأخذ الإبر عن طريق الوريد أو غيره س: هل هناك فرق في حكم الصيام بين الإبر التي تؤخذ عن طريق الوريد، أو الإبر التي تؤخذ عن طريق آخر (¬1)؟ ج: الصواب لا فرق في ذلك، وإن كانت هذه أبلغ، لكن لا فرق في عدم الإفطار، أما الإبر التي تؤخذ للتغذية بدل الأكل والشرب، يغذونه بها فهذه قامت مقام الطعام والشراب، فهي إبر تغذية وتفطر، من تعاطاها أفطر بها. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (84).

حكم صيام المصاب بالصرع

41 - حكم صيام المصاب بالصرع س: ما حكم صيام المصابين بالصرع (¬1)؟ ج: إذا صاموا وأصابهم الصرع في أثناء النهار فهو مثل النوم؛ صومهم صحيح، أما إذا غابوا، غابت عقولهم يومًا كاملاً فهم مثل بقية المجانين لا صوم لهم، ولا شيء عليهم ولا قضاء عليهم، فلو جُنَّ في آخر الليل، أو صرع في آخر الليل، ولم يفقْ إلا في الليلة الآتية، بخلاف الإغماء فإنه مثل النوم. ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (84).

حكم صيام من أصيب بالنزيف

42 - حكم صيام من أصيب بالنزيف س: ما حكم صيام المصابين بالنزيف (¬1)؟ ج: النزيف لا يضر أيضًا، المصاب بالنزيف سواء بفمه أو بالأسفل مستمرًّا معه ليس باختياره فلا يضره مثل ما تقدم في أهل الغسيل. ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (84).

حكم الصيام عمن مات وعليه صوم

43 - حكم الصيام عمن مات وعليه صوم س: يقول السائل: توفي والدي في الأيام الأخيرة من رمضان، وعليه أيام لم يصمها بسبب مرضه وشيخوخته، فهل يجوز لي صوم تلك الأيام بدلاً عنه (¬1)؟ ج: إذا كان مات في مرضه فلا يجب عليك أن تصوم عنه، ولا يشرع، فهو معذور، أما إذا كان شفي ولكن تساهل فإنك تصوم عنه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» (¬2) هذا هو الأفضل أن تصوم عنه، فإن لم تَصُمْ تطعم عنه عن كل يوم مسكينًا، أما إذا كان مات في مرضه وشيخوخته، لا يستطيع الصوم فإنك تطعم عنه إذا كان شيخًا كبيرًا، ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (253). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147).

تطعم عنه مسكينًا عن كل يوم، نصف صاع عن كل يوم، أما إذا مات في مرضه فليس عليك إطعام ولا صيام.

بيان ما يلزم من لا يستطيع الصوم لكبر

44 - بيان ما يلزم من لا يستطيع الصوم لكبر س: يقول السائل: أفتونا عن الرجل الشيبة الهرم، الذي لا يستطيع الصوم وهو فقير لا يجد شيئًا في حوزته، ماذا عليه (¬1) (¬2)؟ ج: ليس عليه شيء إذا كان عاجزًا عن الصوم وفقيرًا عن الإطعام، ليس عليه شيء: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. فليس عليه صوم ولا إطعام؛ لعجزه عنهما عن الصوم والإطعام، هذا إذا كان عقله معه، أما إذا كان الهرم قد غير عقله فليس عليه شيء حتى ولو كان عنده مال؛ لأنه زال عنه التكليف بزوال العقل، إذا خرف تغير عقله ولا إطعام. أما إذا كان عقله معه، لكنه عاجز عن الصوم والإطعام فلا إطعام؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}. س: يقول السائل: أعاني من مرض أسأل الله أن يشفيني منه، ويأتيني هذا ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (281). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (281). ') ">

المرض في الشهر مرة أو مرتين، أو في الشهرين مرة، فهل يجوز لي أن أفطر إذا كنت صائمًا عندما يأتيني هذا المرض؟ جزاكم الله خيرًا. ج: نعم إذا شق عليك المرض وأنت صائم تفطر؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. فالمريض الذي يشق عليه الصوم يفطر، سنة رخصة له: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}. وهكذا المسافر يفطر، أما المرض الخفيف الذي لا يضرك ولا يشق عليك فلا تفطر.

مسألة في صيام المريض بالصرع

45 - مسألة في صيام المريض بالصرع س: السائل: م. ع. م. مصري مقيم بالدمام، يقول في سؤاله: بأن زوجته مريضة بالصرع منذ صغرها؛ مما يلزمها باتباع برنامج علاجي صعب، يصعب معه الصيام لشهر رمضان المبارك، ولكنها في السنوات القليلة الماضية كانت تصر على الصيام، وبفضل الله كانت تتمكن من صيام معظم أيام الشهر الكريم، رغم ما كانت تتعرض له من تعب ونوبات قلبية؛ نتيجة عدم تناولها للعلاج في نهار شهر رمضان المبارك، مع العلم بأنه بعد الانتهاء من الشهر الكريم لا تستطيع صيام ما عليها من أيام،

أفطرتها خلال شهر رمضان الكريم، أفيدونا مأجورين: هل لها أن تصوم شهر رمضان وهي على هذه الحالة؟ وماذا يجب عليها إزاء عدم صيامها سنوات كثيرة سابقة، وكذلك إزاء الأيام التي عليها من شهر رمضان في السنوات الثلاث الأخيرة؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: هي أعلم بنفسها، إن استطاعت عليها أن تصوم، وتقضي ما فاتها من أيام الحيض، وإن لم تستطع للمرض الذي أصابها تطعم عن كل يوم مسكينًا، إذا كان مرضها مستمرًّا معها، وليس له حيلة؛ يعني عُرِضَ على الأطباء ولا وجدوا حيلة فهذا تطعم عن كل يوم مسكينًا، أما إذا استطاعت أن تصوم ولو بعض الصيام ثم تقضي فإنها تصوم وتقضي ما فاتها، هذا هو الواجب عليها؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. ويقول سبحانه: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، والله جل وعلا كتب علينا الصيام، قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن صيام رمضان من أركان الإسلام الخمسة، فإذا استطاعت فعليها أن تصوم، وإذا أفطرت بعض الأيام ¬

(¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (403).

تقضيها، وإن كان اشتد معها المرض ولم تستطع الصوم أفطرت، فهي على كل حال تراعي حالها، تصوم إذا استطاعت وتفطر إذا شق عليها ثم تقضي، فإن كانت لا تستطيع أبدًا، ويشق عليها مشقة بيِّنة تطعم عن كل يوم مسكينًا إذا كان لا يُرجى برؤُها، تعرض نفسها على الأطباء الخاصين، فإذا كان لا يرجى برؤُها من هذا المرض فالحمد لله، تطعم عن كل يوم مسكينًا، تجمع الطعام خمسة عشر صاعًا للشهر تعطيه لبعض الفقراء، يعني خمسًا وأربعين كيلو، كل يوم عنه كيلو ونصف تعطيه بعض الفقراء، هذا هو الواجب عليها إذا كانت لا تستطيع الصوم بشهادة الأطباء المختصين من أجل مرضها، نسأل الله لنا ولها العافية.

حكم صيام من أصيب بالجلطة

46 - حكم صيام من أصيب بالجلطة س: يوجد لي جد مصاب بالجلطة، غاب عن ذهنه لمدة ثلاثة أشهر، وهو الآن قد عاد لرشده، وبدأ يذكر الصلاة وبدأ يصلي، لكنه لم يَصُمْ بطبيعة الحال، فكيف توجهوننا وحاله ما ذكر؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: ليس عليه قضاء ما فات في حال ذهاب عقله، وليس عليه قضاء الصوم إذا كان في رمضان صادفه في المدة التي غاب فيها عقله؛ لأنه قد رفع ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (263).

عنه القلم، وإنما يصلي مستقبلاً بعدما رجع إليه عقله.

حكم صيام من يتناول علاجا في اليوم أكثر من مرة

47 - حكم صيام من يتناول علاجًا في اليوم أكثر من مرة س: هذه السائلة: أم مصعب من الأردن، تقول: بأنها امرأة مريضة منذ سنتين، ولم تصم شهر رمضان للسنتين السابقتين؛ لعدم استطاعتها، وذلك لكونها تتناول علاجًا في اليوم ثلاث مرات أو أربع مرات، وقد أقبلت هذه السنة وتقول: لا زلت في المرض السابق، أفيدوني أفادكم الله، ماذا يترتب عليَّ من الصيام (¬1)؟ ج: لا يلزمك الصوم إذا كان يشق عليك، لا يلزمك؛ لأن الله يقول سبحانه: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. وإذا عافاك الله تقضين العامين الأولين وهذا الثالث، عافاك الله سبحانه وتعالى. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (430).

حكم الصوم عن مريض بمرض لا يرجى برؤه

48 - حكم الصوم عن مريض بمرض لا يرجى برؤه س: سائل يقول: يا سماحة الشيخ، والدي رجل كبير في السن، ومريض ولا يستطيع الصيام، فهل نصوم عنه نحن الأبناء؟ أم ماذا نفعل؟

أفتونا مأجورين (¬1). ج: إذا كان مريضًا لا يُرجى برؤُه ليس عليه صيام والحمد لله، أما إن كان يُرجى برؤُُه فإنه يصوم، بعدما يشفيه الله يقضي؛ لأن الله قال: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. فإذا شفاه الله يقضي ولا تصومون عنه، أما إذا كان عاجزًا لكبر السن، أو مريضًا مرضًا لا يُرجى برؤُه فهذا يطعم عن كل يوم مسكينًا، وليس عليه صيام. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (429).

حكم قضاء من لم يصم عددا من أيام رمضان لذهاب عقله

49 - حكم قضاء من لم يصم عددًا من أيام رمضان لذهاب عقله س: امرأة لم تَصُمْ خمسة عشر يومًا من رمضان؛ لذهاب عقلها، ولم تقضِ بعد ذلك حتى أدركها رمضان الآخر، ماذا عليها (¬1)؟ ج: إذا كان قد ذهب عقلها، ثم رد الله عليها عقلها فليس عليها قضاء في وقت ذهاب العقل، إنما تقضي ما تركته وهي عاقلة، أما لو أصابها جنون ونحوه، ثم عافاها الله لا تقضي أيام الجنون. ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (418).

بيان ما يرجى من الأجر لمن عجز عن الصيام لكبر ونحوه

50 - بيان ما يرجى من الأجر لمن عجز عن الصيام لكبر ونحوه س: الأخ: أ. ع، من لواء تعز بالجمهورية العربية اليمنية، يسأل ويقول: هل المفطر في رمضان لعذر شرعي ككبر السن مثلاً، ويقوم بالإطعام هل له مثل أجر الصائم (¬1)؟ ج: يُرجى له ذلك؛ لأنه معذور شرعًا، والمعذور له حكم الصائم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا» (¬2) فالكبير في السن الذي عجز عن الصيام له حكم الصائمين؛ لأنه معذور، إذ لولا العجز لصام، فهو معذور وعليه إطعام مسكين عن كل يوم إذا كان يستطيع ذلك، أما إن كان عاجزًا لا يستطيع فإنه لا شيء عليه، لا صوم عليه ولا إطعام عليه؛ لقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (144). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (2996).

حكم قضاء الصوم عمن فقد شعوره لكبر

51 - حكم قضاء الصوم عمن فقد شعوره لكبر س: رجل كبير في السن، وأصبح لا يعي من الحياة أي شيء حتى أبناءَه،

وأصبح لا يصوم ولا يصلي، ولا يعرف معنى ذلك، والآن توفي، فهل يجب على أبنائه قضاء صوم رمضان؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كان الرجل كما ذكر فليس عليه شيء؛ لأنه صار في حكم غير المكلفين، لما زال شعوره صار من جنس المجانين والمعاتيه؛ بسبب الهرم فلا شيء عليه، لا صلاة ولا زكاة ولا غير ذلك، رفع عنه القلم والله المستعان. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (277).

بيان ما يلزم من لا يستطيع الصيام لمرض لا يرجى برؤه

52 - بيان ما يلزم من لا يستطيع الصيام لمرض لا يرجى برؤه س: يقول السائل: بينما كنت راكبًا إحدى السيارات العسكرية إذ تعرضت لحادث انقلاب، نتج عنه إصابتي بكسر في العمود الفقري مما جعلني طريح الفراش، وأفقدني بعض الإحساس في بعض أجزاء جسدي، وبما يخرج مني من نواقض الوضوء، وقد يحصل أحيانًا انسداد في المجاري البولية؛ مما جعل الأطباء ينصحونني بالإكثار من الشرب باستمرار، فأنا أسأل عن صيام رمضان، ماذا أعمل فيه؟ وماذا يجب عليّ فعله إن أفطرت في هذه الحالة؛ إذ لا أمل في شفائِي من هذا المرض؟ فهل عليّ كفارة؟ وما هي؟ وبالنسبة للصلاة كيف

أصلي؟ وكيف أتوضأ؟ وماذا أعمل لو انتقض وضوئِي دون شعوري، أو إحساس مني بذلك أثناء الصلاة؟ كيف أتصرف في هذه الحالات (¬1) (¬2)؟ ج: أما الصوم فعليه أن يصوم إذا كان يستطيع الصوم، أما إن كان الأطباء قرروا أنه يضره الصوم؛ بسبب المرض الحاضر فإنه لا يصوم، وإذا قرروا أنه لا يُرجى برؤُه برءًا يمكنه من الصوم فإنه لا يصوم أيضًا، وعليه إطعام مسكين عن كل يوم، كالشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، اللذين لا يستطيعان الصوم، فإنهما يُكَفِّرَان بإطعام مسكين عن كل يوم، وهكذا المريض الذي لا يُرجى برؤُه، إذا كان قد قرر الأطباء أنه لا يُرجى برؤُه حكمه حكم الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، يطعم عن كل يوم مسكينًا نصف صاع من التمر أو غيره من قوت البلد، وهو كيلو ونصف تقريبًا، أما إن كان يُرجى برؤُه، ويُرجى شفاؤُه، ولكن يضره الصوم فإنه لا يصوم حينئذٍ، ولكن متى برِئ وعافاه الله يَصُمْ ولا يطعم. أما الصلاة فإنه يصلي على حسب حاله، يتوضأ إذا كان ما هو على وضوء بالماء، فيقرب لك الماء وتتوضأ إن قدرت، فإن لم تقدر تيمم بعد أن تمسح الخارج بالمناديل؛ الخارج من القبل والدبر، إذا دخل الوقت تمسح أنت، أو ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (55). (¬2) السؤال من الشريط رقم (55). ') ">

من يقوم عليك ويخدمك، تمسح الخارج بالمناديل ثلاث مرات أو أكثر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، فلا بد من ثلاث مسحات أو أكثر للقبل والدبر؛ حتى يزول الأثر، وبعد هذا توضأ وضوء الصلاة إن قدرت، وإلا فالتيمم يكفي، يحضر لك التراب في إناء أو في كيس أو في خرقة، وتضرب التراب بيدك وتمسح وجهك وكفيك مرة واحدة، وتصلي في الوقت، وتجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، وتصلي الفجر في وقتها حسب طاقتك وأنت في فراشك على جنبك، أو مستلقيًا، أو قاعدًا حسب طاقتك، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. والنبي صلى الله عليه وسلم قال للمريض: «صل قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيًا» (¬1) هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم للمريض، وأنت مريض، هذا هو الذي يجب عليك: أن تصلي قائمًا إن قدرت، فإن عجزت صليت قاعدًا، فإن عجزت صليت على جنبك، فإن عجزت صليت مستلقيًا إلى القبلة، تجعل رجليك إلى القبلة، وتشير بيديك تكبر للإحرام رافعًا يديك وللركوع كذلك، تقرأ ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدًا صلى على جنب، برقم (1117)، دون زيادةفإن لم تستطع فمستلقيا.

وتنوي الركوع وتكبر، وتنوي الرفع فترفع، تقول: سمع الله لمن حمده. تنوي السجود وتكبر ناويًا السجود، وهكذا بالنية والكلام، أولاً: تنوي الصلاة وتكبر، وتأتي بالمشروع من الاستفتاح والقراءة، ثم تنوي الركوع وتكبر، تقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. وأذكار الركوع، ثم تنوي الرفع، تقول: سمع الله لمن حمده. بنية الرفع من الركوع: ربنا ولك الحمد ... إلى آخره، ثم تنوي السجود، تقول: الله أكبر. ناويًا السجود، وتقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. إلى آخره، ثم تنوي الرفع، تقول: الله أكبر. ناويًا الرفع من السجدة الأولى، وتقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي. ثم تكبر ناويًا السجدة الثانية، وهكذا بالنية والكلام المشروع، والله يقول سبحانه: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}. ويقول عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» (¬1) ولو أطعم عدة سنوات عن الصيام، ثم قدر الله له الشفاء قضى، وإلا فإن إطعامه السابق يجزِئه على ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288)، ومسلم في كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، برقم (1337).

الصحيح؛ لأنه فعل هذا لاعتقاد أنه معذور، فإن شفاه الله فقد اختلف العلماء في هذا، فمنهم من قال: يقضي. ومنهم من قال: لا يقضي، فإن قضى فهو أحوط؛ لأنه ظهر أنه غير ميؤوس منه، لما برئ ظهر أن الواقع غير ميؤوس منه فيقضي، وقال قوم: فعل ما شرعه الله على اعتقاد أنه غير مرجو البرء، فيجزِئه ذلك. س: الأخ: ع. ع. أ. من ليبيا يقول: إنني مرضت مرضًا شديدًا؛ مما اضطرني إلى السفر إلى الخارج، خارج العالم الإسلامي للعلاج، وقد جاء رمضان الكريم وأنا في الخارج، فأمرني الطبيب غير المسلم بالإفطار؛ بحجة أن الأدوية قد تضرني إذا لم أتناول الطعام، وخاصة الماء؛ الأمر الذي اضطرني إلى الإفطار، وطلب مني الطبيب الاستمرار في العلاج مدة طويلة، وعند عودتي استشرت طبيبًا مسلمًا، فطلب مني الإفطار هذا العام كذلك، ولقد جربت الصوم ولكنني شعرت بتدهور صحتي، ماذا عليَّ العمل تجاه هذا الوضع؟ وهل عليَّ إطعام بدلاً من الصوم؟ مع العلم أنني موظف محدود الدخل، أرجو منكم الرد وإعادة السكينة والطمأنينة إلى نفسي، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (¬1). ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (148). ') ">

ج: لا حرج عليك يا أخي في الإفطار ما دمت تحس بالمرض، وتتعب من الصوم، وقد أرشدك الأطباء إلى ذلك فلا حرج عليك، وهكذا إذا كانت الأدوية منظمة تحتاج إليها في النهار فأنت مباح لك الإفطار، يقول الله سبحانه: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. وحتى لو ما كان عندك طبيب، إذا أحسست بالمرض الذي يشق معه الصوم، وتتعب معه في الصيام فإنك تفطر؛ لوجود المرض بنص القرآن الكريم، ولو ما كان هناك طبيب يقول لك كذا وكذا فالمرض عذر شرعي، متى وجد وشق عليك معه الصوم فلك الإفطار وإن كنت لم تستشر طبيبًا في ذلك، أما الآن فعليك القضاء والحمد لله، متي شفيت من المرض تقضي ولو بعد مدة؛ لأن الله قال: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. المعنى: فعليه عدة من أيام أخر؛ يعني يقضيها، فأنت يا أخي إذا شفاك الله وتمت صحتك تقضي والحمد لله، ولا حرج عليك في ذلك وأبشر بالخير، شفاك الله وعافاك. س: السائل: ك. ع. ك. ع. يقول: هناك شخص معين أصيب بمرض قبل رمضان العام الماضي، ولازمه المرض إلى الآن، ولا يستطيع

الصيام لهذا العام لو جلس على هذا الوضع، فما الحكم لو أتى رمضان العام القادم ولم يستطع أن يصوم رمضان السابق، ولم يستطع صيام رمضان الحالي؟ أفيدونا وفقكم الله. ج: هذا الذي لزمه المرض، ولم يستطع صوم رمضان الماضي، ولا هذا الحالي، ويخشى أن يأتيه رمضان القادم وهو كذلك لا صوم عليه والحمد لله، الله جل جلاله يقول: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. هذا لطف منه سبحانه ورحمة جل وعلا، فإذا عافاه الله وشفاه قضى ما عليه من الأيام الماضية واللاحقة، ولا حرج عليه في ذلك والحمد لله، أما إن قرر الأطباء أن هذا المرض يستمر ولا يزول فإنه يكون كالشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، الذين يشق عليهم الصيام، يطعم عن كل يوم مسكينًا، ولا يلزمه صوم، إذا تقرر من جهة الأطباء أن المرض ملازم، وأنه لا يشفى منه؛ لأنه ملازمه فإنه حينئذٍ يفطر ولا قضاء عليه، ويطعم عن كل يوم مسكينًا نسف صاع من قوت البلد؛ من تمر أو أرز أو نحو ذلك، هذا الواجب مثل الشيخ الكبير العاجز، أو الشيخة الكبيرة العاجزة، الحكم فيها سواء.

حكم صيام المريض المصاب الشلل

53 - حكم صيام المريض المصاب بالشلل س: السائل: خ. ش. م. يسأل سماحتكم - لو تكرمتم - عن حكم الصيام بالنسبة له؛ لأنه مصاب بشلل جميع جسده (¬1) (¬2). ج: إذا كنت تستطيع الصيام فعليك أن تصوم كبقية المكلفين، وإن كان مرضك يمنعك من الصوم، ما تستطيع معه الإمساك عن الطعام والشراب طيلة اليوم؛ لهذا المرض الذي معك والشلل الذي معك فإنك تعتبر مريضًا، والله يقول سبحانه: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. فالشلل الذي معك، والمصيبة التي معك إذا كانت تؤثر على معدتك وعلى نفسك؛ حتى لا تستطيع الصبر عن الطعام والشراب كسائر المرضى فأنت معذور، تطعم عن كل يوم مسكينًا، تجمع الطعام وتعطيه بعض الفقراء خمسة عشر صاعًا عن الشهر إذا كان ثلاثين يومًا، وإذا كان الشهر تسعًا وعشرين يومًا أربعة عشر صاعًا ونصفًا، تعطيها بعض الفقراء ولو فقيرًا واحدًا في أول الشهر، أو في وسطه، أو في آخره، إذا كنت لا تستطيع أن تصوم لهذا المرض الذي لزمك، كالمرضى الآخرين الذين لا يُرجى برؤُهم، وكالشيخ الهرم العاجز الذي لا يستطيع الصوم يطعم عن كل يوم مسكينًا، ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (276). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (276). ') ">

والعجوز الكبيرة التي لا تستطيع الصوم لكبر سنها، فإنها تطعم عن كل يوم مسكينًا نصف صاع، كيلو ونصفًا عن كل يوم، يجمع الطعام ويعطى بعض الفقراء، فقيرًا أو فقيرين أو أكثر. س: الأخت: هـ. ج. تسأل وتقول: أنا مريضة ولا أستطيع الصيام، وإذا صمت يضرني، هل عليَّ كفارة؟ أم ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيرًا. ج: هذا فيه تفصيل: إن كان المرض يُرجى برؤُه والأطباء يقولون: يُعالج ويرجى برؤُه. يبقى الصوم في الذمة حتى يشفى المريض، ثم يقضي، أما إذا قرر الأطباء أن هذا لا يُرجى برؤُه، مرض دائم، فهو مثل كبير السن الذي ما يستطيع يصوم، يطعم عن كل يوم مسكينًا، المريض الذي لا يُرجى برؤُه سواء رجل أو امرأة يطعم عن كل يوم مسكينًا، نصف صاع تمرًا أو أرزًا، يجمعها في أول الشهر أو في آخر الشهر ويعطيها فقيرًا أو فقيرين أو أكثر، ما هو بلازم، كل يوم لفقير، يجمعها جميعًا ويعطيها بعض الفقراء، هذا إذا كان مرض ذكر الطبيب المختص أنه لا يُرجى برؤُه، أو طبيبان أحوط مختصان يقولان: إن هذا لا يُرجى برؤُه مرض يستمر. فهذا المريض الذي مرضه يستمر يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينًا، يجمعها خمسة عشر صاعًا إذا كان

الشهر تامًّا، أو أربعة عشر ونصفًا إذا كان الشهر ناقصًا، ويعطيها بعض الفقراء، يعطيها بيت فقير أو شخصًا فقيرًا والحمد لله، أما إذا كان يُرجى برؤُه، يمكن يطيب إن شاء الله هذا يتأجل عليه الصوم، فإذا عافاه الله يقضي؛ لقول الله سبحانه: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. تبقى في ذمته حتى يشفيه الله، ثم يقضي ولو بعد سنتين أو ثلاث والحمد لله.

بيان ما يلزم من استمر معه المرض حتى دخل رمضان آخر

54 - بيان ما يلزم من استمر معه المرض حتى دخل رمضان آخر س: لقد أصبت العام الماضي؛ مما عطلني عن صيام شهر رمضان، وقد عزمت أن أقضي الصوم في أيام أخرى، ولكن لا زلت مريضًا حتى الآن، فماذا يجب عليَّ؟ هل أُكَفِّرُ؟ أم ماذا أفعل؟ وإذا كانت كفارة فما مقدارها في أيامنا هذه بالنسبة للريالات (¬1)؟ ج: المريض قد يسر الله أمره، ورخص الله له في التأخير، قال تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. فإذا كان مريضًا يشق عليه الصيام فالمشروع له أن يؤخر الصيام حتى يشفى، ثم يقضي وليس ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (168).

عليه كفارة لا نقود ولا غيرها؛ لأن الله تعالى قال: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. يعني: فأفطر فعليه عدة من أيامٍ أخر، قالت عائشة رضي الله عنها: [كان يكون عليَّ الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان لمكان الرسول عليه الصلاة والسلام] (¬1). فالخلاصة أن المريض وهكذا الحائض والنفساء كل منهم يقضي بعد ذلك، الحائض تفطر أيام الحيض، والنفساء تفطر أيام النفاس في رمضان، ثم تقضيان، وهكذا المريض، وهكذا المسافر يشرع له الفطر في السفر، والمريض يفطر لأجل المرض، ثم كل منهما يقضي بعد ذلك، المريض إذا شفاه الله قضى، والمسافر إذا رجع من سفره قضى في طلية أيام السنة، لكن مَن عجز عن القضاء؛ لمرض لا يُرجى برؤُه، وقرر الأطباء أنه لا يُرجى برؤُه، بل يستمر معه فهذا ليس عليه قضاء، لكن يطعم عن كل يوم مسكينًا نصف صاع، ومقداره كيلو ونصف تقريبًا، بالوزن من قوت البلد من تمر أو بر أو شعير أو أرز يدفع للمساكين، ولو مسكينًا واحدًا يجمع الأيام التي عليه، ويدفع كفارتها إلى مسكين أو أكثر في رمضان، أو بعد رمضان، والأفضل تعجيلها في رمضان، وهكذا العجوز الكبيرة والشيخ الكبير اللذان ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب متى يقضى قضاء رمضان، برقم (1950)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء رمضان في شعبان، برقم (1146).

يعجزان عن الصيام، كل منهما ليس عليه صيام، ولكن يطعم عن كل يوم مسكينًا نصف صاع من قوت البلد مقداره كيلو ونصف تقريبًا بالوزن، كالمريض الذي لا يُرجى بُرؤُه سواء، وليس عليهم قضاء لعجزهم عن الصيام، ويكفيهم الإطعام، وإذا أخر المسلم الصيام بلا عذر، حتى جاء رمضان الآخر وهو لم يَصُمْ بدون عذر فإن عليه القضاء مع الكفارة جميعًا، يعني يجمع بينهما، يصوم ما عليه ويكفر، إذا كان قادرًا عن كل يوم مسكينًا، يجمع بين القضاء والكفارة؛ لكونه فرط بالتأخير بدون عذر شرعي، فإن عجز لكونه فقيرًا كفاه الصيام، وسقطت عنه الكفارة لفقره، هكذا أفتى جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في حق من أخر الصيام بدون عذر، وفق الله الجميع، والكفارة تكون بالإطعام إلا بالدراهم فقط.

بيان مقدار الكفارة عن كل يوم وحكم إخراج النقود بدل الطعام

55 - بيان مقدار الكفارة عن كل يوم وحكم إخراج النقود بدل الطعام س: تسأل الأخت تقول: لا أستطيع الصيام بسبب المرض الذي طال معي، ولم أصم أيامًا من رمضان الماضي، وأريد أن أعرف مقدار الكفارة عن كل يوم، وهل إخراج النقود جائز شرعًا أم لا (¬1)؟ ج: إذا كان المرض لا يُرجى برؤُه، بتقدير الأطباء العارفين فإنه يجزيكِ ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (107).

أن تخرجي كل يوم إطعام مسكين نصف صاع من التمر أو الأرز أو الحنطة، أو أي شيء من قوت البلد، وذلك مقدار كيلو ونصف تقريبًا، ولا تجزئ النقود، بل الواجب إخراج الطعام قبل الصيام أو بعد الصيام، ويكفي أن يدفع ذلك إلى مسكين واحد أو أكثر، سواء كان ذلك قبل الصيام أو بعد الصيام أما إن كان المرض يُرجى برؤُه فإن الواجب عليك القضاء، ولا حرج في تأخير القضاء حتى يتم الشفاء، كما قال الله سبحانه: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. فالله سبحانه أوجب العدة، يعني صيام عدة من أيام أخر، ولم يأمر بالإطعام، وإنما أوجب العدة، يعني عدد الأيام التي أفطرها المريض والمسافر. فما دمتِ ترجين العافية، ولم يقرر من جهة الأطباء أن هذا المرض لا يُرجى برؤُه فإن عليكِ أن تقضيه بعد الشفاء ولو طال الأمد، ولو بعد سنة أو سنتين أو ثلاث، حتى يشفيك الله ثم تقضي ما عليكِ من الأيام. أما إن قرر الأطباء المختصون العارفون بهذا المرض أنه لا يزول، وأنه مستمر فإنه يكفيكِ الإطعام والحمد لله، ولا قضاء عليك.

بيان ما يلزم من نصحه الأطباء بعد الصيام

56 - بيان ما يلزم من نصحه الأطباء بعدم الصيام س: أنا شاب أبلغ من العمر الخامسة والعشرين، قدر الله أن أصبت بمرضٍ

في إحدى الكليتين، ورقدت في المستشفى لمدة ستة شهور، وبعد خروجي من المستشفى سافرت إلى الهند، وأجريت لي عملية هناك تمت بنجاح ولله الحمد، والآن والحمد لله أتمتع بتحسن نحو الشفاء الكامل، ولا زلت في فترة العلاج، وقد سألت الدكتور المختص بالصيام في شهر رمضان، ونصحني عن الصيام؛ ذلك أن عليَّ من الصيام مضرة كما يقول، كما أني سألت نفس السؤال طبيبًا مسلمًا، ووجدت نفس الجواب، والآن أسأل سماحة الشيخ: كيف أتصرف؟ وإذا كان يصح التكفير من مالٍ أو إطعام كيف يتم إخراجه؟ هل يتم دفعة واحدة، أو في كل يوم؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: لا حرج عليك في ترك الصيام؛ لما ذكره لك الطبيبان حتى يشفيك الله، فإن سمح لك الأطباء بالصيام فالحمد لله، وإلا فعليك أن تُكَفِّرَ عن كل يوم مسكينًا نصف صاع تمرًا أو رزًا أو حنطة، أو غير هذا من قوت البلد، ولا حرج أن تجمعها وتعطيها واحدًا في آخر الشهر أو اثنين أو أكثر، أو تخرجها كل يوم أو بعد العيد، كل ذلك لا حرج فيه والحمد لله، إلى أن يسمح لك الأطباء بالصوم، فلعل الخطر يزول، إذا مضى بعض السنوات، ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (103). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (103). ') ">

واستقرت سلامة الكلية لعلهم يسمحون لك بالصوم، فإن سمحوا لك فالحمد لله، وإلا فاستمر على الإطعام. س: السائل: أ. م. س. من سلطنة عمان، يسأل ويقول: لدي ابنة أصيبت بمرض أجاركم الله منه، وهو الفشل الكلوي، وقد أصيبت به وهي في التاسعة من عمرها، وقد قمنا بتسفيرها للخارج للعلاج، وقامت أيضًا بزراعة الكلية، وهذا منذ سنتين، والاستفسار الآن هو أنها بلغت من العمر الآن ستة عشر عامًا، وفي هذا السن يجب على المرء الصيام، وقد منعها الأطباء من الصيام، فما الحكم الشرعي في هذا؟ جزاكم الله خيرًا. ج: عليها أن تصوم بعد الإذن لها بالصوم، بعدما يكون الصوم لا يضرها تصوم، أما إذا قرر الأطباء أنه يضرها الصوم دائمًا فإنها تطعم عن كل يوم مسكينًا، ولا صوم عليها كالمريض الذي لا يُرجى برؤُه، وكالهرم الذي لا يستطيع الصوم، والعجوز التي لا تستطيع الصوم، كل منهما يطعم عن كل يوم مسكينًا إذا كان قادرًا نصف صاع، يجمع ذلك ويعطيهم للفقراء في أول الشهر، أو في آخره، أو في أوسطه والحمد لله. فإذا قام الأطباء: لا تصوم.

فعليها أن تمتنع عن الصوم، ولكن إذا كان محددًّا تمتنع ثم تقضي، وأما إذا كان دائما فإنها تطعم عن كل يوم مسكينًا كل شهر كلما جاء رمضان.

حكم الإفطار لمن أصيب بنقص في الدم

57 - حكم الإفطار لمن أصيب بنقص في الدم س: يقول السائل: إنني مصاب بنقص في الدم، فهل يجب علي صوم رمضان، علمًا بأني أشتغل في المنزل، وإذا عملت أتعب تعبًا كثيرًا؟ أفيدوني مأجورين، جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: عليك أن تصوم وتخفف الشغل، عليك أن تصوم وعليك ألاّ ترهق نفسك بالشغل، في مثل صوم رمضان تجعل بعض الشغل في الليل أو يؤجل بعض الشغل إلى ما بعد الإفطار، المقصود أن الواجب عليك الصوم إذا استطعت الصوم، فإن عليك الصوم وعليك أن تخفف الشغل الذي يضرك، أما إذا كنت مريضًا مرضًا يمنعك من الصوم ويشق عليك الصوم معه فتؤجل إلى أن تشفى لقول الله عز وجل: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (6). (¬2) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (6). ') ">

س: الأخ: م. ع. يقول: إنه شاب في الثانوية، يبلغ من العمر السابعة عشرة، حصل له قبل ستة أشهر فشل كلوي، يقول: وأنا الآن لم أَصُمْ رمضان؛ وذلك بسبب الفشل، وبعد أسبوع سوف أبدأ بالغسيل الكلوي، فإني سألت عماذا أفعل عن عدم الصيام، فقالوا لي: تقوم بتوزيع فدية ثلاثين صاعًا عن رمضان، كل صاع لمسكين. أفيدوني أفادكم الله في ذلك (¬1). ج: عليك أن تسأل الأطباء المختصين، فإذا كان يُرجى شفاؤُك فتقضي، تصوم في الأوقات التي ما فيها غسيل ولا يضرك فيها الصوم، أو في الأوقات التي يزول فيها الغسيل إن شاء الله وتبرأ، أما إن كان المرض يستمر، وأن القاعدة أن هذا المرض يستمر، وأنه يضرك الصوم فلا مانع من الإطعام عن كل يوم نصف صاع، عن جميع الشهر خمسة عشر صاعًا، لكن الظاهر - والله أعلم - أن هذا يرجى زواله، وأن الأيام التي ليس فيها غسيل يمكن أن تقضي فيها، فالحمد لله تقضي في الأيام التي ليس فيها غسيل إذا كنت تستطيع، أما إذا قرر الأطباء أن هذا يضرك، وأن الصوم يضرك، وأنه لا بد أن تستمر في عدم الصوم فتطعم عن كل يوم مسكينًا نصف صاع؛ كيلو ونصف. ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (384). ') ">

س: يقول السائل: لديه فشل كلوي، ويداوم على غسيل الكلية لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع، فهل يجوز له الصيام في هذه الأيام عند دخول رمضان (¬1)؟ ج: يجوز له الصيام في الأيام التي ليس فيها غسيل، ويجب عليه إذا كان عليه قضاء، يجب عليه القضاء في الأيام السليمة التي ليس فيها غسيل، أما التطوع فالأمر واسع فيه، إذا كان التطوع يضره فالأولى ترك التطوع، لكن إذا كان عليه صيام فريضة، أو نذر، أو قضاء رمضان فالواجب عليه البدار بالصوم في الأيام التي ليس فيها غسيل. س: الأخ: ض. ع. من القصيم، الرس، يقول: لديّ أخ أصيب بمرض وهو فشل كلوي، وقد أفطر يومين من العام الماضي، واشتد عليه المرض في رمضان الحالي، وبقي في المستشفى خمسة عشر يومًا من رمضان، ونصحه الأطباء بعدم الصوم؛ حفاظًا على صحته، ولم يصم الشهر كله، والسؤال: هل عليه قضاء، أم صدقة؟ وما هو معيار الصدقة؟ هل صاع أم نصف صاع لليوم الواحد؟ نرجو توضيح ذلك مأجورين. ¬

(¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (366). ') ">

ج: ما دام يرجو العافية فعليه الصوم، عليه القضاء، قضاء الفائت من رمضان السابق، وقضاء رمضان الحالي، فإذا قرر الأطباء المختصون أنه ميؤوس من شفائِه، وعودة الصحة إليه فإنه يطعم عن كل يوم مسكينًا نصف صاع، عن كل يوم مسكين نصف صاع، كيلو ونصف من قوت البلد من تمر أو شعير، أو حنطة، أو رز لكل واحد، يعني خمسة عشر صاعًا للشهر كله، عن كل يوم نصف الصاع، ولو لمسكين واحد، أو مسكينين أو ثلاثة.

مسألة في حكم الإطعام عن مريض يشق عليه الصيام

58 - مسألة في حكم الإطعام عن مريض يشق عليه الصيام س: تعالجت لمدة سنتين من عام 1402، وذلك لأني أعاني من مرض مزمن، ولا زال بي حتى الآن، وإذا جاء رمضان أحتار كيف أصوم؛ لأنه يشق عليّ مشقة كبيرة، هل أطعم؟ أم كيف توجهونني (¬1)؟ ج: عليك أن تقضي إذا شفاك الله؛ لقول الله سبحانه: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. لكن إذا قرر الطبيب الثقة، أو أكثر من طبيب أن هذا المرض لا يُرجى برؤُه، فيشق عليك الصوم فإنك تطعم عن كل يوم مسكينًا نصف صاع من التمر، أو الأرز، أو الحنطة أو غيرها من قوت ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (323).

البلد، تجمعها وتعطيها بعض الفقراء في أول الشهر، أو في آخره أو في وسطه والحمد لله، أما إذا كنت ترجو العافية فإنه يلزمك القضاء إذا شفاك الله.

مسألة فيما يلزم من لا يستطيع الصيام لمرض

59 - مسألة فيما يلزم من لا يستطيع الصيام لمرض س: يقول السائل: والدتي مريضة ولا تستطيع الصيام، هل تكفيها الكفارة؟ أفيدونا أفادكم الله (¬1) (¬2). ج: إذا كان مرضها يرجى برؤُه فإنها تنتظر حتى تشفى إن شاء الله وتصوم؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. أما إذا كان مرضها لا يرجى برؤُه، أو كانت كبيرة في السن تعجز عن الصيام فإنها تطعم عن كل يوم مسكينًا، ويكفيها ذلك والحمد لله، تجمع الجميع يدفع لبعض الفقراء عن جميع الشهر، ولو فقيرًا واحدًا في أول الشهر، أو في وسطه أو في آخره والحمد لله. س: السائل: أ. ب. من اليمن يقول: أصيب ابني في حادث أفقده الوعي لمدة ثلاث سنوات حتى الآن، فما حكم الصيام بالنسبة له؟ هل يسقط ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (291). (¬2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (291). ') ">

أم تجب الكفارة، ولا سيما أنه غير مكلف؛ لأنه فاقد للوعي؟ ج: إن ابنك هذا ليس عليه شيء؛ لأنه فقد التكليف بسبب زوال العقل، وقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، والصغير حتى يكبر والمجنون حتى يفيق» (¬1) فهذا حكمه حكم المجنون؛ لأنه فاقد للعقل، وحكم الصغير الذي لم يبلغ، المقصود أن ابنك هذا ليس عليه شيء، فإذا عافاه الله تعالى ليس عليه قضاء، وهكذا كل من أصيب بهذا البلاء ليس عليه القضاء؛ لأنهم في حكم المعتوهين الذين زال عنهم التكليف، نسأل الله لنا ولهم العافية والسلامة والشفاء، وليس عليه كفارة: لا إطعام ولا صيام؛ نظرًا لأنه غير مكلف. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حدًا، برقم (4403)، والترمذي في كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد، برقم (1423)، والنسائي في كتاب الطلاق، باب من لا يقع طلاقه من الأزواج، برقم (3432)، وابن ماجه في كتاب الطلاق، باب طلاق المعتوه والصغير والنائم، برقم (2041).

حكم من أصابه حريق ولا يستطيع الصيام

60 - حكم من أصابه حريق ولا يستطيع الصيام س: الأخ مصري الجنسية، مقيم في العراق، يقول: لقد أصابني حريق

في شهر رمضان، ولم أستطع الصيام، والطبيب الذي كان يشرف على علاجي كان طبيبًا مسلمًا، ونصحني بعدم الصيام، لم أطعم مساكين لحالتي المادية الضعيفة، وجهوني كيف أتصرف؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كنت تستطيع الصيام تصوم، تقضي والحمد لله، وإن كنت لا تستطيع الآن فيؤجل حتى تستطيع، وإذا استطعت تصوم والحمد لله وليس عليك شيء: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. والله يقول سبحانه: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. والحرق الذي أصابك نوع من المرض، أما إن قرر الأطباء أنك لا تستطيع الصوم، وأن هذا المرض مستمر، وأنه صار هذا المرض ملازمًا، ليس فيه حيلة فيما يظهر لهم، فإنك تطعم عن كل يوم مسكينًا الأيام التي أفطرتها نصف صاع من التمر أو نحوه، كالرز والحنطة، ويكفي إذا كنت عاجزًا عن الصيام حسب تقرير الأطباء أن هذا المرض الذي حصل بسبب الحريق ملازم قد لا يُرجى برؤُه، ويشق ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (193).

عليك الصوم معه، وتطعم عن كل يوم مسكينًا نصف صاع من قوت البلد، أما إذا قدرت فإنك تصوم، وإذا أخرت الصيام مع القدرة حتى جاء رمضان الآخر يكون عليك إطعام مع الصيام زيادة، تصوم وتطعم عن كل يوم مسكينًا؛ لأنه لا يجوز تأخير الصيام إلى رمضان آخر وأنت قادر.

مسألة في صيام مريض بمرض صداع الرأس

61 - مسألة في صيام مريض بمرض صداع الرأس س: على أثر الصيام أُصَابُ بمرض الشقيقة، ونصحني الطبيب بالإفطار - لئلا تصاب بالشلل - فماذا يجب عليَّ؟ وفقكم الله (¬1). ج: قد قال الله جل وعلا في محكم التنزيل: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. فإذا كانت السائلة يضرها الصوم في شقيقتها؛ يعني في رأسها ضررًا بيِّنًا فإنها تفطر وتقضي إذا استطاعت بعد ذلك، فإذا قرر الأطباء أن هذا المرض يحظر الصوم معه دائمًا فإنها تطعم عن كل يوم مسكينًا، كالشيخ الكبير العاجز، والمرأة الكبيرة العاجزة، أما إذا كان يزول فإنها تقضي عند السلامة إذا شفيت من هذا المرض، إما في أيام الشتاء، وإلا في أوقات أخرى ترى أنها تستطيع فيها القضاء بدون هذا المرض. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (215).

حكم صيام من أصيب بمرض القلب المزمن

62 - حكم صيام من أصيب بمرض القلب المزمن س: والد صديقتي هو رجل كبير يصلي باستمرار، لكن قبل ست سنوات ترك الصوم، وتمسك بالصلاة فقط؛ بسبب إصابته بمرض في القلب المزمن، ونحن نسأل هل تستطيع بناته الصوم عوضًا عنه؟ أفتونا مأجورين (¬1). ج: ما دام موجودًا وهو عاجز عن الصوم بتقرير الأطباء أنه عاجز، ولا يرجى زوال هذا المرض فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكينًا، مثل الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة العاجزين، يطعم عنهما عن كل يوم مسكينًا نصف صاع من التمر أو غيره من قوت البلد، وهكذا المريض الذي لا يُرجى برؤُه، يعجز عن الصوم ولا يُرجى برؤُه فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكينًا فقط، ولا يصام عنه، إلا إذا مات ولم يصم فهم بالخيار، إن صاموا عنه فهم محسنون، كما قال صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» (¬2) وإن أطعموا عنه كفى. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (59). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147).

حكم من أفطر لمرض يشق معه الصيام

63 - حكم من أفطر لمرض يشق معه الصيام س: كنت في يوم من أيام رمضان مريضة، فخفت على نفسي أن أصوم

ذلك اليوم، ويزداد حالي سوءًا، أو أجوع كثيرًا وأكلف نفسي ما لا تطيق، فسألت والدي ومن معي في البيت: هل أفطر أم لا؟ فقالوا لي: إنهم لا يعلمون شيئًا عن ذلك هل أفطر أم لا؟ ولكني أفطرت يا سماحة الشيخ، ثم ذهبت إلى الطبيب ولم يلزمني بالإفطار، ثم قال لي بعد ذلك بعض الناس: إن عليَّ كفارة، وإني آثمة، فما الحكم؟ جزاكم الله خيرًا، وهل الأمر كما قيل؟ وجهوني (¬1). ج: ليس عليكِ بأس والحمد لله، ما دام أنك شعرتِ بالمرض الذي يشق عليك معه الصيام فالله سبحانه يقول: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. فإن كنتِ غلب على ظنك خوف الأذى، أو خوف المضرة من هذا المرض فأنت معذورة والحمد لله، ولا شيء عليك إلا القضاء والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (302).

حكم إفطار المريض الذي يتناول دواء في نهار رمضان

64 - حكم إفطار المريض الذي يتناول دواء في نهار رمضان س: أنا عندي مرض نفسي؛ حيث عرضت نفسي على طبيب، فأعطاني جرعات على شكل حبوب، وذلك لمدة خمس سنوات كل 12 ساعة حبة واحدة، فماذا أفعل وخاصة في شهر رمضان، ثم لأن

الصيام يصل إلى 15 ساعة، ولو تأخرت عن هذا الموعد أقل من ساعة فقد يعودني هذا المرض؛ الصرع، أرجو إفادتي أفادكم الله (¬1). ج: الله يقول جل وعلا: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. فإذا كان مرض يحصل بتأخير الجرعة عن موعدها فلا بأس بالإفطار، إذا كان اليوم طويلاً 15 ساعة، مثل هذه الأيام لا بأس أن يأكل الحبة التي بُيِّنَتْ له من الطبيب، ويفطر بذلك ويقضي هذا اليوم بأكلها، ويمسك ويقضي؛ لأن الإفطار من أجلها، فيفطر ويمسك ويقضي بعد ذلك، أما إذا تمكن أن يؤجل، ولا يشق عليه فإنه يلزمه التأجيل حتى يأكلها بالليل، وإذا كان لا يستطيع يقضي في الأيام القصيرة؛ الأيام الباردة التي لا يزيد اليوم فيها عن 12 ساعة. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (3).

حكم قضاء المريض ما أفطر أثناء المرض

65 - حكم قضاء المريض ما أفطر أثناء المرض س: السائل ع. م. غ. من بلاد غامد: أود الاستفسار عن موضوع: هو أنني أعمل في منطقة حارة، وأنا إنسان مريض، وسبق أن تنومت في مستشفى السداد، وفي رمضان هذا العام أفطرت الأيام كلها؛ لعدم استطاعتي الصيام، فأرجو من فضيلتكم إفادتي: هل أقضي أم أطعم؟

أم ماذا يترتب عليَّ؟ والله يحفظكم ويرعاكم (¬1). ج: الواجب على المريض إذا أفطر أن يقضي بعدما يشفيه الله، ما عليه من الأيام، سواء كانت متتالية أو مفرقة، لا حرج في ذلك؛ لقول الله سبحانه: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. إذا أفطر فعليه عدة من أيام أخر، ولم يقل سبحانه متتابعة. فدل ذلك على أنه مخير: إن شاء تابعها وهو أفضل، وإن شاء فرقها ولا حرج، هذا كله إذا كان يستطيع، أما ما دام لا يستطيع فإنها تؤجل عليه حتى يستطيع، ويشفى من المرض، وإذا شفاه الله وعافاه قضاها متتابعة، أو متفرقة، فإذا كان مرضه مرضًا لا يشفى مثله، بل هو ملازم ويبقى فهذا لا يلزمه القضاء؛ لعجزه عن الصيام، ولكن يلزمه الإطعام؛ إطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع من التمر، أو الأرز من قوت بلده، يكفي هذا إذا كان مرضه لا يشفى مثله، فهذا حكمه حكم الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، لا قضاء عليهما، ولكن يطعم كل منهم عن كل يوم مسكينًا، عن كل يوم نصف صاع من التمر أو الأرز ونحو ذلك، نصف صاع من قوت البلد عن كل يوم ولا قضاء عليه. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (3).

حكم صوم من نصحه الطبيب بكثرة شرب الماء في نهار رمضان

66 - حكم صوم من نصحه الطبيب بكثرة شرب الماء في نهار رمضان س: سائلة تقول: الطبيب نصحني بألا أصوم لحاجتي الشديدة لشرب الماء مع جفاف الحلق؛ نتيجة لتناول العقاقير المهدئة، فهل الصوم ساقط عني، أم تجب الفدية (¬1) (¬2)؟ ج: فهذا يختلف: إن كنتِ تستطيعين الصوم فعليكِ الصوم، وليس لكِ أن تدَعي الصوم، وتفدين، أما إذا قرر الطبيب الثقة أو الطبيبات الثقات أن المرض الذي معك يمنع الصوم، وأنه يضرك الصوم ضررًا بَيِّنًا دائمًا فهذا يكفيك الإطعام كفارة، عن كل يوم إطعام مسكين، كالشيخ الكبير العاجز الذي يعقل ولكنه لا يستطيع الصوم؛ لكبر سنه، فإنه يطعم عن كل يوم مسكينًا، فالمريض الذي لا يُرجى برؤُه ويشق عليه الصوم من جنس الكبير؛ يعني من جنس الشيخ الكبير العاجز، يسقط عنه الصوم، ويؤدي عن كل يوم نصف صاع من التمر أو غيره من قوت البلد للفقراء، وإذا جمع الجميع عن الشهر كله، وأعطاه فقيرًا واحدًا أو فقيرين أو أكثر فلا بأس. س: تقول السائلة: إنها امرأة مريضة بقرحة في المعدة من حوالي خمس سنوات، صامت منها سنتين ولكنها متقطعة، وبقي لها ثلاث ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (124). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (124). ') ">

سنوات، والسنتان اللتان صامتهما في أيام منقطعة وجدت أنها متعبة صحيًّا، وترجو من سماحة الشيخ التوجيه جزاكم الله خيرًا. ج: أسأل الله للسائلة الشفاء والعافية، وأن يجمع الله لها بين الأجر والعافية، ولا حرج عليها في ترك الصيام حتى تُشفى؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. فإذا كان يشق عليها الصوم لهذه السنوات الباقية فإنها تؤخر حتى تُشفى، ويقرر الطبيب المختص أنه لا يضرها الصوم، وهي بحمد الله معذورة، لا تكلف نفسها؛ يقول الله سبحانه: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}. ويقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. نسأل الله لها ولنا الشفاء.

حكم إفطار المريض بقرحة المعدة في نهار رمضان

67 - حكم إفطار المريض بقرحة المعدة في نهار رمضان س: تقول السائلة: ما حكم من لم يتمكن من صيام شهر رمضان؛ بسبب مرض القرحة؟ كيف توجهونه؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (255). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (255). ') ">

ج: إذا ثبت عند الأطباء الثقات أنه يضره الصوم يفطر، وإلا فعليه أن يصوم؛ لأن الأمراض تختلف فالمرض الذي لا يستطيع معه الصوم يفطر، كما قال الله جل وعلا: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. إذا كان معه مرض يشق معه الصوم أفطر وقضى، وإذا كان به قرحة يضره الصوم أفطر وقضى، فإذا كان الطبيب المختص قرر أن الصوم يضر صاحب القرحة، وأن البرء منها ميؤوس منه، قد يستمر مرضها، أو غيرها من الأمراض التي تكون ميؤوسًا منها فإنه يفطر، ويطعم عن كل يوم مسكينًا، كالكبير الهرم الذي لا يستطيع الصوم، يطعم عن كل يوم مسكينًا نصف صاع من قوت البلد، يجمعه عن الأيام كلها، ويعطيه الفقراء في أول الشهر، أو في وسط الشهر أو في آخر الشهر، خمسة عشر صاعا في الشهر إذا كان كاملاً، وإن كان الشهر ناقصًا تسعًا وعشرين أربعة عشر صاعًا ونصفًا، يعطيها بعض الفقراء، هذا إذا كان المرض لا يُرجى برؤُه، أما إذا كان يُرجى برؤُه، وقرر الأطباء أنه يُرجى برؤُه فإنه يتأجل القضاء، يفطر ويقضي بعد ذلك إذا عافاه الله ولا إطعام عليه، إذا قضى في السنة قبل رمضان لا إطعام عليه. س: تقول السائلة: إن والدتها مصابة بقرحة في المعدة، ونصحها الطبيب بعدم الصيام إلا بعد سنتين أو ثلاث سنوات، ثم بعد ذلك تبدأ

تصوم من كل أسبوع يومين فقط، وهكذا حتى تتحسن حالتها، وتسأل عن الحكم سماحة الشيخ (¬1). ج: المريض شرع الله له الإفطار، قال تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. فإذا ثبت بقول الطبيب الثقة، أو الطبيبين أن هذا المرض الداخلي يضرها إذا صامت فلا بأس بالإفطار، تعتمد قول الطبيب الثقة، وإذا احتاطت بطبيبين يكون أحوط وأطيب، فإذا قررا أن الصوم يضرها بالنسبة إلى القرحة أو مرض آخر فإنها تفطر، هذا هو الأفضل لها، ثم تقضي بعد ذلك قضاء لا يضرها. س: تقول أختنا: إنني مريضة بالسكر والقرحة، فإذا لم أستطع الصوم ماذا يجب عليَّ أن أفعل؟ ج: عليكِ مراجعة الطبيب المختص، فإذا قرر الطبيب المختص أن الصوم يضركِ فأفطري واقضي بعد العافية، إذا عافاكِ الله تقضين بعد ذلك، وإن قرر الطبيب المختص أو الأطباء المختصون أن هذا المرض يضره الصوم دائمًا، ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (103). ') ">

وأنه فيما يعلمون مرض سوف يستمر ولا يرجى برؤُه فإنك تفطرين وتطعمين عن كل يوم مسكينًا، والحمد لله، وليس عليكِ الصيام، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}.

بيان ما يلزم من يستعمل العلاج باستمرار في نهار رمضان

68 - بيان ما يلزم من يستعمل العلاج باستمرار في نهار رمضان س: الأخت: أ. أ. ع. من ليبيا، تقول: لي أخت أكبر مني سنًّا، تعاني من مرضٍ في أحد قدميها؛ مما يجعلها مستمرة في العلاج وبدون انقطاع، حتى إنها إذا انقطعت عن العلاج رجع المرض إليها، وأصبحت لا تصوم من شهر رمضان، وأحيانًا تصوم ثلاثة أو أربعة أيام، وعند انتهاء رمضان تنوي أن تقضي الأيام التي أفطرتها، ولكن كما قلت علاجها مستمر، إذا انقطعت عنه رجع المرض، أي ليس هنالك فرصة لكي تقضي الأيام حتى يأتي شهر رمضان آخر، ولم تقضِ الأيام التي أفطرتها، ما الحكم والحال ما ذكر؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: إذا قرر الأطباء ولو طبيبًا واحدًا ثقة أن هذا المرض يستمر، وأنه لا يرجى برؤُه فإنها تطعم عن كل يوم مسكينًا، كالشيخ الكبير العاجز والمرأة العجوز الكبيرة؛ العاجزين عن الصيام، يطعمان عن كل يوم مسكينًا نصف صاع؛ ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (307). (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (307). ') ">

يعني كيلو ونصفًا تقريبًا من التمر أو الأرز من قوت البلد، ويكفي ذلك، فإذا كان هذا المرض معها مستمرًّا، ولم يظهر رجاء أنه يشفى حسب قول الأطباء فإنها تطعم عن كل يوم مسكينًا والحمد لله، وليس عليها صوم، أما إذا كان يرجى شفاؤُه، والعلاج قد ينفع الله به، والأطباء يقولون: إنه يمكن أن تُشفى منه إن شاء الله. فإنها يبقى في ذمتها الصوم حتى تقضي إن شاء الله، ولو طالت المدة تقضي بعد حين إن شاء الله، لكن إذا قرر الطبيب المختص أو طبيبان أو أكثر من ذلك: أن هذا المرض لا يرجى برؤُه، وأن التجربة تدل على أنه يستمر ويضرها الصوم معه فإنها تفطر والحمد لله، وتطعم عن كل يوم مسكينًا، كالعجوز الكبيرة العاجزة عن الصوم، والشيخ الكبير العاجز عن الصوم، يطعم عن كل يوم مسكينًا ولا يصوم، وليس عليه القضاء، والواجب نصف الصاع من قوت البلد من تمرٍ أو أرزٍ أو برٍ أو شعيرٍ أو ذرةٍ، مقداره بالكيلو كيلو ونصف تقريبًا. س: يقول السائل: رأيت بعض الناس في شهر رمضان غير صائمين، ويقولون: إنهم مصابون بمرض ما. ولكن مظهرهم أنهم في تمام العافية، فما هو توجيهكم؟ ج: هم أعلم بأنفسهم، إذا كان المرض شديدًا يشق عليهم الصوم فلهم العذر؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}.

ولو كان مظهره حسنًا؛ لأنه قد يكون مرضًا داخليًّا، ما يظهر للناس، فإذا كان المرض الذي يحس به يؤلمه، ويشق معه الصوم فالله قد عذره سبحانه وتعالى ولو كان مع الناس لا يبين مرضه، وهذا بينه وبين الله، عليه أن يراقب الله جل وعلا، فإن شق عليه المرض فهو معذور؛ يفطر ثم يقضي، وإن كان لا يشق عليه وجب عليه الصيام، وعليه أن يتقي الله سبحانه وتعالى.

بيان ما يلزم من أفطر لعاميين متتاليين ولم يقض

69 - بيان ما يلزم من أفطر لعامين متتاليين ولم يقض س: أصابني مرض، فلم أَصُمْ رمضان لعامين متتاليين، ماذا عليّ أن أفعل (¬1)؟ ج: ما دمت أفطرت لعذر شرعي فعليك القضاء لما أفطرته من العامين، وإذا كان التأخير إلى رمضان التالي بعذر شرعي فلا شيء عليك سوى الصيام فتقضي، أما إن كنت أخرت من غير عذر تساهلاً منك فعليك مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم، كما أفتى به جمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أما إن قضيت في العام قبل رمضان فإنك تقضي بدون إطعام، لكن إذا أخرت القضاء إلى رمضان آخر فعليك القضاء مع الإطعام ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (216).

نصف صاع عن كل يوم من التمر، أو الحنطة، أو الرز مع التوبة والاستغفار، أما المعذور فلا شيء عليه، إذا أخره من أجل المرض فلا شيء عليه سوى القضاء؛ لأن الله يقول: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. فعليه القضاء فقط، لكن مَن تساهل وأمكنه القضاء، ولم يقضِ حتى جاء رمضان فعليه مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم مع التوبة.

حكم قضاء الصوم عمن مات في مرضه

70 - حكم قضاء الصوم عمن مات في مرضه س: يقول الأخ السائل من الأردن: جدي متوفًّى منذ ثلاث سنوات يرحمه الله، وتوفي بسبب المرض الذي استمر معه ما يقارب تسع سنوات، وخلال هذه السنوات لم يَصُمْ شيئًا من رمضان؛ لأن حالته لم تسمح له بالصيام، فماذا يجب علينا تجاهه سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: إذا كان لم يستطع الصوم فلا شيء عليه؛ لأن الله يقول: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. فإذا مات ولم يستطع فلا حرج عليه، وإن كان تساهل صوموا عنه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (391).

مات وعليه صيام صام عنه وليه» (¬1) يعني قريبه، فإذا كان استطاع وتساهل فالوصية أن تصوموا عنه، فإن لم يتيسر الصوم عنه فأطعموا عن كل يوم مسكينًا، أما إذا كان لا، إنما ترك من أجل مرضه، وأنه يحب الصوم، يريد الصوم، لكنه عاجز فلا شيء عليه، وليس عليكم صيام عنه؛ لقول الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» (¬2) والله يقول سبحانه: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. وهذا معه عذر، ما أدرك العدة، مات في مرضه فلا حرج عليه. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (7288)، ومسلم في كتاب الحج، باب فرض الحج مرة في العمر، برقم (1337).

بيان ما يلزم المريض الذي عليه قضاء صيام ودخل عليه رمضان آخر

71 - بيان ما يلزم المريض الذي عليه قضاء صيام ودخل عليه رمضان آخر س: الأخت: أ. م. من جمهورية مصر العربية، تقول: إنه عليَّ أيام صيام من رمضان، وكنت وما زلت مريضة، ولم أستطع الصيام، وسبق أن أطعمت عن كل يوم مسكينًا، وهذا لعدم استطاعتي الصيام؛ لأنني

أشكو من مرضٍ في المعدة، هل يكفي الإطعام؟ أم ماذا؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: إذا كان المرض يرجى برؤُه فإنه لا يكفي الإطعام، وعليكِ إذا عافاكِ الله أن تصومي، أما إذا قرر الأطباء عند الطبيب المختص، أو أكثر أن هذا المرض لا يرجى برؤُه، وأنه معروف من جهة العادة أن مثل هذا يستمر فالإطعام كافٍ والحمد لله، مثلما يطعم الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة اللذان لا يستطيعان الصوم، إنهما يطعمان عن كل يوم نصف صاع ويكفيهما، فهكذا المريض الذي لا يرجى برؤُه، حكمه حكم الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة في إجزاء الإطعام عن الصيام. وإخراج الفلوس عن الصيام لا يكفي عن الصيام، بل الإطعام بالطعام عن كل يوم نصف صاع؛ يعني كيلو ونصفًا عن كل يوم تقريبًا من التمر أو من الحنطة أو من الأرز من قوت البلد، ولو أطعمت المساكين في مطعم أو غيره، عدتهم أو عشتهم كفى والحمد لله. س: مستمع بعث يسأل ويقول: أصيب أبي بمرض في شهر رمضان، وحينئذٍ لم يَصُمْ تلك الأيام التي مرض فيها حتى انقضى الشهر، هل ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (187). (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (187). ') ">

يجب علينا أن نقضي عنه؛ لأن مرضه لا يرجى برؤُه؟ ج: الواجب الإطعام، يطعم عن كل يوم مسكينًا، إذا كان المرض لا يُرجى برؤُه فهو كالميت، يطعم عنه فقط يجزئ، والشيخ الهرم كبير السن العجوز الكبير الذي لا يستطيع، والتي لا تستطيع يطعم عن كل يوم مسكينًا نصف صاع تمرًا أو رزًا أو غيره من قوت البلد؛ كيلو ونصفًا تقريبًا، يجمع الجميع في نهاية الشهر، يعطي بعض الفقراء ولو فقيرًا واحدًا، ليس بلازم، فيخرج عنه كل يوم بيومه، فإذا جمع أول الشهر أو آخره أو في وسطه، وأعطى بعض الفقراء يكفي هذا والحمد لله.

بيان تحديد السفر الذي يرخص فيه بالفطر في رمضان وقصر الصلاة

72 - بيان تحديد السفر الذي يرخص فيه بالفطر في رمضان وقصر الصلاة س: يقول السائل: ما هو البعد الحقيقي للسفر الذي يرخص فيه بالفطر في رمضان، وكذلك قصر الصلاة؟ فإذا صليت صلاة الظهر مثلاً، وأنا مسافر مع الجماعة في المسجد فهل أقوم بقصر صلاة العصر بعد الظهر مع الجماعة، أو يتوجب عليَّ التأخير أو التقدم عن صلاة الظهر، وأقصر الفرض منفردًا (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (234). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (234). ') ">

ج: السفر الذي يحصل به القصر والفطر هو الذي يسمى سفرًا شرعًا وعُرفًا، وهو الذي يحصل به التعب والمشقة، في الغالب يوم وليلة بالمطية، وبالسيارة ثمانين كيلو تقريبًا، هذا هو السفر؛ ثمانين كيلو، خمسة وسبعين كيلو، وما يقارب هذه المسافة؛ لأن هذا يوم وليلة للمطية، كما أفتى بعض الصحابة في ذلك، ولم يرد عنه عليه الصلاة والسلام تحديد في ذلك، وإنما أطلق السفر، والسفر المطلق يفسر بما جرت به العادة وما عدَّه الناس سفرًا، وما كان يومًا وليلة ويسمى سفرًا بالمطية والماشي، وما كان دون ذلك كنصف اليوم أو ثلث اليوم أو ربع اليوم ما يسمى سفرًا في عرف الناس، فلا يقصر فيه ولا يفطر فيه، ومثل ذلك أربعون كيلو وخمسون كيلو، وحول البلد لا تسمى سفرًا، لكن إذا كان ثمانين كيلو وما يقاربها يسمى سفرًا؛ لأنه يوم وليلة للمطية في عهد استعمال المطايا، وإذا كان عزم على السفر لا يصلي قصرًا في البلد، يصلي مع الناس تمامًا، فإذا خرج عن البلد وفارق البنيان يقصر حينئذٍ، إذا فارق البناء، وصلى خارج البناء قصر حينئذٍ وأفطر إذا شاء، والنبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقصر ولا يفطر إلا إذا خرج من المدينة، فأنت كذلك يا عبد الله، إذا خرجت من البلد، وصرت في الصحراء تصلي ثنتين، وتفطر إذا كنت صائمًا، أما ما دمت في البلد لا تقصر ولا تفطر، صلِّ أربعًا مع الناس، وابقَ صائمًا مع الناس حتى تفارق البلد.

س: يقول السائل: أحل للمسافر الإفطار في رمضان، وكذلك قصر الصلاة، فكان في الماضي يتعب المسافر؛ لأن السفر كان شاقًّا ومتعبًا، ولم تتوفر سبل المواصلات، فكانت على الدواب، وبحمد الله الآن تطورت المواصلات، وصارت أكثر من سهلة ومريحة، بإمكان المسافر أن يصل مكانه بكل سهولة ويسر ودون عناء، فهل يجوز له أن يفطر في هذه الحالة؟ ج: الرخصة في السفر رخصة عامة في الوقت الحاضر وقبله وفيما يأتي أيضا؛ لأن الذي شرعها - هو علام الغيوب - يعلم كل شيء سبحانه وتعالى، ويعلم أحوال العباد في وقت التشريع، وهكذا في الأوقات المستقبلة في مثل وقتنا هذا، الله يعلم كل شيء سبحانه وتعالى، وو كان التشريع يختلف لقال: إذا تيسرت الأسفار. أو: جاءت مراكب مريحة فلا تقصروا ولا تجمعوا. ما قال هذا، لا الرب سبحانه قاله، ولا قاله الرسول عليه الصلاة والسلام، قال العلماء: إنما قصرت الصلاة في السفر؛ لأنه مظنة للتعب والمشقة، والمظنة يستوي وجودها وعدم وجودها ما دام أنه مظنة، فالسفر مظنة المشقة، ولكن ليس وجودها شرطًا، فإذا كان السفر مريحًا على إبلٍ

مريحة، وعلى أوقاتٍ مريحة فالقصر مشروع، وهكذا الآن في السيارات والطائرات والقطارات والمركبات الفضائية، كله طريق واحد، يشرع القصر ويشرع الجمع للمسافر، ولو كان في غاية الراحة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حين شرع ذلك لم يقيد، والله في كتابه العزيز لم يقيد بالمشقة، فعلم بذلك أن المسافر يقصر ويجمع ويفطر وإن كان سفره مريحًا في السيارة، أو في الطائرة، أو في غير ذلك، والحمد لله على كل حال.

حكم الصوم للمسافر

73 - حكم الصوم للمسافر س: إنني أشتغل بسيارة شحن بترومين، وحلَّ علينا شهر رمضان المبارك، فكنت أسافر أنا وكثير من قائدي سيارات الشحن، فكنت أصوم والسائقون الذين معي يفطرون طوال السفر، وقالوا: إن الأجر للذي يفطر في السفر، وليس للذي يصوم في السفر أجر، أرجو إرشادي ولكم الشكر (¬1). ج: لا شك أن الإفطار في السفر مشروع ورخصة من الله عز وجل، بل قال الله سبحانه: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (11).

وكان النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره يصوم ويفطر، وهكذا أصحابه يصومون ويفطرون، فمن أفطر فلا بأس، ومن صام فلا بأس، فالإفطار رخصة من الله عز وجل للمسافرين، سواء كان المسافر صاحب سيارة، أو صاحب جمل، أو في السفن، أو في الطائرات، لا فرق في ذلك، المسافر له أن يفطر في رمضان، وإن صام فلا بأس، وإذا شق عليه الصوم فالأفضل الفطر، إذا كان حر وشدة فالأفضل الفطر، ويتأكد الفطر أخذًا برخصة الله جل وعلا، جاء في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته» (¬1) فإذا اشتد الحر فالسنة الإفطار، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً قد ظلل عليه، فسأل عن ذلك، فقالوا: إنه صائم. فقال عليه الصلاة والسلام: «ليس من البر الصوم في السفر» (¬2) يعني في حق من اشتد به الأمر، أما من كان في حقه لا يضره ذلك، ولا يشق عليه فهو مخير: إن شاء صام، وإن شاء أفطر. ¬

(¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، برقم (5832). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن ظلل عليه واشتد الحر (ليس من البر الصوم في السفر)، برقم (1946)، ومسلم في كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية ... ، برقم (1115).

أما من يقضي حياته في السفر فالصواب أنه لا حرج في الإفطار ولو كان السفر مهنة له، مثل صاحب السيارة الدائم؛ التكسي أو غيره، مثل صاحب الجمل الدائم كما في الوقت السابق، له الفطر وإن كان دائم السفر، لكن إذا جاء إلى بلده صام وأمسك، أما في حال أسفاره وتنقلاته من بلد إلى بلد فله الإفطار ولو كانت هذه مهنته.

حكم إفطار المسافر بالطائرة

74 - حكم إفطار المسافر بالطائرة س: إذا سافر الإنسان بالطائرة وهو صائم هل يجوز له الإفطار (¬1)؟ ج: نعم في السفر يجوز له أن يفطر سواء في الطائرة أو في الباخرة أو في السيارة، إذا كان سفرًا يعتبر سفرًا فإن له الإفطار، ثم إذا نزل في بلده أمسك، أو في بلد قصد الإقامة فيه أكثر من أربعة أيام فإنه يمسك، ويقضي ذلك اليوم الذي أفطر فيه في السفر؛ لقوله جل وعلا: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (256).

مسألة في حكم صيام المسافر

75 - مسألة في حكم صيام المسافر س: يقول السائل: سافرت يومًا في رمضان إلى منطقة تبعد عن المنطقة

التي أسكن فيها (380 كم) وأنا صائم، وسافرت في الصباح، وعندما وصلت جدة في الثانية عشرة ظهرًا لم أستطع أن أكمل اليوم؛ فاضطررت إلى الإفطار، فهل عليَّ من إثم؟ وبماذا تنصحونني؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: المسافر: السنة له الفطر، والأفضل له الفطر، فإذا سافرت فالأفضل لك الفطر، حتى ولو ما اشتد عليك شيء، الأفضل الفطر، ولو كنت مستريحًا، وإذا كانت جدة في طريق السفر، ليست هي المقصودة فإنك تفطر فيها ولو كان لا شدة عليك في ذلك، أما مع الشدة فيتأكد الفطر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس من البر الصوم في السفر» (¬2) ولما نزل بأصحابه في بعض الأسفار، وفيهم صوام ومفطرون سقط الصوام بسبب شدة الظمأ، وقام المفطرون فضربوا الأخبية، وسقوا الركاب، فقال صلى الله عليه وسلم: «ذهب المفطرون اليوم بالأجر» (¬3) أما إن كانت جدة هي المقصودة، وأنك ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (247). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن ظلل عليه واشتد الحر (ليس من البر الصوم في السفر)، برقم (1946)، ومسلم في كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية ... ، برقم (1115). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب فضل الخدمة في الغزو، برقم (2890)، ومسلم في كتاب الصيام باب أجر المفطر في السفر إذا تولى العمل، برقم (1119).

مسافر إليها فإن كنت تريد الإقامة فيها أكثر من أربعة أيام أتممت الصوم؛ لأنك الآن في حال الصوم مأمور بالصيام لا تفطر، أما إن كانت في الطريق، أو ما أردت الإقامة بها إلا أربعة أيام فأقل فلك الإفطار ولو ما اشتد بك الظمأ، هكذا السنة.

حكم صيام من دخل عليه رمضان وهو مسافر

76 - حكم صيام من دخل عليه رمضان وهو مسافر س: ما حكم صيام وإفطار المسافر لليوم الأول من رمضان إذا أتاه رمضان أثناء سفره (¬1)؟ ج: الأفضل له الفطر إذا كان في السفر، هذا هو الأفضل في أول رمضان أو في غيره؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يفطرون في السفر ويصومون وثبت في السنة أن الفطر أفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ليس من البر الصوم في السفر» (¬2) ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (223). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لمن ظلل عليه واشتد الحر (ليس من البر الصوم في السفر)، برقم (1946)، ومسلم في كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية ... ، برقم (1115).

حكم إفطار المعتمر خلال بقائه في مكة المكرمة

77 - حكم إفطار المعتمر خلال بقائه في مكة المكرمة س: إذا عتمرت العائلة في شهر رمضان هل يجوز لهم الإفطار في

سفرهم خلال بقائِهم في مكة المكرمة، أو أنهم يمسكون عن الأكل بمجرد وصولهم إلى مكة (¬1) (¬2)؟ ج: المعتمر في رمضان هو مسافر، إذا جاء من بلاد بعيدة، مثل من نجد أو غيره هو مسافر فله أن يفطر في الطريق، إذا سافر من الرياض أو من القصيم أو من حائل أو من المدينة أو من غير ذلك، إذا سافر فله أن يفطر في الطريق وفي مكة، إلا إذا كان قد عزم على الإقامة أكثر من أربعة أيام فإنه إذا وصل مكة فالأحوط له أن يصوم، والأولى له أن يصوم؛ لأن جمهور أهل العلم يرون أنه إذا عزم عزمًا صادقًا عزمًا جازمًا على أكثر من أربعة أيام فإنه يتم الصلاة، ولا يفطر، أما إذا كان عزمه يومين، ثلاثة، أربعة ما يزيد عليها فله أن يفطر، وله أن يصوم، وله أن يقصر، يصلي ثنتين، وله أن يصلي مع الناس أربعًا، وليس له أن يفرد نفسه؛ ليصلي ثنتين إذا كان فردًا، لا بد أن يصلي مع الجماعة، أما إذا كان معه أناس فهو مخير: إن شاء صلى ثنتين هو وإخوانه، وإن شاؤوا صلوا أربعًا مع الناس في الجماعة، فإن كانت الإقامة أكثر من أربعة أيام ينبغي لهم الصوم وإتمام الصلاة عند جمهور أهل العلم. س: يقول السائل: سافرت في رمضان وأفطرت يومًا، فما هي كفارته؟ ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (30). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (30). ') ">

ج: إذا كنت أفطرت في السفر فعليك القضاء فقط، ولا كفارة فيه، إذا كنت أفطرت في السفر، ومن أجل السفر فلا حرج، بل ذلك سنة، يقول الله عز وجل: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. فالله وسع ويسر سبحانه وتعالى، ورخص للمسافر والمريض أن يفطرا، فإذا سافرت إلى جهة من الجهات، وأفطرت يومًا أو أكثر فعليك القضاء ولا كفارة عليك، إلا إذا تأخر القضاء إلى رمضان آخر، فلم تقض فعليك القضاء بعد رمضان مع إطعام مسكين، عن كل يوم نصف صاع من التمر أو الرز أو غيرهما من قوت البلد عن التأخير، أفتى به جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وهو أصح قولي العلماء، يعني تقضي يومك الذي أفطرته، وتفدي فدية، تُكَفِّرُ بإطعام مسكين إذا كان القضاء تأخر إلى ما بعد رمضان آخر، والله سبحانه وتعالى أعلم.

مسألة في اختلاف الزمن بين الدول للمسافر الصائم

78 - مسألة في اختلاف الزمن بين الدول للمسافر الصائم س: ما الحكم في اختلاف الزمن بين الدول بالنسبة للمسافر الصائم من بلد إلى بلد، يتأخر فيها غروب الشمس، أو يتقدم عن البلد التي سافر منها؟ لأنه يسافر من بلده بعد أن يتسحر، ثم يَصِلُ إلى بلد

تغرب فيه الشمس قبل غروبها في وقت بلده الذي أقلع منه بزمن كثير أو العكس؛ بأن تتأخر عنه بزمن كثير، فما الحكم في هذه الحال (¬1) (¬2)؟ ج: الحكم حكم البلد التي قدم عليها، إذا صام في بلد وقدم على بلد أخرى حكمه حكم البلد التي قدم عليها، إذا قدم عليها وهم يفطرون قبل بلده أفطر معهم، وإن كانوا يفطرون بعد بلاده ويتأخرون بعد بلاده حكمه حكمهم، متى نزل بهم صار له حكمهم في الإفطار وفي السحور وفي كل شيء وفي العيد أيضًا، فلو تسحر مثلاً في الرياض، وسافر إلى جهة المغرب، أو إلى أسبانيا فإنه يستمر حتى يفطر معهم هناك، وكذلك لو وصل إلى بلد تغرب فيه الشمس قبل الرياض مثلاً فإنه يفطر معهم. س: إذا سافر الشخص في الليل، وسوف يصل إلى مكان إقامته بعد السحور فهل يمسك ويبقى صائمًا، أم كيف توجهوننا؟ ج: هو بالخيار: إن شاء صام، وإن شاء أفطر، إذا كان يمر عليه بعض اليوم وهو صائم في سفر فهو مخير: إن شاء نوى الإفطار، وإن شاء صام، فالصوم في السفر جائز، وتركه جائز والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (42). (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (42). ') ">

بيان ما يلزم المسافر عند رجوعه لبلده في نهار رمضان

79 - بيان ما يلزم المسافر عند رجوعه لبلده في نهار رمضان س: أفطرت يومًا في رمضان وكنت قادمًا من سفر، وأتممت في اليوم الثاني ثم إني أفطرت، فهل عليّ قضاء (¬1)؟ ج: الصائم في رمضان إذا قدم بلده في أثناء النهار يلزمه الإمساك على الصحيح؛ لأنه زال السفر، فيلزمه أن يمسك إلى غروب الشمس، ولا يعتد بهذا اليوم، بل يقضيه لكن يمسك، وهكذا الحائض والنفساء، إذا طهرت في أثناء النهار تمسك، تغتسل وتمسك وتقضي ذلك اليوم؛ لأن الصوم فريضة، فليس له أن يفطر إلا بعذر شرعي؛ كالمرض والسفر، وما دام موجودًا في البلد الذي هو بلده فإنه يلزمه الإمساك إذا قدم، وهكذا في جميع الأيام حتى يكمل رمضان، يصوم كما يصوم المسلمون، فليس له أن يفطر إلا بعذر شرعي كالمرض والسفر، وعليه القضاء فيما أفطره في السفر، أو في المرض، كما قال الله عز وجل: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. واليوم الذي قدم فيه إلى بلده يعتبر حينئذٍ مقيمًا، فعليه أن يمسك إذا قدم الضحى أو الظهر، يمسك بقية النهار إلى غروب الشمس، ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (309).

وهذا اليوم الذي أفطر بعضه لا يعتد به، بل يقضيه، وهكذا الحائض والنفساء كما تقدم، إذا طهرت تمسك، وهكذا المريض إذا عافاه الله في أول النهار، أو في أثناء النهار يمسك حتى يكمل، ولا يعتد بهذا اليوم بل يقضيه.

مسألة في حكم إفطار المسافر أثناء سفره

80 - مسألة في حكم إفطار المسافر أثناء سفره س: إذا بقي المسافر في مدينة ما لمدة أربعة أيام فأقل فهل له أن يفطر؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: نعم ما دام المدة أربعة أيام فأقل له أن يفطر، وله أن يصوم، أما إن عزم على أكثر من أربعة أيام فإنه يلزمه الصوم. ¬

(¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (338).

حكم معاشرة المسافر أهله في نهار رمضان

81 - حكم معاشرة المسافر أهله في نهار رمضان س: هل للمسافر أن يتمتع بكل شيء حتى معاشرة أهله في رمضان (¬1)؟ ج: نعم، المسافر له الفطر في رمضان، ومن ذلك إتيانه أهله، إذا كانت زوجته معه مسافرة فالجماع حِلٌّ لهما، كما أحل الله لهما الأكل والشرب ما داما في السفر. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (86).

حكم صيام الحامل والنفساء

82 - حكم صيام الحامل والنفساء س: يقول السائل: كيف يكون صيام الحامل والنفساء؟ وهل يجب عليهما القضاء (¬1)؟ ج: الحامل تصوم مثل غيرها إلا إذا شق عليها الصيام تفطر، ثم تقضي بعد ذلك، وهكذا المرضع، تصوم مع الناس، فإن شق عليها الصيام أفطرت ثم قضت كالمريض، وأما النفساء لا تصوم حتى تطهر، فإذا طهرت ولو في الأربعين تصوم، ولو رأت في ثلاثين أو عشرين يومًا إذا رأت الطهارة تصوم وتصلي وتحل لزوجها، فإن استمر معها الدم فإنها لا تصلي ولا تصوم، ولا تحل لزوجها حتى تكمل الأربعين، فإذا أكملت الأربعين وجب عليها أن تغتسل وأن تصلي وتصوم، وتحل لزوجها ولو كان معها الدم، مدة النفاس أربعون عند عامة العلماء وأكثر أهل العلم، فإذا مضت الأربعون ولم تطهر فإنها تغتسل وتصلي وتصوم، وتعتبر الدم الذي معها دم فساد، تصلي معه وتصوم وتتحفظ بقطن ونحوه، وتتوضأ لوقت كل صلاة، كلما دخل وقت تتوضأ، ويكفي والحمد لله، وتحل لزوجها أيضًا، إلا إذا جاءت الدورة المعتادة؛ الحيض تجلس، لا تصلي ولا تصوم، وأما هذا الدم الذي معها من ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (253).

النفاس هذا دم فساد، بعد مرور الأربعين تعتبره دمًا فاسدًا، تتوضأ معه لكل صلاة، وتتحفظ بقطن ونحوه، وتحل لزوجها وتصوم والحمد لله.

بيان ما يلزم الحامل والمرضع إذا أفطرتا في رمضان

83 - بيان ما يلزم الحامل والمرضع إذا أفطرتا في رمضان س: هل يجوز للحامل أو المرضع الإفطار في رمضان، وعليهما الفدية فقط دون القضاء (¬1)؟ ج: هذه المسألة مسألة خلاف بين أهل العلم، فمن أهل العلم من قال: إن عليهما الفدية فقط، ولهما أن تفطرا؛ لأن الحمل قد يتتابع، والرضاع قد يتتابع، فلا يكون عندهما فرصة للقضاء، وهذا مروي عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما، وقاله جماعة من السلف. والقول الثاني: أنهما كالمريض، إن شق عليهما الصيام أفطرتا وقضتا، فإن لم يشق عليهما صامتا، وهذا القول هو الأرجح وهو الأقوى دليلاً، وهو الذي جاء فيه الحديث الصحيح عن أنس بن مالك الكعبي، غير أنس بن مالك الأنصاري؛ أن الرسول عليه السلام قال: «إن الله تبارك وتعالى وضع عن المسافر شطر الصلاة، وعن المسافر والحامل والمرضع الصوم» (¬2) فهذا يدل على أنهما ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (137). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رجل من بني كعب رضي الله عنه، برقم (18568).

كالمسافر، فالمسافر في الصوم يفطر ويقضي، وهما كذلك، والمسافر يختص بالقصر في الصلاة، وضع الله عنه شطر الصلاة؛ يعني الرباعية الظهر والعصر والعشاء، فليس في الدنيا مَن يقصر الصلاة سوى المسافر، فالمريض لا يقصر، والحبلى والوضع والمرضع لا تقصران، وإنما الذي يقصر المسافر، يصلي الرباعية ركعتين: الظهر والعصر والعشاء فقط، بعض الناس قد يغلط ويظن أن المريض يقصر، وهذا غلط، المريض لا يقصر، يصلي أربعًا، فالحبلى والمرضع الصواب فيهما أنهما كالمسافر والمريض، تفطران وتقضيان، وليس عليهما فدية، هذا هو الأرجح وهذا الصواب، وهو الذي - فيما يظهر - قول الأكثر من أهل العلم؛ لأنهما شبيهتان للمريض، قد يشق عليهما الصوم من أجل الرضاع أو من أجل الحبل، وقد لا يشق عليهما كالمريض خفيف المرض فتصومان.

حكم صيام الحامل إذا كان يشق عليهما

84 - حكم صيام الحامل إذا كان يشق عليها س: هذه السائلة: ف. ط. ح. من المنطقة الشرقية، تقول: ماذا يجب على المرأة التي حست بعطش شديد في نهار رمضان، وكانت حاملاً في الشهر التاسع، فخافت على نفسها، وشربت الكثير من الماء، وبعد انقضاء رمضان قضت ذلك اليوم ولم تطعم، هل يلزمها شيء غير ذلك (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (5). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (5). ') ">

ج: الحامل إذا شق عليها الصوم شرع لها الإفطار وتقضي، الحامل والمرضع إذا شق عليهما الصيام أفطرتا وقضتا، وليس عليهما إطعام، تقضيان بعد العيد بعد الولادة، وكذلك إذا كبر الطفل ولم يشق عليها الصوم تقضي، إذا شق الصوم سواء ترضع، أو هي حامل أفطرت والحمد لله، رخص النبي للحامل والمرضع في الفطر؛ حذرًا من المشقة عليها أو على الطفل. س: امرأة حامل يأتيها نزيف أثناء فترة الحمل في شهر رمضان، فهل يجب عليها الصوم، أو تفطر ثم تقضي؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الحامل لا تحيض في أصح قولي العلماء، فإذا كانت حاملاً فالنزيف الذي معها يعتبر دمًا فاسدًا، تصلي وتصوم وتتحفظ بالقطن ونحوه، وتتوضأ لوقت كل صلاة، ولا تقضي، كالمستحاضة؛ لأن هذا النزيف دم فساد، هذا هو الصحيح، فإذا استمر معها فإنها تتحفظ بالقطن ونحوه، وتتوضأ لوقت كل صلاة، وتصلي كما يصلي غيرها من الطاهرات، وإن شق عليها ذلك لا بأس أن تجمع بين المغرب والعشاء، وبين الظهر والعصر كالمريضة؛ لأنه نوع من مرض، وصومها صحيح وصلاتها صحيحة، لكن لا تتوضأ إلا بعد دخول الوقت. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (213). ') ">

س: تقول السائلة: في شهر رمضان لم أستطع أن أكمل الصيام لوضع الحمل، ثم انتابتني حالة صحية بعد ذلك لم أستطع معها القضاء، ما هو توجيهكم؟ ج: عليكِ القضاء عند القدرة والحمد لله، يقول الله سبحانه: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. والحُبْلَى معذورة، إذا شق عليها الصوم تفطر، وهكذا المرضعة، ثم تقضي بعد ذلك في الوقت الذي تستطيع والحمد لله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}.

حكم تأخير المرأة قضاء رمضان لعدة سنوات بسبب الحمل والوضع

85 - حكم تأخير المرأة قضاء رمضان لعدة سنوات بسبب الحمل والوضع س: امرأة وضعت قبل خمسة عشر عامًا، وصادف ذلك الثالث من رمضان، وأفطرت بالطبع للوضع، ومنذ ذلك الوقت وهي لم تقضِ تلك الأيام، وهي كثيرة عليها، فماذا تفعل؟ هل يكفي الإطعام عنها؟ ولكم جزيل الشكر (¬1). ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (186).

ج: الواجب عليها القضاء كالمريض؛ أن تقضي الأيام سواء متتابعة أو متفرقة، وإذا تأخرت عن رمضان الذي أفطرت فيه إلى ما بعد رمضان القادم عليها مع القضاء الإطعام، عليها أن تطعم مسكينًا عن كل يوم، إلا إذا كانت أخرتها لرضاع أو لمرض، أو لحمل منع بينها وبين ذلك، فإن هذا يكون عذرًا لها، ليس عليها إطعام، بل عليها القضاء فقط، أما إذا كان التأخير من أجل التساهل فإن عليها القضاء مع إطعام مسكين، عن كل يوم نصف صاع من تمر أو رز أو نحوهما من طعام البلد، من قوت البلد، مع التوبة والاستغفار من التأخير، ولا يجوز لها التساهل في هذا الأمر، الله سبحانه يقول: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. وهي في حكم المريض، عليها أن تصوم بعدما تطهر من نفاسها وتستطيع الصيام.

مسألة في حكم تأخير المرأة قضاء الصيام بسبب الحمل والرضاع

86 - مسألة في حكم تأخير المرأة قضاء الصيام بسبب الحمل والرضاع س: يقول السائل: أنا رجل متزوج ومعي عائلتي، وقد وَضَعَتْ زوجتي في أول يوم من رمضان الماضي، وأتى رمضان الآخر وهي مرضع، كيف يكون حالها لو تكرمتم (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (103).

ج: لا حرج عليها في الإفطار، إذا كان الرضاع يضرها معه الصوم فالحاصل أنه مأذون لها، المرضع والحامل والمريضة كلهن معذورات، حتى تستطيع الصيام، فإذا جاء رمضان الآخر وهي ترضع، ولم تستطع الصيام، بل يشق عليها من أجل الرضاع فهي تفطر رمضان الآخر، ثم تصومه بعدما يحصل لها القوة على ذلك؛ إما بفطم الولد، أو بقوةٍ تعينها على الصوم، أو بغير هذا من أسباب القدرة، فالحاصل أنها ما دامت يشق عليها الصوم؛ من أجل الرضاع ومن أجل الحمل، أو من أجل بعض الأمراض فإنها تفطر ولا كفارة عليها؛ لأنها غير يائسة من الصوم، بل ترجو القدرة عليه، فإذا يسر الله لها الصوم فالحمد لله تصوم الجميع، تصوم ما مضى عليها متتابعًا، أو مفرقًا، لا حرج ولا كفارة عليها.

بيان ما يلزم الحامل والمرضع إذا عجزتا عن قضاء صيام رمضان

87 - بيان ما يلزم الحامل والمرضع إذا عجزتا عن قضاء صيام رمضان س: تقول السائلة: ذهبت مني تقريبًا 60 يومًا صيامًا من خلال وضع الحمل أربعة أطفال، وإنني جسديًّا غير متمكنة وغير قادرة على الصيام، فأرشدوني ماذا أعمل؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كنتِ أفطرتِ في الحمل هذا ستين يومًا فعليك القضاء، وإذا كنت ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (338).

مريضة حتى تُشْفَي إن شاء الله، أما إن كنتِ قد عجزتِ عن الصيام؛ لكبر سنك فعليك الإطعام عن كل يوم مسكينًا إطعام مسكين نصف صاع عن كل يوم، تجمعينه وتعطينه الفقراء، أما إذا كنتِ تستطيعين الصوم فعليك الصوم، عليك أن تقضي ولو مفرقًا غير متتابع، وعليك مع ذلك إطعام مسكين عن التأخير، إذا كنتِ أخرتِ وأنت قادرة عليك إطعام مسكين بعدد الأيام نصف صاع عن كل يوم، تُجمع وتُعطى للفقراء، ولا يجوز التساهل في هذا الأمر، هذه أمور عظيمة كبيرة، فصوم رمضان ركن الإسلام، فالواجب العناية بهذا الأمر، إن كنتِ قادرة فبادري بالصوم، وإن كنتِ عاجزة يؤجل حتى تشفي من مرضك، الله يقول: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. أما إن كان التساهل فعليك التوبة إلى الله والندم والإقلاع والبدار إلى الصوم.

حكم من أفطر في نهار رمضان مضطرا للأكل والشرب

88 - حكم من أفطر في نهار رمضان مضطرًا للأكل والشرب س: يقول السائل: أنا راعي إبل وضاعت مني، ورحت على أثرها، وكنت صائمًا في رمضان ولم أجد شرابًا ولا أكلاً في وقت الإفطار، وأصبحت في اليوم الثاني ونويت الإفطار، وفعلاً وجدت الأكل والشرب حوالي العاشرة صباحًا، ولم أمسك باقي اليوم، ماذا عليّ؟

أكرمكم الله وسدد خطاكم (¬1) (¬2). ج: لا حرج عليك، إذا كنت مضطرًا للأكل والشرب؛ خوفًا من الموت أو من المرض فلا بأس، لكن الواجب عليك الإمساك لما يسر الله لك الأكل والشرب؛ أن تمسك، فعليك التوبة إلى الله من عدم الإمساك فقط، وقضاء اليوم الذي أفطرته، أما كونك أفطرت لأجل الضرورة، كونك بقيت يومك وليلتك لم تجد أكلاً ولا شربًا، فإذا كنت مضطرًا لذلك فلا حرج في ذلك والحمد لله، إنما الواجب عليك لما أكلت وشربت أن تمسك بقية نهارك، وأنت لم تفعل جهلاً منك، فعليك قضاء ذلك اليوم مع التوبة والاستغفار. س: سماحة الشيخ، من بقي يومًا وليلةً حتى العاشرة صباحًا بدون أكل ولا شرب، هل هذا عذر أو لا (¬3)؟ ج: إذا كان يشق عليه الوصال - والناس يختلفون - إذا كان يشق فهو عذر له، وإذا كان ما فيه مشقة يكمل، مثل مَن كان في الصحراء يبحث عن ضالته، الظاهر أنه يشق عليه كثيرًا وعذره ظاهر، ولكن يقضي اليوم الثاني الذي أكل فيه، أما ذاك اليوم الذي أتمه فما فيه قضاء، ذاك اليوم لا أَكَلَ ولا شَرِبَ، فقد أداه بتمامه. ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (351). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (351). ') "> (¬3) السؤال السادس من الشريط رقم (351). ') ">

س: تقول السائلة: اشتد عليَّ العطش في يوم رمضان، وكنت أقوم برعي الغنم في البادية، فأغمي عليَّ وأفطرت، ماذا عليَّ حينئذٍ؟ جزاكم الله خيرًا. ج: لا شيء عليكِ، لأنك أفطرتِ للضرورة، لكن عليكِ القضاء، الإنسان إذا اضطر إلى الفطر أفطر، ويمسك إذا كان ظمآن يشرب ما يزيل الظمأ، ثم يمسك إلى الغروب ويقضي، وهكذا لو أصابه جوع شديد، وأكل خوفًا من الخطر يمسك ويقضي بعد ذلك: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}.

مسألة في حكم من أفطر في نهار رمضان لإصابته بالعطش الشديد

89 - مسألة في حكم من أفطر في نهار رمضان لإصابته بالعطش الشديد س: يقول السائل: قد يفطر بعض الناس لأمرٍ ما؛ كالإصابة بعطش شديد مثلاً، فإذا ما أفطر يستمر في إفطاره فيأكل ويشرب، ويستبيح المأكولات، فما الواجب في مثل هذه الحالة (¬1)؟ ج: لا يجوز له، بل يفطر بقدر الحاجة، يشرب ثم يمسك إذا كان من أجل الظمأ، يأكل ما يسد رمقه إذا كان أفطر من أجل الجوع، ثم يمسك حتى ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (238).

غروب الشمس، لا يستمر في الفطر، إنما أكل وشرب من أجل الضرورة، ثم يستمر، وهكذا لو أن إنسانًا أراد إنقاذ إنسان من غرقه أو من عدو، ولم يستطع إلا بالفطر أفطر وأنقذ أخاه، ثم أمسك إلى غروب الشمس، ثم يقضي اليوم فقط؛ لأنه أفطر للضرورة؛ لأن إنقاذ أخيه المعصوم واجب.

حكم من أفطر في نهار رمضان بسبب إرهاق الجسم

90 - حكم من أفطر في نهار رمضان بسبب إرهاق الجسم س: يقول السائل: شاب مراهق أفطر ثلاثة أيام من رمضان؛ لأنه بذل مجهودًا عضليًّا كبيرًا، ولم يستطع أن يكمل صيامه لرغبته الشديدة في الماء، فما هو الحل؟ هل يصوم عن كل يوم ستين يومًا متتالية؟ أم ماذا يفعل؟ مع العلم أنه محافظ الآن على صيام رمضان وصيام الاثنين والخميس. جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: إذا كان أفطر؛ لأنه لم يستطع الصوم لشدة الظمأ؛ بسبب الإرهاق الذي أصابه، وخاف على نفسه الموت أو مرضًا شديدًا فهذا له عذر، وليس عليه إلا أن يقضي اليوم بدل اليوم؛ يعني ثلاثة أيام بدل ثلاثة أيام فقط، لا زيادة إذا كان فطره بالماء، أما إذا كان فطره بالجماع فهذا شيء آخر، لكن إذا كان فطره بالماء فعليه قضاء اليوم فقط والحمد لله، أما إذا كان تساهل، ولا ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (238). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (238). ') ">

هناك ضرورة فعليه التوبة مع القضاء عن كل يوم يوم فقط، ثلاثة بثلاثة مع التوبة إلى الله، أما إذا كان الأمر عظيمًا، وأصابته شدة، وخاف من مرض شديد، أو من موت فالله يقول جل وعلا: {إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}. س: يقول السائل: إنني قد أفطرت يومًا من أيام رمضان؛ وذلك لأنه اشتد بي العطش، وخشيت على نفسي من الضرر، فهل الواجب عليَّ أن أقضي يومًا واحدًا، أم أنه يجب عليَّ تطبيق حكم من أفطر متعمدًا؟ ج: ليس عليك إلا قضاء يوم واحد، وهكذا من أفطر يومًا متعمدًا عليه التوبة ويقضي يومًا واحدًا، أما حديث أنه: «لم يقض عنه صوم الدهر كله إن صامه» (¬1) فهو حديث ضعيف، من أفطر عامدًا فعليه التوبة والقضاء لما أفطره يومًا أو أكثر والحمد لله، مع التوبة النصوح، أما من اضطر إلى ذلك، خشي الضرر البين، ثم أفطر فإنه يقضي ذلك اليوم، ويمسك باقي اليوم. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصيام، باب التغليظ فيمن أفطر عمدا، برقم (2396)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاءَ في الإفطارِ متعمدًا،، برقم (723)، وابن ماجه في كتاب الصيام، باب ما جاء في كفارة من أفطر يوما من رمضان، برقم (1672).

حكم من أفطر في صيام القضاء من غير عذر

91 - حكم من أفطر في صيام القضاء من غير عذر س: عليَّ قضاء من رمضان، ذات يوم نويت الصيام إلا أنني لم أتمه؛ لأنني أحسست بجوع، فأفطرت على أن أصومه في اليوم التالي، لكن زميلاتي لمنني كثيرًا، ووصفن ما فعلت بالحرام، والحقيقة أنني لم أكن أعلم ذلك، خاصة أنه ليس من رمضان، وظننت أن الأمر فيه سعة، فماذا عليَّ (¬1)؟ ج: نعم، الذي قُلْنَ لك أخواتك هو الصواب، لا يجوز لك الإفطار للإحساس بالجوع، بل عليك الصبر حتى تغيب الشمس؛ لأن قضاء رمضان فرض لا يجوز التساهل فيه، وإذا جاع الإنسان وهو صائم في الفرض، أو ظمئ يتصبر ويتحمل حتى يكمل، إلا إذا خشي الموت أو لمرض شديد، يعلم أنه يقرب على هذا الشيء هذا عذر لك، إفطار ثم إمساك، يأكل ما يزيل الخطر، ثم يمسك إلى الغروب، أما مجرد الجوع أو مجرد الظمأ الذي ليس معه الخطر فهذا لا يسوغ الإفطار في الفريضة، لا في رمضان ولا في قضاء رمضان، ولا في الصيام المنذور ولا في الكفارات، بل يجب الإمساك والصبر حتى تغيب الشمس، وعليك التوبة إلى الله والاستغفار وقضاء اليوم. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (223).

حكم من ترك صيام رمضان لمزاولته لأعمال شاقة

92 - حكم من ترك صيام رمضان لمزاولته لأعمال شاقة س: أنا شاب في السابعة عشرة من العمر، أصلي وأقرأ القرآن، وأبتعد عما هو شر وآثام، ولكن مشكلتي: عندما يحين وقت رمضان لا أصوم الشهر؛ وذلك لأنني أعمل أعمالاً شاقة، ولا سيما في أيام الصيف، فهل يجوز لي أن أصوم في أوقات أخرى؟ أو ماذا عليَّ أن أفعل؟ أرشدوني جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: عليك القضاء مع التوبة، وفي المستقبل تصوم مع الناس، وتترك العمل الذي يشق عليك، تعمل أعمالاً لا تشق عليك مع الصوم، فإذا كنت لا تستطيع إلا بترك العمل فاترك العمل، وادخر الوقت لرمضان، ما يكفيك في رمضان من أعمالك التي في شعبان وقبله، أو رتب نفسك على عمل لا يشق عليك، وتمكن معه من الصيام، أما التساهل والحرص على الدنيا والأعمال الشاقة، وتترك الصوم هذا لا يجوز لك، فاتق الله ما استطعت، اعمل عملاً قليلاً وأنت محتاج إليه، ليس فيه ما يمنعك من الصوم، وإلا فادخر من أعمالك التي قبل رمضان ما يعينك على الفراغ بالصيام مع المسلمين، نسأل الله لنا ولك التوفيق. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (214). (¬2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (214). ') ">

س: أفطرت في رمضان؛ لأنني كنت أعمل عملاً شاقًّا، وأسأل عن القضاء في أيام الجُمَعِ بالذات. ج: الواجب على المؤمن أن يستكمل الصوم في رمضان، وألا يفطر بسبب العمل، إذا كان العمل شاقًّا لا يعمل، بل يترك العمل حتى يؤدي الفريضة، أو يعمل بعضه ويترك العمل الذي يسبب له الفطر: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. ولو بالأجرة، يقول للمستأجر: هذا يضر في رمضان، فيكون في أيام رمضان العمل أقل من الأيام في الفطر؛ حتى يجمع بين المصلحتين، بين مصلحة الصوم ومصلحة العمل، والله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. أما أنه يفطر بسبب العمل فلا، هذا منكر لا يجوز، وعليه القضاء إذا أفطر، والقضاء يكون في غير الجمعة أولى، يكون بقرن الخميس والجمعة جميعًا، لا يخص الجمعة، هذا هو الأحوط؛ لأن الرسول نهى عن تخصيصها في الصوم، قال صلى الله عليه وسلم: «لا يصومن أحدكم يوم الجمعة، إلا يومًا قبله أو بعده» (¬1) وهذا في النفل بلا شك، لكن عمومه قد يخشى منه دخول ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم يوم الجمعة، برقم (1985)، ومسلم في كتاب الصيام، باب كراهة صيام يوم الجمعة منفردًا برقم (1144).

تخصيصه بالقضاء، فالأحوط للمؤمن ألاّ يخصه، ولو صام يوم الجمعة للقضاء إن شاء الله؛ لأنه لم يقصد التطوع به، وإنما قصد القضاء، لكن تركه أولى، كونه يصوم معه السبت مع الجمعة، أو الخميس في القضاء أو في النافلة هذا هو المشروع، ولا يخص يوم الجمعة بالنفل، ولا بالقضاء، هذا هو الأحوط والأولى، أما بالنفل فلا يجوز، لا يجوز أن يخص الجمعة بالنفل أبدًا، لا بد إن أراد الصوم أن يصوم؛ إما يومًا قبله أو يومًا بعده.

بيان ما يلزم المسلم من عدم التساهل في دينه

93 - بيان ما يلزم المسلم من عدم التساهل في دينه س: الذين يفتون العمال الذين يعملون أعمالاً شاقة بجواز الفطر في رمضان، هل هم على حق (¬1) (¬2)؟ ج: ما نعلم لهذا أصلاً، الواجب أنهم يعملون بقدر الطاقة، وإذا كان لا بد من عمل فليؤجل العمل إلى ما بعد رمضان، أو يدخروا من أعمالهم السابقة ما يعينهم على صيام رمضان، التساهل في هذا شر عظيم، وعاقبته وخيمة، فالواجب عدم التساهل بهذا الأمر، ولكن إذا تيسر له عمل، يستطيع معه الصوم فلا حرج في العمل في رمضان ويصوم، أما إذا كان لا بد من فطر ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (214). (¬2) السؤال من الشريط رقم (214). ') ">

فليترك العمل الذي يلجئه إلى الفطر، وليستعن بالله على صومه بما عنده من المال السابق. س: أنا أصوم رمضان في بلدي والحمد لله، ولكن لكثرة العمل وصعوبته أواجه بالإرهاق، فهل عليَّ من شيء، أم أترك العمل وأبدأ بالصيام؟ جزاكم الله خيرًا. ج: عليك أن تصوم كما أمر الله، وأن تدَع العمل الذي يضرك، تعمل ما تستطيع وتكمل صومك، فإذا كان العمل عشر ساعات، ويشق عليك تجعله ست ساعات، سبع ساعات خمس ساعات؛ حتى تستطيع الصيام ولا تعمل عملاً يضرك، أو يسبب فطرك؛ لأن الله أوجب عليك الصيام وأنت صحيح سليم، لست مريضًا ولست مسافرًا، فالواجب عليك أن تصوم وأن تدَع العمل الذي يرهقك ويتعبك ويضرك، أو تخففه.

حكم من أفطر بسبب الحر الشديد

94 - حكم من أفطر بسبب الحر الشديد س: تقول السائلة: لقد جاء علينا شهر رمضان في سنة من السنوات في شهر تموز، وهو شهر حار جدًّا، وقد ذهبت لسوء حظي في حفلة زفاف أخي وكنت صائمة، فكانت النتيجة أنني لم أتحمل الحر

الشديد فأفطرت، هذا الكلام مضى عليه عشر سنوات، وما زلت حتى الآن أتعذب بسبب هذا اليوم، بالرغم من أنني قمت بإعادته، ماذا أفعل حتى أرضي الله تعالى؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: ليس عليكِ بحمد الله إلا التوبة، وقد قضيتِ اليوم وندمتِ على ما فعلتِ، هذا كافٍ والحمد لله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تجب ما قبلها» (¬2) والحمد لله الذي جعل في قلبك خوف الله ومراقبته وخشيته، احمدي الله على هذا، فإذا كنتِ ندمتِ على ما فعلتِ، وعزمتِ على ألاّ تعودي لمثله، وقضيتِ اليوم فهذا كافٍ والحمد لله، وإذا كان الفطر من خطر شديد، خشيتِ معه الموت فلا شيء عليك والحمد لله، أما إذا كان حصل فيه تساهل فالتوبة كافية والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (294). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج، برقم (121)، والحديث جاء بلفظ (والهجرة تهدم ما كان قبلها)، ولم يرد بلفظ التوبة، وأخرجه أحمد في مسنده من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه برقم (17813)، بلفظ (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها)، وقد ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره (8/ 130). وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (3/ 38/1039): وفي ظني أن الحديث التبس أمره على ابن كثير ومختصره بالحديث الصحيح (إن الإسلام يجب ما كان قبله، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها).

حكم الإفطار من أجل الدراسة

95 - حكم الإفطار من أجل الدراسة س: هل يجوز لشخص الإفطار في رمضان من أجل الدراسة؛ لتقدم الفحص إن وجد في الصيام مشقة (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (93).

ج: ليس للطلبة أن يفطروا في رمضان من أجل الاختبار، بل عليهم أن يجتهدوا ويستعدوا في الليل لاختبارهم، ويصوموا في النهار، وهكذا العمال ليس لهم أن يفطروا، بل الواجب على العامل أن يعمل بقدر طاقته في نهار الصيام، وهكذا التلاميذ يعملون بما يتعلق بالاختبار بقدر طاقتهم في النهار، وعليهم أن يجعلوا معظم العمل بالعناية والمذاكرة في الليل؛ لأن ذلك أقوى لهم، وعلى المسؤولين أن يخففوا عنهم في النهار وألاّ يضغطوا عليهم بهذا حتى لا يحرجوهم من جهة الصيام، وإذا تيسر أن يكون ذلك قبل رمضان، أو بعد رمضان فهو خير وأولى، حتى لا يشقوا على التلاميذ في ذلك، ولكن ليس الاختبار وليس العمل عذرًا في الإفطار، بل الواجب أن يهيئ الإنسان نفسه مع الصوم، فيعمل ما يستطيع مع الصوم، ويعمل في الاختبار ما يستطيع، ويكون معظم المذاكرة والعناية بالليل وقت الفطر، ويكون وقت النهار بمجرد أداء الاختبار، وعلى المسؤولين أن يلاحظوا هذا؛ حتى لا يشقوا على التلاميذ، بل عليهم أن يجعلوا الاختبار بقدر الطاقة، وإذا أمكن أن يقدم على رمضان، أو يؤخر فذلك أرفق بالتلاميذ وأولى.

حكم من أفطر في نهار رمضان بسبب الاختبارات

96 - حكم من أفطر في نهار رمضان بسبب الاختبارات س: تقول السائلة: عندما كنت في الصف الثاني الثانوي في شهر رمضان، وكان ذلك في فترة الامتحانات، عندما رجعت إلى المنزل كنت

أشعر بعطش شديد، فشربت ماءً، فهل أصوم ذلك اليوم، أم أطعم مساكين وأصوم يومًا آخر عنه (¬1)؟ ج: عليك أن تمسكي بعد الشرب، وعليك القضاء بعد ذلك من دون إطعام، القضاء والحمد لله، لكن ليس لك الشرب إلا عند العطش الشديد، تخشين معه الموت أو المرض، أما العطش الذي يمكن الصبر عليه فليس لك الشرب؛ حتى تغيب الشمس في رمضان وفي الصوم الفريضة، أما إذا اشتد العطش وخفت على نفسك من المرض، أو الموت فلا بأس، لكن بعد الشرب تمسكين حتى تغيب الشمس، ثم تقضين هذا اليوم. ¬

(¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (417).

مسألة في حكم من ترك الصيام من أجل الاختبارات

97 - مسألة في حكم من ترك الصيام من أجل الاختبارات س: ما رأي سماحتكم فيمن يتخذون العمل وسيلة في ترك الصلاة الجماعة، أو مَن يتخذون من الاختبارات المدرسية وسيلة لإفطار شهر رمضان (¬1)؟ ج: لا يجوز للمسلم أن يحتج بالعمل على ترك الجماعة، ولا بالاختبارات على ترك الجماعة، أو على الفطر في رمضان، بل الواجب على ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (215).

المسلمين أن يقوموا بالواجب، الصلاة في الجماعة وصيام رمضان، وأن يعدوا للاختبار ما يلزم في الليل، أو ينقل الاختبار من رمضان إلى شوال، أو قبل رمضان في شعبان، أما جعل الاختبارات في رمضان فهذا ليس بطيب، ولا ينبغي للمسؤولين أن يجعلوه في رمضان، بل ينبغي لهم أن يعينوا الطلبة على ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، وهكذا الرئاسة العامة لتعليم البنات، كلهم الواجب عليهم أن يعينوا أبناءَهم الطلبة، وبناتهم الطالبات على طاعة الله ورسوله، والصيام لا سيما في أيام القيظ، والأيام الطويلة يشق عليهم معه الاختبار، فالواجب أن يقدم أو يؤخر من باب الإعانة على الخير، من باب التعاون على البر والتقوى، وبكل حال فليس له أن يفطر من أجل الاختبار، بل يستعد في الليل، ولا يفطر، وعلى المسؤولين أن يقدموا الاختبار، أو يؤخروه عن رمضان، لكن متى بُلِيَ الطالب بذلك ولم يؤخر الاختبار فإنه لا يستبيح الفطر بذلك: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}. فالواجب عدم التساهل، وأن يعمل كل ما يستطيع حتى ينجح إن شاء الله، ولا يقع فيما حرم الله، وسوف يعينه الله إذا صدق في ذلك، وسوف يسهل الله أمره في نجاحه وسلامته، وعلى المسؤولين كما تقدم أن

يتقوا الله في الطلبة والطالبات، وأن يراعوا ظروفهم، وأن يعينوهم على الخير، وأن يقدموا الاختبار قبل رمضان، أو يؤخروه عن رمضان في جميع السنوات، هذا هو الواجب عليهم؛ لأن الله يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» (¬1) ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر، والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، وعلى الذكر، برقم (2699).

حكم إفطار الراعي في نهار رمضان من أجل المشقة

98 - حكم إفطار الراعي في نهار رمضان من أجل المشقة س: يسأل السائل أيضًا ويقول: هل يجوز لراعي الأغنام والإبل أن يفطر إذا كان قد تعب تعبًا شديدًا، وخصوصًا إذا كان يرعى هذه الأغنام؟ هل يجد رخصة أن يفطر (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل، الواجب عليه أن يصوم إذا كان ليس بمسافر في البلد وما حول البلد، عليه أن يصوم، أما إذا كان مسافرًا فله فطر السفر، أما إذا كان لا، مقيم ولكن اشتد عليه الأمر بسبب الرعي والشمس والحر فهذا ليس له الفطر، بل يجب عليه الصوم إلا إذا خاف على نفسه، إذا كان ضرورة، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (423).

وخشي على نفسه فله أن يفطر لدفع الضرر ثم يمسك، مثل: اشتد به الظمأ، خاف على نفسه يشرب ثم يمسك، ويقضي هذا اليوم إذا كان ضرورة.

بيان ما يلزم من أفطر أياما لا يعلم عددها

99 - بيان ما يلزم من أفطر أيامًا لا يعلم عددها س: الأخوات: أ. أ.، وأ. ر. وأ. ع. من تبوك، عندهن هذا السؤال: تذكر إحداهن وتقول بأنها فتاة تبلغ من العمر واحدًا وعشرين عامًا، وكانت سابقًا ترعى الغنم في رمضان، وكانت تشرب دون أن يعلم بها أحد إلا الله عز وجل، وذلك جهلاً منها، والآن تذكرت تلك الأيام، وتريد الآن أن تقضي ما عليها، لكن لا تدري كم عدد هذه الأيام، هل هي قليلة أم كثيرة؟ ولم يغلب على ظنها كم عدد هذه الأيام؟ تقول: وجهوني يا سماحة الشيخ (¬1). ج: إذا كان ذلك بعدما بلغت ورشدت عليها القضاء، أما إذا كان ذلك قبل البلوغ، قبل أن تكمل خمس عشرة سنة، قبل أن تحيض، إذا كانت وهي صغيرة ما عليها قضاء، أما إذا كان بعد البلوغ فعليها القضاء بالتحري، هل هي عشرة أيام، عشرون يومًا، ثلاثون يومًا؟ تتحرى حسب طاقتها وتصوم. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (427).

حكم تقديم الأكل في نهار رمضان لعمال غير مسلمين

100 - حكم تقديم الأكل في نهار رمضان لعمال غير مسلمين س: هناك شخص عنده عمال من جمهورية مصر العربية، لكنهم لا يصومون ولا يصلون، وعندما أمرهم بالصلاة والصيام لا يستجيبون له، وطلبوا منه أن يقدم لهم الأكل في نهار رمضان، وإلا سوف يتركون العمل مدعين بأنهم غير مسلمين، وفعلاً قدم لهم الأكل في رمضان بأكمله، وهو أُمِّيٌّ؛ مما يجعله في حرج من التأكد من حالهم؛ كقراءة الديانة المكتوبة في الجواز وغير ذلك، فما رأيكم في هذا العمل (¬1). ج: أولاً: استقدام غير المسلمين للعمل غير مناسب، ولا ينبغي استقدامهم، بل ينبغي عدم استقدام غير المسلمين؛ لأن استقدام غير المسلمين قد يضر الإنسان في نفسه وفي عقيدته وفي أخلاقه، وقد يضر ذريته وأهل بيته، ولا سيما الخادمات والمربيات، فهن ضررهن عظيم، فالواجب ألا يستقدم للعمل أو التربية في البيت أو العمل في البيت إلا المسلمات فقط، وهكذا الرجال لا يستقدم إلا المسلمين، لا غير المسلمين؛ لأنهم يضرون كثيرًا، ولأنهم على عقيدة وعلى أخلاق غير عقيدة المسلم وأخلاقه، فالواجب تجنب استقدامهم؛ حذرًا من شر التأسي بهم والاختلاط بهم، وأيضًا هذه الجزيرة العربية لا يجوز أن يبقى فيها إلا دين واحد، لا ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (1).

يبقى فيها دينان، وهؤلاء الخدام قد يمكثون فيها مدة طويلة؛ بسبب العمل، أو الرغبة في عملهم، فلا يجوز استقدام غير المسلمين في هذه الجزيرة العربية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب» (¬1) وفي لفظ آخر قال: «أخرجوا المشركين» (¬2) وأوصى بهذا عند موته عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز للمسلم أن يستقدم إلا المسلمين والمسلمات، أما غيرهم فلا في هذه الجزيرة، وقد بحث هذا مع الدولة وفقها الله، وقررت أن هذا سوف ينفذ - إن شاء الله - بعد استقدام غير المسلمين إلا ما تدعو له الضرورة؛ من طبيب أو مهندس تدعو له الضرورة؛ لأن الدولة قدوة للناس، فلهذا بحث أهل العلم مع الدولة - وفقها الله - في هذا الشيء، وقررت أن هذا الشيء - إن شاء الله - سوف ينتهي منه، ولا يستقدم إلا من تدعو له الضرورة، فالرعية من باب أولى ألا تستقدم إلا المسلم والمسلمة فقط، وليس لها أن تستقدم غير المسلمين أبدًا؛ لعظم الضرر في ذلك؛ لأن هذه الجزيرة مثل ما سمعت سابقًا لا ينبغي أن يستقدم ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، برقم (1767). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب جوائز الوفد، برقم (3053)، ومسلم في كتاب الوصية، باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصى فيه، برقم (1637).

لها إلا المسلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج أهل الشرك منها واليهود والنصارى، وألا يبقى فيها إلا دين واحد؛ لأنها مهد الإسلام، ولأن المسلمين يعلقون بها بعد الله آمالهم، ويقتدون بها، فإذا استقدمت غير المسلمين صارت مفتاحًا للغير في استقدام غير المسلمين، وفي الأنس به، وفي الاختلاط به، وهذا يضر الجميع جدًّا. ولا يجوز أن يعطيهم الطعام، ولا يجوز تقديم الطعام لهم، إذا كانوا غير مسلمين، وأرادوا تقديم الطعام في رمضان فلا، لا يعينهم على هذا الشيء وإن كانوا كفارًا، لو صاموا ما صح منهم الصوم، لكنهم مخاطبون بفروع الشريعة، فإذا كانوا مخاطبين لم يَجُزْ أن يعانوا على ما يخالف الشريعة، بل ينصحون ويوجهون لعلهم يسلمون، ويُدعَون إلى الإسلام، ويوجَّهون إلى الخير؛ لعلهم يسلمون، فيحصل لمن دعاهم مثل أجورهم، مَن دلَّ على خير فله مثل أجر فاعله، ويقول عليه الصلاة والسلام: «لَأَنْ يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم» (¬1) هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب لما بعثه، فإذا أبوا فهم الذين يصنعون لأنفسهم، يصنعون ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإسلام والنبوة، برقم (2942)، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، باب من فضائل علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، برقم (2406).

طعامهم لأنفسهم، وهم الذين يقومون بحاجاتهم في هذا السبيل؛ لعلهم يتأثرون بهذا الشيء، فيسلمون وإلا فتلغي عقودهم، ويأتي الله بأفضل منهم، لا يتساهل معهم حتى ولو صمموا على ترك العمل، الحمد لله يتركون العمل، ويأتي الله بخير منهم، ولا ينبغي أبدًا أن يساعدهم على هذا الشيء، لا ينبغي أن يساعدهم على الأكل والشرب في رمضان، سواء كانوا كفارًا أو فساقًا من فساق المسلمين الذين لا يصومون، فلا يساعدهم على ما حرم الله، لا كافرًا ولا فاسقًا، لا يساعدهم، هم بإمكانهم أن يعملوا لأنفسهم، يشترون لأنفسهم حاجاتهم، يطبخون حاجاتهم.

حكم تبييت نية الصيام من الليل

101 - حكم تبييت نية الصيام من الليل س: أفيدونا عن نية الصيام، فقد سمعت حديثًا معناه يقول: «من لم يبيت نية الصيام من الليل فلا صيام له» (¬1) فيكف يكون التبييت؟ هل هو بالقلب، أم بالتلفظ؟ وما حكم من نسي النية في الليل، ونوى بها عند السحور؟ هل يصح صيام من قام من النوم وقت أذان الفجر تمامًا، ولم يجد فرصة للسحور، بل تمضمض فقط وصام؟ هل ¬

(¬1) أخرجه النسائي في كتاب الصيام، باب ذكر اختلاف الناقلين لخبر حفصة في ذلك، برقم (2334)، والدارمي في كتاب الصوم، باب من لم يجمع الصيام إلى الليل، برقم (1698).

يصح ذلك إذا كان في رمضان أو تطوعًا، أو كان الصيام نذرًا؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: معنى الحديث أنه ينوي في الليل ولو لم يَقُمْ إلا قرب الفجر، إذا نوى صدق عليه أنه بيتها، فإذا نوى في آخر الليل، أو في وسط الليل، أو في أول الليل أنه يصوم غدًا فقد نوى، وهذا كله للفريضة، أما إذا كان الصوم نافلة فلا يلزم أن ينوي ذلك بالليل، فإذا نوى بالنهار قبل أن يأكل، قبل أن يتعاطى مفطرًا فلا بأس من أن ينوي في أثناء النهار؛ لما ثبت في صحيح مسلم، عن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها ذات يوم، فقال: هل عندكم شيء، قالت: لا. قال: فإني إذًا صائم» (¬2) فصام من أثناء النهار عليه الصلاة والسلام، فإذا أصبح الإنسان ولم يتعاطَ مفطرًا؛ لا أكلاً ولا شربًا ولا غيرهما، ثم نوى في أثناء النهار الصوم فلا حرج في ذلك، ويكتب له الصوم من حين نوى، يكتب له أجر الصائم من حين نوى، هذا في النافلة، أما في رمضان، وفي النذور والكفارات وقضاء رمضان فلا بد من النية في الليل؛ لأن الواجب عليه أن يصوم جميع النهار، ولا يتحقق ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (125). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال، وجواز فطر الصائم نفلا من غير عذر، برقم (1154).

هذا إلا بالنية السابقة للنهار.

حكم اشتراط نية الصيام كل ليلة في رمضان

102 - حكم اشتراط نية الصيام كل ليلة في رمضان س: إذا ثبتت الرؤية بدخول الشهر هل تشترط النية لكل ليلة في صيام رمضان، أم تكفي من أول الشهر. (¬1)؟ ج: هذه مسألة خلاف، والصواب أنه لا بد من النية؛ لأن كل يوم عمل مستقل، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمال بالنيات» (¬2) فكل يوم عمل مستقل. وما دام المسلم يعلم أنه يصوم غدًا فيكفي، صار في أول الليل أو في أثنائِه أو في آخره، ما دام يعلم أنه يصوم غدًا فقد نوى. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (84). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1).

بيان وقت النية للصيام

103 - بيان وقت النية للصيام س: متى تبدأ النية للصيام؟ وهل تشترط كل ليلة (¬1) (¬2)؟ ج: النية تبدأ في الليل، ولو في آخر الليل، لكن النية لا بد منها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» (¬3). فلا بد من كل ليلة على ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (286). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (286). ') "> (¬3) صحيح البخاري بدْءِ الْوحْيِ (1)، صحيح مسلم الْإِمَارَةِ (1907)، سنن الترمذي فَضَائِلِ الْجِهَادِ (1647)، سنن النسائي الطَّهَارَةِ (75)، سنن أبي داود الطَّلاَقِ (2201)، سنن ابن ماجه الزُّهْدِ (4227)، مسند أحمد (1/ 25).

الصحيح، إلا في النافلة ولا يشترط ذلك لو صام من أثناء النهار، لو أصبح ما نوى الصيام، لكن ما أكل ولا تعاطى مفطرًا، ثم أراد أن يصوم النافلة فلا حرج؛ لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: «دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: عندكم شيء؟ قلنا: لا. قال: إني إذًا صائم» (¬1) فصام من أثناء النهار عليه الصلاة والسلام نافلة. س: تسأل السائلة وتقول: إذا نوى شخص صوم رمضان فهل تكفي النية سائر الأيام (¬2)؟ ج: كل يوم له نية، كل يوم عبادة مستقلة، فلا بد من النية لكل يوم من رمضان، وهكذا أيام القضاء، وهكذا أيام النذر كل يوم له نية؛ لأنها عبادة مستقلة، هذا هو الصواب. س: الأخ: م. م. خ. من السودان يسأل ويقول: كنت في الصحراء قبل دخول شهر رمضان، وأُعْلِنَ دخوله وأنا هناك، ولم أعلم، وبعد أن صحوت من النوم جاء أصدقاء لي، وأخبروني بدخول الشهر، فأعلمتهم أنن لم أتسحر، ولم أعزم على الصيام، فقالوا: ليس عليك ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال، وجواز فطر الصائم نفلا من غير عذر، برقم (1154). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (208). ') ">

شيء. علمًا بأنني لم آكل ولم أشرب شيئًا، فهل عليَّ شيء؟ أفيدوني، جزاكم الله خيرًا. ج: إذا كان الخبر وصل إليك بعد الفجر وأنت لم تنوِ، ولم تعلم فإن عليك القضاء، يلزمك الإمساك وعليك القضاء، كما لو جاءت البينة إلى المسلمين بدخول الشهر في أثناء النهار؛ كالضحى، أو الظهر، جاءت البينة الشرعية بأنه رُئِيَ البارحة فإنهم يصومون بقية النهار، ويقضون ذلك اليوم، وهكذا الواحد الذي طلع عليه الفجر وهو لم يعلم، ثم بُلِّغَ بعد الفجر أنه صيام فصام فإنه يقضي ذلك اليوم، مع كونه يجب عليه الإمساك.

مسألة في فيمن نوى الصيام بعد صلاة الفجر

104 - مسألة فيمن نوى الصيام بعد صلاة الفجر س: إذا نوى الإنسان الصيام بعد صلاة الفجر فهل يصح له ذلك (¬1)؟ ج: إذا كان نافلة ولم يأكل شيئًا، ولم يتعاطَ مفطرًا صح، إذا نوى الصوم بعد الفجر أو الضحى، أو بعد ذلك، ويكون له الأجر من حين نوى، يكون أجره حين الصوم، يكون له من حين نوى، هذا في النافلة خاصة، أما الفرض لا، فلا بد أن يبيته، لا بد أن ينوي قبل الفجر في الفرض سواء رمضان أو كفارة، أو نذر ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (312).

أو قضاء رمضان، لا بد من النية قبل الفجر، أما النافلة فيحدث نيتها متى شاء قبل أن يتعاطى شيئًا من المفطرات.

بيان مفسدات الصوم

105 - بيان مفسدات الصوم س: السائل من اليمن، تعز، يقول: ما هي مفسدات الصوم بغير إرادة الإنسان (¬1)؟ ج: المفطرات إذا حصل له ما يفطر الصائم باختياره؛ كأن يشرب، أو يأكل أو يجامع أو ما أشبه ذلك أفطر، أما إذا كان بغير اختياره؛ مثل أكره على إدخال الماء فيه بالقوة والظلم هذا ما يفطر، أو شرب ناسيًا لا يفطر، أما إذا اختار شرب وهو يعلم أنه صائم أفطر، أكل وهو يعلم أنه صائم متعمدًا أفطر، جامع كذلك أفطر، أما إذا كان لا، مكره، الله يقول: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}. إذا كان إسلامه لا يبطل، إذا كفر بعد الإيمان مكرهًا، وقلبه مطمئن لا يكفر، فمن باب أولى لا يفطر، فلو أن إنسانًا جبره ناس على شرب الماء، صبوا في فمه الماء، أو أدخلوا في فمه ماء يفطره بالقوة لا يضره ما دام لم يقصد ذلك، وإنما أُجْبِرَ هو عليه، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (423).

فإنه لا يفطر بذلك؛ لأنه مكره.

بيان مفسدات صيام النذر والتطوع

106 - بيان مفسدات صيام النذر والتطوع س: الأخ: خ. س. من المنطقة الشمالية، يسأل ويقول: هل مفسدات صوم رمضان تنطبق كذلك على صيام النذر أو التطوع؟ وهل يأثم من أفطر في صيام النذر أو التطوع؟ وهل عليه كفارة؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: نعم مفسدات الصوم في رمضان كذلك تفسد صوم النذر، وصوم الكفارات، وصوم النافلة، إلا شيئًا واحدًا؛ وهو أن النافلة يجوز أن يبدأَها من النهار بخلاف الفرض، لا بد بأن يكون من طلوع الفجر، لا بد أن يمسك قبل طلوع الفجر، أما النافلة فيجوز أن ينوي الصيام من الضحى مثلاً، إذا أصبح ولم يتعاطَ مفطرًا؛ لا أكلاً ولا غيره فله أن يبدأ صوم النافلة من النهار؛ لأن «النبي صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة ذات يوم، فقال: هل عندكم شيء؟ قالوا: لا. قال: فإني صائم» (¬2) بالنافلة. هذا يفارق فيه النافلة الفريضة. وأما المفسدات الأخرى؛ كالأكل والشرب والجماع فهذا يفسد به ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (279). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال، وجواز فطر الصائم نفلا من غير عذر، برقم (1154).

صوم النافلة، وصوم رمضان، وصوم الكفارة، كلها تفسده إذا أكل أو شرب، أو جامع متعمدًا، أما الناسي فلا يفسد صومه، لو أكل ناسيًا أو شرب ناسيًا، أو جامع ناسيًا فصومه صحيح، أو احتجم ناسيًا فصومه صحيح، فالمفطرات مع النسيان لا تبطل الصوم، سواء كان نافلة، أو كفارة، أو نذرًا، أو رمضان.

حكم من تعاطى مفسدا من مفسدات الصوم وهو جاهل

107 - حكم من تعاطى مفسدًا من مفسدات الصوم وهو جاهل س: ما حكم مَن تعاطى مفسدًا من مفسدات الصوم جاهلاً بالحكم؟ هل عليه إعادة صومه (¬1)؟ ج: نعم، عليه إعادة الصيام، كمن أكل يظن أنه لا حرج في الأكل في نهار الصيام المفترض، أو جامع فإنه يقضي؛ لأنه مفرط في التساهل وعدم التفقه في الدين، بخلاف الناسي فلا شيء عليه، لو أكل ناسيًا أو شرب ناسيًا فلا شيء عليه، كما قال عليه الصلاة والسلام: «من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه» (¬2) وفي اللفظ الآخر: «من أفطر ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (188). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا، برقم (1933)، ومسلم في كتاب الصيام، باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر (1155)، واللفظ له.

في رمضان ناسيًا فلا قضاء عليه ولا كفارة» (¬1) فإذا كان تعاطيه مفطرًا عن نسيان فإن صومه صحيح، أما إذا أكل أو شرب أو جامع، يزعم أنه جاهل بالحكم فإنه يُؤمر بالقضاء؛ لأنه في هذه الحالة يعتبر مفرطًا ومتساهلاً، وكان الواجب عليه أن يسأل؛ ولأن هذه الأمور ما اشتهر بين المسلمين وعرفه المسلمون، فدعوى الجهل فيه بعيد جدًّا. ¬

(¬1) أخرجه الحاكم في المستدرك (ج1 ص595)، رقم (1569)، والبيهقي في السنن الكبرى (ج4 ص229)، برقم (7863).

بيان ما يلزم من تاب من ترك الصلاة والصيام

108 - بيان ما يلزم من تاب من ترك الصلاة والصيام س: تسأل الأخت وتقول: كنت من قبل لا أواظب على الصلاة والصوم، ثم تبت إلى الله والحمد لله، وقد سمعت في برنامجكم أن الصلاة لا تقضى، فهل الصوم كذلك، أم أن الصوم يجب قضاؤُه؟ علمًا بأنني لا أعلم كم صمت وكم أفطرت (¬1) (¬2)؟ ج: أما الصلاة فمن تركها عمدًا لا يقضي، بل عليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن تركها ردة عن الإسلام، والمرتد لا يقضي ما ترك، فعليه أن يتوب إلى الله، وأن يبادر بالصلاة، ويسأل الله العفو عما مضى، أما إذا كان ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (107). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (107). ') ">

المؤمن يصلي والمؤمنة تصلي، ولكن قد تساهل في بعض الصيام فإنه يقضي؛ لأن ترك الصيام ليس بردة عن الإسلام، ولكنه معصية كبيرة، فإذا تركت المرأة قضاء الصوم، أو الرجل قضاء الصوم فإنه يلزمه التوبة إلى الله مع قضاء الصوم، وعليهما مع ذلك إطعام مسكين عن كل يوم، إذا تأخر القضاء عن رمضان الذي يلي رمضان الذي تركه منه فإنه يقضي، ويطعم مسكينًا عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد، مقداره كيلو ونصف تقريبًا من جهة الوزن، مع الصوم ومع التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، وقد أفتى بالإطعام جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ كفارة وتعزيزًا للمتخلف في قضاء صومه. س: كنت شابًّا عابثًا، وتلاعبت كثيرًا، ووصلت جرأتي إلى أن أفطرت بعض الأيام عمدًا في رمضان الذي مضى، ولقد تبت إلى الله والحمد لله، ولكني أعيش همومًا وقلقًا طوال وقتي، لا أدري ما أفعل، ولقد جاءتني فكرة الكتابة إليكم؛ كي أنال منكم التوجيه، وجهوني جزاكم الله خيرًا. ج: الواجب عليك التوبة الصادقة إلى الله سبحانه وتعالى، والندم على ما

مضى، والإقلاع من فعل المعاصي، والعزم الصادق ألا تعود في ذلك، ومَن تاب هذه التوبة قَبِلَ الله توبته وأفلح، قال الله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا}. وقال عز وجل: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تهدم ما كان قبلها» (¬1) وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» (¬2) فإذا صدقت يا أخي في التوبة والندم على ما مضى منك، والعزم على ألاّ تعود في ذلك فأنت على خير عظيم، وأبشر بالخير العظيم، وإياك والوساوس، وإياك وسوء الظن بالله، الله يقول جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن؛ فإن الظن أكذب الحديث» (¬3) ويقول النبي صلى الله عليه ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج، برقم (121)، والحديث جاء بلفظ (والهجرة تهدم ما كان قبلها)، ولم يرد بلفظ التوبة، وأخرجه أحمد في مسنده من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه برقم (17813)، بلفظ (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها)، وقد ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره (8/ 130). وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (3/ 38/1039): وفي ظني أن الحديث التبس أمره على ابن كثير ومختصره بالحديث الصحيحإن الإسلام يجب ما كان قبله، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها. (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع، برقم (5144)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظن والتجسس والتنافس والتناجش، ونحوها، برقم (2563).

وسلم: «يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني» (¬1) فعليك بحسن الظن بالله، فإنه سبحانه وعد مَن تاب بالفلاح والمغفرة والجنة، فأحسن ظنك بربك إذا تبت إليه وصدقت في التوبة، وعليك قضاء الأيام التي أفطرتها والحمد لله. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ)، برقم (7405) ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب الحث على ذكر الله تعالى، برقم (2675)، واللفظ له.

حكم من تعمد الإفطار في نهار رمضان

109 - حكم من تعمد الإفطار في نهار رمضان س: السائل يمني، ومقيم بالرياض، ويقول: منذ فترة طويلة أفطر شخص في نهار رمضان متعمدًا، ولم يقضِ حتى الآن، مع العلم بأنه مستمر في الغربة هنا في المملكة، ماذا يجب على هذا الشخص؟ وماذا يفعل (¬1) (¬2)؟ ج: يجب عليه أن يقضي الأيام التي أفطرها مع التوبة إلى الله، ويجب عليه أن يصوم كلَّما دخل رمضان مع الناس، يجب عليه الصوم، ويجب عليه قضاء ما أفطر فيه، وعليه التوبة إلى الله مما حصل من الفطر والتأخير، وعليه ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (404). (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (404). ') ">

قضاء الأيام التي أفطرها، وعليه الصوم كلَّما دخل رمضان؛ أن يصوم مع الناس، حكمه حكم المقيمين، ما دام عزم على الإقامة في البلد للعمل، أو لأسباب أخرى يلزمه أن يصوم مع الناس، أما لو كانت الإقامة محدودة، وهو مسافر أربعة أيام فأقل فإنه له الفطر، ثم يسافر. أما إذا كان لا؛ الإقامة غير محدودة؛ إقامة طويلة، أو عازم على الإقامة الطويلة فهذا يلزمه الصوم، وليس له الفطر، إلا إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل، أو لا يدري متى يسافر، يقول: اليوم أسافر، غدًا أسافر. ما عنده إقامة معينة هذا له أن يفطر حتى يعزم على الإقامة، أو يرجع إلى بلده، مثل بعض الناس يقدم البلد له حاجة، يطلب غريمًا، يطلب سلعة يشتريها، يقول: يومًا أرتحل، بكرة أرتحل. هذا له الفطر حتى يعين إقامة معينة أكثر من أربعة أيام، فإذا عزم على إقامة أكثر من أربعة أيام وجب عليه الصيام عند جمهور أهل العلم، أما إذا قدم بنية السفر لكي يطلب حاجة؛ إما غريم يطلبه، أو سلعة يطلبها، أو ما أشبه ذلك، لا يدري هل يقيم يومًا أو يومين أو ثلاثة؟ هذا له الفطر وله القصر حتى يعزم على الإقامة، أو يرجع إلى بلده، فإذا عزم على الإقامة أكثر من أربعة أيام وجب عليه الصوم، ووجب عليه قضاء ما أفطره قبل رمضان القادم. س: يقول السائل: م. ع. ق. في عام 1402هـ، و 1403هـ، و 1404هـ لم أَصُمْ رمضان في هذه الأعوام الثالثة عصيانًا مني، وهذا كان في أول

شبابي، ولم أقضِ حتى الآن، هل أقضي هذه الأيام وأُخرج كفارة، أو التوبة تكفي؟ وجهوني سماحة الشيخ (¬1). ج: عليك التوبة والقضاء والإطعام، كل الثلاث عليك: التوبة إلى الله من عدم الصوم، وعليك أن تقضي الصوم، وعليك أن تطعم عن كل يوم مسكينًا بسبب التأخير إذا كنت تستطيع الإطعام، هذا هو الواجب عليك؛ لأن هذه جريمة عظيمة، نسأل الله العافية، إذا كنت قد بلغت الحلم حين تركتها فالواجب عليك القضاء والتوبة إلى الله، وإطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد. س: أخت كانت تأكل في رمضان أيامًا متعددة، وتسأل: هل يجب عليها القضاء بعد أن تأبت والتزمت بشرع الله، أم أنها تدخل تحت قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}؟ ج: عليها أن تقضي ما دامت مسلمة، عليها أن تقضي وتتوب إلى الله مما فرطت فيه، الله جل وعلا يقول: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. فإذا كان المريض المعذور يقضي والمسافر فالمتساهل ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (393). ') ">

المفطر عمدًا من باب أولى مع التوبة إلى الله، أما إن كانت كافرة ما تؤمن بالدين، أو ما تصلي فعليها التوبة ولا قضاء؛ لأن الكافر تُحْبَطُ أعماله، عليه أن يجدد من جديد، أما إذا كانت مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر وتصلي، ولكنها تساهلت في رمضان فعليها الضاء والكفارة، القضاء والتوبة والكفارة، ثلاثة أمور: قضاء الأيام، والتوبة إلى الله مما فعلت والندم والإقلاع والعزم ألاّ تعود، وإطعام مسكين عن كل يوم وهي الكفارة: نصف صاع كيلو ونصف تقريبًا، هذا عن كل يوم قوت البلد من تمر أو رز أو حنطة من قوت بلدها.

حكم من أفطر في رمضان وعجز عن القضاء

110 - حكم من أفطر في رمضان وعجز عن القضاء س: أفطرت من رمضان يومًا واحدًا قبل عدة سنوات ولم أصمه، وفيما أرى أنني لا أستطيع القضاء، بماذا توجهونني؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كنتِ لا تستطيعين القضاء؛ لمرض ملازم، أو لكبر سن فعليك أن تتصدقي بنصف صاع عن هذا اليوم؛ كيلو ونصف من التمر أو نحوه من قوت البلد: تمر أو حنطة أو رز لبعض الفقراء، مع التوبة والاستغفار عما حصل من التأخير والندم. أما إن استطعت القضاء فيجب عليك القضاء؛ تصومين هذا اليوم مع إطعام مسكين عن التأخير. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (289).

حكم من بلغ أثناء شهر رمضان لوم يصم

111 - حكم من بلغ أثناء شهر رمضان ولم يصم س: تسأل المستمعة وتقول: فتاة بلغت في النصف من رمضان ولم تخبر الأهل، فهل عليها قضاء، أو قضاء مع كفارة (¬1) (¬2)؟ ج: عليها القضاء، وإذا كان القضاء تأخر بعد رمضان آخر عليها قضاء، مع إطعام مسكين عن كل يوم زيادة إذا تأخر القضاء إلى رمضان آخر، وعليها التوبة إلى الله أيضًا من تساهلها وعدم صيامها. س: تقول السائلة: بأنها امرأة لم تَصُمْ شهر رمضان، لأنها جاهلة، والآن قضت ما فاتها، ولكن تسأل: هل يلزمها إطعام وكفارة؟ ج: نعم، عليها أن تطعم عن كل يوم مسكينًا، إذا كانت قضاؤُها تأخر بعد رمضان آخر عليها نصف صاع؛ كيلو ونصف عن كل يوم للفقراء؛ لأنها أخرت القضاء بغير عذر شرعي إذا كان قضاؤُها بعد رمضان آخر. ¬

(¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (431). (¬2) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (431). ') ">

مسألة فيمن عليه أيام من رمضان لا يعلم عددها

112 - مسألة فيمن عليه أيام من رمضان لا يعلم عددها س: أنا رجل أبلغ من العمر الخامسة والسبعين، لم أبدأ الصيام في السن الشرعي، وإنما صمت أيامًا وأفطرت أيامًا، وأنا لا أعرف عدد تلك

الأيام، وقد كان في شبابي، أما الآن - وأحمد الله - فأنا مداوم على الصيام، وذلك من أكثر من ثلاثين عامًا، سماحة الشيخ ماذا أفعل في الأيام التي فاتتني، وأنا لا أعلم عدد هذه الأيام، علمًا بأنني رجل عاجز ولا أستطيع أن أقضي؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: عليك أن تقضيها بالظن، تجتهد في ظنك في عددها ثم تقضيها، وإذا كنت لا تستطيع قضاءَها؛ لكبر السن والعجز تطعم عن كل يوم مسكينًا نصف صاع من قوت البلد؛ تمر أو رز أو حنطة عن كل يوم، تجمعها وتعطيها بعض الفقراء حسب الظن، ظننت عشرين يومًا، ثلاثين يومًا، أربعين يومًا، خمسين يومًا، حسب الظن تصومها، فإن عجزت لأنك كبير، ما تستطيع صيام رمضان، إذا كنت عاجزًا فإنك تطعم عن كل يوم مسكينًا، وهكذا العاجز عن رمضان، يطعم عن كل يوم مسكينًا، أما إذا كنت تستطيع أن تقضيها فعليك القضاء. ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (382).

حكم من أفطر يوما واحدا فيه بغير عذر

113 - حكم من أفطر يومًا من رمضان بغير عذر س: صمت رمضان، وأفطرت يومًا واحدًا فيه بغير عذر، وتبت إلى الله عز وجل، وقضيت هذا اليوم من غير تأخير والحمد لله، فهل عليَّ

مع صومي هذا اليوم كفارة؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كان إفطارك بغير الجماع فليس عليك كفارة، عليك التوبة والحمد لله والقضاء، أما إذا كان بجماع؛ جامعت زوجتك أو جماعًا محرمًا - نعوذ بالله - فعليك الكفارة مع قضاء اليوم مع التوبة، عليك الكفارة وهي: عتق رقبة مؤمنة، فإن عجزت صمت شهرين متتابعين ستين يومًا، فإن عجزت تطعم ستين مسكينًا ثلاثين صاعًا؛ كل مسكين له نصف صاع؛ يعني تسعين كيلو؛ كل مسكين له كيلو ونصف. كفارة إذا كنت جامعت في رمضان، سواء زوجة أو غيرها، نعوذ بالله من الشيطان، الحاصل أن الجماع يوجب الكفارة مع قضاء اليوم، أما الإفطار بالأكل أو الشرب أو نحو ذلك، لكن من غير جماع هذا يوجب القضاء فقط والتوبة. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (378).

بيان ما يلزم من عليه قضاء أشهر من رمضان لا يعرف عددها

114 - بيان ما يلزم من عليه قضاء أشهر من رمضان لا يعرف عددها س: يسأل المستمع ويقول: أنا رجل أبلغ حوالي السبعين، وعليَّ أشهر لا أعرف عددها من رمضان لم أَصُمْها حتى اليوم، وأنا بصحة جيدة والحمد لله، وأعيش في البادية وأفكر بأن أكفر عن ذلك، ما

الحكم؟ وهل يجب عليَّ الصوم (¬1)؟ ج: يجب عليك أن تصوم ما فرطت فيه، عليك أن تصوم وتطعم عن كل يوم مسكينًا نصف صاع عن كل يوم؛ كيلو ونصف؛ لأنك مفرط، أخرت الصيام بغير عذر، وعليك التوبة إلى الله وقضاء الشهور الماضية من رمضان، وإطعام مسكين عن كل يوم إن كنت تقدر، وإن كان عندك مال تستطيع الإطعام فأطعم مع التوبة والاستغفار، وهذا خطأ عظيم وتفريط كبير، نسأل الله لنا ولك الهداية. ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (408).

حكم من أفطر أياما من رمضان متعمدا

115 - حكم من أفطر أيامًا من رمضان متعمدًا س: شخص أفطر في رمضان متعمدًا ستة أيام متعمدًا على معصية، هل له قضاء أو كفارة (¬1) (¬2)؟ ج: نعم، عليه التوبة والقضاء، التوبة إلى الله من معصيته وعليه القضاء، وإن كانت المعصية جماع زنى؛ فعليه كفارة مع القضاء والتوبة، كفارة عتق رقبة، فإن عجز يَصُمْ شهرين متتابعين، فإن عجز يطعم ستين مسكينًا، إذا كان جماع زنى، أو لزوجته عليه كفارة وعليه التوبة وعليه القضاء جميعًا، أما إن أفطر بالأكل أو ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (369). (¬2) السؤال من الشريط رقم (369). ') ">

الشرب فعليه القضاء مع التوبة إلى الله والقضاء. س: ما حكم من أفطر في رمضان بدون عذر (¬1)؟ ج: حكمه أنه عاصٍ لله، وعليه التوبة وقضاء اليوم، إذا أفطر رمضان من دون عذر فهو قد عصى ربه، وتعرض لغضبه، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وعليه التوبة والقضاء، عليه التوبة والقضاء حالاً، والقضاء بعد رمضان قضاء اليوم الذي أفطر فيه. س: الأخ: أبو جمعان، من الرياض، يسأل ويقول: لقد أفطرت عدة أيام من رمضان الماضي متعمدًا وبدون عذر؛ ذلك أني أكلت وشربت، أما الآن وقد هداني الله وتبت إلى الله سبحانه وتعالى، فهل عليَّ كفارة؟ ذلكم لأني حيران في هذا الموضوع (¬2). ج: عليك التوبة إلى الله والندم وقضاء الأيام التي أفطرتها، وليس عليك سوى ذلك، لكن إذا كانت من رمضان سابق ولم تقضِها إلى الآن فعليك مع ذلك الإطعام، عن كل يوم إطعام مسكين نصف صاع من التمر أو غيره من قوت البلد زيادة على القضاء، مع التوبة إلى الله عز وجل، هذا هو الواجب ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (312). ') "> (¬2) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (253). ') ">

عليك؛ لأن الإفطار، من دون عذر أمر منكر محرم، هذا إذا كان إفطارك بدون الجماع، أما إذا كان بعضه بجماع فعليك الكفارة، وقضاء اليوم، والتوبة، وكفارة الوطء في رمضان، وهي: عتق رقبة مؤمنة، فإن عجزت فَصُمْ شهرين متتابعين، وإن لم تستطع فإنك تطعم ستين مسكينًا. هذا إذا كان الإفطار بالجماع، أا إذا كان بالأكل والشرب فليس فيه إلا قضاء الأيام مع إطعام مسكين عن كل يوم؛ لأنك فرطت وأخرت حتى جاء رمضان آخر. س: يقول السائل: ما الحكم في شخص أفطر في رمضان بغير عذر شرعي، وهو في السنة السابعة عشرة تقريبًا، ولا يوجد له أي عذر كما قلت، فماذا يعمل؟ وهل يجب عليه القضاء؟ ج: نعم، يجب عليه القضاء، وعليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى عن تفريطه وإفطاره، وعليه القضاء، وأما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أفطر يومًا من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقضِ عنه صيام الدهر كله وإن صامه» (¬1) فهو حديث ضعيف مضطرب عند أهل العلم ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصيام، باب التغليظ فيمن أفطر عمدا، برقم (2396)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاءَ في الإفطارِ متعمدًا،، برقم (723)، وابن ماجه في كتاب الصيام، باب ما جاء في كفارة من أفطر يوما من رمضان، برقم (1672).

لا يصح، والصواب أنه عليه القضاء ويكفيه ذلك مع التوبة إن قضاه قبل رمضان الآتي، أما إذا تأخر حتى فات رمضان آخر فعليه مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم، وعليه التوبة النصوح الصادقة، والندم والعزم الصادق ألا يعود إلى ذلك.

حكم من أفطر في رمضان لعدة سنوات جهلا

116 - حكم من أفطر في رمضان لعدة سنوات جهلا س: الأخ: منصور، يسأل ويقول: قبل سنوات قليلة حوالي ثلاث أو أربع سنوات كنت أجهل الكثير من أحكام الصيام والعقوبات المترتبة على مَن خالف أحد هذه الأحكام، كنا ثلاثة إخوة بالغين، وكان إذا جاء رمضان صمنا بعض أيامه الأولى، ثم أفطرنا البعض بجهل تام منا بالعقوبة الوخيمة المترتبة على الإفطار المتمثلة بالحديث الذي معناه: «مَن أفطر يومًا من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقض عنه صيام الدهر كله وإن صامه» (¬1) الحديث قلته بالمعنى، أجيبوني كيف نتصرف؟ جزاكم الله خيرًا (¬2). ج: عليكم التوبة إلى الله والندم والعزم الصادق ألاّ تعودوا وعليكم ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصيام، باب التغليظ فيمن أفطر عمدا، برقم (2396)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاءَ في الإفطارِ متعمدًا،، برقم (723)، وابن ماجه في كتاب الصيام، باب ما جاء في كفارة من أفطر يوما من رمضان، برقم (1672). (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (252).

القضاء، قضاء الأيام التي أفطرتموها كلكم، والحديث المذكور حديث ضعيف، ليس بصحيح عند أهل العلم، حديث مضطرب، ويكفي أن يصوم مع التوبة، مَن صام يومًا بدل يوم كفى والحمد لله، شهر بدل شهر كفى والحمد لله، مع التوبة إلى الله، وأما الحديث الذي ذكره السائل: «من أفطر يومًا من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقض صوم الدهر كله وإن صامه» (¬1) فهو حديث ضعيف، ذكر المحققون من أهل العلم أنه مضطرب، لا يثبت، ولو صح لكان من باب الوعيد والتحذير، وإلا فاليوم الذي أفطره يكفيه قضاء يوم، قال الله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. وهكذا من أفطر عمدًا عليه عدة من أيام أخر مع التوبة إلى الله. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصيام، باب التغليظ فيمن أفطر عمدا، برقم (2396)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاءَ في الإفطارِ متعمدًا،، برقم (723)، وابن ماجه في كتاب الصيام، باب ما جاء في كفارة من أفطر يوما من رمضان، برقم (1672).

مسألة فيمن أفطر في رمضان عمدا

117 - مسألة فيمن أفطر في رمضان عمدًا س: أسأل سماحتكم عمن أفطر في نهار رمضان عامدًا متعمدًا، هل يقضي ذلك اليوم؟ وهل هناك كفارة (¬1) (¬2)؟ ج: عليك التوبة إلى الله؛ لأنها جريمة ومنكر عظيم، كبيرة من الكبائر، عليه التوبة إلى الله وعليه القضاء، وليس عليه كفارة؛ لأن الكفارة خاصة بالجماع، ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (313). (¬2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (313). ') ">

الجماع في رمضان، أما الفطر بالأكل والشرب ونحو ذلك فليس فيه كفارة، بل فيه التوبة إلى الله والندم والعزم ألا يعود في ذلك، وكثرة الاستغفار مع القضاء، قضاء اليوم الذي أفطره، أما حديث: «مَن أفطر يومًا من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقضِ عنه صيام الدهر كله وإن صامه» (¬1) هذا حديث ضعيف عند أهل العلم، ليس بصحيح، حديث منقلب ليس بصحيح، والصواب أنه يقضي يومًا فقط مع التوبة إلى الله. س: السائل: عبد الله يقول: عندما يتوب الإنسان، ويمن الله عليه بالهداية هل يقضي أشهر رمضان التي لم يَصُمْها؟ وإذا كان الإنسان عامدًا متعمدًا في الإفطار بما هو شهوات النفس هل يلزمه ذلك، أم أنه يكفي أنه يطعم عن كل يوم مسكينًا؟ جزاكم الله خيرًا (¬2). ج: عليه أن يصوم ما أفطر مع التوبة إلى الله عز وجل، ولا يجزئه الإطعام ما دام يستطيع الصيام، عليه أن يتوب إلى الله عز وجل مما فعل، وعليه أن يبادر بالصوم مع الإطعام عن كل يوم مسكينًا، إذا كان أخر الصوم إلى رمضان آخر، وهذه جريمة عظيمة ومنكر عظيم، لكن إن كان لا يصلي صار ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصيام، باب التغليظ فيمن أفطر عمدا، برقم (2396)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاءَ في الإفطارِ متعمدًا،، برقم (723)، وابن ماجه في كتاب الصيام، باب ما جاء في كفارة من أفطر يوما من رمضان، برقم (1672). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (273). ') ">

كافرًا، والكافر لا يقضي في أصح قولي العلماء، ما إن كان يصلي، ولكنه ترك الصيام فإنه لا بد من القضاء مع إطعام مسكين عن كل يوم إذا كان القضاء تأخر إلى رمضان آخر. نسأل الله أن يمن علينا وعلى كل مسلم بالتوبة النصوح. س: كان العلم قليلاً في قديم الزمان، وكان العلماء قليلين أيضًا، وقد قال لي أهلي: إن الشاب لا يصوم من رمضان إلا العشر الأيام الأولى. وإنني لا أدري: هل صمت العشر الأيام الأولى، أم صمت الشهر كله؟ فهل يجب عليَّ القضاء أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا. ج: لا ريب أن صيام رمضان فريضة على كل مكلف من المسلمين من الذكور والإناث، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، فإذا كانت السائلة لم تَصُمْ رمضان، أو العشرين الأخيرة من رمضان بعد بلوغها الحلم فإن عليها القضاء، والبلوغ يكون بأحد أربعة أمور في حق المرأة: يكون بالحيض، ويكون بإكمال خمس عشرة سنة، ويكون بالإنبات؛ إنبات الشعر الخشن حول الفرج وهو العانة، ويكون بأمر رابع وهو الإنزال؛ إما باليقظة إنزال المني عن شهوة، أو في النوم وهو الاحتلام. فإذا وُجِدَ واحد من هذه

الأربعة صارت المرأة مكلفة، تجب عليها الصلاة والصوم والحج مع الاستطاعة، فإذا كانت السائلة قد تركت شيئًا من رمضان بعد بلوغها فعليها القضاء، ولا يلزم الترتيب، بل تقضيه ولو مفرقًا، وعليها إطعام مسكين عن كل يوم في أصح قولي العلماء عن تأخيرها؛ لقضاء ذلك الصيام، نصف صاع من تمر أو رز أو حنطة، أو شعير أو زبيب أو غيره من قوت البلد، وعليها التوبة والاستغفار عما جرى من التأخير، فإن التأخير معصية، تأخير الصوم عن قضاء رمضان معصية، فعليها التوبة والاستغفار عن ذلك، والتوبة يمحو الله بها ما قبلها، إذا كانت توبة صادقة نصوحًا محا الله بها ما قبلها.

حكم تقديم الطعام لمن يفطر في نهار رمضان متعمدا

118 - حكم تقديم الطعام لمن يفطر في نهار رمضان متعمدًا س: تقول هذه السائلة: كان زوجي لا يصوم رمضان لمدة عشرين عامًا، وكنت أطبخ له الطعام، فهل عليَّ إثم في ذلك (¬1) (¬2)؟ ج: نعم، عليكم إثم في ذلك، وعليك التوبة إلى الله من ذلك؛ لأنك بالطبخ له في النهار أعنتِه على معصية الله، والله يقول جل وعلا: {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}. فالطبخ له في نهار رمضان، أو تقديم الطعام أو ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (215). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (215). ') ">

الدخان، أو الخمر كله معصية، كله منكر وشر في شر، نسأل الله العافية، فليس لك أن تعينيه على عدم الصيام، لا بالطعام، ولا بالشراب، ولا بالتدخين إن كان يدخن، ولا بالخمر؛ لأنها معاصٍ في معاصٍ، نسأل الله العافية، بل عليك أن تنصحيه وتمتنعي وتقولي: لا أعينك على هذا الأمر. وهو يخدم نفسه، ويبوء بالإثم عليه وحده، نسأل الله العافية. س: تقول السائلة: إني عندي ولد من زوجي الذي يفطر في رمضان، وعمره ثماني عشرة سنة، وهو لا يطيعني ولا يسمع كلامي، وفوق ذلك يسبني ويشتمني ويسمع كلام والده، ويطيعه طاعة عمياء، ولا يصلي حتى الآن. ج: هذا أخذ بخلق والده نسأل الله العافية، فعلى والده مثل إثمه؛ لأنه رباه على الباطل والشر، مثل ما قا النبي صلى الله عليه وسلم: «فأبواه يهودانه أو ينصرانه» (¬1) فهذا الولد الخبيث خرج على طريقة أبيه، فادْعي الله له بالهداية أن الله يمن عليه بالهداية، وعلى أبيه؛ لأنه في الحقيقة فعل منكرات كثيرة: ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين، برقم (1385)، ومسلم في كتاب القدر، باب كل مولود يولد على الفطرة، وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين، برقم (2658).

سبه لك، وتركه الصلاة، وعدم قيامه بالواجب نحوك، كل هذا منكر عظيم، فالواجب عليه: أن يتوب إلى الله، وأن يصلي وأن يصوم، وأن يبر بك، وأن يطلب رضاك؛ حتى تسمحي له. هذا هو الواجب عليه، ولا يجوز له أن يطيع أباه في المعصية، لا في ترك الصلاة ولا في غيرها، بل يجب عليه أن يعصي أباه في هذا، وأن يخالف أباه، فيصلي ويبر والدته، ويصوم رمضان، ويحذر ما حرم الله عليه، هكذا يجب عليه، فنسأل الله له الهداية ولأبيه، وأن يردهما إلى الصواب، وأن يعيذهما من الشيطان، وأن يدلك على مخالفتهما، وعلى عدم الطاعة لهما فيما يغضب الله جل وعلا، فليس لك أن تعيني لا ولدك ولا زوجك على معاصي الله، عليك أن تبتعدي عن ذلك، وألاّ يقربك هذا الزوج الكافر حتى يتوب إلى الله عز وجل، وحتى يرجع إلى الصواب.

حكم من يتهاون بصيام رمضان

119 - حكم من يتهاون بصيام رمضان س: تقول السائلة: عندما بلغت سن التكليف لم أكن أعلم الطريقة الصحيحة لأداء الفروض، ومن ذلكم الصيام، فكنت أصوم أيامًا وأفطر أيامًا، ولم ينهني أهلي على هذا الأمر، ولما كبرت أكثر وأكثر أدركت أني كنت مخطئة، كيف أتصرف والحال ما ذكر؟ ولا سيما قد أفطرت بعض الأيام، ولا أدري كم هي (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (245). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (245). ') ">

ج: عليك أن تقضي الأيام التي أفطرت بالذي يغلب على ظنك أنك أفطرتِه صوميه، اقضيه والحمد لله، فإذا كان ظنك أنك أفطرت عشرة أيام، عشرين يومًا، أكثر أقل فاعملي بذلك، ولا حاجة إلى اليقين، اعملي بالظن والحمد لله، الذي تظنين افعليه، فإذا شككت هل هي عشرة أيام، أم خمسة عشر يومًا صومي خمسة عشر يومًا، شككت هل أفطرت خمسة عشر أو عشرين صومي عشرين، اعملي بغالب الظن والحمد لله، ولا شيء عليك، لكن إن كنت مليئة، وتستطيعين أن تطعمي عن الصيام الذي مضى قبل رمضان الماضي، الصيام الذي أخرت قبل رمضان الماضي أطعمي عن كل يوم مسكينًا - زيادة على الصوم - نصف صاع؛ مقدار كيلو ونصف من قوت البلد من تمر أو أرز أو حنطة أو شعير، نصف صاع يقارب كيلو ونصف تقريبًا، يعطاه الفقير، تجمعين ذلك كله، وتعطينه بعض الفقراءِ؛ فقيرًا أو فقيرين، يكفي والحمد لله إذا كنت موسرة، أما إذا كنت عاجزة فقيرة فلا حاجة إلى الإطعام، يكفي الصوم والحمد لله. س: ما حكم من لم يَصُمْ رمضان، ثم تاب وعاد إلى الله وبدأ يصوم؟ ما حكم الأشهر التي أفطر؟ جزاكم الله خيرًا.

ج: الحكم في ذلك أن عليه أن يقضي ما ترك عند جمهور أهل العلم، مع التوبة الى الله سبحانه وتعالى إذا كان يصلي، أما إذا كان لا يصلي فتارك الصلاة كافر، وليس عليه إلا التوبة، لا قضاء من صوم ولا صلاة، بل عليه التوبة إلى الله عز وجل، ثم يستقبل الأمر استقبالاً، أم إذا كان يصلي ولكنه تساهل في الصيام فإنه مسلم عاصٍ، فعليه التوبة والقضاء مع إطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع من قوت البلد؛ من تمر أو غيره، يجمع ويعطى بعض الفقراء عن جميع الأيام التي أفطرها.

بيان كيفية قضاء من أفطر في رمضان من غير عذر

120 - بيان كيفية قضاء من أفطر في رمضان من غير عذر س: في بداية بلوغي أفطرت ثمانية أيام من أول شهر رمضان، وكانت هذه السنة هي أول سنة أشعر فيها بعلامات البلوغ، وكنت لا أدري بذلك، وواصلت من اليوم الثامن حتى نهاية الشهر والحمد لله حتى الآن، وأنا مواظبة على صيامي المفروض والتطوع وعلى الصلوات المفروضة والنوافل، وأنا الآن قد قاربت الثلاثين من العمر، وتذكرت الأيام التي أفطرتها في بداية بلوغي، وسألت أحد العلماء في السودان، وأفتى لي بأن أصوم عن كل يوم شهرين، والآن ومن حوالي ستة أشهر وأنا مواصلة في الصيام، ولا أدري هذا هو السبيل

الوحيد، أم ماذا؟ وما هو الحكم الشرعي في هذا (¬1)؟ ج: هذه فتوى باطلة لا أساس لها من الصحة، وهذا جهل كبير لمن أفتاها بذلك، ليس عليها إلا الأيام الثمانية فقط، مع التوبة والاستغفار، وإطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع؛ كيلو ونصف من التمر أو الأرز عن كل يوم، تجمع ويعطاها بعض الفقراء؛ أربعة أصواع عن ثمانية أيام، أو اثنا عشر كيلو عن ثمانية أيام، كل يوم عنه كيلو ونصف يعطاها بعض الفقراء، والصيام ثمانية أيام فقط مثل ما أفطرت، أما هذه الفتوى عن كل يوم شهرين فهذه فتوى باطلة، نسأل الله السلامة والعافية. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (224).

حكم من أفطر في رمضان عمدا ثم تاب

121 - حكم من أفطر في رمضان عمدًا ثم تاب س: تهاونت في الصيام في بعض الأيام في أكثر عدد من رمضان؛ حيث أفطرت عمدًا، وقبل رمضانين التزمت وتبت ولزمت، ثم إني عزمت على عدم العودة إلى التهاون في رمضان، هل تجزئ هذه التوبة، أم تلزمني الكفارة، علمًا بأني قد نسيت عدد الأيام التي أفطرتها (¬1) (¬2)؟ ج: التوبة يمحو الله بها الذنب، ولك بها الأجر العظيم، كما قال سبحانه: ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (330). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (330). ') ">

{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. وقوله صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» (¬1) وقوله صلى الله عليه وسلم: «التوبة تهدم ما قبلها» (¬2) وعليك قضاء الأيام؛ لقوله تعالى للمريض والمسافر: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. فتقضي حسب ظنك، هذا هو الأحوط لك، وإن كنت قد تبت فعليك أن تقضيها حسب ظنك، فإذا كنت تظنها عشرة أيام فاقضِ عشرة، وعشرين تقضي عشرين، وهكذا اعمل حسب ظنك، إذا كنت لا تستطيع الجزم، والله جل وعلا يعفو عما سلف بالتوبة الصحيحة. س: الأخت: و. ع. ع. من العراق، تقول: إنها لم تَصُمْ شهرًا من أشهر رمضان الماضية، رغم أنها كانت بالغة، وتسأل عن حكم صيام ذلكم الشهر، هل يلزمها القضاء، أم هل عليها كفارة، أم القضاء والكفارة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا. ¬

(¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج، برقم (121)، والحديث جاء بلفظ (والهجرة تهدم ما كان قبلها)، ولم يرد بلفظ التوبة، وأخرجه أحمد في مسنده من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه برقم (17813)، بلفظ (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها)، وقد ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره (8/ 130). وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (3/ 38/1039): وفي ظني أن الحديث التبس أمره على ابن كثير ومختصره بالحديث الصحيحإن الإسلام يجب ما كان قبله، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها.

ج: من ترك الصيام بعد البلوغ وهو مسلم لزمه أن يقضي، وعليه الكفارة أيضًا، إذا كان القضاء تأخر إلى ما بعد رمضان آخر؛ وهي إطعام مسكين عن كل يوم، ومقداره نصف صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم من قوت البلد؛ من تمر أو أرز أو بر، أو شعير أو غير ذلك من قوت البلد، إذا ترك الرجل المكلف أو المرأة المكلفة البالغة الصيام؛ صيام رمضان حتى مر عليه رمضان آخر فإنه يلزمه القضاء والإطعام إذا كان قادرًا، أما إن كان فقيرًا لا يستطيع الإطعام فإنه يجزئه الصيام والحمد لله، وعليه المبادرة بذلك مع القدرة، فإذا عجز لمرض أو سفر؛ أخر حتى يشفى من مرضه، أو يقدم من سفره فيقضي، ولا يجوز التساهل في ذلك؛ لأنه يجب عليه أن يقضي قبل رمضان الآخر المستقبل، فإذا أخره فقد فرط، فعليه القضاء بعد ذلك والمبادرة والمسارعة حسب الطاقة، مع إطعام مسكين عن كل يوم مع القدرة، فإن كان فقيرًا لا يستطيع الإطعام أجزَأَه الصيام والحمد لله.

بيان ما يلزم من أفطر رمضان عدة سنوات

122 - بيان ما يلزم من أفطر رمضان عدة سنوات س: الأخت: ر. ع. س. ر. من الجمهورية العراقية، بغداد. أختنا تقول: منذ بداية وجوب الصوم عليَّ لم أَصُمْ لمدة ثنتي عشرة سنة؛ لعدم إدراكي وقتها بحكم ترك الصيام، أما بعدها وحتى الآن - والحمد لله - فأنا مستمرة في الصيام

دون انقطاع، فما حكم الإسلام بخصوص هذه الفترة التي لم أصمها؟ هل مطلوب مني صيامها جميعًا، أم صيام جزء منها معوض عن الباقي، أم هنالك ما يعوض عن تلك الفترة بغير الصيام؟ ووالدتي لها نفس الحالة، سوى اختلاف في عدد السنين التي لم تصمها، غير أنها الآن أصبحت كبيرة في السن، وحالتها الصحية لا تسمح بصيام فترة طويلة كهذه. أرشدونا بارك الله فيكم (¬1) (¬2). ج: عليكِ وعلى أمك أن تصوما ما تركتما من الصيام مع التوبة والاستغفار؛ لأنكما أخطأتما في إضاعة هذا الصوم وتأخيره، فالواجب عليكما جميعًا التوبة إلى الله سبحانه والندم على ما مضى مع الاستغفار، وسؤال الله العفو سبحانه وتعالى، والعزم الصادق ألاّ تعودا لمثل هذا، وعليكِ أن تقضي الأيام التي تركتِ مع إطعام مسكين عن كل يوم، نصف صاع من التمر أو من الأرز عن كل يوم مع القدرة، فإن كنتِ فقيرة فلا شيء عليكِ من الإطعام، ولكن عليكِ الصيام؛ لأن الله يقول: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. وأنتِ لا مريضة ولا مسافرة، فالوجوب عليكِ من باب أولى، إنا هو التساهل، وهكذا أمك عليها أن تقضي الأيام ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (147). (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم (147). ') ">

ولو موزعة، تقضي أيامًا وتفطر أيامًا، وهكذا حتى تقضي ما عليها بعد شفائِها من المرض، أما إن كانت عاجزة لكبر السن عجزًا، لا تستطيع معه صيام رمضان فإنها تطعم عن كل يوم مسكينًا والحمد لله، أما ما دامت تستطيع الصوم فإنها تصوم، وإذا كانت في الوقت الحاضر عندها مرض فإن القضاء يؤجل حتى يشفيها الله، ثم تصوم مع إطعام مسكين عن كل يوم مثلك سواءً بسواء، وهذا الطعام يعطى بعض الفقراء، وليس لهم عدد محصور، ولو فقيرًا واحدًا، والحمد لله. س: عمري إحدى وعشرون سنة، لم أصم ولا شهرًا من رمضان، ولكن نويت أن أتوب، وأريد أن أبتدِئ من جديد، هل يجوز ذلك أم لا؟ ج: مع التوبة إلى الله عز وجل عليك أن تصوم ما مضى من الشهور، هذا هو الصواب عند جمهور أهل العلم، عليك أن تصوم ذلك ولو مفرقًا غير متتابع، تصوم الأولى من السنوات التي بعد البلوغ لإتمام خمس عشرة سنة، أو بإنزال المني عن شهوة، أو بإنبات الشعر الخشن حول الفرج، هذه الأشياء التي يبلغ بها الرجل، فعليك أن تقضي الرمضانات التي بعد هذا، تصومها مع التوبة إلى الله، والإنابة إليه سبحانه وتعالى، وإذا أطعمت مع هذا

عن كل يوم مسكينًا كان ذلك أكمل؛ لأن بعض الصحابة قد أفتى بهذا رضي الله عنهم، تطعم مسكينًا عن كل يوم مع القضاء، هذا إذا كنت تصلي، أما إذا ما كنت تصلي مع ترك الصيام فترك الصلاة كفر وضلال، فعليك التوبة وليس عليك قضاء صوم ولا صلاة، إذا كنت لا تصلي فعليك التوبة إلى الله عز وجل، والرجوع إليه والإنابة والصدق، وليس عليك قضاء بعد ذلك، لا صلاة ولا صيام؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر على الصحيح، والكافر تكفيه التوبة، إذا تاب إلى الله وأناب كفى ذلك، وليس عليه قضاء ما تركه على حال الكفر، كما قال الله سبحانه: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «التوبة تجب ما كان قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله» (¬1) ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج، برقم (121)، والحديث جاء بلفظ (والهجرة تهدم ما كان قبلها)، ولم يرد بلفظ التوبة، وأخرجه أحمد في مسنده من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه برقم (17813)، بلفظ (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها)، وقد ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره (8/ 130). وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (3/ 38/1039): وفي ظني أن الحديث التبس أمره على ابن كثير ومختصره بالحديث الصحيحإن الإسلام يجب ما كان قبله، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها.

حكم التتابع في قضاء رمضان

123 - حكم التتابع في قضاء رمضان س: في الماضي قبل حوالي أربعين سنة كانت الأحوال المادية والاجتماعية سيئة، وأنا أبلغ من العمر الآن ستين سنة، وكان يأتي شهر رمضان ولا أصوم لعدة أسباب، منها: ضعف في الوازع

الديني، وعدم علمي ولجهلي في كل أمور الدين، ولأني كنت أرعى الغنم في الحر الشديد في الصحراء، واضطررت للإفطار. استمر هذا الوضع إلى أن أفطرت أربعة أشهر في أربع سنوات، فماذا عليَّ؟ هل عليَّ قضاء، أم أن لي توبة بحكم إقلاعي عن هذا العمل؟ ولأنني أبشركم تفقهت وهداني الله للإسلام، فماذا عليَّ؟ وما صفة القضاء إذا لزم؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الواجب عليك القضاء مع التوبة إلى الله، والندم والعزم الصادق على ألاّ تعود في ذلك، وعليك القضاء للشهور الأربعة، ولا يلزمك التتابع، تقضيها ولو متفرقة، تصوم وتفطر حتى تكملها إن شاء الله، وعليك مع ذلك إطعام مسكين، عن كل يوم نصف صاع، كيلو ونصف عن كل يوم تمرًا أو رزًا أو حنطة؛ يعني نصف صاع من قوت بلدك، ومقداره كيلو ونصف عن كل يوم مع القدرة، فإن كنت فقيرًا لا تقدر فليس عليك إلا الصوم فقط، تصومها وتستعين بالله جل وعلا مع التوبة إلى الله، وهذا هو الواجب على المسلم؛ لأن الله يقول: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. إذا كان ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (218).

المريض والمسافر يقضي فالمتساهل يقضي من باب أولى، مع التوبة إلى الله سبحانه وتعالى.

بيان الفرق بين تارك الصيام وتارك الصلاة في القضاء

124 - بيان الفرق بين تارك الصيام وتارك الصلاة في القضاء س: الملاحظ سماحة الشيخ أن تارك الصيام يقضي ولا يقضي تارك الصلاة، فما السبب (¬1)؟ ج: لأن تارك الصلاة كافر، والكافر ليس له دواء إلا التوبة، كما قال جل وعلا: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}. وأما تارك الصوم فالصحيح أنه لا يكفر، لكن يكون عاصيًا، فعليه القضاء، وهكذا تارك الزكاة، وهكذا تارك الحج مع الاستطاعة، أخر الحج عليه التوبة إلى الله، وأن يصوم ويحج ويزكي، أما تارك الصلاة فهي عمود الإسلام، مَن تركها كفر، نسأل الله العافية، فإذا منَّ الله عليه بالتوبة كفت التوبة، ولا قضاء عليه، هذا هو الصحيح من كلام أهل العلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬2) وقال صلى الله ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (218). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428)، والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (1079).

عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬1) ولم يقل مثل هذا في الزكاة ولا في الصوم، ولا في الحج، عليه الصلاة والسلام، فدل على أن الصلاة لها شأن عظيم، أعظم من شأن الزكاة والصيام والحج. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

بيان أن من أفطر في رمضان من غير عذر فقد أتى منكرا عظميا

125 - بيان أن من أفطر في رمضان من غير عذر فقد أتى منكرًا عظميًا س: يوجد عندي بنت متزوجة، وقد جاءت عندنا في شهر رمضان هي وزوجها، وبعدما صمنا أسبوعًا جاء زملاء الزوج، وذهبوا إلى البر وخالطهم الشيطان، فأكلوا وشربوا، وجاء اليوم الثاني في الصباح، وقال لزوجته يريد أن تعطيه أكلاً، فامتنعت زوجته، فطلق أنه يفطر، وحلفت يمينًا ما تسوي له أكلاً، فأصبحتُ محتارة بين زوج بنتي وبين بنتي؛ لأنه طلق، وهي حلفت يمنيًا، فأجبرت زوجة ولدي أن تسوي له أكلاً، فمنعت فغصبتها وهي ليست راضية، وقامت وعملت له أكلاً، فأكل وشرب ونحن موجودون معه في البيت، ولكننا لم نأكل معه، فماذا يلزمنا؟ هل علينا الإثم أو يلزمنا صدقة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا (¬1). ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (34).

ج: لا شك أن الإفطار في رمضان بدون عذر شرعي كبيرة من الكبائر، ومنكر من المنكرات العظيمة إذا كان بغير عذر شرعي، أما إذا كان بعذر السفر، إذا كان سافروا ما يعد سفرًا، وهو ما يعادل ثمانين كيلو تقريبًا، أو سبعين كيلوا تقريبًا، مسافة يوم وليلة تقريبًا بالمطايا والأقدام، أو ما يعادل ذلك ويقاربه يسمى سفرًا ولا حرج في الإفطار فيه، أما ما كان في البيت، أو في ضواحي البلد، ولا يسمى سفرًا هذا الإفطار فيه كبيرة من الكبائر، والذي يعين المفطر على إفطاره شاركه في الإثم؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}. فمن يساعد من أفطر في رمضان من غير عذر؛ ليقدم له الطعام أو القهوة أو الشاهي أو غير ذلك من الأشربة والمطعومات آثم، مشارك للمفطر في الإثم، لكن صومه صحيح، لا يبطل صومه بالمعاونة، ولكن يكون آثمًا، وعليه التوبة إلى الله، وعليكِ أيتها الأخت وأيها الأخ عند غصبك البنت على صنع الطعام عليك التوبة إلى الله، فإنك قد أخطأت حين أمرتها بصنع الطعام، فهي قد أحسنت وأصابت بعدم الطاعة؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، والنبي عليه السلام قال: «إنما الطاعة في المعروف» (¬1) فإذا أمرها زوجها أن تقدم له طعامًا في الصوم في نهار ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم (4340)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وتحريمها في المعصية، برقم (1840).

رمضان، وهو ليس فيه عذر، وليس بمريض، ولا عذر له فهذا حرام منكر، ليس له الإفطار، وليس له أمر زوجته بإعداد فطور له، وليس لها أن تعينه على ما حرم الله، ولو يضرب ولو طلق لا يجوز لها أن تعينه على ما حرمه الله عليه وعليها، وطاعة الله مقدمة على طاعة الزوج وعلى طاعة الأب، وعلى طاعة السلطان، وعلى طاعة الأمير؛ لأن الرسول قال: «إنما الطاعة في المعروف» (¬1) وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: «لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل» (¬2) فإذا كان وزملاؤه مسافرين، وقد عزموا على الإقامة أكثر من أربعة أيام فيلزمهم الصوم على الأرجح، وهو قول جمهور أهل العلم، إذا كانوا قد عزموا على الإقامة أكثر من أربعة أيام عند أصهارهم يصومون معهم، أما في أقل من أربعة أيام فلا يلزمهم الصوم، إذا كانوا مسافرين، مروا عليهم زوارًا فلا يلزمهم الصوم، وإن صاموا فلا بأس ولا حرج، أما إذا كانوا قد أرادوا الإقامة عندهم أكثر من أربعة أيام فالذي ينبغي في هذه الحال هو الصوم؛ خروجًا من خلاف العلماء، وعملاً بقول الأكثر؛ ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم (4340)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وتحريمها في المعصية، برقم (1840). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (1098).

ولأن الأصل الصوم، والشك في إجازة الإفطار.

حكم أخذ الصائم الإبر الوريدية في نهار رمضان

126 - حكم أخذ الصائم الإبر الوريدية في نهار رمضان س: تسأل المستمعة سماحتكم عن دواء يسمى (الجلوكوز)، هل يؤثر على الصيام؟ وهو سائل يوضع في إبرة، ويحقنه المريض عن طريق الوريد (¬1). ج: إذا كان الإبر في الوريد، أو في العضل لا يفطر الصائم، أما إذا كان من باب التغذية، يغذي الصائم إبر التغذية هذه تفطر الصائم، أما إذا كان لأجل تسكين الآلام، وتخفيف الآلام، سواء كان في الوريد، أو في العضل فإنه لا يفطر الصائم، وهكذا إذا كان الدواء دواء يمسح به على المرض، يمسح به على مرض في اليد، أو في الوجه، أو في الرجل، أو في الرأس هذا لا يضر الصوم، والمقصود إذا كان ليس من باب التغذية، ولكن لأجل تسكين الآلام، أو تخفيفها فلا حرج في ذلك, أما إذا كان لا يستطيع الصوم في جميع الأيام، ويحتاج إلى تغسيل كلي، أو معه مرض يؤلمه في الصوم، وقرر الأطباء أنه مرض مستمر، لا يرجى برؤُه فإن عليه الإطعام فقط، ليس عليه الصيام، وإذا كان يرجى أنه يشفى فإنه يؤجل الصوم إلى وقت العافية؛ ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (292).

لقوله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. فإذا كان هذا المريض يرجو العافية فإنه يؤخر هذا ويقضي، أما إذا قرر الأطباء أن هذا المرض لا يرجى برؤُه فهو مثل الشيخ الهرم، ومثل الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، يطعم عن كل يوم مسكينًا.

حكم استعمال الإبر المقوية للصائم

127 - حكم استعمال الإبر المقوية للصائم س: هل يجوز استعمال الإبر المقوية للصائم في رمضان (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك على الصحيح، المقوية والمسكنة للآلام كل هذا لا بأس به، الممنوع الإبر المغذية التي تغذي، هذه تفطر الصائم، لكن إذا اضطر إليها، واحتاج إليها يعطى إياها ويفطر، ويكون حكمه حكم المرضى، أما الإبر للتقوية، أو تسكين الألم، أو أخذ عينة من الدم، أو شيء من ذلك لا تفطر على الصحيح. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (103).

حكم استعمال بخاخ مرض الربو في نهار رمضان للصائم

128 - حكم استعمال بخاخ مرض الربو في نهار رمضان للصائم س: سائلة تقول: إنني أستعمل البخاخ في رمضان وأنا صائمة؛ وذلك

بسبب الربو، وأجد له طعم المرارة، فهل يُفَطِّرُ (¬1)؟ ج: إذا كان للضرورة لا يفطر إن شاء الله؛ لأنه ليس شرابًا ولا طعامًا، إنما هو هواء ينفس للمكروب، فالصواب أنه لا يفطر لكن عند الضرورة. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (297).

حكم أخذ حقن التطعيم للصائم في نهار رمضان

129 - حكم أخذ حقن التطعيم للصائم في نهار رمضان س: الأخ: ي. إ. يسأل عن كونه تطعم في نهار رمضان، وبطبيعة الحال كان صائمًا، ويسأل: هل حقن التطعيم تؤثر على الصيام (¬1)؟ ج: لا تؤثر، الصيام صحيح، فالإبر التي للتطعيم، والإبر التي للعلاج لا تؤثر على الصحيح، إلا الإبر التي للتغذية، الحقن التي للتغذية، هذه هي التي تؤثر، أما الإبر العادية والحقن العادية للتطعيم وغيره فإن الصواب أنها لا تؤثر، والصوم صحيح. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (243).

حكم استعمال حقن العضل أو الوريد للصائم

130 - حكم استعمال حقن العضل أو الوريد للصائم س: يقول السائل: هل الحقن سواء كانت عن طريق العضل أو عن طريق الوريد حكمها واحد (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (243).

ج: لا تفطر مطلقًا، هذا هو الصواب، إلا إذا كانت للتغذية.

حكم استعمال الكحل للصائم

131 - حكم استعمال الكحل للصائم س: الأخت: هـ. أ. ع. تسأل هذا السؤال وتقول: ما حكم الشرع في نظركم في استعمال الكحل للصائم؟ حيث إنني بحثت عن الأدلة في ذلك، ووجدت أدلة التحريم ضعيفة، وهل هناك فرق في استخدامه قبل الصوم، أو في أثنائِه؟ ولكم جزيل الشكر (¬1) (¬2). ج: استعمال الكحل للصائم لا حرج فيه في أصح قولي العلماء؛ لأن العين ليست منفذًا معتادًا، فلا يضر استعماله، وإذا فعله الإنسان في الليل من باب الاحتياط والخروج من خلاف العلماء فهو حسن إن شاء الله، وإلا فلا يضر، سواء استعمله في النهار عند الصوم، أو في أثناء النهار كل ذلك لا حرج فيه، إلا أنه في الليل أفضل. س: أخ يسأل عن حكم الكحل، هل يؤثر على الصيام أو لا؟ ج: الصواب أنه لا يؤثر، لكن الأفضل في الليل، وإلا فلا يؤثر؛ لأن العين ليست منفذًا، لكن بعض العلماء يقول: إذا وجد أثرًا للكحل أو القطرة في ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (135). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (135). ') ">

الحلق قضى. والصحيح أنه لا يلزمه القضاء، لكن كونه يستعمله في الليل هذا هو الأصوب والأحوط؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (¬1) ¬

(¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (11689)، والترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب منه، برقم (2518).

حكم استعمال الصائمة الكحل والمكياج

132 - حكم استعمال الصائمة الكحل والمكياج س: تقول السائلة: هل يحرم على الصائمة أن تكتحل أو أن تضع المكياج على وجهها (¬1)؟ ج: لا يحرم على الصائم والصائمة الاكتحال، ولا يحرم على المرأة المكياج وهي صائمة، لكن ترك الكحل إلى الليل يكون أفضل؛ لأن بعض أهل العلم يكرهه، وربما وصل إلى الحلق، فكونه بالليل يكون أحسن، وأنه لا يفطر لو فعله في النهار، فإنه لا يفطر الصائم، أما المكياج فهو لا يفطر في كل حال؛ لأن المكياج محله الوجه للجمال، فإذا كان لا يضر المرأة فلا مانع أن تستعمله في الليل، أو في النهار في الصوم وغيره. ¬

(¬1) السؤال الثالث في الشريط رقم (292).

حكم استعمال العطور والحناء والكحل للصائم

133 - حكم استعمال العطور والحناء والكحل للصائم س: هل العطور والحناء والكحل وغير ذلك من هذا القبيل مفطر للصائم أو لا (¬1) (¬2)؟ ج: هذه الأمور لا تفطر الصائم، الكحل والحناء والتطيب لا يفطر الصائم، لكن لو أخرت المرأة الكحل إلى الليل يكون أفضل وأحوط، وكذلك العطور، إذا كان فيه البخور لا يستعطه الصائم ولا الصائمة، البخور بالعود، لكن يطيب ثيابه لا بأس، ولا يتسعطه؛ لأنه يفطر عند جمع أهل العلم إذا يتسعطه؛ لأن السعوط له أثر في الدماغ وغيره، فينبغي ألاَّ يتسعط البخور، ولا أنواع الطيب المسحوق التي تطير في الدماغ إذا تُنُشِّقَتْ، أما الطيب العادي، ودهن العود ودهن الورد، ودهن العنبر وأشباهها هذه أطياب لا بأس بها في حق الصائم وغيره. س: ما حكم اكتحال المرأة وهي صائمة؟ ج: لا حرج في ذلك، لكن الأفضل أن يكون في الليل، أما الكحل فلا ينقض الصوم، لكن الأفضل أن يكون في الليل، فإن وجدت طعم الكحل ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (217). (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم (217). ') ">

في حلقها فبعض أهل العلم يراها تقضي، فإن قضت احتياطًا فحسن، وإلا فالصواب أن الكحل لا ينقض الصوم، لكن من باب الحيطة ينبغي أن يؤخر إلى الليل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (¬1) ¬

(¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (11689)، والترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب منه، برقم (2518).

حكم استعمال الزيت في الشعر والروائح الكيميائية للصائم

134 - حكم استعمال الزيت في الشعر والروائح الكيميائية للصائم س: هل الزيت في الشعر والكحل والروائح الكيمائية من المفطرات (¬1)؟ ج: ما يجعل في الشعر من الزيت أو الدهن أو غير ذلك، أو الحناء ليس بمفطر، المفطر الشيء الذي يأكله الإنسان بفمه أو من طريق أنفه، أو من طريق التغذية بالإبر والحقن، هذا المفطر، وهكذا ما جاء في الشرع أنه يفطر كالحجامة والجماع، وخروج المني بالشهوة. ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (243).

حكمن قص الأظافر في نهار رمضان

135 - حكم قص الأظافر في نهار رمضان س: تسأل وتقول: هل الكحل وقص الأظافر جائز في نهار رمضان أم لا (¬1)؟ ج: قص الأظافر جائز لا شك به في رمضان وفي غيره، كذلك نتف الإبط ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (276).

وحلق العانة كله مشروع في رمضان وفي غيره، أما الكحل فبعض أهل العلم كره ذلك في النهار؛ لأنه قد ينساق إلى الحلق، والصحيح أنه لا يضر الصيام الكحل في النهار، لكن تركه وفعله بالليل يكون أحسن وأبعد عن الشبهة، وإلا فالصواب في رمضان لا يبطل الصوم.

حكم قطرة العين للصائم

136 - حكم قطرة العين للصائم س: يقول السائل: ما حكم الفطرة؛ قطرة العين والإنسان صائم؟ هل تؤثر على الصيام (¬1) (¬2)؟ ج: الصواب أنها لا تؤثر والصوم صحيح، لكن ذهب بعض أهل العلم أنه إذا وجد طعمها في الحلق يقضي، وهذا من باب الاحتياط، إذا وجد طعمها في الحلق فإنه يقضي من باب الاحتياط، لكن الصواب أنها لا تقدح في الصوم، لكن إذا جعلها في الليل فهو الأحوط؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (¬3) وفي ذلك خروج من خلاف العلماء، فجعل القطرة والكحل في الليل في حق الصائم يكون أولى وأحوط، لكن لو فعلها في النهار فصومه صحيح. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (242). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (242). ') "> (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (11689)، والترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب منه، برقم (2518).

س: هل قطرة العين تؤثر على الصيام؟ ج: هذا فيه خلاف بين أهل العلم، منهم من يرى أنها تؤثر، ومنهم من لا يرى أنها تؤثر، والأقرب أنها لا تؤثر؛ لأن العين ليست منفذًا؛ يعني قويًّا، وهو منفذ ضعيف، فهي ليست مثل الأكل والشرب ونحو ذلك، فالأحوط جعلها في الليل، جعل القطرة في الليل خروجًا من خلاف العلماء، فمَن فعَلَها في النهار فصومه صحيح، لكن إذا وجد طعمها في حلقه فالأحوط له القضاء؛ خروجًا من الخلاف.

حكم استعمال القطرة في الأنف للصائم

137 - حكم استعمال القطرة في الأنف للصائم س: يقول السائل: م. س. م: كان في يوم من أيام رمضان المبارك هذه السنة 1400هـ أن أصابني ضيق في صدري؛ بسبب انسداد في فتحة الأنف؛ مما جعلني أستعمل قطرة في الأنف لمدة يومين، ونزلت إلى حلقي القطرة، فهل يجوز أن أقضي ذلك اليومين التي استعملت فيها القطرة؛ علمًا أنني لم أفطر إلى الليل متمسك بصيامي؟ أفيدوني أثابكم الله، وجزاكم الله عني وعن المسلمين خير الجزاء (¬1). ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (7).

ج: الذي تعاطى قطرة حتى وصلت إلى حلقه ينبغي أن يقضي؛ لأن كثيرًا من أهل العلم يرى أن صومه يبطل بذلك، فإذا وصلت القطرة إلى حلقه فالأولى والأحوط له القضاء؛ خروجًا من خلاف العلماء، ينبغي لك تأخير القطرة إلى الليل، إذا تيسر تأخير القطرة والاكتحال إلى الليل يكون أفضل وأحوط، وإن استعملت في النهار لشدة الحاجة فلا بأس، لكن إذا وصل الطعم إلى الحلق أفطر، وإلا فإن صومه صحيح ولا يقضي، أما إن وصل طعمه للحلق فإنه يقضي ذلك اليوم على سبيل الاحتياط، وخروجا من خلاف العلماء.

حكم استعمال قطرة الأنف للمضطر في نهار رمضان

138 - حكم استعمال قطرة الأنف للمضطر في نهار رمضان س: من سوريا، محافظة حماة، رسالة بعث بها الأخ هـ. ع. ح.، يقول: إنني أعاني من مرض في أنفي، وإنني لا أستطيع الأكل إذا لم أستعمل دواء يسمى سنفين، والقصد من ذلك هو أنني في العام الماضي في شهر الصيام صمت نهارًا، وعندما حل الفطر لم أستطع أكل لقمة واحدة؛ بسبب عدم استخدام الدواء؛ لأنه يفتح المجاري التنفسية، ويسهل للمرء أن يأكل بحرية، ولم أستطع صيام الشهر الماضي؛ بسبب ذلك المرض، وإني أخاف الله العظيم، ولا أريد أن أعصيه بشيء، فهل يجوز لي استخدام الدواء قبل حلول الفطر

بحوالي نصف ساعة، وهو قطرة في الأنف، وأعلم أنني مضطر إلى ذلك، وإذا لم أستخدمه لا أستطيع الصوم، وهذا المرض أجريت له عملية جراحية، ولكن لا توجد لدي تكاليف العملية الجراحية، وإذا انتظرت إلى حلول الفطر ووضعت القطرة فإني سأبقى مدة حوالي نصف ساعة حتى أستطيع الطعام، وأنا أعلم أن تعجيل الفطر واجب، فما هو توجيه سماحتكم؟ هل أستطيع استعمال القطرة الأنفية قبل حلول الفطور بنصف ساعة؛ لأني مضطر؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: ليس لك ذلك ولو أخرت الإفطار والحمد لله، أنت تؤخر الإفطار حتى تكمل صومك، فإذا كملت صومك فالحمد لله؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر أن الأنف منفذ؛ ولهذا قال: «وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا» (¬2) فالأنف منفذ للماء والقطرات، فأنت أَجِّلْ هذا الاستنشاق بالأنف بالقطرة حتى تغيب الشمس، إلا إذا كانت القطرة خفيفة، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (339). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصوم، باب الصائم يصب عليه الماء من العطش ويبالغ في الاستنشاق، برقم (2366)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم، برقم (788).

لا تصعد ولا تنزل، تبقى في الأنف فقط من غير صعود للدماغ ولا نزول إلى الحلق، وهذا لا يمكن أن تكون؛ لأن القطرة لا بد أن يكون لها نفوذ، الحاصل ما دام لها نفوذ في الدماغ، أو نزول فأجلها حتى تغيب الشمس، ولو تأخرت في الإفطار والحمد لله.

مسألة في استعمال العطر والعود للصائم

139 - مسألة في استعمال العطر والعود للصائم س: هل العطر أو العود يفطر الصائم (¬1)؟ ج: العطر لا يفطر الصائم إذا تطيب في ثيابه أو في وجهه، لكن البخور ينبغي توقيه، لا يتسعطه؛ لأن بعض أهل العلم يرى أنه يفطر إذا يستعطه، فينبغي ألاّ يستعط البخور؛ لأن له أجزاء تدخل في الدماغ، وتذهب إلى الجوف، فينبغي له ألاّ يتسعطه، وإن تسعطه ينبغي له القضاء، أما جنس الطيب العادي والمائي يشمه في أنفه، أو يجعله في لحيته، أو في غترته ونحو ذلك هذا لا بأس به، دهن العود ودهن الورد لا حرج. ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (228).

حكم استعمال البخور في نهار رمضان

140 - حكم استعمال البخور في نهار رمضان س: ما حكم البخور والعطر في أيام رمضان المبارك؟ بعض الناس يقول: البخور والعطر يفطر. والبعض يقولون: إنه لا يفطر (¬1). ¬

(¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (418).

ج: البخور والعطر لا يفطران، له أن يتطيب ويتبخر ولا يفطره ذلك، لكن لا يستنشق البخور أحوط خروجًا من الخلاف، بل يطيب في ثيابه وبدنه بالورد، بدهن العود بالبخور، لكن لا يستنشق البخور.

حكم شم العطر والطعام للصائم

141 - حكم شم العطر والطعام للصائم س: ما حكم شم العطر أو الطعام أثناء الصيام (¬1)؟ ج: شم الطعام لا بأس، والعطر لا بأس إلا البخور لا يتنشقه؛ لأنه له قوة يذهب إلى الدماغ، أما شم الأطياب الأخرى، ولا سيما إذا دعت الحاجة إليها لا بأس، ليس من المفطرات، لكن إذا كان له قوة شديدة تركه أحسن، وأما البخور نفسه؛ العود هذا يتبخر، لا يتنشقه الصائم؛ لأن بعض العلماء يرى أنه يفطر، فلا ينبغي أن يتنشقه الصائم، وهكذا الأطياب التي هي مسحوقة تطير في الأنف، لا يستعملها. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (241).

حكم غسل الوجه بالصابون للصائم

142 - حكم غسل الوجه بالصابون للصائم س: هل التطيب وغسل الوجه بالصابون يفطر الصائم أم لا (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (323).

ج: التطيب لا يفطر الصائم، إذا تطيب بدهن العود أو الورد في ثيابه، أو بالبخور في ثيابه لا يفطر الصائم، التطيب مطلوب، وهكذا إذا غسل وجهه بالصابون، أو بغير الصابون لا يضره، لا يفسد الصوم، لكن لا يستنشق الطيب والبخور والعود، لا تتنشق به؛ لأن بعض أهل العلم يرى أنه يفطر؛ لأن له نفوذًا في الدماغ، فلا يدخن في خشمه؛ يعني لا يتسعط به، إلا إذا كان تحت ثيابه، أو مر به بخور ولا قصده فلا يضره، وهكذا الأطياب الأخرى، يتطيب بدهن العود، ودهن الورد، إلى غير هذا، لا بأس وهو صحيح.

بيان التفصيل في شم رائحة الدخان للصائم

143 - بيان التفصيل في شم رائحة الدخان للصائم س: هل مَن شم رائحة الدخان يأخذ حكم المدخن وينطبق عليه (¬1)؟ ج: إذا تعمد ذلك وصار يتلذذ بذلك يعمه المنع والتحريم، أما إذا شمه من غير قصد، بُلِيَ به في المكان أو في الطريق فلا يضره ذلك. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (101).

حكم شم الدخان المنبعث من النار للصائم

144 - حكم شم الدخان المنبعث من النار للصائم س: السائل: أبو حامد، يقول: هل الدخان الذي ينبعث من النار يفطر الصائم (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (406).

ج: لا، لا يفطر الصائم، لكن لا يتعمد إدخاله إلى جوفه، سواء الطيب والأغبرة، إلا أن بعض أهل العلم يقول: إذ تعمد إدخاله أفطر به، فينبغي له ألاّ يتعمد ذلك، أما الشيء الذي يعرض، ويدخل بغير قصد، دخان عود، أو دخان حطب، فلا يضره، لكن كونه يتعمد أن يتنشق الطيب، أو ما أشبه ذلك من الدخان هذا بعض أهل العلم يراه يفطر، فينبغي له التحرز من هذا.

حكم القيء للصائم

145 - حكم القيء للصائم س: تقول السائلة: إنني في شهر رمضان استفرغت عشرة أيام ولم أفطر، هل عليَّ القضاء أم لا؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إن كان الاستفراغ باختيارك فعليك القضاء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقى فعليه القضاء» (¬2) فإذا كان غلبك، ولم تختاري ذلك، ولكن غلبك وخرج بغير اختيارك فليس عليك قضاء لهذا الحديث المذكور، أما إن كنت استفرغت أنت بنفسك، اختيارًا منك فإنك تقضين جميع الأيام؛ لأن الصوم بطل بذلك. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (276). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (10085)، وأبو داود في كتاب الصوم، باب الصائم يستقيء عمدا، برقم (2380)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء فيمن استقاء عمدا، برقم (720)، وابن ماجه في كتاب الصيام، باب ما جاء في الصائم يقيء، برقم (1676).

حكم تقبيل الصائم لزوجته في نهار رمضان

146 - حكم تقبيل الصائم لزوجته في نهار رمضان س: في شهر رمضان المبارك الذي انصرم كنت مع زوجتي على الفراش، وضممتها بدون أن أواقعها فعليًّا؛ أي بدون جماع، الأمر الذي دعاني لأنزل بدون مباشرة، أرجو إفادتي: ما هو الحكم؟ وما هي الكفارة؟ ولكم تحياتي (¬1) (¬2). ج: لا شك أن الجماع في صيام رمضان وبكل صيام واجب غير جائز، ويبطل الصيام، أما الملامسة والتقبيل والمباشرة فلا حرج في ذلك، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يباشر وهو صائم، ويقبل وهو صائم عليه الصلاة والسلام، ولكن إذا كان الإنسان سريع الشهوة، ويخشى من المباشرة أو التقبيل تزل المني فالأولى به أن يتباعد عن ذلك، ولا يتساهل بهذا الشيء، فإذا ضم زوجته إليه أو قبلها أو لمسها، ثم خرج منه المَنِيُّ فإنه يجب عليه الغسل من جهة المَنِيِّ، وقضاء ذلك اليوم إذا كان في النهار، وليس عليه كفارة، إنما الكفارة فيما إذا جامعها في الفرج، أما مجرد ضمها إليه، أو تقبيلها وما أشبه ذلك من الملامسة فهذا كله جائز، ولا حرج فيه، فقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ورخص فيه، اللهم صل عليه وسلم، ولكن إذا ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (20). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (20). ') ">

كان من طبعه سرعة الشهوة فالأولى به التباعد عن هذا الشيء؛ حتى لا يقع في المحذور، وإذا نزل المَنِيُّ فإن عليه قضاء ذلك اليوم؛ لأنه يفسد الصوم، وليس عليه كفارة، هذا هو الحكم، يقضي اليوم ويغتسل من الجنابة؛ لأن خروج المَنِيّ يوجب الغسل، ولكن ليس عليه كفارة، والمرأة كذلك مثله، إذا أنزلت بضمها، أو بلمسها أو تقبيلها، ونزل مَنِىٌّ عليها الغسل، وقضاء ذلك اليوم، وليس عليها كفارة، وإن لم تنزل فليس عليها شيء. س: إن والدي من البادية الرُّحَّل، ويقوم بتربية المواشي، وأنا كنت أقوم برعاية الأغنام عنده، وفي يوم من الأيام من رمضان المبارك، وأنا أرعى في الأغنام قابلتني فتاة كذلك ترعى أغنامها، وكان الوقت ما بين الظهر والعصر وجلست معها، وأخذت في مبادلة الحديث، ووصل ذلك إلى مزاح ومداعبة في أثناء ذلك حصل مني ما حصل دون أن أقرب هذه الفتاة، فما حكم ذلك؟ ج: أما من جهة الحكم فهذا لا يجوز؛ لأنها أجنبية، وليس له أن يحادثها محادثة تجلب الشهوة، وربما أفضت إلى الفتنة والزنى، بل يجب التحرز من ذلك، أما الحديث العابر الذي ليس فيه إثم، وليس فيه ما يجر إلى الفاحشة،

كسؤالها عن أهلها، أو سؤالها عن المرعى الطيب، أو عن الماء، أو ما أشبه ذلك من الأمور التي ليس فيها ما يجر إلى الفتنة هذا لا بأس به. وأما المداعبة والأشياء التي تعلق بالفاحشة، وتجر إلى الزنى، وتسبب الوقوع في المنكر فهذ الأشياء لا تجوز. أما الصوم فهو صحيح إذا كان لم يخرج منه مَنِيُّ، إلا إذا كان أنزل فإنه يقضي اليوم، فإنه يقطره هذا، إنزاله المَنِيَّ يفطر صومه، أما المذي فلا يفطر على الصحيح، المذي وهو الماء اللازج الذي يخرج عند الشهوة هذا لا يفطر الصوم على الصحيح من أقوال العلماء، أما المَنِيُّ فإنه يفطر صومه، وعليه القضاء، وليس عليه كفارة، الكفارة في الجماع خاصة.

بيان ما يلزم من أنزل في نهار رمضان

147 - بيان ما يلزم من أنزل في نهار رمضان س: يقول هذا السائل أيضًا: ذهبت إلى والدي، وأكملت صيامي في ذلك اليوم؛ خوفًا من والدي أن يسألني عن سبب إفطاري، فهل الإنزال في النهار يفطر؟ وهل يجوز لي أن آكل بعد الإنزال (¬1)؟ ج: يلزمه إكمال الصوم ولو أنزل، الذي حصل له شيء يفطر صيامه ليس ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (36).

له أن يستمر في الإفطار، بل عليه أن يمسك؛ لحرمة الزمن؛ لأن الزمن محترم زمن صيام، فمن ابتلي بشيء يفطره فإنه لا يجوز له الاستمرار في الفطر، بل يلزمه الإمساك حتى تغيب الشمس، ويقضي بعد ذلك، فلو أنزل المَنِيَّ بسبب المداعبة والقبلة لزوجته، أو في الحرام - نعوذ بالله - فإنه يقضي هذا اليوم، مع هذا عليه الإمساك وإكمال الصوم، ولا يجوز لك ما دمت أفطرت بالمَنِيِّ أو أكل أو شرب، لا، بل عليك أن تكمل الصوم وتمسك، ومع هذا عليك القضاء.

حكم مصافحة المرأة الأجنبية والحديث معها في نهار رمضان

148 - حكم مصافحة المرأة الأجنبية والحديث معها في نهار رمضان س: الأخ: م. ي. من جدة يقول: سماحة الشيخ، ما الحكم فيمن صافح امرأة أجنبية، أو تحدث معها في نهار رمضان وهو صائم، وأيضًا هي صائمة؟ هل هذا يفسد الصوم، أو يجرحه؟ نرجو توجيهنا، جزاكم الله خيرًا. وهل من كفارة (¬1) (¬2)؟ ج: أولاً: المصافحة للمرأة الأجنبية لا تجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إني لا أصافح النساء» (¬3) وقالت عائشة رضي الله عنها: [«ما ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (148). (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم (148). ') "> (¬3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أميمة بنت رقيقة رضي الله عنها، برقم (26466)، والنسائي في كتاب البيعة، باب بيعة النساء، برقم (4181)، وابن ماجه في كتاب الجهاد، باب بيعة النساء، برقم (2874)، (27006).

مست يد رسول الله يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام» (¬1)] يعني النساء الأجنبيات غير المحارم، أما المحرم كأخته وعمته فلا بأس أن يصافحها، وأما المكالمة للأجنبية فلا بأس به، إذا كانت مكالمة مباحة ليس فيها تهمة ولا ريبة، كأن يسألها عن أولادها، يسألها عن أبيها، يسألها عن حاجة من حوائج الجيران، أو الأرقاب لا بأس بذلك، وأما إن كانت المكالمة للتحدث بما يتعلق بالفساد والزنى ومواعيد الزنى، أو عن شهوة، أو عن كشف منها له بأن يرى محاسنها، يرى وجهها كل هذا لا يجوز. أما إذا كانت المحادثة مع التستر ومع الحجاب ومع البعد عن الريبة، وليس عن شهوة فإنه لا حرج عليه في ذلك، وقد تحدث النبي صلى الله عليه وسلم إلى النساء، وتحدث النساء إليه، فلا حرج في ذلك، والصوم صحيح، لا تضره المصافحة، ولا تضره المحادثة، إلا إذا كانت عن شهوة وخرج المَنِيُّ فإنه يبطل الصوم بخروج المَنِيِّ عن شهوة، وعليه أن يعيد الصوم، وعلى من خرج منه ذلك أن يعيد الصوم، أما مجرد التحدث، ولم يخرج شيء فإنه لا يضر الصوم، ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الطلاق، باب إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذمي أو الحربي، برقم (5288)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب كيفية بيعة النّساء، برقم (1866).

وهكذا لو خرج المذي؛ المذي لا يبطل الصوم على الصحيح، وإنما يبطله خروجُ المَنِيِّ عن شهوة في نهار الصوم، والواجب على المؤمن أن يحذر ما حرم الله عليه، وألاّ يصافح امرأة لا تحل له، وألاّ يتحدث إليها عن شهوة، أو ينظر إلى محاسنها، والله يقول جل وعلا: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}. والتحفظ من أسباب الشر واجب على المؤمن أينما كان، نسأل الله لنا وللمسلمين جميعًا السلامة. س: كنت صائمة، وجاء صديق أخي وصافحني بالرغم أني تهربت منه، والله شاهد على هذا، هل عليَّ إعادة الصوم (¬1)؟ ج: المصافحة للأجنبية لا تجوز، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إني لا أصافح النساء» (¬2) وقالت عائشة رضي الله عنه: «والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط» (¬3) يعني في البيعة، ما كان يبايعهن إلا بالكلام، وهو سيد الخلق وأكملهم إيمانًا، هكذا ينبغي للناس أن يتأدبوا ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (215). ') "> (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أميمة بنت رقيقة رضي الله عنها، برقم (26466)، والنسائي في كتاب البيعة، باب بيعة النساء، رقم (4181)، وابن ماجه في كتاب الجهاد، باب بيعة النساء، برقم (2874)، (27006). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الطلاق، باب إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذمي أو الحربي، برقم (5288)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب كيفية بيعة النّساء، برقم (1866).

بالآداب الشرعية، وألاّ يصافحوا النساء، إلا إذا كانت محرمًا له، كأخته وعمته ونحو ذلك، أما الصوم فلا يبطل بذلك، ولا يفسد بذلك، الصوم صحيح، والمصافحة للأجنبي لا تبطل الصوم، سواء كان أخا الزوج، أو زوج الأخت، أو ما أشبه ذلك، لكن لا يجوز، يجب ترك ذلك والحذر منه، إلا إذا كانت حصل منها مَنِيٌّ عند المصافحة فهذه تقضي الصوم؛ لأن المصافحة نوع من المباشرة، فإذا باشرت الرجل، وحصل منها مَنِيٌّ عند المباشرة والمصافحة، أو بالتقبيل من زوجها مثلاً، حصل مَنِيُّ منه أو منها فإن الصوم يبطل وعليها القضاء، تمسك ويمسك الرجل لا يفطر، لكن يقضي إذا باشر امرأته، أو امرأة أجنبية محرمة عليه والعياذ بالله، ثم حصل المَنِيُّ فإنه يقضي ذلك اليوم مع التوبة، وهكذا المرأة إذا صافحت إنسانًا، أو قبلت زوجها أو لامسته، أو كررت النظر في إنسان فَأَمْنَتْ فإن عليها القضاء، هذا الذي عليه عامة أهل العلم. س: إذا صافحت المحارم من الرجال بيدي وأنا صائمة هل يؤثر ذلك على الصيام؟ وأيضًا هل يؤثر على الوضوء والصلاة؟ ج: لا يؤثر إذا صافحت، لا يؤثر، لكن لا تصافح إلا المحارم فقط؛ مثل

زوجها، أخاها، عمها، خالها، أما الأجنبي مثل زوج أختها، أو أخي زوجها لا تصافحه، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا أصافح النساء» (¬1) فهي تصافح مَن يكون لها من المحارم، ولا ينتقض الوضوء بذلك. ¬

(¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أميمة بنت رقيقة رضي الله عنها، برقم (26466)، والنسائي في كتاب البيعة، باب بيعة النساء، رقم (4181)، وابن ماجه في كتاب الجهاد، باب بيعة النساء، برقم (2874)، (27006).

حكم أخذ الدم للتحليل من الصائم

149 - حكم أخذ الدم للتحليل من الصائم س: مَن أُخِذَ منه دم للتحليل، أو تبرع بالدم لمريض هل يؤثر هذا على صيامه (¬1)؟ ج: دم التحليل خفيف، لا يؤثر، لكن إذا أُخِذَ دم كثير تبرع به لمريض فالأحوط له القضاء إن كان فرضًا؛ لأنه يشبه الحجامة من بعض الوجوه، والصواب عند أهل العلم أن هذا خاص بالحجامة، لكن إلحاق الكثير بالحجامة قول قوي، والمعروف عند أهل العلم الذين فطّروا بالحجامة، يخصون الحجامة فقط؛ لأنه جاء بها النص، ولا يجعل التبرع وغيره مفطرًا، ولكن قول من قال: يلحق بها ما يشبهها. قول قوي، أما الشيء القليل: التحليل في إصبعه، أو تحليل من فخذ أو غيره هذا لا يبطل الصوم على الصحيح. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (279).

حكم نزول الدم من الصائم

150 - حكم نزول الدم من الصائم س: أختنا تقول: إذا كان الإنسان صائمًا، ونزل منه دم فهل عليه أن يفطر أو يتم صيامه. (¬1)؟ ج: لا يضره ذلك، الصائم لا يضره خروج الدم إلا الحجامة، إذا احتجم فالصحيح أنه يفطر بالحجامة، وفيها خلاف بين العلماء، لكن الصواب أنه يفطر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أفطر الحاجم والمحجوم» (¬2) أما إذا أرف، أو أصابه جرح في رجله، أو في يده وهو صائم فإنه صومه صحيح، لا يضره ذلك. ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (150). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث ثوبان رضي الله عنه، برقم (21866) وأبو داود في كتاب الصيام، باب في الصائم يحتجم، برقم (2367)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في كراهية الحِجامة للصائم، برقم (774)، وابن ماجه في كتاب الصيام، باب ما جاء في الحجامة للصائم، برقم (1679).

مسألة في أخذ الدم للتحاليل من الصائم

151 - مسألة في أخذ الدم للتحاليل من الصائم س: يسأل عن حكم الدم الذي يؤخذ من الوريد للتحاليل، وهل هناك كمية محدودة لا يجوز للصائم تجاوزها (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (86).

ج: لا أعلم شيئًا محددًا، وليس هذا من جنس الحجامة، الحجامة جاء بها النص فيقتصر عليه، وقد اختلف العلماء فيها، حتى قال أكثر أهل العلم: إنها لا تفطر. وقال بعضهم: إن الحديث منسوخ. والأظهر أن الحجامة تفطر، وأنها غير منسوخة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أفطر الحاجم والمحجوم» (¬1) لكن لا يقاس عليها التحليل، التحليل شيء يسير، يؤخذ عند الحاجة فلا بأس به إن شاء الله، ولا يفطر الصائم قَلَّتِ الكمية أو كثرت؛ لأن الغالب عليها القلة. ¬

(¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث ثوبان رضي الله عنه، برقم (21866) وأبو داود في كتاب الصيام، باب في الصائم يحتجم، برقم (2367)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في كراهية الحِجامة للصائم، برقم (774)، وابن ماجه في كتاب الصيام، باب ما جاء في الحجامة للصائم، برقم (1679).

حكم قلع الضرس في نهار رمضان

152 - حكم قلع الضرس في نهار رمضان س: الأخ: ع. ص. أ. من جمهورية مصر العربية، يسأل ويقول: كنت قد خلعت ضرسًا في أول شهر رمضان، وبعد ما خلعته كان يأتي بدم وأنا صائم، ولا شك أنه كان يدخل في جوفي دم بسيط، ولم أفطر حين ذاك، فما الحكم (¬1)؟ ج: قلع الضرس لا يبطل الصوم، إذا احتاج إليه المؤمن لا يبطل الصوم، إذا خلع ضرسه وهو صائم لا يضره، لكن يتوقى دخول الدم إلى جوفه، ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (106).

يلفظه ويتمضمض حتى لا يذهب إلى جوفه شيء، وإذا ذهب شيء من غير عمد ولا قصد لا يضر الصوم، أما إن تعمد ابتلاع الدم فإنه يبطل صومه، وعليه القضاء، لكن ليس له أن يتعمد ذلك، بل يتوقى ذلك ويجتهد، كما يتمضمض ويجتهد ألاّ يذهب شيء إلى جوفه، فلو غلبه شيء من غير قصد لم يضر صومه.

حكم الدم الخارج من اللثة أثناء التسوك للصائم

153 - حكم الدم الخارج من اللثة أثناء التسوك للصائم س: المرسلة: ف. ط. ز. تسأل: بالنسبة للسواك يخرج بعض الدم من اللثة أثناء تنظيف الأسنان، هل هذا يفسد الصوم، أم لا (¬1)؟ ج: لا يضر الصوم ما يخرج من اللثة عند السواك، أو المضمضة أو شبه ذلك، لا يضر الصوم، هذا دم يسير، يعفى عنه، وهكذا ما يخرج من العين من دمع أو دم يسير لا يضر الصوم والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (342).

حكم الدم الخارج من الجرح للصائم

154 - حكم الدم الخارج من الجرح للصائم س: يقول السائل: حدث حادث علينا في رمضان العصر قرب الإفطار، وحدث فيَّ قليل من الجروح، وسال دم مني شيء بسيط، فهل عليَّ قضاء هذا اليوم رغم أني لم أفطر إلا وقت الإفطار (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (29).

ج: إذا أصيب الإنسان بجراحات في رجله ويديه في صدام سيارات، أو سقوط حجر، أو حفرة فلا حرج عليه، وصومه صحيح، إنما الحجامة هي التي تفطر الصائم عند جمع من أهل العلم، وأما ما يصيبه من جراحات لا يضره ذلك وصومه صحيح.

حكم خروج الدم من غير قصد وحكم الاحتلام للصائم

155 - حكم خروج الدم من غير قصد وحكم الاحتلام للصائم س: يقول السائل: ما حكم طلوع الدم للصائم في نهار رمضان بدون قصد؟ وهل الاحتلام للصائم وهو نائم في نهار رمضان بدون قصد يبطل الصوم (¬1)؟ ج: إذا خرج منه دم بسبب سقطة، وقع وأصابه شيء، أو عود أصابه، أو حجر أصابه، أو رعاف كل هذا ما يبطل صومه، وهكذا لو احتلم ليس عليه شيء؛ لأنه ليس باختياره، لا يضره ما يقع من الدم من غير اختياره؛ كالرعاف، أو جرح أصابه، سقط على الأرض أو أصابه حجر، أو أصابه شيء أخرج منه دمًا ما يضره، لكن لا يحجتم، ولا يتعمد إخراج الدم، أما الشيء اليسير فيعفى عنه. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (428).

حكم صيام المرأة التي معها نزيف

156 - حكم صيام المرأة التي معها نزيف س: إنني صمت من رمضان الشهر كله، وأنا عندي شك تسعون في المائة أن صيامي غير سليم؛ حيث عندي جنين في بطني ومعي نزيف، وأنا الآن صحتي ضعيفة، ولا أستطيع الصيام، فإذا كان لم يصح صيامي فماذا أفعل (¬1)؟ ج: إذا صامت المرأة وفي بطنها جنين، ومعها نزيف الدم فصومها صحيح؛ لأن هذا النزيف الذي معها وهي حامل لا يؤثر شيئًا، ولا يعتبر حيضًا ولا نفاسًا، الولد موجود في البطن، فليس بنفاس، وليس بحيض؛ لأن الغالب أن الحامل لا تحيض، وعلى قول من قال: إن الحامل قد تحيض. يشترطون أن يكون الدم مستقيمًا على عادته الأولى، فإذا كانت المرأة التي سألت عن هذا السؤال إنما دمها ملتبس عليها ومتغير؛ نزيف يتقطع، ويختلف ليس على العادة الأولى القديمة التي تراها قبل الحمل هذا كله دم فساد، وصومها صحيح، وليس عليها قضاء الصوم والحمد لله؛ لأن الدم الذي مع الحامل في الغالب يكون دمًا فاسدًا مختلاً، يزيد وينقص ويتقدم ويتأخر ويتنوع، فهو لا يعتبر، أما لو قدر أنه على حالته الأولى قبل الحمل، ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (12).

على حالته لم يتغير، يأتي على عادته فهذا قال بعض أهل العلم: إنه حيض، وإن عليها أن تجلس ولا تصوم. قاله جماعة من العلماء، وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه ولو كان على عادته، وعلى حاله الأولى لا يعتبر، وأن الحامل لا تحيض، هذا قول مشهور عند أهل العلم. لكن الغالب أن الحامل يأتيها دم مضطرب متغير، نزيف لا يستقر له قرار، فهذا لا يعتبر عند الجميع، ولا يلتفت إليه، وصومها صحيح، وصلاتها صحيحة، وعليها في هذه الحالة أن تتحفظ بقطن ونحوه، وتتوضأ لوقت كل صلاة، إذا دخل الوقت توضأت لكل صلاة، وتصلي بنية طهارتها ولو أن الدم لا يزال يخرج معها؛ لأنها مبتلاة بهذا الشيء، مثل صاحب السلس صاحب البول، ومثل المستحاضة التي ليست بحامل سواءً بسواء، هذا الدم الجاري معها دم فساد لا يضرها، لكنها تستنجي لكل وقت، وتتوضأ وضوء الصلاة، وتصلي على حسب حالها، وإذا جمعت بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء فلا بأس، كما علم النبي بعض الصحابيات عليه الصلاة والسلام، وإذا اغتسلت مع ذلك عند صلاة الظهر والعصر غسلاً واحدًا، والمغرب والعشاء غسلاً واحدًا من باب النظافة والنشاط فهذا حسن؛ لأنه أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض النساء المستحاضات.

حكم من أفطر سهوا في نهار رمضان

157 - حكم من أفطر سهوًا في نهار رمضان س: ما حكم من أفطر سهوًا في نهار رمضان، وأكمل باقي يومه صائمًا؟ وما حكم من أفطر سهوًا في صيام القضاء، ولكنه أكمل باقي يومه صائمًا أيضًا (¬1)؟ ج: إذا أكل الصائم أو شرب ناسيًا في رمضان، أو في قضاء رمضان، أو في النذر، أو في الكفارات فصومه صحيح يكمله، ولا شيء عليه؛ لأنه ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه» (¬2) هكذا جاء في الصحيحين، وهذا من أصح الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وفي اللفظ الآخر عند الحاكم وغيره: «من أفطر في رمضان ناسيًا فلا قضاء عليه، ولا كفارة» (¬3) هذا هو المعتمد. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (58). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا، برقم (1933)، ومسلم في كتاب الصيام، باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر (1155)، واللفظ له. (¬3) أخرجه الحاكم في المستدرك (ج1 ص595)، رقم (1569)، والبيهقي في السنن الكبرى (ج4 ص229)، برقم (7863).

حكم من أكل أو شرب ناسيا في صيام النفل

158 - حكم من أكل أو شرب ناسيًا في صيام النفل س: السائلة: أ. س. من جمهورية مصر العربية، تقول: أعلم بأنه من نسي

فأكل أو شرب في رمضان فإن صومه صحيح، فهل الحال كذلك إذا كان هذا الصيام في النفل (¬1)؟ ج: نعم، في الفرض والنفل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه» (¬2) هذا يعم الفرض والنفل، وهذا من رحمة الله كما قال جل وعلا: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}. وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يقول الله: قد فعلت» (¬3). ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (410). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا، برقم (1933)، ومسلم في كتاب الصيام، باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر (1155)، واللفظ له. (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق، برقم (126).

حكم من شرب ناسيا ثم أمسك بقية اليوم

159 - حكم من شرب ناسيًا ثم أمسك بقية اليوم س: ع. ع. ع: شربت وأنا صائم، فتذكرت وأمسكت بقية اليوم، هل ما فعلته صحيح، أم يجب عليَّ القضاء (¬1)؟ ج: إذا كنت ناسيًا حين شربت فلا قضاء عليك؛ لقول النبي صلى الله عليه ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (332).

وسلم: «من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه» (¬1) والمقصود أن الصائم إذا شرب ناسيًا، أو أكل ناسيًا فصومه صحيح، ولا قضاء عليه والحمد لله. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا، برقم (1933)، ومسلم في كتاب الصيام، باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر (1155)، واللفظ له.

بيان ما يلزم من رأى من يشرب ناسيا في نهار رمضان

160 - بيان ما يلزم من رأى من يشرب ناسيًا في نهار رمضان س: إذا كنت أعلم إنسانًا صائمًا، ولكن رأيته يشرب ناسيًا فهل أنبهه أو أسكت (¬1)؟ ج: نعم تنبهه؛ لأن الصائم لا يجوز له أن يشرب أو يأكل، فإذا غلط نبهه، وإن كان لا يأثم بالنسيان، وليس عليه قضاء، لكن تعاطيه الأكل والشرب وهو صائم أمر منكر لو تعمده، فأنت تنبهه على ذلك؛ حتى يمتنع من هذا الشيء الذي منعه الله منه، وأنت أخوه تدعوه إلى الخير، وتأمره بالمعروف، وتنهاه عن المنكر. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (329).

بيان ما يلزم من احتلم في نهار رمضان

161 - بيان ما يلزم من احتلم في نهار رمضان س: ماذا يجب على رجل احتلم في نهار رمضان؟ نرجو الإجابة ولكم الأجر والثواب (¬1). ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (192).

ج: ليس في الاحتلام شيء، إذا احتلم الرجل في رمضان أو المرأة وهو صائم فلا شيء عليه؛ لأنه ليس باختياره، فإذا احتلم أنه يجامع، ورأى المنيّ، وهكذا المرأة فالصوم صحيح، لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، فليس في طاقته السلامة من ذلك، وهذا محل إجماع من أهل العلم، ليس فيه شيء، وهكذا لو فكر فأنزل صومه صحيح؛ لأنه ليس باختياره.

حكم من أصبح جنبا في شهر رمضان

162 - حكم من أصبح جنبًا في شهر رمضان س: رجل بات جُنُبًا، وقال: سأستيقظ قبل أذان الفجر، وذلك في شهر رمضان، ولكنه استيقظ بعد طلوع الشمس، فماذا عليه في صومه وصلاته؟ هل عليه كفارة أم بدل، ويقضي ذلك اليوم؟ ومتى يصلي صلاة الفجر الفائتة (¬1) (¬2)؟ ج: ما دام ناويًا الصيام فإن صومه صحيح إذا ما استيقظ إلا بعد طلوع الشمس، ولو ما تسحر صومه صحيح وهو على نية الصوم، وليس من شرط الصوم السحور، ولكنه سنة، السحور ليس بشرط. وعليه أن يبادر بالصلاة إذا استيقظ، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه في بعض أسفاره نام عن الصلاة هو وأصحابه، فلم يستيقظوا إلا بعد ما ضربتهم الشمس، فقام صلى الله ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (192). (¬2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (192). ') ">

عليه وسلم وأصحابه، وتوضؤوا وتحولوا عن مكانهم بعض الشيء، وصلى بهم في الحال عليه الصلاة والسلام (¬1)، كما كان يصلي في وقتها، يصلي بهم ويقرأ ويجهر ويؤذن ويقيم، ويصلي الراتبة مثل ما كانت تصلى في وقتها سواء بسواء. والصوم صحيح، وليس عليه كفارة؛ لأن هذا ليس باختياره، والله أخذ بنفسه حتى ردها عليه سبحانه وتعالى. س: هل الجنابة تبطل الصيام أم لا؟ ج: الجنابة لها حالان: إن كانت الجنابة وقعت في الليل؛ بأن جامع أهله في آخر الليل مثلاً، ثم أصبح قبل أن يغتسل فلا حرج والصوم صحيح، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي أهله، ويصبح جنبًا ويغتسل بعد الصباح، عليه الصلاة والسلام. أما إن كانت الجنابة في النهار؛ بأن جامع أهله في النهار فهذا إثم ومعصية لربه عز وجل، والصوم يبطل وعليه الكفارة، إذا كان تعمد ذلك، عليه كفارة، يعتق رقبة، وإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكينًا؛ لكل مسكين نصف صاع من قوت ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب التيمم، باب الصعيد الطيب وضوء المسلم، يكفيه من الماء، برقم (344)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم (682).

البلد. هذه الكفارة في حق من أتى أهله في رمضان في النهار، وصومه يبطل، وعليه قضاء ذلك اليوم الذي جامع فيه أهله في النهار. أما إذا كان الجماع في الليل، ولكن أصبح جنبًا لم يغتسل فلا حرج في ذلك.

حكم تأخير غسل الجنابة إلى ما بعد طلوع الفجر

163 - حكم تأخير غسل الجنابة إلى ما بعد طلوع الفجر س: إذا وجب الغسل على المرأة في الليل من ليالي رمضان، لكنها لم تغتسل إلا في النهار فماذا عليها؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: هذا فيه تفصيل: إن كانت أخرت الغسل حتى طلع الفجر فلا يضر، الصوم صحيح، تصوم وتغتسل والحمد لله، المحرم الجماع، فإذا كان الجماع في الليل قبل الفجر، لكن تأخر غسلها أو غسل الزوج حتى طلع الفجر فلا مانع، كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي أهله في الليل ويصبح صائمًا ويغتسل بعد الصبح، كما أخبرت عائشة وأم سلمة عن ذلك؛ بأنه كان يصبح جنبًا من جماع، ثم يغتسل ويصوم عليه الصلاة والسلام (¬3). فتأخير الغسل إلى ما بعد طلوع الفجر أمر لا حرج فيه، لا من الرجل، ولا من ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (302). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (302). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب اغتسال الصائم، برقم (1932)، ومسلم في كتاب الصيام، باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب، برقم (1109).

المرأة، إذا كان الجماع في الليل. أما لو أخر الغسل أو أخرت الغسل إلى طلوع الشمس فهذا لا يجوز؛ لأن معناه تأخير الصلاة، فالواجب أن يبادر كل منهم بالغسل في وقته؛ حتى تؤدى الصلاة في الوقت، وحتى يؤدي الرجل الصلاة في الوقت مع الجماع مع إخوانه، والصوم صحيح في كل حال، ما دام الجماع حصل في الليل، وإنما تأخر الغسل فالصوم صحيح، لكن على المرأة وعلى الرجل الغسل في الوقت، والبدار بذلك حتى تؤدى الصلاة في الوقت قبل طلوع الشمس، والرجل يبادر بذلك حتى يؤدي الصلاة مع الجماعة في مساجد الله. س: يقول السائل: رجل وقع على أهله في ليل رمضان، ثم نام قبل أن يغتسل، ولم يستيقظ لصلاة الفجر، وظل نائمًا حتى الظهر وهو لا يزال جنبًا، ثم قام واغتسل وصلى الظهر، فماذا عليه؟ وهل صومه ذلك اليوم جائز؟ ج: نعم، صومه صحيح، إذا كان الجماع في الليل صومه صحيح، ولكنه أخطأ في عدم ضبط الأمور، ما جعل ساعة يوقتها على الصبح حتى يقوم أو قبيل الصبح، أو نبه أحدًا من أهل بيته يوقظونه، والواجب عليه إذا استيقظ

يبادر فيصلي الفجر، يغتسل ويصلي الفجر ثم يصلي بعدها الظهر إلى آخره، فالحاصل أنه مفرط ومتساهل، وصومه صحيح، إذا كان نوى الصوم صومه صحيح، ولو نام إلى الظهر صومه صحيح، لكن عليه التوبة إلى الله من تساهله، وإذا قام يغتسل ويصلي الفجر؛ سواء قام الضحى أو الظهر يصلي الفجر، ثم يصلي بعدها الصلاة الأخر.

حكم المضمضة والاستنشاق للصائم

164 - حكم المضمضة والاستنشاق للصائم س: هل يجوز الاستنشاق والمضمضة في نهار رمضان لمن كان صائمًا (¬1)؟ ج: لقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا» (¬2) أمر بإسباغ الوضوء، ثم قال: وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا. دل ذلك على أن الصائم يتمضمض ويستنشق، ولكن لا يبالغ مبالغة يخشى منها نزول الماء إلى جوفه، أما الاستنشاق فلا بد منه، وهكذا المضمضة؛ لأنهما فرضان في الوضوء في حق الصائم وغيره. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (86). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصوم، باب الصائم يصب عليه الماء من العطش ويبالغ في الاستنشاق، برقم (2366)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم، برقم (788).

حكم وصول الماء إلى جوف الصائم أثناء الوضوء

165 - حكم وصول الماء إلى جوف الصائم أثناء الوضوء س: يقول: أثناء صيامي إذا غسلت فمي أحس بالماء في حلقي، وأحاول إخراجه ولكنه يبقى، وأحس أنه دخل جوفي، فما حكم صيامي (¬1)؟ ج: إذا كان ذلك عن غير قصد فلا يضرك؛ كالناسي، إذا دخل قهرًا عليك لا يضرك، لكن من باب التوقي عند المضمضة وعند الاستنشاق يتوقى الإنسان، ولا يبالغ فلو غلبه شيء لم يتعمده لا يضره. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (241).

حكم دخول الماء مع الأذن أو العين للصائم أثناء الغسل

166 - حكم دخول الماء مع الأذن أو العين للصائم أثناء الغسل س: هذه سائلة تقول: ما حكم الماء الذي يدخل مع الأذن والعين أثناء الاستحمام، والأنف أثناء الاستنشاق (¬1)؟ ج: لا حرج ولو كان صائمًا، لا يضر إذا ما تعمد إدخال الماء مع الأنف، وإنما قصده الاستنشاق لا يضر، لكن الصائم لا يبالغ، النبي عليه الصلاة والسلام قال: «وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما» (¬2) ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (414). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصوم، باب الصائم يصب عليه الماء من العطش ويبالغ في الاستنشاق، برقم (2366)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم، برقم (788).

حكم استعمال الصابون والعطورات للصائم

167 - حكم استعمال الصابون والعطورات للصائم س: م. أ. ع. يقولون: إن هذه الأعمال تجرح الصيام إذا عملتها وقت العصر: 1 - المضمضة عند الوضوء لصلاة العصر. 2 - الاغتسال بالماء أو بالماء والصابون. 3 - دهن الشعر أو أي عضو من أعضاء الوضوء أو شم العطر. نرجو الإفادة عن ذلك (¬1) (¬2). ج: كل هذه لا تفطر الصائم، المضمضة بعد العصر أو في النهار كله لا تفطر الصائم، ولا تضر الصوم، بل شرع المضمضة في الوضوء والغسل، لا تضر الصوم، وهكذا الاغتسال بعد العصر أو في الضحى أو الظهر كل هذا لا يضر الصائم، اغتسل عليه الصلاة والسلام وتمضمض وهو صائم، وسأله عمر عن القُبْلَةِ للصائم، فأخبره أنها بمنزلة المضمضة، يعني لا تضر القُبْلَةُ الصائم وهكذا المضمضة، وهكذا التمضمض بالصابون لا يضر الصائم، ودهن الأعضاء كالرأس بالزيت، أو بغير الزيت من الأدهان، كل هذا لا يضر الصائم، شم الصائم لأنواع الطيب، دهن العود، الورد لا بأس به، لكن إذا كان سحيقًا مثل سحيق المسك؛ لأن هذا يطير في الدماغ فإنه يترك، ولا ينبغي بحق الصائم، هكذا البخور لا يتنشقه الصائم؛ لأن بعض أهل العلم ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (7). (¬2) السؤال من الشريط رقم (7).

يرى أنه يفطر الصائم، فيترك تنشق العود والبخور وترك تنشق المساحيق، مساحيق المسك تطير أجزاء منها بالدماغ، فهذا يفطر عند بعض أهل العلم، فإنه ينبغي تجنب ذلك. س: هل يسمح للإنسان الصائم الاستنشاق في رمضان؟ وما هي كيفية ذلك الاستنشاق؟ أم أن الاستنشاق يفطر الصائم (¬1)؟ ج: الاستنشاق والمضمضة في رمضان، وفي غير رمضان واجبتان على الصحيح، فالواجب على المسلم أن يتمضمض، ويستنشق في رمضان وفي غيره في الوضوء وفي الغسل، هذا واجب في أصح أقوال أهل العلم، ولكنه في رمضان لا يبالغ، يتمضمض بغير مبالغة فيها؛ لئلا ينزل الماء إلى جوفه، ويستنشق بغير مبالغة، ففي الحديث الصحيح: «وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما» (¬2) إذا كان صائمًا لا يبالغ، يستنشق مرتين أو ثلاثًا، والأفضل ثلاثًا، وهكذا المضمضة، لكن لا يبالغ، لا يشدد في استنشاق الماء؛ لئلا يذهب إلى جوفه. س: يقول: إذا تسرب الماء إلى حلقه عن طريق فمه أو أنفه، وليس بإرادته، فهل عليه إطعام مسكين عن ذلك اليوم؟ وهل ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (15). ') "> (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصوم، باب الصائم يصب عليه الماء من العطش ويبالغ في الاستنشاق، برقم (2366)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم، برقم (788).

عليه الإعادة؟ ج: ليس عليه إعادة، إذا ما تعمد ليس عليه إعادة، صومه صحيح وليس عليه إطعام مسكين، لو دخل الماء في حلقه عند الوضوء أو الغسل، أو عند الاستنشاق ولم يتعمد فصومه صحيح، وليس عليه شيء.

حكم من يبالغ في إخراج الريق بعد المضمضة أثناء الصيام

168 - حكم من يبالغ في إخراج الريق بعد المضمضة أثناء الصيام س: رسالة بعثت بها إحدى الأخوات: ف. ز. تسأل وتقول: في شهر رمضان وفي الأيام الأخرى التي أصومها يحدث لي بعض الوساوس، هو أني عندما أتوضأ وآتي إلى المضمضة أشك أحيانًا أن الماء قد دخل فمي، فأجلس أخرج الريق أكثر من ست مرات؛ خوفًا من أن يكون الماء قد دخل، فكم مرة أخرج الماء بعد المضمضة من الوضوء أثناء الصيام؟ جزاكم الله خيرًا. وهل يجوز المسح على الفم دون إدخال الماء فيه أثناء المضمضة؟ وجهوني جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من الوساوس، فإن الشيطان عدو ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (443).

مبين، فالواجب الحذر منه ومن وساوسه، يقول سبحانه وتعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}. والله شرع المضمضة في الوضوء والغسل، فلا بد من المضمضة، ولا يجوز الاكتفاء بالمسح على الشفة، بل يجب أن يتمضمض الإنسان ثم يريق الماء من فمه، كما يستنشق أيضًا، ووجود الماء في فمه لا يضر صومه، ولا يخل به، ولكن عليه أن يمج الماء، لا يبلعه، يمج الماء إذا كان صائمًا والحمد لله، أما الوساوس فيجب الحذر منها والتعوذ بالله من الشيطان، والريق لا يضر الصائم، ريق الصائم لا يضره، كون المؤمن يتحرج من المضمضة من أجل الصوم هذا غلط كبير؛ جهل، فالمسلم يتمضمض ويستنشق، ويحذر ما حرم الله عليه من ابتلاع الماء، أو المبالغة الذي يوصل الماء إلى جوفه، وبهذا فالمسح على الفم لا يجزئ عن المضمضة ولا يجوز، بل هو بدعة.

حكم تأثير آلام العادة الشهرية للصائمة قبل خروج الدم

169 - حكم تأثير آلام العادة الشهرية للصائمة قبل خروج الدم س: أنا فتاة في العشرين من عمري، وقد تأتيني آلام العادة الشهرية في رمضان قبل صلاة الظهر؛ لدرجة أنني لا أستطيع الوقوف للصلاة حتى وأنا جالسة، ولا أستطيع الصلاة، ولا تأتيني العادة إلا قبل أذان

المغرب بخمس دقائق، مع العلم أنني أظل صائمة طوال النهار. فهل يجوز لي قضاء هذا اليوم، أم أعتبر صائمة (¬1)؟ ج: إذا نزل الحيض وخرج الدم قبل غروب الشمس فاعتبري نفسك مفطرة، وعليك أن تقضي هذا اليوم، أما التألم قبل ذلك فلا يبطل الصوم، التألم لقرب مجيء الدم لا يبطل الصوم، فإذا استمر معك التألم، ولكن ما خرج شيء حتى غابت الشمس فالصوم صحيح، ولا تقضي هذا اليوم، أما إن خرج الدم قبل غروب الشمس ولو بخمس دقائق فإن صوم هذا اليوم يبطل، ويجب عليك قضاؤُه، هذا هو الحكم الشرعي فيما نعلم، وأما الآلام فهذه لها دواء، ولها علاج ينبغي أن تسألي عنها الطبيبات والأطباء؛ لعلك تجدين عندهم ما يريحك من هذا الألم الذي تحسين به. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (27).

حكم صوم من حاضت قبل الغروب بدقائق

170 - حكم صوم من حاضت قبل الغروب بدقائق س: لقد صمت يومًا من أيام رمضان، ولم يبقَ من ذلك اليوم إلا خمس دقائق عن موعد الإفطار، ثم جاءتني الدورة الشهرية، فهل يجب عليَّ أن أصلي صلاة المغرب قضاءً بعد أن أطهر أم لا (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (19).

ج: ما دامت الدورة جاءتها قبل غروب الشمس فليس عليها صلاة المغرب ولا غيرها، والصوم لا يصح ذلك اليوم الذي جاءها فيه الحيض قبل أن تغيب الشمس، فإن الصوم يبطل وعليها قضاؤُه، هذا إذا كانت تعلم أنها جاءتها قبل غروب الشمس ولو بخمس دقائق.

حكم صيام الحائض حياء من الناس

171 - حكم صيام الحائض حياء من الناس س: من اليمن من إحدى المستمعات: أ. م. تقول: ما هو حكم من تظاهرت بالصيام في رمضان أثناء العذر الشهري؛ وذلك حياءً؟ هل عليها في ذلك إثم (¬1) (¬2)؟ ج: ليس عليها إثم إذا ما بينت أنها حائض، لكن لا تصوم، لا تنوي الصيام، أما إذا سكتت ولم تقل: إنني حائض. ولم تقل: إني مفطرة. فلا يضرها ذلك، لكن إذا كانت تنوي الصوم هذا لا يجوز هذا منكر، الصوم باطل، أما كونها تجلس معهم، ولا تأكل مع الآكلين لأجل الحياء، وهي تأكل في وقت آخر، فإذا دعت الحاجة إلى هذا فلا بأس، ولكن لا حياء في الأمر الحمد لله، إذا أكلت مع الآكلين فلا بأس، المقصود إذا دعت الحاجة إلى الحياء، ولكنها لا تنوي الصوم ولا تصوم فلا بأس إذا كان لمصلحة شرعية. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (340). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (340). ') ">

س: تقول السائلة: صمت أحد أيام رمضان قبل الموعد الصحيح للطهارة، هل عليَّ كفارة؟ وما هي؟ وهل عليَّ إعادة الصلوات التي صليتها في تلك الحالة؟ ج: إذا كان معك الحيض وصمت فعليك إعادة ذلك اليوم الذي صمتِه، ما دام الدم معك والغسل الذي مع الدم لا ينفع، لا بد أن يكون الغسل بعد الطهارة، بعد رؤية القصة البيضاء، أو بعد ظهور وتبين النقاء بالقطن ونحوه، حتى ترين أن الحيض قد انقطع، ما بقي له أثر، فإذا صمتِ ومعكِ آثار الدم فعليك القضاء، أما الصلاة فلا قضاء عليك، لكن عليك قضاء الصوم الذي وقع في حال الحيض.

حكم صوم من نزل منها الدم بعد غروب الشمس

172 - حكم صوم من نزل منها الدم بعد غروب الشمس س: امرأة صامت في رمضان، ولما جاء يوم من أيام رمضان، وجاء المغرب وأذن المؤذن أفطرت وبعد ذلك ذهبت للوضوء للصلاة، ولكنها وجدت العادة الشهرية قد جاءتها، فهل صيامها صحيح أم لا (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (22).

ج: إذا حصل الدم بعد غروب الشمس فإن الصوم صحيح، إذا لم تعلم وجود الدم إلا بعد غروب الشمس فإن الصوم صحيح ذلك اليوم، أما إن أتاها الدم قبل غروب الشمس، وتيقنت ذلك فإن هذا الصوم لا يصح، بل عليها أن تعيده وأن تقضيه فينبغي أن يعلم ذلك، إن أتاها الدم بعد الغروب فصومها صحيح، أو لم تعلم ذلك إلا بعد الغروب فصومها صحيح، إذا كانت ما تعلم أنه حصل في النهار، وإنما تيقنته في الليل فصومها صحيح، أما إن علمت أن الدم أصابها قبل غروب الشمس، وأنه خرج منها شيء قبل غروب الشمس فإن هذا الصوم الذي خرج فيه الدم قبل غروب الشمس يكون غير صحيح، وعليها أن تقضيه بعد رمضان.

حكم من شرب ظنا أنه أذن لصلاة المغرب وهو صائم

173 - حكم من شرب ظنًا منه أنه أذن لصلاة المغرب وهو صائم س: تقول السائلة من السودان: إنسان شرب في رمضان ظانًّا بأن الأذان أذن، ولم يؤذن، فماذا عليه في مثل هذه الحالة (¬1)؟ ج: إذا عرف أنه شرب قبل الغروب يعيد صيام يومه، أما إذا كان يظن الغروب بسبب علامات ظاهرة فلا شيء عليه، أما إذا شرب يظن الغروب، ثم بانت الشمس فإنه يقضي ذلك على الصحيح عند جمهور أهل العلم، ¬

(¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (388).

يقضي هذا اليوم، وهذا هو الأحوط، وبعض أهل العلم لا يراه يقضي؛ لأنه معذور لم يتعمد، ولكن الأقرب والأظهر أنه يقضي، وهكذا لو أكل بعد الفجر يحسب أنه ليل، فبان أنه أكل في النهار يقضي، هذا هو الأرجح.

حكم الشرب أثناء أذان الفجر للصائم

174 - حكم الشرب أثناء أذان الفجر للصائم س: في شهر رمضان الكريم مع أذان الفجر، أو أثناء أذان الفجر هل يسمح بشرب الماء قبل إنهاء الأذان؟ وفقكم الله (¬1). ج: إذا كان الصائم لم يعلم أن الأذان للصبح كما يظن غالب الناس على التحري وعلى الساعة والتقويم فلا بأس أن يشرب وهو يؤذن، أو يأكل ما في يده وهو يؤذن، لا بأس بهذا؛ لأن الأذان يخبر عن مظنة الصبح، ليس برؤية للصبح، وإنما يخبر عما عرفه بالساعة أو بالتقويم، وقد يكون الصبح خرج وقد يكون ما خرج، والله جل وعلا إنما أوجب الإمساك بالتبين، فينبغي للمؤمن أن يحتاط، فينتهي من سحوره قبل الأذان؛ حتى لا يقع في شبهة، لكن لو قدر أنه أكل شيئًا يسيرًا مع الأذان، أو شرب حال الأذان فالظاهر أنه لا حرج عليه في ذلك، إذا كان لم يعلم أن الصبح قد طلع. ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (8).

حكم الاعتماد على الأذان في الصوم والإفطار

175 - حكم الاعتماد على الأذان في الصوم والإفطار س: الأخت: س. أ. تسأل وتقول: يؤذن في الراديو قبل أذان المسجد القريب منا، وكذلك أسمع النداء من بعيد، إلا أنني لا أفهم ما يقوله المؤذن، ثم يؤذن في مسجد آخر أقرب إليَّ من الأول، ثم يؤذن ثالث في مسجد أقرب إليَّ من الثاني، فأي النداء الذي يجب عليَّ أن أمسك عنده أو أفطر (¬1)؟ ج: المؤمن مأمور بالاحتياط لدينه والبعد عن الشبهة، فإذا أذن المؤذن عند الغروب فلا تعجلي وأنت صائمة؛ حتى تطمئني إلى أنه مؤذن على الوقت؛ لأن بعض المؤذنين قد يعجل ويسارع إلى الأذان من غير تثبت، أو تكون ساعته قد تقدمت، فلا تعجلي حتى يؤذن اثنان أو ثلاثة، فاطمئني، إلا إذا عرفت أن المؤذن الذي بقربك ثقة يعتني بالوقت فاعتمدي عليه وأفطري بأذانه، كذلك في الصبح لا تأكلي بعد الأذان، إذا سمعت الأذان أمسكي واحتاطي؛ لأن الصبح يحتاط فيه بالعمل بأول مؤذن، وفي الغروب يحتاط في عدم الإفطار؛ لأجل أن بعض المؤذنين قد يتقدم، وقد يسارع، فعليك بالاحتياط في الأمرين جميعًا، في الصبح وفي الغروب، في الصبح تقدمي بالسحور واحتاطي، حتى إذا جاء قرب ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (204).

الأذان إذا أنت قد فرغت من كل شيء، وصمت على يقين، وسلمت من أكل وقت الشبهة، وفي الغروب لا تعجلي حتى تطمئني أن المؤذن أذن على الغروب، إلا إذا عرفت إنسانًا ثقة معروفًا بالثقة وأذن فاعتمدي عليه ولا بأس.

حكم من تسحر أثناء أذان الفجر

176 - حكم من تسحر أثناء أذان الفجر س: سؤال من أحد الإخوة، يقول: في ليلة من ليالي رمضان صحونا ومؤذن الفجر يؤذن، فتسحرنا وصمنا، فهل صيامنا صحيح، أم نقضي ذلك اليوم (¬1) (¬2)؟ ج: إذا كنتم لا تعلمون طلوع الفجر، أو تشكون في طلوع الفجر فالصيام صحيح، أما إذا كنتم تعلمون أن الفجر قد طلع فعليكم القضاء، والمؤذن يؤذن على التقويم على ظن الفجر، وليس على يقين الفجر، بل على ظن على التقويم الذي عنده، فمن عرف طلوع الفجر حرم عليه الأكل، وإلا فله الأكل عند الشك، والأحوط له أن يتقدم بالأكل قبل الأذان؛ حتى يستبرئ لصيامه ويبتعد عن الشبهة، وإذا كان الأكل بعد الأذان بوقت طويل فالأحوط له القضاء، أما إذا كان شيئًا يسيرًا بدقيقة أو دقيقتين، أو مع الأذان فلا حرج إن شاء الله إذا لم يعلم طلوع الفجر. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (305). (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (305). ') ">

س: قمت والفجر يؤذن له، فأسرعت للثلاجة وشربت ماءً قبل إكمال الأذان، هل صومي هذا صحيح أم لا.؟ ج: لا حرج إذا شرب الإنسان ماءً أو لبنًا أو شاهيًا أو قهوةً وهو يؤذن، لا حرج في ذلك، لكن إذا تيسر أنه يحتاط يتقدم؛ حتى لا يقع في الشك، فهو أولى، إلا إذا عرف أن المؤذن على الصبح، وأن الصبح قد طلع، وأن المؤذن قد أذن الصبح فإنه لا يشرب، أما ما دام لا يدري على عادة المؤذنين يؤذنون على الساعات فلا يضره ذلك إذا شرب وهو يؤذن، لا يضره ذلك.

بيان حد الفجر الذي يحرم عنده الأكل والشرب للصائم

177 - بيان حد الفجر الذي يحرم عنده الأكل والشرب للصائم س: هل اللازم فجر له حد فاصل قاطع مثل ما يكون للإفطار عند أذان المغرب، أم أنه فيه تساهل؟ لأننا نرى كثيرًا من الناس يقولون: الفجر ليس مثل المساء (¬1). ج: الفجر لا بد من تبين الصبح؛ لأن الله قال: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}. فلا بد من تبين الصبح، ما دام في ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (30).

الصبح شك فالناس لهم أن يأكلوا ويشربوا؛ حتى يتضح الصبح، ويعتمد من جهة الشرق الصبح الواضح، فإن الصادق يعترض في الأفق، وينتشر يمينًا وشمالاً، ويثبت ويزيد نوره، هذا هو الفجر الصادق، أما الكاذب فيستطيل في الأفق ثم يذهب ويضمحل، أما غروب الشمس فمعروف، إذا أذن المؤذن لغروب الشمس أفطر الناس، وإذا سقطت الشمس وهو في البرية، ورآها سقطت أفطر، ومسألة الشمس واضحة، سقوطها واضح، أما الصبح فقد يشتبه على الناس بالصبح الكاذب، فإن فيه صبحًا كاذبًا يكون عمودًا، ومثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كذنب السرحان» (¬1) يكون عمودًا مرتكزًا، يضيء ثم يذهب ويضمحل، ثم يأتي بعد الفجر الصادق، فالفجر الصادق هو الذي عليه العمدة، هو الذي يستطيل في الأفق وينتشر، هكذا يمتد في جهة الأفق يمينًا وشمالاً حتى يعترض، يستطيل ويزداد نوره، ويتضح نوره هذا هو الصادق. ¬

(¬1) أخرجه الحاكم في المستدرك (ج1 ص304)، والبيهقي في السنن الكبرى (ج1 ص377).

بيان ما يلزم الصائم إذا أكل بعد أذان الفجر جاهلا

178 - بيان ما يلزم الصائم إذا أكل بعد أذان الفجر جاهلاً س: يوم من أيام رمضان عقدت الصيام، وبعدها نعست وصحوت

وسمعت الحديث في الراديو، فظننت أنه لم يؤذن للفجر بعد، فشربت بعض الماء، وعرفت بعد ذلك أن الفجر قد أذن، فهل يفسد صومي (¬1)؟ ج: نعم، عليك القضاء؛ لأنك تساهلت، ولم تحتاطي، ولم تسألي. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (162).

حكم من أكل أو شرب معتمدا بعد أذان الفجر

179 - حكم من أكل أو شرب معتمدًا بعد أذان الفجر س: صادف في نهار رمضان أن أكلنا وشربنا متعمدين بعد أذان الفجر، وقد حصل نقاش طويل بيننا في هذه المسألة، نرجوا أن توجهونا، كيف نتصرف؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: عليكم بالتوبة والقضاء؛ لأن الأذان يتحرى الوقت، والنبي عليه السلام قال: «إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم» (¬3) وذلك أن ابن أم مكتوم كان يؤذن للصبح، والأوقاف مجتهدة قد هيأت لهم تقويمًا يشتغلون عليه، فإذا أكلتم بعد الأذان فأنتم مخاطرون متلاعبون، ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (228). (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (228). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره، برقم (617)، ومسلم في كتاب الصيام، باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر، برقم (1092).

فعليكم القضاء، أما مع الأذان وحين الأذان عند الحاجة فلا بأس، أما بعد الأذان فالواجب القضاء، وعدم التساهل في هذا الأمر، نسأل الله للجميع الهداية. س: السائل: أبو عبد الله، من الرياض، يقول: ذهبت أنا والوالدة إلى مكة المكرمة؛ لأداء فريضة العمرة، وبعد وصولنا إلى مكة آخر الليل قررنا أن نستريح في السكن بعض الوقت، وقبل صلاة الفجر، فأخذنا النوم، فلما استيقظنا سألتني الوالدة: هل أذن الفجر؟ فقلت لها: لا. وأنا لا أعلم، فأكلت علاجًا كان معها، فتبين لنا بعد ذلك بأن أذان الفجر قد أذن منذ عشرين دقيقة، فماذا يجب على الوالدة؟ وهل يلزمني شيء (¬1)؟ ج: عليها أن تقضي اليوم من رمضان، وأنت عليك الاستغفار عن إفتائِها بغير علم، تقول: ما أذن. وأنت تدري، عليك التوبة والاستغفار، وعليها القضاء هي. س: كنت نائمًا في ليلة من ليالي رمضان، وعندما حان وقت السحور قمت للسحور، وبعد السحور بخمس دقائق أقيمت الصلاة، فهل ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (431). ') ">

عليَّ يوم، أم عليَّ قضاء؛ مع العلم بأنني لم أسمع الأذان للفجر.؟ ج: إذا كان الذي أقام الصلاة قد تأخر بعد الأذان المدة التي يجتهد فيها؛ لوضوح الصبح وبيانه فأنت عليك القضاء، تقضي عند جمهور أهل العلم، أما إذا كان أقام بعد الأذان، والإنسان يتعجل وأنت انتهيت بعد الأذان حالاً فلا يضرك؛ لأن الأذان على ظن الصبح ليس على رؤية الصبح، فإن الناس تؤذن على التقويم والحساب، فقد يكون أذانهم قبل الصبح بقليل، فالحاصل أنه لا بد أن يتيقن طلوع الصبح، فأنت إذا أمسكت قبل فراغ الأذان فالصوم صحيح إن شاء الله، لكن إذا تأخرت كثيرًا فإن الغالب أنك أدركت الصبح، فعليك القضاء عند أكثر أهل العلم.

حكم الإفطار على سماع الأذان من المذياع

180 - حكم الإفطار على سماع الأذان من المذياع س: يقول السائل: إذا سمع الإنسان الأذان في رمضان من الراديو، ثم أفطر بناءً على أن هذه الأذان لبلده، وتبين أنه لبلد آخر يؤذن قبل بلده، هل يقضي هذا اليوم (¬1) (¬2)؟ ج: إذا علم أنه أفطر قبل غروب الشمس يقضي، عليه القضاء. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (421). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (421). ') ">

س: السائل: أبو معاذ، من اليمن يقول: في أحد أيام رمضان المبارك استيقظت بعد أذان الصبح بعشر دقائق تقريبًا، فشربت معتقدًا أن هذه المدة بعد الأذان لا تؤثر، فهل صيامي صحيح لذلك اليوم أم لا (¬1)؟ ج: هذا الصيام فيه شبهة واحتمال، فالأحوط لك أن تقضيه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (¬2) وجوب الصيام فرض عليك، وهذا مشكوك فيه، فالأحوط لك أن تصومه قضاءً. س: هل يجوز لمن صلى صلاة الفجر في المسجد جماعة؛ يعني قبل طلوع الشمس بساعة وعشرين دقيقة أن يأكل أو يشرب، وذلك في شهر رمضان؛ لأنه لم يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود؟ نرجو الإجابة مفصلة مع الأدلة، جزاكم الله خيرًا. ج: ليس له أن يأكل ولا يشرب، بل عليه أن يصوم؛ لأن الظاهر أن المؤذنين تحروا الأذان، وتحروا طلوع الفجر، ثم قد صلى، كيف يصلي ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (386). ') "> (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (11689)، والترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب منه، برقم (2518).

ويأكل؟ الصلاة أعظم، إذا كان الفجر ما طلع ما صحت الصلاة، فكيف يصلي ثم يأكل! الواجب التحري للصلاة؛ لأنها أعظم من الصوم، فرض الصلاة أعظم من فرض الصوم، فالواجب التحري، فإذا غلب على ظنه دخول وقت الفجر صلى الفجر، وامتنع من الأكل والشرب، وليس له أن يأكل ويشرب وهو يظن طلوع الفجر، ويغلب عليه طلوع الفجر، والله يقول سبحانه وتعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}. والمعنى: حتى تتحققوا طلوع الفجر. فما دام عنده شك له أن يأكل ويشرب، لكن إذا كان في محل لا يظهر فيه طلوع الفجر، مثل المدن التي فيها الأنوار فيعمل بالتقاويم المضبوطة، والتحري وغلبة الظن يكفي ذلك، ويمتنع عن الأكل والشرب، أما إذا كان في الصحراء التي ليس يحول بينه وبين الفجر شيء فإنه يأكل ويشرب حتى يعلم الفجر، حتى يعلم طلوع الفجر، كما هو نص القرآن الكريم، أما أن يصلي الفجر، ثم يأكل هذا غلط عظيم، ليس له أن يصلي إلا بعد طلوع الفجر، ومتى طلع الفجر باليقين أو غلبة الظن حرم عليه الأكل والشرب، وجازت الصلاة، نسأل الله للجميع الهداية.

بيان ما يلزم من واقع زوجته في نهار رمضان عدة مرات

181 - بيان ما يلزم من واقع زوجته في نهار رمضان عدة مرات س: حدث في بعض الرمضانات، ومنذ بضع سنين أن واقعت زوجتي في نهار رمضان، وتكرر ذلك عدة مرات في نفس الشهر، وبعد مضي بضع سنين أدركت حجم المعصية والإثم الذي وقعت فيه، وندمت على ذلك أشد الندم، وأنا الآن في حيرة من أمري، أرجو من سماحتكم إرشادي ومعونتي أنا وزوجتي؛ للخروج من هذه الواقعة، جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: الواجب عليكما جميعًا التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، والندم على ما مضى، والعزم ألاّ تعودا في ذلك، هذا هو الواجب على كل من عصى الله أن يندم على ما مضى، وأن يعزم ألاّ يعود، وأن يقلع من ذلك، ومن تاب تاب الله عليه، يقول سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. فالتوبة فلاح، قال سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}. وعليكما أيضًا قضاء الأيام التي حصل فيها الجماع، مع إطعام مسكين عن كل يوم؛ لأن المدة طالت ومضى عليه رمضانات، ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (142). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (142). ') ">

فعليكما مع القدرة إطعام مسكين عن كل يوم، يدفع لبعض الفقراء ولو فقيرًا واحدًا، فإن عجزتما فلا شيء عليكما من جهة الإطعام، وعليكما القضاء فقط، وعليكما مع ذلك الكفارة عن كل يوم وقع فيه جماع، وهي كفارة الظهار، عليك واحدة وعليها واحدة عن كل يوم، وترتيبها كما يأتي: أولاً: عتق رقبة مؤمنة. فمن عجز صام شهرين متتابعين. فمن عجز أطعم ستين مسكينًا عن كل يوم جرى فيه جماع. فإذا كان الجماع وقع في ثلاثة أيام صار على كل واحد منكما ثلاث كفارات، وإذا كان في أربعة أيام كان على كل واحد أربع كفارات، وهكذا لأن كل يوم محترم له حرمته، وله كفارته، نسأل الله لكما العون والتوفيق وقبول التوبة، وإذا نسيتما عدد المرات التي ارتكبتما فيها الذنب فعل كل واحد منكما أن يجتهد ويتحرى، إذا شك هل هي ثلاثة أو أربعة يجعلها أربعة، إذا شك هل هي أربعة أيام أو خمسة أيام يجعلها خمسة أيام حتى يتقن لسلامته من الواجب. س: أبعث لكم برسالتي هذه متضمنة مشكلتي، وهي: أنني وقعت على أهلي نهار رمضان ثلاث مرات في ثلاثة أيام من ذلك الشهر قبل ست سنوات تقريبًا، وقد ندمت على فعلتي تلك، وقد كنت أظن أن كفارة ذلك هي إطعام فقط، ومن ثم أهملت ذلك لعدة سنوات؛ ظنًّا مني أنه يجوز لي أن أطعم عن كل وقت عشاء، وفي الفترة الأخيرة

علمت حقيقة الكفارة، فما رأي سماحتكم؟ هل يجوز لي أن أطعم عشرة مساكين عن كل يوم؟ أم ماذا؟ وهل على زوجتي أيضًا كفارة؟ وهل هناك فرق بين كونها مكرهة، أو غير مكرهة؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الواجب عليكما جميعًا التوبة والاستغفار والندم على ما وقع؛ لأن الله حرم على الصائم تناول المفطرات، ومن أشدها الجماع، فلا يجوز للمؤمن حال صومه رمضان وهو صحح مقيم أن يتناول المفطرات، لا الجماع ولا غيره، ولا يجوز له أيضًا أن يكره زوجته على ذلك، وليس لها أن تطاوعه على ذلك، بل يجب عليها أن تمتنع، وعليكما الكفارة جميعًا: وهي عتق رقبة مؤمنة عن كل واحد منكما عن كل يوم؛ يعني ثلاث رقاب، عنك يوم رقبة وعنها كذلك، فالجميع ست رقاب، عليك ثلاث، وعليها ثلاث عن الأيام الثلاثة إذا كانت مطاوعة غير مكرهة، فإن عجزتما فعليكما صيام شهرين متتابعين، كل واحد يصوم شهرين متتابعين عن كل جماع في يوم، فعليك ستة أشهر عن الأيام الثلاثة، وعليها ستة أشهر عن الأيام الثلاثة إلا أن تكون مكرهة؛ يعني أكرهتها بالقوة حتى لم تستطع منعك، فإن عجزتما ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (92). ') ">

عن العتق والصيام فعليكما إطعام ستين مسكينًا عن كل جماع، عن كل يوم وقع فيه الجماع؛ فالمعنى إطعام ثلاث كفارات ستين مسكينًا؛ يعني ثلاث مرات: ثلاثين صاعًا وثلاثين صاعًا وثلاثين صاعًا؛ تسعين صاعًا توزع بين ستين مسكينًا، كل مسكين له صاع ونصف، عن كل يوم نصف صاع، وعليها مثل ذلك إذا كانت مطاوعة تسعون صاعًا عن الأيام الثلاثة، عن كل يوم ثلاثون صاعًا لستين فقيرًا، هذه التسعون الصاع تسلم لستين فقيرًا، يدفع إليهم، كل واحد يعطى صاعًا ونصفًا عن ثلاثة الأيام، كل نصف صاع عن يوم، ونصف الصاع كيلو ونصف تقريبًا من الحنطة، أو من الرز أو من التمر من قوت البلد، هذا هو الواجب عليكما مع التوبة والاستغفار والندم، وعدم العودة لمثل هذا، وأنتما أعلم بحالكما، فمع الاستطاعة يجب العتق، ومع العجز الصيام، ومع العجز عن الصيام الإطعام هو الأخير، والله يهدينا جميعًا لما يرضيه. س: لقد تزوجت قبل سبعة أعوام وفي أواخر شعبان، وقد جامعت زوجتي في بعض أيام رمضان لجهل مني في ذلك الوقت، ومن الشيطان لعنه الله، الصيام صعب عليَّ لعدم معرفتي بعدد الأيام، وكذلك العتق، فهل يجوز أن أشتري أكياس رز، وأعطيها لإحدى الجمعيات الخيرية كصدقة، كما قلت: لا أعرف الأيام التي صار

فيها الجماع. هل ما ذكرته لكم صحيح ويعد كفارة، أم أنكم توجهونني بتوجيه آخر؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: لا ريب أن المؤمن يحرم عليه أن يجامع في رمضان، في نهار رمضان، بل يجب عليه أن يمتنع عن ذلك؛ لأن الجماع من المفطرات، كما لا يأكل ولا يشرب كذلك لا يجامع، فإذا وقع منه ذلك وجب عليه أمور ثلاثة: أحدها: التوبة إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأن هذا الفعل معصية، والتوبة واجبة من كل معصية. والأمر الثاني: قضاء اليوم الذي وقع فيه الجماع. الأمر الثالث: الكفارة، والكفارة مرتبة، أولها: عتق رقبة مؤمنة. فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين. فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينًا، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، من تمرٍ أو رزٍ أو غيرهما. هذا هو الواجب على مَن جامع زوجته في نهار رمضان، والصيام عليه واجب، وعليها كذلك، أما لو جامعها في السفر فهذا معروف، فالمسافر له الإفطار من الجماع وغيره، لكن إذا جامعها وهما مقيمان يلزمهما الصيام، فإنه يلزمه هذه الأمور الثلاثة: التوبة، وقضاء اليوم، والكفارة. وهي مثله إذا كانت ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (145). ') ">

مطاوعة، أما إذا أكرهها بالقوة والشدة، ولم تستطع التخلص منه، بل أجبرها فلا شيء عليها إلا صيام اليوم الذي حصل فيه الجماع كما ذكرنا، وإنما الكفارة عليه، وإذا كان كل منهما يعجز عن العتق وعن الصيام فإنه يجزئه الإطعام لستين مسكينًا ثلاثين صاعًا من قوت البلد، من تمرٍ أو بُرٍ أو رزٍ، ولا بد من التوزيع بين الستين، ولو أن الجمعية الخيرية التزمت بذلك، وفرقته بين ستين مسكينًا فلا بأس بذلك، واطمأن عليها ووثق بالقائمين عليها، وأنهم يوزعون ما يعطيهم على ستين مسكينًا فلا بأس إذا كانا عجزا عن العتق والصيام، وإذا كنت لا تضبط الأيام فعليك التحري، فإذا ظننت أنها خمسة صمت خمسة، وإذا ظننت أنها ستة صمت ستة، وهكذا تعمل بالاحتياط والغالب، ويكفي ذلك: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. وإذا كان هذا المجامع جاهلاً أو ناسيًا فهذا محل نظر، أما الجهل فينبغي عدم اعتباره؛ لأنه أمر واضح بين المسلمين، وليس خفيًا يعرفه المسلمون، الصائم لا يجامع أهله في رمضان، فينبغي عدم التعلق بالجهل وعدم اعتبار الجهل، بل عليك أن تفعل ما ذكرنا. أما النسيان فالصواب أنه معذور بذلك؛ لأن النسيان ليس بالاختيار،

والأمر يقع على الإنسان ويغلب عليه، وليس باختياره، قال عليه الصلاة والسلام: «من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه» (¬1) متفق عليه. ورواه الحاكم وجماعة بلفظ: «من أفطر في رمضان ناسيًا فلا قضاء عليه، ولا كفارة» (¬2) فالناسي معذور على الصحيح إذا صدق أنه ناسٍ؛ لأن النسيان ليس في اختيار الإنسان: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}. س: إني وقعت في الجماع في نهار رمضان، وما كان لي علم مع أن الجماع في الصوم يجب عنه الكفارة والقضاء، وبعد أن علمت بما يلحقني من القضاء والكفارة اشتريت كيسًا من الأرز، وفرقته على المساكين، وكذلك بدأت في الصيام، وكنت أصوم حتى أكملت سبعة وخمسين يومًا، وبعدها مرضت مرضًا شديدًا، لا أستطيع معه الصوم، فقطعت الصيام يومين، وبعدها استأنفته إلى أن أكملت ستين يومًا، فهل تكفي هذه عن الكفارة، أم لا؟ ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا، برقم (1933)، ومسلم في كتاب الصيام، باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر (1155)، واللفظ له. (¬2) أخرجه الحاكم في المستدرك (ج1 ص595)، رقم (1569)، والبيهقي في السنن الكبرى (ج4 ص229)، برقم (7863).

ج: قد أحسنت فيما فعلت والحمد لله، والقطع بالمرض لا يضر؛ لأن المرض عذر شرعي، فقطعه به لا يضر، فلما أكملت ثلاثة أيام بعد ذلك فقد صح الصوم، وأديت الكفارة والحمد لله، وليس مع الصيام زيادة إطعام، إنما الإطعام بدل الصيام لمن لم يستطع، فإذا تيسر فالصيام هو المقدم، وهو مجزئ، وهو الكفارة اللازمة بعد العتق لمن عجز عن العتق، وأما الإطعام فإنما يطلب عند العجز عن الصيام، فما دمت صمت فالحمد لله، فليس عليك إطعام، والكيس الذي تصدقت به يكون نافلة، ويكون تطوعًا، لك أجره عند الله.

حكم من أتى زوجته في نهار رمضان وهي مكرهة

182 - حكم من أتى زوجته في نهار رمضان وهي مكرهة س: رسالتان - شيخ عبد العزيز -، الأولى من أخت سمت نفسها: الحائرة ف. م. ب. غ. والثانية: ع. م. ب. من الرياض، تسألان عن اللقاء الزوجي في رمضان، ولا سيما إذا كانت الزوجة مكرهة (¬1) (¬2). ج: الواجب على المؤمن والمؤمنة احترام أوامر الله ونواهيه في رمضان وفي غيره، وليس للمؤمن أن ينتهك حرمة رمضان، ولا أي حرمة حرمها الله، بل الواجب على المسلم وعلى كل مسلمة الالتزام بشرع الله، والحذر من ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (135). (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (135). ') ">

محارم الله، وقد حرم الله على المسلمين تعاطي الجماع في رمضان؛ في نهار رمضان في الصيام، فليس للزوج أن يطأ زوجته لا بالرضى ولا بالإكراه في نهار رمضان، وليس لها أن تطيعه في ذلك، بل يجب أن تمتنع غاية الامتناع، وألاّ تمكنه من ذلك سخط أو رضي، ويجب عليه الامتناع من ذلك، وليس له الإقدام عليه؛ لأنه محرم على الجميع، وفي الليل الغنية والحمد لله، حرمه الله في النهار وأباحه في الليل، ففي الليل غنية والحمد لله، وإذا فعلا ذلك وتعمدا ذلك وجب عليهما التوبة، ووجب عليهما الكفارة مع قضاء اليوم، إذا جامعها في نهار رمضان وجب عليه قضاء اليوم، وقد أتى معصية عظيمة وكبيرة من الكبائر، وإذا كانت راضية كذلك شاركته في الإثم والمعصية، وعليهما التوبة جميعًا وقضاء اليوم الذي فعلا فيه المعصية، وعليهما الإمساك، لا يأكلان ولا يشربان يمسكان؛ لأن الوقت محترم، الواجب الإمساك مع قضاء اليوم مع التوبة الصادقة عما وقعا فيه، والعزم ألاّ يقع منهما ذلك في المستقبل، وعليهما الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة على كل واحد، فإن عجزا فصيام شهرين متتابعين على كل واحد، فإن عجزا فإطعام ستين مسكينًا على كل واحد، ثلاثين صاعًا لستين مسكينًا، لكل مسكين له نصف الصاع كيلو ونصف تمرًا أو رزًا على كل واحد منهما؛ يعني ستين صاعًا على الاثنين إذا عجزا عن الصيام والعتق، وعليهما التوبة الصادقة مما

فعلا، وإذا كان أكرهها إكراهًا لا شبهة فيه بالقوة والضرب أو بالقيود فالإثم عليه، ولا شيء عليها هي، هو الذي عليه الكفارة؛ لأنه هو الظالم، أما إذا تساهلت معه فعليهما الكفارة جميعًا، والقضاء جميعًا، والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى توبة صادقة ألاّ يفعلا هذا في المستقبل، مع قضاء اليوم وإمساكه؛ إمساك اليوم الذي فعلا فيه المنكر، مع قضائِه بعد ذلك، والله المستعان، أما مجرد أنها أكرهت وطاوعت ما تصير مكرهة، الواجب أن تأبي عليه إباء كاملاً كما ذكرنا، وإن كان زوجها أكرهها إكراهًا جبريًّا، ولا حيلة لها فيه، والله يعلم منها أنها لا حيلة لها فإن الكفارة تسقط عنها وعليها القضاء. س: تسأل السائلة وتقول: أريد أن أعرف حكم الشرع في نظركم فيمن وقع على زوجته في رمضان دون إرادتها، وهي كارهة لذلك، تقول السائلة: فقد كنت شبه نائمة عندما سمعت صوت المسجد يؤدون الصلاة، والذي حدث بعد سماعي لصوت المسجد بقليل بأن زوجي أيضًا لا يدري: هل كان يعلم بالأذان أم لا؟ وأعتقد أنه كان نائمًا، فماذا أفعل؟ وهل عليَّ كفارة وأنا كارهة لما وقع؟ وكنت من قبل أخشى الوقوع في هذا، وأستبعده إذ قرأت حكم ذلك في الكتب، هل على زوجي كفارة؟ أنا عندي أطفال، وأقوم بواجباتهم وشؤونهم وشؤون زوجي، فقد يكون الصيام يا سماحة الشيخ شهرين يكلف عليَّ مع أعمال المنزل، ومشاكل الأطفال، وهل يكون صيام

الشهرين متتابعًا أم لا؟ ج: عليكما جميعًا التوبة إلى الله أولاً، والندم والإقلاع عن هذا الذنب، وعدم العودة إليه؛ لأن هذا منكر عظيم، الجماع في رمضان منكر عظيم ومن كبائر الذنوب، فالواجب الحذر من ذلك، والتوبة إلى الله مما وقع، عليك وعلى زوجك جميعًا التوبة إلى الله، وعليكما جميعًا الكفارة، وهي عتق رقبة، لكن الرقاب غير متيسرة الآن، فإن لم يستطع العتق فصيام شهرين متتابعين؛ ستين يومًا، لا بد من ذلك، فإذا عجزتم عن الصيام فإطعام ستين مسكينًا، الذي لا يستطيع هذا الصيام يطعم ستين مسكينًا، أنتِ وزوجك، كل مسكين له كيلو ونصف، تسعين كيلو من قوت البلد من تمر، أو أرز، أو حنطة، هذا هو الواجب على من أتى زوجته، على الزوج وعلى الزوجة، وكونك تكرهين ما يُسْقِطُ عنك الكفارة، الواجب منعه، الواجب منعه بالقوة، وعدم السماح له، فإذا قهرك بالقوة والضرب كنت معذورة، أما مجرد الكراهة فقط ما يكفي، عليكما الكفارة جميعًا، والتوبة إلى الله جميعًا، وقضاء اليوم، نسأل الله للجميع الهداية، وهي بالترتيب: من عجز عن الصيام ينتقل إلى الطعام، ومن قدر على الصيام يصوم شهرين متتابعين ستين يومًا،

فإن عجزت لكونها ترضع، أو لمشاغلها الكثيرة، أو لمرض ينتقل إلى الإطعام، وهكذا الرجل إذا شق عليه لعمل يعمله، أو لمرض أو نحو ذلك انتقل إلى الإطعام.

حكم من جامع أهله ولم يتيقن طلوع الفجر

183 - حكم من جامع أهله ولم يتيقن طلوع الفجر س: إني من زمن قديم لا يقل عن عشر سنوات، وبعد أن تسحرنا جامعت زوجتي، ولا أدري: هل قد طلع الفجر أم لا؟ حيث لم يكن طلوعه واضحًا، والآن أنا في حيرة من أمري، ماذا أعمل؟ هل الكفارة تلزم الرجل أم المرأة (¬1) (¬2)؟ ج: إذا كان الجماع في آخر الليل، ولم يتيقن طلوع الفجر فليس على الزوج ولا على الزوجة شيء، لا قضاء ولا كفارة، إذا كانا لم يتحقق طلوع الفجر فالأصل بقاء الليل، وعدم وجوب الكفارة، هذا هو الأصل؛ عدم وجوب القضاء، إذا كان الجماع وقع في آخر الليل، ثم جاء الشك بعد ذلك: هل طلع الفجر أم لم يطلع الفجر؟ فليس عليهما قضاء ولا كفارة، بل صومهما صحيح، وليس عليهما شيء؛ لأن الأصل بقاء الليل، والأصل براءة الذمة من الكفارات والقضاء، فإن علما أنهما صادفا الصبح، وأن الجماع ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (17). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (17). ') ">

صار بعد الصباح يقينًا، إذا علما هذا يقينًا فعليهما الكفارة، وعليهما قضاء يوم عن ذلك اليوم، وعليهما أيضًا الكفارة، وهي عتق رقبة، فإن لم يجدا فصوم شهرين متتابعين، فإن لم يستطيعا فإطعام ستين مسكينًا؛ كل واحد عليه ذلك، هي عليها عتق رقبة، وهو كذلك، فإن عجزا فصيام شهرين متتابعين لكل واحد منهما، فإن لم يستطيعا أطعما عن ذلك ستين مسكينًا، عليها ستون مسكينًا، وعليه ستون مسكينًا؛ يعني ستين صاعًا لكل مسكين صاع، نصفه عنها ونصفه عنه، إذا كانت مطاوعة له، لم تُكْرَهْ ولم تجبر. س: هذا السائل يقول: إنه جامع زوجته في نهار رمضان في عام مضى، لم يستطع الصيام شهرين متتابعين، يقول: وهذا لظروف العمل، وقد دفعت المبلغ لأخي دفعة واحدة؛ لكي يقوم بدفع الكفارة عني، وعن زوجتي، وتم ذلك، مع العلم بأن زوجتي تستطيع الصيام، فهل لا بد من موافقة الزوج، رغم أنني لست موافقًا على صيام شهرين متتابعين، فهل هذه الكفارة جائزة، أم لا بد من الصيام للزوجين؟ وجزاكم الله خيرًا. ج: لا بد من الصيام عند القدرة، الزوج والزوجة، فإذا عجز أحدهما وجب على الآخر الصوم، فإذا شق عليهما جميعًا تطعم هي ستين مسكينًا،

ويطعم هو ستين مسكينًا، كل واحد ستون صاعًا؛ ثلاثون عنه وثلاثون عنها، لكل مسكين صاع، نصف عن الرجل ونصف عن المرأة، أما إذا كانت تستطيع فإنها تصوم شهرين، ولا يجوز له منعها من ذلك. س: يقول السائل: شخص عليه صيام شهرين متتابعين من خطأ ارتكبه في نهار رمضان عن جهل، ولم يستطع الصوم لعذر شرعي من الحالة الصحية؛ كمرض، ودار عليه الحول، وأصبح عليه الصيام مع الإطعام، وهو حتى الآن لم يستطع الصوم، وقد نصحه بعض الأشخاص بأن يطعم ستين مسكينًا. والسؤال: هل أصبحت عليه الكفارة بكفارتين؛ بأن يطعم في اليوم مسكينين، أم تكفي كفارة واحدة؟ ج: كفارة واحدة تكفي، إذا عجز عن الصيام؛ صيام الجماع في رمضان يطعم ستين مسكينًا، وليس عليه سوى ذلك، كل مسكين نصف صاع، كيلو ونصف من التمر أو الرز، أو غيره من قوت البلد، ويكفي والحمد لله.

حكم إخراج كفارة الجماع في رمضان نقودا بدلا من الطعام

184 - حكم إخراج كفارة الجماع في رمضان نقودًا بدلاً من الطعام س: تقول السائلة: أ. ش. م. من الرياض: هل من الممكن أن أخرج الكفارة على شكل أموال بدلاً من إطعام المساكين (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (393).

ج: الكفارة تختلف، كفارة اليمين عشرة مساكين، كل واحد له نصف الصاع؛ كيلو ونصف، وكفارة الظهار ستون مسكينًا، وكفارة الجماع في رمضان ستون مسكينًا لمن عجز عن العتق والصيام، فلا بد من إخراج الكفارة كما شرع الله، إن كان في جماع رمضان، أو في الظهار؛ تحريم الزوجة الواجب فيه عتق رقبة، فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكينًا قبل أن يمسها في الظهار، وإذا جامع في رمضان عليه كفارة هو والمرأة جميعًا عتق رقبة لكل منهما، فإن عجز صام شهرين متتابعين وهي كذلك، فإن عجزا أطعما ستين مسكينًا، يطعم هو ستين مسكينًا وهي كذلك، كل مسكين له نصف الصاع إذا عجزا عن العتق والصيام.

حكم قطع تتابع صيام الكفارة لمرض أو سفر

185 - حكم قطع تتابع صيام الكفارة لمرض أو سفر س: يقول السائل: عندما يصوم شخص ما شهرين متتابعين كفارة عن خطيئة ارتكبها هل له عذر عند مرضه وسفره، مع الدليل من القرآن والسنة؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: قد ذكر جمع من أهل العلم رحمة الله عليهم أن المسلم إذا كان عليه ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (260). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (260). ') ">

صوم شهرين؛ لكونه ظاهر من زوجته، أو لكونه جامع في رمضان، أو لكونه قتل نفسًا خطأ فإن عليه أن يتابع هذين الشهرين؛ ستين يومًا، فإن عرض له عارض من مرض منعه الصوم، لم ينقطع التتابع في أصح قولي العلماء، وهكذا المرأة إذا حاضت لم ينقطع الصوم، ولكنها تأتي بعدد الأيام التي أفطرت بها عن الحيض بعد طهرها حتى تكمل ستين يومًا متتابعة بإسقاط أيام الحيض؛ لأنها معذورة، وهكذا بإسقاط أيام المرض للرجل والمرأة جميعًا، وهكذا السفر إذا كان السفر لحاجة لا للتحيل، إذا كان للتحيل للفطر فلا يجوز؛ لأن الحيلة التي تبطل أحكام الشرع لا تجوز، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال عليه الصلاة والسلام: «لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل» (¬1) أما إذا عرض سفر لحاجة فإنه لا يقطع التتابع على الصحيح؛ لأنه عذر شرعي، فكل ما يكون عذرًا شرعيًّا فإنه لا يقطع التتابع، سواء كان من المرأة أو من الرجل، لا بد من ستين يومًا متتابعة، يغتفر ما يقع فيها من العذر الشرعي. س: رجل مطالب بصيام شهرين كفارة، هل يصح له أن ينوي صوم شهر رمضان ضمن الشهرين مثلاً؟ فمثلاً يصوم شهر شعبان ويربطه برمضان؛ ¬

(¬1) أخرجه ابن بطة في إبطال الحيل (ج 1 ص 57).

ليتم صوم الشهرين، هل يصح له ذلك، أو لا يصح (¬1)؟ ج: لا يصح له ذلك، صوم الشهرين غير صوم رمضان، عليه أن يصوم الشهرين في غير رمضان للكفارة، يصوم شهرين متتابعين: رجب وشعبان، شوال وذا القعدة، ستين يومًا، وهكذا أما رمضان فرض مستقل من أركان الإسلام. س: كنت من قبل أربع سنوات من الآن من الشباب الطيبين، وملتزم بالصلاة والسنة ولكنني صاحبت جلساء سوء، وبدأت أترك هذا الطريق، حتى أصبحت أتهاون في أداء الصلاة، وارتكبت إحدى المعاصي في نهار رمضان، منذ حوالي ثلاث سنوات، وبدأت من العام الماضي أشعر بذنبي، ورجعت إلى ما كنت عليه باتباع السنة وإقامة الصلاة، ولكن كلما تذكرت الذي عملته في نهار رمضان خاصة، عند قيامي لصلاة الفجر حزنت، وبدأت عيناي تذرفان من الدموع، فأرجو من سماحة الشيخ توضيح ما يجب عليَّ أن أفعله، هل هو صيام أم قضاء؟ وجزاكم الله خير الجزاء. والواقع يذكر بالتفصيل خطيئته التي ارتكبها في نهار رمضان يا سماحة الشيخ. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (434). ') ">

ج: الحمد لله الذي هداك يا أخي إلى الرجوع إلى الصواب، ولزوم طريق السنة والجماعة، وصحبة الأخيار، ومن تاب تاب الله عليه، وهذا الذي أصابك من الحزن على ما حصل منك من انتكاس هذا يدل على خير عظيم، فأبشر بالخير، والتوبة يمحو الله بها ما قبلها، فمن تاب تاب الله عليه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» (¬1) ويقول صلى الله عليه وسلم: «التوبة تهدم ما كان قبلها» (¬2) فالتوبة تهدم ما جرى منك من تقصير والحمد لله، وهذا الحزن إذا ذكرت سيئتك والبكاء هذا خير عظيم وفائدة كبيرة، وهذا من جنس ما قال بعض السلف: إن العبد ليفعل الذنب فيدخل به الجنة، ويفعل الحسنة فيدخل بها النار. قيل: كيف ذلك؟ قال: يفعل الحسنة فيعجب بها، ويتكبر بها، ويتعاظم بها فيدخل بها النار، ويفعل السيئة ثم يندم كلما ذكرها ويحزن كلما ذكرها، فيدخل بها الجنة. فأنت بهذه التوبة، وبهذا الندم، وبهذا الحزن يرجى لك خير عظيم، ويرجى قبول توبتك، فأنت على خير عظيم، أما ما جرى منك في رمضان فعليك عنه كفارة مع التوبة الصادقة، تصوم اليوم الذي جرى فيه الجماع، تقضيه وعليك كفارة عن الجماع، وهي عتق رقبة إن كنت تستطيع، فإن ¬

(¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج، برقم (121)، والحديث جاء بلفظ (والهجرة تهدم ما كان قبلها)، ولم يرد بلفظ التوبة، وأخرجه أحمد في مسنده من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه برقم (17813)، بلفظ (إن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها)، وقد ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره (8/ 130). وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (3/ 38/1039): وفي ظني أن الحديث التبس أمره على ابن كثير ومختصره بالحديث الصحيح (إن الإسلام يجب ما كان قبله، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها).

عجزت صمت شهرين متتابعين، فإن عجزت أطعمت ستين مسكينًا، ثلاثين صاعًا وأنت أعلم بنفسك، إذا استطعت أن تعتق رقبة، وإن عجزت عن ذلك فالصيام شهران متتابعان، +فإن لم تستطع أطعمت ستين مسكينًا، كل مسكين يعطى نصف الصاع من التمر أو الأرز، أو غيرهما من قوت البلد، ونصف الصاع يقارب كيلو ونصفًا من الحنطة ونحوها، وهذا هو الواجب عليك مع التوبة والاستغفار، ومع قضاء اليوم، والمرأة مثلك، المرأة كذلك إذا كانت صائمة بالغة، المقصود أن عليها مثلك، عليها التوبة والاستغفار وقضاء اليوم، وعليها مع ذلك الكفارة إذا كانت مطاوعة، أما إذا كانت مقهورة مغصوبة لا قدرة لها فليس عليها شيء. أما العادة السرية فليس فيها إلا القضاء فقط، ما فيها كفارة، قضاء اليوم والتوبة والاستغفار والحمد لله.

حكم بلع الريق والنخامة للصائم

186 - حكم بلع الريق والنخامة للصائم س: أثناء تأديتي لصلاة الفجر في رمضان يغالبني الريق فأبلعه وأحس فيه بطعم دم اللثة ناتج عن التسوك أو التخلل من الأكل، فهل يؤثر ذلك في صومي أم لا (¬1)؟ ج: جواب هذا السؤال هو أن يقال: إن الريق لا بأس به، كونه يبلع ريقه ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (42).

هذا لا حرج فيه، الريق المعتاد أما النخامة من الصدر، أو من الرأس فهذه لا تبلع، متى وصلت إلى فمه، فإن الواجب أنه يقذفها ولا يبتلعها فإن تعمد ابتلاعها أفطر بذلك، على الصحيح وقضى ذلك اليوم، وأما إن كان في الريق شيء آخر، من بقايا ما في الأسنان، من الأكل من لحم أو خبز أو فاكهة، وشيء من الدم بسبب السواك، فهذا فيه تفصيل إن علم بذلك فلا يتعمده بل يقذفه، وإن لم يعلم ذلك وبلع ريقه كالعادة، ثم أحس بذلك فلا يضره لأنه لم يتعمد ذلك، بمثابة من تمضمض واستنشق، فغلبه شيء إلى حلقه من دون قصد، وبمثابة من غلبه السعال، أو غلبه القيء من غير قصد، هذا لا يضره، ذلك إنما يضر التعمد، إذا تعمد ابتلاع شيء وصل إلى فمه، من نخامة أو من دم في فمه تعمده أو طعام في فمه تعمده، هذا هو الذي يضره، أما ما لم يتعمده بل غلبه لم يتعمده فهذا لا يضر.

حكم الشرب بعد أذان الفجر بقليل للصائم

187 - حكم الشرب بعد أذان الفجر بقليل للصائم س: رجل يشك في بعض أيام رمضان، وما ذاك إلا لما يخرج من فمه من اللعاب الكثير، الذي يضطر غالبًا إلى بلعه، خاصةً أثناء الصلاة، أو في قاعة الصف الدراسي، أو إذا كان في المسجد، كذلك بعض الأيام يشرب الماء بعد السحور، والمؤذن يؤذن للصلاة، أي أثناء

الأذان، وأحيانًا بعد الانتهاء بقليل، وأحيانًا يخرج من اللثة دم مستمر لضعف لثته، فماذا يفعل وهو الآن قد انتهى من الصيام (¬1) (¬2)؟ ج: صومه صحيح، وهذا اللعاب لا يضر، كون الإنسان يبلع هذا الريق لا يضر، هذا هو الصواب، الذي يضر بلع النخامة، النخامة التي من الصدر أو الرأس، هذا هو الذي يجب عليه أن يبصقه في ثوبه أو في أي مكان، ولا يبتلعه في الصوم، وعند جمع من أهل العلم أن هذا النخام يفطره، أما جنس الريق، جنس اللعاب الذي ليس بنخام فلا يفطر وهكذا ما يقع من دم اللثة، هذا ما يقع من الأسنان، فإذا تعرض الإنسان إلى الدم الخفيف، فلا يضر الصوم، ولا يضر الوضوء، الوضوء صحيح والصوم صحيح، ولا يضره ذلك، وهكذا ما يتعلق بالأذان، كونك تأكل أو تشرب وهو يؤذن، فالصوم صحيح، حتى تعلم طلوع الفجر، فإذا كنت لا تعلم طلوع الفجر، حتى يفرغ الأذان، إذا كان يؤذن على ظن الوقت، وحسب التقويم، لكن الأحوط لك أن تجتهد في أن تفرغ قبل الأذان، تحتاط لصومك، وهكذا يكون عند فراغ الأذان، من غير تطويل دقيقة، دقيقتين ما يضر إن شاء الله، لأنه بالظن فقط، والأصل بقاء الليل، وعدم دخول النهار، هذا هو الأصل. لكن المؤمن ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (312). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (312). ') ">

يحتاط، يجتهد في الاحتياط، حتى يفرغ قبل الأذان. س: هل ابتلاع الريق جائز والمرء صائم (¬1)؟ ج: الريق العادي لا بأس به ويبتلعه، أما إذا كان فيه بلغم متعقد، نخام، فلا يبتلعه، يلقيه، يلفظه، أما الريق العادي، الماء العادي في الريق، هذا لا حرج فيه، والحمد لله. س: يسأل عن حكم الشرع في بلع الريق والإنسان صائم (¬2)؟ ج: بلع الريق لا بأس به، لكن إذا كان نخامة لا يبلعها، لو وصلت فمه يلقيها، أما إذا كان مجرد الريق، فلا حرج في ذلك. س: هل الريق إذا نزل من الحلق يفطر الصائم؟ ج: الريق لا يفطر الصائم. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (253). ') "> (¬2) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (183). ') ">

حكم السواك للصائم بعد الزوال

188 - حكم السواك للصائم بعد الزوال س: يسأل عن السواك بعد العصر في رمضان ما حكمه (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (358).

ج: حكمه لا بأس سنة مطلقة في جميع الأوقات، السواك للصائم وغير الصائم في العصر وغيره، لقوله صلى الله عليه وسلم: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب» (¬1) ويقول صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة» (¬2) هذا يعم صلاة الظهر والعصر وغيرهما في حق الصائم وغيره. ¬

(¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عائشة رضي الله عنها برقم (23683)، والنسائي في كتاب الطهارة، باب الترغيب في السواك، برقم (5). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب السواك يوم الجمعة، برقم (887)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب السواك برقم (252).

حكم استعمال معجون الأسنان للصائم

189 - حكم استعمال معجون الأسنان للصائم س: السائلة: س. ع. مصرية ومقيمة في المملكة لها جمع من الأسئلة: هل معجون الأسنان يفطر الصائم أم لا (¬1) (¬2)؟ ج: معجون الأسنان لا يفطر الصائم، وهكذا السواك وهكذا تنظيف الفم بالصابون أو غيره، كل هذا لا يفطر الصائم، لكن يحذر الإنسان من دخول شيء إلى جوفه، المعجون أو غير المعجون، لا يُدخل شيئًا إلى جوفه، أما كونه ينظف الأسنان، بمعجون أو بصابون، أو بنوع آخر ثم يبصق ذلك لا ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (47). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (47). ') ">

يضر صومه، أما إن تعمد ابتلاع شيء من ذلك، فإنه يبطل الصوم، أما إن ذهب إلى حلقه شيء، من غير قصد أو غلبه ذلك، أو نسيانًا فلا يفطر صومه. س: الأخت: س. و. ج. من القصيم. تسأل وتقول: هل يجوز للصائم غسل فمه بالفرشاة والمعجون (¬1)؟ ج: نعم، له غسله بالفرشاة والمعجون، لكن يحذر أن يدخل حلقه شيء، ويجتهد في بصق ما في فمه من ذلك حتى لا يبتلع شيئًا. س: هل معجون الأسنان يفطر؟ ج: المعجون لا يفطر، إذا لم تبلعه غسلت به أسنانها، غسلته ولفظته فلا يفطر، فإذا تعمدت ابتلاعه فإنه يفطر. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (292). ') ">

حكم تذوق الطعام للصائم

190 - حكم تذوق الطعام للصائم س: يقول السائل بأنه يعمل بمهنة طباخ وعندما أكون صائمًا، فلا بد من تذوق الطعام بلساني، وبعد ذلك أتمضمض بالماء، فهل صيامي صحيح لرمضان الماضي (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (360).

ج: نعم، صحيح ذوق الطعام لا يضر، كونه تذوق الطعام هو مالح أو طيب لا يضر، لا بأس به، يذوقه ويلفظه لا يبلعه لا بأس بذلك، والحمد لله. س: هل الإنسان إذا تذوق الطعام في رمضان وهو صائم، ولم يدخل إلى الحلق، هل يبطل الصيام؟ ج: لا حرج للطباخ والطباخة، لهما ذوق الطعام ويلفظانه، لا يبلعانه ولا بأس.

حكم تذوق ملح الطعام للصائم

191 - حكم تذوق ملح الطعام للصائم س: هل يجوز تذوق ملح الطعام وأنا صائمة؟ وهو لا يذهب إلى الحلق، بل في طرق اللسان، أرجو التكرم بالإجابة عن هذا السؤال (¬1) (¬2). ج: لا حرج بأن المرأة تتذوق الطعام أو الرجل الطباخ لا حرج، بكونه يذوق هل هو مالح أو طيب ثم يلفظه، لا يبتلع شيئًا، لكن يذوقه ثم يلقيه، لا بأس بذلك في حق المرأة ولا في حق الرجل الطباخ، لا حرج في هذا بحمد الله. س: ما الحكم بذوق الطعام في نهار رمضان والإنسان صائم للتعرف على الملح أو نحوه؟ ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (24). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (24). ') ">

ج: لا حرج في ذلك، أن يذوق الطباخ طعم الطعام هل هو مالح، أو خانس لا بأس بذلك، لكن لا يبتلعه، يذوقه بلسانه ثم يلقيه، ولا يبتلع شيئًا منه ولا حرج في ذلك.

حكم أكل الثوم في رمضان

192 - حكم أكل الثوم في رمضان س: بعض الناس يأكل الثوم في رمضان، وقد تجد له رائحة قوية تنبعث منه، فهل يؤثر ذلك على الصيام؟ وجهونا مأجورين (¬1). ج: لا يجوز لمن يصلي مع الناس أن يأكل الثوم والبصل أو الكراث، يجب أن يمتنع من ذلك، وإذا فعل يجب إخراجه من المسجد، حتى لا يؤذي الناس، كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بإخراجهم، إذا أكلوا الثوم والبصل؛ لئلا يؤذوا الناس، فالذي يأكل ثومًا لحاجة، أو بصلاً لحاجة، يصلي في بيته، لا يصلي مع الناس، وعلى الهيئة والمسؤولين إخراجه من المسجد حتى لا يؤذي الناس. ¬

(¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (423).

حكم وضع الدهان على الجسم في نهار رمضان

193 - حكم وضع الدهان على الجسم في نهار رمضان س: أرجو إفادتي عن وضع الدِّهان على الجسم في نهار رمضان مع

العلم أن بعض هذه الأدهنة، يمتصُّها الجلد، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: لا حرج في ذلك في حق الصائم، كونه يدَّهن لا حرج عليه، في جسمه كله أو بعضه. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (295).

حكم مضغ اللبان في نهار رمضان للصائم

194 - حكم مضغ اللبان في نهار رمضان للصائم س: السائلة: تسأل وتقول: يقول البعض لدينا: إن اللبان لا يفطر، فهل هذا القول صحيح (¬1)؟ ج: ليس بصحيح، اللبان إذا كان يعلكه ويبلع ريقه، هذا شبه الطعام، لأن له طعمًا، وله ذوق، مثل الذي يمضغ الحلوى يفطر، أمَّا لو جعلها في فمه ثم لفظها ولا بلع شيئًا، ما يضره، لكن ما دام يعلك ويبلع، فهو مثل من يعلك الحلوى، أو التمر ويبلع، وما قيل: إن بعض الكتب التي أوردت هذا الحكم فهو غير صحيح. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (243).

بيان السنة فيما يفطر عليه الصائم

195 - بيان السنة فيما يفطر عليه الصائم س: هل من السنة عند إفطار الصائم أن يأكل تمرات ويشرب الماء، ثم يقوم

ليصلي المغرب، ثم بعد ذلك يأكل ما شاء من الطعام والشراب (¬1)؟ ج: نعم، لأن هذا هو الذي يمكن فيه الجمع بين المصالح، فيبادر بالفطور وعلى ما يسر الله، من رُطَب أو تمر أو ماء، ثم يذهب إلى الصلاة مع الجماعة، حتى لا تفوته صلاة الجماعة، ثم يرجع ويتعشى، (ما فيه بأس هكذا)، أما لو كانوا جماعة في سفر مثلاً فلهم أن يأكلوا ويتعشّوا، ثم يصلوا وإن أخروا العشاء وقدَّموا الصلاة بعد ما أفطروا فلا بأس، أمَّا في المدن والقرى، فإن الإنسان يتناول ما يسر الله، من فطور ثم يذهب إلى الصلاة، حتى لا تفوته صلاة الجماعة. ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (383).

بيان وقت السحور

196 - بيان وقت السحور س: السائل يقول: في شهر رمضان نحضر السحور قبل الأذان بثلث أو نصف ساعة، ويؤذن ونحن لم نتم السحور، فنأكل وهو يؤذن، وبعض الناس قال: الإمساك حين سماع الأذان، والبعض قال: إن أفضل وقت للسحور، هو عند الأذان حتى يكون متأخرًا مع أننا نسمع الأذان الذي يكون قبل طلوع الفجر بقليل أو مع طلوع الفجر،

ما حكم ما فعلنا (¬1)؟ ج: السنة تأخير السحور إلى آخر الليل، لكن ينبغي أن يقدَّم قبل الأذان حتى يفرغ المتسحر قبل الأذان، والنبي صلى الله عليه وسلم، ثبت عنه أنه تسحر في آخر الليل، ثم قاموا إلى الصلاة بعد السحور. وسئل عن ذلك كم كان بين الأذان والسحور: قال قدر خمسين آية، المقصود أن التأخير أفضل، لكن ينتهي قبل الأذان، فإذا أكل وهو يؤذن فلا حرج، إذا لم يعلموا أن الصبح قد طلع، أما إذا علموا أن الصبح قد طلع، كالذي في الصحراء يرى الصبح فإنه لا يأكل، إذا رأى الصبح ولو ما أذان لأن العمدة على الصبح؛ لأن الله جل وعلا قال: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}، يعني من الصبح، فإذا كان لا يعلم عن الأذان فله أن يشرب أو يأكل مع الأذان، لكن ترك هذا أحوط وأولى، يتقدم ويأكل سحوره قبل الأذان، هذا هو الأفضل والأولى احتياطًا للصوم، وبعدًا عن الشك، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (¬2) اللهم صل وسلم عليه. ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (226). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (11689)، والترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب منه، برقم (2518).

حكم صيام من لم يتسحر

197 - حكم صيام من لم يتسحر س: من الأخ أبي عبد العزيز رسالة ضمّنها جمعًا من الأسئلة في أحدها يقول: أسأل سماحتكم عن حكم صيام من لم يتسحر، سواءً كان صيامه تطوعًا أو فرضًا (¬1) (¬2)؟ ج: لا حرج في ذلك وصومه صحيح، وإن لم يتسحر لكنه ترك السنة، السنة أن يتسحر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تسحروا فإن في السحور بركة» (¬3) في الفرض والنفل، السنة أن يتسحر، كان النبي يتسحر عليه الصلاة والسلام، فالسنة أن يتسحر بما تيسر من تمر أو أي طعام أو فاكهة، ويتسحر بما تيسر، هذا هو السنة، يستعين بذلك على صيامه، فإن صام وهو لم يتسحر، فلا حرج وصومه صحيح، وقد واصل النبي عليه الصلاة والسلام بجماعة من الصحابة يومين بغير سحور، بلا سحور ولا فطور. س: من استيقظ قبل شروق الشمس، ولم يتسحر فهل صيامه صحيح؟ ج: نعم، صومه صحيح ولو لم يتسحر، العمدة على النية؛ لأن الأعمال بالنيات. ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (312). (¬2) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (312). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب بركة السحور من غير إيجاب، برقم (1923)، ومسلم في كتاب الصيام، باب فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره، برقم (1095).

مسألة في حكم تقبيل الزوجة في نهار رمضان

198 - مسألة في حكم تقبيل الزوجة في نهار رمضان س: ما حكم من قبل زوجته في نهار رمضان، هل يبطل صومه أو يجرحه وهل عليه كفارة أم لا (¬1) (¬2)؟ ج: من قبل زوجته في الصيام فصومه صحيح، وهكذا لو لمسها أو نام معها، كل ذلك لا يضر صومه، لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم (¬3)، وسأله عمر عن ذلك قال: إنه قبل امرأته، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرأيت لو تمضمضت بماء وأنت صائم قال: لا بأس، قال صلى الله عليه وسلم: ففيم» (¬4) فكما أن المضمضة لا تضر الصوم، فهكذا القبلة، إذا كان ما خرج منه شيء، أما إذا خرج منه المني فإنه يبطل الصوم، أما إذا قبلها ولمسها ولم يخرج فصومه صحيح، ولو أمذى لم يضره، على الصحيح، المذي لا يبطل الصوم، وهو الماء اللزج الذي يخرج على أثر الشهوة، على طرف الذكر هذا لا يبطل الصوم، وإنما يبطل المني، وهو ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (198). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (198). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب المباشرة للصائم، برقم (1927)، ومسلم في كتاب الصيام، باب بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة، برقم (1106). (¬4) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عمر بن الخطاب، برقم (139).

الماء الغليظ الذي يخرج دفقًا بلذة وبشهوة، وإذا كان يخشى على شهوته فينبغي له ترك التقبيل، إذا كان يخشى أن تكون شهوته سريعة، فينبغي له ترك ذلك، وقد روى أبو داود: أن النبي صلى الله عليه وسلم استأذنه إنسان في التقبيل، فأذن له، واستأذنه آخر فلم يأذن له، فإذا الذي أذن له شيخ كبير، والذي لم يأذن له شاب. قال بعض أهل العلم: معنى ذلك أن الشاب قد لا يملك نفسه، وقد تسبقه شهوته بخلاف الشيخ الكبير، وفي إسناده نظر، والحاصل والخلاصة أنه إذا كان يخشى يترك التقبيل، أمَّا إن كان ما يخشى يعرف نفسه، وأن لا خطر في التقبيل، فلا بأس في ذلك ولا حرج.

حكم صيام من غش أثناء الاختبار المدرسي

199 - حكم صيام من غش أثناء الاختبار المدرسي س: يقول السائل: أفطرت العام الماضي في رمضان المبارك، يومًا واحدًا بعذر شرعي وهو السفر، وقضيت ذلك اليوم والحمد لله، وكان ذلك اليوم مصادفًا ليوم من أيام الدراسة، حاولت الغش بل غششت فقرة من سؤال واحد، أثناء الاختبار علمًا بأن هذا الاختبار، اختبار شهري، هل يتأثر صيامي بما فعلت (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (214).

ج: الصيام صحيح، لكنه ينقص بالمعصية، المعاصي تنقص الصيام، وتنقص العبادات، تنقص الإيمان، المعاصي كلها تنقص الإيمان، وتضعف الإيمان، لكن لا يبطل الصوم بها، فلو صام، وحصل منه معصية من غش أو غيبة أو كذب، فصيامه صحيح لكن يكون ناقصًا، ليس من جنس صيام من عافاه الله من هذه المعصية.

حكم التفريق في قضاء صيام رمضان

200 - حكم التفريق في قضاء صيام رمضان س: هل يجوز قضاء أيام رمضان يومًا بعد يوم (¬1) (¬2)؟ ج: نعم يجوز والمتابعة أفضل إذا يسر ذلك، فإن فرق بين أيام القضاء فلا بأس، لأن الله قال جل وعلا: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ولم يقل متتابعة، سبحانه وتعالى، قال: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، هذا يشمل المتتابعة والمفرقة، فالأمر في هذا واسع والحمد لله. س: السائلة: أم عادل من المدينة المنورة، تقول: هل يجب علي صيام قضاء رمضان متتاليًا، أو أيامًا متفرقة؟ هل هذا كله جائز (¬3)؟ ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (58). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (58). ') "> (¬3) السؤال السابع من الشريط رقم (412). ') ">

ج: يجوز القضاء متتابعًا، ويجوز مفرقًا، فلا بأس بذلك، قضاء رمضان، أما الكفارة فلا بد من تتابعها، كفارة الطهارة، وكفارة القتل، لا بد من التتابع، أما كفارة الصيام ثلاثة أيام، فالذي ينبغي تتابعها، كما قرأ ابن مسعود رضي الله عنه في قراءته: فصيام ثلاثة أيام متتابعة، التتابع أولى وأحوط، أما قضاء رمضان، هذا لا يجب فيه التتابع، لكن إن تابع فهو أفضل. س: إذا أفطرت المرأة، بعض أيام رمضان لعذر شرعي، وعندما تقضيها هل يجب عليها أن تقضيها متتابعة؟ وهل إذا كانت متفرقة لا تجزي؟ وهل يجب صيام ستٍّ من شوال متتابعة أم متفرقة؟ ج: قضاء رمضان واجب، لكن لا يجب التتابع فيه، إن قضته متتابعًا، فهو أفضل، وإن فرقته لا بأس، القضاء واجب، والتتابع غير واجب، إذا قضت رمضان مفرقة لا بأس، سواء كان إفطارها في رمضان، لمرض، أو لحيض، أو نفاس، القضاء لا يجب فيه التتابع ولكن يستحب، إذا فرقت القضاء فلا بأس، أو فرقة الرجل؛ لأنه مريض فأفطر في رمضان، ثم صام بعد ذلك، لا حرج في التفريق، أما الست من شوال فلا يجب صيامها، هي سنة مستحبة، صيام ست من شوال صوم مستحب ولا يجب، إن تركه الإنسان فلا بأس،

ومن صام فله أجر.

مسألة في حكم التتابع في قضاء رمضان

201 - مسألة في حكم التتابع في قضاء رمضان س: السائلة تسأل عن قضاء صيام رمضان، شهر رمضان الذي أفطرته المرأة بسبب النفاس أو الحيض، هل يجوز لها القضاء يومًا بعد يوم؟ وإذا تركته حتى جاء رمضان آخر، فما الحكم؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الواجب عليها القضاء ولو غير متتابعة ولو مفرقة لا بأس، لأن الله يقول: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، هكذا النفساء والحائض تقضي، لكن لا بأس أن تفرق، تصوم يومًا وتفطر يومًا لا حرج، ولا يجوز تأخيره إلى رمضان بل يجب البدار حتى يصام قبل رمضان، وإذا أخرت حتى جاء رمضان آخر، ثم قضت فإن عليها التوبة، وعليها القضاء، وعليها إطعام مسكين عن كل يوم زيادة، ثلاثة أمور: عليها التوبة إلى الله، والندم، وعليها القضاء، وعليها إطعام مسكين عن كل يوم، إذا كان التأخير هذا بغير عذر، إذا كان مع القدرة ما عندها مانع، ما عندها مرض ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (301).

يمنعها، ولا عذر لكن أخرت تساهُلاً، فعليها القضاء والتوبة وإطعام مسكين عن كل يوم، نصف صاع عن كل يوم، يجمع ويعطى على عدد الفقراء بعدد الأيام، كيلو ونصف من طعام البلد.

بيان ما يلزم المرأة العاجزة عن قضاء رمضان

202 - بيان ما يلزم المرأة العاجزة عن قضاء رمضان س: تقول السائلة: إذا كانت المرأة لا تتمكن من قضاء ما عليها من رمضان، بعده مباشرة لضعف صحتها، أو لكثرة هذه الأيام، وأيضًا لا تتمكن من صيام الست من شوال، فبماذا توجهونها (¬1) (¬2)؟ ج: قد وسع الله لها، فلها أن تؤخر الصوم، إلى شعبان، ولها أن تؤخر الصوم إلى الشتاء، إلى شعبان، إلى رجب، السنة كلها بحمد الله فيها سعة، كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، لا تقضي إلا في شعبان، لأسباب تبدأ تتعلق بالرسول صلى الله عليه وسلم، وحاجته إليها، فالمقصود أن الأمر فيه سعة، لكن لا تصوم الست قبل القضاء، تبدأ بالقضاء إن قدرت، بالقضاء، وإلا فلا شيء عليها، لا تبدأ بالست، بدل ما تبدأ بالست تصوم ستًا من القضاء والحمد لله، تبدأ بالقضاء ولو استغرق الشهر كله، ولا عليها ست، وإذا كان منعها من ذلك القضاء، لها الأجر إن شاء الله، إذا شق عليها القضاء في شوال. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (293). (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (293). ') ">

س: سائلة: م. هـ. تقول: امرأة شكَّت في أن عليها صيام يوم من رمضان في العام الماضي، وصامت هذا اليوم في اليوم الأخير من شهر شعبان، فهل عليها شيء في فعلها هذا؟ ج: ليس عليها شيء ما دام قضاء هذا الواجب عليها.

بيان ما يلزم المرأة العاجزة عن قضاء الصيام بسبب الحمل والرضاع

203 - بيان ما يلزم المرأة العاجزة عن قضاء الصيام بسبب الحمل والرضاع س: امرأة تنجب دائمًا في رمضان، ويشق عليها القضاء؛ لانشغالها بالأولاد، وأمور البيت، ماذا عليها أن تفعل (¬1)؟ ج: عليها أن تقضي، واجب عليها أن تقضي حسب الطاقة، ولو كانت ولدت في سنتين أو ثلاث، كلها في رمضان، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، تؤجل إذا عجزت، تؤجل حتى يتيسر لها القضاء، وإذا استطاعت وجب أن تقضي، لكن لو شغلت بالأطفال، وشق عليها الصوم فإنها تؤجل حتى بعد رمضان، ما فيه مشقة، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، يقول جل وعلا: ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (382).

{وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، والمرضع مثل المريض لها أن تؤجل حتى تستطيع.

مسألة في حكم من أخر قضاء صيام رمضان لسنوات عدة

204 - مسألة في حكم من أخر قضاء صيام رمضان لسنوات عدة س: هذه سائلة تقول: أنجبت ولدين من أبنائي خلال شهر رمضان، فأفطرت بهما، كوني امرأة نفساء ومرضعة، وبعد مرور اثنين وعشرين عامًا، أريد أن أقضي ذلك الدين في هذين الشهرين، فما حكم القضاء، وهل يترتب على ذلك كفارة، إلى جانب الصيام، وأنا امرأة فقيرة الحال (¬1)؟ ج: عليها التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، من هذا التأخير الكثير وعليها أن تقضي جميع الأيام التي أفطرتها، إن كان الولدان في سنة واحدة، توأمين عليها أن تقضي الشهر، وإن كان كل واحد في رمضان، عليها أن تقضي الشهرين، وعليها أن تطعم مسكينًا عن كل يوم، إذا كانت تستطيع، وإن كانت ما تستطيع، فقيرة، يكفي الصيام، والحمد لله، مع التوبة إلى الله عز وجل. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (401).

حكم صيام من سقط جنينها في رمضان

205 - حكم صيام من سقط جنينها في رمضان س: السائلة: ل. ع. ن. من الرياض تقول بأنها كانت حاملاً في الشهر الثالث، وسقط هذا الحمل، وقد دخل عليها شهر رمضان، وكان ينزل عليها دم، ولم تصم اليوم الأول من هذا الشهر، وصامت الباقي فهل عليها صوم أم لا (¬1)؟ ج: إذا كان هذا الجنين ما تخلق، فهذا الدم دم فساد، تصلي وتصوم وتتوضأ لكل صلاة، أما إذا كان قد تخلق، ظهر فيه مثلاً رأس، أو رجل أو يد، تبيّن: يصير نفاسًا لا تصلي، ولا تصوم حتى ترى الطهارة أو تكمل الأربعين. ¬

(¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (3).

حكم زيادة صيام يوم على أيام القضاء للاحتياط

206 - حكم زيادة صيام يوم على أيام القضاء للاحتياط س: السائل يقول: عند قضاء الأيام التي يفطرها الإنسان، من شهر رمضان للأعذار المبيحة، مثل: المرض والسفر والحيض، يقول: يجب زيادة يوم عند قضائها ليكون شاهدًا، فهل هذا صحيح (¬1)؟ ج: ليس لذلك أصل، وليس عليها إلا قضاء ما تركت، إذا نامت عن شيء ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (102).

أو نسيت شيئًا من الصلوات، تصلي ما فاتها فقط، وفي الحيض لا صلاة عليها، لو كانت حائضًا ونفساء، وليس عليها قضاء صلاة الحيض والنفاس، وإنما الصوم، صوم رمضان فقط، لكن لو نامت عن صلاة أو نسيتها فعليها أن تقضي فقط ما تركت، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نسي صلاة فليصل إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك» (¬1) ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب من نسي صلاة فليصل إذا ذكر، برقم (597)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة، برقم (684).

حكم تأخير قضاء رمضان إلى شهر شعبان

207 - حكم تأخير قضاء رمضان إلى شهر شعبان س: هل يجوز قضاء أيام الإفطار من شهر رمضان في العشر الأيام الأخيرة من شعبان، أو قبلها بالنسبة للمرأة (¬1)؟ ج: لا حرج بالنسبة للمرأة والرجل جميعًا، يجوز تأخير القضاء إلى شعبان، كما تفعله عائشة رضي الله عنها، ولأن الله جل وعلا قال: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. فلم يقل في كذا ولا في كذا، ولم يقل يجب المبادرة، فدل هذا على الإرجاء، فإذا قضى أيام رمضان في شوال، في ذي العقدة، في ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (384).

ذي الحجة، في محرم، في صفر، إلى آخره ليس فيه مانع.

بيان ما يلزم من أفطر أياما من رمضان من غير عذر شرعي

208 - بيان ما يلزم من أفطر أيامًا من رمضان من غير عذر شرعي س: منذ خمس سنوات وفي شهر رمضان المبارك، أفطرت أربعة أيام، وليس لي عذر غير التعب، وسؤالي هو: هل يجب علي القضاء؟ وهل علي كفارة؟ وما هي؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: نعم، عليكِ ثلاثة أمور: الأمر الأول التوبة إلى الله سبحانه، والندم على ما فعلتِ من التقصير والإفطار بغير حق، فإن كنتِ أفطرتِ، من أجل الحيض فلا حرج، لكن عليكِ التوبة إلى الله من أجل التأخير لأنكِ أخرتِ القضاء، والواجب أن تقضي قبل رمضان الذي بعد رمضانكِ الذي أفطرتِ فيه، فعليكِ التوبة إلى الله سبحانه من هذا التأخير، أو من الإفطار بغير عذر، إن كنتِ أفطرتِ بغير عذر، والتوبة لازمة من كل ذنب، وهي الندم على الماضي من الذنب، والإقلاع منه والعزم الصادق ألاّ يعود العبد إليه، هذه التوبة، وعليكِ مع ذلك قضاء الأيام الأربعة، لأن الله قال: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، وإذا أفطر غير المريض وغير ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (146).

المسافر، فمن باب أولى أن يقضي وعليه التوبة إلى الله، وأمر ثالث وهو: إطعام مسكين، عن كل يوم نصف صاع، يعني كيلو ونصفًا تقريبًا من التمر، أو من الحنطة أو من أرز أو غيرها، من قوت البلد عن كل يوم نصف صاع، بصاع النبي صلى الله عليه وسلم يعطاها بعض الفقراء، ولو فقيرًا واحدًا يكفي، والله جل وعلا المسؤول أن يغفر لنا ولكِ، وأن يهدينا وإياكِ وسائر المسلمين.

حكم من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر

209 - حكم من أخر قضاء رمضان حتى دخل رمضان آخر س: يقول السائل: سماحة الشيخ، امرأة عليها قضاء خمسة أيام من رمضان الماضي وأتى عليها شهر رمضان الثاني، ولم تصم الأيام الخمسة التي عليها، فما العمل بالنسبة لها؟ وماذا يجب عليها (¬1) (¬2)؟ ج: عليها أن تقضيها بعد العيد بالنية عن رمضان السابق، وعليها إطعام مسكين عن كل يوم زيادة، إذا كانت أخرتها تساهلاً، إطعام مسكين نصف صاع عن كل يوم، تعطاها بعض الفقراء عن الخمسة الأيام، مع التوبة إلى الله، والندم والإقلاع والاستغفار؛ لأنها أخطأت في تأخيرها أما إذا كان أخرتها لمرض عجز، أو رضاع عجز هذا تقضيها ولا عليها شيء. ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (418). (¬2) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (418). ') ">

س: هذه السائلة ن. تقول: امرأة عليها قضاء من رمضان، قبل الماضي، فهل عليها كفارة مع القضاء، وما مقدار ذلك؟ ج: إذا كان القضاء من رمضان سابق غير رمضان القريب، عليها إطعام مسكين عن كل يوم؛ لأجل تأخير القضاء إذا كانت أخرته من دون عذر، بل بالتساهل حتى جاء رمضان آخر، عليها القضاء مع إطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع، من قوت البلد، من تمر أو غيره أو رز أو بر، أما إذا كانت أخرته لعذر، لمرضها أو حملها، أو إرضاعها، ما تيسر لها ذلك، لعذر تقضي فقط، وليس عليها إطعام يكفيها القضاء.

مسألة فيمن أخر قضاء أيام من رمضان لسنوات

210 - مسألة فيمن أخر قضاء أيام من رمضان لسنوات س: يقول السائل: ل. ف. ع. مقيم بالإحساء: أفطرت من ثلاث سنوات في رمضان، مدة سبعة أيام دخلت فيها المستشفى، بناءً على أمر الأطباء لمرض القلب، ومن ذلك الحين لم أقضِ الأيام السبعة، التي في ذمتي في هذه الفترة، قمت بالحج إلى بيت الله الحرام، وتبت إلى الله من جميع المعاصي، والذنوب الماضية، فهل هذا يكفي أم

يجب علي القضاء والفدية (¬1) (¬2)؟ ج: يجب عليك قضاء السبعة والفدية، والحج صحيح والحمد لله، تقضي الأيام السبعة التي عليك، وتطعم عن كل يوم مسكينًا، يعني ثلاثة أصواع ونصفًا، عن السبعة الأيام، تعطيها بعض الفقراء، عن كل يوم نصف صاع، رز أو حنطة أو تمر تعطيها بعض الفقراء، وتصوم السبعة الأيام مع التوبة، وقد تبتَ والحمد لله. س: السائلة: م. م. ع. تقول: أفطرت أيامًا من رمضان منذ عدة سنوات لوجود العذر الشرعي، لعدم علمي بوجوب قضاء تلك الأيام بعد ذلك، ولذلك فلم أقض حتى الآن، ما الذي يجب علي الآن أن أفعله، هل هو القضاء والكفارة، أم القضاء فقط؟ أم أن عدم علمي بذلك يسقط عني القضاء؟ ج: الواجب عليكِ أمور ثلاثة: التوبة إلى الله من فعلكِ، والقضاء أيضًا، وإطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع، كيلو ونصف عن كل يوم من قوت البلد. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (387). (¬2) السؤال من الشريط رقم (387). ') ">

حكم من تركت الصيام بعد البلوغ جهلا

211 - حكم من تركت الصيام بعد البلوغ جهلا س: تسأل السائلة وتذكر أنها امرأة حاضت وهي في الخامس الابتدائي، وبدأت الصيام، ولكن في الثلاث سنوات الأولى التي بعد البلوغ لم تصم رمضان، وكانت تجهل الحكم، ما الذي يلزمها الآن (¬1)؟ ج: عليها القضاء، ما دام أتاها الحيض وهي صغيرة، بنت تسع سنين أو عشر سنين عليها أن تقضي ما تركت. ¬

(¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (409).

حكم تأخير قضاء رمضان بسبب المرض حتى يدخل رمضان آخر

212 - حكم تأخير قضاء رمضان بسبب المرض حتى يدخل رمضان آخر س: امرأة كبيرة في السن فاتها صيام رمضان في العام الماضي، نظرًا لمرضها وعدم استطاعتها وهي تسأل: ماذا تفعل في قضاء ذلك الصيام، علمًا بأنها الآن لا تستطيع القضاء، نظرًا لحالتها الصحية (¬1)؟ ج: إن كانت لا تستطيع القضاء لمرضها، فعليها القضاء بعد الشفاء، وتمهَل لقول الله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، أما إن كانت لا تستطيع لكبر سنها وضعف بدنها، ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (369).

وعجزها عن الصبر عن الطعام والشراب إلى الليل، فإنها تطعم عن كل يوم مسكينًا، ولا شيء عليها، والحمد لله.

حكم تقديم الإطعام قبل قضاء عليه من رمضان

213 - حكم تقديم الإطعام قبل قضاء ما عليه من رمضان س: تقول الأخت السائلة: من عليه القضاء وإطعام المساكين أو الفقراء، بالنسبة للمفطر في رمضان، فإن أطعم مسبقًا لكل الأيام، ثم بعد الفراغ من الإطعام يصوم عدد الأيام التي عليه، هل هذا صحيح (¬1)؟ ج: لا بأس، قدم الإطعام أو أخره، سواء قدمه أو أخره، إذا كان عليه أيام من رمضان، وأخرها إلى رمضان آخر، إن تأخرت يقضي، ويطعم عن كل يوم مسكينًا، سواء قدم الإطعام أو أخره. عن كل يوم نصف صاع، يعني كيلو ونصفًا عن كل يوم، إذا أخرها إلى ما بعد رمضان آخر. ¬

(¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (432).

حكم دفع كفارة الإطعام لأسرة واحدة

214 - حكم دفع كفارة الإطعام لأسرة واحدة س: تقول: علي قضاء مؤخر لعدة سنوات، وأريد قضاءه، فهل يجوز لي أن أشتري كيس رز يكفي لطعام أسرة كاملة لمدة ستين يومًا. هل يجوز لي أن أدفعه لأسرة فقيرة وأصوم القضاء الذي علي، أم أصوم

وأطعم عن كل يوم (¬1)؟ ج: إذا كان تأخير الصوم من أجل المرض أو نحوه فيكفي القضاء فقط، قضاء الصوم يكفي، أما إذا تساهل من أفطر في رمضان ولم يقض وهو طيب حتى أدرك رمضان الآخر فإنه يقضي ويطعم عن كل يوم مسكينًا، وإذا جمعه وأعطاه بعض الفقراء كفى، إذا جمع طعام الشهر كله وأعطاه بعض الفقراء كفى، أما إذا كان تأخيره من أجل المرض، ما استطاع فلما استطاع بادر، فليس عليه شيء إلا القضاء. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (412).

مسألة في قضاء ما أفطر من أيام دون عذر شرعي

215 - مسألة في قضاء ما أفطر من أيام دون عذر شرعي س: الأخت: أ. ش. أ. ح. من العراق تقول: أفطرت ثلاثة أيام من رمضان، قبل ثلاثة أعوام دون عذر شرعي، ولكن دون أن أعرف أن ذلك لا يجوز أبدًا إلا بعذر شرعي، وعندما سألت عن ذلك، قالوا لي: اقضي الأيام التي أفطرتها مع التوبة إلى الله، وفعلت ولكني خائفة وقلقة، فما الحكم؟ وجهوني جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الحكم مثل ما فعلتِ والحمد لله، الذي أفتاكِ بأن تقضي وتتوبي قد ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (175).

أحسن وأصاب، فليس عليكِ إلا القضاء والتوبة وقد فعلتِ، والحمد لله، ولا داعي للقلق التوبة تجب ما قبلها والحمد لله.

بيان ما يلزم من أفطر من أجل مشقة العمل في الحر

216 - بيان ما يلزم من أفطر من أجل مشقة العمل في الحر س: السائل يقول: ما حكم من فرَّط في شهر رمضان من شدة العمل في الحرِّ؟ ولقد مضى عليه ستة أعوام، فهل يجزئ عنه الإطعام؟ وما مقداره، أم لا بد من الصيام؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: أولاً عليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى والندم على ما مضى منه والعزم الصادق ألاّ يعود في ذلك، ثم عليه القضاء، قضاء ذلك الشهر مع إطعام مسكين عن كل يوم إذا كان يقدر، أما إن كان فقيرًا ما يستطيع، فإنه يكفيه الصيام والحمد لله مع التوبة، وهذه جريمة عظيمة نعوذ بالله، فعليه التوبة إلى الله والندم والإقلاع والعزم الصادق ألاّ يعود وعليه البدار بالقضاء، وعليه مع ذلك إطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع، يعني كيلو ونصفًا عن كل يوم من طعام بيته، من أرز، أو حنطة أو تمر أو غيرها من قوت البلد، فإن كان فقيرًا عاجزًا لا يستطيع ذلك، سقط عنه الإطعام وبقي عليه الصيام. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (233). (¬2) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (233). ') ">

س: ما حكم من فرط في شهر رمضان، بسبب انشغاله بعمل شاق؟ وكيف يكون القضاء؟ وإذا كان لم يستطع القضاء هل تكفي الكفارة، وإذا أخر القضاء إلى أن يرجع إلى بلده هل له ذلك (¬1)؟ ج: أولاً عليه التوبة من ترك الصيام، عليه التوبة إلى الله جل وعلا والندم، والإقلاع والعزم ألاّ يعود في ذلك، لأن تركه الصيام مع القدرة جريمة ومنكر، وكبيرة من كبائر الذنوب، فعليه التوبة إلى الله بالندم على ما مضى منه، والعزم الصادق ألاّ يعود فيه، وعليه قضاء رمضان، وإذا قضى قبل رمضان آخر فليس عليه إلا التوبة والقضاء، أما إن تأخر القضاء إلى ما بعد رمضان آخر فعليه مع التوبة والقضاء إطعام مسكين عن كل يوم زيادة، فيكون عليه ثلاثة أمور: التوبة، والقضاء، وإطعام مسكين عن كل يوم إذا تأخر القضاء إلى رمضان آخر، أما إن قضى قبل رمضان فالتوبة تكفي مع القضاء يقضي والتوبة والندم على ذلك. س: قبل ثلاث عشر سنة، كنت أعمل في مدينة غير التي أسكنها، وكان العمل شاقًّا للغاية وصادفت تلك الفترة رمضان الكريم، ولم أستطع صيام خمسة عشر يومًا من شهر رمضان، فهل يجوز القضاء وهل ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (271). ') ">

علي أشياء غير القضاء؟ أرجو أن توجهوني، وفيما إذا تكرر الحال مرة أخرى، كيف أتصرف؟ جزاكم الله خيرًا. ج: عليك القضاء وعليك مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم، أما القضاء فلقوله سبحانه وتعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، فإذا كان المريض يقضي والمسافر يقضي، فالذي تساهل وترك الصيام من أجل بعض الشدة، من باب أولى أن يقضي مع التوبة إلى الله، والاستغفار عما حصل من التساهل، وعليك مع ذلك إطعام مسكين عن كل يوم؛ لأنك أخرت القضاء إلى ما بعد رمضان آخر، فعليك إطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع، من قوت البلد كيلو ونصف، من تمر أو أرز أو حنطة أو غير ذلك، وإن عشَّيت المسكين أو غديته كفى ذلك، وإن جمعت الجميع وأعطيته بعض الفقراء كفى ذلك؛ لأن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أفتوا بهذا رضي الله عنهم وأرضاهم، وإذا تكرر هذا يختلف، إذا كان بمرض المريض يفطر، أو في حال السفر المسافر يفطر، أما إذا كان في حال الإقامة وعدم المرض، فهو صحيح معافى ليس بمسافر، بل الواجب عليه أن يصوم وأن يستعين بالله عز وجل، وليس له التساهل في هذا

لأجل مشقة حر، إلا أن يخشى موتًا، فهذا شيء آخر، المقصود: عليه أن يصبر كما يصبر إخوانه المسلمون في بعض البلاد الحارة، يصبر ويستعين بالله، كما يصوم إخوانه إلا إذا كان مريضًا أو مسافرًا، وحتى إن كان عاملاً يصوم، ويتفق مع أصحاب العمل على تخفيف العمل، أو تخفيف المدة على قدر حاله، فإن لم يستطع ذلك، ترك العمل في رمضان، وعمل فيما سوى رمضان، واستعان بالأعمال الأخرى في غير رمضان، على بقائه وفراغه في رمضان؛ لأن دينه أهم وأحق أن يعتني به، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، فالمؤمن يعتني بدينه أكثر ويهتم به أكثر، فإذا كان في رمضان عنده عمل كثير، اتَّفق مع أهل العمل على تخفيفه، حتى يتمكن من الصيام، على كل حال، يعمل ما يستطيع، يعمل في أول النهار، أو آخر النهار، أو في الليل، يتفق مع العمل على الشيء الذي لا يمنعه من الصوم، وليس للعامل أن يعتذر بالعمل الشاق على الإفطار في نهار رمضان، بل عليه أن يعمل عملاً يستطيعه ويستطيع معه الصوم.

حكم من أفطر لعدة سنوات وعجز عن القضاء لكبر سنه

217 - حكم من أفطر لعدة سنوات وعجز عن القضاء لكبر سنه س: هذه السائلة تقول: أمي أفطرت عدة رمضانات، من حوالي ثمان

وعشرين سنة، لعذر شرعي ولم تصم، لجهلها وهي الآن كبيرة في السن ولا تستطيع أن تصوم فماذا عليها (¬1)؟ ج: عليها الإطعام عن كل يوم مسكينًا، نصف صاع من قوت البلد، من أرز أو تمر أو بر، عن كل يوم، كل شهر خمسة عشر صاعًا عن السنوات الماضية، التي ما صامتها، خمسة عشر صاعًا، لكل مسكين نصف صاع، ولو مسكينًا واحدًا، لو جمعتها وأعطتها مسكينًا واحدًا، أجزأت والحمد لله، مع التوبة والاستغفار. ¬

(¬1) السؤال بدون رقم الشريط.

مسألة فيمن أفطر من أجل مشقة العمل

218 - مسألة فيمن أفطر من أجل مشقة العمل س: رسالة من المستمع م. أ. س. أ. سوداني يقول: لقد حل علي شهر رمضان وصمت منه اثنين وعشرين يومًا وأفطرت الأيام الباقية وذلك لسخونة الجو وللعمل الشاقّ، فكيف أقضي ما فاتني؟ أفيدوني أفادكم الله (¬1). ج: عليك التوبة والاستغفار، وعليك القضاء سواء جمعت أو فرقت يعني إن قدرت عليك أن تقضيها مجتمعة أو مفرقة لا بأس، وأما العمل وسخونة ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (338).

الجو فإن ذلك، لا يبيح لك الإفطار، بل تستريح من العمل وتصوم، والحمد لله.

مسألة فيمن أخر قضاء رمضان عدة أعوام

219 - مسألة فيمن أخر قضاء رمضان عدة أعوام س: السائل يقول: أصابني مرض في عام مضى، وله أكثر من أربعة أعوام في شهر رمضان، ولم أصم ذلك الشهر ولم أقضه، حتى الآن، فماذا يجب علي أن أفعل؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: عليك التوبة إذا كنت أخرت من غير عذر، عليك التوبة إلى الله سبحانه والندم على ما مضى منك من التفريط والعزم الصادق ألاّ تعود في مثل هذا، وعليك أن تصوم وتطعم، عن كل يوم مسكينًا أيضًا إن كنت قادرًا، لأنك مفرط، وقد أفتى جماعة من الصحابة من فرَّط أن يطعم مسكينًا مع القضاء، فعليك أن تقضي الأيام، وعليك أن تطعم مع كل يوم مسكينًا، نصف صاع من التمر أو الأرز أو الحنطة كيلو ونصف كل واحد عن كل يوم، وعليك مع ذلك التوبة إلى الله عن تقصيرك وتأخيرك، لأن الواجب البدار بقضائه قبل رمضان الجديد، وأنت أخرت كثيرًا، فعليك التوبة إلى الله من ذلك، وعليك القضاء، قضاء الأيام، سواءً متتابعة أو مفرقةً، لا بأس، وعليك مع ذلك إن كنت قادرًا أن تطعم عن كل يوم مسكينًا، تجمع الطعام ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (233).

وتعطيه بعض الفقراء بعدد الأيام، كل يوم نصف صاع، يعني كيلو ونصفًا عن كل يوم، تجمعها وتعطيها بعض الفقراء، ولو فقيرًا واحدًا، أما إن كنت فقيرًا، لا تستطيع الطعام، فإنك تصوم فقط مع التوبة ويكفي، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}.

بيان ما يلزم من أفطر مضطرا

220 - بيان ما يلزم من أفطر مضطرًا س: الأخ: ف. ص. ع. من جمهورية مصر العربية يسأل ويقول: إنه اضطر إلى الإفطار في رمضان، وهناك من قال: إنه يجب عليه القضاء والفدية، ومنهم من قال: بل يجب عليه القضاء فقط، ويسأل سماحتكم عن الحكم، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كان الإفطار بغير الجماع، بل بالماء أو بالأكل ونحو ذلك، فليس عليه كفارة، بل عليه القضاء، إذا كان مضطرًّا كالمريض، أو ما أشبه ذلك، بأن اضطر خوف الموت من ظمأ أصابه، وشدة أصابته، أو ما أشبه ذلك، إذا كان ضرورة حقيقية وهو صادق، يخشى الموت، أو يخشى مرضًا شديدًا، ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (258).

فهذا يفطر وعليه القضاء، أما إن كان أفطر عن تساهل، فعليه التوبة إلى الله مع القضاء فقط، والكفارة لا، الكفارة إنما تجب على من جامع زوجته في رمضان، وأما الإفطار بغير الجماع فليس فيه كفارة، لكن الواجب على المؤمن أن يحذر الإفطار بغير عذر شرعي، كالمرض والسفر، والذي يتساهل لأنه عامل، لا يفطر بل يعمل قدر طاقته ولا يفطر، لا يجوز الإفطار، يعمل قدر الطاقة: بعض النهار وسط النهار، ربع النهار، يعمل بقدر طاقته ولا يفطر من أجل العمل، المقصود أنه إذا كان ضرورة بسبب شيء اضطره خوفًا من الموت، أو من مرض شديد، فله الإفطار ولا سيما إذا سأل الأطباء عن مرضه، إذا كان هناك شيء يُخشى مه، أو عرف أن مرضه يضره الصوم معه، فالله سبحانه وتعالى يقول: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، إذا كان مرضًا بينًا عُرف أنه يضره الصوم، وضرورة مثل أن ينقذ إنسانًا سقط في بئر، أو في البحر، ولا يمكنه أن ينقذه إلا بالإفطار، ما يستطيع ينقذه وهو صائم فأفطر لأجل ضرورة إنقاذ إنسان من بحر أو نهر أو بئر، فهو يفطر ومشكور على إنقاذه أخاه، ولكن عليه قضاء اليوم فقط، وليس عليه كفارة.

حكم من ترك فدية الإطعام عن شهر رمضان جهلا

221 - حكم من ترك فدية الإطعام عن شهر رمضان جهلاً س: والدتي تبلغ من العمر سبعين عامًا تقريبًا والحمد لله على كل حال، ابتلاها الله بمرض مزمن، اضطرت معه إلى الإفطار في رمضان من كل عام، ولا ندري بالضبط تاريخ الإصابة بالمرض، وللأسف لم تُفْدِ بإطعام مسكين عن الأيام التي أفطرتها، بسببين الأول: ليس عندها الوعي الديني الكافي بهذا الخصوص، والسبب الثاني: لا يوجد في القرية مساكين يستحقون الفدية، والآن وقد هداني الله وأرشدني إلى الصواب، أريد أن أخرج فدية للمساكين عن الشهور التي أفطرتها في السنوات الماضية، لكن لا أعلم عددها بالتحديد، وهي كذلك لا تعلم، وكذلك لا أعلم مقدار الفدية الواجب إخراجها عن هذه الشهور التي مضت، فما رأي سماحتكم في هذا الأمر؟ وإذا كانت لي أخت متزوجة وعندها أولاد صغار، وهي فقيرة، فهل يفضل أن أعطيها قيمة هذه الفدية، علمًا بأن زوجها على قيد الحياة؟ أفيدوني في هذه القضايا، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إن كانت الوالدة التي سألت عنها حين إفطارها، عاجزة فقيرة لا تملك إخراج الفدية، فليس عليها شيء، لقول الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (109).

أما إن كانت قادرة، ولكن تركت ذلك من أجل الجهل، فإنك تُخرج عنها أو تُخرج هي بنفسها عن كل يوم نصف صاع، من قوت البلد، من رز أو حنطة أو غيرهما من قوت البلد، ومقدار ذلك كيلو ونصف تقريبًا، عن كل يوم، تُجمع ويعطاها بعض الفقراء، ولو في قرية أخرى في غير قريتها، ليس من اللازم أن يكونوا في قريتها، بل ولو في قرية أخرى، تنقل إليهم هذه الكفارة، ولا يجوز إخراج نقود بل يعطون طعامًا، وإذا كانت أختك فقيرة وزوجها فقير، فلا مانع من دفع هذه الكفارة إلى زوجها، يعطاها الزوج لأنه المنفق والمسؤول عن الزوجة والأولاد، فإذا كان فقيرًا فإنها تدفع إليه، أما إن كان غنيًا فإنه هو الذي يقوم بنفقة الزوجة والأولاد، ولا يعطى الكفارة المذكورة بل يلتمس فقراء غير زوج أختك، سواءً كانوا في البلد أو في غير البلد، وإذا كنتم لا تعرفون عدد الأشهر، فإنكم تكتفون بالظن، تجتهد الوالدة وأنت، تجتهدان جميعًا في تحري الأيام التي أفطرتها الوالدة في سنتين أو ثلاث أو أربع، على حسب الظن الغالب ثم تخرجون هذه الكفارة بناءً على الظن الغالب الذي منك أو منها أو منكما جميعًا: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}.

مسألة فيمن أفطر لمرض ودخل عليه رمضان آخر ولا يزال مريضا

222 - مسألة فيمن أفطر لمرض ودخل عليه رمضان آخر ولا يزال مريضًا س: قبل سنوات كنت خارج المملكة للعلاج، فصادفني شهر رمضان فلم

أصمه جهلاً مني، ثم عاودني المرض، وبعد شهر من إجراء العملية، حيث هلَّ شهر رمضان، فلم أستطع سوى صيام اثني عشر يومًا، وشعرت بالتعب فتوقفت، وفي السنة التي بعدها لم أصم سوى ثلاثة وعشرين يومًا، وتوقفت بسبب المرض، فبماذا تنصحونني، وحالي ما ذكرت؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: ننصحك بأن تقضي الأيام التي أفطرتها على مهل، مفرقة حتى لا تشق على نفسك، تقضي الأيام الأولى ثم الثانية ثم الثالثة، تصوم وتفطر، حتى تكمل من دون أن تشق على نفسك، بالمتابعة، تقضيها ولو مفرقة، وتستغفر الله والحمد لله. أنت على خير، ومعذور إن شاء الله لكن تعزم. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (339).

بيان ما يلزم من عليه قضاء أيام لا يدري عددها

223 - بيان ما يلزم من عليه قضاء أيام لا يدري عددها س: من منطقة عشيرة، إحدى الأخوات المستمعات تقول: إنني كنت مريضة قبل عشرين عامًا، وأفطرت بعض أيام من شهر رمضان، وأنا لا أدري الآن كم عدد الأيام! وصمت الآن عشرة أيام، ولا أدري أهي أكثر أم أقل، فبماذا توجهونني الآن؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (339).

ج: عليك أن تصومي ما يغلب على ظنك، حتى تُكملي إذا كان يغلب على ظنك أنها خمسة عشر، كملي بخمسة أيام، وهكذا تحري لغلبة الظن، ويكفي والحمد لله.

بيان ما يلزم من فاته الصيام وهو مريض

224 - بيان ما يلزم من فاته الصيام وهو مريض س: السائل: يسأل عن قضاء الصيام الذي فاته وهو منوم في المستشفى (¬1)؟ ج: عليك أن تقضيه، لقول الله عز وجل: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، فعليك أن تقضيه وإذا كنت لم تقضه، حتى جاء رمضان التالي، فعليك إطعام مسكين عن كل يوم مع القضاء مع الصيام، إذا كنت أخرته من غير عذر شرعي، فعليك أن تصوم الأيام التي أفطرتها بفعل المرض، وعليك أن تطعم مسكينًا عن كل يوم؛ لأنك أخرتها عن رمضان الذي بعد رمضان الذي أفطرت فيه، تطعم مسكينًا، نصف صاع عن كل يوم، كيلو ونصفًا تقريبًا عن هذه الأيام، كل يوم تدفع عنه كيلو ونصفًا، أي نصف صاع لبعض الفقراء، ولو جمعتها وأعطيتها فقيرًا واحدًا لأجزأ ذلك، والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (314).

مسألة فيمن أخر قضاء رمضان للسنة القادمة

225 - مسألة فيمن أخر قضاء رمضان للسنة القادمة س: مرضت وأخرت صيام شهر رمضان إلى السنة القادمة، هل يجزئ الصوم فقط أم هناك كفارة وما هي (¬1) (¬2)؟ ج: إذا كنت أخرته من أجل المرض، كفاك القضاء فقط إذا استمر معك إلى رمضان الآخر، فإنه يكفيك القضاء والحمد لله، ولا شيء عليك، أما إذا كنت تساهلت، وأنت طيب فلم تقض إلا بعد رمضان فإنك تجمع بين الأمرين: تقضي الأيام التي أفطرتها وتطعم عن كل يوم مسكينًا، نصف صاع، بصاع النبي عليه الصلاة والسلام، ومقداره كيلو ونصف تقريبًا، من قوت البلد: من تمر، أو أرز، أو حنطة، أو نحو ذلك، تجمع ويُعطاها بعض الفقراء. س: آ. ج. م. أ. سوداني الجنسية، أبلغ من العمر ثماني وثلاثين سنة، قبل بضع سنوات، أفطرت رمضان كله بأمر من الدكتور، حيث كنت مريضًا وبعدها أفطرت في رمضان آخر خمسة عشر يومًا، لأسباب أخرى، ومر على هذه الأيام سنون وما قضيتها، وصمت بعدها وأريد أن أقضيها، فماذا أفعل؟ أفيدوني أثابكم الله (¬3). ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (149). (¬2) السؤال من الشريط رقم (149). ') "> (¬3) السؤال السابع من الشريط رقم (185). ') ">

ج: عليك القضاء مع التوبة إلى الله جل وعلا، عما حصل من التأخير، فعليك يا أخي أن تستغفر الله وتتوب إليه وتندم على ما فعلت، وعليك أن تقضي هذه الأيام، وتطعم عن كل يوم مسكينًا، نصف صاع من قوت البلد، فالمعنى: عليك ثلاثة أمور، الأمر الأول القضاء، والمبادرة به، والأمر الثاني، إطعام مسكين عن كل يوم، مع القدرة فإن كنت فقيرًا عاجزًا، سقط عنك الإطعام، وبقي عليك الصيام، الأمر الثالث، التوبة إلى الله من هذا التأخير، والاستغفار، والندم، ومن تاب تاب الله عليه. نسأل الله لنا ولك الهداية. س: يسأل المستمع: أ. س. ص. ويقول: ما حكم من أخر قضاء أيام من رمضان، أحد عشر عامًا، وأراد أن يقضيها، فقضاها، فهل يبقى عليه شيء (¬1)؟ ج: عليك التوبة من التأخير، وعليه القضاء، وعليه إطعام مسكين عن كل يوم أخره، كما أفتى بذلك جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، ثلاثة أمور، الأمر الأول: القضاء، الأمر الثاني، التوبة من التأخير، الأمر الثالث: إطعام مسكين عن كل يوم، نصف صاع من قوت البلد، من تمر، أو حنطة، أو أرز. س: حدثونا لو تكرمتم عن امرأة عليها أيام، من شهر رمضان، من عامين ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (388). ') ">

أو ثلاثة أعوام، هل تؤدي ما عليها من أيام فقط، أم عليها كفارة، وما كفارتها؟ ج: إذا أخر الإنسان الصيام عامًا أو أكثر، بدون عذر فعليه التوبة إلى الله، والندم والعزم ألاّ يعود، وعليه القضاء، وعليه الكفارة، ثلاثة أشياء عليه: التوبة، وقضاء الأيام التي على الإنسان من رجل أو امرأة، وهي إطعام مسكين عن كل يوم، أما إن كان لعذر إذا كان به مرض فلا شيء عليه إلا القضاء فقط، وأما التساهل فعليه القضاء وعليه التوبة إلى الله، وعليه إطعام مسكين عن كل يوم، بحسب الأيام، عن كل يوم نصف صاع، يجمعها ويعطيها بيتًا فقيرًا، أو شخصًا فقيرًا، كله لا بأس به، يجمعها ويعطيها بعض الفقراء في أول الشهر أو في آخره في أول الصيام، أو في آخره، هذا إذا كان أخرها عامًا أو أكثر، أما إذا كررها في العام في نفس العام قبل رمضان الآخر، قضى، هذا ما عليه إلا القضاء، وليس عليه إطعام.

مسألة فيمن أخر قضاء رمضان لعذر

226 - مسألة فيمن أخر قضاء رمضان لعذر س: أختنا تقول: قبل خمسة وثلاثين سنة، ولدت لي ابنة في رمضان، وبعدها بسنتين ولدت لي ابنة في رمضان، ولم أصم سوى عشرة

أيام، أفيدوني جزاكم الله خيرًا، أنا امرأة كما وصفت من حالي كبيرة في السن ومريضة، كيف أتصرف الآن (¬1) (¬2)؟ ج: إذا عافاكِ الله تصومين الأيام التي تركتِ، إذا عافاكِ الله عليكِ أن تصومي الأيام التي عليكِ من رمضان الأول ورمضان الثاني، وعليكِ مع ذلك إطعام مسكين عن كل يوم، إذا كنت تساهلتِ في القضاء مع القدرة، عليكِ إطعام مسكين عن كل يوم، نصف صاع تمر أو رز، يعني كيلو ونصفًا تقريبًا، عن كل يوم، يعطاه بعض الفقراء، ولو واحد، تجمع ويعطاها بعض الفقراء، فقير أو فقيران أو على بيت فقراء، يكفي والحمد لله، أما إن كان التأخير من أجل المرض، وإلا ما تساهلتِ، لكن المرض منعكِ من الصوم، فعليكِ القضاء فقط، وليس عليكِ إطعام، بل تقضين الأيام التي تركتِ وليس عليك إطعام؛ لأنكِ معذورة، فإن كان المرض ملازمًا، وقرر الأطباء أن هذا المرض ملازم ولا يرجى برؤه، ولا يرجى زواله فليس عليكِ القضاء، ككبير السن الذي عجز عن القضاء، فعليكِ إطعام مسكين عن كل يوم، والحمد لله، مثل ما تقدم، نصف صاع تمر أو رز أو بر، من قوت البلد، مقداره كيلو ونصف تقريبًا يعطاها بعض الفقراء، والحمد لله، يجمع كله ويعطاه بعض الفقراء. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (162). (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (162). ') ">

س: يقول السائل: أفطرت بعض أيام من رمضان، وحينئذ تأخرت في القضاء، وبدأت أقضيها الآن، فماذا علي؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كنت قضيتها، قبل رمضان الثاني، ليس عليك إلا القضاء، والحمد لله، أما إذا كنت أخرتها بعد رمضان فعليك مع القضاء، إطعام مسكين عن كل يوم، مع التوبة والاستغفار، يعني إطعام مسكين نصف صاع: تمر أو رز أو غيره، من قوت البلد، مقداره كيلو ونصف تقريبًا، مع التوبة والاستغفار، والصيام إذا كنت أخرتها بغير عذر، لا مرض ولا عذر آخر، كالسفر، فالإنسان إذا أخر الصيام عن السنة إلى رمضان آخر، فإنه يكون قد أتى معصية، فعليه التوبة إلى الله وعليه القضاء، وعليه إطعام مسكين عن كل يوم، أفتى به جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. س: ذكرت بعد مضي سنة، أني لم أصم يومًا من الأيام، وأنا مسافر في رمضان فهل علي قضاء هذا اليوم أم الإطعام أم ماذا (¬2)؟ ج: الواجب عليك قضاء هذا اليوم؛ لأن الله جل وعلا يقول: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، أما كونك ناسيًا فلا ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (249). ') "> (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (246). ') ">

يمنع من القضاء، وإنما يسقط عنك الإثم بسبب النسيان، وليس عليك كفارة، ما دمت لم تذكر إلا بعد رمضان آخر، لأنك معذور بالنسيان، ولا حرج عليك في عدم التكفير، أما إن كنت ذكرت اليوم قبل رمضان، ثم تساهلت ولم تقضه، إلا بعد رمضان، فعليك إطعام مسكين، نصف صاع من قوت البلد، من تمر، أو حنطة، أو أرز أو شعير، يدفع لمسكين واحد، أما إذا كان النسيان استمر معك، حتى دخل رمضان آخر فلا شيء عليك إلا القضاء. س: إنني في شهر رمضان المبارك، قبل سنتين ذهبت إلى مكة المكرمة، لأداء مناسك العمرة، فاضطررت للإفطار في اليوم الذي ذهبت فيه، وكان يجب علي أن أصومه فيما بعد، أي بعد شهر رمضان المبارك، ولكنني تهاونت فجاء رمضان للسنة المقبلة ولم أصم ذلك اليوم فقلت بعد هذا الشهر ولكن مرت الأيام ولم أصم، كل يوم أقول غدًا حتى هذا اليوم، ولكنني تنبهت لهذا الأمر فقررت أن أصومه، ولكن هل أصوم يومًا واحدًا أم علي صيام أيام تكفيرًا، ما هو الحكم؟ وأنا في انتظار إجابتكم، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الواجب قضاء يوم واحد لأن الله سبحانه وتعالى يقول: ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (186). ') ">

{وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، فأنت عليك قضاء يوم واحد مع التوبة والاستغفار، لأجل تفريطك في التأخير، وعليك مع ذلك إطعام مسكين، نصف صاع من تمر، أو أرز، مقدار كيلو ونصف تقريبًا، يدفع لبعض الفقراء، مع التوبة والاستغفار، والحمد لله. س: علي قضاء أربعة رمضانات، بعيدة جدًّا ولا أذكر عدد الأيام، التي أفطرت فيها، علمًا بأنني أصبحت أقضي ما عليّ من صيام، أولاً بأول، لكن تلك الأيام الماضية يقلقني أنني لم أقضها، ولم أدر ما مقدارها، وهي أربعة رمضانات، كما قلت فكيف تنصحونني؟ ج: ننصحكِ بأن تقضي هذه الأيام، التي عليكِ بحسب الظن، يجب عليكِ أن تقضِي ما أفطرتِ فيه، بحسب الظن، وتحتاطي، فإذا كنتِ تظنين كلها سبعة أيام أو ثمانية أيام فاجعليها ثمانية، وإذا كنت تشكين هل هي ثمانية أو تسعة، فاجعليها تسعة، اعملي بالاحتياط وصوميها كلها، وأطعمي عن كل يوم مسكينًا زيادة، لتفريطك وتأخيرك للصيام، وهو نصف صاع عن كل يوم، كيلو ونصف تقريبًا، من تمر أو حنطة أو أرز، هكذا أفتى جمع من

الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم في حق من أخر الصيام إلى رمضان آخر، أنه يطعم مع القضاء، إذا لم يكن له عذر، وأنتِ أخرتِ بلا عذر سنوات، فالواجب عليكِ التوبة إلى الله، والقضاء مع إطعام مسكين عن كل يوم في الأيام الماضية كلها، والله يعينك ويهديك.

مسألة فيمن كان يتهاون بأمر الصلاة والصيام

227 - مسألة فيمن كان يتهاون بأمر الصلاة والصيام س: الأخت: م. س. ع. من المملكة العربية الأردنية الهاشمية، خريبة السوق، تسأل وتقول: إنني كنت في رمضان أفطر دائمًا، وعندما هداني الله، وأحسست بالإيمان لم أعد إلى ذلك، هل هنا أحاسب على جميع ما أفطرته، قبل الهداية والتوبة إلى الله، أم علي القضاء لجميع ما أفطرت؟ مع العلم أنني لا أحصي ما أفطرت. بماذا تنصحونني أن أفعل؟ كذلك الصلاة لم أكن أصلي من قبل، والحمد لله الآن مداومة عليها وملتزمة بها، أرجو منكم التوضيح، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الواجب عليكِ التوبة، وقد منّ عليكِ بذلك والحمد لله، فعليك أن تلزمي التوبة، وأن تكثري من الاستغفار، والعمل الصالح، مثل صلاة النافلة والصدقات، إذا استطعتِ، وكثرة التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (161).

والاستغفار، كل ذلك من أسباب كمال التوبة، ومن أسباب المغفرة، وليس عليكِ قضاء الصلاة ولا الصوم، لأن ترك الصلاة كفر، والكافر إذا أسلم، ليس عليه قضاء، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬1) أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن، بإسناد صحيح عن بُرَيْدة بن الحصين رضي الله تعالى عنه، وقال عليه الصلاة والسلام أيضًا: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬2) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما في أحاديث أخرى تدل على كفر تارك الصلاة، وقد ذكر عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل، عن الصحابة رضي الله عنهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أنهم قد كانوا لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة، فالصلاة أمرها عظيم وهي عمود الإسلام، من حافظ عليها فقد حفظ دينه، ومن ضيعها فقد ضيع دينه، فأنتِ يا مَنْ مَنّ الله عليكِ بالتوبة، من ترك الصلاة وترك الصوم، فليس عليكِ قضاء والحمد لله، وإنما عليكِ التوبة الصادقة والاستقامة عليها، وحمدًا لله على ذلك وشكره على ذلك، والاستكثار من أعمال الخير من صدقات ولو بالقليل، ومن الاستغفار ¬

(¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428)، والترمذي في كتاب الإيمان باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (1079). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

الكثير، التسبيح والتهليل، والتحميد والتكبير وغير ذلك من وجوه الخير، كصوم التطوع، وكثرة الدعاء والضراعة إلى الله أن يتقبل منكِ وأن يعفو عنكِ، أما من ترك الصوم ولكنه يصلي مسلم يصلي لكن تساهل في الصيام، فإنه يقضي ما عليه من الصيام؛ لأن ترك الصيام ليس ردة عن الإسلام، ولكنه معصية عظيمة، فمن ترك الصوم شهرًا أو أكثر، أو أقل فعليه القضاء، ما دام مسلمًا يصلي وليس معه ما يوجب ردته وكفره، فإن عليه القضاء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الحيض بقضاء الصوم فعليهن القضاء، وهكذا من تعمدت ترك الصوم بغير عذر، ولكنها تصلي فإن عليها القضاء أيضًا، وهكذا الرجل الذي تساهل في الصيام وهو مسلم يصلي، فإنه يقضي أيضًا، ويتحرى الأيام التي تركها، إذا كان لا يعملها يتحرى ويعمل بظنه في ذلك ويقضي.

بيان كيفية قضاء الصيام

228 - بيان كيفية قضاء الصيام س: يقول السائل: إذا سافرت في شهر رمضان، إلى منطقة يباح لي الإفطار فيها، وأمضيت مدة عشرين يومًا في ذلكم السفر، كيف تنصحونني إذا أردت القضاء؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (255).

ج: تقضي إن شئت متتابعًا، وإن شئت مفرقًا، والحمد لله، تقضي ما أفطرت، سواء كان ذلك متتابعًا أو مفرقًا، الأمر في هذا واسع والحمد لله، إن تابعت فهو أفضل، وإن فرقت فلا حرج، والواجب أن يقضي قبل رمضان الآخر، فلو أخر بغير عذر، عليه القضاء والتوبة، وعليه إطعام مسكين عن كل يوم زيادة، نصف صاع عن كل يوم، مع التوبة ومع القضاء.

مسألة في تأخير قضاء الصوم حتى قرب رمضان آخر

229 - مسألة في تأخير قضاء الصوم حتى قرب رمضان آخر س: لقد تركت بعض الأيام من شهر رمضان في العام الماضي وأنا محرج، حيث سيداهمني رمضان هذا العام، هل أترك الصيام لما بعد رمضان، وأصوم؟ أم أصوم الذي عن رمضان الماضي، ثم أبدأ مع المسلمين في صيام هذا الشهر (¬1)؟ ج: يلزم السائل وفقه الله أن يبادر بالصوم في هذه المدة الباقية، وأن يقضي ما عليه من الصوم، هذا هو الواجب عليه قبل رمضان، ولا يجوز له التأخير والتساهل، لكن لو غلبه أمر، كمرض منعه من الصوم، فإنه يصوم بعد رمضان، وعليه إطعام مسكين عن كل يوم، بسبب التساهل الذي ألجأه إلى التأخير، أما الآن فيلزمه الصوم، يلزمه أن يبادر ويصوم ما عليه، ويقضي ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (12).

قبل رمضان، هذا هو الواجب عليه، إلا إذا منعه مانع من الأمور، كالمرض ما استطاع، فلا بأس أن يؤجل، إذا عجز بسبب المرض، حتى جاء رمضان، فإنه يؤجله ويصومه بعد رمضان إن شاء الله، وعليه إطعام مسكين عن كل يوم، لأنه تساهل في التأخير قبل المرض، أما لو أخره، بسبب المرض في جميع السنة يعني من حين أفطر، وهو في مرض إلى الآن في مرض، حتى جاءه رمضان الآخر، فلا شيء عليه إلا القضاء، يقضي بعد ذلك إذا عافاه الله، يقضي بعد رمضان ولا شيء عليه، أما الذي أخر الصيام تساهلاً، وعدم عناية، فإن هذا عليه التوبة والاستغفار، وعليه أن يقضي ويطعم إذا أخره إلى ما بعد رمضان، أما إذا صام في رجب، أو في شعبان فلا بأس، ما عليه شيء يصوم ولا حرج عليه.

بيان كيفية قضاء الحامل الصيام بعد وضع الحمل

230 - بيان كيفية قضاء الحامل الصيام بعد وضع الحمل س: الأخت: ص. ع. م. تقول: أفطرت شهر رمضان كاملاً، نظرًا لأني وضعت حملي الأول، وفي السنة الثانية لنفس العذر، أفطرت نصف شهر رمضان، وإلى الآن لم أستطع قضاء ما علي من صيام، لأن حالتي الصحية لا تسمح، ما هو مقدار ما علي من إطعام للمساكين؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا (¬1). ¬

(¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (346).

ج: عليكِ القضاء إذا استطعتِ بدون إطعام، ما دمتِ تركتِ القضاء بسبب العجز، فلا بأس أن تقضي إذا وجدتِ الاستطاعة، عافاكِ الله، واستطعتِ تقضين والحمد لله، وليس عليكِ إطعام إلا إذا كنتِ تساهلتِ، وتركتِ القضاء رغم أنكِ تستطيعين، فعليكِ مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم، نصف صاع، كيلو ونصف عن كل يوم، تجمع وتعطى بعض الفقراء إذا كنتِ تساهلتِ، أما إذا كنت أخرتِ لأجل العجز، فليس عليكِ إلا القضاء، إذا استطعتِ، ولو تأخرتِ سنتين أو ثلاثًا لا بأس.

حكم من أفطرت في شهر رمضان بسبب الحمل والرضاع وعجزت عن الصيام

231 - حكم من أفطرت في شهر رمضان بسبب الحمل والرضاع وعجزت عن الصيام س: السائلة تقول: إنني لم أستطع صيام شهر رمضان المبارك بسبب الحمل، وقد نويت الصيام بعد الولادة ولكن بعد الولادة، إرضاع، فلم أستطع الصيام، بسبب الإرضاع كما قلت، ولأن جسمي لا يتحمل الصيام، أفيدونا أفادكم الله، هل تجوز الصدقة عن الصيام، أم يجب أن أصوم الشهر الذي فاتني، وأنا لا أستطيع (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (195). (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (195). ') ">

ج: عليكِ الصيام عند الاستطاعة، {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}، فالمرضعة والحامل مثل المريض، إذا شق عليهما الصيام أجَّلا صيامهما، ولو بعد رمضان آخر، ما دمتِ لا تستطيعين من أجل الرضاع، فأنتِ معذورة كالمريضة، فإذا يسر الله لكِ الصيام ولو مفرقًا، يوم تصومين ويومان تفطرين، ثلاثة تفطرين، أربعة تفطرين فلا بأس، فليس بلازم المتابعة. لا بأس بالتفرقة، فإذا عجزتِ، أجِّلي، والحمد لله. س: المستمعة: م. من مكة المكرمة تقول: في العام الماضي لم تستطع أن تصوم رمضان؛ لأنها كانت حاملاً، وبعد ذلك لم تستطع قضاء ذلك الشهر، بسبب الرضاعة، حيث إن صحتها ضعيفة، فماذا تفعل قبل دخول رمضان هذا العام؟ وكذلك هناك سنون مضت لم تقض فيها الأيام التي أفطرتها بسبب الحيض، فماذا تفعل الآن تكفيرًا لهذا؟ وخاصةً أنها لا تعرف عدد تلك الأيام، وقد صامت بعضًا منها، وكثيرًا ما كان يمنعها المرض من أن تكمل ما تبقى. ج: عليها أولاً أن تصوم ما تبقى عليها من الأيام وتتقي الله في ذلك، مع

التوبة عما أخرته عن رمضان السابق، وعليها التوبة إلى الله مما أخرته من الصيام، الذي قبل رمضان السابق وأما ما يتعلق بالسنة الأخيرة، رمضان الأخير، فعليها أن تصوم، فيما بقي عليها من الأيام قبل رمضان القادم، كما عليها أن تصوم ما بقي عليها من الأيام الماضية ولو بعد رمضان، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، وعليها أن تطعم عن كل يوم مسكينًا، عن الصيام السابق الذي قبل رمضان الماضي، لأن التأخير عن رمضان المستقبَل يوجب عليها الفدية على الصحيح، فما كان قبل رمضان السابق، هذا تقضيه مع الفدية، وما كان من رمضان السابق القريب، فهذا فيه قضاء، بدون فدية، رمضان عام 1403 هـ إذا لم يمر عليه رمضان آخر، وإن مر رمضان قبل أن تقضي السابق فحكمه القضاء مع الكفارة، وأما ما كان قبل من رمضانات فإنها تقضيه مع الفدية، عن كل يوم نصف صاع تمر أو أرز أو غيرهما من قوت البلد، يعطى لبعض المساكين، يجمع ويعطى بعض الفقراء، وأما كونها لا تحفظ الأيام التي عليها، فتتحرى غالب الظن، تجتهد وتعمل بغالب ظنها في الأيام التي عليها، مع التوبة والاستغفار عما حصل من التأخير الذي ليس لها فيه عذر، أما ما كانت فيه معذورة، من أجل المرض أو الرضاع، فليس عليه فدية إذا

كانت تأخرت من أجل المرض، أو الرضاع الذي يشق عليها معه الصيام فهي معذورة فلا شيء عليها، ليس عليها فدية، لكن إذا كانت تساهلت وأخرت من دون عذر، فهذا هو محل الفدية، مثل ما تقدم إن كانت قبل رمضان الماضي، يعني رمضان -1402 - أو رمضان -1401 - أو ما أشبه ذلك، تقضي وتفدي إلا إذا كانت معذورة بأن أخرت من أجل الرضاع، أو من أجل المرض والعجز عن القضاء، فهذه ليس عليها إلا القضاء، ليس عليها فدية؛ لأنها معذورة، أما إذا كانت تساهلت، أخرت تساهلاً وكسلاً فهذه عليها مع القضاء التوبة، وعليها مع القضاء أيضا الفدية، عن كل يوم نصف صاع من التمر أو الأرز كيلو ونصف تقريبًا، يدفع للمساكين والفقراء، عما حصل من التأخير، مع القضاء، أما ما كان من رمضان هذا العام عام 1403، فهذا ليس فيه فدية، تقضيه الآن هذه الأيام والحمد لله، والفدية يجوز أن تجمع بعدد الأيام، التي تقضيها وتعطى للفقراء دفعة واحدة.

بيان ما يلزم من اشتد به الظمأ وهو صائم فأفطر

232 - بيان ما يلزم من اشتد به الظمأ وهو صائم فأفطر س: يقول السائل: أفطرت والدتي ثمانية عشر يومًا من رمضان، وكانت حاملاً واشتد عليها الظمأ، وخافت على نفسها فأفطرت، ومضى على ذلك عدة أعوام، ثم بعد ذلك قضت تلكم الأيام التي أفطرتها

فهل عليها كفارة؟ وما هي (¬1) (¬2)؟ ج: نعم، عليها إطعام مسكين، عن كل يوم لأنها أخرت القضاء كثيرًا، إذا كانت تستطيع، أما إن كانت فقيرة لا تستطيع، فليس عليها شيء، إلا التوبة والاستغفار، عن التأخير فإن استطاعت أن تعطي عن كل يوم نصف صاع، تجمعها وتعطيها بعض الفقراء، إذا كانت الأيام مثلاً عشرين، عليها عشرة أصواع، تعطيها بعض الفقراء، وهكذا عن كل يوم نصف صاع، تجمع ويعطاها بعض الفقراء، أو بيت فقير والحمد لله. س: لي عمة، وقد كانت حاملاً في الشهر التاسع، وهم بدو يرحلون على المواشي، مسافات طويلة في ذات مرة اشتد عليها العطش، فأفطرت وهي صائمة في رمضان، ولا تدري عن حكم القضاء، وقد مضى على هذه الحادثة ما يقرب من خمس وعشرين سنة، فما الحكم الآن؟ جزاكم الله خيرًا (¬3). ج: عليها القضاء وإطعام مسكين، مع القضاء نصف صاع من تمر أو رز أو حنطة، لبعض الفقراء مع التوبة والاستغفار عما حصل من التأخير وعدم ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (245). (¬2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (245). ') "> (¬3) السؤال السابع من الشريط رقم (264). ') ">

السؤال، والاستفتاء وعليها التوبة إلى الله لأنها قصرت في عدم الاستفتاء، وعليها أن تصوم اليوم وعليها أن تطعم مسكينًا واحدًا، نصف صاع من قوت بلدها، نسأل الله أن يصلح حال الجميع. س: من أم حسن تسأل وتقول: إنها كانت تضع مواليدها في رمضان، ولم تقضِ ولم تدرِ عن عدد ما فاتها من الأيام، فكيف تتصرف الآن؟ جزاكم الله خيرًا. ج: عليكِ يا أم حسن أن تعملي بأغلب الظن في قضاء الأيام التي أفطرتِ من رمضان، اعملي بغالب الظن، والحمد لله {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، إذا غلب على ظنك أنك أفطرت عشرة أيام، خمسة عشر يومًا، فاقضيها، من كل سنة، حتى تكملي، سواء قضيتها متتابعة أو مفرقة لا بأس، اعملي بالظن ويكفي في هذا والحمد لله.

بيان ما يلزم من أفطرت من أجل الحمل

233 - بيان ما يلزم من أفطرت من أجل الحمل س: امرأة أفطرت في رمضان، لمدة ثلاث سنوات وذلك لأنها كانت تحمل، ويصادف ذلك رمضان، وللجهل بحكم الصيام، ولم يكن

هناك مرشدون لها، وقد أفتاها بعض المجتهدين بأن عليها الإطعام دون القضاء، نرجو التوجيه في هذه المسألة، جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: الصواب الذي دلت عليه الأدلة الشرعية أن عليها القضاء دون الإطعام، والقول بأن عليها الإطعام قول غلط في أصح قولي العلماء، وإنما عليها القضاء دون الإطعام، إذا كانت معذورة من أجل الحمل، أو الرضاع أو مرض، فعليها القضاء فقط، أما إن كانت تساهلت، وحصل لها وقت تقضي فيه، لكنها تساهلت فعليها مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم، نصف صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يقارب كيلو ونصفًا تقريبًا، من قوت البلد: من تمر أو رز أو غير ذلك، عن تأخيرها الصيام، وعلى المرأة أن تتقي الله دائمًا في صومها، وصلاتها وغير ذلك، كالرجل كل منهما عليه أن يتقي الله، وأن يهتم بأمر دينه، وأن يجتهد في أداء الحق، الذي عليه فالصوم ركن من أركان الإسلام الخمسة، وهو صوم رمضان، فالواجب على الرجل والمرأة المكلفين العناية بهذا الأمر، وعدم التفريط فيه، فإذا أفطر الإنسان لمرض، أو سفر أو أفطرت المرأة لحيض أو حمل أو رضاع، يشق معه الصيام، فإنها تقضي وتبادر بالقضاء، من حين تستطيع، والله ولي التوفيق، أما كونها تركت الصيام للجهل، ولقلة التوعية الإسلامية في وطنهم ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (149). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (149). ') ">

كما جاء في السؤال فإن هذا لا يمنع القضاء، لأن هذا أمر معروف بين المسلمين، وهو من الأمور المعروفة المشهورة التي لا تخفى على أحد. س: وضعت في شهر رمضان، وأفطرت نصف الشهر، وهذه الحادثة لها عامان، ولم أقض بعد، فبماذا توجهونني؟ هل علي كفارة؟ وما هي؟ هل هي فلوس أم إطعام من طعام البلد؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: عليكِ القضاء والتوبة إلى الله من التأخير، إذا كان التأخير من غير علة، وعليكِ إطعام مسكين عن كل يوم، من قوت بلدكِ، مثل الذرة أو الشعير أو حنطة، أو رز أو تمر من قوت البلد، نصف صاع يعني كيلو ونصفًا تقريبًا، لبعض الفقراء عن كل يوم، تجمع ويعطاها فقير واحد، أو بيت فقير، وعليكِ التوبة إلى الله، والندم وعدم العودة لمثل هذه، إذا كنتِ أخرتِ بدون عذر شرعي، نسأل الله للجميع الهداية. س: الأخت: أم أحمد تسأل وتقول: ما حكم من أفطرت عدة رمضانات بسبب حال النفاس، ولم تقضها حتى الآن؟ وكيف تتصرف؟ وسأل هل يجزئ ذلك الصيام في رجب؟ جزاكم الله خيرًا (¬2). ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (264). ') "> (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (243). ') ">

ج: الواجب على من أفطرت في رمضان من أجل النفاس، أو الحيض القضاء، قبل أن يأتي رمضان الآخر الذي بعده، لقول الله جل وعلا: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، والحائض والنفساء من جنس المريض والمسافر، عليهما القضاء، فإذا طهرت من نفاسها، وطهرت من حيضها تقضي، والبدار أفضل، ولا يجوز لها التأخير إلى رمضان، بل يجب أن تبادر حتى تقضي ما عليها قبل رمضان، ولا مانع في أن تصوم في رجب أو غيره، ولا حرج أن تؤخر إلى شعبان، قالت عائشة رضي الله عنها: كان يكون عليّ صوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان (¬1) فالواجب على المرأة أن تعتني بهذا الأمر، وأن تبادر بالقضاء قبل رمضان، ولو مفرقًا، ولو موزعًا، لا يجب التتابع فتصوم وتفطر حتى تكمل، وإذا أخرته عن رمضان وجب عليها التوبة من ذلك، وعليها القضاء والإطعام، إطعام مسكين عن كل يوم، نصف صاع عن كل يوم من التمر أو غيره من قوت البلد، مقداره كيلو ونصف تقريبًا، كفارةً عن التأخير، فيكون عليها ثلاثة أشياء: التوبة، وقضاء الصيام، مع الإطعام عن كل يوم، إذا كان التأخير لغير عذر، أما إن كانت أخرت ذلك لمرض، لم تستطع معه الصوم، فلا ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب متى يقضى قضاء رمضان، برقم (1950)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء رمضان في شعبان، برقم (1146).

حرج عليها، تقضي بدون إطعام وليس عليها إثم، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، والواجب على المؤمنة أن تتقي الله وأن تعتني بقضاء ما عليها، وأن تتحرى الأوقات التي تستطيع فيها القضاء قبل أن يأتي رمضان حتى تفرغ من ذلك قبل أن يأتي رمضان الدائر الذي هو بعد رمضان الذي أفطرت فيه، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}. س: لقد وضعت أمي طفلاً في شهر رمضان، من مدة طويلة، ولم تصم ولم تطعم، وهي الآن لا تقدر على ذلك، كيف توجهونها؟ جزاكم الله خيرًا. هل تصوم ابنتها بدلاً منها؟ ج: عليها أن تطعم ويكفي والحمد لله، ما دامت تعجز عن الصوم، عليها التوبة، إلى الله والندم على ما مضى من عملها السيئ وعليها أن تطعم عن كل يوم مسكينًا، نصف صاع من التمر، أو من قوت البلد كالرز، ونحوه، كيلو ونصف يدفع لبعض المساكين، عن جميع الأيام التي ما صامتها،

ويكفي والحمد لله ولو لفقير واحد أو أهل بيت فقراء، يجمع ويعطى أهل بيت فقراء، مع التوبة والندم والعمل الصالح، وإن كانت لا تحفظها يكفي الظن، والحمد لله.

بيان ما يلزم الحامل والمرضع إذا أفطرتا

234 - بيان ما يلزم الحامل والمرضع إذا أفطرتا س: الأخت أم مجاهد، من الإمارات العربية المتحدة، تقول: حينما كنت حاملاً بمولودي الأول، وذلك قبل تسع سنوات، سألت أحد الإخوة ممن يدعو لمنهج السلف، عما أفعل، وقد دخل علينا شهر رمضان، ولا أستطيع الصوم لظروف الحمل، فأجابني: أن لا علي صوم، مستدلاً بالحديث «إن الله تبارك وتعالى وضع عن المسافر شطر الصلاة، وعن المسافر والحامل والمرضع الصوم» (¬1) وأيضًا ليس هناك جزاء، وأصبحت لا أصوم حينما أكون حاملاً أو مرضعًا، ولمدة أربع سنوات أي إلى مولودي الرابع، وبعدها سمعت من أحد الإخوة أن على أمثالي الجزاء فقط، مستدلاً بالأثر أن ابن عباس رأى أم ولد له مرضعًا، فقال لها: أنتِ من الذين يطيقونه، عليكِ الجزاء وليس عليكِ القضاء. فأخذت مبلغًا من المال لأطعم به جزاءً للأربعة أشهر التي علي من رمضان، ولكن يا فضيلة الشيخ، سمعت ¬

(¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رجل من بني كعب رضي الله عنه، برقم (18568).

في برنامج نور على الدرب من أحد العلماء الأفاضل، أن على أمثالي القضاء، ولو تأخر القضاء تكون معه كفارة، فماذا أفعل يا فضيلة الشيخ ورمضان على الأبواب لو قدر الله لنا الحياة، ومواعيد وضعي قبله بأيام، وسيكون الشهر الخامس دينًا علي، وسؤالي: ما صحة ما ذكر الإخوة من الحديث والأثر؟ ولو أدركني الموت قبل قضاء المائة والخمسين يومًا التي علي، هل أكون آثمة بذلك؟ أرجو الإفادة ليطمئن قلبي، جزاكم الله خيرًا. ثم إنني وضعت مبلغًا من المال بنية الإطعام وجاءنا أحد الإخوة في الله عابر سبيل نفد ما عنده من المال فأعطيته له بنية كفارة الفطر فهل يصح عملي هذا أم أطعم أفيدوني؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: الصواب في هذا أن على الحامل والمرضع القضاء، وما يروى عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم، أن على الحامل والمرضع الإطعام، هو قول مرجوح مخالف للأدلة الشرعية، والله يقول سبحانه وتعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، والحامل والمرضع في حكم المريض، وليستا في حكم الشيخ الكبير العاجز، بل هما في حكم ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (161). (¬2) السؤال من الشريط رقم (161). ') ">

المريض. فتقضيان إذا استطاعتا ذلك، ولو تأخر القضاء، وإذا تأخر القضاء مع العذر الشرعي فلا إطعام، قضاء فقط، أما إذا تساهلت ولم تقض مع القدرة، فعليها مع القضاء الإطعام، إذا جاء رمضان آخر ولم تقض تساهلاً وتكاسلاً، فعليها القضاء مع الإطعام، أما إذا كان التأخير من أجل الرضاع والحمل، لا تكاسلاً، فإن عليها القضاء فقط ولا إطعام، وما أنفقتِ من الإطعام فهو في سبيل الله ولكِ أجره، ويؤدي ما ويؤدي إذا كنتِ تساهلتِ في القضاء، يؤدي مؤداه وعليك القضاء، تصومين حسب الطاقة ولا يلزمك التتابع، تصومين وتفطرين حتى تكملي إن شاء الله، والله في عون العبد وتسهيله سبحانه وتعالى، إذا صدق العبد وأخلص الله واستعان به جل وعلا، والله يعينكِ ويسهل لكِ القضاء، فأبشري بالخير واستعيني بالله، واصدقي والله جل وعلا هو المعين الموفق سبحانه وتعالى. س: امرأة كانت لا تعلم أن على المرضع والنفساء قضاء الأيام التي أفطرتها في رمضان، وقال لها بعض الناس إن عليها أن تطعم عن كل يوم أفطرته مسكينًا، وقد فعلت ذلك. فهل يكفي هذا الإطعام، أم لا بد من قضاء الأيام التي أفطرتها؟ وهل إطعامها الذي أطعمته يكفي، أم تطعم مرة أخرى؟ علمًا بأن هذا الإطعام مر عليه سنوات كثيرة.

ج: عليها أن تقضي، إذا أفطرت الحامل أو المرضع، وهكذا المريضة، فإنها تقضي بعد ذلك، تقضي المريضة إذا شفيت، وتقضي الحامل إذا وضعت واستطاعت القضاء بعد ذلك، وتقضي المرضع كذلك، كلهن يقضين ولا يجزئ عنهن الإطعام، وإذا تأخر القضاء بغير عذر، وجب القضاء والإطعام أما إذا كان التأخير للعذر، لأنها حامل أو لأن الرضاع يمنعها من ذلك، أو المرض، فالإطعام لا يجب، ولكن يجب القضاء فقط؛ لأنها معذورة في التأخير، فليس عليها إلا القضاء إذا شفيت المريضة وفطمت المرضعة، أو قويت على الصيام وإن لم تفطم، وولدت الحامل وقويت على القضاء فإن كلاًّ منهن يقضي، وليس عليه إطعام لأنه معذور. لكن من تأخر قضاؤها بدون عذر، فعليها مع القضاء الإطعام، ويجزئها الإطعام الذي أخرجته تحسب أنه هو الواجب، عليها؛ لفتوى بعض الناس، يجزئها الإطعام، عما يجب عليها من إطعام، إذا كانت تأخرت في القضاء؛ لأنها أخرجت الإطعام عن تأخيرها وعن إفطارها.

بيان ما يلزم الحائض والنفساء إذا أفطرتا في رمضان

235 - بيان ما يلزم الحائض والنفساء إذا أفطرتا في رمضان س: رسالة وصلت من المستمع ح. ر. والمستمعة س. ر. أيضًا من المنيا، من مصر الصعيد يقولان: إن هناك فئة من الناس نساؤهم لا تصوم قضاء رمضان، إذا ما أفطرت، بعذر شرعي، ويعتقدون أن

ذلك لا يقضى كالصلاة، نرجو من سماحتكم أن توضحوا هذا مع توجيه الناس ونصحهم. جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: الواجب على كل مؤمنة أن تقضي صوم رمضان، إذا صادف الحيض في رمضان، أو النفاس عليها أن تفطر وعليها أن تقضي بإجماع المسلمين، بإجماع العلماء، هذا واجب عند جميع أهل العلم، قالت عائشة رضي الله عنها: «كان يصيبنا ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة» (¬3) فكان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرهن بقضاء الصوم إذا أفطرن في رمضان، من الحيض أو النفاس، ولا يأمرهن بقضاء الصلاة، وهو تخفيف من الله على العباد سبحانه وتعالى، فالصلاة مكررة في اليوم خمس مرات، وفي قضائها مشقة، فمن رحمة الله وإحسانه جل وعلا أن أسقطها عن الحائض، والنفساء مدة الحيض والنفاس، فعلاً وقضاءً، لا تُفعل ولا تُقضى رحمةً من الله وإحسانًا منه جل وعلا، أما الصوم صوم رمضان، فإنه أسقطه عن الحائض والنفساء فعلاً وقت الحيض ووقت النفاس، لا تصوم لكن تقضي، فإن جاءها الحيض في رمضان تفطر، وهكذا في النفاس تفطر، ثم تقضي بعد ذلك بإجماع العلماء، فالواجب على جميع ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (319). (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم (319). ') "> (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الحيض، باب وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة، برقم (335).

المسلمين، التواصي بهذا، والتناصح والتنبيه بالنسبة لهذا الأمر، وأنه واجب على المرأة، قضاء أيام الحيض وأيام النفاس التي أفطرتها في رمضان، ومن ترك ذلك فقد عصى الله ورسوله، وخالف إجماع المسلمين فهو يستحق التأديب والضرب على هذا الأمر، وتستحق المرأة إذا تركت ذلك التأديب من أبيها، وزوجها، وأخيها. لأن هذا منكر عظيم، لا يجو لها أن تدع قضاء الصوم إذا أفطرت في رمضان بالحيض، أو النفاس، فإنه يجب عليها القضاء، كما تقدم بالنص والإجماع. س: الأخت: ز. ك. من اليمن تسأل وتقول: عندنا قول أو رأي تناقلته النساء، وهو أن البنت البكر، التي تفطر في رمضان بسبب الدورة الشهرية، ليس عليها قضاء بعكس المرأة المتزوجة فإن عليها قضاء، ومع أننا لا ندري هل هذا الرأي صحيح أم خاطئ، إلا أننا نأخذه مأخذ القبول، والسؤال: هل هذا الرأي صحيح أم أنه خطأ؟ وإذا كان خطأ ماذا تفعل المرأة التي مر عليها أكثر من رمضان، ولم تقض ما عليها من صيام، بحجة أنه ليس عليها قضاء؟ نرجو التوجيه تجاه هذا الأمر، الذي لا يعد حالة فردية، بل يعد حالة كثير من النساء اللاتي سمعن هذا الرأي، ولكم الأجر والثواب.

ج: هذا غلط عظيم، الواجب على المرأة أن تقضي الصيام، ولو كانت بكرًا، ولم تتزوج فإنها متى حاضت أو بلغت خمس عشرة سنة، أو أنبتت الشعر الخشن حول الفرج، وهو الشعرة أو احتلمت فأنزلت المني باحتلام أو بتفكير، أو نحو ذلك، فإنها لها حكم النساء، وعليها أن تصلي الفريضة، فالخلاصة أن عليها أن تقضي الصيام الذي تركته بعد ما جاءها الحيض، ولو كان الحيض نزل بها وهي بنت عشر سنين، أو إحدى عشرة سنة، أو ثنتي عشرة سنة فإنها تبلغ بذلك، وتكون مكلفة بذلك فعليها القضاء، وإن كانت بكرًا لم تتزوج، هذا هو الواجب عليها عند جميع المسلمين، فالواجب الحذر من هذا الأمر، والتواصي بإعلام النساء ذلك، حتى تصوم الفتاة ما تركت من الأيام الماضية في سنة أو سنتين أو أكثر، عليها أن تصوم ما أفطرت من الأيام الماضية، بعد ما حاضت، أو بعد ما بلغت خمسة عشر سنة، أو بعد ما أنزلت المني باحتلام وغيره عن شهوة، أو بعد إنباتها الشعر الخشن حول الفرج، فإن المرأة تبلغ بأحد أربعة أمور: تبلغ بالحيض، وتبلغ بإكمال خمس عشرة سنة، وتبلغ بإنبات الشعر الخشن حول الفرج، وهو الشعرة وتبلغ أيضًا بالإنزال عن شهوة سواء احتلام أو غير الاحتلام، والرجل كذلك إلا الحيض فإنه معلوم أنه خاص بالنساء.

حكم من بلغت في سن مبكرة ولم تصم

236 - حكم من بلغت في سن مبكرة ولم تصم س: تقول السائلة: نرجو من سماحتكم أن تقولوا لنا رأيكم في مسالة احترنا فيها، بسبب تعدد الآراء وهي: أننا فتيات، قد بلغنا في سنٍّ مبكرة، يعني أتانا ما يسمى بالحيض، قبل قيامنا بصيام شهر رمضان، ولذلك قال لنا بعض الناس: إنه علينا صيام الشهرين التي قد تركناها، نرجو توضيح هذه المسألة، ولكم الجزاء والثواب من عند الله الدعاء منا (¬1). ج: نعم، عليكن أن تصمن متا تركتن صيامه من الرمضانات التي مضت، وليس في هذا خلاف بين أهل العلم، بل هذا أمر مجمع عليه، أن المرأة إذا لم تصم بعد بلوغ الحيض، فإن عليها القضاء، فعليكن القضاء في جميع الأيام التي أفطرتن فيها في الرمضانات الماضية التي بعد حصول الحيض، حصول الدورة الشهرية، لأن الحيض يحصل به البلوغ، فإذا تركت المرأة الصيام بعد الحيض، فإن عليها القضاء، إذا كانت مسلمة عليها القضاء، وعليها إطعام مسكين، عن كل يوم نصف صاع من التمر، أو الأرز أو غيرها من قوت البلد؛ لأنها أخرت ذلك طويلاً، إذا أخرت القضاء حتى جاء ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (119).

رمضان آخر، فإنها تقضي وتطعم عن كل يوم مسكينًا، وهكذا الرجل لو أفطر في مرضه وفي سفره، ثم أخر القضاء بعد شفائه، وبعد قدومه من سفره حتى جاء رمضان آخر، عليه القضاء مع إطعام مسكين عن كل يوم، وذلك نصف صاع من قوت البلد، مقداره كيلو ونصف تقريبًا، من قوت البلد من تمر أو أرز أو حنطة أو شعير، أو زبيب، حسب قوت البلد مع التوبة والاستغفار، المهم أنهن يقضين ما أفطرن من رمضانات بعد البلوغ، سواء شهرًا أو شهرين أو ثلاثة؛ لأنهن تساهلن في السؤال؛ لأن الأمر معروف عند أهل العلم، وهو تساهل لا ينبغي.

بيان ما يلزم من لم تقض ما أفطرت أيام الحيض والنفاس حتى كبرت

237 - بيان ما يلزم من لم تقض ما أفطرت أيام الحيض والنفاس حتى كبرت س: إنني يا سماحة الشيخ حائرة في أمري، والمشكلة هي أن والدتي أخبرتني قريبًا أنها في الماضي لم تقض أيام الحيض والنفاس، وهو عن جهل منها في ذلك، وهي الآن كبيرة في السن لا تقدر أن تقضي هذه المدة الطويلة، وأيضًا، مصابة بالسكر والضغط، وهي الآن في حيرة أيضًا من أمرها، هل الصدقة تجزئ عن ذلك؟ وما هو مقدارها؟ أفتونا جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (146). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (146). ') ">

ج: أولاً عليها التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، عما فعلت من الترك، والتوبة حقيقتها أمور ثلاثة: الندم على الماضي من السيئة، وعدم فعلها، والعزم الصادق ألاَّ تعود فيها، هذه التوبة، ندم على الماضي، وإقلاع من الذنب، وترك له خوفًا من الله سبحانه وتعالى، وتعظيمًا له، وأمر ثالث وهو العزم الصادق ألاّ يعود في الذنب، فالوالدة التي سألتِ عنها أيتها السائلة، جزاكِ الله خيرًا، عليها أن تتوب إلى الله: بالندم على ما مضى، الندم الصادق وعليها مع ذلك أن تطعم عن كل يوم مسكينًا، ما دامت لا تستطيع القضاء إذا كانت تستطيع، إذا كان عندها قدرة مالية، نصف صاع بصاع النبي عليه الصلاة والسلام، ومقداره كيلو ونصف تقريبًا، من قوت البلد أرز، أو تمر أو حنطة أو شعير، أو نحو ذلك هذا هو الواجب عليها، مع التوبة والاستغفار عما مضى، والله سبحانه وتعالى يتوب على التائبين، وأنتِ جزاكِ الله خيرًا، أعينيها على هذا الخير، إذا كانت تعجز عن الكفارة، وأنتِ تقدرين فأعينيها، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، فكيف بالوالدة، وأيضًا عليها أن تعتني بعدد الأيام، ولو بالظن إذا شق العلم، يكتفى بالظن. عن الجزم وعن العلم بمقدار الأيام، وإذا كان مع الرز أو الحنطة إدام، هذا أفضل وأفضل: من لحم أو سمن هذا كله طيب، وإلا فهو يكفي وحده، ولكن إذا كن مع الرز إدام صار أفضل.

س: في بداية حياتي كنت معذورة شرعًا، ولكني لم أقضِ الأيام التي أفطرتها في رمضان؛ لجهلي بكثير من الأحكام وبما فطر عليه النساء من الحياء، والآن أريد أن أقضي تلك الأيام، لكني لا أعرف عددها، ولا كم هي فكيف توجهوني؟ وهل يلزمني مع الصيام أشياء أخرى؟ جزاكم الله خيرًا. ج: عليك التوبة النصوح إلى الله والصدق بالندم، والحزن على ما جرى منك، والعزيمة الصادقة ألاّ تعودي في ذلك وعليكِ القضاء بحسب ظنكِ، إذا لم تعلمي بحسب الظن تحسبين الأيام التي عليكِ، عشرين يومًا، ثلاثين يومًا، أربعين يومًا التي أفطرتِ، الأيام التي أفطرتِها من رمضان، عليكِ أن تقضيها مع إطعام مسكين عن كل يوم، إذا كنت قادرة، أما إذا كنتِ فقيرة لا تستطيعين، فيكفي الصيام، أما مع الاستطاعة فتطعمين عن كل يوم مسكينًا، كيلو ونصفًا عن كل يوم، نصف صاع يعني في اليومين صاع، وعن الأربعة صاعان وهكذا، تعطينها للفقراء قبل الصيام، أو بعد الصيام، ولو فقير واحد، أو فقيران أو أهل بيت فقراء، يكفي هذا والحمد لله مع التوبة والاستغفار والندم وعدم العودة.

حكم الصوم عمن مات وعليه قضاء أيام لا يعلم عددها

238 - حكم الصوم عمن مات وعليه قضاء أيام لا يعلم عددها س: تقول السائلة: إن والدتي عندما توفيت كان عليها قضاء لصيام شهر رمضان، ولم نعلم كم عدد هذه الأيام لكثرة إفطارها بسبب مرض الربو، وكانت تنوي القضاء، ولكنها ماتت ماذا يلزمنا سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: يشرع لكم الصيام عنها حسب الظن تجتهدون وتصومون ما يغلب على الظن أنها أفطرته من رمضان وأنتم مأجورون، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام، صام عنه وليه» (¬2) يعني قريبه، فالأفضل لكم أن تصوموا عنها ما تيسر أنتِ وأخواتكِ أو واحدة منكن تصوم عنها حسب الظن، إذا ظننتم أنها عشرة أيام صوموا عشرة، إذا ظننتم أنها خمسة عشر صوموا خمسة عشر، وهكذا بالظن ويكفي هذا، وإن تصدقتم عنها كل يوم طعام مسكين كفى، لكن صومكم عنها أفضل. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (356). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147).

حكم صيام المرأة إذا نزل بها الحيض بعد غروب الشمس

239 - حكم صيام المرأة إذا نزل بها الحيض بعد غروب الشمس س: هل يجب قضاء الصوم إذا أتت المرأة الدورة الشهرية، بعد صلاة

المغرب أو قبل الصلاة بعد الإفطار (¬1)؟ ج: ليس عليها شيء، لأنها أكملت الصيام، وإنما جاء الحيض بعد غروب الشمس، ولو قبل الصلاة، فلا شيء عليها، أو بعد الصلاة من باب أولى. ¬

(¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (147).

بيان ما يلزم المرأة إذا تهاونت في قضاء الصيام ونسيت عدد الأيام

240 - بيان ما يلزم المرأة إذا تهاونت في قضاء الصيام ونسيت عدد الأيام س: عندما كنت صغيرة لم أكن أهتم بقضاء الصيام، عندما أفطر بالعذر الشرعي، والآن تذكرت لكني لا أدري كم هي المدة التي لم أصمها، وكم هي عدد الأشهر التي أفطرت فيها، فبماذا تنصحونني الآن، وهل علي كفارة وقضاء (¬1) (¬2)؟ ج: عليكِ أن تصومي بالتحري والظن في إحصاء جميع الأيام التي أفطرتها، عليك أن تتحري وتعملي بالظن حتى تصومي جميع الأيام، ولو مفرقة غير متتابعة، مع التوبة الصادقة إلى الله والندم على ما مضى منكِ والعزم على ألاّ تعودي لهذا الشيء، ومع إطعام مسكين عن كل يوم، نصف صاع عن كل يوم، تجمعينها ثم تعطينها بعض الفقراء، فقيرًا، أو فقيرين أو أكثر، مع التوبة الصادقة والندم وعدم العودة. ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (337). (¬2) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (337). ') ">

س: أريد أن أصوم الأيام التي فاتتني عندما بلغت، ولكن لا أعرف كم عدد أيامها لأنني بلغت وأنا في الثانية عشرة، من العمر وكنت أصوم وأفطر لما ألقاه من تعب، وعندما بلغت الرابعة عشرة من العمر، أتممت الصيام، كما قلت لا أعرف عدد تلك الأيام التي أفطرتها وجهوني، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: عليكِ أن تحسبي الأيام بالظن والاجتهاد والتحري، فإذا غلب على ظنك أنها عشرة أيام، خمسة عشر يومًا تصومين ما تيسر من ذلك، حسب الطاقة حسب الظن والغالب: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}، عليكِ أن تجتهدي وتتحري الأيام التي أفطرتها بعد البلوغ، وعليكِ أن تصوميها سواء كانت متتابعة أو مفرقة، وعليكِ مع ذلك إطام مسكين عن كل يوم لتأخر صيامكِ لها وهو نصف صاع من التمر أو البر ونحوهما، إذا كنتِ قادرة على ذلك، أما إذا كنتِ فقيرة ولا تستطيعين فإنه يكفي الصوم ولا حاجة إلى الإطعام، لقوله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (155). ') ">

س: الأخ: ع. أ. ح. من مدينة جدة يسأل ويقول: كان النساء لا يقضين ما أفطرنه من رمضان، بسبب أعذارهن الشرعية، كالحيض مثلاً، والآن اكتشفن أنهن كن على خطأ، بماذا تنصحونهن؟ جزاكم الله خيرًا ولا سيما أنهن لا يعلمن عدد الرمضانات التي أفطرن فيها. ج: عليهن أن يقضين ما يغلب على الظن، أنهن تركنه من الصيام، والله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، ويقول: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}. فعليهن أن يتحرين ما أفطرنه فيه ويقضينه، ويطعمن عن كل يوم مسكينًا، زيادة مع القضاء، إذا كن قادرات على الطعام، كل يوم عنه إطعام مسكين: نصف صاع من التمر، أو الأرز أو الحنطة أو الشعير، حسب الطاقة، وإذا كن لا يستطعن الطعام، كفى الصيام والحمد لله؛ لأن الله يقول جل وعلا: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، والحائض كذلك والنفساء كذلك كالمريض تقضي، تقضي الصوم كما يقضي المريض والمسافر، وإذا نسيت العدد فإنها تتحرى ذلك في غالب ظنها وتصوم والحمد لله.

حكم من عجز عن قضاء الصيام والإطعام

241 - حكم من عجز عن قضاء الصيام والإطعام س: أنا فتاة بلغت العادة قبل اثني عشر عامًا، وكنت لا أقضي ما أفطره في رمضان وقد علمت بالذنب، وتبت إلى الله تعالى، وعاهدت الله بأن أصوم الشهر، وأقضي الأيام التي أفطرت، ما حكم ذلك؟ هل أقضي السنوات الماضية، أم ماذا أفعل؟ علمًا بأني لا أستطيع القضاء؛ لأن صحتي ضعيفة جدًا، وأيضًا لا أستطيع الإطعام، كل يوم مسكين؛ لأنني فقيرة لا أملك المال، وجهوني جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: عليكِ القضاء متى استطعت ولو مفرقًا، كلما استطعت تصومين يومًا، يومين، ثلاثة، أربعة، ثم تفطرين وهكذا، تصومين بالتدريج حسب القوة والقدرة، كلما استطعتِ، وكلما قويتِ تصومين والحمد لله، وتضبطينه، تكتبين ما تصومين، حتى تكملي ما عليكِ، والله يقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}. أبشري بالخير وعليك بالتوبة الصادقة، والندم ثم استمري في القضاء، نسأل الله لكِ العون والتوفيق. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (220).

مسألة فيمن عليه أيام من رمضان ولم يقض لعدة سنوات

242 - مسألة فيمن عليه أيام من رمضان ولم يقض لعدة سنوات س: يقول السائل: ل. ف. ع. مقيم بالإحساء: أفطرت من ثلاث سنوات في رمضان، مدة سبعة أيام دخلت فيها المستشفى، بناءً على أمر الأطباء لمرض القلب، ومن ذلك الحين لم أقض الأيام السبعة، التي في ذمتي في هذه الفترة، قمت بالحج إلى بيت الله الحرام، وتبت إلى الله، من جميع المعاصي، والذنوب الماضية، فهل هذا يكفي أم يجب علي القضاء والفدية (¬1) (¬2)؟ ج: يجب عليك قضاء صيام السبعة والفدية، والحج صحيح والحمد لله، تقضي الأيام السبعة التي عليك، تطعم عن كل يوم مسكينًا، يعني ثلاثة أصواع ونصفًا، عن السبعة أيام، تعطيها بعض الفقراء، عن كل يوم نصف صاع، رز أو حنطة أو تمر تعطيها بعض الفقراء، وتصوم السبعة أيام مع التوبة، وقد تبت والحمد لله. س: أنا فتاة أبلغ من العمر السابع عشر، وقد تذكرت أن علي بعض الأيام من شهر رمضان، لم أصمها وكانت في ذلك الوقت أول سنة من بلوغي، حيث كان عمري إحدى عشرة سنة، وأنا لا أدري عن عدد ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (387). (¬2) السؤال من الشريط رقم (387). ') ">

الأيام التي أفطرتها، وجهوني كيف يكون القضاء، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: عليكِ أن تصومي حسب ظنكِ، واجتهادك اعملي بالظن في الأيام التي أفطرتها، ويكفي والحمد لله، تجتهدين، فإذا كنتِ تظنين أنها سبعة، تصومين سبعة، أو تظنين ثمانية ثمانية، أو عشرًا عشرًا، حسب الاجتهاد والتحري، {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}. {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. س: الأخت: أم عبد الرحمن، تسأل وتقول: إنها امرأة في الخامسة والعشرين من عمرها، كانت في سابق حياتها لا تقضي الأيام التي أفطرتها في رمضان، ولا تذكر المدة بالتحديد، ولا تعلم إذا كانت في تلك المدة التي لم تصم فيها كانت تصلي أو لا وتستمر على هذا الحال، وتصف نفسها بالجهل، وترجو من سماحة الشيخ التوجيه (¬2). ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (264). ') "> (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (257). ') ">

ج: عليكِ التوبة إلى الله وقضاء الأيام للظن، الأيام التي أفطرتها تقضينها بالظن، ولو مفرقة عن غير تتابع، تصومين وتفطرين، حتى تكملي حسب ظنكِ، شهرًا، شهرين، ثلاثة، حسب ما ظننته، الأيام التي أفطرتها في السنوات الماضية، تقضينها مع التوبة والاستغفار، ومع إطعام مسكين عن كل يوم إن كنتِ قادرة، وإن كنتِ فقيرة لا تستطيعين، الصوم كافٍ، ولا حاجة إلى الإطعام، أما إن قدرتِ فأطعمي عن كل يوم مسكينًا، عن العشرة أيام خمس أصواع، عن عشرين يومًا عشرة أصواع، وهكذا، كل يوم نصف صاع، تجمع ويعطاها بعض الفقراء، أو بيت فقير، والحمد لله، والتوبة تجب ما قبلها والحمد لله. س: أنا رجل أسكن في بيتي لوحدي، وذات مرة قمت لأتسحر، فنظرت في الساعة فإذا هي الثالثة صباحًا، بمعنى أن هناك متسعًا من الوقت للسحور، وليس في البيت منفذ لضوء النهار، وفعلاً تسحرت فلما أردت الخروج لصلاة الفجر، تبين لي أن النهار قد طلع، وأن الناس قد صلوا الفجر، وعادوا إلى منازلهم، فماذا يجب علي في هذه الحالة، القضاء أم الكفارة، وهل أكمل صيام هذا اليوم أم أفطره؟

ج: عليك إكمال الصوم في رمضان، إذا كنت في رمضان، وعليك القضاء على الصحيح عند أكثر أهل العلم؛ لأنك تساهلت ولم تعتمد على معرفة الأسباب لظهور الصبح، بل تساهلت ثم تبين لك أنك أكلت في النهار، فعليك القضاء في أصح قولي العلماء، عند كثير من أهل العلم، مع الإمساك في رمضان، أما إن كان الصوم في غير رمضان، صوم كفارة، أو صوم نذر، فهذا لا تمسك، تقضي يومًا مكانه، إذا كنت علمت أنك أكلت في النهار، تفطر ذلك اليوم وتقضي يومًا مكانه، والحمد لله، أما إن كان نافلة، فالأمر واسع لك أن تفطر؛ لأنه نافلة ولك أن تصوم البديل، لكن ما دمت أكلت في النهار، لا تصوم من جديد، بل تفطر؛ لأنه يوم لا يعتد به، بسبب الأكل الذي فيه في النهار، فالحاصل إذا كان صوم رمضان عليك أن تمسك، وتقضي ذلك اليوم، أما إذا كان صوم كفارة، أو صوم نذر أو صوم نافلة، فإنك تفطره، وتقضي يومًا مكانه، بدل الكفارة أو النذر.

حكم من نسيت ما عليها من الأيام فالتزمت صيام الاثنين والخميس مدة حياتها

243 - حكم من نسيت ما عليها من الأيام فالتزمت صيام الاثنين والخميس مدة حياتها س: سائلة تقول: هل يجوز لي أن أقضي أيامًا أفطرتها في رمضان والتي لا أعرف عددها بحيث أنوي الصيام، كل اثنين وخميس، وثلاثة أيام

من كل شهر دائمًا، حتى يتوفاني الله، أرجو منكم الإفادة (¬1) (¬2). ج: إذا كان عليكِ أيام من رمضان أفطرتها بغير عذر شرعي، فعليكِ القضاء إذا كان عليكِ أيام بسبب الحيض أو النفاس وشككت فيها فاعملي بالظن. اجتهدي وصومي الأيام التي تظنين أنها عليكِ ويكفي والحمد لله، صوميها مجتمعات أو متفرقة: الاثنين والخميس أو بالسرد، ولا حرج، لكن بالظن إذا ظننتِ أنها أربعون يوما صومي أربعين يومًا أو ظننتِ أنها ثلاثون صومي ثلاثين، ظننتِ أنها عشرون صومي عشرين، وهكذا بالظن ويكفي والحمد لله. س: تسأل الأخت: وتقول: عندما كنت صغيرة وحضت، لم أعرف أي شيء عن الحيض، وأنه يجب الإفطار في رمضان، وقضاؤه بعد ذلك، وكنت أصلي في مدة الحيض كالأيام العادية، ولم يكن أحد يعلم عن ذلك حتى أمي، ومضت سنتان ثم درست وتعرفت، ولكن أنساني الشيطان القضاء السابق في بداية الحيض، وعندما بلغت الرابعة والعشرين من العمر تذكرت بقدرة الله، فاجتهدت في عدد الأيام، فكانت اثني عشر يومًا، فقضيتها وأخرجت عن كل يوم إطعام ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (365). (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (365). ') ">

مسكين، وجمعتها ووزعتها من قوت البلد، هل ما فعلته صحيح، أم تفيدونني بشيء آخر (¬1)؟ ج: قد أحسنت، هذا الذي فعلته طيب، قد أحسنتِ في فعلكِ مع التوبة اللازمة، مع التوبة والندم على ما حصل من التأخير، وفقكِ الله وتقبل منكِ. س: تقول السائلة: إنها لم تكن تقضي الأيام التي فاتتها من شهر رمضان، وهي لا تستطيع إحصاءها، كيف توجهونها سماحة الشيخ؟ ج: عليكِ أن تتحري أيتها الأخت في الله، وأن تصومي ما غلب على ظنك أنك تركتِ صيامه، وسألين الله العون والتوفيق، {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}، اجتهدي وتحري، واحتاطي لنفسك، حتى تصومي ما غلب على الظن أنك تركته، وإذا صمتِ يوم عاشوراء أو عرفة، أو الأيام البيض بالنية لما عليكِ من القضاء، أجزأ ذلك، إنما الأعمال بالنيات. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (272). ') ">

حكم قضاء الصيام عن الميت

244 - حكم قضاء الصيام عن الميت س: مَن تُوُفِّيَ وعليه صيام أيام، أفطرها للسفر هل يصوم عنه ورثته (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (217). (¬2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (217). ') ">

ج: نعم، إذا كان فرّط، إذا كان قد ولا صام، فالسنة أن يصوم، أما إذا كان مات في السفر، أو مات من حين قدم، مثل المريض الذي مات في مرضه، أو من حين شفي مات، ما أمكنه أن يصوم، فهو معذور، لكن إذا فرّط المريض أو المسافر، فشفي المريض، وقدم من السفر المسافر، ولكن تساهل ما صام ثم مات، يشرع لأقاربهما أن يصوموا عنهما، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» (¬1) وسأله جماعة، هذا يقول: أمي ماتت وعليها صوم شهر، وهذا يقول: أبي مات وعليه صوم شهرين، فهل أصوم عنه فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: نعم. يجيبهم بنعم، فالسنة لهؤلاء أن يصوموا عن أقاربهم، ويُحسنون إليهم بذلك، إذا كان أقاربهم قد فرّطوا، أما إذا كان قد مات في مرضه، أو مات في سفره، أو من حين شفي مات، أو من حين قدم مات، ما أمكنه، فهو معذور. س: إن أختي كان عليها من رمضان أيام تقضيها ولكن توفيت قبل قضائها، فهل علي قضاؤها عنها، مع الكفارة عن كل يوم وهو إطعام مسكين، وإن كان الجواب بنعم، فما هو مقدار إطعام المسكين الواحد، علمًا بأن الأيام التي عليها قضاؤها من شهر رمضان الذي ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147).

فات ومضى هذه السنة؟ ج: إذا كان القضاء الذي عليها من رمضان القريب، وهي تستطيع القضاء، ولكن أخرت القضاء، فإنه يشرع لكِ القضاء عنها، وليس عليكِ إطعام؛ لأن رمضان قريب، إنما الإطعام إذا تأخر القضاء إلى رمضان آخر، أما إذا كان القضاء لم يتأخر، فإن الذي أفطر ليس عليه إطعام، وإنما يقضي سواء كان رجلاً أو امرأ، كالمرأة التي حاضت ثم تساهلت في القضاء، حتى مضى أيام، ثم مرضت وماتت، فإنه يقضي عنها وليس فيه إطعام، وهكذا الرجل المريض والمسافر، لما قدم من سفره أو طاب من مرضه، يتساهل ولم يقض ثم مات، فإنه يقضي عنه فقط، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» (¬1) يعني قريبه، وسئل صلى الله عليه وسلم، سألته امرأة قالت: يا رسول الله: «إن أمي ماتت، وعليها صوم شهر رمضان، فأقضيه عنها؟ قال: أرأيتك لو كان عليها دين، كنت تقضينه؟ قالت: نعم، قال: فدين الله عز وجل أحق أن يقضى» (¬2) وسئل في هذا مسائل أخرى، فأمر ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما برقم (3410)، وأصله في البخاري ومسلم.

السائل بالقضاء عليه الصلاة السلام، لكن إن كان الصوم قد تأخر إلى رمضان آخر، متساهلاً فيه فإنه يقضى عنه، ويطعم عن كل يوم مسكينًا، وإطعام المسكين، نصف صاع من قوت البلد، من تمر أو أرز أو شعير أو حنطة، يعني كيلو ونصفًا تقريبًا من ماله هذا، فإن لم يتيسر من يقضي عنه، أطعم عنه عن كل يوم مسكينًا بدلاً من القضاء.

مسألة في توزيع قضاء ما على الميت من صيام بين قرابته

245 - مسألة في توزيع قضاء ما على الميت من صيام بين قرابته س: أم عبد العزيز لها جمع من الأسئلة تقول: في سؤال توفي جدي لأبي وعليه صيام من رمضان، وقمت أنا وأبي بالصيام عنه أنا ثمانيًا وأبي ثمانيًا فهل يصح ذلك (¬1)؟ ج: أنتما مشكوران وجزاكما الله خيرًا، هذا طيب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام، صام عنه وليه» (¬2) يعني قريبه. فإذا قضيتِ أنتِ والأب ما على الميت، جزاكما الله خيرًا، هذا عمل مشكور ومأجور وينفع الميت. ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (321). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147).

حكم قضاء الصيام عمن تركه تعمدا

246 - حكم قضاء الصيام عمن تركه تعمدًا س: رسالة السائلة: خ. ص. ع. القصيم البكيرية، تقول: نرجو من سماحة الشيخ الرد على هذا السؤال: أخي تُوُفِّيَ بحريق وعمره في التاسعة عشرة، مر على وفاته ما يقارب سنتين ولم يصم مدة عمره بعد البلوغ إلا يومًا واحدًا فقط، ماذا ينبغي علينا أن نفعل؟ هل نتصدق عنه، أم نصوم عنه (¬1)؟ ج: إذا كان هذا الميت يصلي فالأفضل لكم أن تصوموا عنه؛ لأنه فرط وتساهل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام، صام عنه وليه» (¬2) متفق على صحته، والولي هو القريب، كأخيه وأبيه وعمه ونحو ذلك، فإذا كان لصيام رمضان أو نذر أو كفارة فيستحب لأقربائه أن يصوموا عنه، أما إن كان لا يصلي فالذي ما يصلي كافر فليس عليكم صيام وليس لكم الصيام عنه، أما إذا كان يصلي ولكنه تساهل في الصوم، فيُدعى له بالمغفرة ويصام عنه، نسأل الله الهداية للجميع. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (374). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147).

حكم قضاء عمن استمر به المرض بعد رمضان حتى توفي

247 - حكم قضاء عمن استمر به المرض بعد رمضان حتى توفي س: السائل يقول: كانت لدي ابنة أصيبت بمرض في بداية شهر رمضان، ولم تصم غير صيام ثلاثة أيام، واستمر معها هذا المرض حتى بداية محرم، ثم توفيت، السؤال: هل يجب علينا صيام رمضان بدلاً عنها؟ وهل الذي يصوم عنها واحد فقط أم أنه ممكن أن يشارك الوالدة والأبناء في قضاء الصيام عنها؟ أفيدونا مأجورين (¬1) (¬2). ج: إذا كانت ماتت وهي عاجزة عن الصوم لأجل المرض، فلا شيء عليها، ولا يصام عنها؛ لأنها معذورة، والله يقول سبحانه وتعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، يعني بعد الشفاء أو بعد السفر أما إن كانت شفيت وتساهلت حتى مضت الأيام التي تستطيع فيها الصيام، فإنه يشرع لأقاربها أن يصوموا عنها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» (¬3) يعني قريبه، أمها، وأخواتها وإخوانها فلا بأس إذا صاموا عنها، ولو اشتركوا في ذلك، فإذا كان عليها مثلاً عشرون يومًا فصاموا عنها: صام كل واحد خمسة، أربعة، صاموا، أو ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (373). (¬2) السؤال من الشريط رقم (373). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147).

خمسة، صاموا كل واحد أربعة أو عشرة، صاموا كل واحد يومين فلا بأس، أما إذا كانت ماتت وهي في مرضها فلا شيء عليها ولا يصام عنها. س: يقول السائل: توفيت والدتنا رحمها الله، وعليها صيام خمسة أشهر، أفطرتها بسبب رضاعتها لأطفالها الخمسة، ولم تستطع صيامها في حياتها، نتيجة إصابتها بأمراض عديدة كالسكر، وغيره، رغم هذا فقد كانت مصممة على الصيام، وفعلاً بدأت بثمانية أيام ولكن فاجأها الموت، السؤال كيف يتم قضاء ذلك عنها، وماذا يجب أن نقوم به للقضاء عنها في الصيام؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: ما دام التأخير حصل من أجل العجز عن الصيام؛ لأمراض تتابعت عليها، أو من أجل الرضاع الذي تقوم به، فإنه لا يلزم عن هذا قضاء ولا إطعام، لا يلزمكم أيها الورثة لا قضاء ولا إطعام؛ لأنها معذورة، والله سبحانه يقول: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، فهذه لم تدرك العدة، ولم تستطع العدة، فلا شيء عليكم لا من جهة الصيام ولا من جهة الطعام، إذا كانت معذورة، أما إذا كنتم تعلمون أنها متساهلة، ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (57). ') ">

وأنها غير معذورة، بل تستطيع أن تقضي، فالمشروع لكم أن تقضوا عنها ولو تعاونتم، كل واحد من أقاربها وأولادها يفعل شيئًا يصوم أيامًا، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» (¬1) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها فإذا صمتم عنها، فلكم أجر عظيم إذا كانت في اعتقادكم مقصرة متساهلة، وإن أطعمتم أجزأ الإطعام، لكن الصوم أفضل لهذا الحديث الصحيح، «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» (¬2)، وفي المسند وغيره، بإسناد صحيح، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة قالت يا رسول الله: «إن أمي ماتت وعليها صوم شهر رمضان، فأقضيه عنها، قال: أرأيتك لو كان عليها دين، كنت تقضينه، قالت: نعم، قال: فدين الله عز وجل أحق أن يقضى» (¬3) هذا الحديث وما جاء في معناه، كلها تدل على أن الصوم يقضى عن الميت، سواء كان نذرًا أو صوم رمضان، أو صوم كفارة في أصح أقوال أهل العلم، وإذا لم يتيسر القضاء أطعم عن كل يوم مسكينًا، هذا كله إذا كان الذي عليه الصيام قصر في القضاء، وتساهل أما إذا كان معذورًا بمرض أو نحوه من الأعذار الشرعية فلا إطعام ولا صيام على الورثة. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147). (¬2) صحيح البخاري الصَّوْمِ (1952)، صحيح مسلم الصِّيَامِ (1147)، سنن أبي داود الصَّوْمِ (2400)، مسند أحمد (6/ 69). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما برقم (3410)، وأصله في البخاري ومسلم.

س: رجل توفي وعليه صيام من رمضان، وله أبناء رجال ونساء فهل يجب عليهم القضاء من أبيهم، وهل يكون القضاء عليهم جميعًا، أم على الرجال فقط، وهل كلهم يصومون في يوم واحد، أم كل واحد يصوم يومًا واحدًا عنه (¬1)؟ ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» (¬2) إذا مات وعليه قضاء من رمضان، أو صوم نذر، شُرع لأقربائه أن يصوموا عنه، فإن صام عنه واحد أو جماعة، قد أحسنوا وجزاهم الله خيرًا، إذا صام عنه واحد جميع الأيام أو صام الجميع، هذا صام ثلاثة وهذا صام أربعة، وهذا صام يومين، فقد أحسنوا وجزاهم الله خيرًا، لأنه صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر، أفأصوم عنها؟ قال: أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدي ذلك عنها. قالت: نعم. قال: فصومي عن أمك (¬3). فالسنة لأقربائه أن يصوموا عنه، فإن كان قضاء من رمضان، صاموا عنه وإن كان كفارة متتابعة، صاموها متتابعة، كشهرين متتابعين يصومها واحد متتابعة منهم، يستحب له ذلك فإن ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (400). ') "> (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت، برقم (1148). ') ">

كان يوم واحد، صامه وأعانه بعض أقاربه، من رمضان أو نذر، المقصود أن السنة لأقاربه أن يصوموا عنه، ما أوجب عليه من الصيام، إذا مات ولم يصم، سواءً كان من رمضان، أو من الكفارات لكن إذا كانت الكفارة متتابعة، ككفارة القتل، كفارة الظهار، صاموها متتابعة، يصومها واحد؛ لأن التتابع يكون من واحد، يومًا بعد يوم متتابعة. س: سائلة تقول: نحن ثلاث بنات، توفيت والدتنا، وعليها قضاء من صيام رمضان، حوالي عشرين يومًا، فهل نتساعد في القضاء عنها، بمعنى كل واحدة تصوم سبعة أيام، أم يلزمنا أن يقوم بالقضاء واحدة فقط؟ ج: لا حرج إذا تساعدوا فيه، ما داموا قضوا وصاموا رمضان، لا حرج أن تتساعدوا، هذه تصوم يومين، وهذه تصوم أربعة، حتى يكملوا لا حرج، أم إذا كان الصوم متتابعًا، مثل كفارة متتابعة أو نذر متتابع، فيصومه واحد حتى يتابع بينه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» (¬1) فإذا كان الذي على الميت كفّارة قتل، شهرين أو كفّارة ظهار، يصام ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147).

عنه بالتتابع: يصوم واحد متتابعًا وإن كان في ذلك مشقة كفّروا عنه بالإطعام، مثل كفّارة الظهار إطعام ستين مسكينًا، أو الوطء في رمضان، إطعام ستين مسكينًا، وإن صام عنه أحدهم ستين يومًا، فجزاه الله خيرًا، أما القتل ما فيه إطعام، ليس فيه إلا الصيام أو العتق، فإذا تيسر في تركته، ما يوجب العتق، وتيسر العتق، أعتقوا من تركته، فإن كان ما تيسر العتق، يصوم عنه بعضهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» (¬1) يصوم واحد منهم متتابعًا، أما إذا كان قضاء من رمضان، فلا بأس أن يشتركوا فيه؛ لأنه ليس فيه ترتيب، ليس فيه تتابع، فإذا صام هذا أيامًا، وهذا أيامًا صار عشرين يومًا عليه، وأخذه أربعة كل واحد صام خمسة فلا بأس. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147).

حكم الصيام عن الميت إذا لم يكن عليه صيام

248 - حكم الصيام عن الميت إذا لم يكن عليه صيام س: رسالة من اليمن تقول مرسلتها هذه السائلة: توفيت أمي منذ فترة، هل يجوز أن أصوم عنها، وإن لم يكن عليها صيام (¬1)؟ ج: الميت لا يصام عنه ولا يصلى عنه، إلا إذا كان عليه صوم واجب، مثل كفّارة، أو صوم رمضان لم يقضه، فإن أقاربه يستحب لهم أن يقضوا ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (406).

عنه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» (¬1) يعني قريبه، فإذا مات وعليه صوم من رمضان أو كفّارة يستحب لأقربائه أن يصوموا عنه، أما النافلة فلا يصام عنه، ولا يصلى عنه، ولكن يتصدق عنه من المال، أو يتصدق عنه بالدعاء له بالمغفرة والرحمة. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147).

حكم قضاء الصيام عمن مات أثناء المرض

249 - حكم قضاء الصيام عمن مات أثناء المرض س: يقول السائل: مرض والدي مرضًا شديدًا، ولم يصم سبعة أيام من أيام رمضان الأولى، ثم تُوُفِّيَ، هل نصوم عنه وهل عليه كفارة (¬1)؟ ج: إذا كان مات في مرضه ليس عليكم شيء، أما إذا كان شفي، ولكنه تساهل، تصومون عنه، أما إذا كان مرض وأفطر، ثم استمر به المرض حتى مات، فليس عليكم قضاء ولا إطعام، لا يقضى عنه، ولا يطعم عنه؛ لأنه معذور. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (387).

حكم قضاء الصوم عمن نصحها الأطباء بالفطر وتوفيت أثناء المرض

250 - حكم قضاء الصوم عمن نصحها الأطباء بالفطر وتوفيت أثناء المرض س: والدة زوجتي كانت مريضة بمرض أقعدها في الفراش، وفي شهر رمضان أجبرها الأطباء على الإفطار، ولم تصم من ذلك الشهر إلا خمسة أيام فقط، واستمر بها المرض حتى توفاها الله في نهاية ذلك

العام، هل على أولادها أن يصوموا ما أفطرت بسبب المرض؟ وجهونا جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2)؟ ج: إذا كانت ماتت في مرضها فليس على أولادها ولا غيرهم قضاء، - والحمد لله - معفوٌّ عنها؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}، وهي توفيت في مرضها فلا شيء عليها، ولا يقضى عنها؛ - والحمد لله - غفر الله لنا ولها. س: لقد مرضت أمي، قبل شهر رمضان بعدة أشهر، ولقد استمر مرضها إلى أن اختارها الله سبحانه وتعالى إلى جواره، ولقد صامت شهر رمضان إلا تسعة أيام، مع أنها مريضة ولكنها أفطرت هذه الأيام من أجل العلاج، ولكنها قالت لي: إنها تود أن تقضي هذه الأيام التسعة بعد أن ينتهي شهر رمضان، وبعد ذلك توفيت، فهل يجوز لي أن أقضي هذه الأيام التسعة أم لا؟ ج: ما دامت ماتت في مرضها فلا قضاء عليها ولا إطعام، هذا هو ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (342). (¬2) السؤال من الشريط رقم (342). ') ">

الصواب، ما دامت والدتها ماتت في مرضها فليس عليها قضاء ولا إطعام، بل معفو عنها.

حكم من نذر الصيام وعجز عن وفائه لعذر

251 - حكم من نذر الصيام وعجز عن وفائه لعذر س: إنني امرأة أم لستة أطفال كان علي من الصوم ما يعادل شهرين، لم أقضها في أوقاتها ثم إني نذرت، إن أنا صمت هذه الأيام أن أصوم من كل شهر ثلاثة أيام، وأن أصوم يومي الخميس والاثنين من كل أسبوع، إلا أنه يصادف عذري الشرعي في بعض الأوقات وصحتي أيضًا لا تتحمل الوفاء بالنذر، فما الحكم؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الواجب عليها أن توفي بنذرها، وعليها أن تصوم ما عليها من الأيام التي تقارب الشهرين، كما قالت من رمضان، وعليها أن تصوم شكرًا لله جل وعلا ما نذرت لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه» (¬2) رواه البخاري في الصحيح، والله مدح الموفين بالنذر فقال سبحانه: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا}، فعليها أن ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (271). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، برقم (6696).

تصوم هذه الأيام التي عليها من رمضان إن كان من رمضان أو كفارات، عليها أن تصومها وعليها أن توفي بنذرها أيضًا، من صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصيام الاثنين والخميس، لأن هذه أيام مشروعة صيامها قربة إلى الله، وطاعة لله، وإذا جاء وقت الحيض تفطر وتقضيها مثل ما أن المرأة تفطر في رمضان وتقضي. إذا جاء الحيض في رمضان أو النفاس، تفطر وتقضي هكذا، وهذه الناذرة إذا صادف يوم الاثنين والخميس أثناء الحيض أو النفاس تفطر ثم تقضي وهكذا إذا كانت صائمة الأيام البيض: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، وصادف أيام الحيض أو النفاس تفطر وتقضي، وإذا عجزت بالكلية لكبر سنها مثل رمضان إذا عجزت تطعم عن كل يوم مسكينًا إذا عجزت عن الصيام لكبر السن أو لمرض لا يرجى برؤه تطعم عن كل يوم مسكينًا عن كل يوم من هذه الأيام.

حكم القضاء عمن نذر الصيام ثم مات

252 - حكم القضاء عمن نذر الصيام ثم مات س: السائلة: ح. ر. من الخبر تقول: نود من سماحة الشيخ، أن يفيدنا بالحكم الشرعي في هذه المسألة، لقد توفي والدي رحمه الله، وكان قد نذر قبل وفاته نذر طاعة، وذلك إذا تم هذا الأمر، وقد تم الأمر، ونذره أن يصوم شهرًا كاملاً في مكة، والآن هل يقوم أحد من

الأولاد أو الزوجة بالصوم عنه في مكة المكرمة؟ وهل يكون الصوم متتابعًا أو على فترات؟ وهل لا بد أن يكون الصوم في مكة أو في مدينة أخرى (¬1) (¬2)؟ ج: يشرع لمن يقرب منه أن يصوم عنه كأخيه أو ابنه أو أبيه أو زوجته، لقوله عليه الصلاة والسلام: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» (¬3) يعني قريبه، إذا تيسر أحد يصوم عنه هذا طيب وهو مشروع لهذا الحديث الصحيح: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» (¬4) هكذا يقول صلى الله عليه وسلم، فيستحب لبعض أقاربه أو زوجته، أن يصوم عنه هذا الشهر، وإذا كان في مكة فهو أفضل وأكمل، وإن لم يتيسر ففي أي مكان. س: تقول السائلة: أفطرت شهرين من الصيام في أعوام سابقة، لم أقضها في أوقاتها ثم إني نذرت إن أنا صمت هذه الأيام أن أصوم من كل شهر ثلاثة أيام، وأن أصوم يومي الخميس والاثنين من كل أسبوع، وصحتي لا تتحمل الوفاء بالنذر، أرجو توجيه سماحتكم جزاكم الله خيرًا. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (393). (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم (393). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم برقم (1952)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت برقم (1147).

، الفحة رقم: 396 ج: الواجب على السائلة أن توفي بنذرها إذا حصل الشرط الذي قالت، فإن عليها أن توفي بالنذر حسب الطاقة، وإذا عجزت عن ذلك وعن صيام رمضان لكبر سنها تطعم عن كل يوم مسكينا، كما تطعم عن صيام رمضان عن كل يوم مسكينا مع القدرة، نصف صاع من قوت البلد أما ما دامت تستطيع، فإنها تصوم ثلاثة أيام من كل شهر ويومي الاثنين والخميس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه» (¬1) لأن الله مدح المؤمنين بالوفاء بالنذر فقال عز وجل: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} فالواجب على السائلة أن توفي بنذرها، لأنه نذر طاعة، وإذا صادف الاثنين أو الخميس وقت حيض أو نفاس قضتهما بعد ذلك مثل ما تقضي رمضان، فرمضان تفطر في الحيض والنفاس وتقضي، هذا في صوم نذرها تفطر وتقضي، والحمد لله. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، برقم (6696).

حكم من نذر أن يصوم أياما من رجب وشعبان

253 - حكم من نذر أن يصوم أيامًا من رجب وشعبان س: سائلة تقول: إني قد نذرت على نفسي أن أصوم عشرة أيام في رجب، وعشرة أيام في شعبان، وقد صمت العام الماضي، فقيل لي:

إنه لا أجر في صيام هذه الأيام، فهل هذا القول صحيح؟ وجهوني جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه، فلا يعصه» (¬3) ونذر الصوم طاعة، فعليكِ أن توفي بنذرك وأن تصومي عشرة من رجب وعشرة من شعبان، إذا كنتِ نذرتِ هذا دائمًا كل سنة، وعليكِ أن تتركِي النذر، النذر لا ينبغي، يكره، فعليكِ مستقبلاً أن تتركي النذر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: «نهى عن النذر قال: إنه لا يرد شيئًا، وإنما يستخرج به من البخيل» (¬4) فأنتِ في المستقبل دعي النذر، لكن الذي وقع منكِ الآن وتم وقوعه، هذا عليكِ الوفاء به، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه» (¬5) وقد مدح الله الموفين بالنذر في كتابه العظيم، حيث قال عز وجل في سورة الإنسان {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا}، هذه من صفة الأبرار، من صفة المؤمنين، فعليكِ أن توفي بنذركِ، وأن تدعي النذر مستقبلاً. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (284). (¬2) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (284). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، برقم (6696). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب القدر، باب إلقاء النذر العبد إلى القدر، برقم (6608)، ومسلم في كتاب النذر، باب النهي عن النذر وأنه لا يرد شيئًا، برقم (1640). (¬5) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، برقم (6696).

س: يقول السائل: إني قد نذرت على نفسي أن أصوم عشرة أيام في شعبان، وعشرة أيام في رجب، وقد صمت العام الماضي، فقال لي أحد الأقارب: إنه لا أجر في هذا الصيام، فهل هذا القول صحيح؟ علمًا بأني أصوم عاشوراء وأصوم يوم الوقوف بعرفة، وأحب الصيام. ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله، فلا يعصه» (¬1) والصوم من طاعة الله جل وعلا، إذا نذرت عشرة أيام من رجب، أو غير رجب، وعشرة أيام من شعبان فلا بأس، عليك أن توفي بنذرك، إلا إذا كان العشرة نذرتها بعد النصف من شعبان، فلا يجوز لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، نهى عن الصيام بعد النصف للذي ما صام قبل، قال: «إذا انتصف شعبان فلا تصوموا» (¬2) فعليك كفارة يمين عن ذلك، أما إذا كنت نذرت عشرة أيام من شعبان مطلقة أو من النصف الأول تصومها من النصف الأول، والحمد لله، ولا حرج في ذلك، بل هذا من ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، برقم (6696). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الصوم، باب في كراهية ذلك، برقم (2337)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في كراهية الصوم في النصف الثاني من شعبان، برقم (738)، واللفظ له.

نذور الطاعات، وهكذا صيام يوم عرفة سنة، يوم التاسع من ذي الحجة لغير الحجاج سنة، وهكذا صيام يوم عاشوراء، وهو اليوم العاشر من محرم سنة، ويستحب أن يصوم قبله يومًا، أو بعده يومًا، أو يصوم الثلاثة جميعًا: التاسع والعاشر والحادي عشر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وخالفوا اليهود فيه صوموا قبله يومًا أو بعده يومًا» (¬1) وفي رواية أخرى «صوموا يومًا قبله ويومًا بعده» (¬2) هذا مشروع ومستحب. ¬

(¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، برقم (2155). (¬2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب صوم يوم التاسع، برقم (8189).

حكم من أفطر في صيام النذر

254 - حكم من أفطر في صيام النذر س: ما الحكم في رجل كان يصوم نذرًا لله ثلاثة أيام، وفي اليوم الثالث لم يكمل صومه، فهل عليه إثم في ذلك، أو كفارة؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: نعم، عليه إثم في ذلك، إذا تعمد الفطر، أما إذا كان ناسيًا فلا شيء عليه، أما إذا كانت ثلاثة أيام، نذر أن يصومها ثم أفطر في واحد منها، فإنه يأثم، لأن الرسول عليه السلام قال: «من نذر أن يطيع الله فليطعه» (¬2) فليس ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (279). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، برقم (6696).

له أن يفطر في اليوم الذي نذر صومه، عليه أن يصوم، وإذا شرع في الصوم أمسك حتى يكمل، فإذا أفطر فيه لزمه قضاؤه، بدل اليوم الذي أفطر فيه، والكفارة تخص رمضان، تخص الوطء في رمضان خاصةً، حتى قضاء رمضان ليس فيه كفارة، إنما الوطء في شهر رمضان.

حكم المرأة المتزوجة إذا نذرت صيام التطوع

255 - حكم المرأة المتزوجة إذا نذرت صيام التطوع س: السائلة: ح. ن. أ. من مصر تقول: نذرت أن أصوم الاثنين والخميس طول حياتي وصمت فترة، ولكن لم أداوم على الصيام، وزوجي يرفض صيامي، ويقول: لا تصومي، وإن صمت سوف أمنعك من الصيام مع العلم بأنني قادرة على الصوم، ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: ليس لكِ أن تصومي إلا بإذنه، إلا رمضان؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى المرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، إلا رمضان، فإذا نذرتِ فعليكِ كفارة يمين، عن هذا النذر؛ لأن هذا نذر لم يأذن لكِ زوجكِ فيه، فعليكِ كفارة النذر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كفارة النذر كفارة يمين» (¬2) يعني إذا كان لم يسم، أو كان نذر معصية، أو نذرًا معلقًا على ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (387). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب النذر، باب في كفارة النذر، برقم (1645).

مباح، أو مكروه وهذا معلق بالمعنى، معلق على مشروع، وهو إذن الزوج لا بد من استئذانه، فإذا لم يأذن لكِ، فعليكِ كفارة يمين، وأفطري إلا إذا كان الزوج غائبًا، فلا مانع أن تصومي.

بيان ما يلزم من نذر أن يصوم شهرا

256 - بيان ما يلزم من نذر أن يصوم شهرًا س: السائلة إ. ي. من الأردن تقول: نذرت أن أصوم شهرًا، فهل يجوز أن أصوم ثلاثين يومًا، حتى يومي الاثنين والخميس، أم لا بد من الأيام أن تكون متتالية (¬1)؟ ج: النذر مكروه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: «نهى عن النذر قال: إنه لا يرد شيئًا، وإنما يستخرج به من البخيل» (¬2) فالمشروع عدم النذر، ولكن متى نذر الإنسان طاعة لله، فإنه يوفي بها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع لله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله، فلا يعصه» (¬3) رواه البخاري في الصحيح، وقد أثنى الله سبحانه على الموفي بالنذر من المؤمنين فقال: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا}، فالواجب عليه الوفاء، لأن ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (263). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب القدر، باب إلقاء النذر العبد إلى القدر، برقم (6608)، ومسلم في كتاب النذر، باب النهي عن النذر وأنه لا يرد شيئًا، برقم (1640). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، برقم (6696).

الصوم طاعة لله، وعليكِ أن تصومي شهرًا متتابعًا، إذا كنتِ نويتِ التتابع، أما إذا كنتِ ما نويتِ التتابع، فالأفضل التتابع؛ لأن الشهر يكون متتابعًا، أما إذا كنتِ نويتِ عدم التتابع؛ نويتِ أن تصومي ثلاثين يومًا مفرقة، فلا حرج أن تصومي الاثنين والخميس، حتى تكملي ثلاثين، أما إذا كنتِ نويتِ التتابع، فلا بدَّ من صوم ثلاثين يومًا متتابعة، أو قلتِ شهرًا ولا تنوي شيئًا، فالأفضل أن تتابعي؛ لأن الشهر يكون متتابعًا، ونوصيكِ بعدم العودة إلى النذور.

حكم التتابع في صيام النذر

257 - حكم التتابع في صيام النذر س: نذرت أن أصوم ثلاثة أشهر، في كل عام شهرًا، هل يجب علي صوم الشهر متتاليًا، ودون انقطاع أم يجوز صومه متقطعًا، والمهم صوم ثلاثين يومًا، وإن لم يكن يجوز صومه متقطعًا، هل من كفارة أخرجها، لأني صمت هذا العام شهرًا، ولكن غير متتالٍ، مع أنني لم أتأكد من نذره متتاليًا أم لا؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: إذا كنتِ لا تعلمين أنكِ نويتِ التتابع، فإنه يجزئ صوم ثلاثين يومًا، وإن كانت متفرقة، والتتابع أولى، لكن إذا لم يتيسر تجزئ الثلاثون، يعني صوم الثلاثين يجزئ إن شاء الله، إلا إذا كنتِ شرطتِ التتابع، أو نويتِ ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (289). (¬2) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (289). ') ">

التتابع جزمًا يقينًا، أما مع الشك فلا يلزمك التتابع فيكفي ما فعلتِ من الصوم والحمد لله. س: يقول السائل: إنني حنثت كثيرًا في نذر قلته على نفسي: (لله علي أن أصوم ثلاثة أيام، إن ملأت بطني من طعام قط). حنثت كثيرًا، وأنا الآن أبشركم أني أصوم الاثنين والخميس، وأصوم ثلاثة أيام من كل شهر، فهل تجزئ عن ذلكم النذر؟ وبماذا توجهونني؟ جزاكم الله خيرًا. ج: تنويها عما فعلت من النذر والحمد لله، سواء صمتها متفرقة أو مجتمعة إذا كنت لم تقصد المتابعة، إذا نويتها عن نذرك، فإنها تجزئ عنك، كلما ملأت بطنك فصم، وإذا لم تملأ بطنك ليس عليك صيام، إذا أكلت دون الملء فليس عليك صيام.

مسألة فيمن نذر أن يصوم شهرين متفرقة

258 - مسألة فيمن نذر أن يصوم شهرين متفرقة س: السائلة أم سليمان تقول: نذرت أن أصوم شهرين، وكانت في نيتي أن أصومها متفرقة، وفعلاً لقد صمت معظم هذين الشهرين بشكل منفرد، فهل علي شيء في ذلك (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (417).

ج: لا حرج إذا كنتِ لا تنوي التتابع، قصدت شهرين متفرقة، ستين يومًا، لا بأس أن تصومها متفرقة، أما إذا نوى الناذر صومها متتابعة يصومها متتابعة.

حكم من نذر صيام أيام ولم يوف بنذره

259 - حكم من نذر صيام أيام ولم يوف بنذره س: يقول السائل: كنت في موقف صعب في آخر السنة في الجامعة بالنسبة للنجاح والرسوب، فنذرت إذا نجحت، بأن أصوم كل يوم خميس دائمًا، فنجحت والحمد لله وصمت عدة سنوات، ولكنني لم أستطع الاستمرار، لعدة أسباب وظروف: ومنها المرض، هل من حل وهل يوجد كفارة، علمًا بأنني لا أستطيع الاستمرار على ذلك مستقبلاً؟ وجهوني يا سماحة الشيخ (¬1) (¬2). ج: الواجب عليك أن تستمر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه» (¬3) هكذا قال صلى الله عليه وسلم، رواه البخاري في الصحيح، «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه» (¬4). رواه البخاري في الصحيح، المقصود أن عليك الوفاء بالنذر، فإذا عجزت عجزًا كاملاً، لا تستطيع صيام النذر ولا صيام رمضان، عليك كفارة يمين عن النذر المعجوز عنه، كما روى ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: «من ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (382). (¬2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (382). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، برقم (6696). (¬4) صحيح البخاري الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ (6700)، سنن الترمذي النُّذُورِ وَالْأَيْمَانِ (1526)، سنن النسائي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ (3808)، سنن أبي داود الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ (3289)، سنن ابن ماجه الْكَفَّارَاتِ (2126)، مسند أحمد (6/ 36)، موطأ مالك النُّذُورِ وَالْأَيْمَانِ (1031)، سنن الدارمي النُّذُورِ وَالْأَيْمَانِ (2338).

نذر نذرًا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين» (¬1) أما ما دمت تطيق رمضان، عليك أن تصوم الخميس الذي نذرت، والله يقول جل وعلا: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، ويقول جل وعلا: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}، فمن نذر أن يطيع الله فعليه أن يطيعه وأن يوفي بالنذر، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصِ. س: تقول هذه السائلة من البحرين: عندي صديقة نذرت، عندما كانت في المدرسة، إذا نجحت أن تصوم شهرًا كاملاً، وعندما ظهرت النتيجة، فوجئت بأن اسمها مع الراسبين، وعند المراجعة للأسماء كانت من الناجحين، ولم تصم والآن لها حوالي تسع سنوات، فهل تصوم مع الكفارة؟ ج: عليها الصيام؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من نذر أن يطيع الله فليطعه» (¬2) ومن نذرت إذا نجحت وقد بان أنها نجحت، فإنّ عليها ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب من نذر نذرا لا يطيقه، برقم (3322). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، برقم (6696).

أن تصوم ما نذرت له، ويكفي إذا صامته والحمد لله، ولا تتأخر متى علمت، عليها البدار والمسارعة والحمد لله.

حكم إتمام صيام النذر

260 - حكم إتمام صيام النذر س: يقول السائل: ما الحكم إذا نويت الصيام لنذر نذرته، وفي الظهر أفطرت، ثم بعد ذلك صمت ذلك اليوم في يوم آخر، علمًا بأنني في نذري، لم أحدد وقت الصيام (¬1)؟ ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه» (¬2) فإذا نذرت الصوم وشرعت فيه، وجب عليك إتمامه، كالكفارة، وكرمضان، إذا كان الصوم نذرًا، هو فريضة، فإذا شرعت فيه وجب عليك إتمامه، فإذا أفطرت فيه، فعليك التوبة والاستغفار، وقضاء ذلك اليوم والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (431). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، برقم (6696).

حكم صيام النذر بعد منتصف شعبان

261 - حكم صيام النذر بعد منتصف شعبان س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم من صام بعد منتصف شعبان لصوم عليه قد نذر لله عز وجل أن يصومه (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (384). (¬2) السؤال من الشريط رقم (384). ') ">

ج: إذا كان عليه صوم فعليه أن يصوم في النصف الأول والنصف الأخير، جميعًا، الذي عليه صوم نذر، أو من رمضان سابق عليه أن يقضي، النهي فيمن يتطوع. الحديث الصحيح: «إذا انتصف شعبان فلا تصوموا» (¬1) هذا في حق من يتطوع، أما الذي عليه دين، عليه صوم من رمضان قضاء، أو عليه نذر، أو كفارة، يصوم، ولو في آخر شعبان، ولهذا جاء في حديث الصحيحين يقول صلى الله عليه وسلم: «لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم» (¬2) إذا كان عليه صوم، كفارة، نذر، قضاء رمضان، هذا غير منهي عنه، عليه أن يصوم قبل النصف وبعد النصف، النهي إنما هو في حق من يتطوع، إذا انتصف شعبان، ولم يصم قبل ذلك، لا يبتدئ الصوم بعد النصف، ولا عند دخول رمضان. س: إذا تصدق شخص بأن يصوم شهرًا، وحدث عليه بعض البدل ماذا عليه؟ ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصوم، باب في كراهية ذلك، برقم (2337)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في كراهية الصوم في النصف الثاني من شعبان، برقم (738)، واللفظ له. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب لا يتقدم رمضان بصوم يوم ولا يومين، برقم (1914)، ومسلم في كتاب الصيام، باب لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، برقم (1082).

ج: هذا السؤال فيه إجمال، إن كان قصده التصدق يعني نذر، قال: تصدقت لوجه الله، أني أصوم شهرًا، هذا يسمى نذرًا، ولا يسمى صدقة، فعليه أن يوفي بنذره، إذا استطاع ذلك، فإن لم يستطع؛ بقي في ذمته حتى يستطيع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه» (¬1) أما إن قام وأجرى نية أن يتصدق، قال إن شاء الله أصوم، هذا ما يلزمه شيء إنما يلزمه إذا قال نذر لله، أو عليَّ لله، أو صدقة لله، أن أصوم كذا، أو أصلي كذا، فإنه يلزمه فإذا عرضه عارض يمنعه، من مرض أو سفر، فعله بعد ذلك. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، برقم (6696).

حكم التفريق في صيام كفارة اليمين

262 - حكم التفريق في صيام كفارة اليمين س: السائلة أختكم في الله هـ. س. من مكة المكرمة، تقول: هل يجوز الفصل بين صيام الكفارة لليمين الثلاثة أيام (¬1)؟ ج: الأفضل المتابعة، وإن فصل فلا حرج، لكن الأفضل أن يصومها متتابعة، كما قاله جماعة من السلف، كابن مسعود رضي الله عنه وغيره، ولو صامها متفرقة أجزأته على الصحيح. ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (391).

حكم الجمع بين صيام الكفارة وصيام النافلة في نية واحدة

263 - حكم الجمع بين صيام الكفارة وصيام النافلة في نية واحدة س: هل يجوز جمع صيام الكفارة مع صيام النافلة، بنيتين (¬1)؟ ج: الكفارة لها نيتها، والتطوع له نيته، والواجب أن يصوم الكفارة بنيتها، وإذا صادف أنه صامها في يوم الاثنين أو الخميس الذي كان يصومه، ناويًا بنية الكفارة أجزأته، بنية الكفارة، ولو صادف يوم الاثنين والخميس، الذي كان يصومه، إذا قال: أودُّ أن أجعلها في أيام صيامي، أو أيام البيض، وهو ناوي الكفارة أجزأته، نرجو له الأجرين. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (349).

بيان فضل صيام التطوع

264 - بيان فضل صيام التطوع س: يقول السائل: حدثونا عن صيام التطوع، مع بيان الأهم فالمهم من صوم التطوع، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: صوم التطوع سنة وقربة عظيمة، جاء في بعض الأحاديث عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لأبي أمامة: «عليك بالصوم فإنه لا مثل له» (¬2) فالصوم له شأن عظيم، فينبغي للمؤمن أن يكثر ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (353). (¬2) أخرجه النسائي في كتاب الصيام، باب ذكر الاختلاف على محمد بن أبي يعقوب، برقم (2220).

من الصيام. في الحديث الصحيح «يقول الله جل وعلا: كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشرة أمثالها، يقول الله عز وجل: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك» (¬1) هذا يعم الفرض والنفل، فالصوم له شأن، ويستحب الإكثار منه، وأفضله أن تصوم يومًا وتفطر يومًا، هذا أفضله، كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما إلى ذلك، قال: «لا صوم فوق صوم داود عليه السلام شطر الدهر، صم يومًا وأفطر يومًا» (¬2) وإن شاء صام الاثنين والخميس. كان النبي صلى الله عليه وسلم يصومهما ويقول: «ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على الله فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» (¬3) فيستحب صيام الاثنين والخميس، وهكذا صيام ثلاثة أيام من كل شهر ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب فضل الصيام، برقم (1151). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم داود، برقم (1980)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به، برقم (1159). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في صوم يوم الاثنين والخميس، برقم (747)، والنسائي في كتاب الصيام، باب صوم النبي بأبي هو وأمي وذكر اختلاف الناقلين، برقم (2358).

مستحب، كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بذلك، وأوصى بعض أصحابه بصيام ثلاثة من كل شهر، وهي كصيام الدهر، الحسنة بعشر أمثالها، الشهر ثلاثون أو تسعة وعشرون، فإذا صام ثلاثة فقد صام الدهر، الحسنة بعشر أمثالها، فينبغي للمؤمن أن يتحرى الصوم على أحد هذه الوجوه من صيام التطوع، ويستحب صيام ست من شوال متتابعة أو مفرقة، وصوم يوم عرفة لمن ليس حاجًّا، وصوم عاشوراء، العاشر من محرم ويكون معه يوم قبله أو يومٌ بعده أو كلاهما، كل هذه مستحبة، فيوم عرفة يكفِّر به الله السَّنةَ التي قبله، والسَّنةَ التي بعده، ويوم عاشوراء صومه يكفر السنة التي قبله، لكن الحاجَّ لا يصوم يوم عرفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم، حجَّ ولم يصم يوم عرفة، لكن في غير الحجِّ يصومه، هذه أنواع صوم التطوع، وأفضلها أن يصوم يومًا ويفطر يومًا، وهذا صوم داود عليه السلام، شطر الدهر، والبقية فيها خير عظيم، إن شاء صام ثلاثة أيام من كل شهر ويكفي، وإن شاء صام الاثنين والخميس، كل هذا مستحب، وهناك أيام مخصوصة: مثل صوم يوم عرفة، صوم عاشوراء، يصوم معه يومًا قبله أو بعده، أو يصوم قبله وبعده ثلاثة أيام جميعًا، صوم ستة أيام من شوال كذلك سنة.

بيان بعض أنواع صيام التطوع

265 - بيان بعض أنواع صيام التطوع س: ما هو صوم التطوع، وكم يومًا في الأسبوع (¬1)؟ ج: كل ما كان غير فريضة يسمى تطوعًا، الصوم الذي ليس عن رمضان ولا عن كفارة ولا عن نذر، هذا يسمى تطوعًا، مثل صيام الاثنين والخميس وصيام الأيام البيض، الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، مثل صيام يوم وفطر يوم، صيام ست من شوال، صيام عاشوراء، صيام عرفة لغير الحجاج، كل هذا يسمى نافلة، والأفضل الاثنين والخميس، وإن صام يومًا وأفطر يومًا فهو أفضل الصيام، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، بذلك لعبد الله بن عمرو، قال: «صم أفضل الصيام عند الله، صوم داود عليه السلام، كان يصوم يومًا ويفطر يومًا» (¬2) ولكن ليس بلازم، وإنما هو مستحب. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (253). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم داود، برقم (1980)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به، برقم (1159)، واللفظ لمسلم.

بيان معنى حديث: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى يقال لا يفطر))

266 - بيان معنى حديث: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى يقال لا يفطر» (¬1) س: السائلة: أ. ت. تقول: ما معنى قولهم كان الرسول صلى الله عليه وسلم، ¬

(¬1) صحيح البخاري الْجُمُعَةِ (1141)، صحيح مسلم الصِّيَامِ (1158)، سنن الترمذي الصَّوْمِ (769)، مسند أحمد (3/ 159).

يصوم حتى يقال: لا يفطر، ويفطر حتى يقال: لا يصوم (¬1)؟ ج: المعنى أنه يتحرى الأوقات التي فيها فرصة له فيصوم، يسرد الصوم، خمسة، ستة، سبعة، يسردها، إذا حصل فرصة، وعدم شغل، ويكون له أشغال مع الوفود ومع غيرهم، فيسرد الفطر أيامًا، ليس فيها صوم، يعني ينتهز الفرص في الصوم، فإذا وجد من نفسه فراغًا صام، وسرد الأيام وإذا وجد شغلاً، أفطر وسرد أيامًا، عليه الصلاة والسلام. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (394).

بيان الأيام التي يستحب صيامها

267 - بيان الأيام التي يستحب صيامها س: يقول السائل: أرجو ذكر الأيام التي يستحب فيها الصيام، صيام التطوع (¬1). ج: يستحب للمسلم والمسلمة صيام الاثنين والخميس، إذا تيسر ذلك، وإذا كان للمرأة زوج فلا بد من رضا الزوج، وست أيام من شوال، ويستحب أيضًا صيام عشر ذي الحجة، إذا تيسر ذلك من أولها إلى التاسع لغير الحاج، أما الحاج فلا يصوم التاسع وهو عرفة، وإن صام يومًا، وأفطر يومًا، فهذا أفضل الصيام، ويستحب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وإذا كانت ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (293).

أيام البيض، كان أفضل: يوم الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، وإن صامها في غير البيض فلا بأس.

حكم صيام التطوع إذا ترتب عليه فوات الصلاة بسبب ضعف الجسد

268 - حكم صيام التطوع إذا ترتب عليه فوات الصلاة بسبب ضعف الجسد س: يقول السائل: في يوم الاثنين الماضي، كنت صائمًا صيام تطوع، فلما جئت من المدرسة، نمت وكنت تعبان ومرهقًا، قبل أن أصلي العصر، لعدم دخول وقتها ولكنني استيقظت بعد صلاة العشاء، وأفطرت ثم صليت العصر، والمغرب، والعشاء قضاءً، فهل هذا العمل جائز؟ أم أصلي ثم أفطر، وماذا في صيامي وصلاتي في هذه الحالة (¬1)؟ ج: إن الله جل وعلا شرع لعباده صيام التطوع، لما في الصيام من الخير العظيم، والفوائد الجمة، فإذا كان الصوم، أعني صوم التطوع، يدعو إلى ضعف وتعب شديد حتى يفوّت الإنسان صلاته في الوقت، وصلاته في الجماعة، فإنه في هذه الحالة، ينبغي له أن يدع الصيام، الذي يضعفه، عما أوجب الله، ويشتغل بما أوجب الله سبحانه وتعالى، ولا يصوم إلا إذا كان هناك نشاط وقوة على الصيام، لا يقع معها تفريط فيما يجب وهذا الذي فعلت أيها السائل، من كونك نمت قبل العصر، فلم تستيقظ إلا بعد العشاء، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (6).

ثم أفطرت ثم صليت العصر، ثم المغرب، ثم العشاء، كل ذلك لا بأس به، وكونك تبادر بالفطر أولى حتى تنشط على العبادة، وأيضًا فهذا هو الموافق للسنة؛ لأن السنة البدار بالفطر، بعد غروب الشمس، ولكن ينبغي لك في مثل هذا، ألا تنام إلا وقد جعلت عندك منبهًا، ينبهك عند وقت الصلاة، أعني الساعة المنبهة، أو توصي من حولك من أهل البيت أن يوقظوك عند دخول الوقت، ولا تتساهل في هذا الأمر، فإن التساهل يعتبر تفريطًا لما أوجب الله عز وجل، فلا يجوز للمؤمن أن يفرط في أداء الواجبات، بل يجب عليه أن يحتاط، وأن يعتني بما يعينه على أداء الواجب من الصلوات وغيرها، وإذا كان الإنسان يغلبه النوم، إذا نام بعد الظهر، فينبغي له أن يجعل عنده ساعة منبهة على الوقت، تنبهه للصلاة وهكذا في الليل إذا كان يخشى ألا يقوم من آخر الليل لصلاة الفجر فإنه يضع ساعة منبهة تعينه على القيام في الوقت وكل شيء لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فأداء الصلاة في الوقت أمر واجب، إذا كان الإنسان نومه ثقيل ويخشى من فوات الوقت، أو فوات صلاة في الجماعة، فإنه يعمل ما يستطيع مما يعينه على أداء الصلاة في الوقت، وعلى أدائها في الجماعة، من وجود منبه، يركز الساعة على الوقت المناسب، أو وجود منبه من أهله، ينبهه وقت الصلاة، حتى لا يفرط فيما أوجب الله، وحتى لا يقع في محارم الله سبحانه وتعالى، وعليك عن

تفريطك التوبة والاستغفار، هذا نوع من التفريط، فعليك أن تستغفر الله، وأن تتوب إليه والندم على ما مضى والعزم الصادق ألاّ تعود في مثل هذا التفريط، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية.

مسألة في صيام التطوع للمرأة

269 - مسألة في صيام التطوع للمرأة س: حدثونا عن المرأة، وصيام النافلة، ماذا يجب عليها أن تفعل (¬1)؟ ج: المرأة كالرجل، الواجب صوم رمضان فقط، على المسلمين، أما ما سوى ذلك فمستحب، مثل صيام ست من شوال، ومثل صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وإذا كانت في الأيام البيض كان أفضل، مثل صيام يوم الاثنين والخميس، هذه كلها عبادة، كلها عبادات، وكلها نافلة، ولو صامت يومًا وأفطرت يومًا، كذلك هذا أفضل الصيام، فهو صيام داود عليه الصلاة والسلام للرجل والمرأة جميعًا، لكن ليس للمرأة أن تصوم النافلة وزوجها حاضر إلا بإذنه، ليس للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد، ليس بمسافر إلا بإذنه، هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه» (¬2) إلا ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (97). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعًا، برقم (5192).

رمضان، هذا فريضة على الجميع، أما التطوع فليس لها أن تصوم إلا بإذنه، وينبغي له أن يأذن لها، إذا كان ليس فيه مشقة عليه، وإن كان فيه مشقة عليه، منعها من ذلك والحمد لله، وعليها أن تمتنع، فرضى زوجها مقدم، وحاجة زوجها مقدمة.

بيان ماهية الأيام التي يشرع صيامها

270 - بيان ماهية الأيام التي يشرع صيامها س: يقول السائل: أفتوني عن الأيام التي يشرع صيامها، صيام التطوع، وأخبروني بالأهمية حيث أعرف الأهم فالأهم (¬1)؟ ج: الأفضل للمؤمن أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، جاء عن عبد الله بن عمرو وغيره، وأوصى أبا هريرة وأبا الدرداء - رضي الله عنها - بذلك، صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وإذا صامها أيام البيض، كان أفضل، وهي اليوم الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، وإن صامها في غير ذلك فلا بأس، المقصود أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، من أوله أو في وسطه أو في آخره، مفرقة أو مجتمعة، كله لا بأس به، وإن صامها في الأيام البيض، فذلك أفضل ثم يلي ذلك فيصوم: الاثنين والخميس، ويستحب صيام الاثنين والخميس، كان يصومهما عليه ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (327).

الصلاة والسلام، ثم يلي ذلك صيام يوم وفطر يوم، وهذا أفضلها، أفضل شيء إذا قدر أن يصوم يومًا ويفطر يومًا، هذا أفضل التطوع، قاله لعبد الله بن عمرو: «صم يومًا وأفطر يومًا، وذلك صيام داود عليه السلام، وهو أعدل الصيام» (¬1) لكن إذا صام ثلاثة أيام من كل الشهر، ولم يكلف نفسه، كان أرفق به، أو صام الاثنين والخميس، كان أرفق له، ويستحب صيام ست من شوال، من الفطر الأول، يصومها الإنسان من كل سنة، هذا أفضل، ست من شوال، مجتمعة أم متفرقة، ويستحب صيام يوم عرفة، لغير الحاجّ، وتسع من ذي الحجة؛ لأنها أيام عظيمة، وهكذا صيام يوم عاشوراء، العاشر من المحرم، ويستحب أن يصوم قبله يومًا، أو بعده يومًا، أو يصوم اليوم الذي قبله واليوم الذي بعده، كل هذه مستحبة، لكن أفضلها أن يصوم يومًا ويفطر يومًا إذا قدر وتيسر. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم داود، برقم (1980)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به، برقم (1159)، واللفظ له.

بيان فضل صيام ثلاثة أيام من كل شهر

271 - بيان فضل صيام ثلاثة أيام من كل شهر س: يقول هذا السائل: أنا أصوم ثلاثة أيام من كل شهر والحمد لله، وأحيانًا أصوم في الرابع عشر، والخامس عشر، والسادس عشر من الشهر، وأحيانًا أصوم أيامًا متفرقة، دون تقيد بتاريخ معين، حسب

الظروف فهل علي شيء في ذلك (¬1) (¬2)؟ ج: كله طيب إن شاء الله إن صام الأيام البيض، فإن شاء صامها مفرقة في بقية الشهر في أوسطه أو في أوله، أو في آخره، والنبي صلى الله عليه وسلم، قال لعبد الله بن عمرو: «صم من الشهر ثلاثة أيام» (¬3) قال أبو هريرة رضي الله عنه: «أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر» (¬4) سواء من أوله أو من وسطه أو من آخره، وإن صام أيام البيض، الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، فهو أفضل إذا تيسر ذلك. س: ما هي الأيام التي يستحب صيامها، غير الست من شوال؟ ج: يستحب صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يصومهما، ويقول: «إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (6). (¬2) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (6). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم يوم وإفطار يوم، برقم (1978)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به، برقم (1159). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب صلاة الضحى في الحضر، برقم (1178)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى، برقم (721).

وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» (¬1) وكذلك صيام الأيام البيض: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولو من غير البيض، ثلاثة أيام من كل شهر سواءً صادفت البيض، أو غيرها، يستحب أن يصوم الإنسان ثلاثة أيام من كل شهر، فالنبي صلى الله عليه وسلم، أوصى بذلك جماعة من الصحابة، فصيام ثلاثة أيام من كل شهر أمر مشروع، وإذا جعلها في الأيام البيض كان أفضل، وأفضل صيام النافلة أن يصوم يومًا ويفطر يومًا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، لعبد الله بن عمرو، أفضل الصيام أن تصوم يومًا وتفطر يومًا، وهذا صيام داود عليه السلام، وليس هناك أفضل منه، وهكذا صيام يوم عرفة لغير الحجاج، سُنَّة، وإن صام التسع كلها فهي أيام عظيمة فاضلة، وأفضلها يوم عرفة، يصومه، إذا لم يكن حاجًا. ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في صوم يوم الاثنين والخميس، برقم (747)، والنسائي في كتاب الصيام، باب صوم النبي بأبي هو وأمي وذكر اختلاف الناقلين، برقم (2358).

بيان الأفضل بين صيام أيام البيض والاثنين والخميس

272 - بيان الأفضل بين صيام أيام البيض والاثنين والخميس س: أيهما أفضل صيام الأيام البيض أم الاثنين والخميس (¬1)؟ ج: كلها خير، لكن صيام الاثنين والخميس، يأتي أكثر أجرًا؛ لأن الاثنين ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (304).

والخميس، ثمانية أيام في الشهر، أما الأيام البيض فثلاثة أيام فقط، فإن صام الاثنين والخميس، حصل له صيام ثمانية أيام من كل شهر، وحصل له زيادة، وهذا الأفضل والأكمل، فإن جمع بين صيام البيض، وصيام الاثنين والخميس، فكله خير وكله طيب، وقد تصادف الأيام البيض، الاثنين أو الخميس.

مسألة في تحديد أيام البيض

273 - مسألة في تحديد أيام البيض س: ما هي الأيام البيض؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الأيام البيض هي: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر هذه هي الأيام البيض، يعني التي ليلها أبيض بالقمر، ونهارها أبيض بالشمس، صيامها مستحب، وإن صمت في غيرها: فلا بأس، السنة، أن يصوم المسلم، من كل شهر ثلاثة أيام وهكذا المسلمة، والرسول صلى الله عليه وسلم، أوصى بها، ثلاثة أيام من كل شهر، أوصى بها جمعًا من الصحابة، فإذا صام في العشر الأول، أو في الوسط أو في الأخيرة، فكله طيب، وإن صامها في الأيام البيض فهو أفضل. ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (303).

مسألة في صيام أيام البيض مفرقة

274 - مسألة في صيام أيام البيض مفرقة س: امرأة تسأل عن صيام الأيام البيض وتقول: هل يجوز صيامها متفرقة، مثلاً ثلاثة عشر، وأربعة عشر، وخمسة عشر، أو سبعة عشر، وتسعة عشر، وعشرين (¬1)؟ ج: يجوز أن تصوم الثلاثة، تصوم الأيام الثلاثة في أي وقت من الشهر، الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بثلاثة أيام من كل شهر، سواء كان في أوله، أو في وسطه، أو في آخره، الأمر واسع والحمد لله، وإن تيسر إن صامت البيض، الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، متوالية، فهو أفضل، وإلا فالأمر واسع، يصوم الإنسان الثلاثة في أي وقت من الأوقات، والحمد لله، مفرقة أو متوالية، ولا يقال البيض إلا إذا كانت في الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، وإن صامت ثلاثة من الشهر يكفي، لكن إذا قال: بيض فالبيض مرادها أن ليلها أبيض، أبيض القمر في الليل، والنهار معروف، هذه هي الأيام البيض: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، يقال لها الأيام البيض. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (307).

مسألة في صيام أيام البيض إذا وافقت يوم الاثنين والخميس

275 - مسألة في صيام أيام البيض إذا وافقت يوم الاثنين والخميس س: السائلة تقول: إنها تصوم الأيام البيض من كل شهر، وأحيانًا، يصادف

يوم الاثنين أو يوم الخميس، أي اليوم الرابع مثلاً، إذا ابتدأ صيامي بالجمعة، والسبت، والأحد، هل يجوز لي أن أصوم اليوم الرابع، إذا كان يوم اثنين أو خميس؟ أفتونا مأجورين (¬1). ج: نعم، إذا كنتِ تصومين أيام البيض، وصادف اليوم السادس عشر يوم الاثنين، أو الخميس وأحببتِ الصوم فلا بأس؛ لأنه يوم فاضل يوم الاثنين والخميس، يشرع صيامهما مستقلَّيْن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يصومهما ويقول: «إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» (¬2) إذا صمتِ أيام البيض، وصادف اليوم السادس عشر يوم الاثنين، أو الخميس وأحببتِ صومهما فهذا حسن، فهما يومان عظيمان. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (22). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في صوم يوم الاثنين والخميس، برقم (747)، والنسائي في كتاب الصيام، باب صوم النبي بأبي هو وأمي وذكر اختلاف الناقلين، برقم (2358).

بيان الأفضل لمن يداوم على صيام يوم الاثنين والخميس وأيام البيض إذا كان مسافرا

276 - بيان الأفضل لمن يداوم على صيام يوم الاثنين والخميس وأيام البيض إذا كان مسافرًا س: أنا طالب في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، وأهلي يسكنون في جدة، أذهب لزيارتهم كل أسبوعين، أو ثلاثة، أو أربعة، وأنا ولله

الحمد أصوم الاثنين والخميس، والثلاثة الأيام البيض من كل شهر، وعندما أذهب إلى زيارة أهلي في جدة، أصوم يوم الخميس ولا أستطيع أن أجلس معهم وأراهم جيدًا؛ لأنني أكون صائمًا، فلا أجلس معهم على الطعام، وبذلك يمر يوم الأربعاء في السفر، حيث أصل قبل أو بعد العشاء، ثم يمر يوم الخميس في الصيام، وأذهب يوم الجمعة بعد العصر للمدينة، فلا أستطيع رؤيتهم جيدًا، خلال هذين اليومين، وقد طلبت مني والدتي أكثر من مرة، أن أفطر إذا حضرتهم، والسؤال الآن: هل من الأفضل في هذه الحالة الصيام، أم الإفطار، وهل إذا أفطرت يكون هذا من قطع العادة، بمعنى أنني إذا مرضت لا سمح الله تعالى، أو سافرت لا يكتب لي أجر الصيام، كما ورد في الحديث الصحيح، أو لا يعتبر من قطع العادة؛ لأنها حالة عارضة، أرجو الإفادة؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الأفضل في هذا الفطر؛ لأمرين: الأمر الأول: أنك مسافر، والأمر الثاني: أن فيه إحسانًا وجبرًا لأمك، وأقاربك واختلاطًا بهم في الأكل والأُنس معهم، فالأفضل لك يا أخي الإفطار، وأنت على خير عظيم، ولك ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (177).

أجر في ذلك وإذا كنت على صلة بأهلك، أنت وهم في حالة واحدة، وشراكة في المال ونحو ذلك، فهم أهلك لست بمسافر عندهم، إذا كنت على حال معهم كالحال الأولى لست بمنفصل عنهم بمالك، فأنت إذا نزلت إليهم فهم أهلك، ولست بحكم السفر، لكن بكل حال إفطارك أولى؛ لأن فيه جبرًا لهم، ومواساة لهم، إحسانًا إليهم، وأنسًا بهم فلا يليق بك أن تأتيهم وأنت صائم، بل تأتيهم وأنت مفطر حتى يتم الأنس بهم، ومشاركتهم بما يكرمونك به، المقصود بكل حال أن الفطر أفضل لك وإذا كنت قد انفصلت عنهم، واستقررت في المدينة، فإنك مسافر إذا جئت إليهم؛ لأنك كنت من أهل المدينة، ومستقر في المدينة، فأنت مسافر، والمسافر أفضل له الفطر، أما إذا كنت أقمت في المدينة، من أجل الدراسة، وإلا فأنت معهم وحسابك معهم، وشريك معهم وأهلك عندهم، زوجتك مثلاً، إذا كان لك زوجة، يعني تعتبر نفسك منهم لست بمسافر، فيبقى معك أن الإفطار أنسب لهم، وأكمل في إكرامهم وأكمل في الأنس بهم، والتحدث إليهم فهو بكل حال أفضل لك.

حكم قضاء صيام أيام البيض لمن حصل له مانع

277 - حكم قضاء صيام أيام البيض لمن حصل له مانع س: تقول أختنا أنا في بعض الأحيان، لا أصوم أيام البيض الثلاثة، لعذر شرعي، أو لظروف تحصل لي، فأقوم بصيامها من أول الشهر، ومن آخر الشهر، السؤال هل ثواب هذا الصيام، مثل ثواب من صام الأيام

البيض؟ وجهوني جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: صيام الثلاثة مستحب في أول الشهر، أو في وسطه أو في آخره في الأحاديث الصحيحة الكثيرة، فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم، بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولم يبين محلها، من أوله، أو وسطه أو آخره، هكذا جاء في الأحاديث الصحيحة، وأوصى أبا هريرة وأبا الدرداء، وغيرهما، أوصاهما بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأوصى عبد الله بن عمرو بذلك، فقد جاء في بعض الأحاديث، صيام أيام البيض، الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، وصيام الأيام البيض إن حصلت فهي أفضل، وإلا فيصوم الإنسان في بقية الشهر، والحمد لله وكلها أيام عظيمة وفاضلة، فيها أجر عظيم، لكن صوم أيام البيض أفضل، إذا تيسر ذلك. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (303).

مسألة في صيام ثلاثة أيام من كل شهر

278 - مسألة في صيام ثلاثة أيام من كل شهر س: هل يجوز صيام الثلاثة أيام من كل شهر، متفرقة أم لا بد أن تكون متتابعة (¬1) (¬2)؟ ج: مشروعٌ مطلقًا، إذا فرقها أو جمعها يشرع صيام ثلاثة أيام من كل شهر، ¬

(¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (362). (¬2) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (362). ') ">

سواءً جمعها أو فرقها، والحمد لله، وإن صامها أيام البيض، فهو أفضل. س: صيام الأيام الثلاثة من كل شهر، هل يجب أن تكون متتابعة؟ ج: لا يجب أن تكون متتابعة، وإن صامها متفرقة أو متتابعة، فلا بأس، لكن إن صامها أيام البيض فهو الأفضل، وهي الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، إذا صامها أيام البيض كان هذا أفضل وإن صامها متفرقة في الشهر كله فلا بأس، الفضل حاصل والأجر حاصل.

حكم من شرع في صيام ثلاثة أيام تطوعا وتركه بسبب التعب

279 - حكم من شرع في صيام ثلاثة أيام تطوعا وتركه بسبب التعب س: السائل يقول: أعرفكم أنني شرعت في صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصيام الاثنين والخميس، إلا أنني أشعر بالتعب بعض الأحيان، فهل أكون آثما إذا أفطرت؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: لا حرج عليك، إن صمت فهذا طيب، وإن أفطرت بعض الأحيان فالحمد لله لا شيء عليك. س: الأخت: ب. ع. من الرياض، أختنا تقول: هل يجوز قضاء الأيام البيض، ¬

(¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (302). (¬2) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (302). ') ">

بحيث يبدأ الإنسان بصيامها ثم يحبسه حابس ويقطع عن صيامها (¬1)؟ ج: المشروع للمؤمن والمؤمنة، صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فإذا صام الأيام البيض فهو أفضل، وإن صامها في بقية الشهر، كله طيب، النبي صلى الله عليه وسلم، أوصى بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وبيَّن أن الأيام البيض أفضل من غيرها، فإذا كانت المرأة أو الرجل، يصومون الأيام البيض ثم شغلوا عنها فيصومون من بقية الشهر، والحمد لله، ما يسمى قضاء، يسمى صيام الثلاثة؛ لأن الشهر كله محل صيام، من أوله إلى آخره، فإذا صام المؤمن أو المؤمنة من أوله، أو من وسطه، أو من آخره، الثلاثة حصل المقصود، وحصلت السنية، وإن لم يصمها في الأيام البيض، وهذا ما يسمى قضاء، المشروع لها أن تصوم ثلاثة أيام من كل شهر، سواءً وافقت أيام البيض أم لم توافق أيام البيض. س: السائل يقول: إنني ملتزم والحمد لله على هذا، ومداوم على الصلاة، وأصوم الثلاثة الأيام من كل شهر، صمت أيضًا الاثنين والخميس، فتعرضت لتعب فقطعت ذلك، فهل علي إثم والحال ما ذكر (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (151). ') "> (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (324). ') ">

ج: لا حرج في ذلك، صوم الاثنين والخميس، والأيام البيض، كلها سنة، كلها مستحبة، نافلة، من صام فله أجر، ومن ترك فلا شيء عليه، ولو كان يصوم ثم ترك فلا حرج عليه، وحتى ولو كان صحيحًا، ليس بتعبان، من صام فله أجر ومن ترك فلا شيء عليه، الأفضل الاستمرار، إذا تيسر له ذلك، الأفضل الاستمرار والدوام على الخير، وإلا فلا حرج إذا أفطر بعض الأيام ولم يصم، أو أفطر بعض أيام البيض، ولم يصمها، أو صام في غير أيام البيض، وهكذا الستة الأيام من شوال لو كان يصومها ثم تركها لا حرج، المقصود أنها نوافل، من شاء صام، فهو أفضل وله أجر، وإن أفطر فلا شيء عليه وإن كان صحيحًا. س: أيهما أفضل صيام الاثنين والخميس من كل شهر، أم صيام الثلاثة الأيام، وهل يعوض صيام الاثنين والخميس عن الثلاثة الأيام؟ ج: نعم، إذا صام الاثنين والخميس أفضل؛ لأن هذا أكثر خيرًا، ويقومان مقام الثلاثة أيام من كل شهر من باب أولى، وإن صام ثلاثة أيام كفى والحمد لله. كله خير، كله نافلة، لكن الاثنين والخميس أكثر أجرًا.

مسألة في صيام يوم الاثنين والخميس بنية تكفير الذنوب

280 - مسألة في صيام يوم الاثنين والخميس بنية تكفير الذنوب س: السائلة: ف. ع. من جازان تقول في سؤالها: ما حكم صيام يومي الاثنين والخميس بنية تكفير ما كان علي من ذنوب سبقت، أيام كنت في غفلة عن الله عز وجل، وهل يغفر الله عز وجل ذنوبي، حتى ولو كانت كثيرة، وفعلتها متعمدة؟ ولكنني الآن تبت إلى الله عز وجل، وندمت على ما فعلت، وجهوني سماحة الشيخ (¬1) (¬2). ج: التوبة يمحو بها الله الذنوب، التوبة الصادقة النصوح يمحو بها الله الذنوب، إذا كنتِ تبتِ عن ندم وإقلاع وصدق وإخلاص، فالحمد لله، والصوم ينفع؛ لأن الحسنات يذهبن السيئات، كما قال تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}، والحسنة بعشر أمثالها، إلى سبع مائة ضعف، كما قال تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}، فاستكثري من الصوم، ومن الصلاة النافلة، ومن الصدقات، والتسبيح، والتهليل، والتحميد، والذكر، والاستغفار، كل هذا ينفع المسلم، ولو كان من أصلح الناس ينفعه ذلك، فكيف إذا كان قد أسلف سيئات، هذا مما يرفعه الله به درجات، ومما يزيده ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (396). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (396). ') ">

به خيرًا، فاستكثري من الخير، والتوبة تجبُّ ما قبلها، والحمد لله، ولكن كون الإنسان يصوم الاثنين والخميس أو يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، أو يتصدق كثيرًا، أو يسبح كثيرًا، وكل هذا مما يرفعه الله به درجات، ويضاعف به أجره، وله فيه خير كثير. س: الأخت: س. م. تقول: قرأت في كتابين قولاً مختلفًا عن صوم يومي الاثنين والخميس، وجهوني حول هذا الموضوع، وجزاكم الله خيرًا. ج: صوم الاثنين والخميس سُنَّة، كان النبي يفعل ذلك عليه الصلاة والسلام، وسئل عن ذلك، فقال: «إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» (¬1) فالسنة للمؤمن والمؤمنة، صومهما إذا تيسر ذلك، لكن ليس ذلك بواجب إنما هو مستحب، وهكذا صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصيام الأيام البيض: وهي الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، كله سنة إذا صام الأيام البيض، أو صام ثلاثة أيام من كل أول الشهر، أو من وسطه، أو من آخره، أو فرَّقها، كل ذلك سنة، أو صام الاثنين والخميس، كله سنة، أما عن صيام الاثنين والخميس ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في صوم يوم الاثنين والخميس، برقم (747)، والنسائي في كتاب الصيام، باب صوم النبي بأبي هو وأمي وذكر اختلاف الناقلين، برقم (2358).

صومهما سنة في حق الجميع في حق الرجال والنساء، لكن إذا كانت ذات زوج ليس لها الصوم إلا بإذنه؛ لأن المرأة التي عندها زوج ليس لها أن تصوم نافلة إلا بإذنه، إذا كان حاضرًا؛ لأن الرسول نهى عن هذا عليه الصلاة والسلام، قال: «ليس للمرأة أن تصوم وبعلها شاهد إلا بإذنه» (¬1) إلا رمضان، فرمضان، واجب على الجميع، لكن إذا أرادت أن تتطوع بصوم الاثنين أو الخميس، أو ستة من شوال، أو ثلاثة أيام من الشهر، فلا بد من استئذانه إذا كان حاضرًا، أما إذا كان غائبًا، فلا حرج أن تصوم بغير إذنه، يعني مسافرًا. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعًا، برقم (5192).

بيان ما ورد في فضل صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع

281 - بيان ما ورد في فضل صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع س: هل ورد شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يؤكد صيامه ليومي الاثنين والخميس من كل أسبوع وعلى مدار السنة (¬1) (¬2)؟ ج: نعم، ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه كان يصوم يومي الاثنين والخميس، ويقول: «إنهما يوما تعرض فيهما الأعمال على الله، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» (¬3) وربما شُغِل عن ذلك في بعض ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (93). (¬2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (93). ') "> (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في صوم يوم الاثنين والخميس، برقم (747)، والنسائي في كتاب الصيام، باب صوم النبي بأبي هو وأمي وذكر اختلاف الناقلين، برقم (2358).

الأوقات، فيسرد الإفطار لمشاغل من ضيوف وغير ذلك، ثم يسرد الصوم بعد ذلك، كما قالت عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم» (¬1) وهكذا جاء عن ابن عباس وغيره، مما يدل على هذا المعنى، وهو أنه صلى الله عليه وسلم، ربما سرد الصوم لكونه قد فرغ لذلك، وربما سرد الإفطار لأسباب شغلته عن الصوم، وكان صلى الله عليه وسلم، يصوم الاثنين والخميس عليه الصلاة والسلام. س: السائلة: ف. ح. م. تقول: من أراد صوم يومي الاثنين والخميس، هل يجب عليه صومهما دائمًا، أم حسب الاستطاعة (¬2)؟ ج: لا يجب عليه دائمًا، بل هذا مستحب متى تيسر ذلك، النافلة لا تجب أبدًا إلا بالنذر، فإذا صام الاثنين والخميس، كان هذا عملاً طيبًا، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يصومهما، عليه الصلاة والسلام، ويقول: «إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» (¬3) ومن أفطر فلا حرج أو صام بعض الأيام، وترك بعض الأيام، أو ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم شعبان، برقم (1969)، ومسلم في كتاب الصيام، باب صيام النبي في غير رمضان، برقم (1156). (¬2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (263). ') "> (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في صوم يوم الاثنين والخميس، برقم (747)، والنسائي في كتاب الصيام، باب صوم النبي بأبي هو وأمي وذكر اختلاف الناقلين، برقم (2358).

صام بعض الشهور وترك بعض الشهور، أو صام بعض الأسابيع، وترك بعض الأسابيع، لا بأس، الأمر واسع بحمد لله؛ لأنها نافلة، وهكذا لو كان يصوم السبت من شوال، إذا تركها بعض السنين لا بأس، لكن الأفضل المداومة إذا تيسرت المداومة فهي أفضل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أحب الأعمال إلى الله، ما داوم عليه صاحبه وإن قل» (¬1) وهكذا صوم يوم عرفة، سُنَّة لغير الحجاج، أما الحاج فلا يصوم يوم عرفة، لكن غير الحجاج، السُّنَّة أن يصوموا يوم عرفة، ولو أفطر في بعض السنوات لا حرج، وهذه قاعدة، النافلة لا تَلزَم إلا بالنذر. س: تقول السائلة: إذا وافق يوم الاثنين يومًا من أيام البيض، أو كفارة يمين، هل يجوز لي النية، بصيام سنة الاثنين وأيام البيض أو كفارة اليمين معًا أو الثلاثة معًا (¬2)؟ ج: إذا كان الصوم واجبًا لا بد من نية الصوم الواجب الذي عليه، أما إذا كان تطوعًا الحمد لله، إذا وافق يوم الاثنين، يومًا من الأيام البيض، وافق ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل، برقم (6464)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره، برقم (782) واللفظ له. (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (422). ') ">

خيرًا على خير والحمد لله. س: تقول السائلة: هل صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع، أو في كل شهر، هل إذا صمتها مرة وجبت علي دائمًا؟ ج: صيام الاثنين والخميس قربة إلى الله، ومن أفضل العبادات، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصومهما ويقول: «إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» (¬1) لكن من صامهما لا يلزمه أن يستمر في ذلك، إذا شاء صام وإذا شاء ترك؛ لأنها نافلة إذا صامهما ثم تركهما بعض الأحيان فلا حرج عليه أو تركهما دائمًا فلا حرج عليه، لكن إذا تيسر له الاستمرار فهذا أفضل، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن أحب الأعمال إلى الله، ما داوم عليه صاحبه وإن قل» (¬2) كون المؤمن يستقيم على العمل الصالح ويستمر عليه هذا أفضل؛ لأنه في حاجة إلى ذلك، فينفعه هذا في الدنيا والآخرة، هكذا صلاة الضحى، هكذا التهجد بالليل، هكذا الصلوات المشروعة قبل الفرائض وبعدها كلها نوافل، من حافظ عليها فله أجر عظيم، ومن تركها في بعض الأحيان فلا شيء عليه، ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في صوم يوم الاثنين والخميس، برقم (747)، والنسائي في كتاب الصيام، باب صوم النبي بأبي هو وأمي وذكر اختلاف الناقلين، برقم (2358). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل، برقم (6464)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره، برقم (782) واللفظ له.

وهكذا صيام ثلاثة أيام من كل شهر، هكذا صيام يوم عرفة، صيام يوم عاشوراء يوم قبله ويوم بعده، كل هذه سنن ونوافل، من فعلها فقد أحسن، وله أجر عظيم، ومن ترك فلا حرج عليه، والله أعلم.

بيان حكم قضاء صيام الاثنين والخميس لمن أفطر أحد هذه الأيام

282 - بيان حكم قضاء صيام الاثنين والخميس لمن أفطر أحد هذه الأيام س: يقول السائل: من كان معتادًا على صوم الاثنين والخميس، فأفطر أحد هذه الأيام هل يلزمه القضاء (¬1)؟ ج: ليس عليه قضاء؛ لأنها نافلة، إذا كان يعتاد صوم الاثنين والخميس، وأفطر في بعض الأحيان، فلا قضاء عليه، الأمر واسع بحمد لله. ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (320).

مسألة في صيام التطوع

283 - مسألة في صيام التطوع س: سائلة تقول: بالنسبة لصيام يومي الاثنين والخميس، هل يأثم المسلم الذي لا يصومهما متتابعة، لعذر كالمرض، أو عدم استطاعته (¬1)؟ ج: صومهما مستحب وليس بواجب، ولا يأثم من ترك صومهما، ولو صامها في بعض الأيام أو في بعض الشهور، وترك لا حرج، كل ذلك لا حرج فيه، إلا أن يكون نَذَر لله صوم يومي الاثنين والخميس، فيلزمه الصوم؛ ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (350).

لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من نذر أن يطيع الله فليطعه» (¬1) أما إذا كان ما نَذَر فهو مخير إن شاء صام، وإن شاء أفطر، والصوم مستحب فقط، فمن واظب عليه فله أجره، ومن ترك بعض الأحيان فلا حرج عليه، وهكذا صوم ست من شوال، وهكذا صوم ثلاثة أيام من كل شهر، كل ذلك مستحب من صام فله أجر، ومن ترك فلا حرج، ومن صام بعض الشهور وترك بعض الشهور، أو صام بعض الأيام الاثنين والخميس، وترك بعض الأيام، كل ذلك لا حرج فيه إلا إذا نذر صوم الاثنين والخميس، أو نذر صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فهذا يلزمه الوفاء بنذره. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، برقم (6696).

حكم قطع الاستمرار لمن يداوم على صيام التطوع

284 - حكم قطع الاستمرار لمن يداوم على صيام التطوع س: إذا كان رجل يداوم على بعض النوافل، كالاثنين والخميس، أو ست من شوال، فهل يجوز له أن يتركها، ثم يصومها وهكذا أم أنه ملزم بها (¬1) (¬2)؟ ج: هذه نوافل لا يلزمه الاستمرار فيها، إذا تيسر له صام، وإذا شق عليه ترك، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصوم تارة ويترك أخرى، إذا حصل ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (209). (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم (209). ') ">

له الفراغ صام، سرد الصوم، وإذا شُغِل سرد الإفطار، عليه الصلاة والسلام، فإذا كان يصوم الاثنين والخميس، أو ستًّا من شوال أو يصوم يومًا ويفطر يومًا، فهو يفعل ذلك إذا تيسر له ذلك، وإذا ترك فلا حرج، هذا نافلة ليست واجبة، يفعلها متى نشط، ومتى ثقل عليه ذلك أو كسل عن ذلك فلا حرج عليه والحمد لله. س: ما الحكم في امرأة كانت تصوم يومي الاثنين والخميس، فتركت ذلك الصيام بسبب ضعف بدنها؟ ج: لا حرج في ذلك، صوم الاثنين والخميس، مستحب وليس بفرض، فمن صامه فله أجر، ومن ترك ذلك، فلا حرج، وإذا كانت لها عادة، تصوم الاثنين والخميس، ثم تركت ذلك لضعف أصابها، أو لبعض الأشغال، والحاجات التي شغلتها في البيت، أو لأسباب أخرى، فلا حرج في ذلك، والمقصود أن صوم الاثنين والخميس، نافلة، وهكذا صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وهكذا صوم ستة أيام من شوال، كل هذا نافلة مستحب، من صامه فلا بأس ومن تركه فلا بأس، ومن صام بعض السنين وترك بعض السنين، فلا بأس، فالأمر واسع والحمد لله.

حكم من يداوم على صيام الاثنين والخميس ثم تركه

285 - حكم من يداوم على صيام الاثنين والخميس ثم تركه س: تقول السائلة: كنت أداوم على صيام يوم الاثنين من كل أسبوع، ثم تركت صيامه فهل علي من إثم (¬1)؟ ج: الصيام يوم الاثنين والخميس، قربة وعبادة وطاعة ولكنه نافلة، فمن صام فله أجر، ومن ترك فلا شيء عليه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يصوم الاثنين والخميس، وإذا عرضت حاجة أفطرهما، عليه الصلاة والسلام، فالأمر في هذا واسع، والحمد لله من صامهما فلا بأس ومن صام أحدهما فلا بأس، ومن أفطرهما فلا بأس، ومن صام تارة وترك تارة فلا بأس. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (44).

حكم الإفطار في صيام التطوع

286 - حكم الإفطار في صيام التطوع س: من جدة السائلة: ف. ف. تقول: قد كنت صائمة يوم الاثنين تطوعًا، ولكن اشتد علي الجوع، وأصابتني بعض الآلام والتعب الشديد، فقالت لي أختي: أفطري فلا حرج عليكِ؛ لأن هذا صيام تطوع، فأفطرت ولكن سمعت من بعض النساء أن من أفطر في صوم التطوع، وقد صام بعض اليوم وجب عليه القضاء، فما الحكم

يا سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك، صوم التطوع لا حرج في الإفطار فيه، صاحبه أمره عند نفسه، إن شاء أتم وهو الأفضل، وإن شاء أفطر والحمد لله، ولا قضاء عليه، لأنه تطوع نافلة، إن شاء كمله، وإن شاء أفطر ولا حرج والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (391).

حكم صيام يوم الجمعة مع يوم قبله أو بعده

287 - حكم صيام يوم الجمعة مع يوم قبله أو بعده س: أنا من فضل الله عز وجل عليّ أصوم يومي الاثنين والخميس، من كل أسبوع، وإن شاء الله أنوي أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر، لكن إذا صادف الشهر يوم ثلاثة عشر يوم الخميس، وأربعة عشر يوم الجمعة، وخمسة عشر يوم السبت، هل يجوز لي أن أصوم يوم الجمعة؟ أفيدوني مأجورين (¬1) (¬2). ج: نعم، تصومه؛ لأنه تابع، المنهي عنه إفراده، أما صومه مع الخميس أو مع السبت فلا حرج فيه، بحمد لله. س: تقول السائلة: أنا أصوم الأحد والاثنين، ثم الأربعاء والخميس، وهكذا على هذا الحال، حبًّا للتطوع، وحبًّا للتقليل من الأكل، ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (361). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (361). ') ">

وخوفًا من السمنة، فما الحكم؟ ج: لا بأس، الحمد لله، ولو اقتصرتِ على الاثنين والخميس، أو ثلاثة أيام من كل شهر، هذا كله طيب، ومن صام ما شاء من الدهر فلا بأس، لكن لا يزيد على أن يصوم يومًا ويفطر يومًا، قال الرسول صلى الله عليه وسلم، لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: «صم يومًا وأفطر يومًا» (¬1)، قال: إني أطيق أكثر من ذلك، قال عليه الصلاة والسلام: «لا صوم فوقه صوم داود عليه السلام، شطر الدهر» (¬2) الأفضل أن يصوم يومًا ويفطر يومًا، إذا كان له استطاعة، وإذا كان يصوم الاثنين والخميس، أو ثلاثة أيام من كل شهر، كان هذا أرفق به وأفضل، حى لا يندم وحتى لا يرجع عن عمله، والصيام من حيث التطوع: أن يصوم يومًا ويفطر يومًا، إن استطاع ذلك، ولا يحدث بذلك إخلال بشؤون أهله، ولا إخلال بطلبه للعلم ولا إخلال بواجباته الأخرى، فلا بأس. ¬

(¬1) صحيح البخاري أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ (3418)، صحيح مسلم الصِّيَامِ (1159)، سنن النسائي الصِّيَامِ (2392)، سنن أبي داود الصَّوْمِ (2427)، سنن ابن ماجه الصِّيَامِ (1712)، مسند أحمد (2/ 201). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم داود، برقم (1980)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به، برقم (1159).

بيان فضل صيام الست من شوال

288 - بيان فضل صيام الست من شوال س: السائل من ليبيا يسأل عن صيام الست من شوال، وعن فضلها (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (268).

ج: لقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر» (¬1) رواه مسلم في صحيحه، وهذا يدل على فضلها وأن صيام الست من شوال كصيام الدهر، كأنه صام الدهر كله، وهذا فضل عظيم، فرمضان بعشرة أشهر، والست بشهرين، والحسنة بعشر أمثالها، فكأنه صام الدهر كله، مع أن الله بلطفه جل وعلا جعل رمضان كفارة لما بين الرمضانين، فالست فيها زيادة خير ومصلحة عظيمة، وفائدة كبيرة في امتثال إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم، وترغيبه والحرص على فعل ما شرع الله، من العبادة وهذا خير عظيم، والمؤمن يتحرى ما شرع الله ويمتثل ويطلب الثواب من الله هذا له فيه أجر عظيم. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب استحباب صوم ستة أيام من شوال إتباعًا، برقم (1164).

حكم التتابع في صيام الست من شوال

289 - حكم التتابع في صيام الست من شوال س: إذا أفطرت في صيام الأيام الستة من شوال، ثم أردت أن أصومها في نفس الشهر فهل هناك تاريخ معين (¬1)؟ ج: كل شوال محل صوم والأفضل البدار بها قبل العوائق، سواء متتابعة، أو مفرقة وإن صامها في آخر الشهر أو في وسطه فلا بأس، النبي عليه ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (286).

السلام قال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الشهر» (¬1) ولم يحدد أوله ولا أوسطه ولا آخره، عليه الصلاة والسلام، لكن البدار أفضل لقول الله عز وجل عن موسى: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى}، ولقوله سبحانه وتعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}، وقال جل وعلا: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب استحباب صوم ستة أيام من شوال إتباعًا، برقم (1164).

حكم صيام يوم السبت منفردا

290 - حكم صيام يوم السبت منفردًا س: يقول هذا السائل من الأردن، إذا أردنا أن نصوم ستة أيام من شوال بشكل متتابع ووافق في أحد الأيام يوم السبت، فهل نصوم أم نفطر (¬1) (¬2)؟ ج: مثل ما تقدم الأفضل الصوم متتابعةً، وصوم يوم السبت لا بأس به ولو مفردًا؛ لأن الحديث الذي فيه النهي عن صوم يوم السبت إلا فيما افتُرِض علينا حديث ضعيف عن النبي صلى الله عليه وسلم. ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (422). (¬2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (422). ') ">

س: هل يشرع تقديم صيام النفل على القضاء؟ كأن يصوم ستًّا من شوال ثم يقضي، وهل ما يؤثَر عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها في تأخيرها صيام القضاء إلى شعبان صحيح أم لا؟ أفتونا مأجورين، جزاكم الله خيرًا. ج: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، والأرجح أنه يبدأ بالقضاء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر» (¬1) فإذا كان ما صام بعض رمضان، كيف يتبعه ستًّا من شوال، عليه أن يكمل أولاً، يكمل رمضان، وعلى المرأة أن تكمل ما أفطرته من رمضان، ثم تصوم إذا أمكنها ذلك، وإلا فلا حرج والحمد لله، وقال بعض أهل العلم: إنه يُبدأ بالسنن؛ لأن وقتها ضيق قد تفوت، والقضاء وقته واسع، فلا مانع أن يبدأ بالست، أو صيام الاثنين والخميس، أو صيام يوم عرفة، أو يوم عاشوراء، والقضاء له وقت واسع، وهذا القول له وجاهة وله حظ من النظر، ولكن القول الأول أظهر وأَبْين؛ لأن الفرض أهم، ولأن الإنسان، قد يعرض له الموت، والأمراض، فينبغي له أن يبدأ بالأهم وهو القضاء، ثم إذا ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب استحباب صوم ستة أيام من شوال إتباعًا، برقم (1164).

تيسر له بعد التطوع، تطوع بعد ذلك بما يسر الله، وأما خبر عائشة فهو حديث ثابت عنها رضي الله عنها في الصحيحين أنها قالت: (كان يكون علي صوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه، إلا في شعبان لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم) (¬1)، فلا يظن بها أن تصوم النوافل، وتؤخر الفرائض، ما دامت تفطر لأجل حاجة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أهله، فكونها تفطر في النوافل من باب أولى، الحاصل أنه ليس في عملها دليل، على أنها كانت تصوم النوافل، لم تقل إني كنت أصوم النوافل، بل قالت إنها تؤخر صوم رمضان، من أجل مكان الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم، أذن لها في ذلك أو رخص لها في ذلك، لا، بل الأمر واضح في أنها أخرته، من أجل مراعاة حاجة الرسول إليها، عليه الصلاة والسلام، ويظهر في هذا أن عائشة رضي الله عنها، ما كانت تصوم الست من شوال في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا غيرها من النوافل، وعليها القضاء، والظاهر أنها تؤخر القضاء وغير القضاء. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب متى يقضى قضاء رمضان، برقم (1950)، ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء رمضان في شعبان، برقم (1146).

حكم تقديم النذر على قضاء رمضان

291 - حكم تقديم النذر على قضاء رمضان س: امرأة نذرت أن تصوم ستًّا من شوال، من كل عام، هل تصوم النذر

أولاً، أم تقضي ما أفطرته في رمضان لحيضها أو نفاسها، وماذا لو كان صيام الست من شوال تطوعًا. هل تقضي أولاً، أم تصوم التطوع (¬1)؟ ج: الأفضل لها أن تقدم القضاء ثم تصوم الست بعد ذلك سواء كانت الستُّ عن نذر أو تطوعًا حتى تكمل رمضان. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (212).

حكم نية الجمع بين صيام الفرض والنفل

292 - حكم نية الجمع بين صيام الفرض والنفل س: هل يجوز للمرأة الجمع بين صيام ستة أيام من شوال وقضاء ما عليها من رمضان في هذه الأيام الستة بنية القضاء والأجر معًا، أم لا بد من القضاء أولاً ثم صيام ستة أيام من شوال (¬1)؟ ج: نعم، تبدأ بالقضاء، ثم تصوم الست إذا أرادت، الست نافلة، إذا قضت في شوال ما عليها ثم صامت الست في شوال هذا خير عظيم، وأما أن تصوم الست بنية القضاء والست، فلا يظهر لنا أنه يحصل لها الأجر في ذلك، الست تحتاج لها نية خاصة في أيام مخصوصة. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (230).

حكم من صام أياما من الست من شوال ولم يكمل

293 - حكم من صام أيامًا من الست من شوَّال ولم يكمل س: إذا أراد المسلم صيام الست من شوال ولكن لعوارض حلَّت لم

يصم سوى خمسة أيام فماذا يفعل (¬1)؟ ج: له أجرها والحمد لله، إذا ذهب شوال، ولم يبق منه شيءٌ، لا تُقضى. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (232).

بيان أن صيام النافلة لا يكون فرضا على من داوم عليه

294 - بيان أن صيام النافلة لا يكون فرضًا على من داوم عليه س: هل يجوز للإنسان أن يختار صيام ستة أيام من شهر شوال في أي وقت من هذا الشهر يصوم هذه الأيام، أم لها وقت معلوم؟ وهل إذا صام المسلم هذه الأيام، تصبح فرضًا عليه ويجب صيامها كل عام (¬1) (¬2)؟ ج: لقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أنّه قال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر» (¬3) خرجه الإمام مسلم في صحيحه، وهذه الست ليس لها أيام معدودة، معينة بل يختارها الصائم من جميع الشهر، فإن شاء صامها في أوله، وإن شاء صامها في أثنائه، وإن شاء صامها في آخره، وإن شاء فرقها فصام بعضها في أوله، وبعضها في وسطه، وبعضها في آخره، الأمر واسع بحمد لله، وإن بادر إليها وتابعها في أول الشهر كان ذلك أفضل من باب المسارعة إلى الخير، ولكن ليس في هذا ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (69). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (69). ') "> (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب استحباب صوم ستة أيام من شوال إتباعًا، برقم (1164).

ضيق بحمد لله، بل الأمر فيها واسع، إن شاء تابَع وإن شاء فرق، ثم إذا صامها بعض السنين وتركها بعض السنين، فلا بأس لأنها نافلة تطوع ليست فريضة، وإذا صامها في بعض السنين وتركها في بعض السنين، أو صام بعضها وترك بعضها فلا حرج عليه. س: السائلة: ج. ب. من الجزائر، تقول: سماحة الشيخ، سؤال حول صيام التطوع، فكما هو منتشر عندنا بأن من صام ستة أيام من شوال تبقى عليه دينًا، أي يجب عليه أن يصومها في كل عام حتى الممات، ويجب عليه أيضًا، أن يصوم بقية أيام التطوع، وهي يوم عرفة، والأيام البيض من كل شهر، والنصف الثاني من شعبان، وعاشوراء، إلى غير ذلك من الأيام الأخرى، هل هذا صحيح؟ ج: ليس هذا بصحيح: النوافل من شاء فعل، ومن شاء ترك، هذه مستحبة، نافلة، إن شاء صامها كل سنة، وإن شاء صامها بعض السنين وتركها بعض السنين الأمر في هذا واسع، وهكذا صوم يوم عرفة، وهكذا صوم يوم عاشوراء، وهكذا صوم الاثنين والخميس، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، كلها نافلة، إذا يسر الله له صومًا صامها، وإذا تركها فلا حرج، وإذا صام في بعض الشهور

وترك في بعض الشهور لا بأس وكان النبي صلى الله عليه وسلم، ربما صام وربما ترك، وربما صام الأيام الثلاثة من كل شهر، وربما صام الاثنين والخميس، وربما شُغِلَ عن هذا وترك، ولم يصم عليه الصلاة والسلام، وهكذا شعبان كان يصومه في الغالب كله، أو إلا قليلاً، كما قالت بذلك عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، فإذا تيسر الصوم فلا بأس، وإلا فلا حرج، إنما هذا في الفريضة، الفريضة لا بد منها، صوم رمضان لا بد منه، إلا من علة المرض أو السفر، أما النوافل فالحمد لله الأمر فيها واسع، إذا صامها بعض السنين وتركها بعض السنين لا بأس، أو صام ثلاثة أيام من كل شهر بعض الأحيان وترك أو صام الاثنين والخميس في بعض الأحيان وترك هذا لا حرج فيه والحمد لله.

بيان المفاضلة بين عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان

295 - بيان المفاضلة بين عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان س: أيهما أفضل العشر الأواخر من رمضان أم عشر ذي الحجة (¬1)؟ ج: العشر الأواخر من رمضان أفضل من جهة الليل؛ لأن فيها ليلة القدر والعشر الأول من ذي الحجة أفضل من جهة النهار؛ لأن فيها يوم عرفة، وفيها يوم النحر، وهما أفضل أيام الدنيا، هذا هو المعتمد عند المحققين من أهل العلم، فعشر ذي الحجة أفضل من جهة النهار، وعشر رمضان أفضل ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (196).

من جهة الليل؛ لأن فيها ليلة القدر، وهي أفضل الليالي والله المستعان.

حكم صيام اليوم العاشر ضمن عشر ذي الحجة

296 - حكم صيام اليوم العاشر ضمن عشر ذي الحجة س: سمعت من معلمة الدين في مدرستي أنه من المستحب صيام العشرة الأيام الأولى من شهر ذي الحجة، وأن العمل الصالح في هذه الأيام هو أحب الأعمال إلى الله عز وجل، وإذا كان هذا صحيحًا، فمن الطبيعي، أن يكون اليوم العاشر من ذي الحجة والذي يلي يوم عرفة، هو أول أيام التشريق، وهي أيام عيد للمسلمين، الحجاج وغيرهم، ومما أعلمه هو أنه لا يجوز صيام أيام العيد، فما تفسيركم لذلك؟ وإن كان يحرم صيامه، وهو من الأيام العشرة الأولى، وما هو اليوم العاشر البديل، إن كان لا يصام؟ وهل إذا صمت هذه الأيام، يجب علي أن أصومها كلها، علمًا بأنني صمت السادس والسابع والثامن والتاسع، ولم أصم العاشر، مع توضيح عدد أيام عيدي الفطر والأضحى، فيهما اختلاف؟ جزاكم الله خيرًا، وأحسن إليكم (¬1) (¬2). ج: العشرة تطلق على التسعة، فيوم العيد لا يكون منها، عشر ذي الحجة، يقال عشر ذي الحجة، والمراد التسعة، فيما يتعلق بالصيام، فيوم العيد لا ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (303). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (303). ') ">

يصام بإجماع أهل العلم، فإذا صام العشر كأنه صام التسع، التي أعقبها يوم عرفة، فصيامها مستحب، سواء في الحضر أو البدو جميعًا، وكذا يوم عرفة إلا الحجاج، فإنهم لا يصومون يوم عرفة، وهكذا بقية الأيام من أول ذي الحجة، إلى يوم عرفة، يستحب صيامها كلها، لكن أفضلها يوم عرفة، يصام في الحضر وفي البادية، سنة، إلا يوم العيد فلا يصام، لا في الحج ولا في غيره، والحجاج لا يصومون يوم عرفة، فالحاج لا يصوم يوم عرفة، يكون مفطرًا كما أفطر النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة. س: حدث أن صمت في الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة، تطوعًا وأنا عليّ دين من أيام رمضان، فهل يجوز قضاء أيام من شهر رمضان في الأيام الأولى من شهر ذي الحجة؟ ج: نعم، الواجب لمن عليه دين أن يبدأ به، قبل التطوع في شهر ذي الحجة، أو في غيره وهكذا ست من شوال، لا يصومها مع القضاء، يبدأ بالقضاء.

حكم صيام التاسع من ذي الحجة

297 - حكم صيام التاسع من ذي الحجة س: المستمع ع. س. من المدينة المنورة يسأل ويقول: ما حكم صيام

التاسع من ذي الحجة (¬1)؟ ج: يوم التاسع هو يوم عرفة، وصومه سنة لجميع الناس، سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة فقال: عليه الصلاة والسلام: «يكفر الله به السنة التي قبله والسنة التي بعده» (¬2) فيوم عرفة يسن صيامه للرجال والنساء إلا من كان في الحج، فلا يصوم فيكون يوم عرفة مفطرًا هذه السنة، أما غير الحجاج، فالسنة لهم أن يصوموا إذا تيسر ذلك. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (443). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، برقم (1162).

بيان الأجر المترتب على صيام عرفة

298 - بيان الأجر المترتب على صيام عرفة س: هل صيام عرفة مكفر للكبائر (¬1) (¬2)؟ ج: ظاهر السنة أنه للصغائر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر» (¬3) والصلاة أعظم من الحج، والنبي صلى الله عليه وسلم ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (417). (¬2) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (417). ') "> (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان، برقم (233).

قال: «الحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة» (¬1) وقال صلى الله عليه وسلم: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» (¬2) ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن الرب جل وعلا يباهي بأهل موقف عرفة الملائكة، يباهي بهم ويدنو، فيقول ماذا أراد هؤلاء؟ ويقول صلى الله عليه وسلم: ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة» (¬3) فهم يرجى لهم العتق من النار، ويرجى لهم المغفرة مطلقًا، لكن ظاهر الأحاديث أن الحج كغيره يغفر به الصغائر، إلا إذا تاب من الكبائر ولهذا قال: «من حج فلم يرفث ولم يفسق» (¬4)، والحج من ضمن الوقوف بعرفة، والذي لم يرفث ولم يفسق، هو الذي قد تاب من الذنوب، والذي يأتي ربه بغير إصرار على الذنوب، فيكون حجه مكفرًا لسيئاته. س: ما هي فضيلة من صام يوم عرفة؟ ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، برقم (1773)، ومسلم في كتاب الحج، باب في الحج والعمرة ويوم عرفة، برقم (1349). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب فضل الحج المبرور، برقم (1521)، ومسلم في كتاب الحج، باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة، برقم (1350). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة، برقم (1348). (¬4) صحيح البخاري الْحَجِّ (1521)، صحيح مسلم الْحَجِّ (1350)، سنن الترمذي الْحَجِّ (811)، سنن النسائي مَنَاسِكِ الْحَجِّ (2627)، سنن ابن ماجه الْمَنَاسِكِ (2889)، مسند أحمد (2/ 229)، سنن الدارمي الْمَنَاسِكِ (1796).

ج: من صام يوم عرفة له أجر عظيم، ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: «إن الله يكفر بصوم يوم عرفة السنة التي قبلها والسنة التي بعدها» (¬1) يعني بشرط اجتناب الكبائر كما بينته الأحاديث الأخرى. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، برقم (1162).

حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام إذا وافق يوم عرفة

299 - حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام إذا وافق يوم عرفة س: لقد وافق يوم عرفة يوم الجمعة، وصمته ولم أصم يوم الخميس فهل علي إثم (¬1)؟ ج: نرجو أن لا إثم عليكِ؛ لأنكِ ما قصدتِ صومه مفردًا، وإنما صمتِه لأجل أنه يوم عرفة فقط، ولكن لو صمتِ معه الخميس، يكون أحوط؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، نهى عن إفراد يوم الجمعة بالصوم في حق المتنفل، فأنتِ متنفلة، فإذا صمتِ معه الخميس يكون أحوط، وإن كان قصدكِ لأجل عرفة، لكن كون المؤمن يتحرى موافقة النبي صلى الله عليه وسلم، وامتثال ما أمر به أحوط أما صومه مرادًا لقصد فضله، فهذا لا يجوز لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، لكن إذا صامه من أجل يومه أنه يوم عرفة فنرجو ألاّ يكون شيء عليه لكن لو احتاط وصام معه ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (294).

الخميس يكون أسلم.

بيان فضل صيام شهر الله المحرم

300 - بيان فضل صيام شهر الله المحرم س: متى يبدأ صيام شهر المحرم، أو صيام عاشوراء، هل يبدأ في أول المحرم، أو في وسطه أو في آخره، وكم عدد صيامه؟ لأني سمعت أن صيام عاشوراء يبدأ من واحد محرم، إلى عشرة محرم، وفقكم الله (¬1). ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم» (¬2) وهو عاشوراء، والمعنى أن يصومه كله من أوله إلى آخره، من أول يوم منه إلى نهايته، هذا معنى الحديث، ولكن يخص منه يوم التاسع والعاشر، أو العاشر والحادي عشر، لمن لم يصمه كله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يصوم عاشوراء في الجاهلية (¬3)، وكانت تصومه قريش أيضًا، فلما قدم المدينة عليه الصلاة والسلام، وجد اليهود يصومونه، فسألهم عن ذلك، فقالوا: يوم نجى الله فيه موسى وقومه، وأهلك فرعون وقومه، فصامه شكرًا لله، ونحن نصومه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نحن أحق ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (108). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب فضل صوم المحرم، برقم (1163). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب أيام الجاهلية، برقم (3831)، ومسلم في كتاب الصيام، باب صوم يوم عاشوراء، برقم (1125).

وأولى بموسى منكم» (¬1) فصامه وأمر بصيامه، فالسنة أن يصام هذا اليوم يوم عاشوراء والسنة أن يصام قبله يوم أو بعده يوم، لما روي عنه عليه الصلاة والسلام، أنه قال: «صوموا يومًا قبله ويومًا بعده» (¬2) وفي لفظ: «يومًا قبله أو يومًا بعده» (¬3) وفي حديث آخر: «لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع» (¬4) يعني مع العاشر، فهذا هو الأفضل، أن يصام العاشر؛ لأنه يوم عظيم حصل فيه الخير العظيم لموسى والمسلمين، وصامه نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، فنحن نصومه تأسيًا بنبينا عليه الصلاة والسلام، وعملاً بما شرع عليه الصلاة والسلام، ونصوم معه يومًا قبله أو يومًا بعده مخالفةً لليهود، والأفضل التاسع مع العاشر، للحديث: «لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع» (¬5)، فإن صام العاشر والحادي عشر، أو صام الثلاثة فكلها حسن، وإن صام التاسع والعاشر والحادي عشر، كله طيب، وفيه مخالفة لليهود فإن صام الشهر كله، فهو أفضل وأفضل. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب صيام يوم عاشوراء، برقم (1130). (¬2) أخرجه البيهقي في سننه، باب صوم يوم التاسع، برقم (8667). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، برقم (2154). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب أي يوم يصام في عاشوراء، برقم (1134). (¬5) صحيح مسلم الصِّيَامِ (1134)، سنن أبي داود الصَّوْمِ (2445)، سنن ابن ماجه الصِّيَامِ (1736)، مسند أحمد (1/ 236).

حكم صيام أيام هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم

301 - حكم صيام أيام هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم س: يقول السائل: ما حكم صيام عاشوراء؟ وحكم صيام أيام هجرة الرسول؟ وهل يجوز صيام اليوم العاشر منه؟ أرجو توضيح ذلك جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: أما صيام عاشوراء فالسنة أن يصوم الإنسان يوم العاشر من المحرم وأن يصوم معه يومًا قبله أو يومًا بعده، والأفضل أن يصوم التاسع مع العاشر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع مع العاشر» (¬2) ولما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «خالفوا اليهود صوموا يومًا قبله أو يومًا بعده» (¬3) فالسنة للمؤمن، أن يصوم التاسع والعاشر جميعًا، أو يصوم العاشر مع الحادي عشر، أو يصوم الثلاثة جميعًا: التاسع، والعاشر، والحادي عشر، كل هذا فيه مخالفة لليهود، والمؤمن يخالفهم لأنه مأمور بمخالفة أعداء الله من أهل الكتاب ومن غيرهم من الكفرة، أما أيام الهجرة فلا يشرع صيامها، ولم يصم النبي صلى الله عليه وسلم أيام الهجرة، مع اليوم الأول ولا مع غيره، وهكذا يوم بدر وأيام ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (193). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب أي يوم يصام في عاشوراء، برقم (1134). (¬3) أخرجه البيهقي في سننه، باب صوم يوم التاسع، برقم (8667).

الأحزاب كلها لا تصام، وهكذا أيام الفتح كلها لم يشرع الله صيامها سبحانه وتعالى، وإنما شرع لنا صيام يوم عاشوراء، صيام الاثنين والخميس، صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وإذا صامها في أيام البيض كان أفضل، صيام ست من شوال بعد رمضان، كل هذه أمور مستحبة، أما أيام الهجرة فلا يشرع صيامها بل يكون بدعة إذا قصد ذلك.

حكم ترك صوم عاشوراء

302 - حكم ترك صوم عاشوراء س: سماحة الشيخ، ما حكم صوم عاشوراء؟ هل هو سنة مؤكدة؟ وماذا عل الذي يترك صومه (¬1)؟ ج: نعم، سنة مؤكدة لكن لا حرج في تركه، فهو مستحب، فمن صام فلا بأس ومن ترك فلا بأس، والسنة أن يصوم قبله يومًا أو بعده يومًا، العاشر والتاسع أو العاشر والحادي عشر، كان أولاً متأكدًا فلما فرض رمضان صار مستحبًّا، ليس بمؤكد، من صامه فله أجر ومن تركه فلا بأس. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (175).

حكم إفراد يوم السبت إذا وافق يوم عاشوراء

303 - حكم إفراد يوم السبت إذا وافق يوم عاشوراء س: هذا سائل من الأردن عمان يقول: إذا صادف يوم عاشوراء يوم

السبت فهل يجوز لنا أن نصومه (¬1)؟ ج: لا حرج أن يصومه يوم السبت مطلقًا في الفرض والنفل، والحديث الذي فيه النهي عن صوم السبت حديث ضعيف مضطرب، مخالف للأحاديث الصحيحة، فلا بأس أن يصوم المسلم يوم السبت سواء كان عن فرض أو عن نفل، ولو ما صام معه يومًا غيره، والحديث الذي ورد فيه النهي عن صوم يوم السبت إلا في الفرض حديث غير صحيح. ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (422).

بيان أفضل الصيام

304 - بيان أفضل الصيام س: يسأل عن أفضل الصيام (¬1). ج: أفضل الصيام، صيام داود عليه السلام، كان يصوم يومًا، ويفطر يومًا، شطر الدهر، ولا يزيد على هذا، وإن صام ثلاثة أيام من كل شهر كفى، والحمد لله، كما قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، فالحسنة بعشر أمثالها، إذا صام ثلاثة من الشهر، وأيام البيض أفضل، كان هذا كافيًا، والثلاثة تُصام في أول الشهر أو أوسطه أو في آخره، مجتمعة أو متفرقة، كله طيب، لكن إذا تيسر صيام أيام البيض: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (443).

يكون الأفضل، وإن صامها من بقية الشهر فلا حرج، المقصود أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، هذا كافٍ، وإن صام الاثنين والخميس، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصومهما، إذا صامها الإنسان فهذا مستحب قربة إلى الله سبحانه وتعالى، هكذا الست من شوال سواء في أول الشهر أو وسطه أو آخره مجتمعة أو متفرقة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر» (¬1) رواه مسلم في صحيحه، لكن من عليه قضاء يبدأ بالقضاء، قبل الست وكذلك يصام يوم عرفة، لغير الحجاج في بلده، يستحب له الصيام يوم عرفة، وصيام يوم عاشوراء سُنَّة، والأفضل أن يصوم معه يومًا قبله أو بعده، سواء التاسع أو الحادي عشر، أو يصومهما جميعًا معه، هذا هو الأفضل، وإن صام الشهر كله، شهر محرم فهو سنة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم» (¬2) وصوم يوم عرفة مستحب، للجميع الرجال والنساء، إلا في الحج، الحاج لا يصوم. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب استحباب صوم ستة أيام من شوال إتباعًا، برقم (1164). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب فضل صوم المحرم، برقم (1163).

بيان صفة صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم للنوافل

305 - بيان صفة صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم للنوافل س: يقول السائل: أرجو من سماحة الشيخ ذكر الأيام التي كان يصومها الرسول صلى الله عليه وسلم، وأمر بصيامها غير فريضة رمضان وفضلها (¬1)؟ ج: كان عليه الصلاة والسلام يسرد الصوم في بعض الأحيان حتى يقول الصحابة: لا يفطر، وكان يسرد الإفطار حتى يقولوا: لا يصوم، على حسب فراغه وشغله، فإن حصل له فراغ سرد الصوم، وإن حصل له شغل سرد الإفطار، عليه الصلاة والسلام، وكان يصوم الاثنين والخميس، فإذا شُغِلَ عنهما صام بعد ذلك وسرد الصوم عليه الصلاة والسلام، وكان يحث الناس على صيام الاثنين والخميس ويقول: «إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» (¬2) وكان يحث الناس على صيام ثلاثة أيام، من كل شهر، عليه الصلاة والسلام، ويقول: «الحسنة بعشر أمثالها» (¬3) والثلاثة من كل شهر بالثلاثين؛ لأنها من عشرة، والحسنة بعشرة أمثالها، فمن صام ثلاثة أيام من كل شهر، فكأنما صام الدهر، وهكذا قال ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (238). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في صوم يوم الاثنين والخميس، برقم (747)، والنسائي في كتاب الصيام، باب صوم النبي بأبي هو وأمي وذكر اختلاف الناقلين، برقم (2358). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم الدهر، برقم (1976)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به، برقم (1159).

النبي صلى الله عليه وسلم، لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: «صم من الشهر ثلاثة أيام فالحسنة بعشر أمثالها، وذلك صيام الدهر» (¬1) ورغّب الناس في صيام ست من شوال، فقال صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر» (¬2) وهذا فضل من الله سبحانه وتعالى، وقال لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما لما طلب منه أن يسمح له بصيام الدهر قال: «صم يومًا وأفطر يومًا فذلك صيام داود عليه السلام وهو أفضل الصيام» (¬3) ¬

(¬1) صحيح البخاري أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ (3418)، صحيح مسلم الصِّيَامِ (1159)، سنن النسائي الصِّيَامِ (2392)، سنن أبي داود الصَّلاَةِ (1389)، مسند أحمد (2/ 198). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب استحباب صوم ستة أيام من شوال إتباعًا، برقم (1164). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم داود، برقم (1980)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به، برقم (1159)، واللفظ له.

حكم صيام الدهر

306 - حكم صيام الدهر س: هل يجوز للمسلم أن يصوم أيام السنة كاملة أم أن ذلك بدعة (¬1)؟ ج: لا ينبغي أن يصوم، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صام من صام الأبد» (¬2) فأقل أحواله الكراهة الشديدة، فلا ينبغي أن يصوم الأبد، الأفضل أن يصوم يومًا ويفطر يومًا، هذا هو الأفضل، قال النبي صلى الله ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (218). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب حق الأهل في الصوم، برقم (1977)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوّت به حقًا ... برقم (1159).

عليه وسلم: «هذا أفضل الصيام، وهو صوم داود نبي الله عليه الصلاة والسلام» (¬1)، وإن صام الاثنين والخميس كفى، أو صام ثلاثة أيام من كل شهر، هذا طيب، أو إن لم يصم فلا حرج عليه، لا يجب عليه إلا رمضان، إلا أن تجب عليه كفارة، أو نذر، فهذا مُسْتَثْنى، وإلا فليس عليه شيء واجب بنص الشرع إلا رمضان. ¬

(¬1) سنن الترمذي الصَّوْمِ (770)، سنن النسائي الصِّيَامِ (2394، 2403)، سنن أبي داود الصَّوْمِ (2448)، سنن ابن ماجه الصِّيَامِ (1712)، مسند أحمد (2/ 225)، سنن الدارمي الصَّوْمِ (1752).

حكم صيام شهر رجب

307 - حكم صيام شهر رجب س: هل يجوز صيام رجب كاملاً؟ لأن كثيرًا من العلماء يقولون: بأن من صام شهر رجب، غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر، والبعض منهم نهوا عن ذلك، وقالوا بأنه شهر من أشهر الله ولا يجوز صومه كاملاً، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الصواب أنه لا يشرع صومه بل يكره، لعدم الدليل عليه، وإنما يشرع صوم شعبان، كان النبي صلى الله عليه وسلم، يصوم شعبان، عليه الصلاة والسلام، وربما صامه إلا قليلاً، أما رجب فيكره إفراده بالصوم، هذا من عمل الجاهلية، وليس عليه دليل صومه، وهذا الحديث الذي يرونه أنه من أسباب ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (250).

المغفرة لا أصل له بل هو باطل لا صحة له، فالمشروع للمسلمين إفطار رجب وعدم صومه، إلا إذا صام ما شرع الله منه مثل الاثنين والخميس، مثل أيام البيض، هذا طيب أما أن يصومه كله، لا، هذا غير مشروع.

حكم صيام شهر رجب وشعبان كاملين مع رمضان

308 - حكم صيام شهر رجب وشعبان كاملين مع رمضان س: سائلة تقول: ما رأي الشرع في صومي للأشهر الثلاثة: رجب وشعبان ورمضان، والأيام الستة من شهر شوال بصورة مستمرة مع علمي بأني أقدر على ذلك (¬1) (¬2)؟ ج: لا حرج في ذلك، من صام شهر رجب وشعبان ورمضان، لا حرج، المكروه إفراد رجب بصوم أما إذا صامه مع شعبان فلا بأس. س: الأخت/أم أحمد تقول: إنها، تصلي وتصوم أيام شهر شوال، ورجب، وشعبان، ولكن الدورة تمنعها من صيام هذه الأشهر الثلاثة، فهل يجب صيام الأشهر الثلاثة، أم أيام فقط؟ جزاكم الله خيرًا. ج: أيام الدورة ما هي بمحل صيام، لا في رمضان ولا في غيره، إذا صامت شعبان إلا أيام الدورة، هذا واجب عليها تفطر أيام الدورة، وهكذا ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (170). (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم (170). ') ">

في رمضان، عليها أن تفطر وتقضي بدل أيام رمضان، أما ما تركت من أيام شعبان، أو رجب أو غير ذلك، لا بأس، وإذا صامت رجب وشعبان فلا حرج، وتفطر أيام الدورة، لكن في رمضان إذا أفطرت أيام الدورة عليها أن تقضي، وإذا تعاطت ما يمنع الدورة في رمضان من حبوب أو غيرها فلا بأس، أو تعاطت ذلك في أيام الحج فلا بأس، والأفضل عدم صيام رجب كله، أما إذا صامت الاثنين والخميس، أو صامت أيام البيض، الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، كله طيب في كل شهر، لكن يكره عند جمع من أهل العلم إفراد رجب وتخصيصه بالصوم، أما إذا صامته مع شعبان فلا حرج، وكذلك إذا صامت غير رجب، إذا صامت مثلاً شهر محرم، أو غيره من الشهور، حسب فراغها، وحسب التيسر لا حرج، لكن إذا كانت أيام الدورة، تفطر لا تصوم، لا في رمضان ولا في غيره؛ لأن أيام الحيض ليست محل صيام، وهكذا أيام النفاس ليست محل صيام.

بيان صفة صيام النبي صلى الله عليه وسلم لشهر شعبان

309 - بيان صفة صيام النبي صلى الله عليه وسلم لشهر شعبان س: تقول هذه السائلة: سماحة الشيخ، هل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يكثر من الصيام في شهري شعبان ومحرم، وهل الأعمال ترفع إلى الله عز وجل في شهر شعبان؟

ج: كان يصوم شعبان، يصوم أكثره كما أخبرت بذلك عائشة رضي الله عنها كان يصومه إلا قليلاً، وجاء في رواية أم سلمة رضي الله عنها، أنه ربما صامه كله (¬1) ويقول عليه الصلاة والسلام: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم» (¬2) وكان يصوم عاشوراء وهو يوم العاشر من المحرم، وقال في آخر حياته: «لئن أدركت العام القابل لأصومن التاسع والعاشر» (¬3) يعني التاسع مع العاشر، فالسنة صيام عاشوراء قبله يوم أو بعده يوم، التاسع والعاشر أو العاشر والحادي عشر، خلافًا لليهود لقوله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم» (¬4)، فإذا صام التاسع والعاشر والحادي عشر ثلاثة، هذا طيب وحسن. ¬

(¬1) عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه لم يكن يصوم من السنة شهرًا تامًا إلا شعبان يصله برمضان) أخرجه أبو داود في كتاب الصوم، برقم (2336). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب فضل صوم المحرم، برقم (1163). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب أي يوم يصام في عاشوراء، برقم (1134). (¬4) صحيح مسلم الصِّيَامِ (1163)، سنن الترمذي الصَّلاَةِ (438)، سنن النسائي قِيَامِ اللَّيْلِ وَتَطَوُّعِ النَّهَارِ (1613)، سنن أبي داود الصَّوْمِ (2429)، سنن ابن ماجه الصِّيَامِ (1742)، مسند أحمد (2/ 344)، سنن الدارمي الصَّوْمِ (1757).

حكم صيام النصف الثاني من شعبان

310 - حكم صيام النصف الثاني من شعبان س: هل الصيام بعد خمسة عشر من شعبان، حرام أو مكروه نرجو منكم الإفادة (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (369).

ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا انتصف شعبان فلا تصوموا» (¬1) وهو حديث صحيح، فالذي ما صام أول الشهر ليس له أن يصوم بعد النصف لهذا الحديث الصحيح، وهكذا لو صام آخر الشهر ليس له ذلك من باب أولى لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صومًا فليصم» (¬2) الذي له عادة، لا بأس إذا كان عادته يصوم الاثنين والخميس فلا بأس أن يصوم، أو عادته يصوم يومًا ويفطر يومًا لا بأس، أما أن يبدأ الصيام بعد النصف من أجل شعبان هذا لا يجوز، أما لو صام بدءًا من أربعة عشر أو خمسة عشر، أو من ثلاثة عشر، أو من نحوه واستمر فلا بأس، إذا صامه كله أو أكثره فلا بأس، أما أن يكون يفطر النصف الأول ثم يبتدئ، هذا هو المنهي عنه. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصوم، باب في كراهية ذلك، برقم (2337)، والترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في كراهية الصوم في النصف الثاني من شعبان، برقم (738)، واللفظ له. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب لا يتقدم رمضان بصوم يوم ولا يومين، برقم (1914)، ومسلم في كتاب الصيام، باب لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، برقم (1082).

حكم صيام يوم النصف من شعبان وإحياء ليلته

311 - حكم صيام يوم النصف من شعبان وإحياء ليلته س: ما حكم صيام يوم النصف من شعبان، وقيام ليلة النصف من شعبان، والدعاء الذي يقال في هذه الليلة (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (266).

ج: هذا ضعيف ليس له أصل صحيح، فلا يستحب صيام يوم النصف من شعبان، ولا يستحب قيام ليلة النصف لعدم ثبوت الأحاديث في ذلك وقد كتبنا في هذا عدة كتابات.

حكم تخصيص صيام يوم الاثنين والخميس في رجب وشعبان

312 - حكم تخصيص صيام يوم الاثنين والخميس في رجب وشعبان س: يقول السائل بأنه يصوم الاثنين والخميس من رجب وشعبان، هل هذه بدعة أم صحيح (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك إذا صام الاثنين والخميس من أي شهر لا بأس، رجب شعبان أو غيرهما، سنة. ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (366).

حكم صيام آخر يوم من شهر شعبان

313 - حكم صيام آخر يوم من شهر شعبان س: السائل أبو خالد من مكة المكرمة يقول: هل يجوز صيام آخر يوم من شهر شعبان (¬1)؟ ج: إذا كان لك عادة تصوم الاثنين والخميس، وصادف آخر يوم من شعبان، تصومه لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا ¬

(¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (425).

يومين إلا رجل كان يصوم صومًا فليصمه» (¬1) الذي له عادة يصوم يومًا ويفطر يومًا، أو يصوم الاثنين والخميس، وصادف يوم الثلاثين من شعبان اليوم الذي يصومه لأنه يصومه كعادته فلا بأس، أما أن يتطوع به لأجل رمضان فلا. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب لا يتقدم رمضان بصوم يوم ولا يومين، برقم (1914)، ومسلم في كتاب الصيام، باب لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، برقم (1082).

حكم إفراد يوم الجمعة بصيام قضاء أو نذر

314 - حكم إفراد يوم الجمعة بصيام قضاء أو نذر س: هل يجوز صيام يوم الجمعة في غير رمضان كصيام القضاء، أو الكفارة ونحو ذلك (¬1)؟ ج: نعم، يجوز صيام الجمعة في التطوع، وفي القضاء، لا بأس لكن لا يجوز تخصيصه بالصوم تطوعًا، أما إذا صام قبله بيوم أو بعده بيوم فلا حرج في ذلك في مناسبته، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يصومن أحد يوم الجمعة إلا أن يصوم يومًا قبله أو يومًا بعده» (¬2) فإذا صام قبله يومًا أو بعده يومًا فلا حرج في ذلك، أو صامه ضمن الأيام التي يصومها قضاءً أو تطوعًا، فلا حرج في ذلك، المقصود المنهي عنه هو أن يصومه وحده تطوعًا فردًا، هذا هو المنهي عنه. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (218). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم يوم الجمعة، برقم (1985)، ومسلم في كتاب الصيام، باب كراهة صيام يوم الجمعة منفردًا برقم (1144).

حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام

315 - حكم إفراد يوم الجمعة بالصيام س: هل يجوز صيام يوم الجمعة (¬1) (¬2)؟ ج: لا يجوز تحري هذا الصوم، الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن تخصيص هذا الصوم، أما إذا كان في صوم الإنسان، صام معه السبت أو صام معه الخميس، فلا بأس، أو في صومه في قضاء رمضان أو في نافلة، فلا بأس، أو صامه لأنه يوم عرفة، ليس لأجل التخصيص بل وافق يوم عرفة فصام، أو لأنه عليه قضاء، ولم يتيسر له القضاء إلا في يوم الجمعة لا من أجل يوم الجمعة، لكنه ما تيسر له القضاء إلا فيها هذا معذور. س: الأخت/ف. ح. من ليبيا، تسأل وتقول: إذا بدأت الصيام من يوم السبت حتى نهاية الأسبوع فهل علي أن أتم صيام الجمعة، أم أنني أصوم يوم السبت وأترك الجمعة؟ جزاكم الله خيرًا. ج: الأفضل للمؤمن والمؤمنة أن يتحرى الأيام الفاضلة، مثل الاثنين والخميس، يصومهما مثل ثلاثة أيام من كل شهر، يصومها، وإن سرد أيامًا وأفطر أيامًا، فلا بأس وإذا سرد أيامًا وصار منها يوم الجمعة، فلا حرج وإذا ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (417). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (417). ') ">

صام الخميس والجمعة أو الجمعة والسبت، فلا حرج، النهي إنما هو إذا كان خص الجمعة وحده بتطوع، إذا خصها وحدها، هذا هو محل النهي، أما إذا صامها مع الخميس أو مع السبت أو من أيام سردها فلا حرج عليه لكن الأفضل إذا كان عنده قدرة أن يصوم يومًا ويفطر يومًا، هذا أفضل الصيام وهو صيام داود نبي الله عليه الصلاة والسلام يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «إن هذا أفضل الصيام» (¬1) أن يصوم يومًا ويفطر يومًا وإن صام الاثنين والخميس هذا خير عظيم، أو صام ثلاثة أيام من كل شهر كفى؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها كل ذلك طيب. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم داود، برقم (1980)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به، برقم (1159)، واللفظ له.

حكم صيام يوم السبت

316 - حكم صيام يوم السبت س: السائلة/ن. ع. م. من الأردن تقول ما حكم صيام يوم السبت؟ حيث إنني قد سمعت آراء كثيرة في صيام هذا اليوم، فمن الناس مَن يقول إنه لا يصام إلا إذا سبق بيوم وألحق بيوم صيام، ومنهم من يقول: أنه لا يجوز أن يصام هذا أبدًا، إلا إذا كان صيام فرض، أما التطوع فلا، وإذا كان كذلك وأردت أن أصوم صيام داود عليه السلام، فلا بد من مرور يوم السبت للصيام فيه، دون أن أسبقه، بيوم صيام أو أن ألحقه

بيوم صيام، فما هو رأيكم في ذلك (¬1)؟ ج: الحديث في يوم السبت في النهي عن صوم يوم السبت حديث ضعيف مضطرب، وهو ما يروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يصومن أحدكم السبت إلا فيما افتُرِض عليه فإن لم يجد إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه» (¬2) هذا حديث ضعيف ومضطرب نبه عليه الحفاظ، فالحديث غير صحيح، فلا بأس بصوم يوم السبت مع الجمعة أو مع الأحد أو مفردًا لا حرج فيه هذا هو الصواب، هذا هو الصحيح، بل الحديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به، وما يدل على ضعفه ما ثبت في الصحيحين، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يصومن أحدكم الجمعة إلا يومًا قبله أو بعده» (¬3) فأباح للناس أن يصوموا يومًا بعده، اليوم بعد الجمعة هو السبت في النافلة، فدل على أن الحديث الذي فيه النهي عن صومه إلا في الفريضة حديث باطل مخالف للأحاديث الصحيحة، وهكذا كان عليه الصلاة والسلام، يصوم يوم الأحد ويوم السبت، ويقول: «إنهما يوما عيد ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (390). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الصوم، باب ما جاء في صوم يوم السبت، برقم (744). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم يوم الجمعة، برقم (1985)، ومسلم في كتاب الصيام، باب كراهة صيام يوم الجمعة منفردًا برقم (1144).

المشركين، فأنا أحب أن أخالفهم» (¬1) والخلاصة أن الحديث في النهي عن صوم السبت حديث ضعيف بل باطل غير صحيح، ولا حرج في صوم يوم السبت منفردًا أو مع الجمعة أو مع الأحد كل ذلك لا بأس به والحمد لله. ¬

(¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أم سلمة رضي الله عنها، برقم (26210).

حكم إفراد يوم السبت بصيام قضاء أو نذر

317 - حكم إفراد يوم السبت بصيام قضاء أو نذر س: يقول هذا السائل: ما رأي سماحتكم في هذا الحديث: نهينا عن صيام يوم السبت، إلا فيما افترض علينا، فهل بالنسبة لصيام قضاء الدين، كالمريض أو المرأة الحائض، يصام يوم السبت أثناء فترة القضاء أم نتجنب صيام ذلك اليوم؟ ج: الحديث ضعيف الذي فيه النهي عن صيام يوم السبت إلا فيما افترض علينا حديث شاذ ضعيف، مضطرب فلا حرج في صوم يوم السبت مع الجمعة أو مع الأحد أو وحده، لا حرج في ذلك، والحديث المذكور ضعيف لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما نبه عليه الحفاظ. س: في صيام التطوع إذا طرأت على الإنسان نية في النهار قبل أن يأكل

شيئًا فهل له ذلك (¬1)؟ ج: نعم، له أن يصوم في النهار، إذا ما أكل شيئًا ولا تعاطى مفطرًا فلا بأس لو أصبح ما أكل شيئا ولا تعاطى ما يفطره ثم أراد أن يصوم في الضحى فله ذلك، ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أنه دخل على عائشة رضي الله عنها فسألها هل عندها شيء؟ قالت: لا، قال: «إني إذًا صائم» (¬2) رواه مسلم في صحيحه، واحتج به العلماء على أن المتنفل له أن يصوم في أثناء النار إذا كان لم يتعاط مفطرًا، وله أجره من حين نوى الصيام، أما المفترض فلا بد أن يصوم من أول النهار، لا بد من طلوع الفجر، صاحب الفريضة عن رمضان أو عن كفارة أو عن نذر لا بد أن تكون النية قبل طلوع الفجر. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (246). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال، وجواز فطر الصائم نفلا من غير عذر، برقم (1154).

حكم تبييت النية لصيام النافلة

318 - حكم تبييت النية لصيام النافلة س: السائل/ أ. م. من اليمن يورد في سؤاله: هل صيام النافلة يحتاج إلى تبييت النية، أم أنه بإمكان الإنسان أن ينوي الصيام في أي وقت من أي يوم إذا لم يتناول شيئًا بعد أذان الفجر (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال في الشريط رقم (386).

ج: لا بأس بهذا، ليس بشرط تبييت النية في النافلة فلو أصبح ولم يأكل شيئًا ولم يتعاط مفطرًا فله أن يصوم النافلة، كما في الحديث الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم، دخل على عائشة رضي الله عنها فسألها: «هل عندكم شيء؟ قالوا: لا. قال: إني إذًا صائم» (¬1) فالصوم من أثناء النهار لا بأس، إذا كان ما تعاطى مفطرًا أما الفريضة، فلا بد من تبييت النية، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من لم يبيت الصيام، من أول الليل، فلا صوم له» (¬2) إذا كان فريضة: رمضان أو كفارة، أو نذر لا بد أن يبيت النية يعني قبل طلوع الفجر. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال، وجواز فطر الصائم نفلا من غير عذر، برقم (1154). (¬2) أخرجه النسائي في كتاب الصيام، برقم (2331).

حكم قضاء صيام النافلة إذا أفطر بسبب

319 - حكم قضاء صيام النافلة إذا أفطر بسبب س: في صيام التطوع إذا دُعِي الإنسان لوليمة، فأفطر فهل عليه إعادة لذلك اليوم الذي أفطره (¬1) (¬2)؟ ج: لا حرج إذا أفطر ولا قضاء عليه، المتنفل أمير نفسه لكن الأفضل له أن يتمم ويعتذر، يأتيهم ويجيب الدعوة ويقول: إني صائم ويدعو لهم وينصرف وإن رأى في المصلحة أن يفطر فلا حرج في ذلك. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (246). (¬2) السؤال من الشريط رقم (246). ') ">

س: السائلة/ ن. ف. تقول: لقد كنت صائمة في يوم الاثنين تطوعًا ولكن اشتد الجوع وأصابتني بعض الآلام والتعب الشديد، فقالت لي أختي: أفطري ولا حرج عليكِ؛ لأن هذه صوم تطوع، فأفطرت، ولكنني سمعت يا سماحة الشيخ من بعض النساء بأن من أفطر في صوم تطوع وقد صام بعض الوقت وجب عليه القضاء، فما الحكم مأجورين (¬1)؟ ج: قد دلت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المتطوع أمير نفسه، فإذا صام تطوعًا فله أن يفطر ولا سيما إذا احتاج إلى ذلك، فلا حرج في ذلك، المقصود أن المتطوع بالصيام، له أن يفطر سواء في أول النهار أو في أثناء النهار، وإذا دعت الحاجة، إلى ذلك، من باب أولى إذا أحس بشيء من الضعف أو دعاه صاحب لوليمة عرس، أو غيره، وأحب أن يجبر خاطره وأفطر، فلا بأس كل هذا لا حرج فيه والحمد لله، المتطوع أمير نفسه، إن شاء كمل وإن شاء أفطر. س: إذا كان الإنسان صائمًا صيام قضاء (¬2)؟ ج: أما القضاء لا، ليس له أن يفطر إلا من مرض أو سفر. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (421). ') "> (¬2) السؤال من الشريط رقم (421). ') ">

س: إذا كان الصوم نفلاً، فهل يجوز للصائم أن يفطر لأدنى سبب أو لا يجوز ذلك إلا لأسباب هامَّة؟ ومثلوا لنا، جزاكم الله خيرًا. ج: إذا كان الصوم نافلة فله الفطر مطلقًا، لكن الأفضل ألا يفطر، إلا لأسباب شرعية، مثل شدة الحر، أو ضيف نزل به، أو جماعة أكدوا عليه أن يحضر زواجًا أو غيره، يخبروهم بذلك، فلا بأس، «النبي صلى الله عليه وسلم، أتى بيت عائشة رضي الله عنه ذات يوم فقال: هل عندكم شيء؟، قالوا: لا. قال: إني إذًا صائم، ثم أتى يومًا آخر فقال: هل عندكم شيء؟، قالوا: نعم. فقربوا إليه، فأكل وقال: قد أصبحت صائمًا» (¬1) فأكل عليه الصلاة والسلام. رواه مسلم في صحيحه، فالأمر فيه سعة لكن الأفضل له أن يتم الصوم إلا إذا كان ما هناك سبب واضح هذا الأفضل. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال، وجواز فطر الصائم نفلا من غير عذر، برقم (1154).

بيان أجر من صام أول النهار ثم أفطر

320 - بيان أجر من صام أول النهار ثم أفطر س: إذا صام المرء، وكان صيامه نفلاً، ثم إنه أفطر في نصف النهار، فهل له أجر الصوم (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (263). (¬2) السؤال من الشريط رقم (263). ') ">

ج: له أجر ما صام إلى حد إفطاره؛ لأنه متنفل له أن يفطر، فله أجر ما صام إلى حد الإفطار. س: سمعت من أحد المشايخ أنه بالنسبة لصيام التطوع، إذا نسي الصائم، فأكل، وشرب فيجب عليه أن يفطر، ولا يكمل صيامه، وذلك على عكس صيام رمضان، أفيدونا عن هذا، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: هذا خطأ، الصواب أنه إذا أكل ناسيًا، أو شرب ناسيًا، فصومه صحيح، ولا يفطر عليه، وهكذا على الصحيح، لو جامع ناسيًا أهله، فإن صومه صحيح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، لما سئل عن ذلك، قال: «من نسي وهو صائم، فأكل، أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه» (¬2) أخرجه الشيخان في الصحيحين، وقال الله سبحانه: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}، ذكر الله سبحانه عن عباده المؤمنين، أنهم يدعونه، يقولون: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (133). ') "> (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا، برقم (1933)، ومسلم في كتاب الصيام، باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر (1155)، واللفظ له.

فقال الله: قد فعلت. هكذا ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن الله جل وعلا قال: " نعم "، يعني: عفا عنهم، إذا فعلوا شيئًا نسيانًا أو خطأ ومن ذلك إذا أكل ناسيًا. في الصوم في رمضان، أو غيره، في التطوع أو في القضاء، أو في النذور، إذا أكل ناسيًا، أو شرب ناسيًا، أو جامع ناسيًا، فلا شيء عليه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «من نسي وهو صائم، فأكل، أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه» (¬1) متفق على صحته، وفي رواية ذكرها الحاكم وغيره، وسندها صحيح: «من أفطر في رمضان ناسيًا، فلا قضاء عليه، ولا كفارة» (¬2) وهذا يعم الفطر بالأكل، والشرب، أو بالجماع، أو بغير ذلك، إذا كان عن نسيان، فإن الله جل وعلا يعفو عنه سبحانه وتعالى، فضلاً منه وإحسانًا جل وعلا؛ لأن الإنسان عرضة للنسيان في كل شيء، وهذا عامّ في الفرض، والنفل، ورمضان وغيره. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا، برقم (1933)، ومسلم في كتاب الصيام، باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر (1155)، واللفظ له. (¬2) أخرجه الحاكم في المستدرك (ج1 ص595)، رقم (1569)، والبيهقي في السنن الكبرى (ج4 ص229)، برقم (7863).

حكم من أكل أو شرب ناسيا في صيام النفل

321 - حكم من أكل أو شرب ناسيًا في صيام النفل س: إذا أكل المرء، أو شرب، وهو صائم صوم نافلة، أو تطوع ناسيًا، فهل

يبطل الصيام أو كيف يكون الأمر (¬1)؟ ج: الصائم إذا أكل ناسيًا، فإن صومه صحيح، سواءً كان فرضًا، أو نفلاً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من نسي وهو صائم، فأكل، أو شرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه» (¬2)، متفق على صحته، وهذا من تيسير الله ونعمته سبحانه وتعالى، والصائم بشر يعرض له النسيان، فإذا أكل ناسيًا أو شرب ناسيًا فإن صومه صحيح سواء كان فرضًا أو نفلاً والحمد لله، وعليه أن يتم صومه. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (330). (¬2) صحيح البخاري الصَّوْمِ (1933)، صحيح مسلم الصِّيَامِ (1155)، سنن ابن ماجه الصِّيَامِ (1673)، مسند أحمد (2/ 425)، سنن الدارمي الصَّوْمِ (1726).

حكم من داوم على صيام النافلة، ثم تركه لضعف في بدنه

322 - حكم من داوم على صيام النافلة، ثم تركه لضعف في بدنه س: هذا السائل/ إ، ع، يقول: والدتي تمنعني من صيام التطوع، وتقول لي: لقد صمت كثيرًا، وفيه الكفاية، فهل أصوم، أم أترك صيام التطوع، مع العلم بأن جسمي ضعيف ولا أستطيع؟ ج: عليك طاعة والدتك، لأنها بارة بك، محسنة فيك، وحريصة عليك، فعليك السمع والطاعة؛ لما تقول لك الوالدة في صوم النافلة.

حكم منع الزوج لزوجته من صيام النفل

323 - حكم منع الزوج لزوجته من صيام النفل س: السائل/ إ، ش، مصري الجنسية، يقول: امرأة تصوم الاثنين والخميس، لكن زوجها يمنعها، فهل صيامها صحيح (¬1)؟ ج: ليس لها أن تصوم وزوجها حاضر، إلا بإذنه؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تصوم المرأة، وزوجها شاهد، إلا بإذنه» (¬2) إلا رمضان، فالواجب عليها السمع والطاعة، فإذا أذن لها، فلا بأس، وإلا فليس لها أن تصوم، وصومها غير صحيح، حقه أكبر، الصوم نافلة، وحقه واجب، فالمقصود أنه ليس لها أن تصوم إلا بإذنه ولو كان لا يباشرها في ذلك اليوم، ما دام حاضرًا، أما إذا غاب، فلا بأس أن تصوم، وهكذا رمضان واجب على الجميع أن يصوموه، وإن لم يرض عليها أن تصومه، لأنه فرض، أما النافلة فلا، لا تصوم إلا بإذنه. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (263). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعًا، برقم (5192).

بيان فضل العشر الأواخر وليلة القدر

324 - بيان فضل العشر الأواخر وليلة القدر س: إذا أردت أن أحيي ليالي العشر الأواخر من رمضان، متى أبدأ؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (286).

ج: تبدأ من بعد صلاة العشاء، كان النبي صلى الله عليه وسلم، يحيي ليالي العشر الأواخر من رمضان، قالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر أحيى ليله وأيقظ أهله وشد مئزره (¬1)، هذا هو الأفضل لمن تيسر له ذلك، وإن نام عن بعض لشيء؛ ليتقوى، فلا بأس، أما من قواه الله على إحيائها، فذلك سنة وقربة، يعني: في الصلاة، والقراءة، والدعاء، والاستغفار، والأوتار، أولى بالإحياء من غيرهما من العشر، هي متأكدة؛ لأنها أرجى بليلة القدر، والنبي صلى الله عليه وسلم، قال: «التمسوها بكل وتر» (¬2)، وفي بعض الروايات: «التمسوها في العشر الأواخر» (¬3) لكن الأوتار أرجى الليالي، إحدى وعشرون، ثلاثة وعشرون، خمس وعشرون، سبع وعشرون، تسع وعشرون، وأرجاها الليلة السابعة والعشرون. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب صلاة التراويح، باب العمل في العشر الأواخر من رمضان، برقم (2024)، ومسلم في كتاب الاعتكاف، باب الاجتهاد في العشر الأواخر من شهر رمضان، برقم (1174). (¬2) صحيح البخاري الِاعْتِكَافِ (2027)، سنن أبي داود الصَّلاَةِ (1382)، موطأ مالك الْاعْتِكَافِ (701). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب صلاة التراويح، باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر، برقم (2021)، ومسلم في كتاب الصيام، باب فضل ليلة القدر، والحثّ على طلبها وبيان محلها وأرجى أوقات طلبها، برقم (1167).

بيان فضل ليلة القدر

325 - بيان فضل ليلة القدر س: يقول السائل: قرأت أقوالاً متعددة عن ليلة القدر، حدثونا عنها؟

جزاكم الله خيرًا وعن وقتها، إذا أمكن تحديده (¬1) (¬2)؟ ج: ليلة القدر هي أفضل الليالي، قد قال فيها الله سبحانه وتعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، وقال فيها: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}، فيه ليلة مباركة، وهي ليلة القدر، وفيها يفرق كل أمر حكيم، ومن ذلك كتابة الأعمال والحوادث في ذلك العام تكتب في ليلة القدر، تفصيلاً بالقدر السابق، وفيها أنها أفضل من ألف شهر، العمل فيها والاجتهاد فيها خير من العمل والاجتهاد في ألف شهر مما سواها، وهذا فضل عظيم، وهي تكون في العشر الأواخر من رمضان، هكذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم قال: «التمسوها في العشر الأواخر من رمضان» (¬3) والأوتار آكد: واحد وعشرون، ثلاث وعشرون، خمس وعشرون، سبع وعشرون، تسع وعشرون، هذا آكد وأحرى من غيرها لقوله صلى الله عليه وسلم: «التمسوها في الوتر في العشر الأواخر من رمضان» (¬4) وفي ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (249). (¬2) السؤال من الشريط رقم (249). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب صلاة التراويح، باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر، برقم (2021)، ومسلم في كتاب الصيام، باب فضل ليلة القدر، والحثّ على طلبها وبيان محلها وأرجى أوقات طلبها، برقم (1167). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب صلاة التراويح، باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر، برقم (2021)، ومسلم في كتاب الصيام، باب فضل ليلة القدر، والحثّ على طلبها وبيان محلها وأرجى أوقات طلبها، برقم (1167).

الأحاديث الأخرى دليل على أنها تُلتمس في العشر كلها، لكن الأوتار أحراها وأحرى الأوتار ليلة سبع وعشرين. س: حدثونا لو سمحتم عن ليلة القدر، وهل هي للناس كلهم، أو لكل واحد على حدة؟ ج: ليلة القدر ليلة عظيمة، بين الله سبحانه وتعالى شرفها في كتابه العظيم، حيث قال عز وجل: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، وقال سبحانه في سورة الدخان: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}، فهي ليلة عظيمة، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها تكون في العشر الأواخر من رمضان، وكان يعتني بها صلى الله عليه وسلم، وكان يقوم في العشر الأواخر من رمضان يتحرى هذه الليلة ويقول: «التمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل وتر» (¬1) يعني الأوتار أرجى وأحرى، إحدى وعشرون، ثلاث وعشرون، خمس وعشرون، سبع وعشرون، تسع وعشرون، مع أنها تلتمس في سائر الليالي كلها، ولكنها في الأوتار أحرى، ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب صلاة التراويح، باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر، برقم (2021)، ومسلم في كتاب الصيام، باب فضل ليلة القدر، والحثّ على طلبها وبيان محلها وأرجى أوقات طلبها، برقم (1167).

وأحراها ليلة سبع وعشرين، والسنة للمسلمين رجالاً ونساءً أن يتحروها في العشر كلها وأن يجتهدوا في قيام هذه الليالي، بالصلاة والقراءة والدعاء، تأسيًا بالنبي عليه الصلاة والسلام، وطلبًا لهذه الليلة، والله يقول فيها سبحانه وتعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، يعني العمل فيها والاجتهاد بالأعمال الصالحات، أفضل من العمل في ألف شهر، فيما سواها، وهذا فضل عظيم، وهي للناس كلهم، من تقبل الله منه، ووفقه للعمل فيها حصل له هذا الأجر، سواء كان عربيًّا أو أعجميًّا، حضريًّا، أو بدويًّا، رجلاً أو امرأةً، في أي مكان من الأرض، إذا اجتهد في هذه الليالي، وهو مسلم يطلب هذا الخير، اجتهد وعمل الصالحات، فالله يعطيه أجرها في ذلك، سبحانه وتعالى.

بيان علامات ليلة القدر

326 - بيان علامات ليلة القدر س: يقول السائل: كيف يعرف المرء أنه وفق لليلة القدر (¬1) (¬2)؟ ج: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها تطلع الشمس في صباحها لا شعاع لها، وكان أبي بن كعب رضي الله عنه الصحابي الجليل قد راقب ذلك سنوات كثيرة، فرآها تطلع صباح يوم سبع وعشرين، ليس لها شعاع، وكان ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (311). (¬2) السؤال من الشريط رقم (311). ') ">

يحلف على أنها ليلة سبع وعشرين، بسبب هذه العلامة، لكن الصواب أنها قد تكون في غيرها، وقد تكون عدة سنوات، في ليلة سبع وعشرين، وقد تكون في سنوات أخرى، في إحدى وعشرين، أو في ثلاث وعشرين أو في خمس وعشرين، أو في غيرها، فالاحتياط والحزم في الاجتهاد في الليالي كلها. س: سماحة الشيخ استوقفني مقطع من هذا السؤال، وهو التزاحم يوم السابع والعشرين من شهر رمضان، هل من كلمة حول هذا سماحة الشيخ؟ ج: نعم، لا شك أن هذا أمر يحصل به مضرة كبيرة، والذي ينبغي للمؤمنين في هذا عدم التزاحم، وإذا كان مشقة أجل، يطوف في النهار يسعى في النهار ليس لازمًا أن يسعى مع أهل الليل، يشق على نفسه وعلى غيره، والحمد لله. يجتهد فيها بالتسبيح والتهليل والدعاء وأنواع الخير والذكر والقراءة ويكفي، ولا يؤذي نفسه ولا يؤذي الناس الرجل والمرأة جميعًا، فلا حاجة إلى الزحام الذي يضرهم جميعًا، يبقى على إحرامه، ويطوف، ويسعى في النهار، والحمد لله.

حكم تخصيص ليلة السابع والعشرين بصنع الطعام

327 - حكم تخصيص ليلة السابع والعشرين بصنع الطعام س: يقول السائل: هناك في بلادنا يعملون أطعمة متنوعة في ليلة السابع

والعشرين، من رمضان ويجتمع الناس في المسجد، ويقولون إن هذه ليلة القدر، ويجب أن تأكلوا من هذه المائدة، لكن بعض الناس حالتهم المادية لا تسمح بذلك. ولكن يعملون هذه الأطعمة بجهد كبير، فما توجيهكم لنا وللناس (¬1)؟ ج: ليلة السابع والعشرين من رمضان هي أرجى الليالي، وأحراها في ليلة القدر، ولكن ذلك ليس بلازم، قد تكون ليلة القدر في غيرها في إحدى وعشرين أو في ثلاث وعشرين، أو في خمس وعشرين، أو في ست وعشرين، وفي غيرها من العشر، فالصواب أن هذه الليلة تتنقل في العشر، وليست مستقرة في ليلة معينة؛ لأن الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل، على ذلك، فقد ثبت في الحديث الصحيح أنها تكون في ليلة إحدى وعشرين، وفي بعض السنوات في عهده صلى الله عليه وسلم، وفي عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه كانت ليلة الثالث والعشرين، والصواب أنها تتنقل في العشر، ولا تنحصر في ليلة السابع والعشرين، ولكن الناس لما سمعوا ليلة السابع والعشرين هي أرجى الليالي، صاروا يتحرون الصدقة فيها مضاعفة لأنه جل وعلا قال: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (330).

والمعنى أن الصدقة فيها، والعمل الصالح يضاعف مضاعفة كثيرة، أفضل من العمل في ألف شهر، وهذا شيء عظيم، ينبغي على الناس الاستفادة في الإنفاق فيها والإحسا فيها، والصلاة وغير ذلك، فإذا صنع طعامًا ليلة السابع والعشرين أو تصدق بصدقة أو زاد في الصلاة، كل هذا لا بأس به يرجو أن توافق ليلة القدر فلا حرج في ذلك.

بيان أحكام الاعتكاف

328 - بيان أحكام الاعتكاف س: يسأل عن الاعتكاف وعن وقته وعن كيفيته (¬1) (¬2)؟ ج: الاعتكاف سنة، وهو لزوم المسجد لطاعة الله عز وجل، للتفرغ للعبادة، في الليل، أو النهار ساعةً أو يومًا أو ليلةً أو أيامًا أو لياليَ، سنة كما قال الله جل وعلا: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه اعتكف العشر الأواخر من رمضان، وفي بعض السنوات تركها لبعض الأسباب، واعتكف العشر الأولى من شوال، فهو سنة وفي رمضان أفضل وفي العشر الأخيرة منه أفضل، وإن اعتكف في غير رمضان، كشوال، أو ذي القعدة، أو ذي الحجة، أو المحرم، ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (122). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (122). ') ">

أو غير ذلك، فلا بأس، سنة مطلقًا، في جميع الزمان، لكن في المساجد خاصةً التي تقام فيها الجماعة، وإذا كان يمر عليه الجمعة، بأن كانت المدة أكثر من أسبوع، فالأفضل أن تكون في مسجد فيه جمعة، الأفضل أن يكون الاعتكاف في مسجد، فيه جمعة، حتى لا يحتاج إلى الخروج إليها، فإن اعتكف في مسجد آخر، ليس فيه جمعة، فلا بأس، إذا جاءت الجمعة يخرج إليها، فالمؤمن المعتكف يقصد بعبادته وجه الله عز وجل، والتفرغ للعبادة، والأنس بالله عز وجل، ولهذا قال بعضهم عن الاعتكاف: إنه قطع العلائق عن كل الخلائق، للاتصال بخدمة الخالق، والخلاصة أنه التفرغ للعبادة للذكر والدعاء والعبادة في المسجد، ولا بأس أن يزوره أهله، كما كانوا يزورون النبي صلى الله عليه وسلم، ولا بأس أن يزوره بعض إخوانه، ولكن مقصوده أن يتفرغ للعبادة من صلاة وقراءة واستغفار ودعاء ونحو ذلك، وليس له حد محدود ولو ساعة من الزمان، ولا يشترط له الصوم، لو اعتكف وهو مفطر فلا بأس على الصحيح، قال بعض أهل العلم: لا بد أن يكون صائمًا ولكن ليس براجح، هذا جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لا اعتكاف إلا بصوم (¬1)، وجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ليس ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الصوم، باب المعتكف يعود المريض، برقم (2473). ') ">

على المعتكف صوم إلا أن يجعله على نفسه، يعني إلا أن ينذره، المقصود أنه ليس هذا بشرط وهو الصواب؛ لأن العبادات توقيفية، فلا يشترط فيها إلا ما شرطه الشارع، إلا ما جاء عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام، وليس في الأدلة ما يدل على وجوب الصوم في الاعتكاف، فالصواب أنه لا بأس أن يعتكف وإن كان مفطرًا، ولا بأس أن يكون ليلاً أو نهارًا، وقد ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك» (¬1) والليل ليس محل صوم. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الاعتكاف، باب إذا نذر في الجاهلية أن يعتكف ثم أسلم، برقم (2043).

حكم اعتكاف المرأة في المسجد وبيان كيفيته

329 - حكم اعتكاف المرأة في المسجد وبيان كيفيته س: الأخت/ س. ع. أ. أم عبد الله تقول: ما هو الاعتكاف؟ وإذا أراد الإنسان أن يعتكف فماذا عليه أن يفعل، وماذا عليه أن يمتنع؟ وهل يجوز للمرأة أن تعتكف في البيت الحرام وكيف يكون ذلك (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (150).

ج: الاعتكاف عبادة وسنة، وأفضل ما يكون في رمضان في أي مسجد تقام فيه الجماعة، كما قال تعالى: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} فلا مانع من الاعتكاف في المسجد الحرام والمسجد النبوي للرجل والمرأة، إذا كان لا يضر المصلين، ولا يؤذي أحدًا فلا بأس بذلك والمعتكف، يلزم مُعْتَكَفَه ويشتغل بذكر الله، والعبادة ولا يخرج إلا لحاجة الإنسان كالبول والغائط ونحو ذلك، أو لحاجة الطعام إذا كان ما تيسر له من يأتيه بالطعام، يخرج لحاجته، كان النبي يخرج لحاجته عليه الصلاة والسلام، ولا يجوز للمرأة أن يأتيها زوجها وهي بالاعتكاف وكذلك المعتكف ليس له أن يأتي زوجته وهو معتكف؛ لأن الله قال: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} والأفضل له ألاَّ يتحدث مع الناس كثيرًا بل يشتغل بالعبادة والطاعة، لكن لو زاره بعض إخوانه أو زار المرأة بعض محارمها، وبعض أخواتها في الله وتحدثت معهم فلا بأس، كان النبي صلى الله عليه وسلم، يزوره نساؤه وهو معتكف ويتحدث معهن ثم ينصرفن، لا حرج في ذلك، فالاعتكاف لزوم المسجد لطاعة الله جل وعلا سواء قليل أو كثير لا يتحدد بيوم أو يومين ليس له حد محدود، لا في القلة ولا في الكثرة على الصحيح، وهو مشروع ومن

العبادات المشروعة، إلا إذا نذره، صار واجبًا بالنذر وهو في حق الرجل والمرأة جميعًا، ولا يشترط أن يكون معه صوم على الصحيح، فلو اعتكف الرجل وهو مفطر، فلا بأس في غير رمضان.

حكم خروج المعتكف لحاجة

330 - حكم خروج المعتكف لحاجة س: السائل: ح. م. ع. من جمهورية مصر العربية، ومقيم في المزاحمية يقول: ما هي شروط الاعتكاف في رمضان، وهل يجوز للإنسان أن يخرج من المسجد في هذه المدة لأي سبب من الأسباب (¬1)؟ ج: السنة الاعتكاف في المسجد في رمضان إذا تيسر ذلك في رمضان وغيره، لكن رمضان أفضل، إذا تيسر ذلك، وله الخروج إذا اقتضت الحاجة يخرج يتوضأ، يخرج يقضي حاجة، لا بأس وله أن يهوّن إذا كان أراد أن يعتكف في خمسة أيام، ثم ترك منها يومًا أو يومين، واكتفى بيومين أو ثلاثة لا بأس؛ لأنه سنة ليس بلازم، إلا إذا نذر قال: لله عليّ نذر أن اعتكف كذا وكذا فعليه أن يوفِّي بالنذر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه» (¬2) أما إذا كان ليس بنذر، فهو مستحب له أن يدخل ويعتكف، وله أن ¬

(¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (399). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، برقم (6696).

يقطع الاعتكاف إذا عرض له عارض وأحب أن يقطع الاعتكاف، لا حرج، وله أن يخرج لحاجته، للوضوء، للغسل، لقضاء الحاجة، لا بأس.

حكم الاعتكاف في شهر رمضان

331 - حكم الاعتكاف في شهر رمضان س: هذه السائلة أم محمد، تقول: بالنسبة للمرأة هل يجوز أن تعتكف في غير رمضان، وفي رمضان وهل يكون الاعتكاف في المنزل أم في المسجد، وأيهما أفضل بالنسبة للمرأة، وما هي الشروط إذا كان الاعتكاف في المنزل، وهل للمرأة أن تعتكف في المسجد الحرام (¬1)؟ ج: الاعتكاف سنة وقربة للرجال والنساء، ومحله المساجد كما قال تعالى: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} وليس محله البيوت، الاعتكاف في المساجد، فإذا اعتكفت في محل مناسب في المسجد في خيمة، أو في حجرة، وليس عليها خطر، ومعها من يؤنسها، فلا بأس، وإن كان هناك خطر، أو تعرض للفتنة فلا تجلس في المسجد، ولا تعتكف، أما إذا تيسر الاعتكاف على وجه ما فيه خطر، ولا فتنة، فلا بأس، فقد اعتكف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد في حياته عليه الصلاة والسلام، وبعد وفاته، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (406).

فلا بأس لكن على شريطة أنه لا يعرضها للشر ولا للفتنة.

حكم اعتكاف المرأة في المسجد بدون محرم

332 - حكم اعتكاف المرأة في المسجد بدون محرم س: ما حكم اعتكاف المرأة في الحرم بدون محرم، مع التزامها الحشمة وعدم مزاحمة الرجال، وذلك أنها لا تجد الخشوغ والفراغ في منزلها، مثل الذي تجده في الحرم، مع العلم بأنها مع رفقة طيبة من النساء المتدينات (¬1) (¬2)؟ ج: لا بأس بالاعتكاف في المسجد الحرام، أو غيره من المساجد للنساء، فقد اعتكف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده في حياته عليه الصلاة والسلام، وبعد مماته، عليه الصلاة والسلام، فلا بأس أن يعتكف النساء في المساجد. س: يقول السائل: م، ع: تجديد الوضوء، هل هو أفضل أو الاعتكاف في مسجد، أو قراءة القرآن، أو تصلي السنة، أيهم أولى في هذه الأمور قبل إقامة الصلاة؟ ج: تجديد الوضوء مستحب، إذا كان قد توضأ سابقًا إذا جدده فهو ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (430). (¬2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (430). ') ">

أفضل، ولا يلزمه تجديد الوضوء، والسنة أن يتقدم إلى الصلاة، وجلوسه في المسجد ينتظر الصلاة فيه خير عظيم، وإذا سُمِّيَ اعتكافًا فلا بأس؛ لأن اللبث في المسجد يسمى اعتكافًا، إذا نواه اعتكافًا؛ لأن انتظاره للصلاة، أو جلوسه في المسجد يقرأ، هذه قربة إلى الله جل وعلا، فالمؤمن يتقرب إلى الله بما شرع، فإذا قصد المسجد؛ ليقرأ فيه ويتعبد ويصلي ونواه اعتكافًا، سواء ساعة أو ساعتين، أو يومًا أو يومين، لا بأس ولكن عليه أن يحافظ على الصلاة في الجماعة في أوقاتها، ويحذر التخلف عن ذلك، وإذا أراد تجديد الوضوء توضأ للظهر، ثم أراد أن يجدد للعصر، هذا أفضل وإن صلى بالوضوء السابق فلا حرج.

بيان شروط الاعتكاف

333 - بيان شروط الاعتكاف س: هل الاعتكاف خاص برمضان؟ وهل اعتكف الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وهل للاعتكاف شروط (¬1)؟ ج: الاعتكاف لا يختص برمضان، لكن يختص بالمساجد وفي رمضان أفضل، والنبي اعتكف في رمضان واعتكف، في شوال - عليه الصلاة والسلام - والاعتكاف في العشر الأخيرة أفضل، وشروطه أن يكون في المسجد وأن ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (358).

يكون المعتكف ليس بجنب ولا حائض، ولا نفساء، ولا يكون اعتكافه يمنعه من أداء ما أوجب الله عليه، إذا كان هناك مسجد ليس فيه جماعة لا يعتكف، يعتكف في المساجد التي فيها جماعة حتى يصلي مع الجماعة.

حكم من نذر الاعتكاف في رمضان ولم يف بنذره

334 - حكم من نذر الاعتكاف في رمضان ولم يَفِ بنذره س: نذرت أن أعتكف في العشر الأواخر من رمضان في بيت الله الحرام، إن تحقق لي غرض أسعى لإنهائه، ومرة أخرى قلت: إن تحقق ذلك الأمر أو لم يتحقق فسأعتكف، لكني لم أتمكن ماذا علي؟ حفظكم الله (¬1). ج: إذا كنت نذرت أن تعتكف في رمضان في العشر الأواخر في المسجد الحرام، إذا حصل مطلوبك، وجب عليك أن تعتكف، فإذا فاتك ذلك، فعليك التوبة إلى الله جل وعلا من تقصيرك وعليك كفارة يمين، وعليك الاعتكاف ولو في غير رمضان؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه» (¬2) رواه البخاري في الصحيح، فعليك أن توفي بالنذر، وعليك كفارة يمين عن ذلك الوقت الذي عينته، وعليك أن تستغفر الله وتتوب إليه عن تقصيرك، والله المستعان. انتهى بحمد الله تعالى الجزء السادس عشر ويليه بمشيئة الله تعالى الجزء السابع عشر وأوله كتاب الحج ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (89). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، برقم (6696).

المجلد السابع عشر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كتاب الحج

كتاب الحج 1 - فضل المبادرة إلى الحج س: ما حكم ترك الحج مع القدرة عليه (¬1)؟ ج: حكمه معصية، الله قال {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}. فلا يجوز للمسلم أن يؤخر الحج وهو قادر، بل يجب أن يبادر، هذا هو الصواب؛ لأنه على الفور، وإذا كان عليه دين يبدأ بأهل الدين إلا إذا سمحوا. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (386).

حكم من ترك الحج وهو قادر عليه

2 - حكم من ترك الحج وهو قادر عليه س: سائلة تقول: هل صحيح أن من مات، ولم يحج وهو قادر على ذلك يكون نصرانيًا أو يهوديًّا، وإذا كان كذلك تقول: فهي فتاة تود أن تؤدي فريضة الحج، ولكن جميع أفراد الأسرة قد أدوا

هذه الفريضة عندما كانت صغيرة، فماذا تفعل؟ تقول: وأنا لا أجد من يحججني، هل عليّ إثم؟ وهل على أسرتي إثم في ذلك (¬1)؟ ج: الحج فريضة على كل مسلم مكلف مستطيع من الرجال والنساء مرة واحدة في العمر؛ لقول الله جل وعلا: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}. ومن تركه وهو قادر فهو على خطر، وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من ملك زادًا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديًّا أو نصرانيًا» (¬2) هذا من باب الوعيد، هذا من باب التحذير والوعيد، وإلا فليس بكافر، من تركه ليس بكافر، لكنه عاصٍ، إذا ترك الحج وهو يستطيع، تركه تساهلاً فهو عاصٍ، ويروى عن عمر أنه قال: ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين. والمقصود من هذا كله التحذير والترهيب من التساهل، وإلا فالذي ترك الحج وهو مستطيع قد عصى، ولكنه ليس بكافر، بل هو مسلم يصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، وإذا لم يكن لديك ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (366). (¬2) أخرجه الترمذي، في كتاب الحج، باب ما جاء في التغليظ في ترك الحج، برقم (812).

محرم فليس عليك حج حتى يتيسر المحرم: أخ، أو أب، أو عم، أو خال، وإذا كانت المرأة لا تجد محرمًا فلا شيء عليها والحمد لله.

حكم من أنشأ الحج في غير بلده

3 - حكم من أنشأ الحج في غير بلده س: الأخ: ش. أ. م. يعمل في دولة العراق، يقول: إنني – ولله الحمد – متزوج، ومعي أولاد وأعولهم، وأيضًا الوالد والوالدة، تركت لهم ما يكفيهم، وأرغب في الحج، وأستطيع، فهل يحق لي الحج من دولة العراق؟ حيث إنني في غربة عن زوجتي وأهلي أكثر من ستة أشهر، وكما شرع لنا الإسلام في حق الزوجة، فهل يحق لي الحج؟ أفيدوني أفادكم الله (¬1). ج: نعم، يجب عليك الحج إذا كنت لم تحج الفريضة وأنت تستطيع، يجب عليك الحج من العراق وغير العراق، وإن كنت متنفلاً كذلك؛ أديت الفريضة لا بأس أن تحج من العراق، ليس من اللازم أن يحج الإنسان من بلده، لو كان انتقل من بلده إلى العراق، أو إلى المملكة العربية السعودية، أو إلى الكويت، أو إلى غير ذلك فلا بأس أن يحج من المحل الذي هو فيه، حتى لو انتقل إلى جدة للعمل ما قصد الحج ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (176).

والعمرة، انتقل إلى العمل في جدة أو في الطائف، ثم جاء وقت الحج حَجَّ من هناك: من جدة أو الطائف ولا بأس، فكيفي أن يحج من جدة ومن ميقات الطائف، ولو كان من أهل مصر أو من أهل الشام أو من غيرهما لا حرج في ذلك والحمد لله. أما كونه غائبًا عن زوجته فلا يضر ذلك، لكن ينبغي لك يا أخي أن تحرص على جلبها إليك، أو سفرك إليها بين وقت وآخر؛ حرصًا على عفتك وعلى عفتها وعلى السلامة من أسباب الشر: إما بجلبها إليك ونقلها إليك، أو بالسفر بين وقت وآخر في الستة أشهر أو أقل؛ للعفة التي تنبغي لك ولها، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق والإعانة على الخير.

حكم أداء العمرة والحج في سفرة واحدة

4 - حكم أداء العمرة والحج في سفرة واحدة س: سائلة تقول: هل يجوز الحج والعمرة في وقت واحد؛ لأني أريد الحج في يوم، وفي اليوم التالي العمرة؛ لأني حسب ما استمعت إلى برنامجكم يتم في وقت واحد؟ (¬1). ج: الأفضل كونه يعتمر ويحج جميعًا في سفرة واحدة، والأفضل أن ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (169).

يبدأ بالعمرة، فيدخل مكة ويحرم من الميقات بالعمرة، أو يطوف ويسعى ويقصر رجلاً كان أو امرأة، ثم إذا كان يوم الثامن من ذي الحجة أحرم بالحج، لبَّى بالحج: اللهم لبيك حجًّا. لبس إحرامه، ولبّى بالحج بإزار ورداء إذا كان رجلاً، المرأة تلبس ما شاءت من الملابس، وتحرم بالحج يوم الثامن، والأفضل أن تحرم في ملابس ليس فيها شهرة ولا فتنة حتى تؤدي الحج، وتكون بهذا متمتعة، ويكون عليها دم واحد؛ ذبيحة واحدة تذبح أيام العيد عن تمتعها كالرجل، وإن حجت حجًا مفردًا، ثم اعتمرت بعد الحج، أحرمت من الحل؛ التنعيم أو من غيره، وطافت وسعت وقصرت فلا بأس، كما فعلت عائشة رضي الله عنها، فإنها اعتمرت بعد الحج، لكن الأفضل أن تكون العمرة قبل الحج، أول ما يأتي الرجل أو المرأة إلى مكة يحرم للعمرة من الميقات، يقول: اللهم لبيك عمرة. ثم إذا وصل مكة طاف سبعة أشواط بالبيت، وسعى سبعة أشواط بين الصفا والمروة، ثم قصر شعره، يقص من شعره أطراف الشعر، الرجل وهكذا المرأة، تقص من أطراف الشعر، من كل عميلة قليلاً، وتمت العمرة بذلك والحمد لله، ثم يبقى حلالاً، والمرأة تبقى حلالاً في مكة لزوجها، له الاتصال بها، ولها التطيب، وله التطيب كلهم؛ لأنه حل كامل يتطيب فيه الإنسان، ويأتي أهله حتى يأتي وقت

الحج، فإذا جاء وقت الحج يبدأ بالحج يوم الثامن، ويتوجه إلى منى، يغتسل ويتطيب ويقول: لبيك حجًا. ويتوجه إلى منى، هذا هو المشروع، وهذا هو الأفضل، وإن أحرم بالحج من الميقات حج المفرد، وبقي على إحرامه حتى حج ثم اعتمر بعد ذلك فلا حرج، لكنه ترك السنة، وترك الأفضل. الذي ينبغي له أن يحرم بالعمرة مفردة، ويطوف ويسعى ويقصر ويحل، ثم ينتظر، فإذا جاء وقت الحج لبّى بالحج كما تقدم، وهذا هو الذي أمر به النبي أصحابه رضي الله عنهم، لما دخلوا مكة محرمين بالحج، وبعضهم محرم بالحج والعمرة، وليس معهم هدي أمرهم صلى الله عليه وسلم أن يجعلوها عمرة، فيطوفوا ويسعوا ويقصروا ويحلوا، ففعلوا رضي الله عنهم، هذا هو السنة، وهذا هو الأفضل، والله المستعان.

حكم من حج مفردا ولم يعتمر

5 - حكم من حج مفردًا ولم يعتمر س: وفقني الله، وأديت فريضة الحج مفردًا، ولكن لم أعتمر؛ وذلك لعدة ظروف وقفت في طريقي، فهل حجي مقبول؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (192). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (192). ') ">

ج: نعم الحج مستقل، وحجك صحيح والحمد لله، وعليك أن تعتمر في المستقبل، إذا كنت لم تعتمر سابقًا: لا في رمضان، ولا في غيره، فالواجب عليك في أصح قولي العلماء أن تعتمر في أي وقت، العمرة ما لها وقت محدود، لكن عليك أن تعتمر في رمضان، أو في غيره من الشهور متى يسر الله لك ذلك والحمد لله. س: وفقني الله - والحمد لله - على أداء فريضة الحج، ولكني لم أستطع أن أعتمر عمرة الحج؛ لأنني كنت قد نويت الحج والعمرة مفردًا، وبعد أن أديت الحج حدثت لي عدة ظروف، لم أستطع أن أعتمر، ورجعت من حيث أتيت، فهل في هذه الحالة يعتبر حجي صحيحًا؟ ج: نعم الحج صحيح والحمد لله، وإذا كنت لم تعتمر سابقًا تعتمر بعد ذلك، متى تيسر لك الأمر تسافر إلى مكة وتعتمر إذا كنت لم تعتمر سابقًا، أمّا إن كنت قد اعتمرت سابقًا فالحمد لله، العمرة مرة في العمر، وهكذا الحج مرة في العمر، والباقي نافلة.

حكم الحج لمن عليه دين

6 - حكم الحج لمن عليه دين س: السائل: ح، آ، يسأل ويقول: هل الإنسان إذا كان عليه دَيْن يصح حجه (¬1) (¬2)؟ ج: نعم يصح حجه، لكن ينبغي له أن يبدأ بالدَّيْن، الدين أبدأ، أهم، حق المخلوقين أهم في هذا، والحج ما هو بواجب عليه إلا مع الاستطاعة، وما دام مدينًا، ليس عنده شيء يستطيع به قضاء الدين والحج فالله لم يوجب عليه الحج، هذا من رحمة الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}. والذي عليه دين حال، وليس عنده ما يستطيع به قضاء الدين والحج غير مستطيع، وغير مكلف بالحج، فيبدأ بالدَّيْن ويعطيه أهله، إذا كان دينًا حالاً، ما يريد أن يحج به يعطيه أهل الدين، فإن حج وتساهل ولم يعطِ أهل الدين حجه صحيح، ولكنه ترك ما ينبغي له، ترك الواجب عليه، وهو البداية بأهل الدين بحقوق الآدميين؛ لأنه ما يكون مستطيعًا إلا إذا وجد مالاً يفضل عن قضاء الدين الحال، ويستطيع به الحج، ولكن لو ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (408). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (408). ') ">

خالف وحج، ولم يوفِّ الدين حجه صحيح والحمد لله. س: السائل: أ. ع. م. مصري يعمل بمدينة الرياض، يقول في سؤاله: أنا قد عزمت ونويت أن أقضي فريضة الحج هذا العام إن شاء الله، ولكن شقيقي له عندي مبلغ من المال، وأنا لا أستطيع أن أعطيه هذا المبلغ في هذه الفترة؛ نظرًا لظروفي وعزمي على السفر إلى الحج، فبماذا توجهونني؟ ج: نوجهك بأن تدفع له ما تيسر له من المال وتقدمه على الحج؛ لأن هذا دَيْن لازم، والحج ليس بلازم إلا مع الاستطاعة، فإذا كان الأمر هكذا تبدأ بالدَّيْن، والحج يؤجل والحمد لله، إلا إذا كان صاحب الدَّيْن معروفًا وسمح لك فلا بأس، وإلا فالواجب أن تقدم الدَّيْن، ولو أن الدَّيْن كثير تقدم؛ ليخفف عنك النفقة التي تنفقها في الحج: ألف ريال أو أقل أو أكثر فأعطها أهل الدَّيْن والحمد لله، والحج أنت قد أمهلك الله ويسر أمرك، قال {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}. وأنت غير مستطيع.

حكم من أراد الحج وعليه أقساط مالية

7 - حكم من أراد الحج وعليه أقساط مالية س: تقول السائلة: المدين للبنوك هل عليه أن يحج أيضًا (¬1)؟ ج: لا يلزمه الحج؛ لأن الله سبحانه يقول: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}. والحديث يقول فيه صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت» (¬2) وفي حديث جبرائيل قال: «من استطاع إليه سبيلاً» (¬3). فالمقصود أن الحج لا يجب إلا مع الاستطاعة، فإذا كان مدينًا يبدأ بالدَّيْن، وإن حج أجزأه، لكن الواجب عليه أن يبدأ بالدَّيْن قبل الحج، إلا إذا سمح أهل الدَّيْن وعفوا عن حجه، ولو أخر دينهم فلا بأس، إذا كان الدَّيْن محدودًا لأناس معينين، وسمحوا لا بأس، وإلا فالواجب أن يبدأ بالدَّيْن، فإن حج ولم يقضِ الدَّيْن فلا شيء عليه وحجه صحيح، أو كان عنده ما يؤدي منه – عنده مال - ليس عليه خطر إذا حج، فإنه يلزمه الحج إذا كان عنده قدرة واستطاعة، لكنه ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (73). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب بني الإسلام على خمس، برقم (8). (¬3) صحيح مسلم الْإِيمَانِ (12)، سنن الترمذي الزَّكَاةِ (619)، مسند أحمد (3/ 193)، سنن الدارمي الطَّهَارَةِ (650).

تساهل حجه صحيح، ويلزمه الحج ويلزمه أيضًا أن يبادر بقضاء الدَّيْن إذا أمكنه ذلك، أما إذا كانوا من الغائبين ولم يعرفهم، أو ما أشبه ذلك مما يمنعه من قضاء الدَّيْن فيحج، ومتى أدركهم أعطاهم حقوقهم.

حكم من أراد الحج وعلى أبيه دين

8 - حكم من أراد الحج وعلى أبيه دين س: السائل: م. إ. ع. من الأردن: أردت الحج أو العمرة، وكان على والدي دين، وأنا ابنه وليس لي مخصص أو دخل لي أنا خاصة، فهل حجي صحيح أو عمرتي (¬1)؟ ج: إن كان مالك من مال أبيك فقدم دَيْن أبيك واقضِ دَيْنه، أما إن كان مالك من غير مال أبيك مما كسبته أنت فقدم الحج، ولا يلزمك قضاء دَيْن أبيك، قدم الحج وأدِّ الحج؛ لأنه فرض عليك وأنت مستطيع، فإن يسر الله لقضاء دَيْن أبيك فهذا بِرٌّ، وإلا فلا يلزمك. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (275).

حكم الحج من مال الوالد

9 - حكم الحج من مال الولد س: والدتي نوت الحج، ولم يوجد لديها مال، فهل يجوز لها أن تأخذ من مال ولدها؛ لتقوم بفريضة الحج، مع العلم أن الوالد

موجود (¬1)؟ ج: إذا سلمها ابنها مالاً عن طيب نفس تحج به، أو سلمها أبوها أو أخوها فلا بأس بذلك، ولكن ليس عليها حج ولا عمرة إذا كانت لا تستطيع من مالها؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}. فإذا كانت عاجزة عن الحج أو عن العمرة، ليس عندها مال فليس عليها حج ولا عمرة، لكن إذا ساعدها أبوها أو أخوها أو ابنها أو خالها أو غيرهم، ساعدوها في ذلك فالحمد لله، لا بأس بذلك والحج صحيح إذا أدته كما شرع الله والعمرة كذلك. والذي يساعدها سواء كان أدى الحج عن نفسه أو لم يؤدِّه، يكون ساعدها بالمال لا بأس ولو كان ما حج عن نفسه، إنما يمنع أن يحج عن غيره إذا كان لم يحج عن نفسه؛ يعني إذا باشر الحج بنفسه، أما إذا ساعد بالمال فلا بأس ولو ما حج عن نفسه، وهكذا العمرة، لا يعتمر عن غيره إلا إذا كان اعتمر عن نفسه، لكن إذا ساعد بالمال لبعض الناس؛ حتى يحجوا أو يعتمروا فلا بأس، وهو مأجور؛ لأن الرسول ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (172).

صلى الله عليه وسلم يقول: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» (¬1) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته» (¬2) ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم (2699). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، برقم (2442).

حكم الاقتراض من أجل الحج

10 - حكم الاقتراض من أجل الحج س: إذا نويت أن أحج، وقمت ببيع بعض المواشي، واقترضت من أي إنسان مبلغًا فهل يتم الحج أو لا يجوز؟ أفتونا جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا اقترضت شيئًا فلا بأس، إذا كان عندك ما يسدده بعد الرجوع فلا بأس، وأما إذا كان ما عندك شيء فالأولى ألا تقترض، وأنت بحمد الله معذور؛ لأن الحج ما يجب إلا مع الاستطاعة، والذي لا يستطيع إلا بالقرض والاستدانة غير مستطيع، لكن إذا كان عندك بحمد الله ما تستطيع أن توفي منه؛ من غلة عقار ومن تجارة وغير ذلك فلا بأس، ولا ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (26).

حرج أن تستدين أو تقترض وتحج، كل ذلك لا حرج فيه، والحج صحيح والحمد لله.

حكم الحج من نفقة الغير

11 - حكم الحج من نفقة الغير س: تسأل أختنا وتقول: أنا في الواحدة والعشرين من عمري، ولي أخت تعمل بالخارج، عَرَضَتْ عليَّ أن أؤدي فريضة الحج على نفقتها، فهل هذا جائز شرعًا؟ مع العلم أنني لا أعمل، وليس لي مال. أرجو التوضيح، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: نعم لا بأس بذلك، إذا التزمت أختك بالنفقة فجزاها الله خيرًا، الله يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» (¬2) ويقول عليه الصلاة والسلام: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته» (¬3) متفق عليه. فإذا التزمت أختك أو أخوك أو عمك أو خالك أو أبوك أو أمك بالنفقة ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (136). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم (2699). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، برقم (2442).

فجزاهم الله خيرًا، ولا شيء عليك ولا حرج.

حكم تحمل نفقة الحج عن الوالد الموسر

12 - حكم تحمل نفقة الحج عن الوالد الموسر س: والدتي تحتاج إلى مال تحج به وعندها مال، فهل يلزمني نفقة حجها، أو يلزم والدتي (¬1)؟ ج: ما تلزمك النفقة ما دام عندها مال، فعليها أن تنفقه من مالها، هذا إذا كان حجها فريضة، أما إذا كان حجها نافلة فليس عليها شيء، الحج مرة في العمر، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «الحج مرة، فما زاد فهو تطوع» (¬2) فإذا كانت قد حجت فالحمد لله، إن أرادت التطوع تنفق من مالها، وأنت تساعدها وتذهب معها إلى مكة، وإن أَنْفَقْتَ من مالك برًا بها، وإحسانًا إليها، ورغبة في تشجيعها إلى الخير فأنت مأجور، فإذا كنت تستطيع فالأحسن لك أنك لا تحاسبها، تنفق من مالك، وهذه نعمة من الله أن تنفق عليها، وأن تحسن إليها، وأبشر بالخير ولا تحاسبها، ولا تناقشها في هذا، إذا كنت تستطيع أنفق وأحسن وأبشر ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (214). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن العباس رضي الله عنهما، برقم (2304)، وأبو داود في كتاب المناسك، باب فرض الحج، برقم (1721).

بالخير، وساعدها على الحج ولو نافلة، وأنت على خير عظيم وأجر كبير، لكن لا يلزمك ما دام عندها مال، لا يلزمك لكن من برك لها، وإحسانك إليها، ولمراعاة خاطرها؛ حتى لا يكون في خاطرها شيء، عليك أن تنفق من مالك، وأن تحسن إليها، وأن تفرح بأن تنفق عليها وتحج بها.

حكم الحج من مال الزوجة

13 - حكم الحج من مال الزوجة س: الأخ: س. ر. خ. من مصر، يسأل ويقول: يتزايد شوقي يومًا عن يوم لأداء فريضة الحج، لكن مواردي المالية لا تسمح لي بذلك، وقد تطوعتْ زوجتي وعرضتْ عليَّ بيع ذهبها وحليها، وتأدية فريضة الحج بقيمتها. وبطبيعة الحال سأقوم برد هذا المبلغ لها بإذن الله؛ لتشتري به ذهبًا وحليًا بدلاً عنها، فهل يجوز ذلك؟ أفيدونا أفادكم الله (¬1). ج: يجوز ذلك، لكن لا يلزمك؛ لأنك عاجز، الله يقول: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}. لكن إذا اتفقتَ مع الزوجة، ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (182).

وحَجَجْتَ بما سمحتْ به لك، أو حَجَجْتُما جميعًا فكل هذا طيب والحمد لله، ونسأل الله أن يوفي عنك.

حكم أداء العمرة على حساب أحد المتبرعين

14 - حكم أداء العمرة على حساب أحد المتبرعين س: سائلة تقول: أديت العمرة أنا ووالدي، ودفع لنا تكاليف العمرة والسفر زوجي، فهل تُقبل عمرة والدي (¬1)؟ ج: نعم إن شاء الله، إذا أخلص فيها واجتهد تقبل إن شاء الله، ولو أن زوجك ساعده في ذلك إذا وافق أبوك، وأنتم في هذا الحج إذا أخلصتم واجتهدتم في طاعة الله والخشوع لله وطلبه القبول فهو سبحانه الجواد الكريم، إذا تقبل منكم فله الفضل سبحانه وتعالى، ولو كان الزوج هو الذي بذل النفقة خالصة لله، وصدقتم في أداء العمرة، واجتهدتم في ذلك رغبة ورهبة فأنتم على خير عظيم. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (366).

حكم الحج من مال غير مزكى

15 - حكم الحج من مال غير مزكى س: يسأل ويقول: حَجَجْتُ من مالي، وكنت قد جمعته ولم أؤدِّ زكاته، هل حجي صحيح (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (241).

ج: نعم حجك صحيح والحمد لله، وعليك التوبة إلى الله، وعليك أن تؤدي الزكاة عما مضى، عليك التوبة والندم والعزم الصادق ألا تعود، وعليك أداء الزكاة عن السنوات الماضية، وحجك صحيح والحمد لله.

حكم الحج من التركة قبل قسمتها بدون إذن الورثة

16 - حكم الحج من التركة قبل قسمتها بدون إذن الورثة س: رجل باع أرضًا ولم يعطِ أخواته الميراث، وحج مرتين بدون إذنهن، علمًا بأنهن غير راضيات بذلك، بل يطالبن بإلحاح، هل الحج صحيح (¬1)؟ ج: الحج صحيح، وعليه التوبة من تقصيره في حقهن وتأخيره حقهن، أما حجه فصحيح، الحج أعمال يقوم بها، فليس في حجه من ذلك شيء يمنع الصحة وإن كان يأثم، ويكون حجه ناقصًا بسيئاته وظلمه، لكن لا يبطل الحج، الظالم والعاصي لا يبطل حجه بمجرد أن يكون عاصيًا وظالمًا إذا أدى أعمال الحج على وجه الشرع المقصود، وعليه أن يتقي الله، وأن يعطي أخواته حقهن، ويستغفر الله جل وعلا، ويتوب إليه مما مضى من التقصير. ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (350).

حكم الحج من المال المشتمل على محرم

17 - حكم الحج من المال المشتمل على محرم س: أخونا يقول: لقد حَجَجْتُ وأنا طالب في الجامعة، وأخذت مالاً من والدي لمصاريف الحج؛ وذلك لعدم استطاعتي توفير المال بنفسي، ولكن والدي يعمل آنذاك في أعمال محرمة، وأرباحه من تلك الأعمال المحرمة، فهل حجي صحيح، أو أنكم ترون عليَّ أن أعيد تأدية الفريضة مرة أخرى (¬1)؟ ج: الحج صحيح، ولا يضره كون المال فيه شبهة أو ليس بحلال؛ لأن أعمال الحج كلها بدنية، أعمال الحج كلها بدنية، وإن كانت النفقات الخبيثة تسبب شرًا كثيرًا، وقد تكون سببًا لعدم قبول الحج، وقد تكون أيضًا سببًا لقلة الحسنات وكثرة السيئات، لكن بكل حال فالحج صحيح، وإن كان أجره ليس مثل حجِّ مَن حجَّ مِن مال حلال، لكن الحج صحيح ويجزئ، وليس عليك حج بعد ذلك؛ لأن الأعمال بدنية: طواف وسعي ووقوف في عرفات ورمي الجمار، كلها بدنية، ما فيها إلا مجرد الهدي؛ هدي التمتع، وهذا الهدي إذا أنفقته من مال أخذته من أبيك، وأنت تعلم حال أبيك فالأصل الحل، وأنت لا تعلم أن هذا المال ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (80).

حرام بعينه حتى تقول: إنك اشتريت بمال حرام. فالأصل إجزاء الذبيحة التي ذبحتها، والأصل سلامة المال حتى تعلم عين المال أنه مغصوب من فلان، أو أنه حصل عن ربا معين؛ يعني حتى تتيقن أنه حرام، فما دمت لا تتيقن أنه حرام من هذا المال المعين فالأصل حل الذبيحة، وأنها أدت الواجب والحمد لله. أما إذا كنت تتيقن أن الذبيحة اشتريتها بمال حرام فينبغي أن تشتري بدلها الآن، وتذبحها عن حجك السابق والحمد لله.

حكم من حج من أموال التسول

18 - حكم من حج من أموال التسول س: ما حكم شخص يريد الحج، ولكن نفقة حجه كانت من سؤال الناس (¬1)؟ ج: حجه صحيح، أما سؤاله الناس ففيه تفصيل: إن كان سأل الناس عن حاجة وعن مسكنة وصدق فلا حرج عليه والحمد لله، أما إن كان سألهم تكثيرًا وعن غير صدق فهو آثم، وعليه التوبة إلى الله من ذلك، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه سأله قبيصة أن يساعده، فقال له صلى الله عليه وسلم: «اجلس حتى تأتينا صدقة بني ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (91).

فلان، فنأمر لك بها ثم قال: يا قبيصة، إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمَّل حمالة؛ فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله؛ فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش أو قال: سدادًا من عيش ورجل أصابته فاقة؛ حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحِجَا من قومه يقولون: لقد أصابت فلانًا الفاقة. فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش أو قال: سدادًا من عيش فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت، يأكلها صاحبها سحتًا» (¬1) هذا يدل على أن المسألة إذا كانت بغير الأوجه الثلاثة تكون محرمة، من هذا ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم، أنه قال عليه الصلاة والسلام: «مَن سأل الناس أموالهم تكثيرًا فإنما يسأل جمرًا، فليستقلل أو ليستكثر» (¬2) هذا وعيد عظيم، فالإنسان إذا كانت له واحدة من هذه المسائل فلا بأس أن يسأل: إما أن يكون تحمَّل حمالة، وإما أن يكون أصابته جائحة، وإما أن يكون أصابته فاقة. فالحمالة معناها: أنه يتحمل دينًا لحاجة أولاده وعائلته، أو ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب من تحل له المسألة، برقم (1044). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الزكاة، باب كراهة المسألة للناس، برقم (1041).

يتحملها للإصلاح بين الناس. فإنه يعطى من الزكاة ما يسد هذه الحمالة، وله أن يسأل إذا كان عاجزًا؛ حتى تُسَدَّ هذه الحمالة، وظاهر النص ولو لم يكن عاجزًا، إذا كانت الحمالة في مصلحة المسلمين لا لحاجته هو، أما إذا كان لحاجته وأغناه الله فلا حاجة إلى أن يسأل، لكن إذا كان تحمل حمالة لمصلحة المسلمين فهذا يعطى ولو كان غنيًا؛ لأن قبيصة تحمَّل حمالة للإصلاح، فإذا تحمَّل إنسان مالاً ليصلح بين قبيلتين، أو بين أهل قريتين أو نحو ذلك فهو مشكور، وقد عمل عملاً طيبًا، فينبغي أن يساعد من الزكاة؛ حتى لا يكسل الكبار والرؤساء والأعيان عن الإصلاح، فيعطى من الزكاة تلك الحمالة؛ شكرًا له على عمله الطيب، وتشجيعا له ولأمثاله على العودة إلى مثل ذلك، من الزكاة أو من بيت المال. الثاني: من أصابته جائحة؛ الجائحة اجتاحت ماله، مثل سيل أو حريق أو ما أشبه ذلك؛ مما يزول معه المال، فهذا يعطى من الزكاة أو غيرها ما يحصل به السِّداد؛ يعني سِداد حاله قوام حاله، السِّداد بالكسر، والقوام ما يسد الحاجة؛ يعني يعطى من بيت المال أو من الزكاة ما يسد الحاجة؛ حتى يلتمس له عملاً، حتى يلتمس له سببًا يقوم بحاله. الثالث: الذي كان في خير ثم أصابته فاقة؛ يعني أصابته حاجة

شديدة، إما بكساد البضاعة التي يتسبب بها، أو لأسباب أخرى أصابته الفاقة غير الجائحة، أصابته فاقة لأسباب كثيرة: إما رخص الأسعار، وإما مرضه وعجزه عن العمل، وإما غير ذلك، هذا يعطى سدادًا من عيش، يعطى من الزكاة وغيرها ما يقوم بحاله ويسد حاجته شهريًا أو سنويًا، فيستغني بذلك عن السؤال.

حكم من نوى الحج قبل تجهيز النفقة

19 - حكم من نوى الحج قبل تجهيز النفقة س: هل الشروع في الحج والمرء ليس لديه نفقته غير جائز (¬1)؟ ج: لا يجوز إلا إذا تبرع له أحد، بأن قال: تحج معنا يا فلان، ونعطيك النفقة. فلا بأس، لكن لا يحج بسؤال الناس، الله سبحانه وتعالى إنما أوجب الحج على المستطيع، فالذي إنما يحج بسؤال الناس لا يسأل الناس، إذا كان عنده ما يسد حاجته فالحمد لله، لا يسأل الناس، والحج ليس بلازم حتى يستطيع، لكن لو حج بمال حصل عن سؤال مذموم، أو من طريق حرام: كالسرقة أو الخيانة أو الربا أو ما أشبه ذلك صح الحج؛ لأن أركان الحج وواجباتها كلها بدنية، وهو عليه التوبة إلى الله مما فعل، ورد الأموال إلى أهلها إن كانت عن سرقة أو نحوها. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (91).

بيان الأعذار التي يؤخر لها الحج

20 - بيان الأعذار التي يؤخر لها الحج س: من الأخت المرسلة: أ. أ. م. تقول: إني مصرية الجنسية، ومقيمة مع زوجي في المملكة المنطقة الشرقية لعامي الأول، وأرغب في أداء فريضة الحج رغبة شديدة هذا العام، مع أنني حامل الآن، وإن شاء الله في شهر ذي الحجة سوف أكون في بداية الشهر التاسع الأخير للحمل، وحيث إن زوجي وبعض الأخوات يريدون تأجيل الحج هذا العام؛ خوفًا من متاعب الحمل أثناء السفر وأداء المناسك، وهدانا الله إلى أن نرسل إلى برنامجكم هذا؛ لتتفضلوا بإرشادنا، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كان الحال ما ذكرته السائلة، وأن الشهر التاسع يوافق شهر ذي الحجة فإننا ننصح بتأجيل الحج هذا العام إلى العام القادم إن شاء الله؛ لأن وقت الحج وقت ثقل الحمل وخطر الولادة، نسأل الله للجميع التوفيق. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (347).

حكم من نصحه الطبيب بعدم الحج

21 - حكم من نصحه الطبيب بعدم الحج س: سائلة تقول: الطبيب نصحني بألاّ أحج أبدًا، رغم أني أشعر بالقدرة

على ذلك (¬1). ج: فإذا كنت تعلمين من نفسك القدرة فلا كلام للطبيب، ولا وجه لكلام الطبيب، فإن تيسر المحرم سافري للحج، واستعيني بالله، ولا تلتفتي إلى قول الطبيب؛ أنت تعلمين من نفسك القدرة، والله يقول سبحانه: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}. ولما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإسلام قال: «أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً» (¬2) فاستعيني بالله وحجي، ولا تسافري إلا مع محرم كالأخ والعم والخال ونحو ذلك. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (347). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم (8).

حكم حج أصحاب العاهات

22 - حكم حج أصحاب العاهات س: تقول السائلة: الأعرج هل عليه أن يحج، أو أن ذلك يسقط عنه بسبب عرجه (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (73).

ج: ما يُسقط العرج، ولا يمنع العرج والمرض والعمى لا يمنع الحج، إلا إذا كان مرضًا لا يُرجى برؤُه، ولا يتمكن معه من الحج فهو كالشيخ الكبير العاجز، والعجوز الكبيرة العاجزة التي لا يمكنها الطواف، أما المرض الذي يرجى زواله والعرج والعمى لا يُسقط الحج، بل يحج وإن كان أعرج؛ لأن ما هناك مشقة، يمكنه أن يطوف، وإذا عجز عن الطواف أمكنه أن يطوف في العربة أو محمولاً.

حكم حج من لا يستطيع المشي

23 - حكم حج من لا يستطيع المشي س: السائل: ف. من حائل يقول: سماحة الشيخ، أبلغ من العمر الثانية والأربعين، وحتى الآن لم أقضِ فريضة الحج؛ وذلك لأسباب، وهي أني قصير القامة وضعيف الجسم ولا أستطيع المشي، وجهوني في ضوء هذا السؤال (¬1) (¬2). ج: عليك أن تحج ولو كنت قصير القامة والمشي ما يمنع، تطوف بالعربة والحمد لله وتسعى فيها، فاستعن بالله إذا كنت قادرًا من جهة المال. س: السائل: أ. م. ض. هذا العام في نيتي أن أحج إن شاء الله تعالى، ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (422). (¬2) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (422). ') ">

وسيكون معي ابني البالغ من العمر تسع سنوات ونصفًا، هل تجزئه هذه الحجة عن حجة الفريضة؟ ج: لا، لا تجزئه حتى يحتلم؛ حتى يبلغ الحلم، لكن نافلة، لك أجر وله أجر، يقول السائب بن يزيد رضي الله عنه: «حُجَّ بي مع النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن سبع سنين» (¬1). ويقول صلى الله عليه وسلم: «أيما صبي حج، ثم بلغ الحنث – يعني الحلم - فعليه أن يحج حجة أخرى، وأيما عبد حج، ثم أُعتِق فعليه أن يحج حجة أخرى» (¬2). حج المملوك نافلة، وحج الصبي نافلة، فإذا بلغ الحلم واستطاع الحج وجب عليه حج الفريضة، وهكذا العبد إذا عتقَ واستطاع الحج وجب عليه حج الفريضة. وبلوغ الحلم يكون بأمور ثلاثة: أحدها: إكمال خمس عشرة سنة، إذا كمل خمس عشرة سنة صار رجلاً، وهكذا المرأة. الثاني: إنبات الشعر الخشن حول الفرج؛ حول القبل، إذا أنبت ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب: الحج، باب: حج الصبيان، برقم (1858). (¬2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب حج الصبي يبلغ والمملوك يعتق والذمي يسلم، برقم (9630)، (5/ 179).

الشعر حول القبل، يسمى شعر العانة، ويسمى الشعرة، إذا نبت للرجل أو المرأة هذا الشعر صار الرجل مكلفًا، وصارت المرأة مكلفة، تجب عليهما الصلاة وصوم رمضان، والحج إذا استطاع الحج والمرأة كذلك، بهذا الإنبات يكون مكلفًا والمرأة تكون مكلفة. الثالث: إنزال المني، إذا أنزل الرجل منيًا عن شهوة: باحتلام أو بالتفكير أو ملامسة صار بالغًا صار رجلاً، وهكذا المرأة إذا أنزلت بالتفكير أو بالاحتلام صارت بالغة بهذا الإنزال، ولو أم تسع سنين، أو عشر سنين، أو إحدى عشرة سنة، أو ثلاث عشرة سنة، إذا بلغت تسعًا فهي امرأة تصلح للزواج، قد تحتلم، قد تنبت، قد تحيض أيضًا وهي بنت عشر أو بنت تسع، إذا كملت تسعًا قد تحيض، تقول عائشة رضي الله عنها: «إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة» (¬1) والنبي صلى الله عليه وسلم دخل بعائشة وهي ابنة تسع. هذه أمور ثلاثة؛ الأول: إكمال خمس عشرة سنة للرجل والمرأة. والثاني: إنبات الشعر؛ إنبات الشعر الخشن حول الفرج؛ حول القبل ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب النكاح، باب ما جاء في إكراه اليتيمة على التزويج، برقم (1109).

للرجل والمرأة جميعًا؛ الشعرة. الثالث: إنزال المني عن شهوة للرجل والمرأة جميعًا باحتلام أو بغير احتلام، وفيه غسل أيضًا مع أداء الغسل، يكون الرجل مكلفًا، وتكون المرأة مكلفة بهذا الإنزال. وهناك أمر رابع للمرأة يخصها؛ وهو الحيض، إذا حاضت صارت امرأة، هذا يخص المرأة، وهذا أمر رابع، إذا حاضت وهي بنت تسع أو عشر أو أكثر تكون امرأة، أما الدم الذي ترى قبل التسع ما يكون عليه عمل، لا بد أن تكون فوق التسع؛ تسع فأكثر، إذا رأت الحيض وهي فوق التسع فأكثر فهي امرأة، ولا تصلي عند وجود الحيض حتى تطهر.

بيان وقت وجوب الحج على المسلم

24 - بيان وقت وجوب الحج على المسلم س: هل يصح الحج من شخص عمره ثلاثون عامًا (¬1)؟ ج: نعم، كل من بلغ الحلم صح حجه عن نفسه، وأدى الفريضة بذلك ولو ابن خمس عشرة سنة، أو أقل أو أكثر، المقصود إذا كان مكلفًا قد بلغ الحلم بإكمال خمس عشرة سنة، أو بإنزال المني في الاحتلام وفي اليقظة عن شهوة، أو بإنباته الشعر الخشن حول الفرج فإنه بهذا يكون مكلفًا، وإذا حج في هذه الحال أو بعدها فإن حجه ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (68).

يكون صحيحًا ومؤديًا للفريضة، أما إذا كان حجه قبل البلوغ وهو صغير فإنه يعتبر حجًا متطوعًا نافلة، ولا يكفي عن حجة الإسلام، إلا إذا كان أداؤُه لها بعد البلوغ، وليس له حدٌّ محدود من جهة السن، المهم أن يكون بالغًا، والبلوغ يكون بأحد ثلاثة أمور: إما إكمال خمس عشرة سنة في أصح قولي العلماء وهو قول الجمهور، وإما بإنبات الشعر الخشن حول الفرج، وإما بالاحتلام؛ بإنزال المني حال النوم أو في اليقظة عن شهوة؛ كالتفكير أو بسبب النظر أو اللمس، ينزل المني عن شهوة فهو بذلك يكون بالغًا مكلفًا، والمرأة مثل ذلك، إذا بلغت خمس عشرة سنة أو أنبتت الشعرة حول الفرج؛ الشعر الخشن المعروف، أو أنزلت بالاحتلام أو غيره عن شهوة، وتزيد أمرًا رابعًا؛ هو الحيض، فإذا وجد منها واحد من هذه الأربعة صارت مكلفة، وصح حجها فريضة، وقبل ذلك يكون نافلة لا يؤدي الفريضة.

بيان متى يصح النيابة في الحج

25 - بيان متى تصح النيابة في الحج س: رجل يملك من المال ما يمكنه من الحج بنفسه من هناك، ولكنه يريد أن ينوِّب عنه رجلاً آخر يسكن في السعودية؛ وذلك لأن الرجل المذكور يحس بخطر على نفسه في خروجه من

بيته، فهل يجوز له ذلك (¬1)؟ ج: لا، ليس له أن يستنيب، يجب أن يصبر حتى يستطيع ويحج بنفسه، إلا العاجز والهرم والمريض الذي لا يرجى برؤُه، له أن يستنيب، أما ما دام قويًا، لكن عنده تخوف من الخروج يصبر حتى يزول الخوف ولا يعجل، أو ينتقل من بلد إلى بلد يأمن فيها، يترك البلدة التي فيها الخوف، ينتقل حتى يتمكن من الحج، مثل المريض المرض الخفيف لا يعجل، ليس عليه خروج حتى يطيب من المرض، ومثل الإنسان الذي عنده مشاغل شغلته عن الحج؛ فأجله للحج الثاني، مشاغل لا حيلة فيها. المقصود أن مثل هذا لا يعجل، ولا يستنيب حتى يزول الخوف، وينتقل إلى بلدة أخرى، أو يحج من البلدة التي فيها الخوف ويسلم والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (380).

حكم إعادة الحج احتياطا من الأخطاء التي وقعت من الحاج

26 - حكم إعادة الحج احتياطًا من الأخطاء التي وقعت من الحاج س: السائلة: أم عبد الله تقول: بعض النساء تقول بأن حجتها الأولى ما أقنعتها؛ حيث حجت في أعوام سابقة، وترى أن تعيدها بسبب كثرة الأخطاء التي حصلت في أعوام سابقة، فهل تجزئها

الحجة الأولى (¬1)؟ ج: حج النافلة مطلوب، كونها تحج نافلة مرة أو مرتين كله طيب والحمد لله، أما الحجة الأولى ينظر فيها، عليها أن تبين الأسباب التي أشكلت عليها حتى ينظر فيها، أما دعواها: هل صحيح أم غير صحيح؟ ما نعلم الغيب، الغيب ما يعلمه إلا الله، لكن عليها أن تبين ما وقع عليها من الإشكال حتى تجاب. ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (422).

حكم الشكوك التي ترد بعد أداء العبادة

27 - حكم الشكوك التي ترد بعد أداء العبادة س: يقول السائل: أديت فريضة الحج، وأكملت الحج تمامًا ولله الحمد، وعند عودتي شعرت بأني لم أكمل الحج على الوجه المطلوب، علمًا بأني أديت مناسك الحج والعمرة بالشكل المطلوب، وجهوني حول هذه الخواطر جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: هذه الخواطر من الشيطان، فلا تلتفت إليها، والشكوك التي ترد بعد الفراغ من العبادة لا يعول عليها، ولا يلتفت إليها، وأنت بحمد الله قد أديت ما عليك وعرفت ذلك، فهذه الشكوك والأوهام كلها من ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (285).

الشيطان، الواجب اطراحها وعدم الالتفات إليها، والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

حكم حج من لا يعرف أحكام الحج

28 - حكم حج من لا يعرف أحكام الحج س: السائل: م. أ. يقول: حججت حجة الإسلام، ولكنني لا أعرف كثيرًا عن المناسك، وكنت أعمل مثل رفاقي في الحج، هل يؤثر ذلك على حجي؛ لأن النية قد تكون غير موجودة؟ مع العلم بأنني حججت عدة مرات بعدما تعلمت المناسك، لكن الفريضة هل هي صحيحة مع أنها قد تكون ناقصة سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: الحمد لله الأصل الصحة والحمد لله، ولو كان عندك نقص ما دمت فعلت ما يفعله الحجاج الحمد لله، ودع عنك الوساوس، ولو أن الحج الأول لم يكن فقد جعل بعده حجات والحمد لله، كل واحدة تكفي، المقصود أن الحج الأول أدى به الفريضة، والبقية نوافل، ولا تنبغي للمؤمن الوسوسة التي تؤذيه؛ تغضب الله وترضي الشيطان، والواجب على كل مؤمن ومؤمنة السؤال عما أشكل عليهما في الحج وغيره؛ في حجه، في صلاته، في زكاته، في صيامه، في معاملاته يسأل، ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (414).

الله يقول سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}. ويروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «ألا سألوا ذا لم يعلموا، إنما شفاء العي السؤال» فالواجب على من جهل أن يسأل، لا يجوز السكوت والسير على الجهل، بل يجب أن يسأل أهل العلم.

حكم حج الابن من ماله ووالداه بحاجة إلى النفقة

29 - حكم حج الابن من ماله ووالداه بحاجة إلى النفقة س: أنا شاب متزوج، وأعيش وزوجتي مع الأسرة، وأعمل الآن في إحدى الدول الشقيقة، وما أكسبه من أجل الأسرة جميعًا: والدي وأشقائي، فهل يحق لي الحج دون إذن والديّ، مع العلم أنهما لم يحجا بعد؟ وجزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كانت نفقتهم عليك، وأنهم في حاجة إلى هذا المال، وليس فيه فضل حتى تحج منه فهم مقدمون، فإن لم تستطع فأنفق عليهم ولا حج عليك حتى تستطيع، أما إذا كان عندهم مال وعندهم قدرة، وهذا من باب المساعدة لهم فعليك أن تحج من هذا المال الذي تستطيع به ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (286).

الحج، وأنت أعلم بالواقع.

بيان الأفضل بين أداء العمرة والحج تطوعا وبين التصدق بنفقتهما

30 - بيان الأفضل بين أداء العمرة والحج تطوعا وبين التصدق بنفقتهما س: أيهما أفضل لمن سبق له الحج والعمرة: أن يتصدق بتكاليف العمرة، أو أن يقوم بأدائِها (¬1)؟ ج: الأفضل الأداء؛ أداء العمرة والحج، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» (¬2) لكن إذا رأى أن في الصدقة بنفقة الحج، أو العمرة إحسانًا إلى فقراء شديدة حاجتهم، أو أقارب قد اشتدت حاجتهم، أو مشروع خيري يقيمه بهذه النفقة فنرجو له بهذا الخير العظيم، ولا نقول: إنه أفضل. لكن له فيه خير عظيم، وهكذا لو قال: إنه يوسع للناس بسبب كثرة الحجيج. وأراد بذلك أن يوسع للحجيج، وألاَّ يزاحمهم عند كثرتهم، وهو قد حج مرة أو مرات، وقصد بهذا النفع للمسلمين والتيسير على المسلمين، فيرجى له في هذا خير عظيم. أما الحكم بأنه ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (129). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، برقم (1773).

أفضل فهذا محل نظر، لكنه فيه خير عظيم، وله فضل كبير في هذا، ونرجو له في ذلك المزيد من الخير، وهكذا العمرة، العمرة ليس فيها زحمة في الغالب، فإذا اعتمر فهو خير له؛ لأن وقت العمرة واسع، السنة كلها عمرة والحمد لله، فكونه يؤدي العمرة بإخلاص وصدق ورغبة فيما عند الله، الذي يطوف في البيت العتيق، ويصلي في المسجد الحرام هذا خير عظيم يُقَدَّمُ على النفقة، وجود العمرة أفضل من الصدقة بنفقتها، أما الحج فهو محل نظر عند الزحمة وكثرة الحجيج.

حكم سقوط الحج بالنفقة على الفقراء

31 - حكم سقوط الحج بالنفقة على الفقراء س: يقول م. ع: ذهبت إلى الحج، وكان لدي أقارب هناك يحتاجون إلى المال، فسمعت من بعض الإخوة بأنهم يقولون: لو أنك أعطيتهم المال وكنت ناويًا للحج يسقط عنك الحج. هل هذا الكلام صحيح أم لا (¬1)؟ ج: هذا كلام باطل؛ الصدقة لا تُسقِط الحج، الحج باقٍ عليه أن يحج، وعليه أن ينفق على الفقراء من أقاربه إذا استطاع ذلك من باب صلة الرحم، والحج لا يسقط بالنفقة، يجب عليه أن يحج مقدمًا على ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (393).

الصدقة إذا كان عنده قدرة على الحج.

بيان الأولى بين تحجيج الوالد أو التصدق بالمال

32 - بيان الأولى بين تحجيج الوالد أو التصدق بالمال س: هل الأولى أن أُحْجِجَ والدي، أم أفتح مدرسة لمكافحة الأمية (¬1)؟ ج: إذا كان والدك عاجزًا عن الحج؛ لكبر سِنِّه، أو لمرض لا يُرجى برؤُه تحج عنه، هذا من بره، وفضله عظيم، أو أراد منك أن تُحْجِجَهُ؛ لأنه ما استطاع الحج، ما عنده مال فأنت أيضًا ينبغي لك أن تُحْجِجَهُ، هذا من بِرِّه، يتأكد عليك أن تجيب دعوته إذا كنت قادرًا، تحتسب في ذلك، أما إن كان تفضيل ذلك على فتح مدرسة قرآن هذا محل نظر، ولعلك تستطيع هذا وهذا، تقوم بالواجب بما شرع الله من بِرِّه، بالحج عنه، أو بتحجيجه بنفسه، إن كان يستطيع مع فتح المدرسة إذا تيسر ذلك في المسجد أو في بناء خاص، والأقرب عندي في مثل هذا أنك تبدأ بأبيك، إذا كان عاجزًا، أو قادرًا يطلب منك أن تلبي رغبته؛ لأن حجه بِرٌّ عظيم به، ولأنه له بذلك مصلحة عظيمة وفائدة كبيرة، فإذا قدمته ثم بعد ذلك تسعى في الدار التي تريدها في ثوابك جمعت بين الخيرين إن شاء الله. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (224).

حكم تأخير فريضة الحج بغير عذر

33 - حكم تأخير فريضة الحج بغير عذر س: سماحة الشيخ، بعض الناس يتشاغل بأمور عن الحج، فقد يتشاغل ببناء مسكن، ويتشاغل بالزواج أو شراء السيارة، وما أشبه ذلك، هل من كلمة (¬1)؟ ج: نعم، لا يجوز للمؤمن أن يتشاغل عن الحج، الواجب من استطاع الحج الواجب عليه البدار والبدء بالحج، ولا يجوز التشاغل ببناء مسكن، أو شراء مزرعة أو ما أشبه ذلك، أما الزواج فله شأن آخر؛ إذا احتاج إلى الزواج، وخاف على نفسه يبدأ بالزواج؛ لأنه من النفقة اللازمة، فإذا احتاج إلى الزواج، وخاف على نفسه من تأخير الزواج يبدأ به قبل الحج، ثم يحج بعد ذلك، أما إذا كان لا يخشى فإنه يبدأ بالحج. فمن مَلَكَ عقارًا كبيوت ومزارع، وهو لم يؤدِّ فريضة الحج يعتبر مخطئًا، ولا يجوز التساهل، وعليه التوبة إلى الله من تأخيره، وعليه المبادرة بالحج، وهذا يشمل القريب والبعيد بطبيعة الحال، حتى لو كان في أمريكا، أو في أي مكان، أو في أوربا، أو في أي مكان من الأرض يلزمه السعي إذا استطاع ذلك. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (349).

حكم الذهاب إلى الحج أو العمرة وترك الزوجة وحدها

34 - حكم الذهاب إلى الحج أو العمرة وترك الزوجة وحدها س: السائلة: آ. خ. خ. من المدينة النبوية، تقول: هل يجوز للرجل أن يترك زوجته في المنزل، ويذهب للحج أو العمرة دون أن يصطحب معه الزوجة (¬1)؟ ج: نعم، يجوز له ذلك؛ أن يدعها في البيت، ويذهب للحج، أو العمرة، أو للصلاة، أو للجهاد، أو لحاجاته الخاصة في التجارة، لا بأس بذلك. وإذا كانت تستوحش يجعل عندها من الخدم من يؤنسها، أو يسمح لها تذهب إلى أهلها، عند أهلها؛ للوحشة التي تصيبها، أو إذا كان عليها خطر تذهب عند أهلها، أو يكون عندها من أهلها من يؤنسها، يجمع بين المصلحتين، وإذا كان عندها من يؤنسها من زميلات وأخوات فالحمد لله، وإذا كان ما عندها من يؤنسها يكون عندها خادمة، أو خادمات للأنس، أو تذهب إلى أهلها حتى تبقى عندهم إلى أن يرجع، ولا يلزمه أن يذهب معها كلَّما سافر، له أن يسافر للحج، أو العمرة، أو التجارة، ولما أشبه ذلك، وتبقى في البيت هي، لكن مثل ما تقدم، إذا كانت تستوحش يجعل عندها ما يزيل وحشتها من خادمات أو ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (416).

تذهب إلى أهلها، وإذا كان عندها بنات كبيرات أو أخوات زالت الوحشة والحمد لله.

بيان اشتراط المحرم لوجوب الحج على المرأة

35 - بيان اشتراط المحرم لوجوب الحج على المرأة س: إذا لم تجد المرأة محرمًا ليسافر بها إلى الحج هل تسقط عنها الفريضة؟ وإذا كان هناك محرم غير أنه أبى السفر معها فما الحكم (¬1)؟ ج: الصحيح أنه لا شيء عليها، لكن يكون الأمر معلقًا، فإن تيسر محرم قبل أن تموت وهي قادرة حجَّتْ، وإن لم يتيسر فلا شيء عليها ولا حرج والحمد لله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن تسافر إلا مع ذي محرم، فهي معذورة شرعًا، فلو ماتت ولم يتيسر المحرم فلا شيء عليها والحمد لله، ونوصي أخواتي المسلمات بتقوى الله، وأن يحذرن من السفر إلا بمحرم، ونوصي المحارم أن يتقوا الله، وأن يحسنوا في محارمهم إذا احتجن إليهم في الحج، أو لعملٍ آخر مما أباحه الله أن يساعدوا، وألاّ يمتنعوا، فالله جل وعلا يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (97).

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته» (¬1) ويقول صلى الله عليه وسلم: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» (¬2) فالوصية للنساء ألا يتساهلن في هذا الأمر، وألاَّ يخرجن مع نساء ولا مع غير نساء إلا بمحرم في الأسفار؛ لا للحج ولا لغير الحج، والوصية للرجال أن يتقوا الله، وأن يحسنوا في محارمهم، إذا دعت الحاجة إلى سفر المرأة إلى حج، أو إلى أمر مهم شرعًا فإنهم يشرع لهم أن يساعدوا، وأن يسافروا معهم؛ لقضاء هذه المهمة التي ليس فيها إلا الخير. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، برقم (2442). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم (2699).

نصيحة لمن يأنفون من الرجال من خدمة النساء

36 - نصيحة لمن يأنفون من الرجال من خدمة النساء س: كأني أفهم من رسالة هذه الأخت المستمعة أن بعض الرجال يأنفون من خدمة النساء سماحة الشيخ، هل من كلمة لو تكرمتم (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (97).

ج: ليس في هذا خدمة، وإنما في هذا مساعدة على الخير وإحسان وأداء لواجب؛ وهو الحج، وهو يساعدها في أداء الواجب، فإذا سافر معها إلى الحج فإنما هو محسن، وإذا خدم محرمه في سفره معها فهذه خدمة شريفة يؤجر عليها والحمد لله، وإذا خدمها في صلة رحمها في نقلها إلى الطبيب، وفي المجيء لها بالدواء، وفي مساعدتها إذا كانت فقيرة كل هذا خدمة طيبة مشروعة، يقول عليه الصلاة والسلام: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته» (¬1) وكون المسلم يخدم أخاه في الله، أو أخته في الله أو محرمه هذا شرف له وأجر له عظيم، ليس فيه نقص. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، برقم (2442).

حكم حج المرأة بدون محرم

37 - حكم حج المرأة بدون محرم س: تسأل المستمعة: ث. أ. وتقول: ما حكم ذهاب المرأة بدون محرم إلى فريضة الحج؟ هل مثل هذا الحج مقبول أم لا (¬1)؟ ج: إذا كانت في مكة لا بأس؛ لأنه ليس بسفر، إذا كانت في مكة، وحجت مع الحريم فلا بأس، أما إذا كان فيه سفر من جدة، من المدينة، ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (404).

من الرياض، من غير ذلك ليس لها أن تحج إلا بمحرم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» (¬1) أما إن كانت في مكة فمِنى قريب، وعرفة قريب، وإذا كانت مع نساء طيبات فلا بأس. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب حج النساء، برقم (1862).

حكم سفر المرأة للحج مع النساء بدون محرم

38 - حكم سفر المرأة للحج مع النساء بدون محرم س: حدثونا عن حكم امرأة حجت بدون محرم، لكنها مع مجموعة من النساء (¬1). ج: حجها صحيح، وعليها التوبة إلى الله سبحانه؛ لأن الله جل وعلا منعها على لسان النبي صلى الله عليه وسلم من الحج إلا بمحرم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» (¬2) والله يقول: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}. ويقول سبحانه: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}. صاحبنا أي هو محمد عليه الصلاة ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (91). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب حج النساء، برقم (1862).

والسلام: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}. فعلينا أن نسمع ونطيع لما وجهنا إليه عليه الصلاة والسلام، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» (¬1) ولو كان معها نساء لكن تصح الحجة، حجها صحيح، وعليها التوبة والاستغفار. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب حج النساء، برقم (1862).

حكم من حجت بدون محرم

39 - حكم من حجت بدون محرم س: تقول السائلة: أديت فريضة الحج بدون محرم، فما حكم حجي (¬1)؟ ج: الحج صحيح والحمد لله، وقد سقطت به الفريضة، ونسأل الله أن يتقبله منك، ولكنك أخطأت في الحج بغير محرم، فعليك التوبة إلى الله من ذلك والاستغفار والندم، وألاّ تحجي مستقبلاً إلا بمحرم؛ لقول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «لا تسافر المرأة إلا مع ذي ¬

(¬1) السؤل العاشر من الشريط رقم (75).

محرم» (¬1) متفق على صحته. فعليك وعلى غيرك من المسلمات الامتثال، وألاَّ تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، والمحرم معروف: أخوها، أو أبوها، أو زوجها، أو نحوهم ممن تحرم عليه على التأبيد؛ بسبب قرابته منها، أو بسبب مصاهرة، أو رضاع، وأما الحج فقد حصل به المقصود، أديت الفريضة والحمد لله. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب حج النساء، برقم (1862).

بيان محارم المرأة في الحج والعمرة

40 - بيان محارم المرأة في الحج والعمرة س: امرأة قامت بأخذ عمرة في بيت الله الحرام، وكان المحرم الذي يرافقها هو زوج ابنتها، فهل تصح عمرتها ويعتبر لها محرمًا، أم لا؟ وماذا تفعل لو كان غير محرم لها؟ هل عليها أن تعيد عمرتها، أم تصح حتى لو كانت الواجبة (¬1)؟ ج: زوج البنت محرم، وزوج بنت البنت، وزوج بنت الابن محارم، وزوج الأم محرم، وزوج الجدة محرم كلهم محارم، ولا حرج في ذلك، وعمرتها إذا أدت حقها وكملتها صحيحة، حتى لو كان معه غير محرم، فلو كان الذي معها غير محرم مثل: ابن عمها، أو زوج أختها، ليس ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (46).

بمحرم فعمرتها صحيحة وحجها صحيح، لكنها آثمة إذا سافرت بدون محرم، وعليها التوبة إلى الله، وأما العمرة فصحيحة والحج صحيح، ولو كان ما معها محرم، لكنها قد أخطأت وغلطت، لا يجوز لها أن تسافر بدون محرم لا في الحج ولا لغيره، لكن لو فعلت بأن ظنت أنه يجوز، أو أفتاها بعض الناس أنه يجوز، وحجت بدون محرم، أو اعتمرت بدون محرم عمرتها صحيحة وحجها صحيح، لكن عليها التوبة إلى الله والندم وعدم العود إلى مثل هذا، يعني ليس لها أن تسافر بعد ذلك إلا بمحرم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» (¬1) هكذا قال عليه الصلاة والسلام. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب حج النساء، برقم (1862).

حكم عدم مرافقة المحرم للمرأة أثناء أداء العمرة

41 - حكم عدم مرافقة المحرم للمرأة أثناء أداء العمرة س: السائل للبرنامج يقول: عندما ذهبنا إلى مكة لأداء العمرة كان معنا اثنان من إخوتي، وبعد أن وصلنا إلى مكة ركبنا سيارة أجرة، وذهبنا إلى الحرم لأداء العمرة، والجميع نساء، ولا يوجد معنا محرم، هل العمرة صحيحة، أم غير صحيحة؟ وهل إخوتي

عليهم إثم في ذلك أم لا (¬1)؟ ج: العمرة صحيحة، ليس بشرط أن المحرم يبقى معكم في الطواف والسعي، المحرم في السفر، إذا وصلتم مكة فالحمد لله، فإذا طفتم بدون محرم وسعيتم بدون محرم لا حرج. ¬

(¬1) السؤال بدون رقم الشريط.

حكم السفر للحج مع زوج الأخت

42 - حكم السفر للحج مع زوج الأخت س: لقد ذهبت لتأدية فريضة الحج أنا وزوجي، وقد حدثت لزوجي مشكلة؛ مما أدى إلى حبسه وبقائِه في السجن، ثم قطعت جوازًا آخر، وذهبت للحج مع أخت زوجي وزوجها، هل حجي صحيح مع عدم وجود محرم (¬1)؟ ج: نعم الحج صحيح، إذا أديت ما شرع الله الحج صحيح، وعليك التوبة إلى الله سبحانه من السفر من غير محرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» (¬2) هكذا يقول صلى الله عليه وسلم: «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» (¬3). وهذا يعم الحج ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (269). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب حج النساء، برقم (1862). (¬3) صحيح البخاري الْجُمُعَةِ (1087)، صحيح مسلم الْحَجِّ (1338)، سنن أبي داود الْمَنَاسِكِ (1727)، مسند أحمد (2/ 182، 2/ 19).

وغيره، وهذا هو الصحيح من قولي العلماء، لكن الحج صحيح، وعليك التوبة إلى الله من سفرك بدون محرم، إذا كنتِ أديتِ مناسك الحج، ونسأل الله أن يغفر لنا ولكِ ولكل مسلم.

حكم أداء المرأة مناسك الحج بمفردها

43 - حكم أداء المرأة مناسك الحج بمفردها س: لقد حجت والدتي مع ولد أخيها وأمه، وعندما بدؤوا في طواف القدوم، ومع شدة الزحام تفرقوا، وذهب الولد بعيدًا، وأصبحت والدتي ووالدته بدون محرم، إلا أنهن أتممن بقية النسك مع أناس معروفين لدينا في القرية، إلا أنهم ليسوا بمحارم، ولكن خوفًا عليهن من الضياع ولكبر السن؛ حيث يتجاوزن الخمسة والأربعين عامًا، ولبعد مكاننا عن مكة المكرمة، وخوفهن من ضياع الوقت عن البحث عن ذلك الولد أكملن الحج، ولم يتقابلن مع الولد إلا بعد انتهاء الحج، فما حكم ما فعلن؟ وهل تأثر حجهن أو لا؟ نرجو توضيح ذلك، ولكم الأجر والثواب (¬1). ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (63).

ج: إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل فحجهن صحيح، وليس من شرط السعي أو الطواف أو رمي الجمار، أو الوقوف بعرفة أو في مزدلفة، ليس من شرط ذلك المحرم، المحرم إنما هو شرط في السفر، لا يسافرن إلا بمحرم، أما كونهن يؤدين الأنساك بدون محرم فلا يضرهن ذلك، إذا وقفت المرأة بعرفات وليس معها محرمها، أو في مزدلفة، أو رمت الجمار أو طافت أو سعت، وليس معها محرمها فلا حرج في ذلك، وحجهن صحيح ورميهن صحيح، ووقوفهن صحيح والحمد لله.

بيان أن المرأة لا تكون محرما

44 - بيان أن المرأة لا تكون محرمًا س: تقول السائلة: عندما قدمتُ لأداء فريضة الحج أتيتُ برفقة أمي وشقيقتي وزوج شقيقتي، هل أمي وشقيقتي وزوج شقيقتي محرم لي (¬1)؟ ج: المحرم إنما يكون ذكرًا لا أنثى، والمحارم هم مَن تحرم عليهم المرأة على التأبيد؛ بالنسب كأبيها وأخيها، أو سبب كالرضاعة والمصاهرة كزوج بنتها وزوج أمها فإنهم محارم؛ زوج أمها بالمصاهرة، ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (168).

وزوج بنتها بالمصاهرة، وأخيها من الرضاع وعمها من الرضاع؛ بسبب الرضاع، وأخيها من النسب وأبيها من النسب؛ بسبب القرابة، أما المرأة فلا تكون محرمًا، أما المرأة وأختها وعمتها فلسن بمحارم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» (¬1) ثم ذكر في بعض الروايات الزوج، وذكر الأخ ونحو ذلك، المقصود أن المحرم إنما يكون رجلاً لا أنثى، وهو من تحرم عليه على التأبيد؛ بنسبٍ أو سببٍ مباح: كأبيها وأخيها وعمها وخالها من نسبٍ أو رضاع، وهكذا زوج أمها وزوج بنتها وزوج ابنة ابنها كلهم محارم. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب حج النساء، برقم (1862).

حكم سفر المرأة للحج بالطائرة بدون محرم

45 - حكم سفر المرأة للحج بالطائرة بدون محرم س: ذهبتُ إلى الحج، وقد خرجت من بيتي ومعي أربع نساء من الحي مع إخوانهن، وكذلك كان ابني يرافقني من بيتي إلى المطار إلى أن وصلت إلى جماعة النساء اللائي كان معهن إخوانهن، واستقبلني زوجي في المطار، وبعد ذلك قمنا بالبدء بشعائر الحج، وحل وقت العيد، ورميت الجمرات يوم العيد، وثاني العيد وكلت زوجي، وثالث العيد قلت لزوجي: أريد أن

أرمي الجمرات. فمانع لشدة الزحام، وعلى أثر ذلك وقع بيننا شيء من الخصام، فلم أكلمه ولم أرمِ الجمرة، ولم أطفْ أيضًا طواف الوداع؛ نتيجة ما حصل بيننا، والآن أنا قَلِقَةٌ على ذلك، أرجو أن توجهوني جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الحج صحيح والحمد لله، ولكن عليك فديتين؛ إحداهما: عن ترك الرمي، تذبح في مكة ذبيحة من الغنم كالضحية؛ إما جذع ضأن، أو ثَنِيّ معز تذبح في الحرم في مكة، وتوزع بين الفقراء. والفدية الثانية: عن طواف الوداع؛ لأنك سافرتِ ولم تودعي. وظاهر كلامك أنك سافرت بدون محرم من بلدك إلى مطار جدة، وأن ابنك معك إلى المطار، ثم تلقاك زوجك في المطار في جدة وأنت معك نسوة، وهذا إن كان صحيحًا ما ظهر من سؤالك فهو لا يجوز، ليس للمرأة أن تسافر إلا مع ذي محرم، ولو أن معها من يصحبها إلى المطار ويتلقاها في المطار الآخر، الرسول عليه السلام قال: «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» (¬2) فإن كان هذا هو الواقع، وأنك سافرتِ بدون محرم فعليك ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (92). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب حج النساء، برقم (1862).

التوبة إلى الله والاستغفار، وعدم العودة لمثل هذا، والحج صحيح والحمد لله، وعليك ما ذكرنا من الفديتين: ذبيحة عن ترك الرمي، وذبيحة أخرى عن ترك الوداع.

حكم سفر الخادمة للحج مع الأسرة

46 - حكم سفر الخادمة للحج مع الأسرة س: سماحة الشيخ، طالما تطرق الموضوع إلى ذكر الخادمات، وعن الأحكام التي ينبغي مراعاتها: كثير من الناس يسأل عن حكم السفر بالخادمة للحج وللعمرة للسياحة، ما هو توجيهكم (¬1)؟ ج: هذا تكون تابعة لهم مثل عتيقتهم، مثل مملوكتهم تابعة لهم لا حرج في ذلك؛ لأنها مضطرة إلى أن تذهب معهم، لكن لو وُجِدَ بيتٌ تبقى فيه حتى يرجعوا، بيتٌ مأمون فيه نساء مأمونات تبقى عندهم يكون هذا أحوط، أما إذا استقدموها لخدمتهم وهم يسافرون للعمرة أو الحج؛ لتخدمهم فهي معهم؛ لأنهم مضطرون إليها وبحاجة إليها، واستقدموها لهذا الأمر، فيكون في هذا إن شاء الله تسهيل للضرورة، السفر بدون محرم والحالة هذه تكون تابعة لهم مثل المملوكة التي عندهم، مثل ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (250).

العتيقة، مثلما كانت بريرة في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ومثلما كانت الخادمة عند عليٍّ وفاطمة. وإذا كان لا يوجد محرم للضرورة؛ لأنها مضطرة إليهم وهم مضطرون إليها، وليس هناك ما يدعو إلى محرم؛ لأنها قد تكون من بلاد بعيدة لا محرم لها عندهم.

حكم أداء المرأة مناسك الحج بغير إذن الزوج

47 - حكم أداء المرأة مناسك الحج بغير إذن الزوج س: أطلب إفادتكم في الآتي: لقد طلبت من زوجي أداء فريضة الحج معه، ولكن بيني وبينه سوء تفاهم، ولم أذهب معه، وبعد عام أديت فريضة الحج والعمرة مع إخواني من غير رضاه، ويقال: الزوج إذا كان غضبان عليها لا ترضى الملائكة إلا برضى زوجها. والرجاء هل حجي صحيح من غير رضاه أم لا؟ ولكم الشكر (¬1). ج: حج الفريضة لا يشترط فيها رضا الزوج، لكن إذا تيسر رضاه فهو أحسن وأطيب، وإلا فلا يشترط، حجك صحيح والحمد لله، وهذا شيء لازم لك ولغيرك من المكلفين؛ لأن من استطاع الحج وجب عليه الحج، فالزوجة إذا لم يأذن لها زوجها في حج الفريضة يسقط حقه ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (71).

وعليها أن تحج، كما أن عليها أن تصوم رمضان وإن لم يرضَ، وإنما هذا في النافلة، فلا حج للنافلة ولا صوم للنافلة وهو شاهد إلا بإذنه، أما حج الفريضة فلها أن تحج بغير إذنه إذا لم يسمح لها؛ لأن الله أوجب على المسلمين حج الفرض؛ لقوله سبحانه: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}. رزق الله الجميع التوفيق والهداية. والعمرة مثل الحج فريضة على الصحيح، فإذا لم يسمح لها بالعمرة فلها أن تؤدي العمرة بغير إذنه، وهي مرة في العمر كالحج، والباقي نافلة.

حكم حج المرأة وهي في عدة الوفاة

48 - حكم حج المرأة وهي في عدة الوفاة س: هذه السائلة التي رمزتْ لاسمها بـ: أ. أ. تقول: امرأة توفي زوجها وهي في العدة، فكانت عازمة على الحج وقد حجت وهي في العدة، فهل حجها صحيح (¬1)؟ ج: حجها صحيح لكنها أخطأت، الواجب عليها عدم الخروج، تبقى في بيتها حتى تكتمل عدة الوفاة، لكن لو حجت أو خرجت تأثم، إن كانت جاهلة نسأل الله أن يعفو عنها والحج صحيح. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (391).

حكم طاعة الوالد في المنع عن أداء فريضة الحج

49 - حكم طاعة الوالد في المنع عن أداء فريضة الحج س: إذا أردت أداء فريضة الحج، وامتنع والدي فهل أطيعه أم أذهب للسفر (¬1)؟ ج: إن الله عز وجل فرض على عباده حج بيته الحرام، وجعله أحد أركان الإسلام الخمسة؛ حيث قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت» (¬2) متفق على صحته. وثبت في الصحيح أيضًا من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن جبرائيل عليه السلام سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، فقال: «الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً» (¬3) والله يقول في كتابه الكريم – وهو أصدق القائلين -: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (106). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب بني الإسلام على خمس، برقم (8). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم (8).

فالواجب على جميع المكلفين من المسلمين المستطيعين لأداء الحج أن يحجوا مرة واحدة في العمر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم سُئل عن ذلك، فقال عليه الصلاة والسلام: «الحج مرة، فما زاد فهو تطوع» (¬1) فإذا كنت أيتها السائلة قادرة على الحج من جهة المال فليس لوالدك أن يمنعك، ولا يجوز لك طاعة في ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الطاعة في المعروف» (¬2) وقال عليه الصلاة والسلام: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (¬3) والواجب عليه أن يساعد في هذا، وأن يفرح بحجك، وأن يعينك على ذلك، أما المنع فليس له منعك إذا تيسر لك محرم يسافر معك؛ من أخٍ أو زوجٍ أو عمٍّ أو خالٍ، أو غيرهم من المحارم، وعليك أن تجتهدي في الأخذ ¬

(¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن العباس رضي الله عنهما، برقم (2304)، وأبو داود في كتاب المناسك، باب فرض الحج، برقم (1721). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، برقم (7257)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها، برقم (1840). (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (1095).

بخاطره، واستسماحه والتوسط بذلك بمَن ترين من الأقارب؛ حتى لا يكون بينك وبين والدك شيء، وهو إذا كان مسلمًا سوف يرضى، وسوف يرجع إلى الصواب إن شاء الله، ونسأل الله لكِ وله التوفيق والهداية.

حكم حج من يتهاون بالصلاة

50 - حكم حج من يتهاون بالصلاة س: يقول السائل: بعض الناس – هداهم الله - يذهبون للحج، وهم قد يكونون قد قصروا في أداء الصلوات، هل من كلمة لمثل هؤلاء؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الواجب على المؤمن أن يتقي الله، وأن يعتني بالصلاة، وكذلك المؤمنة، فهي أهم من الحج، وأعظم من الحج، والذي لا يصلي ليس له حج، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة» (¬2) ويقول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (387). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬1) وهو الصواب أن يكفر بذلك، فالواجب عليه أن يتوب أولاً ثم يحج، يتوب ويحافظ على الصلاة ثم يحج، وهكذا المرأة عليها أن تتوب إلى الله، إذا كانت لا تصلي عليها التوبة إلى الله والصدق، والمحافظة على الصلاة ثم تحج، نسأل الله العافية والسلامة. ¬

(¬1) أخرجه أحمد في مسنده من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22937).

حكم حج من أفطر عمدا في رمضان

51 - حكم حج من أفطر عمدًا في رمضان س: السائل يقول إنه قد أُخبر من أحد الإخوان أن مَن أفطر عمدًا لا يصح له حج؟ ماذا يقول الشيخ لمثل هذا (¬1)؟ ج: هذه الفتوى خطأ، إذا أفطر في رمضان عامدًا فقد عصى ربه، ولكن هذه المعصية لا تمنع الحج، ولا تبطل الحج، وإنما عليه التوبة من ذلك، وقضاء اليوم الذي أفطره، فإذا أفطر يومًا من رمضان بغير عذر شرعي فقد أتى منكرًا عظيمًا، ومن تاب تاب الله عليه، فعليه التوبة إلى الله بصدق؛ بأن يندم على ما مضى، ويعزم ألاّ يعود، ويستغفر ربه كثيرًا، ويبادر بقضاء اليوم الذي أفطره، وحجه صحيح إذا حج، وإن كان قد ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (61).

حج سابقًا فحجه صحيح أيضًا، ولا يبطله إفطار يوم من رمضان, إنما هو معصية وكبيرة من كبائر الذنوب، فعليه التوبة إلى الله من ذلك، كما أن المعاصي الأخرى لا تبطل الحج، كما أن مَن زنا أو شرب الخمر، أو عقَّ والديه، أو أحدهما، أو أكل الربا وما أشبه ذلك من المعاصي كلها لا تبطل الحج، وإنما يبطل الحج بالجماع، إذا جامع قبل التحلل الأول، إذا جامع قبل رمي الجمرة وقبل الطواف، وقبل الحلق أو التقصير؛ بأن جامع بعد الإحرام أو في عرفة، أو بعد عرفة قبل أن يتحلل هذا هو الذي يبطل الحج. أما جنس المعاصي فلا تبطل الحج، وهكذا لو كفر وارتد عن دينه، ومات على ذلك بطلت أعماله، أما لو ارتد عن دينه ثم أسلم، وهداه الله فإنها تبقى له أعماله، إذا مات على الإسلام.

حكم حج من قتل نفسا

52 - حكم حج من قتل نفسًا س: يسأل هذا عن صديق له حميم أنه قتل نفسًا وهو في سن الثانية عشرة من عمره، وبعد أن بلغ سن الرشد صار رجلاً مؤمنًا تقيًا، وصلى وصام وأدى جميع الفرائض، وعندما أراد أداء فريضة

الحج سأل بعض العارفين، فقالوا له: قاتل النفس لا يجوز له أداء الفرض. أفيدونا زادكم الله علمًا (¬1). ج: هذه الفتوى غلط، نسأل الله السلامة، هذا الرجل الذي قتل في حال الصغر قبل التكليف لا شيء عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رُفِعَ القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن المعتوه حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ» (¬2) لكن على العاقلة الدية إذا كان له عاقلة؛ يعني عصبة أغنياء عليهم الدية للقتيل، وأما هو فليس عليه كفارة؛ لأنه غير مكلف، وإنما الدية على العاقلة؛ لأن عمد الصبي وعمد المجنون حكمه حكم الخطأ، ودية الخطأ على العاقلة وهم العصبة، كما جاء ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام، وحجه صحيح سواء كان قبل أداء العاقلة الدية أو بعدها، لا يتعلق حجه بأداء الدية، بل حجه صحيح إذا استوفى ما شرع الله له، والدية يطالب بها العاقلة، والكفارة لا شيء عليه؛ لأنه ليس من أهل التكليف: لا بصوم ولا عتق، والحكم على البلوغ، وذلك بإنزال المني أو بإنبات الشعرة؛ الشعر الخشن الذي حول ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (103). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حدًّا، برقم (4402).

الفرج، فحكمه حكم المكلفين، فإذا كان حين القتل قد احتلم؛ يعني أنزل بالشهوة المني في الليل أو في النهار باحتلام أو غيره، أو أنبت الشعر المعروف؛ وهو الشعرة وهو شعر العانة المعروف عند الفرج؛ الشعر الخشن المعروف على الفرج، على الصحيح يكون بالغًا بذلك، أو كمل خمس عشرة سنة، هذا ما كمل خمسة عشر عامًا، فإذا كان بالغًا فعليه العتق إن قدر، وإلا فصيام شهرين متتابعين إذا كان خطأ، أما إن كان عمدًا فلا شيء عليه إلا الدية أو القصاص، إذا كان عمدًا وقد كُلِّفَ فأهل القتيل لهم الخيار بين القَوَد وبين الدية وبين العفو، إن طلبوا القَوَد فهذا لولي الأمر إذا توافرت شروطه عند المحكمة، فإن طلبوا الدية يعطون الدية في ماله هو؛ لأنه عامد، فإن عفوا فالأجر لهم، وليس فيه كفارة العمد، الكفارة في الخطأ، أما إذا تعمد فليس عليه كفارة، ولكن عليه التوبة إلى الله والندم على ما مضى منه؛ لأن القتل جريمة عظيمة وكبيرة عظيمة، فعليه التوبة إلى الله والإنابة إليه، والحزن على ما وقع منه، والعزم ألاّ يعود في ذلك، وعليه أن يمكن ورثة القتيل من حقهم القصاص أو الدية، وعليه أن يؤدي الحج ويصوم رمضان، وغيره من الشرائع، ولا تعلق لها بهذه الجريمة، وفتوى أولئك من أنه لا يجوز له الحج خاطئة سواء كان بالغًا أو غير بالغ.

حكم شرب الدخان أثناء أداء الحج

53 - حكم شرب الدخان أثناء أداء الحج س: يسأل السائل من جمهورية مصر العربية، ويقول: هل شرب الدخان في الحج والإنسان محرم يفسد ذلك الحج ولا يقبل (¬1)؟ ج: شرب الدخان لا يجوز، وفيه مضار كثيرة، لا يجوز شربه لا في الحج ولا في غيره، يجب تركه، ولكن شربه في الحج أو العمرة لا يبطل العمرة والحج، لكن نقص في الثواب، وإلا الحج صحيح والعمرة صحيحة ولو كان يشرب الدخان، لكن الواجب ترك التدخين، كما يجب ترك شرب المسكرات والمخدرات، يجب على المؤمن أن يحذر المخدرات والمسكرات والتدخين جميعًا؛ لأن الله حرم ذلك. ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (413).

حكم التلفظ بألفاظ كفرية بعد أداء الحج

54 - حكم التلفظ بألفاظ كفرية بعد أداء الحج س: الأخت: ب. ج. م. بعثت برسالة تقول فيها: سبق لي أن قمت بحج بيت الله الحرام العام الماضي، وبعد رجوعي إلى بلدي حدثت بعض المشكلات؛ مما أدى بذلك إلى فقد أعصابي، وأدى بي إلى تلفظي بألفاظ بذيئة تؤدي إلى الكفر، وقد ندمت كثيرًا،

فهل يبطل حجي أم أن عليَّ كفارة؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: عليكِ التوبة إلى الله، ومَن تاب تاب الله عليه، والمسلم إذا حج أو صلى أو صام، ثم حصل له ردة، ثم تاب إلى الله ورجع أسلم على ما أسلف من خير، تبقى أعماله الصالحة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام، لما أسلم وذكر له أنه قد سبق منه عتاقة وصدقة قال: «أسلمت على ما أسلفت من خير» (¬2) والمسلم إذا أسلم كَفَّرَ الله عنه ما كان عليه سابقًا من الذنوب والشركيات، وإذا حسن إسلامه كَفَّرَ الله عنه كل شيء، فالواجب على مَن وقع في ناقض من نواقض الإسلام؛ من سب للدين، أو تكذيب بما أوجب الله، أو إحلال لما حرم الله أن يتوب إلى الله، وإذا بادر بالتوبة الصادقة والإصلاح واستمر فإن الله سبحانه يمحو عنه ما سلف من ذنوبه، ويغفر له ما وقع منه، وتبقى أعماله الصالحة السابقة على حالها لا تبطل، حجه باقٍ وصومه باقٍ، وليس عليه حج آخر، هذا هو المشروع الذي بينه الله ورسوله، قال الله عز وجل: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (170). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من وصل رحمه في الشرك ثم أسلم، برقم (5992).

وهذا بإجماع المسلمين في التائبين، وهذه الآية في التائبين، فمن تاب تاب الله عليه، وغفر له الذنوب كلها بالتوبة الصادقة بالتوبة النصوح، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» (¬1) وقال عليه الصلاة والسلام: «التوبة تهدم ما كان قبلها» (¬2) ¬

(¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد، باب ذكر التوبة، برقم (4250). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الإسلام يهدم ما كان قبله وكذا الهجرة، برقم (121)، بلفظالهجرة تهدم ما كان قبلها، ولم نجده باللفظ المذكور.

حكم من حج من هو مصاب بالناصور

55 - حكم من حج من هو مصاب بالناصور س: الأخ: أ. س، من المنطقة الجنوبية في المملكة، يقول: ذهبت للحج مع أحد الأقارب، وكان بي مرض يسمى الناصور، وهو يقع في أسفل الظهر ويُخرِج دمًا وقيحًا، وهو مرض مزمن، هل ذلك يؤثر على الحج (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (106).

ج: ذلك لا يؤثر على الحج، ولكن أنت تجتهد في الشيء الذي يقي ثيابك وبدنك من الصديد والدم، تفعل ما تستطيع، ولا يمنع صلاةً ولا حجًا، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. وهذا يكون في الدبر، والإنسان يعالجه بما يستطيع من جهة المختصين، ويتحفظ مما يخرج، وإذا كان الخارج يستمر توضأ لكل صلاة، يتمسح بشيء من مناديل ونحوها عند دخول الوقت ثم يتوضأ، يتمسح ثلاث مرات أو أكثر عن الخارج من داخل الدبر، أو يستنجي بالماء إن كان لا يضره الماء، وإلا فيكفي التمسح بالمناديل الطاهرة ثلاث مرات فأكثر؛ حتى ينقِّي المحل حسب الطاقة بعد دخول الوقت، ثم يتوضأ وضوء الصلاة، ويتحفظ في بقية الأوقات بما يصونه من آثار الدم، والصديد الذي يخرج، ولا يضر ذلك حجه، ولا يضر صلاته، والحمد لله.

حكم حج من يكذب أثناء الحج

56 - حكم حج من يكذب أثناء الحج س: في أثناء الحج كان في جيبي خمسمائة ريال، وقلت لقريبي: ليس معي نقود. على أن يدفع عني قيمة الهدي وحاجتي لها بعد أداء مناسك الحج، واشترى لي الهدي، وصرف علي طوال أيام

الحج، وقمت بتسديده بعد ذلك، هل فعلت خطيئة (¬1)؟ ج: عليك التوبة والاستغفار من الكذب؛ لأنك كذبت، قلت: ما معي دراهم. لو بيَّنت الحقيقة؛ أن معك دراهم قليلة تحتاجها كان هذا هو الواجب، ولست في حاجة إلى الكذب، وتقول له: أقرضني وأعني، وأنا إن شاء الله أسدد لك حقك بعد ذلك. كما فعل، فقد أحسن إليك وقضى حاجتك والحمد لله، والمسلمون هكذا يعين بعضهم بعضًا، ولكن الكذب لا حاجة إليه، لو بيَّنت ذلك، قلت: نعم عندي مال شيء قليل ما يكفيني، وأنا أريد أن تقرضني وتساعدني. فلا بأس بهذا، أما قوله: ليس معه شيء. فهذه كذبة، وعليك التوبة إلى الله منها. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (106).

حكم من لم يؤد فريضة الحج بسبب منع العمل

57 - حكم من لم يؤد فريضة الحج بسبب منع العمل س: نعمل في مزرعة في مكة لمدة عام ونصف، ولم أحج، فما رأيكم سماحة الشيخ إذا لم يوافق كفيلي بذهابي إلى الحج في العام القادم؟ هل أحج بدون إذنه؟ وجهوني جزاكم الله خيرًا (¬1). ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (325).

ج: الواجب عليك أن تحج إذا استطعت ذلك؛ لأن الله يقول سبحانه: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}. فعليك أن تفعل ما تستطيع؛ حتى تؤدي هذا الحج الذي فرضه الله عليك، وإذا دعت الحاجة إلى أن ترفع الأمر إلى سمو أمير مكة أو نائبه؛ حتى يقنع كفيلك بالسماح لك بالحج فذلك ممكن والحمد لله.

حكم الحج عن فاقد العقل

58 - حكم الحج عن فاقد العقل س: هل يجوز الحج قبل الوالدين؟ وإذا كان أحد الوالدين مصابًا بمرض عقلي هل يجوز الحج عنه؟ أفيدونا أثابكم الله (¬1). ج: لا حرج أن يحج الإنسان قبل والديه، لا بأس أن يحج قبل أمه وقبل أبيه؛ لأنه قد يتيسر له الحج ولا يتيسر لهما، فلا حرج في ذلك، كما لا نعلم خلافًا في هذا بين أهل العلم، وإذا كان الوالد مجنونًا أو فاقدًا العقل من غير جنون فلا بأس أن يُحجَّ عنه، أن يحج عنه ولده برًا له، سواء كان الوالد أبًا أو أمًّا؛ لأن الحج الذي لا يصلح من المجنون إذا باشره هو بنفسه فلا يصح حج المجنون والمعتوه إذا باشره بنفسه، ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (119).

أما إذا كان حج عنه غيره فلا بأس بذلك، وليس عليه حج فريضة، إذا بلغ وهو مجنون فلا حج عليه، لكن لو حج عنه ولده أو أخوه، أو غيرهما فلا بأس وله أجر ذلك.

حكم الحج قبل الزواج

59 - حكم الحج قبل الزواج س: يقول السائل: مَن حج ولم يتزوج بعد فما حكمه (¬1)؟ ج: لا حرج والحمد لله، لكن إذا دعت الحاجة الشديدة للزواج يبدأ بالزواج لحفظ دينه، فإن لم يكن عنده خطر على نفسه يبدأ بالحج، أما إذا كان عنده شهوة وتيسر الزواج والحج يبادر بالزواج؛ لإعفاف نفسه، ولأن هذا من الأمور الضرورية التي يجب عليه البدار بها، فإن كان لم يتيسر الزواج حج والحمد لله إذا كان مستطيعًا. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (260).

حكم حج من ارتكب بعض الكبائر بعد أداء الحج

60 - حكم حج من ارتكب بعض الكبائر بعد أداء الحج س: يقول السائل: لقد أديت فريضة الحج وأنا في سن العشرين ولم أتزوج بعد، وبعدما أديت الفريضة ارتكبت بعض المعاصي

ومنها كبائر الذنوب، فهل بطل حجي (¬1)؟ ج: حجك صحيح، والحمد لله، إذا كنت أديت ما شرع الله لك حجك صحيح، والمعاصي لا تبطله بعد ذلك، حتى لو ارتد لو كفر ما يبطل حجه، إلا إذا ثبت على الكفر، لو ارتد ثم هداه الله ثم رجع إلى الإسلام بقي له عمله السابق؛ لأن الله شرط في الردة أن يموت عليها فيموت وهو كافر، أما إذا هداه الله ورجع إلى الإسلام أعماله تبقى له، وهكذا المعصية من باب أولى، المعصية لا تبطل الحج، فلو حَجَجْتَ وصمت رمضان وصليت الصلوات، ثم بعد ذلك حصل منك زنى أو شرب مسكر، أو عقوق لوالديك، أو أكل ربا هذا لا يبطل أعمالك، المعصية فيها الإثم، عليك إثمها، ولكن لا تبطل بها الأعمال السابقة، الأعمال على حالها، لكن يضعف إيمانك، المعاصي تضعف الإيمان، تنقص الإيمان، تسبب غضب الله عز وجل، لكن ما تبطل الطاعات الماضية، وهذه تنقص أجورها تضعفها إلا مَنِ استحلها: استحل الزنا قال: حلال. وهو يعرف أنه حرام، أو استحل الخمر يكون مرتدًّا عن الإسلام، إذا مات على ذلك بطل حجه وعباداته كلها، كما قال سبحانه: ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (234).

{وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. وقال سبحانه: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. الذي يرتد عن دينه إذا مات على الردة بطلت أعماله، ومن ذلك مَن يستحل الزنى أو الخمر أو العقوق، يقول: إنها حلال. فهم السنة وفهم الدليل، هذا يكون كافرًا مرتدًا عن الإسلام، إذا مات على هذا تبطل أعماله.

حكم من أعطى نفقة الحج لغيره وهو لم يحج عن نفسه بعد

61 - حكم من أعطى نفقة الحج لغيره وهو لم يحج عن نفسه بعد س: سؤال من مدرس مصري يعمل باليمن، يقول: لدي مبلغ من المال متوفر من عملي، أأساعد أبي للحج به؛ علمًا بأنني لم أحج عن نفسي، أم أساعد أخي على الزواج به؛ علمًا بأنه يعجز عن الإتيان بأموال الزواج التي يحتاجها (¬1)؟ ج: كل ذلك طيب، المساعدة للأب في الحج طيب، والمساعدة للأخ في الزواج طيب، وحق الأب أكبر، فإذا أكَّد الوالد في طلب المساعدة فالمساعدة مطلوبة، وفيها خير كثير وبر للوالد وإحسان، وإن ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (172).

سمح بأن تصرف للأخ بالزواج فذلك خير عظيم، والله جل وعلا يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}. والحج من البر، والزواج من البر والتقوى، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته» (¬1) ويقول عليه الصلاة والسلام: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» (¬2) فإعانة الوالد من أفضل القربات على الحج وغيره من أمور الخير، وإعانة الأخ على الزواج من أفضل القربات. أما كونه لم يحج عن نفسه فلا تأثير لذلك، وإنما يمنع أن يحج بنفسه عن غيره قبل أن يحج عن نفسه، أما أن يساعد بالمال فلا بأس ولو كان ما حج عن نفسه. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، برقم (2442). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم (2699).

بيان ما يلزم لمن أراد الحج من سؤال أهل العلم

62 - بيان ما يلزم لمن أراد الحج من سؤال أهل العلم س: سماحة الشيخ، يتعب كثير من المسلمين فيأتون إلى الديار المقدسة لأداء العمرة أو لأداء الحج، لكنهم لا يستعدون لمعرفة

الأحكام قبل السفر من ديارهم، هل تنصحون بشيء نحو هذا (¬1) (¬2)؟ ج: نعم، الواجب على المؤمن إذا أراد الحج أو العمرة أن يسأل أهل العلم في بلاده أو في طريقه؛ أهل العلم المعرفين المشهورين بالعلم والفضل: بماذا يفعل؟ وإذا كان هناك منسك، قد عرف أنه طيب وأنه من جهة أهل العلم يستفيد منه، وقد كتبنا في هذا منسكًا مختصرًا، سميناه: (التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب والسنة)، وهو موجود مقروء بالعربية، وغيرها يستفاد منه في هذا الباب، وهكذا المناسك الطيبة التي ألفها العلماء يستفاد منها، المقصود أن على من أراد الحج والعمرة وليس عنده علم أن يسأل أهل العلم؛ حتى تكون عنده حصيلة علمية، يستفيد منها في حجه وعمرته قبل السفر، وإذا وصل إلى مكة كذلك يسأل أهل العلم، ويأتي محل التوعية في الحج التابعة لنا، يأخذ منهم مناسك يستفيد منها، ويسأل الدعاة هناك عما أشكل عليه، الموجودون في مكة – والحمد لله - وقت الحج، وهم جماعات كثيرة للدعوة في أمكنة محل التوعية في العزيزية، أو في منى أو عرفات، يسألهم عما أشكل عليه، ويطلب المنسك أيضًا حتى ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (211). (¬2) السؤال من الشريط رقم (211). ') ">

يعطى إياه وليستفيد منه، نسأل الله للجميع الهداية. س: سماحة الشيخ، كثيرًا من إخواننا يأتون إلى الحج، لكنهم يخطئون كثيرًا، حتى إن البعض منهم يسعى بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت، هل من كلمة لمن يريد الحج والعمرة؟ ج: نعم، نوصي لمن يريد الحج والعمرة بالتفقه في الدين بالتعلم، ومراجعة المناسك المعتمدة حتى يعرف الحج، ويعرف العمرة مثل: (منسك شيخ الإسلام ابن تيمية)، ومثل منسكنا الذي كتبنا في هذا: (التحقيق والإيضاح)، ومثل (منسك الشيخ عبد الله بن جاسر) وأشباهه من المناسك التي كتبها المشايخ، يراجعها ويتعلم ويستفيد ويسأل أهل العلم قبل أن يحج وقبل أن يعتمر؛ حتى يؤدي العمرة على بصيرة، وحتى يؤدي الحج على بصيرة.

نصيحة مهمة للحجاج والمعتمرين

63 - نصيحة مهمة للحجاج والمعتمرين س: يأتي بعض الحجاج إلى مكة، ولا سيما في الأزمنة الأخيرة - هداهم الله - وفي أذهانهم أفكار معينة، بِمَ تنصحون الحجاج

القادمين إلى الأراضي المقدسة، من حيث خلو الذهن مما يخرج عن إطار الحج كعبادة (¬1)؟ ج: أنصح الجميع أن يجتهدوا في سماع الدروس في المسجد الحرام والمسجد النبوي؛ حتى يستفيد كل شخص، وحتى يعرف أحكام عقيدته والأحكام الإسلامية، فأنا أنصحه كثيرًا أن يجتهد في حضور حلقات العلم في المسجد الحرام والمسجد النبوي، وليستفيد من ذلك باللغة التي يفهمها، وأن يقتني الكتب الطيبة التي توزع من التوعية في الحج؛ حتى يستفيد منها، ويسأل أهل العلم عما أشكل عليه؛ لأنه قد لا يتيسر له العودة للحج بعد ذلك، فينبغي أن ينتهز الفرصة بسؤال أهل العلم عما أشكل عليه، ولا سيما عن العقيدة التي خُلِقَ لها، وأَمَرَهُ الله بها؛ لأن في كثير من البلدان مَن يدعو إلى خلاف العقيدة الشرعية الإسلامية، فعلى الحاج إذا قدم إلى هذه البلاد - وهي مهبط الوحي ومهد الإسلام - ينبغي له أن يسأل المدرسين فيها عما أشكل عليه، والحكومة - وفقها الله - قد جندت علماء من أهل السنة والجماعة يدرسون في المسجد الحرام والمسجد النبوي، ويفتون الناس ويعلمونهم، فينبغي للحاج أن ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (260).

يستغل هذه الفرصة، وأن يسأل ويحضر حلقات العلم، ويستفيد ولا سيما معرفة العقيدة الصحيحة؛ وهي توحيد الله والإخلاص له، وترك عبادة ما سواه، فإن في بعض البلدان مَن يدعو القبور، ويستغيث بأهل القبور، وينذر لهم ويذبح لهم، هذا شرك أكبر نعوذ بالله، فينبغي للحاج أن يتعلم ويستفيد، كذلك في بعض البلدان مَن يطوف على القبور، أو يجلس عندها للدعاء والقراءة، وهذا لا يجوز؛ الطواف بالقبور من الشرك الأكبر إذا طاف يتقرب لأهلها، كما لو دعاهم واستغاث بهم ونذر لهم، والدعاء عندها والجلوس عندها؛ للدعاء والقراءة والصلاة عندها بدعة، إنما يُسَلِّمُ عليهم ويدعو لهم وينصرف، كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية» (¬1) «يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين» (¬2) فيدعو لهم ويستغفر لهم ويسأل الله لهم العافية والمغفرة، هذا هو السنة، أما أن ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها، برقم (974).

يأتي عند القبر، ويظن أن الدعاء عنده محل قبول، يجيء عنده للدعاء، أو للقراءة، أو للصلاة هذا بدعة لا يصلح.

واجب الدولة تجاه من يحاول استغلال الحج في الفساد والإجرام

64 - واجب الدولة تجاه من يحاول استغلال الحج في الفساد والإجرام س: تتطرقون إلى سؤال هام شغل بال المسلمين في هذه الأزمنة؛ ذلكم هو تلكم الشعارات التي يقوم بها بعض الحجاج، ومما ينتج عنه سد الطرقات وحرق السيارات وما إلى ذلك، بل لقد أدى بهم الحال إلى جلب المتفجرات ضمن أمتعتهم، لعل لسماحتكم توجيهًا للمسلمين عمومًا، إذا ما لاحظوا شيئًا من ذلك كيف يتصرفون (¬1)؟ ج: أشرنا فيما مضى في موسم الحج الماضي عام 1407 هـ إلى قرار من مجلس هيئة كبار العلماء بالتنديد بهذا الأمر وإنكاره، وأن المجلس يشجب هذا، ويرى أنه باطل، ونرى أن على الدولة منع ذلك منعًا باتًّا؛ لما فيه من التشويه وإيذاء المسلمين، وهكذا المسلمون في كل مكان: الهند وباكستان، وفي إندونيسيا وفي مصر، وفي أفريقيا وفي كل مكان، أعلنوا تنديدهم بهذا العمل وإنكارهم لهذا العمل وأنه منكر، وأن ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (132).

الواجب تركه والحذر منه، وأن الواجب على الدولة منع ذلك، وأن الدول الإسلامية تؤيد المملكة فيما ذهبت إليه من القضاء على هذا المنكر، والحرص على تأمين الحجيج ودفع الأذى عنهم، هذا واجب الدولة: أن تحرص على أمن الحجيج، وأن يؤدوا مناسكهم بطمأنينة وأمن وعافية، وأن تأخذ على أيدي السفهاء، وتمنعهم من الباطل ومن الأذى ومن المسيرات، وإذا كان هناك تفجيرات صار الأمر أكبر وأخطر، فالمقصود أن ما وُجِدَ منهم من المتفجرات في عام 1406هـ، في جملة مما معهم من الأثاث الذي حملوه فإن هذا لا شك أنه يدل على خبث شديد، وفسادٍ كبير ونياتٍ فاسدة، وقصدٍ سيِّئ للحجيج وإيذائِهم، نسأل الله السلامة، ولهذا وجب على الدولة أن تنكر هذا وتمنع هذا منعًا باتًا، فالدولة - وفقها الله - واجب عليها أن تحرص على أمن الحجيج، وأمن الحرمين بكل وسيلة ممكنة من جهة التفتيش عند نزولهم من الطائرات، أو من الباخرات أو السفن أو السيارات، ويجب التفتيش حتى يحصل الأمن والسلامة إن شاء الله للمسلمين، ولا يجوز لأحد أن يكون معهم ولا مساعدتهم بسكين أو عصا، أو حجر أو متفجر، كل ذلك منكر لا يجوز أن يساعدوا فيه؛ لأن الله سبحانه يقول:

{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ}. فالذي يساعدهم فيما يضر المسلمين شريك لهم في الإثم، ويجب الأخذ على يديه وعقوبته إذا عُرِفَ، فلا يُساعَد مَن أراد الإلحاد في حرم الله، أو إيذاء حجاج الله، لا يجوز أن يُساعَد لا بحجر ولا بسكين ولا بغير هذا مما يؤذي المسلمين، فالبلد محل أمن، ومن دخله كان آمنًا؛ يعني يجب تأمينه، فلا يجوز أن يؤذى الحجيج، ولا المعتمرون لا في المسجد الحرام، ولا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، بل يجب أن يُؤَمَّنُوا ويُخافَ على سلامتهم حتى يرجعوا إلى بلادهم، فواجب الدولة القيام بهذا الأمر في غاية العناية وبأكمل العناية، والضرب بيدٍ من حديد على هؤلاء المجرمين؛ الذين يفسدون في الأرض، أو يريدون أن يفسدوا في الأرض ويؤذوا الحجيج، ويُخِلُّوا بالأمن، هذا واجب الدولة، والمسلمون كلهم يؤيدون ذلك، وفوق ذلك الكتاب والسنة تؤيدهم في ذلك، الكتاب والسنة يؤيدان ما تفعله الدولة من الأخذ على يد السفهاء والمجرمين، والعناية بأمن الحجيج والدفاع عنهم، وكف الأذى عنهم؛ حتى يؤدوا مناسكهم في غاية من الطمأنينة والسلامة والأمن والعافية، وإذا وُجِدَ أنهم لم يرتدعوا، أنهم يأتون بما يضر الناس وَجَبَ أن يُمنعوا

منعًا باتًا، من أي جنس كانوا، ومن أي بلد ومن أي دولة. إذا عُرِفَ أنهم يأتون للأذى والإخلال بالأمن وجب على الدولة بكل قوة أن تمنعهم، وهي معذورة في ذلك ومشكورة ومأجورة، وليس مجرد جواز، بل يجب وجوبًا أن تمنعهم من ذلك. وإذا كان إعلامهم يقول: إنهم إذا أتوا ... فسيكونون بنفس الغرض؛ لذا يجب أن يُمنعوا حتى يُذعنوا للحق، وحتى يقبلوا أن يكونوا كالمسلمين، كبقية المسلمين يأتون لأداء الحج بطمأنينة وإخلاص لله وكفٍّ للأذى، فإذا لم يفعلوا هذا وجب أن يُمنعوا ويُردعوا، وسوف يعين الله الدولة عليهم وعلى غيرهم الذين يريدون الإجرام والأذى، يقول سبحانه: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}. ويقول سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}. فكل من أراد الإسلام بسوء، سواء في بلد الله الحرام، أو في غير بلد الله الحرام فالواجب منعه من ذلك، والواجب التنكيل به، والأخذ على يديه بكل طريق موصل إلى ذلك مما شرع الله

سبحانه وتعالى، ولا سيما في أمر الحرمين، لأن أمرهما أمر عظيم، وهو لا يخص السعودية، بل يعم حجاج المسلمين؛ لذا يجب على المسلمين أن يكونوا ضد مَن أراد الأذى، يجب على المسلمين جميعًا في أي مكان، وفي أي دولة أن يكونوا شيئًا واحدًا، ويدًا واحدة في محاربة مَن أراد الإيذاء بالمسلمين، وأن يكونوا ضد أعداء الله، وضد مَن أراد إيذاء المؤمنين في مناسك الحج أو في غير ذلك، المسلمون شيء واحد، يجب أن يكونوا متكاتفين متعاونين ضد مَن أراد الأذى بالمسلمين، كما قال الله عز وجل: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}. وقال سبحانه: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا}.

حكم رفع الشعارات والتنديد بأعداء الإسلام في الحج

65 - حكم رفع الشعارات والتنديد بأعداء الإسلام في الحج س: أسمع بعضًا من المنتسبين إلى الإسلام يرفعون شعارات معنية في الحج، ويقولون: إنهم ينددون بأعداء الإسلام. وقد غيروا صورة الحج في أذهان الناس، ما هو توجيهكم سماحة الشيخ

حيال هذه القضية (¬1)؟ ج: المشروع على الحجيج أن يشتغلوا بذكر الله وطاعة الله في أيام الحج، وفي وقت التلبية يلبون: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. وقت الإحرام إلى أن يبدأ في رمي الجمرة يوم العيد، وفي العمرة إلى أن يبدأ في الطواف، أما قبل بدء الطواف للعمرة فهو يلبي، وفي الحج كذلك يلبي من حين يحرم بالحج إلى أن يبدأ في رمي جمرة العقبة، فيشتغل في التكبير، وعليه مع هذا الإكثار من ذكر الله، ومن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، أما اتخاذ شعارت أخرى في زعمهم أنها مشروعة كالتنديد بالأمريكان أو باليهود، أو بغيرهم من الناس، شعارات يعلنونها فهذا لا وجه له، ولا أصل لهذا، النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر في سنة تسع من الهجرة، أمر بإظهار البراءة من المشركين؛ أهل العهود، وأن تنبذ إليهم عهودهم سنة تسع، وأن يعلم الناس أن الواجب عليهم الدخول في الإسلام، وإلا فليس لهم الحج؛ لقوله عز وجل: ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (132).

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}. فالنبي صلى الله عليه وسلم نبذ إليهم عهودهم، الذين لديهم عهود نبذ إليهم عهودهم مطلقًا، والذين لهم عهد محدد نبذ إليهم عهدهم إلى مدته، فيبقى إلى مدته ثم ينتهي، إلا أن يدخلوا في الإسلام، وبيَّن لهم صلى الله عليه وسلم أنه ليس لهم دخول الحرم، وهم مشركون، كان هذا في عام تسع، بعث الصديق رضي الله عنه وجماعة معه من الصحابة، وبعث عليًا رضي الله عنه من أجل البراءة عام تسع؛ حتى يعلم الناس أن الحج إنما هو خاص بالمسلمين، وحتى يعلموا أن الرسول بريء من عهودهم، فعليهم الدخول في الإسلام وترك ما هم عليه من الشرك، وإلا فليمتنعوا من الحج، ولا يحجوا وهم مشركون، وفي عام عشر لما حج حجة الوداع ترك هذه البراءة، ولم يعلن شيئًا من ذلك، إنما كان هذا في عام تسع؛ حتى يعلم مَن له عهد عند النبي صلى الله عليه وسلم أنه على عهده إذا كان محددًا، وإن كان عهدًا مطلقًا فإنه نُبذ إليه حتى يستعد للدخول في الإسلام، أو يعرف أنه عدو فيُحارَب ويجاهَد، أما ما يتخذه بعض الناس في أيام الحج من المسيرات، وإعلان البراءة من اليهود أو

من أمريكا هذا شيء لا أصل له، هذه بدعة ما لها أصل، هذه بدعة باطلة لا يجوز فعلها، ويجب على الدولة منعهم من ذلك، يجب على الدولة - وفقها الله - أن تمنعهم من هذا الهراء، ومن هذا الفساد؛ لأنه يشوش على الحجيج، وربما أفضى إلى فتنة، كما وقع في العام الماضي يوم السادس من ذي الحجة عام 1407 هـ، لما قاموا بمسيراتهم الصاخبة وإعلاناتهم فاصطدموا مع الناس فصار بلاء عظيم وشر كثير، وقُتِلَ فئام من الناس، وجُرِحَ جم غفير، وهذا من أسباب مسيراتهم الباطلة، فالواجب على ولاة الأمور منعهم من ذلك ومنع غيرهم أيضًا، لو أراد غيرهم يُمنع، فمن جاء إلى الحج فليعمل بأعمال الحج، وليكن عليه الوقار والسكينة، كما قال الله جل وعلا: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ}. الحج ليس محل رفث؛ وهو الجماع للمرأة قبل الحل، وهذا القول السيِّئ والفعل السيِّئ يُسمى رفثًا، وهكذا المعاصي كلها تسمى فسوقًا، وهكذا الجدال والمراء في الحج، كله ممنوع، فالواجب على الحجيج أن يلتزموا بشرع الله في أرض الحرمين، وأن يستقيموا على دين الله، وأن يلزموا الواجب

ويحذروا ما حرم الله؛ من الرفث والفسوق والعصيان وسائر أنواع الشر، وهكذا إيذاء المؤمنين بالهتافات، أو بالمسيرات تؤذيهم في طرقهم، كل هذا يجب منعه منعًا باتًا.

حكم النيابة عن الغير في أداء فريضة الحج

66 - حكم النيابة عن الغير في أداء فريضة الحج س: ما هي العبادات التي يجوز فيها النيابة، مع بيان شروط النيابة للكل (¬1)؟ ج: العبادات التي فيها النيابة منها الحج، ومنها العمرة، ومنها توزيع الزكاة للثقة ليوزع الزكاة، والمسلم الثقة يُحَج عنه إذا كان عاجزًا؛ كالشيخ الكبير العاجز والعجوز الكبيرة، والمريض الذي لا يرجى بُرؤه، وهكذا في العمرة، وهكذا توزيع الكفارات، يجعل من يوزع عنه كفارة فطره في رمضان، أو كفارة ظهاره إذا كان عاجزًا عن العتق والصيام، وكل مَن يوزع عنه إطعام ستين مسكينًا، وهكذا يُوَكِّلُ في شراء الرقبة التي عليه في قطع رمضان، أو في تحريمه زوجته، أو في القتل، هذه كلها من العبادات التي فيها النيابة. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (59).

بيان شروط النيابة عن الغير في الحج

67 - بيان شروط النيابة عن الغير في الحج س: يقول السائل: من حج عن آخر هل هناك شروط معينة تتفضلون بذكرها (¬1)؟ ج: لا أعلم شروطًا، إلا أن يكون المحجوج عنه مسلمًا، والحاج مسلم، فإن كان لا يصلي لا يحج عنه؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، من تركها كفر على الصحيح ولو أقر بوجوبها، والحاج لا بد أن يكون مسلمًا يصلي، لا بد لمن يعطى النيابة أن يكون طيبًا في دينه ومسلمًا يصلي؛ حتى تكون حجته على الوجه الشرعي، وإذا تيسر أن يكون من أهل التقوى والإيمان ممن لا يعرف بمعصية يكون هذا أكمل وأحسن، ولا ينوب أحد عن غيره حتى يكون قد حج عن نفسه، والحج عن المتوفى مثل الحج عن الحي، يكمل الحج عنه بالنية عن الميت، سواء نافلة أو فريضة. ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (260).

نصيحة لمن ينوب عن غيره في الحج

68 - نصيحة لمن ينوب عن غيره في الحج س: كثير من إخواننا الحجاج يحج عن غيره، بماذا تنصحون من يريد الحج عن الغير؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (260).

ج: ننصحه بأن يجتهد بأداء الحق وبأداء الأمانة، يحج عن غيره كما يحج عن نفسه على الطريقة التي حج عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، يتبع السنة ويجتهد في أداء الحق الواجب؛ حتى يؤدي الحج على وجه شرعي؛ لأنها أمانة في حقه، فالواجب عليه أن يجتهد حتى يحج - كما حج النبي صلى الله عليه وسلم - عن الذي استنابه في الحج والعمرة، ويحرص على براءة ذمته من جميع أعمال الحج.

بيان تقديم الأم على الأب لمن أراد أن يحج عن والديه

69 - بيان تقديم الأم على الأب لمن أراد أن يحج عن والديه س: المستمع: أ. م. يقول: أنا شخص قد أديت الحج والعمرة والحمد لله، وعندي نية أن أحج وأعتمر لوالدي، فهل أبدأ بالوالد أم بالوالدة؟ وهل يكون الحج للوالد أم للوالدة، وكذلك العمرة؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: لقد دلت الأدلة الشرعية على أن الأم حقها أعظم وأكبر من حق الوالد الأب، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام، لما سأله سائل قال: «يا رسول الله من أبر؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (312). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (312). ') ">

قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أباك، ثم الأقرب فالأقرب"» (¬1) وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم قال لما سئل: «أي الناس أحق بحسن الصحبة؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: ثم أمك قال: ثم من؟ قال: ثم أمك قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك» (¬2) فإذا كان الوالدان لم يحجا وقد ماتا قبل أن يحجا فتبدأ بالأم، ثم تحج عن الأب، وهكذا إذا كانا قد حجَّا جميعًا تبدأ بالأم، أما إذا كانت الأم قد حجت وهو لم يحج فتبدأ بالأب، تؤدي الحجة عنه؛ لأنه ما حج وهي قد حجت والحمد لله، والحج عنهما قربة وطاعة، والصدقة عنهما والدعاء لهما والاستغفار لهما كله طاعة وقربة وحق عليك، ومشروع لك أن تدعوَ لهما، وأن تستغفر لهما، وأن تتصدق عنهما، هذا من البر بعد وفاتهما. س: لقد قضيت فريضة الحج وكنت متمتعًا، وأحب أن أقضي عمرة عن والدي، وعمرة عن والدتي، فهل يجوز هذا؟ جزاكم الله خيرًا. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب في بر الوالدين، برقم (5139)، والترمذي في كتاب البر والصلة، باب ما جاء في بر الوالدين، برقم (1897). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من أحق الناس بحسن الصحبة، برقم (5971).

ج: نعم، أنت مأجور إذا اعتمرت أو حججت عن أبيك، أو اعتمرت أو حججت عن أمك، كذلك فأنت مأجور، إذا كانا ميتين أو عاجزين من كبر السن فأنت مأجور على كل حال، فتحج عن أبيك، أو تعتمر عن أبيك، وإذا أديت العمرة عن نفسك ثم اعتمرت عنهما كل ذلك حسن.

بيان الواجب على ما يريد تأدية فريضة الحج عن أحد الوالدين

70 - بيان الواجب على ما يريد تأدية فريضة الحج عن أحد الوالدين س: هل يجوز لي تأدية فريضة الحج عن والدي المتوفى رحمه الله؟ وما الواجب عليَّ أن أفعله في تأدية الفريضة؛ حتى تصح حجة والدي، وتقبل عند الله بمشيئته تعالى (¬1)؟ ج: تحج عن والدك مثل ما تحج عن نفسك، والأفضل التمتع، تأتي بالعمرة من الميقات؛ ميقات بلدك، إن كنت من أهل نجد من السيل تَطُوف تسعَى وتقصر، هذه عمرة، ثم يوم الثامن تلبي بالحج، تذهب مع الناس إلى منى وإلى عرفات ثم مزدلفة، ثم ترمي الجمار يوم العيد والأيام الأخرى بالنية عن أبيك، ثم تطوف وتسعى لحجك، وعند الخروج تطوف للوداع سبعة أشواط بدون سعي هذا هو العمل، يكون ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (336).

لأبيك، وإن حججت حجًا مفردًا لَبَّيْتَ بالحج فقط، أو بحج وعمرة جميعًا، وقدمت إلى مكة بذلك، وبقيت على إحرامك، وطفت وسعيت وبقيت محرمًا حتى ذهبت إلى منى وعرفات، فإن عليك الطواف فقط، والسعي الأول يكفيك، فالسعي الذي أتيت به عند القدوم مع الطواف هذا كافٍ، ولكن تأتي بالطواف للحج يوم العيد، وهو طواف الإفاضة، ثم طواف الوداع عند الخروج، وليس عليك شيء إلا إذا كنت لَبَّيْتَ بالعمرة والحج قارنًا فإنك تفدي، عليك فدية ذبيحة تذبح في منى، أو في مكة المكرمة لهذه النية وتأكل منها وتطعم الفقراء.

حكم الحج عن الوالدي المتوفى إذا لم يسبق له الحج

71 - حكم الحج عن الوالد المتوفى إذا لم يسبق له الحج س: السائل: م. أ. من اليمن، يقول: والدي متوفى منذ أربع سنوات، ولكنه لم يحج، ولم يوصِ بالحج عنه؛ وذلك لأنه مات موتًا مفاجئًا، فما واجبنا؟ هل نحج عنه علمًا بأنه لم يوصِنا بذلك؟ وهل يجوز أن نقرأ له القرآن وندفع مالاً على ذلك (¬1)؟ ج: إذا كان لم يحج وخلف تركة وجب أن يُحَج عنه من التركة، إذا ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (423).

كان يستطيع الحج في حياته، ولكن تساهل وجب أن يُخرَج من ماله ما يُحَج به عنه، وإن حج عنه بعض أولاده كفى، أما إذا كان فقيرًا مات، ما يستطيع الحج فإن أولاده إذا حجوا عنه مأجورون، لهم أجر، إذا حج عنه بعض أولاده، أو إذا حجت عنه زوجته أو بعض أقاربه مأجورون، أما إذا كان لا يستطيع الحج عنده قدرة، ولكن تساهل فإنه يجب أن يُخرَج من ماله حجة، يعطاه الثقة حتى يحج بها عنه، وإن حج عنه بعض أولاده الطيبين كفى. أما أن يُقرَأ القرآن على الميت هذا لا دليل عليه ولا يشرع، ولكن يُدعى له، أما قراءة القرآن للموتى هذا لا دليل عليه ولا يشرع، لكن السنة أن يُدعى للميت، يُستغفر له، يُترحم عليه، يُتصدق عنه، يُحَج عنه، يُعتمُر عنه، كل هذا طيب. أما أن يقرأ القرآنُ يثوبه له هذا لا دليل عليه، أو يقرأ عند قبره هذا كله منكر، إذا قرأ له في البيت أو في المسجد يَنْوِيه له هذا لا دليل عليه، تركه أَوْلى، ولكن يدعو له، يستغفر له، يترحَّم عليه، يتصدَّق عنه، يحج عنه أو يعتمر عنه.

حكم أداء العمرة عن الوالد وتكليف شخص آخر بأداء الحج عنه

72 - حكم أداء العمرة عن الوالد وتكليف شخص آخر بأداء الحج عنه س: هل يجوز أداء العمرة عن والدي المتوفى، وتكليف شخصٍ آخر بتأدية الفريضة عنه (¬1) (¬2)؟ ج: لا بأس بذلك، لا بأس أن يؤدِّيَ العمرة عن والده، ويكلف شخصًا ثقة يؤدي عنه الحج، لا بأس بذلك، وإن تولاَّهُ بنفسه - أداء العمرة والحج عن والده - فهذا أكمل في البر، ويجوز أن يؤدي الحج عن والده شخص غيره وهو يؤدي العمرة، كما يجوز أن يحج عن شخص ويعتمر عن شخص آخر، كل هذا لا بأس به. س: السائل: م. ر. مصري ومقيم بالرياض، يقول: أنا مصري ومقيم في المملكة العربية السعودية بالرياض، فهل يجوز لي أن أحج عن والدتي؛ حيث إن والدتي بها مرض، ولا تستطيع المشي إلا على العصا، ولديها ضعف في النظر، وهي في مصر، وفي طول عناء؟ هل يجوز أن أحج عنها؟ ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (4). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (4). ') ">

ج: نعم، لا بأس أن تحج عنها، إذا كانت لا تستطيع الحج لضعفها ومرضها وكبر سنها، فقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم امرأة، فقالت: «يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير، لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: حجي عنه» (¬1) وجاءه رجل فقال: «يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير، لا يستيع الحج ولا الظعن، أفأحج عنه وأعتمر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: حج عن أبيك واعتمر» (¬2) فإذا كانت عاجزة فأنت جزاك الله خيرًا تحج عنها وتعتمر عنها؛ لكبر سنها وعجزها. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب الحج وفضله، برقم (1513)، ومسلم في كتاب الحج، باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوهما، برقم (1334). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب الرجل يحج عن غيره، برقم (1810).

حكم أداء العمرة والحج عن الوالدين العاجزين

73 - حكم أداء العمرة والحج عن الوالدين العاجزين س: الأخ: ب. أ. م. سوداني مقيم في الرياض، يقول: لي والد ووالدة لم يحجا فرضهما حتى الآن، وأنا لدي النية بأن أُحْجِجَهما، ولكن المشكلة أنهما كبيران؛ لدرجة أنهما لا

يتحملان مجرد السفر، فضلاً عن أداء شعائر الحج؛ من طوافٍ وسعيٍ ورمي جمار، هل أحج عنهما، أو أُوَكِّلُ من يحج عنهما؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: يشرع لك الحج عنهما كل واحد وحده، تبدأ بالأم ثم بالأب هذا هو الأفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سأله أبو رزين العقيلي، قال: «يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا الظعن، أفأحج عنه وأعتمر؟ فقال عليه الصلاة والسلام: حُجَّ عن أبيك واعتمر» (¬2) فأنت تحج عنهما جزاك الله خيرًا، وتبدأ بالأم؛ لأن حقها أكبر، ثم تحج عن الأب، وإن حججت عنهما، استأجرت ثقة يحج عنهما فلا بأس، لكن إذا توليت ذلك أنت فهو أفضل، إلا إذا رأيت أن غيرك أفضل منك؛ بعلمه وفضله، واتفقت معه على أن يحج عنهما فلا بأس. ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (188). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب الرجل يحج عن غيره، برقم (1810).

حكم الحج عن الجدة المتوفاة

74 - حكم الحج عن الجدة المتوفاة س: يسأل المستمع ويقول: أرجو إفادتي في هذا السؤال: فقد حَجَجْتُ عن نفسي في السنة الماضية، ولي نية أن أحج عن

جدتي المتوفاة، هل هذا جائز (¬1)؟ ج: لك أجر الحجة إذا حَجَجْتَ عن جدتك المتوفاة، أو أمك، أو خالتك، أو أختك، أو أبيك، أو عمك، أنت مأجور ومحسن. ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (432).

حكم من حج عن أبيه المتوفى، ثم وجد وصية منه بالحج عنه

75 - حكم من حج عن أبيه المتوفى، ثم وجد وصية منه بالحج عنه س: تسأل السائلة وتقول: شخص توفي ولم يحج، فحج أولاده عنه، وبعد فترة من الزمن وجدوا الوصية مكتوبًا عليها: أن يحجوا عنه. فهل تكفي الحجة الأولى التي قام بها الأولاد، أم يلزمهم أن يحجوا مرة ثانية (¬1)؟ ج: الذي يظهر – والله أعلم - أن يحجوا عنه حسب الوصية حجة ثانية، ولو حجوا أكثر فلا بأس، لكن الوصية التي أوصى بها ينفذوها؛ لأن الحجة التي أدوها تبرع منهم. ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (413).

بيان اشتراط الاستطاعة لوجوب الحج

76 - بيان اشتراط الاستطاعة لوجوب الحج س: إذا توفي المتوفى وعمره ستة عشر عامًا فهل يكون قد فرض

عليه الحج والعمرة (¬1)؟ ج: نعم، إذا بلغ خمسة عشرة عامًا صار مكلفًا، لكن لا حج عليه إلا مع الاستطاعة، ولو بلغ عشرين سنة أو ستين سنة ليس عليه حج ولا عمرة إلا بالاستطاعة، قال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}. فإذا كان فقيرًا لا يستطيع فلا حج عليه ولو كان كبيرًا، لكن لا يلزمه الحج، لكن إذا بلغ خمسة عشر سنة، أو احتلم، أنزل المني بشهوة في النوم أو اليقظة، أو أنبت الشعر الخشن حول الفرج صار مكلفًا بهذا الأمور الثلاث أو واحدًا منها، والمرأة مثله، وهكذا لو حاضت فهي مكلفة، فالأمر واضح في حقها، لكن لا يلزم الحج إلا إذا استطاعوا، ولا العمرة، إذا عندهم مال يستطيعون، وإلا لا يلزمهم الحج حتى يستطيعوا. ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (330).

حكم حج الإنسان عمن أحسن إليه بعد وفاته

77 - حكم حج الإنسان عمن أحسن إليه بعد وفاته س: لنا عمة قامت بتربيتنا تربية حسنة، ونسأل: إذا كانت عمتنا تلك أدت فريضة الحج هل لنا أن نحج عنها أيضًا؟ ونسأل عن

حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة» (¬1) وهل المراد بالولد الصالح الولد الذي من نفس الشخص، أو الولد الذي تربى على يد مربية كما فعلت تلكم العمة (¬2)؟ ج: أولاً يشرع لهم الدعاء لها، والترحم عليها، والصدقة عنها في مقابل إحسانها إذا كانت مسلمة، يدعون لها ويترحمون عليها ويتصدقون عنها؛ لأنها أحسنت، والله يقول: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلاَّ الْإِحْسَانُ}. فالمحسن ينبغي أن يجازى ويكافأ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من صنع إليكم معروفًا، فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافَأْتموه» (¬3) فهي محسنة، فيشرع لهم أن يحسنوا إليها، وأن يتصدقوا عنها، وأن يدعوا لها، والحج مثل ذلك، إذا حجوا عنها وهي ميتة، أو عاجزة ما تستطيع ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق المسلم من الثواب بعد وفاته، برقم (1631). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (103). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب عطية من سأل بالله، برقم (1672).

الحج؛ لكبر سنها فإن الحج عنها ينفعها، هذا من القرب العظيمة. أما الولد الذي يدعو للإنسان، فهذا المراد به الولد نفسه؛ ولد صلبه إذا دعا له، هذا مما ينفعه؛ ولهذا قال: «أو ولد صالح يدعو له» (¬1) يعني: ولد الميت نفسه، وأولاد أولاده، وأولاد بناته من ولده، إذا دعا له أولاد أولاده، وأولاد بناته وأولادهم وإن نزلوا كلهم داخلون في هذا. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق المسلم من الثواب بعد وفاته، برقم (1631).

حكم من نوى الحج عن نفسه والعمرة عن أحد والديه

78 - حكم من نوى الحج عن نفسه والعمرة عن أحد والديه س: السائلة: أم محمد، تقول: هل يجوز أن ينوي الإنسان بالحج والعمرة؛ أن ينوي في نفس الوقت الحج له، والعمرة ينويها لوالدته؛ نظرًا لأن الوالدة ضعيفة السمع والبصر، ولا تستطيع أن تؤدي العمرة (¬1)؟ ج: لا حرج، إذا أراد الإنسان أن يحج عن نفسه ويعتمر عن أمه أو أبيه أو العكس، يعتمر عن نفسه ويحج عن أمه أو أبيه لا بأس، إذا كانت أمه ميتة أو أبوه ميتًا، أو عاجزين لكبر السن أو بمرض لا يرجى برؤُه، ¬

(¬1) ورد هذا السؤال في الشريط رقم (422).

وقد حج عن نفسه، وقد اعتمر عن نفسه، مأجور هذا من البر والصلة، من البر أن يحج عن أبيه الميت أو العاجز، ومن البر أن يحج عن أمه العاجزة أو الميتة، أو يعتمر عنهما، كل هذا من البر، إذا كانا ميتين أو عاجزين لكبر السن، أو لمرض لا يرجى برؤُه كل هذا رخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم.

حكم من اعتمر عن غيره بأجر ثم حج عن نفسه

79 - حكم من اعتمر عن غيره بأجرة ثم حج عن نفسه س: هل يجوز لمن اعتمر عن غيره بالأجر أن يحج عن نفسه (¬1). ج: لا حرج، إذا اعتمر الإنسان عن غيره، له أن يحج عن نفسه، أو اعتمر لنفسه، له أن يحج عن غيره، إذا كان قد حج عن نفسه، الحاصل أنه إذا كان قد اعتمر عن نفسه، وحج عن نفسه، فلا بأس أن يحج عن غيره من الأموات، أو العاجزين لكبر السن، يحج عنهم من أقاربه وأمواته أو غيرهم لا بأس، المهم أنه لا يحج عن أحد إلا بعد أن يحج عن نفسه، ولا يعتمر عن أحد إلا بعد أن يعتمر عن نفسه، والحج مرة في العمر، والعمرة مرة في العمر، وما زاد بعد هذا، فهو سنة وتطوع، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (18).

فإذا اعتمر الإنسان عن غيره؛ عن أمه أو أبيه في أشهر الحج، ثم حج عن نفسه فهو متمتع، أو اعتمر لنفسه ثم حج عن غيره فهو متمتع في عام واحد إذا كانت العمرة في أشهر الحج.

حكم النيابة عن شخص في الحج وعن آخر في العمرة في سفرة واحدة

80 - حكم النيابة عن شخص في الحج وعن آخر في العمرة في سفرة واحدة س: إذا ناب شخص عن مسلم بعمرة، وعن آخر بحج فهل يجوز له ذلك بإذنهما؛ علمًا بأنه قد اعتمر وحج عن نفسه سابقًا (¬1) (¬2)؟ ج: لا حرج أن يكون المعتمر عن زيد وحجه عن عمرو، يعتمر عن زيد ويحج عن عمرو، يعتمر عن أمه ويحج عن أبيه، يعتمر عن أخيه ويحج عن أخته، وهكذا وهو متمتع في هذا كله، ما دام أدى العمرة والحج في عام واحد في أشهر الحج، فهو متمتع مطلقًا، سواء كانت الحجة والعمرة عن نفسه أو عن غيره، أو هذه عن واحد والأخرى عن واحد، كله سواء يسمى متمتعًا، وعليه الهدي المشروع فدية واحدة، سُبْع بدنة أو سُبْع بقرة، أو ثَنِيٌّ من المعز، أو جذع من الضأن، هذه الفدية المشروعة في حق المتمتع والقارن، والهدي عليه هو؛ على الذي فعل الحج والعمرة، سواء كان متطوعًا عن غيره، أو بالأجرة هو الذي ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (18). (¬2) السؤال من الشريط رقم (18). ') ">

باشر الأمر، فهو يرجى له الأجر، إذا كان له نية صالحة إن شاء الله يرجى له؛ لأنه شريك في الخير، إذا كان له طوافات كثيرة يطوفها لنفسه، له صلوات وعبادات يفعلها، فهو إن شاء الله على خير مع النية الصالحة. س: يتردد في أوساط المسلمين: أن الإنسان إذا حج واعتمر عن شخص بالأجرة أن جميع ما يفعله - عدا الصلاة والأشياء التي كان يفعلها في بلده - كلها تصير لمن حج عنه أو اعتمر، فما صحة هذا؟ ج: المعروف أن يكون للمحجوج عنه ما يتعلق بالحج: طوافه وسعيه ورمي الجمار، وكل ما يتعلق بواجبات الحج وأركانه، هذه تكون للمحجوج عنه، وأما هو فيرجى له أن يكون له مثل أجره إذا نوى، إذا كان له نية صالحة يرجى له أن يكون مثل أجره، وكذلك ما يطوف لنفسه من الطوافات المتطوع بها في مكة هذا له أجره كذلك، صلواته في مكة، صدقاته، تسبيحه وتهليله كل هذا له ما للمحجوج عنه من أمور الحج، واجبات الحج، وأركان الحج هذه له، وقد يكون له أجر السُنن أيضًا، يكون له أجر السُنن والأمور المتعلقة بالسُنن مثل ركعتين

في الطواف، ومثل ما يفعل في السعي والطواف من الأذكار، قد يكون للحاج أجر ذلك، وله هو مثل أجره أيضًا، قد يكون هذا؛ لأن هذا تابع للطواف والسعي، الأذكار والدعوات التي فيها أجرها تابع للطواف والسعي فقد يكون للمحجوج عنه؛ لأنه تبع الطواف والسعي، وقد يكون أجر ذلك للحاج النائب؛ لأنه متطوع؛ لأن الذكر ما هو بواجب، والدعاء ما هو بواجب، وبكل حال فهو على خير إن شاء الله.

حكم الحج والعمرة عن الوالدة المتوفاة

81 - حكم الحج والعمرة عن الوالدة المتوفاة س: هل يجوز أن أحج عن والدتي؛ علمًا بأنني قد حَجَجْتُ عن نفسي ووالدتي المتوفاة (¬1)؟ ج: يستحب لك أن تحج عنها، وأن تعتمر. ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (328).

حكم أداء العمرة عن القريب بعد وفاته

82 - حكم أداء العمرة عن القريب بعد وفاته س: المستمع: ص. ع. م، يسأل ويقول: سمعت من بعض الناس أن العمرة لا تجوز لمن هو متوفى، فهل ما قيل صحيح (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (328). (¬2) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (328). ') ">

ج: إذا كان المتوفى مسلمًا فإن العمرة مشروعة له، وكذلك الحج، فإذا اعتمرتَ عن أخيك الميت أو أبيك، أو حججت عنه فأنت مأجور إن شاء الله. س: مستقبلاً أريد الحج لأمي، والعمرة لي تكملة لزيارتي السابقة، هل يجوز ذلك؟ ج: لا حرج، إذا كنتِ قد أديت الحج عن نفسكِ، وجعلتِ الحجة لأمك الميتة أو أمك العاجزة، التي قد ضعفت عن الحج لكبر سنها، أو لمرض لا يرجى برؤُه فلا بأس، والعمرة لكِ، أو العكس، بأن جعلتِ العمرة لأمكِ الميتة أو العاجزة، والحج لكِ كله طيب، والحمد لله.

حكم الحج عن نفسه وعن والده بنية واحدة

83 - حكم الحج عن نفسه وعن والده بنية واحدة س: علمت أن المسلم إذا صام يوم نفل بأكثر من نية فإن الجزاء يكون حسب النية؛ للحديث: «إنما الأعمال بالنيات» (¬1) والله أعلم. وسؤالي هو: هل يجوز للمسلم أن يؤدي فريضة الحج بنيتين؛ كأن يحج حجة بنية أنها عن نفسه وعن أحد والديه؟ ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1).

أفادكم الله (¬1) (¬2). ج: هذا يختلف، فالحج ما يكون إلا عن واحد، فإذا نواه عن نفسه فهو لنفسه، وإن نواه عن أبيه فهو لأبيه، ويؤجر على بره لأبيه، وهكذا العمرة، فإذا اعتمر عن أبيه الميت، أو عن أمه الميتة، أو العاجزين لكبر سنهما فله أجر في ذلك؛ لأنه قد برَّ بهما بهذا العمل، وهو يؤجر على هذا، لكن ما تكون الحجة عن اثنين، الحجة لواحد والعمرة لواحد، فإن كان نواها عنه فهي له، وإن كان نواها عن أبيه فهي لأبيه، أو نواها عن أمه فهي لأمه، فإن نواها عنهما جميعًا؛ عنه وعن أبيه، أو عنها وعن أبيه صار عنه فقط، لا تكون عن اثنين، فينبغي لمن أراد أن يبر أباه أن تكون الحجة له وحده، وهكذا أمه ينويها عنها وحدها، وهو يؤجر على بره لهما وإحسانه إليهما. أما بعض الأعمال فيمكن تنوع النية فيها، مثل صيام يوم الخميس؛ لفضل يوم الخميس، ولأنه يرى في ذلك نشاطًا له على بعض الأعمال، وقوة له على بعض الأعمال ولأسباب أخرى، فلا بأس لو صام يوم الخميس؛ لفضله ولأنه يتقوى به على عمل، أو لأنه يرتاح فيه، ويرى فيه ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (101). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (101). ') ">

نشاطًا ومصلحةً أخرى، فهو فعله لهذا ولهذا فلا بأس، وهكذا لو صلى التهجد بالليل؛ لأنه يحب أن يتعبد في الليل، ولأنه يرى أن في ذلك صحة لبدنه، وهضمًا لطعامه ونحو ذلك جمع الله له الخير، لكن ليس مثل مَن صلى لله قصدًا فقط فيكون أكمل. أما من اختار الأيام البيض مثلاً؛ ليجعلها مكانًا للقضاء؛ لقضاء ما فاته من رمضان؛ لمرض أو سفر أو عذر فطري فإنه لا يظهر لي في هذا إلا أنه ليس له إلا القضاء، ويرجى له خير إذا أراد بهذا أنه يعني يصوم هذا، نرجو أن يحصل له خير مثل مَن جعل قضاءَه الخميس والاثنين؛ لفضل الاثنين والخميس، فيرجى له أن يكتب في هذا أجر، لكن لا يضره. س: يقول السائل: هل يجوز أن يحج الإنسان عن أكثر من شخص مرة واحدة (¬1)؟ ج: لا، الحج عن واحد فقط، لا يحج عن شخصين، كل واحد له حجة لوحده وعمرة، لا يجمع شخصين في عمرة أو في حج، ولكن الحج عن واحد والعمرة عن واحد. س: هل يجوز للإنسان أن يعتمر عن بعض إخوانه في الله في عمرة ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (260). ') ">

واحدة؟ وماذا يقول إذا أراد أن يعتمر؟ ج: نعم، يجوز له أن يعتمر عن أخيه في الله إذا كان ميتًا أو عاجزًا؛ لهرم أو مرض لا يرجى برؤُه، يعتمر له أو يحج عنه، مشكور ومأجور، إذا كان بهذا الشرط: إما ميت، أو عاجز لهرم، أو كبر سن، أو لهرم، أو مرض لا يرجى برؤُه.

حكم من شك في أداء من أنابه في الحج عن الغير

84 - حكم من شك في أداء من أنابه في الحج عن الغير س: قبل ثماني سنوات كلفت أحد الأشخاص بأن يحج عن والدتي مقابل مبلغ معين دفعته له كاملاً، ثم سمعت أخبارًا من بعض الناس مفادها: أن معظم الذين يحجون مقابل بعض المال يأخذون في الحجة الواحدة من أكثر من شخص. فلو صح هذا هل الحجة التي نويتها لوالدتي صحيحة؟ أم هل يلزمني أن أحج عنها مرة ثانية (¬1)؟ ج: إذا كان الذي دفعت له المال ثقة عندك مأمونًا فلا يضرك ما تسمع من الكلام، الأصل أنه أدى ما عليه وحج عن أمك، هذا هو ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (168).

الأصل في الثقة المأمون، فإن كان عندك شك فيه، وحججت عن أمك من جهة نفسك هذا خير إلى خير، وفضل إلى فضل. وإن كانت لم تحج فريضتها، وقد خلفت مالاً وجب عليك الحج عنها من مالها، إذا كانت غنية حين ماتت ولم تحج. أما إذا كان الحج تطوعًا فالأمر في هذا واسع والحمد لله، وقد فعلت عنها خيرًا بأن استنبت من يحج عنها، والأصل أنه حج عنها إن شاء الله إذا كان ثقة، وإن حَجَجْتَ زيادة مرة أو مرتين، أو أكثر فلك أجر ذلك.

نصيحة لمن أردا الاستنابة في العمرة أو الحج

85 - نصيحة لمن أراد الاستنابة في العمرة أو الحج س: دفعت مالاً لشخص من أجل أن يحج عن والدتي، وأنا أرى أنه أمين، ثم تبين لي أن هذا الشخص يعمل عملاً غير صالح. أطلب الإفادة عن هذا (¬1). ج: ينبغي على مَن أراد أن يستنيب أحدًا في الحج أو العمرة أن يختار الرجل الصالح؛ المعروف بالثقة والأمانة، وأن يسأل عنه ولا يتساهل، فلا يدفع المال إلى مَن لا يعرف حاله، بل الواجب أن يتثبت في الأمر، وألاَّ يستنيب إلا الثقة الأمين الذي قد عرفه جيرانه وإخوانه وأصحابه ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (1).

بذلك، فإذا استأجر إنسانًا ليس بأمين؛ يعني ظهر له بعد ذلك أنه ليس بأمين فإن الأولى به ألاَّ يكتفي بذلك إذا أحب، بل يدفع حجة أخرى إلى الثقة الأمين، أو يحج بنفسه عن والدته أو عن جده أو عن أخته التي قد ماتت ولم تحج، أو عاجزة لا تستطيع الحج، أو كونها كبيرة في السن وعاجزة، يحج عنها بنفسه هو؛ حتى يطمئن أن قد أدى الحجة عن هذه القريبة، أو يعطيها إلى ثقة أمين معروف؛ حتى يطمئن إلى أنه يؤديها كما شرع الله سبحانه وتعالى. وكثيرًا من الناس لا يبالي؛ ويدفع الحجة إلى كل أحد، إلى مَن هبَّ ودبَّ، هذا غلط، لا ينبغي هذا، وليس من الأمانة، وليس من الرعاية، فلا بد من كون الإنسان يرعى الأمانة ويتقي الله في شؤونه كلها، فالحاصل إن تيسر له أن يحج بنفسه عن أمه أو جدته أو أخته فلا بأس، وهذا أولى، وإن لم يتيسر عليه اختار الثقة الأمين المعروف بالديانة والأمانة، أو إذا تيسر أنه من أهل العلم كان هذا أكمل؛ حتى يؤدي الأنساك على خير وجه، وعلى ما شرعه الله سبحانه وتعالى، ثم إن الحج لا يكون إلا عن ميت، أو عن إنسان كبير السن عاجز عن الحج، أما الصحيح الحي: فإنه لا يحج عنه، بل إنما يكون عن الميت أو الذي عجز لكبر سنه، أو مرضه الذي لا يرجى برؤُه، يحج عنه حتى ولو حج النافلة على الأرجح، فالظاهر الإجزاء إن

شاء الله، إذا كان لا يدري حج أو ما حج؟ فالظاهر الإجزاء؛ لأن الأصل أن هذه المسائل الغالب على مَن أخذها أنه يؤديها، هذا هو الغالب وإن كان قد يُتهَم بالخيانة، لكن الغالب أنه يؤديها، لكن يحتاط وأَخْذُ الحجة الأخرى من باب الاحتياط، هذا حسن، من باب: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (¬1) من باب الحيطة، ولا سيما إذا كان وكيلاً في إخراج الحجة فقد قصر في الوكالة، ولم يعتنِ بها، فكونه يُخرج من ماله حجة أخرى؛ ليحتاط لدينه ولبراءة ذمته هذا يكون أولى إن شاء الله؛ لأن ذاك الأول غير مأمون على أداء الحجة. ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب منه، برقم (2518)، والنسائي في كتاب الأشربة، باب الحث على ترك الشبهات، برقم (5711).

حكم الاستئذان من الورثة لمن أراد أن يحج عن ميتهم

86 - حكم الاستئذان من الورثة لمن أراد أن يحج عن ميتهم س: أريد أن أؤدي فريضة الحج عن خالي، هل لي أن أستشير أبناءَه الصغار (¬1) (¬2)؟ ج: إذا كان خالك قد توفي، وأنت قد أديت فريضة الحج فلا بأس أن تؤدي الحج عنه، ولا حاجة إلى استشارة أحد أبنائِه، أو غير أبنائِه بشرط ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (69). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (69). ') ">

أن يكون قد توفي، أو كان كبير السن لا يستطيع الحج، وأنت قد أديت فريضة الحج فإنك إذا أحسنت إليه، بأداء الحج عنه فأنت مشكور ومأجور، ولا حاجة إلى استئذان أحد. س: المستمع: م. ن. م، من مكة المكرمة يقول: قمت في العام الماضي بفريضة الحج عن نفسي، ثم في السنة التالية قمت في رمضان بعمرة عن جدتي، وفي نفس السنة قمت بالحج عنها أيضًا، ولم آتِ بعمرة لها بعد نهاية الحج، فهل ما قمت به صحيح في الحج عنها؟ ج: كله طيب جزاك الله خيرًا، فهو من البر جزاك الله خيرًا، فالعمرة حسنة في رمضان، والحج كذلك، ولا حاجة إلى عمرة بعد رمضان ولا بعد الحج، فالعمرة في رمضان عنها كافية والحمد لله.

حكم إهداء ثواب الطواف للغير

87 - حكم إهداء ثواب الطواف للغير س: هل يجوز أن أقوم بالطواف حول الكعبة لوالدتي (¬1)؟ ج: ليس عليه دليل، تركه أولى، تطوف عن نفسك وتدعو لها في طوافك، ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (326).

وهكذا تدعو إلى غيرها من أقاربك والمسلمين؛ لأني لا أعلم لمثل هذا شيئًا صحيحًا عن النبي صلى الله عليه وسلم يدلُّ على الطواف عن الغير، وإنما يحج عن الغير أو يعتمر حجًا كاملاً أو عمرة كاملة، أما أن يطوف عن فلان أو فلان فليس عليه دليل فيما أعلم، وإنما يطوف لنفسه ويدعو لمن أحب.

حكم الحج عن الوالدة إذا كانت عاجزة

88 - حكم الحج عن الوالدة إذا كانت عاجزة س: ما حكم الحج عن والدتها التي لا تستطيع الحج (¬1)؟ ج: إذا كانت الوالدة لا تستطيع لكبر سنها، أو الوالد لكبر سنه فلا بأس تحج عنه، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، سألته امرأة قالت: «يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: حجي عن أبيكِ» (¬2) فلا بأس أن تحج المرأة أو الرجل عن أبيه وأمه، إذا كان المحجوج عنه كبير السن، عاجزًا أو مريضًا مرضًا لا يرجى برؤُه، فلا بأس بالحج عنه إذا كان الحاج قد حج عن نفسه، وهكذا العمرة إذا كان المعتمر قد اعتمر عن نفسه عمرة الإسلام، فله أن يحج وله أن يعتمر عن أبيه أو أمه، أو غيرهما إذا كان ميتًا أو كان عاجزًا لكبر سنه، أو لكونه مريضًا مرضًا لا يرجى برؤُه فإنه يحج عنه. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (330). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب الحج وفضله، برقم (1513)، ومسلم في كتاب الحج، باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوهما، برقم (1334).

حكم الحج عن الوالدة إذا كانت نشيطة مع كبرها

89 - حكم الحج عن الوالدة إذا كانت نشيطة مع كبرها س: هل يجوز لي أن أحج عن والدتي التي تبلغ من العمر 70 عامًا، وما زالت نشيطة (¬1) (¬2)؟ ج: ليس لك أن تحج عنها، إلا إذا عجزت لكبر السن، أما ما دامت نشيطة فتحج بنفسها والحمد لله. س: هل يجوز الطواف أو العمرة عن الوالدين؟ وكم تكون الهرولة في الطواف والسعي؟ ج: إذا كان الوالدان ميتين، أو عاجزين لكبر السن أو مرض لا يرجى برؤُه فلا بأس أن تعتمر عنهما، وأن تحج عنهما، كل واحد على حدة؛ لِمَا جاء في الأحاديث في ذلك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه سئل كثيرًا عمن قال: توفي أبي وعليه كذا، توفيت أمي وعليها حجة. وقال: «حج عن أبيك» (¬3) «حج عنها» (¬4) وسمع أعرابيًّا يقول: «لبيك عن ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (322). (¬2) السؤال العشرون من الشريط رقم (322). ') "> (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب الرجل يحج عن غيره، برقم (1810). (¬4) أخرجه البخاري، باب الحج، باب الحج والنذور عن الميت، برقم (1720).

شبرمة. قال: من شبرمة قال أخٌ لي. أو: قريب لي. ال: هل حججت عن نفسك قال: لا. قال: حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة» (¬1) فدل ذلك على أنه لا حرج في الحج عن الغير إذا كان ميتًا، أو عاجزًا لمرضٍ لا يرجى برؤُه، أو لكبر السن، أما الطواف فلا؛ لا يُشرع الطواف عن الحي أو الميت، ليس عليه دليل، والعبادات توقيفية لا تُفعل إلا بالدليل، ولا نعلم دليلاً يدل على التقرب بالطواف وحده، بل تطوف عن نفسك فقط كما تصلي عن نفسك، أما الحج والعمرة فلا بأس أن تحج عن غيرك، وأن تعتمر عن غيرك إذا كان ميتًا، أو عاجزًا لكبر أو مرضٍ لا يرجى برؤُه. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، برقم (1811).

حكم الحج عن المريض الذي يرجى برؤه

90 - حكم الحج عن المريض الذي يرجى برؤه س: عندي والدة بها مس من الجن، ولا تستطيع الجلوس في الزحام، ولا تطيق الزحام، ولم تحج حتى الآن، فهل لي أن أحج عنها أو لأبي، علمًا بأن الوالد قد حج (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (323).

ج: مثل هذه يرجى أن تُشفى وتُعافى، وعليكم أن تجتهدوا في القراءة عليها؛ لعل الله يشفيها من هذا المس، تقرأ عليها أنت أو أبوك، تقرأ عليها أو أخوك، أو يقرأ عليها مَن هو معروف بالخير؛ لعل الله أن يزيل عنها هذا البلاء، والمعروف أن المجنون إذا قرئ عليه الآيات القرآنية والدعوات الطيبة، يسأل هذا الجني بالله ويحذره من الظلم، فإن الله سبحانه وتعالى يخرجه منها، فعليكم أن تجتهدوا في الأسباب؛ لعل الله سبحانه يشفيها من هذا البلاء، وتحج لنفسها والحمد لله، ولا يتعجلون؛ لأنه يُرجى زواله.

حكم تحجيج الشخص غيره من ماله ولم يسبق له الحج

91 - حكم تحجيج الشخص غيره من ماله ولم يسبق له الحج س: تقول السائلة: إذا كان الإنسان لم يحج فريضة الحج فهل يجوز له أن يحج عن شخص له متوفى؛ بمعنى أن يعطي مبلغًا من المال لأحد الأشخاص؛ لِأَنْ يؤدي فريضة الحج عن ذلك المتوفى؟ وهل من شروط للحج يجب أن تكون فيمن سيقوم بالحج (¬1)؟ ج: لا حرج أن يُّحْجِجَ الإنسان عن غيره لمالٍ يبذله وإن كان لم يحج، فإذا دفع الإنسان مالاً لبعض الثقات؛ ليحج عن أبيه أو عن أمه أو ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (237).

عن زوجته أو عن أخيه أو نحو ذلك فلا بأس، ولو كان ما حج عن نفسه، الممنوع أن يحج بنفسه عن غيره، لا يحج عن غيره حتى يحج بنفسه؛ إذا كان حاجًّا بنفسه، أما إذا استعان بغيره، ودفع مالاً لغيره؛ ليحج عن أمه أو أبيه أو أخيه فلا حرج في ذلك؛ لأن الحاج غيره ليس هو الحاج نفسه، ولكنه بذل ماله في ذلك.

حكم حج المرأة وعمرتها عن والدها المتوفى

92 - حكم حج المرأة وعمرتها عن والدها المتوفى س: هل يجوز للمرأة أن تحج أو تعتمر عن والدها المتوفى، علمًا بأنه ليس له من العيال أو البنات سواها (¬1) (¬2)؟ ج: نعم، للمرأة أن تحج عن والدها وعن جدها وعن أمها وعن جدتها وعن أقاربها تطوعًا منها، إذا كانوا أمواتًا أو كانوا عاجزين؛ كبار السن لا يستطيعون الحج فهي مأجورة في ذلك. وقد سئل النبي عن هذا عليه الصلاة والسلام، فأجاب بأنه لا بأس؛ قالت امرأة: «يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يثبت على الراحلة، أفاحج عنه، قال: حجي عن أبيكِ» (¬3) وقال له رجل: «يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (362). (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (362). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب الحج وفضله، برقم (1513)، ومسلم في كتاب الحج، باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوهما، برقم (1334).

الحج ولا الظعن، أفأحج عنه وأعتمر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: حج عن أبيك واعتمر» (¬1) وسألت امرأة، قالت له: «يا رسول الله، إن أمي نذرت أن تحج، فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال: حجي عنها» (¬2) والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، فإذا حجت المرأة عن أبيها أو أمها أو جدها أو جدتها أو إخوتها كل ذلك طيب، أو أدت عنهم ديونًا عليهم، أو تصدقت عنهم، أو دعت لهم كل هذا مطلوب كله طيب. س: مصرية مقيمة بمكة المكرمة، وحجت حجة الفريضة عن نفسها، وتريد أن تحج هذا العام عن والدها، تقول: هل يجوز لي أن أحج عنه؛ علمًا بأنه على قيد الحياة ومريض، ولا يستطيع أن يحج بسبب المشقة، ووالدي بلغ سن الشيخوخة، ولا يستطيع الحركة؟ فأفيدوني بذلك يا سماحة الشيخ. ج: هذا شيء طيب لا بأس، مأجورة إن شاء الله، إذا حَجَجْتِ عن أبيكِ العاجز عن الحج أنت مأجورة والحمد لله، قد أديتِ الحج عن ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب الرجل يحج عن غيره، برقم (1810). (¬2) أخرجه البخاري، باب الحج، باب الحج والنذور عن الميت، برقم (1720).

نفسكِ والحمد لله، فإذا حَجَجْتِ عن أبيك أو أمكِ، الميت أو العاجز منهما فلا حرج.

حكم من نوى العمرة عن جده ثم اعتمر لنفسه

93 - حكم من نوى العمرة عن جده ثم اعتمر لنفسه س: هذه السائلة: أم محمود من جدة تقول: سماحة الشيخ، لقد قلت في النية بأنني سوف أعمل عمرة لجدي المتوفى، وفي نيتي أنها ستكون أول عمرة أعملها بعد أن قلت ذلك، ولكنني بعد ذلك أديت عمرة لنفسي، مع العلم بأنني اعتمرت قبل ذلك، ثم نويت الحج متمتعة، فأديت عمرة أخرى وحجًا والحمد لله، ولم تكن عندي فريضة لأداء عمرة قبل الحج، ولم أؤدِّها إلى الآن، فهل حجي صحيح؟ وماذا يلزمني (¬1) (¬2)؟ ج: نعم، حجك صحيح والعمرة صحيحة والحمد لله؛ لأن هذا ليس بنذر، هذا نية، فليس عليك شيء، متى تيسرت العمرة لجدك فلا بأس، وإلا العمرة التي عملتِها صحيحة والحج صحيح والحمد لله. س: يقول السائل: خ. م، مصري، مقيم بتبوك: هل يجوز أن أقوم ¬

(¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (418). (¬2) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (418). ') ">

بتوكيل شخص ما؛ لكي يؤدي فريضة الحج عن والدي المتوفى؟ وما شرط ذلك بالوكالة (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك؛ أن تعطيه من مالك ما يحج به عن والدك المتوفى، لا حرج في ذلك إذا كان مسلمًا أهلاً لذلك، تختار الرجل الطيب الذي ترجو أن الله يتقبل منه، فلا بأس إذا اخترت الرجل الطيب المعروف بالخير، وتستنيبه عن والدك الميت، أو أمك الميتة، أو تحج أنت عنهم كل مرة عن واحد منهما، وهكذا الشيخ الهرم العاجز كالميت، والعجوز الهرمة التي لا تستطيع الحج كالميت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لما سأله أبو رزين، قال: «يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه وأعتمر؟ قال: حج عن أبيك واعتمر» (¬2) وقالت امرأة له: «يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير، لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال صلى الله عليه وسلم: حجي عن أبيكِ» (¬3) ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (386). ') "> (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب الرجل يحج عن غيره، برقم (1810). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب الحج وفضله، برقم (1513)، ومسلم في كتاب الحج، باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوهما، برقم (1334).

س: أنا أديت فريضة الحج والحمد لله، ووالدي توفي، وأريد أن أحج عنه، فكيف توجهونني؟ ج: أنت مأجور في الحج عنه جزاك الله خيرًا، يُشرع لك أن تحج عنه إذا كان ما حج فريضته، يُشرع لك أن تحج عنه، وإن كان قد حج فلا بأس أن تحج عنه نافلة أنت مأجور على كل حال، لك من الأجر مثل ما يكون لأبيك، أنت على خير إن شاء الله.

حكم من حج عن شخص لا يعرف اسمه

94 - حكم من حج عن شخص لا يعرف اسمه س: الأخ: ع. م. ف. من القنفذة، يقول: لوالدتي أَخَوَانِ، أحدهما قد حج، والثاني لم يحج، وكلاهما قد توفيا إلى رحمة الله في العام الماضي، أعطتني والدتي مبلغًا من المال، وطلبت مني أن أبحث عن شخص يحج عن أخيها الذي لم يحج، فوجدت الشخص المطلوب، واتفقت معه، ولكنه عندما طلب مني اسم الشخص الذي سيحج عنه ذكرت له اسم الذي قد حج؛ لأني لا أعرفه، وعندما أخبرت والدتي قالت لي: إنني قد أعطيته اسم أخيه. وقد

تم الحج على هذا الأساس، فهل تكون الحجة للذي نوته والدتي، أم للذي تلفظت باسمه؟ وهل يلزمنا الحج عنه؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: الحج يكون لمن نوته الوالدة، أما الغلط في الأسماء فلا يضر ولا يؤثر، الحج للشخص الذي لم يحج، وهو الذي نوت الوالدة أن يكون الحج عنه والحمد لله. س: تقول السائلة: لي ولد متوفى، وأريد أن أحج له، وقمت بتوفير راتبه أجرة لمصاريف الحج، علمًا بأن زوجي قد حج لنفسه السنة الماضية، هل يجوز لزوجي الذي قد حج لنفسه أن يحج لولده (¬3)؟ ج: لا حرج ولا بأس أن يحج عنه، سواء بأجرة أو بغير أجرة، إن حج عنه تطوعًا جزاه الله خيرًا، وإن أعطيتِه بعض الشيء مساعدة فلا بأس، أو حَجَجْتِ أنتِ عنه إذا كنت قد حججت عن نفسك، كل هذا واسع والحمد لله، أما الذي ما حج عن نفسه لا يحج عن غيره حتى يحج عن نفسه. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (179). (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (179). ') "> (¬3) السؤال الثامن من الشريط رقم (1914). ') ">

س: قمت بالحج عن جدي، وقد أديت كل المناسك، فهل تجوز الحجة عنه مع أنه متوفى؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: نعم، إذا كنت قد حَجَجْت عن نفسك فقد أحسنت، وهذا من صلة الرحم ومن البر، فجزاك الله خيرًا، وأما إذا كنت ما حَجَجْت عن نفسك فإنها تقع عنك هذه الحجة، وفي إمكانك أن تحج عنه مرة أخرى. س: في العام الثاني بعد حجي لنفسي ذهبت إلى الحج، ونويت الحج لوالدي المتوفى حجًا منفردًا، ولم أذبح، هل عليَّ شيء أم لا؟ ج: أما الذي أحرم بالحج المفرد فليس عليه شيء، وليس عليه هدي ولا صيام. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (177). ') ">

حكم المريض إذا شفي بعد ما تلبس نائبه بالحج

95 - حكم المريض إذا شفي بعد ما تلبس نائبه بالحج س: إذا شفي المعذور بعد أن تلبّس نائبه بالحج فهل يقع الحج عن فريضة الإسلام، أم يكون نفلاً في حقه (¬1)؟ ج: إذا شُفِيَ المعذور مما سوّغَ النيابة عنه في الحج فقد اختلف العلماء رحمة الله عليهم، هل يجزئ ذلك المعذور الحج، أم عليه أن يأتي به لزوال العذر؟ على قولين مشهورين لأهل العلم، والأحوط للمؤمن في مثل هذا أنه يأتي بالحج؛ لأن الأكثر من أهل العلم على أن عليه أن يأتي بالحج؛ لأنه اتضح أن عذره غير ميؤوس منه، غير ميؤوس من زواله، وكان الأصل في إباحة النيابة أن العذر يظهر أنه ميؤوس منه، وأنه كالشيخ الكبير الذي لا حيلة في عود الشباب إليه، فلهذا جازت النيابة عنه، فهذا المعذور الذي زال عذره، واتضح أن مرضه ليس بميؤوس من زواله فينبغي له أن يأتي بالحج كسائر المسلمين؛ الذين لا عذر لهم، وهذا هو الأحوط له، وفيه خروج من خلاف العلماء، وفيه عمل بقول الأكثرين، والله سبحانه وتعالى أعلم. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (26).

حكم من نوى فريضة الحج وتوفي في الطريق

96 - حكم من نوى فريضة الحج وتوفي في الطريق س: أبي قد كان نوى فريضة الحج، وفي منتصف الطريق توفي بحادث، اصطدم بسيارة، فهل يعتبر حاجًّا، أم يلزمنا أن نحج من أجله (¬1) (¬2)؟ ج: إن كان مات قبل الإحرام فالحج باقٍ، إذا كان يستطيع الحج، ووراءه تركة يلزم أن تُحَجِجُوا عنه من تركته، إذا كان غنيًا يستطيع الحج في حياته فعليكم أن تُحَجِجُوا عنه، وإن حج بعضكم تبرعًا عن والده فجزاكم الله خيرًا، أما إن كان موته بعد إحرامه بالحج فهذا لا شيء عليه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما مات أحد الصحابة في عرفات، قال: «إنه يبعث يوم القيامة ملبيًا» (¬3). ولم يأمر بالحج عنه، بل قال: «اغسلوه بماءٍ وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تحنطوه» (¬4) يعني لا تطيبوه «ولا تخمروا رأسه ولا وجهه؛ فإنه يُبعث يوم القيامة ملبيًا» (¬5) فدل ذلك على أنه باقٍ على إحرامه، وأنه لا يُكلَّف أحدٌ بالحج عنه، والذي مات ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (132). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (132). ') "> (¬3) صحيح البخاري الْجَنَائِزِ (1265)، صحيح مسلم الْحَجِّ (1206)، سنن الترمذي الْحَجِّ (951)، سنن النسائي مَنَاسِكِ الْحَجِّ (2713)، سنن أبي داود الْجَنَائِزِ (3238)، سنن ابن ماجه الْمَنَاسِكِ (3084)، مسند أحمد (1/ 286)، سنن الدارمي الْمَنَاسِكِ (1852). (¬4) صحيح البخاري الْجَنَائِزِ (1265)، صحيح مسلم الْحَجِّ (1206)، سنن الترمذي الْحَجِّ (951)، سنن النسائي مَنَاسِكِ الْحَجِّ (2855)، سنن أبي داود الْجَنَائِزِ (3238)، سنن ابن ماجه الْمَنَاسِكِ (3084)، مسند أحمد (1/ 215)، سنن الدارمي الْمَنَاسِكِ (1852). (¬5) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب الكفن في ثوبين، برقم (1265)، ومسلم في كتاب الحج، باب ما يفعل بالمحرم إذا مات، برقم (1206).

في إحرامه مثل الذي مات في عرفات، لا يجب أن يُحَج عنه، فمن حج عنه من باب التبرع ومن باب الخير فلا بأس. س: مَن كان في نيته الحج وهو عازم عليه، ولكن حدث له شيء ما وتوفي، وكيف يكون الحكم بالنسبة له؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كان خلفه تركة يُحْجَجُ عنه، إذا كان قادرًا حين حياته، قادرًا عنده مال يستطيع أن يحج فإنه يُحْجَجُ عنه من ماله من التركة. أما إذا كان فقيرًا، ما عنده قدرة فليس عليه حج، وإن كان قد عزم على الحج بالدَّيْن أو غيره، أو مع الناس، إنما يلزمه الحج في تركته إذا كان قادرًا في حياته؛ يعني عنده قدرة فاضلة على حاجاته وحاجات أولاده، عنده قدرة مالية يستطيع بها أن يحج مع إبقاء ما يقوم بحال عائلته. س: والدي توفي وما قام بتأدية الحج، فهل يجوز قضاء الحج عنه أم لا؟ ج: إن كان غنيًا وجب أن يُقضَى من ماله الحج، وإن كان معسرًا فلا شيء عليه، لكن إذا حَجَجْت عن أبيك فهذا طيب، هذا من البر إذا ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (210). ') ">

حججت عن أبيك، ولو كان فقيرًا، إذا حججت عنه فقد أحسنت، وهذا من البر، تحج عنه وتعتمر، أما إذا كان غنيًا، ولكن تساهل فالواجب أن يُحَج عنه، إن حَجَجْت عنه من نفسك فجزاك الله خيرًا، وإن لم تحج عنه فلا بد من إخراج مال، يُعطاه مَن يحج عنه من الثقات الأمناء الأخيار.

حكم الحج عن الوالد القادر بأمر منه

97 - حكم الحج عن الوالد القادر بأمر منه س: هل يجوز للرجل أن يقول لابنه: حج عني. مع أنه على خير حال، وله من المال ما يمكنه من الحج؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: لا، لا يجوز الحج عن أبيه ولا عن غير أبيه ما دام أبوه يستطيع الحج، ولا يقول له: حج عني. هذا لا يجوز، إنما الحج عن الميت أو العاجز الكبير في السن، المرأة الكبيرة، أو الرجل الكبير، أو المريض الذي لا يرجى برؤُه، هذا يُحَج عنه لا بأس، أما إذا كان صحيحًا أو مريضًا عاديًّا يرجى برؤُه، فهذا لا يُحَج عنه، لا بأمره ولا بغير أمره، لا عن أب ولا عن غيره. ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (303).

حكم الحج عن المتوفى إذا لم يورث مالا

98 - حكم الحج عن المتوفى إذا لم يورث مالاً س: أنا عامل بالحلوة محافظة حوطة بني تميم، والدي توفي وهو فقير، ولم يحج حجة الإسلام، وأنا ذو عائلة ومتوسط الحال، هل أحج عنه من نفقة عيالي، أم لا؟ أفيدوني بارك الله فيكم (¬1) (¬2). ج: إذا مات وهو فقير ليس عليه حج؛ لأن الله يقول: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}. فإذا كان والدك توفي وهو عاجز عن الحج فليس عليه شيء، وأنت كذلك ليس عليك شيء، إذا كانت النفقة التي عندك قليلة بقدر نفقة العائلة فليس عليك حج حتى أنت، أما إذا تيسر أن تحج عنه من مال ميسور بعد حجك عن نفسك هذا من البر، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم، سأله رجل قال: يا رسول الله، إن أبي توفي ولم يحج، أفأحج عنه؟ قال: «حج عن أبيك» (¬3) وسألته امرأة قالت: «يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: حجي عن أبيك» (¬4) وسأله آخر قال: إن أبي لا يستطيع ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (364). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (364). ') "> (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب الرجل يحج عن غيره، برقم (1810). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب الحج وفضله، برقم (1513)، ومسلم في كتاب الحج، باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوهما، برقم (1334).

الحج. وروى أيضًا: «أفأحج عنه؟ قال: حج عن أبيك واعتمر» (¬1) كل هذا من البر، فإذا كنت تستطيع فإنك يشرع لك أن تحج عنه بعد حجك عن نفسك، أما إذا كنت لا تستطيع فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها. س: تقول السائلة: هل صحيح أن الإنسان إذا حج مرة واحدة تغفر جميع ذنوبه؟ وهل في كل مرة يذهب للحج يغفر له جميع ما عمل من الكبائر (¬2)؟ ج: هكذا جاء في الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، الذي يدل على أن الحج المبرور من أسباب غفران الذنوب، ومن أسباب دخول الجنة إذا تقبله الله من صاحبه، وأداه عن بر وإخلاص وصدق، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» (¬3) متفق على صحته عن النبي عليه الصلاة والسلام، وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب الرجل يحج عن غيره، برقم (1810). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (68). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، برقم (1773).

أمه» (¬1) رواه البخاري في صحيحه. وهذا يدل على أن الحج المبرور؛ وهو الذي ليس معه معاصٍ، حج وقد ترك المعاصي وتاب إلى الله منها، ولم يكن عنده شيء من ذلك، فإن البار في الحج هو الذي لم يرفث ولم يفسق، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، هو الذي أدى حجه عن إيمان وعن صدق وعن رغبة فيما عند الله، وعن توبة من جميع المعاصي، فإن حجه يكون سببًا لمغفرة ذنوبه، وسببًا لدخوله الجنة ونجاته من النار. س: المستمع: ح. ع. م. أ. يقول: أنا معوق وعندي ثلاث بنات، يسأل: هل يجب علي أن أعتمر لأبي وأمي؟ وبأيهم أبدأ؟ جزاكم الله خيرًا. ج: إذا كانا ميتين ولم يحجا ولم يعتمرا شرع لك أن تعتمر لهما، وتحج لهما، وتبدأ بالأم، الأم أحق، أما إذا كانا قد اعتمرا وحجَّا فالأمر واسع، والحمد لله إن اعتمرت عنهما فلا بأس، وإلا فالأمر واسع، وهكذا الحج إذا كانا لم يحجا ولم يعتمرا فإنك تحج عنهما وتعتمر ¬

(¬1) أخرجه البخاري، باب فضل الحج المبرور، برقم (1424).

عنهما على سبيل الأفضلية، سنة ليس بواجب عليك، إلا إذا كان خلفهما مال يجب عليك أن تحج من مالهما، إذا كانا ماتا وهما يقدران على الحج، لكن تساهلا فالحجة تخرج من مالهما، أو أن تحج أنت من مالك يكفي، أو تعتمر من مالك يكفي والحمد لله، أما إذا كانا فقيرين حين ماتا، ولم يجب عليهما الحج أو العمرة فأنت يشرع لك أن تحج عنهما من باب برهما، وتعتمر عنهما من باب برهما، وتبدأ بالأم؛ لأنها أحق، ثم الحج عن الوالد، أما البنات فلا يجب عليهن حج، إلا إذا كن يقدرن على الحج من مالهن، فإذا قدرن وجب عليهن الحج، وعلى محرمهن أن يكون معهن في الحج، يحتسب الأجر كأخيهن أو عمهن، أو تحج بهن أنت، يشرع لك أن تحج بهن، أو يحج بهن أخوهن أو بعض أعمامهن، أو أخوالهن من باب الأجر، لا يجب، لكن يشرع له أن يحتسب الأجر، وأن يحج معهن حتى يؤدين فرض الحج والعمرة.

حكم القيام بعمرتين عن الوالدين في وقت واحد

99 - حكم القيام بعمرتين عن الوالدين في وقت واحد س: هل يجوز أن آتي بعمرتين لوالدتي ووالدي في وقت واحد (¬1)؟ ج: نعم، لا حرج في ذلك، لكل واحد له عمرة وإحرام خاص، تحرم ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (218).

بالعمرة لأبيك أو لأمك، ثم تكرر لأبيك أو لأمك، لا حرج في ذلك والحمد لله، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» (¬1) ولم يحدد بين العمرتين أيامًا معدودة؛ فدل على الجواز والحمد لله، وقد اعتمرت عائشة رضي الله عنها في أقل من عشرين يومًا عمرتين في حجة الوداع؛ عمرة مع حجها، وعمرة مفردة في ليلة أربع عشرة من ذي الحجة بأمر النبي عليه الصلاة والسلام. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، برقم (1773).

بيان الفاصل الزمني بين العمرتين

100 - بيان الفاصل الزمني بين العمرتين س: هل هناك فاصل زمني بين العمرتين (¬1) (¬2)؟ ج: ليس هناك فاصل فيما نعلم من الشرع، أما قول بعض العامة: لا بد أن يكون أربعين يومًا. فلا أصل له، المقصود أنه صلى الله عليه وسلم أطلق الأمر، فقال: «العمرة إلى العمرة كفار لما بينهما» (¬3) ولم يحدد أيامًا معلومة، واعتمرت عائشة رضي الله عنها عمرتين في أقل من ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (204). (¬2) السؤال من الشريط رقم (204). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، برقم (1773).

عشرين يومًا، فإنها دخلت في عمرة في أربعة ذي الحجة، وحلت منها ومن الحج في يوم العيد مع الناس، ثم أعمرها النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة الحصباء لما نزلوا ليلة أربع عشرة، أعمرها صلى الله عليه وسلم من التنعيم، أرسل معها أخاها عبد الرحمن، وكانت قد اعتمرت مع حجتها، فصارت عمرتين في أقل من عشرين يومًا؛ وهذا دليل على أنه لا يشترط أن يكون بينهم أربعون يومًا، ولا أكثر ولا أقل، ليس هناك دليل على أيام معدودة بين العمرتين. س: تسأل المستمعة: أم عبد العزيز، من الرياض، وتقول: كم من الوقت الذي يجب أن يفصل بين الحج والحج، وبين العمرة والعمرة الأخرى؟ ج: ما أعلم في هذا حدًّا، الحج معروف كل سنة، وليس فيه حد محدود، لو تيسر لك الحج كل سنة الحمد لله، والعمرة ليس فيها حد محدود، يقول صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» (¬1) فلوا اعتمر كل شهر، أو كل ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، برقم (1773).

شهرين، أو أكثر أو أقل لا حرج في ذلك والحمد لله، إذا تيسر له ذلك.

بيان كيفية الحج عن الغير

101 - بيان كيفية الحج عن الغير س: تسأل المستمعة: ن، من المدينة المنورة، وتقول: اعتمرت عمرة، ولكنني أريد أن أعمل عمرة لوالدي المتوفى، ما هي الأمور التي تجب علي في مثل هذا العمل؟ وكيف أنوي لوالدي عند الإحرام (¬1) (¬2)؟ ج: المعتمر عن غيره كالمعتمر عن نفسه، والحاج عن غيره كالحاج عن نفسه، يفعل ما يفعل لو حج عن نفسه، أو اعتمر عن نفسه، يحرم من الميقات إذا كان خارج المواقيت، إذا مر بالميقات ينوي الحج عن أبيه، أو الحج عن غيره من الأموات، أو العاجزين لكبر السن، أو مرض لا يرجى برؤُه، ينوي بقلبه، ويقول: لبيك حجًا عن فلان، أو لبيك عمرة عن فلان، ثم يلبي التلبية الشرعية: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. ويستمر في التلبية، ثم يؤدي الطواف بالنية عن صاحبه والسعي عن صاحبه، وهكذا ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (404). (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم (404). ') ">

في الحج في رمي الجمار، وفي عرفة وغير ذلك، ينوي الأعمال كلها عن صاحبه بالنية بقلبه والحمد لله، سواء كان حج عن أبيه، أو عن أخيه أو عن غيره من الأموات، أو عن أبيه العاجز، الشيخ الكبير الهرم، أو عن أمه العاجزة، أو غيرهما ممن لا يستطيع الحج والعمرة؛ لكبر سن، أو مرض لا يرجى برؤُه، بالنية، بنية القلب، إلا أنه يستحب له عند الإحرام، أن يقول: لبيك عن فلان، لبيك حجًا عن فلان. أو: لبيك عمرة عن فلان. والبقية النية كافية، نية القلب تكفي. س: إذا أتى الشخص إلى مكة المكرمة لأداء الحج، أو العمرة فهل يجوز له بعد الانتهاء من حجه أو عمرته أن يؤدي عمرة أخرى له، أو لغيره في نفس هذا الموسم الذي أتى فيه؛ بحيث يخرج من مكة إلى التنعيم للإحرام، ثم يقضي هذه العمرة؟ ج: لا حرج في ذلك الحمد الله، إذا قدم للعمرة أو للحج، وحج عن نفسه أو اعتمر عن نفسه أو حج عن غيره، أو اعتمر عن غيره، وأراد أن يأخذ عمرة أخرى لنفسه أو لغيره فلا حرج في ذلك، لكن يأخذها من الحل، يذهب من مكة إلى التنعيم أو الجعرانة أو لغيرهما، فيحرم من

هناك ثم يدخل فيطوف ويسعى ويقصر، سواء عن نفسه، أو عن ميت من أقاربه وأحبابه، أو عن عاجز شيخ كبير أو امرأة كبيرة عاجزين عن العمرة فلا بأس، وقد فعلت هذا عائشة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنها اعتمرت مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم استأذنت في ليلة أربع عشرة أتعتمر، فأذن لها عليه الصلاة والسلام، وأمر عبد الرحمن بن أبي بكر – وهو أخوها - أن يذهب معها إلى التنعيم، واعتمرت رضي الله عنها، هذه عمرة ثانية من داخل مكة، فالحاصل أنه لا حرج في ذلك.

حكم القيام بعمرة كل أسبوع

102 - حكم القيام بعمرة كل أسبوع س: سؤال من المستمع: ع. ن. س. مصري يعمل في مكة المكرمة، يقول: أثناء إقامتي في مكة المكرمة أقوم كل يوم خميس بالإحرام بنية العمرة، وأؤدي عمرة، ولكني سمعت أن هذا لا يجوز، فلا بد أن يكون بين العمرة والعمرة أربعون يومًا، فهل هذا صحيح أم لا (¬1)؟ ج: هذا القول ليس بصحيح، ولا يشترط أن يكون بين العمرة والعمرة أربعون يومًا، هذا الكلام لا أصل له، وإنما هو من كلام بعض ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (54).

العامة، ولا حرج في عمرته في الأسبوع مرتين، ما بين الخميس والخميس، أو السبت والسبت، أو أكثر من ذلك في كل عشرة أيام، أو نصف شهر، المقصود ليس بحد محدود، لا أربعون ولا غيرها، ولم يجعل النبي صلى الله عليه وسلم فيما بينها حدًّا محدودًا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما» (¬1) ويروى عن عليٍّ رضي الله عنه أنه يرى العمرة في كل شهر، ولكن ليس هذا على سبيل التحديد، قد يكون قال ذلك على سبيل الأفضلية والرفق بالإنسان، وإلا فليس هناك حد محدود فيما نعلم، وإذا اعتمر في كل شهر، أو في كل شهرين، أو في كل نصف شهر فلا نعلم في هذا بأسًا. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، برقم (1773).

حكم العمرة عن الوالد في حياته

103 - حكم العمرة عن الوالد في حياته س: أديت العمرة، وبعد خلعي ملابس الإحرام أحرمت بالعمرة لوالدي، ما حكم عملي ووالدي حي يرزق (¬1) (¬2)؟ ج: إذا كان والدك يستطيع أن يعتمر لا تعتمر عنه، تكون العمرة لك ثانية، أما إذا كان عاجزًا هرمًا لا يستطيع العمرة، أو ميتًا فلا بأس. ¬

(¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (382). (¬2) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (382). ') ">

س: سماحة الشيخ، ذهبت من الرياض لأداء العمرة والحمد لله، أديتها كما يجب أن تكون، ثم خلعت ملابس الإحرام، وفي اليوم الثاني ذهبت إلى مسجد التنعيم لكي أحرم من هناك، وأنوي عمرة لوالدتي المتوفاة، وبالفعل نويت العمرة ووهبتها إلى والدتي، فهل هذه العمرة صحيحة؟ وجزاكم الله خيرًا (¬1). ج: لا حرج إن شاء الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما» (¬2) ولم يشترط أجلاً معلومًا بينهما، فالحديث عام، فإذا اعتمر الإنسان لنفسه، وفرغ من عمرته ثم ذهب إلى التنعيم، واعتمر لأبيه الميت، أو الحريم الذي لا يستطيع أو لأمه أو لغيرهما من الأموات، أو العاجزين لكبر السن فلا بأس، لكن إذا كان زحمة كأيام الحج فالأفضل يأتي بعمرة واحدة؛ حتى يخفف على الناس ولا يشق عليهم. س: إذا كانت العمرة الأولى والثانية لنفسه فهل تشترطون فاصلاً زمنيًا في العمرة لغيره، أو لنفسه (¬3)؟ ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (375). ') "> (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، برقم (1773). (¬3) السؤال السادس من الشريط رقم (230). ') ">

ج: ليس هناك دليل، بعض أهل العلم كره تقارب العمرتين، لكن ليس عليه دليل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» (¬1) متفق على صحته. ولم يقل: بينهم كذا ولا كذا. وعائشة رضي الله عنها اعتمرت بعد عمرتها الأولى بأقل من عشرين يومًا، اعتمرت في آخر ذي القعدة من المدينة، وكملت حجها مع النبي صلى الله عليه وسلم قارنة؛ لأنها منعها الحيض من أداء العمرة، فحجت قارنة ثم استأذنت لعمرتها الجديدة في ليلة أربع عشرة، وقالت: إنكم تنطلقون بحجة وعمرة، وأنا أنطلق بحج. يعني حجًا مع العمرة مقرونًا، فأذن لها النبي صلى الله عليه وسلم واعتمرت، المقصود ليس فيه اشتراط في المدة بين العمرتين، ليس هناك دليل واضح، وإطلاق النبي صلى الله عليه وسلم العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما يعم القليل والكثير، لكن إذا كان هناك زحمة أو مشقة فالأولى ترك ذلك؛ حتى لا يشق على غيره أيام الحج، ويكون مشقة، إذا كثر المعتمرون شقوا على الناس، فترك ذلك أولى، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يعتمروا بعد الحج ما عدا ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، برقم (1773).

عائشة، بل اكتفوا بعمرتهم الأولى، فإذا تأسى بهم المؤمن وترك العمرة هذا أفضل، وإن اعتمر بعدما يخف الناس وتقل الزحمة فلا حرج في ذلك. س: أفيد فضيلتكم بأنني أعمل بالمملكة وأهلي في السودان، هل يجوز أن أقوم بمناسك العمرة عن والدي ووالدتي نيابةً عنهما، علمًا بأنهما أقوياء ويقدرون على العمرة؟ ج: ليس لك ذلك ما دام والداك قويين، فهما يحجان بأنفسهما ويعتمران بأنفسهما، وأنت تحج عن نفسك وتعتمر عن نفسك، أما لو كانا ميتين أو عاجزين، لا يستطيعان الحج والعمرة فلا بأس.

حكم العمرة في أشهر الحج

104 - حكم العمرة في أشهر الحج س: سائل من مصر يقول: هل العمرة في أشهر الحج فيها شيء من الالتزام بالحج، أو غيره كما قال بعض الناس (¬1)؟ ج: لا، ولكن الأفضل العمرة في ذي العقدة كما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم وفي رمضان، وإذا كان اعتمر مرة كفى، الواجب مرة ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (379).

واحدة، الحج مرة والعمرة مرة فقط، وما زاد فهو سنة نافلة.

حكم أداء العمرة وإهداء ثوابها لأكثر من واحد

105 - حكم أداء العمرة وإهداء ثوابها لأكثر من واحد س: لي إخوة كثيرون، هل يجوز أن أعتمر عمرة واحدة وأهب ثوابها لهم جميعًا، علمًا بأن بعضهم لا يحافظ كثيرًا على الصلاة (¬1) (¬2)؟ ج: العمرة لا تكون إلا عن واحد، والحج لا يكون إلا عن واحد، فليس لك أن تحج عن جماعة، ولا أن تعتمر عن جماعة، وإنما الحج عن واحد فقط، والعمرة عن واحد فقط، إذا كان المحجوج عنه ميتًا، وهكذا المعتمر عنه ميتًا، أو عاجزًا لمرضٍ لا يرجى برؤُه، أو لكبر سنه وعجزه عن الحج والعمرة، فلا بأس أن تحج عنه، أو تعتمر عن شخص واحد، وإذا أعطاك مالاً وليُّه أو هو نفسه، إن كان عاجزًا لتحج عنه فلا بأس، إذا أخذته لله لا لقصد الدنيا. أما الذي لا يحافظ على الصلاة فلا يُحَج عنه، إذا كان الشخص الميت أو العاجز عن الحج لكبر سنه أو لمرض لا يرجى برؤُه لا يصلي، أو عنده ما يكفره غير ترك الصلاة لا يُحَج عنه، وترك الصلاة كفر أكبر، نسأل الله العافية. ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (298). (¬2) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (298). ') ">

س: من الأردن رسالة من الأخ: هـ. م. م. يقول: بالنسبة إلى العمرة لقد وفقني الله وبعض الإخوة لزيارة مكة المكرمة من أجل أداء مناسك العمرة، وحيث إنني أديت العمرة عن نفسي، وثلاث عُمَرٍ أخرى، وهبتها للوالدين وزوجتي بالترتيب، وكنت في كل عمرة أتحلل وأذهب إلى التنعيم للإحرام بالأخرى، وحيث إن هذا العمل كان موضع جدال بيني وبين الإخوة من ناحية جوازه، الرجاء الإفادة عن هذا العمل، عن طريقته، وحكمه وجوازه، جزاكم الله خيرًا. ج: الصواب أنه لا بأس بذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» (¬1) متفق على صحته. ولم يحدد مدة بين العمرتين، لكن إذا كانت العُمَر هذه فيها مضايقة للحجاج وأذى بالزحمة فالأولى ترك ذلك إلى وقت السعة، أما إذا كان الوقت فيه سعة وليس فيه أذًى لأحد فلا حرج في ذلك إن شاء الله، إذا كان المعتمر عنهم ميتين أو عاجزين لا ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، برقم (1773).

يستطيعون العمرة ولا الحج؛ لكبر السن أو مرض لا يرجى برؤُه. أما إذا كانوا أقوياء فلا يعتمر عنهم ولا يحج عنهم، الأقوياء لا يحج عنهم ولا يعتمر عنهم، وإنما الحج والعمرة عن الميتين، أو من كان كبير السن لا يستطيع الحج، أو مريضًا لا يرجى برؤُه، ومن فعل حجًا أو عمرة عمن لا تجزئ عنه فإن عمرته أو حجته له.

حكم حج المصاب بالشلل الكلي

106 - حكم حج المصاب بالشلل الكلّي س: الأخ: خ. ش. م. يقول في رسالته: بأنني عاجز بنسبة مائة في المائة، وهل يجوز أن أحجج عني بالنيابة؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: أنت أعلم بنفسك، إذا كنت تستطيع الحج فعليك الحج؛ لقول الله جل وعلا: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}. أما إذا كان الشلل الذي معك يمنعك من القدرة؛ لأنك لا تستطيع المشي، أو لا تستطيع الركوب المقصود إذا كنت لا تستطيع الذهاب إلى مكة؛ لهذا الشلل الذي أصابك فأنت حكمك حكم المريض الذي لا يرجى برؤُه، وحكم الشيخ الكبير العاجز عن السفر، تستنيب من ينوب عنك إذا كنت ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (276). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (276). ') ">

تقدر على المال، تستنيب من يحج عنك والحمد لله، أما إن كنت تستطيع أن تذهب بنفسك فعليك أن تحج بنفسك كسائر المسلمين. س: هل لي أن أحج عن ولدي المعوق إعاقة سمعية وكلامية منذ الصغر؟ ج: إذا بلغ الحلم وكلف واستطاع الحج يحج بنفسه، ولا يمنع الحج كونه لا يسمع، أو لا يتكلم هذا لا يمنع الحج، في إمكانه أن يحج مع الناس، ويحضر المشاعر وإن كان لا يتكلم، وإن كان لا يسمع، أما إذا عجز بعد كبر السن هذا يحج عنه أو مات، أما كونه قويًا يستطيع الحج، ولكنه ليس بسميع أو ليس بمتكلم هذا لا يمنع، كما أنه لا يمنع العمى، الأعمى والأصم والأبكم كل هؤلاء عليهم الحج إن استطاعوا، ويحضرون مع الناس، ويحضرون عرفات والمشاعر، ويفعلون ما شرع الله جل وعلا، ويسقط عنهم الكلام من التلبية ونحوها؛ لأنهم معذورون.

حكم الحج عن العاجز ماليا

107 - حكم الحج عن العاجز ماليًا س: هذا السائل يقول: هل يجوز أن أحج عن أمي التي مازالت على قيد

الحياة؛ نظرًا لعدم استطاعتها المادية، لكنها يمكنها أداء المناسك، مع العلم بأنني حججت عن نفسي والحمد لله؟ نسأل الله القبول (¬1). ج: أيها الأخ السائل، ليس لك أن تحج عنها ما دامت تستطيع الحج بنفسها، ولكن تبذل وسعك في أن تحججها من مالك إذا تيسر لك ذلك، أما الحج عنها فلا؛ لأن الحج عن الحي لا بد أن يكون لعجزه؛ بسبب كبر السن أو مرض لا يرجى برؤُه، كما جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام. أما الشيخ الكبير والعجوز الكبير، إذا كانا قادرين فلا يُحَج عنهما، كما لا يُحَج عن الشباب، بل إن استطاع الحج فالحمد لله، وإلا فهو معذور، يقول الله سبحانه: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}. فمن استطاع الزاد والراحلة، ومن استطاع أجرة السيارة، أجرة الطائرة والمؤونة للحج وإلا فلا حرج عليه، والحمد لله، وليس عليك أنت أن تحج عنها، بل إن قدرت أن تحججها من مالك فجزاك الله خيرًا، وهذا من برها، وإلا فلا يلزمها الحج إلا إذا استطاعت من مالها هي. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (283).

حكم الحج عن الشيخ الهرم من ماله

108 - حكم الحج عن الشيخ الهرم من ماله س: جدي شيخ مسن، لا يقدر على الحركة، وهو يملك مالاً كثيرًا والحمد لله، ولم يكتب له الحج إلى بيت الله الحرام، فهل تكتب له الحجة إذا مكن إنسانًا بصيرًا من الحج من أمواله الخاصة (¬1)؟ ج: إذا كان هذا الرجل عاجزًا عن الحج لكبر سنه، لا يستطيع الحج بالسيارات ولا بالطائرات فإنه يستنيب، ويخرج من ماله بيد ثقة من الطيبين، حتى يحج عنه من ماله، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: «أنه سألته امرأة قالت: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير، لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: حجي عن أبيك» (¬2) وسأله أبو رزين العقيلي، قال: «إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج والظعن، أفأحج عنه، قال: حج عن أبيك واعتمر» (¬3) الحمد لله. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (349). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب الحج وفضله، برقم (1513)، ومسلم في كتاب الحج، باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوهما، برقم (1334). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب الرجل يحج عن غيره، برقم (1810).

بيان أن الحج يجب على الفور

109 - بيان أن الحج يجب على الفور س: سماحة الشيخ، لعله من المناسب أن تتفضلوا بتوجيه الناس إلى

قضية: هل الحج يجب على الفور، أم على التراخي (¬1) (¬2)؟ ج: الحج يجب على الفور، هذا هو الصواب الذي عليه جمهور أهل العلم، الحج يجب المبادرة به على الفور إذا كان قادرًا ببدنه وماله، أما إذا كان عاجزًا بالمال فلا حج عليه، أو عاجزًا بالبدن لمرض يؤجل حتى يشفى، أما القادر بماله وبدنه فإن الواجب عليه البدار بالحج والمسارعة إليه؛ لقول الله سبحانه: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}. ولله على الناس يعني واجب على الناس، فالواجب البدار بذلك، هذا هو الواجب؛ الرجل والمرأة والأعرابي والحضري، على جميع المسلمين يجب عليهم الحج، ولو كانوا في أطراف الدنيا؛ الشرق والغرب، يجب عليهم أن يحجوا إذا استطاعوا بالمال والبدن، فإن لم يستطع المسلم ببدنه؛ لكبر سنه، أو لمرض لا يرجى برؤُه فإنه يجب أن يستنيب من الثقات الطيبين من يحج عنه، ممن قد حج عن نفسه، النائب لا بد أن يكون قد حج عن نفسه، سواء كان رجلاً أو امرأة، وهكذا العاجز لكبر السن، إذا كان كبير السن لا يستطيع يستنيب. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (349). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (349). ') ">

س: هذه السائلة تقول: والدي على قيد الحياة، وأرغب في عمل عمرة له؛ حيث إنه غير قادر على أداء المناسك للعمرة، فهل هناك رياء في إعلامه بأنني عملت له عمرة (¬1)؟ ج: إذا كان عاجزًا لكبر سنه، أو مرض لا يرجى برؤُه، وحَجَجْتِ عنه فلا بأس، ولو ما أعلمتِه جزاك الله خيرًا، هذا من بره إذا كان عاجزًا لكبر سنه، أو أنه مريض لا يرجى برؤُه، وحَجَجْتِ عنه فلا حاجة إلى إخباره ولا سؤاله، وأبشري بالخير والأجر. س: السائل من سوريا، وهو يعمل في السعودية، يقول: لي عم عاجز عن الحج، فهل يحق لي الحج عنه؟ هو لم يستطع المشي، وقد أنابني في الحج عنه، فهل يجوز ذلك (¬2)؟ ج: إذا كان عاجزًا لا بأس، جاءت امرأة، وقالت: «يارسول الله، إن أبي شيخ كبير، لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: حجي عن أبيك» (¬3) وجاءه رجل فقال: «يا رسول الله، أن أبي شيخ كبير لا يستطيع ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (422). ') "> (¬2) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (392). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب الحج وفضله، برقم (1513)، ومسلم في كتاب الحج، باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوهما، برقم (1334).

الحج، ولا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه وأعتمر؟ قال: حج عن أبيك واعتمر» (¬1) فإذا كان عمك عاجزًا، لا يستطيع الحج لكبر سنه أو مرض لا يرجى برؤُه فلك الحج عنه وأنت مأجور. س: السائلة: أ. أ. أ. تقول: بأنها تعمل في المملكة، ومقيمة هنا في المملكة، وقد أدت فريضة الحج وتحمد الله على ذلك، تقول: والدتي كبيرة في السن تبلغ أكثر من الستين، وقد صعب عليها الأمر في أداء فريضة الحج، ولا تملك القدرة الكافية لمصاريف الحج، وهناك عقبات أخرى، تقول: أريد الحج عنها؛ حيث إنني هنا أعمل في المملكة، فهل يجوز لي أن أؤدي عنها فريضة الحج (¬2)؟ ج: إذا كانت لا تستطيع لكبر سنها وعجزها فلا بأس، أما لقلة المال فلا، «النبي صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير، لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: حجي عن أبيكِ» (¬3) وجاءه رجل فقال: «إن أبي شيخ كبير، لا يثبت على الراحلة، ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب الرجل يحج عن غيره، برقم (1810). (¬2) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (405). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب الحج وفضله، برقم (1513)، ومسلم في كتاب الحج، باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوهما، برقم (1334).

أفأحج عنه وأعتمر؟ قال: حج عن أبيك واعتمر» (¬1) أما إن كانت تستطيع أن تذهب، وأن تطوق وتسعى، ولكن ما عندها مال فلا، لا تحجي عنها، وإذا قدرت تحج، وإن لم تقدر فهي معذورة والحمد لله؛ لأن الله يقول سبحانه: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}. فالحج إنما يجب مع الاستطاعة، فإذا كانت عاجزة ما عندها مال فلا حج عليها، وإذا عجزت من جهة السن، ولم تستطع من جهة السن؛ لضعف بدنها، وقلة قوتها وعجزها تحجين عنها، أو ماتت كذلك. س: إن والدتي عمرها خمس وستون سنة، وزوجتي ست وعشرون سنة، وتقيمان في تونس، أوصتا أن أعتمر مكانهما، فهل يجوز ذلك (¬2)؟ ج: ليس لك أن تعتمر عنهما، بل عليهما أن يعتمرا إذا أعانهما الله على ذلك، ويسر لهما ذلك، لكن لو كانت أمك عاجزة لكبر السن لا تستطيع الحج والعمرة فلك أن تعتمر عنها وتحج عنها إذا كانت عاجزة؛ ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب الرجل يحج عن غيره، برقم (1810). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (68). ') ">

لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سُئل: «سألته امرأة فقالت: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: حجي عن أبيكِ» (¬1) فإذا كانت أمك عاجزة لا تستطيع الحج ولا العمرة، فإنك تعتمر عنها وتحج عنها ولا بأس، وهكذا لو كانت الأم ميتة والأب ميتًا لا بأس أن تحج عنهما وتعتمر. س: والدتي لم تحج حتى الآن، وهي غير مستطيعة، فهل يجوز لزوجي أن يؤدي الحج عنها، علمًا بأنه مستطيع وراضٍ بذلك؟ ج: إذا كانت تستطيع ببدنها لا يحج عنها، متى استطاعت حجت وإلا فلا شيء عليها حتى تموت، أو تعجز من جهة البدن، أما إن كانت عاجزة من جهة السن عجوز كبيرة يشق عليها الحج، أو ميتة يحج عنها، أما امرأة قوية لكن ما عندها مال فما عليها حج حتى تستطيع، فإذا استطاعت حجت، ولا يحج عنها أحد وهي مستطيعة ببدنها، أما إذا كانت عجوزًا كبيرة يشق عليها ولم تحج، فلا بأس أن يحج عنها أحد أقربائِها، ولا حرج في ذلك ينفعها. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب الحج وفضله، برقم (1513)، ومسلم في كتاب الحج، باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوهما، برقم (1334).

بيان حكم العمرة

110 - بيان حكم العمرة س: السائل: أبو أحمد، يسأل ويقول: ما حكم العمرة؟ وهل هي واجبة على الإنسان في العمر، أم أنها سنة (¬1)؟ ج: العمرة واجبة على كل مكلف استطاع ذلك على الصحيح من قولي العلماء، بأن العمرة تجب على الذكر والأنثى المكلفين إذا استطاعا ذلك كالحج؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمر، لما سأله عن الإسلام، قال: «أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت وتعتمر» (¬2) أخرجه الدارقطني وابن خزيمة بإسناد صحيح. وقال لعائشة رضي الله عنها: «على النساء جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة» (¬3) فالحج والعمرة واجبان على الرجال والنساء مرة في العمر مع الاستطاعة، هذا هو الصواب، ويدخل في هذا أهل مكة وغيرهم. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (392). (¬2) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (ج1 ص3)، برقم (1)، والدارقطني (ج3 ص 341)، برقم (2708)، والذي سأله هو جبريل كما هو مروي. (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب المناسك، باب الحج جهاد النساء، برقم (2901).

بيان صفة العمرة

111 - بيان صفة العمرة س: تسأل ع. من جازان، وتقول: ما هي صفة العمرة (¬1)؟ ج: العمرة: إن كان في مكة يخرج إلى التنعيم أو إلى عرفة، أو إلى الجعرانة ونحوها للحل، ثم يلبي بالعمرة، ينويها بقلبه ويقول: اللهم لبيك عمرة. ثم يدخل ويطوف بالبيت سبعة أشواط، ويصلي ركعتين، ثم يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، يبدأ بالصفا ويختم بالمروة، ثم يقصر من شعره، أو يحلق، هذه العمرة، والمرأة تقصر فقط، وإن كان بعيدًا، ليس في مكة يحرم من مكانه، إذا كان داخل حدود المواقيت كأهل أم السلم، أو الشرائع، أو جدة، يحرم من مكانه من بيته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم، لما حدد الحدود قال: «ومن كان دون ذلك» (¬2) يعني دون الميقات «فمن حيث أنشأ» (¬3) النية، فيحرم من جدة، من أم السلم، من الشرائع، يحرم للعمرة، يقول: اللهم لبيك عمرة. وينويها بقلبه، ويلبي: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (390). (¬2) صحيح البخاري الْحَجِّ (1524)، صحيح مسلم الْحَجِّ (1181)، سنن النسائي مَنَاسِكِ الْحَجِّ (2657)، مسند أحمد (1/ 252)، سنن الدارمي الْمَنَاسِكِ (1792). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل المكة للحج والعمرة برقم (1427).

لك والملك، لا شريك لك. يلبي في الطريق حتى يصل المسجد، ثم يقدم رجله اليمنى عند الدخول ويقول: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم. مثل بقية المساجد، ثم يطوف ويسعى ويقصر، هذه العمرة، يطوف سبعة أشواط بالبيت، ويصلي ركعتين خلف المقام أو في أي بقعة من المسجد الحرام، ثم يسعى سبعة أشواط، يبدأ بالصفا ويختم بالمروة ويدعو في سعيه، ويكبر عند الإحرام، يقول: الله أكبر. ويقبل الحجر الأسود، أو يستلمه بيده ويقبلها، أو بالعصا، ويقبل طرف العصا، فإن لم يتيسر أشار إليه وكبر، وهكذا كلما مر عليه سبعة أشواط، والأفضل في آخر كل شوط يقول: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}. وإذا أتى على الركن اليماني استلمه بيمينه، وقال: بسم الله، والله أكبر. إذا تيسر، فإن كان زحمة مضى ولم يزاحم، ولم يقل شيئًا عند الركن اليماني، فإذا وصل الحجر الأسود استلمه وقبله إن تيسر، فإن لم يتيسر استلمه بيده وقبل يده أو بالعصا وقبل طرفها، فإن لم يتيسر ذلك أشار من بعيد وكبر،

كل هذا فعله النبي عليه الصلاة والسلام، حتى يكمل سبعة أشواط، يدعو في كل شوط، يذكر الله، يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم حتى يكمل الأشواط السبعة، ويختم كل شوط من الطواف بقوله: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}. تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو الأفضل، ثم يصلي ركعتين خلف المقام إن تيسر، أو في أي بقعة من المسجد، ويقرأ فيهما: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} بعد الفاتحة، في الأولى: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثانية: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} بعد الفاتحة، ثم يذهب إلى الصفا ويسعى سبعة أشواط، يبدأ بالصفا، ويقرأ عند البدء: نبدأ بما بدأ الله به. ويقرأ الآية: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}. كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرقاه، ويكبر الله، ويهلله، ويدعوه رافعًا يديه ثلاث مرات، يكررها ثلاث مرات، يحمد الله ويكبره ويدعو ويثني على الله ثلاث مرات: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب

وحده. ويدعو بما تيسر من الدعاء، ثم يكرر الذكر والدعاء ثلاث مرات، هكذا السنة التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم مستقبلاً القبلة، مستقبلاً الكعبة رافعًا يديه حين وقوفه على الصفا، وهكذا على المروة يفعل مثل فعله على الصفا، ويذكر الله في الطريق في أشواطه، ويدعو في طريقه بين الصفا والمروة حتى يكمل السبعة، يبدأ بالصفا ويختم بالمروة ويحمد الله ويكبره ويهلله، ويدعو ثلاث مرات على الصفا وعلى المروة، في البدء وفي النهاية، في أول السعي وفي آخر السعي، حتى ينتهي من المروة، ويقول على المروة عند النهاية مثل ما قال على الصفا عند البدء، سواء بسواء، وهكذا في الطواف يبدأ بالتكبير ويختم بالتكبير، في الشوط السابع يقول: الله أكبر. عند البدء وهكذا عند النهاية يكبر ثم ينتهي، هكذا فعل النبي عليه الصلاة والسلام، ويدعو في الطواف والسعي بما يسر له من الدعاء والذكر، والتكبير، والثناء على الله؛ لأن الطواف والسعي ورمي الجمار شرعهن الله لإقامة ذكره كما جاء في الحديث: «إنما شرع الطواف والسعي ورمي الجمار لإقامة ذكر الله» (¬1) ويحلق في الحج وفي العمرة، يحلق ويقصر الرجل، إما حلقًا ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب في الرمل، برقم (1888).

وإما تقصيرًا، لكن الأفضل في العمرة التقصير، حتى يتوفر الحلق للحج إذا أتى بالعمرة في ذي القعدة، أو في أول ذي الحجة فالأفضل التقصير، أما المرأة فليس لها إلا التقصير في عمرتها وحجها؛ لأن الرأس من جمالها، فالمشروع لها أن تقصر في الحج والعمرة، وليس لها أن تحلق، بل تقصر بعض الشيء من أطراف العمائل في حجها وعمرتها، وهذا تمام العمرة، العمرة تتم بالتقصير، أو الحلق، فالرجل يحلق أو يقصر، والأفضل التقصير في حق الرجل إذا كان في أيام الحج؛ حتى يكون الحلق عند الحج، وأما المرأة فالسنة لها التقصير، ليس لها أن تحلق في حجها وعمرتها، وأما في الحج فإنه إذا رمى الجمرة يحلق، أو يقصر يوم العيد، هذا هو الأفضل، والمرأة إذا رمت تقصر ولا تحلق، ويكون الطواف هو الأخير، وإذا كان السعي يبقى السعي مع الطواف بعد ذلك، إما في يوم النحر أو بعد ذلك، إن طاف في يوم النحر هذا الأفضل ويسعى، وإن لم يتيسر لأجل الزحام وأخره فلا بأس يؤخر الطواف والسعي، وقد حل التحلل الأول، يلبس المخيط، يغطي رأسه، يتطيب، فإذا تيسر الطواف في اليوم الثاني في الثالث في الرابع، بعد ذلك طاف وسعى، إذا كان متمتعًا أو مفردًا، أو

قارنًا، ولم يسعَ مع طواف القدوم يسعى مع طواف الحج، أما إن كان سعى مع طواف القدوم وهو قارن أو مفرد كفاه السعي الأول، أما المتمتع فإنه يسعى لعمرته ويقصر ويحل ثم يسعى سعي الحج.

حكم أداء العمرة لأهل مكة

112 - حكم أداء العمرة لأهل مكة س: يسأل المستمع ويقول: هل لهل مكة عمرة؟ وإذا كان معنى العمرة عند علماء اللغة: الزيارة. وشرعًا: التعبد لله تعالى بأداء مناسك العمرة، فكيف يحدث هذا وهم من أهل مكة؟ /جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: العمرة هي الزيارة بالنسبة إلى الغريب، أما أهل مكة فالعمرة لهم هي الطواف والسعي والتقصير، وهي نوع من الزيارة بخروجه إلى الحل ثم رجوعه، لكن المقصود منها في حق مكة هذا العمل العظيم، وهو الطواف والسعي والتقصير، فلهم عمرة يخرجون إلى الحل، التنعيم أو عرفات أو الجعرانة، أو جدة ويحرمون بالعمرة، ثم يدخلون ويطوفون ويسعون ويقصرون، وتسمى عرمة، وإن كان أصلها الزيارة بالنسبة إلى الغريب، لكنها عمل عظيم، عمل الطواف والسعي والتقصير ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (276).

أو الحلق، عبادة عظيمة، فيها الطواف بالبيت، وفيها السعي بين الصفا والمروة، فهي عمرة لهم، وإن كانوا من أهل مكة، وليس لهم زيارة؛ لأنهم قريبون من مكة، إذا خرجوا إلى التنعيم، ليسوا بعيدين وليس سفرًا، فلا تتحقق في حقهم أنها زيارة، لكن فيها العمل الصالح فيها الطواف والسعي، ولكنها تسمى زيارة بالنسبة إلى الغرباء، واقد اعتمرت عائشة من مكة رضي الله عنها، لما حلت من حجها أعمرها النبي صلى الله عليه وسلم من التنعيم وهي في هذه الحال مكية، مقيمة في مكة، ومع هذا اعتمرت من التنعيم، رضي الله عنها بدلاً من عمرتها التي دخلت بها إلى مكة من المدينة؛ لأنها دخلت مكة وهي حائض، فلم تطف ولم تسعَ قبل الحج، وأحرمت في الحج مع العمرة، صارت قارنة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «طَوافُكِ بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيكِ لحجكِ وعمرتكِ» (¬1) لأنها صارت قارنة، فطلبت منه عمرة مستقلة، فوافق على ذلك عليه الصلاة والسلام، وأمر أخاها عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم عمرة مستقلة، كصاحباتها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم؛ بينما اعتمروا عمرة مستقلة، دخلوا بها مكة من المدينة، ¬

(¬1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب المفرد والقارن يكفيهما طواف واحد وسعي واحد 5/ 106، برقم (1211).

فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا، فأحبت أن تفعل مثلهم بعمرة مستقلة، فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر أخاها عبد الرحمن أن يذهب بها إلى التنعيم، فاعتمرت بعد الحج؛ فدل ذلك على أنه لا بأس بخروج المكي إلى التنعيم أو غيره من الحل لأخذ العمرة، فالعمرة عمل صالح وقربة إلى الله عز وجل.

بيان فضل العمرة والإكثار من أدائها

113 - بيان فضل العمرة والإكثار من أدائها س: ماذا ورد في فضل الإكثار من العمرة؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» (¬3) العمرة إلى العمرة كفارة، والمعنى – والله أعلم – عند اجتناب الكبائر؛ لقوله سبحانه: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}. فشرط في تكفير السيئات اجتناب الكبائر سبحانه وتعالى، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارة ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (372). (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (372). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، برقم (1773).

لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر» (¬1) والعمرة إلى العمرة، والحج إلى الحج كلها مكفرات إذا اجتنب الكبائر، كما قال صلى الله عليه وسلم: «من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» (¬2) وقال صلى الله عليه وسلم: «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» (¬3) المبرور الذي أداه وهو غير مُصِرٍّ على سيئات فائتة، لم يفسق ولم يرفث، وهكذا العمرة إذا أداها وهو ليس مصرًّا على شيء من الكبائر تعتبر كفارة للصغائر. س: هل يجوز للمسلم أن يقوم في اليوم الواحد بأداء العمرة خمس مرات، يطوف ويسعى ويرجع إلى الميقات ويحرم من جديد؟ ج: ليس هذا من عمل السلف الصالح، والأفضل ترك ذلك؛ لما فيه من المشقة، ولما فيه من المزاحمة للناس، ولا سيما وقت الحج وقت الزحمة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة، برقم (233). (¬2) أخرجه البخاري، باب فضل الحج المبرور، برقم (1424). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، برقم (1773).

والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» (¬1) فمراده صلى الله عليه وسلم بقوله: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما» (¬2) – والله أعلم – يعني على وجه لا يكون فيه مشقة ولا مضرة على الناس؛ ولهذا كان السلف لا يفعلون ذلك، ما كان السلف يعتمرون عمرتين في اليوم، أو في الليلة، بل كان بينهما بعض الوقت، فالأحسن والأفضل أن يترك العمرة وقت الزحمة، فإذا كان سعة اعتمر حسب التيسير من دون أن يفعل ذلك مكررًا في كل يوم، بل يكون بينها فسحة، كما كان السلف يفعلون، ويجعل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما» (¬3) على الشيء المعتاد المعروف، الذي يكون بينهما بعض الفصل، بعض الوقت، ككل أسبوع عمرة، أو بعد كل شهر وشهر عمرة، أو كل شهر عمرة أو نحو ذلك من دون متابعة في يوم واحد، ولا سيما عند كثرة الحجيج فإن هذا يشق على الناس كثيرًا، الصحابة رضي الله عنهم، ومعهم النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمروا بعدما فرغوا من الحج، بل لما فرغ من الحج ودَّع عليه الصلاة والسلام ليلة أربع عشرة، ثم غادر مكة، وسافر إلى المدينة عليه الصلاة ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، برقم (1773). (¬2) صحيح البخاري الْحَجِّ (1773)، صحيح مسلم الْحَجِّ (1349)، سنن الترمذي الْحَجِّ (933)، سنن النسائي مَنَاسِكِ الْحَجِّ (2629)، سنن ابن ماجه الْمَنَاسِكِ (2888)، مسند أحمد (2/ 462)، موطأ مالك الْحَجِّ (776)، سنن الدارمي الْمَنَاسِكِ (1795). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، برقم (1773).

والسلام، ولم يكرر العمرة وهكذا الصحابة، لما حلوا من العمرة في أربعة ذي الحجة، لم يبلغنا أن أحدًا منهم توجه إلى العمرة في تلك الأيام الأربعة ليعتمر ثانيًا، ولو فعلوه لنُقِلَ إلينا؛ إلى المسلمين، فالحاصل أنه لا مانع من تكرار العمرة في الشهر مرات، أو في الأسبوع، لكن على وجه لا يضر الحجيج، ولا يشق على الناس ولا يشق على المعتمر نفسه، بل يراعي في ذلك الآداب الشرعية التي سار عليها سلف الأمة.

حكم إهداء ثواب العمرة وقراءة القرآن للغير

114 - حكم إهداء ثواب العمرة وقراءة القرآن للغير س: لي صديق في مصر، هل يجوز لي أن أؤدي عنه عمرة، بشرط أن يقرأ هو القرآن عدة مرات ويهب ثواب ذلك لوالدي (¬1)؟ ج: إذا كان عاجزًا كالشيخ الكبير، والعجوز الكبيرة، والمريض الذي لا يرجى برؤه جاز لك أن تحج عنه وأنت مأجور، لكن بدون هذا الشرط بدون شرط أن يقرأ لك، تبرعًا منك أو بمال يعطيك إياه؛ لتحج عنه، أما القراءة له فلا أصل له، القراءة للغير ليس لها أصل شرعي، يعني يعتمر ولكن إذا كافأك بمال، اتفقت عليه أنت وإياه على ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (298).

أن يعطيك كذا وكذا، وتحج عنه لأنه مريض، مرضًا لا يرجى برؤُه، أو لأنه كبير سن عاجز، أو أعطاك إياه لتحج عن ميت فلا بأس.

حكم أداء العمرة في شهر رجب

115 - حكم أداء العمرة في شهر رجب س: هل العمرة في شهر رجب لها مزية عن بقية الشهور (¬1) (¬2)؟ ج: كان السلف يفعلونها ولا حرج فيها، وثبت عن عمر أنه كان يعتمر في رجب، وابن عمر، وذكر ابن سيرين أن السلف كانوا يفعلونها، كما قال ابن رجب رحمه الله في كتابه: (اللطائف)، وثبت عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب، ولكن المشهور عند أهل العلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم اعتمر في ذي القعدة، كل عمراته في ذي القعدة (¬3)، هذا المعروف عند أهل العلم، أن عُمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة لا في رجب، لكن فعلها عمر رضي الله عنه وبعض الصحابة، وفعلها كثير من السلف ولا بأس من ذلك. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (359). (¬2) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (359). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب كم اعتمر النبي عليه السلام، برقم (1776). ') ">

حكم الطواف أثناء صلاة الجماعة

116 - حكم الطواف أثناء صلاة الجماعة س: يقول السائل: ما حكم الطواف أثناء الصلاة (¬1)؟ ج: لا حرج، عمرتك صحيحة سواء طُفْتَ قبل الصلاة أو بعد الصلاة أو وهم يصلون، كله لا يضر. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (353).

حكم تكرار أداء العمرة في رمضان

117 - حكم تكرار أداء العمرة في رمضان س: إذا كرر العمرة مثلاً في رمضان أكثر من مرة (¬1) (¬2). ج: لا حرج إن شاء الله، لكن الاكتفاء بمرة لعله أحوط وأحسن؛ حتى لا يُتْعِبَ الناس، وحتى لا يُضَيِّقَ على الناس، ويحصل به زحمة، مرة تكفي والحمد لله، هذا هو الأحوط والأحسن والأفضل؛ حتى لا يشق على الناس، ولا يسبب الزحام هو وغيره. س: يقول السائل: بالنسبة للعمرة هل هناك إثم على من يعتمر بإحرام واحد أكثر من مرة؟ وهل يستحب عند كل مرة تغيير الإحرام؟ وما المدة بين كل عمرة وأخرى؟ هل لها مدة معينة؟ وما هي الأدعية الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم حين دخول مكة؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (412). (¬2) السؤال من الشريط رقم (412). ') ">

ج: لا حرج أن يحرم ملابس إحرامه مرة واحدة، وليس لهذا حد، وإذا توسخت ثم غسلها ثم أحرم فيها لا بأس والحمد لله، وليس هناك حد معلوم بين العمرتين، فلو اعتمر في الشهر مرتين، أو أكثر فلا بأس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» (¬1) وقد اعتمرت عائشة في حجة الوداع، رضي الله عنها عمرتين بأقل من عشرين يومًا، مرة وهي داخلة من المدينة، ومرة بعد ذلك في ليلة ثلاث عشر من ذي الحجة (ليلة نفرت)، فالأمر في هذا واسع والحمد لله، والدعوات يدعو الإنسان بما يسر الله في طوافه، في سعيه يدعو بما تيسر، يلبي عند الإحرام يقول: لبيك عمرة. مثلما يقول: لبيك حجًا. ثم يلبي التلبية الشرعية: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. هكذا التلبية الشرعية في الطريق، حتى يصل المسجد الحرام إلى الكعبة، ثم يشرع في الطواف، ويكبر عند استقبال الحجر، يقول: الله أكبر. ثم يشرع في الطواف يقول: اللهم إيمانًا بك وتصديقًا بكتابك ووفاءً بعهدك واتباعًا لسنة نبيك؛ محمد صلى الله عليه وسلم. أو يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، برقم (1773).

إلا بالله. أو: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، لا إله إلا الله له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويكثر من ذلك ويدعو بما أحب: اللهم اغفر لي، اللهم إني أسألك رضاك والجنة وأعوذ بك من سخطك والنار، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم اغفر لي ولوالدي - إذا كان والداه مسلمين – اللهم اجعلها عمرة مقبولة، أو حجًا مقبولاً. إن كان حجًا، وهكذا يتخير الدعوات الطيبة، ويدعو في طوافه وفي سعيه، وإذا جاء عند الركن اليماني مسحه بيده اليمنى وقال: بسم الله والله أكبر. فإن لم يحصل أن يستلمه يمشِ، ولا يشرْ إليه، ثم يقلْ: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}. وفي آخر كل شوط بين الركنين بعد اليماني يختم كل شوط بهذا الدعاء: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} هذا هو الأفضل؛ تأسيًا بالنبي عليه الصلاة والسلام، ثم إذا وازن الحجر يقول: الله أكبر. حتى يكمل السبعة يكبر في أولها وفي آخرها، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، وإذا كان في طواف القدوم أول ما يقدم يرمل في الثلاثة الأُوَلِ؛ الأول

والثاني والثالث، يرمل يعني يهرول إذا كان رجلاً، ثم يمشي في الأربعة، أما المرأة فلا تهرول، تمشي مشيًا في السبعة كلها؛ لأنها عورة، وهكذا السعي يكبر على الصفا والمروة ثلاث مرات، يدعو ثلاث مرات يرفع يديه مستقبل القبلة على الصفا والمروة الرجل والمرأة جميعًا، ويستحب له في بطن الوادي أن يرمل في السعي؛ يعني يهرول قليلاً في المسعى بين العلمين في بطن الوادي، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في كل شوط الرجل خاصة.

حكم أداء العمرة في ليلة سبع وعشرين

118 - حكم أداء العمرة في ليلة سبع وعشرين س: تقول السائلة: أ. أ: هل لعمرة سبع وعشرين من رمضان مزية على بقية أيام رمضان (¬1)؟ ج: مزيتها قد توافق ليلة القدر؛ لأن ليلة سبع وعشرين أرجى الليالي في ليلة القدر، فالناس يحرصون على ذلك؛ لأنهم يرجون أن توافق هذه الليلة؛ حتى تكون خيرًا من ألف عمرة، كما قال جل وعلا: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}. يعني: العمل فيها خير من عمل في ألف شهر، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (391).

والعمرة فيها خير من عمرة في ألف شهر، هذا وجه تحري الناس لها، لكن لا ينبغي إذا كان فيه زحام ومشقة، لا ينبغي؛ لأن ليلة القدر غير معلومة، قد تكون في ليلة سبع وعشرين، وقد تكون في غيرها، ثم لو كانت في ليلة سبع وعشرين فالزحام الذي يضر الناس لا ينبغي، ولا يجوز أن يخاطر بنفسه، ولا بزوجته في الزحام، الذي يرجوه ليلة القدر، الأمر فيها واسع، وفضل الله كريم، ما هو بشيء واجب الحمد لله، صادفها أو ما صادفها، له أجر عظيم في العمرة والحمد لله.

بيان فضل أداء العمرة في العشر الأواخر

119 - بيان فضل أداء العمرة في العشر الأواخر س: هل من المستحب أداء العمرة في العشر الأواخر من رمضان؟ وهل هي أفضل من العشر الأوائل؟ وما مكانة محاولة تقبيل الحجر الأسود (¬1) (¬2)؟ ج: العمرة في رمضان تعدل حجة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وفي العشر الأخيرة أفضل؛ لأن العشر الأخيرة لها فضل على سائر الشهر، وهكذا في العشر الأُوَلِ من ذي الحجة لها فضل عظيم؛ لأن عشر ذي الحجة أفضل الأيام، والعمل الصالح فيها أفضل الأعمال، ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (337). (¬2) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (337). ') ">

فإذا اعتمر في العشر الأُوَلِ من ذي الحجة فلها فضل عظيم، لكن في رمضان أفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «عمرة في رمضان تعدل حجة» (¬1) س: يقول السائل: ألاحظ أن كثيرًا من الناس يحرصون على تأدية العمرة في رمضان، والبعض يكررها في هذا الشهر الكريم، ولا سيما في العشر الأواخر، حدثونا لو تكرمتم عن مشروعية هذا العمل، وعن تكرار العمرة بالنسبة للفرد ولا سيما في العشر الأواخر. ج: أسباب ذلك أنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «عمرة في رمضان تعدل حجة – وفي رواية أخرى – تعدل حجة معي» (¬2) يعني معه عليه الصلاة والسلام؛ فلهذا يتنافس المسلمون في ذلك، ويحرصون على أداء العمرة في رمضان؛ رغبة في هذا الأجر العظيم، وإذا كررها في رمضان مرتين أو ثلاثًا لا بأس من أجل هذا الخير العظيم، لكن ينبغي له أن يلاحظ ألاَّ يشق على الناس، فإذا كان في ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد، مسند عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، برقم (2670). (¬2) أخرجه أبو داود، باب العمرة، برقم (162).

زحمة كبعض ليالي العشر الأخيرة فالأقرب عندي والأظهر عندي ترك ذلك؛ حتى يوسع للناس ما دام اعتمر في أول الشهر، الحمد لله؛ حتى لا تحصل بعمرته وأمثاله المضايقة للناس، الذين لم يعتمروا في أول الشهر، فالحاصل أن المؤمن يراعي حال إخوانه الذين يعتمرون في العشر الأخيرة، فإذا كان في وقت تحصل فيه شدة فينبغي له أن يوسع لهم، وأن يكتفي بعمرته السابقة التي حصلت له في أول الشهر أو في أثنائِه والحمد لله.

حكم من طاف للعمرة ولم يسع بسبب الزحام

120 - حكم من طاف للعمرة ولم يسع بسبب الزحام س: ما هو الحكم لمن لم يتم العمرة، وذلك في شهر رمضان في اليوم السابع والعشرين من الشهر الكريم؟ فقد أدينا الطواف كاملاً، ولكننا لم نستطع إتمام السعي؛ وذلك من شدة الزحام، فما الحكم في ذلك؟ وهل هناك فدية؟ وما نوع الفدية؟ وأين ذبحها؟ سماحة الشيخ (¬1). ج: الواجب تكميل العمرة بعد تلك الليلة، يسعى ويقصر ويحل هذا ¬

(¬1) السؤال التاسع الشريط رقم (361).

هو الواجب على الجميع الرجال والنساء، لا بأس بأن يكون بين الطواف والسعي فجوة، فإذا طاف مثلاً في النهار وصعب عليه السعي، أو طاف في الليل وصعب عليه السعي أَجَّلَ السعي إلى وقت آخر وسعى والحمد لله، والذي ما سعى مثلاً إلى الآن يذهب، ويسعى يتمم عمرته ويقصر؛ لأنه ما زال في إحرام العمرة إذا كان لم يسعَ ولم يقصر، لا يزال في إحرام العمرة يرجع إلى مكة ويسعى ويقصر ويتحلل والحمد لله، وإن كان أتى زوجته إذا كان رجلاً، أو امرأة أتاها زوجها فهي تفسد العمرة وتكملها عمرة فاسدة، وتأتي بعمرة جديدة من الميقات الذي أحرمت بالأولى منها، وهذه العمرة التي وقع فيها الجماع تكمل فاسدة، ثم يُؤتى بعمرة عوضًا منها من الميقات الذي أحرم بالأولى منه.

حكم من أحرم ولم ينزع الملابس الداخلية نسيانا

121 - حكم من أحرم ولم ينزع الملابس الداخلية نسيانًا س: م. م. الرياض: بعد أن أديت العمرة عن نفسي في شهر رمضان – الحمد لله – نويت أن أؤدي عمرة عن والدتي المتوفاة برًا بها، فبعد أن خرجت من بيت قريبٍ لي في مكة اتجهت إلى مسجد عائشة رضي الله عنها؛ لأحرم منه فأحرمت؛ حيث إن ذلك ميقات أهل مكة، وذهبت إلى البيت الحرام، فبعد أن طفت

بالبيت سبعة أشواط، وأنا في السعي بين الصفا والمروة في الشوط الرابع أحسست بأنني ناس بعض الملابس الداخلية، فقمت بنزعه فورًا، وواصلت السعي، أسألكم يا سماحة الشيخ: هل عمرتي هذه عن والدتي جائزة، أم يترتب علي شيء آخر (¬1)؟ ج: ما دمت ناسيًا ليس عليك شيء، تخلعه مثل ما فعلت، السراويل والْفَنِيلَّةَ والحمد لله، وليس عليك شيء، يقول الله سبحانه: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}. فالعمرة صحيحة، ولك أن تحرم من مسجد عائشة، ومن الجعرانة، ومن غيرها، الذي يريد العمرة وهو في مكة يخرج إلى الحل سواء التنعيم، أو عرفات أو الجعرانة أو غير ذلك، يحرم من الحل. ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (367).

بيان عدم اشتراط نية الحج في بلده

122 - بيان عدم اشتراط نية الحج في بلده س: الأخ: م. ش. ع، مصري، من محافظة الشرقية يسأل ويقول: أنا أتيت إلى المملكة من أجل العمل، وأُتيحت لي فرصة أداء الحج، فهل بذلك أكون قد أتممت الركن الخامس للإسلام؟

لأني سمعت كثيرًا من الناس يقولون: لا يصح الحج إلا إذا كان الإنسان ذاهبًا للحج فقط. أفيدونا عن هذا، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الحج يجزئك عن حجة الإسلام، ولو كنت ما قصدته من بلادك، وهذا الذي يقوله بعض الناس أنه لا بد أن يأتي الحاج من بلاده لقصد الحج هذا باطل لا أساس له، المقصود وجود الحج، والله يقول سبحانه: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}. ولم يقل: من داره، ولا من بيته، ولا من بلده. فإذا وصل إلى مكة أو جدة أو الطائف للعمل، ثم يسر الله له الحج وحج فحجه صحيح، ويكفيه عن حجة الإسلام والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (233).

حكم الحج قبل أداء العمرة أو بعدها

123 - حكم الحج قبل أداء العمرة أو بعدها س: هل يصح الحج قبل العمرة، أو لا بد من الحج أولاً (¬1)؟ ج: يصح قبلها وبعدها، الحج يصح قبل العمرة وبعدها، والعمرة كذلك قبل الحج وبعده. ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (347).

بيان المواقيت المكانية

124 - بيان المواقيت المكانية س: ما معنى المواقيت في الحج، وهل للميقات حدود مكانية لا يجوز تجاوزها ولو بمسافة بسيطة جدًّا (¬1)؟ ج: المواقيت قسمان: مواقيت مكانية، ومواقيت زمانية. المواقيت المكانية للحج: المواضع التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإحرام منها، يقال لها: مواقيت. هذا لمن أراد الحج أو العمرة، أن يحرم منها، يقول صلى الله عليه وسلم، لما وَقَّتَ المواقيت وقت لأهل المدينة ذا الحليفة؛ مكان معروف يسمى أبيار عليٍّ الآن، ووَقَّتَ لأهل الشام ومصر والمغرب ونحوهم الجحفة؛ وهي محل رابغ الآن، ووَقَّتَ لأهل المشرق ذات عرق، ووقت لأهل نجد وادي قرن؛ يسمى السيل، ووقت لأهل اليمن يلملم، هذه مواقيت مكانية، إذا مر عليها من يريد الحج أو العمرة يحرم منها، هذه يقال لها: المواقيت المكانية. وإذا مر بها، وهو ما أراد الحج والعمرة ما عليه شيء، مثل من ذهب إلى مكة للتجارة، ما أراد الحج ولا العمرة، لا بأس ما يحرم؛ لأنه ما ذهب لا لحج ولا عمرة، إنما ذهب للتجارة، أو ليزور قريبًا له، أو ما أشبه ذلك، لكن من ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (394).

أراد الحج والعمرة يحرم من هذه المواقيت؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: «وقت النبي صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم. قال: هُن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ» (¬1) مثل أهل جدة، إذا أرادوا الحج أو العمرة أحرموا من جدة، أو أهل الزيمة، أو أهل بحرة يحرمون من مكانهم. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل المكة للحج والعمرة برقم (1427).

بيان فضل ميقات ذي الحليفة

125 - بيان فضل ميقات ذي الحليفة س: السائل: ع. من الرياض يقول: حدثونا عن مسجد الميقات؛ ذي الحليفة في ضوء الحديث القائل ما معناه: "أتاني آتٍ الليلة، فقال: يا محمد، صل في هذا الوادي المبارك ". هل للصلاة في ذي الحليفة فضل على غيره، أم هو كسائر المساجد؟ وما أصل التسمية بذي الحليفة وآبار عليٍّ؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: قد أحرم النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وفي عُمَرِهِ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (393).

من ذي الحليفة، وهي ميقات أهل المدينة، ويسميها الناس آبار عليٍّ الآن، وقد جاء في الحديث الصحيح: «صل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة» (¬1) فاحتج به العلماء أنه يستحب لمن أراد الحج والعمرة، أن يصلي ركعتين عند إحرامه، أو يصلي فريضة إن كان وقت فريضة، والنبي صلى الله عليه وسلم عند حجة الوداع صلى فريضة الظهر، ثم أحرم بعدها، هذا يدل على أن ذا الحليفة لمن أراد الحج والعمرة يستحب له أن يصلي فيه؛ إما فريضة وإما نافلة، ثم يحرم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا في بقية المواقيت، إذا تيسر فريضة صلى وأحرم بعدها، وإلا توضأ وصلى ركعتين، يكون أفضل سنة الوضوء، وعملاً بظاهر الحديث، فإنه يشمل الفريضة، ويشمل النافلة، أما تسمية آبار عليٍّ وذي الحليفة فلا أذكر الآن أسبابها. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب المزارعة، باب من أحيا أرضًا، برقم (2337).

بيان ميقات أهل السودان

126 - بيان ميقات أهل السودان س: سؤال لأحد الإخوة من السودان يقول سماحة الشيخ: كثيرًا ما واجهتنا هذه المسألة؛ وهي بخصوص مواقيت الإحرام المكانية، وقد خصص الرسول صلى الله عليه وسلم المواقيت المكانية

لكل جهة من الأرض، ونحن في السودان غير محدد لنا ميقات مكاني ضمن تلك المواقيت، فمن أين نحرم سواء أتينا بحرًا أو جوًّا؟ علمًا بأنه عند دراستنا بالمدرسة علمونا بأننا – أهل السودان – نحرم من جدة، هل هذا صحيح؟ وإن كان خطأ فمن أين نحرم مأجورين (¬1) (¬2)؟ ج: لقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه وَقَّتَ لأهل النواحي كلها المواقيت الخمسة المعروفة في الصحيحين؛ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «وقت النبي صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة – وهي معروفة تسمى الآن أبيار عليٍّ –ولأهل الشام الجحفة – وتسمى الآن رابغ –ولأهل نجد قرن المنازل – ويسمى وادي قرن، ويسميه بعض العامة السيل –ولأهل اليمن يلملم» (¬3) معروفة أيضًا. وفي رواية عائشة وجماعة «ولأهل العراق ذات عرق» (¬4) هذه خمسة مواقيت تقال في هَدْيِ النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس: «هن ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (357). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (357). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل المكة للحج والعمرة برقم (1427). (¬4) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب في المواقيت، برقم (1739).

لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة» (¬1) وذو الحليفة للمدينة، ومن أتى على طريق المدينة والجحفة، والآن يحرم الناس من رابغ قبلها بقليل؛ ميقات لأهل الشام ومصر والمغرب والسودان، كلهم من هذا الميقات، فميقات أهل السودان الجحفة إذا حاذوها عن طريق البحر، أو من طريق الجو أحرموا إلا أن يأتوا من طريق المدينة فيحرمون من أبيار عليٍّ من ذي الحليفة، أو يأتوا من طريق نجد فيحرمون من ميقات أهل نجد وادي قرن: السيل، أو إن أتوا من طريق اليمن كذلك في يلملم، أو من طريق العراق ذات عرق، أما جدة فليست ميقاتًا إلا لأهلها الساكنين فيها، وأما النواحي الأخرى فليست ميقاتًا لهم، لكن زعم بعض إخواننا في السودان أن بعض الطرق من السودان إذا سلكوها من البحر لا تحاذي الجحفة، وإنما تحاذي رأسًا قبل الجحفة، فإن صح هذا أن هناك طريقا بحريًّا من بورسودان أو غيرها من موانئ السودان، إذا صح بأن هناك طريقًا لا يمر بالجحفة، بل يحاذي جدة أولاً فإذا أحرم من جدة إن صح هذا، وإلا فالمعروف أن طريق ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل المكة للحج والعمرة برقم (1427).

أبناء السودان يمر أولاً على الجحفة؛ وهي رابغ الآن من طريق الجو كذلك، فعلى أبناء السودان أن يحرموا من الجحفة إذا حاذوها من جهة البحر، وهكذا إذا حاذوها من جهة البر إلا إذا جاؤوا من طريق المدينة فمن ميقات المدينة، وهكذا غيره، وهكذا أهل مصر والشام يحرمون من الجحفة، وهكذا المغرب، أما العراق فمن ذات عرق إذا جاؤوا من طريق العراق، أما إذا ذهب إلى المدينة فإنه من المدينة، واليمن من ميقات اليمن، أما من كان دون ذلك من كان في بحرة مثلاً يحرم من مكانه. س: يقول السائل: متى تكون جدة ميقاتًا (¬1)؟ ج: جدة ميقات لأهلها، وميقات لمن وصل إليها ليس عنده نية لعمرة أو حج، ثم طرأ عليه العمرة أو الحج في جدة يحرم منها، وصل إلى جدة من أمريكا، من أوربا، من أفريقيا، من أي مكان ما عنده نية للعمرة أو الحج، جاء إلى جدة للتجارة أو لأسباب أخرى، ثم بعدما وصل أنشأ العمرة، أحب أن يعتمر أو أحب أن يحج في وقت الحج يحرم من جدة ولا شيء عليه. وإذا كان إنسان لا يوازن الميقات، إلا إذا وصل جدة جاء من بلد في حذائِه البحر، أو الجو ليست طائرته ولا سفينته تحاذي ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (244). ') ">

ميقاتًا إلا جدة ما يمر على ميقات، حتى يمر جدة هذا يحرم من جدة، إذا وُجِدَ، يقال: أن بعض الخارجين من السودان أنه إذا جاء من جهة الغرب رأسًا أنه لا يكون له ميقات إلا جدة، أنه لا يحاذي شيئًا إلا جدة. يقول بعض علماء السودان: إذا وُجِدَ إنسان خرج من ميناء في السودان، أو غيرها لا يحاذي ميقاتًا إلا جدة يكون إحرامه من جدة. س: من أين يحرم أهل السودان وهم في البحر؟ هل يحرمون من جدة أم من رابغ (¬1)؟ ج: ميقاتهم رابغ، إلا إذا مروا على ميقات قبل رابغ، وإلا فالذي نعرف عن السودان مثل مصر وغيرها، ميقاتهم رابغ، لكن يقول بعض علماء السودان: إن هناك طريقًا قد يأتون جدة قبل رابغ، فإذا وُجِدَ طريق بهذه المثابة أحرموا من جدة، أما إذا كانوا يوازنون رابغًا أو يلملم لزمهم الإحرام وهم في البحر، إذا وازنوا هذا أو هذا. س: يقول السائل: أديت العمرة وأنا من السودان، ولكنني أحرمت من رابغ، هل هذا صحيح؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (353). ') ">

ج: الواجب عليك الإحرام من ميقات السودان، إن كنت جئت من طريق المدينة فمن ميقات المدينة، أو جئت من طريق البحر تحرم من أول ميقات يمر عليك؛ وهو المحاذي، وهو: الجحفة، رابغ، أو يلملم، هذا هو الواجب عليك، أول ميقات تحاذيه تحرم منه.

بيان ميقات أهل جدة ورابغ

127 - بيان ميقات أهل جدة ورابغ س: هل أهل جدة كلهم من داخل الميقات، أو من خارجه؟ ومن أين يحرمون، وكذلك أهل رابغ (¬1)؟ ج: أهل جدة كلهم من داخل الميقات الذي هو رابغ، وما وراءه ذو الحليفة فهم داخل الميقات، فأهلها يحرمون من مكانهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم، لما وقت المواقيت قال: «ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة» (¬2) فالذين في جدة، أو في الزيمة أو في الشرائع، أو في بحرة أو في أم السلم، هؤلاء ميقاتهم بلدهم، يحرمون من مكانهم، إذا أرادوا عمرة أو حجًا يحرمون من مكانهم، ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (214). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل المكة للحج والعمرة برقم (1427).

والذي في رابغ يحرم من رابغ، هذه ميقات، وهي الجحفة، والذي فوق الجحفة يحرم من مكانه، دون ذي الحليفة، فالحاصل أن المواقيت خمسة: ذو الحليفة؛ ميقات أهل المدينة، الجحفة؛ ميقات أهل الشام ومصر ونحوهم ممن يحرم من جهة الساحل، والآن يحرمون من رابغ، ورابغ مثل الجحفة بقليل من باب الاحتياط. الثالث: يلملم؛ ميقات أهل اليمن. قرن المنازل، ويقال له: السيل. ميقات أهل نجد وأهل الشرق. والخامس: ذات عرق؛ ويسمى الضريبة؛ ميقات أهل العراق، فالذي يأتي قبل هذه المواقيت يحرم منها، فالذي من طريق المدينة يحرم من ذي الحليفة، والذي يأتي من طريق الساحل من مصر أو الشام، أو غيرها، من طريق البحر يحرم من الجحفة رابغ، والذي يأتي من طريق اليمن جيزان واليمن يحرم من يلملم، والذي يأتي من العراق، وما حولها يحرم من الضريبة ذات عرق، والذي يأتي من نجد أو غيرها من جهة الشرق يحرم من السيل، من وادي قرن، وإذا كان دون هذه المواقيت، كأهل جدة وأهل الشرائع وأهل الزيمة، وأهل بحرة، يحرمون من محلهم لقوله صلى الله عليه وسلم: «ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من

مكة» (¬1) أهل مكة يعني في الحج، أما العمرة فيحرمون من خارج مكة؛ لأن الرسول أمر عائشة أن تحرم بالعمرة من خارج مكة، من التنعيم، وهكذا من الجعرانة، ومن عرفات، يعني من خارج الحرم من أراد العمرة وهو في مكة، يتوجه إلى الحل، يخرج إلى الحل ويلبي من هناك بالعمرة، بعد ما يغتسل في بيته، ويستعد. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل المكة للحج والعمرة برقم (1427).

حكم من تجاوز الميقات جوا ولم يحرم

128 - حكم من تجاوز الميقات جوًا ولم يحرم س: شخص قادم من لندن بالطائرة، ونزل في جدة، ولم يحرم قبل بدء سفره، ولم ينبهه العَمَلَة بالطائرة عند المرور من الميقات، فكيف يحرم؟ وإذا نزل بجدة بدون إحرام ماذا يلزمه (¬1)؟ ج: إذا كان من طريق الساحل، من طريق البحر يرجع إلى رابغ، ويحرم من رابغ، أما إن كان جاء من طريق المدينة فيرجع إلى ميقات المدينة، وأما إذا كان ما يعلم محاذاة أي ميقات يحرم من جدة، لكن إذا كانت الطائرة تحاذي رابغًا فإحرامه من رابغ، يرجع إليها بالسيارات، ويحرم من رابغ، وهكذا من جاء من طريق البحر، إذا حاذى رابغًا يحرم ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (214).

من رابغ، وهو في البحر، وهكذا في الجو إذا حاذى رابغًا في الجو، أو حاذى ذا الحليفة إن كان من طريق المدينة يحرم من المحاذاة في الجو، وإذا كان الملاح في الطائرة يعلم أنا ما حاذى رابغًا، وما حاذى ميقاتًا آخر، إنما جاء من طريق لم يحاذِ شيئًا فميقاته جدة، إذا لم يحاذِ ميقاتًا قبل ذلك.

بيان إحرام من كان منزله دون الميقات

129 - بيان إحرام من كان منزله دون الميقات س: تقول السائلة: من أين يحرم من منزله دون الميقات (¬1)؟ ج: من كان منزله دون الميقات يحرم من محله، من أهله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت، قال: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، ممن أراد الحج والعمرة» (¬2) ثم قال عليه الصلاة والسلام: «ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة» (¬3) فإذا كان دون الميقات في بحرة، في أم السلم، في جدة يحرم منها، إذا أراد عمرة أو حجًا، والذي في الشرائع يحرم منها، من أراد حجًا أو عمرة، والذي في مكة يحرم منها بالحج من بيته، أما العمرة ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (403). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل المكة للحج والعمرة برقم (1427). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل المكة للحج والعمرة برقم (1427).

فيخرج إلى الحل، إذا كانت عمرة وهو في مكة يخرج إلى الحل؛ التنعيم، أو عرفات، أو الجعرانة يحرم منها بالعمرة، إذا كان في مكة.

حكم من أحرم قبل وصوله الميقات

130 - حكم من أحرم قبل وصوله الميقات س: يقول السائل: ماذا يفعل الشخص الذي ينوي العمرة ويكون قادمًا من مصر؟ هل يحرم من بيته أو من الطائرة؟ وإذا كان في الطائرة ماذا يفعل بالضبط (¬1)؟ ج: السنة أن يحرم من الميقات، لا من بيته، إذا وازن الميقات وهو في الطائرة أو في السيارة، أو قبله بقليل أحرم، وقال: اللهم لبيك عمرة. إن كان عمرة، أو: لبيك حجًا. إن كان حجًا مع النية، مع نية القلب للعمرة والحج ينوِي بقلبه، ويتلفظ ويقول: اللهم لبيك حجًا. إن كان حجًا، أو: اللهم لبيك عمرة. إن كان عمرة من الميقات، هذا هو الأفضل، وإن أحرم من بيته فلا بأس، أو من الطريق فلا بأس، لكن خلاف السنة، السنة أن يحرم من الميقات، ويكره أن يحرم قبل ذلك، لكن لو أحرم قبل ذلك انعقد إحرامه ولزمه. ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (413).

حكم من تجاوز الميقات وهو يريد العمرة

131 - حكم من تجاوز الميقات وهو يريد العمرة س: قدمت من مصر لأجل عمل عمرة، وركبت المركب، ونزلت في جدة عند أخي الذي يعمل هناك، ولم يكن معي ملابس إحرام، وبعد يومين من جلوسي عند أخي اشترى لي ملابس الإحرام، وذهبت وعملت عمرة، فهل العمرة صحيحة؟ وهل علي دم أو لا (¬1) (¬2)؟ ج: إذا كنت نويت العمرة من بلادك فعليك دم؛ لأنك أحرمت من دون الميقات، ميقاتك رابغ وما يحاذيه، بل جاوزته من دون إحرام، فعليك دم لأهل مكة للفقراء مثل الضحية، هي رأس من الغنم جذع ضأن، أو ثَنِيُّ معز تذبح للفقراء؛ لأنك تركت الواجب، وهو الإحرام من الميقات، والعمرة صحيحة والحمد لله، العمرة صحيحة. س: يقول السائل: لقد حضرت والدتي لأداء العمرة في شهر رمضان دون أن تحرم من الميقات، ثم أقامت ثلاثة أيامٍ في جدة قبل أن تذهب إلى مكة لأداء العمرة، فهل عليها دم أم لا (¬3)؟ ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (299). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (299). ') "> (¬3) السؤال السادس من الشريط رقم (244). ') ">

ج: هذا فيه تفصيل، إذا كانت قدمت من مصر للعمرة فالواجب إحرامها من الميقات؛ ميقات أهل مصر وهو الجحفة (رابغ) إذا وازنته في البحر أو الجو تحرم، وإن كان من طريق البر إذا وصلت إلى الجحفة من طريق الساحل تحرم، وإن كان من طريق المدينة تحرم من ميقات المدينة، هذا الواجب عليها، فإذا أحرمت من جدة يكون عليها دم يذبح في مكة للفقراء، وهي شاة تجزئ في الضحية، أو سُبْع بدنة أو سبع بقرة، هذا هو الواجب عليها عن ترك الميقات شاة واحدة، يعني ثَنِيّ معز أو جذع ضأن، يذبح في مكة للفقراء أو سبع بدنة أو سبع بقرة، يذبح في مكة للفقراء، هذا إذا كانت نوت العمرة من بلادها مصر مثلاً، لكن ما أحرمت إلا من جدة، جهلت أو تساهلت فهذا إحرامها صحيح من جدة وعمرتها صحيحة، لكنها ناقصة تجبر بدم؛ لأنها تركت الميقات الشرعي الذي يجب عليها. أما إن كانت جاءت من مصر ما نوت العمرة جاءت لحاجة، فلما وصلت جدة طرأ عليها العمرة، وأنشأت العمرة من جديد بنية جديدة فإحرامها صحيح من جدة، وليس عليها شيء؛ لأنها لم تنوِ العمرة إلا من جدة، لم تنشئها إلا من جدة، وهكذا مثلاً من جاء من الرياض إلى جدة، أو من المدينة إلى جدة، أو من الشام إلى جدة، أو من غير ذلك وهو ما عنده نية عمرة، فلما وصل جدة طرأ عليه، وأنشأ العمرة، وأحب أن يعتمر ليس عليه شيء، فإحرامه

صحيح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر المواقيت، قال: «ومن كان دون ذلك – يعني دون المواقيت – فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة» (¬1) يعني من كان من دون المواقيت يكون إحرامه من حيث أنشأ النية نية الإحرام جدة، أو الشرائع أو التنعيم أو أم السلم أو غير ذلك، إلا الحرم إذا كان داخل الحرم فإنه يخرج إلى الحل إذا طرأ عليه، وهو من مكة أن يعتمر يخرج إلى الحل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم «أمر عائشة أن تخرج إلى الحل، لما أرادت العمرة قال: اخرجي إلى التنعيم» (¬2). التنعيم أدنى الحل، فإذا كان في مكة، وطرأ عليه العمرة عن نفسه، أو عن أبيه الميت أو أمه الميتة أو غيرهما من أمواته أو عن أبيه العاجز؛ لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤُه فيخرج إلى الحل مثل عرفات، ومثل التنعيم، يسمونها مسجد عائشة مثل الجعرانة، يعني خارج الأميال من الحل، ثم يلبي بالعمرة ويدخل. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل المكة للحج والعمرة برقم (1427). (¬2) صحيح البخاري الْحَجِّ (1787)، صحيح مسلم الْحَجِّ (1211، 1211)، سنن النسائي مَنَاسِكِ الْحَجِّ (2803)، مسند أحمد (6/ 43).

حكم من تجاوز وهو يريد النسك ميقات بلده إلى ميقات آخر

132 - حكم من تجاوز وهو يريد النسك ميقات بلده إلى ميقات آخر س: الأخ: ع. آ. إ، يقول: وصلت إلى جدة لأداء فريضة الحج، ونويت زيارة المدينة، ومن ثم نحرم من ميقات أهل المدينة، إلا

أننا لم نتمكن من ذلك؛ بسبب إجراءات رسمية معينة، فسألت إمام مسجدنا في مدينة الحجاج، فقال: ليس عليك شيء. ثم سألت أحد الناس في منى، فقال: بل عليك فدية؛ لأنك لم تحرم من الميقات. وجهوني جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا قدم الإنسان إلى جدة بنية الذهاب إلى المدينة، ثم يحرم من المدينة، ولكنه لم يتيسر له ذلك؛ بسبب مرض أو غيره، أو أمور رسمية، لم يحصل له بسببها الذهاب إلى المدينة فإنه يحرم من جدة من محله الذي أنشأ فيه الإحرام ويكفيه، والذي أفتى بفدية غلط، ليس عليك فدية؛ لأنك أنشأت الإحرام من جدة، حين مررت جدة، حين جاوزت الميقات ما أردت الإحرام من الميقات، أردت الإحرام من المدينة، أردت الذهاب إلى المدينة، وتحرم من ميقات المدينة، فأنت معذور؛ لأنك حين سافرت من المدينة أنشأت من جديد الإحرام من محلك، فالإحرام من محلك كافٍ، والحمد لله ولا شيء عليك، وهكذا غيرك، لو أن إنسانًا أتى من نجد ومر على الميقات ذاهبًا للمدينة، وقصده أن يذهب إلى هناك ويحرم من المدينة، ثم مُنِعَ من المدينة لما وصل جدة، ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (258).

أو لما وصل رابغًا مُنِعَ من المدينة يحرم من محله الذي مُنِعَ فيه، والحمد لله، وهكذا من جاء من اليمن، أو جاء من الشام مثله، المقصود إذا جاء لقصد الإحرام من المدينة، ثم منع من المدينة يحرم من محله الذي مُنِعَ فيه: جدة، أو غيرها.

حكم السفر إلى المدينة النبوية للسلام على النبي صلى الله عليه وسلم

133 - حكم السفر إلى المدينة النبوية للسلام على النبي صلى الله عليه وسلم س: الأخ: س. ر. من الأفلاج، يقول: ذهبت إلى مكة المكرمة بنية الحج والعمرة، وأحرمت من السيل، ثم أديت جميع الشعائر المفروضة، وبعد أن طفت طواف الوداع ذهبت إلى المدينة النبوية؛ للسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم عدت إلى مكة المكرمة دون أن أحرم، فهل علي إثم في هذا؟ وهل تلزمني كفارة؟ أرجو الإفادة جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كنت رجعت من المدينة بغير نية العمرة فلا شيء عليك، أما إذا كنت ناويًا العمرة فواجب عليك أن تحرم من ميقات المدينة، فإذا لم تحرم من ميقات المدينة وأنت ناوٍ العمرة فعليك دم، إذا أحرمت من ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (197).

مكة، أو من جدة، ونحو ذلك؛ لأنك تركت الميقات، أما إذا رجعت من دون إحرام، ولا قصدت عمرة فلا شيء عليك، أو قصدت عمرة ولا أحرمت فعليك أن ترجع إلى الميقات وتحرم من الميقات، إذا عزمت على العمرة، وإلا فلا عمرة عليك، ولكن سفرك إلى المدينة من أجل السلام على الرسول صلى الله عليه وسلم هذا ليس بمشروع، المشروع أن تقصد المسجد، ثم يكون السلام تبعًا لذلك، هكذا جاءت الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح، يقول عليه الصلاة والسلام: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» (¬1) ما قال: لا تشد للسلام إلى كذا. قال: «إلا لثلاثة مساجد» (¬2). وسمى المساجد، فالمشروع أن يكون شد الرحال لقصد المساجد، فإذا جئت المسجد النبوي سلمت على الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى صابيه، وشرع لك أيضًا أن تزور البقيع، وتسلم على أهل البقيع، كما يشرع لك أيضًا أن تزور مسجد قباء وتصلي فيه ركعتين، هذه كلها مشروعات، الذي زار المدينة ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، برقم (1189). (¬2) صحيح البخاري الْجُمُعَةِ (1189)، سنن النسائي الْمَسَاجِدِ (700)، سنن أبي داود الْمَنَاسِكِ (2033)، سنن ابن ماجه إِقَامَةِ الصَّلاَةِ وَالسُّنَّةِ فِيهَا (1409)، مسند أحمد (2/ 278)، سنن الدارمي الصَّلاَةِ (1421).

لكن يكون القصد الأول في الرحلة الصلاة في المسجد النبوي، وإذا أردت مع ذلك السلام على رسول الله فلا بأس، يكون تبعًا لزيارة المسجد، أما أن تكون الرحلة أصلها للسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم، وزيارة القبر، هذا غير مشروع، ولكن تكون الرحلة لقصد المسجد، ولا بأس أن يكون معها، أو تضم إليها زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم والسلام عليه تبعًا للمسجد، ولكن الشيء الذي لا يصلح أن تكون الزيارة للقبر فقط، والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم، فينبغي التنبه لهذا؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» (¬1) فمعناه: أنه لا تشد الرحال لقصد زيارة القبور، لا قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره، وإنما تشد لقصد هذه المساجد الثلاثة، وزيارة القبور تكون تبعًا، إذا أتى المدينة زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وسلم عليه وسلم على صاحبيه، شرع له أن يزور البقيع، يزور أحدًا والشهداء في أحد، يسلم عليهم تبعًا لهذه الزيارة للمسجد. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، برقم (1189).

حكم من جاوز الميقات وأحرم من جدة

134 - حكم من جاوز الميقات وأحرم من جدة س: تسأل الأخت: إننا من سكان مدينة الرياض، وقد اعتدنا في كل عام الذهاب في رمضان للعمرة، وقد حدث لنا أننا في ثلاث سنوات كنا إذا ذهبنا للعمرة إلى مكة نصل إلى جدة، ولا نذهب إلى مكة، بل ننام في جدة، وفي اليوم الثاني نذهب إلى مكة؛ أي نعتمر من جدة، فما حكم عمرتنا تلك في السنوات الثلاث؛ لأننا لم نذهب – كما قلت – إلى مكة، بل نبيت في جدة، ونعتمر منها، فإذا كان علينا شيء وجهونا جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: إذا كان إحرامكن للعمرة من جدة، وأنتن جئتن من الرياض للعمرة فعليكن دم؛ كل واحدة عليها دم في جميع العُمَرِ الثلاث، تذبح في مكة للفقراء والمساكين؛ لأن الواجب عليكن الإحرام من الميقات؛ ميقات الطائف وادي قرن، وليس لَكُنَّ أن تجاوزن ذلك إلى جدة من غير إحرام، بل يجب الإحرام من الميقات، وإذا قصدتن جدة وبِتُّنَّ فيها فلا بأس وأنتن محرمات، إذا بِتُّنَّ في جدة، ثم ذهبتن إلى مكة فى بأس، أما تجاوز الميقات والإحرام من جدة فهذا لا يجوز، والذي فعل ذلك ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (93). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (93). ') ">

عليه الفدية، عليه ذبيحة تذبح في مكة للفقراء جبرًا للعمرة؛ لأن عمرته صارت ناقصة بإحرامه من جدة، لكن لو رجع إلى الميقات وأحرم من الميقات، ولم يحرم من جدة أجزأه ذلك، لما تنبه وتذكر رجع قبل أن يحرم من الميقات، وأحرم منه فلا بأس، لكن الواجب عليه أولاً: إذا مر الميقات أن يحرم من الميقات؛ لأنه جاء للعمرة فليس له تجاوزه إلا بإحرام، هذا هو الواجب، ولو أقام في جدة ولو بات فيها وهو محرم لا يضره ذلك، أما إذا تجاوزها، بأن يتجاوز الميقات بغير إحرام، ثم يحرم من جدة هذا هو الذي لا يجوز، لكن من فعل ذلك فعليه فدية؛ وهي ذبيحة تذبح بمكة للفقراء جبرًا للعمرة. س: هل من الممكن سماحة الشيخ السؤال عن أولئك الذين يجوز لهم الإحرام من جدة (¬1)؟ ج: يجوز لأهلها أن يحرموا منها، الساكنين فيها والمقيمين فيها للعمل، إذا أرادوا العمرة يحرمون من جدة لا بأس، كما يحرم الذي في بحرة من بحرة، والذي في أم السلم من أم السلم، والذي في الزيمة من الزيمة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم، لما وقت المواقيت قال: «هن ¬

(¬1) ورد هذا السؤال في الشريط رقم (93). ') ">

لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، ممن أراد الحج والعمرة، ومن كان دون ذلك فمن أهله» (¬1) وقال: «حتى أهل مكة من مكة» (¬2). وفي لفظ آخر: «ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ» (¬3) يعني من حيث أنشأ الإحرام، فهؤلاء الذين في جدة مستوطنين، أو فيها وهم غير مستوطنين، بل مقيمون للعمل، إذا أرادوا الحج والعمرة أحرموا من مكانهم، وهكذا لو أن إنسانًا جاء من الرياض أو من جدة أو من غيرهما، من المدينة أو من غيرها لجدة، لا يقصد العمرة ولا يقصد الحج، بل جاء من الرياض أو من المدينة، أو من الشام أو من مصر أو غير ذلك، إلى جدة لقصد حاجة خاصة، للعمل أو لزيارة قريب أو لعمل تجاري، أو ما أشبه ذلك، ثم بدا له أن يحج، بدا له أن يعتمر، حين وصل إلى جدة فهذا يحرم من جدة كالمقيم بها؛ لأنه حين مر المواقيت لم ينوِ العمرة ولا الحج، وإنما أنشأ ذلك من نفس جدة، هذا الذي أنشأ الحج أو العمرة من جدة يحرم من جدة كالمقيمين بها، وجدة ليست بميقات للناس، لكنها ميقات لأهلها والمقيمين فيها. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل المكة للحج والعمرة برقم (1427). (¬2) صحيح البخاري الْحَجِّ (1845)، صحيح مسلم الْحَجِّ (1181)، سنن النسائي مَنَاسِكِ الْحَجِّ (2654)، مسند أحمد (1/ 252)، سنن الدارمي الْمَنَاسِكِ (1792). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل المكة للحج والعمرة برقم (1427).

س: يقول السائل أنا مصري ومقيم في خميس مشيط، وإن شاء الله أريد أن أؤدي فريضة الحج هذا العام، أريد أن أعرف من أي مكان يتم الإحرام للحج (¬1)؟ ج: يتم الإحرام من ميقات الطائف؛ ميقات نجد إذا جئت من طريق الطائف تحرم من السيل؛ وادي قرن، وإن جئت من طريق اليمن تحرم من يلملم؛ ميقات أهل اليمن، هذا هو المشروع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت الخمسة: ذو الحليفة، والجحفة، وقرن المنازل، ويلملم، وذات عرق، قال: «هن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، ممن أراد الحج والعمرة» (¬2) فإذا جئت من طريق الطائف تحرم من السيل، من طريق اليمن تحرم من يلملم؛ ميقات أهل اليمن، وإن بدأت بالمدينة تحرم من ميقات المدينة. س: رجلان تجاوزا الميقات وأحرما من جدة، وإنهما لم يكونا يعلمان مكان الإحرام الصحيح، جزاكم الله خيرًا. ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (378). ') "> (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل المكة للحج والعمرة برقم (1427).

ج: إذا تجاوز الإنسان الميقات، وأحرم من دونه إلى مكة فعليه دم، يذبح في مكة للفقراء، ولو كان جاهلاً أو ناسيا لكن لا إثم عليه، إذا كان جاهلاً أو ناسيًا لا إثم عليه، ولكن عليه الدم؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: «من نسي من نسكه شيئًا أو تركه فليهرق دمًا» (¬1) هذا له حكم الرفع؛ لأنه لا يقال من جهة الرأي، وقوله: أو نسيه. يدل على أن الجهل من باب أولى؛ لأن الناسي ليس باختياره، والجاهل يمكنه التعلم، فإذا كان الناسي يفدي فالجاهل من باب أولى، والواجب على المؤمن السؤال والتفقه في الدين والتعلم، يسأل عن أحكام العمرة وما يحصل فيها، وما يقال فيها، والأحكام في الحج كذلك، يسأل عنها ما يسكت، المسلم يسأل، وهكذا المسلمة؛ لأن الله يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}. فالمقصود أن الواجب على المؤمن والمؤمنة السؤال عن كل ما يتعلق بالدين والتفقه في ذلك، في الحج، في العمرة، في الصلاة، في الزكاة، في الصيام، في كل شؤون الدين، الواجب على الجاهل أن يتعلم ويتفقه ويسأل. ¬

(¬1) أخرجه الإمام مالك في كتاب الحج، باب ما يفعل من نسي من نسكه، برقم (957).

حكم من تعمد تجاوز الميقات وأحرم بعده

135 - حكم من تعمد تجاوز الميقات وأحرم بعده س: يقول السائل: ما رأيكم فيمن يقول: ما دام أن الدم يسدد النقص فسوف أحرم من جدة وأفدي (¬1) (¬2)؟ ج: لا يجوز له أن يتعمد، بل يلزمه الميقات؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت قال: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو عمرة» (¬3) وقال في اللفظ الآخر: «يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن، وأهل اليمن من يلملم، وأهل العراق من ذات عرق» (¬4) "يهل": أمر، وفي لفظ آخر: "ليهل". لام الأمر، فهذه مواقيت حددها الرسول صلى الله عليه وسلم، فعلى من أراد الحج أو العمرة أن يحرم منها إذا مر بها وجوبًا، إذا كان يريد الحج أو العمرة، أما إذا كان ما أراد إلا التجارة، أو زيارة قريب أو صديق لا يلزمه الإحرام، لكنه يشرع له، إلا إذا كان ما أدى العمرة – عمرة الإسلام – ولا حج الإسلام، بل مر عليها يلزمه الإحرام؛ لأنه وصل إلى مكة حينئذٍ، واستطاع إذا وصل مكة، وهو لم ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (244). (¬2) السؤال من الشريط رقم (244). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل المكة للحج والعمرة برقم (1427). (¬4) أخرجه البخاري، باب ميقات أهل المدينة، برقم (1428).

يعتمر يلزمه الاعتمار، يعني يلزمه أن يحرم من الميقات بالعمرة لَمَّا مَنَّ الله عليه بالاستطاعة، أو جاء في وقت الحج يلزمه ذلك إذا كان ما حج. س: ألاحظ أن بعض الناس مثلاً يأتون من مصر لأداء العمرة، لكنهم لا يحرمون من الميقات، بل يمكثون في جدة أيامًا، ثم بعد ذلك يحرمون من جدة، ويذهبون ليأتوا بالعمرة، ما حكم فعل هؤلاء؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كانوا جاؤوا بنية العمرة من مصر وغيرها، فلا بد أن يحرموا من الميقات، إن كانوا من طريق المدينة فمن ميقات المدينة، وإن كانوا جاؤوا من طريق الساحل أحرموا من الجحفة رابغ، سواء كانوا من مصر أو الشام أو غيرها، وإن جاؤوا من طريق نجد أحرموا من وادي قرن المنازل (السيل)، وإن جاؤوا من طريق اليمن أحرموا من ميقات اليمن يلملم، وإن جاؤوا من طريق العراق أحرموا من ميقات أهل العراق ذات عرق، يجب عليهم ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت قال: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، ممن أراد ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (309). ') ">

الحج أو العمرة» (¬1) فجعل المواقيت لجميع المارين عليها، فليس لأحد أن يتجاوزها بدون إحرام، إذا كان أراد حجًا أو عمرة، أما إذا كانوا أتوا لجدة ما نَوَوْا حجًا ولا عمرة، جاؤوا لجدة لتجارة أو لأسباب أخرى، ثم أنشؤوا نية العمرة من جدة، بدا لهم ذلك من غير قصد سابق، بل من جديد بدؤوا، نووا العمرة، فإنهم يحرمون من جدة، ولا بأس سواء كانوا من الشام، أو من مصر، أو من نجد، أو من غير ذلك، إذا جاؤوا إلى جدة، ما نَوَوا العمرة، لكن لما وصلوا إليها أنشؤوا من جديد للعمرة، طرأ عليهم ذلك فإنهم يحرمون من جدة ولا حرج. س: يقول السائل: جئت لكي أعتمر، ولم أحرم من الباخرة ولم أمكث في البلد هنا سوى ليلتين فقط، وفي اليوم الثالث قمت بالاعتمار، فقال لي بعض الناس: لا بد أن تمكث في البلد ثلاثة أيام. أريد من سماحتكم أن أعرف هل عمرتي صحيحة أم أن علي كفارة؟ جزاكم الله خيرًا (¬2). ج: إذا كنت أحرمت من الميقات لما حاذيت في الباخرة، أو ذهبت ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل المكة للحج والعمرة برقم (1427). (¬2) السؤال من الشريط رقم (352). ') ">

إليه حتى أحرمت من الميقات، ميقات بلدك فليس عليك بأس، إذا كملت العمرة ولو ما مكثت إلا يومًا واحدًا أو ساعة واحدة، ليس للعمرة أيام معلومة، الذي قال لك: لا بد من ثلاثة أيام. قوله لا أصل له قول باطل، متى طاف الإنسان وسعى وقصر تمت عمرته، وله أن يسافر في الحال، في يومه الذي قدم فيه لا حرج في ذلك، أما إن كنت ما أحرمت إلا من مكة، أو من قرب مكة، تجاوزت الميقات ولم تحرم فعليك دم تذبحه في مكة للفقراء، والعمرة صحيحة لكنها ناقصة تجبر بدم؛ لأنك لم تحرم من الميقات. والإقامة لا تؤثر على الإحرام ولا بد أن يكون الإحرام من الميقات، ميقات بلده أو البلد الذي يمر عليه. س: الأخ: ح. من سوريا، يسأل ويقول: أتيت من سوريا بالطائرة، وأحرمت في الطائرة عندما وصلت الميقات قبل جدة، وبعد ذلك شعرت بألم في رأسي، ونمت في جدة، وفَكَكْتُ إحرامي، ولبست ثيابي وصباحًا أحرمت من جدة وأتيت إلى مكة، من دون أن أذهب إلى الميقات، هل يقع علي هدي في مثل هذه الحالة؟ ج: ما دمت أحرمت من الميقات في الجو، فإن خلعك ملابس

الإحرام جهلاً منك ليس عليك شيء، أنت على إحرامك، وطوافك وسعيك لعمرتك وتقصيرك كل ذلك حق، ليس فيه شيء؛ لأنك خلعت الثياب ولبست المخيط جهلاً منك، فأنت على إحرامك، وليس عليك تجديد الإحرام، إنما عليك لبس ملابس الإحرام وقد فعلت، فالحاصل أن عمرتك صحيحة، ولبس الملابس المخيطة جهلاً منك، أو تغطية رأسك جهلاً منك لا شيء عليك من أجل الجهل.

حكم من انشغل بلبس ملابس الإحرام حتى جاوز الميقات

136 - حكم من انشغل بلبس ملابس الإحرام حتى جاوز الميقات س: سائل من دولة الكويت يقول: توجهت بحمد الله من الكويت إلى جدة لأداء العمرة، وذلك عن طريق المدينة بالطائرة، وعندما أقلعت الطائرة من المدينة متجهة إلى جدة أعلن قائد الطائرة؛ بأن الذين يريدون أداء العمرة عليهم البدء بلبس لباس الإحرام، وفعلاً توجهت إلى الحمام لتغيير ملابسي، واستغرقت ما يقارب ثلث ساعة تقريبًا، وبعد أن خرجت سألت أحد المضيفين هل وصلنا إلى الميقات، فأجاب: بأننا قد تجاوزنا الميقات منذ فترة، ومعنى هذا بأنني قد تجاوزت الميقات وأنا أحاول أن أتمكن جيدًا من لبس الإحرام، وللعلم فإني قد نسيت أن أنزع طاقية

الرأس حتى قبل خروجي بقليل من الحمام، وكذلك فإني قد نسيت أن أقول: لبيك عمرة. بعد خروجي مباشرة، ولكني قلتها بعد فترة، مع العلم بوجود نية الدخول في النسك لدي، وقد أتممت باقي أركان العمرة بعد ذلك، فهل علي شيء في النواقص التي ذكرت؟ أفتوني جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كنت لم تنوِ العمرة إلا بعد ما تجاوزت الميقات فعليك دم؛ ذبيحة واحدة تذبح في مكة للفقراء؛ لأن الواجب هو الإحرام من ميقات المدينة، وقد تأخرت كثيرًا كما ذكرت عمن أخبرك، وأنك تجاوزت الميقات، فالواجب عليك أن تذبح رأسًا من الغنم، إما جذع ضأن أو ثَنِيّ من المعز، كالضحية ونحوها في مكة للفقراء، لِمَا أخللت به من الميقات، أما الطاقية فإذا كنت أزلتها لما خرجت قبل أن تنوي الدخول في العمرة فلا شيء عليك، أو تركتها ناسيًا فلا شيء عليك، أما إن تعمدت بقاءَها على رأسك بعد الإحرام، وأنت تعلم أن هذا محرم عليك، وذاكر لذلك فعليك فدية؛ وهي إطعام ستة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام أو ذبح شاة، أحد الثلاثة، إما هذا وإما هذا وإما هذا، إذا كنت ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (105).

تعمدت بقاءَها بعد الإحرام، أما إن كانت بقيت عليك نسيانًا أو جهلاً فلا شيء عليك، فالفدية الأولى لتجاوزه الميقات قبل أن ينوي الدخول في النسك للعمرة، أما لفظ التلبية فلو تأخر لفظ التلبية، لكن المقصود النية نية دخوله في النسك إذا كان بعد ما تجاوز الميقات بمسافة فإنه عليه الفدية، أما إذا كان في حدود الميقات فلا بأس، فلا شيء عليه.

حكم التلفظ بقول: لبيك عمرة متمتعا بها إلى الحج

137 - حكم التلفظ بقول: لبيك عمرة متمتعًا بها إلى الحج س: وصلت إلى الميقات ومعي عائلتي، وكلنا أحرمنا وكنت كبيرهم وأعرفهم بمناسك الحج، ولبيت وقد لبوا بتلبيتي، وقد نسيت وقلت: لبيك اللهم لبيك ... إلى آخره، لبيك عمرة متمتعًا بها إلى الحج. ونحن نريد عمرة في رمضان فقط، ولما وصلنا إلى البيت الحرام قال بعض أفراد العائلة: لماذا ذكرت الحج في التلبية، ونحن لا نريد حجًا؟ عند ذلك تذكرت، أرجو إفادتنا: هل يلزمنا البقاء في مكة إلى أن نحج، أو يلزمنا دم ونرجع إلى أهلنا (¬1) (¬2)؟ ج: هذا السؤال وهو إحرام الإخوان المذكورين من الميقات في ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (2). (¬2) السؤال من الشريط رقم (2). ') ">

رمضان بتلبية بالعمرة متمتعين بها إلى الحج، هذا السؤال لا يلزمك أيها السائل الجلوس في مكة إلى الحج ولا يلزمك دم، بل العمرة في رمضان لا توصف بأنها تمتع إلى الحج، وقولك في التلبية: متمتعًا بها إلى الحج. لا يضر ولا يؤثر شيئًا، إنما هذا يكون بعد رمضان لمن أراد الجلوس والحج بعد ذلك، وأما من لم يرد ذلك فإنه لا يقولها، بل يقول: لبيك عمرة. حتى ولو كان أراد الجلوس إلى الحج، ليس من اللازم أن يكون متمتعًا بالحج، يكفي النية في قلبه، ثم لو قال ذلك: لبيك عمرة متمتعًا بها إلى الحج. وأراد ألاّ يحج فلا يلزمه بقاؤُه إلى الحج، ليس بلازم، فإنه قد ينوي ثم يطرأ عليه شيء آخر يمنعه من ذلك، فلا حرج عليه، وبكل حال فأنت أيها الأخ ومن معك من الرفقة الذين لبوا جميعًا على تلبيتك بعمرة، متمتعًا بها إلى الحج لا يضرهم ذلك ولا بأس عليهم، ولا يلزمهم جلوس حتى يحجوا، وليس عليهم فدية والحمد لله. س: المسافر بالطائرة الذي لم يحرم إلا من جدة؛ لأن ملابس إحرامه كانت في الحقيبة، والحقيبة كانت في مخزن الأمتعة في الطائرة، وكان يعتقد أن الإحرام لا يصح إلا بملابس الإحرام، ما الذي

عليه؟ جزاكم الله خير الجزاء. ج: الذي تجاوز الميقات وأتى جدة، وأحرم منها عليه دم عند أكثر أهل العلم؛ لكونه ترك واجبًا عليه من عمرته أو حجه، ولقول ابن عباس رضي الله عنهما: «من ترك نسكًا أو نسيه فليرق دمًا» (¬1) يروى مرفوعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ويروى موقوفًا على ابن عباس، وهو أصح لكنه بحكم الرفع؛ لأن مثل هذا الكلام تأسيس قاعدة شرعية لا يقال بالرأي؛ ولهذا أخذ به الجمهور، وقالوا: على مثل هذا دم؛ لأنه ترك واجبًا. ثم ينبغي لمثل هذا أن ينتبه، فإذا جاء وقت الإحرام وليس معه إحرام يحرم بما عليه، إن كان عليه سراويل، ونزع القميص والعمامة، وجعل بعضها على كتفيه يكفِ، ويبقي سراويل عليه، ولا عليه شيء، وإن شاء اتخذ قميصه إزارًا حتى يصل إلى جدة وكفى، وأزال ما على رأسه، وبهذا يَسْلَم من تجاوز الميقات بغير إحرام، ويسلم من الفدية، فإن أحرم على حاله فهو أولى ولم يغير، فهو أولى من التأخير، لكن إذا ¬

(¬1) أخرجه الإمام مالك في كتاب الحج، باب ما يفعل من نسي من نسكه شيئًا، برقم (957).

أمكنه أن يخلع القميص ويبقى على السراويل إذا كان عليه سراويل فهو الواجب عليه؛ يبقى في السراويل، ويزيل القميص والعمامة التي على رأسه، وهو مخير؛ إن شاء رفع القميص أو جعل عمامته على كتفيه تقوم مقام الرداء، فإذا وصل إلى جدة أمكنه أن يغير، فإن لم يفعل لزمه أن يحرم ولو على ثيابه التي هي عليه، يجب أن يحرم وإذا وصل مكة فدى بأحد ثلاثة: صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة، كما أفتى النبي صلى الله عليه وسلم ابن عجرة لما حلق رأسه، هذا الذي أحرم بثيابه المخيطة وعمامته، ولم يخلعها عليه أن يفدي بأحد الثلاثة: إما صيام ثلاثة أيام، وإما إطعام ستة مساكين؛ كل مسكين نصف صاع من التمر أو الأرز أو غيرها من قوت البلد، وإما ذبح شاة، هذا عن المخيط، ومثل ذلك تغطية الرأس، إذا لم يكشف رأسه فيكون عليه كفارتان؛ إحداهما: عن تغطية الرأس إذا لم يكشفه. والثانية: عن لبس المخيط. وهذا أولى له من ترك الإحرام إلى جدة وغيرها، بل يحرم وهو الواجب عليه، ويكون إحرامه في ثيابه ويفدي هذه الفدية، لكن إذا أمكنه أن يخلعها ويبقى في السراويل وجب عليه ذلك.

حكم من حاضت بعد الإحرام بالحج

138 - حكم من حاضت بعد الإحرام بالحج س: السائلة من جمهورية مصر العربية، ومقيمة بالدمام تقول: نويت الإحرام من الميقات، ثم بعد ذلك نزل علي الحيض قبل الوقوف بعرفة، ثم طهرت في اليوم الحادي عشر، وسعيت وطفت دون إعادة للإحرام؛ أي إني لم أذهب مرة أخرى للميقات لأُجَدِّدَ إحرامي بعد أن طهرت، فهل فعلي هذا صحيح (¬1) (¬2)؟ ج: نعم، فعلكِ صحيح، وليس هناك حاجة للتجديد، إذا أحرمت من الميقات ثم أصابها الحيض تبقى على إحرامها، وتفعل أفعال الحج ما عدا الطواف والسعي يؤجل، فتقف مع الناس بعرفة وفي مزدلفة، وترمي الجمار وتقص من رأسها وتحل، فإذا طهرت طافت وسعت والحمد لله، وهكذا النفاس؛ لو ولدت في عرفة أو بعد عرفة تفعل أفعال الحج كلها إلا الطواف والسعي، تؤجله حتى تطهر، وإذا كانت اشترطت لها التحليل إذا قالت: محلي حيث حبستني. مقصدها من الحيض إذا أصابها الحيض تحل، لكن الحيض ليس بمانع، حجت عائشة وأصابها ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (411). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (411). ') ">

الحيض قبل دخول مكة، وأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تفعل ما يفعل الحجاج إلا الطواف، فالمقصود أنها إذا قالت: محلي حيث حبستني. عند الإحرام هذا إذا منعها مرض، أو منعها عدو، لها أن تحل، أما الحيض لا يمنع، لكن لو كانت تقصد الحيض؛ يعني في العمرة مثلاً ومعها رفاق، وأحرمت بالعمرة وقالت: إن حبسني حابس. مقصدها حتى الحيض، إن حبسها فهي على نيتها، أما الحيض ما يمنع الحج، تمضي في حجها، وإذا طهرت تطوف وتسعى والحمد لله. س: الأخت: أم فيصل، من أبها، تسأل وتقول: إنني وزوجي وأولادي وبناتي ذهبنا نريد العمرة وزيارة ولدي في مدينة الطائف، ولقد وصلنا إلى الطائف، وبقينا يومين ننتظر أن تطهر البنات، فنذهب إلى العمرة، ولكن لم يحصل هذا، ثم انتظرنا نصف يوم أيضًا ولم يطهرن، ولنا ولد في جدة، جاء وأخذنا إلى جدة، وأشار علينا بالإحرام من الطائف، ولكننا لم نفعل، ونزلنا معه إلى جدة وبقينا ثلاثة أيام، ثم فكرنا بالعمرة من جديد، فقال ولدي: لا بد أن نرجع إلى الميقات ونحرم من هناك، خصوصًا وأن الجميع جاهزون للإحرام، ونذبح كذلك فدية عن كل واحد

أراد العمرة من أبها، فازدحمت علينا الأمور، ولم يجتمع بنا الرأي، فأخذنا متاعنا وذهبنا إلى أبها بدون عمرة، ولا أدري ما العمل. والسؤال: هل علينا شيء فيما فعلنا؟ وهل علينا قضاء تلك العمرة؟ وماذا بشأن مَن هو دون سن البلوغ؟ أفتونا، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: ليس عليكم شيء؛ لأن العمرة إنما تجب مرة في العمر على المكلفين، كالحج، وأنتم ذهبتم إلى جدة ولم تنووا العمرة، ثم ترددتم في العمرة بعد ذلك، فليس عليكم شيء، ولو فرضنا أنكم ذهبتم إلى جدة بنية عمرة، إذا فرغتم من شؤونكم ثم رأيتم الترك فلا بأس بذلك، العمرة إنما تجب بعد الشروع فيها؛ لقول الله سبحانه: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}. فإذا أتى الإنسان إلى الميقات ولم يشرع في العمرة، ورجع عن عزمه فلا بأس، أو أتى جدة ناويًا العمرة ثم هون، ولم يحرم بالعمرة فلا بأس، حتى ولو أتى مكة، لو أتى مكة ولم يأتِ ليأخذ العمرة، بل دخلها لحاجة؛ للتجارة، أو لزيارة بعض الأقارب بغير نية العمرة فلا شيء ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (153). ') ">

عليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة» (¬1) فلم يوجب العمرة والحج إلا على من أراد ذلك، إذا مر الميقات، فمن مر الميقات ولم يرد الحج ولا العمرة فإنما أراد تجارة في مكة، أو زيارة بعض أقاربه أو أصدقائِه، أو أراد غرضًا آخر فليس عليه شيء، أما إذا أراد العمرة وصمم عليها فإنه يحرم من الميقات الذي مر عليه إذا كان من طريق الطائف، أو من طريق نجد يحرم من السيل، وادي قرن، وإذا كان من طريق المدينة أحرم من ميقات المدينة، وإذا كان من طريق اليمن أحرم من ميقات اليمن؛ يلملم، وإذا كان من طريق الساحل الغربي أحرم من رابغ الجحفة، ولو تردد أتى جدة مترددًا، هل يعتمر أو ما يعتمر ما عنده جزم فإنه يحرم من جدة إذا عزم، ولا يحتاج إلى أن يعود إلى الميقات، إذا أتى إلى جدة من المدينة أو من اليمن أو من أبها أو من غير ذلك ما عنده جزم، عنده تردد، هل يحرم أو ما يحرم فإنه إذا أراد العمرة وعزم عليها، أو الحج يحرم من مكانه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ومن كان دون ذلك – يعني من دون المواقيت – فمهله من ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل مكة للحج والعمرة برقم (1427).

حيث أنشأ» (¬1) يعني من حيث أنشأ النية، فأنتم لما رجعتم عن العزم على العمرة، وذهبتم من الطائف إلى جدة من دون نية العمرة، لو أحرمتم من جدة فلا حرج عليكم ويكفي، أما لو نويتم العمرة وأنتم في الطائف، جزمتم عليها وذهبتم إلى جدة مع نية العمرة فأنتم يلزمكم العودة إلى الميقات، وتحرمون من الميقات، إذا أردتم العمرة وعزمتم عليها، فإن لم تفعلوا فعليكم دم، أما والحال ما ذكرتم، ذهبتم إلى جدة مترددين ثم عزمتم على الترك، لا بأس عليكم، ولو ذهبتم إلى جدة ناوين العمرة، ثم هونتم ما عليكم شيء؛ لأنكم لم تشرعوا فيها، وهذا الحكم يشمل جميع أفراد الأسرة. أما الذي ما بلغ ما يلزمه شيء، الذي ما بلغ ما يلزمه الإحرام، لكن إذا أحرم فهو أفضل، إذا أحرم مع أهله، إذا كان ابن سبع فأكثر يعلمونه، ويحرم مع أهله أفضل، لكن لا يلزمه الإحرام إلاّ إذا بلغ الحلم. س: سائل من الرياض، بعث يسأل ويقول: لقد حججت أنا وابني، وأحرمنا من الطائف ودخلنا مكة صلاة الظهر، وبقينا فيها إلى المغرب، ثم أرغمني ابني على العودة إلى الطائف والمبيت به، ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل مكة للحج والعمرة برقم (1427).

وقد حصل ذلك وبتنا تلك الليلة في الطائف، ثم رجعنا إلى مكة في صباح اليوم التالي، ولم نحرم إحرامًا جديدًا، بل اكتفينا بإحرامنا الأول، ودخلنا الحرم المكي في اليوم نفسه، وطفنا طواف القدوم وسعينا، ثم بتنا تلك الليلة في مكة، ثم ذهبنا إلى منى وبقينا فيها يومين وليلة، وسرينا في الليلة الثانية، وقبل الخروج منها اغتسلنا ومشطنا رؤوسنا، ولم نغير ملابسنا، وبالذات ثوبي، مع العلم أنه كان أسود، وأكملت حجي كبقية الحجيج من المسلمين – يبدو أن السائلة امرأة – فما حكم الإسلام فيما سمعت من دخول مكة بدون إحرام، والاكتفاء بالإحرام الأول في اليوم الذي مضى، وفيما فعلنا في منى من غسل ومشط، والإحرام بالثوب الأسود (¬1)؟ ج: ليس عليكما شيء والحمد لله، إحرامكم الأول باقٍ وصحيح، وخروجكم إلى الطائف، هذا لو تركتموه لكان هذا هو الذي ينبغي؛ لعدم الحاجة إليه، لكنه لا يضر ولا يترتب عليه شيء؛ لأنكم خرجتم قبل إكمال حجكم، وأنتم على إحرامكم فلا يضركم ذلك، وطوافكم ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (147). ') ">

وسعيكم حين رجعتم إلى مكة، ثم خروجكم إلى منى، ثم إكمالكم مناسك الحج ليس فيه شيء، أما المشط فإن كان فيه قطع شعر هذا هو محل النظر، إن كنتم جاهلين، قطعتم الشعر عن جهل فلا شيء عليكم، أو نسيان فلا شيء عليكم، أما إذا كنتِ أو كنتما تعلمان أنه لا يجوز قطع الشعر، وقطعتم الشعر متعمدين عند المشط فهذا عليكم أحد ثلاثة أشياء: إما صوم ثلاثة أيام على كل واحد، أو إطعام ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من التمر، أو الأرز ونحوه، أو ذبح شاة على كل واحد منكم، هذا إن كنتم متعمدين عالمين أنه لا يجوز، إما إذا كان قطع الشعر حين المشط عن جهل أو عن نسيان فلا شيء، أو كان مجرد مشط ما فيه قطع شعر، مجرد فتل الرأس ومشطه فلا بأس، والثوب الأسود لا بأس به لا للرجل ولا للمرأة، لكن يجب أن يكون لبس الرجل على حال، ولبس المرأة على حال، لا يتشبه أحدهما بالآخر، يعني لباس هؤلاء على حاله، ولباس هؤلاء على حاله. س: الأخ: أ. م. ع، من الرياض، يقول: أنا مقيم في مدينة الرياض، هل يجوز لي زيارة أحد الأقارب في جدة، ثم الإحرام من جدة كأهلها بنية أداء العمرة؟ مع العلم بأن سبب سفري كان لأداء العمرة وزيارة هذا القريب في وقت واحد، ولقد سافرت

بالطائرة مباشرة إلى جدة، أفيدونا جزاكم الله خيرًا. ج: ما دمت تقصد العمرة والزيارة جميعًا من نفس بلدك فالواجب عليك أن تحرم من الميقات، أما إذا كنت ما قصدت إلا الزيارة، ثم بدا لك أن تعتمر فأحرم من جدة، لا بأس، أما ما دمت قد عزمت على العمرة مع الزيارة من بلدك فعليك أن تحرم من الميقات؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة» (¬1) وهذا محل إجماع بين أهل العلم، ليس فيه خلاف، والحمد لله. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل المكة للحج والعمرة برقم (1427).

بيان ميقات أهل مكة

139 - بيان ميقات أهل مكة س: من القصيم بريدة المستمع: ع. م. م. يقول: أنا شاب من مكة المكرمة، وأسكن حاليًا في منطقة القصيم للدراسة، وفي شهر رمضان الماضي والذي قبله ذهبت إلى مكة في أوائل شهر رمضان، وفي نيتي أن أؤدي مناسك العمرة في العشر الأواخر من رمضان، فجلست في مكة عند الأهل إلى العشر الأواخر،

ثم أحرمت من منزلي في مكة فأخبرني أحد الأخوة بأنني أخطأت، وكان الواجب عَلَيَّ أن أذهب إلى الميقات لأحرم، فهل علي شيء مع العلم بأنني من أهل مكة، كما سبق أن ذكرت، وأسكن مؤقتًا في القصيم للدراسة؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: إذا كنت من أهل مكة ولم تنو الإقامة في القصيم، إنما جلست للدراسة فقط، وإلا أنت على نية الاستيطان في مكة، والبقاء فيها فليس عليك شيء، لكن إذا كنت أحرمت من مكة من نفس الحرم فعليك دم يذبح في مكة للفقراء، أما إذا كنت خرجت إلى الحل كالجعرانة أو عرفات، وأحرمت منها فلا شيء عليك. وما دمت أحرمت من المنزل فعليك دم يذبح في مكة للفقراء؛ لأن الواجب على أهل مكة إذا أرادوا العمرة أن يخرجوا إلى الحل، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أن تخرج إلى الحل، فخرجت إلى التنعيم رضي الله عنها، المقصود أن الأفقي الغريب لا بد أن يحرم من الميقات، إذا جاء من الميقات الذي يمر عليه، فالقصيمي يحرم من ميقات السيل، وهكذا الرياضي ونحوه، والذي يأتي من المدينة من ميقات المدينة، وهكذا من اليمن من ميقات ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (340). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (340). ') ">

اليمن، أو الذي يأتي من الشام من ميقات الشام، ومصر من الجحفة، المقصود أن من كان في مكة وأراد العمرة فإنه يخرج إلى الحل كالتنعيم والجعرانة وعرفات ونحو ذلك، فإذا أحرم من مكة نفسها فعليه دم؛ لأنه أحرم من غير الميقات. س: هذه السائلة: أم سلام من مكة المكرمة تقول: تسأل عن العمرة من أين يُحرم لها، من المنزل أو من مسجد التنعيم، بالنسبة لسكان مكة المكرمة؟ ج: إذا أراد العمرة من هو ساكن في مكة يخرج إلى الحل: التنعيم أو عرفات أو الجعرانة، أو غيرها، النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد العمرة وهو في أطراف مكة أحرم من الجعرانة، واعتمر عام الفتح، ولما أرادت عائشة العمرة، وهي في مكة أمرها أن تخرج إلى الحل، فأحرمت من التنعيم، هذا هو السنة لأهل مكة، إذا أرادوا عمرة يخرجون خارج الحرم: عرفات، الجعرانة، التنعيم، يعني خارج الحرم، يحرم بالعمرة ثم يدخل.

حكم من جمع بين نية الحج والعمل

140 - حكم من جمع بين نية الحج والعمل س: يقول: أنا قاصد العمل مع الحج، وصار موسم الحج؛ لأنه جاء

للعمل، لكنه حج مع العمل، علمًا أن بعض الناس يقول: لا يجوز الحج إلا عندما نأتي من سوريا. أرجو توضيح ذلك (¬1) (¬2). ج: لا حرج في ذلك، سواء حج من بلاده قاصدًا، أو جاء للعمل في المدينة أو مكة أو غيرهما، ثم لما حضر الحج توجه للحج، كل هذا بحمد الله كافٍ، متى حضر الحج، وحج مع المسلمين فإنه يكفيه، ولو كان جاء من بلاده لغير الحج، مثلاً جاء من سوريا أو من مصر أو من المغرب، أو من المشرق، جاء للعمل أو للتجارة، فصادف وقت الحج فأحرم من الميقات، وصلى وحج مع الناس فإنه يجزئه بحمد لله، بغير خلاف نعلمه بين أهل العلم، بل هذا محل وفاق بين أهل العلم، ولو كان في مكة نفسها، لو قدم إلى مكة للعمل أو للتجارة، أو لزيارة بعض أقاربه ما قصد حجًا ولا عمرة، ثم بدا له فاعتمر من الحل، من التنعيم أو غيره مثل الجعرانة، ثم جاء الحج فحج مع الناس من مكة، أحرم من مكة بالحج أجزأه ذلك بغير خلاف نعلمه بين أهل العلم. س: هل تجوز فريضة الحج إذا أنشأت لها من خارج بلدي (¬3)؟ ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (22). (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (22). ') "> (¬3) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (216). ') ">

ج: نعم ولا بأس، إذا كنت مثلاً من أهل الرياض، وأنشأت السفر من المدينة وأنت في المدينة، وأنشأت السفر منها إلى الحج كفى ذلك، أو زرت جدة للحاجة ثم أردت الحج، وأحرمت من جدة أجزأ الحج، أو مكة نفسها زرتها لحاجة أو لقريب أو صديق، ثم جاء الحج يحرم مع الناس بالحج، ويكفي كذلك ويجزِئك، وعليك العمرة أيضًا إن كنت ما اعتمرت. س: السائلة: أم أروى من شقراء، تقول السائلة: ما رأيكم في شخص توجه في زيارة لأقارب له في مدينة جدة، وفي نيته أن يقوم بأداء العمرة إذا أتيحت له الفرصة لأداء العمرة، وعندما أتيحت له الفرصة أحرم من جدة، فهل ذلك مجزٍ، أم تنصحونه بشيء آخر؟ ج: ليس عليه شيء ما دام نوى هذه النية، إن أتيحت له الفرصة أحرم وإلا فلا، ما جزم يكون بهذا غير جازم، فإذا يسَّر الله له الإحرام من جدة فلا حرج، أما الذي جزم بالعمرة من بلاده سواء من المدينة، أو غيرها فعليه أن يحرم من الميقات، إذا كان خرج من المدينة ناويًا جدة، ولكن ناويًا العمرة جزمًا فهذا يحرم من الميقات، ميقات المدينة، ولا يجوز له

أن يؤجل إلى جدة، فإن أَجَّلَ وجب عليه الرجوع إلى المدينة، ولا يجوز له أن يحرم من جدة، فإن أحرم من جدة أثم وعليه دم، وهكذا لو كان في الطائف، وخرج إلى جدة ناويًا العمرة يلزمه الرجوع إلى الميقات، فإن أحرم من جدة فعليه دم، يذبح في مكة للفقراء، أما الذي ما جزم يقول: إن تيسر لي، إن سنحت الفرصة أحرمت. هذا لا حرج عليه.

حكم تجاوز الميقات بدون إحرام لأجل العمل

141 - حكم تجاوز الميقات بدون إحرام لأجل العمل س: اختلف مجموعة من الإخوة حول هذه المسألة: إذا كان لدى الإنسان مهمة عمل مثلاً في جدة انتدب إليها، وهو مقيد بأيام محدودة، وبنيته وهو في الرياض يقول: إذا خلصت من هذه المهمة سوف آخذ عمرة. فإذا انتهت مهمته المكلف بها وأحرم من جدة فهل يلزمه شيء (¬1)؟ ج: نعم يلزمه دم، يعني هو ناوٍ عمرة من الأصل، فيلزمه أن يذهب إلى الميقات الذي مر عليه، ويحرم من الميقات إذا فرغ من عمله، فإن ¬

(¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (359).

أحرم مثلاً من جدة، وذهب إلى مكة فعليه دم؛ لأنه ترك الميقات، أما إذا كان ما نوى شيئًا عندما كان في الطريق ولا في بلده، إنما لما انتهى عمله من جدة طرأ عليه الإحرام فلا بأس يحرم من جدة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة» (¬1) ما دام قد أسس نية في بلده، فعليه أن يرجع إلى الميقات. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل المكة للحج والعمرة برقم (1427).

حكم من أحرم بالعمرة متمتعا ثم خرج إلى المدينة

142 - حكم من أحرم بالعمرة متمتعًا ثم خرج إلى المدينة س: خرج رجل إلى الطائف، وهو من أهل نجد، بعد أن اعتمر عمرة في أشهر الحج، فهل له بأن يأتي بحج مفرَد (¬1) (¬2)؟ ج: إذا جاء من الطائف يحرم من ميقات الطائف بحج أو بعمرة ثانية، ولو أحرم بالحج الصواب أنه يكون متمتعًا، وأن خروجه إلى الطائف أو إلى المدينة ما يخرجه عن التمتع؛ لأنه في مواضع الحج، وفي موسم الحج في أشهر الحج على الصحيح، إلا إذا عاد إلى أهله ثم جاء بحج مفرَد هذا يكون مفردًا للحج عند الأكثر؛ لأنه جاء عن عمر بن الخطاب ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (33). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (33). ') ">

وابنه أنهما قالا: من ذهب إلى أهله ثم عاد بحج أنه ليس بمتمتع (¬1). وأنه لا هدي عليه؛ لأن ذهابه إلى أهله خروج من العمرة السابقة، وانتقاله منها إلى حاله الطبيعية الأولى، ثم عاد للحج إلى مكة المكرمة، فصار حجًا مفردًا، مثاله الذي جاء للحج والعمرة لكنه تردد بين المدن المجاورة لمكة فهذا لم يخرج عن كونه جاء للحج متمتعًا بالعمرة إلى الحج. س: من أحرم بعمرة من ميقاته، ثم تحلل منها بعد أن أداها، ثم توجه لزيارة المسجد النبوي بالمدينة، وأثناء عودته بمكة دخلها بدون إحرام؛ ظنًّا منه أن الإحرام بالحج يكون يوم التروية من مكة. ج: هذا يقع للناس كثيرًا ظنًّا منهم أن تحللهم من العمرة كافٍ، ولا حاجة لأن يحرموا بعمرة أخرى، ولا بحج مبكر، والذي ينبغي لمثل هذا أنه إذا عاد من المدينة يعود بإحرام بحج أو بعمرة، وإذا كان الوقت مبكرًا عاد بعمرة ثانية، والعمرة فيها خير عظيم، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ¬

(¬1) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (ج5 ص174)، برقم (13150). ') ">

ليس له جزاء إلا الجنة» (¬1) فإذا عاد بعمرة أخرى كان خيرًا له، وإن عاد بحج وجب عليه البقاء إلى وقت الحج، فلا بأس لأنه قد تحلل من العمرة، وإن قَلَبَهُ إلى عمرة وتحلل منها فلا بأس أيضًا، إذا كان الوقت طويلاً، أما عودته بدون إحرام فلا ينبغي؛ لأن ظاهر النصوص تدل على أنه لا بد من إحرام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة» (¬2) وهذا قد قدم من المدينة يريد الحج، والقاعدة الشرعية التي عليها جمهور أهل العلم: أن من ترك الإحرام من الميقات وهو يلزمه وجب عليه دم، يذبح ويوزع في مكة المكرمة، فهذا وأشباهه إن أهدوا هديًا لأنهم تركوا الإحرام فهو أحوط لهم وأولى؛ لظاهر الأدلة وظاهر كلام أهل العلم رحمة الله عليهم، والله أعلم، وفي الموضوع بعض الشبهة لهم؛ لذا قلنا: الأحوط أن يهدوا. لأن لهم شبهة؛ لأنهم قد أحلوا من عمرة وأتوا راجعين إلى مكة ينتظرون الحج، فهذه شبهة لهم؛ فلهذا في وجوب الهدي عليهم توقف، لكن بكل حال إذا أهدوا فهو أولى وأحوط. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب وجوب العمرة وفضلها، برقم (1773). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل المكة للحج والعمرة برقم (1427).

حكم من أحرم بالحج من عرفة

143 - حكم من أحرم بالحج من عرفة س: يسأل كثير من الناس عن أولئك الذين هم من أهل جدة مثلاً، ولا يحرمون إلا من داخل عرفة، ما الحكم في مثل هذا العمل (¬1) (¬2)؟ ج: الواجب على مريد الحج أو العمرة، إذا كان داخل المواقيت أن يحرم من مكانه الذي أنشأ فيه النية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما وقت المواقيت قال: «هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، ممن أراد الحج أو العمرة» (¬3) ثم قال صلى الله عليه وسلم: «ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة» (¬4) فالذين من جدة إذا أرادوا الحج أو العمرة يلزمهم الإحرام من نفس جدة؛ لأنهم دون المواقيت، وهكذا من كان في أم السلم، أو الشرايع أو الزيمة أو غيرها فيما هو خارج الحرم، إذا أراد الإحرام يحرم من مكانه، ولا يذهب إلى عرفات حلالاً، ثم يحرم من عرفات، لا، الواجب عليه أن يحرم من مكانه، والذين ذهبوا من جدة ناوين الحج، ولم يحرموا إلا من عرفة عليهم دم؛ لأنهم تركوا الإحرام من ميقاتهم، وهو جدة، فيكون عليهم ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (260). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (260). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل المكة للحج والعمرة برقم (1427). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل المكة للحج والعمرة برقم (1427).

دم؛ لكونهم فرطوا في الميقات، والقاعدة الشرعية: أنه كل من ترك نسكًا، أو نسيه فعليه دم. هكذا قال جمهور أهل العلم، ونص عليه ابن عباس رضي الله عنهما، فقال: «من ترك نسكًا أو نسيه فليرق دمًا» (¬1) أما من كان في مكة فهذا يحرم من مكانه، من بيته أو من داخل مكة، من أي مكان؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «حتى أهل مكة من مكة» (¬2) فإذا جاء وقت الحج أحرم يوم الثامن أفضل، وإن أحرم يوم التاسع فلا بأس من مكة من منزله، أو من خيمته إن كان في خيمة، كما أحرم الصحابة من منازلهم يوم الثامن في مكة بعدما تحللوا من عمرتهم. س: منذ خمس سنوات قدمت من العراق لأداء فريضة الحج بالطائرة، ولكن لم يكن معي إحرام، وعندما وصلت إلى مطار جدة اشتريت الإحرام ونويت الحج والعمرة معًا، هل يلزمني فدية لتجاوزي الميقات؟ وهل يمكن أن أفدي في بلدي؟ جزاكم الله خيرًا (¬3). ج: نعم، عليك ذبيحة تذبح في مكة للفقراء ليس في بلدك، تذبح في ¬

(¬1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الحج، باب من مر بالميقات، (5/ 30). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل المكة للحج والعمرة برقم (1427). (¬3) السؤال الثامن من الشريط رقم (322). ') ">

مكة، وعليك التوبة إلى الله من ذلك؛ لأنه لا يجوز تجاوز الميقات إلا بإحرام، وأنت أخطأت؛ تجاوزت من دون إحرام، لو أحرمت في ثيابك، نويت النسك من عمرة أو حج، ثم غيرت في جدة لا بأس، ويكون عليك فدية خاصة أقل من الذبيحة، فدية إطعام ستة مساكين عن لبس الثياب، أو صيام ثلاثة أيام أو ذبح شاة، وأنت مخير، فإذا أحرم الإنسان في ثيابه، إذا كان ما عنده لباس إحرام جاء للميقات وليس عنده إزار ورداء، فإنه يحرم في قميصه، يكشف رأسه ويحرم في قميصه، وإذا وصل جدة يشتري ملابس الإحرام، ويلبس ملابس الإحرام، ولبسه القميص، عليه الكفار، وهي مخيرة بين ثلاثة أمور: إما صيام ثلاثة أيام في أي مكان، أو إطعام ستة مساكين من فقراء الحرم، أو ذبح شاة تذبح لفقراء الحرم، أما الصيام في أي مكان، ولا يجوز له تجاوز الميقات بغير إحرام، بل يحرم ولو في ثوبه. س: ذهبت أنا وزوجتي لعمل العمرة بسيارة كانت متجهة من مكاننا بقرية تابعة للمدينة المنورة، تبعد عن رابغ تسعين كيلو مترًا عن الميقات، متجهة إلى جدة عن طريق رابغ، وليست متجهة أصلاً إلى مكة المكرمة، ولما وصلنا الميقات في رابغ قال لنا السائق: أحرموا من جدة بدلاً من أن تحرموا من الميقات، وتدخلون

معنا جدة. ففعلنا ولم نحرم من الميقات وأحرمنا من جدة، وذهبنا في نفس الوقت إلى مكة وعملنا العمرة، فما مدى صحة العمرة وصحة الإحرام؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا. ج: الإحرام صحيح، والعمرة صحيحة، ولكنها ناقصة؛ لأنكم تركتم الواجب؛ وهو الإحرام من الميقات، فعليكم دم ذبيحة واحدة عن كل واحد منكما، تذبح في مكة للفقراء كالضحية، يعني ذبيحة تجزئ في الأضحية: جذع ضأن أو ثَنِيّ معز أو سبع بدنة أو سبع بقرة عن ترك الميقات، أما العمرة فهي صحيحة والحمد لله، والإحرام صحيح لكن فيها نقص، العمرة ناقصة بسبب الإخلال بالواجب وهو الإحرام من الميقات، تقبل الله من الجميع.

حكم من أحرمت وهي لابسة القفازين

144 - حكم من أحرمت وهي لابسة القفازين س: الأخت: هـ. خ. أ. سودانية في المملكة، تقول: أديت فريضة العمرة والحمد لله، إلا أنني أحرمت من جدة أولاً ولبست القفازين، فماذا علي (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (183). (¬2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (183). ') ">

ج: إذا كنت قادمة من الرياض للعمرة فعليك الإحرام من ميقات الرياض، وهو وادي قرن، وادي الطائف، في الجو إن كنت في الطائرة، أو في السيارة إن كنت في السيارة، فإذا جاوزت الميقات، ولم تحرمي إلا من جدة فعليك دم، يذبح في مكة للفقراء، أما إن كنتِ جئتِ جدة لغرض من الأغراض، ما قصدت العمرة، ثم بدا لكِ وأنت في جدة أن تعتمري فلا حرج من إحرامكِ من جدة؛ لأنك ما نويتِ العمرة إلا في جدة، أما إذا كنتِ نويتِها في الرياض، لكن لم تحرمي إلا في جدة فعليك دم. وأما القفازان فلا يجوز لبسهما للمحرمة، بل يجب أن تترك القفازين والنقاب حال الإحرام، فإذا لبستهما جاهلة أو ناسية فلا شيء عليها، فإن تعمدت ذلك وهي تعلم الحكم فعليها كفارة، وهي إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام، مخيرة إن شاءت أطعمت ستة مساكين ثلاثة أصواع كل صاع بين اثنين، أو تَضُمْ ثلاثة أيام، أو تذبح شاة، وهكذا الرجل إذا فعل محظورًا، كأن غطى رأسه أو لبس المخيط، أو تطيب عامدًا عالمًا، فإن عليه هذه الكفارة، أما إذا فعله ناسيًا، أو جاهلاً فلا شيء عليه، وهكذا المرأة إذا لبست النقاب أو القفازين ناسيةً أو جاهلة فلا شيء عليها في حال الإحرام. س: الأخ: س. أ. و. من سدير بجلاجل يسأل ويقول: رجل قدم من

مصر بقصد العمرة والعمل عن طريق الجو، وعند محاذاة الميقات إذا ملابس إحرامه داخل العفش، فنزل في المطار وأحرم من جدة، فهل عليه شيء؟ وما حكم عمرته؟ ج: عليه دم؛ لأنه ترك الميقات، وعمرته صحيحة، ولو أحرم في ثيابه من أول الإحرام، أحرم في ثيابه المخيطة وكشف رأسه، ونوى الدخول في الإحرام وهو في الميقات كان ذلك هو الواجب عليه، ثم يلبس ملابس الإحرام بعد ذلك، ويكون عليه عن بقاء المخيط صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة، أحد الثلاثة؛ لكونه استدام المخيط في الميقات وبعده، حتى يلبس ثياب الإحرام، وهذا هو الواجب وهو معذور في هذه الحالة، وإذا وجد الملابس بعد ذلك خلع المخيط ولبس الملابس، لكن يكشف رأسه؛ لأن كشف الرأس متيسر.

حكم من لبس المخيط بعد إحرامه

145 - حكم من لبس المخيط بعد إحرامه س: بعض الحجاج قدم عن طريق البحر، فأحرم من الميقات، ولما وصل إلى جدة خلع الإحرام، وأقام بعض أيام، ثم أحرم مجددًا من جدة، ماذا على مَن فعل مثل هذا العمل (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (267). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (267). ') ">

ج: هو على إحرامه، وخلعه للإحرام لا يجعله حلالاً، بل هو جهل منه، وعليه الاستمرار في الإحرام، الذي أحرم به من الميقات، وخلعه لملابس الإحرام لا يجعله حلالاً، وليس عليه شيء إذا كان جاهلاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل أحرم في جبة، وتضمخ بالطيب، قال له صلى الله عليه وسلم: «اخلع عنك الجبة، وأزل عنك أثر الخلوق، واصنع في عمرتك ما كنت صانعًا في حجك» (¬1) ولم يأمره بفدية لأجل الجهل، فهذا الذي خلع الملابس، ولبس المخيط أو العمامة على رأسه ليس عليه شيء، وهو على إحرامه بسبب الجهل، أما إن كان يعلم أن هذا لا يجوز، وفعله تساهلاً فهذا عليه فدية عن لبس المخيط، وعن غطائِه رأسه إن كان غطى رأسه، وهو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، أو ذبح شاة عن لباس المخيط، وهكذا عن غطاء الرأس، مع التوبة والاستغفار، وهكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن عجرة لما أمره أن يحلق رأسه، وأمره أن يُكَفِّرَ بهذه الكفارة، وذكر أهل العلم أن حكم لباس المخيط وغطاء الرأس، والطيب وقلم الأظفار، حكمه حكم حلق الشعر، فيه الفدية المذكورة، ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب يفعل في العمرة ما يفعل في الحج، برقم (1789).

وهي صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، من تمر أو حنطة أو أرز أو شعير ونحو ذلك، أو ذبح شاة ويقوم مقامها سبع بدنة أو سبع بقرة، فإن كان عنده زوجة ووطِئها أفسد حجه، فعليه أن يتمم حجه حجًا فاسدًا، ثم يقضي في المستقبل حجة أخرى بدل الحج الذي أفسده، وعليه بدنة تذبح في مكة للفقراء؛ بسبب عمله السيِّئ. س: نويت أداء العمرة، ولبست الإحرام ثم حللت الإحرام قبل ذهابي للعمرة، فهل علي فدية (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل، إن كنت نويت العمرة ودخلت فيها بنية الدخول في العمرة فليس لك أن تخلع الإحرام، وليس لك أن ترجع، عليك أن تكمل الطواف والسعي والحلق أو التقصير؛ لأن الله يقول سبحانه: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}. فمن دخل فيهما وجب عليه إتمامهما، أما إذا كنت نويت أن تعتمر ولبست الإحرام، ولكن ما نويت الدخول، وإنما لبست لتدخل في الإحرام فلم تنو الدخول فيه، وإنما أن تتهيًّأ لخلع الملابس المخيطة، والتهيُّؤ للغسل أو للطيب، أو لغير هذا مما يتهيأ له ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (325). ') ">

الحاج أو المعتمر ثم تحرم فأنت في هذه الحالة لم تحرم، والنية ليست نية الإنسان الذي سافر من بلاده للعمرة أو للحج، بنية مطلقة، ليست نية الدخول، أما إذا نويت الدخول في الإحرام، وأنك دخلت في العمرة فإنك حينئذٍ عليك أن تُكمل، ولا تفسخ العمرة، ولا تلبس المخيط، وإذا لبست المخيط عليك أن تخلع، وعليك أن تكمل العمرة بالطواف والسعي، أو الحلق أو التقصير؛ لقول الله سبحانه: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}. ولو أتيت زوجتك في هذه الحال بعد نية الدخول في العمرة فإن العمرة تفسد بذلك، وعليك ذبيحة تذبح للفقراء، وعليك أن تُكمل العمرة، تكملها بالطواف والسعي والحلق والتقصير، ثم تأتي بعمرة أخرى من نفس الميقات الذي أحرمت به المرة الأولى، كما أفتى بذلك جمع من الصحابة رضوان الله عليهم، فعليك أن تكمل العمرة التي أفسدتها بالوطْءِ، وعليك أن تقضيها أيضًا بعمرة أخرى من نفس الميقات، ولا يعتبر لبس الإحرام ولا نية لبسه داخلاً في العمرة، إلا إذا نوى الدخول فيها، أما إذا كان يريد التهيُّؤ بأن لبس الإحرام ليحرم أي يلبي، لكن لم ينو الدخول فيه بعد، ولا حصلت التلبية، وإنما يتهيَّأ فهذا ليس بالإحرام، حتى ينوي في لبه الدخول في العمرة، وأنه دخل فيها ليلبي بها، ولا

يكفي لبسه الإحرام، بل عليه أن يتطيب ثم بعد ذلك يحرم، والأفضل أنه لا يحرم حتى يركب السيارة، أو المطية إن كان يركب مطية. والمراد بالإحرام: الدخول فيه بالنية أو التلبية بالعمرة أو الحج؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما أحرم بعد ما ركب ناقته، فقد تهيَّأ ثم ركب ناقته، ثم لبَّى عليه الصلاة والسلام. س: يقول السائل: سافرت من أبها إلى جدة لقضاء بعض الأعمال، ونويت العمرة بعد الانتهاء من الأعمال، ثم أحرمت من جدة وأخذت العمرة، فهل عمرتي صحيحة (¬1)؟ ج: إذا كنت نويت العمرة من الأصل، أنك سوف تأخذ عمرة فالواجب عليك الإحرام من الميقات، حتى تمر عليه، أو ترجع إليه بعد قضاء حاجتك من جدة، ترجع إلى الميقات وتحرم منه، أما إذا كنت ما نويت إلا بعد ما وصلت جدة، عزمت على العمرة بعد وصولك جدة، والنية جديدة فلا بأس من إحرامك في جدة بعد فراغ شغلك، أما إذا كنت قد نويت من الأساس العمرة، حين مررت على الميقات فالواجب الرجوع إلى الميقات، عند قضاء حاجتك، قبل أن تذهب إلى العمرة، تذهب إلى الميقات، وتحرم منه للعمرة، فإذا أحرمت من جدة، ولم تأت ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (435). ') ">

الميقات فعليك دم، يذبح في مكة للفقراء؛ لأنك قصدت العمرة، وأحرمت من غير ميقاتها، جاوزت ميقاتها، أما إذا كان لا، إنما عزمت على العمرة، بعد قضاء الشغل في جدة، ما نويت العمرة قبل ذلك فلا بأس. س: إذا أدى الحاج مناسك الحج، مفردًا فهل عليه بعد أن يكمل المناسك، أن يذهب إلى التنعيم، ويحرم بعمرة بعد الحج، وما معنى قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} (¬1)؟ ج: إذا كان ما اعتمر فيعتمر، إذا كان لم يعتمر سابقًا وأحرج بالحج وحده، فإنه إذا فرغ من الحج يعتمر من التنعيم، كما فعلت عائشة، أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتمر من التنعيم بعد حجها، أما إذا كان قد اعتمر سابقًا فالحمد لله، تكفيه عمرته السابقة والحمد لله. وأما قوله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}. معناه: إذا لبى بهما يتمهما، إذا لبى بالحج يتمه بأركانه وواجباته، وإذا لبى بالعمرة كذلك، يتمها بطوافها وسعيها وحلقها، وبتقصيرها إن كان رجلاً، أو بالطواف والسعي والتقصير، إن كانت امرأة لا بد من تمامها؛ لأنها بالشروع وجبت، إذا شرع ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (378). ') ">

في العمرة وجب إتمامها، وإذا شرع في الحج وجب إتمامه ولو كان نافلة. س: السائل: م. م، يقول: نويت العمرة وأحرمت من مطار الرياض، ولبيت بالعمرة عند قربي من الميقات، وعند نزولنا في مطار جدة ذهبت لأتوضأ للصلاة، فوجدت أنني لم أخلع السروال ناسيًا فخلعته، فهل علي شيء في ذلك؟ ج: ليس عليك شيء، يقول الله جل وعلا: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}. فالمحرم إذا نسي: غطى رأسه، أو لبس القميص أو السراويل ناسيًا فلا حرج عليه، أو أحرم والسروال عليه ناسيًا فلا حرج عليه والحمد لله.

بيان ميقات من كان دون المواقيت

146 - بيان ميقات من كان دون المواقيت س: تقول السائلة: نحن من سكان مكة، ونبعد عن مسجد التنعيم بحوالي ثلاثة كيلو أمتار تقريبًا، ونريد أن نؤدي العمرة في أي وقت، فهل نحرم من مكاننا، باعتبارنا خارج مكة، أم أننا نعد من أهل مكة، ولنا نفس الحكم؟ أفيدونا سماحة الشيخ (¬1). ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (376).

ج: من كان خارج الحرم يحرم من مكانه في أي مكان: في التنعيم أو في غير التنعيم، أو في عرفة أو غير عرفة، كبحرة أي مكان خارج الحدود، في بحرة أو أم السلم، إذا أراد أهلها العمرة يحرمون من مكانهم والحمد لله، مثلما أحرمت عائشة من التنعيم خارج الحدود، وفي الحج كذلك، يحرمون من مكانهم كذلك، كله لا بأس به والحمد لله.

حكم النية عند الإحرام

147 - حكم النية عند الإحرام س: يقول السائل: م. ع: هل النية عند الإحرام ضرورية، أم لا (¬1)؟ ج: لا بد من النية، يقول صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» (¬2) فلا بد أن ينوي الحج، أو العمرة عند الإحرام من الميقات، وهكذا في مكة يوم الثامن عند ذهابه إلى منى، لا بد أن ينوي الحج ويحرم: «الأعمال بالنيات» (¬3). ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (393). (¬2) أخرجه البخاري، باب بدء الوحي، برقم (1). (¬3) صحيح البخاري بدْءِ الْوحْيِ (1)، صحيح مسلم الْإِمَارَةِ (1907)، سنن الترمذي فَضَائِلِ الْجِهَادِ (1647)، سنن النسائي الطَّهَارَةِ (75)، سنن أبي داود الطَّلاَقِ (2201)، سنن ابن ماجه الزُّهْدِ (4227)، مسند أحمد (1/ 25).

حكم صلاة ركعتين عند الإحرام

148 - حكم صلاة ركعتين عند الإحرام س: هل صحيح أن الصلاة التي نصليها في مسجد الميقات لنية العمرة، أو الحج هي من البدع (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (190).

ج: ليست من البدع، بل عند الجمهور أنها سنة، عند أكثر أهل العلم، أنها سنة صلاة ركعتين قبل أن يحرم، ولكن ليس عليها دليل واضح، بل بعض أهل العلم لا يراها سنة، والأمر فيها واسع، وليست بدعة، من توضأ وصلى ركعتين وأحرم فلا بأس، ومن أحرم بدون ركعتين فلا بأس، الأمر في هذا واسع، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال إنه أتاه آتٍ من ربه، فقال: «صلِّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة» (¬1) يعني في وادي ذي الحليفة، ميقات أهل المدينة، فاحتج بهذا بعض أهل العلم، على أنه يصلي عند الإحرام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم إن الآتي الذي أتاه من ربه قال: «صلِّ على هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة» (¬2). ولأنه أحرم بعد الصلاة، بعد صلاة الظهر في حجة الوداع، عليه الصلاة والسلام، فمن توضأ وصلى ركعتين سنة الوضوء، وأحرم بعدها فهذا حسن، وجمهور أهل العلم يقولون: يستحب أن يصلي ركعتين. يعني قبل أن يحرم، يحتجون بالحديث قبل أن يلبي، وإن كان بعد لبس الإحرام يلبس إزاره ورداءَه، ويتأهب ويتطيب ويصلي ركعتين، ثم يلبي بعد ركوبه الدابة أو السيارة، والنبي ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب المزارعة، باب من أحيا أرضًا، برقم (2337). (¬2) صحيح البخاري الْحَجِّ (1534)، سنن أبي داود الْمَنَاسِكِ (1800)، سنن ابن ماجه الْمَنَاسِكِ (2976)، مسند أحمد (1/ 24).

صلى الله عليه وسلم ما أحرم إلا بعد ما ركب دابته، فالسنة للمؤمن أن لا يلبي ولا ينوي العمرة والحج إلا بعد ركوب السيارة، إذا ركب واستقر فيها يلبي بما نواه من حج أو عمرة، أو كليهما، هذه هو الأفضل له، ما دام في الأرض لا ينوي ولا يلبي، هذا هو الأفضل، فإذا لبس إزاره ورداءَه وفرغ من غسله وطيبه ركب ثم لبى بحجة أو عمرة، وهكذا المرأة إذا فرغت من كل شيء تركب السيارة ثم تلبي، كفعل النبي عليه الصلاة والسلام، ومن صلى قبل ذلك ركعتين في الميقات، أو في بيته أو كان دون الميقات، كأهل الطائف ونحوهم، أو الذين يحرمون من جدة ونحوهم؛ ممن كان دون الميقات، إذا توضأ وصلى ركعتين فهذا حسن، سنة وضوء، ويوافق بهذا رأي الجمهور، ويوافق فعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإنه أحرم بعدما صلى في حجة الوداع، صلى الظهر ثم أحرم عليه الصلاة والسلام، وكذلك عموم أنه أتاه آتٍ من ربه، وقال: «صل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة» (¬1) هذا فيه متمسك لمن قال بشرعية الركعتين قبل الإحرام، وبكل حال فالأمر في هذا واسع إن شاء الله، وإن كان الحديث غير صريح، لكنه فيه متمسك ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب المزارعة، باب من أحيا أرضًا، برقم (2337).

لمن قال بذلك، فلا ينبغي القول بأنها بدعة، ويسميها العلماء ركعتي الإحرام، وإذا سميت ركعتي الوضوء، إذا توضأ وصلى ركعتين سميت ركعتي الوضوء، يعني يسن لمن توضأ أن يصلي ركعتين، فإذا توضأ، وعمل بالسنة وصلى ركعتين، أحرم بعدهما، فجمع بين السنتين.

حكم الاغتسال عند الإحرام

149 - حكم الاغتسال عند الإحرام س: السائل: أبو أحمد، يقول: المحرم هل يجب أن يغتسل قبل إحرامه للحج أو العمرة (¬1) (¬2)؟ ج: الاغتسال سنة، أن يغتسل قبل إحرامه، وليس بواجب، لو أحرم ولم يغتسل فلا شيء عليه ولا حرج، لكن جاء عنه صلى الله عليه وسلم، أنه اغتسل عند إحرامه، وأنه من السنة الاغتسال عند الإحرام، هذا هو الأفضل. س: الأخت: أم محمد، من الزلفي، تقول: لقد نويت العمرة واغتسلت من مدينة الزلفي، تقول: فلما وصلت الميقات السيل الكبير، أنا وأهلي أردت أن أغتسل مرة ثانية، فلما وضعت ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (392). (¬2) السؤال من الشريط رقم (392). ') ">

الصابون على جسمي، وفتحت الماء فإذا هو بارد وخشيت على نفسي فتركت الاغتسال، ومسحت الصابون الذي على جسمي بالفوطة، ثم أديت العمرة، هل عمرتي صحيحة (¬1)؟ ج: نعم، الغسل ما هو بواجب، مستحب، وغسلك في البيت كافٍ والحمد لله، الغسل ليس بواجب، لكنه مستحب في الحج والعمرة قبل الإحرام، إذا تيسر ذلك، وليس بواجب والحمد لله. س: يسأل السائل ويقول: إذا وصلت إلى أحد المواقيت فهل أصلي ركعتين، أو أحرم ثم أصلي بعد الإحرام؟ ج: ليس هناك دليل واضح على صلاة ركعتين عند الإحرام، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم بعد الصلاة، صلى الظهر في حجة الوداع، ثم أحرم، فأخذ بعض العلماء من ذلك أن يستحب أن يكون الإحرام بعد الصلاة، وجاء في حديث آخر أنه صلى الله عليه وسلم أتاه جبرائيل، أتاه آتٍ من ربه فقال: «صلِّ في هذا الوادي المبارك – يعني ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (428). ') ">

وادي العقيق – وقل عمرة في حجة» (¬1) قالوا: فهذا يدل على شرعية الصلاة قبل الإحرام. قد ذهب أكثر أهل العلم إلى ذلك، ذهب الجمهور من أهل العلم إلى شرعية صلاة ركعتين قبل الإحرام، فإذا توضأ الإنسان وصلى ركعتين بالوضوء، وأحرم بعدها جمع بين القولين، جمع بين قول الجمهور وبين سنة الوضوء، أو أحرم بعد الفريضة فريضة الظهر، أو العصر، أو غيرهما وافق السنة، سواءً لعمرة أو لحج. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب المزارعة، باب من أحيا أرضًا، برقم (2337).

حكم من قلم أظافره بعد أن لبس ملابس الإحرام

150 - حكم من قلم أظافره بعد أن لبس ملابس الإحرام س: عندما وصلنا إلى الميقات تطهرنا طهورنا للصلاة، ثم لبسنا الإحرام، وبعد ذلك قلمنا أظافرنا، وأخذنا من شواربنا، بعد ذلك لبَّيْنَا بالحج، هل إحرامنا هذا صحيح، أم أنه لا بد من إزالة هذه الأشياء قبل ملابس الإحرام، علمًا بان ذلك تم قبل النية، أو قبل التلبية؟ أثابكم الله (¬1). ج: كل هذا لا حرج فيه، إذا قص شاربه وقلم أظفاره بعد اللبس؛ لبس الإزار والرداء، أو قبل ذلك، قبل النية فلا بأس، كله طيب، ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (4).

المقصود أنه يغتسل ويتطيب ويقلم أظفاره ويقص شاربه، ويأخذ إبطه إن كان فيه شيء قبل أن ينوي العمرة أو الحج، قبل أن يلبي أيضًا هذا هو الأفضل، ولو ترك ذلك ما أخذ شيئًا من شاربه ولا ظفره ولا اغتسل، ولا تطيب لا حرج عليه، كل هذه مستحبة، لو أحرم ولم يغتسل ولم يتطيب ولم يقص شاربًا ولا ظفرًا الحج صحيح، والعمرة صحيحة والحمد لله، إنما هذه أمور مستحبة عند الإحرام، ولو فعل ذلك في الطريق، أو في بيته في نفس مسافة الطريق قبل الإحرام بساعة أو ساعتين أو كذا، أو أخذ شاربه في الطريق، أو قلم أظفاره في الطريق، أو نتف إبطه في الطريق كفى ذلك، أو في بيته أو في البلد كل هذا بحمد الله موسع.

بيان كيفية الإحرام من مكة

151 - بيان كيفية الإحرام من مكة س: ما كيفية الإحرام من مكة؟ وماذا يقول المحرم عند النية؟ وهل يعمل كما يعمل عند الإحرام من الميقات؟ وهل يحرم للحج من مكة أو من الحل خارج مكة (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (246).

ج: المحرم من مكة أو من الحل الذي قرب مكة أو من الميقات، كل منهم يشرع له الغسل والتنظف والتطيب، ثم بعد ذلك يلبي بحجته أو عمرته، وإن كان هناك ما يستدعي قص شارب، أو قلم ظفر فعل ذلك، فإذا كان له شارب طويل، أو ظفر طويل استحب له أن يقص شاربه، ويقلم أظفاره، ثم يلبي بقوله: اللهم لبيك حجًا. إذا كان حجًا، أو: اللهم لبيك عمرة. بعد النية بعد أن ينوي بقلبه في الدخول في الحج، أو في العمرة، ينوي بقلبه في الدخول في الحج أو في العمرة، ثم يلبي فيقول: اللهم لبيك حجًا. أو: اللهم لبيك عمرة. كما فعلها النبي عليه الصلاة والسلام، ولكن إذا كان بالعمرة لا بد أن يخرج من مكة، لا يلبي في مكة، وإذا كان أراد عمرة وهو ساكن في مكة، أو وقت حل من عمرة سابقة في مكة أو حج في مكة، وأراد العمرة فليخرج إلى الحل، ولا يُلَبِّ في مكة يخرج إلى الحل، إلى التنعيم المسمى: مسجد عائشة. أو إلى الجعرانة، أو إلى عرفات أو غيرها، من المواضع التي هي خارج الحرم، في الحل ينوي الدخول في العمرة، ثم يلبي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر عائشة لما أرادت العمرة أن تخرج إلى التنعيم إلى خارج الحرم، فذهب بها أخوها عبد الرحمن، فأحرمت من التنعيم وهو خارج الحرم، وهكذا الناس مثلها، من أراد أن يحرم بعمرة فليخرج من

مكة إلى الحل، فينوِ بقلبه الدخول بالعمرة، ثم يلبِّ سواء كان من أهلها، أو ممن حل فيها من حج أو عمرة، ثم أراد عمرة فإنه يخرج إلى الحل، أما الذي أتى من بلاده، يريد العمرة أو يريد الحج فإنه لا بد أن يحرم من الميقات، الذي يمر عليه، إن كان من طريق المدينة يحرم من آبار عليٍّ ميقات المدينة، وإن كان من نجد أو الطائف أحرم من السيل ميقات أهل نجد، وإن كان من طريق اليمن أحرم من ميقات اليمن يلملم، وإن كان من طريق المغرب أو مصر أو الشام أحرم من رابغ، إذا كان من طريق الساحل أحرم من رابغ إذا وازنه، وإذا كان من أهل العراق أحرم من ميقات العراق، وهي ذات عرق ويسمى الضريبة، سواء كان أتى لعمرة أو حج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت للناس، وقال: «هن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، ممن أراد الحج أو العمرة» (¬1) ثم قال صلى الله عليه وسلم: «ومن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة» (¬2) فمن كان دون المواقيت إذا أراد الحج أو العمرة أهل من مكانه، أهل جدة من جدة، ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل المكة للحج والعمرة برقم (1427). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب مهل أهل المكة للحج والعمرة برقم (1427).

وأهل الشرائع من الشرائع، وأهل أم السلم من أم السلم، وهكذا كل إنسان دون المواقيت، يحرم من مكانه للحج أو العمرة، حتى أهل مكة إذا أرادوا الحج يحرمون من مكة، وهكذا من قدم مكة من غير أهلها، قدم لها لزيارة، أو زيارة أقارب أو لأغراض أخرى، ما أراد حجًا ولا أراد عمرة، ثم بدا له أن يحج وقت الحج، فيحرم من مكة والحمد لله، وأما العمرة فإنه كما تقدم، يخرج إلى الحل إذا أراد عمرة وهو في مكة يخرج إلى الحل، ويحرم من الحل كما تقدم، في حديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أمرها لما أرادت العمرة أن تخرج إلى الحل، فخرجت ومعها أخوها عبد الرحمن، وأحرمت من التنعيم، والتنعيم خارج الحرم ويسمى الآن: مسجد عائشة.

حكم الإحرام تحت ميزاب الكعبة

152 - حكم الإحرام تحت ميزاب الكعبة س: تقول هذه السائلة: قرأت في أحد الكتب بأنه يسن الإحرام بالحج من تحت الميزاب، فما هو الميزاب؟ وما مدى صحة ذلك (¬1)؟ ج: الصواب أنه يحرم بالحج من بيته، أهل مكة يحرمون من بيوتهم، فالحجاج من مكة يحرمون من بيوتهم، ولا يحرمون من تحت الميزاب، ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (249).

وليس عليه دليل، والميزاب هو المزراب، الذي يصب معه السيل من سطح الكعبة على الحجر، هذا يقال له: المزراب.

بيان ما يقول المحرم عند التلبية وقت الإحرام

153 - بيان ما يقول المحرم عند التلبية وقت الإحرام س: جئت حاجًّا متمتعًا، ماذا أقول عند التلبية وقت الإحرام؟ وماذا أفعله أثناء حجي (¬1) (¬2)؟ ج: يعمل مثل غيره عند التلبية يقول: لبيك عمرة وحجًا. عند التلبية عند الميقات بعدما يغتسل إذا تيسر الغسل، وبعدما يلبس ملابس الإحرام، الإزار والرداء، يقول اللهم لبيك عمرة وحجًا. أو يقول: اللهم لبيك عمرة. ثم يقول اللهم لبيك حجًا. ولو بعدها بوقت ساعة أو ساعتين، أو أقل قبل الطواف أو أثناء الطريق يلبي بالعمرة أولاً، ثم يلبي بالحج في أثناء الطريق قبل الطواف، أو يلبي بهما جميعًا عند الميقات: اللهم لبيك عمرةً وحجًا. هذه سنة الإحرام بالتمتع بعد ما يفعل ما شرعه الله من الاغتسال والطيب ولبس الإزار والرداء في الميقات، أو قبل الميقات يتأهب، فإذا جاء الميقات لبى بقوله: اللهم لبيك عمرةً وحجًا. أو يقول: اللهم لبيك عمرة. ثم في أثناء الطريق يلبي بالحج كل هذا لا ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (29). (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم (29). ') ">

بأس به، كل هذا يسمى إحرامًا بالتمتع، فإذا وصل مكة طاف وسعى وقصر وتحلل من عمرته، إذا كان ما معه هدي يطوف ويسعى ويقصر ويحل وتمت عمرته، ثم إذا جاء اليوم الثامن لبى بالحج، ولكن الأفضل إذا كان الحج متأخرًا أن يلبي بالعمرة فقط: اللهم لبيك عمرة. ويكتفي ولا يذكر الحج إلا في وقته، يقول: اللهم لبيك عمرة. ويطوف ويسعى ويقصر ويحل، وإذا جاء يوم الثامن من ذي الحجة عند صعوده إلى منى يلبي بالحج، هذا هو التمتع الأفضل، وإن كان متأخرًا جاء يوم عرفة مثلاً، أو في اليوم الثامن قبل صعوده إلى منى، ولبى بالعمرة والحج جميعًا فلا بأس، يسمى قارنًا ويسمى متمتعًا، وإن دخل مكة وطاف وسعى وخرج على إحرامه ولم يقصر؛ لأنه قارن فلا بأس، وإن قصر في الحال وتمت عمرته ثم لبى بالحج يكون هذا أفضل، ولو كان في اليوم الثامن أو التاسع. س: أحرمت بالحج مفردةً، ثم جاءتني العادة الشهرية، ووصلت إلى مكة وبقيت بها، ولم أطف ويقال: تحية المسجد هو الطواف

بالبيت. ومعلوم لدينا أن جميع الحرم يعتبر من المسجد، فهل علي شيء في ذلك أم لا؟ ج: إذا أحرمت المرة بالحج أو العمرة، ثم نزل بها الحيض؛ عادة النساء فإنها تبقى على إحرامها؛ يعني لا تطوف ولا تطيب، ولا تأخذ شعرًا ولا ظفرًا، هذا معنى البقاء على إحرامها يعني تبقى، لها حكم الإحرام، لكن لا بأس أن تغير ثيابها، تغير سراويلها، تغير ملابسها الأخرى، لا بأس حتى ولو كان ما حاضت تغيير الثياب لا بأس به؛ لأن بعض الناس قد يظن أن القول بأنها تبقى على إحرامها، أنها ما تغير الثياب، فيظنون أن المراد بالإحرام الثياب، لا، المراد انها تبقى على حكم الإحرام؛ يعني بحيث لا تغطي وجهها بالنقاب، لا تلبس القفازين، لا تتطيب لا تقلم أظافرها، لا تحل لزوجها، هذا معنى البقاء على الإحرام، أما الملابس فلا بأس أن تغير الملابس، والمسجد الحرام لا تدخله، اللهم إلا مارة لحاجة، تمر من باب إلى باب لحاجة مع التحفظ فلا بأس، ولكن لا تجلس فيه، ولا تطوف حتى تطهر، فإذا طهرت اغتسلت الغسل الشرعي، وتوضأت الوضوء الشرعي، ثم تأتي فتطوف

وتسعى لحجها، إن كانت في الحج، وإن كان للعمرة تطوف وتسعى لعمرتها، وتقصر وتتم عمرتها، هذا إذا كان عمرة، وإن كان حجًا تبقَ حتى تطهر، فإن طهرت قبل الحج اليوم الثامن أو السابع أو السادس من ذي الحجة، أو قبل ذلك فإذا طهرت تذهب إلى البيت، وتطوف وتسعى وتقصر للعمرة، هذا هو الأفضل، وتجعل العمرة قبل الحج، ثم تحرم بالحج يوم الثامن مع الناس، وتكون متمتعة، كما أمر النبي أصحابه بذلك، عليه الصلاة والسلام، وإن كانت لم تطهر إلا في عرفات، أو في يوم العيد فإنها إذا طهرت تغتسل، وتتم طهارتها ثم تطوف وتسعى لحجها، أما الرمي والحلق والتقصير ونحوها هذا لا بأس، وإن كانت حائضة تفعل كل شيء إلا الطواف، وقد وقع هذا لعائشة رضي الله عنها، لما دَنَتْ من مكة نزل بها الحيض، وكانت قد أحرمت بالعمرة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم، «دعي العمرة وأحرمي بالحج» (¬1) لأنه جاء الحج وهي على حيضها، فلبت بالحج مع عمرتها، فلما جاء يوم النحر واغتسلت طافت وسعت لحجها وعمرتها جميعًا، ورمت الجمرة ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب الاعتمار بعد الحج بغير هدي، برقم (1786)، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام وأنه يجوز إفراد الحج، برقم (1211).

وقصرت من رأسها، وتم حلها، ثم طلبت من النبي عمرة أخرى، فأعمرها عليه الصلاة والسلام من التنعيم، في التنعيم مسجد عائشة المعروف؛ يعني أعمرها من التنعيم عمرة جديدة مفردة، مستحبة غير واجبة، وإلا فعمرتها الأولى مع حجها كافيان، فالتي دخلت مكة في وقتنا هذا للعمرة في رمضان، أو في غيره وحاضت في الطريق، أو بعد وصولها مكة قبل أن تطوف، تبقى على إحرامها، يعني في حكم الإحرام، لا تطيب لا تقلم أظفارها، لا تقص شعرًا، لا يأتيها زوجها حتى تطهر، فإذا طهرت اغتسلت وتوضأت وضوءها الشرعي، وطافت وسعت وقصرت وحلت من عمرتها، هذا هو المشروع، وهذا هو الواجب عليها، أما الملابس فلها أن تغير الملابس؛ لأن الملابس لا بأس بكونها تغير، الإزار إلى إزار، والسراويل إلى سراويل، والقميص إلى قميص، ما في ذلك بأس، تغير ما شاءت من الملابس أو الدسوس، أو الشرابات في رجلها، تغير ما شاءت لا بأس، فلا يظن إذا قيل: تبقى على إحرامها. أن المقصود الثياب، لا، ليس المقصود الثياب، المقصود الأحكام، أما الملابس فللرجل أن يغير، وللمرأة أن تغير الملابس، كل واحد إذا أراد أن يغير حتى ولو كانت المرأة غير حائض، ولو كانت طاهرة لما وصلت مكة، وأرادت أن تغير لا بأس أن تغير ملابسها وهي

محرمة لا بأس، أما الرجل لما وصل إذا أراد أن يغير إحرامه بإحرام آخر، أو أصابه شيء من شاهي أو قهوة وغيرهما، سواء للرجل أو للمرأة، فأحبا أن يغيرا فلا بأس، المقصود للرجل أن يغير مطلقًا ولو ما أصاب إحرامه شيء، والمرأة لها أن تغير ملابسها، ولو ما أصابها شيء، هذا ما له تعلق بالإحرام، إنما المقصود إذا قيل: إن الرجل يبقى على إحرامه. أو قيل: إن المرأة تبقى على إحرامها. المعنى في حكم الإحرام يعني يبقى كل منهما في حكم الإحرام، ليس له أن يخالف حكم الإحرام، لا بقص أظفار، ولا بقص شعر، ولا بطيب ولا بتغطية رأس للرجل، أو لبس المخيط، ولا تلبس المرأة النقاب على وجهها أو تلبس قفازين في يديها، كل هذا لا تعمله حتى تَحِلَّ من إحرامها، هذا هو المراد، فينبغي أن يعلم، وأرجو من المستمعات أن يبلغن هذا لغيرهن، والمستمعون أرجو أن يبلغوا هذا؛ لأن هذا يشكل على كثير من الناس إذا قيل: يبقى على إحرامه. ليس معناه الملابس. المعنى: الأحكام. أما الملابس فللرجل أن يغير، وللمرأة أن تغير ملابسها، ولو كانت لم تطف ولم تسع، وهكذا الرجل قبل أن يطوف ويسعى له أن يغير ملابسه، المراد بقول العلماء أن يبقى على إحرامه، وتبقى على إحرامها؛ مرادهم بهذا

أن الأحكام تبقى، يعني لا يتطيب المحرم، ولا يقلم أظفاره، ولا يقص شعره، ولا يحل له أن يأتي زوجته، ولا يحل لها أن تمكن زوجها منها وهي محرمة حتى تطهر من حيضها، أو نفاسها، ثم تطوف وتسعى، نسأل الله للجميع التوفيق.

بيان كيفية لباس المرأة في الإحرام

154 - بيان كيفية لباس المرأة في الإحرام س: يسأل أخونا فيقول: سماحة الشيخ، ما هو لباس المرأة في الإحرام (¬1)؟ ج: ليس لها لباس خاص، فلو أحرمت في ثيابها العادية أجزأ ذلك، ولكن الأفضل أن تكون ملابسها ملابس لا تلفت النظر، وليس فيها شهرة، وليس فيها زينة تلفت النظر، بل تكون ملابس عادية، ليس فيها جمال يلفت أنظار الرجال، كالأسود السادة والأحمر السادة، والأخضر ونحو ذلك الذي ليس فيه جمال يلفت الأنظار، هذا هو الأفضل لها والأحسن لها، ولو أحرمت في ملابسها العادية جاز ذلك، وصح ذلك، ولكن الأفضل لها أن تحرم في ملابس لا تلفت النظر، التي ليس فيها ما ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (141).

يسبب فتنة الرجال لها، هذا هو الأفضل لها مع سترها ما قد يفتن من حلي وغيرها.

حكم إحرام المرأة في ثياب بيض

155 - حكم إحرام المرأة في ثياب بيض س: هل يصح أن تحرم المرأة في ثياب بيض، كما نشاهد كثيرًا؟ وما هو الأفضل في ذلك (¬1)؟ ج: إن السنة للمرأة أن تحرم في ملابس غير جميلة، وغير لافتة للنظر، تحرم في ملابس ليس فيها فتنة لأحد، أما البيض ففيها نظر؛ لأن فيها تشبهًا بالرجال، إلا إذا كانت على هيئة لا تشبه الرجال، كأن يكون فيها نقط يلبسها النساء في العادة، أو خياطها في جيبها ويديها، وتفصيلها يخالف طريق الرجال، فلا بأس والأفضل أن تكون ملابسها خافتة، ليس فيها ما يلفت النظر، والبيض قد تلفت النظر، فينبغي أن تكون ملابس ليس فيها ما يلفت النظر، وتسبب الافتتان بها من الرجال. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (44).

حكم تغطية المرأة وجهها وهي محرمة

156 - حكم تغطية المرأة وجهها وهي محرمة س: ما الحكمة من عدم تغطية المرأة وجهها وهي محرمة؟ وهل

ينطبق ذلك أيضًا على الحج، علمًا بأنه في هذا الزمان لا تستطيع المرأة أن تكشف وجهها لكثرة الأجانب؟ وجهونا حول هذا جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الله سبحانه حكيم عليم جل وعلا فيما يشرع لعباده، فقد شرع للرجل إذا أحرم ألاّ يغطي رأسه، وأن يلبس إزارًا ورداء، لا قميصًا ولا عمامة، وهو الحكيم العليم جل وعلا، فالمحرم الرجل يلبس إزارًا ورداءً، ولا يلبس السراويل، ولا القميص ولا العمامة، وله أن يغطي بدنه بغير الرداء، إذا دعت الحاجة يغطي بدنه باللحاف عند البرد، لا بأس لكن لا يغطي رأسه ولا يلبس قميصًا، إلا إذا اضطر لبعض مرض فإنه يغطي رأسه ويفدي، الفدية الشرعية وهي صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة، المقصود أن الله هو العليم الحكيم فيما يشرعه لعباده، فكما شرع للرجل ألاّ يغطي رأسه، وألاّ يلبس القميص والسراويل، هكذا المرأة شرع لها ألاّ تنتقب، والنقاب هو ما يخاط على قدر الوجه، ويكون فيه خرقان للعينين، وشرع لها ألاّ تلبس القفازين، وهما غشاء لليدين، دسان لليدين، ولكن لها أن تغطي وجهها بغير النقاب، وأن تغطي يديها بغير القفازين، كما أن الرجل لا يلبس قميصًا ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (212).

ولا يلبس السراويل، ويغطي بدنه بالإزار والرداء، فهي كذلك لا تغطي وجهها بالنقاب ولا تغطي يديها بالقفازين، ولكن تغطي ذلك بالخمار، ترخيه على وجهها، وتغطي يديها بعباءتها، وبجلالها لا بأس، قالت عائشة رضي الله عنها: «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وكنا نكشف وجوهنا، فإذا دنا منا الرجال سدلت إحدانا خمارها من فوق رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه» (¬1) فدل على أنهن كن يسترن وجوههن عند الرجال، لكن بغير النقاب وبغير القفازين، هذه الحكمة – والله أعلم – التي شرع من أجلها ألاّ يغطي الرجل رأسه، وألاّ يغطي بدنه بالقميص والسراويل، هي الحكمة التي يجب على المرأة فيها ألاّ تغطي وجهها بالنقاب، ولا يديها بالقفازين، هذا شعار المحرم، يشعر به المحرم أنه محرم يذكر به يوم القيامة، حين يقوم الناس لرب العالمين حفاةً عراةً غرلاً، هو الشعار الخاص بالمحرمين لله فيه الحكمة، فكما أن الرجل لا يغطي رأسه مطلقًا، ولا يغطي بدنه بالقميص ولا السراويل فالمرأة كذلك تغطي رأسها؛ لأنها عورة، ولكن لا تغطي وجهها بالنقاب، ولا تغطي يديها بالقفازين، ولها أن تغطي وجهها بالخمار، ويديها بغير القفازين، والله جل وعلا أعلم. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب في المحرمة تغطي وجهها، برقم (1833).

حكم لبس المرأة النقاب وهي محرمة

157 - حكم لبس المرأة النقاب وهي محرمة س: تقول السائلة: هل يجوز النقاب في الحج؟ وإذا كنت منتقبة، ثم وضعت فوق النقاب غطاءً خفيفًا هل يكون هذا مؤثرًا على الحج (¬1) (¬2)؟ ج: المرأة في الحج لا تنتقب، ولا في العمرة كذلك وقت الإحرام، يقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري في صحيحه، في حديث ابن عمر: «ولا تنتقب المرأة، ولا تلبس القفازين» (¬3) يعني في حال الإحرام لا تلبس النقاب؛ وهو شيء يصنع للوجه، تلبسه المرأة في وجهها، وفيه نقبان للعينين، أو نقب واحد للعين، ويسمى نقابًا لا تلبسه في حال الإحرام، ولكن تغطي وجهها بغير ذلك، جاء عن عائشة رضي الله عنها انها قالت: «كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – محرمات، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوذوا كشفناه» (¬4) فالمرأة كذلك، إذا دنا منها الرجال ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (244). (¬2) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (244). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة، برقم (1838). (¬4) أخرجه أبو داود في سننه، باب في المحرمة تغطي وجهها (2/ 104).

تسدل خمارها على وجهها، فإذا بعدوا عنها، وليس عندها أحد تكشفه، أما النقاب فلا تلبسه وهو المصنوع للوجه الذي يخاط، ويصنع لقدر الوجه بنقب للعين، أو نقبين للعينين، هذا لا تلبسه في حال الإحرام، كما أن الرجل لا يلبس أيضًا جوربين في حال الإحرام ولا خفين، ومع هذا يغطي رجليه بإزاره وغيرها، أو مطرحة في البرد، لكن هذا شيء مخصوص وهو المخيط على قدر الوجه، والمخيط على قدر الكفين من الجوربين، لا تلبسه المرأة ولا الرجل جميعًا، ولكن تغطي وجهها بالجلباب وبالخمار، تغطي يديها بالجلباب وغيره لا بأس، مثل أن الرجل لا يلبس القميص ولا العمامة، ولكن يغطي بدنه بالإزار والرداء، يغطيه عن البرد باللحاف، بالطراحة للدفء لا بأس بهذا. س: هل يجوز للمرأة أن تغطي وجهها وكفيها بقفازين، عندما تذهب للحج أو للعمرة، وهي بذلك ليست مكرهة، بل إن وليها أعطاها حرية الخيار، بين أن تكشف أو تغطي وجهها؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا. ج: المرأة في الإحرام ليس لها أن تغطي وجهها بالنقاب وبالبرقع،

وليس لها أيضًا أن تلبس القفازين في اليدين؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن ذلك، قال عليه الصلاة والسلام فيما أرشد إليه في المحرم عليها: «ولا تنتقب المرأة، ولا تلبس القفازين» (¬1) يعني في الإحرام، ولكنها تغطي وجهها بغير ذلك من الخمار ونحوه، تغطي يديها بغير ذلك من جلبابها وعباءتها ونحو ذلك، أما القفازان فلا، وهكذا النقاب وما يوضع للوجه من مخيط، هذا لا تلبسه المحرمة، لا في العمرة ولا في الحج، قالت عائشة رضي الله عنها: «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، وكنا إذا دنا منا الركبان سدلت إحدانا خمارها من على رأسها على وجهها، فإذا بعدوا كشفنا» (¬2) فالمرأة هكذا، إذا كان يقرب منها الرجال تغطي وجهها بالخمار ونحوه، لا بالنقاب المصنوع للوجه، ولا تغطي يديها بالقفازين، ولكن بغيرهما، وهكذا الرجل، لا يغطي وجهه يعني المحرم ولا يغطي رأسه وهو محرم، ولا يغطي يديه بالقفازين وهو محرم، ولكن يغطي يديه بغير القفازين، لو غطى يديه بالرداء، أو بالإزار أو بشيء آخر لا بأس بذلك والمرأة مثله. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة، برقم (1838). (¬2) أخرجه أبو داود في سننه، باب في المحرمة تغطي وجهها (2/ 104).

حكم لبس البرقع للمرأة المحرمة

158 - حكم لبس البرقع للمرأة المحرمة س: هل من كلمة تجاه بعض النساء – هداهن الله – حيث إنهن يطفن بالبرقع وهن محرمات، وحينئذٍ يكون هناك بعض التأثير؟ وجهوا الناس جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: ليس للمحرمة لبس البرقع، لا في عمرة ولا في حج، بل تغطي وجهها بالشيلة ونحوها، النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النقاب للمحرمة، فإذا كانت محرمة عليها ترك النقاب، وأن تستر وجهها بغير ذلك من الخمر، الخمار ونحوه جائز في الطواف وغيره. س: تسأل: هل يجوز لبس القفاز في السعي (¬3)؟ ج: لا بأس بلبس القفاز في السعي وغيره إذا كانت غير محرمة وإن غطت يديها بغير القفازين؛ بجلال أو عباءة لا بأس، المقصود أن القفازين لا بأس بهما، إلا في حق المحرمة، فإذا كانت المرأة محرمة فلا تلبس القفازين، لا في السعي ولا في الطواف؛ لأن المحرمة ممنوعة منها، لا تلبس القفازين يعني حال الإحرام بالحج أو بالعمرة، إذا كانت ¬

(¬1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (358). (¬2) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (358). ') "> (¬3) السؤال التاسع من الشريط رقم (342). ') ">

لم تحل، أما إذا كانت قد حجت ورمت الجمرة وقصت فقد حلت وتلبس القفازين، أما إذا لم ترمِ أو رمت وما طافت فإنها لا تلبس القفازين حتى تحل، والعمرة كذلك لا تلبس القفازين حتى تطوف وتسعى وتقصر؛ لأنها محرمة، لكن تغطي يديها بالعباءة بالجلال وغير ذلك، المقصود أن القفازين مباحان للمرأة إلا في حال الإحرام، ما دامت محرمة لم تحل من إحرامها فلا تلبسها. س: سماحة الشيخ، ناو أن أؤدي فريضة الحج، ولكن بيدي اليمنى عيب أو كسر واضح، وأكره أن يراه الناس علمًا بأنني مؤمن إيمانًا كاملاً بالقضاء، فهل يجوز لي عند الإحرام أن أغطي الجزء الأيمن من يدي بقطعة، وإن أمكن بجزء من الإحرام نفسه؟ أفيدوني بذلك. ج: لا حرج في ذلك، تغطيه بقطعة من الإحرام، أما يلف عليه شيئًا خاصًا لا، لكن إذا جاء طرف الحرام على يده لا حرج الحمد لله، والأمر سهل ولو رأى الناس الكسر الحمد لله على كل حال، يدعون له، المقصود أنه لا بأس أن يضع طرف الإحرام على محل الكسر.

حكم خياطة لباس الإحرام بعد تمزقه

159 - حكم خياطة لباس الإحرام بعد تمزقه س: إذا كان الإنسان محرمًا بالحج أو العمرة، وتمزق إحرامه بسبب سقوطه على الأرض فهل يجوز له أن يخيطه أم لا (¬1)؟ ج: له أن يخيطه، وله أن يبدله لا بأس، إذا انشق إحرامه أو إزاره أو رداؤُه وخاطه لا بأس، وكذلك لو أبدله بغيره لا بأس، المخيط المنهي عنه هو المخيط الذي يحيط بالبدن وغيره، كالقميص والفنيلة وأشباه ذلك، أما المخيط قطعة في قطعة، مثل: الرداء: قطعتين، أو ثلاث، يخيط بعضها في بعض، يجعلها رداءً أو إزارًا لا بأس، هذا لا يضر ولا يمنع، الممنوع المخيط الذي يحيط باليد، بالبدن، بالرِّجْلِ كالخف، هذا هو الذي ينهى عنه، أما مخيط لا يحيط بالبدن مخيطًا، بل قطعة ثوب، لا يكون قميصًا ولا يكون مثل القفاز، ولا يكون مثل الخف، ولا يكون مثل الفنيلة، بل هو قطعة يوصل بعضها ببعض، هذا لا بأس به ولا حرج فيه. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (76).

حكم غسل لباس الإحرام إذا اتسخ

160 - حكم غسل لباس الإحرام إذا اتسخ س: الأخ يسأل عن غسل الإحرام إذا اتسخ، هل يجوز للمحرم أن يفعل ذلك (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (91).

ج: نعم، إذا أحب أن يغسل إحرامه، ولا سيما إذا اتسخ فلا بأس، فله أن يغسله ولا بأس أن يبدله بإحرام آخر، الرجل والمرأة من أراد أن يبدل ملابس الإحرام بملابس أخرى جديدة، أو مغسولة فلا بأس من الرجال والنساء، وهكذا لو توسخت يغسلها، أو أصابها نجاسة يغسلها ثم يلبسها، الأمر واسع إن شاء أبدلها، وإن شاء غسلها، الأمر في هذا واسع.

بيان كيفية إحرام الطفل

161 - بيان كيفية إحرام الطفل س: يسأل الأخ عن الأطفال: هل يلزمون بلبس الإحرام عند العمرة أو الحج (¬1) (¬2)؟ ج: نعم الأطفال مثل الكبار، إذا نوى عنهم وليهم المسؤول عنهم في السفر، كأبيهم أو أمهم أو أخيهم، المسؤول عنهم في هذا السفر، الذي حج بهم إذا تولى عنهم الإحرام، بأن كانوا دون السبع، أتوا فنوى عنهم الإحرام، أو فوق السبع، وأمروا بالإحرام، يعلمون فالذي فوق السبع يعلم، يقال له إن كان ذكرًا: اخلع الملابس المخيطة، والبس إزارًا ورداءً، واكشف رأسك. وإن كان صغيرًا دون السبع كشف رأسه، وأُلبس قطعة من القماش، وتجرد من القميص والفنيلة مثلاً والسراويل، ولف ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (105). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (105). ') ">

في اللفافة وربطت عليه، حتى يكمل عمرته أو حجه، وهكذا الكبير الذي فوق السبع يعلمه وليه، يقال له: سوِّ كذا وسوِّ كذا وسوِّ كذا. أما الأنثى فلا، فإحرامها في وجهها، تلبس ما شاءت من الملابس، تحرم في ملابسها العادية، وإذا أحرمت في ملابس غير لافتة للنظر، يعني غير جميلة يكون ذلك أولى وأفضل، حتى لا تلفت النظر وحتى لا تفتن أحدًا؛ لأنها تخالط الناس، فقد يبين منها شيء من هذه الملابس التي قد تفتن الناس، وهكذا الصغيرة تلبَّس ملابس مناسبة للمقام، ليس فيها زينة كثيرة، بل ملابس عادية، وتكشف وجهها؛ لأنها صغيرة، فإذا كانت ممن تغطي وجهها كالمراهقة والكبيرة فتغطي وجهها بما معهم من خمار من دون نقاب، النقاب تمنع منه، النقاب هو ما يصنع للوجه من الملابس التي تصنع للوجه، ويكون فيها نقب للعين أو العينين، وبعضهم يلفها على الوجه يجعل غطاء للوجه على قدره، يغطي الأنف والفم والجبهة، وتبقى العينان، هذا كله تُمنع منه، وتغطي وجهها بالخمار ونحوه، كما قالت عائشة رضي الله عنها: «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحج، وكنا إذا دنا منا الرجال سدلت إحدانا خمارها على وجهها، فإذا بعدوا عنا كشفنا» (¬1) ¬

(¬1) أخرجه أبو داود، باب في المحرمة تغطي وجهها، برقم (2/ 104).

س: اعتمرنا في رمضان في العام الماضي مع الزوج والأولاد، وكانوا صغارًا، وأكبرهم كان في الرابعة من عمره، وأحرم ولبَّى عندما لقنه الوالد، ولكن كان الوقت حارًّا جدًّا، وأخرنا الطواف إلى ما بعد المغرب، وخلعت إحرام الصبي وألبسته الثياب، ثم طفنا وسعينا جميعًا، ما هو الحكم في ذلك؟ هل يلزمنا قضاء العمرة لذلك الطفل؟ أم ماذا نفعل مأجورين؟ ج: إذا كنت فعلتِ هذا جهلاً فليس عليكِ شيء والحمد لله، وإن كنتِ تعمدتِ وتعرفين الحكم الشرعي عليكِ إطعام ستة مساكين، كل مسكين له نصف صاع لتلبيسه المخيط وهو محرم، وأنتِ تعرفين الحكم الشرعي، إطعام ستة مساكين من قوت البلد، من حنطة أو رز والحمد لله.

حكم استعمال الطيب والكحل للمرأة المحرمة

162 - حكم استعمال الطيب والكحل للمرأة المحرمة س: هل يجوز للمرأة بعد أن تحرم أن تأخذ شيئًا من الطيب أو تكتحل (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل؛ لأن بعض الناس يشتبه عليه الأمر في هذا، إذا ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (82).

كان الرجل حين لبس الرداء والإزار، أو المرأة إذا لبست الثياب المعدة لإحرامها لم تلبِّ ولم تنوِ الإحرام حتى الآن؛ يعني لبس الرجل الإزار والرداء ليحرم، أو لبست المرأة التياب المعدة، وهي ما يلزمها ثياب معدة أي ثوب تلبسه يكفيها، لكن أو أعدت شيئًا يعني ثيابًا ليس فيها ما يلفت النظر، غير جميلة أعدتها للإحرام فإنها لا تكون محرمة، ولا يكون الرجل محرمًا بلبسه الرداء والإزار إلا بالنية، إذا نوى الرجل أو المرأة الدخول في العمرة، أو الحج والشروع فيها فإنه يلبي حينئذٍ، ولا يحل له بعد هذا أن يمس طيبًا، ولا يقص ظفرًا ولا شعرًا بعد ذلك؛ لأنه صار محرمًا بالنية، فإذا استعد للإحرام بلبس الإزار والرداء، أو المرأة استعدت لملابس أعدتها لذلك فإنها لا تكون محرمة إلا بالنية، فلها أن تأخذ الطيب قبل ذلك، ولو أنها لبست الملابس المعدة للإحرام، ولو أن الرجل أعد لبس الرداء والإزار له أن يتطيب، وله أن يقلم أظفاره، وله أن يأخذ من شاربه أو من إبطه لا بأس، فإذا نوى الدخول في الحج بقلبه، أو نوى الدخول في العمرة بقلبه، وهكذا المرأة إذا نوت الدخول في الحج أو العمرة بقلبها فإن كلاً منهما في هذه الحال يلبي، ويقول: لبيك عمرة أو لبيك حجًا. عند النية بعد نية الدخول في النسك، الذي

هو الحج والعمرة بهذا إذا نوى هذه النية، ودخل في النسك بهذه النية فإنه في هذه الحال لا يأخذ طيبًا، ولا يقلم ظفرًا، ولا يقص شعرًا، ونحو ذلك مما حرم عليه، أما قبل ذلك فلا بأس، والأفضل أنه لا يحرم إلا بعد ركوبه السيارة، كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يلبي إلا إذا ركب دابته، فيفعل ما يحتاجه وهو في الأرض؛ ويقص شاربه، يقلم أظفاره؛ يتطيب ولو أن عليه الرداء والإزار، ولو أنها لبست ملابسها المعدة للإحرام تفعل ما ترى من أمور الإحرام؛ من نتف إبط، أو قلم ظفر، ومن تطيب، والرجل كذلك يتطيب؛ يقلم ظفرًا إلى غير هذا لا بأس حتى يركب، فإذا ركب ونوى الدخول في العمرة، أو نوى الدخول في الحج، ثم لبى وعند ذلك لا يأخذ شيئًا من شعره ولا من أظفاره، ولا يتطيب؛ لأنه دخل في النسك. والخلاصة أنه لا يكون محرمًا، ولا تكون المرأة محرمة إلا بنية الدخول في النسك من حج أو عمرة، ثم يلبي بعد ذلك، أما كونها لبست الملابس المعدة للإحرام، أو كونه لبس الإزار والرداء ليحرم فلا يكونان بذلك محرمين، حتى ينويا بقلبهما الدخول في الحج أو في العمرة، ثم بعد هذا يلبيان، فينبغي معرفة الفرق والتفصيل.

حكم خروج الدم من المحرم

163 - حكم خروج الدم من المحرم س: أحيانًا وأنا محرمة كنت أزيل قشورًا جلدية من جسمي، وبعضها يسيل منه دم، فهل يؤثر ذلك على صحة إحرامي، أم يلزمني صيام أو ذبح؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: لا يؤثرا هذا؛ لأن خروج الدم من المحرم لا يؤثر حتى لو احتجم لا يضره؛ لأن النبي احتجم وهو محرم، عليه الصلاة والسلام، وخروج بعض الدم من جلد المرأة، أو الرجل وهو محرم لا حرج فيه، ولا يضر إحرامه. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (48).

حكم مس ومداعبة الزوج زوجته أثناء الإحرام

164 - حكم مس ومداعبة الزوج زوجته أثناء الإحرام س: هل يؤثر على الإحرام مس المرأة أو مداعبتها فقط (¬1)؟ ج: ليس للزوج أن يمسها بشهوة وهو محرم، ولا هي محرمة، أما مسه من دون شهوة، يمس يدها يعطيها شيئًا، يأخذ منها شيئًا من دون شهوة لا حرج في ذلك، وهكذا مسها لزوجها وهو محرم، أو وهي محرمة من دون شهوة لا يضر، ولا حرج في ذلك. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (48).

أما إذا مسها بشهوة فبعض أهل العلم يرى أن عليه فدية؛ إما شاة وإما إطعام ستة مساكين، وإما صوم ثلاثة أيام على الجميع إذا كانا محرمين، وإن كان أحدهما محرمًا والآخر ليس بمحرم فعلى المحرم خاصة، إذا كان المحرم مس بشهوة عليه فدية الأذى مخيرة؛ إما صوم ثلاثة أيام، وإما إطعام ستة مساكين، وإما ذبح شاة، هذا هو الذي ينبغي قياسًا على ما إذا حلق رأسه لِعِلَّةٍ.

حكم استعمال المرأة الحناء وحل ضفائر الرأس أثناء الإحرام

165 - حكم استعمال المرأة الحناء وحل ضفائر الرأس أثناء الإحرام س: هل حل ضفائر شعر المرأة أثناء إحرامها يعتبر محظورًا عليها، أو استعمالها الحناء في يديها وقدميها (¬1)؟ ج: ليس فيه بأس، حل الضفائر ليس فيه شيء، لكن لا تتعمد قطع الشعر، أما أن تكون تنقض ضفائرها للغسل، أو لغير ذلك من الأسباب فلا بأس، الْمُحَرَّمُ قطع الشعر حتى تحل من إحرامها، أما كونها تحل الضفائر أو تغسل الرأس بشيء، أو تخضب بالحناء أو ما أشبه ذلك فلا يضر، ليس فيه محذور، ولكن إذا خضبت يديها أو رجليها، تسترها عن الناس تكون ساترة لها بالثياب والملابس عن الفتنة، لكن لو خلط ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (44).

الحناء بالطيب فهذا لا يجوز، الطيب لا يجوز استعماله، لكن إذا كان الحناء محضًا، ليس معه شيء فلا بأس، وتكون مستورة اليد والرجل عند الطواف والسعي، وعند الوجود بين الرجال.

حكم سقوط عدة شعرات من رأس المحرم من غير تعمد

166 - حكم سقوط عدة شعرات من رأس المحرم من غير تعمد س: بعد أن لبست الإحرام بزمنٍ غير قليل أحسست بشيء يقلقني في رأسي، فحككته بيدي، فنزلت عدة شعرات من رأسي، فهل علي فدية في هذا (¬1)؟ ج: يعفى عن هذا إن شاء الله، هذا يعفى عنه، إذا حك إنسان رأسه وسقط شيء يعفى عنه، أو مسح رأسه وسقط شيء من رأسه أو لحيته كل هذا يعفى عنه إن شاء الله، لكن لا يتعمد هذا عمدًا، إنما إذا وقع عن غير قصد. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (44).

حكم تطييب البدن للمحرم

167 - حكم تطييب البدن للمحرم س: ما حكم تعطير الرأس والشخص محرم؟ ج: لا يجوز للمسلم في حال الإحرام أن يتعطر لا في رأسه ولا في بدنه، الواجب الكف عن هذا، لأن الإحرام حرم حرم عليه الطيب، حتى

يتحلل من عمرته أو يتحلل من حجه، أما أنه يتطيب في حال الإحرام لا إذا تعمد هذا فعليه الفدية، وهي إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام، إلا إذا كان جاهلاً أو ناسيًا فلا شيء عليه، المقصود ليس له التطيب بعد إحرامه الطيب قبل أن يحرم، يستحب له الطيب عند الإحرام، وبعد التحلل يتطيب أما بعد الإحرام فليس له أن يتطيب، بعد نية الدخول في الحج والعمرة لا يتطيب بعد ذلك.

حكم استعمال الصابون أو معجون الأسنان وهو محرم

168 - حكم استعمال الصابون أو معجون الأسنان وهو محرم س: يقول السائل: هل يجوز استخدام الصابون الذي له رائحة أثناء الإحرام، وكذلك معجون الأسنان وهو فيه رائحة (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك؛ لأنه ليس من الطيب، استعمال الصابون أو معجون الأسنان ليس من الطيب، ولا يضر. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (400).

حكم شرب المحرم للزعفران

169 - حكم شرب المحرم للزعفران س: السائل: أبو عبد الكريم، يقول: إذا شرب المحرم شيئًا من الزعفران قبل تحلله، هل في ذلك شيء (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (424).

ج: إذا كان ناسيًا أو جاهلاً لا شيء عليه، أما التعمد فلا يجوز؛ لأن الزعفران طيب، فلا يتعمده، لكن إذا كان جاهلاً، أو ناسيًا فلا شيء عليه، {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}.

حكم لبس الخف تحت الكعب للمحرم

170 - حكم لبس الخف تحت الكعب للمحرم س: حججت في هذه السنة التي مضى حجها، ولبست كنادر وأنا محرم، وهذه الكنادر تحت الكعب؛ وهي شراع وفيها خياط، فهل أتيت محظورًا في إحرامي هذا؟ وفقك الله (¬1) (¬2). ج: الذي يلبس كنادر تحت الكعبين لا حرج فيها؛ لأنها من جنس النعال في أصح قولي العلماء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال للذي لم يجد النعلين: «يلبس الخفين ويقطعهما أسفل من الكعبين» (¬3) فدل ذلك على أن المقطوعين من جنس النعال، وقد صحح كثير من أهل العلم جواز لبس الخفين من دون قطع عند فقد النعلين، فالحاصل ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (27). (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم (27). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب ما لا يلبس المحرم من الثياب، برقم (1542).

أن المقطوع هو الشيء الذي صنع تحت الكعب هذا لا بأس به، فإذا كانت الكنادر تحت الكعبين لا تستر على الكعبين فحكمهما حكم النعال، ولا حرج في ذلك، والخياطة لا تضر حتى النعال فيها خياطة، حتى لو لبس إزارًا مخيوطًا، أو رداءً مخيوطًا، ولو كان إزاره من ثلاث قطع، أو أربع قطع قد خيط بعضها في بعض جاز، أو كان رداؤُه كذلك من قطعتين أو ثلاث قد خيط بعضها في بعض فلا بأس، الممنوع أن يلبس المخيط على البدن مثل القميص، أو على نصف البدن كالفنيلة أو السراويل من دون عذر، أما كون الثوب الذي هو الرداء ملفقًا من قطع مخيطة أو غرز، أو ملفقًا من قطع هذا لا يضر. وأما القول بأن لبس المخيط من محظورات الإحرام مطلقًا فإن هذا فيما هو مخيط، محيط يعني محيطًا بالبدن كله، أو نصفه أو عضو منه، هذا المراد، والمخيط الملفق؛ يعني قطعة ملفقة المحيط بالبدن، هذا هو المراد بالمخيط الذي على قدر البدن كالقميص، أو على قدر عضو منه مثل القفازين ومثل الخفين، أو على قدر النصف الأعلى مثل الفنيلة وأشباهها، أو النصف الأسفل مثل السراويل وأشباهها.

س: هل يجوز أن ألبس تحت الإحرام بالعمرة أو الحج سروالاً صغيرًا لستر العورة (¬1)؟ ج: قد أوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن المحرم لا يلبس السراويل، وإنما يلبس الإزار والرداء فقط، إذا كان رجلاً إلا إذا فقد الإزار، ولم يستطع الحصول عليه فإنه يلبس السراويل، أما ما دام المحرم عليه الإزار فإنه ليس له أن يلبس السراويل، ولو سراويل صغيرة، بل يحرم عليه ذلك. س: من المستمع: س. م. من مصر، رسالة يقول: إنني أعمل في المملكة سائقًا، وخرجت من الدمام قبل الحج، وعند الميقات أحرمت، ولكن قبل أن أدخل جدة أُجْبِرْتُ أن أحل الإحرام، ثم ارتديته مرة أخرى، واعتمرت فما حكم ما فعلت (¬2)؟ ج: عليك إطعام ستة مساكين، أو صيام ثلاثة أيام، أو ذبح شاة عن لبس المخيط، وعن غطاء الرأس مثل ذلك، إطعام ستة مساكين كل مسكين له نصف صاع من التمر أو الأرز، أو غير ذلك من قوت البلد، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (256). ') "> (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (318). ') ">

أو صيام ثلاثة أيام مجتمعة أو متفرقة، أو ذبح شاة في مكة للفقراء، أو سبع بدنة أو سبع بقرة عن لبس المخيط الثوب مثلاً، وعليك مثل ذلك عن غطاء الرأس، إن كنت غطيت رأسك؛ لكونك تعمدت ذلك وأنت تعلم أنه لا يجوز لك، لكن للأسباب التي ذكرتها. س: ذهبت لأداء فريضة الحج العام الماضي، وخرجت من الدمام حتى وصلت الميقات، وأحرمت من الميقات، وعندما وصلت إلى بيت الله الحرام خلعت ملابسي؛ أي ملابس الإحرام، وكنت نويت الحج متمتعًا، ولكنني جهلت هذا الموضوع، فقال لي أحد الزملاء: أنت آثم؛ لأنك لازم تعمل عمرة قبل أن تخلع ملابسك، أو ملابس الإحرام. وسألت بعض الإخوان، قالوا لي: تحرم من مسجد التنعيم، وتعمل عمرة. وفعلت ذلك وأديت فريضة الحج، فهل عملي صحيح؟ ج: لا حرج عليك إذا كنت ناسيًا الحمد لله، ليس عليك إثم إذا كنت ناسيًا أو جاهلاً، لا حرج عليك، وقد أحسنت أن فعلت العمرة، لكن ما يحتاج الذهاب إلى التنعيم، إذا وقع مثل هذا جهلاً أو نسيانًا يعيد

ملابس الإحرام، ويذهب إلى الكعبة ويطوف، إذا أحرم الإنسان من الميقات ثم دخل مكة، ثم خلع ثيابه جاهلاً؛ خلع ملابس الإحرام جاهلاً، ثم نُبِّهَ فإنه يلبس ملابس الإحرام في محله في بيته الذي هو فيه، ثم يذهب إلى المسجد الحرام يطوف ويسعى ويحلق، أو يقصر ولا حاجة أن يروح إلى التنعيم.

حجم حج من قدم مكة في مهمة رسمية

171 - حكم حج من قدم مكة في مهمة رسمية س: يقول السائل: ما حكم القادم للحج في مهمة رسمية يريد أن يحج أيضًا؟ بم تنصحونه (¬1) (¬2)؟ ج: إذا كان عمله لا يمنعه الحج، ومأذون له بالحج فلا بأس، وأما إن كان ممنوعًا من الحج فلا يحج، يبدأ بمهمته الرسمية ولا يحج، إذا كان مندوبًا لحاجة من ولي الأمر، أو مستأجرًا لحاجة يأتي بها قبل الحج، يؤدي الأمانة التي عليه، يبادر بأداء الحاجة التي كلف بها، أما إذا كان الأمر فيه سعة، والمنتدب له لا يؤثر فيه أن يبقى ويحج فلا بأس، يعلم هذا من المنتدب له، سواء كان ولي الأمر أو غيره، يعلم أنه يسمح له بذلك فلا بأس، وإلا فليبادر بالحاجة قبل الحج، ولا يؤخر حاجة الناس. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (260). (¬2) السؤال من الشريط رقم (260). ') ">

س: قضيت عامًا كاملاً بمكة، وجاءت فريضة الحج والحمد لله وأديت الفريضة، فهل علي فداء أو صيام؟ ج: ليس عليك حرج، ولا فدية عليك، إذا لم تترك واجبًا من واجبات الحج، ولم تفعل محرمًا من المحرمات فلا بأس عليك، ولا حرج في كونك أحرمت بالحج من مكة، إذا جئت لمكة لعمل من الأعمال، ثم بدا لك الحج بعد ذلك فلا حرج في ذلك، وهكذا العمرة، لو جئت لمكة لعمل من الأعمال، التجارة أو غيرها، ثم بدا لك أن تعتمر فإنه لا حرج عليك أن تعتمر من الحل، تخرج من مكة إلى الحل، وتعتمر من التنعيم أو غيره، هذا لا بأس به، أما الحج فلا بأس أن تحرم به من نفس مكة، إذا كنت قدمتها بغير نية الحج أو العمرة، قدمتها لعمل ثم بدا لك أن تحج فلا حرج عليك أن تحرم من مكة بالحج، وحجك صحيح إذا كملت ما يجب فيه.

حجم من مرض بعد إحرامه بالحج والعمرة

172 - حجم من مرض بعد إحرامه بالحج والعمرة س: ما حكم من مرض بعد نية العمرة والحج متمتعًا، ومرض بعد وصوله مكة، ولبس ثيابه لمرضه (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (33). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (33). ') ">

ج: حكمه أنه لا يزال في إحرامه، ما دام أحرم بالعمرة والحج ثم مرض بعد دخول مكة، حكمه أنه لا يزال في إحرامه، وعليه – إن شفاه الله – أن يطوف ويسعى، وعليه أن يزيل ملابس المخيط، ويبقى في الإزار والرداء، ثم إذا قال الطبيب: يحتاج إلى تدفئة، ويغطي رأسه، ويلبس لباسه. يعني مخيطًا فلا بأس، وعليه فدية إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام عن اللبس، وهكذا عن تغطية الرأس إذا غطاه لمرض، هذا كله إذا كان لم يستثنِ، أما إذا استثنى فقال: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني. فإنه يحل ولا شيء عليه إذا أصابه مرض منعه من أداء النسك فإنه يتحلل ولا شيء عليه؛ لأنه اشترط، والنبي عليه الصلاة والسلام قال لضباعة بنت الزبير بنت عمه الزبير، لما دخل عليها شاكية قالت: «يا رسول الله، إني أريد الحج. قال: حجي واشترطي: فمحلي حيث حبستني» (¬1) قال العلماء: معناه أنها إذا اشترطت المرأة، أو اشترط الرجل في إحرامه أن يحل حيث يُحبس، أو فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني. أو قال: فإن حبسني حابس ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين، برقم (5089)، ومسلم في كتاب الحج، باب جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض، برقم (1207).

فأنا حلال. أو ما أشبه ذلك من العبارات فإنه إذا حبسه حابس من مرض أو ضياع نفقة، أو ما أشبه ذلك مما يمنعه من الحج فإنه يحل. س: نويت العمل في المملكة، لكن الخروج من السودان لا يتم إلا عن طريق الحج، فحضرت وحججت وبقيت أطلب العمل حتى الآن، ما حكم الحج والحالة هذه؟ ج: لا بأس والحمد لله نويت الحج، ولو كان لك نية أخرى، فإذا خرج الإنسان من بلده إلى الحج أو لقصد آخر للتجارة، أو العمل أو زيارة الأقارب فالأمر في هذا واسع والحمد لله، حجك صحيح، وتسأل الله أن يسهل لك العمل النافع المفيد المباح.

حكم التحاف المحرم لاتقاء المطر والبرد

173 - حكم التحاف المحرم لاتقاء المطر والبرد س: شخص أراد العمرة، فأحرم من الميقات فصادف بردًا ومطرًا شديدًا، هل يجوز أن يلبس شيئًا على الإحرام؛ ليقيه من البرد والمطر أم لا (¬1)؟ ج: نعم، لا بأس أن يلتحف بعباءة أو شبه ذلك، أو لحاف ثخين ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (86).

بطانية أو غيرها؛ حتى تقيه البرد والمطر لا بأس، لكن لا يغطي رأسه، أما إذا كان يحتاج إلى غطاء الرأس؛ لأنه يرى أن عليه خطرًا في ذلك فإنه لا مانع أن يغطي الرأس وعليه الفدية؛ وهي إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من التمر أو غيره، أو صوم ثلاثة أيام، أو ذبح شاة؛ أحد الثلاثة هذا إذا خاف على نفسه من المضرة العظيمة إذا لم يغطِّ رأسه، أما كونه يلتحف على بدنه ببطانية أو مطرحة أو عباءة يطرحها عليه، لا يلبسها اللبس العادي، بل يطرحها عليه؛ لتوقي البرد والمطر، فلا بأس في هذا، ولا شيء فيه.

حكم لبس المحرم للمخيط عند الضرورة

174 - حكم لبس المحرم للمخيط عند الضرورة س: ماذا علي إذا اضطررت للبس مخيط في لبس الإحرام؛ لعذر شرعي كالمرض (¬1)؟ ج: إذا اضطر الإنسان ووجد عذرًا إلى لبس المخيط فلا بأس، وعليه الفدية، وهي صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، كل مسكين له نصف الصاع، من التمر أو الأرز أو الحنطة، أو ذبح شاة: جذع ضأن أو ثَنِيّ معز، تذبح في مكة للفقراء، أحد الثلاثة، إذا احتاج إلى أن يغطي رأسه ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (301).

من أجل المرض، أو يلبس المخيط للمرض فإنه يفعل هذه الكفارة.

بيان ما يجب على من تحلل من إحرامه قبل أداء العمرة

175 - بيان ما يجب على من تحلل من إحرامه قبل أداء العمرة س: في رمضان الماضي نويت أداء العمرة، فسافرت عن طريق البحر، وعند ركوب الباخرة تعطلت ثمانية أيام وقبل المكان الذي يحرم من الناس، وقمت بالإحرام، وكان معي اثنان من زملائي، وبعد نصف ساعة من الإحرام قالوا: إن الباخرة تعطلت مرة ثانية. فتحللنا من الإحرام خوفًا من أن نعود، ونحن لا نعرف شيئًا عن صحة ذلك من عدمه؛ لأنها المرة الأولى التي أعتمر فيها، لكن أحد الإخوان في الرحلة قال: إن هذا لا يصح، وإن علينا فدية. ولم يكن معي مال لأشتري فدية، فهل صحيح أن علينا فدية أم لا؟ وإذا كان علينا فدية لكل منا فأين نفدي؟ وكيف؟ نرجو الإفادة جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الواجب في مثل هذا الصبر، وأن تبقيا على إحرامكما حتى تؤديا العمرة، وإذا كنتما خلعتما ملابس الإحرام، ثم أعدتما ملابس الإحرام ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (211).

لما سارت الباخرة، وأديتما العمرة فليس عليكما شيء؛ لأن خلعكما الملابس ولبس المخيط صدر عن جهل فيعفى عنكما، إذا كنتما أديتما العمرة، ولم تتركاها، أما إذا كنتما لم تؤديا العمرة، واستمررتما في التحلُّل فإن عليكما تعيدا ملابس الإحرام، وتتوجها إلى مكة لأداء العمرة التي أنتم محرمون بها سابقًا، ويكفي ذلك والحمد لله، ولا شيء بسبب الجهل، إلا إذا كنتما جامعتما زوجاتكما فعليكما شاة لكل منكما؛ لأنها تفسد العمرة بالجماع قبل الطواف والسعي، فعليكما شاة تذبح بمكة للفقراء، وعليكما أن تكملا العمرة بالطواف والسعي والتقصير، وعليكما أن تأتيا بعمرة أخرى بدلاً من العمرة الفاسدة من المكان الذي أحرمتما منه في الأول؛ لأن الجماع يفسد العمرة، فتكملا العمرة التي أحرمتما بها وتفديا، أما لبس المخيط والطيب الذي فعلتما فهذا لا شيء فيه؛ لأجل الجهل، فعليكما أن تكملا ما وقع منكما، وتسألا أهل العلم عن أمركما، وأنتما على خير إن شاء الله، والتوبة تَجُبُّ ما قبلها، وليس للعبد أن يسكت على جهل، بل عندكم – الحمد لله – العلماء، عندكم أنصار السنة، وعندكم علماء الأزهر، وعندكم المفتي، فسألوهم عما أشكل عليكما والحمد لله، وقد أوضحنا لكما بعض ما يجب، وإذا خفي عليكما شيء من ذلك فراجعا مَن لديكما من أهل العلم والبصيرة في هذا الباب، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

بيان ما يجب على من ارتكب محظورا من محظورات الإحرام

176 - بيان ما يجب على من ارتكب محظورًا من محظورات الإحرام س: إذا ارتكبت شيئًا من محظورات الإحرام، وفديت بذبح شاة فهل يلزمني نقله لتوزيعه على فقراء الحرم، أم أعطيها مَن هم حولي حال ذبحها (¬1)؟ ج: هذا يختلف: إن كان فعل المحظور في الحرم وجب توزيعها على فقراء الحرم، فأما إن كان في خارج الحرم فيوزع في مكانه على مَن عنده على حسب الحال، فلو أنه أحرم من ميقات المدينة، واحتاج إلى حلق رأسه لمرض، أو إلى غطاء الرأس لمرض، وهو في بدر مثلاً فإنه يغطي رأسه لبردٍ شديدٍ أو مرض، ويقسم الكفارة على مَن عنده من الفقراء، وإن أخرها حتى يقسمها في مكة كفى ذلك، والفدية في مثل هذا: إطعام ستة مساكين ثلاثة أصواع؛ كل صاع بين اثنين من التمر ونحوه، أو صيام ثلاثة أيام، أو ذبح شاة، الطيب وتغطية الرأس وقلم الأظفار ونتف الإبط هذه الخمسة فيها واحد من هذه الثلاثة: صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين؛ كل مسكين نصف صاع من التمر أو نحوه من قوت البلد، أو ذبح شاة، مخير، وإذا كان فعل ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (44).

محظورًا خارج الحرم، مثل بدر لمن أحرم من ميقات المدينة، أو أشباه ذلك في ينبع فإنه يقسمه عنده، وإن أخره حتى يقسم الطعام أو الذبيحة في مكة كفى، أما إذا كان المحظور فعله في الحرم فيقسمه في الحرم.

حكم الصيد للمحرم

177 - حكم الصيد للمحرم س: يسأل عن حكم صيد الطيور في الأشهر الحرم (¬1). ج: الصواب أن الأشهر الحرم لا يحرم فيها الصيد، وإنما الصيد يحرم على المحرم في الحج أو العمرة، أو في أرض الحرم المكي أو المدني، أما أشهر رجب وذي القعدة وذي الحجة والمحرم، فهذه لا يحرم فيها الصيد، وقد اختلف العلماء: هل يحرم فيها القتال أو لا؟ وأما الصيد فلا يحرم. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (345).

حكم من قتل صيدا وهو محرم من غير تعمد

178 - حكم من قتل صيدًا وهو محرم من غير تعمد س: أثناء سيري بسيارتي داخل منطقة الحرم، وأنا محرم اعترضني سرب من الحمام، فاصطدمت إحداهن بسيارتي وماتت، فهل علي من شيءٍ في هذا (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (44).

ج: هذا فيه نظر، إذا كنت تعمدت ذلك – وطِئتها وطًا – هذا فيه كفارة، وهي شاة تذبح، وإن كان لا، إنما هي صدمت فيك، الطير صدمت في السيارة فلا شيء عليك، أما كونك وطئتها؛ يعني تعمدت صدمها فعليك الكفارة.

بيان ما يجوز قتله في الحرم من الدواب

179 - بيان ما يجوز قتله في الحرم من الدواب س: الأخ: س. ص. و. من العراق، محافظة واسط، يسأل عن الأشياء التي يقتلها المحرم (¬1) (¬2). ج: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «خمس من الدواب كلهن فواسق، يقتلن في الحل والحرم: الغراب والحدأة والفأرة والعقرب والكلب العقور» (¬3) وفي رواية أخرى: «والحية» (¬4) وفي رواية ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (161). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (161). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب ما يقتل المحرم من الدواب، برقم (1828)، ومسلم في كتاب الحج، باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب، برقم (1199). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب، برقم (1200).

أخرى: «والسبع العادي» (¬1) هذه وأشباهها تقتل في الحل والحرم: الغراب والحدأة والفأرة والحية والعقرب والكلب العقور، وهكذا السباع كالذئب والأسد والنمر ونحو ذلك، وهكذا الحشرات التي تؤذي كالبعوض والذباب ونحو ذلك مما يؤذي، كل ذلك لا حرج فيه على المحرم والحلال، في الحل والحرم. س: من أم عامر من المخبر رسالة ضمنتها هذا السؤال: يوجد في منزلنا كثير من النمل، وهو مؤذٍ ولدغاته مؤلمة، ولا تشفى إلا بعد معالجتها بالمطهرات، وأحيانًا بعد تطهيرها يبقى أثر الألم لمدة يوم كامل، وأحيانًا أكثر من ذلك، والسؤال: هل يجوز لنا قتل هذا النمل؟ وهل هذا الضرر الذي يسببه نا كافٍ للقضاء عليه؟ ج: نعم، إذا آذاكم هذا النمل فاقتلوه ولا بأس، ولكن بغير النار، بغير التحريق، يقتل بالمبيدات الأخرى غير النار ولا حرج في ذلك لأذاه، ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (10607)، وأبو داود في كتاب المناسك، باب ما يقتل المحرم من الدواب، برقم (1848)، وابن ماجه في كتاب المناسك، باب ما يقتل المحرم، برقم (3089).

كما تقتل الفواسق الخمس لأذاها، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «خمس من الدواب كلهن من الفواسق، يقتلن في الحل والحرم، الغراب والحدأة والفأرة والكلب العقور والحية» (¬1) ومثل الحية العقرب، المقصود أن المؤذيات من الحيوانات كهذه الخمس وأشباهها، والذباب والعقرب والنمل، كل شيء يؤذي من هذه الأشياء لا بأس بقتله. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب ما يقتل المحرم من الدواب، برقم (1828)، ومسلم في كتاب الحج، باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب، برقم (1199).

حكم قطع الشجر في الحرم لنصب الخيام

180 - حكم قطع الشجر في الحرم لنصب الخيام س: أعرف أن الشجر داخل منطقة الحرم لا يجوز قطعه، ولكن أحيانًا حينما نريد نَصْبَ خيامنا يعرض لنا بعض الأشجار الصغيرة، فنضطر لقطعها حتى نقيم الخيمة في مكان نظيف ومريح، فهل علينا من إثم في ذلك (¬1) (¬2)؟ ج: لا يجوز القطع، ليس لك القطع ولو للخيمة، الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وقال: «ولا يعضد شجرها، ولا ينفر صيدها» (¬3) ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (44). (¬2) السؤال من الشريط رقم (44). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب لا ينفر صيد الحرم، برقم (1833)، ومسلم في كتاب الحج، باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقتطها، برقم (1355).

يعني الحرم، ولكن يلتمس للعمود ما يناسبه من الأرض من غير قطع، والشجر يكون ظلاًّ، المقصود يبقى على حاله، لا يقطع شجرًا لأجل الخيمة، وإذا كان فيه شوك أو شبهه يُفرَش عليه فراش، أو يجعل عليه من الرمل أو التراب، ويغطيه حتى لا يتأذى به؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينفر صيدها، ولا يعضد شوكها، ولا يختلى خلاها» (¬1) س: لقد ذهبت والدتي إلى الحج في السنة الماضية، وخلال الإحرام نسيت واقتلعت بعض الشجيرات، هل يجوز حجها؟ وماذا يجب عليها الآن أن تفعل؟ أرجو الإفادة وفقكم الله. ج: الله جل وعلا حرم قلع شجر الحرم على المحرم وغير المحرم، ما دخلت في الحدود في الحرم، فإنه لا يعضد شجره ولا يختلى خلاه، كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، فإن كانت هذه الحاجة المسؤول عنها قد اقتلعت من نفس الحرم، ما دخل في الحدود فهذا لا يجوز، وعليها التوبة إلى الله جل وعلا، والاستغفار، ولا شيء عليها في أصح ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، برقم (2434)، ومسلم في كتاب: الحج، باب: تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقتطها، برقم (1355).

قولي العلماء، ليس عليها فدية، وإنما عليها التوبة والاستغفار إذا كانت متعمدة، أما إذا كانت جاهلة أو ناسية فلا شيء عليها، أما إن كان قلع الشجر من عرفات وفي يوم عرفة مثلاً فعرفات ليست حرمًا، بل هي حل ولا شيء في قطع شجرها، وإنما الحرم مزدلفة ومنى ومكة، هذا الحرم، فلا يقطع شجرها، ولا يختلى حشيشها الأخضر، ولا ينفر صيدها، ولا يقتل صيدها، أما ما كان في عرفات فهذا ليس بحرم، يجوز قلع الشجر من عرفات للمحرم والحلال جميعًا، وهكذا المحرم له أن يقطع الشجر في غير الحرم في عرفات، في جدة، في بحرة، في أي مكان غير الحرم، ولو كان محرمًا، إنما يحرم عليه الصيد، والشجر ما هو بصيد، المحرم له أن يقتطع الشجر، إذا نزل منزلاً في البر بعد إحرامه له أن يقطع ما يكون في منزله من شجرات تؤذيه، أو حشيش يؤذيه لا بأس، إنما الذي يحرم عليه الصيد، كالظباء والأرانب والحبارى، الصيد من حيث هو لا يحل للمحرم أن يصيد الصيد ولا ينفره ما دام محرمًا، ولو كان في غير الحرم، أما إذا كان في داخل الحرم فإنه يحرم عليه الصيد: للحرم والإحرام جميعًا، فيصير محرمًا لأمرين: للحرم وللإحرام جميعًا، أما الشجر في الحرم فيحرم على المحرم والحلال جميعًا، شجر الحرم يحرم على المحرم، ويحرم على الحاج

جميعًا، لا يقطع الشجر ولا يختلى الخلا، إذا كان الحشيش أخضر سواء كان محرمًا أو حلالاً، وبهذا يعلم جواب السائل عن المرأة التي قطعت شجرات، إن كان ذلك في الحرم فعليها التوبة والاستغفار، ولا شيء عليها، وهي في الغالب جاهلة أو ناسية، فلا يضرها ذلك، وليس عليها فدية في أصح قولي العلماء، أما إن كانت الشجرة قد قطعتها من عرفات، أو قبل عرفات في مكان ليس من الحرم فلا شيء عليها.

بيان حقيقة مقام إبراهيم وحجرإسماعيل عليهما السلام

181 - بيان حقيقة مقام إبراهيم وحجر إسماعيل عليهما السلام س: ما هي قصة مقام إبراهيم وحجر إسماعيل عليهما الصلاة والسلام (¬1)؟ ج: مقام إبراهيم حجر كان يقوم عليه يبني، فلما فرغ جعله تحت جدار الكعبة، فلما بُعِثَ النبي صلى الله عليه وسلم أُمِرَ بأن يصلي خلفه، أمره الله، قال: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}. وكان قرب الكعبة، فأخره عمر في المكان المعروف، المقصود أنه حجر كان يقوم عليه إبراهيم للبناء عليه الصلاة والسلام، هذا مقام إبراهيم. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (369).

أما الحجر فهذا قطعة من الكعبة، لما عمرت قريش الكعبة قصرت بهم النفقة، فأخرجوا بعض البيت، وكانت قريش جمعت أموالاً كثيرة من أكساب طيبة، وأبعدت عن النفقة الأكساب الخبيثة؛ كمهر البغي والربا ونحو ذلك، وجمعوا أكسابًا طيبة لبناء الكعبة، قصرت بهم النفقة، فأخرجوا الحجر ومعظمه وأكثره من الكعبة من عند المنحنى نحو سبعة أذرع، هذا من الكعبة، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: «صلي في الحجر؛ فإنه من البيت» (¬1) أما قول بعض الناس: إن فيه أمواتًا، وإن إبراهيم مدفون فيه. أو ما أشبه ذلك، هذا كله باطل، ليس فيه أموات؛ لا إسماعيل ولا غيره، هذه من خرافات الإسرائيليين وبعض التواريخ التي لا تبالي، فالحجر ليس فيه أموات، والمسجد ليس فيه أموات. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عائشة رضي الله عنها، برقم (24095)، وأبو داود في كتاب المناسك، باب الصلاة في الحجر، برقم (2028)، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء في الصلاة في الحجر، برقم (876).

بيان تحية المسجد الحرام

182 - بيان تحية المسجد الحرام س: هل تحية دخول المسجد الحرام هو الصلاة؛ صلاة ركعتين أم الطواف (¬1)؟ ج: تحيته الطواف لمن تيسر له الطواف، أما من لم يتيسر له الطواف فإنه يصلي ركعتين ويجلس، أما إذا تيسر الطواف فهو الأفضل، يبدأ بالطواف، النبي كان إذا دخل المسجد بدأ بالطواف عليه الصلاة والسلام، فإذا تيسر ذلك يستحب له أن يبدأ بالطواف سبعة أشواط، ثم يصلي ركعتين؛ ركعتي الطواف، وتكفي عن تحية المسجد، وإن كان هناك راتبة كالظهر صلى الرواتب بعدها، صلى راتبة الظهر قبل الصلاة بعد ركعتي الطواف، يصلي الراتبة إذا كان طوافه قبل الظهر بعد الأذان طاف، ثم صلى ركعتي الطواف، ثم يصلي الراتبة تسليمتين للظهر. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (417).

حكم من طاف للوداع ثم بات في مكة

183 - حكم من طاف للوداع ثم بات في مكة س: بالنسبة للطواف، لو طاف طواف الوداع، وبات في مكة هل يلزمه أن يعيد الطواف، أو يخرج من دون إعادة (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (4). (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم (4). ') ">

ج: إذا طاف في أول الليل وبات، الأولى له أن يعيد الطواف خروجًا من خلاف العلماء، ينبغي أن يعيد الطواف، فإن تجهز وخرج لا شيء عليه إن شاء الله. س: قدمت إلى مكة ولم آخذ عمرة؛ لأنني أخذت عمرة في هذه السنة أكثر من مرتين، ولكني أتيت إلى البيت وطفت به، ثم خرجت من مكة وعدت إليها في أقل من أسبوع، وبت فيها ثم خرجت منها ولم أطف بالبيت، علمًا أن طوافي الزيارة الأولى كان واحدًا بنية الزيارة وطواف الوداع، وإنني لم أطف هذه المرة؛ لأنني في نيتي أن أعود إلى مكة مرة أخرى في نفس الأسبوع، أفيدونا وفقكم الله. ج: العمرة مثل الحج، إنما تجب مرة في العمر، فإذا اعتمر مرة في العمر كفاه ذلك، وصارت العُمَرُ الباقية كلها سنة، كلها نافلة، فإذا أراد المجيء إلى مكة؛ لزيارة أحد أو تجارة أو حاجة أخرى فهو مخير؛ إن شاء أحرم من الميقات، إذا مر عليه كالذي يأتي من الطائف، يحرم من ميقات الطائف، أو يأتي من نجد يحرم من ميقات الطائف، ميقات أهل

نجد، أو من المدينة يحرم من ميقات المدينة، إن أحب ذلك هو أفضل، وإن لم يحرم فلا حرج عليه؛ لأنه ما جاء للعمرة، إنما جاء لحاجات أخرى، فإن شاء أحرم ونوى العمرة وأدى مناسكها من طواف وسعي وتقصير، وإن لم يرد العمرة بأن أراد الدخول بدون إحرام؛ لأنه جاء للتجارة، أو لزيارة بعض الأقارب فلا حرج عليه، لكن متى نوى العمرة فلا بد من الإحرام، ما دام أراد العمرة فليس له أن يتجاوز الميقات إلا بإحرام، فإذا أحرم يؤدي مناسك العمرة من الطواف والسعي والحلق أو التقصير، أما إذا دخل بدون نية العمرة فهو مخير؛ إن شاء أتى البيت وطاف، وإن شاء ترك، إن طاف فلا بأس، وإن ترك فلا بأس، وليس للعمرة حد محدود، لو اعتمر مرتين في الشهر أو ثلاثًا أو مرتين في السنة، أو عشر مرات في السنة كله ليس فيه تحديد، ليس للعمرة حد محدود، أما قول بض العامة: إنه لا بد أن يكون بين العمرتين أربعون يومًا. هذا لا أصل له، ليس لهذا حد محدود.

بيان فضل ماء زمزم

184 - بيان فضل ماء زمزم س: ورد أن ماء زمزم لِمَا شُرِبَ له، فهل يلزم أن يُقْرَأَ فيه شيء من القرآن ويشربه المريض، أو نكتفي بشربه بدون قراءة (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (435).

ج: ماء زمزم شفاء لما شرب له من غير حاجة إلى القراءة، يقول صلى الله عليه وسلم: «إنها مباركة، إنها طعام طعم، وشفاء سقم» (¬1) فالشرب منها والاغتسال منها، كل ذلك من أسباب الشفاء والعافية، ويروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ماء زمزم لما شُرب له» (¬2) لكن في سنده ضعفًا، ولكن الثابت أنه قال صلى الله عليه وسلم «إنها مباركة، إنها طعام طعم، وشفاء سقم». والنبي صلى الله عليه وسلم لما فرغ من طوافه يوم العيد، يوم النحر أتاها، وشرب عليه الصلاة والسلام. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي ذر رضي الله عنه، برقم (2473)، دون لفظهوشفاء سقم ورواه الطيالسي في مسنده برقم (1357)، والبيهقي في السنن الكبرى، باب سقاية الحج والشرب برقم (944). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث جابر رضي الله عنه، برقم (14435)، وابن ماجه في كتاب المناسك، باب الشرب من زمزم، برقم (3062).

حكم نقل ماء زمزم

185 - حكم نقل ماء زمزم س: السائلة: ح. من القصيم، تقول: هل صحيح بأن نقل ماء زمزم من مكانه إلى مكان آخر يذهب بذلك أثر هذه الماء، وتنقص

قيمته (¬1)؟ ج: ليس بصحيح، ماء زمزم على بركته، وعلى ما فيه من الخير، ولو نقل إلى الشام واليمن أو أمريكا، هو ماء زمزم، ماء مبارك، سواء شرب في مكة، أو نقل إلى أمريكا، أو إلى نجد أو إلى الشام، أو إلى أي مكان، فضله وما فيه من نفع موجود وإن نُقِلَ. ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (405).

حكم من هم بمعصية في مكة المكرمة

186 - حكم من هم بمعصية في مكة المكرمة س: يسأل المستمع: ع. ف. غ. ويقول: ما حكم من هَمَّ بمعصية في مكة المكرمة، ولكنه لم يفعلها؟ هل يعد كمن فعلها؟ وهل للإقامة في مكة المكرمة والمدينة المنورة آداب وأحكام خاصة بهما (¬1)؟ ج: مَن هم بالمعصية في الحرم الشريف المكي استحق العقاب، هذا شيء خاص بالحرم المكي؛ لأن الله يقول سبحانه: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}. هذا وعيد شديد يدل على أنه إذا هَمَّ بالمعصية، ولو لم يفعل يستحق العقاب، فالواجب الحذر على مَن ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (267).

كان في مكة، وهكذا في المدينة يجب الحذر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حرم المدينة كما حرم إبراهيم مكة، فالواجب الحذر من المعاصي كلها، والهَمِّ بها والعزم عليها، أما في غير مكة والمدينة فالهَمُّ لا يؤاخذ به، إذا هَمَّ بالسيئة فلم يعملها لا تكتب عليه، وإن عملها كتبت سيئة واحدة، وإن تركها من أجل الله كتبت حسنة، كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالإنسان إذا هم بالسيئة في أي مكان غير مكة والمدينة له ثلاث حالات؛ إحداها: يهم بالسيئة ثم يتركها تشاغلاً عنها، هذا ليس عليه شيء. الثانية: يهم بها ثم يدعها لله خوفًا من الله، فهذه تكتب له حسنة. الثالث: هَمَّ بها وعمل ما استطاع من الفعل السيِّئ، فهذا يؤاخذ بذلك؛ للحديث الصحيح للرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار قيل: يا رسول الله، هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: لأنه كان حريصًا على قتل صاحبه» (¬1) يعني قد فعل أشياء، فهذا الإنسان إذا هَمَّ بالسيئة، وهتك الحل وحاول أخذ المال يأثم بهذه الأشياء؛ لأنها كلها محرمة عليه. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الديات، باب قول الله تعالى (وَمَنْ أَحْيَاهَا)، برقم (6875)، ومسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب إذا تواجه المسلمان بسيفيهما، برقم (2888).

بيان آداب الجوار في مكة والمدينة

187 - بيان آداب الجوار في مكة والمدينة س: المستمع يسأل ويقول: هل للإقامة في مكة المكرمة والمدينة المنورة آداب وأحكام خاصة بهما (¬1) (¬2)؟ ج: نعم، يجب على من أقام بهما أن يحذر المعاصي والسيئات، أكثر من حذره في غيرهما، يجب على من أقام بهما أن يحذر المعاصي والسيئات أكثر من الحذر لو أقام في غيرهما؛ لأن سيئاتها عظيمة وإثمها أكبر، وإن كانت السيئة بواحدة في كل مكان، لكن سيئة في مكة أعظم في الإثم من سيئة في الطائف، أو الرياض أو أبها، أو أمريكا أو غير ذلك، وحسنة في مكة أعظم من حسنة في غيرها، تضاعف وهكذا في المدينة تضاعف إلى أضعاف كثيرة في الكم والكيفية، لكن السيئة تضاعف بالكيفية، لا في الكم، السيئة في مكة والمدينة تضاعف من جهة الكيفية، من جهة عظم الإثم لا من جهة التعدد، السيئة واحدة، ويشرع لمن أقام في المدينة أو مكة الإكثار من الحسنات والواجب عليه أن يحذر السيئات، وأن يحرص على البعد عنها والسلامة من أسبابها. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (267). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (267). ') ">

س: ماذا على من يسكن في حرم المدينة؟ وما هي حدوده بالتحديد؟ جزاكم الله خيرًا. ج: عليه أن يحذر ما حرم الله عليه في الحرم من صيد، وقطع شجر، ونحو ذلك، كما أن عليه الحذر من المعاصي والبدع كلها، في الحرم وفي غيره، لكن ما كان خاصًا بالحرم من الصيد وغير ذلك يحذره، في حرم المدينة وحرم مكة، كما أن عليه أيضًا أن يحذر المعاصي كلها؛ لأنها في الحرم إثمها أكبر، في حرم المدينة وحرم مكة، فالواجب أن يكون حذره منها أشد من حذره في بقية الأماكن، وأن يراقب الله في ذلك، وعلى سكان المدينة وسكان مكة الحذرُ غايةً من المعاصي؛ لأن إثم المعاصي في مكة والمدينة أشد من إثمها في الطائف أو في نجد أو في الشام، أو في غير ذلك، الواجب على سكان الحرمين أن يتقوا الله غاية، وأن يحذروا ما حرم الله عليهم، وأن يحاسبوا أنفسهم حتى لا يقعوا فيما حرم الله، فإن المعصية فيه عظيمة وشديدة، وإثمها أكبر من فعلها في غير الحرمين، كما أن الحسنة تضاعف في الحرمين، لها مزية وفي المسجدين لها مزية، فينبغي الإكثار من الطاعات في الحرمين، والاستكثار من أعمال الخير، والحذر كل الحذر من جميع المعاصي. أما حدود الحرم المدني فهي موجودة، إذا أراد أن يعرفها يسأل عنها ويقف عليها.

بيان حدود حرم المدينة النبوية

188 - بيان حدود حرم المدينة النبوية س: يقول: ع. من الرياض: نرجو من سماحة الشيخ توضيحًا مفصلاً لحدود حرم المدينة النبوية، حيث اتسعت رقعة العمران، ولا يدري بعض سكان المدينة، أهو داخل الحرم أم خارجه (¬1)؟ ج: النبي صلى الله عليه وسلم حددها، فقال: «ما بين عير إلى ثور» (¬2) عير في جهة، وثور في جهة، وفي بعضها: «ما بين لابتيها» (¬3) وقد بلغني أنه قد وضعت حدود الآن، توضح الحرم: حرم المدينة، وفي الإمكان سؤال العلماء في المدينة، وفي حين وجودي في المدينة في الجامعة كان هناك اهتمام بوضع الحدود اللازمة، ولعلها وضعت. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (393). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الفرائض، باب إثم من تبرأ من مواليه، برقم (6755)، ومسلم في كتاب الحج، باب فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة، وبيان تحريمها وتحريم صيدها وشجرها، وبيان حدود حرمها، برقم (1370). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب لابتي المدينة، برقم (1873)، ومسلم في كتاب الحج، باب فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة، وبيان تحريمها وتحريم صيدها وشجرها، وبيان حدود حرمها، برقم (1372).

حكم زيارة المسجد النبوي الشريف

189 - حكم زيارة المسجد النبوي الشريف س: يقول هذا السائل: يعتقد كثير من الحجاج – سماحة الشيخ – أن من تمام الحج وكماله زيارة المسجد النبوي الشريف، وإن لم يزره لم يكن قد حج (¬1) (¬2)؟ ج: هذا غلط ليس من شروط الحج ولا من واجباته، ولا سننه زيارة المدينة، زيارة المدينة سنة مستقلة، يستحب زيارة المدينة والمسجد النبوي، والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم من بلده رأسًا إلى المدينة، ولو ما جاء للحج إذا كان قد حج، المقصود أن زيارة المسجد النبوي ليس مربوطًا بالحج، لكن الغالب أنه أسهل على الناس، إذا جاءوا للحج سهل عليهم زيارة المسجد النبوي، وإلا فليس شرطًا، لو حج وذهب إلى وطنه فلا نقص عليه والحمد لله، لكن إذا زار المسجد النبوي يكون أفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» (¬3) فالسنة زيارة المسجد النبوي إذا تيسر ذلك، وإذا ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (422). (¬2) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (422). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم يوم النحر، برقم (1189)، ومسلم في كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، برقم (1397).

زار المسجد صلى فيه وسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى صاحبيه رضي الله عنهما، وسلم على أهل البقيع وعلى الشهداء، واستحب أيضًا أن يزور مسجد قباء ويصلي فيه، كل هذا سنة، لكن ما هو شرط مع الحج، لو في غير الحج، لو جاء بسفر مستقل، وإذا جاء للحج ثم زار المدينة خير إلى خير. س: سماحة الشيخ حفظكم الله، ألا ترون أن بعض العلماء الذين صنفوا في كتب المناسك يكتبون بفضل زيارة المسجد النبوي، ألا ترون يا سماحة الشيخ أن هذا من أسباب فهم الحجاج. ج: لأن هذا أسهل على الناس، يأتون إلى الحج من الشام أو من اليمن، أو من جهة بعيدة أسهل عليهم يزورون المدينة؛ لأن قصد المدينة بسفر مستقل قد لا يتيسر لهم، لكن إذا جاؤوا إلى الحج كان زيارة المسجد النبوي أيسر؛ ولهذا ذكر العلماء الزيارة في أبواب الحج في كتاب الحج؛ لأجل أن الزيارة أسهل على الحجاج، إذا جاؤوا إلى مكة ما بقي عليهم إلا مسافة قصيرة، ويأتون المسجد النبوي، هذا السبب وإلا ليس مربوطًا بالحج، أما حديث: «من حج ولم يزرني فقد

جفاني» (¬1) فحديث ضعيف غير صحيح موضوع. ¬

(¬1) أورده ابن الجوزي في الموضوعات (2/ 217)، وابن عدي في الكامل (2/ 66)، برقم (1128).

حكم من اعتقد أنه لا يتم الحج إلا بزيارة المدينة النبوية

190 - حكم من اعتقد أنه لا يتم الحج إلا بزيارة المدينة النبوية س: هل الحج لا يصح إلا بزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك السلام عليه (¬1)؟ ج: الحج مستقل، ما يتعلق بالزيارة، ولا يربط بالزيارة، والحج إذا أداه المؤمن كما شرعه الله تمَّ حجه، ولا يلزمه شيء، أما زيارة المدينة والصلاة في المسجد النبوي فهي سنة نافلة، مَن زاره فله أجر، ومن ترك فلا شيء عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: للمسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» (¬2) وقوله: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام خير من مائة صلاة في مسجدي هذا» (¬3) ودل هذا على أن الزيارة سنة، فيها مضاعفة للصلاة، ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (363). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم يوم النحر، برقم (1189)، ومسلم في كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، برقم (1397). (¬3) أخرجه البيهقي في سننه، كتاب الحج، باب فضل الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (10577).

ولكن ليست واجبة، فالواجب إتيان المسجد الحرام للحج والعمرة، هذا هو الواجب مرة في العمر، إذا حج مرة، واعتمر مرة سقط عنه الواجب وزيارة المسجد النبوي سنة، وإذا أتى المسجد الحرام للحج والعمرة مرات كثيرة هذا سنة، تزور المسجد النبوي مرات، وللحج مرات، وللعمرة مرات، هذا شيء مطلوب ومشروع، وهكذا زيارة المسجد النبوي، إذا زاره للصلاة فيه والقراءة والتعبد مشروع، وإن تكرر هذا، والمسجد الأقصى تزوره، وإن تكرر، هذا بنية الصلاة فيه؛ لأن الصلاة بخمسمائة صلاة في مسجد القدس، كل هذه سنة، وزيارتها وإن تكررت كثيرًا، لكن الواجب زيارة المسجد الحرام للحج والعمرة فقط، هذا هو الواجب مرة في العمر، الحج مرة، والعمرة مرة، والبقية كلها نافلة، هذا الحج مرة واحدة، والعمرة الزائدة عن المرة نافلة، وزيارة المسجد النبوي نافلة، وزيارة المسجد الأقصى نافلة، ليس فيه فرق إلا إذا نذر، قال: أنذر لله أني أصلي في المسجد النبوي، تكون واجبة؛ حتى يؤدي النذر، أو: عليَّ أن أصلي في المسجد الأقصى. يكون واجبًا، أو نذر أن يصلي في المسجد الحرام، يكون واجبًا إذا نذر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه» (¬1) ولا شك أن الصلاة في المسجد النبوي طاعة، والمسجد ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب النذر في الطاعة، برقم (6696).

الأقصى طاعة، فلا بأس أن يؤدي الناذر ما نذر له، وإن لم يستطع يُكَفِّرْ. أما لو قال: لله علي أن أصلي ركعتين في مسجد قباء. أو: في مسجد دمشق. غير المسجد الأقصى، لا يجب عليه، وليس عليه شد الرحال؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا؛ شد الرحل، في أي مسجد يصلي يكفي ذلك، ولكن إذا خص الثلاثة يلزمه شد الرحل، إذا خص الثلاثة: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «من نذر أن يطيع الله فليطعه» (¬1). وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» (¬2) فلو نذر الصلاة في أي مكان لم يلزمه الوفاء في ذلك المكان أو الصوم إلا في هذه الثلاثة: المسجد الحرام، ومسجد النبي، والمسجد الأقصى. ¬

(¬1) صحيح البخاري الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ (6700)، سنن الترمذي النُّذُورِ وَالْأَيْمَانِ (1526)، سنن النسائي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ (3808)، سنن أبي داود الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ (3289)، سنن ابن ماجه الْكَفَّارَاتِ (2126)، مسند أحمد (6/ 36)، موطأ مالك النُّذُورِ وَالْأَيْمَانِ (1031)، سنن الدارمي النُّذُورِ وَالْأَيْمَانِ (2338). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم يوم النحر، برقم (1189)، ومسلم في كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، برقم (1397).

حكم من اعتقد قدسية غار حراء وغار ثور

191 - حكم من اعتقد قدسية غار حراء وغار ثور س: بعض الإخوة الذين يفدون على المملكة يقولون: إن جميع ما في المدينة من المزارات، أو في مكة – يقولون: – إنها أماكن مقدسة. وأيضًا يزورون مثلاً غار حراء وغار ثور، وجبل الرحمة،

يقولون: إنها أماكن مقدسة (¬1). ج: هذا غلط، ليست هذه أماكن مقدسة، ولا يقال في غار ثور ولا في حراء، أو بيت فلان: إنه مكان مقدس؛ لأن الرسول ما قدسه صلى الله عليه وسلم، لما أنزل الله عليه النبوة لم يزر حراء بعد ذلك، ولم يصل في حراء بعد ذلك، ولم يدعُ إلى زيارته، ولا زاره الصحابة، فدل ذلك على أنه غير مقدس، ولا يزار حتى غار ثور، ما زاره بعد ذلك، ولا زاره الصحابة، فدل على أنه غير مقدس، ولا يزار ولا يستحب أن يزار، كذلك المدينة؛ إنما يُزار فيها مسجده صلى الله عليه وسلم، يصلى فيه وهكذا مسجد قباء، يصلى فيه، وهكذا البقيع يزار الموتى للسلام عليهم للرجال خاصة، وهكذا شهداء أحد يستحب أن يزاروا للسلام عليهم، والدعاء لهم من الرجال، لكن ما يقال للمقابر: إنها مقدسة؛ لأن هذا لا دليل عليه، ولكن تزار للدعاء لأهلها، والترحم عليهم، وأخذ العبرة والذكرى، والقبور فيها عبرة وذكرى، فالمسلم يزورها للسلام عليهم، والدعاء لهم، والتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في ذلك، ولكن لا يزورها الإنسان للدعاء عندها، أو يصلي عندها، هذا منكر، ولا ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (39).

يزورها أيضًا ليقرأ عندها، هذا غير المشروع، ولكن يزورها للسلام عليهم والدعاء لهم في البقيع في المدينة، في شهداء أحد في المدينة، والمعلاة في مكة، وسائر القبور في البلد يزورها المسلم للسلام عليهم والدعاء لهم، لكن بدون شد رحل، لا تشد لها الرحال، إنما يزورها إذا كان في بلدها هذا هو المشروع، والنساء لا يزرن القبور؛ لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لعن زائرات القبور؛ ولأنهن فتنة، وصبرهن قليل، فمن حكمة الله أن نهاهن عن زيارة القبور، وحرم عليهن ذلك، وليس في المدينة أشياء تزار غير ما عرفت، أما الآبار والجبال والمساجد الأخرى فلا تشرع زيارتها، وليست زيارتها عبادة، إنما الذي يزار في المدينة أربعة أشياء: مسجد النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه والقراءة والدعاء، ومسجد قباء للصلاة فيه كما عمله النبي صلى الله عليه وسلم، وقبور البقيع للسلام عليهم والدعاء لهم، وشهداء أحد للدعاء لهم والسلام عليهم. وهكذا بقية القبور في أي مكان تزار من دون شد رحل للذكرى والعظة، أما الموالد فلا تزار وليست مقدسة، والمولد محل المولد لفلان أو فلان، كالنبي صلى الله عليه وسلم، أو عليٍّ أو غير ذلك لا يشرع زيارتها، ولا موالد غيرهم من الناس، يعني المولد لا تشرع زيارة محله، لا النبي صلى الله عليه وسلم، ولا علي ولا

العباس ولا فاطمة، ولا غيرهم؛ لأن هذا ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه، فدل ذلك على أنه بدعة، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» (¬1) وقال عليه الصلاة والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (¬2) فعلى المسلم أن يتحرى الشرع، ويأخذ به ويدَع ما خالف ذلك في أي مكان، هذا هو طريق النجاة، وهذا هو سبيل السعادة، وهذا هو الذي قاله أهل العلم وأهل البصيرة. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأقضية الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأقضية الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

حكم من حج ولم يزر المسجد النبوي

192 - حكم من حج ولم يزر المسجد النبوي س: السائل ي. ع. بعث برسالة يقول في أحد أسئلتها: إذا أدى الإنسان فريضة الحج على أكمل وجه، ولم يزر قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يذهب إلى المدينة المنورة، هل عليه إثم في ذلك (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (303).

ج: ليس عليه إثم، فالحج مستقل والزيارة مستقلة، وليس من شرط الحج الزيارة، ولا من أركانه ولا من واجباته، فإذا حج ولم يزر المدينة ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم فلا شيء عليه، حجه صحيح، ولكن يستحب أن يزور المدينة، وأن يصلي في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في أي وقت، يستحب أن يزور المدينة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام» (¬1) ثم قال صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» (¬2) ويستحب أن يزور المسجد النبوي، ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى صاحبيه: الصديق وعمر، ويزور قباء يصلي ركعتين في مسجد قباء، ويزور البقيع ويسلم على أهل القبور، وهكذا الشهداء في أحد، ويسلم عليهم، كل هذا سُنة، لكن تشد الرحال من أجل المسجد، ويشد الرحل بالنية للمسجد، ثم إذا وصل للمدينة سلم ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل الصلاة في مسجد مكة والمدينة، برقم (1190)، ومسلم في كتاب الحج، باب فضل الصلاة في مسجدي مكة والمدينة، برقم (1394). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم يوم النحر، برقم (1189)، ومسلم في كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، برقم (1397).

على النبي وعلى صاحبيه، وزار مسجد قباء وسلم على المقبورين في البقيع وفي أحد، فهذا هو السنة.

حكم قراءة الفاتحة على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم

193 - حكم قراءة الفاتحة على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم س: ما حكم قراءة الفاتحة على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم؟ إذ إن كثيرًا من الناس عندما يذهب إلى الحج أو العمرة يقول لك: اقرأ لي الفاتحة على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم (¬1). ج: هذا لا أصل له، هذا بدعة، والقرآن لا يُقرأ على القبور، يُقرأ في المساجد، وفي البيوت، وفي الطريق، أما على القبور لا، لا يقرأ عند القبور، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم، ولا تتخذوها قبورًا» (¬2)؛ «لا تجعلوا بيوتكم مقابر فإن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة» (¬3) فدل على أن القبور لا يقرأ ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (35). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (7762). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب التطوع في البيت، برقم (1187)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة النافلة في بيته، برقم (780).

عندها الناس، القراءة في المساجد، في البيوت، أما القبور تزار، يسلم عليهم، يدعى لهم بالمغفرة والرحمة، ولكن لا يجلس عندهم للقراءة ولا يجلس عندهم للدعاء ولا للصلاة، لا يصلي عندها ولا يقرأ عندها، ولا تتخذ محلاً للدعاء، ولكن يسلم عليهم، الزائر يدعو لهم يستغفر لهم، ثم ينصرف، هذه هي السنة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يزور القبور في البقيع، فيسلم عليهم ثم ينصرف، وهكذا الصحابة كانوا يزورون القبور فيسلمون على القبور، ويدعون لهم ثم ينصرفون هذه السنة، أما القراءة عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، أو عند قبر غيره، أو الصلاة عند القبر، أو الجلوس عنده يتحرى الدعاء عنده، يظن أنه أقرب للإجابة هذا ليس له أصل، هذا من البدع التي أحدثها الناس.

حكم زيارة المساجد السبع في المدينة النبوية

194 - حكم زيارة المساجد السبعة في المدينة النبوية س: ما حكم زيارة المساجد السبعة في المدينة النبوية (¬1)؟ ج: ليس لها أصل وليست مشروعة؛ لأن هذه المساجد السبعة ليس لها أصل، وإنما اعتادها الناس على غير بصيرة، وليست مشروعة زيارتها، إنما المشروع زيارة المسجد النبوي، وإذا زار المسجد النبوي ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (277).

يستحب أن يزور مسجد قباء خاصة، كان النبي يزوره صلى الله عليه وسلم، فمن زار المدينة يستحب أن يزور مسجد قباء، أما ما سوى ذلك: مسجد القبلتين، المساجد السبعة، هذه غير مشروعة، لا تشرع زيارتها، ليس عليها دليل، وإنما المشروع زيارة مسجد قباء خاصة، كان النبي يزوره صلى الله عليه وسلم كل سبت، وقال: «من تطهر في بيته، ثم أتى مسجد قباء وصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة» (¬1) وزيارة مسجده صلى الله عليه وسلم أمر مشروع مع المسجد الحرام والمسجد الأقصى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى» (¬2) وقال عليه الصلاة والسلام: «صلاة في مسجدي هذا خيرٌ من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام» (¬3) متفق على صحته، والحاصل أن ليس في المدينة ما ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث سهل بن حنيف رضي الله عنه برقم (15551)، والنسائي في كتاب المساجد، باب فضل مسجد قباء والصلاة فيه، برقم (699)، وليس فيه تطهر في بيته. وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الصلاة في مسجد قباء، برقم (1412)، واللفظ له. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم يوم النحر، برقم (1189)، ومسلم في كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، برقم (1397). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم يوم النحر، برقم (1189)، ومسلم في كتاب الحج، باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، برقم (1397).

يستحب زيارته من المساجد، إلا مسجد قباء، لمن زار المدينة بعد مسجد النبي عليه الصلاة والسلام، وهكذا الأماكن ليس هناك أماكن تزار سوى مسجده صلى الله عليه وسلم، ومسجد قباء، لكن إذا زار القبور للسلام عليهم هذا مستحب في كل بلد يزور القبور، ويسلم عليهم وفي المدينة يزور قبور الشهداء، ويزور قبور البقيع، ويسلم عليهم ويدعو لهم هذا مستحب.

نصيحة فيما يشرع لمن عزم على الحج

195 - نصيحة فيما يشرع لمن عزم على الحج يقول السائل: من عزم على الحج، لا بد لسماحة الشيخ من توجيه حول هذا الموضوع، بِمَ تنصحون من يعزم على الحج (¬1)؟ ج: إذا عزم على الحج: شُرع له أن يعتني بهذا الأمر، ويستعد له: بقضاء الدين إن كان هناك دين، وإن كانت حقوق عليه يؤدِّها، ويُعد نفقة لأهله حتى يرجع إليهم، وإن كان هناك بينه وبين أحد شحناء يجتهد في حل الشحناء وعدم التهاجر بغير حق، ويعد الزاد المناسب، والحاجات المناسبة له في سفره وفي مكة، ويبادر بالتوبة النصوح من ذنوبه وسيئاته، كل هذه ينبغي له إعدادها قبل السفر، حتى إذا سافر فإذا هو قد ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (260).

خف عنه الحمل، أدى الديون وتحلل من إخوانه، إذا كان بينه وبينهم شيء، وأحضر لأهله ما يكفيهم، واستعد لسفره بما يكفي، وأقلع عن المعاصي، وتاب إلى الله منها.

بيان صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم

196 - بيان صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم س: ما هي صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم مختصرة؟ وما هي الكتب التي ترشدوننا بقراءتها في هذا المجال (¬1) (¬2)؟ ج: قد بيناها، أو بيَّنها العلماء في كتب المناسك، وبيناها في كتابنا: (التحقيق والإيضاح)، وهو كتاب مختصر، بيَّنا فيه حجة النبي صلى الله عليه وسلم من حين خرج من المدينة عليه الصلاة والسلام فإنه خرج من المدينة وأحرم من الميقات عليه الصلاة والسلام في ذي الحليفة، بحج وعمرة، وقد ساق الهدي مائة من الإبل: ثلاثًا وستين من المدينة، وسبعًا وثلاثين جاءت من اليمن، ولم يزل يلبي لما أحرم من ذي الحليفة، لم يزل يلبي: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (324). (¬2) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (324). ') ">

الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك» (¬1) في الطريق حتى وصل مكة، ثم طاف سبعة أشواط، بدأ بالحجر الأسود وقَبَّله واستلمه بيده، وقال: "الله أكبر". وطاف سبعة أشواط عليه الصلاة والسلام، ورمل في الثلاثة الأولى؛ يعني خب فيها، ومشى في الأربعة الأخيرة، ثم صلى ركعتين خلف المقام، ثم مر الحجر واستلمه، ثم بين الصفا والمروة، وسعى سبعة أشواط، يصعد الصفا ويرفع يديه، ويوحد الله ويكبره، ويدعوه ثلاث مرات، يكررها، ثم ينزل ويمشي لما جاء بطن الوادي سعى، رمل في بطن الوادي بين العلمين حتى يخرج من الوادي، ثم يمشي حتى يصعد المروة، ويكبر ويذكر الله ويهلل ويدعو ثلاث مرات، كما فعل على الصفا، سبعة أشواط، ثم بقي على إحرامه؛ لأنه معه الهدي لم يحل، وأمر الناس أن يقصروا ويحلوا، الذين ليس معهم هدي، فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، أما الذين معهم هدي فأمرهم أن يبقوا على إحرامهم حتى حلوا يوم النحر، وبقية حجة النبي معروفة من أرادها يراجع كتب أهل العلم، ومن ذلك كتابنا: (التحقيق والإيضاح)، فهو مختصر ومفيد في هذا المقام. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب التلبية، برقم (1549)، ومسلم في كتاب الحج، باب التلبية وصفتها ووقتها، برقم (1184).

س: لخصوا لنا الطريق الذي سار عليه النبي صلى الله عليه وسلم في حجه (¬1)؟ ج: هذا معناه بيان حجه صلى الله عليه وسلم، وعمدة المؤمنين وعمدة الفقهاء في كل مذهب من المذاهب المعروفة، عمدتهم حج النبي عليه الصلاة والسلام في بيان أحكام الحج؛ لأنه صلى الله عليه وسلم حج، وقال: «خذوا عني مناسككم» (¬2) فالمسلمون اعتمدوا في بيان أعمال الحج وسننه، اعتمدوا على حجته صلى الله عليه وسلم، حجة الوداع وهي حجة واحدة، لم يحج بعدما هاجر سوى حجة واحدة، وهي الحجة الأخيرة التي حجها عام عشر، ولم يعش بعدها إلا قليلاً، قريبًا من ثلاثة أشهر قريبًا من ثمانين يومًا، تزيد قليلاً، ثم توفي عليه الصلاة والسلام، ثم انتقل إلى الرفيق الأعلى عليه الصلاة والسلام، وقيل لها: حجة الوداع. لأنه ودع الناس فيها، وقال: «خذوا عني مناسككم، فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا» (¬3). فهو صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة، لخمس بقيت من ذي القعدة عام عشر من ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (91). ') "> (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا، برقم (1297)، بلفظ لتأخذوا عني مناسككم. (¬3) صحيح مسلم الْحَجِّ (1297)، سنن النسائي مَنَاسِكِ الْحَجِّ (3062)، سنن أبي داود الْمَنَاسِكِ (1971)، مسند أحمد (3/ 378).

الهجرة، ونزل إلى ذي الحليفة ميقات أهل المدينة، يوم السبت بعد صلاة الظهر، صلى بالناس الظهر في المدينة، وذكرهم ووعظهم وعلمهم كيفية مناسك الحج، ثم ارتحل فنزل في ذي الحليفة بالناس، وصلى فيها العصر ركعتين والمغرب ثلاثًا، والعشاء ركعتين وصلى فيها الفجر يوم الأحد، وصلى فيها الظهر يوم الأحد ركعتين، حتى تلاحق الناس، ثم توجه من ذي الحليفة بعد الظهر، أحرم بعدما صلى الظهر عليه الصلاة والسلام، بالحج والعمرة جميعًا قارنًا، وساق معه ثلاثًا وستين بدنة، وجاء عليٌّ رضي الله عنه من اليمن ببقية الهدي مائة، سبعًا وثلاثين صار الجميع مائة بدنة، ساقها عليه الصلاة والسلام، صلى الظهر بعد ما لبس الإزار والرداء، وبعد الغسل والتطيب لبى عليه الصلاة والسلام، بقوله: «اللهم لبيك عمرة وحجًا» (¬1) بعدما اغتسل وبعد ما لبس الإزار والرداء، وبعدما طيبته عائشة بطيب من المسك، بعد ذلك لبى بعدما ركب دابته. هذا هو السنة، إذا أتى الميقات يغتسل ويتطيب ويلبس إزاره ورداءَه إذا كان رجلاً، وتلبس ملابسها المرأة التي تريد الحج، والأفضل أن تكون ملابس لا تلفت النظر، ملابس غير جميلة ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب في الإفراد والقران بالحج والعمرة، برقم (1232).

حتى لا تلفت النظر، فإذا فَرَغَ كلٌّ منهما من ذلك ركب دابته أو السيارة ثم لبَّى، هذه السنة يلبِّي بعدما يركب، بعدما يفرغ من حاجاته كلها، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان بعد فريضة كان أفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أحرم بعد فريضة الظهر، وإن كان في غير فريضة كالضحى وصلى فلا بأس، وذكر جمهور العلماء أنه يستحب له أن يتوضأ ويصلي ركعتين قبل أن يحرم، كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر، وأحرم بعدها يستحب للمسلم والمسلمة، عند الإحرام في غير وقت الصلاة أن يصلي ركعتين من الضحى، فيحرم بعدهما هكذا قال الجمهور، ولا أعلم نصًا واضحًا في ذلك، إلا أنهم أخذوا بفعله صلى الله عليه وسلم، لما أحرم بعد صلاة الظهر؛ ولأنه جاء في حديث صحيح رواه البخاري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أتاني آت من ربي، فقال: صَلِّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة» (¬1) قال بعض أهل العلم: إن هذا في عمومه يدل على شرعية الصلاة عند الإحرام، ولكنه ليس بصريح؛ لأنه يحتمل أن المراد صلوات الفريضة التي صلاها عليه الصلاة والسلام. فالحاصل النظر في هذا واسع، إن ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب المزارعة، باب من أحيا أرضًا مواتًا، برقم (2337).

كان بعد فريضة فهو أفضل، إذا وافق فريضة فهو أفضل، وإن لم يوافق فريضة، بأن كان إحرامه مثلاً الضحى، فإذا توضأ وصلى ركعتين وأحرم بعدهما كان حسنًا إن شاء الله، كما قال جموع أهل العلم، ولأن الوضوء له سُنة، إذا توضأ الإنسان شرع له سنة الوضوء، فيلبس إزاره ورداءَه ويتطيب، ويستكمل كل شيء مثلاً: إن كان شاربه طويلاً قَصَّهُ، وإن كان عنده أظفار طويلة قلمها، وهكذا إبطه وهكذا عانته، هذا من باب السنة، وإذا فعل هذا في بيته قبل ذلك كفى والحمد لله، ثم بعد ما يفعل هذا كله يتهيأ ليركب الدابة أو السيارة، والآن الموجود السيارات، والدواب الآن تركت واكتفي بالسيارة، فالسيارة تقوم مقام الدابة، فإذا ركب لبى قال: اللهم لبيك عمرةً وحجًا. إن كان قارنًا، كفعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لبى قارنا؛ لأنه ساق الهدي، أما إن كان ما ساق الهدي فالأفضل له أن يلبي بالعمرة، يقول: اللهم لبيك عمرة. وإن كان الوقت ضيقًا لبى بالحج: اللهم لبيك حجًا. فيكفي هذا، هذا هو الأفضل من القران، وإنما يشرع القران لمن ساق الهدي، من إبل أو بقر أو غنم، وبعدما يقول هذا يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. هذه تلبيته عليه الصلاة والسلام، بعد ما بين نسكه، بعدما لبى بالعمرة والحج، وهكذا الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم فعلوا مثله، كانوا يرفعون أصواتهم بذلك، وكان يرفع صوته (لجزء رقم: 17 PgPg 323 بذلك عليه الصلاة والسلام، وهذا المشروع رفع الصوت بالتلبية، حتى يسمع القريب والبعيد، وحتى ينشط الناس ويتتابعوا في هذه التلبية العظيمة، التى فيها توحيد الله والإخلاص له، ولهذا قال جابر رضي الله عنه: «أنه صلى الله عليه وسلم لما أحرم في ذي الحليفة أَهَلَّ بالتوحيد؛ لأن قوله: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك» (¬1) هذا هو التوحيد وكانت العرب تشرك بالتلبية، فتقول: إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك (¬2)، فأبطل الله ذلك بفعل نبيه صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً عليه الصلاة والسلام، فقال: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك» (¬3) هذه التلبية الشرعية الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإن لبى بزيادة بأن قال: «لبيك اللهم لبيك، لبيك إله الحق لبيك» (¬4) فقد ورد هذا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أو لبى بأنواع ما جاء عن بعض ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب التلبية، برقم (1549)، ومسلم في كتاب الحج، باب التلبية وصفتها ووقتها، برقم (1184). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب التلبية وصفتها ووقتها، برقم (1185). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب التلبية، برقم (1549)، ومسلم في كتاب الحج، باب التلبية وصفتها ووقتها، برقم (1184). (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8415)، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب كيف التلبية؟ برقم (2752)، وابن ماجه في كتاب المناسك، باب التلبية، برقم (2920).

الصحابة، مثل: «لبيك وسعديك والخير كله بين يديك، والشر ليس إليك» (¬1) ومثل: «لبيك حقًا حقًا تعبدًا ورقًا» (¬2) وما أشبه ذلك كله حق لا بأس به، لكن التلبية التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، ولازمها أفضل من غيرها، ولما كانت أسماء بنت عميس قد ولدت في ذي الحليفة ابنها محمد بن أبي بكر، واستفتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أمرها أن تغتسل وتلبي، وهي في نفاسها (¬3)، فدل ذلك على أن المرأة إذا كانت في النفاس تلبي، وهي في النفاس لا بأس، وهكذا الحائض إذا جاءت الميقات وهي حائض تلبي، تغتسل؛ لأن الرسول أمرها بالاغتسال، أمر أسماء بالاغتسال، وأمر عائشة لما حاضت وأرادت التلبية بالحج قرب مكة، فأمرها أن تغتسل، فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم أمر النفساء والحائض بالاغتسال عند الإحرام، وهو سنة للجميع، ولو كان لا يرفع الحدث في حق الحائض، حتى تنتهي، لكنه فيه النظافة والنشاط، وعائشة رضي الله عنها لما وصلت مكة محرمة ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب التلبية وصفتها ووقتها، برقم (1184)، ولفظ الحديث لبيك وسعديك والخير بيديك لبيك والرغباء إليك والعمل. (¬2) أخرجه البزار في المجمع (ج13 ص 265)، برقم (6803). (¬3) أخرجه النسائي في كتاب مناسك الحج، باب الغسل للإهلال، برقم (2664). ') ">

بالعمرة نزل بها الحيض قبل أن تطوف وتسعى، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تغتسل، وأن تلبي بالحج مع العمرة، فصارت قارنة رضي الله عنها وأرضاها، ثم سار النبي صلى الله عليه وسلم من ذي الحليفة ملبيًا، وسار معه المسلمون يلبون: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك» (¬1). حتى وصل مكة في يوم الأحد الذي هو دون الأحد، الذي أحرم فيه عليه الصلاة والسلام، وصل مكة صباح يوم الأحد، ونزل بذي طوى في طرف مكة، وصلى بها الفجر عليه الصلاة والسلام، بعدما بات بها صلى الله عليه وسلم، واغتسل فيها أيضا عند دخوله مكة، فهو أفضل عند دخول مكة إذا تيسر أن يغتسل المحرم، هذا إذا تيسر، وليس بلازم، ثم لما اغتسل دخل مكة صلى الله عليه وسلم، وطاف وسعى يوم الأحد عليه الصلاة والسلام، رابع شهر ذي الحجة عام عشر من الهجرة، طاف وسعى وبقي على إحرامه؛ لأنه قارن ومعه الهدي، فلم يحل إلى يوم النحر، عليه الصلاة والسلام. وأما الصحابة الذين معه فمن كان معه الهدي فعل فعله، طاف وسعى وبقي على إحرامه، فلم يحل إلا يوم النحر، وأما الذين ليس معهم هدي وقد لبوا بالحج أو بالحج والعمرة جميعًا فإنه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يجعلوها عمرة، وأن يفسخوا إحرامهم بالحج أو بالحج والعمرة إلى العمرة، أمرهم أن يجعلوها عمرة مفردة، فطافوا وسعوا ¬

(¬1) صحيح البخاري الْحَجِّ (1549)، صحيح مسلم الْحَجِّ (1184)، سنن الترمذي الْحَجِّ (825)، سنن النسائي مَنَاسِكِ الْحَجِّ (2750)، سنن أبي داود الْمَنَاسِكِ (1812)، سنن ابن ماجه الْمَنَاسِكِ (2918)، مسند أحمد (2/ 131)، موطأ مالك الْحَجِّ (738)، سنن الدارمي الْمَنَاسِكِ (1808).

وقصروا وحلوا بأمره عليه الصلاة والسلام، ومن كان معه الهدي بقي على إحرامه مع النبي صلى الله عليه وسلم، هذه صفة دخوله مكة عليه الصلاة والسلام، وسيره من ذي الحليفة إلى أن وصل مكة عليه الصلاة والسلام، على هذا النحو والمسلمون تابعوه بهذا، عليه الصلاة والسلام، واحتجوا بعمله هذا على ما ذكر من هذه الأمور؛ لأنه صلى الله عليه وسلم المشرع المبين للناس، ولأنه قال للناس: «خذوا عني مناسككم» (¬1) هذا هو المشروع، كما ذكرنا عنه عليه الصلاة والسلام، ويأتي إن شاء الله بيان بقية أعماله صلى الله عليه وسلم، لما توجه إلى منى وتوجه المسلمون، في الحلقات الأخرى. س: أرجو أن تتفضلوا بتكملة الحديث عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لِمَا في هذا الموضوع من فائدة عظيمة، ولعل الكثير يتأسون بفعله عليه أفضل الصلاة والسلام (¬2)؟ ج: لقد سبق أن ذكرنا صفة حجه عليه الصلاة والسلام، من حين أحرم من ذي الحليفة إلى أن خرج من منى إلى عرفات صباح اليوم التاسع، وقلنا: إنه توجه من منى إلى عرفات بعد طلوع الشمس في اليوم ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا، برقم (1297)، بلفظ لتأخذوا عني مناسككم. (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (91). ') ">

التاسع ملبيًا، والصحابة منهم من يلبي، ومنهم من يهل، فلم ينكر على واحد منهم، فدل ذلك على أن الحجاج إذا توجهوا من منى إلى عرفات يشرع لهم التلبية والتهليل والتكبير، والتلبية أفضل؛ لأنها عمله عليه الصلاة والسلام، وسبق أنه صلى الله عليه وسلم نزل من نمرة، ووجد فيها قبة من شعر قد ضربت له، فنزل بها حتى زالت الشمس، فلما زالت الشمس أمر بناقته فرحلت له، ثم ركب عليه الصلاة والسلام، حتى أتى بطن الوادي؛ يعني وادي عرنة، وخطب الناس خطبة طويلة عليه الصلاة والسلام، وذكرهم بالله وبحقه، وبيَّن فيها ما قدمنا من وضعه أمر الجاهلية، ووضعه الربا ووضعه دماء الجاهلية، ووصيته للمسلمين بالنساء خيرًا، وبيانه حق النساء على الأزواج، وحق الأزواج على النساء، وتقدم أيضًا أنه أوصى عليه الصلاة والسلام بكتاب الله، أوصى بالقرآن الكريم، وقال: «إنكم لن تضلوا ما اعتصمتم به» (¬1) وفي الرواية الأخرى: «بكتاب الله وسنته» (¬2) عليه الصلاة والسلام، وسبق أن هذا أمر ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (1218). (¬2) أخرجه مالك في الموطأ في كتاب الجامع، باب النهي عن القول بالقدر، برقم (1661)، والبيهقي في السنن الكبرى (ج10 ص 114).

معلوم، فالوصية بكتاب الله والوصية بالسنة؛ لأنها الوحي الثاني، ولأن القرآن أمر بطاعة الله ورسوله، وطاعة الرسول هي امتثال السنة، والأخذ بها والتمسك بها، ثم إنه صلى الله عليه وسلم لما فرغ من خطبته قال لهم: «وأنتم تُسألون عني، فما أنتم قائلون؟. قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. وجعل يرفع إصبعه إلى السماء، ثم ينكبها للناس، ويقول: "اللهم اشهد اللهم اشهد"» (¬1) فهذا يدل على أن الله سبحانه في السماء في العلو؛ ولهذا رفع يده إلى السماء، وهذا قول أهل السنة والجماعة: أن الله سبحانه فوق العالم، فوق جميع الخلق، وأنه سبحانه فوق العرش. هذا هو الحق الذي عليه أهل السنة والجماعة، وعِلْمه في كل مكان سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}. وقوله سبحانه: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}. وقوله سبحانه: {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ}. فهو سبحانه فوق العرش، فوق جميع الخلق، وعلمه لا ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (1218).

يخلو منه مكان؛ ولهذا استشهد عليه الصلاة والسلام برفع أصبعه إلى السماء عليه الصلاة والسلام، وفي هذا من الفوائد شرعية خطبة الناس في عرفات، وأن ولي الأمر يخطب الناس تأسيًا بالنبي عليه الصلاة والسلام، أو يخطبهم نائبه حتى يبين لهم مناسك حجهم، وحتى يرشدهم إلى أصل الدين وأساسه، وهو شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، مع بيان معنى ذلك، وأن هاتين الشهادتين هما أصل الدين، وهما أصل الإسلام، ومعناهما توحيد الله والإخلاص له، والإيمان برسوله محمد عليه الصلاة والسلام، ويذكر لهم ما يحتاجون إليه في هذه الخطبة، من مناسك الحج ومن غير هذا من شؤون الإسلام، ثم إنه صلى الله عليه وسلم بعدما فرغ من خطبته أمر بلالاً فأذن، ثم أقام فصلى الظهر ركعتين، ثم أقام وصلى العصر ركعتين جمع تقديم، وهذا هو السنة للحجاج: أن يصلوا الظهر والعصر قصرًا وجمعًا، في أول وقت الظهر كما فعله المصطفى عليه الصلاة والسلام؛ حتى يتسع الوقت للدعاء والذكر في عرفات، تكون الخطبة قبل الأذان وقبل الصلاة، وفيه دلالة على أنه ما صلى الجمعة، رغم أنه كان يوم الجمعة، فخطب الناس قبل الأذان وذكرهم، ثم أذن فصلى الظهر ركعتين بعدما أقام بلال، ثم صلى العصر ركعتين أيضًا بعد الإقامة هكذا السنة، ويدل ذلك على أن المسافر لا يصلي لجمعة، وإنما يصلي ظهرًا، وهكذا

الحجيج إذا صادف يوم الجمعة يوم عرفة فإنهم يصلونها ظهرًا، كما فعله المصطفى عليه الصلاة والسلام، لا يصلون جمعة؛ ولهذا صلى الظهر ركعتين، وصلى العصر ركعتين، بأذان واحد وإقامتين، فهذا هو السنة للحجاج لفعله عليه الصلاة والسلام، ثم بعد ذلك تقدم إلى عرفات، فوقف عند الصخرات أو جبل الدعاء، ويسمى جبل الرحمة، وجعل وجهه إلى القبلة عليه الصلاة والسلام، وجعل طريق المشاة بين يديه، فلم يزل يدعو ويضرع إلى الله رافعًا يديه حتى غابت الشمس، فهذا يدل على أن هذا هو المشروع للحجاج، بعد صلاة الجمع الظهر والعصر، يتوجهون إلى عرفات، إن كانوا خارج عرفات، وإن كانوا في عرفات استقبلوا القبلة واجتهدوا في الدعاء والذكر، اقتداء به عليه الصلاة والسلام، وقال لهم عليه الصلاة والسلام، لما وقف عند الصخرات واستقبل القبلة، قال: «وقفت ها هنا، وعرفة كلها موقف» (¬1) فدل ذلك على أن جميع أجزاء عرفة كلها موقف، وأن الحاج يقف في أي جزء من عرفات، فيكفيه ذلك، والسنة استقبال القبلة حال الدعاء والذكر، سواء كان الجبل أمامه أو عن يمينه أو شماله أو خلفه، يستقبل ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب ما جاء أن عرفة كلها موقف، برقم (1218).

القبلة كما استقبلها النبي عليه الصلاة والسلام، ويدعو ويضرع إلى الله، ويذكره سبحانه حتى تغيب الشمس، والسنة أن يرفع يديه كما فعل المصطفى عليه الصلاة والسلام، وإن أكل أو استراح فلا بأس عليه، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن أم الفضل أرسلت إليه بقدح لبن، فشرب وهو على راحلته عليه الصلاة والسلام (¬1)، فعلم الناس أنه مفطر، وهذا هو السنة أن يفطر الحجيج يوم عرفة؛ لأنه أنشط لهم على العبادة، ولأنهم ضيوف الرحمن، فناسب أن يكونوا مفطرين ينشطون للعبادة والذكر والدعاء، في هذا اليوم العظيم، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «الحج عرفة» (¬2) هذا اليوم هو ركن الحج الأعظم، الوقوف فيه، فمن فاته الوقوف في عرفة فاته الحج، ويبتدئ الوقوف بعد الزوال إلى طلوع الفجر، من ليلة النحر يعني بقية يوم عرفة على الليلة كلها، ليلة النحر ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم يوم عرفة، برقم (1988)، ومسلم في كتاب الصيام، باب استحباب الفطر للحاج بعرفات يوم عرفة، برقم (1123). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب من لم يدرك عرفة، برقم (1949)، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج، برقم (889)، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة، برقم (3044)، وابن ماجه في كتاب المناسك، باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع، برقم (3015).

غروب الشمس إلى طلوع الفجر، كل هذا موقف سواء وقف بعرفات بعد الزوال، أو بعد غروب الشمس إلى طلوع الفجر، فقد أدرك الحج، ومن لم يدرك عرفة إلا بعد طلوع الفجر فاته الحج، واختلف العلماء رحمة الله عليهم فيما قبل الزوال من يوم عرفة: هل يجزئ الوقوف فيه، أم لا يجزئ؟ على قولين: الأكثرون على أن الوقوف لا يجزئ إلا بعد الزوال؛ لأنه الموقف الذي فعله النبي عليه الصلاة والسلام. وقال آخرون: لو وقف قبل الزوال في صباح عرفة، وانصرف أجزأه ذلك، ولكن عليه دمًا؛ لأنه لم يقف إلى الغروب. واحتجوا بما ثبت من حديث عروة بن مضرس، أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله، «أَكْلَلْتُ راحلتي وأتعبت نفسي، فما تركت من جبل إلا وقفت عنده، فهل لي من حج؟ فقال عليه الصلاة والسلام: من شهد صلاتنا هذه بمزدلفة، وقد وقف في عرفة قبل ذلك ليلاً أو نهارًا فقد تمَّ حجه، وقضى تفثه» (¬1) فقوله صلى الله عليه وسلم: «وقد وقف بعرفة قبل ذلك ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب من لم يدرك عرفة، برقم (1950)، والترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج، برقم (891)، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة، برقم (3041)، وابن ماجه في كتاب المناسك، باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع، برقم (3016).

ليلاً أو نهارًا» (¬1). يعم ما قبل الزوال، ولهذا ذهب أحمد رحمه الله وجماعة، إلى أن الوقوف قبل الزوال يجزئ، ويدرك به الحج، وذهب الجمهور رحمة الله عليهم، إلى أنه لا يدرك الحج إلا بالوقوف بعد الزوال، فينبغي للمؤمن أن يحتاط لدينه، وألاّ يقف إلا بعد الزوال، كما وقف النبي عليه الصلاة والسلام، ثم بعد ما غابت الشمس توجه عليه الصلاة والسلام إلى مزدلفة، بعد غروب الشمس هذا هو المشروع للحجيج، أن يمكثوا في عرفات ذاكرين ملبين، داعين مخلصين لله خاشعين لله عز وجل، حتى تغيب الشمس، فإذا غابت انصرفوا إلى مزدلفة، وليس في يوم عرفة دعاء واجب، ولا متعين، بل يدعون الله بما تيسر بذكر الله، ويدعونه بأي دعاء، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» (¬2) فينبغي أن يكثر من ذكر الله عز وجل، تسبيحه وتحميده وتكبيره واستغفاره، ومن الدعاء في هذا اليوم العظيم، ويسأل ربه الجنة ويستجير به من النار، ويسأله كل خير سبحانه وتعالى، ويستجير به من كل شر، ¬

(¬1) سنن الترمذي الْحَجِّ (891)، سنن النسائي مَنَاسِكِ الْحَجِّ (3039)، سنن أبي داود الْمَنَاسِكِ (1950)، سنن ابن ماجه الْمَنَاسِكِ (3016)، مسند أحمد (4/ 261)، سنن الدارمي الْمَنَاسِكِ (1888). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب في دعاء يوم عرفة، برقم (3585)، ومالك في الموطأ في كتاب الحج، باب جامع الحج، برقم (963).

فهو يوم عظيم، فيه يتجلى الله لعباده، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن الله جل وعلا، يتجلى للعباد يوم عرفة، ويدنو منهم كما يشاء سبحانه، فيقول: ما أراد هؤلاء؟ ويقول صلى الله عليه وسلم: ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه سبحانه ليدنو فيباهي بهم الملائكة» (¬1) فهو يوم عظيم يباهي الله فيه ملائكته بالحجيج، ويدنو منهم كما يشاء سبحانه وتعالى دنوًا يليق بجلاله، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، ويعتق العتقاء الكثير من النار في هذا اليوم العظيم، فينبغي لك يا عبد الله أن تجتهد في الضراعة إلى الله، واستغفاره وسؤاله القبول، وسؤاله العتق من النار في هذا اليوم العظيم، ثم بعد ما وصل مزدلفة صلى بها المغرب والعشاء، وكان في الطريق عليه الصلاة والسلام يحث الناس على السكينة وعدم العجلة، ويقول لهم في الطريق: «السكينة السكينة، فإن البر ليس بالإيضاع» (¬2) ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة، برقم (1348). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسكينة، برقم (1671)، ولفظ البخاريعليكم بالسكينة، فإن البر ليس بالإيضاع.

يعني ليس بالإسراع، ويلبي في طريقه عليه الصلاة والسلام، هكذا السنة إذا انصرف الناس من عرفات بعد الغروب أن يلبوا، ويكثروا من التلبية، ولا يعجلوا؛ لئلا يضر بعضهم بعضًا، بل بالسكينة، فإذا وجد النص منه عليه الصلاة والسلام وجب العمل بمقتضاه، هكذا الناس ينبغي أن يكون انصرافهم بالسكينة، ومن وجد سعة في بعض الأماكن فلا مانع أن يعجل تعجيلاً لا يضر غيره، فلما وصل صلى الله عليه وسلم مزدلفة أمر بالأذان، فأذن مؤذنه ثم صلى المغرب بإقامة ثلاثًا، وصلى العشاء بإقامة ركعتين، يعني صلاهما بأذان واحد وإقامتين، كما فعل في عرفات عليه الصلاة والسلام، وهذا هو السنة للحجيج: أن يصلوا المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا؛ يعني قصرًا للعشاء، أما المغرب فإنها لا تقصر، ثلاثًا دائما في السفر والحضر، فيصليهما بأذان واحد وإقامتين اقتداء بنبينا عليه الصلاة والسلام، ثم بعد ذلك استراح عليه الصلاة والسلام، ونام كما ثبت في حديث جابر رضي الله عنه حتى طلع الفجر، فلما طلع الفجر قام وصلى الفجر بأذان واحد وإقامة، صلاها بغلس (¬1). أبكر من عادته عليه الصلاة والسلام، حتى يتسع الوقت للوقوف عند المشعر ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (1218). ') ">

الحرام، وأذن للضعفاء والنساء والشيوخ بالانصراف من مزدلفة ليلاً؛ لئلا يَحطِمَهم الناس، وأما الأقوياء فجلسوا معه حتى صلوا الفجر ووقفوا عند المشعر، ودعوا الله كثيرًا حتى أسفروا، فلما أسفر النبي صلى الله عليه وسلم انصرف إلى منى قبل طلوع الشمس، هكذا ينبغي للناس أن يبقوا في مزدلفة حتى يبيتوا فيها، ويصلوا فيها الفجر، أما الضعفاء من النساء والعجائز والشيوخ الكبار والصبيان ونحوهم، ومن يكون معهم فلا بأس، بل الأفضل أن ينصرفوا قبل حطمة الناس؛ أي انصرافهم من مزدلفة إلى منى في النصف الأخير من الليل، ومن انصرف معهم من محارمهم ومن هو معهم في رحلهم فلا بأس عليه، أما القوي الذي ليس معه نساء فالأفضل له أن يبقى حتى يصلي الفجر، ثم يدعو الله ويذكره كثيرًا حتى يسفر، وقد قال صلى الله عليه وسلم لما وقف يوم مزدلفة: «وقفت ها هنا، وجمع كلها موقف» (¬1) يعني مزدلفة، يقال لها: جمع. فالمعنى أن مزدلفة كلها موقف، كما أن عرفة كلها موقف، كل إنسان في مزدلفة يجلس في محله، ويدعو الله ويستغفر ويضرع إليه سبحانه وتعالى، ويذكر الله، وليس هناك حاجة إلى أن يتقدم إلى قزح، ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب ما جاء أن عرفة كلها موقف، برقم (1218).

موقف النبي عليه الصلاة والسلام، الجبل المعروف، بل كل إنسان يدعو الله في مكانه والحمد لله، وكان عليه الصلاة والسلام في عرفات وفي مزدلفة يرفع يديه في الدعاء، ويلح في الدعاء، فالسنة رفع اليدين مع الإلحاح في الدعاء، والإكثار من الدعاء؛ تأسيًا به عليه الصلاة والسلام، ومن انصرف من الأقوياء إلى منى قبل دخول الفجر أجزأه على الصحيح، لكن فاته الفضل، فالأفضل له والكمال أن يجلس حتى يصلي الفجر، وحتى يقف بعد طلوع الفجر يذكر الله ويثني عليه، ويدعو إلى أن ينصرف قبل طلوع الشمس، وكان المشركون ينصرفون بعد طلوع الشمس، فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم، وانصرف قبل طلوع الشمس بعد ما أسفر عليه الصلاة والسلام، وهذا هو المشروع لجميع الحجاج: أن ينصرفوا قبل طلوع الشمس؛ اقتداء به عليه الصلاة والسلام. س: في حلقة سابقة عن حجة الرسول صلى الله عليه وسلم، قد تفضلتم بشرح هذه الحجة، آمل من سماحتكم تكملة ما تبقى

من هذه الحجة المباركة، جزاكم الله خيرًا، حيث وصل بكم القول إلى انصراف الرسول صلى الله عليه وسلم من مزدلفة (¬1). ج: قد سبق أن تكلمت على صفة حجه عليه الصلاة والسلام، من حين خرج من المدينة إلى أن وصل إلى مكة، عليه الصلاة والسلام، ثم عن رحلته من مكة إلى منى، وعن رحلته من منى إلى عرفات، وعن رحلته من عرفات بعد غروب الشمس إلى مزدلفة، وما فعله في مزدلفة، عليه الصلاة والسلام، وسبق أنه عليه الصلاة والسلام صلى بها الفجر، ثم أتى المشعر فارتقاه، وجعل يدعو ويذكر الله ويهلل، حتى أسفر جدًا عليه الصلاة والسلام، ورفع يديه بالدعاء، فلما أسفر انصرف إلى منى هذا هو السنة: أن يبيت الحجيج في مزدلفة، وأن يصلوا بها الفجر، وأن يدعوا الله، كل في مكانه وفي منزله؛ لأنها كلها موقف، كل يدعو في مكانه، ويضرع إلى الله، ويسأله من فضله، ويرفع يديه ويذكره كثيرًا، ويدعوه كثيرًا حتى يسفر، فإذا أسفر جدًّا انصرف إلى منى قبل طلوع الشمس؛ تأسيًا بالنبي عليه الصلاة والسلام، وتقدم أنه أذن للضعفة من النساء والشيوخ والصبيان بأن ينصرفوا إلى منى في الليل قبل حَطْمة ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (92). ') ">

الناس، هذا هو الذي ينبغي للضعفاء: أن ينصرفوا حتى يخففوا عن الناس، وحتى يسلموا هم أيضًا من حطمة الناس، فالنساء والشيوخ ونحو ذلك، ومن يتبعهم من محارمهم، ومن صاحبهم في الرحلة إلى منى في النصف الأخير من ليلة مزدلفة، فإذا وصلوا إلى منى باتوا فيها بقية الليل، وإن رموا الجمرة فلا بأس، رموها آخر الليل لا بأس، وقد ثبت عن أم سلمة رضي الله عنها، أنها رمت الجمرة في آخر الليل (¬1). وثبت عن أسماء بنت أبي بكر ما يدل على ذلك، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أذن للضعفة، وهُن النساء في ذلك، فإذا رمين ومن معهم في آخر الليل كفى ذلك، وإن أخروا ورموا بعد ارتفاع الشمس فلا بأس، ولكن الأرفق بهن وبمن معهم أن يرموا في آخر الليل إذا وصلوا منى، هذا هو الأرفق بهم، ثم يرجعون إلى منازلهم في منى للإقامة بها وذبح الهدايا، ورمي الجمار في الأيام القادمة، وغير ذلك من شؤون الحج، أما الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد انتظر حتى صلى الفجر، ودعا ربه بعد الصلاة، وذكره ورفع يديه وألح في الدعاء، ثم انصرف قبل طلوع ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون في المزدلفة، برقم (1679)، ومسلم في كتاب الحج، باب استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهم، برقم (1291).

الشمس، عليه الصلاة والسلام، وسبق أنه صلى بها المغرب والعشاء قصرًا وجمعًا بأذان واحد وإقامتين، ثم نام بعد ذلك عليه الصلاة والسلام، وهكذا الفجر صلاها بأذان وإقامة مع سنتها الراتبة، وصلاها بعد طلوع الفجر مبكرًا، قال ابن مسعود رضي الله عنه: «إنه صلاها قبل ميقاتها» (¬1) يعني قبل ميقاتها المعتاد؛ وذلك – والله أعلم – ليتسع الوقت للدعاء والذكر بعد صلاة الفجر، ثم المشروع للمسلمين، إذا وصلوا إلى منى بعد انصرافهم من مزدلفة، أن يرموا الجمرة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم انصرف من مزدلفة قبل طلوع الشمس ملبيًا حتى أتى الجمرة ضحى، فرماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة، ولم يقف عندها، بل رمى وانصرف عليه الصلاة والسلام، فهكذا المسلمون من الحجاج، إذا وصلوا إلى منى بعد طلوع الشمس بدؤوا بالجمرة تحية منى، وليس في منى صلاة عيد للحجاج، ويقوم مقامها رمي الجمار ذلك اليوم، فترمى الجمرة بسبع حصيات، يرميها الرجل والمرأة والصغير والكبير بسبع حصيات، واحدة بعد واحدة، يكبر مع كل حصاة يقول: الله أكبر، مع كل ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب متى يصلي الفجر بجمع؟ برقم (1682)، ومسلم في كتاب الحج، باب استحباب زيادة التغليس بصلاة الصبح يوم النحر بالمزدلفة، والمبالغة فيه بعد تحقق طلوع الفجر، برقم (1289).

حصاة، مستشعرًا عظمة الله وطاعته سبحانه، ومستشعرًا إرغام الشيطان ودحره بهذه الحصيات التي ترجم بها مواقفه، ثم ينصرف ولا يقف؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يقف عند جمرة العقبة، بل رماها وانصرف عليه الصلاة والسلام، ووقف للناس يسألونه في منى بعد رميه الجمرة، هذا يقول: «يا رسول الله، أفضت إلى البيت قبل أن أرمي، فقال عليه الصلاة والسلام: لا حرج» (¬1) وآخر يقول: «نحرت قبل أن أرمي، فيقول: "لا حرج"» (¬2). وآخر يقول: «حلقت قبل أن أذبح، يقول له: "لا حرج"» (¬3). وهذا يدل على أن أفعال الحج يوم العيد فيه توسعة، وأن الرمي والطواف والسعي والحلق، أو التقصير والنحر كلها فيها سعة، والنبي صلى الله عليه وسلم رتبها، فرمى يوم العيد ثم نحر عليه الصلاة والسلام، ثم حلق رأسه ثم طيبته عائشة رضي الله عنها، ثم ركب إلى البيت، فطاف عليه الصلاة والسلام، هكذا الترتيب، هذا هو الأفضل: رمي، فنحر، فحلق أو تقصير، فطواف، وسعيٌ إن كان عليه سعي، هذا هو الترتيب، الأول: الرمي، ثم نحر الهدي، ثم حلق الرأس أو تقصيره، ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب الذبح قبل الحلق، برقم (1722)، ومسلم في كتاب الحج، باب من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي، برقم (1307). (¬2) صحيح البخاري الْحَجِّ (1738)، صحيح مسلم الْحَجِّ (1306)، سنن الترمذي الْحَجِّ (916)، سنن أبي داود الْمَنَاسِكِ (2014)، سنن ابن ماجه الْمَنَاسِكِ (3052)، مسند أحمد (2/ 217)، موطأ مالك الْحَجِّ (959)، سنن الدارمي الْمَنَاسِكِ (1907). (¬3) صحيح البخاري الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ (6666)، صحيح مسلم الْحَجِّ (1307)، سنن النسائي مَنَاسِكِ الْحَجِّ (3067)، سنن أبي داود الْمَنَاسِكِ (1983)، سنن ابن ماجه الْمَنَاسِكِ (3050)، مسند أحمد (1/ 311).

وبهذا يتحلل التحلل الأول، يلبس المخيط ويغطي رأسه إن كان رجلاً، والمرأة كذلك تتطيب، تكد شعرها إن شاءت، وتقص أظافرها إن شاءت؛ لأنها حلت التحلل الأول، ولا يبقى عليهما جميعًا: الرجل والمرأة، إلا تحريم الجماع، وما يتعلق بالجماع من النساء، فإذا طافا وسعيا بعد ذلك تمَّ الحل كله، وحل للرجل الاتصال بأهله، إذا طاف وسعى بعد الرمي، وبعد الحلق أو التقصير، والسعي إنما يجب عليه إذا كان متمتعًا؛ لأن السعي الأول لعمرته، وهذا لحجه، أو كان قارنًا أو مفردًا لكن لم يسعَ مع طواف القدوم، فيسعى مع طواف الإفاضة، وإن كان سعى مع طواف القدوم فلا سَعْيَ عليه، يكفيه الطواف، الحاج المفرد والحاج القارن بين الحج والعمرة، والنبي كان قارنًا عليه الصلاة والسلام، ولهذا طاف طوافًا فقط ولم يسعَ؛ لأنه قد سعى مع طواف القدوم، عليه الصلاة والسلام، وفي هذا من الفوائد: أن الإنسان قد يشق عليه تأخير الطواف، وقد يشق عليه تأخير الحلق إلى أن يذبح؛ لأن الذبح ليس متيسرًا، فيتأخر إلى اليوم الثاني، فمن رحمة الله ومن تيسير الله عز وجل، ومن إحسانه إلى عباده ورحمته بهم، أن فسح لهم المجال، وجعل هذا الترتيب ليس بواجب، هذا هو الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم، أنَّ له أن يبدأ بما أخره الرسول صلى الله عليه وسلم، له أن يقدمه؛ لأنه سئل عليه

الصلاة والسلام عما يقدم ويؤخر، فقال: «لا حرج، لا حرج» (¬1) فإذا أفاض الإنسان قبل أن يرمي، مثل المرأة إذا خافت من الحيض، فأفاضت قبل أن ترمي فلا بأس، ومثل إنسان نحر هديه صار النحر متيسرًا والرمي ما تيسر، له أن يرمي مبكرًا، فنحر قبل أن يرمي فلا بأس، أو حلق قبل أن يرمي، أو ذبح قبل أن يرمي كل ذلك لا بأس والحمد لله. فالحاصل أن الترتيب ليس بواجب، ولكن الأفضل أن يرمي ثم ينحر، ثم يحلق أو يقصر، ويتحلل التحلل الأول، ويلبس المخيط ويغطي رأسه، ثم يذهب إلى البيت فيطوف ويسعى، هذا هو الترتيب المشروع، فمن قدم بعضها على بعض فلا حرج عليه في ذلك، كما فعله المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكما أذن للناس عليه الصلاة والسلام في ذلك، ثم بعد ذلك لما رمى الجمرة عليه الصلاة والسلام، ونحر هديه وحلق رأسه طيبته عائشة، ثم ركب إلى البيت، فطاف به عليه الصلاة والسلام، وصلى بمكة الظهر عليه الصلاة والسلام، ثم عاد من مكة وصلى بالناس الموجودين الذين ينتظرونه، صلى بهم الظهر في منى، فصلاها مرتين الأولى في مكة وهي الفريضة، والثانية في منى بمن ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب الذبح قبل الحلق، برقم (1722)، ومسلم في كتاب الحج، باب من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي، برقم (1307).

بقي ينتظره، وهي نافلة له عليه الصلاة والسلام، وبهذا يستدل على صحة صلاة المفترض خلف المتنفل، كما كان معاذ يصلي بأصحابه متنفلاً، ويصلي مع النبي فريضته عليه الصلاة والسلام، كل هذا جائز بحمد الله، ثم أقام النبي صلى الله عليه وسلم في منى، الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، يرمي بعد الزوال الجمار الثلاث، كل جمرة يرميها بسبع حصيات واحدة بعد واحدة، ويكبر مع كل حصاة ويجعل الجمرة الأولى، وهي التي تلي مسجد الخيف، يجعلها عن يساره ويتقدم ويسهل؛ حتى لا يصيبه رمي الناس، وحتى لا يضايق الناس، فيرميها بسبع حصيات، ويقف عندها ويجعلها عن يساره، ويدعو ويرفع يديه، ويلح ويطيل الدعاء، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه رفع يديه، وأكثر الدعاء عليه الصلاة والسلام بعدما رمى الجمرة يوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، ثم أتى الوسطى فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم جعلها عن يمينه، وأخذ ذات الشمال عن يساره، ووقف يدعو ورفع يديه وألح في الدعاء، عليه الصلاة والسلام، هذا هو السنة لمن تيسر له ذلك، فمن لم يتيسر له ذلك فلا شيء عليه، هو سنة مؤكدة، فعلها المصطفى عليه الصلاة والسلام، أما الثالثة فكان يرميها ولا يقف عندها، جمرة العقبة يرميها يوم الحادي عشر، والثاني عشر،

والثالث عشر، ولا يقف عندها، كما أنه لم يقف عندها يوم العيد، بل رماها وانصرف عليه الصلاة والسلام، ثم أذن للناس بالتعجل، من أراد أن يتعجل يوم الثاني عشر فلا بأس؛ لقول الله سبحانه: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ}. من أحب أن يتعجل بعد الرمي يوم الثاني عشر فلا بأس، يرمي الجمار ثم يذهب إلى مكة لطواف الوداع، ومن أحب أن يبقى إلى اليوم الثالث عشر، كما بقي النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه بقي اليوم الثالث عشر عليه الصلاة والسلام، فلما رمى الجمار يوم الثالث عشر بعد الزوال تقدم إلى الأبطح، فنزل به، وصلى به الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، عليه الصلاة والسلام، ثم ركب في أثناء الليل إلى مكة لطواف الوداع، فطاف آخر الليل طواف الوداع، عليه الصلاة والسلام، وصلى بالناس الفجر، وقرأ فيها بـ (الطور)، ثم بعدما انتهى من صلاة الفجر توجه إلى المدينة عليه الصلاة والسلام، صباح يوم الأربعاء الرابع عشر من ذي الحجة، عليه الصلاة والسلام، وبهذا انتهت أعمال الحج بطواف الوداع، ومن انصرف في اليوم الثاني عشر، ودع، إذا كان يريد السفر

ذلك اليوم، وإن أحب أن يبقى في مكة أيامًا، أَخَّرَ الوداع، حتى يعزم على السفر، فإذا عزم على السفر، طاف ثم سافر، وهكذا من أخر إلى اليوم الثالث عشر، ولم يتعجل، فإنه إذا فرغ من الرمي، إن كان أحب أن يبقى في مكة، يبقَ في مكة، وإن أحب السفر، طاف للوداع وساف هكذا، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، والرمي بعد الزوال في أيام التشريق، لا قبل الزوال، فإن عجز أو شُغل رمى بعد الغروب لهذا اليوم؛ يعني كل يوم إذا لم يتيسر في النهار، يرميه بعد الغروب لذلك اليوم الذي غابت شمسه، وهكذا اليوم الثاني عشر يرميه بعد الزوال إن تيسر، وإلا بعد الغروب، ولزمه المبيت والرمي من غد، وهكذا اليوم الثالث عشر يرميه بعد الزوال، لكن ليس فيه رمي بعد الغروب؛ لأنه انتهى الرمي بغروب الشمس، فالثالث عشر يجب عليه أن يرميه قبل الغروب، وهذا في الغالب غير متعذر، ولا متعسر؛ لأن الناس في الغالب ينصرفون في اليوم الثاني عشر، ولا يبقى إلا القليل في الثالث عشر، فلا يكون هناك صعوبة في الرمي قبل الغروب، لكن بعد الزوال، وفي أيام منى يكثر من ذكر الله، ومن التكبير والتهليل، قال النبي صلى الله عليه

وسلم: «أيام التشريق أيام أكل وشرب، وذكر الله» (¬1) يذبح فيها الهدايا، ويأكل ويُطْعِم، كما قال سبحانه: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}. ويكثر من الدعاء والذكر، وقراءة القرآن في الأوقات المناسبة، وتعليم الناس الخير والدعوة على الخير، كل هذا مطلوب، إذا كان عنده علم، وفي العيد كذلك، إذا لم يتيسر الرمي يوم العيد يرمي بعد الغروب إلى آخر الليل، فليلة الحادي عشر تابعة ليوم العيد، إذا لم يتيسر الرمي، فيه فإنه يرمي بعد الغروب، ويجزئه ذلك والحمد لله؛ لأن بعض الناس قد ينشغل يوم العيد، وقد يحصل له مانع من الرمي يوم العيد، فيرمي على الصحيح بعد الغروب، ولا حرج في ذلك. س: سماحة الشيخ، الذي يتابع ما تفضلتم به يلحظ أن حجة النبي صلى الله عليه وسلم كانت قرانًا، نسمع كثيرًا من المفتين أنهم يفتون بأن التمتع أفضل، كيف تناقشون هذا؟ حفظكم الله. ج: نعم، - النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أمر الصحابة أن ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث نبيشة الهذلي رضي الله عنه، برقم (20198).

يجعلوا إحرامهم عمرة؛ الذين ليس معهم هدي، وقد أفردوا الحج، أو قرنوا، فقال: «اجعلوها عمرة، ولولا أن معي الهدي لأحللت» (¬1) وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام -: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، ولجعلتها عمرة» (¬2) فهذا وجهه قول العلماء: النبي استحب التمتع؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام، رجع إليه وأمر به الصحابة، وأحب أن يكون فعل ذلك، لكن من أحب أن يحرم قارنًا وهو مُهْدٍ، فلا بأس؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يمنع من هذا النسك، وإنما أمر أصحابه أن يحلوا، إلا من كان معه الهدي، وبقي على حاله، فدل ذلك على أن القران باقٍ لمن معه الهدي؛ لأن الرسول لم يبطله عليه الصلاة والسلام، بل استمر عليه، لكن كونه يُحرم بالتمتع ولا يهدي أفضل، يشتريه من مكة أو منى عند الحاجة، ولا يهدي؛ لأن في الهدي والبقاء على الإحرام مشقة كبيرة، قد يندم عليها الإنسان، ولا سيما إذا طال الأمر، قد يقدم في آخر ذي القعدة، أو في أول ذي الحجة، ثم يبقى محرمًا لا يتطيب ولا يقص ظفرًا ولا شاربًا، ولا يأتي أهله، قد ¬

(¬1) صحيح البخاري الْحَجِّ (1651)، سنن أبي داود الْمَنَاسِكِ (1788)، سنن ابن ماجه الْمَنَاسِكِ (2980)، مسند أحمد (3/ 305). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب عمرة التنعيم، برقم (1785)، ومسلم في كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (1218).

يشق عليه ذلك، فمن رحمة الله أن شرع لنا التمتع، وألاّ نكلف أنفسنا هذه الكلفة، بل نشتري هدينا من داخل مكة، ولا حاجة إلى أن نهدي من خارجها، إذا جاء يوم العيد، أو أيام التشريق اشترى الإنسان هديه، من منى أو من مكة، وذبحه والحمد لله، ولا يشق على نفسه بالبقاء محرمًا من آخر ذي القعدة إلى يوم العيد، لا يتطيب، ولا يقص شعرًا ولا ظفرا، ولا يأتي أهله، كل هذا فيه صعوبة على الرجال والنساء جميعًا، فمن رحمة الله أن شرع التمتع لما فيه من الراحة والتيسير وعدم التكلف.

حكم توكيل البنك الإسلامي في ذبح الهدي والأضاحي

197 - حكم توكيل البنك الإسلامي في ذبح الهدي والأضاحي س: يقول السائل: ما حكم التوكيل في الهدي والأضاحي عن طريق البنك الإسلامي، وما كان من قبل الفدية، ما رأيكم فيه سماحة الشيخ (¬1) (¬2)؟ ج: هذا الذي فعله البنك الإسلامي؛ من قبول الوكالات للتخفيف عن الحجاج، والتيسير عليهم أمر طيب، وقد رأينا بحمد الله فوائده الكثيرة، وهم – بحمد الله – موثوقون، وعندهم عناية بهذا الأمر، وعندهم مندوب منا ومن وزارة العدل لمراقبة أعمالهم، فنسأل الله أن ينفع بهم ويعينهم، ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (92). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (92). ') ">

فالأمر في الحقيقة فيه سعة للحجاج؛ لأنه ليس كل واحد يستطيع أن يشتري الهدي، ويتولى ذبحه وتوزيعه، فهؤلاء يشترونه ويذبحونه، ويوزعونه فالحمد لله، لا حرج في ذلك والحمد لله، لكن من تيسر له أن يتولى هديه ويذبحه، ويوزعه، فهذه درجة عُليا، إذا تيسر فهو أفضل بلا شك، لكن ما كل واحد يتيسر له ذلك؛ للزحمة العظيمة، وقد يكون يذبحها ويتركها، ما عنده عناية بها، فهؤلاء يعتنون بها، ويوزعون اللحم في الداخل وفي الخارج، وتحصل بها المنفعة العظيمة الواسعة والحمد لله. س: ما هو الأولى للمرأة: أن توكل من يرمي عنها في النهار إذا كانت لا تستطيع الرمي، أو أن ترمي ليلاً بنفسها؟ ج: الذي يظهر – والله أعلم – أن توكيلها أولى؛ لأن وقوع الرمي في النهار أفضل بكل حال، ولأنه قد يحصل بعض الزحام في الليل، إذا تعالم الناس واعتادوا الرمي في الليل قد يصعب الرمي أيضًا، فتوكيلها حتى تؤدي العبادة في وقتها هو الأفضل والأولى إن شاء الله؛ لكونها مثلاً عاجزة، ما تستطيع الدخول مع الناس في الرمي، أو لكونها حبلى تخشى على حملها، أو لأسباب أخرى.

حكم تأخير رمي الجمار حتى اليوم الثالث عشر

198 - حكم تأخير رمي الجمار حتى اليوم الثالث عشر س: في هذا الوقت يكثر الزحام في الحج، ويحصل أضرار عظيمة، فهل يجوز للحاج أن يؤخر الرمي حتى اليوم الثالث عشر، ويرمي عن الأيام الماضية (¬1)؟ ج: أجاز هذا جمع من أهل العلم، وأنه لا بأس به، واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرعاة أن يؤخروا اليوم الحادي عشر، ويرموه مع الثاني عشر، قالوا: هذا جنس التأخير لعذر الرعاة، وإذا كان الرعاة يعذرون بسبب رعاية الإبل، فكون الإنسان يعذر بسبب خوفه على نفسه من الهلكة أولى، وأولى، فنفس الإنسان أغلى وأرفع من نفس الإبل، فإذا كانت الرعاية للإبل، ومصلحة الإبل، ومصلحة الحجيج من أجل إبلهم، تجعل الرعاة يرمون ليلاً، ويرمون متأخرين، فخوف الإنسان على نفسه من باب أولى، أن يكون عذرًا؛ ولهذا أجاز جمع من أهل العلم أن يؤخر الرمي إلى اليوم الثاني عشر، أو الثالث عشر، ثم يرمي الحاج بالترتيب، يبدأ بيوم العيد، ثم الحادي عشر، ثم الثاني عشر ثم الثالث عشر، إن تأخر كل هذا لا حرج فيه إن شاء الله، ¬

(¬1) السؤال في الشريط رقم (92).

وهكذا كون الإنسان يوكل في الرمي لعجزه وضعفه وخشية على نفسه، كل هذا من باب رعاية المصالح العامة، ودفع الضرر العظيم؛ لأن قاعدة الشريعة دفع الضرر: «لا ضرر ولا ضرار» (¬1) ورعاية المصالح العامة، ومعلوم أن اجتماع النساء والرجال فيما بين الزوال إلى غروب الشمس، عند زحمة الحج فيه الأخطار العظيمة، فإذا روعي ذلك، وسُمِحَ للمرأة بالتوكيل، والشيخ الكبير، ونحوه، صار في هذا فرج للجميع، وتيسير للجميع. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، برقم (22272)، وابن ماجه في كتاب الأحكام، باب من بنى في حقه ما يضر بجاره، برقم (2340).

حكم الأضحية في الإسلام

199 - حكم الأضحية في الإسلام س: ما حكم مَن لم يلتزم بشعيرة الضحية في ذي الحجة من كل عام؟ وما حكم من يغالي فيها مغالاة تكسر قلوب الفقراء (¬1)؟ ج: السنة في الضحية بأن يضحي الإنسان عن نفسه، وعن أهل بيته حسب التيسير، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، إن كان موسرًا ضحى بشاة واحدة، عنه وعن أهل بيته، وإن كان معسرًا، فلا شيء عليه، ولا ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (92).

ينبغي له في هذا المغالاة والتشديد، بل ينبغي له الرفق في كل الأمور، وخير الأمور أوسطها، فالسنة أن يحافظ عليها، إذا كان موسرًا، ولكن الصحيح أنها لا تجب، إنما هي سنة؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، ولا يغالي فيها مغالاة تضر بغيره، ويشدد على الفقراء في ذلك، بل من تيسر له ذلك ضحى، وتكفي الشاة الواحدة عنه، وعن أهل بيته، والحمد لله، ومن شق عليه ذلك، فلا حرج، ولا بأس أن يدَعها. وأحكامها أنه يأكل، ويهدي، ويتصدق، كما قال تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}. في الهدايا والضحايا، يأكل منها ما تيسر، ويطعم الفقراء، ويهدي إلى أقاربه، كل هذا أمر مستحب، وليس فيه تحديد، قد رأى بعض أهل العلم التثليث، وأنه يستحب أن يثلث، فيأخذ ثلثًا لنفسه وأهل بيته، وثلثًا يهديه لأقاربه وجيرانه، وثلثًا للفقراء، ولكن هذا ليس بواجب، إذا فعل ذلك فلا بأس، وإذا أكل أكثر من الثلث، أو أهدى أكثر من الثلث، أو أعطى الفقراء غالبًا فلا بأس به، والحمد لله، ثم الضحية لا بد فيها أن تكون سليمة كالهدي، - يقول النبي صلى الله عليه وسلم -: «أربع لا تجوز في الأضاحي" – ومثلها الهدايا – " العوراء

البيِّن عورها، والعرجاء البيِّن عرجها، والمريضة البيِّن مرضها، والعجفاء التي لا تنقي» (¬1) هذه لا تجزئ في الأضاحي، ولا في الهدايا، والعمياء من باب أولى، إذا كانت العوراء لا تجزئ، فالعمياء من باب أولى، وكذلك المريضة البيِّن مرضها بالجرب، أو غيره، وهكذا الهزيلة التي لا تنقي، لا تجزئ في الضحايا، وهكذا العرجاء التي ضلعها بيِّن، بحيث لا تستطيع المشي مع الصحاح، تتأخر عنهن، عرجها واضح، وهكذا العضباء التي ذهب أكثر قرنها، أو أذنها؛ لأحاديث وردت في ذلك، قلا يضحى بها، وهكذا مقطوع الألية لا يضحى به، بل يضحي بالشاة السليمة، أما كونها في الأذن شق، أو خرق أو نحو ذلك هذا لا يمنع، لكن ترك هذا أفضل، إذا تيسر كونها سليمة فهي أفضل، ولكن هذا الخرق والشق لا يمنع الإجزاء، تجزئ ولكن السليمة من ذلك أفضل، وهكذا التي قطع بعض قرنها؛ يعني القليل من القرن، ليس هو الأكثر ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الضحايا، باب ما يكره من الضحايا، برقم (2802)، والترمذي في كتاب الأضاحي، باب ما لا يجوز من الأضاحي، برقم (1497)، والنسائي في كتاب الضحايا، باب ما نهي عنه من الأضاحي العوراء، برقم (4369)، واللفظ له، وابن ماجه في كتاب الأضاحي، باب ما يكره أن يضحى به، برقم (3144).

تجزئ، ولكن السليمة أفضل، وهكذا ما قطع طرف أذنها، لكن أكثرها بقي تجزئ، ولكن السليمة أفضل والله المستعان.

بيان أنواع نسك الحج

200 - بيان أنواع نسك الحج س: الأخ: ن. ص. ق. يسأل ويقول: حدثونا عن أنواع الحج، جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: أنساك الحج ثلاثة: الأول: الإحرام بالعمرة وحدها. الثاني: الإحرام بالحج وحده. الثالث: الإحرام بهما جميعًا. وصفة كل واحد. أما العمرة فيقول: اللهم لبيك عمرة. أو يقول: اللهم إني أوجبت عمرة. هذا يقال له: عمرة مفردة. سواء في أشهر الحج أو غيرها، عليه أن يحرم بها من الميقات، الذي يمر عليه من طريق المدينة، ميقات المدينة، ومن طريق مصر والشام، من طريق الساحل يحرم من الجحفة، رابغ، ومن طريق اليمن يلملم، طريق العراق ذات عرق، الضريبة، من طريق نجد قرن المنازل، وادي قرن، ويسميه الناس السيل، على من أراد الحج أو العمرة أن يحرم من هذه المواقيت إذا مر على واحد منها، فإن كان بالعمرة يقول: اللهم لبيك عمرة. أو: اللهم إني قد أوجبت عمرة. وإن ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (259). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (259). ') ">

زاد: متمتعًا بها إلى الحج. إذا كان في أشهر الحج: شوال وذي القعدة وأول ذي الحجة، فلا بأس، وإن لم يزدها فلا بأس، إذا قال: لبيك عمرة. وهو نيته الحج، وحج، فإنه يسمى متمتعًا، وإن زادها، وقال: متمتعًا بها إلى الحج. فلا بأس أيضًا، وإن قال: فإن حبسني حابس، فمحلي حيث حبستني. كذلك لا حرج، ولا سيما إذا كان يخشى حادثًا، من مرض أو غيره، فيطوف، ويسعى، ويقصر من عموم شعر رأسه، مجموع الشعر، الجوانب والوسط يعم الشعر، ثم يحل، وبهذا تمت العمرة، وإن شاء حلق الرأس حلقًا بالموسى، أو بالماكينة التي تأتي على أصله، فهذا من أنساك العمرة: طواف وسعي وتقصير، أو حلق بعد إحرامه من الميقات والإحرام النية بالقلب، كونه ينوي بقلبه الدخول في العمرة، ثم يلبي يقول: اللهم لبيك عمرة. ينوي بقلبه في الميقات، الذي يمر عليه، أنه يريد العمرة، وهي زيارة البيت العتيق، وتسمى هذه النية إحرامًا بالنية في القلب، ويشرع له التلبية، فيقول: اللهم لبيك عمرة. ويستحب له أن يغتسل إذا تيسر، يغتسل، ويقلم أظفاره، إن كان فيها طول، أو يقص شاربه، هذا أفضل، وإن لم يفعل، فلا حرج، لو أحرم بدون اغتسال، ومن دون قص الأظفار، ولا قص شارب، فلا حرج، ويلبس الرجل إزارًا ورداء، أبيضين، أفضل، وإن كانت من نوع آخر،

كالأحمر والأسود، فلا حرج، لكن الأبيض أفضل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «البسوا من ثيابكم البياض؛ فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم» (¬1) وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، أنه دخل عام الفتح، وعليه عمامة سوداء، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه طاف مضطبعًا، لون إحرامه أخضر، فالألوان الأخرى جائزة، ولكن البياض هو الأفضل، أما المرأة فإنها تحرم فيما تيسر لها من اللباس العادي للنساء: أحمر أو أسود أو أخضر أو غيره، لكن تترك الثياب التي فيها زينة؛ لأنها قد تتعرض لفتنة الطواف والسعي، تكون ملابس عادية، ليس فيها فتنة، هذا هو الأفضل، ولكن لا تلبس القفازين في اليدين، ولا تنتقب النقاب الذي في الوجه حال إحرامها، لا في العمرة ولا في الحج، والنقاب شيء يصنع للوجه تلبسه المرأة في وجهها، وينقب فيه ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما برقم (2220)، وأبو داود في كتاب اللباس، باب في البياض، برقم (4061)، والترمذي في كتاب الجنائز، باب ما يستحب من الأكفان، برقم (994)، وابن ماجه في كتاب اللباس، باب البياض من الثياب، برقم (3566).

نقبان أو نقب واحد للعينين، هذا، النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، قال: «لا تنتقب المرأة» (¬1) والقفازان غشاءان يجعلان في اليدين، غشاءان تجعل اليدان فيهما أيضًا ممنوعة منهما المحرمة، ولكن تغطي وجهها بالجلباب، بالشيلة، تغطي يديها بجلبابها بعباءتها، لا بأس لا تلبسها في حال الإحرام مطلقًا، ولو ما عندها أحد، لا تلبس النقاب ولا القفازين، لكن عند وجود الأجنبي تغطي وجهها، ويديها بشيء غير النقاب، وغير القفازين، تقول عائشة رضي الله عنها: «كنا مع النبي في حجة الوداع، فإذا دنا منا الرجال سدلت إحدانا خمارها على وجهها ورأسها، فإذا بعدوا كشفنا» (¬2) والنوع الثاني الحج: وهو أن ينوي الإنسان الحج فقط بقلبه، نية الحج فقط، من الميقات، سواء كان رجلاً أو امرأة، هذا يسمى الإفراد، إفراد الحج، فينوي الحج بقلبه ويلبي، ويقول: اللهم لبيك حجًا. أو: اللهم إني أوجبت حجة أو حجًا. من الميقات الذي يمر عليه، وإن كان في مكة كذلك، قال من محله: لبيك حجًا. أو حول مكة من الميقات ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة، برقم (1838). (¬2) أخرجه أبو داود، باب في المحرمة تغطي وجهها، برقم (2/ 104).

من المحل الذي ينشِئ فيه الإحرام، الذي في جدة، يقول: لبيك حجًا. أو: عمرة. كما تقدم، أو الشرائع، أو كان في الزيمة، أو أم السلم، المقصود من كان دون المواقيت يحرم بالعمرة، إذا شاء مفردًا أو بالحج مفردًا: اللهم لبيك حجًا. من المحل الذي ينشِئ منه الإحرام، وإن كان قبل المواقيت أحرم من الميقات، كما تقدم فيقول: لبيك حجًا. هذا يسمى حج المفرد، فإذا وصل مكة شرع له أن يجعله عمرة، وإن كان الوقت واسعًا شرع له أن يجعله عمرة، يفسخه إلى عمرة، كما أمر النبي أصحابه بذلك، يطوف ويسعى ويقصر يجعله عمرة، أما إن كان الوقت ضيقًا، قصد عرفات، وحج مع الناس حج المفرد، ولكن لو تيسر له دخول مكة والطواف والسعي، ويقصر ويجعله عمرة، هذا يكون هو الأفضل، ويسمى فسخ الحج إلى العمرة، فإن بقي على إحرامه، وحج مع الناس بالحج المفرد، فلا بأس، يطوف ويسعى عند قدومه، ثم يبقى على إحرامه، حتى يحج مع الناس، أو يبقى على إحرامه، ولا يطوف ولا يسعى إلا بعد الحج في يوم النحرأو ما بعده، كله جائز، ولكن الأفضل أنه يبدأ بالطواف للقدوم والسعي للحج قبل الحج، يطوف ويسعى ويبقى على إحرامه، حتى ينتهي من عرفات، وإذا جاء يوم العيد طاف وسعى، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه حج قارنًا وطاف وسعى عند

قدومه ولم يحل؛ لأنه كان معه الهدي، صلى الله عليه وسلم، أما الذين أحرموا بالحج وليس معهم هدي أمرهم صلى الله عليه وسلم أن يجعلوها عمرة؛ فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا بأمره عليه الصلاة والسلام، فهذا يسمى نسك إفراد، الإفراد في الحج. وهناك نسك ثالث يسمى القران، فينوي بقلبه عمرة وحجًا جميعًا من الميقات، أو من محله الذي هو فيه، كجدة أو أم السلم، دون الميقات ينوي بقلبه حجًا وعمرة، ثم يلبي يقول: اللهم لبيك عمرة وحجًا. هذا يسمى القران، وأعماله مثل أعمال الإفراد، يطوف ويسعى أول ما يقدم مكة، ويبقى على إحرامه حتى يفرغ من حجه، فإذا فرغ من حجه من عرفات طاف يوم العيد طواف الإفاضة فقط، وأجزأه السعي السابق، ويسمى قارنًا بين الحج والعمرة، وأعماله كأعمال المفرد، لكن الأفضل له والسنة له أن يفسخ حجه إلى العمرة، يطوف ويسعى ويقصر ويحل، إذا كان ليس معه هدي، والسنة له أنه يطوف ويسعى ويقصر ويتحلل، كالذي أحرم بالحج مفردًا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه الذين أحرموا بالحج مفردًا، أو بالحج والعمرة جميعا وليس معهم هدي، أمرهم أن يجعلوها عمرة، فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا، وأما من كان معه الهدي فإنه يبقى على إحرامه،

والأفضل له أن يلبي بالحج والعمرة جميعًا، إذا كان معه الهدي، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه أحرم بالحج والعمرة جميعًا وكان معه هدي، كان معه ثلاث وستون من الإبل، أتى بها من المدينة، وجاء عليٌّ من اليمن بسبع وثلاثين، صار الجمع مائة، نحرها يوم النحر عليه الصلاة والسلام، فمن كان معه هدي ولو ناقة واحدة، ولو شاة واحدة أتى بها هذا يبقى على إحرامه، ويلبي بالحج والعمرة جميعًا، والذي ليس معه هدي فإنه يلبي بالعمرة ويوف ويسعى ويقصر، ويحج، وإن لبى بالحج مفردًا، أو بالحج والعمرة جميعًا فإنه يفسخ، يطوف ويسعى ويقصر ويجعلها عمرة، كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة الذي حجوا معه، وليس معهم هدي، هذا هو الصواب عند المحققين من أهل العلم، وأعمال القارن وأعمال المفرد شيء واحد، طواف وسعي، إن فعلهما عند القدوم أجزأه السعي، ويبقى عليه الطواف يوم العيد أو بعده، وإن لم يسعَ مع طواف القدوم سعى مع طواف الإفاضة بعد عرفات يوم العيد أو بعده، سعيًا واحدًا يجزئ المفرد ويجزئ القارن، أما المتمتع الذي طاف، وسعى، وقصر لعمرته، وحل، هذا عليه سعي ثان، مع طواف الحج يوم العيد أو بعده للحج، وذاك السعي الأول للعمرة التي خلص منها، وطاف وسعى وقصر منها.

حكم من اعتقد أنه لا يتم حجه إلا بالإتيان بالأنساك الثلاثة

201 - حكم من اعتقد أنه لا يتم حجه إلا بالإتيان بالأنساك الثلاثة س: بعض الحجاج يرى أن على المسلم أن يحج على الأنساك الثلاثة، بمعنى أن يحج مرة متمتعًا، ومرة قارنًا، ومرة مفردًا، ما حكم هذا المعتقد؟ (¬1) ج: لا أصل له، بل الصواب أن يحج متمتعًا دائمًا، هذا هو الأفضل كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، ولما فيه من زيادة العمل والعبادة؛ لأن فيه طوافًا وسعيًا للعمرة، وطوافًا وسعيًا للحج، وفيه تقصير للعمرة، وفيه تقصير للحج أو الحلق، فهو أكثر عملاً، وهو الموافق لما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، لكن النسكان الآخران جائزان: الإفراد، والقران، لكن القران تركه أفضل إلا لمن ساق الهدي. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (266).

بيان المقصود بالإفراد والقران والتمتع

202 - بيان المقصود بالإفراد والقران والتمتع س: ما معنى مفرد، وماذا يعني القران، وما معنى تمتع؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (29).

ج: الإفراد هو أن يلبي بالحج مفردًا بدون عمرة، يقول: اللهم لبيك حجًّا، ويبقى على إحرامه، حتى ينتهي من الحج، هذا يسمى مفردًا، فإن هو قال: لبيك عمرة، فيسمى متمتعًا إذا كان قبل الحج، إذا كانت عمرته بعد رمضان، أو قال: لبيك عمرة، ونيته البقاء حتى يحج، هذا يسمى متمتعًا. أو قال: لبيك عمرة وحجًّا، يسمى قارنًا، والسنة له ألاّ يبقى على حاله، بل يطوف ويسعى ويحل، ثم يكون متمتعًا، هذا هو الأفضل، لا يبقى على إحرامه، وهكذا الحاج من لبى بالحج مفردًا السنة له أن يطوف ويسعى ويقصر ويحل من العمرة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة الذين أحرموا بالحج مفردًا، أو بالحج والعمرة جميعًا، لمن دخلوا في ذي القعدة، أمرهم أن يأخذوا عمرة، فيطوفوا ويسعوا ويقصروا، هذا السنة إلا إذا كان معه هدي؛ إبل أو بقر أو غنم، فيبقى على إحرامه، سواء مفردًا أو قارنًا أو ملبيًا بعمرة، فيبقى على إحرامه ويلبي بالحج مع العمرة، ويبقى حتى يحل من حجه جميعًا يوم النحر.

بيان الأفضل من الأنساك الثلاثة

203 - بيان الأفضل من الأنساك الثلاثة س: يسأل صاحب الرسالة عن الأنساك الثلاثة أيهم أفضل: القران أم

التمتع أم الإفراد؟ (¬1)؟ ج: أفضلها التمتع، كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في حق من قدم بعد رمضان، أفضلها التمتع، وهو أن يحرم بالعمرة من الميقات الذي يمر عليه، ثم يطوف ويسعى ويقصر ويحل، ويبقى حتى يأتي وقت الحج، فإذا جاء اليوم الثامن من ذي الحجة، وهو يوم التروية لبى بالحج، وذهب إلى منى، ثم عرفات، وقف بعرفات يوم عرفة بعد صلاة الظهر والعصر إلى غروب الشمس، ثم ذهب إلى مزدلفة وبات بها، ووقف بعد الفجر إلى أن يسفر جدًا، إلى الإسفار، ثم ينصرف إلى منى. إلى آخره. فالمقصود أن التمتع هو الأفضل، وهو يشتمل على طواف وسعي للعمرة، وعلى طواف وسعي بعد الحج للحج، وباقي أعمالها أعمال الحجاج كلها، أعمال المفرد والقارن، هذا هو الأفضل، وإذا أحرم بالحج وحده أو بالحج والعمرة جميعًا، فلا حرج في ذلك، لكن الأفضل أنه يلبي بالعمرة، ويطوف ويسعى، ويقصر، ويحل إلا إن كان ساق معه هديًا، جاء به معه؛ إبل أو غنم أو بقر، يذبحها في مكة، هذا يحرم بالحج والعمرة جميعًا، هذا الأفضل، يلبي بالحج والعمرة جميعًا، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (352).

ويكون قارنًا، ويطوف ويسعى إذا قدم، ويبقى على إحرامه، فإذا جاء بعد الحج يوم العيد أو بعده طاف فقط طواف الإفاضة يكفي، وإذا رمى الجمار وأراد السفر طاف للوداع، هذا يسمى قارنًا، ومثله المفرد الذي أحرم بالحج وحده، عمله عمل القارن، إذا قدم مكة يطوف ويسعى ويبقى على إحرامه، ثم بعد نزوله من عرفات ومزدلفة يطوف فقط، يسده السعي الأول، وإن أخر السعي إلى ما بعد العيد وسعاه مع طواف الوداع كذلك كفى.

حكم ترك المتمتع لسعي الحج

204 - حكم ترك المتمتع لسعي الحج س: حججنا ومعنا طالب علم كنا نثق به، وتمتعنا في حجنا من السيل، فطفنا وسعينا، وبعد طواف الإفاضة لم نسع، فهل حجنا هذا صحيح أم لا (¬1)؟ ج: المتمتع وهو الذي يحرم بالعمرة من الميقات ويفرغ منها، ثم يحج من عامه، هذا يسمى متمتعًا في اصطلاح العلماء، وهكذا من أحرم بهما جميعًا بالعمرة والحج جميعًا، وبقي على إحرامه حتى حج يسمى متمتعًا أيضًا، ويسمى قارنًا عند أهل العلم، فهذان عليهما الهدي، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (18).

هذا الذي أحرم بالعمرة من الميقات وتحلل منها، ثم أحرم بالحج يسمى متمتعًا، وذاك الذي أحرم بهما جميعًا من الميقات، ميقات المدينة أو ميقات أهل نجد أو غيرهما، واستمر على إحرامه حتى فرغ من حجه كلاهما عليه هدي، والذي حل عليه سعي ثان، والذي لم يحل بل بقي على إحرامه حكمه حكم المفرد الذي حج حجًّا مفردًا، ليس عليه إلا سعي واحد. والحاصل أن الذي تمتع بالعمرة إلى الحج وتحلل من عمرته يسعى سعيًا ثانيًا لحجه، والسعي الأول يكون لعمرته، هذا هو المشروع، والذي أفتاكم بأنكم لا تسعون أفتى بقول بعض العلماء، نسأل الله له العفو والمغفرة، ولكن الذي عليه جمهور أهل العلم وهو أرجح القولين أن المتمتع الذي فرغ من عمرته في أشهر الحج ثم أحرم بالحج في عامه أن عليه سعيًا ثانيًا لحجه، والسعي الأول لعمرته، هذا هو المشروع، وهذا هو الأرجح، وهو أرجح القولين، وعليه أكثر أهل العلم، فإذا سمعت أيها السائل هذا فعليك أن تسعى عن حجك السابق في هذا الوقت، لا بأس في هذا الوقت أو بعده، عليك أن تسعى لحجك السابق، وعليك أن تذبح احتياطًا هديًا عن جماعك أهلك إذا كان عندك زوجة وجامعتها بعد الحج، تذبح هديًا في مكة عن جماعك

لها قبل أن تسعى، صدقة عن إتيانك لزوجتك تكون في مكة لفقراء الحرم، هذا هو المشروع على سبيل الاحتياط وخروجًا من خلاف العلماء، وهو الذي دلت عليه السنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما حج كان أصحابه ثلاثة أقسام: منهم من أهل بالعمرة وتحلل منها، ومنهم من أهل بالحج والعمرة جميعًا قارنًا، ومنهم من أحرم بالحج وحده، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي أحرموا بالحج وحده أو بالحج والعمرة جميعًا أن يجعلوها عمرة، وأن يتحللوا، فأجابوا وسمعوا وأطاعوا، وتحللوا إلا من كان معه الهدي، فإنه بقي على إحرامه، وأمر الذين تحللوا من عمرتهم، أن يسعوا سعيًا ثانيًا لحجهم بعدما رجعوا من منى. كما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، وكما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «وأما الذين حلوا من عمرتهم فطافوا طوافًا آخر لحجهم.» (¬1) يعني بين الصفا والمروة. هذا هو المعتمد. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج: باب طواف القارن برقم (1638)، ومسلم في كتاب الحج: باب بيان وجوه الإحرام وأنه يجوز إفراد الحج برقم (1211).

حكم طواف القدوم للمتمتع والقارن

205 - حكم طواف القدوم للمتمتع والقارن س: هل للحاج المتمتع والقارن طواف قدوم (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (4).

ج: إذا كان قارنًا فطوافه طواف قدوم، والعمرة الآن دخلت في الحج، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة» (¬1) فإن أحرم بهما جميعًا وقدم يطوف ويسعى، ويعتبر طاف طواف القدوم، والسعي سعي الحج، ويبقى على إحرامه إذا كان معه الهدي من إبل أو بقر أو غنم، يبقى على إحرامه إلى الحج، فإذا جاء يوم عرفة وقف بعرفات، ثم يوم العيد يرمي الجمرة جمرة العقبة، ويحلق أو يقصر، ويحصل التحلل الأول، ثم يطوف حينئذٍ، ويكون بذلك قد أدى الحج والعمرة جميعًا، وأجزأه السعي السابق، وطوافه الأول طواف قدوم، هذا إذا كان قارنًا، وهو الذي أحرم بالحج والعمرة جميعًا، وبقي على إحرامه إما لأنه ساق الهدي أو لأنه رأى أن هذا جائز ففعله واستمر على إحرامه، فإن هذا طوافه الأول يعتبر طواف قدوم، والعمرة دخلت في الحج، وصار الحكم للحج، والسعي يكون سعي الحج مقدمًا، وطواف الحج يكون بعد عرفات يوم العيد متأخرًا، طواف ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحج: باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم برقم (1218).

الحج يوم العيد أو بعده، هذا طواف الحج بخلاف لو أحرم بالعمرة وحدها فإن طواف القدوم هو طواف العمرة يجزئه، يكون طواف القدوم طوافًا واحدًا، يطوف سبعة أشواط، ويكفيه عن العمرة وعن القدوم، ولا يحتاج إلى طوافين: طواف القدوم، وطواف العمرة إذا كانت العمرة مفردة، إذا اعتمر متمتعًا فيؤدي عمرة مفردة طوافها يكون طواف القدوم، ويكفي.

حكم من جامع زوجته بعد أداء العمرة وهو متمتع

206 - حكم من جامع زوجته بعد أداء العمرة وهو متمتع س: إذا صار الحاج متمتعًا بالعمرة إلى الحج هل يحل له الجماع بعد إحلال إحرام العمرة (¬1). ج: نعم، إذا تحلل من العمرة جاز له الجماع، تحللاً كاملاً، إذا طاف وسعى وقصر وتحلل جاز له أن يجامع زوجته؛ لأنه تحلل التحلل الكامل، كما يجوز له الطيب ولبس المخيط، وتغطية الرأس أيضًا. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (23).

حكم من اعتمر في ومضان ويريد الحج متمتعا

207 - حكم من اعتمر في رمضان ويريد الحج متمتعًا س: أديت مناسك العمرة في رمضان، ونويت تأدية مناسك الحج، فإذا كان ذلك هل أحج مفردًا أم متمتعًا أم قارنًا مع العلم أنني مقيم في مكة المكرمة (¬1)؟ ج: ما دمت على ما ذكرت فالحج مفردًا، الأفضل لك أن تحج مفردًا؛ لأنك أديت العمرة في رمضان، تبقى في مكة في عبادة الله وطاعته، فإذا جاء اليوم الثامن لبيت بالحج مفردًا، هذا هو السنة، وإن أخذت عمرة بعد رمضان، فلا حرج. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (350).

حكم من أحرم بالحج متمتعا وعدل عنه إلى الإفراد

208 - حكم من أحرم بالحج متمتعًا وعدل عنه إلى الإفراد س: أحرمت بنية التمتع عمرة متمتعًا بها إلى الحج، ولكني حينما رأيت الزحام شديدًا حول البيت عدلت عن العمرة إلى الحج فقط، فهل يجوز ذلك (¬1)؟ ج: لك أن تدخل الحج بالعمرة، لك أن تلبي بالحج مع العمرة، وتكون قارنًا بذلك، يكون إحرامك قارنًا، ولكن الأفضل أن تصبر ولا ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (44).

تعجل، وإذا خفَّ الزحام تطوف وتسعى وتقصر، وتحل من عمرتك، هذا هو الأفضل، وهذا هو السنة، فإن شق عليك ذلك تلبي بالحج وتقول: اللهم لبيك حجًّا مع العمرة. وتكون قارنًا، وإذا تيسر لك الطواف تطوف فقط، وإن طفت وسعيت كفى، ثم تبقى على إحرامك إلى الحج، لكن السنة أنك تطوف وتسعى وتقصر وتحل، ويكفى؛ لأن الرسول أمر أصحابه بهذا عليه الصلاة والسلام، أمرهم أن يطوفوا ويسعوا ويقصروا، ولا يبقوا على إحرامهم، فأنت كذلك عليك التأسي بهم كما أمرهم النبي عليه الصلاة والسلام، فإذا خف الزحام تطوف وتسعى وتقصر – والحمد لله – وتلبي بالحج في وقته إذا جاء وقت الحج يوم الثامن، تلبي بالحج ثم تذهب إلى منى.

حكم اكتفاء القارن بسعي العمرة عن سعي الحج

209 - حكم اكتفاء القارن بسعي العمرة عن سعي الحج س: لقد حججت مرتين، واعتمرت أربع مرات، وهذا العام حججت لوالدتي التي لم تستطع أداء المناسك، وأيضًا أخي الذي حج لوالدي الذي لم يستطع أداء المناسك، نظرًا لكبر سنهما فقد نويت عند الإحرام بالحج متمتعًا، وبعد أن وصلت إلى الأراضي

الطاهرة قمت بطواف القدوم وطواف السعي، ولم أقصر من شعري، ولم أتحلل إلا بعد رمي الجمرة الأولى، ولم أنحر، ولم أسع مرة أخرى غير طواف الإفاضة وطواف الوداع، فهل يجوز ذلك؟ وهل يحتسب حجة فقط أم ماذا؟ وما حكم الدين في ذلك؟ وهل لي حسنات أجزى بها؟ أفيدوني جزاكم الله الكريم خير الجزاء (¬1) (¬2). ج: الذي يظهر من سؤال السائل أنه أراد التمتع بالعمرة إلى الحج، ولكنه ما صرح بالعمرة، فأحرم متمتعًا، فإذا كان أراد بقصده التمتع فالتمتع بالعمرة إلى الحج، فالقِران يسمى تمتعًا، وهذا عمل القارن، أخونا طاف وسعى وبقي على إحرامه، هذا عمل القارن، ثم طاف بعد ذلك ولم يسع، يجزئ السعي الأول عن السعي بعد الحج إذا كان نوى أن يؤدي حجًّا وعمرة جميعا فقط ولم يقصد أن يتحلل بعد السعي عند قدومه مكة، إنما أراد التمتع بالعمرة إلى الحج، يعني أن يجمع بينهما وأن يقرن بينهما، فهو قد طاف وسعى، ثم طاف بعد الحج وطاف للوداع فهذا يكفي، لكن عليه هدي، عليه أن يرسل من يذبح ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (5). (¬2) السؤال من الشريط رقم (5). ') ">

هديًا في مكة؛ لأن القارن مثل من حلَّ بالعمرة سواء بسواء، فعليه هديٌ يذبحه بمكة، أما إن كان أراد بقوله متمتعًا بالحج لا بالعمرة، وأن قصده حج مفرد، فهذا ليس عليه هدي، فالطواف والسعي الأول كافٍ، وطواف الحج طواف الإفاضة الذي فعله بعد ذلك يكفي، وطواف الوداع كذلك، وليس عليه سعيٌ آخر، وهكذا إذا كان أراد حجًا وعمرة جميعًا، فليس عليه إلا سعي واحد، وهو السعي الأول الذي فعله يكفيه، ولكن إذا كانت العمرة يعرفها ويقصدها فإن عليه الهدي، عليه أن يأتي ويذبح في مكة، أو يوكل ثقة من الثقات يذبحه في مكة عن قرانه، ويكون بذلك قد أدى الواجب، وهو واجب هدي التمتع، وليس عليه سوى ذلك، والله أعلم. س: أنا وصلت من بلدي لأداء العمرة، واعتمرت، ثم ذهبت إلى المدينة للزيارة، وجلست في المدينة أسترزق عدة شهور، ثم جاء وقت الحج وأريد أن أحج، فما هو الحكم في عملي هذا ولا سيما أنني قدمت فقط للعمرة والزيارة (¬1)؟ ج: تحج من المدينة والحمد لله، هذا من فضل الله عليك أن يسر ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (312). ') ">

لك الحج، تحرم من ميقات المدينة بالحج والحمد لله، وإذا أخذت عمرة ثانية من ميقات المدينة، ثم يوم الثامن من ذي الحجة تلبي بالحج مع الناس يكون أفضل، وتكون متمتعًا، ويكون عليك الدم ذبيحة واحدة، تذبحها يوم النحر يوم العيد، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة، هذا هو الواجب على المتمتع، وإذا أحرمت بحج مفرد فلا بأس، لكن الأفضل لك أن ترحم بالعمرة، هذا هو السنة، تطوف وتسعى وتقصر وتحل، ثم في اليوم الثامن بعد ذلك عند الذهاب إلى منى تلبي بالحج، هذا هو الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه لما قدموا من المدينة في حجة الوداع، أمرهم أن يحلوا ويجعلوها عمرة إلا من كان معه الهدي، إلا من ساق الهدي من المدينة، أو من الطريق، هذا يبقى على إحرامه، أما الذي لبى بالحج وليس معه هدي فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يحلوا بالطواف والسعي والتقصير، ويجعلوها عمرة، ثم يلبون بالحج يوم الثامن، وقد فعلوا رضي الله عنهم. س: أريد أن أحج حجًّا بدون عمرة؛ لأنني ليس عندي الاستطاعة للفدية، لكني لا أعرف الطرق الصحيحة التي أتبعها حتى يكون

حجي صحيحًا وبدون فدية علمًا بأنني أقيم وأعمل في جدة؟ ج: الحج الذي ليس فيه فدية أن تحرم بالحج مفردًا، تقول: اللهم لبيك حجًّا مع النية في قلبك إذا كنت في جدة، من جدة تلبي بالحج ناويًا الحج مفردًا، فتذهب إلى مكة وقت الحج، وتطوف وتسعى، أو تبقى على إحرامك حتى تقف في عرفات، وحتى ترمي جمرة العقبة، فإذا رميت جمرة العقبة فالأفضل أن تحلق، وإن قصرت فلا بأس، ثم تحل، ومن حل بعد الرمي أجزأه، لكن الأفضل يكون بعد الرمي والحلق أو التقصير، ثم يلبس ثيابه إذا شاء، ويتطيب إذا شاء، ثم يطوف ويسعى طوافًا بالبيت سبعة أشواط، ويصلي ركعتين، ثم يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط، هذا هو الحج المفرد، ليس فيه هدي، تحرم من مكانك في جدة، أو من الميقات إن كنت من غير جدة، إذا مررت بالميقات تحرم من الميقات بالحج فقط، تقول: اللهم لبيك حجًّا. ثم إذا جئت مكة تطوف بدون أن تسعى، وتبقى على إحرامك حتى تخرج إلى عرفات، وحتى ترمي الجمرة يوم العيد، ثم تحل وتحلق أفضل أو تقصر، ثم تحل وتتطيب وتلبس ملابسك، ثم عليك الطواف بعد ذلك طوافًا فقط بدون سعي، إلا إذا كنت أخرت السعي إلى ما بعد

العيد، تسعى مع الطواف، ليس عليك إلا سعي واحد، إن قدمته مع طواف القدوم كفى، وإن أخرته مع طواف الإفاضة فلا بأس، وإذا رميت الجمرة حصل التحلل الأول، لكن الأفضل والأحوط أن يكون مع الرمي الحلق أو التقصير خروجًا من الخلاف، ثم تحل – يعني تلبس الملابس، تتطيب – ثم يبقى عليك الطواف والسعي إن كنت ما سعيت مع طواف القدوم، ويبقى عليك الطواف والسعي، وبهذا يحصل التحلل كله، إن كان لك زوجة تحل لك الزوجة، ويبقى عليك الرمي في الحادي عشر والثاني عشر، رمي الجمار الثلاث، والمبيت ليلة إحدى عشرة، وليلة اثنتي عشرة، وإن شئت بقيت يوم الثالث عشر، يكون أفضل، تبقى اليوم الثالث عشر، وإن تعجلت اليوم الثاني عشر بعد الرمي فلا بأس، ترمي الجمرة بعد الزوال في اليوم الثاني عشر، وتعجل إلى مكة، تطوف طواف الوداع، ثم تخرج إلى أهلك بعد طواف وداع بدون سعي، وإن بقيت في منى يوم الثالث عشر ترمي الجمار الثلاث، هذا أفضل كما بقي النبي صلى الله عليه وسلم، ثم بعد رمي الجمار بعد الزوال تخرج إلى مكة للوداع، وإن بقيت في مكة أيامًا فلا بأس، لكن إذا عزمت على السفر تطوف للوداع سبعة أشواط قبل السفر، وتصلي ركعتين سنة بعد الطواف، وليس فيه سعي.

حكم الفصل بين الطواف والسعي بزمن

210 - حكم الفصل بين الطواف والسعي بزمن س: أحرمت بالحج مفردًا من مكان إقامتي في جدة ليلة الثامن من ذي الحجة، وطفت طواف القدوم قبل يوم التروية، ثم سعيت سعي الحج بعد صلاة فجر يوم التروية، فهل الترتيب الزمني الذي أديت فيه المناسك المذكورة صحيح؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: لا حرج في ذلك والحمد لله، لكن لو سعيت مع الطواف مبادرة فهو أفضل، ولكن تأخيره كونك طفت يوم الثامن أو في اليوم الثامن، ثم سعيت في صباح اليوم التاسع أو في يوم التروية لا بأس، المقصود الفصل بين السعي وبين الطواف لا يضر، لكن كون السعي يلي الطواف هذا هو الأفضل، فإذا طاف الإنسان في اليوم الثامن، أو في السابع ثم سعى بعد ذلك في اليوم الذي بعده أو في الليلة فلا حرج في ذلك. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (301).

حكم الشك بعد أداء العبادة

211 - حكم الشك بعد أداء العبادة س: يقول السائل: أديت فريضة الحج، وأكملت الحج تمامًا – ولله الحمد – وعند عودتي شعرت بأني لم أكمل الحج على الوجه المطلوب علمًا بأني أديت مناسك الحج والعمرة بالشكل

المطلوب، وجهوني حول هذه الخواطر، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: هذه الخواطر من الشيطان، فلا تلتفت إليها، والشكوك التي ترد بعد الفراغ من العبادة لا يعول عليها ولا يلتفت إليها، وأنت بحمد الله قد أديت ما عليك، وعرفت ذلك، فهذه الشكوك والأوهام كلها من الشيطان، الواجب إطراحها وعدم الالتفات إليها، والتعوذ بالله من الشيطان الرجيم. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (285).

بيان أن الواجب في حق الحاج أن يؤدي الحج كما أمر الله

212 - بيان أن الواجب في حق الحاج أن يؤدي الحج كما أمر الله س: بعض الحجاج لا يبالي بحجه، فهو لا يسأل عما أشكل عليه، أو أنه يسأل عاميًّا أو شخصًا لا يعرف بالعلم، وتعلمون سماحتكم ما يترتب على ذلك، فبم تنصحون الناس؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إن وصيتي لكل مسلم ولكل حاج أن يعني بحجه وعباداته من صلاة وصوم وزكاة وغير ذلك، المؤمن من شأنه أن يهتم بدينه، وأن يحرص على دينه حتى يؤدي ما أوجب الله عليه على بصيرة، وحتى يحذر ما حرم الله عليه على بصيرة، والحجاج جاؤوا من أقطار الأرض ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (91).

من كل فج عميق يريدون رحمة الله وفضله، وعتقه لهم من النار، ويريدون أداء ما أوجب الله عليهم من مناسك الحج والعمرة، الواجب عليهم أن يهتموا بذلك وأن يعتنوا بذلك، وأن يسألوا عما أشكل عليهم أهل العلم، وهم بحمد الله موجودون، ومن أشكل عليه سأل عنهم في المسجد الحرام والمسجد النبوي، وقد عينت الحكومة السعودية – وفقها الله – علماء في المسجد الحرام والمسجد النبوي وفي المشاعر يبصرون الناس ويعلمونهم مناسكهم، ويرشدونهم إلى كا ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، وهم يقومون بالوعظ والتذكير والتدريس والإفتاء، فعلى الحاج أن يسأل من وجد منهم في المسجد الحرام وفي المشاعر في المسجد النبوي، وهكذا يسأل من يعرف من العلماء من جماعته من رفقته، ومن غيرهم من علماء الشريعة المعروفين بالاستقامة والغيرة لله والعلم بشريعته، يسألهم من أي جنس كانوا، من الشام، من العراق، من مصر من أفريقيا، من أي مكان، ما دام يعرفهم بكل خير، ويعرفهم بالعلم والفضل، والغيرة لله والبصيرة في دينهم، حتى يفقهوه، وحتى يعلموه ما يحتاج إليه في حجه وعمرته وصلاته وسفره وإقامته وغير ذلك. ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من يرد الله به

خيرًا يفقهه في الدين» (¬1) متفق على صحته. هذا يدلنا على أن من علامات الخير ومن علامات التوفيق للعبد أن يتفقه في دين الله، وأن يتبصر في دين الله، كما يدل على أن من علامات الخذلان وعدم التوفيق الجهل بالدين والإعراض عن الدين والغفلة، فعليك يا أخي أيها الحاج، وعليك أيتها الأخت في الله الحاجة، عليكما جميعًا العناية بالحج، والعناية بجميع أمور الدين في مكة وفي المدينة، وفي بلادكم وفي كل مكان، الواجب على المكلف من الرجال والنساء العناية والتبصر في الدين، لماذا؟ لأننا مخلوقون لنعبد الله، يقول الله سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} والله أرسل الرسل لهذا الأمر؛ ليبصروا الناس ويعلموهم، وعلى رأسهم نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم، فهو أفضل الرسل، وهو إمامهم، وهو خاتمهم، وهو نصيبنا منهم عليه الصلاة والسلام، فالواجب علينا جميعًا أن نتعلم ديننا من كتاب ربنا، ومن سنة نبينا عليه الصلاة والسلام حتى نعلم العبادة التي خلقنا لها، ما هي العبادة التي خلقنا لها، نتعلمها من ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين برقم (71)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة برقم (1037).

كلام ربنا، ومن كلام رسوله، فما أمر الله به ورسوله فهو العبادة، وما نهى عنه الله ورسوله فهو المنكر الذي يترك، والطريق إلى هذا العلم والعلماء الشرعيون، العلماء الفقهاء في دين الله، المعروفون بالخير والاستقامة هم الواسطة بين العامة وبين كتاب الله، وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، هم الذين يعلمون الناس دينهم، فمن كان عنده علم رجع إلى كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وتبصر منهما وعلم الناس، ومن لم يكن له علم من عامة المسلمين من الحجاج وغيرهم عليهم أن يسألوا أهل العلم، والله يقول سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} فوصيتي للحجاج جميعًا من الرجال والنساء أن يتقوا الله وأن يحرصوا غاية الحرص على إكمال حجهم وعلى العناية به، وعلى كل ما أوجب الله عليهم من صلاة وصوم، وحق الزوج وحق الزوجة، وحق الأقارب، وحق الوالدين، وحق الجار، إلى غير ذلك. المؤمن يتبصر في دينه، والمؤمنة كذلك وبالأخص في الحج وقت أداء الحج، يخص ذلك بمزيد العناية حتى يؤدي حجه على بصيرة، والله سبحانه يقول:

{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» (¬1) يعني رجع مغفورًا له إذا أدى الحج كما ينبغي. والرفث: الجماع ودواعيه من قبلة ومس بشهوة ونحو ذلك، فالحاج لا يجوز له جماع زوجته، وليس لها أن تمكنه من ذلك حتى يحل من حجه، وحتى يحل التحلل الثاني الكامل برمي الجمار يوم العيد، وبالحلق أوالتقصير وبالطواف والسعي، هذا هو التحلل الكامل، وبعده يحل للرجل جماع أهله، وفي العمرة ليس له جماع ولا وسائل ذلك من القبلة والملامسة بشهوة، ليس له ذلك حتى يطوف كل منهما، وحتى يسعى كل منهما، وحتى يحلق الجل أو يقصر، وحتى تقصر المرأة؛ لأنه ليس لها إلا التقصير، فإذا طاف الرجل وسعى وحلق أو قصر حل من عمرته، وإذا طافت وسعت وقصرت من رأسها حلت من عمرتها، فبعد ذلك يحل لهما الجماع ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج: باب فضل الحج المبرور برقم (1521)، ومسلم في كتاب الحج: باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة برقم (1350).

الذي أباح الله من الرفث مثل ما تقدم، دواعي الجماع، كونه يلمسها بشهوة، أو يداعبها المداعبة التي تجر إلى الجماع، هذا محرم لأنه من الرفث. والفسوق: المعاصي جميعها، كل المعاصي تسمى فسوقًا كالسب والشتم للناس، وضربهم وإيذائهم، والغيبة والنميمة، والسرقة سرقة أموال الناس أو نهبها، كل هذا من الفسوق، فيجب على الحاج أن يحذر ذلك، وهكذا غير الحاج يجب الحذر من هذه المعاصي، ولكن الحاج بصفة خاصة يجب أن يحذر ذلك فلا يؤذي أحدًا لا عند الطواف ولا في السعي، ولا في أي مكان لا بيده ولا برجله ولا بكلامه، ولا يأخذ مال أحد إلا بحق، ولا يغتاب الناس ولا ينم عن الناس، ولا يشهد بالزور ولا يكذب، ولا يفعل شيئًا مما حرم الله، حتى يكمل حجه، حتى يتممه، وحتى يرجع مغفورًا له بإذن الله. والجدال: معناه المراء في الدين بغير حق، ولا جدال في الحج: يعني لا مراء في غير الحق، يعني يجادل بالباطل مع إخوانه، أو مع آخرين غير جماعته، لا يجادل، أما بيان الحق بالدليل وبالتي هي أحسن فهذا لا بأس به؛ لأن الله قال في كتابه العظيم: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}

فجادل بالتي هي أحسن في بيان الحق، بيان مشاعر الحج، بيان ما أشكل على الناس لإزالة الشبهة، هذا لا بأس، أما الجدال لإظهار جودته أو لإظهار فهمه، أو ليغلب الناس، أو لشيء من الأغراض الأخرى ليس لقصد الخير فهذا هو المذموم، وهو الجدال الذي نهى الله عنه، أما الجدال بالتي هي أحسن في بيان الحق وإرشاد الجاهل وتعليمه، وإزالة الشبهة وكشفها فهذا مأمور به، وليس داخلاً في النهي، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.

بيان وجوب تعلم المسلم أحكام العبادة قبل الشروع فيها

213 - بيان وجوب تعلم المسلم أحكام العبادة قبل الشروع فيها س: سمعنا في نور على الدرب من حلقات الشيخ عبد العزيز بن باز بعض الأسئلة الخاصة بالحجاج، وكثير من الأسئلة عن الحج، وكان من المفروض أن ترسل قبل أن يتلبسوا بنسك العبادة لا أن يرسلوها بعد ما يتلبسون بالعبادة ويخطئون، فما موقف الإسلام من ذلك، وما رأي الشيخ؟ جزاه الله عنا خيرًا (¬1) (¬2). ج: هذا هو الواجب، الواجب على المسلم أن يسأل قبل أن ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (32). (¬2) السؤال من الشريط رقم (32). ') ">

يتلبس بالعبادة، يسأل عن أمور دينه ويتفقه في دينه قبل أن يتلبس بالعبادة، يسأل عن الحج قبل أن يحرم، يسأل عن أمور الصلاة قبل أن يشرع في الصلاة، يسأل عن الصيام قبل أن يأتي شهر رمضان إذا تيسر ذلك – يعني لا يغفل، بل يبادر ويسارع إلى السؤال قبل الشروع في العبادات – لكن لو قدر أنه فرط وتساهل ولم يسأل إلا بعد ذلك فلا حرج، المهم أن يتعلم مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة» (¬1) وقال عليه الصلاة والسلام: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» (¬2) فالواجب على أهل الإسلام أن يتعلموا ويتفقهوا قبل أن يقعوا في الخطأ في عباداتهم، في صلاتهم، في صومهم، في حجهم، في عباداتهم، في جميع أمورهم، لكن لو قدر أنه غفل وسأل عما جرى في صلاته وعما جرى في صيامه كل هذا طلب علم واجب متعين، والله قال سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} قبل العبادة وبعدها، قبل التلبس وبعد التلبس، ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار: باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر برقم (2699). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا برقم (71).

لكن كونه يتأهب، كونه يسأل قبل أن يتلبس ويعد نفسه إعدادًا كاملاً حتى إذا شرع في العبادة إذا هو يؤديها عن علم وعن بصيرة، هذا هو الواجب وهذا هو الطريق السليم. س: يقول السائل: من حج مع الناس، وفعل كما يفعلون دون معرفة بالأركان والواجبات والسنن، فما الحكم في هذا الحج؟ (¬1) ج: حجه صحيح ما دام فعل ما يفعله المسلمون من الوقوف بعرفات، والذهاب إلى مزدلفة والمبيت فيها، والطواف والسعي، وبقية الأعمال من رمي الجمار وغيرها، فالحمد لله حجه صحيح، المقصود ما دام فعل أعمال الحج وإن كان ما عنده علم إنما قلد الناس فيما يفعلون، وفعل كفعلهم في أعمال الحج فإنه يكون حجه صحيحًا، مجزئًا له، لكن ليس مثل من حج عن فقه وعن علم، ذاك أفضل، والمطلوب من الحاج أنه يتعلم ويسأل أهل العلم عما أشكل عليه حتى يكون على بينة وعلى بصيرة، وهنا الآن المناسك موجودة، فيها بيان أعمال الحج، ولنا منسك مستوفٍ غالب أعمال الحج، سميناه التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة، وهو منسك مفيد، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (260). ') ">

وغيره مناسك أخرى، المقصود أن طالب العلم والمسلم الذي يريد الحج يستطيع أن يحصل منسكًا من مناسك أهل العلم يفيده في مسائل الحج، وهكذا سؤاله أهل العلم قبل أن يتوجه إلى مكة عما قد يخفى عليه، وهكذا سؤاله المدرسين في مكة في الحرم عما أشكل عليه. س: أنا مقيم في الرياض، وأريد أن أؤدي فريضة الحج في العام القادم إن شاء الله، لكني لا أعرف كيف أبدأ، وجهوني إلى الصواب، وهل من إرشاد إلى كتاب معين يفيدني في أن أؤدي فريضة الحج على الطريق الصحيح؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: نعم، يوجد كتاب مختصر كتبناه في مناسك الحج أسميناه التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة على ضوء الكتاب والسنة، تراجع المكتب في الرياض ويعطونك نسخة منه أو أكثر لتستفيد، ولك أن تبدأ بالعمرة، وتعتمر في رمضان أو في غيره، والعمرة أن تتوجه إلى مكة، فإذا وصلت الميقات تقول: اللهم لبيك عمرة. تغتسل وتتوضأ الوضوء الشرعي، وتصلي ركعتين سنة الوضوء، ثم تقول: اللهم لبيك عمرة. من الميقات، ميقات الرياض إن كنت من طريق الرياض، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (284). ') ">

وهو السيل، وإن كنت من المدينة فميقات المدينة، وإن كنت في الجنوب فمن ميقات اليمن يلملم، الميقات الذي تمر عليه تحرم منه بالعمرة، تقول: اللهم لبيك عمرة. تنويها بقلبك، وتلبس الإزار والرداء قبل الإحرام قبل النية بالقلب، ثم تستمر تقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. هذه التلبية الشرعية، وهي التلبية التي لباها النبي عليه الصلاة والسلام حتى تصل مكة وأنت تلبي، وإن ذكرت الله وسبحت الله واستغفرت الله حينذاك كله طيب، أو قراءة القرآن، كله طيب، فإذا جئت المسجد الحرام طفت سبعة أشواط، تبدأ بالحجر الأسود في كل شوط، تذكر الله في أشواطك، تدعوه، ولا بأس أن تقرأ القرآن، كله طيب، تبدأ بالتكبير: الله أكبر، عندما تبدأ الطواف من الحجر تستلمه بيدك، وتقبله، ثم تجعل البيت على يسارك وتطوف سبعة أشواط، كلما وازيت الحجر قبلته واستلمته وكبرت، وهكذا عند الركن اليماني تستلمه بيمينك بيدك وتقول: باسم الله، والله أكبر. وتقول في آخر كل شوط: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}. في آخر كل شوط من السبعة، ثم تصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم، أو في مكان من المسجد، والأفضل خلف مقام

إبراهيم ركعتين، تقرأ فيهما الفاتحة، و: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} في الأولى، و: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} في الثانية، هذا هو الأفضل كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، ثم تسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط. وباقي الإجابة نحولك إلى مراجعة كتاب التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة نظرًا لضيق الوقت. س: سائلة من القصيم تقول: ما هي فرائض الحج على أتم وجه حتى يقبله الله سبحانه وتعالى؟ ج: الحج له أركان وله واجبات، وله أشياء مشروعة موضحة في المناسك التي كتبها أهل العلم، وقد كتبنا منسكًا مختصرًا سميناه التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة، لعلك تحصلين عليه من بعض الإخوان عندك في القصيم، وفيه بيان أركان الحج وواجباته وما شرع الله في ذلك، وهو كتاب – بحمد الله – مختصر، وفيه الفائدة المطلوبة، وأركان الحج أربعة: الإحرام بالحج بالقلب،

والواجب أن يكون من الميقات الذي يمر عليه، والوقوف بعرفة، وطواف الزيارة – يعني طواف الإفاضة – والسعي. هذه أربعة أركان للحج، وله واجبات سبعة بينها العلماء، وهي مذكورة في المنسك: أولها: الإحرام من الميقات الذي يمر عليه الإنسان، الذي يجيء من مصر يحرم من ميقات مصر الجحفة – يعني رابغًا – والذي يمر من المدينة يحرم من ميقات المدينة، والذي من نجد يحرم من ميقات أهل نجد، والذي يأتي من اليمن يحرم من ميقات أهل اليمن، كل إنسان يحرم من ميقات بلده إذا مر عليه بنية الحج، يحرم من الميقات، أو بنية العمرة كذلك. الثاني: كونه يقف بمزدلفة بعد انصرافه من عرفات يبيت فيها. والثالث: المبيت بمنى ليلة إحدى عشرة، واثنتي عشرة لمن تعجل. والرابع: رمي الجمار. هذه من واجبات الحج. والخامس: الحلق أو التقصير، الحلق للرجل، والتقصير للمرأة. والسادس: طواف الوداع، إذا انتهى من حجه يطوف للوداع عند سفره إلى بلاده. والسابع: الوقوف بعرفة إلى غروب الشمس، أما إن وقف في الليل كفاه، الوقوف بالليل والحمد لله. هذه سبع واجبات من ترك شيئًا منها وجب عليه دم إلا أن يكون له عذر شرعي، وهذا مبسوط في كتب المناسك، وموضح، وهناك أشياء مشروعة للحاج مثل التلبية من حين يحرم، يلبي، والإكثار

من ذكر الله عز وجل، والإكثار من الطواف إذا تيسر ذلك، وكل ما يتعلق بالمسائل الشرعية التي ينتهزها الحاج أو المعتمر من الصدقات على الفقراء والمساكين، مثل الإكثار من قراءة القرآن، إلى غير هذا من وجوه الخير التي يفعلها في الحرم الشريف في مكة المكرمة، أو في المدينة إذا زار المدينة، هذه مكملات وفيها فضل.

بيان الفرق بين الأركان والواجبات والسنن في الحج

214 - بيان الفرق بين الأركان والواجبات والسنن في الحج س: يقول السائل: هل هناك فرق بين الأركان والواجبات والسنن في الحج من حيث الأحكام (¬1)؟ ج: نعم، الأركان لا بد منها، لا تسقط لا سهوًا ولا جهلاً ولا نسيانًا، وهي الإحرام بالقلب، والطواف، والسعي، وعرفة. هذه أركان لا بد منها، لا بد من أداء الحاج لها، وهكذا العمرة: الإحرام بنية القلب، والطواف والسعي. هذه أركان لا بد منها، أما الواجبات إذا سقط منها شيء يجبر بالدم مثل الحلق أو التقصير، ومثل المبيت بمزدلفة وفي منى، مثل طواف الوداع، ومثل رمي الجمار، هذه تجبر بالدم، إذا ترك واحدًا منها فعليه دم، وينجبر الحج والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (260).

بيان بعض الكتب التي ينصح الحاج بقراءتها

215 - بيان بعض الكتب التي ينصح الحاج بقراءتها س: إذا كنت أقيم بمنطقة جبلية وأريد أن أحج، فأي الكتب تنصحونني بقراءتها كي أحج على بصيرة؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: ننصحك بقراءة الكتب التي بينت أحكام الحج مثل عمدة الأحكام في الحديث للشيخ المقدسي، ومثل بلوغ المرام، ومثل المنتقى، هذه موجودة، وهناك مناسك فيها الفائدة والبركة إذا قرأتها أنت استفدت منها، منها ما كتبناه في هذا وسميناه التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة. جيد ونافع ومفيد، وهناك مناسك أخرى لغيري من المشايخ والإخوة مثل منسك الشيخ عبد الله بن جاسر، منسك جيد ومفيد، فإذا استعملت شيئًا منها واستفدت منه فهو طيب. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (298).

بيان وقت التمتع

216 - بيان وقت التمتع س: هل الإحرام بنسك التمتع له وقت معين كفاصل زمني بين الوقوف بعرفة ووقت الإحرام (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (352).

ج: ليس فيه شيء محدود، إذا أحرم بعد رمضان يحل من العمرة ويبقى حلالاً إلى يوم التروية ليحرم بالحج، لكن قبل شهر رمضان يحرم بالعمرة فقط، لا يحرم بالحج، السنة يلبي بالعمرة إذا كان قبل العيد في رمضان، ويحل منها ويبقى، وإذا جاء وقت الحج لبى بالحج من مكة، إذا كان مقيمًا.

بيان وقت الوقوف والإنصراف بعرفة

217 - بيان وقت الوقوف والانصراف بعرفة س: ما هي أقل مدة للوقوف بعرفة، ومتى يجوز الانصراف منها إلى مزدلفة؟ أرجو إيضاح أول الوقت وآخره ولكم الأجر من الله (¬1). ج: الوقوف بعرفة هو الركن الأعظم بالحج كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الحج عرفة» (¬2) فمن أدرك عرفة بليل قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج، وزمن الوقوف ما بين زوال الشمس يوم عرفة يوم ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (44). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الحج: باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج، برقم (889)، والنسائي في كتاب مناسك الحج: باب فرض الوقوف بعرفة برقم (3016)، وابن ماجه في كتاب المناسك: باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع برقم (3015)، والإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الرحمن بن يعمر رضي الله تعالى عنه برقم (18774).

التاسع إلى طلوع الفجر من ليلة النحر، هذا هو وقت الوقوف عند أهل العلم، ما بين الزوال يوم التاسع من ذي الحجة يوم عرفة إلى طلوع الفجر من ليلة النحر، هذا مجمع عليه بإجماع أهل العلم، ليس فيه خلاف أن هذا هو وقت الوقوف، فإذا وقف فيه ولو قليلاً أجزأه الحج، لكن إن كان بالليل أجزأه، وليس عليه فدية، وإن كان بالنهار وجب عليه أن يبقى إلى غروب الشمس كما وقف النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه وقف نهارًا بعد ما صلى الجمع، بعد ما صلى الظهر والعصر جمعًا جمع تقديم بأذان وإقامتين، تقدم إلى الموقف فوقف عليه الصلاة والسلام على راحلته حتى غابت الشمس، هذا هو الأفضل، هذا هو الكمال، يقف نهارًا ويبقى حتى غروب الشمس، فإن انصرف قبل غروب الشمس فعليه دم عند أكثر أهل العلم، يذبح في مكة للفقراء إلا إن رجع في الليل سقط عنه الدم، ولو قليلاً سقط عنه الدم، وإذا وقف قليلاً ساعة أو ربع ساعة أو نصف ساعة، المقصود مر بعرفات وهو محرم بالحج، فإن مروره أو وقوفه بها قليلاً يجزئ، إن كان في الليل أجزأ بلا فدية، وإن كان في النهار ولم يبق حتى الغروب فعليه فدية عند الجمهور، وحجه صحيح عند جمهور أهل العلم، أما الوقوف قبل الزوال فأكثر أهل العلم على أنه لا يجزئ، من وقف قبل الزوال ولم

يرجع بعد الزوال ولا في الليل أنه لا يجزئ عند الجمهور، وذهب الإمام أحمد بن حنبل وجماعة إلى أنه يجزئ قبل الزوال لحديث عروة بن مضرِّس حيث قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهارًا» (¬1) فأطلق النهار فقال: هذا يشمل قبل الزوال وما بعد الزوال. ولكن الجمهور قالوا: يحمل على ما بعد الزوال؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وقف بعد الزوال، ولم يقف قبل الزوال، وقال: عليه الصلاة والسلام «خذوا عني مناسككم» (¬2) فالأحوط للمؤمن أن يكون وقوفه بعد الزوال كما قاله جمهور أهل العلم، وكما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، ولا يتحدد الوقوف بشيء قليل أو كثير، كله يجزئ، لكن مثل ما تقدم، إن كان بالليل في أول الليل أو في ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الحج: باب ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج برقم (891)، وأبو داود في كتاب المناسك: باب من لم يدرك عرفة برقم (1950)، وأحمد في مسنده، من حديث: عروة بن مضرس الطائي رضي الله تعالى عنه برقم (16208)، والدارمي في كتاب المناسك: باب يتم به الحج برقم (1888). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الحج: باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم (1297).

وسطه أو في آخره أجزأ بلا فدية، وإن كان في النهار ولم يبق حتى الغروب فعليه فدية عند أكثر أهل العلم؛ لأنه ترك واجبًا وهو الجمع بين الليل والنهار في حق من وقف نهارًا. وقال قوم: لا فدية عليه حتى لو وقف نهارًا بعد الزوال كالليل، ولكن أكثر أهل العلم قالوا: إن وقوف النبي صلى الله عليه وسلم إلى الغروب يدل على الوجوب. وقال: «خذوا عني مناسككم» (¬1) وقوله: «خذوا عني مناسككم» (¬2) يدل على وجوب البقاء إلى الليل، فإنه عليه الصلاة والسلام، لم ينصرف حتى غابت الشمس فينبغي لمن وقف نهارًا أن يبقى إلى أن تغيب الشمس، فإذا غابت انصرف إلى مزدلفة، فإن استعجل وانصرف قبل الغروب جبره بدم عند أكثر أهل العلم، يذبح في الحرم للفقراء جبرًا للحج. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا، برقم (1297)، بلفظ لتأخذوا عني مناسككم. (¬2) صحيح مسلم الحج (1297)، سنن النسائي مناسك الحج (3062)، سنن أبو داود المناسك (1970)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 337).

حكم من ترك المبيت بمزدلفة لعذر

218 - حكم من ترك المبيت بمزدلفة لعذر س: ذهبت لأداء فريضة الحج، وذهبنا يوم تسعة من ذي الحجة إلى جبل عرفات، ولم نتمكن من المبيت في منى، وعدنا من الجبل بعد المغرب إلى المزدلفة، وصلنا في منتصف الليل، وصلينا المغرب والعشاء، وذهبنا إلى منى، ووصلنا قبل الفجر، ولم

نتمكن من المبيت في مزدلفة، فما رأيكم في عدم المبيت في منى يوم ثمانية؟ وما رأيكم في عدم المبيت في المزدلفة بعد النزول من عرفة – جزاكم الله خيرًا – وهذا المبيت كان عدم تمكننا منه بسبب المسؤولين عن الحملة؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: ما دام الواقع كما ذكره السائل فلا شيء عليه؛ لأن مروره بمزدلفة بعد نصف الليل، وجمعه الصلاة فيها، كل ذلك يحصل به الإجزاء، والحمد لله؛ ولأنه معذور بسبب الحملات وعدم تمكنه من البقاء، فلا حرج في ذلك، والمبيت في مزدلفة واجب على الصحيح، وقال بعض أهل العلم: إنه ركن، والصواب أنه واجب، وقال آخرون من أهل العلم: إنه سنة، والصواب الوسط، ليس بركن، ولكنه فوق السنة، واجب؛ لأن الرسول بات في ذلك وقال: «خذوا عني مناسككم» (¬2) اللهم صل عليه وسلم. فالواجب على الحجاج أن يبيتوا في مزدلفة إلى ما بعد نصف الليل، ومن جاءها بعد نصف الليل أجزأه ذلك إذا خرج منها آخر الليل، ويجوز للضعفة من النساء وأتباعهم الخروج بعد نصف الليل إلى منى قبل حطمة الناس؛ لأن الرسول عليه السلام رخص لهم ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (196). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا، برقم (1297)، بلفظ لتأخذوا عني مناسككم.

في ذلك عليه الصلاة والسلام، والخلاصة أن من بات بها فقد أدى الواجب، ومن خرج منها بعد نصف الليل فلا حرج عليه، ولا حرج على الضعفة أن يخرجوا بعد نصف الليل الأخير قبل حطمة الناس؛ لأن الرسول رخص لهم عليه الصلاة والسلام، ومن حيل بينه وبين ذلك بعذر شرعي كأن تعطلت سيارته ولم يصل إلى مزدلفة فلا حرج عليه إن شاء الله؛ لأنه معذور عذرًا شرعيًّا، وهكذا من منع من البقاء بها بسبب القائمين على حملته، منعوه البقاء في مزدلفة، وحالوا بينه وبين ذلك فنرجو أن لا حرج عليه إن شاء الله، وإن فدى احتياطًا بذبيحة تذبح في مكة للفقراء من باب الاحتياط فهذا حسن إن شاء الله، وأما الليلة التاسعة في منى فليست واجبة، المبيت في منى ليلة التاسعة ليس واجبًا ولكن مستحب. الرسول صلى الله عليه وسلم بات بها الليلة التاسعة، فإذا بات في منى الليلة التاسعة فهو أفضل، وإلا فليس بواجب لو لم يأت منى إلا يوم التاسع، وسار منها إلى عرفات فلا حرج في ذلك.

بيان أفضل الدعاء يوم عرفة

219 - بيان أفضل الدعاء يوم عرفة س: ما هو أفضل دعاء يقوله الحاج في عرفة؟ (¬1) ج: ليس في هذا شيء مخصوص، فإنه يدعو بما تيسر، وقد روي ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (44)؟

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» (¬1) لكن في إسناده ضعف، ومعناه صحيح، فإن يوم عرفة يوم عظيم، وهو أفضل أيام السنة عند قوم من أهل العلم، وقال آخرون: بل أفضلها يوم النحر، وكلا القولين له حظ من القوة، والمقصود أن يوم عرفة يوم عظيم، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من يوم أكثر أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو فيباهي بهم ملائكته» (¬2) فيوم عرفة يوم عظيم، وليس في الدنيا يوم أكثر أن يعتق الله فيه من النار من يوم عرفة، فينبغي أن يكثر من الدعاء، وأن يجتهد في الدعاء، ويكثر من: لا إله إلا الله؛ فإنها دعاء، وفي المعنى ذكر ودعاء، هذه الكلمة العظيمة ذكر الله سبحانه وتعالى، وهي في المعنى دعاء؛ لأن الذاكر إنما ذكر يطلب الأجر، ويطلب الفضل من الله سبحانه وتعالى، ولهذا روي عنه عليه ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات، باب في دعاء يوم عرفة برقم (3585)، ومالك في كتاب النداء للصلاة، باب ما جاء في الدعاء برقم (498). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة برقم (1348).

الصلاة والسلام قوله: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» (¬1) فينبغي للمؤمن أن يكثر من الدعاء بسؤال الجنة والتعوذ بالله من النار، ويسأله العفو: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني. وسؤاله القبول قبول الحج، والمغفرة من الذنوب والأوزار، وسؤال الله لولاة الأمور – ولاة أمر المسلمين – أن يصلحهم الله، وأن يوفقهم للقيام بحقه، وأن يعينهم على أداء الواجب، وأن يصلح أحوالهم وبطانتهم، وأن يوفقهم لتحكيم شريعة الله في عباد الله، والحذر من تحكيم القوانين الباطلة، هذه من الدعوات الطيبة، والحاج يدعو لنفسه ولإخوانه المسلمين في هذا اليوم العظيم، يسأل ربه فإنه حري بالإجابة، ويكثر من الحمد لله، يثني على الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، كل هذا من أسباب الإجابة، يحمد الله ويثني عليه، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، هذا من أسباب الإجابة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع رجلاً يدعو ولم يحمد الله ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " عجل هذا" ثم قال: «إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم يصلي على النبي – صلى الله عليه ¬

(¬1) سنن الترمذي الدعوات (3585).

وسلم – ثم يدعو بما شاء» (¬1) فدل ذلك على أن البداءة بالحمد والثناء والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام من أسباب الإجابة، والواقفون بعرفة ينبغي لهم أن يفعلوا هذا فإنهم في موقف عظيم، ودعاؤهم ترجى إجابته، فينبغي الإكثار من الدعاء بعد حمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسوله محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، ثم يدعو ويلح في الدعاء، ويكثر من الدعاء، هذا كله من أسباب الإجابة، كذلك رفع اليدين، فالرسول عليه الصلاة والسلام رفع يديه في دعاء يوم عرفة، وفي مزدلفة رفع يديه، فيستحب للحاج في يوم عرفة أن يرفع يديه ويدعو ويلح في الدعاء ويكثر من الدعاء حتى تغيب الشمس كما فعله المصطفى عليه الصلاة والسلام، ويدعو لوالديه المسلمين، ويدعو لأقاربه المسلمين، ويدعو للمسلمين عمومًا أن يصلحهم الله، وأن يثبتهم على الحق، وأن يولي عليهم خيارهم، وأن يعلمهم ما ينفعهم، وأن يمنحهم الفقه في الدين، والثبات ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه برقم (23937)، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب الدعاء برقم (1481)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما جاء في جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (3477).

على الحق، يدعو للمسلمين في سائر الدنيا، يدعو لهم أن الله يوفقهم ويهديهم ويصلح أحوالهم، ويمنحهم الفقه في الدين. وهكذا في مزدلفة، إذا وقف في مزدلفة في أثناء الليل أو كما هو السنة بعد صلاة الفجر يدعو ويلح في الدعاء، ويرفع يديه يدعو للمسلمين عمومًا، ويدعو لوالديه المسلمين، ولقراباته المسلمين، ويدعو لنفسه بالصلاح والتوفيق وحسن الختام، يدعو الله أن يصلح قلبه وعمله، وأن الله يفقهه في الدين، يدعو الله عز وجل لحكام المسلمين في كل مكان أن الله يصلح قلوبهم وأعمالهم، ويصلح لهم البطانة، وأن الله عز وجل يوفقهم للحكم بالشريعة، والتحاكم إليها، وإلزام الناس بها، ونهيهم عن كل ما حرم الله، وإقامة الحدود عليهم حتى يستقيم أمر المسلمين، وحتى يسلموا من غضب الله وعذابه، وحتى ينصرهم الله على عدوهم، فإن تحكيم الشريعة والاستقامة عليها من أسباب النصر والتوفيق، ومن أسباب هداية الله للعباد، ومن أسباب إعانتهم على عدوهم، ونصرهم على عدوهم كما قال الله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} وقال سبحانه: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}

وقال سبحانه: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} وعظم شأن الحكم بالشريعة فقال: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} الله المستعان.

حكم القصر والجمع بين الظهر والعصر بعرفة

220 - حكم القصر والجمع بين الظهر والعصر بعرفة س: هل صلاة الظهر والعصر جمعًا وقصرًا في نمرة أمر واجب أم يجوز أن أصليهما في وقت كل منهما كاملتين (¬1)؟ ج: صلاتهما جمعًا وقصرًا في عرفات، في عُرَنة، صلاهما النبي صلى الله عليه وسلم في عُرَنة، في غرب عرفات، هذا مستحب وسنة مؤكدة، ولا ينبغي للمؤمن أن يخالف السنة، لكن ليس بواجب عند أهل العلم بل هو سنة؛ لأن المسافر لو أتم صحت صلاته، لكن هنا متأكد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعله وقال: «خذوا عني مناسككم» (¬2) ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (44). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا، برقم (1297).

فلا ينبغي له أن يخالف السنة، بل يصلي مع الناس قصرًا وجمعًا، جمع تقديم، ثم يتوجه إلى محل الوقوف في نفس عرفة، ولو صلاهما في عرفة ولم يصلهما في عُرَنة ولا نمرة فلا بأس، فإن الناس في حال النفود يحتاجون إلى الترويح عن أنفسهم فغالبًا بقاؤهم في نمرة وفي عُرَنة قد يشق عليهم في آخر النهار عند دخوله في عرفة، فإذا دخل عرفة ضحى ونزل بها ضحى وبقي بها حتى يصلي الظهر والعصر فيها، في عرفات جمع تقديم فلا بأس، وإن نزل في نمرة وصلى في عُرَنة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ثم دخل عرفة هذا أفضل إذا تيسر، ولكنه في الوقت الحاضر قد يصعب على غالب الناس بسبب كثرة الناس وزحام السيارات، والله المستعان.

حكم قصر وجمع الصلاة لأهل مكة في الحج

221 - حكم قصر وجمع الصلاة لأهل مكة في الحج س: ما هو الراجح لأهل مكة بالنسبة للصلاة في مكة وعرفة ومنى؟ (¬1) ج: النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس في عرفات وفي مزدلفة وفي منى قصرًا ركعتين ركعتين، الظهر والعصر والعشاء، ومعه أهل مكة وغيرهم، ولم يأمرهم بالإتمام، فدل ذلك على أن أهل مكة مع ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (33).

الناس سواء سمَّينا الخروج إلى منى وعرفات سفرًا أو لم نسمه سفرًا، فإنهم يقصرون مع الحجيج، وهكذا جمع النبي صلى الله عليه وسلم في عرفات ومزدلفة بين الظهر والعصر في عرفة، والمغرب والعشاء في مزدلفة، والناس معه، ولم يقل: يا أهل مكة أتموا، ولم يقل لهم: لا تجمعوا. فدل ذلك أنه لا حرج عليهم من الجمع والقصر، وهذا هو المختار، وهو الأرجح من أقوال أهل العلم.

حكم ترك الحاج لصلاة الجماعة

222 - حكم ترك الحاج لصلاة الجماعة س: حاجّ صلى الظهر منفردًا في عرفات يوم التروية، وصلى العصر أيضًا مفردًا، وصلى المغرب منفردًا، وصلى العشاء مفردًا، فما حكمه؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: صلاته صحيحة ولكن أساء، فهو آثم في عدم الصلاة مع الجماعة، والصلاة صحيحة إن شاء الله، ولكن عليه التوبة إلى الله لأنه ترك الجماعة، والجماعة واجبة، صلاة الجماعة واجبة، والصلاة صحيحة، والحج ليس فيه شيء، إنما عليه التوبة إلى الله عز وجل، فالواجب على الحاج أن يصلي مع الجماعة، الجماعة التي عنده في ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (29).

منزله، أو الجماعات الآخرين، أو في مسجد الخيف إن كان في منى، المقصود أن يتحرى الجماعة ويصلي مع الجماعة ولا يصلي وحده.

حكم من وقف بعرفة ليلا أو نهارا

223 - حكم من وقف بعرفة ليلاً أو نهارًا س: يقول السائل: ما حكم من وقف بعرفة ليلاً أو نهارًا؟ (¬1) ج: إن كنت وصلت إلى عرفات في يوم عرفة أو في ليلة النحر ولو زمنًا قليلاً فحجك صحيح إذا كان مجيئك إليها ليلاً، ليلة النحر فحجك صحيح ولا شيء عليك، أما إن كنت جئتها نهارًا ولم تبق فيها إلى غروب الشمس فعليك ذبيحة واحدة، تذبح في مكة للفقراء؛ لأن الواجب على من حضر في عرفات نهارًا بعد الظهر أن يبقى إلى غروب الشمس، فإن انصرف قبل غروب الشمس فعليه دم يذبح في مكة للفقراء. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (98).

حكم الوقوف شرقي مسجد نمرة يوم عرفة

224 - حكم الوقوف شرقي مسجد نمرة يوم عرفة س: حججت في عام مضى، وذهبنا إلى عرفات في اليوم التاسع، ولكن وقفنا خلف مسجد نمرة شرقًا بحوالي خمسين مترًا فقط دون الذهاب إلى الجبل، فهل حجتنا صحيحة؟ (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (201).

ج: إذا كنت في داخل عرفات، إذا كنت خلف مسجد نمرة على ما قلت بخمسين مترًا فأنت في داخل عرفات، وحجك صحيح والحمد لله، إذا كنت لم تخرج إلا بعد الغروب، أما إن كنت خرجت قبل الغروب ولم ترجع إلى عرفة، فعليك دم يذبح في مكة للفقراء؛ لأن الواجب على من وقف بعرفات نهارًا أن يبقى إلى الليل أو يعود في الليل، فإذا كنت وقفت بعرفات حتى غابت الشمس فالحمد لله، ولا شيء عليك؛ لأن شرقي المسجد كله من عرفات.

حكم حج من وقف خارج حدود عرفة

225 - حكم حج من وقف خارج حدود عرفة س: يقول هذا السائل: إذا وقف الحاج خارج حدود عرفة قريبًا منها حتى غربت الشمس، ثم انصرف، فما حكم حجه؟ مأجورين (¬1) (¬2). ج: الذي وقف خارج عرفة لا حج له، الحج عرفة، إذا وقف خارج عرفة في الليل أو في النهار ما دخلها فلا حج له، لكن لو وقف نهارًا خارجها، ثم نبه ودخل في الليل ليلة العيد دخل عرفة أجزأ الحج، أما إذا كان ما دخل عرفة في الكلية، لا في يوم عرفة ولا في ليلة العيد فهذا لا حج له، يتحلل بعمرة والحمد لله، يطوف ويسعى ويقصر، يتحلل بعمرة. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (400). (¬2) السؤال من الشريط رقم (400). ') ">

س: يقول السائل: من جهل حدود عرفة، أو حدود مزدلفة، أو حدود منى، ولم يتبين له ذلك إلا بعد انتهاء الحج فما حكم حجه؟ (¬1) ج: أما في عرفة إذا كان ما وقف بها أبدًا لا ليلاً ولا نهارًا – لا يوم عرفة ولا ليلة العيد – فهذا حجه ليس صحيحًا، عليه أن يقضيه؛ لأنه يعتبر فاته الحج، إذا كان فريضة عليه أن يقضيه، وإذا كان نافلة يشرع له أن يقضيه، وفي وجوب القضاء عليه في النافلة نظر، لكن إذا كان حج الفريضة لا بد أن يقضيه، أما إذا كان الغلط في يوم مزدلفة أو منى فهذا عليه دم فقط، وحجه صحيح، لو ما بات في مزدلفة أو ما بات في منى ليالي منى عليه دم عن ترك الواجب، ولا يعذر فيها بالجهل ولا بالنسيان، الواجبات لا بد من دم عند تركها. س: يقول السائل: إذا امتلأت عرفة أو مزدلفة أو منى ولم يجد الحاج مكانًا في هذه الحدود فما الحكم؟ ج: أما في منى فيسقط عنه المبيت في منى، أما في مزدلفة ففي إمكانه لأنه يمكن أن يأتي في آخر الليل، ويكفيه إذا مر بها في آخر الليل إذا ما تيسر مكان، غالبًا مزدلفة لا يقفون فيها الناس كثيرًا، وبذلك ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (260). ') ">

يجد مكانًا آخر الليل، لكن إذا ما وجد مكانًا يمر بها مرورًا حسب طاقته، ويجزئه ذلك، ويكون أدى الواجب، وهكذا عرفة إذا دخلها بعد الزوال وبقي فيها إلى الغروب أجزأه ذلك، وهذا الموقف الشرعي، وإن عجز عن ذلك أتاها بالليل ولو لحظة في الليل، وهو محرم قبل طلوع الفجر ليلة العيد، ويكفي ولو قليلاً، لكن من وقف قبل الغروب لا بد أن يكمل إلى الغروب، فإذا انصرف قبل الغروب يكون عليه دم.

حكم من انصرف من عرفة قبل غروب الشمس

226 - حكم من انصرف من عرفة قبل غروب الشمس س: ما حكم من انصرف من عرفة قبل غروب الشمس (¬1)؟ ج: عليه أن يرجع فيقف بعد غروب الشمس ولو قليلاً، فإن لم يرجع فعليه دم، يذبح في مكة للفقراء؛ لأن الوقوف بها إلى الغروب واجب لمن وقف نهارًا، يجب عليه أن يكمل؛ لأن الرسول وقف نهارًا وكمل إلى الغروب عليه الصلاة والسلام، وقال: «خذوا عني مناسككم» (¬2) اللهم صل عليه. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (432). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة برقم (1297).

بيان القدر المجزئ من المبيت بمزدلفة

227 - بيان القدر المجزئ من المبيت بمزدلفة س: ما هو ضابط المبيت في المزدلفة، وإذا تعذر المبيت واكتفى الحاج بالمرور بها فقط فما حكم حجه (¬1)؟ ج: من فاتته مزدلفة فعليه دم يذبح في مكة للفقراء؛ لأن الوقوف فيها واجب، أما إن وقف فيها غالب الليل، وانصرف بعد النصف فلا بأس إذا انصرف منها بعد نصف الليل، فلا بأس، والأفضل المكث فيها جميع الليل، فإذا طلع الفجر صلى مع المسلمين صلاة الفجر، ثم وقف يذكر الله مستقبلاً القبلة، ويدعو حتى يسفر، فإذا أسفر انصرف إلى منى قبل طلوع الشمس، هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم، أما الضعفاء من النساء والشيوخ الكبار ومن معهم فلا بأس أن ينصرفوا بعد نصف الليل من مزدلفة إلى منى، الرسول رخص لهم في ذلك، أما الأقوياء وغالب الناس فالمشروع لهم البقاء في مزدلفة حتى صلاة الفجر، فإذا صلوها جلسوا فيها إلى الإسفار للذكر والدعاء، حتى يسفروا، فإذا أسفروا انصرفوا إلى منى قبل طلوع الشمس، هذا هو الأفضل. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (432).

بيان أن الوقوف بعرفة هو الركن الأعظم في الحج

228 - بيان أن الوقوف بعرفة هو الركن الأعظم في الحج س: يقول السائل: كنا في مجلس نتحدث عن أمور الدين، وخطر لنا سؤال وهو: لماذا يعتبر يوم عرفة هو أهم ركن في الحج (¬1)؟ ج: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في ذلك: «الحج عرفة» (¬2) بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحج هو عرفة، هو الركن الأعظم، من فاته الوقوف بعرفة فاته الحج؛ لأن الرسول بين ذلك، قال: «الحج عرفة» (¬3) ومن أدرك عرفة بالليل فقد أدرك الحج، فدل ذلك على أن من لم يدرك عرفة فقد فاته الحج. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (410). (¬2) أخرجه الترمذي، في كتاب الحج، باب فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك، برقم (812). (¬3) سنن الترمذي الحج (889)، سنن النسائي مناسك الحج (3044)، سنن ابن ماجه المناسك (3015)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 335)، سنن الدارمي المناسك (1887).

بيان فضل موافقة يوم الجمعة ليوم عرفة

229 - بيان فضل موافقة يوم الجمعة ليوم عرفة س: يسأل السائل ويقول: هل لوقفة عرفات يوم الجمعة ميزة على غيرها، وهل لها أجر عظيم؟ (¬1) (¬2)؟ ج: ليس في وقفة يوم الجمعة ميزة خاصة فيما نعلم، ولكن يوم الجمعة هو أفضل الأيام، وخير يوم طلعت عليه الشمس، والوقوف في ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (423). (¬2) السؤال من الشريط رقم (423). ') ">

يوم الجمعة يوافق وقفة النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وقف يوم عرفة وهو يوم الجمعة، فيصادف وقوف الناس يوم عرفة اليوم الذي فيه الجمعة حجته صلى الله عليه وسلم ووقوفه صلى الله عليه وسلم. وأمر آخر وهو أن الدعاء يوم الجمعة في آخر النهار ترجى إجابته، فإنه ساعة ما بعد العصر إلى غروب الشمس ساعة يرجى فيها إجابة الدعاء، والواقفون بعرفة يدعون الله عز وجل ويسألونه في وقفتهم إلى غروب الشمس، فهذا يرجى فيه إجابة الدعاء، فهذه المزايا ليوم الجمعة إذا صادف ذلك اليوم يوم عرفة، نسأل الله أن يوفق المسلمين لكل خير. س: السائلة من الإمارات تقول في هذا السؤال: سماحة الشيخ، يقال بأن يوم عرفة إذا صادف يوم الجمعة يسمى هذا الحج بالحج الأكبر، فهل هذا صحيح؟ وما هو الحديث الوارد في هذا الشأن إن وجد؟ ج: إذا صادف يوم الجمعة صادف عيدًا مع عيد، وصادف حجة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا فيه فضل عظيم لكن يوم الحج الأكبر هو

يوم النحر، هو يوم الحج الأكبر، لكن إذا صادفت الجمعة يوم عرفة صار فضلاً إلى خير، يوم الجمعة وفضل يوم عرفة، اجتمع للحجاج فضلان، واجتمع للحجاج موافقة حجة النبي عليه الصلاة والسلام، ففي ذلك خير عظيم وفضل كبير.

حكم صوم يوم عرفة للحاج

230 - حكم صوم يوم عرفة للحاج س: يقول السائل: ما الحكمة من منع الحاج من صوم يوم عرفة (¬1)؟ ج: الحكمة فيما بين أهل العلم أنه يوم عيد، وهو يوم ينبغي فيه تعاطي ما يسبب النشاط والقوة في الدعاء والضراعة إلى الله بالذكر، والصوم قد يضعفهم عن ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم قال في يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق، قال: «عيدنا أهل الإسلام» (¬2) يعني الأيام الخمسة: يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة. قال فيها: «عيدنا أهل الإسلام» (¬3) وهكذا يوم الجمعة لما كان يوم عيد نهى عن ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (249). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من مسند، عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم (17379). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من مسند، عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه برقم (17379).

صومها مفردة، فالأفضل في يوم عرفة أن لا يصوم، لذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم عرفة بعرفة، والنبي صلى الله عليه وسلم وقف في يوم عرفة مفطرًا، وجيء له بلبن وهو واقف بعرفة على مطيته فشرب والناس ينظرون عليه الصلاة والسلام، فالسنة للحجاج ألا يصوموا يوم عرفة، بل يكونوا مفطرين؛ لأنه أقوى لهم على العبادة، وأنشط لهم على الخير، ولأنه يوم عيد، والأعياد لا تصام، لكنه يوم عيد لا يحرم صومه، ولكن لا يستحب، يفطر فيه إلا لغير الحجاج كأصحاب المدن والقرى، من السنة أن يصوموه؛ لأنه يوم فاضل يصام، لكن بالنسبة للحجاج هو عيد لهم، فالأفضل لهم ألا يصوموه، بل يقفون بعرفات وهم مفطرون كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام، أما أهل القرى والأمصار والبوادي فالسنة لهم أن يصوموا يوم عرفة؛ لأنه يوم فاضل، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن صومه يكفر السنة التي قبله والتي بعده، وهو يوم عظيم، لكنه في حق الحجاج عيد لهم، يشرع لهم فيه الفطر.

حكم كشف المرأة وجهها في الحج

231 - حكم كشف المرأة وجهها في الحج س: مجموعة من النساء ذهبن للحج، وعندما وصلنا عرفة قلن: إننا خلعنا الثياب عن رؤوسنا من شدة الحر. ولم يعلمن ما حكم

ذلك، فما هو توجيهكم (¬1)؟ ج: إذا كان ليس هناك أجانب، لا حرج إن شاء الله، الستر يجب عند وجود الأجنبي، أما إذا خلعن عن رؤوسهن في الخيمة ليس عندهن إلا النساء فلا حرج في ذلك، مثل الرجل لو طرح الرداء عن كتفيه للحر فلا بأس بذلك. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (355).

حكم من احتلم وهو محرم

232 – حكم من احتلم وهو محرم س: أديت فريضة الحج وأنا محرم في منى، وبتنا في منى وحصل لي حدث، واغتسلت وذهبت في الصباح إلى عرفة، هل حجتي صحيحة أم يلزمني شيء (¬1) (¬2)؟ ج: إذا كان أراد بهذا أنه احتلم فلا يضره ذلك الاحتلام، ما هو باختياره، إذا احتلم ورأى المني ما يضر حجه، عليه أن يغتسل والحمد لله، وحجه صحيح، الممنوع أن يتعمد جماع الزوجة، هذا الممنوع، أما كونه يحتلم في الليل أو في النهار وهو حاج أو في رمضان لا يضره ذلك، لا يضر حجه ولا صومه؛ لأنه ليس باختياره. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (378). (¬2) السؤال من الشريط رقم (378). ') ">

س: رجل أدى فريضة الحج، ويقول: إنه احتلم وهو محرم في منى في أول ليلة نام فيها، والتي صبيحتها يوم عرفة، وبقي على إحرامه، ووقف يوم عرفة ولم يغتسل نظرًا للبس الإحرام وضيق الوقت، ما هو الحكم في ذلك؟ وهل حجه صحيح أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: حجه صحيح، وقد أخطأ في عدم الغسل، والمحتلم لا شيء عليه؛ لأن ذلك ليس باختياره، ولكنه أخطأ في تأخير الغسل، والواجب عليه البدار بالغسل حتى يصلي الفجر وبقية الصلوات بالطهارة الشرعية، فقد أخطأ بهذا وهذا غلط عظيم، فعليه التوبة إلى الله، وعليه أن يقضي تلك الصلوات. س: تقول السائلة: ذهبت فتاة لأداء فريضة الحج، وبعد الإحرام وعند وقوفها على جبل عرفات جاءتها العادة الشهرية، فما العمل؟ هل يجوز لها أن تتابع أم تتوقف عن أداء الفريضة، أو ترجع إلى محل السكن الذي تسكن فيه حتى تنتهي المدة وتحسب لها حجة؟ ساعدوني وفقكم الله. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (93). ') ">

ج: إذا حجت المرأة وجاءها الحيض وهي في عرفات فإنها تستمر، أو جاءها في منى أو قبل الصعود إلى منى أو الصعود إلى عرفات فإنها تمشي مع الناس وتفعل ما يفعله الحجاج من الذهاب إلى منى وعرفات من الذكر والدعاء في عرفات، ثم الانصراف إلى مزدلفة، وتبقى في مزدلفة مع الناس، وتستغفر الله وتعظمه، ثم تنصرف مع الناس إلى منى، ثم ترمي الجمار مع الناس، وتقص شعرها مع الناس يوم العيد، وتحل من إحرامها بحيث تتطيب، وتقص أظفارها وتكدّ شعرها إذا شاءت لا حرج عليها في كل ذلك، ويبقى عليها الطواف والسعي، فإذا طهرت تطوف وتسعى، ويتم حجها ويحصل لها التحلل الأول، حيث يباح لها الطيب، ويباح لها قص أظفارها، وكدّ شعرها ونحو ذلك، ولبس البرقع، فإذا طافت وسعت حلت الحل كله، حلت لزوجها بعد ذلك، لا حرج عليها في ذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت: «افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري» (¬1) هكذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام عائشة رضي الله عنها، فإنها جاءت محرمة، فلما جاءت مكة أصابها الحيض فشق عليها ذلك، ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، برقم (1650).

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنت من بنات آدم، هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، فدعي العمرة وأحرمي بالحج، وافعلي ما يفعله الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري» (¬1) فلما طهرت طافت وسعت فقال عليه الصلاة والسلام: «طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك» (¬2) فالنساء كذلك من أصابها الحيض في العمرة أو في أثناء الحج فإنها في الحج تكمل أعمال الحج إلا الطواف والسعي، فإنه يبقى عليها، وفي العمرة تقف لا تعمل شيئًا، فإذا طهرت طافت وسعت وقصرت وحلت. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب الاعتمار بعد الحج بغير هدي، برقم (1786)، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام وأنه يجوز إفراد الحج، برقم (1211). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب الاعتمار بعد الحج بغير هدي، برقم (1786)، ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام وأنه يجوز إفراد الحج، برقم (1211).

حكم من حاضت أو نفست أثناء الحج

233 - حكم من حاضت أو نفست أثناء الحج س: أثناء الوقوف بعرفة أتتها العادة الشهرية، فما هي الأعمال المتبقية من الحج التي لا يجوز لها فعلها بنفسها، ولو أتتها قبل وصولها إلى عرفة فما الحكم بالنسبة لحجها، هل تتمه أو تقطعه أم ماذا تفعل (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (44). (¬2) السؤال من الشريط رقم (44). ') ">

ج: حجها صحيح، أما كونها أتتها العادة الشهرية فهذا لا يمنع الحج، وهكذا لو ولدت في عرفات تكمل حجها، ولو أنها نفساء، هذا لا يقطع الحج، تذكر الله مع المسلمين في عرفات، تذكر الله وتثني عليه، وتلبي وترفع يديها في الدعاء مع المسلمين في عرفات وفي مزدلفة، وفي الطريق تلبي وتذكر الله، ما يضر هذا، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت عند قربها من مكة قبل الحج، وذهبت إلى عرفات وهي حائض: «افعلي ما يفعله الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري» (¬1) أمرها أن تفعل ما يفعله الحجاج إلا الطواف وهي حائض رضي الله عنها، وهكذا أسماء بنت عميس زوجة الصديق رضي الله عنهما لما ولدت في الميقات أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تحرم كما يحرم الناس، وأن تتحفظ بثوب، وأن تفعل ما يفعله الحجاج من الذكر والتلبية والإحرام والدعاء وغير ذلك، ما عدا الطواف، أما الصلاة فمعلوم أنها لا تصلي الصلاة، فهو شيء معروف الصلاة والطواف، لا تصلي ولا تطوف، والطواف من جنس الصلاة، قال ابن عباس: الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام. فالحائض والنفساء لا ¬

(¬1) أخرجه مسلم في، باب بيان وجوه الإحرام، برقم (4/ 30).

تصليان، ولكن حجهما صحيح، وهكذا لو حاضت قبل عرفات وهي في الطريق بعد الإحرام تكمل حجها مع الناس، لكن لا تطوف، تبقى في مكة تذكر الله، وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، والصحيح أنها تقرأ القرآن عن ظهر قلب، الصحيح من أقوال العلماء أن لها أن تقرأ القرآن عن ظهر قلب من دون المصحف في مكة وفي عرفات، وفي كل مكان، لكن لا تصلي ولا تطوف حتى تطهر كما هو معلوم، فتبقى على إحرامها ولا بأس أن تغير ملابسها، لو غيرت الملابس لا بأس بذلك، للرجل والمرأة جميعًا، لا يضر تغيير الملابس بملابس أخرى سواء لعذر أو لغير عذر، المقصود أن تغيير الملابس لا يضر من جهة الحائض ولا من جهة النفساء، ولا من جهة بقية المحرمات، ولا من جهة الرجال أيضًا، لا بأس بتغيير الملابس، فهي تستمر في حجها، تخرج معهم إلى عرفات، وتقف بالموقف، وتذكر الله وتلبي، وتدعو ربها وترفع يديها كالرجل، وهكذا تنصرف بعد الغروب إلى مزدلفة، وتبقى في مزدلفة إلى ما بعد صلاة الفجر، تقف مع الناس بعد الفجر، تدعو ربها، ترفع يديها، تلبي في الطريق وفي مزدلفة، لكن لا تصلي ولا تطوف بعد ذلك، المقصود أنها مثل الحجاج في ذكرهم ودعائهم ونحو ذلك ما عدا الصلاة والطواف، وإن تعجلت مع الماس من مزدلفة في آخر الليل فلا بأس لها أن تتعجل في آخر الليل من مزدلفة مع بقية الناس؛ لأن

الرسول رخص للضعفة في أن يتعجلوا من مزدلفة في آخر الليل عليه الصلاة والسلام، وإن تعجلت إلى منى تبقى في منى ولا تطوف، تبقى حتى تطهر فإن نزلت إلى مكة ولم تطهر بقيت في مكة حتى تطهر، فإذا طهرت طافت وسعت إن كان عليها سعي، واكملت حجها، والحمد لله.

حكم الانصراف من مزدلفة قبل نصف الليل

234 - حكم الانصراف من مزدلفة قبل نصف الليل س: إحدى الأخوات المستمعات من الأردن ف. م تقول: في أحد الأعوام أدينا فريضة الحج انا وزوجي، وفي يوم عرفة ذهبنا من عرفة إلى المزدلفة وصلينا العشاء فيها، وجمعنا منها الحصى، ولكننا لم ننم تلك الليلة في مزدلفة، وعاد بنا الباص إلى مكة، الرجاء إفادتنا أفادكم الله عن صحة حجنا، وماذا نفعل هل علينا من فدية أم لا علمًا بان زوجي متوفى، ما حكم صحة الحج الذي أديناه (¬1) (¬2)؟ ج: إذا كان الواقع ما ذكرت فالحج صحيح والحمد لله، لكن إن كان انصرافكم من مزدلفة قبل نصف الليل فعليك دم وعلى زوجك دم يذبح في مكة للفقراء والحمد لله، الحج صحيح، وأما إن كان الانصراف من ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (346). (¬2) السؤال من الشريط رقم (346). ') ">

مزدلفة بعد نصف الليل فلا شيء عليكما، والحمد لله. س: يقول: لم نصل إلى مزدلفة إلا بعد منتصف الليل نظرًا لتأخر السيارة علينا، فما الحكم؟ ج: لا حرج في ذلك ولو لم تصلوا إلا آخر الليل، والحمد لله.

حكم من لم يصل إلى مزدلفة إلا بعد الشروق

235 - حكم من لم يصل إلى مزدلفة إلا بعد الشروق س: السائل أبو رامي يقول: قمنا بالحج أنا والأولاد منذ عام، وفي يوم عرفة تخلفت السيارة عنا، وأدى ذلك إلى بقائنا في عرفة حتى قرب الفجر، وأخذنا سيارة، وهذه السيارة لم تقم بتوصيلنا إلى مزدلفة إلا بعد شروق الشمس، فصلينا بها المغرب والعشاء قضاءً والفجر أيضًا، ماذا علينا في ذلك؟ وإذا كان علينا شيء، فهل على الأطفال شيء أيضًا (¬1)؟ ج: الواجب عليكم المبادرة إلى مزدلفة، لكن إذا كان التخلف لعذر شرعي، ما حصلت السيارات تنقلكم فلا حرج عليكم والحمد لله؛ لأنكم معذورون، ولكن يجب عليكم أن تصلوا الصلاة في وقتها قبل ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (389).

نصف الليل، صلاة المغرب في وقتها والعشاء جمعًا وقصرًا، ولو في عرفة أو في الطريق لا تؤجلوها إلى ما بعد نصف الليل، قد أخطأتم في تأخيرها، فعليكم التوبة إلى الله من ذلك، الواجب على من تأخرت عنه السيارات أن يصلي الصلاة في وقتها، وهكذا عند الزحمة في الطريق لا يؤخر الصلاة، يصليها قبل نصف الليل، المغرب والعشاء قصرًا وجمعًا، وليس عليه شيء إذا فاته المبيت في مزدلفة من أجل العذر الشرعي، وهو تأخر السيارات والعجز عن المجيء، لا حرج، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}.

حكم المبيت بمزدلفة

236 - حكم المبيت بمزدلفة س: ما حكم المبيت بمزدلفة، وهل يجوز للحاج أن يذهب من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الفجر (¬1)؟ ج: لقد دلت السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام على أن المبيت بمزدلفة أمر مفترض؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بات بها، وقال: «خذوا عني مناسككم» (¬2) اللهم صل وسلم عليه. فالواجب على الحاج أن يبيت بها إذا انصرف من عرفات بعد الغروب يقصد ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (4). (¬2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب الإيضاح في وادي محسر، (5/ 125).

مزدلفة ويصلي بها المغرب والعشاء قصرًا وجمعًا، العشاء ثنتين والمغرب ثلاثًا بأذان واحد وإقامتين، ويبيت بها حتى يصلي بها الفجر، فإذا صلى بها الفجر جلس بها أيضًا يذكر الله ويدعوه مستقبل القبلة، وإن قرب من المشعر فحسن، ولكن كل مزدلفة موقف – الحمد الله – في أي مكان منها، يذكر الله ويدعوه مستقبل القبلة حتى يسفر، فإذا أسفر انصرف إلى منى كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا المبيت واجب عند أهل العلم على الصحيح، وقال بعضهم: يكفي المرور بها، ولكنه قول ضعيف، ويجوز للضعفاء من النساء والصبيان وكبار السن ومن كان معهم بصحبتهم الانصراف من مزدلفة في آخر الليل، بعد مضي نصف الليل، والأفضل بعد غروب القمر كما جاء في حديث أسماء بنت أبي بكر، فإذا غاب القمر انصرفوا إلى منى، كما أذن النبي صلى الله عليه وسلم لسودة وأخيها ولأم سلمة. هذا هو المشروع، ومن بقي من الضعفة مع الناس فلا بأس، فإذا انصرفوا من مزدلفة في آخر الليل توجهوا إلى منى ورموا الجمرة إن شاءوا، وإن شاءوا جلسوا في منى حتى يرموها نهارًا، هم مخيرون، ومن رماها ليلاً كما رمت أم سلمة في آخر الليل فلا بأس، الضعفة يرمونها ليلاً في آخر الليل، ثم ينصرفون إذا شاءوا إلى مكة للطواف ولا سيما النساء، فإنهن يخشين أن تنزل بهن العادة الشهرية فتمنعهن من الطواف فيتوجهن إلى مكة

مسرعات آخر الليل للطواف فلا بأس، كل هذا لا حرج فيه بحمد الله، أما الأقوياء فالسنة لهم المبيت بمزدلفة حتى يصلوا بها الفجر، وحتى يقفوا بها بعد الفجر حتى يسفروا، هذه السنة، ومن انصرف من الأقوياء مع الضعفة في آخر الليل أجزأه ذلك، وصح حجه في أصح قولي العلماء، ولكنه ترك الأفضل.

حكم ذكر الله عند المشعر الحرام

237 - حكم ذكر الله عند المشعر الحرام س: ما حكم من لم يذكر الله عند المشعر الحرام بعد الانتهاء من عرفات؟ لأنني رأيت معظم حجاج الخارج الذين يأتون من بلاد أخرى لم يتموا هذه الفريضة التي أمر الله بها في كتابه (¬1) (¬2). ج: ذكر الله عند المشعر الحرام سنة، فإذا تركها الإنسان فلا حرج، سنة؛ لأن الرسول أذن للضعفة أن ينصرفوا في آخر الليل، ولم يقفوا عند المشعر الحرام، بل انصرفوا من مزدلفة ولم يقل لهم: قفوا عند المشعر الحرام. دل ذلك على أنه إذا ذكر الله في منزله في مزدلفة في خيمته في طريقه كفى، ليس بلازم أن يقف عند الجبل المشعر، لو ذكر الله في مزدلفة في فراشه في مسكنه في طريقه كل ذلك طيب، هذا هو ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (366). (¬2) السؤال من الشريط رقم (366). ') ">

السنة، وإذا صعد الجبل وذكر الله عند الجبل بعد صلاة الفجر فهذا أكمل وأفضل بعد صلاة الفجر إلى أن يسفر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم وقف على المشعر، فلما أسفر جدًّا انصرف إلى منى، هذا هو الأفضل، لكن لو أن بعض الناس انصرف في آخر الليل ولم يقف عند المشعر فلا حرج؛ لأن الرسول أذن للضعفة ومن معهم أن ينصرفوا في آخر الليل. س: هل هناك أدعية خاصة يقولها الحاج في مزدلفة وما هو المشعر الحرام؟؟ ج: المشعر الحرام يدعو عنده الإنسان مثل ما شرع الله بالذكر يذكر الله ويدعو، قال الله جل وعلا: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198) ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ} فإذا أتوا المشعر يذكرون الله في أرض مزدلفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده

أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. ويجتهد في الدعاء أيضًا ويستغفر ربه سبحانه وتعالى.

حكم الخروج من مزدلفة بعد نصف الليل

238 - حكم الخروج من مزدلفة بعد نصف الليل س: السائل: ح. ع. من مكة المكرمة يقول: ما حكم الخرروج من مزدلفة بعد الساعة الواحدة والنصف ليلاً لرمي جمرة العقبة خوفًا من الزحام الشديد (¬1) (¬2)؟ ج: النبي صلى الله عليه وسلم رخص للضعفة من النساء وكبار السن والأطفال وأتباعه أن يخرجوا من مزدلفة بالليل؛ يعني آخر الليل، النصف الأخير بعد ما يغيب القمر، فلا حرج إذا خرج الضعفاء من النساء وأتباعهن، وكبار السن ونحوهم وتوجهوا إلى منى حتى يرموا الجمرة قبل الزحمة، فلا بأس بذلك كما رخص النبي لهم عليه الصلاة والسلام، أما الأقوياء فالأفضل لهم المبيت في مزدلفة والوقوف بها بعد صلاة الفجر مستقبلين القبلة يدعون الله ويسألونه، ويضرعون إليه، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (417). (¬2) السؤال من الشريط رقم (417). ') ">

ويرفعون أيديهم بالدعاء كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه صلى الفجر في مزدلفة، ثم وقف بها حتى أسفر، ورفع يديه ودعا ربه حتى أسفر جدًّا مستقبل القبلة، فلما أسفر جدًّا انصرف إلى منى قبل طلوع الشمس، هذه السنة للحجاج أن يصلوا في مزدلفة الفجر، وأن يقفوا في المشعر الحرام في مزدلفة، كل مزدلفة موقف، كلها، يستقبلون القبلة ويرفعون أيديهم ويدعون بما يسر الله من الدعاء في قبول حجهم، وبحصول المغفرة والنجاة من النار، إلى غير هذا من الدعوات الطيبة، فإذا أسفروا انصرفوا قبل طلوع الشمس، ينصرفون إلى منى قبل أن تطلع الشمس بعد الإسفار، قال عمر رضي الله عنه: كانوا في الجاهلية لا ينصرفون حتى تطلع الشمس، ويقولون: أشرق. (¬1) والنبي خالفهم فأفاض بمزدلفة قبل أن تطلع الشمس عليه الصلاة والسلام. س: يقول السائل: حججنا مع مجموعة كبيرة من الحجاج، ومعنا سيارة فيها ست نساء وطفلان ورجل، أما البقية فإنهم شباب في بقية السيارات، وبعد أن انتصف الليل في مزدلفة أحب صاحب العائلة أن ينزل إلى مكة ليطوف طواف الإفاضة، وأصر الشباب ¬

(¬1) أخرجه البخاري كتاب الحج: باب متى يدفع من جمع برقم (1684). ') ">

أن ينزلوا معه، هل يجوز لهم النزول معه أم لا؟ ج: إذا كان الحجاج معهم نساء فلهم الرخصة أن ينصرفوا من مزدلفة في النصف الأخير من الليل ليلة النحر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للضعفة من أهله أن ينصرفوا منها بالليل، وهذا ثابت عنه عليه الصلاة والسلام، والذي يظهر أن أصحابهم مثلهم، فالذين مع النساء من الرجال القوامين عليهن والرفاق الذي معهم الذي يظهر أنهم شيء واحد، فإذا سمح للضعفة أن ينصرفوا فالذين معهم كذلك مسموح لهم الانصراف، أما الأقوياء الذين ليس معهم نساء فالسنة لهم البقاء حتى يصلوا الفجر، وحتى يقفوا بعد الصلاة ذاكرين مهللين مكبرين حتى يسفروا كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وأما أولئك الضعفاء فأصحابهم حكمهم حكمهم، هذا هو الأرجح والأقرب ما داموا رفقة في سيارة واحدة، أما إن كانوا جماعة في سيارة مستقلة فالأقوياء سنتهم البقاء حتى يكملوا الليل، حتى يصلوا الفجر وحتى يقفوا مع الناس بعد صلاة الفجر ذاكرين مكبرين مهللين وداعين حتى يسفروا، هذا هو السنة بخلاف ما إذا كانوا في سيارة واحدة تجمع رجالاً ونساءً شبابًا وشيبًا، فهؤلاء

دربهم واحد، ولا حرج إن شاء الله في انصرافهم جميعًا وذهابهم إلى منى آخر الليل، ورميهم الجمرة، وذهابهم إلى مكة كل هذا لا حرج فيه إن شاء الله؛ لأن الضعيف يتبعه القوي الذي هو في رفقته أو في القيام على شؤونه.

بيان تحديد نصف الليل للخروج من مزدلفة

239 - بيان تحديد نصف الليل للخروج من مزدلفة س: هل الخروج من المزدلفة في الوقت الحاضر في الساعة الحادية عشرة والنصف – يعني وقت انتصاف الليل – هل هو للنساء فقط أو معهن غيرهن (¬1) (¬2)؟ ج: للضعفاء من النساء والرجال والشيوخ الكبار بعد نصف الليل، والليل يختلف على مدار الزمان، فإذا كان الليل عشر ساعات فالنصف بعد مضي الساعة الخامسة من العشر، وإذا كان الليل إحدى عشرة في مضي خمس ونصف، وهكذا يختلف الليل، إذا مضى نصفه بالساعة خرج الضعفاء ونحوهم كالشيوخ الكبار والأطفال، ومن معهم من الملازمين. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (432). (¬2) السؤال من الشريط رقم (432). ') ">

س: المستمع أبو عبد الله من الزلفي يقول: العام الماضي لم نبت في المزدلفة حيث معنا نساء كبيرات في السن عددهن خمس نساء، وأربع رجال، هل علينا شيء في ذلك سماحة الشيخ؟ ج: من لم يبت في مزدلفة فعليه دم، يذبح في مكة للفقراء؛ لأن المبيت فيها واجب، فمن تركه عمدًا أو تساهلاً فعليه دم؛ لأن الواجب هكذا إذا ترك المبيت عليه دم يذبح في مكة للفقراء، والمبيت في المزدلفة واجب إلا من تعسر عليه بأن حيل بينه وبين ذلك بسبب الزحمة عند انصرافهم من عرفات، ولم يتيسر له ذلك للزحمات الكثيرة حتى فات الوقت فمعذور.

حكم التقاط حصي الجمرات من مزدلفة

240 - حكم التقاط حصى الجمرات من مزدلفة س: هل يجوز التقاط جميع الجمرات من مزدلفة للجمرات الثلاث في الأيام الثلاث أم لا يجوز (¬1) (¬2)؟ ج: التقاط الجمرات جائز من مزدلفة ومن بقية الحرم، ومن عادة العامة أنهم يلتقطون الحصى كله من مزدلفة، وقد روي عن بعض ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (4). (¬2) السؤال من الشريط رقم (4). ') ">

السلف ذلك، ولكن الأفضل عدم ذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم التقط سبعًا يوم صبيحة العيد، لقطها له ابن عباس، وأعطاها إياه عليه الصلاة والسلام، فجعل يقلبها في يده ويقول: «أمثال هؤلاء فارموا، وإياكم والغلو في الدين؛ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين» (¬1) سبع ما لقط إلا سبع مثل حصى الخذف، صغيرة؛ يعني مثل بعر الغنم غير الكبير، هذا هو الخذف، فوق الحمص ودون البندق، يرمي به الجمرة يوم العيد، وإن لقطه من منى كفى ذلك، فإن ظاهر الحديث أنه لقط له من منى عليه الصلاة والسلام، هذا ظاهر السياق، فإذا لقطه من منى أو من مزدلفة فلا بأس، كله طيب، وكله كافٍ، أما بقية الجمار فتلقط من منى، هذا ظاهر السنة، وإن لقطه من مزدلفة وجمعه فلا حرج، لكن الأفضل ألا يتكلف، يلقطه من منى، ويكفي – والحمد لله – كل يوم واحد وعشرون حصاة من منى الجمرات الثلاث: الحادي عشر، والثاني عشر، وهكذا الثالث عشر لمن لم يتعجل، ومما قد يغلط فيه العامة أنهم إذا وصلوا مزدلفة اشتغلوا بلقط الحصى قبل الصلاة، قبل كل شيء، هذا غلط ما له أساس، إذا صلى وتفرغ وتعشى إذا أحب أن يلقطها فلا بأس، وإن تركها إلى منى ¬

(¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من مسند عبد الله بن العباس برقم (3248).

كفى ذلك والحمد لله، المقصود أن العامة يتكلفون في هذا، وليس له أصل، بل إن لقطها من مزدلفة فلا بأس بعد ما يصلي وبعد ما يستريح، وإن تركها حتى يلقطها من منى كفى ذلك والحمد لله. س: يقول السائل: أنا حججت بوالدتي، والتقطت لها جمارًا من مزدلفة لجميع الرمي، فطلبت مني غسل الجمار وتطييبها، وقلت لها: قد فعلت ذلك، وأنا كاذب لأنه لا وقت عندي، فما حكم طلبها لغسل الجمار وتطييبه، وما حكم كذبي على أمي هل يقبل حجي أم لا؟ ج: أما غسل الجمار وتطييبها فهذا لا أصل له، لا تغسل ولا تطيب، تؤخذ ويرمى بها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما غسلها، ولا طيبها عليه الصلاة والسلام، وهو المقتدى به، وهو الأسوة عليه الصلاة والسلام، وهو المشرع لأمته، فلا يستحب غسل الجمار، ولا تطييبها بل تؤخذ من التراب ويرمى بها، هذا هو المشروع، وأما كونك قلت لأمك أيها السائل أنك فعلت، أنك غسلته وطيبته كاذبًا فعليك التوبة إلى الله من الكذب، والاستغفار، ولا تعد لمثل هذا، وحجك صحيح بحمد الله، لا يضر حجك هذا، فإنما هو نقص في الحج، الكذب نقص في الدين، فعليك الاستغفار والتوبة، وكان الواجب عليك أن تقول: يا أمي لا يستحب

هذا، يا والدتي لا يستحب غسلها ولا تطييبها؛ لأن الرسول ما فعله ولا أصحابه، وعلينا أن نتأسى بهم، تعلمها بالسنة لأنها جاهلة، لكن لعلك كنت جاهلاً ما كنت تعرف السنة، فالحاصل أنه لا حرج عليك من جهة حجك، حجك صحيح وعليك التوبة والاستغفار عن كذبك، وعليك أن تعلم أن غسل الجمار وتطييبها لا يستحب ولا يشرع، بل هو بدعة، فعليك أن تعلم الناس، تعلم إخوانك وجماعة من جماعتك الذين معك في أي حج حججته، أو في أي مجلس تقول لهم: هذا شيء لا يشرع، وهكذا أرجو من سمع هذا المقال وهذا البرنامج أرجو منه إذا سمع الفائدة أن يبلغها غيره، وصيتي لإخواني المستمعين أن يبلغوا ما يسمعون من الفائدة؛ لأن العلم يكون هكذا بالتبليغ، فالنبي عليه الصلاة والسلام إذا خطب الناس يقول لهم: «فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع» (¬1) وكان يقول عليه الصلاة والسلام: «بلغوا عني ولو آية» (¬2) فعلينا أيها الإخوة أن نبلغ العلم، وأن نتواصى بالحق، ونتعاون على البر والتقوى حتى ينتشر العلم، إذا أنت نقلت الفائدة، والآخر نقل ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، برقم (67). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء: باب ما ذكر عن بني إسرائيل برقم (3461).

الفائدة، والأخرى المرأة نقلت الفائدة لأخواتها ولأقاربها، والأخرى نقلت ذلك فإنه يتسع العلم ويكثر، فأنا وصيتي للمستمعين دائمًا أن ينقلوا العلم إذا سمعوه من هذا البرنامج أو غير نور على الدرب، إذا سمعوا الفائدة من أهل العلم ينشرونها في مجالسهم، وفي أحاديثهم، وفيما بينهم حتى يعم العلم سواء كان ذلك يتعلق بالعقيدة والإخلاص لله سبحانه وتعالى، والحذر من الشرك، أو كان يتعلق بالصلاة أو بالصيام أو بالحج، أو بالمعاملات، على كل حال تبليغ العلم مطلوب لا من الرجال ولا من النساء عليكم جميعًا أيها المستمعون رجالاً ونساءً أن تبلغوا ما تسمعون من الفائدة في كل مكان تستطيعونه، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.

حكم تكسير الحجر لتكميل عدد الجمرات

241 - حكم تكسير الحجر لتكميل عدد الجمرات س: لقد كسرت حجرًا كبيرًا إلى واحد وعشرين حجرًا، ورمين به في اليوم الثاني – أي في اليوم الأول من أيام التشريق – فهل يعتبر رميي صحيحًا أم أنه يعتبر مجرد واحد على حسب أصله؟ وفقكم الله (¬1). ج: السنة والأفضل أن يلقط الإنسان حجرات من الأرض من دون ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (18).

تكسير؛ لأن التكسير قد يؤذيه قد يضره، وقد يطير إليه منه شيء، فإذا أخذه من الأرض فذلك أولى وأسلم، وإذا كسره فلا حرج، إذا كسره من حجر كبير واستخرج من ذلك واحدًا وعشرين حصاة، أو سبع حصيات أجزأه ذلك ولا بأس، ولو مكسرًا من حجر، فإذا رمى كل جمرة بسبع حصيات من هذا الحجر الكبير الذي كسره فإنه يجزئ ولا بأس، ولكن ذكر العلماء أن كونه يلتقط من الحجر الصغار بدون تكسير يكون أولى وأسلم، وأبعد عن الخطر؛ لأنه قد يطير إليه شيء من التكسير قد يضره، ويضر عينه، أو يضر غيره، هذا المقصود، وإلا فلا حرج في ذلك.

بيان ما يلزم من ترك رمي الجمار

242 - بيان ما يلزم من ترك رمي الجمار س: أم عبد الله من المزاحمية تقول: لقد أديت فريضة الحج قبل خمس سنوات، ولكن لم أرم إلا في المرة الأولى – أي رميت ليلة العيد قبل الفجر – حيث إننا خرجنا من مزدلفة بعد منتصف الليل خوفًا من الزحام، ثم إنني رميت الحصيات، ولا أعلم هل وقعت في الحوض أم طاشت عنه ولم تقع، وكان وقتها الزحام شديدًا، وكنت في ذلك الوقت جاهلة أنه يجب أن تقع الحصيات في الحوض. وتكمل السائلة فتقول: كما أنني لم أرم

في اليوم الثاني والثالث، وإنما وكلت أخي للرمي عني، وذلك خوفًا من الزحام فقط، كما أنني كنت جاهلة بأنه على المرأة أن ترمي بنفسها، ولا توكل إلا لعجزها عن ذلك، أفيدوني ما الذي يجب في رميي للحصيات حينما كنت لا أعلم: هل كانت تقع في الحوض أم كانت تطيش عنه، وما الذي يجب علي في توكيل أخي في الرمي في اليوم الثاني والثالث، هل يجب علي فدية أم ماذا؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: عليك عن جميع ذلك ذبيحة واحدة، عن ترك الرمي في اليوم الثاني والثالث وأنتِ قادرة، وعن رمي اليوم الأول شككتِ هل وصلت الجمرات إلى الحوض أم لا، المقصود أن عليكِ دمًا واحدًا ذبيحة جذع من الضأن، أو ثني من المعز كالضحية، يذبح في مكة للفقراء عن ترك هذا الواجب؛ لأنه لا بد من العلم عن وقوع الحصى في المرمى، أو غلبة الظن في ذلك، والهدي يذبح في مكة للفقراء، وتذبحه بنفسها أو بواسطة وكيلها. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (299).

حكم من طاف طواف الوداع بعد ما وكل في رمي الجمار

243 - حكم من طاف طواف الوداع بعد ما وكل في رمي الجمار س: بعد رمي جمرة العقبة في أول يوم العيد مرضت بالأنفلونزا،

وجلست لليوم الثاني، ورميت الجمرات الثلاث، ووكلت شخصًا لرمي الجمرات لليوم الثالث وهو اليوم الثاني من أيام التشريق، وذهبت لطواف الوداع، وذهبت إلى جدة عند أخي، فما كان منه إلا أن جعلني أرجع، وقال: هذا لا يجوز. فعدت الساعة الثانية صباحًا، ورميت في الظهر الجمرات الثلاث، ورجعت بعد طواف الوداع للمرة الثانية، هل ما عملته صحيح؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كان رميك أثناء توكيلك لأنك عاجز مريض فالوكالة صحيحة وليس عليك إعادة، وطواف الوداع صحيح إذا كان بعد رمي الوكيل، أما إذا كنت تساهلت في الوقت هذا وأنت تستطيع فأخوك لما أمرك بالرجوع فقد أصاب، فعليك أن ترمي الجمار لليوم الثاني عشر الذي وكلت فيه، وأن تقوم في رمي اليوم الثالث عشر؛ لأنك جئت في الليل وأنت يلزمك أن تبقى حتى ترمي جمرة اليوم الثالث؛ لأنك مضى عليك نهار اليوم الثاني وأنت لم ترم الجمرات، وجئت في الليل لليوم الثالث عشر، فكان يجب عليك أن تبقى حتى ترمي لليوم الثالث عشر، فعليك أن تذبح ذبيحة عن عدم المبيت، وعدم رميك لليوم الثالث عشر، وأما الوداع فمحل نظر، إن كان الوداع الأول صادف أنك رميت الجمار ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (299).

الأولى وأنت معذور بالمرض فالوداع صحيح وعودتك ما لها مطلب، أما إن كنت وكلت وانت لست في حاجة للوكالة وأنت صحيح تقوى على الرمي فعليك دم عن ترك الوداع وعن ترك الرمي لليوم الثالث عشر، عليك دمان: إحدهما عن ترك الرمي لليوم الثالث عشر، والثاني عن ترك الوداع؛ لأنك ودعت قبل أن يحل الوداع؛ لأن الوداع يكون بعد الرمي.

بيان ما يحصل به التحلل الأول

244 - بيان ما يحصل به التحلل الأول س: متى يخلع الإحرام (¬1)؟ ج: متى رمى المحرم جمرة العقبة، والمحرمة كذلك، جاز له فك الإحرام، ويبقى عليه تحريم النساء، والأفضل أن يكون مع ذلك الحلق أو التقصير، إذا رمى يحلق ويقصر، والمرأة كذلك تقصر، حتى يفعل اثنين من ثلاثة، فإن الحل يكون بثلاثة أمور، يكون بالطواف والسعي إن كان عليه سعي، وبالرمي وبالحلق أو التقصير، بثلاثة، فإذا طاف المحرم طواف الإفاضة، ورمى جمرة العقبة يوم العيد، وحلق أو قصر تم حله من النساء وغير النساء، له لبس المخيط وغطاء الرأس، وإتيان الزوجة، والمرأة كذلك إذا رمت الجمرة وطافت طواف الإفاضة وقصت من ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (277).

رأسها حلت الحل الكامل، وإذا كانت متمتعة أو الرجل متمتعًا لا بد من السعي سواء كان قارنًا جمع بين الحج والعمرة، أو متمتعًا قد حل من العمرة، لا بد من السعي مع الطواف، وبهذا يتم الحل، إذا طاف وسعى ورمى الجمرة يوم العيد وحلق أو قصر إن كان رجلاً، وقصرت إن كانت امرأة بهذا يتم الحل، وإذا فعل اثنين من ثلاثة: رمى وحلق أو قصر حصل التحلل الأول، يبقى عليه تحريم النساء، لكن يغطي رأسه، يلبس المخيط، يتطيب يقص أظفاره، إلى غير ذلك، ويبقى عليه تحريم النساء، وكذلك المرأة إذا رمت الجمرة وقصرت حل لها كل شيء حرم عليها بالإحرام إلا الزوج، فإذا طافت وسعت مع الرمي والتقصير حصل الحل كله، الزوج والطيب وقلم الأظفار وقص الشعر ونحو ذلك، يعني حلاً كاملاً، وفي حق المتمتع والقارن لا بد من السعي مع طواف الإقاضة، أما الذي لم يحرم إلا بالحج وحده فإنه يكفيه طواف الإفاضة، إذا كان سعى مع طواف القدوم كفاه السعي الأول، ويجزئه طواف الإفاضة يوم العيد، والرمي والحلق أو التقصير، ويحصل له الحل بكامله، والمرأة كذلك إذا كانت سعت مع طواف القدوم وهي قد أحرمت بالحج فإن الرمي والطواف والتقصير يكفيها، وهكذا القارن الذي قرن الحج بالعمرة حكمه حكم المفرد بالحج إذا سعى مع طواف

القدوم كفاه السعي الأول، ولا يبقى عليه إلا طواف الإفاضة، فإذا رمى وطاف وحلق أو قصر تم حله.

حكم رمي الجمرات بعد طلوع الفجر

245 - حكم رمي الجمرات بعد طلوع الفجر س: يقول السائل: حججت العام الماضي، ورأيت الناس يرمون الجمار بعد الفجر فرميت معهم، فما حكم ما فعلت (¬1)؟ ج: إذا كان ذلك يوم العيد أجزأ إن شاء الله، أما الأفضل فهو بعد طلوع الشمس، لكن ليلة العيد لا بأس بالرمي في آخر الليل في النصف الآخر، ولا بأس بالرمي بعد الفجر، والأفضل بعد طلوع الشمس، اما إذا كان في أيام التشريق؛ الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر فالرمي قبل الزوال لا يجزئ، وعليك أن تعيده بعد الزوال، فإذا كانت الأيام ذهبت ولم تعد فعليك دم عن ترك الرمي؛ لأنك في حكم من لم يرم، فعليك دم تذبحه في مكة للفقراء بسبب ترك الواجب وهو رمي الجمار بعد الزوال. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (215).

حكم لبس المخيط قبل رمي جمرة العقبة يوم النحر

246 - حكم لبس المخيط قبل رمي جمرة العقبة يوم النحر س: والدي بعد أن وصل منى ذبح كبشًا وحلق رأسه ولبس ثيابه،

فهل فعله هذا صحيح أم يلزمه هدي؟ وفقكم الله (¬1). ج: المشروع أنه لا يلبس ثيابه حتى يرمي الجمرة يوم العيد، ثم يحلق أو يقصر، والذبح بينهما، هذا هو الأفضل، يرمي، ثم يذبح، ثم يحلق أو يقصر، هذا هو السنة، ثم بعد هذا يتطيب ويلبس ثيابه، هذا هو الأفضل، فالذي ذبح وحلق ولبس ولم يرم لا يجوز له ذلك، لكن ليس عليه شيء لأنه جاهل، فما دام جاهلاً فلا شيء عليه في اللبس، إنما عليه إذا انتبه أن يخلع ثيابه المخيطة، ويرمي جمرة العقبة، ثم يلبس بعد ذلك، أما تقديمه الذبح على الرمي فلا يضر؛ لأن النبي «سئل عليه الصلاة والسلام عمن ذبح قبل أن يرمي فقال عليه الصلاة والسلام: لا حرج» (¬2) ولكن السنة يوم العيد أنه يرمي أولاً جمرة العقبة سبع حصيات، كل واحدة لحالها، يكبر مع كل حصاة: الله أكبر، ويرمي، الله أكبر، هذه السنة بحجر صغير يشبه بعر الغنم الذي ليس بكبير، ثم بعد ما يرمي الجمرة ينحر هديه إن كان تيسر، يذبح ثم يحلق رأسه وهو الأفضل، وإن قصر فلا بأس، لكن التقصير يكون من جميع الرأس من عموم رأسه من أطراف الشعر، بعض الناس يأخذ شعرات من جانب أو من جانبين، لا ينبغي ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (18). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها برقم (83).

هذا، بل يعم رأسه بالتقصير كما يعم بالحلق، ثم يكون بعد هذا قد تحلل التحلل الأول، يعني بهذا العمل يكون قد تحلل التحلل الأول، فيلبس المخيط، ويغطي رأسه ويتطيب ويفعل ما يفعله الحلال ما عدا النساء، ما عدا زوجته فإنه لا يأتيها حتى يطوف، فالذي مثلاً جهل فرمى ولبس، أو حلق ولبس لا شيء عليه لأجل الجهل، لكن يخلع الثياب في وقته إذا نبه، يخلع ويلبس إزاره ورداءه، ويكمل فيرمي إذا كان ما رمى، ويحلق إذا كان ما حلق، فإذا رمى وحلق وقصر يلبس ثيابه بعد ذلك ويتطيب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما رمى ونحر وحلق طيبته عائشة عليه الصلاة والسلام، وتحلل، ثم ركب إلى البيت فطاف طواف الإفاضة عليه الصلاة والسلام، ويروى عنه عليه السلام أنه قال: «إذا رميتم وحلقتم قد حل لكم الطيب وكل شيء إلا النساء» (¬1) فالحاصل أنه إذا رمى وحلق، أو رمى وقصر حل له كل شيء حرم عليه بالإحرام إلا النساء، فإذا رمى وحلق أو قصر وطاف طواف الإفاضة طواف الحج وسعى إن كان عليه سعي تم الحل، فحينئذٍ يلبس المخيط، ويتطيب، وتحل له زوجته ولو كان ما رمى الرمي الأخير الذي في أيام التشريق. ¬

(¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث عائشة رضي الله عنها برقم (25103).

بيان ما يحصل به التحلل الثاني

247 - بيان ما يحصل به التحلل الثاني س: من رمى وحلق وطاف بالبيت ولكنه لم يذبح، هل يجوز له التحلل الأصغر أو الأكبر (¬1) (¬2)؟ ج: إذا رمى وطاف وحلق ولو لم يذبح حل له كل شيء حتى النساء، يلبس المخيط، ويغطي رأسه، ويتطيب، ويأتي زوجته؛ لأن الذبح لا يتعلق بالتحلل على الصحيح، لكن الأفضل أن يسردها كما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، أولاً يرمي الجمرة صباح العيد، أو في آخر الليل إن كان من المستضعفين، وإن كان من الأقوياء فالسنة أن يتأخر حتى يرميها الضحى بعد طلوع الشمس، ثم ينحر الهدي سواء كان غنمًا أو بقرًا أو إبلاً، يذبحه ويأكل منه ويتصدق، ثم يحلق رأسه، والحلق أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين بالمغفرة والرحمة ثلاث مرات، والمقصرين واحدة، أو يقصر بدل الحلق من عموم رأسه، وبهذا يتحلل التحلل الأول؛ يعني يجوز له المخيط وتغطية رأسه والطيب ونحو ذلك، ويبقى عليه إتيان النساء، فإذا طاف طواف الإفاضة طواف الحج يوم العيد أو بعده وسعى السعي الذي عليه إن كان ما سعى مع طواف القدوم يسعى مع طواف الحج، أو كان متمتعًا قد طاف وسعى لعمرته ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (18). (¬2) السؤال من الشريط رقم (18). ') ">

وتحلل فإنه يسعى سعيًا ثانيًا لحجه، فإذا طاف وسعى حل من كل شيء حرم عليه بالإحرام، النساء وغير النساء، وهذا الترتيب هو السنة، أن يرمي، ثم يذبح، ثم يحلق أو يقصر – والحلق أفضل – ثم يطوف ويسعى إذا كان عليه سعي. هذا الترتيب المشروع، هذا هو الأفضل، وهذا هو السنة، لكن لو قدم بعضه على بعض بأن نحر قبل أن يرمي، حلق قبل أن يذبح، طاف قبل أن يرمي، طاف قبل أن يحلق، لا حرج في ذلك، النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن هذا، قال له رجل: «يا رسول الله، نحرت قبل أن أرمي؟ قال: " لا حرج " قال آخر: حلقت قبل أن أذبح؟ قال: "لا حرج " وقال له آخر عليه الصلاة والسلام: أفضت قبل أن أرمي؟ قال: "لا حرج "» (¬1) قال الراوي – وهو ابن عباس -: «فما سئل يومئذٍ عن شيء قدم أو أخر إلا قال: افعل ولا حرج» (¬2) وهكذا جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وهذا يدل على التوسعة بحمد الله، وأن الأمر موسع، وهذا من إحسان الله عز وجل على عباده؛ لأن هذا اليوم يكثر فيه النسيان، يكثر فيه الجهل، فمن رحمة الله أن جعل الأمر واسعًا، من ذبح قبل أن يرمي لا حرج، من حلق قبل أن يذبح لا حرج، ¬

(¬1) صحيح البخاري العلم (83)، صحيح مسلم الحج (1306)، سنن الترمذي الحج (916)، سنن أبو داود المناسك (2014)، موطأ مالك الحج (959)، سنن الدارمي المناسك (1907). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها برقم (83).

من طاف قبل أن يرمي، طاف قبل أن يذبح، طاف قبل أن يحلق لا حرج، هذه كلها بحمد الله موسعة، إنما الأفضل والأولى أنه يرمي، ثم يذبح، ثم يحلق أو يقصر – والحلق أفضل – ثم الطواف الأخير. هذا هو الأفضل، ويلبس ثيابه إذا رمى وحلق، أو رمى وقصر يلبس ثيابه ولو كان ما بعدُ طاف، يلبس ثيابه ويغطي رأسه، ويطوف بثيابه العادية بعد رميه وحلقه أو تقصيره. س: يقول السائل في أحد الأعوام حججت ولله الحمد، وعندما أتينا من مزدلفة إلى منى لرمي الجمرات ذهبت ورميت سبع جمرات، وعندما سألت في المساء قالوا لي: ليس بسبع، إنما إحدى وعشرون جمرة، ثم قمت في اليوم الثالث فرميت الجمرات المتبقية عليَّ، هل عليَّ شيء؟ أرجو الإفادة (¬1). ج: أما يوم العيد فليس فيه إلا سبع، جمرة العقبة ترمى بسبع حصيات، أما الأيام الأخرى: الحادي عشر، والثاني عشر فإن الواجب رمي ثلاث جمار، كل واحدة منهن بسبع: الأولى، والوسطى، والأخيرة، كل واحدة بسبع، والأخيرة هي التي تلي مكة (تكون هي التالية) التي ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (295). ') ">

رماها الناس يوم العيد، تكون هي الأخيرة، وترمى الجمرتان الأوليان قبلها، الأولى التي تلي مسجد الخيف في داخل منى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة التي رماها الناس يوم العيد، وهكذا اليوم الثاني عشر ترمى الثلاث كل واحدة بسبع حصيات، فإذا كنت رميت الثلاث يوم الحادي عشر والثاني عشر كل واحدة بسبع فليس عليك شيء، وإن كنت تركت هذه الجمرات أو بعضها فعليك دم يذبح في مكة للفقراء، إذا كنت تركت سبعًا في الحادي عشر أو تركتها كلها، أو تركت ثنتين منها – يعني أربعة عشر – فإن عليك دمًا يذبح في مكة للفقراء، أما إذا كنت كملت إحدى وعشرين يوم الحادي عشر، وإحدى وعشرين يوم الثاني عشر، ثم نفرت قبل الغروب فليس عليك شيء. س: نويت الحج في اليوم الثامن من منى، ووقفت بعرفة، وقمت بالمبيت بمزدلفة، ولكن بعد صلاة الفجر تحركنا بالسيارة إلى خارج مزدلفة، وقمنا برمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس، وقمت بحلق شعري، وبعدها تحللت من الإحرام، وانتظرت حتى بعد صلاة العصر، واتجهت للحرم للطواف، فهل علي شيء فيما تقدم؟

ج: ليس عليك شيء ولا على أصحابك، لكن لو أجلتم الرمي إلى ما بعد طلوع الشمس يكون أفضل، وإلا فهو مجزئ والحمد لله، من حين ينتصف الليل ليلة النحر فهو مجزئ، لكن الأفضل للأقوياء أن يؤجلوا الرمي إلى ما بعد طلوع الشمس كما رمى النبي صلى الله عليه وسلم، ومن رمى قبل ذلك أجزأه، ولا سيما الضعفة من النساء والشيوخ والمرضى، كل هذا لا بأس به، أما الأقوياء فالأفضل لهم أن يؤجلوا الرمي إلى ما بعد طلوع الشمس يوم العيد، هذا هو الأفضل، ومن قدمه فلا حرج إن شاء الله.

حكم من أخر رمي جمرة العقبةفي يوم العيد ليلا

248 - حكم من أخر رمي جمرة العقبة في يوم العيد ليلاً س: لم أتمكن من رمي جمرة العقبة يوم العيد، فرميتها ليلة اليوم الأول من أيام التشريق، فهل يلزمني شيء في ذلك أم لا؟ وفقكم الله (¬1). ج: الرمي يوم العيد يجزئ كله؛ لأن يوم العيد كله محل رمي، لكن من فاته ذلك بأن غابت عليه الشمس يوم العيد ولم يرم، ورمى بعد غروب الشمس أجزأه على الصحيح، بعض أهل العلم يقولون: لا ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (18).

يجزئه، ولكن يؤجل الرمي إلى ما بعد الزوال من اليوم الحادي عشر، فيبدأ به عن يوم العيد، ثم يرمي اليوم الحادي عشر. هكذا قال جماعة من أهل العلم، وهو مشهور عند أهل العلم، ولكن الصواب أنه لا حرج في ذلك، وأنه يجزئه إذا غابت الشمس، ثم رمى بعد غروبها عن يوم العيد، أجزأه على الصحيح، وإن أخره خروجًا من الخلاف ورماه بعد الزوال عن يوم العيد بالنية، ثم رمى ذلك اليوم الحادي عشر بإحدى وعشرين حصاة عن ذلك اليوم بعد الزوال كان حسنًا أيضًا، وفيه خروج من الخلاف.

حكم من رمى الشاخص ولم تقع في الحوض

249 - حكم من رمى الشاخص ولم تقع في الحوض س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم رمي الجمرة الكبرى في العمود الخرساني من الخلف، وإذا لم تقع الجمار في الحوض فما الحكم (¬1)؟ ج: لا بد أن تقع الجمار في الحوض، وإذا رمى جمرة العقبة من الخلف ولم تقع في الحوض لا يجزئ، يكون ما رماها حتى يقع الحصى في الحوض. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (432).

حكم التوكيل في رمي الجمرات

250 - حكم التوكيل في رمي الجمرات س: يقول السائل: كتب الله لي في العام الماضي الحج، وفي يوم العيد بعد رمي جمرة العقبة ذهبت إلى الطواف بالبيت، وقد تم ذلك وقصرت، ثم لبست ثوبي، وبعد ذلك ذهبت إلى مكان محل تجاري لأصحابي، وقمت في الدكان بتنزيل بضاعة من أعلى الدكان ووقعت وتورمت قدماي الاثنتان، وعجزت عن رمي الجمرات في اليوم الثاني والثالث، وقد وكلت من يرمي عني في هذين اليومين، فهل حجي صحيح واكتمل؟ وجهوني جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل فحجك صحيح والحمد لله، وأنت معذور لأنك بسبب ما أصابك من الحادث لا تستطيع رمي الجمار، فإذا وكلت في ذلك فلا حرج، توكيلك كافٍ والحمد لله، وهكذا كل مريض وكل عاجز إذا وكل في رمي الجمار كفى، والحمد الله. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (223).

حكم طواف القدوم

251 - حكم طواف القدوم س: هل طواف القدوم واجب أم سنة، وهل هناك دليل على أن الحاج الواقف بعرفة ليس عليه صيام في ذلك اليوم (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (427).

ج: طواف القدوم سنة، والنبي صلى الله عليه وسلم لما قدم طاف ثم سعى، فلو أن إنسانًا جاء متأخرًا وقصد عرفة، ولا طاف للقدوم فلا حرج، يطوف بعد ذلك، لكن لو قدم قبل ذلك، قصد الكعبة وطاف وسعى، ثم توجه إلى عرفة يكون هذا أفضل، وإن كان عنده سعة طاف، وسعى، وقصر، وحل، جعلها عمرة، ثم يحرم بالحج يوم الثامن، يكون متمتعًا، هذا أفضل أيضًا، أما الواقف بعرفة فلا يصوم، لأن النبي عليه الصلاة والسلام، وقف مفطرًا ونهى عن صوم عرفة بعرفة، فالحاج لا يصوم عرفة، إنما يصومه غير الحاج، وإذا كان عليه صيام يصوم قبل عرفة، أو بعد عرفة.

حكم الطواف داخل الحجر

252 - حكم الطواف داخل الحجر س: يقول السائل: حجينا مفردين، وفي طواف القدوم طفنا الشوط السادس من داخل الحطيم لعذر، ولكن نسينا أن نكمل السبع بالشوط الثامن، فما الحكم؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: يكون الطواف غير صحيح، ما طفتم إلا ستة، لأن الطواف من داخل الحجر لا يجزئ، لا يصح، لا بد أن يكون الطواف من وراء ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (205).

الحجر، هذا الطواف الذي فعلتم لا يجزئ، وإذا كان هو طواف الوداع فعليكم دم عن ترك طواف الوداع، يذبح في مكة للفقراء.

حكم الاضطباع في الطواف

253 - حكم الاضطباع في الطواف س: هل الاضطباع في الحج أو في جميع نوافل العمرة واجب؟ نرجو أن توجهونا جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الاضطباع مشروع في الطواف الأول، وهو طواف القدوم في حق الحاج والمعتمر جميعًا، أول طواف يأتي به الحاج أو المعتمر، أول ما يقدم مستحب له فيه الاضطباع، والاضطباع هو أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن، وطرفه على عاتقه الأيسر، هذا هو الاضطباع، ويكون عضده الأيمن مكشوفًا، هكذا فعل النبي عليه الصلاة والسلام، وإذا فرغ من الطواف عدل رداءه على عاتقيه وجعل طرفيه على صدره قبل أن يصلي ركعتين حتى يصلي ورداؤه قد عدل، هذا هو السنة التي فعلها المصطفى عليه الصلاة والسلام. وهكذا في طواف القدوم يستحب له الرمل أيضًا في الحج والعمرة، والرمل: السرعة في الأشواط الثلاثة من طواف القدوم، ويمشي في الأربعة، هذا يقال له: الرمل، فعله ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (228).

النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف الأول في عمرته وفي حجه، وهذا إذا تيسر ذلك، أما إن كان زحمة لا يتيسر فلا حرج، يسقط عنه الرمل، لكن إذا كان فيه سعة فإنه يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى، ويمشي في الأربعة، أما الاضطباع فإنه يكون في جميع الطواف في السبعة كلها.

حكم تقديم طواف الإفاضة قبل رمي جمرة العقبة

254 - حكم تقديم طواف الإفاضة قبل رمي جمرة العقبة س: يقول السائل: هل يجوز بعد نفرة عرفة والمبيت في المزدلفة، ومغادرتها بعد منتصف الليل الذهاب إلى مكة المسجد الحرام لأداء طواف الإفاضة؟ أي طواف الإفاضة قبل رمي جمرة العقبة الكبرى (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك، إذا انصرفوا من مزدلفة النصف الأخير من الليل لا بأس أن يذهب الحاج إلى مكة للطواف كما فعلت أم سلمة رضي الله عنها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فإنها بعد المزدلفة ذهبت إلى مكة وطافت، ثم رجعت إلى منى ورمت الجمرة، فلا حرج في ذلك، لكن الأفضل أن يبدأ بالرمي، ثم الحلق أو التقصير، والمرأة ليس عليها إلا التقصير، ثم الطواف بعده، هذا هو الأفضل، ولكن لو ذهب إلى مكة وطاف قبل أن يرمي وقبل أن يحلق لا حرج في ذلك. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (431).

حكم ترك طواف الإفاضة

255 - حكم ترك طواف الإفاضة س: السائلة ف. ع. تقول: من ترك طواف الإفاضة في الحج هل عليه شيء (¬1) (¬2)؟ ج: طواف الإفاضة ركن لا بد منه، الذي تركه يعود إذا سافر ولم يطف طواف الإفاضة طواف الحج، يعود سواء كان رجلاً أو امرأة ليؤديه، ما يتم حجه إلا بذلك، يعود ويطوف، ولو كانت امرأة وأتاها زوجها قبل أن تطوف يكون عليها دم، يذبح في مكة للفقراء مع التوبة، وإذا كان زوجها ما طاف كذلك عليه دم أيضًا، والتوبة إلى الله، طواف الإفاضة ركن بإجماع المسلمين لا بد منه لقوله جل وعلا: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} هذا طواف الإفاضة، وقد طاف النبي طواف الإفاضة في يوم العيد وقال: «خذوا عني مناسككم» (¬3) أما طواف الوداع لو تركه عند الخروج يأثم، وعليه دم، ويصح الحج، أما طواف الإفاضة طواف الحج فهذا لا بد منه. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (398). (¬2) السؤال من الشريط رقم (398). ') "> (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا، برقم (1297).

س: السائل ع. ع. مقيم في المملكة العربية السعودية، خميس مشيط، يقول: أديت الحج في عام مضى والحمد لله، وعلمت كل المناسك من طواف القدوم والذهاب إلى منى، والمزدلفة وإلى عرفات، ثم الذهاب إلى الجمرات، وعملت طواف الوداع، وكانت نية الحج الإفراد، ولكنني لم أعمل طواف الإفاضة جهلاً مني، علمًا أني بعد ما ذهبت إلى مقر عملي علمت بذلك، فماذا يلزمني (¬1)؟ ج: يلزمك أن ترجع وتطوف طواف الإفاضة والحمد لله، عليك أن ترجع وتطوف طواف الإفاضة ولو بعد مدة، وإن كنت جامعت أهلك، عليك ذبيحة تذبح في مكة للفقراء بسبب الجماع، وإن كان ما جامعت، ما عندك زوجة، أو ما جامعت فليس عليك شيء والحمد لله، إنما ترجع وتطوف سبعة أشواط بنية طواف الحج والحمد لله، وتصلي ركعتين بعد الطواف. س: هل من توجيه لأولئك المتساهلين في هذه المناسك وعدم سؤالهم أهل العلم وعدم التفقه في الدين؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (420). ') ">

ج: نعم، الواجب على المؤمن أن يتفقه في دينه ويتبصر، وإذا حج أو اعتمر يسأل أهل العلم حتى يؤدي العمرة على وجهها والحج على وجهه، الله يقول سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} ويروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «ألا سألوا إذ لم يعلموا؟ إنما شفاء العي السؤال» (¬1) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» (¬2) ويقول صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة» (¬3) فالواجب على المؤمن والمؤمنة السؤال من طريق الهاتف، أو من طريق المكاتبة حتى يستفيد، ومن نعم الله على المسلمين الآن وجود برنامج نور على الدرب، إذاعة القرآن فيها علم عظيم، كون المؤمن والمؤمنة يستمعان لإذاعة القرآن ويستمعان لنور على الدرب، ومحاضرات العلماء في إذاعة القرآن، وما يقع فيها من الخير ¬

(¬1) أخرجه الأمام أحمد في مسنده، مسند بني هاشم، من مسند، باقي المسند السابق برقم (3056). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين برقم (71). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر برقم (2699).

العظيم هذا علم عظيم، فأنا أوصي جميع المستمعين أن يستمعوا لإذاعة القرآن، وأن يستمعوا لنور على الدرب، ويستمعوا لما يكون في إذاعة القرآن من الفوائد من المحاضرات والكلمات الطيبة، وقراءة القرآن في هذا علم عظيم، وبكل حال الواجب السؤال، على الرجل والمرأة، الواجب على كل إنسان أن يسأل عما أشكل عليه في صلاته، في صومه، في حجه، في عمرته، في أمور بيته مع أهله، في بيعه وشرائه، في غير ذلك.

حكم التمسح بحيطان الكعبة

256 - حكم التمسح بحيطان الكعبة س: ما حكم التمسح بحيطان الكعبة وبكسوتها وبالمقام والحجر (¬1)؟ ج: هذا بدعة، لا يجوز، لأن الرسول ما فعل ذلك، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» (¬2) ويقول صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (¬3) ويقول: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة» (¬4) وإذا قصد أن ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (377). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية: باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود برقم (2697). (¬4) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم (4607).

تمسحه بالجدار أو بالكسوة يحصل له البركة من نفس الكسوة أو من الجدار هذا شرك أكبر، أما إذا ظن أنها مباركة وأن الله شرع هذا يحسب أن الله شرع هذا، وأنه مشروع أن يقبل هذا الجدار، أو هذه الكسوة، هذه بدعة، تصير بدعة، أما إن فعله يطلب البركة فهو شرك أكبر، نسأل الله العافية، إنما يشرع تقبيل الحجر الأسود، يقبل الحجر، يستلمه، يقبله، هذا السنة، فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا الركن اليماني يستلمه بيده ويقول: باسم الله، والله أكبر. ولا يقبله، ولما قبل عمر رضي الله عنه الحجر قال: «إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي يقبلك ما قبلتك» (¬1). فنحن نقبله تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا نطلب البركة من الحجر، إنما تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم، واقتداءً به وعملاً بسنته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «خذوا عني مناسككم» (¬2) ولقوله: «صلوا كما رأيتموني أصلي» (¬3) فنصلي كما صلى ونحج كما حج عليه الصلاة والسلام، ولا نتمسح بمقام إبراهيم، ولا بالجدران، ولا بالشبابيك، ولا بالكسوة، كل هذا لا أصل له، من البدع، أما الملتزم كونه يقف بالملتزم فهذه عبادة، يجعل وجهه وصدره على الملتزم بين الركن والباب، هذا عبادة لله، ما هو بطلب ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب ما ذكر في الحجر الأسود برقم (1597). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الحج باب استحباب رمي جمرة العقبة برقم (1297). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر برقم (631).

من الكعبة، ولا تبركٍ بها، بل خضوع لله عند الباب، وهكذا في داخل الكعبة إذا طاف في نواحيها، وكبر في نواحيها أو التزمها، جعل صدره عليها ويديه ودعا كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، كل هذا لا بأس به، هذا من باب التعبد، والتقرب إلى الله جل وعلا.

حكم الموالاة بين أشواط الطواف

257 - حكم الموالاة بين أشواط الطواف س: رسالة وصلت من مستمع للبرنامج يقول في هذا السؤال: هل تجوز الاستراحة بين أشواط الطواف في الحج أو العمرة، أم يجب التتابع، وما الحكم فيمن يفصل بين الأشواط من شدة التعب والزحام يا سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: السنة في الطواف الموالاة، يجب أن يوالي بين الأشواط، لكن الاستراحة القليلة التي لا تضر ولا تعتبر طويلة عرفًا لا تمنع، وكذلك لو أقيمت الصلاة وهو يطوف فإنه يصلي، ثم يكمل الطواف من المحل الذي قطعه منه، وهكذا السعي، أما إذا طال الفصل فإنه يعيده من أوله؛ لأن الموالاة شرط إلا قطع اليسير الذي يعتبر ليس بطويل أو لعذر شرعي كإقامة الصلاة. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (400).

حكم الشك في عدد أشواط الطواف

258 - حكم الشك في عدد أشواط الطواف س: ما حكم الشك في الطواف هل هو كامل أو ناقص أو زائد؟ أفيدونا وفقكم الله (¬1) (¬2). ج: الشك في الطواف مثل الشك في الصلاة، فإذا شك هل طاف شوطين أو ثلاثة يجعلها شوطين، وإذا شك هل طاف ثلاثة أو أربعة يجعلها ثلاثة، وإذا شك هل هي ستة أو سبعة يجعلها ستة، ويأتي بالسابع، يعني يبني على اليقين حتى يكمل السبعة بيقين، هذا الواجب عليه. س: قمت أنا وابني بالحج مع جماعة لنا، وعندما وصلنا إلى مكة بدأنا بالحج، وعندما وصلنا إلى طواف الإفاضة قمنا بأداء الأشواط جميعًا، فحصل بيننا شجار، بعضنا يقول: أتممنا سبعة أشواط، والبعض الآخر يقول: لم نتم، بل بقي شوط واحد، وأخيرًا انصرف منا أناس، والبعض أتى بشوط، وأنا كنت مع الذين انصرفوا، أرجو إفادتي حول هذا لو تكرمتم، وهل حجي صحيح؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (4). (¬2) السؤال من الشريط رقم (4). ') ">

ج: إذا كان الذين انصرفوا وأنت منهم انصرفوا باعتقاد أنهم كملوا فإن حجهم صحيح والحمد لله، والذين شكوا عليهم أن يكملوا بأداء شوط سابع، هذا يختلف بحسب أحوال الناس، فمن شك هل كمل أو لم يكمل وجب عليه التكميل حتى يكمل سبعة عن يقين، ومن اعتقد أنه كملها وانصرف من أجل ذلك فلا شيء عليه والحمد لله، والذين انصرفوا وهم غير متيقنين وتساهلوا وانصرفوا مع الشك عليهم أن يرجعوا إلى مكة، وعليهم أن يأتوا بهذا الطواف كاملاً مع التوبة والاستغفار على ما حصل من التقصير، وإذا كان رجل أتى زوجته أو امرأة أتاها زوجها فعليهم مع ذلك ذبح شاة، تذبح بمكة؛ لأنه لا يجوز للرجل أن يأتي زوجته قبل الطواف، وليس لها أن يأتيها زوجها قبل أن تكمل الطواف، فإذا كانت أتاها زوجها، أو الرجل أتى زوجته ولم يطف هذا الطواف فإن عليه أن يرجع ويطوف، وعليه مع ذلك ذبيحة واحدة تذبح بمكة للفقراء بسبب جماعه لزوجته، إذا كان رجلاً، وبسبب جماع زوجها لها أن كانت امرأة قبل الطواف، أما الذين انصرفوا وهم يتيقنون أنهم قد طافوا ما عندهم شك فهؤلاء لا شيء عليهم.

حكم الطواف خارج المسجد الحرام

259 - حكم الطواف خارج المسجد الحرام س: يقول السائل: سيدي، إنني قدمت إلى زيارة مكة المكرمة لأداء العمرة، وحيث إني أجهل كيفية الطواف الصحيحة فقد قمت بالطواف خارج الحرم، وطفت من خارجه؛ ولذا دخلني الشك في صحة طوافي بعد ما عاينت الكعبة المشرفة، ولذلك سألت عن صحة طوافي بعد ما دخلت وسعيت بين الصفا والمروة، وقالوا لي: إن طوافك غير صحيح، وعليه أقدم لكم سؤالي، فأرجو إفادتي عن ذلك وفقكم الله (¬1). ج: أولاً يا أخي يحسن منك أن تقول عند سؤال إخوانك: يا أخي، أو: يا فلان، أو: يا أبا فلان، بدلاً من: سيدي، والنبي صلى الله عليه وسلم «لما قيل له: أنت سيدنا. قال: السيد الله تبارك وتعالى» (¬2) ولأن هذا اللفظ قد يسبب تعاظمًا في نفس الإنسان وتكبرًا وترفعًا في نفسه، فينبغي أن تخاطب أخاك من العلماء المسؤولين أو إخوانك الطلبة: يا أخي، تخاطبهم بهذا، أو: يا أبا فلان، أو: يا فلان. أما سؤالك هذا عن ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (110). (¬2) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث مطرف بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه برقم (16307).

طوافك بالكعبة خارج المسجد الحرام فهذا لا يجزئك إذا تصور هذا منك، وأنا أستبعد أن يتصور هذا منك أنك طفت من خارج المسجد الحرام بالكلية، هذا شيء غريب، فإذا كان وقع منك هذا فإنه لا يجزئ، وعليك أن تطوف، والسعي يجزئ ما دمت سعيت من الداخل أجزأك؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام سُئل، قالوا له: «يا رسول الله، سعيت قبل أن أطوف؟ قال: لا حرج» (¬1) فالصحيح أن الإنسان إذا سعى قبل الطواف ولا سيما مع الجهل والنسيان يجزئه ذلك على الصحيح، وعليك أن تعيد الطواف من داخل حول الكعبة، أو في الأروقة، إذا كان هناك حاجة للأروقة للزحمة أو في السطوح من فوق العلو، تطوف بالبيت من فق للحاجة كزحمة الحج، كل هذا لا بأس به، أما من خارج المسجد بالكلية، فهذا لا يجزئ، وعليك أن تعيده إذا كنت فعلته، كما ذكرت هذا في سؤالك. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، برقم (2015).

حكم تقديم سعي العمرة على الطواف

260 - حكم تقديم سعي العمرة على الطواف س: ما حكم من عكس العمرة وقدم السعي على الطواف وتحلل (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (33).

ج: الصواب أنه لا حرج عليه، ولا حرج في تقديم السعي على الطواف، السنة أن يكون بعد الطواف كما طاف النبي صلى الله عليه وسلم وسعى، هذا السنة، لكن من جهل أو نسي صحت عمرته وصح حجه إذا سعى قبل الطواف في العمرة أو سعى قبل الطواف بالحج أجزأه ذلك بأمرين: أحدهما قول النبي صلى الله عليه وسلم «لما سئل عن أعمال الحج يوم العيد: افعل ولا حرج، افعل ولا حرج» (¬1) «سُئل عن التقديم والتأخير يوم العيد فكان يقول: افعل ولا حرج» (¬2) قال الراوي: فما سئل يومئذٍ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: «افعل ولا حرج» (¬3) وهذا يعم الطواف والسعي، فإذا جاز في الحج جاز في العمرة؛ لأن أحكامهما سواء، والحج أعظم. الأمر الثاني أنه ثبت عنه عليه الصلاة والسلام بسند صحيح عند أبي داود «أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، سعيت قبل أن أطوف؟ قال: ¬

(¬1) البخاري في كتاب العلم، باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها برقم (83)، ومسلم في كتاب الحج، باب من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي برقم (1306). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها برقم (83). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها برقم (83).

" افعل ولا حرج " لما سأله عن السعي قال: " لا حرج " عليه الصلاة والسلام. السعي قبل الطواف؟ قال: " لا حرج"» (¬1). وهذا نص صحيح صريح يؤيد السابقة، وهذا قول جماعة من أهل العلم، والأكثر أنه لا بد من تقديم الطواف على السعي، ولكن الصحيح هو جواز تقديم السعي، وإن كان خلاف قول الأكثر، وأن المعول هو الدليل، والله يقول سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} الآية. ويقول سبحانه وتعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}. ¬

(¬1) صحيح البخاري العلم (83)، صحيح مسلم الحج (1306)، سنن الترمذي الحج (916)، سنن أبو داود المناسك (2014)، موطأ مالك الحج (959)، سنن الدارمي المناسك (1907).

حكم الفصل بين طواف العمرة والسعي

261 - حكم الفصل بين طواف العمرة والسعي س: تقول السائلة: هل يجوز الفصل بين طواف العمرة وإكمال واجباتها كالخروج إلى الفندق مثلاً وهو بجوار الحرم للضرورة كالنوم والأكل (¬1)؟ ج: لا بأس بتأخير السعي، مثلاً طاف اليوم وسعى غدًا، أو طاف في أول النهار وسعى في آخر النهار، لا حرج في ذلك. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (427).

حكم صلاة ركعتي الطواف بعد السعي

262 - حكم صلاة ركعتي الطواف بعد السعي س: ما حكم من نسي ركعتي الطواف وصلاها بعد السعي (¬1)؟ ج: لا حرج، ركعتا الطواف سنة، فلو تركها، طوافه صحيح، وحجه صحيح، وعمرته صحيحة، لكنها سنة مؤكدة، لا ينبغي تعمد تركها، بل ينبغي المحافظة عليها خلف المقام إذا تيسر، أو في أي بقعة من المسجد الحرام، أو في أي بقعة من الحرم فعلها أجزأته، وإذا فعلها بعد السعي أجزأت، ولا حرج. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (33).

حكم قطع طواف الإفاضة من أجل صلاة الفرض

263 - حكم قطع طواف الإفاضة من أجل صلاة الفرض س: إذا كان الإنسان يطوف طواف الإفاضة، وأقيمت الصلاة، فهل يقطع الطواف أم يواصل (¬1)؟ ج: السنة أن يقطع الطواف طواف الإفاضة وغيره، إذا أقيمت الصلاة يقطع الطواف ويصلي، ثم يتم الطواف من مكانه الذي قطعه فيه، هذا هو الصواب. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (267).

حكم عدم استلام الحجر الأسود بعد الطواف

264 - حكم عدم استلام الحجر الأسود بعد الطواف س: السائل: أ، ع، ش، من الرياض يقول: بعد الطواف والانتهاء منه والصلاة والذهاب إلى ماء زمزم، ذهبت مباشرة إلى المسعى، ولم أرجع إلى الحجر الأسود؛ لعدم علمي بذلك، فهل في هذا شيء (¬1)؟ ج: ليس في هذا حرج، المرور على الحجر الأسود مستحب، وليس بلازم، فإذا طاف وذهب إلى المسعى، ولم يمر على الحجر فلا بأس، لا سيما والغالب أنه يكون المطاف مزدحمًا، وفيه مشقة، فالحاصل أنه لا حرج إذ لم يمر على الحجر، ولو كان فيه سعة، إذا ذهب للسعي رأسًا، فلا حرج في ذلك؛ لأنه مستحب فقط. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (408).

بيان فضل الدعاء عند الكعبة

265 - بيان فضل الدعاء عند الكعبة س: السائلة أ، أ، مقيمة في الدمام تقول: هل الدعاء في الكعبة الشريفة لا بد من تحقيقه، أو استجابته بفضل الله عز وجل، وإذا لم يتحقق هذا الدعاء فهل العمرة غير متسجابة عند الله أو غير صحيحة (¬1)؟ ج: ربنا حكيم عليم، الإنسان يدعو ويعمل، والتوفيق بيد الله، قد ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (393).

يعجل الدعوة وقد يؤجلها، وقد يعوض الإنسان خيرًا منها، ربنا حكيم عليم، ومن صلى في الحجر فقد صلى في البيت، الحجر من البيت، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته في الدنيا، وإما أن تدخر له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك. قالوا: يا رسول الله، إذًا نكثر؟ قال: الله أكثر» (¬1) فالإنسان قد يدعو، ولا تستجاب دعوته؛ لحكم وأسرار يعلمها الله سبحانه وتعالى، وقد يعطى خيرًا مما طلب، وقد تؤجل دعوته إلى الآخرة، أنت عليك الدعاء والتوفيق بيد الله سبحانه وتعالى، المسلم يدعو ويجتهد في الدعاء ويضرع لربه، ويخلص في الدعاء، والله هو الموفق جل وعلا، هو الحكيم العليم سبحانه وتعالى. ¬

(¬1) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه برقم (11133).

حكم طواف الجنب

266 - حكم طواف الجنب س: ما حكم من يرتدي ملابس الإحرام ويطوف حول الكعبة في الحج أو العمرة وهو محتلم ناسيًا أو متكاسلاً، هل عليه فدية أم ماذا (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (116).

ج: عليه التوبة إلى الله عز وجل، وعليه أن يغتسل ثم يعيد الطواف إن كان فرضًا، وإن كان الطواف نافلة، فلا شيء عليه إلا التوبة والاستغفار؛ لأنه متلاعب، الطواف صلاة، فلا يطوف إلا وهو متطهر من الحدثين الأكبر والأصغر، فلا يطوف وهو جنب، ولا تطوف الحائض ولا النفساء، بل على الجميع أن ينتظروا حتى تحصل الطهارة بالغسل، وهكذا من عليه حدث أصغر لا يطوف حتى يتوضأ، فإذا طاف على جنابته، أو على حدثه عامدًا، فهو آثم يستحق أن يؤدب إذا عرفه ولي الأمر، وعليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، أما إن كان ناسيًا، فلا شيء عليه، لكن يعيد الطواف إذا كان واجبًا، ولا إثم عليه، ويعيده إذا كان طواف عمرة، أو طواف الحج طواف الإفاضة، أو طواف الوداع، يعيده إذا تذكر أنه ليس على طهارة، يعيد الطواف أما إذا كان نافلة، فالأمر واسع، ليس عليه إعادة، لكن ليس له أن يطوف ولو نافلة وهو على حدث؛ لأن الطواف صلاة، إلا أن الله أباح فيه الكلام، والنبي لما أراد أن يطوف توضأ عليه الصلاة والسلام، ومن ارتكب شيئًا من المحظورات التي تحظر على مثله، فإن كان ما أحرم، فلا شيء عليه، أما إذا كان أحرم ولكنه تعاطى بعض المحظورات مثل: تطيب عمدًا أو قص أظافره عمدًا فعليه الفدية التي بينها أهل العلم، وجاء بها الحديث الشريف

حديث كعب بن عجرة. إذا تعمد ذلك فعليه إطعام ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر أو غيره، أو صيام ثلاثة أيام، أو ذبح شاة، والذبح والإطعام يكون لمساكين الحرم، كما لو غطى رأسه أو لبس المخيط، كذلك في حال إحرامه، فالذي يقص أظفاره أو يتطيب عامدًا أو يحلق شعره عامدًا يكون عليه الفدية، أما إذا كان ناسيًا، فلا شيء عليه حتى إذا كان جاهلاً لا شيء عليه، أما إن كان أتى أهله، فهذا فيه الخلاف إذا كان ناسيًا، أما إذا كان عامدًا، فهذا تبطل عمرته، ويبطل حجه إذا كان قبل التحلل الأول، قبل أن يرمي أو يحلق أو يقصر ويطوف، أما قبل عرفة أو بعد عرفة لكن قبل أن يتحلل التحلل الأول يبطل حجه، ويكمل بعمرة، يجعله عمرة، عمرة فاسدة، وعليه أن يقضي في المستقبل بدل الحج الذي أفسده، وعليه بدنه تذبح في مكة للفقراء، وفي العمرة إذا كان أفسد العمرة، جامع قبل أن يطوف ويسعى تكون عليه شاة، وتفسد عمرته، فيكملها، ثم يقضيها من الميقات الذي أحرم منه في الأولى، يقضي هذه الفاسدة التي جامع فيها، ثم عليه أن يأتي بعمرة جديدة من الميقات الذي أحرم منه بدلاً من هذه العمرة التي أفسدها.

حكم من أحتلم وهو محرم

267 - حكم من احتلم وهو محرم س: كيف يفعل الحاج إذا احتلم وهو محرم وهو في فعل الحج، وبما أن الكعبة لا يطوف بها أحد وهو جنب (¬1)؟ ج: إذا احتلم وهو محرم يغتسل غسل الجنابة ولا شيء عليه؛ لأنه لم يتعمد هذا، هذا ليس باختياره، مثل الصائم في رمضان يحتلم في النهار، يغتسل ولا شيء عليه، صومه صحيح، وحجه صحيح، إذا احتلم في عرفات أو في مزدلفة أو في الطريق بعد ما أحرم كل ذلك لا حرج عليه، ولكن يلزمه الغسل، فإن لم يجد ماءً يتيمم، في محل ما فيه ماء، أو كان مريضًا لا يستطيع استعمال الماء استعمل التيمم، يتعفر بالتراب، يضرب التراب بيديه بنية التطهر من الجنابة، فيمسح وجهه وكفيه بنية التطهر من الجنابة، ويطهر بذلك ولا شيء عليه، وحجه صحيح تام؛ لأن هذا الاحتلام ليس باختياره، والله لا يكلف نفسًا إلا وسعها سبحانه وتعالى. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (4).

حكم الطواف من غير وضوء

268 - حكم الطواف من غير وضوء س: يقول السائل: لقد حججت هذا العام، وعند ما أردت البدء في تنفيذ طواف الإفاضة تذكرت أنني على غير وضوء، ولم أستطع

الذهاب للوضوء لوجودي مع عائلة، ولكثرة الزحام، فاستمررت في إكمال الأشواط، ولما انتهيت سألت أحد الإخوان عن عملي هذا، فقال: لا يجوز الطواف من غير طهارة، ولكن عليك أن تنوي طواف الإفاضة مع طواف الوداع، ففعلت ذلك، هل ما فعلته صحيح (¬1)؟ ج: نعم الطواف الأول غير صحيح، وطوافك الأخير بنية الوداع والإفاضة يجزئ، والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (255).

بيان ما يلزم من انتقض وضوؤه أثناء الطواف

269 - بيان ما يلزم من انتقض وضوؤه أثناء الطواف س: من المستمع م، ع، من الرياض، يسأل عن حكم من انتقض وضوؤه أثناء طواف الإفاضة هل يعيد الطواف أم يبني على ما تقدم من الطواف إذا توضأ أم كيف توجهونه (¬1) (¬2)؟ ج: الطواف مثل الصلاة، إذا انتقضت الطهارة فيه يعيد الطواف، مثل الصلاة إذا أحدث في الصلاة يعيدها من أولها، وهكذا الطواف إذا خرج منه ريح أو غيره من النواقض فإنه يتوضأ، ثم يعيد الطواف من أوله، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (331). (¬2) السؤال من الشريط رقم (331). ') ">

يلزمه إذا كان الطواف فريضة، أما إذا كان الطواف نافلة فهو مخير إن شاء أعاده وإن شاء لم يعد. س: يقول السائل: حسب ما أعرفه أن من شروط الطواف الطهارة، إذا حصل أن وضوئي انتقض أثناء الطواف، ولكن لا أستطيع الخروج بسهولة لشدة الزحام، فأكملت الطواف من غير وضوء، فهل طوافي صحيح أم يجب علي إعادته، وهل أعيده من أول الأشواط أم فقط الأشواط المتبقية؟ ج: إذا انتقضت الطهارة والإنسان يطوف انقطع طوافه، فعليه أن يخرج ويعيد الوضوء، ثم يعيد الطواف من أوله – يعني السبعة كلها؛ لأنه بطل الطواف كله، كالصلاة يعيدها من أولها.

حكم الدعاء الجماعي أثناء الطواف

270 - حكم الدعاء الجماعي أثناء الطواف س: ما حكم تلقين الدعاء للناس في الطواف والسعي وفي عرفة وفي مزدلفة وعند الجمرات، ولا سيما إذا كانوا في حاجة إلى ذلك (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (267).

ج: لا حرج في ذلك، كونه يلقن الدعاء الطيب لا حرج في هذا، لكن إذا استطاع الإنسان أن يدعو بنفسه ويذكر الله بنفسه فهذا أكمل وأخشع لقلبه.

حكم الكلام في الطواف

271 - حكم الكلام في الطواف س: أثناء طوافي بالكعبة مر صديق لي لم أر منذ فترة طويلة، فسلمت عليه وسألته عن حاله، فهل ما قمت به جائز أم لا؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: لا حرج من ذلك والحمد لله، الله أباح الكلام في الطواف. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (335).

حكم صلاة المحرم مكشوف العاتقين

272 - حكم صلاة المحرم مكشوف العاتقين س: هل يجوز للمحرم أن يصلي مكشوف العاتقين (¬1)؟ ج: ليس له ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي أحدكم وليس على عاتقه شيء» (¬2) فالمحرم يصلي في ردائه، يجعل رداءه على كتفيه ويصلي، ولا يصلي مكشوف العاتقين. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (325). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه برقم (359).

حكم الزيادة في عدد أشواط الطواف والسعي ورمي الجمار

273 - حكم الزيادة في عدد أشواط الطواف والسعي ورمي الجمار س: حججت وقمت بالطواف أكثر من سبعة أشواط، وكذلك السعي، ورميت الجمرات أكثر من سبعة حصيات، فهل حجي صحيح (¬1)؟ ج: نعم الحج صحيح إذا كان، ما فعلت شيئًا يبطله، أما الزيادة فلا تضر، كونك تعمدت الزيادة هذا غلط، عليك التوبة والاستغفار؛ لأن السنة سبع في الجمار وسبع في الطواف وسبع في السعي، والزيادة التي فعلتها إن كانت عن احتياط بأن شككت واحتطت فلا بأس، أما إن كان تعمدًا منك فهذا لا يجوز الزيادة على ما شرعه الله، ولكن لا يبطل الطواف ولا السعي ولا الرمي، والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (222).

بيان ما يجب على القارن والمفرد من السعي

274 - بيان ما يجب على القارن والمفرد من السعي س: هل عليَّ سعي بعد طواف الإفاضة؟ علمًا بأنني قارن وسعيت بعد طواف القدوم، فأفيدوني بذلك (¬1). ج: القارن والمفرد ليس عليهما إلا سعي واحد، إذا قدم مكة وطاف ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (370).

وسعى وبقي على إحرامه حتى حج ليس عليه شيء آخر، طوافه وسعيه الأول يكفي عن السعي، يبقى عليه طواف الإفاضة، إذا كان القارن والمفرد سعيا مع طواف القدوم كفاهما السعي الأول، والحمد لله.

حكم تأخير طواف الإفاضة بعد أيام التشريق

275 - حكم تأخير طواف الإفاضة بعد أيام التشريق س: ما حكم من أجل طواف الإفاضة حتى السادس عشر من ذي الحجة، وهو ملتزم بأحكام التحلل الأكبر (¬1)؟ ج: لا مانع من تأجيل طواف الإفاضة، ليس له حد محدود، لكن كلما تقدم في يوم العيد أفضل، وفي اليوم الحادي عشر أفضل، والثالث عشر وهكذا، كلما تقدم فهو أفضل، وليس له حد محدود، لكن الأفضل البدار به إذا تيسر الأمر، وإذا كان هناك زحمة شديدة أو مرض أو نحو هذا لا بأس. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (266).

بيان أصل الحجر الأسود

276 - بيان أصل الحجر الأسود س: من جنوب الهند رسالة بعث بها المستمع أ، ع، يقول: أرجو إفادتي عن أصل الحجر الأسود (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (318).

ج: الحجر الأسود جاء في حديث لا بأس به أن أصله من الجنة، وهذا هو المعتمد أن الله أنزله على إبراهيم فجعله في مكانه، وقال جماعة: إنه من الدنيا، من جبل أبي قبيس. والصواب أنه من الجنة كما جاءت به الأحاديث الصحيحة، هذا هو الصواب.

فضل تقبيل الحجر الأسود

277 - فضل تقبيل الحجر الأسود س: يسأل عن فضل تقبيل الحجر الأسود لا سيما وأنه يكون هناك زحام شديد (¬1)؟ ج: يستحب تقبيل الحجر الأسود للحج والعمرة في طواف الفريضة أو طواف النافلة للحج والعمرة، يستحب التقبيل إذا تيسر من دون مزاحمة ولا مشقة، فأما إذا كان معه مزاحمة ومشقة فإنه يتركه ويشير إشارة من بعيد، يقول: الله أكبر، ويكفي ولا حاجة للمزاحمة. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (337).

حكم من حج ولم يقبل الحجر الأسود

278 - حكم من حج ولم يقبل الحجر الأسود س: إذا لم أمس الكعبة أو الحجر الأسود أو الركن اليماني، أو لم أشرب من زمزم هل يتأثر حجي (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (91). (¬2) السؤال من الشريط رقم (91). ') ">

ج: لا، ليس عليه في هذا شيء، إنما شرع الله لنا عند الطواف أن نستلم الحجر الأسود باليد اليمنى، ونقبله إذا تيسر ذلك، هذا هو الأفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، استلمه وقبله وقال: الله أكبر، هذا هو السنة، وهكذا الركن اليماني إن تيسر استلامه استلمه بيمينه، وقال: باسم الله، والله أكبر. وأما بقية أجزاء الكعبة فلا يستحب مسها ولا تقبيلها ولا غير ذلك، إنما يطوف على الكعبة من وراء الحجر حتى يكمل السبعة الأشواط، كلما حاذى الحجر الأسود قبله واستلمه إذا تيسر من دون زحام ولا مشقة، وكلما حاذى الركن اليماني كذلك استلمه من دون تقبيل، الركن اليماني لا يقبل ولكن يستلم باليد، يقول: باسم الله والله أكبر. والحجر الأسود إذا وصل إليه استلمه بيده وقبله، فإن لم يتيسر استلمه بيده وقبلها، أو بعصًا معه وقبلها، فإن لم يتيسر ذلك أشار من بعيد وكبر، ويكفي ولا يزاحم الناس ولا يؤذي الناس، لا عند هذا ولا عند هذا، بل يمشي في طوافه حتى يكمل إن تيسر له من دون مزاحمة ولا مشقة، استلم الحجر الأسود وقبله، واستلم الركن اليماني ولم يقبله اتباعًا للنبي صلى الله عليه وسلم وسيرًا على منهجه عليه الصلاة والسلام، فإن شق ذلك بسبب كثرة الناس فإنه يشير إلى الحجر الأسود وهو ماش في طوافه، وأما اليماني

فلم يرد أنه يشار إليه، بل يمر ويكفي، ويقول بين الركنين: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} في آخر كل شوط كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، وبقية الكعبة لا يمسها عند الطواف، لا الركن الشامي ولا العراقي، كلها، ولا جدار الحجر، ما هو مشروع، لو مسه ما يضر، لو مسه بيده وهو ماش ما يضر، لكن ما يشرع أنه يمس، هذا للتقرب والطاعة، إنما يشرع مس الحجر الأسود وتقبيله ومس اليماني، هذا هو المشروع، وأما بقية أجزاء الكعبة، فلا يشرع له تقبيلها ولا استلامها، ولا استلام جدار الحجر المعروف، ولا غير ذلك، والنبي لما دخل الكعبة عليه الصلاة والسلام في وسطها دار في نواحيها، ودعا وكبر ووضع يديه على جدارها من الداخل، ودعا ربه عليه الصلاة والسلام، ووضع يديه وصدره عليها ودعا ربه، أما من الخارج فلم يفعل، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك، وروي عنه أنه وقف بالملتزم، دعا وألصق صدره ويديه بالجدار، ولكنه ليس بثابت، لم يثبت من طريق صحيح، وإنما يقف عند الملتزم إذا تيسر، ويدعو عند ركن الباب، فعله بعض الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، والأمر في ذلك واسع بين الركن والباب بعد الطواف الأول

أو غيره، يدعو ويسأل ربه من فضله سبحانه وتعالى، لا بأس بذلك، يضع يديه وذراعيه وخده على جدار الكعبة بين الركن والباب، ويدعو ربه وإن ترك ذلك فلا بأس؛ لأنه ليس فيه سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما جاء من فعل بعض الصحابة، وروي في حديث مرفوع لكن في سنده ضعف، فالأمر فيه واسع إن شاء الله، وأما بقية جدران الكعبة، فلا يستحب للطائف أن يستلمها، أو يلصق صدره بها أو بالكسوة، كل هذا غير مشروع. س: هل الزحام الشديد الذي يذكره سماحتكم يعتبر عذرًا في ترك السنة وذلك من أجل تقبيل الحجر الأسود أو لمسه؟ ج: نعم يكون عذرًا في ترك السنة ولا سيما النساء، النساء أخطر، فلا يزاحمن لا عند الركن اليماني ولا عند الحجر الأسود، بل يكن في أطراف المطاف حتى لا يزاحمن الناس؛ لأنهن فتنة وعورة، فالأمر في حقهن أشد، فلا يزاحمن الرجال لا عند الركن اليماني ولا عند الحجر الأسود، ولا في غير ذلك، بل يكن في أطراف المطاف، يكون ذلك أسلم لهن وأسلم للناس، والزحام عذر للجميع، فلا يزاحم مع الزحام الذي يشق عليه وعلى الناس، بل يمشي مع الناس بالهدوء ولا يؤذي

أحدًا لا من الرجال ولا من النساء، كل واحد من الحجاج يتحرى ذلك، يحرص جدًّا على أنه لا يؤذي أحدًا من الناس، لا في الطواف ولا في السعي، لا عند الحجر الأسود ولا عند اليماني، يحرص جدًّا أنه لا يؤذي أحدًا ولو لم يقبل الحجر، ولو لم يستلم الركن اليماني، يكفيه ذلك والحمد لله.

حكم تقبيل المرأة للحجر الأسود

279 - حكم تقبيل المرأة للحجر الأسود س: هل يجوز للمرأة أن تقبل الحجر الأسود، وتستلم الركن اليماني (¬1)؟ ج: إذا تيسر بدون مزاحمة للرجال، وإذا تيسر في وقت خلوة فلا بأس، وإلا فإنها تطوف من وراء الناس بعيدًا عن الفتنة. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (335).

بيان صفة لباس المرأة في الطواف والسعي

280 - بيان صفة لباس المرأة في الطواف والسعي س: سائل يقول: بعض النساء ترتدي ملابس تصف تقاطيع جسمها، فما الحكم ولا سيما إذا كانت تطوف أو تسعى (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (267).

ج: الواجب على المرأة أن تلبس ملابس متوسطة لا تصف حجم الأعضاء ولا تكشف العورة، تكون ساترة غير ضيقة حتى لا تفتن الناس، ولا تلبس الشيء الوسيع الذي يبين بعض أعضائها ولكن وسطًا، يكون ثوبها وسطًا ساترًا لا يبين حجم الأعضاء، هذا هو الواجب عليها.

حكم رفع المرأة صوتها أثناء الدعاء في الطواف

281 - حكم رفع المرأة صوتها أثناء الدعاء في الطواف س: هل يجوز للمرأة أن ترفع صوتها أثناء الدعاء وهي تطوف حول الكعبة المشرفة (¬1)؟ ج: الأفضل السر لأنها عورة، فالأفضل خفض الصوت لأن الصوت قد يكون فيه رخامة، قد يفتن بعض الناس، فالأفضل السر بصوتها، ويجوز لها أن تتحدث مع الناس بصوتها العادي، ولكن لا تخضع الخضوع الذي يطمع الناس فيها؛ لأن الله قال جل وعلا: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} لا تخضع به، تكسر صوتها، لكن تتكلم كلامًا متوسطًا ليس فيه نكارة، وليس فيه تغنج ولا خضوع، بل كلام وسط، والسر أفضل في الطواف، والتلبية بالسر أفضل. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (228).

حكم طواف الحائض بسبب الخجل

282 - حكم طواف الحائض بسبب الخجل س: سماحة الشيخ، كم يصل إلى هذا البرنامج من رسائل، وبعض الأخوات يحملن هذا الأمر فوق ما يحتمل، فقد تطوف المرأة بالبيت وهي معذورة شرعًا، وقد تمتنع عن الأكل والشرب وتتظاهر بالصيام وهي معذورة شرعًا، أطمع بكلمة موسعة حول هذا الكلام سماحة الشيخ، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: هذا لا يجوز، ليس لها أن تطوف وهي حائض، وليس لها أن تصلي وهي حائض من أجل الحياء، كل هذا منكر، لكن مثل كونها ما تحضر معهم إذا اجتمعوا على الأكل حياء أو شبه ذلك من الأشياء التي ليس فيها محذور شرعي، أما أن تصلي وهي حائض أو تطوف وهي حائض أو تجلس في المسجد وهي حائض من أجل الحياء فهذا لا يجوز، لا تفعل المنكر الذي حرمه الله على الحائض، أما كونها مثلاً تستحي أن تجلس معهم لشرب القهوة أو شرب الشاي أو الأكل، تروح لمحل آخر حياءً من إخوان زوجها أو من زيد أو عمرو، أو من أبيها أو من أخيها، المقصود إذا كان حياءً لا يترتب عليه منكر فلا بأس. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (340).

حكم طواف وسعي الحائض

283 - حكم طواف وسعي الحائض س: السائلة ع. س. س من مكة المكرمة تقول: ذهبت امرأة لتأدية مناسك العمرة، وطافت بالبيت وسعت وقصرت شعرها وهي حائض، ما الحكم وماذا عليها؟ مأجورين (¬1) (¬2). ج: عليها أن تعيد الطواف إذا طافت وهي حائض، عليها أن تعيد بعد ما تطهر، أما السعي فيجزئ، فعليها أن تعيد الطواف وتعيد التقصير، تقصر من رأسها بعد الطواف، والسعي يسد، يكفيها؛ لأن الطواف من الحائض غير صحيح، لا بد من الطهارة، فعليها أن ترجع إلى مكة، وليس لزوجها قربانها حتى تطوف إذا كان لها زوج، ترجع وتطوف – والحمد لله – ثم تعيد التقصير من جميع رأسها، وتمت عمرتها، فإن كان زوجها قد وطئها، فعليها فدية ذبيحة تذبح في مكة للفقراء، وعليها أن تكمل العمرة وتأتي بعمرة جديدة من الميقات بدل العمرة التي أفسدتها بالجماع، تطوف لعمرتها السابقة وتقصر، ثم تأتي بعمرة جديدة إذا كان قد جامعها الزوج، وعليها ذبيحة تذبح في مكة للفقراء. س: تسأل السائلة ع. ع وتقول: إذا حاضت المرأة صح لها كل شيء في العمرة أو الحج إلا الطواف كما في الحديث، فهل إذا جاءت ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (427). (¬2) السؤال من الشريط رقم (427). ') ">

المرأة إلى الميقات وهي حائض فنوت العمرة وسعت وبقي لها الطواف هل تنتظر حتى تطهر ثم تطوف وتكمل العمرة أم لا (¬1)؟ ج: الواجب عليها أن تنتظر، لا يجوز لها أن تطوف وهي حائض، لكن لا ينبغي لها تقديم السعي، السنة أن تؤخر السعي، النبي صلى الله عليه وسلم طاف ثم سعى، فالسنة لها أن تؤخر السعي مع الطواف، هذا السنة، فإذا طهرت طافت وسعت، والحمد لله. س: تقول السائلة: المرأة إذا حاضت ولم تستطع الانتظار في مكة حتى تطهر وسافرت هل عليها شيء؟ ج: عليها أن ترجع إذا سافرت، عليها أن يمتنع زوجها إن كان لها زوج، وعليها أن ترجع حتى تؤدي العمرة إذا لم يتيسر لها الانتظار. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (413). ') ">

حكم من وجد أثر النجاسة في بدنه بعد انتهاء العبادة

284 - حكم من وجد أثر النجاسة في بدنه بعد انتهاء العبادة س: امرأة ذهبت إلى مكة وهي حائض، وجلست فيها يومًا حتى طهرت من حيضها، ثم اغتسلت وذهبت لقضاء العمرة من

طواف وسعي، لكنها بعد ذلك وجدت بعضًا من آثار الحيض، فما الحكم؟ (¬1) ج: لا يضرها ذلك إذا كانت لا تعلم، لا يضرها، طوافها صحيح والحمد لله، إذا وجدت في ثوبها أو في سراويلها أثرًا من الدم لم تغسله، ولكنها لم تعلم إلا بعد الطواف لا يضرها، كمن صلى وفي ثوبه نجاسة لم يعلم إلا بعد الصلاة صلاته صحيحة، والصلاة أعظم من الطواف، فإذا صلى في ثوب ثم بان بعد الصلاة أن فيه نجاسة أو صلى في سراويل بان في نجاسة، أو طاف في ثوب أو بشت أو غير ذلك ثم تبين بعد الطواف أن به نجاسة ولم يعلم، أو كان عالمًا ثم نسي فلا يضره ذلك والحمد لله، يقول الله جل وعلا: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «عفي لأمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» (¬2) والحمد لله. والنبي صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه ذات يوم، ثم جاء جبرائيل فأخبره أن فيهما أذى فخلعهما، ولم يعد أول الصلاة عليه الصلاة والسلام. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (381). (¬2) أخرجه ابن حبان في صحيحه، (ج/16) برقم (7219).

حكم دخول المرأة الحائض للحرم

285 - حكم دخول المرأة الحائض للحرم س: هل يجوز للحائض أن تدخل الحرم (¬1)؟ ج: تدخله مرورًا، أما الجلوس فلا، بل مرورًا بالمسجد أو الحرم لا بأس. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (428).

حكم أداء الحائض والنفساء لطواف الإفاضة

286 - حكم أداء الحائض والنفساء لطواف الإفاضة س: هل الحائض والنفساء عليهما طواف الإفاضة؟ ج: عليهما طواف الإفاضة، بعد الطهر إذا جاء الحيض قبل يوم العيد عليهما أن تمسكا حتى تطهرا، وإذا طهرتا طافتا للإفاضة، ولو بعد أيام منى، ولو في الخامس عشر، أو الرابع عشر والسادس عشر، الطواف لا بد منه؛ لأنه ركن الحج، طواف الإفاضة ركن الحج، لا بد منه.

حكم تأخير الحائض طواف الإفاضة إلى حج آخر

287 - حكم تأخير الحائض طواف الإفاضة إلى حج آخر س: هل يصح للحائض أن تؤخر طواف الإفاضة إلى حج آخر؟ ج: ليس لها ذلك، بل الواجب عليها أن تبادر وتطوف الإفاضة قبل أن تسافر، ولهذا لما حاضت صفية أرسلت للنبي صلى الله عليه وسلم تسأله، المقصود عليها أن تطوف للإفاضة قبل أن تغادر مكة إلا إذا كان

هناك ضرورة، والمحل قريب كجدة والطائف، والرفقة لا يسمحون لها بأن تبقى أو يبيتون معها فتذهب معهم ثم ترجع، ولا تؤخر الطواف لحج آخر، وعليها أن تعلم بأنها لا تحل لزوجها، فلا يقربها زوجها حتى تطوف، أما الطيب وقص الأظفار فلا حرج في ذلك. س: بعض الأخوات ذكرن أنهن طفن وهن على غير طهارة لكونهن يستحين أن يخبرن مرافقهن بذلك، ما توجيهكم حول هذا النوع من الحياء ولا سيما في أمور العبادة (¬1) (¬2)؟ ج: هذا الحياء لا يجوز، إن الله لا يستحي من الحق، عليها أن تمتنع حتى تطهر، ومن طافت وهي على غير طهارة فالطواف غير صحيح، فإن كان طواف عمرة أو حج فإنه لا بد من الطهارة، أما إن كان الطواف نافلة فلا، لكن تأثم إذا طافت وهي على حدث، تأثم بذلك، ولا يجوز لها التلاعب، أما إذا كان طواف حج أو طواف عمرة وطافت وهي غير طاهرة فإن الطواف غير صحيح، وعليها أن تعيده، أما السعي فيجزئها؛ لأنه لا يشترط فيه الطهارة لكن عليها أن تعيد الطواف. س: هل هناك مدة محددة لطواف الإفاضة بالنسبة للمرأة التي عليها ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (330). (¬2) السؤال من الشريط رقم (330). ') ">

العذر الشرعي؟ ج: ليس هناك مدة معينة، متى طهرت طافت والحمد لله، ولو تأخر الطواف، لكن لا يقربها زوجها حتى تطوف طواف الإفاضة لو تأخر.

حكم أخذ المرأة حبوب منع نزول الدورة أثناء أداء الحج أو العمرة

288 - حكم أخذ المرأة حبوب منع نزول الدورة أثناء أداء الحج أو العمرة س: هل يجوز للمرأة أن تتعاطى علاجًا يمنع عنها العذر الشرعي إذا كانت تريد الحج (¬1) (¬2)؟ ج: لا أعلم مانعًا من ذلك، تتعاطى ما يمنع الحيض في حال الحج أو العمرة أو في شهر رمضان حتى تصوم مع الناس، كل هذا لا حرج فيه إن شاء الله إذا كان لا يترتب عليه ضرر، إذا كانت الحبوب التي تتعاطاها لا يترتب عليها ضرر. س: في إحدى عطل الربيع ذهبنا لأداء العمرة، وفي الطريق أتت إحدانا الدورة الشهرية، وعندما وصلنا إلى الميقات سألتني: هل أحرم أم لا؟ وجهلاً مني قلت لها: لا تحرمي. ولم تحرم، ومضينا إلى أن وصلنا بيت الله الحرام، وكانت متعبة جدًّا، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (252). (¬2) السؤال من الشريط رقم (252). ') ">

فدخلت معنا الحرم وجلست فيه، بينما ذهبنا لأداء العمرة، وبعد أن أتممناها ذهب والدي يبحث لنا عن شقة، وتأخر كثيرًا ولم يجد شيئًا لكثرة الوافدين، فاضطررنا إلى أن ننام في الحرم، وتلك التي معها العذر الشرعي أيضًا نامت معنا في الحرم، فهل هي آثمة في ذلك وماذا يجب عليها حيث دخلت الحرم ونامت به (¬1)؟ ج: إذا كانت مضطرة فلا شيء عليها، والواجب عليها أن تجتهد وتجد مكانًا خارج المسجد، فإذا كانت تخشى ولم تجد فلا حرج عليها إن شاء الله؛ لأنها مضطرة، فالله سبحانه يقول: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} لأنها عليها خطر إن ذهبت، فلا حرج عليها حتى تجد مكانًا خارج المسجد، لكن عليها وعلى ولي أمرها أن تجتهدا ولو بعيدًا عن الحرم، عليهم أن تجتهدا ويبحثا مع من يريهم المحل الآمن إذا عرفوا حالها. س: إذا وصلت الميقات وهي معذورة فعليها أن لا تحرم؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (337). ') ">

ج: نعم إلا إذا سمحوا لها أن تحرم، ومكان الميقات هو مكان التفاوض في هذا الموضوع.

بيان ما تفعله المرأة المحرمة إذا نزل بها العذر الشرعي

289 - بيان ما تفعله المرأة المحرمة إذا نزل بها العذر الشرعي س: إذا أرادت المرأة أن تعتمر لكن عليها العذر الشرعي، فكيف توجهونها؟ مع العلم أن بعض النساء تستحي أن تخبر أهلها، فما هو توجيهكم لمثل هؤلاء النساء (¬1) (¬2)؟ ج: إذا كان عليها العذر الشرعي من حيض أو نفاس فإنه تمسك عن الطواف والسعي حتى تطهر إذا كانت قد أحرمت، أما إذا كانت لم تحرم فهي بالخيار، إن شاءت أحرمت وصبرت حتى تطهر، وإن شاءت أمسكت عن الإحرام ودخلت مكة لحاجة إن كان لها حاجة، فلا يلزمها العمرة إذا كانت قد اعتمرت سابقًا عمرة الإسلام، فلا يلزمها العمرة إن جاءت لمكة لحاجة أو مع أصحاب لها، إن شاءت أحرمت وإن شاءت تركت، لكن إن كانت حائضًا تستطيع أن تبقى حتى تؤدي مناسك العمرة أحرمت من الميقات مع الناس، وإن كانت لا تستطيع ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (330). (¬2) السؤال من الشريط رقم (330). ') ">

دخلت بدون إحرام حتى لا تشق على نفسها وعلى من معها، ولا حرج عليها إذا كانت لم تعتمر عمرة الإسلام، فإنه تلبي بالعمرة وتطلب من أصحابها أن ينتظروها، فإن سمحوا وإلا فلا تحرم إلا في وقت آخر، فإن سمحوا بأنهم ينتظرونها وإلا فلا تحرم إلا أن يتيسر لها الإحرام في وقت آخر، فإن أحرمت ومنعوها الجلوس تذهب معهم، ثم تعود حتى تكمل عمرتها، عليها أن تخبرهم حتى يكونوا على بصيرة معها. س: ماذا تفعل المرأة إذا حاضت وهي في الحرم في الحج (¬1)؟ ج: إذا حاضت فيها تفصيل: إذا كانت حاضت بعد طواف الإفاضة فحجها تام، وليس عليها طواف الوداع، إذا سافرت من مكة وبها الحيض أو النفاس يسقط عنها طواف الوداع، أما إذا حاضت قبل أن تطوف طواف الإفاضة فإنها تبقى حتى تطوف الإفاضة في مكة، حتى تكمل حجها ولا يضرها كونها تقف بعرفة وهي حائض أو نفساء، أو ترمي الجمار وهي حائض، أو تبيت في مزدلفة أو منى كذلك، إنما الحيض يمنع الطواف فقط، أما بقية أعمال الحج فلها أن تعملها وهي حائض، أو نفساء - والحمد لله - لكن لا تطوف حتى تطهر لأن الطواف صلاة، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (277). ') ">

ولكن يسقط عنها طواف الوداع إذا صادفها الحيض عند السفر، لقول ابن عباس رضي الله عنهما: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض. والنفساء في حكمها.

حكم الطهارة للطواف والسعي

290 - حكم الطهارة للطواف والسعي س: هل تلزم الطهارة في السعي والطواف (¬1) (¬2)؟ ج: الطهارة لا بد منها في الطواف، الطواف صلاة كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام (¬3). تقول عائشة رضي الله عنها: لما قدم النبي مكة عليه الصلاة والسلام وأتى المسجد الحرام توضأ ثم طاف (¬4) فالطواف بالبيت صلاة، يتوضأ، ثم يطوف، وأما السعي فلا، إن طاف بطهارة فهو أفضل، وإن سعى بغير طهارة فلا حرج، فأما الطواف بالكعبة فلا بد من الطهارة كالصلاة، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (375). (¬2) السؤال من الشريط رقم (375). ') "> (¬3) أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكيين، من حديث، رجل أدرك النبي صلى الله عليه وسلم برقم (23201). ') "> (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة برقم (1615). ') ">

يطوف متطهرًا، ثم يصلي ركعتين، وأما السعي بين الصفا والمروة فهذا إن تطهر فهو أفضل، وإن سعى على غير طهارة فلا حرج، ولهذا لو سعت الحائض والنفساء صح سعيها بخلاف الطواف، فلو طافت المرأة وهي طاهرة ثم حاضت بعد الطواف سعت ولا حرج. س: قمت أنا وزوجتي بأداء العمرة في سنة ماضية، وفي أثناء السعي أتتها الدورة الشهرية الحيض، فسألنا أحد الإخوان فقال: يجب عليكم أن تعيدوا العمرة مرة أخرى، ولا يلزمكم البقاء في مكة، وإعادتها ولو بعد شهر أو شهرين، وسؤالنا سماحة الشيخ: هل ما أفتانا به الأخ صحيح، وماذا يجب علينا أن نعمل (¬1)؟ ج: الواجب عليكم تكميل العمرة، إذا كانت الرأة سعت بعض السعي وسافرت عليها أن تعود وتكمل السعي، وإن بدأت السعي من أول، يكون أحوط، تبدأ السعي وتكمل، والسعي لا يشترط له الطهارة، الطهارة شرط للطواف، أما السعي لو حاضت في السعي ما يضر، أو سعت بغير وضوء لا بأس، إنما الطهارة تشترط في طواف الكعبة، أما الطواف بين الصفا والمروة، والسعي فهذا لا يشترط له الطهارة، فإذا كنتم خرجتم ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (377). ') ">

من مكة ولم تكلموا السعي عليكم أن ترجعوا وتكملوا السعي، ثم التقصير للمرأة، والحلق للرجل أو التقصير، وتمت العمرة، ما يحتاج إعادة العمرة، يحتاج إعادة السعي الذي ما أتممتموه، عليكم أن ترجعوا وتكملوا السعي، ثم يحلق الرجل أو يقصر، وتقصر هي، وتمت العمرة والحمد لله، إلا أن يكون الرجل جامع زوجته فإنه يتم العمرة ويعيدها أيضًا؛ لأن الجماع يبطل العمرة، فإذا كان جامعها بعد ما رجعا قبل أن يكمل السعي فإنهما يرجعان ويكملان السعي، ويقصران أو يحلق الرجل وتقصر المرأة، ثم بعد ذلك يحرمان بالعمرة من جديد من الميقات الذي أحرما بالأولى منه من جديد، ويأتون بعمرة جديدة بدل العمرة التي أفسدوها. س: تقول السائلة: حججت الفريضة مع والدي وعمري عشرون عاما، وفي أثناء الطواف والسعي أقيمت الصلاة وصليت مع الإمام وأنا لا أعلم هل الوقت هو وقت الظهر أو العصر؛ لأنني كنت مرتبكة من الخوف وكثرة الحجاج، ثانيًا طفت طواف الوداع وأنا على غير طهر، وأعلم أن التي على تلك الحالة لا يسقط عنها طواف الوداع، لكني استحييت أن أقول ذلك في

وقته، وكذلك دخلت حرم المدينة وأنا على تلكم الحالة، أي على غير طهر. وسؤالي الآن: هل أعيد فريضة الحج أم تنصحونني بشيء أفعله؟ جزاكم الله خيرًا. ج: أما الصلاة التي صليتها مع الإمام وأنتِ لا تعرفين ما هي هل هي الظهر أو العصر فعليك أن تعيدي الصلاتين صلاة الظهر وصلاة العصر التي لم تتحققي فعلها بالنية عن ذلك اليوم، تعيدين الصلاة عن ذلك اليوم صلاة الظهر والعصر، وأما طواف الوداع الذي طفته وأنت على غير طهارة فعليك دم؛ لأنك طفت، وفي الحقيقة الطواف بغير وضوء غير شرعي ولا يجزئ، فعليك ذبيحة تذبح في مكة للفقراء، توكلين شخصًا ثقة من أهل مكة أو من المتوجهين إليها للعمرة أو الحج حتى يذبحها عنك بالنية عن طواف الوداع والحمد لله، أما ما يتعلق بالمدينة فليس عليك شيء، لأنك أخطأت، ولكن ليس عليك قضاء شيء إذا دخلت المسجد النبوي وأنت على غير طهارة فليس عليك شيء، لكن إن كنت صليت بغير طهارة صلاة الفريضة فعليك أن تعيديها، أما مجرد دخولك المسجد من دون طهارة فليس عليك شيء، ولا يجوز الحياء في مثل هذا، هذا الحياء ليس بعذر، والله لا يستحيي من الحق سبحانه

وتعالى، فإذا كانت المرأة وقت الطواف ووقت الصلاة على غير طهور تقول: على غير طهور، كالرجل، تذهب إلى زمزم إلى مكان آخر وتتوضأ للصلاة، ولا تصلي بغير طهارة، ولا تطوف بغير طهارة، هذا ليس فيه حياء كل الناس يحدثون المرأة والرجل، كل واحد يقع منه الحديث الرجل والمرأة، والصغير والكبير حتى الأنبياء إذا أحدثوا توضؤوا، وهم أشرف الناس، فالحاصل أن هذا ليس فيه حياء، «ولما سألت أم سليم النبي صلى الله عليه وسلم عن الاحتلام قالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحيي من الحق، هل على المرأة غسل إذا هي احتلمت؟ قال النبي: نعم، إذا هي رأت الماء» (¬1) والله يقول: {وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} فالمقصود أن الواجب على المؤمن أن يقول الحق ولا يستحي، وهكذا المؤمنة عليها أن تقول الحق ولا تستحي سواء كان في مسألة الوضوء أو غسل الجنابة أو غير ذلك. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الغسل، باب إذا احتلمت المرأة برقم (282).

حكم كشف المرأة وجهها أثناء الطواف والسعي

291 - حكم كشف المرأة وجهها أثناء الطواف والسعي س: هل يصح كشف الوجه للمرأة في المسجد الحرام أو في السعي أو أثناء الطواف (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (348). (¬2) السؤال من الشريط رقم (348). ') ">

ج: ليس لها ذلك، عليها الحجاب في الطواف والسعي وفي جميع الأوقات إذا كان حولها رجال أجانب، أما إذا كان ما عندها أجنبي فهي تكشف، ومسموح لها تكشف في صلاتها، لكن إذا كان في الطواف في السعي الرجال عندها فعليها أن تحتجب، وهكذا في مواضع الرجال ولو رجل واحد؛ لقوله جل وعلا: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} وقوله سبحانه: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ} الآية. والوجه من أعظم الزينة. س: تقول السائلة: كشف وجهي في الطواف والسعي وعند تقبيل الحجر الأسود والرجال من حوالي علمًا بأنني لم أخرج من الحرم، ولم أجئ إلى الحرم إلا مرة واحدة (¬1)؟ ج: عليك التوبة والاستغفار والحمد لله، الواجب الستر في الطواف والسعي، ستر الوجه لكن هذا الذي وقع منك جهلاً منك عليك التوبة ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (347). ') ">

والاستغفار والحمد لله، والطواف والسعي صحيح. س: يقول: بعض النساء يكشفن وجوههن أثناء الطواف، فما هو توجيهكم لهن ولأولياء أمورهن (¬1)؟ ج: الواجب عليهن أن يتحجبن بحجاب لا يمنعهن من رؤية الطريق حتى يمشين مع الناس، حجاب ليس بنقاب، لا تنتقب ما دامت محرمة، وهو شيء يصنع للوجه فيه نقب للعين، أو نقبان للعينين، هذا لا تلبسه المحرمة؛ لأن الرسول نهى عنه عليه الصلاة والسلام، لكن تلبس غير ذلك من الخُمُرِ التي تستر وجهها ولا تمنعها رؤية الطريق، كما قالت عائشة رضي الله عنها: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فكنا إذا دنا منا الرجال سدلت إحدانا خمارها على وجهها من رأسها فإذا بعدوا كشفنا. هذا هو الواجب عند الرجال في السعي أو غيره، تسدل جلبابها أو خمارها على وجهها، وعند خلوتها بالنساء أو في بيتها تكشف ما دامت محرمة. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (267).

حكم أداء صلاة ما يسمى سنة زمزم

292 - حكم أداء صلاة ما يسمى سنة زمزم س: رأيت الكثير من النساء – هداهن الله – داخل مكان زمزم في الحرم يصلين على الدرج المقابل لمواسير التبريد فيما يبدو لي، يقلن بأن ذلك سنة زمزم، وعندما نهيتهن عن ذلك لم يستجبن وربما تطاولن في الكلام، فهل ذلك صحيح فضيلة الشيخ (¬1)؟ ج: ليس بصحيح، وليس لزمزم سنة، ليس لها سنة، والواجب أن يصلين خلف الرجال بأي مكان من المسجد الحرام، يلتمسن مكانًا خلف الرجال ويصلين فيه ولا يصلين في زمزم ولا يضايقن الناس، وليس لزمزم صلاة معينة، كل هذا باطل لا أصل له. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (369).

حكم من قطع الطواف بسبب المرض

293 - حكم من قطع الطواف بسبب المرض س: الأخت أم عبد الله من مدينة الطائف تقول: أفيدكم بأنني ذهبت إلى العمرة وأنا امرأة مريضة، وعند ما دخلت إلى الحرم وطفت على الكعبة ثلاثة أشواط أصبت بدوخة، ولم أستطع أن أكمل الطواف، ماذا يجب علي أن أفعل (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (162).

ج: عليك أن تكلمي الطواف، تستريحي ثم تكملي، فإن طال الفصل أعيديه من أوله، إذا طال الفصل وأنت في الدوخة تعيدين الطواف من أوله، أما إذا زالت بسهولة وسرعة فتكملي الطواف والحمد لله، فإن طال الفصل تعيدين الطواف من أوله، وإن أحدثت تعيدين الطهارة، ثم تبتدئين الطواف من أوله، والحمد لله.

انتهى بحمد الله تعالى الجزء السابع عشر ويليه بمشيئة الله تعالى الجزء الثامن عشر وأوله كتاب الحج

المجلد الثامن عشر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كتاب الحج (القسم الثاني)

كتاب الحج (القسم الثاني) 1 - حكم توكيل الحاج والمعتمر في الطواف والسعي س: هل يجوز لي أن أوكل أحدًا عني يطوف ويسعى نظرًا لعدم قدرتي على تحمل شدة الزحام فيهما؟ (¬1) (¬2) ج: إذا كان الحاج يستطيع فإنه يطوف بنفسه، ويسعى بنفسه؛ لأن الله سبحانه قال: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} فمن دخل فيها لزمه إتمامها بإجماع المسلمين ولو كان نافلة، من دخل فيها بالإحرام لزمه الإتمام بالإجماع امتثالاً لقوله سبحانه: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} فإن عجز طيف به، يطاف به بعربية (¬3)، أو على رؤوس الرجال، يطوفون به ويسعون به، من عجز عن الطواف والسعي يطاف به على رؤوس الرجال محمولاً على ظهر رجل أو في عربية، هذا هو الواجب، ولا يستنيب، أما لو عجز بالكلية كالشيخ الكبير الذي لا يستطيع الحج ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (44). (¬2) السؤال من الشريط رقم (44). ') "> (¬3) كرسي متحرك. ') ">

ولكن حج وكلف نفسه ولا يستطيع فيطاف به في عربية إذا تيسر أن يطاف به في عربية، أو على ظهور الرجال أو رؤوسهم، فإنه يطاف به ولا حاجة إلى أن ينوب عنه أحد، ومعلوم أن الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة يجوز أن يحج عنهما كما في حديث الخثعمية لما قالت: «يا رسول الله، إن فريضة الله قد أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: حجي عنه» (¬1) وهكذا الرجل الذي قال: «يا رسول الله، أدرك أبي الحج وهو شيخ كبير، لا يستطيع الحج والظعن، أفأحج عنه؟ قال: حج عن أبيك واعتمر» (¬2) والشيخ الكبير والعجوز الكبيرة اللذان لا يستطيعان ركوب الرواحل - السيارات الآن والطيارات - يحج عنهما كلميت، وإذا تكلف وأحرم، وجاء وعجز لكبر سنه أو مرضه الذي لا يرجى برؤه استناب من يكمل عنه الحج لعجزه عن ذلك، وأما ما دام يستطيع أن يكمل بنفسه أو محمولاً فإنه يكمل. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب الحج عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة برقم (1854). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الحج، باب الحج برقم (930).

س: أديت فريضة الحج منذ ثلاث سنوات، وطفت طواف القدوم، وسعيت بين الصفا والمروة، وأيضًا طفت طواف الوداع ولم أسع بين الصفا والمروة؛ لأنني كنت لا أعلم ذلك، وعندما توجهت إلى المدينة المنورة لزيارة الحرم النبوي الشريف علمت من الإخوة بأن المفروض علي السعي بين الصفا والمروة بعد طواف الوداع، وبعض منهم نصحني بفدية، والبعض الآخر قال بأنه لا شيء عليك إذا كنت تجهل ذلك، هل حجي صحيح أم أن علي فدية أم ماذا أفعل؟ ج: سؤالك فيه إجمال، نحن نفصل لك حتى تعرف الواقع: إذا كنت لبيت بالعمرة، ودخلت بالعمرة، وطفت وسعيت، وقصرت، وحللت، من العمرة متمتعًا ثم لبيت بالحج، وحججت مع الناس، وطفت طواف الإفاضة، وطفت طواف الوداع، ولكن لم تسع، فهذا غلط منك، فعليك أن تسعى ولو ذهبت فعليك أن تذهب لمكة وتسعى بنية الحج السابق ولا حرج، وعليك فدية إذا كنت جامعت المرأة بعد ذلك، وهي ذبيحة تذبح في مكة للفقراء؛ لأنك أتيت المرأة قبل أن تسعى للحج، والسعي

الأول للعمرة، أما السعي الثاني فهو عليك للحج بعد طواف الإفاضة الذي تأتي به بعد القدوم من منى يوم العيد أو بعده، أما طواف الوداع فهو مستقل عند الخروج من مكة، وطواف الوداع هذا واجب لتوديع البيت عند الخروج من مكة، وعليك الآن أن تمتنع من الجماع حتى تأتي بالسعي، أما إذا كنت لبيت بالحج أو بحج وعمرة جميعًا، وطفت للقدوم وسعيت وبقيت على إحرامك حتى خرجت إلى منى وأنت محرم فلا عليك سعي بعد طواف الإفاضة، وإن طفت طواف الإفاضة عند الخروج كفى عن الوداع، إذا كنت طفت عند الخروج طوافًا واحدًا سبعة أشواط كفى عن الوداع وليس عليك سعي؛ لأن السعي الأول كاف إذا كنت أحرمت بالحج مفردًا أو بالحج والعمرة جميعًا ولم تحل، وبقيت على إحرامك حتى ذهبت إلى منى وحتى أديت الحج فليس عليك إلا السعي الأول، والله ولي التوفيق.

حكم جمع طواف الإفاضة والوداع في طواف واحد

2 - حكم جمع طواف الإفاضة والوداع في طواف واحد س: رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى الأخوات المستمعات رمزت لاسمها م. أ. س تقول: من جعل طواف الإفاضة والوداع

طوافًا واحدًا لأسباب معينة هل يجزئه ذلك أم لا؟ (¬1) ج: نعم يجزئه، إذا طاف إنسان طواف الإفاضة عند خروجه إلى بلده أجزأه سواء نوى الوداع أو ما نوى الوداع، يجزئه، وإن نواهما جميعًا أجزأه، فإن طاف عند خروجه عن صفة طواف الحج كفاه عن الوداع والحمد لله، وإن نواهما عن الحج والوداع كفى والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (317).

حكم السعي بين الصفا والمروة

3 - حكم السعي بين الصفا والمروة س: حدثونا عن السعي بين الصفا والمروة هل هو واجب على كل حاج أم على صنف دون صنف؟ (¬1) ج: السعي واجب على جميع الحجاج داخل الصفا والمروة، واجب، ركن من أركان الحج والعمرة، مع الطواف في حق المتمتع والقارن والمفرد، لكن في حق المتمتع يلزمه سعي ثان للحج، ولو في كل عمرة، أما القارن والمفرد فليس عليهما إلا سعي واحد، إن سعاه قبل عرفة أجزأه، وإلا سعاه مع طواف الإفاضة بعد عرفة إذا كان الحاج جاء من الخارج، أما إذا كان من أهل مكة فإن سعيه وطوافه يؤخر إلى ما ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (267).

بعد الحج، لا يقدم، أما من جاء من الخارج، من جدة، من الرياض أو أبعد منهما، هذا إذا دخل مكة يطوف للقدوم ويسعى إذا كان مفردًا أو قارنًا، ثم عليه طواف للإفاضة بعد الحج، ويجزئه السعي، إن سعى قبل الحج، ويلزمه طواف الإفاضة فقط مع طواف الوداع، أما المتمتع فالسعي الأول يكون لعمرته، وعليه أن يسعى سعيًا ثانيًا لحجه، أما إذا كان متمتعًا، وأجل سعي الحج مع طواف الوداع فلا حرج في ذلك.

بيان كيفية السعي بين الصفا والمروة

4 - بيان كيفية السعي بين الصفا والمروة س: أرجو أن توضحوا لنا توضيحًا كاملاً وشاملاً كيف تبدأ عملية السعي بين الصفا والمروة، من أين نبدأ ومتى ننتهي؟ هل الشوط الواحد يكون بداية من الصفا والوصول إلى المروة هذا واحد، أم البداية من الصفا والرجوع مرةً أخرى إلى الصفا يعد واحدًا؟ أفيدونا أفادكم الله (¬1) (¬2). ج: السعي يبدأ من الصفا ويختم بالمروة، والسعي شوط واحد من الصفا إلى المروة، هذا واحد، ومن المروة إلى الصفا هذا شوط ثان، وهكذا، فالمقصود أنها سبعة أشواط، يبدأ الساعي من الصفا ويختم ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (294). (¬2) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (294). ') ">

بالمروة، فإذا بدأ من الصفا وصل المروة هذا واحد، وإذا رجع من المروة إلى الصفا هذا اثنان، وإذا رجع من الصفا إلى المروة هذا ثلاثة، وهكذا حتى يكمل السبعة. س: هل السعي بين الصفا والمروة يعد أيضًا من أعمال التطوع أم لا؟ (¬1) ج: ليس السعي من أعمال التطوع، وإنما يؤدى حسب الفريضة مرة واحدة في الحج ومرة واحدة في العمرة، وإذا كان الحاج متمتعًا فعليه سعيان: أحدهما في العمرة أول ما يقدم، وسعي الحج بعد طواف الإفاضة بعد نزوله من عرفات يوم العيد أو بعده، وأما الطواف فهو سنة وعبادة يشرع التطوع بها في أيام الحج وغيره، فهي عبادة كالصلاة، من كان في مكة يشرع له الإكثار من الطواف، هكذا الحاج، وهكذا المعتمر يشرع له الإكثار من الطواف إلا إذا كان هناك زحمة، فالأولى بكل منهما ألاّ يزاحم الناس وألاّ يشق على القادمين الوافدين بل يوسع لهم، ولهذا لما حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع نزل في الأبطح ولم يطف إلا طواف القدوم، وطواف الإفاضة وطواف الوداع، ثلاثة، ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (86). ') ">

والظاهر - والله أعلم - أنه فعل ذلك لئلا يشق على أمته؛ لأنه لو دخل ليطوف طاف الناس معه، فشق على الوافدين وحصل الزحام، فمن رحمة الله جل وعلا أن شرع لنبيه صلى الله عليه وسلم ألاّ يطوف إلا هذه الأطواف الثلاثة حتى يتأسى به أتباعه من الأمة، وحتى لا يضيق بعضهم على بعض، فإذا فرغ الإنسان من عمرته والناس كثيرون فلا يزاحم الناس بطواف التطوع، يترك المجال لإخوانه لأداء فرضهم، هذا هو المشروع، وهذا هو المعروف من السنة لمن استقرأها وتأملها، والله ولي التوفيق. س: يقول السائل: الحمد لله قد أديت فريضة الحج واعتمرت، لكنني كنت أسعى من الصفا إلى المروة وأعود فأعتبر هذا شوطًا واحدًا، وهكذا قضيت الأشواط السبعة، فهل في هذه الزيادة شيء؟ ج: السعي صحيح والسبعة الزائدة لا تضرك، السعي المشروع من الصفا إلى المروة شوط، والعودة من المروة إلى الصفا شوط ثان وهكذا، فإذا سعى أربعة عشر شوطًا فالمشروع منها سبعة، والزائد لا

يضره؛ ولأنه وقع خطأ منه وجهلاً منه فلا يضره.

بيان كيفية سعي المرأة

5 - بيان كيفية سعي المرأة س: بعض الناس يلزم المرأة بالسعي كالرجال، فهل هذا صحيح أم أن المرأة لها أحكام في السعي خاصة؟ (¬1) ج: نعم المرأة لا يشرع لها الهرولة ولا الاضطباع، ولا الهرولة في الطواف؛ لأنها عورة، فتمشي في الطواف والسعي مشيًا، هكذا ذكر أهل العلم. ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (267).

بيان كيفية التكبير على الصفا والمروة

6 - بيان كيفية التكبير على الصفا والمروة س: يسأل المستمع ويقول: كيف يكون التكبير على الصفا والمروة؟ (¬1) ج: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صعد الصفا كبر عليها، وذكر الله ثلاثًا ودعا ثلاثًا وكرر، يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (432).

وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده» (¬1) ويكرر ذلك مع التكبير ثلاث مرات مع الدعاء على الصفا والمروة، هذا هو الأفضل. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب حجة النبي عليه السلام برقم (1218).

بيان أن الطواف والسعي ليس لهما دعاء مخصوص

7 - بيان أن الطواف والسعي ليس لهما دعاء مخصوص س: تقول السائلة: هل للطواف والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة أدعية مخصصة أم يدعو الحاج بما شاء من الأدعية؟ (¬1) ج: ليس للطواف والسعي والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة أدعية مخصصة لا بد منها، بل يشرع للمؤمن أن يدعو ويذكر الله، وليس هناك حد محدود، يذكر الله بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. سبحان الله، والحمد لله: ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم. يردد هذا الذكر، ويدعو بما يسر الله من الدعوات، يسأل ربه أن الله يغفر له ذنوبه، ويدخله الجنة، وينجيه من النار، يسأل الله له ولوالديه المسلمين المغفرة والرحمة، وإن كان والداه مسلمين سأل الله لهما ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (209).

التوفيق لإصابة الحق والهداية والاستقامة والثبات على دين الله، وهكذا يسأل الله لولاة أمر المسلمين بالتوفيق والهداية، وصلاح النية والعمل، وصلاح البطانة، ويسأل الله من خيري الدنيا والآخرة في طوافه وفي سعيه وفي وقوفه بعرفات ومزدلفة وفي منى، وفي كل مكان يسأل ربه من خيري الدنيا والآخرة، لكن يشرع له في الطواف أن يختم بقوله: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا مستحب لو تركه ما عليه شيء، فهذا مستحب أن يقول هذا الدعاء، ولو ما دعا بذلك ودعا بغيره فلا شيء عليه، لكن يستحب له في آخر كل شوط بين الركنين - يعني بين الركن اليماني والحجر الأسود - أن يقول: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} وكلما حاذى الحجر كبر، قال: الله أكبر، أو قال: باسم الله والله أكبر. في كل طوافه، يبدأ بهذا ويختم بهذا، يبدأ بالتكبير ويختم بالتكبير، وإن قرأ القرآن في سعيه وطوافه فلا بأس، وفي السعي يستحب له أن يكثر من الدعاء والذكر، والتكبير على الصفا والمروة، مستقبلاً القبلة ثلاث مرات، يكرر ثلاث مرات، والرسول

صلى الله عليه وسلم على الصفا وحَّد الله وكبره ودعا وكرر ثلاث مرات، وكان من ذكره على الصفا والمروة: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده» (¬1) ويدعو بما يسر الله، ويكرر ثلاث مرات، وإذا قال: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد. هذا طيب لأن فيه تحميد الله وتكبيره، وإن قال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. فحسن، أو قال: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم. فحسن، يدعو بما تيسر مع الذكر، ويرفع يديه، ويستقبل القبلة حال كونه على الصفا، وحال كونه على المروة، يستقبل القبلة رافعًا يديه، ويكبر الله ويحمده ويثني عليه، ويدعو ويذكر الله ثلاث مرات، يكرر كما كرر النبي عليه الصلاة والسلام، وهكذا على المروة في كل شوط، ويختم بالذكر والدعاء على المروة في الشوط السابع، وفي الطريق بينهما يذكر الله، ويدعو أيضًا بما يسر الله من ذكر وثناء وحمد ودعاء حين نزوله من الصفا إلى المروة، وحين رجوعه من المروة إلى الصفا، يكثر من ذكر الله والدعاء، وليس في ذلك شيء معين أو واجب، بل ما يسر الله له من الدعاء الطيب فهو كافٍ، لكن يتحرى الدعوات الجامعة التي تنفعه في الدنيا والآخرة، مثل: اللهم إنك عفو ¬

(¬1) صحيح البخاري الحج (1785)، صحيح مسلم كتاب الحج (1218)، سنن أبو داود كتاب المناسك (1905)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 321)، سنن الدارمي كتاب المناسك (1850).

كريم تحب العفو فاعفُ عني. اللهم إني أسألك رضاك والجنة، وأعوذ بك من سخطك والنار، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قولٍ وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قولٍ وعمل. {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}. إلى غير ذلك مع ذكر الله، مثل قوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر كبيرًا والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً. يكثر من هذا الذكر ومن الدعاء في سعيه وطوافه، وهكذا في يوم عرفة، إذا وقف بعد صلاة الجمع الظهر والعصر يقف بعرفة مستقبل القبلة، ويرفع يديه في أي جزء منها، كل عرفة موقف، في أيِّ مكان منها، يرفع يديه ويكثر من الدعاء، ويلحُّ في الدعاء، ويكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه، فإن حمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أسباب الإجابة، فيكثر فيه من الدعوات مع حمد الله، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في الصفا وفي المروة وفي عرفة وفي مزدلفة، وفي جميع أدعيته وفي كل مكان، والبداءة بالحمد والثناء

مع الصلاة على النبي من أسباب الإجابة كما في حديث عمرو بن عبيد رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً دعا ولم يحمد الله ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، قال: عجل هذا ثم قال: إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يدعو بما شاء» (¬1) فدل ذلك على أنه إذا بدأ بالحمد والثناء على الله ثم الصلاة على النبي صار هذا من أسباب الإجابة، ومن ذلك الخشوع والإقبال على الله، وحضور القلب، يدعو بقلبٍ حاضر، يعظم الله ويخضع له، ويعلم أنه مجيب الدعاء، وأنه جواد كريم، وأن العبد فقير إليه، وأنه الغني الحميد سبحانه، والشعور بأنك عبد ذليل، وأن الله هو الحكيم العليم، والعلي الكبير، مستحق بأن تعبده وتخضع له، هذا من أسباب الإجابة، وهكذا في صلاتك في أيام الحج وغير الحج تكثر من الدعاء في السجود، وفي آخر الصلاة قبل أن تسلم بعد التشهد، تكثر من الدعاء أيضًا في صلواتك؛ لأنها محل إجابة، وهكذا بين الأذان والإقامة، وتحمد الله وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم تدعو. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه برقم (23937).

حكم طواف من كان محمولا على العربة وغلبه النوم

8 - حكم طواف من كان محمولا على العربة وغلبة النوم س: يقول السائل: يلاحظ أن بعض الحجاج الذين يعجزون عن الطواف أو السعي، ويطاف بهم وهم محمولون يلاحظ أن بعضهم يغلب عليه النوم، ما حكم السعي والطواف والحالة هذه؟ (¬1) ج: الواجب عليه أن ينتبه ويعتني بطوافه وسعيه، والنعاس لا يضر، لكن الواجب عليه أن يعتني لا سيما بالطواف؛ لأن النوم الثقيل يبطل الوضوء، والطواف من شرطه الطهارة، أما النعاس فلا يضر خفقان الرأس، ينعس ولا يستحكم النوم لا يضر طوافه، ولا يضر سعيه، وينبغي له أن يلاحظ هذا عند الطواف سواء كان بعربية، أو على رؤوس الرجال، يعتني بهذا حتى لا ينام نومًا ينقض وضوءه في طوافه، أما السعي فلا يشترط له الطهارة، فلو نام ما يضر سعيه، النوم ما يبطل السعي؛ لأن السعي ليس له شرط الطهارة، بل مستحبة الطهارة فيه، فلو نام في سعيه وكمل به السعي سبعة أشواط أجزأه والحمد لله، ولو غاب عن السعي بنوم أو هواجس لا يضر إن شاء الله، لكن الطواف يخشى منه نقض الوضوء. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (260).

بيان فضل الذكر للحاج أثناء مكثه في المشاعر المقدسة

9 - بيان فضل الذكر للحاج أثناء مكثه في المشاعر المقدسة س: يقول السائل: كيف يقضي الحاج وقته في كل من عرفة ومزدلفة ومنى؟ (¬1) ج: يقضيه في ذكر الله وطاعة الله، والدعاء بعرفات، يدعو، وبمزدلفة يدعو، يكثر من الدعاء وذكر الله عز وجل كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وفي منى يكثر من التلبية والدعاء حتى تكون أوقاته معمورة بالخير. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (260).

حكم ترك التلبية في العمرة

10 - حكم ترك التلبية في العمرة س: يقول: اعتمرت ولكني لم أُلَبِّ فهل عمرتي صحيحة؟ (¬1) (¬2) ج: نعم عمرتك صحيحة، التلبية سنة إذا أحرم من الميقات أو من مكة - إذا كان من أهل مكة - بالحج، أو من جدة إذا كان من أهلها فإن إحرامه صحيح إذا نوى العمرة، فهكذا الحج، والسنة التلبية. س: ما حكم من خرج خارج الحرم بعد الطواف والسعي ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (337). (¬2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (337). ') ">

للعمرة ليحلق عند الحلاقين قبل أن يتحلل من إحرامه؟ ج: لا حرج، هذه ملابس، هو متحلل، إذا فَعَلَ فِعْلَ المتحللين ولو بقي عليه الإزار والرداء، فإذا طاف وسعى وخرج وقصر أو حلق لا بأس؛ لأن عليه أن يكمل عمرته قبل أن يلبس المخيط، فالمقصود أنه يكمل بعد الطواف والسعي يكمل الحلق أو التقصير قبل أن يلبس المخيط، ولو حلق رأسه أو قصره وبقي على حاله في الإزار والرداء يومًا أو يومين أو أكثر فلا بأس بذلك؛ لأنه لباس شرعي ليس فيه بأس ولو استمر فيه، كان هذا من لباس العرب، كان الرسول يلبسه عليه الصلاة والسلام، يلبس الإزار والرداء، فهو لباس شرعي ليس فيه شيء، لكن المحرم يبقى في هذا اللباس حتى ينتهي من إحرامه، لا يلبس المخيط، فإنما يبقى في الإزار والرداء إذا كان ذكرًا حتى يكمل الطواف والسعي والحلق والعمرة، وفي الحج حتى يرمي جمرة العقبة، ويحلق ويقصر أو يطوف ثم يتحلل بلبس المخيط، ثم يكمل مناسك حجه، وإذا فعل الثلاثة حل من كل شيء إذا رمى وحلق أو قصر وطاف وسعى إن كان عليه سعي فقد تم حله، صار حلاً كاملاً، وإذا فعل اثنتين من هذه

الثلاثة، بأن رمى وحلق أو قصر، أو رمى وطاف، أو طاف وحلق أو قصر حل التحلل الأول، وبقي عليه التحلل الثاني، والمعتمر لا يجوز له لبس المخيط حتى يكمل، إذا طاف وسعى يبقى عليه الإزار والرداء أو الإزار فقط حتى يحلق أو يقصر، ثم بعد هذا إذا شاء يخلع الملابس، ويلبس المخيط، يلبس القميص أو يغطي رأسه فلا بأس، لكن ليس له أن يغطي رأسه، وليس له أن يلبس المخيط حتى يكمل نسك العمرة من طواف وسعي وتقصير أو حلق إذا كان رجلاً، أما إن كان امرأة فالمرأة يباح لها لبس المخيط؛ لأنها عورة، ولكن لا تنتقب ولا تلبس القفازين حتى تكمل مناسك العمرة بالطواف والسعي والتقصير، فإذا طافت وسعت وقصرت حلت حيث يجوز لها الطيب، قص الشعر، وتقليم الأظفار، الانتقاب، ولبس القفازين؛ لأنها حلت بالطواف والسعي والتقصير.

حكم من ترك الحلق في الحج أو العمرة

11 - حكم من ترك الحلق في الحج أو العمرة س: تقول السائلة: حججت في سنة من السنوات لكنني لم أقصِّر من شعري شيئًا، هل يعتبر حجي كاملاً؟ (¬1) (¬2) ج: ليس بكامل، بل هو ناقص؛ لأن التقصير واجب من واجبات ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (255). (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (255). ') ">

الحج متى ذكرت تبادري بالتقصير بنيَّة الحج، تقصرين بنية الحج، ويكفي إذا كنتِ جاهلة، وإن ذبحت شاة عن ترك الواجب والتقصير أجزأت؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: [من ترك نُسُكًا أو نسيه فليهرق دمًا]. (¬1) لكن إذا قصرت في بلدك ولو بعد مدة طويلة بنيَّة الحج أو العمرة التي تركت تقصيرها أجزأ ذلك بنية الحج السابق أو العمرة السابقة، لمَّا تنبهت وعلَّمك العلماء وقصَّرتِ بنية الحج السابق، أو العمرة السابقة، أجزأك ذلك والحمد لله، وما فعلت من اللّبس والجماع إن كان عندك زوج، أو كان الرجل له زوجة لا شيء عليك فيه للجهل أو النسيان إن كُنْتِ فعلته نسيانًا. س: اعتمرت ولم أحلق ولم أقصر فما الحكم؟ ج: عليك إذا ذكرت أن تحلق أو تقصر، تحلق الرأس كله، أو تقصر الرأس كله إذا ذكرت ولو في بلدك، والعمرة صحيحة والحمد لله، لكن إذا كنت أتيت شيئًا بعد السعي ممَّا حرم عليك كالطيب وجماع الزوجة ¬

(¬1) أخرجه الإمام مالك في كتاب الحج، باب ما يفعل من نسي من نسكه شيئًا برقم (957). ') ">

ونحو ذلك هذا فيه تفصيل: أمّا الطيب وقلم الأظفار ونحو ذلك فهذا لا شيء عليك لأنك ناسٍ، تحسب أنَّك قد حلقت، قد نسيت الأمر، أو جاهل. أمّا إذا جامعت المرأة فهذا فيه دم يذبح في محل الجماع، إن كان في مكة ذبحته في مكة، وإن كان في بلدك ذبحته في بلدك للفقراء، هذا هو الأحوط في حقِّك، والأحوط إن كنت جاهلاً، والأحوط في الجماع قبل الحلق وقبل التقصير أنك تفتدي بدم إن كنت فعلت الجماع في مكة، يذبح في مكة للفقراء، وإن كنت في بلدك ذبحته في بلدك.

حكم ارتكاب محظور من محظورات الإحرام جهلا

12 - حكم ارتكاب محظور من محظورات الإحرام جهلاً س: السائل ع. ص. من جدة يقول: حضرت من إحدى الدول المجاورة لغرض العمل في ربيع الأول من العام الماضي، وفي طريقي إلى الرياض قمت بأداء العمرة إلا أنني وأثناء السعي بين الصفا والمروة قمت بقص الشعر بعد الشوط الأول، ثم أكملت باقي الأشواط، وما كنت أعرف ذلك إلا بعد الرجوع إلى جدة، ما حكم عملي حيث إنني جاهل في ذلك تمامًا؟ (¬1) ج: هذا العمل لا يجوز، لكن لأجل الجهل لا يضرك كونك قصرت ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (421).

في أول السعي، لا يضر من أجل الجهل، {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} ليس عليك شيء، ولكن عليك أن تقصر بعد السعي بنية العمرة، وإذا كنت لم تقصر إلى الآن فعليك أن تقصر بنية العمرة السابقة ولا شيء عليك من أجل الجهل أو النسيان.

حكم الفصل بين السعي والحلق والتقصير بوقت طويل

13 - حكم الفصل بين السعي والحلق والتقصير بوقت طويل س: من اعتمر هو وزوجته لكنها لم تقصر المرأة، ولم يحلق الرجل، ولم يقصِّر إلا بعد فترة طويلة، فما حكم ما فعلا؟ (¬1) (¬2) ج: الواجب على المعتمر بعد الانتهاء من السعي وأعمال العمرة الحلق أو التقصير، فإذا نسي الحلق أو التقصير وفعل شيئًا ممَّا يخالفه ممَّا يُمْنَعُ بعد الإحرام إن كان نسيانًا فلا شيء عليهما، أمَّا إذا كان عن علم أو عن تساهل فالأحوط أن على كل واحد إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام فدية كما بينت ذلك الآية، ستة مساكين، إطعام ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من تمر أو نحوه، أو صيام ثلاثة أيام أو ذبح شاة، والصيام في كل مكان، أمَّا ذبح الشاة أو الإطعام ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (297). (¬2) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (297). ') ">

فيكون لمساكين الحرم إذا كان عن تعمّد، أمَّا إذا كان عن نسيان أو جهل فلا شيء عليه، أما من اعتمر هو وزوجته وأجَّل التقصير إلى فترة طويلة فالحكم مثل ما تقدم، إذا كان عن نسيان فلا شيء عليه، أمَّا إذا كان وطأها وهو متعمد يعلم الحكم فعليه إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام فدية؛ للآية الكريمة من سورة البقرة؛ لأنه أدى أركان العمرة، ما بقي إلا هذا وهو واجب من واجباتها لا تفسد بذلك. س: تساهل بعض الناس سماحة الشيخ في العبادات، ومن ثم يسألون بعد ذلك، هل لكم توجيه حول ذلك؟ ج: الواجب على المؤمن أن يهتم بعبادته، الحج والعمرة والصلاة وغيرها، الواجب عليه أن يهتم بذلك، وأن يعتني، وأن يتعلم حتى يؤدي الصلاة على وجهها، ويؤدي الصوم على وجهه، والحج على وجهه، والعمرة على وجهها، يجب أن يتعلم ويتفقه؛ لأن الله أوجب عليه الصلاة، وأوجب عليه صيام رمضان، وأوجب عليه الحج، وأوجب عليه العمرة، فلا بد أن يتعلم ما يؤدي به هذا الفرض، ولا يتساهل في هذا، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به

خيرًا يفقهه في الدين» (¬1) فالتفقه في الدين من علامات أن الله أراد بالعبد خيرًا، والإعراض والغفلة من علامات الشر، نسأل الله العافية. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين برقم (71).

حكم التحلل قبل التقصير أو الحلق

14 - حكم التحلل قبل التقصير أو الحلق س: التحلل قبل التقصير في عمرة رمضان ما حكمه؟ (¬1) ج: إذا كان جاهلاً أو ناسيًا عليه أن يمسك عن المحظورات حتى يحلق أو يقصّر، فإذا لبس ثوبه أو غطّى رأسه جاهلاً أو ناسيًا لا شيء عليه، كقِصَّة صاحب الجبّة الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يخلع الجبّة ويغسل أثر الخلوق، ولم يأمره بالفدية لأجل الجهل، لكن إن جامع فقد ذكر جمع من أهل العلم أن عليه الفدية ولو كان جاهلاً؛ لأنه مفرّط لم يسأل، أمّا إن كان نسي التقصير ثم جامع ناسيًا فالناسي لا شيء عليه، {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} الحاصل أنه إذا جامع، الفدية أحوط له لأجل أنه تساهل ما سأل، وإلا فلا حرج عليه وعمرته صحيحة لأجل نسيانه وجهله - يعني نسي التقصير - أو جهل ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (386).

حكم التقصير - فجامع، هذا عليه التقصير - والحمد لله، أو الحلق، وعمرته صحيحة.

حكم صلاة عيد الأضحى للحاج

15 - حكم صلاة عيد الأضحى للحاج س: السائل: أبو عبد الله يقول: ما حكم من حلق يوم عيد الأضحى قبل ذهابه للصلاة علمًا بأنه نصح عن ذلك في الحج؟ (¬1) (¬2) ج: هذا فيه تفصيل: إن كان في الحج هذا إذا رمى الجمرة شرع له الحلق، أهل منى ما لهم صلاة، صلاتهم رمي الجمار، ما عندهم صلاة، يرمي الجمرة، ثم يحلق أفضل، ولو حلق قبل الرمي أجزأ، لا بأس، النبي سئل عن ذلك فقال صلى الله عليه وسلم: «لا حرج، لا حرج» (¬3) «سئل يوم العيد عمن قدم أو أخر فقال عليه الصلاة والسلام: لا حرج» (¬4)، لكن السنة أن يرمي، ثم ينحر، ثم يحلق أو يقصر، والحلق أفضل، ثم الطواف هو الأخير طواف الإفاضة، لكن لو قدم بعضها على بعض فلا حرج، وليس لهم صلاة يوم العيد، صلاتهم يقوم مقامها رمي الجمار. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (419). (¬2) السؤال من الشريط رقم (419). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها برقم (83)، ومسلم في كتاب الحج، باب من حلق قبل النحر، أو نحر قبل الرمي برقم (1306). (¬4) صحيح البخاري العلم (83)، صحيح مسلم الحج (1306)، سنن الترمذي الحج (916)، سنن أبو داود المناسك (2014)، موطأ مالك الحج (959)، سنن الدارمي المناسك (1907).

س: من قص شعره ناسيًا أو جاهلاً وهو محرم بالإفراد بعد الطواف والسعي هل عليه شيء؟ (¬1) ج: إذا كان قد طاف وسعى لحجه فلا حرج عليه في القصّ لأنه حينئذ طاف وسعى، يعني قد أدى الركن الأول، والشيء الأول من الأمور التي يحصل بها التحلل وهو الطواف، ويتبعه السعي، فإذا فعل ذلك ساغ له حينئذٍ أن يحلق أو يقصر والحمد لله. وبهذا يحصل التحلل الأول، ثم بعد رمي الجمرة يحصل التحلل الثاني، وإن كان قد رمى الجمرة قبل الطواف فقد حصل التحلل الأول بالرمي والطواف، ويكون حينئذٍ مباح له الحلق أو التقصير، والمشروع له أن يحلق أو يصر، فلو قصر أو حلق جاهلاً أو ناسيًا فلا شيء عليه؛ لأنه مُحلّ أولاً، الجاهل لا شيء عليه، والناسي لا شيء عليه، ثم ثانيًا لو تعمّد ذلك فإنه جائز له حينئذٍ؛ لأنه قد فعل واحدة من الثلاثة، إذا سعى أو طاف فقد شرع له أن يحلق أو يقصر، إذا تعمد ذلك هذا هو المشروع له، وإن فعله ناسيًا أو جاهلاً فلا شيء عليه حتى ولو كان قبل الطواف والسعي، حتى ولو كان قبل عرفة، لو قصّر أو حلق من رأسه جاهلاً أو ناسيًا لا شيء عليه على الصحيح. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (4). ') ">

س: يقول البعض عند المسعى وعند تقصير الشعر: إنه لا يجوز قص المحرم شعره بنفسه، بل يجب أن يقصه له شخص آخر، ما صحة هذا القول؟ ج: لا حرج لو قصّ عن نفسه أو قصر عن أخيه المحرم كذلك، ولو لم يحلّ؛ لأنه شيء مأذون به، فإذا قصر عن نفسه في الإحرام إحرام الحج أو العمرة، أو قصر عن إخوانه بعد ما طافوا وسعوا في العمرة، وإن كان لم يقصر هو فلا حرج عليه؛ لأنه فعل أمرًا مشروعًا.

بيان كيفية التقصير للمحرم

16 - بيان كيفية التقصير للمحرم س: أديت مناسك العمرة بالكامل إلا أنني لم أقصّر شعري كله، ولكن قصصت بعض الشعر من الأمام والخلف واليمين واليسار، فهل عمرتي تامة؟ (¬1) (¬2). ج: العمرة صحيحة ولا حرج إن شاء الله، لكن في المستقبل ينبغي لك أن تعمم، هذا هو الأرجح تعميم الرأس، تعمّه بالتقصير، هذا هو ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (350). (¬2) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (350). ') ">

الأحوط والأقرب في الأدلة الشرعية. س: ورد أن المرأة يسمح لها بقص شعرها عند إحرامها للحج بقدر أنملة، فهل يباح لها أن تقص شعرها في غيرها في غير إحرامها للحج، وإن كان مسموحًا فما مقدار المسموح به؟ (¬1) ج: ليس القص عند الإحرام، إنما هو بعد الإحرام، وبعد الطواف والسعي، عند الإحرام لا يشرع لها قص لا هي ولا الرجل، إنما القص بعد الطواف والسعي للعمرة، تقص قدر أنملة شيء يسير، وهكذا في الحج إذا رمت الجمرة يوم العيد شرع لها أن تقص قدر أنملة من كل عميلة، وإذا كان الشعر منقوضًا كله تقص من أطراف الشعر قليلاً، والرجل يقص قليلاً بالتقصير يعمه كله أو يحلقه كله، أما هي ليس لها الحلق، ولا بأس أن تقص من شعرها في غير الإحرام إذا كان كثيرًا لتخفيف المؤنة، أو بالاتفاق مع زوجها لأجل الزينة لكي يكون أقل من طوله المعروف مع أن الطول فيه جمال، فإذا اتفقت مع زوجها لكي تقص منه بعض الشيء فلا حرج، فقد ثبت عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته عليه الصلاة أنهن قصرن من رؤوسهن لتخفيف ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (229). ') ">

المؤنة، فإذا أرادت المرأة أن تقص من رأسها لتخفيف المؤنة أو لأسباب أخرى إزاء زوجها أكثر للزينة فلا بأس، لكن ليس لها أن تحلق، إنما القص الذي تراه زينة لها وجمالاً من دون قصد التشبه بالكافرات أو بالرجال، لكن قص لا يجعلها متشبهة بهؤلاء ولا بهؤلاء، وإذا كان لها زوج فلا بد من التشاور مع زوجها في ذلك. س: يقول السائل عند فكّ الإحرام وبعد العمرة هل يجب التقصير من جميع الرأس أم من أجزاء معينةٍ منه؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الواجب من جميع الرأس، هذا هو الواجب، وهذا هو الصواب، وذهب بعض أهل العلم أنه يجوز تقصير البعض كالربع والنصف، ولكن الصواب والأرجح أنه يعمه بالتقصير، يعم أطرافه بالتقصير لا من كل شعرة لكن يعم الرأس بالتقصير ويكفي، هذا هو الواجب كالحلق، ولو في مكان آخر، وليس لازمًا في المسعى ولو في البيت لا حرج، ولو سافر ولم يقصر إلا في جدة أو في الطائف لا حرج، لكن إذا بادر فهو أولى حتى لا ينسى. س: السائل: أ. س. ص. من القصيم يسأل ويقول: نويت العمرة ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (329). ') ">

فطفت، ثم سعيت والحمد لله، وبعد ذلك وضعت الإحرام على رأسي جهلاً مني، وليس نسيانًا أو تعمدًا، ثم حلقت رأسي، فماذا عليَّ؟ (¬1) ج: وضع الإحرام على الرأس جهلاً أو نسيانًا لا شيء فيه والحمد لله، فلو أن الإنسان غطى رأسه وهو محرم جاهلاً أو ناسيًا، أو تطيب جاهلاً أو ناسيًا أو قصّ شعره أو أظافره فلا شيء عليه، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن إنسانًا أحرم وعليه جبة، وتضمخ بالطيب، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزع الجبة، وأن يغسل أثر الخلوق، ولم يأمره بفدية؛ لأنه جاهل. س: يسأل الأخ: هل المسلم إذا قام بأداء الحج، ووقف بعرفة، وانحدر إلى المزدلفة، هل ضروري أن يلتقط حصى الجمرات من مزدلفة أم يجوز من أيّ مكان من منى؟ ج: لا يتعين أن يلتقط الحصى من مزدلفة، بل يأخذه من منى ويكفي، والنبي لقطه من منى عليه الصلاة والسلام، ومن أخذه من مزدلفة أو أخذ ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (388). ') ">

سبعًا من مزدلفة ليرمي بها جمرة العقبة يوم العيد فلا بأس، ولكن ليس بمتعين بل من مزدلفة أو منى، كله بحمد الله واسع.

بيان كيفية رمي الجمرات

17 - بيان كيفية رمي الجمرات س: حدثونا لو تكرمتم عن رمي الجمرات كيف يكون وحبذا لو فقهتم الناس بالحكمة من وراء ذلكم التعبد إذا أمكن (¬1). ج: إن الله جلَّ وعلا له الحكمة البالغة والحجة الدامغة شرع للمسلمين رمي الجمار في الحج تأسيًا بنبيهم عليه الصلاة والسلام؛ لأنه لمّا حج حجة الوداع رمى الجمار يوم العيد بسبع حصيات، رمى جمرة العقبة فقط - وهي الجمرة التي تلي مكة - بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة، ثم رمى الجمار في الأيام الأخيرة الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، رماها بعد الزوال، كل واحدة رماها بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة، ويقول عليه الصلاة والسلام عند أداء الأنساك: «لتأخذوا مناسككم» (¬2) يعني يأمر الأمة أن يتعلّموا منه، وأن يعملوا بما ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (93). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم (1297).

يشاهدون من عمله عليه الصلاة والسلام، وما يسمعون من قوله، فهذا هو الدليل على رمي الجمار، وهي تشتمل على سبعين حصاة لمن استكمل الرمي في الأيام الأربعة، يوم العيد سبع حصيات بعد ارتفاع الشمس إلى غروب الشمس، كله محل رمي، يكبر مع كل حصاة للجمرة الكبرى التي تلي مكة وهي جمرة العقبة، وإن رماها في الليل بعد نصف الليل أجزأ ذلك ولا سيما للضعفاء والعجزة، أما الأقوياء فالسنّة لهم أن يكون رميهم مثل ما رماها النبي صلى الله عليه وسلم بعد ارتفاع الشمس ضحى، وإن رماها بعد الظهر أو بعد العصر فلا حرج، ويجوز على الصحيح أن يرميها بعد الغروب أيضًا تلك الليلة لمن لم يرم في النهار إلى آخر الليل، وأمّا الأيام الأخرى الثلاثة وهي أيام التشريق فإنها ترمى بعد الزوال كما رماها النبي عليه الصلاة والسلام، ولا يجوز رميها قبل الزوال؛ لأن ذلك خلاف الشرع المطهر، ويرميها المسلمون بعد الزوال إلى غروب الشمس، ومن لم يتيسر له ذلك، من عجز عن ذلك أو شغل عن ذلك جاز رميه لها بعد الغروب تلك الليلة لليوم الذي غربت شمسه في أصح قولي العلماء؛ لأنها حالة حاجةٍ وضرورة ولا سيما عند كثرة الحجيج، فإن الوقت لا يسع لهم ما بين الزوال إلى غروب الشمس، فلهذا جاز على الصحيح أن ترمى بعد

غروب الشمس لمن لم يتيسر له الرمي بعد الزوال في ذلك اليوم - يعني اليوم الذي غابت شمسه - يرميه بعد الغروب، وقد ذكر جمع من أهل العلم أن الحكمة في ذلك إهانة الشيطان وإذلاله وإرغامه، وإظهار مخالفته؛ لأنه عرض لإبراهيم عليه الصلاة والسلام حين أراه الله ذبح ابنه إسماعيل، ولكن من المقرر عند أئمة العلم أن الحكمة لا بد أن تثبت بدليل واضح من كتاب أو سنة، فإن ثبتت فذلك نور على نور، وخير إلى خير وإلا فالمؤمن يتقبل شرع الله ويعمل به وإن لم يجد الحكمة والعلة في ذلك، مع إيمانه بأن الله سبحانه حكيم عليم كما قال عزّ وجل: {إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} وقال سبحانه: {وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} فهو عليم بما شرعه لعباده، عليم بما يقدره لهم، عليم بكل حادثة في المستقبل، كما أنه عليم بكل ما يقع لكل ما وقع في الماضي، وله الحكمة البالغة في كل شيء سبحانه وتعالى، فإنه له كمال العلم وكمال الحكمة والقدرة، فلا يفعل شيئًا عبثًا أبدًا، ولا يشرع شيئًا عبثًا سبحانه وتعالى، بل كل ذلك لحكمة بالغة، وعلّة عظيمة، وغاية محمودة، وإن لم يعلمها البشر، هذا هو الواجب على كل مؤمن أن

يعتقد ذلك، فإن الله سبحانه هو الحكيم العليم فيما يقضيه ويقدره، وفيما يشرعه لعباده سبحانه وتعالى، ومن ذلك مسألة الرمي رمي الجمار.

حكم تأخير رمي الجمرات جميعا إلى اليوم الثاني عشر

18 - حكم تأخير رمي الجمرات جميعًا إلى اليوم الثاني عشر س: ما حكم من رمى الجمرات جميعًا في اليوم الثاني عشر؟ (¬1) (¬2) ج: إذا رتَّبها أجزأت عند جمع من أهل العلم، إذا رمى جمرة العقبة، ثم رمى لليوم الأول عن الجمرات الثلاث، ثم عاد ورمى لليوم الثاني، ثم عاد ورمى لليوم الثالث أجزأه، لكنه ترك السنة، السنة يفعلها في وقتها. س: ما حكم الحصيات التي لم تنزل في الحوض، أو لم تضرب في العمود؟ وجّهوني جزاكم الله خيرًا. ج: المطلوب وصول الحجر إلى الحوض، فإذا وصل إلى الحوض كفى ولو لم يضرب الشاخص - الجدار - ولو نزلت بعد ذلك إلى الأرض، متى وصلت إلى الحوض كفى، وإذا تدحرجت ونزلت فلا يضرّه. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (266). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (266). ') ">

حكم من أخطأ في ترتيب رمي الجمار.

19 - حكم من أخطأ في ترتيب رمي الجمار. س: سائل يقول: إنه أخطأ في رمي الجمرات بين الجمرة الكبرى

والوسطى والصغرى، ويقول: إنه لم يكتشف حاله إلا فيما بعد، فماذا عليه الآن؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إن كان رماهنّ لكنه أخطأ في الترتيب فنرجو أن يعفو الله عنه من أجل الجهل، والرمي قد حصل، إذا كان رمى الأولى ثم الأخيرة، ثم الوسطى، أو رمى الوسطى ثم الأولى ثم الأخيرة أو نحو ذلك فالصحيح أنه يجزئه إن شاء الله إذا كان فات الوقت، أما إن كان الوقت باقيًا فإنه يعيد ما بعد الأولى، يعيد ما رماه قبل الأولى، يعيده، فإذا كان رمى الوسطى ثم الأولى يعيد الوسطى، ثم الأخيرة حتى يحصل الترتيب، وإذا كان رمى الأخيرة، ثم الوسطى، ثم الأولى يعيد الوسطى والأخيرة حتى تكون الأولى في محلها، لكن لو لم ينتبه إلاّ بعد ذهاب الوقت أجزأه إن شاء الله، ولا دَمَ عليه. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (294).

حكم الزيادة في عدد رمي الجمرات احتياطا

20 - حكم الزيادة في عدد رمي الجمرات احتياطًا س: حجت فتاة في سنة من السنوات، وبعد ذلك عند رمي الجمرات كانت تعتقد أنه لا بد من رمي الجمرات في نفس الحجر الواقف (الشاخص) وليس في الحوض أو الصحن، ولوجود

زحمة لا تدري كم رمت من الجمرات، فكانت ترمي حجرًا زائدًا في جميع المواقع الثلاث، فيكون حاصل الجمرات ثمان جمرات في كل موقع، هل رميها الحجر الزائد الذي يعد في ترتيبه الثامن يترتب عليه شيء أم أن ما فعلته صحيح؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كان رميها الأحجار قد وقع في الحوض كفى سواء أصاب الشاخص أو ما أصاب الشاخص، أما الحجر الزائد فلا يضرها، لكن ليس لها تعمده إلا من حاجة كأن تشكّ هل رمت سبعًا أم أقل فلا بأس أن ترمي ثامنًا وتاسعًا حتى تتيقن أنها رمت السبع، أمّا مع العلم أنها رمت سبعًا فلا حاجة إلى الزائد ولا وجه له، وليس من الواجب رمي الشاخص، المقصود رمي الحوض، فإذا كانت تعلم أو غلب على ظنها أن الحجر وقع في الحوض كفى والحمد لله، وإذا كانت رمت سبعًا كفى، والثامن لا حاجة إليه، فإذا كان يغلب على ظنها أن السبع وصلت الحوض كفى والحمد لله، وليس عليها شيء، أما إذا كانت شاكّة ما تدري فعليها دم، يذبح في مكة للفقراء، لأنّ الشاكّ لم يؤدِّ الواجب. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (295).

حكم رمي الجمرات صباحا في اليوم الحادي عشر والثاني عشر.

21 - حكم رمي الجمرات صباحًا في اليوم الحادي عشر والثاني عشر. س: ما حكم من رمى الجمرات صباحًا في اليوم الحادي عشر والثاني عشر؟ (¬1) (¬2) ج: لا يجوز ولا يصح، الرمي يكون بعد الزوال في أيام التشريق؛ لأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم رمى بعد الزوال، وقال: «لتأخذوا عنِّي مناسككم» (¬3) فمن رماها قبل الزوال فرميه غير صحيح، فعليه أن يعيده بعد الزوال، فإن فاتت أيّام منى ولم يعد فعليه دم عن ترك هذا الواجب يذبح في مكة للفقراء. س: حَججت مرة ونظرًا لزحمة الجمرات في اليوم الثاني من أيام التشريق وزحمة الحرم عند طواف الوداع رجمت في تمام الساعة الحادية عشرة إلا ربعًا صباحًا، وذلك في يوم الثاني عشر، هل هذا الرّجم صحيح، حيث إنني عندما ذبحت أضحيتي نويتها للجبر عن الخطأ في النّسك حيث إنني أحرمت ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (266). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (266). ') "> (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم (1297).

بحجة فقط؟ وإذا كان الرجم غير صحيح ماذا عليَّ؟ (¬1) ج: الرجم قبل الزوال ليس بصحيح في غير يوم العيد، أمّا يوم العيد فلا بأس، وأما الرجم في أيام التشريق قبل الزوال فإنه لا يجزئ؛ لأنه خلاف الشرع، والرسول صلى الله عليه وسلم رمى بعد الزوال، وقال: «لتأخذوا مناسككم» (¬2) وهكذا أصحابه رموا بعد الزوال، والعبادات توقيفية ليست بالرأي، فمن رمى قبل الزوال فرميه غير صحيح، وعليه دمٌ عمّا ترك من الواجب، وإذا كنت ذبحت الذبيحة ناويًا بها ما عليك من الواجب الذي لا تفهمه أجزأت عن هذا الرمي، إذا كنت ناويًا بذلك أنها عمّا عليك وليس عليك إا هذا الرمي ما حصل منك شيء يوجب الدم إلا هذا فإن الذبيحة التي نويتها عن النقص الذي عليك تجزئ عن هذا إلا إن كان عليك أشياء أخرى، فكل شيء يجب فيه ما يجب فيه، إذا كان عليك ترك واجب آخر فإنه لا تجزئ هذه الذبيحة إلا عن واحد فقط، لو كنت مثلاً تركت المبيت في منى أيام منى، أو تركت المبيت في مزدلفة فهذان الواجبان عليك عن كل واحد دم، فالحاصل أن الذبيحة التي ذبحتها إنما ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (190). ') "> (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم (1297).

تجزئ عن واحد مما تركت من الواجبات. س: السائل ع. ع. يقول: في رمي الجمرات حصل لي بعض المخالفات حيث إنني رميت جمرة العقبة يوم العيد من الخلف - أي في الخرسانة - دون الجمرة نفسها، وذلك لرؤيتي الحجاج وهم يفعلون ذلك، كما حصل أنني شككت في عدد الحصيات التي رميت بها إحدى الجمرات، إمّا في يوم العيد أو في آخر أيام التشريق. ج: أما رمي الجمرة الوسطى يوم العيد فهذا غير مشروع، وإنما ترمى جمرة العقبة فقط، وهي التي تلي مكة، هي القصوى من جهة مكة، هذه ترمى يوم العيد فقط بسبع حصيات، أما رمي الوسطى فهذا وجوده كعدمه، ليس عليك فيه شيء؛ ولأن الوسطى لا ترمى يوم العيد، ولا البعيدة التي من جهة منى من جهة مسجد الخيف لا ترمى، إنما يُرمى يوم العيد جمرة العقبة فقط، وهي القصوى التي تلي مكة، ترمى يوم العيد بسبع حصيات، فإذا كنت ما رميتها أو شككت في رميها ولم ترمها بعد ذلك فعليك دم، يذبح في مكة للفقراء، وأما الجمرات

الأخرى فهي ترمى يوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، الثلاثة كلها ترمى، جمرة العقبة والوسطى والبعيدة، لكن يبدأ بالبعيدة التي من جهة مسجد الخيف، يبدأ بها يوم الحادي عشر، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة، التي تلي مكة هي الأخيرة، وهكذا في اليوم الثاني عشر، وهكذا في الثالث عشر للذي لم يتعجل، يرمي الثلاث كلها، يبدأ بالجمرة التي تلي مسجد الخيف التي في وسط منى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة التي في آخر منى - يعني من جهة مكة - تكون هي الأخيرة، في الأيام الثلاثة: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، وإذا كنت شككت في رمي واحدة من هذه الثلاث في الحادي عشر، أو في الثاني عشر، إذا كنت تعجلت فعليك أن تذبح دمًا شاة لها سنة إن كانت من المعز، أو ستة أشهر إن كانت من الضأن، ستة أشهر فأكثر، تُذبح في مكة للفقراء، وهذا إذا كان الشكّ حين الرمي، أما إذا كان الشكّ طرأ بعد ذلك وإلا فأنت حين الرمي ما عندك شكّ، إنما جاء الشك بعد ذلك، فليس عليك شيء، الشك بعد العبادة لا يؤثر، أما إن كان الشك وقت الرمي، شككت ولم تكمل فعليك أن تذبح شاةً في مكة - يعني جذع ضأن قد بلغ ستة أشهر فأكثر، أو ثني معز فأكثر - يذبح في مكة للفقراء عن الجمرة التي شككت في أمرها، فإن كان

الشكّ في حصاة واحدة لم يضر ذلك تغتفر إن شاء الله، وإن كنت لم تتعجل بقيت إلى الثالث عشر ولم ترم بعض الجمرات في الثالث عشر، أو شككت في رميها حال الرمي، ولم تقم بالواجب بل تساهلت فعليك كما تقدم ذبيحة، تذبح في مكة للفقراء. أمّا إن كان الشك بعد ما انتهيت من الحج، طرأ عليك الشك بعد ذلك فهذا لا يعوّل عليه ولا يعتبر به، بل هو شك لاغ لا قيمة له، وليس عليك عنه شيء.

حكم ترك رمي بعض الجمار.

22 - حكم ترك رمي بعض الجمار. س: المستمع ط. ز. يقول: كنت متمتعًا بالعمرة إلى الحج ولله الحمد، ولكني في كل مرة لا أرمي إلا جمرة العقبة الكبرى لكوني لا أعلم أن الجمرات ثلاث ترمى، فما مدى صحّة حجي، وبماذا توجهونني؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الحج صحيح، وقد تركت بعض الواجب؛ لأن الواجب رمي الجمار الثلاث لليوم الحادي عشر والثاني عشر لمن تعجّل، وفي الثالث عشر لمن لم يتعجّل، لا بد من رمي الجمار الثلاث، وأنت لم ترم إلا واحدة، فعليك كفارة الترك، عليك ذبيحة أو سبع بدنة، أو سبع بقرة ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (347).

عليك رأس من الغنم، جذع ضأن، أو ثني معز يذبح في مكة للفقراء، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة، البقرة ما تم لها سنتان، والناقة ما تم لها خمس سنين، وعليك التوبة إلى الله من ذلك والاستغفار.

حكم رمي الجمرات دفعة واحدة.

23 - حكم رمي الجمرات دفعة واحدة. س: السائل م. س. ا. يقول: إن والدتي حجت قبل عشرين عامًا ورمت الجمرات السبع جميعًا، ولم تفرق بينهن، والآن هي كبرت ولم تستطع الحج، وهي متأثرة بحجها الأول، أفيدونا بذلك (¬1). ج: حجها صحيح والحمد لله، وعليها ذبيحة دم تذبح في مكة عن جمعها الجمرات؛ لأن جمعها الجمرات يعتبر جمرة واحدة، كأنها ما رمت إلا حجرًا واحدًا، فعليها دم يذبح في مكة للفقراء لترك الجمار التي جمعتها. ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (360).

حكم من رمى الجمرة وسقطت خارج الحوض

24 - حكم من رمى الجمرة وسقطت خارج الحوض س: هل يصح رمي الجمرات إذا وقع الحصى بجوار الجمرة بحوالي متر مثل أن يصطدم بعمود الخرسانة المجاور لعدم رؤيته أو

لعدم التمييز أو لشدة الزحام؟ (¬1) (¬2) ج: لا يجزئ إلا إذا سقط في الحوض، أما إذا سقط خارج الحوض فلا يجزئ لكن لو سقط في الحوض وتدحرج وخرج لا يضر، إذا سقط في الحوض كفى حتى ولو خرج بعد ذلك، المهم أن يقع في الحوض، فلو تدحرج من الحوض بعد ذلك لا يضر، أما سقوطه في غير الحوض فلا يجزئ. س: يقول السائل: في آخر يوم من أيام التشريق، وعند رمي الجمرات، وزعت الحصيات على جيوبي، وجعلت السبع الحصيات في الجيب الأيمن، وسبعًا في الأيسر، وسبعًا في جيب الصدر، ورميت الجمرات الصغرى والوسطى والكبرى، وعندما ذهبت إلى المنزل لقيت حصاة واحدة في جيب الصدر، فهل عليَّ شيء؟ جزاكم الله خيرًا. ج: الصواب في هذه المسألة أنه لا شيء عليك، وأنَّ الحصاة الواحدة تغتفر والحمد لله، قد ثبت عن بعض الصحابة أنهم لما رجعوا ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (252). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (252). ') ">

من حجهم قال بعضهم: رميت بست، وقال آخر: رميت بسبع. فلم يعب بعضهم على بعض، فالواحدة لا حرج فيها إن شاء الله، ولا ينبغي تعمد ذلك، لكن من نسيها أو غلط فلا حرج عليه، أما التعمد فلا يجوز التعمد، يجب أن ترمي كل واحدة بسبع كما رماها النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعض العلماء: إن عليه مدًّا من الحنطة أو نصف صاع من الحنطة أو رز بدل الحصاة الواحدة، ولكن ليس عليه دليل، فالأمر في هذا إن شاء الله واسع، وأنت معفوٌّ عنك إن شاء الله.

حكم الزيادة في رمي الجمرات

25 - حكم الزيادة في رمي الجمرات س: سائلة تقول: لقد أديت فريضة الحج والحمد لله، إلا أنني عند رمي الجمرات رميتُ في بعض الأحيان أكثر من سبعة، وفي ذلك الوقت لم أكن أعلم بأن ذلك لا يجوز، وأيضًا عن التّلفظ بالنيّة للحج، قلت: نويت عمرة وحجًّا، وذلك حسبما قاله لنا الجماعة الذين حججت معهم، إلا أننا عندما ذهبنا للحج ذهبنا مباشرة إلى منى وليس إلى مكة، فهل حجي صحيح في كلا الحالتين؟ وإذا لم يكن كذلك فماذا يجب عليًّ أن أعمل؟

وجزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: حجّك صحيح، إذا كنت أديت أعمال الحج وتكونين قارنة بين الحج والعمرة، إذا كنت طفت وسعيت وكملت أعمال الحج فأنتِ قارنة بين الحج والعمرة وحجّك صحيح، والزّيادة في الرمي لا تضر، الزيادة في الرمي على السبع لا تضر، لكن لا يشرع ذلك ولا ينبغي ذلك إلا إذا كان على سبيل الاحتياط، إذا شكّ في السّبع هل كمّلها يزيد ثامنة، يزيد تاسعة حتى يعتقد أنه كمّل، مثلاً يخشى أن بعضها خرج عن الحوض ما طاح في الحوض فزاد ثامنة أو تاسعة يحتاط فهذا هو الواجب عليه، أمّا الزيادة من دون سبب فلا ينبغي، وحجها صحيح كما تقدم، ولا تضرها الزيادة على السبع، لكن إذا كان بغير سبب قد فعلت أمرًا غير مشروع ولا يضرها في دينها ولا في حجها، والحمد لله. أما قولها: نويت حجًّا وعمرة وهي حجت فلا بأس، تقولها إما مع الحج وإما مع العمرة، وتصير قارنة الحج والعمرة، وأعمالهما واحدة؛ والحمد لله. س: يقول السائل: من سقط منه شيء من الجمرات وهو يرمي ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (265). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (265). ') ">

الجمرات ماذا عليه؟ وكثيرًا ما يحدث هذا نتيجة للزّحام الذي يتكرر في هذه المناسبة (¬1). ج: يأخذ من الأرض التي تحته، أو من أصحابه الذين معهم زيادة، ويرمي ويكمل، والحمد لله. س: يقول السائل: إذا افتقد الحاج بعض الحصوات واعتقد أنه لم يرم بها كاملاً، وقد ابتعد عن الجمرات، فما الحكم؟ ج: يحتاط ويرمي ولو من بعيد، إذا ظن أنها تصل وإلا يصبر حتى يقرب ويكمّل حتى تقع في الحوض، فإن كان عنده نشاط ويستطيع أن يرمي من بعيد وتسقط في الحوض ويغلب على ظنه أنها وصلت، أو يعلم أنها وصلت كفى والحمد لله، وإذا ابتعد كثيرًا عن منطقة الجمرات يعود حتى يكمل، وإن لم يذهب إلا اليوم التالي يُعيدها برمتها إذا كان الحصى الذي يرمي به كثيرًا، أمّا إذا كان ثنتين أو واحدة فيعفى عنه إن شاء الله؛ لأنًّ الصحابة رضي الله عنهم لمّا رجعوا من حجهم كان يتحدّث بعضهم إلى بعض، يقول: رميت خمسًا، ورميت ستًّا. فلم يعب ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (260). ') ">

بعضهم على بعض، فنقص الواحدة والثنتين يعفى عنه إن شاء الله، لكن ينبغي للمؤمن أن يحتاط، ويكمل السبع ولا يتعجل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رمى سبعًا وقال عليه الصلاة والسلام: «لتأخذوا مناسككم» (¬1) ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم (1297).

حكم التكبير والوقوف للدعاء عند رمي الجمرات

26 - حكم التكبير والوقوف للدعاء عند رمي الجمرات س: يقول السائل أبو عبد الله: عند رمي الجمار كنت أكبر مع كل حصاة في البداية، ولكن لخوفي من عدم ضبط العدد كنت أعدّ مع كل حصاة، ونسيت التكبير، وكنت أرمي عن نفسي وعن موكلتي، فما الحكم في ذلك؟ (¬1) (¬2) ج: التكبير مستحب وليس بلازم، إن كبرت فهو الأفضل وإلا ما يضر، الرمي صحيح، إذا رميت عن نفسك ثم رميت عن موكلتك فلا بأس. س: عند رمي الجمار الثلاث كنت أرمي الأولى ثم أذهب إلى الثانية مباشرة، وكذلك الثالثة، ولم أقف وأدعو بعد الأولى والثانية ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (408). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (408). ') ">

لعدم علمي (¬1). ج: لا حرج في ذلك، الوقوف بعد الأولى والثانية للدعاء سنة، ومن تركه فلا شيء عليه، والحمد لله. س: يقول السائل أثناء رميي للجمرات شككت في أربع حصيات هل وصلت إلى مكان الرمي أو لا؟ (¬2) ج: إذا كنت أعدت الرمي في وقته فلا بأس، وإلا وجب عليك دم يذبح في مكة للفقراء عما تركت من الجمار؛ لأن الأربع كثيرة، فالحاصل أنك عليك دم يذبح بمكة للفقراء عما تركت من الجمار. س: سمعت من برنامجكم نور على الدرب أن الرمي يكفي إذا سقطت الجمرة في الحوض، ولكني لا أعلم هل هي سقطت في الحوض أم لا؟ وجهوني جزاكم الله خيرًا. ج: الواجب على الحاج أن يتحرّى رمي الجمار في الحوض، ولو لم يكن في الشاخص، يرمي الجمار في الحوض، فإذا غلب على ظنه ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (408). ') "> (¬2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (328). ') ">

وقوعها في الحوض، أو علم ذلك كفى، فإن شكّ في ذك فعليه أن يعيد الرمي في الوقت، فإن ذهب الوقت في أيام منى ولم يُعد فعليه دم ذبيحة تذبح بمكة للفقراء عن تركه الرمي، أما ما دام الوقت موجودًا ولم تذهب أيام منى فعليه أن يعيد الرمي حتى يتحقق، أو يغلب على ظنه وقوعها في الحوض.

حكم رمي الجمرات بالحصى المتساقط حولها

27 - حكم رمي الجمرات بالحصى المتساقط حولها س: حججت حج الفريضة، وعندما أتيت لرمي الجمرات لليوم الثاني رميت في مرجم واحد في موقف واحد، وعندما انتهت الحصيات التي معي أخذت من الحصى المتساقط حول الجمرات، ورميت بها في المواقف الأخرى، أفيدونا جزاكم الله عنا خير الجزاء، ماذا عليَّ وماذا أفعل حيث رميتها ناسيًا؟ (¬1) ج: لا بأس إن شاء الله تجزئ، إذا رمى الإنسان من الجمرات الموجودة في الطريق تحت أقدام الناس يجزئ إن شاء الله، أما إذا أخذها من بعيد يكون أحوط وأحسن، وإلا فهو مجزئ؛ لأن الأصل أن ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (31).

التي رمى بها قد تكون سقطت من الناس، قد تكون رمى بها إنسان ولم تصب، فالحاصل أنه ليس هناك جزم بأنه قد رمي بها، بل محتملة، فهي مجزئة، ثم القول بأن ما رمي به لا يجزئ قول اجتهادي وليس نصًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالحاصل الذي لم يرم به لا شك أنه أولى، أما الذي تحت أقدام الناس فإنه لا يقطع بأنه رُمي به، وهو مجزئ على كل حال، والرمي به إن شاء الله قد وقع في محله، أما إذا كان في الاختيار فالأولى به أن يأخذ حجرًا بعيدًا عن المراجم حتى يبعد عن كونه رُمي به، وهو الأحوط والأحسن، والنهي عن ذلك ليس بجيد ولا ينبغي التشديد في ذلك.

حكم من ترك رمي اليوم الثاني عشر من أيام التشريق

28 - حكم من ترك رمي اليوم الثاني عشر من أيام التشريق س: يقول السائل قمت مع زملائي الذين قد حجّوا أكثر من مرة، برمي الجمرات في يومين فقط؛ أي لم نبق في مكة بعد اليوم الأول من أيام العيد إلا يومًا واحدًا، وفي اليوم الثاني بعد الظهر خرجنا من مكة على أساس أننا تعجّلنا في يومين على اعتبار اليومين اليوم الأول الذي هو العيد، واليوم الثاني من أيام العيد،

أرجو التكرم بإفتائنا عن ذلك، ولكم الشكر، وما يجب علينا القيام به (¬1). ج: الذي خرج من مكة في حجه في العام الماضي أو غيره، ولم يرم الجمار إلا في يوم العيد واليوم الذي يليه عليه دم ذبيحة كالضحية، إما جذع ضأن أو ثني معز، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة، تذبح في مكة وتوزع بين فقراء مكة، هذا هو الذي عليه؛ لأن الواجب أن يرمي يوم العيد ويومين بعده، والأيام التي فيها التعجل هي أيّام التشريق الثلاثة، التي قال الله فيها سبحانه: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ} هذه أيام التشريق، أولها الحادي عشر، وآخرها الثالث عشر، أما يوم العيد فليس منها، فالواجب على الحجاج أن يرموا يوم العيد جمرة العقبة، والأفضل في الضّحى، ومن رماها في آخر الليل من ليلة العيد أو في الظهر من يوم العيد أو في العصر أجزأه، كله رمي، في النصف الأخير من ليلة البعيد ولا سيما الضعفاء، ويوم العيد كله رمي، أما يوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر فهذه ترمى فيها الجمار بعد الزوال، بعد دخول وقت الظهر، إذا زالت الشمس ودخل وقت الظهر يرمي الحجاج الجمار، ولا يجوز أن يرموها قبل الزوال قبل ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (17).

الظهر، إنما الرمي يكون بعد الزوال كما رماها النبي عليه الصلاة والسلام، وإذا أحب التّعجل في اليوم الثاني عشر بعد الرمي يرمي بعد الزوال، ثم يتعجل ويذهب إلى مكة، يطوف طواف الوداع، هذا لا بأس به، وليس يوم العيد منها، بل أوّلها الحادي عشر، وآخرها الثالث عشر، فإذا رمى الحادي عشر والثاني عشر فلا بأس أن يتعجل، يذهب إلى مكة ويطوف طواف الوداع، أو طواف الحج إذا كان ما طاف طواف الحج، ويجزئ عن طواف الوداع إذا طاف طواف الحج بعد رمي الجمار، وخرج إلى بلاده سافر في الحال أجزأه عن طواف الوداع، وإن طاف طواف الحج يوم العيد أو بعده، ثم طاف طواف الوداع عند خروجه فهذا أكمل وأفضل، والذي خرج في اليوم الثاني عشر، أو في آخر يوم الحادي عشر، ولم يرم إلا يوم العيد واليوم الذي بعده فقط يظن أن يوم العيد أحد الأيام الثلاثة قد غلط، وعليه دم كما تقدم؛ لأنه ترك بعض الواجب، وهو الرمي في اليوم الثاني عشر، ولا يدخل هذا في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «عفي لأمتي الخطأ والنسيان» (¬1) هذا من ترك الواجبات، لا يدخل في هذا عند العلماء، الذي يدخل ¬

(¬1) أخرجه ابن ماجه بلفظ: إن الله قد تجاوز في كتاب الطلاق، باب طلاق المكره والناسي برقم (2043).

المحظورات، أما هذا فلا يدخل فيه، وإذا كان ما بات ليلة اثنتي عشرة في منى وهو قادر فعليه أيضًا عن هذا دم أو صدقة إذا كان في ليلة اثنتي عشرة ما بات في منى، بات في مكة وهو قادر، عنده منزل في منى يستطيع المبيت فيه فهذا ينبغي له أن يتصدق بشيء، أو يفدي عن ذلك؛ لأن المبيت في منى واجب مع القدرة.

حكم من أخذ الأجرة على رمي الجمار ولم يرم

29 - حكم من أخذ الأجرة على رمي الجمار ولم يرم س: أفيدكم أني أحد خدمة الطوافين لخدمة الحجاج، وعند طلوعنا إلى عرفات ونزولنا منها إلى منى قرر بعض الحجاج بأن أرمي الجمرات نيابة عن المرضى والطاعنين في السن الذين لا يقدرون على أداء هذا الواجب، وذلك مقابل أجرة بسيطة أعطوني إياها، ولما وصلت إلى رحبة الجمرات لرمي تلك الجمرات كان الزحام قد بلغ أشده من كثرة الحجاج، فلم أتمكن من هذا العمل الذي أصبح أمانة في عنقي، حيث كادت روحي أن تزهق، وقد أغمي عليَّ وحملوني إلى المستشفى، ولمّا منَّ الله عليَّ بالشفاء عاهدت الله تعالى على ألاّ أعود لمثل هذا العمل، واستغفرت الله تعالى مئات المرات، وندمت على

ذلك كل الندم، والآن هذه الدراهم باقية عندي فماذا أعمل بها، أرجو من سماحتكم توجيهي وإفادتي ما الذي يجب عليَّ؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: إذا كنت تعرف أصحاب الدراهم ردها إليهم وعليهم أن يذبحوا عما تركوا من الرمي ذبيحة، كل واحد يذبح ذبيحة؛ لأن الرمي واجب، وإذا فاتت أيام منى ولم يرم عليه ذبيحة تذبح في مكة للفقراء بدلاً من هذا الواجب، وترد عليهم دراهمهم، أمّا إن كنت لا تعلم أهل تلك الدراهم ولا تعرفهم فالدراهم تشتري بها ذبيحة وتكملها، إذا لم تستطع تشتري ذبيحة وتذبحها بالنية عن صاحبها الذي لم ترم عنه، والحمد لله. إن كان واحدًا ذبيحة واحدة، إن كانوا اثنين ذبيحتين، وهكذا بعددهم، وإن كانت الدراهم لا تكفي فالذي يظهر أنه يلزمه؛ لأنه فرط وتساهل، وكان الواجب عليه بعد ما عافاه الله أن يرمي إن كانت الأيام باقية لم تنته الأيام، ثم هو تساهل في الأمر، ولم يحتط، ولم يقل لهم: أخبروني عن مكانكم وأسمائكم حتى أرجع إليكم، عنده شيء من التفريط، إذا كان لا يعرفهم فالمفرط يبرئ ذمته، ويكملها ويشتري عن كل واحد ذبيحة، ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (211). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (211). ') ">

ولو سبع بدنة، أو سبع بقرة. س: هل يجوز للزوجة أن توكل زوجها لرمي جمرة العقبة، وهل عليها هدي في ذلك نظرًا للزحام ومعها أطفال في ذلك الوقت؟ ج: نعم إذا كانت عاجزة توكل زوجها، أو غيره، توكل ثقة بالرمي عنها إذا كانت ضعيفة لا تستطيع الزحام، أو كبيرة السن لا تستطيع، أو عندها أطفال ما تستطيع تركهم، توكل زوجها إذا كان ثقة أو غيره من الثقات يرمي عنها ولا حرج.

بيان ضوابط رمي الجمار للمرأة.

30 - بيان ضوابط رمي الجمار للمرأة. س: يقول السائل: يصل عدد الحجاج إلى ما يقرب من مليون ونصف أو مليونين، وهذا يجعلهم يتزاحمون كثيرًا عند الجمرات، وللنساء أحكام خاصّة بهن حبذا لو تفضلتم ببيانها في هذا المقام (¬1). ج: المرأة القوية ترمي بنفسها، تستعين بالله، أمَّا إذا كانت عاجزة ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (260).

مريضة أو كبيرة السن أو لديها أطفال توكل من يرمي عنها والحمد لله، فإن كان هناك زحام شديد لا تقوى معه على الرمي وكلت أيضًا من يرمي عنها، ولكن ينبغي أن يعلم أن الوقت فيه سعة، ولا بأس أن يرمي في الليل من الزوال إلى طلوع الفجر، كله رمي بعد الزوال، يوم الحادي عشر مع ليلة اثنتي عشرة، كلها رمي، وهكذا ليلة اثنتي عشرة، كلها رمي، من رمى بعد الزوال فالحمد لله، وإلا يرمي بعد غروب الشمس، أو في أثناء الليل قبل طلوع الفجر عن اليوم الذي غابت شمسه، اليوم الذاهب؛ لأن بعض الناس قد لا يتيسر له الرمي بين الزوال وبين الغروب بسبب الزحام ولا سيما النساء إذا أجلن رميهن بعد المغرب أو بعد العشاء هذا لا بأس به على الصحيح، وهكذا رمي يوم العيد لو فاته رمي يوم العيد، ورمي ليلة إحدى عشرة قبل الفجر أجزأ على الصحيح إلا اليوم الأخير يوم الثالث عشر هذا لا بد أن يكون قبل الغروب، بعد الزوال إلى غروب الشمس، والغالب أنّ الناس قليل الذين يتأخرون في اليوم الثالث عشر؛ لأن ليلة أربع عشرة ليست من الرمي، فإذا لم يتعجل ورمى في يوم الثالث عشر فإنه يرمي بعد الزوال قبل الغروب، ولا يؤجله في يوم الثالث عشر خاصة لمن لم يتعجل.

حكم توكيل القادر على الرمي

31 - حكم توكيل القادر على الرمي س: تقول السائلة: رميت الجمرات في اليوم الأول، وفي اليوم الثاني وكّلت زوجي رغم أني قادرة، وذلك لأسباب، وهو أننا كنا في مكان بعيد، وزوجي يخشى علينا من التعب، فقمت أنا ومجموعة من النساء بتوكيل أزواجنا، هل ما فعلناه صحيح؟ (¬1) ج: فيه نظر مع القدرة، فالواجب على الحاجّ أن يرمي الجمرات بنفسه، وهكذا الحاجّة المرأة ترمي بنفسها إلا عند العجز، لمرضها أو كونها حُبْلى أو عندها رضيع لا تستطيع تركه فهي معذورة، أو كبيرة السن، أمَّا مجرد التعب فيمكن ركوب السيارة، والقرب إلى المرجم بالسيارات لكن الأحوط الفدية، ذبيحة عن كل واحدة منكنّ بسبب ترك الرمي؛ لأن الوكالة بدون وجهة شرعية حكمه حكم الترك، فعلى كل واحدة منكنَّ ذبيحة تذبح في مكة للفقراء بسبب عدم الرّمي الذي تركته بدون عذر شرعي؛ لأن مجرد البعد ليس بعذر لوجود السيارات، إلا إذا ما كان هناك سيارات توصّل وهي عاجزة تكون معذورة كالمريضة، فإذا كانت هناك امرأة كبيرة السن، ولا تستطيع المشي وليس هناك سيارة، ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (293).

والرجل كذلك، فالحكم واحد، ليس عليهم شيء، والوكالة تجزئ، كذلك شدّة الزّحام، إذا كان على المرأة خطر فهو عذر لها، توكل ولو رمت بالليل عن يوم العيد وعن الحادي عشر والثاني عشر أجزأها بالليل، إذا كان ليس فيه مشقة وخطر.

حكم حج المرأة بدون محرم

32 - حكم حج المرأة بدون محرم س: سائلة تقول: والدتي حجت مرتين في الأولى بدون محرم - أي لم يذهب معها أبي، ولا أخي، ولا خالي، ولا أي محرم آخر - لعدم علمها بذلك، وعند رمي الجمرات رمت الرمية الأولى بنفسها، والباقي رماها عنها الحجاج الموجودون معها، أما في الحجة الثانية فقد ذهب معها أبي، ولم ترم الجمرات بنفسها، بل رماها عنها أبي، أرشدونا ما حكم الإسلام في هذه الحالات؟ بارك الله فيكم (¬1). ج: حجها صحيح والحمد لله، وعليها التوبة إلى الله والاستغفار من كونها حجت الحجة الأولى بدون محرم، عليها التوبة إلى الله من ذلك، ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (147).

وإذا كانت وكّلَت في الرمي لعجزها عن الرمي فلا حرج عليها والحمد لله، أمّا إن كان التوكيل تساهلاً وليس هناك موجب لا زحام شديد خافت منه ولا مرض فعليها دم، يذبح عنها ذبيحة في مكة للفقراء بنية تركها الرمي.

بيان ما يلزم من سافر في اليوم الحادي عشر ووكل في رمي الجمرات

33 - بيان ما يلزم من سافر في اليوم الحادي عشر ووكل في رمي الجمرات س: يقول السائل: حججت في أحد الأعوام الماضية أنا وزوجتي، وفي اليوم العاشر والحادي عشر رجمت ورجمت زوجتي معي، ثم وكلت عن اليوم الثاني عشر عني وعن زوجتي، وقمت بطواف الوداع في اليوم الحادي عشر وخرجت من مكة قبل الغروب، وذلك بسب أنه كان معي طفلة صغيرة، وقد تعبت تعبًا شديدًا من الحر، ولم تأكل ولم ترضع، وكانت تبكي كثيرًا مما اضطرنا لفعل ذلك، فماذا يجب علينا؟ (¬1) ج: يجب عليك أنت ثلاث ذبائح، أحداها عن ترك الرمي؛ لأنه ليس لك التوكيل، والثانية عن ترك طواف الوداع؛ لأنك لم تطف للوداع، ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (421).

والثالثة عن ترك المبيت ليلة اثنتي عشرة، وإن لم تذبح عن ليلة اثنتي عشرة وتصدقت كفى إن شاء الله، لكن الذبائح أفضل تكون ثلاثًا، الأولى عن ترك الرمي؛ لأنه ليس لك عذر ترك الرمي في الثاني عشر، والطفل تحفظه أمه، تتولاه أمه، عليك ذبيحة ثانية عن ترك الوداع لأن الوداع يكون بعد الرمي، بعد مضي أيام منى بعد الرمي كله، وإذا ذبحت ذبيحة ثالثة عن ترك المبيت ليلة اثنتي عشرة كان أفضل وأحوط، أما هي فعليها ذبيحة واحدة عن ترك الوداع، وتوكيلها صحيح لأن لها عذرًا في الطفل الذي يشغلها عن الرمي، ولا يمكنها الرمي مع وجود الطفل لكن عليها ذبيحة عن ترك الوداع، وعن ترك المبيت ذبيحة ثانية أفضل لأنها لم تبت الليلة الثانية عشرة، لو ذبحت عنها يكون أفضل، وإن تصدقت بشيء كفى والحمد لله، نسأل الله للجميع التوفيق، والذبيحة تكون في مكة، تذبح الذبائح في مكة للفقراء.

حكم ترك الرمي والمبيت في منى لعذر

34 - حكم ترك الرمي والمبيت في منى لعذر س: في أثناء تأديتي لفريضة الحج مرضت مرضًا شديدًا وارتفاع درجة الحرارة مع رعشة شديدة مما تعذر معه القيام برمي الجمار في اليوم الثاني والثالث، ولكني وكلت أحدًا يقوم بذلك

بالإضافة إلى أنني لم أبت في منى للسبب نفسه، فهل عليَّ شيء؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: إذا كان الواقع كما ذكرت فليس عليك شيء، الله يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} والوكيل يقوم مقامك في الرمي، أما عدم المبيت في منى فإذا كنت تركت ذلك عجزًا أو للذهاب إلى الطبيب فلا شيء عليك، والحمد لله س: تسأل المستمعة أم خالد وتقول: حججت في سنة من السنوات، وبعد الرمي أخذت معي بعض الجمرات من منى إلى منزلي، هل عليّ شيء في ذلك؟ (¬3) ج: لا، ليس عليك شيء، إذا أخذت شيئًا من الحصى من المرجم أو من الأرض ليس فيه شيء، لكن لا حاجة إلى هذا الشيء، المقصود إذا رميت الجمار أنت كما شرع الله كونك تأخذين من حصى الجمار شيئًا هذا لا وجه له، ولا حاجة إليه، فإن كان المقصود أن فيه بركة فليس فيه ¬

(¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (328). (¬2) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (328). ') "> (¬3) السؤال من الشريط رقم (392). ') ">

بركة، ولا يتبرك به، المقصود ليس عليك شيء، لكن إذا كان المقصود أخذك أنك تظنين أن فيه بركة فهذا غلط، ليس مما يتبرك به، بل يؤخذ من هذا المحل، ويلقى في محل آخر. س: الأخ ص. س. من اليمن يسأل عن التكبير بعد الصلوات الخمس في أيام التشريق، هل هو واجب أم مستحب؟ وإذا كان ذلك واجبًا أو مستحبًا فهل فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم أو هو من فعل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم؟ ج: إن التكبير في أيام التشريق بعد الصلوات محفوظ من فعل الصحابة رضي الله عنهم، عمر رضي الله عنه وجماعة من الصحابة، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن إسناده فيه ضعف، وهكذا التكبير في عشر ذي الحجة من أولها كله مشروع، وفيما روي عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وكان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما عندما يخرجان للسوق في الأيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما، وكان الصحابة عمر رضي الله عنه والجماعة يكبرون بعد الصلوات الخمس ابتداءً من يوم عرفة إلى نهاية أيام التشريق، وكان عمر

رضي الله عنه يكبر في خيمته في منى حتى يسمعه الناس ويكبرون بتكبيره، والتكبير مشروع وليس بواجب، ولكنه سنة في يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق مطلق ومقيد بعد الصلوات، وفي الزمان من الليل والنهار يشرع التكبير، أما في اليوم الثامن وما قبله في ذي الحجة فالمشروع فيها التكبير المطلق، لا مقيد في الصلوات بل مطلق من أول ذي الحجة إلى نهاية ليلة التاسع من ذي الحجة، هذا مطلق، يكبر الإنسان في الطريق وفي بيته وعلى فراشه، وهكذا في الأيام الأخيرة يوم عرفة وما بعدها يكبر المسلمون في الطريق وفي المساجد وفي الأسواق، وأدبار الصلوات الخمس، في الخمسة الأخيرة يوم عرفة وما بعده، والذي عليه جمهور أهل العلم أنه سنة فقط، والصيغة: الله اكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد. شفعًا. وكان بعض الصحابة يأتي بها وترًا: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد. كله طيب سواء أتى بها شفعًا أو وترًا، ومن ذلك: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً. كل هذا وارد في الآثار عن الصحابة، وفي الآثار المروية عن النبي عليه الصلاة والسلام.

حكم قراءة الأدعية من كتاب أثناء الطواف والسعي.

35 - حكم قراءة الأدعية من كتاب أثناء الطواف والسعي. س: يقول السائل إذا كنت لا أحفظ كثيرًا من الأدعية فهل يجوز أن أتناول كتابًا يحتوي على بعض الأدعية وأقرأ منه وأنا أطوف بالبيت الحرام وفي المسعى مثلاً؟ (¬1) (¬2). ج: لا حرج في ذلك، الحمد لله لا حرج أن تأخذ كتابًا فيه دعوات طيبة من مؤلف معروف موثوق به من العلماء لا بأس، أو تدعو من قلبك عن ظهر قلب مما يسر الله لك، قد يكون هذا أجمع لقلبك، وقد يكون هذا أخشع، وإن دعوت من ورقة أو كتاب فلا بأس. س: ما حكم استخدام الكتيبات التي توجد في أماكن مواقيت الإحرام، وفي جوار الحرم الخاصة بأدعية الطواف والسعي في الحج والعمرة؟ لأنني أقرأ هذه في بعض الأشواط فوجهوني في ضوء سؤالي مأجورين (¬3). ج: ما يحصل من الكتيبات التي فيها بعض الأدعية أو بعض الأذكار الشرعية لا بأس بها إذا استفاد منها الإنسان، إذا كانت أذكارًا شرعية أو ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (241). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (241). ') "> (¬3) السؤال الأول من الشريط رقم (375). ') ">

أدعية شرعية لا حرج فيها، فللإنسان في طوافه وسعيه أن يدعو بما تيسر ولا يتكلف، يقرأ القرآن، يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، اللهم اغفر لي وارحمني، اللهم اغفر لي ولوالدي. إذا كانا مسلمين. وهكذا ليس هناك شيء بحمد الله متحتم، ما تيسر من القرآن ومن الأدعية الطيبة كله طيب، وإذا كانت الكتيبات التي وجدتها ليس فيها محظور تعرضها على أهل العلم، إذا كان ليس فيها محظور لا بأس، الأمر واسع والحمد لله. لكن يستحب للمؤمن في طوافه أن يبدأ طوافه باستلام الحجر الأسود، يقبله إذا تيسر أو يستلمه بيده، ويقبلها ويقول: الله أكبر. كما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك يجعل البيت عن يساره، ويكثر من الذكر والدعاء والقراءة - والحمد لله - حسب ما تيسر له، وهكذا في السعي يبدأ السعي عند مبدأ السعي، يقرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} هذا أفضل، ثم إذا صعد يكبر الله ثلاث مرات، ويحمد الله ويدعو ويكرر

ثلاث مرات وهو رافع يديه مستقبل القبلة على الصفا، وهكذا على المروة، ويدعو بين ذلك ثلاث مرات بما تيسر من الدعاء تكبيرًا وذكرًا ودعاءً مكررًا ثلاث مرات وهو مستقبل القبلة على الصفا وعلى المروة، وفي الطريق بينهما يكثر من ذكر الله ومن الدعاء الطيب ما بين الصفا والمروة كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، والأمر في هذا واسع والحمد لله. س: ما حكم عدم المبيت في منى إذا كان الشخص مريضًا في تلك الليلة حيث كان خارج منى قبل الليل؟ ج: لا حرج إذا لم يتيسر له المبيت في منى لمرضه، شق عليه ولم يستطع أو ذهب للمستشفى فلا شيء عليه كالسقاة والرعاة ليس عليهم شيء، وهكذا السجين الذي أُخذ لعلة وسجن فلا شيء عليه.

حكم من ترك المبيت بمنى جهلا

36 - حكم من ترك المبيت بمنى جهلاً س: يقول هذا السائل ع. ع. من ظهران الجنوب: ما حكم المبيت خارج منى جهلاً منّا حيث ظننا بأننا داخل حدود منى، وكان الناس معنا في هذا الأمر، ولكننا في الصباح تبين أننا خارج منى، فماذا علينا

الآن وقد مضى على هذه الحجة سنوات طويلة؟ (¬1) ج: ذبيحة تذبح في مكة للفقراء، والذي ما يستطيع يصوم عشرة أيام ولو مضى سنوات؛ لأنكم تساهلتم ولم تسألوا، الواجب عليكم السؤال والعناية، هذا الواجب على المؤمن، وقد فرّطتم فعليكم التوبة إلى الله، وذبح ذبيحة للفقراء في مكة عن ترك المبيت في منى سواء ناسيًا أو جاهلاً. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (426).

بيان الفرق بين الأيام المعدودات والمعلومات

37 - بيان الفرق بين الأيام المعدودات والمعلومات س: يقول السائل: ما الفرق بين الأيام المعدودات والأيام المعلومات؟ (¬1) ج: الله جلّ وعلا بيّن المعدودات وهي أيام التشريق: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ} هذه ثلاثة: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، هذه المعدودات. والمعلومات أيام العشر مع أيام التشريق، وقال جماعة: هي أيام العشر فقط، وقال ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (395).

آخرون: هي أيام العشر مع أيام التشريق، كلها معلومات، يكبر فيها، يكبر المسلمون فيها من أول العشر إلى غروب الشمس من يوم الثالث عشر، {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} فاذكروا الله في أيام معلومات من أول الشهر إلى يوم الثالث عشر مع غروب الشمس يكبرون الله ويذكرونه سبحانه، فهي أيام عظيمة فاضلة، والثلاثة منها معدودات وهي الأخيرة: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، وهي أيام منى، وأيام رمي الجمار.

بيان معنى أن أيام التشريق أيام أكل وشرب

38 - بيان معنى أن أيام التشريق أيام أكل وشرب س: أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى. ما معنى هذا يا سماحة الشيخ؟ (¬1) (¬2) ج: معنى هذا النهي عن صومها، النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن صوم أيام التشريق، وبعث مناديًا في الناس ألاّ تصام؛ لأنها أيام أكل وشرب وذكر، الناس يأكلون ويشربون ويتقربون إلى الله بالذبائح بالهدي ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (411). (¬2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (411). ') ">

والضحايا، فيأكلون ويشربون، ما هي بأيام صوم، لا صوم فريضة ولا صوم نافلة، بل الواجب الفطر في يوم العيد وأيام التشريق، أربعة أيام، يجب إفطارها إلا من لم يستطع هدي التمتع فله أن يصوم الثلاثة الأيام خاصة من الناس لما ثبت في البخاري في صحيحه رحمه الله عن عائشة وابن عمر رضي الله عنهم قالا: لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي. معنى لم يرخص يعني لم يرخص النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الآمر الناهي عليه الصلاة والسلام، فمعنى: لم يرخص؛ يعني النبي لم يرخص لأحد أن يصوم أيام التشريق إلا من عجز عن الهدي، فله أن يصوم الثلاثة، يصومها قبل الحج وله أن يؤخرها.

حكم الخروج من منى بعد منتصف الليل

39 - حكم الخروج من منى بعد منتصف الليل س: السائل ر. خ. من الرياض يقول: في ليالي التشريق وأنا حاج كنت أّذهب للمبيت في منى في منتصف الليل - أي الثانية عشرة - وعند الساعة الثالثة والنصف آخر الليل أعود من منى إلى

المنزل في مكة، فهل هذا يعتبر مبيتًا أم عليّ دم؟ مأجورين (¬1). ج: الواجب على الحجاج أن يبيتوا في منى ليلة إحدى عشرة، وليلة اثنتي عشرة، هذا الواجب إلا السّقاة والرّعاة ومن له عذر كالمريض، فإذا كنت تبيت غالب الليل فلا شيء عليك، أما إذا كنت تبيت أقل من الأكثر فعليك دم لأنّك غير معذور، الرسول صلى الله عليه وسلم بات في منى والصحابة باتوا في منى في حجة الوداع، وقال صلى الله عليه وسلم: «لتأخذوا مناسككم» (¬2) أمرنا أن نأخذ مناسكنا عنه، نقتدي بأفعاله، فالواجب المبيت في منى ليلة إحدى عشرة، وثنتي عشرة، وهكذا ليلة ثلاث عشرة لمن لم يتعجل، فإذا كان نومك في منى أكثر الليل فلا حرج عليك. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (399). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا برقم (1297).

حكم قصر الصلاة للحاج

40 - حكم قصر الصلاة للحاج س: هل صحيح أن الحاج يقصر من صلاته الرباعية أيام حجه بما فيها أيام التشريق الثلاث؟ (¬1) ج: الحاج نعم يقصر في عرفة وفي مزدلفة وفي منى مثلما فعل النبي ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (411).

صلى الله عليه وسلم، ولم يقل: يا أهل مكة أتموا. وصلى معه الناس في عرفة، صلوا الظهر ثنتين، والعصر ثنتين، وفي مزدلفة صلوا معه المغرب ثلاثًا، والعشاء ثنتين، ولم يقل: يا أهل مكة أتموا. فدل على أن الحجاج يفعلون مثل ما يفعله غيرهم، يقصرون من منى وعرفة وفي مزدلفة.

كم أداء صلاة النافلة للحاج

41 - حكم أداء صلاة النافلة للحاج س: يقول السائل ما هي السنن التي يجوز أن يتقرب بها إلى الله في الصلاة في الحج، وهل منها صلاة السنن الرواتب وصلاة قيام الليل خاصة أيام منى؟ (¬1) ج: أيام منى يصلي الفريضة فقط، النبي كان يصلي الفريضة ولا يزيد عليها إلا الفجر، كان يصلي سنتها ثنتين قبلها، والتهجد بالليل لا بأس للمسافر وغير المسافر، والحاج وغير الحاج، أما بقية التطوعات فتركها أفضل في أيام الحج في يوم عرفة وفي أيام التشريق، وكذلك السفر الأفضل ترك الرواتب، سنة الظهر والمغرب والعشاء والعصر إلا سنة الفجر، لكن له أن يصلي الضحى في السفر والتهجد بالليل، كذلك النبي صلى الضحى وهو مسافر يوم الفتح عليه الصلاة والسلام، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (411).

وكذلك الوتر، التهجد بالليل، وسنة الفجر.

حكم خروج الحاج إلى الحل لحاجة

42 - حكم خروج الحاج إلى الحل لحاجة س: من جدة السائل ف. ر. ع. يقول: في موسم الحج هل للمقيم في جدة أن يأتي من مكة بعد رمي الجمار أول يوم ثم يعود مرة أخرى بعذر أو بدون عذر أم لا؟ (¬1) ج: السنة أن يقيم كما أقام النبي في منى عليه الصلاة والسلام، ولو كان من أهل جدة أو الطائف إلا إذا دعت حاجة أن يذهب في النهار ويرجع حتى يبيت في منى لأجل الحاجة لأهله هناك، أو فيه ضحية يذبحها هناك ويرجع فلا بأس، لكن السنة أن يقيم في منى حتى يكمل كما أقام النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي عنهم في منى، فإذا دعت حاجة أن يذهب من يومه ويرجع ليبيت في منى من غير وداع؛ لأن الوداع يكون بعد كمال الحج. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (411).

حكم ترك المبيت في منى وتأخير رمي الجمرات

43 - حكم ترك المبيت في منى وتأخير رمي الجمرات س: من لم يتمكن من المبيت بمنى أول ليلة من ليالي التشريق هل يرمي الجمرات في أول أيام التشريق؟ وكذلك من لم يتمكن من

المبيت في الليلتين الأوليين هل يمكن رمي الجمرات عن اليومين في اليوم الثاني من أيام التشريق؟ (¬1) ج: رمي الجمرات نسك مستقل، والمبيت نسك مستقل، فالواجب على الحاج هذا وهذا، عليه المبيت بمنى الليلة الحادية عشرة والثانية عشرة إن تعجل، وإن لم يتعجل بات الثالثة عشرة، وعليه أن يرمي الجمار في الأيام كلها أول أيام العيد والحادي عشر والثاني عشر إن تعجل، وعليه أن يرميها في الرابع وهو الثالث عشر إن لم يتعجل، فإذا ترك المبيت لعذر كالسقاة والرعاة والمريض من احتاج إلى مستشفى ومن له شغل شاغل يشغله عن المبيت وهو شغل مهم فلا حرج عليه، وكذلك الرمي مستقل إن تيسر أن يرمي يوم العيد وفي الأيام الثلاثة كل في وقته فهو سنة، وهو الأفضل، يرمي جمرة العقبة يوم العيد نهارًا، وهو الأفضل، وإن رماها في آخر الليل مع الضعفة أجزأه على الصحيح، وهكذا في اليوم الحادي عشر يرميها بعد الزوال نهارًا، وإن شق عليه ذلك رماها ليلاً في الليلة الثانية عشرة في اليوم الحادي عشر على الصحيح، المسألة خلافية في الليل، لكن هذا هو الأرجح، يجوز ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (33).

رميها بعد غروب الشمس إلى آخر الليل تبعًا لليوم الذي قبله، وهكذا اليوم الثاني عشر له أن يرمي في النهار بعد الزوال وهو السنة، فإن شق عليه ذلك من بعد الغروب في الليلة الثالثة عشرة أجزأه على الصحيح، وعليه أن يبيت ويرمي يوم الثالث عشر لكونه أدركه المساء ولم يتعجل، ولا يجوز أبدًا قبل الزوال في الأيام الثلاثة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رمى بعد الزوال في الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، وقال: «خذوا عني مناسككم» (¬1) ويروى عن بعض السلف أنه ترخص في الرمي قبل الزوال، وما أفتى به بعض المتأخرين كله غلط، ولا يجوز الأخذ به بل يجب التقيد بما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهو الرمي بعد الزوال، لكنه عليه الصلاة والسلام لم يحدد النهاية، ولم يقل: لا ترموا بعد غروب الشمس. من هنا جاز الرمي بعد غروب الشمس توسعة للمسلمين؛ لأن العدد كثير والوقت من الزوال للغروب ضيق، ولهذا ترجح قول من قال بالرمي بعد الغروب إلى آخر الليل تبعًا لليوم الذي قبل الليلة، ولو أخر رمي الحادي عشر للثاني عشر ¬

(¬1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب الإبضاع في وادي محسر، ج5، برقم (9796).

ثم رتبهما بالنية بعد الزوال، أو أخر الثاني عشر إلى الثالث عشر ورتبهما بالنية فرمى لليوم الأول كاملاً بنيته، ثم رمى لليوم الذي بعده كاملاً بنيته فلا حرج عند جمع من أهل العلم، ولكن رمي كل يوم في وقته هو الأولى والأفضل، والعاجز الذي لا يستطيع الرمي يوكل كما يرمى عن الصبيان لعجزهم، كذلك يرمى عن العجائز والشيوخ الكبار والمرضى وأشباههم مما يخشى عليهم من الرمي لما يقع فيه من المزاحمة والمضايقة.

حكم خروج الحاج من منى أثناء النهار

44 - حكم خروج الحاج من منى أثناء النهار س: يقول السائل: سماحة الشيخ، حججنا في عام ماض، وكنا أيام التشريق الأول والثاني والثالث نقضي نهارنا في مكة، وفي الليل نبيت في منى، هل علينا شيء في ذلك؟ (¬1) (¬2) ج: ليس عليكم إن شاء الله، الأفضل بقاؤكم في منى، ولكن لو خرجتم لا حرج، المهم أن تبيتوا في منى، والحمد لله. س: تقول السائلة: إنها قامت بأداء فريضة الحج، وكانت تترك منى مع الفوج عند منتصف الليل، وقال لنا المسئولون عن الفوج: إن ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (361). (¬2) السؤال من الشريط رقم (361). ') ">

ذلك يجزئ عن البيات، فهل حجها صحيح؟ (¬1) ج: نعم حجها صحيح، وليس عليها شيء، وإذا أقامت في منى أكثر الليل كفى، ولكن المبيت والبقاء في منى أفضل كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، أما من انتقل من منى في النصف الأخير إلى مكة أو إلى مكان آخر فإن مبيته صحيح ولا يضره ذلك، يعني بعد مضي نصف الليل، أو مثلاً ذهبت في أول الليل إلى مكة للطواف أو غيره، ثم رجعت غالب الليل في منى كفى. س: في يوم عيد الأضحى رميت الجمرة في منى، ثم نزلت مكة فطفت بالكعبة، ثم ذهبت إلى منى وجلست فيها حتى غروب الشمس فقط، ثم نزلت إلى مكة ولم أبِتْ في منى لأنني كنت مريضة وليس معي محرم، وأخت زوجي وزوجها ضاعوا عليّ، وأريد أن أعرف ما الحكم في عدم مبيتي في منى؟ جزاكم الله خيرًا. ج: رمي الجمرة يوم العيد هذا حق، وهذا هو المشروع، جمرة العقبة، وطوافك يوم العيد هذا أيضًا طيب، وأفضل الأوقات ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (73). ') ">

لطواف الحج يوم النحر. أما كونك بتِّ في مكة ولم تبيتي في منى للعلة التي ذكرت فلا حرج عليك إن شاء الله، وأنت معذورة إذا لم يتيسر المبيت في منى بسبب المرض وعدم وجود ما ذكرت.

حكم من فاته المبيت في منى بسبب الزحام

45 - حكم من فاته المبيت في منى بسبب الزحام س: منَّ الله علينا وأدينا فريضة الحج العام الماضي، ويوم العيد ذهبنا إلى مكة لطواف الإفاضة، وقد تأخرنا بها إلى ما بعد منتصف الليل حيث إننا فقدنا الوالد فترة تصل إلى خمس ساعات في الزحام، وعندما لم نجده ركبنا إلى منى لندرك المبيت بمنى، ولكن لشدة الزحام تأخر بنا الباص ودخل حدود منى قبل الفجر بقليل تقريبًا ثلث أو ربع ساعة، فهل نكون أدركنا المبيت أم ماذا يجب علينا؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: نرجو ألاّ يكون عليكم شيء لأنكم معذورون بالزحام وبفقد الوالد، نرجو أن لا حرج عليكم، وألاّ يكون عليكم شيء لأن العذر عذر عظيم، والنبي صلى الله عليه وسلم رخص للسقاة بعدم المبيت مع أهل ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (369).

منى، ورخص للرعاة بعدم المبيت للمشقة، فأنتم بهذه الأحداث عليكم مشقة كبيرة أخرتكم عن منى، فأنتم معذورون إن شاء الله.

حكم التكسب للحاج في أيام الحج

46 - حكم التكسب للحاج في أيام الحج س: إذا حججت ثم قمت بعمل أكتسب منه أيام الحج هل أكون آثمًا؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك، يقول الله سبحانه: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} يعني إن حجّ فلا حرج عليه في البيع والشراء. ولا حرج إذا كان فعله تطوعًا فهو مأجور في حلاقة رؤوس الحجاج إذا فعله بالأجر المعتاد فلا بأس، لا يزيد على الناس بالأجر المعتاد. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (349).

حكم طواف الوداع والمعتمر

47 - حكم طواف الوداع للحاج والمعتمر س: ما حكم طواف الوداع بالنسبة للحاج والمعتمر، ومن اعتمر ولم يَطُفْ طواف الوداع فهل عليه شيء؟ (¬1) (¬2) ج: طواف الوداع واجب في حق الحاجّ على الصحيح؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (246). (¬2) السؤال من الشريط رقم (246). ') ">

بالبيت» (¬1) رواه مسلم في الصحيح. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: («أُمر الناسُ أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خُفّف على المرأة الحائض» (¬2)) فالحاجّ عليه أن يودِّع البيت بسبعة أشواط، يطوف بالبيت سبعة بدون سعي، ويصلي ركعتين، ثم ينصرف إلى أهله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، لما فرغ في حَجِّه دخل مكة آخر الليل وطاف طواف الوداع، ثم صلى الفجر في اليوم الرابع عشر، ثم توجه للمدينة بعد الصلاة عليه الصلاة والسلام، وقال عليه الصلاة والسلام: «لتأخذوا مناسككم» (¬3) وإذا طاف طواف الإفاضة عند سفره أجزأه عن الوداع، لو أخر طواف الحج حتى اليوم الرابع عشر أو اليوم الخامس عشر ثم طاف وسافر أجزأه عن الوداع، والحمد لله. أما المعتمر فقد اختلف العلماء في ذلك هل عليه طواف الوداع ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم (1327). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب طواف الوداع برقم (1755)، ومسلم في كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم (1328). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبًا برقم (1297).

على قولي العلماء، والأرجح أنه لا يلزمه طواف الوداع لأدلة كثيرة، لكن إذا طاف الوداع فهو أفضل، ويكون طوافه عند الخروج كالحاج، وإن ترك الوداع فلا حرج عليه، وإذا كان لم يقم بعد العمرة طاف وسعى، ثم مشى فلا طواف عليه عند الجميع، طوافه وسعيه للعمرة كاف مثل الحاجّ لو طاف طواف الإفاضة ومشى بعد طواف الإفاضة في اليوم الرابع عشر، أو بعد رمي الجمار أجزأه عن الوداع، فالذي طاف بالعمرة وسعى ثم مشى في الحال ما عليه وداع، إنما الوداع على من تأخر وأقام بعد العمرة هل يودع أم لا، إذا ودّع فهو أفضل وإلا فلا يلزمه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما أمر الذين اعتمروا أن يطوفوا الوداع، والذين أدوا العمرة في حجة الوداع لم يقل لهم: لا تخرجوا حتى تودّعوا البيت. وفيهم الرعاة يخرجون مسافات طويلة، ولم يأمرهم بالوداع عليه الصلاة والسلام، ولمّا أحرموا بالحج لم يأمرهم بالوداع بل أحرموا في مكانهم من الأبطح وتوجهوا إلى منى، ولم يأمرهم بالوداع عليه الصلاة والسلام. س: تسأل الأخت وتقول: ما حكم من ذهب لأداء فريضة العمرة، وبعد أن أنهى فريضة العمرة ذهب إلى المدينة بدون طواف

وداع، للزيارة والعودة مرة أخرى إلى مكة لطواف الوداع، وعندما رجع من المدينة إلى مكة أحرم ونوى عمرةً أخرى؟ (¬1) ج: العمرة ليس لها وداع في أصح قولي العلماء، ليس لها وداع واجب، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر المعتمرين بأن يودعوا ولا الذين حجوا معه لمّا حلوا من عمرتهم لم يأمرهم أن يودعوا إذا أرادوا الخروج من مكة، وفيهم الرعاة الذين يخرجون مسافات بعيدة، ولم يأمرهم بالوداع قبل الحج، وإنما الوداع للحج، أما العمرة فهي أمرها واسع، مشروعة في كل وقت، فلا يجب لها الوداع، لكن من ودّع فذلك حسن، وفيه خروج من الخلاف، وإلا فليس بواجب، والذين خرجوا من المدينة ولم يودعوا لا شيء عليهم، وإذا رجعوا بعمرة فقد أحسنوا، ويكون إحرامهم بها من ذي الحليفة إذا كانوا أرادوا العمرة وهم في المدينة أحرموا من ذي الحليفة من ميقات المدينة. س: أفيدكم بأنني قمت هذه السنة بأداء العمرة، وقد قمت بأدائها على الوجه الشرعي إلا أنني حين خروجي من مكة المكرمة لم أطف طواف الوداع لظنِّي أن طواف الوداع واجب من واجبات ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (204). ') ">

الحج فقط، ولا علاقة له بكمال العمرة، أرجو إفتائي في حكم عمرتي هذه، وماذا يجب عليَّ في حال كونها ناقصة؟ (¬1) ج: العمرة لا يجب لها الوداع، الوداع من خصائص الحج، ولهذا لم يأمر الرسول صلى الله عليه وسلم المعتمرين أن يودّعوا وإنما أمر الحجاج، فقال عليه الصلاة والسلام: «لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت» (¬2) يخاطب الحجيج. وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «أمر الناس - أي الحجاج - أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض» (¬3) فالحجاج عليهم وداع أن يطوفوا سبعة أشواط عند الخروج إلا الحائض والنفساء فليس عليهن وداع، وأمّا العمرة فليس لها وداع، لكن إن ودّع عند الخروج فلا حرج، والطواف عبادة وخير، إذا طاف عند الخروج فهو حسن، لكن ليس عليه وداع واجب، المعتمر سواء كان في أيام الحج أو غيرها، وقد اعتمر الناس في عهده صلى الله عليه وسلم ولم يأمرهم بطواف الوداع، واعتمر ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (232). ') "> (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم (1327). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب طواف الوداع برقم (1755)، ومسلم في كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم (1328).

المسلمون معه في حجة الوداع ولم يأمرهم بطواف الوداع لمّا خرجوا إلى منى وعرفات، ولم يقل: من خرج فليودع. وكانوا يخرجون مع إبلهم يرعونها مسافات طويلة، ولم يأمرهم بالوداع حين فرغوا من عمرتهم، وهكذا في عمرة القضاء خرج ولم يعرف عنه أنه ودَّع عليه السلام، وفي عمرة الجعرانة لمَّا فرغ منها خرج ولم يودِّع عليه السلام. س: هذا السائل يقول: بالنسبة لمن طاف طواف الوداع في الصباح هل له أن ينام ثم يسافر في العصر؟ ج: لا حرج إن شاء الله؛ لأن مثل هذا يُسمى مودعًا، فإذا طاف في الصبح واستراح الضحى أو في الظهر، ثم سافر الظهر أو العصر فلا حرج إن شاء الله؛ لأن هذا ما يمنع من كونه مودعًا.

حكم الشراء بعد طواف الوداع.

48 - حكم الشراء بعد طواف الوداع. س: إذا طاف الإنسان طواف الوداع لا يجوز له أن يشتري شيئًا، لكن ما المقصود بهذا الشيء هل هو المخصص للتجارة، أو يشمل حاجة

الإنسان من هدايا للأهل والأًصدقاء، وما يلزمه من أثاث السفر؟ (¬1) ج: السنة أن يكون طواف الوداع بعد كل شيء، إذا انتهى من كل شيء وفرغ من أشغاله كلها يطوف للوداع، هذا هو الأفضل يكون في آخر شيء، يودّع البيت، ثم يمشي يسافر، لكن لو ودّع ثم اشترى بعض الحاجات كزاد السفر أو هدايا أو ما أشبه ذلك لا حرج عليه، وإن اتّجر، يرى بعض أهل العلم أنه يعيد الطواف، ولكن ليس بجيد، لو اشترى سلعة للتجارة، ولم تعقه بل هو في طريقه فالصواب أن هذا لا يؤثر عليه كما لو اشترى حاجة لنفسه، أو هدايا، كل هذا لا يؤثر ما دام في الطريق، أو بعد مدة يسيرة من الطواف ما تأخر كثيرًا، هذا لا يضرّه، وطوافه صحيح وليس عليه إعادة الطواف. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (4).

بيان مشروعية صلاة ركعتين بعد طواف الوداع

49 - بيان مشروعية صلاة ركعتين بعد طواف الوداع س: هل لطواف الوداع من سنة عند المقام أم لا؟ (¬1) ج: طواف الوداع مثل غيره، كل طواف له سنة ركعتان خلف المقام إن تيسر، وإلا في بقية المسجد تكفي، إن صلاها في بقية المسجد في الأروقة أو في نهاية المطاف لا بأس بهذا، كل طواف، ما يخص طواف القدوم، ولا ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (4).

طواف الحج، ولا طواف الوداع، كل الطوافات لها سنة.

حكم ترك الحج مع الاستطاعة

50 - حكم ترك الحج مع الاستطاعة س: رجل له مدة طويلة ولم يحج مع أنه يملك الزاد والراحلة، ويدعي أنه لا يستطيع الحج، فما حكمه؟ (¬1) ج: إن حج بيت الله الحرام فرض على كل من استطاع السبيل إليه من الرجال والنساء؛ لقول الله سبحانه: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} فالذي يملك الزاد والراحلة يملك القدرة على أداء الحج ثم يتخلف قد أتى كبيرة عظيمة، ومنكرًا عظيمًا، فالواجب عليه التوبة إلى الله والبدار بالحج في أول فرصة تمكنه، وليس له التخلف عن ذلك أو التساهل في ذلك ما دام يستطيع الحج ببدنه وماله، وهذا أمر مجمع عليه بين أهل العلم ليس فيه خلاف، بل قد أجمع العلماء على وجوب الحج مع الاستطاعة على جميع المكلفين من الرجال والنساء إذا استطاع ذلك ببدنه وماله. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (4).

حكم أداء الحاج المفرد للعمرة بعد حجه

51 - حكم أداء الحاج المفرد للعمرة بعد حجه س: قمت بتأدية فريضة الحج في أحد السنين حجًّا مفردًا وكما هو معلوم بقيت محرمًا بعد طواف القدوم حتى رمي جمرة العقبة يوم النحر، عشرة من ذي الحجة، ثم الحلق والتحلل الأول، وأكملنا مناسك الحج، الطواف والإفاضة، وعندما سألنا عن حقيقة هذا الحج طلب منا أداء عمرة لمن لم يسبق له أداؤها، وفعلاً أدينا هذه العمرة من التنعيم، ما حكم من حج مفردًا بدون عمرة هل هي واجبة لتمام الحج أم لا؟ نرجو الإيضاح وفقكم الله (¬1). ج: الحج مفردًا صحيح، والمرة لا بد منها، فإن ضمها إلى الحج وحج قارنًا أجزأه ذلك وكفى، فإن حج مفردًا بأن أحرم بالحج وبقي على إحرامه حتى كمل مناسك الحج فإنه يحتاج إلى عمرة بعد ذلك من التنعيم أو الجعرانة وغيرهما من الحل، فإذا أدى ذلك بأن أحرم من الجعرانة أو من التنعيم فطاف وسعى وقصر أو حلق تمت عمرته والحمد لله، فالعمرة واجبة في أصح قولي العلماء؛ لأنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك، ومنها أنه لما سأله جبرائيل عن ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (4).

الإسلام ذكر له أنه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله. قال: («وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت وتعتمر» (¬1)) وذكر العمرة في بيان الإسلام، فدل على فرضيتها. قد روى هذا الحديث بهذه الزيادة ابن خزيمة في صحيحه، وجماعة بإسناد صحيح. ¬

(¬1) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه، باب ذكر الخبر الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن إتمام الوضوء من الإسلام، برقم (1) جـ 1/ 4.

حكم طواف الوداع للحائض والنفساء

52 - حكم طواف الوداع للحائض والنفساء س: يسأل المستمع ويقول: هل طواف الوداع واجب، ولماذا سُمِّي بطواف الوداع، وهل الحائض والنفساء لهما طواف وداع؟ (¬1) (¬2) ج: طواف الوداع واجب في حق الحجاج عند الخروج من مكة إلى بلادهم، سُمِّي وداعًا لأنه آخر شيء؛ لأنه يطوف عند السفر كأنه يودع البيت بذلك كما يودع الإنسان أقاربه عند السفر، فإذا أراد السفر من مكة فإنه يودع البيت، يطوف سبعة أشواط بالبيت عند السفر إلى بلاده، هذا خاص بالحجاج، أما العمرة فلا يجب لها وداع، لكن لو طاف لا بأس، لكن لا يجب. والحائض ليس عليها وداع، والنفساء ليس عليها ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (428). (¬2) السؤال من الشريط رقم (428). ') ">

وداع لقول ابن عباس رضي الله عنهما: («أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنّه خفف على المرأة الحائض» (¬1)). وهكذا النفساء ليس عليها وداع. فإذا حاضت المرأة قبل أن تبدأ بالعمرة فإنها تبقى في مكة حتى تطهر، ثم تطوف وتسعى وتقصّر، فإن دعت الحاجة عند سفرها إلى الطائف أو جدة أو غيرهما، سافرت وهي على إحرامها ترجع حتى تؤدي طواف العمرة وسعيها إلا إن كانت قد قالت عند الإحرام، فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، ثم أصابها الحيض، فلها التّحلل، يعني إذا أصابها عذر، حبسني حابس، يعني: عذرًا كالحيض، فإنها تحلّ ولا شيء عليها، أو أصابها مرض. س: يقول السائل بالنسبة لطواف الوداع، هل هو لمن قدم للحج أو العمرة أو لمن قدم لمكة ولو لم ينو نسك الحج والعمرة؟ (¬2) ج: فيه خلاف بين العلماء، والأرجح أنه للحاج فقط، أم من دخل مكة لتجارة أو غيرها فليس عليه طواف، كذلك المعتمر لا يجب عليه ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب طواف الوداع برقم (1755)، ومسلم في كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم (1328). (¬2) السؤال من الشريط رقم (4). ') ">

الطواف، لكن لو طاف يكون أفضل، وقد حكى أبو عمر بن عبد البر الإجماع بأنه لا وداع على المعتمر، لكن إذا ودّع خروجًا من الخلاف فهو أحسن وأولى. س: هل يجوز أن يتحول المسلم من نسك إلى نسك آخر؟ وما هي أفضل الأنساك في الحج؟ (¬1) ج: هذا السؤال فيه تفصيل: إن كان أحرم بالعمرة فله أن يتحول إلى القران، يحرم بالحج مع العمرة يكون قارنًا إذا كان معه الهدي، فإذا كان ما معه هدي لا إبل ولا بقر ولا غنم فالأفضل ألاّ يتحول بل يبقى على حاله معتمرًا، فإذا طاف وسعى وقصر حل، أمّا إن كان معه هدي كالبعير أو بقرة أو شاة أو أكثر، فإن السنة أن يحرم بالحج؛ لأن الرسول أمر بذلك، قال عليه السلام: «من كان معه هدي فليهل بحج مع عمرته، ولا يحل منهما حتى يحل منهما جميعا» (¬2) وإذا أحرم بالعمرة وحدها ثم ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (4). ') "> (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب كيف تهل الحائض والنفساء برقم (1556) ومسلم في كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام وأنه يجوز إفراد الحج برقم (1211).

أحب أن يدخل عليها الحج إذا كان معه الهدي هذا هو السنة، لبّى بالحج مع العمرة، ويكون قارنًا بعد ذلك، أما إذا أحرم بالحج وحده فليس له أن يدخل عليه شيئًا بل يبقى على حاله حتى يجعلها عمرة، أو يستمر في حجه، إذا حج، وإما أن يفسخها عمرة، يطوف ويسعى ويقصر ويجعلها عمرة كما أمر النبي أصحابه الذين أحرموا بالحج وليس معهم هدي أن يجعلوها عمرة، فالحاصل أن له أحوالاً: أحدها أن يحرم بالحج وحده ليس معه عمرة، فهذا إن كان وقت الحج قريبًا كمّل حجه والحمد لله، فإن كان وقت الحج ليس بقريب بأن كان عنده وقت فالأفضل أن يجعلها عمرة، يفسخ؛ يعني ينويها عمرة، يطوف ويسعى ويقصر ويجعلها عمرة كما أمر النبي أصحابه أن يفعلوا - عليه الصلاة والسلام -. الحال الثاني يحرم بالعمرة وحدها، فهذا له أن يجعلها قرانًا إذا كان في أشهر الحج، إذا كان بعد رمضان له أن يلبي بالحج مع العمرة يصير قارنًا ولا سيما إذا كان معه هدي، فإنه يلبي بالحج كما أمر بذلك ويكون قارنًا بذلك، فلا يحل حتى يحل منهما جميعًا يوم النحر، وإن بقي على إحرامه معتمرًا فهو أفضل حتى يكمل عمرته إلا إذا كان معه هدي فإنه يلبي بالحج مع العمرة، ويبقى على إحرامه حتى يحل منهما جميعًا يوم النحر. أمّا الذي أحرم بالعمرة وليس معه هدي فهذا الأفضل

له أنه لا يلبي يحج مع عمرته بل يبقى على إحرامه بالعمرة حتى يكملها بالطواف والسعي والتقصير. س: هذه السائلة للبرنامج تقول: تذكر بأنها امرأة حجت منذ أعوام وبع أيام وفي أثناء الطواف جاءتها الدورة، ولم تخبر أحدًا حتى زوجها، وتقول: هي امرأة كبيرة في السن، وتودّ من سماحتكم الإفادة ماذا تعمل؟ ج: إذا كان الطواف نافلة فلا شيء عليها، فإن كان الطواف فريضة طواف عمرة أو حج (فريضة)، وهو (طواف الإفاضة)، طواف الوداع، هذا كأنه طواف الوداع، عليها ذبيحة تذبح بدل طواف الوداع في مكة للفقراء، توكل من يذبحها في مكة، وإن كان طواف الإفاضة أو طواف العمرة لا بد من الرجوع، فإن كانت قد رجعت وأدّت حجة أخرى أو عمرة أخرى كفت والحمد لله، فإن كان ما أدّت عمرة ولا أدّت حجًّا، فعليها أن ترجع حتى تؤدي العمرة التي حاضت في طوافها، أو تطوف للحج الذي حاضت في طواف الحج، ولو مضى عليها سنون، هي لا تزال عليها الطواف، ترجع إلى مكة وتطوف الطواف الذي عليها طواف

الحج، وإن كان عمرة عليها أن تأتي تطوف طواف العمرة، وتسعى وتقصر، ولو مضى عليها سنون وإن كان كانت قد أتاها زوجها، عليها أن تذبح ذبيحة في مكة للفقراء في طواف العمرة، وهكذا إذا كان طواف الحج، وإن كانت في طواف العمرة عليها أن تعيد العمرة، تكمل العمرة هذه، ثم تأتي بعمرة جديدة من الميقات الذي أحرمت للعمرة الأولى منه.

حكم طواف الوداع للحاج المتأخر في مكة

53 - حكم طواف الوداع للحاج المتأخر في مكة س: هل من يقضي فترة من الزمن في مكة المكرمة بعد الحج لمدة أكثر من شهرين لا بد أن يطوف طواف الوداع، وهل عليه شيء إذا لم يفعل هذا الركن؟ (¬1) (¬2) ج: إذا أراد السفر يطوف الوداع، وهو واجب ليس بركن، هو واجب، إذا تركه عليه دم يذبح في مكة للفقراء سواء أقام أيامًا قليلة أو شهرًا أو شهرين أو أكثر، إذا أراد السفر يطوف الوداع سبعة أشواط بالبيت من دون سعي، يطوف سبعة أشواط ويصلي ركعتين عند السفر، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا ينفرن أحد منكم - يعني الحجاج - حتى يكون ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (371). (¬2) السؤال من الشريط رقم (371). ') ">

أخر عهده بالبيت» (¬1) اللهم صل وسلم عليه. إلا الحائض والنفساء إذا صادف وقت السفر وهي في الحيض أو في النفاس لا طواف وداع عليها. س: أفيدكم بأنني حججت هذا العام، وفي اليوم الأخير ذهبت لأداء طواف الوداع، وبعد الطواف أذّن العصر، فصليت العصر بالحرم، وبعد ذلك ذهبت إلى منى فوجدت أحد زملائي لم يحضر السيارة، فأذّن المغرب، وصليت المغرب بمنى، وبعد الصلاة سافرت من منى إلى الرياض، فما الحكم في ذلك؟ جزاكم الله خيرًا. ج: لا حرج إذا ودع الإنسان ثم صلى العصر، أو صلى المغرب، أو صلى العشاء، أو صلى الفجر، لا حرج في ذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم ودّع البيت آخر الليل وصلى بالناس الفجر يوم أربعة عشر، ثم توجه إلى المدينة بعد الصلاة عليه الصلاة والسلام، وكذلك لو صلى ثم ذهب إلى إخوانه ورفقائه فوجدهم لم يتجهزوا، ينتظرون بعض أصحابهم، وجلس معهم حتى حضر من حضر لا بأس، كل هذه أعذار شرعية في التأخير، وهكذا لو تأخر مثلاً من أجل أن يأكل العشاء أو ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم (1327).

الغداء، أو إصلاح سيارة، أو انتظار سائق، كل هذه أمور معفو عنها لا تضر، ثم مزدلفة خارج مكة، إذا وصل إلى المزدلفة فقد انتهى من مكة، لو بات فيها ما يضره، منى ومزدلفة خارج مكة، فلو أنه ودّع وبات في منى أو مزدلفة أو جلس طويلاً ما يضره هذا؛ لأنه خارج مكة، إنما الذي يوجب عليه العودة للطواف لو جلس في مكة وأقام بين بنيانها حتى طالت المدة فإنه يرجع ويودّع إذا طال الأمر، أما المدة اليسيرة بأن ودّع العصر ومشى بعد المغرب أو بعد العشاء، أو ودّع بعد العشاء ومشى في أثناء الليل، أو طاف الوداع ثم مشى في آخر الليل أو بعد الفجر فكل هذا فيه سعة إن شاء الله ولا يضرّ.

حكم من أحدث أثناء طواف الوداع

54 - حكم من أحدث أثناء طواف الوداع س: السائل ص. ع. من جمهورية مصر العربية يقول: أثناء طوافي طواف الوداع في الحج انتقض وضوئي، فهل تأثر الحج؟ (¬1) (¬2) ج: يتأثر الطواف فقط، الطواف يفسد وكذلك الصلاة، إذا أحدث الإنسان في الطواف فسد الطواف كالصلاة، فعليك إعادته، فإن لم تعده فعليك دم يذبح في مكة للفقراء جبرًا للحج، الحج يكون ناقصًا حتى تأتي بالطواف أو تجبره بدم، والدم ذبيحة مثل ذبيحة الأضحية، يعني: ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (253). (¬2) السؤال من الشريط رقم (253). ') ">

جذع ضأن أو ثني معز، أو سبع بدنة أو سبع بقرة، فإن كان متزوجًا وأتى أهله قبل التسديد فلا يضر ما يتعلق به، الحل يتعلق بالرمي وطواف الإفاضة والسعي، ما له تعلق بطواف الوداع. س: لقد وفقني الله عز وجل في أداء فريضة الحج والحمد لله، ولكن هناك خطأ وقعت فيه، وهو أنني انتقض وضوئي في الشوط الخامس من طواف الوداع بخروج ريح، وذلك لعدم تمكني من التحكم في خروج الريح لمدة طويلة، وقمت بإتمام باقي الأشواط بدون تجديد الوضوء، وعندما رجعت وسألت علمت أنه لا بد للطواف من وضوء، ماذا أفعل حتى يكتمل حجي ويصبح صحيحًا إن شاء الله؟ وجزيتم خيرًا (¬1). ج: من شرط الطواف الطهارة كالصلاة، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، فإذا أحدث الإنسان في الطواف وجب عليه أن يعيده من أوله، فإن ذهب إلى بلاده ولم يعد طواف الوداع فعليه دم يذبح في مكة للفقراء إذا كنت ذهبت إلى وطنك ولم تعد الطواف، فإن عليك دمًا، يعني: شاة، رأس من الغنم، جذع ضأن أو ثني معز، أو سبع بدنة، أو ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (373). ') ">

سبع بقرة، يجزئه في الضحية، يذبح في مكة للفقراء، ويوزع على الفقراء؛ لأن طواف الوداع ذهب، وهو واجب من الواجبات، فيجب عليك دم يذبح في مكة للفقراء، وإن كنت بعيدًا عن مكة فتوصي ثقة يذبحها عنك، ويوزعها على الفقراء. س: السائل م. م. ع من الرياض، يقول في سؤاله: أديت فريضة الحج والحمد لله، وفي طواف الوداع في الشوط السابع انتقض وضوئي ولكنني أكملت الطواف، فإنني أسأل الآن هل حجِّي صحيح أم لا، وهل عليّ كفارة؟ ج: الحج صحيح وعليك فدية؛ لأنك ما طفت طواف الوداع، لمّا أحدثت في الشوط السابع بطل الطواف، ولم تعده، خرجت ولم تعد الطواف، عليك دم، ذبيحة تذبح في مكة للفقراء مع التوبة، أمّا إذا كنت أعدت الطواف توضأت وأعدت الطواف فليس عليك شيء، وقد قال فيه صلى الله عليه وسلم: «لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت» (¬1) قال ابن عباس رضي الله عنهما: («أُمِرَ الناسُ أن يكون آخر ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم (1327).

عهدهم بالبيت إلا أنه خفّف عن المرأة الحائض» (¬1)). إذا كانت حائضًا أو نفساء لا وداع عليهما، أما أنت فعليك الوداع، فإذا أحدثت في الطواف ولو في الشوط الأخير بطل الطواف، وعليك أن تعيده بعد الوضوء، فإذا سافرت ولم تعد فعليك التوبة، وعليك دم يذبح في مكة للفقراء. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب طواف الوداع برقم (1755)، ومسلم في كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم (1328).

حكم من طاف طواف الوداع على غير طهارة ناسيا

55 - حكم من طاف طواف الوداع على غير طهارة ناسيًا س: حججت منذ أعوام، وقد طفت طواف الوداع وأنا غير متوضئ، وكنت ناسيًا الوضوء ولم أتذكر إلا فيما بعد، لكني لم أعد الطواف، هل عليَّ شيء في ذلك، وهل يعتبر حجي صحيحًا أم لا؟ (¬1) ج: نعم حجك صحيح، ولكنه ناقص لعدم طواف الوداع، وعليك دم يذبح في مكة عن ترك الوداع لأنه واجب من واجبات الحج، فتوصي بعض الثقات بأن يذبحوا عنك شاة في مكة للفقراء جبرًا لحجك بدلاً من طواف الوداع الذي تركته، فإن كنت عاجزًا تصوم عشرة أيام بدلاً من الذبيحة في بلدك، أمّا الذبيحة فتكون في مكة، أمّا الصوم ولو في بلدك لا بأس. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (212).

حكم طواف المرأة وهي حائض جهلا

56 - حكم طواف المرأة وهي حائض جهلاً س: تقول السائلة: ذهبت لأداء العمرة، وقبل خروجي من مكة المكرمة اغتسلت من الدورة الشهرية قبل رؤية الطهارة جهلاً مني وطفت طواف الوداع، فهل عليَّ دم أو كفارة لفعل هذا؟ (¬1) ج: ليس عليك شيء سوى التوبة إلى الله؛ لأنه لا يجوز لك أن تطوفي ومعك الدم، لأن الطواف صلاة، وليس عليك وداع، الحائض ليس عليها وداع، لا في الحج ولا في العمرة، التي معها دم الحيض ليس عليها وداع لا في الحج ولا في العمرة، ثم العمرة ليس لها وداع واجب، من شاء ودَّع ومن شاء ترك، وداع العمرة مستحب وليس بواجب على الصحيح، أمَّا الحج فيجب الوداع، ولكن الحائض لا وداع عليها، لا في الحج ولا في العمرة حتى تطهر، فإذا خرجت من مكة وهي حائض فلا وداع عليها، وليس لها أن تطوف وهي حائض، لا يجوز، فعليك التوبة من ذلك والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (209).

حكم سفر المرأة الحائض قبل أداء طواف الإفاضة

57 - حكم سفر المرأة الحائض قبل أداء طواف الإفاضة س: ما حكم المرأة الحائض إذا تركت مكة المكرمة قبل أن تطوف

طواف الإفاضة وذلك لارتباط زوجها بالعمل عند كفيله ولم تتمكن من الاستمرار في مكة حتى الطهر؟ وهل يمكن العودة لعمل الطواف أم لا، ولقد تم فك الإحرام بعد فتوى لي من أهل العلم، ولكن غير راضية عن هذه الفتوى وعن ذلكم الحج، فما هو توجيهكم؟ (¬1) (¬2) ج: الواجب على من لم تطف طواف الإفاضة إذا سافرت من أجل علة، أو فإن الواجب عليها الرجوع، ترجع مع محرمها للطواف ولا يقربها زوجها حتى تطوف، فإذا ذهبت مع زوجها للبلد فعليه أن يرجع بها في الأوقات المناسبة أو يرجع بها أخوها أو أبوها أو غيرهما من محارمها إلى مكة حتى تطوف طواف الإفاضة، وتسعى إذا كان عليها سعي، إذا كانت متمتعة فسعيها الأول للعمرة، وعليها أن تسعى ثانيًا مع طواف الإفاضة للحج، وليس لزوجها قربانها - يعني جماعها - حتى ترجع وتطوف، فإن فعل زوجها وجامعها فعليها دم يذبح في مكة للفقراء، وحجها صحيح، الحج صحيح والحمد لله، لكن إذا جامعها فعليها التوبة، وتأثم ويأثم هو أيضًا، وعليها ذبيحة تذبح في مكة للفقراء ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (354). (¬2) السؤال من الشريط رقم (354). ') ">

لكونها جامعها قبل الطواف. س: يقول السائل: هل صحيح أنك عندما تريد عقد نية الإحرام سواء كان ذلك للعمرة أو الحج بأنه لا بد أن تمسك بكل شيء تريد أن تستخدمه أثناء الإحرام من نقود ولوازم شخصية؟ ج: ليس لهذا أصل، بل يحرم، يلبس ملابس الإحرام، ويلبي بالعمرة أو الحج، وما جاز له فعله ولو ما أحضره عند الإحرام أنه يجعل النقود في إزاره، أو شيء من الحاجات ولو ما استحضرها عند الإحرام، هذا شيء لا أصل له، إنما يغتسل أفضل ويتوضأ، يصلي ركعتين إذا تيسر، ويلبي بالعمرة أو الحج، ينويها بقلبه ويقول: اللهم لبيك عمرة. وإن كان حجًّا: اللهم لبيك حجًّا. ولو ما استحضر الأشياء التي يشيلها معه، وإذا استحضرها بعد ذلك عندما ركب طَلَبَ النقود، أو طَلَبَ متاعًا آخر وحمله معه لا شيء في هذا.

حكم تطييب ملابس الإحرام

58 - حكم تطييب ملابس الإحرام س: عند الميقات قمت بالاغتسال والتَّطيب، ولبست ملابس الإحرام، وقد رششت بعض الطيب على ملابس الإحرام، وذلك

قبل أن أعقد بالإحرام، وذلك لجهل مني، فما الحكم؟ (¬1) (¬2) ج: في المستقبل لا تفعل، ما دام جهل ما عليك، لكن في المستقبل لا تطيب الإحرام، تتطيب أنت فقط، أمّا الإزار والرداء فلا تطيبهم ولا سيما ما له لون كالزعفران والورس، أما غيرهما فالأمر أسهل، لكن تركه أولى وأحوط، النبي عليه الصلاة والسلام قال: «لا تلبسوا شيئًا مسه الزعفران أو الورس» (¬3) لأنهما طيب له لون، وله صفة، أما الأطياب التي ما لها لون فتركها أحوط أيضًا، لا يجعلها في الإزار ولا في الرداء، إنما الطيب يكون في رأسه وبدنه. س: منذ سنوات، حجت مجموعة من الرجال والنساء والحمد لله، وتم طواف الوداع حوالي الساعة الحادية عشرة إلى الساعة الثانية عشرة مساءً على أنه سوف يتم الذهاب إلى جدة في نفس الليلة، ولكن مجموعة ذهبت والباقي ضلت الطريق حتى بعد صلاة ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (408). (¬2) السؤال من الشريط رقم (408). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب ما لا يلبس المحرم من الثياب برقم (1542)، ومسلم في كتاب الحج، باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة وما لا يباح برقم (1177).

الفجر، فهل على هؤلاء شيء يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: ليس عليهم شيء؛ لأن هذا التأخر لا يضر شيئًا، خفيف إذا غدا في الليل وأصبح، أو غدا في آخر النهار وسافر بعد العشاء، كل هذا لا حرج فيه، التأخر اليسير يعفى عنه إن شاء الله. س: حججت منذ سنوات والحمد لله، وعندما طفت طواف الوداع قبل المغرب بساعة خرجت، ولظرف غير مقصود تأخّرت فهل يلزمني شيء؟ (¬2) ج: قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال للحُجَّاج: «لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت» (¬3) خرجه مسلم في صحيحه. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: («أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خُفِّفَ عن المرأة الحائض» (¬4) متفق عليه. ومعنى: أمر الناس؛ يعني أمرهم النبي عليه الصلاة والسلام. فلا يجوز للحاجّ أن يخرج من مكة إلا بعد طواف الوداع إذا أراد السفر إلى بلاده، أو إلى بلاد ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (414). ') "> (¬2) السؤال من الشريط رقم (149). ') "> (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم (1327). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب طواف الوداع برقم (1755)، ومسلم في كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم (1328).

أخرى، وإذا ودّع قبل الغروب ثم جلس إلى ما بعد العشاء لحاجة أو لسماع الدرس أو يصلي العشاء فلا حرج في ذلك، المدة اليسيرة يعفى عنها، قد طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع طواف الوداع في آخر الليل، ثم صلى بالناس الفجر، ثم سافر بعد ذلك عليه الصلاة والسلام، فالأمر اليسير يعفى عنه، فإذا كنت سافرت بعد صلاة العشاء فلا حرج في ذلك، أمّا إن كنت أقمت إقامة طويلة أصبحت فينبغي لك أن تعيد طواف الوداع، فإن كنت لم تعد طواف الوداع فلا حرج عليك إن شاء الله؛ لأن المدة وإن كانت فيها بعض الطول لكنها مغتفرة إن شاء الله من أجل الجهل بواجب المبادرة والمسارعة إلى الخروج بعد طواف الوداع. س: السائل م. م. ع من الرياض يقول: هل للعمرة طواف وداع، أرجو من سماحتكم بيان ذاك مأجورين (¬1). ج: الصواب أنه لا وداع لها؛ لأنها تشرع في جميع السنة، فليس لها وداع، لكن إذا ودع لا بأس، حسنٌ طيبٌ إن شاء الله، إذا مكث بعد العمرة يومًا أو يومين ما سافر في الحال، إذا ودع فهو حسن، أما إذا طاف وسعى وقصر ثم سافر فما لها وداع؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما أمر العُمّار بالوداع، فلما قدموا معه في حجة الوداع وأدّوا العمرة ما قال لهم: ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (386). ') ">

لا تنفروا إلا بوداع. وكانوا يخرجون مع الإبل يرعونها في محلات بعيدة، ولم يأمرهم بالوداع، وقد يخرج منهم بعض إلى الطائف أو جدة وغيرها، ولم يقل: لا يخرج أحد إلا مودِّعًا، إنما قال للحجاج قال: «لا ينفرن أحد منكم» (¬1) وكانوا ينصرفون في كل وجه بعد الحج، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت» (¬2) س: ما هو القول الصحيح في طواف الوداع بالنسبة للعمرة هل هو واجب؟ ج: الأظهر من أقوال العلماء أنّه مستحب، وليس بواجب لأنه ليس هناك دليل واضح في وجوب طواف العمرة، إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم الحجاج أن يطوفوا للوداع، قال للحجاج: «لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت» (¬3) وقال ابن عباس: «أمر الناس - يعني الحجاج - أن يكون آخر عهدهم بالبيت» (¬4). ولم يأت أنه أمر العمّار أن يطوفوا بالبيت للوداع، ولمّا اعتمر من الجعرانة لم يودّع، ¬

(¬1) صحيح مسلم الحج (1327)، سنن أبو داود المناسك (2002)، سنن ابن ماجه المناسك (3070)، سنن الدارمي المناسك (1932). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم (1327). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم (1327). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب طواف الوداع برقم (1755)، ومسلم في كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم (1328).

وهكذا لما اعتمر عمرة القضاء لم يودّع فيما علمناه من السنة، فهذا لبيان الجواز، وأنه لا وداع للمعتمر، والمعتمرون لما حلوا من عمرتهم في رابع ذي الحجة وخرجوا مع إبلهم لم يأمرهم بالوداع، الذين خرجوا بعد العمرة مع إبلهم مع أنها مسافات بعيدة للرعي، المقصود أن الأفضل الوداع، لكن ليس عليه دليل، ثم العمرة مشروعة دائمًا، وتكرر في السنة، فقد يأتي مرات كثيرة، فأمرها واسع، ليس فيه تشديد.

حكم طواف الوداع لأهل مكة

59 - حكم طواف الوداع لأهل مكة س: هل المقيم في مكة المكرمة إذا أتى بعمرة أو حج هل عليه أن يطوف طواف الوداع؟ (¬1) ج: المقيم في مكة ليس عليه طواف وداع لا بعد العمرة ولا بعد الحج، إنما طواف الوداع على الأفقي الذي ينتهي من حجه ثم يرجع إلى بلاده، فهذا إذا انتهى من حجه عليه أن يطوف للوداع، أما المعتمر فليس عليه طواف وداع، لكن إذا ودَّع فهو أفضل. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (271).

حكم من تعجل وخرج من مكة قبل اليوم الثاني عشر

60 - حكم من تعجل وخرج من مكة قبل اليوم الثاني عشر س: هل على المتعجل في رمي الجمرات هدي إذا سافر اليوم الحادي عشر من مكة؟ (¬1) ج: لا يجوز لأحد أن يسافر قبل الرمي اليوم الثاني عشر، التعجل يكون في الثاني عشر، فليس لأحد أن يتعجل قبل الثاني عشر، فإذا رمى الجمرة اليوم الثاني عشر له أن يتعجل، يطوف الوداع، ثم يسافر، أما أن يتعجل اليوم الحادي عشر أو في صباح الثاني عشر لا، التعجل يكون في اليوم الثاني عشر بعد الرمي بعد الزوال، ثم إذا رمى بعد الزوال يذهب إلى مكة ويطوف طواف الوداع إذا كان طاف طواف الإفاضة، ثم يسافر إلى بلده، وإن كان ما طاف طواف الإفاضة يطوف طواف الإفاضة طواف الحج، ويكفيه عن طواف الوداع إذا كان بعد الرمي، اليوم الثاني عشر، أو اليوم الثالث عشر، وإذا طاف طوافين طواف الحج وطواف الوداع كان أكمل وأفضل، والذي سافر يوم الحادي عشر يلزمه دمان، دم عن ترك الرمي، ودم عن ترك الوداع؛ لأن الوداع ما هو في محله في ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (422).

غير محل الوداع، ودم ثالث إذا كان ما بات ليلتي إحدى عشرة، واثنتي عشرة في منى؛ لأن المبيت في منى ليلتي إحدى عشرة وثنتي عشرة واجب إذا قدر، ويجب عليه أن يرمي الجمار الحادي عشر والثاني عشر، ثم الوداع بعد ذلك، فإذا ترك واحدًا من هذا، ما بات ليلتين أو ما رمى الجمار يوم الثاني عشر، أو ودع قبل رمي الجمار في الثاني عشر، أو خرج ولم يودع عليه عن كل واحد دم، عن طواف الوداع دم إذا تركه، وعن ترك الرمي يوم الثاني عشر دم، وعن ترك المبيت في ليلتي إحدى عشرة، واثنتي عشرة دم.

نصيحة للمتباهين بسرعة العودة من الحج

61 - نصيحة للمتباهين بسرعة العودة من الحج س: هناك أناس يتباهون بسرعة العودة من الحج، ما توجيهكم لمثل هؤلاء لو تكرمتم سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: هذا ينبغي فيه التفصيل: إن كان هناك حاجة ومصلحة إسلامية فلا بأس، لكن بعد فراغه من الحج، مثل إنسان عنده عمل مهم، خلفه عمل مهم، فهذا لا بأس أن يستعجل لمقصد شرعي، أو عنده مراجعة الأطباء أو سجناء، هو المسؤول عنهم، أو تعليم يفوت وقته، أو ما أشبه من ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (91).

الحاجات المعلومة التي تقتضي السرعة، فإذا فرغ من رمي الجمار وطاف الوداع فلا بأس أن يتعجل لمصلحة إسلامية، أما إذا كان ما هناك ضرورة، فالأفضل له عدم العجلة حتى يستفيد من بقائه في مكة، والصلاة في المسجد الحرام، والطواف في المسجد الحرام، هناك خير عظيم، كل يوم يمر عليه إذا حصل له فرصة يصلي في المسجد الحرام، هذا خير عظيم، أو يطوف، هذا خير عظيم، ولكن الحمد لله الأمر واسع ما دام كمل الحج فمن أحبّ أن يسافر فلا بأس، لكن كونه يحرص على السفر على وجه يضره أو يضر غيره من مزاحمات هذا ينبغي له تركه حتى يطوف بهدوء، وحتى لا يضر أحدًا، وحتى يتيسر له أيضًا مزيد من طواف أو صلوات في المسجد الحرام، كل هذا خير عظيم.

حكم من سافر ووكل غيره على إكمال بقية النسك

62 - حكم من سافر ووكل غيره على إكمال بقية النسك س: ما رأيكم سماحة الشيخ في بعض الحجاج الذين يوكلون على بقية النسك التي تؤدى في منى ويسافرون؟ (¬1) (¬2) ج: هذا غلط، ليس له أن يسافر حتى يكمل حجه، وليس له أن يوكل إلا لعذر شرعي، فإذا وكّل بعذر شرعي وجب عليه الانتظار حتى يفرغ ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (91). (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم (91). ') ">

الوكيل من أداء ما عليه كالرمي، فالحاصل أن سفر الإنسان قبل انتهائه من الحج أمر ممنوع لا يجوز بل عليه أن يصبر حتى ينتهي حجه، ولو أنه يوكل في بعض الأشياء مثلاً يعجز عن الرمي، يوكّل من يرمي عنه لكن لا يسافر حتى يتم الرمي كله، ثم يطوف الوداع، ثم يسافر بعد ذلك، وليس له أن يسافر قبل ذلك، يقول: الوكيل يكفي، لا، لا بد أن يصبر حتى يرمي الوكيل، ثم هو بعد الرمي كله يطوف الوداع. س: ومن فعل ذلك ما الحكم سماحة الشيخ؟ ج: هذا فيه تفصيل: إن فعل ذلك والواجب عليه شيء من الأركان وجبت عليه العودة، أن يعود، مثل: سافر قبل أن يطوف طواف الإفاضة، فعليه أن يرجع حتى يطوف طواف الإفاضة، أو يسعى إن كان عليه سعي، أما إن كان طواف الوداع فقط فإن عليه الدم، يذبح في مكة ولا يلزمه العودة، أما إن كان الرمي، رمي الجمار فهذا فيه تفصيل: إن كان الوقت باقيًا وهو ليس له عذر وجب عليه العودة حتى يرمي بنفسه، مثل من سافر إلى الطائف أو جدة وهو لا عذر له، فإنه يلزمه الرجوع حتى يرمي في أوقات الرمي، فإن كان الوقت قد خرج، قد فات، يعني ما نُبِّه

أو ما تَنَبَّه إلا بعد ما فاتته أيام الرمي فعليه دم يذبح بمكة عن الرمي؛ لأن الرمي لا يقضى، وقته ثلاثة أيام، وإذا ذهب فِعْلُه فلا يقضى، إنما يرمي في وقته، فإذا ذهبت الأيام فإنه يسقط ويلزمه الدم، يحل محله الدم، ذبيحة تذبح بمكة للفقراء بدل الرمي كله.

حكم من وكل غيره على طواف الإفاضة والوداع

63 - حكم من وكل غيره على طواف الإفاضة والوداع س: يقول السائل زوجته كانت مريضة جدًّا ولم تستطع أن تطوف طواف الإفاضة والوداع معًا، وحينئذٍ وكلته ليطوف عنها وطاف، هل يصح ذلكم العمل؟ (¬1) ج: لا، عليها أن ترجع، لا يصح التوكيل في هذا لا في طواف الإفاضة ولا في طواف الوداع، بل يطاف بها محمولةً إذا كانت تعجز عن المشي، تطوف بالعربانة أو على رؤوس الرجال، ولا توكل، فعليها أن ترجع من القصيم وتطوف طواف الإفاضة ويكفيها عن الوداع، إلا إذا جلست بعد طواف الإفاضة وقتًا طويلاً فإنها تطوف للوداع أيضًا، أمّا إذا طافت طواف الإفاضة وخرجت كفاها عن طواف الوداع. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (354).

بيان معنى حديث: 'من اعتمر في رمضان كان كمن حج معي'

64 - بيان معنى حديث: «من اعتمر في رمضان كان كمن حج معي» س: هل تجزئ العمرة في شهر رمضان المعظم عن الحج؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من اعتمر في رمضان كان كمن حج معي» (¬1) "؟ (¬2) ج: لا تجزئ العمرة في شهر رمضان عن الحج، ولكنها يكون لها فضل الحج؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «عمرة في رمضان تعدل حجة» (¬3) أو قال: «حجة معي» (¬4) أي في الفضل والأجر، وليس معناها أنها تعدلها وتقوم مقامها، حتى لا يكون عليك حج بل عليه الحج وإن اعتمر في رمضان عند جميع أهل العلم، فالعمرة في رمضان يحصل بها فضل الحج من جهة الفضل، ومن جهة الأجر، ولكنها لا تجزئ عن حجة الإسلام. ¬

(¬1) سنن أبو داود المناسك (1990). (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم (68). (¬3) سنن أبو داود المناسك (1990). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب حج النساء، برقم (1863).

حكم من ترك إكمال العمرة بسبب الزحام

65 - حكم من ترك إكمال العمرة بسبب الزحام س: أنا شاب عمري ثلاثة عشر عامًا حاولت تأدية العمرة في السابع والعشرين من رمضان العام الماضي، وطفت بالبيت إلا أنني لم

أستطع إكمال السعي نظرًا لشدة الزحام، فماذا عليّ - جزاكم الله خيرًا - إذ إني لم أكمل العمرة، ونحن نعيش في مكة؟ (¬1) ج: عليك أن تكمل العمرة، عليك أن تلبس الإحرام، الإزار والرداء، وأن تكمل السعي، وأن تقصّر، وليس عليك شيء ما دمت جاهلاً، وإن كنت جامعت فسدت العمرة، جامعت زوجتك، فسدت العمرة بالجماع، وعليك أن تكملها وتقضي بدلاً منها، عليك أن تكملها بالسعي الكامل أو التقصير أو الحلق، ثم تأتي بعمرة أخرى بدلاً منها من المحل الذي أحرمت الأولى منه، كأن أحرمت من التنعيم وكانت الأولى من التنعيم، أو غير التنعيم من الميقات الذي أحرمت منه بدلاً منها لفسادها، تكملها وتقضيها زيادة، وعليك دم أيضًا، فإذا كنت جامعت عليك دم، شاة ذبيحة تذبح في مكة للفقراء؛ لأن الجماع في العمرة يوجب الدم قبل كمالها، والحكم واحد إذا كان الشخص مكلفًا أو غير مكلف؛ لأنه أفسد العمرة، وإذا كان ما أفسدها ولم يتمها فعليه إتمامها. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (248).

نصيحة لمن يرتكب بعض المنكرات في الحج

66 - نصيحة لمن يرتكب بعض المنكرات في الحج س: الكثير من الحجاج - هداهم الله - يأتون من مكان بعيد ويتكبدون

الصعوبات والمشاق، ولكنهم لا يصونون حجهم عما يفسده أو ينقصه مثل التّساهل بالصلاة مع الجماعة، ولعب الورق واستماع آلات اللهو وشرب الدخان وغير ذلك، فنرجو بيان حرمة هذا العمل لا سيما في هذا السبيل؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: وصيّتي لجميع الحجاج من الرجال والنساء أن يتقوا الله عز وجل في كل مكان، في طريقهم للحج وفي مشاهد الحج، وفي المسجد الحرام، وفي كل مكان، وصيتي للجميع أن يتقوا الله، وأن يحرصوا كثيرًا على ما فرض الله، وعلى ترك ما حرم الله، وأن يكملوا حجهم بالبعد عن كل ما حرم الله عليهم حتى يكون الحج كاملاً تامًّا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» (¬3) وهذا فضل عظيم، فالمؤمن إذا أكمل حجه فلم يرفث ولم يفسق رجع من هذا الحج العظيم كيوم ولدته أمه؛ يعني مغفورًا له، قد غفر الله له، والرفث هو الجماع للمرأة وما يدعو إليه من القول والفعل، فالمحرم يبتعد عن ذلك، لا يجامع زوجته حتى ينتهي من إحرامه من رمي ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (90). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (90). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب فضل الحج المبرور، برقم (1521).

الجمار، فالحلق أو التقصير والطواف (السعي) بعد نزوله من عرفات، والمعتمر كذلك إذا أحرم بالعمرة لا يأتي زوجته ولا يداعبها ولا يمسها بشهوة حتى يطوف ويسعى ويقصر أو يحلق ويتم عمرته، هذا هو الرفث، فالجماع وما يدعو إليه يسمى رفثًا، فالمحرم يبتعد عن ذلك في حجه وعمرته حتى يكمل حجه وحتى يتحلل من عمرته، حتى يتحلل التحلل الثاني من حجه بعد الطواف والسعي ورمي الجمار يوم العيد والحلق أو التقصير، هذا هو الواجب على الحاج والمعتمر، وكذلك الفسوق يجتنبه، الفسوق هو المعاصي كلها، فالمؤمن يجتنب الفسوق في الحج وفي غيره، فكل المعاصي تسمى فسوقًا، ومن ذلك الغيبة والنميمة، والتعدي على الناس بالضرب أو بغيره، أو التعدي عليهم في أموالهم، والسب والشتم، كل هذا من المعاصي، فالواجب على الحاج والمعتمر وغيرهما من رجال ونساء أن يتجنبوا ذلك، ومن ذلك التكاسل عن الصلاة مع الجماعة، فإن الصلاة مع الجماعة فريضة، فالواجب على الحاج وغيره أن يصلي مع الجماعة، وأن لا يتساهل، وأعظم من ذلك وأكبر أن يدع الصلاة، وأن يتساهل بها، هذا أمر عظيم، فيجب أن يحافظ على الصلاة في أوقاتها، فإنها عمود الإسلام، قد قال عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة

سنامه الجهاد في سبيل الله» (¬1) وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬2) أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه. وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة» (¬3) خرجه الإمام مسلم في صحيحه. فالواجب على الجميع من الرجال والنساء العناية بالصلاة والمحافظة عليها في أوقاتها في الحج وفي غيره وفي أيّ مكان، فهي عمود الإسلام، وهي أعظم الفرائض بعد الشهادتين، فيجب على الرجال والنّساء من المسلمين العناية بالصلاة والمحافظة عليها، وأداؤها بالخشوع والطمأنينة، والإقبال عليها وعدم العجلة، يؤديها بطمأنينة وعدم نقر، وعدم عجلة في أيام الحج، وفي غير الحج، هكذا المؤمن، وهكذا المؤمنة، وكذلك آلات الملاهي والغناء يبتعد المؤمن عن ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه برقم (21511). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه برقم (22937). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

ذلك في الحج وفي غيره؛ لأن الغناء كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: [ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع]. (¬1). والله يقول سبحانه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} قال أكثر العلماء من المفسرين: لهو الحديث هو الغناء، وإذا كان من النساء ومن يتشبه بالنساء صارت الفتنة أكبر وأعظم، وإذا كان في الإذاعة وفي مواسم الحج كان أشدّ، يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وهو أحد علماء الصحابة، أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام: «إن الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع» (¬2). والغناء هو ما يقع من الأشعار الملحنة في مدح الزنا أو الخمور أو ذكر النساء، أو غير هذا مما يجر إلى الفساد والشر، فهذا خطره عظيم في الحج وفي غيره، فالواجب اجتنابه، وإذا كان مع الغناء آلات اللهو من العود أو الكمان والمزمار والموسيقى صار شره أكبر، وصارت الفتنة أكبر، وصار الإثم أشد، فيجب على المؤمن والمؤمنة الحذر من ذلك في أيّ مكان في الحج، وفي السيارة ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب، باب كراهية الغناء والزمر، برقم (4927) والبيهقي في السنن الكبرى ج 10/ 223. (¬2) سنن أبو داود الأدب (4927).

وفي الطائرة وفي القطار، وفي بلاده وفي غير بلاده، في أيّ مكان فالمؤمن مع إخوانه يتواصون بالخير، والله سبحانه يقول: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} هؤلاء هم الرابحون، هؤلاء هم السعداء الذين آمنوا بالله ورسوله، وصدقوا الله ورسوله، ووحدوا الله وعظموه، وأخلصوا له العبادة وآمنوا برسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وصدقوه واتبعوه، وعملوا الصالحات، يعني أدوا فرائض الله، واجتنبوا محارم الله، ثم مع ذلك تواصوا بالحق، يتناصحون، يتعاونون على البر والتقوى، وتواصوا بالصبر أيضًا على ذلك، هؤلاء هم الصالحون، هؤلاء هم الرابحون، هؤلاء هم السعداء، هم الأخيار، فعلى كل مؤمن ومؤمنة أن يحرص أن يكون من هؤلاء. س: من أدّى الحج وهو محافظ على أركان الإسلام إلا أنه ارتكب بعض المعاصي، هل يؤثر ذلك على أعماله الطيبة؟ جزاكم الله خيرًا. ج: الحج صحيح، ولو كان عنده شيء من المعاصي الحج صحيح،

لكن لا يكون مبرورًا إلا إذا كان صاحبه ليس بفاسق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» (¬1) وقال عليه الصلاة والسلام: «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» (¬2) والحج المبرور هو الذي ليس فيه رفث - وهو الجماع - ودواعيه، ولا فسوق - يعني المعاصي - فإذا كان حين حجّ يأتي بعض المعاصي فحجه ناقص، ولكنه يبرئ ذمته من الفريضة، لكن يكون حجه ناقصًا، لا يكون مبرورًا، يكون ناقصًا، مثل: إذا كان مثلاً يأكل الربا، أو عنده عقوق لوالديه، أو أحدهما، أو قاطعًا للرحم، أو يغتاب الناس، يتعاطى الغيبة، أو ما أشبه ذلك، أو خان في المعاملة، أو غش في المعاملة، كل هذه معاصٍ، يكون حجه بسببها ناقصًا، ودينه ناقصًا، وإيمانه ناقصًا، ولكن لا يكفر بذلك ولا يبطل حجه بذلك ما دام على الإسلام والتوحيد والإيمان بالله ورسوله، هذا الذي عليه أهل الحق من الصحابة ومن بعدهم، وهم أهل السنة والجماعة، وهم الفرقة الناجية، وهم الطائفة المنصورة الذين استقاموا على دين الله، ووحدوا الله، وأخلصوا له العمل، هؤلاء هم أهل الإسلام، وهم أهل الإيمان، وهم أهل التقوى والبر، فإذا وقع من أحدهم معصية صار نقصًا في الإيمان، وضعفًا في الإيمان، لا يخرج ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب فضل الحج المبرور، برقم (1521). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه برقم (7307).

بذلك عن دائرة الإسلام، وحجه صحيح، وصلاته صحيحة، وصومه صحيح، لكنه يأثم بالمعصية التي تعاطاها كالغيبة، أو أكل الربا، أو غش في المعاملة، أو ما أشبه ذلك، يكون نقصًا في إيمانه، ونقصًا في صومه، ونقصًا في حجه بذلك العمل.

وصية للحاج العائد إلى دياره

67 - وصية للحاج العائد إلى دياره س: ما هي وصيتكم للحاجّ العائد إلى دياره؟ (¬1) ج: وصيتي له أن يتقي الله، ويلتزم الحق، وأن يُتْبِع حجه بالأعمال الصالحة، وأن يحذر الرجوع إلى أعماله السيئة التي كانت قبل الحج، وأن يستقيم حتى يلقى ربه في طلب العلم والتفقه في الدين، وطاعة الله وترك معصيته في جميع الأحوال، هذه وصيتي لكل حاجّ أن يلزم الحق، وأن يستقيم عليه بعد رجوعه، وأن يستمر إلى الموت، وأن يتواصى مع أهل بيته وإخوانه بذلك. ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (267).

حكم رسم الكعبة على الجدار ترحيبا بقدوم الحاج

68 - حكم رسم الكعبة على الجدار ترحيبًا بقدوم الحاج س: في قريتنا يقوم أهل الحاج إلى بيت الله بالتحضير لاستقباله بأن ترسم الكعبة والمسجد النبوي على الجدار، ويكتب عبارات

الترحيب، كما يلونون الحجارة باللون الأبيض، فهل ذلك جائز أم أنه بدعة؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: أما وضع صورة الكعبة والمسجد النبوي على الجدار فالأولى ترك ذلك؛ لأن هذا يؤدي إلى الغلو في هذه الأشياء، يؤدي إلى استقبال القبلة وهي صورة الكعبة مما يؤدي كثيرًا إلى اعتقاد أن هذا سنة وقربة، فالذي ينبغي ترك ذلك، أمّا تزيين البيت وتلميع البيت فهذا أمر واسع، كنس البيت وتجميل الجدران إذا كان فيها وساخة هذا أمر لا بأس، من باب التجميل، أما رسم الكعبة أو المسجد الحرام أو المسجد الأقصى فينبغي ترك ذلك، ولا يجوز رسم الكعبة؛ لأن الناس قد يغلون فيها، وقد يدعونها من دون الله، قد يستقبلونها بالصلاة غير جهة القبلة، والحاصل لا ينبغي. ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (363).

بيان معنى الاشتراط في الحج

69 - بيان معنى الاشتراط في الحج س: ما معنى حديث ضباعة بنت الزبير رضي الله عنها: إني أريد الحج وأنا شاكية. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «حجي واشترطي وقولي اللهم مَحِِلِّي حيث حبستني» (¬1) هل هذا الأمر ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين، برقم (5089).

واجب أم سنة؟ (¬1) ج: المعروف عند العلماء أنه سنة، يشترط الإنسان إذا خاف من حوادث مثل مرض أو خوف، ويقول عند الإحرام: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني. فالذي يحصر مثلاً بخراب السيارة أو غير ذلك إذا كان قد اشترط، تحلَّلَ، ولا شيء عليه، فالذي مثلاً عند الإحرام قال: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني. يتحلل ولا شيء عليه بسبب خراب السيارة وتعطله، أو مرض أصابه، أو عدو منعه على حديث ضباعة بنت الزبير سواء بسواء. ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (2).

حكم من مات بعد الاستعداد للحج

70 - حكم من مات بعد الاستعداد للحج س: رجل أراد الحج، وبعد أن أكمل إجراءات السفر وقبل أن يصل إلى مكة المكرمة توفي، هل هو كمن أدى الحج؟ وهل على الورثة أن يحجوا بدلاً منه إكمالاً لحجته؟ (¬1) ج: إذا كان قد مات قبل أن يحرم فإنه يحج عنه إذا كان خلف تركة، وكان في حياته يستطيع، فإنه يُحج عنه، أمَّا إن كان فقيرًا فليس عليه ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (201).

حج، أمّا إذا كان قد أحرم ولكن مات أثناء الإحرام فلا حج عليه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما مات شخص في عرفات قال: «كفنوه في ثوبيه أمر بتغسيله بماء وسدر، وتكفينه في ثوبيه، ونهى أن يمس بطيب، أو أن يغطى رأسه ووجهه، وقال: إنه يبعث يوم القيامة ملبّيًا» (¬1) ولم يأمر أن يكمل عنه الحج، فدل ذلك على أنه يجزئه الحج الذي أحرم به، ولا يكمل عنه، أمّا إذا كان هذا الرجل مات قبل أن يحرم فإنه يحج عنه - والحمد لله - إذا كان في حياته غنيًّا يستطيع الحج، يحج عنه من التركة، أمَّا إن كان فقيرًا فلا شيء عليه، لكن لو حج عنه بعض أقاربه أو بعض أصحابه فجزاهم الله خيرًا. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب الكفن في ثوبين، برقم (1265).

بيان ما يلزم أقارب من نوى الحج ومات قبل أدائه

71 - بيان ما يلزم أقارب من نوى الحج ومات قبل أدائه س: إذا قال شخص: إن شاء الله سأذهب هذا العام للحج، فوافته المنية قبل موسم الحج، فماذا على ذويه أن يفعلوا، هل عليهم أن يحجوا عنه؟ (¬1) ج: هذا ليس عليه شيء، إذا قال: إن شاء الله سأحج هذا العام وتوفاه الله ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (185).

قبل ذلك فليس عليه شيء، ولا على أقاربه إذا كان قد حج الفريضة، أما إن كان لم يحج الفريضة وهو قادر في حياته على أن يحج فإنه عليهم أن يخرجوا من تركته ما يحج به عنه، أمّا إن كان فقيرًا فلا شيء عليه.

حكم الخطبة وعقد النكاح لمن تحلل التحلل الأول

72 - حكم الخطبة وعقد النكاح لمن تحلل التحلل الأول س: إذا تحلل الحاج التحلل الأصغر، وبقي عليه الإفاضة والسعي، فهل له أن يخطب ويعقد القران؟ لقد فعلت ذلك منذ تسع سنوات وتذكرت ذلك في حج هذا العام (¬1). ج: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، والأرجح أنه لا حرج عليه بالخطبة وبالعقد؛ لأنه قد تحلل وصار غير محرم، يتطيب ويقلم أظفاره، ويقص شعره، لا حرج عليه، فما بقي عليه إلا جماع النساء، لا حرج في ذلك، وإن تورع وترك الخطبة وترك عقد النكاح حتى ينتهي من أعمال الحج من الطواف والسعي هذا أحوط له، وخروج من الخلاف، وإلا فالعقد صحيح والخطبة لا بأس بها، أما قوله صلى الله ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (33).

عليه وسلم: «لا ينكح المحرم ولا يُنكح» (¬1) فهذا المراد إذا كان في حال الإحرام، أما الذي تحلل التحلل الأول فقد فسخ الإحرام وصار من جملة الحلال، ما عدا شيئًا واحدًا وهو مجامعة النساء. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب تحريم نكاح المحرم وكراهة خطبته، برقم (1409).

بيان ما يفعله الحاج أو المعتمر المحصر

73 - بيان ما يفعله الحاج أو المعتمر المحصر س: هل يجب الدم على من أحرم عند الميقات وحل في وسط الطريق لما أصابه من العذر؟ يعني كانت سيارته خربانة ثم صلحها، ثم رجع إلى الميقات فأحرم وأتم منسكه؟ (¬1) ج: هذا يعتبر في حكم المحصر الذي أحرم ثم أصاب السيارة خلل، وخاف أن يطول عليه المقام ويشق عليه، فيتحلل، هذا يكون في حكم المحصر على الصحيح، وعليه دم، عليه أن يذبح أو ينحر هديًا، ويحلق ويتحلل إذا لم يصبر، إذا كان عليه مشقة في الصبر مثل ما قال الله جل وعلا: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} فإذا ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (2).

أحصر ولم يتيسر له الصبر فإنه ينحر هديًا، ثم يحلق رأسه، ويتحلل ويعيد الحج إن كانت حجة الفريضة، ويعيد العمرة الفريضة، فإن كانت نافلة فلا شيء عليه؛ لأن النبي لما أحصر عليه الصلاة والسلام في عام الحديبية لما أحصر نحر هو وأصحابه، ثم حلقوا وتحللوا في عام ست من الهجرة، فإذا تيسر له العودة والإحرام من الميقات بعد ذلك فهذا نسك آخر، إذا عاد وأحرم من الميقات هذا نسك آخر، ولا يلزمه إذا كان قد أدى حج الفريضة وعمرة الفريضة القضاء، لكن إذا فعل ذلك من باب الاستحباب فهذا حسن، الرسول صلى الله عليه وسلم لما صالح أهل مكة، ونحر هديه وحلق جاء في العام القادم، يسمونها عمرة القضاء، أدى العمرة الشرعية هو وأصحابه في عام سبع من الهجرة، ولكن قال العلماء: إن العمرة ليست واجبة، وإنما هي مستحبة؛ لأن الرسول ما ألزم الذين حلوا معه في الحديبية أن يعتمروا، الحاصل أن الإحصار لا يوجب القضاء، الذي قد أدّى عمرة سابقة قد أدى عمرة، والذي ما أدى عمرة يؤدي عمرة الفريضة، وهكذا الحج لو أحصر في الحج، وقد أدى حج الفريضة فلا يلزمه أن يؤدي الحج الذي أحصر عنه، وإن كان ما أدّى حج الفريضة فإنه يحج مرة أخرى من أجل الفريضة لا من أجل الإحصار الذي أصابه، فالحاصل أن هذه المرأة أو

الرجل الذي أصابه الإحصار بسبب خراب السيارة إذا استعجل وتحلل فإنه يكون حكمه حكم المحصر، إذا كان نوى التحلل ونحر الفدية، ذبح ذبيحة واحدة، وعليه أن يحلق رأسه بعد ذلك.

بيان أنواع الهدايا والفدية

74 - بيان أنواع الهدايا والفدية س: حدثونا عن كل فدية وعن البديل، وعن الهدي والبديل عنه (¬1). ج: الهدايا والفدية في حق الحاج والمعتمر متنوعة، فعلى من تمتع بالحج والعمرة أو قرن بالحج والعمرة عليه هدي، يسمى هدي التمتع، وهذا فريضة، وهو شاة من الغنم تجزئ في الأضحية، سليمة من العيوب تجزئ في الأضحية، شاة واحدة، رأس واحد من الغنم، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة في حق من تمتع بالعمرة والحج، أو قرن بينهما، والبديل عن ذلك صيام عشرة أيام، من عجز صام عشرة أيام، ثلاثة أيام في الحج قبل عرفة، أو في أيام التشريق، وسبعة إذا رجع إلى أهله، هذا هو البديل. وهكذا من ترك واجبًا، إذا ترك الإحرام من الميقات، أو ترك الرمي رمي الجمار، أو جمرة من الجمار، إن كان ما رمى جمرة العقبة ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (267).

أو إحدى الجمار الثلاث يكون عليه دم، ويجزئ عنه إذا عجز عنه صيام عشرة أيام كما في أدلة التمتع. وهكذا لو لبس المخيط وهو محرم، أو غطى رأسه أو حلق رأسه، أو تطيب عمدًا يكون عليه فدية مخيرة، وهي صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة، والإطعام ثلاثة أصواع، كل مسكين له نصف صاع من قوت البلد من التمر، أو الأرز، أو الحنطة، وتفاصيل الفدية معروفة في محلها في كتب أهل العلم.

حكم تغطية الحاج رأسه من شدة البرد

75 - حكم تغطية الحاج رأسه من شدة البرد س: أدّيْتُ بفضل الله فريضة الحج، وأثناء المبيت بمنى يوم التروية شعرت في آخر الليل ببرد شديد؛ لأنني كنت نائمًا في الخلاء، وعندما أحسست بشدة البرد، قمت بتغطية نفسي ببطانية كانت معي، غطيت جسدي كله بما في ذلك رأسي وأنا محرم، وأعلم أن كشف الرأس واجب حال الإحرام، فما الحكم؟ وإن كان عليَّ دم فهل يجوز لي أن أذبح في مصر التي أقيم بها، أو أوكِّلَ غيري ممن يسافر إلى الحج بالذبح عني بمكة المكرمة؟ (¬1) (¬2) ج: المحرم ليس له أن يغطي رأسه كما هو معلوم، وليس له أن يلبس ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (131). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (131). ') ">

المخيط كما هو معلوم، إذا كان ذكرًا، لكن إذا اضطرّ إلى ذلك لمرض أصابه احتاج معه إلى تغطية رأسه، أو برد اشتد به حتى اضطرّ إلى تغطية رأسه فلا حرج عليه، ولكن عليه فدية، وهذه الفدية مخيرة بين صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة كما في قوله جل وعلا: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} وجاء في حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه في الصحيحين أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمره لما اشتد به الأذى في رأسه أن يحلق رأسه، وأن يتصدق بثلاثة آصع من التمر على ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع، أو يصوم ثلاثة أيام، أو يذبح شاة. فهذا هو الحكم فيمن احتاج إلى تغطية الرأس، أو حلق الرأس، أو لبس المخيط، أو الطيب، أو قلم الأظفار، حكمه حكم ما جاء في حديث كعب بن عجرة، يخير بين ثلاثة أمور: إحداها صيام ثلاثة أيام في أي مكان، يصومها في مصر، أو في غيرها، الثانية إطعام ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، من تمر، أو أرز، أو حنطة، أو شعير، أو نحو ذلك، وهذا في مكة، الثالثة ذبح شاة، والذبح يكون في مكة أيضًا لفقراء

الحرم، فعليك أيّها السائل أن تصوم ثلاثة أيام في بلادك، وإن شئت أن تطعم ستة مساكين، أو تذبح شاة هذا يكون في الحرم عليك أن توكّل ثقة يقوم بهذه المهمة، أو تحضر بنفسك وتقوم بهذه المهمة، أمّا الصيام فلك أن تصوم في بلادك، والحمد لله.

بيان الشروط التي يجب أن تتوفر في الهدي

76 - بيان الشروط التي يجب أن تتوفر في الهدي س: يسأل المستمع ويقول: ما الشروط التي يجب أن تتوفر في الهدي؟ وما الشروط التي يجب أن تتوفر في الأضحية؟ (¬1) ج: لا بد أن تكون سليمة من العيوب، مثل ما قال صلى الله عليه وسلم: «أربع لا تجزئ في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين عرجها، والهزيلة التي لا تنقي» (¬2) ونهى أن يضحى بمعيبة القرن أو الأذن، التي ذهب أكثر قرنها أو أذنها لا بد أن يراعى فيها سلامتها من العيوب سواء كانت ضحية أو هديًا. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (432). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه برقم (18510).

حكم التصدق بقيمة الهدي

77 - حكم التصدق بقيمة الهدي س: إذا لم يتمّ ذبح شاة عما سقط من واجبات، فهل أتصدق بقيمتها؟ (¬1) ج: الذبح في حقّ المتمتع والقارن، أمّا الذي أحرم بالحج وحده، إنْ أفرد بالحج فهذا ليس عليه ذبح، لكن الذي حج قارنًا بحج وعمرة، أو أحرم بالعمرة، وفرغ منها، ثم أحرم بالحج فهذا عليه دم، ذبيحة واحدة يذبحها في منى أيام النحر ويوم العيد، والثلاثة من بعده، أو في وسط مكة لا بأس، ويتصدّق منها، ويأكل منها ويطعم، هذا يقال له: هدي التمتع، ذبيحة واحدة أو سبع بدنة، أو سبع بقرة، فإن عجز صام عشرة أيام: ثلاثة أيام في الحج قبل يوم عرفة، وإن صامها في أيام منى أجزأه، لكن الأفضل أن يقدّمها قبل عرفة، وسبعة إذا رجع إلى أهله، أرفق به كما بين الله في كتابه العظيم حيث قال سبحانه: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} يعني أنّ الذي من أهل مكة وهم حاضرو المسجد الحرام ليس عليهم هدي التمتع، إذا كانوا من أهل مكة، وهذا من ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (277).

تيسير الله ورحمته سبحانه وتعالى، ولهذا قال بعده: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} يعني ثلاثة يأتي بها قبل الحج في مكة، وسبعة بعد رجوعه إلى أهله، فضل من الله سبحانه ورحمة منه جل وعلا وتيسير.

بيان ما يلزم من عجز عن هدي التمتع ولم يستطع الصيام

78 - بيان ما يلزم من عجز عن هدي التمتع ولم يستطع الصيام س: سائل يقول: شخص حج متمتعًا وقام بجميع المناسك مناسك الحج، ولم يفدِ لظروفه، وهو مقيم في المملكة، ولم يستطع الصيام لظروفه الصحية، فهل يسقط عنه ذلك؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: يجب عليه هدي التمتع، فإذا عجز عن هدي التمتع وعجز عن الصيام يبقى معلقًا في ذمته حتى يستطيع الهدي فيهدي، أو الصوم فيصوم؛ لأن الله جلّ وعلا أوجب عليه الهدي، قال تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} فعليه أن يتقي الله وأن يراقب الله، فإذا استطاع الهدي أرسله إلى مكة وذبحها هناك، أو وكَّلَ من يشتري له ويذبحها هناك، فإن عجز واستمر العجز عن الهدي فيصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، فإن تأخر الصيام ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (379). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (379). ') ">

صامها كلها عند أهله، المقصود أنه ليس له أن يتساهل بل عليه الهدي أو الصوم، فإن عجز عنهما تبقى في ذمته حتى يتيسر له ذلك، فإن مات ولم يتيسر له ذلك قضي من تركته إن كان له تركة، يشترى من تركته ويفدى عنه؛ لأنه دين في ذمته. س: إنني حججت بيت الله الحرام والحمد لله، وأكملت جميع نسك الحج، ونسيت أن أصوم ثلاثة أيام خلال فريضة الحج، وسبعة أيام بعد أداء الفريضة علمًا بأنني لم أعلم ولم أعرف بصيام هذه الأيام، فهل أصوم هذه الأيام أم أن لها كفارة؟ (¬1) ج: إذا كنت حين أحرمت من الميقات لبّيت بالعمرة والحج جميعًا، أو بالعمرة ثم لبّيت بالحج بعدها فعليك أن تصوم هذه الأيام إلا إذا استطعت الهدي، وهي شاة من الغنم، أو ثني من المعز، توكل من يذبحه في مكة في الحرم الشريف للفقراء، فإن ذلك هو الواجب عليك هو الهدي، وإذا كنت عاجزًا ما تستطيع رأسًا من الغنم يذبح في مكة، وسبع بدنة ولا سبع بقرة، يذبح في مكة فإنك تصوم عشرة أيام في بلدك، ويكفيك ذلك، أمَّا إن كنت إنما لبّيت بالحج فقط وأحرمت ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (160). ') ">

بالحج فقط مفردًا فليس عليك لا صيام ولا هدي؛ لأن الهدي إنما يجب على من تمتع بالعمرة إلى الحج، فأمّا المحرم الذي لم يحرم إلا بالحج فقط فإنه لا شيء عليه عند جميع أهل العلم، يعني المتمتع والقارن هما اللذان عليهما الهدي، وهو رأس من الغنم، الجذع من الضأن، أو ثني من المعز، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة، يذبح في مكة في الحرم الشريف، يوزع على فقراء الحرم، والصيام يكون على المتمتع والقارن إذا عجز عن الهدي. س: يقول السائل: لم أكن أملك ثمن هدي، فقمت بصيام يوم سبعة وثمانية وأحد عشر من ذي الحجة، وبعد رجوعي قمت بصيام سبعة أيام متفرقة في شهر ذي الحجة ومحرم، فهل عليّ شيء فيما تقدم؟ جزاكم الله خيرًا. ج: لا شيء عليك إذا كنت عاجزًا عن الدم - والحمد لله - لكن الأفضل أن يكون الصيام قبل يوم عرفة، الثلاثة، فإن لم يتيسر ففي أيام منى: الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر، أما يوم عرفة فالسنة فيه أن تكون مفطرًا.

بيان ما يلزم من ترك واجبا في الحج وعجز عن ذبح الفدية

79 - بيان ما يلزم من ترك واجبًا في الحج وعجز عن ذبح الفدية س: تركت واجبًا في حج هذا العام ولا أستطيع ذبح شاة في هذا المقام، فهل يجوز لي أن أصوم - وفقكم الله - بدلاً من الشاة؟ (¬1) (¬2) ج: إذا عجز المؤمن عن القيام بذبح الشاة التي وجبت عليه بترك الواجب، مثل تجاوز الميقات وأحرم دون الميقات هذا عليه دم، فإذا عجز عن ذلك صام عشرة أيام مثل هدي التمتع والقران، إن صامها في مكة أجزأت، وإن صام ثلاثة أيام منها في الحج قبل عرفة فحسن، وسبعة إذا رجع إلى أهله، وإن أخرها كلها إلى أن يصل إلى أهله وصامها هناك فلا بأس، وإن قدر على الهدي ثم بعث به إلى مكة قبل أن يصوم، يذبح الهدي في مكة أجزأه والحمد لله، فهو على سعة من الأمر، إن تيسر له هدي وجب عليه الهدي، وإن عجز وجب عليه الصوم، فإن لم يتيسر له الصوم لشدة حرارة مكة، أو لمرض، أو لأشباه ذلك أخره إلى هناك، ثم صام هناك، وإن تيسر أن يقدّم ثلاثًا في الحج زيادة على هدي التمتع والقران يصومها هنا، هذا حسن وفيه احتياط، وسبعة إذا رجع إلى أهله، ولكن لو أنه وجد الهدي قبل أن يصوم وتيسر له الهدي، وبعثه إلى مكة ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (32). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (32). ') ">

أجزأه عن الصوم والحمد لله، وليس شرطًا أن يبعثه إلى مكة، يعني في وقت يوكّل ثقة يشتريه ويذبحه في مكة، هذا هو المطلوب. س: حججنا حجًّا صحيحًا وذهبنا إلى طواف الوداع فلم يُمكِنَّا؛ لأن السائق كان غشيمًا، ولم يمكنه أن يلقى خط الحرم، فماذا ترون في حجنا هذا خاصة حج والدتي التي حجت عن والدها هل يلزمنا في هذا شيء أم لا، أم حجنا مقبول؟ وفقكم الله. ج: طواف الوداع فرض على الصحيح من أقوال العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ينفرن أحد منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت» (¬1) رواه مسلم في الصحيح. ولما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض» (¬2). فهذا يدل على أن طواف الوداع في الحج مفترض مأمور به إلا على الحائض، ومثلها النفساء فلا وداع عليها، فالذي خرج ولم يودع بسبب زحمة أو بسبب جهل السائق أو ما أشبه ذلك، كل هذا ليس بعذر، الواجب عليه أن يرجع حتى يؤدي ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم (1327). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب طواف الوداع برقم (1755)، ومسلم في كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم (1328).

طواف الوداع، فإن لم يفعل فعليه الفدية؛ يعني دمًا يذبح في مكة ويوزع بين الفقراء في أصح قولي العلماء، والفدية من استمر في السفر، فإن فدى كفى، وإن رجع وطاف الوداع نرجو أن يكفيه ذلك، كما قاله بعض أهل العلم، وهذا في الحج. أما العمرة فأمرها أوسع، ليس الوداع فيها واجبًا على الصحيح، وهو قول الجمهور، ومِمَّن نقله، أبو عمر بن عبد البر رحمه الله نقل إجماع أهل العلم بأنه لا وداع للعمرة، ليس فيها وداع واجب، وذهب بعض أهل العلم بأن فيها وداعًا، والأقرب والأظهر أنه ليس بواجب الوداع فيها؛ لأن الله شرعها في جميع السنة، ورغب في تكرارها، ومما يعين على ذلك عدم وجوب الوداع فيها؛ ولأنه لم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه ودع لمّا اعتمر في عمرة القضاء، فدل ذلك على أن المراد بالوداع في الحج خاصة، أما العمرة فأمرها أوسع، إن ودع فحسن؛ لأنها حج أصغر، وإن لم يودع فلا شيء عليه، هذا هو الأفضل، وهذا هو الأرجح والأقوى في هذه المسألة.

بيان ما يلزم من ترك رمي الجمرات في أيام التشريق

80 - بيان ما يلزم من ترك رمي الجمرات في أيام التشريق س: ما حكم من ترك الرمي للأيام الثلاثة بدون عذر أو بعذر؟ (¬1) (¬2) ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (33). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (33). ') ">

ج: أما من ترك الرمي لغير عذر فهذا عاصٍ لربه، وهو على خطر من عاقبة هذه المعصية، وعليه التوبة إلى الله عز وجل، والإنابة إليه صادقًا بالندم على ما مضى منه، والعزيمة ألا يعود في ذلك، وعليه دمٌ أيضًا مع التوبة، دم يذبحه في مكة للفقراء؛ لأن الرمي واجب، وقد تركه، فعليه أن ينحر عن هذا دمًا يوزع بين الفقراء في مكة، والدم المراد به إذا أطلق رأس من الغنم، ثني المعز، أو جذع الضأن، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة، هذا هو المراد بالدم، وأما المعذور فهذا لا إثم عليه، وعليه أن يوكل كالمريض ونحوه، لا حرج عليه ولكن يلزمه أن يوكل من يرمي عنه. س: يقول السائل إني شاب أبلغ من العمر ما يقارب ثمانية وعشرين عامًا، وقد حججت والحمد لله تعالى، إلا أني عندما أردت مغادرة مكة المكرمة لم آخذ طواف الوداع، وفي الحقيقة ما أدري ما يترتب عليّ في هذه الحالة، أفيدوني جزاكم الله خيرًا. ج: إن الله عز وجل شرع للحاج أن يودع البيت قبل خروجه إلى وطنه، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال «لا ينفرن أحد

منكم حتى يكون آخر عهده بالبيت» (¬1) رواه مسلم. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: «أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض» (¬2). متفق عليه. والصحيح أن ذلك واجب؛ لأن الأمر أصله الوجوب فوجب على كل حاج رجل أو امرأة أن يودع البيت قبل أن يغادر من مكة إلى وطنه بعد الانتهاء من مناسك الحج بعد رمي الجمرات في اليوم الثاني عشر إذا تعجل، أو في اليوم الثالث عشر إذا لم يتعجل، فإنه بعد ذلك يطوف الوداع سبعة أشواط بالبيت، وليس فيه سعي، فإذا غادر إلى بلاده، ولم يطف هذا الطواف فإن عليه دمًا؛ أي ذبيحة يذبحها في مكة وتوزع بين الفقراء يذبحها بنفسه، أو يوكل من يذبحها، فإن رجع وطاف الوداع أجزأه عند جمع من أهل العلم، ولكن ذبحه للهدي وتوزيعه بين الفقراء أولى وأحوط خروجًا من خلاف من قال: لا يجزئه العودة مع التوبة والاستغفار، فإن تارك طواف الوداع قد ترك واجبًا، وترك الواجب معصية، فالواجب التوبة والاستغفار والندم وعدم العودة لمثل هذا مع الفدية المذكورة وهي ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم (1327). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب طواف الوداع برقم (1755)، ومسلم في كتاب الحج، باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض برقم (1328).

الذبيحة من جنس الضحايا والهدايا، يذبح جذع ضأن، أو ثني معز، سليمًا من العيوب، يذبح في مكة ويقسم بين الفقراء.

بيان ما يلزم من لم يرم إلا جمرة واحدة يوم الحادي عشر نسيانا

81 - بيان ما يلزم من لم يرم إلاَّ جمرة واحدة يوم الحادي عشر نسيانًا س: حججت والحمد لله أول حجة، ولا زالت أول حجة حتى الوقت الحاضر، وحدث عندي في الحج أنني قضيت جميع المناسك، ولكن حدث أنني رميت يوم العيد الجمرة الكبرى، وفي اليوم الثاني رميت جمرة واحدة فقط، وهو عن طريق النسيان، وعدم المعرفة الكاملة، وفي الليل الثالث ذهبت مع جماعة ورميت الجمرات الثلاث، ولكني نسيت أنني رميت جمرة واحدة اليوم الثاني، وما ذكرتها إلا بعد حين سنة أو سنتين، تذكرت التي ما رميت، ما الذي يجب عليَّ؟ وفقكم الله (¬1). ج: على السائل أن يهدي هديًا يذبح في مكة، عليه ذبيحة عن تركه الواجب الذي تركه في اليوم الحادي عشر، يذبحها في مكة، يعني يوكّل ثقة، أو يأتي هو بنفسه يذبحها في مكة، إمّا ثني ماعز، أو جذع ضأن، ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (32).

مثل هدي التمتع والقران، مثل الضحية يذبحها في مكة، ويقسمها بين الفقراء عما ترك من الرمي.

بيان المقصود بحاضري المسجد الحرام

82 - بيان المقصود بحاضري المسجد الحرام س: العمال والمتعاقدون الذين وفدوا إلى مكة للإقامة لمدة سنة أو أكثر، وبعضهم أحضر معه عائلته، فهل يعتبرون من أهل مكة في موضع الهدي، وقد تكون العمرة التي أتوا بها في أشهر الحج أحرموا لها من التنعيم، فهل يلزمهم هدي أم لا؟ (¬1) ج: هذا محل نظر؛ لأنهم غير مستوطنين؛ ولأنهم غير وافدين في وقت الحج، فهم بين هؤلاء وهؤلاء، والله سبحانه لما ذكر المتعة والهدي فيها قال: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ولهذا اختلف أهل العلم في هذا، هل يعتبر مثل هذا من حاضري المسجد الحرام؛ لأنه مقيم قبل العمرة وقبل الحج، أم يعتبر آفاقيًّا لأنه ليس بمستوطن، وإنما أقام لحاجة وسوف يرجع إلى بلاده، هذا موضع نظر ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (33).

واحتمال، والأحوط عندي والأقرب عندي أن مثله ليس بحاضري المسجد الحرام في الحقيقة، وأنه إنما جلس لعارض وأقام لعارض من تدريب أو طلب، أو عمل آخر، ثم يرجع إلى بلاده، فالأحوط له الهدي، وأن يعامل نفسه معاملة الوافدين في الحج، هذا هو الأحوط، وإن قلت: إنه من حاضري المسجد الحرام ومن الساكنين بمكة فهو قول قوي، فلا يدفع، قول قوي جدًّا، ولكن الأحوط في مثل هذا والأقرب أنه يفدي، وأن جانب كونه وافدًا أقرب من كونه حاضري المسجد الحرام.

حكم المتمتع إذا عدل عن ذبح الهدي إلى الصيام

83 - حكم المتمتع إذا عدل عن ذبح الهدي إلى الصيام س: أديت الحج والحمد لله، وعندما لبست الإحرام نويت الحج والعمرة معًا، ولم أذبح، ثم صمت عشرة أيام بعد أيام الحج، ما حكم عملي هذا؟ (¬1) ج: لا شك أن من أحرم بحجٍّ أو عمرة يعتبر متمتعًا وعليه دم التمتع، فالسائل عليه دم التمتع، فإذا كان عاجزًا فالصوم الذي فعله يجزئ، أما إذا كنت أيها السائل تستطيع الدم فإن عليك أن تذبح ذبيحة، تجزئ في ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (28).

الأضحية، رأس من الغنم، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة في مكة المكرمة؛ لأن هذا هو الواجب في التمتع والقران، وعملك يسمى قرانًا، ويسمى تمتعًا، فعليك الهدي، فإذا كنت عاجزًا لا تستطيع ذلك الوقت، وصمت عشرة الأيام أجزأت العشرة، والحمد لله.

حكم الهدي لمن تمتع وهو من حاضري المسجد الحرام

84 - حكم الهدي لمن تمتع وهو من حاضري المسجد الحرام س: أنا مقيم في مكة، وفيما إذا أُذِن لي وقمت بأداء الحج، وأنوي حج التمتع، هل عليَّ فدية؟ (¬1) ج: إذا كنت مستوطنًا في مكة فليس عليك فدية؛ لأن أهل مكة هم حاضرو المسجد الحرام، فإذا تمتعوا بالعمرة إلى الحج فليس عليهم هدي، أما إذا كنت مقيمًا للعمل ولست من أهل مكة، وإنما أقمت للعمل ثم اعتمرت في أشهر الحج، وحججت في ذلك العام فإنك تُهدي، هذا هو الأحوط لك؛ لأنك لست من حاضري المسجد الحرام بالمعنى الكامل، وإنما أنت مقيم لعارض. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (325).

حكم من ذبح هدي التمتع قبل يوم النحر

85 - حكم من ذبح هدي التمتع قبل يوم النحر س: طلب منا بعض الرفاق نحر هدينا فور وصول مكة، فذبحنا في

خمسة وعشرين من ذي القعدة، والآن ذهبت أيام التشريق، وقد رأينا جميع الناس يذبحون في يوم العيد فما بعده، فهل عملنا صحيح؟ وما الذي يجب علينا - وفقكم الله - علمًا أننا الآن عازمون على الذهاب عن السعودية؟ جزاكم الله عنا خيرًا (¬1). ج: الواجب على من عليه هدي؛ لكونه حج قارنًا أو متمتعًا بالعمرة إلى الحج أنه يذبح أيام الذبح، وهي الأيام التي ذبح فيها النبي وأصحابه عليه الصلاة والسلام، يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة، أربعة أيام، هذه هي أيام الذبح، والنبي صلى الله عليه وسلم قدم ومعه هدي من الإبل فلم ينحرها حتى جاء يوم العيد وهكذا أصحابه، فالذي ذبح قبل العيد عليه أن يعيد ذبح هديه ذلك، يشتري من مكة هديًا ويذبح في مكة بعد الحج متى تيسر له ذلك، يذبح في مكة في الحرم، ويقسمه بين فقراء مكة بين الفقراء في الحرم بدلاً من ذلك الهدي الذي ذبحه قبل وقته، فإن كان عاجزًا ليس عنده قدرة، فإنه يصوم عشرة أيام بدلاً من ذلك الهدي، هذا هو المشروع، ونسأل الله للجميع التوفيق. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (18).

بيان ما يلزم المتمتع إذا عجز عن الهدي وأخر الصيام حتى رجع إلى بلاده

86 - بيان ما يلزم المتمتع إذا عجز عن الهدي وأخر الصيام حتى رجع إلى بلاده س: يسأل المستمع ر. ع. من الرياض ويقول كان عليَّ أن أصوم في الحج عشرة أيام؛ لعدم استطاعتي تقديم الهدي، فلم أستطع أن أصوم أيامًا في مكة بل صمتها جميعًا بعدما عدت إلى أهلي، فهل ما فعلته صحيح؟ (¬1) ج: الواجب أن تصوم ثلاثة أيام في الحج قبل عرفة أو أيام التشريق، فإذا لم يتيسر ذلك لعجز أو مرض أو غير ذلك صم العشر جميعًا في أهلك وبلدك والحمد لله، ولا شيء عليك. ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (318).

بيان ما يلزم من اعتمر بعد رمضان وسافر إلى المدينة وهو يريد الحج

87 - بيان ما يلزم مَن اعتمر بعد رمضان وسافر إلى المدينة وهو يريد الحج س: سائل يقول: ذهبت من مكة إلى المدينة، وصليت عيد رمضان في المدينة، وعدت إلى مكة ثاني يوم العيد، وأنا أريد الحج، هل علي هدي؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل: إذا كنت أديت عمرة في أشهر الحج بعد رمضان ثم حججت ذلك العام، عليك الهدي، ولو رحت إلى المدينة ورجعت ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (385).

عليك الهدي، إذا كنت أديت العمرة بعد رمضان، ثم حججت من ذلك العام فأنت متمتع، وعليك الهدي، ذبيحة واحدة من الغنم، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة؛ لأنك والحال ما ذكر تُسمَّى متمتعًا.

حكم المتمتع إذا عجز عن الهدي وعجز عن الصيام لمشقة العمل

88 - حكم المتمتع إذا عجز عن الهدي وعجز عن الصيام لمشقة العمل س: السائل ع. م. ع من مصر يقول: حيث منّ الله عليّ بأداء فريضة الحج لهذا العام قارنًا، ونظرًا لظروفي المادية لم أتمكن من تسديد ثمن الهدي المفروض عليّ، وسألت بعض العلماء عن ذلك فأجابني بأن أصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة عند الرجوع، وذلك في خلال شهر ذي الحجة، وفعلاً قمت بصيام ثلاثة الأيام الأولى في الحج، وعند عودتي إلى عملي، لم أستطع صيام السبعة الأخرى لظروف عملي الشاقة، فما حكم الشرع في ذلك؟ وماذا يجب عليّ عمله إزاء هذا الموضوع؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: هذه الفتوى صحيحة، إذا عجزت عن الدم فصم عشرة أيام: ثلاثة في الحج، وسبعة إذا رجعت إلى الأهل، لكن لا يتعين في ذي الحجة، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (355).

ليس لها حد محدود، تصومها متى تيسر، في محرم، في صفر، في ربيع حسب التيسير، تصوم السبعة مجمعات أو متفرقات لا بأس، لكن لا يجوز لك التساهل بل يجب أن تصومها، تحرص في ذلك عند التيسر، أما إذا شغلت عنها بأسباب تمنعك فلا بأس، ولكن عليك أن تتحين الأوقات التي تستطيع فيها ولو مفرقة.

حكم الاستقراض لشراء الهدي

89 - حكم الاستقراض لشراء الهدي س: يقول السائل: رجل في أعمال الحج، وبعدما رمى جمرة العقبة، وحلق رأسه، ذهب يشتري الهدي ففقدت نقوده قبل أن يشتري الهدي، فاستلف من أحد رفاقه نقودًا، واشترى الهدي وذبحه، هل يجزئ هذا الهدي حيث إن نقوده كانت بالاستلاف؟ (¬1) (¬2) ج: نعم يجزئ ولا حرج في ذلك، والحمد لله. س: يسأل المستمع ويقول: هل الهدي له علاقة بالتحلل الأول أو الثاني؟ ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (120). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (120). ') ">

ج: هدي التمتع ليس له تعلق بالتحلل، التحلل يتعلق بالرمي والحلق أو التقصير والطواف والسعي فقط، الهدي ما يتعلق بالتحلل.

حكم من حج ولم يجد مكانا يبيت فيه بمنى

90 - حكم من حج ولم يجد مكانًا يبيت فيه بمنى س: إذا لم يجد الحاج مكانًا يبيت فيه بمنى فماذا يفعل؟ وهل إذا بات خارج منى عليه شيء؟ (¬1) ج: إذا لم يجد مكانًا في منى بات خارج منى، الله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ويقول: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}. ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (432).

حكم تأخير ذبح هدي التمتع عن أيام التشريق وتوزيعه على من ليسوا فقراء

91 - حكم تأخير ذبح هدي التمتع عن أيام التشريق وتوزيعه على من ليسوا فقراء س: منذ ثلاث سنوات أدّيت الحج تطوعًا، وقد أحرمت متمتعة، وبعد رمي الجمار بأربعة أيام اشترى لي والدي الهدي، وطلبت منه أن يوزعها على الفقراء المتواجدين عند المجزرة حال

ذبحها، لكنه لم يجد أحدًا هناك منهم، فأتى بها إلى الحجرة التي نقيم فيها، وقد تأخر مجيئه، فلم تتمكن والدتي من تقطيعها إلا بعد صلاة العشاء، فأمسكت جزءًا منها ثم وزعت البقية على الحجاج المقيمين في نفس الطابق الذي نسكن فيه، وهم ليسوا فقراء، فما حكم فعلنا هذا؟ وماذا عليَّ لأرضي ربي سبحانه وتعالى؟ (¬1) ج: الله جل وعلا قال: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} فإذا كان الحجاج ليسوا فقراء فعليك أن تشتري قليلاً من اللحم وتعطي بعض الفقراء احتياطًا؛ لقول الله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} وفي الآية الأخرى: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} وإن كان في الحجاج ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (214).

بعض الفقراء تكفي والحمد لله، ولا يجب إطعامها كلها الفقراء، إنما يعطى الفقراء منها بعض الشيء والحمد لله، فإذا كنت متيقنة أنهم ليسوا بفقراء كلهم فالاحتياط لك أن تشتري شيئًا، تصدقي به على الفقراء في مكة ولو بواسطة بعض الثقات يكون وكيلاً عنك، يشتري ويتصدق به عنك على الفقراء، ويلاحظ قولك: بعد أربعة أيام، فإن الذبح يكون في اليوم الرابع، النهاية اليوم الرابع، بل يكون أربعة أيام: يوم العيد، وثلاثة أيام بعده، ولا يجوز التأخير عن ذلك، فإذا كنتم ذبحتم فقد أسأتم، والذبيحة صحيحة لا بأس ولو بعد ثلاثة أيام، لكن ما ينبغي التأخير عن اليوم الرابع إذا كانت الذبيحة واجبة، مثل ذبيحة التمتع، هذا واجب، والواجب يذبح في أيام الذبح الأربعة، فإن تأخر أساء الإنسان وأثم في تأخيره، ولكنه يجزئ والحمد لله، والمشروع للمؤمن أن يتعلم ويتفقه، يسأل أهل العلم قبل أن يسافر يأخذ معه منسكًا معتمدًا حتى يقرأ فيه إذا كان يفهم، ولكن سؤال أهل العلم حتى يتبصر يكون أولى قبل أن يسافر حتى يكون على بينة في مناسك الحج، ومناسك العمرة، حتى يؤدي ما شرع الله له على بصيرة، والله يقول جل وعلا: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}

ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» (¬1) ويقول صلى الله عليه وسلم: «ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة» (¬2) فالمؤمن يتعلم، والمؤمنة تتعلم، هكذا ينبغي قبل الحج، وقبل العمرة بسؤال أهل العلم في بلاده عن أحكام المناسك عماذا يفعل في حجه، ماذا يفعل في عمرته، ويكون منسكًا معتبرًا من المناسك يقرؤه هو ورفقته، يتبصرون فيه، ويسأل بعضهم بعضًا، ويتعلمون إذا كان فيهم قارئ، قرأ عليهم واستفادوا. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين برقم (71). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر برقم (2699).

حكم الأضحية

92 - حكم الأضحية س: الأخ س. أمن العراق يسأل عن حكم الأضحية، هل هي واجبة أم لا؟ (¬1) ج: الأضحية سنة، فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم، كان يضحي بكبشين أملحين عليه الصلاة والسلام كل سنة، فهي سنة للتأسي به صلى الله عليه وسلم، والواحدة تكفي البيت إذا كان قد ذبح واحدة كفته وأهل بيته، وإن ضحى بثنتين أو ثلاث فلا بأس، الواحدة كافية، وإن زاد فلا حرج، يأكل منها ويطعم الفقير والقريب والجار ونحو ذلك، هذا أفضل؛ لقول الله سبحانه: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} فالمسلم يأكل من ضحيته، ويتصدق على الفقير، ويهدي إلى جيرانه وأحبابه إذا أحبّ ذلك، وإن أكلها إلا قليلاً أعطاه الفقراء فلا بأس. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (210).

بيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأضحية

93 - بيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأضحية س: بعض الناس يقولون: إن ذبح خروفًا كبشًا يوم عيد الأضحى

المبارك أو عرفة فإن الذبيحة تعتبر فريضة، والدليل على ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام عندما جاء العيد ولم يكن لديه ذبيحة أراد ذبح ابنه، فأنزل الله سبحانه وتعالى له كبشًا ليعيِّد به، السؤال: هل هذا صحيح؟ وهل يجب أن يكون مُرَبًى سنة كاملة ويسمن للعيد، ويفرق منه على سبعة بيوت، هل هذا صحيح؟ وهل هناك دليل على ذلك ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو من تبعه من الصحابة؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: هذه الذبيحة التي أشارت السائلة إليها غير صحيحة بهذا المعنى الذي ذكرت، وإنما أصل ذلك أن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام امتحنه الله فأمره بذبح ابنه بكره إسماعيل عليه الصلاة والسلام؛ ليخلص قلبه لمحبته سبحانه دون محبة غيره جل وعلا، وكان إبراهيم هو خليل الله عليه الصلاة والسلام، وهو أفضل الناس في زمانه، وهو أفضل الخلق بعد محمد عليه الصلاة والسلام، فلما أراد ذبحه وتله للجبين ولم يبق إلا أن يهوي بالسكين إلى حلقه رحمه الله، ورحم ابنه، ورفع عنهما هذا الأمر، وفداه بذبح عظيم، قال سبحانه: {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ} ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (93).

{قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} فنسخ الله هذا الأمر، وحصل المقصود بصفاء القلب وكمال المحبة لله سبحانه وتعالى؛ لأنه قد طابت نفسه بذبح ابنه تقربًا إلى الله عز وجل، وإكمالاً لمحبته له سبحانه وتعالى، فلما تم المقصود وحصل المطلوب نسخ الله هذا الأمر وفدى الذبيح بذبح عظيم، وهو كبش عظيم، أرسله الله إليه، ويقال: إنه جاء من الجنة، وأنه أهبط من الجنة، فذبحه إبراهيم وفدى به ابنه إسماعيل، وبقيت هذه السنة في المسلمين من ذاك الوقت، وهو الضحايا في أيام عيد النحر، وكان النبيُّ محمد عليه الصلاة والسلام يذبح في عيد النحر كبشين أملحين أقرنين: أحدهما عن محمد وآل محمد - يعني أهل بيته - والثاني عمن وحّد الله من أمته عليه الصلاة والسلام. وصارت الضحية سنة في الأمة من عهد إبراهيم إلى عهد محمد نبينا عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا، يستحب للمؤمن أن يضحي إذا كان عنده قدرة يوم النحر شاة واحدة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون، وإن ضحى بأكثر فلا بأس، وليس هناك حاجة إلى أن يربيه في البيت

ويسمنه، بل يشتريه من السوق، أو يكون عنده في مزرعته لا بأس، لكن ليس من السنة أن يربيه، متى اشتراه من السوق كفى والحمد لله، ثم فليس من السنة أن يقسمه على سبعة أبيات بل يأكل ويطعم كما قال الله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} فيأكل منها ما تيسر، ويطعم جيرانه وأقاربه والفقراء ما تيسر، وإن قسمها أثلاثًا فأكل ثلثًا وقسم بين أقاربه وجيرانه ثلثًا، وأعطى الفقراء ثلثًا فكل ذلك حسن، والمقصود من هذا أنه يأكل ويطعم، وأنه يشتريه من السوق أو يربيه في البيت، كل ذك لا بأس به، وليس من شرط ذلك أن يقسمه بين سبعة أبيات، هذا لا أصل له؛ بل يعطي من يشاء بيتين أو ثلاثة أو أقل أو أكثر من الفقراء، أو من أقاربه أو من جيرانه، والأمر في هذا واسع والحمد لله.

بيان أحكام الأضحية

94 - بيان أحكام الأضحية س: إخوة يسألون من سوريا عن الأضاحي ما حكمها، وهل المضحي يأكل من أضحيته، ومم تكون الأضحية؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (329).

ج: الأضاحي سنة، وقد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم في سنواته في المدينة عليه الصلاة والسلام، كان يضحي بكبشين أملحين أقرنين؛ يذبح أحدهما عن محمد وآل محمد - يعني أهله - ويذبح الثاني عمن وحد الله من أمته، وفي رواية: عمن لم يضح من أمته، فالضحية سنة مشروعة مع القدرة، يأكل الإنسان منها ويطعم، يأكل منها ما يتيسر ويطعم الجيران والفقراء كما قال تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} ويجتهد في الشيء الطيب من الإبل والغنم والبقر، والضحايا من هذه الأنعام: البقر والإبل، والغنم خاصة، البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة، والشاة عن الرجل وأهل بيته، وإن كانوا كثيرين فأضحية واحدة يذبحها الرجل عن زوجته وأولاده ووالديه ونحو ذلك، تجزئ الرجل وأهل بيته، كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، وإذا ذبحها أكل وأطعم، أكل هو وأهل بيته، وأطعم الفقراء وأهدى إلى من يشاء من جيرانه وأحبابه، وإذا دخل شهر ذي الحجة وهو عازم على الأضحية لم يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي خاصة هو، أما أهله فلا حرج عليهم، لكن هو الذي يبذل الدراهم من حاله

للضحية، هو الذي لا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره» (¬1) وفي لفظ: «فلا يمس من شعره وبشره شيئًا» (¬2) لا من الشعر، ولا من الظفر، ولا من الجلد - جلدته وهي البشرة - حتى يضحي إلا الحاج والمعتمر في عشر ذي الحجة، فلا حرج أن يحلق في عمرته أو يقصر، وهكذا في الحج يوم العيد يحلق أو يقصر بعد الرمي، هذا ليس بمنهي عنه، بل مأمور به، لا بد منه وغير داخل في النهي. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئًا برقم (1977). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية، برقم (1977).

بيان وقت ذبح الأضحية

95 - بيان وقت ذبح الأضحية س: تسأل الأخت وتقول: كيف يتم ذبح الأضحية في عيد الأضحى المبارك؟ ومتى يبدأ وينتهي وقتها؟ أرجو منكم أن تبينوا الطريقة التي نبدأ بها بالذبح، ماذا نعمل ونقول قبل الذبح وأثناءه

وبعده إلى أن يتم توزيع اللحم إلى الفقراء؛ لأن طريقة الذبح عندنا هي قبل الذبح يقرأ الملأ القرآن على أذن الذبيحة، ويجب ألا يأكل صاحب الأضحية من اللحم إلا قطعة صغيرة، هل هذه الطريقة صحيحة، وهل يتم ذبح الأضحية للميت فقط أم للحي أم للاثنين؟ وفقكم الله (¬1). ج: أما وقت الضحية فهو أربعة أيام على الصحيح من أقوال العلماء: يوم العيد، وهو يوم عيد النحر، وهو العاشر من ذي الحجة، ثم اليوم الحادي عشر، ثم اليوم الثاني عشر، ثم اليوم الثالث عشر. وقال بعض أهل العلم إنها ثلاثة: يوم العيد، ويومان بعده، والصواب أنها أربعة: يوم العيد، وثلاثة أيام بعده وهي أيام التشريق، وهي أيام النحر وأيام رمي الجمار، وهي أيام ذكر الله عز وجل وأكل وشرب، فإذا صلى الناس العيد صلاة العيد بدؤوا بالذبح، يبدأ بالذبح بعد صلاة العيد كما أمر النبي عليه الصلاة والسلام، فإنه صلى ثم ذبح، وقال: «من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له» (¬2) فالسنة والواجب أن تكون الضحية بعد الصلاة، إذا كان الإنسان في البلد، أما إذا كان في الصحراء كالبادية فإنهم يذبحون بعد ارتفاع ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (108). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الأكل يوم النحر، برقم (955).

الشمس، إذا ارتفعت الشمس ومضى شيء بعد ارتفاعها مقدار الصلاة فإنهم يذبحون ذلك الوقت، يذبحون بعد ارتفاع الشمس ومضي قليل من الزمن بقدر الصلاة، يذبحون؛ لأنهم لا صلاة عندهم، البادية والمسافرون ليس لهم صلاة عيد، وليس عليهم صلاة عيد، فيذبحون بعد ارتفاع الشمس، وهكذا في منى، الحجاج في منى يذبحون بعد ارتفاع الشمس؛ لأنه ليس عندهم صلاة عيد في منى، الحجاج في منى، رمي الجمار يقوم مقام صلاة العيد، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه رمى الجمرة ثم نحر هديه، ولم يصل صلاة العيد في حجة الوداع عليه الصلاة والسلام، فإنهم يرمون الجمار ثم يذبحون هداياهم وضحاياهم ذلك الوقت بعد ارتفاع الشمس، هذا هو المشروع، وعند الذبح يسمي الله، يقول: باسم الله، والله أكبر. هذا المشروع، وإن قال: باسم الله، فقط أجزأ، ولكن الأفل أن يقول: باسم الله، والله أكبر. وإن زاد فقال: إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين. أو قال: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين. هذا مستحب، ولكن يكفي: باسم الله، والله أكبر. هذا هو الذي كان يفعله

النبي: صلى الله عليه وسلم «باسم الله، والله أكبر» (¬1) وربما زاد: «إن صلاتي ... » (¬2) إلخ. والواجب: باسم الله. هذا الواجب، وزيادة: الله أكبر، مستحبة، باسم الله، والله أكبر. وما زاد على ذلك من قراءة: إن صلاتي، ووجهت وجهي، هذا مستحب وليس بواجب، ثم إذا ذبحت الذبيحة يأكل الإنسان ما شاء الله، لا يتقيد بقطعة صغيرة، بل يأكل ما شاء، إذا ذبحت الذبيحة يأكل منها قليلاً أو كثيرًا، هو وأهل بيته، السنة أن يأكلوا ويطعموا ويتصدقوا من هذه الذبيحة، يأكلون منها ما تيسر، ويتصدقون بما تيسر، ويطعمون ويهدون ما تيسر، والأفضل أن تكون أثلاثًا: ثلث يأكلونه، وثلث يهدونه إلى أقاربهم وأصدقائهم، وثلث للفقراء، وإن أكلوا الأكثر وتصدقوا بالقليل فلا بأس، الأمر في هذا واسع والحمد لله، والرسول أمرهم أن يأكلوا ويطعموا، والله يقول: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} فينبغي له أن يعطي الفقير ما تيسر من ذلك، وإن أعطى الفقراء الثلث كان أفضل، وإن ¬

(¬1) رواه مسلم في كتاب الأضاحي باب استحباب الضحية وذبحها مباشرة بلا توكيل، برقم (1966). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث: جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه برقم (15022).

أهدى الثلث على أقربائه وجيرانه كان حسنًا أيضًا، فإن لم يهد ولم يتصدق إلا بالقليل، أو ما تصدق بالكلية أجزأته الضحية، صدقة الضحية مجزية وشرعية، لكن ذهب بعض أهل العلم إلى أنه يجب عليه أن يخرج قليلاً من اللحم حتى يمتثل قوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} يخرج ما تيسر من اللحم ولو من غير الضحية، إذا كان قد أكلها يخرج من غيرها حتى يكون أدّى هذا الواجب، ولكن السنة بكل حال أن يخرج منها: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ} {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} كما قاله الله عز وجل. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «كلوا وأطعموا وادخروا» (¬1) فالسنة له أن يأكل وأن يدخر ما أحبّ من ذلك، وأن يتصدق على الفقراء ما تيسر، هذا هو المشروع، فإن لم يتصدق ولم يهد بل أكلها صحت وأجزأت، ولكنه خالف الأفضل، وخالف السنة، وعليه أن يستدرك ولو بالقليل من اللحم حتى يتصدق به على الفقراء، هذا هو الأحوط له خروجًا من خلاف من ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأضاحي، باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي وما يتزود منها، برقم (5569).

قال بالوجوب، وظاهر القرآن يوجب الصدقة؛ لأن الله قال: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} والأصل في الأمر الوجوب، لكن ذهب الأكثرون إلى أنه للسنية؛ لأن الله قال: {فَكُلُوا} والأكل ليس بواجب، فهكذا الإطعام ليس بواجب، ولكنه سنة، السنة أن يأكل ويطعم، هذا هو السنة، والله المستعان.

حكم الذبح بالسكين الكهربائية

96 - حكم الذبح بالسكين الكهربائية س: بالنسبة لحكم ذبح الأضحية أو الذبيحة بالسكين الكهربائية؟ (¬1) ج: ما نعرف السكين الكهربائية، إذا كانت السكين الكهربائية مع التسمية تقطع الحلقوم والمريء ويحصل بها الذبح، فلا بأس، إذا كان سكينًا حقيقية تقطع الحلقوم والمريء، سواء بالكهرباء أو باليد مع التسمية، يسمي الله ويفصل فلا بأس. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (361).

حكم الذبيحة التي تسمى العيدية

97 - حكم الذبيحة التي تسمى العيدية س: ما حكم الذبح في يوم العيد سواء في عيد الفطر أو في

الأضحى، وتسمى العيدية؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك، إذا ذبح لأكل إخوانه وأهل بيته في عيد الفطر أو عيد الأضحى كل ذلك لا حرج فيه، وفي عيد الأضحى إذا جعله ضحية وأكلوا وأطعموا، كله طيب والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (364).

بيان بعض أحكام الأضاحي والهدي

98 - بيان بعض أحكام الأضاحي والهدي س: هل يجوز ذبح الفداء في عيد رمضان، بدلاً من عيد الأضحى؛ لأتمكن من التوزيع على الفقراء الذين أعرفهم في بلدي، ولعدم تواجدي عندهم دائمًا في عيد الأضحى من كل عام؟ (¬1) ج: إذا كان المقصود الضحية المشروعة في عيد الأضحى أو الفداء الذي يلزم المتمتع أو القارن في الحج والعمرة، هذا لا يذبح إلا في مكة في أيام الذبح، وهي يوم العيد وأيام التشريق، تذبح الهدي للتمتع، وهكذا الضحايا، كلها تذبح في أيام العيد عيد النحر، يوم العيد وثلاثة أيام بعده، ولا تذبح في عيد الفطر، ولا في شهر ذي الحجة بعد العيد ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (19).

أو قبله، ولا بشهر ذي القعدة، إنما تذبح في أيام العيد أيام عيد النحر، وهي أربعة أيام: يوم النحر، وهو اليوم العاشر من ذي الحجة، وثلاثة أيام بعده، تذبح فيه الضحايا والهدايا الشرعية التي تجب على المتمتع والقارن، أو يتطوع بها المتطوعون تذبح في أيام منى، أما إذا كان القصد أن يتطوع بشيء يقسمه على قرابته، فلا بأس، تكون هذه صدقة، إذا أراد يذبح ناقة، أو بقرة، أو شاة في بلاده، أو يوزعها بين أقاربه صدقة أو صلة فهذا طيب، ما تسمى هذه هدية ولا ضحية ولا فدية، الفدية ما يجب على الإنسان بالتمتع والقران، هذه تذبح يوم النحر، وإذا كانت فدية عن تركه واجبًا، أو عن فعله محرمًا هذه تذبح في الحرم عما ترك من الواجب، أو عما فعل من المحرم في نفس الحرم، وتوزع بين فقراء الحرم.

حكم المداومة على ذبح الأضحية في اليوم الثاني بعد العيد

99 - حكم المداومة على ذبح الأضحية في اليوم الثاني بعد العيد س: البعض من الناس يقومون بذبح الأضحية في اليوم الثاني بعد يوم العيد، ولا يذبحونها في يوم النحر، ويقولون بأن هذه هي السنة، وهم يداومون على هذه الحالة من زمان، وحتى الآن لم

يغيروا هذا، فهل هذا مجزئ؟ (¬1) ج: الأفضل في يوم العيد، ثم الثاني، ثم الثالث، ثم الرابع، البدار بها في يوم العيد أفضل، ثم في الثاني أفضل من الثالث، ثم في الثالث أفضل من الرابع، أما تخصيص الثاني فهذا غلط، جهل، بل الأفضل في الضحايا البدار بها يوم العيد، وهكذا الهدايا يوم العيد أفضل، فإن ذبح في الثاني فهو أفضل من الثالث، وإن ذبح في الثالث فهو أفضل من الرابع. ¬

(¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (423).

حكم ذبح الأضحية قبل صلاة العيد

100 - حكم ذبح الأضحية قبل صلاة العيد س: هذا السائل يقول: يا سماحة الشيخ، بالنسبة لمن ذبح الأضحية قبل صلاة العيد ما حكمه؟ (¬1) ج: لا تجزئ إلا بعد الصلاة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ذبح قبل أن يصلي فهي شاة لحم لا تجزئ» (¬2) لا بد أن تكون بعد الصلاة. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الأكل يوم النحر، برقم (955). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الأكل يوم النحر، برقم (955).

بيان ما يلزم من أراد أن يضحي

101 - بيان ما يلزم من أراد أن يضحي س: ماذا يعمل الرجل أو المرأة إذا أرادا أن يذبحا الأضحية أيام ذي

الحجة، هل يمسك عن شعره وأظفاره؟ (¬1) ج: نعم، هذا الواجب، من أراد أن يضحي لا يأخذ من شعره ولا من أظفاره إذا كان يضحي عن نفسه، أو عن والديه ونفسه، أما إذا كان وكيلاً، فلا بأس، إذا كان وكيلاً لآفاقي في الضحايا ما عليه شيء، لكن إذا كان يضحِّي عن نفسه من ماله أو عن أبيه أو أمه أو عنه وعن أهل بيته يمسك عن شعره وأظفاره إذا دخل الشهر حتى يضحي، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره» (¬2) هكذا نهى صلى الله عليه وسلم. ¬

(¬1) السؤال بدون رقم الشريط. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئًا برقم (1977).

حكم الأضحية بذكور الغنم والتيوس المخصية

102 - حكم الأضحية بذكور الغنم والتيوس المخصية س: الأخ ص. ع. أبعث برسالة يقول فيها: هل الأضاحي بالذكور مثل الخراف أو التيوس المخصية هل يجوز للإنسان أن يضحي بها؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (240).

ج: نعم، الضحية مشروعة بالذكور والإناث من الغنم والماعز والضأن، من الإبل، ومن البقر، كلها سنة مشروعة سواء كان المضحى به من الذكور أو من الإناث، تيس أو كبش، أو شاة، أو بقرة أنثى، أو بقرة ذكر، وهكذا البعير، وهكذا الناقة، كلها ضحايا شرعية، إذا كانت بالسن الشرعي، جذع ضأن، ثني معز، ثنية من البقر، ثنية من الإبل، النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بالكبش، بالذكور، فالذكر من الضأن أفضل، كبش من الضأن أفضل، كان صلى الله عليه وسلم يضحي بكبشين أملحين، فهما أفضل من الإناث، وإن ضحى بالإناث فلا بأس، أما الماعز فالأفضل الأنثى، وإن ضحى بالتيس، فلا بأس إذا كان قد أتَمَّ سنة فأكثر.

بيان الأفضل في الأضحية بين الغنم والبقر

103 - بيان الأفضل في الأضحية بين الغنم والبقر س: أيهما أفضل في الأضحية الكبش أم البقر؟ (¬1) ج: الكبش أفضل، الضحية بالغنم أفضل، وإذا ضحى بالبقر أو بالإبل فلا حرج، لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بكبشين، وأهدى يوم حجة الوداع مائة من الإبل، المقصود أن الضحية بالغنم أفضل، ومن ضحى بالبقرة ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (419).

أو بالإبل - الناقة عن سبعة، والبقرة عن سبعة - كله طيب.

حكم إعطاء غير المسلم من لحم الأضحية

104 - حكم إعطاء غير المسلم من لحم الأضحية س: هل يجوز أن يعطى غير المسلم من لحم الأضحية؟ (¬1) (¬2) ج: لا حرج أن يعطى؛ لقوله جل وعلا: {لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ} فالكافر الذي ليس بيننا وبينه حرب بل هو مستأمن أو معاهد يعطى من الضحية ومن الصدقة. س: يقول هذا السائل م. أ. أمن الدمام: سؤالي في الأضحية، أردت أن أضحي في العام الماضي ببقرة، فقالوا لي بأن الكبش أفضل، هل وردت أحاديث تفيد بأن الكبش في ذلك أفضل، يا سماحة الشيخ؟ ج: نعم، هو أن النبي ضحى بكبشين؛ لأنه كان يضحي بغنم عليه الصلاة والسلام، فإذا تيسر الغنم فهو أفضل، وإن ضحى بالبدن، بالبدنة فلا بأس، الصحابة ضحوا بهذا وهذا، والنبي أهدى البدن في حجة الوداع مائة بدنة، وأهدى تطوعًا، فإذا ضحى بالإبل أو البقر فلا بأس، ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (419). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (419). ') ">

لكن الغنم أفضل إذا تيسرت. س: يقول السائل: يا سماحة الشيخ، أيهما أفضل الكبش أم البقر في الأضحية؟ ج: الغنم أفضل في الأضحية، وإن ضحى ببقر أو إبل، فلا بأس.

حكم الأضحية بالحامل من بهيمة الأنعام

105 - حكم الأضحية بالحامل من بهيمة الأنعام س: هل تجزئ الأضحية التي في بطنها حمل، علمًا أن الذي ذبحها لا يعلم؟ وقد خطب إمام صلاة العيد، وذكر أنها لا تجزئ (¬1). ج: الذبيحة التي فيها ولد تجزئ بلا شك، والخطيب الذي قال: إنها لا تجزئ مخطئ غلْطان، البقرة والناقة والشاة من الغنم من الضأن والمعز التي في بطنها ولد يجزئ بلا شك، والذي خطب بأنها لا تجزئ قد غلط، وقال قولاً، لا حجة له فيه، ولا أعلم به قائلاً من أهل العلم، بل ذلك خطأ محض. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (22).

بيان إجزاء الذبيحة الواحدة في الأضحية عن الأسرة

106 - بيان إجزاء الذبيحة الواحدة في الأضحية عن الأسرة س: هل الأضحية الواحدة تجزئ عني وعن والدي، علمًا بأنني

متزوج، ولي أسرة، وكذلك الوالد له كذلك؟ (¬1) (¬2) ج: إذا كنتما في بيت واحد الذبيحة الواحدة تكفي عنكما السنة عنك وعن أبيك وعن زوجاتكما وأولادكما، أما إذا كنت في بيت مستقل وأبوك في بيت مستقل، فالسنة أن يضحي كل واحد منكما عن نفسه وأهل بيته؛ لأنه كان صلى الله عليه وسلم يضحي بكبشين أملحين عليه الصلاة والسلام، أحدهما عن أهل بيته، والثاني عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم، قال أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه الصحابي الجليل: «كنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم نضحي بشاة واحدة، يضحي بها الرجل عنه وعن أهل بيته» (¬3) س: الأخ خ. ح. من فلسطين يقول بأني أعيش مع إخواني ووالدي في منزل واحد، ويسكن معنا أخ لي متزوج، وله أولاد، وسؤالي: هل الأضحية - أي أضحية الوالد - تجزئ عنا جميعًا أم يجب على أخي المتزوج أضحية أخرى؟ (¬4) ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (224). (¬2) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (224). ') "> (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الأضاحي في كتاب الأضاحي، باب ما جاء أن الشاة الواحدة تجزئ عن أهل البيت، برقم (1505). (¬4) السؤال من الشريط رقم (427). ') ">

ج: السنة: تكفي أضحية واحدة من والدك؛ لأنكم في بيت واحد، فإذا ضحى والدك عنكم جميعًا، كفت، والحمد لله، وهي سنة، ما هي بواجبة، سنة مؤكدة، فإذا ذبح والدك الضحية، أجزأت عنكم جميعًا، عنكم وعن أخيك المتزوج أيضًا، والحمد لله، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يضحي بشاة واحدة، عنه، وعن أهل بيته. س: من السائل ع. ص، سوري، يقول: هل الأضحية من الغنم تكفي عن جميع أهل البيت، أم عن نفر واحد؟ (¬1) ج: الأَضحية تكفي عن أهل البيت جميعًا ولو كانوا مائة إذا ذبحها ضحية عنه، وعن زوجته، وأولاده، وأهل بيته كلهم، أجزأت ولو شاة واحدة، أو بقرة واحدة، أو ناقة واحدة، تجزئ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يضحي بشاة واحدة، عنه، وعن أهل بيته، اللهم صل عليه وسلم. س: يقول هذا السائل: أنا وزوجتي وأولادي في منطقة بعيدة عن سكن الوالد والوالدة، وبقية أفراد الأسرة إلا أننا في مناسبات الأعياد نتوجه إليهم؛ لقضاء فترة العيد معهم، وفي عيد الأضحى ¬

(¬1) السؤال بدون رقم الشريط. ') ">

المبارك نقوم بذبح أضحية واحدة للجميع، فهل تكفي؟ ج: السنة كل بيت يضحي، أنتم تضحون، وأبوك يضحي، وهكذا البيوت الأخرى إذا كان الإنسان في بيته مستقلاًّ يضحي عن نفسه وأهل بيته، هذه السنة.

حكم إجزاء الأضحية الواحدة عن أسرتين في بيتين مستقلين

107 - حكم إجزاء الأضحية الواحدة عن أسرتين في بيتين مستقلين س: السائل: س. م، يقول: سماحة الشيخ، امرأة أرملة توفي زوجها، ومعها ستة أطفال قُصّر، وأيضًا له ابن من زوجة أخرى، وهذا الابن موظف، ومتزوج، ولديه أطفال، ويسكن في شقة، وعمته والأطفال في شقة أخرى، ولكن في عمارة واحدة، السؤال: هل تجزئ عنهم أضحية واحدة؟ (¬1) ج: لا، كل واحد يضحي، هو يضحي عن نفسه وأهل بيته، وأنتم تضحون عن أنفسكم مع القدرة؛ لأنها سنة، ما هي واجبة، مع القدرة، كل واحد يضحي لنفسه، وأولاده، ومن تحت يده، والحمد لله، سنة عن الرجل وأهل بيته، والمرأة وأهل بيتها، فهو يضحي عن نفسه في شقته وأهل بيته، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (370).

وأنتم وحدكم، نعم، السنة كل واحد يضحي؛ لأنكم في بيتين مستقلين.

بيان معنى حديث: 'فليمسك عن شعره وأظفاره'

108 - بيان معنى حديث: " فليمسك عن شعره وأظفاره " س: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي، فليمسك عن شعره وأظفاره» (¬1) فهل يشمل الحاج وغيره؟ وهل المقصود شعر الرأس، أم يشمل جميع شعر البدن؟ (¬2) (¬3) ج: الحديث صحيح، رواه مسلم في صحيحه عن أم سلمة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة فأراد أحدكم أن يضحي، فليمسك عن شعره وأظفاره» (¬4) وفي رواية أخرى: «فلا يمس من شعره وبشره شيئًا» (¬5) فالذي يريد الضحية سواء كان رجلاً أو امرأة، حالة شراء الضحية، لا يأخذ من شعره، لا من شعر الرأس، ولا من غيره، ولا من أظفاره شيئًا، ولا من بشرته، من جلدته، لا يأخذ شيئًا، حتى يضحي، لكن حلق الحاج أو المعتمر لا ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئًا، برقم (1977). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (330). (¬3) السؤال السابع من الشريط رقم (330). ') "> (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئًا برقم (1977). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية، برقم (1977).

يدخل في ذلك، فالحاج أو المعتمر إذا حلق رأسه، أو قصر، غير داخل في هذا، إذا طاف المعتمر، وسعى يحلق أو يقصر، وهكذا الحاج إذا رمى الجمرة يحلق، أو يقصر، وكان مضحيًا لا يدخل في هذا، لكن الحاج والمعتمر لا يأخذ من إبطه، ولا من أظفاره، ولا من شعر الشارب بالحلق، أو التقصير، في حج أو عمرة، حتى يضحي. س: يقول السائل تلك العبارة التي يتناقلها الناس، وهي: من أراد أن يضحي أو يُضحى عنه، فلا يفعل ولا يفعل، هل هذه العبارة صحيحة أم لا؟ ج: والصحيح في ذلك ما دل عليه الحديث: «من أراد أن يضحي» (¬1) فقط، أما المضحى عنه، ما عليه شيء، لو أن إنسانًا ضحى عن نفسه، وأهل بيته، فلا حرج على زوجته، وأولاده، أن يأخذوا من شعرهم وأظفارهم؛ لأن والدهم هو المضحي، فهو باذل المال، أما هم فمضحى عنهم، فلا يمنعون، لا يمنعون من أخذ شعر، أو ظفر، هذا هو الصواب، أما قول بعض الفقهاء عن المضحى عنه: بأنه يلحق المضحي فهذا رأي، لا دليل عليه، وهذا الحكم في الشعر على شعر البدن كله ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئًا، برقم (1977).

ما عدا حلق الرأس أو التقصير في حج أو عمرة.

حكم تسريح الشعر في عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي

109 - حكم تسريح الشعر في عشر ذي الحجة لمن أراد أن يضحي س: سائلة من القصيم تستوضح عن قول بعض الناس بأن تسريح الشعر في عشر ذي الحجة ممنوع، فهل هذا صحيح؟ (¬1) (¬2) ج: إذا كانت تضحي، لا تقص شعرها، ولا تكده كدا يقطعه، إذا كانت تضحي، وإلا فلا حرج إذا كانت ما هي بمضحية، فلا حرج. س: هل يجوز للمرأة أن تمشط شعرها في عشر ذي الحجة؟ (¬3) ج: إذا كانت لا تضحي، فلا بأس، أما إن كانت تضحي، فتمشطه، لكن من دون قطع، لا تقطعه، تمشطه، تنقضه، لكن من دون كد، من دون قطع شعرها، إذا كانت تضحي، أما إن كانت لا تضحي - فالحمد لله - تكده وتمشطه، لكن مشطه ونقضه لا بأس به، حتى وإن كانت تريد أن تضحي، لكن لا تتعمد قطع الشعر، حتى تضحي، سواء كانت تضحي عن نفسها، أو عن أبيها وأمها، أو عن زوجها، والسنة أن تضحي عن نفسها وأهل بيتها، تجمعهم جميعًا، عنها، وعن والديها، وعن زوجها، وأولادها. ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (371). (¬2) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (371). ') "> (¬3) السؤال من الشريط رقم (353). ') ">

س: يقول السائل سمعت من بعض الناس أنه لا يجوز للإنسان قص أظافره في العشر الأول من ذي الحجة، هل ما سمعته صحيح؟ (¬1) ج: إذا كان يريد الضحية، فإنه لا يقص أظفاره، ولا شعره، ولا بشرته حتى يضحي بعد دخول الشهر؛ لما ثبت في صحيح مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي، فليمسك عن شعره، وأظفاره» (¬2) أما إن كان لا يضحي، فلا شيء عليه، يقص في عشر ذي الحجة وغيرها. س: هل يجوز للحاج في الحج قص شعر في الجسم أو الأظافر، وهو في الرياض وأراد الحج؟ لأننا سمعنا برنامجكم يقول: إن الإنسان إذا أراد أن يضحي، فإنه لا يجوز قص شعره، وإذا أراد أن يعمل ضحية له، فإنه لا يجوز، فأرجو توضيح ذلك بالنسبة للحاج، وفقكم الله؟ ج: من أراد أن يضحي فلا يأخذ شيئًا، سواء يريد أن يحج أو ما هو ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (229). ') "> (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئًا، برقم (1977).

بحاج، فمن أراد أن يضحي، فلا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره شيئًا، لا من رأسه ولا من بقية بدنه، لا من إبطه، ولا من عانته، ولا من شاربه، ولا من رأسه، حتى يضحي بعد دخول شهر ذي الحجة الذي يسمونه العامة شهر الضحية، فإذا دخل الشهر هلَّ هلاله، حرم على من أراد الضحية من الرجال أو النساء أخذ شيء من الشعر، أو الظفر، أو البشرة من جميع البدن، سواء كان من شعر الرأس، أو من الشارب أو من العانة، أو من الإبط، أو من بقية البدن، هذا على الذكور، والإناث، إذا أرادوا أن يضحوا الضحية الشرعية، عن نفسه، وعن أهل بيته، عن أبيه أو أمه، هذه الضحية لا يأخذ من شعره، أو ظفره شيئًا، حتى يضحي، أما الوكيل الموكل على الضحايا، فهذا لا حرج عليه، الوكيل ما هو مضحٍّ، لو كان عنده سبائل وهو وكيل يضحي، يذبحها؛ يعني هذا لا بأس أن يأخذ من شعره ومن أظفاره، لأنه ما هو مضحٍّ، أما إن كان يضحي من ماله عن نفسه أو عن والديه أو عنه وعن أهل بيته جميعًا - وهو الأفضل، لا يخص الوالدين وحدهم بل يدخل نفسه معهم، عن فلان ووالديه، عن فلان وأهل بيته، عن فلان وزوجته فلانة، عن فلان وأولاده - يجمعهم جميعًا، هذا هو السنة، هذا لا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي بعد دخول الشهر، ولا من بشرته، لا يقطع

جزءًا من جلده، من رجله ولا من يده، ولا من أي مكان؛ لأنه بشرة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمس من شعره وبشره شيئًا» (¬1) هذا هو الذي يمنع فقط، أما كونه يتطيب، كونه يأتي أهله فلا بأس، كونه يتروش، يفعل كل ما يفعله الحلال لا بأس إلا هذه الأمور الثلاثة: الشعر، والظفر، والبشرة. لا يأخذ منها شيئًا حتى يضحي، فإن كان الحاج لا يرغب أن يضحي عن نفسه، فإنه لا بأس أن يأخذ من شعره وظفره، إذا حل من إحرامه، يأخذ مما شاء، إذا كان ما عنده ضحية غير الهدي، الهدي ما هو بضحية، أما إذا كان يريد أن يضحي مع الهدي، فلا يأخذ بعد دخول العشر، حتى يضحي، أما من ساق الهدي الذي عليه المتعة والقران، هذا الهدي لا يمنع، ما هو مثل الضحية، لا يمنع. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية، برقم (1977).

حكم التلفظ بالنية عند ذبح الأضحية والهدي

110 - حكم التلفظ بالنية عند ذبح الأضحية والهدي س: سائل يقول: هل يجوز التلفظ بالنية عند ذبح الأضحية والهدي؟ (¬1) ج: المشروع أن يتلفظ ويقول: اللهم إنها منك ولك، هذه كذا ضحية ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (432).

عن فلان. مثل ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتلفظ، وهكذا في الهدية يقول: باسم الله والله أكبر. وإذا سمى فلا بأس، سمى هدية عن فلان، وإلا تكفي النية، يقول: باسم الله والله أكبر. وإن قرأ: {إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي} إلى آخره، لا بأس، وإن قال: اللهم تقبل من فلان. فلا بأس، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، لكن لا بد من التسمية: باسم الله، والأفضل يقول معها: الله أكبر، باسم الله والله أكبر، أما الضحية فيقول: عن فلان مثل ما قال صلى الله عليه وسلم: «من محمد وآل محمد» (¬1) للضحية. أما الهدي يكفي النية للهدي، كونه هدي تمتع أو قران، أو عن ترك واجب، أو فعل محظور، يكفي النية، ويقول: باسم الله والله أكبر. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب استحباب الضحية وذبحها مباشرة بلا توكل، برقم (1967).

حكم قول اللهم تقبل مني عن والدي عند ذبح الأضحية

111 - حكم قول اللهم تقبل مني عن والدي عند ذبح الأضحية س: يقول السائل إذا أراد الإنسان أن يحج أو يطوف أو يتصدق أو يذبح أضحية عن والديه، هل يقول: اللهم إن هذه عن والدي. وبمعنى أخر: هل يظهر النية، أم تكون في القلب؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (188).

ج: الضحية الأفضل له أن يسمي، يقول: باسم الله، والله أكبر عن والدي. أو: اللهم تقبل مني عن والدي. هذا أفضل، وإن اكتفي بالنية، فلا بأس ولا حرج، النبي صلى الله عليه وسلم لما ضحى قال: «اللهم تقبل من محمد وآل محمد» (¬1) أما أنه يطوف عنهما، أو يصلي عنهما، فهذا غير مشروع، لا يطوف عن أحد، ولا يصلي عن أحد، إنما يطوف عن نفسه ويصلي عن نفسه، ويدعو لوالديه في طوافه أو في صلاته، وهكذا لا يصوم عن أحد، إلا إذا كان عليه صيام فريضة، صام عنه وليه كأخيه أو أبيه أو نحو ذلك، فلا بأس كما قال عليه الصلاة والسلام: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» (¬2) أما أنه يتطوع عنه بالصوم أو بالصلاة فهذا لا أصل له، وهكذا الطواف ليس عليه دليل، الأفضل أن لا يطوف عن أحد، نعم، إذا حجَّ حجًّا كاملاً عن أبيه، أو أمه، أو غيرهما من أمواته وأقاربه الأموات أو العاجزين، فلا بأس بذلك، وهكذا العمرة؛ لأنه ورد في الأدلة ما يدل على ذلك، أما كونه يصلي عن فلان، أو يطوف عن فلان، أو يصوم عن فلان، تطوعًا، فهذا لا دليل عليه، ولا ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب استحباب الضحية وذبحها مباشرة بلا توكل، برقم (1967). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم، برقم (1952) ومسلم في كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت، برقم (1147).

ينبغي فعله، لكن الصدقة عن الأحياء، وعن الأموات، الصدقة نافعة طيبة نافعة، كونه يدعو لهم، يستغفر لهم، يحج عن الميت، وعن العاجز، يعتمر، كل هذا طيب، يؤدي الدين عن المدين، كل هذا نافع.

بيان شروط ذبيحة الأضحية

112 - بيان شروط ذبيحة الأضحية س: يقول السائل متى يكبر على الذبيحة التي تذبح في العيد؟ ومتى تذبح؟ هل يصح أن تصل لمدة أسٍبوع، أم تذبح مباشرة في ذلك اليوم، أم كيف ذلك. وما هي شروط الذبيحة، كون بعضها مكسورة، أو عوراء، أو كبيرة في سنها؟ أفيدونا عن هذه المواضيع، جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: السنة عند الذبح أن يقول: باسم الله، والله أكبر. سواء ضحية أو للأكل، باسم الله، والله أكبر، في جميع الأوقات، يقول الذابح عند الذبح: باسم الله والله أكبر. عندما يحرك يده للذبح، هذه السنة، أما الضحية فتذبح في أربعة أيام: يوم العيد عيد النحر، والأيام الثلاثة التي بعده الجميع أربعة على الصحيح من أقوال العلماء، كلها أيام ذبح، يوم العيد، واليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر إلى غروب الشمس، هذه الأيام الأربعة كلها أيام ذبح، وأما الضحية المجزئة فقد ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (174). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (174). ') ">

بينها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عليه الصلاة والسلام: «أربع لا تجزئ: العوراء البين عورها، والعرجاء البين ظلعها، والمريضة البين مرضها، والهزيلة التي لا تنقي» (¬1) ليس فيها مخ، هزيلة ضعيفة، هذه لا تجوز في الأضاحي، ولا في الهدايا وقت الحج، ولا في العقيقة التي تذبح عن المولود يوم السابع، كل هذه لا تجزئ فيها، يقول عليه الصلاة والسلام: «أربع لا تجزئ: العوراء البين عورها» (¬2) - أما إذا كان عورها ما هو بين، في عينها شيء لكن ليس بينًا لا يضر ولا يمنع. «والعرجاء البين ظلعها» (¬3) - أما إذا كان عرجها يسيرا يعفى عنه - «والمريضة البين مرضها» (¬4) - إذا كان مرضها يسيرًا غير بيِّن يعفى عنها - «والهزيلة التي لا تنقي» (¬5) ليس فيها نقي، هزيلة ضعيفة القوة، هزيلة من عدم المخ فيها. هذه أربع لا تجزئ في الأضاحي، ولا في الهدايا في وقت الحج، ولا في العقيقة عن المولود، ولا في النذور، من نذر أن يذبح شاة، أو بقرة، أو ما شابه ذلك، لا بد أن تكون سليمة، وهناك نوع خامس، وهو العضباء، التي ذهب أكثر قرنها، والصحيح أنها لا تجزئ؛ لأنه ثبت النهي عن الضحية ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه برقم (18510). (¬2) سنن الترمذي الْأَضَاحِيِّ (1497)، سنن النسائي الضَّحَايَا (4369)، سنن أبي داود الضَّحَايَا (2802)، سنن ابن ماجه الْأَضَاحِيِّ (3144)، مسند أحمد (4/ 284)، موطأ مالك الضَّحَايَا (1041)، سنن الدارمي الْأَضَاحِيِّ (1950). (¬3) سنن الترمذي الْأَضَاحِيِّ (1497)، سنن النسائي الضَّحَايَا (4370)، سنن أبي داود الضَّحَايَا (2802)، سنن ابن ماجه الْأَضَاحِيِّ (3144)، مسند أحمد (4/ 289)، موطأ مالك الضَّحَايَا (1041)، سنن الدارمي الْأَضَاحِيِّ (1950). (¬4) سنن الترمذي الْأَضَاحِيِّ (1497)، سنن النسائي الضَّحَايَا (4371)، سنن أبي داود الضَّحَايَا (2802)، سنن ابن ماجه الْأَضَاحِيِّ (3144)، مسند أحمد (4/ 301)، موطأ مالك الضَّحَايَا (1041)، سنن الدارمي الْأَضَاحِيِّ (1950). (¬5) سنن الترمذي الْأَضَاحِيِّ (1497)، سنن النسائي الضَّحَايَا (4369)، سنن أبي داود الضَّحَايَا (2802)، سنن ابن ماجه الْأَضَاحِيِّ (3144)، مسند أحمد (4/ 301)، موطأ مالك الضَّحَايَا (1041)، سنن الدارمي الْأَضَاحِيِّ (1949).

العضباء وهي التي ذهب أكثر قرنها، أو أذنها، أو ذهب القرن كله، أو الأذن كلها، هذه خامسة، والله ولي التوفيق. والصواب أنه متى صلى صلاة العيد، جازت التضحية، يضحون الناس إذا كان في البلد بعد صلاة العيد، وإذا كان في البوادي، أو في منى بعد ارتفاع الشمس قيد رمح، ويذبح إذا ما كان عندهم صلاة، كالبوادي وأهل منى.

بيان السنة عند ذبح الأضحية

113 - بيان السنة عند ذبح الأضحية س: يسأل المستمع ويقول: عند ذبح الأضحية سماحة الشيخ يقوم بعض الناس في القرية بالتكبير عليها، ويقولون: من الضرورة أن نوجهها إلى القبلة، أفيدونا في ذلك مأجورين (¬1). ج: السنة أن يقول: باسم الله والله أكبر. كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل عند الضحية وعند غيرها، والسنة توجيهها إلى القبلة، كل هذا سنة، الضحية وغيرها من الذبائح والهدي، وحتى الذبيحة التي ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (384).

للأكل يوجهها إلى القبلة، ويقول: باسم الله، والله أكبر. تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.

حكم الاستلاف لشراء الأضحية

114 - حكم الاستلاف لشراء الأضحية س: هل يجوز لرجل لا يملك ثمن الأضحية حاضرًا هل يجوز له الاستلاف لشراء الأضحية، ثم يقوم بتسديد هذا المبلغ لصاحبه فيما بعد؟ علمًا بأن لهذا الرجل أشجارًا تنتج فواكه يتكسب منها (¬1). ج: نعم، يستحب له أن يستقرض، وأن يستدين ويضحي إذا كان خلفه ما يوفِّي منه، عنده ما يوفي منه، الضحية سنة، ولو بالاستدانة إذا كان عنده ما يقضي ويوفي منه. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (182).

حكم الأضحية عن الأموات

115 - حكم الأضحية عن الأموات س: ما حكم الأضحية عن الأموات يا شيخ؟ ج: لا أعلم فيه حرجًا، وإذا ضحّى عن نفسه وعن أهل بيته الحي والميت، فلا بأس، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بكبشين

أحدهما عنه وعن أهل بيته، والثاني عمن وحّد الله من أمة محمد عليه الصلاة والسلام، فإذا ذبح الأب ضحية عنه، وعن أهل بيته من زوجة وأولاد، ووالدين فلا بأس في ذلك. س: يقول السائل سماحة الشيخ، كثير من الناس يهتم بالأضحية عن الميت، سواء كانت هناك وصية، أم لم تكن، فما توجيهكم لو تكرمتم؟ (¬1) (¬2) ج: النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عنه وعن أهل بيته، ولم يفرق بين الحي والميت، فدل ذلك على أنه إذا ضحى تكون الضحية عنه وعن أهل بيته، يدخل فيه أبوه الميت أو أمه أو زوجته أو أولاده، يدخلون في ذلك؛ لأنه ذبحها عنه وعن أهل بيته، وجاء في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سُئل، سأله أبو بردة بن نيار، وقال: إني ذبحت عن ولدي. فأقره النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يسأله: هل ولده حي أو ميت؟ فدل ذلك على أنه إذا ذبح عن بعض أمواته، وضحى عن بعض أمواته، فذلك لا بأس به، بل هو أمر مشروع؛ لما فيه من الصدقة والإحسان والتقرب إلى الله بالنحر والإحسان للميت بالصدقة، والإحسان للناس باللحوم، مثل الفقراء ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (93). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (93). ') ">

والمحاويج، والهدية إلى أصدقائه، وجيرانه، لكنها عن الحي آكد، والسنة أن لا يدع الضحية عنهم، إن ضحى عن أهل بيته، فهو أفضل، وإن ضحى عن أمواته فحسن، ولا بأس، كله طيب، أما من أنكر الضحية عن الميت فلا وجه لذلك، هذا الإنكار الذي يفعله بعض الناس عن الميت لا وجه له، إذا ضحى عن الميت، فهي قربة وطاعة وخير عظيم. س: السائل ع. أ. أيقول: سماحة الشيخ، ما حكم الأضحية عن الميت، حيث إن البعض من الناس يقولون بأن الأضحية عن الميت بدعة، وهي للأحياء، فما صحة ذلك؟ ج: الضحية سنة عن الحي والميت، والذي يقول: إنها بدعة، قد غلط، والصواب أنها سنة عن الحي والمي، قد ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أحدهما عن محمد وآله، وفيهم الميت كبناته، وضحى بكبش ثان عمن وحد الله من أمة محمد، وفيهم الحي والميت، فالضحية عن الميت قربة وطاعة كالحي، فإذا ضحى عن أبيه الميت أو عن أمه الميتة، أو عن أخيه أو زوجته كله قربة، وكله طاعة.

حكم الأضحية عن الحي والميت

116 - حكم الأضحية عن الحي والميت س: سائل يقول: هل الأضحية أفضل للحي أم للميت، وهل يشتركون سواء؟ (¬1) (¬2) ج: الأضحية سنة عن الحي والميت، عنه وعن أهل بيته الأحياء والأموات، كان النبي يضحي عن أهل بيته أحيائهم وأمواتهم، كان يضحي بكبشين أحدهما عن محمد وآل محمد، والثاني عمن وحد الله من أمة محمد عليه الصلاة والسلام، فإذا ضحى الإنسان عنه وعن أهل بيته ووالديه وزوجاته وأولاده كفى واحدة، وإن ضحى بأكثر فلا بأس. س: نحن عائلة ولم يقسم بيننا الوالد، ونعيش في بيت واحد، واثنان منا يأخذان مرتبًا، ولكننا في عيد الأضحى لا نضحي إلا بأضحية واحدة، فهل تجزئ عنا جميعًا؟ (¬3) ج: نعم إذا كنتم في بيت واحد مشتركين في السكن أكلكم واحد وطعامكم، يكفيكم الضحية الواحدة، أما إذا كان البيت شققًا مختلفة كل أناس بشقة مستقلين بأنفسهم فالسنة لكل أهل شقة أو لكل دور من ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (432). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (432). ') "> (¬3) السؤال الثالث من الشريط رقم (149). ') ">

الأدوار أن يضحوا عن أنفسهم، هذا هو السنة، أما إذا كنتم مجتمعين حالكم واحدة وطعامكم واحد، مشتركين في البيت سواء كان دورًا أو أدوارًا فالضحية الواحدة تكفي، وإن ضحيتم بأكثر فلا حرج في ذلك. س: ما حكم امتشاط المرأة في العشر الأول من شهر ذي الحجة؟ ج: إذا كانت تضحي فلا بأس بامتشاطها، ولكن لا تقطع الشعر، تمتشط، تنقض رأسها، مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة: «انقضي رأسك وامتشطي» (¬1) لا بأس، لكن لا تقطع الشعر، لا تتعمد قطع الشعر، أما إذا نقضته وسقط بعض الشعر بسبب النقض فهذا لا يضر؛ لأنه من الشعر الميت، أو في حكم الميت لا يضر سقوطه، الممنوع أن تتعمد قطع الشعر والظفر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره» (¬2) واللفظ الأخر: «فلا يمس من شعره وبشره شيئًا» (¬3) يعني جلده. فإذا كان ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحج، باب كيف تهل الحائض والنفساء، برقم (1556). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئًا برقم (1977). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية، برقم (1977).

يضحي بعد دخول الشهر رجل أو امرأة، فلا يأخذ من شعره، ولا من ظفره، ولا من جلدته شيئًا، ولا يُسمَّى محرمًا، لكن ممنوع من هذا، وله أن يتطيب، وله أن يأتي زوجته إذا أراد الضحية عن نفسه، أو عن نفسه وعن أهل بيته، وهكذا المرأة إذا أرادت أن تضحي عن نفسها، أو عنها وعن أهل بيتها أو والديها لا تأخذ شيئًا من الشعر ولا من الظفر ولا من البشرة حتى تضحي، أما كونها تغسل رأسها، تنقض رأسها، تمشطه فلا حرج في ذلك، ولو سقط بعض الشعر لا يضر ذلك، وهنا مسألة قد تشكل على بعض الناس، وهي إذا أراد الرجل أن يضحي هل يلزم زوجته وبناته الكف، ويكن في حكم المضحيات؟ بعض الفقهاء قال: إنهن في حكم المضحيات. والصواب أنهن لا يلحقن بذلك، إنما الحكم مناط بصاحب البيت الذي يسوق المال، الذي يشتري الضحية، هو الذي لا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئًا، أما أهل بيته من زوجة وبنت وولد فلا يلحقهم ذلك، ولا يمنعون من أخذ الشعر والظفر؛ لأنهم غير مضحين، بل مضحًّى عنهم، فلا يعمهم الحديث: «من أراد أن يضحي» (¬1) بعض الناس الذي لا يعرف الحديث يقول: أو يضحى عنه، يحسبه في ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئًا برقم (1977).

الحديث، وليس هذا في الحديث، إنما هذا من كلام بعض الفقهاء، أو يُضحى عنه، أمّا الحديث فليس فيه إلا قوله: «وأراد أن يضحي» (¬1) والحديث صحيح رواه مسلم من حديث أم سلمة رضي الله عنها. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئًا برقم (1977).

حكم أخذ الوكيل عن المضحي من شعره وتقليم أظفاره

117 - حكم أخذ الوكيل عن المضحي من شعره وتقليم أظفاره س: إني أريد أن أضحي لوالدتي من حلالها هي؛ لأنها موصية بذلك، فهل يجوز لي أن أُمشط شعري وأُحني يديّ بعد دخول العشر؛ لأنني أنا الذي سأمسح على الأضحية وأُسميها؟ أرجو الرد عليّ وجزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الأضاحي الذي يتولاها الوكيل سواء كان رجلاً أو امرأة ليس هو مضحيًا، فلا حرج عليه أن يأخذ من شعر شاربه ومن شعر إبطيه، ويقلم أظفاره، لا بأس، وهكذا المرأة لها أن تكد شعرها، ولها أن تقلم أظفارها؛ لأنها غير مضحية، إنما كل منهما وكيل، فالوكيل على السبائل وكيل الضحايا الذي يضحي عن أمه أو عن أبيه أو عن أقاربه ليس عليه شيء من ذلك، وهكذا المرأة، إنما الذي لا يأخذ هو الذي يضحي من ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (82).

ماله، يتبرع من ماله عن نفسه، أو عن أهل بيته، أو عن أبيه وأمه، من ماله يتقرب إلى الله بذلك، هذا هو الذي إذا دخلت العشر من ذي الحجة لا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره شيئًا سواء كان رجلاً أو امرأة، إذا تبرع من ماله، أخذ من ماله ضحية عنه، أو عن أبيه، أو عن أمه، أو عنه وعن بيته، هذا هو السنة، فلا يأخذ شيئًا من شعره ولا من أظفاره ولا من بشرته - يعني جلده - لا يأخذ شيئًا حتى يضحي بعد دخول الشهر شهر ذي الحجة، وإذا كان الرجل هو الذي يضحي عن بيته كما هو المشروع فإن أهله لا يلزمهم الحكم، فإذا أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره شيئًا، أما زوجته وأولاده وبناته فلا بأس أن يأخذوا لأنه يضحي هو، وأما قول بعض الفقهاء: يحرم على من يضحي أو يُضحى عنه، فقولهم: أو يُضحى عنه، ليس عليه دليل، وإنما التحريم يختص بمن يضحي؛ يعني بالذي يشتري الضحية من ماله، أما الوكيل فلا، وأما زوجة المضحي فلا، وهكذا أولاده المُضحى عنهم لا حرج عليهم أن يأخذوا من الشعر أو من الظفر.

حكم ذبح عدد من الأضاحي عن الشخص الواحد

118 - حكم ذبح عدد من الأضاحي عن الشخص الواحد س: هل حدد الإسلام عدد الأضاحي التي يضحي بها المسلم يوم

عيد الأضحى، وكم عددها إن وجد عدد؟ (¬1) ج: ما فيه تحديد، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بثنتين عليه الصلاة والسلام: أحداهما عنه وعن أهل بيته، والثانية عمن لم يضح من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. فإذا ضحى الإنسان بواحدة أو اثنتين أو بأكثر فلا بأس، قال أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه: كنا نضحي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بالشاة الواحدة فنأكل ونطعم، ثم تباهى الناس بعد ذلك (¬2) فالحاصل أن الواحدة تكفي إذا ضحى عن أهل بيته بواحدة عنه وعن أهل بيته حصلت السنة بهذا، وإن ضحى بأكثر ثنتين وثلاثًا وأربعًا، أو بناقة أو بقرة فلا بأس، يأكل ويطعم ويتصدق، كل هذا طيب إذا كان للحم يؤكل، أما أنه يذبح ويطرح في الطرقات لا، هذا ما يجوز، هذا إضاعة مال، لكن إذا كان يذبح شيئًا يؤكل ويقسم على الفقراء أو الأقارب هذا طيب، قل أو كثر، ولكن أقل شيء واحدة تذبح عن الرجل وأهل بيته ولو كانوا كثيرين، عنه وعن زوجته وعن أولاده وعن والديه، وعن مثل ذلك ممن هم معه في البيت. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (30). (¬2) أخرجه الإمام مالك في الموطأ، كتاب الضحايا، باب الشركة في الضحايا وعن كم تذبح البقرة والبدنة، برقم (1050).

حكم إجزاء الهدي في الحج عن الأضحية

119 - حكم إجزاء الهدي في الحج عن الأضحية س: هل الذي يذبحه الحاج في مكة يوم النحر يجزئه عن الضحية التي يقوم المسلمون بذبحها يوم العيد بقصد أنها أضحية أم أن من أراد الحج، يجب عليه أن يضحي في بلده ثم يحج في عام آخر؟ (¬1) (¬2) ج: الضحية شيء والهدي شيء، فإذا أهدى حاج التمتع هذا يذبح في منى أو في مكة أيام الحج أيام النحر؛ لأن الرجل أو المرأة إذا أحرم بالعمرة في أشهر الحج، ثم حج متمتعًا، أو حج بقران، ولبى بهما جميعًا هذا عليه هدي، عليه ذبيحة من الغنم، أو سبع من البدنة، أو سبع من البقرة؛ لأن الله سبحانه قال: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} والمستيسر إما شاة ثني المعز، أو جذع الضأن، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة، فمن عجز صام عشرة أيام: ثلاثة أيام في الحج قبل يوم عرفة أفضل، وسبعة إذا رجع إلى أهله. هذه غير مسألة الضحية، الضحية يذبحها الناس في بلدانهم وقراهم وفي البوادي، سنة أيام عيد النحر، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (31). (¬2) السؤال من الشريط رقم (31). ') ">

فيضحي بشاة عنه وعن أهل بيته، أو يضحي بسبع بدنة، أو سبع بقرة، هذا سنة عن الرجل وأهل بيته، عن الرجل وزوجته وأولاده سنة، ولو كان حاجًّا إذا وكل على بيته من يذبحونها عنه أو ذبحها في منى أو في مكة مع الهدي، كل هذا لا بأس به، الهدي شيء واجب، والضحية سُنة ليست واجبة، سنة مؤكدة مع القدرة وليست واجبة، فالذي يحج لا حرج عليه إذا اكتفى بالهدي والتمتع لا بأس، وإن ضحى مع ذلك في بلاده وكل عليها صديقه أو غيره فلا بأس، ولو ضحى في منى أو مكة لا بأس. س: رسالة بعثت بها أم عبد الرحمن، تقول: نرجو الإجابة على هذا السؤال: إذا حج الرجل وزوجته ووالدته هل يجب أن يضحي عن كل واحد بأضحية مفردة أم يكفي أضحية واحدة عنهم جميعًا هذا بالنسبة للحاج الذي نوى نسك الإفراد؟ (¬1) ج: السنة أضحية واحدة عنهم جميعًا في البلد أو في أي مكان، لو كان في البيت في البلد عشرون أو أكثر، الزوجة والأولاد وغيرهم الضحية تكفي عن الرجل وأهل بيته، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بشاة واحدة عنه وعن أهل بيته، وأهل بيته تسع نساء غير ما يتعلق بالخدام ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (374). ') ">

والذرية، المقصود أن السنة عن البيت ضحية واحدة، وإن ضحوا بأكثر فلا بأس، لكن السنة عنهم ضحية واحدة، هذا هو السنة، سبع بدنة، أو سبع بقرة، أو شاة، والشاة أفضل، أما الفدي الذي يسمونه المفدى هو فدي التمتع والقران، هذا عن كل واحد فدي إذا كان متمتعًا بالعمرة إلى الحج، أو قارنًا بين الحج والعمرة، هذا كل واحد يذبح شاة واحدة، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة فدية للتمتع، ويسمى هدي التمتع، أو هدي القران، هذا لا يسمى ضحية، هذا يسمى هديًا، هدي التمتع، فإذا كان الإنسان وزوجته وأمه قد أحرموا بالعمرة مع الحج، أو تمتعوا بالعمرة ثم أحرموا بالحج كل واحد يُهدي ذبيحة، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة. س: تقول السائلة: ماذا عن نسكي القران والتمتع هل يضحى فيهما؟ (¬1) ج: التمتع والقران فيهما الفدية، ما يسمى ضحية، يسمى هديًا، يسمى فديًا، يسمونه العامة فديًا، وهي الفدية، وسماه الله هدي تمتع، وقال تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} فعلى من أحرم ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (374). ') ">

بالعمرة في أشهر الحج، ثم حج، أو أحرم بهما جميعًا بالحج والعمرة جميعًا، وكمل، هذا يهدي، يذبح فيهما يوم العيد، أو في أيام التشريق ذبيحة عنه، أو سبع بدنة، أو سبع بقرة، وإن كانت معه زوجته ذبيحتان، وإن كان معه أبوه ثلاث: عن أبيه واحدة، وعن زوجته واحدة، وعنه واحدة، وهكذا إن كان معهم أولاد، قد أحرموا معهم عن كل واحد ذبيحة إذا كانوا متمتعين أو قارنين. س: تقول هذه السائلة: هل صحيح بأن جدتي أم والدتي يكون زوجي لها محرمًا تسافر معه؟ وكذلك جدتي والدة أبي؟ (¬1) ج: نعم، أمك وجداتك كلهم محارم لزوجك؛ لأن الله قال في المحرمات: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} والجدة أم، فأمهات النساء، أم المرأة وجداتها من جهة أبيها وأمها كلهم محارم للزوج، وهكذا بناتها من زوج سابق محارم لزوجها الحالي إذا كان قد دخل بها - أي جامعها - فإن جميع بناتها من أزواجها السابقين محارم لزوجها الجديد إذا دخل بها، إذا كان قد وطئها؛ لقوله جل وعلا: ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (374). ') ">

{وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} يعني وطئتموهن، وهو، الجماع، في حجوركم وصف أغلبي، وليس بشرط، ولو كانت ليست في حجره. س: يقول السائل أنا شاب متزوج، وأستلم بفضل الله عز وجل مرتبًا شهريًّا، وأسكن مع عمِّي، فهل تجب عليِّ الأضحية علمًا بأنّ عمي يضحِّي وأبي أيضًا يضحي؟ ج: إذا كُنْتَ مع عمك وأبيك في البيت وحالكم واحدة فالضحية كافية من أبيك أو عمك عن الجميع، أما إذا كان كل واحد منكم مستقلاًّ، أنت مستقل بنفقتك، وعمك مستقل، وأبوك مستقل، كل واحد يضحي، السنة كل واحد يضحي، وهي سنة ليست واجبة، مستحبة، أما إذا كانت حالكم واحدة فإن واحدًا منكم يكفي، إذا ضحيت، أو ضحى أبوك، أو عمك عن الجميع صحّ ذلك وكفى؛ لأنكم أهل بيت واحد، والنبي صلى الله عليه وسلم ضحى بشاة واحدة عن أهله، عن نفسه وأهل بيته، كان يضحي بكبشين أحدهما عن نفسه وأهل بيته، وهم كثير،

تسع زوجات ومن يتبعهم، والثاني كان يضحي به عمن وحد الله من أمته عليه الصلاة والسلام، وقال أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه: كان الرجل منا يضحي بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته (¬1) يعني في عهد النب صلى الله عليه وسلم. فهذا يدل على أن الإنسان إذا ضحى بشاة واحدة عنه وعن أبيه وأمه وزوجاته وأولاده كفى، وهكذا الإنسان لو كان كبير القوم عمهم أو خالهم وهم تابعون له وضحى بشاة واحدة كفى عن الجميع، المقصود أن صاحب البيت المسؤول إذا ضحى بشاة واحدة عن الجميع كفى. ¬

(¬1) أخرجه الإمام مالك في الموطأ، كتاب الضحايا، باب الشركة في الضحايا وعن كم تذبح البقرة والبدنة، برقم (1050).

حكم الالتزام بأضحية عن الميت في أول عيد الأضحى بعد وفاته

120 - حكم الالتزام بأضحية عن الميت في أول عيد الأضحى بعد وفاته س: هل يجوز أن تخصص الأضحية للميت فقط بعد وفاته، حيث إن بعضًا من العوام أصبح لزامًا عليه إذا توفي والده أو والدته أو أخوه نحر له ناقة في أول عيد للأضاحي بعد وفاته، فهل يجوز ذلك؟ وما هو الجائز في الأَضحية، وما هي الأضحية، وهل هي من الإبل أم من البقر أم من الغنم، وأيها أفضل؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (301).

ج: الضحية سنة عن الحي والميت، فالنبي عليه الصلاة والسلام يضحي بشاة واحدة عنه وعن أهل بيته أحيائهم وأمواتهم، وإن ضحى بناقة، ببعير، ببقرة فلا بأس، أما اعتقاد أنه يُضحَّى عنه بجمل أو ببقرة أو بدنة فهذا لا أصل له، السنة أن يُضَحِّي بما تيسر سواء كان ببقرة أو بناقة، أو بخروف من الغنم فالحمد لله، وإن جمع أهل بيته في واحدة كفى، لو ذبح شاة واحدة عنه وعن أهل بيته من زوجاته وأولاده أحيائهم وأمواتهم فلا بأس، وإن جمعهم في بقرة أو في ناقة فلا بأس، الأمر واسع والحمد لله.

حكم الأضحية كل عام

121 - حكم الأضحية كل عام س: هل الأضحية في كل عام أم مرة في العمر؟ (¬1) ج: السنة أن الضحية في كل عام، كان النبي يضحي كل عام عليه الصلاة والسلام عنه وعن أهل بيته شاة واحدة، اللهم صلِّ عليه وسلم، ويضحي عن أمة محمد شاة ثانية، كان يضحي بشاتين، بكبشين: أحدهما عنه وعن أهل بيته، والثاني عمن وحَّد الله من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (301).

حكم إجزاء سبع البقرة عن المضحي وعن أهل بيته

122 - حكم إجزاء سبع البقرة عن المضحي وعن أهل بيته س: نحن في منطقة الجنوب بعضنا يضحي ببقر - أي كل سبعة

أشخاص يشترون بقرة ويضحون بها؛ أي كل واحد منهم يأخذ سبع هذه البقرة عنه وعن أهل بيته - منذ قديم الزمان، وفي هذا العام قال بعض القضاة: إن البقرة لا يجوز أن يضحى بها؛ لأنها لا تضحى إلا عن سبعة أشخاص دون عوائلهم، فأرجو إرشادنا في هذا الأمر، هل سبع من البقرة يضحى عن الرجل وأهل بيته أم وحده دون أهله؟ (¬1) ج: قد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام الأمر بالاشتراك بالبقرة، والبقرة عن سبعة، فإذا أجزأت عن سبعة من الناس في الضحايا أو الهدايا فهكذا يجوز للرجل أن يجعل السبع الذي يذبحه عن نفسه يكون عنه وعن بيته؛ لأن الرجل وأهل بيته كالشيء الواحد، فلا أرى بأسًا في ذلك حتى يكون السبع عنه وعن أهل بيته، ولا حرج في ذلك، بعض إخوتنا من أهل العلم قد توقف في ذلك، وظن أن هذا فيه تشريك لأكثر من واحد، وهذا ليس بجيد؛ لأن الرجل وأهل بيته شيء واحد، ولهذا ذبح الرسول صلى الله عليه وسلم الشاة عنه وعن أهل بيته، والبدنة عن سبع شياه، والبقرة عن سبع شياه، فكل جزء منها من السبعة يقوم مقام ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (31).

الشاة، والشاة تذبح عنه وعن أهل بيته، هكذا سبعها، والبدنة والبقرة يضحي بها الرجل عنه وعن أهل بيته، فلا حرج في ذلك إن شاء الله.

حكم الحناء والتطيب في عشر ذي الحجة لمن أرادت الأضحية

123 - حكم الحناء والتطيب في عشر ذي الحجة لمن أرادت الأضحية س: إن أمهاتنا وأجدادنا الأوائل يقولون: لا تقربوا الحنّاء إلا بعد ذبح الضحية، فهل هو صحيح أم أنه خرافات؟ (¬1) ج: هذا لا أصل له، من أرادت أن تضحي لا بأس أنها تتحنى، ولا بأس أنها تتطيب، ولا بأس أنها تتروش متى شاءت، ليس بحرام، لكن لا تأخذ شعرًا ولا ظفرًا إذا دخل شهر الحجة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره» (¬2) فالذي يضحي عنه وعن أهل بيته، وعن أبيه وعن أمه تبرعًا منه هذا إذا دخل شهر ذي الحجة فإنه لا يأخذ من شعره ولا من أظفاره ولا من بشرته شيئًا، لا شعرًا ولا ظفرًا، ولا يقطع جلدة من بدنه حتى يضحي في يوم النحر أو بعده، هذا هو المشروع، لكن لا بأس للمرأة أن تنقض شعرها وتغسله، لا بأس أن تتحنى، لكن لا تكده ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (31). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الأضاحي، باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئًا برقم (1977).

بالمشط حتى ينقطع الشعر حتى تضحي، ولكن غسله وفركه ونقضه كل هذا لا بأس به، إنما الممنوع قطعه بالمكد أو غيره.

حكم إرسال ثمن الأضحية لذبحها خارج بلد المضحي

124 - حكم إرسال ثمن الأضحية لذبحها خارج بلد المضحي س: مسلم مقيم في بلد غير إسلامي، وإن ذبح الأضحية قد لا يجد محتاجًا يطعمه منها، فهو يرى أن يرسل ثمنها لفقراء المسلمين أو لتذبح بأرضهم، فما الحكم؟ (¬1) (¬2) ج: لا مانع في ذلك إن أرسلها تذبح هناك، هذا حسن بواسطة الثقات، وإن أرسل قيمتها فلا بأس، لكن كونه يذبحها عنده إذا تيسر من يأكلها من أصحابه وإخوانه أفضل، يقيم السنة في محله عند الجاليات الإسلامية، ويهدي لإخوانه الطلبة والمسلمين، ويهدي منها إلى الكفار، ما فيه بأس إذا كانوا غير محاربين للإسلام؛ لأنها صدقة تطوع، وإن أرسلها إلى الفقراء في أفريقيا، للمجاهدين إن وجدوا، أو أرسل قيمتها، لا بأس بذلك. ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (244). (¬2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (244). ') ">

س: هل يجزئ أن ندفع مبلغًا من المال لشراء أضحية وذبح ذلك في الخارج للفقراء والمساكين؟ ج: لا حرج سواء يذبحها لأهل بيته أو في الخارج، لكن لأهل بيته أفضل، إذا ضحى في بيته وأكل منها ووسع على من حوله كان أفضل تأسيًا بالنبي صلى الله عليه وسلم، كونه يذبح الضحية في بيته ويأكل ويطعم، وإذا أحب أن يذبح ضحايا أخرى في محل فقراء في بلد أخرى فله أجر ذلك، هذا من الصدقات.

باب العقيقة

بيان شروط العقيقة

125 - بيان شروط العقيقة س: هل ما ينطبق على الأضحية من شروط ينطبق على العقيقة؟ (¬1) ج: نعم، كما أنه لا يضحي الضحية بالعرجاء أو المريضة والهزيلة والعوراء كذلك في العقيقة لا يعق بالعرجاء والهزيلة، ولا بالمريضة، ولا بالعوراء، والعمياء، لا يجوز لا بد أن تكون سليمة كالأضحية سواء. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (375).

حكم العقيقة

126 - حكم العقيقة س: الأخ م. ي. إ. ب، من غينيا، يسأل ويقول: ما حكم العقيقة؟ (¬1) ج: العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود في اليوم السابع من ولادته، يقال لها: عقيقة. ويقال لها: نسيكة. ويسميها بعض الناس تميمة، وهي عن الذكر ثنتان، وعن الأنثى واحدة من الغنم، تجزئه في ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (258).

الأضحية، جذع ضأن أو ثني معز كما جاء في الضحية، هذه يقال لها: العقيقة، وهي سنة مؤكدة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر أن يعق عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة، وقال: «كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق ويسمى» (¬1) فالسنة لأبي الطفل أن يذبح عن ولده الصغير ثنتين إذا كان ذكرًا، وعن الجارية واحدة في اليوم السابع، فإن لم يتيسر ذبحها بعد ذلك في الرابع عشر، في الحادي والعشرين، كما روي عن عائشة رضي الله عنها، أو في غير ذلك، ليس له حدّ محدود، السابع إن تيسر اليوم السابع فهو أفضل، ويحلق رأس الطفل الذكر ويسمى، وإن سُمي عند ولادته فلا بأس، فقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم بعض أولاد الأنصار يوم الولادة، وسمى ابنه إبراهيم يوم الولادة، وإن سمى يوم السابع فذلك كله سنة، أما العقيقة والحلق فيكون يوم السابع، حلق رأس الذكر، أما الأنثى فلا، وإذا ذبحها بعد ذلك بشهر أو شهرين أو سنة أو أكثر كل هذا لا بأس به، والسنة أن يأكل منها ويطعم، يتصدق منها، وإن جمع عليها جيرانه وأقاربه أو ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه برقم (19626).

تصدق بها كلها فلا بأس، كله طيب، ليس فيها حدّ محدود بحمد الله، الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بها ولم يقل: افعلوا بها كذا وكذا. فدلّ على التوسعة، إن أكل منها، أو ادخر منها أو أعطى منها جيرانه، أو تصدق بها كلها، لكن الأفضل أن يتصدق منها بعض الشيء، وإن وزعها كلها أو جمع الجيران والأقارب عليها والأصدقاء كله طيب.

بيان كيفية العقيقة عن الذكر والأنثى

127 - بيان كيفية العقيقة عن الذكر والأنثى س: الأخ م. أ، من الرياض، يسأل عن العقيقة وعن أحكامها، وعن مشروعيتها، وعمن جاء له خمسة من الولد ولم يعق عنهم أي شيء، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن الطفل، وهي في حق الوالد، حق والد الطفل، سنة مؤكدة غير واجبة، بل سنة مؤكدة عن الطفل، للذكر اثنتان، وعن الأنثى واحدة من الغنم، مثل الضحية، جذع ضأن أو ثني معز، والسنة أن تكون الشاتان متكافئتين متقاربتين في السن والصفة، وأن تكون في سن الضحية، جذع ضأن أو ثني معز، والسنة أن تذبح يوم السابع، هذا هو الأفضل، وإن تأخرت فلا حرج، لكن الأفضل ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (243).

يوم السابع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق ويُسمى» (¬1) فالسنة أن تذبح عنه يوم السابع، وأن يحلق رأسه عن الذكر، وأن يُسمى، هذا هو السنة. والسنة فيها أن يأكل ما شاء منها، ويطعم ما شاء، أو يوزعها كلها على الفقراء والمساكين والأقارب والجيران، أو يوزع بعضًا، الأمر فيها واسع بحمد الله، إن ذبحها وقسمها على الجيران والأقارب والفقراء فلا بأس، وإن دعا الجيران والأقارب وبعض الفقراء فلا بأس، وإن وزع بعضًا وطبخ بعضًا ودعا إليه من شاء من إخوانه فلا بأس، الأمر فيها واسع والحمد لله. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه برقم (19626).

بيان كيفية توزيع العقيقة بعد ذبحها

128 - بيان كيفية توزيع العقيقة بعد ذبحها س: تقول هذه السائلة: هل العقيقة سنة أو واجبة، وهل الأفضل توزيعها على الأقارب والجيران والفقراء أم الأفضل أن أدعو الأصدقاء في البيت أو الأفضل أن أقوم بتقسيمها أثلاثًا كما في الأَضحية؟ (¬1) ج: العقيقة سنة، للذكر ثنتان، وعن الجارية واحدة، هذه السنة، تذبح ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (425).

يوم السابع، وليس في توزيعها نص واضح، فإذا وزّع منها على الجيران والأقارب وأكل بعضها، أو دعا الجيران عليها أو بعض الجيران، وأعطى بعض الفقراء كله طيب، والأمر واسع، وبعض أهل العلم جعلها كالأضحية، يأكل ثلثًا ويتصدق بثلث، ويهدي ثلثًا، لكن ليس عليه دليل، فالأولى بهذا أنه يأكل منها ويتصدق ويهدي، وليس في هذا حد محدود، والحمد لله.

بيان كيفية حساب أيام المولود بعد الولادة لتسميته

129 - بيان كيفية حساب أيام المولود بعد الولادة لتسميته س: متى يبدأ حساب اليوم السابع، هل يحسب اليوم إذا كانت الولادة قبل الفجر أو بعد الفجر؟ (¬1) ج: يحسب اليوم الذي وقعت فيه الولادة إذا ولد صباحًا، يوم الاثنين قبل العصر أو قبل الظهر، يحسب هذا أول يوم وإذا وقعت في الليل من ليلة الاثنين يحسب يومها الذي بعدها، فإذا جاء السابع سُمي فيه وذبحت العقيقة، المقصود يحسب اليوم الأول الذي ولد فيه ولو بعد العصر. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (425).

بيان أحكام العقيقة

130 - بيان أحكام العقيقة س: يقول السائل حدثونا عن العقيقة وأحكامها، وما حكم تأخيرها؟ ومن الذي يجوز له الأكل منها ومن الذي لا يجوز؟ (¬1) ج: العقيقة هي الذّبيحة التي تذبح للمولود، عن الذكر ثنتان، وعن الأنثى واحدة، وهي سنة مؤكدة أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم، والأفضل أن تذبح يوم السابع، هذا هو الأفضل، وروي عن عائشة رضي الله عنها ذبحها في أربعة عشر، وإحدى وعشرين، ولكن الأفضل يوم السابع، هذا هو الأفضل، فإن لم يتيسر ذلك وذبح في الرابع عشر أو في الحادي والعشرين كما قالت عائشة فحسن، وإنْ ذبحها في غيرهما فلا بأس، ليس لها حدّ محدود بعد السابع، بل السنة أنه يذبحها، ولو تأخرت يذبحها الوالد أبو الطفل، السنة في حق الوالد أن يذبحها ولو بعد الأسبوع، لكن السنة أنه يتحرى يوم السابع، هذا هو الأفضل وحكمها أنها سنة ليست واجبة، يأكل منها ويطعم أقاربه أو جيرانه، أو يوزعها على الفقراء، أو يأكل بعضها ويوزع بعضها، أو يصنع وليمة ويدعو إليها، كل ذلك حسن، والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (218).

بيان الأحق بتسمية المولود

131 - بيان الأحق بتسمية المولود س: الأخت ع. ح. ق من المنطقة الشرقية الدمام، تسأل عن الوقت المناسب لتسمية المولود، ومن هو الأحق بتسميته؟ (¬1) ج: الأحق بالتسمية هو الأب، هو والد الطفل إذا كان موجودًا، فإذا كان غير موجود فالأكبر من أولياء الطفل، ويستحب التعاون في ذلك والتشاور بين الوالد والوالدة حتى يختار الجميع الاسم الحسن، وأفضل الأسماء ما عُبد لله سبحانه وتعالى في حق الرجال كعبد الله، وعبد الرحمن، وعبد الملك، وعبد الكريم، ونحو ذلك، وفي حق النساء ما كان متعارفًا بين نساء الصحابة، ومن بعدهم من المؤمنات، الأسماء المعروفة التي ليس فيها بشاعة، ولا ما يدل على اختيار أسماء جاهلية من أسماء الكفرة والكافرات، يختار المؤمن الأسماء المعروفة بين المسلمين، هذا هو الأفضل، أما ما عُبد لغير الله فلا يجوز كعبد الحسين، أو عبد النبي، أو عبد الكعبة، هذا لا يجوز، والأفضل أن تكون التسمية يوم السابع للرجل والمرأة جميعًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق ويسمى» (¬2) رواه ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (141). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه برقم (19626).

الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح. فالأفضل التسمية يوم السابع، وإن سمي يوم الولادة فلا بأس، فقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم ولده إبراهيم يوم ولادته، وسمى أولاد بعض الصحابة في اليوم الأول، فلا بأس، سنة أيضًا، وفي اليوم السابع سنة، هذا هو الأفضل في الزمان وفي الاسم، يختار الأسماء الطيبة التي قد اعتادها المسلمون من عهد الصحابة إلى يومنا هذا، وفي أسماء الرجال الأفضل فيها ما كان معبدًا لله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن» (¬1) ما عُبد لله كان أفضل، وهكذا الأسماء المعتادة، مثل محمد وصالح وسعد وسعيد، وما أشبه ذلك، كلها أسماء صالحة، لكن أفضلها ما عبد لله سبحانه وتعالى، وأفضل الأيام اليوم السابع، وهكذا اليوم الأول. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الآداب، باب النهي عن التكني بأبي القاسم وبيان ما يستحب، برقم (2132).

حكم قضاء العقيقة لمن له أولاد ولم يعق عنهم

132 - حكم قضاء العقيقة لمن له أولاد ولم يعق عنهم س: الأخ م. ن يسأل ويقول: هل العقيقة واجبة أم لا؟ حيث إن لي أربعة أطفال بنتين وولدين، ولم أعق عن أحد منهم عقيقته، فهل هي واجبة فأقضيها الآن أم كيف توجهونني؟

جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: العقيقة سنة مؤكدة، أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم وفعلها، فالسنة للمؤمن أن يعقّ عن أولاده عن الذكر ثنتان، وعن الأنثى واحدة من الغنم، هذه السنة، والعقيقة مثل الضحية، جذع ضأن، أو ثني معز، وليست بواجبة ولكنها سنة مؤكدة، فيشرع لك أيها السائل أن تعقّ عن أولادك الأربعة. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (231).

حكم العقيقة بسبع من البدنة والبقرة

133 - حكم العقيقة بسبع من البدنة والبقرة س: السائل أبو أحمد يقول: هل يجوز أن أذبح شاة واحدة أو جديًا واحدًا في حالة المولود ولد؟ وهل يكفي ذلك، وهل يجوز أن نشترك سبعة في بقرة في عقيقة واحدة حيث إن والدي لم يفعل لنا عقيقة؟ (¬1) (¬2) ج: السنة في العقيقة ذبيحتان عن الذكر، وذبيحة واحدة عن الأنثى، هكذا أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يُعَقّ عن الولد شاتان، وأن يُعَقّ عن الجارية شاة، والمراد بذلك شاتان تجزئان في الضحية، يعني ثني ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (426). (¬2) السؤال من الشريط رقم (426). ') ">

ماعز، أو جذع ضأن، هذا هو السنة من الغنم، أما إذا عقّ بسُبع من البدنة والبقرة فأرجو أن يجزئ، لكن الأفضل الغنم. س: يقول السائل بالنسبة للعقيقة أيهما أفضل أن تكون وليمة أم توزع؟ جزاكم الله خيرًا. ج: الأمر فيها واسع، العقيقة الأمر فيها واسع، لم يرد فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على هذا أو هذا، بل تذبحها، فإن شئت وزعتها على جيرانك وأقاربك والفقراء، وإن شئت وزّعت بعضها وجمعت من ترى من إخوانك وجيرانك على الباقي، وإن شئت جمعتهم على جميعها، كله خير، كله طيب، تأكل وتطعم.

حكم جمع وليمة الزواج مع وليمة العقيقة

134 - حكم جمع وليمة الزواج مع وليمة العقيقة س: بعض الناس يعملون وليمة الزواج مع وليمة العقيقة، فهل يجوز ذلك أم لكل طريقة؟ وجهونا جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: لا حرج في ذلك، لا حرج إذا جمع الوليمتين، فلا بأس. ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (295).

حكم كسر عظام العقيقة

135 - حكم كسر عظام العقيقة س: سمعت أن عظام العقيقة لا تكسر بل تنزع، ما علة ذلك وهل إذا كسر العظم عند الوليمة يؤثر ذلك على المعقّ عنه؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: هذا ورد عن عائشة رضي الله عنها أن العقيقة تُنْزَعُ جُدُولاً أعضاء لا تكسر تفاؤلاً، من باب التفاؤل، لسلامة الولد وعدم تعرضه للسوء، وليس هذا بواجب بل هو مستحب، وإن كسرها فلا حرج. ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (295).

بيان وقت العقيقة

136 - بيان وقت العقيقة س: ما حكم العقيقة، وما هو وقتها، وإذا فات وقت العقيقة فمتى يعق عن المولود، وإذا كبر المولود وشب ولم يعق عنه فهل يعق عنه وهو كبير؟ (¬1) ج: العقيقة سنة مؤكدة، وهي ذبيحتان عن الذكر، وذبيحة واحدة عن الأنثى كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يعق عن الغلام شاتان، ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (364).

وعن الجارية شاة، ووقتها يوم السابع، هذا هو الأفضل، اليوم السابع، وإن ذبحت بعد ذلك فلا حرج ولو بعد سنة، أو سنتين، وإذا لم يعق عنه أبوه وَأحبَّ أن يعق لنفسه فهذا حسن مشروع في حق الأب، لكن لو عق عن نفسه أو عقت عنه أمه أو أخوه فلا بأس، كله حسن إن شاء الله، وليس له وقت محدود، ولو بعد سنة، أو سنتين، ولو كان كبيرًا، لكن السنة أن يعق الأب عن ولده في اليوم السابع، هذا هو السنة.

بيان السنة في عقيقة الولد الذكر

137 - بيان السنة في عقيقة الولد الذكر س: هذا سائل للبرنامج، أبو يوسف يقول: سماحة الشيخ، لم أذبح شاتين عندما رزقت بمولود بل شاة واحدة، وبقيمة الشاة الثانية اشتريت دجاجًا قمت بتوزيعها على الفقراء، هل هذا جائز؟ (¬1) ج: هذا ما يكفي، السنة ثنتان في حق الرجل، يستحب لك أن تذبح شاة أخرى، الدجاج ما يكفي، ولكن يستحب لك أن تشتري شاة أخرى تذبحها ولو بعد سنة أو سنتين؛ لأن السنة في حق الولد شاتان، وفي حق الجارية واحدة. ¬

(¬1) السؤال بدون رقم الشريط.

حكم ترك العقيقة جهلا

138 - حكم ترك العقيقة جهلًًا س: السائل ح. ر. غ يقول: لي مجموعة من الأبناء والبنات، ولم أعق عنهم عقيقة واحدة عند ولادتهم جهلاً مني، والآن هل يلزمني أن أعق عن كل واحد منهم أم أعق بنية الجميع درءًا للتكلفة المالية؟ (¬1) ج: سنة عن كل واحد، إذا تيسر لك تذبح عن كل واحد الذكر ثنتان، والأنثى واحدة إذا تيسر، وإن كان فيه مشقة فالحمد لله ليست واجبة، العقيقة سنة، تذبح عن الأنثى واحدة، شاة واحدة، وعن الذكر ثنتين، وهذا هو المشروع، ولو كانوا كبارًا لو نسيت أو جهلت أو عجزت وهم صغار، والحمد لله، وإذا شق ذلك سقطت والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (416).

بيان وقت ذبح العقيقة

139 - بيان وقت ذبح العقيقة س: يقول السائل متى تذبح العقيقة سماحة الشيخ؟ (¬1) (¬2) ج: الأفضل اليوم السابع، وإن ذبح بعد ذلك فلا بأس، وقالت عائشة ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (416). (¬2) السؤال من الشريط رقم (416). ') ">

رضي الله عنها في الرابع عشر إذا فات السابع، فإن فات الرابع عشر ففي الواحد والعشرين، فإذا فعل في الرابع عشر أو في الحادي والعشرين أو في أي وقت كفى، والحمد لله. س: يقول السائل هل له أن يجمع الأقرباء والأصدقاء على العقيقة؟ (¬1) ج: أمرها واسع، إن شاء جمع عليها أقاربه وجيرانه، وإن شاء وزع عليهم، وإن شاء وزع البعض وأكل البعض، الأمر فيها واسع. س: يقول السائل ما حكم أكل العقيقة دون أن يهدي أو يتصدق بشيء منها؟ ج: ما أعلم مانعًا، لكن يتصدق منها أفضل خروجًا من الخلاف. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (416). ') ">

بيان الحكمة من مشروعية العقيقة

140 - بيان الحكمة من مشروعية العقيقة س: ما الحكمة من ذبح العقيقة يا سماحة الشيخ؟ (¬1) (¬2) ج: الشكر لله جل وعلا على نعمة الولد. س: يسأل السائل من الأردن ويقول: أنا رجل لم أعقّ عن أولادي ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (416). (¬2) السؤال من الشريط رقم (416). ') ">

لعدم الإمكانية، والآن والحمد لله تيسر ذلك من مال وغيره، فهل يجب علي أن أعق عن أولادي جميعًا؟ وإن فعلت ذلك هل تعد عقيقة؟ ج: السنة العق عنهم ولو كبروا، إذا كنت وقت الصغر لم يكن عندك قدرة، فالسنة أن تعق عنهم، ولو بعد كبرهم؛ لأنها سنة ثابتة مستقرة، فإذا عققت عنهم بعد كبرهم، لما يسر الله عليك فهذا هو السنة، عن الذكر شاتان، وعن الأنثى واحدة، هذا هو السنة، تذبح وتأكل منها وتطعم وتتصدق، أو تجمع عليها أقاربك أو جيرانك، كل ذلك حسن، إذا يسر الله أمرك تعق عنهم ولو بعد كبرهم، وليست واجبة، ولكنه سنة.

حكم ترك العقيقة بسبب الفقر

141 - حكم ترك العقيقة بسبب الفقر س: لي ثلاثة أبناء: بنت، وولدان، لم أعمل لهم عقيقة بسبب ظروفي المادية، وكنت أسكن في منطقة لا أعرف فيها أحدًا، والآن، الحمد لله تحسنت أحوالي، فكيف توجهونني في هذا الأمر؟ وهل أوزع العقيقة على الفقراء أم أجعلها كوليمة وأدعو عليها

الأصدقاء والجيران؟ وجهوني جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: العقيقة سنة مؤكدة عن الذكر اثنتان من الغنم كالضحية وعن الأنثى واحدة تذبح يوم السابع إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر ذبحها، متى تيسرت الآن ذبح العقيقة، فالحمد لله اذبحها الآن، ولك أن تتصدق بها، ولك أن تتصدق ببعضها، ولك أن تطبخها وتدعو عليها الأقارب والجيران، كل هذا واسع والحمد لله. الأمر فيها واسع. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (364).

حكم الصدقة بثمن العقيقة بدلا من ذبحها

142 - حكم الصدقة بثمن العقيقة بدلاً من ذبحها س: الأخ م. م. ع يسأل عن العقيقة يقول: إن له ابنين: الأول في الرابعة، والآخر في الثالثة من عمره، ولم يعق عنهما، هل له أن يفعل ذلك الآن، أو يدفع بثمن العقيقة للمجاهدين إن وجدوا؟ (¬1) ج: السنة أن يعق عنهما ولو كانا كبيرين، يذبح عن كل واحد ذبيحتين، وهكذا الأنثى عنها ذبيحة واحدة، مثل الضحية، جذع ضأن أو ثني معز، يذبحه ويأكل منه ويتصدق، هكذا السنة، وإن جمع على ذلك ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (138).

أهله وأقرباءه وجيرانه فلا بأس، وإن وزعه على الأقارب والجيران والفقراء فلا بأس، وإن كانا كبيرين.

بيان معنى حديث: 'كل غلام مرتهن بعقيقته'

143 - بيان معنى حديث: «كل غلام مرتهن بعقيقته» (¬1) س: السائل ع. م. م، يقول: لي مجموعة من الأولاد لم أعمل لهم العقيقة، وسمعت حديثًا يقول: كل مولود مرتهن بعقيقته حتى تُعطى عنه. أرجو أن توجهوني، جزاكم الله خيرًا (¬2). ج: نعم الحديث صحيح، وعليك أن تعقّ عن أولادك، وهي سنة مؤكدة، فإذا استطعت أن تعقّ عنهم، عن كل واحد شاتان إذا كان ذكرًا، وعن كل أنثى شاة، تذبح وتأكل منها أنت وأهلك، وتوزّع على جيرانك والفقراء، أو تذبحها وتوزعها على الفقراء، أو تجمع عليها بعض جيرانك وأقاربك مع الصدقة على بعض الفقراء، كله حسن إن شاء الله، وهي سنة مؤكدة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق ويسمى» (¬3) ولأن الرسول أمر عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة فالواجب العناية بهذه السنة وأن تنفذ كما ¬

(¬1) صحيح البخاري الْعَقِيقَةِ (5472)، سنن الترمذي الْأَضَاحِيِّ (1522)، سنن النسائي الْعَقِيقَةِ (4220)، سنن أبي داود الضَّحَايَا (2838)، سنن ابن ماجه الذَّبَائِحِ (3165)، مسند أحمد (5/ 18)، سنن الدارمي الْأَضَاحِيِّ (1969). (¬2) السؤال من الشريط رقم (172). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه برقم (19626).

شرعها الله، والأفضل أن تكون يوم السابع إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر ففي أربعة عشر، فإن لم يتيسر ففي إحدى وعشرين كما جاء ذلك عن عائشة رضي الله عنها، فإن لم يتيسر ففي أي وقت، وتقدم أنها سنة مؤكدة وليست واجبة وجوب الفرائض، ولكنها مؤكدة، هذا هو المختار فيها، فالواجب أن تؤدى على الوجه الشرعي، يؤديها المؤمن على الوجه الشرعي عن الذكر ثنتان، وعن الأنثى شاة، فإذا عجز وصار يعجز عن ثنتين ذبح واحدة {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} هذا هو الأفضل، وليس آثمًا لو ترك، لا يأثم بذلك؛ لأنها ليست فرضًا، وإنما سنة مؤكدة.

حكم فعل العقيقة للأولاد البالغين

144 - حكم فعل العقيقة للأولاد البالغين س: لي ثلاثة من الأبناء لم أذبح عند ولادتهم العقيقة اتباعًا لسنة نبينا الكريم، حيث إنني لم أكن أعلم بوجوبها، وبعد علمي والحمد لله، لم يتيسر لي الحال للقيام بها، فهل أستطيع أداءها إذا تيسر الحال بالرغم من بلوغ أولادي من الثالثة عشرة، وإذا فُرض هذا فهل يأكل منها أهل البيت أم توزع كلها على الفقراء؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (337).

ج: العقيقة مستحبة، تذبح يوم السابع عن الذكر ثنتان وعن الأنثى واحدة، وإذا لم تذبح لا شيء عليك، وإن ذبحت ولو بعد الكبر فذلك أفضل، والسنة أن تأكل منها أنت وأهل بيتك وتطعم من ترى من جيرانك والفقراء، وإن فرقتها بين الفقراء كلها أو بعضها لا بأس، وإذا أكلتها كلها أنت وأهل بيتك فلا بأس، ولكن الأفضل أن تطعم وتتصدق وتأكل.

حكم عقيقة الوالدة لمن لم يعق عنهم والدهم من أبنائها

145 - حكم عقيقة الوالدة لمن لم يعق عنهم والدهم من أبنائها س: لي أربعة أطفال ووالدهم لم يعق سوى عن اثنين منهم، فهل يجوز لي أن أعق عنهم بعد مضي مدة طويلة، ما تقارب خمسة عشر عامًا؟ أفيدونا جزاكم الله عنا خير الجزاء (¬1). ج: لا بأس، العقيقة مشروعة للوالد يعق عن أولاده، عن الذكر شاتان وعن الأنثى شاة، هذا هو المشروع، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، أمر أن يعق عن الغلام بشاتين، وعن الجارية بشاة، وقال عليه الصلاة والسلام: «كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه اليوم السابع، ويحلق ويسمى» (¬2) فإذا كان والدهم إنما عق عن اثنين، فلا بأس أن ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (32). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه برقم (19626).

تعقي أيتها الوالدة عن الاثنين الباقيين، ولك أجر في ذلك إن شاء الله. وأما ما يشاع أن الوالد إذا لم يباشرها - أي العقيقة - بنفسه وباشرتها والدتهم أن الأجر يكون للأم، وليس للوالد شيء من ذلك، فهذا غلط، كل على قدر ما عقه الوالد وأنفقه الوالد وأنفقه الوالد فإن الوالد له أجره، وما أنفقته هي في ذلك لها أجرها كل على حسب عمله ونيته، من الإحسان التربية والنفقة.

بيان السنة في عقيقة البنت

146 - بيان السنة في عقيقة البنت س: يقول السائل ماذا عن العقيقة بالنسبة للبنت سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: العقيقة سنة للجميع، عن الأنثى ذبيحة واحدة من الغنم، تجزئ في الضحية من الماعز أو الضأن أو أعلى سنًّا، تذبح وتقسم على الفقراء والجيران، أو يقسم بعضها ويؤكل بعضها يطبخها والده ويدعو إليها من أحب من جيرانه وأقاربه، ليس فيها حد محدود والحمد لله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحدد في هذا شيئًا. عن الذكر ثنتين، وعن الأنثى واحدة بصفة الضحية تجزئ في الضحية، إما من الضأن، أو من الماعز، هذا هو السنة في العقيقة أن ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (317).

تكون من الغنم، عن الذكر اثنتان، وعن الأنثى واحدة، يأكل منها ويطعم ويتصدق، أما إذا جمع عليها أصحابه أو جيرانه أو غيرهم فهذا أمر طيب، وإذا وزع عليهم طيب، وإذا وزع بعضه على الفقراء وعلى جيرانه فهذا طيب أيضًا والحمد لله.

حكم التلفظ بالنية عند ذبح العقيقة

147 - حكم التلفظ بالنية عند ذبح العقيقة س: يقول السائل: رزقت بثلاث بنات، وذبحت لكل بنت شاة حين ولادتها، ولكن لم أقل: هذه عقيقة للبنت، حيث كنت لا أعلم أن العقيقة واجبة، سؤالي: هل تجزئ هذه الذبائح عن العقيقة؟ ولو كنت أعلم أن العقيقة واجبة لقلت حين ذبحتها: هذه عقيقة؟ البنت (¬1) ج: النية كافية، ولا حاجة إلى أن تقول: عقيقة، والعقيقة سنة وليست واجبة، فأنت بحمد الله قد أديت السنة، والحمد لله، والنية كافية في هذا، إذا نوى الرجل للذبيحة عن ابنته أو الذبيحتين عن ولده الذكر، كفى ذلك وإن لم يتلفظ بشيء، وإن قال: هذه عن ولدي فلان وعن بنتي فلانة فلا بأس، كالضحية، يقال: هذه ضحية عن فلان، أو: اللهم تقبل من فلان، كله لا ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (202).

بأس به، كله طيب، ولكن النية كافية ولو لم يتلفظ بشيء؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» (¬1) فالنية التي محلها القلب كافية فعلها، والحمد لله. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (6689) ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال، برقم (1907).

حكم مناداة المولود بغير الاسم الذي سمي به عند الولادة

148 - حكم مناداة المولود بغير الاسم الذي سمي به عند الولادة س: أمي أنجبت بنتًا ووضعت لها اسمًا في دفتر، ونحن نناديها باسم آخر في البيت، وسمعنا أن هذا حرام، هل ما قيل لنا صحيح؟ (¬1) ج: الذي ينبغي أن تُدعى باسمها الذي سميت به، ولا تدعى بغيره، فينبغي للمؤمن أن يتقيد بالأشياء التي وضعت حتى لا يلتبس أمرها، فتدعى باسمها المعروف كما تدعى باسم أبيها المعروف، يقول سبحانه: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} ولا تجعلوا اسمًا آخر تشتبه به، ولا تعرف به، لأن الأسماء وضعت للتعريف وضبط الأمور، والبيع والشراء، وسائر الحقوق كلها تضبط بالأسماء، إذا وضعتم أسماء أخرى غير رسمية ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (93).

أفضى إلى الالتباس والمشكلات، فلا ينبغي ذلك، بل ينبغي أن تدعوها باسمها المعروف الذي عرفت به، وصار في جوازها إن كان لها جواز، أو في حفيظتها إن كان لها حفيظة، أو في أملاكها إن كان لها أملاك، المقصود تدعى باسمها المعروف الرسمي.

حكم التسمي بأسماء من القرآن الكريم

149 - حكم التسمي بأسماء من القرآن الكريم س: السائل يقول: ما رأيكم فيمن يسمي بأسماء من القرآن، مثل آلاء وآية وبيان وغيرها، حيث كثرت في زماننا هذا الأسماء؟ (¬1) ج: ما أعلم فيه شيئًا، من سمّىَ بيان أو آلاء أو أشباهه أفنان، كل هذا لا بأس به، كله لا حرج فيه. ¬

(¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (360).

حكم التسمي بأسماء السور القرآنية

150 - حكم التسمي بأسماء السور القرآنية س: يقول السائل: بعض الناس يسمون أبناءهم على تسمية أسماء السُّور القرآنية، وبعضهم يسمِّي فلانًا مدثرًا، وفلانًا مزملاً، وفلانًا طارقًا وغير ذلك، ما توجيهكم؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك، وليس فيه بأس، والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (294).

حكم التسمي بخالد

151 - حكم التسمي بخالد س: مستمعة تسأل وتقول: هل تجوز تسمية الولد بخالد؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: لا بأس، في الصحابة خالد بن الوليد رضي الله عنه، هذا الاسم مشهور من قديم الزمان، ولم ينكره النبي عليه الصلاة والسلام. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (276).

حكم التسمي بهدى ورحمة وبركة وإيمان

152 - حكم التسمي بهدى ورحمة وبركة وإيمان س: يقول السائل هل الأسماء: هدى، ورحمة، وبركة، وإيمان، من الأسماء المكروهة في الدين؟ (¬1) (¬2) ج: لا حرج فيها، مثل صالح، وعامر، وسعيد، كلها أسماء جامدة ما تقصد معانيها، فلا حرج في ذلك إن شاء الله، وقد هم النبي أن ينهى عن مثل هذا، ثم ترك عليه الصلاة والسلام. س: لي ابنة سميتها هدى، وقد سمعت بعض الناس يقولون: إن اسم هدى لم يذكر، فما هي نصيحتكم، هل أغير اسم البنت؟ ج: لا أعلم في هذا بأسًا، والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (149). (¬2) السؤال من الشريط رقم (149). ') ">

حكم تسمية البنات إيمان وأبرار

153 - حكم تسمية البنات إيمان وأبرار س: السائل أ. أمن الرياض يقول: هل تسمية البنات إيمان وأبرار في ذلك شيء؟ (¬1) ج: لا أعلم فيها شيئًا، لكن إذا ترك ذلك يكون أحسن، إذا سمّى بالأسماء المعروفة السائدة وترك إيمان وأبرار كان هذا أحسن إن شاء الله. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (386).

حكم التسمي بدعاء وأفنان

154 - حكم التسمي بدعاء وأفنان س: تسأل المستمعة عن الأسماء التالية وجوازها يا سماحة الشيخ: هدى، ونور، وإيمان، ودعاء، وأفنان للبنات ما هو رأيكم؟ (¬1) ج: لا أعلم فيها بأسًا. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (289).

حكم التسمي بحمد النيل

155 - حكم التسمي بحمد النيل س: الأخ من السودان يقول: أسألكم عن التسمية بهذه الأسماء: إيمان، حمد النيل؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (193).

ج: أما إيمان فلا نعلم فيها بأسًا، مثل نافع، وصالح، وعامر، أسماء غير مقصودة، المقصود اللفظ، حمد النيل لا نعرف معناه، حمد النيل لا أعرف معناه، هذه كلمة محل نظر، النيل لا يُحمد، الشط شط النيل، إن كان قصده النهر النيل ما له حمد خاص، فلا ينبغي التسمية بهذا الاسم.

حكم تسمية المولود بعزيز

156 - حكم تسمية المولود بعزيز س: لي ولد، وقد أسميته عزيزًا، وقد أفتاني بعض الناس بأن هذا الاسم لا يجوز، فما هو القول الصحيح في هذا؟ (¬1) ج: الصحيح أنه لا حرج، عزيز لا حرج فيه، وقد قال الله جل وعلا: {قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ} فأقره سبحانه وتعالى، المقصود أن هذا لا حرج فيه، فإذا جعله عبد العزيز يكون أفضل، يزيد فيه كلمة: عبد، بدل عزيز، يكون عبد العزيز، يكون أفضل حتى ينسبه لله ويجعله عبدًا لله، لكن عزيز وحده لا حرج فيها، لكن تركها وجعلها عبد العزيز أفضل وأحسن. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (49).

حكم تسمية المولود باسم أخيه المتوفى

157 - حكم تسمية المولود باسم أخيه المتوفى س: تقول السائلة: هل يجوز تسمية الابن المولود على اسم أخيه المتوفى أم يجب أن نختار له اسمًا آخر؟ (¬1) ج: لا حرج أن يسمى المولود باسم أخيه المتوفى. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (370).

حكم التسمي بشهاب الدين

158 - حكم التسمي بشهاب الدين س: يقول السائل أنا في انتظار مولود وأريد أن اختار له اسما مثل شهاب الدين، فما رأيكم في مثل هذا الاسم؟ (¬1) (¬2) ج: لا أعلم بأسًا في هذه التسمية شهاب الدين، ولكن غيرها من الأسماء المعبدة لله أفضل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن» (¬3) فإذا سميته بعبد الله، أو عبد الرحمن، أو عبد الكريم، أو عبد الملك، أو عبد القادر أو نحوها من الأسماء المعبدة لله سبحانه فهذا أفضل وأحسن، وفق الله الجميع. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (218). (¬2) السؤال من الشريط رقم (218). ') "> (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الآداب، باب النهي عن التكني بأبي القاسم وبيان ما يستحب، برقم (2132).

س: هذا السائل س. د، من الرياض يقول: هل التميمة تجب على الفقير والغني، وهل يجب على والد المولود أن يدفع قيمة هذه التميمة أم يشتريها الجد أم ماذا؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: التميمة هي العقيقة، وهي النسيكة، يسميها بعض العامة التميمة، وهي سنة عن الرجل وعن المرأة، عن الذكر ثنتان، يعني رأسان من الغنم سواء ضأن أو ماعز، ذكور وإلا إناث، وعن الأنثى واحدة، هذه السنة، تذبح يوم السابع، عن الذكر ثنتان يوم السابع، وعن الأنثى واحدة، هذا هو الأفضل، يذبحها الوالد سنة في حق الأب، غير واجبة لكنها سنة، والجد يقوم مقامه إذا لم يكن موجودًا، وإن ذبحتها الأم كفى، وإن لم يذبحها يوم السابع ذبحها بعد ذلك في الرابع عشر، أو الحادي والعشرين فيما بعد ذلك، لا بأس، ولو سنة أو سنتين إذا تيسر له ذلك، لكنها مستحبة غير واجبة، سنة مؤكدة. س: السائل م. ح. م، من جدة يسأل سماحتكم فيقول: إذا لم يستطع الإنسان أن يعق عن أولاده أو بناته عند ولادتهم، فهل يقضيها ولو كبروا عندما رزقه الله ووسع عليه؟ والحال بالنسبة لأكلها أو تقسيمها؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (360). ') ">

ج: نعم يقضيها ولو كبروا، إذا تيسرت يذبحها عن الذكور وعن الإناث والحمد لله، مثل لو ذبحها في حال الصغر.

حكم تسمية المولود يوم ولادته

159 - حكم تسمية المولود يوم ولادته س: عندنا عادات متبعة في المواليد، عندما تضع المرأة جنينًا لا يسمونه إلا بعد أسبوع، وسؤالي: هل إذا أراد الله سبحانه وتعالى وتوفي قبل أن يسمى هل يسمى بعد وفاته؟ وما هو توجيهكم للناس؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: المولود يسمى يوم ولادته ويوم السابع كله سنة، الرسول صلى الله عليه وسلم سمى بعض أولاد الصحابة، وسمى ابنه إبراهيم يوم ولادته، وإن سماه يوم السابع فهذا سنة أيضًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق ويسمى» (¬2) هذا هو السنة أن يسمى يوم السابع، ويحلق شعره، وتذبح عنه العقيقة، فإن سمي في اليوم الأول فهو سنة أيضًا، هذا ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (308). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه برقم (19626).

وهذا؛ لأن الرسول فعل هذا وهذا، سمى في اليوم الأول، وأرشد إلى التسمية في اليوم السابع، فكلها سنة والحمد لله.

بيان ما يستجب لمن رزق بمولود

160 - بيان ما يستحب لمن رزق بمولود س: ما هي الأمور التي يفعلها الإنسان إذا ولد له مولود؟ (¬1) ج: إذا ولد له مولود يشكر الله ويحمده، ويسأله للمولود الصلاح، وأن ينبته نباتًا حسنًا، ويستحب له أن يسمى يوم السابع، ويختار الاسم الطيب الحسن، ويستحب له أيضًا أن يُحْلق رأسه إذا كان ذكرًا، ويعق عنه ذبيحتين، وإن كان أنثى ذبيحة واحدة، هذا مستحب يوم السابع، وإن سماه في أول يوم فلا بأس، ومما ينبغي للمؤمن عندما يهبه الله الأولاد أنه يهتم بشكر الله، ويدعو الله أن يصلحهم، وأن الله ينبتهم نباتًا حسنًا؛ لأن الأولاد فتنة، فإذا أنبتهم الله النبات الحسن وأصلح حالهم صاروا نعمة، قال تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ} أي اختبار وامتحان، فإذا أصلح الله الولد صار نعمة عظيمة سواء كان ذكراً أو أنثى. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (317).

حكم ترك حلق رأس المولود يوم السابع

161 - حكم ترك حلق رأس المولود يوم السابع س: ما حكم عدم حلق شعر المولود في الأسبوع الأول، وتربية هذا الشعر إلى ما شاء الله؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: لقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى» (¬3) فالسنة حلق رأسه يوم السابع، هذا هو السنة، والتسمية والعقيقة، وهي شاتان في حقّ الذكر، وشاة واحدة في حق الأنثى، هذه هي السنة، وينبغي العمل بها وتنفيذها. س: ما حكم حلق شعر المولود؟ ج: السنة أن يحلق يوم السابع إذا كان ذكرًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم السابع، ويحلق ويسمى» (¬4) فالسنة أن يحلق يوم السابع، وأن يسمى يوم السابع، وأن يعقَّ عنه إذا كان ذكرًا شاتين، وإذا كانت أنثى بواحدة. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (335). (¬2) السؤال من الشريط رقم (335). ') "> (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه برقم (19626). (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه برقم (19626).

حكم حلق رأس المولود إذا كان أنثى

162 - حكم حلق رأس المولود إذا كان أنثى س: هل يجوز حلق رأس المولود إذا كان أنثى؟ (¬1) (¬2) ج: الأنثى لا يحلق رأسها، لكن إذا كان من باب الطب لمرض لا بأس، وإلا لا يحلق رأسها حتى في الحج والعمرة، يقصر منه، قص، تقصير؛ لأن أصل الرأس للمرأة جمال، أما إذا كان لعلة مرض قرره الأطباء، قرره الطبيب المختص، قرر الطبيب المختص أن الحلق هو العلاج فلا بأس. س: هل هو حرام قص شعر المولودة أم أنه جائز؟ ج: المولودة لا يقص شعرها ولا يحلق، إنما الصبي الصغير يحلق يوم السابع، أما الجارية فلا تحلق إلا إذا كان للدواء، إذا كان في رأسها مرض، فحلق للدواء فلا بأس. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (358). (¬2) السؤال من الشريط رقم (358). ') ">

حكم تغيير الاسم الذي لا يجوز شرعا

163 - حكم تغيير الاسم الذي لا يجوز شرعًا س: إذا تسمى الإنسان باسم واكتشف أنه اسم غير شرعي، ما هو

توجيهكم؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: من الواجب التغيير، مثلاً سمى نفسه عبد الحسين، أو عبد النبي، أو عبد الكعبة، ثم علم أن التعبيد لا يجوز إلا لله، ليس لأحد أن يعبد ولده إلا لله سبحانه، عبد الله، عبد الرحمن، عبد الملك، عبد القدير، لا بأس عليه أن يغير، يغير اسمه عبد الحسين، أو عبد النبي، أو عبد الكعبة، أو نحو ذلك، يغير إلى عبد الله، أو عبد الرحمن، أو إلى محمد، أو أحمد، أو صالح، أو نحو ذلك، الأسماء الشرعية، هذا الواجب، والنبي صلى الله عليه وسلم غير أسماء كثيرة. أما إذا كان الاسم للأب فإذا كان الأب، حيًّا يغير، وإذا كان قد مات ما فيه حيلة، النبي صلى الله عليه وسلم ما غير اسم عبد المطلب، ولا غير أسماء الآخرين من أهل الجاهلية الذين ماتوا، عبد المطلب، عبد مناة، عبد الكعبة، ما غير أسماءهم؛ لأنهم عرفوا بها. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (151).

حكم الأذان في أذن المولود وتحنيكه بالتمر

164 - حكم الأذان في أذن المولود وتحنيكه بالتمر س: سمعنا أن المرأة إذا وضعت الوليد يقولون قبل أن يرضع: لازم يؤذن في أذنه، وتؤخذ تمرة وتوضع في فم المؤذن، ويضع

المؤذن لسانه في فم الوليد، وبعد ذلك يقصّ من شعر الطفل، هل هذا صحيح أم بدعة؟ (¬1) (¬2) ج: على هذا الوجه الذي ذكر السائل غير صحيح، ولكن يستحب في اليوم السابع أن يؤذن في أذنه اليمنى ويقام في اليسرى، ويسمى في اليوم السابع، ولا بأس، يستحب التحنيك بالتمر، يعني يضع التمر الإنسان في فمه، أو أمه تضع في فمها، ثم تمجه في فم الصبي، التمر كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وأما أن يضع لسانه في فم الصبي فلا، لكن يمجه في فم الصبي ويكفي، شيء قليل يناسب الصبي الصغير، أو البنت الصغيرة، وأما الأذان فيكون في اليوم السابع، وإن ترك ذلك فلا بأس، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه أنه أذن في أذن الصبي أو الصبية، ولكن جاء عنه في بعض الأحاديث التي فيها بعض الضعف الأذان في أذن الصبي اليمنى والإقامة في اليسرى من الأذنين، فإذا فعله الإنسان فلا بأس، وقد فعله عمر بن عبد العزيز وجماعة من أهل العلم، وإن ترك ذلك وسماه بدون أذان ولا إقامة فلا بأس، فقد سمى النبي عليه الصلاة والسلام ابنه إبراهيم بدون أذان ولا ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (39). (¬2) السؤال من الشريط رقم (39). ') ">

إقامة، وسمى بعض أولاد الصحابة في اليوم السابع بدون أذان وإقامة، وسمى بعضهم في اليوم الأول، وسمى ابنه في اليوم الأول، ولا حرج في هذا ولا بأس أن يسمى في اليوم الأول أو في اليوم السابع، ولم يثبت فيه أنه أذن في أذنه اليمنى، ويقام في اليسرى، لا حرج في ذلك، والسنة أن يسمى في اليوم الأول، أو اليوم السابع، هذه السنة، أما العقيقة فتكون في اليوم السابع، يعق عنه فيه شاتين إذا كان ذكرًا، أو بشاة واحدة إذا كانت أنثى في اليوم السابع، إن شاء ذبحها وأكلها هو وأهل بيته ونحو ذلك، وإن شاء وزعها بين الجيران والفقراء، وإن شاء أكل بعضها وفرق بعضها، كله واسع بحمد الله، وهكذا يحق للصبيّ الذكر هذه السنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق ويسمى» (¬1) هكذا جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو حديث لا بأس به جيد. س: يقول السائل عند ولادة طفل أو طفلة نؤذن في أذنه اليمنى، ونقيم في اليسرى، وفي اليوم السابع نقيم وليمة نشتري فيها بعض اللحم والدجاج، ونعزم عليها الأصدقاء، ما هو رأيكم في ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه برقم (19626).

هذا؟ وجهونا جزاكم الله خيرًا. ج: السنة في هذا أن المؤمن في اليوم السابع يذبح ذبيحةً من الغنم عن الأنثى، وذبيحتين عن الذكر من جنس الضحية، إما ثني من المعز، وإما جذع من الضأن، وتسمى العقيقة، وتسمى النسيكة، ويسميها بعض الناس التميمة، وهي سنة أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم عن الذكر ثنتان، وعن الأنثى واحدة، ولا يجزئ الدجاج ولا اللحم المشترى من السوق، ولكن الذبيحة تذبح، إما جذع ضأن وإما ثني من المعز، تذبح عن الذكر وعن الأنثى، اثنتان من الغنم تذبحان عن الذكر، هذا هو السنة، يطبخهما في بيته، ويدعو إليهما من يشاء من أقاربه وجيرانه وأصدقائه، ويوزع منها على من يشاء، هذا هو السنة، ولو وزعها كلها فلا بأس.

حكم كتابة لفظ الجلالة على جبين المولد بالكحل

165 - حكم كتابة لفظ الجلالة على جبين المولود بالكحل س: نشاهد الكثير من الناس يكتبون لفظ الجلالة (الله) على جبين المولود بالكحل، فهل هذا جائز؟ وهل يجوز الاحتفال بالمولود بعد مرور سبعة أيام من ولادته وهذا ما يسمونه بالسبوع؟ جزاكم

الله خيرًا (¬1). ج: لا يجوز كتب أسماء الله على الولد ولا غير الولد، ولا على الملابس ولا على الفرش تنزيهًا لاسم الله واحترامًا له، أما الاحتفال بالمولود يوم السابع بالعقيقة بأن تصنع وليمة من أجل العقيقة فهذا مستحب، يصنعون العقيقة، يدعون من شاؤوا من أقاربه أو جيرانهم، يأكلون ويطعمون، كله طيب، عن الذكر ذبيحتان من الغنم، وعن الأنثى واحدة يوم السابع أفضل، وإن ذبحوها بعد ذلك فلا بأس، لكن في اليوم السابع أفضل، يأكلون ويطعمون، وإن وزعوها كلها أو بعضها فلا بأس. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (322).

حكم اعتقاد تعجيل وضع الكحل في عين المولود بعد ولادته

166 - حكم اعتقاد تعجيل وضع الكحل في عين المولود بعد ولادته س: المستمع يقول في هذا السؤال: عندنا اعتقاد يا سماحة الشيخ بأنه إذا لم يكحل المولود قبل بلوغه أربعين يومًا يصبح غباش في عينيه، أي أنه لا يرى جيدًا، هل هذا صحيح؟ ج: هذا كلام لا أعرف له أصلاً.

حكم ذبح الذبيحة في المكان الذي يقع عليه المولود عند ولادته

167 - حكم ذبح الذبيحة في المكان الذي يقع عليه المولود عند ولادته س: من العادات عندنا أنهم يذبحون كبشًا في محلّ المكان الذي يقع عليه المولود عند ولادته، فما حكم الشرع في ذلك؟ (¬1) ج: هذا من المنكرات، وهو بدعة، ويوضحه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (¬2) يعني في ديننا. وهذا لا أصل له في الدّين أن يذبح في مكان المولود ذبيحة، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ» (¬3) يعني مردود. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (299). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، برقم (2697) ومسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

حكم تسمية المولود الذي يتوفى بعد وقت قصير من ولادته

168 - حكم تسمية المولود الذي يتوفى بعد وقت قصير من ولادته س: مستمع من اليمن بعث برسالة يقول فيها: هل يجب على الآباء أن يسموا المواليد الذين يتوفون بعد وقت قصير من ولادتهم أو

أن يولدوا أمواتا أو ينزلوا على هيئة قطعة لحم غير مخلقة؛ لأنني سمعت أنهم يسألون يوم القيامة عن أسمائهم ومن الذي سماهم، هل هذا صحيح أم لا؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: نعم، المشروع للآباء أن يسموا أولادهم إذا كان سقط بعد أربعة أشهر، بعد نفخ الروح فيه، سقط حيًا أو ميتًا يسمى، هذا هو السنة، وهكذا البنت تسمى، وتسن العقيقة أيضًا، ذبيحتان عن الذكر، وذبيحة عن الأنثى يوم السابع، سواء سقط حيًّا أو ميتًّا بعد ما تنفخ فيه الروح - يعني بعد أربعة أشهر - فالسنة أن يسمى، وأن يعق عنه، عن الرجل شاتان، ويعق عن الأنثى شاة واحدة، هذا هو السنة، وهم يدعون بأسمائهم يوم القيامة، فيشرع للآباء أن يسموا أولادهم ذكورًا كانوا أو إناثًا، كما يسن لهم العقيقة. س: يولد لي أطفال يتوفون عند الولادة مباشرة، ولم أسمهم، فهل تنصحون أن يسمي الإنسان الطفل عند ولادته فورًا؟ (¬3) ج: السنة التسمية يوم السابع، وإن سماه يوم الولادة فلا بأس، ثبت ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (170). (¬2) السؤال من الشريط رقم (170). ') "> (¬3) السؤال من الشريط رقم (332). ') ">

عنه صلى الله عليه وسلم أنه فعل هذا وهذا، فإذا سماه يوم الولادة فلا بأس، وإن أخره إلى اليوم السابع فهو أفضل، والعقيقة في اليوم السابع تذبح عنه، عن الذكر ثنتان من الغنم، وعن الأنثى واحدة يوم السابع، هذا هو الأفضل، ويحلق رأس الصبي يوم السابع، وإن سماه يوم الولادة فكله طيب، ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا وهذا. س: كان لي أربع أولاد إلا أنهم توفوا وهم صغار، بعضهم أثناء الولادة، وواحد منهم بعدما بلغ أربعين يومًا، ولم أتذكر العقيقة عنهم إلا أني سمعت الآن عن وجوبها، فهل أقضيها الآن؟ ج: العقيقة سنة غير واجبة، سنة مؤكدة، وإن فعلتها فهو أحسن، إن قضيتها فهو أحسن إحياء للسنة، جزاك الله خيرًا.

حكم العقيقة عن السقط

169 - حكم العقيقة عن السقط س: يقول السائل السقط هل له عقيقة؟ (¬1) (¬2) ج: نعم، إذا سقط في الشهر الخامس وما بعده يسمى ويغسل ويصلى عليه، ويعق عنه. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (419). (¬2) السؤال من الشريط رقم (419). ') ">

س: إذا مات السقط بعد الولادة بيومين أو مضى عليه شهر أو أكثر فهل يغسل ويصلى عليه؟ (¬1) ج: إذا ولد السقط في الخامس أو في السادس أو في السابع، أو مات بعد الوضع بيوم أو يومين كل واحد يسمى ويغسل ويصلى عليه، ويعق عنه. س: يقول السائل ما حكم تأخير العقيقة عن اليوم السابع؟ (¬2) ج: لا حرج في ذلك، السنة اليوم السابع، وإذا لم يعق إلا بعد ذلك فلا حرج في ذلك. س: تقول السائلة أنها امرأة حملت، وفي الشهر الثالث وأسبوع سقط الجنين، وهي لا تعلم ما نوع الجنين، قال لي بعض الناس: يجب عليك تسمية هذا الجنين والذبح له، وهي لا تعلم الحكم في ذلك الوقت، ولم تفعل شيئًا، فماذا توجهونها، وهل يجب التسمية والحال ما ذكر، وهل يجب الذبح؟ جزاكم الله خيرًا (¬3). ج: إذا كان الجنين سقط قبل أربعة أشهر، فلا يسمى، وليس له عقيقة، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (419). ') "> (¬2) السؤال من الشريط رقم (419). ') "> (¬3) السؤال من الشريط رقم (335). ') ">

إنما العقيقة والتسمية لمن سقط في الخامس، أو بعد ما نفخت فيه الروح؛ لأنه يكون آدميًّا له حكم الأفراط، فيذبح عنه ويسمى ويغسل ويصلى عليه إذا سقط في الخامس وما بعده، بعد نفخ الروح فيه، أما ما يسقط في الرابع أو في الثالث فهذا ليس له حكم الأفراط، لكن إذا كانت الخلقة قد بينت فيه صفات آدمي من رأس أو يد أو رجل أو نحو ذلك يكون له حكم النفاس، يكون للأم حكم النفاس، لا تصلي ولا تصوم، وأما هو فليس له حكم الأطفال، وليس له حكم الأجنة، بل يدفن في أي مكان ويكفي، ولا يغسل، ولا يصلى عليه، أي لا يكون آدميًّا، ولا يكون له حكم الأموات إلا إذا كان نفخت فيه الروح، في الخامس وما بعده، أما إذا مات في الرابع أو الثالث مثل سقط في الرابع والثالث، إنما هو لحمة قد بنى فيها خلق الإنسان، من رأس أو رجل أو نحو ذلك، فإنها لا تصلي ولا تصوم مدة النفاس أربعين يوما فأقل، متى طهرت في الأربعين صلت وصامت، وإذا تمت الأربعين اغتسلت وصلت ولو معها دم، دمها يكون دم فساد، بعد الأربعين دم فساد، تصلي وتصوم وتتوضأ لكل صلاة كالمستحاضة، أما إن طهرت في الأربعين فإنها تغتسل وتصلي وتصوم، وتحل لزوجها، أما إن كان دمًا لم يتبين فيه شيء - قطعة لحم أو دم، ما بان فيها شيء - فهذا لا نفاس

فيه، ولا تدع الصلاة ولا الصوم، ولا تحرم على زوجها، إذا كانت اللحمة التي سقطت ليس فيها خلق الإنسان لا رأس ولا رجل ولا يد، ما بان شيء، ولا اتضح شيء فإن هذا دم لا يعتبر، وعليها أن تصلي وتصوم، وتحل لزوجها، وأن تتوضأ لكل صلاة إن كان معها دم فهو كسائر الدماء الفاسدة كالمستحاضة. س: تسأل سائلة عن السقط، هل له عقيقة أم لا؟ وتذكر أنه يحصل ذلك معها في الشهر الرابع والخامس أو في الثالث أحيانًا. ج: إذا كان السقط في الخامس أو ما بعده - أي نفخت فيه الروح - فيسمى ويعق عنه أفضل، وليس بواجب، ولكن أفضل يعق عنه ويسمى، أما إذا كان السقط في الرابع أو ما قبله فليس فيه تسمية، ولا يسمى ولدًا ولا يصلى عليه، يدفن في أي بقعة، ولا يعق عنه؛ لأنه لم يتم خلقه بعد، ولم ينفخ فيه الروح، ولا يكون فرطًا، الفرط: هو الذي يولد في الخامس فما بعده، أي بعد أن تنفخ فيه الروح، فهذا يستحب أن يسمى وأن يعق عنه، إذا كان ذكرًا يعق عنه بذبيحتين، وإن كان أنثى فبواحدة من الغنم، هذا هو السنة والثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

كتاب الجهاد

الواجب على الدول الإسلامية نصرة إخوانهم المسلمين

170 - الواجب على الدول الإسلامية نصرة إخوانهم المسلمين س: سماحة الشيخ فكرت، ولا زلت أفكر كثيرًا في موضوع هذه الرسالة، فنحن نجيب هنا، ونحن نحملها على المحمل الحسن على المحمل النزيه، على المحمل الطاهر، أما إذا حملت على المحمل السياسي، الذي يلعب به اليهود وأشباه اليهود، فلا بد لسماحة الشيخ من كلام أيضًا، فلربما يقول اليهود أيضًا أنتم لم تقيموا أمر دينكم فكيف تطالبون بالقدس، أطمع في كلمة من سماحة الشيخ لو تكرمت؟ (¬1) ج: لا شك أن الواجب على المسلمين أن يطالبوا بالقدس، وأن يردوها إلى أهلها، وأن يجتهدوا في ذلك؛ لأن أهلها مظلومون، ونصر المظلوم لازم وواجب، ولأن القدس للمسلمين ما هي للكفار، فيجب ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (138).

أن ترد إلى أهلها، فالرسول عليه السلام يقول: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» (¬1) فهؤلاء مظلومون ونصرهم واجب، والظالم نصره منعه من الظلم، فالواجب على الدول الإسلامية أن ينصروا المظلوم، وأن يستعيدوا هذه البلاد، وأن يفعلوا مع ذلك ما يلزمهم من طاعة الله ورسوله، والاستقامة على دين الله ورسوله، حتى يعانوا، وحتى يوفقوا لما أرادوا من الخير، وحتى تحصل لهم النصرة من ربهم عز وجل، وتسهيل أمورهم وإجلاء الأعداء، وتمكين المسلمين من استرداد حقهم السليب، والله المستعان. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب: المظالم، باب: أعن أخاك ظالمًا أو مظلومًا، برقم (2443).

بيان خطر المعاصي

171 - بيان خطر المعاصي س: فهمت مما تفضلتم به سماحة الشيخ أن ديننا كلٌ لا يتجزأ، وأن شريعة الإسلام كتلة واحدة، من أراد أن يقيمها فليقمها جميعًا، ولا يقيم جزءًا ويترك الآخر؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، هذا الواجب على المسلمين جميعًا، ولكنها مع ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (138).

ذلك فيها تفصيل، فقسم منها إذا تركه الإنسان كفر وصار خارجًا من الإسلام، وصار قد أتى ناقضًا من نواقض الإسلام، كما لو ترك الصلاة أو ترك عبادة الله وحده، وعبد معه سواه، أو كذب الرسول صلى الله عليه وسلم، أو تنقصه وطعن فيه، هذا يكون ردة عن الإسلام بالكلية، نسأل الله العافية، وهكذا لو جحد ما أوجب الله من الأمور المعروفة من الدين بالضرورة: جحد وجوب الصلاة، جحد وجوب صوم رمضان، جحد وجوب الزكاة، جحد وجوب الحج مع الاستطاعة، جحد بر الوالدين وأنكره، جحد الجهاد الشرعي، هذه ردة عن الإسلام، وهناك أمور لا تزيل الإسلام، ويبقى معها الإسلام، وإن كان قد أتى ما يخالف الشرع، كما لو زنى، وهو يعلم أن الزنا حرام، ولا يجحد تحريم الزنا، يعلم أنه حرام، هذا لا يكون مرتدًا، عاصٍ ناقص الإيمان، يقام عليه الحد الشرعي إذا ثبت عليه الزنا بإقراره، أو بالبينة، وكذلك إذا عقَّ والديه أو قطع رحمه، ولم يجحد وجوب بر الوالدين وصلة الرحم، ولكنه غلبه هواه وشيطانه حتى عقَّ والديه أو أحدهما أو قطع رحمه، أو أكل الربا وهو يعلم أنه محرم، أو اغتاب أخاه المسلم أو نم عليه، أو كذب عليه أو ما أشبه ذلك من المعاصي، هذه لا تزيل الإسلام، بل هذه تجعل المسلم قد أتى نقصًا في دينه، وضعفًا في إيمانه، فيكون إيمانه ناقصًا

ودينه ناقصًا، وهو تحت مشيئة الله إن مات على ذلك، إن شاء ربنا غفر له وإن شاء عذبه، كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، فالمعاصي التي دون الشرك تحت مشيئة الله، ولا يزول بها الإسلام بالكلية، بل يبقى أصل الإسلام وأصل الدين وكون صاحبها تحت مشيئة الله، فعلم بذلك أن المعاصي قسمان: قسم يزيل الإسلام بالكلية ويعد كفرًا، وقسم لا يزيله، ولكن ينقصه ويضعفه، كالربا والعقوق، والزنا ونحو ذلك ممن فعل ذلك وهو يعلم أنه محرم.

بيان واجب المسلمين تجاه إخوانهم المظلومين

172 - بيان واجب المسلمين تجاه إخوانهم المظلومين س: الأخ: م. ع. س. من المملكة الأردنية الهاشمية، يسأل ويقول: دائمًا يا سماحة الشيخ نسمع في خطب الجمعة في بلادنا، عن موضوع استرداد القدس الشريف، وبالطبع أنا لست ضد ذلك، ولكن هل من الحق أن نربط بين دخولنا للجنة وإرجاعنا للقدس الشريف. أنا أجد أنه من الأفضل أن نصحح ما في مجتمعنا من أخطاء وفواحش مما يجعلنا أمة قوية تستطيع فتح القدس من جديد، ويقصد بالفواحش مثلاً: خروج النساء سافرات، ترك

الصلاة والصيام، ترك صلة الرحم ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، النفاق والنميمة، الاختلاط في كافة مجالات الحياة، الجامعات والعمل وغيرها وغيرها، أليس من الأولى تعميق العقيدة في النفوس أولاً، فنحن دائمًا نحس بالإحباط لدى سماعنا بعض الجمل، مثل: (القدس لن ترجع لكم، وأنتم على هذه الحال) وهل سيحاسبنا الله سبحانه وتعالى يوم القيامة على عدم استرداد القدس، أم على عدم تطبيق شريعتنا السمحاء؟ أفيدونا، جزاكم الله عن أمة الإسلام كل خير، ولكم مني كل الشكر والتقدير، أدامكم الله؟ (¬1) ج: لا شك أن استرداد القدس من أيدي اليهود أمر مفترض على المسلمين، نصرًا للمسلمين الذين غلبوا على أمرهم، واستبيحت ديارهم، وحرصًا على إيجاد القدس بين أيدي المسلمين، حتى يعمروها بطاعة الله وما يرضيه سبحانه من الصلاة والقراءة، وأنواع العبادة التي شرعها الله في القدس، ولكن ليس هذا مربوطًا بين دخولنا الجنة وبين فتح القدس، الجنة لها أعمالها، والله شرع لنا أن نعبده وحده، وأن نطيع ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (138).

أوامره، وننتهي عن نواهيه، فمن استقام على دينه أدخله الله الجنة، سواء فتحت القدس وردت على أهلها أم لا، ولكن مسألة القدس متعلقة بولاة الأمور، ولاة أمر المسلمين، فعليهم أن يجاهدوا في سبيل الله، وأن يستردوا القدس إلى المسلمين، وأن ينصروا المستضعفين في فلسطين، هذا واجب على ولاة الأمور، حسب طاقتهم واستطاعتهم؛ لأن هذا من نصر دين الله ومن نصر المظلومين، ومنع الأذى عنهم والظلم لهم، ومن باب رد بلاد المسلمين إليهم، فهذا شيء يتعلق بولاة الأمور من المسلمين، وعليهم قبل ذلك أن يحكموا شريعة الله وأن يستقيموا على دين الله، حتى ينصرهم الله، فهو القائل سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}، وهو القائل عز وجل: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ}، فعليهم أن يستقيموا وأن يحاسبوا أنفسهم، وأن يجتهدوا في تطبيق الشريعة في بلادهم، وعلى شعوبهم، حتى ينصرهم الله على اليهود، وعلى غير اليهود، ولا شك أنهم إذا أدوا ما أوجب الله، واستقاموا على شريعة الله، وجاهدوا في سبيله؛ فهم

بهذا يكونون أهلاً لنصر الله لهم، وإعانته لهم على اليهود، وعونًا لهم أيضًا على استرداد القدس، وغير ذلك من بلادهم إلى أهلها المسلمين، لكن وجود التفريط في أمر الله، والركون لمحارم الله وعدم تحكيم شريعة الله، هذا من أسباب الخذلان، ومن أسباب عدم النصر على الأعداء، فالواجب على ولاة أمر المسلمين وعلى المسلمين جميعًا أن يستقيموا على أمر الله، وأن يؤدوا ما أوجب الله عليهم، وأن يحذروا ما حرم الله عليهم، والواجب على الحكام المسلمين جميعًا أن يحكموا شريعة الله في عباده، وأن يقيموا حدوده، وأن ينصروا المظلوم ويردعوا الظالم، وأن يستقيموا على ما شرع الله لهم، حتى ينصرهم الله على اليهود وعلى غير اليهود، ثم أمر آخر وهو أن الواجب على المسلمين جميعًا أن يحاسبوا أنفسهم وأن يتقوا الله في أنفسهم، وأن يدعوا محارم الله، وأن يستقيموا على دين الله، سواء كانوا حكامًا أو أفرادًا وعامة، هذا واجب على الجميع، على كل فرد من المسلمين، بل على كل فرد من المكلفين، أن يعبد الله وحده وأن يطيع أوامره، وأن ينتهي عن نواهيه، وأن يقف عند حدوده، هكذا خلقهم الله، خلقهم الله ليعبدوه {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}،

وأمرهم بهذا سبحانه حيث قال: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}، قال {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} وقال جل وعلا: {وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة تقوى الله وطاعته سبحانه في أداء ما أوجب وترك ما حرم، والوقوف عند حدود الله أينما كان، ويصلي كما أمر الله، ويصوم كما أمر الله، ويزكي كما أمر الله، ويحج كما أمر الله، ويبر والديه ويصل أرحامه، ويبتعد عما حرم الله عليه من الزنا، والظلم والسرقة وأكل الربا، وتعاطي المحارم كلها من الغيبة والنميمة، وغير هذا مما حرم الله. هذا واجب على المسلمين جميعًا، رجالاً ونساءً، ومتى استقام المسلمون على دين ربهم نصرهم الله حكامًا وشعوبًا، وأيدهم بنصره وأعانهم على جهاد أعدائهم، وجعل العاقبة لهم في الدنيا والآخرة، كما قال عز وجل: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا}، وقال

سبحانه: {فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ}، وقال سبحانه: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}، فالنصر مربوط بأداء الحقوق، النصر مربوط بقيامنا بأمر الله، واستقامتنا على دين الله، وفي نصرنا لدينه، حتى ينصرنا سبحانه وتعالى، نسأل الله أن يوفق المسلمين جميعًا لما فيه رضاه، وأن يهديهم الصراط المستقيم، وأن يوفق ولاة أمرهم لما فيه رضاه، وأن يشرح صدورهم لتحكيم شريعته، وإلزام الشعوب بها والاستقامة عليها، إنه سبحانه خير مسؤول.

بيان معنى الشهادة في سبيل الله

173 - بيان معنى الشهادة في سبيل الله س: أنا طالب في الجامعة، ومن خلال قراءتي لكتاب الإسلام للمستشرق هنري ماسيا، جاء في ذهني مسألتان لم توضحا جيدًا، وأعتبرهما مسألتين هامتين، وهما: نعلم أن الشهادة هي التي يقوم بها مسلم، يحارب لأجل إيمانه ويموت في سبيله مجاهدًا، فيصبح عند ذلك شهيدًا، ولكن فكرة قابلية التضحية خلقت الاضطراب في مفهوم الشهادة والانتحار عندي،

فوجهوني جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: الشهادة التي أعد الله لأهلها الجنة ومدح أهلها، هي التي تصدر عن الرغبة فيما عند الله، والإخلاص لله والجهاد في سبيله سبحانه وتعالى، سأل رجل الرسول عليه الصلاة والسلام، قال: «يا رسول الله، أرأيت إن قتلت في سبيل الله أأدخل الجنة؟ أتكفر عني خطاياي؟ أو كما قال، قال عليه الصلاة والسلام: نعم إن قتلت صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر» (¬2) فالمؤمن الذي يقاتل في سبيل الله، يرجو ثواب الله، ويريد نصر دين الله، هذا هو المجاهد في سبيل الله، وهو الشهيد إذا قتل في حكم الشهادة التي وعد الله أهلها الجنة، أما من جهة حكم الدنيا، فكل من قتل في سبيل الله لا يغسل ولا يصلى عليه، والعمل على الظاهر، ونيته إلى الله سبحانه وتعالى، إذا قتل في سبيل الله، مات في المعركة - قتل - لا يغسل ولا يصلى عليه، بل يدفن في ثيابه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في شهداء يوم أحد. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (136). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب من قتل في سبيل الله كفرت عنه خطاياه إلا الدين برقم (1885).

وأما حكمه عند الله، فإن قتل صابرًا محتسبًا مقبلاً غير مدبر، موحدًا لله قاصدًا وجهه الكريم، فإنه تكفر عنه خطاياه ويكون من أهل الجنة؛ لأنه جاء في الرواية الأخرى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إلا الدين قال: أخبرني به جبرائيل آنفا» (¬1) فالدين معناه أن صاحبه لا يرجع إليه دينه، بل يعطى حقه إما بأنه يرضيه الله عنه يوم القيامة من فضله وإحسانه، وإما أن يعطى من حسنات هذا الشهيد، ما يقابل هذا الدين، فالشهيد على خير، وصاحب الدين لا يضيع حقه، بل الله يرضيه عنه سبحانه، بما يشاء جل وعلا. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب من قتل في سبيل كفرت خطاياه إلا الدين، برقم (4988).

التفصيل في معنى الفداء والاستشهاد في سبيل الله

174 - التفصيل في معنى الفداء والاستشهاد في سبيل الله س: موضوع الفداء والاستشهاد في سبيل الله، يا سماحة الشيخ؟ كأنه يطلب المقارنة بينهما، والتفريق بينهما؟ (¬1) ج: إذا كان قصده بذلك أن يبارز الناس، وأن يجتهد في مهاجمة ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (143).

الأعداء، ولو قتل في سبيل الله، هذا مطلوب إذا كان العدو من الكفرة المعروفين، وجاهده في سبيل الله، وأقدم على الجهاد، ولو قتل يرجى له الخير العظيم، مثل ما فعل أنس بن النضر، لما انصرف الناس يوم أحد، تقدم إلى الجهاد حتى قتل رضي الله عنه، والناس منصرفون وهو متقدم إلى العدو، وجاهد حتى قتل، فوجدوا فيه بضعا وثمانين؛ ما بين رميه بسهم أو ضربة بسيف أو طعنه برمح رضي الله عنه وأرضاه. الحاصل أن الفداء يعني التقدم إلى العدو، حرصًا على الشهادة في سبيل الله، حرصًا على قتال الأعداء؛ هذا فيه فضل عظيم وخير كثير، إذا كان لله لا رياء ولا سمعة، وليس من قصده الوطن، إنما قصده القتال في سبيل الله، هذا له خير عظيم، ولا يعد هذا من الانتحار.

بيان بعض صفات الشهداء

175 - بيان بعض صفات الشهداء س: هل الشهيد في سبيل الله يأكل ويشرب ويسمع؟ وهل هو حي يرزق إلى يوم القيامة، كما قال الحق تبارك وتعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (136).

ج: نعم، كما قال الله، هم أحياء عند ربهم؛ يعني الأرواح، والأبدان في التراب، وأما أرواحهم فتنقل إلى الجنة، ويأكلون فيها ويشربون في الجنة، كما أخبر سبحانه وتعالى.

بيان فضل الجهاد بالمال والنفس في سبيل الله

176 - بيان فضل الجهاد بالمال والنفس في سبيل الله س: سمعت أن الجهاد بالمال يعدل الجهاد بالنفس، فما رأيكم بهذا؟ (¬1) ج: الله سبحانه قدم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس في غالب الآيات، لقوله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، وقال تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، فالمقصود أن الجهاد في سبيل الله له شأن عظيم، فهو بالمال أفضل في بعض الوجوه، وبالنفس أفضل في بعض الوجوه؛ فالنفس أغلى شيء عند الإنسان، فالجهاد بالنفس هذا أفضل الجهاد؛ لأنه مجاهد بنفسه، لكن قدم الله المال؛ لأن المال ينفع في جهات كثيرة، ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (119).

يستطاع أن يستأجر به المجاهد، ويستطاع أن يجهز به المجاهد، ويستطاع أن يشترى به السلاح، ويشترى به الطعام والشراب، وتشترى به الكسوة، وتشترى به المؤونة والذخيرة، فنفع المال متنوع. أما جهاد النفس فهو جهاد خاص، وهو لذلك المجاهد نفسه في سبيل الله عز وجل، لكن الفائدة من المال، أنواع منوعة وكثيرة، فلهذا قُدم في غالب الآيات، وذكرت النفس في آية واحدة، في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}، فلما كان المقام مقام تقديم النفس، وتقديم المال فتقديم النفس أعظم من تقديم المال، وأغلى عند الله وعند المؤمنين.

فضل مجاهدة النفس في أداء الواجبات وترك المحرمات

177 - فضل مجاهدة النفس في أداء الواجبات وترك المحرمات س: رجل يسأل: عن مجاهدة النفس، هل هي من أعظم الجهاد؟ وكيف يكون ذلك، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: الجهاد في النفس من أهم المهمات هو الجهاد في سبيل الله في الحقيقة، في الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: «المجاهد من ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (301).

جاهد نفسه لله» (¬1) والله يقول سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}، فالمجاهد للنفس في أداء الواجبات، وترك المحارم، والوقوف عند حدود الله، هذا من أهم الجهاد، ومن أهم الواجبات والفرائض. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه برقم (27725).

حكم من نوى عملا صالحا ومنع لعذر شرعي

178 - حكم من نوى عملاً صالحًا ومنع لعذر شرعي س: إنني فتاة ملتزمة، وقد هداني الله إلى طريق الحق، وحبب الله في قلبي الإيمان، حتى أصبحت أتقدم إلى كل عمل صالح يقربني إلى الله، ولكن هناك أعمال صالحة لم أستطع أن أصل إليها وذلك لأنني امرأة، فمثلا عظمت منزلة المجاهد عند الله، وإنني أحب أن أكون في منزلتهم، والغريب في ذلك أن الأنبياء والصالحين اغتبطوا المجاهدين، لعظم منزلتهم عند الله، وهم على منابر من نور، فسؤالي: هل هناك عمل للمرأة يعادل منزلة المجاهد سواء كانت المرأة متزوجة أو غير متزوجة؟ وهل المرأة إذا تمنت الجهاد

وتوفاها الله بعد ذلك كتبت في منزلة الشهداء؟ (¬1) ج: أرجو لك أيتها الأخت في الله الخير العظيم، وأن يكتب لك مثل أجر المجاهدين؛ لأن العبد إذا نوى الخير ومنعه مانع شرعي، أو مانع حسي كالمرض، فإنه يكتب له أجر العاملين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح عند غزوة تبوك: «إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم، قالوا: يا رسول الله وهم بالمدينة، قال: وهم بالمدينة حبسهم العذر» (¬2) وفي لفظ آخر: «إلا شركوكم في الأجر» (¬3) وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا» (¬4) هذا من فضل الله عز وجل، وقال في الحديث الصحيح: «الدنيا لأربعة: رجل، أعطاه الله مالا ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (62). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر برقم (4423). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر برقم (1911). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل في الإقامة، برقم (2996).

وعلما فهو يتقي في ماله ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقه، فهذا بأرفع المنازل، ورجل أعطاه الله علما ولم يعط مالا، فكان يقول: لو كان لي من المال مثل فلان لعملت فيه مثل عمله، قال: فهذا بنيته فهم في الأجر سواء» (¬1) ولما قالت عائشة: «يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل الأعمال، أفلا نجاهد، قال عليه الصلاة والسلام: عليكن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة» (¬2) فجهادكن الحج والعمرة، متى تيسر لك الحج أو العمرة، ووافق زوجك على ذلك، فهذا من الجهاد في حقكن، وعليك الجهاد بالمال، إذا كان عندك مال تساعدين بالمال حسب الطاقة، فيكون لك أجر الجهاد بالمال، تسلحين بالمال ما تستطيعين للجهات التي تقبل المال للمجاهدين، ويكون لك نصيب وأجر المجاهدين بالمال، ونرجو لك أيضًا أجر المجاهدين بأنفسهم؛ لأنه منعك من الجهاد بالنفس العذر الشرعي، وهو أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن عليكن جهادًا لا قتال فيه؛ الحج والعمرة، وأن الله أسقط عنكن الجهاد بالنفس، وجعل عليكن ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي كبشة الأنصاري رضي الله عنه، برقم (18031). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب المناسك، باب الحج جهاد النساء، مختصرا برقم (2901).

الجهاد بالحج والعمرة، والمال كما في النصوص الأخرى، لقوله سبحانه: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، وقد اختلف العلماء، هل على المرأة جهاد بالمال على قولين: والأقرب والأرجح أن عليها جهادًا بالمال؛ لأنها داخلة في العموم إذا كان عندها مال وعندها سعة فإنها تجاهد من مالها مع قيامها بما يسر الله من الحج والعمرة، والمرأة قد تصل بنيتها إذا أحسنتها ما لا يصل إليه الرجال.

حكم بقاء المسلمين في بلاد استولى عليها الأعداء

179 - حكم بقاء المسلمين في بلاد استولى عليها الأعداء س: لقد استولى الأعداء على بعض أرضنا، فهل بقاء المؤمنين من سكانها فيها أفضل أو الهجرة منها؟ (¬1) ج: بقاء المسلمين في بلادهم ولو استولى عليها بعض الكفرة، بقاؤهم في بلادهم أصلح إذا استطاعوا إظهار دينهم، واستطاعوا الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولو باللسان، وإظهار الدين، هذا أصلح حتى لا يضيع الدين في بلادهم، وحتى لا يلبس ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (37)؟.

الأمر على من بقي من المسلمين الضعفاء. فإذا كان المسلم لا يستطيع إظهار دينه، بل يخشى على نفسه؛ فإنه يلزمه أن يهاجر مع القدرة؛ لأن الله سبحانه أوجب الهجرة على المسلمين مع القدرة، وقد هاجر المسلمون من مكة إلى الحبشة، ثم هاجروا إلى المدينة، لما آذاهم الكفار في مكة، فإذا كان الإنسان في بلد يؤذيه الكفار ويمنعونه من إظهار دينه، أو يخشى على نفسه من الفتنة والكفر، فإنه يلزمه أن يهاجر إلى بلاد يستقيم فيها دينه، ويأمن فيها على دينه إذا استطاع؛ لأن الله قال - جل وعلا - {إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ}، المستضعف مستثنى، فإذا كان يستطيع وجب عليه أن يهاجر إلى بلد الإسلام، وبلد الأمن والعافية، لكن إذا كان مقامه في بلاده أصلح للمسلمين وأنفع للمسلمين، وهو يقوى على الإقامة للدعوة إلى الله والتوجيه إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحفاظ على بقية المسلمين، فهذا أولى، وقد يجب عليه الجلوس لما في بقائه من مصلحة للمسلمين، والحماية لهم من مكايد الأعداء، ودعوتهم إلى الخير وتبصيرهم بدينهم.

كلمة توجيهية للدعاة إلى الله تعالى

180 - كلمة توجيهية للدعاة إلى الله تعالى س: يقول السائل: هل من كلمة للشباب الذين بدؤوا الالتزام، وبدؤوا يمارسون الدعوة إلى الله، ويلتزمون بأحكام السنن، هل من كلمة يتفضل بها سماحة الشيخ؟ (¬1) (¬2) ج: نوصيهم بتقوى الله، وأن يشكروا الله على ما منَّ به عليهم، من الالتزام وطاعة الله ورسوله، ونوصيهم بعدم العجلة في الأمور، وعدم التشديد الذي لا يوافق الشرع، بل نوصيهم بالتثبت والتوسط في الأمور، وعدم الغلو وعدم الجفاء، لا هذا ولا هذا، الواجب التوسط في الأمور، فلا غلو ولا جفاء، ولا إفراط ولا تفريط، بل إذا التزم بالحق بإعفاء لحيته والصلاة في الجماعة، بالطمأنينة وبعدم الإسبال وبعدم حلق اللحية، يستقيم على ذلك، ويسأل ربه العون والتوفيق، ولا يعنف على الآخرين بشدة، بل يدعوهم إلى الله بالحكمة والكلام الطيب، يا أخي: الرسول صلى الله عليه وسلم، أمر بإعفاء اللحى، يا أخي نوصيك بإعفائها، يا أخي لا تسبل ثيابك، الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الإسبال، نهى عن الخيلاء، بالكلام الطيب والأٍسلوب الحسن، الذي ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (273). (¬2) السؤال من الشريط رقم (273). ') ">

يرجى من ورائه قبول الحق والتأثر، فإن الشدة قد يحصل بها التنفير والمخاصمة والنزاع، ولكن بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، يحصل الخير الكثير، يقول الله عز وجل: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، هكذا أرشدنا مولانا سبحانه وتعالى، ويقول جل وعلا في كتابه العظيم، في وصف النبي صلى الله عليه وسلم: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}، ويقول الله لموسى وهارون عليهما السلام، لما بعثهما إلى فرعون، قال سبحانه: {فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}، ويقول سبحانه في جدال أهل الكتاب اليهود والنصارى: {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}، فإذا كان اليهود والنصارى يجادلون بالتي هي أحسن، فكيف بالمسلم، فهو من باب أولى. فوصيتي للشباب وغير الشباب، لجميع من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، لجميع الدعاة إلى الله، وصيتي للجميع الرفق في الأمور

كلها، والجدال بالتي هي أحسن، وتحري الأسلوب الجيد اللين، لعل الله ينفع بذلك، كما نوصي بالحذر من العنف والشدة، والكلام البذيء، فإن هذا ينفر من الحق، وربما يسبب خصومة ونزاعًا، ومقاتلة ومضاربة، والمؤمن قصده الخير، والداعي إلى الله قصده الخير، فينبغي سلوك أسباب الخير، الواجب على الداعي إلى الله، والآمر والناهي، أن يسلك المسالك التي تعين على حصول الخير، وتعين إخوانه على قبول الحق، نسأل الله للجميع الهداية. وهذه الوصية للجميع، من الدعاة إلى الله من الرجال والنساء، ولجميع الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، في كل مكان من أرض الله، الواجب على الجميع تحري الحق، وتحري الأسلوب الحسن، والصبر في ذلك والرفق، وأن يقول عن علم وعن بصيرة، يجب الحذر من القول على الله بغير علم، لا من الرجال ولا من النساء، ويجب أن يسلك المسلك الذي يرجى من ورائه حصول المنفعة، حصول الخير، قبول الحق، وذلك بسلوك الطريق الذي رسمه الرسول صلى الله عليه وسلم، ودل عليه كتاب الله عز وجل في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا هو الذي يرجى من ورائه الخير العظيم للمجتمع كله؛ رجاله ونسائه، كما قال مولانا سبحانه في كتابه العظيم، يخاطب نبيه

صلى الله عليه وسلم، والمراد به الأمة كلها: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ} أي إلى دين ربك، {بِالْحِكْمَة} العلم قال الله، قال رسوله، {وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}، الترغيب والترهيب بالكلام الطيب، قال الله كذا، قال الرسول كذا، وعد الله من فعل كذا بالجنة، وتوعد الله من فعل كذا بالنار، يعني يذكر الآيات والنصوص، {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} يعني بالأسلوب الحسن بالرفق، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه» (¬1)، ويقول عليه الصلاة والسلام: «من يحرم الرفق يحرم الخير كله» (¬2) ويقول جل وعلا: {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ} يعني اليهود والنصارى، {إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}، الظالم يعامل بما يستحق، إذا ظلم وتعدى وضرب أو سب؛ يعاقب بما يستحق، ومن عفا فأجره على الله، لكن ما دام لم يتعد ولم يظلم تبدؤه بالتي هي أحسن، بالكلام الطيب، ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب، فضل الرفق برقم (2594). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الرفق، برقم (2592).

قال الله: كذا، قال الرسول: كذا، إذا كان مسلمًا يا أخي كذا، يا أخي افعل كذا، أوصيك بكذا، قال الله: كذا، قال الرسول: كذا، حتى يلين قلبه، ويرغبه في الخير، ولا يخاطبه بالعنف والشدة، أو يقول: يا جاهل، أو يا حمار، أو يا مغرور، أو يا متكبر، أو يا كافر، لا، يأتي بالعبارات الطيبة، يا أخي إن كان مسلمًا، أو يا فلان إن كان كافرًا، أو يا عبد الله أو يا أبا فلان، مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن الخباب، وهو منافق يرغبه في الخير، يخاطبه بالاسم المناسب، باسمه أو بكنيته، يدعوه إلى الله، ولا يخاطبه أبدًا بالألفاظ المنكرة؛ لأنها تنفر عن الحق، وربما قال له مثلما قال، إذا قال له: يا مغرور، قال: أنت المغرور، وإذا قال له: يا جاهل، قال: أنت الجاهل، وإذا قال: يا فاجر، قال: أنت الفاجر، وإذا قال: يا كافر، قال: أنت الكافر، هذا يسبب المشكلات، ولكن بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، تقبل الدعوة، ويقبل الحق، وتؤدى الفريضة ويؤدى الواجب. س: يقول السائل: سماحة الشيخ تفرح الأمم بالنابغين منهم، ولا شك أن هؤلاء الشباب يعتبرون قادة النابغين، نطمع بكلمة في هذا المقام؟

ج: نعم، لا شك أن الأمة تفرح بالنابغين، بالعلم والفضل والتقوى، حتى في أمور الدنيا، النابغ في الهندسة أو في أي صنعة، يفرح به أهله، ومجتمعه فكيف إذا كان في الدين، والدعوة إلى الله، والإرشاد إلى الخير، والتفوق في العلم النافع، هذا أعظم وأعظم، فينبغي الفرح بهؤلاء، والدعاء لهم بلتوفيق، والثبات على الحق، وتشجيعهم على الخير، والمزيد من العلم النافع، وتشجيعهم على الرفق في الأمور، وعدم الغلو في الأمور؛ لأن الإنسان قد يصيبه شدة، بسبب غيرته على الإسلام، قد يحصل له شيء من الغلو ولا يشعر بنفسه، بسبب ما عنده من الخير ومحبة الخير للأمة، وقد يتجاوز الحدود، ولكن ينصح ويوجه إلى الخير، بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، حتى يعتدل، وينبغي الفرح به، والسرور بوجوده، للنابغين بالعلم والدعوة والغيرة لله، لكن يسعى معهم لتوجيههم للخير، وتثبيتهم على الحق، وحثهم على التوسط في الأمور، وعدم العجلة وعدم الغلو، وعدم استعمال الألفاظ المنفرة عن الحق، كل هذا مما يجب فيه التواصي والتعاون.

بيان كيفية الدعوة إلى الله تعالى

181 - بيان كيفية الدعوة إلى الله تعالى س: يسأل المستمع: ح. ع من الجزائر، ويقول: ما كيفية الدعوة إلى الله عز وجل؟ وما هي الشروط التي يجب أن تتوفر في الداعي

إلى الله عز وجل؟ وهل الدعوة إلى الله واجبة؟ جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: الكيفية بينها الرب عز وجل، قال سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، هكذا السنة، وقال جل وعلا: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}، وقال الله لموسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون: {فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}، فالسنة للداعي أن يرفق، وأن يجمع الدعوة بالحكمة، بالعلم: قال الله، قال رسوله، وأن يعتني بالموعظة الحسنة، والترغيب والترهيب، يذكر ما جاء من الوعيد في المعاصي، وما جاء من الأجر العظيم والخير الكثير في الطاعات، يجادل بالتي هي أحسن عند وجود الشبه والاشتباه، يجادل بالتي هي أحسن، وبالبيان الواضح ولا يشدد، بل يرفق؛ لأن هذا أقرب إلى القبول والتأثر، ولا بد من شرط البصيرة، شرط العلم، لا بد أن يكون الداعي عنده علم ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (388).

وعنده بصيرة، قال الله جل وعلا: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ}، فالواجب على الداعي إلى الله أن يكون على بصيرة وعلى علم، وأن يرفق في دعوته، ويجادل بالتي هي أحسن، حتى لا ينفر الناس من الحق، والواجب عليه أيضًا، أن لا يخالف قوله فعله ولا فعله قوله، وأن يقول الحق، ويكون من أسرع الناس إليه، وأن ينهى عن الباطل، وأن يكون من أبعد الناس من الباطل، هكذا يكون الداعي إلى الله، يدعو إلى الحق ويسارع إليه ويتخلق به، وينهى عن الباطل ويحذره، ويبتعد عنه، ويرفق في دعوته، ويجتهد في ذكر الآيات والأحاديث؛ لأن ذلك يؤثر في القلوب ويسبب القبول. والواجب عليه أن يكون من أسرع الناس إلى ما يدعو إليه، ومن أبعد الناس عما ينهى عنه من الواجبات والمحرمات، ويكون أسرع الناس إلى كل واجب يدعو إليه، ومن أبعد الناس عن كل محرم ينهى عنه، حتى يتأسى بقوله وفعله، قال الله جل وعلا: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، فهو صلى الله عليه وسلم كان يدعو ويعمل، فهو

داعية إلى الله بقوله وفعله عليه الصلاة والسلام، فهكذا الدعاة، المشروع لهم أن يكونوا دعاة إلى الله بأفعالهم وأقوالهم، وأن يكونوا على بصيرة، وأن يحذروا القول على الله بغير علم.

بيان صفات الداعية إلى الله تعالى

182 - بيان صفات الداعية إلى الله تعالى س: السائل م. خ. يقول: ما هي الشروط التي يجب أن تتوفر في الداعية إذا أراد أن يدعو إلى الله عز وجل؟ وهل يدعو الإنسان بأقل قدر من العلم، أم يجب أن يتعلم بعض العلوم الشرعية؟ وما هي هذه العلوم؟ (¬1) (¬2) ج: إن الداعية إلى الله لا بد أن يكون على بصيرة؛ لأن الله يقول جل وعلا: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ}، لا بد أن يكون عنده علم من القرآن العظيم والسنة المطهرة، فإذا كان عنده علم وبصيرة بالأدلة القرآنية والأدلة الحديثية عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه يدعو إلى الله حسب علمه، سواءً كان متخرجًا من كليات الشريعة، أو كليات الدعوة، أو كليات الحديث، أو كليات القرآن، أو درس في المساجد على العلماء، فالمقصود إذا كان عنده علم بالقرآن ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (410). (¬2) السؤال من الشريط رقم (410). ') ">

والسنة، فإنه يدعو إلى الله، ويعلم الناس دينهم، ويرشدهم إلى توحيد الله وعبادته، ويعلمهم ما أوجب الله عليهم، ويحذرهم ما حرم الله عليهم، ويرغب ويرهب كما شرع الله، وإذا كان ما عنده علم، فليس له الكلام فيما لا يعلم، لكن الإنسان إذا كان عنده علم في بعض الأشياء دعا إليها، مثل ما يدعو المؤمن إخوانه إلى الصلاة، وإن كان عاميًا؛ لأن الصلاة معلومة، يدعوهم إلى الصلاة والمحافظة عليها في الجماعة، يدعوهم إلى بر الوالدين، هذا شيء معروف، يدعوهم إلى أداء الزكاة، هذا شيء معروف، يدعوهم إلى صيام رمضان، هذا شيء معروف حتمي، ولو العامي يجتهد مع أهله ومع إخوانه في العناية بهذه الأمور، كذلك يحذر من الزنا، من الربا، من الرياء، من عقوق الوالدين، من شرب الخمر، هذه أمور معلومة، لكن الأشياء التي قد تخفى تحتاج إلى علم، فلا يتكلم فيها إلا صاحب العلم، أما الأمور الواضحة المعروفة من الدين بالضرورة، هذه يتكلم فيها العالم وغير العالم، فالإنسان في أهل بيته ومع جيرانه ينصحهم في الأمور الظاهرة، التحذير مما حرم الله، الحث على أداء الصلاة في الجماعة، الحث على بر الوالدين، في صلة الرحم، هذه أمور معلومة بحمد الله، لكن ليس للداعي إلى الله أن يتكلم فيما لا يعلم، بل يجب أن يتحرى ما دل عليه القرآن والسنة حتى

يكون في دعوته على بصيرة، كما قال الله سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ}، والله يقول جل وعلا: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}، فجعل القول عليه بغير علم في القمة، فوق الشرك لعظم خطره، وأخبر سبحانه أن الشيطان يأمر بذلك، فقال عن الشيطان: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}، فالشيطان يدعو الناس إلى كلام بغير علم، والدعوة بالجهل، وهذا منكر عظيم، فالداعي إلى الله يجب أن يثبت، ويجب أن يتعلم، حتى يكون على بينة وعلى بصيرة مما يدعو إليه، وفيما ينهى عنه، لكن الأمور الظاهرة المعروفة من الدين بالضرورة، هذه يدعو إليها العالم وغير العالم، كالتحريم من الزنا، التحريم من العقوق، التحريم من قطيعة الرحم، التحريم من الربا، هذا أمر معلوم، كذلك يدعو إلى الصلاة في الجماعة، يدعو إخوانه وجيرانه وأهل بيته، يحذرهم من الغيبة والنميمة، كل هذه أمور معروفة. س: يسأل عن كيفية الدعوة إلى الله؟ وما هي الشروط الواجب

توافرها في الداعية إلى الله؟ ج: يدعو إلى الله في بذل النصيحة للناس من طريق المكاتبة، أو من طريق الخطابة، أو من طريق الوعظ في المجلس، أو من طريق المحادثة في التليفون، أو ما أشبه ذلك، بشرط أن يكون على علم لقول الله سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ}، ولأن الله سبحانه حرم القول عليه بغير علم، فالواجب على طالب العلم أن يتقي الله، وأن لا يتكلم إلا عن علم وعن بصيرة، وبالأسلوب الحسن والعبارات الحسنة، لا بالفحش والشدة، ولكن بالعبارات الحسنة التي يرجى من ورائها أن ينتفع المدعو، ويستفيد ويتحرى الأوقات المناسبة، والألفاظ المناسبة التي يفهمونها، فيتكلم مع كل قوم باللغة التي يفهمونها، وعن علم بالأدلة الشرعية، وعن رفق وحكمة بأسلوب حسن.

بيان كيفية الجمع بين الرفق والحكمة في الدعوة إلى الله

183 - بيان كيفية الجمع بين الرفق والحكمة في الدعوة إلى الله س: سائل يقول: كيف الجمع بين الرفق بالناس في الدعوة إلى الله والحكمة في ذلك مع تطبيق هذه الآيات،

{أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}، {وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ} وهل البغض في الله يكفي بالقلب أم لا بد من إظهاره في كل الظروف والأحوال في مجال الدعوة إلى الله؟ (¬1) ج: الرفق في الدعوة لا ينافي هذا، الله جل وعلا قال في كتابه: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}، وعن إبراهيم أنه قال لقومه: {أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}، فالإنسان إذا علم ودعا إلى الله وأرشد ولم يستجب له يصرح لهم بالعداوة والبغضاء، وهذا ما ينفي الحكمة لا يسبهم ولا يلعنهم، ولكن يدعوهم إلى الله ويدعو لهم بالهداية، وإذا صرح لهم بالعداوة والبغضاء؛ لأن هذا ديننا يوجب البغضاء والعداوة من المسلم للكافر، كما أمر الله نبيه وخليله إبراهيم أن ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (418).

يقول ذلك، ويقول تبًا لآلهتكم إذا كانت من الأصنام ونحوها، تبًا لها، وإذا كان من الأموات الكفار تبًا لهم، وإذا كان المعبودون أنبياء أو صالحين لا، لا يقول هذا، يقول: هم برآء منكم، الأنبياء والصالحون، بَرَاء مما يعبدون من دون الله، هم يتبرؤون من عابدهم، فالواجب على الداعي إلى الله أن يكون عنده حكمة، يرفق في دعوته ويرشد إلى الله بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، مع بيان بطلان عبادة غير الله، وأن الكفار أعداء للمسلمين وبينهم العداوة والبغضاء هذا واجبهم.

بيان الكتب التي ينبغي للداعية الاعتناء بقرائتها

184 - بيان الكتب التي ينبغي للداعية الاعتناء بقراءتها س: يقول السائل هل من كتب معينة ينصح بها الشيخ عبد العزيز بن باز، لكل من يود أن يعمل في مجال الدعوة إلى الله؟ (¬1) ج: نعم، أعظم كتاب وأشرف كتاب، كتاب الله، وأنصح كل داعٍ إلى الله، وكل آمر بمعروف وناهٍ عن منكر، وكل معلم ومدرس ومرشد، أنصحه بالعناية بالقرآن، وأن يعتني بقراءته وتدبر معانيه، والإكثار من ذلك، فهذا أصل كل خير، وهو المعلم والهادي إلى الخير، كما قال عز ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (90).

وجل: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}، وهو يهدي بهداية الله إلى الطريق الأقوم، وإلى سبيل الرشاد، فأنفع كتاب وأصلح كتاب وأشرف كتاب، وأغلى كتاب هو كتاب الله، فالواجب على الدعاة وعلى الآمرين بالمعروف، والناهين عن المنكر والمعلمين، أن يعتنوا بهذا الكتاب العظيم، وأن يجتهدوا في الإكثار من تلاوته، وتدبر معانيه، فإنهم بذلك يستفيدون الفائدة العظيمة، ويتأهلون بذلك للدعوة والتعليم بتوفيق الله عز وجل، ثم أنصح بالسنة، أن يعتني بالسنة، وما جاء في الباب من الأحاديث، ويراجع كتب الأحاديث، وما ألفه الناس في ذلك، حتى يستفيد؛ مثل: صحيح البخاري وصحيح مسلم، كتاب الإيمان وكتاب العلم من رياض الصالحين، وما جمع في ذلك من كتاب بلوغ المرام، عمدة الحديث، جامع بيان العلم وفضله، كذلك كتاب ابن عبد البر التمهيد، كذلك كتاب جامع العلوم والحكم لابن رجب، هذه الكتب وأشباهها، تفيده فائدة عظيمة، وهكذا ما ذكره ابن القيم في زاد المعاد، وإعلام المعوقين، وفي طريق الهجرتين، والطرق الحكمية، ذكر في هذه الكتب شيئًا كثيرًا حول الدعوة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،

فينبغي للمؤمن أن يستفيد منها؛ لأنها كتب عظيمة من أئمة وعلماء، لهم القدح المُعَلَّى في هذا السبيل، مع حسن العقيدة، ومع التجارب الكثيرة، وهكذا ما كتبه أبو العباس ابن تيمية في السياسة الشرعية، وفي كتاب الحسبة، وفي الفتاوى، وفي منهاج السنة، فهو من أئمة الدعوة، الذين جربوا هذا الأمر وعنوا به، وابتلوا في سبيله كثيرًا، وصابروا فيه كثيرًا، وجدوا بالدعوة، وصبروا على أذاها، وابتلوا بخصوم كثيرين، أعانه الله على كبح جماحهم، وعلى بيان الحق لهم، وعلى إزاحة ما عندهم من الشبه، فأنا أنصح كل داعية وكل متعلم، وكل مرشد، وكل آمر بالمعروف، وناهٍ عن المنكر، أن يعتني بهذه الكتب المفيدة بعد العناية بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وكذلك السياسة الشرعية التي كتب فيها خلق كثير مثل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، كذلك الكتب المؤلفة في هذا الباب، من المذاهب الأخرى، كمذهب المالكية والشافعية والحنفية، وما جمع في مذهب الحنابلة، لغير ابن القيم وشيخ الإسلام. المقصود أنه يستعين بكتب أهل العلم، التي ألفت في هذا الباب، لأنها ترشده إلى ما قد يجهله، مع عنايته بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام.

بيان ما يلزم الداعية تجاه المدعوين

185 - بيان ما يلزم الداعية تجاه المدعوين س: يقول السائل كيف يتم إقناع الناس من خلال الدعوة إلى الله تعالى؟ وما هي الأسس السليمة للدعوة إلى الله؟ (¬1) ج: إقناع الناس قد لا يتيسر، لكن الذي على الداعي البيان، يبين ويوضح، والله الذي يهدي من يشاء، قال الله جل وعلا: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا}، وقال سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}، وقال جل وعلا: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ}، ما قال حتى يتبين قال: {حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ}، المقصود البيان والإيضاح، والله يقول: {هَذَا بَلاَغٌ لِلنَّاسِ}، هذا بيان للناس، المقصود ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (383).

البلاغ والبيان، والله الذي يهدي من يشاء، يقول سبحانه: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}، فليس من شرط الدعوة أن تقنع، قد يكون مكابرًا، وقد يكون معاندًا لا يقنع، وإن كان الكلام مقنعًا والإيضاح مقنعًا، لكن قد لا يقتنع، قد يقول: ما اقتنعت، فلا يلتفت إلى قوله متى بلغ وأنذر وحذر، وجبت عليه الحجة، ووجب أخذه بها، ولا يلتفت إلى قول: أنا ما قنعت، المقصود البيان، فمتى أبلغ الحجة بيّن له الأمر، ووجب أن يعامل بمقتضى ذلك، فإن كان لا يصلي، وجب أن يعامل بما يقتضيه الحكم الشرعي، من قتله إن لم يتب، وإن كان يسب الله ورسوله، أو يتعاطى أمورًا من الردة، عُومل بما يستحق، وهكذا في جميع المسائل يعامل بما يستحق، بعد البيان والإيضاح، ولو قال: إني لم أقتنع له باللغة التي يفهمها.

بيان الوسائل المعينة للداعي إلى الله

186 - بيان الوسائل المعينة للداعي إلى الله س: هذا السائل طالب من الجامعة، يقول في سؤاله الذي كتبه باختصار، يقول: سماحة الشيخ، ما هي السبل المعينة للداعي إلى الله عز وجل؟ وهل الدعوة خاصة بأناس معينين؟ حيث إنني

أريد أن أدعو إلى الله بحكمة وبصيرة، ولكن معرفتي بالأمور الشرعية قليلة جدًا؟ (¬1) ج: الدعوة إلى الله سبحانه منهج الرسل عليهم الصلاة والسلام، فإن الله بعثهم دعاة إلى الحق، وهداة للخلق، بما أوحى إليهم سبحانه وتعالى، وعلى رأسهم خاتمهم وإمامهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، فقد قال الله له: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، وقال سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، وسبل الدعوة هي توجيه الناس إلى الخير بالخطابة والموعظة والكتابة، والمشافهة الخاصة، ومن طريق الهاتف، ومن أي طريق يوصل به الداعي الحق إلى المدعوين، ليس لذلك حد محدود، متى أمكن الداعي إلى الله جل وعلا، أي طريق، يوصل به الحق، مما أباحه الله وشرعه الله، فعل ذلك؛ لأن المقصود هو إيصال الحق إلى الناس، والحرص على هدايتهم، وعلى قبوهم للحق، ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (379).

من طريق الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فهو يعظهم بآيات الله، ويتلو عليهم كتاب الله، ويتلو عليهم السنة، ويفهمهم في المعنى، حسب الطاقة، ولكن ليس له أن يدعو إلا على علم وبصيرة، الذي ليس عنده علم، ليس له أن يدعو على جهالة، {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ}، المعنى على علم، الجاهل ليس له أن يدعو حتى يتعلم، فإذا تعلم وكان على بصيرة دعا غيره على حسب ما عنده من العلم والبصيرة، أما الجهالة، فلا يجوز له أن يدعو وهو جاهل، بل ذلك محرم، قال الله سبحانه: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}، فجعل القول بغير علم فوق مرتبة الشرك، نسأل الله العافية، وقال في وصف الشيطان: {إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}، فالواجب على الدعاة إلى الله سبحانه، أن يكونوا على بصيرة على علم، وأن يتوخوا الطرق والسبل الطيبة الجائزة التي توصل

الحق إلى المدعوين، وتوضحه لهم، تلاوة وكتابة، وغير ذلك مما يتيسر به إيصال الحق إليهم، وللداعي مثل أجر من هداه على يديه، مثل ما قال صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» (¬1) فمن دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، والناس بحاجة إلى الدعوة، بل في ضرورة إلى الدعوة، في كل زمان، ولكن بعض الناس أشد حاجة من بعض، في المدن والقرى، فالذين عندهم علماء، وعندهم موجهون، حاجتهم أقل من حاجة الذين ليس عندهم أحد، فعلى العلماء أينما كانوا أن يوجهوا الناس، ويرشدوا الناس إلى الحق، ويبصروهم بدين الله عز وجل، ولهم مثل أجور من هداهم الله على أيديهم، وعليهم أن يتوجهوا إلى البلدان والقرى التي ليس فيها دعاة، حتى يقوموا بالواجب حسب طاقتهم، وهكذا أهل القبائل، قبائل العرب التي ليس فيها من يوجههم للخير، يجب على ولاة الأمور أن يوجهوا لهم الدعاة، حتى يبصروهم ويرشدوهم إلى الحق. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره، برقم) (1893).

بيان توجيه من يرغب في الدعوة إلى الله تعالى

187 - بيان توجيه من يرغب في الدعوة إلى الله تعالى س: يسأل المستمع ويقول: إنني أريد أن أكون أحد الدعاة إلى الله، وأدعو بالحق وبالعلم وبالمعرفة، بماذا تنصحونني في ذلك؟ جزاكم الله كل خير؟ (¬1) ج: ننصحك بالجد في طلب العلم، والتفقه في الدين، والدعوة إلى الله سبحانه وتعالى لأنك مسؤول مأمور بالدعوة إلى الله، إذا كان عندك علم، الله يقول سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ}، وعليك أن تدعو إلى الله، وتدعو الناس إلى الخير في بيتك، وفي جماعتك وفي مسجدك وفي قبيلتك، حسب طاقتك، لكن إذا كان عندك علم من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، عرضت ذلك على أهل العلم، وأذنوا لك ووجهوك فأنت اجتهد واعمل واحرص على الخير، وأبشر بالخير والعاقبة الحميدة، وإن كان ليس عندك علم، فلا تقل على الله ما لا تعلم، وتتكلم بغير علم، واسأل أهل العلم حتى يوجهوك ويبصروك، وإذا أحببت أن تكتب لنا في ذلك، أرشدناك إن شاء الله. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (292).

بيان حكم الدعوة إلى الله تعالى

188 - بيان حكم الدعوة إلى الله تعالى س: الأخ: ن. ن. أ، من اليمن يقول: هل الدعوة إلى الله واجبة على كل مسلم، أم على أشخاص معينين رسميين؟ جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: الدعوة إلى الله فرض كفاية، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذا قام به من يكفي سقط عن الباقي، فإذا تولى الدعوة إلى الله من فيهم الكفاية في القرية، أو في القبيلة، أو في المدينة كفى، وإذ لم يكفوا؛ لأن القرية واسعة، أو المدينة واسعة، أو القبيلة واسعة، وجب على من عنده علم أن يشارك في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى حتى تحصل الكفاية والتعميم، ولو قام بها غيره كان أفضل له، حتى يشاركه في الخير، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» (¬2) ولا تختص بالرسميين، بل هي مشروعة للجميع، الرسمي وغير الرسمي، وهذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مشروع للجميع، كلٌ يدعو إلى الله ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، كما قال الله عز وجل: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (210). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره، برقم) (1893).

، وقال جل وعلا: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، فالمشروع لجميع أهل العلم الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في المدينة وفي القرية وفي القبيلة وفي أي مكان، لكن إذا قام بذلك من تحصل بهم الكفاية في قبيلة معينة أو قرية معينة أو مدينة معينة سقط الوجوب عن الباقين، وصار في حق الباقين سنةً مؤكدة، من باب التعاون على البر والتقوى، والله المستعان.

بيان ما ينبغي أن يتحلى به الواعظ والخطيب

189 - بيان ما ينبغي أن يتحلى به الواعظ والخطيب س: يقول السائل المواعظ والخطب التي نسمعها من بعض المحدثين هداهم الله، حيث يخرج منهم كلام حاد وعنيف على بعض من صدرت منهم مخالفة، والبعض من الناس تحصل منه هذه المخالفة، عن طريق الجهل، هل هذا مشروع؟ (¬1) ج: السنة للواعظ والمذكِّر الرفق، واستعمال الأسلوب الحسن، ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (376).

والترغيب والترهيب، الجدال بالتي هي أحسن، هذا هو السنة، قال الله تعالى:: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، حتى يقبل الناس الحق، وحتى يخضعوا لسماع الخير، وحتى يطمئنوا، ولا يكون في مثل هذا التعنيف والتشديد؛ لأن هذا ينفر من سماع المواعظ والذكرى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يحرم الرفق يحرم الخير كله» (¬1) وقد قال الله تعالى في وصف نبيه صلى الله عليه وسلم: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}، فما دام المستمعون يصغون إلى الحديث، ويستفيدون فالحمد لله، عليه أن يستمر ويراعي الأسلوب الحسن، والرفق رجاء أن ينفعهم الله بما يسمعون، أما من تعدى وظلم، فله شأن آخر في عقابه، وفي عقابه بما يستحق، لما قال الله تعالى: {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}، من ظلم له عقاب يليق به، لكن الداعية يستعمل الرفق في دعوته، وإذا دعت الحاجة إلى الشدة في ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الرفق، برقم (2592).

بعض المنكرات لأن صاحبها قد ظلم، وتعدى وكابر فلا بأس.

حكم من يدعو إلى الله تعالى وعنده بعض النقص في دينه

190 - حكم من يدعو إلى الله تعالى وعنده بعض النقص في دينه س: يقول السائل عندنا في السودان ناسٌ يدعون إلى الإسلام، ويعملون لإعلاء كلمة الله، وتطبيق شرع الله، ولكن تطالعنا صور بعضهم وهم من قادة هذه الدعوة بدون اللحى، أي يحلقون اللحية، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإطلاق اللحى في عدة أحاديث، ما رأى سماحتكم في مخالفة هذا الأمر؟ (¬1) ج: الداعي إلى الله جل وعلا، والمعلم لعباد الله ليس بمعصوم، فإذا كان يدعو إلى الله جل وعلا، ويرشد الناس إلى الخير، فهو مشكور وله أجره العظيم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» (¬2) والله يقول سبحانه {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، فالدعوة إلى الله وإلى توحيده، وإلى طاعة أوامره وترك نواهيه، هذه هي سبيل الرسل: ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (198). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره، برقم) (1893).

{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} والداعي إلى الله قد يقع منه بعض المعاصي ليس بمعصوم، فلا تزهد فيه من أجل هذه المعصية، اسمع ما يقوله من الحق، من: قال الله وقال رسوله واستفد من ذلك وانتفع بذلك وادع الله أن يوفقه لتوفير لحيته وإكرامها، وإعفائها، فلا شك أن حلق اللحية محرم ومنكر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «قصوا الشوارب وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين» (¬1) وقال عليه الصلاة والسلام: «خالفوا المشركين وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب» (¬2) وقال في اللفظ الآخر: «جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس» (¬3) كلها أحاديث صحيحة، بعضها في الصحيحين، وبعضها في صحيح مسلم، فالواجب على كل مسلم وإن كان من غير أهل العلم، أن يعفيها وأن يوفرها وأهل العلم أولى بهذا؛ لأنهم الدعاة ولأنهم القدوة، فالواجب عليهم أن يوفروها ويحترموها طاعة لله ولرسوله، وعملاً بشرع ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة، برقم (7092) بدون لفظخالفوا المشركين. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب تقليم الأظفار، برقم (5892). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (260).

الله وحتى تقبل دعوتهم وحتى لا يساء الظن، لكن لو قصر في ذلك فإنك لا تترك الاستجابة لدعوتهم للحق، وعليك أن تقبل الدعوة بالحق، وإن كان صاحبها مقصرًا في بعض الأمور، فليس الداعي إلى الله كاملاً ولا معصومًا، فقد يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويدعو إلى الله وعنده بعض النقص، فاقبل منه فيما دعا إليه من الخير والهدى وانصحه فيما قصر فيه، نصيحة المؤمن لأخيه باللطف والأسلوب الحسن، وأنت مأجور وهو مأجور هو على ما قال به من الخير، وأنت مأجور على النصيحة والتوجيه إلى الخير، ولا يمنعك تقصيره في أن تقبل دعوته للخير، وأن تعينه على الخير، وفق الله الجميع.

بيان الفرق بين الداعي وبين الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر

191 - بيان الفرق بين الداعي وبين الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر س: ما هو الفرق بين الدعوة إلى الله وبين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ (¬1) ج: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعوة إلى الله، لكن الآمر والناهي يستطيع أن يزيل المنكر، ويُلزم بالمعروف إذا كان عنده قدرة، والداعي إلى الله يبين الأحكام الشرعية، ويرشد إليها ويحذر من ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (337).

مخالفتها، ولا يلزم بذلك، ولهذا جمع الله بين الأمرين، فقال سبحانه: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، فالداعي يبين ويرشد الناس، والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر مع الدعوة يلزم بالحق ويمنع المنكر؛ لأن عنده سلطانًا وعنده قوة.

بيان ضابط الأمر بالمعروف والنهي عن المكنر

192 - بيان ضابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر س: هذا سائل للبرنامج يقول: ما هو ضابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حفظكم الله؟ (¬1) ج: يقول الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، هذا وصف المؤمنين والمؤمنات، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ومعنى الأمر بالمعروف إذا رأيت من لا يصلي في الجماعة تأمره بالمعروف، تحثه على الصلاة في الجماعة، هذا معروف وتركها منكر، وتأمره بالمعروف وهو الصلاة في ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (426).

الجماعة، وتنهاه عن المنكر وهو التخلف عنها، وإذا رأيت الذي يشرب الدخان، تأمره بترك الدخان وتنهاه عن شربه، فالأمر بالترك أمر بالمعروف، والنهي عن شربه نهي عن المنكر، وإذا رأيت الذي يحلق لحيته أو يقصرها، تقول له: اتق الله وفر اللحية، هذا أمر بالمعروف، لا تحلقها هذا نهي عن المنكر، وإذا رأيت الذي يعق والديه، تنهاه عن ذلك، وتقول: اتق الله بر والديك، أحسن إليهما لا تعقهما، فالأمر بالبر أمر بالمعروف، والنهي عن العقوق نهي عن المنكر، وإذا رأيت الذي يشرب الخمر، تنهاه؛ لأن هذه نهي عن المنكر، تقول له: اتق الله، راقب الله اترك الخمر، هذا نهي عن المنكر، وإذا رأيت الذي يسبل ثيابه ويجرها تحت الكعب، تقول: اتق الله، ارفع ثيابك، الإسبال محرم، منكر اتق الله راقب الله، هذا من النهي عن المنكر.

حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

193 - حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر س: ما حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الخاصة والعامة؟ أي هل يعذر بقية المسلمين إذا لم يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر؛ لأنهم لا يأخذون على ذلك أجرًا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (20).

ج: هذه مسألة عظيمة يجب على أهل الإسلام أن يعنوا بها، وأن يعظموها كما عظمها الله، ألا وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد بين الله سبحانه وتعالى أن من صفات المؤمنين، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا ليس خاصًا بالرجال دون النساء، وبالنساء دون الرجال، بل على الجميع، وليس خاصًا بأهل الحسبة، الذين لهم مرتبات، مكلفون بهذا الشيء، لا، بل يعم الجميع، لكنه أشد وجوبًا وأعظم مسؤولية، ولكن الأمر عام للجميع للعلماء والعامة، والصغير والكبير، للمكلفين والأمراء والقضاة، كل منهم عليه واجبه، وعليه قسطٌ من هذا الأمر، قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، فذكر سبحانه أن من صفات المؤمنين والمؤمنات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا واجب ومن أخلاق المؤمنين والمؤمنات، فيجب عليهم ألاَّ يتساهلوا فيه، بل يجب عليهم أن يأمروا بالمعروف، وينهوا عن المنكر كما ذكر الله، هذا من صفاتهم، وقال

سبحانه وتعالى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، وذم الله كفار بني إسرائيل ولعنهم على عصيانهم واعتدائهم، وعدم نهيهم عن المنكر، وقال جل علا: {كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}، بعدما ذكر أنه سبحانه لعن كفار بني إسرائيل، على لسان داود وعيسى ابن مريم، ثم قال: {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} وفسر العصيان والاعتداء بقوله: {كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}، فذمهم وعابهم ولعن كفارهم الذين فعلوا هذا المنكر وتساهلوا فيه، فوجب على المسلم أن يحذر صفات الكفرة، وأن لا يكون على أخلاقهم، بل يكون بعيدًا عن أخلاق الكافرين، ويكون أمارًا بالمعروف نهاءً عن المنكر، حتى يسلم من العقوبة العامة والخاصة، وقال جل وعلا في آية أخرى:

{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «إن الناس إذا رأوا المنكر ولا يغيروه، أوشك الله أن يعمهم بعقابه» (¬1) هذا وعيد عظيم يدل على أن الناس إذا تساهلوا بهذا الأمر، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عمهم العقاب، والعقاب قد يكون في القلوب بطمسها والختم عليها، ومرضها وإعراضها عن الحق، وقد يكون بعقوبات أخرى، من تسليط أعداء، من غور المياه، من أمراض عامة، من عقوبات متعددة متنوعة، بسبب التساهل بهذا الواجب العظيم، والخلاصة أن هذا أمر عظيم، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر عظيم، وواجب مقدس، وفرض على المسلمين إذا قام به من يكفي في البلد أو القرية سقط عن الباقين، أما إذا لم يقم به من يكفي، وجب على الباقين وأثموا بتركه، وإذا كنت في محل أو في قرية أو في بلد أو في مسجد أو في حارة فيها منكر ظاهر، ولم ينكره أحد وجب عليك إنكاره، وألاَّ تتساهل فيه؛ لأنه لم يوجد من ينكره، ويقوم مقامك فيه، فالواجب عليك أن تنكر المنكر، أينما كنت حسب طاقتك، كما قال ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه، برقم (17).

النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرًا، فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (¬1) خرجه مسلم في الصحيح، وهذا يدل على أنه مراتب، وأنه واجب على كل مسلم، وأنه ينكر حسب طاقته، بيده ثم لسانه ثم قلبه، والإنكار بالقلب يكون بالتغير، بالتمعر والكراهة والمفارقة للمجلس الذي فيه المنكر، إذا لم يستجيبوا لنهيه وإنكاره، هكذا يكون المؤمنون، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه» (¬2) وقال: «لتأمرنّ بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا من عنده» (¬3) وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: «يا أيها الناس إن الله - عز وجل - يقول: مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر من قبل أن تدعوني فلا أجيبكم وتسألوني فلا أعطيكم، ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، برقم (49). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه، برقم (17). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، برقم (22790).

وتستنصروني فلا أنصركم» (¬1) هذا يدل على الخطورة العظيمة، نحن في عصر تساهل أكثر الناس فيه، وضعفت فيهم الغيرة، وفشا فيه المنكر، وقل الإنكار، فواجب على المسلم ألاَّ يتخلق بهذا الخلق، وألاَّ يغتر بالناس، وهكذا المسلمة في بيتها، ومع أولادها، مع جيرانها، يجب أن تكون غيورة لله عز وجل، وتنكر المنكر على بنتها وأختها، وخادمتها ومن حولها، ومن ترى في الأسواق وغير الأسواق، تنكر المنكر بيدها ولسانها حسب طاقتها، على أولادها تنكر المنكر بيدها، تزيل المنكر على أهل بيتها، من خدم وغيرهم، وفي غير ذلك، تنكر بلسانها حسب الطاقة، كالرجل سواء كل منهما عليه واجب من الإنكار باليد، ثم اللسان ثم القلب، وبهذا تصلح الأمور وتصلح المجتمعات، ويكثر فيها الخير، وتسود فيها الفضائل، وتقل بها الرذائل، لكن إذا تساهل الناس، ورأوا المنكرات ولم يغيروها، انتشرت الرذائل، وقلت الفضائل، وضعف جانب الأمر والنهي، بسبب التساهل، وخشي من العقوبات العامة والخاصة على الجميع، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عائشة رضي الله عنها، برقم (24727).

بيان دفع التعارض بين حديث 'من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه' وبين حديث: 'من رأى منكر منكم منكرا فليغيره ... '

194 - بيان دفع التعارض بين حديث ... «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» (¬1) وبين حديث: «من رأى منكم منكرًا فليغيره» (¬2) ... الحديث س: السائل: أ. س، يقول: ما الفرق بين حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»، وبين حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» (¬3)؟ (¬4) ج: ليس بينهما تعارض، هذا معناه شيء وهذا معناه شيء، «من حسن إسلام المرء ترك ما لا يعنيه» (¬5) شيء ما لا يعنيه ولا له فيه دخل ولا يهمه، لا يتعرض له ولا يدخل نفسه في شيء ما له فيه لزوم، إنسان يسار أخاه يقول وش تقولون، وش عليه منهم، إنسان ذهب ¬

(¬1) سنن الترمذي الزُّهْدِ (2317)، سنن ابن ماجه الْفِتَنِ (3976). (¬2) صحيح مسلم الْإِيمَانِ (49)، سنن الترمذي الْفِتَنِ (2172)، سنن النسائي الْإِيمَانِ وَشَرَائِعِهِ (5009)، سنن أبي داود الْمَلاَحِمِ (4340)، سنن ابن ماجه إِقَامَةِ الصَّلاَةِ وَالسُّنَّةِ فِيهَا (1275)، الْفِتَنِ (4013)، مسند أحمد (3/ 54). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، برقم (49). (¬4) السؤال من الشريط رقم (410). (¬5) أخرجه الترمذي في كتاب الزهد، باب فيمن تكلم بكلمة يضحك بها الناس، برقم (2317)، وابن ماجه في كتاب الفتن، باب كف اللسان في الفتنة، برقم (3976).

ليزور أخاه يقول له: ليش تزوره، وش تبغي تزوره، يعني لا يشغله ما لا يعنيه، شيء ما له فيه لزوم، لا يسأل عنه، لا يدخل فيما لا يعنيه، أما المنكر فهو يعنيه، الرسول أمر بإنكار المنكر، بل الله أمر بذلك قال جل وعلا: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، المؤمن مأمور بهذا، وقال سبحانه وتعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}، ويقول جل وعلا: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإنه لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (¬1) هذا بعني كل مؤمن وكل مؤمنة، بل واجب على الجميع إنكار المنكر، ليس داخلاً في حديث: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» (¬2) هذا شيء وهذا شيء. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، برقم (49). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الزهد، باب فيمن تكلم بكلمة يضحك بها الناس، برقم (2317)، وابن ماجه في كتاب الفتن، باب كف اللسان في الفتنة، برقم (3976).

بيان معنى حديث 'من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ... '

195 - بيان معنى حديث «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده» (¬1) ... الحديث س: سائلة تقول في سؤالها: أرجو أن تشرحوا لنا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (¬2)؟ (¬3) (¬4) ج: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فهذا الحديث من الأحاديث الصحيحة، قد خرجه مسلم رحمه الله في الصحيح، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (¬5) معناه: أن المؤمن وهكذا المؤمنة إذا رأيا المنكر وجب تغييره باليد مع الاستطاعة، كالأمير في حدود صلاحيته، وكذلك الهيئة في حدود صلاحيتها، وكالأب مع أهل بيته، والأخ مع أهل بيته، على حسب القدرة، كخمر يراق، آلة لهو تكسر وما أشبه ذلك، فإن لم يستطع ¬

(¬1) صحيح مسلم الْإِيمَانِ (49)، سنن الترمذي الْفِتَنِ (2172)، سنن النسائي الْإِيمَانِ وَشَرَائِعِهِ (5008)، سنن أبي داود الصَّلاَةِ (1140)، سنن ابن ماجه الْفِتَنِ (4013)، مسند أحمد (3/ 54). (¬2) صحيح مسلم الْإِيمَانِ (49)، سنن الترمذي الْفِتَنِ (2172)، سنن النسائي الْإِيمَانِ وَشَرَائِعِهِ (5008)، سنن أبي داود الصَّلاَةِ (1140)، سنن ابن ماجه الْفِتَنِ (4013)، مسند أحمد (3/ 54). (¬3) السؤال من الشريط رقم (353). (¬4) السؤال من الشريط رقم (353). ') "> (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، برقم (49).

فبلسانه، يقول: يا عبد الله هذا لا يجوز، يا أمة الله هذا لا يجوز، الواجب ترك هذا الشيء، احذروه، الله حرم عليكم هذا الشيء، وهكذا يجب على كل مؤمن ومؤمنة، يقول الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، والمنكر ما نهى الله عنه ورسوله، والمعروف ما أمر الله به ورسوله، فإن لم يستطع المؤمن أو المؤمنة الإنكار باليد ولا باللسان فبالقلب، يكره في قلبه المنكر، يعلم الله من قلبه أنه يكرهه ويحب زواله، ولا يحضر أهله، لا يحضر معهم المجلس الذي فيه شرب الخمر، لا يحضر المكان الذي فيه آلات الملاهي، فيه الغيبة والنميمة لا يحضره، ما دام لا يستطيع الإنكار لا بيده ولا بلسانه، هذا هو معنى الحديث، وفق الله الجميع. س: يقول السائل: إذا كان إنكار المنكر درجات فهل ينبغي للناهي عن المنكر أن يتأمل تلك الدرجات حتى لا يقع في الخطأ؟ ج: نعم، عليه أن يتأمل حتى يقوم بما يلزمه، إذا كان ممن يستطيع كالهيئة المخولة في حدود التعليمات إذا أنكرت الفعل، الأمير، الأب مع أهل بيته، السلطان حسب القدرة، فالذي ليس عنده قدرة على الإنكار باليد

ينكر باللسان، يقول: هذا لا يجوز، اتقوا الله، راقبوا الله، احذروا هذا الشيء، اتركوا هذا الشيء، ونحو ذلك، بالأساليب الحسنة التي يترتب عليها ترك المنكر، والقناعة بلزوم الحق، فإذا عجز باليد واللسان بقي القلب، يكرهه بقلبه إذا علم الله من قلبه كراهة المنكر ولا يحضر أهله.

بيان الطريق الأمثل للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

196 - بيان الطريق الأمثل للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر س: ما هو الطريق الأمثل للأمر بالمعروف والدعوة إلى الله، حفظكم الله؟ (¬1) ج: الله عز وجل قد بيّن طريق الدعوة، وماذا ينبغي للداعي، فقال سبحانه وتعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}، فالداعي إلى الله يجب أن يكون على علم وعلى بصيرة، فيما يدعو إليه وفيما ينهى عنه، حتى لا يقول على الله بغير علم، ويجب الإخلاص في ذلك، لأن الله قال: {إِلَى اللَّهِ}، {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ}، لا إلى مذهب ولا إلى رأي فلان أو فلان، ولكنه يدعو إلى الله، يريد ثوابه، يريد مغفرته، يريد صلاح الناس، فلا بد أن يكون عن إخلاص، ولا بد أن ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (89).

يكون عن علم، وقال عز وجل: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، هذا بيان كيفية الدعوة، وأنها تكون بالحكمة أي بالعلم: قال الله، قال رسوله، سمَّى العلم حكمة؛ لأنه يردع عن الباطل، ويعين على إثبات الحق، ويكون مع العلم موعظة حسنة، وجدال بالتي هي أحسن عند الحاجة إلى ذلك، بعض الناس قد يكفيه بيان الحق بأدلته؛ لأنه يطلب الحق ومتى ظهر له قبله، وقد يكون في غير حاجة إلى الموعظة، وبعض الناس قد يكون عنده شيء من التوقف، شيء من الجفاء، فيحتاج إلى موعظة، فالداعي إلى الله يعظ ويقيم الأدلة، ويذكر إذا احتاج إلى ذلك، مع الجفاة ومع الغافلين ومع المتساهلين، حتى يقتنعوا وحتى يلتزموا بالحق، وقد يكون المدعو عنده شيء من الشبه، فيجادل في ذلك، ويريد كشف الشبهة، فالداعي إلى الله يوضح له الحق، بأدلته ويزيح الشبه بالأدلة الشرعية؛ لكن بكلام طيب وبالأسلوب الحسن وبرفق، لا بعنف وشدة، حتى لا يبقى للمبطل أو للمنهي أو للمدعو شبهة، يزيلها حسب الطاقة، قال الله عز وجل: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}، وقال الله لما

بعث موسى وهارون إلى فرعون: {فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه» (¬1) ويقول صلى الله عليه وسلم: «من يحرم الرفق يحرم الخير كله» (¬2) فعلى الداعي إلى الله، عليه أن يتحرى ويرفق ويجتهد في الإخلاص لله، وفي علاج الأمور بالطريقة التي رسمها الله، بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، وأن يكون في هذا كله على علم، وعلى بصيرة، وعلى هدى، حتى يقنع الطالب للحق، وحتى يزيل الشبهة لمن عنده شبهة، وحتى تلين القلوب لمن عنده جفاء، أو قسوة أو إعراض، يلين القلوب بالدعوة إلى الله، والموعظة الحسنة، والتوجيه إلى الخير، وبيان ما له عند الله من الخير إذا قبل الحق، وما عليه من الخطر إذا رد الحق، إلى غير هذا من وجوه الموعظة. وأما أصحاب الحسبة، الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فكذلك يجب أن يلزموا الآداب الشرعية، وفيما يلتزمه الداعية إلى الله، عليه بالرفق، وعدم العنف، إلا إذا دعت الحاجة إلى هذا، من ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب، فضل الرفق برقم (2594). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب، فضل الرفق برقم (2592).

الظلمة والمكابرين والمعاندين، أما عندهم فمثل ما للداعي، ينكر المنكر بالرفق والحكمة، ويأمر بالمعروف بالرفق والحكمة، ويقيم الأدلة على ذلك حتى يقنع صاحب المنكر، وحتى ينتبه وحتى يلتزم بالحق، وذلك على حسب الاستطاعة، كما قال عليه الصلاة والسلام: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (¬1) رواه مسلم والله يقول سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، ويقول سبحانه: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ويقول سبحانه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} وقد توعد سبحانه من ترك ذلك، وأعرض عن ذلك، ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم، بسبب عصيانهم واعتدائهم، وعدم تناهيهم عن المنكر، حيث قال سبحانه في كتابه العظيم في سورة المائدة: ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، برقم (49).

{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}، فالأمر عظيم، فيجب على أهل الإيمان، وعلى أهل القدرة من الولاة والعلماء وغيرهم، من أعيان المسلمين الذين عندهم قدرة، وعندهم علم أن ينكروا المنكر، وأن يأمروا بالمعروف، وليس هذا خاصًا بطائفة معينة، وإن كانت الطائفة المعينة عليها واجبها، وعليها العلم الأكبر، لكن لا يلزم من ذلك إهمال غيرها، بل يجب على غيرها أن يساعدوها، وأن يكونوا معها في إنكار المنكر والأمر بالمعروف، حتى يكثر الخير، ويقل الشر، ولا سيما إذا كانت الطائفة المعينة لم تغط المطلوب، ولم يحصل بها المقصود، بل الأمر أوسع والشر أكثر، فإن مساعدتها واجبة بكل حال، أما لو قامت بالمطلوب وحصل بها الكفاية، فهذا معلوم بأنه فرض كفاية، فإذا حصل بالمعينين أو بالمتطوعين المسؤولين المطلوب، من إزالة المنكر والأمر بالمعروف، صار في حق الباقين سنة، أما وجود منكر ليس له من يزيله إلا أنت، لأنك الموجود في القرية، أو في القبيلة، أو في الحي ليس

فيهم من يأمر بالمعروف سواك، فإنه يتعين عليك إنكار المنكر، والأمر بالمعروف ما دمت أنت الذي علمته، وأنت الذي تستطيع إنكاره، فإنه يلزمك، فمتى وجد معك غيرك، صار فرض كفاية، من قام به منكما أو منكم، حصل به المقصود، فإن تركتم ذلك جميعًا، أثمتم جميعًا؟ فالحاصل أنه فرض على الجميع، فرض كفاية متى قام به من المجتمع، أو من القبيلة أو من القرية أو من المدينة من يكفي، سقط عن الباقين، وهكذا الدعوة إلى الله ومتى تركها الجميع أثموا، وصار الإثم عامًا لهم؛ لأنهم قصروا في الواجب، ولم يقوموا به، ومتى قام به من يكفي دعوةً وتوجيهًا وإنكارًا للمنكر، صار في حق الباقين سنة عظيمة؛ لأن المشاركة في الخير مطلوبة.

بيان العلوم التي يجب على الداعية والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر معرفتها

197 - بيان العلوم التي يجب على الداعية والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر معرفتها س: ما هو العلم الذي يجب أن يتعلمه الذي يريد الدعوة إلى الله على بصيرة، ويريد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الطريقة الشرعية؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (89).

ج: لا بد من العلم، والعلم قال الله، قال رسوله، العلم أن يعتني بالقرآن الكريم، وبالسنة المطهرة، يعرف ما أمر الله به، وما نهى الله عنه، ويعرف طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم، في دعوته إلى الله، وفي إنكاره للمنكر، وطريقة أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، يكون متبصرًا في هذا، بمراجعة كتب الحديث الشريف، مع العناية بالقرآن الكريم، ومع مراجعة كلام العلماء في هذا الباب، فقد أوسعوا الكلام رحمة الله عليهم، وبينوا ما يجب، فالذي ينتصب لهذا الأمر، يجب عليه أن يعنى بهذا الأمر، حتى يكون في ذلك على بصيرة، من كتاب الله ومن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، حتى يضعوا الأمور في مواضعها، فيضع الدعوة إلى الخير موضعها، والنهي عن المنكر في موضعه، وهكذا إنكار المنكر، والأمر بالمعروف يكون في موضعه على بصيرة، على علم حتى لا يقع منه إنكار المنكر، بما هو أنكر منه، وحتى لا يقع منه الأمر بالمعروف، على وجه يوجد منكرًا أكثر من هذا الأمر الذي دعا إليه، المقصود أنه لا بد من علم، حتى يضع الأمور في مواضعها، وحتى إذا أنكر المنكر نفع ذلك، ولم يترتب عليه ما هو أنكر، وحتى إذا دعا إلى المعروف يرجى أن يحصل المعروف، أو على الأقل لا يترتب عليه منكر، يكون أكبر وأعظم وأشر، من ترك هذا المعروف.

بيان مكانة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الإسلام

198 - بيان مكانة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الإسلام س: الأخ: ن. ن. ن.، يسأل: عن الكيفية الصحيحة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما هي الحكمة المقصودة في مثل هذا المقام؟ (¬1) ج: هذا سؤال عظيم وجدير بالعناية؛ لأن الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر من أهم الواجبات ومن فرائض الإسلام، ولأن القيام بذلك من أهل العلم والإيمان والبصيرة من أعظم الأسباب في صلاح المجتمع وسلامته، من عقاب الله سبحانه واستقامته على الصراط المستقيم، ولهذا يقول سبحانه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}، فجعلهم خير أمة بسبب هذه الأعمال الطيبة، وقال سبحانه: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، وصفهم بالفلاح لهذا الأمر العظيم، لدعوتهم إلى الخير وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، فجعلهم مفلحين بعملهم الطيب، والفلاح هو ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (158).

الحصول على كل خير، والحصول على أسباب السعادة، وقال عز وجل: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، فوعدهم الرحمة على أعمالهم الطيبة التي منها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا يدل على أن هذا هو الواجب على المؤمنين والمؤمنات، ليس خاصًا بأحد دون أحد، بل هذا هو الواجب على المؤمنين والمؤمنات، وهو من صفاتهم العظيمة وأخلاقهم الكريمة، لكن يكون بالحكمة، يكون بالعلم لا بالجهل ولا بالعنف والشدة، ولكن بالعلم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر عن علم وعن بصيرة، بما أمر الله به وما نهى الله عنه، فالمعروف هو ما أمر الله به ورسوله، والمنكر هو ما نهى عنه ورسوله، فالواجب على الآمر الناهي أن يكون ذا بصيرة، يكون على علم سواءً كان رجلاً أو امرأة، لا بد أن يكون على علم وإلا فليمسك، حتى لا يأمر بالمنكر أو ينهى عن المعروف، قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ}، يعني على علم، ويقول سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}،

والدعوة إلى الله من جنس الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، لأنه بيان الحق وإظهاره للناس، فالآمر كذلك يدعو إلى الله والناهي كذلك، إلا أن الآمر والناهي قد يكون عنده من السلطة ما يردع المنكر، ويلزم بالمعروف، والداعي إلى الله أوسع من ذلك، يبين للناس ويرشدهم إلى الحق، وقد لا تكون عنده سلطة للإلزام، فالحاصل أن الواجب على الداعي إلى الله والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون على علم، وأن يكون على بينة وعلى بصيرة، حتى لا يأمر بما يخالف الشرع، وحتى لا ينهى عمَّا هو موافق للشرع، والواجب أيضًا أن يكون برفق، وعدم عنف وعدم كلمات بذيئة، بل يكون بكلام طيب، وأسلوب حسن ورفق، كما قال الله عز وجل: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}، وقال سبحانه لموسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون: {فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}، فالآمر الناهي يرفق بالناس ويأمرهم بالألفاظ الحسنة، وينهاهم بالألفاظ الحسنة، حتى يكون ذلك أقرب إلى

قبول أمره ونهيه، والاستفادة من ذلك إلا من ظلم وتعدى وأبى، فهذا له أسلوب آخر من التعنيف والتأديب إذا لم يلتزم بالأمر بالمعروف، ولم ينته عن المنكر، أما في أول الأمر، فإنه يخاطبهم بالتي هي أحسن، ويرشدهم وينصحهم حتى يلتزموا الحق، فمن عاند وأبى فله حال أخرى من جهة إجراء ما يستحق من تعنيف وتشديد وتأديب، أو سجن، أو غير ذلك مما يقتضيه الشرع المطهر، والله المستعان.

بيان وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة

199 - بيان وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة س: أريد أن أدعو بالحكمة والموعظة الحسنة، لكن كيف أفعل؟ هل أشرع في إزالة المنكر عندما أراه هل يعتبر من الحكمة؟ (¬1) (¬2) ج: الله يقول سبحانه في كتابه الكريم: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، الحكمة العلم، قال الله، قال رسوله، ووضعها في المحل المناسب، هذه الحكمة أن تكلم بالحق في الوقت المناسب، والمحل المناسب، فتؤدي هذه الأوامر بالعبارات الحسنة، والألفاظ اللينة التي ليس فيها عنف، هذه الموعظة الحسنة، قال ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (361). (¬2) السؤال من الشريط رقم (361). ') ">

الله قال رسوله، يا عبد الله، هذا لا يجوز، اتق الله يرحمك الله، هذا يجب عليك، هذا يجب تركه، بعبارات لينة مع بيان الأدلة، قال الله: كذا، قال الرسول: كذا، عليه الصلاة والسلام، وهكذا تكون الحكمة والموعظة الحسنة، بالكلام الواضح من كلام الله وكلام رسوله مع الرفق وعدم العنف والشدة أو السب أو ذلك، بل يكون كلامه واضحًا لينًا ليس فيه عنف ولكن فيه الرفق والكلام الطيب والجدال بالتي هي أحسن عند المجادلة، إذا جادل من فعل المنكر فيجادله بالتي هي أحسن إلا من ظلم، لقوله تعالى: {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} من ظلم يستحق الجدل بمثل عمله. س: هل هناك حدود وقواعد على الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ليتبعها ويسير عليها؟ (¬1) ج: نعم، قد صرح أبو العباس ابن تيمية رحمه الله بهذا المعنى في كتاب الحسبة، كتابه الذي سماه الحسبة صرح بهذا المعنى، السلطة في ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (361). ') ">

هذا الشيء أو للإنسان مع أهل بيته، ومع أولاده يستطيع هذا باليد، أو مع خدمه أو مع نحو ذلك، حيث قدر. الثاني: من ليس له سلطة، وليس عنده قدرة، فهذا باللسان، يقول: يا عبد الله كذا، هذا لا يجوز، هذا واجب عليك، هذا حرام عليك، اتق الله، هداك الله، أصلحك الله، وما أشبه ذلك. الثالث: القلب ما يقدر يتكلم ينكر بقلبه، ولا يحضر المنكر، يفارق المنكر ويكرهه في قلبه. س: ما هو ضابط الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر عند رؤيته للمنكر؟ (¬1) ج: نعم، يشترط في هذا ألاَّ يكون هذا الإنكار بسبب وقوع ما هو أنكر، فإذا كان إنكاره لهذا المنكر يخشى منه منكر أكبر، فليجتنب ذلك حتى لا يقع الأكبر إذا أنكر عليه - مثلاً - جلوسه في محل ما هو مناسب، أو أنكر عليه شرب الدخان أو ما أشبه ذلك، شرب المسكر شرب الخمر أو إذا أنكر عليه سب المسلم، سب الله، ما كفاه سب المسلم، سب الله، ما كفاه سب المسلم سب الله، فهذا يترك حتى يعالج ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (361). ') ">

بطريقة أخرى، فالمقصود أنه يتحرى في إنكار المنكر أن يترتب عليه زوال المنكر وعدم حصول ما هو أنكر منه، فإذا كان في جماعة لو أنكر عليهم حصل منهم ما هو أنكر، يتركهم إلى وقت آخر أو إلى جهات أخرى تقوم عليهم. س: سماحة الشيخ، هل هناك حد للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أم أن الأمر على إطلاقه؟ (¬1) ج: النبي صلى الله عليه وسلم فصل ذلك، قال: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (¬2) هذه حدوده باليد عند القدرة، وهذا يكون للمسؤولين من جهة الدولة جعلت لهم الدولة. س: الأمر بالمعروف علم مستقل بذاته، سماحة الشيخ؟ ج: نعم علم مستقل يحتاج إلى عناية، والناس أقسام فلا بد من رعاية حصول المصلحة، وزوال المضرة، المقصود من إنكار المنكر ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (361). ') "> (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، برقم (49).

زوال الشر وحصول الخير هذا المقصود، فإذا كان هذا الإنكار يترتب عليه زيادة الشر يؤجله، لا يفعل.

بيان ما يلزم من رأى من قرابته بعض المنكرات

200 - بيان ما يلزم من رأى من قرابته بعض المنكرات س: كيف يكون موقف من رأى من أقاربه من يرتكب بعض المنكرات، حيث إن بعض الأخوات تشكو من ذلك، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) (¬2) ج: عليها أن تنكر المنكر بالأسلوب الحسن، والكلام الطيب والرفق والعطف على صاحب المنكر؛ لأنه قد يكون جاهلاً، وقد يكون شرس الأخلاق، وعند الإنكار عليه بشدة، يزداد شره، فعليها أن تنكر المنكر على أختها في الله، وعلى أخيها في الله، لكن بالأسلوب الحسن والكلام الطيب، وذكر الدليل: قال الله وقال رسوله، مع الدعاء له بالتوفيق والهداية، هكذا يكون عندها وعند الرجل، من الحكمة والبصيرة والتحمل، ما يجعل الذي ينكر عليه يتقبل، لا ينفر ولا يعاند، يعني يجتهد الداعي ويجتهد المنكر، يجتهد في استعمال الألفاظ التي يرجى من ورائها قبول الحق. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (89). (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (89). ') ">

س: إذا كان المنكر الذي تراه هذه الأخت هو الاختلاط وعدم الحجاب، كيف تنصحونها، سماحة الشيخ؟ ج: عليها أن تنصح وتقول لأختها في الله، الواجب عليك كذا وعدم الاختلاط، الواجب عليك عدم السفور، والتحجب عن الرجال الذين ليسوا محارم، قال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} وقال الله تعالى: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ} الآية، وهكذا تخاطبهم بالآيات والنصوص، {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ} يا أختي في الله الأمر عظيم، فإن السفور يترتب عليه كذا وكذا، والاختلاط بالرجال يترتب عليه كذا وكذا، فالواجب علينا جميعًا أن نحذر ما حرم الله، وأن نتعاون على البر والتقوى، وأن نتواصى بالحق ونتناصح، وهكذا تكون العبارات حسنة.

بيان موقف الداعية من مرتكب المعصية

201 - بيان موقف الداعية من مرتكب المعصية س: مقاطعة مرتكب الخطيئة، ما موقف الداعية منها، ولا سيما إذا كان من الأقارب؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، مقاطعة صاحب المنكر وهجره فيه تفصيل، يشرع هجره ومقاطعته، إذا أعلن المنكر وأصر ولم ينفع فيه النصح، شرع لقريبه أو جاره أو غيرهم هجره، وعدم إجابة دعوته، وعدم السلام عليه حتى يتوب إلى الله من هذا المنكر، هكذا فعل النبي والصحابة لما تخلف كعب بن مالك الأنصاري، وصاحباه عن غزوة تبوك بغير عذر شرعي، أمر النبي صلى الله عليه وسلم ألا يُكلموا ويهجروا، فهجروا جميعًا وتركوا جميعًا، لا أحد يسلم عليهم، ولا يدعون لوليمة، ولا يرد عليهم السلام، إذا سلموا حتى تابوا وتاب الله عليهم، أما إن كان هجر الشخص قد يترتب عليه ما هو أنكر؛ لأنه ذو شأن في الدولة، أو ذو شأن في القبيلة، يترك هجره ويعامل بالتي هي أحسن، ويرفق به حتى لا يترتب على هجره، ما هو أشر من فعله، وما هو أقبح من عمله، والدليل على هذا أنه صلى الله عليه وسلم لم يعامل عبد الله بن أبي ابن سلول ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (89).

رأس المنافقين، لم يعامله بمعاملة الثلاثة، بل تلطف به ولم يهجره، ولم يزل يرفق به؛ لأنه رئيس قومه، ويخشى من قتله أو سجنه أو غيره فتنة للجماعة في المدينة. فلهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفق به، حتى مات على نفاقه، نسأل الله العافية، وهنا مواضع أخرى جرت له صلى الله عليه وسلم مع بعض الناس، لم يهجرهم بل رفق بهم عليه الصلاة والسلام، حتى هداهم الله، يهجر إذا كان الهجر أصلح، ويترك الهجر إذا كان الترك أصلح، مع إنكار المنكر، ومع إظهار كراهة المنكر، وأن صاحبه ليس صديقًا وليس صاحبًا، ولكن من أجل كذا وكذا، ترك الهجر، ولكن بالكلام الطيب والحكمة والإنكار السري والوصية عليه من خواصه، لعله يستجيب إلى غير هذا من وجوه النصيحة ووجوه الإنكار والرفق.

مسألة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

202 - مسألة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر س: السائلة تقول: هل إذا قام بعض الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يسقط الإثم عن الباقين؟ وهل يعد ترك هذا الأمر من الكبائر؟ (¬1) ج: نعم، إذا قام المسلمون في أي بلد بإنكار المنكر، قامت ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (207).

جماعة، سقط الإثم عن الباقي في البلد؛ لأن المقصود حصل، فإذا كان جماعة تصدوا لهذا الأمر وأنكروا المنكر، وأزالوه حصل لهم الأجر العظيم، وسقط الإثم عن الباقين في القرية، أو البلد أو في القبيلة، لكن يبقى على القرية الثانية، وعلى المدينة الثانية واجبها، كل مدينة وكل قرية وكل قبيلة مسؤولة، فإذا قامت جماعة في بلد من البلدان، أو قرية من القرى، أو قبيلة من القبائل بإنكار المنكر وزال على أيديهم، سقط الإثم عن الباقين، وفاز المنكرون بالأجر العظيم، والخير الكثير، وهكذا كل قرية وكل بلد، وكل قبيلة، عليها أن تقوم بالواجب، وإذا قام به بعضها سقط الإثم عن الباقي. هو فرض كفاية، لكن إذا كان في مكان ما، فيه من لا ينكر إلا هو، وجب عليه عينًا، يعني شاهد المنكر، في حي من الأحياء ما عنده أحد، أو في قبيلة من القبائل ما عنده أحد ينكره وجب عليه أن ينكره إذا استطاع ذلك بيده أو لسانه.

بيان الرد على من ادعى إن إنكار المنكر باللسان خاص بالعلماء فقط

203 - بيان الرد على من ادعى أن إنكار المنكر باللسان خاص بالعلماء فقط س: يقول السائل: من قسم إنكار المنكر إلى ثلاثة أقسام، سماحة الشيخ، وقال إن الإنكار باليد للسلطة، والإنكار باللسان للعلماء،

والإنكار بالقلب لعامة الناس، فماذا تقولون؟ (¬1) ج: ليس بصحيح، الإنكار باليد لمن قدر، حتى غير العلماء، فهو لمن حوله جعله له الأمراء، كالهيئة التي تعين في البلاد، لها ما عين لها من الإنكار باليد، وهكذا لو جعلوا لغير الهيئة أشخاصا معينين غير الهيئة ينكرون لهم ذلك، فالمقصود أنه من قدر باليد أنكر، من جهة الأمراء أو في بيته وقبيلته، المقصود الحكم مناط بالاستطاعة كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام، سواءً كان شيخ القبيلة، أو أميرًا، أو رئيس حارة، يستطيع أن يفعل ذلك بنفسه، أو قد وُكل له ذلك من جهة ولاة الأمور، فهذا يستطيع بنفسه، وهكذا صاحب البيت الذي هو رئيس البيت، أو صاحب البيت يستطيع أن ينكر على أهل بيته بيده ما وقع عنده من المنكر، ثم البقية ينكرون باللسان، سواءً علماء، أو ما هم علماء، حتى العامة ينكرون باللسان، إذا رأى المنكر؛ لأن المنكرات بعضها ظاهر، ليس بخافٍ يعلمه العامة والخاصة، مثل تبرج النساء معروف عند الجميع، مثل السب والشتم معروف أنه منكر عند الجميع، مثل التخلف عن الصلاة، كونه يجلس وقد أذن المؤذن، وهو جالس ما يقوم يصلي، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (207).

يعرفه العامة والخاصة، ينكر عليه، وهكذا ما أشبه ذلك، الخمر معروف عند الجميع، إذا عرف هذا المؤمن، ولو ما هو بعالم، عرف أن هذا منكر، وأنه يشربه هؤلاء، ينكره عليهم، مثل حلق اللحية منكر معروف، يقول: يا أخي اتق الله أعف لحيتك، لا تحلقها، لا تقصها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «قصوا الشوارب وأعفوا اللحى» (¬1) «خالفوا المشركين وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب» (¬2) مثل إسبال الثياب، منكر معروف، يعرفه الخاصة والعامة، فإذا قال لأخيه: يا أخي اتق الله، ارفع ثيابك لا تسبل، هذا كلام حق. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة، برقم (7092). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب تقليم الأظفار، برقم (5892).

بيان وجوب تغيير المنكر على الجميع رجالا ونساء

204 - بيان وجوب تغيير المنكر على الجميع رجالاً ونساء س: الأخت: ن. ع، من مدينة الطائف تسأل وتقول: ما حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ وكيف يكون تغيير المنكر بالقلب، كما ورد في الحديث المعروف، مع التوضيح بالأمثلة ما أمكن، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (207).

ج: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على المسلمين رجالاً ونساءً وهو من أهم واجبات الإسلام، والمصلحة تدعو إلى ذلك، والناس في حاجة إلى القيام بهذا الواجب، قال الله سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، هذا يدل على أنه فرض على الجميع، على المؤمنين والمؤمنات، وقال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} وقال عز وجل: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، فالواجب على المسلمين ولا سيما العلماء، والأمراء والأعيان أن يأمروا بالمعروف، وأن ينهوا عن المنكر، وهكذا يجب على النساء، ولا سيما من لها أمر ولها قدرة، فإن هذا متعين على الجميع، تأمر أهل بيتها، تأمر بناتها، خدمها، تأمر أخواتها، تأمر من ترى يقع منه منكر، تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، حتى تأمر الرجال، كما أن

الرجل يأمر المرأة بالمعروف، وينهاها عن المنكر، كذلك المرأة تأمر الرجل؛ زوجها وأخاها وابنها وغيرهم، تأمرهم بالمعروف، وتنهاهم عن المنكر، هذا واجب على الجميع، لكن بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، الذي يرغب في الحق، ويسبب قبوله، ولا ينبغي الشدة في هذا؛ لأنها قد تنفر من قبول الحق، يقول الله جل وعلا: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، ويقول سبحانه: {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ}، وهم اليهود والنصارى، {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}، يعني إلا من ظلم، فله جواب آخر، وقال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}، فالآمر والناهي يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر بالأسلوب الحسن، والكلمات المناسبة، التي تدعو إلى قبول الحق، وترغب في الخضوع للاستجابة، والإنكار ثلاث مراتب: كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام، يقول عليه الصلاة والسلام: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك

أضعف الإيمان» (¬1) فباليد للأمراء والرؤساء، وشيوخ القبائل والهيئة التي أسند إليها ذلك، عليها أن تنكر باليد بإراقة الخمر، وتفريق المجتمعين على باطل، أمر الناس بالقوة إلى الصلاة، إذا أذن المؤذن أن يقوموا إلى الصلاة، إلى أشباه ذلك، وهكذا صاحب البيت يأمر أولاده وأهل بيته، وينكر عليهم المنكر باليد، وهكذا صاحبة البيت، تنكر بيدها إذا رأت المنكر على أهل بيتها، إذا كان لها السلطان في البيت، بإراقة الخمر إذا وجدته، بكسر آلات اللهو إلى غير هذا من الإنكار باليد، إتلاف الدخان إذا وجد في البيت، إلى غير هذا، إذا كان لها سلطان وقدرة، كما يفعل الرجل، فمن عجز عن هذا كغالب الناس، وسائر الناس ينكر باللسان، ولا يقدم بيده إذا كان ذلك يسبب فتنًا ونزاعًا وشرًا بينه وبين الناس، بل يدع هذا لولاة الأمور، ومن أسند إليه الأمر، ولكن ينكر باللسان فقط، يا أخي اتق الله، هذا لا يجوز، يا أمة الله هذا لا يجوز، إذا رأى رجلاً يتعاطى الخمر، ينكر عليه، يقول: هذا لا يجوز، هذا منكر حرام، إذا رأى امرأة متبرجة سافرة في الأسواق، ينكر عليها، يقول يا أمة الله، اتق الله، احتجبي، اتركي التبرج، إذا رأى إنسانًا يسب ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، برقم (49).

يتكلم بالفحش، ينكر عليه، ويقول يا عبد الله اتق الله، لا يجوز السب والفحش، هكذا ينكر باللسان ما سمع من المنكر، أو شاهد من المنكر، لا فرق بين الرجل والمرأة في ذلك، أما من عجز عن ذلك، لا يستطيع الإنكار لا باللسان ولا بالفعل، يخشى أن يضرب، أو يقتل أو يسجن، لا يستطيع أن يتكلم في أي مكان، فإنه ينكر بقلبه، يكره المنكر بقلبه، ويفارق المكان؛ هذا الإنكار بالقلب، يكره بقلبه المنكر ويتغير، يعلم الله من قلبه إنكاره، والتغير عند رؤية المنكر، ويغادر المكان إذا استطاع أن يغادر المكان، غادر المكان وترك المكان، حتى لا يشاهد المنكر، هذا هو الإنكار بالقلب، كراهة المنكر وبغضه، ومحبة إزالته والمغادرة، إذا استطاع أن يغادر المكان حتى لا يشهد المنكر.

بيان معنى تغير المنكر باليد

205 - بيان معنى تغيير المنكر باليد س: يقول السائل: ما هو حد تغيير المنكر باليد، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (¬1) ما ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، برقم (49).

هو حد تغيير المنكر باليد؟ (¬1) ج: هذا حديث صحيح رواه مسلم في الصحيح، وروى مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه، مثله في المعنى، والتغيير باليد معناه إزالة المنكر، مثل تفريق الجماعة الذين يجلسون على منكر يفرقهم، أو يتخلفون عن الصلاة في الجماعة، يفرقهم ويلزمهم بالتوجه إلى المساجد، مثل إتلاف الصورة، مثل إراقة الخمر، كسر المزمار، كل هذا التغيير باليد، ولكن هذا ليس لكل أحد، إنما هو لمن يقدر كالإنسان في بيته، على أولاده، والأمير على من تحت يده، والسلطان في الرعية، وولي الأمر يأذن لمن يرى من الرعية، كالهيئة وأصحاب الحسبة والشرطة، ونحوهم ممن يوكل إليه مثل هذه الأمور، أما الإنسان الذي ليس له سلطة، فحسبه أن يغير باللسان وبالقلب، لا باليد؛ لأنه إذا غير باليد حصل فتن وشرور، ومضاربات وشيء لا تحمد عاقبته، والدولة في هذه البلاد في المملكة العربية السعودية تمنع من ذلك، إلا من طريق من وكل إليهم هذا الأمر، كالهيئات ونحوهم ممن وكله إليه ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (204).

الأمير، فالمؤمن في مثل هذا ينكر بلسانه في الأسواق وينصح بلسانه، ويوجه إلى الخير بلسانه، أما بيده فيكون لأهل الحسبة، ومن وكل إليهم هذا الأمر، وليس لكل فرد.

بيان الواجب على المرأة في الدعوة إلى الله تعالى

206 - بيان الواجب على المرأة في الدعوة إلى الله تعالى س: يقول السائل: ما هو دور المرأة في الدعوة إلى الله؟ (¬1) ج: هي كالرجل عليها واجبها في الدعوة إلى الله، وإنكار المنكر فإن التعاليم تعم الجميع، والقرآن يعم الجميع، والسنة تعم الجميع، وكلامنا يعم الجميع، فعليها أن تدعو إلى الله، وأن تأمر بالمعروف وأن تنهى عن المنكر، بالآداب الشرعية التي تطلب من الرجل، وعليها بعد ذلك ألاَّ يحملها ما تقوم به من دعوة وإرشاد وإنكار المنكر إلى الجزع وقلة الصبر، لاحتقار بعض الناس لها وسبهم لها وسخريتهم لها، أو نحو ذلك بل عليها أن تتحمل، وعليها أن تصبر ولو رأت من بعض الناس ما يكون من السخرية، أو من الاستهزاء، أو من الاحتقار، ثم عليها أيضًا أن ترعى أمرًا آخر، وهو أن تكون مثالاً في العفة والحجاب عن الرجال الأجانب، وأن تبتعد عن التبرج والاختلاط المذموم، ولتكن ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (90).

دعوتها مع العناية والبعد عما ينكر عليها، فإن دعت الرجال دعتهم وهي محتجبة من غير خلوة، وإن دعت النساء دعتهن بحكمة، وأن تكون نزيهة بأخلاقها وسيرتها، حتى لا يعترضوا عليها، ويقولوا لماذا ما بدأت بنفسها، وهكذا البعد عن اللباس الذي تفتن الناس به، وإظهار المحاسن فيما يتعلق بدعوتها للرجال، بل تكون بعيدة عن كل أسباب الفتنة، عند الرجل تكون بعيدة عن أسباب الفتنة، بل تكون ملتزمة بالحجاب، والبعد عن أسباب الفتنة، وعن إظهار المحاسن، أو الصوت الذي يطمع فيها، أو غير هذا مما ينكر عليها، وتكون عندها العناية الكاملة بالدعوة إلى الله، على وجه لا يضر دينها ولا يضر سمعتها وهكذا مع النساء.

حكم خروج المرأة للدعوة إلى الله تعالى

207 - حكم خروج المرأة للدعوة إلى الله تعالى س: السائلة أ. ل تقول: كيف تكون المرأة داعية إلى الله عز وجل وفي سبيل الله في ظل ظروف أسرية تمنعها من الخروج من البيت لحضور الدروس والمحاضرات، لأن الوالد يكرر دائمًا الآية الكريمة: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}، فما معنى القرار هنا سماحة

الشيخ؟ (¬1) ج: إذا كانت المرأة عندها علم تدعو إلى الله سبحانه، ولو في بيتها مع أهلها أو مع الزوار حتى يتيسر لها الخروج إلى مجامع النساء، والواجب على أبيها إذا كان عندها علم ألاَّ يمنعها من الخروج إلى مجامع النساء مع التستر والبعد عن أسباب الفتنة، والأصل في البقاء في البيوت، هو الأصل، وهو الأسلم والأولى، لقوله جل وعلا: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}؛ لأنه أبعد للمرأة عن الفتنة، لكن خروجها لحاجتها وخروجها للدعوة إلى الله أو للتعلم أو لصلة الرحم أو لعيادة المريض أو لتعزية المصاب، كل هذا لا بأس به مشروع، وإنما المكروه خروجها من غير حاجة، أما إذا كان خروجها لأمر شرعي، فهذا أمر مطلوب والواجب على الآباء والأولياء أن يساعدوا على الخير، وإذا كانت المرأة صالحة، ساعدوها على الخير، أما إذا كانت تهتم بأنها تخرج باسم الخير، وهي تريد الشر هذا محل نظر ومحل اجتهاد، لكن ما داموا يعرفون أن خروجها خروج صالح ليس فيه شيء، وأنها تخرج إلى ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (361).

الدراسة التي ليس فيها اختلاط أو إلى حضور حلقات العلم من النساء، أو إلى الدعوة إلى الله بين النساء، إذا كانوا يعلمون أن خروجها لا بأس به، فالواجب عدم منعها، والواجب أن تساعد على الخير، كما كان أزواج النبي يخرجن في المصالح العامة، وفي المصالح الخاصة، وهن المخاطبات بقوله: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} ومع هذا يخرجن، يخرجن لتعزية المصاب، ويخرجن لحفلات الأعراس، ويخرجن لغير هذا من الحاجات، وفيهن أسوة رضي الله عنهن وأرضاهن.

بيان أهمية إتاحة الفرصة للمرأة في مجال الدعوة إلى الله

208 - بيان أهمية إتاحة الفرصة للمرأة في مجال الدعوة إلى الله س: هل من سبيل سيتحقق مستقبلاً، أو هو قيد الدراسة لتهيئة الفرصة أما المرأة الداعية إلى الله؟ (¬1) ج: لا أعلم مانعًا من ذلك، متى وجدت المرأة الصالحة لهذا، فينبغي أن تعان وأن توظف، وأن يطلب منها إرشاد بنات جنسها؛ لأن النساء في حاجة لمرشدات من جنسهن؛ لأن وجود المرأة بين النساء، قد يكون أنفع في تبليغ الدعوة، وتبليغ الحق من الرجل، قد تستحي ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (90).

المرأة من الرجل، وقد لا تسأله عن مبهماتها، قد يمنع مانع من سماعها لكلامه، لكن مع المرأة التي هي من جنسها، تخالطها وتعرف ما عندها.

حكم الدعوة إلى الله لمن لديها علم

209 - حكم الدعوة إلى الله لمن لديها علم س: بعض الأخوات يرفضن القيام بالدعوة إلى الله في مجال النساء، بحجة أنهن يخفن أن يقلن ما لا يعلمن فيتحملن بذلك الإثم، وإثم غيرهن، هل من توجيه في ذلك؟ (¬1) ج: الواجب الدعوة إلى الله، والتعليم إذا كانت المرأة عندها علم، وأما إذا كان ما عندها علم ما يجوز لها أن تتكلم؛ لأن الله جل وعلا يقول: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ}، ويقول جل وعلا: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}، فليس لأحد أن يقول على الله بغير علم، لا رجل ولا امرأة، لكن المرأة إذا كان عندها علم فالواجب عليها أن تنقل العلم لأخواتها في الله من جيرانها، ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (383).

من جليساتها، من أهل بيتها، ترشد الناس، وتعلم الناس، كما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرشدون ويعلمون.

حكم استدلال من يصر على المنكر بقوله تعالى: (لكم دينكم ولي دين)

210 - حكم استدلال من يصر على المنكر بقوله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} س: السائلة، أ. م تقول: عندما أنصح بعض الأخوات، هدانا الله وإياهن، يكون ردهن: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، هل قولها هذا جائز، وبماذا تنصحهن مأجورين؟ (¬1) ج: هذا لا يجوز، هذا نوع استكبار عن قبول النصيحة، يعني ما عليكم مني، هذا معنى الكلام، هذا غلط، وهذا قاله النبي للكفار: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، هذا يقال للكفار، أما المسلمة والمسلم فدينهم واحد، توحيد الله، وطاعة الله، فلا يقال: لكم دينكم ولي دين، إلا للكفرة، كما قاله النبي لهم، لقريش عباد الأوثان، {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} مثل ما بين في أول هذه السورة: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} هم يعبدون الأصنام، والنبي صلى الله عليه وسلم يعبد الله، ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (398).

فلا يقول المسلم لأخيه: لك دينك ولي ديني، ديننا واحد، هذا غلط، ولكن إذا نصحه يقول: جزاك الله خيرًا، الله يوفقني، الله يعينني، ادع الله أن يهديني، إذا قال له: يا أخي، حافظ على الصلاة في الجماعة، يا أخي، بر والديك، يا أخي، احذر الغيبة والنميمة، يقول: جزاك الله خيرًا، الله يعينني، ادع الله لي، ما يقول: لك دين ولي دين، هذا غلط، هذا تكبر، نسأل الله العافية.

حكم تحمل الأذى من جراء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

211 - حكم تحمل الأذى من جراء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر س: تسأل المستمعة وتقول: كثيرًا ما آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وبعد ذلك أشعر بالندم؛ لأنني أحيانًا أجد الأذى، فهل ندمي محبط للأجر؟ (¬1) ج: ينبغي أن تستمري في هذا الخير العظيم؛ لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سنة مشروعة للمؤمنين جميعًا، بل واجب؛ لقول الله عز وجل: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، هذا وصف الله المؤمنين ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (408).

والمؤمنات، فالواجب على المؤمنة والواجب على المؤمن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر مع الاستطاعة حيث استطاع، والندم على هذا بعض الأحيان، هذا من الشيطان، ندمك في هذا من الشيطان، ونرجو ألاّ يحبط به عملك الطيب، لكن هذا من الشيطان، تعوذي بالله من الشيطان، ولا تلتفتي إلى هذا الندم، واستمري في الخير.

حكم التوجيه والإرشاد إلى الخير لمن يخاف من نفسه التقصير

212 - حكم التوجيه والإرشاد إلى الخير لمن يخاف من نفسه التقصير س: تقول السائلة: هي فتاة تقوم بعمل التدريس في إحدى المدارس، وأنها على وعي بالأمور الدينية بعض الشيء، وعندما تلتقي بالطالبات في حصص الفراغ تقوم بتوجيههن وإرشادهن، لكنها عندما تنتهي من الحديث تقول في نفسها: يمكن أن أقول شيئًا ولا أفعله، وإنني خائفة من ذلك، لكنها والحمد لله أؤدي واجباتي نحو الله على أكمل وجه، فهل أستمر في دعوتي أم لا، وقد علمت من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من يكتم علمًا يعلمه بأنه يلجم بلجام من نار، ولكم جزيل

الشكر؟ (¬1) ج: الأخت السائلة، أنت على خير عظيم؛ فإن توجيه الطالبات وإرشادهن إلى الخير أمر مطلوب، وفيه خير عظيم، ولا تخافي أنك قد تتأخرين عن شيء مما دعوت الطالبات إليه، فالشيطان يبذل جهوده الخبيثة في التثبيط عن الخير، وعن الدعوة إلى الخير، ويقول للإنسان: إنك قد تدعو إلى هذا ولا تفعل؛ ليثبطه، وليس كل داع أو كل داعية يكون كاملاً، ويفعل كل شيء، لكن عليه الاجتهاد وعليه الحرص بأن يكون من أسبق الناس إلى ما يدعو إليه، وأن يكون من أبعد الناس عما ينهى عنه، ولكن ليس معنى هذا أنه إذا كان عنده شيء من القصور يتأخر، بل عليه أن يتقدم ويدعو إلى الله، ويرشد، سواءً كان ذكرًا أو أنثى، على المؤمن وعلى المؤمنة الجد في هذا الأمر، بالنصيحة والتوجيه للطلاب والطالبات، ولغير الطالبات أيضًا من نساء البيت، ونساء الجيران، وعند الاجتماعات المناسبة في الأعراس وغيرها، تكون المؤمنة مرشدة معلمة، وهكذا المؤمن عند اجتماعه بإخوانه في أي ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (6).

مناسبة، أو في البيت، أو في المسجد، يكون مرشدًا على حسب ما عنده من العلم، ولا يغتر بالشيطان، ولا يخدعه الشيطان، فليحذر أن يخدعه الشيطان، بأن يقول له: اسكت؛ فإنك قد تدعو إلى شيء ولا تفعل، وتنهى عن شيء وتفعل، فإن هذا من تثبيط الشيطان، ولكن ليجتهد، وليحرص على أن يكون من السابقين لما يدعو إليه، وعلى أن يكون من المتباعدين عمَّا ينهى عنه، ويستعين بالله ويسأله التوفيق، وليستمر في عمله الصالح، ودعوته الراشدة، وهكذا المؤمنة، المرأة الطالبة والأستاذة عليهما أن تستمرا بالدعوة والتوجيه، وأن تستعينا بالله على العمل بما يرضيه سبحانه وتعالى، والله ولي التوفيق.

حكم ترك الدعوة إلى الله مخافة العين

213 - حكم ترك الدعوة إلى الله مخافة العين س: سائلة تقول: إنها تحب الدعوة إلى الله، ولكنها تخشى إذا قامت إلى ذلك أن تصاب بالعين، إذ إنها لاحظت أن كثيرًا من الناس قد أصيبوا بذلك، فأصبحوا يتكاسلون عن أداء العبادات، فما هو توجيه الشيخ، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (322).

ج: هذا من تثبيط الشيطان والعياذ بالله، عليها أن تقوم بالدعوة إلى الله، إذا كان عندها علم، عليها أن تقوم بالدعوة، هي مثل الرجل، بالتعليم والإرشاد، في أقاربها وفي غيرهم، ترجو ما عند الله، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» (¬1) وأعظم من هذا قوله سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}، وقوله سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، فالرجل والمرأة إذا كان عندهما علم يحسن بهما الدعوة إلى الله، والصبر على ذلك، ولا تخشى العين ولا غير ذلك، من الأوهام وطاعة الشيطان، فالعين أمرها بيد الله، تتوكل على الله، تسأل ربها العافية، والرجل كذلك، يسأل ربه العافية، ولا يكون إلا الخير إن شاء الله، فعليه أن يتوكل على الله، ويأخذ بالأسباب، وسوف لا يرى إلا الخير، يقول صباحًا ومساءً: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، ولا يضره شيء، وإذا أصبح وأمسى يقول: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره برقم (1893).

مرات، في الصباح والمساء، ولا يضره شيء، يتعاطى ما شرع الله، يقرأ آية الكرسي بعد كل صلاة، يقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين بعد كل صلاة، يكرر السورتين بعد المغرب والفجر ثلاث مرات، كل هذه من أسباب العافية والسلامة من شر العين وغيرها.

حكم مصاحبة تارك الصلاة والصيام

214 - حكم مصاحبة تارك الصلاة والصيام س: ما حكم من يعيش مع من لا يصلي ولا يصوم ويجالسه، ويأكل معه في صحن واحد، هل يرتكب إثمًا؟ (¬1) (¬2) ج: الواجب النصيحة والإنكار، ويبين له أن هذا أمر منكر عظيم، وأن ترك الصلاة كفر، فإذا ألجئ إلى الأكل معه من غير اتخاذه صاحبًا، ومن غير تساهل بأمره بل جمعتهم المائدة أو الضيافة من غير قصد الصحبة، فلا حرج عليه في ذلك، لكن لا يتخذه صاحبًا ولا يتساهل معه، بل يهجره؛ لأنه يستحق الهجر؛ لأن ترك الصلاة كفر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬3) وقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (341). (¬2) السؤال من الشريط رقم (341). ') "> (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

كفر» (¬1) فالواجب هجره والإنكار عليه، أما لو أكل في وليمة معه أو طعام جمعه به عارض من غير اتخاذه صاحبًا ولا جليسًا، فلا حرج في ذلك العارض، الذي يستظن تساهلاً معه. س: ما حكم العيش مع القريب الذي لا يؤدي الصلاة إلا بشكل متقطع، علمًا بأني أنصحه دائمًا بعدم ترك الصلاة، والمحافظة عليها، ولكن لا يستجيب لي أحيانًا؟ ج: هذا فيه تفصيل، إذا كان الذي يعيش مع تارك الصلاة مطلقًا، أو في بعض الأحيان، إذا كان الذي يعيش معه له قوة، وله قدرة عليه بالنصيحة والتوجيه ولا يخشى من شره، فلا مانع من إقامته معه والاستمرار في نصيحته، وتوجيهه إلى الخير والأخذ على يده، ونحو ذلك من أسباب هدايته وصلاحه، مع بيان كراهته عمله وغضبه على ذلك، وإظهاره له كراهة عمله والهجرة لما هو عليه من الباطل، بأن تغير عليه وتكون معاملته معه، معاملة من يكره عمله، ومن لا يرضى عمله، ومن يرجو هدايته، إذا كانت الإقامة فيها مصلحة شرعية، يرجو ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي لله عنه برقم (22937).

دعوته مثل الوالد مع ولده، والأم مع ولدها، والأخ الكبير مع أخيه الصغير، لعله يهتدي فهذا يرجى فيه الخير. أما إذا كان المقيم يخشى من تارك الصلاة؛ لأنه أكبر منه، أو لأنه يسيطر عليه، أو لأنه يزين له الباطل، ويدعوه إلى عمله السيئ، فينبغي له الخروج من ذلك، وعدم الإقامة معه لئلا يضره، ولئلا يجره إلى باطله، ثم أمر آخر وهو أن الإنسان الذي يقيم عند تارك الصلاة، أو عند من يتعاطى شيئًا من الكفر، له حالان: حال يكون يستطيع الخروج، لأي مكان وعنده القدرة فهذا ينبغي له الخروج، إلا إذا كان يرى في البقاء إزالة المنكر، والقضاء عليه، ولا يخشى شرًا كما تقدم، وتارة لا يستطيع كالبنت مع أبيها، أو مع إخوتها، لو خرجت لربما حصل عليها ضرر عظيم، ليس لها مأوى غيرهم، أو أخت صغيرة ليس لها مأوى غيرهم، أو يتيمة عندهم ليس لها مأوى، هذه لا تعجل في الأمور حتى تجد مأوى تأمن فيه، في خروجها منهم، وإلا فلتصبر، ولتحذر شرهم، ولتتق الله، حتى يجعل الله لها فرجًا ومخرجًا، إما بالزواج إن كانت بنتًا، وإما بخالٍ يأخذها أو بعمٍ من محارمها، أو بزوج أمٍ يكنها أو ما أشبه ذلك من الطرق التي لا تخشى فيها شرًا، وبخروجها من بين أيديهم إلى هذه الجهة الأخرى، مصلحة كبرى وسلامة لها من الشر هذا الذي هي عنده.

بيان كيفية دعوة الابن والده الذي لا يصلي

215 - بيان كيفية دعوة الابن والده الذي لا يصلي س: والدي لا يصلي، هل يجب علي دعوته، وأمره بإقامة الصلاة، ولقد أخبرني البعض من الأشخاص بأنني مسؤول عنه يوم القيامة، أمام الله، وإذا مات، هل يجوز لي أن أرثه، علمًا بأنه يشهد أن لا إله إلا الله، وجهوني بذلك سماحة الشيخ؟ (¬1) (¬2) ج: الواجب عليك دعوته إلى الله، ونصيحته بالأسلوب الحسن، بالرفق والكلام الطيب، كما قال الله جل وعلا: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} وإن جاهداك على الشرك، يعني الوالدين المشركين: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} فأمر بمصاحبة الوالدين الكافرين في الدنيا معروفًا، فعليك اصطحابه بالمعروف بالنصيحة بالتوجيه بالرفق، وتستعين بالإخوان الطيبين، حتى ينصحوه أيضًا، من أقاربه من إخوانه من أعمامه، لعل الله يهديه بأسبابكم، والرسول يقول صلى الله عليه ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (382). (¬2) السؤال العشرون من الشريط رقم (382). ') ">

وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» (¬1) ويقول صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه: «لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم» (¬2) فاجتهد واصدق مع الله، واسأل ربك له الهداية: في سجودك، وفي آخر الصلاة، وفي غير ذلك من الأوقات، تسأل ربك أن يهديه، أن يشرح صدره للحق، وأن يعينه على قبول الحق، اجتهد في ذلك واصبر وصابر، ولا ترثه إذا مات على كفره، لا ترثه، في الصحيح أنك لا ترثه؛ لأن تارك الصلاة كافر، فإذا كان كافرًا فإن المسلم لا يرث الكافر، يقول صلى الله عليه وسلم: «لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم» (¬3) وقد اختلف العلماء فيمن ترك الصلاة تساهلاً لا جحدًا لوجوبها، فذهب بعض أهل العلم إلى كفره ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره برقم (1893). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإسٍلام، برقم (2942)، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (2406). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الفرائض، باب لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم، برقم (6764)، ومسلم في كتاب الفرائض، برقم (1614).

كفرًا أكبر، وهذا هو الأرجح، وذهب آخرون إلى أنه لا يكفر إلا كفرًا أصغر، إذا كان لا يجحد وجوبها، والأرجح أنه يكفر كفرًا أكبر، ولا ترث منه إذا كنت تصلي وهو لا يصلي. س: تقول السائلة: والدي دائمًا يترك صلاة العشاء، وأحيانًا كثيرة يترك صلاة العصر، وأنا أستحي أن أخبره بهذا، فهل علي إثم؟ (¬1) ج: نعم الواجب عليك تنبيهه، والإنكار عليه بالكلام الطيب واللطف، لقول الله سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} ولقوله سبحانه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} ولقوله سبحانه: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، فهذه الآيات العظيمات كلها تدل على وجوب إنكار المنكر، من الولد على والده، والوالد على ولده، والأخ ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (244). ') ">

على أخيه، والمسلم على أخيه، هذا عام يجب على الجميع، التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر، لكن الولد مع والده يكون بلطف بالكلام الطيب والحرص على ألاّ يتأثر الوالد بالنصيحة، ولا مانع أيضًا من الاستعانة ببعض الأقارب والأصدقاء، الذين يجلهم تارك الصلاة، حتى ينصحوه وحتى يوجهوه، وحتى يعينوه على نفسه وعلى شيطانه، وهكذا كل آمر وناهٍ، يتوخى الأسلوب المناسب، ولو كان غيره والده، يتوخى الأسلوب المناسب، الذي يرجو أن ينفع الله به، فالشدة في محلها واللين في محله، والأسلوب الحسن هو المطلوب، وإذا عاند تارك الصلاة، استعمل معه الأسلوب الشديد، إذا كان الآمر والناهي له سلطة، له قوة يستعمل معه الأسلوب الشديد، والعقاب أيضًا إذا استطاع العقاب، حتى يستقيم ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإذا لم يستطع فبلسانه، فإذا لم يستطع فبقلبه» (¬1) وهذا عام يعم الوالد والولد، والأخ والخال والعم، إلى غير ذلك. فالواجب على الولد أن يعتني بوالده، وينصح له في الصلاة ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، برقم (49).

وغيرها، بتحري الأسلوب الطيب، المؤثر الذي يرجو من ورائه أن ينتفع والده بذلك، وألاَّ يتكبر عليه، وألاَّ ينفر من الحق، وسوف يعينه الله إذا صدق، وأخلص لله سوف يعينه الله على أبيه، ويعين المرأة على أبيها، كل من الذكر والأنثى، عليه أن يجاهد في هذا السبيل، مع الوالد ومع الأخ، ومع الخال ومع العم، وهكذا مع الصديق والجار، ونحو ذلك والله ولي التوفيق. س: هذا السؤال يقول صاحبه: سماحة الشيخ، إذا كان أبي وأخي يقصرون في الصلاة، فأرشدوني إلى الطريقة الأفضل لنصحهما، وتوجيههما، ماذا أعمل تجاههما؟ (¬1) ج: عليك النصيحة المستمرة، وتخوفهما من الله جل وعلا، لعل الله ينفع بك، وكذلك تستعين بالطيبين من أقاربك، وجيرانك ينصحونهما، والله يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}، فلا تمل ولا تيأس، انصحهم ووجههم إلى الخير، وخوفهم من الله جل وعلا، وأبشر بالخير العظيم، وهكذا من ساعدك من إخوانك، من جيران، أو من ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (378). ') ">

أقارب على هذا الخير، أنتم على خير كثير، وهذا من أسباب التعاون على البر والتقوى، ومن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن باب التواصي بالحق، والله لا يضيع عمل عامل سبحانه وتعالى. س: تقول السائلة: إن والدتي لا تؤدي الصلاة في أغلب الأحيان، كما هو مطلوب، وعندما أنبهها لذلك تغضب مني كثيرًا، فهل علي إثم في ذلك؟ ج: لا، بل أنت مأجورة؛ لأن تنبيهها ومساعدتها على إقامة الصلاة في أوقاتها أمر لازم، وهو من باب إنكار المنكر، من باب الأمر بالمعروف، فأنت مأجورة في ذلك، ولو غضبت عليك، وعليك الصبر والاحتساب، والكلام الطيب والأسلوب الحسن، حتى تعينيها على طاعة الله.

بيان ما يلزم المرأة تجاه أولادها الذين لا يصلون

216 - بيان ما يلزم المرأة تجاه أولادها الذين لا يصلون س: تقول السائلة: أم سعد: عندي أولاد لا يصلون، وقد نصحتهم كثيرًا ولم يستجيبوا لنصحي، فما الذي أفعل معهم، وهل آثم بتركهم؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (426).

ج: الواجب نصيحتهم وتأديبهم، إذا استطعتِ أن تؤدبيهم أو ترفعي أمرهم إلى الهيئة، أو إلى المحكمة حتى يؤدبوا، لا يجوز السكوت عنهم، بل يجب العناية بهم، والحرص على إقامتهم الصلاة؛ لأن من تركها كفر، أمر الصلاة عظيم، فعليك أن تجتهدي في نصيحتهم، أو بضربهم إن استطعت، فإن لم تستطيعي ارفعي شأنهم لولاة الأمور، للهيئة إذا كان لديكم هيئة أو للمحكمة أو للأمير حتى يعينك عليهم، لأن السكوت عنهم لا يجوز، الله جل وعلا يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} ويقول الله جل وعلا: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} وترك الصلاة من أعظم المنكرات، فالواجب العناية بهم والحرص عليهم، ووعظهم وتذكيرهم ونصيحتهم، والتأديب إذا استطعتِ، أو أبوهم إذا كان لهم أب موجود أو أخ كبير يؤدبهم، فإن لم تستطيعي، فارفعي أمرهم للإمارة أو الهيئة أو المحكمة.

حكم السكن عند أخ متهاون بالصلاة

217 - حكم السكن عند أخ متهاون بالصلاة س: تقول السائلة: بسبب دراسة الطب تركت عائلتي ووالدي، وأنا الآن أعيش في بيت أخي، وهذا الأخ هداه الله لا يحرص على أداء الصلاة، ولا أقول: إنه لا يصلي، فإنني أراه أحيانًا يؤديها، ولكن الملاحظ عليه بصفة عامة هو عدم الاهتمام بهذا الركن العظيم، علمًا بأنني لا أستطيع نصحه بسبب فارق السن، ولأسباب أخرى، فهل يجوز لي أن أستمر في العيش معه لمواصلة الدراسة والتي بقي على تخرجي منها حوالي ثلاث سنوات، إن شاء الله، أم علي أن أبحث عن سكن آخر كسكن الجامعة مثلاً، أم علي أن أترك الدراسة وأعود إلى أهلي، أرجو إرشادي وإخراجي من حيرتي، وجزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: الواجب عليك أن تنصحيه، وإن كنت أصغر منه فإن الله جل وعلا يقول: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} هذا واجب الجميع، المؤمنون والمؤمنات، وليس هناك فرق بين الكبير والصغير، فعليك أن تنصحي أخاك، وأن ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (110).

تخوفيه من الله عز وجل؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، فمن تركها كفر، كما قال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها كفر» (¬1) خرجه الإمام أحمد وأصحاب السنن، بإسنادٍ صحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬2) خرجه الإمام مسلم في صحيحه، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله» (¬3) خرجه الإمام أحمد وغيره بإسناد صحيح، عن معاذٍ رضي الله عنه والأحاديث في هذا كثيرة، والقرآن الكريم فيه من ذلك الآيات الكثيرة، كقوله سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى}، وقوله عز وجل: {وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} وقوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} وقوله: ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي لله عنه برقم (22937). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه برقم (21511).

{وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}، فعليك أن تنصحيه وأن تبيني له إنكارك عليه هذا العمل، فلعله يهتدي بأسبابك فيكون لك مثل أجوره، والرجل ينصح المرأة، والمرأة تنصح الرجل، وإن اختلفا في السن ولا سيما أخوك، فله حق عليك من جهة واجب الدين، ومن جهة واجب الرحم، فإن استقام فالحمد لله، وإلا فنصيحتي لك ألاَّ تبقي عنده؛ لئلا يضرك ولئلا تبتلي بالتأسي به، فيقسو قلبك فنصيحتي لك أن تنتقلي للسكن الجامعي، إذا تيسر ذلك، وإلا فاتركي الدراسة، ولا تبقي عند رجلٍ يتهاون بالصلاة، ولا يرفع بها رأسًا، فإن هذا يضرك في دينك، وربما يسبب لك شرًا عظيمًا، وعاقبةً وخيمة، نسأل الله لك التوفيق، وحسن العاقبة ولأخيك الهداية.

حكم استمرار الصداقة مع أسرة لا تصلي

218 - حكم استمرار الصداقة مع أسرة لا تصلي س: إذا كان للإنسان صديق لا يصلي، وكذلك زوجته لا تصلي، فهل تستمر تلك الصداقة، وهل له أن يدعوهما لمنزله كضيوف؟ (¬1) (¬2) ج: إذا كان الرجل لا يصلي لا يجوز أن يتخذ صديقًا، بل يجب أن ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (353). (¬2) السؤال من الشريط رقم (353). ') ">

يتخذ عدوًا وبغيضًا حتى يتوب، هذا من الولاء والبراء، من المعاداة في الله والبغضاء في الله، فالجار أو القريب الذي لا يصلي يجب بغضه في الله، وهجره حتى يتوب ويرجع عن الباطل، أو يرفع أمره إلى الجهات المختصة حتى يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، إذا كان في بلاد إسلامية تُحكم شرع الله، ولا يجوز أن يصادقه، وهكذا زوجته إذا كانت لا تصلي يفارقها، لا يجوز بقاؤها، فالمؤمن لا ينكح المشركة، تارك الصلاة كافر، نسأل الله العافية. الله جل وعلا يقول: {لاَ هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}، يعني الكافرات، ويقول: {وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}، فالتي تترك الصلاة كافرة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬1) فالرجل الذي لا يصلي والمرأة لا تصلي كلاهما كافر، وإذا جحدا الوجوب صارا كافرين بإجماع المسلمين، أما إذا كان الترك تساهلاً أو تهاونًا فهذا كفر أكبر على الصحيح من أقوال العلماء، يجب أن ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي لله عنه برقم (22937).

يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل في المحكمة الشرعية، ويجب على الزوج أن يفارقها إذا لم تتب، وهكذا الزوجة إذا كان زوجها لا يصلي، تبتعد عنه، تذهب إلى أهلها، تطلب الفراق من المحكمة، أولياؤها يقومون بذلك؛ لأن الكافرة لا تصلح تحت مسلم، والمسلمة لا تصلح تحت كافر، الله يقول: {لاَ هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}، فالواجب على المؤمن ألا يتزوج إلا مسلمة تصلي، وعلى المسلمة أن تبتعد عن الزوج الذي لا يصلي، ولا ترضى به زوجًا، وإذا ترك الصلاة تخرج إلى بيت أهلها، وتطلب الفراق، نسأل الله العافية والسلامة. س: تسأل أختنا وتقول: هل إذا أحببت فتاة مسلمة، ولكن لا تصلي إلا بعض المرات، ووجدت فيها هذا العيب وعيوبًا أخرى بعد محبتي لها، فهل بالفعل أحشر معها؟ وبالرغم من محاولاتي الكثيرة طيلة ثلاث سنوات أن أرشدها إلى الصواب بأسلوب غير مباشر، مثل إعطائي لها الكتيبات أو بعض الأشرطة وغير ذلك، أرجو توجيهي، جزاكم الله خيرًا، في حكم علاقتي معها؟ ج: الواجب نصيحتها وتوجيهها إلى الخير، وإخبارها بأن الصلاة

عمود الإسلام، وأنها فرض على الذكور والإناث، وأنها أحد أركان الإسلام الخمسة، بل هي أعظم الأركان بعد الشهادتين، فإذا استجابت استقامت فالحمد لله، وإلا وجب عليك هجرها وترك محبتها، وإذا بقيت على محبتها مع تركها الصلاة حشرت معها يوم القيامة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المرء مع من أحب قال له رجل: يا رسول الله المرء يحب القوم ولما يلحق بهم، قال: المرء مع من أحب» (¬1) وجاءه رجل، فقال: «يا رسول الله: متى الساعة؟ قال: ماذا أعددت لها؟ قال: حب الله ورسوله، قال: أنت مع من أحببت» (¬2) فالحاصل أنها إذا استقامت وصلت فالحمد لله، وإلا فالواجب هجرها وعدم مصاحبتها، وعدم محبتها، بل يجب بغضها في الله حتى ترجع إلى الصواب، وهكذا غيرها من الناس، من أخٍ أو عمٍ أو ولدٍ أو غير ذلك، يبغض في الله، ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب علامة حب الله عز وجل، برقم (6169)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب المرء مع من أحب، برقم (2641). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب مناقب عمر بن الخطاب أبي حفص القرشي العدوي رضي الله عنه برقم (3688)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب المرء مع من أحب برقم (2639).

وهكذا الزوج، وهكذا غيرهم ممن يتظاهر بالمعاصي، يبغض في الله على قدر معصيته، وإن كان كفرًا صار بغضه أشد، البغض في الله لكفره وتركه الصلاة وسبه للدين، أو استهزائه بالدين، وإذا لم يتب يهجر إلا الأبوين، فالأبوان لهما حق خاص، لا يهجران لكن ينصحان؛ لأن الله قال سبحانه في حق الولد، إذا كان أبواه كافرين، قال له جل وعلا: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}، فالوالدان لهما حق عظيم، ولو كانا كافرين، فعلى الولد أن يصحبهما بالمعروف، وأن يحسن إليهما، وإذا كانا فقيرين أنفق عليهما، مع الدعوة ومع التوجيه ومع الإحسان، لعل الله أن يهديهما بأسبابه.

حكم مقاطعة تارك الصلاة

219 - حكم مقاطعة تارك الصلاة س: يقول السائل عن أخيه: إنه لا يصلي إلا إذا كان والدي في المنزل، ووالدي كثير السفر، وعند سفر والدي أحيانًا يمضي في سفره ثلاثة أشهر ينقطع عن الصلاة، وكثيرًا ما يحدث بيننا جدال فما هو الحل الأمثل للتعامل معه؟ (¬1) (¬2) ج: النصيحة الدائمة والحرص على قيامه بالصلاة، وإذا كنت ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (356). (¬2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (356). ') ">

أكبر منه فلا مانع من أن تؤدبه أو ترفع أمره إلى الهيئة، لكن مهما أمكن أن تنصحه أنت وأقاربك الذين يحترمهم ويقدرهم، تنصحونه وتوجهونه إلى الخير، وتخبرونه أنكم ستخبرون أباه إذا رجع بعمله الرديء لعل الله يهديه بأسبابكم، فإذا لم تنفع فيه النصيحة ولم يقبل فارفعوا أمره إلى الهيئة، أو إلى الإمارة الطيبة إذا كانت تنفع حتى يؤدب ويوجه إلى الخير، لكن مهما أمكن قبل الرفع إلى الهيئة أو إلى الإمارة، مهما أمكن النصيحة والتعاون مع أقاربك في نصيحته، والوعيد أنكم تخبرون أباه مهما أمكن، هذا لعله ينفع، فهو أولى، فإذا دعت الحاجة إلى رفع أمره إلى الهيئة أو الإمارة الصالحة، هذا لا بأس به، بل واجب. س: يسكن معي بعض الشباب العصاة لا يصلون، وهم محارمي، ويسكنون معي في نفس المنزل، ما هو توجيه سماحتكم لي؟ كيف أتصرف؟ (¬1) ج: الواجب نصيحتهم وتحذيرهم مما حرم الله، وإخبارهم بأن الصلاة عمود الإسلام، وأن تركها كفر أكبر، في أصح قولي العلماء، وإن لم يجحد التارك وجوبها مع وجوب التحذير منهم، والحذر من ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (143). ') ">

شرهم؛ لأن من عصى الله وترك الصلاة لا يؤمن شره، فنوصيك أيتها الأخت في الله أن تحذري شرهم، وإذا تيسر لك فراقهم، والانتقال عنهم إلى بيت آخر؛ إلى أمك أو أخٍ صالحٍ أو عمٍ صالحٍ أو خالٍ صالحٍ هو أسلم لك من هؤلاء، فإن كنت مضطرة إلى البقاء معهم فاحذريهم، واحذري شرهم مع دوام النصيحة والتوجيه إلى الخير، وتخويفهم بالله عز وجل، واستعيني على ذلك أيضًا بأهل الخير، من أقاربك حتى ينصحوهم، نسأل الله لنا ولهم الهداية. س: نحن عشرة من أسرة واحدة، فينا البعض لا يصلي، ونصحتهم ولم يستجيبوا حتى الآن، هل أواصل الأكل والشرب والسكن معهم، أم بما تنصحونني؟ ج: تعمل بالأصلح، إن كان هجرهم أصلح فاهجرهم، ولا تأكل معهم، ولا تسكن معهم، وإن كان بقاؤك معهم للدعوة والتوجيه أصلح فيما تعتقد، فلا مانع من البقاء معهم والدعوة والتوجيه، لعل الله يهديهم بأسبابك، أما إن كانوا مستهترين، ولا يبالون بنصيحتك فالواجب هجرهم، مشروع لك هجرهم، وعدم البقاء معهم.

حكم صلة وزيارة الأقارب الذين لديهم منكرات

220 - حكم صلة وزيارة الأقارب الذين لديهم منكرات س: هذه سائلة رمزت لاسمها أ. أ. تقول: بأنها فتاة في الثلاثين من العمر، متزوجة وأم لأطفال، من زوج ملتزم بالشرع الإسلامي، وتحمد الله على ذلك، تقول ولكن مشكلتي هي أن لي إخوانًا وأخوات، يوجد في بيوتهم منكرات، وزوجي ينكر ويمنعني من زيارتهم، ويقول: لا يجوز لك أن تقومي بزيارتهم، أو تذهبي إليهم، ويقول لي: بأنه سمع من المشايخ بأنه لا يجوز الذهاب إلى من لديه منكرات في بيوتهم، ولا صلة لرحمهم في ذلك إلا بالتليفون؟ (¬1) ج: لا شك أن وجود المنكرات في البيت إذا كانت ظاهرة غير مستورة يستحق أهلها الهجر، من أبدى المعاصي وأظهر المعاصي، يستحق الهجر، إما سنة وإما واجبًا، اختلف العلماء، هل الهجر سنة أو واجب؟ قال بعضهم: يجب إذا كان يترتب عليه ترك المنكرات، أما إذا لم يترتب عليه ترك المنكرات فهو سنة مؤكدة. وقال بعضهم: بل يجب مطلقًا، قد هجر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الصحابة، تخلفوا عن الغزو بغير عذر، هجرهم خمسين ليلة حتى تاب الله عليهم، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (379).

وهجرهم الصحابة، فالذي يبدي المعاصي، ويظهرها ولا يبالي يستحق الهجر، سواء كان أخًا أو عمًا أو غير ذلك، وهكذا من تكون في بيته المعاصي الظاهرة، من شرب الخمر ظاهرًا، وتعاطى الزنا ظاهرًا وما أشبه ذلك ممن يتعاطى المعاصي الظاهرة، فيستحق الهجر، أما من يستتر، ولا يبدي المعاصي ويخفيها، فأمره إلى الله جل وعلا، ولكن يتعلق بمن يظهر المعاصي، يقول ابن عبد القوي رحمه الله في هذا المعنى: وهجران من أبدى المعاصي سنة ... وقد قيل إن يردعه أوجب وأكد وقيل على الإطلاق ما دام معلنا ... ولاقه بوجه مكفهر مربد فالمقصود أن إظهار المعاصي في البيت أو الأسواق لا شك أن هذا منكر، فإذا كان يظهرها عند الناس ولا يبالي أي فرد يراه من الزوار وغيرهم، هذا يستحق الهجر، أما إذا كان لا يظهر منه ولا يرى ولا يدرى عنه، مختفيًا به فهذا أمره إلى الله جل وعلا، الله يتولى حسابه جل وعلا، فالمرأة إذا كانت تراهم يظهرون المنكرات، ويشاهدونها فلا حرج عليها ألاَّ تذهب إليهم، خوفًا على دينها، وهكذا الرجل إذا كان إخوانه يظهرونها، أو أعمامه أو أخواله في مجالسهم، فلا حرج أن يترك

الذهاب إليهم، بل يشرع ترك الذهاب إليهم، وغيرهم، إلا إذا كانت الزيارة يترتب عليها نصيحة، وتوجيه، وإنكار المنكر، هذا طيب، إذا زارهم، ينكر عليهم، ويعظهم ويخوفهم من الله، لعل الله يهديهم بأسبابه، فهذا مطلوب، مشروع أن يذهب إليهم للنصيحة، والتوجيه، إلا الوالدين، فالوالدان لهما شأن، فالوالدان لا، لا يهجر الوالدين، بل يزور الوالدين، ويعتني بالوالدين، وينصح الوالدين ولا يهجرهما؛ لأن الله جل وعلا قال في كتابه العظيم في حق الوالدين: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}، أمره أن يصحبهما في الدنيا بالمعروف، وإن جاهداه على الشرك يدعو الله أن يهديهما بأسبابه؛ لأن حقهما عظيم، وبرهما من أهم الواجبات، فلا يهجرهما، ولكن يتلطف فيهما، وقد اجتهد إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع أبيه مع أنه مشرك، معلن بالشرك، مع ذلك اجتهد إبراهيم في دعوة أبيه عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أن الوالدين لهما شأن عظيم، فلا يهجرهما الولد، بل يتلطف بنصيحتهما وتوجيههما للخير، ويستعين على ذلك بمن يتيسر من أخوال أو إخوان أو أعمام، أو

غير ذلك، لعل الله يهديهما بأسبابه، ولهذا قال جل وعلا: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}، وهما كافران، هكذا الولد يعتني بوالديه، يصحبهما بالمعروف، وينفق عليهما إذا احتاجا إلى نفقته، وأن يخاطبهما بالتي هي أحسن لعل الله يهديهما بأسبابه.

بيان وجوب النصيحة لمن يعق والديه

221 - بيان وجوب النصيحة لمن يعق والديه س: تقول هذه السائلة: لي أخت عاقة لأمها، وعندما أحاول أن أنصحها تشتمني وتخاصمني، وهي التي تبدأ بالمخاصمة، فكيف أتصرف معها، مع العلم بأنني لا أكلمها إلا قليلاً جدًا؟ ولا تقبل النصيحة، وترى نفسها على الطريق المستقيم، وهي خلاف ذلك؟ (¬1) ج: عليك النصيحة بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، قولي: يا فلانة اتقي الله، بري أمك، وهذا من أهم الواجبات، اصبري عليها، وأحسني إليها بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، ولو ما رضيت؛ لأن الله يقول: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} ¬

(¬1) السؤال بدون رقم شريط.

وعقوقها لأمها منكر، وأنتِ إن شاء الله من المؤمنات، فأنكري عليها، وعلميها بالأسلوب الحسن والكلام الطيب، وإذا تيسر أن تنصحي بعض أقاربها بأن ينصحوها، مثل إخوتها أو أخوالها أو أبيها، إن كان أبوها موجودًا حتى ينصحوها معك، حتى يساعدوك عليها.

حكم من يهجر أخاه ولا يرد عليه السلام

222 - حكم من يهجر أخاه ولا يرد عليه السلام س: السائل: خ، من مدينة إب، يقول: أنا وأخي بيننا خصام من عدة سنوات، وعندما أمشي في الطريق أقول لأخي السلام عليكم، ولم يرد علي السلام، وهذه عدة مرات، وقد تصالحنا عدة مرات، ولم ينفع هذا الصلح معه، وأنا أقول: بأن هذا السلام من قلبي، وليس مجاملة أمام الناس، وأخي لا يصلي في المسجد ويعمل بعض المنكرات، ماذا يجب علي تجاهه؟ (¬1) ج: الواجب عليك نصيحته وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، لعل الله يهديه بأسبابك، وإذا تيسر أن يكون معك شخص آخر، أو اثنان من ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (419).

الأقارب أو الأصدقاء تذهبون جميعًا إليه، وتنصحونه وتوجهونه إلى الخير، هذا خير؛ لأنه قد ينتفع بذلك إذا كان معك غيره ممن يعينك على نصيحته؛ لأن الله يقول: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} فالمؤمنون أولياء، ومن ولايتهم فيما بينهم أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فلا تهجره، بل اجتهد في نصيحته، وتوجيهه إلى الخير، ولو هجرك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها» (¬1) فأنت اجتهد في وصله والإحسان إليه ونصيحته وتوجيهه إلى الخير، لعل الله يهديه، لعل الله يرده إلى الصواب، ولعل الله يهديه لترك المنكرات، وليكن معك ويعينك على ذلك، ويساعدك لعله يقبل منكم جميعًا، ولعله يتعظ، فإذا لم تجدِ الموعظة واستمر على المجاهرة بالمنكرات استحق الهجر، استحق أن يهجر، أما إذا كانت معصية خفية فيما بينه وبين نفسه وأهل بيته، داخل وليس معصية ظاهرة فلا تهجره، واجتهد في نصيحته، وتوجيهه إلى الخير جزاك الله خيرًا، وأبشر بالخير، وادعُ له بظهر الغيب أن الله يهديه، وأن ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب: ليس الواصل بالمكافئ، برقم (5991).

الله يعيذه من شر نفسه.

حكم هجر المجاهر بالمعاصي

223 - حكم هجر المجاهر بالمعاصي س: الأخ السائل يقول: إنه يشكو من أخ له، ويقول: إنه يقترف بعض المعاصي، وقد نصحه كثيرًا إلا أن الأمر آل به إلى المجاهرة، ويرجو من سماحة الشيخ التوجيه في هذا الموضوع لو تكرمتم؟ (¬1) ج: إن الواجب على المسلمين فيما بينهم هو التناصح، والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق كما قال الله عز وجل في كتابه المبين: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} وقال سبحانه: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} وقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «الدين النصيحة، قيل لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» (¬2) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، فهاتان الآيتان مع الحديث الشريف، كلها تدل على وجوب ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (88). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (55).

التناصح والتعاون على الخير والتواصي بالحق، فإذا رأى المسلم من أخيه التكاسل عما أوجب الله أو ارتكابًا لما حرم الله، وجب نصحه ووجب أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، حتى يصلح المجتمع وحتى يظهر الخير وحتى يختفي الشر، كما قال الله سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، وقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (¬1) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، فأنت أيها السائل ما دمت نصحته ووجهته إلى الخير، ولكنه ما زاده ذلك إلا إظهارًا للمعصية، فينبغي لك هجره وعدم اتخاذه صاحبًا ولا صديقًا، وينبغي لك أن تشجع غيرك من الذين قد يؤثرون عليه وقد يحترمهم أكثر، على نصيحته، ودعوته إلى الله، لعل الله ينفعه بذلك، وإن رأيت أن الهجر يزيده شرًا، وأن اتصالك به أنفع له في دينه، وأقل لشره فلا تهجره؛ لأن الهجر يقصد منه العلاج، فهو دواء فإن كان لا ينفع بل يزيد الداء داء، فأن تعمل معه الأصلح من الاتصال به وتكرار النصيحة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من غير اتخاذه صاحبًا ولا صديقًا، لعل الله ينفعه بذلك، وهذا هو ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، برقم (49).

أحسن ما قيل في هذا، من كلام أهل العلم رحمهم الله.

نصيحة لمن يسهر مع جلساء السوء

224 - نصيحة لمن يسهر مع جلساء السوء س: السائلة: أ. أ. أ. من الكويت، تقول: والدي يسهر مع مجموعة من أصدقائه غير الطيبين حتى منتصف الليل، ونحن مجموعة من البنات وطفل صغير في العاشرة من عمره، ووالدتي امرأة مريضة، وكلما نصحنا هذا الأب عن تأخره نهرنا وسبنا، ماذا نعمل معه؟ مع أن لنا جارًا صالحًا، إمام للمسجد، هل نخبره عن واقع والدنا لعله يناصحه؟ (¬1) ج: نصيحته مهمة، ينصح منكم وممن يعلم حاله من الجيران، ينصحونه حتى لا يتأخر في المبيت، النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل العشاء والسهر بعدها، وإذا أخبرتم الجار ينصحه من باب النصيحة، فلا بأس، أو غير الجار من الأقارب، ينصحونه هذا طيب، ولكن لا يعلم أنكم قلتم له شيئًا، حتى لا يكون شر بينكم وبينه، توعزون للجار أو غيره من الأقارب أن ينصحوه عن السهر، ولا يبين أنكم أبلغتموه، ما يبين للجار أو غيره أن فلانة أبلغتني كذا وكذا، كأنه ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (421).

بلغه من غيركم، فالمقصود أن نصيحته مهمة، والدعاء له، تدعون له بالتوفيق في السجود وفي آخر الصلاة، وفي غير ذلك، تدعون له أن الله يهديه، وأن الله يعيذه من الشيطان، ومن جلساء السوء، هذا أمر مطلوب، والوالد له حق عظيم، تدعون له أن الله يوفقه ويهديه، وأن يكفيه شر جلساء السوء، ويعينه من شر نفسه والشيطان، كل هذا طيب.

حكم مجالسة من يتعاطى الخمر والمخدرات

225 - حكم مجالسة من يتعاطى الخمر والمخدرات س: يقول السائل: ما حكم الأكل مع الإنسان شارب الخمر أو المخدرات وما إلى ذلك؟ (¬1) (¬2) ج: ينبغي لمن عرف إنسانًا يشرب الخمر، أو أي شيء من المنكرات الأخرى أن ينصحه وأن يوجهه إلى الخير، ويرشد إلى ما أوجب الله عليه من ترك هذه المحرمات والقاذورات، فإن أصرَّ ولم يقبل النصيحة، فينبغي أن يهجر، وهجره سنة لعله يتوب، ولعله ينيب إلى الله عز وجل، كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم الذين تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر، وهم كعب بن مالك الأنصاري، وصاحباه هجرهم الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه خمسين ليلة، لما وقعت ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (25). (¬2) السؤال من الشريط رقم (25). ') ">

منهم هذه المعصية بدون عذر شرعي، وهي التخلف عن الغزو بعد أمر الرسول بذلك عليه الصلاة والسلام، واستنفاره الناس لغزوة تبوك، ومن هذا ومن أحاديث أخرى، أخذ العلماء شرعية هجر من أبدى المعاصي، وأظهرها، أو أظهر البدع، حتى قال ابن عبد القوي رحمه الله تعالى في منظومته المشهورة في الآداب: وهجران من أبدى المعاصي سنة ... وقد قيل إن يردعه أوجب وأكد وقيل على الإطلاق ما دام معلنا ... ولاقه بوجه مكفهر مربد المقصود أن هجر من أظهر المعاصي، أو البدع سنة مؤكدة، قال بعض أهل العلم بأن ذلك واجب مطلقًا، وقال بعضهم: يجب إن حصل به الردع في البدع والمعاصي، فإن لم يحصل به الردع صار سنة لا واجبًا، وبكل حال، من أظهر شرب الخمر أو التدخين أو غير ذلك من المعاصي، كالزنا والربا وأشباه ذلك، فإنه يستحق أن يهجر بعد النصيحة، وبعد التوجيه والإرشاد؛ لأنه قد يكون جاهلاً لا يعلم تحريم هذه الأمور، ممن نشأ في بلاد بعيدة عن المسلمين، أو التبس عليه في ذلك، فدعوته ونصيحته فيها إقامة حجة، وفيها تذكيره بالله وتحذيره من

مغبة هذه المعاصي، و «الدين النصيحة» (¬1) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أصر ولم يبال بالنصيحة، فإنه ينبغي أن يهجر، لكن إذا رأى المسلم أن هجره قد يزيده شرًا، ورأى أن يستمر معه بالنصيحة بين وقت وآخر، لا لمحبة ماله أو طعامه، ولكن لقصد نصحه وتوجيهه إلى الخير، ورحمته لعله ينيب إلى الله، ولعله يتوب، فلا حرج أن يكرر عليه النصيحة، ولو زاره لذلك، وإذا ترك أكل الطعام معه، ونحوه فهذا أنسب حتى لا يظنه جاء من أجل الطعام، فيتصل به للنصيحة والتوجيه، ويدع الأكل معه، ومجالسته التي ليس فيها مناصحة، حتى لا ينسب إليه أنه مقر للمنكر، وحتى لا يظن صاحب المنكر أنه راضٍ عنه، وأنه لا يرى إنكار هذا المنكر، والمؤمن يفعل ما هو الأصلح، ويجتهد في بيان ما هو الأصلح، وهو الأقرب للردع عن الباطل، وجلب الخير، هذا هو الذي ينبغي في هذا المقام، هو الهجر لمن أظهر المعاصي، وعدم مجالسته، وعدم مواكلته إلا إذا اقتضت المصلحة الشرعية أن يجالسه للنصيحة، ويكرر ذلك للنصيحة، والتوجيه، وأن هذا أصلح من هجره؛ لأن هجره يزيده شرًا، ويزيده بلاءً وشرورًا، وتماديًا في المعاصي، أو ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (55).

في إيذاء الناس، ودعوتهم إلى الشر، فإنه في هذه الحال تنبغي معاودته ومراجعته بالنصيحة، لعله يتوب ولعله ينيب. س: تقول السائلة: لي زوج أخت يتعاطى الخمر، وحاولت مع كثيرين، أنا وبعض الأقارب منعه من شرب الخمر، إلا أنه لم يقبل النصح، وكان عنيفًا معنا، وهو يضرب زوجته التي هي أختي، ويهيننا بالعبارات وفي بعض الأحيان يخرجها وأولادها إلى الشارع، فما هو أفضل حل نتخذه مع هذا الرجل؟ (¬1) ج: عليكم مداومة النصيحة بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن لا بالعنف والشدة، واستعينوا بالله ثمَّ ببعض إخوانكم الطيبين الذين يعظمهم ويقدرهم هو، حتى يعينوكم على نصيحته وتوجيهه إلى الخير، ولا تيأسوا، لا تيأسوا وادعوا له بظهر الغيب، قولوا: اللهم اهدِ فلانًا، اللهم أصلحه، اللهم أعذه من شر نفسه وشيطانه، واصبروا وعليكم بالحلم والصبر والكلام الطيب، والأسلوب الحسن؛ لعل الله يهديه بأسبابكم، فيكون لكم مثل أجره، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من دل على ¬

(¬1) ورد هذا السؤال في الشريط رقم (362). ') ">

خير فله مثل أجر فاعله» (¬1) ولا تيأسوا عليكم بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، والتعاون مع إخوانكم الطيبين، في زيارته ونصحه وتوجيهه إلى الخير، لعل الله يهديه بأسبابكم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» (¬2) وأنتم مشكورون ومأجورون، وإذا كان هناك في البلد محكمة شرعية، ولم يستجب ارفعوا فيه إلى المحكمة فيما يتعلق بإقامة الحد عليه، وفيما يتعلق بأمر زوجته، أما إذا كان ليس هناك محكمة تحكم بالشرع، فعليكم النصح المستمر والتوجيه والتعاون مع إخوانكم الطيبين الذين يقدرهم ويرى لهم الفضل، تعاونوا معهم في إرشاده وتوجيهه لعل الله يهديه بأسبابكم. س: سائلة تقول: إذا كان لي أولاد أخ، أو أولاد أخت، ولكن لا أرى أن أهلهم يهتمون بهم، من حيث التربية الإسلامية الصحيحة، فهم لا يأمرونهم بالصلاة مع أن كثيرًا منهم قد بلغ العاشرة، فهل يجب علي أن أقوم بهذا الدور، أم كيف أتصرف علمًا بأنهم ربما يغضبون من ضربي لهم، إذا اقتضى الأمر الضرب؟ (¬3) ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره، برقم (1893). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره، برقم (1893). (¬3) السؤال من الشريط رقم (362). ') ">

ج: عليك المناصحة لهم ولآبائهم وأمهاتهم حتى يقوموا بالواجب، أنت لا تضربينهم، لكن انصحي، انصحي آباءهم وأمهاتهم حتى يقوموا بالواجب، عليك النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والضرب على غيرك؛ لأن الرسول قال: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها لعشر سنين» (¬1) فالمأمور الآباء والأمهات، وأنت إن شاء الله تنصحين وترشدين وترغبين وتحذرين. س: يقول السائل: أعمل في شركة مواد غذائية، وأرى بعض العمال يأكلون ويشربون من البضاعة الموجودة في الشركة، فهل أنكر عليهم ذلك أم لا؟ وهل يعتبر ما يفعلونه من المحرمات؟ جزاكم الله خيرًا. ج: نعم لا يجوز لهم أن يأكلوا ولا يأخذوا منها إلا بإذن المسؤول، إذا كانت البضاعة للبيع أو الفواكه للبيع أو غيرها من الأطعمة، ليس لهم أن يأخذوا منها إلا بإذنه، بإذن المسؤول عن هذه الشركة، أو هذه البقالة، وليس لهم أن يقدموا على الأكل منها؛ لأن هذا ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، برقم (6717).

يضرها، قد يكون كثيرًا أو يكونون كثيرين، فالحاصل لا بد من إذن المسؤول عن هذه البقالة، أو هذه الشركة.

بيان الواجب على العلماء والولاة في سبيل الدعوة إلى الله تعالى

226 - بيان الواجب على العلماء والولاة في سبيل الدعوة إلى الله تعالى س: ما هي موجبات نشر الصلاح في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وماذا عن قمع البدع في هذا المضمار؟ (¬1) ج: الواجب على العلماء وعلى ولاة الأمور نشر ما يصلح الأمة وأن يعلموا دينهم وأن يبصروا ما يجب عليهم، في صلاتهم وزكاتهم وصومهم وحجهم، بل في عقيدتهم وهي الأساس، وفي كل شيء، الواجب على الأمراء والعلماء أن ينشروا دين الله، وأن يبصروا الناس عن طريق العلم، قال الله وقال رسوله، وأن يشجعوا الدعاة إلى الله على نشر الحق، والدعوة إليه، وعلى تحذير الناس مما حرم الله عليهم، في خطب الجمعة، وفي المحاضرات والندوات، وفي المجالس العامة، وفي كل مناسبة، هكذا يجب على أهل العلم، وعلى الأمراء إذا كانوا من أهل العلم، أو بواسطة العلماء إذا كان الأمراء من أهل العلم، فعلوا، وإلا فعليهم أن يأمروا أهل العلم ويشجعوهم، وأن يسهلوا طريقهم في نشر العلم، ودعوة الناس إلى الخير، وتبصيرهم؛ لأن الله خلق الخلق ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (326).

ليعبدوه، وأمرهم بذلك، ولا طريق إلى العبادة إلا بالتفهيم والتعليم، والتثقيف حتى يعلم كل مسلم ما يجب عليه، وحتى تعلم كل مسلمة ما يجب عليها، من طريق أهل العلم، من طريق الخطابة في يوم الجمعة وغيرها، ومن طريق الكتابة، ومن طريق المصالح العامة من الإذاعة، من طريق الصحافة، من طريق التلفاز، كل هذه الطرق ينبغي أن تعمر بالدعوة إلى الله والتوجيه إلى الخير، وفي إذاعة القرآن فوائد كثيرة، إذاعة القرآن في المملكة العربية السعودية فيها فوائد جمة، فأنصح جميع إخواني أن يستفيدوا من هذه الإذاعة، إذاعة القرآن، الرجال والنساء في المملكة وخارجها، أنصح الجميع في المملكة وخارجها رجالاً ونساءً أن يستفيدوا من إذاعة القرآن، لما فيها من المواعظ وقراءة القرآن، بالترتيل والتجويد، ولما فيها من المحاضرات والتوجيهات، وما فيها من برنامج نور على الدرب، هذا البرنامج فيه فوائد عظيمة، ويقوم عليه جماعة من أهل العلم، من أهل السنة والجماعة، فأنصح جميع المسلمين في كل مكان أن يستفيدوا من هذا البرنامج، ومن إذاعة القرآن، وأنصح جميع إخواني العلماء في كل مكان في الجزيرة وفي خارج الجزيرة وفي كل مكان، أنصحهم أن ينشروا العلم وأن يبلغوا الناس ما أوجب الله عليهم، وأن يعنوا بالعقيدة أكمل من غيرها حتى

يعلم الناس حقيقة التوحيد، وحتى يعرفوا حقيقة الشرك، وحتى يؤمنوا بالله إيمانًا صحيحًا، وحتى يؤمنوا بأسمائه وصفاته، على الوجه الذي يليق به، وحتى يعبدوه وحده دون كل ما سواه، وحتى يعلموا حكم ما يفعله عُبَّادُ القبور، من دعوة الأموات والاستغاثة بالأموات، والنذر لهم، وأن هذا هو الشرك الأكبر، وهو دين المشركين: أبي جهل وأشباهه، فنصيحتي لأهل العلم في كل مكان، في كل دولة، نصيحتي لعلماء السنة، لعلماء الحق، نصيحتي لهم أن يتقوا الله، وأن يعلموا العباد دين الله، وأن ينشروا بينهم ما قاله الله ورسوله في العقيدة وفي بقية الأحكام: في الصلاة والزكاة والصوم والحج، والجهاد وبر الوالدين، وصلة الرحم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي بيان جميع ما حرم الله عليهم، في المعاصي والتحذير منها، والله يقول سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، ويقول سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، ويقول سبحانه لنبيه عليه الصلاة والسلام: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ}

يعني على علم، {أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}، فأتباع النبي صلى الله عليه وسلم هم الدعاة إلى الله، على بصيرة وهم القدوة، وهم خلفاء الرسل، فالواجب على جميع العلماء، علماء الشريعة، عليهم أن يتقوا الله، وأن ينشروا العلم بين الناس، وأن يجتهدوا في إيضاح الأحكام بالدليل، قال الله وقال رسوله، وأن يحذروا القول على الله بغير علم، وأن يحذروا التساهل في ذلك والتكاسل، بل يجب الصدع للحق، ونصر الحق بالأساليب الحسنة، والكلمات الواضحة التي يفهمها المخاطبون، ولكل قوم لغتهم، فإذا كان في بلد لهم لغة غير العربية، حدثهم بها، ونصحهم بها، كردية أو إنجليزية أو فرنسية أو غير ذلك، يحدث كل قوم بما يعرفون، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ}، ويقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله إنما بلغوهم العلم بالألفاظ واللغات التي يفهمونها، حتى يفهموا الحق على بصيرة، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من دل

على خير فله مثل أجر فاعله» (¬1) فأنت أيها العالم على خير عظيم، ترشد الناس وتنفعهم وتبرئ ذمتك، وتنشر دين الله، ويكون لك مثل أجورهم، هذا خير عظيم وفضل كبير، أسأل الله أن يوفقك، أسأل الله أن يوفقنا وجميع إخواننا من أهل العلم وغيرهم لما يرضيه، وأن يعيذنا جميعًا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وأن يمنحنا جميعًا الفقه في دينه والثبات عليه، إنه جل وعلا جواد كريم. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره برقم (1893).

بيان الطريق الصحيح للصحوة

227 - بيان الطريق الصحيح للصحوة س: الناس بين متفائل ومتشائم، بما سموه الصحوة الإسلامية، لعل لسماحتكم من كلمة في هذا المقام؟ (¬1) ج: الواجب التفاؤل وحسن الظن بالله، هذا هو الواجب، يقول الله عز وجل، فيما صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم: يقول سبحانه: «أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني» (¬2) وفي صحيح مسلم عن ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (140). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ)، برقم (7405) ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الذكر والدعاء، برقم (2675).

جابر رضي الله عنه، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله» (¬1) فالواجب حسن الظن بالله، مع السعي الجاد ومع العمل في نصر دين الله، وإقامة شرع الله، وأن يحاسب كل واحد نفسه، في أداء حق الله، وترك معاصي الله، والوقوف عند حدود الله، وأن يعين حكومته في كل خير، يكون أمينًا في وظيفته، يؤدي الأمانة، وينصح للأمة ويحافظ على الحق، ويسارع إلى الصلاة ويؤديها في وقتها مع الجماعة، وهكذا جميع أمور الإسلام، كل واحد مسؤول حتى يساعد الأمة، في رجوعها إلى دين الله، وإقامتها لشريعة الله، وحتى يعين دولته على ذلك، ويجب أيضًا على كل أسرة، وعلى كل جماعة أن تتعاون في هذا، في ترك ما حرم الله، وفي أداء ما أوجب الله، وفي الدعوة والتعاون على ذلك، هذا هو واجب المسلمين، والله يقول سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، ويقول سبحانه: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}، ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الأمر بحسن الظن بالله، برقم (2877).

هؤلاء هم الرابحون الذين آمنوا بالله ورسوله، إيمانًا صادقًا، فعبدوه وحده، وأخلصوا له العبادة، وحكَّموا شريعته، وعملوا بما أوجب عليهم، وتركوا ما حرم الله عليهم، وتواصوا بذلك، وتناصحوا في ذلك، وتواصوا بالصبر على ذلك، هؤلاء هم الرابحون، هؤلاء هم السعداء في الدنيا والآخرة، هذا هو الواجب على جميع المؤمنين، وعلى جميع المؤمنات، أن يتواصوا بالحق، ويتناصحوا ويتعاونوا على البر والتقوى، وأن يصبروا على ذلك حتى الموت، كما قال الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}، ويقول سبحانه للمؤمنين جميعًا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا}، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله يرضى لكم ثلاثًا: فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل

الله جميعًا ولا تفرقوا» (¬1) رواه مسلم في الصحيح، وزاد في رواية أخرى: «وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم» (¬2) المؤمنون واجب عليهم التناصح والتعاون، وهكذا النساء المؤمنات، يجب عليهن التناصح والتعاون فيما بينهن، ومع الرجال ومع أهليهن، فالواجب مشترك، يقول الله سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، ويقول سبحانه: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، فالواجب على الجميع في كل مكان وفي كل زمان، التعاون على الخير والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر رجالاً ونساءً، كبارًا وصغارًا، عربًا وعجمًا، هذا واجب على الجميع، أن يتعاونوا على البر والتقوى أينما كانوا، ويتواصوا ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة برقم (1715). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8581).

بالحق كتابة ومشافهة وبكل طريق، رزق الله الجميع التوفيق والهداية، هذا هو الطريق الصحيح للصحوة الإسلامية، وهذا هو الذي يراه المسلمون: أهل الحق وأهل العلم، أن الواجب تغذية هذه الصحوة واليقظة، والإعانة لمن قام بها، والشكر له على ذلك، والتوجيه والدعم حتى يكثر الخير ويقل الشر.

حكم هجر من تاب من المعاصي

228 - حكم هجر من تاب من المعاصي س: هذا السائل أخ سوداني مقيم في الدوادمي، يقول: لي أخ كان ملتزمًا إلا أنه الآن ارتكب بعض المعاصي، وحلف أن يتوب إلا أني كرهته كرهًا شديدًا، فما هو توجيهكم لي، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: عليك أن تنصحه لله، وأن تحثه على لزوم التوبة، والحمد لله من تاب تاب الله عليه، تكرهه على المعاصي، بقدر معصيته، وتحبه على قدر توحيده لله، وطاعته لله، والقلب يتسع لهذا، قلب المؤمن يتسع للمحبة والبغضاء، تحبه في الله لأنه مسلم، وتكرهه لله للمعاصي التي أظهرها، فإذا تاب ورجع إلى الله رجعت عن بغضه للمحبة، فتحبه لله، هو أخوك المؤمن، وإذا أصر على المعصية ولم يتب، صار قلبك يتسع لهذا وهذا، تحبه من ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (308).

جهة إيمانه، وتحبه لله، وتكره ما لديه من المعصية وتبغضه بقدرها.

بيان وجوب مؤازرة من التزم بدين الله تعالى

229 - بيان وجوب مؤازرة من التزم بدين الله تعالى س: يقول السائل: بعض الأسر عندنا ينشأ بينها شاب ملتزم داعية إلى الله، ويلتزم بالسنة النبوية، تجد كثيرًا من الأسر تتذمر من هذا، وتحاول أن تعيده على سيرتهم، التي لم تكن مرضية، لعل لسماحتكم توجيهًا في هذا الباب، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: هذا لا يجوز، الواجب على الأسرة أن تشجع على الخير، فإذا نشأ فيها شاب، والتزم بالحق، وحافظ على الصلوات، وترك الإسبال وترك حلق لحيته، الواجب مساعدته في هذا، وأن يُشكر على هذا الخير العظيم، ويُعان ويُرغب في الاستمرار والثبات، وهكذا الجارية، إذا نشأت ملتزمة محافظة على الصلاة، وعلى الحجاب تُشكر على هذا، وتُشجع من أبيها وأمها وأخواتها، هذا هو الواجب على الجميع؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}، أما أنه يثبط ويستهزأ به، فهذا منكر لا يجوز، وهكذا مع المرأة لا يجوز تثبيطها، ولا الاستهزاء بها، إذا تحفظت ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (273).

واحتجبت، وابتعدت عن أسباب الشر، وحافظت على الصلاة، واطمأنت فيها وأدتها في أوقاتها، كل هذا يجب التشجيع عليه، والثناء على من فعله، وعدم تثبيطه، ونسأل الله للجميع الهداية.

بيان الميزان الشرعي في شأن السنة والبدعة

230 - بيان الميزان الشرعي في شأن السنة والبدعة س: يقول السائل: بعض الأعمال ظاهرة الفضل، وقد يستنكر بعض الناس، إذا قلت إن هذا العمل غير مشروع، ولا يجوز، وإنه بدعة، كيف نوجه الناس والحالة هذه، سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: قد تقرر في الأصول أن الشرع هو ما شرعه الله ورسوله، وأن الدين هو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل، فمن قال قولاً أو ادعى دعوى فعليه البرهان، وهو الدليل، فإذا قال: هذا بدعة أو هذا مشروع، فعليه الدليل الذي يدل على شرعية هذا، أو بدعة هذا، وليست أقوال الناس حجة، إذا لم تستند على نص من كتاب الله أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو من إجماع أهل العلم، فإذا قلت أنا أو غيري هذا بدعة فعلي الدليل، وإذا قال غيري، أو أنا: هذا مشروع فعلي الدليل، فإذا قلنا: إن الأذان عند القبور والإقامة عند القبور والقراءة عند القبور، والصلاة عندها بدعة، فحجتنا أن الرسول صلى الله عليه ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (75).

وسلم قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (¬1) وقال: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا» (¬2) ولأنه صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك، والله سبحانه يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}، فلم يقرأ عند القبر، لا هو ولا أصحابه، ولم يؤذن عند القبر لا هو ولا أصحابه، ونحن مأمورن بالاتباع، والله سبحانه يقول: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}، ويقول سبحانه وتعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} وقال عز وجل: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ}، فالمتبع بإحسان هو الذي ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، برقم (1390) ومسلم في كتاب المساجد وموضع الصلاة، باب: النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (529). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب كراهية الصلاة في المقابر، برقم (432) ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، برقم (777).

يسير على نهجهم ولا يزيد عليهم، ولا ينقص بل يتبعهم ويسير على نهجهم وطريقهم، فعلى من زعم أنه يؤذن في القبر، يقام أو يقرأ في القبر، أو يلقن الميت، عليه الدليل، ونحن بيَّنا أنه لا دليل معه، بل الدليل مع خصمه، ولم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم لقن الميت، ولا أمر بتلقينه، والميت انقطع عمله بعد الممات، الميت ما ينفعه الكلام، انقطع عمله، يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» (¬1) فالقبر ليس محل عمل، هو محل مساءلة، ومحل جزاء، هذه حجة من قال في هذه الأمور: إنها بدعة وإذا قلنا: إنه يشرع للمؤمن أن يصلي على الميت، ويتبع الجنازة، ويدعو للميت، فإذا دفن يدعو له بالمغفرة والثبات؛ لأن الرسول فعل ذلك وأمر بذلك، وكان صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت، يقف عليه ويقول عليه الصلاة والسلام: «استغفروا لأخيكم وسلوا له بالتثبيت فإنه الآن يسأل» (¬2) ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الجنائز، باب الاستغفار عند القبر للميت في وقت الانصراف، برقم (3221).

فنحن إذا قلنا يوقف عليه، ويستغفر له ويدعى له بالثبات، هذا حق؛ لأن الرسول فعل ذلك، وأمر به عليه الصلاة والسلام، فهكذا بقية الأمور، كل من ادعى شيئًا أنه مشروع يقال: هات البرهان؛ لأن الله سبحانه يقول: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ} ومن ادعى أن هذا بدعة، يقال: هات البرهان، هذا هو الميزان: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}، يقول سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} ولولا هذا لقال كل أحد ما شاء، وبهذا عرفنا أن البناء على القبور والقباب واتخاذ المساجد عليها بدع؛ لأن الرسول أكد هذا، عليه الصلاة والسلام، وقال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (¬1) وقال عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبور، والبناء، عليها والقعود عليها» (¬2) ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، برقم (1390) ومسلم في كتاب المساجد وموضع الصلاة، باب: النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (529). (¬2) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (6/ 121).

رواه مسلم في الصحيح، فلهذا نقول: إن البناء على القبور من المساجد عليها والقباب من البدع المنكرة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن من فعل ذلك، ونهى عن تجصيص القبور، ونهى عن البناء عليها، فوجب علينا الامتثال، وأوجب علينا أن نعمل بما وجهنا إليه عليه الصلاة والسلام.

حكم خروج المرأة إلى مسافة قريبة في الدعوة إلى الله

231 - حكم خروج المرأة إلى مسافة قريبة في الدعوة إلى الله س: السائلة فتاة سودانية، تخرجت من جامعة سودانية إسلامية، وتخرجت من قسم الدراسات الإسلامية، ودرست في مجال الدعوة، والآن هي موجودة في قرية من قرى السودان البعيدة، تقول: أهل منطقتي في حاجة ماسة إلى الدعوة والتفقه بالدين، وخاصة العقيدة، لا يعرفون عن العقيدة الصحيحة شيئًا كثيرًا، والعقائد الباطلة منتشرة بصورة كبيرة، وبحكم وجودي في هذه المنطقة، هل يجوز لي أن أعمل بالدعوة إلى الله، مع العلم بأنني أدعو إلى الدعوة السلفية في رفقة جماعة تدعو إلى الدعوة السلفية، وعملي يا سماحة الشيخ وسط من النساء فقط، بعيدًا عن الاختلاط مع الضوابط الشرعية الأخرى من حجاب وغيره، ومع العلم بأن هذه المناطق لا تبعد عن مكان وجودي كثيرًا، بل مناطق قريبة جدًا يمكن السير إليها بالأقدام، وهل يشترط يا

سماحة الشيخ المحرم، خاصة للمسافات الصغيرة، وليست سفرًا، مع العلم بأن هذه القرية آمنة مطمئنة، لا تخاف المرأة فيها على نفسها، وتذهب للدعوة مع مجموعة نساء على العربة، أو الأقدام دون اختلاط، مع مراعاة الضوابط، بعد أن تأخذ الإذن من الأهل أحيانًا للتعليم، وأحيانا أخرى للتعلم، لقلة الدعاة إلى الله من الرجال، وعدم وجود الداعيات من النساء، وأهل هذه المناطق في حاجة إلى الدعوة إلى الله، ثم تذكر أيضًا وتقول: وهل المقصود من القرار في قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}، عدم السماح للمرأة بالخروج من البيت مطلقًا، لا للتعلم ولا للتعليم، مع العلم بأن الرجال لا يعرفون العلم المطلوب، وأخيرًا هل يعني ألاَّ نزور أرحامنا؟ نرجو من سماحة الشيخ التفضل بالإجابة. (¬1) (¬2) ج: القرار المطلوب هو بقاؤها في البيت، وألاّ تخرج إلا لمصلحة وحاجة، وإذا كانت ذات زوج فبإذن زوجها، وإذا كانت تخرج ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (358). (¬2) السؤال من الشريط رقم (358). ') ">

للدعوة والتعليم هذه حاجة عظيمة مطلوبة، فهي مشكورة ومأجورة، إذا خرجت للدعوة والتعليم والتوجيه إلى الخير وتعليم الاس الخير، فهذا عمل صالح هي مأمورة به، والله يقول جل وعلا: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا}، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» (¬1) فهي مشكورة ومأجورة ولا حرج عليها في ذلك، لكن لا تسافر إلا بمحرم، ما دام في مسافات قليلة ليس فيها سفر، فهذا عمل صالح ومطلوب ومشكورة عليه، ولا حرج عليها في ذلك. س: كم المسافة تقريبًا التي تعد سفرًا؟ ج: ما يعد سفرًا يوم وليلة للمطية، وثمانون كيلو للسيارة تقريبًا، يقال له سفر، ثمانين كيلو وما يقاربها. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره برقم (1893).

حكم السكن في منزل فيه وثن

232 - حكم السكن في منزل فيه وثن س: السائل: هـ. م. من الهند، يسأل: هل يجوز السكن في بيت به

وثن من أوثان الهندوس؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، إذا كان البيت فيه وثن، فإن كان يستطيع إزالة الوثن والقضاء عليه أزاله وسكن البيت. أما إن كان لا يستطيع ذلك، بل يأتي إليه الناس يعبدون الوثن في بيته، فالواجب عليه أن لا يسكن معهم؛ لأنه حينئذ يُتهم بالرضا بهذا العمل، وربما جروه إلى الشرك، فالواجب عليه البعد عن ذلك، والتماس بيت آخر، أما إذا استطاع أن يزيل الوثن ويقضي عليه، فهذا من الجهاد في سبيل الله، يقضي عليه ويزيله ويمنع الناس وله أجره العظيم. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (268).

حكم من يرتكب المعاصي ويحتج بأن الله غفور رحيم

233 - حكم من يرتكب المعاصي ويحتج بأن الله غفور رحيم س: يقول السائل: بعض الناس يتهاونون في بعض الأمور، ويرتكبون بعض المعاصي، وعندما أناقشهم يقولون: إن الله غفورٌ رحيم، ما هو توجيهكم، يحفظكم الله؟ (¬1) ج: يجب على المؤمن أن يتقي الله مع إيمانه بأن الله غفور رحيم، يأخذ بالتقوى، يتقي الله ويجتهد في الخير حتى تحصل المغفرة ويحذر ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (356).

المعاصي حتى لا تحصل العقوبة.

بيان أسلوب الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى

234 - بيان أسلوب الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى س: يقول السائل: أحيانًا أحاول إقناع بعض الأقرباء والأصدقاء بترك عمل سيئ والقيام بواجب، ولكن أرى أن أسلوبي لا يحقق شيئًا رغم جهدي في ذلك، أرجو نصحي على الطريقة الصحيحة للدعوة إلى الله؟ (¬1) ج: ترشدهم بالآيات والأحاديث إن كنت تحفظها بأسلوب حسن، ليس بالشدة والعنف، بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، يا عبد الله يا فلان يا أبا فلان، هذا لا يجوز، الواجب عليك كذا، قال الله كذا، قال الرسول كذا، حسب المعصية، إذا كان يتأخر عن الصلاة، توصيه بالمحافظة، تذكر له الآيات والأحاديث، وإن كان يعق والديه تحذره من أن يعق والديه وأن ذلك من أكبر الكبائر، كذلك إذا كان يتعاطى الربا أو شرب المسكر تحذره، وإذا كان كلامك لا يؤثر عليه فاستعن بالله، ثم ببعض إخوانك الطيبين، تذهب أنت وإياهم إليه، أنت وأخوك الآخر وعمك أو خالك، أو بعض الجيران الطيبين حتى تنصحوه لعله ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (356).

يستجيب من الجميع لعله يقبل الحق.

بيان دور الشريط والكتيب في الدعوة إلى الله تعالى

235 - بيان دور الشريط والكتيب في الدعوة إلى الله تعالى س: هل يكفي في إنكار المنكر، إهداء كتيب أو شريط لمن رأيت منهم المنكر، وهذا الشريط يتطرق إلى المنكر نفسه؟ (¬1) ج: هذا طيب، ولكن لا يكفي، إذا كنت تستطيعين النصيحة والكلام الطيب، فافعلي هذا وهذا جميعًا، أما إذا كنت لا تستطيعين فإرسال الشريط والكتيب جيد ونافع، فيه خير كثير، لكنه لا يغني عن إنكار المنكر والأمر بالمعروف، من استطاع أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فليفعل مع الكتيب ومع الشريط، كل هذا لعل الله ينفع بالجميع. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (362).

بيان المقصود بالغيرة لله تعالى

236 - بيان المقصود بالغيرة لله تعالى س: السائل أ. ع من حسيرة يقول: ما هي الغيرة؟ (¬1) ج: الغيرة الغضب لله وإنكار المنكر، كونه يغضب لله على بصيرة ليس على تعنت، أو على جهل، لا، الغيرة على بصيرة عند انتهاك ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (355).

محارم الله، يغار لله، هذا هو الواجب على المؤمن، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما ذكروا غيرة سعد بن عبادة، قال: «أتعجبون من غيرة سعد، لأنا أغير منه، والله أغير مني» (¬1) ويقول صلى الله عليه وسلم: «ما من أحد أغير من الله سبحانه أن يزني عبده أو تزني أمته» (¬2) فالواجب الغيرة لله، لا تعصبًا ولا رياءً، بل إذا رأى المحارم تنتهك، غار لله، وأنكر ذلك، يعني غضب لله. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحدود، باب من رأى مع امرأته رجلا فقتله، برقم (6846)، ومسلم في كتاب اللعان، باب برقم (1499). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الصدقة في الكسوف، برقم (1044) ومسلم في كتاب الكسوف، باب صلاة الكسوف، برقم (901).

حكم من ترتكب المعاصي عمدا

237 - حكم من يرتكب المعاصي عمدًا س: ما حكم الشرع في رجل يعلم حدود الله، ويتجاوزها كأن تقول له: هذا حرام، فيقول: أعرف ويقوم به، وماذا يسمى هذا الصنف من الناس في شريعة الإسلام؟ (¬1) (¬2) ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (178). (¬2) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (178). ') ">

ج: إذا تجاوز الحدود التي حد الله لعباده، بأن ركب المحرم وترك الواجب فهو عاصٍ وأتى منكرًا يُنكر عليه ويُعلّم، وقد تكون المعصية كفرًا أكبر، هذا يختلف بحسب حال المخالفة، فإذا استحل ما حرم الله من الزنا، أو أكل الميتة أو المسكر، كان كافرًا، نسأل الله العافية، وإذا فعل ذلك من غير استحلال، بل من أجل هواه وطاعة الشيطان، وهو يعلم أنه محرم هذه معصية، يستحق عليها أن يقام عليه حدها، وأن يرفع بأمره إذا استهتر ولم يبال، فإن تاب، تاب الله عليه، ولا حاجة إلى الرفع عنه، فالحاصل أن هذه الأمور تختلف، فالواجب نصيحة مثل هذا الشخص، وتوجيهه إلى الخير وتحذيره من مغبة هذا التساهل، وأن هذا منكر عظيم، فإذا تاب، تاب الله عليه، وإن رُفع أمره إلى ولاة الأمور لاستهتاره وشهد عليه بما قال، وجب على ولاة الأمور أن يعاقبوه بما يستحق. س: تقول السائلة: زوجة ابني تعمل مدرسة ولا تستجيب لنصحي من ناحية اللباس، ومن ناحية العبادات، هل إذا تدخلت في شؤون ولدي وزوجته أكون مخطئة؟ علمًا بأنني أنصحهم لوجه الله سبحانه وتعالى، وإذا كانوا لا يمتثلون لأوامري، هل لي الحق أن

أخرجهم من منزلي أم لا؟ جزاكم الله خير. ج: أنت مأجورة في نصيحتهم، هذا هو الواجب على المؤمن والمؤمنة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذا كانت الزوجة تتعاطى ما حرم الله، من عدم التستر، وعدم العناية بالتستر، أو تتساهل بما أوجب الله عليها من الصلاة، أو غير ذلك، فالواجب إنكار المنكر، فإذا لم تستجب أو لم يستجب زوجها، فعليك إخراجهما إلى بيت آخر، يستقل بنفسه، حتى تسلمي من معرّة منكراتهما، وحتى تبرأ ذمتك من أمرهما، فالحاصل أن الواجب عليك أمرهما بالمعروف ونهيهما عن المنكر، فإن استجابا فالحمد لله، وإلا أخرجيهما من عندك حتى تسلمي من تبعتهما وما يفعلان من المنكرات.

بيان فضل من يأمر الناس بالصلاة

238 - بيان فضل من يأمر الناس بالصلاة س: هل المناداة للصلاة بدعة؟ (¬1) ج: هذا من إنكار المنكر والأمر بالمعروف؛ لأن الله جل وعلا ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (213).

أمر بالأذان بالنداء، قال: حي على الصلاة، حي على الفلاح، فإذا مر المسلم على قوم جالسين لم يتحركوا للصلاة وناداهم، قال: صلوا يا عباد الله الصلاة الصلاة هذا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن باب الدعوة إلى الله عز وجل، صاحبكم مأجور؛ لأنه أمر بمعروف ونهى عن منكر، فالذي يمشي في الأسواق، ويرى من يتخلف عن الصلاة، ويقول له: صل يا عبد الله، اتق الله لا تهمل الصلاة مأجور، هذا من باب الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وهكذا إذا قال لأهله: صلوا، ولأولاده ولإخوته بعد الأذان، وقام عليهم واشتد عليهم في ذلك، حتى يخرجوا إلى الصلاة هو مأجور، وهذا واجب عليه، يقول الله سبحانه: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} ويقول جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} ولا شك أن الأمر بالصلاة من أسباب الوقاية من النار، وبعض الناس يسمع النداء ولا يتحرك، فلا بد أن يقوم عليه جاره، وأخوه ومن يشاهده أو أبوه أو غيرهم، من باب التعاون على البر والتقوى، ومن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن باب الدعوة إلى الله عز وجل، نسأل الله للجميع الهداية.

بيان الواجب على من دعي إلى الله تعالى

239 - بيان الواجب على من دعي إلى الله تعالى س: يقول السائل: دعوت أحد الأصدقاء للصلاة، فقال لي: عندما يهديني الله سأصلي، فدخلنا في مناقشة، فقال: {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} واستمررنا في جدال حول هذا الموضوع، ما هو توجيه سماحتكم لنا في مثل هذا الحال؟ (¬1) جزاكم الله خيرًا. ج: الواجب على من دعي لأداء الواجب أن يقول: سمعًا وطاعة، وأن يتقي الله، وأن يبادر إلى الاستجابة، ولا يقول: إذا هداني الله، الله أمر بهذا وأرشدك إلى هذا، فقال: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى}، وقال: {وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ}، فالواجب عليك إذا دعاك أخوك إلى الصلاة أن تقول: سمعًا وطاعة، وأن تبادر إلى الصلاة في المسجد، مع إخوانك المسلمين، وهكذا إذا دعاك إلى أداء الزكاة أو صوم رمضان، أو ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (344).

ترك بدع أو ترك شرب مسكر، أو ما أشبه ذلك، لا تقل: إذا الله هداني، بل قل: سمعًا وطاعة، جزاك الله خيرًا، وعليك الامتثال؛ لأن الله أمرك بهذا، وأمره هو أن ينكر عليك ويعلمك، قال الله سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} وذم الله من استكبر، فقال جل وعلا، ذامًا لمن استكبر عن الحق: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} نسأل الله العافية، فالواجب عليك إذا قال لك أخوك صل، أو دع صحبة الأشرار، أو دع الربا أو دع الفواحش، أو أدِّ الزكاة، أو ما أشبه ذلك، أن تقول: جزاك الله خيرًا، إن شاء الله، أسال الله أن يعينني، أسأل الله أن يهديني، جزاك الله خيرًا، أثابك الله وتشكره، تدعو له وتبادر إلى الحق.

حكم من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ولا يمتثل لهما

240 - حكم من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ولا يمتثل لهما س: السائل: س. ع. م. ل، من الحبشة، يقول: إنني كثيرًا ما أندفع للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، لكنني ألاحظ على نفسي عدم الامتثال لكل ما أقول، وهذا يجعلني في حيرة وقلق، فبماذا

تنصحونني؟ (¬1) جزاكم الله خيرًا. ج: ننصحك أن تستعين بالله في الدعوة وفي العمل، وأن تجاهد نفسك حتى تعمل بما أوجب الله، وحتى تنتهي عما حرم الله، وحتى تكون من أسبق الناس إلى ما تدعو إليه من الخير، وحتى تكون من أبعد الناس عما تنهى عنه من الشر، حتى لا يحتج عليك من تدعوه إلى الله، وحتى لا يقول لو كان هذا صادقًا لما خالف قوله عمله، وعمله قوله، فالله يقول سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ} وينكر على بني إسرائيل فيقول لهم سبحانه: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}، فعليك يا أخي ألاّ تجبن، وألاّ تضعف عن الدعوة إذا كان عندك علم، تدعو إلى الله على حسب علمك وبصيرتك، وعليك أن تحذر القول على الله بغير علم، عليك أن تتفقه في الدين وأن تتبصر، وأن تدعو إلى الله على بصيرة، كما قال سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (165).

فإذا كان عندك علم فادعُ إلى الله على حسب العلم الذي عندك، من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وعليك أن تسأل أهل العلم المعروفين بالخير والفضل والبصيرة عما أشكل عليك، وأن تجتهد في تَدَبُّرِ كتاب الله، والإكثار من قراءته، وهكذا السنة تجتهد في حفظ ما تيسر منها، وتتعقل مراد النبي صلى الله عليه وسلم، وتذاكر أهل العلم في ذلك، حتى تكون على بينة، وعليك مع ذلك أن تعمل بما أوجب الله عليك، وأن تحذر ما حرم الله عليك، وعليك ألاّ تكون كالفتيلة، تضيء للناس وتحرق نفسها، اتق الله، لا تضئ للناس وتحرق نفسك، ولكن أضئ للناس ونور للناس، واعمل بطاعة ربك، واحذر معصيته سبحانه وتعالى، جعلنا الله وإياك من الهداة المهتدين.

حكم مخالطة الكفار والفساق في العمل

241 - حكم مخالطة الكفار والفساق في العمل س: ما نصيحتكم لمن ابتلي بمخالطة الكفار والفساق في العمل؟ (¬1) ج: نصيحتي له أن يحذر الميل إليهم، واتخاذهم أصحابًا وأصدقاء، ولكن يحسن الخلق في المخاطبة والكلام والمعاملة، وإذا ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (133).

سلَّموا رد عليهم؛ لأن الله جل وعلا قال: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} فعلى المسلم أن يرد بأحسن، هذا هو الأفضل، وعلى الكافر أن يرد فقط، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام» (¬1) ولقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم» (¬2) فيقول: وعليكم إذا بدؤوا، ولا يبدأ هو، لكن في المخاطبة وشؤون المعاملات، أو كيف حالك على الصحيح لا بأس بذلك، كيف حالك أو كيف أولادك، لا حرج في هذا على الصحيح من كلام أهل العلم، لكن لا يبدأ هو بالسلام، لا يقول السلام عليك يا فلان، أو السلام عليكم، وهم كفار محض، ما بينهم مسلمون، أما إذا كانوا أخلاطًا فيهم مسلمون وفيهم كفار، فيقول: السلام عليكم ويقصد المسلمين، وأما في الرد فيرد على من سلم عليه مسلمًا أو كافرًا. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، وكيف يرد عليهم برقم (2167). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، باب كيف يرد على أهل الذمة السلام، برقم (6258)، ومسلم في كتاب السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، وكيف يرد عليهم برقم (2163).

ضوابط الشرع في لعب وتشجيع الكرة الرياضية

242 - ضوابط الشرع في لعب وتشجيع الكرة الرياضية س: سائل يقول: ظهرت في زماننا هذا ظاهرة الهوس الرياضي، والأمراض الرياضية بألوانها المختلفة، وبصورة ألهت كثيرًا من المسلمين شيبًا وشبابًا عن التمسك بالأصالة الإسلامية، وبالخلق الإسلامي القويم، فالرياضة الكروية بالذات، وعلى أنواعها هي حديث المستيقظ والنائم في أحلامه، فنحن نجد الدور التي شيدت لها والأجهزة المختلفة التي ترعاها، وجمعت لها الأموال، وكرم الرياضيون الذين بذلوا الجهد في النهوض بالرياضة، وترقية الأداء كما يقولون، فالناس في تشجيعهم فرق وطوائف، فهذا يشجع فريق كذا، وهذا يشجع فريق كذا، وهكذا وهكذا، حتى في أفراد الأسرة الواحدة، وفي التشجيع والانتماء إلى الفرق حساسيات وكراهية وتفرقة، وقلوب مليئة بالحقد، وآراء لا تلتقي حول نقطة واحدة، ولا طائل من وراء ذلك أبدًا، وأسئلتي تدور حول ما يلي: ماذا عن كل ما ذكرت؟ ماذا عن الذين يدفعون نقودهم لمشاهدات المباريات الرياضية؟ وما الحكم على أولئك الذين اتخذوا الرياضة مصدر رزق لهم كالحكام والمدربين واللاعبين، ثم تخصيص جزء من دخول

المباريات لتشييد مسجد، هل يعتبر عملاً من أعمال الخير؟ وما هي نصيحتكم لأولئك الفتيات الكاسيات العاريات اللائي يمارسن أنواعًا مختلفة من الرياضة وسط جمهور المشاهدين، وهن بزيهن الرياضي المحدق، أرجو من سماحتكم أن تتفضلوا بمعالجة هذه الأمور، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: لا شك أن هذا الأمر من المصائب العظيمة التي بلي بها الناس، وصار لهم فيها اهتمام كبير وعناية عظيمة، وربما ترتب على ذلك محن وأحقاد وخصومات كثيرة، كما أشار السائل وربما ترتب على ذلك أيضًا إضاعة الصلوات، وظهور كثير من العورات، وفساد كبير في المجتمع، فإلى الله المشتكى سبحانه وتعالى، ونصيحتي لهؤلاء الذين أشرت إليهم وهم اللاعبون، نصيحتي لهم أن يتقوا الله وألاّ تشغلهم هذه الرياضة عما أوجب الله، وألاّ تجرهم إلى الشحنة والعداوة والخصومات، ومن لعبها من غير أن تشغله عن صلاة ولا عن واجب، ولا أن تجره إلى الشحنة مع إخوانه والفتن، ولا أن تجره إلى ظهور العورة، أو الاختلاط بالنساء، فهذا لا حرج فيه في الأصل؛ لأنه لعبة ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (111).

ليس فيها حرج إذا سلمت من هذه الشرور، ولم يكن فيها مال، أما إذا كانت تجر إلى إضاعة الصلوات كما هو الغالب، وإلى ظهور العورات، وإلى مساعدات مالية، هذا كله لا ينبغي، وكله منكر ولا يجوز، بل يجب القضاء عليه، ويجب على ولاة الأمور منعه سدًا لباب الفتن، وحماية للقلوب من الفساد، وحماية للعورات، وإعانة لهؤلاء على أداء الصلوات والمحافظة على الأخلاق الفاضلة، والبعد عن ظهور العورات، التي حرم الله ظهورها وأشد من ذلك، ما يقع من النساء، كذلك لا يجوز لا بين الرجال لما يقع من الاختلاط، ولا فيما يقع منهن من إظهار الزينة والفتنة والتبرج، ولا فيما يقع من أخذ الأموال في ذلك، كل ذلك منكرات يزيد بعضها بعضًا في الشر والفساد، ولا شك أن هذا نشأ عن ضعف الدين وقلة العلم وكثرة الفراغ الذي لا يجدون ما يسدون به فراغهم، فلهذا شغلوا بهذه الرياضة وأشباهها عما ينفعم في الدين والدنيا، مشغولون بها عن التفكير في المصالح العامة، وعما ينفع مجتمعهم في دينه ودنياه، حتى وقع ما وقع من الشرور التي بلي بها الكثير منهم، نسأل الله أن يهديهم ويوفقهم وأن يصلح أحوال المسلمين جميعًا، وأن يوفقهم لما ينفعهم في الدنيا والآخرة، ولما يشغل أوقاتهم فيما يرضيه سبحانه ويصلح أحوال القلوب والأعمال،

وأن يعيذهم من هذه الأمور الضارة التي تضرهم وتضر مجتمعهم في دينه ودنياه، ونسأل الله السلامة والعافية من كل سوء.

بيان خطر الاختلاط في المدارس

243 - بيان خطر الاختلاط في المدارس س: لي صديق مؤمن بالله الحق، ويعيش مع عائلة يكسب رب أسرتها المال الحرام، من القمار والاختلاس من الناس، علمًا أن هذه العائلة كما يقال، متطورة في إظهار المفاتن والتزين خارج المنزل، وقد وجه هذا الشخص النصائح الكثيرة، إلى والده وإخوته، ولكن دون جدوى، وهو طالب في مدرسة مختلطة من الشبان والبنات بالصف والمقعد، والبنات يظهرن المفاتن والمغريات أمام الشباب كلهم، ماذا يفعل؟ هل يترك البيت وليس له مورد؟ (¬1) (¬2) أفيدونا جزاكم الله خيرًا. ج: الواجب على هذا الشاب الناصح أن يتقي الله، وأن يغادر البيت ويبتعد عن أسباب الفتنة، وسوف يجعل الله له فرجًا ومخرجًا، إما بالسكن مع الطلبة إذا كان هناك سكن، أو بأسباب أخرى، يقول الله سبحانه: ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (146). (¬2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (146). ') ">

{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} فعليه أن يتقي الله، وأن يبتعد عن أسباب الفتنة وكذلك المدرسة التي يدرس فيها إذا كانت مختلطة، يلتمس عملاً يقوم بحاله، ولا يدرس في هذه المدرسة، بل يدرس على العلماء في المساجد، أو في مدارس أهلية ليس فيها اختلاط، ليس طلب العلم عذرًا له في أن يجلس مع النساء والبنات، ويختلط بهن هذا مرض لقلبه، ومرض لدينه، ومن أسباب هلاكه، فلا يجوز أن يجلس معهن في مقاعد الدراسة، ولا يبقى مع أهله ما داموا على الفساد والشر، أما النصيحة فيبذلها ويجتهد في النصيحة، ويتابع النصيحة لعله يستجاب له، ولكن لا يجلس معهم ما دام أكلهم حرامًا، وأعمالهم خبيثة؛ لأن الأكل له ليس بسليم، والأسرة غير سليمة، والاختلاط بهم فيه ما فيه من الشر، الواجب أن يغادر المحل هذا ويحذر، ولا مانع من الزيارة التي يريد بها النصيحة، لوالديه وإخوته وأقاربه، أما الأكل والسكن فلينتقل إلى محل آخر، يسلم فيه على دينه، وسوف يعينه الله

ويصلح أمره، كما قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} رزق الله الجميع التوفيق والهداية. س: تقول السائلة: أرجو أن توجه لي نصيحة لوجه الله، كما تنصح إحدى بناتك، في ديني وخلقي، أرجو ذلك وأخبرك أني أحبك في الله؟ ج: أحبك الله الذي أحببتني له، والله جل وعلا أخبر على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: أن المتحابين في جلاله من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله» (¬1) ذكر منهم: «رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه» (¬2) ويقول صلى الله عليه وسلم: «يقول الله يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي، اليوم أظلهم في ظلي، يوم لا ظل إلا ظلي» (¬3) فالتحاب في الله من أحسن الخصال، ومن أفضل ¬

(¬1) صحيح البخاري الحدود (6806)، صحيح مسلم الزكاة (1031)، سنن الترمذي الزهد (2391)، سنن النسائي آداب القضاة (5380)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 439)، موطأ مالك الجامع (1777). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب الصدقة باليمين، برقم (1423)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، برقم (1031). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب في فضل الحب في الله، برقم (2566).

القربات، ونصيحتي لك أيتها الأخت، وغيرك من الأخوات، تقوى الله في جميع الأحوال، والاستقامة على دينه سبحانه وتعالى، والمحبة فيه والبغض فيه، والقيام بما يلزم من بر الوالدين، وصلة الرحم حسب الطاقة، وحفظ الوقت عما لا ينبغي، والإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى، هكذا ينبغي للمؤمن، وهكذا ينبغي للمؤمنة حفظ الوقت، حتى يشتغل بذكر الله وطاعته سبحانه وتعالى، وحفظ الجوارح عما حرم الله، والاستكثار من طاعة الله عز وجل، كما قال الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} هذا جزاء من استقام على دين الله، في ليله ونهاره، وفي جميع أوقاته، وحفظ جوارحه عما حرم، وشغل جوارحه ولسانه بطاعة الله وذكره، ووقف عند حدود الله، وأحب في الله وأبغض في الله، ووالى في الله وعادى في الله، وأعطى لله ومنع لله، وأدى الحق الذي عليه لوالديه ولقراباته، ولجاره ولإخوانه المسلمين، هذه وصيتي لك ولغيرك، هي تقوى الله جل وعلا، والحرص على أداء

الواجب في كل وقت وحين، وحفظ الوقت عما لا ينبغي، والاشتغال بذكر الله وطاعته سبحانه، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.

بيان الواجب على من لديه علم تجاه إخوانه المسلمين

244 - بيان الواجب على من لديه علم تجاه إخوانه المسلمين س: إذا كان الإنسان يعلم بعض أموره، هل يجب عليه أن يعلمها للآخرين؟ (¬1) ج: الله سبحانه يقول {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} ويقول جل وعلا: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} الواجب على كل من عنده علم أن يعلم أصحابه وإخوانه وأهل بيته، وأن يناصحهم ويوصيهم بالخير، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر حسب علمه وطاقته: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ينصح أهل بيته وينصح إخوانه، وأولاده وجيرانه حسب ما عنده من العلم المعروف، فإن العلم علمان علم معروف عام، مثل ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (341).

معرفة الصلاة، بر الوالدين، أداء الزكاة، صيام رمضان، تحريم الخمر، تحريم الزنا، هذه أمور معروفة، فالواجب على الإنسان أن ينصح من يرى منه تساهلاً في الصلاة، أو تهمة بالزنا أو الخمر، أو غير ذلك ينصح من حوله من أقارب وجيران والجلساء ويتقي الله في ذلك، وينصح ويأمر وينهى؛ لأن هذه أمور معلومة ما فيها شبهة، أما من ليس عنده علم، لا، يتعلم أولاً في المسائل الأخرى التي قد تخفى.

وجوب الحذر من مكايد الشيطان في تخذيل الناس عن الدعوة إلى الله

245 - وجوب الحذر من مكايد الشيطان في تخذيل الناس عن الدعوة إلى الله س: إني أخاف كثيرًا من الرياء، وأحذره لدرجة أنني أحيانًا أستطيع أن أنصح بعض الناس، أو أنهاهم عن أمور معينة، كالغيبة أو عدم لبس الحجاب، الساتر تمامًا، فأخشى أن يكون ذلك رياءً مني، وأخشى أيضًا أن يظنوا هم ذلك، فلا أنصحهم بشيء، كذلك أقول في نفسي: إنهم أناس متعلمون، ولا يحتاجون إلى تعليم، وليسوا في حاجة إلى نصح، نرجو التوجيه سماحة الشيخ؟ (¬1) (¬2) ج: هذا من مكائد الشيطان، فإن الشيطان له مكائد يخذل بها ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (73). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (73). ') ">

الناس عن الدعوة إلى الله، وعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن ذلك أن يوهمهم أن هذا من الرياء، أو أن هذا يخشى أن يعده الناس رياءً، فلا ينبغي لكِ أيتها الأخت في الله أن تلتفتي إلى هذا، بل الواجب أن تنصحي لإخوانك وأخواتك إذا رأيت من أحدهم تقصيرًا في الواجب، أو ارتكابًا للمحرم، كالغيبة والنميمة وعدم التستر عن الرجال الأجانب من جهة المرأة ونحو ذلك، ولا تخافي من الرياء، أخلصي مع الله واصدقي مع الله، وأبشري بالخير، واتركي خداع الشيطان ووساوسه، والله يعلم ما في قلبك من القصد والإخلاص لله سبحانه وتعالى، والنصح لعباده، ولا شك أن الرياء شرك ولا يجوز، لكن لا يجوز للمؤمن ولا للمؤمنة أن يدع ما أوجب الله عليه من الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خوفًا من الرياء، بل عليه أن يحذر الرياء، وعليه أن يقوم بالواجب، من الدعوة إلى الله، ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في أوساط الرجال وأوساط الإناث، كل في حاجة، الرجل في حاجة والمرأة في حاجة، كما أن الرجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وكذلك المرأة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وقد بيَّن ذلك الله سبحانه في كتابه العظيم حيث قال سبحانه:

{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، فهذا فيه حثٌّ للجميع؛ لأن من واجبات الإيمان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حق الجميع الرجال والنساء. س: تقول السائلة: كنت أعمل ممرضة في وحدة مدرسية، وأنكرت منكرًا رأيته في عملي فكان سببًا في طردي من العمل، وكان سببًا لتعاستي، بمتاعب نفسية، وأصبحت أيضًا بعد هذا أنهى أولادي أن ينكروا أي منكر، ما هو توجيه سماحتكم وفقكم الله؟ ج: لا شك أن هذا غلط كبير، بل الواجب عليها إنكار المنكر، ولا يضرها كونها طردت أو استغني عنها، فقد أرضت ربها جل وعلا، وفعلت ما ينبغي لها، والأمور بيد الله سبحانه وتعالى، ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم

يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (¬1) والله يقول في كتابه العظيم سبحانه وتعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} ويقول جل وعلا: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} فإذا فعلت ذلك طاعة لله، والتماسًا لمرضاته، فإن العاقبة تكون حميدة، ولا يضرها ما فعلوه، وسوف يغنيها الله عن ذلك، وسوف يكسبها ما يغنيها عما طردت عنه، وما أقيلت منه، فالله هو الرزّاق جل وعلا، وبيده الخير كله سبحانه وتعالى، وهو القائل عز وجل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} وهو القائل سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}، فعلى المؤمن وعلى المؤمنة، تقوى الله جل وعلا، وعلى المدرسة والطبيبة تقوى الله، وعلى كل مؤمن تقوى الله، في إنكار المنكر والدعوة إلى الخير، بالحكمة والكلام الطيب، وليس لها أن تنهى ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، برقم (49).

أولادها عن إنكار المنكر، بل توصيهم بإنكار المنكر والأمر بالمعروف، لكن بالحكمة والكلام الطيب والأسلوب الحسن، لا بالشدة والعنف والغلظة، ولا بالفعل بل بالقول؛ لأنه لا يستطيع الفعل إلا أولو الأمر، ومن خوله هذا الأمر، أو الإنسان في بيته مع أهله، قد يستطيع ذلك بالفعل، أما مع الناس فيكفي أن ينكر باللسان، ويقول: يا أخي اتق الله، هذا لا يجوز هذا منكر، إذا كان يعرف ذلك، وعنده علم، أما إذا كان ما عنده علم، فليس له الإنكار إنما ينكر من عنده علم، بأن هذا منكر، وأن هذا نهى الله عنه سبحانه وتعالى.

نصيحة حول استقدام الخادمات

246 - نصيحة حول استقدام الخادمات س: السائلة تسأل وتقول: أنا أم لأربعة أطفال أكبرهم في السادسة، وليس في المدينة التي تسكن فيها أحد من قرابتها، وتحتاج إلى المساعدة في شؤون المنزل، وتفكر في استحضار خادمة، وأمها تلح عليها في ذلك، لكن لا ترتاح لظاهرة الخدم، ذلك أنها تخشى من خروج الخادمة إلى السوق، وليس معها من يصونها، فتسأل: هل نصون الخادمات كما نصون بناتنا وأخواتنا، ويجب

علينا ذلك؟ (¬1) ترجو التوجيه. ج: السلامة من جلب الخادمات أولى وأصلح، وإذا قامت المرأة بما يلزمها في البيت واستعانت بالله عز وجل، واستغنت عن الخادمات فذلك خير لها، وأبعد عن الخطر، فقد تكون الخادمة ليست ذات دين، فتضر البيت وأهله، إذا كان في البيت زوج أو أخ للمرأة أو غير ذلك من الرجال، فالحاصل أن السلامة من الخادمات أولى وأحوط، فإذا دعت الحاجة إلى ذلك والضرورة، فينبغي أن يختار من ذلك الخادمة الطيبة المسلمة، وأن تلاحظ وتراقب حتى لا يقع ما يخالف أمر الله، وهكذا تمنع من الخروج إلا إذا كانت ممن يؤمن في ذلك، وكان الخروج في حاجة، كشراء حاجة من السوق، إذا كانت البلدة آمنة، والخروج لا خطر فيه، وإلا فليخرج معها ثانية أو ثالثة، أو من هو مأمون حتى يكون معها، إلى أن تقضي الحاجة وترجع، فالحاصل أن هذا المقام يحتاج إلى عناية، وإلى خوف من الله ومراقبة، وإلى بعد مما يفضي إلى الخطر، الذي لا يرضاه الله سبحانه وتعالى، ومهما أمكنت السلامة من الخدم، وأن تقوم المرأة بحاجات البيت، وأن تستريح من الأخطار التي قد تنجم عن وجود ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (73).

الخادمة، إما مع الزوج وإما مع رجال البيت، وإما في الخارج عند خروجها للحاجات، هذا خير للبيت وأهله، والله ولي التوفيق.

حكم خياطة الملابس العارية

247 - حكم خياطة الملابس العارية س: امرأة خياطة، وتخيط للناس حسب أذواقهم ورغباتهم، ومنهم من يريد الوافي، ومنهم من يريد العاري والفاضح، هل عليها إثم إذا استجابت للصنف الثاني، واشتغلت لهم على رغباتهم؟ (¬1) ج: نعم عليها إثم؛ لأنها معينة على الإثم والعدوان، والله يقول سبحانه: {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} فليس لها أن تعين المرأة التي قد ذهب حياؤها، ورق دينها، وضعف خوفها من الله عز وجل، ليس لها أن تعينها على الفجور، وأسباب الفجور، فاللباس العاري هذا فجور، وشر عظيم وبلاء كبير، ووسيلة إلى الفساد العظيم، فليس لها أن تعينها على ذلك، لا في الخياطة ولا في التفصيل، ولا في الكلام أيضًا ولا في تسهيل الأمر، بل عليها أن تمتنع عن ذلك، وأن تحذر من ذلك، فالمؤمن والمؤمنة كلاهما يأمران بالمعروف وينهيان عن المنكر، كما قال الله ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (126).

سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} فهذا من هذا الباب، من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس لها أن تتساهل بهذا الأمر، من أجل الطمع في المال، بل يجب عليها أن تنبه على هذا الأمر، وألاَّ يعان مسلم على معصية.

بيان ما يلزم الطالبة إذا رأت منكرا من زميلاتها

248 - بيان ما يلزم الطالبة إذا رأت منكرًا من زميلاتها س: الأخت: م. ن. ع. م. تقول: إن لها زميلات في الكلية، تصفهن بأوصاف قاسية بعض الشيء، سماحة الشيخ، وتعاني كثيرًا من مشاهدتها لأحوالهن، وترجو من سماحتكم التوجيه؟ (¬1) ج: عليك أيتها الأخت في الله أن تنصحي أخواتك، والطالبات اللاتي يدرسن عليك، وأن تسألي الله لهن التوفيق والهداية، هذا هو الذي بيدك، وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «الدين النصيحة، قيل لمن يا رسول الله، قال؟ لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» (¬2) وهذا يشمل الرجال والنساء والمدرسات والطالبات، والمدرسين والطلبة، فعليك أن تنصحي ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (112). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (55).

وتوجهي إلى الخير، وإذا كان في يدك قدرة على تأديب من يستحق التأديب فافعلي، كبنتك وطالباتك ونحو ذلك، والله جل وعلا لا يكلف نفسًا إلا وسعها، ويقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} وإذا كان في الإمكان رفع أمر بعض البنات إلى أوليائهن؛ ليقوموا بالتأديب والتوجيه والإلزام بالحق، هذا كذلك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فعليك أن تتقي الله، وعليك أن تواصلي النصيحة، والدعوة والتوجيه إلى الخير، وأن تدعي المولى سبحانه لهن بالتوفيق في صلاتك، وفي سائر أوقاتك؛ لأن هذا مما ينفع الله به، دعوة المؤمن لأخيه، ودعوة المؤمنة لأخيها وأختها في الله، في ظهر الغيب، هذا من أعظم الإحسان، وهو من أسباب الإجابة.

حكم إكرام الضيف غير المسلم

249 - حكم إكرام الضيف غير المسلم س: يوجد لدينا رجل يسكن بجوارنا، في نفس المصلحة التي يشتغل فيها زوجي، وهو من نفس البلد الذي نحن منه، ولكنه يدين بالمسيحية، وسؤالي أن والدته حضرت زيارة للمملكة، وتريد أن تزور ابنها في المنطقة التي نحن فيها، علمًا أنه يسكن عازبًا

مع مجموعة من الرجال، وقال لي زوجي: إنه يريد أن يجيء بها في بيتنا لمدة أسبوع، وزوجي محرج منه أن يقول له: لا، هل نكرمها باعتبارها ضيفة، ولأول مرة تحضر لدينا، وهل يجوز لي أن أشاركها في الأكل والشرب وأطبخ لها إذا كان ذلك في نهار رمضان، وأنا صائمة؟ أم ماذا أفعل؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: المشروع في هذا إكرام الضيف، ودعوته إلى الله وتعليمه الإسلام، لعل الله يهديه بأسبابكم، فإذا جاءت المرأة، فلعل دعوتها ودعوة ابنها من أسباب هدايتها، فإذا وصلت إليكم فأكرموها؛ لأنها ضيف وادعوها إلى الإسلام، ورغبوها في الخير، ورغبوا ولدها في الخير، لعل الله يهديها ويهدي ولدها بأسبابكم، أما في حال رمضان فلا تعينوها على هذا، بل قدموا لها الذي تحتاجه، وهي تخدم نفسها، وعليك أن تعتذري لها بأنك لا تستطيعين أن تخدميها بما يخالف شرع الله؛ لأن الواجب على الكافر الدخول في الإسلام، وهو مخاطب بفروع الإسلام، والصيام من فروع الإسلام، فليس لك أن تقدمي لها غداء أو القهوة أو الشاي، بل تخدم نفسها في هذا، تخدم نفسها بالشيء الذي تريده، أما أنت فلا تقدمي لها الشيء الذي معناه الأكل أو الشرب، ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (115).

أما إذا كان في غير رمضان فالأمر واسع، ولكن يجب أن تنصحوا من عنده ولدها، أن يبعده إلى بلاده وألاّ يستخدمه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج الكفار من هذه الجزيرة، ونص على النصارى أيضًا، بإخراج اليهود والنصارى من هذه الجزيرة؛ لأنهم كفار مثل بقية المشركين، وإن كانوا أهل جزية، لكنهم كلهم كفار، فالواجب إخراجهم من هذه الجزيرة، وعدم استقدامهم لها، لا في حال بضاعة ولا بناء ولا طب ولا غير ذلك، إلا عند الضرورة القصوى من جهة ولاة الأمور إذا رأى ولاة الأمور ضرورة لبعض الكفار، لمصلحة المسلمين في طب أو نحوه، هذا شيء خاص يتعلق بولاة الأمور، مع مراعاة المصلحة العامة، ومع مراعاة التقليل من ذلك والحرص على الاستغناء عنهم بالمسلمين، أما الأفراد والعامة وجميع الناس فالواجب عليهم ألاّ يستخدموا الكفرة، وأن يعتاضوا عنهم بالمسلمين، تنفيذًا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم في إخراجهم من هذه الجزيرة، وألاّ يجتمع فيها دينان.

وجوب الإنكار على المرأة التي تختلط بالرجال

250 - وجوب الإنكار على المرأة التي تختلط بالرجال س: تسأل أم هبة فتقول: لي جارة تقوم بالاختلاط بالرجال، ولا ترتدي الحجاب الشرعي، الذي أمر الله تعالى به، وهي دائمًا تغتاب الناس، وقد قمت بنصحها، ودعوتها إلى الطريق

الصحيح، ولكنها لم تستجب حتى الآن، ماذا علي جزاكم الله خيرًا، وهل أقاطعها؟ (¬1) ج: عليك أن تنصحيها كثيرًا، وتخوفيها من الله عز وجل، فإن اختلاطها بالرجال على وجه يثير الفتنة، هذا لا يجوز، وهكذا عدم ارتدائها الحجاب، فالواجب عليها الحذر من هذا الأمر، عليها التستر والحجاب، والبعد عن الاختلاط الضار، أما الاختلاط الذي لا يضر، كالبيع في السوق، في محل النساء، أو تشتري حاجتها من السوق، أو تبيع حاجة للسوق مع التحفظ ومع الحجاب ومع التستر، هذا لا بأس به، تشتري حاجتها أو تبيع شيئًا للسوق، وإذا كان للنساء سوق خاصة باعت فيها واشترت بعيدًا عن الخلطة بالرجال، أما الغيبة فشرها عظيم، الغيبة منكرة وجريمة، ومن كبائر الذنوب، فالواجب تحذيرها من ذلك، وتذكيرها بقول الله سبحانه وتعالى: {وَلاَ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}، وهي ذكرك أخاك بما يكره، الغيبة ذكر الإنسان بما يكره، من رجل أو امرأة، إنه يذكره إنه بذئ اللسان، إنه يأكل الحرام، أو يذكره بشيء يكرهه، هذه هي الغيبة، فالواجب نصيحتها، والإكثار عليها في ذلك، وتخويفها من ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (316).

الله عز وجل لعلها تهتدي، ويكون لك مثل أجرها، فإن أصرت فالمشروع أن تقاطعيها وتهجريها، إذا أصرت ولم تقبل، فالمشروع لك هجرها، والبعد عنها؛ لأنها قد تجرك إلى عملها الخبيث، عملها السيئ، فهجر من أظهر المعصية، ولم يقبل النصيحة مشروع.

وجوب صحبة الأخيار والحذر من صحبة الأشرار

251 - وجوب صحبة الأخيار والحذر من صحبة الأشرار س: من المرسلة ع. أ. من جدة تقول: تعرفت على صديقات سوء، فما كان منهن إلا أن رمينني في كثيرٍ من المعاصي، والحمد لله تعرفت على صديقات يخفن الله، فكن خير دليل لي على سبيل الخير، وأريد الجواب لي من سماحتكم، بماذا توجهونني، بشأن ما فعلته من ذنوب سابقة، هل يعفو الله عني، وأيضًا ما هو السبيل للابتعاد عن رفاق السوء، فلا زالوا يسعون إلى مضايقتي للعودة عن حياة الهداية، وجهوني جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: ننصحك بأن تلزمي الصواحبات الأخيرات الطيبات، وأن تحذري الصواحبات الأول؛ لأنهن شرٌّ كما ننصحهن بالتوبة إلى الله مما سلف من المعاصي، ومن تاب تاب الله عليه، يقول الله سبحانه: ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (339).

{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} ويقول سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} فمن تاب أفلح؛ والتوبة الندم على الماضي بصدق، والعزم ألا تعودي فيه، والحذر منه، هذه التوبة: ندم وإقلاع من الذنوب، وعزم صادق ألاَّ تعودي فيها، فإذا فعلتِ ذلك غفر الله لك ما سلف بالندم، والإقلاع وعدم العودة والعزم الصادق لا تعودي فأنت على خير والحمد لله، والله يتوب عليك وعلى كل من تاب، توبة صادقة توبة نصوحًا، واحذري العودة إليهن، والزمي الرفيقات الطيبات الأخيرات، الزميهن، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بصحبة الأخيار، وحذر من صحبة الأشرار، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل» (¬1) أي من يصاحب، ويقول صلى الله عليه وسلم: «مثل الجليس الصالح والجليس ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه برقم (7968)، وأبو داود في كتاب الآداب، باب من يؤمر أن يجالس، برقم (4833).

السوء، مثل حامل المسك ونافخ الكير» (¬1) الجليس الصالح مثل حامل المسك، إما أن يعطيك، وإما أن تبتاع منه يعني تشتري، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة، هذا صاحب المسك، ونافخ الكير مثل جليس السوء، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة، فاتقي الله أيتها السائلة، والزمي الصواحبات الطيبات، والزمي التوبة مما مضى من الذنوب، واحذري صواحبات السوء. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب في العطار وبيع المسك، برقم (2101)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب استحباب مجالسة الصالحين ومجانبة قرناء السوء، برقم (2628).

بيان سبب انتشار الخرافات والوثنيات

252 - بيان سبب انتشار الخرافات والوثنيات س: ما هي الأسباب التي تتسبب في نشر الخرافات والوثنيات بين الناس وجهونا في ضوء هذا السؤال؟ (¬1) ج: الأسباب قلة العلم وكثرة الجهال، قلة الناصحين لله ولعباده، الطمع في المال والشهرة، وما يقع من الحسد والبغضاء بين الناس، كلها أسباب الشر، فالإنسان إذا لم يكن عنده تقوى الله ودين يحميه فعل ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (371).

ما ترضاه نفسه من ظلم وعدوان ودعوة للباطل ونشر البدع والخرافات؛ لأنه ليس عنده تقوى تمنعه وخوف من الله يحجزه، نسأل الله العافية.

حكم كتابة أسماء الله وآيات من القرآن فيما يمتهن كالملابس ونحوها

253 - حكم كتابة أسماء الله وآيات من القرآن فيما يمتهن كالملابس ونحوها س: الأخت: ل. ع. أ. تقول: أود لفت نظركم إلى هذه الظاهرة، وهي أن في بعض المكتبات تباع أوراق لاصقة، بأحجام مختلفة كتب عليها اسم الجلالة، أو آيات من القرآن الكريم، وتكون مزخرفة وذات ألوان جذابة، فينجذب إليها الأطفال فيشترونها، والأطفال لا يعرفون ما كتب عليها، إنما يشترونها لألوانها الزاهية فيلعبون بها أو يرمونها، نرجو من سماحتكم التكرم بالنصح في هذا الجانب، ولا سيما لأصحاب المكتبات، كيلا تعميهم سبل التجارة عن هذا الموضوع، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) (¬2) ج: لا ريب أن تعظيم كلام الله وتعظيم أسمائه سبحانه، من أهم الفرائض وذلك من تعظيم الله عز وجل، فالواجب على جميع الباعة والمؤسسات الطباعية وغير ذلك أن يحذروا وضع اسم الله، أو آيات من القرآن في أشياء تمتهن من الأطفال أو غير الأطفال، كالملابس ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (133). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (133). ') ">

والشراشف التي توضع على الإنسان عند النوم، أو على الجنائز أو غير ذلك، كل ذلك لا يجوز أن يكون فيه شيء من ذكر الله، ولا شيء من القرآن؛ لأن ذلك يمتهن، وهكذا كل شيء يمتهنه الصبيان، أو يمتهنه الناس، كالأواني وما أشبه ذلك، لا يوضع فيها اسم الله ولا شيءٌ من القرآن، فجميع ما يعرض ذكر الله أو الآيات إلى الامتهان والرمي في القمامات أو في الأرض أو ما أشبه ذلك، كل ذلك لا يجوز، بل يجب أن يصان كلام الله وأسماؤه سبحانه عن كل ما هو ذريعة للامتهان ووسيلة للامتهان، وقد صدر منا فتاوى متعددة، ومن اللجنة الدائمة في هذا، في بيان منع ذلك، وصدر منا أيضًا مكاتبات بيننا وبين وزارة التجارة لمنع ذلك، فالواجب على جميع المسلمين أن يحذروا هذه الأشياء، التي تعرض كلام الرب سبحانه، أو أحاديث رسوله عليه الصلاة والسلام، أو أسماء الرب سبحانه، للامتهان بين الأطفال أو بين الناس، في ملابسهم أو في مفارشهم أو الكراسي أو المخدات، التي يتكأ عليها، أو غير هذا مما يعرض كلام الرب عز وجل، أو يعرض أسماءه، أو أحاديث رسوله عليه الصلاة والسلام إلى الامتهان، نرجو ممن يسمع هذه الكلمة أن يحذر ذلك، ويبلغ غيره، حتى يكون معينًا على الخير ومتعاونًا على البر والتقوى، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

س: تسأل عن كتاب اسمه النكت والطرائف، وفي هذا الكتاب تحكي روايات نقلتها عن هذا الكتاب، فيها شيء من الاستهزاء بالآيات القرآنية والأحاديث، كما تعبر وتسأل عن حكم نشر مثل هذا الكتاب، وكيف يسمح له بالتداول؟ ج: هذا الكتاب لا أذكر أني اطلعت عليه، وسوف نسأل عنه إن شاء الله، ويجرى ما يلزم من جهة منعه إذا كان فيه ما يوجب المنع، جزاك الله خيرًا، وبارك الله فيك.

بيان ما يلزم الداعية تجاه من يخالف صراط الله المستقيم

254 - بيان ما يلزم الداعية تجاه من يخالف صراط الله المستقيم س: يسأل م. ب. ح. يقول: لقد ظهرت الصحوة الإسلامية المحمدية بحمد الله تعالى في هذه الآونة الأخيرة، رغم كثرة الملحدين والمنافقين، وأعداء السنة، من الدجالين والخرافيين والصوفية والحزبيين، والسؤال: ما هي الوقاية من هذه الفرق الضالة وخطرها؟ ثانيًا: ماذا يجب على الآباء نحو أبنائهم وزوجاتهم؟ (¬1) ج: أولاً: الواجب على الدعاة في هذه الصحوة المباركة واليقظة ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (124).

المباركة، الواجب عليهم دائمًا الأخذ بالحكمة والرفق، وألاّ يجابهوا الناس بالعنف حتى لا يكثر أعداؤهم وخصومهم، والواجب أن تكون الدعوة بالرفق والحكمة والأسلوب الحسن، والحرص على تجنب الاصطدام بالناس مهما أمكن؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بالرفق، والله يقول في كتابه الكريم: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} وقال سبحانه: {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} وقال عليه الصلاة والسلام: «من يحرم الرفق يحرم الخير كله» (¬1) وقال عليه الصلاة والسلام: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شأنه» (¬2) والله يقول سبحانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} فعلى الدعاة أن يلزموا الحلم والصبر والتحمل، ولو آذاهم من آذاهم، وأن يحرصوا على بذل العلم وتوجيه الناس إلى الخير، على ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الرفق، برقم (2592). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الرفق، برقم (2594).

من هداه الله أن يتحمل ولا يكون عنيفًا مع والده، ولا مع إخوته ولا مع أخواته بل يكون بالحلم والرفق في توجيههم إلى الخير، وتعليمهم وإرشادهم ونصيحتهم حتى يقبل منه، وحتى لا ينفروا منه، وحتى لا يتسلط عليه أقاربه، عليه بالحلم والرفق في دعوته، وفي نصيحته، وفي جهاده للمنكر حتى يكون ذلك أقرب إلى الامتثال والاستفادة منه في حق أهله وجيرانه وأصحابه، والواجب على أبيه وعلى أمه وعلى إخوته أن يعينوه على الخير، وأن يرفقوا به، وإذا رأوا منه شدة وكلفًا نصحوه ووجهوه بالتي هي أحسن، حتى يهدأ وحتى يكون على الطريق السوي في دعوته ونصيحته، وتوجيهه لغيره، فالمطلوب التعاون بين الجميع، التعاون على البر والتقوى، فإذا اشتد هو نصحوه بالرفق والحكمة، ولا يزيدونه في شدته عنفًا بل ينصحونه ويوجهونه، ويرفقون به ولا يقاطعونه، وهو كذلك عليه أن يرفق ويعتني بإخوانه، حتى لا يكون منه ما ينفرهم منه، يأتي بالأساليب الطيبة والبينة والعبارات الحسنة، ويدعو لهم بالتوفيق والخير، هكذا يكون لطيفًا في دعوته، حسن الكلام طيب الأسلوب، وعلى والديه أن يعينوه، وألاَّ ينفروا منه، وألاَّ يثبطوه وهكذا إخوته، هكذا أعمامه، هكذا جيرانه، إذا رأوا منه شدة لينوه وحثوه على الرفق، لكن لا يمنعوه من الدعوة ولا يشددوا عليه، لا ينفروه بل

يساعدونه على الخير، هكذا يجب التعاون، وأن الله يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} ويقول سبحانه: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} والقاعدة أن الإنسان إذا أسلم بعد كفره، قد يكون عنده شدة، وهكذا إذا اهتدى بعد فسقه أو بعد جهله قد يكون عنده شدة، يريد أن يطبق لكن عليه أن يرفق وعليه أن يحلم، وعليه أن يتصبر، الرسول صلى الله عليه وسلم صبر ومكث في مكة ثلاث عشرة سنة مع الكفار، صبر حتى أعانه الله وحتى يسر الله له الهجرة، وعنده منافقون في المدينة صبر عليهم، فينبغي له التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله سبحانه في حقه وهو في المدينة في سلطانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} والآية مدنية، وله السلطان في المدينة، ومع هذا رفق بهم ولم يشدد عليهم، بل دعا بالرفق والحكمة، وعنده اليهود قبل أن ينفوا، وعنده المنافقون، فالواجب الصبر كما صبر صلى الله عليه وسلم، والحلم كما حلم عليه الصلاة والسلام، والرفق كما رفق، واللين كما لانَ، ففي سيرته

الخير والبركة، وفي سيرته صلى الله عليه وسلم الخير والبركة، فقد قال الله لموسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون، وفرعون ألعن الناس وأخبث الناس، قال لهما: {فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} وقال الله: {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} وأهل الكتاب منهم اليهود والنصارى كفار، ومع هذا قال الله: {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} يعني بالرفق والحكمة، حتى يقبلوا حتى لا ينفروا من الحق، فهكذا إخوانك المسلمون عليك بالرفق بهم، هم خير من الكفار وأولى بالرفق من الكفار، فعليك بالرفق والحكمة لعلهم يقبلون ولعلهم يستجيبون لدعوتك، ولعلهم يساعدونك في الخير ولا ينفرون منك، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

كلمة توجيهية للمدرسين

255 - كلمة توجيهية للمدرسين س: سائل يقول: إن نظام وقوانين الشهادات تسبب في تعطيل كثير من العلم النافع، فلم يوجد المدرس الكفؤ الصالح، الذي يربي النشء تربية حقيقية، وأصبح الطالب لا يهمه إلا حمل الشهادة، بغض النظر عن دينه، وعقيدته وفقهه، وخلقه إلى درجة أن

بعض الطلبة بل أيضًا بعض المدرسين لا يعرف كيف يصلي على الجنازة، وأكثرهم لا يصلون الصلوات الخمس، وإذا صلى بعضهم صلى بعض الصلوات، وترك البعض الآخر، والسؤال: ما هو الواجب على المدرسين نحو أنفسهم وطلبتهم؛ لأن أغلب الطلبة يتمثلون في مدرسيهم، ويأخذون عنهم الكثير مما هم عليه، من الجهل بشرع الله والإهمال في عبادة الله، والعادات والتقاليد المخالفة لدين الله، والسؤال أيضًا: ما هو الواجب على الطلبة نحو أنفسهم، وما هو الواجب على ولاة الأمور تجاه الطلبة جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: التنظيم الذي وقع في الناس منذ دهر طويل، حصل به مصالح جمة، من تنشيط الطلبة، وترغيبهم في طلب العلم، وأخذ الشهادات التي تشجعهم على طلب العلم، والاستعانة بها على الوظائف، وعلى مصالح الأمور الدنيوية، فيه مصالح وفيه مضار؛ لأن كثيرًا من الطلبة لا يطلب العلم للآخرة، وإنما يطلبه للدنيا ومصالحها وفوائدها ووظائفها، ففيه خير وشر، فمن طلب العلم لله من طريق النظم ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (124).

المتبعة، فأخذ الشهادات واستعان بها على طاعة الله، وتفقه في الدين نفع الله به الأمة وصارت هذه الشهادات عونًا له، زادًا له على أداء المهمة، وعلى دعوة الناس إلى الخير، وعلى أن يقدر ويعرف له فضله، ومن استعان بها على الدنيا ونسي الآخرة، صارت حظه من الدنيا، ولم يكن له في الآخرة نصيب، إذ لم يعمل للآخرة ولم يفلح بها، فالحاصل أن هذه الشهادات التي يأخذها الطالب، وهذه التنظيمات التي يسير عليها الطالب، تنفع المجد الصالح الطيب المريد الذي يريد الآخرة، وتنفعه وتعينه، والآخر الذي لا يريد الآخرة ما تزيده إلا خبالاً، ولا تزيده قربًا من الله عز وجل؛ لأنه ما أراد بها الآخرة، وإنما أراد بها الدنيا وحظها العاجل، وقد يوفق بعض الناس، فيتعلم للدنيا، ثم يهديه الله ويتعلم للآخرة، ويستفيد كما قال بعض السلف: طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله، فالواجب على المدرسين أن يتقوا الله، وأن يلتزموا بالإٍسلام وبأخلاق الإسلام، وأعمال الإسلام حتى يكونوا قدوة للطلبة، ولا سيما من يدرس العلوم الشرعية، فإن الواجب عليه أن يكون أقرب الناس إلى الخير، وأكملهم في الخير وأصدق الناس إلى طاعة الله ورسوله، وأبعد الناس عن معصية الله ورسوله، حتى يتأسى به تلاميذه، وحتى يكونوا قدوة في الخير، والواجب على الأستاذ أيضًا أن يكون

حريصًا على تفقيه الطلبة، وتشجيعهم على الخير وترغيبهم فيه، وأن يحثهم على طاعة الله ورسوله، وأن يحذرهم من معصية الله ورسوله، ويحثهم على التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم، وبأصحابه الكرام وبأهل الخير، وأن يحذرهم من التأسي بأهل الشر، فهو يحثهم باللسان ويحثهم بالعمل، يكون قدوة صالحة في عمله، ومع ذلك هو يراقبهم ويحثهم بلسانه فيجمع بين الأمرين بين التشجيع القولي والتشجيع العملي، فيرون من أعماله وسيرته ما يسرهم وما يعينهم على طاعة الله ورسوله، ويسمعون منه في الدرس وفي غير الدرس، الكلام الطيب والتوجيه الصالح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما يسرهم ويعينهم على طاعة الله ورسوله، هذا هو الواجب على الجميع، وعلى الطالب أن يتقي الله وألاّ يكون همه الشهادة، بل عليه أن يتقي الله حتى يستعين بالشهادة على طاعة الله ورسوله، وحتى يستعين بالشهادة على نفع العباد في توجيههم إلى الخير، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وتعليم جاهلهم وإرشاد ظالمهم إلى غير ذلك، لا تكون الشهادة وسيلة فقط للدنيا لا، بل عليه أن يستعملها في أمر الدين والدنيا، يستعين بها على طاعة الله، وينتفع بها في الوظيفة التي توظف بسببها، حتى ينتفع في دنياه وأخراه، فهذا الدور العلمية من معاهد ومدارس وجامعات،

أنشئت للعلم في بلاد المسلمين ولتعليم الناس، ولتوجيه الناس إلى الخير، فعلى القائمين عليها أن ينصحوا لله ولعباده وأن يجتهدوا في توجيه الناس إلى الخير وإرشادهم إليه، وعلى الطالب أن يتقي الله وأن يجتهد في طلب العلم النافع، وأن يجتهد أيضًا في سؤال أهل العلم والاستفادة من آرائهم، وأن يكون متواضعًا ويريد العلم يريد الفقه في الدين، وعليه أن يعمل بعلمه في أقواله وأفعاله، وعليه أن يعمل وتُعرف عليه آثار العلم في خشيته لله، وفي قيامه بأمر الله، وفي محافظته على طاعات الله، وفي بره لوالديه، وفي صلته لأرحامه، وفي إكرامه لجاره وفي غير هذا من أعمال الخير، ولا سيما الصلاة في المحافظة عليها، والمسارعة إليها في الجماعة والخشوع فيها، هكذا يكون الطالب الصالح المجد، وعلى المدرس أن يعتني بالطلبة ويوجههم، وأن يكون قدوة صالحة كما تقدم لهم في الخير كله، ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

بيان أهمية الوعظ والإرشاد

256 - بيان أهمية الوعظ والإرشاد س: الأخ: م. ح. ع، يسأل ويقول لقد اختفى الوعظ والإرشاد عن بعض المساجد، وقد آلمنا ذلكم كثيرًا، فهل من تعليل لهذا،

وجهونا جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: لا ريب أن الوعظ والإرشاد من أهم المهمات، والمسلمون في أشد الحاجة إلى ذلك، بل وغير المسلمين في أشد الحاجة إلى ذلك، ولكن بسبب قلة الدعاة واشتغال الناس في أمور أخرى من التدريس والشؤون الإدارية وغير ذلك، قد يتأخر الداعي عن المسجد وقتًا طويلاً، لكثرة المساجد وقلة الدعاة، فهذا هو السبب، وإني أنصح جميع المدرسين المتأهلين من أهل العلم من خريجي كلية الشريعة، وكلية أصول الدين، ننصحهم جميعًا أن يتقوا الله، وأن يشاركوا في الدعوة وأن يشاركوا في الوعظ والتذكير في المساجد حتى يسدوا الخلل والنقص الذي يحصل من الدعاة، فالدعاة بالنسبة إلى كثرة المساجد قليلون، وإن كنا نتطلب دعاةً حتى يتعينوا عندنا، ونريد ذلك نحرص على ذلك، لكن ليس كل ما يريد الإنسان يحصل له؛ لأن إخواننا المتخرجين كثير منهم يرغب أن يكون مدرسًا، أو في عمل ثانٍ؛ لأنه أسهل عليه من الدعوة، فالمساجد كثيرة والدعاة قليلون، فلهذا قد يتأخر مجيء الداعية إلى المسجد، كما ذكر السائل، وإن كانوا بحمد الله ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (124).

يمرون على المساجد، ويقومون بالدعوة، وفي غالب المساجد، لكن قد يتأخر بعضهم عن بعض المساجد، قد يكون بعض المساجد في أطراف البلد، فلا يأتيها الداعية إلا في أوقات متفاوتة، ولكن بمثل ما تقدم أنصح إخواني المدرسين، وأهل العلم من القضاة وغيرهم، أنصحهم جميعًا أن يتقوا الله، وأن يشاركوا في الدعوة إلى الله ووعظ الناس، وتذكيرهم، والإجابة على أسئلتهم؛ لأن هذا واجب الجميع وحق على الجميع، نسأل الله أن يوفق الجميع. إذا كان الداعي متخرجًا من كلية الشريعة أو كلية أصول الدين، أو كلية الحديث في الجامعة الإسلامية أو كلية القرآن، فهذا يعطى البطاقة، أو شهد له بعض أهل العلم بأنه صالح لذلك، كمن درس على المشايخ وصار له طلبة في الوعظ والتذكير، ويصلح للفتوى يعطى أيضًا بطاقة في ذلك، ومن لا يشهد له في هذا لا يعطى البطاقة، يعني من خريجي كلية اللغة أو كلية العلوم الاجتماعية أو كليات الطب أو ما أشبه ذلك لا يعطون؛ لأنهم ليسوا أهلاً لهذا المقام في الغالب. ولا بد من هذه البطاقة بالنسبة إلينا، أما بالنسبة إلى ما يقوم به هو من الدعوة لجماعته أو لمن يسمح له بذلك من إخوانه، هذا مسموح له

فيه وجزاه الله خيرًا، لكن من حيث الرئاسة العامة التي أنا عليها، لا نستطيع أن نعطي إنسانًا بطاقة على أن يقوم بالدعوة، إلا إذا كان قد تأهل لها فيما نعتقد من جهة تخرجه من كلية الشريعة أو كلية أصول الدين أو ما في حكمها، أو وجود شهادة بيده من العلماء، تشهد له بأنه أهلٌ للدعوة وأهلٌ للفتوى، لكن المدرسين والقضاة في الغالب، هؤلاء عندهم ما يعينهم على ذلك، ويمكنهم من ذلك؛ لأنهم مدرسون من خريجي كلية الشريعة وكلية أصول الدين، من العلماء المعروفين يستطيعون أن يقوموا بالدعوة، وإن كان ما معهم بطاقة، وإذا أرادوا بطاقة أعطيناهم بطاقة، لكن العالم المشهور ما يحتاج بطاقة في المملكة، لكن لو أراد بطاقة أعطيناه بالنسبة إلى بعض المساجد التي قد تجهله.

حكم قصد أماكن المعاصي للدعوة والتوجيه

257 - حكم قصد أماكن المعاصي للدعوة والتوجيه س: هل لنا أن نرتاد الأماكن المحرمة التي نعرف أنها يرتادها أناس مسلمون للدعوة إلى الله؟ (¬1) ج: نعم، بل يشرع أن يقصدها الدعاة، كالمقهاي التي يكون فيها ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (126).

من يتعاطى ما حرم الله، أو المجالس التي يكون فيها أخلاط، فإذا قصدهم ودعاهم إلى الله، ورغبهم في الخير وحذرهم من محارم الله، كالخمر والتدخين وحلق اللحى، واختلاط النساء بالرجال، فإذا فعل هذا يكون قد أحسن؛ لأنه ما قصدها ليتخذها محلاً له، أو لمشاركتهم في أعمالهم القبيحة، أو اتخاذهم أصحابًا لا، إنما قصد ذلك ليعظهم، يذكرهم ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، هو محسن وله الأجر العظيم، وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أنه توجه ذات يوم إلى سعد بن عبادة سيد الخزرج رضي الله عنه، ليعوده وهو مريض، فمر على مجلس فيه أخلاط من اليهود ومن المسلمين ومن عبدة الأوثان، وهو على حمار فنزل عن دابته، عليه الصلاة والسلام ووقف عليهم، وتلا عليهم القرآن، ودعاهم إلى الإسلام، وذكرهم بالله عز وجل، وهم بهذه الصفة فيهم الأخلاط، فدل ذلك على أن قصد هذه المجالس التي فيها الأخلاط، للدعوة والتوجيه أمر مطلوب، وأن فيه خيرًا كثيرًا، ومصالح جمة، ولأن كثيرًا منهم لا يتحرى حلقات العلم، ولا مجالس العلم، وقد تمر عليه الشهور أو الأعوام، ما سمع المواعظ؛ لأنه ليس من أهل الصلاة، وليس من أهل حلقات العلم، فقد يكون كافرًا، ليس من أهل الإسلام، فإذا سمع النصيحة هداه الله، وانشرح

قلبه، وصار لهذا الداعي مثل أجره، وقد يكون عاصيًا فاسقًا فيهديه الله، بسبب هذه النصيحة، فيدع ما هو عليه من الباطل، وأنا أرى أن زيارة هذه الأماكن لقصد الدعوة أمر مطلوب. وكذلك في العزاء إن كان الداعي إذا زارهم للنصحية والتوجيه فلا بأس بذلك، وهكذا لو أتى احتفالاً في الأعياد بالموالد، عند أناس يحتفلون بالمولد مثلاً، مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، أو مولد البدوي أو مولد الحسين، أو مولد فاطمة في بعض البلدان التي تقيم هذه الاحتفالات، إذا اختلط بهم لقصد الدعوة والتوجيه، فقط لا لأجل الرضاء بعملهم، أو تكثير سوادهم على وجه لا يفهم منه أنه يوافقهم ولا يظهر عند أحد أنه موافق على هذه البدعة، ولكن على وجه يعلم منه أنه أراد النصيحة، ويصرح بذلك ويقول: أنا جئتكم للنصيحة فقط، لا لأني موافق على هذا الاحتفال، بل أنا أنصحكم ألاَّ تعودوا إليه، وأن تعتاضوا عنه بالاحتفال الشرعي، بحلقات العلم وبدروس العلم والمواعظ، أما إيجاد احتفالات لا يشرعها الله في هذه الموالد، فهذا شيء لا أصل له، وهو من البدع، فأنا جئتكم ناصحًا ومذكرًا، لا موافقًا ولا مؤيدًا لهذا العمل، الذي يخالف شرع الله، وقد قال سبحانه:

{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}، وقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» (¬1) يعني فهو مردود، خرجه الإمام مسلم في صحيحه، وخرجه الإمام البخاري رحمه الله، في صحيحه تعليقًا، وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام في خطبة يوم الجمعة، «أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة» (¬2) وزاد النسائي بإسناد صحيح: «وكل ضلالة في النار» (¬3) النبي عليه الصلاة والسلام في خطبة الجمعة يحذر الناس من هذه البدع؛ لأن البدع متى ظهرت في الناس ضيعوا بأسبابها السنة، وماتت قلوبهم وصاروا بهذا معترضين على شرع الله، كأنه سبحانه لم يكمل هذا الشرع، وكأن رسوله لم يبلغ، والله يقول جل وعلا: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} فليس لهذه البدع محل، فقد أكمل الله الدين، وأتم النعمة، فالاحتفال ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (867). (¬3) أخرجه النسائي في كتاب صلاة العيدين، باب كيف الخطبة، برقم (1578).

بالموالد مثلاً أو الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، أو الاحتفال بليلة النصف من شعبان، أو ما أشبه هذا من البدع، كل ذلك منكر، فمن حضر عندهم لبيان الحق، وإنكار البدعة وإرشادهم إلى الصواب، ونصيحتهم يرجو ما عند الله ويوضح ذلك، وأنه جاء لهذا الأمر، حتى لا يظن أحد لا يعلم أنه جاء مؤيدًا أو مشاركًا في هذا الأمر، بل بيّن على رؤوس الأشهاد أنه جاء للدعوة والإرشاد، لا للموافقة والتأييد.

حكم إخبار الشخص بعمله الخيري

258 - حكم إخبار الشخص بعمله الخيري س: يسأل يقول: دعوت البعض للإسلام، وأبتغي بذلك ثواب الله، وبحمد الله أسلموا، وبعد ذلك بمدة تكلمت بهذا العمل مع أبناء قريتي، وعند ذلك أحسست بالندم، وخفت الرياء، فهل أنا على صواب أم لا؟ (¬1) جزاكم الله خيرًا. ج: التصريح بأنه أسلم على يدك كذا وكذا، إذا كان قصدك الإخبار بفضل الله، ليس فيه رياء، أما إن كان قصدك أن تُمدح، فينبغي ترك ذلك، لكن إذا كان القصد إخبار أهلك، بما يسَّر الله على يديك من ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (443).

الخير، حتى يفرحوا ويسروا، فلا بأس به والحمد لله.

بيان أهمية تعلم العلوم الشرعية لمن يعيش بين أهل البدع

259 - بيان أهمية تعلم العلوم الشرعية لمن يعيش بين أهل البدع س: يسأل ويقول: قطعت دراستي بسبب مرض أرغمني على ذلك، ولكن لم أتوقف عن حفظ القرآن، ومطالعة كتب التفسير والحديث في بيتي، وذلك؛ لأني أعيش في بيئة مليئة بالبدع، وأريد تصحيح عقيدتهم قدر المستطاع، فهل أثاب على هذا الجهد، إني أخشى أن أطلب العلم ليقال: عالم، أفيدوني جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: ليس في هذا بأس، بل أنت مأجور إذا اجتهدت في تعلم القرآن والعلم النافع، من طريق الكتاب والسنة، فأنت على خير لتنفع الناس وتوجههم للخير وترشدهم، فأنت مأجور إذا قصدت وجه الله عز وجل، ولم تقصد الرياء والسمعة، والله سبحانه يقول: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} فالمهم الإخلاص لله، ويقول صلى الله عليه وسلم: «أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، وسئل عنه: فقال ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (443).

الرياء» (¬1) الإنسان يُعلِّم ويرشد وينصح لوجه الله لا للرياء، وإذا قصدت بتعليمهم وإرشادهم وجه الله، والدار الآخرة، فأنت على خير عظيم، وعلى أجرٍ عظيم، أما إذا قصدت الرياء، فلا يجوز هذا، فيكون تعليمك لوجه الله لا رياء، ولا سمعة، ثم عليك أن تسأل أهل العلم عما أشكل عليك، تسأل علماء السنة الذين تعرفهم، عما أشكل عليك، ولا تكتفي بالمطالعة؛ لأنه قد يفوت عليك بعض الشيء، تجهل بعض الشيء، فأنت مع العناية والمطالعة وتدبر القرآن، تحضر مجالس أهل العلم، وتسأل عما أشكل عليك، حتى تستنير من علمهم، وحتى تكون على بصيرة فيما تفتي فيه، وفيما تعلم، رزقك الله التوفيق والهداية. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه برقم (23119).

بيان كيفية دعوة من تأثر بجماعة أو ثقافة معينة

260 - بيان كيفية دعوة من تأثر بجماعة أو ثقافة معينة س: إذا كان المدعوات متأثرات بثقافات معينة، أو بجماعات معينة، ما هو السبيل الأمثل لدعوتهن؟ (¬1) ج: يبين لهم ما في المناهج التي تأثروا بها، والطرق التي تأثروا ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (90).

بها، والبيئات التي تأثروا بها، يبين لهم أن هذه البيئات أو هذه الطرق أو هذه الجمعيات أو هذه الآثار، التي اكتسبتموها من كذا وكذا، ينقصها كذا وكذا، وعليكم أن تعرضوها على الميزان، على كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فما حصَّلتم من كذا، أو تعلمتم من كذا، أو تخلقتم به وبسبب البيئة، أو بسبب الاختلاط بآل فلان أو آل فلان، عليكم أن تعرضوا ذلك على الميزان: كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، مثل ما يعرض العلماء مسائل الفقه على الأدلة، فما وافق الشرع وجب أن يبقى، وما خالف الشرع وجب أن يطرح، ولو كان من خلق الآباء والجيران والأسلاف والمشايخ وغير ذلك، المهم أن يبقى الخلق الصالح، الذي دل عليه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وألاّ يتعصب لسيرة أبيه أو جده، أو بيئته أو بيئة بلده أو ما أشبه ذلك، بل يكون عنده الحكم الذي لا يجوز أن يخالف، هو ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، أو إجماع الأمَّة.

بيان أن أسلوب الدعوة يختلف باختلاف المدعوين

261 - بيان أن أسلوب الدعوة يختلف باختلاف المدعوين س: لو تكرمتم: أن تعرضوا ما ينبغي للداعية أن يفعله، تجاه ثقافته ومما

يستمد ثقافته، حتى تكون دعوته مؤثرة ومستجابة بإذن الله؟ (¬1) ج: إن الدعوة إلى الله عز وجل من أهم المهمات، ومن أفرض الفرائض والناس في أشد الحاجة إليها كل مجتمع في أشد الحاجة إليها سواء كان مجتمعًا مسلمًا أو مجتمعًا كافرًا، فالمجتمع المسلم في حاجة إلى تنبيهه إلى ما قد يقع من أغلاط ومنكرات، حتى يتدارك ما وقع منه من الخطأ، وحتى يستقيم على طاعة الله ورسوله، وحتى ينتهي عما نهى الله عنه ورسوله، والكافر يُدعى إلى الله ويبين له أن الله خلقه لعبادته، وأن الواجب عليه الدخول في الإسلام، والالتزام بما جاء به نبي الهدى: محمد عليه الصلاة والسلام، ولكن الداعي إلى الله يلزمه أمور لا بد من مراعاتها، حتى تكون دعوته ناجحة، وحتى تكون لها العاقبة الحميدة، أعظمها وأهمها العلم، فلا بد أن يكون عنده علم، والعلم إنما يؤخذ من كتاب الله العظيم، وسنة رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام، كما قال الله عز وجل: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} قال أهل العلم معناها: على علم؛ لأن العالم بالنسبة إلى المعلومات، كالبصير بالنسبة ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (90).

للمرئيات، فهو يعلم كيف يأمر وكيف ينهى، وكيف يدعو إلى الله، كما أن الرائي المبصر يرى ما أمامه حتى يتجنب ما يضره، من حفر وأشواك ونحو ذلك، فالحاصل أن الداعي إلى الله يلزمه أن يعتني بالعلم، وأن تكون ثقافته ثقافة إسلامية مستخرجة ومستنبطة من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ويستعين بكتب أهل العلم المعروفين بالاستقامة والعلم والفضل وحسن العقيدة، حتى يكون على بصيرة فيما يدعو إليه، وعلى بصيرة فيما ينهى عنه، هذا هو الواجب على جميع الدعاة، ثم أمر آخر هو أن يتحرى في دعوته ألاّ يعجل، وأن يرفق في دعوته، لا بد من كونه يتحرى في دعوته حتى يضع الأمور في مواضعها، فإن كان المدعو ممن يفهم العلم، وممن يمكن أن يستجيب من دون حاجة إلى موعظة، ولا جدال وضَّحَ له الحق، ودلَّه عليه، بالأدلة الشرعية، وبالكلام الطيب والرفق والأسلوب الحسن، فإذا تقبل ذلك انتهى الموضوع، وحصل المطلوب، فإن كان ممن لديه جفاء وإعراض وغفلة وعدم مبالاة، نصحه ووعظه بالتي هي أحسن، وذكره بالله لعله يستجيب، لعله ينقاد للحق، فإن كان ذا شُبهٍ وذا مجادلة، رفق به وجادله بالتي هي أحسن، حتى يزيل شبهته، وحتى يوضح الحق الذي أشكل عليه، وحتى لا تبقى شبهة يتشبث بها في ترك الحق، أو في

الاستمرار على الباطل، وهذه المعاني كلها قد تضمنها قوله سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، ومما يلزمه الإخلاص لله، وأن يحذر الرياء، وأن يكون في دعوته يقصد وجه الله والدار الآخرة، لا رياء الناس ولا حمد الناس، ولا قصد مدحهم له، أو قصد عرض من الدنيا، فالمؤمن إنما يريد وجه الله والدار الآخرة، ولهذا قال سبحانه: {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} وقال سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، وهناك أمر آخر، وهو التحري بالألفاظ المناسبة، والرفق في الكلام، وعدم الغلظة، إلا عند الضرورة إليها، كما قال تعالى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هيَ أَحْسَنُ} وقال تعالى: {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} وهم كفار اليهود والنصارى

{وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}، فلا بد من العناية بالمدعو عند الحاجة والرفق به، كما قال عليه الصلاة والسلام: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه» (¬1) وقال صلى الله عليه وسلم: «من يحرم الرفق يحرم الخير كله» (¬2) فعلى المؤمن في دعوته الرفق والأسلوب الحسن، حتى يستجاب له، وحتى لا يقابل بالرد، أو بالأسلوب الذي يناسب للداعي إلى الله عز وجل؛ لأن بعض الناس عند الشدة، قد يقابل بالسب والشتم والكلام الرديء الذي يزيد الطين بلة، ولكن متى كان الداعي إلى الله رفيقًا حكيمًا، ذا أسلوب صالح فإنه لن يعدم - إن شاء الله - قبول دعوته، أو على الأقل المقابلة الحسنة، والكلام الطيب من المدعو، الذي يرجى من ورائه أن يتأثر المدعو بالدعوة، والله المستعان. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الرفق، برقم (2594). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الرفق، برقم (2592).

نصيحة وتوجيه للدعاة إلى الله تعالى

262 - نصيحة وتوجيه للدعاة إلى الله تعالى س: كما بينتم سماحة الشيخ أن طريق الدعوة طريق معين، وله زاد معين، هذا الألم وتلكم الحسرة التي توقف الداعية في وسط

الطريق، هل ترضونها من الداعية أم له توجيه معين؟ (¬1) ج: لا يجوز أن يقف في الطريق، بل الواجب ألاّ ييأس، وأن يكون واسع البال، كثير الصبر حتى يدرك إن شاء الله ما أراد أو يموت على ذلك، هكذا يجب، الله سبحانه يقول: {وَلاَ تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ}، ويقول سبحانه {لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}، ويقول سبحانه: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقَْطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}، فالواجب على الداعي والآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر ألاّ يقف في الطريق، وألاَّ ييأس ولا يقنط، بل يكون عنده حسن الظن بالله، وعنده الرجاء وعنده الصبر العظيم، حتى يدرك مطلوبه أو يموت في الطريق، أما الوقوف فلا، ولهذا يقول الله عز وجل لنبيه عليه الصلاة والسلام: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}، وهو رسول الله، ويقول عز وجل: ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (90).

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، فلا بد من الصبر، ويقول سبحانه: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}، ويقول النبي صلى لله عليه وسلم: «ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاء خيرًا وأوسع من الصبر» (¬1) هذه نصيحتي لكل داعٍ، ولكل مجاهد ولكل آمرٍ بمعروف وناهٍ عن منكر، ولكل مرشد ومعلم ولأشباههم، نصيحتي للجميع هو الاستمرار في الطريق الطيب، والصبر على ذلك، والصبر على الأشواك، التي قد تؤذي، والصبر على ما قد يعوق على الطريق، أو يقف في الطريق، من سائر العقبات حتى يبلغ المؤمن والداعي إلى الله مراده، أو يموت دون ذلك، والله المستعان. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب الاستعفاف عن المسألة، برقم (1469)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل التعفف والصبر، برقم (1053).

بيان موقف الدعاة إلى الله تجاه ظهور المذاهب الهدامة

263 - بيان موقف الدعاة إلى الله تجاه ظهور المذاهب الهدامة س: الإحساس تجاه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا ينبئ

عن أشياء وأشياء، لعل لسماحة الشيخ كلمة حول هذا الموضوع؟ (¬1) ج: لا شك أن أهل الخير وأصحاب الغيرة لدين الله، يتأثرون كثيرًا مما وجد في المجتمعات اليوم، من كثرة الشرور والمذاهب الهدامة والأفكار المنحرفة في غالب الدنيا، فلهذا يحرصون على وجود من يدعو إلى الله، ومن ينكر المنكر من أهل العلم والبصيرة، والغيرة لله سبحانه وتعالى، حتى لا تكثر الشرور وحتى لا يتفاقم الأمر، وحتى لا يحصل للمسلمين ضرر أكثر، وهناك بحمد لله يقظة في هذا العصر، وفي آخر العصر الماضي، وفي آخر القرن الرابع عشر، وفي هذا القرن يقظة وعناية. ولله الحمد. من كثير من الشباب وغير الشباب، في جميع الدنيا في هذه المملكة، وفي الدول المجاورة وفي أفريقيا وفي آسيا، كإندونيسيا وماليزيا والهند وباكستان، وهكذا أوروبا وهكذا أمريكا، كلها بحمد الله حركة ويقظة لتبليغ دعوة الله، وفي تبصير الناس بالدين، وفي السؤال عما أشكل عليهم، هذا أمر عرفناه من مدة طويلة، في آخر القرن السابق وفي هذا القرن، وعرفه أيضًا أهل العلم المشهورون بهذا الأمر، ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (90).

فإنهم يحسون بنشاط كبير في غالب الدنيا، وفي مكاتبات ومؤلفات، كل ذلك بحمد الله يبشر بخير، نسأل الله أن يوفق المسلمين لما فيه رضاه، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يكثر بينهم دعاة الهدى، وأن يوفقهم لقبول الحق، وإيثاره على ما سواه، إنه خير مسؤول، كما نسأله أن يصلح قادة المسلمين في كل مكان، وأن يصلح لهم البطانة، وأن يعينهم على إيثار الحق والدعوة إليه، وعلى تحكيم شريعة الله في عباد الله، فهي والله الطريق الوحيد، والطريق الأمثل لصلاح الأمة ونجاتها في الدنيا والآخرة، فتحكيم الشريعة في شؤون المسلمين، هو الطريق الذي تحصل به سعادتهم ونجاتهم، وحل مشكلاتهم والقضاء على ما بينهم من الفساد، ومنع المنكر وإقامة المعروف، وزجر المبطل عن باطله، فنسأل الله أن يوفق قادة المسلمين للالتزام بها وتحكيمها، والحذر مما يخالفها إنه خير مسؤول.

بيان وجوب بذل كل أحد ما استطاع لإنكار المنكر إذا ظهر

264 - بيان وجوب بذل كل أحد ما استطاع لإنكار المنكر إذا ظهر س: بعض الرسائل التي تصل إلى هذا البرنامج يعبر أصحابها بعبارات، تدل على التألم والاحتراق، بل وربما الحسرة في بعض الأحيان، لعل لسماحة الشيخ توجيهًا حول إحساس الداعية؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (90).

ج: وهذا مثل ما تقدم لأن مشاهدة صاحب الغيرة، وصاحب العلم لمنكرات كثيرة، وقلة المنكرين لها وفشوِّها في غالب المجتمعات لا شك أنه يؤلم المؤمن، ولا شك أنه يجد منه عصرة في قلبه، وحسرة في قلبه؛ لكونه يعجز عن إنكار هذا المنكر، والقضاء عليه، فيتألم لذلك، حتى بلغنا عن بعض السلف أنه إذا رأى المنكر يبول دمًا، من شدة ما يقع في قلبه من التألم، فالحاصل أن أصحاب الغيرة وأصحاب العلم والفضل، يتألمون كثيرًا مما يشاهدونه من المنكرات، وهم عاجزون عن إنكارها والقضاء عليها، ويفرحون إذا وجد من ينكرها ويستطيع الدعوة إلى تركها، هذا لا شك أن يبشر بخير، ولكن نبشرهم أنهم على خير، وأنه ينبغي لهم ألاَّ ييأسوا وألاَّ يقنطوا، وأن يستمروا في إنكار المنكر حسب طاقتهم، وأنه لا يكفي مجرد التألم، بل لا بد مع التألم من إنكار المنكر، بالطرق التي شرعها الله باليد عند القدرة ثم اللسان عند القدرة، ثم القلب لكراهة المنكر، وعدم المجالسة لأهله، هكذا يكون المؤمن أينما كان، ولا ييأس أبدًا، فالله سبحانه يقول: {وَلاَ تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}، فالواجب

على المؤمن والمؤمنة وطالب العلم وطالبة العلم، أن يبذل كل منهم ما استطاع في هذا السبيل، وألاَّ ييأس بل يكون أينما كان آمرًا بالمعروف وناهيًا عن المنكر داعيًا إلى الله عز وجل، مرشدًا لعباد الله مما أعطاه الله، مما علمه الله {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، ولو هدى الله على يده واحدًا كان خيرًا عظيمًا، ولو هدى الله على يدها امرأة واحدة كان خيرًا عظيمًا، فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أنه قال لعلي بن أبي طالب أمير المؤمنين، رضي الله عنه لما بعثه إلى خيبر، ليدعو اليهود سكان خيبر، ذلك الوقت إلى الإسلام، قال له صلى الله عليه وسلم: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا، خير لك من حمر النعم» (¬1) يبين له أنه ليس المقصود قتالهم، وليس المقصود أخذ أموالهم، وليس المقصود سبي ذرياتهم ونسائهم، لا، المقصود دعوتهم إلى الله، المقصود إخراجهم من الظلمات إلى النور، المقصود هدايتهم حتى يدخلوا في الإسلام، وحتى يسلموا من النار، ولهذا يقول سبحانه: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}، ما أنزل ليحرقهم أو ليقتلهم، أنزل ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإسلام، برقم (2942)، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (2406).

ليخرجهم ويدلهم على الخير، هذا هو المطلوب من الدعوة، وهو المطلوب من الرسل، لكن عند المعاندة وعند عدم الإجابة من المدعوين، ينتقل حينئذ المسلمون معهم إلى الأمر الآخر، إلى القتال حتى يردوهم إلى الحق بالقوة، وحتى يخلصوا ذرياتهم ونساءهم من هذا الإثم، حتى يدخلوهم في الإسلام، وحتى يستعينوا بأموالهم وما أعطاهم الله على دين الله، وإقامته وعلى دعوة الآخرين إلى الله عز وجل، فالقتال ليس المقصود بالقصد الأول، إنما هو المقصود بالقصد الثاني، فإذا تيسر دعاؤهم إلى الخير، وهدايتهم وإقبالهم على الحق وقبولهم له هذا هو المطلوب، فإذا عاندوا وكابروا، شرع قتالهم حينئذٍ، حتى يدخلوا في الإسلام، أو يؤدوا الجزية إن كانوا من أهل الكتاب، ومن المجوس كما جاءت به السنة، ودلَّ عليه الكتاب العظيم، فالمقصود من هذا كله أن الدعوة إلى الله هي الأساس الأول، وأن الصبر عليها من أهم المهمات، وأن الشخص الواحد إذا هداه الله على يد إنسان، خير له من الدنيا وما عليها، وأن له مثل أجره، كما قال صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» (¬1) هذه غنيمة عظيمة، تجعل الداعي ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره، برقم (1893).

إلى الله، وتجعل المجاهدين، يشمرون عن ساعد الجد، ويصبرون على الأذى، حتى يدركوا هذا المطلب العظيم.

بيان ما يلزم تجاه من يجاهر بترك الصلاة

265 - بيان ما يلزم تجاه من يجاهر بترك الصلاة س: يزورنا أحيانًا بعض الناس، التاركون للصلاة، ولكني دائم النصيحة لهم، والإلحاح عليهم، ومع ذلك لم ترق قلوبهم، فهل لهم علي حق الضيافة؟ وماذا علي أن أفعل نحوهم؟ (¬1) (¬2) جزاكم الله خيرًا. ج: قد أحسنت في نصيحتهم وأمرهم بالمعروف وإرشادهم إلى الخير، فإذا لم يتوبوا لم يرعووا، فالواجب هجرهم وعدم إجابة دعوتهم، وعدم دعوتهم إلى بيتك، وعدم اتخاذهم أصحابًا وأصدقاءً ومنعهم من الزيارة؛ لأنهم حينئذ قد ارتكبوا جريمة عظيمة، وهي الكفر بالله، فإن ترك الصلاة كفر بنص الرسول عليه الصلاة والسلام، والصحيح أنه كفر أكبر، هذا هو الصحيح من قول العلماء، والحجة في ذلك ما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام، أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (109). (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم (109). ') ">

والشرك ترك الصلاة» (¬1) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وأخرج الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح، عن بريدة رضي الله عنه، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬2) فهؤلاء الذين عرفتهم بترك الصلاة وقد تكرر منك النصح لهم، ثم لم يستجيبوا، فإنهم جديرون بالهجر والإنكار وإظهار البغضاء، والعداوة لهم حتى يرجعوا عن باطلهم، وليس لهم عليك حق الضيافة، إذا جاؤوا إليك؛ لأنهم مرتدون بهذا العمل، وقد نصحتهم وكررت عليهم فلا وجه لزيارتهم لك بعد ذلك، وليسوا ضيوفًا، هؤلاء معاندون، أرادوا بذلك إيذاءك بهذه الزيارة، التي أنت تكرههم من أجل ما هم عليه من الباطل، بخلاف الضيف الكافر الذي لم يتقدم له نصح، ولم يجر بينك وبينه مذاكرة في هذا الأمر، فهذا له حق الضيافة مع النصيحة، أما إنسان قد نصحته ووجهته إلى الخير، وأمرته بالمعروف، ونهيته عن المنكر، ثم يصرُّ على الباطل ويأتي إليك، فهذا لا حق له عليك، بل حقه عليك أن تنكر عليه، وأن تهجره حتى يتوب إلى الله، من عمله السيئ ولعل الله جل وعلا يهديه بأسبابك، ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه برقم (22937).

فيكون لك مثل أجره، كما قال عليه الصلاة والسلام: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» (¬1) وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم في أقل من هذا، فإن كعب بن مالك رضي الله عنه الأنصاري وصاحبيه، لما تخلفوا عن غزوة تبوك، وهم قادرون على المشاركة في الغزو، وقد أبلغوا وعرفوا وجوب النفير، فتخلفوا بدون عذر، فهجرهم النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون خمسين ليلة، حتى تاب الله عليهم، فكيف بحال من ترك الصلاة عمدًا بغير عذر شرعي وبغير حق، بل لمجرد التساهل والتهاون بأمرها، فهو جدير بالهجر وجدير بالعداوة والبغضاء، والواجب على ولاة الأمر إذا كانوا مسلمين، الواجب عليهم إقامة الحد على هذا الصنف من الناس، فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، كما قال الله عز وجل: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}، فدل على أن من لم يرجع إلى الصلاة، ولم يقم الصلاة لا يخلى سبيله، بل يقتل بعد الاستتابة، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إني نهيت عن قتل المصلين» (¬2) وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «أمرت ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره، برقم (1893). (¬2) أخرجه أبو داود، في كتاب الأدب، باب في حكم المخنثين، برقم (4928).

أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله عز وجل» (¬1) متفق على صحته، والخلاصة أن من ترك الصلاة عمدًا عدوانًا من غير جحد لوجوبها، فإنه يكون كافرًا في أصح قولي العلماء، وعلى ولي أمر المسلمين استتابته، فإن تاب وإلا قتل كافرًا في أصح أقوال أهل العلم، أما إن كان جاحدًا لوجوبها، لا يؤمن بأنها فرض، فإنه يكفر بذلك عند جميع العلماء ولو صلى، متى جحد الوجوب كفر إجماعًا ولو فعلها، نسأل الله العافية والسلامة. س: لي إخوة وأقارب، ولكنهم للأسف الشديد لا يصلون، ولا يقيمون حدود الله، فهل علي أن أقاطعهم، فكلما أمرتهم بمعروف أو نهيتهم عن منكر، يهزؤون مني ويسخرون، ويقولون: هل تريد أن تصلح الناس جميعًا؟ وقد كرهوا ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ)، برقم (25)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، برقم (20).

مجالستي وقاطعوني، فماذا علي أن أفعل تجاههم؟ ج: عليك أن تهجرهم وتقاطعهم، ما داموا لم يقبلوا النصيحة، وهم على الحال التي ذكرت، من تركهم الصلاة وبعدهم عن الخير، فينبغي لك أن تهجرهم وأن تقاطعهم، حتى يهديهم الله هذا هو الواجب، بل هذا هو السنة المؤكدة، وبعض أهل العلم يرى وجوب ذلك، وجوب المهاجرة والقطيعة لهم لضلالهم وبعدهم عن الخير، لكن إذا اتصلت بهم بعض الأحيان، رجاء أن يهديهم الله بالدعوة والتوجيه والإرشاد فلا بأس، وإذا أيست منهم فلا مانع من هجرهم ومباعدتهم بالكلية، وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الصحابة، لما تركوا الغزوة معه بغير عذر، فالحاصل أن هؤلاء ينبغي أن يهجروا، وعلى الأقل يكون هجرهم سنة مؤكدة، حتى يهديهم الله ويردهم للصواب، نسأل الله لنا ولهم الهداية.

حكم مجالسة من يشرب الخمر ويلعب الميسر

266 - حكم مجالسة من يشرب الخمر ويلعب الميسر س: رسالة سائل بالجماهيرية الليبية: م. ع. أ. يقول: هل يجوز للإنسان أن يجلس مع أهل المعاصي، ولا سيما أولئك الذين

يشربون الخمر، وربما يلعبون الميسر؟ (¬1) ج: ليس للمسلم أن يجلس مع الذين يتظاهرون بالمعاصي، فيجب الحذر منهم، وأن يبتعد عنهم؛ لئلا يصيبه ما أصابهم، ولئلا يفعل فعلهم، إلا إذا حضر للإنكار بالدعوة، بأنه وقف عليهم ودعاهم، ونصحهم بالأسلوب الحسن فإن استجابوا وإلا انصرف، فلا بأس، أما الجلوس معهم فلا، والله جل وعلا يقول: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}، لأنه قد يميل لهم، وقد يفعل فعلهم، فالواجب الحذر، لكن إذا وقف عليهم للدعوة إلى الله، والتوجيه إلى الخير وإنكار المنكر، بالأسلوب الحسن، والنصيحة لعل الله يهديهم بأسبابه، لعلهم يستجيبون، وهذا أمر مطلوب، وإن استطاع ذلك وظن أنه ينفع وجب عليه، لقوله سبحانه وتعالى: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى}، وقوله: ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (310).

{فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ}، فالمقصود أن الله جل وعلا شرع لنا التذكير والدعوة، فإذا أمكنك أن تدعوهم إلى الله، وأن ترشدهم إلى الخير، وأن تحذرهم من الباطل، فأنت على خير عظيم، أما الجلوس معهم فلا.

بيان ما يلزم من الصبر في سبيل الدعوة إلى الله تعالى

267 - بيان ما يلزم من الصبر في سبيل الدعوة إلى الله تعالى س: أود أن أعبر في هذه الرسالة عما أشعر به في هذه الأيام، من ضيق بمن حولي من الناس لكثرة فجورهم كما تقول، وقلة حيائهم وبعدهم عن الدين، ودائمًا أتساءل في نفسي، هل هؤلاء الناس هم من عرفتهم منذ عام منذ عامين منذ نعومة أظفاري؟ والإجابة قطعًا نعم، إذن لماذا أشعر بالغربة بينهم، فلا يعجبني سلوكهم، ولا يرضيني ميولهم، وذلك لأنها أعمال لا ترضي الله ولا رسوله، هذا ما شعرت معه بالحاجة للإجابة الصريحة على سؤالي، ولهذا فقد بعدت من القريبات، والصديقات، فهل من كلمة تتفضلون بها تثبتني على طريق الحق إن شاء الله؟ (¬1) ج: نعم نوصيك بالصبر والدعاء لهن بالتوفيق، والهداية ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (333).

ونصيحتهن بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، فقد صبر الرسل عليهم الصلاة والسلام، وعلى رأسهم نبينا وإمامنا محمد عليه الصلاة والسلام، فقد أوذي ورأى من الكفر والفجور ما لم تر، وصبر على هذا، وأحسن إلى الناس ورحمهم، وعطف عليهم مع إيذائهم له عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلاَ تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ}، وقال سبحانه: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}، وقال تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}، فالمؤمن يصبر ويحتسب، والله يقول: {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}، ويقول سبحانه: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام: «ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر» (¬1) واستعيني بالله ثم بمن ترين من الأخوات الطيبات، في نصيحتهن، تعاونوا على البر والتقوى، ليكن معك من يساعدك في النصيحة، والتوجيه ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب الاستعفاف عن المسألة، برقم (1469)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل التعفف والصبر، برقم (1053).

والإرشاد، ولا تيأسن أبدًا الله يقول: {وَلاَ تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ}، ويقول سبحانه: {لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}، فعليكن الصبر والنصيحة، والاستمرار في الدعوة إلى الله، والإرشاد مع السؤال لهن بالتوفيق، سؤال الله لكن ولأخواتكن، اسألوا الله لهن التوفيق والهداية والصلاح، وأن يمن عليهن بالتوبة، ولا تجزعن ولا تيأسن أبدًا.

بيان الأسلوب الأمثل للدعوة إلى الله تعالى

268 - بيان الأسلوب الأمثل للدعوة إلى الله تعالى س: سائل من سوريا، أرجو بيان الأسلوب الأمثل للدعوة إلى الله؟ (¬1) ج: الأسلوب الأمثل للدعوة بينه الله في كتابه العظيم، حيث قال سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} هذا هو الأسلوب: الحكمة، العلم، قال الله، قال رسوله، والموعظة الحسنة: الترغيب والترهيب {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} هي الأسلوب الطيب بلا عنف ولا شدة، ولا تعيير بل يدعوه بالكلام ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (333).

الطيب يا عبد الله، يا فلان يا أخي، لا يقول يا خبيث، يا حمار، يا كلب لا، يقول: يا أخي، يا عبد الله، يا أبا فلان، اتق الله، الله أمر بكذا، الله نهى عن كذا، هكذا تكون الدعوة، قال الله سبحانه وتعالى: {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} وهم كفرة، جادلهم بالتي هي أحسن {إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}، من ظلم تعامله بما يقتضيه الموقف، لكن الداعي يكون بالتي هي أحسن، مع الكفرة ومع المسلمين؛ لأن هذا أقرب إلى قبول الدعوة، وقال سبحانه في وصف نبيه صلى الله عليه وسلم: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}، فالرسول صلى الله عليه وسلم، كان لينًا ما كان فظًا غليظًا، كان يدعو بالتي هي أحسن، بالكلام الطيب بالأسلوب الحسن، فالواجب على الداعي إلى الله، والداعية إلى الله من النساء، الواجب على الجميع تحري الأساليب الطيبة، والعبارات الطيبة، والكلام الطيب، والرفق في الدعوة؛ لأن هذا أرجى وأقرب إلى القبول.

بيان كيفية نصيحة من يؤذي جيرانه

269 - بيان كيفية نصيحة من يؤذي جيرانه س: تجاورنا سيدة شابة، ولديها أطفال لم يتجاوز أكبرهم السادسة

من عمره، وهي والعياذ بالله لها علاقة سيئة بجاراتها، وذلك بسبب الأطفال، فهي تحرض أطفالها على الرجم بالحجارة، على أي اعتداء عليهم، من قبل أطفال الجارات، وهكذا استمرت في وصف جارتها لتسأل سماحتكم عن كيفية دعوة هذه المرأة إلى الطريق الصحيح؟ (¬1) ج: نوصيك بدعوتها إلى الله، ووصيتها بالخير، ليكن معك بعض النساء، الطيبات ثنتين أو ثلاثا، تزرنها وتنصحنها، لأن الواحدة قد لا تقبل منها، لكن إذا كنتن ثلاثًا أو أكثر، تنصحنها يكون أقرب إلى القبول، والتأثر مع الدعاء لها بالتوفيق والهداية فالمسلم أخو المسلم، والمسلمة أخت المسلمة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «الدين النصيحة، الدين النصيحة الدين النصيحة» (¬2) والله يقول سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}، فأنتن أولياء فيما بينكن، مؤمنات، فعليكن التواصي بالحق، وعليكن رحمتها ونصيحتها ووصيتها بالخير والصبر ولو بالتكرار. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (333). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (55).

بيان ما يلزم من رأي منكرا في بيت صديقه

270 - بيان ما يلزم من رأى منكرًا في بيت صديقه س: إذا علمت بأمر ما، هل أخبر به صديقي، إذا رأيت ذلك الأمر في بيته مثلاً، هل أخبر به، أو كيف تنصحونني جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إذا رأيت شيئًا من المنكرات في بيته، تنصحه بينك وبينه، تقول له: رأيت كذا ورأيت كذا؛ ليعالج ذلك الأمر الذي وقع في البيت من باب التناصح والتعاون على البر والتقوى. ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (334).

حكم هجر وترك السلام من كثر إيذاؤه ولجيرانه

271 - حكم هجر وترك السلام على من كثر إيذاؤه لجيرانه س: إذا كان هناك إنسان بذيء اللسان كثير الإيذاء لجيرانه ويحب إثارة المشاكل، وتركت السلام عليه اتقاء شره وتجنب مشكلاته، فهل هذا جائز، أفيدونا أثابكم الله؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، إن كان إيذاؤه لجيرانه من الأذى المعروف، الذي يوجب غضب الرب سبحانه وتعالى، ويعتبر معصية، ويعتبر جريمة هذا يستحق الهجر، إذا لم ينتصح، وإذا لم يتأدب، فإن الواجب ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (30).

أولاً أن ينصح ويوجه إلى الخير، ويحذر من إيذاء الجيران، والتعدي عليهم، فإذا لم يقبل النصيحة، استحق أن يهجر وألاَّ يسلم عليه حتى يتأدب، أما إذا كان أشياء خفيفة أو أشياء قد يجهلها الإنسان أو تحدث بين الناس من أمور الجيران فيما بينهم من بعض المشاكل هذه لا توجب الهجر، ولكن لا مانع من توجيهه ونصيحته وإرشاده إلى الخير، فإن السلام أمر مهم وسنة، ومن أسباب صلاح المجتمع والتحاب، فإن المسلمين فيما بينهم يشرع لهم السلام، والبادي أفضل، والجواب عليه واجب، لكن إذا كان هناك أمور واضحة، تعتبر من أسباب الفسق من المعاصي الكبيرة، فإن صاحبها إذا لم يقبل النصيحة، ولم يرجع يستحق أن يهجر حتى يتوب.

بيان التفصيل في زيارة مكان فيه منكر

272 - بيان التفصيل في زيارة مكان فيه منكر س: انتشرت النميمة والغيبة والقيل والقال بين جميع الناس، وبقيت والحالة هذه في البيت، لا أخرج مع الأهل لزيارتهم، بل جلست مع إخواني في البيت، فهل أصير قاطعة للرحم، أرجو أن تنصحوا الذين ينقلون الكلام من شخص إلى شخص آخر

فيصير بينهم مشكلات بسبب نقل الكلام، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: خروجك مع الوالدة ومع أخواتك الطيبات إلى الجيران، أو إلى الأقارب لا حرج فيه إذا رأيت شيئًا من المنكر، أنكريه بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة» (¬2) والله يقول في كتابه الكريم: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، وإياك والعزلة والشذوذ إلا عند الضرورة إذا رأيت أن من خرجوا إليه عندهم منكر لا يزيلونه ولا يقبلون منك، فلا تخرجي معهم أما سوء الظن وتشديد الأمور من دون منكر ترينه، فلا ينبغي منك بل اخرجي مع الوالدة مع أخواتك للجيران أو لزيارة مريض، أو صلة الرحم ما دام الخروج لا يترتب عليه منكر، بالتستر والحجاب والعناية والبعد عن المنكر ما دام المزورون ليس عندهم منكر، أو عندهم منكر وإذا حضرت زال وطلبوا منك النصيحة، فأنت على خير عظيم، أما الخروج إلى محل فيه منكر لا يزول، ولو بحضورك لا تخرجي له ولا تقعدي معهم فيه، وعليك ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (264). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (55).

نفسك ودينك، نسأل الله للجميع التوفيق. أما النميمة فهي محرمة ولم يزالوا ينصحون عنها الناس ويحذرون عنها الناس، فنقل الكلام السيئ من شخص إلى شخص، أو جماعة إلى جماعة، أو من قبيلة إلى قبيلة، هذا منكر هذا يسمى النميمة ولا يجوز والواجب الحذر منه.

بيان كيفية نصيحة الولد والده

273 - بيان كيفية نصيحة الولد والده س: يقول السائل: والدي قد بلغ من العمر ما يقارب اثنين وخمسين عامًا يحافظ على الصلوات المكتوبة في أوقاتها، ولكنه كثير المزاح مع الناس ومع غير الصالحين والفاسدين بالفواحش والمنكر فهذا يغضبني ويجعلني لا أملك نفسي فأقوم بتوجيهه في نفس الوقت وأمام هؤلاء الناس وهؤلاء الفاسدين بأسلوب متشدد جدا فمثلاً أقول له بأن هذا الكلام لا يقوله إلا الفاسد والفاسق، ولو مت يا أبي على هذه الحالة ستلقى الله وهو عليك غضبان ولا أطيل عليكم فقد كنت متشددًا معه مع خوفي عليه من غضب الله فماذا أفعل لو كان أسلوبي هذا يغضب الله

وجهوني مأجورين؟ (¬1) ج: المشروع لك يا أخي الرفق والدعوة إلى الله الحكمة والأسلوب الحسن ولا سيما مع والدك، الله يقول جل وعلا: {فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا}، لما أرسل موسى وهارون {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}، ويقول الله سبحانه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}، ويقول الله سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، فالوصية بالرفق بوالدك ومخاطبته بالأسلوب الحسن بينك وبينه حتى يهديه الله عليك بالكلام الطيب والأسلوب الحسن والرفق في نصيحته وتوجيهه إلى الخير، وسواء عند الناس أو بينك وبينه، نسأل الله أن يهديه وأن يبعده عن الشيطان. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (366).

حكم البقاء في مجلس يغتاب فيه

274 - حكم البقاء في مجلس يغتاب فيه س: كيف يكون النهي عن المنكر؟ وعندما يكون في مجلس يغتاب فيه إنسان، هل يكتفي بالسكوت وعدم المشاركة في الحديث، أم يجب عليه ترك هذا المجلس؟ خصوصًا إذا كان يصعب ترك هذا المكان. (¬1) (¬2) ج: الواجب على من حضر المنكر من الرجال والنساء أن ينكر المنكر لقول الله سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، ويقول سبحانه وتعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}، ويقول عز وجل: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (106). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (106). ') ">

فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» (¬1) رواه مسلم في الصحيح. وهذا يعم الرجال والنساء جميعًا، وإنكار المنكر يقال هذا منكر هذا لا يجوز اتق الله يا فلان، اتقوا الله أيها الناس دعوا هذا، هذا لا يجوز لكم، باللسان إذا كان لا يستطيع باليد. أما إذا كان له قدرة باليد كالحسبة التي أمرت بذلك، وسمح لها بذلك، وكالأمير الذي يستطيع ذلك، وكصاحب البيت ينكر على أهل بيته، وعلى أولاده بيده مثل إراقة الخمر، كسر المزمار، كسر الصورة هذا إنكار المنكر باليد، تفريق الناس الذين اجتمعوا على باطل، على منكر، يفرقهم ويأمرهم بالتفرق حتى لا يقع المنكر، وإذا كان الغيبة يقال: هذا حرام لا يجوز لكم أن تغتابوا أخاكم ولا أختكم في الله، الغيبة محرمة، الله يقول سبحانه: {وَلاَ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} فإذا حضرت المرأة أو الرجل مجلسًا فيه غيبة وجب الإنكار مع الاستطاعة. يقال هذا لا يجوز هذا حرام، اتقوا الله يا ناس توبوا إلى الله، ارجعوا إلى الله دعوا عرض إخوانكم، وإذا كان لا يستطيع يقوم، لا يجلس مع أهل المنكر. يقوم عنهم ويغادر المجلس الذي فيه المنكر، ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، برقم (49).

الذي لا يستطيع تغييره، فإن استطاع تكلم وأنكر المنكر بكلامه، فإن أجابوا وامتثلوا فالحمد لله، وإلا غادر المكان وابتعد عن محل المنكر، وليس له أن يغير بيده على وجه يحصل فيه فساد وما هو أنكر، بل يكون هذا لغيره ممن أذن لهم في ذلك، من جهة الدولة ومن جهة المسؤولين عن هذا الأمر، أما من لم يؤذن له فإنه ينكر باللسان، ويقول له: قال الله كذا، قال الرسول كذا، إذا كان عنده علم، إذا كان على بصيرة لا ينكر إلا على بصيرة، أما الجاهل الذي لا يعرف الحكم فلا يتكلم، ولكن ما دام يعلم الحكم الشرعي، فينكر بالكلام الطيب والأسلوب الحسن وإقامة الأدلة، لعل الله يهدي به من فعل المنكر حتى يدع المنكر. س: ما الحكم إذا جلست في مجلس وهم يتحدثون في الغيبة والنميمة وهم يعرفون حكم ذلك؟ فهل علي ذنب إذا لم أقل شيئًا مع العلم أنهم أكبر مني سنًا؟ ج: إذا جلس المسلم أو المسلمة في مجلس يحصل فيه الغيبة، فإنه ينكر ذلك؛ لأن الله يقول سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} فالأمر بالمعروف

والنهي عن المنكر أمر فرض على الجميع، على الرجال والنساء، فإذا جلس الرجل والمرأة في مجتمع فيه غيبة، فإنه ينكر ذلك، والمرأة تنكر ذلك على من معها، فإن لم يسمعن لها، قامت ولم تحضر هذا المنكر، وإن سمعن لها، الحمد لله، وقد أدت ما عليها من إنكار المنكر، لكن لو كن لا يبالين بها، ولا يسمعن منها، فإنها تقوم منكرة لذلك، حتى لا تحضر المنكر، ولا تشارك في سماعه.

حكم السكن مع أناس يخوضون في أعراض الناس

275 - حكم السكن مع أناس يخوضون في أعراض الناس س: أم عبد الله تقول: أعيش مع أناس أشبه ما يكونون بمنافقين، وأنا غير متزوجة وأعيش معهم، وأضطر أن أشاركهم وجبات الطعام، غير أنهم لا يبالون بالغيبة والنميمة والكذب، وأثناء هذه الجلسة يخوضون في أعراض الناس بين الحين والآخر، وجهونا سماحة الشيخ، ولا سيما في بعض الأحيان لا أستطيع أن أنكر المنكر؟ (¬1) (¬2) ج: الواجب عليك إنكار المنكر بالنصيحة والكلام الطيب، عليك إذا خاضوا في المنكر والنميمة أن تنكري حسب الطاقة، وإذا تيسر لك ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (355). (¬2) السؤال من الشريط رقم (355). ') ">

أن تكوني وحدك قبلهم أو بعدهم، تأخذي طعامك وحدك قبلهم أو بعدهم، وإذا لم يتيسر هذا الشيء فاتقي الله ما استطعت، كلي وأنكري المنكر، وقومي بعد قضاء حاجتك، ولكن إذا تيسر لك الخروج من المحل الذي هم فيه أن تكوني في معزل منهم فافعلي، هذا الواجب عليك، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. س: تقول السائلة: إن عائلتها هذه السائلة يتكلمون في أعراض الناس بحق وبغير حق، وتقوم بمحاولة منعهم من ذلك، إلا أنهم يردون عليها بكلمات نابية، ويطلبون منها الابتعاد عنهم، مما يثير أعصابها، ثم تزوج أخوها، وأصبحت زوجته تهين والدتها، ولا تساعدها في المنزل، وتشارك في إهانة الناس بالكلام فيهم، فماذا تفعل هذه الفتاة المسلمة، تجاه والديها وزوجة أخيها؟ (¬1) ج: هذه السائلة نرجو لها خيرًا كثيرًا؛ لأن إنكار المنكر مما شرعه الله لعباده؛ ولأن ذلك من صفات المؤمنين والمؤمنات، كما قال الله سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (9). ') ">

ولا شك أن الكلام في أعراض الناس والغيبة للناس من المنكرات، قال الله جل وعلا: {وَلاَ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} فالغيبة ذكرك أخاك بما يكره، ولما سئل النبي عن ذلك عليه الصلاة والسلام قال: «إن كان في أخيك ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته» (¬1) والخلاصة أنها مأجورة على إنكارها، وأن هذا هو الواجب عليها إذا حضرته، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: «من رد عن عرض أخيه بالغيب، رد الله عن وجهه النار يوم القيامة» (¬2) فإنكار المنكر على من فعله أمر لازم على الرجال والنساء جميعا، وعليها أن تجتهد وتسأل الله لهم الهداية، وتخاطبهم بالتي هي أحسن، وتنصح لهم، وتذكر لهم أن هذا فيه خطر، وأنه من أسباب ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الغيبة، برقم (2589). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، برقم (26995) والترمذي في كتاب البر والصلة، باب ما جاء في الذب عن عرض المسلم، برقم (1931). دون عبارة بالغيب وقد أخرجها عبد بن حميد في مسنده (2/ 80).

غضب الله، وأشباه ذلك من الكلام، لعل الله يهديهم، وهكذا مع زوجة أخيها التي تهين الوالدة، وتتكلم في الأعراض، تنصحها أيضًا، وتقول لها: اتقي الله، راقبي الله، لعل الله يهديها بأسبابها، وهكذا أيتها الأخت السائلة ينبغي أن تفعلي هذا، استقيمي على إنكار المنكر، اصبري، فلا بد من الصبر، كما قال لقمان لابنه: {يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} فالآمر والناهي لا بد له من أذى، ولا بد له من أن يسمع ما يكره، فعليه أن يصبر، فقد وصف الله الرابحين في كتابه الكريم بأنهم صُبَّرٌ، فقال جل وعلا: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}، هذه صفات الرابحين، صفة أهل الإيمان والصدق، إيمان صادق، وعمل صالح، وتواصٍ بالحق، وتواصٍ بالصبر. س: رسالة من المستمعة (أ. أ. س) من الكويت تقول: سماحة الشيخ، أنا امرأة بفضل الله ومنته عليَّ، أؤدي فرائض ربي،

وأعمل ما أطيق من السنن، ولكن أجد مشكلة في الجلوس مع النساء، وكلنا يعلم ما في مجالس النساء من غيبة ونميمة، وأنا تحتم علي ظروف مسكني أحيانًا أن أجلس معهن، فتراني أحيانًا لا أرضى بما يدور منهن من غيبة ونميمة، وأنصحهن، وأحيانًا إما ناسية أو أجد عدم القدرة، أو الملل من كثرة النصح أسكت، فلا أشارك ولكني أنصت، فهل علي إثم في ذلك؟ ج: نعم، عليك إثم؛ لأنك جلست معهن، ولم تنكري، عليك إثم، قومي عنهن، أنكري عليهن الغيبة والنميمة وغيرها من المعاصي، فإن أجبنك وامتثلن، فالحمد لله، حصل المطلوب، وإن أبين وأصررن فقومي عنهن، يقول الله جل وعلا: {فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} المقصود أنه جل وعلا أمر من جلس مع قوم وخاضوا في الباطل أن يقوم عنهم إن لم يمتثلوا، فالحاصل أن عليك أن تنكري المنكر، وأن تأمري بالمعروف، فإن أجبنك وامتثلن، فالحمد لله، وإلا ففارقي

المحل لقوله سبحانه: {فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.

حكم صحة حديث: إن عليا رضي الله عنه شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم تفلت القرآن من صدره

276 - حكم صحة حديث: إن عليًا رضي الله عنه شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم تفلت القرآن من صدره س: ما صحة هذا الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه، أنه قال: (بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه علي بن أبي طالب رضي الله عنه - بما معنى الحديث - فشكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تفلت القرآن من صدره، فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقوم ليلة الجمعة، إن استطاع في ثلث الليل الأخير، ويدعو فيها بدعاء طويل جدًا، ففعله علي خمس أو سبع جمع، ثم أتى إلى النبي عليه السلام فقال: لقد استرجعت ما حفظت من القرآن، وما حفظت من سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام) ثم يستمر يا سماحة الشيخ فيسأل: هل هذا الحديث صحيح؟ (¬1) وجهونا جزاكم الله خيرًا. ج: ليس بصحيح، ولكن المؤمن يستعين بالله في كل شيء في ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (307).

حفظ القرآن، أو حفظ السنة، وفي جميع الأحوال، يسأل ربه أن يعينه على حفظ السنة، وحفظ الأحاديث الصحيحة.

حكم العيش في بلاد لا تطبق الشريعة

277 - حكم العيش في بلاد لا تطبق الشريعة س: أنا أعيش في مجتمع لا يطبق الشرع الإسلامي من جميع النواحي، ولا أستطيع جعلهم يطبقونه، فهل عليَّ شيء في ذلك أم لا؟ (¬1) ج: إذا أمكن من يعيش في بلاد لا تطبق الشريعة، إذا أمكنه أن يهاجر إلى بلاد تطبق الشريعة وجب عليه الهجرة إذا استطاع ذلك، فإن لم يستطع فلا حرج عليه في الإقامة، ويتقي الله ما استطاع، ويرشد إلى الخير، وينصح العباد، ويدعو إلى تحكيم الشريعة حسب طاقته، وهو مأجور في هذه الحالة، وإذا كان هناك قدرة على الإلزام بالحق، ومنع الباطل ككونه رئيسًا أو شيخ القبيلة، أو أمير قرية، فليفعل ما يستطيع في هذه الأشياء، إذا علم الله منه الصدق أعانه، فهو يفعل ما يستطيع من تحكيم الشريعة حسب طاقته، كونه شيخ قبيلة، يحكم الشريعة فيهم، إذا كان يعلم عنده معلومات، إذا كان أمير قرية، ويستطيع أن يحكم فيهم الشريعة، بما يتنازعون فيه عنده وما أشبه ذلك، المقصود أنه يجتهد، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (12).

يتقي الله ما استطاع، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، ويدعو الله لولاة الأمور بالهداية، بأن الله يهديهم، ويفقههم أو يأتي بغيرهم، من يحكم الشريعة هكذا، أما إن قدر أن يهاجر، وينتقل إلى بلاد تحكم الشريعة، هذا واجب عليه، إلا إذا كان عالمًا ذا معلومات وبصيرة وهدى، ويرى أن إقامته في هذا البلد فيها دعوة إلى الله، فيها توجيه الناس إلى الخير، فيها إرشاد إلى توحيد الله، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، هذا له أجر في ذلك من أجل الدعوة، من أجل التوجيه إلى الخير، من أجل إنقاذ الناس مما هم فيه من الباطل، فهو على خير عظيم، ولا تلزمه الهجرة في هذه الحال؛ لأنه يظهر دينه، ولأن عنده معلومات في دينه، ولا يخشى على نفسه من شبهاتهم، فلا بأس.

بيان وجوب احتجاب النساء عن غير محارمهن

278 - بيان وجوب احتجاب النساء عن غير محارمهن س: يقول السائل: إننا في بلاد قبالة، غرب مدينة بيشة، لدينا مذاهب، وهي قديمة على أثر الأولين، وهي أن نساء القبيلة لا يتغطين من رجال القبيلة، سواء من أقاربهن أو من غيرهم، وحيث إنني أنا السائل، فإن هذا الإجراء ليس مشروعًا في السنة والكتاب، ولكن لم أقدر على إلغاء هذه العادات المخالفة للسنة، فماذا

يلحق المحتار في عدم مشاهدة النساء، اللاتي من غير محرم، وهن كاشفات؟ أفيدوني أفادكم الله، كما أفيدكم أنه لم يحصل في هذه البلاد إرشاد، يعلمهم الصحيح المتبع لدى كثير من المسلمين وفقكم الله؟ (¬1) ج: الواجب عليك وعلى غيرك إرشادهم، وتعليمهم وتحذيرهم من هذا، تقول لهم يا أمة الله، يا فلانة هذا لا يجوز، الواجب عليكن الاحتجاب من غير المحارم، إذا كن يكشفن لغير المحارم، من رجال القبائل، وعلى أوليائهن أن يعلموهن، أن هذا لا يجوز، وأن الله سبحانه أمر بالحجاب، كما في قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} فالحجاب طهارة لقلوب الجميع، الرجال والنساء، وأبعد لهم جميعًا عما حرم الله، فأنت عليك أن تغض بصرك، وأن تنكر المنكر، وتعلم من استطعت من نساء قومك، وكذلك من يسمع كلامي هذا، من رجال القبيلة عليهم أن يتآمروا بالمعروف، ويتناهوا عن المنكر، وأن يجتهدوا في منع نسائهم من ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (25).

التكشف والسفور لغير محارمهن، هذا هو الواجب على الجميع، والتعاون على البر والتقوى، والسكوت عن هذا من باب التعاون على الإثم والعدوان، فالواجب على رجال القبيلة في هذه المنطقة، أن يتعاونوا على البر والتقوى، وأن يعلموا نساءهم الاحتجاب عن غير المحارم، وأن ينكروا على من تساهل في ذلك، حتى تعم الفائدة، وحتى يقل هذا المنكر، وأنا إن شاء الله سوف أبلغ الجهات المسؤولة عندنا في رئاسة البحوث العلمية والإفتاء، حتى يعمدوا الدعاة إلى الله في بيشة وما حولها بالعناية بهذا الأمر، وإرشاد أهلها إلى ما ينفعهم، في دينهم ودنياهم، ولا سيما ما يتعلق بالعقيدة، وأمر الصلاة وأمر الحجاب وما أشبه ذلك، مما يحصل به التساهل، نسأل الله للجميع الهداية.

حكم مساندة حاكم يظهر من أعماله أنه ضد الإسلام

279 - حكم مساندة حاكم يظهر من أعماله أنه ضد الإسلام س: ما حكم مساندة الحاكم، الذي دائمًا ضد الإسلام وضد المسلمين، وخاصة إذا برزت نواياه، نرجو الإفادة وفقكم الله؟ (¬1) ج: كل حاكم يظهر من أعماله أنه ضد الإسلام فإنه لا يساعد على الأشياء التي ضد الإسلام؛ لأنه إما جاهل وإما متبع لهواه، فلا ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (30).

يجوز أن يساعد على الباطل، ويكون المساعد له من أعوان الظلمة، ومن التعاون على الإثم والعدوان، لكن إذا أمر بخير يساعد عليه، إذا أمر بأمر يرضي الله، كأن يأمر بالصلاة، يأمر بالزكاة، يأمر بالصيام، يأمر بشيء من الخير، يساعد على هذا، ويشكر عليه، فإذا أمر بأمر منكر، لا يساعد على ذلك، ولا يشكر عليه؛ لذا يكون المؤمن على بصيرة، يوافق على الخير ويساعد على الخير، ولكنه لا يساعد على الشر ولا يعين على الإثم والعدوان، الله سبحانه بيّن هذا في كتابه الكريم، حيث قال سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.

بيان كيفية دعوة وتوجيه الصم

280 - بيان كيفية دعوة وتوجيه الصم س: إذا كان لدي أخ أصم وأبكم وهو لا يسمع ولا يتكلم كما هو معلوم، وطبعًا لا يعرف شيئًا عن الصلاة ولا الصوم ولا الزكاة، ولا يعرف شيئًا عن أحكام الإسلام، ولا يعرف شيئًا من القرآن، كيف يكون التوجيه والحالة هذه فهل يعلم بالتقليد؟ (¬1) ج: هذا لا بد من الاهتمام به، يعني يفعل معه ما يعلم به عقله من ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (88).

إشارة، وإذا كان يبصر وحضر الناس وقت الصلاة، حتى ينظر أعمالهم، ويكتب له إن كان يكتب، يعلم الكتابة لعله يستفيد من الكتابة حتى يعرف عقلاً، ويعي ويفهم، فإذا كان يعي ويفهم بالكتابة، والإشارة فهو مكلف بحسب ما وصل إلى علمه، إن كان لا ينطق ولا يسمع، فقد يفهم بالإشارة أو بالكتابة إن تيسرت الكتابة، حتى يعمل بما أوجب الله، ويترك ما حرم الله، من طريق الكتابة أو من طريق الإشارة، هذا إذا كان يعقل، أما إذا كان ما يعقل ظهر من حاله أنه لا يعقل، فلا حرج عليه؛ لأنه غير مكلف، للحديث: «رفع القلم عن ثلاثة: منهم الصغير حتى يبلغ، والمعتوه حتى يفيق» (¬1) فإذا كان معتوهًا لا عقل له، فلا شيء عليه، لكن إذا كان عاقلاً عليهم أن يعلموا حسب الإمكان بالكتابة، بالإشارة بالشيء الذي يستطيعون، وقد يعوض الله هذا الجنس فهمًا عظيمًا، للإشارات إذا فقد حاسة السمع، وحاسة الكلام قد يعوض بإذن الله، هذا مشاهد معروف من أولئك الذين يبتلون بهذا، عندهم فهم عظيم للإشارات، ونحن نعرف من هذا أناسًا يعملون، ويكدحون ويحصلون أموالاً بالإشارة، ويصلون مع الناس ويصومون مع الناس، وكانوا من خيرة الناس، كله بالإشارة أو بالكتابة. ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد، برقم (1423).

المجلد التاسع عشر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَن الرَّحيمِ

كتاب البيوع

كتاب البيوع

1 - حكم بيع الإنسان ما ليس عنده س: يقول السائل: س. ي. من اليمن: أنا أعمل بالتجارة، وفي بعض الأحيان يأتي شخص يطلب سلعة معينة وهي غير موجودة عندي، فأقول له بأنها موجودة ثم آخذ التليفون وأبحث في السوق حتى أجدها، ثم آخذها من التاجر الآخر بسعر معين على أن أسدد له المبلغ عندما يأخذها الزبون، والآن أسأل عن ذلك مأجورين (¬1) (¬2). ج: إذا اشتريت السلعة وأحضرتها في محلك ثم بعتها على الشخص لا بأس، لا تبع حتى تحضرها وتشتريها وتحضرها، تنقلها إلى محلك، فإذا اشترى الإنسان السلعة من زيد أو عمرو، ثم نقلها إلى محله جازمًا عليها ثم باعها بعد ذلك لا بأس، أما أن يبيع الشيء عند غيره فلا؛ لأن ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (403). (¬2) السؤال من الشريط رقم (403). ') ">

الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لا تبع ما ليس عندك» (¬1) لا يبيع الإنسان ما ليس عنده، لكن إذا ذهب واشتراها أو عن طريق التليفون أُرْسِلَت إليه وجاءت إليه السلعة في محله مشتريًا لها ثم باعها بعد ذلك فلا بأس. س: من المستمع ع. م. ع، يمني من بيحان مقيم في الرياض صدر رسالته سماحة الشيخ بقوله: إنني أحبكم في الله، ثم يسأل سماحتكم فيقول: ما حكم بيع السلعة لزبون وبعد ما يوافق على سعرها، آتي بها من محل ثانٍ، وأنا متأكد من كسبي؟ وجهوني جزاكم الله خيرًا. ج: أما المحبة في الله فنقول: أحبك الله الذي أحببتنا له، التحاب في الله من أفضل القربات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3503).

أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا – يعني ما عنده أحد – ففاضت عيناه» (¬1) يعني خوفًا من الله، كل هؤلاء يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله، ومنهم المتحابون في الله، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يقول الله يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي، اليوم أظلهم في ظلي، يوم لا ظل إلا ظلي» (¬2) جعلنا الله وسائر إخواننا من المتحابين فيه سبحانه وتعالى منهم. أما بيع السلعة قبل أن تشتريها فهذا لا يجوز، لا يجوز للإنسان أن يبيع ما ليس عنده، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك» (¬3) وسأله حكيم بن حزام رضي الله عنه، ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد، برقم (660)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، برقم (1031). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب في فضل الحب في الله، برقم (2566). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3504)، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك، برقم (1234)، والنسائي في كتاب البيوع، باب بيع ما ليس عند البائع، برقم (4611).

قال: «يا رسول الله، الرجل يأتيني يريد السلعة وليست عندي فأبيعها، ثم أذهب فأشتريها، فقال صلى الله عليه وسلم: لا تبع ما ليس عندك» (¬1) فأنت إذا أردت البيع، تشتري السلعة أولاً، فإذا قبضتها وحزتها وصارت عندك، تبيع بعد ذلك وتقول لمن تريد بيعه: اصبر حتى أشتريها، فإذا اشتريت السلعة وصارت في حوزتك وقبضتها تبيع من شئت منهم. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3503).

حكم السوم على سوم الشخص إذا لم يتفق مع مالك السلعة

2 - حكم السوم على سوم الشخص إذا لم يتفق مع مالك السلعة س: ذهبت يومًا من الأيام إلى سوق السيارات المسمى بالحراج، ووقفت عند سيارة أريد شراءها، وسألت صاحبها بكم هذه؟ فقال لي مثلاً: بعشرة آلاف ريال، فأخذت أنظر في السيارة وأتفحصها، ثم جاء رجل وسأل صاحبها، بكم هذه؟ فقال له مثل ما قال لي، فزاد هذا الرجل مائتين، وقال صاحب السيارة: هي من نصيبك، فتردد الرجل فقال: سأذهب أشاور، ونحن لا زلنا عند السيارة، فقال صاحب السيارة: إذا كنتم تريدونها بهذا السعر، فخذوها بما أراد هذا الرجل شراءها به، فاشتريناها منه، فهل فعلي هذا يعتبر من بيع المسلم على بيع أخيه، أو شرائه

على شرائه، إذا كان كذلك فأرشدونا ماذا نفعل الآن (¬1) (¬2)؟ ج: إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل، فلا حرج في ذلك؛ لأن صاحب السيارة لم يبعها على ذلك، الذي قال: أشاور، بل تركه، قال: إن كنتم تريدون شراءها بهذا فخذوها، ما دام المالك لم يرض ببيعها على من قال: عشرة آلاف ومائتين، وسوف أشاور لما قال: نعم، وأراد بيعها على من حضر فلا بأس، من حضر وأخذها بعشرة آلاف ومائتين فلا بأس؛ لأن صاحب السيارة لم يجزم بيعها على ذلك، بل لما قال له سوف أشاور، أعرض عنه وقال: من يأخذها بكذا وكذا، فهذا معناه أنه لم يرض بانتظاره، وأراد أن يبيعها في الحال، فأنت أيها السائل إذا كنت أخذتها بما قال، فلا بأس وليس هذا من بيع المسلم على بيع أخيه، بيع المسلم على بيع أخيه إذا باعه عليك وانتهى الأمر، فليس له أن يزيد عليك، هذا معناه، أمّا ما دام يقول: من أراد أن يشتري فله الشراء، هو حتى الآن ما باع على أحد. س: لو تتفضلون بمثال لبيع الرجل على بيع أخيه لعله يتضح؟ ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (46). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (46). ') ">

ج: المثال واضح إذا باع السيارة عليه، وقال: نصيبك بعشرة آلاف أو بأقل أو بأكثر، فليس لأحد بعد هذا أن يزيد عليه، لا في المجلس ولا بعده، ولهذا الرسول نهى عن بيع المسلم على بيع أخيه، وهكذا الشراء على شرائه، ما يجوز، ما دام قال: نصيبك هي لك، فليس لأحد أن يشتري على شرائه، ويقول له: تبيع بكذا وكذا، ولا يبيع على بيع أخيه، يذهب للذي شراها بعشرة آلاف، ويقول له: عندي سيارة أحسن منها، أنا أعطيكها بتسعة آلاف أو بعشرة آلاف، حتى يتراجع عن هذه، فليس له البيع على بيع أخيه، وليس له الشراء على شراء أخيه، فالشراء على شرائه، أن يجيء واحد يقول: أنا آخذها بأكثر، هذا لا يجوز، والبيع على بيعه كونه يذهب للمشتري يقول: أعطيك سيار أحسن منها، بكذا وكذا أو مثلها بأقل منها.

حكم الشراء من محلات تبيع أشياء مباحة وأشياء محرمة

3 - حكم الشراء من محلات تبيع أشياء مباحة وأشياء محرمة س: سائل يقول: بعض المحلات تبيع الأشياء المباحة وأشياء محرمة، هل يجوز للمسلم أن يرتاد تلك المحلات لكي يشتري ما هو مباح منها رغم أنها تبيع الأشياء المحرمة (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (81).

ج: لا حرج على الإنسان أن يتصل بالدكاكين، الحوانيت أو غيرها من الأسواق فيشتري حاجته منها المباحة، وإن كان يوجد فيها بيع شيء محرم، لأن الله يقول: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، لكن إذا كان يستطيع إنكار ذلك، فعليه إنكار المحرم، والتحذير منه وأنه لا يجوز بيع هذا المحرم، وإذا تيسر سوق أو دكان يبيع المباح دون المحرم فهذا أولى؛ لأن فيه تشجيعًا له وفيه بعد عن مساعدة أهل الحرام والمضرة بالناس، إذا تيسر له دكان أو سوق يبيع حاجاته المباحة، فلينتقل إليه وليشتر منه، وليعامله وليترك ذاك الذي قد خلط حلالاً بحرام، حتى لا يكون مشجعًا له، أما إذا دعت الحاجة إلى أن يشتري من ذلك الدكان فلا حرج إن شاء الله.

حكم الشراء بالأقساط مع زيادة سعر السلعة

4 - حكم الشراء بالأقساط مع زيادة سعر السلعة س: هذا السائل من الإمارات، يقول: أخي اشترى سيارة وقالوا له: إذا دفعت المبلغ دفعة واحدة نخفض من سعرها، وإذا دفعت المبلغ بالأقساط نزيد في سعرها، ومن هنا أتساءل يا سماحة الشيخ هل يجوز لأخي أن يشتري السيارة بالأقساط وعليها

الفائدة، هل يعتبر ذلك من الربا (¬1)؟ ج: إذا اتفقوا على هذا أو هذا فلا بأس، إذا اتفقوا على النقد فلا بأس، وإذا اتفقوا على أقساط معلومة فلا بأس، كل شهر كذا، وكذا، لقول الله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}، هذا يعم الأقساط والقسط الواحد إذا اتفقوا على ذلك كل شهر شيء معلوم أو كل سنة شيء معلوم، وإن اتفقوا على النقد وتفرقوا على النقد بشيء معلوم فلا بأس، أما أن يتفرقوا وهم ما اتفقوا على شيء لا هذا ولا هذا، لا يصلح، لا بد أن يجزموا على النقد أو على التأجيل قبل أن يتفرقوا. ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (418).

بيان بعض شروط البيع

5 - بيان بعض شروط البيع س: حفظكم الله يا سماحة الشيخ، لعلكم تبسطون القول في البيوع في وقتنا الحاضر ما هو المحرم منها؟ وما هو الجائز؟ لأنها أشْكلت على الكثير من الناس، سماحة الشيخ (¬1) (¬2). ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (418). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (418). ') ">

ج: الله سبحانه يقول: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}، البيع حلال إذا كان سليماَ من الجهالة بثمن معلوم والمبيع معلوم لأجل معلوم لا بأس، أما إذا كان مجهول الأجل ومجهول الثمن أو مجهول المبيع لا يصلح، لا بد أن يكون المبيع معلومًا والثمن معلومًا إما نقدًا وإما مؤجلاً لأجل معلوم. س: ما حكم بيع السلعة بالتقسيط مع رفع ثمنها عن السعر الأصلي (¬1)؟ ج: لا بأس إذا باعها بالتقسيط، وزاد في الثمن لا حرج؛ لأن بيع الأجل غير بيع النقد، فإذا كانت السيارة تساوي خمسين ألفًا نقدًا، وباعها بستين ألفًا أو سبعين ألفًا، في كل سنة كذا وكذا، أو في كل شهر كذا وكذا، فلا حرج، ذلك داخل في قوله جل وعلا: {يَاأَيُهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}، لا بأس به، هذا بيع أجل، بيع دين ولا حرج، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم (¬2)، أنه أقر أهل بريرة لما باعوها بتسع أواق، كل عام أوقية باعوها نفسها بتسع ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (382). ') "> (¬2) أخرجه البخاري في كتاب العتق، باب استعانة المكاتب وسؤاله الناس برقم (2563)، ومسلم في كتاب العتق، باب إنما الولاء لمن أعتق، برقم (1504).

أواق، تسع سنين كل سنة أوقية أربعون درهمًا، هذا نوع من التقسيط. س: هذا سائل للبرنامج يقول: هل البيع بالتقسيط مع زيادة سعر البضاعة ربا أم لا (¬1)؟ ج: لا حرج في بيع التقسيط ولا بأس، إذا كانت السلعة تساوي أربعين نقدًا، وباعها بستين أقساطًا كل شهر خمسة آلاف، أو كل سنة خمسة آلاف، لا بأس بهذا، بريرة رضي الله عنها، بيعت بالتقسيط، بيعت بتسع أواق كل عام أوقية أربعون درهمًا، فاشترتها عائشة بنقد، فلا بأس بالتقسيط وفيه فرج للناس، فإذا باع البيت، أو السيارة أو غيرهما بالتقسيط، فلا حرج في ذلك إذا كانت الأقساط معلومة، والآجال معلومة لا حرج في ذلك. س: إذا أخذت من بائع ثوبًا بخمسة دنانير نقدًا، مع أن البائع نفسه يبيع هذا الثوب بسبعة دنانير لمن يريده بالتقسيط، فهل هذا يعتبر من الربا، وهل يحرم عليَّ التعامل معه؟ ج: ليس هذا من الربا؛ لأن بيع التقسيط غير البيع بالنقد المعجل، بيع ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (426). ') ">

النقد المعجل يكون أرخص، فإذا كانت السلعة ثوبًا، أو إناءً، أو سيارةً تساوي مبلغًا معينًا بالنقد، ومبلغًا أكثر بالتقسيط لا حرج في ذلك، فإذا اشتريت الثوب نقدًا بعشرة، وإلى أجل بخمسة عشر أقساطًا، كل شهر خمسة، أو كل شهر سبعة، فلا حرج في ذلك إذا كان المبيع مملوكًا للبائع – وعنده، وحاضر لديه في حوزته، فبيع التقسيط يكون أوسع، يكون أكثر ثمنًا من بيع المعجل ولا حرج في ذلك.

حكم بيع حيوان إلى أجل بزيادة في السعر

6 - حكم بيع حيوان إلى أجل بزيادة في السعر س: من المستمع إ. ع. يسأل فيقول: رجل اشترى جملاً بألف جنيه مصري، وباعه على رجل آخر لشهر معين في سنة مثل شهر ستة، 1200 جنيه مصري، رغم أن الجمل لا يساوي إلا ألف جنيه مصري إنما الزيادة لأنه صبر، فهل هذا البيع ربا أم أنه جائز؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: هذا البيع وأمثاله لا حرج فيه، ولا بأس به إذا كان البائع قد ملك الجمل، وحازه وصار في قبضته، ثم باعه بأجل مسمى بزيادة فلا بأس بذلك لعموم قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (342). (¬2) السؤال من الشريط رقم (342). ') ">

ولعموم قوله سبحانه: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}، هذا من البيع الحلال كبيع التقسيط، وقد بيعت بريرة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بالتقسيط، باعها ملاكها نفسها بتسع أواق مقسطةً في كل عام أوقية، فالبيع إلى أجل بالتقسيط لا حرج فيه، إذا كان البائع قد ملك المبيع وصار في قبضته وحوزته، ثم باعه بآجال مقسطة بأكثر من ثمنه فلا حرج في ذلك، وهذا بيع إلى أجل لا بأس فيه، فالبيع إلى أجل غير البيع الحالي؛ لأن البيع بالنقد له شأن، والبيع إلى أجل له شأن، فالبائع مستفيد الفائدة الزائدة، والمشتري بمهلته، وينتفع بالمبيع. س: ما حكم شراء أية بضاعة بدين لمدة معينة بسعر أكثر مما يستحق نقدًا بالحاضر، فهل هناك إثم أو ربا على البائع والمشتري (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك، إذا اشترى سلعة تساوي مائة نقدًا اشتراها بمائة وعشرين إلى شهر وشهرين، سنة وسنتين لا بأس، المقصود أن الزيادة من أجل الأجل لا حرج من ذلك. ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (359). ') ">

س: شخص استدان بذورًا وأسمدة لمدة مؤجلة بفرق ثلاثة ريالات في الكيس عن السعر الحالي في السوق، وتقارب هذه المدة ثلاثة أشهر، وأعطى أهل البضاعة شيكًا بالمبلغ مؤجلاً لحين الصرف، فهل يعد هذا من الربا (¬1)؟ ج: شراء السلع إلى أجل معلوم بأقساط زائدة على السعر الحاضر لا بأس هذا شأن الدين؛ لأن الدين غير النقد، بل الذي يُشْرَى بالدين تكون قيمته أغلى، والإنسان إنما يشتري بالدين عند عجزه عن النقود، والإنسان يبيع بالدين لأجل الفائدة، ولا حرج في ذلك إذا باع ما يساوي ثلاثين بأربعين أو بخمسين مقسطةً على آجال معلومة لا بأس، وهكذا إذا أعطاه شيكًا بها في أوقاتها، كل ذلك لا بأس به، وهو من المداينة الشرعية المذكورة في قوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}، والنبي صلى الله عليه وسلم اشترى إلى أجل، ومات ودرعه مرهونة في طعام لأهله عليه الصلاة والسلام (¬2)، فلا حرج في ذلك، يبين تاريخه، يحول في يوم كذا في شهر كذا. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (354). ') "> (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب ما قيل في درع النبي صلى الله عليه وسلم. . .، برقم (2916).

س: يقول السائل: من أراد شراء سيارة بالتقسيط ومن ثم بيعها نقدًا بأقل؟ فما الحكم (¬1)؟ ج: إذا شراها بالتقسيط إلى آجال معلومة، والبائع قد ملكها وحازها، ليست عند التجار، بل قد ملكها وحازها في بيته أو دكانه، أو نحو ذلك ثم باعها بآجال معلومة، أقساط معلومة، فلا حرج أن يبيعها المشتري بعد ذلك، بما شاء، بأقل أو بأكثر، المقصود أن هذا دين داخل في آية الدين، فلا حرج فيه، لكن بشرط أن يكون البائع قد حازها وملكها، وصارت في قبضته وتم شراؤه لها، ثم يبيع بعد ذلك على هذا الشخص، والمشتري أيضًا لا يبيع حتى يحوزها أيضًا، ويملكها وينقلها إلى بيته، أو إلى السوق، ولا يبيعها وهي عند التاجر، وفي بيت البائع؛ لأن الرسول نهى أن تاع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم (¬2)، وقال لحكيم بن حزام: «لا تبع ما ليس عندك» (¬3) وقال عليه الصلاة والسلام: «لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك» (¬4) والله المستعان. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (133). ') "> (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب بيع الطعام قبل أن يستوفى، برقم (3499). ') "> (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3503). (¬4) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3504)، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك، برقم (1234)، والنسائي في كتاب البيوع، باب بيع ما ليس عند البائع، برقم (4611).

س: يقول السائل هل أقساط السيارة، تدخل في الربا، علمًا بأن ثمن الأقساط أكثر من النقد (¬1)؟ ج: ليس في هذا ربا، السيارة وغير السيارة، فإذا كانت الأرض تساوي مائة ألف نقدًا، واشتريتها بمائة وعشرين ألفًا بأقساط، وآجال معلومة فلا ربا في هذا، وإذا كانت السيارة تساوي عشرة آلاف نقدًا، واشتريتها باثني عشر ألفًا مقسطةً، كل شهر ألف أو بأكثر من ذلك، في سنين كل سنة كذا، لا حرج في هذا، هذا كله داخل في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} الآية، هذه من المداينات الشرعية، ولو كانت بأكثر من السعر النقدي عند جمهور أهل العلم، وبعضهم حكاها إجماعًا، ولو شك في ذلك. وهكذا غير السيارة وغير الأرض، لو اشتريت شاة أو بعيرًا أو بقرة تساوي ألفًا أو أقل أو أكثر، اشتريتها بأزيد إلى أجل، أو إلى آجال: الناقة تساوي ألفًا اشتريتها بألف وثلاثمائة كل شهر مائة، أو البقرة تساوي ألفًا اشتريتها بألف ومائتين كل شهر مائة، أو شاة تساوي ثلاثمائة واشتريتها بأربعمائة كل شهر خمسون، وما أشبه ذلك ليس فيه بأس. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (260). ') ">

س: يقول السائل: قمت ببيع سيارة إلى أحد الأصدقاء بمبلغ أربعين ألف ريال، على أن تدفع قيمتها على أقساط شهرية، قيمة القسط ألفا ريال، وصديقي هذا يمر بأزمة مالية، فطلب مني أن أبيعها في المعرض، حيث إن السيارة لا زالت باسمي، وقد أخذت بالثمن كمبيالة فاشترطت على صديقي أن يكون معي وقت البيع ليقبض هو الثمن، ويكون البيع برضا، فوافق وتم بيع السيارة في المعرض بمبلغ سبعة وعشرين ألف ريال، وقام بعد ذلك بقبض ثمن السيارة، حيث سدّد به بعض ديونه وأنا لم يكن عندي مال أقرضه، ولم يكن عندي سوى سيارتي التي اشتراها مني كما ذكرت سابقًا، حتى إنه لم يكن لي رغبة في بيعها، فهل في معاملتي هذه شيء من الربا، وهل البيع بالتقسيط جائز، مع العلم أن سيارتي كلفتني مبلغ خمسة وثلاثين ألف ريال (¬1). ج: البيع بالتقسيط لا حرج فيه، إذا كانت الأقساط معلومة، والآجال معلومة، لعموم قوله سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}. فالله أباح المداينة إلى أجل مسمى، فإذا ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (157). ') ">

كانت الأقساط واضحة معلومة، والآجال معلومة فلا بأس، كما فعلت مع صاحبك، في كل شهر ألفان هذا شيء معلوم، والقيمة معروفة أربعون ألفًا ليس في هذا شيء، إذا كنت حين بعت السيارة وهي في ملكك، وتحت قبضتك وتصرفك فلا حرج في ذلك، أما كونك توليت بيعها فلا يضر أنت محسن في هذا، وهذا من باب الوكالة، فأنت في هذا محسن مأجور ما دمت فعلته لله. س: السائلة أم إبراهيم، من الكويت، تقول: إذا أردت أن أشتري سيارة من شركة بالتقسيط، مع العلم أن هذه الشركة تأخذ على كل مائة دينار ثمانية دنانير فائدة، وتزيد هذه الفائدة حسب السنين، هل في ذلك شيء من الحرام؟ ج: ليس في ذلك شيء، فإذا اشترى الإنسان سيارة، أو بيتًا، أو غير ذلك، بأقساط معينة وربح معلوم، فلا بأس، لا بد أن يكون على بصيرة. بأقساط معلومة إلى آجال معلومة، ثم يبيعها هو لحاجته، أو يستمتع بها، لا بأس. المقصود إذا اشترطت أنه ربح معيّن في أقساط معينة فلا بأس.

حكم بيع التورق

7 - حكم بيع التورق س: ما حكم بيع التورق (¬1) (¬2)؟ ج: التَّوَرُّق معاملة معروفة عند أهل العلم، فيها خلاف بين أهل العلم، والصواب أنه لا بأس بها، فالمعاملة التي يسمونها التَّوَرُّق، ويسميها العامة الوعدة، هي أن يبيع الإنسان سلعة على إنسان محتاج إلى أجل معلوم، وهذا المشتري بعد ما يستلمها يبيعها بنقد، ويقضي بها حاجته من زواج أو قضاء دين أو بناء سكن أو غير ذلك، فيأتي زيد وهو محتاج إلى عمرو وهو من التجار ويقول له: أريد سيارة أو أريد أكياسًا من الأرز أو السكر، تبيعني إياها إلى أجل معلوم، فيقول: نعم، فيتفقان على ثمن معلوم، وعلى أقساط معلومة، فيتم البيع على ذلك، وهذا المشتري بعد ما يقبضها ويحوزها إليه، يتصرف فيها كما يشاء، يبيعها بثمن معين حتى يقضي حاجته، من زواج أو قضاء دين أو غير ذلك، ولكن يقع في هذا أخطاء لهؤلاء ولهؤلاء، يجب التنبيه عليها وقد نبهنا عليها كثيرًا في هذا البرنامج وفي غيره، وهي أن البائع قد يبيع ما ليس عنده: التاجر قد يبيع سيارات ليست عنده وإنما عند التجار أو عند ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (140). (¬2) السؤال من الشريط رقم (140). ') ">

الشركات، قد يبيع أكياسًا من الرز ليست عنده، وبعد البيع يذهب ويشتريها، هذا لا يجوز، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تبع ما ليس عندك» (¬1) وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم (¬2)، وجاءه حكيم بن حزام رضي الله عنه، فقال: «يا رسول الله الرجل يأتيني يريد السلعة، فأبيعها عليه ثم أذهب فأشتريها، قال: لا تبع ما ليس عندك» (¬3) فالحاصل أن البائع قد يخطئ، والمشتري قد يخطئ، فالبائع قد يبيع ما ليس عنده ثم يذهب فيشتري هذه السلعة، وهذا لا يجوز، بل لا يبيع سيارة ولا أكياسًا ولا خامًا ولا كذا إلا إذا كان عنده في حوزته، في ملكه، في بيته، في دكانه، والمشتري المحتاج ليس له أن يبيع حتى يقبض، لا يبيعها على الذي باع عليه ولا يبيعها وهي عنده، بل يقبضها وينقلها إلى بيته أو إلى السوق أو إلى بيت فلان أو دكان فلان، يعني ينقلها من محل البائع ثم يتصرف بعد ذلك، هكذا يجب على هذا وهذا، فإذا باع أحدهم قبل أن يقبض، فهذا هو الذي لا يجوز، وهو الذي يخل به كثير من الناس ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3503). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب بيع الطعام قبل أن يستوفى، برقم (3499). ') "> (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3503).

وتأتي المشكلة من هذا الجانب، والله ولي التوفيق، يعني: لو جاء وقال: أريد أن أشتري منك السلعة العشرة بثلاثة عشر أو خمسة عشر، اتفقا على ذلك، هذا ما يتم فيه البيع، هذا وعد تمهيد، لكن البيع الذي يتم بعد ما يحوزها التاجر، يكون عنده في بيته السلعة، ثم يبيعها عليه بعد ذلك، يبيعها على الراغب بثمن معين، وأقساط معلومة لأجل معلوم، العشرة بخمسة عشر أقل أو أكثر لا بأس، ليس له حد محدود، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه في بعض تجهيز السرايا اشترى البعير بالبعيرين (¬1)، إلى أجل معلوم، فالحاصل أنه لا بأس أن يشتري منه إلى أجل معلوم، بعد ما يحوز التاجر المال، أما كونه يخاطبه قبل ذلك، ويتفق معه على أن يشتري منه كذا وكذا لا بأس، لكن لا يتم بيع لا لهذا ولا لهذا، كل واحد له أن يرجع عما عزم عليه، حتى يتم البيع بعد شراء التاجر للسلعة، وبعد إحضارها في ملكه وبعد حوزتها بعد ذلك يبيع وإذا تم البيع بعد ذلك لزم بعد التفرق، بعض الناس يشكو من جهة زيادة الثمن، التاجر يبيع عليه بثمن رفيع، وبعض الناس يشتكي أنه يبيع ما لا يملك قبل أن يملك قبل أن يقبض، فالذي يشتكي منه هو أن يبيع قبل أن يملك السلعة، أو المشتري يبيع قبل أن يقبضها، فالتاجر ليس له ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرخصة في ذلك، برقم (3357). ') ">

البيع حتى تكون عنده السلعة، والمشتري من التاجر ليس له أن يبيع حتى يقبضها من التاجر، أما الحد المحدود في الربح، فليس له حد محدود والناس يختلفون، منهم من يكون مليئًا ويسدد بدون تعب ولا أذى، هذا التاجر يخفف عليه الزيادة ولا يكثر عليه، ومنهم من يخشى أنه يطول إلى أجل بعيد، وربما يماطل، هذا هو الذي قد يزيدون عليه في الثمن، بسبب طول الأجل أو بسبب خوفهم من التأخير. س: يقول السائل أبو أحمد ع. من الرياض: ما رأيكم سماحة الشيخ في بيع التَّوَرُّق؟ وما حكمه؟ وما صفته؟ مأجورين (¬1). ج: بيع التورق لا بأس به على الصحيح، وصفته أن تشتري سلعة من زيد إلى أجل ثم تبيعها بالنقد لحاجتك، فتشتري سيارة من زيد بأقساط معلومة، ثم بعد قبضها تبيعها بالنقد، حتى تتزوج أو توفي دينًا عليك، أو تعمر بيتك، أو ما أشبه ذلك، هذا هو بيع التَّقسيط، يسمى التورق ويسميه بعض الناس (الوعدة) ويسميه بعض الفقهاء التورق، فهذا بيع التَّقسيط، فإن كان لغير البيع، فإنه لا حرج عند الجميع، لو اشترى السلعة (السيارة) إلى أجل لكن ليستعملها، هذا جائز عند الجميع، أو ¬

(¬1) سؤال الثامن من الشريط رقم (389). ') ">

اشترى بيتًا بالتقسيط ليسكنه، هذا جائز عن الجميع، لقول الله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} فأباح الله المداينة، لكن الخلاف إذا اشتراه ليبيعه، اشتراه بالأجل ليبيعه بالنقد، حتى يستعمله في حاجته، هذا يقال له: بيع التّورق، وبيع التقسيط، لبيع المبيع بالنقد، هذا هو محل الخلاف، والصواب أنه لا حرج فيه، ولو أنه للبيع: ويسمى التّورق، ويسميه بعض العامة (الوعدة)، فإذا اشتريت السيارة بأقساط معلومة، وقصدك أن تبيعها لتتزوج، أو لتعمر بيتًا، أو لتوفي دينًا، فهذا يسمى بيع التّورق، وهو صحيح، الصواب أنه لا بأس به، لأنه داخل في قوله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} وداخل في قوله سبحانه: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} وداخل في الأحاديث الصحيحة: «البيعان بالخيار» (¬1) إلى غيره. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا، برقم (2079)، ومسلم في كتاب البيوع، باب الصدق في البيع والبيان، برقم (1532).

س: ما حكم بيع التورق وما صفته (¬1)؟ ج: التورق على الصحيح لا بأس به، صفته أن تشتري من زيد سلعة مؤجلة ثم تبيعها بالنقد لحاجتك إلى النقد للزواج أو لتعمر بيتك أو لوفاء دين عليك، هذا التورق، تشتري السلعة بالأجل وأنت تريد بيعها لمصلحتك، تجيء فلانًا تقول: يا فلان أشتري منك السيارة هذه بمائة ألف ريال مقسطةً كل شهر خمسة آلاف أو كل سنة عشرون ألفًا مقسطةً بالسنين أو بالشهور ثم بعد قبضها تبيعها أنت نقدًا على من تشاء حتى تتزوج أو توفي دينًا عليك أو تعمر بيتك أو ما أشبه ذلك، هذا الصواب لا حرج في ذلك لأن هذا داخل في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} هذا دَيْن؛ ولأن الله جل وعلا قال: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} وهذا بيع، فلا حرج، كونه يشتري سلعة ليقتنيها أو ليأكلها كالبُرِّ أو الشعير أو يشتريها ليبيعها والتجار يشترون ليبيعوا، فأنت إذا اشتريت سيارة أو أرضًا أو بيتًا، والمقصود من شرائه أن تبيعه، اشتريته بالأجل ونيتك أن تبيع بالنقد من أجل حاجة للزواج أو ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (369). ') ">

غرماء آذوك توفيهم أو ما أشبه ذلك. س: ما حكم من اشترى بعض السلع من شخص بمبلغ معين لأجل مسمى، وباع هذه السلع في نفس الوقت على شخص آخر بسعر أقل من سعر الشراء لحاجته إلى المال ذلك الوقت (¬1)؟ ج: هذه المعاملة يسميها بعض الفقهاء التّورق، ويسميها بعض العامة بالوعدة، وهي أن يشتري شخص سلعة إلى أجل، ثم يبيعها بثمن أقل نقدًا لحاجته إلى النقد، ليتزوج أو ليقضي دينًا عليه، أو ليعمر سكنًا له أو غير ذلك من الأغراض، وهذه المعاملة لا بأس بها علي الصحيح، قد كرهها بعض أهل العلم ومنع منها؛ لأنها في المعنى بيع نقود بنقود بواسطة السلعة، ولكن الصواب أنه لا حرج فيها والناس محتاجون إلى هذه المعاملة لقضاء حوائجهم، وهي داخلة في قوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} الآية، فهي مداينة، إذا كان البائع عنده السلعة موجودة في ملكه في حوزته، ثم باعها إلى أجل معلوم أو بأقساط إلى آجال معلومة فلا بأس بذلك، لكن ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (155). ') ">

ليس له أن يبيع ما ليس عنده، ثم يذهب ليشتريه، لا، إنما يبيع ما كان عنده في حوزته وفي قبضته؛ لأنه ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال لحكيم بن حزام رضي الله عنه لما سأله عن هذا، قال: «لا تبع ما ليس عندك» (¬1)؛ لأن حكيمًا سأله، قال: يا رسول الله، إنه يأتيني من يريد السِّلع، وليست عندي فأبيعها له، ثم أذهب فأشتريها، فقال له عليه الصلاة والسلام: «لا تبع ما ليس عندك» (¬2)، وصح عنه عليه السلام أنه قال: «لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك» (¬3) فليس له أن يبيع سيارة أو غيرها لم يملكها، بل سوف يذهب فيشتريها، أما إذا كانت السيارة عنده أو الخام أو الرز أو نحوه كان عنده في ملكه وفي حوزته في بيته، أو في متجره أو في السوق قد ملكه فلا بأس أن يبيعه إلى أجل مسمى، أو إلى آجال لا حرج في ذلك، ولا حرج على المشتري أن يبيعه أيضًا بأقل أو بأكثر أو بالمساوي إذا قبضه أيضًا، هو المشتري وحازه وصار في ملكه، ونقله من ملك البائع فإنه يبيعه بعد ذلك، على من يشاء ولا يبيعه على من اشتراه منه، بل يبيعه على غيره، أمَّا إذا باعه عليه بأقل من الثمن، صار مسألة العينة ولا تجوز، أمَّا إن باعه على من ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3503). (¬2) سنن الترمذي الْبُيُوعِ (1235)، سنن النسائي الْبُيُوعِ (4613)، سنن أبي داود الْبُيُوعِ (3503)، سنن ابن ماجه التِّجَارَاتِ (2187)، مسند أحمد (3/ 434). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3504)، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك، برقم (1234)، والنسائي في كتاب البيوع، باب بيع ما ليس عند البائع، برقم (4611).

باع عليه بمثل ما اشتراه به لأنه تغيرت الأحوال، أو باع عليه بأكثر فلا بأس، لكن لا يبعها على من اشتراها منه بأقل؛ لأن ذلك لا يجوز؛ لأنه بيع العينة، وهي أن يشتري سلعة بثمن بالذِّمة أو مؤجل ثم يبيعها على من اشتراها منه بأقل، هذا هو عين الربا لأنه حيلة على أن يأخذ دراهم قليلة بدراهم كثيرة إلى أجل، فلا يجوز، لكن إذا باع السلعة على غير من اشتراها منه، باعها في السوق باعها على شخص آخر، بثمن النقد ليقضي حاجته فلا بأس بذلك. س: من الأخ / ف. أ. ا. يقول: رجل بحاجة إلى نقود، ولا يستطيع الاستدانة إلا أن يشتري حاجة بضعف ثمنها، ثم يبيعها كي يحصل على النقود، مثال ذلك أن رجلاً استدان سيارة ثمنها في السوق خمسمائة ألف ليرة، وعندما استدانها لمدة سنة اشتراها بتسعمائة ألف ليرة، ثم باعها بخمسمائة ألف فهل هذا العمل جائز علمًا بأن كلام الناس قد كثر في هذا فمنهم من يقول: إنه ربا، ومنهم من يقول: إنه جائز، فما هو توجيه سماحتكم (¬1)؟ ج: الصواب في ذلك أنه جائز، هذا الذي عليه جمهور أهل العلم ولا ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (340). ') ">

حرج في ذلك وهذا يسمى بيع التقسيط، فإذا كانت السلعة عند البائع موجودة عنده قد حازها وملكها، ثم باعها على إنسان بالدين بأقساط معلومة ثم المشتري باعها بأقل ليقضي حاجته، من زواج أو غيره فلا حرج في ذلك، وقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها، أن أهل بريرة رضي الله عنها باعوها بأقساط كل سنة أربعون درهمًا، تسع سنين بأقساط، واشترتها عائشة نقدًا (¬1)، المقصود أن الأقساط أمرها معروف، حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلا بأس أن يشتري الإنسان السلعة بأقساط ثم يبيعها بنقد أقل لحاجته للزواج أو لبناء مسكن أو لقضاء دين، أو ما أشبه ذلك، لكن يكون البائع قد ملك السلعة وقد حازها وحصلت، هذه السلعة عنده لا يبيع شيئًا عند الناس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تبع ما ليس عندك» (¬2)، وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك» (¬3) ونهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم (¬4) ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب العتق، باب استعانة المكاتب وسؤاله الناس برقم (2563)، ومسلم في كتاب العتق، باب إنما الولاء لمن أعتق، برقم (1504). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3503). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3504)، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك، برقم (1234)، والنسائي في كتاب البيوع، باب بيع ما ليس عند البائع، برقم (4611). (¬4) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب بيع الطعام قبل أن يستوفى، برقم (3499). ') ">

، فيبيع سلعة قد ملكها وحازها ابأس، أما أن يبيع ما عند الناس ثم يشتريها، هذا لا يجوز، والمشتري يشتري السلعة التي عند الإنسان قد ملكها، يشتريها بأقساط معلومة ثم إذا قبضها وحازها يبيعها بعد ذلك، ويقضي حاجته ولو بأقل ولو بضعف الثمن والنبي صلى الله عليه وسلم اشترى في بعض الغزوات البعير بالبعيرين من إبل الصدقة اللهم صل وسلم عليه.

نصيحة وتوجيه للتجار

8 - نصيحة وتوجيه للتجار س: ما هي نصيحتكم للتجار سماحة الشيخ حتى لا يستغلوا حاجة الفقراء (¬1) (¬2)؟ ج: نصيحتي للتجَّار أن يتَّقوا الله، وألا يبيعوا السلعة إلا وهي عندهم، قد ملكوها، وحازوها وأن يحرصوا على التخفيف والتيسير وعدم كثرة الثمن ويرحموا إخوانهم المحاويج، نوصيهم بالرحمة للمحاويج وأن تكون الأثمان مناسبة حتى لا يضروا إخوانهم؛ لأنهم ما جاءوا إليهم إلا عند الحاجة فالوصية للتجار أن تكون الأرباح خفيفة مراعاة لحاجة إخوانهم. س: من أبها رسالة بعث بها مستمع يقول: بعض الناس يحتاجون إلى مبالغ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (340). (¬2) السؤال من الشريط رقم (340). ') ">

ويذهبون يشترون سيارات بالتقسيط ثم يقومون ببيعها نقدا بسعر أقل من الذي اشتروها به فهل ذلك جائز أم أنه داخل في الربا؟ ج: لا حرج في ذلك، لأن الحاجة تدعو إلى هذا الأمر أن يشتري الإنسان السلعة كالسيارة بثمن مؤجل أقساطًا؛ لأنه في حاجة إلى أن يبيعها بعد ذلك، ويتزوج أو يقضي ديونًا عليه، أو يعمر سكنًا له أو يكمل سكنًا له، أو ما أشبه ذلك، المقصود أن هذا لا بأس به إذا اشترى سيارة أو غيرها بأقساط لآجال معلومة ثم باعها بأقل من ذلك بعد قبضها إذا اشتراها من مالكها التي هي عنده، ثم باعها بعد قبضها وحوزها بثمن أقل أو مماثل أو أكثر فلا حرج في ذلك؛ لأن الحاجة تدعو إلى هذا، ليس كل واحد يجد من يقرضه، فيبيع السيارة ونحوها، ثم يتزوج أو يكمل عمارة بيته أو يستعين بها في شيء آخر.

حكم سداد الدين من مال الربا

9 - حكم سداد الدين من مال الربا س: يوجد عندي سيارة وبعتها إلى إخواني، منذ أربعة أشهر على أن يستردوا ثمنها بعد كذا من الزمن، وعندما طلبت ثمنها، قالوا لي: حتى نسحب من البنك، علمًا أن البنك يتعامل بالفائدة، وعلمًا أنه

كل سنة يسحبون مبلغًا من البنك، ويسددونه بالفائدة، أفتوني عن المبلغ هذا، هل يجوز لي أن آخذه منهم أم لا (¬1) (¬2)؟ ج: الواجب عليهم أن يؤدوا لك الحق عند مُضِيِّ الأجل، إذا مضى الأجل وجب عليهم أن يؤدوا الحق لك، الثمن، لكن إذا أخذوا الثمن من مال ربويّ، فإنه ليس لك قبول ذلك؛ لأنه مال حرام، أما إن أدوا إليك من مال لا تعرفه، ولا تدري عنه فلا بأس، تأخذه والإثم عليهم أمَّا إذا علمت أن هذا المال المعين من الربا فلا تأخذه، واطلب منهم مالاً آخر لا تأخذ مال الربا. س: انتشر في هذه الأيام شراء السيارات بطريقة معينة، وذلك بأن يأتي المشتري إلى بائعي السيارات ويأخذ سيارة منهم، ويسدد مبلغها كل شهر بقيمة معينة مع زيادة في الثمن وقد يستمر هذا التسديد لمدة سنة أو سنتين أو أكثر. فما هو توجيهكم هل هذا جائز؟ جزاكم الله خيرًا (¬3). ج: ليس في هذا محذور، هذا بيع التقسيط، إذا اشترى السيارة أو البيت أو الأرض أو غيرها بمبلغ مقسَّط كل أجل له كذا، آجال معلومة، كل شهر، أو كل سنة معلومة فلا حرج في ذلك، إذا كان المبيع موجودًا ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (41). (¬2) السؤال من الشريط رقم (41). ') "> (¬3) السؤال العاشر من الشريط رقم (302). ') ">

عند البائع، وفي ملكه وحوزته فيبيعه، لا بد أن يكون عنده في حوزته، قد قبضه ثم باعه بالأقساط، أو بالنقد المؤجل، لا بأس، كله طيب. س: يقول السائل: يوجد شخصان أحدهما يملك سيارة، والآخر يريد أن يشتريها منه، فقال له الرجل الذي يملك السيارة: إما أن تدفع النقود نقدًا فهي عليك بمبلغ ثمانية آلاف وإما أن تدفع النقود تقسيطًا فهي عليك بعشرة آلاف، أي مبلغ السيارة، أفيدونا جزاكم الله عنا خيرًا، هل هذا صحيح أم لا؟ ج: لا حرج في ذلك أن يقول: السيارة نقدًا بكذا ومؤجلة بكذا، السيارة أو البيت أو الدكان أو الأرض أو أي سلعة أخرى لا بأس هذا هو الصواب الذي لا شك فيه، لكن لا يتفرقون إلا وقد قطعوا البيع، فإن تفرقوا ولم يقطعوا البيع لم يتم شيء، فإذا تفرقوا بأن البيع بثمانية آلاف نقدًا صح، وإن تفرقوا على أن البيع بعشرة آلاف، كل شهر خمسمائة أو كل شهر ألف، فلا بأس بذلك على ما تفرقوا عليه لأَجَل أو نقد.

بيان حد الربح الجائز

10 - بيان حد الربح الجائز س: يقول السائل: ما حكم بيع سلعة (دراجة آلية مثلاً) لمدة ستة

أشهر بزيادة عن أجرها قدره عشرة آلاف ليرة سورية، هل يعتبر هذا من الربا أم أنه جائز (¬1) (¬2)؟ ج: ليس للثمن والربح حد محدود، فإذا بعت الدراجة أو السيارة بثمن معلوم إلى أقساط وآجال فلا بأس، اشتريت الدراجة أو السيارة بعشرة آلاف وبعتها بعشرين ألفًا في كل شهر خمسمائة أو في كل شهر ألف أو بالسنة، لا حرج في ذلك ولو كان الثمن أكثر من ثمنها بالنقد، لأن هذا أمر معروف، الآجل غير النقد، فليس في هذا شيء لكن عليك أن ترفق بالمشتري إذا كان ما يفهم توضح له الأمر، تبين له الأمر، حتى لا تخدعه بشيء يضره، المسلم أخو المسلم لا يظلمه، عليك أن تراعي في هذا البيع المعتاد والثمن المعتاد إذا كان صاحبك غرًّا لا يفهم الأمور، فعليك بالرفق به، وأن تبيعه كما تبيع الناس الفاهمين. س: بالنسبة للشخص الذي يشتري السلعة بثمن يزيد عن ثمنها مرة ونصفا إلى أجل مسمى لمدة ستة شهور أو أكثر، أفيدونا، هل هذا حلال أم حرام (¬3)؟ ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (288). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (288). ') "> (¬3) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (416). ') ">

ج: لا حرج إذا اشترى السلعة بأكثر من ثمنها إلى أجل، أو إلى آجال، لا حرج لأنه دين لا بد يزاد فيه، ما هو بمثل النقد، فإذا اشترى السلعة التي تساوي مائة، اشتراها بمائة وخمسين إلى آجال أو بمائتين أيضًا إلى آجال فلا بأس بذلك، ولا حرج في ذلك لقوله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} فلا حرج في ذلك، إنما أجَّله عليه من أجل الزيادة. س: إذا اشتريت بضاعة، بثمن مؤجل وبعتها قبل أن يأتي أجل سدادها هل لي أن أنتفع بثمنها في البيع والشراء، قبل أن يحين أجل السداد؟ ج: نعم، لا بأس عليك، تنتفع بثمنها وإذا جاء وقت السداد تسدّد من ثمنها أو ثمن غيرها لا يلزمك حتى يحضر الأَجَل.

مسألة في بيع التورق

11 - مسألة في بيع التورق س: نقص عليَّ فلوس حوالي عشرين ألف ريال، ولم أجد سلفًا، وذهبت إلى رجل يعطي دينًا، وباع عليَّ عددًا من صناديق الأقمشة وبعد ما اشتريت منه الصناديق، قال لي: ضع يدك

عليها، ووضعت يدي عليها، قال: هل عددتها؟ قلت نعم، فقال صاحب الدكان: هل تريد أن تبيعها في السوق أو تبيعها على صاحب الدكان؟ ثم قال صاحب الدكان: بنازل من رأس المال مائتا ريال، وعدَّ لي صاحب الدكان المبلغ تسعة عشر ألفًا وثماني مائة ريال، وقال لي المدين: عشرين ألفًا تصبح عليه بمبلغ وقدره ثمانية وعشرون ألفًا كل شهر قسط كذا وكذا، والسؤال ما صحة هذا البيع وهذا الشراء؟ وفقكم الله، وهل هو من الربا (¬1) (¬2)؟ ج: هذه المسألة يسميها الفقهاء مسألة التورق، وهي مشهورة عند العامة بالوعدة، وهي ما إذا احتاج إنسان إلى نقود، لزواج أو لتعمير بيت أو لقضاء دين أو لأشباه ذلك، ولم يجد من يقرضه فإنه يحتاج إلى أن يشتري سلعًا إلى أجل، ثم يبيعها على الناس بنقد حتى يستفيد من النقد وهذا العقد فيه خلاف بين أهل العلم فمن أهل العلم من قال: إنه لا يجوز لأنه دراهم بدراهم، ولأن المقصود دراهم بدراهم، يروى هذا عن عمر بن عبد العزيز وجماعة، والقول الثاني: أنه لا بأس به ولا حرج فيه وهو من المداينة الشرعية التي قال الله فيها سبحانه: ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (30). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (30). ') ">

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}، وهذا هو الصواب، وهو داخل في قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}، فالصواب أن هذه المعاملة، وهي معاملة التَّورق، التي تسمى الوعدة، صحيحة بالجملة، لكن بشروط: منها أن يكون البائع قد ملك السلعة، لا يبيع شيئًا ليس عنده، وإنما عند الناس، لا يبيع إلا شيئا قد ملكه وحازه في بيته أو في دكانه أو في السوق؛ لأن النبي عليه السلام قال: «لا تبع ما ليس عندك» (¬1) وقال: «لا يحل سلف وبيع ولا بيع ما ليس عندك» (¬2) فليس له أن يبيع ما عند الناس، يذهب هو والمشتري يعطيه من عند التجار، لا، بل يشتري أولاً ويحوزه، فإذا حازه في بيته أو في السوق أو في دكانه بعد ذلك يبيع، ثم المشري الذي شراه لا يبيعه على صاحب الدكان ولا على غيره حتى يحوزه أيضًا، حتى ينقله من السوق أو إلى بيته، أو إلى دكانه ثم يبيعه، وبهذا يُعلم أن هذه الصورة التي سأل عنها السائل غير صحيحة، وضع اليد على الصناديق لا يكفي، ولا عدُّه لا ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3503). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3504)، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك، برقم (1234)، والنسائي في كتاب البيوع، باب بيع ما ليس عند البائع، برقم (4611).

يكفي على الصحيح المعروف عند أهل العلم، مجرد العد لا يكفي، لا بد من قبض، لا بد من استيفاء المبيع، ولهذا ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لا تبع ما ليس عندك ولا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك» (¬1) ونهى عليه الصلاة والسلام أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم (¬2)، فالتاجر ممنوع أن يبيع ما ليس عنده وهكذا غيره من الناس. حتى يحوزها إلى رحله، قال ابن عمر: «كنا نشتري الطعام جزافًا، على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكنا نضرب إذا بعناه في محلنا حتى ننقله إلى رحالنا» (¬3) وفي لفظ: «من أعلى السوق إلى أسفله، ومن أسفله إلى أعلاه» (¬4) والخلاصة أن هذا البيع الذي سأل عنه السائل لا يصح، لأنه باع ما لم يقبض، باع الشاري ما لا يقبضه المشتري ثم هو باع على راعي الدكان ما لم يقبض فلا ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3503). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب بيع الطعام قبل أن يستوفى، برقم (3499). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب من رأى إذا اشترى طعاما جزافا، أن لا يبيعه حتى يؤويه إلى رحله، والأدب في ذلك، برقم (2137)، ومسلم في كتاب البيوع، باب بطلان بيع المبيع قبل القبض برقم (1527). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب منتهى التلقي، برقم (2167).

يصلح هذا البيع وليس للبائع إلا الدراهم التي سلمها له صاحب الدكان لأنها للبائع هي ثمن المثل فيعطيه ثمن المثل أو يرد عليه جنس ما شرى، السلعة التي شراها منه؛ لأنه اشترى منه سلعة معروفة ولم يقبضها القبض الشرعي، فباعها قبل ذلك، فليس له بيعها، بيعها غير صحيح، وحينئذ فهي بقية في عصمته، عليه أن يقبضها ويتصرف فيها حيث يشاء، والشخص الذي أعطاه الدراهم، يرد عليه الدراهم فقط، يردها عليه بنفسها، لأنه باعه شيئًا لم يقبضه، والشخص المشتري للصناديق وأشباهها كالسكر والخام، وأشباه ذلك هذا تبقى السلعة على حسابه فيرد قيمتها ذلك الوقت، أو يردها إن كانت موجودة بعينها على بائعها، والحاصل أن البيع الأخير غير صحيح لأنه باعه وهو لم يقبض والبيع الأول غير صحيح إذا كان باعه شيئًا لم يقبضه، أما إن كان قد قبضه ونقله إلى دكانه أو إلى السوق فتصح، لكن هذا الرجل ما قبض لا بيع أول ولا الآخر، كل الاثنين ما قبض، فقد باع شيئًا لم يقبضه، فلا يصح والبيع غير صحيح وليس للبائع إلا الدراهم التي سلَّمها المشتري في الأخير لأنه اشتراها منه بنقد فله الدراهم التي سلمها لصاحب الوعدة صاحب التورق المحتاج فهي مثلاً شراها من الأول بألفين، ثم باعها على صاحب الدكان بألف وستمائة، فالذي له ألف وستمائة؛ لأن الألف

والستمائة هي التي قبضها، فيردها فقط، يردّها على الذي باع عليه السلعة. س: الصور الموجودة في السوق، لعل سماحة الشيخ بلغه بعض منها، وهي كأن يأتي إنسان محتاج، إلى تاجر يبيع ويشتري في أقمشة أو في مواد غذائية أو نحو ذلك، ويقول تشتري هذه البضاعة بمبلغ كذا، وتسدد القيمة بعد عام بمبلغ كذا وكذا، بطبيعة الحال يكون المبلغ زائدًا، لكن ذلك المحتاج لا يستلم تلك البضاعة؟ ج: هذا لا يصلح، هذا يسمونه التورق، ولكن يسيئون الاستعمال ويسمونه الوعدة عند العامة، ويسيئون الاستعمال، يبيع المال وهو جالس ما يقبض، وهكذا الآخر يبيعه، وهكذا الآخر، لا، لا يصلح هذا، التجارة الشرعية والمداينة الشرعية، أن يشتري مالاً موجودًا عند البائع، في حوزة البائع ثم يقبضه المشتري، ويحوزه المشتري ويتصرف فيه، في استعماله إن كان أرضًا، وباستعماله إن كانت سيارة، وبغير ذلك من أنواع الاستعمال، كأن يقبضه فهذا هو البيع الشرعي، أما أن يشتري منه هذا المال الموجود المركوم، ثم يتركه ويبيعه وهو عند البائع، على زيد

وعلى عمرو فهذا لا يجوز، هذا يدخل في الحديث الصحيح «لا تبع ما ليس عندك» (¬1) «لا يحل سلف وبيع ولا بيع ما ليس عندك» (¬2) ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3503). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3504)، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك، برقم (1234)، والنسائي في كتاب البيوع، باب بيع ما ليس عند البائع، برقم (4611).

حكم شراء السلعة بزيادة عن سعرها الأصلي مقابل تأجيل الثمن

12 - حكم شراء السلعة بزيادة عن سعرها الأصلي مقابل تأجيل الثمن س: الأخ /ع. ا، من الجمهورية العربية اليمنية، يسأل ويقول: إنه موظف يعمل في إحدى الشركات، ويتقاضي راتبًا شهريًّا، لكن هذا الراتب لا يكفيه، ويضطر لشراء بعض السلع من الشركة التي يعمل بها بزيادة عن سعرها الأصلي، بحكم أنها دين، فيقوم ببيع هذه السلع بسعر أقل من السعر الذي اشتراها به، لينتفع بثمنها هل هذا جائز أم لا؟ أفيدونا أفادكم الله (¬1). ج: لا حرج في ذلك، إذا كانت السلعة موجودة عند الشركة، في حوزتها وفي ملكها، واشتراها إلى أجل معلوم، ليبيعها ويقضي حاجته، فلا بأس وهكذا لو اشتراها من غير الشركة، ممن هي عنده موجودة، ثم باعها وقضى حاجته، قضى دينه، أو تزوَّج، أو دفع أجرة البيت، أو ما ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (197).

أشبه ذلك، لا حرج في ذلك، لكن لا بد أن تكون السلعة موجودة عند البائع، قد حازها، أما أن يبيعها ثم يذهب يشتريها من التجار فلا، لا بد أن تكون السلعة موجودة عند البائع وفي حوزته وفي قبضته، ثم يبيع على غيره بنقد أو إلى آجال معلومة، لا بأس بهذا، ولا حرج، لعموم قوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}، والنبي صلى الله عليه وسلم استدان وأقر الدين، فلا حرج في ذلك، لكن إذا اشتراها قبل أن تكون عند البائع، هو عند الناس يعني عند التجار، فلا يجوز هذا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لا تبع ما ليس عندك» (¬1) وقال عليه الصلاة والسلام: «لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك» (¬2) ولما سأله حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: «الرجل يأتيني يا رسول الله، يريد السلعة فأبيعها عليه، ثم أذهب فأشتريها، قال: لا تبع ما ليس عندك» (¬3) فلا يجوز له أن يبيع ما ليس عنده، فالشركة وغيرها ليس لها أن تبيع الشيء الذي ليس عندها وإنما تبيع ما كان ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3503). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3504)، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك، برقم (1234)، والنسائي في كتاب البيوع، باب بيع ما ليس عند البائع، برقم (4611)،. (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3503).

حاضرًا عندها، وموجودًا، في حوزتها، في ملكها، وهكذا الرجل الذي يداين الناس، ليس له أن يبيع إلا شيئًا عنده قد ملكه وحازه، وقبضه من التجار، وانتهت إجراءات شرائه.

حكم البيع بالحوالة

13 - حكم البيع بالحوالة س: إذا كان الرجل متفقًا مع تجار معينين بأنه عندما يأتيه رجل يحوله إليهم، ليأخذ منهم البضاعة التي عندهم، هل تختلف الصورة (¬1) (¬2)؟ ج: ليس فيه شيء، إذا حوله عليهم، على أنهم يسلمون له السلعة التي اشتراها منهم، وأما إذا كان قد اشتراها وتم شراؤها ثم حوله عليهم، أي الذي باع السلعة عليه أما إذا كان قد قبضها وحازها في مكان آخر، لا يبيعها وهي عند الآخر، أيضًا لا يبيعها إلا وهو قد حازها ونقلها من أصحابه الذين اشترى منهم، فإذا حوله عليهم وقد باعها عليه، بثمن اتفقا عليه وقد حوله عليهم بعدما حازها، أو حوله عليهم لينظرها ويتأملها، ثم يكون البيع بعد ذلك، هذا فيه تفصيل، لا بد من التفصيل، إن كان قد حازها فلا بأس أن يبيعها عليه، ويحوله على من هي عنده إذا اشتراها من زيد ثم حولها إلى بيت عمرو، أو إلى السوق ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (197). (¬2) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (197). ') ">

وقال له: إنها هي من المحل الفلاني، ويعرفها الشخص البائع، أو باعها عليه، ثم حوله على مكانها الذي قد حازها إليه، أو نقلها إليه فلا بأس، أما أن يبيعها وهي عند التاجر ما بعد قبضها فلا، لا يبيعها وهي عنده حتى يقبضها، ولو كان هناك اتفاق بين التاجر والشركة، ما دامت الشركة ما اشترت، لا بد أن تشتري الشركة من التاجر أو تحوز السلعة عندها، ثم تبيع، أما أن تبيع شيئًا عند التجار، فلا، «لا تبع ما ليس عندك» (¬1) هكذا قال النبي عليه الصلاة والسلام، وقال عليه الصلاة والسلام: «لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك» (¬2) الرسول نص على هذا عليه الصلاة والسلام. س: يسأل عن شخص في حاجة إلى بعض المال لأمر الزواج مثلاً، ويقول: هل لي أن أشتري سيارة مثلاً وأبيعها وأستفيد بثمنها، مع فارق في البيع والشراء؟ جزاكم الله خيرًا. ج: نعم، له أن يشتري السيارة، أو غيرها ثم يبيعها وينتفع بثمنها في الزواج، يشتريها بأقساط مؤجلة، مثلاً أو لأجل معلوم، ولو قسطًا واحدًا ثم يبيعها، ويتزوج لا بأس بهذا، هذا من المداينة الجائزة، إذا كان البائع ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3503). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3504)، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك، برقم (1234)، والنسائي في كتاب البيوع، باب بيع ما ليس عند البائع، برقم (4611).

قد ملكها، وحازها ثم باعها عليه لا حرج عليه في ذلك.

حكم زيادة الثمن في مبادلة ثوب جديد بقديم

14 - حكم زيادة الثمن في مبادلة ثوب جديد بقديم س: إذا بعت ثوبًا قديمًا لشخص مقابل ثوب جديد، مع أني سوف أزيد في الفرق، هل هذا يعتبر ربا (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك كأن تبيع بيتًا ببيت، أو سيارة بسيارة بفرق لا حرج. ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (351).

حكم تحديد المكسب في التجارة

15 - حكم تحديد المكسب في التجارة س: ما مقدار المكسب في التجارة؟ هل هو محدد بنسبة معينة (¬1) (¬2)؟ ج: ليس بمحدد، ولم يرد في الشرع ما يقتضي التحديد، لكن يستحب للمؤمن أن يرفق بإخوانه، وأن يرضى بالفائدة القليلة، رحمةً لإخوانه وتعاونًا معهم على الخير؛ لأن المسلم أخو المسلم، ومن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة» (¬3) ولقوله صلى الله ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (243). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (243). ') "> (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، وعلى الذكر، برقم (2699).

عليه وسلم: «يسروا ولا تعسروا» (¬1) فإذا سامح إخوانه ورضي بالقيل من الفائدة، فهذا خير، ولكن ليس هناك حد محدود، لا الثلث ولا الربع، ولا النصف فلو اشترى سلعة بأربعين وتغيرت الأحوال، جاز أن يبيعها بمائة ليس في هذا حد محدود على حسب تغيير الأسواق، أما أنه يغش الناس، السلعة في الأسواق بأربعين، ويبيعها عليهم بخمسين أو ستين ولا يخبرهم بالأسعار، لا يجوز له لأن هذا ظلم لإخوانه، وإذا كانت السلعة معروفة في الأسواق، يبيعونها بأربعين، فإنه يخبرهم، يقول السلعة تباع في الأسواق بأربعين، لكن أنا لا أبيعها بهذا المبلغ، إذا أردت تشتريها مني بزيادة، فلا بأس، وإلا يمكن أن تجدها في الأسواق الأخرى وهكذا لو كان مثلاً: طعام الصاع بكذا، أو الكيلو بكذا في الأسواق، لا يبيع بأكثر حتى يعلم صاحبه، يقول: إن هذا يباع في الأسواق بكذا تشتريه مني بزيادة، وإلا تذهب للأسواق تشتريه منها، الحاصل أنه لا يغش إخوانه في الأسعار، يخبرهم بالحقيقة، إذا كان السعر معروفًا في الأسواق، محددًا معروفًا، أما إذا كان السعر ما هو ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا، برقم (69)، ومسلم في كتاب الجهاد والسير، باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير، برقم (1734).

بمحدد، يتغير يزيد وينقص، فيبيع بما قسم الله له، ويخبر الناس بالسعر الزائد في السوق حتى لا يغشهم. س: المستمع هـ. ع. م. يسأل سماحتكم عن مقدار الربح الشرعي في التجارة، وهل يجوز للإنسان أن يشتري سلعة بخمسين ويبيعها بثمانين أو أكثر مثلاً، (¬1). ج: ليس للربح حد محدود، بل يجوز أن يبيع بربح كثير وبقليل، إلا إذا كانت السلع موجودة في السوق بأسعار محددة معلومة فليس له أن يغر الناس، عليه أن يخبر الناس أن هذه السلعة موجودة بهذه الأسعار بكذا وكذا، لكن سلعتي هذه لا أبيعها بهذا السعر، فإذا أراد أحد أن يشتريها بهذه الزيادة فلا بأس، لكن يخبر الناس بالأسعار الموجودة، أما إذا كانت الأسعار غير موجودة ولا محددة، فهو يبيع بما أراد من الثمن، ولو حدد ثلاثين، ثلاثين بالمائة وثلاثين فوق الخمسين أو خمسين بالمائة أو ما أشبه ذلك ليس له حد محدود لم يرد في الشرع تحديد للربح لكن المؤمن يرفق بإخوانه، ويرفق بالمسلمين، ويرضى بالربح القليل، أما إذا تغيرت الأحوال بأن تغيرت السلع وارتفعت في الأسواق ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (305). ') ">

لقلة الوارد أو لأسباب أخرى فيبيع كما يبيع الناس؛ ولا بأس ولو زاد في الربح، أما أنه يخالف الناس أو يخدع الضعفاء والمساكين ويبيع عليهم بالزيادة لا يجوز، يوجه الناس إلى الأسعار المعروفة ويبيع مثل ما يبيع الناس، إلا إذا بين لنا السعر، الناس يبيعون بكذا ولكن أنا لا أبيع سلعتي إلا بكذا وإذا اشتراها على بصيرة بأنها نصف ذلك أو غير ذلك فلا بأس به لأنه وضَّح له الأمر. س: يقول السائل هل في البيع والشراء ربح محدود حددته الشريعة الإسلامية؟ ج: ليس في ذلك شيء محدود، لكن ينبغي للمؤمن ألاّ يشق على الناس، وألاّ يستغل الجاهل، يبيع مثل ما يبيع الناس، ويأخذ الربح مثل الناس، لا يستغل الجاهل والضعيف الذي لا يفهم، ويزيد عليه، يبيع مثل ما يبيع الناس، ويقنع بالربح المناسب هذا هو الأفضل.

حكم تحديد الربح بالثلث

16 - حكم تحديد الربح بالثلث س: يقول السائل: ذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا يجوز للبائع أن

يربح أكثر من الثلث فهل حدد الشرع نسبة معينة لا يجوز تعديها؟ وإذا كان فما هو (¬1)؟ ج: ليس في الشرع المطهر تحديد للربح وقول من قال: إنه يحدد بالثلث قول ضعيف لا دليل عليه، والصواب أنه لا حد في ذلك ولكن يشرع للمؤمن أن يتحرى الربح المناسب في حق أخيه. بحيث لا يشق عليه ولا يثقله، فيتحرى في كل مقام ما يناسبه وليس هناك حد محدود، قد يكون الربح خمسةً في المائة وقد يكون عشرة في المائة وقد يكون أكثر وقد يكون أقل على حسب أحوال من عليه الدَّيْن، وعلى حسب الآجال قلةً أو كثرةً وطولاً وقصرًا فالبيِّعان يتحريان ما فيه الخير للجميع والسهولة على الجميع، ولو حاضرًا ليس فيه حد محدود ولكن ليس له أن يخدع الناس إذا كان يعرف أن السعر في السوق، هذا الشيء بريال ليس له أن يبيع بريال ونصف بل يبين للناس أن السعر بكذا وكذا ولكن ما أبيعك إلا بكذا ترضى تشتري مني وإلا اشتر من محلات أخرى، أما أن يخدع الناس سعر السوق بريال وهو يبيع بريالين، يخدع الجاهل ما يجوز له بل يدله على الخير، المؤمن أخو المؤمن يرشده، المقصود أن عليه عدم خيانة أخيه وعدم خداعه إذا كانت الأسعار في السوق رخيصة ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (299).

ومعروفة، للسلعة المعينة أو في الطعام المعين أو الأواني المعينة المعروفة فليس له أن يخدع أخاه بأن يبيع عليه بأكثر، المسلم أخو المسلم.

حكم الربح بأكثر من النصف

17 - حكم الربح بأكثر من النصف س: هل يجوز الربح في السلعة المباعة بأكثر من النِّصف، وهل هناك حد للربح في البيع والشراء (¬1)؟ ج: هذا يختلف، ليس فيه حد، لكن يبيع مثلما يبيع الناس، لا يغش الناس، لكن إذا باع سلعة ليس لها سعر عند الناس، وهي مرغوبة وباعها بثمن كبير فلا بأس، لكن الشيء الذي له سعر، في الأسواق ومعروف في الأسواق، لا يغرَُّ الناس يبيع مثلهم. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (386).

حكم بيع السلعة بسعر متفاوت للباعة

18 - حكم بيع السلعة بسعر متفاوت للباعة س: يقول السائل م. ع. ز. أنا أبيع الساعات، والساعة مثلاً بمائة وخمسين ريالاً، فإذا أتاني رجل، أبيعها عليه بمائة وخمسة وأربعين ريالاً ويأتيني رجل آخر فأبيعها عليه بمائة وخمسة وثلاثين نقدًا، ويأتيني صديق فأعطيها له بحكم الصداقة بمائة وخمسة وعشرين ريالاً، وإذا جاء رجل أعرفه وقال: آخذ الساعة بمائة وخمسين ريالاً لكن

الدراهم مؤجلة إلى المعاش، فهل البيع جائز؟ وفقكم الله (¬1) (¬2). ج: الواجب على المؤمن ألاّ يخدع الناس، بل يتحرى السعر المناسب الذي لا يضر إذا كان سعر الساعات بمائة وخمسين ريالاّ أن يبيع مثل ما يبيع الناس أمثالها (بمائة وخمسين ريالاً) ولكن يتنزّل لبعض الناس إذا ألح أو لكونه صديقًا أو قريبًا لا حرج كونه يتنزل لبعض الأقارب أو بعض الأصدقاء يبيع بأقل من السعر المعتمد لا حرج في ذلك، أما كونه يغش الناس إذا رأى ضعيفًا جاهلاً زاد عليه، وإذا رأى الحاذق البصير، أعطاه السعر المعتاد هذا لا يجوز بل يجب عليه ذلك كما يلاحظ الآخر يبيع بسعر معروف للجميع، لا يغش به أحدًا ولا يحابي به أحدًا، بل بالسعر الذي يبيع به الناس حتى لا يخدع الناس، وإذا نزل لبعض المحبين، أو بعض الأصحاب أو بعض الأقارب أو أعطاهم هدية مثلاً فلا بأس لكن لا يتحرى أن يظلم الجهال الذين لا يعرفون الأسعار فيبيع عليهم بأسعار زائدة بل يجب عليهم أن يكون سعرهم مطردًا معروفًا، مثلما يبيع الناس مع الحاذق ومع غير الحاذق، هذا الواجب عليه، وأما أنه ينزل لبعض الناس فلا بأس، أما كونه يبيع بالمؤجل لحين المعاش فالمعاش معروف ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (3). (¬2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (3). ') ">

إلى آخر الشهر فلا بأس، أما إلى معاش ما يدري متى يخرج، فيه جهالة أو فيه غرر، هذا لا يجوز أما إذا كان بينهم أجل محدود معروف تواعدا إلى أول الشهر أو آخر الشهر، معاش معروف معتاد لا بأس بهذا، أما السلفة وهي القرض فالأمر واسع القرض ليس فيه بأس، لكن لا يبيع إلا بالتفاوض إذا كان المعاش معروفًا إلى الشهر إلى آخر الشهر الثاني أو الثالث فلا بأس. س: رسالة بعث بها أحد الإخوة المستمعين يقول: إذا كان لشخص تجارة وهو يشتري ويبيع، فمثلاً يشتري سلعة بمائة ويبيعها بمائتين فهل تصرفه هذا أو تعامله هذا صحيح؟ وجهونا جزاكم الله خيرًا. ج: هذا التصرف فيه تفصيل إن كان ذلك من غير غش ولا خداع فلا بأس؛ لأن السلعة قد يشتريها ليوم، وقد يحصل فيها غلاء غدًا، فلا بأس أن يشتري السلعة بمائة، ويبيعها بمائتين، إما نقدًا وإما مؤجلة، إذا لم يكن في ذلك غش للناس، ولا خداع، أما إذا كان فيه غش، كأن تباع بمائة في الأسواق ويغش الناس بها، ويقول إنها تساوي مائتين، ولا يبين

لهم أنها تباع في الأسواق، ويغش بها الناس الذين ليس عندهم بصيرة بالأسواق، فهذا ظلم وغش لا يجوز، فهو يعلم أنها تباع في الأسواق بكذا، بمائة مثلاً فلا يجوز أن يبيعها للناس بأكثر من ذلك، بل يرشدهم أنها تباع في الأسواق بكذا، أما أنا فلست بائعًا بأقل من كذا، يبين لهم فإذا اشتروا منه مع البيان، والمشتري يعقل ويفهم، فلا بأس؛ لأنها قد تكون بعيدة عنه، وهو محتاج لها في الحال، أو قد تكون له أسباب حيث أخذها في الغلاء، فالحاصل لا بد أن يبين أنها في السوق بكذا وكذا، إذا كانت تباع في الأسواق مستقرة معروفة.

بيان حرمة استغلال جهالة المشتري بقيمة البضاعة

19 - بيان حرمة استغلال جهالة المشتري بقيمة البضاعة س: يقول السائل: إن بعض المشترين لا يساوم في البيع والشراء فماذا إذا بعنا على أولئك بسعر مختلف عن المساومين (¬1)؟ ج: الواجب أن يباع بسعر واحد إذا كان هو المعروف ولا يستغل جهل الجاهلين وغفلة الغافلين، أما إذا كان السعر على شيء واحد معروف ولكنه نزل لهذا من أجل محبته له أو صداقته له أو فقره أو ما أشبه ذلك، والمال ماله فسامح بعض الناس وإلا السعر معروف، السعر ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (226).

عنده للعموم، ولكن قد يساعد بعض الأصدقاء أو بعض الفقراء فيبيع بتسعة أو ثمانية هذا لا بأس أما أنه يستغل الجهلة والمغفلين، فيبيع ما سعره عشرة باثني عشر أو بثلاثة عشر أو بأكثر لأنهم لا يكاسرون، هذا لا يجوز، والواجب أن يبيع عليه بالسعر الذي يبيع على الناس.

حكم شراء الأشياء الثمينة للقنية

20 - حكم شراء الأشياء الثمينة للقنية س: يقول السائل: ما حكم بيع السيارات الغالية الثمن والأثاث الثمين أيضًا (¬1)؟ ج: هذا أمره واسع، إذا كان المشتري قادرًا وليس قصده الإسراف ولا المفاخرة إنما يريد الطيب من باب الجمال، ومن باب الزينة وهو أهل لذلك؛ لأن عنده مالاً وعنده قدرة، فلا نعلم فيه شيئًا، إذا اشترى سيارة فخمة أو فراشًا طيبًا لا نعلم فيه شيئًا لكن التواضع طيب إذا تواضع لله واستعمل الشيء الوسط يكون أفضل، وأقصد حتى يتمكن من صرف الزيادات للصدقة ومساعدة الفقراء والمساهمة في المشاريع الخيرية، فالحاصل أن الاقتصاد والتوسط في الأمور أفضل، ولو اشترى شيئًا جميلاً نفيسًا من السيارات أو من الفرش لأنه قادر ويريد الجمال ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (29).

لا المفاخرة فلا حرج في ذلك إن شاء الله.

بيان الفرق بين بيع التقسيط وبين الربا

21 - بيان الفرق بين بيع التقسيط وبين الربا س: سمعت في برنامجكم هذا سؤالاً يدور حول صحة رفع السعر لسلعة معينة إذا كان بالتقسيط وقد أشكل عليّ فهم الإجابة، فكيف يصح للبائع، بأن يرفع سعر سلعته لمن أراد أن يدفع بالتقسيط، مع العلم أن ثمن السلعة مائة ريال مثلاً، فإذا أراد أن يبيعها مقسطة باعها بمائة وخمسين ريالا، أليس هذا يشابه الربا؟ إذا اقترض شخص مائة ريال لسد حاجة اشترط عليه المقرض أن يدفع مائة وخمسين ريالاً مقابل التأجيل، وضحوا لي هذه المسألة جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: ليست مسألة التقسيط من جنس الربا، بل للناس أن يتبايعوا في المداينة بما تراضوا عليه والتقسيط يختلف، قد تكون أقساطًا كثيرة، تحتاج إلى زيادة في الثمن، وقد تكون قليلة، تكون الزيادة قليلة، فليست المداينة من جنس بيع النقد، ولا حرج في ذلك عند عامة العلماء، بل هو كالإجماع، أنه لا حرج في الزيادة من أجل الأجل، وليس من الربا، ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (228).

لعموم قوله جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} ولم يقل بسعر الوقت ولا بسعر الحاضر، وقد جرت عادة المسلمين، من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا بأن البيع إلى أجل، يكون فيه الزيادة، فإذا كانت السلعة تساوي مائة باعها بمائة وعشرين، بمائة وثلاثين، بمائة وأربعين، بمائة وخمسين على حسب الآجال، فإذا كان الأجل قريبًا صار الربح قليلاً، وإذا كان الأجل طويلاً صار الربح كثيرًا، والأقساط كثيرة، وقد باع أهل بريرة بريرة بتسع أواق، بكل عام أوقية، ولم يسألهم النبي صلى الله عليه وسلم، عن هذا وسعرها وقت الحاضر أم لا، بل أقرَّهم النبي صلى الله عليه وسلم على بيعها بالتقسيط، واشترتها عائشة رضي الله عنها بذلك أيضًا وأعتقتها ولم يسأل هل بعتموها بسعر الحاضر أم لا ولم يزل الناس يتبايعون في عهده صلى الله عليه وسلم ولم يقل لهم لا تبيعوا إلا بسعر الحاضر، الناس يستدينون، والمداينة لا بد يكون فيها زيادة، لولا الزيادة ما باع إلى أجل، كان باع بيعًا معجلاً حتى يأخذ الثمن، لكن من أجل الزيادة، أنظرَه، فالمشتري ينتفع بالسلعة التي اشتراها بثمن مؤجل، والبائع ينتفع بالزيادة التي تحصل له بالمداينة، فلا حرج في ذلك، وهذا هو الذي

عليه جمهور أهل العلم وليس من الربا في شيء.

حكم زيادة المبلغ عند الوفاء بالدين

22 - حكم زيادة المبلغ عند الوفاء بالدين س: يقول السائل: أخذت من والدي كبشًا بستمائة ريال، وقلت له: سوف أعطيك سبعمائة أو ثمانمائة عوضًا عنها، فهل هذا ربا أم لا وهل الحكم واحد فيما إذا كان الشخص غير والدي (¬1)؟ ج: إذا اشتريت سلعة من أبيك أو غيره، بستمائة ريال أو بأكثر، ثم عند الوفاء زدته لأنك تأخرت عنه، وقدَّرت له صبره عليك فلا بأس، أمَّا إن كانت الزيادة طلبها منك، وشرطها عليك من أجل التأخير، هذا ربا لا يجوز، قال: ما أسامحك إلا أن تزيدني، قال: عجِّل لا تؤخِّر، وقلت له: أمهلني وبدل الست أعطك سبعًا، من أجل الانتظار، هذا لا يجوز هذا ربا. أمَّا عند القضاء أعطيته من نفسك، عن طيب نفس لا عن شرط، بينك وبينه فهذا لا بأس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن خيار الناس أحسنهم قضاءً» (¬2) والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقضي ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (209). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليسِ، باب هل يعطى أَكبر من سِنه، برقم (2392)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب من استسلف شيئًا فقضى خيرًا منه، وخيركم أحسنكم قضاء، برقم (1600).

أحسن مما أخذ عليه الصلاة والسلام، والخلاصة: أنه إن كان شرطًا فلا يجوز، أمَّا إن كان إحسانًا منك، لأنه أمهلك وأنظرك أو لأنه أبوك تحب له الخير، وأردت أن تزيده فلا بأس بذلك.

حكم بيع المحاصيل الزراعة قبل الحصاد

23 - حكم بيع المحاصيل الزراعية قبل الحصاد س: يقول السائل: هل يجوز بيع المحاصيل الزراعية قبل الحصاد (¬1) (¬2)؟ ج: هذا السؤال فيه إجمال، فبيع المحاصيل قبل الحصاد إن كان في الذمة يبيعه أصوعًا معلومة أو كيلوات معلومة، في الذمة لمدة كذا وكذا، هذا يتعلّق بالذمة ولا حرج، إلى أجل معلوم، كأن يقول أبيعك مثلاً ألف كيلو من الرز، أو الحنطة إلى مدة شهرين وثلاثة، أقل أو أكثر بأجل معلوم، بثمن معلوم يقبض الثمن حالاً، هذا لا حرج فيه، أو يبيع المحاصيل بعد بُدُوّ الصَّلاح، إذا صلحت الثمرة، واشتد الحب يبيعها لا بأس أيضًا، يقول اشتر مني هذه المزرعة، بعد ما اشتد حبها، وذهبت عنها الآفات لا بأس، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحب حتى يشتد (¬3)، وعن بيع ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (242). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (242). ') "> (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، برقم (3373). ') ">

الثمرة حتى يبدو صلاحها (¬1). إذا كان قد اشتد الحب واستوى، واشترى منه المزرعة بكذا وكذا، لا بأس بالنقود لا بالطعام، أو بالطعام الحاضر يسلِّمه له، حتى لا يقع ربًا مثل مزرعة رزّ، اشتراها بأصوع بُرٍّ، أو من تمر يدًا بيدٍ لا بأس، أو اشتراها بنقود لا بأس، إذا اشتد حب الرز أي استوى لا بأس بهذا إن كان بنقود لا بأس، ولو في الذّمة، أمَّا إن كان ربويًّا كأن يبيع مزرعة الرز بأصوع من بر أو من تمر، أو من عدس هذا لا بد يكون يدًا بيدٍ، يتسلم الزَّرع هذا، ويتولى حصاده، وهذا يقبض الثمن، وهذا يكون له الزرع بالتّخْلية، متى حُصِد قبضَ الثمرة، الحال الثالث: أن يبيع المحاصيل قبل بدو الصلاح، على أنّها تجزّ في الحال، يقول له: أنا أبيعك زرعي هذا، وهو لم يستو، أبيعك إياه على أنك تجزّه، تحصده الآن علفًا، أنا محتاج لا أريده يستوي، أنا محتاج للنقود، ويبيعه الزرع، قبل أن يستوي ليحصد لا ليبقى، هذا لا بأس به؛ لأنه حينئذ ليس فيه خطر، ولا فيه ضرر، يحصده الآن، ولا بأس يبيع الزروع علفًا تحصد الآن ولو ما استوت، لا بأس، فهذه الأقسام الثلاثة: تبين الحكم الشرعي. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب بيع النخل قبل أن يبدو صلاحه، برقم (2197). ') ">

القسم الأول: أن يبيع الحبوب في ذمته لأجل معلوم، ويعطيه من هذه الزراعة لا بأس، إذا سلَّم الثمن في الحال يُسَمّى سَلَمًا، يدًا بيد، يكون سلمًا، والنبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة، وجدهم يُسْلمُون في الثمار السنة والسنتين، فقال صلى الله عليه وسلم: «من أَسْلَم في كيل فليُسْلِم في كيل معلوم ووزن معلوم، إلى أجل معلوم» (¬1) القسم الثاني: أن يبيع الزرع أو الثمر، عندما اشتدّ واستوى هذا لا بأس به، إن باعه بنقود فلا بأس، وإن باعه بغير النقود بشيء من الربويات، كأن يبيع زرع الرز، بآصع من بُرٍّ، أو من شعير أو من تمر فلا بأس، لكن يدًا بيدٍ حتى لا يقع الربا، يكون يدًا بيدٍ، المزارع يقبض الثمن، ويكون الزرع في ملك المشتري، يتولى حصاده، أو يشترط عليه حصاده، لا بأس، يشرط على المالك حصاده، لا بأس. القسم الثالث: أن يبيع الزرع قبل أن يستوي، لكن ليحصده حالاً، يبيع الزرع من رز أو من الحنطة، أو غيرهما ليحصده حالاً، علفًا للبهائم، لا يدعه حتى يستوي، يبيعه في الحال، يحصده في الحال، هذا لا بأس به لعدم الغرر، وعدم الخداع، وعدم الخطورة، التي تحدث في ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب السلم، باب السلم في كيل معلوم، برقم (2239)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب السلم، برقم (1604).

الزرع لو ترك، حتى يبدو صلاحه؛ لأنَّ هذا فيه خطر، قد يبدو صلاحه، وقد لا يبدو صلاحه، قد تصيبه آفة، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها؛ لأنه إذا بيعت قبل ذلك قد تصاب بالآفة، أمَّا إذا كان يريد أن يقطعه في الحال، يجزه في الحال، هذا ما فيه خطر.

حكم بيع الحب إذا اشتد والتمر إذا طاب

24 - حكم بيع الحب إذا اشتد والتمر إذا طاب س: ما حكم بيع الحب قبل أن يحصد، أي لم يبق إلا الحصاد (¬1)؟ ج: إذا اشتدّ واستوى لا بأس أن يباع، والتمر إذا طاب لا بأس أن يباع، بنص النبي عليه الصلاة والسلام. ¬

(¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (355).

حكم إخفاء الرديء أسفل الجيد عند عرض البضاعة

25 - حكم إخفاء الرديء أسفل الجيد عند عرض البضاعة س: من جمهورية مصر العربية محافظة الإسكندرية المستمع ن. ف يسأل ويقول: نحن أناس مزارعون وعندما نريد بيع الخضار والفواكه نجعل النوع الجيد في أعلى السلال والرديء في أدناها

أو الحبة الصغيرة في أسفل السلال، فما حكم عملنا هذا؟ وجهونا جزاكم الله خيرًا، وقد نوقشنا في هذه المسألة فالبعض يقول: إن هذا من توريد البضاعة والبعض الآخر يقول: إنه من تزوير البضاعة فما هو القول الصحيح؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الواجب على المسلم أّلا يغش إخوانه في كل شيء فإذا عرض بضاعة بعضها رديء وبعضها طيب لا بد أن يبين الجميع ولا يجعل الرديء أسفل والطيب فوق، بل يجعله في إناء يتضح فيه الجميع أو الوكيل يبين ويقول إن الأسفل صفته كذا وكذا ولا يغش الناس لا يجوز لكم ولا لغيركم أن تغشوا الناس لا في الفواكه ولا في التمور ولا في غير ذلك بل يجب أن يكون أسفل البضاعة مثل ظاهرها يبين كل شيء لأن المسلم أخو المسلم لا يضره ولا يخونه ولا يغشه بقول النبي صلى الله عليه وسلم «من غشنا فليس منا» (¬2) والله يقول جل وعلا {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، هكذا يقول ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (315). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من غشّنا فليس منا) برقم (101).

سبحانه وتعالى، ويقول جل وعلا: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} ويقول جل وعلا: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} هذه صفة المؤمن وصح «عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مر على صُبْرة من طعام في السوق، مرَّ في السوق على إنسان يبيع الطعام فأدخل يده في الصُّبْرة، فنالت أصابعُه بللاً، فقال: يا صاحب الطعام ما هذا؟، قال: أصابته السماء يا رسول الله، أي أصابه المطر، قال: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غش فليس مني» (¬1) هذا أمر واضح في المسألة، مسألتك أيها السائل فإذا عرضت حبوبًا، أو فواكه أو غير ذلك، الواجب عليك يا أخي أن تبين كل شيء وعلى وكيلك ذلك أيضًا، وإلا صار خائنًا غاشًّا، فعليك وعلى الوكيل بيان الحقيقة، الباطن والظاهر من التمر والفواكه وغير ذلك حتى يكون المشتري على بينة، وحتى تسلم من قول النبي صلى الله عليه وسلم «من غشنا فليس منا» (¬2)، وفق الله الجميع. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا) برقم (102). (¬2) صحيح مسلم الْإِيمَانِ (101)، سنن الترمذي الْبُيُوعِ (1315)، سنن أبي داود الْبُيُوعِ (3452).

حكم قراءة الفاتحة عند البيع والشراء

26 - حكم قراءة الفاتحة عند البيع والشراء س: يقول السائل: هل يجوز أن نقرأ الفاتحة عند البيع والشراء (¬1)؟ ج: هذا ليس له أصل، عند البيع والشراء يكثر من ذكر الله أما ينص على الفاتحة فلا، يكفي يسبح ويهلل ويذكر الله، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، أما إذا كان جالسًا فأراد أن يقرأ القرآن، فهذا طيب يقرأ القرآن، لا يخص الفاتحة، يقرأ القرآن، ليس فيه شيء مخصوص، وإذا يوجد زبون يسوم منه، حاكاه كلمه ويقرأ في كتاب الله، ليستفيد من كتاب الله، لا بأس فيه. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (280).

حكم كتابة الآيات على الميداليات الذهبية

27 - حكم كتابة الآيات على الميداليات الذهبية س: يقول السائل: في بعض المحلات لبيع الذهب، تباع ميداليات مكتوب عليها آيات قرآنية أو كلمة (الله) فهل يجوز أن يقول للبائع: بعنا هذه الميدالية أم أهدها لنا باعتبار أنّا سوف نعطيه ثمن هذه الميدالية، كهدية مقابل لهدية أخرى؟ نرجو توضيح ذلك لنا ولجميع الناس، وفقكم الله (¬1). ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (30).

ج: هذه الأشياء تعمّ بها البلوى وشراؤها وبيعها جائز، وإنما الكلام في لبسها وقد كتب عليها الآيات وكلمة الله، قد يتعرض بها الإنسان إلى دخول أماكن قذرة، فالأولى في مثل هذا أن الآيات التي فيها، تزال كلمة (الله)، حتى لا يمتهن هذا الاسم، وقد تلقى في محلات غير طاهرة يعني تمتهن فيها مع الأشياء التي قد تلقيها المرأة في صندوقها، أو في أشياء تلقى في وسط الصندوق، أو في وسط الدولاب يكون فيه نوع من الامتهان، الحاصل أن هذه القلائد ونحوها التي فيها الآيات، الأولى ألاّ تكتب الآيات وأن يسعى صاحبها في إزالة الآيات التي فيها حتى لا تمتهن أو يعتقد فيها كما يعتقد أرباب التمائم، الذين يعلّقون التمائم في قراطيس يجمعونها، ويعلّقونها كتميمة أو في رقاع أخرى، الحاصل أن كتابة الآيات فيها إهمال وخطر وقد يتخذ هذا للحروز، واتقاء الجن أو اتقاء العين، أو ما أشبه ذلك، فتكون من باب التمائم، فلا ينبغي اتخاذها، وقد يكون المتخذ لها له مآرب غير هذه الأشياء، ولكن يخشى أن يزين له بعض الناس أن هذا كذا وهذا هكذا فيقع فيما يتعلق بالتمائم، فالمطلوب أنه يشتري حليًّا ليس فيه هذه الآيات حتى لا يقع فيما يقع فيه من يقصد التمائم، وحتى لا يمتهنها في الحمامات وأشباهها من الأماكن القذرة.

حكم تعليق الآيات في المحلات التجارية

28 - حكم تعليق الآيات في المحلات التجارية س: هل يجوز تعليق الآيات القرآنية في محلات بيع الأحذية (¬1)؟ ج: لا نعلم مانعًا من تعليق الآيات في المكاتب، وفي المجالس وفي الدكان للتذكرة والعظة، ولو كان يبيع الحذاء أو يصنع الحذاء لا يضر، لأن هذا ليس فيه امتهان له، هذا معلَّق كأن يذكر الناس بشيء ينفعهم يقول سبحانه {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} أو يكتب آيات يقول سبحانه {وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} ويقول: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} أو ما أشبه ذلك من الآيات التي فيها ذكرى وعظة، ولا يُسمى ذلك امتهانًا، هذا هو الأرجح، من أقوال أهل العلم. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (206).

بيان البيوع المنهي عنها

29 - بيان البيوع المنهي عنها س: يقول السائل: أرجو أن توضحوا لنا البيوع المحرمة (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (128).

ج: البيوع المحرمة كثيرة، ضابطها أن تبيع غررًا، فيه خطورة إذا كان غررًا أو بيعًا اختل في شرطه، أو بيع معدوم أو نحو ذلك فهذا هو البيع الباطل والبيوع الباطلة هي التي نهى عنها الشارع إما لكونها غررًا، وإما لكونها ربًا، وإما لكونها اشتملت على بعض الشروط الباطلة وليس هناك حد محدود لجمعها، لكن ضابطها إذا اختل شرط، أو وجد ما يوجب البطلان من كونه محرمًا كالربا أو خنزير أو خمر، أو ما أشبه ذلك، أو فيه غرر كأن يبيع على غيره، وكأن يقول أبيعك كذا وكذا وليس معلومًا له المبيع أو أبيعك ولد الناقة الذي ما بعد ولد أو أبيعك الناقة الفلانية وهو لا يعرف صفاتها، كل هذا غرر.

بيان المقصود ببيع الحاضر للبادي

30 - بيان المقصود ببيع الحاضر للبادي س: يقول السائل: نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع الحاضر للبادي، أرجو توضيح هذه الصورة (¬1) (¬2). ج: يبيع الحاضر للبادي: الحاضر هو المقيم في البلد والبادي هو الذي يجلب من الخارج، مثل البادية الذين يبتعدون عن صنعاء إذا ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (353). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (353). ') ">

جلبوا إلى صنعاء لا يتولى الحاضر البيع لهم يبيعون لأنفسهم، وهكذا الذي خارج الرياض إذا جلب إلى الرياض يبيع بنفسه لا يبيع له الحاضر؛ لأنه إذا باع الحاضر شدَّد على الناس، وأما البادي إذا باع بنفسه كان أرخص للناس؛ ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الحاضر للبادية، فإذا قدم جماعة من البادية معهم غنم أو لبن أو أقط أو غير ذلك يبيعون بأنفسهم حتى يستفيد الناس منهم، إذا قدموا صنعاء، قدموا تعز، قدموا الرياض، قدموا الأحساء، قدموا حائلاً، قدموا المدينة، لا يتولَّ الحاضر البيع لهم، يبيعون هم بأنفسهم، لأن هذا أقرب إلى مصلحة الناس، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض» (¬1) فإذا تولى الحاضر شدد عليهم في الأثمان. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب البيوع، باب تحريم بيع الحاضر للبادي، برقم (1522).

حكم بيع آلات التصوير

31 - حكم بيع آلات التصوير س: يقول السائل: رجل عنده دكان فيه آلات التصوير، وعلم أن التصوير حرام، فكيف يتصرف فيها، بحيث يمكنه التجنب من الخسارة؟ وإذا باعها على مسلم، أليس يكون ذلك مساعدة على

نشر المعصية؟ وما حكم ما يأتيه من كسب ذلك، من المال؟ هل يجوز صرفه عليه وعلى أهله (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل، فإن كان الاستديو يصور الجائز والممنوع، فإذا صوّر فيه ما هو جائز من السيارات والطائرات والجبال، وغير ذلك من الأشجار ومن كل ما ليس فيه روح، فلا بأس أن يبيع ذلك ويصور هذه الأشياء، التي قد يحتاجها الناس وليس فيها روح، أما تصوير ذوات الأرواح من بني الإنسان، والدواب أو الطيور فلا، وإذا صور فيها شيئًا يحتاجه الناس يضطرون إليه، كالتابعية التي يحتاجها الناس، وحفيظة النفوس فلا بأس، المقصود أنه لا يشتغل فيه إلا الشيء الجائز وإذا باعه على الناس فلا بأس أن يبيعه؛ لأنه يباع ويستعمل في الطيب والخبيث، مثل ما يبيع الإنسان السلاح، يبيع السيف يبيع السكين، والسكين تستعمل في الخير والشر، وهكذا السلاح هو غير مسؤول عن هذا الشيء، إلا إذا كان يعلم أن المشتري يضر به الناس، فلا يبيع عليه لا سلاحًا ولا غيره، أمّا إذا كان لا يعلم إنما هو في السوق للعامة التي ليس له علم بمن يستعمله أفي الشر أو في الخير، فلا يضره ذلك والإثم ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (58).

على من استعمله في الشر.

بيان معنى النهي عن بيعتين في بيعة

32 - بيان معنى النهي عن بيعتين في بيعة س: أبو محمد من الرياض بعث بجملة يقول: سماحة الشيخ، ما معنى النهي عن بيعتين في بيعة (¬1)؟ ج: بيعتان في بيعة، أن يبيعه سلعة بشرط بيعة أخرى، يقول أبيعك داري هذا، بشرط أن تبيعني دارك أو أرضك، أو بشرط أن تقرضني كذا وكذا، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل سلف وبيع» (¬2) ولأنه نهى عن بيعتين في بيعة، ومن ذلك أن يبيعه السِّلعة إلى أجل ثم يشتريها بأقل، وهذه بيعتان في بيعة وهي تسمى العينة، ربا لا تجوز أن يبيعه السلعة مثلاً بمائة مؤجلة ثم يشتريها بثمانين نقدًا، أو ستين نقدًا منه فهذه حيلة على الربا، كأنه أعطاه ستين نقدًا، حتى يرد عليه ألفًا، حتى يرد عليه مائة مؤجلة، فهذه بيعتان في بيعة وهي من الربا، ومن أصول الربا. ¬

(¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (400). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3504)، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك، برقم (1234)، والنسائي في كتاب البيوع، باب بيع ما ليس عند البائع، برقم (4611).

حكم بيع العينة

33 - حكم بيع العينة س: يقول السائل: ما هو بيع العينة وما حكمه (¬1)؟ ج: بيع العينة ربا، أن تبيع سلعة على إنسان بثمن مؤجل ثم تشتريها منه بنقد أقل، هذه العينة تبيع عليه مثلاً، سيارة بستين ألفًا أقساطًا، ثم تشتريها منه بأربعين نقدًا تعطيه إياها فالمعنى أنك أخذت أربعين بستين، هذا ربا حيلة، والسيارة صارت حيلة، هذه العينة أن تبيع سلعة بأجل، ثم تأخذها من الذي اشتراها منك، تشتريها بنقد، يعني يأخذ النقد ويرد السلعة. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (464).

بيان بعض الطرق المحرمة من بيع التقسيط

34 - بيان بعض الطرق المحرمة من بيع التقسيط س: يقول السائل: سماحة الشيخ، ما هي بعض الطرق المحرمة في البيع بالتقسيط (¬1)؟ ج: إذا باع على من اشتراه منه، والمقصود إذا اشترى شيئًا مؤجلاً أقساطًا ثم باعه نقدًا على من اشتراه منه، هذا يسمى عينة فلا يجوز، ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (407).

لكن إذا باعه على غيره فلا بأس، إذا اشترى سيارة بالتقسيط ثم باعها على آخر، زيد أو عمرو نقدًا ليتزوج، أو ليوفي دينًا عليه، أو يعمر سكنًا، لا بأس بذلك، أمَّا أنه يشتري السيارة، أو غيرها بالتقسيط، ثم يبيعها بالنقد على صاحبها، هذا يسمى العينة؛ لأنها حيلة على أخذ دراهم نقدًا، بدراهم أكثر منها مؤجلة.

حكم وصف البضاعة بغير حقيقتها عند السوم

35 - حكم وصف البضاعة بغير حقيقتها عند السوم س: يقول السائل: إنني أعمل في أحد المعارض، وفي رمضان يشتد العمل عندنا، وأحيانًا تدخل النساء، منهن المتبرجة، ومنهن غير المتبرجة، وبعض الزبائن يسأل عن مكان صناعة البضاعة الفلانية، فنجيبه بأنها صنعت في البلد الفلاني، ونحن غير متأكدين من ذلك، بسبب الزحام لم نتمكن من النظر في البضاعة، هل علينا إثم؟ وهل كثرة النظر إلى النساء حرام؟ لأن عملنا يتطلّب ذلك، جزاكم الله خيرًا (¬1). ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (249).

ج: ليس لكم أن تخبروا إلا عن يقين، وإلا أخبروا بالظّن قولوا نظنها من كذا، لا تجزموا إلا إذا كنتم تعلمون أنها صنعت في المحل الفلاني، أمَّا إذا كنتم لا تجزمون قولوا نظن أو يغلب على الظن أنها صنعت في البلد الفلاني، حتى تسلموا من الكذب. والنظر إلى النساء غير المحارم، لا يجوز تعمد النظر إليهن بشهوة، وتلذذ، لا يجوز، وهكذا إذا خاف الفتنة لا يجوز، أما النظر إليهم نظرة عارضة ليس معه شهوة، بل لأسباب اقتضت ذلك، فلا يضر إن شاء الله، الإنسان مأمور بغض النظر، لكن إذا دعت الحاجة إلى النظر مثل من يمشي في الأسواق، وينظر من غير قصد الفتنة، ولا قصد التلذذ فلا يضره ذلك، لا المرأة ولا الرجل جميعًا ولهذا أذن الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة أن تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد بالدرقة والحراب (¬1)، فالحاصل أن النظر العام الذي ليس معه شهوة ليس هو المقصود بالنهي، المقصود بالنهي النظر الذي يقصد التلذذ، أو يخشى منه الفتنة، هذا ممنوع ينهي عنه لقوله جل وعلا: ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب أصحاب الحراب في المسجد، برقم (454)، ومسلم في كتاب صلاة العيدين، باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه، برقم (892).

{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}، ولما «سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة قال: اصرف بصرك» (¬1) فالإنسان يغض بصره إلا من حاجة تدعو لذلك من غير تلذذ، ولا خوف الفتنة، بل نظر عارض من غير قصد. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب ما يؤمر به من غض البصر، برقم (2148).

حكم عمل الرجل في محل بيع ملابس النساء

36 - حكم عمل الرجل في محل بيع ملابس النساء س: يقول السائل: أنا أعمل في محل بيع لملابس النساء فبماذا تنصحونني؟ جزاكم الله خيرًا ولا بد أنه وصلكم طريقة النساء في الأسواق (¬1). ج: أنت أعلم بنفسك إذا كان عملك هذا قد يجرك إلى شر وفتنة بالنساء فاترك العمل والتمس عملاً آخر، أمّا إذا كان لا يضرك بل تستعمل طريقًا لا يضرك من هذا العمل، ويمكن البيع والشراء من دون فتنة فلا حرج عليك في ذلك أنت أعلم بنفسك وأنت أدرى بالواقع ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (237).

والذي أنصحك به أن يكون عملك غير هذا العمل؛ لأن مباشرة النساء في الغالب تجر إلى فتنة ولاسيما قد يخلو بالواحدة منهن، لتفتيش الملابس والنظر في الملابس، فتكون الفتنة أعظم وأكبر، فالتماس عمل آخر ليس فيه فتنة خير لك وأولى.

بيان ما يلزم من إظهار الحقيقة عند البيع والشراء

37 - بيان ما يلزم من إظهار الحقيقة عند البيع والشراء س: السائل يقول: بيع العبوة الكبيرة من الدواء للمريض رغم وجود العبوة الصغيرة، ورغم أن استعمال العبوة الصغيرة قد يكفي ولكن العبوة الكبيرة سعرها أكثر مع العلم أن العبوة الكبيرة لا يضر المريض استعمالها وأن الطبيب لم يحدّد العبوة المطلوبة (¬1)؟ ج: عليه أن يبين الحقيقة يبين هذا وهذا، وأن العبوة الكبيرة سعرها كذا والعبوة الصغيرة سعرها كذا، ويبين فوائد هذه وفوائد هذه ويتقي الله في ذلك، أما أنه يخص الكبيرة فهذا يضر الناس، ولكن يبين هذا وهذا لأن بعض الناس دخله ضعيف يحتاج إلى العبوة الصغيرة ما دامت تكفي. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (226).

حكم بيع الأدوية لمن يشك في إساءة استخدامها

38 - حكم بيع الأدوية لمن يشك في إساءة استخدامها س: يقول السائل: ما هو حكم بيع الأدوية، التي يشك الصيدلي في أن المشتري سيسيء استخدامها، رغم أن هذه الأدوية غير ممنوعة، ومعروف عنها علميًّا أنها ليست من المخدرات مع العلم أنني لو أمتنع عن بيعها قد أتعرض للكذب وذلك بإنكاري وجودها لديّ، وأنها لا بد من وجودها في الصيدلية، وذلك لأن معظم المرضى يستعملونها للعلاج وأنا لو أمتنع عن بيعها لمن يسيء استعمالها قد أعرض صاحب العمل لبعض النقص في الإيراد المادي، ما رأيكم حول هذه القضية؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: هذا فيه تفصيل، إن كان يعلم أن الحبوب التي تطلب يستعان بها على الزنا والفواحش هذا لا يبيع عليه إذا كان يعرف عنه هذا الشيء أو يغلب على ظنه أن المشتري يستعملها فيما حرم الله، أمّا مجرد الشكوك والظنون السيئة فلا عبرة بها، يبيع ولا يمتنع ما دامت علاجًا للمرض الذي يشترى من أجله فلا يمتنع بل يبيع إلا إذا عرف أن هذا المشتري يستعملها فيما حرم الله أو غلب على ظنه ذلك، فهذا من باب التعاون ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (226).

على البر والتقوى وعدم التعاون على الإثم والعدوان، لا مانع أن يمتنع من بيعها في أي عذر شرعي يستطيعه يلتمس عذرًا شرعيًّا ليس فيه كذب.

حكم بيع الأدوية بأكثر من السعر المحدد

39 - حكم بيع الأدوية بأكثر من السعر المحدد س: هل بيع هذه الأدوية لهذا المشتري بأكثر من سعرها هل هو جائز (¬1)؟ ج: ليس له أن يزيد، بل يبيع بالسعر المحدد عنده، ولا يجوز له أن يزيد على بعض الناس، بل يجب أن يبيع مثل ما يبيع الناس، إذا كان سعرها محددًا من الجهات المختصة أو في أسواق الناس ليس له أن يبيع. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريك رقم (226).

حكم قبول الصيدلي هدايا من الشركات المنتجة لبعض الأدوية

40 - حكم قبول الصيدلي هدايا من الشركات المنتجة للأدوية س: يقول السائل: قبول الصيدلي هدايا من الشركات المنتجة لبعض الأدوية رغم أنه ليس صاحب المال الذي يعمل به، وإنما يعمل بالأجر فيه، وأن هذه الهدايا، لا تؤثر على عملية البيع والشراء لمنتجات هذه الشركات التي قدمت الهدايا في الصيدلية التي يعمل بها هذا الصيدلي، وماذا لو أثرت هذه الهدايا على عملية

البيع والشراء لمنتجات هذه الشركات في هذه الصيدلية (¬1)؟ ج: هذا أيضًا فيه تفصيل، إذا كانت الهدايا تسبب له خيانة في العمل، وإيثار هذه الشركة على غيرها فيجتهد في بيع منتجاتها وما يكون لها عنده، ويتساهل مع الباقين فليس له ذلك وهو مؤتمن على بيع الجميع للذي عنده، وهو عامل مأمور، أن يبيع ما عنده من هذه الأدوية أو هذه السلع فإذا كانت الهدايا لا تعلق لها بذلك، بل أهدوا إليه لأنه قريبهم أو يعينهم على أشياء أو لأنه وكيلهم وهي لا تؤثر عليه في أعماله ما نعلم ما يمنع من قبولها، أما إن كانت تؤثر في العمل تجعله يميز هذه الشركة لأجل أن يحرص على بيع منتوجها، وما توكله عليه ويتساهل في أمر الباقين هذا لا يجوز لأن فيه خيانة. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (226).

حكم احتكار السلع لإغلائها على الناس

41 - حكم احتكار السلع لإغلائها على الناس س: يسأل هذا الأخ من اليمن ويقول: سماحة الشيخ، ما الحكم إذا كان عندي بضاعة وأخفيتها؟ هل يجوز ذلك أم لا (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (299). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (299). ') ">

ج: هذا فيه تفصيل إن كان إخفاؤك لها من أجل الإغلاء على الناس والاحتكار بأن يضرهم إخفاؤها واحتكارها، فلا يجوز ذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يحتكر إلا خاطئ» (¬1) يعني: إلا آثم، أمَّا إن كان إخفاؤها وعدم بيعها لا يضر الناس فلا بأس أن تدخر سلعًا عندك إلى وقت آخر، حتى تبيعها في وقت آخر، إذا كان هذا لا يضر الناس. س: يقول السائل: لقد وُجِدَ بعض الناس عندنا وهم يحتكرون السلع الاستهلاكية وقت الوفرة، خاصة الحبوب، ثم القيام بتخزينها حتى تتصاعد أسعارها، وتصبح جنونية كما يقول، فيبيعونها وهم في أماكنهم، بما يشتهون فبماذا ينصح الإسلام مثل هؤلاء؟ وما هو موقف الشرع من كسبهم هذا؟ ج: المحتكر هو الذي يشتري السلعة وقت مضايقة الناس، وقد جاء في الأحاديث لَعْن ذلك والوعيد فيه، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحتكر إلا خاطئ» (¬2)، وقال: «من احتكر فهو خاطئ» (¬3)، يعني هو آثم، قال العلماء: هو الذي يشتري السلع، يعني الطعام ونحوه مما يحتاجه ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة، باب تحريم الاحتكار في الأقوات، برقم (1605). (¬2) صحيح مسلم الْمُسَاقَاةِ (1605)، سنن الترمذي الْبُيُوعِ (1267)، سنن أبي داود الْبُيُوعِ (3447)، سنن ابن ماجه التِّجَارَاتِ (2154)، مسند أحمد (6/ 400)، سنن الدارمي الْبُيُوعِ (2543). (¬3) صحيح مسلم الْمُسَاقَاةِ (1605)، سنن الترمذي الْبُيُوعِ (1267)، سنن أبي داود الْبُيُوعِ (3447)، سنن ابن ماجه التِّجَارَاتِ (2154)، مسند أحمد (6/ 400)، سنن الدارمي الْبُيُوعِ (2543).

الناس في وقت الشدة، ويخزنه ليشتد الغلاء حتى يبيعه بأكثر، هذا لا يجوز، ومنكر وصاحبه آثم، فيجب على ولي الأمر أن ينفذ أمور الشرع يجب عليه أن يمنعه من ذلك، وأن يلزمه ببيع الطعام بسعر المثل، بسعر الوقت الحاضر الذي في الأسواق، ولا يمكّنه من خزانته، هذا إذا كان في وقت الشدة، أمّا الذي يشتري الطعام، أو غير الطعام مما يحتاجه الناس، وقت الرخاء وكثرته في الأسواق، وعدم الضّرر على أحد، ثم إذا تحركت السلع باعه مع الناس، من دون أن يؤخره إلى شدة الضرورة، بل متى تحرّكت وجاءت الفائدة باعه فلا حرج عليه، وهذا عمل التجار من قديم الزمان وحديثه.

حكم الاتجار في السوق السوداء

42 - حكم الاتجار في السوق السوداء س: السائل يقول: هل الاتجار في السوق السوداء حلال أم حرام؟ وقد أجاب على هذا السؤال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، وكانت إجابته بأنه لا مانع من التجارة في السوق السوداء، وأنا لي تعليق على هذه الإجابة وهو: المعروف عن السوق السوداء هو احتكار البضاعة، ومنعها لحين أن تنتهي من السوق، وبعد ذلك يتم بيعها للمسلمين بأسعار مرتفعة، وفي

هذه الحالة يضطر المسلمون للشراء بأسعار مرتفعة، لاحتياجهم لهذه السلعة؛ ولأنها ليست متوفرة إلا بالسوق السوداء، وهذا استغلال للمسلمين وبمنطق عدم الإضرار فهذا غير محلل في الإسلام، فكيف أحلّ الشيخ ابن باز التجارة في السوق السوداء، والحال ما ذكر؟ نرجو الإفادة وجزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الذي نراه: الجواب هو أننا نعتقد أن السوق السوداء هي السوق العامة التي يبيع فيها العامة ويشتري فيها الناس غير ما يقع في البنوك والمصارف المعروفة، فالسوق السوداء التي جرى فيها الفتوى هي ما يقع بين الناس في أسواقهم في بيعهم وشرائهم وأنه لا حرج أن يبيع في السوق العامة، ولا يتقيد بما في البنوك من الأسعار هذا هو الذي أردنا، أمَّا إذا كان هناك سلع تحتكر يضر المسلمين احتكارها فهذه مسألة أخرى، مسألة احتكار: والاحتكار ممنوع، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال في المحتكر: «لا يحتكر إلا خاطئ» (¬2) فلا يجوز الاحتكار في الأطعمة ولا نحوها على الصحيح، مما يضرّ المسلمين، الذي مثلاً ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (123). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة، باب تحريم الاحتكار في الأقوات، برقم (1605).

يحجز السلع التي يحتاجها المسلمون من طعام أو غيره مما يحتاجه الناس حتى يغلو ثمنها، وحتى يرتفع وحتى يبيع على الناس بثمن مرتفع، هذا لا يجوز لا في السوق السوداء ولا في غير السوداء، لا يجوز للمسلم أن يحتكر ما يضر المسلمين احتكاره، حتى يبيعه في الغلاء، بل يجب أن يبيع مع الناس، ويوسّع على الناس، فليس لمن عنده طعام والناس محتاجون إليه أن يحتكره حتى يرتفع سعره، وليس لمن عنده سلاح وقت الحاجة إلى الجهاد في البلد أن يحتكره حتى يرتفع سعره، لا بل عليه أن يبيع في الحال التي يحتاجها المسلمون للجهاد الشرعي، أو لأكلهم وشربهم أو لبسهم ونحو ذلك، وليس له أن يحتكر شيئًا يضر المسلمين احتكاره، هذه قاعدة على الصحيح، وبعض أهل العلم قيد هذا بالطعام، والصواب أنه لا يتقيد بالطعام بل كل شيء احتكاره يضر المسلمين، فإنه يمنع احتكاره، والواجب على المسلم ألاّ يحتكر طعامًا أو غير طعام، المهم ألاّ يضرَّ المسلمين، أمّا إن كانت السلعة منشورة وكونه يبقيها حتى يتغير السعر، لا يضرّ المسلمين فلا بأس، وأيضًا إذا كان حبسه لها لا يغيِّر السعر بالارتفاع، ولا يضر الناس ولكن يبقيها، يقول: لعل يكون فيها نصيب بعد حين.

حكم أخذ بعض المهملات التي يتركها الزبائن

43 - حكم أخذ بعض المهملات التي يتركها الزبائن س: يقول السائل: ما حكم بعض المهملات التي يتركها بعض الزبائن سواء كانت فلوسًا، أو ملابس، حيث إنني أشتغل في محل للملابس، ويحصل مثل هذا؟ أفيدونا مأجورين (¬1). ج: هذا محتاج إلى تأمل: إن كان تركها سامحًا بها فلا بأس، أو فلوس تركها صاحب الدكان، يعني ليتصدق بها، أو هي له أعطى عطية منه، فهذا لا بأس به، أمّا إذا كان يُظن فيه أنه تركها ناسيًا، قد نسيها أو جهلها فلا بد أن تحفظ له، حتى تسلم، تعاد إليه، أما إذا كان لا، والظاهر تساهل بها لأنها قليلة، أرادها مثلاً لصبيان أهل المحل أو صاحب المحل، أو أراد الصدقة بها، المقصود لا بد أن يستفسر منه، ولا تأخذ هذه الأشياء؛ لأن الظاهر والله أعلم أنه تركها ناسيًا مثل الملابس والنقود، أو النعال، أو المداس أو ما أشبه ذلك، أمّا إذا وجد قرينة أو صراحة تدل على أنه تركها عامدًا، أو أنه يريدها مساعدة لصاحب الدكان، أو صاحب العمل، فهذا لا بأس به، أو كان لا قيمة لها يعني نسيها لكن لا قيمة لها ريال أو ريالان أشياء حقيرة، أمرها سهل. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (376).

حكم شراء البضاعة المسروقة لمن لا يعلم عن حالها

44 - حكم شراء البضاعة المسروقة لمن لا يعلم عن حالها س: السائل: ط. آ. من غانا، يقول: ما حكم من اشترى شيئًا مسروقًا وهو لا يعلم بذلك، ثم تبين له بأنه مسروق؟ هل يقوم برده إلى من سُرق منه إذا كان يعلمه (¬1)؟ ج: نعم إذا علم أنه مسروق، فالبيع باطل، وعليه رده إلى من علم أنه ماله، ويطالب الذي باعه عليه بالثمن، يلتمسه ويطلب منه الثمن، ولا يجوز له استعمال المسروق الذي يعلم أنه مسروق، بل يرده إلى صاحبه، هذا هو الواجب عليه، المسلمون إخوة، والواجب عليه رد ما عرف أنه ظلم وسرقة. ¬

(¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (420).

حكم الاتجار فيما اختلف العلماء في تحريمه

45 - حكم الاتجار فيما اختلف العلماء في تحريمه س: يقول السائل: إذا اختلف العلماء في تحريم شيء معين، فما حكم الاتجار بذلك الشيء (¬1)؟ ج: هذا يختلف، إذا كان ذلك الشيء المعين فيه دليل يدل على تحريمه، لم يجز للمسلم بيعه على الناس، ولا عرضه على الناس، ولا ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (215).

تشجيعهم على مباشرته، إذا علم أن الله جل وعلا حرم ذلك، فليس له أن يحتج بخلاف المخالفين، بل يجب عليه أن يحذر ما حرم الله عليه، ويبتعد عن ذلك، مثل ما أسكر كثيره، فقليله حرام، بعض الفقهاء يقولون: إذا كان القليل لا يسكر، جاز استعماله وهذا غلط، بل ما أسكر كثيره فقليله حرام، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، هكذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» (¬1) فإذا علم أن هذا العصير، وهذا الشراب أو هذا المأكول كثيره يسكر، وجب ترك قليله وحرم على الناس تعاطي قليله وكثيره جميعًا سدًّا للذريعة، وحسمًا للمادة وعملاً بالحديث الصحيح: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» (¬2)، وهكذا ما أشبه ذلك. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الأشربة، باب النهي عن المسكر، برقم (3681). (¬2) سنن الترمذي الْأَشْرِبَةِ (1865)، سنن أبي داود الْأَشْرِبَةِ (3681)، سنن ابن ماجه الْأَشْرِبَةِ (3393)، مسند أحمد (3/ 343).

حكم بيع القات

46 - حكم بيع القات س: يقول السائل: أنا رجل أتاجر في بيع القات، وأجمع منه بعض النقود، وأريد التوجه إلى الحج من فائدة القات، هل يجوز لنا هذا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا (¬1). ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (192).

ج: القات محرَّم، ولا يجوز تعاطيه ولا بيعه وشراؤه كالدخان، فالواجب عليك الحذر من ذلك، وألاّ تحج مما عندك من المال من ثمن القات، تصدَّق به على الفقراء أو المساكين، أو في وجوه الخير، والتمس عملاً آخر، وكسبًا آخر طيبًا؛ لأن في القات أضرارًا كثيرة، كما ذكر العلماء العارفون به من علماء اليمن وغيرهم، فاتق الله يا أخي واحذر هذه الشجرة الخبيثة، لا تأكلها ولا تستعملها ولا تبعها، ولا تتاجر فيها ولا تحجَّ من ثمنها، وهكذا الدخان وهكذا سائر المخدرات والمسكرات يجب الحذر منها لضررها العظيم، والله سبحانه وتعالى حرم على عباده أن يتعاطوا ما يضرّهم، أو يزيل عقولهم ولا ريب أن الدخان والقات، شجرتان خبيثتان ضارتان ضررًا عظيمًا، وقد يسهر صاحبهما في بعض الأحيان، ويتغير عقله، وبكل حال فهما ضارتان لا نفع فيهما، وإن جحد بعض الناس إسكارهما، لكنهما محرمتان ضارتان خبيثتان، يجب الحذر منهما، كما يجب الحذر من المسكرات كلها، والله جل وعلا يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ}، فمتى تركته لله عوضك الله كسبًا خيرًا منه؛ لأنه سبحانه الصادق في قوله:

{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا}، {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً}، رزقنا الله وإياك الاستقامة، ومنَّ علينا وعليك بالتوبة النصوح.

حكم الاتجار بالدخان

47 - حكم الاتجار بالدخان س: يقول السائل: ما حكم من تاجر بالدخان وصارت نفقته على نفسه وعياله منه؟ وكذلك صدقته وحجه من ربح ذلك الدخان (¬1) (¬2)؟ ج: الحكم واحد القات والمسكرات والمخدرات والدخان كلها تجارة محرمة، والواجب على المؤمن تركه والتوبة مما سلف، والتوبة مما مضى من ذلك، والحذر في المستقبل، وصلاته وحجه كله صحيح؛ لأن العمدة في الصلاة البدن، والحج كذلك البدن ما هو بالمال، فعليه التوبة إلى الله من ذلك. س: يقول السائل: أب له دكان ويبيع السجائر وابنه يمتنع من بيعها؛ لأنه يعتقد تحريمها، وحينئذ الأب يدعو على ابنه، ويمنعه من طلب العلم، فهل يقبل دعاء الأب في هذه الحالة؟ وهل يجوز ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (192). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (192). ') ">

معصية الأب لطلب العلم؟ علمًا أنه مستغنٍ عن ابنه هذا بغيره من الأولاد الذين يعملون معه، أفتونا مأجورين بارك الله فيكم. ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إنما الطاعة في المعروف» (¬1) ويقول عليه الصلاة والسلام: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (¬2) فإذا أمر الوالد ولده بشيء منكر لم يلزم الولد السمع والطاعة في ذلك، وعليه أن يعالج الموضوع بالحكمة والكلام الطيب، مع الوالد ويبين له أن هذا الشيء لا يجوز لما فيه من المضرة العظيمة والشر الكثير، ويرجو منه المسامحة في عدم مساعدته على هذا الشيء، ولا يستجيب إلى مساعدته في بيع الدخان، أو أنواع الخمور أو غير هذا مما حرم الله عز وجل، ولكن بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، لأن الوالد له حق عظيم، والله يقول: ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وتحريمها في المعصية، برقم (1840). (¬2) أخرجه الإمام أحمد، في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (724).

{أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}، ويقول جل وعلا: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}، فأمر بمصاحبتهما في الدنيا معروفًا مع كونهما يأمران بالشرك، فدل ذلك على أن حقهما عظيم، وأن الواجب على الولد الرعاية لهذا الحق بكل ما يستطيع من دون أن يطيع والديه في المعصية.

حكم قبول الهدية ممن ماله مختلط

48 - حكم قبول الهدية ممن ماله مختلط س: تقول السائلة: أبي يعمل بالتجارة، إلا أنه يبيع السجائر، وحسب الفتاوى التي قرأتها، فإن ذلك يعد محرمًا، فهل يصح أن آخذ من ماله، مع العلم أنني فتاة وأعيش معه (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك؛ لأن المال مختلط، لا بأس بالأخذ منه وقبول الهدية منه، وقل أن يسلم مال من نقص وخلل، ولكن ينصح من قِبَلكِ، ومن قِبَلِ إخوانكِ، أو أعمامكِ أو غيرهم من الناس الطيبين، ينصح حتى يدع بيع الدخان؛ لأن بيع الدخان منكر، لا يجوز، لكن لا يضركِ؛ لأن ماله ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (265).

مختلط فلا يضركِ الأكل من ماله، واللبس إلى غير ذلك.

حكم بيع البخور لامرأة تخرج متعطرة

49 - حكم بيع البخور لامرأة تخرج متعطرة س: يقول السائل: امرأة تبيع البخور للنسوة، وهؤلاء النسوة اللاتي تبيع لهن البخور، يخرجن متعطرات ومتبخرات، فهل عليَّ إثم في بيعي لهن هذا البخور، أرجو الإفادة (¬1)؟ ج: إذا كنت تعلمين أن هؤلاء يفعلن ذلك لا تبيعيهن إذا كنت تعلمين أنهن يتطيبن لخروجهن في الأسواق فلا تفعلي؛ لأن الله يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} فإذا كنت تعلمين أن هذه المرأة التي تشتري منك العود أو غيره، من الطيب تتبرج به في الأسواق، أو عند الأجانب هذا لا يجوز؛ لأنك في هذه الحال تعينينها على المعصية، أمَّا إذا كنتِ لا تعلمين فلا حرج عليكِ أن تبيعي على النساء وغير النساء، أما إذا علمتِ أن فلانة بنت فلان التي تشتري منك أنها تفعل هذا الفعل فلا تبيعيه عليها. ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (383).

حكم بيع أصداف اللؤلؤ على المخاطرة

50 - حكم بيع أصداف اللؤلؤ على المخاطرة س: سافرت لإحدى الدول، فوجدت هناك سوقًا يدعى سوق المحار، وفي هذا السوق تباع أصداف اللؤلؤ وربما يجد المشتري في الأصداف اللؤلؤ، وفي أغلب الأحيان لا يجد شيئًا، أرجو معرفة موقف الشريعة الإسلامية في هذه التجارة، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كان الواقع كما ذكرت فالبيع غير صحيح؛ لأن الغالب عدم وجود شيء، لغرض المخاطرة فلا يصح، أمّا إذا كان العكس أن الغالب وجود الشيء المطلوب، فلا حرج في ذلك. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (216).

حكم تهريب السلع

51 - حكم تهريب السلع س: يقول السائل: ما حكم التهريب في الإسلام للسلع العادية وليست المحرمة (¬1)؟ ج: ليس للرجل ولا لغير الرجل أن يهرب السّلع التي منعتها الدولة، وإذا كانت محرمة صار الإثم أكبر؛ لأن التهريب يضر الناس، ويضر إخوانه في البيع والشراء، فيخالف الدولة، والمسلم مأمور بالسمع ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (100).

والطاعة في المعروف وهذا من المعروف؛ لأن الدولة قد ترى المصلحة في ذلك، المقصود أنه ليس له التهريب، وأما ما هو محرم كالمخدرات وأنواع الخمور وما أشبه ذلك، مما حرمه الله فهذا لا يجوز توريده، ولو كان يغبر تهريب فكيف بالتهريب، فهو محرم بكل حال نسأل الله السلامة، ومن فعل ذلك يستحق أن يعاقب بما يراه ولي الأمر؛ لأن العقوبات يردع الله بها عن الإجرام، يقول عثمان بن عفان الخليفة الراشد رضي الله عنه: إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وكثير من الناس لا يردعه إيمانه، ولا يردعه خوفه من الله، وإنما يردعه العقوبة السلطانية العقوبة في ماله، في بدنه بالسجن، ونحو ذلك.

حكم الإكثار من الحلف في البيع والشراء

52 - حكم الإكثار من الحلف في البيع والشراء س: يقول السائل: رجل يستخدم الأيمان في بيعه وشرائه كثيرًا، سواء كان صادقًا أم كاذبًا، ما حكم الشراء والبيع منه؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: لا يجوز مثل هذا، الواجب على المؤمن أن يصون لسانه عن التلاعب بالأيمان، والله يقول: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}. وفي الحديث ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (376).

الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أُشَيْمط زان – يعني شايب زان – وعائل مستكبر، ورجل جعل الله بضاعة لا يبيع إلا بيمينه، ولا يشتري إلا بيمينه» (¬1) وهذا وعيد عظيم، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} فالواجب على المؤمن أن يصون لسانه عن التلاعب باليمين، ولا يحلف إلا بأسباب دعت الحاجة إليها، أما أن يجعل اليمين لعبة في لسانه ولا يبالي فهذا لا يجوز، وهذا يخالف قوله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} ويدل على قلة مبالاته باليمين، وأنها لا قيمة لها عنده، نسأل الله العافية. ¬

(¬1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (6/ 246)، برقم (6111).

حكم الحلف بالطلاق عند البيع وهو كاذب

53 - حكم الحلف بالطلاق عند البيع وهو كاذب س: هذا سائل من السودان للبرنامج أرسل بهذه الرسالة، م. ط. يقول في هذا السؤال: ما حكم الذي يحلف بالطلاق في البيع والشراء وهو يعلم بأنه كاذب، ليروج سلعته؟

وجزاكم الله خيرًا (¬1). ج: حكمه أنه مجرم وظالم لنفسه، وعاصٍ سواء حلف بالطلاق أو باليمين بالله أو غير ذلك، هو كاذب قد خان الأمانة، فالواجب عليه التوبة إلى الله من ذلك فالكذب محرم في البيع والشراء وإن لم يطلق، وإن لم يحلف فإذا أكد بالحلف والطلاق، صار أشد في الإثم نعوذ بالله، فالواجب عليه التوبة إلى الله من ذلك والحذر من العود إلى هذا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في البيعين: «إن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا، محقت بركة بيعهما» (¬2) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، وذكر منهم الرجل يبيع السلعة، بعد العصر، ويقول أعطي بها كذا وكذا، وهو كاذب» (¬3) نسأل الله العافية. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (400). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا، برقم (2079)، ومسلم في كتاب البيوع، باب الصدق في البيع والبيان، برقم (1532). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب المساقاة، باب من رأى أن صاحب الحوض والقربة أحق بمائه، برقم (2369)، ومسلم في كتاب الأيمان، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية، برقم (108).

حكم غلظ السمن البقري بالزيت النباتي في البيع

54 - حكم خلط السمن البقري بالزيت النباتي في البيع س: يقول السائل: ما هو رأي سماحتكم فيمن يخلط الزيت النباتي بالسمن البقري ثم يبيعه سمنًا؟ وحين اعترضت على من يفعل ذلك، وقلت له: هذا غش وحرام، أجاب إن بقرتي تنجب في الأسبوع قارورة سعة رطل واحد وثمن الرطل مائة ريال، وهذه المائة لا تكفي في الأسبوع ثمن العلف الذي تأكله البقرة، لكني أخلط الزيت بالسمن لتكون ثلاث قوارير، يعني بثمن ثلاثمائة ريال، وبذلك أستطيع أن أشتري ما يكفي دابتي من قوت الأسبوع، أرجو التوجيه والنصح حول هذا الموضوع (¬1). ج: هذا من الغش فلا يجوز خلط الزيت بالسمن وهذا العذر الذي قاله عذر فاسد، ولا يقبل، ولا يجيز له هذا الغش، بل عليه أن يبيع الزيت وحده والسمن وحده، ويسأل ربه التوفيق ويستعين بالله، والله يبارك له إذا صدق وترك الخيانة، وأدى الأمانة: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (181).

فالواجب على التجار وعلى أهل البيع والشراء، أن يتقوا الله وأن يؤدوا الأمانة، وأن يحذروا الغش والخيانة، ولو كانوا فقراء، الله يغنيهم من فضله سبحانه وتعالى، فليس الفقر عذرًا في الغش والخيانة، بل يجب على المؤمن والمؤمنة التحري للحق والعناية بالأمانة الشرعية، والحذر من الغش والخداع، ولو كان فقيرًا، الله سبحانه هو الذي يغنيه من فضله سبحانه وتعالى، إذا اتقاه يسر أمره، فالواجب الحذر غاية الحذر من هذه الخيانات التي حرمها الله على عباده، والله يقول سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، ويقول سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} ويقول عز وجل في صفة أهل الإيمان: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}.

حكم بيع البضائع المغشوشة

55 - حكم بيع البضائع المغشوشة س: يقول السائل: يوجد لدينا في الأسواق أناس يبتاعون ويشترون

في السمن والعسل، وهذه البضاعة مغشوشة ويحلفون بالله أنها غير مغشوشة، فبماذا توجهونهم (¬1)؟ ج: الواجب على المؤمن الحذر من الغش، في السمن وفي العسل وفي غيرهما، والواجب عليه أداء الأمانة والصدق، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا» (¬2) والله يقول سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، ويقول سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، ويقول جل وعلا في وصف المؤمنين: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}، والواجب على من يتعاطى البيع والشراء، أن يتقي الله وأن يتحرى الأمانة، ويحذر الغش والخيانة في السمن وفي العسل وفي غيرهما، وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم على صبرة من طعام في السوق، فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً، فقال: «ما هذا يا صاحب الطعام؟، فقال: يا رسول الله أصابته السماء ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (344). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا) برقم (101).

- يعني المطر – قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ألا جعلته فوق الطعام فيراه الناس، من غشنا فليس منا» (¬1) فإذا كان يجعل الرديء أسفل من الرطب، أو من الفواكه أو من الحبوب، ويجعل الطيب فوق حتى يراه الناس، ويخفي عليهم الرديء، فهذا من الغش، وهكذا إذا أدخل في السمن ما ليس منه، وفي العسل ما ليس منه هذا من الغش. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا) برقم (101).

حكم بيع الحيوانات المريضة وهو يعلم بمرضها

56 - حكم بيع الحيوانات المريضة وهو يعلم بمرضها س: السائل: خ. من المغرب يقول: ما حكم الشخص الذي باع بهيمة مريضة، وهو يعلم بمرضها (¬1)؟ ج: الواجب أن يبين، لا يغش الناس، يقول: ترى فيها مرض كذا وكذا، يبين، أما إذا غش الناس فلا يجوز، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من غشنا فليس منا» (¬2) هكذا يقول صلى الله عليه وسلم. فيقول إنها مريضة بكذا أو كذا، حتى يكون المشتري على بصيرة، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في البيعين: «إن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (424). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا) برقم (101).

وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما» (¬1) نسأل الله العافية، وإذا علم المشتري عن المرض فله الرد، وله الخيار. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا، برقم (2079)، ومسلم في كتاب البيوع، باب الصدق في البيع والبيان، برقم (1532).

بيان ما يلزم من ذكر عيوب السلعة للمشتري

57 - بيان ما يلزم من ذكر عيوب السلعة للمشتري س: بعض باعة السيارات في الحراج، يقول لمن يريد أن يشتري، اعتبر السيارة كومة حديد، أي يعم العيوب التي فيها فهل هذا جائز (¬1)؟ ج: الواجب أنه يبين الحقيقة، لئلا يدلس على الناس؛ لأنه يقول هذا الكلام حتى لا يطالب بشيء، فالواجب إذا كان يعلم عيبًا يبين، ولا يقول هذا الكلام، يقول فيها عيب كذا وكذا، ولا أعلم غيره، إذا كان صادقًا حتى يكون المشتري على بصيرة، المسلم أخو المسلم. ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (350).

حكم التدليس في البيع والشراء

58 - حكم التدليس في البيع والشراء س: يقول السائل: رأيت أناسًا سماحة الشيخ يحقنون الطيور بالماء عند بيعها، من أجل أن تكون على هيئة معينة عند البيع، ربما يكون في هذا شيء من التدليس (¬1). ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (141).

ج: هذا لا يجوز؛ لأن هذا معناه التدليس، يوهم الناس أنها سمينة وأنها كبيرة والأمر ليس كذلك، كل شيء يوهم المشتري أو الزبون خلاف الحقيقة لا يجوز؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «من غشنا فليس منا» (¬1) ولما «مر على صبرة من طعام في السوق، وأدخل يده فيها نالت أصابعه بللاً، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟، قال: أصابته السماء يا رسول الله – يعني المطر – قال: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس منا» (¬2) رواه مسلم في الصحيح، المقصود أن الواجب على المسلمين التناصح وعدم الغش، فكل شيء يجعل المشتري على غير الحقيقة في بيع الحيوان أو غير الحيوان لا يجوز. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا) برقم (101). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا) برقم (102).

حكم تلقيم الطير الحبوب من أجل تسمينه

59 - حكم تلقيم الطير الحبوب من أجل تسمينه س: أخونا يقول: فتح فم الطير وإعطاؤه الحبوب وربما تكون أكثر من طاقته حتى يسمن بسرعة، هل هذا جائز أو لا (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل، يخشى منه، إذا كان الطائر مريضًا، يعني يحتاج ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (141).

إلى من يلقمه فلا بأس، يعطى قدر الحاجة مع الاحتياط، لئلا يضره، فأما إذا كان الطير يلقط بنفسه ويأكل بنفسه فلا حاجة إلى هذا العمل؛ لأن هذا قد يضره ويؤذيه ونحن مأمورون بالرفق بالحيوان وعدم إيذائه وعدم ظلمه وعدم ضربه إلا للحاجة، فكونه يعطيه الطعام من فمه بالقوة، لقصد أن هذا يكون تسمينًا له فهذا لا ينبغي؛ لأنه يخشى فيه الضرر، المقصود أن الواجب التفصيل إذا كان الطائر أو الحيوان سليمًا، يأكل بنفسه ويلقط الحب بنفسه، فلا حاجة إلى هذا كله، أما إذا كان مريضًا يعجز عن الأكل، يحتاج إلى من يرفع له الطعام، مثل بني آدم يساعد، فإنه يساعد على وجه لا يضر، أما إذا كان المقصود أن يسمن بسرعة فهذا لا يصلح إذا كان يضره، أما إذا كان لا يضره ولكن يبره بالطعام ويجتهد في علفه الجيد فلا بأس، لكن على وجه لا يضره ولا يؤذيه، وإذا كان من أجل الغش فهذا يدخل في تحريم الغش، يقول صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا» (¬1). ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا) برقم (101).

بيان الربا وحكمه

60 - بيان الربا وحكمه س: السائل يقول: حدثونا عن الربا، كيف يكون؟ وأرجو توجيه

نصيحة للمسلمين بشأنه (¬1) (¬2). ج: الربا من أكبر الكبائر وقد توعد الله عليه بالعقوبات العظيمة قال جل وعلا في كتابه العظيم: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ}، أي من قبورهم {إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} لا يقوم من قبره إلا كالمجنون وهذه عقوبة والعياذ بالله خاصة بهذا المرابي، وقال جل وعلا: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} توعد بمحق الربا، بمحق أموال الربا، ونزع بركتها قال جل وعلا: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} وعيد عظيم لمن أكل الربا، توعده الله بالنار، وهذا وعيد عظيم يجب الحذر منه وقال جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}، ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (341). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (341). ') ">

فجعل الربا حربًا لله ورسوله وهذا وعيد عظيم يدل على كبر الذنب وعظمة الذنب، فالواجب الحذر من الربا بجميع أنواعه وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء» (¬1) فالله حذر من الربا وأخبر أن أهله من أهل النار، وتوعدهم بالنار والرسول صلى الله عليه وسلم كذلك لعنهم على خبث عملهم فالواجب على المسلم أن يتقي الله ويحاسب نفسه في ذلك وأن يحذر جميع أنواع الربا في جميع تصرفاته لأن الربا من أكبر الكبائر كما بينه الله جل وعلا في الآيات التي سمعت وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «اجتنبوا السبع الموبقات، أي المهلكات، قلنا: وما هي يا رسول الله؟ فقال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» (¬2) فالمحصنة الغافلة المؤمنة ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة، باب لعن آكل الربا ومؤكله، برقم (1598). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب قوله تعالى، (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا)، برقم (2767)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها، برقم (89).

رميها بالفاحشة من أعظم الجرائم وأعظم الموبقات، فالمقصود أن الربا أقبح السيئات من أقبح الكبائر وذكرها من السبع المهلكات نسأل الله العافية، وحقيقته أمران أحدهما: ربا الفضل، والثاني: ربا النسيئة. فربا الفضل كونه يبيع جنسًا بجنسه متفاضلاً كدرهم بدرهمين سعودي، دولار بدولارين، جنيه بجنيهين، هذا ربًا صريح يسمى ربا الفضل قد حرمه النبي صلى الله عليه وسلم وشدد في ذلك. النوع الثاني يسمى ربا النسيئة: بيع نوع ربوي بنوع آخر نسيئة، فإن كان من جنسه صار ربا الفضل وربا النسيئة جميعًا كأن يبيع مائة ريال سعودي بمائة وعشرة إلى أجل هذا ربا الفضل وربا النسيئة جميعًا، أما ربا النسيئة كأن يبيع نوعًا من الربا بنوع آخر، كأن يبيع دراهم بذهب أو دولارات بريالات سعودية إلى أجل، هذا يقال له ربا النسيئة ولا يجوز بيعه للمسلم، فالواجب الحذر من الربا بنوعيه ربا الفضل وربا النسيئة جميعًا والحذر من التحيل على ذلك، نسأل الله العافية. س: ما هو الربا واشرحوا لنا ذلك جزاكم الله خيرًا؟ ج: الربا هو معاملة بين جنسين من غير قبض أو من الجنس الواحد

من غير تماثل ولا قبض يقال له ربا، إذا كان الجنسان من المكيل المطعوم، أو الموزون المطعوم أو من الذهب والفضة أو من العُمَل التي تقوم مقام الذهب والفضة فإن باع عملة بعملة مثلها زائدة هذا ربا، أو باع عملة بعملة من غيرها لكن من غير تقابض يكون ربا لا بد يدًا بيد، دولار بريال سعودي يدًا بيد، دولار بجنيه عراقي يدًا بيد وهكذا، وهكذا إذا باع حنطة بحنطة متماثلة يدًا بيد هذا ليس فيه ربا فإذا باع حنطة بحنطة أكثر صار ربًا، أو فضة بفضة أكثر ربًا، أو ذهبًا بذهب أكثر ربًا، لكن إن باع الفضة بالذهب متقابضًا فليس بربًا، يعني في المجلس أو باع الحنطة بالشعير تَقابُضًا في المجلس ليس بربا فالحاصل إذا كان جنسًا واحد لا بد فيه من شرطين التماثل والتقابض في المجلس وإلا يكون ربا أما إذا كان جنسين فلا بد من التقابض، يكفي التقابض في المجلس مثل الذهب بالفضة مثل شعير بتمر، ملح بحنطة، وما أشبه ذلك.

حكم بيع الذهب بالذهب من غير وزن

61 - حكم بيع الذهب بالذهب من غير وزن س: يقول السائل: أرجو أن تحدثونا عن الربا وما هو، فقد خفي على البعض من الناس في تعاملهم في العصر الحاضر، وأيضًا المخرج لبيع وشراء الذهب حيث لا يوجد من يزن الذهب

بالذهب؛ لأن القديم ربما ينكسر أو لا يصلح للاستعمال، وجزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الرسول صلى الله عليه وسلم وضح الربا، بينه، فإذا بيع الذهب بالذهب أو الفضة بالفضة أو المطعوم المكيل بالمطعوم المكيل كالرز والحنطة والتمر والملح وما أشبه ذلك فلا بد من شرطين التماثل والتقابض، وزنًا بوزن، مثلاً بمثل، يدًا بيد، في الذهب والفضة وفي التمر والشعير والذرة والحنطة والملح ونحو ذلك لا بد كيلاً بكيل متساوٍ يدًا بيد في المجلس قبل التفرق فإن فعل خلاف ذلك فهو الربا فإذا باع ذهبًا بذهب أرجح منه ربًا، أو فضة بفضة أرجح منه ربًا، أو باع صاعًا من التمر بصاع ومد، أو صاعين من التمر ربًا، أو صاعا من الحنطة بصاعين من الحنطة ربًا، أو صاعًا من الشعير بصاعين من الشعير ربا، أو صاعًا من الملح بصاعين من الملح ربا، لا بد من التماثل إذا كان نوعًا وحدًا صاعًا بصاع، صاعين بصاعين إذا كان نوعًا واحدًا، تمر بتمر، حنطة بحنطة، شعير بشعير، ملح بملح، ذرة بذرة، أرز بأرز لا بد من التماثل والتقابض، صاعًا من الأرز من أي نوع بصاع مثله سواء كيلاً ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (369).

بكيل يدًا بيد لا بأس، صاعًا من التمر بصاع من التمر، ولو اختلف النوع، صاعًا من التمر بصاع من التمر يدًا بيد يعني يتقابضان في المجلس لا بأس هكذا جنيه بجنيه ذهب ولو اختلف السكة والعملة إذا كان وزنهم واحدًا فلا بأس إذا كان وزنهما واحدًا يدًا بيد تقابضا في المجلس فلا بأس أو سلعة من الذهب بسلعة من الذهب وزنهما واحد وليس فيهما خلط، ذهب محض مع ذهب محض وزنهما واحد وتقابضا في المجلس، فلا بأس كما بينه النبي صلى الله عليه وسلم، أما إذا اختلف الجنس فلا بأس بالتفاضل لكن يدًا بيد، مثل جنيه بعشرين درهم، بأربعمائة درهم، مائة درهم يدًا بيد، لا بأس في المجلس قَبْض، مثل صاع تمر بصاعين شعيرًا أو صاعين حنطة أو صاعين ملحًا أو صاعين ذرة يدًا بيد لا بأس، ولو كان هذا أكثر من هذا لأن الجنس مختلف، لكن لا بد يقبض صاع تمر بصاعين رزًا يدًا بيد، صاع تمر بصاعين من الذرة يدًا بيد لا بأس، صاع تمر بصاعين من الملح يدًا بيد لا بأس، هكذا العُمَل الموجودة، لمَّا ترك الناس الذهب والفضة وعَمِلوا بالعُمَل الموجودة، الأوراق الموجودة مثل الذهب والفضة، إذا باع دراهم سعودية بدراهم سعودية مثلاً بمثل، يدًا بيد، مثل خمسمائة قطفة واحدة بخمسمائة من ذوات العشرة أو ذوات المائة يدًا بيد فلا بأس،

قطعة من ذوات المائة ريال سعودي بمائة من ذوات الريال أو من ذوات الخمسة أو من ذوات العشرة يدًا بيد، فلا بأس لأنها متماثلة، ويدًا بيد أو مائة دولار بمائة دولار وإن اختلفت الأحجام مائة دولار بمائة دولار يدًا بيد لا بأس، وهكذا مائة دينار أردني بمائة دينار أردني أو مائة جنيه مصري بمائة جنيه مصري يدًا بيد لا بأس، فإذا اختلفت فلا بأس بالتفاضل، مثل مائة ريال سعودي بخمسين دولارًا أمريكيًا يدًا بيد؛ لأنها عملة مختلفة أو مائة دولار أمريكي بمائتين جنيهًا مصريًا يدًا بيد لا بأس، المقصود إذا اختلفت العملة جاز التفاضل لكن يدًا بيد، أما إذا كانت العملة واحدة ريال سعودي بريال سعودي فلا بد من أمرين التماثل والتقابض في المجلس.

بيان أنواع الربا

62 - بيان أنواع الربا س: يقول السائل: لعلكم تبينون أنواع الربَا المحرم، جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: الربا معروف وواضح في كتب أهل العلم، في كتب الحديث وكتب الفقه في باب الربا وقد ورد في أحاديث كثيرة، فالواجب على المؤمن أن يتفقه في ذلك ويسأل أهل العلم، وإن كان طالب علم يراجع ¬

(¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (410). (¬2) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (410). ') ">

كتب أهل العلم حتى يعرف حقيقة الربا وما يجري فيه الربا، وما لا يجري فيه الربا؛ لأن هذا يحتاج إلى بحث فيه طول، ولكن المؤمن يعتني بهذا بسؤال أهل العلم، ورد في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «الذهب بالذهب مثلاً بمثل، والفضة بالفضة مثلاً بمثل، والبر بالبر مثلاً بمثل، والتمر بالتمر مثلاً بمثل، والشعير بالشعير مثلاً بمثل، والملح بالملح مثلاً بمثل. فمن زاد أو استزاد فقد أربا» (¬1) هذا من أنواع الربا فمن يأخذ جنيهًا بجنيهين، درهمًا بدرهمين، هذا ربا صريح، كذلك يأخذ صاع بر بصاعين، أو صاع رز بصاعين، أو صاع تمر بصاعين، أو صاع ملح بصاعين، أو نحو ذلك، يعني بأكثر، هذا كله لا يجوز لا نقدًا ولا نسيئة أما إذا أراد أن يشتري ذهبًا بفضة، فلا بأس، يدًا بيد، جنيه بعشرين ريالاً بمائة ريال يدًا بيد لا بأس؛ لأنه من جنسين أو يشتري صاع رز بصاعين حنطة، أو صاعين رزًا بصاع حنطة، أو ما أشبه ذلك؛ لأنه جنس مختلف إذا اختلفت هذه الأجناس فلا بأس، يدًا بيد أو يشتري صاع ملح بصاعين من رز، أو بنصف صاع حنطة أو ما أشبه ذلك إذا اختلف الجنس، يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا اختلفت هذه ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب البيوع عن رسول الله، باب ما جاء أن الحنطة بالحنطة مثلاً بمثل كراهية التفاضل فيه، برقم (1240).

الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد» (¬1) يعني يقب في الحال، فإذا أخذ صاع رز بصاع ونصف من الحنطة، أو صاع حنطة بصاعين من الشعير يدًا بيد، أو صاع ملح بنصف صاع من الحنطة يدًا بيد، لا بأس أو جنيهًا من الذهب بمائة ريال من الفضة يدًا بيد، أو بمائة دولار، أو بأقل أو بأكثر، يدًا بيد وتقابضا في المجلس لا بأس. س: ما هو ربا النسيئة سماحة الشيخ (¬2)؟ ج: بيع الربوي بالربوي نسيئة، هذا النسيئة يبيع ذهبًا بفضة نسيئة، يبيع تمرًا بشعير نسيئة، يبيع تمرًا بحنطة نسيئة، هذا ربا النسيئة، يعني عدم التقابض في المجلس. س: وربا الفضل (¬3)؟ ج: ربا الفضل، الريال بريالين، الجنيه بجنيهين، صاع حنطة بصاعين، صاع رز بصاعين، صاع تمر بصاعين، جنس واحد، يصير هذا أكثر من هذا. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب، المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا، برقم (1587). (¬2) السؤال من الشريط رقم (410). ') "> (¬3) السؤال من الشريط رقم (410). ') ">

س: هذه السائلة تقول: ما هو الربا وفي الفقرة الثانية، تقول: هل يعتبر هذا ربًا؟ تبادل كيلو غرام من الطحين بكيلو غرام من العجينة (¬1)؟ ج: الربا من أقبح السيئات، ومن أقبح الكبائر، حرمه الله وقال: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} وقال سبحانه: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}، فالواجب الحذر منه، قال جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ} والربا هو بيع الشيء من النقود بمثله كالذهب بالذهب، والفضة بالفضة، أو الريال بالريال، أو الشعير بالشعير، أو التمر بالتمر، أو الملح بالملح، أو الذرة بالذرة، هذا ربا، إذا باع مثله متفاضلاً كأن يبيع صاعًا من التمر بصاعين من التمر، أو الجنيه بجنيهين، أو الدرهم بدرهمين، يعني متفاضلةً هذا ربا بإجماع المسلمين، أو يبيعه بمثله لكن من غير تقابض، درهم بدرهم، لكن لا يتقابضان في ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (426). ') ">

المجلس، فلا بد من التقابض في المجلس، وأن يكونا متماثلين، إذا كان من جنس واحد، عشرة بعشرة، مائة بمائة، صاع تمر بصاع تمر في المجلس، صاعين بصاعين، أما إذا كانا من جنسين، ذهب بفضة فلا بأس بالتفاضل، لكن يكون يدًا بيد، جنيه بصرف من الفضة، أو من غير الفضة من العُمَل الأُخَر يدًا بيد أو صاع تمر بصاعين من الحنطة، يدًا بيد في المجلس، أو صاع من الذرة بصاعين من التمر، يدًا بيد لا بأس، وإن تفاضلا، فكيلو من البر بكيلو من البر عجينًا لا بأس به يدًا بيد. س: السائل ع. م. من تنزانيا يقول: هل الربا يا سماحة الشيخ يكون في الذهب والفضة فقط أم في جميع المعاملات والمطعومات، لأن الربا كما قرأت في كتب الفقه لا يكون إلا في الذهب والفضة أما النقود فلا، اشرحوا لنا ذلك بالتفصيل. ج: الربا يكون في الذهب والفضة ويكون في العُمَل الأخرى الدولار، والدينار، والجنيه المصري، والجنيه الفرنسي، والجنيه الإنجليزي وغير ذلك، وجميع العمل هذا الصواب؛ لأنها قامت مقام الذهب والفضة، والمقصود أنها ثمن يتعامل بها الناس، فيعطي أحكام

الذهب والفضة، فلا يجوز بيع بعضها ببعض من غير قبض يعني عن غيبة، تفرق بدون قبض نسيئةً بل لا بد يكون يدًا بيد فإذا باع الدولار بالريال السعودي، أو الدولار بالجنيه المصري، أو الدولار بالدينار العراقي أو الأردني، فلا بد من التقابض كالذهب والفضة يدًا بيد؛ لأن الحكم صار لهذه العُمَل بدلاً من الذهب والفضة، وهكذا إذا باع برًّا بشعير، أو برًّا بتمر، أو شعيرًا بتمر، لا بد من التقابض، لقوله صلى الله عليه وسلم: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل سواءً بسواء، يدًا بيد» (¬1) ثم قال صلى الله عليه وسلم: «إذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد» (¬2) فالمثل بالمثل، يشترط شرطان، التماثل والقبض، ذهب بذهب لا بد من التماثل فضة بفضة، لا بد من التماثل والقبض، دولار بدولار، لا بد من التماثل والقبض، ديناران بدينارين، أربعة بأربعة، عشرة بعشرة، يدًا بيد، لا بد من المثل والتقابض، صاع بصاع، وصاعان بصاعين، مع التقابض، وشعير بشعير كذلك، وتمر بتمر كذلك، لا بد من الأمرين التماثل والتقابض، أما إذا اختلفت فضة بذهب فإنه لا يشترط التماثل؛ لأن بينهما فرقًا لكن ¬

(¬1) صحيح مسلم الْمُسَاقَاةِ (1587)، سنن الترمذي الْبُيُوعِ (1240)، سنن النسائي الْبُيُوعِ (4563)، سنن أبي داود الْبُيُوعِ (3349)، سنن ابن ماجه التِّجَارَاتِ (2254)، مسند أحمد (5/ 320)، سنن الدارمي الْبُيُوعِ (2579). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا، برقم (1587).

القبض فضة بذهب يدًا بيد لا بد يدًا بيد، دولار بريال سعودي لا بد يدًا بيد، دولار بجنيه مصري يدًا بيد، دولار بدينار عراقي أو أردني يدًا بيد، وهكذا وقد درس هذا الموضوع مجلس كبار العلماء فيما مضى وقرر أن هذا هو الواجب وأن هذا هو الذي ينبغي وأن هذه العُمَل تعطى أحكام الذهب والفضة لأنها حلت محلها في البيع والشراء.

بيان شرط بيع الذهب بالنقد وحكم بيع الذهب بالذهب متفاضلا

63 - بيان شرط بيع الذهب بالنقد وحكم بيع الذهب بالذهب متفاضلاً س: يقول السائل: إذا بعت الذهب بنقد هل يجوز ذلك وإذا بعت الذهب بالذهب هل يجوز الزيادة عليه (¬1)؟ ج: إذا باع الذهب بالنقد بفضة جاز يدًا بيد إذا باع الذهب بالفضة يدًا بيد فلا بأس أما ذهب بذهب أو فضة بفضة فلا يجوز إلا مثلاً بمثل إذا كان ذهبًا بذهب وفضة بفضة لا بد من التماثل والتقابض شرطين أن يكون هذا مثل هذا دينار بدينار، درهم بدرهم مع التقابض في المجلس. ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (358).

حكم بيع ذهب قديم بجديد من غير قبض الثمن

64 - حكم بيع ذهب قديم بجديد من غير قبض الثمن س: لقد قمنا ببيع ذهبنا على البائع، ووزنه البائع أمامنا، وأخبرنا عن

قيمته علمًا بأننا لم نستلم منه شيئًا، ثم أخبرناه بأننا سوف نشتري منه ذهبًا آخر وبالفعل اشترينا منه الذهب، وعدنا إلى مكاننا، وبعد فترة علمنا من بعض الناس، أن هذا نوع من الربا، وهو ربا الفضل، وبعدها ذهبنا إلى البائع نفسه بعد فترة، وبعنا له الذهب الجديد الذي اشتريناه منه واستلمنا قيمته بأيدينا، وذهبنا إلى بائع آخر واشترينا منه ذهبًا غير ذلك، والسؤال: هل ما سمعناه من الناس، أن فعلنا نوع من الربا؟ وهو ربا الفضل، وهل تصرفنا صحيح؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الوارد في بيع الذهب والفضة في ذهب أو فضة أو بالعُمَل الورقية التقابض فإذا باع الإنسان ذهبًا أو فضة على صوَّاغ، أو صيرفي أو غيرهما لا بد من القبض، لا يتم البيع إلا بالقبض، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الفضة بالفضة، إلا وزنًا بوزن، مثلاً بمثل سواء بسواء» (¬2) فإذا اختلفا عن هذه الصفة أو الكيفية إذا كان يدًا بيد، إذا اختلفا يكون يدًا بيد، ذهبًا بفضة ذهبًا بدولار ورقًا بدنانير ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (289). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة، باب تحريم الربا، برقم (1584).

ورقًا بجنيهات ورقًا يدًا بيد لا يتفرقان حتى يتقابضا وإلا يكن ربًا فإذا جاءت المرأة بالذهب إلى الصيرفي أو الصائغ أو غيرهما لتبيع عليه لا بد أن تقبض الثمن إذا كان الثمن ذهبًا مثلاً بمثل، سواءً بسواء يدًا بيد، وإن كان فضة كذلك، لا بد يدًا بيد أو عُملاً ورقية لا بد يدًا بيد، فالبيع الذي فعلتموه أولاً لا يجوز لا بد من القبض، قبض الثمن، ثم بعد القبض أنتم بالخيار إن شريتم منه أو من غيره ذهبًا آخر، وهكذا بيع الفضة سواء بسواء، بيع الفضة بفضة أو بذهب، إن كان فضة فلا بد مثلاً بمثل، سواءً بسواء لا يزيد هذا على هذا بشيء، لا بد من التقابض فإن كان فضة بالذهب، فلا بد من القبض يدًا بيد، ولو بعُمَل ورقية لا بد يدًا بيد؛ لأنها منزلة منزلة الذهب والفضة، هذه العُمَل فلا بد أن يتقابضا، دينار بدولار، يدًا بيد مائة دولار بمائتي درهم، أو بثلاثمائة درهم لا بد يدًا بيد، هكذا دنانير بجنيهات، أو بدراهم سعودية أو بغير ذلك، لا بد يدًا بيد وبذلك يسلم المؤمن والمؤمنة من الربا، أما لو باع الذهب بشيء آخر، مثل باع أسورة على زيد أو عمرو، بسيارة أو بأواني موجودة، هذه لا بأس بالتفرق لأنها معينة وليست ذهبًا ولا فضة ولا عُملاً، أو بأرض أو بيت يتفرقون لا بأس، يشتر بيتًا بآلاف من الدنانير، أو من الذهب

أو من الدراهم، إلى أجل معلوم لا بأس، أو سيارة أو أواني أو ملابس، أو فرشًا أو حيوانات، أو ما أشبه ذلك المقصود أنه إذا كان بغير العُمَل، أما بالعملة فلا بد يدًا بيد، ذهبًا بأي عملة لا بد يدًا بيد، ذهبًا بأي عملة أو فضة بأي عملة لا بد يدًا بيد فإن كان ذهبًا بذهب نفسه، أو فضة بفضة لا بد من أمرين: التساوي في الوزن والقبض، لا بد أن يكون وزنًا بوزن، ما يزيد هذا ولا شعرة، وزنًا بوزن، يعني دينار ذهب بدينار ذهب، لا يزيد شيئًا درهم فضة بدرهم فضة، لا يزيد شيئًا، ومع التقابض كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا عند العُمَل الموجودة: دولارات بدولارات، لا بد يدًا بيد، مثلاً بمثل، عشرة بعشرة، عشرة دولارات بعشرة دولارات، عشرة ريال سعودية بعشرة ريالات، يدًا بيد سواءً بسواء، ومثل ما فعلوا يرجعون إلى صاحبهم، ويفسخون البيع يأخذون سلعهم ويردّون دراهمه؛ لأنّ بيعهم ليس بصالح، أو يتبايعون في الحال، يقول: الآن نتبايع في الحال، الآن يعني الآن للبيع، الدراهم عندهم والذهب عنده ونتبايع الآن من جديد على الدراهم، التي عندهم بالسعر الحاضر.

حكم بيع الذهب بالنقد سلفا

65 - حكم بيع الذهب بالنقد سلفًا س: يقول السائل: أنا أعمل في إحدى المحلات لبيع المجوهرات،

في منطقة القصيم، وكما علمنا أنه لا يجوز بيع الذهب إلا بالنقد، ولم يجز فيه الدين، لكن صاحب المحل يقول: إذا جاء أصحابي المعروفون أعطهم بالسلف، فهل هذا صحيح أم لا (¬1) (¬2)؟ ج: الذهب لا يباع بالذهب إلا وزنًا بوزن، مثلاً بمثل سواءً بسواء، وليس له أن يبيع بالزيادة ولا بالغائب، فإذا كان عنده سلعة ذهبية، أسورة أو خواتم أو قلائد أو غير ذلك، فلا مانع من بيعه لها بالنقد يدًا بيد، من الأوراق المعروفة أو بالفضة المعروفة يدًا بيد، أما أن يبيعها بذهب آخر، سواءً من عيارها أو من غير عيارها فلا يجوز إلا بشرطين: أحدهما: التساوي في الوزن والثاني: التقابض في المجلس فإن كانا لا يتساويان، فإنه يبيع السلعة عليه بنقد من النقود المعروفة، بالدولار بالريال السعودي وبغير ذلك، يدًا بيد أما أن يبيع ذهبًا بذهب، وزيادة فلا يجوز، يعطيه سلعة ذهبية بسلعة ذهبية مع زيادة، لا يجوز هذا؛ لأنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم لما رُفِع إليه أن رجلاً اشترى قلادة من ذهب، فيها خرز فقال: «لا تباع حتى تفصل» (¬3) فيباع الذهب وزنًا ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (100). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (100). ') "> (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة، باب بيع القلادة فيها خرز وذهب، برقم (1591).

بوزن، مثلاً بمثل، ويباع الخرز على حدة، حتى لا يقع التفاضل في الذهب، فليس له أن يبيع الذهب إلا مثلاً بمثل، سواءً بسواء يدًا بيد، إذا كان بالذهب، أما إذا كان بأمر آخر بالفضة، بالعُمَل الورقية، فلا بأس لكن يدًا بيد، وإن باعه بشيء آخر من غير العملة، كأن باعه الذهب بغَنَم، بإبل، بحبوب، بملابس، فلا بأس، ولو كان ليس يدًا بيد، لو قال: هذه الخواتم الذهبية، أو هذه الأسورة أبيعها عليك بالزولية الفلانية الذي عنده الزولية أو بالناقة التي عندك، أو بالفرس التي عندك الفلانية جاز البيع، ولو كانت الفرس غائبة ما قبضها في الحال، لأنها ليست بعملة، أو باعها عليه بأرض أو بيت، عمارة باعها عليه، بقلائد وأسورة كثيرة، بيت عنده، أو بدكان، أو بأرض معروفة، كل هذا لا بأس به ولو تفرقوا من دون قبض، والبيع لأجل إذا كان بغير الذهب وغير العُمَل المعروفة، فلا بأس أن يشتري مثلاً قلادة بأرض عنده، أو ببعير أو ببقرة عنده في البيت معروفة، يعرفها، ولو تفرقا قبل قبض البقرة، أو قبض الشاة، أو قبض البعير، أو قبض الأرض. أما بالنقد فلا بد يدًا بيد، سواءً كان النقد ورقًا أو فضة، سواءً كان من ذهب بجنسه فلا بد مع القبض من التساوي، وزنًا بوزن مثلاً بمثل،

إذا كان من جنس الذهب بذهب، أو فضة بفضة، فلا بد من الشرطين التساوي في الوزن ومع التقابض.

حكم بيع الذهب بالذهب متفاضلا

66 - حكم بيع الذهب بالذهب متفاضلاً س: يقول السائل: ظهرت شبهة ربا، أو هو الربا نفسه، فيما أعتقد ولا أدري بين باعة أهل الذهب ألا وهو إذا جاء شخص ما، يحمل أنواعًا من الحلي ذهبًا، وقصده بدلاً عنها من نوعها، فصاحب الذهب أي البائع قد يزن هذا الذهب، ليشتريه بمثله ذهبًا، من نوعها حليًّا، ولكن يطلب زيادة على الذهب، زيادة كبيرة، فهل هذا من الربا؟ أفتونا مأجورين وفقكم الله (¬1) (¬2). ج: قد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال في الذهب: «الذهب بالذهب مثلاً بمثل سواءً بسواء يدًا بيد» (¬3) فإذا كان هذا الصائغ أو هذا البائع للذهب، يطلب زيادة على الوزن، فقد وقع في الربا، فإذا كانت الحلي المبيعة، تزن عشرين مثقالاً، وذهبه كذلك، ولكن يريد من المشتري زيادة من الأوراق العملة النقدية الورقية، هذا لا يجوز لأنها ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (24). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (24). ') "> (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا، برقم (1587).

تقابل جزءا من المبيع، منها عندهم فيكون باع الذهب بأقل منه والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «مثلاً بمثلٍ، سواءً بسواء» (¬1) فالحاصل أنه إذا باع ذهبًا بذهب، لا بد أن يكونا مثلَيْن، لا يزيد هذا على هذا، لا من جنسه، ولا من غير جنسه، فإذا زاد أحدهما ورقًا نقديًّا أو شيئًا آخر من السلع، جاء الربا؛ لأن الرسول قال: «مثلاً بمثل، سواءً بسواء، يدًا بيد» (¬2)، وبهذا تعلم أن هذا البيع ربا. س: ما حكم بيع الذهب الحلي بالريالات السعودية؟ وهل يجوز أن يُبقي بعض الثمن أو كله وليس هناك زيادة في السعر؟ ج: لا يجوز أن يبيع ذلك إلا يدًا بيدٍ، لا يجوز بيع الذهب بالريالات السعودية، أو غيرها من العملات إلا يدًا بيد؛ لأن هذه العُمَل في منزلة الذهب والفضة، فلا يجوز بيع الذهب بالورق إلا يدًا بيد مطلقًا سواء كان بالدنانير، أو بالدولارات أو بدراهم سعودية، لا بد أن تكون يدًا بيدٍ. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا، برقم (1587). (¬2) صحيح مسلم الْمُسَاقَاةِ (1587)، سنن الترمذي الْبُيُوعِ (1240)، سنن أبي داود الْبُيُوعِ (3349)، سنن ابن ماجه التِّجَارَاتِ (2254)، مسند أحمد (5/ 320)، سنن الدارمي الْبُيُوعِ (2579).

حكم شراء خواتم وسلاسل الذهب الخاصة بالرجال للمسلم

67 - حكم شراء خواتم وسلاسل الذهب الخاصة بالرجال للمسلم س: يقول السائل: يوجد في المحل خواتم من ذهب خاصة بالرجال،

وبعض السلاسل ويشتريها الأجانب أيضًا من غير المسلمين، هل الذنب على البائع وهو يعمل بالراتب، أو على صاحب المحل الأصلي (¬1)؟ ج: لا مانع أن يشتريها المسلم وغير المسلم، لكن فقط بالشروط الشرعية، إن كان ذهبًا لا بد من أن يشتريها بغير الذهب، يدًا بيد من العمَل وإن اشتراها بالذهب، فلا بد يكون بالشرطين: التساوي والتقابض سواءً كان المشتري مسلمًا أو كافرًا. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (100).

حكم بيع الحلي القديم وشراء حلي جديد من نفس المحل

68 - حكم بيع الحلي القديم وشراء حلي جديد من نفس المحل س: يقول السائل: ما رأي سماحتكم فيمن يبيع مثلاً أساور من ذهب من دكان ما ثم يقبض مبلغ الأساورة بيده وبعد ذلك يشتري أساورة جديدة من نفس الدكان، هل يلزمه أن يبيع الأساورة في دكان ثم يشتري من دكان آخر من غير الذي باعهن فيه (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك أن يبيع في دكان ويشتري من صاحب الدكان إذا لم يكن ذلك مشارطة فلا بأس إذا باعت الأسورة ثم اشترت أسورة ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (351).

أخرى أو خواتم أو قلائد لا حرج في ذلك إذا لم يكن تواطؤ وشرط.

بيان ما يلزم من أراد أن يستبدل ذهبا بآخر

69 - بيان ما يلزم من أراد أن يستبدل ذهبًا بآخر س: يقول السائل: إذا أرادت المرأة أن تستبدل ذهبها، بذهب آخر، فهل عليها أولاً أن تبيع ذهبها وتقبض ثمنه، ثم تشتري بعد ذلك، أم يجوز لها أن تأخذ بوزنه ذهبًا آخر، مع دفع زيادة مبلغ إذا تطلب ذلك (¬1). ج: تبيعه أولاً ثم تشتري، أما إذا كان مبادلة فيكون ذهبًا بذهب وزنًا بوزن، مثلاً بمثل، يدًا بيد، ولا بأس لو وجد ذهب يناسبها، وعندها ذهب تعطيه صاحب الذهب، واتحد وزنهما، فلا بأس، يدًا بيد مثلاً بمثل، لا حرج، أما إذا كان الذهب يختلف، في الوزن فليس لها ذلك، بل تبيعه بفضة، أو غير ذلك من المتاع، ثم تشتري الذهب الآخر لقوله صلى الله عليه وسلم: «الذهب بالذهب مثلاً بمثل، سواءً بسواء وزنًا بوزن» (¬2) فعليها أن تبيع الذهب، ثم تشتري الذهب الآخر بفضة أو بعُمَل أخرى، أو بمتاع آخر، كالملابس والطعام ونحو ذلك. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (386). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة، باب تحريم الربا، برقم (1584).

بيان معنى حديث: الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلا بمثل

70 - بيان معنى حديث: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلاً بمثل» (¬1) س: يقول السائل: ما حكم استبدال الذهب القديم بجديد، وما معنى الذهب بالذهب، والفضة بالفضة مثلاً بمثل يدًا بيد (¬2)؟ ج: معنى ذلك أنه مثقال بمثقال، مثقالان بمثقالين يدًا بيد، يعني لا يزيد هذا على هذا، الذهب بالذهب، سواءً جديد أو قديم، لا بد يستويان وزنًا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الذهب بالذهب وزنًا بوزنٍ، مثلاً بمثل، سواءً بسواء، يدًا بيد» (¬3) ولا فرق بين كونه جديدًا أو قديمًا، أو كون هذا أطيب، أو هذا أطيب، ما دام جنس الذهب، لا بد أن يكونا متساويين في الوزن، يدًا بيد، يُقبَض في الحال فإذا أراد أن يبيع بشيء آخر يبيع الرّدي بشيء آخر، بفضة أو طعام، لا بأس أما بالذهب فلا، لا بد يدًا بيد، الذهب بالذهب يدًا بيد، مثلاً بمثل سواءً بسواء، سواء كان هذا أطيب أو هذا أطيب. ¬

(¬1) صحيح مسلم الْمُسَاقَاةِ (1587)، سنن الترمذي الْبُيُوعِ (1240)، سنن النسائي الْبُيُوعِ (4561)، سنن أبي داود الْبُيُوعِ (3349)، سنن ابن ماجه الْمُقَدِّمَةِ (18)، مسند أحمد (5/ 319)، سنن الدارمي الْبُيُوعِ (2579). (¬2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (377). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة، باب تحريم الربا، برقم (1584).

مسألة في استبدال ذهب بآخر قبل قبض الثمن

71 - مسألة في استبدال ذهب بآخر قبل قبض الثمن س: السائلة م. أ. أ. تقول بأنها تبيع وتشتري في الذهب، وفي أحد

الأيام باعت مجموعة من الحلي على الصائغ، ثم اشترت منه حليًّا، وزاد على القيمة الأولى، فما الحكم يا سماحة الشيخ، وما معنى الحديث: «الذهب بالذهب مثلاً بمثل، سواءً بسواء» (¬1) وهل على الذهب زكاة بالتفصيل؟ جزاكم الله خيرًا. ج: يجب عليها أن تأخذ قيمته ثم تشتري ذهبًا آخر، حتى لا يكون وسيلة إلى بيع الذهب بالذهب، أو بيع الفضة بالفضة، فإذا باعت عليه الذهب تقبض الثمن، ثم تشتري ما شاءت منه، إن اشترت ذهبًا يدًا بيد، أو إن شرت فضة بذهب يدًا بيد، أو إن شرت ذهبًا بذهب يكون متماثلاً سواءً بسواء، وزنًا بوزن، المقصود أنها إذا باعت عليه الذهب تقبض الثمن، حتى لا يكون حيلة، تقبض الثمن، ثم تشتري منه ما شاءت، أما معنى «الذهب بالذهب، مثلاً بمثل» (¬2)، فهو أنه سواء بسواء، يعني مثقالاً بمثقال، مثقالين بمثقالين، ثلاثة بثلاثة، جنيهًا بجنيه، جنيهين بجنيهين، على السواء، وزنًا بوزن، سواءً بسواء، يدًا بيد، مثل ما قال صلى الله عليه وسلم: «الذهب بالذهب، مثلاً بمثل، سواءً بسواء، وزنًا بوزن» (¬3) فليس لها الزيادة ولا غيرها. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا، برقم (1587). (¬2) صحيح مسلم الْمُسَاقَاةِ (1587)، سنن الترمذي الْبُيُوعِ (1240)، سنن النسائي الْبُيُوعِ (4560)، سنن أبي داود الْبُيُوعِ (3349)، سنن ابن ماجه الْمُقَدِّمَةِ (18)، مسند أحمد (5/ 320)، سنن الدارمي الْبُيُوعِ (2579). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة، باب تحريم الربا، برقم (1584).

، الصحة رقم: 130 لا بد أن يكونا متماثلين، وزنًا بوزن، سواءً كانوا حليًّا أو نقودًا، لا بد وزنًا بوزن، والفضة كذلك، أما إذا اختلفا، الذهب بالفضة فلا حرج، يدًا بيد. س: تقول السائلة، اشترى لي والدي مجموعة من الذهب بهذه الطريقة، باع ذهبي القديم واشترى به ذهبًا جديدًا وزاد عليه مبلغًا من المال فهل يعتبر هذا من الربا؟ وإذا كان كذلك فما يجب علي هل أبيعه وأتصرف بثمن، أم أبيعه وأقبض الثمن ثم أشتري به ذهبًا جديدًا (¬1) (¬2)؟ ج: هذه المعاملة لا شك أنها ربا وإذا كنتم تعلمون ذلك فردوا الذهب على صاحبه، وخذوا ذهبكم ودراهمكم، والبيع باطل، أما إن كنتم لا تعلمون فالأمر واسع لأجل الجهل، والحمد لله، ولا حرج في ذلك وعلى العبد أن يستقيم في المستقبل وليحذر وهذا الربا الذي وقع من أبيك جهلاً منه. س: إذا كان صاحب الذهب الذي يريد بدلاً منه من نوعه، فإنه يبيعه على صاحب الدكان الذي تبدل منه، فيغريه بزيادة، ليزيد عليه من الناحية الأخرى، أما إذا لم يرد بدلاً منه، فإنه لا يعطيه تلك الزيادة في الثمن ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (373). (¬2) السؤال العشرون من الشريط رقم (373). ') ">

الذي يعطي في المبادلة، فهل هذا من الربا أم لا؟ ج: هذا لا يصلح لأنه بيع في بيع، عقدان في بيع، أي صفقتان في صفقة، فلا يجوز ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يحل سلف وبيع» (¬1) هو يقول إن شريت مني زدتك بكذا، وإن ما شريت مني فلا أزيدك، فالمعنى أنه شرط بيعًا في بيع، واشترط أيضا زيادة، إذا كان لم يشتر منه لا يزيده شيئًا، هذا الشيء لا يصلح. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3504)، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك، برقم (1234)، والنسائي في كتاب البيوع، باب بيع ما ليس عند البائع، برقم (4611).

حكم أخذ النفقة من والد يتعامل بالربا

72 - حكم أخذ النفقة من والد يتعامل بالربا س: الأخت / أم محمد تسأل عن قضية تعاني منها والدتها، وهي أنها تتقاضى من مال أبيها الذي يتعامل بالربا، وتسأل عن الحكم لو تكرمتم شيخ عبد العزيز (¬1). ج: إذا كانت تعلم أن ما تأخذه من مال الربا، لا يجوز لها ذلك أما إذا كان له أموال مختلطة ولا تدري عما حصل في يدها هل هو من الربا أو غيره فلا حرج، والتورع من ذلك أولى إذا لم يترتب عليه مفسدة ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (116).

ولا عقوق، أما إذا علمت أن هذا المال من نفس الربا فلا يجوز.

حكم هجر من يتعامل بالربا بعد نصحه

73 - حكم هجر من يتعامل بالربا بعد نصحه س: يقول السائل: لي أخ في العائلة يتعامل بالربا، نصحته كثيرًا، وعندما أنصحه يقول: سوف أنتهي عن هذا الأمر قريبًا، لكنه لا زال مواصلاً، هل أقاطعه؟ أو بماذا توجهونني؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: عليك أن تستمر في نصيحته لعل الله أن يهديه بأسبابك، فإن أصرّ على عمله القبيح فلك أن تهجره إذا رأيت المصلحة في ذلك، فإن رأيت أن المصلحة تقتضي استمرارك في النصيحة وعدم الهجر فافعل ذلك؛ لأن الهجر علاج ودواء، فإن كان ينفع فافعله، وإن لم ينفع فاستمر في النصيحة والدعوة إلى الخير، واستعن على ذلك أيضًا بإخوانك الطيبين ينصحونه؛ فلعل الله يهديه بأسبابكم. ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (324).

بيان التفصيل في التعامل بالأسهم البنكية

74 - بيان التفصيل في التعامل بالأسهم البنكية س: يقول السائل: في هذه الأيام كثر التعامل بالأسهم البنكية وغيرها، حتى إننا لا نجد بيتًا من بيوت المسلمين إلا وقد تعامل

بها – إلا ما رحم الله – وتعاطاها وقد يظن الكثير أن التعامل بها حلال، وآخرون يقولون: إنه حرام، فاختلط الأمر علينا فنرجو جوابًا يرشدنا، ويرشد المسلمين، إلى ما فيه هدايتهم، وصلاحهم – إن شاء الله تعالى – نرجو الإفادة في ذلك (¬1). ج: لا شك أيها الأخ السائل أن البنوك الربوية يحرم التعامل معها، ويحرم مساعدتها، البنوك التي تتعامل بالربا لا يجوز الاشتراك فيها، ولا التعامل معها؛ لأن ذلك داخل في قوله سبحانه {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، فلا يُشترى منها سهام ولا تُعان بشيء؛ لأنها تعان على الإثم بهذا، أما البنوك الإسلامية التي لا تتعامل بالربا لا بأس بالاشتراك فيها والتعاون معها؛ لأنه تعاون على البر والتقوى فينبغي للمؤمنين أن يحذروا هذه الأشياء التي حرم الله عليهم فالتعامل مع البنوك الربوية مما لا يرضاه الله سبحانه، بل لا يجوز ذلك سواء كان التعاون بالكتابة أو الوظيفة أو التعاون بالمساهمة فيها وبذل المال فيها والمشاركة، كل هذا لا يجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن كاتب الربا وآكل الربا وموكله، وشاهديه، لأنهم يتعاونون بهذا، والتعاون على الإثم والعدوان ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (4).

أمر محرم فالكتابة للربا على الربا، والشهادة، وأكل الربا، وإيكال الربا، كله محرم وهكذا أنواع التعاون مع المرابين.

حكم أخذ الزيادة على القرض عند تسديده

75 - حكم أخذ الزيادة على القرض عند تسديده س: يقول السائل: أخبركم بناحية هامة تمس العقيدة وهي أن البنوك إذا أراد أحد أن يقترض منهم طلبوا عليه زيادة معينة عند تسديد القرض ويشترطون على المقترض رهن الصك ولا يتم رهن الصك إلا بموافقة المحكمة أو كتابة العدل، هل يجوز أن يشترط البنك على المقترض زيادة معينة؟ وهل يجوز للمحكمة أو كتابة العدل أن توافق على رهن الصك للبنك مع علمها بأن في هذا الاقتراض معاملة ربوية؟ الرجاء توجيه نصيحة للناس ولأصحاب البنوك لأجل هذه الناحية كما أرجو الإجابة على سؤالي؟ وفقكم الله (¬1) (¬2). ج: هذا الذي سأل عنه السائل محرم بلا شك وتحريمه محل إجماع بين أهل العلم؛ لأن الزيادة في القرض ربا، بلا شك عند أهل العلم، ولا يجوز للمسلم أن يقترض من أي إنسان من بنك أو غير بنك بزيادة كأن ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (4). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (4). ') ">

يقترض مائة بأن يرد عليه مائة وعشرة أو مائة وخمسة، أو مائة وريالاً واحدًا، كل ذلك ربًا، وهكذا ألف على أن يرد عليه ألفًا وخمسة أو ألفًا وعشرة، أو ألفًا وعشرين كل ذلك ربًا لا يجوز للمسلم أن يتعاطى هذا، لا من البنك ولا من غير بنك، لا مع الأفراد ولا مع الجماعات، كله منكر، وقد كتبنا بهذا غير مرة، في الصحف المحلية وغيرها، والأمر واضح ولكن كثيرًا من الناس يقدمون على الربا ولا يبالون إيثارًا للعاجل على الآجل وعدم الامتثال بأمر الله سبحانه وتعالى فإذا علمت المحكمة بهذا الأمر فليس لها أن توافق على ذلك، وليس لها أن توافق على تثبيت الصك، وهذا من باب الإعانة على الربا، ولكن فيما بلغني أن المحاكم لا تدري عن هذا لأنهم يدرجون الزيادة في القرض ويدعون أن له على فلان كذا وكذا، ويخفون زيادة القرض، فلا يعلم القاضي الحقيقة ويكتب لهم على دين معين ليس بالزيادة المعروفة، فالحاصل أن الحاكم إذا عرف ذلك أو كاتب العدل لا يجوز له التوثيق، بهذا الدين الذي فيه ربا، ولكن يخفونه ولا يبينونه، فيكتب كاتب العدل والحاكم التوثيق لأنه لا يعلم الحقيقة، فمَن جَهِل فهو معذور. س: يقول السائل: ما حكم من تعامل مع البنوك الزراعية بالطريقة الآتية: إذا طلب الشخص من بعض البنوك وابورًا زراعيًّا فأعطاه

البنك مبلغ الوابور ليأخذ به من بعض الشركات، على أن يدفع المبلغ عن طريق القسط للبنك لمدة ثلاث سنوات، بزيادة معلومة على سعر الوابور الحالي، هذا يعتبر ربًا أم بيعًا لأجل؟ وما هو حكم بيع الأجل هل هو حرام أم حلال؟ ج: هذا يعتبر من الربا، إذا أعطاه مالاً ليشتري به الوابور أو السيارة أو المكينة، على أنه يرد أكثر منه، فهذا من الربا، ولا يجوز أما إذا اشترى سلعة، سيارة أو غيرها، أو ماطورًا أو مكينة، اشتراها البنك، وتسلمها وحازها ثم باعها عليه بآجال، وأقساط معلومة فلا حرج في ذلك، وبيع التأجيل لا بأس به، وبيع الأقساط لا بأس به إذا كان المبيع مملوكًا للبائع وفي حوزته، قد قبضه وحازه ثم باعه بعد ذلك، هذا هو الذي يجوز، أما أن يبيع شيئًا عند الناس، وفي مال التجار فلا يجوز، لأن الرسول عليه السلام نهى عن بيع ما لا يملكه الإنسان، وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تبع ما ليس عندك» (¬1) وقال: «لا يحل سلف وبيع، ولا بيع ما ليس عندك» (¬2) فالواجب على المؤمن أن يحذر ما حرم الله، ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3503). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3504)، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك، برقم (1234)، والنسائي في كتاب البيوع، باب بيع ما ليس عند البائع، برقم (4611).

وألاّ يبيع شيئًا عند الناس، وإذا أعطاه ألفًا على أن يرد ألفًا ومائة، أو أكثر أو أقل لا يجوز، هذه الزيادة ربا ولا يكون بيعًا، هذا قرض، يسمى قرضًا. فالبيع أن تشتري السلعة بنفسك، يبيعها عليك بعد ما حازها وملكها، بعد هذا يبيعها بنقد مقدم، أو بآجال أو بنقد وآجال، كل ذلك لا بأس به، إذا كانت الأقساط معلومة واضحة، وكانت السلعة مملوكة للبائع، وفي حوزته، قد قبضها وحازها، فلا حرج في ذلك.

حكم تحويل الأموال بواسطة البنوك الربوية

76 - حكم تحويل الأموال بواسطة البنوك الربوية س: يقول السائل: سمعت أيضا في برنامج نور على الدرب، أن المعاملة مع البنوك محرمة، والشيكات كذلك، وأنا لا بد من إرسال نقودي عن طريق البنك، لأنني لا أستطيع أن أذهب إلى مصر بالنقود التي معي ما زاد عن خمسين جنيهًا، فما الحل في ذلك، هل نرسل بواسطة البنوك أم لا (¬1)؟ ج: أما المعاملة مع البنوك الربوية للفوائد فهذا لا يجوز، كونه يعطي مالاً ويأخذ عليه فوائد، أو يستقرض من البنك بفائدة هذا لا يجوز هذا ربًا بلا شك، ومحرم، أما كونه يحوّل ماله من بنك إلى بنك، لأجل ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (6).

المشقة في نقله أو الخوف في نقله، فنرجو أن لا حرج في هذا، وهذا من جنس الشيء الذي يضطر إليه الإنسان، هذا يكون من الأشياء الضرورية، تعتبر ضرورية، وهو لا يقصد الربا، وإنما حول ماله من جهة إلى جهة فلا يضره ذلك ولا حرج في هذا إن شاء الله.

حكم الفائدة المصرفية

77 - حكم الفائدة المصرفية س: هل الفائدة المصرفية تعتبر ربا، أم لا، وإذا كانت ربا فما حكم من اقترض قرضًا بفائدة، نرجو التوجيه جزاكم الله خيرًا (¬1)؟ ج: نعم الفائدة المصرفية ربا، إذا اقترض الإنسان مائة بمائة وخمسة أو أكثر أو أقل، فهذا ربا وهكذا ما هو أكثر من ذلك، ولا يجوز تسليم هذه الفائدة، بل على الفاعل التوبة والرجوع إلى الله، والإنابة والندم وعدم العودة، وليس للمُقْرِض إلا رأس ماله، كما قال تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ} ولا يجوز تعاطي هذه المعاملة، ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بالناس الذين يفعلونها مع كثرتهم، فإن الحق أحق بالاتباع، والله ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (181).

سبحانه يقول: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «الذهب بالذهب مثلاً بمثل، سواءً بسواء يدًا بيد، والفضة بالفضة يدًا بيد مثلاً بمثل، سواءً بسواء» (¬1) الحديث وهذه العُمَل الجديدة من الدولارات والدنانير، وغيرها من العُمَل الورقية، كلها لها حكم الذهب والفضة، فلا يجوز أن يباع بعضها ببعض مفاضلة، وهي من جنسٍ واحدٍ ولا نسيئةً، بل لا بد أن يكون ذلك يدًا بيد، مع التماثل إن كانت من جنس واحد، كالدينار بالدينار والدولار بالدولار، أمَّا إن كانت من أجناس، كأن يبيع دولارًا بدراهم سعودية، أو بدنانير أردنية أو عراقية فلا بأس، لكن يدًا بيدٍ بالتقابض، أما دينار بدينارين، أو دولار بدولارين أو مائة دولار بمائة وخمسة، أو مائة ريال سعودي بمائة وخمسة، لأجل الفائدة هذا لا يجوز، هذا هو الربا، هذا عين الربا، نسأل الله السلامة، والرسول صلى الله عليه وسلم حرم القرض الربوي للاستثمار أو للاستهلاك لحاجته كه محرم، والرسول لم يفرق بين هذا وهذا، عليه الصلاة والسلام، بل عمم وأطلق فدل ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا، برقم (1587).

ذلك على أنه لا يجوز مطلقًا، إن كان القصد من ذلك الاستهلاكَ، أم كان القصد الاستثمارَ والمتاجرةَ.

بيان ما يلزم من أقرض غيره قرضا ربويا

78 - بيان ما يلزم من أقرض غيره قرضًا ربويًا س: يقول السائل: أنا رجل أحب علماء المسلمين، وأحب فعل الخير وهذا من فضل ربي والحمد لله، ولكن عندما تزوجت كنت في أشد الحاجة إلى المال من أجل أن أكمل الذي أنا في حاجته، فذهبت إلى أحد الإخوان وطلبت منه سلفًا، وقد وافق لكن بشرط أن آخذ منه خمسة آلاف، وأردها له بعد ستة أشهر سبعة آلاف وخمسمائة ريال، يعني بزيادة ألفين وخمسمائة ريال، ولحاجتي الماسة أخذت هذا المبلغ، وأنا كاره، ولقد سددت المبلغ أي أعدته بعد ستة أشهر، حسب الشرط وفي خاطري شيء من الحرج، فهل عليّ ذنب لأنني أخشى أن أكون قد أخذت بالربا، أرجو إفتائي جزاكم الله خيرًا (¬1)؟ ج: لا شك أن هذه المعاملة معاملة ربوية وحرام ومنكر عليك، وعلى صاحبك فالواجب عليكما التوبة إلى الله سبحانه وتعالى والندم على ما ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (155).

مضى والعزم ألاّ تعودا إلى ذلك، والواجب على صاحبك أن يرد عليك المبلغ الزائد، ألفين وخمسمائة؛ لأنها لا تحل له؛ لأنها ربًا، فالواجب عليه أن يردها إليك إلا أن تسمح عنها وتبيحه فيها؛ لأنها معاملة ربوية، ليس له أخذ هذه الزيادة، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواءً بسواء، يدًا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى» (¬1) وهذه العُمَل قد أقيمت مقام الذهب والفضة فليس له أن يأخذ زيادة، وليس له أن يبيع عشرة باثني عشر، أو يقرض عشرة باثني عشر، أو بثلاثة عشر أو بأكثر كل هذا لا يجوز لأنه من الربا فأنت عليك التوبة، وهو عليه التوبة والندم على ما مضى، والعزم ألاّ تعودا في ذلك، وعليه أن يرد إليك ما زاد على الخمسة؛ لأنها أخذت بغير حق. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا، برقم (1587).

حكم أخذ القرض بفائدة

79 - حكم أخذ القرض بفائدة س: شاب عليه دين، ذهب إلى أحد البنوك وأخذ سلفة مقدارها

عشرة آلاف ريال على أن يرجع المبلغ بعد سنة اثني عشر ألف ريال، هل هذا ربًا وهل عليه إثم (¬1)؟ ج: هذا ربًا، إذا أخذ من البنك عشرة آلاف قرضًا على أن يردها اثني عشر ألفًا، هذا من الربا الصريح، لا شك في ذلك عند جميع أهل العلم هو ربًا لا شك في ذلك، سواء كان من البنك أو من غير البنك، وهذه الفوائد الربوية قد نص أهل العلم على تحريمها، فلا يجوز لأحد أن يتعاطاها، لا مع البنك ولا مع غير البنك أن يقترض شيئًا ويرد أكثر منه، هذا لا يجوز أبدًا ولو بدرهم واحد، لكن إذا أخذ قرضًا من دون فائدة ثم رد خيرًا منه تبرعًا منه ومعروفًا منه فلا بأس لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن خياركم أحسنكم قضاء» (¬2) فإذا اقترض من زيد عشرة آلاف من دون شرط فائدة معروفًا، ثم لمَّا ردها عليه زاده شيئًا، هذا لا بأس معروفًا منه من دون شرط، «إن خيار الناس أحسنهم قضاءً» (¬3) كان ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (10). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوكالة، باب وكالة الشاهد والغائب، برقم (2305)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب من استسلف شيئًا فقضى خيرًا منه، وخيركم أحسنكم قضاء، برقم (1601). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليسِ، باب هل يعطى أَكبر من سِنه، برقم (2392)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب من استسلف شيئًا فقضى خيرًا منه، وخيركم أحسنكم قضاء، برقم (1600).

النبي صلى الله عليه وسلم يرد أحسن وأفضل – عليه الصلاة والسلام – إذا اقترض، أما إذا كان في ذلك التواطؤُ فلا يجوز ولو ما كتب، ما دام فيه تواطؤ لا يجوز، ولا تجب الزيادة بل يرد مثل ما أخذ سواء بسواء هذا هو الواجب عليه.

بيان ما يجري فيه الربا في العملة الواحدة

80 - بيان ما يجري فيه الربا في العملة الواحدة س: من الجمهورية العربية السورية رسالة بعث بها المستمع س. و. ف. أخوان يسألان ويقولان: هل يجوز التعامل بالنقد؟ مثال: أخذت من شخص ألف ليرة سورية بشرط أن أردها إليه خلال فترة محددة بفائض خمسمائة ليرة. هل يوجد حديث أو آية قرآنية تنص على ذلك؟ مع العلم بأن الشخص يقول ويراهن على ذلك بأنه توجد آية تنص على ذلك وتحلله ويعلل ذلك بأن العلماء يخفون ذلك أحيانًا لأمر ما، فما هو توجيهكم؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: هذا عين الربا لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الذهب بالذهب مثلاً بمثل والفضة بالفضة مثلاً بمثل والبر بالبر مثلاً بمثل، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (338). (¬2) السؤال من الشريط رقم (338). ') ">

والشعير بالشعير مثلاً بمثل والتمر بالتمر مثلاً بمثل فمن زاد أو استزاد فقد أربى» (¬1) فإذا أعطاه عملة دولار بدولارات أكثر أو ليرة بليرات أكثر أو ريال سعودي بريالات أكثر هذا عين الربا بنص قول الرسول عليه الصلاة والسلام والذي يقول: إن هناك آية تبيح ذلك كذَّاب، والعلماء لا يخفون هذا، العلماء يبينون الحق وهم علماء السنة وعلماء الحق، وإذا كان يقصد قوله جل وعلا {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} فهذه ليس فيها حل الربا، هذه مجملة فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بالنصوص فالمراد إذا تداينتم بدين يعني باع سلعة بدين، باع بيتًا بدين، باع طعامًا بنقود دينًا، أما إذا باع ذهبًا بذهب دينًا، فهذا لا يجوز، المقصود الدين الجائز يبيع أرضًا بثمن مؤجل، يبيع سيارة بثمن مؤجل يبيع برًّا، أو شعيرًا بثمن مؤجل هذا الدَّيْن، أما يبيع عملة بعملة مؤجل فلا يجوز هذا ولا بر ببر، ولا ذهب بفضة مؤجل ولا بر بشعير مؤجل بنص السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالصرف والربا معروف والمعاملات الأخرى معروفة، نسأل الله العافية. ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب البيوع عن رسول الله، باب ما جاء أن الحنطة بالحنطة مثلاً بمثل كراهية التفاضل فيه، برقم (1240).

س: تسأل أختنا وتقول: امرأة كانت تقرض الشخص ألف ريال، على أن يرده ألفًا وثلاثمائة، وهي لا تعرف أن هذا ربًا، فهل يلحقها شيء في ذلك وماذا يجب عليها (¬1)؟ ج: هذا لا شك أنه ربًا، والذي فعل ذلك قبل أن يعلم، لا شيء عليه كما قال الله في كتابه العظيم، {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}، فبيَّن سبحانه أن من جاءه موعظة من ربه، يعني عرف الحق ووُعِظ وذُكِّر فانتهى وتاب إلى الله فلا شيء عليه، ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون، هذا يبين لنا أن الواجب على من عرف الربا، أن يحذره وأن يتباعد عنه وأن يتوب إلى الله من ذلك، وعلى المؤمن أن يسأل ويتفقه في دينه، يتعلم حتى لا يقع فيما حرم الله عليه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» (¬2) متفق على صحته، وهذا يدلنا على أن الإنسان إذا تفقه في ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (161). ') "> (¬2) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، برقم (71)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، برقم (1037).

الدين وتبصر وتعلم فهذا من الدلائل على أن الله أراد به خيرًا، أما إذا استمر في الجهالة والإعراض، فهذا من علامات أن الله أراد به شرًّا ولا حول ولا قوة إلا بالله. وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من سلك طريقا يلتمس فيه علمًا سهل الله به طريقًا إلى الجنة» (¬1) فالتّعلم من أهم المهمات، والتفقه في الدين وإذا تصدَّقتِ بالزائد احتياطًا لأنك تساهلت في السؤال وصرفته في وجوه الخير، فهو أحوط وأحسن، كما قال تعالى: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ} نسأله الله للجميع الهداية والتوفيق. س: هناك إنسان يقرض الناس بفائدة، فمثلاً يعطي رجلاً مائة دينار لمدة ستة أشهر، ويأخذ على هذا المبلغ عشرين دينارًا مثلاً، زيادة فما حكم الإسلام في هذا؟ ج: هذه المعاملة ربوية، من أعمال الربا حكمها أنها معاملة باطلة ربوية، والله جل وعلا حرّم الربا ورسوله صلى الله عليه وسلم لعن آكل ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، وعلى الذكر، برقم (2699).

الربا وموكله، وكاتبه وشاهديه، وقال: «هم سواء» (¬1) والله يقول سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} فالمعنى أن الربا يجب أن يترك ثم بين سبحانه وتعالى أنه حرب لله وحرب للرسول عليه الصلاة والسلام، فعلى المؤمن أن يحذر أنواع الربا كلها، ولهذا قال الله: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}، أي فاعلموا أنكم محاربون لله ورسوله في تعاطي الربا، فالفوائد في القروض ربا، فإذا أقرضه عشرة دنانير، حتى يعطيه بعد ذلك اثني عشر أو ثلاثة عشر فهذا من الربا. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة، باب لعن آكل الربا ومؤكله، برقم (1598).

حكم الاشتراك في بطاقات التخفيض في محلات معينة

81 - حكم الاشتراك في بطاقات التخفيض في محلات معينة س: السائل يقول: شركة تعرض بطاقات للتخفيض بالاشتراك، بمبلغ محدد في السنة يُعطى حاملها تخفيضًا بنسبة معينة وذلك في الجهات التجارية دون بعض، ما حكم الاستفادة منها جزاكم الله خيرًا (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (391).

ج: حكم هذه المعاملة عدم الجواز، بل ذلك من الربا؛ لأنه يدفع أموالاً من النقود في مقابل تخفيض، في محلات معينة إذا اشترى منهم في مقابل هذا المال الذي قدمه للشركة، وقد صدر من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاستي واشتراكي فتاوى كثيرة في هذا الباب كلها تفيد المنع.

حكم قبض بعض النقود وتأجيل بعضها عند الصرف

82 - حكم قبض بعض النقود وتأجيل بعضها عند الصرف س: أبها / ع. أ. أنا أعمل في محل ويأتيني جاري في بعض الأحيان ويقول لي: اصرف لي خمسين ريالاً وحينئذ لا يكون عندي غير الثلاثين مثلاً فأخبره، ويقول: خذ الخمسين وأعطني الثلاثين ويبقى لي عندك عشرون، هل هذا يجوز أم لا؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: هذا العمل لا يجوز؛ لأن فيه قبض البعض وتأجيل البعض والصرف لا بد أن يكون يدا بيد والطريقة السليمة أن يعطيه الخمسين أمانة عنده ويأخذ الثلاثين قرضًا، ثم بعد ذلك يحاسبه عليها حتى يعطيه الذي يبيع عليه الخمسين أو يرد عليه الثلاثين ثم يبيع عليه الخمسين ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (325).

ويعطيه العشرين الباقية يدًا بيد ويحاسبه على الثلاثين، المقصود أن هذا البيع لا يصلح إلا يدًا بيد، ولكن الثلاثين بالخمسين لا يجوز، ولكن يأخذ الخمسين أمانة والثلاثين قرضًا، فلا حرج في ذلك.

حكم صرف العملة الورقية إلى نقود معدنية بزيادة

83 - حكم صرف العملة الورقية إلى نقود معدنية بزيادة س: يقول السائل: انتشرت في هذه الأيام محلات صرف العملة الورقية إلى نقود معدنية أي الهَلَل، ولكن صاحب المحل يشترط أحد أمرين إما أن يشتري من يريد الصرف شيئًا من المحل وإما أن يصرف له العشرة بتسعة مثلاً فما الحكم في ذلك (¬1) (¬2)؟ ج: اختلف العلماء علماء العصر في هذا منهم من أجاز المفاضلة وقال: إن العملة المعدنية غير العملة الورقية فلا بأس بالتفاضل لقوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم» (¬3) إذا كان يدًا بيد كما تباع الفضة بالذهب متفاضلةً والدولار بالريال السعودي متفاضلاً وغير ذلك؛ لأن هذه غير هذه، العملة الورقية غير العملة المعدنية، وقال آخرون يجب التساوي؛ لأن هذا ريال وهذا ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (365). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (365). ') "> (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا، برقم (1587).

ريال عشرة بعشرة، ومائة بمائة فإذا تيسر الاحتياط وألاّ يبيع إلا بالتساوي يكون هذا أحوط من باب الاحتياط من باب دع ما يريبك إلى ما لا يريبك خروجًا من الخلاف. س: رسالة من السائل: ع. ع. ع. من جمهورية مصر العربية يقول: ما حكم الشرع فيمن يبيع الهلل، التسعة بعشرة من الريالات ويعطي بالريال العاشر عصيرًا أو أي شيء بريال فما حكم ذلك مأجورين (¬1)؟ ج: فيه خلاف بين علماء العصر والأفضل عدم الزيادة عشرة بعشرة ومائة بمائة لأنها كلها بالريال هذا معدن وهذا ورق فالأفضل عدم التفاضل عشرة بعشرة، عشرون بعشرين، ثلاثون بثلاثين أخرى لقوله صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (¬2) بعض إخواننا من العلماء قالوا: لا بأس لأن المعدن غير الورق فلا بأس في التفاضل، كما كان يباع بالريال سابقًا بالقياس مختلف، وكما يباع الريال بأشياء أخرى من الحديد لأنها مختلفة، فلا حرج بالجملة لكن كونه يحتاط لدينه ويعمل بالاحتياط ويأخذ الهلل من المعدن بالورق متساويًا عشرة ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (371). ') "> (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة والرقاق والورع، باب: منه، برقم (2518).

بعشرة ومائة بمائة، هذا أحوط وأبعد عن الشبهة لقوله صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (¬1) س: يقول السائل: ما حكم أخذ نقود معدنية لغرض الاتصال بنقود ورقية حيث إنني آخذ تسعًا من النقود المعدنية بعشرة من الورقية بفائدة ريال واحد هل هذا حرام علمًا بأن كثيرًا من الناس يتعامل بهذا جزاكم الله خيرًا (¬2)؟ ج: فيه خلاف بين أهل العلم في العصر الحاضر والأفضل ترك ذلك، الأحوط للمؤمن أن يأخذ عشرة بعشرة ومائة بمائة هذا هو الأحوط، أما التحريم فيه نظر لكن الأحوط للمؤمن ترك ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (¬3) وقوله عليه الصلاة والسلام «من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه» (¬4) فإذا ترك ذلك وأخذ عشرة بعشرة، مائة بمائة لأنها كلها ريال يكون هذا أحوط. ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة والرقاق والورع، باب: منه، برقم (2518). (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (360). ') "> (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة والرقاق والورع، باب: منه، برقم (2518). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، برقم (52)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، برقم (1599).

س: السائل: أ. م. م. يقول: هل يجوز بيع العملة المعدنية بعملة ورقية بالفائدة بمعنى أبيع تسع ريالات معدنية بعشرة ورقية جزاكم الله خيرًا (¬1)؟ ج: الأحوط مثلاً بمثل عشرة بعشرة، مائة بمائة هذا هو الأحوط بعض أهل العلم أجاز ذلك، لأن المادة مختلفة، ولكن الأقرب والأحوط ترك ذلك، لأنها كلها ريال، كلها عملة واحدة، ريال واحد. س: يسأل المستمع ويقول: هل يجوز بيع الهلل؟ مثلاً نشتري ألف ريال من الهلل (ريال) ثم نبيع تسع هلل بعشرة ريالات، هل هذا العمل حلال؟ ج: الأحوط التماثل، وإن فعل فلا حرج إن شاء الله، لكن الأحوط هو التماثل عشرة بعشرة، مائة بمائة، ثلاثون بثلاثين، من الورق والهلل جميعًا؛ لأنها كلها تسمى دراهم، عملة دراهم، هذه ورق وهذه هلل، فإذا ساوى بينهما فيكون ريال ورق بريال هلل أو عشرة أريل هلل بعشرة أريل ورق، كل هذا أحوط، وأحسن، خروجًا من الخلاف في هذا. ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (345). ') ">

حكم بيع العمل بالعمل إذا اختلف جنسها

84 - حكم بيع العمل بالعمل إذا اختلف جنسها س: يقول السائل: ما رأيكم يا سماحة الشيخ في تبديل العملات، كأن يأخذ شخص نقودًا ليبية، تقدر بثلاثمائة دينار، ويستبدلها بألف جنيه مصري ثم يستبدلها، بألف دولار وهل يكون هذا من الربا؟ وما حكم من باعها بأكثر من قيمتها (¬1) (¬2)؟ ج: بيع العُمَل بعُمَل أخرى لا بأس به، إذا كان يدًا بيد، فإذا باع عملة سعودية بدولار أميركي يدًا بيد، بأن يعطيه ويأخذ منه، أو بعُملة ليبية أو عراقية، أو عملة إنجليزية، أو غير ذلك لا بأس، لكن يدًا بيد يأخذ ويعطي مثل ما تقدم في الحديث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة، والبُر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح يدًا بيد، مثلاً بمثل، سواءً بسواء فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم» (¬3) إذا كان يدًا بيد إذا اختلفت العُمَل يدًا بيد، أما إذا كان عملة واحدة فلا بد من التماثل، ولا بد من التقابض دولار بدولار لا زيادة، عشرة بعشرة لا زيادة يدًا بيد، أما إذا اختلفت ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (155). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (155). ') "> (¬3) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا، برقم (1587).

فاشترى عشرة دولار بخمسين ريالاً سعوديًا، أو بثلاثين ريالاً سعوديًا، أو بأقل أو بأكثر يدًا بيد فلا بأس، أو اشتراها بدينار أردني، أو عراقي، يدًا بيد، ولو كانت أقل من قيمة الدولار أو أكثر العبرة بأن تكون يدًا بيد لأنها عملتان مختلفتان كالذهب والفضة. س: الأخ ا. ا. يقول: أرجو أن تتفضلوا بتوضيح الحلال من الحرام في بيع عملة بعملة أخرى؟ ج: بيع عملة بعملة أخرى لا حرج فيه، لكن يدًا بيد في المجلس، يبيع دراهم سعودية بدولار أو بدنانير لا بأس، لكن يدًا بيد لقوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم» (¬1) إذا كان يدًا بيد، وقال صلى الله عليه وسلم: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواء بسواء، يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم» (¬2) إذا كان يدًا بيد، فإذا باع ذهبًا بفضة فإنه يكون يدًا بيد وإذا باع برًّا بشعير فإنه يكون يدًا بيد، ولو اختلف الأجناس كأن باع تمرًا بأرز لا بد أن ¬

(¬1) صحيح مسلم الْمُسَاقَاةِ (1587)، سنن الترمذي الْبُيُوعِ (1240)، سنن أبي داود الْبُيُوعِ (3349)، مسند أحمد (5/ 320). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا، برقم (1587).

يكون يدًا بيد، أو باع بشعير.

حكم شراء العملة برخص وبيعها بغلاء

85 - حكم شراء العملة برخص وبيعها بغلاء س: يقول السائل: هل يجوز شراء العملة، بثمن رخيص وبيعها بثمن أغلى (¬1)؟ ج: لا حرج إذا تيسر شراؤها من دون مخادعة ولا غش، قد اشتراها من السوق، وبقيت عنده ثم باعها بأغلى، إذا غلت لا حرج في ذلك، لكن لا يخدع أحدًا، يشتريها بشراء شرعي، ثم إذا باعها بما يسَّر الله له لا حرج في ذلك. ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (294).

مسألة في بيع عملة بعملة أخرى

86 - مسألة في بيع عملة بعملة أخرى س: يقول السائل: إذا كان الدينار الليبي يساوي تقريبًا ثلاثة دولارات، فما حكم من يقوم ببيع الدولار الواحد بدينار، أو من يقوم ببيع الدينار الواحد بدينار تونسي، والصحيح أن الدينار الليبي يساوي دينارين تونسيين، نرجو إفادتنا في ذلك حيث شاع مثل هذا العمل بين الناس ولم يكلفوا مجرد التفكير فيما إذا كان

هذا العمل جائزًا أو غير جائز، وجهونا ووجهوا الناس، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: العُمَل تعتبر أجناسًا، فإذا باع العملة الليبية بعملة تونسية، أو أمريكية أو سعودية أو غير ذلك فلا بأس، بشرط أن يكون ذلك يدًا بيد، كما يبيع الذهب والفضة يدًا بيدٍ، فإذا باع الجنيه من الذهب بدراهم من الفضة يدًا بيد فلا بأس، وهكذا إذا باع عملة من العمل بعملة أخرى مثلها، أو أكثر أو أقل إذا كان ذلك يدًا بيدٍ، كما يبيع الذهب بالفضة يدًا بيد والمقصود أن العُمل تعتبر أجناسًا، فالعملة الليبية جنس والعملة التونسية جنس، والعملة الأمريكية جنس وهكذا العملة الإنجليزية، والفرنسية وأشباه ذلك، وقد درس مجلس هيئة كبار العلماء لدينا هذا الموضوع، ورأى ما ذكرناه، رأى أن العُمل أجناس وهو الذي ينبغي الأخذ به؛ لأنها اعتبرت أثمانًا للمبيعات، وقيمًا للمبيعات فحلت محل الذهب والفضة، وكل عملة قائمة برأسها وأصلية بنفسها، تعتبر جنسًا مستقلاً فإذا بيعت بعملة أخرى جاز ذلك يدًا بيدٍ، فلو باع دينارًا ليبيًا بدولارين أو ثلاث دولارات أمريكية، أو بجنيه إسترليني أو أقل أو أكثر، فلا بأس بذلك إذا كان ذلك يدًا بيد، يتقابضون في المجلس لا نسيئة، ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (164).

ولا يتفرقون إلا بعد التقابض، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة، والبر بالبر والشعير بالشعير، والتمر بالتمر والملح بالملح، مثلاً بمثل سواء بسواء، يدًا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم» (¬1) إذا كان يدًا بيد، فقوله: «إذا اختلفت الأصناف» (¬2) مثل اختلاف العُمَل سواء، فتباع بعضها ببعض لكن يدًا بيد، كما يباع البر بالشعير ولو اختلف يدًا بيد، صاعًا من بر بصاعين من شعير لا بأس، لكن يدًا بيد صاع من تمر بصاعين من شعير لا بأس لكن يدًا بيد، جنيه من الذهب بمائة درهم فضة، بخمسين درهمًا بأكثر بأقل، يدًا بيد لا بأس، فهكذا دولار أمريكي بدولارين من عملة أخرى، أو دينار ليبي بدولارين من العملة الأمريكية، أو بغيرها يدًا بيد، لا بأس بذلك. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا، برقم (1587). (¬2) صحيح مسلم الْمُسَاقَاةِ (1587)، سنن أبي داود الْبُيُوعِ (3349)، مسند أحمد (5/ 320).

بيان ما يلزم عند بيع العمل المختلفة

87 - بيان ما يلزم عند بيع العمل المختلفة س: السائل يقول: بعض الجهات تستثمر أموالها بالفضة والدولار، بحيث تشتري الدولار بالريال الفضة، وقد تبيع الفضة بالدولار، وهذه العملية عملية قيدية لا غير، بحيث لا يرى البائع ولا المشتري شيئًا من النقود، سواءً كان من الفضة أو من الدولار، ولا

يتم التقابض بين الطرفين، فما مدى صحة هذا النوع من التعامل (¬1)؟ ج: إذا كان هذا التعامل ليس فيه قبض فلا يصح التعامل، فإن المعاملات بالنقود لا بد فيها من القبض، سواء كان بالدولار أو بالريال السعودي أو بالدينار، أو بالجنيه الإسترليني، أو المصري أو غير ذلك فلا بد أن يكون هناك تقابض، ولو بالقيد إذا كان عند الشخص دنانير أو دولارات، فباعها على زيد أو عمر بالقيد أو بالهاتف، قال هذه الدنانير التي عندك، أو الدولارات التي عندك، وهي كذا وكذا، قد بعتها عليك بكذا وكذا، فاقبض، وقبض من نفسه صار وكيلاً، قبض من نفسه هذا المال، فلا بأس، أما إن كان ما جرى قبض فإنه لا يصح؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «يدًا بيد» (¬2)، «الذهب بالذهب والفضة بالفضة، والبر بالبر» (¬3)، إلى آخره «يدًا بيد مثلاً بمثل، سواءً بسواء»، ثم قال: «فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدًا بيد» (¬4)، فالدولار بالجنيه الإسترليني، يدًا بيد والدولار بالريال السعودي، يدًا بيد، فإذا قال: بعتك هذه الدنانير، أو هذه الدولارات بمائة ألف ريال سعودي، ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (213). (¬2) صحيح البخاري الْمَنَاقِبِ (3940)، سنن النسائي الْبُيُوعِ (4576)، سنن أبي داود الْبُيُوعِ (3349)، مسند أحمد (5/ 320). (¬3) صحيح مسلم الْمُسَاقَاةِ (1587)، سنن الترمذي الْبُيُوعِ (1240)، سنن النسائي الْبُيُوعِ (4561)، سنن أبي داود الْبُيُوعِ (3349)، سنن ابن ماجه التِّجَارَاتِ (2254)، مسند أحمد (5/ 320)، سنن الدارمي الْبُيُوعِ (2579). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا، برقم (1587).

وهو مجرد قيد ما سلّمك فلوسًا هذا لا يصلح البيع، لا بد من التقابض، مجرد القيد لا يصلح، القبض لا بد أن يكون المال مقبوضًا لصاحب المال أولاً فإذا كان الشراء بالدولارات، من زيد فلا بد أن يكون المقابل مسلَّمًا لزيد، سواء كان عنده، يقبض من عنده أو يرسل إليه، أو يحوله على إنسان حتى يقبض منه، فإذا حصل التّقابض تم البيع وإلا فلا.

حكم الاتجار بالعمل

88 - حكم الاتجار بالعُمل س: يقول السائل: هل يجوز الاتجار بالعملة بقصد الربح، فمثلاً لو قمت بتصريف ثلاثمائة دينار ليبي، نحصل على ألف دولار، والألف الدولار في المصارف التونسية، ثمانمائة دينار تونسي وقمت بعد ذلك بتبديل ثمانمائة دينار مع ثمانمائة دينار ليبي، فنكون بذلك قد ربحنا خمسمائة دينار ليبي هل هذا حلال أم حرام (¬1) (¬2)؟ ج: البيع والشراء في العُمَل جائز، لكن بشرط التقابض باليد يعني: إذا باع عملة ليبية بعملة أمريكية، أو مصرية أو غيرهما يدًا بيد فلا بأس، كأن يشتري دولارات بعملة ليبية، يدًا بيد يقبض ويسلم، أو اشترى عملة مصرية أو إنجليزية، أو غيرهما، بعملة ليبية أو غيرها يدًا بيد أمّا إلى ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (163). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (163). ') ">

أجل من غير قبض فلا يجوز، هذا ربًا فلا بد من التقابض في المجلس يدًا بيد وإلا يكن ربًا. س: يقول السائل: معلوم أن المغترب يعود إلى بلده، وقد اشترى من العملات العالمية، مثل الدولار وجنيهات الذهب، أو حتى أي عملة غير عملة بلده، ثم يعود لبلده لبيعها، فيسعى وراء أغلى سعر يبيعها به، ومن أماكن البيع ما هو رسمي من الدولة، ومنها ما يسمى السوق السوداء، والسؤال هو متى يكون هذا ربا فضل، وماذا ينبغي عندئذ، أفيدونا أفادكم الله (¬1)؟ ج: العُمَل تختلف فإذا باع عملة بعملة أخرى يدًا بيد فهذا ليس فيه ربًا، كأن يبيع الدولار بالجنيه المصري أو بالعملة اليمنية يدًا بيد، فلا بأس وهكذا إذا باع أي عملة بعملة أخرى، يدًا بيد فإنه ليس في هذا ربًا، أما إذا باع العملة بعملة أخرى إلى أجل كأن يبيع الدولار بالعملة اليمنية إلى أجل أو بالجنيه المصري أو الإسترليني، أو الدينار الأردني أو العراقي أو غير ذلك إلى أجل هذا يكون ربًا؛ لأنه نزلها منزلة الذهب والفضة، فلا يجوز بيع بعضها ببعض، نسأ، بل لا بد من القبض في ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (60). ') ">

المجلس، أما ربا الفضل فهذا يقع في العملة، بنفسها، إذا باع العملة بالعملة نفسها، متفاضلاً كأن يبيع الجنيه الإسترليني بالجنيه الإسترليني وزيادة يعني الجنيه الإسترليني بجنيهين، هذا ربًا ولو كان يدًا بيد، أو يبيع العملة السعودية عشرة ريالات بأحد عشر ريالاً، هذا ربا فضل، وإذا كان إلى أجل، كان ربا فضل ونسيئة جميعًا، فيه نوعان ربا فضل ونسيئة، وهكذا أشباه ذلك كالدولار بدولارين أو ثلاثة، إلى أجل أو حالاً، إذا كان حالاً يدًا بيد، فهو ربا فضل، وإن كان إلى أجل كان ربا فضل ونسيئة جميعًا اجتمع فيه الأمران، هذه وجوه الربا. س: يقول السائل: ما حكم تحويل العملة، من عملة إلى أخرى، كالدينار مثلاً بالدولار وما أشبه ذلك. ج: لا حرج، لكن يدًا بيد، إذا أراد الإنسان أن يشتري دولارًا بريال سعودي، يكون يدًا بيد، أو جنيهًا إسترلينيا بعملة أخرى، فيكون يدًا بيد، أو دينارًا أردنيًّا أو عراقيًّا، أو سوريًّا كان يشتري هذا بعملة أخرى، يكون يدًا بيد لا بأس بذلك.

بيان ما ينبغي على من يعلن عن جوائز لمن يشتري من بضاعته

89 - بيان ما ينبغي على من يعلن عن جوائز لمن يشتري من بضاعته س: يقول السائل: لقد اطلعت على فتواكم بشأن قيام بعض المؤسسات والمحلات التجارية بنشرها إعلانات في الصحف وغيرها عن تقديم جوائز لمن يشتري من بضائعهم المعروضة، مما يغري الناس على الشراء من هذا المحل دون غيره، وأن هذا نوع من القمار المحرم شرعًا، وسؤالي هو هل محطات البنزين، التي تزود من يشتري منها بنزينًا لسيارته ببطاقة مكتوب عليها عند حصولك على بطاقات بكمية ثلاثة آلاف لتر بنزين، يحق لك غسيل سيارتك مجانًا، هل هذا من القمار المحرم شرعًا أيضًا كسابقه، أرجو منك الإفادة، (¬1)؟ ج: هذا فيه نظر، ويحتاج إلى تأمّل ودراسة؛ لأنه قد يحصل بذلك هجر المحلات الأخرى التي لا تعلن هذا الإعلان وتشوش عليها، فيحصل مثلما يحصل في إعلان التُّجار، الذي أشار إليه السائل، فالأحوط في مثل هذا عدم العمل، بهذا الإعلان، وعدم الالتفات إليه؛ لأنه قد يحصل به من الأذى للآخرين ما هو معلوم، أمّا الجزم بأنه ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (143).

محرم، فيحتاج إلى مزيد عناية في حلقة أخرى إن شاء الله.

حكم أخذ الدائن فائدة على إنظار المدين

90 - حكم أخذ الدائن فائدة على إنظار المدين س: يقول السائل: اتفق حسن وعلي وهما صديقان في العمل، على تمويل مشروع بناء عمارة سكنية، يقوم بموجبها علي بتمويل المشروع، في حدود ثلاثمائة ألف ريال، على أن يسدد حسن هذا المبلغ لعلي سنويًا من موارده الخاصة، وقد وعد حسن عليًّا طواعية بإعطائه، بدون قيد ولا شرط إيجار ثلاث شقق من العمارة هبة منه لعلي، ثم إن المشروع انتهى وقد زاد المبلغ من ثلاثمائة ألف ريال إلى أربعمائة ألف ريال، السؤال: هل المبلغ الذي تعهد به حسن المدين لدفعه لعلي الدائن من إيجار الشقق الثلاث طواعية، وهبة، هل هو حلال أو يكون فيه شيء من الربا؟ أفيدونا عن هذا الموضوع جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الذي يظهر من حال الشخصين: أن هذا المال الذي يدفعه حسن لعلي، إنما هو لمقابل إمهاله وإنظاره في حصته، من نفقة العمارة ولو سمَّياه تطوعًا وهدية فالله يعلم ما في القلوب، فلم يكن هذا المال ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (83).

مدفوعًا من أجل صداقة أو قرابة، إنما دفع من أجل هذا العمل، الذي عمله عليّ، وهو كونه ينفق على العمارة حتى تكتمل، ثم يكون الشيء بينهما على ما شرطاه، لكن يعطيه حسن في مقابل هذا العمل هذه الهدايا التي يقول، المقصود أن هذا فيما يظهر ربًا؛ لأنه إنما أقرضه من أجل هذه الهدية التي يزعمون أنها هدية، وليست بهدية في الحقيقة، وإنما هي فائدة، من أجل إنظاره وإمهاله، والله جل وعلا أعلم.

حكم استثمار الأموال في جهة ربوية

91 - حكم استثمار الأموال في جهة ربوية س: يقول السائل: أعطيت أخي في مصر مبلغًا من المال، وقلت له: دع هذا المبلغ في جهة للاستثمار، فأخذ المبلغ ووضعه في جهة ربوية، وحينئذ كان له أرباح، كيف تنصحونني تجاه تلك الأرباح، جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2)؟ ج: تلك الأرباح تصرف في بعض المشاريع الخيرية، وليس لكم إلا رأس المال وعليك التوبة من ذلك، وعلى أخيك التوبة إلى الله من ذلك، وعدم العود، والأرباح التي قبضتم من طريق الربا تصرف في بعض المشاريع الخيرية، مثل الصدقة على الفقراء، مثل قضاء دين ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (109). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (109). ') ">

إنسان معسر، مثل إصلاح دورة مياه للمساجد، أو إصلاح بعض الطرق، أو حاجة بعض المدارس أو ما أشبه ذلك، من المشاريع الخيرية التي تصرف فيها هذه الأموال التي ليس لها مالك شرعي، بل هي من جنس الأموال الضائعة، والرهون، المجهولة أهلها ونحو ذلك. س: يسأل السائل ويقول: اتفق شخص مع آخر على إقامة مشروع تجاري على أن يقوم الشخص الأول بدفع رأس المال، مال المشروع ويقوم الشخص الثاني بالإدارة فقط وتقسم الأرباح مناصفةً بينهم، وطلب الشخص الثاني من الشخص الأول مبلغًا من المال يخصم من نصيبه من الأرباح بعد إقامة المشروع، وذهب لأداء فريضة الحج هو وزوجته وبعد رجوعه من الحج، رجع الشخص الأول في كلامه ورفض إقامة المشروع، فهل يجب أن يرجع الثاني ما أخذه من مال؟ وهل يجب عليه أن يعيد الحج هو وزوجته؛ لأنه لم يرد المال. ج: هذه مسألة خصومات يرجع فيها إلى المحكمة، أما الحج فهو صحيح والحمد لله إذا كان أداه على الوجه المشروع فحجه صحيح، أما

خصومة بينهما في المشروع فهذا يرجع به إلى المحكمة.

حكم السحب على بطاقات الدخول في بعض المعارض التجارية

92 - حكم السحب على بطاقات الدخول في بعض المعارض التجارية س: يقول السائل: يجري في بعض المعارض التجارية، أو معارض الألعاب السياحية، سحب على أرقام بطاقات الدخول، حيث إن من أراد دخول المعرض يدفع ثمن بطاقة الدخول، ويدخل ويُشاهد ما في المعرض، أو يشارك في بعض الألعاب، ومن فترة لأخرى يجري السحب على بطاقات الدخول، وتوزع جوائز، هل يجوز أخذ هذه الجوائز علمًا بأن الداخل للمعرض لم يخسر شيئًا بل شاهد ما في المعرض أو شارك في بعض الألعاب مقابل ثمن بطاقة الدخول (¬1) (¬2)؟ ج: هذا من القمار، لا يجوز، هذا قمار وميسر لا يجوز وأكل الأموال بالباطل، نسأل الله العافية، قد يخسر ولا يستفيد شيئًا، نسأل الله العافية. س: هل الجوائز التي تقدم عن طريق بعض أنواع البضائع، حكمها مثل حكم اليانصيب المحرّم؟ لأن الجائزة قد تكون عشرة آلاف ريال ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (106). (¬2) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (106). ') ">

لمن حالفه الحظ، وقد اشترى تلك البضاعة بريال واحد مثلاً. ج: هذه من القمار لا يجوز، قمار ميسر، إذا كان يجعل جائزة لمن حصَّل الرقم الفلاني فهذا من القمار.

بيان السلم وشروطه

93 - بيان السلم وشروطه س: هذا سائل يقول: يوجد شخص أخذت منه عشرة آلاف ريال، ودور السنة أعطيته مائتي كرتونة صابون تطلع عليه بستة عشر ألف ريال، فأفيدونا يا سماحة الشيخ هل في ذلك ربا (¬1)؟ ج: إذا كان أسلم له عشرة آلاف، في مائتي كرتون صابون، صابون معروف لأجل معلوم، فلا بأس مثل ما يشتري تمرًا ورزًا، وغيره إذا كان الصابون شيئًا معلومًا، وضبطه بالصّفة إلى أجل معلوم، سنة أو أكثر لا بأس، إذا كان قبض الثمن في المجلس. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (429).

حكم السلف في الطعام

94 - حكم السلف في الطعام س: السائل يقول: هل يجوز السلف من الشعير بالشعير، الذي يعد

علفًا للأغنام إلى أجل ثم يرده مثلاً بمثل (¬1). ج: لا بأس، الشعير وغير الشعير، الشعير والرز والبرّ والدقيق والدراهم، وكل هذه يجوز السلف فيها، ويرد مثله. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (331).

بيان حكم القرض

95 - بيان حكم القرض س: يقول السائل: لقد عرفت منزلة المقرض عند الله، وأُحب أن أخوض في هذا العمل، ولكن المشكلة أن والديَّ لا يرضيان بذلك (¬1). ج: لك أن تقرضي من غير علمهما؛ لأنهما ليس لهما أن يمنعاك من الأمر الشرعي، ولكن ينبغي أن تظهري طاعتهما في ذلك، حتى لا يكون بينكما شر، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الطاعة في معروف» (¬2) وليس من المعروف منعك من التوسيع على إخوانك في الله وأخواتك في الله، ليس هذا من المعروف وإذا كانا يخشيان ذهاب المال، فاحتاطي وأقرضي بالرّهن، والضمان، جمعًا بين المصالح، بين حفظ مالك وبين إرضاء والديك، وإذا كانا لا يسمحان ولو بالضمان ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (62). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وتحريمها في المعصية، برقم (1840).

ولو بالرهن فأقرضي سرًّا ولا حرج عليك في ذلك، وإذا كان القرض لله سبحانه وتعالى هذا هو العمل الصالح، فعليها أن تجتهد في الأعمال الصالحة مطلقًا، لكن إذا كان والداها لا يرضيان بأن تصوم مثلاً، ويقولان إن هذا يشق عليك أو كذا أو كذا فإنها تصوم سرًّا، ولا تبدي لهما شيئًا من ذلك أو تصوم أيام الشتاء حتى لا يفطن لذلك؛ لأن طاعة الوالدين لها شأن عظيم، وهما لهما العناية العظيمة بأولادهما من الرحمة والعطف، والخوف على الولد فإذا جاملتهما وأظهرت الموافقة على رأيهما فلا بأس بذلك، من باب المجاملة ومن باب تطييب النفس، حتى لا يكون في نفوسهما عليها شيء، وهي تنتهز الفرص في الأوقات المناسبة، وإذا تركت الصيام طاعة لهما فلا شيء، يرجى لها في ذلك الخير العظيم، وثواب الصائمين، إذا لم يتيسر لها أن تصوم سرًّا؛ لأنهما يعرفان ذلك فتدع الصيام ولا تشاق والديها، ليس لها أن تشاق والديها، بل تلاحظ رضاهما؛ لأن برهما واجب، وصوم النافلة تطوع، إذا كانا لا يسمحان ويشق عليهما، وربما ضرباها أو هجراها، وتترك ذلك من باب ترك المستحب لحفظ الواجب، والقرض لله سبحانه، لا يقتصر على القرض المادي، قوله: {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} يعني قرضًا بالطاعة.

حكم الاستقراض في الأطعمة

96 - حكم الاستقراض في الأطعمة س: السائل / ر. من سوريا، يقول: هل يجوز مبادلة حنطة بحنطة، على سبيل الاستقراض علمًا بأن الوزن معلوم (¬1)؟ ج: إذا استقرض مائة صاع، أو مائة كيلو من الحنطة يرد مثلها، وإن رد أزيد من دون شرط فلا بأس، «إن خيار الناس أحسنهم قضاءً» (¬2) أما أن يأخذ قرضًا بزيادة، فلا يجوز، هذا ربا، كونه يأخذ مائة صاع حنطة، بمائة وعشرة صاع حنطة، أو مائة صاع رز بمائة وعشرة رزًا، لا يجوز، أما إذا أخذ قرضًا، اقترض من أخيه مائة صاع رز أو حنطة، ثم رد مثل ذلك، لا حرج والحمد لله، وإن رد أزيد من دون شرط، بل مجرد تبرع وإحسان، فلا بأس لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن خيار الناس أحسنهم قضاءً» (¬3) وكان صلى الله عليه وسلم ربما اقترض ورد أكثر، عليه الصلاة والسلام. ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (410). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليسِ، باب هل يعطى أَكبر من سِنه، برقم (2392)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب من استسلف شيئًا فقضى خيرًا منه، وخيركم أحسنكم قضاء، برقم (1600). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليسِ، باب هل يعطى أَكبر من سِنه، برقم (2392)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب من استسلف شيئًا فقضى خيرًا منه، وخيركم أحسنكم قضاء، برقم (1600).

حكم قبول الهدية من المقترض بعد وفاء القرض

97 - حكم قبول الهدية من المقترض بعد وفاء القرض س: السائل / أبو معاذ من حائل، يقول: صديق أنهى خدمته من

العمل، واستحق مكافأة نهاية الخدمة، وكان يريد السفر بخروج نهائي، وقد صرفت له تذاكر له ولزوجته، وأنهى ستة شهور في سكنه، وطلب مني أن أعطيه المبلغ، ويكتب لي وكالة شرعية بالمبلغ الذي له؛ لأن صرف هذا المبلغ يحتاج إلى شهرين على الأقل، وإن بقي فسوف يدفع أجرة البيت، ويفقد تذاكر السفر، فأعطيته المبلغ كاملاً وكتب لي وكالة شرعية بذلك المبلغ كاملاً، وقبل سفره قدم لي هدية، وأنا لا أعلم شيئًا عن هذه الهدية، من حيث النوع ومن حيث الثمن فأخذتها، فهل علي إثم في ذلك (¬1)؟ ج: ليس عليك شيء، ما دام ليس هناك شرط؛ إنما هو من نفسه، فلا شيء عليك؛ لأنك أحسنت إليه، والله جل وعلا يحب من عباده، أن يكافئوا بالإحسان، مثل ما قال صلى الله عليه وسلم: «من صنع إليكم معروفًا فكافئوه» (¬2) فإذا أحسن إليك إحسانًا، وأعطيته مكافأة فلا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم كان يقترض ويكافئ، الممنوع الشرط، تقول له ما أسلفك إلا تعطيني زيادة، هذا ما يجوز، أما أقرضته، وأحسنت إليه، ثم أعطاك هدية لا حرج عليك. ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (398). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب عطية من سأل بالله، برقم (1672).

حكم اقتراض الحيوان بالحيوان

98 - حكم اقتراض الحيوان بالحيوان س: ما حكم اقتراض الحيوان بالحيوان؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: لا بأس إذا اقترض منه شاة، أو بقرة أو بعيرا وضبط صفاته، وردّ عليه مثله لا بأس بذلك؛ لأن أمره واضح، والصفات تحفظ المقترض، وتبينه والتساهل بين المسلمين هذا واقع، كما يقترض الدراهم والدنانير، والطعام كذلك، لا بأس باقتراض الحيوان، كالشاة أو البعير أو غيرهما من الحيوانات التي تذبح. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (314).

بيان وجوب أداء القرض في الوقت المحدد

99 - بيان وجوب أداء القرض في الوقت المحدد س: يقول السائل: كثير من الناس إذا اقترض لا يهتم بالوفاء (¬1). ج: لا يجوز، هذا منكر، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «مطل الغني ظلم» (¬2) ويقول: «ليُّ الواجد يحل عرضه وعقوبته» (¬3) الواجب ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (346). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحوالات، باب الحوالة وهل يرجع في الحوالة، برقم (2287)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب تحريم مطل الغنيّ، وصحة الحوالة، واستحباب قبولها إذا أحيل على مليء، برقم (1564). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الأقضية، باب في الحبس في الدين وغيره، برقم (3628).

عليه إذا اقترض أن يبادر بالأداء في الوقت المحدد، وإذا لم يكن محددًا متى ما أيسر قضاه ولا يجوز له المطل ولا التأخير مع اليسر، فيوفي في الوقت الذي حدد له المقرض، وهذا التساهل يسبب منع هذه المصلحة، وتساهل الناس في القرض وامتناعهم منه، بسبب فعل بعض الناس الذين لا يبالون في القرض، ولا يسددون ويماطلون؛ لأنهم بهذا يسببون منع الآخرين من القرض المقصود أن الواجب على من اقترض أن يهتم بالتسديد، حين يقدر على التسديد أو حين يحضر الوقت المحدد.

بيان فضل القرض الحسن

100 - بيان فضل القرض الحسن س: المستمع المصري / ي. ع. يقول: عندما يطلب مني أحد الأشخاص قرضًا، أعتذر عن ذلك بحجة أنني لا أملك المال مع أنني أملكه، وذلك خوفًا من ضياع المال؛ لأني سبق أن أقرضت الكثيرين وامتنعوا عن السداد (¬1)؟ ج: الواجب أن تعتذر بغير ذلك، تعتذر بعذر يحتمل، بغير عدم وجود المال، لا تكذب، لا حاجة للكذب، تعتذر بعذر آخر من الأعذار المناسبة التي تقنع صاحبك، والحمد لله، وإذا كنت تثق في صاحبك ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (346).

وأنت موسر، فأحسن إليه، وفرّج كربته، واكسب الخير، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة» (¬1) والقرض فيه تنفيس إذا استطعت أن تنفس فافعل، فإذا كنت تخشى الضياع، وأن هذا المقترض لا يقوم بالواجب، فاعتذر بعذر آخر، كأن تقول مثلاً: لا أستطيع، وتنوي أنك لا تستطيع؛ لأنك لا تثق به، ولا تطمئن إليه، أو تأتي بعذر آخر، تقول مثلاً إن هناك مانعًا يمنعني من القرض، المقصود تأتي بعذر يحتمل ألا تكون كاذبًا. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، وعلى الذكر، برقم (2699).

بيان بيع السلم

101 - بيان بيع السلم س: اقترض رجل مبلغ مائة ريال من أحد أصدقائه على أن يعطيه في موسم الحصاد بدلاً منها عشرين صاعًا قمحًا، مع العلم أن العشرين صاعًا تساوي مائة وخمسين ريالاً، فهل هذه الزيادة مشروعة؟ وإن كانت مشروعة، فإن فيها زيادة ليست مقابل شيء، إلا مقابل التأجيل، أرجو توضيح هذه المسألة جزاكم الله خيرًا (¬1). ¬

(¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (228).

ج: إذا كان ذلك على سبيل السلم فلا بأس أن يعطيه مائة ريال في عشرين صاعًا، يسلمها له في رمضان أو في شوال، هذا يسمى بيع السلم والنبي صلى الله عليه وسلم قال لما قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين قال: «من أسلف في شيء، فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم» (¬1) فإذا أعطاه مائة ريال بعشرين صاعًا، أو أعطاه ألف ريال بمائة صاع أو أكثر، لأجل معلوم من الذرة أو من الحنطة أو من الأرز، فهذا يسمى سلمًا، ولا يسمى قرضًا، أما إذا أعطاه مائة ريال قرضًا، وقال: شرط أنك تعطيني عنها عشرين صاعًا، وقت كذا أو وقت كذا، هذا معناه السلم، لكن سوء تعبير، أما إذا أعطاه قرضًا على أن يعطيه أكثر من المائة لأجل معلوم، يعطيه مائة وعشرين ريالاً، يزيده مائة وثلاثين هذا ربًا لا يصح، لكن بعض الناس قد لا يحسن عبارات السلم، فإذا أعطيتك مائة ريال، تقضي بها حاجتك الآن، وتعطيني مقابلها في شهر كذا عشرين صاعًا، ثلاثين صاعًا، من الأرز، من الحنطة، من الذرة، هذا يسمى السلم، أو ثمر كذلك، إذا صار الأجل معلومًا والمطلوب معلومًا. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب السلم، باب السلم في كيل معلوم، برقم (2239)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب السلم، برقم (1604).

بيان أنواع المداينة

102 - بيان أنواع المداينة س: يقول السائل: المعروف حاليًا أن الناس يأخذون من بعضهم أموالاً كقرض، ويسمونها دينًا وهي غير السلف، وسؤالي: هل الدين بالمفهوم الحالي حرام، وما هي الطريقة الإسلامية الشرعية لذلك؟ أفيدونا بذلك، وجزاكم الله خيرًا (¬1). ج: ليس الدَّيْن حرامًا إذا كان على الوجه الشرعي، وليس القرض حرامًا إذا كان على الوجه الشرعي، ويسمى دَيْنًا، قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} فالله سبحانه أباح لعباده المؤمنين التداين، وأن يكتب ذلك الدَّيْن إلى أجل، فلا بأس بالمداينة، ولا بأس بالاقتراض، والمداينة كأن تشتري من أخيك سلعة، من أرض أو بيت أو دكان أو سيارة أو غير ذلك، إلى أجل معلوم لحاجتك إليها؛ لتسكن البيت؛ لتزرع الأرض، لتستعمل السيارة أو لتستفيد منها، أن تبيعها وتستفيد منها، إلى غير ذلك من المقاصد، هذه تسمى مداينة إلى أجل مسمى، هذا شيء لا حرج فيه، إذا كان المبيع ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (88).

مملوكًا للبائع، وفي حوزة البائع، فإن هذا البيع يسمى بيعًا، ويسمى دينًا، ومن المداينة ما يسمونه بالسلم، وهو أن تأخذ من شخص دراهم معينة معجلة، يشتري بها شيئًا من ذمتك، كقهوة، سكر، رز، غير ذلك، تأخذ منه مثلاً عشرة آلاف ريال، على أنك تعطيه بكل ريال صاعًا من الحنطة، نوعها كذا أو صاعًا من الأرز بعد سنة، بعد سنتين بعد ستة أشهر معينة، هذا يسمى السلم، ويسمى السلف، وهو ما عجل ثمنه، وأُخر مثمنه، إذا كان معلومًا تامة شروطه، إلى أجل معلوم، أو سيارة قد علم موديلها، وصفاتها الكاملة تبيعها عليه من ذمتك إلى أجل معلوم، فتأخذ منه عشرة آلاف أو عشرين ألفًا، على أنك تدفع له بعد سنة أو بعد سنتين سيارة، صفتها كذا وصفتها كذا، موديلها كذا معروفة، ليس فيها شبهة أو آصعًا معلومة، من الأرز أو من الحنطة أو من غير ذلك، أو من القهوة أو من السكر إلى غير ذلك، شيء معلوم، قال النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة أو السنتين، قال عليه الصلاة والسلام: «من أسلف فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم إلى أجل معلوم» (¬1) هذا كله يسمى مداينة، ومنها القرض أيضًا، ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب السلم، باب السلم في كيل معلوم، برقم (2239)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب السلم، برقم (1604).

كأن تقول لأخيك في الله أو لأخيك من النسب، أو لابن عمك أو لصهرك أبي زوجتك، أو أخي زوجتك أو غيرهم تقول له أقرضني ألف ريال، أقرضني عشرة آلاف ريال، قرضًا بدون فائدة لله، هذا يسمى دَيْنًا ويسمى قرضًا، فإذا أعطاك أخوك في الله، أو قريبك، أو صهرك، مطلوبك من المال، فهذا يسمى قرضًا، إذا كان من دون فائدة بمجرد الاحتساب، هذا يسمى قرضًا، لأنه إرفاق، ويسمى دينًا؛ لأنه في الذمة، هذا لا حرج فيه ولا بأس، لكن لو قال: على أن تعطيني زيادة كذا وكذا، صار ربا، لو قال: نعم أنا أعطيك قرض عشرة آلاف، لكن بشرط أن تعطيني في كل ألف عشرة، أو مائة، أو خمسين؛ من أجل التأخير الذي يتأخره المال عندك، هذا هو الربا المعروف لا يجوز، أو قال: أنا أعطيك عشرة آلاف قرضًا، لكن على أن تعطيني سيارتك الفلانية، أستعملها شهرين، ثلاثة، أكثر، أقل في مقابل هذا القرض، هذا لا يصلح؛ لأنه قرض بشرط، وهذا لا يجوز، كذلك لو قال: نعم أنا أعطيك عشرة آلاف، أو مائة ألف، قرضًا، على أن تعطيني أرضك الفلانية أزرعها، وأستفيد منها حتى تعطيني قرضي، حتى يستفيد من الأرض بدون أجر في مقابل هذا القرض، أما إن استأجرها بأجرة المثل دون شرط، استأجرها بالعادة بنصف الزرع، بثلث الزرع، بآصع معلومة بدراهم

معلومة، كما يستأجرها الأجنبي من دون شرط بينكم، قد استأجرها بعد ذلك منك، فلا بأس، لكن الله يعلم ما في القلوب إذا كانت من دون شرط أو بالأجرة المعتادة التي يأخذها غيره.

حكم الاقتراض ممن كسبه حرام

103 - حكم الاقتراض ممن كسبه حرام س: يقول السائل: كان هناك صديق يمر بضائقة مالية، فأراد أن يقترض بعض المال من أحد الأصدقاء، ولكن بعض الناس قالوا له: لا تقترض منه؛ لأن ماله حرام؛ ولأنه يعمل في التماثيل القديمة، هل لا بد للإنسان إذا اقترض مالاً من أخيه، أن يسأله عن مصدره، أو يسأل غيره عن مصدره؟ وهل إذا كان يأتي عن طريق غير مشروع، فهل على الإنسان إثم إذا اقترض؟ نرجو التوجيه جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: إذا كان يعلم أن اكتسابه حرام، وأن ماله حرام، لا يقترض منه، أما إذا كان لا يعلم، فلا يلزمه السؤال، يقترض من أخيه، والأصل السلامة، والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (344). (¬2) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (344). ') ">

س: هل يجوز أن أستلف من شخص، تجارته معروفة بالحرام، وأنه يتعاطى الحرام؟ ج: لا ينبغي لك يا أخي، أن تقترض من هذا، ولا أن تتعامل معه، ما دامت معاملاته بالحرام، وهو معروف بالمعاملات المحرمة الربوية وغيرها، فليس لك أن تعامله، ولا أن تقترض منه، بل ينبغي لك التنزه من ذلك، والبعد عن ذلك، لكن لو كان يتعامل بالحرام وبغير الحرام، يعني معاملاته مخلوطة، فيها الطيب والخبيث، فلا بأس ولكن تركه أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (¬1) ولقوله عليه الصلاة والسلام: «من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه» (¬2) ولقوله صلى الله عليه وسلم: «الإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس» (¬3) فالمؤمن يتباعد عن المشتبهات، أمّا ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة والرقاق والورع، باب: منه، برقم (2518). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، برقم (52)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، برقم (1599). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تفسير البر والإثم، برقم (2553).

إذا علمت أن كل معاملاته محرمة، وأنه يتجر في الحرام، فمثل هذا لا يعامل ولا يقترض منه.

حكم الشرط في القرض

104 - حكم الشرط في القرض س: الأخ / ع. ع. العتيبي، يسأل ويقول: إنني مزارع وأحتاج إلى مال، لكي أسدد به وأنفق فيه على هذه المزرعة، فأذهب إلى أحد الوسطاء فآخذ منه قرضًا، مقابل أن أبيع خضرتي عنده، ويأخذ دلالته فقط، فما الحكم؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كان ذلك شرطًا لم يجز، فإن كان لم يقرضك إلا بشرط، أن تجعل الخضرة عنده يبيعها، هذا لا يجوز؛ لأن هذا القرض قرض منفعة، فلا يجوز بإجماع المسلمين، أما إذا اقترضت منه وبعت عنده الخضرة، ليستوفي حقه من دون مشارطة، إنما اخترته أنت ليبيعها ويأخذ حقه، فلا بأس، من دون شرط، أما بشرط أنك تعطيه الخضرة يبيعها، فهذا لا يجوز. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (179).

حكم من اقترض مالا بعملة وسدده بعملة أخرى

105 - حكم من اقترض مالاً بعملة وسدده بعملة أخرى س: يقول السائل: أرجو الإفادة عن هذا الموضوع: أولاً شاءت إرادة

الله سبحانه وتعالى أن أقترض من أحد الأشخاص مبلغ خمسين دينارًا عراقيًّا دينًا إلى أن أرده له، وشاء الله أن سافرت للسعودية، دون التمكن من مقابلته، وقد وافاه الأجل وهو في غربته قبل أن نتقابل، وطبعًا المبلغ دين في عنقي، مع العلم أن أسرة الفقيد معنا في المنطقة بالسودان، وهو أعزب، وأريد أن أرد المبلغ إلى أسرة الفقيد، لكن ما هي الطريقة التي أرد بها هذا المبلغ، هل أرده دينارات كما أخذتها، مع العلم أن الدينار نفسه في السودان ليس له أي قيمة تذكر، إلا إذا حُوِّل إلى عملة أخرى إلى الريال أو الدولار، أم أردها ريالات فيما يعادل المبلغ المستلم، أم أردها عملة سودانية فيما يعادل المبلغ، في حالة تحويله، إلى أحد العملات المذكورة؟ أفيدوني عن هذا جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: الواجب عليك أن ترد القرض إلى أهله، كما أخذته، فإذا كان الرجل معروف الأسرة، فالواجب عليك أن ترده إلى ورثته على ما أخذته، سواء غلا أو رخص، ترد الدنانير التي أخذتها منه إلى حالها، فإذا اتفقت مع الورثة على غيرها بالسعر الحالي، فلا بأس، فإذا اتفقت ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (184). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (184). ') ">

معهم، على أن تردها لهم بالريال السعودي، بالجنيه الإسترليني، بالدولار، وقت الاجتماع بهم والاتفاق معهم على السعر فلا بأس بذلك، وإلا فالواجب عليك أن ترد ما أخذت، على ورثته بعد التأكد من الورثة أما قول السائل شاءت إرادة الله، فإنه لا ينبغي هذا التعبير فلا يقول شاءت إرادة الله، ولا شاءت قدرة الله، ولكن يقال شاء الله سبحانه كذا وكذا، هكذا ينبغي، الإرادة والقدرة، ليس لها مشيئة، المشيئة لله وحده سبحانه، {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ}، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. س: يقول السائل: اقترضت من صديق مبلغًا من المال، بالدولار هل يجوز سداد هذا المبلغ بما يساويه من عملة أخرى، كالريال اليمني مثلاً أو الجنيه. ج: نعم لا بأس من كون الإنسان اقترض عملة، ويسددها بعملة أخرى بالتراضي، إذا رضي صاحب العملة الأولى أن يأخذ عنها عملة أخرى، فلا حرج في ذلك، يدًا بيد من غير تأخير، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قيل له يا رسول الله إنا نبيع بالدراهم ونتقاضى عنها الدنانير، فقال عليه

الصلاة والسلام: «لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء» (¬1) فإذا اقترضت مثلاً مائة دولار، وأعطيت صاحبها عنها عملة أخرى، كالريال السعودي أو اليمني أو الدينار الأردني أو العراقي، يدًا بيد بحسب القيمة، فلا بأس بذلك، أو زده زيادة على ذلك؛ لأنك تراه محسنًا إليك، فزده على ذلك، فلا بأس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن خيار الناس أحسنهم قضاء» (¬2) وهكذا لو باع عليك سيارة بعشرة آلاف دولار، ثم أعطيته عنها ما يقابلها بالدنانير، أو الريال السعودي أو اليمني أو ما أشبه ذلك، من العُمَل الأخرى فلا بأس لكن بشرط التقابض في المجلس، وألاّ تتفرقا وبينكما شيء، وأن تعطيه إياها بسعر يومها، حين المعارضة. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في اقتضاء الذهب من الورق، برقم (3354). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليسِ، باب هل يعطى أَكبر من سِنه، برقم (2392)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب من استسلف شيئًا فقضى خيرًا منه، وخيركم أحسنكم قضاء، برقم (1600).

حكم من استدان بالعملة الفضية وسدد القرض بالعملة الورقية

106 - حكم من استدان بالعملة الفضية وسدد القرض بالعملة الورقية س: يقول السائل: استدان رجل من رجل مبلغًا من الفرنسي والعربي فضة، وأراد أن يسدد ما عليه في هذه الأيام، فهل يجوز له أن

يسددها ورقًا حسب سعرها في السوق أم لا؟ نريد الإجابة بالتفصيل، حول هذه المسألة (¬1)؟ ج: إذا كان على إنسان دَيْن لآخر، عملة فرنسية أو فضة أو من جميع العملات الأخرى، فلا مانع أن يسدد ذلك، أو أن يقضي ذلك من العملة الورقية؛ لأن العملة الورقية جنس مستقل، وذاك جنس مستقل، هذه من الورق، وذاك من الفضة أو الذهب، فلا منافاة، لكن يكون يدًا بيد يعطيه دينه بسعر السوق، يدًا بيد عن الفرنسي، وعن الدرهم الفضي السابق، أو الآخر بأن ينظر في قيمته في الأسواق، ويعطيه ما يقابل ذلك يدًا بيد، لا تأجيلاً، بل يدًا بيد، وإن أعطاه شيئًا آخر من باب الحيطة، ومن باب الخروج من خلاف من لا يرى ذلك، مثل أن يعطيه عن ذلك سكَّرًا، أو قهوة، أو هيلاً، أو خامًا، أو أواني، فهو أحسن يعني بالسعر، لكن الأرجح عندنا، والأظهر أنه لا حرج في أن يعوّضه عن ذلك بالعملة الورقية بالسعر، حسب السوق. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (1).

حكم من أخذ الزكاة لتسديد دينه وليس أهلها

107 - حكم من أخذ الزكاة لتسديد دينه وليس من أهلها س: الأخ / د. ر. س. الرياض يقول في سؤاله: إنني أقرضت رجلاً مبلغًا من النقود، ثم تبين لي أنه سيدفع لي المبلغ الذي في ذمته من الزكاة التي سيحصل عليها مع أنه غير مستحق لها، وهو يعلم ذلك، ويعرف أحكام الزكاة، على وجه التفصيل، وهو يأخذها سرًّا، هل يجوز لي أن أظفر بحقي الذي في ذمته، مما يحصل عليه من مال الزكاة؟ وهل يلحقني إثم بذلك، أم الإثم مقصور عليه وحده؟ أرجو إفادتي، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كنت تعلم أنه ليس أهلاً للزكاة، إذا كنت تعلم هذا على بصيرة، وتعلم أن المال الذي دفعه إليك أنَّه من الزكاة فلا تأخذه، لا تعينه على الإثم والعدوان، بالشرطين: إذا كنت تعلم أنه ليس من أهل الزكاة، وأنه غني بتجارته، أو بمرتبه الذي يكفيه، وعلمت أيضًا أن هذا المال الذي دفعه إليك، أنه مما أخذه من الزكاة، فلا تأخذه، أما إذا كنت لا تعلم، فليس عليك التفتيش، خذ ما أعطاك من المال ووكل أمره إلى الله سبحانه وتعالى. ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (129).

حكم تسديد الدين من مال حرام

108 - حكم تسديد الدين من مال حرام س: من المدينة المنورة رسالة من الأخت أم عاتكة، تقول: أقرضت شخصًا مبلغًا من المال، وبعد فترة، ودون تأخير من قبلي، أو تضييق، ذهب واحتال للحصول على المال، وأعطاني إياه سدادًا لدينه، فهل يجوز لي أخذه؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كنتِ تعلمين أن هذا المال سرقة أو غصب، فلا تأخذيه، أما إذا كنتِ لا تعلمين، فليس عليك حرج، والإثم عليه، أمَّا إن كنت تعلمين، فلا تساعديه على الباطل؛ لأن من علم أن هذا المال الذي أتى به الشخص حرام، نهبة، أو سرقة، أو معاملة ربوية؛ فإنه لا يقبله، وينصح الشخص ويعظه، ويذكِّره، ويحذره. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (339).

بيان ما يلزم من عليه دين لميت له ورثة

109 - بيان ما يلزم من عليه دين لميت له ورثة س: أخذت امرأة من جارتها مبلغًا من المال دينًا، ولكن هذه المرأة التي لها الدين تُوفيت، فماذا تفعل هذه المرأة بالدين، هل تتصدق به عنها، أم تعطيه الورثة، علمًا بأن المال يسير، والورثة

كثيرون؟ وهل إذا أعطته واحدًا من الورثة يكفي أم لا بد من علم الآخرين؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: إذا ماتت صاحبة الدين؛ فإن الدين يصبح للورثة عن طريق المحكمة، إذا كان ما لهم وكيل، حتى تبرأ ذممهم جميعًا، أما إذا كان لهم وكيل، أو كبير، تعطيه إياه، والحمد لله، كبيرهم الذي هو يتولى التركة، التركة لها ولي يتولاها، تعطيه إياه. س: يقول السائل: استلفت مبلغًا من المال من خالي لعلاج والدي، ولم يتيسر لي سداد المبلغ بعد ذلك، أما الآن وقد وسع الله في رزقي، ومنذ فترة توفي خالي، فما العمل؟ وكيف أسدد؟ هل أسدد ما علي من مال لورثة خالي؟ أم كيف أفعل؟ جزاكم الله خيرًا. ج: نعم، الواجب عليك أن تدفع الذي في ذمتك لخالك، للورثة، وتخبرهم بذلك، فإذا كان لهم مسؤول ووسيط تعطيه الوسيط، أو المحكمة، حتى توزعه بينهم، وإذا كانوا محصورين، وأمكنك أن توزِّعه ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (338). (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم (338). ') ">

بينهم كفى، المقصود أنه يُسلم للورثة، إما بأنفسهم، وإما بواسطة وكيلهم أو بواسطة المحكمة.

بيان أن من بقي عليه شيء من ثمن التقسيط يعد غارما

110 - بيان أن من بقي عليه شيء من ثمن التقسيط يعد غارمًا س: يقول السائل: ما رأي سماحتكم فيمن اشترى منزلاً، أو شقة بالتقسيط، هل ما تبقَّى عليه من باقي الثمن يعتبر دينًا (¬1)؟ ج: نعم إذا اشترى شقة، أو سيارة، أو أرضًا بالتقسيط، فما قدمه معلوم، وما يبقى في ذمته يسمى دَيْنًا، ويسمى غارمًا، إذا كان عاجزًا، يعطي من الزكاة. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (310).

حكم من عليه دين لشخص لا يعرف مكانه

111 - حكم من عليه دين لشخص لا يعرف مكانه س: يقول السائل: إنني مديون لعدد من الأشخاص، بعضهم من مدة طويلة، وبعضهم مدّته ليست بطويلة، ولم أكن أجد المال، أثناء مطالبتهم لي في ذلك الوقت، والآن وجدت المال، ولكن بعضهم موجود، والبعض الآخر غير موجود، ماذا أفعل بأموال غير الموجودين، إذا لم أجدهم (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (255). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (255). ') ">

ج: عليك أن تسأل عن أماكنهم، ومتى عرفت عناوينهم ترسل لهم حقوقهم، وهذا يجب عليك؛ لأن أداء الدين واجب، وهذا من وسائل أدائه، فعليك أن تسأل وتحرص، حتى تعرف أماكنهم وعناوينهم، ثم ترسل لهم حقوقهم، ولا تعجل، فلعلهم يقدمون، ولعلك تعرف عناوينهم، وإن لم يقدموا، لا تعجل، فإن أيست من ذلك، فتصدق بها عنهم بالنية عن أصحابها، ومتى حضروا تخيرهم، فإن قبلوا الصدقة فالأجر لهم، وإن لم يقبلوها، صار الأجر لك، وتعطيهم حقهم. س: يقول السائل: اشتريت فاكهة من بائع، أمام إحدى البقالات، وحين دفعت الحساب وجدت أن ما معي من نقود لا تكفي، فطلب مني البائع إحضار الباقي مرة أخرى، وحين رجعت بعد مدة لمكان البائع لم أجده، وسألت صاحب البقالة، فقال: إنه ترك البيع معه، ولا يعلم له مكانًا، ورفض صاحب البقالة استلام المبلغ مني، والآن أسأل كيف أتصرف بذلك الدين الذي لم أجد صاحبه (¬1)؟ ج: إذا كان على الإنسان دين، ولم يعرف صاحب الدين، يعني انتقل ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (104). ') ">

إلى مكان آخر، أو سافر، وهكذا لو كان عنده وديعة، أو عارية، وذهب صاحبها، ولم يدر عنه، ولم يعرفه؛ لأنه بعد التحري وبعد بذل المستطاع في التعرف عليه، أو على مكانه، إذا عجز، فإنه ينتظر المدة المناسبة، لعله يأتي صاحبه إليه، إن كان يعرفه، وإن لم يأت، فإنه يتصدق بذلك على الفقراء والمساكين، أو يصرف ذلك في بعض المشاريع الخيرية، كتعمير المساجد، ودورات المياه، وما أشبه ذلك من المشاريع الخيرية، ويكون الأجر لصاحبه، ينويه عن صاحب المال، والله يوصل إليه أجره سبحانه وتعالى، لكن إذا تريث بعض المدة، لعله يأتي من باب الاحتياط فحسن، ثم إذا جاء صاحب الحق، فهو بالخيار، إن شاء قبل الصدقة، وصارت له الصدقة، وإن شاء طلب حقه، فتعطيه حقه، ويكون الأجر لك بما تصدقت به، س: عندي مشكلة، فإني ذات يوم خدعني إبليس، ذلك بأن جعلني أخدع صاحب السوق، عندما أخذت منه حاجتي، فقلت له: سوف أعطيك الثمن فيما بعد، ومرت سنة، أو أكثر، وأنا على هذا الحال وعندما أردت أن أعطيه، تغير المكان، وصار سوق آخر، ولم يوجد صاحب هذا الدين الذي بذمتي، وسؤالي رغم أنني نادمة جدًّا لم أجده، ولم أعرف أحدًا يعرفني عليه؛ لكي

أعطيه المبلغ وسألت أكثر من واحد، وقالوا: ليس موجودًا، فماذا أفعل؟ ج: عليك التوبة إلى الله، والندم، والعزم الصادق على ألاّ تعود لمثل هذا؛ لأنك ظلمته، وتعديت عليه، وعليك الصدقة بهذا المال، تصدق بهذا المال على الفقراء بالنية عن صاحبه، إذا لم تستطع معرفة عنوانه، وإيصال المال إليه، وإذا عجزت، فعليك أن تتصدق بالمال للفقراء بالنية عن صاحبه، وتدعو له، ويكفي، والحمد لله مع التوبة والندم فيما فعلت.

حكم المشاركة في جمعية الموظفين

112 - حكم المشاركة في جمعية الموظفين س: يقول السائل: من مكة ج. ح. س. ما هو الحكم في التعامل في الجمعيات بين عدد من الزملاء في العمل، مثال ذلك أن يتفق خمسة من الأشخاص على عمل جمعية تعاونية بمبلغ ألفي ريال، ويتم تسليم المبلغ وهو 8000 آلاف ريال مثلاً: أولاً، حسب الترتيب المتفق عليه، ويتم تسليم الثاني نفس المبلغ، حتى نهاية خمسة أشهر وهل يدخل هذا في باب القرض بمنفعة (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (310). (¬2) السؤال من الشريط رقم (310). ') ">

ج: إذا كان قرضًا من دون زيادة، يتفقون على قرض معلوم بينهم، كل شهر لواحد ألفان، أو ألف، أو أقل، أو أكثر، فلا بأس بذلك، فقد صدر قرار مجلس هيئة كبار العلماء بالأغلبية بالجواز في ذلك، إذا كان من دون زيادة، ليس هذا من القرض الذي بمنفعة؛ لأنهم مستوون، ليس يفضل أحد على أحد، وليس بفائدة، وليس هناك فائدة لأحد على أحد. س: هناك ما يسمى بالجمعية، وصفتها أن يقوم مجموعة من الموظفين بالاتفاق فيما بينهم على أن يدفعوا لأحد أعضاء هذه المجموعة، مبلغ ألف أو ألفي ريال عن كل عضو من المجموعة، لعضو واحد، لشهر محرم مثلاً، وفي شهر صفر يدفع نفس المبلغ لعضو آخر من هذه المجموعة، فهل يدخل ذلك في الحديث «كل قرض جر نفعًا فهو ربًا» (¬1) (¬2). ج: الصواب أنه – إن شاء الله – لا يدخل في ذلك، وقد درس مجلس هيئة كبار العلماء هذا الموضوع، وقرر بالأغلبية أنه لا حرج في ذلك إن شاء الله؛ لأنه سلف، ليس فيه زيادة؛ لأنهم متساوون في ذلك، فلا حرج ¬

(¬1) أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده (ج 2 / ص 201). (¬2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (205). ') ">

في ذلك إن شاء الله، فالحاصل أن هذا يدفع ألفَيْن، وهذا يدفع ألفَيْن، وفي الشهر الآخر كذلك، وهكذا حتى ينتهوا، فليس فيه شرط الزيادة، إنما اتفقوا على هذا القرض المعين، الذي ليس فيه زيادة؛ ولأن الذي بينهم نفع مشترك، ليس فيه زيادة لأحد على أحد. س: هل ما يسمى بالجمعية، والتي يدفع كل فرد منها مبلغًا يقبضه الآخر مرة واحدة، وهكذا بدَوْر كل واحد في الجمعية، هل فيه ربًا؟ ج: الصواب لا بأس به، قد صدر قرار من المجلس مجلس هيئة كبار العلماء بالأغلبية: أنه لا حرج في ذلك، إذا اتفقوا على قرض بينهم، يأخذ ألفَيْن، إذا جاءه الدور، أو كل واحد يأخذ ثلاثة أو عشرة، لا بأس، كل واحد سواء رجال أو نساء؛ لأنه قرض، ليس فيه زيادة، ليس فيه تفاضل، المثل بالمثل.

بيان معنى حديث: كل قرض جر نفعا فهو ربا

113 - بيان معنى حديث «كل قرض جر نفعًا فهو ربا» س: يسأل المستمع ويقول: ما معنى «كل قرض جر نفعًا فهو ربا» (¬1) (¬2) (¬3). ¬

(¬1) أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده (ج 2 / ص 201). (¬2) السؤال من الشريط رقم (432). (¬3) السؤال من الشريط رقم (432). ') ">

ج: كل قرض يجر إليه نفعًا، إذا أقرضت زيدًا ألف ريال وأعطاك كسوة، أو أهدى إليك فاكهة، أو ما أشبه ذلك، هذا من الربا، أو أسكنك في البيت بدون أجرة، أو أعطاك سيارة تستعملها بدون أجرة هذا جر نفعًا، هذا من الربا؛ لأنه ما أعطاك إلا من أجل القرض. س: يقول السائل من الكويت: نحن مجموعة من الأشخاص عشرة أشخاص، نشترك في جمعية بقيمة خمس وعشرين دينارًا شهريًّا، يدفع كل منا لشخص آخر، ويقبضها الشخص بالتناوب في كل شهر، فما حكم ذلك؟ وهل عمل هذه الجمعية جائز؟ أثابكم الله (¬1). ج: ليس فيه بأس، إذا تعاونوا لا بأس، بهذا المبلغ، أو بأكثر أو بأقل، إذا تعاونوا عن سماح نفوسهم، فلا بأس بهذا، هذا من باب التعاون على الخير. س: يسأل السائل ويقول: دار نقاش حول الجمعية التي تفعل في كثير من بعض الإخوة، هل هي جائزة أم محرمة؟ نرجو البيان والتوضيح في ذلك. ج: إن كان المراد بالجمعية القرض الذي بينهم، هذا يأخذ ألفًا، ومن ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (341). ') ">

هذا ألفًا، ومن هذا ألفًا ثم يقضيهم، والآخر كذلك، والآخر كذلك، فلا بأس، هذا قرض لا حرج فيه.

حكم أخذ القرض من الجمعيات التعاونية ممن ليس مساهما فيها

114 - حكم أخذ القرض من الجمعيات التعاونية ممن ليس مساهمًا فيها س: يقول السائل: إذا أراد شخص أن يسهم معهم، ولكن دون أن يدفع مبلغًا وليقرضوه يفعل ذلك. فما هو توجيهكم (¬1)؟ ج: إذا أحب أن يقرضوه بدون شيء، معروفًا منهم، فجزاهم الله خيرًا بدون فائدة، وإن كانوا لا يقرضون إلا من ساهم معهم؛ لأن هذا شرط بينهم، فلا يقرضوه، إلا من تساهم معهم، فلا بأس، لأن هذا نفع دون زيادة، دون مقابل، لا يضر، كلهم سواسية. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (310).

حكم التحايل لأخذ القرض من بنك التسليف

115 - حكم التحايل لأخذ القرض من بنك التسليف س: م. خ. ح. يقول: إنه شاب اقترض من بنك التسليف مبلغًا، وهو خمسة عشرة ألف ريال، وهو ما يسمى قرض زواج، وذلك القرض لا بد له من شروط، وهي: أن يكون الشخص المقترض متسببًا، وإذا كان موظفًا لا بد أن يكون الراتب ثلاثة آلاف ريال

فأقل، علمًا بأنني آخذ من هذا البنك قرضًا، وراتبي أكثر من ثلاثة آلاف ريال، واستلمت هذا القرض بناء على أنني متسبب وأنا موظف، ويتم سداد هذا القرض شهريًّا، بلا زيادة ولا نقصان، واقتراضي هذا بسبب بعض الديون التي كانت عليّ، فماذا أعمل يا سماحة الشيخ الآن؟ وبماذا تنصحونني؟ علمًا بأن حالتي المادية لا تسمح بإرجاع المبلغ، وجزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الواجب التوبة إلى الله من عدم بيان الحقيقة عند القرض، الواجب عليك التوبة إلى الله من عدم بيان الحقيقة عند القرض، وعليك أن توفي القرض، حسب التعليمات المتبعة لدى البنك، سواء كنت متسببًا أو موظفًا، عليك أن تسدد حسب الطاقة، وحسب التعليمات المتبعة، وإذا كنت لا تستطيع بيِّن للبنك، والبنك ينظر في الأمر، حسب ما عنده من التعليمات. ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (372).

حكم أخذ الفوائد على القرض بعد حلول أجله

116 - حكم أخذ الفوائد على القرض بعد حلول أجله س: شخص اقترض مبلغًا من شخصية اعتبارية، حوالي مليون ريال تحت حساب ما يسمى جاري مَدِين، وبعد فترة اضطرته الظروف

ولم يتمكن من التسديد، فوجد هذه الشخصية طيلة هذه المدة، تأخذ فوائد بمعدل عشرة في المائة، فيرغب الانتهاء، ما هو العمل؟ كما أن الشخصية لم تعطه هذا المبلغ، إلا مقابل عقار، والعقار أصبح الآن لا يساوي شيئًا، وإذا أرادت الشخصية أن تخصم الفوائد من رأس ماله فما الحكم أيضًا؟ أفيدونا عن هذه الأمور (¬1)؟ ج: ليس للشخصية التي اقترضت منها، أن تأخذ فوائد وليس لك أن تستجيب لها في ذلك لو طلبت إنما عليك أن تؤدي الذي أخذتَه منها برأسه فقط، من دون زيادة متى يسر الله لك وزال العسر، والله يقول سبحانه: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} فعلى الشخصية التي أقرضتك أن تنظرك حتى يتيسر أمر العقار، ويباع فتوفي أو يتيسر لك أمر آخر توفي منه، وأما أن تعطيهم فائدة بسبب التأخير فليس لك ذلك، وليس لهم ذلك فهذا عين الربا الذي كانت تفعله الجاهلية، وقال الله فيه سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ}، ¬

(¬1) السؤال الرابع في الشريط رقم (62).

هذا الربا الذي تريد الجهة أن تحملك إياه، لا يجوز تحمله، بل يجب إسقاطه عليك وعليهم، وعليك رأس المال أن تؤديه إليهم، لا تظلمون ولا تظلمون، لا تظلمون في الإعسار، أو تأخيره بغير حق، ولا تظلمون بتحميلكم الفائدة الزائدة، لا هذا ولا هذا، وإذا أبت هذه الجهة فعليك أن تحاكمها في المحكمة الشرعية.

حكم تسديد من عليه دين من فعل محرم

117 - حكم تسديد من عليه دين من فعل محرم س: هذا السائل يقول: أنا شاب هداني ربي عز وجل لطاعته بعد أن كنت على بعض المعاصي وعليَّ دين من فعل حرام، هل أسدده أم مَّاذا أفعل؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: ليس له حق، إذا كان الدين من خمر، فليس لك أن تسدّده، فإن طالبك في المحكمة، فالأمر إلى المحكمة، فإن كنت تعلم أنه ثمن خمر، تقول: إن الله تاب عليَّ، وما أعطيك ثمن الخمر، أو مهر البغي، مهر الزنا، عليك التوبة ولا تعطها ما عندك؛ لأنه لا يحلُّ لها أخذه، والنبي صلى الله عليه وسلم قد أكَّد في النهي عن ثمن الكلب، ومهر ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (387).

البغيِّ وحلوان الكاهن (¬1)، فإذا كان المال الذي عندك في مقابل زنًا أو خمر أو ما أشبه ذلك، من الحرام فليس لك أن توفيه، بل تعتذر وتقول: إن الله هداني ولا يجوز لي أن أعطيك هذا الشيء، والواجب عليك تقوى الله وتنصح المرأة، وتقول: الواجب عليكِ التوبة إلى الله، كما تاب الله عليَّ والحمد لله، وإذا تابت فمساعدتها من أجل توبتها، ومن أجل حاجتها هذا طيب، أمَّا أن تساعدها بثمن العمل الحرام فلا، وهكذا الرجل أو غيره، تعطيه ثمن الخمر، فلا يجوز هذا. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في البيوع، باب ثمن الكلب، برقم (2237)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن ومهر البغي، برقم (1567).

بيان معنى الرهن

118 - بيان معنى الرهن س: رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى الأخوات تسأل فيها عن حكم الرهن في الإسلام، وما هي كيفيته؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الرهن في الإسلام وثيقة لحفظ الدين الذي على الراهن، كما قال الله جل وعلا: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}، بدل ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (312).

الشهود وبدل الكتابة الرهن، قال سبحانه: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} فالرهان مال يوضع عند صاحب الدين، حتى إذا تأخر الراهن عن قضاء الحق، يباع هذا الرهن ويستوفى منه الدَّيْن، بواسطة المحكمة أو بالتراضي، بينه وبين الراهن؛ فيجعل عنده مثلاً سيارة رهانًا، يجعل عنده ملابس رهانًا، يجعل عنده حليًّا رهانًا، يعطيه بيتًا رهانًا، أرضًا رهانًا، كل هذا لا بأس بالرهان فيه، والرهن مال يودعه صاحب الدين، وثيقة في دينه، حتى إذا تأخر المدين، والراهن عن قضاء الدين، طالبه ببيع الرهن فيما بينهما، أو عن طريق المحكمة حتى يوفي دينه.

حكم الرهن

119 - حكم الرهن س: ما حكم الرهان في الإسلام؟ وهل يعتبر الرهن ربا؟ أفتونا مأجورين (¬1). ج: هذا السؤال مجمل، الرهن أو الرهان. فإن كان مراده الرهن، الوثيقة التي تُجعل في الثمن، إذا اشترى شيئًا بدين، يجعل فيه وثيقة، أو ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (376).

قرضة، يجعل له وثيقة يسمى الرهن؛ لقوله تعالى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}، فهذا لا بأس به. أمّا إن كان مراده المراهنة، وهي ما يكون من الأعواض عند المسابقة بالأقدام، أو المسابقة بالسلاح، أو المسابقة في بيع السلع: ما وافق رقم كذا وكذا يُعطى كذا وكذا، فهذا له معنى آخر، لا يجوز الرهان إلا في مسائل ثلاث: في الخيل والإبل، والمسابقة بالرمي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر» (¬1) هذه يجوز فيها المراهنة بالمال، يعني يجعل مالاً لمن سبق بالرمي مَن أصاب الهدف أولاً، أو بالخيل أو بالإبل، من سبق يكون له كذا وكذا، هذا فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وسابق بين الخيل وأعطى السبق، أما العوض في المسابقة بالأقدام أو بالمطارحة، أو ما أشبه ذلك، فهذا لا يجوز، هذا يسمى قمارًا، ولا يجوز، وكذلك لو قال مثلا: من أصاب رقم كذا أو رقم كذا، يعطى سيارة أو يعطى كذا، على أن يقدم كل واحد عشرين ريالاً أو خمسين ريالاً أو مائة ريال، يُقيد عندهم، فمن أصاب الرقم الفلاني أخذ السيارة، أو أخذ شيئًا آخر من المال، هذا من القمار، ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجهاد، باب ما جاء في الرهان والسبق، برقم (1700)، والنسائي في كتاب الخيل، باب السبق، برقم (3585).

لا يجوز هذا، هذا من جنس نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر داخل في قوله جل وعلا: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}، فالميسر هو القمار، وهو من المعاملات الخطيرة التي ليس فيها ضبط، بل قد ينجح وقد يخسر، ما هو بمضمون، قد يبذل ماله، فإما أن ينجح وإما أن يخسر، فهذا هو القمار، ولا يجوز إلا في المسابقة بالخيل أو الإبل، أو في الرمي، فقط؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر» (¬1)؛ للتمرين على أعمال الجهاد، وعلى مراكب الجهاد، والرمي في الجهاد، أباح الله جل وعلا المسابقة في ذلك، حتى يستعد المسلمون للجهاد على الخيل والإبل، وحتى يستعد المسلم على الرمي وحتى يتمرن عليه. ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجهاد، باب ما جاء في الرهان والسبق، برقم (1700)، والنسائي في كتاب الخيل، باب السبق، برقم (3585).

حكم رهن الأرض الزراعية

120 - حكم رهن الأرض الزراعية س: من المرسل س. م. ع. من الرياض يقول: ما حكم رهن الأرض الزراعية عندما يكون صاحب الأرض محتاجًا لمبلغ من المال، يرهن فدانًا أو نصف فدان حسب المبلغ المطلوب لذالكم

الشخص، يزرع الأرض ويأخذ محصولها حتى يرد له المبلغ الذي دفعه هل في هذا شيء؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2)؟ ج: لا حرج أن يرهن أرضًا أو بيتًا أو حانوتًا أو غير ذلك، في الدين الذي عليه، لكن إذا طالب المرتهن أن يزرعها ويستفيد منها حتى تسدد دينه فإن هذا ربا، هذا لا يجوز؛ لأن معناه أنه يستفيد منها في مقابل إنظاره له في القرض، هذا لا يجوز، أما أن تكون رهنًا له وأن يستعملها بالطريقة الشرعية التي يأخذها الناس الآخرون بالنصف، بالربع أو يستأجرها، والأجرة تسقط من الدين أجرة أمثاله من دون حيف ولا مداهنة، لا بد من الحذر من الحيلة المحرمة، المقصود أنه لا بأس أن يرهنها في دينه، لكن لا يكون له شيء من غلتها، بل غلتها تكون لصاحبها أو تباع ويوفى بها الدين ولا بأس أن يستغلها بالإيجار، والإيجار يسقط من الدين إذا كان بالأجرة أجرة المثل كما تؤجر على غيره، ما يحابيه. س: قام أخو زوجي بإقراض شخص مبلغًا من المال، وأخذ منه بعض الأجهزة الكهربائية ضمانًا لهذا المبلغ رهنًا، وتم الاحتفاظ بهذه الأجهزة عندنا كما طلب الطرفان، وقد طلبنا من صاحب ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (340). (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (340). ') ">

الأجهزة أن نستعملها طالما هي في طرفنا، فأذن لنا بذلك عن طيب خاطر، فهل هذا حرام أم حلال؟ وخاصة أنا لسنا طرفًا في الدين، والنفع في هذه الحالة لم يعد على صاحب الدين بل علينا نحن، هل إذا ماطل المدين في السداد، يجوز بيع هذه الأجهزة وفاء للدين، وخاصّة أن هذا هو المتفق عليه، من البداية؟ جزاكم الله خيرًا. ج: الانتفاع بها بإذن صاحبها لا بأس به، لكن صاحب القرض لا ينتفع؛ لأنها قد تكون حيلة، أما غير صاحب القرض الذين عندهم الأجهزة وسمح لهم صاحبها، فلا بأس، والواجب عليه قضاء الحق، وعدم المماطلة، فإذا اضطر صاحب الدين أن يبيعها فليراجع القاضي بالمحكمة، يراجع المحكمة حتى تأذن له، وتبعث مندوبًا يعرف الحقيقة، ويشرف على الحقيقة، المقصود أن البيع يكون مربوطًا بالمحكمة، إلا إذا تسامح هو وصاحب الحق، إذا توافقا على بيعها بواسطة من يريان، فلا بأس إذا سمح صاحب الأجهزة، أن تباع أما إذا امتنع فلا بد من مراجعة المحكمة.

حكم استفادة المرتهن من غلة الرهن

121 - حكم استفادة المرتهن من غلة الرهن س: كنت محتاجًا إلى مال؛ لذلك رهنت قطعتين زراعيتين إلى شخصين مختلفين، وكل منهم يستفيد بثمار هذه الأرض فهل هذا يعتبر نوعًا من الربا؟ ثم إني ولله الحمد أرسلت مبلغًا لأحدهم، أما الآخر فما زال له مبلغ عندي لعدم وجود مال في الوقت الحاضر، فهل يلزمني بشيء؟ وهل أكون مذنبًا بتصرفي ذلك؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: ليس لهما استغلال الأرضين من أجل الدين، الغلة تكون لك وتحسب من الدين، تحسب عليهما من الدين، وإذا شرطا ذلك عليك فهو ربا لا يجوز، وإذا أعطيتهما ذلك من أجل إنظارك فهو ربا، الغلة لك والرهان للرقبة، رقبة الأرض رهن لهما، أما الغلة فتكون لك، هذا حسب المعتاد، النصف، الثلث، الربع، بينك وبينهم، أما أن تعطيهم الغلة من أجل إنظارك فهذا هو الربا، فعليك أن تتصل بهما، وأن تحاسبهما بذلك، وإن أبيا فالمرجع إلى المحكمة تنظر في أمركما، المقصود أنه ليس لك أن تتعاقد معهما على هذا؛ لأن هذا العمل من ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (316). (¬2) السؤال من الشريط رقم (316). ') ">

الربا، أما لو أعطيتهما بعد الوفاء شيئًا من غير شرط، ولا مواطأة فلا بأس، لو قضيت لصاحب الدين الذي عليك، ثم أحسنت إليه بشيء من دون شرط ولا مواطأة لا بأس، إنسان أقرضك ألف ريال، وبعد ما أوفيت ألف ريال زدته شيئًا من دون شرط ولا مواطأة لا بأس، «إن خيار الناس أحسنهم قضاء» (¬1) يقوله النبي صلى الله عليه وسلم، أو إنسان أنظرك في دين عليك ثم أوفيته حقه وزدته من دون شرط ولا مواطأة ولا شيء بينكما، بل مقابل إحسانه لا بأس «إن خيار الناس أحسنهم قضاء» (¬2). س: وفيما إذا لم يقع بعد ولكنم يفكرون في وقوعه، ما هو توجيه سماحتكم (¬3)؟ ج: أما الرهن إذا كان رهنًا مجردًا فلا بأس، أما إذا كان الرهن يستغله كأرض يزرعها ويأخذ زرعها في مقابل الدّين فهذا لا يجوز، ولكن إذا كان رهنًا يعني يكون وثيقة ومنفعة الأرض لصاحبها وراهنها يزرعها وينتفع بها فلا بأس أما أنه يأخذها يجعلها حيلة، يأخذ الأرض حتى يزرعها ويستفيد منها في مقابل إمهاله لهذا الرجل في القرض فهذا قرض جر منفعة ولا ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليسِ، باب هل يعطى أَكبر من سِنه، برقم (2392)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب من استسلف شيئًا فقضى خيرًا منه، وخيركم أحسنكم قضاء، برقم (1600). (¬2) صحيح مسلم الْمُسَاقَاةِ (1600)، سنن الترمذي الْبُيُوعِ (1318)، سنن النسائي الْبُيُوعِ (4617)، سنن أبي داود الْبُيُوعِ (3346)، سنن ابن ماجه التِّجَارَاتِ (2285)، مسند أحمد (6/ 390)، موطأ مالك الْبُيُوعِ (1384)، سنن الدارمي الْبُيُوعِ (2565). (¬3) السؤال من الشريط رقم (326). ') ">

يجوز، وأما إلزامه بالبيع فهذا يرجع إلى المحكمة تنظر في الأمر، إذا كان تخاصمًا ولم يعطه حقه تنظر المحكمة في الأمر في بيع الرهن وعدمه. س: هو لا يمتلك الأرض إلا إذا أخل بالوعد الذي بينهم. ج: لا يسلم له الأرض حتى يستشير المحكمة.

حكم التصرف في الأملاك المرهونة

122 - حكم التصرف في الأملاك المرهونة س: يقول السائل: إذا كان أحد أملاكي مرهونًا للدولة فهل يجوز لي أن أتصرف فيه بالبيع (¬1)؟ ج: إذا كان مرهونًا للدولة أو لغيرها، فليس لك التصرف إلا بإذن المرتهن؛ لأنه تعلق به حق المرتهن، فليس لك التصرف إلا بإذن المرتهن، سواء كان مرتهنًا للدولة، أو لغير الدولة، حق المرتهن تعلق بهذا المال، فليس للراهن وهو المالك أن يتصرف إلا بإذن المرتهن، سواء كان المرتهن الدولة أو غيرها. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (67).

حكم من أخذ رهنا ثم اختفى صاحبه

123 - حكم من أخذ رهنا ثم اختفى صاحبه س: الأخ / ص. ج. يسأل ويقول: أنا تاجر، جاءتني امرأة ذات يوم في الدكان، ووضعت عندي بعض حليها (رشرشًا) رهنًا، واشترت بمبلغ يقل كثيرًا عن قيمة المرهون، وذهبت ولم تعد، فكيف أتصرف (¬1)؟ ج: إذا كنت ترجو رجوعها، فاصبر حتى ترجع إليك، وتعطيك حقك وتأخذ الرهن، أما إن كانت المدة طويلة، وأنت لا تعرفها، فلا مانع من أن تبيع الرشرش، وتأخذ حقك، والباقي تتصدق به على الفقراء والمحاويج، بالنية عنها عن صاحبته، وأنت على خير إن شاء الله، والحمد لله، فإن جاءت بعد حين، فأعطها الزائد إن لم تقبل الصدقة، وإن رضيت بالصدقة، صار الأجر لها، والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (239).

بيان التفصيل في حكم التأمين التعاوني والتأمين التجاري

124 - بيان التفصيل في حكم التأمين التعاوني والتأمين التجاري. س: هل صحيح أنه صدر من سماحتكم فتوى تحلل التأمين الشامل على السيارة، كما هو منشور في الإعلام المرفق في إحدى الصحف قبل يومين؟ الرجاء توضيح ذلك في برنامج نور على

الدرب، جزاكم الله خيرًا، وإن لم يكن صدر منكم شيء، الرجاء تعميم ذلك على الصحف، يقول الإعلان: بسم الله الرحمن الرحيم: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} شركة التأمين الإسلامية المحدودة، بشرى للدوائر في المنطقة الشمالية، للدوائر الحكومية وللشركات، وللمؤسسات وللممتلكات الفردية، نظرًا لأهمية التأمين على الممتلكات، وجوازه بقرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية إثر اجتماعهم بهذا الخصوص، وعلى رأسهم فضيلة الشيخ عبد الله بن حميد رئيس مجلس القضاء الأعلى بالمملكة رئيسًا، وفضيلة محمد علي الحركان الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي نائبًا للرئيس، وفضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، وخروجهم بالقرار رقم (51) بجواز التأمين التعاوني بدلاً من التأمين التجاري، وبناء عله تم بحمد الله في مدينة جدة، التوقيع على الصيغة النهائية بإنشاء مقر لشركة التأمين الإسلامي،

ويتبعه الجوف والقريات، طريف، عرعر، إلى آخره، وذكر الأشياء التي يؤمنون عليها، ويسأل سماحة الشيخ أخونا المستمع كما بدأت هذه الرسالة عن هذا (¬1)؟ ج: نعم صدر من هيئة كبار العلماء، قرار بجواز التأمين التعاوني، وتحريم التأمين التجاري، وأنا أشرح للمستمع حقيقة هذا، وهذا، فالذي صدر من المجلس جوازه هو التأمين التعاوني، وهو أن يجتمع جماعة من الناس، فيشتركون في تأمين تعاوني، كل واحد يبذل مالاً معينًا على أن يكون هذا المال لمصالح محدودة، كأن يشترطوا أن هذا المال يكون لمن قد يقع له من كوارث بينهم، فينفقون من هذا المال فيها، وكأن يفتقر أحدهم فينفق عليه من المال، ونحو ذلك، مما يصرفونه في وجوه البر والتعاون بينهم، وليس للتجارة وتحصيل الأرباح، وإنما ذلك للإحسان فيما بينهم، وليس للتجارة وتحصيل الأرباح، وإنما ذلك للإحسان فيما بينهم، لفقيرهم والذي يصاب بكارثة منهم، ونحو ذلك من المسلمين لمساعدتهم لا لقصد الربح والنماء، هذا هو التأمين التعاوني، إذا اجتمع أهل القرية أو قبيلة أو جماعة من الموظفين، على مال معين كل واحد منهم يبذل كل شهر كذا أو كل سنة كذا، ويتفقون ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (125).

على أن هذا المال ينفق فيما قد يصابون به، من أسباب صدام السيارات وانقلاب سيارات، كوارث تصيب بعضهم، فينفق على من أصيب من هذا المال، ويؤدي عنه الدين أو الدية، ويواسي فقيره، ويشترى له حاجته من هذا المال، ليس هذا المال له بل هو لوجه البر وأعمال الخير فيما بينهم، وليس المقصود منه الربح والتجارة، حتى يؤمنوا على سيارة فلان، أو سيارة فلان، لا، وإنما المقصود أن ينتفعوا به، ولا مانع من أن يعملوا فيه ويتجروا فيه والربح لهذه المصلحة، ولهذا المشروع، ليس لهم، بل الربح لهذا المشروع، هذا هو التأمين التعاوني الذي أقره مجلس هيئة كبار العلماء وصدر به قرار رُفِع للمقام السامي، لمقام خادم الحرمين الشريفين، وليس هو التأمين الذي يعرفه الناس بالتأمين التجاري، الذي هو أن تؤمن على سيارتك عند شركة أو على بيتك أو على عينك، أو على جسمك أو على ولدك هذا محرم، وهذا هو النوع الثاني، والذي يقال له التأمين التجاري، وهو أن يتقدم إنسان إلى شركة أو إلى تاجر، ويعطيه مالاً معينًا كل شهر أو كل سنة، على أنه يغرم له ما قد يصيب سيارته، أو ما قد يصيبه هو إذا مات، أو ما أشبه ذلك في مقابل ما أعطاه من المال، فهذا يقال له التأمين التجاري، تارة يكون على الحياة، وتارة يكون على نفس الإنسان، إذا أصابه شيء من صدم

أو غيره، وتارة يكون على سيارته، وتارة يكون على بيته، إلى غير هذا، هذا هو المحرم، هذا هو التأمين التجاري، وهو محرم؛ لما فيه من الغرر، ولما فيه من الربا، بأن يدفع مالاً قليلاً، ويأخذ مالاً كثيرًا، وربما أنفق أموالاً كثيرة ولم يصب بكارثة، فضاع عليه ماله، فصار غررًا وربا، وربما دفع مائة، وأخذ آلافًا بسبب ما قد يصيبه، الحاصل أنه محرم؛ لما فيه من الغرر، ولما فيه من الربا، ويسمى هذا التأمين التجاري، وهذا صدر به القرار بتحريمه، بهذا يتضح الفرق بين النوعين، التأمين التجاري، لمصلحة الشخص، يريد منه أن يغرم له ما قد يتلف عليه من تجارة أو بيت أو مزرعة، أو دابة إلى غير ذلك، وحتى نفسه لو مات يسلم لورثته كذا وكذا، أو صدم ومات أو انكسر أو كذا، يسلم له كذا وكذا، فهذا هو التأمين التجاري، وهذه الشركة التي أعلن عنها إن كان مقصودها هذا فهذا ليس بالتأمين التعاوني، وهذا العنوان يكون تلبيسًا، ولا يجوز هذا، أما إن كان مقصودهم، أنهم يحسنون فيما بينهم فيما قد يصيبهم إذا تلفت سيارة أحدهم، أو أصيب بصدمة أو دين، أو فقر فيما بينهم وليس مقصدهم الربح، إنما قصدهم التعاون فيما بينهم من هذا المال الذي قد يجعلون فيه من يتصرف فيه، حتى ينميه وحتى يستفاد منه لكن ليس لقصد التجارة، وإنما قصدهم تعاونهم فيما بينهم لرفع

مستوى فقيرهم ومواساته وتسديد الدين عنه، وتعويضه عما قد يصيبه في سيارته أو يصيبه في نفسه أو يصيبه في بيته أو ما أشبه ذلك، ليس لقصد الربح والفائدة، وسنطلب إن شاء الله نظامهم، وسنعمل ما يستحقون في هذا الإعلان، إن كان مخالفًا لما صدر في القرار، وهو مخالف للفتوى، وهذا هو ظاهر الإعلان، نسأل الله أن يهدي الجميع.

حكم أخذ المشترك في صندوق تعاوني أكثر مما دفع

125 - حكم أخذ المشترك في صندوق تعاوني أكثر مما دفع س: يقول السائل: ليس لي عمل ثابت، أو وظيفة في بلدي، وقد قامت الجهة التي نتبعها بعمل مشروع تكافل اجتماعي، مفاده أن يدفع العضو قسطًا سنويًّا من المال، وعند بلوغ سن الستين، يستحق صرف مبلغ من المال أضعاف ما سدده بكثير، أو يصرف عند حدوث الوفاة للعضو المشترك، هل الاشتراك في مثل هذا الصندوق بهذا الوضع يعتبر في الحلال أم هو غير جائز (¬1)؟ ج: لا يصلح هذا؛ لأنه ربا، يعطيهم قسطًا ويعطونه زيادة، إذا كان هذا القسط يتصرفون فيه، هذا من جنس التأمين الذي يؤمن بكذا، يعطى كذا، أي يستفيدون منه، وعند مضي المدة يعطونه مقابل ذلك مالا زائدا ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (321).

عما دفعه وهذا العمل لا يصلح.

بيان ما يلزم صاحب الماشية إذا أتلفت بعض المحاصيل الزراعية

126 - بيان ما يلزم صاحب الماشية إذا أتلفت بعض المحاصيل الزراعية س: الأخ / م. ض. ع. مصري يعمل في المملكة، يقول: في أحيان كثيرة يسهو صاحب الماشية عن ماشيته، فتدخل في إحدى المزارع، وتقوم بإتلاف بعض المحاصيل، فيقوم صاحب المزرعة برفع شكوى لشيخ القرية ضد صاحب الماشية، فيقدر شيخ القرية الأضرار التي أحدثتها الماشية، ويكلف صاحبها بدفعه لصاحب المزرعة، هل هذا العمل فيه إثم؟ أم أن ما يقوم به شيخ القرية صحيح؟ أفيدونا أفادكم الله (¬1) (¬2). ج: عمله صحيح، والواجب عليك حفظ ماشيتك عن إيذاء جيرانكم، لا في الليل ولا في النهار، وقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم في هذا أن على أهل المواشي حفظ مواشيهم بالليل، وعلى أهل المزارع حفظ مزارعهم بالنهار، لكن إذا كان صاحب الماشية قريبًا من المزارع فإن أهل المزارع لا يستطيعون حفظها، فإذا كانت ماشيتك تتعدى على ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (176). (¬2) السؤال العشرون من الشريط رقم (176). ') ">

جيرانك، فقد أحسن شيخ القرية فيما فعل، وعليك أن تحفظ مواشيك عن جيرانك حتى لا تؤذيهم، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره» (¬1) وفي اللفظ الآخر: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره» (¬2) فالواجب عليك أن تصون دوابّك عن إيذاء جيرانك، وعلى شيخ القرية أن يقوم باللازم عند تساهلك. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، برقم (6018). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، برقم (6019)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الحث على إكرام الجار والضيف ولزوم الصمت إلا عن الخير وكون ذلك كله من الإيمان، برقم (47).

بيان ما يلزم من قتل حيوانا لغيره، على سبيل الخطأ

127 - بيان ما يلزم من قتل حيوانًا لغيره، على سبيل الخطأ س: السائلة / ج. ي. م. تقول: ما كفارة قتل حيوان بقصد الخطأ، وهذا الحيوان كان ملكًا لجاري، وجاري لا يعلم، وأخشى إن أخبرته حصول مشاكل، وهذا القتل كان سمًّا على خبز وضع لحيوان مؤذ وهو القط، فأكلته الأغنام فماتت، فماذا يلزمني (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (387). (¬2) السؤال من الشريط رقم (387). ') ">

ج: عليك الغرامة لهذه الأغنام؛ لأن الواجب عليك أن تضعي السم للقط في محل بعيد عن أذية الجار في غنمه، أما أن تضعيه في محل يحتمل، هذا منك جناية خاطئة، فعليك الغرامة ولو ما علَّمتِ جارك، تغرمين له ولو لم يعرف المتسبب، ويعطي القيمة ولو ما سميت نفسك أيتها السائلة، تقولين: إنسان غلط وجعل السم للقط، وحصل ما حصل، ولا يبين له من هو المتسبب، وهو مستعد للقيمة، تقوم القيمة وتسلم عنه، مع التوبة إلى الله في التساهل. س: يقول السائل: إذا تسبب أحد الأشخاص، في قتل إحدى الأغنام، فهل عليه أن يدفع بديلاً عنها؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: نعم، إذا قتلها يلزمه قيمتها، يلزمه البديل، يلزمه غرامة ظلمه وعدوانه، وهكذا لو كان مخطئًا أو غلطان ما تعمد يلزمه أيضًا؛ لأن الإتلاف لا يشترط فيه العمد، بل يضمن ولو بالخطأ. س: هذه أم نبيل من اليمن، تقول: في يوم من الأيام رجمت بهيمة بغير قصد، وماتت هذه البهيمة، وصاحبة هذا البهيمة عجوز، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (291). ') ">

هل يلحقني إثم في هذا؟ ج: عليها أن تغرمها، إلا أن تسمح عنها صاحبتها.

حكم من سرق مالا ثم تاب

128 - حكم من سرق مالاً ثم تاب س: هذه السائلة م. م. تقول: سماحة الشيخ، أنا فتاة أبلغ من العمر عشرين سنة، وسرقت من زوجة أبي مبلغ ثلاثة آلاف ريال تقريبًا، وكنت وقت ذاك أبلغ من العمر أربعة عشر سنة، وقد هداني الله وتبت مما فعلته، ومضى على ذلك ما يقارب من ست سنوات، سماحة الشيخ، ماذا أفعل؛ لأنني لا أستطيع أن أرد المال الذي أخذته من زوجة أبي؛ لأنني يتيمة الأب، وما عندي ما يكفي، ولا أعتبر ذلك إلا خطأ مني، وقد تبت، فماذا يلزمني؟ ج: الواجب عليك رد الدراهم إلى صاحبتها واستباحتها، تقولين لها: سامحيني، هذا الواجب عليك، اجتهدي حتى تردي إليها المال، وإذا كنت لا تستطيعين أخبريها لعلها تسامحك، فإذا أخبرتها وسامحتك وأباحتك فلا بأس، قولي: أنا صغيرة وأخطأت، أرجو أن تسامحيني؛

لأنه ليس عندي فلوس أعطيك، وإذا سامحتك فلا بأس، وإلا فالواجب عليك الحرص على أدائها ولو بالاستدانة إذا كان ما عندك وفاء.

بيان معنى الوكالة وأنواعها وحكمها

129 - بيان معنى الوكالة وأنواعها وحكمها س: الأخ / ع. م. م. ح. يسأل ويقول: ما معنى الوكالة لغةً وشرعًا؟ وما أنواعها، وحكمها؟ وهل يجوز إلغاؤها؟ ومتى؟ وهل تجوز من الأعمى الوكالة، كأن يكون وكيلا أو موكلاً؟ وهل تجوز الوكالة في عقد القران (الزواج)، وما حكم ما إذا وكّل شخص شخصًا آخر في البيع والشراء، هل يجوز ذلك أو لا؟ وهل له أن يشتري لنفسه؟ أرجو التكرم بالإجابة عن هذه الأسئلة جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الوكالة لغة: التفويض إلى الشخص، وإسناد الأمور إليه فيما يراه الموكل له، في إصلاح مزرعته، في تربية أولاده، في أي شيء من الأمور التي يحتاج إليها الإنسان، أما هي شرعًا: فهي الاستنابة من جائز التصرف لشخص آخر يجوز تصرفه فيما تدخله النيابة، في الشيء الذي تدخله النيابة، أمّا ما لا تدخله النيابة، كأن يستنيبه أن يصلي عنه، أو يصوم عنه رمضان، أو ما أشبه ذلك فهذا لا يجوز، لكن أن يستنيبه وهو ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (116).

جائز التصرف، كالرجل المكلف، والمرأة المكلفة، والرشيد والرشيدة يستنيبان من يقوم عنهما ببيع السلعة الفلانية، بيع بيتهما، بيع سيارتهما، وما أشبهه مما يجوز التصرف فيه، أو يستنيبانه في شراء كذا وكذا مما يجوز شراؤه أو يستنيبانه في إحضار كذا وكذا من محل كذا وكذا، أو ما أشبه ذلك مما تجوز فيه النيابة، هذه يقال لها وكالة، وهي جائزة من جائز التصرف لمن يصلح أن يقوم بذلك العمل، وهكذا التوكيل في عقد النكاح لمن يصلح لذلك الرجل دون المرأة، والمرأة لا توكَّل في إجراء عقد النكاح؛ لأنها لا يصلح أن تكون ولية فيه، لا يصلح أن تزوّج نفسها ولا غيرها، فإذا وكّل من ينوب عنه في إجراء عقد النكاح، كالولي يوكل، أو في قبول النكاح كالولي يوكل، أو في قبول النكاح، كالزوج يوكل، لا بأس في ذلك، أو المرأة توكل أخاها، أو يوكل أجنبيًّا يزوجه بنته، لا بأس إذا كان الوكيل صالحًا لذلك، وهكذا الزوج يوكل من يقبل عنه النكاح، لا بأس بذلك، وهكذا في جميع المسائل التي تدخلها النيابة، فإنه يجوز أن يوكل الإنسان جائز التصرف الرشيد لمن يصلح تصرّفه في مثل هذا الأمر كما تقدم. ولا فرق بين الأعمى والبصير في الوكالة، ولا الحر والعبد إذا كان مثله يصلح لهذا الأمر، وبالنسبة للوكالة في عقد القرآن؛ فإنه يجوز

توكيل من هو من أهل ذلك، أما المرأة فلا، والكافر لا يوكل في زواج المسلمة، أما البيع والشراء فجائز كما مرّ.

بيان ما يلزم ولي الأيتام تجاه أموالهم

130 - بيان ما يلزم ولي الأيتام تجاه أموالهم س: يقول السائل: لدي مال لأبناء قصّر أيتام، والمبلغ حوالي مائة ألف ريال، واضطررت إلى صرفه، فما هو العمل في موضوعي، علمًا بأني في الوقت الحاضر لا أستطيع التسديد، أرشدوني جزاكم الله خيرًا، وهل يصارح الأيتام بتصرفه (¬1) (¬2)؟ ج: على كل حال قد أسأت في هذا، كان الواجب عليك أن تجعله في وجه من الوجوه التي تنميه، ولكن بدلاً من ذلك صرفته في حاجاتك، فهذا لا شك أنه منكر وغلط منك، فعليك التوبة إلى الله والرجوع إليه سبحانه وتعالى، وعليك أن تبذل قصارى جهدك في تحصيله، ثم إخراجه من يدك إلى جهة تنميه، إما بطريق المضاربة، وإما بشراء سلعة تبيعها إلى أجل ينفع هؤلاء القصر، وإما بأسباب أخرى تنمي هذا المال على وجه شرعي مأمون، وهذا هو الواجب عليك، لعل الله يخلصك من هذا المال، الذي بليت به، والأيتام أمانة، وحقهم أمانة، ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (88). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (88). ') ">

فالواجب على الوكيل الولي أن يتقي الله فيهم، وأن ينمي مالهم، ويحرص على الطرق التي تسبب ربحه ونموه، بدلاً من إتلافه أو صرفه في حاجاته، نسأل الله أن يعينك ويسهل أمرك، ويمن عليك بالتوبة النصوح. وليس هناك حاجة إلى المصارحة؛ لأنهم قصر، قد يضرهم هذا أو قد يؤذيهم، لكن يجتهد فيما بينه وبين الله، ولو بالاقتراض، إذا تيسر يقترض، حتى يكون الدين الذي عليك لغيرهم، دين لإنسان يطالب، أما هؤلاء فقصر لا يعرفون المطالبة، وقد لا يبالي بهم، لكن إذا استلف، اقترض من غيرهم، فصاحب القرض قد يطالب، قد يوجب له الجد والاجتهاد في طلب الرزق، والحرص على أعمال يوفي منها. س: يقول السائل: عندما يكون المرء وليًّا على أيتام، ما النصيحة التي توجهونها له يا سماحة الشيخ عبد العزيز (¬1)؟ ج: النصيحة تقوى الله في ذلك، وأن يصونهم ويحمي أموالهم، ويربيهم التربية الشرعية، ويعلمهم ما ينفعهم، وينهاهم عما يضرهم، ويجتهد في كل ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، ومن ذلك الحرص على تنمية أموالهم بالطرق الشرعية التي يستطيعها، إما بشراء عقار لهم يؤجر ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (88). ') ">

وينفعهم، وإما بجعل ذلك في يد ثقة، ينمي هذا المال ويتاجر فيه، وإما أن يساهم به في شيء مأمون، من أراضٍ أو غير ذلك، حتى يحصل لهم بذلك الفائدة، المعنى أنه يجتهد في كل ما ينفعهم في الدين والدنيا، ولا يقصر، ولا يتساهل ولا يمد يديه على أموالهم والحالة هذه، إلا لاستثمارها لهم وفق ما ذكر الله، فإذا كان فقيرًا فليأكل بالمعروف، مثل ما قال جل وعلا في ذلك: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} يعني يأكل معهم بالمعروف من غير إجحاف. س: السائلة / أم نايف من حائل، بعثت بهذا السؤال وكتبته بأسلوبها الخاص، تذكر بأنها امرأة توفي زوجها، وتقول: لها خمسة من الأولاد، ثلاثة لم يبلغوا، والكبير يبلغ من العمر خمسًا وعشرين سنة، ولم يتوظفوا، والثاني يبلغ من العمر الثامنة عشرة، تقول: ترك لهم والدهم مبلغًا من المال، وقامت هذه الزوجة بإعطاء المال لأخ لها كبير يبيع لهم ويشتري لهم بهذا المبلغ، تقول: علمًا بأنني أعطيته لهذا الخال خوفًا أن يضيع؛ لأنهم جهلاء، وخوفًا عليهم، فهل علي إثم في ذلك؟

ج: لك أجر؛ لأن هذا عمل صالح، إذا أعطيته خالهم وهو رجل ثقة، يتسبب ويتجر فيه حتى ينمو، هذا عمل مشكور، وأنت مأجورة؛ لأن بقاءه عندك من غير تصرف قد يعرضه للنفاذ، لكن متى صار بيد خالهم أو غيره من الثقات يعمل فيه، يتجر فيه، هذا عمل طيب، مأجورة أنت على هذا العمل.

حكم أخذ الأجرة على الوكالة

131 - حكم أخذ الأجرة على الوكالة س: يقول السائل: أنا أسافر إلى الكويت، ويأتيني واحد فيقول لي: اشتر لي ساعة معينة من سوق الكويت، وأتفق معه على أن يعطيني فائدة، وأتعابًا زائدة عن الفاتورة ثلاثة بالمائة، فهل هذا جائز شرعًا (¬1)؟ ج: إذا اتفق معه على أجرة ثلاثة بالمائة عن تعبه في شراء الساعة، ووافق على أن يشتري ساعة كوكيل، ولكن يعطيه مقابل ذلك ثلاثة في المائة، أو خمسة بالمائة عن تعبه لا حرج في ذلك، أما أن يبيع عليه؛ يشتريها ويبيع عليه وهي ليست في ملكه لا، إنما هو وكيل يشتري له الساعة ويعطيها إياه، ولكن له أجرة من باب الوكالة، لا بأس بذلك، ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (3).

وليس له أن يبيع عليه ساعات لم يشترها.

حكم زيادة الوكيل على السعر الحقيقي للعين المباعة

132 - حكم زيادة الوكيل على السعر الحقيقي للعين المبيعة س: يقول السائل: أحد أصدقائي أعطاني عشرة آلاف جنيه مصري؛ لكي أشتري له سيارة، اشتريت السيارة بالمبلغ المذكور، ولكن أعطيتها له بمبلغ أحد عشر ألف جنيه، أي بزيادة ألف جنيه، فهل هذا المبلغ الذي اعتبرته ربحًا؟ هل هو حلال أم حرام، حيث إن لي خبرة في السيارات (¬1)؟ ج: هذا الألف حرام عليك، لا يجوز لك، يجب أن ترده على صاحبه، إلا أن يسمح لك به ما دمت لم تخبره، وإن ذكرت له أنك اشتريتها بأحد عشر ألفًا فهذا حرام منكر، وغش وخيانة، وعليك أن ترد الألف إلى صاحبه، إلا إذا سمح لك به. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (271).

حكم أخذ المحاسب الزيادة على السعر الرسمي للفواتير

133 - حكم أخذ المحاسب الزيادة على السعر الرسمي للفواتير س: يقول السائل: كنت أعمل في السبعينات الميلادية أمين خزينة لإحدى الشركات التي تقوم بتوزيع سلعة تموينية على التجار، وكانت طبيعة عملي هي قبض قيمة تلك السلعة بموجب فواتير

بسعرها الرسمي، إلا أن جميع التجار كانوا يدفعون قيمة الفاتورة، بالإضافة إلى خمسة أو عشرة قروش زيادة، وذلك بمحض إرادتهم، والآن ضميري يؤرقني في شأن تلك القروش الزائدة، والتي كانت بالطبع تدخل جيبي الخاص، ولي سؤالان: هل تلك القروش تعتبر حرامًا بالرغم من أن التاجر كان يدفعها بإرادته؟ ثانيا: إذا كانت حرامًا فما هي الطريقة التي أبرئ بها ذمتي من تلك المبالغ؟ مع العلم بأن هؤلاء التجار كثيرون وفي أماكن متباعدة، جدًّا، واحتمال أن يكون قد توفي بعض منهم، أفيدونا مأجورين، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كان المشترون لهذه السلع قد سمحوا لك بهذه القروض فلا بأس، أما إن كانوا لم يسمحوا لك، ولكن أنت تزيدها على التجار لحاجتك أنت أو لمصلحتك أنت فهذا حرام عليك، وعليك التوبة والصدقة بها عن أهلها، أما إذا كنت تسأل التجار، تقول: أنا فقير أنا مسكين، ساعدوني، ويعطونك هذه المساعدة من أجل فقرك، فهذه لك، ليس لأهلها فيها شيء، لأنك أوضحت لهم أنك فقير، وأنك محتاج، ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (100).

فأعطوك إياها صدقة، فينبغي لك أن تفهم هذا، إن كنت أخذتها من التجار عن شرط منك لهم، تقول: ما أبيعكم حتى تعطوني هذه الزيادة، هذه الزيادة لأهل السلع، وعليك أن تتصدق بها عنهم، إذا كنت لا تعرفهم، ومن تعرفه منهم تعطيه حقه إذا كنت تعلم ذلك، وإذا جهلت ذلك تصدق به عن أهله، وإن كانوا أذنوا لك الذين عمدوك بهذا، أذنوا لك في الزيادة فهي لك، وإن كان التجار أعطوك إياها صدقة، البيع معروف، والثمن معروف، لكن أعطوك إياها صدقة؛ لأنك ذكرت لهم أنك محتاج، وأنك مسكين، وأن الراتب ما يكفيك، فأعطوك إياها صدقة فلا بأس. أما إذا كان إن أعطوه سهل وباع عليهم بسهولة، وإن لم يعطوه عاكسهم فهذا حرام عليه، وعليه أن يسلم القروش لأهلها، فإن لم يعرفهم يتصدق بها عنهم وعليه التوبة، ولأنه ظالم بهذا.

حكم تصرف الوكيل في مال الموكل بدون إذنه

134 - حكم تصرف الوكيل في مال الموكل بدون إذنه س: إذا كنت وكيلاً لبعض الورثة، فهل لي أن أقطع جزءًا من أملاكهم طريقًا للسيارة لتصل إلى أملاك جيرانهم (¬1)؟ ج: ليس لك ذلك إلا بمراجعة المحكمة إذا كانوا قاصرين، أما إذا ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (270).

كانوا مكلفين مرشدين شاورهم، فإذا سمحوا فلا بأس، أما إذا كانوا قاصرين فهذا تراجع فيه المحكمة، محكمة البلاد، حتى ترشدك المحكمة إلى ما تراه في هذا المقام.

حكم بيع المداينة

135 - حكم بيع المداينة س: نتوجه إلى البنك الإسلامي؛ لكي يقوم البنك بشراء ما نريده، مثل سيارة، أو مواد للبناء، وأما ما شابه ذلك ويحاسب التاجر، ويقسّط المبلغ علينا، ويربح البنك نسبة معينة فوق التسعيرة العادية، ما صحّة ذلك في الشريعة الإسلامية جزاكم الله خيرًا (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك، هذا بيع المداينة، بيع الأجل، والله يقول سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من أسلف فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم إلى أجل معلوم» (¬2) فإذا اشترى البنك الإسلامي الحاجات التي لكم، من أدوات فلاحة، من سيارات، فإذا اشتراها وحازها، وصارت إلى ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (174). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب السلم، باب السلم ي كيل معلوم، برقم (2239)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب السلم، برقم (1604).

ملكه، ثم باعها عليكم إلى أجلٍ مؤجل بربح معين فلا بأس بذلك؛ لأن البنك يستفيد الربح، وأنتم تستفيدون التأجيل، وعدم تكليفكم بالثمن الحاضر حتى تقضوا حاجاتكم، فأنتم مستفيدون وهو مستفيد، وأنتم مستفيدون بالإمهال وإنظاركم، وهو مستفيد بالربح الذي قبضه عليكم ورضيتم به، فاشتري السيارة مثلاً بثلاثين ألفًا، وباعها عليكم بخمسة وثلاثين ألفًا، كل سنة خمسة آلاف، أو كل شهر ألف، أو ما أشبه ذلك، هذا كله لا حرج فيه، لكن بشرط أن يكون قد حاز المبيع هذا، لا يبيع عليكم ما عند الشركة، لا، بل يبيع شيئًا عنده، حازه واشتراه وقبضه، ثم يبيع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تبع ما ليس عندك» (¬1) ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا يحل سلف ولا شرطان في بيع، ولا بيع ما ليس عندك» (¬2) فليس للبنك أن يبيع ما ليس عنده، إنما يبيع الشيء الذي عنده، وقد حازه وملكه واشتراه، وصار في قبضته، يبيع بعد ذلك عليكم وعلي غيركم، ولا ربح ما لم يضمن. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3503). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، برقم (3504)، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك، برقم (1234)، والنسائي في كتاب البيوع، باب بيع ما ليس عند البائع، برقم (4611).

حكم أخذ الكفيل الغارم مالا على كفالته

136 - حكم أخذ الكفيل الغارم مالاً على كفالته س: ذهب أحد المعارف إلى معرض للسيارات لشراء سيارة بالتقسيط، وطلبوا منه كفيلاً غارما، فطلب مني أن أكفله فوافقت، وذهبنا إلى المعرض، وبعد أن قمت بالكفالة المطلوبة قام الرجل بإعطائي مبلغ ألف ريال سعودي دون أن أطلب منه ذلك، فهل يحلُّ لي هذا المبلغ، أم أُعيده إليه (¬1)؟ ج: هذا المبلغ يجب أن تعيده إلى صاحبه؛ لأنه في مقابل كفالتك له، كفالة غُرم، والمعنى أنك ستسدد عنه إذا دعت الحاجة بهذه الزيادة التي أعطاك إياها مقدمًا، والكفيل لا يأخذ على كفالته شيئًا؛ لأنها تعتبر تبرعًا وإعانة لأخيه، وليست مما يعاوض عنها، فالواجب عليك رد هذا المبلغ لصاحبه. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (203).

بيان التفصيل في مهنة المحاماة

137 - بيان التفصيل في مهنة المحاماة س: ما هو رأي الإسلام في مهنة المحاماة؟ وهل كانت موجودة في عهد الصحابة والخلفاء الراشدين (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (215).

ج: المحاماة هي الوكالة في الخصومات، وهذه الوكالة موجودة من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، الوكيل لا بأس به، لكن تسمية المحاماة هذا اسم جديد، فإذا كان المحامي يتقي الله، ولا يساعد صاحبه بالمنكر والكذب فلا حرج عليه، الواجب عليه أن يتقي الله في محاماته، وأن يطالب بالحق وألا يكذب، ولا يعين صاحبه على معصية الله، فإذا كان يطالب بالحق بالذي يعلمه، ويطلب من القاضي الحكم بالشرع الذي يعلمه القاضي ولا يعلمه المحامي فلا حرج عليه في ذلك، أن يتعمد كذبًا، أو إعانة على كذب، أو على غش فلا يجوز له، هو آثم في ذلك وظالم، فعلى المحامي أو الوكيل أن يتقي الله، المحامي هو الوكيل في الخصومة، فعليه أن يتقي الله، وألا يتعمد باطلاً، ويعين على باطل، بل يطلب لموكله الحق فقط، سواءً كانت الخصومة في أرض، أو في حيوانات، أو في سيارات، أو في غير ذلك، يطلب من القاضي الحكم بالحق الذي يعلمه من شرع الله، ويأتي بالبينة المطلوبة منه، ويبين ما عنده من الحقيقة لا بالكذب، فإذا بين ما لديه وصدق في ذلك ولم يتعمد باطلاً ولا زورًا فلا حرج عليه.

بيان حكم المحاماة

138 - بيان حكم المحاماة س: يقول السائل: هناك من المسلمين من يعمل في المحاماة،

الشخص الذي يعمل محاميًا أحيانًا يدافع عن الظالم، وإذا سألته: لماذا تدافع عن الظالم، يقول: هذه مهنتي، والسؤال المطروح هو: هل في الإسلام محاماة؟ وما هو حكم الإسلام في المحاماة والمحامين؟ جزاكم الله خيرًا (¬1)؟ ج: المحاماة لها خطر عظيم، وهي وكالة عن الشخص الموكل، فإن كان الوكيل والمحامي يتحرى الحق، ويطلب الحق، ويحرص على إيصال الحق إلى مستحقه، ولا يحمله كونه محاميًا على نص الظالم، وعلى التلبيس على الحكام والقضاة ونحوهم، فإنه لا حرج عليه؛ لأنه وكيل، أمَّا إذا كانت المحاماة تجره إلى نصر الظالم، وإعانته على المظلوم، أو على تدليس الدعوى، أو على طلب شهود الزور، أو ما أشبه ذلك من الباطل فهي محرمة، وصاحبها داخل في عداد المعينين على الإثم والعدوان، وقد صح عن رسول الله عليه وعلى آله الصلاة والسلام، أنه قال: «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا، قالوا: يا رسول الله، نصرته مظلومًا، فكيف أنصره ظالمًا؟ قال: تحجزه عن الظلم» (¬2) يعني ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (132). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الإكراه، باب يمين الرجل لصاحبه إنه أخوه إذا خاف عليه القتل أو نحوه، برقم (6952).

تمنعه من الظلم، فذلك نصرك إياه، فهذا هو نصر الظالم أن يمنع من الظلم، وألا يعان على الظلم، فإذا كان المحامي يعينه على الظلم فهو شريك له في الإثم، وعمله منكر وهو متعرض لعذاب الله وعقابه، نسأل الله العافية، وهكذا كل وكيل وإن لم يسمَّ محاميًا، ولو سمي وكيلاً إذا كان يعين موكله على الظلم والعدوان، وعلى أخذ حق الناس بالباطل فهو شريك له في الإثم، وهو ظالم مثل صاحبه، نسأل الله للجميع الهداية والعافية والسلامة، وأنصح بعدم الاشتغال بها إلا لمن وثق من نفسه بأنه يتحرى الشرع، ويعين على تحقيق الشرع، وينصر المظلوم، ولا يعين الظالم، أمَّا إذا كانت نفسه تميل إلى أخذ المال بحق وبغير حق، وإلى مناصرة من وكله، ومن جعله محاميًا عنه، هذا لا يجوز له، بل يجب الحذر.

حكم ما يأخذه مندوب المشتريات من مال لنفسه خلال عملية الشراء

139 - حكم ما يأخذه مندوب المشتريات من مال لنفسه خلال عملية الشراء س: يقول السائل: نرجو منكم أن تتفضلوا بتوضيح الرأي في ظاهرة منتشرة، وهي أن مندوبي المشتريات الموكلين من قبل شركاتهم، أو مؤسساتهم لشراء الأغراض يحصلون على مبلغ من المال لأنفسهم من خلال عملية الشراء، وتحدث هذه العملية غالبًا في صورتين: الصورة الأولى أن يطلب مندوب المشتريات

من البائع وضع سعر مرتفع عن السعر الحقيقي للسلعة على الفاتورة، ويقوم مندوب المشتريات بأخذ هذا الفرق في السعر لنفسه، أما الصورة الثانية فإن مندوب المشتريات يطلب من البائع أن يكتب له الفاتورة بنفس السعر الحقيقي للسوق، ثم يطلب من البائع مبلغًا من المال لنفسه يتناسب مع كمية السلع المشتراة، ويكون ذلك نظير تشجيع لمندوب المشتريات؛ لكي يقصد هذا المحل دائمًا، أرجو أن تتفضلوا بالتوجيه، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: هاتان الصورتان اللتان سأل عنهما صاحب السؤال كلتاهما محرمة، وكلتاهما خيانة، سواء كان اتفق مع صاحب السلعة بزيادة الثمن على السعر المعروف في السوق؛ ليأخذ الزيادة، أو أعطاه شيئًا فيما بينه وبينه، ولم يجعل في الفاتورة إلا السعر المعروف، كل ذلك محرم، وكل ذلك خيانة، وكل هذا من أسباب أن يختار لنفسه الباغية من يناسبه، ولا يبالي بالسعر الذي ينفع الشركة ويبرئ الذمة، بل إنما يبالي بما يحصل به مطلوبه من البائعين، ولا يبالي بعد ذلك بالحرص على مصلحة الشركة، وأن يتطلب السعر المناسب المنخفض من أجل ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (149).

النصح لها وأداء الأمانة، فهذا كله لا يجوز؛ لأنه خيانة.

حكم أخذ الأجرة على الدلالة

140 - حكم أخذ الأجرة على الدلالة س: يقول السائل: نلاحظ كثيرًا من الناس يعيشون على الدلالة، وكل ما يفعله هؤلاء الدلالون هو أن يوفق بين البائع والمشتري على أن تكون عمولة للدلالة كذا وكذا في المائة، فهل تجوز هذه المهنة، مع العلم بأن كثيرًا من الدلالين يحلفون للبائع أو المشتري بالكذب حتى يوافق على تمام البيع، وبعض الدلالين يخفون العيب الذي يكون في الشيء المباع على المشتري حتى يتم البيع؟ وجهونا جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الدلالة لا بأس بها، كونه يكون وكيلاً يبيع أرض فلان، بيت فلان، سيارة فلان ويأخذ أجرة لا بأس، لكن لا يجوز له أن يكذب، ولا أن يغش البائع، ولا أن يغش المشتري، حرام عليه ذلك، والواجب أن ينصح لهؤلاء ولهؤلاء، ولا يكتم العيب، ولا يكذب على صاحب السلعة، ويقول: إن هذا حدها، وهو يكذب على المشتري، فالمقصود أن عليه النصح، والحذر من الكذب وإخفاء العيوب، وإذا فعل شيئا من هذا ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (322).

فقد أثم، وصار كسبه خبيثًا، لكن عليه أن يتقي الله، وأن ينصح لهذا وهذا، للبائع والمشتري، ويبرئ ذمته، ولا يجوز له الكتمان للعيوب، ولا الغش ولا الخيانة، ولا الكذب، لا على المشتري ولا على البائع، هذا هو الواجب عليه، أن ينصح لله ولعباد الله، وبذلك تكون مهنته لا بأس بها، ويكون أجره لا بأس به؛ لكن من غش الناس، وخان الأمانة وكذب فقد تعاطى منكرًا عظيمًا، نسأل الله العافية، وصارت دلالته فيها شر كثير، ولم تكن حلالاً بسبب غشه وخيانته وكذبه، نسأل الله العافية.

حكم أخذ الفوائد البنكية من طريق الاستثمار وصناديق التوفير

141 - حكم أخذ الفوائد البنكية من طريق الاستثمار وصناديق التوفير س: ما قولكم فيما أفتى به بعض المتأخرين من حل الفوائد البنكية الربوية الحاصلة من طريق الاستثمار، أو صناديق التوفير؛ لأن هذا الأمر قد عمت به البلوى، واغتر بهذه الفتوى كثير من الناس؟ هذه الفتوى التي صدرت من إخواننا المتأخرين فتوى باطلة، نسأل الله أن يعفو عنهم، وأن يرشدهم إلى الصواب، وأن يمن عليهم بالرجوع إلى الحق، ولا شك أن الرجوع إلى الحق فضيلة، وهو خير من التمادي في الخطأ، وقد أجمع أهل العلم فيما نعلم، قبل هذه الفتوى، الأخيرة، على تحريم الربا مطلقًا سواء كان للاستثمار، أو للاستهلاك، فلا يجوز أن يبيع مائة بمائة وخمسة، من طريق الاستثمار، ولا من طريق صندوق

التوفير، ولا أن يضعها وديعة في البنك يعطيه عنها عن كل مائة مائة وخمسة، وعن كل ألف ألف وخمسين، أو ما أشبه ذلك، كل هذا منكر، وربا صريح، وهو ربا الجاهلية، وليس من شرط ذلك أن يكون من تؤخذ منه الزيادة مدينًا معسرًا، فالمعسر يكون أشد إثمًا إذا زاد عليه وأمهله بشرط الربا، أو طالبه بالزيادة، هذا يكون أشد إثمًا، ولكن ليس ذلك شرطًا في تحريم الربا أن يكون بالمراباة معه معسرًا، أو مدينًا، بل هو عام، فإقراضك أخاك بالزيادة سواء كان فقيرًا، أو غنيًا ربا، فإذا أقرضته ألفًا على أن يرد عليك ألفًا ومائة، أو ألفًا وخمسين أو ألفًا وخمسة هذا ربا، وقد ذكر غير واحد إجماع العلماء على ذلك، وهكذا إذا جعلتها وديعة في البنك على أن يعطيك كل سنة كذا، أو كل شهر كذا، من الربا، هذا محرم بلا شك، والذي أفتى بحله قد غلط غلطًا بينًا، وخالف الأدلة الشرعية، وإجماع أهل العلم المعروف، فنسأل الله أن يهدي الجميع، وأن يرد من أفتى بالباطل إلى الصواب والحق، وأن يصلح حال الجميع، وأن يعيذنا من غلطات ألسنتنا، وغلطات أفكارنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

حكم استغلال العامل عينات الدعاية لصالح

142 - حكم استغلال العامل عينات الدعاية لصالحه س: يقول السائل: لي أخ يعمل في مجال الدعاية لشركة أدوية،

ويتسلم بعض الأدوية لتوزيعها كعينات، فهل يحل له إعطاء ذويه منها أم يحرم ذلك (¬1)؟ ج: ليس له أن يعطي ذويه إلا بإذن من الشركة، إذا سمحت له أن يعطي أحدًا يعطي، فليس له أن يعطي أحدًا، لا قراباته ولا غيرهم إلا بإذن الشركة، إذا كان إنما مهمته يُريه الزبون، يطلعهم عليه حتى يعرفوا الدواء، لكن ليس له أن يعطي أحدًا من الناس إلا بإذن الشركة. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (208).

بيان ما يلزم الوكيل إذا خان موكله في مال ثم تاب

143 - بيان ما يلزم الوكيل إذا خان موكله في مال ثم تاب س: أنا تاجر، وأعطاني زميل لي في التجارة، وهو في بلد وأنا في بلد آخر، وأرسل لي بضاعة، فبعتها وخنته في شيء من المال، ثم إني أعطيته ماله، وسافر إلى بلد آخر، وصار بيننا مسافة سحيقة، وبعد مدة راجعت نفسي فوجدتها ظالمة، وزميلي بعيد عني، فكيف ترون حكم هذا، وكيف أرد له ما خنته فيه من الأموال (¬1) (¬2)؟ ج: أولاً عليك التوبة إلى الله من ذلك، من هذه الخيانة، والندم وكثرة الاستغفار، والعزم ألا تعود في ذلك، مع الإكثار من العمل الصالح، ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (97). (¬2) السؤال من الشريط رقم (97). ') ">

والله يقول سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}، وعليك مع ذلك أن ترسل المال إلى صاحبه، بأي طريق، عليك أن تجتهد في ذلك، وأن ترسل إليه ماله بأي طريق، وتقول: هذا مال بقي لك عندي، وتخبره بأن هذا حق لك، وإن لم تخبره بأنك خنته، تخبره بأن هذا حق لك عندي، اتضح لي أن هذا حق لك عندي، فتعطيه إياه وعليك التوبة والاستغفار والحمد لله. س: إنني لم أعزل من البيت إلى الآن، وإن معي أخي وأختي وأمي، وأعمل في أحد البلاد العربية مدرسًا، وقضيتي أنني اشتريت قطعة أرض من فلوسي الخاصة، أي من عرقي، وليس من البيت، فهل أكتب عقد الأرض بكل من معي في البيت، أو أكتبها باسمي الخاص. ج: هذا فيه تفصيل إن كنتم شركاء فيما بينكم، فالأرض بينك وبين أخيك وأختك وأمك، وأما إن كنت مستقلاً بنفسك، وإنما إذا حضرت جلست معهم في البيت، وإلا فأنت مستقل، فالأرض أرضك، وتكتب

باسمك؛ لأنك اشتريتها من مالك، من حرّ مالك، أمَّا إن كان هناك التباس في الأمر، فيمكن حل المشكلة من طريق المحكمة، أو من طريق المصلحين بينك وبين أخيك وأختك وأمك، حتى ينظروا في الأمر بينكم ويصلحوا بينكم بعد ما يسمعون كلام أخيك وكلام أختك وكلام أمك، ثم يكون الصلح بعد ذلك، أو في المحكمة، وتحكم بينكم المحكمة، المقصود أن الواجب عليك أن تأخذ رضا أمك وأختك وأخيك، حتى لا يكون بينك وبينهم شحناء وعداوة وقطيعة، إما أن تصطلحوا بينكم، أو بواسطة من ترون من المصلحين والأخيار، يصلحون بينكم أو من طريق المحكمة، إلا إذا سمح أخوك وأختك وأمك بأن تكون الأرض باسمك وليس لهم نزاع، وليس لهم كلام في ذلك، فالحمد لله.

بيان ما يلزم من استثمر مال زوجته مع أمواله

144 - بيان ما يلزم من استثمر مال زوجته مع أمواله س: الأخت / أ. أ. خ، من الدمام، فتسأل وتقول: رجل استثمر أموال زوجته مع أمواله، وهي شبه راضية وكانت زوجته تطالبه بأن يكتب لها شيئًا في العقار على قدر نقودها لكي تضمن أن نقودها لا تذهب إلى الورثة بعد وفاته، ولكن زوجها كان يقول لها: إن هذا الأموال – يقصد أمواله زائدًا أموالها – لك ولأبنائك

من بعدي، فتوفي قبل أن يكتب لها شيئًا بقدر أموالها، فهل يلحقه شيء في ذلك، وماذا على الورثة، تجاه هذا الموضوع؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إن الواجب على الزوج إذا كان عنده مال لزوجته أن يكتب ذلك، وأن يوضح ذلك في وثيقة ثابتة، حتى تسلم لها بعد موته لو مات قبلها، ويجب أن يوضح ذلك في صحته حتى تبرأ ذمته، وإذا مات ولم يبين ذلك وجب على الورثة أن يؤدوا حقها من رأس التركة كسائر أهل الدين إذا ثبت ذلك بالبينة أو سمحوا بذلك لها، وأعطوها وصدقوها إذا كانوا مرشدين مكلفين، ولا يجوز للزوج ولا غيره إذا كان في ذمته دين لأحد أن يسكت وأن يغفل عن ذلك فتضيع الحقوق، فإن هذا خطر عظيم، وظلم عظيم يجب الحذر منه، فالواجب على كل إنسان عنده حق للغير، سواءً كان زوجًا أو غير زوج، أو زوجة أو غير ذلك، أن يبين ويكتب الدين في وثيقة شرعية عند المحكمة، أو عند كاتب معروف، يعتمد قلمه حتى يؤدي الحق إلى صاحبه، لو قدر الله الموت قبل التسديد، وهذه المرأة يجب على الورثة أن يعطوها حقها إذا ثبت لديهم ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (161).

ذلك، فإن لم يثبت لديهم فليس عليهم شيء، والله يعوضها عن ذلك، وقد أساء زوجها وتعاطى ما لا يحل له، وهي بالخيار، إذا أباحته وسامحته فلها أجرها، وإن لم تسمح أعطيت حقها يوم القيامة، ولا يضيع عليها شيء، أنت أيتها الأخت في الله السائلة، إن سمحت وأبرأت الزوج فجزاك الله خيرًا، وإن لم تسمحي ولم يعطوك حقك، يعني الورثة، فالأمر إلى الله، والحساب بينك وبينه عند الله عز وجل، والله المستعان.

حكم أخذ الشريك نصيبا أكثر من شركائه

145 - حكم أخذ الشريك نصيبًا أكثر من شركائه س: يوجد لدينا مورد للرزق، يدر علينا بعض المال، لكن أنا آخذ من هذا المال أكثر من إخوتي، ولكن للحاجة الملحة، فهل علي إثم في ذلك (¬1)؟ ج: إذا سمح لك إخوتك، وهم مرشدون وقالوا لك: لا بأس أن تأخذ حاجتك مطلقًا، لا بأس، وإذا لم يسمحوا فلا بد أن تأخذ حقّك فقط دون زيادة إذا كان بينكم على السواء، فإنك تأخذ نصيبك من دون زيادة، إلا بإذنهم، إذا رضوا فلا بأس، أو رضي بعضهم جاز لك أن ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (152).

تأخذ من حق الراضي ما رضي به.

حكم شركة المضاربة

146 - حكم شركة المضاربة س: إذا أعطيت رجلاً مبلغًا من المال بقصد التجارة به واشترطت في ربحه أن يقسمه بالنصف بيني وبينه، وعليه إرجاع المال وقت طلبه، فهل هذا صحيح (¬1) (¬2)؟ ج: نعم، بينهم بالنصف لا بأس، والمضاربة شركة اختيارية، فإذا لم يوقّتوها فلا بأس، له نصف الربح، أو ثلثه، ومتى أراد المال سلم له المال، سلم رأس المال إن بقي، إن لم يطرأ عليه تلف. س: لقد حصل بيني وبين زوجي شجار، وحلف بالحرام ألا يأخذ مني أي مبلغ من المال، ولكن زوجي كما تقول ذو حاجة، فهل أعطيه ليشتغل به إذا احتاج ويدفع لي أرباحًا له نصف الربح ولي النصف الآخر، أو حسب ما نتفق عليه (¬3)؟ ج: لا مانع من دفع المال إليه مضاربة، بالنصف، أو بالثلث، أو بالربع، لا بأس يكون لك نصف الربح، أو ثلث الربح، أو أكثر، أو أقل، ¬

(¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (350). (¬2) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (350). ') "> (¬3) السؤال الخامس من الشريط رقم (359). ') ">

لا حرج في ذلك، هذه تسمى مضاربة، وأما تحريمه فإن كان قصده أنه ما يقبله منك عطية هذه ما هي بعطية، هذه معاملة شركة فلا حرج عليه، أما إذا كان قصده لا يقبل منك عطية ولا مضاربة ولا أي معروف، فعليه كفارة يمين عن تحريمه، كفارة يمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم؛ لأن التحريم بالشيء الذي أحله الله يكون بمثابة اليمين، إلا إذا قصد تحريمه على الزوجة، فهذا له حكم الظهار، أما إذا قصد تحريم الشيء الذي هو المال، أو الملبس، أو السكن، أو الكلام هذا يكون حكمه حكم اليمين. س: تسأل وتقول: إذا كان لي مبلغ من المال، وأعطيته قريبًا لي على أن يتاجر به ويعطيني شيئاَ من الربح، فهل هذا جائز؟ ج: إذا كان الجزء جزءًا مشاعًا كالربع أو الخمس، لا بأس، تقولين له: اعمل فيه ولي الربع، أو الخمس، أو السدس، هذا لا حرج فيه، هذا يسمى المضاربة، أما أن يعطيك شيئًا معينًا خمسة ريالات كل شهر أو عشرة ريالات كل شهر، فهذا ما يجوز، هذا ربا، أما إذا قلت: أنت تعمل فيه والربح بيننا أنصاف، أو أثلاث، أو: لي السدس أو الخمس ولك الباقي، فهذا كله لا بأس به.

حكم الأخذ من مال الشركة من غير إذن الشريك

147 - حكم الأخذ من مال الشركة من غير إذن الشريك س: الأخ المليجي من جدة، يقول: والدي دخل شريكًا مع أحد الأشخاص، على الشخص رأس المال، وعلى والدي أن يدير المحل، وكنت أنا الذي أدير المحل، والدي للأسف الشديد كان يأخذ مالاً من محل الشراكة ويدخله في محله الخاص به، وكنت لا أقبل هذا الفعل من والدي، ولكن كنت لا أستطيع أن أعمل شيئًا، وهذا والدي، المهم استمر هذا الوضع إلى أن حان وقت الجرد وانتهت الشراكة، وحصل طبعًا خلط في مال والدي؛ لأنه أدخل مال الشراكة في ماله الخاص، وهذا أنا أعرفه خطأ، وبعد ذلك ذهب والدي وحج من ماله المخلوط، الآن والدي توفي يرحمه الله، والشريك توفي يرحمه الله، والسؤال: هل علي أنا شيء؛ لأني كنت أسمح لوالدي أن يأخذ من مال الشراكة، وإذا كان علي شيء أنا، هل من الممكن أن آخذ العفو والسماح من أبناء الشريك؛ لأنه قد توفي كما أسلفت ولوالدي؟ أرجو أن تفيدوني حول هذه القضية جزاكم الله خيرًا (¬1). ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (171).

ج: الواجب عليك السعي في تخليص ذمة والدك، إما بأن تدفع له ما تعتقد أنه حق لهم، لأولاد الشريك، وإما أن تستسمحهم إذا كانوا مرشدين، فإذا سمحوا عن والدك، وعفوا عما أخذ من مالهم فلا حرج، أما إن كانوا غير مرشدين بل هم قاصرون، فإنك تعطيهم حقهم الذي تعتقد أن أباك استدخله من مال الشركة، تخرجه من التركة وتعطيهم إياه، وإذا كان معك شركاء في التركة تخبرهم بما جرى، حتى يوافقوك على ما يوجب إبراء الذمة لوالدك، فإن أبوا فهذا إلى المحكمة، ترفع الأمر إلى المحكمة، والمحكمة تأمرهم بما ترى في ذلك، أمّا إن وافق الشركاء معك، يعني الورثة معك من أبيك، إذا وافقوا على أنك تدفع لأولاد الشريك ما دخل على أبيك، فالحمد لله، أو عفا ورثة الشريك عفوًا عما دخل على أبيك فالموضوع يعتبر منتهيًا، والحمد لله.

بيان حكم المزارعة

148 - بيان حكم المزارعة س: لدينا مزرعة، وعليها عمال، ولكن بعض الأحيان يطلب منا بعضهم إعطاءهم المزرعة بالنصيفة، بدون راتب، على أن نقوم نحن أصحاب المزرعة بإعداد متطلبات المزرعة، من المضخات والوقود وكذلك آلات الحرث، ومقابل أن يقوم العمال بزراعة المزرعة وبيعها في الأسواق في سيارتنا، وعند انتهاء الثمرة

نقتسم بالنصف فيما بيننا، فما الحكم في ذلك، وهل علينا شيء في هذا؟ وهل هذا يدخل في كراء الأرض المنهي عنه؛ لأنني قرأت أحاديث تدل على النهي عن كراء الأرض؟ مثاله: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كان له أرض فليزرعها، أو ليزرعها أخاه ولا يكرها» (¬1) مختصر صحيح مسلم (¬2) (¬3). ج: عملكم هذا طيب ولا بأس، هذه مزارعة، فإذا أعطيتم العمال النصف، أو الثلث، أو الربع على قيامهم على المزرعة وسقيهم لها وتعبهم فيها، وأنتم تعدون لهم كل شيء فلا بأس بذلك، هذه مزارعة جائزة، ولا حرج فيها ولا بأس بتأجير الأرض على الناس بأجر معلوم، كان هذا الحديث الذي ذكرته في أول الإسلام ثم نسخ، كان النبي ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب المزارعة، باب ما كان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم يواسي بعضهم بعضا في الزراعة والثمرة، برقم (2341)، ومسلم في كتاب البيوع، باب كراء الأرض، برقم (1536). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (271). (¬3) السؤال السابع من الشريط رقم (271). ') ">

صلى الله عليه وسلم نهى عن تأجير الأرض (¬1)، ثم رخص في ذلك عليه الصلاة والسلام. فإذا زارع عليها بالنصف أو الثلث فلا بأس، أو أجرها بشيء معلوم فالمستأجر يزرعها أو يغرس فيها فلا بأس؛ لأن هذه الأمور معلومة. أما الذي بقي النهي عنه، ولم يزل ينهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو تأجيرها بشيء مجهول، كأن يزارع على شيء مجهول من الزرع بأن يعطيه ما أنبتت الجهة الفلانية، أو ما نبت على السواقي، فهذا خطأ، قد يكون رديئًا، وقد يكون طيبًا، وهذا منهي عنه، وأما الشيء المضمون بدراهم معلومة، أو آجال معلومة، أو بجزء مشاع بالنصف أو بالثلث فهذا لا بأس به. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب البيوع، باب كراء الأرض، برقم (1536). ') ">

حكم تصرف الشريك في غلة الأرض دون علم شريكه

149 - حكم تصرف الشريك في غلة الأرض دون علم شريكه س: رسالة وصلت من المملكة الأردنية الهاشمية، يقول مرسلها: إنني أعمل في بستان بالربع، أي أحصل على ربع المحصول،

وشريكي له ثلاثة أرباع، هل يجوز لي أن أعطي أحدًا من البستان بدون علم شريكي؟ علمًا بأنني أعطيه لمجرد الأكل وليس للبيع (¬1)؟ ج: إذا كنت تعلم أن صاحبك يرضى بهذا ويسمح فلا بأس، جزاك الله خيرًا، وإذا كنت لا تعلم ذلك فاستأذنه حتى يأذن لك بأن تعطي من ريع هذا البستان من يزورك من الإخوان، هذا من باب أداء الأمانة؛ لأن السؤال قد يكثر، قد يكون الزوار كثيرين، فيضر ذلك شريكك، ولكن تسأله وتقول: إنه يأتيني كذا وكذا، وترجو منه السماح في تقديم ما تراه للضيف، هذا إذا كان الشيء كبيرًا، أما الشيء العادي الذي جرت العادة بين الناس أن يقدموه للضيوف، وليس فيه شيء يضر صاحبك فالأمر في هذا واسع إن شاء الله، يحتمل مع الجميع؛ لأن الضيف له حق على الجميع، وإذا جاء الزائر وقدمت له رطبًا، أو قدمت له فاكهة فلا بأس إذا كان شيئًا عاديًّا، ليس فيه مضرة، أما إذا كان الضيوف كثيرين ويحصل بذلك مضرة على صاحبك فالذي أرى، والأحوط لك أن تستأذنه، أما الخفيف المعتاد فلا بأس ولا حاجة إلى استئذان. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (319).

حكم العمل في شركة أموالها خلط من الحرام

150 - حكم العمل في شركة أموالها خلط من الحرام س: يقول السائل: شركة سعودية كبيرة تدير مرفقًا هامًّا من مرافق بلادنا العزيزة، وأنا أحد موظفيها، إذا كانت هذه الشركة تتعامل مع البنوك بحيث تودع فيها مبالغ لمدة قصيرة، كشهر وشهرين وثلاثة شهور بفوائد؛ لأنها تحتاج لسيولة نقدية فهي تودع المبالغ التي تحتاجها حالاً في البنوك لفترة قصيرة جدًّا مقابل فوائد مئوية، هل العمل في هذه الشركة حلال أم حرام؟ علمًا بأنها تحصل على معونة بنسبة كبيرة جدًّا، ويساهم فيها المواطنون بأسهم كثيرة مضمونة من قبل الدولة، ما رأي سماحتكم في العمل بهذه الشركة وأمثلتها (¬1)؟ ج: الذي يظهر أن العمل في هذه الشركة لا يحرم؛ لأن المحرم فيها قليل بالنسبة لما يأتيها من المساهمات وما يحصل لها من المساعدات، لكن إذا تورع الإنسان وتركها، وعمل في شركة أخرى لا تعمل هذا العمل، أو في عمل آخر يكون بعيدًا عن الربا وعن الحرام أحوط، مثلما ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (19).

قال النبي صلى الله عليه وسلم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» (¬1) والورع في مثل هذه الأمور من المهمات، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه» (¬2) هذه المعاملة ربوية مع البنوك، تجعل المال فيه شبهة، وتجعل فيه خلطًا من الحرام، فإذا ترك المسلم العمل معها والمشاركة، في أعمالها من باب الاحتياط فهذا حسن، وأما تحريمها فلا يظهر التحريم، لأجل وجود الأموال الكثيرة السليمة فيها من الربا، والمال المشترك الذي فيه خلط من الربا لا يحرم على المسلم أن يعامل أهله، بل عامل النبي صلى الله عليه وسلم اليهود، واشترى منهم وهم أموالهم فيها الربا، وفيها أشياء من المحرمات، والنبي صلى الله عليه وسلم اشترى من الكفار، والكفار لا تخلو أموالهم من ذلك، لكن كونه يعمل الربا بنفسه، أو يساعد عليه، أو يعلم أن هذا المال ربا هذا لا يجوز إذا علم، أما كونه مالاً دخل فيه الربا، أو دخل فيه شيء من الحرام، وهو مال كثير، فالأصل السلامة، والأصل العافية، فلا يحرم على الإنسان إلاّ ما اتضح له تحريمه، وعرف ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة والرقاق والورع، باب: منه، برقم (2518). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، برقم (52)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات، برقم (1599).

يقينًا أنه محرم، أو من كسب محرم.

حكم تأجير الأرض الزراعية

151 - حكم تأجير الأرض الزراعية س: يقول السائل: لي أرض بالسودان زراعية، ولم أستطع إصلاحها، ففكرت في إيجارها لمن يستطيع إصلاحها، وعندما شرعت في ذلك بلغني من أحد الفقهاء هناك بأن إيجار الأرض لا يجوز، يجوز أن تعطيها بجزء من المحصول، ولا يجوز إيجارها بنقد، فهل هذا صحيح (¬1)؟ ج: ليس هذا بصحيح، يجوز تأجير الأرض بشيء معلوم، كالدراهم والأصواع المعلومة، كما قال رافع بن خديج رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به» (¬2) فتأجير الأرض بشيء معلوم، من دراهم أو دنانير، أو آصع معلومة من جنس ما يخرج منها، أو غيره لا بأس بذلك، هذا هو الذي عليه أهل العلم، وهو الحق، وإن كان بعض الناس قد خالف في ذلك، لكن خلاف لا وجه له، والصواب أنه يجوز تأجيرها بجزء مشاع، مما يخرج ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (72). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب البيوع، باب كراء الأرض، برقم (1536).

منها، كالربع أو الثلث، ونحو ذلك، ويجوز تأجيرها بشيء مضمون معلوم، كمائة درهم، ألف درهم، ألف صاع، ألف كيلو من الحنطة، من الأرز، من الشعير، كل هذا لا بأس به، أما الذي ينهى عنه فهو أن يؤجرها ببقعة منها، فيقول: لك ما نبت هنا، ولي ما نبت هنا، هذا يفضي إلى الغرر، فقد تنبت هذه ولا تنبت هذه، أو قد تكون هذه أطيب من هذه، فإذا أجّره الأرض على أن له ما نبت في الجناح الشمالي، أو في الجناح الغربي، أو الجنوبي، أو نحو ذلك، هذا ليس بصحيح، أو قال: لك أو لي ما نبت على الشواطئ، على الجداول مثلاً، وأمّا ما سوى ذلك فللآخر، فهذا كذلك لا يصلح، قد نص على ذلك في رواية رافع بن خديج رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يكون فيه جهالة، وإنما يجوز تأجيرها بشيء معلوم مضمون، من آصع أو دراهم، أو دنانير، أو نحو ذلك، أو بجزء مشاع معلوم، كالربع والثلث والنصف، ونحو ذلك، هذا هو الذي يجوز.

حكم تأجير الأثاث لمن يقيم مأتما للعزاء

152 - حكم تأجير الأثاث لمن يقيم مأتمًا للعزاء س: الأخ / إ. م. م، مقيم في مكة المكرمة، يسأل ويقول: لنا في السودان أدوات تؤجر للمناسبات، كمكبرات الصوت والكراسي،

الصوانات، ومفارش كوش لجلوس العروسين يوم الزفاف، علمًا بأن هذه الأشياء أحيانًا تؤجر للمآتم، والندوات الدينية والثقافية، فهل هذا يجوز أم لا؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: تأجيرها في المناسبات المباحة والمشروعة لا بأس بذلك، إذا أجرها صاحبها لوليمة العرس التي ليس فيها منكر، أو لمناسبات أخرى ليس فيها منكر مباحة لا بأس، أما تأجيرها على قوم يفعلون فيها المنكر، من إيجاد المآتم التي تعتبر بدعة، كإيجاد الوليمة من أهل الميت، إذا مات الميت، فكونهم يقيمون وليمة عند موت ميتهم هذا من البدع ومن أمر الجاهلية، يقول جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصناعة الطعام بعد الدفن من النياحة (¬2)، فالمقصود أن كون أهل الميت يعدون طعامًا للناس، مأتمًا وحزنًا، هذا من عمل الجاهلية، لا يؤجَّرُ عليهم لا الكراسي ولا غيرها، وهكذا إذا كان يقال في الاحتفال أمور منكرة من الملاهي والعود والسينما، وأشباه ذلك مما يعتبر محرمًا فلا يجوز ذلك، فالخلاصة: إنْ ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (276). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب ما جاء في الجنائز، باب ما جاء في النهي عن الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام، برقم (1612).

أُجِّرتْ على من يستعملها في أمر مشروع، أو مباح فلا بأس، وإن أُجِّرتْ على من يستعمل فيها المنكر، أو يستعملها في بدعة فلا يجوز.

حكم تأجير مطعم بمعداته لمستأجر بأجر معلوم

153 - حكم تأجير مطعم بمعداته لمستأجر بأجر معلوم س: يقول السائل: هل يجوز تأجير مطعم بكامل معداته وأدواته وعماله على شخص مستأجر، على أن يدفع المستأجر مبلغًا معينًا ثابتًا شهريًّا للمؤجر، سواءً ربح المطعم أو خسر، مع العلم أن المستأجر يأخذ راتبا شهريا من المؤجر، وأيضًا المتبقي الصافي بعد خصم المبلغ المخصص للمؤجر سواء كان قليلاً أو كثيرًا (¬1)؟ ج: تأجير المطعم بالأدوات التي فيه تأجيرها على زيد أو عمرو لا بأس إذا كان بأجر معلوم لمدة معلومة، وهو يستعمل هذه الأشياء التي في المطعم، من كراس ومن فرش ومن أدوات، ومن أوانٍ يستعملها في إطعام الناس، وفي صنع الولائم لهم، لا بأس بذلك، لكن كونه أجيرًا من صاحب المطعم، أي وجه لهذا؟ ما دام المطعم استأجره كيف يكون أجيرًا له، وهو الذي استأجر المطعم، كيف يصير هذا؟ فكونه مستأجرًا المطعم يتصرف فيه، يطعم الناس ويأخذ الأجرة من الناس فعلى أي وجه ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (309).

يأخذ أجرة هو وهو صاحب المطعم، وهو الذي استأجر المطعم، وصار يطعم الناس ويأخذ منهم قيمة الطعام والشراب، هذا غريب نرى أن صاحب المطعم يتصل بي أحسن حتى أرى الموضوع، يتصل بي مشافهةً حتى يُدرس الموضوع معه؛ لأن السؤال فيه غرابة.

بيان معنى ما يسمى بنقل القدم

154 - بيان معنى ما يسمى بنقل القدم س: يقول السائل: من المعاملات الشائعة بين الناس استئجار المحلات بثمن محدود، وتأجيره لآخر بمبلغ أكثر من الأجرة الأولى في نظير العودة إلى الأجرة السابقة في الأعوام القادمة، وهذا ما يعرف لدى العامة بنقل القدم، وللتوضيح نضرب مثالاً لذلك، يستأجر أحدنا محلاً بمبلغ عشرين ألف ريال مثلاً، ويطلب ممن يريد استئجاره منه، أن يدفع مبلغ عشرة آلاف ريال في نظير إخلائه وتسليمه إيّاه، والعودة إلى الأجرة السابقة، وهي عشرون ألف ريال في الأعوام القادمة، ما حكم المال الذي أخذ بهذه الطريقة وهو المعروف بنقل القدم (¬1) (¬2)؟ ج: أما نقل القدم فلا يجوز الأخذ عنه؛ لأنه ليس ملكًا له بل هو ملك ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (217). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (217). ') ">

للمالك، الدكان والبيت ملك للمالك، أما إذا أجره المدة التي قد ملكها بالأجرة فلا بأس أن يؤجرها بأكثر، إذا استأجر بيتًا أو دكانًا بعشرين ألفًا، ثم أجره بأكثر من ذلك فلا حرج في ذلك، أما إذا انتهت مدّته فليس له أن يبيع نقل قدم، ويأخذ عوضًا عن نقل قدم وقد انتهت مدته، الحق ليس له، بل للمالك، مدته انقضت، فليس له أن يأخذ عن خروجه شيئًا؛ لأنه ما بقي له حقّ بل الحق للمالك، وهو انتهت مدته، ولا يجوز له أن يأخذ نقل قدم؛ لأنه لا مقابل له. س: يقول السائل: س. ر: أنا طالب أدرس في إحدى الدول العربية، وخلال هذه الدراسة استأجرت غرفة عند حاجة متقدمة في السن – امرأة كبيرة في السن – اعتادت أن تؤجر غرفًا من بيتها، وعند انتهاء تلك السنة الدراسية أردت أن أذهب لزيارة أهلي لمدة شهرين، ثم أعود، فسألتها إن كانت تقبل أن أترك أغراضي في الغرفة حتى أعود فآخذها من عندها، فقبلت، وقالت: ضع ذلك تحت السرير بشكل لا يظهر، ففعلت، وبقيت شنطة ثيابي فوضعتها على ظهر خزانة الثياب، وتركت للحاجة المفتاح؛ لأنها كانت غائبة عن البيت تلك الساعة، المهم عندما رجعت لآخذ

الأغراض قالت لي: أين ذهبت وتركت أغراضك، ولم يرض أحد أن يستأجر الغرفة بسبب هذه الأغراض، هذا على حد قولها، وأنكرت إنكارًا شديدًا أنها سمحت لي بإبقاء ثيابي وملابسي عندها، وطالبتني بأجرة، فبماذا تنصحونني جزاكم الله خيرًا؟ ج: هذه خصومة بينك وبينها، راجع المحكمة، والمحكمة فيها الكفاية، والحمد لله، وإن أعطيتها الأجرة ولم تخاصمها فهو خير لك وأحسن، وإلا فالمحكمة فيها الكفاية، إذا ألزمتك عليك أن تلتزم بحكم الشرع.

حكم أخذ مال من المستأجر مقابل السعي

155 - حكم أخذ مال من المستأجر مقابل السعي س: يقول السائل: يحدث في مكاتب تأجير العقارات أخذ مبالغ من المستأجر بصفة سعي، وبصورة أوضح مثلاً: جاء شخص وطلب استئجار محل، أو شقة، وطلب مني إذا حققت له طلبه هذا في إيجاد المحل أو الشقة فإنه سوف يعطيني مبلغًا من المال بخلاف ثمن الإيجار بصفة سعي، أو نظير حصوله على هذا المحل، أو تلك الشقة، أرجو أن أعرف بوضوح هل هذا

المال حلال أم حرام (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك يا أخي، هذا أُجرة، ويسمى السّعي عن تعبك في التماس المحل المناسب الذي يريد الشخص أن يستأجره، فإذا ساعدته في ذلك والتمست له المكان المناسب، وساعدته في الاتفاق مع المالك على الأجرة فكل هذا لا بأس به إن شاء الله، بشرط ألا يكون هناك خيانة، ولا خديعة، بل على سبيل الأمانة والصدق، فإذا صدقت وأدّيت الأمانة بالتماس مطلوبه من غير خداع ولا ظلم، لا له ولا لصاحب العقار فأنت على خير إن شاء الله. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (154).

بيان ما يلزم من له حق على الآخرين

156 - بيان ما يلزم من له حق على الآخرين س: السائل / م. ع. أ. يقول بأنه شاب كان يعمل بشركة من الشركات، ولكن يقول: فوجئت بأن الشركة قد خصمت علي أشياء بدون وجه حق، هذا من ناحية، ومن الناحية الأخرى قدمت أعمالاً أستحق عليها المكافأة ولم يعطوني إياها، فاضطررت إلى أن أعمل ما يلي: عندما كنت أشتري أشياء للشركة كنت أحصل على خصم كبير من أصحاب المحلات، ولكن هذا بيني وبين

أصحاب المحلات، وكنت آخذ الخصم في جيبي مثلاً، الفاتورة بمائة جنيه، آخذ خمسًا وعشرين جنيه، والفاتورة تكتب بمائة، مع العلم أن الأسعار بالفاتورة مثل المحلات الخارجية، أي أن قيمة الفاتورة لا تزيد عن الطبيعي، ولكن الذي يحدث هو زيادة الخصم لكثرة الشراء، ولا يكتب الخصم بالفاتورة (¬1)؟ ج: الواجب عليك أن تحاسبهم وأن تخاصمهم، حتى يكون الأمر بينًا، أما الخصم هذا فقد يزيد وقد ينقص، وقد تكون متساهلاً فيما تدعي أنه حق لك، فالواجب عليك أن المسألة بينك وبينهم من جهة الصلح، بواسطة من يتيسر من المصلحين، أو بواسطة المحكمة، وألا تفعل ما ذكرت؛ لأنك قد تزيد على ما أخذ منك، وقد تتساهل في الأمور، وقد تظن أنك مظلوم وأنت غير مظلوم، فالواجب أنك تحاسبهم بالمناقشة بينك وبينهم بواسطة المصلحين والأخيار، أو بواسطة المحكمة إن دعت الحاجة إلى الخصومة، هذا هو الواجب عليك، حتى لا تأخذ إلا حقك. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (416).

حكم الاشتراط على العامل بعدم العمل في جهة أخرى

157 - حكم الاشتراط على العامل بعدم العمل في جهة أخرى س: يقول السائل: إذا تعاقد رجل مع شركة، ثم إن هذه الشركة اشترطت عليه ألا يعمل في جهة أخرى، فأدّى عمل هذه الشركة، ثم عمل، هل يكون ما كسبه من المال محرمًا أم يكون حلالاً (¬1)؟ ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمنون على شروطهم» (¬2) فإذا تعاقَدَتْ معه على أن يعمل معها كذا وكذا ساعة، ولا يعمل مع غيرها، والتزم بذلك، فالظاهر أنه يلزمه ذلك؛ لأن عمله مع غيرها قد يضر عملها، قد يأتي وهو تعبان، ما يصلح لعمل، فالحاصل أنه إذا التزم بالشرط ليس له ذلك، والأموال التي أخذها بهذا الطريق لا تحلّ؛ لأنه أخذها بغير حق، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «المسلمون على شروطهم» (¬3). ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (293). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الأقضية، باب في الصلح، برقم (3594). (¬3) سنن أبي داود الْأَقْضِيَةِ (3594).

بيان حكم السمسرة

158 - بيان حكم السمسرة س: هذا سائل للبرنامج يقول: هل السمسرة حلال أم حرام؟ وهو ما يقوم الوسيط بالاتفاق بين البائع والمشتري (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (428). (¬2) السؤال من الشريط رقم (428). ') ">

ج: لا حرج في ذلك، السمسار، الدّلال، كونه يبيع له إبله أو بقره، أو غنمه، أو ثمرته، أو ملابس، أو أرضًا، أو غير ذلك، لا حرج، يسمى الدّلال، وهو السمسار. س: السائل ف، يقول: ما حكم أخذ الأجرة على السمسرة؟ ج: لا حرج، أخذ الأجرة كونه يكون دلالاً يبيع البيوت، يبيع الأراضي.

حكم تحديد الدلال نسبة معينة من الأجر على عمله

159 - حكم تحديد الدلال نسبة معينة من الأجر على عمله س: هل تحديد نسبة اثنين ونصف بالمائة 2.5% كسعي جائز حسب العرف المتبع، أم هو محدد من الشرع فلا يجوز الزيادة والنقصان بالعرف (¬1) (¬2)؟ ج: ليست الأجرة محددة، أجرة الدلال ليست محددة، بل على ما اتفق عليه الدلال وصاحب السلعة، فإذا اتفقا على اثنين ونصف، أو واحد ونصف أو واحد في المائة، أو أقل أو أكثر فلا حرج، الحمد لله، هذه أجرة عن عمله تخضع للاتفاق. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (365). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (365).

س: رسالة من المستمع أ. س. يقول: أعمل مهندسًا في مؤسسة في إحدى مناطق المملكة، وتعاقدت مع كفيلي، واتفق معي على اتفاقات مادية ومعنوية، ولكنه بعد مضي سنة أخلف بعض الاتفاقات المادية والمعنوية، أفتوني ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيرًا. ج: عليك أن ترفع أمره إلى المحكمة، تطلبه للشرع، إلا إذا صلحت أنت وإياه، أو أصلح بينكم بعض الإخوان طيب، الصلح خير، فإذا تيسر من يصلح بينكما، بأن تسمح عن بعض حقك، أو تؤجل حقك، فالمقصود الصلح طيب إذا تيسر، وأما إذا لم يتيسر الصلح وأبى فليس لك إلا المحكمة، ترفع أمرك إلى المحكمة، وفيما ترى المحكمة فيه الكفاية إن شاء الله إذا كنت في بلاد تحكم بالشرع.

حكم اشتراط شرط لا يجوز شرعا

160 - حكم اشتراط شرط لا يجوز شرعًا س: يقول السائل: أخذت من شخص قطعة أرض؛ لكي أزرعها، واشترط عليَّ أن أعطيه الزّكاة، سواء كان فقيرًا أم غنيًّا، فقد أعطيته، فهل أديت الواجب عليَّ في هذه الحالة أم لا (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (58).

ج: هذا العقد باطل، لا يجوز أن تستأجر منه أرضًا بشرط أن تعطيه الزكاة، هذا لا يجوز، تتفق معه على الأجرة التي ترضاها ويرضاها ويكفي، أمّا شرط الزكاة فلا، ولو كان فقيرًا ما يجوز شرط الزكاة له؛ لأن الفقراء كثيرون، وهذه إجارة معاملة ما تكون بالزكاة، تكون بأجور أخرى، وإذا كان فقيرًا فلك أن تعطيه بغير شرط، إذا أردت ذلك من دون شرط، ولا يلزم، فلك أن تعطي غيره من الفقراء، المقصود لا يجوز شرطها في الأجرة أبدًا، لا قليل ولا كثير، يل يجب أن تكون الأجرة من غير الزكاة، بعقد يتفق عليه بينكما، أما كونك تعطيه من الزكاة أو لا تعطيه فهذا شيء آخر، لك أن تعطيه إذا كان من أهلها، ولك أن تحرمه وتعطي غيره، ليس عليك جناح بهذا، ولا يجوز أن تربط بالإجارة من كل الوجوه.

حكم استعمال أدوات العمل في الحاجات الشخصية

161 - حكم استعمال أدوات العمل في الحاجات الشخصية س: يقول السائل: أنا شاب، ولله الحمد والمنّة، ملتزم بجميع تعاليم الإسلام، وأسأل الله لي ولك الثبات على الحق إلى يوم المعاد، وقد توظفت في إحدى الوزارات، وأنا أريد أن يكون الراتب الذي أتقاضاه حالاً، ولا يكون فيه قرش واحد حرام؛ لأنني أريد أن أكون مستجاب الدعوة، كما قال عليه السلام لسعد بن

أبي وقاص رضي الله عنه: «أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة» (¬1) لا أريد أن أكون مثل الأشعث الأغبر الذي يمد يديه إلى السماء، وملبسه حرام ومطعمه حرام ومشربه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب له، وأنا آتي للدوام في الساعة السابعة والنصف، أكون جالسًا على مكتبي، ولا أستخدم الأقلام والأوراق والدبابيس، وكل أغراض العمل إلا في العمل، ولا أستعملها لحاجاتي الخاصة، بل أستخدمها لحاجة العمل، ولكن هناك ثلاثة أشياء أريد أن أسأل عنها بارك الله فيك، وهي: جميع موظفي الإدارة التي أنا فيها يخرجون من الساعة الثانية ظهرًا، في الثانية والربع لا تجد في الوزارة أحدًا إلاّ نادرًا، يخرجون جميعًا بما في ذلك مدير إدارتنا، وكذلك مدير القسم، وقد جلست أكثر من يوم، أجلس إلى الثانية والنصف، وأتأخر أنا لوحدي من الوزارة وليس هناك أحد، فهل يجوز لي يا سماحة الشيخ أن أخرج معهم أم لا؟ ثانيًا: التليفون في المكتب، بعض الأيام يكون لي أشغال وحاجات ¬

(¬1) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط ج6 ص310 برقم (6495).

تخصني، ولا تخص العمل بشيء، وأريد أن أتكلم بالتليفون، فهل يجوز لي استعمال التليفون لغير حاجة العمل؟ ثالثًا: بعض الأيام يكون لي أعمال وأشغال، وحاجات لا يمكن فعلها إلاّ في وقت الدوام سواء داخل الوزارة أو خارجها، فآخذ الإذن من رئيس القسم فأخرج، وبمجرد الانتهاء من عملي أرجع مباشرة إلى المكتب، فهل هذا جائز؟ رابعًا: بعض الأيام يكون عندي يوم كامل فيه شغل، أو أسافر إلى المدينة التي يسكن فيها والداي وزوجتي وأهلي، فأستأذن من رئيس القسم ويأذن لي، وأتغيب ذلك اليوم، أو في منتصف الوقت يأذن لي فهل هذا جائز، علمًا يا شيخي أن رئيسي هذا صاحب صلاحية في عملية دخولي وخروجي، وكشف الدخول والخروج يتم عن طريقه، وبإذنه، أرجو يا سماحة الشيخ أن تجيب عن هذه المسألة بأسرع وقت ممكن حتى ينقذني من دوامة الأفكار التي تطاردني، فأنا لا أريد أن آكل حرامًا، بارك الله فيك ونفع بك، وجعلك ذخرًا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم (¬1). ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (221).

ج: أولاً: نسأل الله لنا ولك الثبات على الحق، ونسأل الله أن يتقبل دعواتك، وأحبَّك الله الذي أحببتنا له. ثانيًا: لا حرج فيما ذكرت من الأمور الأربعة: أولاً: استعمال التليفون عند الحاجة لا بأس، إذا لم يكثر، إذا دعت الحاجة في شيء قليل، نرجو ألا حرج في ذلك إن شاء الله، والدولة بحمد الله خيرها كثير، ونفعها عام، فالشيء اليسير يغتفر لمثل هذا؛ لأن الحاجة قد تدعو إلى هذا في بعض الأحيان، وكذلك خروجك في الساعة الثانية والربع مع الناس، لا بأس تخرج في الساعة الثانية والربع، وإذا جلسوا إلى النصف اجلس معهم، وإذا خرجوا اخرج معهم، لكن بعد الساعة الثنتين والربع، فالربع الأخير هذا للخروج والذهاب إلى البيت، ولا بأس أن تخرج مع الناس الساعة الثانية والربع، لا قبلها، وتخرج من المكتب بإذن المسؤول عند بعض الحاجات التي تعرض لك أو لأهلك في زيارة خاصة في بعض الأيام بإذن المسؤول، لا حرج في ذلك إن شاء الله، مع مراعاة القلة من هذه الأشياء، والحرص على أن تكون هذه الحاجات في غير الدوام، فإذا عَرَضَتْ في الدوام، ولم يتيسر قضاؤها إلا في الدوام فلا حرج في ذلك إن شاء الله.

حكم الخروج من العمل لساعات بعد إذن المدير

162 - حكم الخروج من العمل لساعات بعد إذن المدير س: يقول السائل: موظف يخرج بإذن موقع من رئيسه المباشر، ومن مدير الإدارة لمدة ساعة أو ساعتين أو ثلاث أو اليوم كلّه مثلاً، فهل عليه شيء؟ وما حكم الراتب الذي يستلمه كاملاً في كل شهر (¬1)؟ ج: نرجو ألا يكون عليه شيء إذا كان بإذن المسؤول، نرجو ألاّ يكون عليه شيء، إلاّ إذا كان عن خيانة، أو عن قلة المبالاة، فلا يجوز إذا عطل العمل، أو سامحه لأجل مصلحة خاصة لمديره، وما أشبه ذلك، أما لعارض له، سامحه مديره أو رئيسه لعارض عرض له، فنرجو ألاّ حرج عليه، أما إذا كان على سبيل الخيانة والتساهل، أو لمصالح الرئيس أو المدير فهذا لا يجوز. ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (335).

حكم من يختلق أعذارا غير صحيحة للخروج من العمل

163 - حكم من يختلق أعذارًا غير صحيحة للخروج من العمل س: يقول السائل: إذا قال الموظف لرؤسائه: عندي ظروف كذا وكذا، وأريد السماح لي عن العمل لمدة يوم أو يومين، وهو غير صادق، إنما عنده ظروف أخرى بسيطة، أو يريد الراحة من

العمل، ولو أعلمهم بالحقيقة لم يأذنوا له، فماذا عليه في ذلك (¬1)؟ ج: الواجب عليه الصدق، وألا يتكلم إلا بحقيقة الأمر، فإن سمحوا له فالحمد لله، وإلا باشر عمله، أما الكذب فلا يجوز، فالحاصل أن هذا منكر وتملص من الواجب فلا يجوز له ذلك، بأمرين: أحدهما: أنه كذب، والأمر الثاني أنه ترك الواجب من دون عذر فلا يجوز له ذلك. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (28).

حكم استعمال سيارة العمل في الأمور الخاصة

164 - حكم استعمال سيارة العمل في الأمور الخاصة س: السائل / م. ن. يقول: ما حكم استخدام سيارة العمل في الأشياء الخاصة، علما بأن المدير المباشر في المصلحة لا مانع لديه من ذلك، وجهونا في ذلك (¬1)؟ ج: سيارة العمل تستخدم فيما تقتضيه التعليمات، وليس له أن يستعملها في غير ذلك، يكون خيانة، فإذا كانت التعليمات تُبيح له أن يستعملها في كذا، أو كذا، فلا بأس، أما أنه يستعملها؛ لأن المدير تساهل معه، أو نائب المدير فلا، الواجب أن يستعملها حسب التعليمات المتبعة التي قررتها الدولة. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (388).

حكم خروج الموظف قبل نهاية الدوام بدون إذن

165 - حكم خروج الموظف قبل نهاية الدوام بدون إذن س: يسأل المستمع ويقول: رجل موظف، ولكن عند انتهاء ما عنده من معاملات يغادر الدوام قبل انتهائه، وخاصة في رمضان، وفي بعض الأحيان في غير رمضان نذهب إلى عمل ميداني فنعود قبل الظهر، ونغادر إلى منازلنا، فهل هذا جائز (¬1)؟ ج: لا يجوز، بل يبقى في عمله حتى ينتهي الدوام إلا بإذن من مرجعه الذي هو المرجع، وإلا، فالواجب أن يبقى، قد تأتي معاملة جديدة، وقد يحتاج إليه، الواجب أن كل موظف يبقى في عمله حتى ينتهي الدوام، إلا بإذن من الدولة، أو من المرجع الذي هو المسؤول عنه. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (384).

حكم الغياب بحجة عدم وجود العمل

166 - حكم الغياب بحجة عدم وجود العمل س: من سيناء، السائل يقول: أنا موظف، ولكن لا أذهب إلى عملي في كل يوم؛ لأن عملي لا يتطلب ذلك، بل أذهب في الأسبوع ثلاثة أيام، وباقي الأسبوع أجلس في البيت، ولكن عندما أذهب باقي الأسبوع لا أجد عملاً أقوم بعمله، بل نجلس نتجاذب الحديث؛ لأننا دون عمل، فما حكم الإسلام في نظركم في

المرتب الذي أتقاضاه، هل هو حرام أم حلال (¬1)؟ ج: الواجب عليك الحضور في محل العمل؛ لأنه قد يأتي عمل يطرأ، فالواجب عليك الحضور، والاستعداد للعمل وإن لم يأت عمل، ولا تجلس في بيتك، والراتب لا حرج فيه؛ لأنك متأول، تقول: ما عندك عمل، فأنت متأول، ولكن يجب عليك أن تذهب إلى محل العمل، وتقيم فيه وقت العمل، فقد يطرأ شيء، قد تسأل عن شيء، فلا يجوز التساهل في هذا الأمر، فأنت مستعد والحمد لله، تكون مستعدًا في محل العمل ويكفي. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (367).

حكم استلام الراتب كاملا مع وجود الغياب

167 - حكم استلام الراتب كاملاً مع وجود الغياب س: تقول هذه السائلة: تتغيب بعض المدرسات عن التدريس في المدرسة سواء كانت ابتدائية، أو متوسطة، أو ثانوية لعارض مرض أو غيره، وتستلم راتبها كاملاً، هل في ذلك بأس (¬1)؟ ج: إذا أخبرت الجهة المسؤولة، وعلموا وسامحوها فلا بأس إذا علموا؛ لأن عليها أن تخبر الجهة المسؤولة، حتى يعينوا من يقوم مقامها في العمل، وإذا سامحوها فالحمد لله، هذا الشيء يخضع للتعليمات المتبعة لهم. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (391).

حكم خروج المرأة للعمل

168 - حكم خروج المرأة للعمل س: يقول السائل: ما حكم الشرع في خروج المرأة للعمل وكسب الرّزق ومخالطتها للرجال، والتحدث إليهم بحكم طبيعة عملها، مع العلم أنها ملتزمة ومحجبة، وتعرف حدود الله (¬1)؟ ج: لا بأس أن تخرج للعمل وتطلب الرزق في المكاسب المباحة في محلات النساء، أو في محلات منفردة ليس فيها خطر، كل هذا لا بأس به، خياطة، أو طبيبة، أو غير ذلك من الأعمال، الله جل وعلا شرع لنا طلب الرزق، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «احرص على ما ينفعك، واستعن بالله» (¬2) الإنسان مأمور أن يطلب الرزق، الله يقول: {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ}، وهذا يعم الرجال والنساء، لكن لا يجوز لها أن تكون في محل فيه خطورة بين الرجال، أو في محل لا تأمن فيه بسبب ما حولها من الرجال؛ لأنهم متهمون بالتسلط عليها، لا تخاطر بنفسها، تكون في محل آمن لا بأس، أما بين الرجال في عملهم بحيث تختلط ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (222). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب في الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله وتفويض المقادير لله، برقم (2664).

بهم، وتتصل بهم، هذا لا يجوز؛ لأن وجودها معهم فتنة، ولو مع الاحتجاب مع المماسة والمخالطة والمجالسة الدائمة والكثيرة، هذا سبب للشر، فإذا كان في محل خاص أو في عمل نسائي مع النساء فلا بأس، أمّا كونها مع المدرسين، أو عاملة مع العمال، تذهب معهم وتجيء معهم، وتنقل معهم الحجر أو اللبن، وتخالطهم في ذهابهم وإيابهم، هذا فيه خطر عليها، فالواجب الحذر من ذلك؛ لأن هذه المخالطة قد تفضي إلى فتنة، والرسول صلى الله عليه وسلم أمرها بأن تبتعد عن أسباب الفتنة، نهاها عن الخلوة عليه الصلاة والسلام، ونهاها عن التبرج، والمخالطة قد تدعو إلى خلوة، وقد تدعو إلى التبرج وإبداء بعض الزينة.

حكم استنابة الموظف غيره دون إذن المرجع

169 - حكم استنابة الموظف غيره دون إذن المرجع س: تعينت في وظيفة، وولدي في وظيفة أخرى، والراتب ما يقرب من ألفي ريال، 2000 ريال، ثم حصلت على وظيفة تبعد عن القرية التي أنا فيها، والتي أيضًا الوظيفة فيها مسافة 40 كيلو مترًا، فاستقدمت إنسانًا براتب 700 ريال؛ ليقوم بوظيفتي ووظيفة ابني، لكن ذلك الشخص غير راضٍ؟ فما رأيكم (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (262).

ج: إذا لم يكن راضيًا، فليس لك إجباره أنت ولا غيره، إذا رضي لا بد من استئذان مرجعك للوظيفة، هل يرضى بهذا النائب عنك أم لا يرضى، فلا بد من رضا المرجع للوظيفة الأولى، ولا بد من رضا النائب عنك الذي استأجرته؛ ليقوم بعملك.

حكم عمل الحلاقة

170 - حكم عمل الحلاقة س: السائل مصري ويعمل بالأردن، يقول: أرجو معرفة العائد من مهنة الحلاقة الرجالية من أموال، هل هذا العائد من المال حرام، نرجو بهذا الإفادة (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل، إذا كانت الحلاقة للرأس فلا بأس، والعائد منها حلال طيب، لا بأس، أما إن كان الحلاق يحلق لحى الناس فهذا منكر، والعائد منها خبيث لا يجوز، فالواجب على الحلاقين أن يتقوا الله، يأبون حلق اللحى، ينصحونه، ويقولون: لا يجوز، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «قصوا الشوارب وأعفو اللحى، خالفوا المشركين» (¬2) وقال صلى ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (375). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب تقليم الأظفار، برقم (5892)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (259).

الله عليه وسلم: «قصوا الشوارب ووفروا اللحى، خالفوا المشركين» (¬1) وقال صلى الله عليه وسلم: «جزوا الشوارب وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس» (¬2) فالحلاق لا يحلق اللحى ولا يقصها، وينصح من يطلب ذلك ويمتنع من موافقته، والكسب الذي يأتي من طريق حلق اللحى خبيث ومحرم، نسأل الله العافية. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب تقليم الأظفار، برقم (5892)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (259). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (260).

حكم العمل عند من لا يصلي

171 - حكم العمل عند من لا يصلي س: من المستمع رمز لاسمه بالحروف ب. س. م. يقول: إنني أعمل في شركة، ومالكها لا يصلي، فهل يجوز لي العمل عنده ومعه؟ وجهوني جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: لا حرج في ذلك إذا كانت الأعمال مباحة ليس فيها منكر، فلا حرج في ذلك، ولكنه إذا تيسر عملك عند رئيس مسلم، فهو أحوط وأحسن. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (343).

حكم أكل العامل من المزرعة بغير إذن صاحبها

172 - حكم أكل العامل من المزرعة بغير إذن صاحبها س: يقول هذا السائل بأنه يعمل في داخل مزرعة، هل يجوز له أن

يأكل منها شيئًا بدون علم صاحبها، وإن علم وأنا قد أكلت هل أستأذنه (¬1)؟ ج: لا بأس أن يأكل منها غير متخذ خبيئة، لا يذهب إلى بيته بشيء، يأكل في بطنه فقط لا بأس. ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر.

حكم أخذ الراتب من المكاسب المختلطة

173 - حكم أخذ الراتب من المكاسب المختلطة س: السائل ع. أ. م. يقول: بأنه يعمل عند أحد المقاولين بمهنة محاسب، ولكنني – كما يقول – علمت أن ماله فيه شيء من المكاسب المختلطة من الحرام والحلال، فهل ما آخذه منه كأجر مقابل عملي الذي أؤديه على الوجه المطلوب يشوبه شيء من ذلك الحرام أم لا (¬1)؟ ج: إذا كان مال الرجل مختلطًا، فلا حرج على من أكل ماله وقت الوليمة، أو عامله في أي معاملة، لا حرج في ذلك؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اشترى من يهودي طعامًا، ورهنه درعه (¬2)، والله ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (404). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الرهن، باب الرهن عند اليهود وغيرهم برقم (2513)، ومسلم في كتاب المساقاة، باب الرهن وجوازه في الحضر والسفر، برقم (1603).

سبحانه أحل لنا طعام أهل الكتاب، وهم يتعاطون الربا وأموالهم مختلطة، ومع هذا أحل الله لنا طعامهم، كما قال جل وعلا: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ}. وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى، وفي طعامهم ما فيه من الربا وغيره، أما إذا علمت أن هذا المال كله حرام، وكسبه كله حرام، فلا تأكل من كسبه، من ماله، من طعامه إذا علمت أن كل كسبه حرام، أما إذا كان المال مخلوطا، عنده كسب جيد، وعنده كسب رديء، فلا حرج في الأكل من طعامه.

حكم أخذ العامل راتبه من المحل دون علم صاحبه

174 - حكم أخذ العامل راتبه من المحل دون علم صاحبه س: يقول السائل: عمل براتب عند والده، وعلم أن والده لن يعطيه ذلك الراتب فتقاضاه بدون علم والده من مردود المحل الذي يعمل فيه، فهل ما فعله صحيح (¬1)؟ ج: إذا كان قام بالعمل الواجب الذي أمر به والده ورتب عليه الراتب ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (336).

فلا بأس، إذا كان قام بالعمل على الوجه المطلوب فإنه يأخذ الراتب الذي جعل له، إذا كان بقدر العمل، كما لو كان في أجنبي بهذا الراتب، إذا لم يكن فيه حيف على إخوانه، بل يكون أعطاه بقدر عمله.

حكم العمل لدى من يدفع رشاوى ليسير عمله

175 - حكم العمل لدى من يدفع رشاوى ليسير عمله س: يقول السائل: أنا أعمل مع أحد التجار، وهذا التاجر يدفع رشاوى حتى يسير عمله، علمًا بأنني أدير له أعماله الحسابية فقط، وأتقاضى على ذلك أجرًا، فهل يعتبر هذا المبلغ الذي آخذه حراما بالنسبة لي؟ أفيدونا أفادكم الله (¬1). ج: نرجو ألا يكون عليك شيء، والإثم عليه فيما يدفع من الرشوة، فالإثم عليه وأنت إن شاء الله إذا كنت لا تعمل إلا ما أباح الله لا شيء عليك، لكن تنصحه، وتحث إخوانك على النصيحة؛ لأن الرشوة حرام. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (265).

حكم رفض دفع أجرة الصانع بعد الاتفاق بسبب غلاء سعره

176 - حكم رفض دفع أجرة الصانع بعد الاتفاق بسبب غلاء سعره س: سائله تقول: هل يجوز عدم دفع أجرة الخياط كاملة؛ لأنه مرتفع الثمن (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (127).

ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلمون على شروطهم» (¬1) والله يقول فوق ذلك: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}، فإذا تعاقدت المرأة أو الرجل مع الخياط على شيء معلوم وجب عليهم أداؤه، مرتفعًا أو غير مرتفع، المسلمون على شروطهم، ويقول عمر رضي الله عنه: مقاطع الحقوق عند الشروط. (¬2) فإذا اتفقا على أنه يخيط هذا الثوب بعشرة ريالات، بعشرين، بثلاثين، واتفقا على هذا، وسلموا له الثوب، وجب عليهم أن يؤدُّوه الأجرة. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الأقضية، باب في الصلح، برقم (3594). (¬2) ذكره البخاري في صحيحه تعليقًا عن عمر رضي الله عنه، في كتاب النكاح، باب الشروط في النكاح (ج13/ 68).

حكم غش وخيانة أصحاب المنكرات

177 - حكم غش وخيانة أصحاب المنكرات س: إنني عامل في بقالة لبيع المواد الغذائية، قد لاحظت العديد من المظاهر التي اشمأزت منها نفسي، وإنني أسأل: هل يجوز الكذب على من أعرفه أنه لا يصلي، ولا يصوم، ويدعي أنه مسلم، وكذلك هل يجوز غشهم؟ أرجو أن ترشدوني جزاكم الله خيرًا (¬1). ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (121).

ج: إن الله عز وجل حرم على عباده الخيانة والغش، حيث قال سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، وقال عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، وقال عز وجل: {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ}، هذه من صفات أهل الإيمان، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا» (¬1) فليس لك أيها السائل أن تغش من يشتري منك ويعاملك، سواء كان كافرًا أو مسلمًا، سواء كان يصلي أو لا يصلي، الواجب عليك أن تؤدي الأمانة، وأن تبيع بأمانة ونظافة، وعدم الغش وعدم الخيانة، وإذا علمت أن أحدًا لا يصلي، أو يفعل شيئًا من المنكر فعليك أن تنصحه إن استطعت ذلك، وأن تعلمه ما ينفعه، وأن ترشده إلى الخير، وأن تنكر عليه المنكر، كما قال الله عز وجل: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا) برقم (101).

النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» (¬1) تنصح من ترى منه ما يخالف الشرع حسب طاقتك، أما الغش والخيانة فلا. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (55).

حكم التفاوت بين أجور العمال في العمل الواحد

178 - حكم التفاوت بين أجور العمال في العمل الواحد س: يقول السائل: أنا رب عمل لثلاثة عمال في مجال البناء، وأعطي العامل راتبًا يوميًّا معينًا، علمًا بأن راتبي اليومي هو عشرة أضعاف راتب العامل الواحد، هل ما أتحصل عليه من عرق العمال حلال عليّ أم حرام؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كنت اتفقت مع رب العمل على أنه يعطيك أضعاف ما يعطي العامل فالأمر إليه، ولا حرج عليك في ذلك، أما إذا كنت أنت الذي فرضت لنفسك هذا الشيء، فالواجب عليك أن تخبر صاحب العمل، إن أجاز لك ما رأيت، وإلا فلا حتى يعين لك راتبًا عن عملك، ويأمرك بالأجور التي تفعلها مع العمال، والخلاصة أن عليك أن ترجع إلى ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (181).

صاحب العمل فهو الذي يعين لك الراتب، أو يجعل لك الإذن في تعيين راتب العمال، وهو الذي يعين لك الراتب أنت، سواء مثل العامل أو أكثر أو أقل، وليس لك أن تجعل لك راتبًا بدون إذن صاحب العمل.

مسألة في استنابة الموظف غيره بغير إذن الجهة المسؤولة

179 - مسألة في استنابة الموظف غيره بغير إذن الجهة المسؤولة س: يقول السائل، هل يجوز للمكلف بنظافة المسجد والعناية به براتب شهري أن يضع جزءًا من الراتب لمن يقوم بهذا العمل نيابة عنه، ويأخذ هو بقية الراتب، أو بالأصح الجزء الأكبر منه، وهو لا يفعل شيئًا، وإذا كان هذا لا يجوز، فهل من نصيحة تقدمونها لمن يفعل ذلك؟ جزاكم الله عنا خيرًا (¬1) (¬2). ج: لا يجوز هذا العمل إلا بإذن المسؤول عن المسجد، سواء كان الأوقاف أو غير الأوقاف، المقصود: المسؤول عن هذا المسجد الذي هو نائب فيه، يسأله، وإذا أذن له فلا بأس، فالمؤذن أو الإمام أو الخادم ليس لهم أن يستنيبوا إلا بإذن الجهات المسؤولة، إلا الشيء اليسير كعارض عرض للمؤذن ومن ينوب يحسن الأذان، أو عرض عارض في بعض الصلوات، فهذا لا بأس به، أما بصفة مستمرة، أو بصفة ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (314). (¬2) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (314). ') ">

طويلة، أو في أوقات كثيرة، فلا يجوز حتى يستأذن الجهات المختصة، ليستنيب على الإمامة أو في الأذان؛ لأن النائب قد لا يقوم بما يقوم به الأصل، وقد يكون الأصل خيرًا منه، وأولى بهذا الأمر، المقصود لا بد من الاستئذان. س: الأخ / س. ف. من القصيم، يقول: أنا صاحب مزرعة، عندي عامل لغرض المزرعة فقط، وصاحب المزرعة يشتغل فراشًا في مسجد، وبعض الأوقات يأخذ العامل إلى المسجد؛ لكي يقوم العامل بنظافة المسجد، والمرتب لصاحب المزرعة، هل يحق له ذلك أو لا؟ ج: إذا سمح العامل، إذا سمح أن يذهب إلى المسجد، ويقوم بخدمة المسجد، أما إذا لم يسمح فليس له إلزامه؛ لأن العامل الذي عنده في المزرعة استُؤجِر ليعمل في المزرعة، أما إذا سمح العامل أنه يخدم المسجد فهذا قربة وطاعة.

حكم استخدام العمال في صيد الأسماك على نصف الإنتاج

180 - حكم استخدام العمال في صيد الأسماك على نصف الإنتاج س: يقول السائل: هل يجوز لي أن أستخدم العمال في صيد الأسماك

بدون راتب، علمًا بأني أعطيهم نصف الإنتاج، وآخذ النصف الآخر، وأحيانًا في اليوم كله لا نصيد شيئًا، ولا توجد بيننا أي شروط بين العمال وصاحب المراكب الشراعية؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا اتفقوا على ذلك، فلا بأس ولا حرج، هذا صلح بينهم واشتراط بينهم، لا حرج فيه، إذا اشتركوا في الصيد أنصافًا أو أرباعًا فلا حرج، سواء صيد البر أو صيد البحر، إذا تراضوا على هذا فلا بأس. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (332).

بيان أهمية إتقان العمل

181 - بيان أهمية إتقان العمل س: السائل له قضية يقول فيها: إنه يعمل مع أحد التجار، وهذا التاجر يعطيني المصروف يوميًّا للمواصلات، وللأكل والشرب، لكنني لا أصرف ذلك المبلغ كله في الأكل والشرب، وإنما أصرف بعضه، والباقي أوفر منه؛ لكني أؤثر على الوقت بحيث أستهلك وقتًا أطول، أو فيما لو صرفت المبلغ كاملاً، وجهوني جزاكم الله خيرًا، هل ما أنا عليه صحيح، أو لا بد من اتباع ما طلب ذلكم التاجر جزاكم الله خيرًا (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (309).

ج: إذا كنت متفقًا معه على مصروف معين، فأنت بالخيار تأكله كله أو بعضه، لا حرج عليك، فقد طابت نفسه بذلك، وأنت أبصر بنفسك، تصرف الجميع أو بعضه، وإذا كان التوفير يؤثر على العمل فلا يجوز لك، لا بد أن يكون العمل وافرًا كاملاً، فإذا كان عدم صرفك المصروف على الوجه الأكمل يؤثر على العمل، أو ينقص العمل فلا يجوز لك، لا بد من إتقان العمل كما شرط عليك، وكما اتفقتما، وعليك الحرص على ذلك إذا كان يعينك على العمل، ولا يحصل به تقصير، الحاصل أنه لا بد من إكمال العمل.

حكم أخذ مصروف الأكل والشرب من المحل لمن يعمل فيه براتب

182 - حكم أخذ مصروف الأكل والشرب من المحل لمن يعمل فيه براتب س: الأخ / أ. ص. ز، يسأل ويقول: رجل يعمل في محل تجاري براتب معين، ويأكل ويشرب ويلبس من داخل هذا المحل الذي يعمل فيه، ولكن بدون إسراف ولا تبذير، بل بالمعروف حسب حاجته، وأحيانًا يحتاج إلى شيء من خارج المحل، وقد يأخذ قيمة هذا الشيء من ذلك المحل، قد يزيد المبلغ وينقص عن عشرة أو عشرين ريالاً، هذا المهم، أرجو الرد عليه، جزاكم الله خيرًا (¬1). ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (231).

ج: ليس له إلا راتبه، إلا أن يسمح له صاحب المحل، أما أن يأخذ من المحل حاجاته فلا، إلا بإذن، إذا كان بينه وبينه مشارطة، وسمح له بذلك فلا بأس.

مسألة في الاستضافة والإهداء من المزرعة بغير إذن صاحبها

183 - مسألة في الاستضافة والإهداء من المزرعة بغير إذن صاحبها س: يقول السائل: أنا أشتغل في المزرعة، وموجود فيها عنب ونخل وخضر، وأنا أحمل من هذه الأشياء، مع العلم أننا كلنا على حساب المعزب، وإذا حضر أحد من أصدقائنا أطعمناه، وبدون علم المعزب، وإذا طلبنا منهم شيئًا أعطونا من مزرعتهم، وإذا طلبوا منا شيئًا كذلك نعطيهم من مزرعتنا، وإذا قلنا لهم: هذا حرام، قالوا: هذا أكلنا على حسابه، ونحن نعطيكم من أكلنا، هل يجوز لنا ذلك؟ وفقكم الله إلى ما فيه الخير (¬1) (¬2). ج: هذا فيه تفصيل، الكلام فيه إجمال، أما كون الضيف يعطى من الفاكهة الموجودة ولا يحمل شيئًا بل يأكل معكم لا بأس إن شاء الله، جاء في الحديث ما يدل على ذلك، أما أن تهدوا إلى الناس فلا، إلا بإذن صاحب المزرعة، لكن من زاركم وقدمتم له شيئًا مما في المزرعة، ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (29). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (29). ') ">

من عنب أو بطيخ أو رطب فلا بأس، حيث يأكل فقط، لا يحمل معه شيئًا، ولا تهدوا له شيئًا، بل يأكل معكم من هذا الذي يسره الله، هذا لا بأس به إن شاء الله، أما أن يتخذ معه شيئًا يأخذه، أو تهدوا له شيئًا فلا، إلا بإذن صاحب المزرعة. س: يقول السائل: ذهبت إلى أقارب لي يعملون في إحدى المزارع، فأعطوني بعض الخضراوات، وصاحب المزرعة فيما أعتقد لا يعلم بذلك، هل هذا العمل جائز أم لا؟ ج: الواجب ألا تأخذ منه شيئًا إلا عن علم بأن صاحب المزرعة يطيب نفسًا بذلك، والواجب على العمال ألا ينفقوا إلا بإذن صاحب المزرعة، فإن كنت تعلم أن صاحب المزرعة يسمح بالنفقة من مزرعته، من بطيخ أو غيره فلا بأس، وإلا فلا تأخذ شيئًا، ولا تساعد العمال على الخيانة.

حكم استقدام العمال واستخدامهم بطرق تخالف الأنظمة

184 - حكم استقدام العمال واستخدامهم بطرق تخالف الأنظمة س: الأخ / س. ع. يسأل ويقول: هل لي أن أستلم مكافأة مقدراها ثلاثمائة ريال شهريًّا مقابل كفالة أحد العمال ليبقى عاملاً في

المملكة عند غيري (¬1) (¬2)؟ ج: ليس لك ذلك، وإنما تستقدمه بأجرة معلومة شهرية حتى يعمل عندك أو عند غيرك ممن اتفقت معهم بأجر معلوم، تعطيه إياه كل شهر، وأما أن يعطيك دراهم عن كفالته فلا، وقد نظر مجلس هيئة كبار العلماء في ذلك، وقرر أنه لا يجوز استقدامهم إلا على الطريقة التي رسمتها الدولة، الطريقة التي قررتها الدولة وأقرتها، ولا يجوز استقدامهم على الطرق الأخرى؛ لما في ذلك من الفساد والشر على الناس، فإذا أراد عاملاً يستقدمه على الطريقة التي رسمتها الدولة وبينتها الدولة، وهو أن يستقدمه بأجر معلوم شهري أو يومي أو سنوي، على أنه يعمل كذا في مزرعته، في بناء، في كذا، في شيء معلوم. س: يقول السائل: ما توجيهكم لمن استقدم عمالاً وسرحهم؛ ليأخذ من أجورهم نسبة معينة مقابل استقدامهم وكفالته لهم (¬3)؟ ج: صدر من هيئة كبار العلماء منع لهذا، وأنه لا يجوز استقدامهم إلا على الطريقة التي نظمتها الدولة، عليه أن يسمع ويطيع ويستقدمهم كما ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (190). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (190). ') "> (¬3) السؤال العاشر من الشريط رقم (133). ') ">

بينت الدولة؛ لأنها تحرت المصالح، وتحرت ارتفاع الشر وكثرة الخير، فعلى من أراد ذلك أن ينظر في نظام الدولة، ويستقدمهم على ما قالته الدولة حتى لا يقع فساد في الأرض. س: لقد أحضرت خمسة عمال، وأخذت من كل واحد منهم مبلغًا من المال لقاء أتعابي، فهل المال الذي أخذته حلال أم حرام (¬1)؟ ج: إذا كان في مقبل ما أنفقته في تحصيل ما ينفعهم فلا بأس، أما إحضارهم لتأخذ المال منهم، فلا يصلح ولا يجوز هذا، لكن إذا أحضرتهم وأحسنت إليهم، وسعيت في طلب الإقامة لهم، وهم طيبون أخيار فلا بأس، وليس لك أن تأخذ إلا بقدر ما صرفت عليهم في طعامهم وشرابهم، أو في شراء حاجات لهم، أو غير هذا مما تصرفه في حاجاتهم، أما الاتجار بالعمال فلا يجوز، وقد صدر قرار هيئة كبار العلماء بمنع ذلك، وأن الواجب ألا يستخدموا إلا على الطريقة التي أوضحتها الدولة وبينتها الدولة، فمن أراد أن يستقدم فعليه أن يسلك الطرق التي رسمتها الدولة، حتى لا يضر نفسه ولا يضر المسلمين. ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (222). ') ">

س: لدي مؤسسة باسمي، لكن زوجي يتولى الأعمال، وقد استخرجنا عشرين فيزة، وبعد ذلك طلبنا من العمال مبلغ ثلاثمائة ريال شهريًّا كل واحد، ويعملون على حسابهم الخاص، وأنا محتارة في ذلك، فهل ما قام به زوجي جائز أم لا؟ علمًا أن زوجي يصر على أن ذلك جائز بعد أن ناقشته أكثر من مرة. ج: عليك وعليه السير على ما رغبت الدولة في استقدام العمال من أجله، وعدم الخروج عن ذلك، وعليكما العمل بالتعليمات التي أرستها الدولة فيما يتعلق بالعمال، وليس لكما الخروج عن ذلك؛ لأن عليكما السمع والطاعة في المعروف، وهذا من المعروف.

حكم أخذ المال مقابل استخراج التأشيرات

185 - حكم أخذ المال مقابل استخراج التأشيرات س: أحد المستمعين يقول: إنه سوداني يعمل في اليمن، بعث برسالة يقول فيها، دفعت مبلغًا من المال لشخص وعدني بالقيام بإجراءات تأشير الدخول لليمن، وقد كان، وبعد دخولي تعاقدت مع إحدى الدوائر الحكومية للعمل في مجال تخصصي وبعقد شرعي، ولكن أحد الزملاء أبلغني بأن ما

أتقاضاه من أجر حرام، بحجة أن ما بني على حرام فهو حرام، قاصدًا بذلك ما دفعته في سبيل الحصول على تأشيرة الزيارة، فهل هذا الكلام صحيح أو لا؟ وجهوني جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: هذا فيه تفصيل، إذا كان وكيلك قد فعل الأسباب الشرعية بأن تعب في مراجعة المسؤولين حتى يأذنوا لك ويسمحوا لدخولك من غير كذب ولا خيانة ولا رشوة، فلا حرج في ذلك؛ لأن هذا الذي دفعته إليه من المال في مقابل تعبه لك، ومراجعته المسؤولين، والتماس الإذن لك بدخول اليمن، أما إذا كان عمله بطريق الرشوة والكذب والخيانة فهذا لا يجوز، لا لك ولا له كلاكما، وليس لك أن تعينه على الباطل وأن ترضى بالباطل، وليس له هو أن يفعل الباطل، بأن يستعمل الرشوة والكذب، فالواجب التفصيل وعدم الإجمال. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (162).

حكم أخذ الأجرة على الشفاعة

186 - حكم أخذ الأجرة على الشفاعة س: يقول: قمت بإحضار بعض الناس؛ لكي يعملوا في إحدى دول الخليج، أخذت منهم بعض النقود برضاهم، فهل يحق لي

ذلك، وإن كان غير ذلك فماذا أفعل (¬1)؟ ج: إذا كنت اتفقت معهم على مال معلوم من بلادهم حتى توصلهم إلى الخليج، وتقوم بما يجب من قيمة التذاكر وغير ذلك، هذا شيء لا حرج فيه؛ لأنك أديت عنهم مالاً حتى توصلهم إلى إحدى دول الخليج بسبب خدمتك لهم، وسعيك لهم في إيصالهم إلى دول الخليج حتى يعملوا هناك، أما إن كانت الأموال التي أخذتها من أجل الشفاعة لهم بأن يعملوا عند فلان، أو عند فلان، والنفقة على حسابهم، لكن أعطوك المال للشفاعة عند فلان أو فلان حتى يستخدمهم، فلا ينبغي لك أن تأخذ المال، في الحديث: «من شفع لأخيه شفاعة، فأهدى له هدية، فقد أتى بابًا عظيمًا من أبواب الربا» (¬2) فلا تأخذ عن شفاعتك مالاً، أما إن كنت خدمتهم في شيء، أعطوك المال عن خدمة، أخذت لهم الجوازات، تعبت لهم في الإقامة، عملت لهم أعمالاً كفيتهم إياها، وأعطوك المال لخدمتك فقط، فلا نعلم حرجًا في ذلك في مقابل الخدمة التي خدمتهم إياها. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (240). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع، باب في الهدية لقضاء الحاجة، برقم (3541).

حكم استقدام غير المسلمين إلى الجزيرة العربية

187 - حكم استقدام غير المسلمين إلى الجزيرة العربية س: يقول السائل: أرجو أن توجهوا أصحاب المؤسسات؛ لكي يكثروا من العمال المسلمين؛ لأني ألاحظ أن معظم عمال المؤسسات من غير المسلمين، بل ومن غير الكتابيين أيضًا، فهم يصلون إلى نسبة تسعين بالمائة (¬1) (¬2). ج: قد سبق منا غير مرة التنبيه على هذا، وأن الواجب على المؤسسات والشركات وعلى غيرهم ممن يستورد العمال ألا يستورد غير المسلمين في هذه الجزيرة بوجه أخص؛ لأن هذه الجزيرة مهد الإسلام، ومطلع شمس الرسالة، ومرجع المسلمين، وفيها الحرمان الشريفان، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج المشركين منها، ووصى بذلك عند وفاته أن يخرجوا من هذه الجزيرة، سواء كانوا يهود أو نصارى، أو وثنيين أو شيوعيين، جميع أنواع الكفرة يجب إخراجهم من هذه الجزيرة، وألا يبقى فيها إلا مسلم، ونهى أن يجتمع فيها دينان، فلا يجوز البقاء لدين آخر غير الإسلام في هذه الجزيرة، لا من العمال ولا من السكان، بل يجب إخراجهم إلا من وردها لحاجة عارضة، ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (115). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (115). ') ">

كالبريد أو التاجر الذي يبيع حاجته وينصرف، ونحو ذلك بصفة مؤقتة ولأيام معدودة، فعلى المؤسسات والشركات والأفراد، وعلى الدولة وفقها الله أن تعنى بهذا الأمر، وأن تأخذ على أيدي الناس، وأن تمنع من استيراد الكفار إلا للضرورة القصوى لمصلحة المسلمين فيما يتعلق بالدولة إذا احتيج إلى بعض الكفرة لمصلحة المسلمين ولم يتسن من يقوم بالعمل غيره، أما عموم الناس فالواجب منعهم من استيراد الكفرة، وألا يستوردوا إلا مسلمين في عمل البناء، وفي غير ذلك من الأعمال، هذا هو الواجب على المسلمين جميعًا، وأن يعملوا بما أوصى به نبيهم عليه الصلاة والسلام من إخراج الكفار من هذه الجزيرة، وعدم استيرادهم لها؛ لما في اختلاطهم بالمسلمين من الأضرار العظيمة والأخطار الكبيرة، نسأل الله أن يوفق المسلمين لما يرضيه، وأن يوفق الدولة لتنفيذ أوامر الله ورسوله في كل شيء، وأن يعينها على ذلك إنه خير مسؤول. س: يقول السائل: معي في المؤسسة عمال من غير المسلمين، ولا حتى من أهل الكتاب، كلما علمتهم شيئًا استعملوه ضدي، فهل أمتنع عن تعليمهم أي شيء فيكون هذا حلالاً أم حرامًا؟

ج: الواجب عليك ألا تستورد كفارًا، وأن تبعدهم إلى بلادهم، وأن تنهي عقودهم، وألا تخبرهم بشيء يضرك، وإنما تنصحهم، تدعوهم إلى الإسلا وتعلمهم ما ينفعهم، أما أن تعلمهم شيئًا يضرك فلا تعلمهم ذلك، بل أبعدهم وأنهِ عقودهم، واتق الله واتبع رسوله عليه الصلاة والسلام.

نصيحة وتوجيه لمن يستقدم خادمة

188 - نصيحة وتوجيه لمن يستقدم خادمة س: يقول السائل: سماحة الشيخ، الناس يتباهون في هذه الأزمنة بالخادمات، هل من كلمة توجيهية في هذا المقام؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: ينبغي عدم الاستكثار من الخادمات، وعدم التسرع بإيجاد الخادمات؛ لأن هذا غدًا يترتب عليه خطرٌ على الزوج والزوجة، فقد يقع في ذلك مفاسد بسبب الخلوة، فإذا تيسر أن الزوجة تقوم بالبيت، وتستغني بما أعطاها الله من العافية والقدرة على الخدمة فهو أولى وأبعد عن الخطر؛ لأن وجود امرأة أجنبية في البيت ليس عندها سوى الزوج والزوجة فيه خطر كبير، قد يخلو بها عند وعك الزوجة أو ذهابها إلى حاجة من الحاجات، أو إلى السوق، أو إلى أهلها، فالمسألة فيها ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (250). (¬2) السؤال من الشريط رقم (250). ') ">

خطورة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان» (¬1) فنصيحتي لجميع إخواني المسلمين عدم التسرع لإيجاد الخادمات، وعدم الحرص على جلب الخادمات، ما دام هناك مندوحة عن ذلك، ما دامت المرأة تستطيع أن تخدم نفسها، وأن تقوم بواجب بيتها، فإن هذا أصلح وأسلم، أما عند الضرورة، فذلك له شأن آخر عند الضرورة، فإن الأمر واسع إن شاء الله، قد كانت بريرة رضي الله عنها تخدم بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أعطى النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة أخيرًا خادمة تخدمها في البيت للحاجة والضرورة، فالحاصل أن الخدمة قد تدعو لها الضرورة، ولكن إذا تيسر أن تكون الخادمة من كبيرات السن، وليست جميلة، كان هذا أقرب إلى السلامة، ونسأل الله للجميع العافية والسلامة. س: يقول السائل: إذا كان الإنسان لديه والدته وهي كبيرة، ولكن تقدر والحمد لله على المشي مع أنها تتعبها مشاغل المنزل، وليس عندها من يساعدها، هل يجوز لي استقدام خادمة تساعدها وتخدم والدتي، وجهوني حول هذا الموضوع حيث إن ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الرضاع، باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات، برقم (1171).

بعض الناس استقدم منهن، ولكن بعض الناس أنكر عليه ذلك، وجهوا لنا هذا الموضوع جزاكم الله خيرًا؟ ج: لا حرج في ذلك، استقدام خادمة من المسلمين ليس من الكفار خادمة مسلمة، لا يجوز استقدام الكفرة إلى هذه الجزيرة العربية، استقدم مسلمة حتى في غير الجزيرة، الأحوط للمؤمن ألا يستقدم إلا مسلمة، لكن في الجزيرة لا يجوز استقدام الكفرة؛ لأن الرسول أمر بإخراجهم من الجزيرة عليه الصلاة والسلام، وليس لك أن تخلو بها، بل تكون مع الوالدة، تبيت معها وتعاونها، عليك غض البصر والحذر من أسباب الشر.

حكم مماطلة العمال وتأخير رواتبهم

189 - حكم مماطلة العمال وتأخير رواتبهم س: يقول السائل: سماحة الشيخ، أنا أعرف صاحب مؤسسة لديه الكثير من العمال قد يصل عددهم إلى خمسة عشر عاملاً، وهو لا يقوم بصرف المرتب لهم، مع العلم بأنه لم يصرف لهم المرتب منذ سبعة أشهر، وكذلك لا يعطيهم الإعاشة كاملة، وهم في حالة يرثى لها، فنرجو من سماحة الشيخ النصح لمثل هذا (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (361).

ج: الواجب على المسلمين العناية بالعمال وإعطاؤهم حقوقهم وإعاشتهم، ولا يجوز لهم التساهل في هذا، هذا منكر وظلم، بل يجب على صاحب العمال الذي استأجرهم أن يعطيهم حقوقهم حسب الشروط، إن كانت تقدم كل شهر وجب تقديمها كل شهر، وإن كان بينه وبينهم على شهرين، شهرين، وهكذا على الشروط التي بينهم مع الإعاشة المشروطة، لا يخل بها، هذا هو الواجب، والظلم ظلمات يوم القيامة، كل مسلم حرام دمه وماله وعرضه، في الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يقول الله جل وعلا: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة؛ رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره» (¬1) هذا من المنكرات العظيمة، فالواجب الحذر، وألا يكلفهم ما لا يطيقون، وألا يؤجل حقوقهم، بل يجب أن يعطيهم حقوقهم حسب الشروط. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإجارة، باب إثم من منع أجر الأجير، برقم (2270).

حكم أخذ الكفيل مبالغ مالية من العمال في كل شهر مقابل كفالته

190 - حكم أخذ الكفيل مبالغ مالية من العمال في كل شهر مقابل كفالته س: يقول السائل: سماحة الشيخ، أولئك الذين يأتون بالعمال

ويأخذون منهم مبالغ مالية كل شهر، ويتركونهم يسرحون ويمرحون، ما حكم هذه النقود التي يأخذها الكفيل وغيره (¬1)؟ ج: لا يجوز هذا العمل، وقد صدر قرار من هيئة كبار العلماء بمنع هذا، وأن الواجب استقدامهم بالطريقة التي رسمتها الدولة، أما أن يستقدمهم يجعلهم بين الناس يعملون، ويأخذ منهم كل شهر كذا وكذا من أجل كفالته، هذا لا يجوز، الواجب على المؤمن أن يستقدم حاجته فقط، هو على حسب الشروط التي نظمتها الدولة. ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (361).

بيان ما يعمل من لديه مال صاحبه غير معروف

191 - بيان ما يعمل من لديه مال صاحبه غير معروف س: يقول السائل: اشتغل عندي بعض اليمنيين، ثم سافر ذلكم اليماني، وله ألف ريال عندي، وأسأل: كيف أتصرف إذ لم يعد صاحب الحق حتى الآن (¬1)؟ ج: إذا كان صاحب الحق غير معروف فإنك تتصدق به عنه للفقراء بالنية عن صاحبك، أما إن كان معروفًا لديك، في إمكانك أن ترسل المبلغ إليه على عنوانه، فإنك ترسله إليه، أو كنت تظن أن يعود إليك ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (134).

فاصبر، ولا تعجل حتى يرجع إليك، فإن تصدقت به، ثم جاء فهو مخير، إن شاء أمضى الصدقة، وصار الأجر له، وإن شاء طالب بحقه وتعطيه حقه، وصار الأجر لك فيما تصدقت به.

بيان حكم الرهان

192 - بيان حكم الرهان س: تقول السائلات: بعض الناس يراهن فيقول: إذا كان كذا سأعطيك ما قيمته كذا وكذا، والعكس، وهذا يسمونه الرهان، هل هو حلال أم حرام (¬1) (¬2)؟ ج: هذا ليس بحلال، بل هو محرم، هذه مراهنة من باب القمار والميسر، الذي قال الله فيه سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، والميسر هو القمار، مثل: إن كان كذا فكذا، وإن كان كذا فكذا، وإن كان فلان جاء فلك كذا، وإن كان ما جاء فعليك كذا، أو: إن كان الذي معك حجر أو ذهب، على حسب ما يختلفان فيه، المقصود أن مثل هذه المراهنات تعتبر من جملة الميسر والقمار، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (119). (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (119). ') ">

سبق إلا في نصلٍ أو خفٍ أو حافر» (¬1) والسبق العوض، يعني: لا عوض إلا في نصلٍ، أو خف أو حافر، يعني: في الرمي وفي مسابقات الخيل، أو المسابقة بالإبل، لكن المسابقة في العلم ليس من هذا الباب، بل من باب الجعالة، إذا قال: من تعلم كذا وكذا من القرآن أو من السنة أو من كتاب كذا فله كذا، هذا من باب الجعالة، من باب الأجرة، أو أسئلة تلقى في القرآن أو السنة، إذا أجاب عنها فله كذا، هذا من باب التعليم، من باب التوجيه إلى الخير، من باب التشجيع على العلم، هذا غير داخل في المحرم، لأن هذا من باب التشجيع على العلم والتوجيه إلى الخير، وجعل الجعالة والأجرة تعين على العلم، أما المراهنة فهي المغالبة، هذا يقول كذا، وهذا يقول كذا. س: يقول السائل: ما حكم الرهان في الشرع، إذا تراهن شخصان على شيء، مثلاً يقول هذا كذا، ويقول هذا كذا، وإذا لم يكن فهل المبلغ الذي يأخذه أحدهما يحل له أرجو منكم الإجابة؟ ج: لا يجوز هذا الرهان، هذا قمار لا يجوز، وغالبًا لا وجه له، فإن ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الجهاد، باب ما جاء في الرهان والسبق، برقم (1700)، والنسائي في كتاب الخيل، باب السبق، برقم (3585).

المراهنة الشرعية المسابقة بالخيل والإبل والرمي.

حكم الربح من اليانصيب

193 - حكم الربح من اليانصيب س: تقول السائلة: إن لها والدًا ربح مالاً كثيرًا من اليانصيب، فهل لهم أن يأكلوا من ذلك المال (¬1)؟ ج: الربح من اليانصيب ليس من الربح الشرعي، بل هو من القمار، من الميسر، وجميع الأموال التي تحصل من الميسر محرمة، والله جل وعلا يقول في كتابه العظيم: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. الميسر هو القمار، واليانصيب هو القمار، وهذه الأموال التي حصل عليها الوالد من القمار يجب أن تصرف في وجوه البر وأعمال الخير، كإصلاح الطرقات، ودورات المياه العامة، والصدقة على الفقراء والمحاويج مع التوبة منها، أما أنه يأكلها فلا يأكلها، ولا يأكلها ورثته وهم يعلمون أنها من هذا الطريق. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (247).

بيان حكم العارية

194 - بيان حكم العارية س: تسأل المستمعة م. م. وتقول: إذا استعار الشخص أشياء ولم يردها في الوقت المحدد، أو إذا لم يردها وتساهل فيها، وأهلها يحتاجون إلى هذه العارية، فهل عليه إثم في ذلك (¬1)؟ ج: إذا كانت مؤقتة يجب عليه أن يردها بعد انتهاء الوقت، ويأثم إذا ترك، إذا أعطوه مثلاً سيارة يومًا أو يومين عارية، يردها بعد المدة، أو أعطوه مثلاً حاجات أخرى يستفيد منها، يردها بعد الوقت الذي حددوه، ولا يجوز له التساهل في هذا الشيء فإذا تساهل ظلم، وهذا من أسباب سوء الحال بين الجيران وبين الأصحاب، وإذا تعدى على العارية ضمنها، المقصود أن عليه أن يعتني بالعارية، وأن يصونها، وأن يردها في الوقت المحدد، وإذا كان ما حدد الوقت إذا قضى حاجته بادر بردها. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (390).

بيان ما يلزم من تعدى في العارية

195 - بيان ما يلزم من تعدى في العارية س: استعار شخص من آخر دابة ليحمل عليها متاعًا معينًا، فحمل عليها غيره أثقل منه، وتسبب في هلاك تلك الدابة، فما الحكم (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (42).

ج: يلزمه الضمان، إذا استعار منه دابة يحمل عليها فماتت بسبب أن حمل عليها أثقل فإنه يلزمه الضمان، وإلا أن يسمح عنه صاحب الدابة، وإلا يلزمه ضمانها بقيمتها ذلك الوقت، ولو ماتت بسبب المحمول المأذون فيه، ففي الضمان خلاف، إذا كان أخذها عارية مضمونة ضمنها، ولو كان المحمول هو المأذون فيه، وإن كان أخذها غير مضمونة فهي أمانة، لكن ما دام حمل عليها ما هو أثقل وفوق ما استأذن فيه، فإنه يضمنها لتعدّيه.

حكم الامتناع عن الإعارة

196 - حكم الامتناع عن الإعارة س: وهذه السائلة تقول: سماحة الشيخ، هل في منع العارية ممن لا يؤمنون في العقيدة أو في الخلق، أو في الالتزام، هل فيه إثم؟ وهل حينما أمتنع عن أشياء من إعارتها، وأنا أعلم يقينًا بأنه يستعمل في طريق غير مشروع، أو في ارتكاب أشياء مخالفة، هل عليَّ في ذلك إثم (¬1)؟ ج: السنة الإعارة، إلا إذا غلب على ظنك أنه يستعمله في المعاصي فلا تعره، أما إذا كان مستورًا، أو لا تعلم شيئًا، فالسنة الإعارة، وأبشر ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (414).

بالخير، ولو كان ليس بجيد، ولو كان كافرًا، إذا كان مستأمنًا، أو معاهدًا، أو كان فاسقًا، لا بأس أن تعيره، مثلاً حصيرًا يجلس عليه، أو آلة يقضي بها حاجته، كمسحاة أو فاروع يقطع به خشبًا، أو قدوم، المقصود تعيره شيئًا من حاجته إلا إذا كنت تعلم، أو غلب على ظنك أنه يستعملها في المعاصي، فلا تعنه على معاصي الله، لأن الله يقول: {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.

حكم التصرف في ربح الوديعة

197 - حكم التصرف في ربح الوديعة س: يقول السائل: عندي مبلغ ألفي ريال وديعة لشخص، واشتريت بالمبلغ المذكور كاملاً غنمًا، وبعد يومين بعت الغنم بربح إجمالي قدره خمسمائة ريال، وأصبح إجمالي المبلغ ألفين وخمسمائة ريال، وجاءني صاحب المبلغ فأعطيته ألفي ريال، وبقي عندي خمسمائة ريال، هل هذا التصرف جائز، أم أن المبلغ كله لصاحب الألفين؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كان قد أذن لك، أو تعتقد أنه يأذن لما بينك وبينه من الصحبة ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (335).

الأكيدة فالمبلغ الزائد لك، وإلا فرد عليه الربح، لأنك لم تستأذن، ولم تعلم منه حسب ما تعرفه من حاله أنه يسمح بهذا الشيء، والأمانة لا يتصرف بها الإنسان إلا بإذن صاحبها، إلا إذا اعتقد أنه يسمح له لما بينه وبينه من الصلة فيما يعتقد، الحاصل أن الربح يكون لصاحب المال، إلا إذا سمح لك، أو كنت تعتقد أنه يسمح لك، ولهذا تصرفت.

حكم إيداع المال في البنوك الربوية

198 - حكم إيداع المال في البنوك الربوية س: يقول السائل: لدي حساب في أحد البنوك بدون فائدة، علمًا بأن البنوك تتعامل بالفائدة، هل تكون أموالي دخلت في حكم الربا؟ وهل عليّ إثم؟ وهل أسحب رصيدي من البنوك؟ علمًا بأنني أخاف ضياعها (¬1)؟ ج: لا حرج عليك في ذلك، أن تودع أموالك في البنوك خوفًا عليها، وهذه مسألة ضرورة، إذا احتجت إلى ذلك، فلا حرج إذا كان بدون فائدة، أما إذا تيسر إيداعها في بنوك إسلامية، كي تشجع البنوك الإسلامية وتعينها على مهمتها، فإن ذلك أولى وأحق، البنوك الإسلامية يجب أن تشجع، ويجب أن تعان، وإذا وقع زلة أو خطأ تنبه على خطئها، وتصلح ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (160).

أخطاؤها، حتى تكون منافسة للبنوك الربوية، وحتى يتعاض المسلمون بها عن البنوك الربوية، ففي إمكانك أن تودعها في البنوك الإسلامية، وتأخذ فائدة شرعية في معاملات المضاربة، أما الفائدة المعينة كعشرة في المائة، وخمسة في المائة فإنها لا تجوز، لا في البنوك الإسلامية ولا في البنوك الربوية، فهي ممنوعة في جميع الأحوال، فليس لأحد أن يأخذ فائدة معينة، لا في البنك الإسلامي، ولا من التاجر المعين، ولا في البنك الربوي، ولا في غير ذلك، الفائدة المعينة كأن تدفع إلى البنك الإسلامي أو البنك الربوي، أو إلى التاجر المعين مائة ألف، على أن يعطيك كل شهر أو كل سنة فائدة معينة، عشرة في المائة، خمسة في المائة، هذا لا يجوز، هذا من الربا، لكن البنوك الإسلامية تستطيع أن تتصرف في المال بالطرق الإسلامية المضاربة، بشراء حاجات تبيعها بفائدة تمنح الأرباح، وتعطي صاحب المال نصيبه من الربح الذي اتفق عليه مثلاً نصف الربح، ربع الربح، على ما اتفقت عليه البنوك الإسلامية مع صاحب المال، فالحاصل أنه لا حرج في إيداع المال في البنوك الربوية بدون فائدة للضرورة والخوف عليه، لكن إذا وجدت مندوحة عن ذلك، بأن تودع مالك عند تاجر لا خطر عنده، أو عند بنوك إسلامية بدون فائدة، أو على أن تعمل فيها بنوك إسلامية بالعمل الشرعي، والمرابحة

الشرعية، هذا كله هو الواجب عليك، لئلا تشجع الربا وأهل الربا.

حكم التصرف في الوديعة

199 - حكم التصرف في الوديعة س: يقول السائل: أنا أحمل نقودًا أمانات الناس، لكني عندما أحتاج أمد يدي إليها، وأعيدها محلها، هل أكون آثمًا؟ علمًا بأني لم أستأذن من أصحابها (¬1)؟ ج: ليس لك أن تأخذ منها شيئًا إلا بإذنهم، عليك أن تحفظها ولا تأخذ منها شيئًا إلا بإذنهم، لأنها قد تفوت عندك، قد تُعسر، قد يقع عليك شيء، فالواجب عليك ألا تأخذ من الأمانة شيئًا إلا بإذنهم، تقول له: أنا قد أحتاج إلى الأمانة، هل تسمحون لي فآخذها قرضًا؟ فإذا سمحوا لك فلا بأس. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (181).

بيان ما يلزم من جحد الأمانة ثم تاب

200 - بيان ما يلزم من جحد الأمانة ثم تاب س: يقول السائل: إذا كنت أعمل في محل تجاري، وأخذت منه مبلغًا من المال، أو حملت لأحدٍ أمانة، فقمت ببيعها، وحينئذٍ أنكرت ذلك، فكيف التصرف الآن، إذ إني أشعر بالأسف،

وأشعر أنني قد أخطأت (¬1)؟ ج: إذا كنت أخذت المال غصبًا منه أو سرقةً فتردها عليه، رُد المال عليه، وهكذا الأمانة التي جحدتها، يجب أن تتوب إلى الله وترد عليه المال الذي أخذته، وإن كنت لا تعرفه، نسيته، فتصدق به عنه، إذا لم تستطع إيصاله إليه تصدق به بالنية عنه، لأنك ظلمته، أخذت المال منه بغير حق، أو جحدت وديعته، كل هذا ظلم، نسأل الله العافية. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (328).

حكم زيادة أمتار على ما في حجة الاستحكام

201 - حكم زيادة أمتار على ما في حجة الاستحكام س: يقول السائل: عندما قمت ببناء منزلي وأنهيته، وقمت ببناء الارتداد (الحائط على المنزل أو ما نسميه بالحوش في مصطلحنا)، كان البيت على شارعين، وبين الشارع الشرقي والشمالي كتب في حجة الاستحكام شطفة سبعة أمتار، وأثناء التحويط لم أتقيد بذلك، وجعلت الشطفة بدل سبعة أمتار ثلاثة أمتار تقريبًا نظرًا لضيق الحوش، فأصحب الضلع الشمالي خمسة عشر مترًا، بدل اثني عشر مترًا، والضلع الشرقي سبعة عشر مترًا

بدلاً من خمسة عشر مترًا، كما هو الواضح في الصك، فهل يلزمني إعادته على طبيعته بهدمه وإعادة بنائه؟ علمًا بأنه ليس هناك أذىً على أحد، أم أتركه؛ لأوسع الحوش، ولكي لا يحتك بالبنيان المنزلي، أرجو توجيهي لما فيه الصلاح، وضميري يؤنبني مع أني لم أوذِ أحدًا، ولكن هناك مخالفة للبلدية، واعلموا أن البلدية عندما صرفت لي آخر قسط لم تستنكر هذه الزيادة، وصرفوا لي المبلغ المتبقي، أرجو إفادتي حفظكم الله (¬1)؟ ج: عليك أن تراجع الجهة المسؤولة وهي البلدية، وتتفاهم معها في الموضوع، فإذا سمحت لك بذلك، فالحمد لله، وإلا فعليك أن تمتثل لما وضعته الدولة لمصالح المسلمين، والله المسؤول أن يوفق الجميع. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (111).

حكم إحياء أرض لم يسبق إليها أحد

202 - حكم إحياء أرض لم يسبق إليها أحد س: السائل م. ع. يقول في هذا السؤال: إذا أحيا الرجل أرضًا ميتة لا نعرف أنها لأحد، هل تعتبر في هذه الحالة ملكًا له (¬1)؟ ج: نعم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمر أرضًا ليست ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (374).

لأحد فهو أحق بها» (¬1) رواه البخاري في الصحيح، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من أحيا أرضا ميتًا فهي له» (¬2) فإذا كانت ميتة ليس فيها لأحد حق، وليست في صالح المعمور، ليست جنب القرى العامرة والبلدان العامرة التي يحتاجون إليها في وقوف السيارات، وفي وقوف إبلهم وأغنامهم، وفي حاجاتهم، إذا كان العامر ليس له حاجة فيها فإنه لا بأس أن تحيى، أما إذا كانت قرب العامر، يحتاجها العامر، أو قد سبق لها أحد وأحياها فلا، أما إذا كانت ميتة لم يسبق لها أحد، وليس في مصلحة العامر فإنها تحيى، لكن إذا كان في دولة تأمر بالاستئذان، وتمنع من يحيي بدون استئذان فيستأذن حتى لا يمنع، يستأذن، يقول: أريد أن أحيي الأرض الميتة، إذا كان فيها حق لأحد يبين له، مثل هنا في السعودية يستأذن من الجهة المختصة، يقول: وجدت أرضًا صفتها كذا وكذا أحب أن أحييها، حتى يبلغوا إن كان فيها طلب لأحد، أو سبقه إليها أحد، وحتى يكون على بينة وعلى بصيرة. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب المزارعة، باب من أحيا أرضًا مواتًا، برقم (2335). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الخراج والإمارة والفيء باب في إحياء الموات، برقم (3073).

حكم اللقطة

203 - حكم اللقطة س: الأخ/ ح. ف، من بلدة الحومية، بعث يسأل ويقول: هل الّلُقَطَة تحل للذي لقطها، أم لا تحل؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الّلُقَطَة إن كانت في الحرم في مكة والمدينة لا تحل، عليه أن يعرفها دائمًا، حتى يجد ربها، سواءً دراهم أو متاع آخر، كالبشت أو غيرها من المتاع، أما في غير الحرم، فإنه يعرفها سنة، فإن عرفت، وإلا فهي له، أما في الحرم في مكة والمدينة فإنه يعرفها أبدًا، فإن شق عليه تعريفها فإنه يسلمها للجنة التي في مكة والمدينة، يقال: هي لقطة وجدتها في المحل الفلاني، وهم يقومون بالتعريف، ويتولون أمرها، وإلا فليعرفها هو بنفسه أو وكيله حتى تعرف، ولو بقي سنتين أو ثلاثًا أو أكثر فإنه يعرفها، حتى يوجد ربها أو يسلمها للّجنة، أما إذا كان غير مكة والمدينة فإنه يعرفها سنة كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، قال في مكة: «لا تحل ساقطتها إلا لمعرف» (¬2) يعني: منشدًا لها يعرفها، من له الدراهم، من له ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (235). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب كتابة العلم، برقم (112)، ومسلم في كتاب الحج، باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها إلا لمنشد على الدوام، برقم (1355).

الشنطة، من له كذا، من له كذا، في مجامع الناس، أما في غير مكة والمدينة، يعرفها بين مجامع الناس، من له كذا، من له كذا، من له اللقطة، من له الشاة، من له العنز، من له البشت، من له كذا، يعرف يبين ويحتفظ علامات عنده، العلامات الخفية ويحتفظ بها عنده لا يبينها، فإذا جاء من يعرفها يقول: ما هي صفاتها؟ فإذا عرف صفاتها أعطاها إياه، وإن شك في الأمر طلب البينة عليه حتى يحضر بينة أن هذه ضائعة له، وأنها ملكه، وإذا عرف الصفات الدقيقة الخفية يعطيها إياه، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بهذا، أمر من وجد اللقطة أن يعرفها سنة، ويعرف عفاصها إن كان لها عفاص، ووكاءها، يعني خرقتها، إن كانت نقود في خرقة، أو في كيس، أو في ظرف، يعرف الظرف، ويعرف فئات الدراهم ما هي، يضبطها، ويعرفها، فإذا جاء من يعرفها أعطاها إياه، سنةً كاملة، ويعرف عددها، ألف، ألفان، ثلاثة، فإذا مرت السنة وما جاء أحد فهي له، وتكون كالوديعة عنده، متى عرف ربها، ولو بعد سنتين أو ثلاث أعطاها إياه، كالدين عليه، وإذا لم تعرف فهي ماله بعد السنة، النبي صلى الله عليه وسلم قل: «فإن لم تعرف فأنفقها، فسبيلها سبيل مالك. قال: وتكون وديعة عندك» (¬1) يعني كالوديعة يحفظها ويتصرف ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب اللقطة، برقم (1722).

فيها، لكن متى جاء ربها وعرفها ولو بعد سنتين، أو ثلاث يعطيها إياه كأنها دين، لكن يعرفها كثيرًا، كل شهر مرتين، ثلاثًا، أكثر، من له الضائعة، من له الدراهم، لا يبين عددها، يقول: من له الدراهم؟ من له العنز؟ من له البشت؟ يبين الشيء حتى يفطن له صاحبه.

حكم اللقطة بعد تعريفها سنة

204 - حكم اللقطة بعد تعريفها سنة س: يقول السائل: هل اللقطة عند الإشهار بها سنة كاملة يجوز الاستفادة منها وأخذها أم لا (¬1)؟ ج: نعم، إذا وجد لقطة، وهي دراهم، متاع، فعرفها سنة كاملة فإنها تحل له، تكون من ماله، إذا لم تعرف، إذا عرفها سنة كاملة فلم تعرف صارت كسائر ماله، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: «من وجد لقطة فليعرفها سنة، إن عرفت وإلا فهي له كسائر ماله» (¬2) كل شهر مرتين، ثلاثًا، أربعًا، في مجامع الناس: من له لقطة، من له دراهم، من له جنيهات، من له الملابس، من له الأواني، من له الشاة، من له العنز؟ ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (379). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب اللقطة، باب إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد سنة فهي لمن وجدها، برقم (2430)، ومسلم في كتاب اللقطة، برقم (1722).

يبين ويخفي بعض الصفات حتى يجيء من يعرف صفاتها الخاصة، وإذا جاء من يعرف صفاتها الخاصة أعطاها إياه، فإن مرت السنة ولم يأت أحد فإنه يملكها، إلا إذا كانت من لقطة الحرم فلا، لقطة الحرم في مكة لا تملك، وهكذا لقطة المدينة، لا تملك، أما غير الحرمين فتملك إذا عرفها سنة، وأما الإبل فلا، الإبل والبقر لا تملك، لا يزال يعرفها، لأن معها سقاءها ترد الماء، وتأكل من الشجر، لكن إذا كانت اللقطة من الغنم، أو من النقود، أو الأمتعة، كالملابس والأواني، يعرفها سنة كاملة، في غير الحرمين، فإن عرفت، وإلا فهي له إذا كان يعرفها كل شهر، مرتين، ثلاثًا، أربعًا، يعني يجتهد في تعريفها حتى يبرئ ذمته.

بيان ما يلزم من وجد لقطة

205 - بيان ما يلزم من وجد لقطة س: يقول السائل: إذا وجد الشخص حاجةً ملقاة على الطريق، فهل يحق له أن يأخذها أم لا (¬1)؟ ج: إذا كان يثق من نفسه أنه يعرفها، ويؤدي الواجب يأخذها، وإلا فليدعها، لأن الواجب عليه أن يعرفها سنة كاملة، ينادي عليها في الأسواق، مكان مجمع الناس: من له الذاهبة، من له الذاهبة، من له ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (25).

البشت، من له الشنطة، من له كذا، من له كذا؟ ولا يبين صفاتها، لكن يشير إلى حقيقتها، ولا يبين صفاتها، فإذا جاء من يعرفها بصفاتها أعطاه إياها، وإن مضت سنة ولم يأت أحد فهي له، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم: «من وجد لقطة فليعرفها» (¬1) بعد أن يعرف صفاتها، وإن كانت نقودًا، المقصود بعد أن يعرفها، نقودًا أو غير نقود، بعد أن يعرف الحقيقة والأوصاف التي يجب أن تحفظ، فإذا أتقنها كتبها عنده، وضبطها وعرفها سنة كاملة، ينادي عليها في مجامع الناس، في الشهر مرتين أو ثلاثًا، أو أكثر: من له الذاهبة، من له اللقطة؟ التي هي كذا، شنطة، أو بشت مثلاً، سيف أو خنجر، ثم إذا جاء الذي يلتمسها يبين صفاتها، ما علامتها، ما لونها، ما كذا، ما كذا؟ فإذا وصفها بصفاتها المطابقة، أعطاه إياها، وإذا مضت سنة ولم يأت أحد فهي له، ينتفع بها كسائر ماله، فإذا جاء صاحبها يومًا من الدهر وعرف صفاتها أعطاه إياها، أو قيمتها إن كان باعها أو انتفع بها. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب اللقطة، باب إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد سنة فهي لمن وجدها، برقم (2430)، ومسلم في كتاب اللقطة، برقم (1722).

حكم أخذ ضالة الإبل

206 - حكم أخذ ضالة الإبل س: الأخ/ ن. أ. م. يقول: أنا كنت مقيمًا بصحراء لرعي الأغنام،

ووجدت جملاً أنا وأحد زملاء المهنة، وتركت هذا الجمل مع زميلي، وهو الذي كان يقوم برعايته، وبعد ذلك بعناه بمبلغ ثلاثمائة جنيه، أخذت أنا مائة والباقي لزميلي، ما حكم ما فعلنا؟ جزاكم الله خيرًا. علمًا بأنا عرفنا بلد ذلك الجمل، لكنا لا نعرف صاحبه بالضبط (¬1) (¬2)؟ ج: على كل حال قد أخطأتما في أخذ الجمل، والواجب ترك الجمل وعدم أخذه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم «لما سئل عن ضالة الإبل، قال للسائل: دعها فإن معها حذاءها وسقاءها، ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها» (¬3) وغضب عليه الصلاة والسلام، فدل ذلك على أن ضالة الإبل لا يجوز أخذها، بل تترك، لأنها دابة قوية تمنع صغار السباع عنها، وتعيش على الرعي والشرب من المياه التي تحصلها في البراري وهي لها صبر على الظمأ، وقوة على المشي، فلا يجوز أخذها، بل يجب تركها، إلا إذا كانت في محل خطير، مسبعة للأسد والنمور، ونحو ذلك، مما يفترسها، أو في بلاد يأكل أهلها الضوال، فإن من ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (172). (¬2) السؤال من الشريط رقم (172). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الغضب في الموعظة والتعليم، إذا رأى ما يكره، برقم (91) ومسلم في كتاب اللقطة، برقم (1722).

وجدها من المحسنين يأخذها ويسلمها لولي الأمر، ولي أمر المسلمين حتى يحفظها لصاحبها في رعايا المسلمين، أو يبيعها ويحفظ صفاتها حتى يجدها ربها، ويسأله عنه في مظان محاله، أو يجعلها عند من يرعاها، حسب ما يراه من مصلحة في ذلك، أما الواجد فليس له أن يجعلها مع إبله، وليس له أن يبيعها، وليس له أن يأكل ثمنها، بل عليه أن يسلمها لولي الأمر حتى يحفظها ولي الأمر مع رعايا المسلمين، مع إبل المسلمين، أو مع راعٍ خاص، أو يبيعها على حسب ما يراه مما هو أصلح لصاحب الناقة، مع حفظ صفاتها ووسمها وسنها حتى يعرف ربها، أما أنتما فعليكما السؤال عن صاحب الضالة في محله الذي تعرفون، فإن عرف سلم له المال مع التوبة إلى الله والندم على ما فعلتما، وإن لم يعرف فعليكما الصدقة بالثمن في الفقراء والمساكين بالنية عن صاحب الجمل، عليكم أن تتصدقوا بالمال، ولا يحل لكم السكوت، ولا أكل المال، بل الواجب الصدقة به بالنية عن صاحب الجمل عن مالكه، والله يأجره عليه وتصله الصدقة حيًّا وميتًا. س: يقول السائل: ضاع لوالدي بعض الإبل، وذهب يبحث عنها، وعندما وجدها وجد معها بعيرًا لا يعرفه، ولا يعرف صاحبه، وجاء به مع إبله، ومكث هذا البعير عندنا وقتًا طويلاً ولم يأت

من يسأل عنه، فتوفي والدي رحمة الله عليه، وبعد ذلك مات البعير، والسؤال: هل على والدي شيء؟ وماذا يجب عليّ أن أفعل الآن، حيث إني أريد أن أبرئ ذمة والدي، وكم القيمة التي يجب عليَّ أن أدفعها إن كانت واجبة؟ علمًا بأن هذا الشيء مضى عليه حوالي عشرين عامًا، جزاكم الله خيرًا. ج: الواجب على والدك طرد هذا البعير وعدم إيوائه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم «لما سئل عن ضالة الإبل: دعها، فإن معها حذاءها وسقاءها، ترد الماء وتأكل الشجر، حتى يلقاها ربها» (¬1) فالواجب عليه لما وجد هذا البعير مع إبله أن يطرده، وألا يؤويه، لكن ما دام أنه آواه مع إبله حتى مات البعير، فلا أعلم عليكم شيئًا في ذلك، إذا كنتم لم تتسببوا في موته، لا بشد رحل ولا بغير ذلك، إنما هو مع الإبل يرعى معها، ثم مات بدون عمل منكم، ولا ظلم منكم، فلا شيء ولا أعلم شيئًا عليكم في ذلك والمتوفى ليس في ذمته شيء إلا الدعاء له بالمغفرة والرحمة، لأنه أخطأ في إيوائه، ولكنه لم يعمل شيئًا في إتلافه. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الغضب في الموعظة والتعليم، إذا رأى ما يكره، برقم (91) ومسلم في كتاب اللقطة، برقم (1722).

حكم أخذ لقطة الغنم

207 - حكم أخذ لقطة الغنم س: يقول السائل: أرجو منكم جزاكم الله خيرًا توضيحًا شاملاً عن اللقطة بأنواعها، وخاصة لقطة الغنم (¬1)؟ ج: النبي صلى الله عليه وسلم «سئل عن اللقطة من الإبل، فقال: دعها معها حذاؤها وسقاؤها، ترد الماء وتأكل الشجر، حتى يلقاها ربها» (¬2) فالإبل لا تلقط، وهكذا ما في معناها من البقر وأشباهها مما يمتنع عن صغار السباع، أما الغنم فإنها تلتقط، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خذها، فإنها لك أو لأخيك أو للذئب» (¬3) فيأخذها ولا يدعها، وينشد عليها، يقول: من له الشاة؟ من له العنز؟ من له التيس؟ الذي وجده في محل كذا في يوم كذا وكذا، فإذا وجد من يعرفه سلمه له، سنة كاملة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من آوى ضالة فهو ضال، ما لم يعرفها» (¬4) فلا بد من التعريف في العنز ونحوها، وكالفصيل الذي ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (222). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الغضب في الموعظة والتعليم، إذا رأى ما يكره، برقم (91) ومسلم في كتاب اللقطة، برقم (1722). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره، برقم (91)، ومسلم في كتاب اللقطة برقم (1722). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب اللقطة، باب لقطة الحاج، برقم (1725).

ما يمتنع من السباع، وأشباه ذلك، مما لا يمتنع من صغار الحيوانات، وهكذا لقطة الأموال، كالذهب والفضة والأواني والملابس، يعرفها يقول: من له كذا وكذا؟ ولا يبين الصفات، فإذا جاء صاحبها وعرف الصفات سلمها له، أو أقام البينة سلمها له، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «فليعرفها» (¬1) في مجامع الناس، في الشهر مرتين، ثلاثًا، أربعًا: من له اللقطة؟ من له كذا؟ فإذا وجد من يعرفها أعطاه إياها، ثم هو بالخيار في العنز، إن شاء ذبحها وعرف قيمتها بمعرفة أهل الخبرة، وحفظ القيمة وكتبها عنده، وكتب علامات العنز أو الشاة أو الخروف، وإن شاء باعها وحفظ ثمنها، وإن شاء أبقاها مع غنمه إذا كان ليس فيها مشقة، ترعى مع غنمه حتى يجدها ربها، وهكذا الأواني، يحفظها حتى يجدها ربها، مع النداء عليها والتعريف. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب اللقطة، باب إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد سنة فهي لمن وجدها، برقم (2430)، ومسلم في كتاب اللقطة، برقم (1722).

بيان ما يلزم من أخذ لقطة الغنم وتكاثرت عنده

208 - بيان ما يلزم من أخذ لقطة الغنم وتكاثرت عنده س: يقول هذا السائل: رجل له غنم، وضمت هذه الأغنام واحدة ليست له، وصارت لها مدة طويلة من الزمن، وتكاثرت ولم يعرف لها أحدًا، ماذا يفعل بها (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (380). (¬2) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (380). ') ">

ج: هذه بين أمرين، إما أن يعرفها التعريف الشرعي سنة كاملة، لأن الغنم تعرف، وإذا تمت السنة ولم تعرف فهي ماله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «هي لك، أو لأخيك، أو للذئب» (¬1) وقال: «من آوى ضالة فهو ضال، ما لم يعرفها» (¬2) فإذا عرفها سنة، فهي له، أو يسلمها للحاكم الشرعي، والحاكم الشرعي يعمل فيها ما يرى من حفظها أو بيعها أو إدخالها بيت المال إذا لم يوجد لها أحد، المقصود الحاكم الشرعي يتصرف في جعل من يعرف، أو جعلها في بيت المال، ينظر في أشياء تحفظ بها، قد تكون لها مدة طويلة، قد تكون يمكن أن تعرف، فالحاصل أن الذي وجدها يعرفها سنة كاملة، فإذا لم تعرف فهي له، وإن تخلص منها وأعطاها الحاكم أو الأمير واللجنة المعدة للقطات برئ منها. س: يسأل السائل ويقول: انضم إلى أغنامي عشر شياه، وبحثت عن صاحبها فلم أجده، ولدت هذه الأغنام بنعاج كثيرة، فذبحت من أطرافها، هل يجوز لي ذلك أو لا؟ ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره، برقم (91)، ومسلم في كتاب اللقطة برقم (1722). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب اللقطة، باب لقطة الحاج، برقم (1725).

ج: الواجب عليك التعريف سنة كاملة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من آوى ضالة فهو ضال، ما لم يعرفها» (¬1) رواه مسلم في الصحيح، هذا وعيد شديد، والتعريف سنة، من له النعاج؟ في مجامع الناس، محلات مجامع الناس، على المياه إن كان في البر، أو في البلدان التي حولك، في الأسواق التي تجمع الناس بعد الجمعة، أو في أوقات أخرى في الشهر مرتين، ثلاثًا، أربعًا كل شهر تجعل من ينادي عليها، فإذا مضت السنة ولم يوجد أحد فهي لك، ونتاجها لك، نتاجها بعد السنة لك، أما نتاجها في سنة التعريف فهو لصاحبها، فإذا عرف أخذها ونتاجها في السنة، أما نتاجها بعد ما ملكتها فهو لك، ومتى عرف صاحبها أعطيته الأصل والنتاج الذي وقع في السنة، أما النتاج الذي بعد السنة فهو لك، الذي حمل فيه بعد السنة، والخلاصة أن عليك التعريف سنة كاملة في مجامع الناس، وإذا كنت في البرية، في مجامع الناس على المياه، من له النعاج؟ من له الغنم؟ حتى يسمع صاحبها الخبر، فلعلك تجده، فإذا مضت سنة ولم يوجد فهي لك، هي ونتاجها، ومتى وجد صاحبها أخذها وأخذ نتاجها الأول، الذي في السنة أما النتاج ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب اللقطة، باب لقطة الحاج، برقم (1725).

الذي حملت به بعد السنة، بعدما ملكتها، فهو لك، والواجب عليك في هذا التوبة والاستغفار إذا كنت قصرت، وعليك أن تعرفها سنة كاملة، لعل صاحبها يجدها، وإن لم تفعل فأنت آثم، وليست حلالاً لك، بل يجب أن تسلمها إلى ولي الأمر، ولي أمر المسلمين، المحكمة التي حولك حتى تبيعها وتحفظ ثمنها لصاحبها، لعله يأتي بعد حين، أو يصرف في مصارف بيت المال، المصارف الخيرية من بيت المال، لأنك أخطأت في عدم التعريف.

حكم تعريف ضالة الغنم

209 - حكم تعريف ضالة الغنم س: يقول السائل: هل تعرف ضالة الغنم؟ وكيف تشرحون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هي لك أو لأخيك أو للذئب» (¬1).؟. ج: يجب تعريفها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من آوى ضالة فهو ضال، ما لم يعرفها» (¬2) فإذا وجد ضالة من الغنم فعليه تعريفها كما يعرف النقود والأواني والملابس، ومعناه واضح، يعني: إذا تركتها أخذها غيرك، فخذها أنت واحتسب الأجر مع التعريف بها، فالأحاديث ¬

(¬1) صحيح البخاري الْأَدَبِ (6112)، صحيح مسلم اللُّقَطَةِ (1722)، سنن الترمذي الْأَحْكَامِ (1372)، سنن أبي داود اللُّقَطَةِ (1704)، سنن ابن ماجه الْأَحْكَامِ (2504)، مسند أحمد (4/ 116)، موطأ مالك الْأَقْضِيَةِ (1482). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب اللقطة، باب لقطة الحاج، برقم (1725).

يفسر بعضها بعضًا. س: يقول السائل: أحد جماعتي ضاعت له غنم، وقصدنا بلدًا بعيدة، فقال: إن وجدتم غنمي فأتوا بها معكم، فوجدنا رجلاً في تهامة عنده غنم ضائعة، وعليها وسم صاحبي، فطلبها منه، فقال: أنا خسرت عليها رعاية وشعيرًا، فأعطيته مائة ريال، فلما أحضرتها لصاحبي، قال: ما هي غنمي، والآن لا أستطيع وجود التهامي ولا صاحبها، فكيف أعمل بها وفقكم الله (¬1) (¬2)؟ ج: الذي يجد مثل هذا أنه ينادي عليها، يعرفها سنة كاملة، لأنها في حكم اللقطة، لأن صاحبها أخبر أنها لقطة، فيعرفها هو، وينادي عليها في مجامع الناس: من له غنم، من له غنم؟ ويعرف صفاتها ويحفظها، وإذا خاف عليها من النفقة يبيعها ويحفظ الصفات والثمن، وينادي سنة كاملة، فإن وجد أهلها، وإلا فهي له، الثمن له، وإن تصدق بذلك إذا لم يجد أهلها فهذا لا بأس به، المقصود أنها حكمها حكم اللقطة، يعرفها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من آوى ضالة فهو ضال، ما لم يعرفها» (¬3) ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (15). (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم (15). ') "> (¬3) أخرجه مسلم في كتاب اللقطة، باب لقطة الحاج، برقم (1725).

وهذه ضالة، والنبي عليه السلام قال: «من آوى ضالة فهو ضال، ما لم يعرفها» (¬1) رواه مسلم، فهذا عليه التعريف، والتعريف ينادي عليها في مجامع الناس، إن شاء مرتين أو ثلاثًا أو أربعًا، يقول: من له الغنم الضائعة؟ فإذا جاءه من يعرف صفاتها وأماراتها الخفية دفعها إليه، أو جاءه من عنده البينة عليها دفعها إليه، فإذا مضت سنة ولم تعرف فهي له، سبيلها سبيل ماله، كما جاء في الحديث، وإن تصدق بها ولم ترض نفسه بقبولها فلا بأس، فإن تصدق بها وبعد سنتين جاء صاحبها فإنه يخير صاحبها، إن شاء صارت الصدقة له، وإن شاء دفع له القيمة التي تساويها، وإن قبل الصدقة الحمد لله، أو تكون الصدقة للأول إذا لم يقبلها صاحب الغنم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في بعض أحاديثه: «متى جاء صاحبها يومًا من الدهر فليؤدها إليه» (¬2) فإن مكثت عنده وأنجبت بعد السنة فالنتاج له، وليس لصاحبها إلا الأصول، لأنها صارت ملكًا له بعد التعريف. س: يقول السائل: سبق أن أخذت شاة مع ولدها، وذلك قرب البلد أنا وبعض الزملاء، وذلك منذ عشر سنوات، ما هو الواجب ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب اللقطة، باب لقطة الحاج، برقم (1725). (¬2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (ج6 صـ 186).

علينا الآن أن نتصرف؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كنت لم تعرفها في مجامع الناس: من له الشاة وطفلها؟ في كل شهر مرتين أو ثلاثًا أو أكثر، إذا كنت ما فعلت هذا فعليك أن تتصدق بقيمتها وقيمة ولدها بالنية عن مالكها، مع التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، تخرج قيمتها ذاك الوقت، وقت أكلها وذبحها، وتتصدق بها على الفقراء والمساكين، وتنويها عن صاحبها، وصاحب طفلها، مع التوبة إلى الله والندم، والعزم على ألا تعود لمثل هذا، لأن الواجب على من وجد لقطة أن يعرفها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من آوى ضالة فهو ضال، ما لم يعرفها» (¬2) فالضالة ما يكون من الحيوانات كالغنم، إذا لقطها الإنسان يعرفها سنة كاملة، فإن لم يعرفها فهي له، ومتى عرفت بعد ذلك سلم قيمتها لصاحبها، أما الإبل فلا تلتقط، بل تترك، لأن معها سقاءها وحذاءها، ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها، وكذلك البقر، لأنها كذلك تمنع عن نفسها الذئب ونحوه، أما الحيوان الذي لا يمنع عن نفسه كالخيل والحمر والبغال، هذه تلتقط ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (236). ') "> (¬2) أخرجه مسلم في كتاب اللقطة، باب لقطة الحاج، برقم (1725).

مثل الشاة وتعرف، إذا وجدت ضائعة تعرف: من له الحمار؟ من له البغل؟ من له الخيل؟ من له الشاة؟ سنة كاملة، وإن لم تعرف ملكها، ولكن متى عرف صاحبها بعد ذلك ولو بعد سنة ردها إليه. س: يقول: حصل أن وجدت ماعزة حاملاً، وعليها وسم عمي، وولدت، ولا أعرف أنه يملكها أو باعها، فذبحت جناها، وبعد سنة ضاعت، أرجو فتواكم. ج: إذا كنت لم تسأل عمك، ولم تعرف أنها ملكه، وعليها وسم عمك فليس عليك حرج إن شاء الله، إلا أنك كان ينبغي لك الاحتياط وعدم ذبح الجنى، أما الآن ما دمت لم تجد لها مطالبًا ووسمها وسم عمك، فليس عليك شيء، وفي إمكانك سؤال عمك إذا كان موجودًا، أو سؤال بقية الورثة، هل يسمحون لك، وهل هي معزهم، وقد باعوها على أحد، أو أعطوها أحدًا، تسأل وتأخذ بالحيطة، إذا أمكنك ذلك فإن لم يمكنك اغرم ما ذبحت لورثة عمك إن كان قد مات، وأما هي إذا كنت لم تفرط فيها ولم تعمل فيها ما يسبب موتها، فليس عليك فيها شيء.

بيان التفصيل فيمن التقط خاتم ذهب

210 - بيان التفصيل فيمن التقط خاتم ذهب س: يقول السائل: وجدت أختي الصغيرة خاتمًا من ذهب في ساحة بيتها، وهذا الخاتم ليس ملكًا لنا، فما الحكم في ذلك، مع العلم أننا لا نستطيع تعريفه سنة، أفيدونا أفادكم الله (¬1) (¬2)؟ ج: الخاتم يختلف إذا كانت قيمته يسيرة في البلد، ولا تطلبها النفوس المتوسطة، يعني ما يطلبها الإنسان، يتعب فيها من أصحاب الدخل المتوسط فإنه هذه لا تعرف، يأخذها صاحبها، ويستنفع بها واجدها والحمد لله، أما إذا كان الخاتم له قيمة كبيرة، هنا يجب تعريفه في السنة، سنة كاملة، ولو في الشهر مرتين، أو ثلاثًا، من له الخاتم؟ من له الخاتم؟ فإذا وجد من يعرفه، وإلا فهو للتي وجدته، المرأة التي وجدته يكون لها الخاتم، والبنت الصغيرة ينادي به وليها، وليها: أبوها، أخوها، يأمر بتعريفه، ولو بأجرة، وتسلم الأجرة من قيمة الخاتم، إذا بيع، وإذا كانوا لا يستطيعون يعطونها إنسانًا يعرفه، ولو بأجرة، هذا إذا كان له قيمة وله أهمية، كأن يساوي مائتين أو ثلاثًا أو أربعًا، أما إذا كانت قيمته خمسين، أربعين ريالاً ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (253). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (253). ') ">

فلا يحتاج إلى تعريف، فقيمته بسيطة، لأنه لو عرف أكل قيمته. س: أنا أعمل في بستان، وأثناء العمل وجدت خاتمًا ذهبًا، ومنذ تسعة أشهر وهو معي، وأصحاب المزرعة وعددهم ستة لم يسألني أحد عنه، هل هو حلال بالنسبة لي أم هو حرام؟ ج: عليك أن تسأل أهل المزرعة، تقول: هل لكم شيء ضائع؟ هل لكم لقطة ضائعة؟ هل لكم خاتم ضائع؟ فإذا وصفوا الذي وجدته بأنه خاتم صفته كذا وصفته كذا فادفعه إليهم، وإلا فعليك تعريفه في المكان الذي فيه اجتماع الناس، في الأسواق، أو عند خروجهم من الجامع، تقول: من له الخاتم؟ في الشهر مرتين أو ثلاثًا، أو أكثر، سنة كاملة، فإن علم وعرف، وإلا فهو لك، لا تبين صفاته لهم، قل: من له الخاتم، فقط، فإذا عرفه إنسان، قال: صفته كذا صفته كذا، تدفعه إليه هكذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام.

بيان وجوب التوبة على من جحد اللقطة

211 - بيان وجوب التوبة على من جحد الّلقطة س: أضاعت امرأة سلسلة ذهب، ووجدتها امرأة أخرى، فبحثت عنها

المرأة التي أضاعتها ولم تجدها، ولم تسأل المرأة التي وجدتها، مع علم المرأة التي وجدتها بأن المرأة الأخرى تبحث عنها، ولم تعطها السلسلة، والآن بعد أن علمت خطورة ما فعلت تريد أن تصلح خطأها، كيف تتصرف؟ هل لها أن تعطي المرأة قيمة تلك السلسلة ولا تخبرها بأنها هي قيمة ما فقدت، أم كيف تتصرف؟ علمًا بأن هذا الحادث مضى عليه أكثر من خمس سنوات (¬1). ج: عليها التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، لأنها ظالمة في جحد الحق، وعليها أن ترد السلسلة إلى صاحبتها بالطريقة التي تمكنها، من غير أن تعلمها، ما في ذلك حاجة أن تعلمها، تعطيها بعض الناس، تقول: إن هذه السلسلة وجدتها عند امرأة تقول: إنها لكِ، وأنها وجدتها من مدة طويلة، وهذه هي السلسلة، ولا تخبرها بها، أو ترسلها مع شخص آخر غير المرأة، مع رجل وتقول لا تخبر عني، قل: هذه سلسلة لكِ، أرسلتها لكِ امرأة أو رجل وجدها، الحاصل أنه لا يلزم أن تخبرها، تعطيها السلسلة، ولا يلزمها أن تخبرها من أي طريق، طريق رجل، أو من طريق امرأة، أو تضعها في البيت أمامها ثم تخرج، حتى تعلم أنها ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (187).

أخذتها، المقصود أنها توصلها إليها بطريقة تضمن وصولها إليها.

بيان أمثلة ما له أهمية من اللقطة

212 - بيان أمثلة ما له أهمية من اللقطة س: يسأل المستمع ويقول: عندما يجد الإنسان في طريقه، أو في عقار يملكه مبلغًا من المال، أو شيئًا ماديًّا، يعادل مبلغًا من المال، ففي هذه الحالة هل يجوز لهذا الشخص التصرف فيما وجد، أم أنه يتبرع به؟ وذلك في حالة عدم وجود صاحب لهذا المال؟ أرجو التوضيح جزاكم الله خيرًا وعلمًا وفيرًا (¬1). ج: هذا يعتبر لقطة، إذا وجد في الطريق أو في ملكه دراهم أو متاعًا آخر سقط من بعض الزوار، أو من بعض الناس في الطريق، هذا يعتبر لقطة، سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: «عرفها سنة، فإن لم تعرف فهي لك» (¬2) فإذا كان الشيء الموجود له أهمية، مثل مائة ريال، ألف ريال، ألفي ريال، شنطة تساوي مالاً كثيرًا، سيف، خنجر، زولية، وغير ذلك، له أهمية، ينادي عليه في مجامع الناس: من له الزولية؟ من له الشنطة؟ من له السيف؟ من له ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (267). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب اللقطة، برقم (1722).

الدراهم الواقعة في محل كذا وكذا؟ في الشهر مرتين أو ثلاثًا أو أربعًا، ينادي عليه أو ينيب من ينادي عليه من الثقات في مجامع الناس، المحلات التي فيها اجتماع الناس في أسواق البيع والشراء، في صلاة الجمعة: من له هذا الشيء؟ ولا يبين الصفات حتى يجيء صاحبه يبين: من له الشنطة؟ من له السيف؟ من له الدراهم؟ وإذا جاء من يقول إنها لي، يسأله عن صفاته، وايش صفة الشنطة؟ يضبط العلامات، يضبطها ضبطًا جيدًا، يضبط الدراهم، في أمهات خمسة، أمهات عشرة، فئة خمسمائة، أرقامها، والوقت الذي فقدها فيه والمكان، يضبط حتى يسأله عما يدل على صدقه، فإذا عرفها أعطاها إياه، فإن مضت سنة ولم تعرف فهي له، يستنفقها، ومتى جاء صاحبها وعرفها أعطاه إياها، تصير عنده كالدين، متى جاء صاحبها أعطاها إياه إذا عرفها، هكذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام، إلا إذا كانت اللقطة في مكة، أو في المدينة، فإن لقطة مكة والمدينة لا تملك، لا بد من تعريفها دائمًا، النبي عليه الصلاة والسلام قال: «ولا تحل ساقطتها إلا لمعرف» (¬1) يعني مكة، وقال في المدينة صلى الله عليه وسلم: «إني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب كتابة العلم، برقم (112)، ومسلم في كتاب الحج، باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها إلا لمنشد على الدوام، برقم (1355).

مكة» (¬1) فالواجب على من وجد لقطة في المدينة ومكة أن يعرفها، أبدًا لا يملكها، وإن لم يعرفها أعطاها الجهة المختصة في مكة والمدينة التي تسلم لها اللقطة، وإذا لم يعرف اللجنة سلمها للمحكمة الشرعية، إدارة المحكمة وأخذ وصلاً بذلك، والمحكمة هي التي تدبرها، وتسلمها للجنة، واللجنة يراجعها الناس، يراجعونها ويسألونها عن لقطاتهم، فالمقصود أن مكة والمدينة لا تملك لقطتها، بل لا بد من التعريف عليها دائمًا حتى يوجد ربها. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة وبيان تحريمها وتحريم صيدها وشجرها وبيان حدود حرمها، برقم (1360).

بيان ما يلزم من أخذ شيئا من مكان لا يعرف صاحبه

213 - بيان ما يلزم من أخذ شيئًا من مكان لا يعرف صاحبه س: الأخ/ س. و. من العراق يسأل ويقول: لي صديق، في أحد الأيام أعطاني كتابًا دينيًّا، لكنه يقول: إنه أخذ هذا الكتاب من مكان لا يعرف صاحبه، فهل أدفع ثمن هذا الكتاب لأحد الفقراء، لأني لم أشتره، وأعتبره مغتصبًا؟ أم كيف أتصرف؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (161).

ج: الواجب أن ترده إلى صاحبه، وهو يرده إلى المكان الذي أخذه منه، الواجب عليك أن ترده إلى الذي أعطاك الكتاب، وتقوله له: يجب عليه أن يرده إلى مكانه، وليس له أخذ كتاب بغير حق، إلا إذا سمح صاحبه بذلك، أو أعطاه ثمنه فلا بأس، فإن لم يتيسر لك ذلك بأن لم تحصل الرجل حتى تعطيه الكتاب فلا مانع من أن تتصدق بقيمته، أو تجعله في مكتبة عامة ينتفع به الناس، مع التوبة والاستغفار من أخذك إياه من هذا الشخص الذي ذكر لك أنه أخذه بغير حق، والله المستعان.

بيان ما يجوز أخذه والانتفاع به من اللقطة

214 - بيان ما يجوز أخذه والانتفاع به من اللقطة س: يقول السائل: ذات يوم خرجت من العمل متوجهًا إلى البيت، فوجدت في طريقي مرزبة صغيرة، فأخذتها، أرجو الإفادة، هل يجوز لي ذلك أو لا (¬1)؟ ج: نعم، إذا كانت حقيرة فلا بأس بذلك، إذا كانت قيمتها ليست كثيرة، فلا مانع من أخذها والانتفاع بها، كالحبل والعصا، وشسع النعل، ونحو ذلك، إذا كانت قيمتها عشرة ريالات، عشرين ريالاً، ثلاثين ريالاً، فإنها في وقتنا الآن لا قيمة لها، فالأمر في هذا واسع إن شاء الله، إلا أن ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (184).

تعرف صاحبها فأعطها إياه.

بيان ما يلزم من أخذ لقطة من الحرم ثم تاب

215 - بيان ما يلزم من أخذ لقطة من الحرم ثم تاب س: يقول السائل: لقد قمت بأداء فريضة الحج وأديت مناسكها كاملة، ولكن عندما ذهبت أغتسل لكي أطوف طواف الوداع وجدت في المغتسل مبلغًا من النقود الكويتية، وأنا حالتي يعلمها الله من الفقر، فأخذت النقود وطفت طواف الوداع، وذهبت ولم يعلم أحد، وأنا الآن بخير وغنى، وأريد أن أتصرف، ولا أدري ماذا أفعل، أرشدوني أرشدكم الله (¬1)؟ ج: إن كان يعرف أهلها أرسلها إليهم واستباحهم واستحلهم، وإن كنت أيها السائل لا تعرف أهلها، فإن عليك أن تتصدق بها على الفقراء والمساكين بالنية عن صاحبها، والله يغفر لنا ولك، مع التوبة والإنابة إلى الله سبحانه، وعدم العود إلى مثل ذلك، كان الواجب عليك أن تعرفها ذاك الوقت، تنادي عليها: من له النقود، من له النقود؟ ثم إذا لم تجد أحدًا سلمتها للمسؤولين بمكة عن اللقطات، أما الآن وقد طال الأمر فعليك أن تتصدّق بها عن صاحبها مع التوبة والاستغفار، وصاحبها ينتفع بها وله أجر ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (13).

عليها، ولا شك أن هذا هو الطريق الآن إلى براءة ذمتك.

بيان كيفية تعريف اللقطة

216 - بيان كيفية تعريف اللقطة س: الأخ/ ع. ح. من السودان، يقول: شخص مغترب عن بلده وجد مالاً في طريق شبه خال، أي صحراء، وأخذه وهو لا يحب الحرام، ولكنه في نفس الوقت محتاج، هل هذا المال حلال أم حرام؟ وماذا عليه أن يفعل تجاهه (¬1)؟ ج: عليه أن يعرفه سنة كاملة إذا كان له قيمة، يعرفه سنة كاملة في مجامع الناس، عند أبواب الجوامع، وقت صلاة الجمع، في الأسواق التي فيها جمع الناس: من له اللقطة؟ يسميها، إن كانت مالاً، ذهبًا أو فضة، يقول: الذهب والفضة، الحلية، وإن كانت بشتًا غاليًا أو شبه ذلك يبين، حتى إذا جاء من يعرف صفاتها سلمها له، لكن لا يبين الصفات، يقول: من له السلعة الفلانية؟ من له الحاجة الفلانية؟ ويحفظ صفاتها الخفية، يحفظها ويكتبها، فإذا جاء من يعرفها سلمها له، فإن تمت السنة ولم يأت أحد فهي له، سبيلها سبيل ماله، ومتى عرفت بعد ذلك سلمها لصاحبها ولو بعد سنوات، لكن بعد السنة تكون ملكًا له، يتصرف فيها ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (169).

كسائر ماله، وإن شق عليه حفظها باعها وحفظ ثمنها، إذا كان حفظها يشق عليه باعها في سوق من يزيد، وحفظ ثمنها حتى تعرف، فإذا عرفت سلم له الثمن، يعني الحراج.

بيان ما يلزم من وجد لقطة ثم تصرف فيها

217 - بيان ما يلزم من وجد لقطة ثم تصرف فيها س: يقول السائل: وجدت خمسمائة ريال في إحدى الطرقات، فلم أعرفها، بل أكلتها في نفس اليوم الذي وجدتها فيه بحجة أنني أردها إلى صاحبها في حالة معرفتي له، والآن لم أجد صاحبها، فكيف التصرف، جزاكم الله خيرًا (¬1)؟ ج: الواجب تعريفها، فإذا كنت عرفتها سنة كاملة، في كل شهر مرتين أو ثلاثًا: من له الدراهم؟ من له الدراهم التي ضاعت منذ كذا وكذا؟ في حالة كذا، في حي كذا؟ تعرفها في مجامع الناس، حول أبواب الجوامع، في الأسواق التي فيها الاجتماع، إذا مضى سنة على تعريفك لها فهي حلال لك، ومتى جاء صاحبها وعرفها بالصفات الخاصة تعطيه إياها، تكون عندك كأنها وديعة، فإذا جاء أعطيته إياها، أما إن كنت لم تعرفها بل أكلتها وسكت، فإن الواجب عليك أن تتصدق بها في وجوه البر، ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (83).

بالنية عن صاحبها، لأنك لم تأت بأسباب حلها، وهو التعريف، وأنت لم تعرفها، فعليك أن تتصدق بها عن صاحبها، وهو يصله ثوابها بإذن الله عز وجل.

بيان ما تتبعه همة أوساط الناس من اللقطة

218 - بيان ما تتبعه همة أوساط الناس من اللقطة س: يقول السائل: وجدت مبلغًا وقدره خمسمائة ريال، وأنا عابر سبيل في صحراء البادية، وذلك قبل عشرة أيام من تاريخ رسالتي هذه، والمبلغ لا يزال في حوزتي، فأرجو منكم إفادتي ماذا أفعل به، هل يجوز لي أن أنتفع به، أو أتصدق به في سبيل الخير، أرجو الإفادة، جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2)؟ ج: إذا وجد الإنسان لقطة مائة، أو أكثر أو أقل من ذلك، مما تتبعه همة أوساط الناس، مما له شأن، فإنه يعرف سنة كاملة، يقول واجده: من له الدراهم؟ من له المتاع الفلاني؟ في مجامع الناس، عند أبواب الجوامع، وفي الأسواق ينادي عليها: من له هذه اللقطة؟ ولا يبين صفاتها، لكن يشير إليها، يقول: الدراهم، يقول: البشت، يقول: الإناء، وما أشبه ذلك، لا يبين صفاته الخاصة، فإذا جاء من يعرف ذلك دفعه ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (44). (¬2) السؤال من الشريط رقم (44). ') ">

إليه، وإذا لم يأت أحد حتى مضت السنة فإنه يكون ملكًا له، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وهي أن تعرف اللقطة سنة كاملة، فإن جاء ربها وعرفها، وإلا فهي لواجدها، كسائر ماله، وهذا الرجل الذي وجدها في الصحراء وهو السائل، يعرفها فيما حول الصحراء، إذا كان حول الصحراء مدينة أو قرية، أو مجتمع من البادية، يعرفه عندهم، يقول من له الدراهم الضائعة، كل شهر مرة، مرتين، أربعًا، في محلات الاجتماع لعل صاحبها يعرف، فإن لم يوجد ومرت السنة فإنه يستمتع بهذا المال، ويكون كسائر ماله حتى يأتيه من يعرفه بعد ذلك فإن جاءه من يعرفه ولو بعد سنوات دفعه إليه، وما جرت العادة عند الناس أنه حقير لا يحتاج إلى تعريف، والأوقات تختلف، وقت يكون الناس في سعة وفي غنى، ويكون عندهم أموال، فيكون الحقير عندهم له شأن عند غيرهم، وتارة يكون الناس في حالة فقر وحاجة وجوع، فيكون الحقير عندهم له قيمة، فالحاصل أن هذا يختلف بحسب أحوال الجهات التي وجد فيها اللقطة، فإذا كانت في مثل هذا البلد بلد السعودية، فإن الخمسين ريالاً والمائة ريال تعتبر حقيرة لا يتبعها أوساط الناس، والقدر والعباءة التي لا تساوي مائة ريال تعتبر حقيرة، يعني لا يلزم تعريفها سنة؛ لأنها لا تساوي تعبها، بخلاف من كان بحال في بلاد فقيرة، الريال

عندها شاق ومتعب الحصول عليه، فإن العشرة والعشرين تحتاج إلى تعريف، بسبب حاجتها وقلة نقودها، ونحو ذلك فالحاصل أن هذا يختلف بحسب البلدان، وبحسب أحوال الناس، فقرهم وغناهم، فإذا كان برأي من وجد اللقطة أن هذا الشيء حقير ما يحتاج إلى تعريف، وإذا كان يرى أنه ليس بحقير عرفه سنة. س: يقول السائل: وجد أحد أصدقائي منذ عام تقريبًا مبلغ خمسمائة ريال سعودي دون أن يعلم حكم اللقطة، ولما عرف أنه كان لا بد أن يعلن عنها، وهو الآن يريد أن يتوب، ماذا يفعل ليكفر عن ذنبه، وهل يعذر بجهله ويستغفر؟ أم ماذا عليه؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: المشروع له أن يعرفها سنة كاملة، ولو طالت المدة: من له الدراهم التي ضاعت منه، في سنة كذا، في بلد كذا؟ لعل صاحبها يذكرها في مجامع الناس، في محلات اجتماع الناس، عند أبواب الجوامع، أو في الأسواق التي فيها تجمع الناس: من له الدراهم التي ضاعت منه في محل كذا، في سنة كذا؟ إذا مضى سنة ولم تعرف فإنه يتصدق بها في وجوه البر، أو يعطيها بعض الفقراء، لأنه مفرط ما ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (334). ') ">

يملكها، لأنه أخر التعريف، أما إذا عرفها في سنتها ولم تعرف فهي له، ملك له، أما الذي فرط وأضاع وتساهل فإنه بعدما ندم يعرفها سنة، وإن لم تعرف يتصرف فيها في وجوه البر وأعمال الخير، صدقة لصاحبها. س: يقول السائل: وجدت في الطريق مبلغًا من المال، ولا أعلم كيف أصنع به، وجهوني كيف أتصرف، هل يبقى معي، أو أتصدق به؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: عليك أن تعرفه في مجامع الناس، تقول: وجدت مالاً في الطريق الفلاني، أو المحل الفلاني، نقودًا، دولارات، دينارات، ريالات سعودية، إلى غير ذلك، توضح، فإذا جاءك من يعرفها، وأن عددها كذا، وقيمتها كذا، تعطيها إياه، وإن مضى سنة ما جاء أحد فهي لك، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم، تبقى سنة كاملة تعرف في مجامع الناس، عند أبواب الجوامع في الأسواق، من له كذا، من له كذا، في السنة مرتين، ثلاثًا، أكثر، حتى تكمل السنة، فإن تمت السنة ولم يأت أحد فهو لك، إلا أن يكون المال زهيدًا لا قيمة له، فهذا لك، لا يحتاج تعريفًا، عشرين ريالاً، عشرة ريالات، ثلاثين ريالاً، هذه أمرها خفيف لا تحتاج ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (309). ') ">

إلى تعريف، أمرها سهل، لك أن تأخذها، ولك أن تدعها. س: يقول السائل: كثيرًا ما يجد الإنسان في طريقه بعضًا من المال القليل، فيأخذه، لأنه يقول: وجدته في شوارع المدينة، فكيف أجد صاحب المال، هل عليه إثم في ذلك؟ ج: إذا كان شيئًا يسيرًا، لا تتبعه همة أوساط الناس، ولا يلتفتون إليه فلا بأس، مثل عصا لا قيمة لها، حبل لا قيمة له، درهم، درهمين، ثلاثة دراهم، أو أشباه ذلك، هذه أمرها سهل، ولا حرج في أخذها، أما الشيء الذي له أهمية وله قيمة، فهذا عليه أن يعرفه في معارفه، في مجامع الناس: مَن له اللقطة الفلانية؟ مَن له الدراهم؟ مَن له البشت؟ مَن له الإناء المعروف بكذا؟ ويبين، حتى إذا جاء من يعرف هذه اللقطة سلمها له، إذا عرف صفاتها الخاصة الدقيقة، أعطاه إياها، أو أقام الدليل عليها، وإلا فليدعها يأخذها غيره، أما أن يأخذ ولا يعرف فلا، لا بد أن يعرف اللقطة إذا كانت ثمينة لها أهمية، في مجامع الناس، كل شهر مرتين أو ثلاثا، حتى يكمل السنة، فإذا تمت السنة، فهي له من سائر ماله، ومتى جاء صاحبها بعد ذلك أعطاه إياها، ولو بعد مدة طويلة، أو يوكل من

يعرفها، إنسان يعرف، ينادي عليها كل شهر مرتين، ثلاثًا، في مجامع الناس، لعلها تعرف حتى يكمل السنة.

بيان حكم ما يلتقطه المرء في القمامة

219 - بيان حكم ما يلتقطه المرء في القمامة س: أفيدكم بأنني أشتغل في بقالة في المدينة المنورة، وعند البقالة قمامة، وفي ذات ليلة، وفي شهر رمضان بعد التراويح وقفت سيارتي عند القمامة، وبعدما نزلت من السيارة وجدت في القمامة مسجلاً وراديو ناشيونال، والبقالة ليس عندها مواقف، والمسجل جديد، وعليه اسم راعيه، وأنا نفسي طيبة منه لا أريده أبدًا، أفيدوني عن هذا، وما أصنع به (¬1) (¬2)؟ ج: الذي نرى أن صاحبه يلتمس ويعطى هذا الراديو، لأن هذا في الغالب ما يطرح في القمامة، لعله طرحه صبي صغير، أو غير عاقل، مثل هذا يلتمس، ما دام اسمه عليه، ويعطى صاحبه، فإن لم يعرف يعتبر من اللقطات، لقطة ينادى عليه، إذا كان له قيمة، يساوي قيمة مائتين، أو ثلاثمائة، أو أربعمائة، هذا من اللقطات، والمسجل كذلك، إذا كان له قيمة وسليم ينادى عليه، وإن كان عليه اسم صاحبه يعطى صاحبه، ولا ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (29). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (29). ') ">

يعتبر هذا من القمامة يأخذها من شاء، لأن الظاهر أن هذا لا يلقى في القمامة، إما صبي صغير ألقاه، وإما من خادم لا يعقل، لأن هذا ما يلقيه عاقل في القمامة، لا مسجل ولا راديو، فإذا كان اسم صاحبه عليه يلتمس ويعطى إياه، وإن لم يجده فباعه وتصدق به فحسن. س: يقول السائل: هل يجوز أخذ شيء دون علم صاحبه، علمًا أن صاحب الشيء رامٍ به في سلة المهملات، بمعنى أنه لا يحتاج إليه (¬1)؟ ج: إن كان أراد به الحفظ في محل يحفظ فيه، فلا يجوز أخذه إلا بإذنه، أما إذا كان في محل مثل القمامة، قد انتهى منه، ولا يأخذه، ولا يرغب فيه، فلمن أراد أخذه أخذه، أما إذا كان المحل تحفظ فيه الحاجات، ولو كان فيه تساهل، لكنه ليس تاركًا له، وطابت نفسه به، بل إنما يجعله فيه لوقت ما، فلا بد من استئذانه وموافقته. س: يقول السائل: إنني في سنة 1974 م قمت بحج بيت الله الحرام، وعندما انتهت فترة الحج سافرنا إلى أهلنا وعندما خرجنا من الكويت إلى العراق تبرعنا نحن الحجاج لسائق السيارة التي ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (335). ') ">

جئنا فيها إلى بيت الله الحرام بمبلغ كل حاج ديناران، وجمعتها أنا، وبقيت الفلوس لبعض الحجاج عندي، لكل واحد، ريال أو ريالان، ونحن كثير، حوالي أربعين حاجًّا، والذين بقيت لهم فلوس عندي، حوالي عشرة حجاج، وعدما وصلنا إلى العراق تفرقوا، ولم أعرف بيوتهم، أفيدونا جزاكم الله خيرًا، ما الذي أصنعه بهذه الفلوس؟ ج: هذه الفلوس قليلة سهلة، بحكم المعفو عنه، إن أخذتها فلا بأس، وإن تصدقت بها فلا بأس، الريال أو الريالين أمرها خفيف، والقاعدة أن الشيء القليل من اللقطات يسمح بأخذه، ولا حرج عليك في ذلك، وإن تصدقت بها عنهم على الفقراء فحسن، ولا حرج عليك في أكلها أو الصدقة بها.

حكم التقاط ما يرميه المرء رغبة عنه

220 - حكم التقاط ما يرميه المرء رغبة عنه س: يقول السائل: إنني كنت أشتغل في شركة أجنبية ليست عراقية، بتاريخ سنة 72 م، يعني 92 هـ، وبعد انتهاء الشركة من عملها أخذوا بعض الأغراض الزائدة بإلقائها في منطقة تحت أشعة

الشمس ومطر الشتاء، وإنني أخذت من تلك الأغراض، وبعد أربع سنوات تقريبًا جاءت شركة واشتغلت فيها، وذكرت تلك الأغراض، وطلبوا مني شراءها لحاجتهم بها، وبعتها بمبلغ مائة وخمسين دينارًا عراقيًّا، وهل تعتبر حرامًا، وكيف أتخلص منها، لأنني تبت إلى الله توبة نصوحًا إن شاء الله تعالى (¬1)؟ ج: إذا كان ألقوها راغبين عنها ما لهم فيها حاجة، يريدون أن يأخذها من شاء فلا بأس، يريدون الناس أن يأخذوها فلا بأس من أخذ شيء من ذلك، ولا حرج عليه، أما إن كان وضعوها ليرجعوا إليها، أو يوكلوا عليها من يبيعها، أو ما أشبه ذلك، يعني ما تركوها رغبة عنها، ولكن تركوها في المكان هذا، ليتصرفوا فيها بأنفسهم أو بوكلائهم، فالذي أخذه منها يعيده إلى وكلائهم، فإن كان ما وجد لهم وكلاء، ولا حصل من يقوم مقامهم يتصدق بها على بعض الفقراء ويكفي. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (32).

حكم اللقيط

221 - حكم اللقيط س: إذا وجد إنسان طفلاً لقيطًا مرميًّا عند أحد أبواب المساجد، وأراد أن يأخذه ويربيه، فماذا يسميه؟ ولمن ينسبه؟ حيث إنه في

يومٍ من الأيام سوف يدخل المدرسة ويحمل حفيظة نفوس (¬1). ج: يكون قد أحسن في هذا إذا رباه وأحسن إليه، يكون قد أحسن، ويسميه بالأسماء الشرعية، مثل عبد الله بن عبد الله، أو عبد الله بن عبد اللطيف، أو عبد الله بن عبد الكريم، كل الناس عباد الله، حتى لا يحصل عليه مضرة في المدارس، وحتى لا يصيبه نقص وانكماش وضرر، المقصود أن يسميه بأسماء معبدة، عبد الله بن عبد الكريم، عبد الله بن عبد اللطيف، عبد الله بن عبد الملك، وما أشبه ذلك، هذا هو أقرب إن شاء الله، أو يسميه باسم يصلح للنساء والرجال، وليكون هذا أسلم أيضًا، لأنه ينسب إلى أمه، فإذا سماه باسم يصلح بين الرجال والنساء، كأن يقول: عبد الله بن عطية الله، عبد الله بن هبة الله، لأن عطية الله وهبة الله تصلح للنساء والرجال، والمعنى ابن أمه، عطية الله هي أمه، عبد الله بن عطية الله، عبد الله بن هبة الله، عبد الله ابن كذا، بأسماء تصلح للنساء والرجال، هذا يكون أسلم، أو مثلاً عبد الله بن هبة الله بن عطية الله، أو عبد الله بن عطية الله بن هبة الله، ويكون مراده أمه وجدته، هكذا، ليس فيه بأس، كل واحد يقال له: هبة الله، يقال له: عطية الله، يأتي باسم يصلح ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (20).

غير هذه الأسماء، يصلح للنساء والرجال لا بأس.

حكم إلحاق النسب بأقوال الأطباء

222 - حكم إلحاق النسب بأقوال الأطباء س: يقول السائل: إذا كشف طبيب على طفل مجهول النسب، وقرر أنه ابن فلان، فهل يقبل كلامه، وينسب ذلك الطفل لمن نسبه إليه أم لا (¬1)؟ ج: قول الطبيب، إن الطفل المجهول النسب ابن فلان لا يكون معتبرًا على إطلاقه، بل لا بد من النظر في حال الطفل، فإذا كان معروفا أنه ولد على فراش فلان من زوجته، أو من سريته، فإنه محكوم له بذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الولد للفراش، وللعاهر الحجر» (¬2) أو كان معروفًا أنه كان ابن فلان بالبينة، بشاهدي عدل يشهدان أن هذا هو ابن فلان، فإنه يحكم به بالبينة الشرعية، فإن كان الحال ليس في ذلك فراش، ولا شهادة عدلين، فإنه يعرض على القافة بحضرة من يدعيه بوجه شرعي، وإذا كان له منازع كذلك يحضر عند القافة والعارفين ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (56). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب تفسير المشبهات، برقم (2053)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب الوالد للفراش وتوقي الشبهات، برقم (1457).

بالشبه، فتلقيه القافة بمن هو أقرب به شبهًا عند فقد الفراش، وعند فقد البينة العادلة، وأما الطبيب فلا يكفي، القافة العارفون بأشباه الناس هم الذين اعتبرهم الشارع، وقد سر النبي صلى الله عليه وسلم لما قال القائف في أسامة بن زيد مع أبيه وهما تحت قطيفة، لم يبد منهما إلا أرجلهما، قال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض، فسُرَّ النبي بذلك عليه الصلاة والسلام، وقد تقيد المسلمون بهذا، فالحاصل أن القافة مقدمة على الطبيب الذي يعتبر الدم أو نحوه، القافة العارفون بالأشباه هم المقدمون في هذه المسألة عند فقد البينة التي أقوى منهم، وهي الفراش وشهادة عدلين يشهدان بنسبه أنه ابن فلان، فإذا كان مجهولاً، ولا بينة، ولا فراش، فإن القافة هي المعتبرة.

كتاب الوقف

كتاب الوقف

كتاب الوقف 223 - بيان التفصيل في فضل الصدقة والوقف س: السائل أبو أحمد يقول: إنني أسأل عن الوقف، وما هو الأفضل، الصدقة أم الوقف (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل، قد تكون الصدقة أفضل في حياة الإنسان، يقدم الخير لنفسه قبل وفاته، وقد يكون الوقف أفضل، إذا كان خلفه من يحسن القيام على الوقف ويحسن التصرف حتى تكون صدقة جارية تنفعه، والأحسن أن يجمع بين الأمرين، يتصدق من حاجاته وينفق، ويوقف ما ينفعه بعد وفاته، ويجعلها على يد الثقة الذي يظن فيه الخير، وأنه ينفذ ما يقول له، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر عمر أن يوقف، قال: «تصدق بأصلها – هي أرض له في خيبر – لا يباع ولا يوهب، ولكن ينفق ثمره» (¬2) وقال: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» (¬3) ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (394). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب: وما للوصي أن يعمل في مال اليتيم وما يأكل منه بقدر عمالته، برقم (2764). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631).

فالوقف في وجوه البر وأعمال الخير مطلوب وجيد ونافع، والصدقة به في الحياة ينجزها نافع أيضًا، فالمسلم يجمع بين هذا وهذا، يتصدق ويحسن في حياته، ويبادر بالخير، وإذا أوقف وقفًا بعد وفاته يجمع بين الحسنيين، ويكون الوقف في وجوه الخير، وأعمال البر، كعمارة المساجد، والصدقة على الفقراء من أقاربه وغيرهم، والمحتاجين من أقاربه وغيرهم، والإنفاق في سبيل الله، وفي تعليم العلم، وفي توزيع الكتب، وشراء المصاحف وتوزيعها، إلى غير هذا من وجوه البر، ويكون على يد الثقة من أقاربه أو غيرهم.

توجيه من يريد الوقف في وجوه الخير

224 - توجيه من يريد الوقف في وجوه الخير س: سائلة تقول: عندي مبلغ من المال، وأريد أن أجعله وقفًا في سبيل الله عز وجل، والسؤال: أي الأعمال أفضل في هذا الوقف؟ هل هو بناء مسجد، أو غيره، دلوني يا سماحة الشيخ مأجورين (¬1). ج: إذا كان المال كثيرًا اجعليه في عقار يعمل في وجوه الخير، في بناء المساجد، والصدقة على الفقراء والمساكين، ومساعدة طلبة العلم في طلب العلم، مساعدة من يقوم بعمل شرعي يعجز عنه، المقصود أن المال يعمل إذا كان مالاً كثيرًا، يشتري به عقارًا كبيرًا، أو عقارات توقف في وجوه الخير من مساعدة الفقراء والمساكين، ومن مساعدة المجاهدين في سبيل الله ومن بناء المساجد، إلى غير هذا من وجوه الخير، الصدقة ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (371).

على الأقارب والمحاويج، إلى غير ذلك، أما إذا كان قليلاً فاصرفيه في الصدقة على الأقارب إذا كان في الأقارب فقراء، وأعطيهم إياه، فإن كان ما هناك أحد فاصرفيه في تعمير المساجد، أو في الفقراء في غير البلد، المقصود أنه يكون في وجوه البر، لكن إذا كان قليلاً تجعلينه في الفقراء، أو تجعلينه في تعمير المساجد مساهمة، كله طيب.

يبان ما يلزم من وصى ولده ببناء مسجد

225 - يبان ما يلزم من وصى ولده ببناء مسجد س: يقول السائل: والدي قال لي ولإخوتي أثناء جلوسه معنا: لنا قطعة أرض بجوار المنزل، هذه القطعة إن شاء الله نبني عليها مسجدًا، ومر مدة على هذا الكلام، حتى يسر الله علي بالمال، وأثناء تنفيذي لوصية والدي ببناء المسجد حدثني البعض أن المساجد في البلد كثيرة، ويمكن أن نتبرع بالمبلغ للمعهد الديني، الذي سيقام في البلد، فهل المسجد أولى أم المعهد أولى؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: ينظر في الأمر، إن كان الحاجة تدعو للمسجد فيتشاور مع أهل المحل، السكان، وتنظرون في حاجة المنطقة إلى المسجد، أو تستعينون بالمحكمة حتى ينظر في الأمر، فإذا كانت المنطقة تحتاج إلى المسجد فاعمروا المسجد في الأرض التي سماها والدكم، أما إن كانت المنطقة في غير حاجة، فإنكم تبيعون الأرض هذه، وتبنون مسجدا في محل آخر، لأن مقصد الوالد هو بناء المسجد، فإذا كانت المنطقة بغنى عن ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (303).

هذا المسجد، فإن الأرض تباع، ويوضع ثمنها في أرض أخرى، في محل يحتاج لمسجد، وتعمرونها هنا، وتوفون بوصية والدكم.

بيان فضل تسبيل الماء

226 - بيان فضل تسبيل الماء س: يقول السائل: إنني أريد أن أركب برادة أو ثلاجة في الشارع في وقت الصيف، لأن لي مسكنًا يقع على شارع عام، وأرغب في الأجر من الله عز وجل لي ولوالدي، وأنا مستعد لشراء الثلاجة، وتركيبها وتركيب مصارفها، إلا أن الماء الذي يأتي إليها يأتي من مصلحة المياه، فهل في ذلك شيء؟ أم أنه يجب علَيّ أن أوفر الماء من غير هذه المصلحة، علمًا بأنني إذا جاء تسديد الفواتير فسوف أسددها من مالي الخاص، هل لي أجر في ذلك أم لا (¬1)؟ ج: لا نعلم في هذا بأسًا، بل أنت مأجور ومشكور إن شاء الله، وهذا عمل صالح طيب لك أجر، ولوالديك أجر، المقصود أن هذا عمل صالح لا نعلم فيه شيئًا ما دام أنه يأخذه بطريقة شرعية من الماء المعروف الذي يسرته الحكومة، لا حرج فيه. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (24).

حكم غرس الشجر النافع وقفا في وجوه الخير

227 - حكم غرس الشجر النافع وقفًا في وجوه الخير س: يقول السائل: هل غرس أشجار الفواكه من الصدقة الجارية، وهل

تنتهي هذه الصدقة بعد موت هذه الأشجار؟ كما أرجو من سماحة الشيخ أن يدلنا على أمثلة الصدقات الجارية، جزاه الله خيرًا (¬1). ج: الشجر النافع إذا غرسه وقفًا لوجوه الخير، غرس رمانًا، غرس عنبًا، ليتصدق بذلك، يكون تبع الوقف والأوقاف، غرس نخلاً يريده وقفا لوجوه الخير، وأعمال الخير، لا بأس بذلك، يكون صدقة يتصدق بثمرته لوجوه الخير إذا أراد به الخير وأعمال الخير وقفًا لله عز وجل، أو بنى بيتًا، أو شرى بيتًا لإسباله، جعله وقفًا لله، أو مزرعة أرض تزرع ويتصدق بغلتها لوجوه البر وأعمال الخير، كل هذا من باب الوقف الشرعي، من باب الصدقة. ¬

(¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (.359).

حكم وقف الشخص ماله بغير إذن ورثته

228 - حكم وقف الشخص ماله بغير إذن ورثته س: الأخ/ ف. ن. من الرياض، يقول: عندي منزل صغير بمدينة الرياض، وحيث إنني وحيد وليس لي زوجة ولا أولاد، وأريد أن أسبل بيتي إلى والدتي على يد ابن أخ لي صغير السن في العاشرة من عمره، ثم إلى أخته من بعده، مع العلم أن عندي خمسة إخوان من الأب، وهم ولدان وثلاث بنات، وأربعة إخوة من الأم، وهم ثلاثة أولاد وبنت واحدة، وأريد أن تفيدوني يا

سماحة الشيخ، هل يجوز لي ذلك دون أن أسأل إخوتي، أم لا بد من سؤالهم حتى يتنازلوا حفظكم الله ورعاكم (¬1)؟ ج: قد أوضح الله جل وعلا في كتابه الكريم، وفي سنة نبيه عليه الصلاة والسلام أن المكلف يتصرف في ملكه كيف يشاء، على الوجه الذي شرعه الله لعباده، ولا حرج عليه في الصدقة أو الوقف، أو الوصية إذا كان مكلفًا ليس بسفيه، وأنت بحمد الله إذا كنت بهذه الصفة رشيدًا لك أن توقف بيتك على من تشاء من أولاد أخيك، ومن غيرهم إذا كنت صحيح الجسم لست بمريض، فلك أن توقفه، ولك أن تهبه لمن ترى، ولا حرج عليك في ذلك فالمؤمن حر في أملاكه يتصرف في ذلك على الطريقة التي يقرها الإسلام، ولا يمنعها الإسلام، والوقف كما شرعه الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» (¬2) وقد استأذن عمر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم في إيقاف سهم له في خيبر، فأوقفه في الفقراء، وفي سبيل الله، وفي ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (169). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631).

القرابات بإذن النبي عليه الصلاة والسلام، فلا بأس أن توقف هذا البيت صغيرًا أو كبيرًا، على ابن أخيك أو بنت أخيك، أو على أحد إخوانك أو على غيرهم، ما دمت صحيحًا لست بمريض، وما دمت رشيدًا لست بسفيه، أما المريض فليس له إلا التصرف في الثلث، وهكذا الوصية، ليس له أن يوصي إلا بالثلث فأقل، أما إذا كنت صحيحًا سليمًا لا حرج بك، فلك أن تتصرف في مالك في الثلث، وما هو أكثر، وما هو أقل، بالهبة لمن ترى، بالصدقة بالوقف بالوصية، أما الوصية فلا بد من الثلث، ولا يلزمك مشاورات إخوانك ولا أخواتك، يعني لا يلزمك مشاورات الورثة، فلك أن تتصرف من دون حاجه إلى مشاورتهم، ما دمت صحيح الجسم لست بمريض، وما دامت العطية منجزة ليست وصية.

حكم الوقف على أولاد الذكور دون الإناث

229 - حكم الوقف على أولاد الذكور دون الإناث س: يقول السائل: ما هو رأي سماحة الشيخ فيمن قال: إني قد وقفت جميع ما أملك من دار وعقار ومال على الداخل من نسلي دون الخارج، بحجة أن الداخل في عرف البلد هو الولد، وأن المرأة قليل ما تعود إلى الدار، نظرًا لأنها تبقى مع زوجها وأولادها، هل هذا يدخل في وقف الجنف والحرمان الذي لا يقره الشرع؟ وما رأيكم فيمن أوقف ماله من دار وعقار على

أولاد الظهور وهم الذكور، دون أولاد البطون وهم الإناث (¬1)؟ ج: هذه المسألة فيها خلاف عند جمع من أهل العلم، منهم من يرى جواز هذا الوقف على أولاد الذكور دون أولاد الإناث إذا أوقف على البنين والبنات، ثم على أولاد الذكور دون أولاد البنات، هذا فيه خلاف بين أهل العلم، منهم من يرى صحته، ومنهم من لم ير صحته، وأنه وقف جنف، والحكم في هذا يرجع إلى المحاكم الشرعية، في بلد الوقف، تنظر ما ترى في هذا، وتحكم بما تراه موافقًا للشرع المطهر، أما إذا وقف على الذكور دون الإناث، قال: هذا على بنيّ دون بناتي، فهذا لا يجوز، هذا وقف محرم بلا شك، لأنه ظلم وليس بعدل، والنبي عليه السلام قال: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬2) والذي يوقف ملكه أو بعض ملكه على أولاده الذكور دون بناته هذا وقف لا يصح على الصحيح من أقوال أهل العلم، بل يجب نقضه، وأما إذا قال: على أولادي ذكورهم وإناثهم، ثم على أولاد البنين دون البنات، هذا محل خلاف بين أهل العلم، منهم من يجيزه، ومنهم من لا يجيزه، والمرجع في هذا إلى المحاكم الشرعية في بلد كل وقف، ونسأل الله للجميع التوفيق. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (39). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587)، ومسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623)، بلفظ: في أولادكم.

بيان شرط الوقف

230 - بيان شرط الوقف س: السائل/ أ. م. من اليمن، يقول: هل صحيح أن أموال الوقف إذا كانت من الوالد لا تكون إلا للرجال دون النساء؟ وهل هناك شروط للوقف (¬1)؟ ج: هذا ليس بصحيح، الوقف وغيره لا يجوز الجور فيه، إذا وَقف يكون على الذكور والإناث، ما يجوز أن يخص الذكور ولا الإناث، يقول: هذا الوقف على المحتاج من أولادي ذكورهم وإناثهم، ما تناسلوا، الأقرب فالأقرب، ولا ينبغي أن يوقف عليهم بأعيانهم، لا، بل المحتاج، والفقراء منهم، كما فعل الزبير بن العوام رضي الله عنه الصحابي الجليل، وابن عمر رضي الله عنهما: يوقف على المحتاج من ذريتي ما تناسلوا، فإن أغناهم الله تصرف للأوقاف في وجوه البر وأعمال الخير، في الفقراء في تعمير المساجد، في الجهاد في سبيل الله، أما أن يقول: هذا المال وقف الولد فقط، لا ينبغي هذا، لأن الله أعطاهم إياه، وألا يحرمهم إياه بالوقفية، أعطاهم الله إرثًا، وإذا مات ورثوه وانتفعوا به، لكن إذا أراد البر والخير يقول: الوقف على المحتاج ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (398).

خاصة، الفقير منهم، ومن أغناه الله ليس له شيء، وإذا أغناهم الله تصرف في تعمير المساجد، في الفقراء والمساكين، في تعليم وتحفيظ القرآن، في طلبة العلم الفقراء، في الجهاد في سبيل الله، وهكذا، لا يوقف على الورثة، سواء كانوا أغنياء أو فقراء، معنى هذا حرمانهم مما أعطاهم الله من الإرث، ولكن يقول: وقف على المحتاج من ذريتي، المحتاج من أقاربي صلة الرحم للأقارب الذين ليسوا بورثة. أما شرط الوقف فأن يكون على بر، ليس على معصية ولا شر، على أقاربه، على المحتاج من ذريته، على الفقراء والمساكين، في تعمير المساجد، في الجهاد في سبيل الله، في شراء الكتب النافعة لتوزع على الفقراء، وأشباه ذلك.

حكم وقف المواشي

231 - حكم وقف المواشي س: يقول السائل: يوجد لدي أغنام، والدي سبيلاً عن أمه، وقد توفي، والآن أنا في مقامه، فهل يحل لنا أن نأكل منها وأن نشرب من ألبانها، ونتصرف بها مثلما نتصرف بأملاكنا أم لا (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (42).

ج: الأوقاف قربة إلى الله، صدقة جارية كما في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» (¬1) أخرجه مسلم في الصحيح، فالصدقات الجارية مثل الأوقاف، مثل أن يوقف غنمًا، أو إبلاً، أو يوقف بيتًا، أو أرضًا تزرع حتى يتصدق بثمرة الأرض، أو بنسل الإبل والبقر والغنم، أو أجور البيوت، هذه صدقة جارية، فيها فضل وفيها أجر، والناظر عليها عليه أن يَتقي الله، وينفذ ما أوقفه الموقف على وجه الشرع إذا كان وقفًا شرعيًّا، ما فيه ما يخالف شرع الله، فإنه ينفذه الوكيل الناظر فيما قاله الموصي أو الواقف، وإذا كان الناظر ضعيفًا فقيرًا جاز له أن يأكل من ذلك، كما قال عمر رضي الله عنه في وقفه: لا جناح على من وليها أن يأكل بالمعروف، فإذا كان الولي، يعني الناظر فقيرًا جاز له الأكل بالمعروف، هو وأهل بيته من غير إسراف ولا تبذير، وإن اتصل بالقاضي قاضي البلد، واتفق معه على أجر معلوم كان هذا حسنًا حتى يحتاط لدينه، وحتى لا يتوسع في الأكل من الوقف إذا ضرب له القاضي شيئا معلوما، حد له حدًّا محدودًا عن تعبه فلا بأس، وإلا إذا أكله من دون مراجعة القاضي بالمعروف من غير إسراف ولا تبذير من ثمرة الوقف في مقابل تعبه، ولكونه من أولى ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الوصية، باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته، برقم (1631).

الناس بهذا الوقف، لكونه وقف أبيه أو جده أو نحو ذلك، هذا كله لا بأس به إن شاء الله، ولا حرج. وبالنسبة لهذه الحيوانات الموقوفة هي بنفسها لا يأكل منها شيئًا، هي بنفسها تبقى وقفًا، لكن نسلها، أولادها، وصوفها وبرها، وما يكون من دهن منها، كل هذا من ريعها وغلتها، يأكل منها ويتصدق.

بيان كيفية التصرف من قيمة الوقف إذا تعطل

232 - بيان كيفية التصرف من قيمة الوقف إذا تعطل س: الأخ/ ع. ح. إ. من سوريا، يسأل ويقول: توفي ابن خالتي، وقامت أمه بالتصدق لولدها، حيث أعطتني بقرة بصفة وقف لابنها، أستفيد من لبنها على أن أطعم تلك البقرة وأعتني بها، وشاء الله أن البقرة ماتت، حيث نطحت فذبحتها، وبعت لحمها بمبلغ سبعة آلاف ليرة سوري، وصرفت تلك الفلوس، حيث إني محتاج لها، سؤالى: هل أشتري بقرة بدلاً منها وأعطيها للمتوفى صدقة، أو أترك بقرتي بدلها من حيث لدي الآن بقرة أخرى؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (252). (¬2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (252). ') ">

ج: الواجب عليك أن تشتري بقرة مثلها حسب الطاقة بالفلوس التي حصلت لك حين بعت البقرة بعد الذبح، تصرفها في بقرة أخرى، تكون صدقة بدل التي ذبحت، وإذا كان عندك بقرة تناسب، وعرضتها على اثنين من أهل المعرفة والخير، ورأيا أنها مناسبة فلا بأس، والقيمة التي عندك تكون وقفًا بدل البقرة التي ذبحت، وإذا اشتريت من غيرك بالسبعة آلاف التي عندك بقرة، أو زدت عليها من نفسك، هذا أحوط لك، وأبعد عن التهمة، فيكون حكم البقرة الجديدة كالبقرة القديمة. س: السائل / ن. إ. من حوطة بني تميم، يقول: حصل أن قمت ببيع بيت صغير مبني من الطين، وبعد البيع عثرت الوالدة على وثيقة لهذا البيت، ووجد فيها وقف في أضحية من ريعه دون علمي، ولم يدخل علي من هذا البيت شيء من إيجاره، والمبلغ المبيع به هذا البيت هو خمسة آلاف ريال منذ أكثر من عشر سنوات، فهل يسقط البيع شرعًا في هذه الحالة، أم يلزمني نقل الوقف، ويبقى في ذمتي سماحة الشيخ؟ ج: عليك مراجعة المحكمة في إبطال البيع، وبقاء الوقف على حاله، وعرض الوثيقة على القاضي والقاضي ينظر في الأمر، فإن لم يتيسر رد البيع، فالثمن يجعل في وقف آخر، الذي دخل عليك يكون في وقف آخر، يكون في نخلة تبقى وقفًا له، يكون في أوانٍ تكون وقفًا له،

تستعمل ينتفع بها، المقصود الثمن تجعله في شيء ينفع الميت، نخلة أو نخلتين ينتفع بثمرها، أو غير ذلك مما ينفع الميت، حسب التيسير.

بيان أحكام الوقف

233 - بيان أحكام الوقف س: يقول السائل: ما هي إيضاحات أحكام الوقف، هل يجوز بيعه إذا تعطلت منافعه، ونقله إلى مصالح أخرى؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: نعم، الوقف لا يباع ولا يوهب، ولا يورث، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: «تصدق بأصلها، لا يباع ينفق ثمره ولا يوهب، ولكن ينفق ثمره» (¬2) فالوقف لا يباع ولا يوهب ولا يورث، بل يبقى حبسًا تنفق غلته وثمرته في وجوه الخير التي عينها الواقف، وإذا تعطلت منافعه فإنه يباع ولا يترك، يباع ويجعل ثمنه فيما هو أصلح منه، لكن من طريق المحكمة، إذا كانت البلاد فيها محكمة، تراجع المحكمة حتى تضبط الأمور، أما إذا كانت البلاد ما فيها محكمة، فالولي يقوم بذلك، وكيل الوقف يبيعه ويشتري به ما هو أصلح، إن كان بيتًا اشترى بيتًا أصلح، ولو صغيرًا، أو دكانًا ولو صغيرًا، حسب التيسير، يجتهد في ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (217). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب: وما للوصي أن يعمل في مال اليتيم وما يأكل منه بقدر عمالته، برقم (2764).

تيسير ما هو أصلح، ولا يترك معطلاً، لأن هذا من إضاعة المال، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال (¬1)، فإذا تعطلت منافع الوقف فإنه يباع ويشترى به ما هو أصلح من بيت أو دكان، أو مزرعة أو نحو ذلك، تنفق ثمرته في الوقف الذي بيع حسب الوصية، وحسب وثيقة الوقف، أما إذا كان في بلد فيه محاكم شرعية، فإن الوكيل يراجع المحاكم، يرى ما توجهه إليه. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب قول الله تعالى: (لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا) وكم الغني، برقم (1477).

حكم بيع الوقف إذا تعطلت منافعه

234 - حكم بيع الوقف إذا تعطلت منافعه س: يقول السائل: إذا انقطعت منافع الوقف، فهل يباع، لينتفع بثمنه في جهة أخرى (¬1)؟ ج: نعم، إذا تعطلت منافع الوقف يباع ويشترى به ما هو أصلح منه، فإذا كان بيتًا تعطل، دكانًا تعطل، يباع ويشترى به بيت أصغر، أو دكان أصغر، ينتفع به، أو أرض تعطلت عن الزراعة، ما رغب فيها الناس، تباع حتى تتخذ مساكن، ويشترى ما هو أصلح منها، أو يعمرها صاحب الوقف بيوتًا للسكن، إذا كان يستطيع ذلك، فلا تعطل، ولا يترك الوقف ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (221).

عاطلاً، يعني هذا من باب إضاعة المال، لا يجوز بل يجب أن ينظر في أمره، إما بإصلاحه وتعميره، وإما ببيعه وشراء ما هو أصلح منه، ويكون ذلك بواسطة المحكمة، إذا كان في البلاد محكمة، وإلا يكن ذلك بواسطة أهل الخير، كالمركز الإسلامي، أو العالم الذي يوثق به في البلد، أو في الأقلية الإسلامية، حتى يتعاون مع ناظر الوقف في ذلك الأمر، المقصود، أن ناظر الوقف يتعاون مع أهل الخير في ذلك حتى يبرئ ذمته، وحتى يسلم هذا الوقف من التعطيل، أما إذا كانت البلد فيها محكمة، فإن الناظر يستشير المحكمة، ويسير على ضوء توجيهات المحكمة في البيع، وفي شراء البديل.

بيان من يتولى التصرف في أموال الوقف إذا تعطل

235 - بيان من يتولى التصرف في الوقف إذا تعطل س: يقول السائل: يوجد مسجد مجاور لبيتنا، ومضر علينا، وهو خرب من آثار السيول، ومهجور من الصلاة من مدة عام ونصف، ولم يصلَّ فيه، لأنه أنشئ مسجد جديد غيره جامع، وأردت أن أهدمه، ولكن عرض علي بعض الناس أنه لا يجوز هدم المسجد، أرجو من فضيلتكم إفادتي عن ذلك، لأنه مضر علينا موقعه (¬1). ج: إذا كان هذا المسجد قد استغني عنه بمسجد جديد، ولم تبق له ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (29).

حاجة، فإنه يباع ويستخدم في مسجد آخر، أو مساجد أخرى، لأنه وقف سبيل، لا يجوز التصرف فيه إلا على الوجه الشرعي، فيستفتون القاضي في البلد، وهو يوكل من يتولى بيعه، فإن كان ليس فيه قاضٍ فالأمير للبلد يوكل، يوكل أميرها من يبيع أهل الرغبة من الجيران، فيبيعه على أرفعهم سعرًا، إذا استقر السوم يبيعه عليه، ويصرف في مساجد أخرى، أو ترميم مساجد، أو تعمير مساجد، لمحلات محتاجة للمساجد، هذا الواجب، وإن كان هذا المسجد يحتاجه جيرانه، لأن المسجد الجديد بعيد عنهم، ويحتاجه جيرانه فإنه يعمر من المحسنين، ويصلي به المسلمون الذين حوله، فإن لم يتيسر من يعمره يرفع أمره إلى وزارة الأوقاف في البلد لعلها تقوم بتعميره، يزول هجره وينتفع به من حوله، هذا هو الجواب لهذه المسألة.

بيان مصرف ما فضل عن المسجد من أثاثه

236 - بيان مصرف ما فضل عن المسجد من أثاثه س: السائل خ. ص. من اليمن، حضرموت، يقول: سماحة الشيخ، ما حكم الشرع في نظركم في نقل فرش قديم تم الاستغناء عنه من مسجد إلى مدرسة، أو إلى مسجد آخر؟ علمًا بأن هذا المسجد أو هذه المدرسة محتاجة إلى فرش، حتى وإن كانت قديمة، وذلك لغرض فرشه للمصلين في المسجد، أو للطلبة في المدرسة، نرجو الإفادة بذلك (¬1). ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (414).

ج: إذا فضل عن المسجد شيء من أثاثه ينقل إلى مسجد آخر محتاج، فإذا ما وجد مساجد محتاجة يصرف للفقراء والمساكين، أو في حاجة المدرسة لا بأس.

بيان كيفية التصرف في وقف المسجد إذا استغنى

237 - بيان كيفية التصرف في وقف المسجد إذا استغنى س: يقول السائل: جدي له قطعة من الأراضي الزراعية، وقف على المسجد، تزرع بالذرة المحلية، وقد كان في الزمان الماضي يهب صاحب هذه الأرض وغيره من أصحاب الأوقاف خبز الذرة فطورًا للصائمين في رمضان، وأما الآن بسبب التغيير في المأكولات أصبح العيش ليس له طلب، وكذلك أصبحت المساجد لا تطلب أي شيء، وأي حاجة من فرش وإضاءة، لدرجة أن أدوات التنظيف مصروفة من قبل الجهات المختصة بالمساجد، والحمد لله، ولا ندري اليوم ماذا نعمل بمنتوج هذه القطعة، مع العلم أن لدينا محتاجين والأرامل والأيتام، ولكن نريد إرشادكم لنا على الطريق الذي نستطيع بواسطته أداء هذا المحصول في المكان الذي ترونه بديلاً عن إيقافه على المسجد، جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (44). (¬2) السؤال من الشريط رقم (44). ') ">

ج: المحصول يوزع على الفقراء في نفس البلد إذا كان المسجد ليس فيه من يحتاج الفطور، فإن هذا المحصول يوزع على الفقراء في نفس البلد، كلما حصل محصول يوزع على الفقراء، هذا هو مقصود الوقف، مقصوده نفع الفقراء والمساكين، فإذا لم يتيسر للمسجد من يحتاج إلى شيء من ذلك، فإنه يوزع على الفقراء في البلد. س: الأخ/ أ. س. يقول: عندنا أراضٍ زراعية وقف لمسجد صغير وقديم، فهل يجوز لنا أن نبيع بعض هذه الأوقاف لمصلحة إنشاء مسجد كبير للقرية؟ علمًا بأن أصحاب الوقف أموات، وهذه المزارع الموقوفة لا يستفيد المسجد القديم من وقفها بشيء، لأنها بأيدي أشخاص لا يؤدون حقها. ج: عليكم مراجعة المحكمة، هذه المسائل من خصائص المحاكم، فعليكم أن تراجعوا المحكمة في هذا الأمر العظيم، وفيما تراه المحكمة الكفاية إن شاء الله.

حكم التصرف في وقف عدم الانتفاع به

238 - حكم التصرف في وقف عَدِم الانتفاع به س: يقول السائل: كان والدي رحمه الله قد أوقف أرضًا زراعية بما فيها بئر على أن يصرف ريع هذه الأرض في استمرار، وفيه دلو

على البئر، بمعنى لغرض سقاية المارة الذين كانوا في السابق يمرون بهذه الأرض مشيًا على أقدامهم، أو ركوبًا على دوابهم من الحيوانات، فأوقف الأرض لهذا الغرض، والآن لم يعد هناك من يمر بهذه الأرض من المشاة حتى يستفيدوا من السقي من هذه البئر بواسطة الدلو الموقوفة، لأجل استمرار بقائه، وأيضًا الأرض تركت من الزراعة، لذا فليس لها ريع الآن، فأرشدونا إلى العمل الأفضل فعله تجاه هذا الوقف (¬1) (¬2)؟ ج: ينبغي لمثل هذا التشاور مع قاضي البلد في بيع الوقف هذا، وصرف ثمنه في وقف أنفع للمسلمين في بلد تنتفع بهذا الوقف، في بركة ماء ينتفع بها الناس، أو في إيجاد بركة من الماء، لسقي مواشيهم، أو ما أشبه ذلك، لما يحل محل الدلو الأولى، يتشاور صاحب الوقف مع فضيلة القاضي فيما تنقل إليه هذه الأرض، تباع ويصرف ثمنها فيما يناسب، ويجانس ما أراده الواقف السابق، فإن لم يتيسر شيء من ذلك صرف ثمنها فيما ينفع المسلمين من تعمير المساجد التي هي في حاجة إلى تعمير، أو ما أشبه ذلك مما يراه القاضي نافعًا للمسلمين، ومن جملة المصالح العامة، وصرفه في مثله يكون أحسن في بركة تنفع المسلمين في بعض القرى، أو صرفه في إيجاد بئر تسقي بعض المارة، ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (45). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (45). ') ">

أو تسقي بعض الفقراء في بعض القرى المحتاجة، أو بعض البادية، إذا وجد شيء من هذا فهو أفضل، حتى يجانس مع ما أراده الواقف، فإن لم يتيسر صرف فيما هو أنفع وأبقى، مثل المساجد وما أشبهها. س: يقول السائل: قد بنيت مسجدًا في إحدى الحارات من الخشب، وقد نقلت إلى حارة أخرى، ولم يبق أحد في الحارة، وقد نقلت المسجد معي إلى الحارة الأخيرة، فهل علينا في نقله شيء من الذنب؟ أفيدونا وفقكم الله (¬1). ج: إذا انتقل الناس من حارة إلى حارة، حارة قديمة إلى حارة جديدة، ولم يبق أحد في الحارة، أحد يصلّي في المسجد، فإنه ينقل إلى الحارة الجديدة، لا مانع من نقضه ونقل أخشابه وأدواته إلى المكان الجديد، ثم يباع محله، ويصرف الثمن في تعمير مسجد جديد، أو يستعمل في مسجد آخر، لأن بقاءه حينئذ تعطيل بلا فائدة، إذا انتقل الناس من حارة إلى حارة، أو من مكان إلى مكان، وبقيت مساجد الحارة خالية، ليس فيها أحد يصلي فيها، فإنها تهدم وتنقل أدواتها إلى مساجد أخرى للعمارة، أو تباع وتصرف قيمتها في تعمير مساجد جديدة يحتاجها المسلمون في حارات أخرى، هذا هو الواجب، ولا يعطل أبدًا. س: يقول السائل: كانت لي أرض زراعية، وقد أوقفتها هي وزراعتها ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (14). ') ">

في سبيل الله، ولكن الذي حصل الآن هو إهمال تلك الأرض من الزراعة مع جميع ممتلكاتي الزراعية، فلم أهملها لوحدها، ومضى الآن سنون عديدة، لم أستفد منها أي شيء ليخرج في سبيل الله، فماذا نعمل فيها، هل يجوز بيعها، أو التبرع بها لمشروع خيري، أم تترك كما هي؟ أرشدونا إلى عمل يباعدنا عن الإثم، ويرضي الله عنّا، وفقكم الله. ج: المشروع النظر في الأصلح، إن تيسر أن تزرع وتنفق ثمرتها في سبيل الله في الصدقة على الفقراء والمساكين، والمجاهدين، وتعمير المساجد، وأشباه ذلك فهذا طيب، فإن لم يتيسر ذلك، فإنها تباع مثلاً، وتجعل في عمارة تؤجر وتدر على المشروع خيرًا، وتصرف أجرتها في سبيل الله في مصالح المسلمين، أو يباع بعضها ويعمر فيها عمارة، يباع بعضها ويصرف ثمن المبيع في تعمير الباقي، يعمر الباقي فللاً، أو عمارة من شقق، ثم تؤجر وتنفق الأجرة في سبيل الله، والمصالح النافعة، هذا هو المشروع في مثل هذا، حتى لا تعطل ولا يصلح أن تباع وتنفق قيمتها، فلا بد أن تبقى، لأنه أوقفها في سبيل الله، فلزمه ذلك، لكن ينظر في الأصلح، هل تبقى وتزرع إذا كان عندهم ناس يزرعونها، أو تؤجر ليستفيد منها أحواشًا يجعل فيها حاجات، أو تعمر وتؤجر بعد ذلك، أو تباع ويشترى بها عمارة تفيد المسلمين بالتأجير، أو يباع بعضها

ويعمر باقيها، ثم يؤجر المعمر بعد ذلك وتصرف الأجور في سبيل الله.

حكم من أوقف أرضا لمقبرة ثم أراد إبدالها بأخرى

239 - حكم من أوقف أرضًا لمقبرة ثم أراد إبدالها بأخرى س: يقول السائل: يوجد لدي قطعة أرض، وقد تبرعت بها مقبرة للقرية المجاورة، ولا أريد منها إلا وجه الله عز وجل، لكن حدث عدة أمور جعلتني أحتار فيها، وقد استأذى منها صاحب الأرض التي تحد أرضي التي تبرعت بها، حيث إن مياه المقبرة من الأمطار وغيرها تسيل على أرضه، وهي تقع في الجانب الأعلى لمزرعة الأخ المتضرر، كما أن موقعها غير صالح أن يكون مقبرة، ولم أنتبه لذلك إلا بعد أن تبرعت بها، حيث إنها تقع في ساحة القرية، وتمر فيها المواشي، وحتى لو استطعنا أن نجعل للمواشي طريقًا آخر فلا نستطيع أن نضمن سلامتها من عبور هذه المواشي بين لحظة وأخرى؛ لذا أسأل فضيلتكم، هل يجوز لي أن أستعيدها وأبدلها بقطعة أخرى من مالي تكون مقبرة وفي مكان أحسن، أم أبيعها وأتصدق بثمنها، أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء (¬1). ج: إذا كانت الأرض لم يقبر فيها حتى الآن، وتيسر ما هو أحسن منها، فإنك تبدلها إذا تيسر أن تبدلها بخير منها، أو مثلها في مكان أسلم من هذا المكان، لا يضر جارها، ولا يسبب امتهان المواشي لها، فإنك ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (43).

تجعلها في مكان آخر، تعين أرضًا أخرى مناسبة خيرًا منها، وتستعيد هذه الأرض، أو تبيعها وتشتري بها أرضًا مناسبة تجعلها مقبرة في البلد وفي محل مناسب، أما إن كان قد تم الدفن فيها والقبور فيها، فإنها تُسوَّر ويمنع ممر سيلها ومجرى مائها على جارها، يجعل سور بينه وبينها حتى لا يتضرر بها، وتسور على الأموات الذين بها، والحمد لله.

بيان بعض أنواع الوقف

240 - بيان بعض أنواع الوقف س: يقول السائل: ما الأشياء التي أوقفها لوالدي رحمه الله (¬1). ج: الأشياء كثيرة، توقف له بيتًا يؤجر، ويتصدق بأجرته على الفقراء والمساكين، أو نخلاً أو أرضًا تزرع وتكون غلتها تصرف في سبيل الله، للفقراء والمحاويج، ويعمر منها المساجد، ويوصل منه الرحم، كل هذا خير عظيم. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (435).

حكم إهداء مصحف مكتوب عليه وقف لله

241 - حكم إهداء مصحف مكتوب عليه "وقف لله" س: يقول السائل: إذا جاء مصحف هدية لأحد الأشخاص، أو وزع على المدارس، أو غيرها، وكان عليه كلمة وقف لله، ولكن لم

يؤخذ من المسجد، هل في ذلك شيء (¬1)؟ ج: لا، ليس فيه شيء توزيعه للقراءة، لكن لا يباع، ما دام كتب عليه وقف لا يباع. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (429).

بيان ما تلزم به الهبة

242 - بيان ما تلزم به الهبة س: يقول السائل: إن من عاداتنا أن نعطي المرأة ناقة عند الزواج، ولكن الناقة التي أعطيت لزوجتي ماتت، فأعطيتها بدلاً عنها ناقة أخرى، وغضبت مني وحرمتها على نفسها، ظنًّا منها بأن الناقة التي سبق أن أعطيتها مريضة، هل تحل لها بعد تحريمها إياها على نفسها أم لا (¬1)؟ ج: نعم، إذا كانت الناقة البديلة قد قبضتها وتملكتها فهي ملكها، ولو امتنعت منها بعد ذلك هي تتصرف فيها ببيع أو هبة أو نحو ذلك، أما إذا لم تقبلها بالكلية لما أعطيتها إياها، فلا تكون ملكًا لها، ما دام أعطيتها إياها وأبت، قالت: لا أقبلها، فإنها لا تكون ملكًا لها إلا بهبة أخرى منك، وعطية أخرى منك تقبلها، ولا ينبغي لها سوء الظن إذا كانت لا تعلم أن الأولى مريضة، فينبغي حسن الظن، أما إذا كانت تعلم أنها مريضة فينبغي التسامح في الأمور، لأن الشدة في الأمور تسبب شحنًا وعداوة وفرقة، وربما أدت إلى الفرقة والطلاق، فينبغي لها التسامح وعدم ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (188).

التشديد في الأمور، وأن تسمح عنك إذا كنت تساهلت في ذلك، وتقبل البديل والحمد لله.

حكم الهبة للزوجة دون إعلام الورثة

243 - حكم الهبة للزوجة دون إعلام الورثة س: السائل ع. ب. ي. من جدة، يقول: سماحة الشيخ، حفظكم الله، أنا متزوج امرأة صالحة، ولم يرزقني الله منها بولد، وقد أكد الأطباء على عدم قدرتها على الإنجاب، ولا أملك غير البيت الذي نسكن فيه، فهل يمكنني أن أسجل البيت الذي نسكن فيه باسمها حتى يكون عونًا لها في حياتها، أم أن هذا محرم؟ علمًا بأنها زوجتي الوحيدة، ولا أنوي الزواج مرة أخرى، ولي ستة من الإخوة والأخوات (¬1). ج: لا حرج في ذلك إذا أعطيتها بيتك، سجلته باسمها في صحتك فلا بأس، أما في حالة المرض فلا. ¬

(¬1) السؤال بدون رقم الشريط.

بيان بعض أحكام الهبة

244 - بيان بعض أحكام الهبة س: هذه رسالة وصلت من المغرب، من أحد الإخوة المستمعين يقول في هذا السؤال: شخص أهديت له هدية عبارة عن مجوهرات ذهبية، السؤال: هل له أن يبيعها ويستفيد بثمنها؟

أفتونا جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: نعم، إذا أهدي لك هدية وليست رشوة، هدية من أخ محب، أو من قريب ليست مقابل خيانة، فلا بأس، تكون مالاً لك تصرف بها، تبيعها، تمسكها، تهديها إلى غيرك لا بأس، أما إن كانت رشوة حتى تميل عن الحق، أو حتى تحكم بالجور، أو حتى تظلم أحدًا فلا يجوز لك إذا كانت هذه الهدية رشوة لك حتى تظلم أو تخون في قضية، أو أنت قاضٍ تحكم بغير الحق، كل هذا منكر، أما إذا كانت هدية لله وفي الله لأنك صديقه، لأنك أخوه في الله، لأنك قريبه، ليس لأمر آخر من أمور الخيانات، والظلم، فلا بأس بذلك، لأنه مال لك تصرف فيه، والسنة لك أن تقابله، أن تثيبه على هديته، كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها، يعني يعطي عليها مقابلاً، هذا هو الأفضل. س: يقول السائل: يوجد عندي خماخم ذهب، قد اشتريتها هدية لشغالة كانت عندي سابقًا، وعند سفرها نسيتها عندي، فهل تنصحونني بشيء أعطيه لخادمة أخرى، لأنني أخشى إذا بعثتها إليها ألاّ تصل؟ ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (368). (¬2) السؤال الثامن من الشريط رقم (368). ') ">

ج: الواجب بعثها إليها إذا كنت أعطيتها إياها، وتملكتها منك، ولكن نسيتها. . . فسائر مالها الواجب عليك إيصالها إليها بالطريقة الممكنة، وليس لك التصرف فيها بإعطائها خدامة أخرى، ولا غيرها، الواجب إرسالها إلى الخدامة التي أعطيتها إياها، ولا ترجعي في هبتك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الراجع في هبته كالراجع في قيئه» (¬1) فالواجب إيصالها لها بالطريقة الممكنة، أم إذا عجزت عن إيصالها فإنك تتصدقين بها عنها. ¬

(¬1) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، برقم (10827).

حكم الهدية لمن يعمل في عمل حكومي

245 - حكم الهدية لمن يعمل في عمل حكومي س: يقول السائل: ما حكم الهدية التي تعطى للطبيب بعد قيامه بالعلاج، هل هي مشروعة، أو جائزة أو محرمة (¬1)؟ ج: إذا كان بعد العلاج بعد النهاية لا نعلم فيها شيئًا، وتركها أولى إذا كان يعمل للحكومة في عمل الحكومة، لئلا يجره ذلك إلى تخصيصه بالاجتهاد دون بقية الناس، أما إذا كان الطبيب لنفسه، هذا بالأجرة التي تعاقد عليها، وبما يشاء من الأجرة، يعطيه إذا كان ما شرط له شيئًا، أما إذا كان في مستشفى الحكومة، أو مستوصف الحكومة، فلا يعطى شيئًا، ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (219).

لكن لو أعطاه بعد الخلاص، وبعد النهاية من دون وعد ومن دون شيء، لعله لا حرج، لكن تركه أحوط، حتى ولو بعد ذلك، لأنه قد يتفق معه على ذلك من الداخل قد يخصه بمزيد عناية، ويهمل الآخرين، فالذي أرى أنه لا يعطيه شيئًا ولو بعد الفراغ، سدًّا للباب وسدًّا للحيل، فلا ينبغي أن يعطيه شيئًا، بل يدعو له، ويدعو له بالتوفيق والإعانة، ويقول: جزاك الله خيرًا، نسأل الله لك الإعانة والتوفيق بهذا الكلام الطيب.

حكم التبرع بأعضاء جسم الإنسان

246 - حكم التبرع بأعضاء جسم الإنسان س: يقول السائل: ما حكم التبرع بأحد أعضاء جسم الإنسان، مثل الكلية وغيرها، ويكون له ما يماثله، خاصة إذا كان الشخص مضطرًّا لذلك من الناحية المادية، أو لنفع إنسان في حاجة ماسة (¬1)؟ ج: التبرع بالكلية ونحوها أجازه جمع من العلماء، ولكن أنا عندي توقف في ذلك، لأنها خطيرة، وقد يضره ذلك، قد يحتاج إليها في المستقبل، أما بيعها فلا يجوز بيعها، ليس له أن يبيع جزءًا من بدنه، أما التبرع بذلك فهذا محل النظر، فمن أهل العلم من أجاز ذلك من باب الإحسان والمساعدة، كما يساعد بالمال، ومنهم من منع ذلك، لأن الرجل وهكذا المرأة ليس لهما ملك أنفسهما، الملك لله وحده سبحانه وتعالى، وليس له أن يضر نفسه بقطع عضو من أعضائه، فإذا أراد أن ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (177).

يتبرع بشيء من أعضائه هذا فيه ضرر عليه، وهو ممنوع من الضرر، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا ضرر ولا ضرار» (¬1) والله يقول: {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}. فلهذا يرى جمع من أهل العلم منع ذلك، وقال آخرون: له أن يتبرع بذلك إذا قرر الأطباء أن هذا لا يضره، وأنه يمكن أن تنفع كليته لغيره من دون ضرر عليه من باب الإحسان والجود والكرم، كما يجود بنفسه في الجهاد في سبيل الله عز وجل، أما أنا فعندي توقف في ذلك، هل يجوز له ذلك أم لا يجوز، لا زال عندي توقف في ذلك، أما البيع فليس له أن يبيع. ¬

(¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الأحكام باب من بنى في حقه ما يضره بجاره، برقم (2341).

وجوب العدل بين الأولاد

247 - وجوب العدل بين الأولاد س: تسأل المستمعة أم عثمان من اليمن، وتقول: والدي متزوج من امرأتين، فجدي لأبي قبل أن يتوفاه الله أوصى ببيت لنا وبيت لإخواني من أبي، فهل يجوز لوالدي أن يتصرف في البيت الذي هو ملكنا بأن يغير في بناياته؟ مع العلم أنه يغيره للأحسن، لأن أحد إخواني قد عارض ذلك، وقال: لا يجوز لوالدي أن

يتصرف في ملكنا، وجهونا في ضوء هذا السؤال (¬1)؟ ج: لا مانع من أن يتصرف بتحسين ما يخصكم، لكن بشرط أن يعطي إخوانكم مثله، لا بد من العدل، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬2) فإذا كان بيتكم يحتاج إلى ألف ريال، ألفين، ثلاثة، لا بد أن يعطي إخوانكم من أبيكم مثل ذلك، لأنه عليه أن يعدل بينكم، وإلا فلا يجوز له أن يخصكم بشيء في إصلاح بيتكم ولا يعطي إخوانكم إلا برضاهم إذا كانوا مرشدين ورضوا، أما إذا كانوا مرشدين ولم يرضوا فليس له أن يخصكم بشيء، لا من جهة إصلاح البيت، ولا من جهة غيره، لا بد من العدل. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (384). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587)، ومسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623)، بلفظ: في أولادكم.

حكم تخصيص بعض الأولاد بالعطية

248 - حكم تخصيص بعض الأولاد بالعطية س: يقول السائل: هناك عمارة من دورين اشتراها الوالد بمائة وثلاثين ألف ريال، وتقبلت أنا الصندوق العقاري بمبلغ مائة وثلاثة وعشرين ألفًا ومائتين وثمانية وتسعين ريالاً، وقد توفي والدي قبل ثلاث سنوات، وقد أعطاني تلك العمارة، وأخبر إخواني

الخمسة وأختين، وكان لديهم علم بذلك، ولم يعارض منهم أحد، وهو على قيد الحياة حسب علمي، وأظن أن الوالد أعطاني العمارة حبًّا لي، وليس تفضيلاً على إخواني وأخواتي، والآن أريد أن أبرئ ذمتي في هذا الموضوع، هل يجوز لي أن أمتلك تلك العمارة، مع العلم أنهم وقعوا على ورقة أنهم راضون بذلك، وليس لديهم مانع بعد وفاته، لأن العمارة باسم شخص ثانٍ، ولم تنقل ملكيتها، وهي مسجلة باسمي في الصندوق العقاري، وإنما أخشى أن يكون أحدهم غير راضٍ في قلبه، وهل يلحق والدي شيء، وهل يلحق والدي ذنب؟ أفتونًا مأجورين (¬1). ج: إذا كان الواقع كما ذكرت فلا حرج إذا كان إخوتك مرشدين ورضوا بذلك، لا حرج عليك والحمد لله، وجزاهم الله خيرًا، والقلوب إلى الله سبحانه وتعالى، ما دام صدقوا على ذلك، ورضوا بذلك، ولم يعارضوا فلا حرج عليك إن شاء الله، ولا حرج على والدك ما دام إخوتك سامحوه ورضوا، فالحمد لله. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (201).

حكم تخصيص أحد الأبناء بالعطية عن طريق الاحتيال

249 - حكم تخصيص أحد الأبناء بالعطية عن طريق الاحتيال س: يقول السائل: أنجب والدي ستة أولاد وبنتًا واحدة، وقد جاهد رحمه الله فأتم تعليمنا إلا واحدا من إخوتي، شاء الله ألا ينال

حظه من التعليم، وذلك لرغبة من الوالدة، لأن يظل مع والده يعمل معه في الأرض، حيث إننا من أبناء الريف، وقبل وفاة الوالد طلبت أنا من والدي أن يخص أخي المذكور بقدر معين من الأرض التي يملكها عوضًا له عن جهده طوال سنوات عدة، ولكونه لم ينل حظه من التعليم مثلنا، والحقيقة رحمه الله أنه رفض ذلك مرارًا لكنه أمام إلحاحي وإلحاح الوالدة، وبعض الإخوة وافق على أن يحرر لأخي عقد بيع وشراء صوريًّا لقطعة محددة من الأرض، ولكن دون أن يقبض منه أي ثمن، بل أخذ عليه الصك بمبلغ سبعمائة جنيه، فما مدى صحة هذا العقد الذي تم بين الوالد وبين أخي، علمًا بأن العقد موجود عندي بصفة أمانة لحين إتمام الإجراءات، وهل الصك الذي أخذه والدي على أخي يدخل ضمن تركته يطالب به أخي أم لا (¬1)؟ ج: إذا كان الواقع ما ذكره السائل فالصك المذكور لا عبرة به، لأنه كذب وحيلة، فلا وجه له، لكن إذا سمح الإخوة والورثة جميعًا بهذه القطعة لهذا الأخ الذي قد ساعد أباه، ولكونه لم يتعلم فلا بأس إذا سمحوا له بهذه القطعة، أو سمح بعضهم، فمن سمح منهم سقط حقه من هذه القطعة، ومن لم يسمح فهو على حقه، أما هذا العقد المزور فلا قيمة له. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (56).

حكم توزيع الشخص تركته أثناء حياته

250 - حكم توزيع الشخص تركته أثناء حياته س: يقول السائل: ما حكم من يقسم أمواله وهو على قيد الحياة، ويكتب في القسمة بيعًا وشراء احتيالاً على الشرع، ولكنه لا يأخذ قيمة هذا الأموال، ولكن يأخذ من الثمار سنويًا على قدر حاجته، ما حكم هذه القسمة إذا كانت غير صحيحة، وما حكم كاتبها وشاهدها، وعلى من تكون الزكاة (¬1)؟ ج: هذه القسمة إن كانت على شرع الله بين أولاده وورثته فلا حرج فيها، ولكن ترك القسمة أولى حتى لا يحتاج إلى أحد، حتى يأكل منها ويستفيد، لكن إذا قسمها بينهم ولو باسم البيع ولم يزد أحدًا على أحد، بل أعطاهم كما شرع الله، فكونه جعلها باسم البيع هذا كذب، وعليه التوبة إلى الله من ذلك، وهو على قصده لهم كل واحد جاءه نصيبه، وله أن يأكل من ثمرها، إذا كان هو الأب، أما إذا كان ليس بالأب، بل أعطاهم إياها ليس له حق فيها، إذا قسمها بين إخوانه أو بين بني عمه ملكوها ليس له حق فيها، أما إن كانوا أولاده فله أن يأكل منها ولو بعد القسمة، فعلى الإنسان أن يأكل من مال ولده: «أنت ومالك لأبيك» (¬2) ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (232). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب التجارات، باب ما للرجل من مال ولده، برقم (2291).

ولكن ليس له أن يقسمها بغير الشرع، يبيعها عليهم حتى يعطي هذا زيادة، هذا الولد يعطيه زيادة، وهذه البنت يعطيها زيادة، هذا لا يجوز، هذا حرام منكر، وجعل البيع حيلة، أما إذا قسمهم للذكر مثل حظ الأنثيين وجعلها باسم بيع وهو يكذب، ليس فيه بيع، هو آثم بالكذب، والقسمة في محلها، إذا كان مثلاً عنده أراضٍ قسمها بينهم، للذكر مثل حظ الأنثيين، لم يزد ولم ينقص ولم يحتل، ولكن جعلها باسم بيع لغرض من الأغراض فلا يضره ذلك، وإذا كان كاذبًا وليس هناك شيء مبيع فهو غلطان في تسمية البيع، يحتسب عليه كذبًا، إلا أن يكون له عذر في الكذب، هذا عذر شرعي فلا حرج، المقصود إذا كانت القسمة موافقة للشرع بين أبنائه أو زوجاته ونحو ذلك فلا بأس، أما إذا كانت مخالفة للشرع فلا يجوز، أما بالنسبة للإخوة والأقارب الآخرين مثل بني العم يجوز أن يفضل بعضهم على بعض تصير عطية لا بأس أن يعطي أخاه كذا، وابن أخيه كذا، وخاله كذا، لا بأس أن يعطيهم، ما يلزمه أن يكون حسب الميراث، لأن هذا خاص بالأولاد، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادم» (¬1) ما قال: «اتقوا الله واعدلوا بين الورثة، قال: واعدلوا بين أولادكم» (¬2). فلو كان له أخوان، وأعطى المال واحدًا من إخوانه في حال صحته ولم يعط الآخر، لا حرج عليه، أو أعطاهما متفاضلين لا حرج عليه، أو أعطى خاله، ولم يعطِ بني عمه لا بأس ما دام في الصحة ليس بمريض، لكن ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587)، ومسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623)، بلفظ: في أولادكم. (¬2) صحيح البخاري الْهِبَةِ وَفَضْلِهَا وَالتَّحْرِيضِ عَلَيْهَا (2587)، صحيح مسلم الْهِبَاتِ (1623)، سنن النسائي النُّحْلِ (3687)، سنن أبي داود الْبُيُوعِ (3544).

الأولى له أن يدع له شيئًا يعينه وينفعه حتى لا يمن عليه الناس ويتصدقوا عليه، إما يدع المال كله أو شيئًا يفيده وينفعه حتى الموت.

حكم الجور والحيف في عطية الأولاد

251 - حكم الجور والحيف في عطية الأولاد س: تقول السائلة: والدي من ذوي الأموال والعقارات، وله أولاد ذكور، ومن الإناث أنا وأختي، لكنه لا يعدل بيننا في الهبات، فهو يعطي الأولاد أموالاً نقدًا وعقارات بدون مقابل، ولكي يتخلص من مطالبتنا يسجل عقود بيع بينهم صورية، وإذا طالبنا يهددنا بإعطائهم ما تبقى وحرماننا من كل شيء، علمًا بأنه يصلي ويصوم ويقرأ القرآن، وإذا قلنا له: هذا حرام عليك يستهزئ بنا ويسخر منا، وحتى أختي الثانية تسبب في طلاقها من زوجها منذ ثلاثين سنة، ورفض تزويجها مرة أخرى حتى بلغ عمرها الآن خمسين سنة، ومع ذلك لا ينفق عليها، بل إخوتي مرة يعطونها ويعطفون عليها، ومرة أخرى يطردونها بسبب تأثير والدي عليهم، فقد زرع الكراهية في نفوسهم نحونا، إضافة إلى ما جرت عليه العادة عندنا من عدم تزويج الفتاة إلا من ابن عمها مهما كان، فما رأيكم في هذا، وبم تنصحون والدنا (¬1) (¬2)؟ ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (48). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (48). ') ">

ج: أولاً الواجب على الرجل أن يتقي الله في أولاده، وأن يعدل بينهم في العطية، وليس له الجور والحيف، بل يجب أن يعدل بينهم في العطية، فيعطي الرجل ضعف المرأة كالميراث، هذا هو الصواب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬1) «ولما جاءه بشير بن سعد الأنصاري رضي الله عنه وقد أعطى ابنه النعمان غلامًا، قال له النبي عليه الصلاة والسلام: أكل ولدك أعطيته مثل هذا؟ قال: لا، قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. وقال: إني لا أشهد على جور» (¬2) وهذا يدل على أن التفضيل بين الأولاد، أو إعطاء بعضهم وترك البعض جور وظلم، هذا هو الصواب من أقوال أهل العلم كما دل عليه الحديث الشريف، فالواجب على أبيك تقوى الله، وأن يعدل في أولاده، وإذا لم يعدل وجب على الحاكم الشرعي أن يلزمه بالعدل، وأن ينقض العطايا التي فيها الحيف والجور، وإذا كانت بصور بيع لا حقيقة له يبطل هذه البيوع الباطلة إذا ثبت لدى الحاكم أنها حيلة، فالبيع الذي يكون بالحيلة باطل وجور وظلم، والله سبحانه أوجب على الآباء والأمهات العدل في أولادهم، وألا يجوروا، وأن يحرصوا على أن ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587)، ومسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623)، بلفظ: في أولادكم. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد، برقم (2650)، وأخرجه مسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623).

يكونوا كلهم في البر سواء، وكذلك ليس للوالد أن يمنع بناته الزواج، بل عليه أن يساعد في الزواج، ولا يجوز له أن يجبرها على ابن عمها، بل إذا جاء الكفؤ من بني عمها أو غيرهم وجب على الولي التزويج، سواء كان هذا الولي أبًا أو غير أب، وقد جاء الحديث: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (¬1) والله جل وعلا قال: {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ}. نهى الأولياء عن العضل، فإذا عضل الوالد زالت ولايته، وساغ للقاضي أن يولي غيره من بقية العصبة، الأقرب فالأقرب، فالمقصود أن والدك إذا كان عمله ما ذكرت فقد أساء وعصى ربه، فعليه التوبة إلى الله، وعليه أن يعدل بين أولاده، وعليه أن يرد العقود الباطلة التي تحيل بها، وسماها بيعًا وليست ببيع وإنما هي عطايا، وعلى الحاكم الشرعي إذا علم هذا بالبينة أن يبطل العقود، وأن يرد العطايا الجائرة، وأن يلزمه بالتسوية بين أولاده، كما أن على القاضي أن يلزمه بتزويج البنت التي يخطبها الكفؤ، يلزمه القاضي بالزواج، أو يعزله عن هذا الأمر ويحكم عليه بالعضل، ويسمح للأقرب من العصبة بعد الوالد بالتزويج، هذا هو الواجب على الأولياء وعلى حكام الشرع في علاج هذه المسائل، نسأل الله للجميع الهداية. ¬

(¬1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، (ج7 / ص82).

س: يسأل السائل من سوريا، ويقول: ما حكم الشرع في الأب الذي يفرق بين أولاده في الأعطية؟ ج: لا يجوز، الواجب على الآباء العدل، لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬1) فلا يجوز للأب ولا للأم التفضيل بين الأولاد، بل يجب التسوية، للذكر مثل حظ الأنثيين، هذا هو الواجب على الرجل وعلى المرأة في أولادهم، لكن لو كانوا مرشدين وسمحوا أن يخص واحد منهم بشيء فلا بأس، إذا كانوا مرشدين وسمحوا لأبيهم أو لأمهم أن تخص أحدًا منهم بشيء لأسباب اقتضت ذلك فلا بأس، أما أن يخص أحدًا دون أحد، أو يفضل أحدًا على أحد فلا يجوز إلا بإذن المرشدين. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587)، ومسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623)، بلفظ: في أولادكم.

أحكام الهبة والعطية

252 - أحكام الهبة والعطية س: يقول السائل: في هذه الأيام يكثر التمييز بين الأبناء، وهذا يخلق عداوة بين الإخوان فيما بينهم، أفيدونا بتوجيه الآباء ونصيحتكم جزاكم الله خيرًا (¬1). ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (416).

ج: لا يجوز للآباء تفضيل بعض الأولاد على بعض، بل هذا منكر، «النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله بشير بن سعد رضي الله عنه أن يعطي النعمان ولده غلامًا قال: أأعطيت الأولاد كلهم؟ قال: لا، قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. وأراد أن النبي يشهد فقال: إني لا أشهد على جور» (¬1) سماه النبي جورًا، فالمقصود أنه لا يجوز للأم ولا للأب التفضيل بين الأولاد، بل يجب التسوية بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، فلا يجوز أن يعطي زيدًا كذا ويترك الآخر، لا، بل يجب التعديل بين الأولاد ذكورهم وإناثهم، ولهذا في الحديث الآخر: «أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: نعم، قال: فلا إذا» (¬2) لأنه إن فرق بينهم ساءت أحوالهم وربما قطعوه أيضًا، فالواجب على الأب والأم والجد والجدة عدم التفضيل، بل يجب العدل للذكر مثل حظ الأنثيين، إذا أعطى الذكر مائة يعطي الأنثى خمسين، وإذا أعطى الرجل ألفًا يعطي الأنثى خمسمائة، وهكذا يجب التعديل، لقوله صلى الله عليه وسلم: ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد، برقم (2650)، وأخرجه مسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623).

«اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬1) «ولقوله لبشير بن سعد الأنصاري رضي الله عنه لما أراد أن يشهده على عطيته للنعمان وحده قال: إني لا أشهد على جور» (¬2) وقال للبشير: «أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: نعم، قال: فلا إذا» (¬3) يعني فلا تخص بعضهم، تسوي بينهم حتى يكونوا كلهم في البر لك سواء. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587)، ومسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623)، بلفظ: في أولادكم. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد، برقم (2650)، وأخرجه مسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623).

حكم تخصيص الأب أولاده الذكور بالعطية دون الإناث

253 - حكم تخصيص الأب أولاده الذكور بالعطية دون الإناث س: يقول السائل: رجل له بيوت، فقام بتقسيم هذه البيوت في حياته على أولاده الذكور، وحرم الإناث بحجة أنهن متزوجات، ولأزواجهن بيوت يسكنونها، فحصلت من جراء هذه القسمة عداوة وبغضة بين الأولاد والبنات، واشتدت الكراهية، وامتد الحقد إلى الأب والأم، مما أدى إلى تمزق الأسرة وتفككها، فلم يعد أحد يسأل عن أحد حتى في حال مرضه، ما هو رأي الدين في هذه المسألة، وهل يحق للأب تقسيم ماله وهو حي

على هذا النحو؟ أفيدونا أفادكم الله (¬1) (¬2). ج: ليس للأب أن يوزع ماله على أولاده الذكور دون الإناث، أو يفضل الذكور على الإناث بغير التفضيل الشرعي، بل يجب عليه أن يعدل في قسمة ماله كقسمة التركة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬3) «فقد جاءه بشير بن سعد الأنصاري رضي الله عنه، وذكر له أنه وهب ابنه النعمان غلامًا، فقال: أكل ولدك أعطيته مثل هذا؟ قال: لا، قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. وقال: لا تشهدني على هذا، فإني لا أشهد على جور» (¬4) وقال: «أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: نعم، قال: فلا إذا» (¬5) وهذا يدل على أنه إذا حاف ولم يعدل جرهم إلى التقاطع، كما وقع في هذا السؤال، جرهم إلى التصارم والبغضاء بينهم، وهذا لا يجوز، الواجب على الأب أن يتقي الله، وأن يعدل بينهم إذا قسم، للذكر مثل حظ الأنثيين كقسمة الميراث، هذا هو الأرجح، وقال بعض أهل العلم: إنه يسوي بينهم سواء بسواء، الذكر والأنثى سواء، ولم يجعله كالميراث، ولكن الصواب ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (171). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (171). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587)، ومسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623)، بلفظ: في أولادكم. (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد، برقم (2650)، وأخرجه مسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623).

أنها قسمة شرعية كالميراث، لأن الله جل وعلا قسم بينهم أموال آبائهم إذا ماتوا هكذا: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}. فإذا قسم الرجل ماله بينهم على قسمة الله للذكر مثل حظ الأنثيين فلا حرج في ذلك، ولكن الأولى ألا يقسم بينهم، ويتمتع بماله حتى لا يحتاج إليهم بعد ذلك، ويبقى ماله عنده، أو على الأقل يبقى شيء من ماله ينفعه ويتصدق منه وينفقه في حاجاته، لأنه إذا قسمه بينهم قد يضطر إلى الحاجة إليهم، وقد لا يقومون بالواجب نحوه، وقد ينفقون الأموال ويضيعونها، فنصيحتي لكل إنسان ألا يحرص على قسم أمواله بين أولاده، وألا يعجل ولو ظن فيهم الخير، ولو ظن أنهم سوف يبرونه، ينبغي له أن يحتاط فلا يعجل، بل يترك ذلك بعد وفاته على قسمة الله، فيستر في ماله، وينفق منه في وجوه البر، ويحسن إلى المسلمين والفقراء والمحاويج، حتى لا يضطر إلى رحمتهم والحاجة إليهم، لكن إذا أعطاهم بعض الشيء من ماله، شيء لا يضره، أعطاهم بعض المال وعدل بينهم، ولو أن البنات متزوجات يعدل بينهم لا بد إذا أعطى الرجل ألفًا يعطي البنت خمسمائة، وإذا أعطى الرجل ألفين يعطي البنت ألفًا، وهكذا في عطيته، يعدل بينهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬1) هذا هو الواجب. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587)، ومسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623)، بلفظ: في أولادكم.

س: الأخت أم خالد تقول: رجل عنده أولاد وبنات، فقام بإعطاء الأولاد مبالغ، وقطع أراض وهبات، دون أن يعطي البنات، هل يجوز له ذلك؟ ج: الواجب على الوالد أن يعدل بين أولاده الذكور والإناث، وهكذا الوالدة الأم، يجب أن تعدل، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬1) هكذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام، فالواجب على الأب إذا أعطاهم أراضي أو نقودًا، أو إبلاً أو غنمًا، أو غير ذلك أن يعدل بين الذكور والإناث، للذكر مثل حظ الأنثيين كالإرث، فإذا أعطى الرجل مائة ريال يعطي البنت خمسين ريالاً، وإذا أعطى الولد عشرة آلاف يعطي البنت خمسة آلاف، وهكذا وإذا أعطى الولد غنمًا أو إبلاً أو بقرًا يعطي البنت مثل ذلك، النصف. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587)، ومسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623)، بلفظ: في أولادكم.

بيان كيفية توزيع العطايا على الأولاد ذكورا وإناثا

254 - بيان كيفية توزيع العطايا على الأولاد ذكورًا وإناثًا س: ورد في الحديث: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬1). فهل المقصود المساواة المطلقة أو أن للذكر مثل حظ الأنثيين أسوةً بالميراث، فالحديث ¬

(¬1) صحيح البخاري الْهِبَةِ وَفَضْلِهَا وَالتَّحْرِيضِ عَلَيْهَا (2587)، صحيح مسلم الْهِبَاتِ (1623)، سنن النسائي النُّحْلِ (3687)، سنن أبي داود الْبُيُوعِ (3544).

أظن يقول: (أكلهم أعطيته مثل؟)، فكلمة مثل – إن صحت – توحي بالمساواة المطلقة، اللهم إن كان يتكلم عن الذكور فقط؟. ج: الحديث صحيح رواه الشيخان «عن النعمان بن بشير – رضي الله عنه – أن أباه أعطاه غلامًا فقالت أمه: (لا أرضى حتى يشهد رسول الله – عليه الصلاة والسلام – فذهب بشير بن سعد إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وأخبره بما فعل، فقال: أكل ولدك أعطيته مثلما أعطيت النعمان؟ قال: لا، قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬1) فدل ذلك على أنه لا يجوز تفضيل بعض الأولاد علي بعض بالعطايا، كلهم ولده وكلهم يُرجَى بره فلا يجوز أن يُخَصَّ بعضهم بالعطية. واختلف العلماء – رحمة الله عليهم – هل يسوى بينهم ويكون الذكر كالأنثى، أم يفضل الذكر عن الأنثى كالميراث – على قولين لأهل العلم، والأرجح أن العطية تكون كالميراث، وأن التسوية تكون لجعل الذكر كالأنثيين، فإن هذا هو الذي جعله الله في الميراث، وهو سبحانه الحكم العدل فيكون المؤمن في عطيته لأولاده كذلك، كما لو خلفه لهم بعد موته: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}. فهكذا إذا أعطاهم في حال حياته يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين، هذا هو العدل بالنسبة إليهم، وبالنسبة إلى أمهم وأبيهم، وهذا هو الواجب على الأب والأم أن يعطوا الأولاد هكذا: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}. وبذلك حصل العدل والتسوية كما جعل الله ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587)، ومسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623)، بلفظ: في أولادكم.

ذلك عدلاً في إرثهم من أبيهم وأمهم والله المستعان.

بيان ما يلزم من جار في العطية بين أولاده

255 - بيان ما يلزم من جار في العطية بين أولاده س: يقول السائل: إن لي أخًا أكبر مني، وقد زوجه أبي وأعطاه سيارة، لكن أبي لم يفعل بي كما فعل بأخي رغم نصح الناس له، ثم إنه أعطاه قطعة الأرض فتصرف فيها وباعها، وسلّم الثمن للوالد، ثم طلب والده الثمن لتلك الأرض، فأبى أن يعطيه، ويسأل يا سماحة الشيخ: كيف يتصرف، فهل إذا ذهب إلى المحكمة هل يكون آثما؟ وجهوه ووجهوا والده، جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: الواجب على الوالد أن يعدل، ولا يجوز أن يخص بعض الأولاد بعطية أو زيادة على بقية الأولاد، هذا لا يجوز، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬3) هذا من كلام المصطفى عليه الصلاة والسلام: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬4). «ولما جاءه بشير بن سعد الأنصاري رضي الله عنه، وذكر له أنه أعطى ابنه النعمان غلامًا قال له النبي صلى الله عليه وسلم: أعطيت ولدك كلهم مثله؟ قال: لا، قال: رده، اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬5). فليس له أن يعطي بعضهم سيارة أو مالاً أو أرضًا ولا يعطي الآخرين، لا، فإما أن ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (228). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (228). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587)، ومسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623)، بلفظ: في أولادكم. (¬4) صحيح البخاري الْهِبَةِ وَفَضْلِهَا وَالتَّحْرِيضِ عَلَيْهَا (2587)، صحيح مسلم الْهِبَاتِ (1623)، سنن النسائي النُّحْلِ (3687)، سنن أبي داود الْبُيُوعِ (3544). (¬5) صحيح البخاري الْهِبَةِ وَفَضْلِهَا وَالتَّحْرِيضِ عَلَيْهَا (2587)، صحيح مسلم الْهِبَاتِ (1623)، سنن الترمذي الْأَحْكَامِ (1367)، سنن النسائي النُّحْلِ (3681)، سنن أبي داود الْبُيُوعِ (3544)، سنن ابن ماجه الْأَحْكَامِ (2376)، مسند أحمد (4/ 270)، موطأ مالك الْأَقْضِيَةِ (1473).

يسوي بينهم في العطاء، وإما أن يرجع لعطيته، هذا هو الواجب عليه، وأنت أيها الولد لو توسطت ببعض الطيبين من أقارب أو غيرهم حتى يصلحوا بينك وبين الوالد يكون هذا حسنًا إن شاء الله، أحسن من الذهاب إلى المحكمة، إن تيسر من يشير على والدك، وينصحه حتى يلتزم بالحق، وحتى يعدل، فهذا حسن وهذا أولى من المخاصمة، فإن أبى فلك أن تخاصمه إلى المحكمة لأجل أنه قد ظلم، ولا بد من تعديل من جار عن الطريق، لا بد أن يعدل، ويلتزم بالحق عن طريق المحكمة، وإن سمحت أنت ولم تخاصمه فأنت مأجور. س: يقول السائل: لي أربع بنات وثلاثة أولاد، أولادي الكبار بنيت لكل واحد منهم منزلاً خاصًّا به، وابني الصغير لم أستطع أن أبني له منزلاً، وعندي منزل قديم سبق أن منحته لزوجتي وبناتي الأربع في وصية رسمية، فهل للابن الأصغر حق شرعي في المنزل مع أمه وأخواته أم لا؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الواجب عليك يا أخي التعديل بين أولادك الذكور والإناث، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬2) فإذا كنت حين بنيت لأبنائك الكبار منازل وقد ولد الولد الصغير ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (125). ') "> (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587)، ومسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623)، بلفظ: في أولادكم.

والبنات وجب عليك التعديل، أما إن كنت قد بنيت لهم وأعطيتهم قبل وجود البنات، وقبل وجود الابن الصغير فلا شيء عليك، لأنك ليس عندك أولاد ذلك الوقت، أما إن كان إعطاؤك لهم المنازل بعد وجود الابن الصغير، وبعد وجود البنات فالواجب التعديل فإما أن تعطيهم مثل إخوانهم للذكر مثل حظ الأنثيين، وإما أن ترجع في المنازل التي أعطيتها إخوانهم، وتجعلها للجميع أو لنفسك، وتبقى إرثًا لهم بعدك، وأما أن تخص أولادك بالمنازل أو البنات هذا لا يجوز، بل عليك أن تعدل، وإذا أعطيت الأم وهي الزوجة شيئًا من مالك في صحتك فلا بأس، تخصها بشيء، وأما الأولاد ذكورهم وإناثهم فلا بد من التعديل بينهم، للذكر مثل حظ الأنثيين، في الأراضي وفي النقود، وفي غير ذلك، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬1) وليس لك أن توصي للزوجة ولا للبنات، ولا غيرهم من الورثة وصية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث» (¬2) ولكن لا مانع أن تعطي الزوجة في صحتك شيئًا من مالك في مقابل عشرتها ومعاملتها الطيبة، وإذا كان ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587)، ومسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623)، بلفظ: في أولادكم. (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الوصايا، باب ما جاء في الوصية للوارث، برقم (2870).

لك زوجة أخرى تعطيها مثلها، وأما الأبناء وأخواتهم فلا بد من التعديل بينهم في المنازل وغيرها، إلا إذا سمحوا، إذا سمحت البنات لإخوانهم، قالوا: أنت مسامح، فلا بأس، وهكذا الابن الصغير، إذا بلغ الحلم وسمح وكان رشيدًا، وسمح وقال: أنا سامح عن إخواني فلا بأس، الحق لهم، فإذا سمحوا سقط الوجوب الذي عليك، أما إن لم يسمحوا أو سمحوا سماحًا يخافون منك، أو لأنك توعدهم، أو يخشون منك فالسماح الذي ليس له سند واضح، بل حصل عن خشية وخوف لا يعتبر، بل لا بد أن يكون سماحًا واضحًا من دون خوف منك، ولا وعيد منك، بل عن طيب نفس من أنفسهم، فلا بأس بذلك. س: يقول السائل: إن لي ثلاثة أبناء، منهم اثنان لهما مسكنان، أما الثالث وهو الأصغر عنده قطعة أرض غير مبنية، فالأول قمت ببناء منزله له على نفقتي، لأنه عاجز، وبه مرض الصرع، عافاكم الله، ولا يستطيع عمله بنفسه، أما الأوسط فقد بنى منزله بقرض من أحد المصارف، وأما الأصغر فلم يتمكن من البناء في الوقت الحالي، ولي منزل باسمي كبير، وقد قررت التنازل عنه لبناتي الأربع ووالدتهن، علما بأنهن جميعًا متزوجات، ولكن قد يحتجن يومًا للمنزل، فهل يحق لابني الصغير نصيب في المنزل

هذا؟ دلوني حتى ألاقي وجه ربي نظيفًا. جزاكم الله خيرًا. ج: الواجب أن تعدل بين أولادك الذكور وإناثهم، وليس لك أن تخص البنات بشيء سواء كن متزوجات أو غير متزوجات، لا بالبيت ولا بغيره، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬1) فعليك أن تعدل بينهم، ذكورهم وإناثهم، إلا أن يسمح بعضهم، فالذي يسمح يسقط حقه، إذا سمح بعضهم سقط حقه، وإذا سمح الأولاد الثلاثة بالبيت للبنات سقط حقهم، والحمد لله، أما أن تخص أحدًا بشيء فليس لك أن تخصه بشيء، لقوله عليه الصلاة والسلام: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬2)، فهم في الذمة، وهم في الحق سواء، فعليك أن تعدل بينهم، أو تترك إعطاءهم، أما أن تعطي البنات وتدع الذكور، أو تزيد هذا على هذا فليس لك ذلك، بل عليك أن تسوي بينهم كالميراث، للذكر مثل حظ الأنثيين، هذا هو الواجب عليك، إلا إذا سمح المكلف منهم والرشيد، سمح عن حقه فلا بأس بذلك. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587)، ومسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623)، بلفظ: في أولادكم. (¬2) صحيح البخاري الْهِبَةِ وَفَضْلِهَا وَالتَّحْرِيضِ عَلَيْهَا (2587)، صحيح مسلم الْهِبَاتِ (1623)، سنن النسائي النُّحْلِ (3687)، سنن أبي داود الْبُيُوعِ (3544).

كتاب الوصايا

كتاب الوصايا

كتاب الوصايا 256 - حكم الوصية س: أنا شاب مسلم، أريد أن أوصي أهلي ما دمت على قيد الحياة، ذلكم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: «ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين وله شيء يريد أن يوصي فيه إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه» (¬1) هكذا كتب السائل، وقال ابن عمر رضي الله عنه: ما مرت عليَّ ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك إلا وعندي وصيتي. أرجو من سماحتكم أن يدلنا على المهم في الوصية (¬2). ج: نعم، يشرع للمؤمن أن يوصي بما يلزمه من ديون أو حقوق حتى تسلم إلى أهلها، ولا سيما إذا كانت ليس عليها وثائق، وقد تضيع على أهلها، فإن الواجب عليه أن يوصي بذلك حتى يؤدي الحقوق، أما إن كان عليها وثائق عند أهلها فالأمر في هذا واسع، وإذا كان عنده مال يريد أن يوصي فيه يوصي بالثلث أو بالربع أو الخمس في وجوه البر وأعمال الخير، فينبغي له أن يكتب ذلك قبل أن تدركه المنية، فإن ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب الوصايا، برقم (2738)، ومسلم في كتاب الوصية، برقم (1627). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (155).

الأجل لا يدرى متى ينزل، وعلمه عند الله سبحانه وتعالى، فالمشروع البدار، للحديث الذي ذكره السائل، وهو قوله: «ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده» (¬1) رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين، فهو يدل على شرعية المبادرة والمسارعة إلى الوصية إذا كان له شيء يريد أن يوصي فيه، ومن ذلك الوصية بالديون التي ليس عليها وثائق، فيقول: عندي لفلان كذا، وعندي لفلان كذا، وعندي وديعة لفلان، حتى لا تضيع عليهم حقوقهم، وهذا شيء واجب، والمستحب أن يوصي بالثلث أو بالربع أو بالخمس إذا كان عنده مال فيه سعة، يوصي بذلك في وجوه البر وأعمال الخير، كصدقة على الفقراء والمساهمة في الجهاد في سبيل الله، وتعمير المساجد والربط للفقراء، والمراكز الإسلامية، والجمعيات الإسلامية، ونحو ذلك من وجوه الخير، ولا مانع أن يكون فيه وجهة له، أو له ولوالديه، أو له ولأهل بيته كل سنة، لا مانع من ذلك، ولا حرج في ذلك، كل ذلك من القرب، ويوصي على ذلك بالشخص الثقة أن يعين على هذه الوصية من يراه ثقة من أولاده أو إخوته، أو غيرهم، حتى تحفظ الوصية، وحتى لا تضيع وله أن يسندها إلى غير أقاربه، كأن يقول: الوكيل فلان من أصدقائه ومعارفه الثقات غير الأقارب، وله أن يقول: هو الوصي، وله أن يوصي بعده من يرى من الثقات، فيستنيبه في أن يوصي بعده من يرى، كل هذا لا بأس به لحفظ الوصية. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب الوصايا، برقم (2738)، ومسلم في كتاب الوصية، برقم (1627).

حكم الوصية لأحد الأبناء

257 - حكم الوصية لأحد الأبناء س: المستمع يسأل عن حكم الوصية، هل هي واجبة، بمعنى أنه لا بد لكل إنسان أن يوصي حتى ولو لم يكن يملك شيئًا من المال؟ وهل يجوز للإنسان أن يوصي بالثلث لابنه الأكبر؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: الوصية سنة إذا كان له شيء يوصي فيه بالثلث فأقل، إذا كان عنده مال فلا بأس بأن يوصي بالثلث فأقل، أما إذا كان ماله قليلاً، فالأحسن عدم الوصية، يتركه للورثة، أما إذا كان ماله فيه خير، وفيه بركة فيستحب أن يوصي بالثلث أو بالربع أو بالخمس في وجوه الخير، كأن يقول: في الصدقة على الفقراء في تعمير المساجد، في صلة الرحم، في ضحية لي ولأهل بيتي، أو لي ولوالدي، أو ما أشبه ذلك من وجوه البر، أو في سبيل الله، يعني في الجهاد في سبيل الله، لكن إذا عين الجهات يكون أحسن في الفقراء والمساكين، في تعمير المساجد، حتى يكون الوكيل على بينة، ويكون له وكيل، يجعل هذه الوصية لها وكيل من أقاربه، من أولاده، من غيرهم، وهكذا لو كان عليه دين، ليس عليه بيِّنات يجب أن يوصي به، أَنّ لفلان كذا، ولفلان كذا، حتى لا تضيع ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (399).

حقوق الناس، أما إن كان عندهم وثائق فالحمد لله، لكن إذا أوصى به احتياطًا خشية أن تضيع وثائقهم أو نحو ذلك، إذا أوصى به احتياطًا: لفلان عندي كذا، ولفلان عندي كذا، احتياطا فهذا طيب وهذا حسن، كذلك إذا أحب أن يخص أحدًا بعطية من غير الورثة، كأن يقول: لخالتي كذا، ولفلانة كذا، أو لفلان كذا، الثلث فأقل، يعطيهم فلا بأس، أما الورثة فلا يوصي لهم بشيء، لا أبناؤه ولا غيرهم، ليس للورثة وصية، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا وصية لوارث» (¬1) أما غير الورثة فلا بأس، كأن يوصي لعمته، لخالته، لشخص آخر، لا يرث من أقاربه بالثلث، بدراهم معينة أقل من الثلث، ببيت أقل من الثلث، بسيارة أقل من الثلث، وما أشبه ذلك، لا بأس؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده» (¬2) هكذا رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، متفق على صحته، فقوله صلى الله عليه وسلم: «ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه» (¬3). يدل على أن الوصية لمن له شيء يريد أن يوصي فيه، أما إنسان ليس عنده شيء ما تشرع له الوصية، أو عنده شيء لكن لا يريد أن يوصي ما تلزمه الوصية، لكن إذا أراد أن يوصي يوصي، يشهد على ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الوصايا، باب ما جاء في الوصية للوارث، برقم (2870). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب الوصايا، برقم (2738)، ومسلم في كتاب الوصية، برقم (1627). (¬3) صحيح البخاري الْوَصَايَا (2738)، صحيح مسلم الْوَصِيَّةِ (1627)، سنن الترمذي الْجَنَائِزِ (974)، سنن النسائي الْوَصَايَا (3615)، سنن أبي داود الْوَصَايَا (2862)، سنن ابن ماجه الْوَصَايَا (2699)، مسند أحمد (2/ 80)، موطأ مالك الْأَقْضِيَةِ (1492)، سنن الدارمي الْوَصَايَا (3175).

الوصية ويكتب كتابة موثوقة حتى تعتمد، سواء وصية بالثلث، أو بالربع، أو بالخمس، أو بأقل، في وجوه البر، في حج، في عمرة، في ضحية، أو وصية لإنسان يعطيه من أقاربه غير الورثة، قريب غير وارث، خال، عم، أخ ما يرث، لا بأس، أما الوارث فلا يوصي له؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا وصية لوارث» (¬1) يكفيه حقه الذي كتبه الله له. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الوصايا، باب ما جاء في الوصية للوارث، برقم (2870).

بيان استحباب المبادرة بالوصية

258 - بيان استحباب المبادرة بالوصية س: متى تشرع الوصية؟ وهل حدد الشرع مبلغًا من المال في ذلك (¬1)؟ ج: الوصية مشروعة دائمًا إذا كان للإنسان شيء يوصي فيه، فينبغي البدار بها، وذلك لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده» (¬2) رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين، هذا يدل على أنه يشرع له البدار بالوصية، إذا كان عنده شيء يحب أن يوصي فيه، وأكثر ما يجوز الثلث فقط، وإن أوصى بالربع أو بالخمس أو بأقل فلا بأس، لكن أكثر ما يجوز الثلث؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (88). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب الوصايا، برقم (2738)، ومسلم في كتاب الوصية، برقم (1627).

حديث سعد رضي الله عنه: «الثلث والثلث كثير» (¬1) وقال ابن عباس رضي الله عنهما: «لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: الثلث والثلث كثير» (¬2) وأوصى الصديق رضي الله عنه بالخمس، فإذا أوصى الإنسان بالربع أو بالخمس كان أفضل من الثلث، ولا سيما إذا كان المال كثيرًا، وإن أوصى بالثلث فلا حرج. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب الوصية بالثلث، برقم (2742)، ومسلم في كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث، برقم (1628). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب الوصية بالثلث، برقم (2743)، ومسلم في كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث، برقم (1628).

حكم كتابة الإنسان وصيته في حياته

259 - حكم كتابة الإنسان وصيته في حياته س: يقول السائل: هل من الواجب أن يكتب الإنسان وصيته أثناء حياته حتى لو لم يكن لديه الشيء الكثير، فكيف تكتب هذه الوصية، وفي ماذا تكون (¬1)؟ ج: عندما تكتب الوصية إذا كان له شيء يوصي فيه، أما إذا كان ما له شيء يوصي فيه فإنها لا تشرع له؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (187).

يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده» (¬1) قال: «ما حق مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه» (¬2). أما إذا كان ما له شيء، فقير، ما عليه شيء، لكن إذا كان عنده مال يريد أن يوصي بالثلث أو بالربع أو الخمس فينبغي له المبادرة، فيكتب الوصية حتى لا يهجم عليه الأجل وهو لم يوص. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب الوصايا، برقم (2738)، ومسلم في كتاب الوصية، برقم (1627). (¬2) صحيح البخاري الْوَصَايَا (2738)، صحيح مسلم الْوَصِيَّةِ (1627)، سنن الترمذي الْجَنَائِزِ (974)، سنن النسائي الْوَصَايَا (3615)، سنن أبي داود الْوَصَايَا (2862)، سنن ابن ماجه الْوَصَايَا (2699)، مسند أحمد (2/ 80)، موطأ مالك الْأَقْضِيَةِ (1492)، سنن الدارمي الْوَصَايَا (3175).

حكم الوصية للوارث

260 - حكم الوصية للوارث س: يقول السائل: شخص له زوجة وليس له أولاد، ويريد أن يوصي ببعض أرضه، أو كلها لأحد أبناء أخيه دون غيرهم في حياته، وزوجته موافقة على ذلك، ومتبرعة له بنصيبها من الأرض، وهذا الشخص لا يسأل موافقة من يرثه كأخيه وأخته وأبناء أخيه، ونحوهم، فهل تنفذ هذه الوصية شرعا أم لا (¬1)؟ ج: الوصية مشروعة كما قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده» (¬2) متفق عليه، فإذا أراد أن يوصي لغير وارث، سواء كان ابن أخ أو غير ذلك فلا بأس، أما الوارث فلا؛ لقوله صلى الله عليه ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (59). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب الوصايا، برقم (2738)، ومسلم في كتاب الوصية، برقم (1627).

وسلم: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث» (¬1) فإذا كان هذا الموصى له ليس وارثًا فلا مانع أن يوصي له بالثلث فأقل، ولا يجوز له أن يوصي له بأكثر، إلا بإجازة الورثة. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الوصايا، باب ما جاء في الوصية للوارث، برقم (2870).

حكم وصية المرء بماله وحرمان ورثته

261 - حكم وصية المرء بماله وحرمان ورثته س: سائلة تقول: خالتي لم تلد، وكتبت لي شقة صغيرة تملكها، وعندها بعض المال، ثم إنها كتبت لي توكيلاً بحيث يكون كل شيء لي بعد وفاتها، ولها أخوان وأخت، ثم إن أحوالهم متيسرة، ولهم أولاد، فهل علي ذنب إن أخذت ما أعطتني (¬1)؟ ج: إن كانت وصية فلك الثلث فأقل، والباقي للورثة، أما إذا أعطتك في حياتها عطية منجزة ثبتتها في حال صحتها وعدم مرضها صحةً تامة، وثبتت ببينة شرعية فلا بأس، تكون عطية، أما ما أعطتك في حال المرض أو وصية لك فليس لها إلا الثلث، والباقي للورثة، لا مانع من التوكيل، توكل فيما أوصت به، فالتركة لأهلها، لكن إذا كان لها وصية بالثلث أو بالربع أو بأقل من ذلك فلها أن توكل من الثقات من شاءت، من رجال أو نساء، من أقارب أو غيرهم، ولا بأس إذا كنت أهلاً للوكالة. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (322).

حكم من يوصي وليس له مال

262 - حكم من يوصي وليس له مال س: يقول السائل: هل يحق للشخص الذي يتولى أموره والده أن يوصي من ماله بالثلث عند وفاته أو في حياته (¬1)؟ ج: إذا كان له مال خاص به معروف فله أن يوصي، أما إذا كان ليس له مال، إنما المال لوالده، ووالده هو الذي يقوم عليه وينفق عليه فليس له وصية بشيء، لأنه ليس عنده مال، أما إذا كان عنده مال يخصه فلا بأس، يستحب له أن يوصي إذا كان له مال كثير، يوصي بالثلث أو بالربع أو بالخمس، لا بأس في وجوه البر وأعمال الخير، كالصدقة على الفقراء والمساكين، كتعمير المساجد، كالضحية عنه، أو عن والديه، كل هذا من القربات. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (22).

حكم تنفيذ الوصي للوصية على خلاف مراد الموصي

263 - حكم تنفيذ الوصي للوصية على خلاف مراد الموصي س: يقول السائل: والدي توفي، وأوصى بثلث ماله في أعمال بر، كإصلاح مشرب ماء، أو تكييف المسجد، أو إنارته، أو نحو ذلك، وأنا حاليًا الوصيّ على تنفيذ هذه الوصية، وأرغب أن أحصر ثلث ماله في أرض لمسجد يقام عليه، أرجو إفادتي عن صحة عملي هذا أثابكم الله (¬1). ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (43).

ج: الواجب الاشتراء بالثلث عقارًا يكون وقفًا في أعمال البر، فإن كان الثلث كثيرًا يمكن أن يشترى به عقار بيت أو دكان أو مزرعة بجميع الثلث، حتى تصرف الغلة في أعمال البر، هذا هو الواجب حتى لا يعدم الوقف، بل يبقى الوقف مستمرًّا، فتشتري أنت أيها الوكيل عقارًا بالثلث، وغلة العقار تصرف في تعمير المساجد، في صدقة على الفقراء والمساكين، في الإحسان إلى الأقارب، للفقراء، في أشباه هذا من وجوه البر، أما إذا كان الثلث قليلاً ما يتيسر به دكان ولا بيت ونحو ذلك، فلا مانع من صرفه في تعمير المسجد حتى لا يضيع. أما قولك: بأن ينتهي من هذا العبء بعمارة مسجد على أرض يشتريها من هذا الثلث، فإن الأولى ترك ذلك، الأقرب عندي أن هذا لا يصلح؛ لأن هذا خلاف ما أراده الموصي، الموصي أراد عقارًا تنفق غلته في وجوه البر، هذا ما أراد الموصي على العادة المعروفة عند الموصين، لو أراد مسجدًا لقال: يجعل في مسجد، وانتهى.

بيان مصرف الفاضل من ربع الوصية بعد تنفيذ وصية الموصي

264 - بيان مصرف الفاضل من ربع الوصية بعد تنفيذ وصية الموصي س: يقول السائل: أوصت والدتي بثلث مالها، واشترينا لها بيتًا، ويؤجر هذا البيت، وأنفذنا ما جاء بالوصية، وهو أضحيتان على الدوام، ويزيد بعد الأضاحي والإصلاح نقود، فهل يجوز لي أن أوزع هذه النقود على أولادها، مع أنني أفعل ذلك، وهل نصيب الأنثى يساوي نصيب الذكر في هذا الربع، وهل يعطى زوجها

الذي توفيت عنه من ذلك؟ أفيدونا أثابكم الله (¬1) (¬2). ج: إذا كانت لم توضح مصرف الفاضل بعد الضحية، لم تقل: يصرف في كذا ويصرف في كذا، فإن الفاضل بعد الضحيتين وبعد الإصلاح لما قد يحتاجه البيت يصرف في وجوه البر وأعمال الخير، ولا يتعين في أولادها ولا في زوجها، لكن إذا كان أولادها فقراء فهم من أولى الناس بالفاضل صدقة وصلة، وهكذا زوجها إذا كان فقيرًا، يعطى من ذلك من باب أنه كالغريب لحاجته، وكونه يعز عليها، فإذا أعطي الزوج الفقير والأولاد من الغلة التي حصلت من البيت بعد الضحيتين والإصلاح فهذا حسن، ولكن لا يلزم الوكيل، بل ينظر الأصلح، فلو وجد من هو أفقر من الأولاد وأشد حاجة فلا مانع أن الوكيل يصرفه فيهم، المقصود أن هذا يرجع إلى الوكيل ويتحرى، فإذا كان أولادها فقراء فهم من أولى الناس بالفاضل؛ لكونه في حقهم صدقة وصلة، وهكذا زوجها، وهكذا بقية أقاربها، كأخوالها وأعمامها وإخوتها ونحوهم، ولكنه لا يتعين ذلك فيهم، بل متى رأى الوكيل أن هناك أمرًا أكبر من هذا وأشد حاجة فلا بأس أن يصرف فيه، كتعمير المساجد، وكالإحسان إلى إنسان مضطر، حاجته أشد منهم جدًّا، وما أشبه ذلك من الأمور التي قد تعرض، يعرف الوكيل أن الصرف فيها مهم جدًّا، ويرجو فيه خيرًا للموصية أكثر. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (77). (¬2) السؤال الثالث من الشريط رقم (77). ') ">

س: هذا السائل: م. أ. أ. من قطر، يقول: رجل أوصى بثلث ماله وقفًا، فضاعت الوصية وقسمت التركة، وبعد فترة من الزمن عثر على الوصية، فما الحكم في ذلك؟ ج: هذه مسألة مهمة يرجع فيها إلى المحكمة، حتى تعرف الحقيقة وتثبت الدعوى أنها ضاعت الوصية، أو أن الوصية ثابتة، المقصود هذا الموضوع يرجع فيه إلى المحكمة في البلد.

بيان ما يلزم الموصى إليه في تنفيذ الوصية

265 - بيان ما يلزم الموصى إليه في تنفيذ الوصية س: المستمع ح. ص. س. اليماني، بعث يقول: لقد توفي والدنا رحمه الله منذ ثلاث سنوات، وترك لنا وصية مكتوبة، يقول فيها: اذبحوا رأسًا من الغنم في يوم سبعة وعشرين من رمضان من كل سنة، ونحن قد قمنا بتنفيذ ذلك لمدة سنتين، وبعدها سافرت أنا، وقد تسلفت مبلغًا من المال للسفر للخارج، وبجانب هذا أعول أسرة تتكون من ستة أشخاص، ولم أستطع ذبح هذا الرأس من الغنم، لأن دخلي لا يكفي لهذا، فهل يلزمني تنفيذ الوصية في كل سنة؟ وجهوني جزاكم الله خيرًا (¬1). ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (348).

ج: نعم، عليك تنفيذ الوصية؛ لأن رمضان شهر مبارك، ليلة سبع وعشرين من أفضل الليالي وأحراها لليلة القدر، فإذا كان أبوك أوصاك بذبح ذبيحة أو إخراج مال صدقة في هذه الليلة، أو في رمضان، أو في أي وقت نفذها.

حكم الوصية بالأضحية عن الوالدين

266 - حكم الوصية بالأضحية عن الوالدين س: سائلة تقول: سماحة الشيخ، رجل توفي وأوصى في وصيته بأن يضحى لوالديه، ورفض الأولاد معللين بأن ذلك بدعة، ما الحكم في ذلك مأجورين (¬1)؟ ج: الواجب تنفيذ الوصية، وتذبح الضحية عنه وعن والديه كما أوصى بذلك، وليست الضحية بدعة عن الوالد ولا عن الوالدة، بل مشروعة من جنس الصدقة، والقول بأنها بدعة غلط، والضحايا سنة عن الحي والميت جميعًا، فالواجب تنفيذ الوصية عن الموصي ووالديه. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (414).

بيان أن الإيصال بمثابة الوصية

267 - بيان أن الإيصال بمثابة الوصية س: يقول السائل: كان قريب لوالدتي يحفظ عندها وصل أمانة بمبلغ من المال على اثنين من أولاده، يدفعونه إلى بنات أخيهم الثالث الذي توفي قبل والدهم، وبعد موت هذا الوالد طلبت والدتي

منهم أن يدفعوا المبلغ المذكور في الإيصال إلى بنات أخيهم حسب طلب والدهم، ولكنهم رفضوا؛ لخلاف بينهم وبين أمهم زوجة أخيهم، أي أم البنات، وحاولت معهم كثيرًا، ولكن دون جدوى، وتوفيت والدتي وهي في حيرة ماذا تفعل، وما زال عندنا هذا الإيصال، هل هذا الإيصال يعتبر بمثابة وصية وتكون والدتي مسؤولة عنه، وإذا كانت والدتي مسؤولة عنه هل يجوز أن أعطي هذا المبلغ للبنات حتى أبرئ ذمة والدتي من هذا؟ وهل يكون نفس المبلغ المذكور في الإيصال أم أكثر لفارق المدة، حيث إنه من مدة تقارب خمس عشرة سنة؟ أرجو إفادتي عن هذه القضية، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: هذا الإيصال يسلم لأهله، لبنات أخيهم كما أوصى والدهم بذلك، وليس لهم تأخير ذلك ولا حبسه، فقد أخطؤوا في تأخيره، وهو في مثابة الوصية، لكن يراعى في ذلك أن أولاد الابن هذا ليسوا وارثين، فلا بد من كون هذا المبلغ يخرج من الثلث، إذا كان بقدر الثلث أو أقل من الثلث فإنه يدفع لهم؛ لأنه لا إرث لبنات ابنه مع أعمامهم، والإرث للأعمام، والوصية لغير الوارث مشروعة، ولا سيما للأقارب، فالواجب أن يدفع إليهم هذا الأمر إذا كان قدر الثلث فأقل، أما إن كان فيه زيادة ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (86).

فالزيادة لا بد من سماح الورثة بها، ولا يجوز تأخير ذلك، وعلى من أخره التوبة إلى الله، ولا يلزم زيادة، بل المبلغ يكفي الذي وصى به، ولا تلزم الزيادة من أجل التأخير.

بيان ما يلزم من وصاه شخص أن يحج عنه

268 - بيان ما يلزم من وصاه شخص أن يحج عنه س: يقول السائل: عندما يتوفى شخص ويوصي شخصًا آخر بأن يحج عنه، والموصى لم يستطع أن يحج، ولم يخبر أهل المتوفّى بذلك، ماذا عليه أن يفعل، هل يحج عنه دون أن يخبر أهل المتوفّى، أم يخبرهم مع ما في ذلك من حرج شديد؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا حج عنه بموجب الوصية من مال نفسه من باب الإحسان جزاه الله خيرًا، أما إذا كان أوصى أن يحج عنه من ماله فلا بد أن يخبر أهل الميت؛ لأن قوله ما يكفي، لا بد من بينة شاهدين يشهدان بأنه أوصى بالحجة من التركة، أما إذا أراد أن يحج عنه من ماله تبرعًا؛ لأنه أوصاه بذلك فجزاه الله خيرًا، ولا حاجة إلى أن يعلمهم. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (177).

حكم الوصية بحرمان من لا يصلي من الأولاد من الإرث

269 - حكم الوصية بحرمان من لا يصلي من الأولاد من الإرث س: يقول السائل: لي ولد يبلغ التاسعة عشرة من عمره، وهو عاق طائش تارك للصلاة والصوم رغم نصحي ومحاولاتي الكثيرة معه، وأنا أبلغ الخامسة والستين من العمر، وقد يئست منه، فهل

يصح لي أن أوصي بحرمانه من الميراث، وأن أجعل نصيبه لإخوانه أو لبيوت الله، أو لأي عمل آخر من أعمال البر، أم أن علي إثمًا في ذلك؟ أرجو النصح والتوجيه، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: إذا كان الواقع كما ذكرت فليس له إرث، الإرث لغيره، أما هو فليس له إرث، وإذا أوصيت بالواقع، وأنه ليس بمصلٍّ وأخبرت أنه لا يصلي، وأن الواجب حرمانه من الإرث فلا بأس بذلك من باب الإخبار، وإذا كان له خصومة يتصل بالمحكمة، أما أنت بيّن له الذي عندك، تنصحه لله، وتبين له الذي عندك، وإذا كان لا يصلي فلا إرث له، ولا مانع بأن توصي بأنه لا يعطى إرثًا له؛ لأنه لا يصلي حتى يكون ذلك تنبيهًا للورثة وللمحاكم إن كان الشخص له خصومة بعد وفاتك. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (214).

بيان ما تنفذ فيه الوصية

270 - بيان ما تنفذ فيه الوصية س: يقول السائل: متى تنفذ الوصية لوارث أو لغيره، ومتى لا تنفذ (¬1)؟ ج: تنفذ الوصية إذا مات الموصي، نفذت بالثلث فأقل، ولو لم يرض الورثة، يجب تنفيذها من ثلثه فأقل، أما الورثة فلا تنفذ وصاياهم إلا برضا شركائهم المرشدين، إذا رضوا بعد الموت نفذت، وهي غير محددة في الأراضي وغيرها، متى وافق الشركاء وهم مرشدون جاز ذلك. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (59).

حكم تنفيذ الوصية المخالفة للشرع

271 - حكم تنفيذ الوصية المخالفة للشرع س: يسأل السائل ويقول: بالنسبة إلى الوصية التي تخالف الشرع هل تنفذ أم لا؟ وكيف يتصرف الموصى إليه في هذه الوصية (¬1)؟ ج: الوصايا المخالفة للشرع لا تنفذ، الوصايا إذا خالفت الشرع لا تنفذ، لا ينفذ منها إلا ما وافق الشرع، فإذا أوصى الإنسان مثلاً في ماله بأكثر من الثلث لا ينفذ إلا الثلث إلا برضا الورثة المرشدين إذا رضوا بالزيادة، وإذا أوصى بمال في معصية، كأن يشترى به خمر، أو يشترى به شيء من آلات الملاهي فإنها لا تنفذ الوصية، وهكذا، لا بد، الوصية أن تكون موافقة للشرع، أو أوصى للورثة، لبعض الورثة، لا وصية لوارث، لا بد أن تكون الوصية مطابقة للشرع، موافقة للشرع. ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (42).

حكم كتابة الوالدين أموالهم لأولادهم قبل الممات

272 - حكم كتابة الوالدين أموالهم لأولادهم قبل الممات س: يقول السائل: ما حكم الإسلام في نظركم في كتابة الوالدين لما يملكون لأولادهم قبل الممات (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل، إن كان عطية لأولادهم، يعطونهم عطية وهم أصحاء سالمون لا بأس، عطية بشرط العدل، للذكر مثل حظ الأنثيين، ¬

(¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (366).

لا يخصون بعضهم دون بعض، يعطونهم جميعًا للذكر مثل حظ الأنثيين، لا بأس، أما وصية بعد الموت، أو وصية عند المرض فلا، إذا كان هناك ورثة آخرون كالزوجة أو الزوج أو الوالدين، لا يوصى بوصية للورثة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث» (¬1) وإذا أراد أن يوصي فليس له إلا الثلث، يوصي بالثلث أو أقل لغير الورثة. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الوصايا، باب ما جاء في الوصية للوارث، برقم (2870).

حكم الوصية بتفضيل أحد الورثة في الإرث

273 - حكم الوصية بتفضيل أحد الورثة في الإرث س: يقول السائل: هل يجوز للوالد أن يكتب شيئًا خاصًّا لأحد أبنائه قبل وفاته بأن يخصه بشيء من الإرث مثلاً (¬1) (¬2)؟ ج: ليس لأحد أن يخص بعض الورثة بشيء، لا الوالد ولا غيره، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث» (¬3) فليس للوالد ولا غيره، أن يخص بعض الورثة بشيء، لا وصية ولا عطية إن كانوا أولادًا، أما إن كانوا غير أولاد فله أن يعطي من شاء في حياته، يعطي بعض إخوانه، بعض أعمامه لا بأس، أما ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (347). (¬2) السؤال العاشر من الشريط رقم (347). ') "> (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الوصايا، باب ما جاء في الوصية للوارث، برقم (2870).

الأولاد فليس له أن يخص أحدًا منهم بعطية، لا في الحياة، ولا بعد الممات، وأما الورثة فلا يوصى لهم مطلقًا، الوصية لا يوصى لوارث مطلقًا، إن كان أخًا أو ابنًا أو عمًّا، أو غير ذلك، الوصية عامة ليس له أن يوصي لوارث مطلقًا، أما العطية في الحياة فتختلف، أما الأولاد فليس له أن يخص أحدًا في العطية من أجل أن يسوي بينهم، أما الأقارب الآخرون، لو أعطى أحد إخوانه أو أحد أعمامه وهم ورثة، لو مات لا بأس، هذا إذا كان في غير مرض. س: يقول السائل: لو خص ابنًا له من بين أولاده، هل يمضي بعد موته، أم يوقف على جميع أولاده؟ ج: الصحيح أنه لا يمضي إذا خصهم أو زاد بعضهم على بعض ثم مات، فهم بالخيار، إن شاؤوا أمضوا وسمحوا، وإن شاؤوا ردوا، فلهم الرد على الصحيح، قال بعض أهل العلم: إنه بعد الموت لا يرد شيء، لكن الصحيح أنه لا يمضي، لأن النبي سماه جورًا، قال: «إني لا أشهد على جور» (¬1) سمى الزيادة وعدم العدل جورًا، والجور لا يقر، فإذا مات بعد هذه المعصية، بعد التخصيص أو التفضيل فإن المخصص ينزع منه المال ويوزع بين الورثة، وهكذا لو فضل، تنزع منه الزيادة ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد، برقم (2650)، وأخرجه مسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623).

وتوزع بين الورثة، إلا أن يسمحوا عنه وهم مكلفون مرشدون، إذا سمح المرشد عن حقه فلا بأس.

حكم الوصية بجميع المال لبعض الورثة دون بعض

274 - حكم الوصية بجميع المال لبعض الورثة دون بعض س: يقول السائل: رجل قبل أن يتوفى كتب كل ما يملكه من أموال لبناته فقط، لقصد حرمان بقية ورثته الآخرين، فهل ما فعله هذا جائز أم لا، وإذا لم يكن جائزًا فما العمل في تركته (¬1) (¬2)؟ ج: إذا كان أوصى بالمال لبناته أو لبعض ورثته فالوصية باطلة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث» (¬3) فليس لأحد أن يوصي بالمال للورثة، لا لبناته ولا لغير بناته، بل المال يكون للجميع، أما إذا أوصى بالثلث أو أقل لغير الورثة فهذا صحيح، له أن يوصي بالثلث فأقل، لكن لغير الورثة، فإذا ثبت ذلك بالبينة العادلة نفذ، أما أنه يوصي للزوجة أو توصي المرأة لزوجها أو لأبيها أو لأمها أو لبناتها، أو يوصي الزوج لأمه أو لأبيه، أو غيرهما من الورثة فهذا لا يصح، ولا يوصي للوارث أبدًا، لا بالقليل ولا بالكثير، بل الله جل وعلا قسم بينهم المال، فيجب أن يطبق حكم الله في ذلك، وليس للمسلم أن يوصي بشيء للورثة، أما إن كان قد ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (53). (¬2) السؤال السابع من الشريط رقم (53). ') "> (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الوصايا، باب ما جاء في الوصية للوارث، برقم (2870).

أعطاهم في الصحة، قد أعطى بناته في صحته وسلامته، وليس له أولاد آخرون، بل بنات فقط، أو أعطى أولاده جميعًا وسوى بينهم في صحته، قسم بينهم، فإن هذا نافذ، وليس لأحد الاعتراض عليه ما دام في الصحة، ما هو في المرض، وليس وصية، إذا كان مثلا في صحته عنده بنتان وولد، فأعطاهم أراضي، أعطاهم بيوتًا أو نقودًا قسمها بينهم فلا بأس، وعدل بينهم لا حرج، للذكر مثل حظ الأنثيين، أو له زوجة وأعطاها في صحته بيتًا، أو أعطاها أرضًا أو سيارة لا بأس، أو أعطى بعض أقاربه الوارثين، أعطى إخوته الورثة في صحته فلا بأس. س: يقول السائل: هل يجوز للرجل أن يكتب لزوجته كل ما يملك ويدع أبناءه من زوجته التي سبقتها؟ ج: ليس له ذلك، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث» (¬1) هذا إن كانت وصية، أما إذا عجل لها ذلك وهو أن يعطيها أمواله في حال صحته وحال ثبات عقله وتصرفه، إذا أحب أن يعطيها من ماله شيئًا فلا بأس، ولو لم يعط أولاده شيئًا، لكن إذا كان له زوجة ثانية، فينبغي له أن يعدل بينهما، أما إذا كان ليس له إلا زوجة واحدة وأحب أن يعطيها نصف ماله، ثلث ماله، أو ماله كله، وهو صحيح العقل مرشد فلا بأس عليه في ذلك، ولا ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الوصايا، باب ما جاء في الوصية للوارث، برقم (2870).

يمنع من التصرف في ماله، في إعطائه زوجه، أو تقسيمه بين الفقراء وقد أنفق أبو بكر رضي الله عنه جميع ماله في سبيل الله في نصر دين الله، رضي الله عنه وأرضاه، لكن كونه يمسك بعض ماله ولا يعجل، هذا خير له، لما أراد كعب أن يتصدق بكل ماله لما تاب الله عليه قال له صلى الله عليه وسلم: «أمسك عليك بعض مالك هو خير لك» (¬1) كونه يمسك بعض المال، ربع المال، نصف المال أولى حتى لا يحتاج إلى الناس. أما إذا كان يريد أن يكتب لها المال كله ولا يعطي أبناءه من الزوجة الأولى المتوفاة، هذا فيه نظر، فهذا لا يجوز، أما إن كان القصد أن يعطيها هي فقط، أما الأولاد، فلا بأس أن يعطيها شيئًا من ماله ويمسك ما يسر الله له، أما إذا كان القصد التحيّل حتى يعطي أولادها دون أولاد الزوجة الأولى هذا منكر، والحيل باطلة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬2) ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب إذا تصدق، أو أوقف بعض ماله أو بعض رقيقه.، برقم (2757). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587)، ومسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623)، بلفظ: في أولادكم.

حكم الوصية للأبناء الصغار دون الكبار

275 - حكم الوصية للأبناء الصغار دون الكبار س: يقول السائل: مشكلتي أن لي إخوة أكبر مني، وثلاثة أصغر مني، قام أبي بمساعدة الإخوة الكبار حتى زوجهم، وصرف عليهم مصارف كبيرة حتى استقروا في حياتهم، وأبي ينوي في نفسه أن

يكتب في وصيته قطعة أرض لإخوتي الصغار، فهل هذا حلال أم حرام؟ مع العلم أن إخوتي الكبار منفصلون عنا تمامًا، وحالتهم المعيشية جيدة جدًا، ولم يتقدموا لمساعدة إخوانهم الصغار، وهذا مما جعل الأب يكتب للأطفال الصغار قطعة أرض كوصية لهم (¬1)؟ ج: الواجب على الأب أن يزوج أبناءه إذا بلغوا سن الزواج وهم عاجزون وفقراء وهو قادر، يلزمه أن يزوجهم وينفق عليهم، لشدة الحاجة إلى الزواج، أما إذا كانوا أغنياء فإنهم يزوجون أنفسهم، وإذا أعطاهم شيئًا وجب أن يعطي الآخرين مثلهم، لقوله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬2) فيعطي الذكر مثل حظ الأنثيين، كالإرث، أما إذا كانوا فقراء فإنه يزوجهم إذا كان قادرًا، ولا يلزمه في هذا التسوية لإعطاء الذين لم يحتاجوا للزواج أو البنات، لأنه زوج الكبار المستحقين الزواج، العدل واجب عليه، كالنفقة في أكلهم وشربهم ولباسهم، أما وصيته للصغار فلا وجه لها لأنهم لم يتأهلوا للزواج، والوصية للوارث لا تصح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث» (¬3) وأما الصغار ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (330). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587)، ومسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623)، بلفظ: في أولادكم. (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الوصايا، باب ما جاء في الوصية للوارث، برقم (2870).

فليسوا أهلاً للزواج، وليسوا في حاجة للزواج، هذا هو الصواب.

حكم تنفيذ وصية من أوصى بمعصية

276 - حكم تنفيذ وصية من أوصى بمعصية س: من تبوك يقول السائل: لي أخ توفي رحمه الله، وترك مجموعة من البنات، وأوصاني في حياته وهو في تمام عقله إلا أزواج بناته لأشخاص معينين هم أبناء عمومتنا، حيث إنه قد صار بينهم سوء تفاهم دنيوي، وحاليًا قد تقدموا إلي بطلب الزواج من البنات، لكني محتار في تلك الوصية، هل أنفذها أم أقوم بتزويج البنات، جزاكم الله خيرًا وأحسن إليكم (¬1). ج: إذا كانوا من أهل الاستقامة والدين ورضيت بهم البنات فزوّجهم ولا وجه للوصية، إنما الطاعة في المعروف، وصيته، لو كان حيًّا ليس له ذلك إذا كانوا مستقيمين والبنات يرضين بذلك فلا بأس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (¬2) أو قال: «عريض» (¬3) المقصود إذا كان الخاطب كفئًا في دينه لا بأس به ورضيت به المرأة فلا بأس ولو كان أبوها أوصى بعدم تزويجه، لا يسمع لهذه الوصية ولا يلتفت إليها. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (308). (¬2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، (ج7 / ص82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب النكاح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه، برقم (1084).

حكم تنفيذ الوصية بالبدعة

277 - حكم تنفيذ الوصية بالبدعة س: يقول السائل: بعض الناس يترك وصية للورثة حين مرضه، أو عند حضور وفاته، ومن جملة هذه الوصايا يوصيهم بغسله، أي يغسلونه عدد زوجاته، فمثلاً له زوجة واحدة يغسلونه غسلة واحدة، وإن كان له ثلاث زوجات يغسلونه ثلاث غسلات، وهكذا حسب عدد زوجاته، نرجو النصيحة لهؤلاء (¬1). ج: فهذه الوصية وصية لا أصل لها، باطلة، كونه يوصي بأن يغسل بعدد أزواجه هذا كلام باطل، ومن الخرافات، السنة أن يغسل الميت ثلاث غسلات، وإن دعت الحاجة إلى خمس أو سبع وتر كله طيب، والواجب مرة واحدة، الواجب أن يغسل غسلة واحدة، يعمم حتى يعم الماء بدنه، هذا هو الواجب، وإذا كرر ثلاث مرات فهو أفضل، كما «قال النبي صلى الله عليه وسلم لما غسلت ابنته زينب قال: اغسلنها بثلاث أو خمس أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك، واجعلن في الأخيرة كافورًا» (¬2) فمن السنة أن يغسل الميت ثلاثًا، هذا هو الأفضل، وإن دعت الحاجة إلى أكثر فلا بأس وترًا، والواجب مرة واحدة، أما ما يتعلق بالزوجات فهذا شيء لا أصل له. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (354). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب كيف الإشعار للميت، برقم (1261)، ومسلم في كتاب الجنائز، باب في غسل الميت، برقم (939).

بيان مصرف وصية من أوصى بقراءة القرآن له بعد وفاته

278 - بيان مصرف وصية من أوصى بقراءة القرآن له بعد وفاته س: يقول السائل: امرأة توفيت وتركت قطعة أرض لمن يقرأ لها القرآن بعد وفاتها، فيكف التصرف في تلكم الأرض، ولا سيما أنّا قد سمعنا أن قراءة القرآن وإهداء ثوابها إلى الموتى غير جائزة (¬1)؟ ج: نعم، غير مشروع قراءة القرآن للأموات، ولكن هذه الأرض تصرف غلتها في جماعة تعليم القرآن، تصرف عنها للذين يعلمون القرآن، ولها أجرها العظيم، تعين جماعة القرآن في البلد، أو في أي بلد، تصرف الغلة للقائمين بتعليم القرآن حتى يستعينوا بها في أجور المدرسين، أو شراء الكتب، ونحو ذلك، أما يقرأ للميت فلا. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (355).

حكم الوصية ببناء مسجد حذاء قبره

279 - حكم الوصية ببناء مسجد حذاء قبره س: المستمع إ. آ. من السودان، يقول: توفي قريب لي، وأوصى بأن يبنى مسجد يكون محاذيًا لقبره، فهل تنفذ وصيته أم لا (¬1)؟ ج: لا يجوز تنفيذها، لا يبنى مساجد على القبور، ولا عند القبور ولا بين القبور، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لعن الله اليهود ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (353).

والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (¬1) يحذر ما صنعوا المقصود أن المساجد تكون في محلات مناسبة لأهل البلد، بعيدة عن القبور، أما القبر فلا يبنى عليه، ولا يبنى بين القبور مساجد، كل هذا غلط كل هذا من أسباب الشرك، نعوذ بالله من وسائل الشرك، فلا يجوز، بل هذا من أعمال اليهود والنصارى، نسأل الله العافية، فالوصية هذه باطلة لا تنفذ. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (529).

حكم الوصية بالدفن في مسجد

280 - حكم الوصية بالدفن في مسجد س: المرسل م. ع. من اليمن يسأل ويقول: هل يجوز لمن يوصي أن يوضع قبره في أحد المساجد، أن تنفذ وصيته؟ لأننا نلاحظ أن الكثير من المساجد تحتوي على بعض القبور، فما هو توجيهكم، هل نخرج عظام الموتى من القبور حتى تخلوا المساجد من المقابر؟ وجهونا حول هذين الأمرين، جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: من أوصى أن يدفن في المساجد وصيته باطلة لا تنفذ، لا يجوز تنفيذها، بل يجب أن يدفن مع المسلمين في المقابر، ولا يجوز أبدًا أن يدفن في المساجد، هذا منكر، ومن عمل اليهود والنصارى، ومن أسباب الشرك، وهكذا إذا وجد قبر في المسجد والمسجد سابق والقبر ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (327).

هو الجديد الحادث يجب أن ينبش وتنقل عظامه ورفاته إلى المقابر بصورة خاصة، يوضع فيها، ويسوى ظاهره كسابقه، ولا يجوز بقاء المقابر في المساجد أبدًا، أما إن كان المسجد هو الحادث والمقبرة السابقة، وفي هذا المسجد قبور، بني على القبور، فإن هذا المسجد يهدم ويزال، لأنه هو الحادث، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (¬1) وقال عليه الصلاة والسلام: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك» (¬2) فاتخاذ القبور في المساجد من عمل اليهود والنصارى، ومن أسباب الشرك فيجب الحذر من ذلك، وإذا كانت القبور هي الحادثة وجب أن تنبش وتبعد، وتنقل عظامها إلى المقابر، كل رفات قبر ميت يوضع في حفرة وحدها، ويسوى ظاهرها كسائر القبور، أما إذا كان المسجد هو الجديد، والمقبرة السابقة، يعنى أنه هو الذي بني على القبر تعظيمًا للقبر فهذا المسجد يهدم ولا يبقى في المقبرة، يزال لأنه هو الحادث. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور، برقم (1330)، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (529). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب المساجد، ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، برقم (532).

كتاب الفرائض

كتاب الفرائض

كتاب الفرائض 281 - بيان شروط الإرث س: يقول السائل: إذا مات الوارث قبل المورث فهل يحق لأهل الوارث أن يطالبوا بالميراث من أهل المورث؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2). ج: الذي يموت قبل المورث ليس له شيء شرط الإرث أن يكون بعد المورث، إذا مات الابن قبل أبيه ليس له شيء، وإذا مات الأخ قبل أخيه ليس له شيء، الإرث لمن بقي، لمن كان حيًّا وقت الموت، الإرث لمن كان حيًّا وقت موت قريبه، أما من مات قبله فليس له شيء. س: يقول السائل: س. ط. من العراق: توفي عمي قبل جدي بزمن، وترك بنتًا واحدة، وبعد موت جدي بفترة طويلة حصلت قسمة الأرض التي يمتلكها جدي بين عمومتها، فهل هذه البنت تشارك حصة عمي المتوفى قبل جدي، وإذا كانت الإجابة بنعم فبكم (¬3). ج: ليس لها حق في الإرث، إن كان أبوها مات قبل أبيه فالحق ¬

(¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (350). (¬2) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (350). ') "> (¬3) السؤال العاشر من الشريط رقم (268). ') ">

للأبناء الموجودين، والميت لا حق له إن مات قبل أبيه، وإنما الحق للورثة الموجودين البنين والبنات، للذكر مثل حظ الأنثيين كما قال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}. إلا إذا كان جدها أوصى لها بشيء، أوصى لها بشيء من الدراهم أو جزء مشاع كالربع والخمس لا بأس، لكن ليس له أن يوصي بأكثر من الثلث، إذا أوصى لها بالثلث أو أقل، أو بدراهم معينة لا تزيد على الثلث، أو بأرض أو بيت لا يزيد على الثلث لا بأس، أما إن زاد على الثلث فلا يسمح له بالزيادة إلا برضا الورثة إذا أوصى لها بشيء يزيد على الثلث، فالزائد ليس لها حق فيه إلا برضاهم، رضا الورثة إذا كانوا مرشدين، أما إذا كانوا قاصرين لا تعطى الزيادة. س: الأخ/ ي. ع. م. من المملكة الأردنية الهاشمية، يقول: والدتي توفيت قبل والدها، هل يجوز لي شرعًا أن أرث من تركته أم لا؟ وإذا أخذت من تركته هل هو حلال أم حرام؟

ج: ما دامت ماتت قبل والدها ليس لك حق، الإرث لأولاده والورثة الأحياء، من شرط إرث القريب أن يكون حيًّا وقت موت قريبه، أما إذا كانت الوالدة ماتت قبل أبيها فلا حق لها في الميراث، ولا حق لك أنت إذا كان له ورثة، كبنين وبنات غير أمك، هم أحق بالميراث وليس لك أنت حق، ولا يجوز لك أن تأخذ شيئًا من التركة، بل يجب أن ترده إن أخذت شيئًا، تعطيه الورثة، أما لو قدر أنه مات وليس وراءه أحد إلا أنت يا ولد بنته وليس له ورثة لا عصبة ولا أهل الفروض فهذا يجوز أن ترثه على قول بعض أهل العلم، وهو الصحيح أنه يجوز أن يرثه ذوو الأرحام عند فقد الورثة من العصبة أو من أصحاب الفروض، أما ما دام له ورثة من أولاده أو إخوته أو غيرهم من العصبة فلا حق لك أن تأخذ من التركة شيئًا، لأن أمك ماتت قبل أن تستحق الميراث، ماتت في حياة أبيها.

بيان موانع الإرث

282 - بيان موانع الإرث س: يسأل السائل عن موانع الإرث (¬1) (¬2)؟ ج: الإرث يمنعه ثلاث: الرق، والقتل واختلاف الدين، فالرق: أنه ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (252). (¬2) السؤال من الشريط رقم (252). ') ">

مات الإنسان وبعض ورثته أرقة مملوكون، ما يرثون منه، مثل له ولد رقيق، أو ماتت امرأة وزوجها رقيق، أو مات رجل وزوجته رقيقة، لا إرث لها، أو مات وأخوه رقيق، أو أبوه رقيق، لا إرث له بسبب الرق، كونه مملوكًا، كذلك القتل: لو أن إنسانًا قتل أباه ما يرث منه، أو قتل أخاه ما يرث منه، ليس للقاتل من الإرث شيء، إذا قتله عمدًا، أو قتلاً وجبت فيه الكفارة عليه أو الدية، قتلاً غير مباح، أما إذا قتله قصاصًا، فإنه يرث، لأنه قتل شرعي، فلو قتل أخاه قصاصًا أو عمه قصاصًا فإنه يرثه، الحاصل أنه إذا قتله قتلاً يوجب القصاص أو الدية أو الكفارة فإنه لا يرثه، وهكذا اختلاف الدين، لو مات إنسان مسلم عن أبٍ كافر ما يرث، وأبوه كافر، ولا أخوه الكافر وهو مسلم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم» (¬1) في الحديث الآخر: «لا توارث بين أهل ملتين» (¬2) وهكذا لو كانت زوجته كتابية وهو مسلم لا ترثه الكتابية يهودية أو نصرانية، وهكذا لو مات ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الفرائض، باب لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم، برقم (6764)، ومسلم في كتاب الفرائض، برقم (1614). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الفرائض، باب هل يرث المسلم الكافر، برقم (2911).

إنسان وليس له ورثة إلا كفارًا، فإن ماله يكون لبيت مال المسلمين، ما يعطاه الكفار، فهو لبيت مال المسلمين، فإن كان له قريب مسلم ولو ابن عم بعيد فإنه يعطى الإرث ولا يعطاه أبوه، ولا قريب ولا أخوه إذا كان على غير دينه، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم» (¬1) متفق على صحته. س: يقول السائل: كيف يكون الرجل أبًا غير وارث؟ ج: قد يكون أبًا وهو غير وارث، إما لأنه رقيق مملوك فلا يجوز أن يملك إلا بعد الحرية، أو لأنه كافر وولده مسلم، أو بالعكس، لأنه مسلم وولده كافر، فلا يرث، وقد يقتل ابنه فلا يرث منه إذا قتله، وقد يقتل الولد والده فلا يرث منه، فإذا قام به مانع صار أبًا وليس بوارث، لكونه مخالفًا لدين المورث، أو لكونه قاتلاً، أو لكونه رقيقًا مملوكًا. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الفرائض، باب لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم، برقم (6764)، ومسلم في كتاب الفرائض، برقم (1614).

بيان وجوب قسمة التركة كما شرع الله تعالى

283 - بيان وجوب قسمة التركة كما شرع الله تعالى س: يقول هذا السائل: والدي كتب الميراث لنا نحن البنين دون

البنات، وترك زوجته وأخواتي البنات، بحجة أن الميراث بسيط، وأن أخوتي البنات تعلمن وعملن وجهز لهن بيت الزوجية، وهذا يعادل ميراثهن، ما نصيحتكم للآباء حول هذا الموضوع (¬1)؟ ج: لا يجوز للآباء أن يخصوا الأبناء بشيء، بل الواجب أن يدعوا التركة للجميع، للذكر مثل حظ الأنثيين، أما ما أعطاهن وقت الزواج فهذا شيء آخر، ليس له علاقة بالإرث، أما الإرث فيجب أن يكون بين الجميع على قسمة الله، ولا يجوز للأب أن يخص الذكور بشيء، ولا يخص البنات بشيء، بل يتركهم على قسمة الله: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}. ولا يجوز أن يخص أحدًا منهم بشيء، ولا كبير ولا صغير، ولا عالم ولا جاهل، ولا ذكر ولا أنثى، بل يجب أن يترك الأمر على قسمة الله بين الجميع. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (426).

حكم حرمان النساء من الميراث

284 - حكم حرمان النساء من الميراث س: يقول هذا السائل: سماحة الشيخ هناك أناس يمنعون النساء من

الميراث، فهل من توجيه لهم ونصيحة مأجورين؟. ج: هذا من دين الجاهلية، ومن أخلاق الكفرة، كان الكفار لا يورثون النساء، هذا باطل، والواجب توريثهن ما أعطاهن الله، ولا يجوز لأحد الاعتراض على ذلك، وهذا نوع من الجاهلية، ومن استحل هذا كفر، نسأل الله العافية، لا بد أن يعطوا ما شرع الله لهن، فالذي يعاند في هذا عمله من سنة الجاهلية، وأخلاق الجاهلية، وإذا جحد ما شرعه الله كفر، نسأل الله العافية. س: المستمعة من الأردن، تسأل وتقول: لقد جرت العادة في قريتنا بأن البنات لا يرثن، وإنما يعطين من بعض المال مقابل أن تتنازل هذه البنات لإخوتهن عن حصتهن في الميراث، ويقولون بأنه بيع وشراء، وأنا أحرص على إرضاء والدي، وقد عرض علينا والدي نحن البنات مبلغًا من المال مقابل التنازل لإخواني عن نصيبنا نحن البنات، علمًا بأن المال من والدي وليس من إخوتي، وقد قلت لوالدي بأن هذا لا يجوز، وبأن ذلك يعرضه للعذاب، ولكن إخوتي يقولون لأبي بأنهم لن يعملوا بالأرض

ولا بالشجر إلا إذا سجل بأسمائهم، وأبي مصر على الموافقة، فنرجو من سماحة الشيخ الإجابة (¬1) (¬2)؟ ج: لا يجوز للأب أن يخص البنين بالإرث، ولا أن يلزم البنات بأن يأخذن العوض، هذا منكر، هذا من عمل الجاهلية ولا يجوز، بل يجب أن يساعد على الأمر الشرعي، وأن تكون التركة للجميع، للبنين والبنات، للذكر مثل حظ الأنثيين كما قال الله سبحانه: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}. وهكذا الإخوة الأشقاء، والإخوة لأب، يرثون للذكر مثل حظ الأنثيين كما قل جل وعلا: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}. يعني الإخوة الأشقاء والإخوة لأب، هذا واجب، ولا يجوز لأب ولا للأخ أن يحيد عن هذا الأمر، هذا حرام منكر من سنة الجاهلية، كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء والصبيان، يورثون الذكور الكبار، وهذا غلط كبير، لا يجوز للمسلم أن يتشبه بالكفار، بل التركة للصغار والكبار، والذكور والإناث ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (405). (¬2) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (405). ') ">

على قسمة الله، وليس للأب أن يلزم البنات أو يعطيهن شيئًا من غير رضاهن لأجل أن يسمحن، لا، بل يجب أن يمكن من التركة. س: تقول السائلة من سوريا أ. م. ن. ن: لدينا عادات وتقاليد تحرم المرأة من الميراث بعد الزواج، علمًا بأنها لا تطالب ي بحقها، فما حكم الشرع في نظركم يا سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: الزواج ما يحرم من الميراث، هذه التقاليد باطلة، كونها تزوجت وهي أخت الميت، أو بنت الميت، أو زوجة الميت، ولها حق تأخذه، فإذا مات إنسان عن خمس بنات، أو عشر بنات، بعضهن متزوج، وبعضهن لم يتزوج، فالجميع شركاء في الإرث، أو مات عن أخوات، أو مات عن أمه وهي متزوجة، كل يعطى حقه، الزواج ما يمنع، فالتساهل بهذا منكر، إلا إذا كانت المرأة رشيدة وسمحت لمن لم يتزوج، قالت: أنا مستغنية بالزواج والحمد لله، وحقي لكم، إذا سمحت وهي رشيدة عاقلة، وقالت: لأخواتها حقي لكم، فلا بأس، أما أنها تحرم من أجل الزواج فلا يجوز. س: السائل ن. ص. من اليمن، يقول: توفي جدي لوالدي قبل ستة ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (387). ') ">

عشر سنة، وترك أرضًا زراعية، وخلف أولادًا وبنات، ولكن عندنا بعض الناس لا يجعلون للبنات نصيبًا من تركة الأب، قام الأولاد بزراعة الأرض، وبعد ذلك بخمس سنوات رحلنا عن البلاد، إلى خارجها، وبقي اثنان من العيال، وقام الأولاد بزراعة الأرض، واستغلوها لمدة خمس سنوات، هذا الأمر تم وأنا صغير، وبعد أن كبرت وقرأت القرآن، وعرفت تقسيم التركة بين الأبناء والبنات، أريد أن أعرف رأي الشرع في هذا، خاصة بعد الفترة التي مرت دون حصول إحدى البنات على شيء، وبالمناسبة البنات كلهن متزوجات، وهن في غنى عن هذا، هل إذا تنازلت البنات عن نصيبهن في هذا من سابق إلى الآن تبرأ الذمة؟ نرجو التوجيه جزاكم الله خيرًا. ج: عدم إعطاء البنات حصتهن من الإرث هذا أمر جاهلي، من أمر الجاهلية، وكان أهل الجاهلية لا يورثون البنات ولا الصغار ويقولون: إنما يأخذ المال من يحمل السلاح ويقاتل الرجال، وهذا غلط كبير، وقد أنزل الله القرآن العظيم، وبعث رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام،

بشرائع محكمة، وجعل من ذلك أن المال بين الذكور والإناث للذكر مثل حظ الأنثيين من الأولاد والإخوة، للأبوين أو للأب، وجعل للإخوة من الأم فرضًا خاصًّا، فالواجب على المسلمين أن يسيروا على نهج الشريعة، وأن يلتزموا بما حكم الله به، فيعطوا البنات حقهن والذكور حقهم، وعليهم أن يؤدوا للبنات ما سبق أن أخذوه من حقهن، وإلا إذا سمحن وتنازلن عن حقهن السابق أو اللاحق وهن مرشدات بالغات لا بأس بذلك، وعليك أن تراجع المحكمة في كل ما أشكل عليك مما يتعلق بالماضي والحاضر حتى تسير على أمر بين في جميع أمور التركة، لا في الحاضر ولا في المستقبل ولا في الماضي، ومن سمح من البنات المزوجات أو غير المزوجات وهن مرشدات مكلفات عن بعض حقهن أو عن حقهن فلا حرج في ذلك.

حكم إرث تارك الصلاة

285 - حكم إرث تارك الصلاة س: من الأخ م. ح. ي، يقول: أفيدوني في سؤالي عن تارك الصلاة، فلقد سمعنا أن تارك الصلاة لا يرث من مال أبيه، لأن الحديث الذي سمعناه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بين العبد وبين

الكفر ترك الصلاة» (¬1) وسمعنا أن تارك الصلاة يسمى مسلمًا عاصيًا، فأرجو أن تفيدونا في هذه الأسئلة، هل الإنسان تارك الصلاة مسلم عاصٍ، وهل يرث في مال أبيه أم لا؟ جزاكم الله خيرًا (¬2). ج: اختلف العلماء رحمة الله عليهم في حكم تارك الصلاة إذا لم يجحد وجوبها، فذهب جمع منهم إلى أنه لا يكفر بذلك، لأنه موحد يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وما يتعلق بالأحاديث العامة في ذلك، وذهب جمع من أهل العلم آخرون إلى أنه يكفر بذلك كفرًا أكبر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة» (¬3) أخرجه مسلم في الصحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬4) ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب السنة، باب في رد الإرجاء، برقم (4678). (¬2) السؤال الأول من الشريط رقم (348). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب كفر من ترك الصلاة، برقم (82). (¬4) أخرجه أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22937)، والترمذي في كتاب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (2621)، والنسائي في كتاب الصلاة، باب الحكم في تارك الصلاة، برقم (463)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، برقم (1079).

أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بأسانيد صحيحة، «ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن الأمراء الذي يعملون ما لا يرتضى من الأعمال، قال السائل: هل نقاتلهم؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة» (¬1) وفي اللفظ الآخر: «حتى تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان» (¬2) فدل ذلك على أن ترك الصلاة من الكفر البواح، أما إذا جحد وجوبها، وقال: إنها غير واجبة فهذا يكفر عند الجميع، فهو كافر بإجماع المسلمين، وبذلك يعرف السائل أن تارك الصلاة مطلقًا كافر على الصحيح، ولو لم يجحد الوجوب، لكن متى جحد الوجوب صار كافرًا عند الجميع، أما إذا لم يجحد الوجوب ولكنه ترك الصلاة فإن الصحيح من قول العلماء أنه يكفر بذلك، للأحاديث الواردة في هذا، ومتى كفر لا يرث من أبيه ولا غيره من المسلمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يرث المسلم ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة باب خيار الأئمة وشرارهم، برقم (1855). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (سترون بعدي أمورًا تنكرونها). برقم (7056)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، برقم (1709).

الكافر، ولا الكافر المسلم» (¬1) فيكون ماله في بيت المال إذا مات، ماله في بيت المال، لا يرثه المسلمون، وهو لا يرث من المسلمين، ومن كان يصلي بعض الفروض ويترك البعض فإن حكمه حكم التارك حتى يصلي جميع الفروض. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الفرائض، باب لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم، برقم (6764)، ومسلم في كتاب الفرائض، برقم (1614).

حكم الإرث من الأب الذي لا يصلي

286 - حكم الإرث من الأب الذي لا يصلّي س: يقول السائل: لنا والد، لكنه لم يصلِّ أبدًا بعد أن نصحناه وعلمناه، وهجرناه وكلمناه، وبيّنا له أن عقوبة تارك الصلاة الكفر، وله عذاب شديد، لكن دون جدوى، هل إذا قدر الله وتوفي يحق لنا أن نرثه؟ أفيدونا (¬1). ج: الوالد له حق عظيم، سواء كان رجلاً أو امرأة (الوالد والوالدة)، فالواجب النصيحة والإرشاد والمخاطبة الحسنة، ولو كان تاركًا للصلاة، ولو كان كافرًا بأي كفر، لا بد من الصبر والاستمرار في النصيحة والتوجيه وعدم الهجر، لا تهجره، لا يجوز لك هجره، الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العظيم: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (285).

أمره بأن يصاحبها في الدنيا معروفًا، وألا يطيعهما، لا في المعصية ولا في الكفر، ولهذا قال بعده: {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ}. فالمقصود أن الواجب عليك أيها الولد أن تتقي الله، وأن تنصح والدك أنت وإخوانك، ومن يساعدك من أهل الخير في نصيحته وتوجيهه، وعدم اليأس، لكن لا تهجره ولا تؤذه، ولا ترفع الصوت عليه، ولكن انصحه بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، كما أنت مأمور بذلك، يقول الله جل وعلا: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا}. ويقول جل وعلا: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}. ثم قال بعده: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ}. فأنت مأمور أن تصاحبهما في المعروف بالكلام الطيب، لكن مع النصيحة، مع التوجيه، مع الإرشاد عملاً بقول ربك جل وعلا: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}

وقوله: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}. قد يهديهم الله على يديك ويكون لك بذلك البر والخير العظيم والأجر الكبير، وقد قال الله عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}. فلا تيأس يا أخي، وترك الصلاة لا شك أنه كفر، وهو كفر أكبر على أصح قولي العلماء، وإذا مات على ترك الصلاة لا يرثه المسلم من أولاده، وإنما يكون للكفرة من أقاربه الذين مثله، وقال آخرون من أهل العلم: إنه لبيت المال لأنه مرتد فيكون ماله لبيت المال لا لمن كان كافرًا من جماعته، بل يؤخذ ماله ويصرف لبيت المال، لأنه ليس من الكفار الأصليين، وليس من المسلمين، والمرتد يكون ماله فيئًا لبيت مال المسلمين، يصرف في مصالح المسلمين، وهذا قول قوي وجيد، ولعله الأقرب والأولى، فلا يعطاه الكفار ولا يعطاه المسلمون، ولكن يصرف في بيت المال، إذا ارتد بترك الصلاة أو بسب الدين أو

بشيء من أنواع الكفر والضلال الأخرى فإنه لا يصلى عليه ولا يغسل ولا يدفن مع المسلمين، ويكون ماله فيئًا لبيت مال المسلمين ومصالح المسلمين، وإذا رأى ولي الأمر أن يعطيه أولاده المسلمين تقديرًا لجهودهم وأعمالهم في نصيحته، ولئلا يحرموا منه فلا بأس، إذا رأى ولي الأمر ذلك مساعدة لهم على تثبيت الإسلام وتأليف قلوبهم، هذا أمر حسن.

حكم إرث المسلم ممن يستغيث بالقبور

287 - حكم إرث المسلم ممن يستغيث بالقبور س: يسأل أخونا ويقول: هل يجوز أن يرث المسلم الإنسان الذي يطوف حول القبور ويستغيث بها؟ وهل يجوز أن يرث المسلم تارك الصلاة (¬1)؟ ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المتفق عليه: «لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم» (¬2) فالذي يطوف بالقبور ويستغيث بأهلها، ويطلبهم المدد لا يرث من المسلم ولا يرثه المسلم، لهذا الحديث الصحيح: «لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (156). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الفرائض، باب لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم، برقم (6764)، ومسلم في كتاب الفرائض، برقم (1614).

المسلم» (¬1)، وإنما يرث هذا الذي يطوف القبور أمثاله من عباد القبور، لأنهم كفار مثله، ويرث المسلم أمثاله من المسلمين، فالمسلم يرث المسلم، ولا يرث الكافر، وهكذا العكس، والكافر يرث الكافر ولا يرث المسلم، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم» (¬2) متفق على صحته في حديث أسامة رضي الله عنه، وأما بالنسبة لتارك الصلاة فالصحيح أنه كافر كفرًا أكبر، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه كفر أصغر، وأنه لا يكفر بذلك إذا كان يقر بالوجوب ولا يجحد الوجوب، ولكن الصواب أنه كافر كفرًا أكبر، وأن ورثته من المسلمين لا يرثونه يعني أقاربه المسلمين لا يرثونه، وإنما يكون لبيت المال، يكون الإرث لبيت المال، لأنه مرتد بهذا العمل، إلا إذا كان له أقارب مثله في ترك الصلاة فهم يرثونه كما يرث الكفار بعضهم بعضًا. ¬

(¬1) صحيح البخاري الْفَرَائِضِ (6764)، صحيح مسلم الْفَرَائِضِ (1614)، سنن الترمذي الْفَرَائِضِ (2107)، سنن أبي داود الْفَرَائِضِ (2909)، سنن ابن ماجه الْفَرَائِضِ (2729)، مسند أحمد (5/ 200)، موطأ مالك الْفَرَائِضِ (1104)، سنن الدارمي الْفَرَائِضِ (2998). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الفرائض، باب لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم، برقم (6764)، ومسلم في كتاب الفرائض، برقم (1614).

حكم إرث الزوجة من زوجها إذا أسلمت في مرض وفاته

288 - حكم إرث الزوجة من زوجها إذا أسلمت في مرض وفاته س: يقول السائل: أفتونا في رجل تزوج بامرأة من أهل الكتاب، وأنجبت له ولدين، وعندما حضر الرجل الموت بيوم أو بيومين

أسلمت هذه المرأة، هل ترثه، أو لا (¬1)؟ ج: نعم ترثه، إذا أسلمت قبل موته ترثه، والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (372).

حكم توريث القاتل

289 - حكم توريث القاتل س: السائل في اليمن يقول: إذا قتل رجل أخاه وعفا الأب عن هذا القاتل، فهل يرث القاتل من المقتول (¬1)؟ ج: لا يرث القاتل من المقتول، إذا كان قتله عمدًا عدوانًا، فإنه لا يرث منه، وهكذا لو كان خطأً أوجب عليه الدية، أو الكفارة، فإنه لا يرثه؛ للحديث: «ليس للقاتل من الميراث شيء» (¬2) وقد أجمع العلماء رحمهم الله: على أن القاتل لا يرث من المقتول إذا كان قتلاً مضمونًا ولو عفا الأب، لكن إذا سمح الورثة الباقون أن يشركوه فلا حرج عليهم إذا كانوا مكلفين مرشدين، وسمحوا بأن يرث معهم هذا القاتل فلا بأس، أو كان الوارث الأب، أبا المقتول وأبا القاتل، وسمح والده أن ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (148). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الديات، باب ديات الأعضاء، برقم (4564).

يرث من المقتول، فالحق له، إذا كان القاتل له إرث بأن قتل مثلاً أخاه، والوالد لا يرث، لكونه رقيقًا أو كافرًا والقتيل مسلم، أما إذا كان مسلمًا والأب مسلمًا، أو القتيل كافرًا والأب كافرًا فإن الإرث للأب، يحجب الإخوة. الحاصل أنه إذا كان القاتل يرث لولا القتل، وسمح الورثة له بالمشاركة وهم مكلفون مرشدون فلا بأس بذلك، الحق لهم.

بيان إرث العاصب إذا استغرقت الفروض التركة

290 - بيان إرث العاصب إذا استغرقت الفروض التركة س: يقول السائل: لي أخت شقيقة، وقد ماتت ولم تترك مولودًا، ولنا إخوة من الأم، وأنا الأخ الشقيق لها، وحرموني من الميراث، وقالوا: الإخوة من أمها هم الذين يستحقون تركتها، وأنا أخوها الشقيق، منعوني منها، فهل لي من حق معهم أم لا؟ أفيدوني أفادكم الله (¬1). ج: كأن السائل أخفى بعض الشيء، إذا كانت الميتة ماتت عن زوج، وعن أم أو جدة، وعن إخوة من أم فليس لك شيء، لأن التركة تكون من ستة سهام، للزوج النصف ثلاثة، وللأم أو الجدة السدس واحد، ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (52).

وللإخوة من الأم الثلث فقد تمت الستة، وما بقي لك شيء، والعاصب يسقط إذا ما بقي له شيء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر» (¬1) معناه أنه إذا ما أبقت شيئًا، مثل هذه الصورة ما يكون له شيء، الأخ لأم صاحب فرض، والأخ الشقيق صاحب عصب، فإذا اجتمعت الفروض ولم يبق شيء سقط العاصب في هذه الحالة عند جمع من أهل العلم، وهو الأرجح، وقال قوم بالمشاركة، يعني يشرك معهم، لأنه شاركهم في الأم، ولكنه قول ضعيف، لأنه عاصب ليس بفرض. النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر» (¬2). وهذه الفرائض لما أعطينا الزوج النصف، والأم أو الجدة السدس، والإخوة لأم أعطيناهم الثلث، الله أعطاهم الثلث بنص القرآن، وما بقي للأخ الشقيق شيء، فيسقط، كما لو كان أخًا لأب، هذا هو الصواب لهذا الحديث الصحيح، أما إن كان ما وراءه إلا ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الفرائض، باب ميراث الولد من أبيه وأمه، برقم (6732)، ومسلم في كتاب الفرائض، باب ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر، برقم (1615). (¬2) صحيح البخاري الْفَرَائِضِ (6746)، صحيح مسلم الْفَرَائِضِ (1615)، سنن الترمذي الْفَرَائِضِ (2098)، سنن أبي داود الْفَرَائِضِ (2898)، سنن ابن ماجه الْفَرَائِضِ (2740)، مسند أحمد (1/ 325)، سنن الدارمي الْفَرَائِضِ (2987).

الإخوة لأم فقط فلا يمكن أن يحرم كأن يعطى الأخوة لأم الثلث، والباقي لك، إذا كان ما وراء الأخت إلا الإخوة لأمها، يعطون الثلث والباقي للشقيق، لا يمكن أن يفتي مفتٍ من أهل العلم بإسقاطك، أو كانت خلفت زوجًا وإخوة لأم، فيبقى واحد من الستة يعطاه الأخ الشقيق، أو خلفت أمًّا أو جدة وإخوة لأم، فإن الأم تعطى السدس أو الجدة، والإخوة لأم يعطون الثلث، والباقي للأخ النصف تعصيبًا، لكن السائل لعله أخفى الحقيقة ليشوش على المفتي الذي أفتاه بإسقاطه، والمفتي الذي أفتى بإسقاطه مصيب إذا كان الورثة زوجًا، وأمًّا أو جدة وإخوة لأم، فإنه لا حق له، لعدم وجود شيء من المال بعد الفروض كما سمعت الحديث في ذلك.

حكم إرث الإخوة الأشقاء مع الإخوة للأم

291 - حكم إرث الإخوة الأشقاء مع الإخوة للأم س: يقول السائل: في بعض مسائل الميراث عندما يكون هناك إخوة لأم وإخوة أشقاء يكون نصيب الإخوة الأشقاء هو الباقي عصبة، لكن أحيانا في بعض المسائل لا يبقى للأشقاء شيء، مع أنه يكون للإخوة للأم نصيب، فماذا نفعل في مثل هذه الحالة، هل

نترك الأشقاء بلا ميراث (¬1) (¬2)؟ ج: نعم، الصواب أنهم يسقطون، فإذا استغرقت الفروض المسألة سقطوا على الصحيح، كما قال العلماء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر» (¬3) رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين، فقوله عليه الصلاة والسلام: «فما أبقت». يدل على أنه إذا لم يبق شيء يسقط، وقال قوم من أهل العلم: إنهم يشتركون مع الإخوة لأم، ويكون أبوهم كالعدم، كما وقع ذلك في عهد عمر رضي الله عنه، فقالوا لإخوتهم: شركونا وهبوا أن أبانا عدم، كأنه حجر رمي في البحر، ولكن هذا قول ضعيف، فكما ينفعهم أبوهم، يضرهم أبوهم، ينفعهم إذا انفردوا، وأخذ كل ما له، وترك لهم ما بقي، وهكذا يضرهم، إذا استغرقت الفروض يضرهم، والحمد لله، هذا شرع الله فيه الخير العظيم، والعاقبة الحميدة، فإذا هلك هالك عن زوج، وأم، وأخوين لأم، وإخوة أشقاء، فالمسألة تكون من ستة، للزوج النصف: ثلاثة، وللأم السدس: واحد، وللإخوة ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (304). (¬2) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (304). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الفرائض، باب ميراث الولد من أبيه وأمه، برقم (6732)، ومسلم في كتاب الفرائض، باب ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر، برقم (1615).

للأم الثلث: اثنان، تمت الستة، ما بقي شيء، ويسقط الإخوة الأشقاء، لأن الفروض استغرقت المسألة، فهو من باب قوله صلى الله عليه وسلم: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر» (¬1). هكذا لو كان هناك إخوة لأب سقطوا، فالمقصود أن هذا هو الصحيح، وهذه يقال لها المشركة، ويقال لها اليمية والحجرية، ونحو ذلك لكن الصحيح أن الأشقاء يسقطون إذا استغرقت الفروض المسألة. س: يقول السائل: والدتي تزوجت برجل قبل والدي وأنجبت منه ابنتين، ثم تزوجت بأبي، وأنجبتني أنا وأختًا لي، وتوفي والدي، وترك تسعة فدادين زراعية، فورثت أنا منها ستة، وأختي ثلاثة، ثم توفيت أختي بعد أن تزوجت ولم تخلف ذرية، فتحاكمت أنا وزوجها وإخوتها لأمها عند القاضي حول تركتها، ولكن الذي حصل أن القاضي أعطى زوجها نصف تركتها، وأعطى لإخوتها لأمها النصف الثاني، وأنا أخوها الشقيق لم يعطني شيئًا منها، فما رأيكم في هذا العمل، وهل أستحق أنا شيئًا من تركتها أم لا؟ ج: إذا كان الواقع هو ما ذكرت فهذا المفتي أو القاضي قد أخطأ، ¬

(¬1) صحيح البخاري الْفَرَائِضِ (6746)، صحيح مسلم الْفَرَائِضِ (1615)، سنن الترمذي الْفَرَائِضِ (2098)، سنن أبي داود الْفَرَائِضِ (2898)، سنن ابن ماجه الْفَرَائِضِ (2740)، مسند أحمد (1/ 325)، سنن الدارمي الْفَرَائِضِ (2987).

لأن للزوج النصف، ولإخوتها من الأم الثلث، ويبقى واحد من ستة لأخيها الشقيق تعصيبًا إلا أن تكون أمها موجودة، فإذا كانت أمها فتعطى السدس، وإخوتها من الأم لهم الثلث، وزوجها له النصف، وهذه يقال لها المشركة، ويقال لها اليمية، ويقال لها الحمارية، مسألة مشهورة عند العلماء والصحيح فيها أن الشقيق فيها يسقط، هذا السائل إذا كان فيها أم مع الأخوات لأم، فإن الزوج يعطى النصف من ستة: ثلاثة، وتعطى الأم السدس: واحد، يحجبها الأخوات عن الثلث، وتعطى الأخوات لأم الثلث، ما بقي شي، تمت الستة، استغرقت فروض المسألة، فيسقط الأخ الشقيق على الصحيح من أقوال العلماء وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله، ومذهب الإمام أحمد رحمه الله، وروي عن جماعة من الصحابة، روي عن ابن عباس وأبي موسى الأشعري وجمع من الصحابة وأهل العلم، وهو الصواب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر» (¬1) ولعل هذا هو الواقع لأن السائل ما ذكر الأم، وما ذكر أنها ماتت الأم، فإذا كانت الأم موجودة فالذي فعله القاضي هو الصواب وهو الحق، خلافًا ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الفرائض، باب ميراث الولد من أبيه وأمه، برقم (6732)، ومسلم في كتاب الفرائض، باب ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر، برقم (1615).

لمذهب الشافعي ومالك، فالزوج له النصف من ستة: ثلاثة، والأم لها السدس: واحد، وأخوات الميتة من أمها لهن الثلث، هذه ستة، ما بقي شيء، فالشقيق يسقط ولو كان عاصبًا قويًّا، لكن استغرقت الفروض، ما بقي له شيء، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «اقسموا الميراث بين أهل الفرائض على كتاب الله، فما أبقت الفرائض فهو لأولى رجل ذكر» (¬1) وفي لفظ: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر» (¬2) وأولى رجل هو الشقيق، ولم يبق له شيء، فيسقط، فالمقصود أن حكم القاضي صحيح إن كانت الأم موجودة، أما إن كانت الأم مفقودة فهو مخطئ، فالقاضي إذا أراد أن يعطي الزوج النصف، ويعطي الإخوة الثلث يبقى واحد للشقيق إذا كان ليس هناك أم، لكن أخشى أن السائل نسي الأم فظلم القاضي. ¬

(¬1) أخرجه الدارقطني في كتاب الفرائض، باب ما تبقى بعد الفريضة للعصبة، برقم (4069). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الفرائض، باب ميراث الولد من أبيه وأمه، برقم (6732)، ومسلم في كتاب الفرائض، باب ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر، برقم (1615).

بيان ترتيب ميراث العصبة

292 - بيان ترتيب ميراث العصبة س: يقول السائل: توفي شخص قبل والده وله أولاد، هل لهؤلاء

الأولاد الحق والميراث في تركة جدهم بعد وفاته كما لو كان والدهم موجودًا على قيد الحياة (¬1)؟ ج: ليس لهم إرث في جدهم إذا كان يوجد لهم أعمام، لأن الأعمام مقدمون عليهم، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر» (¬2) يعني لأقرب رجل ذكر، فالعصبة مقدمون الأقرب فالأقرب ولا ريب أن ابن الإنسان مقدم على ابن ابنه، فأولاد الولد الذي مات في عهد أبيه ليس لهم حق في الميراث، لكن يشرع لجدهم أن يوصي لهم بما فيه منفعتهم، بشرط أن يكون الثلث فأقل، فإذا أوصى لهم بشيء من ذلك، ولا سيما إذا كانوا فقراء فهذا من أفضل القرب ومن أفضل الطاعات، أو يوصي لهم بما يعينهم وينفعهم بالثلث فأقل، أما الإرث فليس لهم إرث إذا كان لهم أعمام، ولو عمًّا واحدًا يمنعهم ويحجبهم، أما إذا كان ما هناك أعمام، فإنهم يرثونه، أو كان هناك عمات، فالعمات يأخذن فرضهن، الواحدة تأخذ النصف، والاثنتان فأكثر يأخذن الثلثين، والباقي يكون لأولاد ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (159). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الفرائض، باب ميراث الولد من أبيه وأمه، برقم (6732)، ومسلم في كتاب الفرائض، باب ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر، برقم (1615).

الابن ذكورهم وإناثهم، إذا كانوا ذكورًا أو ذكورًا وإناثًا، للذكر مثل حظ الأنثيين، لأنهم هم العصبة حينئذ، أما بنات الابن إذا كن إناثًا وليس معهن ابن ذكر فلا يرثن مع البنتين فأكثر، لأن الثلثين ذهبا فلم يبق لإناث الفرع حق، أما لو كانت الموجودة بنتًا فقط، بنت جدهم فإنها تعطى النصف، ويعطى بنات الابن إذا كن بنات، ليس معهن ذكر يعطين السدس تكملة الثلثين، والباقي للعصبة، أما إذا كان معهن ذكر منهن يأخذن الباقي مع أخيهن وابن عمتهن ممن في درجتهن للذكر مثل حظ الأنثيين بعد البنت أو بعد البنتين.

بيان أن الابن يحجب أولا إخوته

293 - بيان أن الابن يحجب أولا إخوته س: تقول السائلة: نحن أختان بالغتان، توفي والدنا ونحن في سن الطفولة، ربتنا والدتنا فأحسنت تربيتنا، وأدبتنا فأحسنت تأديبنا، وعلمتنا حتى حصلنا على الشهادة الجامعية، وتزوجت أنا وبقيت أختي مع والدتي، وحالتنا المادية والحمد لله جيدة، ولسنا بحاجة لأحد إلا الله سبحانه وتعالى، والسؤال: إن والدنا توفي وجدنا ما زال على قيد الحياة، لكنه لم يعتنِ بنا، ولم يكترث بنا أحد، لا جدنا لأبينا ولا أعمامنا، وبفضل الله حالنا من أحسن الناس، وجدنا كذلك، فهل يجوز لنا أن نطالب أعمامنا

بالميراث من جدنا المتوفى، أم أنه لا نصيب لنا من ميراث جدنا، لأن والدنا توفي في حياته، علمًا بأن الجد لم يوص لنا بشيء من الميراث، نرجو من سماحة والدنا الإجابة عن سؤالنا، وجزاكم الله خيرًا (¬1)؟ ج: أسأل الله عز وجل أن يضاعف الأجر لوالدتكما، فقد أحسنت جزاها الله خيرًا، وفعلت ما ينبغي، فنسأل الله أن يضاعف مثوبتها، وأن يأجرها على ما فعلت الأجر الذي يليق به سبحانه، والحمد لله الذي يسر أمركما وأغناكما من فضله، أما الميراث من جدكما فليس لكما ميراث من الجد، لأن الأعمام وهم أولاده يحجبون بنات الابن، فليس لكما مع أعمامكما ميراث، وإذا كان ما أوصى لكما بشيء فلا شيء لكما في تركته، والذي عند الله خير وأبقى، والحمد لله الذي أغناكما عنه وعن غيره، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر» (¬2) وقد أجمع العلماء رحمة الله عليهم على أن الابن يحجب أولاد الابن ذكورهم وإناثهم، والله ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (86). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الفرائض، باب ميراث الولد من أبيه وأمه، برقم (6732)، ومسلم في كتاب الفرائض، باب ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر، برقم (1615).

ولي التوفيق.

بيان ما يحجب الإخوة

294 - بيان من يحجب الإخوة س: يقول السائل: هل الإخوة يتوارثون فيما بينهم، ولا سيما إذا كانوا من أمهات مختلفات (¬1)؟ ج: نعم، الإخوان شيء واحد، سواء كانوا إخوانًا أشقاء أو لأم أو لأب، إذا لم يوجد حاجب يحجبهم، أما إذا كان الأب موجودًا فإنه يحجبهم، أو الابن من الميت، أو ابن ابن الميت يحجبهم أي إخوة، وكذا الجد على الصحيح، لأن الأب يحجب الإخوة، إذا مات الميت عن أبيه وإخوته فالمال لأبيه، أو مات عن ابنه فالمال لابنه أو لابن ابنه، فالمال لابن ابنه ولو كان أخوه حيًّا، فالإخوان محجوبون بالابن، وابن الابن وإن نزل، فالابن الذكر وإن كان معه بنات يحجبون الإخوة، وهكذا ابن الابن وحده، وإن كان معه بنات يحجبون الإخوة وهكذا الجد على الصحيح يحجب الإخوة. ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (306).

بيان كيفية قسمة التركة

295 - بيان كيفية قسمة التركة س: يقول السائل: كيف تقسم تركة الميت (¬1)؟ ج: تقسم التركة على كتاب الله وعلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد وضح القرآن والسنة حكم المواريث بأبين بيان، وأوضح بيان، تقسم التركة عند أهل العلم صاحب الحاجة يقدم السؤال لأهل العلم أو المحكمة، ويقسمون التركة، والمواريث تختلف ليست على حد سواء، فإذا نزلت نازلة بأحد فإنه يقدم الورثة إلى المحكمة أو العالم المعروف وهو يقسم بينهم التركة، مثلاً يقول: ماتت امرأة عن زوجها وابنها، يقول العالم: التركة تقسم بينهما للزوج الربع والباقي للابن، لأن الله سبحانه يقول: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ}. يعي الزوج، لو ماتت امرأة عن زوجها وأخيها، أخيها الشقيق أو أخيها من الأب، العالم يقول: المال بينهما للزوج النصف، كما قسم الله، والباقي للأخ تعصيبًا، أو ماتت امرأة عن زوجها وأبيها، المال بينهما نصفان، للزوج النصف فرضًا، والباقي لأبيها على سبيل التعصيب، أو مات رجل عن زوجة وعن أبيه، ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (288).

فقسم التركة بينهم، للزوجة الربع، والباقي للأب، أو مات رجل عن ابن وبنتين، التركة تقسم لأربعة، للابن اثنان، ولكن بنت واحد، لأن الله يقول سبحانه: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}. وهكذا لو مات إنسان عن أمه وعن ابنه، تقسم التركة لستة: للأم السدس، واحد، والباقي للابن، لأن الله جل وعلا يقول: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ}. والولد يشمل الذكر والأنثى، فإذا مات إنسان عن أمه، أو عن أبيه، أو عنهما وله ولد بنت يكون للأم السدس، وللأب السدس وللبنت النصف، وإن بقي شيء يأخذه الأب زيادة تعصيبًا، أما إن كان الموجود ابنًا ليس بنتًا فالأم لها السدس والأب له السدس، والباقي للابن أو ابن الابن من ستة أسهم.

بيان فرض الأم مع الولد

296 - بيان فرض الأم مع الولد س: يقول السائل: امرأة ماتت ولها إرث من والدها، ولها ولدان وأخوان وبنتان وأمها، ما نصيب الأم من ميراث ابنتها (¬1)؟ ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (411).

ج: الأم لها السدس مع الولد، يقول الله جل وعلا: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ}، فالمرء إذا مات عن أولاد وعن إخوة وعن أم، الأم لها السدس، وإن كان لها زوج يعطى الربع، والباقي لأولادها ذكورهم وإناثهم، للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله سبحانه: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}، والإخوة ما لهم شيء، يمنعهم الأولاد، إذا كان لها أولاد ذكور، فالإخوة ليس لهم شيء كلهم، ولو الابن واحد يمنعهم الولد، فإذا ماتت عن أمها وابنها وبنتيها، صار للأم السدس، المسألة من ستة، للأم السدس واحد من ستة، والباقي للابن والبنتين أنصاف، للابن النصف، وللبنتين النصف، للذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا ماتت عن ابن وثلاث بنات وأم أو أب، فالمسألة من ستة، للأم السدس، أو الأب له السدس، أو الجد له السدس، أو الجدة لها السدس، والباقي خمسة، للابن وثلاث بنات، اثنان للابن، وثلاثة للبنات، كل واحدة لها واحد، وإذا مات عن أبوين أم وأب، وعن ابن وبنتين صارت من ستة أيضًا، للأب السدس وللأم السدس، والباقي أربعة للابن والبنتين، للابن اثنان وللبنتين اثنان، لكل

واحد منهما واحد، وإن كان لها زوج يعطى الربع، لقوله سبحانه: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ}.

حكم إرث الأخ من الأم مع الفرع الوارث

297 - حكم إرث الأخ من الأم مع الفرع الوارث س: يقول السائل: توفي رجل وترك زوجة وبنتين وأخًا من الأم فقط، فهل يرث أخوه هذا أم لا؟ وإذا كان يرث فعلاً فما هو نصيب كل واحد من الورثة، علمًا أن التركة التي خلفها هي من ماله الخاص، في انتظار إجابتكم جزاكم الله خيرًا (¬1)؟ ج: هذا الميت تقسم تركته من أربعة وعشرين سهمًا، للبنتين الثلثان ستة عشر، وللزوجة الثمن ثلاثة، ويبقى خمس يعطاها العاصب، إن كان العاصب ابن عم ولو بعيد يعطاها العاصب، فإذا لم يوجد العاصب فإنها ترد على البنتين عند أهل العلم، أما الأخ للأم فلا يرث مع وجود الفرع الوارث، لأن الله جل وعلا قال في كتابه العظيم: ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (297).

{وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ}. والكلالة من لا ولد له ولا والد ذكر، وهذا له ولد بنتان، المقصود أن شرط أخذ الإخوة لأم الثلث أن يكون يورث كلالة في هذه الآية الكريمة، وهي قوله سبحانه في سورة النساء: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} وهذا ميت له بنات، لا تكون مسألته كلالة، فيكون الأخ من الأم لا حق له في الإرث، والباقي بعد الزوجة والبنتين يكون لأقرب العصبة، فإن لم يكن له عصبة فإنه يعطى الباقي للبنتين، ويكون إرثهن فرضا وردًّا، ستة عشرة فرضًا، وخمسة ردًّا، هذا هو الصواب.

حكم ميراث الإخوة غير الأشقاء مع الأولاد الذكور

298 - حكم ميراث الإخوة الأشقاء مع الأولاد الذكور س: يسأل السائل ويقول: توفي رجل وترك ثلاثة أولاد ذكور وزوجة وإخوة أشقاء أربعة وأمًا للمتوفى، وليست هناك وصية أو دَين،

كيف يوزع الميراث في وجود أم للمتوفى؟ وكيف نوزعه في عدم وجودها، أي بعد وفاتها؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: مع وجود الأم توزع التركة من أربعة وعشرين سمهمًا متساوية، وتعطى الزوجة الثمن: ثلاثة، والأم السدس: أربعة، والباقي للأولاد إذا كانوا ذكورًا، أو ذكورًا وإناثًا، للذكر مثل حظ الأنثيين، والإخوة ليس لهم شيء، يحجبهم الأولاد الذكور، فإن كان الأولاد بنات، لأنه يقال للبنت ولد، ويقال للذكر ولد، كما قال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} سمى البنت ولدًا، أما إن كان الأولاد الموجودون إناثًا فإن لهم الثلثين: ستة عشر، والأم لها السدس: أربعة، والزوجة لها الثمن: ثلاثة، فتعول إلى سبعة وعشرين، والإخوة ليس لهم في هذه الحالة إن كانوا ذكورًا، الأولاد الذكور يحجبونهم، وإن كانوا إناثًا، التركة ما بقي لهم شيء، فعلى كل حال الإخوة ليس لهم شيء، وإن كان الأولاد ذكورًا وإناثًا مثل: بنتان وولد، أو ولدان وبنت، فللأم السدس: أربعة، والزوجة لها الثمن: ثلاثة، من أربعة ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (290).

وعشرين، يبقى سبعة عشر للأولاد، للذكر مثل حظ الأنثيين بينهم، لقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}، والإخوة ليس لهم شيء في كل حال، في جميع الصور، أما لو كانت الأم معدومة بأن كانت ماتت قبل ولدها وليس وراءه إلا الزوجة والأولاد فإنها تقسم من ثمانية سهام متساوية، للزوجة ثمن واحد، سهم من ثمانية، والباقي سبعة للأولاد إن كانوا ذكورًا أو ذكورًا وإناثًا، السبعة لهم للذكر مثل حظ الأنثيين، أما إن كان الأولاد إناثًا، ثلاث بنات، فإن المسألة تقسم بين أربعة وعشرين، للزوجة الثمن: ثلاثة، والبنات لهن الثلثان: ستة عشر، فيبقى خمسة للإخوة تعصيبًا لهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر» (¬1) والأولى هنا هم الإخوة، هم أقرب، فيعطون الخمسة الباقية من الأربعة والعشرين، تعطى الزوجة الثمن: ثلاثة، والبنات الثلثين: ستة عشر، فيبقى خمسة للإخوة بينهم إن كانوا ذكورًا بينهم على السواء، وإن كانوا ذكورًا وإناثًا للذكر مثل حظ الأنثيين، لقوله تعالى في آخر سورة ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الفرائض، باب ميراث الولد من أبيه وأمه، برقم (6732)، ومسلم في كتاب الفرائض، باب ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر، برقم (1615).

النساء: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} سواءً إخوة لأب أو إخوة أشقاء، يعني كلهم إخوة الأب كلهم، أو إخوة أشقاء كلهم، للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن كان بعضهم أشقاء وبعضهم لأب فالإرث للأشقاء، والإخوة لأب محجوبون بهم ساقطون، فلو كانوا خمسة إخوة، واحد شقيق والبقية لأب، فالباقي يأخذه الشقيق وإخوة الأب يسقطون، لأنه أقوى منهم وأكثر قرابة، هذا تفصيلها.

بيان ميراث الزوج مع الأولاد

299 - بيان ميراث الزوج مع الأولاد س: سائل يقول: توفيت امرأة وتركت أولادًا، أربعة ذكور وثلاث إناث، وزوجًا، وله زوجة أخرى وله منها أولاد اثنان وأنثى واحدة، وتركت المتوفاة ثروة قدرها ثلاثة عشر ألف جنيه مصري، فكيف تقسم هذه التركة بين زوجها، وأولادها، وضرتها وأولادها؟ علمًا بأن الزوج قد توفي أيضًا بعدها بعام (¬1)؟ ج: تركة الزوجة تقسم بين زوجها وأولادها فقط، زوجها له الربع من هذا المال، والباقي لأولادها الأربعة وبناتها الثلاث، يجعل الباقي أحد ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (144).

عشر سهمًا، ثمانية للأولاد الأربعة الذكور، وثلاثة للبنات الثلاث، للذكر مثل حظ الأنثيين، فيعطى الزوج الربع، والباقي لأولادها الأربعة والبنات الثلاث، على أحد عشر سهمًا، ثمانية للبنين، لكل واحد سهمان، وثلاثة سهام للبنات، للذكر مثل حظ الأنثيين، ثم حق الزوج وهو الربع يقسم بين أولاده جميعًا، حق الزوج يقسم بين أولاده من الزوجتين، وتعطى زوجته الأخيرة التي مات عنها، تعطى ثمنها. ثمن هذا الذي حصل له من زوجته الأولى، الزوجة الثمن، مع ثمن ما وراءه من المال غير حقه من الزوجة، ويقسم الباقي بين الذرية كلهم، بين أولاده من هذه وهذه، والضرة وأولادها ليس لهم حق في مال الزوجة الأولى، وإنما حقهم في ربع الزوج الذي أخذه من زوجته، هذا الربع للجميع، ترث الزوجة نصيبها وهو الثمن، والباقي بين أولادها وأولاد الأولى، هذا الربع مع بقية التركة التي للزوج، إذا كان عنده مال غير هذا الربع.

وجوب التقيد في قسمة التركة بما بينته الشريعة

300 - وجوب التقيد في قسمة التركة بما بينته الشريعة س: يقول السائل: مات ميت وترك زوجتين وثمانية أولاد، فقامت إحداهن وهي أم البنات بإحضار مال مقداره مائة ألف ريال، ثم

بعد ذلك وزعته على بناتها، وعندما عرف البنات أن هذا المال لا يصح وأنه حرام قمن فتصدقن بالمال، فما حكم ذلك، علما بأن أم الأولاد كان لديها مبلغ مقابل ولم يصرحوا بهذا، فما رأي سماحتكم بهذا (¬1)؟ ج: هذا فيه تفصيل، إن كان هذا المال جلبته من جهة أخرى، من خيانة أو سرقة أو أشباه ذلك فهذا المال حرام، والصدقة به للفقراء والمساكين من البنات أمر طيب، ليس لهم أن يأكلن الحرام وهن يعلمن أنه حرام، لكن إذا علموا أن صاحب المال فلان وجب رده إليه، إن كان مسروقًا منه أو مغصوبًا منه يجب رده إلى صاحبه، فإن كان المال من كسبها الحرام من الربا أو من أكساب أخرى ليس له مالك معروف، ولا يعرفون أحدًا يملكه، ولا يدرون من أين جاءها هذا المال، إلا أنهم يعرفون أنه حرام، فإذا تصدقوا به فلا شيء عليهم، أما إن كان المال من مال الميت، فليس لها الحق أن تعطي بناتها إلا حقهن، لأن معها زوجة ثانية، فالزوجة الثانية لها نصف الثمن، والنبات لهن الثلثان، ويبقى بقية للعاصب، فإذا كان المال من مال الزوج الميت فلا حق لها أن تعطي ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (281).

بناتها إلا نصيبهن فقط، لا زيادة، وفي إمكان البنات أن يتحاسبن مع أمهن، ويعطين الزوجة نصيبها، والعاصب نصيبه من المال الذي خلفه الزوج، وليس لهن أن يتصدق به على أحد، هذا مال مشترك، والنظر في موضوعه، هل هو حرام أم ليس بحرام، هذا مشترك بين الورثة، وإن اشتبه عليهم يرجعوا للحاكم في المحكمة وتبين لهم المحكمة الحكم الشرعي، ولا يتصرفون في مال غيرهم، المقصود أنه إذا كان للميت، هذا المال للميت فليس لأم البنات التصرف فيه وحدها، فليس لها إلا حقها، وليس للبنات إلا حقهن، وللزوجة الثانية حقها، وللعصبة حقهم، والنظر في كونه حرامًا أو ليس بحرام هذا يرجع إليهم جميعًا، إذا اتفقوا على شيء وتصدقوا به جميعًا، أو تصدق بعضهم بنصيبه هذا إليهم، وإن أشكل عليهم يراجعون المحكمة والمحكمة ترشدهم، أو إلى بعض العلماء في بلدهم، بعض علماء الحق حتى يبين لهم الحكم.

مسألة في قسمة الميراث

301 - مسألة في قسمة الميراث س: يقول السائل: توفي رجل وزوجته حامل، وقد ولدت بعد موته

أنثى، وله أم وثلاثة أشقاء، فكيف تقسم تركته (¬1)؟ ج: تقسم تركته على النحو التالي، من أربعة وعشرين سهمًا، للزوجة الثمن: ثلاثة، وللأم السدس: أربعة، وللبنت النصف: اثنا عشر: هذه تسعة عشر، ويبقى خمسة لإخوته الأشقاء على سبيل التعصيب، تقسم التركة هكذا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر» (¬2) فهو لأقرب رجل ذكر. ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (220). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الفرائض، باب ميراث الولد من أبيه وأمه، برقم (6732)، ومسلم في كتاب الفرائض، باب ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر، برقم (1615).

بيان المقصود بالتركة

302 - بيان المقصود بالتركة س: يقول السائل: توفي والدي وترك بعضًا من أغراض المنزل، ولم يقسمها الورثة، فما حكم ذلك، علمًا بأن العائلة لا يرضون بقسمة الأغراض، والوالدة لا ترغب في ذلك (¬1)؟ ج: كل ما خلفه الميت هو تركة بين الجميع، فإذا رغبوا عن بعض الشيء يتصدق به إذا سمحوا، كقميص أو سراويل أو فراش أو عباءة، إذا سمح الورثة وهم مرشدون، إذا تصدق به فلا بأس، وإلا قسموه ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (6).

بينهم، يبيعونه أو يقتسمونه، سواء كان فراشًا أو ملابس أو غير ذلك، إلا إذا سمحوا به وهم مكلفون مرشدون، يعطى الفقراء فلا بأس، أما الصغار فلا بد من ضبط حقهم، يثمن ويعرف حق الصغار، ثم يتصدق به على الفقراء لا بأس.

بيان أن أولاد البنات من ذوي الأرحام

303 - بيان أن أولاد البنات من ذوي الأرحام س: تقول هذه السائلة: إذا توفيت المرأة قبل وفاة أبيها، ولها أطفال صغار قصر، فهل يجوز لهؤلاء الأطفال أن يرثوا نصيب أمهم عند وفاة أبيها، علمًا بأن زوج هذه المرأة متوفى (¬1)؟ ج: أولاد البنت لا يرثون من جدهم أبي أمهم، الإرث لغيرهم من أولاد الميت أو أولاد بنيه، أما أولاد البنات فليسوا من الورثة، وإنما هم من ذوى الأرحام على الاختلاف في إرثهم. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (432).

بيان ما يلزم من عليه حق الميت

304 - بيان ما يلزم من عليه حق لميت س: يسأل السائل ويقول: أنا شخص تبت إلى الله توبة نصوحًا، وقد اكتسبت جمعًا من المال من طريق غير شرعي، ويستحيل علي

أن أرد هذا المال لأهله، لأنهم قد ماتوا، وإذا تصدقت به فما هو موقف المتصدق عليه إذا كان لا يعلم أن هذا المال حرام؟ وهل أخبره بذلك؟ وهل يجوز أن أتصدق بهذا المال على أهلي (¬1)؟ ج: الواجب عليك أن ترده للورثة، تعطيه لورثة الميت، أما إذا كان ما له ورثة، أو لا تعرفهم، ولا تعرف عنوانهم تتصدق به على الفقراء ولا تخبرهم، وتبرأ الذمة مع التوبة والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (416).

بيان أن الدية جزء من التركة

305 - بيان أن الدية جزء من التركة س: يقول السائل: هل دية المقتول تقسم بين ورثته (¬1)؟ ج: نعم، الدية مثل التركة، جزء من التركة، تقسم بين الورثة جميعهم، إلا إذا كان أحدهم قاتلاً فليس له شيء، القاتل ليس له إرث، لكن الورثة الذين ليس فيهم القاتل تقسم بينهم، التركة والدية جميعًا، الدية من جملة التركة. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (298).

حكم مصالحة الورثة في أنصبائهم في الميراث

306 - حكم مصالحة الورثة في أنصبائهم في الميراث س: يقول السائل: إذا أردت بناء بيت في نصيبي من ميراث أبي، وأخذته من إخوتي، فهل أكون معتديًا عليهم (¬1)؟ ج: إذا اصطلحت أنت وإياهم، إذا اصطلحت أنت وإخوتك في أرض البيت فلا حرج، وإلا فليس لك إلا نصيبك من الإرث، تقسمون بواسطة أهل الخبرة، حتى يعطى كل واحد حقه، فأما إذا تراضيتم وأعطوك شيئًا من الأرض، وتسامحتم فيما بينكم حتى تقيم عليها بيتًا وهم موسرون فلا حرج عليك في ذلك. ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (297).

حكم تأخير توزيع الميراث مراعاة لبعض الورثة

307 - حكم تأخير توزيع الميراث مراعاة لبعض الورثة س: عندي قطعة أرض ميراث من أبي المتوفى، وهذا الميراث لم يوزع حتى الآن، وقد تركتها لإخوتي يزرعونها، ويأخذون ما يأتي منها، وقد يسر الله لي رزقًا غيرها، فهل أكون بهذا مقصرًا في حق أولادي بأحقيتهم في هذه الأرض؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: لا حرج عليك، ولست مقصرًا، بل محسنًا، وأولادك لهم الله، ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (297).

وأنت حي وتقوم عليهم الآن، ولا حق لهم بها، الحق لك، إذا سمحت بهذا لإخوتك مراعاة لحاجتهم أو لصلة الرحم فأنت مأجور، ولا شيء عليك، ولا حق لأولادك بهذا.

حكم حرمان أحد الورثة من الإرث مقابل ما صرف عليه في زواجه

308 - حكم حرمان أحد الورثة من الإرث مقابل ما صرف عليه في زواجه س: سائل من مصر يقول: والدي صرف مبلغ أربعة آلاف جنيه في زواجي، ولي أخت تم زواجها، وصرف عليها في الزواج مبلغ عشرة آلاف جنيه مصري، فهل يحق لها المطالبة بالميراث بعد وفاة الوالد (¬1)؟ ج: أعطوها ميراثها، ولا تقطعوها ميراثها، لأن العطية السابقة شيء آخر غير مسألة الميراث، وإذا أردتم مطالبتها بشيء مما أعطاها، لأنها زادها عليكم فهذا شيء يحكم بينكم فيه الحاكم الشرعي تحكّمون أحد العلماء المعروفين بالعلم والفضل، وينظر في ذلك وإن سمحتم عنها وأعطيتموها الميراث فهو خير لكم، وأحسن في العاقبة إن شاء الله، ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (295).

: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}، هذي رحم صلتها مطلوبة، وأنتم على خير، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من أحب أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أجله فليصل رحمه» (¬1) وهي رحم لكم، فإذا سمحتم عنها فذلك خير، وإن حاكمتموها عند عالم من علماء الشرع المعروفين بالخير والعلم والفضل يحكم بينكم لا بأس. ¬

(¬1) أخرجه ابن حبان في كتاب البر والإحسان، باب صلة الرحم وقطعها ذكر إثبات طيب العيش في الأمن، وكثرة البركة في الرزق للواصل رحمه، برقم (438).

حكم مصالحة الورثة فيما بينهم

309 - حكم مصالحة الورثة فيما بينهم س: سائل من مصر يقول: والدي كان يملك منزلاً بمبلغ عشرة آلاف جنيه مصري، وتم بيعه أثناء حياة الوالد، ثم إني سافرت إلى الخارج منذ عشر سنوات، وأحصيت مبلغًا لا بأس به من حصاد غربتي وبعدي عن أهلي، وكنت أرسل إلى والدي كل ما أملك، وتم بناء منزل جديد يساوي هذا المنزل، بمبلغ مائة ألف جنيه، وتوفي والدي – رحمه الله – وبعد الوفاة تمت مطالبتي من الإخوة بالميراث، فأبلغتهم بأن ميراثهم من العشرة آلاف جنيه،

ولكنهم أبلغوني بأن الحق في قيمة المنزل الجديد، فهل يحق لهم مطالبتي في حقي عن سفري، وغربتي عن أولادي وعن وطني من سنين، وجهوني جزاكم الله خيرًا (¬1)؟ ج: نوصيك بالمصالحة معهم، مع إخوتك والورثة، فالمصالحة خير وفيها طيب النفوس وعدم الشحناء، فإن أبوا فالحكم الشرعي، تتحاكم أنت وإخوتك عند أحد العلماء المعروفين بالعلم والفضل، تحكمونه بينكما، بل بينكم ينظر في ذلك بالحكم الشرعي، لأن المحاكم التي لديكم قد لا تحكم بالشرع، فلا بد أن تتحاكموا إلى من يحكم بالشرع من إخوانكم العلماء المعروفين، لكن الصلح خير لكم، إذا اصطلحتم جميعًا وأعطيتهم بعض ما يرضيهم وانتهى المشكل فهذا خير لكم وأفضل، وأنا أنصحكم بذلك، ننصحك وإخوانك بالصلح بينكم، تصطلحون ولا تحتاجون لمن يحكم بينكم. ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (295).

حكم أخذ الوارث تركة يعلم أنها من حرام

310 - حكم أخذ الوارث تركة يعلم أنها من حرام س: يقول السائل: من يعلم أن مورثه اغتصب مالاً أو أرضًا، أو سرق،

هل يحق لذلكم الوارث أن يرثها، أو يعيدها، أو يتصدق بها (¬1)؟ ج: الواجب على الوارث أن يعيدها لصاحبها إذا عرفه، أما إذا كان لا يعرفه فيتصدق بها عنه ويبرئ ذمة الميت وذمته هو، وليس له أن ينتفع بها ما دام يعلم أنها مغصوبة أو مسروقة، فالواجب ردها إلى صاحبها إن عرف، وإلا فالصدقة بها في وجوه الخير بالنية عن صاحبها. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (295).

مسألة في توزيع الشخص تركته أثناء حياته

311 - مسألة في توزيع الشخص تركته أثناء حياته س: المستمع يسأل عن الذين يقومون بتوزيع التركة أثناء الحياة، لأنه يرى المصلحة في ذلك للأبناء؟ ما رأي سماحتكم في هذا (¬1)؟ ج: لا حرج في ذلك، إذا وزع أمواله بين أولاده لا حرج، لكن الأفضل أن يبقي له شيئًا يغنيه عنهم، يبقي له شيئًا يسد حاجته، لأن الأولاد قد يشحون عليه، وقد يحصل عليه مضرة، وإن ترك التوزيع حتى يموت يكون أكمل، لأن الأحوال قد تتغير، كونه يبقي ماله في يده حتى يموت، ويوصي بما أحب من الثلث فأقل فلا بأس، وهذا أحوط له، فقد يقسم ماله بين أولاده ثم يندم، لعدم قيامهم بما يلزم من ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (393).

جهة حقه.

بيان ما يلزم من استدان من أحد أبويه ومات قبل السداد

312 - بيان ما يلزم من استدان من أحد أبويه ومات قبل السداد س: الأخ/ ع. أ. يسأل ويقول: قبل سفري أعطتني والدتي مبلغ خمسمائة جنيه على سبيل السلف، وبعد سفري بمدة وخلال وجودي خارج بلدي علمت أن الله قد اختارها إلى جواره، فما حكم الشرع في هذا المبلغ، علمًا أن لي أختًا زوجها متوفى وتعول أبناءً كثيرين، فهل أعطيها المبلغ، أم ما هو الحكم؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: بينك وبين أختك على قسمة الله جل وعلا إن كانت الوالدة ليس خلفها من الورثة سواك وأختك، فإن هذا المبلغ بينكما، للذكر مثل حظ الأنثيين، إلا أن تسمح لك بحقها وهي مرشدة، وتسمح لها بحقك. ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (290).

بيان ما أن ما تركه الميت فهو لورثته جميعا

313 - بيان ما أن ما تركه الميت فهو لورثته جميعًا س: الأخت ع. س. ن. من السودان تقول: توفيت والدتي، وقبل وفاتها بحوالي شهر أو أقل قالت لي: الذهب حقي، اقسميه

بينك وبين أخواتك، وقد كن ثلاث أخوات، توفيت أختي الصغيرة في الحادث مع والدتي، وأختي الكبرى متزوجة فعندما سألت إحدى الأخوات المتعلمات في الأمور الشرعية قالت: لا تفعلي شيئًا، بل يجب أن يقسم الذهب عليكم جميعًا، وعلى والدكم أيضًا وجميع إخوانكم طبعًا، للذكر مثل حظ الأنثيين، فما رأيكم بذلك (¬1)؟ ج: نعم، هذا الواجب، جميع ذهبها وجميع ما وراءها كله للورثة جميعًا، ما يخصكن، جميع ما وراءها من مال ومن ذهب ومن حلي، من ملابس، من عقار، كله بين الورثة جميعًا، بين ذريتها، وبين زوجها إن كان لها زوج، وبين أبيها وأمها مشترك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا وصية لوارث» (¬2) ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (385). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الوصايا، باب ما جاء في الوصية للوارث، برقم (2870).

وجوب العدل في قسمة التركة بين الورثة

314 - وجوب العدل في قسمة التركة بين الورثة س: إن جدي رحمه الله قسم تركته قبل وفاته على والدي وعمي

وعمتي، وهي عبارة عن أطيان زراعية، ولم يعط عمتي حقها الشرعي في تلك الأراضي، فما حكم الإسلام في ذلك، وماذا يجب عليّ فعله الآن، وما الحكم في المدة السابقة وهي تزيد عن عشر سنوات (¬1)؟ ج: فلا ريب أن الواجب على جدك أن يعدل في الوراثة والتقسيم، وأن يكون أولاده على قسمة الله، للذكر مثل حظ الأنثيين في الهبة وفي الإرث، ولقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال لبشير بن سعد الأنصاري رضي الله عنه لما وهب ابنه النعمان غلامًا، قال له صلى الله عليه وسلم: «أَكُل ولدك أعطيته مثل هذا؟ قال: لا، قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬2) فدل ذلك على أنه يجب على الوالد العدل في عطيته لأولاده في كل شيء، لأبيك ولعمك أربعة أسهم، ولعمتك سهم، هكذا يجب للذكر مثل حظ الأنثيين، إن كانت عمتك سمحت لأخويها وهي مرشدة سمحت لهم بحقها فلا حرج، وإلا فلها الحق في المطالبة بحقها لدى المحكمة، والله جل وعلا نسأل أن يوفق الجميع، ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (250). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587)، ومسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623)، بلفظ: في أولادكم.

وللمحكمة إذا كانت ما سمحت العمة، فالمحكمة تنظر في الأمر في حقها، وفيما فات عليها في هذه المدة، وإذا كان هناك محاصيل زراعية أو ما أشبه كلها تنظر في المحكمة.

حكم حرمان الابن العاق من الإرث

315 - حكم حرمان الابن العاق من الإرث س: يقول السائل: أنا رجل عندي عشرة أولاد كلهم أوفياء لي ولربهم، إلا واحدًا منهم، فهو يتطاول علي بالسب والشتم، وعلى إخوانه أيضًا، حتى استعمل معهم الآلات الحادة، يود أولادي ألا يشترك معهم في أي ميراث، للأسباب المذكورة، بالرغم من ثرائه الفاحش الذي يزيد عن أبيه مئات المرات، هل لي أن أمنعه نهائيًّا من الميراث في الأشياء التي سيشترك فيها مع إخوانه، وأوصي له مقابل ذلك بمبالغ نقدية تعادل نصيبه تقريبًا حتى يتقوا شره؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: ليس لك أن توصي له، وليس لك أن تحرمه، بل عليك أن تجتهد في إصلاحه وهدايته، وأن تستعين بالله على ذلك، وأن تدعو له بظهر ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (224).

الغيب بينك وبين الله أن يهديه الله ويرده للصواب، وأن تستعين أيضًا بإخوانك وقراباتك الطيبين على دعوته إلى الله، والأخذ على يده حتى يستقيم على البر والصلة للرحم، وحتى يدع ما هو عليه من الباطل، فإن لم يفعل فاهجره هجرًا، وأبعده عنك، وإذا مت فالله يتولى الأمر، وعلى المحاكم أن تنظر في الأمر، أما أنت لا توصِ له بشيء، ولا توصِ بحرمانه، قد يهديه الله، وقد يرجع إلى الصواب، المحكمة تنظر في الأمر، فإن كان كافرًا إذا مت لم يرث منك، أنت مسلم، وإن كانت معصيته لم تلحقه بالكفر أعطي حقه والإثم عليه، أما أنت فلا تعمل، لا تهدِ له ولا توصِ له، ولكن تنصحه وتجتهد في طلب الهداية له من الله عز وجل، وتستعين أيضًا بإخوانك الطيبين على نصيحته وتوجيهه إلى الخير، لعل الله يهديه بأسبابك وأنت حي.

حكم استثمار الوصي لأموال الأيتام

316 - حكم استثمار الوصي لأموال الأيتام س: الأخ / ن. ص. أ. من اليمن الجنوبي، يقول: لي عم توفي وأنا في السجن، وترك ثروة مالية وعقارية، وأسرة كبيرة، أنا القائم عنهم بعد الله عند خروجي فهل يجوز تقسيم الثروة على الورثة قبل أن يبلغ الأولاد الصغار سن الرشد؟ أم تبقى إلى أن يبلغوا؟

وعندما أريد أن أستثمر أموالهم في أي مشروع فهل يجوز لي أن أدخل معهم كشريك، على أن أقوم بتسديد حصتي من رأس مالي، ومن دخل المشروع، حيث إنني فقير، وليس عندي ما أصرف به على نفسي وأسرتي، ويوجد من ضمن التركة سيارة مكلفة بمبلغ كبير، وهي التي يستخدمونها الآن، وكذلك أنا بعد خروجي أريد استخدامها في متابعة الديون التي لعمي عند الناس، لأنها بعيدة وفي أماكن صعبة، فهل يجوز ذلك؟ وأنا بعثت بهذا حتى أخرج وأنا على بينة من أمري، أفيدوني جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: هذا السؤال له شأن عظيم، والواجب عليك أيها الأخ إذا كنت أنت الولي للصغار، وقد أوصى إليك المتوفى بذلك فإن عليك أن تجتهد، وأن تعمل بالأصلح في حق القاصرين، فإذا رأيتم أن بقاء المال مشترك أصلح، إذا رأيت ذلك أنت والكبار والمرشدون أنه أصلح فلا مانع من أن تبقي الثروة مشتركة، وأن تعمل فيها بما تراه أصلح، من البيع والشراء ونحو ذلك، وأن تحسب ما يدخل عليك من حصتك، وتعرف ذلك وتضبطه بالكتابة، فهذا لا بأس، وإن رأيتم القسم أنت ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (147).

والكبار، رأيتم القسم، قسمتم المال وأخذ كل واحد حصته، وجعلتم حصة القاصرين فيما ينفعهم من عقار، أو دفعتموها إلى من يتجر فيها، أو اتجرت فيها أنت، ولكن لا تأخذ شيئًا من الربح إلا بالاتفاق مع محكمة البلاد على ما تراه لك المحكمة، لأن الإنسان لا يؤتمن فيما يتعلق بحق نفسه أن يزيد أو يتساهل، فاتصل بالمحكمة، واتفق معها على ما يبرئ ذمتك من جهة القاصرين، وهذا هو الذي ينبغي لك، والحاصل أن هذا المقام مقام عظيم، فيه تفصيل كما تقدم، وإذا اتصلت بالمحكمة وأخذت رأيها فيما يشكل عليك فهذا هو الذي تبرأ به الذمة، وهو الذي يجب عليك أن تعتني به، وأما القسمة فتراعون فيها الأصلح، إن رأيتم أن الأصلح بقاء المال والتصرف فيه لحظ الجميع والفائدة للجميع فلا بأس، وإن رأى المكلفون القسمة، قسم المال وعزل مال القاصرين، وأخذت فيه رأي المحكمة فيما يشكل عليك.

بيان ما يلزم من تصرف في التركة دون إذن الورثة

317 - بيان ما يلزم من تصرف في التركة دون إذن الورثة س: إن لوالدتي المتوفاة أربع بنات وولدين، وكانت قبل وفاتها تعيش بمنزلي، وأنا التي أقوم بخدمتها والعناية بها، وبعد وفاتها تركت مبلغًا من المال، ما يقارب ألف ريال، وعدد ستة قطع من

أساور الذهب، ولجهلي التام، ولعدم سؤال إخوتي عما تركته والدتي، فقد تصرفت في المبلغ وبالقطع الذهبية، والآن وبعد أن مضى أربع سنوات وعند استماعي إلى البرامج الدينية أدركت بأن لإخوتي الحق فيما تركته والدتنا، وأنا الآن لا أستطيع إعطاءهم نصيبهم لفقري الشديد، ولعدم حاجتهم لها، وحتى الآن لم أخبرهم بما تركته والدتهم لخوفي من مطالبتهم، علمًا بأني امرأة – تصف نفسها وتقول – علمًا بأني امرأة صالحة، وأخاف من الله وأخشاه، فبماذا تنصحونني جزاكم الله خيرًا (¬1)؟ ج: عليك التوبة إلى الله مما فعلت، وعليك أن تخبريهم، فلعلهم يسمحون إن شاء الله، فإن لم يسمحوا فإذا قدرت فأعطيهم حقوقهم، لأن الله يقول جل وعلا: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} ويقول سبحانه: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} فلهم حقهم مما خلفت الوالدة من الأسورة والدراهم، إلا أن يسمحوا، فإذا سمحوا أو ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (323).

بعضهم فالحمد لله، ومن لم يسمح فعليك إعطاؤه حقه إذا قدرت ولو بعد مدة، وعليك تقوى الله في ذلك، في الصدق والجد حتى تؤتيهم حقوقهم، إلا إذا كان أحد غنيًا عنها وسمح بعضهم فجزاه الله خيرًا، ومن لم يسمح فعليك أن تتقي الله وأن تعطيه حقه.

حكم حرمان بعض الورثة من الإرث بغير مسوغ شرعي

318 - حكم حرمان بعض الورثة من الإرث بغير مسوغ شرعي س: يقول السائل: شخص ترك ثلاثة من الأولاد، ولدًا وبنتين، وترك الإرث للولد، وتوفي هذا الولد وواحدة من البنات، وواحدة ما تزال على قيد الحياة، فهل يحق لها أن تطالب من أخيها المتوفى (¬1) (¬2)؟ ج: نعم، هذا جور، جعله المال للذكر دون الأنثيين هذا جور، ولا مانع من مطالبة الثنتين لأخيهما بحقهما، أو لابنه بعد موته بحقهما، ورثة الميتة والحية تطالب بحقها، إلا أن يكون له مسوغ شرعي، يعني يعتقد أنهما كافرتان ليس لهما إرث منه، فهذا يرجع إلى المحكمة، تراجع المحكمة في ذلك، أما إذا كان الولد مسلمًا والبنتان مسلمتين والميت مسلمًا، فالواجب أن تكون التركة بين الذكر والأنثى، للذكر مثل ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (226). (¬2) السؤال الرابع من الشريط رقم (226). ') ">

حظ الأنثيين، تقسم بينهما، للرجل نصفها وللبنتين نصفها الثاني بينهما، فإذا كان في ذلك إشكال ونزاع فهذا يرجع فيه إلى المحكمة. س: يقول السائل: بعنا قطعة أرض أربع قراريط إلى ابن عمي، ولكنه طلب أن نكتب له عقد بيع بثمانية قراريط، والأربعة الأولى كان أبي قد باعها لعمي رحمهم الله، ووقعنا له العقد حتى يحرم إخوته من الميراث الشرعي في الأربعة القراريط الأولى، ماذا نفعل حتى يغفر الله لنا ما فعلناه، إذ إننا حرمنا ثلاثة أشخاص من ميراثهم الشرعي؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: عليكم أن تخبروهم، فإذا سامحوكم فالحمد لله، وإلا عليكم أن تغرموا لهم ما ضيعتم عليهم، إن سمحوا فلا بأس، وإن لم يسمحوا تعطونهم قيمة الذي فوّتم عليهم وضيعتم عليهم. س: يقول السائل: هل يحق للأب أن يحرم ابنه من الإرث، وإذا كان ذلك غير جائز، فما هو توجيهكم لبعض الآباء؟ جزاكم الله خيرًا. ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (345). ') ">

ج: ليس له أن يحرم أحدًا من الورثة من حقه، وليس له أن يوصي لأحد بزيادة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬1) فليس للأب أن يجور في العطية، ولما أعطى بعض الصحابة بعض أولاده غلامًا قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أأعطيت أولادك كلهم مثل هذا؟. قال: لا، قال: إني لا أشهد على جور» (¬2) فسماه جورًا، فالمقصود أن الواجب على الإنسان أن يعدل في العطية بين أولاده، للذكر مثل حظ الأنثيين كالإرث، إلا إذا كانوا موجودين وسمحوا أن يعطي واحدًا منهم أو بعضهم شيئًا زائدًا فلا بأس، الحق لهم، فإذا سمحوا أن يعطي واحدًا زيادة عليهم لأسباب رأوها فلا بأس، وليس له أن يوصي أيضًا لأحد بزيادة على إرثه، لقوله عليه الصلاة والسلام: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث» (¬3) فليس لأحد أن يوصي لبعض أولاده بشيء زائد عن إرثه، الواجب تركهم على ما قسم الله، لقوله عليه الصلاة والسلام: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث» (¬4). ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587)، ومسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623)، بلفظ: في أولادكم. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد، برقم (2650)، وأخرجه مسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الوصايا، باب ما جاء في الوصية للوارث، برقم (2870). (¬4) سنن الترمذي الْوَصَايَا (2120)، سنن أبي داود الْبُيُوعِ (3565)، سنن ابن ماجه الْوَصَايَا (2713)، مسند أحمد (5/ 267).

حكم تخصيص جزء من التركة للموصى مقابل رعايته للصغار

319 - حكم تخصيص جزء من التركة للموصى مقابل رعايته للصغار س: يقول السائل: توفي رجل وله ابنتان صغيرتان وقت وفاته وكان يرعاهما بعد وفاته أولاد عم له، وقد ترك أرضًا، وذهب أولاد عمه لأحد العلماء وخصص لهم ثلث الأرض مقابل تربيتهم للبنتين، والآن البنتان كبرتا وتزوجتا، ولهما أطفال، فهل يبقى ثلث الأرض هذا الذي تركه والدهما يبقى لأولاد عم أبيهما الذين قاموا برعايتهما، أم أنه حق لهما يجب أن يعاد إليهما، أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء؟. ج: إذا سمحتا بهذا التصرف فلا بأس، تقديرًا لتربيتهم وإحسانهم، وامتثالاً لما رآه بعض أهل العلم فلا بأس، فإن أبتا فالحكم للشرع، يتحاكم معهما إلى المحكمة الشرعية، في أي أرض الله، والحاكم الشرعي ينظر في الأمر، وإن سمحتا فالحمد لله.

حكم حرمان الزوجة من حقها في الميراث

320 - حكم حرمان الزوجة من حقها في الميراث س: يقول السائل: ما حق امرأة كانت متزوجة برجل مكثت معه تسعة عشر عامًا، فمات ولم تنجب أولادًا منه، فبقي أخوه يعمل وكون أملاكًا أخرى لمدة أربعة عشر عامًا، ومات ولم تأخذ نصيبها

منه، هل عندها الحق في الأملاك كلها، أم لا؟ علمًا بأن الأخ أيضًا لم ينجب أولادًا، أفيدونا جزاكم الله خيرًا (¬1). ج: هذه مسألة تتعلق بالمحاكم، فالمحكمة تنظر في الأمر وتعطي المرأة حقها من زوجها، فلها حقها من زوجها وهو الربع إذا لم يكن له ذرية من غيرها، لها الربع كما قال الله تعالى: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ}. فإذا كان زوجها ليس له ذرية من غيرها، وهي لمن تنجب منه شيئًا، فإن لها الربع من أملاكه، وأما التفصيل في أملاكه وأملاك أخيه، والنظر في ذلك يرجع إلى المحكمة لإثبات ما يخصه دون أخيه، فلها الحق فيما خلفه زوجها، أما أموال أخي زوجها فليس له حق في ذلك، فلها الإرث في مال زوجها دون مال أخيه. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (110).

حكم استثمار المرأة أموالها مع أنصباء أولادها من الميراث

321 - حكم استثمار المرأة أموالها مع أنصباء أولادها من الميراث س: يقول السائل: رجل توفي وله زوجة وأربعة أولاد وبنتان، وترك مبلغًا من المال على صورة دَين، وبعد وفاته تم تحصيل الدين، فقامت الزوجة باستثمار ذلك المبلغ، وأضافت عليه مبلغًا مما

تحصل عليه من عملها في إحدى الدوائر النسوية، وكان ذلك الاستثمار على صورة ست قطع أرض، أعطت لكل واحد منهم واحدة، فكانت أربع قطع متصلة مع بعض، واثنتان متفرقتان، سؤالي: هل إذا بيعت الأربع قطع المتصلة مع بعضها هل يتم تقسيم قيمتها بحيث يكون نصيب الذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا كانت قيمة شراء الأرض جميعها فقط من راتب الزوجة وليس مضافًا لها أي مبلغ من الإرث، فما الحكم (¬1)؟ ج: الواجب على الجميع أن يميزوا بين الإرث وبين مال المرأة، إلا إذا كانت وهبته لهم وجعلته كمال الميت، يكون تبع مال الميت، أما إذا كانت لم تهبه لهم فمالها لها، وأما مال الميت فيوزع بينهم، للزوجة الثمن، والباقي للأولاد أربعة أبناء وبنتين، يجعل خمسة سهام، سهم للبنتين بينهما، وأربعة أسهم للأبناء الأربعة، للذكر مثل حظ الأنثيين، أما راتبها الذي خلطته إن سمحت به وزع بينهم هكذا خمسة سهام، وله الثمن قبل ذلك قبل التوزيع، وإن لم تسمح فراتبها لها، إذا بيعت الأرض يحسب لها ما أضافت من المال تعطى إياه، والباقي بينها وبين ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (234).

أولادها، وإن سمحت بالمال الذي من راتبها فهو لأولادها، ولها معهم والحمد لله، الحاصل أن الإرث في مال الميت، أما مالها فهي بالخيار، إن أعطتهم إياه قسم بينهم بالعدالة، مثل الإرث، يعني ليس لها أن تخص بعضهم دون بعض، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬1) إذا كانوا أولادها فتقسم بينهم على قسمة مثل مال أبيهم، أما إن كانت وضعته معهم من دون قصد الهبة، لكن إما على سبيل القرض أو على سبيل لمّ الجميع فلها مالها، وللورثة مال أبيهم، للذكر مثل حظ الأنثيين. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهاد في الهبة، برقم (2587)، ومسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623)، بلفظ: في أولادكم.

واجب الورثة تجاه أمانات عند والدهم

322 - واجب الورثة تجاه أمانات عند والدهم س: سائل يقولك والدي كان عنده أمانة من الغنم لواحد من أقربائنا، ولكن والدي توفي قبل أن يسلم الأغنام لصاحبها، وبعد سنة أيضًا توفي صاحب الغنم، وأيام وفاة والدي صاحب الأمانة كان في بلد آخر، وهذا رجل له أطفال من امرأتين، أكبر واحد فيهم سنه اثنتا عشرة سنة، نسأل سماحتكم كيف نتصرف في هذه الأمانة؟ جزاكم الله خيرًا (¬1). ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (282).

ج: هذه الأمانة تسلم للورثة، ورثة صاحبها بواسطة المسؤول القاضي، إذا كان هناك قاضٍ أو أمير البلد، أو عريف الجماعة، إذا كان لهم عريف يرجعون إليه، تسلم هذه الأغنام للورثة، وتقسم بينهم على القسمة الشرعية بواسطة العلماء الذين لديكم ممن يعرفون قسمة المواريث.

حكم اتفاق الورثة على بقاء التركة على حالها

323 - حكم اتفاق الورثة على بقاء التركة على حالها س: يقول السائل: هل يجوز للورثة أن يتفقوا على عدم القسمة، أم لا يجوز ذلك (¬1)؟ ج: إذا كان الورثة مرشدين واتفقوا على بقاء التركة على حالها ليتولاها أحد منهم، أو وكيل آخر يتصرف فيها وينميها، كأن تكون التركة مزرعة ويقوم عليها أحدهم، أو يوكلون عليها من يرعاها، أو تكون التركة عمارة تؤجر، ويأخذون أجرتها بواسطة الوكيل، بواسطة أحدهم، كل هذا لا بأس به إذا كانوا مرشدين، وكذلك لو كان نقود وجعلوها عند أحدهم يتصرف فيها ويتجر فيها لا بأس، المال مالهم، وإذا اتفقوا على شيء وهم مرشدون فلا بأس بذلك. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (164).

بيان التفضيل في إرث أرض أصل ملكيتها للدولة

324 - بيان التفضيل في إرث أرض أصل ملكيتها للدولة س: السائل: س. ط. من العراق يقول: إذا كان أصل ملكية الأرض للدولة، وهي مستغلة من قبل الأشخاص منذ زمن طويل جدًا، فهل يجوز معاملة الذكر معاملة الأنثى عند القسمة على ورثة أحد الأشخاص (¬1)؟ ج: إذا كانت الدولة قد أعطتهم وأقطعتهم هذا، أو اشتروا منها لا بأس، وإذا ما دامت على ملك الدولة فهم إما مستأجرون وإما معارون، فليس لهم حق في الأرض إلا إذا كانت الدولة أقطعتهم إياها، فذلك على حسب الإقطاع، كل له نصيبه، أو الدولة باعت عليهم، إذا كان لا بيع ولا إقطاع، وهي على حساب الدولة فهم يعتبرون مستأجرين، وإما معارين وإما مغتصبين، إذا كانوا أخذوها بقوة من غير إذن. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (268).

حكم إرث مال من يتعامل بالربا

325 - حكم إرث مال من يتعامل بالربا س: يقول السائل: من يتعامل بالربا في بيع وشراء، ثم مات وترك مبلغًا من المال من عمله في الربا، هل أولاده يرثون؟ أو

يتصدقون بهذا المال (¬1)؟ ج: يرثون المال، إذا علموا يقينًا أن جزءًا من المال من الربا يتصدقون به، إذا علموا يقينًا أن يقين ماله عشرة آلاف أصل ماله، وأن ألفين من الربا يتصدقون بها في وجوه الخير، وإذا جهلوا فالمال كله لهم، وإذا عرفوا جزءًا من المال ربًا أو سرقة أو ما أشبه ذلك تصدقوا به، وإن عرفوا صاحبه ردوه عليه. ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (372).

حكم الرد في الميراث على الأخوات

326 - حكم الرد في الميراث على الأخوات س: يقول السائل: إذا مات الإنسان وترك مالاً، ولكنه لم يتزوج وليس له ولد ولا والدان، لكن له أخوات، كيف يمكن توزيع تركته (¬1)؟ ج: إذا مات الإنسان وليس له والد ولا ولد ولا زوجة، وإنما خلف أخوات، تقسم التركة على الأخوات يعطاها الأخوات فرضًا وردًّا، إذا كانت واحدة أخذت المال كله، وإن كن اثنتين قسم بينهما، وإن كان ثلاثة قسم بينهن على السواء، إذا كن من جهة واحدة كأخوات شقائق جميعًا، أو أخوات لأب جميعًا، أو أخوات لأم جميعًا يقسم بينهن ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (69).

كالعصبة فرضًا وردًّا، فإذا ترك ثلاث أخوات من أمه وأبيه جعل المال بينهن أثلاثًا فرضًا وردًّا على أصح قولي العلماء، يعطون الثلثين فرضًا والباقي ردًّا، وهكذا إذا كن أخوات لأب ثلاثًا أو أربعًا أو أكثر يعطين المال فرضًا وردًّا، الثلثين فرضًا، والباقي ردًّا كالعصبة، وهكذا لو كن أخوات لأم ثنتان أو أكثر، يعطين الثلث فرضًا، والباقي ردًّا في أصح قولي العلماء، أما إن كن مختلفات فإنه يوزع بينهن على حسب فروضهن، فإذا كان الموجود أختًا شقيقة وأختًا لأب، ليس هناك عصبة، ما وراءه عصبة، لا بنو عم ولا غيرهم، ليس له عصبة، ليس له إلا الأخوات، أخت شقيقة وأخت لأب، يجعل المال بينهما على أربعة سهام، ثلاثة للأخت الشقيقة وسهم للأخت لأب وهو السدس فرضًا وردًّا، تأخذ السدس فرضًا وردًّا، والشقيقة تأخذ النصف فرضًا وردًّا، أصلها من ستة، تعطى الشقيقة النصف: ثلاثة، والأخت لأب السدس: واحد تكملة الثلثين، يبقى اثنان يردان عليهما، تعطى الأخت لأب نصف: واحد والأخت الشقيقة واحد ونصف، فيرجع الأمر إلى أربعة من ستة، فيكون المال بينهما على أربعة سهام، للشقيقة ثلاثة سهام فرضًا، وردًّا، وللأخت لأب سهم واحد فرضًا وردًّا، وهكذا لو كانت أختًا شقيقة ومعها أخت لأم، تعطى الشقيقة ثلاثة من ستة فرضًا وردًّا، والأخت لأم واحدًا فرضًا وردًّا، ويرجع الأمر إلى أربعة، مثلما تقدم: في الشقيقة، والأخت لأب، وهكذا لو كان له أخت لأب مع أخت لأم، تعطى الأخت لأب

النصف: ثلاثة، وتعطى الأخت لأم السدس: واحدًا، يبقى اثنان يردان عليها، وترجع المسألة إلى أربعة، الأخت لأب ثلاثة فرضًا وردًّا، والأخت لأم واحد فرضًا وردًّا، أما إن كان الموجود أخوات لأم، اثنتين أو أكثر، وليس له عصبة بالكلية، لا بنو عم ولا غيرهم، فإن المال يعطى الأخوات لأم فرضًا وردًّا، الثلث فرضًا، والثلثان ردًّا عليهن، اثنتان أو ثلاث أو أكثر لهن الثلث فرضًا، والبقية ردًّا عليهن، فإن كن ثلاثًا صار بينهن أثلاثًا، وإن كن أربعًا صار بينهن أرباعًا، أخوات لأم، أو إخوة لأم ذكورًا، لأن فرضهم الثلث إذا كانوا اثنين فأكثر، وما زاد فهو لهم بالردّ، فإذا كانوا إخوة لأم ذكورًا وإناثًا، أو ذكورًا أو إناثًا، فأمرهم واحد، وإرثهم سواء لا فرق بين الذكر والأنثى، يعطون الثلث فرضًا، والباقي ردًّا عليهم.

حكم توريث ذوي الأرحام

327 - حكم توريث ذوي الأرحام س: يقول السائل: رجل توفي ولا يوجد له عصبة، وعنده مال كثير، وله خالة وعمة وبنت عم، هل يرثونه أم لا (¬1) (¬2)؟ ج: هذا على خلاف في توريث ذوي الأرحام، بعض أهل العلم يرى توريثهم، وبعض أهل العلم لا يرى توريثهم، فإذا وقعت هذه تحال للمحكمة، وتنظر فيها، لأن هؤلاء من ذوي الأرحام. ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (372). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (372). ') ">

س: يقول السائل: ما مدى أحقية أبناء الأخت المتوفاة في تركة جدهم لأمهم؟ ج: لا يرثون، أبناء البنت ليس لهم إرث، من ذوي الأرحام، فإذا مات إنسان عن عصبة، أو عن بنين، أو عن أصحاب فروض فليس لأولاد البنت شيء من الإرث، أما لو قدر أنه مات عن غير عاصب، وعن غير ذي فرض فلذوي الأرحام أحكام معروفة في توريثهم، لكن ما دام له وراث من ذوي الفرض غير الزوجين، أو من العصبة فأولاد البنت ليس لهم شيء من جدهم من قِبل أمهم، أي أبي أمهم.

انتهى بحمد الله تعالى الجزء التاسع عشر ويليه بمشيئة الله تعالى الجزء العشرون وأوله كتاب النكاح

المجلد العشرون

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب النكاح

كتاب النكاح

حكم الزواج

1 - حكم الزواج س: متى يكون الزواج واجبًا؟ ومتى يكون مندوبًا؟ ومتى يكون مباحًا؟ (¬1) ج: يكون مندوبًا إذا اشتهى ذلك ولا خطر عليه، فإذا كان عليه خطر؛ لأنه ذو شهوة ويخشى على نفسه، فإنه يجب عليه النكاح. لقوله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج» (¬2) فالواجب عليه أن يبادر، حفاظًا على دينه وعلى سمعته وعلى عرضه، وقال بعض أهل العلم يجب مطلقًا، ما ¬

(¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (182) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400)

دام فيه شهوة، وما دام يستطيع، فإنه يلزمه ولو لم يخف الفتنة، لعموم الحديث: «يا معشر الشباب» (¬1) وهذا القول أقوى وأظهر، وأنه من استطاع الزواج، يلزمه الزواج، ما دامت عنده شهوة، وما دام عنده قدرة. أما الإباحة، فيباح لمن لا شهوة له، للخدمة والإعانة على أمور الدنيا، إذا أخبرها وعرفت أنه مريض عليه أن يخبرها، ورضيت بذلك فلا بأس. ¬

(¬1) صحيح البخاري النكاح (5065)، صحيح مسلم النكاح (1400)، سنن الترمذي النكاح (1081)، سنن النسائي النكاح (3211)، سنن أبو داود النكاح (2046)، سنن ابن ماجه النكاح (1845)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 378)، سنن الدارمي النكاح (2165).

حكم المبادرة بالزواج في سن مبكرة

2 - حكم المبادرة بالزواج في سن مبكرة س: يسأل المستمع من جهورية مصر العربية ويقول: ما حكم الشرع يا سماحة الشيخ في الزواج المبكر؟ وما هو السن المناسب للزواج، بالنسبة للفتاة والفتى؟ (¬1) ج: النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء» (¬2) فالتبكير بالزواج إذا تيسّر أفضل، وكذا المبادرة؛ لأنّ الإنسان متى بلغ الحلم عرضة للخطر، فالمشروع له البدار إذا استطاع، البدار بالزواج، من حين بلغ الحلم، إذا بلغ خمس عشرة ¬

(¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (417) (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400)

سنة فأكثر وإن بلغ قبل ذلك وأحس حاجته للنساء قبل خمسة عشر، بلغ بإنزال المني، فلا بأس أن يتزوج، المقصود أنه إذا بلغ ولو بغير الخمسة عشر، وهو يستطيع الزّواج يشرع له المبادرة، وهكذا البنت إذا بلغت تسعًا فأكثر، إذا تيسر الزواج تزوّج، بنت تسع، بنت عشر، بنت إحدى عشرة، لا حرج. عائشة تزوّجها النبي صلى الله عليه وسلم وهي بنت سبع، ودخل بها وهي بنت تسع. رضي الله عنها.

بيان السن الشرعي لزواج المرأة

3 - بيان السِّنِّ الشرعي لزواج المرأة س: يقول السائل: ما هو السن الشرعي، الذي يجوز للمرأة أن تتزوج فيه، هل هو محدد أم لا؟ (¬1) ج: ليس للسن الذي تتزوج فيه المرأة حدٌ بالنسبة إلى أبيها، أبوها له أن يزوجها وإن كانت صغيرة، زوَّج الصديق عائشة رضي الله عنها وهي بنت ست سنين أو سبع سنين إذا رأى المصلحة في ذلك، إذا رأى أن الخاطب كفؤ لها وأنه يغتنم ولا ينبغي أن يؤجل بل يغتنم فلا بأس، الأب ينظر في مصالح أولاده، أما الأولياء الآخرون فليس لهم أن يزوجوا إلا بعد بلوغها سنًا تكون أهلاً للاستئذان؛ لأنهم مأمورون بأن ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (62).

يستأذنوها، أما الأب فله أن يزوجها بغير إذنها إذا كانت دون التسع سنين اقتداءً بما فعله الصديق رضي الله عنه وأقره النبي صلى الله عليه وسلم عليه، قالوا هذا يدل على أن البنت ولو كانت صغيرة يزوجها أبوها خاصة بغير إذنها ولو كانت غير أهلٍ للإذن، كبنت الخمس والأربع إذا رأى المصلحة في ذلك لا لأجل المال بل لأجل مصلحة البنت كما زوج الصديق عائشة لأجل مصلحة عائشة، فمن يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ومن يحصل له النبي عليه الصلاة والسلام فلهذا بادر إلى تزويجها عليه، عليه الصلاة والسلام فإذا خطب منه الرجل الصالح من أهل الخير من أهل العلم وأهل الفضل والاستقامة وخشي أن يفوت هذا الرجل الصالح، فعقد له عليها فلا بأس لكن ليس له أن يقربها بالجماع حتى تكون أهلاً لذلك ليس للزوج أن يتصل بها حتى تكون أهلاً للجماع يحرم عليه ما يضرها، أمَّا الأولياء الآخرون فليس لهم أن يزوجوا إلا عند بلوغها التسع. إذا بلغت تسعًا زوجوها بإذنها. لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا يا رسول الله كيف إذنها؟ قال: أن تسكت» (¬1) وهكذا ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها برقم (5136)، ومسلم في كتاب النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1419)

الأب إذا بلغت تسعًا يستأذنها أيضًا، أما ما دون التسع فلا يلزم الأب استئذانها؛ لأنها ليست من أهل الإذن، أما إذا بلغت تسعًا فأكثر، فإن أباها يستأذنها ولا يجبرها أيضًا هذا الصواب، ليس له جبر البنت البالغة تسعًا فأكثر، وإنما يزوج من دونها بغير إذنها للمصلحة الشرعية للبنت كما تقدم، أمَّا بقية الأولياء كأخيها وعمها أو ابن عمها، فليس لهم أن يزوجوا إلاَّ بعد بلوغ التسع وإلا بالإذن أيضًا لا بد من أمرين بلوغ التسع حتى تكون أهلاً كما قالت عائشة رضي الله عنها إذا بلغت الجارية تسعًا فهي امرأة، ولأن التسع مقاربة فلا مانع من التزويج بالإذن، تستأذن وإذنها سكوتها. إذا سكتت كفى هذا بحق البكر، فالسن حينئذٍ فيها تفصيل، في حق الأب ليس لها حدّ محدود إذا رأى المصلحة، ولكن ليس له أن يزوج إلا بإذن بعد بلوغها التسع، والأولياء إنما يزوجون بعد بلوغ التسع حتى يستأذنوا، حتى يتمكنوا من الاستئذان، إذًا، من دونها ليس محل إذن، فلهذا حدد لهم هذا ليستأذنوا لتكون محلاً للإذن حتى لا تجبر.

س: ما هو سن الزواج بالنسبة للفتاة المسلمة، هل هناك سن محدد للفتاة لكي تتزوج؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (383).

ج: ما أعلم في هذا حدًا محدودًا، المقصود تحملها إذا كانت تتحمل الزواج، ما لها حدٌ محدود، النبي صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة رضي الله عنها وهي بنت سبع، ودخل بها وهي بنت تسع، فإذا كانت الفتاة تتحمل، زوَّجها وليها، وأما إذا كانت لا تتحمل لصغر جسمها، وضعفها فلا يعجل عليها حتى تكون أهلاً للزواج، وأمّا السن فيختلف، قد تكون بنت عشر تتحمل وقد تكون بنت خمسة عشر ما تتحمل، لضعفها وضعف جسمها، أو لمرضٍ عرض لها أو نحو ذلك، فالمقصود أن ولي المرأة وأمّها وقريباتها ينظرون في حالها، فلا يزوجونها إلا إذا كانت تتحمل الزواج.

حكم رد الخاطب بدعوى أن المخطوبة صغيرة السن

4 - حكم رد الخاطب بدعوى أن المخطوبة صغيرة السن س: تسأل السائلة وتقول: بعض الآباء إذا تقدم لبناتهم خاطب لا يزوجونه بحجة أن الفتاة لا تزال صغيرة، أو لأنها لا تحسن أعمال المنزل، فهل من كلمة إلى مثل هؤلاء الآباء؟ (¬1) ج: وصيتي للآباء ولجميع الأولياء من إخوة وبني إخوة وأعمام نوصي الجميع بأن يتقوا الله في مولياتهم من البنات والأخوات، وبنات ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (239).

الأخ، وبنات العم، نوصي الجميع بأن يتقوا الله فيهن وأن يحرصوا على تزويجهن متى جاء الخاطب الكفء، ولو كانت غير متعلمة تتعلم مثل زوجها، ما دامت أهلاً للزواج وتتحمل الزواج، بنت خمس عشرة، بنت ست عشرة، بنت سبع عشرة، بنت أكثر، تتحمل الزواج، تقوى على الزواج، فالواجب أن يجاب الخاطب، بمشورتها ورضاها، تستشار، وإذا سكتت وهي بكر، كفى ذلك. النبي عليه السلام قال: «إذنها سكوتها» (¬1) أما إن كانت ثيبة، يعني قد تزوجت، فلا بد من الإذن، باللفظ، تقول نعم، لا بأس والواجب على الولي أن يتقي الله، وأن يحرص على تزويج الفتاة فإن جلوسها بدون زوج فيه خطر عليها، فلا يجوز التساهل في هذا الأمر. والواجب على الآباء أيضًا الحرص على تزويج الأبناء إذا قدروا على ذلك؛ لأن جلوس الولد بغير زواج فيه خطر عظيم، فالواجب على الأب أن يزوجه وأن يجتهد في تزويجه ولو تساهل الولد، فالوالد يلزمه بالزواج، يجاهده، حتى يتزوج، حتى يسلم من الفتنة؛ لأن الزواج برحمة الله وفضله من أسباب السلامة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها برقم (5136)، ومسلم في كتاب النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1419).

فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (¬1) فأمر صلى الله عليه وسلم الشباب بالزواج وقال: «إنه أغضّ للبصر وأحصن للفرج» (¬2) وهذا يعم الفتاة والذكر، يعم الشباب من الذكور والإناث، فالواجب على الآباء وغيرهم أن يعتنوا بتزويج بنيهم وإخوتهم إذا تأهلوا للزواج، وقدروا على تزويجهم من أموالهم أو من أموال المزوجين، لا يتساهلون في هذا إن كان ابنه غنيًا جاهده حتى يتزوج، وإن كان فقيرًا زوجه من ماله إن كان الولي غنيًا، وهكذا البنت إذا خطبها الكفء زوجها، وإذا تيسر أن يخطب لها هو، يلتمس، هذا طيب، أنه يلتمس هو من الشباب الطيبين، يقول يا فلان أنا عندي بنت أحب أن أزوجك إياها، أو عندي أخت، فإذا وافق فالحمد لله، عمر أفضل الخلق بعد نبي الله، وبعد الأنبياء وبعد الصديق خطب لبنته حفصة لما خرجت من عدة زوجها الذي مات عنها، عرضها على عثمان، وعرضها على الصديق لفضلهما، فعثمان اعتذر والصديق سكت؛ لأنه عرف أن النبي صلى الله عليه وسلم له رغبة فيها، فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي حفصة. كون الإنسان يخطب لابنته أو ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم (1400). (¬2) صحيح البخاري النكاح (5065)، صحيح مسلم النكاح (1400)، سنن الترمذي النكاح (1081)، سنن النسائي النكاح (3211)، سنن أبو داود النكاح (2046)، سنن ابن ماجه النكاح (1845)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 378)، سنن الدارمي النكاح (2165).

لأخته ليس فيه نقص، بل هو مشكور ومأجور إذا التمس لها الزوج الصالح. فإذا جاء الزوج الصالح وخطب فالواجب البدار إلى إجابته. ولا يؤخر ذلك؛ لأن البنت كذا أو لأنه فقير، أو وظيفته ما هي بكبيرة، لا، الرزق عند الله، جاء في الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض» (¬1) ولا سيما في عصرنا هذا، عصر الفتن، عصر الانحراف، فالواجب الحذر من التساهل، والواجب البدار بتزويج البنين والبنات، إذا خطب البنات الأكفاء، وتيسر الكفء، ولو أن تخطب أنت لها، ولو أن تلتمس لها أنت، وهكذا بنوك وإخوتك وبنو أخيك، احرص على تزويجهم، بالكلام والمشورة والنصيحة، وبالمال إذا كانوا فقراء حسب طاقتك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته» (¬2) متفق على صحته، حديث ¬

(¬1) أخرجه الترمذي، في كتاب النكاح، باب ما جاء: إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه، برقم (1084). (¬2) أخرجه البخاري، في كتاب المظالم والغصب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه، برقم (2442)، ومسلم كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (2580).

عظيم. فإذا كنت في حاجة أخيك في الزواج أو أختك. أو بنتك، فأنت على خيرٍ عظيم، أو ابن أخيك. ويقول جلّ وعلا: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}. فالتعاون على الزواج من التعاون على البر والتقوى نسأل للجميع التوفيق والهداية.

حكم عزوف الرجل عن الزواج

5 - حكم عزوف الرجل عن الزواج س: السائل أ. هـ. من ليبيا يقول في سؤاله: سماحة الشيخ شخص بلغ الأربعين، ولم يتزوج حيث إنه ليس له رغبة في الزواج، وهو رجلٌ يحب الخير ويؤدي الفروض في أوقاتها، هل يأثم بتركه الزواج؟ (¬1) ج: إذا كان لا شهوة له لا يأثم، أما إذا كان له شهوة، فيلزمه الزواج إذا استطاع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج» (¬2) أمّا إن كان ما عنده شهوة أو عاجزًا ما عنده قدرة فلا حرج عليه. ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (400). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

حكم دعاء المرأة لنفسها بأن ترزق زوجا صالحا

6 - حكم دعاء المرأة لنفسها بأن ترزق زوجًا صالحًا س: السائلة /ج. ع من المنطقة الشرقية، تقول: هل يجوز للمرأة أن تدعو لنفسها بالزوج الصالح، والصفات التي ترغبها فيه في هذا الزوج؟ (¬1) ج: نعم يشرع لها ذلك، يشرع لها أن تطلب ربها أن يسهل لها الزوج الصالح، كالرجل يسأل ربه أن يسهل له الزوجة الصالحة، هذا من الدعاء الطيب، وهي تسأل الله أن يسهل لها الزوج الصالح، والرجل كذلك يسأل الله أن يسهل له الزوجة الصالحة. ¬

(¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (420).

حكم تأخير الزواج للتفرغ لطلب العلم مع الحاجة إليه

7 - حكم تأخير الزواج للتفرغ لطلب العلم مع الحاجة إليه س: رجل قرر ألا يتزوج لضيق ذات اليد أولاً وثانيًا للتفرغ لطلب العلم، مع العلم أنه يخاف من الوقوع في المعصية، فهل في تركه للزواج إثم، وهل يجب عليه الزواج إذا استطاع، وجهوني؟ جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: الصواب أنه يجب عليه إذا استطاع يجب عليه ولا سيما إذا خاف ¬

(¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (358).

على نفسه فلا إشكال في الوجوب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج» (¬1) وهذا أمر، والأمر للوجوب، «فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (¬2) المقصود أن الواجب عليه مع القدرة المبادرة بالزواج، وإذا كان يخشى على نفسه صار الواجب آكد. ¬

(¬1) صحيح البخاري النكاح (5065)، صحيح مسلم النكاح (1400)، سنن الترمذي النكاح (1081)، سنن النسائي النكاح (3211)، سنن أبو داود النكاح (2046)، سنن ابن ماجه النكاح (1845)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 378)، سنن الدارمي النكاح (2165). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

حكم تقديم الزواج على فريضة الحج

8 - حكم تقديم الزواج على فريضة الحج س: المستمع أ. م.، يقول: أنا رجل أعزب لست متزوجًا وأبلغ من العمر الثانية والثلاثين، هل أبدأ بفريضة الحج أم بالزواج؟ جزاكم الله خيرًا .. (¬1) ج: إذا كنت في حاجة للزواج، وتخشى على نفسك فابدأ بالزواج، والحج بعد الزواج: تحج إن استطعت، أمّا إذا كنت لا تخشى الفتنة، ولا تخشى على نفسك من تأخير الزواج، فابدأ بالحج ثم تزوج بعد ذلك، المقصود أنك تراعي ما هو الذي يضرك وتخشى منه، فإن كان النكاح يضرك تأخيره، وتخشى على نفسك فابدأ بالنكاح، وإن كنت لا ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (346).

تخشى شيئًا وتخشى أن يفوت عليك الحج، فبادر بالحج والحمد لله، اعمل بما هو أقل ضررًا، وأكثر نفعًا، وأنت أعلم بنفسك إذا كنت بحاجة للزواج، وتخشى على نفسك من التأخير فابدأ بالزواج، وإن كنت بحمد الله لا تخشى شيئًا، بل أنت مطمئن بأن لا شيء عليك ولا يضرك التأخير فابدأ بالحج والحمد لله.

حكم عبارة الزواج قسمة ونصيب

9 - حكم عبارة: الزواج قسمةٌ ونصيب س: يسأل المستمع عن قول الناس إن الزواج قسمةٌ ونصيب، هل هناك مجال للاختيار يا سماحة الشيخ؟ وكيف توجهون الناس الذين يقولون مثل هذا الكلام؟ (¬1) ج: كل الأشياء قسمة ونصيب، كلها بأمر الله، كلها بإذن الله، كلها مقدرة، قدَّر الله الزواج، وقدر الأولاد وقدر كل شيء من أعمال العباد. يقول جل وعلا: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء» (¬2) سبحانه وتعالى كل شيء مقدر ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (239). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب القدر، باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام، برقم (3653).

ولكن لا يمنع من تعاطي الأسباب. أنت مأمور بالأسباب، مأمور بأن تتزوج تلتمس الفتاة الصالحة تلتمس أسباب الرزق، من زراعة، من تجارة، من نجارة، وحدادة، وخياطة، وغير ذلك أنت مأمور بالأسباب، وكله بقدر، إذا زرعت الأرض فهو بقدر، إذا تزوجت فهو بقدر، إذا جاء لك ولد فهو بقدر، إذا كنت تستعمل النجارة فهو بقدر، الحدادة بقدر، كونك بناء أو عاملاً بقدر، كل شيء بقدر، لكن عليك أن تعمل الأسباب، وتحرص، تجتهد في طلب الرزق، وفي بذل الخيرات والله جل وعلا هو الموفق الهادي، تسأل ربك الإعانة والتوفيق. فإذا صليت مع الجماعة فهو بقدر، وإذا تعلمت القرآن وحفظته فهو بقدر، إذا تعلمت العلم فهو بقدر، وإذا سلمت على فلان فهو بقدر، وإذا رددت السلام عليه فهو بقدر. وإذا زرت أخاك في الله فهو بقدر، وإذا عدت المريض فهو بقدر، وهكذا، كل شيء بقدر، لكن أنت مأمور بتعاطي الأسباب النافعة، والحذر من الأسباب الضارة، أنت مأمور بهذا والله الموفق والهادي سبحانه وتعالى.

حكم تأخير الزواج خشية من المسئولية

10 - حكم تأخير الزواج خشية من المسئولية س: السائل من دولة قطر ن. ع. يقول في رسالته: قضية هامة ألا وهي تأخير الشباب للزواج، فما هو حكم الشرع في الشخص الذي يؤخر الزواج مع العلم بأنه قادر على الزواج لكنه يفكر دائمًا

في صعوبات هذه الحياة علمًا بأنه يبلغ من العمر (33) سنة؟ (¬1) ج: الواجب على من قدر، الزواج. هذا هو الصواب ما دام له شهوة يشتهي النكاح فالواجب عليه المبادرة بالزواج إذا استطاع ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (¬2) هذا فيه أمر بالتزوج والمبادرة، والصواب أنه للوجوب إذا قدر عليه، وله شهوة وإذا كان يخاف الزنى صار الأمر أشد. فالحاصل أنه يجب عليه إذا كانت له شهوة، وكان يستطيع النكاح، يجب عليه البدار، وعدم التأخير وإذا كان يخشى الفتنة، وجب بكل حال أن يبادر بالزواج، حتى الشيخ الكبير إذا كان عنده قدرة، وليس عنده ما يعفه وجب عليه الزواج، ولو كان شيخًا، يجب عليه الزواج؛ لأن العلّة موجودة، وهي خوف الفتنة، فالواجب على من عنده قدرة على الزواج، سواء كان شيخًا أو كهلاً، أو شابًا يجب عليه البدار ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (328). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

بالزواج، وليس له التأخير وإن كان عنده واحدة لا تعفه، يعني شهوته كبيرة، وليست الواحدة تعفه ويستطيع أن ينكح الثانية، وجب عليه أن ينكح الثانية والثالثة والرابعة إذا استطاع ذلك، حتى يعف نفسه وحتى يحصل به كثرة النسل، والأمة، ولو لم ترض النساء، من طبيعة النساء ألاَّ يرضين بالضرات، لكنه ينظر في الأصلح ويسترضي زوجته، بما يسر الله من المال وغيره، ويعدل ولا يضر ذلك، ولا بأس عليها أن ترضى بذلك، وعليه أن يعدل، وإذا أرضاهن جميعًا، بما يسره الله، من المال فهذا زيادة خير إلى خير والواجب عليهن أن يرضين، وأن يصبرن إذا عدل ولم يحف بل عدل واتقى، المقصود أن الواجب على الرجال والشباب والشيوخ، أن يتزوجوا وألا يؤخروا الزواج، إذا كان يستهويه النكاح، وعنده القدرة، يجب البدار، والمسارعة إلى الزواج، لقوله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج» (¬1) والذي لا تعفه الواحدة، وهو على خطر ويخشى الفتنة يجب عليه أن يتزوج الثانية والثالثة، إذا احتاج إليها والرابعة إذا احتاج وقدر فلا يتأخر وعليه أن يعدل ويتقي. وفيما يتعلق ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

بالمشاكل التي تواجه الشباب: في السكن والتجمع مع الأبوين والإخوة وعدم القدرة على الانفراد فالله يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ويقول {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} إذا استطاع أن ينفرد انفرد، وإلاَّ سكن مع أهله واتقى ما استطاع، حسب الطاقة.

بيان فضل الزواج والمبادرة إليه

11 - بيان فضل الزواج والمبادرة إليه س: يسأل الأخ/ م. ص: ويقول: إنه شاب في الثانية والعشرين من عمره، يشكو قلة ذات اليد، ويشكو أيضًا من عنت العزوبة، يرجو من سماحة الشيخ التوجيه الشرعي في هذه الناحية؟ (¬1) ج: لا ريب أن الزواج من أهم المهمات، ومن أفضل القربات، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج» (¬2) والله يقول سبحانه: ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (81). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

{وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}، وفي الحديث الصحيح يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة حق على الله عونهم» (¬1) ذكر منهم "متزوج يريد العفاف" المتزوج يريد العفاف، يعني أن يقصد العفاف، فالله يعينه سبحانه وتعالى، فنصيحتي لهذا الشاب السائل أن يفعل الأسباب، التي يستطيعها حتى يتزوج، إما بقرض وإما بالاستدانة يشتري شيئًا إلى أجل معلوم، ويبيعه والله يوفي عنه ويتزوج لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه» (¬2) والنبي صلى الله عليه وسلم قد استدان وهو أطهر الخلق استدان ومات وعليه دين عليه الصلاة والسلام، فلا بأس بالاستدانة ولا حرج في الاستدانة إما من طريق القرض أو من طريق أن يشتري حاجات، كسيارة أو غيرها إلى أجل معلوم ثم يبيعها هو إلى إنسان آخر؛ يبيعها بنقد ويتزوج، ولا بأس في ذلك، وهنا لدينا مشروع ولكنه يطول، مشروع مساعدة المتزوجين وهذا ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب فضائل الجهاد، باب ما جاء في المجاهد والناكح والمكاتب وعون الله إياهم، برقم (1655). (¬2) أخرجه البخاري، في كتاب الاستقراض وأداء الديون والتفليس، باب من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو إتلافها، برقم (2387)

له شروط خمسة: الأول: منها أن يكون سعوديًا، وهكذا الزوجة المخطوبة. الثاني: أن يكون عاجزًا بالبينة مثبتًا من المحكمة أنه عاجز عن النفقة عن الزواج يعني عن المهر. الثالث: أن يتم العقد بينه وبين أهل المرأة، ولكن يبقى الدخول. الرابع: أن يكون هذا أول زواج أو قد تزوج ولكن ماتت زوجته، أما المطلق فلا، ما عندنا له مساعدة. الخامس: أن يثبت أنه محافظ على الصلاة في الجماعة من أهل المعرفة به في مسجده. فإذا تمت الشروط نساعده بخمسة وعشرين ألفًا على حساب المحسنين، هذه الأمور من أهل الخير من زكوات أهل الخير ومساعداتهم، خمسة وعشرون ألفًا إذا تمت هذه الشروط الخمسة يساعد بها، لكنها قد تتأخر؛ لأن الناس كثيرون ينتظرون، الآن قد يبلغون الألوف والمال ليس بالكثير الذي يأتي لهذا المشروع فلهذا قد يتأخر خمسة أشهر، ستة أشهر حتى يأتيه الدور أو أكثر من ذلك، فإذا رأى أن يتقدم لهذا المشروع وثبتت هذه الشروط، فلا بأس لعل الله يسهل له أمره، وإن استدان أو اقترض حتى يكون أعجل، فهذا خير إن شاء الله وله بشرى بأن الله يسهل أمره وأن يقضي عنه دينه؛ لأن الزواج عمل صالح فيه عفة الفرج، وغض البصر والتسبب لعفة امرأة أيضًا وغض بصرها وحفظ فرجها، والتسبب أيضًا لوجود الولد، وتكثير الأمة ففيه المصالح.

وأنا أهيب بإخواني المسلمين في المملكة وغيرها، أن يساعدوا في هذا المشروع من الزكاة وغيرها، وكتبنا عن ذلك مرات كثيرة والغالب أن نكتب أيضًا، في آخر شعبان؛ لأن كثيرًا من الناس عندما يخرج الزكاة يكون في رمضان، فالحاصل أننا كتبنا عن هذا مرات كثيرة وسنكتب إن شاء الله هذه الأيام أيضًا، وعند دخول رمضان أيضًا، لكن أهيب بمن يسمع هذه الكلمة أن يساهم في هذا المشروع؛ لأن فيه إعانة لكثيرٍ من الشباب على الزواج، وهم عاجزون فأنا أهيب بجميع إخواني الذين يسمعون هذه الكلمة أن يساهموا في هذا المشروع إما من الزكاة وإما من غيرها والله يأجرهم ويثيبهم سبحانه.

نصيحة لمن عجز عن تكاليف الزواج وهو محتاج إليه

12 - نصيحة لمن عجز عن تكاليف الزواج وهو محتاج إليه س: أنا شاب في العشرين من عمري أريد أن أكمل نصف ديني ولكن لا أستطيع الباءة فما هي نصيحتكم لي والحالة هذه؟ (¬1) ج: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (1).

للفرج فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (¬1) الرسول أرشد عليه الصلاة والسلام بالصوم، من عجز عن الباءة يعني عن النكاح فإن عليه أن يصوم ويستعين بالصوم على إمساك الشهوة. وتخفيفها والسلامة من شرها مهما أمكن فالصوم بإذن الله يحصل به الوجاء يعني الخصاء، يعني يحصل به إضعاف الشهوة، ويحصل به كفها، عن الشدة فالحاصل أن الصوم فيه علاج للشهوة وفيه علاج لطموح الإنسان إلى النكاح. ومن أسباب غض البصر، فهو من أسباب ضعف سلطان الشيطان، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم، والصوم يضعف ذلك، فالحاصل أن الصوم يضعف هذه النزعة، وهذا الهجوم إلى الجنس، فيحصل به الشيء الكبير المقصود، وإن تعاطى شيئًا من الأدوية التي تضعف الشهوة ولا تقطعها، من يتعاطى شيئًا من الأدوية التي يحصل بها إضعاف الشهوة وتخفيف الشهوة لكن لا يقطع الشهوة بل تبقى الشهوة عند الحاجة هذا لا بأس أيضًا قد يكون علاجًا أيضًا. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

س: الأخ/ ن. ش. ح. من العراق. يقول: إني شاب في السابع

والعشرين من عمري، أريد أن أتزوج ولا أطيق ذلك؛ لأننا في بلدنا يطلبون علينا المهر، وهو خمسة إلى عشرة آلاف دينار، وأنا لا أملك سوى راتبي الذي لا يكفي إلا لعيشي أنا وعائلتي، فأرشدوني سماحة الشيخ كيف أتصرف؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) ج: نوصيك بتقوى الله والصبر حتى تستطيع الزواج، ونوصيك أيضًا بالصوم إذا تيسر لك ذلك؛ لأن الله سبحانه يقول في كتابه العظيم: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}، فأنت مأمور بالاستعفاف عما حرم الله، حتى يغنيك الله من فضله وتستطيع الزواج ونوصيك أيضًا بالصيام، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (¬2)، (¬3) فإذا كنت عاجزًا عن النكاح، فاتق الله واصبر، واجتهد في البعد عن أسباب الفتنة، وعن النظر إلى النساء، أو مخالطة النساء، حتى يسهل الله لك الزواج. وإن ¬

(¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (193). (¬2) صحيح البخاري النكاح (5065)، صحيح مسلم النكاح (1400)، سنن الترمذي النكاح (1081)، سنن النسائي النكاح (3211)، سنن أبو داود النكاح (2046)، سنن ابن ماجه النكاح (1845)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 378)، سنن الدارمي النكاح (2165). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

تيسر لك القرض من بعض إخوانك، تزوج، فسوف يوفي الله عنك، اقترض من بعض إخوانك وتزوّج، وأبشر بالخير. الله يقول سبحانه: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه» (¬1) فأنت إذا أخذت ذلك تريد العفاف فأنت على خير، والله جل وعلا يوفي عنك سبحانه وتعالى، فإذا تيسر لك من إخوانك الطيبين من يقرضك لما يعينك على الزواج، ولو من جماعة، هذا منه كذا وهذا منه كذا، حتى تتزوج فهذا مناسب وينبغي البدار به، حرصًا على العفة والسلامة. أما إذا لم يتيسر ذلك فاصبر وصابر، واجتهد في جمع ما تيسر من النقود، حتى تستطيع الزواج، يسر الله أمرك، وأعانك على ما فيه عفتك وسلامتك. ¬

(¬1) أخرجه البخاري، في كتاب الاستقراض وأداء الديون والتفليس، باب من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو إتلافها، برقم (2387).

س: شاب في العشرين من عمري، وغير متزوج لكني دائمًا أفكر في الزواج، وحالتي المادية لا تسمح لي بذلك، في الوقت الحاضر بماذا توصونني وتوجهونني جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (348).

ج: نوصيك بما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم الشباب، جاء في الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة - الباءة يعني: الزواج - فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء» (¬1) خرَّجه الشيخان في الصحيحين، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، وإذا تيسر لك الاستدانة أو القرض، حتى تتزوج فافعل ذلك، وأبشر بأن الله يوفي عنك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه» (¬2) فأنت تأخذها تستلف أو تشتري سلعة لتبيعها: سيارة أو غيرها تبيعها، ثم تتزوج والله يوفي عنك، أبشر بالخير إن شاء الله فإن لم يتيسر هذا فأكثر من الصوم، حتى يسهل الله لك النكاح. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400). (¬2) أخرجه البخاري، في كتاب الاستقراض وأداء الديون والتفليس، باب من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو إتلافها، برقم (2387).

س: للمادة أثرها على حياة الناس، عندما يتزوج الإنسان، يريد أن يؤثث البيت، يريد أن يعيش حياة معينة، فما توجيهكم لو تكرمتم؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (134).

ج: هذا مما يعطل الزواج، ينبغي عدم التكلف ولو استأجر شقة، ولو استدان والله يوفي عنه سبحانه وتعالى، فينبغي لأهله وأقاربه أن يعينوه، وينبغي له أن يحسن الظن بالله عز وجل، ولا يشدد في الأمور، فينبغي له أن يبادر في الزواج، ولو من طريق الاستدانة، ولو من طريق التسامح بالأثاث، وشقة البيت ونوعية السكن، لا يتشدد في الأمور، حتى يفرج الله، يقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}.

حكم من يقول إن الزواج سبب للمشاكل والأمراض

13 - حكم من يقول إن الزواج سبب للمشاكل والأمراض س: بعض الناس يقولون لن نتزوج، ولن ننجب أولادًا؛ لأن الزواج وإنجاب الأولاد يعكر صفوهما، ويسبب كثيرًا من الأمراض، فالزوجة تصاب بعدة أمراض، فتعكر على الزوج صفوة حياته، وتصبح همه الشاغل، وكذلك الأولاد. فما نصيحتك لهذا الصنف من الناس؟ (¬1) ج: كل هذا غلط. لا ينبغي هذا، بل يشرع الزواج والعناية بطلب الأولاد؛ لأن الرسول أمر بهذا عليه الصلاة والسلام، وقال: «تزوجوا ¬

(¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (182).

الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (¬1) وقال صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج» (¬2) والله جل وعلا قال: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}. فالزواج سنة المرسلين. بل هو واجب مع القدرة ومع الشهوة، والقول بأنه لا ينبغي الزواج، أو لأن الزوجة قد تمرض، أو الأولاد قد يشغلون الإنسان، كل هذا باطل. كل هذا من الخرافات التي لا وجه لها. بل من وساوس الشيطان، نسأل الله السلامة. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه برقم (12202). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

حكم الزواج من المرأة العقيم

14 - حكم الزواج من المرأة العقيم س: الأخ م. س. ع، من مملكة البحرين المالكية، يقول: سماحة الشيخ إنني شاب، أريد الزواج من امرأة عقيم عاقر، غير منجبة للأطفال؛ لأنني لا أريد الذرية والنسل، فهل هذا يجوز شرعًا، حتى ولو كنت ميسور الحال؟ أفيدوني ووجهوني،

جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: لقد دلت سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه يشرع للمؤمن، أن يلتمس الزوجة الودود الولود؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (¬2) فالأفضل لك يا أخي أن تلتمس الولود الودود، حتى تجمع بين المصلحتين؛ قضاء شهوتك وحاجتك، وعفّة نفسك وتحصيل الأولاد التي تكثر بها الأمة، وينفعك الله بهم إذا صلحوا. هذا هو الأولى لك والأفضل لك، ونكاح العقيم لا شيء فيه ولا بأس به. لا حرج في ذلك، لكن نكاح الولود الودود أفضل وأولى، وإذا جمعت بين المرأتين نكحت ودودًا ولودًا، ونكحت عقيمًا وجمعت بين الأمرين فلا بأس. هذا إليك، ونسأل الله أن يوفق الجميع. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (144). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه برقم (12202).

بيان وجوب إعانة الوالد لولده على الزواج إذا احتاج لذلك

15 - بيان وجوب إعانة الوالد لولده على الزواج إذا احتاج لذلك س: الأخ /أ، له قضية مطولة بعض الشيء ملخصها، أنه تزوج وكلفه ذلكم الزواج مبالغ كبيرة وحينئذ احتاج إلى والده ليعينه على

تكاليف الحياة الزوجية، وعلى العيش مع زوجته إلا أن والده أعرض عنه، ولم يعنه بشيء ويرجو من سماحتكم التوجيه له ولأمثاله، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: لا ريب أن التزوج من أهم المهمات، ومن السنن المشروعة، وقد يجب مع القدرة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (¬2)، (¬3) هذا الحديث يدل على وجوب التزوج مع القدرة، لما فيه من المصالح العظيمة من إحصان الرجل وحمايته من أسباب الفتنة، ولما يترتب عليه من الذرية وتكثير الأمة، فإذا كان الرجل لا يستطيع، وأبوه يستطيع وجب على أبيه أن يزوجه؛ لأن نفقة الزواج مثل نفقة الأكل والشرب والكسوة، يجب على الوالد أن ينفق على أولاده ما يحتاجون إليه من طعام وكسوة، كما يجب عليه أيضًا أن ينفق عليهم مؤونة الزواج؛ لأن كل إنسان في حاجة إلى ذلك إن استطاع ذلك، وأما إذا لم يستطع فهو معذور، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (355). (¬2) صحيح البخاري النكاح (5065)، صحيح مسلم النكاح (1400)، سنن الترمذي النكاح (1081)، سنن النسائي النكاح (3211)، سنن أبو داود النكاح (2046)، سنن ابن ماجه النكاح (1845)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 378)، سنن الدارمي النكاح (2165). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

فالذي أنصح به جميع المسلمين أن يجتهدوا في تزويج أبنائهم وبناتهم وأن يساعدوا في ذلك حرصًا على عفتهم وبعدهم عن الشر وعملاً بالنصوص الدالة على ذلك، كقول الله سبحانه في كتابه العظيم: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}، وقوله جل وعلا: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ}. ولهذا الحديث قوله عليه الصلاة والسلام «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة، فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج» (¬1) الحديث، وقوله عليه الصلاة والسلام «تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (¬2) فالواجب على الآباء أن يزوجوا أولادهم العاجزين إذا كان الوالد يستطيع تزويج ولده وعليه أيضًا أن يسعى في تزويج البنت ويحرص، وهكذا الأخت إن لم يكن لها والد، يحرص أخوها على تزويجها إذا خطبها الكفء، ولا يفعل ما يعطل ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه برقم (12202).

الزواج بغير وجه شرعي؛ لأن في الحرص على تزوج البنين والبنات إعانة لهم على الخير والعفة عن أسباب الشر، فالواجب على الجميع التعاون في ذلك الرجال والنساء. إذا كان هذا الابن له دخل ولكنه فرط في دخله وعبث به هنا وهناك، هل على الوالد أن يساعده. المعتبر حال الزواج إذا كان حال الزواج عنده قدرة لم يجب على الوالد إعطاؤه شيئًا، إلا إذا أعطى إخوته مثله، أما إذا كان الولد لديه أموال يستطيع بها الزواج، فإنه لا يلزم الوالد المساعدة في ذلك، كون الولد قد يكون عنده شيء من السفه، قد فرط في بعض الأحوال، العبرة بحال النكاح والتفريط السابق لا يمنع من المساعدة.

حكم من يتأخر في تزويج أولاده بحجة إكمال الدراسة

16 - حكم من يتأخر في تزويج أولاده بحجة إكمال الدراسة س: يقول السائل هل يأثم الوالدان إذا لم يعطيا ابنهما المال، لكي يتزوج بحجة أنه يجب عليه أن يكمل الدراسة الجامعية، ثم يعمل ويحصل على الأموال، من عمله لكي ينفقها على زوجته؟ (¬1) ج: إذا كان الوالدان يستطيعان، أن يزوجاه وجب عليهما، ولا يجوز ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (201).

تأخير ذلك إلى أن يكمل الدراسة؛ لأنه معرض للفتنة، فالواجب على والديه إعفافه، وإعانته على الخير إذا كانا قادرين، أو أحدهما أمَّا إذا كانا عاجزين، فليس عليهما حرج {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، أمَّا إذا كان أبوه غنيًا يستطيع تزويجه، أو أمه كذلك فإن الواجب عليهما تزويجه، وعدم تأخير ذلك إذا طلب ذلك؛ بل يجب أن يحرصا على ذلك، ليصوناه عما حرم الله، وليجتهدا في سلامته، وكما يجب عليهما أن ينفقا عليه، ما يسد حاجته ويستر عورته، فالإنفاق عليه فيما يبعده عن الحرام، ويسبب غضّ بصره وحفظ فرجه أهم من ذلك.

س: والدي حريصٌ على أن أحفظ القرآن كاملاً، قبل كل شيء، أعلمته بأني أريد الزواج، وقال لا أسمح لك حتى تحفظ القرآن كاملاً، حفظًا متقنًا، إذا أخطأت في الجزء مرتين أعتبرك غير حافظ، وأقسمت بالله وأخذت العهد على نفسي على أن أحفظ القرآن، تم حفظ عشرين جزءًا بالشرط الذي شرطه والدي، وطلبت من والدي أن يسمح لي بالزواج، ثم أكمل الباقي لكنه رفض وذلك أثناء سفري في الإجازة إلى أهلي، وحصل نزاع بين الوالدين لهذا السبب أدى إلى الطلاق، ورجعت أنا غاضبًا

على والدي إلى المملكة، وأقسمت أن أكمل حفظ القرآن، ثم دخلت الكلية ولم أتمكن من حفظ خمسة أجزاء، ولكني محافظ على الباقي ثم قلت لوالدي في جواب أقسم لك أنني تركت حفظ القرآن، واعتبرني عاقًا لك من الآن فصاعدًا والآن يا سماحة الشيخ أنا نادم على ما قلت لوالدي، هل يلحقني منه إثم، وهل أنا مأجور على الحفظ المشروط علي، علمًا بأنني أتدبر آيات القرآن هل يجب علي حفظه، وكنت أقصد بنفسي التأكيد على نفسي، وأقسمت بالله على عدم السفر إلى أهلي لمدة ثلاث سنوات، والآن أريد السفر بطلب من والدتي علي، ماذا أفعل؟ هل أسافر أم أبقى هنا؟ وأترك طلب والدتي أفيدوني جزاكم الله خيرًا أرجو أن تتفضلوا بتقديم نصيحة لوالدي لعله يستمع إليها ويستفيد، وأنا عازم على ترك الزواج والعكوف على طلب العلم وحفظ القرآن، هل هذا يجوز لي، على أن أكون داعيًا إلى الله على بصيرة وعلم، أم يجب علي الزواج ما دمت قادرًا، أرجو توجيهي (¬1) ج: لا شك أن والدك جزاه الله خيرًا، إنما فعل ما فعل وقال ما قال، قصده الخير لك ونفعك بحفظ كتاب الله العظيم، هو مشكور على ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (173).

قصده ونيته وعلى تشجيعه لك، ولكن ليس هذا بشرط من جهة النكاح، فنصيحتي للوالد أن يتسامح ويتنازل عن هذا الشرط، وأن يزوجك لما في الزواج من المصالح العظيمة، والخير الكثير لك وله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء» (¬1) فنصيحتي لوالد مرة أخرى: أن يزوجك وأن يتسامح عما حصل منك، وأن تستبيحه أيضًا وتستسمحه عما كتبت إليه من العقوق، فقد أسأت فيما كتبت إليه، وما كان ينبغي لك ذلك؛ لأن والدك إنما قصده النصح وما جرى بينه وبين زوجته، ليس مما يعنيك أنت، بل عليك أن تتوسط بالخير والكلام الطيب، الحاصل أن عليك أن تستسمح والدك، وأن تسأله أن يعفو عنك، وأن تتوب إلى الله مما كتبت إليه، من العقوق والكلام الرديء، وعلى والدك جزاه الله خيرًا أن يسمح وأن يصفح عمّا جرى منك بسبب شدة الغضب، والرغبة في الزواج وأنت عليك أن تستسمحه، وتطلب منه الرضا والعفو عما جرى منك وأسأل الله أن يهديه حتى يزوجك وأن يهديك أيضًا، ويعينك على حفظ القرآن الكريم، وعلى تحصيل العلم النافع، والله جل وعلا يقول في ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

كتابه العظيم: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}. ويقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}. فأوصيك بتقوى الله في جميع الأحوال وأوصيك أيضًا بالحرص على إرضاء والدك وبره والسمع والطاعة له بالمعروف، والحرص على حفظ كتاب الله وهو إن شاء الله سوف يبادر، وسوف يفعل وسوف يزوجك، وإن كنت لم تكمَّل حفظ القرآن وعليك أن تجيب الوالدة، وتسافر وتكفر عن يمينك؛ لأن حق الوالدة عظيم أيضًا، وحقها أكبر من حق الأب، فنوصيك بالسفر إليها، والتكفير عن يمينك بإطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم واستسماح والدك والأخذ بخاطره، ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه، وأن يصلح حالك وقلبك وأن يوفق والدك بتزويجك، وأن يعينك على حفظ كتابه وعلى القيام بحقه سبحانه والدعوة إليه على بصيرة.

حكم امتناع الوالدة عن الحج مع ولدها حتى يتزوج

17 - حكم امتناع الوالدة عن الحج مع ولدها حتى يتزوج س: أنا شاب أبلغ من العمر ثمانية عشر عامًا، طالب في المدرسة ثالث ثانوي، ولي والدة تبلغ من العمر حوالي ثمانية وخمسين

عامًا، والدي متوفى منذ حوالي خمسة عشر عامًا، وأريد والدتي أن تذهب إلى الحج، ولكنها تقول: إن ذلك لا يجوز وهو حرام حتى تتزوج، أرجو من سماحتكم إفادتي إذ والدتي تفضل تزويجي قبل أدائها للحج، وجهونا حول هذا الموضوع؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) ج: لا شك أن الحج فرض على كل إنسان، استطاع السبيل إليه لقول الله عز وجل: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا}. فإذا كنت تستطيع الحج من جهة المال، وجب عليك الحج وإذا كانت تستطيع الحج هي من جهة المال، وجب الحج، وإن بدأت بالزواج؛ لأنك بحاجة إلى الزواج فلا حرج؛ لأن الزواج أيضًا فرض مع الشهوة، والرغبة فيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (¬2) وبكل حال لا بأس أن تقدم الحج على الزواج، وقول أمك إنه حرام غلط منها، عفا الله عنا وعنها، لا بأس ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (198). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

بالحج بل عليك أن تحج، إذا استطعت الحج، ولك أن تقدم الزواج إذا كنت ترغب في الزواج، وتخشى على نفسك من مضرة التأخير، وخطر التأخير وهي كذلك، إذا كان المراد حجها هي فإنها تحج أيضًا، ولو قبل زواجك إذا كانت تستطيع الحج، أو أنت تستطيع الحج حتى تحججها من مالك، فإنه لا حرج عليها أن تحج قبل أن تتزوج هي، وقبل أن تتزوج أنت، حتى ولو حجت وهي أيم، ما تزوجت كذلك أو أنت، إذا كان قصدها أنت لا بأس أن تحج، هي قبل أن تتزوج أنت، فالمقصود أن الكلام هذا ليس في محله غلط، فلك أن تتزوج أنت، ولها أن تتزوج هي ولا حرج في ذلك، أما تأجيل الحج حتى تتزوج أنت أو تتزوج هي، فهذا لا أصل له بل هذا جائز وهذا جائز، وإذا كانت تستطيع الحج ولم تحج هي فعليها أن تحج إذا كانت تستطيع الحج، ولو قبل الزواج وإذا أردت أن تقدم الزواج فلا حرج في ذلك الأمر؛ لأن هذا واجب وهذا واجب مع الشهوة، إذا كنت تشتهي النكاح وتخشى على نفسك، فإن قدمت النكاح فلا بأس وإن قدمت الحج فلا بأس، فعليك أن تقنعها وتوجهها للخير، وتعلمها ما سمعت الآن، ولعلها أيضًا تسمع هذا البرنامج، وتستفيد في هذا الباب وترجع عن قولها، وليس لها أن تقول حرام، لكن لو قالت أحب أن أزوجك، من باب تقديم الزواج على

الحج، هذا لا بأس به إذا دعت الحاجة إلى ذلك.

حكم حديث من تزوج فقد استكمل نصف الإيمان

18 - حكم حديث "من تزوج فقد استكمل نصف الإيمان" س: لقد أتيت من بلدي بذنوب كثيرة، لا يعلمها إلا الله وأنا الآن أجمع المال كي أتزوج، وأكمل نصف ديني وأبني البيت، وأنا نيتي أن أحج البيت الحرام، فهل أجمع هذا المال للزواج أولاً، أم للحج أولاً جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إذا كنت تستطيع أن تحج قبل الزواج، فقدم الحج أما إن كنت تخشى على نفسك أو المال لا يتسع لهذا وهذا فاللازم الزواج؛ لأن الزواج من الضروريات، التي لا بد منها كالطعام والشراب واللباس فتبدأ بالزواج، ومتى ما فضل شيء واستطعت الحج تحج بعد ذلك إن شاء الله، أما إذا كان المال يتسع لهذا وهذا، أو لا يشق عليك تأخير الزواج فابدأ بالحج والحمد لله، وما يتردد على ألسنة كثير من الناس أن الزواج نصف الدين حديث مشهور فيه ضعف «من تزوج فقد استكمل نصف الإيمان فليتق الله في الشطر الآخر» (¬2) لكن لا أعلم له إسنادًا صحيحًا. ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (443). (¬2) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (جـ 7/ 332) برقم (7647).

س: أنا شاب عمري ثلاث وعشرون سنة، عندي مبلغ يكفيني للحج أو للزواج، فأرغب بالحج قبل أن أتزوج، فما رأيكم أبدأ بالحج أم بالزواج؟ جزاكم الله خيرًا. (¬1) ج: الذي أنصحك أن تبدأ بالزواج؛ لأن الخطر عظيم في العزوبة ولا سيما في هذا العصر لكثرة الفتن وكثرة انتشار تبرج النساء، فأنصحك بأن تتزوج ومتى تيسر لك الحج بعد ذلك تحج إن شاء الله. ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (123).

حكم العزوف عن الزواج خوفا من انحراف الذرية

19 - حكم العزوف عن الزواج خوفًا من انحراف الذرية س: الأخت ف. م. تسأل وتقول: ما حكم الشرع في فتاة ترفض الزواج؟ وهي فتاة مسلمة ملتزمة صائنة لعفافها، ولذلك فهي لا ترى حاجة لها للزواج، بالإضافة إلى أنها تعيش في مجتمع يستهزئ بالدين ويسخر من الملتزمين به، لذلك فهي تحرص ألا تكون أسرة في هذا المجتمع، خوفًا من الانحراف والضياع، نرجو التوجيه لو تكرمتم شيخ عبد العزيز؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (158).

ج: المشروع للمرأة وللرجل هو الزواج، هذا هو المشروع للشباب والفتيات هو الزواج، لما فيه من إحصان الفرج وغض البصر وتكثير النسل وتكثير الأمة، وقد قال عز وجل في كتابه العظيم: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}. وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (¬1) وكان صلى الله عليه وسلم ينهى عن التبتل ويأمر بالزواج. ويقول: «تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (¬2) فالمشروع للشاب وللفتاة المبادرة بالزواج، والحرص على الزواج، كما أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام، وأمر به، وللمصالح التي سبق ذكرها، والجلوس بدون زواج فيه خطر عظيم، فلا يليق بالشاب، وهو قادر أن يتأخر عن الزواج، ولا يليق بالفتاة أن تتأخر عن الزواج إذا خطبها الشخص المناسب، لكن إذا كان لها عذر لا تحب ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه برقم (12202).

أن توضحه للناس فهي أعلم بنفسها. والله المستعان.

حكم عزوف المرأة عن الزواج

20 - حكم عزوف المرأة عن الزواج س: الأخت/ س. ر. من الجمهورية العراقية، تقول: هل على المرأة من إثم إذا بقيت بلا زواج؟ (¬1) ج: إن الله سبحانه شرع لعباده الزواج للذكور والإناث، قال سبحانه: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}. وقال عز وجل: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ}. الآية وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (¬2) وهذا يعم الجميع، يعم الرجال والنساء. فالواجب على الرجل والمرأة، هو الزواج إذا تيسر ذلك واستطاع ذلك، لما في الزواج من المصالح العظيمة، من عفة الفرج، وغض البصر، ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (139). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

وتكثير الأمة، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: «تزوجوا الولود الودود، فإني ماثر بكم الأمم يوم القيامة» (¬1) فالنبي صلى الله عليه وسلم يكاثر الأمم بأمته عليه الصلاة والسلام، فتكثير الأمة في عبادة الله وطاعته أمر مطلوب، فالرجل يجب عليه أن يسعى في ذلك ويبذل وسعه حتى يتزوج، وقد اختلف العلماء رحمة الله عليهم في الوجوب. فقال قوم من أهل العلم إنه يشرع ولا يجب، إلا إذا خاف على نفسه الفاحشة. فإن خاف على نفسه وجب عليه الزواج، وإلاَّ فلا. والصواب أنه يجب عليه إذا كان ذا شهوة، فإنه يجب عليه الزواج إذا استطاع ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج» (¬2) ولم يقل: إن خاف على نفسه، بل قال فليتزوج وأطلق، وهذا أمر والأمر أصله للوجوب، ما لم يرد ما يدل على صرفه عنه. والمرأة كذلك، إذا كانت ذات شهوة وترغب في النكاح، فإن عليها أن تتزوج، إذا تيسر لها الزوج. لما في ذلك من التسبب في إحصان الفرج، وغض البصر والبعد عن أسباب الهلكة ولأنها من جنس الرجل في المعنى. فكما يجب على الرجل أن يحصن ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه برقم (12202). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

فرجه، ويسعى لغض بصره، فهي كذلك. والله يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. فإذا تيسر لها الزواج وهي ترغب في النكاح كسائر النساء، فالواجب عليها أن تتزوج وتأثم إذا تركت ذلك، أما إذا لم يتيسر ذلك. ولم يحصل لها الزواج فلا حرج عليها؛ لأن الله سبحانه قال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا}. ولكن متى استطاعت ولو ببذل شيء من مالها، ولو بمهر قليل إذا خطبها الكفء، فإن الواجب عليها وعلى أوليائها أن يساعدوها في الزواج، ولا يعطلوها من أجل حب المال وكثرة المال، أو من أجل المفاخرة بالولائم، كل هذا لا يجوز. بل الواجب إذا جاء الكفء أن يزوج، ولو قل المال، فالمهم ليس هو المال، المهم هو حصول الرجل الصالح. والمهم في حق الرجل حصول المرأة الصالحة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فاظفر بذات الدين تَرِبَتْ يداك» (¬1)، وقال عليه الصلاة والسلام: «تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين ¬

(¬1) صحيح البخاري النكاح (5090)، صحيح مسلم الرضاع (1466)، سنن النسائي النكاح (3230)، سنن أبو داود النكاح (2047)، سنن ابن ماجه النكاح (1858)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 428)، سنن الدارمي النكاح (2170).

تربت يداك» (¬1) ويروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقة فزوجوه» (¬2) في اللفظ الآخر: «وأمانته وإن لم تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (¬3) فالمقصود أن التزوج فيه مصالح جمة للرجل والمرأة، وعلى الرجل أن يسعى في التماس المرأة الصالحة، التي تعفه ويحصل بها المطلوب: لجمالها ودينها. والمرأة كذلك، عليها أن تسعى في ذلك بما تستطيع من الطرق الحسنة، وألا ترد كفئًا إذا خطب. وعلى أوليائها ألا يردوا الكفء لما في ذلك من المصلحة العظيمة؛ ولأن في الزواج مع غض البصر وحفظ الفرج، التوصل إلى تكثير الأمة، تكثير عددها كما أرشد بذلك النبي عليه الصلاة والسلام. والمصالح كثيرة في الزواج للرجل والمرأة. للصنفين. فينبغي لكل منهما العناية بهذا الأمر والحرص عليه بالطرق الحكيمة، والطرق السليمة الشرعية التي تسبب حصول الزواج من دون وقوعٍ في محارم، ومن تعرضٍ لما يغضب الله سبحانه وتعالى، رزق الله الجميع ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدِّين، برقم: (5090)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، برقم: (1466). (¬2) أخرجه الترمذي، في كتاب النكاح، باب ما جاء: إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه، برقم (1084). (¬3) أخرجه سعيد بن منصور في سننه، باب ما جاء في المناكحة، برقم (590).

التوفيق والهداية ولا يجوز ترك الزواج مع القدرة.

حكم تأخير الزواج بسبب الدراسة

21 - حكم تأخير الزواج بسبب الدراسة س: إنني طالبة في كلية الطب البشري، وقد مضى على التحاقي بهذه الكلية أربع سنوات، وكانت مكللة بالنجاح بحمد الله، وأنا حريصة على مواصلة الدراسة ولذلك، فإنني أحاول تجنب أي سبب يعوق سيري فيها، وأصمم على ذلك ثم إن أهم ما واجهني في ذلك كله هو رفضي للزواج لهذا السبب؛ لأن ذلك سيحتاج من وقتي الكثير، علمًا بأن الدراسة في هذه الكلية أهم عامل فيها، هو الوقت الذي إن لم نستغله استغلالاً كاملاً، فإن ذلك سيؤثر على التحصيل وعلى سير الدراسة، فهل يجوز لي أن أرفض الزواج أو أن أؤجله لهذا السبب، أم أنني آثمة في ذلك أرجو الإفادة بالتوضيح جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إذا كنت لا تخشين شرًا، في إكمال الدراسة وأنت ليس عندك من الاندفاع إلى الزواج، مما يسبب خطرًا عليك فلا حرج في الإكمال، أمَّا إن كان هناك حاجة إلى الزواج خوفًا منك على نفسك، في هذه المدة التي تقضينها في الدراسة. فالواجب عليك الزواج والبدار به، حفاظًا ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (110).

على دينك وعفتك وسمعتك، جميعًا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (¬1) هذا الحديث العظيم يدل على شرعية المبادرة بالزواج، وهذا يعم الشباب الذكور والإناث جميعًا، يعم الرجال والنساء وقد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب ذلك مع الاستطاعة، وقال آخرون إن خاف على نفسه أو خافت على نفسها وجب وإلا شرع فقط من دون وجوب، ومن تأمل حال الوقت وحال الناس اليوم، يتضح له أن الواجب البدار بالزواج إذا تيسر، ولو تأخرت الدراسة أو تعطلت الدراسة، فحفظ دينك وعفتك وسمعتك، مقدم على إكمال الدراسة، فعليك أن تتقي الله وأن تحرصي على سلامة دينك، وسلامة عفتك وسمعتك، من عدم ذلك ولا تؤثري الدراسة على ما يسبب هذا الخطر، يسبب عليك خطرًا في دينك وعفتك، فعليك أن تتقي الله وأن تجتهدي في أسباب السلامة، فإن قويت على إكمال الدراسة من دون خطر، فلا حرج إن شاء الله وإلا فالواجب البدار بالزواج إذا تيسر، والحرص عليه ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

وإكمال الدراسة بعد ذلك، إن تيسر ذلك وإلا فلا حاجة إلى إكمال الدراسة، الزواج وعفة الفرج وعفة النظر، وحصول الأولاد أولى من إكمال الدراسة، هذا ما ظهر لي في هذه المسألة، وإن كان في الدراسة اختلاط وجب عليك ترك هذه الدراسة، والحذر من شرها والبدار بالزواج، أو بالجلوس في البيت حتى يسهل الزواج أو دراسة غير مختلطة، أمَّا الدراسة المختلطة مع الشباب في فصول الدراسة، فشرها عظيم وعواقبها وخيمة، والواجب عليك تركها والحذر من عواقبها الوخيمة، سواءً كانت في الطب أو في غير الطب مطلقًا، ويكفي المسلمة أن تتعلم ما يحفظ عليها دينها من كتاب الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكفى والحمد لله ولا تعرض دينها وعفتها وسمعتها للخطر، وليس تعلم الطب ولا غيره من الأمور الأخرى غير الدين؛ لأنه فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، وإذا كان تعلم الطب أو غيره من العلوم الأخرى، يفضي إلى المضرة الدينية والخطر العظيم على العفة فإنه لا يجوز حينئذ، فالمقصود يكفيك أن تتعلمي من طريق الأسئلة، من طريق حلقات العلم التي تسمعينها من بعيد، من غير مخالطة للرجال مع الاحتجاب والعفة، والاحتشام فيما يحفظ عليك دينك، ويبصرك في دينك أو من طريق المذياع تسمعين

إذاعة القرآن في المملكة العربية السعودية من هذا البرنامج نور على الدرب، أو غيره ما يعلمك دينك وما يحصل به لك البصيرة من دون حاجة إلى أن تتعلمي بواسطة الاختلاط، لما فيه من الخطر العظيم وهذا الأمر واجب على البرنامج وواجب على العلماء في كل مكان، وعلى العلماء في هذا البرنامج، واجب على الجميع أن يعلموا أبناءهم وبناتهم ما أوجب الله، وما حرم الله فإن أبناء المسلمين وبنات المسلمين أمانة في ذمة العلماء، والواجب على العلماء أينما كانوا في أي بلاد الله، أن ينصحوا لله ولعباده، وأن يعلموا أبناء المسلمين وبنات المسلمين، ما يجب عليهم وأن يحذروهم مما يحرم عليهم، وأن يحذروهم من أسباب الخطر، والواجب على ولاة الأمور في كل دولة مسلمة، أو منتسبة للإسلام الواجب عليها أن تتقي الله وأن تفصل الرجال عن النساء، وأن تكون مدارس النساء منفصلة عن مدارس الرجال، وهكذا الكليات يجب أن تكون كلية الرجال منفصلة عن كلية البنات في كل شيء في الشريعة، في الفقه، في الآداب، في الهندسة، في الطب في أي شيء، يجب أن تكون الدراسة منفصلة، غير مختلطة وأن يتحمل المسؤولون النفقة في ذلك وسوف يعينهم الله ويخلف عليهم، ويؤيدهم الله وينصرهم إذا تحروا رضاه سبحانه، واتباع شريعته والحذر من أسباب

الخطر على بلادهم وشعوبهم، هذا واجبهم جميعًا هذا واجب على جميع المسؤولين في أي دولة منتسبة للإسلام أن تتقي الله وأن تعمل على تعليم النساء وحدهن، والرجال وحدهم حتى لا تقع الفتنة وحتى لا يقع ما لا تحمد عاقبته من الفتنة والفساد والله المستعان.

س: تقول السائلة/ أنا طالبة في الثانوية العامة، أؤيد هذا البرنامج المشرق، بالنور والعلم والمعرفة فنشكر الله أولاً، ثم نشكر أصحاب الفضيلة العلماء، والقائمين على هذا البرنامج الساطع الطيب المفيد، أنا كما قلت طالبة في الثانوية العامة، متزوجة ولله الحمد، وعمري ثمان عشرة سنة، وسعيدة جدًا مع زوجي، وفي عيشة طيبة وأختي الكبيرة عمرها ثلاثون سنة، ولم تتزوج إلى الآن؛ لأنها قدمت الدراسة على الزواج، فكبر سنها ولم يردها أحد؛ لأن عمرها تعدى الشباب، الشاب لا يريدها فهي لا تريد الشيوخ، أي الكبار في السن وهي الآن نادمة على تفريطها في شبابها، وهي الآن تقف معي، وتهمس في أذن كل طالبة في الكلية، أو الجامعة أو الثانوية أو الكفاءة، وتقول لا تتركن الدراسة ولكن تزوجن، وأنتن تدرسن لكي لا تندمن إذا فات شبابكم، أيتها الفتيات الطيبات، وتجلسن في بيوت أهلكن بدون

أزواج، إلى صديقاتي وزميلاتي وأخواتي في جميع مدارس الفتيات بالمملكة العربية السعودية، أهدي إليكن سلامي وتحياتي، وأرفع هذه الرسالة إلى سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز، كي يرفدها بما يستطيع جزاه الله خيرًا؟ (¬1) ج: نعم أؤيد ما ذكرته البنت الطالبة، وأؤيد ما ذكرته أختها، ولا شك أن الزواج أمر مطلوب، وينبغي للفتيات، وينبغي للشباب من الرجال، المسارعة إليه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (¬2) فالحمد لله، وأختك وإن كانت بلغت الثلاثين، لا تزال شابة ولا تزال فتاة، وأسأل الله أن يسهل لها الزوج الصالح الطيب، وأن يثيبها على ما قصدت من طلب العلم، وأبشرها بأن الله سيسهل لها من الرجال الصالحين، والشباب الطيبين ما يحصل به إن شاء الله الخير لها، في دنياها وآخرتها ولكني مع ذلك أنصح جميع الفتيات بأن يبادرن إلى الزواج، ولا يمنع ذلك وجودهن ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (128). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

في الدراسة، فلا مانع من الجمع بين الدراسة وبين الزواج، ولو فرضنا أن الزوج لا يرغب أن تستمر في الدرسة، فإنها تقطع الدراسة والحمد لله، يكفيها ما أخذت من العلم، وفي إمكانها المذاكرة والمطالعة في كتب العلم، وتستفيد، أما تأخير الزواج إلى الانتهاء من الدراسة الجامعية، فهذا قد يسبب ترك الزواج، وعدم الزواج، فأنا أنصح جميع الفتيات، أن يبادرن بالزواج وألاَّ يؤخرن ذلك، إلى النهاية من الدراسة الجامعية، بل يبادرن، فإن تيسرت لهن الدراسة مع الزواج فالحمد لله، وإلا فالزواج مقدم ولو لم تكمل الدراسة، وفي إمكانها بعد ذلك، أن تطالع وتستفيد وتذاكر، وربما حصل لها زوج صالح متخرج جامعي، أو فوق الجامعي فيفيدها وينفعها أيضًا، ويجبر ما حصل من النقص، فأكرر وأكرر وأهيب بالفتيات، المسارعة إلى الزواج، وهكذا الشباب من الرجال، أهيب بالجميع المبادرة إلى الزواج، وألاّ يؤجلوا ذلك إلى الدراسة الجامعية، فإن الإنسان لا يدري ماذا بقي من عمره، ولا يدري ما يكون بعد ذلك فالبدار البدار بالزواج فهو المطلوب.

بيان الأفضل في تقديم الزواج أو تقديم الدراسة

22 - بيان الأفضل في تقديم الزواج أو تقديم الدراسة س: أيُّ الأمرين يفضل سماحة الشيخ عبد العزيز، مواصلة التعليم أو

الزواج بالنسبة للفتاة والفتى؟ (¬1) ج: الذي أرى أن يبادر بالزواج، ولا يمنعه مواصلة التعليم، يواصل التعليم ويتزوج، التعليم لا يمنع الزواج ولو أنه في الثانوي، إذا تيسر الزواج يبادر بالزواج، ويواصل التعليم، والمرأة كذلك فما له لزوم إن واصلت فالحمد لله، وإلا تقنع بما يسر الله وتمتثل قول زوجها، ولا تنتظر الشهادة الجامعية، بل تتزوج؛ لأن هذا أحصن لفرجها، وأسلم لها، وأحصن لفرج الزوج وأقرب إلى الوئام، ووجود الذرية وصلاح المجتمع، فليس من شرط الزواج تمام التعليم الجامعي، لا حتى للرجل إذا تعلم إلى الثانوي -الحمد لله- لكن في إمكان كل منهما أن يواصل بعد الزواج. ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (134).

س: أنا فتاة جامعية من اليمن على مشارف التخرج والحمد لله وأنا الآن لم أتزوج، أعلم بأنك ستقول إن الطريق ما زال أمامي ولكن العادات في قريتنا هي السبب حيث إن الآباء يزوجون البنات وهن في سن الخامسة عشرة، أما والدي فإنه يرفض جميع من يتقدم لخطبتي، بحجة إكمال الدراسة الجامعية، فأصبحت الآن محط أنظار الناس، باعتبار أني من البنات اللاتي كبرن على الزواج،

في نظر أهل القرية وأنا والحمد لله، لا أشكو من أي مشاكل عائلية ولكن أخشى من الزمن، ولا أدري ماذا في علم الغيب، كلما أريده منكم سماحة الشيخ، أن تقوموا بنصح والدي؛ لأنني أعلم أن ذلك غير مجد معه، لكن لعله يستجيب، وأطلب منكم الدعاء سماحة الشيخ، فأنا أعتبركم جزاكم الله خيرًا من الدعاة إلى الله، وجهوني في ضوء هذه الرسالة بالنصح والتوجيه لعل والدي يتغير ولعل حالي يتغير مما أنا فيه، فادع لي جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: نوصي جميع الرجال أن يتقوا الله في بناتهم وأن يحرصوا على تزويجهن بالأكفاء ولو لم يكملن الدراسة، متى جاء الكفء، يشاورها إذا رضيت زوجها، سواء كانت في المتوسطة، أو في الثانوية، أو في الدراسة الجامعية، لا يرد الكفء ما دامت المرأة توافق، فإنه يزوجها ولا يمنعها الزواج، حتى تكمل الدراسة، فإنه قد يفوت الكفء، وقد تكمل الدراسة، ولا تجد الكفء بعد ذلك، فالواجب على الأولياء أن يتقوا الله، ويزوجوا البنات متى جاء الكفء، متى خطبهن الكفؤ، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ¬

(¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (378).

إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض، وفساد كبير» (¬1) في لفظ: «فساد عريض» (¬2) فالواجب على الولي متى جاء الكفء، يخطب إليه أن يزوجه، ولا ينظر إلى دراستها، كملت أو ما كملت، ويشير عليها وينصحها بأن توافق حتى لو قالت: دعوني أكمل، بل يقول: أنا أنصحك أن تقبلي الرجل الكفء، ما هو على كل حال نحصله متى أردت فقد يذهب الكفء، ولا يجيء الكفء، فينصح لها حتى يزوجها، ولو كانت في المتوسط أو الثانوي إذا كانت أهلاً للزواج، سليمة قد عافاها الله، عليه أن يزوجها بنت خمسة عشر، أو أربعة عشر أو ستة عشر لا بأس، المقصود يختار لها الرجل الطيب، فإذا خطبها الكفء فالواجب عدم التفريط فيه، والواجب على البنت أن تقبل أيضًا، وعلى الأب والأخ والعم أن يوافق على ذلك، عليهم كلهم أن يحرصوا، على الأولياء أن يحرصوا، وعلى البنات أن يقبلن إذا جاء كفء ولا يضيعنه من أجل الدراسة، بل الكفء غنيمة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض ¬

(¬1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب الترغيب في التزويج من ذي الدين والخلق المرضي، (جـ 7 132)، برقم (13481). (¬2) أخرجه الترمذي، في كتاب النكاح، باب ما جاء: إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه، برقم (1084).

وفساد كبير» (¬1) هذا توجيه النبي صلى الله عليه وسلم، فعلى الآباء أن يتقوا الله، وعلى الأولياء جميعًا أن يتقوا الله، وأن يزوجوا البنات، متى خطبهن الأكفاء، ولو كن في الدراسة الثانوية، أو المتوسطة ولا يؤخروا تزويجهن، لإكمال الدراسة الجامعية فإن هذا فيه خطر قد تكمل الدراسة ثم لا تجد الكفء، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية نسأل الله للسائلة الزوج الصالح، نسأل الله أن ييسر لها الزوج الصالح، وأن يوفق أباها لما فيه صلاحها، وصالح إخوتها. ¬

(¬1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب الترغيب في التزويج من ذي الدين والخلق المرضي، (جـ 7 132)، برقم (13481)

حكم رفض الزواج بسبب وساوس الشيطان

23 - حكم رفض الزواج بسبب وساوس الشيطان تقول السائلة/ أنا فتاة في بداية العشرينيات، وأنا كأي فتاة تحلم بأن يمن الله عليها بزوج صالح، وذرية صالحة ولكن المشكلة هنا أنني عندما أسمع، بأن شخصًا قادم إلي أفرح كثيرًا، وأشكر الله ولكن فجأة أرى نفسي حزينة، لا أريد الزواج وكأن شيطانًا دخل إلى قلبي، وأخافني وأصبح قلقة بسبب وبغير سبب، وحزينة وأرفض هذا الشخص، ولكنني لا أعلم لماذا. سماحة الشيخ أنا ولله الحمد أحب ختم المصحف، وأحب سماع القرآن الكريم كثيرًا وأتوكل على الله في كل وقت، ولكن أشك أن هناك من

عمل لي عملاً لهذا الموضوع، حتى لا أتزوج وحتى لا أخرج، أرجو توجيهي جزاكم الله خيرًا، كيف أتصرف وإن كنت أعلم أن النفع والضر بيد الله سبحانه وتعالى؟ (¬1) ج: هذا يا ابنتي من الشيطان، فعليك أن تتعوذي بالله من الشيطان، وأن تعتمدي على الله سبحانه وتعالى، وأن تحسني الظن به جل وعلا، فإذا خطبك من ترضين دينه وخلقه، ومدح لك في دينه وأخلاقه بواسطة الثقات العارفين به فاستعيني بالله وتزوجي ودعي عنك هذه الوساوس، وهذه الأفكار الرديئة، فإنها من الشيطان من عدو الله، يثبطك بذلك، حتى تبقي في تعب ومشقة وحرمان من الزواج، والذرية، والشيطان يحب كل شر للإنسان ويدعوه إلى كل شر، هو يسره أن تبقي عانسة لا زوج لك، وربما عرضك لما حرم الله عز وجل، فالواجب عليك تقوى الله والمبادرة إلى الزواج، إذا جاء الكفء، وترك هذه الوساوس وهذه الكراهة، وهذه البغضاء وهذا التحرج، كل هذا من الشيطان عدو الله ودعي عنك الوساوس، أنه معمول لك، هذا كله من الشيطان، لم يعمل لك شيء ولكن الشيطان يثبطك ويسعى في منعك من الزواج؛ لأنه يحب أن كل إنسان لا يتزوج، ويبقى في الفساد والتعب والمشقة. نسأل الله السلامة. ¬

(¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (181).

توجيه للأولياء بعرض بناتهم على الطيبين من الرجال

24 - توجيه للأولياء بعرض بناتهم على الطيبين من الرجال س: السائلة التي رمزت لاسمها أ. أ. أ. فتاة تقول: إنها لا تريد الزواج، مع أنها في الثانية والعشرين من العمر وتريد أن تكمل تعليمها وأن تتفقه في دينها، وأن تتعلم العلم الشرعي، هل يجوز لها ذلك يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: السنة لها أن تتزوج؛ لأن ترك الزواج فيه خطر، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء» (¬2) وهذا يعم الرجال والنساء، كل مأمور، لما فيه من إحصان الفرج، وغض البصر، وحصول الذرية التي تعبد الله، فالمؤمن يجتهد في طلب الزواج، والمؤمنة كذلك إذا جاء الكفء، وعليها مع هذا أن تجتهد في أنواع الخير، كالرجل، أما ترك الزواج فلا ينبغي، المشروع لها أن تجيب من خطب وأن يسعى وليها في تيسير الأزواج الطيبين، إذا خطب لها وليها الزوج الصالح، طيب، ولكن لو صبرت حتى تكمل ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (391). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

دراستها الجامعية فلا حرج في ذلك، إذا كان لا خشية عليها، إذا كانت لا تخشى شرًا من جهة الشهوة، لا تخشى فتنة، فلا بأس أن تكمل الدراسة، ولكن كونها تترك الزواج بالكلية هذا لا ينبغي أبدًا بل السنة لها أن تجتهد في الزواج، إذا خطبها الكفء لا يرد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (¬1) ولما تأيمت حفصة -من زوجها، مات زوجها- ابنة عمر بن الخطاب رضي الله عنها، عرضها عمر رضي الله عنه على عثمان وعلى الصديق أبي بكر قال: إن شئت أزوجك حفصة، ثم خطبها النبي صلى الله عليه وسلم وتزوجها فإذا سعى الولي لبنته أو أخته، لدى الناس الطيبين فلا حرج، وإذا خطبها الكفء لا يرد، والرسول صلى الله عليه وسلم «نهى عن التبتل» (¬2) وهو ترك النكاح والتبتل في العبادة؛ لأن الإنسان على خطر، إذا ترك الزواج قد يبتلى بما حرم الله نسأل الله السلامة. ¬

(¬1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب الترغيب في التزويج من ذي الدين والخلق المرضي، (جـ 7/ 132)، برقم (13481). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه برقم (13157) ومن حديث عائشة رضي الله عنها برقم (24422)، ومن حديث سمرة رضي الله عنه، برقم (19680).

بيان شيء من منافع الزواج

25 - بيان شيء من منافع الزواج س: سائلة تقول: إن والدي يرغبان في زواجي، لكني في الحقيقة لم أفكر في هذا الموضوع أصلاً، ولا أريد أن أتزوج للأبد، فإني أرفض طلبهما، وأنا خائفة من الله سبحانه وتعالى، حيث في الآية كما تقول سخط الله من سخط الوالدين، فهل هذا يعتبر نوعًا من عقوق الوالدين وماذا أعمل؟ (¬1) ج: ليست هذه آية سخط الله من سخط الوالدين، وإنما هذا حديث النبي صلى الله عليه وسلم، عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد» (¬2) فليس هذا من القرآن، بل هو من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. فالواجب عليك أن تنظري في الأمر، فإن الزواج فيه مصالح كثيرة، وهو سبب للعفة ولغض البصر وحفظ الفرج، ومن أسباب تكثير الأمة ووجود النسل، فينبغي لك أن تنظري في الأمر ولا تتركي الزواج، بل عليك أن تطيعي أبويك في ذلك إن نصحا لك، والنبي ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (64). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب البر والصلة باب ما جاء من الفضل في رضا الوالدين برقم (1899).

صلى الله عليه وسلم يقول: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء» (¬1) وهذا يعم البنين والبنات، فكما يجب على الابن التزوج إذا تيسر له ذلك، فهكذا البنت يجب عليها ذلك، إذا تيسر لها الزوج المناسب واختلف العلماء في هذا هل يجب وجوبًا أو يستحب ويتأكد، أو فيه تفصل. إن خاف الزنى، وجب وإلا فلا. على أقوال أهل العلم، والأظهر أنه يجب، إذا تيسر الأمر، وجب؛ لأن الرسول أمر بهذا عليه الصلاة والسلام، قال: "فليتزوج" والأصل في الأمر للوجوب، هذا الأصل ولأن طبيعة الإنسان وفطرته تدعوه إلى ذلك، ففي ترك الزواج، خطر كبير على الذكر والأنثى جميعًا، ربما وقع كل منهما في الفاحشة، بسبب ذلك، وربما أطلق بصره بسبب ذلك، فالواجب هو التزوج مع القدرة على الزواج، إذا كان له شهوة في النكاح، وكانت لها شهوة في الرجال، فالواجب هو الزواج، اللهم إلا أن يكون هناك مانع يمنع من ذلك، لعدم وجود ما يستطيع به جماع المرأة؛ لأنه ليس له أرب في النساء، أو فيها هي مانع، عيب يمنع من الزواج، فهذا شيء آخر. المقصود ما دام الرجل سليمًا والفتاة سليمة، فالواجب الزواج مع ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

القدرة، لما فيه من المصالح العظيمة التي منها غض البصر، للجميع ومنها حفظ الفرج، ومنها تكثير نسل الأمة، التي أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه يباهي بها الأمم يوم القيامة، ومنها مصالح أخرى في إيجاد الزواج، فلا ينبغي للبنت ولا للابن ترك ذلك بل ينبغي الحرص عليه عند القدرة.

حكم رفض المرأة للزواج خوفا من عدم الوفاء بحقوق الزوج

26 - حكم رفض المرأة للزواج خوفًا من عدم الوفاء بحقوق الزوج س: الأخت أ. م. أ. من السودان تقول: هل تأثم المرأة إذا تركت الزواج خوفًا أن يكون الزوج هو نارها بمعنى أنها تخاف ألاّ تقوم على حقه، وما توجيه سماحتكم؟ (¬1) ج: المشروع للمرأة الزواج لإحصان فرجها وتحصيل النسل، هذا هو المشروع، وقد يجب عليها إذا خافت على نفسها الزنى، فإنه يجب. الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج. ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء» (¬2) وهكذا المرأة فعليها أن تبادر إذا تيسر الكفء لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه ¬

(¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (431). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

فزوجوه» (¬1) فعليها أن تبادر وتتزوج، تحسن الظن بالله، وتبشر بالخير، إن شاء الله، لا تسيء الظن بالله، تحسن الظن بالله وتقوم بالواجب، وتجتهد، والتوفيق بيد الله. أما ترك الزواج خوفًا من شر الزوج هذا غلط. ¬

(¬1) أخرجه الترمذي، في كتاب النكاح، باب ما جاء: إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه، برقم (1084).

حكم من يرفض الزواج بحجة التفرغ للعبادة

27 - حكم من يرفض الزواج بحجة التفرغ للعبادة س: هذه الأخت من الإمارات أ. أ. ب. تقول: في هذا السؤال امرأة متدينة تقيم الصلوات في أوقاتها ومحافظة على الذكر لكنها ترفض الزواج، والخطّاب، بحجة التفرغ للعبادة والدعوة، إلى الله، مع أنها تقول: حصلت على دراسة متقدمة، بماذا توجهونها يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: ننصحها بالزواج، الزواج فيه خير عظيم ومصالح كبيرة، فنوصيها بالزواج، مع الدعوة إلى الله ومع العبادة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج» (¬2) ويقول: «تزوجوا الولود الودود» (¬3) وهذا يعم الرجال والنساء، يعم الجميع، ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (429). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه برقم (12202).

فننصح الجميع بالزواج لما فيه من العفة، والتعاون على البر والتقوى، وتيسير الأولاد وتكثير الأمة.

بيان أن من ترك الزواج وهو قادر فهو على خطر

28 - بيان أن من ترك الزواج وهو قادر فهو على خطر س: الأخت أم محمد، من الأردن، عمان تسأل وتقول: هل أحاسب؛ لأنني لم أتزوج طيلة هذه السنين؟ (¬1) ج: لا ريب أن الله سبحانه وتعالى شرع للرجال والنساء الزواج، أمر به في كتابه العظيم حيث قال سبحانه: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}، وقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (¬2) فأنت أيتها الأخت في الله، إذا كنت تستطيعين الزواج وقد خطبك من ترضين فأنت على خطر من الإثم؛ لأن الزواج فيه مصالح كثيرة، منها أن ذلك من أسباب عفة الفرج ومن أسباب غض البصر، ومن أسباب حسن السمعة والبعد عن التهمة، ومن أسباب الأولاد ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (124). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

الذين قد ينفعك الله بهم، في هذه الدنيا وفي الآخرة بدعواتهم وصلاحهم وعملهم الصالح، ودعوتهم لك إلى غير ذلك. أما إن كنت لم يتيسر لك الزواج وليس في طاقتك الزواج، بل ذلك إلى غيرك فليس عليك شيء، الإنسان إنما يؤخذ بتفريطه وتساهله، أما إذا كنت ما خطبك أحد، أو خطبك من لا ترضين دينه ولا أمانته فليس عليك شيء.

نصيحة وتوجيه للفتاة إذا تقدم إليها أحد للزواج

29 - نصيحة وتوجيه للفتاة إذا تقدم إليها أحد للزواج س: إنني فتاة ملتزمة بتعاليم ديني، والحمد لله ولا أريد أن أتزوج إلا من شابٍ ملتزم، مجاهد بنفسه ومجاهدٍ بماله في سبيل الله، لكن أهل القرية التي أعيش فيها يصلون ويصومون فقط، ويتغاضون عن بعض التعاليم الإسلامية، ولا أنكر إيمانهم، فإن الله عليم بذات الصدور، وسؤالي هو هل أتزوج من أي شاب من هؤلاء إذا تقدم إلي أم أرفضهم علمًا بأن ظروفي الأسرية قاسية، وكذا ظروفي المادية، وأنا لا أريد الخروج إلى العمل؛ لأن جميع مرافق العمل تعاني من الاختلاط الفتاك، خذوا بيدي إلى طريق الخير والرشاد جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (212).

ج: نصيحتي لك أيتها السائلة أن تتزوجي بمن ظاهره الإسلام، والاستقامة ما دام يصلي وظاهره الإسلام، ولم تعلمي عنه ما يوجب كفره بالله، فتزوجيه ونسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يوفق الدولة لديك للالتزام بالإسلام، والدعوة إليه ونبذ ما خالف الإسلام وأنت اجتهدي في التماس الرجل الصالح، واسألي عنه أنت وأولياؤك، اسألي عنه أهل الخير، فإذا كان ملتزمًا بالصلاة مستقيمًا في دينه، فلا بأس أن تتزوجي به، وإن كان ليس بكامل، وإن كان عنده بعض النقص من بعض المعاصي والسيئات، ما دام مسلمًا لا يدعو القبور، ولا يستغيث بالأموات، وليس شيوعيًا وإنما هو مسلم، لا يرضى بالشيوعية ولا يعتقدها، ولا يوالي أهلها بل هو مصل صائم، مستقيم فلا بأس عليك بتزوجه، وإن كان عنده شيء من النقص، كأخذ بعض لحيته أو التدخين، أو ما أشبه هذا من المعاصي، التي تقع من بعض الناس، ولا تجلس هكذا بدون زوج، ونسأل الله أن يسهل لك الرجل الصالح، وأن يصلح أحوال الجميع، وأن يهدي الدولة، وأن يوفقها لما فيه رضاه، وأن يهديها حتى تدع ما يخالف الشرع المطهر وحتى تستقيم على دين الله الذي فيه سعادتها، ونجاتها، وسعادة شعبها، ونجاة شعبها، نسأل الله للجميع الهداية.

س: هل الحب والتفكير بشخص معين يُحرِّمه الإسلام، حتى وإن كان لا يدري هو، وهي لم تتزوج بعد وتقول سائلة أخرى كثيرًا في الآونة الأخيرة أصبحت الفتيات يتراسلن مع الشباب وذلك كما يقال حب عذري ما موقف الإسلام والمسلمين من ذلك وفقكم الله؟ (¬1) ج: التفكير في الأزواج، وتفكير الشباب في الزوجات حتى يلتمس الزوجة الصالحة، ويلتمس البيت الصالح والزوجة الصالحة، هذا مطلوب حق، وإذا ظهر له أن فلانة صالحة تناسبه وأحبها قلبه فلا حرج عليه في هذا، فالحب أمر قهري، كذلك إذا عرفت بالمراسلة أو بالهاتف أن رجلاً يصلح لها لأجل دينه واستقامته وأحبت أن تتزوجه على الوجه الشرعي فلا حرج في ذلك لكن يجب الابتعاد عن أسباب الفساد وعن أسباب اللقاء المشبوه والمحرم، إنما يكون بتعاطي أسباب شرعية مثل المكاتبة لوليها والتحدث معه من طريق الهاتف يقول إني أريد فلانة، كذلك تكتب لأقاربها كأبيها ووليها الآخر يتثبتون في هذا النكاح بالطريقة الشرعية لا بأس به، سواء كان من طريق الهاتف أو طريق الكتابة مع الشاب ومع أبيه أو مع من يتصل بالطرف الآخر حتى يشفعوا وهو ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (31).

كذلك يكتب إلى أبيها وأخيها حتى يحصل الزواج، ولكن لا يكون لقاء محرم، بل يكون من بعيد إلى بعيد فلا تخلو به، ولا يخلو بها، ولا يتكلمان بفحش بالهاتف، ولا بالرسائل، وإنما بالكلام الطيب ورغبته فيها ورغبتها فيه، بالكلام الشرعي تقول له اخطبني من أبي، من أخي من كذا، وهو يقول أنا أريد الزواج بك، إذا كنت راضية، أكتب لأبيك أو أخيك فلا حرج في ذلك المقصود أن هذا الشيء سواء من طريق الهاتف، أو الرسائل إذا كان على وجه شرعي، بالطريق الشرعية، وليس يقصد أحدهما إلا هذا، فلا حرج فيه، أما إذا كان بالطرق الأخرى بأن يتواعدا في الأماكن الخطيرة أو يتكلما بالرسائل والهاتف بما لا ينبغي من الفحش أو ما أشبه ذلك فهذا لا يجوز ويجب منعه.

حكم الاستمناء (العادة السرية)

30 - حكم الاستمناء (العادة السرية) س: يقول السائل تناقشنا مع مجموعة من الزملاء عن حكم ما يسمى بالعادة السرية وحكم الفعل في بعض أنواع الحيوانات، ولا حياء في الدين أفيدونا وفقكم الله؟ (¬1) ج: لا شك أن الاستمناء باليد، من المحرمات؛ لأن الاستمناء يخالف ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (3).

قوله جل وعلا: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}، وهذا ابتغاء أمر آخر غير الاستمتاع بالزوجة والسرية فيكون عاديًا ظالمًا، ولأن الأطباء قد قرروا أن الاستمناء باليد فيه مضار كثيرة، والواجب ترك ذلك والحذر من ذلك، وأن تستعين على تخفيف حدة الشهوة بالأشياء الأخرى، كالصوم الشرعي، فإن الله شرع الصوم لمن عجز عن النكاح، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، فمن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء» (¬1) فجعل الصوم وجاءً، أي قاطعًا للشهوة كالخصاء لمن لم يجد القدرة على النكاح، ومن هذا يُعلم أن الواجب على الشباب المبادرة إلى النكاح والإسراع إليه، لما فيه من المصالح الكثيرة، التي من جملتها: العفة عن المحرمات، وتحصيل الأولاد، وإعفاف النساء، وتحقيق مكاثرة النبي صلى الله عليه وسلم الأمم يوم القيامة بأمته عليه الصلاة والسلام، وينبغي في هذا التعاون على البر والتقوى، وتخفيف المهور، وهكذا التخفيف من الولائم حتى يتيسر ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

للشباب حصول المطلوب، من النكاح ولا شك أن المغالاة في المهور، من أعظم الأسباب لتعطيل النكاح، وهكذا المغالاة في الولائم وكثرة ما يذبح من البهائم وما يصنع من الطعام، كل هذا مما ينبغي تخفيفه، وتقليله حتى لا يتكلف المتزوج، وهكذا الفتاة، ينبغي أن تسارع إلى ذلك؛ وأن ترضى بما يسر الله، من المهر وألا تشدد في المهر، ولا الولائم، وهكذا أمها وأخواتها وأولياؤها، ينبغي لهم التخفيف والتيسير، حتى يحصل التعاون، على البر والتقوى، وإذا اجتمع رأي الجميع على مهر قليل، وعلى وجبة قليلة، فهذا أحسن تحقيقًا للمصلحة العامة، وليكونوا بذلك قدوة لغيرهم، في التخفيف والتيسير، ومن ذلك أيضًا يتعاطى بعض الأدوية، التي تخفف شر الشهوة ولا تقطعها؛ لأن هذا يعينه على ترك الاستمناء، والعافية من شر هذه العادة السرية. أما ما يتعلق باتصال الإنسان بالحيوان فهذا لا شك أنه منكر وكبيرة من الكبائر وقد جاء في الحديث عن معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول فيه، ومن وقع على بهيمة فاقتلوه والبهيمة» (¬1) هذا وعيد شديد ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، برقم (2722).

؛ لأنه جاء عن بعض أهل العلم، أنه يقتل كما لو زنى، وهو محصن ولكن ذهب آخرون من أهل العلم، منهم ابن عباس رضي الله عنهما، أنه لا يقتل بل يعزر ويؤدب؛ لأن الحديث في سنده مقال، وليس بذاك في صحته، واختلف العلماء في صحته، ولهذا فإن الصواب أن يعزر، ولا يقتل، الذي يأتي بهيمة، الصواب أنه يعزر، بجلد ويؤدب بما يراه ولي الأمر من الأدب والسجن، ويؤدب بما يراه ولي الأمر، ردعًا له ولأمثاله كمن يأتي الفاحشة الكبيرة، أما البهيمة فتقتل، والحكمة والله أعلم ألا يتحدث الناس أن هذه البهيمة فعل فيها فلان، وأن فيها وسم الفاحشة هوان لها ولكن عليه مع ذلك غرامتها تذبح وتؤكل، وإن كانت غير مأكولة كالحمار والبغل فإنها تذبح وتطعم للكلاب، وللسباع وما أشبه ذلك ولا تؤكل؛ لأنها محرمة وعليه غرامتها لأهلها؛ لأنه السبب في إتلافها إذا تلفت يلزمه قيمتها لأهلها.

حكم ترك الزواج من الأقارب عملا بنصيحة الأطباء

31 - حكم ترك الزواج من الأقارب عملا بنصيحة الأطباء س: حذر الطب من الزواج من الأقارب، مثل بنت العم وبنت الخال وبنت الخالة، حيث قالوا: إنه يسبب انتقال الأمراض الوراثية، ما حكم الشرع في مثل هذا؟ نرجو أن تتفضلوا بالإجابة جزاكم الله

خيرًا، مع أن الإسلام حدد المحارم وحرمها علينا (¬1) ج: لا ينبغي للمؤمن أن يلتفت إلى أقوال الأطباء أو غيرهم، في كل ما يخالف الشرع المطهر، فالشرع مقدم على الأطباء، وعلى غير الأطباء، والزواج من الأقارب أمر مطلوب، وفيه فائدة كثيرة في صلة الرحم، في تقارب الأقارب وتعاونهم على الخير، وكثرة النسل فيهم، فلا ينبغي أن يلتفت إلى هؤلاء، لكن من كان من الأقارب سيئ السيرة، هذا له بحث آخر إذا كان سيئ السيرة، أو البنت سيئة السيرة، أو هناك أمراض يخشى منها في نفس الأسرة، التي يريد الزواج منها، هذا لا مانع من اختياره غيرها، والاحتياط، أما مجرد النهي عن نكاح الأقارب، لكونه يدعي أن الزواج من الأقارب أمر مرغوب عنه، هذا غلط ومنكر، قد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من أقاربه، ومن بنات عمه، فأم حبيبة بنت أبي سفيان، ابنة عمه؛ لأن أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف جد النبي عليه الصلاة والسلام، وعائشة كذلك بنت الصديق ابنة عمه، وإن كان في جد أعلى من عبد مناف، وكذلك حفصة بنت عمر، كلهم من بنات العم، كلهم أقارب ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (159).

وهكذا سودة، المقصود أن القول بأن التزوج من الأقارب أمر مرغوب عنه، هذا قول باطل، لا ينبغي أن يلتفت إليه بالكلية، إلا لعذر شرعي، من سوء السيرة أو مرض بالمرأة، أو مرض بأهلها يخشى منه، هذا له وجه.

س: قرأت في إحدى المجلات مقالاً، عن مرض السكر وما مدى تأثيره في زواج الأقارب، ويتضح مما قرأت بأنه إذا كانت الزوجة والزوج، والداهما مصابان بمرض السكر، أصبحت الإصابات عند الأبناء أكثر، أما إذا كان الزوج أو الزوجة أحد والديهم مصاب بمرض السكر دون الآخر، فإنها تقل احتمالات الإصابة، وأنا قد كنت عقدت على ابنة عمي، منذ سنة تقريبًا وعلى وشك الزفاف، ولكن بعد قراءتي لهذا المقال منذ أيام وأنا في حيرة، في أمري؛ لأن والدي وعمي الذي هو والد زوجتي، مصاب بمرض السكر، ولكن بنسب متفاوتة وهذا المرض عندهم وراثي ويعالجون منه، سماحة الشيخ أرجو التكرم بإفادتي، هل إتمام الزواج بالنسبة لي سيكون فيه ضرر، أرجو أيضًا إذا كان فيه ضرر، إفادتي هل أقوم بفسخ هذا الزواج، للأسباب الموضحة، أم أتمسك بزوجتي مع العلم بأنني متمسك بها؛ لأن ما بها من صفات وأخلاق، تجعلها زوجة صالحة، مع

العلم بأن أهل زوجتي لا يعلمون بهذا الموضوع إلى الآن أفيدوني أفادكم الله، على أن يكون الرد واضحًا وصريحًا، جزاكم الله خيرًا (¬1) ج: نصيحتي لك أيها الأخ أن تكمل زواجك، وأن تعتمد على الله سبحانه، وأن تدع هذه الوساوس، وأبشر بالخير الكثير، وسوف ترى منها إن شاء الله ما يسرك، ولا ترى إلا الخير، أما تفاصيل أمر السكر، وما يحصل للأولاد، فهذا شيء يحتاج إلى نظر، وقد يعرف بالتجارب الكثيرة، وقد يعرفه خواص الأطباء الذين جربوا كثيرًا، فلا ينبغي لك أن تلتفت إلى هذا، بل استعن بالله وكمل زواجك، وأبشر بالخير ودع عنك هذه الوساوس، وهذه الأشياء التي يقولها الناس، واسأل ربك العافية لك ولها، ولا ترى إلا الخير إن شاء الله. ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (119).

بيان الأفضل بين زواج الأقارب وزواج الأباعد

32 - بيان الأفضل بين زواج الأقارب وزواج الأباعد س: هل زواج الأقارب أوفق للتربية الإسلامية، أم زواج الأباعد؟ وهل في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك؟ (¬1) (¬2) ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (131) (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (131) ') ">

ج: لا أعلم في السنة ما يدل على تفضيل الأقارب على غيرهم، ولا تفضيل الأباعد على غيرهم، وإنما المفضل أن يختار ذات الدين، هذا هو المفضل لقوله صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح: «تنكح المرأة لأربع، لمالها، ولجمالها، ولحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك» (¬1) ولم يقل فاظفر بقريبتك أو بالبعيدة الأجنبية؟ قال: «فاظفر بذات الدين تربت يداك» (¬2)، والله يقول سبحانه: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، يعم الأقارب والأباعد، فأفضل النساء من كانت تقية لله، ذات دين سواء كانت قريبة، أو بعيدة، فلا ينبغي للعاقل أن يقدم الأقارب على الأباعد لمجرد القرابة، لا، بل ينظر ويتأمل ويسأل، فمن كانت أقرب إلى الخير، وأبعد عن الشر اختارها زوجة له، وإن كانت أجنبية، وإن كانت من أقاربه هذا خير إلى خير، صلة رحم، وزوجة صالحة. س: هل الأفضل في الشرع الزواج من الأقارب أم من البعيدين وما توجيهكم، في استقرار الحياة الزوجية هل هي مع القريب أم مع البعيد أفضل، مأجورين؟ (¬3) ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدِّين، برقم: (5090)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، برقم: (1466). (¬2) صحيح البخاري النكاح (5090)، صحيح مسلم الرضاع (1466)، سنن النسائي النكاح (3230)، سنن أبو داود النكاح (2047)، سنن ابن ماجه النكاح (1858)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 428)، سنن الدارمي النكاح (2170). (¬3) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم ( ... ). ') ">

ج: الأفضل التماس الزوجة الصالحة سواءً من الأقارب أو من غير الأقارب؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام، قال «تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك» (¬1) فإذا تيسرت ذات الدين سواء كانت من الأقارب أو من غير الأقارب فهذا هو المطلوب، وإذا كانت ذات الدين من غير الأقارب فهي أفضل، المهم ذات الدين سواء بنت عمك، أو بنت خالك، أو أبعد من ذلك هذا كله طيب، وإذا كانت هناك اثنتان إحداهما قريبة والثانية ما هي قريبة، لكن القريبة هي ذات الدين فالقريبة أولى. س: هل لزواج الأقارب آثار سلبية على الأبناء في المستقبل؟ ج: الأقارب أولى من غيرهم، النبي تزوج من أقاربه عليه الصلاة والسلام، كونه يزوج القريب أولى، إذا كان طيبًا وكفئًا، أما قول بعض الفقهاء البعيد أولى هذا غلط، المقصود إذا تيسر القريب الطيب فهو أولى من غيره؛ لأن له رحمًا؛ فإذا تيسر قريب طيب فتزويجه طيب ومهم، وهكذا كونه يتزوج من أقربائه هذا أولى من غيره إذا تيسر كبنت عمه، ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدِّين، برقم: (5090)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، برقم: (1466).

بنت خاله، بنت خالته إذا تيسر ذلك وهي كفء طيب.

س: السائل يقول: سمعنا بأن الزواج من الأقارب فيه محذور، وأنا أريد أن أزوج أحد أبنائي فهل ورد أحاديث بذلك؟ (¬1) ج: لا، ليس فيه محذور، الذي قاله غلط، ليس في الزواج من الأقارب محذور، بل طيب، النبي صلى الله عليه وسلم تزوج من أقاربه، أم سلمة من أقاربه، وعائشة من أقاربه وأم حبيبة من أقاربه كلهم من قريش كلهم من جماعته عليه الصلاة والسلام لا حرج في ذلك وعلي تزوج فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم وهي بنت عمه، وعثمان تزوج بنتي النبي صلى الله عليه وسلم تزوج رقية وأم كلثوم والعاص بن الربيع تزوج بنت الرسول صلى الله عليه وسلم الرابعة زينب، كلهم بنو عم لا حرج في هذا. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (360).

س: ما رأي سماحة الشيخ فيمن يفضل الزواج من البعيدات عن القريبات؟ (¬1) ج: ليس بصحيح، الصواب اختيار الأفضل، فالأفضل قريبة أو بعيدة، والقريبات أفضل؛ لأنهن قريبات، يحسن إليهن ويصل رحمهن، وغالب ¬

(¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (182).

أزواج النبي من قريباته، عليه الصلاة والسلام. غالب أزواجه كلهم من أقربائه. عائشة وأم سلمة وحفصة بنت عمر وغيرهم، كلهم من أقربائه ما عدا صفية بنت حيي هي ليست من القريبات، وإلا فهم أقرباء. يقول بعض الأطباء وبعض الفقهاء، إن الأجنبية أنجب، ولكن ليس بصحيح. بل يختلف بذلك قد تكون القريبة أنجب، وقد تكون البعيدة أنجب، هذا إلى الله جل وعلا. لكن إذا اتفقت الأسباب، وتزوج من بيت معروفين بالديانة، معروفين بالذكاء ومعروفين بالعقل السليم، معروفين بالأخلاق الفاضلة، كان هذا أفضل وأقرب إلى أن يكون ولدهم مثلهم، سواءً كانوا من الأقرباء أو من غير الأقرباء، أما البنت الأجنبية ولدها نجيب، والقريبة ليس بنجيب مطلقًا هذا ليس بصحيح، كم لله من أجنبية ليست بنجيبة. وكم لله من قريب نجيب. ولذا ينبغي أن يختار الفضلى، فالفضلى من قريبات أو غير قريبات وإذا كان في القريبات من هو أهلٌ، فهن أولى، لما في ذلك من صلة الرحم والإحسان إليهن، هذا كله طيب. مثل ما تقدم، أن الرسول صلى الله عليه وسلم، غالب نسائه من أقربائه.

حكم إلزام الوالد ولده الزواج من ابنة عمه لأجل ثروة أبيها

33 - حكم إلزام الوالد ولده الزواج من ابنة عمه لأجل ثروة أبيها س: سبق أن قلت لوالدي زوجني بابنة خالي؛ لأنها يتيمة إلا أن

والدي أصر على تزويجي بابنة عمي؛ لأن عمي له ثروة ضخمة فأرجو التوجيه من فضيلة الشيخ؟ (¬1) ج: الواجب عليك وعلى أبيك العناية بالزوجة الصالحة، وعدم النظر إلى المال، المهم أن تكون المرأة صالحة مستقيمة، في دينها فعليك أن تتحرى أنت ووالدك هذا الصنف من النساء، أما مراعاة المال فلا ينبغي أن تكون مقصودة، وإنما المقصود الأعظم المهم، هو مراعاة الدين والأخلاق، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «فاظفر بذات الدين تربت يداك» (¬2) ويقول صلى الله عليه وسلم: «تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها، ولجمالها، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك» (¬3) فإذا تيسر الدين فما معه من جمال أو مال أو حسب خيرٌ إلى خير، لكن الأهم الأول، هو كونها في نفسها صالحة مستقيمة، حتى تنفعك وحتى تأمنها على عرضها وبيتك ومالك، وكل شؤونك فإذا كانت بنت خالتك، أنسب في الدين، فينبغي على والدك أن يوافقك على ذلك، وإذا كانت ابنة عمك أنسب، فينبغي لك أن توافق أباك على ذلك، فإن لم ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (69). (¬2) صحيح البخاري النكاح (5090)، صحيح مسلم الرضاع (1466)، سنن النسائي النكاح (3230)، سنن أبو داود النكاح (2047)، سنن ابن ماجه النكاح (1858)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 428)، سنن الدارمي النكاح (2170). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدِّين، برقم: (5090)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، برقم: (1466).

تكونا مناسبتين، فالتمسا غيرهما، وإن لم تكن قريبة: ابنة خال أو عم ولو بعيدة، هذا هو الذي ينبغي لك ولأبيك، التماس المرأة الطيبة، فإذا كانت ابنة عمك أو خالك متقاربتين، فالأولى أن تقبل ما رآه والدك، وتخضع لقوله إذا كانتا متقاربتين في الدين، والأخلاق والجمال ونحو ذلك بكل حال كونك توافق والدك أمر مطلوب، لكن بشرط أن تكون المرأة التي أشار بها صالحة، ومناسبة وفق الله الجميع.

بيان آداب الخطبة

34 - بيان آداب الخطبة س: ما هي آداب الخطبة الإسلامية جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: المستحب أن يرى المرأة، إذا تيسر، هذا من الآداب ومن أسباب التوفيق، أن يجتهد في رؤيتها قبل أن يعقد عليها، بالطرق الشرعية، إما بالاستئذان من أهلها، حتى يراها أو بأن يجلس في المجلس، يمكن أن يراها ولو بغير إذنها، ولو بغير إذن أهلها أيضًا، فيكون في محل يمكنه أن يراها من دون علمها، من طريق جيرانها أو غير ذلك، على وجه ليس فيه خلوة، إنما من بعيد إلى بعيد، وإن استأذن له واجتمع بها ورآها وكلمها وكلمته فلا بأس؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر ¬

(¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (188).

الخاطب أن ينظر، قال: «إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها، فليفعل» (¬1) وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل ذكر له أنه خطب امرأة، فقال: «هل نظرت إليها؟ قال: لا، قال: فاذهب فانظر إليها» (¬2) رواه مسلم. فالسنة أن ينظر إذا تيسر، لكن من دون خلوة بل بحضرة أبيها أو أخيها، أو جماعتها المقصود لا يخلو بها، أو ينظر إليها من بعيد من دون علمها ومن دون علم أهلها، لا بأس بذلك؛ لأن هذا من أسباب التوفيق، إذا رآها واقتنع بها، فإن لم يتيسر ذلك، شرع له أن يبعث إليها من ينظرها من النساء الثقات، وتعطيه خبرها. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما برقم (14176). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها، برقم (1424).

س: هل يمكن أن تمتد الخطوبة بين الخاطبين فترة طويلة، إذا اتفقا بسبب ظروف الدراسة مثلاً، سنتين أو ثلاث سنوات؟ (¬1) ج: ليس لها حد، لكن ليس له أن يخلو بها، وليس لها أن تركب معه ولا يسافر بها، بل يجب أن يكون كل واحد بعيدًا عن الآخر، حتى لا ¬

(¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (188)

تقع الفتنة، إنما كلام من طريق الهاتف، أو زيارة عن طريق أهلها، يزورها ويتصل بها، ويتخبر أخبارها لابأس.

حكم العقد على المرأة التي لا تصلي

35 - حكم العقد على المرأة التي لا تصلي س: إذا كانت المخطوبة لا تصلي وقام الخاطب بتعليمها الصلاة أثناء فترة الخطوبة، واشترط عليها أن تصلي، وكانت من أهم الشروط، فما حكم الشرع في ذلك جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: هذا من أهم الأمور، كونه يعلمها الصلاة ويدعوها إليها، هذا من أبرز ما يكون، وواجب، ليس له أن يتزوجها وهي لا تصلي، إذا كان مسلمًا، تلتزم بالصلاة وتتوب وهو كذلك ليس لها أن تتزوج رجلاً وهو لا يصلي، لا بد أن يكونا مصليين مستقيمين، فالمرأة تحرص أن يكون خاطبها يصلي، وهو كذلك يحرص، حتى يكونا جميعًا مصليين مسلمين، وكثير من الناس اليوم يتساهل في هذا الأمر، فربما كان الزوج لا يصلي، وهي تصلي، وربما كان العكس، هي لا تصلي وهو يصلي، فالواجب الحذر، والواجب ألا يتزوج امرأة لا تصلي، والواجب عليها هي ألا تتزوج رجلاً لا يصلي، بل يجب الحذر من ذلك لقول ¬

(¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (188).

الرسول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬1) فالأمر عظيم وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬2) وقال عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة» (¬3) فالحاصل أن الصلاة عمود الإسلام، فلا بد أن يكون الرجل يصلي، وهي تصلي إذا كانا منتسبين للإسلام، لا بد من هذا، أما إذا كانا كفارًا فالمسألة مسألة ثانية يجوز لليهودي أن ينكح اليهودية، والنصراني ينكح النصرانية، والكافر ينكح الكافرة، لكن ما داما منتسبين للإسلام فلا بد من الصلاة، فإذا تزوج أحدهم الآخر وهو لا يصلي، لم يصح النكاح بل لا بد أن يكونا جميعًا يصليان، أو لا يصليان، يكونان مشتركين في الصلاة وفي عدمها، أما إذا كان أحدهما يصلي والآخر لا يصلي، فإنه لا يصح النكاح، في أصح قولي العلماء؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر، وإن كان لم يجحد وجوبها. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616).

حكم الاستخارة عند إرادة الزواج

36 - حكم الاستخارة عند إرادة الزواج س: يقول السائل إذا رغبت في الزواج من امرأة فهل لي أن أستخير في شأنها في الحال علمًا بأني سأؤخر هذا الزواج لعدة سنوات لعدم استطاعتي عليه حاليًا؛ لأني أريد أن أتقدم لهم ببعض الهدايا إلى حين أن أتقدم لزواجها، ثم ما هي كيفية انشراح الصدر التي وردت في شرح دعاء الاستخارة؟ (¬1) ج: إذا أردت أن تتزوج من امرأة وأنت مطمئن إليها تعرف فضلها ودينها وخلقها وأنك لست في شك منها، لست في حاجة إلى الاستخارة، الاستخارة في الشيء الذي تشك فيه، إذا كانت تشك في صلاحها لك تستخير فإذا صليت الركعتين. ورفعت يديك، وطلبت بدعاء الاستخارة ثم انشرح صدرك بادر إلى خطبتها ولو تأخر الدخول بها، اخطبها واتفق مع أهلها ولو تأخر العقد أو الدخول. أما إذا كنت منشرح الصدر قد عرفتها تمام المعرفة ليس عندك شك في أمرها فلا يظهر لك حاجة إلى الاستخارة؛ لأن الاستخارة إنما تفعل في الأمور التي قد يقع فيها اشتباه أو يخشى من عاقبتها، أما الشيء الواضح الذي ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (236).

ما فيه اشتباه، ليس فيه استخارة. لا تستخير الله أن تصلي الضحى ركعتين، صل ولا تحتاج استخارة، تزور أقاربك لصلة الرحم، ما فيه استخارة إذا ما كان عندهم محذور، تبر والديك ما فيه استخارة، تصلي الظهر والعصر ما فيه استخارة، تصلي المغرب ما فيه استخارة، العشاء ما فيه استخارة، تصلي الفجر ما فيه استخارة، تصلي الجمعة أيضًا ما فيه استخارة، تحج والطريق آمن وأنت قادر ما فيه استخارة أما إذا كان الطريق ليس آمنًا تخاف تستخير هل تحج هذا العام أم لا، من أجل خوف الطريق ليس من أجل الحج. المقصود أن الاستخارة في الشيء الذي فيه أدنى اشتباه، أما الشيء الواضح الذي ليس فيه اشتباه وأنت قادر عليه وهو خير محض فليس فيه استخارة، مثل أنك ما تستخير أنك تتغدى أو ما تتغدى، تتعشى أو ما تتعشى، هل تجامع زوجتك كل هذا ليس فيه استخارة؛ لأنها أمور معروفة مصلحتها.

حكم النظر إلى المرأة عند العزم على خطبتها

37 - حكم النظر إلى المرأة عند العزم على خطبتها س: إذا أردت الزواج من بنت، وهي ملتزمة بالحجاب ولكن ليست من منطقتي، ولا أعرف هل هي جميلة أم لا، هل يصح النظر إليها، إذا كنت قد عزمت على الزواج منها، كيف يكون ذلك؟

جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: نعم يشرع لك النظر إليها إذا خطبت امرأة أو أردت أن تخطبها، يشرع لك النظر إليها إذا تيسر لك ذلك، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل» (¬2). وذكر له رجل أنه خطب امرأة فقال له: «أنظرت إليها؟ قال: لا، قال: إذًا فانظر إليها» (¬3) فالمشروع لك أن تنظر إليها، إن تيسر لك ذلك، وإلا في إمكانك أن تبعث بعض النساء أو من محارمها، إن كنت تعرف محارمها من يعطيك الخبر، فتبعث المرأة من أقاربك، كأمك وخالتك وعمتك أو أختك، تنظر إليها ثم تعطيك صفاتها، أو تسأل محارمها يعطونك صفاتها، وإذا تيسر لك النظر إليها من دون خلوة فلا بأس، تطلب من أبيها أو أمها أو أخيها أو نحو ذلك، أن يسمح لك بالنظر إليها، لكن من دون خلوة، فتنظر إليها بحضرة أبيها أو أمها أو أخيها أو غيرهم من الناس من دون خلوة. ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (104). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما برقم (14176). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها، برقم (1424).

بيان ما ينبغي اشتراطه في المخطوبة

38 - بيان ما ينبغي اشتراطه في المخطوبة س: أريد أن أتزوج فما هو رأي سماحتكم في الشروط التي أشترطها في المخطوبة، ما هي، وجهوني جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: عليك بذات الدين، عليك بالمرأة الصالحة المعروفة بالأخلاق الطيبة، بالصلاة والعفاف، وطيب الخلق، ولين الكلام وحسن الصورة أيضًا، لقوله صلى الله عليه وسلم: «تنكح المرأة لأربع لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين، تربت يداك» (¬2)، فأوصى بذات الدين، فنوصيك بما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم ذات الدين، نوصيك بالمرأة الموصوفة بالاستقامة، والصلاة في وقتها، والعفة عما حرم الله، وطيب اللسان وطيب الكلام، والأخلاق الكريمة، وحسن الخلق، وإذا تيسر مع هذا الجمال والحسن والمال فهذا خير إلى خير، ولكن المهم أن تكون أخلاقها كريمة، محافظة على الدين طيبة في الصلاة. طيبة في أخلاقها، بعيدة عمَّا حرم الله من الفواحش. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (316). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدِّين، برقم: (5090)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، برقم: (1466).

س: ما حكم نظر الخاطب إلى مخطوبته، وهي بكامل زينتها ودون

حجاب على رأسها نرجو من سماحة الشيخ التوجيه؟ (¬1) ج: لا بأس بذلك، النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالنظر للمخطوبة فالسنة للخاطب أن ينظر إليها وإلى وجهها وشعرها ويديها وقدميها هذا لا بأس به لكن من غير خلوة بها بحضور أبيها، أو أمها أو غيرهما أو من بعيد من فرجة أو من جدار لا بأس، أما الخلوة في محل واحد لا يجوز لكن إذا اجتمع بها مع أمها أو مع أختها أو مع عمتها أو مع غيرهم فلا حرج في ذلك بل هو مستحب له أن ينظر؛ لأن هذا من أسباب التوفيق ومن أسباب أن يؤدم بينهما. ¬

(¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (360).

س: فضيلة الشيخ: لعل لكم توجيهًا في رؤية الخاطب لمخطوبته وما هو المشروع في ذلك؟ (¬1) ج: رؤية الخاطب سنة، النبي صلى الله عليه وسلم قال: للرجل الذي سأله قال: «أنظرت إليها، قال: لا، قال: اذهب فانظر إليها» (¬2) وقال صلى الله عليه وسلم «إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (375). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها، برقم (1424).

ما يدعوه لنكاحها فليفعل» (¬1) هو سنة؛ لأنه يعين على الرغبة وعدمها، فالسنة للمؤمن إذا أراد أن يتزوج أن يرى ويجتهد، يستأذن، لعلهم يسمحون له بالرؤية، أو يراها ولو ما دروا إن كان في محل يمكن يراها من دون خلوة أو عند جيرانها أو ما أشبه ذلك، ينظرها لكن من دون خلوة، بحضور أبيها أو أمها أو أخيها أو غيرهم، أو ينظرها من بعيد مع فرجة أو مع باب أو ما أشبه ذلك، يقول جابر رضي الله عنه لما أراد أن يخطب امرأة قال: «فكنت أختبئ لها حتى رأيت منها بعض ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها» (¬2) فالمقصود أنه يفعل ما يستطيع، إن استطاع أن يستأذن منهم، من أبيها أو جدها أو أخيها حتى يراها فلا بأس، هذا أكمل، وإن لم يتيسر ذلك سأل من العارفين بها حتى كأنه يراها سألهم واستفصل وإن رآها دون أن يعلموا من كوة باب أو عند الجيران فلا حرج، لكن من دون خلوة. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما برقم (14176). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما برقم (14176).

س: من س. ع. يسأل عندما يريد إنسان خطبة فتاة في الشرع يباح أن ينظر إلى وجهها والسؤال تستمر فترة الخطوبة أحيانًا شهرًا أو

شهرين، أو سنة هل يجوز في هذه الفترة أن تكشف الوجه والأيدي أم تستر وجهها ويديها حتى يتم الدخول بها؟ (¬1) ج: لا حرج على الخاطب في النظر إلى مخطوبته، ولا حرج عليها في النظر إليه حتى يطمئن كل منهما للآخر، فإذا اطمأن كل منهما كفى والحمد لله، المقصود أن الخاطب له النظر ليزداد رغبةً أو يعرف أشياء يريدها حتى يرجع عن الخطبة إذا كان يخشى شيئًا، المقصود أن النظر لا بأس به من دون خلوة حتى يطمئن وتطمئن إلى الرغبة أو عدمها. ¬

(¬1) السؤال الرابع والعشرين من الشريط رقم (356).

س: إذا ذهب رجل خاطبًا من أحد البيوت، وتمت الخطبة، فهل له أن يرى مخطوبته، وجهونا جزاكم الله خيرًا، وما هي الحدود في ذلكم الأمر؟ (¬1) ج: نعم له أن يرى المخطوبة، قبل الخطبة، وبعدها، للتأكد من صلاحها، والطمأنينة لصلاحها ومناسبتها، لكن من دون خلوة، لا يكون مع خلوة بل بحضرة أبيها أو أمها أو غيرهما، يرى منها وجهها ويدها وقدميها لا بأس، ولو رأى شعرها لا حرج إن شاء الله، لقول النبي صلى ¬

(¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (348).

الله عليه وسلم، في الصحيح أنه قال للرجل الذي تزوج امرأة، أو أراد تزوجها قال: «أنظرت إليها؟ قال: لا قال: اذهب فانظر إليها» (¬1)، وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل» (¬2) المقصود أن الإسلام أمر بذلك، أمر الخاطب أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاح المرأة، ومعلوم أن وجهها ويديها ورجليها وشعرها مما يدعو إلى النكاح إذا أعجبه. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها، برقم (1424). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما برقم (14176).

س: السائلة/ و. م. خ. من الرياض لي أخ يريد الزواج من امرأة معينة، وهو شاب يخشى عليه، لكنه طلب منا نحن أخواته تمكينه من رؤيتها دون علمها، شرط أن لا يخل هذا بحكم الله عز وجل، وذلك حتى لا يقع الحرج له أو لها، إذا كان رأيه ألا يتزوج بها، فما الحكم هنا وما السبيل إلى ذلك؟ مع العلم بأننا والحمد لله، محافظون، على تطبيق ما يرضي الله عنا سبحانه وتعالى؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك أن تسعين في تمكينه، من رؤيتها من دون ¬

(¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (268).

خلوة، كأن تعزمها إحداهن، ثم ينظر إليها من باب أو كوة أو غير ذلك، وهي معكن لا حرج في ذلك، النبي صلى الله عليه وسلم رخص للصحابة أن ينظروا للمخطوبة، وكان جابر لما أراد أن يتزوج امرأة جعل يتخبأ لها حتى ينظر إليها. فالمقصود إذا كان النظر من دون خلوة للمخطوبة، فلا حرج في ذلك إذا كان يريد خطبتها. ويشترط في ذلك أن يكون مريدًا للخطبة بها وإلا فلا يجوز.

حكم الزواج من امرأة لم يرها قط

39 - حكم الزواج من امرأة لم يرها قط س: تسأل الأخت وتقول: شاب مؤمن ملتزم، خطب فتاة هي الأخرى ملتزمة، ولكن دون أن يراها، فهل هذه الخطبة صحيحة؟ وهل هذا الشاب يعد مخالفًا للسنة؟ (¬1) ج: كونه يراها أفضل. النبي صلى الله عليه وسلم أمر بأن يراها إذا أمكن له ذلك، وقال لبعض الصحابة «اذهب فانظر إليها» (¬2)، قال: «إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (190). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها، برقم (1424).

فليفعل» (¬1) فإن ذلك أقرب إلى أن يؤدم بينهما يعني إلى أن يلتئم النكاح بينهما، والحب بينهما. فالمقصود أنه إذا تيسر له النظر إليها، فذلك مستحب وهو أقرب إلى الاجتماع والوئام، وحصول المودة. ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «إذا خطب أحدكم امرأة، فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل» (¬2) «فإن ذلك أقرب إلى أن يؤدم بينهما» (¬3) أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فأنت -يا عبد الله- يشرع لك أن تنظر إلى خطيبتك، إذا تيسر ذلك، برضى أهلها، أو بطريقةٍ أخرى، فإن لم يرضوا، إذا كان ذلك على وجه ليس فيه خلوة، ولا تعاطي ما حرم الله، بأن يجلس لها في محل عند الجيران، أو غيرهم حتى يراها على وجه يمكنه من الرغبة فيها أو عدم ذلك. قال جابر إنه خطب امرأة، فجعل يتخبأ لها بين النخل، حتى رأى منها ما دعاه إلى نكاحها، أو كما قال رضي الله عنه. فالمقصود أن رؤيته لها أمر مطلوب، وإذا تيسر ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما برقم (14176). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما برقم (14176). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، برقم (17671)، بلفظ: **فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما**.

باختيارها واختيار أهلها، كان أكمل، من دون خلوة. يزورهم ويورونه إياها بحضور أمها، أو أبيها، أو عمها، أو نحو ذلك. حتى لا تكون الخلوة، وإن نظر إليها من جهة أخرى ليس فيها علمهم، فلا بأس بذلك إذا كان على وجه ليس فيه محذور شرعًا.

س: إذا عقد على فتاة، هل يجوز لها أن تخلع الحجاب، أمام خطيبها قبل الدخول بها؟ أفادكم الله؟ (¬1) ج: نعم، لها أن تخلع، إذا عقد عليها هي زوجة. تخلع الحجاب. وله أيضًا جماعها، هي زوجة، لكن يدع ذلك، الجماع، إذا كان يخشى من ذلك، فتنة، أن يطلقها، أو يدعي عليها أنه زنى. المقصود أنه لا يجامعها إلا على بصيرة، على عمل من أهلها، أو عمل الزفاف المشهور المعروف، فالحاصل أنها زوجة، يباح له النظر إليها، ويباح لها خلع خمارها ويباح له أن يجامعها، ما لم يخش الفتنة في ذلك، فليؤخر الجماع إلى أن يحصل الدخول الشرعي. ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (279).

س: تقول السائلة/ ما حكم خلع الحجاب أمام الخاطب؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر الخاطب أن ينظر إلى المخطوبة، وأخبر «أن ذلك أقرب أن يؤدم بينهما» (¬2)، فإذا طلب النظر إليها فلا حرج أن ينظر إليها، تخلع الحجاب حتى يرى وجهها ورأسها، كل هذا لا بأس به لكن لا يكون عن خلوة، بل يكون عندها غيرها كأمها، وأخيها ونحو ذلك حتى لا يحصل خلوة، ينظر إليها من دون خلوة. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (134). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، برقم (17671)، بلفظ: **فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما**.

س: السائلة/ ج. ي. م. تقول هل يجوز أن أكشف عن وجهي، أمام خاطبي في كل زيارة له، أم أن الكشف يكون قبل الخطبة فحسب؟ ج: إذا دعت الحاجة وطلب ذلك فلا بأس؛ لأنه قد يطلب ذلك للتأكد، وإلا فلا حاجة إلى هذا الشيء، متى تم الأمر وتمت الخطبة، وانتهى كل شيء فعليك التستر، حتى يتم العقد. أما إذا طلب ذلك

لمزيد التأكد، فلا حرج في ذلك.

س: تسأل عن الجلوس أمام الخاطب، بحضرة الأهل هل يجوز هذا أم لا؟ (¬1) ج: لا مانع أن تجلس أمام الخاطب حتى ينظر إليها بدون خلوة، يكون معها أبوها أو أخوها، أو امرأة أو أمها ونحو ذلك وليس له الخلوة بها، والنبي صلى الله عليه وسلم، قال للخاطب: «اذهب فانظر إليها» (¬2)، وقال عليه الصلاة والسلام: «إذا خطب أحدكم امرأة، فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل» (¬3) المقصود إذا تيسر أن ينظر إليها، فهو مناسب؛ لأن هذا الأقرب أن يؤدم بينهما وأقرب إلى تنجيح الخطبة، وأقرب إلى أن ينجح النكاح، لكن ليس له أن يخلو بها، بل يراها بحضور غيرها، كأبيها ونحوه. وإذا دعت الحاجة إلى التكرار فلا بأس كأن تكون المرة الأولى أو الثانية لم تكف، إذا دعت الحاجة فلا حرج حتى تعرفه ويعرفها، ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (251). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها، برقم (1424). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما برقم (14176).

جيدًا، أما باستمرار بدون حاجة فما ينبغي؛ لأن الأصل التحريم، وإنما جاز لمصلحة وحاجة؛ ولأن التكرار الكثير بدون حاجة، قد يفضي إلى فساد، قد يفضي إلى خلوة وإلى زنى، نسأل الله السلامة. كما قد وقع لكثير من الناس. إذًا الجلوس للحاجة فقط، والمصلحة التي تتعلق بالنكاح من دون خلوة.

س: السائل س. غ. من الأردن، يقول: هل يجوز أن يجلس الخاطب مع خطيبته، بعد العقد وقبل الدخول؟ (¬1) ج: نعم، زوجته، له أن يسمعها وينظر إليها ويخلو بها، لا بأس، هي زوجته. لكن إذا كان يخشى، أو تخشى شيئًا من أهلها فلا يفعل. لا يعرضها لشيء من الشر، إلاَّ بإذن أهلها حتى تكون الخلوة شرعية، أما إذا كان أهلها يسمحون بذلك، فلا بأس أن يخلو بها؛ لأنها زوجته بعد العقد. أما قبل العقد فلا، ليس له أن يخلو بها، له أن ينظر إليها، لكن ليس له أن يخلو بها قبل العقد، أما بعد العقد إذا سمح له أهلها، فلا بأس، وإلاّ فليصبر حتى يأتي الزفاف المعروف المعتاد. ¬

(¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (399).

س: يسأل السائل ويقول: شخص خطب فتاة وأهل هذه الفتاة منعوه

من الجلوس معها والتحدث، إليها، أو حتى النظر إليها، وإذا خطب الرجل امرأة هل له أن ينظر إليها في حضور أقاربها؟ (¬1) ج: السنة النظر، الرسول عليه الصلاة والسلام أمر من خطب أن ينظر «من استطاع أن ينظر إلى ما يدعو إلى نكاحها فليفعل» (¬2)، المقصود أنه أمر من خطب أن ينظر، وقال له رجل «يا رسول الله إني خطبت فلانة، قال: هل نظرت إليها؟ قال لا، قال: اذهب فانظر إليها» (¬3) وقال «إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل» (¬4) فالسنة أن ينظر إلى المخطوبة، حسب التيسير. لكن لا يخلو بها، إنما يستحب له أن ينظر إليها بحضرة أخيها، أو أمها، أو غيرهم، أو من بعيد، لعله يرى منها ما يدعوه إلى نكاحها. فإن تزوجها ولم ينظر إليها فلا حرج. وإن تيسر أن يرسل إليها من ينظر إليها ويعرف حالها ثم يخبره بصفاتها فهذا يكفي عن النظر، المقصود أن السنة أن يتثبت في الأمر، هذا السنة، الخاطب يتثبت بالنظر، أو إرسال من يطمئن إليه إليها حتى ينظر إليها، من أمه أو أخته أو بنته، أو نحو ذلك، حتى تفيده عن صفاتها وأخلاقها. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (423). (¬2) سنن أبو داود النكاح (2082)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 334). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها، برقم (1424). (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما برقم (14176).

حكم خلوة الرجل مع مخطوبته

40 - حكم خلوة الرجل مع مخطوبته س: هل يحق للرجل أن يخلو بالمرأة بعد أن خطبها، وقد كانت هذه الخطبة بوجود أبيه وأبيها، ووجود رجلين آخرين، وقد قال له أبوها. قد قبلت أن أزوجك ابنتي بحضرة الشاب أيضًا، فهل يعتبران زوجين حتى لو لم يتم تسجيل هذا العقد في محكمة شرعية؟ (¬1) ج: أما مجرد الخطبة، فليس له أن يخلو بها، لمجرد الخطبة؛ لأنها أجنبية، وفي خلوته بها خطر، وربما وقعت الفاحشة، والنبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يخلون رجل بامرأة إلا معها ذو محرم» (¬2) وقال عليه الصلاة والسلام: «لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما» (¬3) ولكن إذا عقد له أبوها بحضرة شاهدين، بأن قال زوجتك، وقال الشاب قبلت وهي راضية بذلك، فإنها زوجته له أن يخلو بها، وله ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (115). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم .. برقم (5233)، ومسلم في كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره، برقم (1341). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الرضاع، باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات، برقم (1171).

أن يجامعها، لكن إذا كان ذلك قد يخالف عرف أهل البلد، وربما أفضى بسوء الظن بها، وأنها ربما تحمل ويظن أنه من غير زوجها، فهذا لا ينبغي ابتعادًا عن سوء الظن، وعن التهم، أما إذا خلا بها بإذن أهلها واتصل بها بعد العقد، فلا بأس بذلك والأفضل أن يؤجل ذلك، حتى يأتي الزفاف المعروف بينهما، حتى لا تكون هناك تهمة وحتى لا يقع خطر وسوء الظن.

س: متى يحل للرجل أن يخلو بالمرأة، وهل يحق أن يخلو بها بعد أن اتفق والدها ووالده على قبول تزويجهما، وبحضور شاهدين آخرين، أي هل أصبحا زوجين، مع العلم أنه لم يتم تسجيل هذا العقد في المحكمة؟ (¬1) ج: الخلوة محرمة بالمرأة الأجنبية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم» (¬2) ولقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما» (¬3) لكن إذا تم العقد، تم الزواج من الولي للخاطب، بحضرة الشاهدين، صارت زوجة ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (104). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم .. برقم (5233)، ومسلم في كتاب الحج، باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره، برقم (1341). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الرضاع، باب ما جاء في كراهية الدخول على المغيبات، برقم (1171).

له، لو خلا بها لا شيء عليه، ولكن ينبغي له أن يمتنع من جماعها، حتى يدخل بها الدخول الشرعي، لئلا يظن أنه من غيره، فينبغي في مثل هذه الأحوال، أن يكون جماعه لها واتصاله بها الاتصال الجنسي، يكون بعد الخلوة الرسمية، التي يعترف بها أهلها، أما كونه يخلو بها لا حرج عليه في الخلوة بها؛ لأنها زوجة، لكن الجماع لها ينبغي تأخيره إلى الدخول الرسمي الذي يعرفه الناس، حتى لا يقع تهمة، لو حملت يقال هذا ليس من زوجها، أو يجحده هو أو ما أشبه ذلك، نسأل الله السلامة.

حكم الخروج مع الزوجة قبل الدخول بها

41 - حكم الخروج مع الزوجة قبل الدخول بها س: خطبت ابنة عمي، وعقدت عليها، هل يحل لي الخروج معها لشراء بعض الحاجات، وهل يحل لي الخلوة بها، وأنا لم أدخل بها أفيدوني جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: نعم هي زوجة يحل الخلوة بها، والخروج بها، لحاجة لكن ترك الجماع لها أحوط؛ لأنك لم تدخل بها الدخول الشرعي، وربما حملت من جماعك لها، فيخشى أن تتهم هي بغيرك أو أن تتهمها أنت بغيرك، ¬

(¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (291).

فينبغي ألا تفعل، وينبغي في هذه الحال أن تتركها مع أهلها، وأن تشتري حاجاتها مع أهلها، تترك الخلوة بها حتى لا تقع مسألة الجماع، احتياطًا وبعدًا عن الخطر وإلا فهي تحل لك، زوجتك لكن قد يترتب على الجماع أشياء لا تحمد عقباها، فالأولى بك والأحوط لك ترك ذلك حتى يتم الدخول على الوجه الشرعي إن شاء الله.

س: هل يجوز للخاطب بعد عقد زواجه أن يذهب مع خطيبته لتأثيث المنزل وشراء بعض الحاجات؟ (¬1) ج: هي زوجة له لكنه يخشى أن يقع بها، وأن تحمل ثم يحصل فرقة، شكوك وأوهام في هذا الشيء، الأحوط ألا يخلو بها حتى يدخل الدخول الشرعي حتى تزف إليه، هذا أبعد عن الخطر، وإلا هي زوجته فلا حرج هي زوجته له أن يخلو بها، وله أن يجامعها، لكن يخشى إذا وقع هذا قبل الزفاف، أن يحصل فرقة ثم يتبرأ من الولد، ويقول: ما فعلت فيحصل فساد وشر، فالأحوط اجتنابها، حتى يحصل الزفاف الشرعي، والدخول الشرعي المعلوم عند الجميع، هذا هو الأحوط والأولى، وإلاّ فهي زوجته لا شك إذا خلا بها لا حرج عليه. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (381).

حكم زيارة أهل المخطوبة قبل العقد

42 - حكم زيارة أهل المخطوبة قبل العقد س: الأخ ع. أ. من أبو ظبي، يسأل ويقول: إذا خطب الإنسان من أناس، فهل له أن يذهب إلى بيتهم ليزورهم من أجل أن يتم الاتفاق على كل شيء، وكذلك من أجل أن تحصل الألفة بين العروسين؟ وجهونا، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: لا حرج في الزيارة من الخاطب إلى أهل المخطوبة، ولا بأس في ذلك إذا كان في ذلك مصلحة، للخاطب والمخطوبة، للتعرف، ولمعرفة أحوال الجميع، وللتعاون على البر والتقوى، والمقصود أنه لا حرج في الزيارة للمصلحة. ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (290).

حكم الاتصال بالمخطوبة عن طريق الهاتف

43 - حكم الاتصال بالمخطوبة عن طريق الهاتف س: الأخت تسأل وتقول: هل للمخطوبة أن تتصل بخاطبها قبل أن يكون عقد وما أشبهه؟ (¬1) ج: لا بأس أن تتصل بخاطبها اتصالاً ليس فيه محذور، بأن تكلمه، ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (170).

وتسأل عن حاله وعن وظيفته وعن عمله وعن طريقته، هل يصلي أو لا يصلي؛ لا بأس أن تسأله عن شيء يهمها في الزواج، ولا بأس أن يسألها هو أيضًا يتصل بها، لكن من دون خلوة، من طريق الهاتف، أو من طريق أنه يتصل وهو عند أبيها وأمها. يجلس معهم يخاطبونه ويخاطبهم ويسألهم ويسألونه، لا بأس. أما طريقة فيها خيانة. فيها الاجتماع على ما حرم الله، هذا لا يجوز، وهكذا كونه يكلمها وتكلمه في شيء يجر إلى الفساد، أو المواعيد الضارة والخلوة الضارة، هذا لا يجوز، أما الكلام الطيب والأسلوب الحسن، الذي يتعلق بالزواج من دون الخلوة ولا كلام سيئ، هذا لا بأس به.

س: هل يحق أن أكلم مخطوبتي، أو أن أتحدث معها، وما هي نصيحتكم لكل مخطوبين؟ (¬1) ج: نعم لا حرج من التحدث مع المخطوبة، من طريق الهاتف أو من طريق مباشرة، عند وجود محرمها أو غيره، على وجه ليس فيه تهمة، وليس فيه خلوة، إذا كان الحديث في مصلحة الزواج، لا بأس بذلك أما إذا كان الحديث قد يجر إلى منكر أو إلى فاحشة، فلا يجوز، لكن إذا ¬

(¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (290).

كان في مصلحة الزواج، وليس فيه خلوة بل من بعيد بالهاتف، أو بحضور أبيها أو أخيها أو أمها أو نحو ذلك فلا حرج في ذلك.

س: ما حكم محادثة الخطيبة لخاطبها في التلفون، مع أنه ابن عمتي. وإنني أحدثه بعلم من أبي وأمي وإخوتي جميعًا، وأن خطيبي دائمًا يتردد على أبي، يريد أن يعقد القران ولكن أبي يؤخر لظروف أفيدونا أفادكم الله؟ (¬1) ج: لا نعلم حرجًا في محادثة المرأة المخطوبة لخاطبها في بعض شؤون عقد النكاح وما يتعلق بذلك من الأحاديث السليمة التي ليس فيها محرم ولا تعاون على محرم، أما إذا كان التحدث يدعو إلى ريبة، أو يدعو إلى خلوة بها أو الاتصال بها قبل عقد النكاح، فهذا محرم ولا يجوز، وله أن ينظر إليها إذا دعت الحاجة إلى ذلك لكن من غير خلوة. ينظر إليها بحضرة أبيها، أو أمها ونحو ذلك، ولا يجوز الخلوة بها أبدًا؛ لأن الشيطان إذا خلا الرجل بالمرأة صار ثالثهما، فلا يجوز، أما الأحاديث التي لا تعلق لها بمصلحتهما، بل للجنس وما الجنس، وما يدعو إلى أن يتصل بها اتصالاً غير جائز، فهذا كله لا يجوز، وينبغي ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (13).

لأبيها أن يسارع في العقد، حتى لا يقع شيء مما حرم الله، ينبغي له أن يسارع في العقد، حتى تحل له ويحل لها، وحتى يتيسر البدار ببنائه عليها والدخول بها.

س: السائل من جمهورية مصر العربية والذي رمز لاسمه ب. س. م. ويعمل بالرياض يقول: ما حكم الشرع في نظركم في مراسلة الخاطب لخطيبته، والعكس مع ملاحظة ذلك بأن عدم المراسلة قد يسبب للخطيبة تعبا نفسيًّا وأضرارًا صحية، ودراسية وجهونا في ضوء هذا السؤال؟ (¬1) ج: لا نرى بأسًا في ذلك، يخاطبها وتخاطبه، بالتلفون أو بالمكاتبة، لتأكيد الخِطبة، أو للسؤال عن بعض المهمات التي ليس فيها وسيلة إلى اجتماع محرم، قبل الزواج، إنما سؤال عن كذا وكذا وتسأله ويسألها عن أمور تتعلق بالزواج. بمصلحة الزواج، ولا يخشى منها فتنة فلا حرج في ذلك، من طريق الكتابة أو من طريق المهاتفة. ¬

(¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (374).

حكم قراءة الفاتحة عند الخطبة تيمنا

44 - حكم قراءة الفاتحة عند الخطبة تيمنًا س: الأخ/. أ. من أبو ظبي، يسأل ويقول: قام شاب بخطبة شابة من

أهلها، وقاموا بقراءة الفاتحة بينهم، لتكون ارتباطًا بينهما. وبعد أسبوعين سافر هذا الشاب إلى إحدى الدول العربية للعمل بها، فهل يجوز لهذا الشاب أن يراسلها وتراسله من أجل أن يتفهم كل منهم الآخر، ومن أجل تقريب نظرية كل منهم للآخر؟ جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: قراءة الفاتحة ليس لها أصل للربط بينهما، ليس لهذا أصل. الخطبة وحدها لا تكفي، وقراءة الفاتحة لا وجه لها في هذا المقام، وإنما، إذا أراد العقد يقرأ السنة، ليس الفاتحة يقرأ إن الحمد لله نحمده ونستعينه كما يفعل في خطبة الحاجة ما يقرأ الفاتحة، يقرأ "إن الحمد لله" إلى آخره، كما جاءت به السنة من حديث ابن مسعود في دعاء الحاجة، أما هذه فهي من خرافات العامة، ومن أعمال العامة، يقرأ الفاتحة للربط بينهما، هذا ما له أصل، كلام ما له أصل. إنما الخطبة لا بأس بها، وكل منهم بالخيار، الخطبة لا تلزمهم من شاء ترك، كل من شاء منهم أن يتنازل، له ذلك، لا بأس. إنما العمدة على العقد، أما المراسلة بعد الخطبة، وأنه يراسلها، ويسألها عن حالها، وعن دروسها، وعن ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (290).

شيء ينفع، أو تراسله لتسأل عن شيء من المهمات، مراسلة ما فيها خطر، ما فيها شر، ولا تدعو إلى خلوة، ولا تدعو إلى فساد ولا زنى، هذا لا بأس به، أما إذا كانت مراسلة قد يخشى منها الشر، فلا ينبغي أن يراسلها، ولا ينبغي أن تراسله، وينبغي سد الباب، حتى لا يتهمون بالشر، لكن إذا كانت مراسلة واضحة، يعرفها أهلهما، ليس فيها شبهة ولا توقع في شبهة، إنما هي لحاجتهما، للتفاهم في بعض المسائل فلا بأس في ذلك.

س: يقول هذا السائل: أبو مجاهد من الإمارات مقيم في الإمارت العربية المتحدة، يقول: لي رغبة أن أتحدث مع خطيبتي، ليس لها أخ ووالدها مشغول في عمله، ولا يأتي إلى البيت إلا في وقت متأخر، هل تعتبر هذه خلوة إذا كانت معها أختها أو أمها؟ (¬1) ج: لا، ليس خلوة، لكن إذا كنت قد عقدت عليها، فهي زوجتك، أما إذا كنت ما عقدت عليها، فأنت تنظر إليها عند الحاجة، وإذا كنت نظرت إليها، واقتنعت أنها مناسبة، فلا حاجة إلى النظر الثاني يكفي النظر الأول ليحصل به القناعة والفائدة، وعزمت على خطبتها، أما إذا ¬

(¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (395).

كنت قد تزوجتها فالحمد لله، وإذا كان معك أمها أو أختها، أو عمها أو خالها فليست خلوة.

س: الراتب للبنت ووظيفتها أيضًا، الحالة المادية والاجتماعية للخاطب، دراسة المخطوبة أيضًا تكون أسبابًا أحيانًا في تأخير الزواج، فما توجيهكم لو تكرمتم؟ (¬1) ج: الواجب البدار بالزواج، ولا ينبغي أن يتأخر الشاب عن الزواج للدراسة، ولا ينبغي أن تتأخر الفتاة عن الزواج للدراسة؛ فالزواج لا يمنع بل في الإمكان أن يتزوج الشاب، ويحفظ دينه وخلقه ويغض بصره، ومع هذا يستمر في الدراسة والحمد لله، وهكذا الفتاة إذا يسر الله لها الكفء، فينبغي البدار بالزواج وإن كانت في الدراسة، سواء كانت في الثانوية أو في الدراسات العليا، كل ذلك لا يمنع، الواجب البدار بالموافقة على الزواج، إذا خطب الكفء، والدراسة لا تمنع من ذلك، ولو قطعت الدراسة لا بأس، حتى لو قطعت الدراسة، المهم أن تتعلم ما تعرف به دينها، والباقي فائدة، والزواج فيه مصالح كثيرة، لا سيما في هذا العصر والترك فيه خطورة على الشاب، وعلى الفتاة فالواجب على كل ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (160).

شاب وكل فتاة، البدار بالزواج إذا تيسر الخاطب الكفء، في المرأة وإذا تيسرت المخطوبة الطيبة للشاب، فيبادر عملاً بقول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، في الحديث الصحيح: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء» (¬1) متفق على صحته، وهذا يعم الشباب من الرجال والفتيات من النساء، ليس خاصًّا بالرجال بل يعم الجميع، وكلهم في حاجة إلى الزواج. وإذا تعلمت ما تعرف به دينها، وتعلم هو كذلك ما يعرف به دينه، فالحمد لله، هذا إذ قدر أن الزواج يمنع، أما إذا كان لا يمنع فالحمد لله، المقصود أن الشاب يتعلم ما يفقه به دينه، والفتاة كذلك. ولا يمنع ذلك أن يتزوج الشاب، ولا يمنع أن تتزوج الفتاة، فإن استمر الشباب في الدراسة فالحمد لله، وإن اشتغل بطلب الرزق والقيام بحاله، وحال زوجته فلا بأس، وفي إمكانه أن يتعلم خارج المدرسة، في المساجد وعلى العلماء، أو الدراسة المسائية إذا تيسر ذلك، والفتاة كذلك إذا حصل لها ما لا يسعها جهله، من دينها فالحمد لله لا تتأخر عن الزواج، وربما تيسر لها الزواج بعد الدراسة، وسمح لها ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

الزوج بذلك، وربما تيسر لها دراسة خاصة، مسائية في محل مأمون طيب برضاء الزوج، وربما سمعت برنامج نور على الدرب وأشباهه، من المحاضرات والندوات التي تذاع إذا تحرتها الفتاة، في أوقاتها بقصد الفائدة، فإنها دروس عظيمة ومفيدة، وهكذا الرجال، للكبار والصغار دروس عظيمة مفيدة، إذا تحروها في أوقاتها من هذا البرنامج، ومن غيره من المحاضرات الإسلامية.

حكم من خطب امرأة ورفضت والدته

45 - حكم من خطب امرأة ورفضت والدته س: السائل ر. ع. يقول في هذا السؤال إنني قد تقدمت لخطبة ابنت عمي، وجاءت الموافقة والحمد لله، والآن قد مضى على الخطوبة ما يقرب من سنة، لكن والدتي غير راضية عن هذه الخطوبة، من ابنة عمي، وأنا أعرف بأن هذه البنت، تصلي، وتقوم بالأمور الشرعية، وملتزمة بالحجاب الشرعي، وتقوم بالليل، وأنا الآن في حيرة من إحراج عمي، وفي حيرة أخرى من ناحية والدي، ومحتار من ناحية أمي، فما هو الحل في نظركم يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (379).

ج: الواجب على والدتك، أن تتقي الله وألاّ تمنعك من هذا الزواج، الذي ينفعك ولا يضرك، ما دامت البنت على ما ذكرت، فالواجب على الوالدة الموافقة، لكن إذا وجدت ابنةً، تناسب الوالدة، وهي أيضًا ترضيك من جهة دينها، وخلقها، وخلقها فلا بأس، إذا جمعت بين المصلحتين، إذا تيسرت بنت ترضاها وترضاها الوالدة فهذا خير؛ لأن بر الوالدة مهم، ومراعاة خاطرها مهم، فإذا تيسرت لك زوجة، غير هذه ترضاها الوالدة فاحرص على ذلك، أما إذا لم يتيسر ذلك فليس لها أن تمنعك، ولك أن تتزوج وإن لم ترضَ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: «إنما الطاعة في المعروف» (¬1) وزواجك معروف، فيه خير كثير ومصالح جمة، إذا كانت الزوجة صالحة، والحمد لله، وعليك أن ترضي الوالدة بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، حسب الطاقة، لكن إن تيسرت امرأة ترضاها أنت، وترضاها الوالدة فهذا أكمل وأطيب. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية ... برقم (1840).

حكم اقتصار الولي السؤال عن الخاطب عن التزامه بالصلاة فقط

46 - حكم اقتصار الولي السؤال عن الخاطب عن التزامه بالصلاة فقط س: إذا خطب مني الشخص ابنتي وقيل لي بأن هذا الخاطب محافظ على الصلوات تمامًا في جميع أوقاتها فهل أكتفي بهذا في قبوله زوجًا أم أن هناك أمورًا أخرى أسأل عنها مثل شرب الدخان سفره مع أصحابه وغير ذلك؟ (¬1) ج: الاحتياط السؤال الكامل. عن سيرته وأعماله وجلسائه، حتى تكون على بينة، وإلا فالمحافظة على الصلوات علامة خير لكن قد يكون هناك عنده أشياء أخرى، فإذا سألت عنه سؤالاً تامًا كان ذلك أشمل وأفضل احتياطًا للأمانة التي عنده لهذه البنت أو أخت أو نحوها؛ لأنها أمانة الواجب عليك أن تحتاط بها، ولا سيما في هذا العصر الذي اختلط فيه الحابل بالنابل، واختلط فيه المسلم بالكفار، والعصاة بالأبرار، فالواجب على الولي أن يحتاط، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (¬2) كيف يمكنك أن ترضى خلقه ودينه وأنت ما ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (369). (¬2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب الترغيب في التزويج من ذي الدين والخلق المرضي، (ج7/ 132)، برقم (13481).

سألت عنه الأخيار الطيبين مجرد حضوره للصلاة لا يكفي وإن كان ذلك علامة خير وعلامة هدى ولكن الاحتياط أن تسأل عن سيرته أيضًا. أهل الخبرة به.

بيان ما ينبغي للمرأة تحريه في الخاطب

47 - بيان ما ينبغي للمرأة تحريه في الخاطب س: كيف تختار المرأة المسلمة المؤمنة المحجبة شريك الحياة، وما هي صفاته؟ (¬1) ج: تلتمس الرجل الطيب، المعروف بالخير، المحافظ على الصلوات، صاحب العقيدة الطيبة، تسأل عنه من يعرفه من الثقات الذين تعرفهم إذا خطبها، ولو تخطبه هي لا بأس، إذا عرفته بالخير والاستقامة ووصت عليه وليها أو غير وليها أنها توافق على خطبته لها فلا بأس، قد أهدت امرأة نفسها للنبي وأقرها على ذلك عليه الصلاة والسلام (¬2) ولما لم يرغب فيها، فزوجها غيره، عليه الصلاة والسلام، وعمر رضي الله عنه، ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (222). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن، باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه، برقم (5029)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد، برقم (1425).

خطب لابنته حفصة الصديق وعثمان بعد ما تأيمت من زوجها، ثم تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، المقصود أن المرأة لا مانع أن تختار لنفسها الرجل الطيب، المعروف بالاستقامة في دينه، ولكن لا تبت في ذلك إلا عن وليها، طريق وليها هو الذي يزوجها، فإذا اتفقت مع وليها على رجل طيب هذا هو المطلوب وليس لوليها أن يجبرها على شخص ليس بطيب أو على شخص لا ترضاه، وليس لها أن تختار شخصًا يضر بها أو بأوليائها، ويسبب المشاكل بينها وبين أوليائها، عليها أن تسلك المسالك الحسنة وأن تختار الطيب الذي ليس في اختياره مشاكل ولا مضرة على أوليائها.

س: تقول السائلة/ سمعت بأنه يجب على الفتاة ألا تتزوج إلا من رجل مظهره إسلامي، وأنا والحمد لله فتاة ملتزمة، إلا أن جميع من يتقدم لي غير ملتزم، فهل أوافق أم لا؟ (¬1) ج: لا حرج عليك، بالموافقة، إذا كان مسلمًا، وإن كان عنده بعض القصور، في بعض المعاصي؛ لكي لا تتعطل؛ لأن التماس الكامل اليوم فيه صعوبة كبيرة، فإذا تيسر من هو معروف بالاستقامة، على الصلاة ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (265).

والأخلاق الفاضلة، وإن كان عنده بعض النقص، فلا بأس أن تتزوجيه، وأن تعفي نفسك والحمد لله، لكن إذا تيسر الرجل المعروف بالاستقامة، وعدم الوقوع في شيء من المعاصي، هذا أكمل وأطيب، ومن أمثلة ذلك أن يكون يتعاطى التدخين، أو يتعاطى الإسبال، أو يتعاطى شيئًا من قص لحيته، أو ما أشبه ذلك، هذا نقص ومعصية، لكن إذا تيسر غيره فمطلوب، وهو الأكمل، وإذا لم يتيسر إلا هذا الصنف من الناس، فلا حرج في الزواج للعفة، وسلامة الدين والعرض، ولعل الله أن يهديه بأسبابك. والله المستعان. أما المظهر الإسلامي فيكون على الطريقة المحمدية، على حسب ظاهر الشرع في ملبسه وفي مشيته، وفي جميع شؤونه، معروفًا بعدم الإسبال، وعدم حلق اللحية وتقصيرها، وعدم التكبر ومحافظًا على الصلوات في الجماعة، إلى غير ذلك من مظاهر الإسلام.

حكم من اختلف رأيه عن رأي والدته في اختيار الزوج لبنته

48 - حكم من اختلف رأيه عن رأي والدته في اختيار الزوج لبنته س: أنا أبٌ لفتاة تقدم لخطبتها شاب أرتضي دينه وخلقه، وقد وافقت أمها وابنتي المخطوبة وإخوانها، وجدها وجدتها من قبل الأم وجميع الأهل إلا والدتي، وهي تعتبر جدة البنت من قبل الأب، هل أزوج ابنتي من هذا الشاب الذي ارتضيناه جميعًا، أم آخذ

برأي والدتي أفيدونا مأجورين جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إن الواجب عليك وعلى جميع الأسرة، المساعدة على تزويج الفتاة بالرجل الصالح المرضي في دينه وأخلاقه، ومن خالف في ذلك فلا يعتبر خلافه، سواء كان المخالف الجدة أو غيرها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال، في الحديث الصحيح: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن"، قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال "أن تسكت» (¬2) متفق على صحته، وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (¬3) وفي لفظ آخر «وفساد عريض» (¬4) وهذا يدل على أن الواجب تزويج الكفء، وعدم رده إذا رضيت به المخطوبة، وما دامت رضيت والحمد لله، وأنت ترضاه أيضًا، فهذا من نعم الله العظيمة، ونسأل التوفيق، ولا يجوز أن يعترض على ذلك بقول الجدة ولا غيرها. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (160). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها برقم (5136)، ومسلم في كتاب النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1419). (¬3) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب الترغيب في التزويج من ذي الدين والخلق المرضي، (ج7/ 132)، برقم (13481). (¬4) أخرجه الترمذي، في كتاب النكاح، باب ما جاء: إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه، برقم (1084).

حكم رفض الخاطب إذا كان متزوجا

49 - حكم رفض الخاطب إذا كان متزوجًا س: أنا شاب في الثالثة والعشرين من عمري، متزوج ولي طفل، قمت من خلال عملي في إحدى الدوائر من خلال المخالطة اليومية مع الناس، فتعلقت بإحدى الفتيات وهي كذلك المهم، تقدمت لأهلها وطلبت الزواج منها، فرفضوا بحجة أنني متزوج، وكذلك أسكن المنطقة الريفية وكررت الخطبة أكثر من مرة فلم تتم موافقتهم على الزواج، فلما يئست منهم قررت ترك تلك الفتاة وفعلاً قلت لها إننا سوف نفترق؛ لأن الأمور تأزمت ومن المستحيل أن أطلق زوجتي الأولى وأترك ولدي إنني أخاف من الله، ولما عرفت هي بذلك قررت الانتحار، والله يعلم بذلك، فعلاً تناولت السم ونقلت إلى المستشفى على إثر ذلك، ثم تعافت بعد أسبوع فكررت الخطبة للمرة الثالثة، فلم يوافقوا فحاولت الانتحار ثانية، ونقلت إلى المستشفى ثانية، فما هو الحل الذي يرضي الله ورسوله والناس، هل يجوز لي أن أتزوج بها، أهرب بها معي أم ماذا أفعل، أرشدوني للطريق الشرعي وفقكم الله؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (70).

ج: لا ريب أن الانتحار جريمة عظيمة، ومن كبائر الذنوب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة» (¬1) والله يقول: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}، هذه الفتاة حرام عليها الانتحار، والواجب عليها الصبر والاقتناع بما قسم الله لها، والتماس زوج آخر، وأما الأهل فالواجب عليهم أن ينظروا في الأمر، فإذا كان الرجل صالحًا للزواج، فينبغي أن يزوجوه، ولو كان معه زوجة فالحمد لله، قد أباح الله للمسلم أربعًا من النساء، فالواجب على أهل الفتاة، أن يخافوا الله، وأن يراقبوا الله، وأن يزوجوها إذا خطبها كفؤ، وإن كان عنده زوجة أو زوجتان أو ثلاث وهي الرابعة لا يضر، فقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه» (¬2) في لفظ: «أمانته» (¬3) «إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (¬4) فالمشروع لهم أن يزوجوا من خطب منهم إذا كان أهلا لذلك ولو ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب: تغليظ تحريم قتل الإنسان نفسه ... ، برقم (110). (¬2) سنن الترمذي النكاح (1084)، سنن ابن ماجه النكاح (1967). (¬3) أخرجه الترمذي، في كتاب النكاح، باب ما جاء: إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه، برقم (1084). (¬4) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب الترغيب في التزويج من ذي الدين والخلق المرضي، (ج7/ 132)، برقم (13481).

كانت عنده زوجة، إذا كان دينًا مسلمًا، الله يقول جل وعلا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، والنبي صلى الله عليه وسلم زوج فاطمة بنت قيس القرشية، من أسامة بن زيد، وهو مولى عتيق، أعتقه النبي عليه الصلاة والسلام، وزوج عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري، بلال بن رباح الحبشي أخته وهي زهرية قرشية، فالأمر بهذا واسع بحمد الله، وزيد بن حارثة تزوج زينب بنت جحش، بنت عمة النبي عليه الصلاة والسلام، الأمر في هذا بحمد الله واسع، المهم الدين، فإذا كانت المرأة ترغب هذا وهو دين ومعروف بالدين فالحمد لله، الواجب ألاّ يلجئها إلى الانتحار وإلى هذا الشر العظيم، والواجب عليها هي أن تحذر الانتحار، وأن تتقي الله وأن تبتعد عن هذا الشر العظيم، وعليك أيها الخاطب أن تقنعها وأن تخوفها من الله، وأن ترغبها في الخير، وأن تقول لها: إذا تيسر الزواج بالطريق الشرعي فالحمد لله، وإلا فالواجب عليها وعليك طاعة الله ورسوله، والحذر مما نهى الله عنه، ورسوله من الانتحار وغيره، هذا هو نصيحتي للجميع: أهلها نصيحتي لهم أن يزوجوها، ونصيحتي لك أيضًا أنت أن

تقنعها، وأن تنصحها، وتوصيها بالخير والصبر، حتى يقنع أهلها بالزواج، وعليك أن تنصحها أيضًا من جهة الانتحار، وأنه محرم وكبيرة من كبائر الذنوب، ومن أسباب دخول النار، فالواجب عليها الحذر من ذلك، نسأل الله للجميع الهداية أما أخذها بالقوة والهروب فهذا منكر لا يجوز لك ولا لها أيضًا، بل عليكما مراعاة الأمور الشرعية والحذر مما حرم الله عليكما جميعًا، والله المستعان، والاختلاط شره عظيم، الواجب على المرأة أن تبتعد عن الاختلاط بالرجال، والواجب على الرجل أن يبتعد عن الاختلاط بالنساء، والواجب على المرأة أن تتستر وتبتعد عن أسباب الفتنة، فعليها الستر والحجاب، وعدم التبرج هذا هو الواجب، الله ما شرع لنا هذا إلا لمصلحة الجميع ولهذا قال سبحانه: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى}، فلولا أن التبرج يضر الجميع لما نهى عنه سبحانه وتعالى، والتبرج هو إظهار المحاسن، وإظهار الزينة، فالواجب على النساء التستر والحجاب، والبعد عن مخالطة الرجال إلا بالحشمة والحجاب، والكلام الطيب والأسلوب الحسن، البعيد عن الفتنة، وهكذا الرجل يجب عليه أن يبتعد عن الاختلاط

بالنساء الكاشفات العاريات، أو شبه العاريات، يجب عليه أن يبتعد عن ذلك، أن يبتعد عن كل أسباب الفتنة، يخاف الله ويراقبه سبحانه وتعالى، نسأل الله للجميع الهداية.

حكم مشاورة الأب في اختيار الزوجة

50 - حكم مشاورة الأب في اختيار الزوجة س: هل يحق لي أن آخذ رأي والدي في البحث عن زوجة وبدون أن أراها أو أعرفها؟ (¬1) ج: الأحوط أن تشاور أباك هذا من الأدب أن تشاوره فيمن تخطب، تقول يا والدي ما رأيك في فلانة تشاوره فيها، وتشاور من يعلمها من أهل الخير، ولا تعجل حتى تطمئن إلى أنها طيبة صالحة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «تنكح المرأة لأربع لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك» (¬2) تسأل عن دينها. وعن أخلاقها وعما يتعلق بالترغيب فيها حتى تقدم على بصيرة ويستحب لك النظر إليها إذا تيسر النظر، تنظر إليها بإذن أهلها أو بغير إذن، إذا تيسر النظر إليها ولو بغير إذن أهلها من كوة من باب أو من جهة أخرى أو هي في ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (411). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدِّين، برقم: (5090)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، برقم: (1466).

المرعى من غير خلوة كان جابر رضي الله عنه خطب امرأة فلم يزل يتخبأ حتى ينظر إليها، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل» (¬1) وقال: لرجل تزوج امرأة: «أنظرت إليها، قال: لا، قال: اذهب فانظر إليها» (¬2) المقصود النظر إليها مستحب إذا تيسر ولو من دون علمها لكن من دون خلوة. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما برقم (14176). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها، برقم (1424).

حكم من خطب له أبوه امرأة لا تصلي

51 - حكم من خطب له أبوه امرأة لا تصلي س: أخونا له سؤال مفهومه: أنه يعلم أن طاعة الوالدين واجبة، فيقول مثلاً: إن والده خطب له إحدى الفتيات، لكنه علم أنها لا تصلي، فإذا ما رفض هذه المخطوبة، هل يكون هذا من العقوق أو لا؟ (¬1) ج: ليس هذا من العقوق، ولا يجوز نكاح امرأة لا تصلي؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر على الصحيح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (165).

«العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬1) ولأنها عمود الإسلام. وذهب جمع من أهل العلم، إلى أنه كفر أصغر وإلى أنه معصية، وأنها لا تكفر بذلك ولا يكفر الرجل بذلك، إذا كان يقر بالوجوب ويعلم أنها واجبة، وبكل حال فالتي لا تصلي لا تنكح، حتى ولو قلنا بعدم كفرها، لا ينبغي أن تنكح ولا يطاع الوالد فيها ولا الوالدة ولا غيرهما، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الطاعة في المعروف» (¬2) ويقول: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (¬3) مع أن الصواب أن من ترك الصلاة يعتبر كافرًا، وإن كان تركها تهاونًا، أما إذا جحد وجوبها فهذا كافر عند جميع أهل العلم، نسأل الله العافية، وهكذا لو جحد وجوب الزكاة، أو وجوب الصيام، أو جحد وجوب الحج مع الاستطاعة، يكون كافرًا عند أهل العلم، فينبغي للمؤمن أن يتحرى في الزواج المرأة الصالحة الطيبة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية ... برقم (1840). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم (1089).

الحديث الصحيح: «تنكح المرأة لأربع، لمالها ولجمالها، ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك» (¬1) فالرجل يطلب المرأة الصالحة، وهكذا المرأة تطلب الرجل الصالح الطيب، لا تنكح الذي لا يصلي أو يشرب الخمر، تجتنبه، تلتمس الطيب، فهكذا الرجل يطلب المرأة الصالحة، المعروفة بالدين وبالاستقامة والمحافظة على الصلاة، حتى تستقيم العشرة بينهما على خير وهدى، وهكذا حتى تكون الذرية إن شاء الله كذلك صالحة. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدِّين، برقم: (5090)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، برقم: (1466).

س: عندما توفيت عمتي أخت أبي، تزوج زوجها بعد وفاتها امرأة أخرى، وبعد مدة من الزمن تقدم أخو هذه المرأة، التي تزوجها زوج عمتي، لخطبة أختي وهو شاب حسن طيب، ذو سيرة حسنة ولكن عمي وجدتي، أم أبي، عارضا ذلك بشدة بحجة أن هؤلاء الناس هم أعداء لنا؛ لأن ابنتهم مكان عمتي المتوفاة، وقالا لأبي: إن أنت وافقت على هذا الزواج تقطع علاقاتنا بك، ولا تزورنا ولا نزورك قاطعين بذلك صلة الرحم، وبعدها تم الزواج بعد موافقة أختي وأبي، والآن مضى، على هذا الزواج

ثلاثة أشهر، وعمي وجدتي مستمران على مقاطعتنا، فهل ما فعله أبي يعتبر من عقوق الوالدين، ومن هم اللذان على صواب: أبي وأختي أم عمي وجدتي، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: الواجب على الجميع التعاون على البر والتقوى، وكونه تزوج بعد العمة لا حرج عليه في هذا، وكونه زوجها أبوها هذا قد أحسن، وأصاب والذين قاطعوه وآذوه ومنعوه، هم المخطئون؛ لأنه عليه أن يزوجها إذا خطبها الكفؤ، الحمد لله، فلا ينبغي لهم أن يقاطعوه ولا أن يؤذوه، ولا يؤذوا الزوج أيضًا، فهم مخطئون وفي عملهم آثمون، نسأل الله للجميع الهداية. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (177).

بيان ما يلزم من يرغب في امرأة لا ترضي والده

52 - بيان ما يلزم من يرغب في امرأة لا ترضي والده س: أرغب الزواج من ابنت عمي، لكن والدي يرفض هذا الزواج، بسبب خلاف بينه وبين والدها، نتيجة أمور دنيوية، فهل أوافق والدي أم أتقدم لخطبتها، دون أن يدخل ذلك في باب العقوق، أرجو النصح والتوجيه جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (214).

ج: ننصحك بترك ذلك، فالمرأة تجد بدلها امرأة، الوالد ليس بدله والد، فننصحك بأن تستمع لوالدك، وتستجيب لطلبه وتلتمس امرأة أخرى، والله جل وعلا هو الموفق سبحانه وتعالى، ويرجى لك التوفيق بسبب برك لأبيك وطاعتك لأبيك فالتمس امرأة أخرى، ودع عنك الشيء الذي يسبب غضب والدك.

حكم زواج الفتاة مع رفض أمها للخاطب

53 - حكم زواج الفتاة مع رفض أمها للخاطب س: تسأل هذه الفتاة وتقول: إن ابن عمي تقدم لخطبتي والجميع موافقون إلاّ والدتي لم توافق على ذلك، بسبب أحقاد قديمة ما بين الأسرتين، ونرجو من سماحة الشيخ توجيها لأولياء الأمور في هذا، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: الواجب على أولياء المرأة وعلى أمها وعلى أقاربها الموافقة، إذا خطبها الكفء في دينه المستقيم، الموافقة على ذلك، لما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه، فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (¬2) وفي اللفظ ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (122). (¬2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب الترغيب في التزويج من ذي الدين والخلق المرضي، (جـ 7/ 132)، برقم (13481).

الآخر: «فساد عريض» (¬1)؛ ولأن المرأة على خطر، إذا جلست بدون زوج وهي أهل للزواج، ولا سيما في هذا العصر؛ لأن خطره أكبر، فالواجب على الأولياء وعلى أم المرأة، وعلى جدتها وعلى أخوانها أن يساهموا في ذلك، وأن يسهلوا الأمر، وألاّ يتشددوا إذا كان الخاطب مرضيًا في دينه لا حرج فيه، فإن أبت الأم ولم ترض فلا مانع أن تزوج بغير إذنها، إذا وافق الأب، وكان الزوج مرضيًا، وعليها أن تستسمح أمها بما تستطيع ولو بعد الزواج؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الطاعة في المعروف» (¬2) ويقول: «لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل» (¬3) وترك الزواج مع تيسر الزواج ومع وجود الخاطب، إما معصية وإما مكروه جدًا، والأقرب أنه معصية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج» (¬4) وهذه استطاعت فقد يسر الله لها الزواج، ¬

(¬1) أخرجه الترمذي، في كتاب النكاح، باب ما جاء: إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه، برقم (1084). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية ... برقم (1840). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم (1089). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

ورضي والدها، فالواجب المبادرة والمسارعة إلى هذا الخير، حرصًا على عفة الفرج وغض البصر.

وجوب أخذ إذن الفتاة قبل تزويجها

54 - وجوب أخذ إذن الفتاة قبل تزويجها س: هل تتفضلون سماحة الشيخ، بتوجيه الناس فيما يخص تقارب السن بين الخاطب والمخطوبة؟ (¬1) ج: الواجب على الأولياء ألا يزوجوا مولياتهم، إلا بالرضى هذا هو الواجب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر» (¬2) الأيم التي قد تزوجت سابقًا، «ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا يا رسول الله كيف إذنها؟ قال: أن تسكت» (¬3) وفي الحديث الآخر يقول صلى الله عليه وسلم: «والبكر يستأذنها أبوها، وإذنها سكوتها» (¬4) فلا يجوز للأب ولا غير الأب، أن يزوجوا إلا بالرضى، ولو أنها بنت، ولو أنها بكر، ليس له على الصحيح من أقوال العلماء أن يزوجها إلا ¬

(¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (256). (¬2) أخرجه البخاري، في كتاب النكاح، باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها، برقم (5136)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1419). (¬3) أخرجه البخاري، في كتاب النكاح، باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها، برقم (5136)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1419). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1421).

بإذنها، هذا الشيء، يتعلق بمصلحتها، فليس له أن يزوجها إلا بإذنها يختار لها الكفء الطيب، في دينه وأخلاقه وأسرته، يختار لها الطيب ويشير وينصح عليها، وينصح لها هو وإخوتها، وينصحونها أعمامها الطيبون ولكن تى أبت لا تجبر هي أعلم بنفسها، وهكذا بقية الأولاد وهذا من باب أولى: إخوانها وأعمامها، لا يجبرونها على الزواج إلا بالإذن، وأما كونها تمتنع فلا ينبغي لها أن تمنع الكفء، ينبغي لها أن تقبل من أبيها وإخوتها وأعمامها إذا جاءوا بالكفء، في دينه، وأسرته ينبغي لها أن تقبل، والزواج فيه خير كثير، ومصالح جمة، وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (¬1) ويقول صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (¬2) فهذا يعم البنات والبنين، الشباب من الرجال والنساء وعليه أن يتزوج إذا استطاع، والرجل يستطيع بالتماس المرأة، وتسليم ما يلزم ¬

(¬1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب الترغيب في التزويج من ذي اليدين والخلق المرضي، (جـ 7 132)، برقم (13481). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... برقم (1400).

من المهور، والمرأة تستطيع إذا خطبها الكفء، أن تجيب وفي إمكان وليها أيضًا أن يسعى لها، ويلتمس لها الكفء، ولو خطب لها لا حرج، ولو خطب لها من يراه كفء، فلا حرج في ذلك، فقد ثبت «أن عمر رضي الله عنه: لما تأيمت ابنته حفصة، من زوجها عرضها على عثمان، وقال: ما عندي رغبة في الزواج هذا الوقت، وعرضها على الصديق رضي الله عنه أبو بكر فسكت الصديق وأخبر عمر بعد ذلك، أنه إنما سكت؛ لأنه سمع عن النبي أنه يرغب بالزواج منها، فتزوجها النبي عليه الصلاة والسلام» (¬1) فلا بأس أن يخطب الرجل لموليته من بنت أو أخت، يقول لفلان الذي يعرفه أنه طيب ترى عندي بنت أو بنت أخت، إذا كان له قرابة لكن لا يزوجها إلا بإذنها، يعرض عليها ويخبرها أن هذا الرجل طيب وأن صفته كذا وكذا، ومشروع لها أن تجيب وتحرص على الزواج، إذا جاء الكفء، والطيب، أما الجبر فلا يجوز جبر البنات، وإلزامهن بزوجٍ لا يرضينه، لا من أبيهن ولا من إخوانهن، ولا من غيرهم من الأولياء، وعليها هي البنت أيضًا أن تجتهد في الموافقة على الخاطب الكفء، ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير، برقم (5122).

ولا تتعنت ولا تتشدد في الأمور؛ لأنها قد تتشدد في الأمور أو تتعنت، فتتعطل ويتأخر وجود الزوج الكفء فينبغي البدار بالقبول، إذا جاء الكفء فينبغي البدار منها ومن أوليائها.

حكم زواج الرجل أو المرأة ممن يكبره في السن

55 - حكم زواج الرجل أو المرأة ممن يكبره في السن س: السائل /م. ن. أ. من جمهورية مصر العربية لي ابنة عم أرغب في الزواج منها وهي كذلك وعندما أردت أن أتقدم لها، منعني أخي الأكبر وقال لي: إن زواجي من امرأة تكبرني في السن حرام ولا يحل، وأخي هذا إمام مسجد ويخطب في الناس، فهل هذا صحيح، مع العلم أن هذه الفتاة تكبرني في السن بثلاث سنوات فقط؟ أرجو إفادتي جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: هذا غلط، كلام أخيك غلط، ولا حرج أن تتزوج امرأة تكبرك أو تصغر عنك لا حرج، أو تساويك كله واسع والحمد لله، لو تزوجت امرأة سنها أربعون، وأنت عشرون فلا بأس، أو سنها خمسون وأنت عشرون فلا بأس، وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة أم أولاده وهي في سن الأربعين، وكان سنه حين تزوجها خمسًا وعشرين عليه ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (268).

الصلاة والسلام، بينه وبينها خمس عشرة سنة، وتزوج عائشة وهي بنت تسع، وهو ابن خمسين سنة بل ابن ثلاث وخمسين سنة عليه الصلاة والسلام. فالمقصود أن اختلاف السن بين الزوج والزوجة لا حرج فيه، سواء كان يكبرها أو تكبره، لا حرج في ذلك، وإنما المهم أن تكون من ذوات الدين، فإذا كانت من ذوات الدين، فعليك بها وإن كانت أكبر منك، وهي كذلك لا بأس أن تتزوج من هو أكبر منها، وأسن منها لا حرج في ذلك، إذا كان صالحًا في دينه وخلقه، ولو كانت بنت أربعين وهو ابن ستين، أو كانت بنت عشرين وهو ابن ثلاثين، أو بنت خمسة عشر وهو ابن عشرين، أو ابن خمس وعشرين كل هذا لا حرج فيه سواء كانت تكبره أو يكبرها، لا حرج في هذا عند جميع أهل العلم.

س: يقول السائل فتاة في العقد الثاني من عمرها تقدم لها رجل قد مضى من عمره خمسون عامًا هل تتزوج من هذا الرجل أو لا؟ (¬1) ج: لا حرج أن تتزوج المرأة وهي بنت عشرين أو خمسة وعشرين ¬

(¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (364).

الرجل ابن خمسين أو ستين لا حرج في ذلك الأمر واسع، للرجل أن يأخذ امرأة كبيرة أكبر منه، وللمرأة أن تأخذ أكبر منها، ما يظنه بعض العامة من كونه يكون الزوج مقاربًا للزوجة هذا لا أصل له، فللرجل أن يقبل امرأة كبيرة وللمرأة أن تأخذ رجلاً كبيرًا، وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وهي بنت أربعين سنة وهو ابن خمس وعشرين سنة عليه الصلاة والسلام، وتزوج عائشة وهي بنت تسع والنبي صلى الله عليه وسلم قد تجاوز الخمسين عليه الصلاة والسلام فالأمر في هذا واسع والحمد لله.

حكم كتم الفتاة العيب الظاهر أو الخفي عن الخاطب

56 - حكم كتم الفتاة العيب الظاهر أو الخفي عن الخاطب س: فتاة تبلغ من العمر الثانية والعشرين، تقول قد تقدم لخطبتي بعض الرجال، ومنهم من قد تزوج، ومعه أولاد، ووافقت عليهم ولكنني أتردد كثيرًا؛ لأن مستواي الدراسي بسيط ولدي شهادة من محو الأمية، وأنا فيَّ عرجة في رجلي اليمنى، بسيطة ولدي عملية وهي ليست إعاقة، ولكن إذا تقدم إلي شخص من الشباب لخطبتي، هل أخبره بهذه العاهة، وهل يعتبر هذا غش؟ أرجو من سماحتكم الدعاء لي بابن الحلال؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الرابع والستون من الشريط رقم (430).

ج: عليها أن تختار الأتقى لله، وأحسن دينًا وأكمل دينًا، تختاره وتبين له حالها؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من غشنا فليس منا» (¬1) فلا تغش، وتختار الطيب في دينه من الخاطبين. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم، من غشنا فليس منا، برقم (101).

س: أنا فتاة أبلغ من العمر اثنين وعشرين عامًا تعرضت لحادث حريق وأنا في الرابعة من عمري، أدى إلى تشوه في صدري الأيمن، وقد ترك هذا التشوه ألمًا في نفسي أكثر من تركه في جسمي، ولا يعلم عن هذا التشوه أحد سوى أهلي، حتى إخوتي لا يعلمون عنه شيئًا، وأنا أفكر فيه ليلا ونهارًا، والتفكير في من سيتقدم لخطبتي، هل أخبره أم أسكت، فإذا سكت ولم أخبره هل علي إثم، وهل يدخل في باب الغش الذي نهانا ديننا الحنيف عنه؛ لأنني أخشى إن أخبرته ليس بأن يرفض فحسب، بل إنه سيتحدث عنه ويخبر الآخرين، أفيدوني يا سماحة الشيخ ماذا أعمل جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (177).

ج: هذا التشوه يختلف، فإن كان يسيرًا لا يضر ولا يسبب نفرة من الزوج، فلا بأس بتركه وعدم إخباره، أما إذا كان شيئًا كثيرًا واضحًا، قد يشوش عليه وقد يسبب طلاقه، فالواجب إخباره وإبلاغه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم، «من غشنا فليس منا» (¬1) فلا بد أن يبلغ الخاطب بطريقة خاصة، أن هنا كذا وكذا صفته كذا وكذا، حتى يكون على بصيرة أما إن كان شيئًا يسيرًا، لا يضر ولا ينفر مثله، هذا لا يلزم الإخبار به، ولا ينبغي لك أن تتحسسين من هذا الشيء، أو تتكدرين من هذا الشيء، والحمد لله على كل حال، هذا أمر الله والواجب عليك الصبر والاحتساب وأبشري بالخير إن شاء الله، واسألي الله أن يسهل لك الزوج الصالح، الذي يرضى بهذا الشيء، ولا ينفره هذا الشيء، يسر الله أمرك وقضاء حاجتك. أما في حالة عدم الإخبار للزوج، فإن له الخيار، إذا كان مثله ينفر، كما لو اكتشف أنها فيها برص، أو اكتشف أنها فيها صرع، الخيار في أن يمضي أو يرجع ويطلب مهره وله المهر كاملاً إذا لم يعلم. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم، من غشنا فليس منا، برقم (101).

حكم الزواج من حالق اللحية أو المدخن

57 - حكم الزواج من حالق اللحية أو المدخن س: قل ما يخلو الخطاب من إحدى الخصال التالية: قد يكون الخاطب حليق لحية، ولكنه يصلي، وقد يكون مدخنًا ولكنه يصلي. ما رأيكم في مثل هذه الخصال؟ (¬1) ج: إذا دعت الحاجة إلى ذلك، فلا بأس، خيرٌ من أن تتعطل المرأة. إذا دعت الحاجة إلى نكاح الحليق، أو المدخن فالأمر أوسع. ولكن إذا تيسر السليم فهو أولى وأولى. «فاظفر بذات الدين» (¬2) فهكذا المرأة، ينبغي أن تحرص على ذي الدين، مهما أمكن، لكن لو تغيرت الأحوال كحالنا اليوم، تغيرت الأحوال وقل من يعفي لحيته، وقل من يسلم من التدخين. فلا حرج في زواج من يبتلى بشيء من هذا، إذا لم يتيسر أيضًا. والذي يمنع من إيقاع العقد: اختلاف الدين. فإذا اختلف الدين بطل النكاح. إلا في مسألة واحدة، وهي نكاح المسلم للكتابية المحصنة، خاصة. أما، ترك الصلاة فإنه يوجب الكفر، يكون الدين مختلفًا. أما ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (182). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدِّين، برقم: (5090)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، برقم: (1466).

المعصية فلا توجب بطلان النكاح ما دام هو مسلم وهي مسلمة المعاصي لا تبطل النكاح، وإنما يبطله الكفر.

حكم الزواج ممن يشرب الشيشة

58 - حكم الزواج ممن يشرب الشيشة س: فتاة تؤدي أمورها الشرعية والحمد لله تقول: تقدم لخطبتها رجل يصلي الفروض في أوقاتها، في المسجد. لكنه يشرب الشيشة، وهي محتارة، فهي تستفتي منكم في هذا، وتريد نصيحتكم سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: شرب الشيشة معصية، لا تمنع من الزواج، إذا تيسر من هو أفضل منه فهو أطيب، إذا تيسر من لا يظهر من المعاصي، فهو أطيب وأحسن، وإذا تزوجت من عنده بعض المعاصي فلا حرج، لكن إذا تيسر لها من هو معروف بالخير، والاستقامة والستر وعدم المعصية، فهو أولى وأفضل. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (404).

س: هذه فتاة رمزت اسمها م. أ. أ. تقول: فتاة ملتزمة تقدم لها رجل لخطبتها، وهو يصلي لكنه يشرب الشيشة وهي محتارة، وهي ملتزمة أيضًا هل توافق على مثل ذلك أم تنظر رجلاً صالحًا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (400).

ج: الأفضل لها أن تنتظر، الذي يشرب الشيشة يضرها ويؤذيها، الأفضل لها أن تنتظر لعل الله ييسر لها زوجًا صالحًا، بعيدًا من هذه المعصية.

حكم رفض تزويج الفتاة الصغيرة قبل أختها الكبيرة

59 - حكم رفض تزويج الفتاة الصغيرة قبل أختها الكبيرة س: جارتي لها أربع بنات، وعندما يتقدم أشخاص لبناتها يطلبون البنات الصغيرات، ويتركون الكبيرة، وهي ترفض هذا وتقول لنبدأ بالكبيرة أولاً، ما هو توجيهكم؟ (¬1) ج: لا يجوز هذا العمل، الواجب من جاءه النصيب يتزوج، سواء كانت الوسطى أو الصغرى أو الكبرى، كل له نصيبه فلا تمنع الصغرى من أجل الكبرى، فقد تكون الكبرى ليست بالصفات التي في الصغرى، من الجمال أو الديانة أو العلم أو غير ذلك، كل امرأة لها أوصاف فمن خطبت وجب على وليها، وعلى أمها تزويجها ولا يقال نبدأ بالكبرى كل له نصيبه. ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (215).

س: سائل من ليبيا يقول أنا شاب في السابعة والعشرين من العمر،

وقد تقدمت لخطبة فتاة من أقربائي، وعندما ذهب والدي لخطبتها لي وهو الذي كان السبب في ذلك كانت ردود والدها الرفض بحجة أنني تقدمت للفتاة الصغيرة وتركت الكبيرة وهذه الفتاة مصرة على الزواج مني وأنا في الحقيقة أصبحت في حيرة ماذا أفعل، أرجو التوجيه جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: كثير من الأولياء يغلطون، ويقولون لا بد أن نزوج الكبيرة قبل الصغيرة، وهذا غلط، من جاءها النصيب تزوج كبيرة وإلا صغيرة قد تكون الصغيرة أجمل، قد تكون أعلم تختلف الرغبات، فالواجب على الأولياء أن يتقوا الله، وأن يزوجوا من جاءها النصيب صغيرة أو كبيرة ولا يحبسوا الصغيرة لأجل الكبيرة، هذا غلط كبير، الرسول عليه الصلاة والسلام قال «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه» (¬2) الإنسان مأمور إذا خطب إليه الكفء أن يزوجه، سواءً خطب الصغرى أو الكبرى، ولا يقول أحبس الصغيرة حتى أزوج الكبيرة هذا ظلم وعدوان، لا يجوز للأولياء أبدًا، وهذه مسألة عظيمة، أوصي إخواني جميعًا بالحذر منها، ¬

(¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (411). (¬2) أخرجه الترمذي، في كتاب النكاح، باب ما جاء: إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه، برقم (1084).

إذا كان عندهم أخوات أو بنات أو غيرهن، فالواجب تزويج من جاءه النصيب صغيرة أو كبيرة ولا يحبس الصغيرة لأجل الكبيرة كل له نصيبه قد تكون الصغيرة أعلم، قد تكون أجمل قد يكون هناك أسباب أخرى، فالواجب أن يجيب الخاطب إذا كان كفئًا سواء طلب الصغيرة أو الكبيرة، وفق الله الجميع.

بيان كيفية أخذ موافقة الفتاة على الزواج

60 - بيان كيفية أخذ موافقة الفتاة على الزواج س: أريد منكم أن توجهوا كلمة للأم، إذا جاءت لتأخذ رأي ابنتها، للمتقدم كيف توضح ذلك؟ (¬1) ج: يشرع للأم ولغير الأم، كالأب والأخ عندما يستشير ابنته، أو أخته للزواج، يقول لها خطبك فلان، وصفته كذا وكذا، فلان ابن فلان، من أسرة صفتها كذا وكذا، يشرح لها حالة الرجل وأسرته، وأنهم أناس معروفون بالديانة والخير، وحالهم من جهة الدنيا أيضًا لا بأس، وينصح لها بما يرى من قبول الخطبة، أو عدم ذلك يعني هو مؤتمن فالواجب أن يبين لها الحقيقة، ولا يلبس عليها الأمر، فلا يقول: إنه طيب وهو ليس بطيب، ولا يقول: إنه جميل وهو ليس بجميل، ولا يقول أنه بصير ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (11).

وهو أعمى، يبين لها الحقيقة على ما هي عليه ويشرح لها الواقع كما هو وينصح لها في أخذه أو عدم أخذه، هذا هو الواجب من الأم والجدة والأخت والخالة، والأب والعم والأخ، كل واحد من هؤلاء إذا أراد أن يبين لموليته أو لمن له بها صلة، أن يبين الحقيقة على الوجه الذي علمه من الخاطب، وإن تيسر أن يراها الخاطب وتراه فهو أفضل، حتى لا تبقى شبهة، ولا تبقى ريبة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل فإن ذلك أقرب إلى أن يؤدم بينهما» (¬1) يعني أقرب إلى أن يتفقا ويحصل بينهما الوئام، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أخبره رجل خطب من بني فلان، فقال: «هل نظرت إليها قال: لا، قال: فاذهب فانظر إليها» (¬2) المقصود أن الأفضل أن ينظر إليها، وتنظر إليه، إذا تيسر ذلك، ولكن يكون بدون خلوة، يعني يكون معهما أحد، إما أمها أو أختها الكبيرة، أو أبوها أو عمها أو أخوها، أو ما أشبه ذلك، لا يخلو الخاطب بالمخطوبة، ينظر إليها، ولكن بحضور من تزول معه الخلوة، ويؤمن معه ما يخاف منه من الخلوة. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما برقم (14176). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها، برقم (1424).

حكم ترك الزواج بالمرأة بعد الخطبة لتأخير وليها عقد النكاح

61 - حكم ترك الزواج بالمرأة بعد الخطبة لتأخير وليها عقد النكاح س: يقول السائل لي صديق كان خطب امرأة من مدة عامين، وكان يعمل في الخارج، وعندما قدم من الخارج، قال لوالد العروس: إن شاء الله سوف نكتب الكتاب، فرفض والدها وقال: نعمل شبكة -يعني حلي- وبعد عام نكتب الكتاب، فرفض صديقي هذا وقام بفك الخطوبة. السؤال: هل يا سماحة الشيخ صديقي عليه إثم، وهل ظلم تلك المرأة؟ أفيدونا عن هذه القضية جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك أن يدع الخطوبة، ما دام والدها لم يبادر بتزويجه، فلا حرج على الخاطب أن يدع الخطوبة، وإن أحب أن يصبر فلا بأس، المقصود: لا يلزمه الصبر، إن عجلوا له الزواج فالحمد لله، وإلا فله أن يدع هذه البنت ويلتمس غيرها؛ لأن المدة طويلة، حتى ولو كانت المدة قصيرة، ما دام لم يتزوج فهو حر، فإن شاء استمر في الخطبة وتزوج وإن شاء ترك ولو قبل ذلك بيوم أو يومين، لا حرج عليه. المقصود أن الخطبة لا تلزمه متى شاء التحويل عن المرأة، وهي كذلك إذا أحبت أن ترغب عنه فلا بأس ما دام العقد لم يتم. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (324).

حكم تأخير الزفاف بعد الخطبة

62 - حكم تأخير الزفاف بعد الخطبة س: الأخ م. ن. م، من السودان بعث يقول: خطبت ابنة عمي قبل خمس سنوات، ونظرًا لظروف الحياة لم أستطع حتى الآن تكملة أغراض الزواج، فهل في ذلك حرج؟ علمًا بأن المخطوبة موافقة على هذا الانتظار، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك، ما دامت المخطوبة موافقة، فلا حرج في ذلك. نسأل الله أن يسهل أمركما جميعًا. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (240).

س: يقول السائل خ. م، مصري مقيم بتبوك. ما حكم الشرع في نظركم، سماحة الشيخ، في شاب خطب فتاة، واستمرت الخطوبة، ما يقارب العامين، ولكن الشاب ابتعد عنها لأسباب عائلية، ما حكم ذلك مأجورين؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك إذا خطب، ثم بدا له ألاّ يتزوج، لا حرج، سواء بعد سنة أو أقل أو أكثر، إذا خطبها ثم بدا له ألاّ يتزوجها، أو هي وافقت ثم رجعت، لا حرج والحمد لله، ما دام ما تم العقد، كل بالخيار. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (386).

حكم من أجبرها أبوها على الزواج بتارك الصلاة

63 - حكم من أجبرها أبوها على الزواج بتارك الصلاة س: الأخت من الأردن ز. هـ. م. تقول سماحة الشيخ أنا طالبة تقدم لخطبتي رجل صاحب دين وطلبت التأجيل ريثما تقدم الامتحانات النهاية ثم تقدم آخر صاحب دين، فرفض والدها وصمم على زواجها من قريب لها تارك للصلاة فأجبرت واستخارت الله وفوضت أمرها إلى الله طاعة لوالدها وتزوجت هذا الرجل لكنه ثبت أنه لا يصلي ولم يستجب لتوجيهها فانفصلت عنه؛ لأنها أصرت عليه أن يصلي فرفض أن يصلي والآن، كلما تقدم لخطبتها رجل لا يحصل نصيب فقال لها أحد الإخوة بأنك فتنت في دينك حيث لم تستجيبي لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (¬1)، تقول فالفتنة هنا هو عدم توفيقي في الزواج؛ لأنني رفضت صاحب الدين مرات متتالية هل هذا هو مصيري، ماذا أفعل سماحة الشيخ هل أنا حقا مفتونة رغم أني عاهدت الله عز وجل ألا أقبل إلا بصاحب دين ويصلي وذي خلق مهما كانت الضغوط، أرجو من سماحة ¬

(¬1) سنن الترمذي النكاح (1084)، سنن ابن ماجه النكاح (1967).

الشيخ الإجابة؟ (¬1) ج: لا شك أن الواجب على المؤمنة الاستجابة لله وللرسول فيما يتعلق بالزواج وغيره، أما الخاطبان السابقان اللذان يرضى دينهما وأمانتهما، فلا شك أن الزواج من أحدهما كان هو المناسب، وهو الذي ينبغي، للحديث الذي ذكرته السائلة: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه» (¬2) لكن إذا كان عدم التزويج من أجل والدها وأنه أبى وامتنع من تزويجها عليهما فهذا الإثم على والدها لا عليها؛ لأنها لم تقصر هي، أما إن كانت هي التي رفضت فعليها التوبة، والرجوع إلى الله والإنابة، ومن تاب تاب الله عليه سبحانه وتعالى، وأما تزوجا بالذي لا يصلي فهو غلط من أبيها، وغلط منها؛ لأن الذي لا يصلي كافر نسأل الله العافية يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬3) ويقول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (361). (¬2) أخرجه الترمذي، في كتاب النكاح، باب ما جاء: إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه برقم (1084). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬1) والصواب أنه كفر أكبر، هذا هو الراجح من قولي العلماء، أنه كفر أكبر، فإذا كانت قد تخلصت منه فالحمد لله، وإلا فالواجب عدم رجوعها إليه. وأن ترفع أمرها إلى المحكمة حتى تخلصها المحكمة منه بخلعها منه بأنه لا يجوز لها العودة إليه وهو تارك للصلاة، وتسأل الله أن يسهل لها الزوج الصالح وأن يخلصها من هذا الذي يترك الصلاة إن كان لم يطلق. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

س: سماحة الشيخ هل هناك توجيه للآباء الذين يردون الأزواج الصالحين؟ (¬1) ج: نعم الواجب على الولي أن يختار لموليته الرجل الصالح وألا يرد الرجل الصالح لأجل قرابة أو غيرها، بل يجب أن يختار من يرضى دينه وخلقه، وإن كان ليس بقريب، هذا هو الواجب على الولي من أب وغيره، والواجب على المرأة أيضًا أن تجتهد في قبول الخاطب الطيب المعروف بدينه وخلقه الطيب وألاّ تقبل الزواج على من لا يرضى دينه ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (361).

ولا خلقه وإن كان قريبًا.

بيان الحالات التي يرد فيها الخاطب

64 - بيان الحالات التي يرد فيها الخاطب س: متى يرد الخاطب؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، إن كانت مسلمة وهو ليس بمسلم، يجب رده لا يقبل، أما إذا كان عاصيًا فالأفضل رده، إذا تيسر من هو خير منه، لكن بعض الأحيان قد يخشى تعطلها ولا يتيسر لها سليم، فإذا رأى والدها تزويجها، ولو بشخص فيه بعض المعاصي خوفًا عليها من الفتنة، فلا حرج في ذلك، لكن إذا تيسر من هو خير منه، فعلى الوالد أن يتحرى ذلك، وعلى غيره من الأولياء، لكن إذا اجتهدوا في تزويج من لا يرضى كل أخلاقه لكنه مسلم وهي راضية، ورأوا تزويجها من المصلحة وخوفًا عليها من الفتنة، فلا حرج في ذلك إن شاء الله. ¬

(¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (346).

س: تقدم لها شاب هو ابن عمتها لكنه لا يصلي بم تنصحونهم والحالة هذه؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (59).

ج: أنصحها ألاّ تتزوج هذا الشاب؛ لأن من ترك الصلاة كفر، نسأل الله العافية، في أصح قولي العلماء لقول النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم، في الصحيح عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬1) وروى الإمام أحمد في المسند وأصحاب السنن أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة من تركها فقد كفر» (¬2) وفيه أحاديث أخرى تدل على كفر تارك الصلاة، فنصيحتي لهذه الفتاة ألاّ تتزوج هذا، وأن تلتمس رجلاً يخاف الله ويقيم الصلاة، ويؤدي فرائض الإسلام، هذا هو الواجب عليها وعلى غيرها، وسوف يعوضها الله خيرًا منه، فإن الله يقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}، ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}، وفي الحديث: «من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

منه» (¬1) فهي إن شاء الله على خير ويرجى لها أن توفق لمن هو أصلح منه ولمن هو خير لها في دنياها وفي أخراها. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث رجل من أهل البادية، برقم (22565).

حكم تزويج الرجل بنته من شخص تارك الصلاة

65 - حكم تزويج الرجل بنته من شخص تارك الصلاة س: عندي ابن أخت عاهدته. وحلفت له أنني أزوجه ابنتي إذا كان مواظبًا على الصلاة وإذا لم يصلّ فليس له عندي شيء يعني لم أزوجه، ثم جاء يخطب فقلت له: يا ولدي كل أعمالك طيبة إلا ترك الصلاة وأنا لا أوافق عليه، فظل في عناده ثم راح وتزوج ولازال مصرًّا على عدم المبالاة في الصلاة، فهل علي حرج من قبل العهد واليمين، وهل علي كفارة في ذلك، أفيدونا وفقكم الله تعالى؟ (¬1) (¬2) ج: أولاً تزويج الشخص الذي لا يصلي لا يجوز، ولا يجوز أن يزوج شخص لا يصلي بالمسلمة؛ لأن ترك الصلاة كفر. كما قال النيي عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (6). (¬2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (6). ') ">

كفر» (¬1) وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬2) فالذي لا يصلي كافر، ولا يجوز أن يزوج بمسلمة، كما قال الله جل وعلا، في الكفار: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}، وقال سبحانه وتعالى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}، ثم قال بعده {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا}، فالذي عليه المحققون من أهل العلم، أن تارك الصلاة كسلاً وتهاونًا كافر، بنص الرسول عليه الصلاة والسلام، أما من تركها جاحدًا لوجوبها كافر عند جميع أهل العلم، كل من جحد ما أوجب الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة كالصلاة والزكاة والصيام في رمضان الحج وما أشبه ذلك، هذا يكون كافرًا كفرًا أكبر، ناقلاً من الملة عند جميع أهل العلم. لكن الصلاة بوجه أخص إذا تركها تكاسلاً مع إيمانه بوجوبها فإنه يكفر بذلك كفرًا أكبر على الراجح من أقوال العلماء وبهذا يعلم أن هذا الرجل الذي لا يصلي لا يجوز ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

تزويجه وعليك الكفارة عن يمينك بإطعام عشرة مساكين؛ لأنك فعلت خلاف يمينك، ونقضتها فعليك الفارة، بإطعام عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، أو كسوتهم، على قميص، أو إزار ورداء، هذه كفارة اليمين وعليك أيضًا أن تسعى في تخليص ابنتك منه. إما يطلقها بدون محاكمة وإما أن تحاكمه إلى المحكمة الشرعية، وهي تنظر في أمره وتعمل ما يقتضيه الشرع، في فسخ النكاح، إذا ثبت أنه لا يصلي ولا حول ولا قوة إلا بالله، ونوصي جميع أولياء النساء أن يتقوا الله في النساء وألا يزوجوهن من يعرف بترك الصلاة، فإن ترك الصلاة كفر أكبر؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، فمن ضيعها فقد ضيع دينه، ومن حفظها فقد حفظ دينه، فالواجب على أولياء النساء، وعلى النساء أنفسهن، الواجب على الجميع الحذر من التزوج ممن يترك الصلاة، فإن تارك الصلاة لا يؤمن، وخيره قليل، وشره كثير، وليس مع الكفر ذنب من ترك الصلاة فقد كفر نسأل الله العافية، فنسأل أن يهدي جميع المسلمين نسأل الله أن يهدينا جميعًا وجميع المسلمين شبابًا وشيبًا، رجالاً ونساء وأن يمن على الجميع بالتوفيق والثبات على الحق والعافية من نزغات الشيطان. س: سماحة الشيخ هو لم يزوجه ابنته؛ لأنه يقول ظل في عناده ثم

راح وتزوج، ولا زال مصرًّا على عدم المبالاة بالصلاة فهو يسأل في حلفه إذ لم يزوجه ابنته؟ (¬1) ج: ما دام ما زوجه فقد أحسن ومثل هذا لا يزوج وليس عليه فيه منه شيء قد أحسن وأفاد وأجاد هذا هو الواجب عليه أن لا يزوج شخصًا يضيع عمود الإسلام، نسأل الله العافية. س: لديَّ ابنة تقدم إليها أكثر من شخص، ولكن مشكلتي أن من يتقدم فيه إحدى هذه الأمور أولاً: إما أنه لا يصلي فقط، أو أنه متساهل لا يرى في المسجد إلا نادرًا، أو يشرب الدخان ويصلي، أو لا يشرب الدخان ولا يصلي، ولقد تعبت من لوم الناس لي بعدم تزويج ابنتي، وحجتهم أن الله يهديهم بعد الزواج ماذا ترون؟ هل أرفضهم أم أزوجهم؟ لإبراء الذمة وأي الأشخاص تنصحونني أنني أزوجه، من هذه الأصناف التي ذكرت؟ ج: من لا يصلي لا يزوج؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر، في أصح قولي ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (6). ') ">

العلماء، وإن كان لا يجحد وجوبها، فالصواب أن تاركها كافر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬1) وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬2) فالذي لا يصلي ولا يرى في المساجد، ينبغي ألاَّ يزوج، لا يجوز أن يزوج من مسلمة، أما من كان يتعاطى الدخان لكن يصلي، هذا يزوج، المعصية لا تمنع من الزواج، وذلك أولى من تركها وتعطيلها، وهكذا لو كان عنده معصية أخرى، مثل يتساهل في بعض الأمور الأخرى، التي لا تجعله كافرًا: كأن تفوته بعض الجماعة، وهو معروف يصلي مع الناس، لكن قد تفوته بعض الجماعة، في بعض الأحيان أو يعرف بشيء من المعاصي الأخرى، مثل قص لحيته، أو ما أشبه ذلك، فهذا إذا لم يتيسر غيره فلا بأس، ولا تعطل، فالمعصية لا تمنع الزواج، إنما يمنع الزواج الكفر، أما المعصية فلا تمنع إذا رضيت البنت بذلك، وإذا تيسر السليم من المعاصي فذلك ينبغي طلبه. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

حكم الزواج بتارك الصلاة بنية دعوته

66 - حكم الزواج بتارك الصلاة بنية دعوته س: هل يجوز لفتاة ملتزمة بدينها أن تزوج من رجل غير مصلٍّ مع وجود النية بدعوته للعبادة حتى تكسب الأجر والثواب؟ (¬1) (¬2) ج: إذا كان لا يصلي ليس لها أن تتزوجه، الذي لا يصلي كافر، ما يتزوج إلا كافرة، ما يتزوج مسلمة؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر، نسأل الله العافية. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬3) ولقوله عليه الصلاة والسلام «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬4) وقوله عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة» (¬5) والله يقول جلا وعلا: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}، ويقول جل وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى}، ويقول ¬

(¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (364). (¬2) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (364). ') "> (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428). (¬5) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616).

سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}، فالذي لا يصلي ليس لها أن تتزوج منه وإذا كانت معه تفارقه، تذهب إلى أهلها، وتتركه حتى يتوب أو يطلق، نسأل الله العافية، والسلامة. س: سائلة من السودان، تقول بأنها فتاة ملتزمة، وتحمد الله على ذلك وبلغت من العمر أربعة وثلاثين عامًا، تقدم لخطبتها تقول قريب لي ولكنني رفضت هذا الزوج للأسباب التالية، أولاً: لا يؤدي الصلاة في جماعة المسلمين، يؤمن بالسحرة، يصغرني في السن بعامين، أمي لا يعرف القراءة ولا الكتابة ويكثر من مجالسة النساء؟ ج: قد أحسنت في رفضه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه» (¬1) هذا لا يرضى خلقه ولا دينه، وقد أحسنتِ في رفضه، وأسأل الله أن يعطيك الزوج الصالح. ¬

(¬1) أخرجه الترمذي، في كتاب النكاح، باب ما جاء: إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه، برقم (1084).

حكم الخطبة على خطبة تارك الصلاة

67 - حكم الخطبة على خطبة تارك الصلاة س: ما حكم الشرع في أن يخطب رجل مسلم على خطبة رجل تارك للصلاة كافر؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك؛ لأن خطبة الكافر لا تصح ولا تجوز، ولا يجوز قبولها في حق المسلمة، فهي خطبة يجب إطراحها والحذر منها وعدم قبولها، فإذا علم يقينًا أن الخاطب كافر والمخطوبة مسلمة، فله أن يخطب على خطبته إذا لم يتيسر نصيحته لعله يتوب إلى الحق، ويدع ما كان يفعل من ترك الصلاة. فالحاصل أنه ما دام على هذه الحال فكونه يخطب على خطبته؛ لأنه مسلم وهو كافر، هذا من باب الإصلاح والإحسان إلى المخطوبة. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (178).

س: يسأل عن زواج من أسرة، جميع أفرادها يشربون الخمر، ولا يعلم عن ذلك إلا بعد أن تقدم للخطبة، وأنهم لا يصلون؟ (¬1) ج: هذا ينبني على البنت المخطوبة، إذا كانت على طريق أهلها فينبغي تركها، أما إذا كانت معروفة بالاستقامة وترك ما عليه أهلها، فلا ¬

(¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (134).

بأس وإذا كان يجهل ذلك، فالحيطة له ألاّ يتزوج منهم، لئلا تكون مثلهم. ينتظر ويسأل فإن كانت قد خالفت أهلها، وتصلي ولا تشرب الخمر، فلا بأس لا يضرها ذلك قال تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، أما إن كانت مثل أهلها أو لا يدري عنها فينبغي له تجنب ذلك حتى يحتاط لدينه، وحتى يسلم من تزوج امرأة غير دينة، لذا ينبغي له التبصر وعدم العجلة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «تنكح المرأة لأربع لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك» (¬1) ولا يمكن أن يعرف ذات الدين إلا بالسؤال عنها من الثقات العارفين بها. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدِّين، برقم: (5090)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، برقم: (1466).

حكم ما يسمى بدبلة الخطبة

68 - حكم ما يسمى بدبلة الخطبة س: هل لبس الدبلة للنساء بدعة نصرانية؛ لأنني قرأت بأن دبلة الخطبة أو الزواج للرجل وإن كانت فضة، وأيضًا للمرأة بدعة نصرانية، هل هذا صحيح؟ (¬1) ج: الدبلة التي تسأل عنها السائلة لا نعلم لها أصلاً، والذي يظهر لنا ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (98).

من ذلك، أن فيها تشبهًا بالكفرة؛ لأنها من عاداتهم فيما بلغنا، فلا ينبغي اتخاذها، فإن الإشارة إلى الزواج تكون بالخطبة، والاتفاق بين الخاطب والمخطوب منهم، ويكفي ذلك من غير حاجة إلى دبلة، ومتى تم الأمر بالعقد الشرعي، انتهى كل شيء، أما الدبلة فلا حاجة إليها ولا حاجة إلى التشبه بأعداء الله لا من النصارى ولا من غيرهم. الواجب البعد عن مشابهة أعداء الله في كل شيء.

س: درَج النساء على ما يسمى دبلة الخطوبة، فما هو توجيه سماحتكم؟ (¬1) ج: لا أعلم لها أصلاً، فإن كانت من عمل الكفار فينبغي تركها، وإن كانت ليست من عمل الكفار بل اعتادها الناس فالأمر فيها واسع وسهل، لكن تركها أفضل بكل حال. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (349).

س: السائلة /ج. ص. ع. ع. تقول: ما حكم لبس الدبلة الذهب بالنسبة للمرأة لإعلان الخطبة، ولبس الدبلة الفضة للرجل لنفس السبب؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (408).

ج: ما أعلم لهذا أصلاً، وإذا كان في بلد اعتادوه، فلا أعلم به بأسًا، أما أن ينشئه جديدًا ويسنّه للناس فلا أصل له، لكن إذا وجد في بلد واعتادوه، فلا أعلم به بأسًا، وإلا فالأصل ترك ذلك، لئلا يتشبه بأعداء الله إذا كان من أخلاق أعداء الله، أما إذا كان المسلمون فعلوه واعتادوه في أي بلد، في أي قرية، زالت المشابهة.

س: هل الدبلة، الخاتم الذي يقدمه الخاطب لمخطوبته حلال أم حرام؟ مع الدليل، وهل صحيح أنه فكرة نصرانية؟ (¬1) ج: لا أعلم أصلاً، ولم يكن من عادات المسلمين والذي سمعنا أنه من عادات النصارى وأنه ورد إلى الناس من لبنان وغيره فالذي أراه أن ترك ذلك هو الذي ينبغي وهو أسلم وأبعد عن مشابهة الكفرة، ولم يبلغنا عن سلفنا الصالح أنهم كانوا يفعلون شيئًا من ذلك، وإنما يخطب المرأة ثم يقدم ما تيسر من المهر ويكفي هذا، أما الدبلة والشبكة فلا نعلم لها أصلاً. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (127).

س: هل لبس الدبلة في الخطبة من الكبائر أم من الصغائر؟ (¬1) ج: لا شك أنها مكروهة، ولا أصل لها فيما نعلم، فينبغي تركها أما ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (126).

كونها من الكبائر أو من الصغائر فمحل نظر، لكن بكل حال لا ينبغي تعاطيها؛ لأنها مستوردة من الكفرة، فلا وجه لفعلها ولا حاجة إليها، متى تم العقد، فالحمد لله، ولا يحتاج دبلة يلبسها.

س: ص. ع. من الرياض يسأل ما هي مواصفات المرأة التي يقدم المسلم على الاقتران بها؟ (¬1) ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «تنكح المرأة لأربع لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك» (¬2) فليكن همك الوحيد، هو صلاح دينها، فإذا كان مع ذلك جمال، ومال، وحسب، هذا خير إلى خير طيب، لكن لا يكن همك الجمال، أو المال، أو الحسب فليكن أكبر الهم وأكبر القصد صلاح الدين وسلامة الأخلاق، تسأل الخابرين بها، فإذا كانت ذات دين بعيدة عن التبرج وعن أسباب الفتنة، محافظة على الصلاة في أوقاتها فاقرب منها، وإذا كانت بخلاف ذلك فاتركها، المهم العناية الكبرى تكون بالدين. ¬

(¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (356). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدِّين، برقم: (5090)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، برقم: (1466).

بيان صيغة عقد النكاح

69 - بيان صيغة عقد النكاح س: حدثونا لو تكرمتم عن الصيغة الصحيحة لعقد النكاح؟ (¬1) ج: الصواب أنه يفعل بكل صيغة، ما له صيغة معينة، هذا هو الصواب، لكل أهل بلد أو قبيلة عرفهم، لكن المشروع منها: أنكحتك وزوجتك، والولي يقول للزوج أنكحتك أختي أو بنتي، أو زوجتك أو ملَّكتك، وإن قال: وهبتك أو أعطيتك، أو ألفاظ أخرى يعرفون معناها وقال الزوج: قبلت، صح ذلك، فلو قال للزوج: أعطيتك ابنتي أو وهبتك ابنتي وقصده الزواج وقال الزوج: قبلت ذلك، صح بحضرة شاهدين، إذا كانت الشروط متوفرة، برضى البنت، وليس فيها مانع ولا حرام وليست زوجة ولا معتدة، إذا كانت ليس بها مانع وقبلت، فلا بأس بحضرة شاهدين، إذا كان العقد بحضرة شاهدين، وأن تكون الزوجة خالية من الموانع، يجب أن تكون المرأة خالية من الموانع، الحاصل أن الألفاظ لا حرج في تنوعها، وقال بعض أهل العلم: لا بد أن تكون بلفظ: زوجتُ وأنكحتُ، ولكن ليس عليه دليل، فالصواب أن النكاح ينعقد بألفاظ دلت على معناه كالبيع والهبة والإجارة ونحوها، فإذا قال الولي ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (261).

ملكتك ابنتي أو أعطيتك ابنتي أو وهبتك ابنتي أو أختي أو عمتي، قصده التزويج وهم يعرفون ذلك، وقال الزوج: قبلت، بحضرة الشاهدين وكمال الشروط فلا بأس.

س: هذا السائل يقول في هذا السؤال، سماحة الشيخ: ما صيغة عقد الزواج، وما هي شروطه وما هي الآيات التي تقرأ، مأجورين (¬1) ج: الزواج له شروط، وله أركان لا بد من توافرها، وخطبة النكاح معروفة، مذكورة، في كتاب النكاح من كتب الحديث، إن الحمد لله نحمده ونستعينه، عند العقد يقولها أفضل، وإن قال: زوجتك. وقال: قبلت. ولم يأتِ بخطبة ولا غيرها فلا بأس، إذا كان توافرت الشروط، إذا كان الزوجان خاليين من الموانع، برضى الزوجين، وحضور شاهدين وبتصرف الولي الذي هو أقرب عصبتها، لا بأس إذا توافرت الشروط، «الرسول صلى الله عليه وسلم: زوج المرأة التي أهدت نفسها له، بدون خطبة، قال للخاطب: زوجتك بها بما معك من القرآن» (¬2) ولم يذكر عنه ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (426). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن. باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه، برقم (5029)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد، برقم (1425).

أنه خطب الخطبة المعروفة، المقصود إن قرأها الإنسان فهو أفضل. إن الحمد لله إلى آخره، وإن زوجها بدون خطبة، قال: زوجتك قال الزوج: قبلت، بحضرة شاهدين، وتصرف الولي الشرعي فلا بأس، إذا توافرت الشروط.

س: هل هناك صيغة ثابتة من السنة للعقد بين الزوجين، وما هي؟ (¬1) ج: الصحيح ليس في ذلك شيء معين، لكن كثيرٌ من أهل العلم يقولون: إنه يتلفظ بلفظ: أنكحت، وزوجت، هذان اللفظان معروفان فيما يتعلق بالنكاح، ولكن الصحيح أنه لا يتعين، لو قال: ملكتك، أو زوجتك بنتي، أو أعطيتك بنتي على سنة الله ورسوله، يعني قصده النكاح، وقال الزوج: قبلت صح في ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعين لفظًا معينًا في الزواج، ولكن إذا قال: أنكحتك أو زوجتك يكون أحسن خروجًا من الخلاف، إذا قال: أنحكتك بنتي أو أختي أو زوجتك يكون أفضل، وإن قال غير ذلك من الألفاظ التي أراد بها الزواج ويعرفها الزوج، قال: أعطيتك بنتي أو ملكتك بنتي، أو وهبتك بنتي على سنة الله ورسوله، أو على مهر كذا، وقال الزوج: قبلت هذا الزواج وبينهما مهر، ¬

(¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (169).

وليس هناك موانع، الزوجة راضية، بحضرة شاهدين والولي الذي هو أقرب الناس إليها، كأبيها وابنها، وبعدهما أقرب العصبة، إذا كان الولي هو الذي يتولى الزواج، وأولاهم الأب، ثم الابن ثم ابن الابن وإن نزل، ثم أقرب العصبة، هذا هو الولي ويكون ذلك بحضرة شاهدين عدلين، الجميع أربعة: الزوج والولي والشاهدان، إذا كانت المرأة سليمة ليست في عدة، وليست مكرهة بل راضية فالنكاح لا بأس به، ولو قال بغير لفظ النكاح، لو قال: أعطيتك أو ملكتك أو وهبتك لا حرج؛ لأن النية معروفة والمقصود معروف، وهو النكاح.

س: عرفونا صيغة عقد الزواج بالتفصيل؛ لأن الناس عندنا يسمونه الفاتحة ولا يعرفون عنه شيئًا؟ جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: عقد النكاح أن يقول الولي أبوها أو أخوها الأقرب، أقرب عصبتها وأقربهم الأب ثم الابن ثم الأخ الشقيق، ثم الأخ من الأب وإلى آخره، يقول للزوج زوجتك ابنتي إن كانت بنته أو أختي إن كانت أخته، أو أمي إن كانت أمه، زوجتك فلانة بنتي أو أمي أو أختي، وهو يقول قبلت هذا الزواج، هذا هو صفة العقد، يقول زوجتك أو ملكتك أو وهبتك يحزئ، هذا هو العقد المهم أو ملكتك بأي لغة يفهمونها وعلى ¬

(¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (322).

الولي وهو يقول ذلك للزوج، وأن يقول: قبلت هذا الزواج، قبلت هذا النكاح من موليته، إذا قال ذلك تم العقد، إذا كانت الزوجة خالية من الموانع، والزوج خاليا من الموانع، فإن كان هناك علة كأن تكون الزوجة محرمة، أو الزوج محرمًا لا يصح النكاح حال الإحرام، أو ما خرجت من عدة الزوج الذي طلقها أو مات عنها، فالنكاح غير صحيح، أو كان الزوج كافرًا وهي مسلمة لا يصح النكاح، لا بد من توافر الشروط وانتفاء الموانع، فإذا توافرت الشروط وانتفت الموانع، فالولي يقول للزوج زوجتك بنتي أو أختي أو أمي أو نحو ذلك، والزوج يقول قبلت بحضرة شاهدين عدلين يشهدان على العقد، فالعقد يحضره أربعة؛ الزوج والولي والشاهدان، والأفضل أن يكون قبله خطبة، خطبة النكاح هذا الأفضل وهي: (إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. ثم يقرأ قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}،

وقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}، بعد هذا يقول: زوجتك يقوله الولي والزوج يقول: قبلت بعد هذه الخطبة، السنة هذه الخطبة مستحبة، يقرأها الولي أو يقرأها الزوج أو يقرأها من يحضرهما من الشاهدين أو غيرهما، أو يقرأها المأذون الذي سوف يتزوجون عنده، المأذون أو القاضي الذي سوف يتزوجون عنده، إذا قرأها واحد من الحاضرين الزوج أو الولي أو المأذون، أو أحد الشاهدين حصل المطلوب، وتسمى خطبة الحاجة، لكن ليست شرطًا لو قال: زوجتك وقال الزوج قبلت، ولا أتى بخطبة لا حرج، صار الزواج صحيحًا، إذا كان بحضرة الشاهدين وكانت الشروط متوفرة والموانع منتفية، فالحمد لله، لكن تركوا الأفضل، الأفضل أن يكون العقد بعد هذه الخطبة التي سمعت.

بيان طريقة النكاح في الشريعة الإسلامية

70 - بيان طريقة النكاح في الشريعة الإسلامية س: تسأل عن الطريقة الصحيحة للزواج حتى يكون على الطريقة الإسلامية؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (340).

ج: الزواج الشرعي كون الرجل يخطب البنت المناسبة الديِّنة ثم يجري العقد عليها بواسطة وليها وهو أقرب عصبتها، وأقربهم: الأب ثم الجد ثم الابن، ثم ابن الابن ثم الأخ عند عدم الأب والجد وعدم الأبناء وهكذا. المقصود أنه يتزوجها بواسطة وليها الذي هو أقرب عصبتها، وبحضرة شاهدين عدلين حال كونها سليمة، ليس فيها مانع، ليست في عدة ولا محرمة بالحج أو العمرة وليست كافرة، إلا المحصنات من اليهود والنصارى فيجوز نكاحهن من المسلم، إذا كن محصنات عفيفات، وتركهن أولى، والحرص على المسلمة أولى، هذا الزواج الشرعي أن يكون باختيار المرأة الطيبة في دينها التي تناسبه ومع ذلك يتولَّى تزويجها وليها وهو أبوها أو جدها وعند عدمهما ابنها أو ابن ابنها، وعند عدمهم الأخ الشقيق، ثم الأخ لأب، وهكذا بقية العصبة حسب الترتيب، الأقرب فالأقرب، ويكون ذلك بشاهدين عدلين، برضاها لا بالإكراه ولا بالجبر، بل برضاها وبحضرة شاهدين عدلين مع المهر المعتاد الذي ترضى به المرأة.

س: السائل إ. أ. ح. يقول: نسمع أن بعض الناس يعقد قرانه أي الزواج بالمسجد الحرام، ويقولون: بأنه مبارك، نرجو أن يكون

الزواج كذلك وموفقًا إن شاء الله، فما الحكم الشرعي في ذلك يا شيخ؟ (¬1) ج: لا أعلم في هذا دليلاً، في أي مكان عقد فلا بأس، في المسجد أو في البيت أو في أي مكان لا بأس، لا أعلم لخصوصية المسجد دليلاً واضحًا، لا أذكر دليلاً واضحًا في عقد النكاح في المسجد. ¬

(¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (416).

بيان وقت عقد الزواج وكيفيته

71 - بيان وقت عقد الزواج وكيفيته س: يقول جرت العادة في بعض البلدان أن يكتب عقد الزواج الأول: بواسطة ما يعرف بالمأذون، بحيث توضع يد الوكيل على البنت وعلى يد الخاطب، ويتم القبول والإيجاب، وبحضور جمع من المسلمين، هل يكفي ذلك أم لا بد من الانتظار حتى ليلة الزواج؟ جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: العقد في أي وقت جائز، ولو قبل الدخول بمدة، ولا حاجة إلى وضع الأيدي، وليس هذا بمشروع، إنما المشروع أن يقول: زوجتك، ¬

(¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (308).

يقوله الولي، يخاطب الزوج: زوجتك ابنتي أو أختي أو بنت عمي، موليته التي هو وليها، والزوج يقول: قبلت هذا الزواج، هذا هو المشروع بحضرة شاهدين عدلين، تكفي هذه الصفة عند المأذون أو عند غير المأذون، عند المأذون أو عند القاضي أو في أي مكان، يقول الولي: زوجتك ابنتي أو أختي أو موليتي الأخرى بنت عمه أو نحو ذلك، والزوج يقول: قبلت هذا الزواج ورضيت، هذا هو السنة بحضرة شاهدين، إذا كانت المرأة سليمة من الموانع والزوج سليمًا من الموانع، خاليين من الموانع، الزوجة بكرًا أو معتدة قد خرجت من العدة، والزوج ليس فيه مانع، مسلم وهي مسلمة أو مسلم وهي كتابية لا بأس، المقصود ولا بد أن يكونا خاليين من الموانع، ليس في الزوج مانع شرعي، ولا في الزوجة مانع شرعي، ويكون بالإيجاب والقبول، بحضرة شاهدين عدلين عند المأذون أو عند القاضي، أو في بيت الولي، أو في بيت الزوج.

س: من المعروف أن العقد شريعة المتعاقدين، هذا أمر مسلم به ولا جدال فيه، وأن من شروط صحة العقد أيًّا كان هو الرضى من الطرفين المتعاقدين الشهود العيان، ومحل نشأة العقد، لكن ماذا عن عقد الزواج الذي يتم عن طريق المأذون الشرعي أو

القاضي بحضور طرف واحد من أطراف العقد في حين أن هذا الطرف هو الزوج، والطرف الآخر هو ولي الزوجة، حيث إنه يتم عادة الزواج بهذه الكيفية للعقد، دون حضور الزوجة، الطرف الثاني الأصلي، وصاحبة الشأن، بالرغم من أن الزوجة لم يؤخذ رأيها، وقت تقدم الزوج لطلب يدها، وهذه عادة يسير عليها أهالي مدينتي بعدم أخذ رأي الفتاة أو التي ترغب في الزواج عندما يتقدم لها أحد، حتى ولو فرض أن هذا المتقدم قريب لها، ويستمر على هذا الأسلوب ليخلص إلى أن المخطوبة لا يؤخذ رأيها، وعند كتابة العقد لا تكون حاضرة ويسأل عن الحكم؟ (¬1) ج: العقود أنواع: فعقد النكاح له شأن، وعقد البيع والإجارة أو نحوهما له شأن آخر، فعقد البيع يستحب فيه الإشهاد؛ لأن الله قال: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ}، فإذا تبايع وأشهد شاهدين، فهذا هو الأفضل، وهذا هو السنة، وإن كان دينًا شرع مع ذلك الكتابة، أن يكتبا العقد بينهما؛ كما قال الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (105).

، فالسنة الكتابة مع الإشهاد، أما إذا كانت التجارة حاضرة كفى الإشهاد فإن تبايعا من دون إشهاد صح البيع، وفاتتهم السنة؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على صحة البيع، ولو من دون إشهاد، وإنما هو مستحب، أما عقد النكاح فله شأن آخر، فلا بد من رضا المرأة إذا كانت ثيبًا قد تزوجت أو بكرًا على الصحيح من أقوال العلماء مع هذا فإن الشاهدين يحضران العقد بحضرة الزوج والولي، أما المرأة فلا يشترط حضورها ولا لزوم لحضورها، ما دامت راضية بالعقد، فلا يحتاج إلى حضورها، وإنما المطلوب أربعة: الزوج والولي والشاهدان، هؤلاء هم الذين يحضرون العقد، فإذا حضر الشاهدان كفى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل» (¬1) فالمقصود أنه يزوج المأذون الزوجة من جهة الولي بحضرة الشاهدين، فيقول الولي: زوجتك ابنتي أو أختي أو ابنة أخي على حسب حال المنكوحة، ويقول الزوج قبلت هذا الزواج، والشاهدان يسمعان، هذا إذا كانت الزوجة راضية بشاهدين يشهدان برضاها، أو المأذون قد حضرت عنده، وعرف رضاها، أو أبوها أخبر ¬

(¬1) أخرجه ابن حبان في صحيحه، باب ذكر نفي إجازة النكاح بغير ولي وشاهدي عدل، برقم (4075).

بذلك، وهو ممن يوثق به ويطمئن إليه، كفى ذلك. أما ما يتعلق بالبكر ففيها خلاف مثل ما تقدم، لكن الصحيح أنه لا بد من رضاها، وليس لأبيها أن يزوجها بغير رضاها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «والبكر يستأذنها أبوها وإذنها سكوتها» (¬1) ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت» (¬2) فلا بد من إذنهما جميعًا الثيب والبكر، ولو كان الولي هو الأب على الصحيح من قولي العلماء، وقال بعض أهل العلم إن لأبيها خاصة أن يزوجها بغير إذنها؛ لأنه أعلم بمصالحها، لما جاء في بعض الروايات قال صلى الله عليه وسلم «واليتيمة تستأمر» (¬3) والمفهوم أن غير اليتيمة لا تستأمر، والصواب أن هذا لا مفهوم له، وأن طلب الاستئذان لليتيمة وغير اليتيمة، ولكن نص النبي عليه الصلاة والسلام على اليتيمة لشدة الحاجة إلى استئذانها، وإلا فالجميع يستأذن جميع النساء يستأذن، البكر والثيب واليتيمة وغير اليتيمة، كل النساء، هذا هو الصواب، وإذا زوجها أبوها بغير إذنها وهي بكر وأجازه الحاكم الشرعي ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1421). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها برقم (5136) ومسلم في كتاب النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1419). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، برقم (2361).

مضى؛ لأن الحاكم حكمه يرفع الخلاف، فإذا أجازه بعض الحكام من القضاة أخذًا بقول من قال: إن البكر لا يستأذنها أبوها وأنه أعلم بمصالحها، فهذا قول معروف لأهل العلم، وإذا أجازه الحاكم وأمضاه الحاكم ارتفع الخلاف، ولكن لا يجوز لأبيها أن يتساهل في هذا، ولا أن يتعلق ببعض الخلاف في ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد حكم في الموضوع، وهو المشرع عليه الصلاة والسلام وهو الذي يجب على الأمة أن تأخذ بقوله وتستقيم على شرعه عليه الصلاة والسلام؛ ولأن الأب لا يؤمن، فقد يتساهل في هذا، إما لكونه ابن أخيه، أو لأنه أعطاه مالاً كثيرًا، أو لغير هذا من الأسباب، فلا يبالي بالبنت ولا يرحمها، ولا يعطف عليها، ولا يبالي برضاها وعدمه، فلهذا جاء الشرع بالاستئذان مطلقًا، ولو كان أباها، ولو كانت بكرًا، لا بد من الاستئذان على الصحيح دفعًا للمضرة عن البنت، وحرصًا على سلامة مطلوبها؛ ولأن الزوج له شأن عظيم، فلا بد من رضاها به.

س: نرجو بيان صيغة العقد في الزواج حتى تبتعد عن الشبهة لو تكرمتم؟ (¬1) ج: نعم، العقد يحضره أربعة: الولي وهو أبوها إن كان موجودًا. أو ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (105).

وكيله إن كان غائبًا، فإن كان مفقودًا فابنها إن كان لها ابن كبير، مرشد، فإن كانت ليس لها ابن ولا أب فأخوها الشقيق ثم أخوها لأب، ثم أقرب العصبة وهكذا يتولى العقد أقربهم وأولاهم الأب إن كان موجودًا، ثم الجد إن كان موجودًا بعد الأب بأنفسهما أو بوكيليهما، فإن عدم الأب والجد مطلقًا صارت إلى الابن، ثم ابن الابن، فإن لم يوجد ابن ولا ابن الابن؛ لأنها بنت صغيرة ما لها أولاد زوجها أخوها الشقيق إن كان لها أخ شقيق، فإن عدم فأخوها لأب، فإن عدما فابن أخيها الشقيق، فإن عدم فابن أخيها لأب، وهكذا، الأقرب فالأقرب. وليس لهم جبرها على أحد، بل لا بد من رضاها إلا إذا كانت صغيرة دون التسع، فلأبيها أن ينظر في مصلحتها خاصة للأب، أن ينظر في مصلحتها إذا كانت دون التسع، ولا تحتاج إلى إذن في هذه الحالة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة من أبيها بغير إذنها؛ لأنها كانت صغيرة دون التسع تزوجها وهي بنت السبع أو الست سنين رضي الله عنها، أما إذا فاقت تسعًا فإنها لا تزوج إلا بإذنها من أبيها وغير أبيها، ويحضره أربعة كما تقدم؛ الولي مطلقًا، والزوج، والشاهدان، هؤلاء الأربعة يحضرون النكاح أمَّا المرأة لا يشترط حضورها، والمرأة لا تحتاج وكالة متى شهد الشاهدان برضاها كفى، لكن لا بد من أخذ رأيها ولو

كانت بكرًا على الصحيح إلا أن تكون دون التسع فلأبيها خاصة أن ينظر في مصلحتها، ويزوجها لمن يراه أهلاً لذلك، لوجه المصلحة لا للطمع بل لمصلحة البنت نفسها.

حكم تزويج الأب لابنة ابنه دون وكالة وحكم التوكيل على النكاح والطلاق

72 - حكم تزويج الأب لابنة ابنه دون وكالة وحكم التوكيل على النكاح والطلاق س: يقول هذا السائل هل يجوز للأب أن يطلق زوجة ابنه بحيث إن الولد يوكل أباه وكذلك الزوجة، هل يجوز للأب، أن يتولى العقد نيابة عن ابنه، أثناء غيابه؟ (¬1) ج: التوكيل لا بأس به حتى لغير الأب، إذا وكل الزوج من يطلق زوجته، أباه أو وكل أخاه، أو أجنبيًّا لا بأس إذا كان الزوج عاقلاً عنده تصرف حسن ووكل لا بأس في الطلاق، وهكذا الأب إذا زوج بنت ابنه، إذا كان أبوها وكل أباه، جدها، في تزويج بنته فلا بأس، أما أنه يزوج والابن حاضر، فلا، الابن هو الذي يتولى زواج بنته دون الجد لكن لو وكل أباه يعني زوجها جدها بالوكالة لا بأس، أو زوجها غير جدها بالوكالة لا بأس، مثل ما تقدم أما كون الأب يتولى نكاح ابنة ابنه، من دون وكالة لا؛ لأن الابن أقرب، هو أبوها أقرب إليها، والولاية تكون ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (406).

بالأقرب، أبوها ثم أبوه ثم جده وإن علا ثم ابنها ثم بنوه وإن نزلوا ثم أخوها الشقيق، ثم أخوها لأب، وهكذا كالميراث فلا يزوج ولي بعيد عن ولي قريب إلا إذا وكله القريب، أو كان الولي القريب له عذر، كالغيبة، لا يمكن الاتصال به أو لا يعرف مكانه، فيكون حكمه كالعدم، يزوج الذي يليه فإذا غاب مثلاً أبوها، زوجها ابنها، إذا كان أبوها غائبًا لا يعرف مكانه، حتى يوكل وهكذا لو غاب ابنها، زوجها أخوها، إذا لم يتيسر الاتصال بوليها الأقرب، بالمكالمة أو بالمكاتبة، الحاصل أن الولاية للأقرب فالأقرب، فإذا وجد الأقرب قدم في التزويج إلا أن يوكل وهو مرشد، صحيح العقل، فإذا وكل فلا بأس.

حكم عقد الأب نكاح ولده بدون إذنه

73 - حكم عقد الأب نكاح ولده بدون إذنه س: ما هو الحكم في رجل عقد عقد النكاح عن ولده، بدون وكالة من ولده وبدون إذنه علمًا بأن الولد يبلغ عشرين من عمره وأيضًا كان الولد حاضرًا أثناء العقد، فهل العقد صحيح أم أنه باطل شرعًا؟ (¬1) (¬2) ج: لا يصح العقد إلا بإذن الزوج إما بتوكيله أو مباشرته ولو أنه ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (65). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (65). ') ">

ولده إذا كان الزوج مكلفًا فإن الوالد لا يعقد له إلا بإذنه، كما أنه لا يعقد للبنت البالغة تسعًا إلا بإذنها على الصحيح، فالرجل من باب أولى لا يزوجه إلا بإذنه إذا كان قد بلغ الحلم، وهذا قد بلغ الحلم ولم يأذن فلا يكون الزواج صحيحًا إلا إذا كان قد أمضاه؛ لأنه حاضر، هذا يدل على أنه قد رضي بهذا، وقد أمضى والده في ذلك، فإذا كان قد فعل مع والده شيئًا يدل على أنه سامح بذلك من كلمة مناسبة أو شيئًا يدل على أنه موافق، وأنه يرضى بأنه يزوجه والده، فالنكاح صحيح؛ لأن حضوره يدل على أنه راض بذلك لم يتكلم ولم يمنع فالحاصل أنه إذا وجد ما يدل على إذنه لوالده وسماحه لوالده بأن يزوج عنه فإنه صحيح، أما إذا لم يتكلم ولم يقل شيئًا يدل على الوكالة والإذن، ولم يسأله أبوه عن شيء يدل على ذلك فإن هذا العقد تجب إعادته، إذا كانت الزوجة ترغبه ويرغبها، فإنه يجدد النكاح؛ لأنه صدر من غير زوج ولا وكيل. س: تزوج رجل وعندما جاء وقت العقد راح والده وعمه وعقدا دون حضور الزوج، علمًا بأنه موجود بنفس القرية التي تم فيها العقد، فهل الزواج صحيح أم لا؟

ج: إذا كان تم العقد له على البنت، بوكالة أبيه أو عمه فلا بأس، أما أن يعقد أبوه أو عمه له بدون وكالة، فهذا لا يصح، فالواجب أن يكون العقد على يده هو، فيقول قبلت يقول له الوالد زوجتك ابنتي فلانة ويقول: قبلت أما أن يتولى عنه أبوه أو عمه أو غيرهما من دون وكالة شرعية فلا يصح، إذا كان مكلفًا، أما إذا كان صغيرًا لم يبلغ الحنث فلأبيه أن يزوجه على الصحيح.

حكم زواج الابن بغير موافقة أبيه

74 - حكم زواج الابن بغير موافقة أبيه س: يقول السائل/ ما حكم الزواج بغير موافقة الوالد؟ (¬1) ج: المشروع للمؤمن أن يتحرى موافقة الوالد؛ لأن بره من الواجبات وكذلك الوالدة، يشاورهم يجتهد لأنه والد، والوالد قد يبدو له ما لا يدركه الولد، والمرأة بدلها امرأة، النساء كثير، فإذا وجد امرأة صالحة طيبة فلا مانع من أن يستشير الوالد، ويكثر عليه في ذلك، ويطلب من الإخوان الطيبين، أن يشيروا عليه حتى يوافق؛ لأن المرأة الصالحة لا ينبغي ردها، ولا ينبغي تركها، ولا ينبغي للوالد أن يمنعه من ذلك، ولا ¬

(¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (247).

حرج في ذلك من الزواج، بها ولو لم يرض الوالد، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الطاعة في المعروف» (¬1) ولكون الزوجة الصالحة من المعروف، لكن مهما استطاع أن يرضيه أو يلتمس امرأة صالحة غيرها حتى لا تفوت الفرصة، هذا هو الأولى جمعًا بين المصلحتين، بين بره وبين تحصيل المرأة الصالحة. مهما أمكن فإن لم يتيسر ذلك. وخاف فواتها وهي امرأة صالحة مشهود لها بالخير، فلا حرج عليه إن شاء الله بالزواج بها، وإن لم يرض والده، وفي إمكان والده بعد ذلك أن يرضى، والغالب أن الوالد الطيب لا يكره المرأة الصالحة، فإذا كرهها فلا بد أن هناك شيئًا أوجب الكراهة، فلا ينبغي للولد أن يعجل، بل ينبغي له أن يتريث ويعرف الأسباب، ويستعين على رضا والده، إذا كان ليس هناك أسباب تمنع من زواجها، يستعين عليه بأعمامه وإخوانه وجيرانه، الطيبين حتى يرضى إن شاء الله، لا يعجل في الزواج بغير رضاه، مهما أمكن إلا بعد الطمأنينة إلى أنه ليس هناك ما يمنع الزواج، وأنه تعنت من أبيه؛ لأن أباه رجل غير صالح، لا يريد الصالحات وهذا خطأ عظيم. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية ... برقم (1840).

حكم عقد النكاح بين عيدي الفطر والأضحى

75 - حكم عقد النكاح بين عيدي الفطر والأضحى س: هل يجوز عقد قران النكاح بين عيد الفطر وعيد الأضحى، حيث إنه عندنا قول في تركيا: إنه لا يجوز عقد النكاح بين العيدين؟ (¬1) ج: هذا قول باطل، لا أساس له، يجوز عقد النكاح في كل وقت، في شوال وذي القعدة وذي الحجة والمحرم وصفر وبقية السنة، ولا يجوز هذا الظن السيئ، فالحاصل أن القول بأنه لا يعقد بين العيدين، أو في صفر، أو في يوم الأربعاء، أو في كذا كله باطل، الله وسع هذا والحمد لله، والموفق من وفقه الله سواء عقد في شوال أو في صفر أو في غيرهما. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (223).

حكم ما يسمى بالزواج العرفي

76 - حكم ما يسمى بالزواج العرفي س: تقول السائلة سمعت وقرأت عن الزواج في إحدى الدول العربية الإسلامية، وتقول: إن هناك زواجًا يسمى بالزواج العرفي، وآخر يسمى بالزواج الشرعي، وتخشى السائلة أن يكون الناس يقعون في هذا، وتسأل عن الحكم لعل الناس يتنبهون؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (105).

ج: تقدم ما يبين الزواج الشرعي، أما الزواج العرفي فلا يلتفت إليه، يجب أن تكون العناية بالزواج الشرعي الذي ليس فيه محذور مما حرمه الله، فعلى أهل الزوج وعلى أهل الزوجة وعلى أقاربهما أن يتعاونوا حتى يكون زواجًا شرعيًا بعيدًا عما حرم الله، حريصين جميعًا على أن يستوفي المقام ما ينبغي فيه من الحكمة، والأسلوب الحسن وتعاطي ما ينبغي من الأمور الطيبة، من عدم التكلف في الولائم، وعدم إيجاد ما حرم الله فيه من أغان وملاه أو سهر أو ما أشبه ذلك، يعني يجب أن يتعاونوا على توافر الخير وعدم الشر في هذا الزواج حتى يكون المطلوب حاصلاً من دون ما حرم الله، إن المقصود هو عفة الرجل والمرأة، وحصول الزواج لهما، فليكن ذلك على الطريقة الشرعية التي شرعها الله لعباده وأباحها لهم، وليبتعدوا جميعًا عما حرم الله من الأقوال والأعمال.

حكم من عقد على من يعتقد وفاة زوجها فبان أنه حي

77 - حكم من عقد على من يعتقد وفاة زوجها فبان أنه حي س: في منطقتنا استشهد أحد الشباب، وجاءت الجثة إلى أهله مشوهة غير واضحة المعالم، ولكن العنوان يدل على اسم الشهيد وبيته، دفنوه في مقبرة القرية، وترك الشهيد زوجة وأطفالاً، وبعد تسعة أو عشرة أشهر مضت على استشهاد الشاب

جاء أهل الزوجة إلى أخي الشهيد يريدون منه أن يتزوج ابنتهم زوجة الشهيد، فرفض أن يتزوجها، وبعد أيام من هذا الأمر قالوا له: إن لم تتزوجها زوجناها لغيرك، وبقي الأخ في موقف حرجٍ، إما أن يتزوجها ويحافظ على يتامى أخيه، وإما أن يتركها تتزوج غيره، وعلى أية حال فقد تزوجها من غير رغبة، وبعد مرور سنة من الزواج أنجبت له طفلاً، وبعد أشهر جاءت رسالة من أخيه الذي اعتقدوا أنه استشهد يقول فيها: أنا باقٍ على قيد الحياة، وأسير في أحد سجون العدو، ويوصي فيها بزوجته وأولاده، فأصيب أخوه بمصيبة عظيمة، بسبب زواجه من زوجة أخيه الموجود حيًا يرزق، أفعندما يرجع الأسير إلى أهله وبلده بالسلامة، هل يكون الزواج الثاني باطلاً، أم يحق لهما البقاء في بيت الزوجية، وإن كان باطلاً فكيف يرجع الزوج الأول إلى زوجته إن كان له حق الرجوع، وأخيرًا ما هو حل الشريعة في هذا الأمر؟ (¬1) ج: هذا الأمر يحتاج إلى تثبت ما دام الشهيد الذي جاء إليهم عليه علامات أنه أخو الشخص، وتزوجها أخوه على هذا الأمر، وأن أخاه قد استشهد فلا إثم عليه ولا حرج عليه، لكن متى ثبت يقينًا أن أخاه ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (45).

موجود في السجن فعليه أن يفارقها حينئذٍ وتبقى زوجةً لأخيه، وإن شاءت رفعت الأمر للقاضي الشرعي يفسخها، إذا كانت في حاجة للفسخ والمفارقة؛ لسجنه وعدم وصوله إليها، هذا شيء يرجع للقاضي الشرعي الذي ينظر في أمر المرأة وزوجها؛ لأنه يخشى أن يكون الكاتب كاذبًا، أراد أن يشوش على أخي الشهيد ويزعم أنه فلان ويخشى أن يكون مزورًا وكاذبًا، فلا بد من التثبت في الأمور، فإذا سأل المسؤولين، أو أرسل من ينظر في السجناء حتى يعرفهم ويعرفونه بعد التثبت من ذلك، حينئذٍ يفارقها زوجها الجديد أخوه، وتبقى في عصمة زوجها الأول، ولا حرج على أخيه؛ لأنه لم يتعمد الباطل، إنما أخذها على اعتقاده أن أخاه قد مات، وهكذا اعتقاد أهلها فلا شيء عليهم والحمد لله، وإن لم يثبت هذا فإنها زوجته فلا يعجل، ولا يكتفي بالكتاب الذي كتبه، إلا إذا كان معروفًا أنه خطه، خط أخيه، إذا عرِف أن هذا خط أخيه عرفه الشهود العدول، أن هذا قلمه وأنه مؤرخ من جديد وليس فيه شبهة، فيخشى أن أحدًا أخذ خطًا قديمًا، أو قلد خطه، المقصود أنه لا بد من التثبت في الأمور، فإذا تيقن يقينًا أن أخاه موجود فعليه أن يعتزلها يكون تزوجها وهي ذات زوج، ويكون معذورًا والأحوط أن يطلقها طلقة واحدةً خروجًا من كلام من قال بصحة الزواج بهذه الحالة، ولو ظهر أنه حي؛ لأنه تزوجها على وجهٍ شرعي

باعتقاده أنه مقتول ولا يلزمه الاعتزال لحين التثبت من الخبر؛ لأن الأصل حل النكاح، الأصل أنه زواجٌ شرعي فليس عليه اعتزالها، حتى يتحقق أن أخاه موجود.

بيان ما يجوز للرجل من المرأة بعد عقده عليها

78 - بيان ما يجوز للرجل من المرأة بعد عقده عليها س: ماذا يجوز للرجل من زوجته بعد عقد النكاح وقبل الدخول والبناء بها؟ نرجو توضيح ذلك جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: يجوز له منها ما يجوز للرجال مع زوجاتهم، لكن ينبغي له أن يصبر حتى يتيسر الدخول، فإن احتاج إلى زيارتها والاتصال بها بإذن أهلها بأمر واضح، فلا حرج في ذلك إذا اجتمع بها وخلا بها بإذن أهلها، لا حرج في ذلك أما على وجه سري لا يعرف، فهذا فيه خطر فإنها قد تحمل منه ثم يظن بها السوء وينكر اتصاله بها، فيكون فتنة وشر كبير، فالواجب أن يمتنع ويصبر حتى يتيسر له الدخول والبناء بها، وإذا دعت الحاجة إلى اتصاله بها واجتماعه بها فليكن ذلك مع أبيها أو أمها أو أخيها حتى لا يقع شيء يخشى منه العاقبة الوخيمة. ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (155).

بيان الشروط التي تنبغي مراعاتها لكل من الزوجين في الآخر

79 - بيان الشروط التي تنبغي مراعاتها لكل من الزوجين في الآخر س: يسأل الأخ: ش. أ. ب. ويقول ما هي الشروط التي يجب توفرها في الزوجين المسلمين؟ وخاصة الزوجة، مع التركيز على مسألة الحجاب، وهل يجب الحجاب بحيث لا يجوز الزواج بدونه، خاصة في البلاد التي لم تعتد على الحجاب منذ أمد بعيد؟ (¬1) ج: الشروط التي يجب توفرها في الزوجين: أن يكون كل منهما صالحًا للزواج من الآخر، بأن يكونا مسلمين، أو كافرين، أو مسلمًا وكتابية، هذا الشرط الذي لا بد منه. إما أن يكونا مسلمين، أو كافرين ككافر وثني ووثنية، أو يهودي ويهودية أو نصراني ونصرانية، وشبه ذلك، أو أن يكون الزوج مسلمًا والزوجة كتابية محصنة؛ لأن الله أباح لنا نكاح المحصنات من أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى، والمحصنة هي المعروفة بالعفاف والحرية، ليست رقيقةً، ولا معروفةً بالزنى، ولا وسائل الزنى، بل معروفة بالحصانة والعفة، فيجوز للرجل المسلم أن ينكحها، وترك ذلك أفضل وأولى؛ لأن نكاح الكتابية قد يجره إلى ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (182).

الكفر، وقد يجر أولاده، فلهذا رأى المحققون من أهل العلم أن ترك نكاحها أفضل وأولى، لكن مع هذا يجوز بنص القرآن في ذلك. أما كونها دينة فهذا هو الأفضل والذي ينبغي، لقوله صلى الله عليه وسلم: «تنكح المرأة لأربع: لجمالها ولمالها ولحسبها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك» (¬1) فالأفضل للمؤمن أن يختار المرأة الصالحة الطيبة في أخلاقها وأعمالها، بأن تكون متحجبة، بعيدة عن التبرج، بعيدة عن أسباب الفتنة، يختارها ويسأل عنها، لكن لو تزوج امرأةً لا تتحجب أو عندها شيء من التساهل في بعض المعاصي فالنكاح صحيح، لكن تركها أولى، ينبغي له أن يسأل عنها ويحرص، حتى تكون جيدةً مختارة حسب الإمكان، وهكذا الرجل ينبغي أن تختاره المرأة، وأن تجتهد في أن يكون صالحًا طيبًا بعيدًا عن أسباب الشر، لا سكيرًا ولا حليقًا للحيته، ولا صاحب تدخين، ولا صاحب زنى، ونحو ذلك، تجتهد لعله يكون سليمًا، هذا هو الذي ينبغي من باب الحرص على سلامة الدين، ولكن ليس شرطًا في النكاح، لو تزوجته وعنده بعض المعاصي صح النكاح، أو تزوجها وهي مسلمة لكن عندها بعض لمعاصي صح النكاح، ولكن كون كل واحد يختار الصاحب الطيب، هي تختار الرجل ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدِّين، برقم: (5090)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، برقم: (1466).

الطيب، وهو يختار المرأة الطيبة، هذا هو المطلوب، هذا هو الذي ينبغي، لقوله صلى الله عليه وسلم: «فاظفر بذات الدين تربت يداك» (¬1) وقوله في الحديث الآخر: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه» (¬2) وفي اللفظ الآخر: «وأمانته، فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (¬3) وأما ترك الصلاة فهو كفر، صاحبها يعتبر كافرًا، لا بد من كونه يصلي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬4)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬5)، فلا يجوز للمسلم أن ينكح امرأةً لا تصلي، ولا يجوز للمسلمة أن تنكح رجلاً لا يصلي. بل يجب الاحتياط في هذا والحذر، وأن تسأل عنه ويسأل عنها. إذا كانت لا تصلي وهو يصلي، أو كان هو لا يصلي وهي تصلي، فلا يجوز التنكاح بينهما في أصح قولي العلماء، لا بد من كونهما ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدِّين، برقم: (5090)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، برقم: (1466). (¬2) أخرجه الترمذي، في كتاب النكاح، باب ما جاء: إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه، برقم (1084). (¬3) أخرجه سعيد بن منصور في سننه، باب ما جاء في المناكحة، برقم (590). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬5) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

يصليان جميعًا، أو لا يصليان جميعًا، كافرين، حتى يتساويا في الإسلام أو في الكفر، نسأل الله السلامة والعافية.

بيان المقصود بالزوجة الصالحة

80 - بيان المقصود بالزوجة الصالحة س: ما هي الصفات التي ترونها في الزوجة الصالحة التي يريد الرجل أن يخطبها؟ (¬1) ج: الزوجة الصالحة هي المقيمة لأمر الله المحافظة على الصلاة في أوقاتها البعيدة عن التبرج في خروجها إلى الأسواق، المعروفة بحسن السمت والسيرة، هذه الزوجة الصالحة، فالتي تريد زواجها، اسأل عنها، لقوله صلى الله عليه وسلم: «فاظفر بذات الدين تربت يداك» (¬2) فإذا ذكرت لك بالمحافظة على الصلاة والتستر وعدم التبرج وعدم تعاطي الكذب وأشباه ذلك فهذه المرأة الصالحة، الله ييسر أمرنا وأمرك. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (361). (¬2) صحيح البخاري النكاح (5090)، صحيح مسلم الرضاع (1466)، سنن النسائي النكاح (3230)، سنن أبو داود النكاح (2047)، سنن ابن ماجه النكاح (1858)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 428)، سنن الدارمي النكاح (2170).

س: السائل م. ن. يقول/ ما هي الشروط التي يجب أن تتوفر في الزوجة الصالحة أفيدونا بذلك جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (367).

ج: الزوجة الصالحة هي المستقيمة على أمر الله، التاركة لمحارم الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك» (¬1) قال الله جل وعلا: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}، ثم فسرهم فقال: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}، هؤلاء هم أولياء الله، وهم الصالحون من الرجال والنساء، وهم المتقون هم المؤمنون هم الأبرار، هم أصحاب اليمين، وإن كانوا يسارعون إلى الخيرات النافلة مع الفريضة صاروا من المقربين السابقين، فإذا كانت تؤدي فرائضها وتدع المحارم ولا يسمع عنها إلا الخير فهي من الصالحات، أما إن كانت تعرف بشيء من المعاصي فتكون من الفاسقات، من العاصيات كأن تعرف بشرب الخمر، أو بالزنى أو بالعقوق لوالديها تكون بهذا عاصية فاسقة عليها التوبة، ولا تكون كافرة تكون عاصية؛ لأن هذه معاص إذا لم يستحلها العبد، ويرى أنها حلال، بل يعرف أنها حرام ويخاف الله في ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدِّين، برقم: (5090)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، برقم: (1466).

ذلك، هذه تكون معصية تكون نقصًا في الإيمان، ومن أسباب عذاب الله وغضبه، أما إن كان يستحل الزنى ويراه حلالاً أو الخمر يراه حلالاً هذا كفر أكبر، أعوذ بالله.

حكم تزويج الرجل ابنته من فاقد لبعض الشروط

81 - حكم تزويج الرجل ابنته من فاقد لبعض الشروط س: هل يجوز أن تزوج ابنتك برجلٍ غير متوفرٍ فيه الشروط كاملة من الناحية الدينية؟ (¬1) ج: إذا كان مسلمًا ولو كان فيه بعض المعاصي يجوز لكن التماس الرجل الطيب المستور أولى وأفضل للجميع، لكن لو كان إنسان عنده بعض المعاصي فالصواب أن نكاحه صحيح؛ لأن الذي يحرم، تزويج الكافر الذي لا يصلي، أو يسب الدين، أو يهودي، أو نصراني، لا يجوز أن يتزوج مسلمة، النكاح باطل، قال الله جل وعلا: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} لا بد أن يكون زوج المسلمة مسلمًا ولا بد أن يتزوج المسلم مسلمة أو كتابية محصنة خاصة، فالمسلم ليس له أن ينكح كافرةً إلا أن تكون كتابية محصنة من اليهود أو النصارى، والمسلمة ليس لها أن ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (328).

تنكح كافرًا أبدًا ليس لها أن تنكح إلا مسلمًا، فإذا كان الزوج مسلمًا ولكن عنده بعض المعاصي أو كانت الزوجة مسلمة ولكن عندها بعض المعاصي فالنكاح صحيح، ولكن التماس الزوج الطيب المستور، والزوجة الطيبة ذات الدين، هذا هو الذي ينبغي.

س: يقول السائل الأفضل للشاب المسلم البحث عن زوجةٍ صالحة قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «خير متاع الدنيا الزوجة الصالحة»، فإن لم يجد ووجد زوجة قد يؤثر عليها فهل يتزوجها؟ (¬1) ج: إذا تيسرت الزوجة الصالحة، فليحرص عليها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك» (¬2) وقوله صلى الله عليه وسلم: «الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة» (¬3) فليحرص على الزوجة الصالحة التي تحافظ على دين الله، تحافظ على الصلاة، بعيدة عن ¬

(¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (388). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدِّين، برقم: (5090)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، برقم: (1466). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6531).

تهمة الفواحش، بعيدة عن سائر المعاصي، يحرص لعله يجدها؛ فإن لم يجد تزوج ما تيسر ما دامت مسلمة عفيفة، يتزوج ولو كان عندها نقص، ليست من الناس المعروفين بالمسابقة في الأعمال الصالحات، وليست معروفة بالبعد عن شيء من المعاصي للضرورة، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، ما دامت مسلمة فالحمد لله، ولكن إذا تيسرت المرأة المسلمة المعروفة بالاستقامة والصفات الحميدة فليحرص عليها مهما أمكن.

حكم العقد على المرأة بدون ولي

82 - حكم العقد على المرأة بدون ولي س: السائل اسمه حضري، من الجزائر، يقول: ما هو الحكم الشرعي في هذه المسألة عقد رجل على امرأة من غير وليها، فما الحكم في ذلك؟ (¬1) ج: العقد بدون ولي عقد فاسد، على الصحيح، الذي عليه جمهور أهل العلم. ليس للمرأة العقد عن نفسها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلا بولي» (¬2) ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا تزوج ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (388). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه برقم (19023).

المرأة نفسها، ولا تزوج المرأة المرأة» (¬1) كلاهما أحاديث صحيحة، فالواجب على المرأة أن ترفع الأمر إلى وليها، ووليها أبوها إن وجد أو جدها، فإن لم يوجد أب ولا جد فابنها أو ابن ابنها، فإن لم يوجد فالأخ الشقيق ثم الأخ لأب، وهكذا على حسب الميراث، العصبة، لكن المقدم منهم الأب، ثم الجد وإن علا، ثم الابن ثم ابن الابن وإن نزل، ثم الأخ الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم ابن الأخ الشقيق، ثم ابن الأخ لأب، ثم العم الشقيق ثم العم لأب ثم أقرب العصبة هكذا، وليس لها أن تزوج نفسها، وإذا فعلت فالنكاح فاسد غير صحيح، يجب تجديده، ويجب التوبة من ذلك، لكن لو فعلوا وحملت يكون الولد لاحقًا بأبيه؛ لأن العقد شبهة يلحق به لكن يجب أن يجدد ويجب على ولي الأمر أن يؤدبهما، إذا فعلا ذلك؛ لأن هذا منكر، فالواجب تأديب من فعل ذلك وتجديد العقد بعقدٍ شرعي. بشاهدين. ¬

(¬1) أخرجه ابن ماجه في كتاب النكاح، باب لا نكاح إلا بولي، برقم (1882).

س: تقول المستمعة هل يجوز العقد للفتاة، بدون حضور ولي أمرها، وهو على قيد الحياة؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (408).

ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلا بولي» (¬1) ليس لأحد أن يعقد على امرأة بدون وليها، لا صغيرة ولا كبيرة، يقول صلى الله عليه وسلم: «لا تزوج امرأة نفسها، ولا تزوج المرأة المرأة» (¬2) ليست محرمًا لنفسها ولا لغيرها، وعليها أن تطلب من وليها أن يزوجها أو يوكل إذا كان له شغل أو بعيد، يوكل من يقوم مقامه، ووليها أقرب الناس إليها من العصبة أبوها ثم جدها وإن علا، ثم ابنها وابنه وإن نزلوا، ثم الأخ الشقيق ثم الأخ لأب ثم ابن الأخ الشقيق ثم ابن الأخ لأب، ثم العم الشقيق ثم العم لأب، ثم ابن العم الشقيق ثم ابن العم لأب وهكذا .. الأقرب فالأقرب، فأقربهم وأقدمهم الأب ثم الجد وإن علا ثم بعد هذا إذا فقد الأب والجد يكون الابن، ثم بعده ابن الابن، وهكذا، وليس لها أن تزوج نفسها، وليس للأبعد أن يزوج مع وجود الأقرب، وإذا كان للأقرب عذر، وكل من يقوم مقامه، فإن لم يتيسر بأن كان في محلٍ بعيد ولم يقدر عليه زوج القريب الذي يليه، زوج موليته. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه برقم (19023). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب النكاح، باب لا نكاح إلا بولي، برقم (1882).

س: ما حكم النكاح بدون ولي، ولا سيما إذا كانت المخطوبة ثيبًا، ولا سيما إذا كان الخاطب، والمخطوبة في بلد غير بلد الولي؟ (¬1) ج: الولي لا بد منه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم، «لا نكاح إلا بولي» (¬2) ولا بد من كون المرأة تخبر وليها، وهو الذي يتولى عقد النكاح، المرأة لا تنكح نفسها، ولا تنكح غيرها، هذا هو الزنى، فرق ما بين الزنى ونكاح الولي، والشروط التي شرطها الله في ذلك، فلا بد من ولي ولا بد من شاهدين، ولا بد من إيجاب وقبول، فلا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها سواء كانت ثيبًا أو بكرًا، بل الواجب عليها أن ترفع الأمر إلى وليها، وليها هو الذي يتولى ذلك، الواجب على الولي أن يتقي الله، وألاّ يعضلها، وأن يجتهد في تيسير الزواج لها، إذا خطبها الكفء، واجب على الولي أن يسهل في ذلك، وأن يجتهد، في إحصان موليته، وتسهيل زواجها وعدم التعنت، والتكلف في المهر، ولا في الولائم ولا في غير ذلك، هذا الواجب عليه فإذا عضلها أو تكلف في هذه الأمور، ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (220). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه برقم (19023).

في إمكانها أن ترفع الأمر إلى المحكمة، إذا كانت في بلادها محكمة، حتى تنظر المحكمة في الأمر، وتأخذ على يد الولي، أما إذا كانت المرأة في بلاد ليس فيها ولي، وليس فيها أب، ولا أخ ولا ابن عم، فإن الحاكم يقوم مقامه، وليها الحاكم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «السلطان ولي من لا ولي له» (¬1) فالحاكم يقوم مقام وليها ويكون هو وليها، يزوجها أو يوكل من يزوجها، فإذا كانت في بلاد ليس فيها حاكم ولا ولي، كالأقليات الإسلامية في بلاد الكفر، هذه يزوجها رئيس المركز الإسلامي، إذا كان عندها مركز إسلامي؛ لأنه بمثابة السلطان عندهم، فرئيس المركز الإسلامي، ينظر لها ويزوجها بالكفء، إذا كان ليس لها أولياء، وليس هناك قاض وإذا كان ولي أمرها موجودًا، ولكنه بعيد يكاتب حتى يرسل وكالة، أما إذا كان ما يعرف محله، فالولي الذي بعده يقوم مقامه، فإذا كان لا يوجد فالسلطان يقوم مقامه. ويزوجها. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، برقم (2260).

س: لدينا ما يسمى بيسر عقد النكاح، وهو الاتفاق بين الزوجين على المهر، وإحضار شاهدين بغير إذن الولي، إما لعدم حضوره أو

لعدم إذنه، فهل هذا العقد يعتبر صحيحًا؟ (¬1) ج: ليس بصحيح، لا عقد إلا بولي، يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «لا نكاح إلا بولي» (¬2) فالمرأة لا تزوج نفسها، ولا تزوج غيرها، فلا بد في النكاح من الولي، النكاح يحضره أربعة: الولي والزوج والشاهدان، هذا هو النكاح الشرعي، ولي وهو أقرب العصبة إلى المرأة، أبوها ثم جدها وإن علا بمحض الذكور ثم ابنها ثم ابن ابنها وإن نزل، ثم أخوها الشقيق، ثم أخوها لأب، ثم بقية العصبة الأقرب فالأقرب، لا بد من الولي، وأن يكون مسلمًا معروفًا بالخير، عدلاً حسب التيسير، فإن لم يتيسر العدل جاز، وإن كان غير عادل إذا كان مسلمًا، فالمقصود أنه لا بد من الولي، ولا بد من شاهدين معروفين بالخير والعدالة، فالزوج هو صاحب الحاجة، والولي يزوج ويقول زوجتك فلانة بنت فلان، بنته أو أخته ونحو ذلك، والزوج يقول قبلت، والشاهدان يشهدان بذلك، أما ما يسمى بالزواج العرفي، وهو كونها تزوج نفسها من دون ولي هذا لا يجوز، بل باطل عند جمهور أهل ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (165). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه برقم (19023).

العلم، وعليه دل النص الصحيح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو قوله: «لا نكاح إلا بولي» (¬1) وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها» (¬2) ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه برقم (19023). (¬2) أخرجه ابن ماجه في كتاب النكاح، باب لا نكاح إلا بولي، برقم (1882).

حكم عقد النكاح بشاهدين أحدهما لا يصلي

83 - حكم عقد النكاح بشاهدين أحدهما لا يصلي س: الأخ/ أبو عبد الله من الرياض، يقول: رجل مسلم ملتزم بدينه، محافظ على الصلوات الخمس والحمد لله، تزوج من امرأة مسلمة ملتزمة، فكان أحد الشاهدين على عقد النكاح رجل لا يصلي، وربما وقع في الكبائر كشرب الخمر، فهل عقد النكاح في مثل هذه الحالة صحيح من الناحية الشرعية؟ علمًا بأنه قد حضر كتابة العقد عدد كبير من الرجال المسلمين المصلين، وشهدوا بأنفسهم إجراءات الصك للزواج. ما حكم ما وقع بين الزوجين من نكاح؟ وهل يلزم الإعادة لكتابة العقد؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (417).

ج: نعم، إذا كان عند العقد، عند قوله زوجت، وعند قول الزوج: قبلت، لم يحضرهما إلا شاهدان أحدهما لا يصلي، يعاد العقد؛ لأنه ليس بعدل؛ لأن العقد لا بد فيه من شاهدين عدلين مع الولي، فإذا كان عند إجراء العقد حين قال زوجتك، وحين قال الزوج قبلت، لم يحضرهما إلا شاهدان، أحدهما فاجر معروف الفجور، أو كافر كتارك الصلاة، يجدد العقد.

حكم توكيل المرأة غير وليها في عقد نكاحها

84 - حكم توكيل المرأة غير وليها في عقد نكاحها س: السائل من سوريا، يقول: هل يجوز للبنت بعد أن عقد عليها أن توكل غير وليها بإتمام العقد ليلة الزفاف؟ لأن البنت عندنا بعد أن يأخذ الأب المهر ويتم التراضي على هذا الزواج وفي ليلة الزفاف يحضر الشهود وتقوم البنت بتوكيل شخص غير وليها لإتمام صيغة العقد، ومثال ذلك: يؤتى بالعريس وبالوكيل من غير الولي، ثم يقول وكيل البنت: زوجتك موكلتي فلانة بنت فلانة بمهر قدره كذا على سنة الله ورسوله، ثم يقول العريس: قبلت نكاح موكلتك فلانة على سنة الله ورسوله، فما هو قولكم في ذلك؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (410).

ج: هذا لا يجوز، ليس لها أن توكل، إنما الولي هو الذي يتولى ذلك، ولكن تستأذن فإذا أذنت زوجها وليها، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا نكاح إلا بولي» (¬1) ويقول صلى الله عليه وسلم: «البكر تستأذن وإذنها سكوتها» (¬2) «والثيب تستأمر» (¬3) فالثيب وهي التي قد تزوجت تستأمر وتأذن نطقًا، والبكر يكفي سكوتها، ولكن لا يزوج كلا منهما إلا الولي، الأب، ثم الجد، ثم الابن، ثم ابن الابن وإن نزل، ثم الأقارب حسب الميراث، كالأخ الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم ابن الأخ الشقيق، ثم ابن الأخ لأب وهكذا، وليس للمرأة أن تزوج نفسها، ولا أن توكل من يزوجها، بل الواجب أن يتولى هذا الولي سواءً في ليلة الزفاف، أو قبل ذلك، لا بد أن يتولى النكاح الولي، فيقول زوجتك ويقول الزوج قبلت بحضرة شاهدين، بعد رضا البنت، أو الأخت، لا بد أن تكون راضية نطقًا إذا كانت ثيبًا، أو بالسكوت إن كانت بكرًا، هذا هو الواجب، هذا هو المشروع الذي عليه جمهور أهل العلم. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه برقم (19023). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1421). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحيل، باب في النكاح، برقم (6968).

بيان السن المعتبر لولاية النكاح

85 - بيان السن المعتبر لولاية النكاح س: ما هو السن المعتبر لكي يكون الشخص ولي المرأة ويجوز له أن يزوجها؟ (¬1) ج: هو البلوغ إذا بلغ وكان رشيدًا يعرف قيم الرجال، يعني يعرف الأكفاء من غير الأكفاء، هذا السن، إذا كان قد بلغ الحلم، بأن أكمل خمس عشرة سنة أو احتلم، أنزل المني بالاحتلام أو باليقظة أو أنبت الشعر الخشن حول الفرج يعني الشعرة، بهذا يكون مكلفًا، مع التمييز، كونه يعني يميز الرجال يعرف أنه رشد، يعرف مناقب الرجال ومنازل الرجال، هذا يسمى وليًا وله التزويج، أما إذا كان دون البلوغ، أو كان ضعيف البصيرة، ما يحسن، ما عنده رشد، فيزوج غيره، يزوج من هو أولى منه، والمتصف بالصفات التي تنبغي في الولي وإن كان أبعد منه، فإذا كان أخوها بهذه الصفة، يعني ما بلغ الحلم، أو بلغ لكن ما عنده بصيرة، ما عنده رشد، فإنه يزوجها عمها إذا كان لها عم، بعد أخيها إذا كان هو أقرب الناس إليها بعد الأخ أو ابن أخيها، إذا كان له ابن وهو مرشد جيد تكون الولاية له دون أبيه الذي ليس بمرشد، الذي ضعف ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (4).

عقله، الحاصل أنه يزوجها وليها الرشيد، الذي يعرف الرجال، الرشيد ههنا يعني يعرف الأكفاء.

س: هناك امرأة طلبت من رئيس كتابة العدل أن يسجل لها وكالة لأخيها من أبيها، ليتولى عقد زواج لها على الزوج الذي ترضاه، مع أنها تركت أبناءها وهم الأقربون للولاية، وليس فيهم نقص ومن بعدهم أخ شقيق، وفعلاً أخرجا الصك من كتابة العدل، حسب رغبتها ثم اتصلت هي والوكيل والزوج، بإمام مسجد وليس موظفًا وظيفة رسمية، فتم العقد والزواج، بهذه الصفة فما رأيكم فيمن كتب هذه الوكالة، ومن عمل بها، وأيضًا ما صحة وقوع الزواج؟ (¬1) ج: أولاً الواجب أن يتولى النكاح الأقرب فالأقرب، هذا هو الأرجح من أقوال العلماء، يتولاه الأقرب فالأقرب، الأب، ثم يليه الجد ثم الأبناء ثم الإخوة الأشقاء ثم الإخوة لأب ثم من دونهم كابن الأخ الشقيق، وابن الأخ لأب والعم الشقيق والعم لأب كالمواريث، هذا هو الأرجح؛ لأن هذه قرابة يترتب عليها حنو على المرأة وحرص على ما ينفعها، ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (1).

فكان الأقرب فالأقرب أولى، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لا نكاح إلا بولي» (¬1) كلما كان الولي أقرب صار أكثر عنايةً بها وحرصًا على مصلحتها، فلا ينبغي لها ولا لغيرها أن يعمل ذلك، كيف تكتب الوكالة باسم الأبعد ويترك الأقرب، مثل هذه التي كتبت الولاية لأخيها وموجود لها أبناء، والأبناء مقدمون على الراجح على الإخوة، لكن إذا تم العقد بذلك فينبغي أن يجدد العقد بالولي الأقرب، حتى يخرج من خلاف العلماء، بعض أهل العلم يرى أن جميع الأقارب العصبة يكفون، سواء كان أخًا أو ابنًا أو عمًا، ولكن الأولى والذي ينبغي هو تقديم الأقرب فالأقرب، فالتي عقد لها أخوها لأبيها مع وجود أبنائها ينبغي أن يجدد عقدها بنفس ابنها أو وكيل ابنها، إلا إذا كان ابنها قد وافق على توكيل الأخ لأب فلا بأس، إذا وافق الأقرب على توكيل الأبعد فلا حرج إذا قال الأقرب توكل الأبعد، يعني وكل ابنها أخاها فلا بأس، أما إذا كان بغير إذنهم وبغير موافقتهم فلا لا بد من كون الأقرب هو الذي يتولى عقد النكاح، وإذا تم العقد بولاية غير الأقرب فينبغي أن يجدد بولاية الأقرب خروجًا من خلاف العلماء واحتياطًا للفروج، الفروج أمرها عظيم، الفروج لها شأن فينبغي أن يحتاط لها في كل شيء، ومن ذلك أن يكون العقد من الأقرب لا من الأبعد، إذا تولاه ¬

(¬1) سنن الترمذي النكاح (1101)، سنن أبو داود النكاح (2085)، سنن ابن ماجه النكاح (1881)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 418)، سنن الدارمي النكاح (2182).

الأبعد ينبغي أن يجدد من الأقرب، حتى تكون المرأة حِلاً للزوج ليس فيه شبهة.

س: السائلة م. م. أ. تقول: سماحة الشيخ لها مشكلة ألا وهي أنها تبلغ من العمر السابعة والعشرين تقول قبل عشر سنوات أجبروني أهلي على الزواج من ابن عمي وقد كنت لا أرغب به ولما هددوني بالضرب رجعوني إليه ولم أجلس في بيته سوى خمسة أيام ورجعت إلى بيت أهلي وبعد ثلاث سنوات أجبروني على الرجوع إليه مرة أخرى ولم أبق معه إلا ثلاثة أيام، بعدها تزوج هذا الرجل، وأهلي يعاندوني ولم يطلقوني منه منذ عشر سنوات، وهو في حياته لم يصل لله ركعة، وأنا فتاة ملتزمة بأوامر الدين، وملتزمة بالفرائض، ولا أرضى أن أبقى مع هذا الإنسان، أفتونا ووجهونا في هذا السؤال جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء؟ (¬1) ج: ليس لأبيك ولا غيره إجبارك على زوجٍ لا ترضينه هذا لا يجوز، حرام عليه، والنكاح غير صحيح لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ¬

(¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (370).

تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا يا رسول الله كيف إذنها؟ قال: أن تسكت» (¬1) وقال صلى الله عليه وسلم: «البكر يستأذنها أبوها وإذنها سكوتها» (¬2) فالواجب على أبيك أن يتقي الله وألا يجبرك على أحد أبدًا، لا يزوجك إلا بإذنك وإذا كان لا يصلي هذا أيضًا النكاح باطل من جهتين، منها كونه لا يصلي، ومنها كونك مجبرة فالنكاح باطل غير صحيح، وليس له حق عليك؛ لأنك لم ترضي بالنكاح ولأنه لا يصلي وأنت ملتزمة فالنكاح باطل، ولا يجوز تزويج المسلمة المصلية على شخص لا يصلي؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر في أصح قولي العلماء وإن لم يجحد وجوبها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬3) أخرجه مسلم في صحيحه، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬4) فالواجب أن يرفع الأمر ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها برقم (5136) ومسلم في كتاب النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1419). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1421). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

للمحكمة حتى يفسخ العقد، وعلى أبيك أن يرفع الأمر للمحكمة حتى يفسخ العقد، وحتى تخلصي من هذا الرجل، أما إن هداه الله وطلق فالحمد لله، لكن إذا أبى رفع الأمر للمحكمة فالنكاح غير صحيح، لكن الطلاق لقطع التعلقات، والخروج من الخلاف.

حكم إجبار المطلقة البائن بينونة صغرى على الرجوع أو الحجر

86 - حكم إجبار المطلقة البائن بينونة صغرى على الرجوع أو الحجر س: ابنة عمي طلقتها من عام ستة وثمانين وحتى اليوم هذا، لم تتزوج وكلما تقدم إليها أحدٌ رفضت وتقول: ولد عمي موجود، وبعد رجوعي إلى السودان تقدمت لاسترجاعها فرفضت، وقلت لها سوف أعترض على أي شخص يتقدم للزواج منك، علمًا بأن عمي والأسرة كلهم موافقون؛ لأنني مطلقها طلقةً واحدةً، أرجو إفادتي؟ (¬1) ج: ليس لك أن تجبرها، وليس لك أن تعترض، ليس لك أن تعترض على من يخطبها، هذا حرام عليك، طلقتها واعتدت وانتهت من سنوات طويلة، إن رغبت فيك فالحمد لله، ما دامت بطلقة واحدة أو طلقتين، تزوجها بعقد جديد، وأما إذا أبت فلا؛ لأنه مضى سنوات طويلة، أما لو ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (309).

راجعتها في العدة، فلك المراجعة لكن ما دام تركتها حتى اعتدت، ومضت هذه السنوات الكثيرة، ثم تريد الآن أن تخطبها لا بد من رضاها، حتى ولو رضي أهلها، الحق لها هي، فإن رضيت وإلا فليس لأهلها أن يجبروها، لا أبٌ ولا غيره، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «الأيم أحق بنفسها من وليها» (¬1) والبكر تستأذن، وسكونها رضاها، ويقول عليه الصلاة والسلام: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله كيف إذنها؟ قال: أن تسكت» (¬2) فلا بد من الإذن من الأيم ومن البكر، والأيم هي التي قد تزوجت، مثل هذه التي سألت عنها لا بد من إذنها وموافقتها، وليس لأحد جبرها لا أبٌ ولا غيره بنص كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، فاتق الله واحذر طاعة الشيطان، ولا تظلمها، وهكذا أهلها عليهم أن يحذروا الظلم، فهي أعلم بنفسها إن تزوجت فالمصلحة لها، وإن أبت فالمضرة عليها. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1421). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها برقم (5136) ومسلم في كتاب النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1419).

حكم طلب المرأة الطلاق إذا أجبرت على زوج لا تريده

87 - حكم طلب المرأة الطلاق إذا أجبرت على زوج لا تريده س: شابة في منتصف العمر، أجبرها أهلها على الزواج من ابن عمها

وهي في الواقع قد أبدت لهم الرغبة في أنها لا تريد هذا الرجل، ولكنهم اضطروها على ذلك، وأدخلوه عليها رغمًا عنها كما تقول، وحينئذٍ بدأت في المعاناة، وبدأت تطلب الطلاق، فهل عليها من إثم في ذلك؟ (¬1) ج: الواجب عليها السمع والطاعة لوالديها في المعروف، إذا استطاعت ذلك، فإذا لم تستطع فهذا شيء يتعلق بها، هي أعلم بنفسها، ترفع أمرها إلى المحكمة، والمحكمة فيها الكفاية إن شاء الله، أما إن كانت دخلت برضاها، لما شدد عليها وافقت فليس لها بعد ذلك من أن تغير، بل عليها أن تصبر وتحتسب، إلا إذا كان أمر لا تطيقه فهذا يعود إلى المحكمة، ترفع أمرها إلى المحكمة، والمحكمة فيها الكفاية إن شاء الله. ¬

(¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (341).

حكم عقد الأب الذي لا يصلي نكاح ابنته

88 - حكم عقد الأب الذي لا يصلي نكاح ابنته س: يقول: أنا تقدمت إلى فتاة مسلمة ومحجبة وتصوم وتصلي، لكن أبوها لا يصوم ولا يصلي، ويشرب الخمر، هل يصلح أن يعقد لها؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (243).

ج: الصواب أنه لا يعقد لها؛ لأن ترك الصلاة كفرٌ أكبر، ولكن يعقد لها من دونه، وهو أخوها إن وجد لها أخ، أو عمها إن وجد لها عم، فإن لم يوجد وليٌ لها سوى أبيها الذي لا يصلي، فإن العقد يكون للحاكم الشرعي، أما أبوها الذي لا يصلي فلا يصلح أن يكون وليًا لها في أصح قولي العلماء؛ لأن ترك الصلاة كفرٌ أكبر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬1) رواه مسلم في صحيحه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬2) أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه في أدلة أخرى تدل على كفر تارك الصلاة. نسأل الله أن يصلح حال المسلمين، وأن يهدي من ضل عن الحق إلى الرجوع إليه، فالصلاة أمرها عظيم وهي عمود الإسلام، من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، فنصيحتي لكل مسلم ولكل مسلمة الحذر من التهاون بالصلاة، والحرص الكامل على المحافظة عليها في أوقاتها، فإنها عمود الإسلام، وركنه الأعظم بعد الشهادتين؛ كما قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

الإسلام وعموده الصلاة» (¬1) وقال عليه الصلاة والسلام: «من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأُبي بن خلف» (¬2) وهذا وعيد عظيم وخطرٌ كبير، وهذا الحديث صحيح رواه الإمام أحمد بإسناد جيد عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، قال بعض أهل العلم: إنما يحشر من ضيع الصلاة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف؛ لأنه: إن ضيعها من أجل الرياسة شابه فرعون فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، وإن ضيعها من أجل الوزارة والوظيفة شابه هامان وزير فرعون، فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، وإن ضيعها بأسباب المال والشهوات شابه قارون الذي خسف الله به وبداره الأرض؛ بسبب كبره وبغيه وعناده، وعدم استجابته لدعوة موسى عليه الصلاة والسلام، أما إن تركها من أجل التجارة والبيع والشراء فإنه يشابه بذلك أُبي بن خلف تاجر أهل مكة، فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، فأُبي بن خلف هذا قتل كافرًا يوم أحد قتله ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6540).

النبي عليه الصلاة والسلام. فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة الحذر من التشبه بأعداء الله في ترك الصلاة، والواجب المحافظة عليها في أوقاتها، الرجل يصليها في الجماعة مع المسلمين، والمرأة تصليها في البيت في وقتها، فهي عمود الإسلام، وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: «لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة» (¬1) وهكذا قال عمر رضي الله عنه: «لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة» (¬2) وكان عمر رضي الله عنه يكتب إلى عماله، ويقول: «إن أهمَّ أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع» (¬3) وبعض الناس يترك صلاة الفجر أو يؤخرها إلى ما بعد طلوع الشمس وهذا منكر عظيم، وشرٌ كبير، وربما ضيع صلاة العصر إذا جاء من عمله، وهذا أيضًا شرٌ عظيم، قد ذهب جمعٌ من أهل العلم إلى أنه يكفر بذلك، نسأل الله ¬

(¬1) ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن عند تفسير الآية (221)، من سورة البقرة (حـ3/ 64). (¬2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب ما جاء في تكفير من ترك الصلاة عمدًا من غير عذر، برقم (6499). (¬3) أخرجه مالك في الموطأ في كتاب وقوت الصلاة، باب وقوت الصلاة برقم (6).

العافية، إذا تعمد تركها حتى خرج وقتها، فيجب الحذر من هذا العمل السيئ المنكر، بل العمل الكفري، نسأل الله العافية، ويجب على كل مسلم ومسلمة المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها ولا يجوز لأي إنسان أن يؤخر الصلاة عن وقتها لا الفجر ولا غيرها، الواجب أن تصلى في الوقت، والواجب على الزوج والزوجة أن يتعاونا في ذلك، فهي تعينه ويعينها على أداء الصلاة في الوقت، وهكذا الآباء والأمهات عليهم أن يعينوا أولادهم وأن يشددوا عليهم في ذلك حتى يحصل التعاون على البر والتقوى؛ لأن الله يقول سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}، ويقول عز وجل في كتابه العظيم: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}، فالواجب التواصي بالحق، وأعظم الحق الصلاة، بعد التوحيد والإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم، هي أعظم فريضة وأهم فريضة بعد الشهادتين، فالواجب على أهل البيت أن يتعاونوا في ذلك، وعلى أهل الحي أن يتعاونوا في ذلك، وعلى جميع المسلمين أن يتعاونوا في ذلك بالنصيحة والتوجيه والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وعلى ولاة

الأمور أن يقيموا الحد فيمن يستحق القتل والتعزير فيمن يستحق التعزير؛ لأن من تركها ودعي إليها ولم يتب وجب قتله، ومن عرف بالتساهل فيها يعزر من جهة ولاة الأمور حتى يستقيم، فالتساهل في هذا الأمر وسيلة إلى شرٍ عظيم، والحزم فيه والتعاون فيه على البر والتقوى من أهم المهمات، لا في حق الدولة، ولا في حق القرابات، ولا في حق المسلمين عمومًا، كل يجب عليه أن يقوم بنصيبه من هذا الواجب العظيم، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

حكم تقديم العادات على الشريعة في أمور الزواج

89 - حكم تقديم العادات على الشريعة في أمور الزواج س: من المؤسف أن بعض أولياء الأمور يتهاونون في مسائل، تُعد من الأهمية بمكان، وذلك كالتقوى كالصلاة، كإقامة شعائر الإسلام، بينما يتمسكون بأمور ربما أن لسماحتكم فيها وجهة نظر، كأن تكون البنت مخطوبة لابن عمها، والواقع أن الأمر ليس كذلك، بل يقولون: هي موقوفة لابن عمها، ولا يجوز لأحد أن يتزوجها من الخارج، توجيهكم حول هذا الأمر يا شيخ عبد العزيز؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (165).

ج: التساهل بأمور الدين خطير، ولا يجوز للأولياء التساهل بأمور الدين، وإنما يقع التساهل من بعض الناس لضعف دينه، وضعف إيمانه، وقلة تقواه، فلهذا يتساهل بأمور الدين، ويتشدد في الأمور الأخرى العرفية بين جماعته وقبيلته، وهذا من ضعف الإيمان، كأن يقول إن بنتي تبقى لابن عمها، أو أختي تبقى لابن عمها، هذا غلط يجب أن تزوج بالرجل الصالح، وإن كان من قبيلة أخرى ومن قوم آخرين، ولا يجوز حبسها لابن عمها، ولا تجبر على ابن عمها ولو كان صالحًا، لا تجبر عليه، إنما تزوج بإذنها، قال عليه الصلاة والسلام: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله، كيف إذنها؟ قال: أن تسكت» (¬1) متفق على صحته. وقال عليه الصلاة والسلام: «البكر يستأذنها أبوها وإذنها صماتها» (¬2) حتى الأب ليس له أن يجبرها على الصحيح، وليس له أن يقهرها، ولو كانت بكرًا، فلا يجبر البكر ولا الثيب، بل يجب أن يشاورها، والثيب تنطق وتقول: نعم، والبكر يكفي سكوتها، ويختار لها وليها الرجل الصالح والخاطب الصالح، ولو كان ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها برقم (5136) ومسلم في كتاب النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1419). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1421).

من غير قبيلتها، حتى ولو كان غير قبلي، غير عربي، ولو كان عجميًا إذا كان ذا دين، وذا خلق، قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، وإذا كانت قبيلته لا ترغب بذلك، أو يخشى من أذى في ذلك، لا مانع أن يلتمس من قبيلتها أو من القبائل الأخرى العربية المعروفة، لكن يلتمس صاحب الدين، يلتمس الأخيار، لا يقهرها على ابن عمها، ولا يزوجها بمن لا ترضى، بل يجب أن يختار لها الطيب، وأن ينصح لها، ثم يشير عليها بما يرى، ولا يجبرها ولا يلزمها ولو بقيت عانسة، هذا إليها، هذا حقها، نسأل الله للجميع الهداية.

حكم إجبار الأب لابنته على الزواج من رجل لا ترضاه

90 - حكم إجبار الأب لابنته على الزواج من رجل لا ترضاه س: ما حكم من يرغم ابنته على الزواج من رجل لا ترضاه؟ (¬1) ج: لا يجوز ذلك؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «والبكر يستأذنها أبوها، وإذنها سكوتها» (¬2) فليس له أن يرغمها على شخص ولو ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (149). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1421).

كان تقيًا، ليس له إرغامها وإنما ينصح لها ويشير عليها، فيما يراه خيرًا لها، وعليها أن تطيع والدها في الخير والمعروف إذا كان الزوج صالحًا، عليها أن تطيعه وعليها أن تقدر عطفه وحنوه عليها وإحسانه إليها، لكن لا يلزمها طاعته، إذا كان قلبها لا يرضى هذا الزوج، ولا يميل إليه لا بأس عليها أن تعتذر إلى أبيها ولا يجوز لأبيها أن يرغمها، ولكن متى استطاعت أن تطيع والدها في زوج صالح يناسبها فإنه خير لها وأفضل لها، طاعة الوالد من أفضل الطاعات في طاعة الله جل وعلا.

س: هل يجوز للرجل أن يجبر ابنته البكر على الزواج، وكذلك الثيب؟ (¬1) ج: ليس للرجل أن يجبر ابنته البكر أو الثيب على الزواج، كثير من الناس يقع منه التساهل في هذا الأمر، ولا سيما مع الأبكار، فيقع بذلك نزاع كثير بين الزوجين، وفساد عظيم ودعاوى وخصومات كثيرة كل هذا بأسباب مخالفة الحق، وعدم القيام بما يجب من الاستئذان، وقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح بالنهي عن ذلك، ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ¬

(¬1) السؤال .... من الشريط رقم (4).

«لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا تنكح الثيب حتى تستأمر، قالوا: يا رسول الله إن البكر تستحي فكيف إذنها؟ قال: أن تسكت» (¬1) فالبكر إذنها سكوتها. فلا يجوز لإنسان أن يجبر ابنته الثيب ولا البكر بل يجب أن يستأذنهما ويشاورهما في أنفسهما، الزواج ليس بالشيء السهل، بل هو شيء عظيم، فهو شريكها وهو الذي يجتمع معها، ويسكن إليها وتسكن إليه، فالأمر في شأنهما ذو أهمية، فليس للأب أن يجبر ابنته على الزواج سواءً كانت بكرًا أو ثيبًا، بل لا بد أن يشاورها ويأخذ رأيها في ذلك، يبين لها الزوج وحاله، أنه كذا وكذا، وأنه فلان ابن فلان، وصفته كذا، عمله كذا، يوضح لها الأمر، فإن أجابت ووافقت فالحمد لله، ولو بالسكوت إذا كانت بكرًا يكفي السكوت، أما الثيب فلا بد من النطق، لا بد أن تقول: نعم، أو نحوها، مما يدل على رضاها. أما البكر فإنه قد يغلب عليها الحياء، قد تستحي، فلا بأس أن يكتفى بالسكوت إذا سكتت أو بكت كفى، هذا هو الواجب، ولا يجوز أبدًا إجبارها على الزواج من دون إذنها، وإن كان بعض أهل العلم قد قال ذلك، واستحسن أن يزوج ابنته البكر من غير إذنها؛ لأنها لا تعرف مصلحتها على التمام، ولكن ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها برقم (5136)، ومسلم في كتاب النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1419).

هذا قول مصادم للسنة، ومخالف لها، فلا ينبغي أن يعول عليه، والله يقول جل وعلا: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}، ويقول سبحانه: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، ويقول سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}، فلا يجوز للمؤمن أن يخالف أمر الله، وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام لقول أحدٍ من الناس كائنًا من كان، هذا هو الواجب على الآباء. أما بقية الأولياء من باب أولى، الأخ والابن والعم، من باب أولى، ليس لهم تزويج أي امرأة إلا بإذنها سواءً كانت بكرًا أو ثيبًا، وإنما الخلاف في الأب، فلا أحد يزوج بغير إذن يعني البكر، وهكذا الجد، ليس له أن يزوج إلا بإذن، ليس للأب ولا للجد أن يزوجا البنت البكر إلا بإذنها فإذا أبت فليس له إجبارها، سواء كان أباها وهو أقرب الناس إليها، أو كان جدها من باب أولى، وهكذا الإخوة والأبناء، ليس للابن أن يجبر أمه على الزواج ولا الأخ أن يجبر أخته على الزواج، كل هذا لا يجوز. فالواجب على المسلمين اتباع السنة، وتعظيمها، والحذر من مخالفة السنة في تزويج الأبكار من

غير إذنهن، فإن فساده كبير وخطره عظيم، وعواقبه وخيمة في الغالب، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

س: ما حكم إجبار البنت على الزواج، ولاسيما من شخص يكبرها سنًا، أو قد يكون عليه بعض النقص الخلْقِي؟ (¬1) ج: ليس لولي المرأة إجبارها على التزوج ولو بأكمل الناس ليس له إجبارها، بل هي بالخيار لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن. قالوا: وكيف إذنها؟ قال: (أن تسكت)» (¬2) والحديث الآخر قال النبي صلى الله عليه وسلم: «والبكر يستأذنها أبوها» (¬3) بغير غصب أو كره، فليس للأب ولا للأهل أن يجبروا البنت على الزواج إذا بلغت تسعًا فأكثر، بل لا بد من إذنها ولو بالسكوت، أما الأيم التي قد تزوجت فلا بد من إذنها الصريح، بالكلام، تقول: نعم، وليس له جبرها أبدًا، ولو كان أباها، ولو كان الزوج من أصلح الناس؛ لأن هذا يختص بها، من مصلحتها فلا تجبر. ¬

(¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (304). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها برقم (5136)، ومسلم في كتاب النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1419). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1421).

س: الأخت/ صفية من سوريا دمشق تقول: ما حكم إجبار الفتاة

على الزواج، من رجل لا تريده أبدًا، ولا يناسبها، هل هو زواج صحيح أم باطل في الشريعة الإسلامية؟ (¬1) ج: لا يجوز جبر الفتاة على الزواج، النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تنكح الثيب حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله إنها تستحي؟ قال: إذنها سكوتها» (¬2) فليس لأبيها ولا غيره إجبارها. بل الواجب أخذ إذنها، إن كانت بكرًا فبسكوتها، إن كانت ثيبًا فبإذنها الصريح، أما أن تجبر فلا تجبر على من لا تريد، لا بكرًا ولا ثيبًا، ليس لأبيها، ولا لأوليائها إجبارها؛ لأن الرسول نهى عن هذا، عليه الصلاة والسلام. ¬

(¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (428). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها برقم (5136)، ومسلم في كتاب النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1419).

س: إذا عقد النكاح على الفتاة دون موافقتها، أو دون علمها هل هذا النكاح يعتبر شرعيًّا خصوصًا إذا كانت الفتاة يتيمة وما هو الجزاء المترتب على الوكيل الذي شهد بموافقتها زورًا أفيدونا بذلك. (¬1) ج: لا يصح النكاح، إلا بإذنها وإذا كانت بكرًا إذنها السكوت. سواء كانت يتيمة أو غير يتيمة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا تنكح ¬

(¬1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (371)

البكر حتى تستأذن ولا تنكح الأيم حتى تستأمر قالوا البكر يا رسول الله ما إذنها؟ قال: أن تسكت» (¬1) الواجب على وليها أن يستأذنها وألا يزوجها إلا بإذنها ولو كان أبوها، فالواجب أن يستأذنها، البكر يكفي سكوتها والأيم لا بد أن تنطق، تقول لا بأس، فإذا زوجها بغير إذنها مكرهة، بطل الزواج لا يصح يجب أن يجدد إذا رضيت لا بد من إذنها إما السكوت في حق البكر أو صراحة، سواء كانت يتيمة أو غير يتيمة والذي يكذب ويقول إنها رضيت وهو يكذب مستحق أن يعزر، أن يؤدب من جهة المحكمة على كذبه وظلمه. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها برقم (5136)، ومسلم في كتاب النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1419).

س: يقول هذا السائل: عندنا في بعض الحالات يزوج بعض الأولياء، البنات والأخوات غصبًا عنهن، حتى ولو كانت رافضة لهذا الرجل، وأحيانًا يأخذون المهر، ولا يعطون المرأة شيئًا، من هذا المهر فما توجيه سماحتكم؟ (¬1) ج: لا يجوز تزويج المرأة إلا بإذنها، ولا يجوز إجبارها سواء كانت بكرًا أو ثيبًا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تنكح البكر حتى ¬

(¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (. . .).

تستأذن، ولا تنكح الثيب حتى تستأمر» (¬1)، ويقول صلى الله عليه وسلم: «الثيب أحق بنفسها من وليها» (¬2) واليتيمة تستأمر وإذنها سكوتها، فليس لأبيها ولا غيره أن يجبرها، لا بد من إذنها هذا هو الصواب: لقوله صلى الله عليه وسلم: «والبكر يستأذنها أبوها، وإذنها سكوتها» (¬3) «واليتيمة تستأمر وإذنها سكوتها» (¬4) نسأل الله العافية. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحيل، باب في النكاح، برقم (6968). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1421). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1421). (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، برقم (2361).

س: والدي يريد أن يزوجني رجلاً لا أريده ويقول لي: يجب ألاّ تخالفي أوامري، فهل لأبي تقديم تعاستي، على رضائي وربما تعاسة الآخرين أفيدوني وأرشدوني جزاكم الله عنا خيرًا؟ (¬1) ج: ليس للأب ولا غيره من الأولياء إجبار المرأة على الزواج، ليس له ذلك، لا الأب ولا غيره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تزوج المرأة إلا بإذنها، قال: «البكر يستأذنها أبوها. وإذنها سكوتها» (¬2) ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (10). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1421).

فليس للأب ولا غيره أن يجبر المرأة على النكاح بل الواجب أن يشاورها فإن رضيت زوَّجها، وإلا تركها، أما الإجبار فلا يجوز، لا للبكر ولا للثيب، الواجب أن تشاور فإن قبلت ورضيت فالحمد لله، وهذا لها ولمصلحتها، ليس للأب ولا لغير الأب، هذا لها هي، وإن أبت وقالت: لا أريد هذا الرجل، لا تجبر، ولا يجوز لأبيها إجبارها، أبدًا هذا منكر، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم، أنه نهى عن ذلك، «وجاءته جارية تذكر له أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم إن شاءت بقيت، وإن شاءت فسخت» (¬1) فالحاصل أنه لا يجوز للأب ولا غيره من الأولياء إجبار النساء على النكاح، بل الواجب تخييرهن سواءً كن أبكارًا أو ثيبات فيمن يرضين زوجًا وإلا ترك ذلك، عملاً بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وحذرًا من نهيه عليه الصلاة والسلام. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما- برقم (2465).

س: من الأخت فيحاء تقول: إن والدها يريد أن يزوجها برجل، تقول: هو في عمر أبي أو أكبر، وقد رفضت ذلك الزواج ولا أريده، وتعقب على ذلك، وتقول: لا تقول لي تزوجي ذلك

الرجل، يا سماحة الشيخ؛ لأن هذا مستحيلٌ، أن أتزوجه مهما بقيت على قيد الحياة فبماذا تنصحون والدي، ومن حذا حذوه جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: ننصح والدك وأعمامك وإخوانك بأن يتقوا الله وأن يلتمسوا لك شابًا مناسبًا، من أهل الخير والإيمان، أما إلزامك بالرجل الكبير، أو بغيره فلا يجوز حتى ولو كان شابًا، ليس لهم أن يلزموك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله كيف إذنها؟ قال: أن تسكت» (¬2) والحديث الآخر يقول صلى الله عليه وسلم «البكر يستأذنها أبوها، وإذنها سكوتها» (¬3) فالواجب على أبيك أن يتقي الله، وأن يرحمك وألاّ يزوجك إلا بإذنك سواء كان زوجًا كبيرًا أو شابًا ليس لأبيك، ولا لإخوانك ولا لأعمامك، أن يزوجوك إلا بمن ترضين، من أهل الخير والاستقامة هذا هو الواجب عليهم، وليس لهم إجبارك على كبير أو صغير نسأل الله لنا ولهم الهداية. ¬

(¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (349). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها برقم (5136)، ومسلم في كتاب النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1419) (¬3) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1421).

نصيحة وتوجيه إلى من يختارون الأزواج لطمع مادي

91 - نصيحة وتوجيه إلى من يختارون الأزواج لطمع مادي س: سماحة الشيخ: بعض الناس تعمي بصائرهم المادة والفلوس هل من كلمة؟ (¬1) ج: لا يجوز لهم ذلك، المؤمن يتقي الله وألا تغره المادة وألا يكون حظه الطمع من أجل إعضال بنته أو أخته، الواجب أن يتقي الله وأن يلتمس لبنته أو أخته ونحوهما الرجل الطيب، الرجل المؤمن، الرجل الخير قليل المشكلات وألا يكون همه الطمع، ولا يكون همه المال حتى يعطيه مالاً، لا يجوز، هذه أمانة يجب عليه أن يتقي الله في هذه الأمانة، وأن يلتمس لها الرجل الصالح، الطيب حسن السمعة، حسن الدين، حتى يزوجها برضاها وموافقتها، ولو بمهر قليل، فالرجل الصالح خير من مهر كثير، لرجل غير صالح. ¬

(¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (349).

حكم فسخ القاضي عقد المجبرة على النكاح

92 - حكم فسخ القاضي عقد المجبرة على النكاح س: الأخ/ أ. ب. م. من السودان، محافظة الدويم، أخونا يقول تزوج رجل امرأة برضاها، وبعقد صحيح، بولي وصداق وشهود، وحينما طلب الدخول بها امتنعت وادعت أنها مجبرة على

الزواج منه، وعند إحالة المسألة إلى القضاء أمر القاضي بفسخ العقد، وتزوجت المرأة بزوج آخر دون رضا الزوج الأول، وأسئلتي تتلخص في القضايا التالية: هل فسخ القاضي للنكاح صحيح؟ هل زواجها من الرجل الآخر جائز؟ ماذا يفعل الزوج الأول؟ (¬1) ج: قد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت» (¬2) وفي الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «والبكر يستأذنها أبوها وإذنها سكوتها» (¬3) فإذا كانت مجبرة فهذا النكاح غير صحيح وما فعله القاضي هو الصواب، جزاه الله خيرًا وأثابه، وزواجها صحيح، زواجها الأخير صحيح، إذا كان قد استوفى الشروط الشرعية؛ لأنه لا عدة عليها النكاح فاسد ولم يدخل بها، لو طلقت قبل الدخول ما عليها عدة، فكيف بنكاح فاسد. ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (148). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها برقم (5136)، ومسلم في كتاب النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1419). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1421).

س: أفيدكم أن لي بنتا وأراد أخوها تزويجها من رجل لم ترض به،

وأن هذه الأم اتبعت خاطره، أي تريد إرضاء، أخي البنت فزوجت ابنتها من رجل لم ترض به، هل على الأم ذنب في ذلك؟ (¬1) ج: هذا السؤال فيه تفصيل، إن كانت البنت لم ترض فإنه لا يجوز تزويجها مطلقًا. لا يزوجها لا أبوها ولا غيره ولا أمها ولا أخوها ولا غيرهما، النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تزويج النساء إلا بإذنهن، قال: «لا تزوج البكر حتى تستأذن ولا تزوج الأيم حتى تستأمر، قالوا: يا رسول الله في البكر أنها تستحي قال: إذنها سكوتها» (¬2) فالحاصل أن المرأة لا تزوج إلا بإذنها فكون أمها أو أخيها يجبرانها على الزواج لا يجوز لهما ذلك كما أنه لا يجوز لأبيها إجبارها على الصحيح أيضًا، إذا كانت بكرًا مكلفة، بنت تسع على الأقل إذا كانت بنت تسع فأكثر، فإنها لا بد أن تستشار فإن أذنت وإلا لم تزوج، وإذنها يكفي فيه السكوت. فأخوها إن كان لأمها فليس وليًّا لها، إنما الأولياء العصبة، إخوتها الأشقاء وإخوتها من الأب، هؤلاء هم أولياؤها أما إن كان أخًا لها من ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (2). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها برقم (5136)، ومسلم في كتاب النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1419)

أبيها، أو من أبيها وأمها، فهو من العصبة، لكن ليس له أن يزوجها إلا بإذنها، تزويجها بغير إذنها يكون فاسدًا، ليس بصحيح فلا بد من أخذ إذنها في الزواج مطلقًا، لكن إذنها صماتها، إذا كانت بكرًا، أما الثيب التي قد تزوجت، فلا بد من تصريحها بإذن، لا بد أن تنطق بالإذن.

بيان من يملك الحق في اختيار الزوج للمرأة

93 - بيان من يملك الحق في اختيار الزوج للمرأة س: تشاكل الأب والأم في زواج البنات، الأب يرضى لبناته الرجل الصالح ولو كان كبيرًا في السن، والأم تقول: لا أُزوج بناتي إلا شابًا ولو كان يشرب الدخان أو يحلق لحيته، تشاكلوا ووصل الأمر إلى الخلاف، مع من يكون الحق لو تكرمتم سماحة الشيخ عبد العزيز؟ (¬1) ج: يكون الحق مع البنت، الذي ترى البنت إن رضيت بالشيخ الكبير مع أبيها فلا بأس، وإن لم ترضَ تتزوج الشاب ولو كان يشرب الدخان، فالمعصية لا تمنع الزواج، ولو كان يشرب الدخان أو حالق لحيته، لا تمنع الزواج، لكن إذا تيسر الشاب الصالح السليم الذي لا يشرب ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (134).

الدخان ولا يحلق لحيته، هذا أنعم وأكرم المجتمع العام يقلُّ فيه السليم من كل شيء، لكن من لا يصلي لا يزوج، ومن يتعاطى الخمور هذا خطر عظيم. أما التدخين وإن كان محرمًا لكنه أسهل من شرب الخمر، وإن كان حلق اللحية معصية ظاهرة لكنه أسهل من شرب الخمر، نسأل الله العافية، وإن تيسر من لا يحلق لحيته ولا يدخن، هذا مقدم على غيره، ينبغي للبنت أن توافق عليه. لذا ينبغي أن يراعى رأي البنت، تشاورها الأم ويشاورها الأب، فإذا رضيت تأخذ الشخص الذي قاله أبوها فهي مع أبيها، وما قالته أمها فهي مع أمها، تحكَّم هي؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لا تنكح الأيِّم حتى تُستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: كيف إذنها؟ قال: أن تسكت» (¬1) لكن من لا يصلي لا يزوج؛ لأنه كافر، من ترك الصلاة كفر نسأل الله السلامة، كذلك من يعرف بالتساهل بسب الدين، هؤلاء كفرة لا يزوجون أبدًا ولو رضيت البنت. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها برقم (5136)، ومسلم في كتاب النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1419).

نصيحة في أهمية عناية الوالدين بالبنات وتزويجهن الأكفاء

94 - نصيحة في أهمية عناية الوالدين بالبنات وتزويجهن الأكفاء س: من المناسب أن تتفضلوا بنصح الأسر حتى لا يختلفوا في

مسائل الزواج، ويتركوا الجانب المعني، وهو البنت بدون أخذ رأيها؟ (¬1) ج: لا شك أن نصيحتي للأسر العناية بالبنات والحرص على تزويجهن بالأكفاء حسب الطاقة والإمكان، فإذا لم يتيسر الأكفاء الكُمَّل تزوج بالناقص ولو كان عنده شيء من التدخين أو قص اللحية أو حلقها، إذا كان يصلي وهو مستقيم في دينه، لولا هذه الخصلة فهو خير من ترك البنت هكذا بلا زوج، أما من عرف بالكفر كترك الصلاة أو سب الدين أو الاستهزاء بالدين هذا لا يزوج ولو أرادته البنت لا يحل ولا يزوج، فينبغي للوالدين أن يتشاورا وألا يتعاكسا، بل ينبغي للوالدين أن يتفقا ويتحريا ما فيه مصلحة البنت وعدم تعطيلها. ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (134).

س: السائل أبو إبراهيم من القصيم، يقول: هل يجوز للأب أن يختار لابنته زوجًا صالحًا ويخبره أو يحدثه بهذا الموضوع؟ (¬1) ج: نعم، سنة للأب، يشرع له أن يلتمس لها الزوج الصالح، ويشيره عليها به، كان عمر رضي الله عنه لما تأيمت بنته حفصة عرضها على ¬

(¬1) السؤال .... من الشريط رقم (419).

عثمان، وعلى أبي بكر الصديق، رجاء أن يتزوجها أحدهما، حتى تزوجها النبي عليه الصلاة والسلام، فعرض المرأة على الرجل الصالح أمر مطلوب، كونه يحب لبنته الخير أو لأخته ويحرص لها على الزوج الصالح، فكل هذا مطلوب، ولو خطب لها الرجل الصالح، قال يا فلان، أعرض عليك بنتي أو أختي؛ لأنه يحبه في الله من أجل صلاحه لا بأس، لكن لا يزوجها إلا برضاها.

حكم إلزام الوالد ولده في الزواج من امرأة لا يرغب فيها

95 - حكم إلزام الوالد ولده في الزواج من امرأة لا يرغب فيها س: هل من بر الوالدين طاعتهم في الزواج من امرأة اختاروها لي لا أرغب الاقتران بها؟ (¬1) ج: الزواج لا بد فيه من الرغبة، قال الله جل وعلا: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}، فإذا كانت المرأة المخطوبة لا تناسبك ولا ترضاها ولا ترغب فيها لا يلزم طاعة الوالدين في ذلك؛ لأن هذا شيء يخصك وأنتَ أعلم بذلك، ولا يجوز إلزامك من امرأة تكرهها، هذا لا يجوز لهما، الله جل وعلا أوجب عليهما ¬

(¬1) السؤال .... من الشريط رقم (327).

الإنصاف والعدل، فليس لهما إجبارك على ما يضرك، وأنت أيضًا لا يلزمك طاعة الوالدين في غير معروف، إنما الطاعة في المعروف، وليس من المعروف أن تطيعهما في امرأة لا ترضاها، ولا تناسبك، أما إذا كنت ترضاها وتناسبك وأحبا أن تتزوجها فهذا خيرٌ إلى خير، تطيعهما؛ لأنها مصلحة ظاهرة، أما امرأة لا ترضاها إما لضعف دينها وإما لعدم جمالها، وإما لأسباب أخرى تعلم بنفسك أنك لا ترغب فيها، وتخشى من أن تخسر بدون فائدة، فإنه لا يلزمك ولا يجوز لهما إلزامك، ولكن تسرهما بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن حتى يخضعا لقولك وحتى يرضيا بالمرأة المناسبة، نسأل الله للجميع الهداية.

س: إنني أبلغ من العمر 19 عامًا، أردت أن أخطب، زوجة وذات يوم تحدَّثت مع أبي في هذا الموضوع، وقال لي: إنني اتفقت مع رجل كي أزوجك ابنته، فقلت له: كيف من غير رؤيتها ولا معرفة أهلها، قال: إني أعرفهم جيدًا وتنكرت له؛ لأنني أسمع كثيرًا عن والد البنت أنه يفعل كبيرة باستمرار، وهو مشهور عند كثير من الزملاء ولكن لم أستطع أن أقول لأبي هذا الخبر، قال لي: أنا لا أفسخ الخطوبة؛ لأنني اتفقت مع هذا الرجل ولا ينبغي لي أن أخلف العهد أنا محتار كيف أفعل، والناس

يقولون: كيف تتزوج هذه البنت، وهي ابنة هذا الرجل الفاسق؟ (¬1) ج: نوصيك يا ولدي بعدم العجلة، تفاهم مع أبيك بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن واستعن عليه بخواص إخوانك أو أعمامك أو جيرانك، حتى يقنعوه بعدم الزواج بابنة هذا الرجل، ما دام الرجل فاسقًا معلنًا، فتركه أولى، لكن لا يلزم ترك ذلك إذا كانت البنت صالحة وطيبة، فأطع أباك ولا يضرها فسق أبيها، بل كفر أبيها لا يضرها، إذا كانت طيبة معروفة بالخير وفي صفتها لا يمنع ما يتزوج بها، يعني جميلة ومناسبة ومتدينة فالحمد لله، ولا يضرك فسق أبيها، لكن إذا كانت نفسك لا ترغب فيها، فلا تعجل بالأمور، عليك بالحكمة وعدم إغضاب أبيك، ولا تعجل في التزوج حتى تطمئن، وحتى يسمح والدك بترك الزواج أو بالزواج، المقصود أن الواجب عليك التريث وعدم العجلة حتى تقتنع بالزواج أو بعدم الزواج، مع مراعاة خاطر أبيك والتلطف في الاعتذار إليه والتماس من يساعدك على ذلك من خواص أحبابه وأصفيائه. بارك الله فيك. ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (261).

س: لعل أولياء الأمور يستمعون إلى هذه الحلقة وكثيرًا ما نسمع عن زيجات لم تستمر بسبب إرغام الآباء للمخطوبين على الزواج فهل لسماحتكم كلمة حكمة في هذا المقام؟ (¬1) ج: نعم، لا يجوز إرغام الولد على الزواج ولا البنت على الزواج، كلاهما، الزواج يكون بالتراضي والمحبة وإرغامهم على الزواج، من أسباب الفساد، ومن أسباب الفرقة بعد مدةٍ يسيرة أو طويلة مع كثرة المشكلات بينهما، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله كيف إذنها؟ قال: أن تسكت» (¬2) وفي اللفظ الآخر قال: «والبكر يستأذنها أبوها وإذنها صماتها» (¬3) فإذا كانت البنت لا تجبر، فكيف بالرجل؟ الرجل من باب أولى، المقصود أنه ليس للأب ولا للأخ ولا للعم أن يجبروا مولياتهم على الزواج لا من أقارب ولا من غير أقارب، وليس لهم أن يجبروا من تحتهم من الأبناء على ذلك، بل لا بد من الاختيار والموافقة والرضا، وهذا هو سبب العشرة الطيبة؛ لأن الرجل إذا أرغم ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (261). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها برقم (5136)، ومسلم في كتاب النكاح باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1419). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1421).

في الغالب لا يستقيم مع الزوجة بل يفارقها سريعًا، أو يعيش معها على نكدٍ وشر، وهكذا المرأة إذا أرغمت لا تعيش على حالةٍ طيبة، قد تكون معه يعني حالة سيئة، ونكدًا في العيش، وربما طلقها سريعًا أو بقيت معه على عذاب، وهذا كله في ذمة الولي الذي ألزم ابنته، عليه إثم ذلك، ومعرة ذلك، لا في حق الولد ولا في حق البنت، فالذي أوصي به الجميع تقوى الله والحذر من الظلم والإرغام للبنات أو للأخوات، والحذر من إرغام الأبناء على الزواج، ممن لا يرضونه، كل هذا يجب على الأولياء والآباء والأعمام والإخوان الكبار يجب عليهم أن يلاحظوا هذا، وأن يعنوا بالحرص على رضا البنت ورضا الولد جميعًا، فهو يوضح لها الأمر، ويشرح لها حالة الزوج بصدق لا بالتمويه والكذب، يبين لها حاله بصدق من إيمانه وتقواه وصورته أو تراه إذا تيسر رؤيته، وهو كذلك، توضح له المرأة على بصيرة ويشرح له حالها، ويبين له أمرها على بصيرة وإذا أمكن رؤيتها رآها، النبي أمر بالرؤية عليه الصلاة والسلام قال: «انظر إليها» (¬1) «فذلك أجدر بأن يؤدم بينكما» (¬2) أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أن الرؤية منها مطلوبة لا ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها، برقم (1424). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، برقم (17671)، بلفظ: **فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما**.

بأس ومشروعة، فإذا لم يتيسر رؤية فالوصف من الأب إذا كان يعرفها وصفها لابنه، أو أمه تذهب إليها، أو أخته تصفها له، والمرأة كذلك هو يصف لها الرجل أو أبوها أو أمها إذا كانت تعرف الرجل، المقصود بيان الأشياء التي تسبب الاتفاق والوئام وعدم النفرة من هذا وهذا، من المرأة والرجل جميعًا، ولا تنبغي العجلة، ولا يجوز أبدًا إرغام هذا ولا هذا.

س: الواقع يا سماحة الشيخ: أن الناس على طرفي نقيض، إما مفرط في هذه الرؤية إلى أبعد الحدود، وإما متمسك إلى غاية التشديد؟ (¬1) ج: هذه حال الناس في كل شيء، إلا من رحم الله، التوسط في الأمور والعدالة؛ هذه هي الحالة القليلة، وأغلب الناس إما إلى تفريط وإما إلى إفراط في المسائل كلها، ولكن مثل ما قال الله جل وعلا: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}، أهل الاستقامة والهدى يتوسطون في الأمور فلا غلو ولا جفاء، لا في الزواج ولا في غيره، ولا في ولاية الزوجة ولا في غير ذلك، الواجب على المؤمن التوسط في الأمور، والاعتدال، ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (261).

وعدم الجفاء وعدم الغلو، لا هذا ولا هذا، أما كونه يحب النظر لها كثيرًا، زيارات كثيرة هذا ما له حاجة، قد يفضي إلى شر، كذلك أن يمنع من النظر إليها لا ينبغي أيضًا بل يفسح له المجال أن يراها من غير خلوة يكون معها أمها معها أبوها، معها أخوها معها نساء، لا يخلو بها؛ لأنها تطمئن وهو يطمئن، كل منهما يرى الآخر، فلا هذا ولا هذا، لا جفاء ولا غلو.

س: الوالدان غصباني على الزواج من بنت عمي، وتزوجتها خوفًا من معصيتهما، وفكرت فيما بعد بتطليقها، ولكني خفت أيضًا ومن شدة غضبي تمنيت لها الموت، وبعد سنة توفيت على ولادة وخلفت بنتًا، ثم إني ندمت عدة مرات وبكيت كثيرًا، حتى ظننت أني أنا السبب، هل أنا آثم في ذلك؟ أفتوني جزاكم الله خيرًا. (¬1) ج: ليس عليك بأس في ذلك، إن شاء الله فإن تمني الموت ليس من الدعاء، وليس من الظلم بل هذا من شدة غضبك عليها، وبغضك لها ولا يضرك ذلك، تمني الموت لا يضر الناس تمني الموت إنما يتعب صاحبه، أما التمني فلا يضر المتمنى له بشيء، فلو تمنى أن إنسانًا يكون ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (120)

فقيرًا، أو كذا، قد يقال في هذا من باب تعاطي ما لا ينبغي للمؤمن؛ لأن المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، والمؤمن لا يحب لنفسه الموت، ولا يحبه لأخيه، فلهذا لا ينبغي لك التمني، ولكن ليس هذا هو السبب في موتها، ولا ينبغي لك في مثل هذا أن تجزع، بل تحمد الله على ما حصل، وتقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، وتستغفر الله عما حصل منك والتوبة بابها مفتوح والحمد لله، فقصارى ما في هذا أنك تمنيت شيئًا لا ينبغي لك أن تفعل؛ لأن المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وقد يدخل هذا في هذا، ويقال إنك تمنيت شيئًا لا ترضاه لنفسك، فلماذا تمناه لأختك في الله، فأكثر ما فيها أنك أخطأت، في هذا فعليك التوبة والاستغفار والحمد لله.

س: هل من حق الفتى أن يختار شريكة حياته بنفسه، أم والداه هما اللذان يجبرانه على أن يأخذ فتاةً معينة، فمثلاً والدي يصر على أن يزوجني من ابنة عمي، وليس لي رغبةٌ فيها، هل عدم طاعة والدي في هذه الحالة تعتبر من العقوق جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: لا يلزمك؛ لأن النكاح أمره عظيم، فإذا كانت المرأة لا تناسبك، ¬

(¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (335).

فإنه لا يلزمك، إنما الطاعة في المعروف، لكن تستسمح والديك بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، حتى تلتمس أنت ووالداك امرأة تناسبك، فإن الزواج من امرأة لا تريدها يضر ولا ينفع، خسارة، فالواجب على والديك ألاّ يجبراك على امرأةٍ لا تريدها، والواجب عليك أن تستسمحهما وتستعمل معهما الكلام الطيب، حتى لا يقع بينك وبينهما شيء من العقوق، والفرقة، والاختلاف.

حكم عضل البنات ومنعهن من الزواج

96 - حكم عضل البنات ومنعهن من الزواج س: كثير ما يحدث أن تعضل البنت عن الزواج؛ بسبب رأي أحد أفراد الأسرة. حبذا لو تفضلتم بتوجيه عام في هذا الموضوع؟ (¬1) ج: الواجب على الأسرة وبالأخص على ولي البنت، أن يختار لها الرجل الصالح الطيب، في دينه والمرضي في خلقه فإذا رضيت وجب أن تُزوَّج، ولا يجوز لأحد أن يعترض في ذلك لهوى في نفسه؛ أو لغرض آخر من الدنيا، أو لعداوة وشحناء، كل ذلك لا يجوز اعتباره، وإنما المعتبر كونه مرضيًا في دينه وأخلاقه؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في شأن المرأة: «تنكح المرأة لأربع: ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (160).

لمالها ولجمالها ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك» (¬1) هكذا يقال في الرجل سواءً بسواء، فالواجب الحرص على صاحب الدين، وإن أبى بعض الأسرة لا يلتفت إليه. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدِّين، برقم: (5090)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، برقم: (1466).

س: يقول السائل/ أبٌ رفض الزواج لابنته حتى بلغ عمرها أربعين سنة، رغم خطبتها من شباب معروفين منذ ثماني عشرة سنة، ولم يزوجها حتى بلغت ما يقارب من ثلاث وأربعين سنة، بعد هذا العمر زوجها؟ (¬1) ج: هذا الأب الذي فعل هذا الفعل ظالم لبنته وعليه خطر من عقوبة الله له إذا كان خطبها بعض الأكفاء ولم يزوجها، لا يجوز للمسلم أن يعضل بنته ولا أخته ولا غيرهما من مولياته؛ بل يجب أن يسارع إلى تزويجها إذا خطبها الكفء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (¬2) ولأنها أمانة، فالواجب عليه أداء الأمانة، هذه الأمانة في ذمته يجب البدار إلى أداء الأمانة، بتزويجها على من خطبها ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (393). (¬2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب الترغيب في التزويج من ذي الدين والخلق المرضي، (ج7 132)، برقم (13481).

من الأكفاء والمسارعة في ذلك؛ لأن تركها بدون تزويج من وسائل الشرّ ووسائل الفساد؛ ولأنه من الظلم، فالواجب على من فعل هذا التوبة إلى الله، والحذر من العود إلى مثل ذلك مع غيرها، والواجب على الأولياء جميعًا، أن يتقوا الله في مولياتهم، وأن يزوجوهن متى جاء الكفء حتى ولو بالخطبة لهن، عمر رضي الله عنه خطب لابنته حفصة، وعرضها على الصديق، وعرضها على عثمان، ثم خطبها النبي صلى الله عليه وسلم وتزوجها، فالولي يكون عنده النصح وعنده المحبة لتزويج مولياته، لما في هذا من عفتهن، وتيسير وجود من يكفلهن، ولعل الله يرزقهن بعض الأولاد، فالحاصل أن حبس المرأة، وعدم تزويجها مع وجود الأكفاء الخاطبين ظلم عظيم يستحق صاحبه العقوبة، ويستحق التأديب من ولي الأمر، فوصيتي لجميع الأولياء أن يتقوا الله في مولياتهم، وأن يبادروا ويسارعوا إلى تزويج المولية، إذا خطبها الكفء سواء بنتًا، أو أختًا، أو بنت أخ، أو بنت عم، الواجب البدار بالتزويج إذا جاء الكفء وعدم التعطيل.

س: إنني فتاة أبلغ من العمر واحدًا وعشرين عامًا، وأتمنى من الله أن يرفع عني هذا الظلم الذي أعانيه، ومشكلتي أن والدي يرفض أن يزوجني بأي أحد يتقدم لي، حتى وإن كان صالحًا وخاليًا من

العيوب التي يرد بها الزوج؛ بحجة أنه يريد أن يزوجني لأحد أبناء أخيه، وأنا محرومة من أن أسأل عن رأيي، بل الأمر كله لأبي، ثم تستمر السائلة على هذا المنوال يا سماحة الشيخ، وتنتهي إلى أن تسأل سماحتكم: ما هو توجيهكم لها ولوالدها جزاكم الله خيرًا، إذ إنها تطمح في ذرية صالحة إن شاء الله؟ (¬1) ج: الواجب على والدك أن يزوجك إذا حصل الكفء، فليس له أن يحبسك لابن عم، أو غيره، بل يجب على الوالد أن يزوج موليته إذا خطبها الكفء، الذي يناسبها، وليس له أن يجبرها على إنسان لا ترضاه لا من الأقارب ولا غيرهم، فالواجب عليه تقوى الله، وأن يخاف الله ويراقبه، بأمانة؛ لأن بنته أمانة، وهكذا أخت الإنسان، وهكذا بنت أخيه إذا كان وليها، أمانة، يجب على ولي المرأة أن يختار لها الكفء، وأن يزوجها بكفئها إذا تيسر، وليس له أن يحبسها، أو يظلمها من أجل قريب له، نسأل الله العافية. ¬

(¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (301).

حكم رفض الأب تزويج ابنته لغير أهل مدينته

97 - حكم رفض الأب تزويج ابنته لغير أهل مدينته س: وصلتنا هذه الرسالة سماحة الشيخ من سائلات، رمزن

لأسمائهن بهذا الرمز بنات ع. ز. يقلن في هذه الرسالة سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -حفظه الله – السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد، نحن أخوات من مدينة سراة عبيدة، في المنطقة الجنوبية نسكن في الرياض، خريجات من الجامعة، تقدم لنا العديد من الخُطاب، لكن أبانا هداه الله يرفض كل من يتقدم إلينا، وذلك لأسباب سخيفة وواهية، فمنها أنه ليس من أهل المدينة، أي: أنه من مدينة أخرى، نرجو من سماحة الشيخ حفظه الله النصح لهذا الأب، ودلالته إلى الصواب مأجورين؟ (¬1) ج: الواجب على أولياء النساء التقوى، وأن يتقوا الله سواء كان أبًا أو عمًّا أو أخًا أو ولدًا، الواجب أن يتقوا الله، وأن يزوجوا النساء إذا خطبهن الأكفاء، ولا يحبسونهن لطمع ولا لوظيفة ولا لكون الرجل ليس من بلدهم، إذا جاء الكفء ولو كان من بلد أخرى، ولو كان من قبيلة أخرى، يقول الله جل وعلا: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}، ويقول النبي صلى الله ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (395).

عليه وسلم: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (¬1) ما قال: بشرط أن يكون من الجماعة أو من العمومة، ليس بلازم ولو من قرية أخرى، ولو من قبيلة أخرى، المهم أن يكون صالحًا طيبًا. فالواجب على أولياء النساء أن يتقوا الله وأن يسارعوا في تزويج مولياتهم، من بنات أو أخوات أو بنات أخ أو غير ذلك، وأن يحذروا حبسهن وعضلهن، لطمع في رواتبهن أو لأسباب أخرى، الواجب الحرص على تزويجهن من الرجل الطيب والحذر من عضلهن وظلمهن. ¬

(¬1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب الترغيب في التزويج من ذي الدين والخلق المرضي، (ج7 132)، برقم (13481).

س: الأخوات اللاتي رمزن لأسمائهن: م. ن، سماحة الشيخ: نحن أخوات من أهالي المنطقة الشرقية، منا الموظفة، ومنا الأستاذة في الجامعة، ومنا الدارسة في الدراسات الجامعية المتقدمة، لنا أب هداه الله يرفض جميع من يتقدم لنا، مع العلم بأن المتقدمين منهم المؤهلون، ومنهم ذوو الأخلاق الحميدة، وذوو الالتزام بطاعة الله، وأبونا يرفض ذلك بحجج واهية، ليس لها من الله سلطان، فهو يقول: بأنه لن يزوجنا إلا إذا كان المتقدم لنا من

مديتنا، مع أنه هداه الله متزوج من زوجتين من نفس المدينة، فالرجاء من سماحة الشيخ عبد العزيز، تقديم النصح لأبينا وإرشاده إلى الحق في برنامج نور على الدرب جزاكم الله خيرًا. (¬1) ج: الواجب على جميع الأولياء، أن يتقوا الله في مولياتهم، وأن يزوجوهن إذا خطبهن الكفء، سواء كان الولي أبًا أو جدًّا أو ولدًا أو أخًا أو عمًّا أو غير ذلك، الواجب على الولي أن يتقي الله، وأن يبادر بتزويج موليته، سواء كانت بنته أو أخته أو غير ذلك، ولا يجوز له التساهل في ذلك، أو التعلق بأشياء لا وجه لها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (¬2) ولقوله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء» (¬3) وهذا يعم الرجال والنساء، متى خطبت المرأة وجب تزويجها، إذا خطبها ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (397). (¬2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب الترغيب في التزويج من ذي الدين والخلق المرضي، (ج7 132)، برقم (13481). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

الكفء؛ لأن ذلك أحصن لفرجها، وأغض لبصرها، وأبعد لها عن الفتنة، سواء كانت مدرسة أو طالبة أو موظفة أو غير ذلك، وسواء كان وليها في حاجة إلى مرتبها أم ليس له حاجة فيه، يجب على الأب وعلى غيره أن يتقي الله وأن يراقب الله، وأن يحذر ظلم البنت بتأخير تزويجها، بل متى خطبها الكفء سواء كان من بلدها أو من قبيلتها أو من غير بلدها أو من غير قبيلتها، ما دام كفئًا في دينه، فالواجب تزويجه، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (¬1) ولم يقل من قبيلتكم أو من بلدكم، لا، المهم صلاح أخلاقه ودينه، ولا يجوز حبس المرأة لأجل المرتب أو لأجل خدمتها له، أو ما أشبه ذلك، بل يجب أن يزوجها وأن يتقي الله فيها، ويطلب من يقوم بخدمته من سواها من خادم أو زوجة يتزوجها، أما أن يحبس بنته أو أخته من أجل أن تخدمه أو من أجل أن يأخذ راتبها هذا من الظلم، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة» (¬2) نسأل الله ¬

(¬1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب الترغيب في التزويج من ذي الدين والخلق المرضي، (ج7 132)، برقم (13481). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم برقم (2578).

للجميع الهداية.

بيان ما ينبغي فعله لمن تأخر عنها الزواج

98 - بيان ما ينبغي فعله لمن تأخر عنها الزواج س: تذكر بأنها فتاة اقتربت من الثلاثين ومتخرجة من الجامعة منذ فترة طويلة، ووالدها رافض فكرة الزواج طمعًا في الوظيفة التي تقول لم أستطع الحصول عليها منذ زمن، وتقول بأنها تلجأ إلى الله عز وجل أدعو بأن يرزقني الزوج الصالح، وأنها تدعو الله بعد كل صلاة وخاصةً في الثلث الأخير من الليل، والذي زادها أسى ولوعة هو أن الله عز وجل لم يستجب لها دعاءها ولم يحقق لها الأمنية التي تتمناها كل فتاة، وتذكر بأنها تفكر دائمًا بأنها قد تدعو بشيء لم يكتبه الله عز وجل لها من الأساس، فهل هذا التفكير جائز وترجو الدعاء لها وهل من نصيحة للآباء سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: يسر الله أمرك، ورزقك الزوج الصالح، ونوصيك بسؤال الله جل وعلا أن يمنحك الزوج الصالح، في السجود وفي آخر التحيات وفي آخر الليل، اسألي الله جل وعلا ولا ولا تقنطي ولا تيأسي اسألي الله أن ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (366).

يمنحك الزوج الصالح، وأن يعينك على حق الزوجية، وأبشري بالخير إن شاء الله، والواجب على أبيك أن يساعد في هذا، الواجب على أبيك أن يتقي الله وأن يلتمس لك الزوج الصالح وألا يشغله حب المال عن تزويجك بل يجب أن يجتهد في تزويجك وسوف يغنيه الله عن وظيفتك وعن راتبك، وأنت لا تقنطي ولا تيأسي قد يكون عدم الإجابة بأسباب معاصيك، قد يكون لك معاصٍ فعلتها فاتقي الله وتوبي إلى الله وحاسبي نفسك فقد تمنع الإجابة بأسباب المعصية، قد تكونين تساهلت في الفرائض في صلاة الفريضة، قد تكونين تساهلت في صلة والديك، قد تكونين تساهلت في غير ذلك من المعاصي، فاتقي الله حاسبي نفسك جاهديها وتوبي إلى الله من تقصيرك في المعاصي، وأبشري بالخير سوف يجيب الله دعوتك، ويرزقك الزوج الصالح إذا صدقت وأخلصت في الدعاء وتجنبت أسباب الحرمان من المعاصي والسيئات. والواجب على الآباء أن يتقوا الله، نعم ننصح الآباء جميعًا والأجداد وجميع الأولياء ننصحهم أن يتقوا الله وأن يزوجوا مولياتهم، وألا يمنعوا ذلك من أجل الدراهم والدنانير، الواجب عليهم أن يزوجوهن حرصًا على عفتهن وعلى سلامتهن. نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

س: هناك رجل عنده أربع بنات، الكبرى عمرها خمس وثلاثون سنة والصغرى عشرون سنة وقد طلبن للزواج وأبى وليهن أن يزوجهن، وهو أيضًا إمام جامع، هل يجوز أن يصلي بنا وهو على هذه الحالة؟ (¬1) ج: لا شك أن الواجب على ولي البنات والأخوات ونحوهن أن يتقي الله سبحانه وتعالى، وأن يحرص على تزويجهن بالكفء إذا حصل، وألاّ يعضلهن لحظ من الحظوظ كالرغبة في خدمتهن، أو موتهن؛ لأن لهن مالاً حتى لا يشاركه أحد في المال، وما أشبه ذلك من المقاصد الخبيثة، فالواجب على الولي أن يبادر بتزويج المرأة إذا خطبها الكفء؛ لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (¬2) أو كما قال عليه الصلاة والسلام. والحاصل أن الأمانة يجب أن يعتنى بها، والبنت والأخت ونحوهما أمانة عند الولي، فالواجب عليه ألا يضر هذه الأمانة وألاّ يسيء إليها بل يجب عليه أن ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (1). (¬2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب الترغيب في التزويج من ذي الدين والخلق المرضي، (ج7/ 132)، برقم (13481).

يحسن إليها، وأن يزوجها الكفء من دون تعطيل ولا عضل ولا إيذاء، وهذا الرجل الذي سئل عنه، عنده أربع بنات الكبرى منهن تبلغ خمس وثلاثين سنة لا شك أنه قد غلط غلطًا كبيرًا إذ تأخر في تزويجهن من دون عذرٍ شرعي، والواجب عليه أن يبادر بالتزويج إذا جاء الكفء وألاّ يتأخر، فيجب أن ينصح وأن يوجه إلى الخير، ويجب على من يعرفه من جيرانه وأقاربه وأهل بلده أن ينصحوه وأن يحذروه من مغبة هذا الأمر، وكذلك ينبغي أن يُبلغ الحاكم حاكم البلد، القاضي، حتى يزجره وحتى يعظه ويذكره ويحذره من مغبة هذا العمل؛ لأن الدين النصيحة والمسلم أخو المسلم ينصحه ولا يهمله، هكذا يجب على المسلمين فيما بينهم، إذا رأوا مثل هذا أن ينصحوه وألا يهملوه؛ لأن هذا يضر المجتمع، وربما أفضى بالبنات إلا ما لا تحمد عقباه، أما الصلاة خلفه، فصحيحة على الراجح؛ لأن الراجح أن الصلاة خلف الفاسق صحيحة، وإنما تبطل إذا كان الإمام كافرًا، أما إذا كان مسلمًا لكنه عاص، مثل هذا أو مثل إنسان عنده معاصٍ معروفة أخرى من شرب المسكر في بعض الأحيان، أو كالتدخين وكحلق اللحى ومثل هذه المعاصي كلها لا تمنع من الإمامة، لكن ينبغي أن يلتمس الإمام الأفضل، ينبغي أن يعزل إذا كان مصرًا على العمل، ينبغي أن يعزل

ويؤتى بمن هو أسلم منه، لكن لو صلى خلفه صحت الصلاة، ولكن خلف السليم أفضل وأولى، ومثل هذا وأشباهه لا ينبغي أن يقر، بل ينبغي أن ينصح، فإن استقام وإلا يعزل عن الإمامة، يعني عمله معصية كبيرة وظلم فلا ينبغي أن يترك، على هذه المعصية بل ينبغي أن يبعد عن عمله هذا، تأديبًا له، ورعايةً لحال المأمومين، حتى لا يتولى إمامتهم إلا من هو معروف بالاستقامة والديانة والبعد عن المعاصي، وبكل حال ينبغي أن يحذر هذا من هذا العمل السيئ، وأن يؤمر بتزويج بناته، إذا خطبهن الأكفاء، وليس له أن يتأخر في ذلك أبدًا. الحاصل لهن مخارج منها أن يتكلمن مع والدهن، بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، ويقلن: لا يخفى عليك، أن الزواج فيه مصالح كثيرة، والبنت بدون زواج على خطر، تريد العفة وتريد الأولاد، نرجو من والدنا ألا يتأخر عن الكفء إذا خطب، بالأسلوب الحسن لعله يلين، لعله ينفع فيه الكلام، فإن لم يستطعن ذلك أو فعلنه ولم يجد، يستعن أيضًا بمن يرين فيه الخير من الأقارب كأعمامه وأقاربه الذين يقدرهم والذين يحترمهم؛ لعلهم يشفعون ولعلهم ينصحونه، فإن لم يتيسر لهن من يقوم بذلك، ولم يجد فيه مثل هذا فلا مانع من رفع الشكوى إلى المحكمة، إلى القاضي أو إلى ولي الأمر، الأمير ولي أمر البلاد، أمير أو

أو قاض، حتى يحصل التعاون على إزالة هذا الشر، لكن البداءة بالأسلوب الحسن أولى، بالكلام معه منهن بالأسلوب الحسن، قد يكون هذا أقرب إلى عطفه عليهن، وإلى تركه هذا الظلم، وإذا لم يتيسر هذا؛ لأنهن يخشين شره، وضربه لهن أو لأنه لم يمتثل منهن، يطلب من الأقارب الجيدين الكبار، الذين يقدرهم ويحترمهم، أن يتوسطوا وأن يشفعوا إليه، حتى يدع هذا الظلم، فإن لم يجد هذا ولا هذا، ولم يتيسر هذا ولا هذا فلا مانع من الشكوى إلى القاضي أو إلى الأمير أو إليهما جميعًا لحل هذا المشكل.

حكم رفض الأسرة زواج أبنائها من أسرة أخرى بسبب شحناء

99 - حكم رفض الأسرة زواج أبنائها من أسرة أخرى بسبب شحناء س: أريد الزواج من إحدى الأسر، لكن جدي منع أولاده وبناته، من الزواج من هؤلاء بحجة وجود خلافاتٍ قديمة، ما حكم الشرع من ذلك؟ (¬1) ج: الأولى لك أن تدعهم؛ لأن الجد أب، وبره مطلوب ولعل في ذلك خيرًا للجميع، فالناس كثير، والنساء كثير والحمد لله، فالمشروع لك ¬

(¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (334).

والأفضل لك فيما أرى التماس جماعة آخرين غير الجماعة التي لا يرتضيها جدك لأسبابٍ أشرت إليها، أما تحريم ذلك فهو محل نظر، لكن كونك تتركهم وتراعي خاطر جدك؛ لأنه أب، الجد أب والبر به واجب، ولعل في تركهم مصلحة للجميع، هذا لعله أحوط وأولى إن شاء الله.

حكم اعتراض الوالدة على زواج بنتها

100 - حكم اعتراض الوالدة على زواج بنتها س: يقول السائل أنا شاب، وليُّ أمر عائلتي، وتقدم لأختي شاب خاطبًا لها، وبعد التأكد من استقامته قبلت به بعد موافقة والدتي أيضًا، وتمت بعد ذلك الرؤية بين أختي وذلك الشاب، وبحمد الله كل منهما موافق، ولكن بعد أيام فوجئت بتحول رأي الوالدة عن هذا الزواج بحجة صغر سن هذه الأخت، يا سماحة الشيخ إنه سبق أن تقدم ثلاثة خُطاب قبل هذا الشاب، وترفض الوالدة بحجة صغر سن البنت، علمًا بأن عمرها يقارب الرابعة والعشرين، وجهوني كيف أوفق بين تزويج هذه البنت، وبين رضا والدتي وتصرفاتها هذه؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (293).

ج: بنت أربعة وعشرين ليست صغيرة، بل كبيرة قد تجاوزت حد الزواج، فلا يجوز لوالدتك أن تمنع، ولا أن تحتج بهذه الحجة، فإذا كانت البنت راضية فزوجها، ولو لم ترض أمك ويجب عليك أن تزوجها؛ لأن في ذلك عفتها، والسعي في سلامتها، خاصة إذا توفر الخاطب المناسب، والحمد لله. الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الطاعة في المعروف» (¬1) ويقول: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (¬2) والتأخر عن تزويجها مع وجود الكفء ومع رغبتها معصية، فالواجب عليك تنفيذ الزواج، والمشورة على والدتك بالكلام الطيب، أن تسمح وأن ترضى، حتى يكون الأمر إن شاء الله عن رضا الجميع، فإن أبت وأصرت فطاعة الله مقدمة إذا كانت البنت راضية. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية ... برقم (1840). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم (1089).

حكم رد الخاطب بسبب فقره

101 - حكم رد الخاطب بسبب فقره س: تقدم لي شاب علمت بأنه يتقي الله كثيرًا، ولا نزكي على الله أحدًا ولما تقدم للوالد رفضه الوالد لأسباب دنيوية، هي أنه لا

يستطيع أن يباهي به أمام الناس؛ لأن مظهره لا يعجب أناسًا في هذا الزمان؛ لأنه يلبس القميص ولا يطيل ثيابه، تأسيًا، بالرسول صلى الله عليه وسلم، هذا بجانب أنه لم يعجبه أسلوب عيشته، المهم أنه رفضه لدينه هداه الله سواء السبيل ولما كنت قد علمت بدين هذا الأخ، وأعلم أن رفض إنسان بهذه الصفات. هي فتنة في الأرض وفساد كبير فهل إذا تكلمت عن إسقاط الولاية عن الوالد، والتقدم للقاضي أو لعالم يتصف بالتقوى ليتولى أمر تزويجي هل في ذلك شيء علي أم لا وفقكم الله؟ (¬1) ج: لا ريب أن على الوالد وعلى سائر الأولياء. أن يعتنوا بأماناتهم وأن يحرصوا على تزويجهن، وعدم تعطيلهن وعضلهن. وأن ينظروا إلى الأزواج من جهة الدين، والاستقامة والأمانة، وصلاح الحال لا من جهة الدنيا والمظاهر فإن هذا المظهر قد يضر مصاهريه، فالواجب على ولي المرأة أن ينظر إلى الدين والاستقامة، فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قال في المرأة، «فاظفر بذات الدين تربت يداك» (¬2) هكذا، يقال من جهة الزوج. يقال للأولياء، فاظفروا بأصحاب الدين في تزويج ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (14). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدِّين، برقم: (5090)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، برقم: (1466).

بناتكم وأخواتكم ونحو ذلك، فيجب العناية بذات الدين من النساء، وهكذا العناية بصاحب الدين من الرجال، فكونه لا يطيل ثيابه، هذه منقبة، وفضل ينبغي أن يكون سببًا لتقريبه لا لإبعاده، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الإسبال وقال: «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار» (¬1) فلا يجوز للرجال أن يسبلوا ثيابهم تحت الكعب مطلقًا، وإذا كان عن كبر صار أعظم وأكبر، ولكونه مثلاً يلبس القميص العادي المعروف، أو كون راتبه ليس بالكثير، أو كونه لا يحلق لحيته بل يوفرها ويعتني بها، كل هذا مناقب ومكارم وفضائل لا ينبغي أن تكون سببًا لمنعه الزواج، والذي يعتبرها سببًا هذا فإنما يدل على نقصٍ في دينه ونقصٍ في إيمانه، ونقصٍ في تصوره، ونقصٍ في أدائه الأمانة، وهكذا كون معيشته ليست بالكاملة من جهة الرفاهية ومن جهة ما يحتاجه الناس اليوم من مزيد التفكه، هذا ليس بعيب، فينبغي للمؤمن أن يعتني بالدين والاستقامة، ولا يكون تعلقه بالمال أو بالمظاهر هو المطلوب، بل هذا غلط ولا يجوز للوالد ولا لغير الوالد من الأولياء. أما المرأة فإن تقدمت للحاكم لطلب عزل الولي الذي يتساهل حتى يزوجها ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس باب ما أسفل من الكعبين فهو في النار، برقم (5787).

الحاكم فلا بأس، لها حق في ذلك، تتقدم للمحاكم وتطلب أن تزوج بهذا الخاطب الجيد، وأن يمنع وليها من التحكم فيها بهواه ولمقاصده المنحرفة، أو لقصد المباهاة بالأزواج والأموال، كل هذه المقاصد رديئة، وصاحبها يستحق أن يعزل ويعتبر عاضلاً، وإن صبرت ولم تتقدم للمحاكم، وقالت لعل ولعل إكرامًا لأبيها وإكرامًا لوليها وحذرًا من أشياء قد تسوء عاقبتها فلا بأس، على كل حال هذا إلى المرأة، هي مخيرة إن شاءت تقدمت إلى المحاكم ليزوجوها من الخاطب الجيد الذي يستحق، وإن شاءت صبرت حتى يفتح الله لعل الله يهدي الولي فيزوج هذا أو غيره.

حكم منع أولياء المرأة لزوجها من الدخول بها دون سبب

102 - حكم منع أولياء المرأة لزوجها من الدخول بها دون سبب س: تزوجت فتاة وكان عمرها سبع عشرة سنة، ثم بقيت عند أهلها سبع عشرة سنة أخرى، وأنا لم أدخل بها وإنها تحبني وأحبها، ولكن أهلها منعوها من الزواج الفعلي: أي الدخول بالمعنى المعروف، وأخيرًا طلقتها، ثم خطبت زوجة أخرى، وحصل معها ما حصل مع الأولى، فهل أطلقها أم أن هناك رأيًا للشرع آخر علمًا بأنني متزوج من امرأة وعندي منها أطفال، وأنا أرغب

الزواج من الثانية وفقكم الله؟ (¬1) ج: الواجب على أولياء الزوجة، أولياء المرأة وأهلها من أم وأخت وخالة ونحو ذلك أن يساعدوا على الخير، وأن يشجعوا على الجمع بين الرجل وأهله، وألاّ يعطلوا المرأة عن زوجها لا قبل العقد ولا بعد العقد، فإذا تم العقد فالواجب البدار بإدخالها على زوجها، وتمكينه منها حتى يحصل مقصود النكاح من قضاء الوطر وعفة الفرج وغض البصر، ووجود النسل والذرية للجميع، هذا هو الواجب، ولا يجوز لأمها ولا لأبيها ولا لأوليائها تعطيلها من الزواج، ولا تعطيلها من الدخول على زوجها بعد العقد، هذا هو الواجب عليهم، وكثير من الناس والعياذ بالله لا يبالي بموليته، ولا يهتم بها بل يعطلها كثيرًا، إما لخدمتها في بيته وإما لرعيها غنمه، وإما لغضبه على أمها، أو غضبه عليها لأسباب اقتضت ذلك، فيظلمها ويتعدى عليها، ويحبسها عن الزواج لما في نفسه من الشر عليها أو على أمها أو على إخوتها الخاصين بها، أو نحو ذلك، وهذا ظلم وعدوان لا يجوز. فالواجب عليه أن يتقي الله، وأن يبادر بتزويج موليته سواء كان أخاها، أو أباها، أو عمها، وألاّ يعطلها، ثم إذا تم ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (34).

العقد فالواجب أيضًا ألاّ يعطلها، بل على الوالد أن يبادر بإدخالها على زوجها أو إدخاله عليها إن كان دخوله عليها في بيتهم أما التعطيل فهو منكر، وهذا واقع في كثير من الناس، يعطلون بناتهم وأخواتهم لأسباب خبيثة ظالمة إما لتخدم بيته وتخدم زوجته أو لتخدمه في رعي غنمه، أو لأسباب أخرى، وهذا لا شك أنه منكر، وحرام عليه، وإثم وظلم وبعد العقد كذلك لا يجوز تعطيلها أيضًا، بل يجب البدار بإدخالها على زوجها وتمكينه منها حتى يحصل المقصود من النكاح، والله يقول جل وعلا: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا}، فالظلم قبيح، وشره عظيم، ويقول صلى الله عليه وسلم: «فاتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة» (¬1) فحبس النساء عن الزواج سواء كن بنات أو أخوات، أو غيرهن ظلم وعدوان، وهكذا حبسهن بعد العقد، وعدم إدخالهن على أزواجهن ظلم وعدوان، فأرجو ممن يسمع كلامي هذا أن يبلغه غيره، وأن ينصح من يعمل هذا العمل الخبيث، هذا المنكر، فينصحه لله، ويحرضه على تزويج موليته، وعدم حبسها ظلمًا وعدوانًا. وعلى ولاة الأمور إذا ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم برقم (2578).

علموا ذلك أن يعاقبوا من فعل هذا، على القضاة والأمراء، وولاة الأمور جميعًا، عليهم أن يعاقبوا من عرف بهذا الظلم لموليته؛ لأنه يستحق العقاب ردعًا له ولأمثاله عن هذا الظلم، والقاضي أخص بهذا؛ لأنه يعلم من هذه الأمور ما لا يعلمه غيره، الواجب على القضاة أن يهتموا بهذا، وأن يحكموا بتعزير وتأديب من يعرف بهذا الأمر، رجاء السلامة من هذا الظلم لهؤلاء النساء والله المستعان.

حكم منع الأب لابنه من الزواج

103 - حكم منع الأب لابنه من الزواج س: ما حكم منع الأب لابنه من الزواج؟ (¬1) ج: هذا لا يجوز؛ لأن الزواج قربة وطاعة، وفيه عفة الرجل، وغض بصره، فلا يجوز لأبيه أن يمنع من ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج» (¬2) الحديث، ومعلوم أن الزواج يعينه على طاعة الله، وغض البصر، وحفظ الفرج، وإحصان المرأة، وإعانتها على الخير، وهو من أسباب النسل أيضًا، فالزواج فيه خير كثير، وقد ذهب جمع من ¬

(¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (35). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

أهل العلم إلى أنه واجب مع القدرة؛ لأن النبي أمر بذلك، والأصل في الأمر الوجوب، فدل ذلك على أن الزواج في حق من له الشهوة إذا استطاع واجب سواء كان شابًا أو شيخًا، والشاب آكد في الحديث السابق. فالحاصل أنه: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، إنما الطاعة في المعروف كما قاله النبي عليه الصلاة والسلام. فإذا منعه والده من الزواج وهو يستطيع الزواج، فينبغي له أن يتلطف مع والده، ويشرح له حاله حتى يوافق، وحتى تكون المعاملة بينه وبين والده جيدة، فإن صمم والده على منعه من الزواج من غير سبب موجب لذلك، فإنه يجوز له أن يتزوج وإن لم يرض والده، لكونه منعه من أمر شرعي، ولا طاعة لأحد في معصية الله عز وجل، لكن ينبغي له أن يرفق بوالده وأن يجتهد في رضاه وموافقته، هذا هو الذي ينبغي له حتى لا يكون بينهما شحناء.

بيان المحرمات من النساء على الرجال

104 - بيان المحرمات من النساء على الرجال س: يسأل المستمع ويقول: ما هي المحرمات من النساء على الرجال؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (384).

ج: بين الله جل وعلا المحرمات في سورة النساء، من قرأ سورة النساء عرف المحرمات في قوله جل وعلا: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} الآية، وبين النبي صلى الله عليه وسلم زيادة على هذا، قال: «لا يجمع الرجل بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها» (¬1) وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب» (¬2) فالأمر واضح والحمد لله. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا تنكح المرأة على عمتها، برقم (5109)، ومسلم في كتاب النكاح، باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، برقم (1408). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الرضاعة، باب تحريم الرضاعة من ماء الفحل، برقم (1445).

س: نرجو من سماحة الشيخ الذي يرد على هذه الأسئلة أن يفتينا في المحارم من جهة الزوج والمحارم من جهة الزوجة، نرجو التوضيح مفصلاً، مدعمًا بالأدلة الصحيحة، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر، من الشريط رقم (70).

ج: المحارم من جهة الزوج: أبوه وأجداده محارم للزوجة، وهكذا أولاده من جميع زوجاته وأولاده محارم للزوجة أيضًا، فلها أن تسفر لأبيه وأجداده؛ لأنها زوجة ولدهم، ولها أن تقابل أولاده أيضًا؛ لأنها زوجة أبيهم والله يقول سبحانه: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}، ويقول سبحانه {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ}، المقصود أن أبا زوجها وأجداد زوجها محارم، وهكذا أولاده محارم أما إخوته فليسوا محارم، أخو الزوج وعمه وخاله وابن عمه هؤلاء ليسوا محارم، ليس لها أن تكشف لهم، بل عليها أن تحتجب، وهكذا أخواله وأبناء خاله، وأبناء خالته ليسوا محارم. وأما من جهة الزوجة بالنسبة للزوج، فأمها محرم للزوج وجداتها كلهن محارم للزوج، يسلم عليهن ولا يحتجبن منه، ولهن السفر معه؛ لأنهن محارم، أمها وجداتها كما قال تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ}، وهكذا بناتها إذا كان قد دخل بها، وجامعها، فإن بناتها محارم للزوج، وهكذا بنات أولادها وإن نزلن كلهن محارم، فبنتها وبنت بنتها وبنت ابنها وبنت ابن ابنها، هكذا وإن نزلن، كلهن محارم

إذا كان قد جامعها، أما إن كان لم يدخل بها، بل عقد عليها ثم فارقها، أو ماتت فليست بناتها محارم، لقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}، والدخول الوطء يعني الجماع.

بيان الحكمة في تحريم نكاح المحارم

105 - بيان الحكمة في تحريم نكاح المحارم س: الله حرم المحارم وبينهن لنا وحرم علينا النكاح بهن، ما هي الحكمة سماحة الشيخ من ذلك؟ (¬1) ج: هذا لحكمة بالغة، الله حرم بعض الأقارب، وليس كل الأقارب، حرم المحارم عمومهن، الأمهات والجدات والبنات والأخوات، والعمات والخالات وبنات الأخت وبنات الأخ، هؤلاء لقربهن، وقال جمع من أهل العلم: الحكمة في ذلك أنه قد يطلق فيكون بينهم سوء الاتصال، وقطيعة الرحم، بسبب ما جرى من الطلاق والوحشة، فمن رحمة الله أن حرم المحارم حتى تبقى المودة، والمحبة والصلة بينهم، والتعاون على الخير، فلو أبيحت الخالة أو الأم أو البنت أو العمة، أو ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (159).

الأخت أو بنت الأخ أو بنت الأخت لربما جرى طلاق، وسوء نزاع بينهما يفضي إلى القطيعة المستمرة، وعدم الصلة للرحم، وكذلك في الأم والبنت هي الأخرى كونها ابنته أو أمه، كونه يفترشها ويجعلها كالخادم، وهي أمه من حكمة الله جل وعلا أن حرمها، وحرم الجدات لعظم حقهن، ولأن في ذلك إساءة لهن لو أمرهن بما لا ينبغي، أو أساء عشرتهن أو غير ذلك. فالحاصل أن ربك حكيم عليم، لله الحكمة البالغة في تحريم ذوات المحارم، لحكم عظيمة، منها ما يبين للعبد، ومنها ما لا يبين للعبد، لكن مما يظهر للعباد أن من حكمة ذلك أن الطلاق قد يسبب سوءًا للصلة، وحصول القطيعة بعد الطلاق لو طلقها؛ لأن الوئام قد لا يحصل بين الرجل وبين قريبته ذات المحرم لو كانت حلالاً له، فمن رحمة الله أن حرم هؤلاء القريبات، حتى تبقى المودة والمحبة، والصلة والتعاون على الخير بين الأقرباء ولا يكون هناك وسائل تفضي إلى النزاع والقطيعة، وقد تكون هناك حكم أخرى الله أعلم بها، كما قد يظهر فيما يتعلق بالأم والبنت، ولا سيما الأم بوجه أخص والجدات؛ لأن حقهن عظيم، فمن رحمة الله أن حرم عليهن، وعلى أولادهن النكاح، أن ينكحهن أولادهن، مما قد يقع من الإساءة إليهن، وهن وحقهن عظيم.

بيان القول الصحيح في حكم زواج الأقارب

106 - بيان القول الصحيح في حكم زواج الأقارب س: بعض الباحثين في هذا الموضوع، يستشهد بأحد كتب الفقه الحنبلي: زاد المستقنع، يقول: إن صاحب الزاد أشار إلى هذا الموضوع بقول: يسن أن تكون المخطوبة من غير الأقارب؟ (¬1) ج: القول هذا غلط، ولو قالوا، المعول أن نكاح الأقارب أمر مطلوب وطيب إلا أن يمنع منه مانع شرعي، أو مانع فيه ضرر. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (159).

حكم الزواج ببنت بنت الأخ

107 - حكم الزواج ببنت بنت الأخ س: رسالة بعث بها مستمع من خليص، سمى نفسه: فتى الطلعة، يسأل ويقول: ابنة أخي إذا كان لها بنت، هل لي الزواج بها؟ (¬1) ج: بنت أخيك وبنت بنت أخيك محرم، ليس لك الزواج من بنت أخيك ولا بناتها ولو نزلن، وبنت أخيك وبنت بنت أخيك وبنت ابن أخيك، وبنت بنت بنت ابن أخيك محارم كلهن أنت عمهن جميعًا ولو نزلن، فليس لك الزواج بواحدةٍ منهن بإجماع المسلمين؛ لأن الله جل وعلا حرم في المحرمات، بنات الأخ وبنات الأخ تشمل القريبات ¬

(¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (150).

والبعيدات، بنات الأخ وبنات ابن الأخ، وبنات بنات ابن الأخ، وإن نزلن، فالحاصل أن بنات الأخ وبنات ابن الأخ وإن نزلن محرمات على عمهن.

س: يقول السائل إذا حرمت علي امرأة، فهل بناتها يحرمن علي؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، إن كانت المرأة أختك فبناتها بنات أختك، حرام عليك هي وبناتها؛ لأنك خالهن، أما إذا كانت عمتك أو خالتك، فإنها تحرم عليك؛ لأنها خالة أو عمة، لكن لا تحرم بناتها؛ لأن بنات الخالة حل، وبنات العمة حل لك أن تتزوج منهن، وهكذا لو كانت زوجة أبيك أو زوجة جدك، فإنها محرمٌ لك لكن بناتها من غير جدك من زوج آخر لسن محارم لك، كالأجنبيات وإنما حرمت هي عليك؛ لأنها زوجة أبيك أو جدك، لكن بناتها من غير أبيك ومن غير جدك لسن محارم لك، إذا لم يكن بينك وبينهن رضاعة، المقصود أن هذا فيه تفصيل، فالمرأة التي هي محرمٌ لك، تكون بناتها محرمًا لك، إذا كانت أختًا لك، أو بنتًا لك أو بنت ابن لك، فبناتها كذلك محارم، أما إذا كانت خالةً أو عمةً، فإن بناتها لسن محارم لك. ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (245)

حكم زواج الرجل أخته من أبيه

108 - حكم زواج الرجل أخته من أبيه س: هناك رجل كان له زوجة أنجبت بنتًا وتزاعل معها وطلقها والبنت معها وتزوج ثانية وهي باقية معه، فأنجبت ولدًا ذكرًا، كبر الولد وأراد أن يزوجه والده هل يجوز للولد هذا أن يأخذ البنت التي من والده التي أنجبتها الزوجة التي كانت عند والده؟ (¬1) ج: يتزوج أخته؟ هذا منكر، لا، هو أخوها سواءً كان من أمها أو من أبيها فقط أخوها لا يتزوجها، سواء أخًا لها لأبيها، أو أخًا لها من أمها، أو أخًا لها من أمها وأبيها جميعًا، هذا غريب هذا السؤال، المقصود أنه لا يجوز له، أما لو كانت البنت من غيره من زوج سابق هذا لا بأس؛ وولده من زوجة أخرى لا بأس أن ينكح بنت زوجته من زوج آخر، أما بنت زوجته منه فهي أخت لولده من زوجة أخرى ولا تحل له؛ لأنها أخته. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (36)

بيان معنى قوله تعالى ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم

109 - بيان معنى قوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} س: أرجو أن تبينوا لي معنى قول الله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ}. (¬1) ¬

(¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (320).

ج: يقول الله جل وعلا: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ}، كانوا في الجاهلية يتساهلون في هذا، فأنزل الله عز وجل النهي عن ذلك، فليس للإنسان أن ينكح زوجة أبيه ولا زوجة جده المطلقة أو التي مات عنها، سواء أكان الجد من جهة الأم، أو من جهة الأب، فقد حرم الله نكاح زوجات الآباء مطلقًا، من جهة الأب ومن جهة الأم، سواءٌ كن مطلقات، أو مات عنهن أزواجهن، فهن محارم لأولاد أزواجهن، وأولاد أولادهم وإن نزلوا من النسب والرضاع جميعًا.

حكم زواج الابن من زوجة أبيه التي لم يدخل بها وطلقها أو مات عنها

110 - حكم زواج الابن من زوجة أبيه التي لم يدخل بها وطلقها أو مات عنها س: رجل عقد على امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها فهل تجوز لابنه من بعد طلاقه لها؟ (¬1) ج: إذا طلق رجل امرأة حرمت على جميع ذريته، من أولاده وأولاد بنيه، وأولاد بناته؛ لأنها زوجة أبيهم وإن لم يدخل بها؛ لأن الله ما علق ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (1).

ذلك بالدخول، قال سبحانه: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ}، فحرم النكاح للأبناء من زوجات الآباء مطلقًا، الأب، يدخل فيه أبوه القريب وجده، وأبو أمه وآباء أمه، وكل آبائه من جهة الأم ومن جهة الأب، زوجاتهم محرمة عليه وهو محرم لهن، {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}، هذا يعم المدخول بها وغير المدخول بها، وهذا محل إجماع عند أهل العلم ليس فيه خلاف. وهكذا العكس حلائل الأبناء يحرمن على الآباء مطلقًا ولو لم يدخل بهن الابن إذا تزوج رجل امرأة، ثم مات عنها قبل الدخول بها أو طلقها قبل الدخول بها، حرمت على آبائه وأجداده كلهم؛ لأن الله قال: {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} ولم يقل اللاتي دخلتم بهن.

س: السائل: إ. أ. ذ. يقول رجل عقد على امرأة، ولم يدخل بها سواء توفي أو طلقها، هل يجوز لابنه أن يتزوجها أم تكون من المحرمات عليه، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إذا تم العقد للرجل على امرأة عقدًا شرعيًا، فإنها تكون محرمة ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (282).

على جميع ذريته، وعلى أبيه وعلى أجداده ولو لم يدخل بها، سواء مات أو طلق؛ لقول الله جل وعلا: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}، هذا عام في نكاح العقد، ونكاح الدخول، ولقوله جل وعلا: {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} أي زوجات الأبناء {الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ}، فحلائل الأبناء محرمات على الآباء كما أن حلائل الآباء محرمات على الأبناء، على أبنائهم وأبناء أبنائهم، وأبناء بناتهم، وزوجات البنين محرمات على الآباء والأجداد، سواء كان الابن ابنك، أو ابن بنتك، وقوله: {مِنْ أَصْلابِكُمْ} احتراز من الأدعياء، كانوا في الجاهلية يتبنون بعض الناس يربونهم ويتبنونهم، هؤلاء ليسوا بأبناء وإن تبنوهم، وزوجاتهم غير محرمات، والنبي صلى الله عليه وسلم تزوج زينب بنت جحش، وقد طلقها زيد بن حارثة، وكان النبي قد تبناه في الجاهلية، ثم أمره الله أن يدعى لأبيه، قال سبحانه: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ}، تزوج النبي صلى الله عليه وسلم، مطلقة زيد - زينب، حتى يعلم الناس أنه لا حرج في تزوج مطلقات الأدعياء، الأبناء الأدعياء، أما ابنك من الرضاع، وابنك من النسب، فزوجته حرام عليك، وزوجة أبيه من الرضاعة ومن

النسب حرام عليك، وهكذا زوجات أجدادك في النسب، والرضاع، وهكذا زوجات أبنائك من النسب والرضاع، وأبناء بناتك كلهن محرمات، ولو لم يدخل الزوج بالزوجة، ولو لم يخل بها، ما دام تم العقد الشرعي كفى.

حكم زواج الأب بمطلقة ابنه التي لم يدخل بها

111 - حكم زواج الأب بمطلقة ابنه التي لم يدخل بها س: لو أن شخصًا عقد على امرأة، وحصل بينهما خلاف قبل الدخول بها، وقام بفسخ العقد، هل يصح لوالده أن يتزوجها أم لا؟ (¬1) (¬2) ج: ما دام تم العقد للولد عليها، فليس للوالد أن يتزوجها ولا للجد؛ لأن الله جل وعلا يقول: {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ}، المحرمات، {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ}، والحلائل زوجات الأبناء لم يفرق سبحانه بين المدخول بها، وغير المدخول بها، فإذا تم العقد حرمت زوجة الأب وحرمت زوجة الابن، إنما يشترط الدخول في بنات الزوجات، وهن الربائب؛ لأن الله سبحانه قال: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}، ¬

(¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (182). (¬2) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (182). ') ">

هذا الشرط في الربائب وهن بنات الزوجات، فإن كان دخل بأمهن حرمن، وإلا فلا فإن عقد على امرأة، ثم طلقها أو ماتت قبل الدخول بها، فإن بناتها لا يحرمن عليه؛ لأن الله قال: {فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ}، والدخول الوطء {فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}، فدل ذلك على أنه لو طلقها قبل وطئها أو ماتت، فإن بناتها حل له. س: رجل تم عقده على امرأة، ولم يدخل بها وتوفي هذا الرجل فهل يجوز لابنه من بعد وفاة أبيه، أن يتزوج هذه المرأة؟ ج: ما دامت بعقد الزواج، فقد حرمت على أبنائه وعلى آبائه، ما يجوز، صارت لهم محرمًا، الله يقول جل وعلا {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}، ولو ما دخل بها.

س: يقول السائل من اليمن: هل يجوز للرجل أن ينظر، أو يصافح أم زوجته؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (387).

ج: أم زوجته محرم، قال الله جل وعلا: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ}، بينها في المحارم فله أن ينظر إليها، وله أن يصافحها لكن من غير شهوة.

حكم زواج الابن بأخت زوجة أبيه

112 - حكم زواج الابن بأخت زوجة أبيه س: إن لأبي امرأة وله منها أولاد، ولزوجته هذه أخت، فهل يجوز أن أتزوج أخت زوجة أبي، علمًا أن إخواني من زوجة أبي ينادونها يا خالة، وطبعًا هي محرمة عليهم؛ لأنها خالتهم أخت أمهم، فهل تحرم علي لأني أخوهم، وهل يصبح تقديرها بالنسبة لي يعادل تقدير الخالة الأصلية أم لا؟ (¬1) ج: بالنسبة للسائل ليست خالة له، لك أيها السائل أن تتزوج هذه المرأة التي هي خالة إخوتك من أمهم، لا بأس أنت أجنبي منها، وهي أجنبية منك فلك أن تتزوجها وإن كانت خالة إخوتك من أمهم، بل لك أن تتزوج أخت إخوتك من أمهم لو كان لزوجة أبيك بنت من زوجٍ سابق فإن لك أن تتزوجها، وليس لإخوتك أن يتزوجوها؛ لأنها أختهم، ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (16)

أما أنت فأجنبي، فلك أن تنكح بنت زوجة أبيك، ولك أن تنكح أختها؛ لأنك أجنبي منها، أما إخوتك فلا، بنت أمهم أختهم، وإن كانت من غير أبيهم وأختها خالتهم، فلا ينكحوها وليس لهم ذلك، ولكن أنت أجنبي من البنت ومن الأخت، وزوجة أبيك حرمت عليك؛ لأنها زوجة لأبيك، أما بنتها من غير أبيك من زوجٍ سابق، فلك أن تنكحها إذا لم يكن بينك وبينها رضاعة، وهكذا أخواتها، لك أن تنكح إحدى أخواتها؛ لأنك أجنبي منها، إن لم يكن بينكما رضاعة، أما إخوتك فلا؛ لأنها خالتهم، والله سبحانه وتعالى أعلم.

س: هل يجوز الزواج من شقيقة زوجة أبي؟ (¬1) ج: نعم، شقيقة زوجة أبيك، لا بأس، بنتان إحداهما أخذها أبوك، والثانية تأخذها أنت فلا بأس، لأبيك واحدة ولك واحدة، كذلك إذا كانت بنتها وهو لم يدخل بها، بنت الزوجة من غيره لم يدخل حل لك أما إذا دخل بها صارت ربيبة لأبيك، وحرام على أبيك، ولكنها تحل لك أنت؛ لأنها ليست أختًا لك، وإنما هي ربيبة لأبيك إذا كانت من زوجٍ آخر، قبله أو بعده، المقصود أنه لك أن تنكح أخت زوجة أبيك ¬

(¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (417).

وعمتها وخالتها وبنتها من غيره إذا لم يكن هناك رضاعة.

حكم زواج الرجل من أخت رضيعته

113 - حكم زواج الرجل من أخت رضيعته س: أرضعت أمي بنت عمي الكبيرة فهل يجوز لي الزواج من أخواتها الأخر؟ (¬1) ج: نعم إذا كانت أمك أرضعت البنت الكبيرة خمس رضعات أو أكثر في الحولين، حرمت عليكم الكبيرة وصارت أختًا لكم من الرضاعة وأما أخواتها فلا بأس بنكاحهن؛ لأنهن لم يرضعن من الوالدة، أما الرضيعة فتحرم إذا كان الرضاع خمس مرات أو أكثر حال كونها في الحولين. ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (354).

حكم زواج الرجل من رضيعة أخيه

114 - حكم زواج الرجل من رضيعة أخيه س: نحن خمسة إخوة وإن عمتي قد أرضعت أخي الأكبر، وإن والدتي لم ترضع من أولادها أحدًا وأنا أصغر إخوتي، فهل يجوز لي أن أتزوج من بنت عمتي أرشدنا؟ (¬1) ج: نعم لا حرج إنما تحرم بناتها على من رضع منها، وأما الإخوة الذين لم يرضعوا فإنهم لا يحرم عليهم أن يتزوجوا من بنات العمة؛ لأن ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (36).

الرضاع يختص بالذي رضع فقط إذا كان بنات العمة لم يرضعن من أمك أيها السائل ولا من أخواتك ولا من زوجة أبيك؛ لأنهن لم يرضعن رضاعة تحرم عليك بنتها فلا حرج عليك، وكون أخيك الكبير رضع من عمتك لا يمنع تزويج البقية من بنات العمة.

حكم من تزوج امرأة وبعد الإنجاب تبين أنها محرم

115 - حكم من تزوج امرأة وبعد الإنجاب تبين أنها محرم س: رجل تزوج بامرأة وأنجبت له أولادًا بعد ذلك تبين أنه رضع من أمها عشر رضعات متواليات، هل يطلقها أم يستمر معها، وهل الأولاد يرثونه أم لا، أفيدونا مأجورين؟ (¬1) ج: إذا ثبت أنه رضع من أمها بشهادة الثقة من النساء أو الثقات خمس رضعات أو أكثر في الحولين، هذا كونه في الحولين، صارت أختا له فبان أنها أختٌ له فيبطل النكاح والأولاد يتبعون، الأولاد نسبهم صحيح؛ لأنهم ولدوا على فراشه على أنها زوجة، فإذا ظهر بعد ذلك أنها رضيعة له لا يضر ذلك أولاده، أولاده ينسبون إليه وهم أولاده وأولادها، لكن متى ثبت أنها أخته من الرضاع أو خالته أو عمته أو بنت أخيه أو بنت أخته بطل النكاح والأولاد أولاده ينسبون إليه؛ لأنهم ولدوا على شبهة النكاح. ¬

(¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (373).

س: قال الله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ}، فهل الأخت من الرضاعة مثل الأخت من النسب يحرم نكاحها إذا كانت مع أخت من النسب، أو أختها من الرضاعة أرشدونا أرشدكم الله؟ (¬1) ج: قوله سبحانه: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ}، يعم الأختين من النسب والأختين من الرضاع؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» (¬2) فلا يجوز الجمع بين الأختين لا من النسب ولا من الرضاع، سواء كانت الأختان شقيقتين أو من الأب أو من الأم، أو مختلفتين وسواء كانتا من النسب أو من الرضاع، هذا هو الحق، وهو الذي عليه أهل العلم. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (23). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الرضاعة، باب تحريم الرضاعة من ماء الفحل، برقم (1445).

حكم الجمع بين المرأة وعمة أبيها

116 - حكم الجمع بين المرأة وعمة أبيها س: هل يجوز أن يجمع الرجل بين المرأة وبنت ولد أخيها؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (33).

ج: ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يجمع الرجل بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها» (¬1) وبين أهل العلم أن العمة تكون قريبة وتكون بعيدة، والخالة كذلك، فليس للرجل أن يجمع بين المرأة وبنت أخيها التي هي عمتها ولا بنت ابن أخيها التي هي عمة أبيها مثل هذا السؤال، فإن عمة الرجل عمة لأولاده وإن نزلوا، وهكذا خالته خالة لأولاده وإن نزلوا فلا تجمع بين امرأة وبنت أخيها ولا بنت بنت أخيها، وبنت ابن أخيها، ولا بنت ابن ابن أخيها، وهكذا .. لأنها عمة الجميع، وهكذا لا يجمع بين المرأة وبنت أختها، ولا بنت بنت أختها، ولا بنت ابن أختها؛ لأنها خالة الجميع، وإن نزلوا. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا تنكح المرأة على عمتها، برقم (5109)، ومسلم في كتاب النكاح، باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، برقم (1408).

حكم زواج الرجل من أخت مطلقته

117 - حكم زواج الرجل من أخت مطلقته س: رجل تزوج من فتاة، ثم طلقها، ثم تزوجت بآخر، ويريد أن يتزوج أختها قال له بعض الناس هذا حرام فهل ما قيل صحيح، أو يجوز أن يتزوج بأخت مطلقته؟ (¬1) ج: إذا طلق الإنسان امرأة، واعتدت جاز له أن يتزوج أختها أو عمتها ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (331).

أو خالتها، بعد خروجها من العدة، وهذه قد اعتدت وتزوجت فلا حرج عليه أن يتزوج أختها إذا لم يكن بينهما رضاع.

س: لي بنت عم، أريد أن أتزوجها ولكن والدتي أخبرتني أنها قد أرضعت أختًا لها، قد ماتت وأنا أريد أن أتزوج البنت، التي لم ترضعها أمي، فهل تجوز لي أم لا؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: لا حرج عليك في زواج البنت الموجودة؛ لأن الرضاع يتعلق بالميتة، والميتة ذهبت والرضاع هذا لا يسري على أختها، التي أرضعتها أمك قد توفيت. وهذه لم ترضعها أمك وأنت لم ترضع من أمها ولا من أخواتها حتى تكون خالة لك. ما دام ما بينك وبينها رضاع فلا حرج في زواجها. ¬

(¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (19).

بيان أن التبرع بالدم لا يؤثر في المحرمية

118 – بيان أن التبرع بالدم لا يؤثر في المحرمية س: دخلت المستشفى وكنت بحاجة إلى دم، وحصَّلت الدم من إحدى بنات جيراني، هل يجوز أن أتزوج هذه الفتاة؟ (¬1) ج: أخذ الدم من أي امرأة لا يجعلها محرمة على آخذ الدم وليس ¬

(¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (30).

الدم مثل الرضاع، فلك أن تأخذ من فلانة، أو فلانة، ولا تكون أمًا لك، ولا تكون محرمًا لك، وهكذا إذا أخذت من زيد أو من عمرو. لا يكون أخًا لك ولا يكون أبًا لك من الرضاعة، فالحاصل أن الدم هذا ليس له شيء يجعله من جنس الرضاع بل لا حرج في أخذ الدم، عند الحاجة والضرورة إليه ولا يكون محرمًا لك، ولا تحرم عليك بنته إذا أخذت من دمه، ولا أخته، ولا غير ذلك، وهكذا المرأة إذا أخذت الدم منها لا تكون أمًا لك، ولا تحرم عليك.

حكم الزواج ممن جمعت بين كونها بنت عم وخالة

119 - حكم الزواج ممن جمعت بين كونها بنت عم وخالة س: هل الزواج من بنت عمي، وفي نفس الوقت هي بنت خالتي هل هذا جائز؟ (¬1) ج: التزوج من بنات العم وبنات الخال مشروع، لا بأس به، الممنوع أن تتزوج عمتك أو خالتك أو أختك، هذا هو الممنوع بالنص والإجماع، أما الزواج من بنات الخالة، أو بنات الخال، أو بنات العم، أو بنات العمة، هذا كله لا بأس به. ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (166).

حكم الزواج من بنت عم الأب

120 - حكم الزواج من بنت عم الأب س: هل يجوز الزواج من بنت عم والدي وما حكم الإسلام في ذلك علمًا بأنني متزوج من بنت عم أبي من عشر سنوات وأكثر، ومنجب منها ثلاثة أولاد وبنتًا، هل زواجي صحيح أم باطل؟ (¬1) ج: نعم، الزواج صحيح والحمد لله، بنت العم، وبنت عم الأب، وبنت عم الجد، وبنت الخال وبنت خال الأب، وبنت خال الجدة والجد كله لا بأس به، كلهن مباح الزواج منهن بنت خالك، بنت عمك، بنت خال أمك، بنت عم أمك، بنت عم أبيك، وبنت خال أبيك، كلهن حلال، الزواج منهن حلال. ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (336).

حكم الزواج من بنت عم الأم

121 - حكم الزواج من بنت عم الأمِّ س: يقول السائل/ هل يجوز الزواج من بنت عم والدتي؟ (¬1) ج: لا بأس بذلك، لا بأس بنكاح بنت العم وبنت عم أبيه، وبنت عم أمه، لا حرج إذا لم يكن بينهما رضاع. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (285).

حكم الزواج من مطلقة العم أو الخال

122 - حكم الزواج من مطلقة العمِّ أو الخال س: هل يجوز أن يتزوج الرجل زوجة عمه أو زوجة خاله بعد طلاقها، أو وفاة أحدهما؟ (¬1) ج: لا حرج كما يتزوج زوجة أخيه لا بأس أن يتزوج زوجة عمه وخاله، المقصود أن زوجة العم وزوجة الخال إذا لم يكن بينك وبينها قرابة ولا رضاعة فلا بأس، ليست زوجة العم مثل زوجة الأب وكذلك زوجة الخال ليست مثل زوجة الأب، لا، بعض الناس يظن أن زوجة الخال لها شأن غير زوجة الأخ فهذا غلط، زوجة الأخ والخال والعم كلهن أجنبيات، له أن يتزوج إحداهن إذا مات زوجها أو طلقها، بعد خروجها من العدة كما يتزوج زوجة أخيه. أخوه أقرب فهو لو مات أو طلق جاز له أن ينكح زوجة أخيه بعد العدة، وهكذا زوجة الخال وزوجة العم من باب أولى؛ لأنهما أبعد من الأخ، إلا إذا كان بينه وبينهما قرابة خاصة، أو رضاعة تقتضي التحريم، هذا شيءٌ آخر، أما مجرد أن كون الخال نكحها أو العم نكحها هذا لا يحرمها على الشخص، لا يحرمها على ابن أخته ولا يحرمها على ابن أخيه. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (50).

حكم الزواج من بنات مطلقة الأب

123 - حكم الزواج من بنات مطلقة الأب س: سائل يقول: رجل تزوج من امرأة وطلقها بعد أن دخل بها، لعدم إنجاب الأطفال، ثم تزوجت من آخر وهو تزوج من أخرى وكل منهما أنجب الأطفال، هل يجوز شرعًا لابنه الزواج من ابنة امرأته السابقة التي طلقها ولم تنجب أو العكس؟ (¬1) ج: نعم، لا بأس كون أولاده من الزوجة الجديدة يعني أبناءه يتزوجون من بنات الزوجة، زوجة أبيهم سابقًا من زوجها الأخير لا بأس بذلك، هذا لا يضر، لكن هو لا يأخذ من بناتها؛ لأنهن ربائب، الزوج الذي طلقها لا يجوز له أن يتزوج من بناتها؛ لأنهن ربائب ولو من الزوج الأخير، أو من زوجٍ سابق، أما أولاده فلا بأس، إذا لم يكن هناك رضاعة تمنع فإنه لا بأس أن يتزوج من بنات زوجة أبيه. ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (200).

حكم زواج الرجل من بنت زوج أمه

124 - حكم زواج الرجل من بنت زوج أمه س: تزوج والدي من والدتي، بعد أن أنجبت ولدين من رجلٍ قبله، ثم أنجبت منه ولدًا وبنتًا، بعد ذلك تزوج والدي من امرأة أخرى أنجبت منه عددًا من الأولاد والبنات، وسؤالي هنا هل

إخواني من أمي يصح لهم أن يتزوجوا من أخواتي من أبي؟ (¬1) ج: نعم لا حرج في ذلك، ليس بينهم قرابة تمنع، إذا لم يكن بينكم رضاع، فليس بينهم قرابة تمنع. ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (212).

س: تزوج أبي امرأة ثم فارقها، وأخذت شخصًا آخر فأنجبت منه بنتًا، فهل يصلح لي أن أتزوجها وفقكم الله؟ (¬1) ج: نعم، بنت زوجة أبيك لا حرج فيها إذا كان ما هناك رضاع يحرمها، إذا كانت زوجة أبيه ليس بينه وبينها رضاع يحرمها، مجرد كونها زوجة أبيه لا يحرم بنتها عليه لو كان عندها بنت من قديم، من زوجٍ سابق وتزوجها هو، وأبوه تزوج الأم لا بأس، وهكذا بنت جديدة من زوجٍ جديد له أن يتزوجها. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (15).

حكم مصافحة الرجل ربيبة أبيه

125 - حكم مصافحة الرجل ربيبة أبيه س: تزوج والدي امرأة بعد وفاة والدتي، رحمها الله وهذه المرأة لها بنات، ولكن طلق والدي هذه المرأة، ولم ينجب منها هل يجوز

لنا أن نصافح بناتها، وبنات بناتها؟ (¬1) ج: لسن محارم لكم، إنما هن محارم لأبيك؛ لأنه زوج أمهن، هن ربائب إذا كان قد وطئ أمهن، أما أنتم فهن أجنبيات، لكم أن تتزوجوا بهن، لسن أخوات ولسن ربائب لكم، وإنما هن ربائب لأبيكم، الحاصل أن هؤلاء البنات أجنبيات من أولاد الزوج. ¬

(¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (220).

حكم مصافحة المرأة لأزواج بنات ابن أخيها

126 - حكم مصافحة المرأة لأزواج بنات ابن أخيها س: تقول السائلة ابن أخي له بنات متزوجات هل أزواجهن محارم لي؟ (¬1) ج: لا. أزواج بنات الأخ وبنات الأخت ليسوا محارم، المحرم زوج البنت وزوج بنت البنت وزوج بنت الابن بنت ولد المرأة وإن نزل هؤلاء هم المحارم، وهكذا زوج الأم محرم لبنتها إذا كان قد دخل بها يعني قد وطئها؛ لقوله سبحانه: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}، ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (236).

الدخول الوطء زوج أمها محرمٌ لها إذا كان قد وطئ أمها ولو كانت ليست في حجرها وصف الحجر وصف الغالب، وهكذا زوج جدتها من أمها، أو من أبيها هو أيضًا محرمٌ لها إذا كان قد دخل بالأم.

حكم مصافحة زوج بنت الأخ

127 - حكم مصافحة زوج بنت الأخ س: تقول السائلة بنت أخي هل زوجها يكون محرمًا لي؟ (¬1) ج: بنت أخيك ليس زوجها محرمًا لك، بنت بنتك نعم أما بنت أخيك لا ولا بنت أختك ليس زوجها محرمًا لك وإنما المحرم زوج البنت وزوج بنت البنت والابن هذا محرم، زوج الأم وزوج الجدة محرم يعني الذرية والأصول، أزواج البنات وهكذا أزواج بنات البنات وبنات البنين هؤلاء محارم وكذلك أزواج الأمهات والجدات محارم. ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (236).

حكم كشف الزوجة على ابن أخي زوجها

128 - حكم كشف الزوجة على ابن أخي زوجها س: ما حكم كشف زوجة العم، على ابن أخي الزوج حتى ولو كان بينهما تفاوتٌ في السن؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (228).

ج: ليس لها الكشف لأخي زوجها، ولا عم زوجها ولا ابن عم زوجها ولا ابن أخيه، كلهم أجانب، ولا الخلوة بأحد منهم أبدًا هذا لا يجوز، قال الله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ}، أما أخو الزوج فليس منهم، ولا ابن أخيه ولا عمه، ليسوا من هؤلاء، أما أبو الزوج نعم؛ لأنه قال: {أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ}، آباء البعولة هم آباء الأزواج، والجد أب فأبو الزوج وجد الزوج، كلهم محارم من الرضاع أو من النسب، وهكذا أبناء الزوج، من الرضاع، أو من النسب محارم أيضًا، وهكذا أبناء بناته محارم.

حكم كشف المرأة على عم زوجها

129 - حكم كشف المرأة على عم زوجها س: أنا متزوجة ولزوجي عم، هل يجوز لي أن أدخل عليه وأنا كاشفة الوجه، مع أني لا أرتدي أي زينة؟ (¬1) ج: عم الزوج ليس بمحرم، ولا أخو الزوج ليس بمحرم، ولا خال الزوج، فليس لك أنت أن تدخلي عليه كاشفةً لا وجهك ولا غيره، ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (184).

وليس لك الخلوة به، بل يجب أن تبتعدي عن ذلك، وألا تجلسي معه إلا ومعكما غيركما، وأن تكوني مستورة متحجبة عنه، كأخي الزوج وخال الزوج وابن عم الزوج ونحو ذلك، وإنما المحرم أبو الزوج، وجد الزوج، وولد الزوج من النسب أو الرضاعة، أما أخو الزوج وعمه وخاله، وابن عمه فليسوا محارم، والواجب الحجاب عنهم وعدم الخلوة بواحدٍ منهم.

حكم كشف المرأة وجهها أمام أزواج بنات زوجها من غيرها

130 - حكم كشف المرأة وجهها أمام أزواج بنات زوجها من غيرها س: زوجي له بنات متزوجات، هل أزواجهن يعتبرون محارم لي ويصح الكشف أمامهم أم لا؟ (¬1) ج: ليسوا محارم لك، إذا كانت البنات لسن بناتك بل من زوجة أخرى، أما إذا كانت البنات بناتك، فأزواجهن محارم لك، وأما بنات الزوج من غيرك فليس أزواجهن محارم لك. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (177).

س: الأخ أ. خ. ش. من تبوك يقول: هل أولاد الأخ محرم لزوجة عمهم؟ وهل لها أن تقابلهم وهي متحجبة؟

ج: ليس أولاد الأخ محرما لزوجة عمهم، بل الأخ نفسه ليس محرمًا، أخو الزوج وعم الزوج وأبناء أخيه، كلهم ليسوا محارم، كلهم أجانب ليس لها أن تخلو بواحد منهم، وليس لها أن تكشف لهم، بل عليها أن تحتجب عنهم، لأنهم ليسوا محارم. الأخ والعم والخال وابن الأخ، كل هؤلاء ليسوا محارم، كابن العم وابن الخال وإن المحارم من الأصهار: أبو الزوج وجد الزوج وابن الزوج، وابن بنت الزوج وابن ابنه، هؤلاء المحارم. وأما أخوه وعمه وخاله وابن أخيه ونحوهم، فهؤلاء ليسوا محارم.

س: هل يصح لزوجة عمي، والد زوجتي وهي ليست والدة زوجتي، بل زوجة أبيها هل يصح لها أن تجلس وتتحدث معي، وهي كاشفة الوجه أم لا؟ (¬1) ج: ليست محرمًا لك، وليس لها ذلك ليس لك أن تخلو بها، وليس لها أن تكشف لك؛ لأنها ليست محرمًا لك، المحرم أم الزوجة وجدتها، أما زوجة أبيها فليست محرمًا لك، والواجب أن تنصحها وتبين لها الحكم الشرعي حتى تحتجب عنك ولا تخلو بها أيضًا، وفق الله الجميع. ¬

(¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (213).

حكم الزواج من زوجة العم بعد وفاته

131 - حكم الزواج من زوجة العم بعد وفاته س: ما صحة زوا جي من زوجة عمي، بعد وفاته ونهاية عدتها؟ (¬1) ج: لا حرج، زوجة عمك وزوجة أخيك إذا مات عنها أو طلقها، واعتدت، لك أن تتزوج بها، المحرمة زوجة أبيك أو جدك أو ولدك أو ولد ولدك، لا تنكح هي محرم. أما زوجة أخيك، إذا طلقها أو مات عنها، أو زوجة عمك أو خالك إذا طلقها أو مات عنها، واعتدت، لك أن تتزوجها. ¬

(¬1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (386).

حكم الزواج من زوجة الخال بعد وفاته

132 - حكم الزواج من زوجة الخال بعد وفاته س: هل زوجة خالي أو زوجة عمي تعد من المحارم بالنسبة لي؟ (¬1) ج: زوجة عمك وخالك هذه أجنبيات مثل زوجة أخيك، أخوك أقرب ومع هذا زوجته أجنبية ليست محرمًا لك. زوجة الخال والعم من باب أولى فهما أجنبيتان، وليس لك أن تخلو بهما وليس لهما أن يكشفا لك، وليس لك أن تصافحهما؛ لأنهما أجنبيتان، زوجة خالك وزوجة ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (328).

أخيك وزوجة عمك كلهن أجنبيات، أما زوجة أبيك فلا، هي محرم، زوجة أبيك، زوجة جدك، من النسب والرضاع محارم، جد جدك كذلك. زوجة ابنك محرم لك من النسب والرضاع، زوجة ابن بنتك حتى ابن بنتك زوجته محرم لك من النسب والرضاع.

حكم الزواج من مطلقة ابن الأخت

133 - حكم الزواج من مطلقة ابن الأخت س: هل يجوز أن يتزوج خالي زوجتي إذا طلقتها؟ ج: كما يتزوج أخوك زوجتك إذا طلقتها، أو مت عنها كذلك خالك، من باب أولى، الخال أبعد من الأخ، وزوجة الخال وزوجة ابن الأخت. وابن الأخ كلهن حلال فإذا مات الإنسان جاز لخاله أو لعمه أو لأخيه أن يتزوج زوجته وهكذا إذا طلقها. واعتدت جاز لخاله، وعمه وأخيه أن يتزوجها إذا لم يكن هناك بينه وبينها ما يحرم من رضاع أو غيره.

حكم مصافحة أم الخطيبة قبل العقد

134 - حكم مصافحة أم الخطيبة قبل العقد س: هل أم خطيبتي قبل كتابة العقد تعتبر من المحارم وهل يجوز أن أسلم عليها؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (319).

ج: ليست من المحارم حتى يتم العقد إذا تم العقد صارت من أمهات النساء، أما قبل ذلك هي أجنبية تسلم عليها وتسألها عن حالها، وعلى خطبيتك سلامًا لا يتضمن كشفًا ولا خلوة، ولا فتنة، سلام عادي مثلما تسلم على الأجنبيات الأخريات إذا كان ذلك ليس فيه فتنة ولا يخشى منه الفتنة.

حكم لوم المرأة على الزواج بعد وفاة زوجها

135 - حكم لوم المرأة على الزواج بعد وفاة زوجها س: في مجتمعنا وفي بعض المجتمعات الأخرى يعيبون على المرأة المتوفى عنها زوجها، أن تتزوج بعده، فما حكم عملهم؟ (¬1) ج: هذا غلط ولا يجوز لهم أن يعيبوها، بل عليها أن تتزوج وتجتهد، في عفة نفسها، وغض بصرها، وتحصيل الذرية، وإنما يحرم هذا على أزواج النبي فقط - عليه الصلاة والسلام-، حرم الله على أزواجه أن ينكحن بعده، وأما غيرهن فلا حرج عليهن في ذلك، ولا تعاب في تزوجها بعد زوجها الذي مات، والذي يعيبها قد غلط وأخطأ عليها، بل ينبغي تشجيعها على الزواج، لما فيه من الخير العظيم، والمصالح الجمة. ¬

(¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (215).

حكم زواج الشاب من المطلقة

136 - حكم زواج الشاب من المطلقة س: هل صحيح أن زواج الشاب من المطلقة، يبيع نصيبه في الجنة كما يشاع عندنا؟ (¬1) ج: هذا القول لا أصل له، بل هو قول باطل، يجوز للشاب أن يتزوج البكر، ويتزوج المطلقة ولا شيء في ذلك ولا حرج في ذلك، وهذا القول الذي بلغكم قول باطل لا أساس له من الصحة. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (219).

حكم اشتراط المرأة على زوجها عدم الزواج عليها

137 - حكم اشتراط المرأة على زوجها عدم الزواج عليها س: هل يجوز للمرأة أن تشترط على الزوج أثناء العقد بألاّ يتزوج بالثانية؟ (¬1) ج: لا أعلم حرجًا، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج» (¬2)، والمسلمون على شروطهم، فإذا ¬

(¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (414). (¬2) أخرجه البخاري، في كتاب الشروط، باب الشروط في المهر عند عقد النكاح برقم (2572)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الوفاء بالشروط في كتاب النكاح، برقم (1418).

تزوجها على ألا يتزوج عليها فلها شرطها، فإذا تزوج عليها فهي بالخيار، إن شاء طلق إذا طلبت وإن رغبت في البقاء بقيت معه، لكن إذا تزوج وهي شارطة عليه يلزمه الطلاق إلا إذا سامحته؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «المسلمون على شروطهم» (¬1) فإذا تزوجها على ألاّ يتزوج عليها يشاورها فإن سمحت فلا بأس وإلا يطلقها. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الأقضية، باب في الصلح، برقم (3594).

حكم اشتراط الرجل على المرأة إجراء الفحوصات الطبية قبل الزواج

138 - حكم اشتراط الرجل على المرأة إجراء الفحوصات الطبية قبل الزواج س: يقول السائل في هذا السؤال: هل يجوز للرجل أن يشترط على المرأة أن تجري فحوصات طبية قبل الزواج؟ وإن كانت نتائج الفحص غير مرضية، بأن تكون نتائج الفحص تخبر بأن المرأة تحمل مرضًا وراثيًا، مثلاً في ضعف البصر، روماتزم، فهل يحق للرجل حينئذٍ أن يفسخ الخطبة؟ ج: لا ينبغي عمل هذا العمل، وهو طلب إجراء الفحوص؛ لأن هذا يفتح باب شر، وقد يغلط الطبيب، فيسبب لها مشكلات، أو للرجل مشكلات، ولكن يسأل عنها، فإن كان ظاهرها أنها صحيحة، وسليمة

فالحمد لله، وهكذا الرجل، وليس لأهل الزوجة أن يخفوا عيبها، إذا كان بها مرض خفي، ليس لهم أن يخفوا، عليهم أن يبينوا ولا يغشوا الزوج أما كونه يطالب بالفحص من جهة الطبيب، فلا أعرف لهذا أصلاً، ولا ينبغي فعل هذا؛ لأنه يسبب مشكلات، وربما أفضى إلى شر عظيم وتعطيل النساء، بغلط بعض الأطباء.

حكم اشتراط الفتاة العاملة على زوجها عدم التعرض لراتبها

139 - حكم اشتراط الفتاة العاملة على زوجها عدم التعرض لراتبها س: السائلة /ع. أ. ع. من الجنوب، تقول: فتاة مقدمة على الزواج وهي معلمة في أحد شروطها في العقد أنها حرة التصرف في راتبها، وهي تخشى من الخلاف فيما بعد على أمر الراتب، وتود أن تعطي أهلها شيئًا من هذا الراتب، وتبقي شيئًا آخر لزوجها، فهل عدلت في ذلك؟ وهل تكتفي بإعطاء الزوج ألف ريال فقط ويكون هذا من العدل؟ (¬1) ج: هذا يتعلق بما بينها وبين أهلها وزوجها، والمسلمون على شروطهم، هي حرة في راتبها، فإذا كان بينها وبين الزوج شروط، أنها لا تشتغل، أو أنها تعطيه نصف الراتب، فهم على شروطهم، عند العقد. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (228).

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلمون على شروطهم» (¬1) إذا اتفقت مع الزوج على شرط أنها تدرس، أو تعمل كذا ويكون له نصف الراتب أو ربع الراتب، فهم على شروطهم، أو سمح لها ولم يأخذ من راتبها شيئًا فلا بأس، وهكذا مع أبيها وأمها، الأمر بينهم. لا يتجاوزهم إذا اتفقوا على شيء فلا حرج. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الأقضية، باب في الصلح، برقم (3594).

حكم اشتراط الزوج على زوجته الموظفة ترك العمل

140 - حكم اشتراط الزوج على زوجته الموظفة ترك العمل س: إذا ما أراد الإنسان أن يتزوج من موظفة، فما هي الشروط التي تنصحونه أن يشترطها، حتى تكون الحياة الزوجية مستقيمة؟ (¬1) ج: الزوج يعمل بالأصلح، إن رأى الموافقة على بقائها في الوظيفة، فلا بأس وإن رأى اشتراط الترك للوظيفة فلا بأس، هو أعلم بنفسه، وهذا شيء يرجع إلى علمه وحاجته وتقديره، فإذا تيسر بقاؤها في الوظيفة الطيبة، وفي البيت من يقوم مقامها في إصلاح البيت كأمه وأخواته ونحو ذلك؛ وإلا فالأصلح ألاّ يقبل موظفة، بل يتزوج امرأة غير موظفة، حتى تقيم في بيته وحتى تعتني بالبيت، وحتى يرتاح إليها ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (262).

إذا جاء من عمله وجدها، والمقصود في كل حال، هو أن ينظر فيما هو أصلح، لدينه ودنياه، مع الموظفة وغيرها.

حكم الأخذ من مال الزوجة عند الحاجة

141 - حكم الأخذ من مال الزوجة عند الحاجة س: السائل /ع. أ. غ. من جمهورية مصر العربية، يقول: زوجتي موظفة، هل من حقي أن آخذ من راتبها إذا كنت في حاجة إليه أو جزء منه؟ وإذا كنت غير مستفيد من راتبها، هل أجعلها لا تعمل وتجلس في البيت؟ (¬1) ج: إن كانت قد شرطت عليك عند الزواج أنها تعمل والراتب لها، فليس لك حق في ذلك، أما إن كانت لم تشترط عليك فلك أن تمنعها، ولك أن تتفق معها على نصف الراتب أو أقل أو أكثر؛ لأنك أحق بها، وأولى بها، في وظائف بيتك، والقيام بحاجاتك، إذا كانت لم تشترط عليك عند العقد أن تقوم بالتدريس، فلك الحق أن تمنع، ولك الحق أن تأذن، وإذا اتفقتما على شيء. فالصلح جائز بينكما، نصف الراتب، أو ثلث الراتب، أو كل الراتب، الأمر واسع. ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (412).

س: السائل أبو معاوية من الأردن عمان يقول في هذا السؤال:

الراتب الذي تأخذه الزوجة إذا كانت موظفة هل هو من حقها لوحدها أم للزوج فيه نصيب بمعنى إذا كان يترتب على عملها أن يتنازل الزوج عن بعض حقوقه فوجهونا بهذا السؤال؟ (¬1) ج: الحكم في هذا على ما اتفقا عليه إذا اتفقا على أن نصف الراتب للزوج أو الربع أو الثلث أو أقل أو أكثر فلا بأس، المسلمون على شروطهم والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا حرم حلالاً أو أحل حرامًا فإذا اتفقا معا أنها تعمل موظفة، مدرسة أو ممرضة أو طبيبة اتفقا معًا أن له النصف أو الثلث أو الربع أو الراتب كله فلا بأس، الحق لا يعدوهما أما إذا كان مشروط في العقد أن راتبها لها، وأن يقدم على أنها موظفة، مدرسة، ممرضة طبيبة أو غير ذلك، وأن راتبها لها، إذا شرط عليه فإنه لا حق له إلا بشيءٍ تسمح به، لقوله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون على شروطهم» (¬2) لكن إن سمحت بشيء فلا بأس، لقول الله سبحانه {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}، إذا طابت نفسها بشيءٍ من راتبها قليل أو كثير فلا بأس. ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (368) (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الأقضية، باب في الصلح، برقم (3594).

حكم اشتراط الزوجة على الزوج كون الطلاق في يدها

142 - حكم اشتراط الزوجة على الزوج كون الطلاق في يدها س: ما حكم الشرع في بعض العوام من الناس عندما يقولون: تكون العصمة في يد الزوجة، أي بمعنى هي التي بيدها الطلاق، وليس الزوج، هل هذا جائز؟ (¬1) ج: الصواب في هذا أن هذا شرط غير صحيح؛ لأنه خلاف ما شرع الله، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «كل شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط» (¬2) فالشروط التي تخالف شرع الله ليست صحيحة، وكونه يشترط لها بأن الطلاق بيدها هذا خلاف ما شرع الله، الطلاق بيد الزوج، وهذا يسبب فسادًا كبيرًا؛ لأنها قلَّ أن تصبر على الزوج، بل عند أقل شيء يصدر منها الطلاق، فالحاصل أن هذا لا يصح، والشرط باطل. ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (185). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب إذا اشترط شروطا في البيع لا تحل برقم (2168).

حكم الزواج بامرأة غير متحجبة

143 - حكم الزواج بامرأة غير متحجبة س: سائل من مصر يقول أردت أن أتزوج بفتاة لكن تلك الفتاة

مشغولة، موظفة بإدارة ورغم ذلك لم تحتجب، ما حكم الشرع في الزواج بها هل هو ممكن أم لا؟ (¬1) ج: إذا كانت مسلمة طيبة توحد الله، تعبد الله وحده لا تعبد أصحاب القبور، وكانت تصلي فإنه يجوز الزواج بها، وتُعلّم الحجاب، ويقال لها تحجبي؛ لأنه لا يجوز للمرأة أن تكشف للرجال الأجانب؛ لأن الله قال في كتابه الكريم: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ} والبعولة الأزواج {أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ}، الآية من سورة النور. ويقول سبحانه في سورة الأحزاب: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}. فتُعلم الحجاب ولا تتوظف مع الرجال، بل تتوظف في عمل النساء ولا تتوظف في عمل الرجال؛ لأن عملها مع الرجال فتنة، من أسباب الشر والفواحش، لكن تكون في عمل النساء، ممرضة طبيبة للنساء، مديرة للنساء، عميدة مع النساء لا بأس مع النساء خاصة. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (306)

حكم إجراء عملية لتحسين تشوه في الوجه

144 - حكم إجراء عملية لتحسين تشوه في الوجه س: أنا شاب أبلغ من العمر 18 سنة مقبل على الزواج، يوجد أثر على وجهي مما جعلني خجولاً أمام الناس، هل يجوز أن أعمل عملية في وجهي مما يجعلني غير مشوه أمام الناس؟ (¬1) ج: إذا كان في الوجه شيء من آثار الجدري، أو أشياء في الوجه أخرى تشوهه، لا بأس إذا كان عند الأطباء شيء يزيل هذا الأثر، ويزيل التشويه عنه، فلا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم لما قطع أنف بعض الناس في الحروب، أشاروا عليه أن يجعل أنفًا من فضة، فلما أنتن عليه، أمره النبي أن يجعل أنفًا من ذهب ورخص في ذلك؛ لأن وجه الإنسان من دون أنف يكون مشوهًا فمن رحمة الله أن أذن له النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، فإذا كان في وجهه حفر من الجدري أو غيره ووجد أن الطب عند الأطباء يخفف هذا الشيء أو في وجهه نقط سوداء أو أشياء مما يشوه الوجه ووجد علاجًا يزيل هذه الأشياء المشوهة، لا بأس في ذلك ولا حرج. ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (30).

حكم البقاء مع الزوجة إذا صرحت بارتكابها الفاحشة

145 - حكم البقاء مع الزوجة إذا صرحت بارتكابها الفاحشة س: تزوج رجل بامرأة وقبل الدخول بها بأشهر، صرحت له بأنها ليست بكرًا وأنها ارتكبت مع خطيبها الأول جريمة، ورأفة بها

وتسترًا عليها، وخوفًا عليها من التمادي في هذا المنكر، إذا رفض الزواج منها، عسى أن تتوب إلى الله عز وجل، لذلك تزوج منها من أجل ذلك تزوجها وهو راضي النفس، حبا في عمل الخير ورضاء بالله، ويرجو أن يرضى الله عليه، عسى أن يكرمه في حياتها معه، فما موقفه بالنسبة للدين، وهل ينطبق عليه قول الله تعالى: {لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ}؟. ج: إذا كانت هذه المرأة قد تابت إلى الله سبحانه من جريمتها، وتزوجها بعد حيضتها حيضة، أو بعد وضعها حملها إن كانت حملت، فلا شيء عليه في ذلك فإن الله سبحانه وتعالى يتوب على من تاب، الستر عليها مشروع ومطلوب، وعدم إفشاء هذه الفاحشة إذا كانت قد تابت إلى الله من جريمتها وأخبرته بأنها قد ندمت وتابت، ولم يكن فيه عدة بل قد وضعت الحمل، إن كانت حبلى أو مضى عليها حيضة فأكثر، إذا كانت لم تحمل فالنكاح صحيح.

بيان الشروط في نكاح الكتابية

146 - بيان الشروط في نكاح الكتابية س: الأخ من جمهورية السودان، يسأل ويقول: هل هناك شروط

للزواج من المرأة الكتابية، وماذا على الشخص الذي ينجب أبناء منها ولم يوفق في إدخالهم الدين الإسلامي، وبالذات البنات، كيف يتم زواجهن، هل يسمح لهن بالزواج من غير المسلمين إن رغبن في ذلك؟ (¬1) ج: قد أوضح الله سبحانه الشروط المعتبرة في نكاح أهل الكتاب، فقال عز وجل: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ}، فالله عز وجل أباح لنا المحصنات من أهل الكتاب، إذا دفعنا لهن أجورهن وهي المهور، والمحصنة هي الحرة العفيفة، فإذا تيسر للمسلم حرة عفيفة من أهل الكتاب، واتفق معها على المهر المطلوب، وهو الأجر جاز له نكاحها بواسطة وليها، وليس هناك شروط أخرى فيما نعلم؛ إلا أنه ينبغي من المؤمن أن يلتمس المسلمات المحصنات، وأن يقدم ذلك على نكاح المحصنات من أهل الكتاب، لأسباب كثيرة منها: أن ذلك أسلم لدينه ومن ذلك أنه أسلم لذريته، ومن ذلك أن أخواته المسلمات ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (117).

أولى بالعفاف، وأولى بالإحسان من الكافرات، ولهذا كان كثير من السلف يكره نكاح المحصنات من أهل الكتاب، ومنهم عمر رضي الله عنه أمير المؤمنين، فنصيحتي لك أيها السائل ألاّ تتزوج من أهل الكتاب، وأن تلتمس محصنة مسلمة من أهل دينك؛ لأن ذلك خير لك في دينك ودنياك، وخير لك في العاقبة وخير لذريتك إن شاء الله، لكن لو تزوجت محصنة من أهل الكتاب، فأولادها تبع لك مسلمون ذكورًا كانوا أو إناثًا؛ لأن الولد يتبع خير أبويه، والمسلم خير من الكافر، فإذا كان الزوج مسلمًا والمرأة كتابية فإن أولاده منها يتبعونه بحكم إسلامه من غير حاجة إلى تجديد الإسلام، وعليك أن تسعى مجتهدًا في توجيه الأولاد إلى الخير، وإدخالهم المدارس الإسلامية حيث أمكن ذلك، أو تعليمهم في البيت، المقصود أنك تجتهد في بعدهم من شر الكفرة ومكائد الكفرة وشبهة الكفرة ومدارسهم إلا عند الضرورة على أنه يدرسون في المدارس الكافرة، الدروس التي تنفعهم ويكون لك عناية من جهة الدروس الدينية، ولو بواسطة معلم خاص في البيت، إذا لم يتيسر لهم دروس في المدرسة الكافرة في بلد لا تدرس به دروس إسلامية، وكثير من المدارس توجد فيها دراسات إسلامية، وإن كانت في دول كافرة والخلاصة أنك تجتهد في التزوج من المسلمات، وإذا قدر أنك تزوجت محصنة من أهل الكتاب فإن أولادك منها تابعون لك

محكوم بإسلامهم، وعليك بالاجتهاد في تربيتهم التربية الصالحة، وتوجيههم إلى الخير والحذر من كل ما يسبب جرهم إلى الكفر بالله، واعتناقهم دين أمهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

بيان ما يفعله الأب تجاه أبنائه من الكتابية إذا تبعوا دين أمهم

147 - بيان ما يفعله الأب تجاه أبنائه من الكتابية إذا تبعوا دين أمهم س: في حالة ما إذا اكتشف الأب أن الأبناء لا زالوا على دين أمهم، وأنهم لم يعتنقوا الإسلام رغم محاولة الأب، هل يسمح للبنات بأن يتزوجن من أهل ديانة غير ديانة الإسلام؟ (¬1) ج: عليه أن يجاهد بأن تكون البنت مسلمة، تبعًا له، وهكذا الولد الذكر فيحرص على ذلك وليس لها أن تتبع دين أمها، وليس للذكر كذلك، أن يتبع دين أمه، بل الواجب عليه أن يتبع دين أبيه، وهذا فرض عليه فإذا استمر بمتابعته لدين أمه النصرانية، فهذا محل نظر؛ لأنه ينبغي له ألاّ يتساهل معهم في ذلك بل يجب أن يلاحظ دخولهم في الإسلام، وترغيبهم في الإسلام وبذل المستطاع في الإسلام، حتى تتزوج البنت المسلم، ويتزوج الولد بمسلمة، ويبتعد الجميع عن خطر الكفر وشر الكفر ولا حول ولا قوة إلا بالله. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (117).

حكم الزواج بالكتابية

148 - حكم الزواج بالكتابية س: حدثوني لو تكرمتم عن حكم الزواج بالمسيحية؟ (¬1) ج: يجوز للمسلم أن ينكح المسيحية واليهودية، إذا كانت محصنة غير معروفة بالسفاح (بالزنى)، قال تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ}، وقال تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ}، فإذا تزوجها وهي محصنة غير مسافحة، معروفة بالستر وعدم الزنى، فإنه يجوز أن ينكحها المسلم. لكن تركها أفضل والحرص على المسلمة أسلم له ولذريته؛ ولأنها قد تجره إلى الكفر أو تجر ذريته، فالأولى للمؤمن ألاّ ينكح الكتابية، وأن يعدل عنها إلى المسلمة احتياطًا لدينه، وخوفًا على نفسه وذريته نسأل الله السلامة والعافية. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (209).

س: ما حكم تزوج الرجل المسلم، بامرأة مسيحية ويرجو التفصيل من سماحة الشيخ بالجواب. (¬1) ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (164).

ج: قد بين الله عز وجل في كتابه الكريم، في سورة المائدة: حل الزواج من محصنات أهل الكتاب، كما قال جل وعلا: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ}، فأباح سبحانه المحصنات من أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى، والمحصنة هي العفيفة الحرة، فإذا كانت معروفة بالعفة والبعد عن الفواحش، فإنه يجوز للمسلم نكاحها، أما إذا كانت لا تعرف بذلك، فلا يحل نكاحها أو معروفة بالفحش والفساد، فلا يحل نكاحها، وإن كانت كافرة لكنها مستثناة، المحصنة من اليهود والنصارى مستثناة للمسلمين، إذا كانت محصنة، والمحصنة -كما تقدم- الحرة العفيفة التي لا يعرف عنها تعاطي الفواحش، يعني الزنى فهي محصنة عفيفة بعيدة عن الفواحش، وإن كانت على دين النصرانية، ولكن نكاح المسلمات أولى وأفضل، وأحق وأحسن وأبعد عن الشر، ولا سيما المسلمات المعروفات بالديانة والاستقامة، فإن زواجهن أفضل بكثير، وأولى بكثير وأبعد عن الخطر، فنصيحتي لإخواني جميعًا بالحرص على الزواج من المسلمات الطيبات، وعدم الزواج من المحصنات من أهل

الكتاب؛ لأن في ذلك خطرًا من جهة تنصير أولاده، ومن جهة عدم عفتها أيضًا، ولو تظاهرت بخلاف ذلك، نسأل الله للجميع الهداية والسلامة. وإذا تزوج المحصنة من أهل الكتاب، ولم ير منها إلا الخير، فلا بأس ببقائها، وأما إن شك فيها أو رأى منها ما يريبه فينبغي له طلاقها، كذلك إن تيسرت له امرأة صالحة مسلمة، فإن الأولى والأحق أن يتزوجها، ويطلق تلك حرصًا على سلامة دينه، ودين أولاده، فإن الأولاد على خطر في ذهابهم مع أمهم، عند أقل خلاف، أو عند موت الزوج، أو عند الفرقة بينه وبينها، فالخطر قائم ولا حول ولا قوة إلا بالله، فالحدود من إباحة زواج المسلم بمحصنة من أهل الكتاب ضيقة، ولهذا كره بعض الصحابة ذلك، وكان عمر يكره ذلك، يرغب الصحابة في ترك ذلك رضي الله عن الجميع.

س: هل يجوز يا شيخ أن يتزوج المسلم، من امرأة من أهل الكتاب حتى ولو لم تسلم؟ (¬1) ج: إذا كانت محصنة معروفة، بالإحصان ليست من الزواني حرة، قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} ¬

(¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (426).

، المحصنة عند أهل العلم، الحرة العفيفة، إذا كانت حرة ما هي أمة عفيفة، غير معروفة بالزنى، جاز نكاحها للمسلم، خاصة من أهل الكتاب، أما من المجوس أو من الوثنيين فلا، والمسلمة أولى منها وأفضل.

س: هل يحل للرجل المسلم أن يتزوج من امرأة مشركة: كتابية يهودية كانت أو نصرانية، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: يجوز الزواج من اليهودية والنصرانية: أهل الكتاب، إذا كانت محصنة عفيفة معروفة بالعفة وحرة لقول الله جل وعلا في سورة المائدة: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ}، فإذا كانت محصنة عفيفة، تزوجها الرجل العفيف لا بأس، لكن كونه يتزوج من المسلمات أولى، وأبعد وأحوط عن الشر، كونه يأخذ مسلمة أسلم؛ لأنها قد تضر ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (378).

أولادها، تدعوهم إلى دينها الباطل، فكونه يتزوج مسلمة حنيفية على دين الإسلام أولى، من تزوج كتابية وإن كانت مباحة.

س: الأخوان أ. ش. وع. أ. يسألان هذا السؤال: هل يجوز للمسلم أن يتزوج غير مسلمة؟ وجزاكم الله ألف خير؟ (¬1) ج: نعم يجوز للمسلم أن يتزوج الكافرة: الكتابية المحصنة، وهي التي لا ترغب بتعاطي الفواحش، هي الحرة العفيفة؛ كما قال الله جل وعلا: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ}، فالمحصنات من أهل الكتاب هن الحرائر العفائف، ويجوز للمسلم أن ينكح المحصنة من اليهود والنصارى، لكن تركها أولى وأفضل، والاكتفاء بالمسلمات؛ لأن نكاحها قد يجر الزوج إلى دينها، وقد يجر أولادها إلى النصرانية واليهودية، ولهذا كره ذلك جمع من الصحابة: أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وخافوا من ذلك، وإلا فهن حلال بنص القرآن الكريم، إذا كن محصنات عفيفات معروفات بالبعد عن الفواحش وعن الزنى، حرائر لا مملوكات، ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (141).

فإنه يجوز له أن يتزوجها المسلم، ولو كان قادرًا على مسلمة، لكن نكاحه للمسلمة أولى وأفضل وأسلم، وأبعد عن الفتنة له ولأولاده، أما غير أهل الكتاب فلا: كالملاحدة من الشيوعيين، أو الوثنيين كالمجوس وأشباههم، أو شبههم من سائر الكفرة، هؤلاء لا يجوز نكاح نسائهم، إنما هذا خاص بأهل الكتاب: اليهود والنصارى أما بقية الكفار فلا يجوز للمسلم أن ينكح منهن واحدة، وهذا مثل ما قال الله: {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ}، لا يكن زواني، يكن معروفات بالستر، والبعد عن الفاحشة، أما أن يكن زواني ومسافحات، فلا تنكح لا مسلمة ولا كافرة، لكن ينكحها إذا تأكد عن حالها وأنها محصنة، يعني عفيفة، فإذا تأكد عن حالها بشهادة العارفين بها، تزوجها ومع هذا كله، فتركها أفضل، ولو كانت محصنة ولو كانت عفيفة، تركها أولى وأفضل؛ لأن هذا أسلم لدينه؛ لأنه قد يجره لها، إلى أن يعتنق دينها أو يتساهل في دينه، وقد يجر أولادها كذلك إلى أن يكونوا مع أمهم في اليهودية أو النصرانية، وقد يطلقها فتذهب بأولاده إلى بلادها وإلى جماعتها. فالحاصل أن فيه خطرًا كما قاله الصحابة رضي الله عنهم. أما هي حسب دينها فكافرة، سماهم الله كفارًا، كما قال سبحانه:

{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ}، سماهم كفرة. المقصود أنهم كفرة: اليهود والنصارى كفرة ومشركون أيضًا، ولكن عند الإطلاق: المشركون عباد الأوثان، وأهل الكتاب هم اليهود والنصارى، وقد يطلق اسم الشرك على الجميع، كما في قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}، يعم اليهود والنصارى وجميع المشركين، ليس لهم أن يقربوا المسجد الحرام، ولكن يستثنى من المشركين أهل الكتاب، فلا مانع من نكاح نسائهم إذا كن محصنات، معروفات بذلك وترك ذلك أفضل، وفي هذا العصر أشد وأشد؛ لأن ضعف الإيمان في الرجال، وكثرة الفتن في العصر الحاضر، وكثرة الدوافع إلى الميل إلى النساء والسمع والطاعة للنساء، هذا يوجب الحذر مخافة الخطر، فتركها بكل حال أفضل.

حكم الزواج من المشركة

149 - حكم الزواج من المشركة س: إذا كان الإنسان قد تزوج امرأة مشركة، وقد عاش معها سنتين. فهل يجوز أن يستمر معها، أو يفارقها لعدم موافقتها له في دينه نرجو الإفادة وفقكم الله؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (7).

ج: المسألة فيها تفصيل، إذا كانت وثنية مثل مجوسية وشيوعية ومثل وثنية تعبد القبور فمثل هذه الحالة، الزواج منها باطل، المسلم ما يحل له أن يتزوج مشركة، يقول الله سبحانه: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}، يقول سبحانه عن المشركات: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}، ويقول: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}، فالنكاح باطل، إذا كانت الزوجة مشركة وثنية مثل عباد القبور، عباد النار ومثل الشيوعيين ملاحدة وأشباههم، هؤلاء لا تحل المرأة للمسلم لكن إن وجد امرأة اليهودية والنصرانية من أهل الكتاب هذا النكاح صحيح إذا كانت محصنة معروفة بعدم الزنى غير مسافحة بل يهودية أو نصرانية لكنها معروفة بالحصانة وعدم مسها للزنى فلا بأس؛ لأن الله أباح المحصنات من أهل الكتاب، فإذا تزوج محصنة من أهل الكتاب فلا بأس بذلك، فإذا كانت حالها لا تعجبه؛ لأنها أكثر للطمأنينة أو تشكك في دينه أو ما أشبه ذلك فينبغي تركها، وبكل حال التزوج من الكتابية، الأولى تركه بكل حال؛ لأنها قد تجره إلى دينها، قد تجر أولادها إلى دينها وأولادها قد تربيهم على الشر والكفر، فينبغي ألاّ يتزوجها وفي المسلمات غنية وكفاية، الحمد لله،

وهذا هو الأولى للمؤمن ألاّ يتزوج من اليهود والنصارى ولا سيما في هذا العصر، فإن اليهوديات والنصرانيات لهن نشاط في الدعوة إلى دينهم الباطل، ولهن نشاط أيضًا في الأخلاق المنحرفة، والدعوة إلى الفواحش والمنكرات إلا من شاء الله، فينبغي التحذير من ذلك، وينبغي أن يختار للزواج المرأة الصالحة الطيبة، من المسلمين.

حكم زواج من لا يصلي بامرأة لا تصلي

150 - حكم زواج من لا يصلي بامرأة لا تصلي س: أريد حكم الإسلام فيمن تزوج امرأة وكانت لا تصلي، وأنا أيضًا كنت لا أصلي قبل زواجي، وعندما أتممنا موضوع الزواج، وعرفنا الله حق المعرفة، وكنا نصلي جماعة أنا وزوجتي أحيانًا، وكنا في قمة الإيمان، ولكن قدر الله أن توفيت زوجتي، وأنا أدعو لها بالجنة، وحيث إنني لا أكسل عن أي فرض، وجميع صلاتي جماعة، وأنجبت منها ثلاثة أطفال، فما حكم الإسلام في هذه الزوجة؟ وما حكم الإسلام معي أرجو الرد على سؤالي؟ (¬1) ج: الحمد لله الذي منّ عليكما بالتوبة، فتبت أنت وتابت هي كذلك، وكنتما تصليان جميعًا، حتى توفيت، الحمد لله، التوبة يمحو الله بها ما قبلها، كما قال الله عز وجل: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (70).

فجعل الفلاح ناتجًا عن التوبة، من تاب أفلح، قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} الآية، فالتوبة من أسباب محو الذنوب، ومن أسباب دخول الجنة، وقال عز وجل: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}، فمن تاب توبة صادقة، واستقام على الإيمان والعمل الصالح، محا الله سيئاته، وأبدلها حسنات، فضلاً منه سبحانه وتعالى، فاحمد لله يا أخي أنك تبت وهي تابت والحمد لله، واجتهد في الدعاء لها بالمغفرة والرحمة، وأنت على خير وزواجكما صحيح؛ لأنكما أنت وإياها كنتما لا تصليان، فنكاحكما صحيح مثل نكاح الكفار الذين أسلموا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأقر نكاحهم على ما كان في حال كفرهم، ولم يغير نكاحهم، فأنت وهي كنتما لا تصليان فنكاحكما صحيح؛

لأنكما على حال واحدة والحمد لله كسائر أنكحة الذين كانوا في كفر ثم أسلموا. وترك الصلاة لا شك أنه كفر، ولكن قد تبتما والحمد لله، وهي كافرة ذاك الوقت، وأنت كذلك بترك الصلاة، في أصح قولي العلماء الذين يقولون: إن تركها كفر أكبر، وقال آخرون: من أهل العلم إن تركها كفر دون كفر، وأن تركها لا يخرج من الإسلام، إذا كان تاركها مؤمنًا بها، وأنها حق وأنها واجبة، ولكن حمله الكسل والتهاون فعند جمع من أهل العلم: أنه لا يكون كافرًا بذلك كفرًا أكبر ولكنه يكون كافرًا كفرًا أصغر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬1) رواه مسلم في صحيحه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬2) لكن الصواب والأرجح أنه كفر أكبر كما بينا في غير حلقة، ولكنك تزوجتها، وأنت لا تصلي وهي لا تصلي، فأنتما سواء فنكاحكما صحيح، والحمد لله والتوبة صحيحة إن شاء الله ما دامت صادقة، فقد تبتما إلى الله، والله يمحو عنكما ما سبق، فنسأل الله لك ولها المغفرة والرحمة. وعليك يا أخي أن تستقيم، وتسأل ربك الثبات على الحق، حتى تموت على ذلك إن شاء الله، وعليك أيضًا أن تجتهد في أداء الصلاة في ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

الجماعة مع العناية بالخشوع والإقبال عليها والاجتهاد فيها، حتى تؤديها كاملة. رزقنا الله وإياك التوفيق والهداية والثبات على الحق.

س: الأخ /ع. ع. ق. من الدمام يقول: إذا تزوج الإنسان وهو لا يصلي، لا هو ولا الزوجة، وبعد الزواج بمدة طويلة هداهم الله للصلاة والأمور الشرعية، وفي وقت العقد اكتشفا أنه كان محدثًا حدثًا أكبر، ولم يغتسل وقت العقد، بل أجري العقد وهو على ذلكم الحال، هل العقد صحيح، أم بماذا تنصحونه حيال ما ذكر جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إذا كان الرجل والمرأة حين العقد لا يصليان، فالعقد صحيح؛ لأنهما مستويان في ترك الصلاة، وفي الكفر عند من كفرهما بذلك، وفي عدمه، فالنكاح صحيح، والصواب أن ترك الصلاة كفرٌ أكبر، نعوذ بالله من ذلك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬2) ولم يقل بشرط جحدهما الوجوب، بل أطلق عليه الصلاة والسلام، فدل على أن من ترك الصلاة ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (169). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

كفر وإن أقر بالوجوب، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬1) أخرجه مسلم في صحيحه. لكنهما مستويان لا يصليان، فالعقد بينهما صحيح، كالنصرانيين واليهوديين والوثنين، إذا تزوجا؛ لأنهما مستويان في عدم الدين، أما إذا كان أحدهما يصلي والآخر لا يصلي حين العقد، فإن الواجب تجديد العقد بعدما صلى من لا يصلي، وتاب إلى الله عز وجل، يجدد العقد على الصحيح، على القول بأن ترك الصلاة كفرٌ أكبر، فيجدد العقد بمهرٍ جديد وشاهدي عدل بواسطة الولي، فالعقد يحضره أربعة: الولي والزوج والشاهدان، فيجدد العقد بمهر وشاهدي عدل، بعدما تاب الله على من كان لا يصلي منهما والحمد لله، واحتياطًا وخروجًا من خلاف العلماء الذين كفروا تارك الصلاة، وقولهم أصح لظاهر الأدلة الشرعية. وأما كونه تزوج على غير طهارة فهذا لا يضر العقد، وهكذا لو كانت المرأة على حيض حين العقد، أو في نفاس لا يضر إذا كانت ليست في عدة كالبكر، عقد عليها وهي في الحيض، أو امرأة قد خرجت من العدة عقد عليها وهي في الحيض لا يضر ذلك، ليس من شرط العقد أن ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

يكون الرجل طاهرًا أو المرأة طاهرة، فإذا تم العقد والرجل على جنابة أو المرأة على جنابة، أو في حيض أو في نفاس فالعقد صحيح ليس بشرط الطهارة، ما دامت ليست في عدة.

س: السائلة من العراق ت. هـ. س. تقول: كنت لا أصلي، وكذلك كان زوجي لا يصلي، والآن وبحمد الله بدأنا في الصلاة وفي تأدية الزكاة كيف تنصحوننا والحال ما ذكر بالنسبة لما مضى، من أعمارنا جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) (¬2) ج: إذا كنتما حين النكاح كلاكما لا يصلي، فالنكاح صحيح، وهكذا نكاح جميع الكفرة، يقرون عليه، والنبي صلى الله عليه وسلم لما أسلم الناس، أقرهم على أنكحتهم، ولم يأمرهم بتجديدها، فإذا كنتما جميعًا لا تصليان حين النكاح، فالنكاح صحيح، والتوبة عليكما لازمة، ومن تاب تاب الله عليه، ولا قضاء عليكما فيما فات، فالتوبة تكفي. س: إنني متزوج ورزقني الله بأولاد وبنات ولله الحمد ولكن عندما تم العقد بيني وبين زوجتي كنا جميعًا لا نصلي والآن هدانا الله إلى ¬

(¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (263). (¬2) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (263). ') ">

الطريق السوي فماذا علينا وهل العقد صحيح؟ ج: نعم، العقد صحيح والحمد لله والتوبة تجب ما قبلها، مثل الكافرين الآخرين، فالوثنيان واليهوديان والنصرانيان زواجهم صحيح إذا تمت شروطه وكذا من لا يصلي. إذا كانت الشروط ظاهرة وهو لا يصلي وهي لا تصلي كلاهما سواء إذا زوج المرأة الولي وليس هناك مانع فالحمد لله إذا كانت الشروط متوفرة فالعقد صحيح وإذا تابا تاب الله عليهما.

حكم زواج الكافر إذا أسلم

151 - حكم زواج الكافر إذا أسلم س: الأخ م. ك. ع، من السودان، الخرطوم، يقول: أنا من أسرة أجداد والدي لم يكونوا مسلمين، بل كانوا يعبدون الأوثان، وعلى ذلك تزوج والدي على غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأنجبنا نحن، ولكن لحسن حظنا نشأنا في بيئة مسلمة، ودخلت المدرسة في وسط تلاميذ وأساتذة مسلمين، ومنذ الصغر تعلمنا في المدرسة قراءة القرآن والصلاة، وإن تخلل ذلك بعض التهاون بالصلوات، ولكن في نهاية الأمر

هداني ربي، والتزمت بسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم منذ عدة سنوات، والحمد لله وسؤالي هو: هل إسلامي هذا صحيح؟ وذلك لأنني مارست بعض الطقوس والعادات على طريقة أجدادي، وكان ذلك فقط من باب حب الاستطلاع، ولجهلي بحرمتها، كما أن والدي كان غير مسلم، والدي الآن يصلي ويصوم، وترك العادات والطقوس غير الإسلامية، وذلك بدون أية مقدمات، كإشهار الإسلام؛ لأنه كان يعيش ومنذ فترة طويلة في وسط مسلم، ولكنه كان يمارس الطقوس غير الإسلامية، كما أنه كان يصلي ويصوم في نفس الوقت، ولكن في نهاية الأمر ترك الطقوس غير الإسلامية وبدأ الصلاة والصوم وغيرها من الشعائر الإسلامية، هل إسلامه صحيح بالرغم من تركه الإشهار وعدم الاغتسال الخاص بدخول الإسلام؟ ماذا على والدي بخصوص زواجه الذي كان في السابق بدون إسلام، وعلى غير سنة النبي صلى الله عليه وسلم؟ وجهوني في هذه القضايا، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (175).

ج: الحمد لله ما دام حصلت التوبة، الرجوع إلى الله والاستقامة منك ومن والدك فالحمد لله، أما الأنكحة الماضية فلا ينظر إليها؛ لأنها على طريقتهم والكفار إذا أسلموا أقروا على أنكحتهم، فلا ينبغي النظر في ذلك بل ينبغي النظر في الوقت الحاضر، فإذا تاب المؤمن، تاب الرجل مما عنده من طقوس مخالفة للشرع، أو أعمال مخالفة للشرع كفى، والحمد لله، فعليك لزوم التوبة، وعلى أبيك لزوم التوبة، وما دامت الزوجة صالحة ليست أختًا له ولا عمةً له وإنما قد يكون بعض الطقوس عندهم خلل، فالحكم في ذلك أنها تقر على ما هي عليه، كسائر أنكحة الكفار ولا ينظر فيها بعد ذلك، يقرون على إسلامهم وعلى أنكحتهم، كما أقر النبي صلى الله عليه وسلم من أسلم يوم الفتح وغيره على أنكحتهم، ولم يغيرها لكن لو فرضنا أنه بان له أنه تزوج أختًا له من الرضاعة، أو عمةً له من الرضاعة، أو بنت أخيه من الرضاعة، فإنه يفارقها بعد إسلامه؛ لأن المانع موجود. أما إذا كان الخلل في شيء من العقد أو لعدم الولي أو ما أشبه ذلك، فإنهم يقرون على أنكحتهم أما الغسل فهو مستحب، سنة وليس بلازم، وليس عليه شيء.

حكم العقد إذا كان الزوجان أو أحدهما لا يصلي

152 - حكم العقد إذا كان الزوجان أو أحدهما لا يصلي س: لي أخت زوجها والدي من ابن خالتي وكان عمرها اثتنين

وعشرين سنة وهي الآن أنجبت منه ولدًا وبنتين، إنما كانت تاركة للصلاة ما حكم العقد وكيف توجهوننا جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إذا كان زوجها مثلها يترك الصلاة فالعقد صحيح كعقود بقية الكفار؛ لأن ترك الصلاة كفر في أصح قولي العلماء يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬2) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، ويقول عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬3) أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح فإذا كان الزوجان كلاهما لا يصلي فالعقد صحيح كما لو كانا يهوديين أو نصرانيين أو وثنيين، والنبي صلى الله عليه وسلم أقر الكفار على عقود هم أما إن كان أحدهما يصلي والآخر لا يصلي، ولكن الذي لا يصلي لا يجحد وجوبها ولكنه يتكاسل، فهذا فيه خلاف بين العلماء فالأكثرون على أن العقد صحيح وأنه ليس بكافر كفرًا أكبر ولكنه كفر أصغر، والقول الصحيح أنه كفر ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (250). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

أكبر، والعقد غير صحيح، وأنه يجب فسخ النكاح، ويجب عليه طلاقها أو يفسخ النكاح من جهة الحاكم الشرعي؛ لأن الزوجة لا تصلح لمسلم أن تكون زوجة وهي تترك الصلاة، لكن إن تابت فله أن يعقد عليها عقدًا جديدًا إذا كان يصلي وهي لا تصلي فله أن يعقد عليها عقدًا جديدًا إذا تابت، أما بدون توبة فإن العقد غير صحيح، فاسد، وعليه أن يطلقها طلقة واحدة أو يفسخها الحاكم حتى لا تبقى عُلْقة بينهما ولا شبهة بينهما، ومتى تابت أمكنه أن يتزوجها من جديد بالشروط الشرعية.

س: الأخ م. ص. ن. من الخبر، يسأل عن حكم من تزوج فتاة لا تصلي، أو يكون العكس أيضًا، وما حكم تارك الصلاة، وهل إذا مات يصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين؟ (¬1) ج: إذا تزوج الرجل فتاة لا تصلي، وهو يصلي أو العكس، فتاة تصلي وهو لا يصلي فالنكاح باطل على الصحيح، والنكاح فاسد فلا يحل للمسلم أن يتزوج الكافرة، وليس للمسلمة أن تتزوج الكافر، وترك الصلاة كفر على الصحيح، كفر أكبر، فإذا كان أحدهما يصلي والآخر لا يصلي فإن النكاح لا يصح بل يجب أن يجدد بعد توبة من لا يصلي إذا ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (124).

تاب يجدد النكاح، إذا كان صاحبه يرغب فيه، أما إن كانا لايصليان جميعًا فأصل النكاح صحيح كنكاح الكفار، نكاح صحيح، وعليهما أن يتوبا إلى الله، ويرجعا إلى طاعة الله ورسوله ونكاحهما صحيح.

س: السائل/ ح. ب. من الجزائر، يقول: هل يتم عقد الزواج، إذا كان أحد الأشخاص من الزوجين لا يصلي، أو إذا كان أيضًا الزوجان لا يصليان؟ ما حكم الزواج في مثل هذه الحالة مأجورين؟ (¬1) ج: هذا الموضوع يراجع فيه الجهات المختصة، المحكمة أو الجهات المختصة بالإذن في النكاح؛ لأن فيه تفصيلاً فالذي يصلي لا يجوز له أن ينكح من لا تصلي، كافرة، والتي تصلي والخاطب لا يصلي، ليس لها أن تتزوج عليه، والله جل وعلا يقول: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا}، ويقول: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}، فلا يجوز أن ينكح المسلمة الكافر، ولا يجوز للكافر أن ينكح المسلمة. ¬

(¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (435).

بيان كيفية تجديد عقد النكاح الفاسد

153 - بيان كيفية تجديد عقد النكاح الفاسد س: سمعت فتوى في البرنامج مفادها أن من تزوج امرأة لا تصلي قبل الزواج، أو عند الزواج، وكذلك من تزوجت رجلاً لا يصلي، فإن عقد النكاح باطل، ويجب تصحيحه وتجديده، والسؤال يا فضيلة الشيخ هو كيف يتم تجديد عقد الزواج، وهل يجب فيه الإشهاد أم يُكتفى بالإشهاد الأول، فهل لا بد أن يكون هناك قاضٍ، أم يكتفى بولي المرأة والزوج وشاهدين فقط، علمًا بأن الغالبية عندنا من الفتيات لا يصلين قبل الزواج، وما حكم أخ لي شقيق، نصحته بأن يجدد عقده؛ لأن امرأته لم تكن تصلي قبل الزواج فسخر مني وتهكم علي معاندًا؛ لأنه مقتنع بهذا العقد وسيستمر عليه، ويعلل ذلك بأن الكافر هو من ترك الصلاة جحودًا، فقط أما من تركها كسلاً وتهاونًا واستهتارًا، رغم اعترافه بمشروعيتها ووجوبها فإنه يعد فاسقًا فقط، وهو من المسلمين، أجيبوني عما طرحت من أسئلة، أثابكم الله ووفقنا وإياكم جزاكم الله خيرًا. (¬1) ج: هذا الموضوع: موضوع اختلاف بين أهل العلم، رحمهم الله فمن ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (113).

قال: إن ترك الصلاة تهاونًا بغير جحود للوجوب، يعتبر كفرًا أكبر، وردة عن الإسلام قالوا: يجدد العقد إذا كان أحدهما يصلي، والآخر لا يصلي وقت العقد، يجدد إذا كان الزوج لا يصلي، وهي تصلي أو كان هو يصلي وهي لا تصلي، فإنه يجدد العقد؛ لأنه يعتبر أحدهما كافرًا، ليس للمسلم نكاح الكافرة، وليس للكافر نكاح المسلمة، أما إن كانا جميعًا لا يصليان، فإنه يصح العقد؛ لأنهما مستويان، في هذا كما يتزوج الكافر من الكافرة، واليهودي من اليهودية، وأشباه ذلك وهذا كله، إذا قلنا بأن تارك الصلاة تهاونًا يعتبر كافرًا كفرًا أكبر، وهذا هو الأصح عند المحققين من أهل العلم، أن تركها تهاونًا وكسلاً، كفر أكبر، نعوذ بالله من ذلك؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬1) وقوله أيضًا عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬2) مع أحاديث أخرى في الباب دالة على أن ترك الصلاة، وإن كان تهاونًا كفر أكبر، وبهذا يجب تجديد النكاح، إذا كان لا يصلي وهي تصلي أو العكس، ولا يشترط تجديده عند الحاكم، ولا ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

عند المأذون لو جدده في بيتهما، في حضرة الولي والشاهدين كفى ذلك، المطلوب التجديد فلو جدده بحضرة الشاهدين وبحضرة الولي، قال الولي: قد زوجتك، وقال الزوج قد قبلت، إذا كان كل منهما يريد الآخر، ما بينهما خلاف هو يريدها وهي تريده، فإنه يجدد بمهر جديد، وعقد جديد بحضرة شاهدين عدلين ويكفي هذا، والحمد لله هذا هو المختار وهذا هو الأرجح، وأما على قول من قال: إنه كفرٌ أصغر وإنه فسق فقط، فلا حاجة إلى التجديد، كما ذكر السائل عن خصمه، ولكن الأرجح والصواب أن تركها تهاونًا، يعتبر كفرًا أكبر؛ للأدلة القائمة في ذلك، أما من تركها جحودًا لوجوبها، فهذا يكفر عند جميع العلماء، وهكذا من استهزأ بها وسخر منها، ولو صلاها يعتبر كافرًا كفرًا أكبر، نعوذ بالله، نسأل الله للجميع العافية.

س: يقول السائل ما حكم الزواج من امرأة لا تصلي؟ (¬1) ج: لا يجوز للمسلم أن يتزوج من امرأة لا تصلي؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر على الصحيح، وعند آخرين كفر أصغر، فلا يجوز له أن يتزوج امرأة لا تصلي؛ لأنها كافرة على الصحيح حتى تصلي، وفي النساء ¬

(¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (249).

بحمد الله المسلمات غنية عنها، يلتمس المرأة الطيبة، يقوك النبي صلى الله عليه وسلم: «تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها، ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك» (¬1) فالمؤمن يلتمس ذات الدين، المعروفة بالستر والصلاة، وحسن السمعة حى يختارها شريكة له، أما من عرفت بالتساهل في دينها أو بترك الصلاة فهذه لا يرغب فيها ولا ينبغي له أن يتزوج منها، ولا يصح نكاحه لها إذا كانت لا تصلي إلا إذا كان مثلها، لا يصلي صح نكاحهما وهما كافران حينئذٍ، كما يصح نكاح الوثني مع الوثنية، واليهودي مع اليهودية، والنصراني مع النصرانية، كلهم كفار، نكاحهم صحيح فيما بينهم، إذا تمت شروطه الأخرى، هكذا الذي لا يصلي مع من لا تصلي، نكاحهما صحيح إذا تمت شروطه الأخرى، أما المسلم الذي من الله عليه بالاستقامة، والصلاة، فليس له أن ينكح امرأة لا تصلي، نسأل الله السلامة والعافية. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدِّين، برقم: (5090)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، برقم: (1466).

س: هل يجوز أن يعقد العقد على زوجة لا تصلي؟ (¬1) ج: إذا كان الزوج يصلي فليس له أن يعقد عليها، حتى تتوب إلى الله ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (209).

أما إذا كان لا يصلي فهو من جنسها، لكن إذا كان هو يصلي وهي لا تصلي، فليس له العقد عليها، حتى تتوب وهكذا إذا كان لا يصلي، وهي تصلي ليس لها أن تتزوجه حتى يتوب إلى الله ويصلي؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر عند المحققين من أهل العلم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬1) ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬2) ولأدلة أخرى من الكتاب والسنة، تدل على كفر تارك الصلاة، فمن تركها من الرجال والنساء وإن لم يجحد وجوبها كفر، في أصح قولي العلماء، لكن إن جحد وجوبها أو استهزأ بها، كفر عند الجميع، نعوذ بالله إذا قال: ليست واجبة، أو استهزأ بها، وسخر منها أو من أهلها، إنكارًا لها أو استهزاءً بها كفر، عند جميع العلماء، نسأل الله العافية؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}، ولأنه إذا جحد وجوبها فقد كذب الله ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

ورسوله، فيكون كافرًا نسأل الله العافية وهكذا لو جحد وجوب الزكاة، أو جحد وجوب صوم رمضان، أو جحد وجوب الحج، مع الاستطاعة أو استهزأ بذلك كفر، عند جميع المسلمين، وهكذا لو جحد تحريم الزنى، وقال: الزنى حلاك أو الخمر حلال، وهو مثله لا يجهل ذلك، أو علم وبين له ثم أصر على جحد تحريم الزنى، أو جحد تحريم الخمر، يكون كافرًا نسأل الله العافية. والحاصل: أن كل من أنكر ما أوجب الله، مما هو معلوم عند الجميع كالصلاة والصوم ونحو ذلك، أو أنكر تحريم ما حرمه الله مما هو معلوم عند جميع أهل العلم، كالزنى والخمر فإن هذا يكون كافرًا عند جميع العلماء، نسأل الله العافية، ومثل ذلك من ترك الصلاة وإن لم يجحد وجوبها فهو كافر، في أصح قولي العلماء؛ لأن الصلاة أمرها عظيم، ليست مثل غيرها من الواجبات بل هي أعظم الواجبات وأهمها، بعد الشهادتين فتركها والتساهل بها ليس من جنس غيرها بل يكون صاحب ذلك كافرًا، من الرجال والنساء نسأل الله العافية.

س: الفتاة التي لا تصلي هل يجوز الزواج بها؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (261).

ج: يجوز الزواج بها لأمثالها، مثل الذين لا يصلون؛ لأنهم يكفرون بترك الصلاة كلهم، فيتساوون في الكفر فإذا تزوجها من لا يصلي، فلا حرج، أما إن تزوجها من يصلي، فالصحيح أنه لا يصح النكاح، بل عليه التجديد، تجديد النكاح إذا تابوا إلى الله سبحانه وتعالى ورجعوا إليه، أما إذا كانا لا يصليان جميعًا، فالنكاح صحيح، وعليهما التوبة إلى الله والبدار بأداء الصلاة، ونكاحهما صحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسلم الناس لم يسألهم عن أنكحتهم، بل أقرهم على أنكحتهم لكن من تزوج امرأة، يعرف أنها لا تصلي وهو يصلي، لا يصح وبالعكس، هي تصلي وهو لا يصلي، كذلك لا يجوز. إذا علمت أنه لا يصلي، لا يحل لها أخذه، وهو كذلك لا يحل له أخذها، إذا كانت لا تصلي، وإذا وقع العقد وجب أن يجدد ويعاد إذا كان كل واحد، يرغب في إعادته، يجب أن يجدد إذا تاب من يترك الصلاة ورجع إلى الله فلا بأس.

س: أنا مواطن مصري، أشتغل في الأردن، تزوجت من عام 73 م وعندي خمسة أولاد، وعقدت عقد الزواج على زوجتي وهي لا تصلي، وأنا الحمد لله أصلي، وكنت لا أعرف أن عقد الزواج باطل، إذا كان أحد الزوجين لا يصلي، إلا من برنامجكم نور

على الدرب، هل يجوز أن أعقد على زوجتي عقدًا جديدًا بشاهدي عدل، وولي بدون المأذون الشرعي والمحكمة، خوفًا من الوقوع في معصية مع زوجتي عند ذهابي إلى مصر؛ لأن المأذون والمحكمة سوف يعقدان بعد إجراءات طويلة، ووقت طويل، وما مصير الأولاد الخمسة؟ (¬1) (¬2) ج: الصواب أن الرجل إذا تزوج امرأة لا تصلي، أو هي تصلي وهو لا يصلي أن العقد لا يصح، في أصح قولي العلماء؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر، في أصح قولي العلماء، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬3) أخرجه الإمام أحمد وأصحاب السنن، بإسناد صحيح، عن بريدة بن الحصيب ضي الله عنه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬4) أخرجه مسلم في صحيحه، وهناك أحاديث أخرى كذلك تدل على هذا المعنى، فإذا وقع هذا النكاح بين رجل يصلي وهي لا تصلي، أو العكس فإنه يجدد بشاهدين ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (203). (¬2) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (203). ') "> (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

عدلين، ومأذون شرعي مع الولي أو وكيل الولي، وليس هناك ضرورة للمحكمة ولا للمأذون، فإذا حضر الولي والزوج وشاهدان وزوجه وليها بعدما تاب الله على من لا يصلي، واستقامت الأحوال فإنه يكفي يقول الولي: زوجت، ويقول الزوج قبلت بحضرة شاهدين، إذا كانت راضية المرأة بذلك والحمد لله، أما الأولاد فهم يلحقون لأجل شبهة النكاح، وذهب الأكثرون إلى أنه يصح النكاح، ولو كان لا يصلي إذا كان موحدًا لله، مؤمنًا بالإسلام، يؤمن بالآخرة، وليس عنده من النواقض إلا ترك الصلاة، فقال الأكثرون إن تركها لا يكون كفرًا أكبر، بل يكون كفرًا دون كفر، ولا يكون كفرًا أكبر يبطل النكاح، ولكن الصواب قول من قال: إنه كفر أكبر، للأحاديث السابقة وغيرها من الأحاديث الدالة على ذلك؛ ولأن الصلاة عمود الإسلام، لا يقاس عليها غيرها، فالواجب على من تركها أن يبادر بالتوبة، وأن يدخل الإسلام من جديد، بتوبته إلى الله سبحانه وتعالى، ويجدد النكاح إذا كانت زوجته طيبة، مصلية سليمة وهو المقصر بترك الصلاة، يجدد النكاح أو بالعكس هي لا تصلي وهو يصلي، يجدد النكاح وليس من شرط ذلك أن يكون عند المحكمة، أو عند المأذون إذا وجد الولي والشاهدان العدلان والزوج وهي راضية كفى والحمد لله.

س: من القصيم، بريدة، رسالة بعث بها مستمع يقول لي زوجة لا تصلي، وقد أمرتها عدة مرات بالصلاة ولكنها لا تصلي وبعض الأحيان تقول: إنها تصلي لكن أنا لم أرها فما هو توجيه سماحتكم يحفظكم الله؟ ج: إذا كنت تعلم أنها لا تصلي فالواجب فراقها؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر على الصحيح، وإن لم تجحد وجوبها، هذه لا خير فيها إذا كنت تعلم أنها لا تصلي، فأبعدها وطلقها وأبشر بالخير، سوف يعوضك الله خيرًا منها: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}، لكن قبل هذا تنصحها وتأمرها بالتوبة، لعلها تتوب ويهديها الله بأسبابك، فيكون لك مثل أجرها فإن أبت ورأيت منها الكذب، فأبعدها وفارقها وطلقها وأبشر بالخير.

س: يقول أيضًا: ما حكم الزوجة التي لا تصلي علمًا بأني بينت لها عقوبة تارك الصلاة، فأحيانًا تصلي وأحيانًا تترك فمثلاً تصلي الظهر وتترك بقية الفروض جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: حكمها أنها كافرة ولا يجوز بقاؤها في عصمتك، يجب إبعادها ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (340).

إ لا أن تتوب توبة صادقة، وإلا فالواجب إبعادها؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬1) ويقول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة من تركها فقد كفر» (¬2) هذا هو الصواب من قولي العلماء أن تركها كفر أكبر، فالواجب عليك إبعادها وعدم بقائها عندك بل ترسلها إلى أهلها لعدم صلاحها لكفرها نسأل الله العافية. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه برقم (22428).

س: سماحة الشيخ، كثير من إخواننا الذين يستمعون إلى مثل هذه الفتوى، يتصلون ويسألون هل يجب علينا أن نعيد كتابة العقد وهم كثيرون ويرجون من سماحتكم أن يكون هناك فتوى تعم أرجاء العالم الإسلامي حتى يفطنوا لهذا الأمر؟ (¬1) (¬2) ج: نعم إذا تزوج امرأة لا تصلي وهو يصلي فالعقد غير صحيح لا بد أن يكونا جميعًا مسلمين، فإن كانت لا تصلي وهو يصلي فليس بصحيح، أو العكس لا بد أن يكونا مصليين أو غير مصليين، جميعًا، ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (340). (¬2) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (340). ') ">

ويصح العقد إذا كانا غير مصليين كافرين، جميعًا أو كانا مصليين جميعًا، أما إذا كان الزوج لا يصلي وهي تصلي، فلا يصح أو العكس هي لا تصلي وهو يصلي، فالواجب تجديد العقد إذا كانا لهما رغبة في بعضهما، يكون كل واحد يرغب الآخر يعني إذا كان هو يرغب فيها وهي ترغب فيه، يجدد العقد، يحضر شاهدين والولي الشرعي، ويقول: زوجتك. ويقول: قبلت بمهر جديد ولو قليلاً لا بد من تجديد العقد على الصحيح ولو كان التارك لها لا يجحد وجوبها، الصحيح أن تركها كفر مستقل نعوذ بالله. س: أجبرني والدي على الزواج من قريبة لي ولكنني لا أحبها وهي لا تصلي، ولي منها ثلاثة أولاد، وهي تكره أمي ماذا أفعل معها مأجورين؟ ج: إذا كانت لا تصلي، وأنت تصلي فالنكاح غير صحيح، الذي لا يصلي كافر، إذا كنت تصلي والحمد لله، وهي لا تصلي فالنكاح غير صحيح، وأبعدها إلى أهلها، وسوف يرزقك الله خيرًا منها، من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، يقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}

{وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}، ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}، فأبعدها والتمس غيرها، من المصليات وأبشر بالخير، وأولادك تابعون لك، لأجل الشبهة، أولادك منها أولاد لك، وتابعون لك ونسبهم صحيح، ولكن فارقها، أعطها وثيقة بطلقة واحدة، واسأل ربك أن يبدلك خيرًا منها، واسأل الله لها الهداية. وإن تابت فلك أن تبقيها، تجدد العقد إذا تابت فلا بأس، أن تجدد العقد إذا رغبت فيها، يكون بعقد جديد ومهر جديد إذا تابت.

س: يقول السائل تزوجت منذ فترة طويلة، ورزقت بأولاد وبنات، واكتشفت أن زوجتي، حين كتابة العقد لم تكن تصلي، كيف أتصرف الآن جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إذا كنت أنت تصلي، وهي لا تصلي فالواجب في أصح قولي العلماء تجديد النكاح، يجدد النكاح، بولي وشاهدين، ومهر جديد إذا كنت تصلي، وهي لا تصلي أو العكس، أنت لا تصلي وهي تصلي، فإن الواجب تجديد العقد؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر، في أصح قولي ¬

(¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (293).

العلماء، فالواجب أن يجدد النكاح، تطلب من وليها أن يعقد لك عقدًا جديدًا، بعد ما تابت ورجعت إلى الله، فتجدد النكاح، بمهر جديد، ولو قليل بحضرة شاهدين، ولو في البيت بغير حاجة إلى محكمة، ولا مأذون في بيتكم أو بيت صهركم يجدد النكاح بحضور شاهدين إذا رغبت فيك ورغبت فيها، ومهر جديد، ولو قليلاً والحمد لله.

س: الأخ م. ع، يقول: إنني تزوجت امرأة وقد رزقني الله منها بولد، وأنا أفكر في طلاقها من ثاني أيام العرس. سبب ذلك أنني لم أحضر لخطبتها، والسبب الثاني أنها كانت لا تصلي قبل الزواج، وبعد الزواج أمرتها تصلي فصلت، وعندما سافرت للعمل قاطعت الصلاة. سؤالي: هل إذا طلقتها أكون آثمًا؟ وهل إذا صبرت عليها أكون مأجورًا؟ وهل هذا ابتلاء من الله عز وجل لعباده بهذا النوع من النساء؟ نرجو أن تفيدونا حول هذه القضايا جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) (¬2) ج: إذا كانت لا تصلي، فالنكاح غير صحيح، ما دمت تصلي أنت والحمد لله، فهي لتركها الصلاة تعتبر كافرة في أصح قولي العلماء، ولو كانت تقر بالوجوب. فالواجب تجديد العقد إذا تابت إلى الله، وأنابت ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (162). (¬2) السؤال الثاني من الشريط رقم (162). ') ">

إليه، توبة صادقة، وأنت ترغب فيها يجدد العقد، أما الآن فالواجب عليك فراقها، ما دامت تصلي إذا حضرت وتترك الصلاة إذا غبت، هذه لا خير فيها، هذه فاسدة وعقيدتها فاسدة، وخوفها من الله معدوم، أو ضعيف، تراعيك ولا تراعي حق الله، فهذه ينبغي فراقها وإبعادها، وأنت مأجور. بل واجب عليك طلاقها وإبعادها لفساد دينها بسبب تضييعها الصلاة. وقد ذهب جمع من أهل العلم من أئمة الحديث وغيرهم من المحققين، إلى كفر تارك الصلاة كفرًا أكبر، ولو أقر بوجوبها فإن إقراره بوجوبها في الغالب لا يكون صحيحًا، بل مجاملة، لو كان يقر بوجوبها إقرارًا صحيحًا لما تركها؛ لأن إقراره بالوجوب يدفعه إلى أن يصلي، ولكن عدم إقراره بالوجوب أو ضعف عقيدته في ذلك جرأته على تركها، نسأل الله العافية، وهكذا المرأة. فالواجب عليك وعلى أمثالك تطليق المرأة التي لا تصلي، وإبعادها ومتى تابت توبة صادقة، وشهد لها بالخير أمكنك أن تتزوجها من جديد بعقد جديد، وهكذا المرأة التي عند زوج لا يصلي تبتعد عنه وتذهب إلى أهلها، ولا تبقى معه؛ لأنه متى ترك الصلاة كفر. وهذه مصيبة عظيمة، اليوم وقعت في الناس. فالواجب على الرجل أن يبعد المرأة التي لا تصلي، وعلى المرأة أن تبتعد عن الرجل الذي لا يصلي، وأن تذهب إلى أهلها، حتى ولو كان

معها أولاد، رزقهم على الله، وهي أحق بأولادها من هذا الزوج الذي لا يصلي، وعلى القاضي أن يجعل أولادها عندها، ويلزمه بنفقتهم حتى يتوب إلى الله، ويرجع إلى الله ثم بعد ذلك يجدد العقد، إذا كان بعد خروجها من العدة، وإن كان تاب في العدة فهي زوجته إذا كان حين الزواج يصلي وهي تصلي. أما البقاء مع زوج لا يصلي أو مع زوجة لا تصلي، فهذا لا يجوز نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. س: ماذا أفعل مع زوجتي، إذ إني نصحتها بأن تصلي، ولكن لم تسمع كلامي ولم تستمع إلى نصيحتي، حتى إني ألاحظها في كثير من الأوقات لا تصلي أبدًا، بينما تقول: إنها تصلي، ما هو توجيهكم يحفظكم الله؟ ج: إذا تيقنت أنها لا تصلي فطلقها وأبعدها لا خير فيها؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر فإذا علمت أنها لا تصلي ولم تسمع منك فأبعدها بالطلاق وأبشر بأن الله سيعوضك خيرًا منها فلا تتساهل معها أبدًا، الواجب نصيحتها وتأديبها على ذلك فإن لم ينفع ذلك وأصرت على ترك الصلاة فالواجب عليك فراقها وسوف يعوضك الله خيرًا منها،

{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}، ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}.

س: الأخ ع. ا. من جدة، يقول: إنه استمع إلى النقاش الذي تفضلتم به عن عقد الزواج على المرأة التي لا تصلي، وكثير من الناس بدأ يتساءل حول هذا الموضوع، ويريدون أن يصححوا أوضاعهم فكيف توجهونهم؟ جزاكم الله خيرًا. وذلكم إذا تزوج رجل امرأة لا تصلي، أو امرأة تزوجت رجلاً واكتشفت أنه لا يصلي. كيف توجهونهم؟ جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: هذه المسألة مسألة عظيمة. وهي ما إذا تزوج الرجل الملتزم المصلي، امرأة لا تصلي، أو بالعكس، تزوج الرجل المقصر الذي يترك الصلاة، تزوج امرأة ملتزمة طيبة، تحافظ على صلاتها. فذهب بعض أهل العلم إلى أنه يصح النكاح إذا كان كل منهما لا يجحد الصلاة، بل يقر بها ويعلم أنها واجبة ولكنه يتكاسل. وهذا هو المعروف في مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي رحمة الله عليهم. وذهب جمع من السلف ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (144).

إلى أن ترك الصلاة كفر أكبر، وإن لم يجحد وجوبها. وهذا ذهب إليه جمع كبير من أهل الحديث، رحمة الله عليهم. ورواه عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل، عن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام جميعًا، وقال: «إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة» (¬1) والعمدة في هذا ما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده وأصحاب السنن الأربع بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام، أنه قال: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬3) وهناك أحاديث أخرى في الموضوع. وهذا القول أصح القولين، وأن ترك الصلاة عمدًا كفر أكبر، وإن لم يجحد وجوبها، في ظاهر الكتاب والسنة. فإذا تزوج الرجل الملتزم المصلي امرأة لا تصلي، ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2622). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

فإن النكاح ليس بصحيح على الصحيح، فإذا تابت جدد النكاح. وله رغبة فيها ولها رغبة فيه، يجدد النكاح وهكذا العكس، لو تزوج رجل لا يصلي امرأة ملتزمة تصلي، النكاح ليس بصحيح أيضًا، وعليهما تجديده إذا تاب من يصلي. إذا تاب توبة صادقة، فإنه لا مانع من التجديد إذا كان كل واحد منهما يرغب في الآخر. هذا هو المختار وهذا هو الأرجح من حيث الدليل. والله المستعان.

س: يقول السائل إنه متزوج من امرأة وله منها أربعة أولاد، وهي الآن حامل بالخامس، لكن امرأتي لا تصلي منذ أن تزوجها، حتى الآن بماذا تنصحونه سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: هذا منكر عظيم؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، وهي أعظم الفرائض وأهمها بعد الشهادتين، كما قال الله جل وعلا: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، وقال سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}، وقال سبحانه: ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (64).

{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}، وقال جل وعلا: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}، وقال: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ}، فدل ذلك على أن من لم يصل لا يخلى سبيله، بل يقتل وهكذا ليس أخًا في الدين، الذي لا يصلي، فالواجب استتابتها وتأديبها، حتى تصلي ومن تاب تاب الله عليه، فإن أبت لا يجوز بقاؤها في حباله بل يرفع أمرها إلى المحكمة، حتى تستتيبها فإن تابت وإلا قتلت مرتدة عن الإسلام، في أصح قولي العلماء، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬1) وقال جماعة من أهل العلم: إنها تقتل حدًّا، لا ردة وبكل حال، فالواجب استتابتها فإن تابت، وإلا وجب على ولي الأمر وهو القاضي، الذي ينوب عن ولي الأمر، قتلها، إذا لم تتب وعلى الزوج أن يفارقها إذا لم تتب؛ لأنها كافرة، والمسلم لا يتزوج كافرة، ولا يقيم بحبال كافرة، فهي كافرة في أصح قولي العلماء، وقال ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

قوم: إنه كفر دون كفر، ولكن الصواب أنه كفر أكبر، فلا ينبغي للزوج ولا يجوز له، أن يبقى في حبال امرأة لا تصلي، بل يجاهدها ويؤدبها، ويقوم عليها حتى تتوب، ولعلها تصلي فإن لم تفعل، فارقها وسوف يعوضه الله خيرًا منها والواجب عليه أن يؤدبها هو وأبوها وأهلها، حتى تقوم بالواجب، حتى تصلي فإن دعت الحاجة إلى رفعها إلى ولي الأمر، المحكمة، رفعت إليه حتى تستتيبها، فإن تابت وإلا قتلت مرتدة كافرة عند جمع من أهل العلم، أو حدًّا عند آخرين من أهل العلم، كما هو معلوم ولا حول ولا قوة إلا بالله. ولا شك أن سكوته عنها كل هذه المدة، يعتبر تقصيرًا منه ومنكرًا عظيمًا، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإ يمان» (¬1) وهو قادر على أن ينكر بلسانه، وبيده جميعًا والله يقول جل وعلا في كتابه العظيم: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}، فإنكار المنكر أمر لازم، للرجال ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، برقم (49).

والنساء جميعًا، نسأل الله للجميع الهداية.

س: الأخ ع. ا. من مصر، يقول: عندنا رجل كبير في السن يبلغ من العمر تسعين عامًا، ولديه زوجة لا تصلي، مع العلم أنه أمرها بالصلاة فأبت، فهجرها، فصلت حينًا، أي بعض الأيام، وقطعتها. فأعطاها مرتبًا يوميًا أي بعض النقود، ثم قطعتها فقال لها: أنا بريء منك يوم الحساب، وأترك الأمر إلى الله، فقلت له طلقها، قال: لا أستطيع أنجبت منها أولادًا كثيرين، وأنا رجل كبير في السن ولا أستطيع الزواج مرة أخرى، وليس عندي من يعد لي الطعام ويقوم بواجبي، وواجب بيتي، فهل لهذا الرجل أن يبقى مع هذه المرأة والحال ما ذكر، أم توجهونه إلى شيء آخر؟ علمًا بأنه من المحبين لهذا البرنامج جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: الصحيح من أقوال العلماء في هذه المسألة، أن تارك الصلاة عمدًا يكون كافرًا كفرًا أكبر، فهذه المرأة تعتبر كافرة كفرًا أكبر، تكون بخروجها من العدة بعد كفرها، تكون غير امرأة له، لكن لا مانع من أن تخدمه، وأن تخدم ذريته، أولادها، وعليه أمرها بالحجاب وغض البصر عنها، وألاّ يخلو بها، فلا حرج أن تبقى في خدمة أولادها، وينفق عليها ¬

(¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (290).

من أجل خدمة أولادها وأولاده، مع الدعاء لها بالهداية ومع النصيحة، لعل الله أن يهديها وترجع إلى الصواب، وهكذا أهلها ينصحونها، لعل الله يهديها بأسبابهم، فبكل حال هو يعتبرها خادمًا، لا زوجة ولا يخلو بها، ولا ينظر إليها، ويأمرها بالحجاب عنه، حتى يهديها الله ويردها للصواب، فإذا هداها ورجعت للصواب، فهي زوجته. ولا بد أن يكون موقفه معها حازمًا والحال ما ذكر، وهذا الواجب عليه، واختلف العلماء؛ هل ترجع إليه بنكاح جديد أم لا ترجع بنكاح جديد؛ لأنه لم يطلقها، وتبقى معلقة، متى هداها الله رجعت إليه، الصواب أنها ما دامت بهذه الحال، ولم ترض بالنكاح بغيره، وهو لم يطلقها، متى رجعت وهداها الله، هي زوجته.

س: تزوجت قبل عدة سنوات من إحدى قريباتي، ولكن وجدت زوجتي لا تصلي، فبدأت أحاول معها تارة بالترغيب، وتارة بالضرب والترهيب، وكانت تصلي حينًا وتترك الصلاة أحيانًا، حتى إني فكرت بطلاقها، ولكن بحكم قرابتها قد يحدث الطلاق فتنة بين الأقرباء، ماذا أفعل معها وجهوني جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (205).

ج: من المعلوم شرعًا أن من ترك الصلاة يكون كافرًا، من الرجال والنساء في أصح قولي العلماء، وإن لم يجحد وجوبها، أما إذا جحد وجوبها، أو شك في وجوبها، فهذا كافر عند جميع العلماء، وهذه المرأة التي سألت عنها أيها السائل، ما دامت لا تصلي فالنكاح غير صحيح، وعليك أن تفارقها بالكلية، واسأل الله أن يعوضك خيرًا منها، فإن اهتدت وتابت فلا مانع من تجديد النكاح، يجدد بمهر جديد وعقدٍ جديد، وإلا فالنكاح الأول غير صحيح، لكونها لا تصلي ولو بعض الأحيان، ترك الصلاة كفر أكبر؛ لأنها عمود الإسلام، من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، فنسأل الله أن يهديها ويردها إلى الصواب، ونسأل الله أن يعوضك خيرًا منها، أما القرابة فلا ينظر إليهم؛ لأن طاعة الله مقدمة على الجميع، وهذا شيء ليس له تعلق بالقرابة، هذا حكم من أحكام الله عز وجل، والذي لا يصلي كافر، وإذا تزوج الرجل امرأة لا تصلي، وهو يصلي فالعقد غير صحيح، وهكذا لو كانت تصلي وهو لا يصلي، فالعقد غير صحيح، أما إذا كانا جميعًا لا يصليان، صح العقد؛ لأنهما كافران جميعًا، كما هو زواج النصراني من نصرانية، واليهودي من يهودية والوثني بالوثنية، أما ما دام الزوج يصلي، وهي لا تصلي فالعقد

لا يصح، ولكن متى تابت في المستقبل ورجعت إلى الله وأنابت إليه فإنه يجوز أن ينكحها بعقد جديد.

س: يقول السائل تزوجت ابنة عمي بالرغم عني واكتشفت أنها لا تصلي وأمرتها بالصلاة لكنها لم تسمح ولم تسمع إذا طلقتها فسيغضب والدي مني كيف يكون التصرف مع مثل هذه جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إذا تزوج المسلم امرأة لا تصلي فإن النكاح غير صحيح في أصح قولي العلماء؛ لأن ترك الصلاة كفر وإن لم يجحد وجوبها التارك، هذا هو الصواب وذهب جمع من أهل العلم إلى أن تارك الصلاة لا يكفر إذا لم يجحد وجوبها لكنه أتى منكرًا عظيمًا ومعصية عظيمة وكبيرة شنعاء، أعظم من الزنى وأعظم من العقوق وأعظم من السرقة وأعظم من شرب الخمر لكنه لا يكفر عند جمع من أهل العلم، إذا كان لم يجحد وجوبها، لكن الصواب والراجح، هو أنه يكفر بذلك وإن لم يجحد وجوبها، ويكون النكاح غير صحيح إذا الزوج يصلي وهي لا تصلي يكون النكاح غير صحيح وهكذا العكس لو كانت هي تصلي ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (237).

وهو لا يصلي لا يصح النكاح أيضًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة» (¬1) فإذا ترك العمود سقط والمعنى سقط الإسلام ويقول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬2) ولم يقل إذا جحد وجوبها، أطلق عليه الصلاة والسلام وهذا الحديث صحيح رواه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه. وفي صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬3) وهذا الحكم يعم الرجال والنساء؛ لأن القاعدة الشرعية أن ما ثبت في حق الرجال يثبت في حق النساء وهكذا العكس إلا بدليل يخص أحدهما وليس هنا دليل يخص الكفر للرجل بل من تركها كفر مطلقًا للرجال والنساء، فعليك أيها السائل أن تفارقها وأن تردها إلى أهلها ولو لم يرض أبوك؛ لأن المعاصي ليس للإنسان فيها طاعة الطاعة لله، يقول النبي ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

صلى الله عليه وسلم: «إنما الطاعة في المعروف» (¬1) ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (¬2) فعليك أن تردها إلى أهلها وأن تعطيها صكًّا بطلقة خروجًا من الخلاف وحتى يعتمد على الصك في تزويجها لغيرك ومتى ما هداها الله وأردت الرجوع إليها بعقد جديد فلا بأس، نسأل الله للجميع الهداية. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية ... برقم (1840). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم (1089).

س: هل المرأة التي تزوجها الرجل وهي لا تصلي، وعندما تزوجها عرفها أمور دينها وصلت والحمد لله، فهل في هذا شيء من الناحية الزوجية والأولاد؟ (¬1) ج: نعم إذا كان الزوج يصلي وهي لا تصلي يجدد النكاح، هذا هو الصواب. وذهب الأكثرون إلى أنه لا يجدد إذا كانت لا تجحد وجوبها وإنما هو تهاون منها، ولكن الصواب أنه يجدد النكاح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬2) ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (233). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

وهذا يعم الرجال والنساء. فإذا كانت لا تصلي وهو يصلي يجدد النكاح وهكذا العكس، لو كان لا يصلي هو وهي تصلي يجدد النكاح. أما إن كانا لا يصليان جميعًا حين الزواج فالنكاح صحيح، مثل بقية الكفرة. نكاحهم صحيح. وإذا تاب الله عليهما، فالنكاح على حاله. أما إذا كان أحدهما لا يصلي والثاني يصلي فإنه يجدد النكاح؛ لأن الذي لا يصلي كافر، والكافر لا يصح له نكاح المسلمة، والمسلمة لا يصح لها نكاح الكافر، فلا بد من كونهما مسلمين، أو كافرين، إلا إذا كانت المرأة، من أهل الكتاب، كتابية، يهودية أو نصرانية محصنة، جاز إنكاحها للمسلم؛ لأن الله أباح لنا نساء أهل الكتاب المحصنات. أما إذا كانت زوجته كافرة تترك الصلاة فالنكاح حينئذ غير صحيح، أو كانت كافرة، بعبادة القبور والاستغاثة بالأموات ونحو ذلك، فإن نكاحها باطل، حينئذ فعليه أن يجدد النكاح إذا كان مسلمًا، والحاصل والخلاصة أنه إذا كانا كافرين أو مسلمين جميعًا فالنكاح صحيح، أو كان مسلمًا هو والمرأة كتابية فالنكاح صحيح. أما إذا كان كافرًا وهي مسلمة فالنكاح باطل أو كان مسلمًا وهي كافرة لكنها غير كتابية كالتاركة للصلاة وكالوثنية يكون النكاح غير صحيح أيضًا. نسأل الله السلامة.

س: تزوجت فتاة ولاحظت أنها لا تصلي، كيف توجهوني، جزاكم

الله خيرًا؟ (¬1) ج: إذا كنت تصلي أنت، وهي لا تصلي فالعقد غير صحيح، في أصح قولي العلماء؛ لأنها بترك الصلاة تعتبر كافرة، والمسلم ليس له نكاح الكافرة، إلا إذا كانت من أهل الكتاب، من اليهود والنصارى، المحصنات، خاصة، أما الكافرة غير النساء المحصنات من أهل الكتاب، فلا يجوز نكاحها، إذا كنت أنت تصلي ومستقيم، وهي لا تصلي فالنكاح باطل، وعليك أن تعيد النكاح، في أصح قولي العلماء، أما إن كنت لا تصلي مثلها، فالنكاح صحيح يعني يجوز نكاح الكافر للكافرة، كما يجوز نكاح المسلم للمسلمة، أما إذا كان أحد الزوجين لا يصلي، فالنكاح غير صحيح، إلا أن تكون كتابية فلا بأس، والكتابية هي اليهودية والنصرانية فإنه يجوز للمسلم والكافر نكاحها. ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (126).

س: سمعت في برنامج نور على الدرب المذاع في 25 2 1407 هـ، من أحد المشايخ بأنه إذا عقد المسلم عقد النكاح على إحدى الفتيات المسلمات وهي لا تصلي يكون العقد باطلاً ولو صلت بعد الزواج وعندنا في قرى مصر خمسون في المائة لا يصلون

قبل الزواج وخاصة البنات أرجو من سماحتكم توضيحًا كاملاً لهذا السؤال جزاكم الله خيرًا. سائل ثان، يسأل نفس السؤال عن أولئك الذين لا يصلون ولا سيما إذا كانوا من قرابته وهناك مستمعة تقول وتسرد جملة صفات في أخت لها ومن أسوئها تركها للصلاة ثم أيضًا تقول: إن والدتها لا تصلي إلا إذا أتت عندها في البيت كل هؤلاء يرجون سماحة الشيخ التوجيه بخصوص هذا الركن الثاني من أركان الإسلام؟ (¬1) ج: لقد دل الكتاب والسنة، على أن الصلاة أهم عبادة، وأعظم عبادة بعد الشهادتين، وأنها عمود الإسلام، وأن الواجب على جميع المكلفين من المسلمين المحافظة عليها، وإقامتها كما شرع الله سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}، الآية من سورة البقرة، وقال أيضًا سبحانه في سورة البقرة: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}، وقال في سورة براءة، (التوبة) لما ذكر قتال المشركين، قال: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}، ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (73).

فدل ذلك على أن الذي لا يصلي لا يخلى سبيله بل يقاتل وقال تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ}، دل على أن الذي لا يصلي، ليس بأخٍ في الدين، والآيات في هذا المعنى كثيرة جدًا، وثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله» (¬1) وصح عنه أيضًا عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬2) أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وخرج مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬3) والتعيين بالرجل لا يخرج المرأة، فإن الحكم إذا ثبت للرجل فهو للمرأة كذلك، وهكذا ما يثبت للمرأة يثبت للرجل، إلا ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

بدليل يخص أحدهما، فهذه الأحاديث وما جاء في معناها، كلها تدل على أن تارك الصلاة يكون كافرًا، من الرجال والنساء بعد التكليف، وثبت في الحديث الصحيح أيضًا، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الأمراء الذين لا يقيمون الدين كما ينبغي، هل نقاتلهم؟ «قال لا، إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان» (¬1) وفي لفظ آخر، قال: «ما أقاموا فيكم الصلاة» (¬2) فدل على أن من لم يقم الصلاة قد أتى كفرًا بواحًا، وقد اختلف العلماء في هذه الأحاديث، فقال بعضهم إنها على الزجر والتحذير، والترهيب وليس المراد الكفر الأكبر، بل المراد كفر دون كفر، وإلى هذا ذهب الأكثرون من الفقهاء وقالوا: إنه كفر دون كفر، وذهب جمع من أهل العلم إلى أن المراد الكفر الأكبر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬3) والكفر متى عرف والشرك متى عرف، فالمراد به الكفر ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم سترون بعدي أمورًا تنكرونها. برقم (7056)، ومسلم في كتاب الحدود، باب: الحدود كفارات لأهلها، برقم (1709). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب الإنكار على الأمراء، فيما يخالف الشرع، برقم (1854). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

الأكبر والشرك الأكبر، وقال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬1) فدل ذلك على أن المراد الكفر الأكبر؛ لأنه أطلقه عليه الصلاة والسلام، على أمرٍ واضح وهو أمر الصلاة؛ لأن أمر الصلاة أمر عظيم، وهي عمود الإسلام فكون تركها كفرًا أكبر لا يستغرب؛ ولهذا ذكر عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل، عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئًا تركه كفر إلا الصلاة» (¬2) فهذا يدل على أنهم يرون ذلك كفرًا أكبر؛ لأن هناك أشياء يعرفون أنها كفر، لكنها كفر دون كفر، مثل البراءة من النسب، مثل القتال في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» (¬3) هذا كفر دون كفر، إذا لم يستحله، وهكذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن كفرًا بكم أن ترغبوا عن آبائكم» (¬4) ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2622). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر، برقم (48)، ومسلم في كتاب الإيمان باب بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم سباب المسلم .... ، برقم (64). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الحدود، باب رجم الحبلى من الزنى إذا أحصنت، برقم (6830)

وقوله صلى الله عليه وسلم: «اثنتان في الناس هما بهم كفر: النياحة والطعن في النسب» (¬1) هذا كله معناه كفر دون كفر عند أهل العلم؛ لأنه جاء منكرًا، ودلت الأدلة الأخرى أن المراد به غير الكفر الأكبر، بخلاف الصلاة فإن أمرها عظيم، وهي أول ركن بعد الشهادتين، وهي عمود الإسلام وقد بين الرب عز وجل، لما شرع قتال الكفار: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}، فدل على أنه لا يخلى سبيلهم، وهم يتركون الصلاة، وقال صلى الله عليه وسلم: «نهيت عن قتل المصلين» (¬2) فدل على أن من لم يصل يقتل، والخلاصة أن القول الصواب، والذي تقتضيه الأدلة، هو أن ترك الصلاة كفر أكبر، ولو قال الجمهور بخلافه، فإن المناط هو الأدلة، وليس المناط كثرة القائلين، فالحكم معلق بالأدلة، والترجيح يكون بالأدلة، وقد قامت الأدلة على كفر تارك الصلاة كفرًا أكبر. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، فإذا قالوها ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8688). (¬2) أخرجه أبو د اود في كتاب الأدب، باب في حكم المخنثين، برقم (4928).

عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها» (¬1) فيفسره قوله في الحديث الآخر: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام» (¬2) فلا عصمة إلا بإقامة الصلاة، ولأن من لم يقم الصلاة، ما أدى حق التوحيد، فالمراد بقوله: لا إله إلا الله أنها تعصم من قالها، إذا التزم بحقها، ومن حقها أن يؤدي الصلاة، ولأن الموحد الذي يقول لا إله إلا الله إذا أتى بناقض من نواقض الإسلام، لم ينفعه قوله لا إله إلا الله، فلو قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وجحد وجوب الصلاة، كفر إجماعًا، أو جحد وجوب الزكاة كفر إجماعًا أو جحد وجوب صوم رمضان كفر إجماعًا، أو سب الدين كفر إجماعًا، أو سب الرسول كفر إجماعًا، أو استهزأ بالدين كفر إجماعًا، ولم ينفعه قول لا إله إلا الله، فعلم بذلك أن إتيانه ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة باب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم (2405). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب: فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ، برقم (225)، ومسلم في الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله ... برقم (22).

بالتوحيد والشهادة للرسول بالرسالة إنما ينفعه إذا لم يأت بناقض من نواقض الإسلام، فأما إذا أتى بناقض من نواقض الإسلام، فإنه لا تنفعه الشهادة كالأمثلة التي ذكرنا، كسب الدين، كالاستهزاء بالدين كجحد وجوب الصلاة، وكجحد وجوب الزكاة كالاستهزاء بدين الله ولو أن إنسانًا يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويصلي ويصوم ويتعبد، ثم جحد تحريم الزنى، قال: الزنى حلال كفر عند جميع المسلمين، أو قال: إن الخمر حلال كفر عند جميع المسلمين، أو قال إن اللواط حلال كفر عند جميع المسلمين، أو بال على الصحف متعمدًا أو وطئ المصحف متعمدًا استهانة له أو جلس عليه استهانة له، كفر عند جميع المسلمين باستهانته بكتاب الله، ولم تنفعه شهادته أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فكيف يستنكر أن يكون كافرًا بترك الصلاة، إذا تركها وتساهل بها وهي أعظم أركان الدين وأهمها بعد الشهادتين، وليس هذا بمستغرب؛ ولهذا القول فالصواب أن المسلم إذا تزوج امرأة لا تصلي، فالنكاح باطل وهكذا إذا تزوجت المسلمة إنسانًا لا يصلي، فالنكاح باطل فمتى تاب إلى الله جدد العقد، متى تاب الذي لا يصلي جدد العقد، فأما إذا كانا جميعًا لا يصليان فالنكاح صحيح؛ لأنهما كافران جميعًا. وأما من ابتلي بقريب لا يصلي، من أم أو أخت، فالواجب نصيحتهم وتخويفهم من الله عز وجل، وتحذيرهم من مغبة

أعمالهم الخبيثة، فإن تابوا فالحمد لله، وإلا وجب هجرهم، لا يزارون ولا تجاب دعوتهم، ولا يدعون إلى وليمة، ولا إلى غيرها، بل يهجرون حتى يتوبوا إلى الله، هكذا ذكر أهل العلم يجب هجرهم؛ لأنهم أتوا منكرًا عظيمًا، حتى يوفق الله ولاة الأمور، لإقامة الحد عليهم واستتابتهم، فإن تابوا وإلا وجب على ولي الأمر قتلهم، وهذا لا إشكال فيه، وهو الذى عليه جمهور أهل العلم، أن من لم يتب يقتل، إذا ترك الصلاة واستتيب ولم يتب، فإنه يقتل لقوله سبحانه وتعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}، فدل على أن الذي لا يصلي لا يخلى سبيله، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «نهيت عن قتل المصلين» (¬1) فدل على أن من لم يصل لا يترك بل يقتل إذا لم يتب، هناك أدلة كثيرة، دلت على هذا المعنى، أما الوالدة والوالد لهما شأن، يجتهد في نصيحتهما ولكن لا يهجرهما؛ لأن الوالدين لهما حق عظيم، ولو كانا كافرين؛ لأن الله قال جل وعلا: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا} ثم قال بعده {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}، فأمر بمصاحبتهما في الدنيا معروفًا، مع أنهما كافران وما ذلك إلا لعظم ¬

(¬1) أخرجه أبو د اود في كتاب الأدب، باب في حكم المخنثين، برقم (4928).

حق الوالدين، فالولد إذا كان أبوه لا يصلي، أو أتى بكفر آخر، أو أمه كذلك، فإنه ينصحهما كثيرًا، ولا يقطعهما بل يحسن إليهما، ويجتهد في دعوتهما إلى الخير، والإسلام والاستقامة لعل الله يهديهما بأسبابه، وبكل حال يتلطف معهما، ويحسن إليهما ويدعوهما إلى الخير، حتى يموتا أو يهديهما الله. أما بالنسبة لقوله إن خمسين بالمائة من البنات عندهم، لا يصلين قبل الزواج، فمثل ما تقدم إذا كان الزوج لا يصلي والمرأة لا تصلي صح نكاحهما؛ لأنهما إما مسلمان عند الجمهور، أو كافران على القول الصحيح، فهما مستويان فنكاحهما صحيح، ولكن الخلاف إذا كان أحدهما يصلي والآخر لا يصلي، يعني أحدهما مسلم والآخر ليس بمسلم، بسبب تركه الصلاة، فهو محل الخلاف، والصواب أنه لا يصح النكاح كما تقدم، فيجب التجديد إذا تاب من لم يصل، ونسأل الله أن يهدي ولاة الأمور في كل مكان، والواجب على والد البنت ووالدتها، وعلى إخوتها الطيبين أن يعلموها ويرشدوها، ويفقهوها حتى لا تدع الصلاة، وهكذا الشاب ينصح ويوجه، ولو بالتأديب ولو بالضرب، إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم، يقول: «واضربوهم عليها لعشر» (¬1) فكيف بالكبير يضرب ويستتاب، وإلا قتل، لكن هذا من ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6717).

جهة ولي الأمر لا من جهة أفراد الناس، أما الأدب فأبوه يؤدبه ويؤدبها، أيضًا يضربه، ويضربها حتى يصليا، وأخوهما الكبير كذلك، وعمهما إذا استطاع، يؤدبهما كذلك أما القتل فليس لأحد إلا لولاة الأمور بعد الاستتابة، وإذا كان ولي الأمر لا يقيم شأنًا لمثل هذه الأمور، فليس لهم حيلة، إلا هذا، النصيحة والتأديب، ولكن لا يقتل وإنما ينصح ويؤدب، إذا كان له قدرة كالأب والعم والأخ الكبير، والمسلمون جميعًا ينصحون ويوجهون.

س: تقدمت إلى فتاة أريد الزواج بها، ولكن والد الفتاة رجل مدمن على شرب الخمر، والفتاة أيضًا لا تصلي، فهل يجوز، في هذه الحالة أن أكلم الفتاة على الصلاة، وبعد ذلك أتزوجها، وهل يجوز لوالدها الذي يدمن شرب الخمر، أن يكون وليًّا عنها في عقد النكاح، وجزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: ترك الصلاة من الجرائم العظيمة، بل من الكفر بالله عز وجل في أصح قولي العلماء، لقوله عليه الصلاة والسلام، في الحديث الصحيح: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬2) ولقوله صلى ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (213). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬1) والحكم المناط بالرجل يعم المرأة، والعكس كذلك؛ لأن الأحكام عامة، إلا ما خصه الدليل، قد جاء في هذا المعنى أحاديث كثيرة، كلها تدل على كفر تارك الصلاة، فليس لك يا أخي أن تتزوج فتاة لا تصلي، ومتى تابت ورجعت إلى الحق، وثبت ذلك، جاز تزوجها بواسطة أوليائها، وأبوها هو وليها، إذا كان مسلمًا وإن كان عنده بعض المعاصي، كشرب المسكر، أما إن كان غير مسلم، لا يصلي، أو ممن يتعلق بالقبور ويدعوها من دون الله، أو من الملاحدة كشيوعيين وأشباههم، فإن الولاية تنتقل إلى غيره، إلى أقرب العصبة بعده، كإخوتها إن كان لها إخوة، من أبويها أو من أبيها، يزوجها أقربهم إليها وهو الشقيق، إن كان مسلمًا فإن لم يكن لها إخوة، فأقرب العصبة، من أقاربها الذكور، كبني الأخ أو الأعمام، إذا لم يكن هناك بنو أخ يصلحون للولاية، والواجب على ولي الأمر، وتنوب عنه المحكمة أن ينظر في الأمر فالقاضي الشرعي يقوم مقام الولي، إذا فقد، أو وجد ولكن لم تتوافر فيه الشروط، فإن الحاكم الشرعي، ينظر في ذلك إن وجد عاصب، يزوجها وإلا قام ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

القاضي الشرعي ولو في الأحوال الشخصية، مقام الولي، لقوله صلى الله عليه وسلم: «السلطان ولي لمن لا ولي له» (¬1) القاضي نائب السلطان، ولكن بعد ثبوت إسلامها، وسلامتها من نواقض الإسلام، ولا مانع من أن ينصحها بطريقة ليس منها ريبة، من طريق الهاتف أو من طريق اللقاء بدون خلوة، بحضرة أبيها أو إخوانها من باب النصيحة، من باب التعاون على البر والتقوى. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، برقم (2260).

س: تقدمت إلى فتاة أريد أن أتزوجها، ولكن والد الفتاة رجل لا يصلي والأخطر من ذلك أنه رجل مدمن على شرب الخمر، ولذلك فإن الفتاة التي تقدمت إليها لا تصلي أي بنت هذا الرجل، المدمن على الخمر هل يجوز أن أتزوج بها أم لا؟ (¬1) (¬2) ج: ليس لك أن تتزوج بها حتى تصلي؛ لأن ترك الصلاة كفر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬3) وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الشرك ¬

(¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (192). (¬2) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (192). ') "> (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

والكفر ترك الصلاة» (¬1) المقصود أن الصلاة عمود الإسلام، وهر الركن الثاني من أركان الإسلام الخمسة، وهي أعظم الأركان بعد الشهادتين، فمن تركها جاحدًا لها كفر بإجماع المسلمين، ومن تركها تهاونًا وتكاسلاً كفر في أصح قولي العلماء، سواء كان رجلاً أو امرأة، فلا يجوز لك أن تنكحها وهي بهذه الحال، وأنت مسلم تصلي وتصوم، وتخاف الله ليس لك أن تتزوجها حتى تتوب إلى الله، وحتى تستقيم على الصلاة، وهكذا المرأة، ليس لها أن تتزوج رجلاً لا يصلي، إذا علمت أنه لا يصلي، فإنها لا يحل لها أن تقبله ولا أن ترضى بالعقد عليه، وإذا ترك الصلاة وجب عليها الامتناع منه، حتى يتوب إلى الله فإذا تاب إلى الله وهي في العدة، فهو زوجها أو بعد العدة، ولم تفسخ منه، فهي زوجته على الصحيح لكن بعد العدة لها أن تطالب بالفسخ منه، وتأخذ حقها حتى تتزوج من شاءت؛ لأن ترك الصلاة ردة عن الإسلام في أصح قولي العلماء، ولو لم يجحد وجوبها، وذهب جملة من أهل العلم، إلى أنه إذا لم يجحد وجوبها، لم يكن كافرًا كفرًا أكبر، بل يكون كفره كفرًا أصغر، ولكن هذا القول مرجوح والصواب أنه كفر أكبر؛ ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

لأنها عمود الإسلام، وقد أطلق النبي عليه الصلاة والسلام كفر تاركها، فقال: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬1) والكفر معرف بأل، والمعرف بأل يرجع كفرًا أكبر، وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬2) وقال لما سئل صلى الله عليه وسلم، عن الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن أوقاتها، أو تعرف منهم وتنكر من المعاصي، نهى عن قتالهم والخروج عليهم، قال: «إلا أن تروا كفرًا بواحًا، عندكم من الله فيه برهان» (¬3) وفي الرواية الأخرى، قال: «ما أقاموا فيكم الصلاة» (¬4) فدل على أنهم إذا لم يقيموا الصلاة، فقد أتوا كفرًا بواحًا، المقصود من هذا أن ترك الصلاة كفر بواح، كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام، فالواجب على المسلمين الحذر من هذا التهاون، والحرص على المحافظة على الصلاة، في أوقاتها والرجل يحرص على أدائها في الجماعة، في مساجد الله، والمرأة تصليها في بيتها، ولا يجوز أبدًا التأسي بمن تركها، أو الاقتداء به بل ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الفتن باب قول النبي صلى الله عليه وسلم سترون بعدي أمورًا تنكرونها. برقم (7056)، ومسلم في كتاب الحدود، باب: الحدود كفارات لأهلها، برقم (1709). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة باب وجوب الإنكار على الأمراء، فيما يخالف الشرع، برقم (1854).

يحق الحذر من ذلك، فهي عمود الإسلام من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب إلى عماله، ويقول: " إن أهم أمركم عندي الصلاة فمن حفظها فقد حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع " وذكر النبي صلى الله عليه وسلم: الصلاة بين أصحابه فقال: «من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا، ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف» (¬1) وهؤلاء الكفرة شغلتهم دنياهم عن طاعة الله وعبادته، فمن ترك الصلاة فقد شابه هؤلاء، فيحشر معهم نعوذ بالله، فإن كان تركها من أجل الرياسة، شابه فرعون فيحشر معه يوم القيامة، وإن كان تركها من أجل الوزارة شابه هامان، وزير فرعون، فيحشر معه يوم القيامة إلى النار، نسأل الله العافية، أما إن كان تركها من أجل المال والشهوات، فإنه يشبه قارون الذي شغله ماله وشهواته عن اتباع الحق، حتى خسف الله به وبداره الأرض، نعوذ بالله من ذلك أما إن كان تركها لأجل التجارة والبيع والشراء فإنه شبيه لأبي بن خلف، تاجر أهل مكة؛ ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، برقم (6540).

لأنه شغله البيع والشراء والتجارة عن طاعة الله ورسوله، وعن اتباع النبي محمد عليه الصلاة والسلام، فيكون من ترك الصلاة تشاغلاً بالتجارة شبيها بهذا، نسأل الله العافية، فيحشر معهم يوم القيامة نعوذ بالله من ذلك، فالواجب الحذر، ومن المصائب العظيمة كثرة من يتركها الآن، ويتساهل بها إما بالكلية، وإما في المساجد، وهذا بلاء عظيم وشر كبير ومنكر عظيم فالواجب الحذر من ذلك الواجب التواصي بفعلها والاستقامة عليها، بين أهل البيت، من الرجال والنساء، يجب التواصي بذلك والتعاون في ذلك، حتى يقيم الرجل الصلاة هو وأهله، زوجته وأولاده وخدمه، لا يتساهل في هذا بل يجب أن يكون قدوة صالحة، لزوجته وأولاده وخادمه وسائقه ونحو ذلك،، فالصلاة عمود الإسلام، من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، والله يقول سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى}، ويقول عز وجل: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}، والآيات فيها كثيرة، وهكذا الأحاديث العظيمة في شأنها، نسأل الله لنا ولجميع المسلمين الهداية.

حكم البقاء مع الزوجة إذا كانت لا تصلي بسبب المرض

154 - حكم البقاء مع الزوجة إذا كانت لا تصلي بسبب المرض س: الزوجة التي لا تصلي، ليس بإرادتها بل بسبب الوساوس، هل يجوز لزوجها معاشرتها، وأن تبقى معه، فهي لا تستطيع الوضوء ولا حتى التيمم لمرضها بالوسواس، هل تصلي بدون وضوء؟ (¬1) ج: الواجب تعليمها وتوجيهها، بأن الوساوس التي تعتريها، لا يجوز لها أن تميل إليها وأن تشغلها، حتى تضيع الصلاة بل يجب أن تدعها وأن تصلي، وعليك أن توضح لها ذلك، وأن تأمرها بذلك، ولو بالتأديب، ولو بالضرب المناسب غير المبرح؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر، ولا بد أن تعتني بهذا الأمر، وأن تلزمها بالصلاة، وأن توجهها إلى الخير، حتى تدع الوساوس، وتصلي الصلاة التي فرض الله عليها، وهذا يحتاج إلى جهاد وصبر لا بد من ذلك؛ لأن الجهل داء عضال، فلا بد من التعليم والتوجيه والإرشاد منك، ومن أمها وأبيها، إن كان لها أبوان، أو من أقاربها، لا بد من التعاون على البر والتقوى حتى تفهم الأمر الشرعي. ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (334).

حكم إكراه البنت على الزواج بمن لا يصلي

155 - حكم إكراه البنت على الزواج بمن لا يصلي س: من الجزائر والعراق سائلتان عن خطبة زوج لا يصلي، سيما إذا تدخل الوالدان في ذلك، وأرغما البنت على القبول بهذا الخاطب، رغم أنه لا يصلي كيف يكون تصرف المخطوبة، جزاكم الله خيرًا، وهل تلجأ إلى الجهات الرسمية كي تسلم في هذه الخطبة؟ (¬1) ج: أسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، أن يولي على العراق حاكمًا صالحًا، يحكم فيه بشرع الله، وأن يصلح حكام الجزائر ويوفقهم لما فيه رضاه، وأن يعينهم على تحكيم شريعته، وأن يصلح أحوال الجميع، نسأله سبحانه أن يصلح أحوال الشعب العراقي، والشعب الجزائري وأن يولي على العراق من يحكم فيه بشرع الله، وأن يولي على جميع بلاد المسلمين، من يحكم بشرع الله، وأما جواب السائلتين، فلا شك أن من لا يصلي لا يجوز للمسلمة، أن تقبل الزواج به؛ لأن ترك الصلاة كفر، والصواب أنه كفر أكبر، وقال الأكثرون إنه كفر أصغر، والصواب أنه كفر أكبر، وإن كان لا يجحد الوجوب، أما إذا ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (251).

كان يجحد الوجوب، فهذا كفر أكبر عند جميع العلماء، ليس فيه خلاف، ولكن الخلاف فيما إذا كان لا يجحد الوجوب، ولكنه يتكاسل عن الصلاة كتركها كلها أو بعضها، فالصواب في هذا الصنف وأمثاله، أنه كافر كفرًا أكبر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم، عن جابر رضي الله عنه: «بين الرجل وبين الشرك والكفر، ترك الصلاة» (¬1) والأصل في هذا كفر أكبر، كفر معرف وشرك معرف بأل، وهو كفر أكبر، وروى الإمام أحمد، وأهل السنن رحمهم الله، بإسناد صحيح، عن بريدة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬2) وثبت عنه صلى الله عليه وسلم، أنه لما سئل عن الأمراء الذين تعرف فيهم بعض المنكرات، وعن الخروج عليهم، قال لهم: «اسمعوا وأطيعوا» (¬3)، ونهى عن الخروج عليهم قال: «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان» (¬4) وفي رواية أخرى قال: «ما أقاموا فيكم الصلاة» (¬5) فدل على ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428). (¬3) صحيح البخاري الأحكام (7142)، سنن ابن ماجه الجهاد (2860)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 114). (¬4) أخرجه البخاري في كتاب الفتن باب قول النبي صلى الله عليه وسلم سترون بعدي أمورًا تنكرونها. برقم (7056)، ومسلم في كتاب الحدود، باب: الحدود كفارات لأهلها، برقم (1709). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة باب وجوب الإنكار على الأمراء، فيما يخالف الشرع، برقم (1854).

أن عدم إقامة الصلاة كفر بواح، فالحاصل أن ترك الصلاة مطلقًا، أو بعضها كالظهر والفجر ونحو ذلك، كفر أكبر فلا يجوز للولي سواء كان أبًا أو غير أب، أن يجبر المولية على نكاح من لا يصلي وهي تصلي وهي مسلمة، بل هذا خيانة للأمانة، بل يجب عليه أن يلتمس لها الرجل الصالح، الطيب، حتى يضع الأمانة في محلها، ولا يجوز للبنت أن تطيعه في ذلك، ولو كان أباها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الطاعة في المعروف» (¬1) وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (¬2) ولها أن ترفع الأمر إلى ولي الأمر، إلى الحاكم الشرعي، حتى يخلصها من هذا البلاء والواجب على الأولياء أن يتقوا الله وألاّ يزوجوا مولياتهم، إلا على الأكفاء، وأهم شيء الكفء، في الدين إذا كانت المولية مسلمة، والله يقول جل وعلا: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}، فالكافر ليس وليًّا للمؤمن، ولا يجوز لوليها أن يزوجها بتارك للصلاة، أو المعروف بفسق، إذا لم ترض بذلك، وهذا فيما يتعلق بغير الكفر، أما بالكفر فلا يجوز لها الرضا، ولو ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية ... برقم (1840). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه برقم (1089).

رضيت لا يجوز أن تتزوج بكافر، وهي مسلمة لكن الفاسق إذا كان عنده بعض الفسق، كشرب الخمر وهو يصلي، أو يتعاطى بعض المعاملات الربوية، أو يتهم بشيء من الأعمال المنكرة، الأعمال التي تعتبر معصية، هذا يجوز للمسلمة أن تتزوجه، لكن تركه أولى، والتماس الطيب أولى بالمؤمنة، أما الكافر فليس لها أن تتزوجه، كالذي يسب الدين أو يستهزئ بالدين، أو يترك الصلاة، أو ما أشبه ذلك مما يوجب كفره، كالذي يستحل الخمر أو يستحل الزنى، هذا كفر أكبر، أو يستحل الربا، فالحاصل أن الواجب على الأولياء، ألاّ يزوجوا مولياتهم المسلمات، إلا بالمسلمين وليس له أن يزوج موليته المسلمة، بمن يترك الصلاة، أو يتعاطى ما يوجب كفره، نسأل الله السلامة والعافية. أما ما يتعلق بالوالدين، فإن عليه مخافة الله في مولياتهم وليس للوالدين ولا لغير الوالدين، أن يزوجوا المولية بمن يخالفها في الدين، إذا كانت مسلمة، ليس له أن يزوجها كافرًا لا نصرانيًّا ولا يهوديًّا ولا وثنيًّا، ولا تاركًا للصلاة ولا غيرهم، ممن يحكم عليهم بالكفر، كالساب للدين، أو المستهزئ بالرسول، أو بالدين أو نحو ذلك، ممن يحكم بكفره حتى العاصي، ينبغي ألاّ يزوجها بالعاصي، وإن كان مسلمًا ينبغي أن يلتمس لها الطيب الكفء، لكن لو تزوجت بالمسلم العاصي برضاها صح

الزواج. لكن كونه يلتمس لها الطيب، البعيد عن المعاصي، هذا من أداء الأمانة، وإذا كرهت الزواج بالعاصي، لم يجبرها عليه.

س: السائلة م. م. م. من الرياض تقول: والدي يريد أن يزوجني من ابن عمي مع أنه لا يصلي أبدًا ويقول إذا لم تطيعي أمري فأنا أغضب عليك إلى يوم الدين، وسَّطت أهل الخير فلم أفلح وعمي يقول لوالدي: إذا لم تزوج ابنتك لولدي فالفراق بيني وبينك فما هو الحل يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: لا يجوز جبرها عليه ولا يجوز لها أيضًا ذلك ولا لهم أيضًا الواجب أن يعينوها على الخير فليس لها أن توافق على إنسان لا يصلي وليس لهم أن يجبروها على ذلك، الذي لا يصلي كافر -نعوذ بالله– يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬2) ويقول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬3) فلا يجوز لها أن تقبل حتى لو رضوا، ليس لها أن ¬

(¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (368). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

تقبل، بل تمتنع، وهم لا يجوز لهم جبرها. ولا عمها ولا أبوها وهذا يدل على قلة دينهما: قلة دين العم، وقلة دين الأب كيف يجبرونها على رجل لا يصلي -أعوذ بالله- لا يجوز أن يزوجوها به، ولا يجوز أن ترضى هي والنكاح باطل إذا زوجوها والكافر لا يزوج مسلمة، الله يقول جل وعلا: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا}، ويقول: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}، والصحيح الذي عليه الأدلة الشرعية أن تارك الصلاة يكون كافرًا، هذا هو الصواب وهو الذي قامت عليه الأدلة الشرعية ومنها قوله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه يقول صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬1) ويقول صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬2) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة» (¬3) ويقول عبد الله بن شقيق ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428). (¬3) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616).

العقيلي رضي الله عنه قال: «لم يكن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة» (¬1) يرون أن تركها كفر يعني كفرًا أكبر. ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في ترك الصلاة، برقم (2622).

س: ما حكم من يزوج ابنته لشاب لا يصلي لا في البيت ولا في المسجد بحكم القرابة جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: ليس لأحد أن يزوج شخصًا لا يصلي سواءٌ كان شابًا أو شيخًا، وسواء كان قريبًا أو بعيدًا، هذا منكر، هذا ظلم للمرأة وخيانة، ولا يجوز لها أن ترضى بذلك هي، ليس للولي ولا لها ليس لهم جميعًا تزويج المرأة المسلمة المصلية لشخصٍ لا يصلي؛ لأن ترك الصلاة كفر، كفر أكبر على أصح أقوال العلماء، وإن لم يجحد وجوبها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬2) ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬3) فترك الصلاة منكر عظيم، وكفر ظاهر، فلا يجوز للمرأة أن تنكح كافرًا ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (313). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

يترك الصلاة أو يضيعها، المسلمة لا تنكح الكافر يقول الله عز وجل: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}، ويقول جل وعلا: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ}، فليس لوليها أن يزوجها إلا بمسلم إذا كانت تصلي، أما إذا كانت لا تصلي، وتزوجها مثلها من لا يصلي صح، وعليهما التوبة جميعًا والرجوع إلى الله والقيام بالصلاة، هذا هو الواجب على الجميع، وعلى الأولياء أن يعتنوا بهذا الأمر، وهكذا من اشتهر بشرب الخمر أو المعاصي الأخرى ينبغي لوليها أن يصونها عنه؛ لأنه قد يضرها قد يدعوها إلى هذا المنكر، فالولي يختار لها الرجل الصالح الطيب حسب الطاقة حسب الإمكان وأما تارك الصلاة فلا يجوز أبدًا تزويجه؛ لأن تركها كفر نسأل الله العافية.

س: ما حكم من زوج بنته أو أخته، من رجل لا يصلي وهو يعلم بذلك، ولكن لظروف حصل هذا الزواج، منها صلة القرابة، وضغط من الأقارب، وهل يأثم وليها؟ (¬1) ج: من لا يصلي لا يجوز أن يزوج المسلمة؛ لأن ترك الصلاة كفر ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (17).

نعوذ بالله الذي لا يصلي لا يجوز تزوجه، وأنت غلطان في تزويجه وآثم، وعليك إثم كبير في تزويج ابنتك من إنسانٍ لا يصلي، هذا لا يجوز، الصواب عند أهل العلم المحققين، أن ترك الصلاة كفر أكبر، مخرج من الملة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬1) وهناك أحاديث أخرى دلت على ذلك، فالواجب عليك السعي في الفراق بينها وبينه، إلا أن يتوب، إن تاب إلى الله ورجع واستقام على الصلاة فلا بأس، وإلا فالواجب عليك كما أدخلتها في هذا البلاء، الواجب عليك أن تسعى في إخراجها منه، والتفريق بينها وبينه؛ لأن هذا هو الواجب عليك، وليس لها أن تتزوج رجلاً كافرًا، لا يصلي، وليس لك أن تمكنها من ذلك، أنت ولو شدد عليك الأقارب ليس لك ذلك، حق الله أكبر، حكم الله أولى بالمراعاة، الحاصل أن عليك أن تخرجها من هذا البلاء، كما أدخلتها فيه وعليك أن تسعى في الفراق، تفرق بينهما إلا أن يتوب، فإن تاب فلا بأس ببقائها، ومن تاب تاب الله عليه، رزق الله الجميع الهداية والصلاح والعافية من كل سوء. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

س: الأخت م. ر. ع، تقول: إنها فتاة في مقتبل العمر، زوجني أبي بشخص لا يعرف عنه شيئًا سوى أنه من نفس العائلة، وبعد الزواج بدت منه أفعال مشينة لا يرضاها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو تارك للصلاة سيئ العشرة وما خفي كان أعظم. وأنا الآن أطلب التفريق وخاصة أنه يطلب مني ترك الصلاة، الأمر الذي وقف في وجهي أنه يطلب أن أدفع له المهر أضعافًا مضاعفة، وجهوني حول هذا الموضوع جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: لقد أساء والدك عفا الله عنا وعنه في تزويجك على شخص لا يعرف حالته الدينية. فهذا غلط من والدك والواجب على كل والد وعلى كل ولي أن ينظر لموليته وألاّ يزوجها إلا ممن يعرف عنه الدين والصلاح والخير وألاّ يتساهل في هذا الأمر لا لقريب ولا لغير قريب؛ لأنها أمانة في ذمة الولي، فالواجب أن يختار لها من يعرف عنه الصلاح والخير، وحسن السمعة والمحافظة على الصلاة في الجماعة، وإذا فرط في هذا أساء وأثم، وللمولية الخيار في ذلك، إذا رأت منه ما يسوؤها من المعاصي فلها أن تطلب الفسخ، تطلب الطلاق، وإذا رأت منه ما يوجب ¬

(¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (171).

الكفر وجب عليها ذلك، كترك الصلاة؛ لأن ترك الصلاة كفر والذي يترك الصلاة ويأمر بترك الصلاة من أكفر الناس، نعوذ بالله. ولو قال: إنه يعلم وجوبها ويقر بوجوبها، وما دام يتركها وعلى ذلك يأمر بتركها فهذا شره عظيم. وقد قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬1) وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬2) فالواجب عليك الذهاب إلى أهلك وعدم تمكينه من نفسك حتى يتوب إلى الله عز وجل ويحافظ على الصلاة كما أمر الله ثم بعد ذلك يجدد النكاح له يرجع لك بزواج شرعي إذا رضيت بذلك وثبتت التوبة يجدد العقد؛ لأن نكاح المسلمة التي تصلي من زوج لا يصلي لا يجوز ولا يصح، فالنكاح غير صحيح، إذا كان لا يصلي حين النكاح وأنت بحمد لله تصلين، فالنكاح غير صحيح، وليس له حق في المال، المهر؛ لأن الفراق من جهته هو الذي سبب الفرقة بتركه الصلاة. والنكاح فاسد. والمهر لك بما استحل من فرجك، قد استحل من فرجك بهذا النكاح الفاسد ما ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

حرم الله، فيكون لك المهر وعلى والدك السعي لدى المحكمة بالتفريق بينك وبينه على الوجه الشرعي الذي شرعه الله لعباده، وبما تراه المحكمة الكفاية إن شاء الله. وعلى الوالد أن يتقي الله، وأن يتلافى ما فعل من الشر، وأن يتوب إلى الله من عمله السيئ، وعليه أن يسعى في خلاصك، كما فعل من سبب وقوع ما وقع من هذا النكاح الفاسد. الواجب عليه أن يتقي الله وأن يراقب الله وأن يتصل بالمحكمة، حتى تفرق بينك وبينه، إلا أن يتيسر أنه يفارق من دون المحكمة ولو أعطاه والدك بعض الشيء من باب إنهاء النزاع بسرعة، فلا بأس إذا أعطاه بعض الشيء معروفًا منه يخلصك بسرعة فلا بأس بذلك، وإلا فلا حق له عليك؛ لأنه كافر بتركه الصلاة، ولأنه استحل من فرجك ما حرم الله بهذا النكاح الفاسد فوجب لك المهر، وهذه أمور تعلمها المحاكم الشرعية وفيها الكفاية والحمد لله. لكن إذا اصطلحتم معه أو مع أقاربه على أن تعطوه شيئًا ويطلق ولا تذهبون إلى المحكمة فلا حرج في ذلك.

س: تقول السائلة إذا ابتليت المرأة برجل لا يصلي، فهل تمتنع عنه أم كيف تتصرف، علمًا بأن لديها جمعًا من الأطفال، وهي

صابرة على ذلكم الحال من أجل الأطفال؟ (¬1) ج: ترك الصلاة من أعظم الكبائر والجرائم، إذا كان يقر بوجوبها ويعلم وجوبها، ويؤمن به أما إن كان يجحد وجوبها ولا يؤمن به، فهذا كافر عند جميع أهل العلم، ولا يجوز للمسلمة البقاء معه ولا يجوز لها تمكينه من نفسها؛ لأنه كافر مرتد عند جميع العلماء أما إن كان يتركها تهاونًا وكسلاً، ولكن يؤمن بأنها حق وأنها فريضة، فهذا محل خلاف بين أهل العلم، هل يكفر كفرًا أكبر أم يكفر كفرًا أصغر؟، على قولين لأهل العلم: والراجح من القولين أنه يكون كافرًا كفرًا أكبر؛ لأن الصلاة عمود الإسلام، وهي أعظم الأركان بعد الشهادتين، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬2)، أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسنادٍ صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وفي صحيح مسلم رحمه الله عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، عن النبي عليه الصلاة والسلام، أنه قال: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (154). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

الصلاة» (¬1) فهذا يدل على أنه يكون كافرًا كفرًا أكبر، ولو لم يجحد الوجوب، ولهذا المعنى أدلة أخرى كلها تدل على أنه كافر كفرًا أكبر، إذا تركها تهاونًا وهو يقر بوجوبها، ومن ذلك ما جاء في الأحاديث الصحيحة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لما سئل عن الأئمة الذين توجد منهم بعض المعاصي، قال له السائل: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة» (¬2) وفي رواية أخرى: «إلا أن تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان» (¬3) فجعل ترك الصلاة كفرًا بواحًا، يحل مقاتلة ولاة الأمور، فالمقصود أن الواجب على المسلمين أن يحافظوا على الصلاة، وأن يؤدوها كما أمر الله وأن يحذروا الكسل عنها، وأنهم متى تركوها جحدًا لوجوبها صار التارك كافرًا بالإجماع، وإن تركها كسلاً وتهاونًا صار كافرًا كفرًا أكبر، في أصح قولي العلماء، تبين منه امرأته، ولا يحل له الاتصال بها، ولا يحل لها تمكينه من نفسها، حتى يتوب إلى الله من ترك الصلاة، نسأل الله لجميع المسلمين الهداية والتوفيق، ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة باب وجوب الإنكار على الأمراء، فيما يخالف الشرع، برقم (1854). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الفتن باب قول النبي صلى الله عليه وسلم سترون بعدي أمورًا تنكرونها. برقم (7056)، ومسلم في كتاب الحدود، باب: الحدود كفارات لأهلها، برقم (1709).

كما نسأله سبحانه أن يبصرهم في دينهم، وأن يعينهم على أداء الواجب، وأن يعيذهم من شرور النفس وسيئات العمل.

س: السائل م. أ. من اليمن، يقول: ما حكم من تزوج من امرأة تصلي، وهو لا يصلي، وما حكم عكس ذلك، مأجورين؟ وهل يجوز الزواج من رجل لا يصلي؟ (¬1) ج: الصواب أنه يجدد النكاح، إذا كان يصلي وهي لا تصلي أو العكس هي تصلي وهو لا يصلي، فإنه يجدد النكاح، هذا هو الأحوط له لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬2) وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬3) أما إذا كانا لا يصليان جميعًا فالعقد صحيح، أما إذا كانت لا تصلي وهو يصلي، أو هو لا يصلي وهي تصلي، فلا يصح تزوجه منها إلا بعد التوبة، إذا كان لا يصلي حتى يتوب أو هي لا تصلي حتى تتوب. وإذا عقد العقد وهو لا يصلي أو ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (423). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

هي لا تصلي واحد منهما يصلي، وواحد لا يصلي يجدد العقد، على الصحيح.

س: يقول السائل/ امرأة تصلي وتصوم، وصاحبة طاعة إلا أنها مع رجلٍ، لا يصلي كيف تتصرف مثل هذه المرأة؟ (¬1) ج: إذا كان الزوج لا يصلي، فالواجب عليها تركه، والذهاب إلى أهلها؛ لأن ترك الصلاة جريمة عظيمة، ومنكر عظيم بل كفر أكبر، في أصح قولي العلماء، وإن لم يجحد وجوب الصلاة، أما إن جحد وجوبها، فإنه يكون كافرًا بإجماع المسلمين، ليس فيه نزاع بين أهل العلم. وإنما النزاع فيما إذا تركها، مع إقراره بأنها واجبة عليه، ولكن حمله الكسل والتشاغل بأمور الدنيا فهذا هو محل النزاع، والصواب أنه يكفر بذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬2) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه رحمه الله عن جابر بن عبد الله الأنصاري، وخرج أحمد رحمه الله وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، عن ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (281). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬1) وفيه أحاديث أخرى، تدل على المعنى، فالواجب على كل مسلم أن يتقي الله، وأن يحافظ على الصلاة في وقتها وأن يؤديها في الجماعة أيضًا، كما شرع الله، وأن يحذر التهاون بها، ومتى تركها الإنسان، فإن الزوجة يحرم عليها البقاء معه، وهي مسلمة مصلية لا تبقى معه، هذا هو الصواب وهذا هو أرجح القولين، ومتى تاب تاب الله عليه، وثبتت توبته، أمكن الإصلاح بينه وبين زوجته، وهكذا كل من يتعاطى مكفرًا، يخرجه من الإسلام، يفرق بينه وبين زوجته المسلمة حتى يعود إلى الإسلام وحتى يتوب وبعد هذا ينظر إلى مراجعته لها، نسأل الله للجميع الهداية. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

س: أنا امرأة متزوجة منذ عشرين سنة تقريبًا، ومعي سبعة أولاد، أكبرهم يبلغ الثامنة عشر من عمره، وأصغرهم يبلغ الرابعة من عمره، ومن يوم زواجنا وزوجي لا يصلي، وفي بداية زواجنا صام ثلاث رمضانات وصلى فيها فقط، وبعد ذلك الوقت لا يصلي ولا يصوم، وأنا امرأة أصلي وأصوم، وأخاف الله وكثيرًا

من المرات، قلت له: أن يصلي ولكنه كان يقول: إذا كان هو من قبضة اليمين، فسوف يدخل الجنة وإذا كان من قبضة الشمال، فسوف يدخل النار فإذًا صلاته وعدمها لا فائدة منها، وفي هذه الأشهر القريبة، سمعت من برنامجكم أن المرأة التي تصوم، وتصلي، لا تجوز للرجل الذي لا يصلي ولا يصوم، فتكلمت معه بهذا الخصوص، وحصلت مشكلات بعد ذلك، ومنذ أشهر قليلة، أصبح يصلي مرة ولا يصلي أخرى، ويؤخر صلاة العصر والعشاء، ولا يذهب إلى المسجد، مع أننا نسمع الأذان، ونحن في البيت أرجو أن توجهوني كيف أتصرف؟ (¬1) ج: نسأل من الله لنا وله الهداية، هذا وقوله: إن كنت من قبضة اليمين دخلت الجنة، هذا غلط لا يحتج بالقدر، الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال لهم: «ما منكم أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة، ومقعده من النار، قال الصحابة يا رسول الله: أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل، قال صلى الله عليه وسلم: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاوة ¬

(¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (214).

فييسرون لعمل أهل الشقاوة» (¬1) ثم تلا قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}، فلا يجوز لأحد أن يحتج بالقدر، بل على كل إنسان من رجل وامرأة أن يتقي الله وأن يعمل بطاعة الله من صلاة وصوم وحج وزكاة وغير ذلك، وأن يحذر معاصي الله، والله أعطاه عقلاً وأعطاه سمعًا، أعطاه بصرًا فلا بد أن يستعمل ما أعطاه الله من النعم، ولا يجوز له أن يحتج بالقدر، وهل يجوز له أن يحتج بالقدر، فيجلس ولا يأكل ولا يشرب، إن كان صادقًا، يجلس لا يأكل ولا يشرب، يقول: إن كنت كتب الله لي أن أحيى حييت، هو يكذب، لا يستطيع أن يبقى، لا بد أن يأكل ويشرب، المقصود أن هذا الاحتجاج أمر باطل، فلا يجوز أن يحتج بالقدر، لأجل أكله وشربه، ولأجل جماعه لزوجته، ولا في طلبه للولد، ولا في طلبه بره لوالديه، ولا في التجارة ولا في أسفاره، ولا في مزرعته، ولا في غير هذا فهكذا في صلاته، وهكذا في صومه، وهكذا في أعماله الأخرى، ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب /30/ 403 L92 L7 L7 /403 فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى /30 برقم (4949)، ومسلم في كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته، برقم (2647).

ليس له أن يحتج بالقدر، بل يجب أن يعمل بما أوجب الله، يدع ما حرم الله، كما يجب عليه أن يطلب الرزق ويتسبب في طلب الرزق، الذي يعينه على طاعة الله، ويغنيه عن الناس، بالبيع والشراء أو بطريق الزراعة، والنجارة أو الحدادة أو الخياطة، أو غير ذلك من الأسباب، وليس له أن يحتج بالقدر، ويقول: أجلس في بيتي ولا أفعل الأسباب والرزق يأتيني، هذا غلط لا يقوله عاقل، فهكذا في الصلاة والعبادة، لا يجوز أن يترك الصلاة ويقول: أنا إن كنت من أهل السعادة دخلت الجنة، وإلا أنا من أهل النار هذا كله باطل، ولا يجوز احتجاجه بالقدر أبدًا، وهذه حجة المشركين {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا}، ولم يعذرهم الله سبحانه وتعالى، فالواجب على زوجك أن يتقي الله، وأن يراقب الله، وأن يصلي مع المسلمين، في المساجد وأن يحافظ على ذلك، وأن يصوم رمضان، وأن يؤدي زكاة ماله، إذا كان عنده مال وأن يحج حج الفريضة، وهو مرة في العمر، وأن يبر والديه، وأن يقوم بحق زوجته إلى غير ذلك. والواجب عليك أنت أن تمتنعي منه، ولا تمكنيه من نفسك، حتى يتوب إلى الله توبة صادقة، حتى يصلي جميع الأوقات، ما دام ما يصلي

فهو كافر، وليس لك أن تمكنيه من نفسك، هذا هو الحق، وهذا هو الصواب، من قولي العلماء أن من تركها كفر وإن لم يجحد وجوبها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬1)، وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬2) هناك أحاديث أخرى كثيرة تدل على كفر تارك الصلاة، فاتقي الله أنت واحذري شره، وابتعدي عنه عند أهلك حتى يتوب الله عليه، فإن أبى فارفعي الأمر للمحكمة، والمحكمة تنظر في الأمر، ولا تتساهلي في هذا أبدًا، نسأل الله لنا وله الهداية. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

س: سماحة الشيخ إذا كان الزوج لا يحافظ على الصلاة، فيصلي أيامًا ويدعها أخرى، وكذلك الصيام، هو رجل طيب القلب، ولا يمنع زوجته عن مجالس العلم، وحرية الالتزام، فما حكم الزواج في مثل هذه الحالة، هل أستمر معه أم لا، علمًا بأن لي منه ابنًا وبنتا، وهو ابن عمي وهل الامتناع عنه في الفراش يعتبر معصية؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (378).

ج: إذا كان الرجل لا يصلي بعض الأوقات؛ لا يجوز البقاء معه؛ لأن ترك الصلاة كفر، فإذا كان زوجك لا يصلي بعض الأوقات، فالواجب عليك البعد عنه والذهاب إلى أهلك، والامتناع منه حتى يتوب إلى الله، ويصلي هذا هو الصواب من قولي العلماء، والقول الثاني: أنه لا يكفر بذلك؛ لأنه كفر دون كفر وأنه عاصٍ معصية عظيمة، ولكن لا يكفر بذلك، إلا إذا جحد الوجوب وهذا قولٌ ضعيف مرجوح، والصواب أنه متى تركها عمدًا كفر بذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬1) وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬2)، فكل امرأة زوجها يترك الصلاة؛ يجب عليها أن تفارقه، أن تمنعه من نفسها، حتى يتوب إلى الله، وإلا فعليها أن تفارقه إلى أهلها، وتطلب الطلاق من جهة المحكمة، ولا يجوز لها البقاء معه لأنه بترك الصلاة، صار كافرًا في أصح قولي العلماء، لقول النبي صلى الله عليه ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬1)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬2)، نسأل الله العافية، ولو ما جحد وجوبها، لكن متى جحد وجوبها، قال: ما هي بواجبة، كفر عند الجميع نعوذ بالله نسأل الله العافية. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

س: أنا سيدة متزوجة وأصلي وأصوم وعلى عبادةٍ تامة، وزوجي يسير على غير ما أنا عليه، حيث يحتسي الخمر، ويفعل المحرمات، مع العلم أن لدي أبناءً منه، وحاولت إصلاحه فاهتدى إلى الصواب لمدة أقل من سنة، حيث صلى وصام، ولكن عاد إلى ما كان عليه، وأحاول مرة أخرى أن أصلحه أنا وأولادي ولكن دون جدوى، فأسألكم: هل تحق لي صلاتي وصيامي، أم أتحمل إثمًا معه؟ (¬1) ج: الواجب عليك أيتها السائلة، عدم البقاء مع هذا الزوج، نسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق للتوبة النصوح، ما دام بهذه الحال: أنه لا يصلي فإن الذي لا يصلي يعتبر كافرًا، في أصح قولي العلماء كفرًا أكبر، فلا ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (286).

يجوز لك البقاء معه، بل يجب اجتنابه والحذر منه، وعدم تمكينه من نفسك، وعدم اعتباره زوجًا حتى يتوب إلى الله، مما هو فيه من ترك الصلاة، وغير ذلك مما يعتبر كفرًا، أما ما يتعلق بشرب المسكر، فهذه معصية كبيرة، فإن الخمر من كبائر الذنوب، فالواجب عليه التوبة إلى الله من ذلك، وأنت بالخيار إذا صلى، واستقام على الصلاة، وترك ما يوجب كفره، فأنت بالخيار إن شئت بقيت معه، وإن شئت طلبت الطلاق، ما دام يتعاطى المسكر؛ لأنه عيب كبير وخطر عليك، وعلى أولادك، نسأل الله لنا وله الهداية والرجوع إلى الصواب.

س: زوجي لا يصلي، فهل على المرأة المسلمة أن تنفصل عن الرجل الذي لا يصلي؟ (¬1) ج: نعم، عليها أن تنفصل؛ لأن ترك الصلاة ردة، كفر أكبر في أصح قولي العلماء وقد تقدم قوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬2)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬3)، ويقول صلى الله عليه وسلم: ¬

(¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (230). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

«رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة» (¬1)، إذا ضيع الصلاة ما الذي بقي عنده نسأل الله السلامة، من ضيعها ضاع وكان عمر رضي الله عنه يكتب إلى عماله ويقول: «إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع» (¬2) ويقول رضي الله عنه: «لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة» (¬3) وقد جاء هذا المعنى مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: «لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة» (¬4) فالحاصل أن من ضيع الصلاة فلا دين له نسأل الله السلامة. ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616). (¬2) أخرجه مالك في الموطأ في كتاب وقوت الصلاة، باب وقوت الصلاة برقم (6). (¬3) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب ما جاء في تكفير من ترك الصلاة عمدًا من غير عذر برقم (6499). (¬4) ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن عند تفسير الآية (221) من سورة البقرة (حـ3 64).

س: سائلة تقول: امرأة تصوم وتصلي، وعندها أولاد، والزوج لا يصلي ونصحته عدة مرات، ولكنه لم يستجب، هل يجوز لها أن تبقى معه؟ (¬1) (¬2) ج: ليس لها أن تبقى معه، بل عليها أن تفارقه، وليس لها أن تمكنه ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (188). (¬2) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (188). ') ">

من نفسها، وعليها أن تطلب الفراق ولو من المحكمة، يجب عليها أن تفارقه وأن تذهب إلى أهلها، وهي أولى بأولادها الصغار منه، ولا يجوز لها البقاء معه؛ لأن من ترك الصلاة كفر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة» (¬1) نسأل الله العافية. س: يشكو كثير من النساء بأنهن ابتلين بأزواج لا يصلون، ولم يكتشفن هذا إلا بعد الزواج ويحتججن في البقاء معه بالأطفال؟ ج: هذا من البلاء العظيم، فإذا عرفت ذلك تمتنع منه وتذهب إلى أهلها، ولا تمكنه من نفسها لا من جماع ولا غيره، حتى يتوب إلى الله، ويستقيم على الصلاة وإلا فالواجب الفراق، ووجود الأطفال ليس فيه حجة، الرزق على الله، وهي أولى بأطفالها حتى يهديه الله. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

س: سؤال من أم عمار، تقول فيه: إنها امرأة متزوجة، ولديها ولد: طفل، وملتزمة بأوامر الله، وتحمد الله وتشكره على ذلك، وتذكر بأن زوجها متهاون بالصلاة ويشرب المسكر وقدمت له النصيحة عدة مرات، فمرة يستجيب، ومرة يعاند ويكابر، الآن

لنا سنتان من زواجنا، صبرت، لعل الله عز وجل أن يهديه. والسؤال هو: هل أخبر أهلي، وأنفصل عنه أم ماذا؟ أو أصبر من باب القضاء والقدر انفصلت عنه، أن يأخذ مني أبنائي، فأرجو إرشادي سماحة الشيخ، إلى ما فيه خير ديني ودنياي؟ (¬1) ج: هذا الزوج في أمره تفصيل إن كان لا يصلي بعض الأحيان، فالواجب عليك تركه والذهاب إلى أهلك، وعدم البقاء معه؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬2) ولقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬3) أما إذا كان يصلي، ولكن قد يصلي في البيت، ما يصلي مع الجماعة، بعض الأحيان، فهذا عليك الصبر مع النصيحة، وهكذا شربه الخمر منكر عظيم، فلك الصبر لعل الله يهديه؛ لأنه مسلم، شرب الخمر لا يخرجه عن الإسلام، يكون عاصيا، قد أتى كبيرة عظيمة وإن طلبت الفراق منه، فلك العذر؛ ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (406). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه برقم (22428).

لأن تهاونه بالصلاة في الجماعة، وتعاطيه المسكر عيب كبير، فلك أن تخرجي إلى أهلك وتطلبي الفراق منه، من جهة المحكمة، أما إذا ترك الصلاة بأن تركها، كفر، ليس لك البقاء معه، بل يجب أن تفارقيه، وأن تذهبي إلى أهلك، وأن تسعي في الفاق من طريق المحكمة، نسأل الله لنا وله الهداية.

س: تزوجت منذ أربع سنوات، وقبل الزواج وبعده لم أكن حريصًا على الصلاة أي كنت متهاونة، مرات أصلي ومرات لا أصلي، ولكني أعترف بوجوبها، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سمعت من بعض العلماء أن عقد الزواج يبطل، ما صحة هذا الكلام، علمًا أنني أجهل بأن التهاون أو ترك الصلاة يبطل عقد الزواج، فإذا كان يبطله ما شرعية الأولاد، وما العمل الآن أفيدوني جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) (¬2) ج: إذا كانت هي تصلي وأنت لا تصلي بعض الأحيان، فالواجب تجديد العقد هذا هو الصواب، وبعض أهل العلم يرى أن تركها دون جحد لوجوبها، يكون كفرًا أصغر، وليس كفرًا أكبر، وهذا قول ¬

(¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (291). (¬2) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (291). ') ">

الأكثرين ولكن الأرجح من حيث الدليل، أن تركها كفر أكبر وإن لم يجحد وجوبها، الواجب عليك تجديد العقد بعقد ولي وشاهدين ومهر جديد إذا كان لك رغبة ولها رغبة إذا كان لكما رغبة، كل واحد له رغبة في الآخر، يجدد العقد بمهر جديد وعقد جديد وشاهدين، ولو مهرًا قليلاً يتراضيان عليه، أما الأولاد فأولادك في شرعة النكاح، الأولاد لاحقون بكما أولادكما، ولا حرج في ذلك والحمد لله، والجهل لا يؤثر؛ لأن الأمر معروف بين المسلمين الجهل في مثل هذا لا وجه له. س: عدنان، م. غ. من الأردن يقول بأنه متزوج منذ عامين وعرف من بعض الأصدقاء بأنه إذا عقد الزواج وهو لا يؤدي فريضة الصلاة فالعقد باطل، مع العلم بأنني عقدت العقد ولم أكن أصلي ولا أركع ركعة، وأنا الآن التزمت بالصلوات الخمس التزامًا تامًا هل يجب عليّ أن أعيد مرة ثانية، وكيف يكون ذلك، بعد طلاقي من زوجتي وعقد جديد؟ (¬1) ج: إذا كنت لا تصلي وهي تصلي فالعقد غير صحيح على الصحيح، لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك ¬

(¬1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (414). ') ">

الصلاة» (¬1)، أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). فإذا كنت لا تصلي وهي تصلي فالعقد غير صحيح، يجدد بعد توبتك، أما إذا كانت مثلك لا تصلي فالعقد صحيح، كنكاح الكافر للكافرة. س: تسأل فتقول قد يحصل أن تتزوج الفتاة بتارك صلاة، وبعد الزواج تطلب من الزوج أن يعيد عقد النكاح، بعد أن تبينت توبته، لكن بعض الأزواج يرفض ذلك، فما هو توجيه سماحتكم إذا كان لا يجوز السكوت على هذا جزاكم الله خيرًا؟ ج: يرفع الأمر للمحكمة وتنظر المحكمة في هذا إذا سمح أن يعيد النكاح هذا أطيب، وهذا هو الواجب، وإن لم يسمح فالمحكمة تنظر في الأمر، فإذا كانت المرأة تعلم أنه لا يصلي حين العقد وهي تصلي، فإن العقد يجب تجديده، من الولي الشرعي، بعد توبة الزوج من ترك الصلاة، وهكذا العكس لو كانت هي لا تصلي، وهو يصلي يجدد العقد أيضًا، أما إذا كانا لا يصليان جميعًا فالعقد صحيح لتساويهما في الباطل. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

س: السائلة/ من البحرين تقول: تزوجت رجلاً ملتزمًا لكنه تغير في

سلوكه الدنيوي والديني: حلق لحيته وشرب الدخان والمسكرات، حتى إنه يبحث عن وظيفة، وإن كانت غير شريفة، تساهل في أمر الصلاة، فمرة يصلي وأخرى لا يصلي، وما صلاها يصليها نقرًا كيف أتصرف معه علمًا بأن لدي منه ولدين، وأنا عند الأهل في الوقت الحاضر وجهوني جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: الواجب عليك ترك هذا الزوج، والذهاب إلى أهلك، والرفع عنه إلى المحكمة، حتى يفرق بينك وبينه، إذا كان تارة يصلي وتارة لا يصلي مع ما فيه من العيوب الأخرى، من شرب المسكر وغير ذلك، لكن أعظمها ترك الصلاة، فإن تركها كفر بخلاف المسائل الأخرى، فإنها معصية، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬2) وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬3) ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (273). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه برقم (22428).

فالواجب عليك الذهاب إلى أهلك حتى يسهل الله التوبة أو الفرقة، إما أن يتوب وإما أن يطلق، ولا يجوز لك البقاء معه، ما دامت حاله كما ذكرت، من جهة الصلاة، أما المعاصي الأخرى لو كان يصلي، فهي عيب كبير وعذر لك أن تطلبي الطلاق؛ لأنها عيب كبير، كونه يشرب الخمر، هذا عيب كبير مع حلق اللحية، وشرب الدخان، هذه عيوب لكن أشدها وأعظمها ترك الصلاة؛ لأنها كفر في أصح قولي العلماء، وإن لم يجحد الوجوب، متى ترك الصلاة بعض الأحيان، وإن لم يجحد وجوبها كفر، في أصح قولي أهل العلم، فنسأل الله له الهداية، وأن يمن الله عليه التوبة.

س: سائلة/ تقول: إن عندها زوجًا لا يصلي وصار لي من الزواج به سبع وعشرون سنة، لا يصلي ولا يصوم من الأول، وصار له من بعد خمس عشرة سنة، يصلي ويصوم في رمضان فقط ثم يترك الصلاة والصوم، وأنا في قلبي كراهة له خالصة لله سبحانه، وليس عن شيء أكرهه وهو أبو أولادي وترجو الإفادة؟ (¬1) ج: ترك الصلاة كفر بالله عز وجل، فهذا الذي لا يصلي ما ينبغي أن تبقي معه، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: أن ترك الصلاة كفر ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (28).

وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬1) وقال عليه الصلاة والسلام: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬2) هذا الذي لا يصلي ما ينبغي للمرأة أن تبقى معه، بل ينبغي لها أن تفارقه، وتعرض أمرها على المحكمة، والمحكمة تفرق بينهما؛ لأن هذا كفر عظيم، نعوذ بالله، والصحيح أنه كفر أكبر، والصحيح من أقوال العلماء: أنه كفر أكبر، وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه كفر دون كفر، وأنه لا يخرج من الملة ما دام يُقر بأن الصلاة واجبة، ويعلم أنها واجبة، ولكن حمله التساهل على ذلك، فعند جمعٍ من أهل العلم أنه لا يكون كافرًا كفرًا أكبر ولكن بكل حال إنه قد أتى جريمةً عظيمة، أعظم من الزنا وأعظم من اللواط، وأعظم من العقوق، فالواجب على المرأة هذه أن تتقي الله عز وجل، وأن لا تبقى مع هذا الصنف من الناس، الذي هو والعياذ بالله ضيَّع عمود الإسلام؛ لأن الله قال في الكفرة: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}، فالمسلمة لا تبقى مع ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

الكافر أبدًا، والصحيح أن هذا كافر كفرًا أكبر، نعوذ بالله، فلا يجوز لها أن تبقى معه، بل يجب أن تفارقه، وأن تعتزله، وأن تبغضه في الله عز وجل، وأنه تطالب بفراقه لها، تطالب ولاة الأمور، تطالب المحكمة بأن تفرق بينها وبينه؛ لكونه قد أتى أمرًا عظيمًا، اعتبره الكثير من أهل العلم كفرًا أكبر، نسأل الله أن يهدينا وإياه، نسأل الله أن يرده للتوبة، نسأل الله لنا وله الهداية، ولكن هذه السائلة يجب عليها أن تسعى في فراقه لدى المحكمة، إذا كان تركه للصلاة أمرًا واضحًا معروفًا فتقيم البينة عليه، والمحكمة تفرق بينها وبينه، إذا لم يتب، أما إن تاب وهداه الله فالحمد لله. والواجب على ولاة الأمور إذا علموا من يترك الصلاة، أن يستتاب فإن تاب وإلاَّ قتل كافرًا -نعوذ بالله- على الصحيح أو حدًا على القول الثاني. وبكل حال الواجب على من ترك الصلاة، أن يتوب إلى الله، وأن يبادر بالتوبة، وأن يعلم أنه أتى أمرًا عظيمًا، ومنكرًا شنيعًا، فيجب عليه التوبة إلى الله سبحانه، والبدار إلى أداء الصلاة، والحذر من مشابهة أعداء الله في ترك الصلاة، وقد قال الله عز وجل عن أهل النار: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ}، فذكروا أهم الأعمال التي دخلوا بها

النار عدم الصلاة نعوذ بالله، نسأل الله العافية.

حكم من قال لزوجته: الباب مفتوح

156 - حكم من قال لزوجته: الباب مفتوح س: مشكلتي تتعلق بزوجي، فهو رجل مقصر في دينه، لا يصلي وحينما أدعوه إلى الصلاة، يغضب، ويستهزئ بي ويصر على تركه الصلاة، بحجة أن أباه لم يكن يصلي، فلماذا هو يصلي، وذات يوم ألححت عليه في ذلك فقال لي: إذا استمررت على هذا الوضع فالباب مفتوح وعندها طلبت منه الطلاق، ومرة أخرى أيضًا وتقريبًا لنفس السبب، قال لي: لا تكلميني إلى يوم القيامة، فما رأيكم في هذا الرجل وفي كلامه، الذي قاله في مناسبتين: الأولى قوله: الباب مفتوح وفي الثانية لا تكلميني إلى يوم القيامة، هل يعتبر هذا طلاقًا أم ماذا؟ وهل يجوز لي البقاء معه على هذا الحال؟ (¬1) ج: هذا الرجل لا يجوز البقاء معه، ما دام يترك الصلاة، كما ذكرت، فهو بذلك كافر وبئس القدوة أبوه، إذا كان أبوه لا يصلي، بئس القدوة، ولا يجوز أن يقتدى بالكافر الذي لا يصلي، أو يسب الدين أو يأتي ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (46).

بناقض من نواقض الإسلام، أو بمعصية من معاصي الله، كل هؤلاء لا يقتدى بهم، هذا الرجل كافر اقتدى بكافر على حسب قوله، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أنه قال: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬1) أخرجه مسلم في صحيحه، وقال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬2) والأصح من أقوال أهل العلم، أن من تركها تهاونا وكسلاً فهو كافر، وإن لم يجحد وجوبها، وإذا كان هذا الرجل يجحد وجوبها صار كافرًا بالإجماع، وبكل حال فهذا الرجل رجل سيئ وكافر بتركه الصلاة في أصح أقوال أهل العلم، فلا يجوز لك البقاء معه، بل يجب عليك أن تفارقيه ولا تمكنيه من نفسك، وقوله: الباب مفتوح، هذه كناية إذا أراد بها الطلاق، معناها: اخرجي أنت طالق فهي طلاق، وإن كان ما أراد به طلاقًا فليس بطلاق، لكن بكل حال حتى لو لم يطلق ما ينبغي لك البقاء معه، بل يجب عليك فراقه وأن تتركيه وتذهبي إلى أهلك، وأولادك معك، وليس له حق في الأولاد، لكفره فأنت أولى بأولادك، وهو رجل ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

سيئ قد تعاطى كفرًا بالله عز وجل، فعسى الله أن يتوب عليه، فإذا تاب وأنت في العدة، ورجع إلى الله وأناب إليه، وندم على ما فعل وصلى، فلا بأس بالرجوع إليك، ما دمت في العدة، أما بعد العدة فلا، إلا بنكاح جديد.

حكم من قال لزوجته الباب مفتوح

س: تسأل وتقول: إنها متزوجة وعندها أطفال، وزوجها يستعمل المنكرات، ولا يحافظ على الصلوات، فهو يصلي يومًا ويتركها أسبوعًا، وأنا لا أستطيع أن أترك البيت بسبب أطفالي، وأنا متبرئة منه ومن فعله، وأنا والحمد لله مسلمة أحافظ على صلواتي، وأطيع ربي والحمد لله، ولكن مشكلتي في زوجي أريد من سماحة الشيخ أن يتفضل بحل مشكلتي، ذلكم أنه ساءني معاملته معي، وأذنب في حقنا الشيء الكثير، ما حكم جلوسي معه ومع أطفالي، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: الواجب عليك الخروج بأطفالك إلى أهلك، إذا أمكن ذلك؛ لأن ترك الصلاة كفرٌ أكبر في أصح قولي العلماء ولو كان لم يجحد وجوبها، أما إذا جحد وجوبها كَفَر بالإجماع، لكن إذا لم يجحد وجوبها فإنه يكفر بتركها في أصح قولي العلماء لقول النبي صلى الله عليه ¬

(¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (254).

وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬1)، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬2) أخرجه الإمام أحمد وأصحاب السنن الأربع بإسناد صحيح عن بريدة رضي الله عنه، مع أحاديث أخرى في ذلك، فإن لم تستطيعي الخروج جلست مع أولادك، ومنعتيه نفسك، لا تمكنيه من نفسك، لا من جماع ولا من تقبيل، ولا غير ذلك حتى يستقيم حتى يصلي، والرأي رفع أمره إلى المحكمة، حتى تفرق بينك وبينه، وإن هداه الله بأسبابك، وتاب إلى الله، وصلى، فالحمد لله، وإلا فالواجب عليك الامتناع منه، وألاّ يقربك لا بقبلة، ولا بجماع، ولا بأشباه ذلك، ولك الخروج إلى بيت أهلك إن تيسر ذلك، بل يلزمك الخروج حتى تبتعدي عن طاعة الشيطان في حقه، ونسأل الله أن يمن عليه بالهداية. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

حكم من توسط في نكاح لا يرضي الله

157 - حكم من توسط في نكاح لا يرضي الله س: تسأل أم بلال من اليمن وتقول: زوجت أختي، أو بمعنى أصح

كنت واسطة في زواجها في بيت كثر فيه الفساد، وقد كانت أختي تعلم قبل زواجها بهذا الأمر، وحتى الآن هي مقتنعة بذلك، ولكن ضميري يؤنبني على ذلك، فهل أنا آثمة في توسطي لهذا الزواج لأختي؟ أفيدونا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: الواجب على المؤمن أن ينصح لأخيه في الله وأخته في الله، ولأخيه في النسب وأخته في النسب أن يتقي الله في ذلك، فإذا كنت توسطت في زواجها بإنسان يضرها في دينها، فهذا غلط منك وعليك التوبة إلى الله، أما إذا كنت توسطت؛ لأنك ترين أنه مناسب، ولا حرج فيه ولكن جاء الفساد بعد ذلك، فلا يضرك، الواجب على الناصح أن يتقي الله، وألاّ ينصح وألاّ يشير إلا بالشيء الذي يبرئ الذمة، وليس فيه محذور شرعًا وليس لك أن تشيري بزوج غير مستقيم؛ لأنه يضر الزوجة، فإذا كان هذا الزوج غير مستقيم وأنت تعلمين أنه غير مستقيم، فقد أخطأت وعليك التوبة إلى الله سبحانه وتعالى. ¬

(¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (403).

حكم البقاء مع الزوج إذا كان يشرب الحرام

158 - حكم البقاء مع الزوج إذا كان يشرب الحرام س: إنني متزوجة ولي أربعة أطفال، وإنني سعيدة مع زوجي كثيرًا،

ولكن زوجي من النوع الذي يأخذ المشروب في بعض الأيام ولا أقدر أمنعه من هذا، مع هذا أخلاقه جيدة مع الناس ولكني أنا أخاف الله ولا أريد من زوجي أن يفعل ما حرم الله، وأنتم يا فضيلة الشيخ أرجو أن ترشدونا إلى الخير، وأفيدونا أفادكم الله وجزيتم عنا خيرًا؟ (¬1) (¬2) ج: الذي يتعاطى الشراب من الأزواج إما أن ينصح ويخوف من الله عز وجل ويبين له سوء عاقبة ما فعل، ويبين له أن الخمر من أعظم الكبائر، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه «لعن الخمر وشاربها، وساقيها وحاملها والمحمولة إليه، وعاصرها ومعتصرها، وبائعها ومشتريها، وآكل ثمنها» (¬3) فهي خبيثة، تسلب العقول، وتسبب فسادًا كبيرًا في المجتمع وفي الأسر، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «إن على الله عهدًا، لمن مات وهو يشرب الخمر، أن يسقيه من طينة الخبال قيل: يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال: عصارة أهل النار ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (28). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (28). ') "> (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما برقم (5367).

أو قال: عرق أهل النار» (¬1) فأنتِ أيتها الأخت في الله انصحيه وتكلمي معه كثيرًا في هذا الأمر، وكذلك لو اتصلت بمن له أهمية عنده وتقدير، ينصحه كأبيه وعمه ونحو ذلك إذا كانوا يعلمون حاله ينصحونه كثيرًا لعله، الله يهديه، أما النكاح فلا يبطل بذلك، النكاح صحيح وأنت زوجته وإن كان عاصيًا لكن لكِ الفسخ إذا أصر على هذا المنكر فلكِ الفسخ، لكِ الاتصال بالمحكمة، والمحكمة تفسخ النكاح؛ لأن هذا عيب وخطر كبير على الزوجة، وعلى الأسرة، فللزوجة إذا أصر زوجها على شرب المسكر، لها أن تطالب بالفسخ، والمحكمة تفسخ نكاحها إذا ثبت لديها ذلك، نسأل الله الهداية للجميع. س: الأخت س. م. ن. من الخبر، تسأل وتقول: ما حكم أن تتزوج الفتاة من إنسان يشرب الخمر، مع العلم أنه يشرب فقط، إذا أصيب بالاكتئاب والحزن، وهذا الشخص يريد من يخلصه من هذا المنكر، ويطمع في أن تكون شريكته، هي من تساعده على ذلك، فما رأي سماحتكم في هذه المسألة؟ ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأشربة، باب بيان أن كل مسكر خمر وأن كل خمر حرام، برقم (2002).

ج: الذي يشرب الخمر لا شك أنه عيب ونقص، نسأل الله أن يمن عليه بالتوبة والهداية، ولكن لا يمنع من الزواج من المسلمة، لا بأس أن يتزوج مسلمة؛ لأن شرب الخمر لا يخرجه من دائرة الإسلام، وإنما هو معصية كبيرة، ويخرجه من دائرة العدالة إلى دائرة الفسق، ويوجب عليه الحد إذا ثبت عليه بالإقرار أو بالبينة الشرعية، ولكنه عند أهل السنة والجماعة لا يكون كافرًا، وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: «أنه لعن الخمر وشاربها وساقيها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها» (¬1) فالخمر منكر عظيم، شره عظيم، وعواقبه وخيمة، لكنه لا يكون صاحبه كافرًا، إذا لم يستحله، إذا فعله وهو يعلم أنها معصية، ويعتقد أنها معصية، ولكنه تساهل في ذلك لأسباب كثيرة، منها ما ذكرت من كونه يشرب حال الاكتئاب والتعب، ومنها أسباب أخرى، وبكل حال فهذا السبب وغيره لا يبرر له شرب الخمر، بل يجب عليه أن يحذر شرب الخمر، وأن يتعاطى الأشياء المباحة سوى ذلك، وفيما أباح الله غنية عما حرم سبحانه وتعالى، ولكنه لا يمنع من تزوجه على امرأة مسلمة، ولها أن ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما برقم (5367).

تقبله ولربما هداه الله بأسبابها فلا بأس بذلك، وعسى الله أن يجعل في ذلك خيرًا كثيرًا، ومصلحة كبيرة لهذا المسكين، المقصود من هذا أن المعصية لا تمنع من الزواج بمسلمة، كما أنه لا تمنع المسلم أن يتزوج مسلمة فيها معصية كشرب الخمر أو غير ذلك من الذنوب التي لا تخرج فاعلها من الإسلام، والله المستعان.

س: إذا كان الرجل يصلي ولا يزكي، ولا يحج وهو قادر على الحج، هل الزواج منه صحيح؟ (¬1) ج: صحيح لكنه عاص، يعتبر عاصيًا إذا كان لا يصوم رمضان، ولا يزكي، يكون عاصيًا وقد ذهب بعض أهل العلم إلى تكفيره وهو على خطر عظيم، فينبغي الحذر من ذلك والصواب أنه لا يكفر بذلك إذا لم يجحد وجوب الزكاة، ولم يجحد وجوب الصوم، ولم يجحد وجوب الحج مع الاستطاعة يكون عاصيًا فاسقًا وعليه التوبة إلى الله البدار إلى أداء الزكاة عما مضى، والبدار بصوم رمضان، إذا كان ترك شيئًا منه، وهكذا البدار بالحج إذا كان يستطيع، أما من ترك الصلاة فإنه يكفر على الصحيح، ولو لم يجحد وجوبها نسأل الله السلامة. ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (226).

باب أحكام الصداق

باب أحكام الصداق 159 - حكم المهر س: تقول السائلة: هل المهر من أركان الزواج؟ وما الدليل على ذلك؟ جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: ليس المهر من أركانه ولا من شرائطه ولكنه لا بد منه؛ لأن الله يقول لما ذكر النكاح قال: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} وإذا تزوجها بدون مهر وجب لها مهر المثل، والنكاح صحيح، لو قال ولي المرأة للزوج: زوجتك، وهي راضية، ويقول الزوج: قبلت بحضرة شاهدين، وليس هناك موانع، صح النكاح، إن كانت المرأة ليس فيها مانع، ليست محرّمة على الزوج، وليست في إحرام، وليست في عدة، وليس بها مانع من النكاح وراضية زوَّجَهَا الولي وقبلت، وقبل الزوج بحضرة شاهدين، النكاح صحيح، ولو ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (276).

لم يُسَمِّ مهر، لكن يجب لها مهر المثل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بلك في حديث معقل بن سنان الأشجعي أن رجلاً تزوج امرأة ولم يسم لها مهرًا، وتوفي عنها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لها مثل صداق نسائها، لا وكس ولا شطط، وعليها العدة، ولها الميراث» (¬1) المقصود أن هذا هو الحكم فيمن تزوج ولم يسم مهرًا، حلال لها مهر المثل، سواء كان حيًّا أو ميتًا، إن مات فتعطى من تركته، وإن كان حيًا، عليه أن يسلم لها المهر، إذا دخل بها، إذا وطئها أو خلا بها، أما إن عقد عليها ثم طلق، فإن لها المتعة، يمتعها بما يسر الله، من كسوة أو مال لقول الله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا} وقال سبحانه وتعالى: {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه برقم (17994).

فليس لها مهر المثل في هذه الحال، ولكن يمتعها، على الموسع قدره وعلى المقتر قدره، الموسر يمتعها بجارية أو بمهر أمثالها، أو بأقل من ذلك، حسب ما يتيسر، والمعسر ولو بالقليل، ولو بكسوة، جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنّ أعلى المتعة جارية، وأدناها كسوة، والمقصود من هذا أن الموسر يمتع بأحسن مما يمتع المعسر، الموسر يمتع بشيءٍ رفيع، من جارية، يعطيها إياها، المملوكة، أو مالٍ كثير، يقارب المهر، أو يقارب نصف المهر، يمتعها بشيء يعتبر فوق ما يمتعها به الفقير، والفقير يمتع بقدر استطاعته، من كسوةٍ مناسبة حسب طاقته، أو دراهم، الله جل وعلا أطلق ولم يحدِّد، سبحانه وتعالى.

حكم المغالاة في المهور

160 - حكم المغالاة في المهور س: ما حكم الإسلام في نظركم في المغالاة في المهور، وعدم تزويج الشباب، وتحميلهم أعباء كثيرة للزَّواج من حيث الترتيبات، وما نصيحتكم لأولياء الأمور، في هذه المسألة الخطيرة التي يجب أن تعالج من قبلكم، وجزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (24).

ج: نصحيتي لجميع المسلمين، من الرجال والنساء عدم المغالاة في المهور، وعدم التكلف تيسيرًا للزواج؛ لعفة الرجال والنساء جميعًا، هذه نصيحتي لهم، وقد جاءت الآثار والأحاديث عن السلف بالدلالة على ذلك فالسنّة للمؤمن عدم المغالاة، وعلى أولياء الأمور أن يتقوا الله في هذا الأمر، وأن يحرصوا على تزويج بنيهم وبناتهم بالطرق الممكنة الميسّرة، التي ليس فيها ضرر على الجميع، والأوقات تختلف، ولكن يتحرّون المهر المناسب الذي يحصل به المطلوب، من دون مشقة على الزوج؛ لأنَّ كثيرًا من الناس قد يتأخر عن الزواج بسبب المغالاة، لا يقدر، وربما تعطّل كثيرٌ من النساء بسبب ذلك، وحصل من الفساد ما لا يحصيه إلاّ الله عز وجل، فالمشروع للجميع العناية بهذا الأمر، الرجل يعتني، والمرأة تعتني، الرجل يعتني ويحرص على التخفيف والتيسير، لتزويج بناته وأخواته وغيرهم، والنصيحة لهن في ذلك، والمرأة كذلك تتقي الله وتحرص على التخفيف مع بنتها، ومع أختها ومع قريباتها حتى يتعاون الجميع على التخفيف والتيسير، وبهذا يتيسر الزَّواج لجميع الشباب، من الرجال والنساء ولا يخفى أنّ وجود الزّواج مع المؤنة القليلة، خيرٌ من تعطيل الرجل أو تعطيل المرأة، كونها تتزوج ويعفها الرجل، بمهرٍ مناسب ليس فيه تكلّف، خيرٌ لها في الدنيا والآخرة، وإن كان الرّجل

كونه يتزوّج ويتيسر له المرأة المناسبة من دون تكلّف خير له في الدنيا والآخرة، فالجميع عليهم التعاون والتواصي بهذا الأمر، لعلّ الله جلّ وعلا يكتب لذلك النجاح.

نصيحة في عدم المغالاة في المهور

161 - نصيحة في عدم المغالاة في المهور س: تسأل السائلة وتقول: ما رأي سماحتكم في المغالاة في المهور، وما هو المهر الشرعي للمرأة في الإسلام؟ (¬1) ج: ليس للمهر حدٌ محدود، ولكن الأفضل عدم المغالاة، الأفضل للمسلمين ألاّ يغالوا ولا يتكلفوا، حتى يكثر الزواج وتقل العزوبة، ومتى غالى الناس المهور وتكاليف الزواج تعطل الكثير من الشباب والنساء فالسنة التخفيف، كما في الحديث: «خير الصداق أيسره» (¬2) والنبي صلى الله عليه وسلم قال لبعض الناس، لما قال ما عنده شيء قال: «التمس ولو خاتمًا من حديد» (¬3) وزوج بعض الناس ¬

(¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (253). (¬2) أخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب النكاح، برقم (2741) جـ 1982. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب السلطان ولي، برقم (5135)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم القرآن وخاتم من حديد ..... برقم (1425).

بتعليم القرآن، وتعليم سورٍ من القرآن، فالأمر في هذا واسع، فالسنة للمسلمين ألاّ يغالوا ولا يتكلفوا حتى يسهلوا الزواج للراغبين في الزواج.

س: الأخ ع. ح. ع.، يسأل ويقول: هل يعتبر المهر الغالي بمثابة بيع البنت، يرجو التوجيه، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: الشرع المطهر لم يحدد في المهر شيئًا معلومًا، بل أطلق للناس ما يتفقون عليه من المهور قليلة أو كثيرة، لكن الشارع رغب في التقليل والتيسير ترغيبًا في النكاح، وعفة الرجال والنساء. ومن ذلك قوله عليه السلام: «خير الصداق أيسره» (¬2) وكان زوج بناته على خمسمائة، وتزوج على خمسمائة، وروي أنه زوج بناته على أربعمائة، فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم كان يحث على تخفيف المهور وتيسيرها ولم يغال فيها لا مع أزواجه، ولا مع بناته عليه الصلاة والسلام. فالمشروع للمؤمن أن يخفف وألاّ يتكلف في ذلك، ولكن الأوقات تختلف في الغلاء والرخص، وتيسّر الحاجات وعدم تيسّرها، فيشرع لأهل الزواج أن يتفقوا على شيء مناسب ليس فيه إجحاف بالزوج ولا مضرة على الزوجة، ولا ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (170). (¬2) أخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب النكاح، برقم (2741) جـ 1982.

تعطيل للنساء والشباب، وكلما كان ذلك أيسر وأقل كان أفضل حتى يتيسر للجميع حصول النكاح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (¬1) فالمؤمن يحرص على أن يزوج بنته وأخته وموليته بكل وسيلة شرعية، حتى لا تتعطل وحتى لا تتعرض للأخطار، والرجل كذلك يحرص على أن يتزوج، ويحرص أبوه وأخوه وأقاربه على تزويجه والتعاون معه في ذلك حتى لا يتعرض لأخطار العزوبة ولا سيما في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن، وكثر فيه المتبرجات من النساء، وضعف فيه الوازع الديني فينبغي للجميع، الرجال والنساء، الحرص على أسباب الزواج، وعلى تسهيله لا من جهة المهر، ولا من جهة الوليمة، كل ذلك يستحب فيه التخفيف والتيسير، تسهيلاً في تزويج البنين والبنات وحرصًا على عفة الجميع كما أوصى الله بذلك وشرع، حيث قال سبحانه: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}، والنبي عليه السلام قال: «يا معشر ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

، الصفحة قم: 428 الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (¬1) ووصيتي للجميع البدار بتزويج الشباب والشابات والحرص على التيسير والتخفيف في مؤنته لا من جهة المهر ولا من جهة الوليمة، كما أني أوصي أقارب الرجل أن يساعدوه إذا دعت الحاجة إلى مساعدته وأولياء المرأة أن ينصحوها ويوجهوها إلى الرضا بما يسر الله من المهر، وأن لا تمتنع من الزواج من أجل المغالاة في المهور وكلٌ من الجميع في حاجة إلى النصيحة، كل من الرجال والنساء في حاجة إلى النصيحة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «الدين النصيحة، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» (¬2) كما أني أنصح أمهات البنات أن لا يتكلفن في ذلك، وهكذا خالاتهن، وهكذا أخواتهن الكبيرات، ينبغي أن يساعدن في التخفيف والتيسير، وهكذا أبو الرجل وأجداده وإخوته وأعمامه، أوصيهم جميعًا بالمساعدة والتعاون مع الزوج، في تسهيل نكاحه بالمال وغيره، عملاً بقول الله سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (55).

وعملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته» (¬1) وقوله عليه الصلاة والسلام: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» (¬2) والشباب اليوم، والفتيات اليوم في أشد الحاجة إلى الزواج والمبادرة إليه وهو لا يمنع الاستمرار في الدراسة لا من الرجل ولا من المرأة، بل يتزوج وإن كان يدرس، وهي كذلك، ولا ينبغي أن يحتج بالدراسة لا الرجل ولا البنت، ينبغي البدار بالزواج وإن استمر كل منهم في الدراسة، وإن تراضيا على تعطيل الدراسة فلا بأس بذلك، لحاجة البيت ونحو ذلك، المقصود أن هذا لا ينبغي أن يكون عذرا؛ الدراسة لا ينبغي أن تكون عذرا لتأخير النكاح، ولا الوظيفة كذلك، وظيفة المرأة، كونها مدرسة أو موظفة في عملٍ آخر، ينبغي ألا تتأخر عن الزواج، وأن تتقي الله في ذلك وأن تبادر، وأن تجتهد في حفظ نفسها من أسباب الشر، وحفظ سمعتها، وهكذا الشباب، يحرص غاية الحرص على حفظ سمعته، وإحصان فرجه ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه برقم (2442)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (2580). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم (2699).

وغض بصره، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.

س: هل المرأة مكان للتجارة، حيث يتعنت الآباء في تكاليف الزواج؟ (¬1) ج: لا شك أن هذه المسألة التي تقدّمت بها الأخت في الله مسألة جديرة بالعناية، فإن الواجب على الآباء أن يعنوا بأمر البنات، وأن يجتهدوا في تزويجهن على الأكفاء وأن يسهلوا التزويج وألاّ يتكلفوا، فليست المرأة سلعة تباع وتشترى وليست محلاً للتجارة ولكن المقصود التماس الكفء الصالح، الديّن الذي يتولاها ويحسن إليها، فإن ناسبته أحسن إليها وأحسن عشرتها، وإن لم تناسبه لم يظلمها، بل وسّع لها، هذا هو الواجب على الآباء، وعلى الأولياء جميعًا أن يتقوا الله في النساء، وأن يجتهدوا في التماس الأكفاء، وعدم ردّ الخاطب الطيب، وألا يجبروهن على من لا يرضين، لا بدّ من استئذان المرأة، ولا بد من أخذ رضاها، إذا بلغت تسعًا فأكثر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح: «لا تنكح الأيّم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسول الله ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (74).

وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت» (¬1)، وفي اللفظ الآخر: «قالوا: يا رسول الله! إنها تستحي؟ قال: إذنها صماتها» (¬2)، وفي اللفظ الآخر «واليتيمة تستأذن وإذنها السكوت» (¬3) وفي اللفظ الآخر: «والبكر يستأذنها أبوها وإذنها السكوت» (¬4) فصرح بالإذن، والأب ليس له الجبر، وهو الأب الذي هو أقرب وليّ، فإذا كان الأب لا يجبر فالبقية من باب أولى، وهذا هو المختار، وذهب بعض أهل العلم: إلى أن الأب يجبر البكر التي لم تزوج، وهذا قول مرجوح، والصواب أنه ليس له الإجبار، بل عليه أن يسترضيها وينصحها ويشير عليها وليس له جبرها ما دامت بلغت تسعًا فأكثر، أما إذا كانت دون التسع فلا ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب: لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها، برقم (5136)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1419). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحيل، باب في النكاح، برقم (6971). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما برقم (2361). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1421).

بأس أن يزوجها بغير إذنها؛ لأنه أعلم بمصالحها، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم، «تزوج عائشة، ولم تستأذن؛ لأنها كانت صغيرة بنت ست أو سبع» (¬1) كما جاء في الحديث الصحيح زوجها الصديق وهي بنت ست أو سبع، ودخل عليها النبي وهي بنت تسع عليه الصلاة والسلام، فالحاصل أنها إذا كانت دون التسع ورأى الأب من المصلحة أن يزوجها؛ لئلا يفوت الكفء الطيب، لا من أجل المال، بل من أجل المصلحة الدينية فلا بأس أما بقية الأولياء فليس لهم تزويجها، إلا بإذنها ليس لهم أن يزوجها وهي صغيرة قبل التسع، إنما هذا خاص بالأب؛ لقصة عائشة رضي الله عنها، أمّا بقية الأولياء كالإخوة والأعمام ونحوهم، فليس لهم تزويج البنت حتى تكمل تسعًا، حتى تصلح للزواج، ثم لا بد من استئذانها فإن أذنت وإلا لم يجز لهم تزويجها وليس لهم التّعنت في التماس أصحاب المال، وأصحاب التجارة أو الوزارة، والوظائف لا، بل الواجب عليهم ألا يردّوا الخاطب الكفء وإن كان من غير ذوي ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها، برقم (3896).

المناصب، ولهذا جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (¬1) وفي لفظ: «وفساد عريض» (¬2) وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «تنكح المرأة لأربع لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك» (¬3) فإذا كان الرجل يؤمر بأن يظفر بذات الدين، هكذا ولي المرأة وهكذا المرأة عليهم الحرص أن يظفروا بذات الدين، وصاحب الدين، فعليها أن تسعى لذلك، وتجتهد في ذلك وتقول لأوليائها أن يلتمسوا ذلك، وعلى وليّها أن يجتهد في ذلك حتى يلتمس الكفء؛ الطيب؛ لأن صاحب الدين ينفعها ولا يضرها بخلاف الفجرة فإنهم يضرونها وقد يجرونها إلى فجورهم، أصحاب الخمور، وأصحاب الفساد ¬

(¬1) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب الترغيب في التزويج من ذي الدين الخلق المرضي، برقم (13481)، (جـ 7 132). (¬2) أخرجه الترمذي، في كتاب النكاح، باب ما جاء: إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه، برقم (1084). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدِّين، برقم: (5090)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، برقم: (1466).

شرهم عظيم، فينبغي التحرز منهم حتى لا يضروها، أما الذي لا يصلي فلا يزوّج بالمرأة المسلمة؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر نسأل الله العافية، في أصح قولي العلماء، فالحاصل والخلاصة أن الواجب على الآباء وعلى الأولياء، أن يعنوا بالأكفاء وأن يحرصوا على تزويج البنات، بالرجل الطيب ولو كان فقيرًا، ولو كان بمهر قليل، فالمطلوب عفتها، وصيانتها، ليس المطلوب المكاثرة بالمال، قال تعالى: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} فالمال يأتي به الله سبحانه وتعالى، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (¬1) ولم يقل إذا خطب منكم ذو المال الكثير، بل أمر الجميع بالزواج، هذا عام للرجال والنساء «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج» (¬2) فإذا كان الشباب مأمورًا بالزواج، فهي كذلك مأمورة، إذا خطب ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400). (¬2) صحيح البخاري النكاح (5065)، صحيح مسلم النكاح (1400)، سنن الترمذي النكاح (1081)، سنن النسائي النكاح (3211)، سنن أبو داود النكاح (2046)، سنن ابن ماجه النكاح (1845)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 378)، سنن الدارمي النكاح (2165).

عليها الكفء عليها أن تُزَوَّجَ، وعليها أن تبادر وعليها أن ترضى، وأن تقبل ولا يجوز لأوليائها منع الزواج، من أجل المال، والمكاثرة بالمال، أو لأسباب لا وجه لها.

حكم تأخير تزويج البنت طمعا في كثرة المهر

162 - حكم تأخير تزويج البنت طمعًا في كثرة المهر س: يقول السائل: أرجو من سماحة الشيخ توجيه النصح للآباء، الذين يحتكرون بناتهم طمعًا في كثرة المهر؛ ولهذا السبب اختلط الحابل بالنابل، وأصبح الناس يتلهفون وراء المادة ولا يبالون بمن يزوجون، والذي لديه ثروة مالية، يقبل ما فَرَضَهُ عليه الأب من مهر، وتكاليف باهظة وأصبح الفقير عاجزًا عن الزواج ولا يلتفت إليه أحد بل ينظرون إليه بعين الاحتقار، فما هو رأي سماحتكم وما هو توجيهكم بارك الله فيكم؟ (¬1) ج: الواجب على الأولياء سواء كانوا آباء أو إخوة، أو أعمامًا أو غيرهم، الواجب عليهم تقوى الله سبحانه وتعالى، وأن يخافوا الله في مولياتهم، وأن يجتهدوا في تزويجهن على الأكفاء، ولو بمهور قليلة، وألاّ يتكلفوا في ذلك، لا في المهر ولا في الوليمة، فالواجب ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (181).

التماس الأكفاء الأخيار الطيبين، ولو كانوا فقراء لكن يستطيعون المهر، ويستطيعون النفقة على زوجاتهم، وفي الحديث عنه عليه الصلاة والسلام: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه، فزوجوه، إلاّ تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض» (¬1) فالمؤمن يتحرّى الزوج الصالح لبنته وأخته، وابنة أخيه، ونحو ذلك ولا يهمه المال، يهمه الرجل الصالح، ولو كان المهر قليلاً، ولو كانت التكاليف قليلة، ولو كانت الوليمة قليلة، هذا هو الواجب على الأولياء، ولا يجوز لهم أن يحبسوا النساء، لطلب كثرة المال، هذا غلط كبير، وشر عظيم، وقد يزوّجون من ليس بكفء من أجل المال، ويَدَعُون الكفء لأجل قلة المال، هذا منكر وخيانة للأمانة، فالموليات أمانة عند الأولياء، فالواجب على الأولياء أن يتّقوا الله في الأمانة، وأن يلتمسوا للأمانة الرجل الصالح الطيب، وإذا لم يوجد إلا ناقصون، يختار الأفضل فالأفضل، والأقل شرًا حتى لا تعطل البنات والأخوات، هذا هو الواجب على الجميع، مع تقوى الله في ذلك والحذر من ظلم النساء، والحرص على تزويجهن بمن يخطب من الأكفاء ولو قلَّ ¬

(¬1) أخرجه الترمذي، في كتاب النكاح، باب ما جاء: إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه، برقم (1084).

المال، ولو قلَّت التكاليف.

س: بماذا تنصحون الآباء الذين يكثرون في مهور بناتهم، كأن يطالبوا مبالغ معيّنة محدودة، فما هو توجيهكم؟ وهل تقترحون مبلغًا معينًا؟ (¬1) ج: نصيحتي للجميع التخفيف والتيسير وعدم طلب الكثير، إذا جاء الكفء الطيب، فالمشروع قبوله وعدم التكلّف في المهور، ولا في الولائم، هذا هو الأفضل والأولى والأحوط؛ لما في ذلك من تسهيل الزواج وإعفاف الرجال، والنساء جميعًا وكافة الأمّة، فالمشروع لأولياء النساء، وللنساء أيضًا أن يتعاونوا في التخفيف وعدم المطالبة بأمور كثيرة أو بولائم كبيرة، التي قد تشق على الزوج، وأهل المرأة وخير الصداق أيسره، فالمشروع التسهيل والتيسير، وخير النساء أيسرهن مهرًا. ¬

(¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (321).

س: - هل تقترحون مبلغًا معينًا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: لم يحدد الشرع حدًّا محددًا، ولكن يختلف هذا بحسب العرف، ¬

(¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (321).

وبحسب تغير الأحوال والبلدان والمؤونات فيستحب التخفيف حسب التيسير، إنما التسهيل والتيسير على حسب الأحوال.

س: هناك بعض الآباء يتجاوزون في المهور نريد أن توجهوا لهم النصيحة لعل الله سبحانه وتعالى أن يهديهم في ذلك؟ (¬1) ج: هذا أمر عام، ومصيبة كبيرة وهي المغالاة في المهور ونصيحتي لكل مسلم أن يدع ذلك، وأن يحذر المغالاة في مهر ابنته أو أخته أو بنت ابنه أو قريبته الأخرى، وألاّ يتساهل في ذلك، ويرضى بالمهر المناسب الذي يعين المرأة على حاجاتها المعروفة، ولا يكون فيه إرهاق للزوج، ولا منع للنكاح، هذه كلها يشكو الناس منها، مسألة المغالاة في المهور، والمغالاة أيضًا في الولائم كلتاهما ضارتان، فينبغي للأولياء وللنساء أيضًا ألاّ يتشددوا في ذلك، بأن ترضى المرأة وأمها وقرابتها بالشيء المناسب كما يرضى الأب وبقية الأولياء بذلك بعض الأحيان قد يكون الأب يرضى، أو الولي لكن لا ترضى أمها وأختها، ونحو ذلك، وربما حملتها أمها على المغالاة. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (1).

فالحاصل أن هذا مطلوب من الجميع، مطلوب من الأم والخالة والبنت نفسها، ومطلوب من الأب، مطلوب من الإخوة، مطلوب من الأجداد كلهم بأن يتعاونوا في تسهيل المهور وعدم المغالاة حتى يتيسر تزويج قريباتهم، أما مع المغالاة فإن البنت تبقى حبيسة البيت ولا يتقدم لها إلا القليل من الناس ليس كل أحد عنده القوة على المهر المرتفع، ثم لا ينبغي المغالاة في المهور؛ لأنها تفضي إلى فسادٍ كبير، وإلى تعطيل البنات والأخوات، وتعطيل الشباب ووقوع الفواحش، هذا كله شره عظيم وعاقبته وخيمة، كذلك الولائم ينبغي ألاّ يتنافس فيها الناس، فبدل ما يذبح عشر ذبائح، خمسة عشر، يكتفي بواحدة أو ثنتين أو ثلاث وبدل ما يدعو مائة، أو مائتين يدعو خمسة عشر، من أقاربه الأدنين، ويكتفي بذلك، حتى تكون النفقة أقل، وحتى يستطيع أن يتقدّم للزواج، لكن إذا ذكر أن هناك ولائم، تحتاج إلى ألوف، بل عشرات الألوف مع مغالاة المهر، فإن هذا كله يسبب تعطيل الرجل، وتعطيل البنت جميعًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، نسأل الله للجميع الهداية.

س: من محافظة الحديدة المستمع أ. س. ي. يسأل ويقول: ما هو توجيه سماحتكم للآباء الذين يبالغون في المهور، حيث لم

يستطع الشباب التّقدم للحياة الزوجية، جزاكم الله خيرًا. (¬1) ج: نوصي الآباء وجميع الأولياء بتخفيف المهور، وعدم التشديد وعدم الإكثار والمبالغة، كما نوصي الأمهات والبنات بأن يساعدن في ذلك، نوصي الجميع بالتعاون على هذا الخير، بالتخفيف من المهور حتى يكثر الزواج، وحتى يستعفّ الشباب رجالاً ونساءً فالوصية الوصية بالتخفيف والتيسير وعدم التكلف في المهور في الولائم، نوصي الجميع بالتساهل في هذا الأمر، والتخفيف والتيسير وأن يرضوا بمهر يسير، والكلفة اليسيرة حتى يتزوج النساء، وحتى يستعفّ النساء ويستعف الشباب بتوفيق الله، ونوصي الجميع بهذا. ¬

(¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط، رقم (342).

س: ع. من المملكة العربية الأردنية الهاشمية يسأل ويقول ما رأي سماحتكم فيمن يغالي في المهور، وهل هذا من الإسلام، وما نصيحتكم لمن يفعل ذلك؟ جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: نصيحتي لإخواني في كل مكان عدم المغالاة في المهور، والتخفيف والتيسير، جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (318).

أنه قال: «خير الصداق أيسره» (¬1)، «وزوَّج امرأة لرجل على أن يعلمها ما تيسر من القرآن» (¬2)، وقال لآخر: «التمس ولو خاتمًا من حديد» (¬3) فالسنة تخفيف المهور وعدم التكلّف حتى يكثر الزواج، وحتى تقلّ العنوسة، والرجال محتاجون للزواج، والنساء محتاجات للزواج، فالمشروع للأولياء وللنساء التسامح في المهور، فالمرأة تتسامح وأمها تتسامح وأبوها كذلك، الوصية للجميع التسامح، وعدم التكلف في المهور ولا في توابع المهور من الولائم وغيرها، مهما أمكن، الوصية التسامح في ذلك والتخفيف في ذلك حسب الطاقة. ¬

(¬1) أخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب النكاح، برقم (2741) جـ 1982. (¬2) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم القرآن وخاتم حديد، برقم (1425). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب السلطان ولي، برقم (5135)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم لقرآن وخاتم من حديد ..... برقم (1425).

س: السائل م. م. يقول: بأنه شاب ويحبّ أن يتزوج ببنت، ولكن والد هذه البنت طلب منه مبالغ كبيرة ودفعة واحدة، يقول: وأنا أحبّ هذه البنت، فكيف يكون الحلّ وأطلب منكم الدعاء،

بأن يهدي الله عزّ وجل قلبي، ولكم جزيل الشكر؟ (¬1) ج: يسر الله أمرك وأمر كل مسلم، وهدى أباها حتى يسامحك ببعض الشيء، والتيسير في الزّواج مهم، وكذا عدم التّكلف فإذا حصل الكفء فالأفضل للوليّ والمرأة عدم التكلف، وأن يرضوا بالشيء الميسور، وألاّ يتكلّفوا في المهور، ولا في الولائم حتى يتيسر الزواج، للرجال والنساء جميعًا، هذا هو الأفضل وإذا لم يستطع فاصبر حتى يسهل الله الأمر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه الصوم فإنه له وجاء» (¬2) والله يقول جلّ وعلا: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} ثم يقول من بعده: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} الذي لا يجد فعليه أن يتصبّر ويتحمّل حتى يغنيه الله، المقصود أن المؤمن يسعى في النّكاح وأسبابه، حسب طاقته فإذا لم يتيسر له ذلك صبر حتى يفرج الله الأمور. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (425). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

س: قضية تكاليف الزواج إذ يصل إلى مبالغ خيالية، والطالب إذا تخرج من الجامعة يكون مستحقًّا للزواج، لكن ليس بيديه شيء نرجو من سماحة الشيخ توجيه أولياء الأمور؛ لكي يهتمّوا بهذا الموضوع، ويبحثوا طريقًا يسهّل الزواج للفتيان والفتيات جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: نصيحتي للجميع العناية بتخفيف المهر، والتكاليف الأخرى، حتى يتيسّر للفتيات وللشباب الزواج، فأوصي جميع المسلمين في هذه البلاد، وفي غيرها، أوصيهم بتسهيل أمر الزواج، من جهة المهر، ومن جهة التّكاليف الأخرى، في الوليمة وغيرها، فعلى أهل البنت، أن يتساهلوا، وأن يقبلوا ما تيسر من الشباب المهم وجود الشباب الصالح، والزوج الصالح، كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه، فزوّجوه جوه إلاّ تفعلوه، تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (¬2) فوصيتي للبنات وأولياء البنات، أن يتسامحوا في ذلك وأن يرضوا بالقليل من المهر، ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (215). (¬2) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، باب الترغيب في التزويج من ذي الدين والخلق المرضي، (جـ 7/ 132)، برقم (13481).

على حسب طاقة الخاطب الطيب، وهكذا في الوليمة والتكاليف الأخرى، أوصي الجميع بأن يخفّفوا منها ولا يشدّدوا فيها، وبذلك يحصل للفتيات وللشباب من الرجال الزواج والعفّة، وهذا فيه خير عظيم للجميع، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (¬1) وأوصي أولياء الأمور بأن يسهّلوا في هذا الأمر، حسب الطاقة ومتى حصل التعاون من الأولياء، ومن البنات والزوجات ومن ولاة الأمور، ومن العلماء، متى حصل التّعاون في ذلك، حصل خير كثير إن شاء الله. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: من استطاع منكم الباءة ... ، برقم (5065)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ... ، برقم: (1400).

حكم نكاح من دفع مهرا من كسب حرام

163 - حكم نكاح من دفع مهرًا من كسب حرام س: كنت أعمل مهندسًا ببلدنا وأُدير عملاً، وعندما أردت الدخول بموضوع الزواج، احتجت إلى مبلغ من المال، ليس بصغير وقتها يقدر بألف وخمسائة جنيه، فاستدنته لأتمم زواجي من أحد المقاولين، الذين يعملون معي وبعدها لم أقدر على سداد دينه، المهم حاولت تعويضه من مال الشركة، بإضافة بعض الأعمال التي

لم تعمل بما يوازي المبلغ، وصرف فلوسه من الحكومة والآن أنا أعمل هنا بالسعودية، وعندما سمعت برنامجكم وجدتني أنجذب إليه، لعلي أجد عنده الحل، هل عقد الزواج صحيح في هذه الحالة، حيث إنها نقود ليست بحلال. ثانيًا ماذا أفعل الآن حيث إني لا أقدر على ردّ هذا المبلغ؛ لأنه ليس لشخص وإنّما للحكومة، أنا الآن والحمد لله تائب وأُصلي وأصوم، وأقوم بسائر العبادات، إلاّ أن هذه الخطيئة كثيرًا ما تضايقني وتقلقني، أرجو التوجيه جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: أسأل الله عز وجل أن يمن علينا وعليك بالتوبة النصوح، وأن يصلح لنا ولك ولجميع المسلمين القلب والعمل، والواجب في هذا الواقع، أن ترد هذا المال إلى الدولة؛ لأنه من مال الدولة مع التوبة إلى الله عز وجل، إذا استطعت أن تردّه إلى الدولة، فعليك أن ترده إلى الدولة؛ لأنه أُخذ من بيت المال، فإن لم تستطع فيصرف هذا المال في وجوه البر، كتعمير المساجد وإصلاح دورات المياه، والصدقة على الفقراء ونحو ذلك، مع التوبة الصادقة والله يتوب على التائبين. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (98).

وأما النكاح فصحيح والحمد لله.

بيان وجوب وفاء الزوج بالمهر المسمى عند العقد

164 – بيان وجوب وفاء الزوج بالمهر المسمى عند العقد س: يقول: إنه تكلّف مبلغًا كبيرًا في الزواج، ورغم مضيّ فترة طويلة، إلاّ أنه لم يستطع تسديد ما بقي عليه من المهر لأبي زوجته ويسأل هل عليه أن يفي بكل ما كان في ذلك العقد، وهل لعمّه أن يطالبه شرعًا بدفع ذلك المبلغ، وصاحب الرسالة من ليبيا؟ (¬1) ج: يقول النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح: «إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج» (¬2) فالواجب عليك أن تؤدي ما التزمت به، وشُرط عليك من المال، إلاّ أن يسمح والدها ويتحمّل أو تسمح هي عن حقها، فإن سمحت وسمح والدها فالحمد لله، أما ما داما يطالبان بالحقّ، فعليك أن توفي إذا استطعت؛ لقوله سبحانه وتعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ويقول الله سبحانه: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} إذا كنت معسرًا ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (270). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الشروط، باب الشروط في المهر عند عقد النكاح، برقم (2572) ومسلم في كتاب النكاح، باب الوفاء بالشروط في النكاح، برقم (1418).

يجب عليها إنظارك، أما إن كنت موسرًا، فالواجب أن تؤدِّي ما التزمت به واستحللت به فرج المرأة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج» (¬1) متفق على صحته وفق الله الجميع. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الشروط، باب الشروط في المهر عند عقد النكاح، برقم (2572)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الوفاء بالشروط في النكاح، برقم (1418).

حكم تحديد المهور بمبلغ معين

165 - حكم تحديد المهور بمبلغ معين س: إذا حدث في مجتمع ما أن تباهى الناس بارتفاع المهور، ووصلت مهور النساء إلى مبلغ لا يُطيقه كثير من الشباب، فهل لهم أن يجمعوا على أن يكون المهر مبلغ كذا، ومن تجاوز هذا المبلغ يكون عليه ما هو: كيت وكيت من الجزاءات؟ (¬1) ج: لا نعلم حرجًا في ذلك، إذا رأى شيوخ القبائل وقادة البلد الاجتماع على مهرٍ معين لتسهيل الزواج، وعفة الرجال والنساء فلا حرج في ذلك، وقد وقع هذا لقبائل كثيرة، وجاءت إلى هيئة كبار العلماء، ووافقوا على ذلك، فلا حرج في ذلك أن يجتمع قادة البلد، وقادة القبيلة مثلاً، فيجتمعوا على أن المهر يكون خمسين ألفًا، أربعين ألفًا، عشرين ألفًا، عشرة آلاف، يلاحظون الشيء الذي يناسب ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (165).

المقام؛ لأن الأحوال تغيّرت، ما هي بمثل حالتنا القديمة، فلا بد يراعى أحوال الناس، وحاجات الناس فيحدّدوا شيئًا مناسبًا، يبذله الزوج للمرأة، ليس فيه إجحاف بالمرأة، وليس فيه مضرة على الزوج، حتى لا يتضرر، وحتى يتيسّر له الزواج، ولكن يتوسطون ويتشاورون، حتى يهديهم الله لمبلغ مناسب، يسهل على الزوج وينفع الزوجة، وإذا اتفقوا عليه وجب تنفيذه ومنع من يخالفه؛ لأنه المصلحة للجميع، والله ولي التوفيق سبحانه وتعالى.

س: أخونا له سؤال يقول فيه: كان إلى عهد قريب جدًا، يتم عقد الزواج عندنا بجنيهين، والآن أصبح بخمسين جنيهًا سودانيًا ممّا سبب بعض المشكلات الاجتماعية، لدى الكثير من المسلمين الذين لا يقتنعون بالزيادة الأخيرة، فمنهم من أصر على العقد بالجنيهين، وتزوج بها ومنهم من تزوج بالخمسين جنيهًا، وقد اعتبر من تزوج بالجنيهين زواجه باطلاً، يدخل في حرمة الزنى وكل ذلك مرّد تفسيره لاعتبارات انخفاض القيمة للجنيه السوداني في الآونة الأخيرة، فكما تعلمون أن العملات قابلة للانخفاض والارتفاع، على حسب الحالة الاقتصادية لدى الدول، بماذا تنصحون وترشدون أولئك المأذونين الذين يصرّون على دفع الخمسين جنيهًا؛ ليتم على

أيديهم العقد الصحيح، كما يقولون وإلاّ إنهم سوف لم يتحمّلوا تنفيذ إجراءات العقد وقد فعل بعضهم وامتنع بالفعل، ثم ماذا يا صاحب السماحة عن الزواج بالفاتحة أو بشيء من القرآن في زماننا هذا، هل يجوز أم لا؟ أجيبونا أثابكم الله؟ (¬1) ج: ليس للمهر حد محدود في الشرع، بل يجوز أن يكون قليلاً وكثيرًا؛ لأن الله قال: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} ولم يحدد، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يحدد؛ ولهذا ذهب جمهور أهل العلم أنه لا حد لأقله ولا حدّ لأكثره. فما تراضى عليه الزوجان وولي الزوجة كفى ولو قليلاً، وإذا حدّد المهر في قبيلة أو طائفة من الناس أو في قرية من القرى فينبغي للزوج أن يلتزم بذلك حتى لا تقع المنازعات والخصومات، وإذا سامحته بعد ذلك زوجته، وأسقطت عنه بعض المهر فلا بأس؛ لأن الله يقول سبحانه: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} فيلتزم بما قرره جماعته حتى لا يقع النزاع بينه وبينهم، ويتفق معها أو مع وليه، أنهم ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (117).

سيسامحونه فيما يشق عليه في المستقبل، فإن لم يتيسر ذلك أعانه الله، هذا طريق ينبغي فيه الصبر والتحمل لما فيه من العفة للفرج وإحصانه وغضّ البصر والتسبب في وجود الذرية الصالحة، ينبغي له أن يتحمل لو اتفقوا على مهر قليل، صح النكاح ولم يبطل النكاح ولو خالف المقرر؛ لكن لا ينبغي أن يخالف المقرر؛ لأنه يحصل في ذلك تشويش ونزاع بينه وبين جماعته، وربما أفضى إلى شر كثير، فينبغي أن يلتزم ثم يطلب من زوجته المسامحة بعد ذلك أو وليها أو من كليهما أن يسامحوه أو يساعدوه فيما شق عليه من ذلك وهذا شيء بينهم داخلي، لا يتعلق بالخارج، بل الخارج إنما هو الالتزام بالمهر المقرر، حتى لا تقع المنازعات والخصومات والأذى، وفي إمكانه بعد ذلك أن يقبل من زوجته وأهلها ما سمحوا عنه.

بيان ما يجوز للأب أخذه من مهر بنته

166 - بيان ما يجوز للأب أخذه من مهر بنته س: عندنا المهر في سوريا مائة وخمسون ألف ليرة سورية، وأغلب الرجال لا يوجد عندهم نصف هذا المهر، والأب يأخذ المهر من ابنته إجباريا هل هذا حرام أم حلال؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (58).

ج: يجب على الآباء وعلى جميع الأولياء، أن يتّقوا الله وأن يحرصوا على تزويج بناتهم، بما يسر الله من المهر وليس لهم أن يشدّدوا في ذلك، بل عليهم أن يقبلوا القليل، القليل، إذا رضيت به البنت، فإن تزويجها ولو بالقليل خير من بقائها، ولا يجوز لهم الاعتراض عليها، إذا سمحت، ولا أكل صداقها بغير حق، وهي في حاجة إليه، إنما يجوز للأب أخذ الفضل، أما الحاجة التي تحتاجها البنت، فهي مقدمة وليس لبقية الأولياء أن يأخذوا منه شيئًا، إلا بإذنها، إذا كانت رشيدة، المقصود من هذا أن الواجب على الآباء، وعلى جميع الأولياء النظر في مصلحة البنات، والعناية بتزويجهن ولو بمهرٍ قليل، ولو بدرهمٍ واحد، ولو بدرهمين، المقصود عفّتها وسلامتها، والحرص على ستر عرضها مع ما يسّر الله في ذلك من الخير العظيم، والتسبب في وجود الذّريّة، وعفة الرجال والنساء جميعًا، فالواجب على الأولياء أن يساعدوا في هذا، وألاّ يهلكهم الطمع، في المال حتى يمنعوا مولياتهم من الزواج، كل هذا خطرٌ عظيم، وهذه نصيحتي لجميع الأولياء في أي مكان، في المملكة العربية السعودية، أو في حلب أو في أي مكان من أرض الله، نصيحتي لهم جميعًا أن يتّقوا الله، وأن يزوّجوا بناتهم وأخواتهم، ومولياتهم بما يسر الله من المهر، ولو كان قليلاً، وأن يحرصوا على الطّيب

صاحب الدين ونصيحتي أيضًا للبنات وجميع النساء أن يرضين بالقليل في سبيل العفّة، واختيار الزوج الصالح ولا يهمهم المال، فالمال أمره سهل إذا يسر الله الزواج جاء المال، فينبغي للمؤمن أن يحذر ما حرم الله عليه، وأن يحرص على ما شرع الله له، كما قال عز وجل: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} فبين سبحانه أن النكاح من أسباب الغنى، وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «ثلاثة حق على الله عونهم، منهم المتزوج يريد العفاف» (¬1) أو كما قال عليه الصلاة والسلام، المقصود أن النساء والرجال في حاجة إلى التشجيع على الزواج، وفي حاجة إلى الإعانة، وفي حاجة إلى تخفيف المهور، وفي حاجة إلى تخفيف الولائم وتقليلها، كل هذا من أسباب تيسير الزواج للجميع، فنسأل الله أن يوفّق الأولياء والنساء جميعًا، لما فيه صلاح الجميع، ولما فيه مساعدة الجميع، وأن يعيذ الأولياء من ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب فضائل الجهاد، باب ما جاء في المجاهد والناكح والمكاتب وعون الله إياهم، برقم (1655)، والنسائي في كتاب النكاح، باب معونة الله الناكح الذي يريد العفاف، برقم (3218).

الطمع، ويعيذ النساء من الطمع أيضًا، والتأسي بمن لا يبالي بهذه الأمور، فإن القدوة بأهل الشر لا خير فيها، وإنما القدوة بأهل الخير والاستقامة، والعفة وإيثار الآخرة، رزق الله الجميع التوفيق.

حكم مقاطعة من يغالي في المهور

167 - حكم مقاطعة من يغالي في المهور س: يسأل المستمع ويقول: لدينا قبيلة هداهم الله، لا زالوا على بعض العادات، وقد وضعوا طريقة للمهر وشروطًا، فمن الناس من رفض ذلك، فهجرناهم، وقررنا أن نهجرهم وأن نقاطعهم، ولا نحضر احتفالاتهم أو المناسبات التي يقيمونها، وكان فيهم أقرباء لنا وجيران فما رأي سماحتكم؟ (¬1) ج: لا يجوز هجرهم ولا مقاطعتهم، ولكن ينصحون، إذا قرّروا المهور لبناتهم، لبنته بكذا، وأخته بكذا، ينصحون بالتخفيف، أمّا هجرهم، فإنّ لهم شبهة، لا تسمى معصية، لا يهجرون، بل ينصحون ويوجّهون إلى الخير، ويَتَعاون معهم على الخير والبر، بالكلام الطيب والأسلوب الحسن مع الرجل، ومع المرأة ومع أمها، ومع أبيها، وعمّها ونحو ذلك، من باب التناصح، والتواصي بالحق هكذا ينبغى. أمّا الهجران والمقاطعة فلا وجه لهذا؛ لأنّ لهم شبهة، قد تكون لهم ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط، رقم (384).

أسباب، قد يكونون شرطوا أشياء يحتاجونها، ولا يمكنه الزّواج إلا بها، لكن إذا كان هناك أمور زائدة وتكلف زائد، فينصحون من باب النصيحة، ومن باب التّعاون على البر والتقوى، ومن باب التواصي بالحق، لا من باب الهجر والشدة.

حكم اشتراط دفع مال معين للمرأة عند الطلاق

168 - حكم اشتراط دفع مال معين للمرأة عند الطلاق س: إن بعض الآباء حينما يزوّج ابنته، يشترط على الزوج إذا طلق ابنته بعد الزواج أن يدفع مبلغ مائة ألف ريال مثلا، هل هذا يجوز أم لا؟ علمًا بأن زوجها الذي يطلقها لم يؤد واجبًا نحو هذا الزواج، أفيدوني جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: - لم يثبت في الشرع المطهر تحديد للمهور، بل ما تراضى عليه الزّوجان، أو الزوج وولي المرأة فلا بأس، قلّ أو كَثُر، ولكن دلت السنة في أحاديث كثيرة على شرعية التّقليل من المهور، وعدم التكلف والمغالاة، هذا هو السُّنَّة، لما في ذلك من تشجيع الزواج، وإعفاف الشباب والفتيات وتسهيل هذا الأمر الشرعي، فالمغالاة من أسباب تعطيل الرجال والنساء جميعًا، لا من جهة المهور ولا من ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (5).

جهة الولائم، والتساهل في المهور والولائم والتخفيف في ذلك والتيسير في ذلك هو الذي ينبغي وهو من أعظم الأسباب في تكثير النكاح وتقليل السفاح، ومن أعظم الأسباب لعفة الرجال والنساء، ومن أعظم الأسباب لكثرة الأمة، فينبغي لكل مسلم أن يعتني بهذا، وأن يحرص على التخفيف والتيسير في المهور والولائم مهما أمكن ذلك، وإذا اتفق الزّوجان على مهر معين، ولو كان كثيرًا لزم، على حسب الشروط؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج» (¬1) متفق عليه، فإذا شرط عليه مالاً معينًا يدفعه عند الطلاق ودخل على ذلك لزم، فإذا زوّجه على أن يدفع لها أولاً -مثلاً- خمسة آلاف، وعند الطلاق عشرة آلاف أو عشرين ألفًا، أو أكثر أو أقل فإنه يلزم، فيكون المال المعين الأخير مؤجلاً إلى الطلاق، ويلزم الزوج إذا طلق أن يؤديه إلا إذا سمحت المرأة الرشيدة بذلك أعفته من ذلك فلا بأس؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} فإذا سمحت وعفت، وطابت نفسها بشيء من المهر فلا بأس لقول الله عز وجل: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} ¬

(¬1) أخرجه البخاري، في كتاب الشروط، باب الشروط في المهر عند عقد النكاح برقم (2572)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الوفاء بالشروط في كتاب النكاح، برقم (1418).

فالمقصود أن الشروط التي تكون بين الزوجين في النكاح معتبرة ولازمة إذا كانت موافقة للشرع المطهر، ومن ذلك شرط المهر المعين، المعجل والمؤجل، هذا هو الصواب.

توجيه في حل مشكلة العنوسة

169 - توجيه في حل مشكلة العنوسة س: تقول الصحف إن البيوت امتلأت بالعوانس، فما توجيهكم سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: هذا ليس ببعيد، النساء كثيرات والشباب كثير، لكن الزواج قليل لأسباب كثيرة، منها أن البنت قد تقول: أصبر حتى أتخرج من الجامعة، والشاب قد يقول كذلك، وقد يكون عنده فقر وعجز عن مؤونة الزواج، قد يكون مبتلى بأشياء أخرى تمنعه من الزواج، فينبغي في مثل هذا التعاون والتكاتف، على تسهيل الزواج. أولاً: بالنصيحة للشباب، والفتيات بعدم التّشدد. ثانيًا: بتسهيل المهور وعدم التّكلف في المهور. ثالثًا: عدم التكلف في الولائم، والفتى ينبغي له أن يبادر بالزواج، ولو ما عنده فلّة، ولو أنه لا زال في طلب العلم، يستعين بالله ويستأجر ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (134).

البيت، ولا يتكلف ولو استدان بعض الدين، كل هذا ينبغي فيه التسهيل، وينبغي لوالدي البنت أن يعيناها وأن يسهلا حاجاتها، وألاّ يتكلفا في طلب المهر، ولا في مسألة الاحتفالات في الزواج والولائم، ينبغي في هذا الاختصار والتعاون في هذا الأمر حتى يتيسر الزواج، لهذا وهذا للفتى والفتاة، نسأل الله للجميع الهداية.

س: سماحة الشيخ لعل المستمع ينتظر كلمة من سماحتكم حول تيسير أمر الزواج؟ (¬1) ج: على من التزم الوفاء بما التزم به، لكن نوصي الجميع بالتسهيل في المهور، وعدم التّكلف ينبغي للمؤمن أن لا يتكلف: أبو المرأة وأخوها، كذلك أمها، ينبغي لهم التسامح في الأمور، وعدم التّشديد وأن تكون المهور على حسب حال الزّوج لا يكلف ما لا يطيق، بل ينبغي التخفيف والتيسير في المهور وفي الولائم أيضًا. ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (270).

حكم الدخول على الزوجة قبل دفع المهر

170 - حكم الدخول على الزوجة قبل دفع المهر س: قرأت أحد كتب الأحاديث، عن النبي عليه الصلاة والسلام حديثين: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لما تزوج علي فاطمة

رضي الله عنها أراد أن يدخل بها، فمنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى يعطيها شيئًا، فقال: ليس لي شيء، فقال عليه الصلاة والسلام: أعطها درعك، فأعطاها درعه ثم دخل بها» (¬1) أخرجه أبو داود والنسائي. أمّا الحديث الآخر وهو عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أدخل امرأة على زوجها، قبل أن يعطيها شيئًا» (¬2) أخرجه أبو داود، وقد وجدت ببصيرتي الضيقة اختلافًا أو تناقضًا بين هذين الحديثين من حيث المعنى والمغزى والنتيجة، رغم أن الإخراج قوي، فلو سمحتم لي يا سماحة الشيخ ونورتموني، وشرحتم لي هذين الحديثين جيدًا جزاكم الله خيرًا. (¬3) ج: الأولى والأفضل أن يقدم للزوجة مهرها، وما تم بينهما، فإن سمحت وأجّلت عليه، فلا حرج وقصة فاطمة رضي الله عنها، ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب في الرجل يدخل بامرأته قبل أن ينقدها شيئًا، برقم (2126). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب في الرجل يدخل بامرأته قبل أن ينقدها شيئًا، برقم (2128). (¬3) السؤال العاشر من الشريط رقم (309).

لعلها أبت أن يدخل عليها حتى يعطيها شيئًا، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وأمر عليًا أن يعطيها الدرع، ثم دخل عليها، فلعل السبب أن فاطمة أرادت ذلك، وطلبت ذلك، وهذا حقّ لها فلهذا أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسلمها إياه، يعني الدرع، أما المرأة الأخرى فهي قد رضيت فلا حرج، والمقصود أن المهر حق المرأة، فإذا طلبته وهو معجل ليس بمؤجل، فإنه يلزمه أن يسلمها إياه، ولا يلزمها أن تسلم نفسها حتى يعطيها مهرها، الذي شرطته أو شرطه وليها برضاها، أما إذا كان المهر مؤجلاً، أو سمحت أن تؤجله، وأن تؤخره عليه فالحقّ لها ولا حرج، فحديث قصة فاطمة محمول على أن فاطمة رضي الله عنها لم ترض، إلا بتقديم الدرع، أو أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أن تقديم الدرع لا بد منه؛ لأسباب اقتضت ذلك، والنصوص لا يخالف بعضها بعضًا ولا ينقض بعضها بعضًا، بل هي متوافقة، يفسر بعضها بعضًا، وينسخ بعضها بعضًا، وهذا هو التوفيق بين النصوص، أن المرأة إذا شرطت مهرها أن يقدم لها، فإنه يقدم، وهكذا لو شرطت بعضه يقدم، وما رضيت أنه يؤخر، يؤخر الباقي ولا حرج، حتى ولو كانت شرطت أنه يقدم، إذا سمحت وأجلته عليه، أو أسقطته عنه، فلا حرج إذا

كانت رشيدة، لها أن تسقطه بالكلية، قال الله جل وعلا في كتابه الكريم: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} إذا طابت نفسها بشيء من المهر، أو به كله فلا بأس على الزوج أن يأكله، هنيئًا مريئًا، إذا كانت رشيدة، فهذا الشيء يرجع إلى المرأة، وأوليائها، ينظرون في الموضوع فإذا رأت المرأة الرشيدة أو أولياؤها تقديم المهر قدم، وإذا رأوا تأجيله أجل، وإذا رأوا تأجيل بعضه وتعجيل بعضه فلا بأس.

بيان أن المهر ملك للمرأة

171 - بيان أن المهر ملك للمرأة س: م. ع. د من الرياض يسأل عن الطريقة الصحيحة لدفع المهور ويقول: هل مهر البنت يؤخذ لتأثيث بيت الزوجية، أو كيف يكون الحال له؟ (¬1) ج: المهر لها، تتصرف فيه على حسب ما تشاء،، ليس لتأثيث البيت، المهر لها تحفظه، أو تجعله في سكن أو منزل أو سيارة، أو في أي شيء أو تتصدق به إذا كانت رشيدة فهو مالها، أما تأثيث ¬

(¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (332).

البيت فهو على الزوج هو الذي يؤثث البيت، وإذا سمحت مشاركته في التأثيث بمهرها أو ببعضه فلا بأس. قال سبحانه وتعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} إذا طابت نفسها بشيء وهي رشيدة فلا بأس، سواء كان المهر كله أو بعضه، أما الأصل فإنه ملكها تتصرف به كيف شاءت بما يبيحه الشرع وليس له الاعتراض عليها في حالها إذا كانت رشيدة والتأثيث للبيت على الزوج.

حكم جعل المهر من الأعيان

172 - حكم جعل المهر من الأعيان س: الأخ أ. ع. أ. ع. من جمهورية مصر العربية يسأل ويقول: تزوجت فتاة ولم أدفع لها أي مهر على شكل نقود أو ذهب، وذلك برضى الطرفين على الرغم من أنني قادر حيث قمت بتأثيث منزل الزوجية، فهل أنقصتها حقًا من حقوقها؟ وإن كنت كذلك فهل أستطيع الآن أن أرد لها بعض الشيء، أم إلى أهلها؟ جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: الواجب أن تعطي الزوجة شيئًا من المال، ولو قليلاً إذا ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (240).

رضيت بذلك، سواءً كان نقدًا، أو متاعًا، كالملابس أو حلي من الذهب والفضة، وهذا كاف فإن كنت لم تعطها شيئًا بالكلية، فإنك تعطيها مهر المثل، المهر الذي يعطى أمثالها، إلا أن تسمح عنك، فإذا سمحت فلا حرج عليك، والحمد لله، الله جل وعلا قال: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} فالزوج يسلم بعض المال فيتفق مع الزوجة على بعض المال، أو مع وليها أو يعطيهم ما تيسر، وإذا رضوا بذلك كفى، فإذا كنت أعطيتها شيئًا من المال الذي هو غير النقود، من حلي أو ملابس، أو أثثت المنزل لها، هذا المال لها، عطاءً لها، هذا الأثاث يكون ملكًا لها، يكون مهرًا لها ولا حرج في ذلك والحمد لله، أما إذا كنت ما أعطيتها شيئًا بالكلية فإن سمحت عنك وأسقطت عنك المهر، فلا حرج وإذا طلبت شيئًا فأعطها ما يرضيها والحمد لله.

حكم التصرف في مصاغ الزوجة بغير إذنها

173 - حكم التصرف في مصاغ الزوجة بغير إذنها س: هل يجوز لوالدي خصم مصوغات زوجتي، سدادًا في مصاريف زواجي؟ (¬1) ج: ليس له ذلك؛ لأن حليها لها، ومصاغها لها، فليس لأبيه أن ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (5).

يأخذها؛ لأنها قد ملكتها، إذا كانت قد أعطيتها إياها، أو اشتريتها من المهر، فليس لأبيك ولا لك أن تأخذها، حتى أنت؛ لأنها ملكتها، أخذتها بموجب الزواج أو اشترتها من المهر.

بيان المقصود بصداق المرأة

174 - بيان المقصود بصداق المرأة س: ما المراد بصداق المرأة، هل هو الأشياء التي يشترى منها مثلاً حلي وتجهيز الأواني وملابس وغيره، أم أن الصداق يسلم في يدها، ويشتري الزوج الحلي وخلافه من نقود أخرى؟ (¬1) ج: الصداق يتنوّع، كل ما يدفع لها في مقابل استحلال فرجها هو المهر، هو كل شيء يدفع لها، ويشترط على الزوج في مقابل عقد النكاح فهو مهرها، سواء كان نقودًا أو حليًا أو فُرُشًا أو غير ذلك، كل ما يدفع لها من المال سواء كان نقدًا أو غيره كل ما يدفع لها من المال سواء كان نقدًا أو غيره يعتبر مهرًا، إذا كان شرطًا في النكاح، أما إذا كان بعد النكاح من باب التبرع، من باب المساعدة، لكن ما كان شرطًا في النكاح يتفقان عليه في موافقتها ورضاها بالعقد فهذا هو المهر، ولا يختص بالنقود، بل يدخل فيه ما يشرط من غير النقود مثل الملابس ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (5).

مثل الحلي ومثل الذهب والفضة أو غير ذلك، مثل ما يسمونه الآن غرفة النوم، إلى غير ذلك.

س: بالنسبة لحلي المرأة وملابسها هل تكون من مهرها أو من الزوج؟ (¬1) ج: على حسب ما اصطلحا عليه إن أعطاها مع الدراهم حليًّا كذلك وإلا فلا يلزمه إلا ما اتفقوا عليه، الشيء الذي اتفقوا عليه يكفي، فإذا اتفق مع وليها أو معها على حلي معينة، يفي لها بما شرط؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج» (¬2)، وفي الحديث الآخر: «المسلمون على شروطهم» (¬3) فإذا اتفق معها أو مع وليها على دراهم معلومة، أو على حلي معلومة، فهم على اتّفاقهم، ويلزمه ما اتفقوا عليه. لأنه لم يستحل فرجها إلاّ بذلك، فعليه أن يؤدي ما اتّفقا عليه. أما إذا دفع إليهم دراهم معينة، ورضوا بها فليس عليه سواها والعرف متّبع فإذا كان بين أهل قبيلة أو أهل بلد عُرف في المهور ¬

(¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (332). (¬2) أخرجه البخاري، في كتاب الشروط، باب الشروط في المهر عند عقد النكاح برقم (2572)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الوفاء بالشروط في كتاب النكاح، برقم (1418). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب الأقضية، باب في الصلح، برقم (3594).

فعلى الزوج اللجوء إليه عرفًا، شائعًا معروفًا، فعلى الزوج الوليمة أو بعمل الدخول أو غير ذلك الشيء المتعارف عليه، إذا كان جائزًا شرعًا، ليس بمحرم، إذا كان عرفًا جائزًا ليس بمحذور، فلا بأس فيه يتابعهم عليه ويرضى به.

حكم قبض الصداق عند العقد

175 - حكم قبض الصداق عند العقد س: هل يجب أن يقبض صداق المرأة عند تسميته أو عند العقد، أم تكفي تسميته ويجوز تأجيله إلى وقت لاحق، بعد الزواج جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: هذه المسألة ترجع إلى الاتفاق بين الزوجين أو الزوج وولي المرأة، إذا اتفقا على شيء فلا بأس، تأجيل أو تعجيل، تأجيل بعض أو تعجيل بعض، كل ذلك واسع والحمد لله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون على شروطهم» (¬2) ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج» (¬3) فإذا اتفقا على أن ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (298). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الأقضية، باب في الصلح، برقم (3594). (¬3) أخرجه البخاري، في كتاب الشروط، باب الشروط في المهر عند عقد النكاح برقم (2572)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الوفاء بالشروط في كتاب النكاح، برقم (1418).

المهر يقدم، أو أنه يؤخّر، أو يقدم بعض ويؤخر بعض، كل ذلك لا بأس به لكن السنّة، أن يسمَّى شيء عند العقد؛ لقوله تعالى: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} فيسمي الزوج شيئًا من المهر، فإن سمى شيئًا فهو حق، وإن قال: على مهر مؤجل، ويسم له لا بأس، المؤجل كذا أو نصفه أو ثلثه أو ربعه، أو قليل المؤجل والمعجل لا بأس به، كله واسع، والحمد لله.

حكم العمل بما تعارف عليه أهل البلد في المهور

176 - حكم العمل بما تعارف عليه أهل البلد في المهور س: السائل س. م، مصري، يقول: يوجد عندنا في القرية إذا تزوج الشاب بفتاة، أو شرع في الزواج منها، فيخير بين أمرين وهما: أولاً: أن يدفع لوالد العروس مهرًا، وفي هذه الحالة يقوم والد العروس بتجهيز المنزل المُعدّ للزواج. ثانيًا: أن يقوم الشابّ بتجهيز المنزل، وفي هذه الحالة لا يدفع لوالد العروس شيئًا من المال، علمًا بأن الزوج هو الذي يقوم ببناء البيت، فأيهما أفضل سماحة الشيخ من جهة الشرع، هل هو دفع المهر، أم تجهيز المنزل؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (396).

ج: الأمر في هذا واسع والحمد لله، الله يقول: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} فإذا تراضى الزوج والمرأة وأبوها على شيء، تجهيز المنزل، أو تسليم الدار نقودًا، أو نقود وتجهيز أو غير ذلك، فلا بأس، الأمر إليهم. المهم أن يبذل مالاً ترضى به المرأة، ولا بأس، سواء قليل أو كثير، النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: «التمس ولو خاتمًا من حديد» (¬1) والله تعالى يقول: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} والمال يعم القليل والكثير، فإذا تراضوا على شيء من تجهيز منزل أو تسليم نقود، أو نقود وتجهيز، أو غير هذا من وجوه المصالحة بينهما، فالأمر واسع في هذا والحمد لله. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب السلطان ولي، برقم (5135)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم القرآن وخاتم من حديد ..... برقم (1425).

حكم تعجيل بعض المهر وتأجيل بعضه

177 - حكم تعجيل بعض المهر وتأجيل بعضه س: إذا دفع الرجل جزءًا بسيطًا من المهر، وسيدفع الباقي فيما بعد، هل تكون المرأة زوجة له، وهل له الحق في الدخول عليها، أم لا بد من دفع المهر كاملاً قبل الدخول عليها، وهل هناك شيء يدفعه الزوج، لوالد الفتاة أقصد شيئًا غير مهر الزوجة، يكون لا بد

من دفعه لوالد الفتاة، أم أن ذلك أمر اختياري؟ (¬1) ج: المهر لا بأس به أن يعجل، ولا بأس أن يؤخّر، ولا بأس أن يعجل بعضه ويؤخر بعضه، فليس من شرط النّكاح تقديم المهر، فإذا تزوجها على مبلغ معلوم، يسلمه لها بعد شهر، بعد شهرين أو سنة أو سنتين أو عند الطلاق، فلا بأس بذلك وإن تزوجها على أن يقدّم لها ألفًا أو ألفين أو أكثر أو أقل والباقي يكون عند الطلاق، أو وقت آخر معلوم فلا بأس بذلك، كله لا حرج فيه والحمد لله، أما والدها وإخوتها فليس لهم شيء من المهر، كله للمرأة، لكن لو تبرّع لوالدها أو لإخوتها بشيء فلا بأس، أمّا المهر المشروط في النّكاح فهو للمرأة، ولوالدها أن يشرط شيئًا لنفسه، لا حرج في ذلك إذا التزم به الزوج ليعطيه إيّاه، وأما بقية الأولياء فليس لهم حقّ في ذلك، إلاّ أن تعطيه البنت شيئًا من ذلك، وهي مرشدة باختيارها فلا بأس. ¬

(¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (177).

حكم اشتراط غير الأب مالا غير الصداق

178 - حكم اشتراط غير الأب مالا غير الصداق س: مجموعة من الإخوة سألوا هذا السؤال: لدى أهل قريتنا عادة، وهي: إذا زوج الرجل موليته لرجل من خارج القرية، أخذ أهل

القرية من ولي المخطوبة مبلغًا معينًا يسمونه مكسرًا، فما حكم ما يفعلون؟ جزاكم الله خيرا؟ (¬1) (¬2) ج: ليس لهم أن يلزموه بذلك، ليس لهم أن يلزموا ولي المرأة بمكسر ولا غيره بل مهرها لها، وليس لوليها إلا الأب، فله أن يأخذ منه ما لا يضرها، الأب له أن يأخذ من مال ابنته ما لا يضرها، أما بقية الأولياء فليس لهم حق في المهر، بل المهر كله للمرأة، وليس له أن يعطي القبيلة منه شيئًا، سواءً سمي مكسرًا، أو غير ذلك، لكن إذا سمحت المرأة بذلك لمصلحة شرعية، لأهل بلدها أن يأخذوا من مهرها ما اعتادوه، لمصلحة الفقراء، أو لمصالح أخرى لمصلحة القرية ورضيت بذلك وهي رشيدة، فلا حرج في ذلك، أما أن يؤخذ من مهرها بغير رضاها، أو يؤخذ من مهرها شيء وهي غير رشيدة، صغيرة أو ليست بثابتة العقل، فلا بد أن تكون رشيدة، عندها عقل عندها رشد، تحسن التصرف في مالها، فإذا سمحت بشيء من مهرها لمصلحة القبيلة، التي رآها قومها، فلا بأس، أو مصلحة الفقراء، أو غير هذا من الأمور الشرعية المباحة. ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (240). (¬2) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (240). ') ">

س: الأخ ع. م، من مكة المكرمة، يسأل ويقول: رجل زوج موليته، على رجل من قبيلة أخرى، وعند الزواج طلب منه مبلغًا من المال، يساوي ثمانية آلاف ريال، غير المهر، ليدفعه ولي الزوجة إلى قبيلته بحكم العادة، حيث إن الذي تزوج ليس من القبيلة نفسها فهم يأخذون مثل هذا المبلغ على كل من يزوج موليته خارج القبيلة، ويضعونه في صندوق القبيلة للطوارئ وسؤالي هو: هل هذا جائز، أم هو من قبيل المكس المحرم في الشرع؟ وبماذا تنصحون الناس؟ جزاكم الله خيرًا؟ ج: هذا العمل لا يجوز، فلا يجوز أن يلزموا الخاطب من غير قبيلتهم، أن يدفع للقبيلة ثمانية الآف أو أكثر أو أقل؛ لأن هذا يسبب تعطيل النساء، ولأنه أخذ مال بغير حق، المهر للمرأة، ليس للقبيلة. فلا يجوز تعاطي هذا العمل، بل هو منكر، فيجب تعطيله، ويجب على ولي الأمر في البلد التي فيها هذا، أن يعطل ذلك.، فإذا أرادوا أن ينفعوا أنفسهم فليتصرفوا بأموالهم، لما يقع بينهم من الحوادث من أموالهم. أما أن يأخذوا من أموال الناس، الذين يخطبون بناتهم

من غير القبيلة، فهذا غلط، وتنفير من الزواج، وتعطيل للنساء فالواجب منع ذلك منعًا باتًا. والله المستعان.

بيان مهر من مات عنها زوجها ولم يفرض لها مهرا

179 - بيان مهر من مات عنها زوجها ولم يفرض لها مهرًا س: التي توفي عنها زوجها ولم يفرض لها زوجها مهرًا ولم يدخل بها، فهل لها مهر المثل أم نصف مهر المثل، أم المتعة وفقكم الله؟ (¬1) ج: التي مات عنها زوجها، ولم يعين لها مهرًا ولم يدخل بها، لها مهر المثل، كما ثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه سئل عن مثل هذه المسألة، فأفتى بأن لها مهر نسائها لا وكس ولا شطط، وعليها العدة ولها الميراث، ثبت هذا من حديث معقل بن سنان الأشجعي، فيه أن امرأة يقال لها بروع بنت واشق، توفي عنها زوجها ولم يفرض لها مهرًا ولم يدخل بها فقضى النبي فيها عليه الصلاة والسلام بأنها تعطى مهر نسائها لا وكس ولا شطط وعليها العدة ولها الميراث. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (19).

بيان مهر المطلقة قبل الدخول والخلوة

180 - بيان مهر المطلقة قبل الدخول والخلوة س: يقول السائل رجل عقد على امرأة، ودفع كامل مهرها وطلّقها قبل الدخول، هل له أن يسترد كامل المهر، وإذا استرده هل يكون آثمًا؟ (¬1) ج: قد بين الله عز وجل في كتابه العظيم، أن الزوج إذا طلق زوجته قبل الدخول، فله النصف وليس له الجميع، قال تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} فالزوج له النصف، والزوجة لها النصف إذا طلّقها قبل المسيس، يعني قبل الدخول بها، قبل وطئها وقبل الخلوة بها، الخلوة ملحقة بالوطء كما أفتى بذلك الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم؛ لأنها مظنة المسيس، فإذا طلقها قبل الدخول والخلوة، فله النصف وإن طلّقها بعد الدخول بها، أو الخلوة بها فليس له شيء، المهر لها كاملاً، وهكذا ما يتبع المهر من الهدايا، التي من أجل النكاح، أو ما تعطاه المرأة ليلة الدخول بها، ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (249).

تبع النكاح حسب العادة المتبعة هو تبع المهر، أمّا إذا اختلفا وتنازعا وطلبت الطلاق، واصطلحا على شيء فلا بأس، وهنا يسمى خلعًا، إذا طلبت الطلاق أو اتفق معها على طلاق، على نصف المهر أو على ثلث المهر أو على أقل أو أكثر أو على أن تعطيه المال كله ويطلقها، هذا لا بأس به وهنا يسمى الخلع، المقصود أن الطلاق قبل الدخول والخلوة يكون المهر مناصفة، إذا كان مسمى، أمَّا إن كان ما سمَّى لها شيئًا، فإنما يكون لها متعة، يعطيها متعة ما يسَّر الله من كسوة، أو نقود يعطيها ويمتعها متاعًا فقط، كما قال سبحانه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا} وقال سبحانه تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} فإذا طلقها ولم يسمِ لها مهرًا قبل الدخول والخلوة، فإنه يعطيها متعة فقط ليس لها مهر، متعة للآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً}

هذه الآية في سورة الأحزاب، تبيّن لنا أن المطلقة قبل الدخول، وهكذا الخلوة إذا كانت ما سُمي لها مهر، لها المتعة أمَّا إذا سُمِّيَ لها المهر، فإنها تُعطى النصف كما في آية قوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} إذا أعطاها النصف ومتعها بكسوة، أو بدراهم أخرى، أو بشيء مما ينفعها، هذا من الإحسان، من المعروف، ويروى أن الحسن بن علي رضي الله عنه وعن أبيه، طلق زوجتين من زوجاته، وبعث إليهما متاعًا قدره عشرة آلاف لكل واحدة، فإحداهما أخذته وقالت: جزاه الله خيرًا وسكتت، والثانية قالت: متاع قليلٌ من حبيب مفارق، فلما بلغه كلامها عطف عليها وراجعها رحمه الله ورضي الله عنه، فالمقصود أن المتاع فيه خير، وفيه جبر للمصيبة؛ لأنَّ الطلاق مصيبة، فإذا جبرها مع النصف بمعروف، أو أعطاها المهر كله ولم يأخذ شيئًا جبرًا لها، أو أخذ النصف ولكن أعطاها المتاع: كسوة أو دراهم أخرى، أو بيتًا أو أرضًا أو خادمًا، إذا كان موجودًا رقيقًا، أعطاها خادمة مملوكة كل

هذا من المتاع الحسن، ومن مكارم الأخلاق.

بيان ما يلزم من المهر لمن طلق قبل الدخول وبعد الخلوة

181 - بيان ما يلزم من المهر لمن طلق قبل الدخول وبعد الخلوة س: رجل طلق قبل الدخول بزوجته، وبعد الخلوة فهل له أن يسترد المهر؟ (¬1) (¬2) ج: إذا طلق بعد الخلوة الكاملة، إذا أغلق الباب وتمكن من جماعها، فإنها لا تردّ عليه شيئًا، إذا طلق يكون لها المهر كاملاً؛ لأن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم، قضوا بأن الخلوة بمنزلة المسيس فليس له شيء وعليها العدة، أمّا إذا كانت الخلوة بمحل مكشوف، ومحل ليس مانعًا من الدخول عليه، فإنها لا تسمى خلوة ويكون له النصف؛ إذا طلقها يكون له النصف، لقوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} والخلوة التي لا يتمكن معها من الجماع؛ لأن الباب مفتوح أو مردود ردًّا، لم يغلق فهذه لا تمنع التنصيف، بل يبقى له النصف؛ لأنها خلوة، غير معتبرة وإذا كانت الخوة كاملة، لكنه لم يتمكن من الدخول لمرض ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (232). (¬2) السؤال السادس من الشريط رقم (232). ') ">

ونحوه، ليس له النصف، تنزل بمنزلة الجماع، يكون لها المهر كاملاً وعليها العدة. س: تقدم رجل لخطبة فتاة فوافق أهلها والمخطوبة أيضًا وتم عقد النكاح بالمحكمة وسيكون بعد فترة من الوقت، وسرعان ما جرى مشاكل من قبل الزوج فطلقها دون أن يصل إليها وقد علمنا بأنه ليس لها عدة غير أنه قد كان دفع مبلغًا من المال، والمبلغ قد أُخذ منه ذهبًا ومصارف وغير ذلك، هل يرد له المبلغ كله أم لا أم يرد نصف المبلغ جزاكم الله خيرًا. ج: إذا كان المذكور لم يدخل بها ولم يخلو بها خلوة كاملة حيث أغلق عليها الباب فإنه يرد عليه نصف المهر؛ لقول الله جل وعلا: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} من عفا منهم فلا بأس إن عفت هي سقط حقّها، وإن عفا هو سقط حقه، وإلاّ فعليها أن تردّ النصف مما وصل إليها منه، من ذهب وغيره وليس

عليها عدة، لقوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً}.

حكم أخذ الأب من مهر بناته

182 - حكم أخذ الأب من مهر بناته س: رسالة بتوقيع إحدى الأخوات أم الوليد تسأل تقول بأن أباها يأكل من مهر بناته إذا كان المهر كثيرًا، بينما قد يزوج بعض بناته بدون مهر أو بمهر رمزي، إذا كان الخاطب من أقربائه، ما هو توجيه سماحتكم؟ (¬1) ج: لا حرج عليه، الوالد له النظر في مهور بناته وله الأخذ منها، ما لم يضرهن فعليه مراعاة عدم الضرر في مهورهن؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» (¬2) أما كونه يأكل منها ينتفع بها لا حرج؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم، فقال رجل: يا رسول الله إن أبي ¬

(¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (331). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، برقم (2862).

اجتاح مالي قال: أنت ومالك لأبيك» (¬1) فله أن يأكل من مهرهنّ لكن ليس له أن يضرهنّ بل عليه أن يعطيهن ما لهن فيه ضرورة، شيء لا بد منه مع أزواجهن، يجب أن يعطيهن من المهر ما تدعو له الحاجة والضرورة وعليه أن يزوجهن بالمهور المعتادة التي يزوج أمثالهن بها، وإذا تسامح في بعض الشيء الذي لا يضر البنت فلا حرج، كما أن له أن يأخذ من مالها ما لا يضرها لكن لا يتسامح في شيء يضرها، بل عليه أن يعطيها من مهرها ما لا يضرها أي ما تحتاج إليه. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما برقم (6640).

حكم زواج الأب بمهر ابنته

183 - حكم زواج الأب بمهر ابنته س: هل يجوز للرجل أن يتزوج بمهر ابنته إن كان غنيًّا أو فقيرًا؟ (¬1) ج: لا حرج عليه؛ لأن الولد من كسبه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم، فقال رجل: يا رسول الله إن أبي اجتاح مالي، قال: أنت ومالك ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (39).

لأبيك» (¬1) فلا حرج للرجل إذا تزوج من مال بنته، أو من مهر بنته لا حرج عليه في ذلك، إذا كانت بنته غير محتاجة لهذا الشيء، أما إذا احتاجت، فإنه يبدأ بها يعطيها حاجتها، يزودها مما تتجمّل به النساء، يعطيها حاجتها من مهرها، والباقي لا بأس أن يأخذه، إن سمحت له بذلك كله، وهي رشيدة، فلا بأس بذلك، لكن إذا كانت غير رشيدة، أو لم تسمح، فإنه يعطيها حاجتها ويترك ما يضرها، والفاضل لا بأس أن يأخذه. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما برقم (6640).

س: سائل يقول: هل يجوز للشخص أن يتزوج من مهر أخته؟ (¬1) ج: إذا سمحت له أخته، إذا أعطته من مهرها، وهي مكلفة رشيدة، وأعطته من مهرها ما يتزوج به، فلا بأس هذا من باب التّعاون على البر والتقوى، من باب صلة الرحم، فإذا كانت أخته رشيدة، أو عمته رشيدة، أو خالته، وأعطته مالاً يتزوج به، هذا معروف وهذا من باب صلة الرحم ولا بأس. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (258).

حكم أخذ الأب مهر ابنته كاملا

184 - حكم أخذ الأب مهر ابنته كاملاً س: هل يجوز للأب أن يأخذ مهر البنت ولا يعطيها منه شيئًا نرجو من سماحة الشيخ التوجيه في ذلك مأجورين؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل إذا أخذه وجهزها بما يلزم لا بأس، أما يأخذه ولا يعطيها شيئًا لا يجوز، هذا يضرها، لكن له أن يأخذ شيئًا لا يضرها، الجهاز كثير، يجهزها منه بما يكفيها ويأخذ الزيادة، ليس فيه بأس، أو يأخذه ويجهزها من عنده بما يلزم، مثل أخذ المال وصرفه في جهة من الجهات ولكن جهزها من عنده بما يلزم لا بأس المقصود ليس له أن يأخذ ما يضرها، يأخذ شيئًا لا يضرها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» (¬2) أما الأخذ فدليله قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم» (¬3)، وفي لفظ آخر: «أنت ومالك لأبيك» (¬4) فله أن يأخذ من مال ولده لكن لا يضره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا ¬

(¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (358). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، برقم (2862). (¬3) سنن الترمذي الأحكام (1358)، سنن النسائي البيوع (4449)، سنن أبو داود البيوع (3528)، سنن ابن ماجه التجارات (2290)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 162)، سنن الدارمي البيوع (2537). (¬4) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما برقم (6640).

ضرر ولا ضرار» (¬1) ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، برقم (2862).

حكم أخذ الرجل من مهر موليته

185 - حكم أخذ الرجل من مهر موليته س: هل يصح أن آخذ جزءًا من مهر موليتي؟ (¬1) ج: ليس للمسلم أن يأخذ من مهر موليته شيئًا إلاّ الأب فقط، الأب له أن يأخذ من مال بنته، سواءٌ كانت ثيبًا، أو بكرًا، ما لا يضرها، أما الشيء الذي يضرها فلا يأخذ، لكن يأخذ من مالها الشيء الذي لا يضرها؛ لما جاء في الأحاديث الصحيحة، للدلالة على أن الأب له أن يأخذ من مال ولده مثل حديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أموال أولادكم من كسبكم» (¬2) أما أخوها أو عمها، أو ابن عمها، أو ولدها فليس له الأخذ من مال موليته إلاّ برضاها إن كانت رشيدة، إذا أعطته شيئًا وهي رشيدة مكلفة فلا بأس، أما أن يأخذ من مالها بغير إذنها فلا، أو إذا أعطاه الزوج شيئًا، هديةً من الزوج لا بأس. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (256). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما برقم (6640).

بيان بعض مضار التغالي في المهور

186 - بيان بعض مضار التغالي في المهور س: ما حكم أكل الوالد من مهر ابنته، والتّغالي في المهور من أجل الكسب المادي؟ (¬1) ج: هذا السؤال يشمل أمرين: أحدهما المغالاة، والثاني الأكل من المهر في حق الوالد، والأمران مختلفان في الحكم، أمّا المغالاة فتكره ولا تنبغي، بل ينبغي للمسلمين ألاّ يغالوا، بل ينبغي التسهيل كما جاءت بذلك الأحاديث والآثار. ومن الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم: «خير الصداق أيسره» (¬2) فينبغي للمؤمن أن لا يغالي، وينبغي لأهل المرأة ألاّ يغالوا، بل ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لمن خطب: «التمس ولو خاتمًا من حديد» (¬3) وزوجه لما لم يجد شيئًا على أن يعلّمها بعض القرآن، فينبغي ألاّ يغالي في المهور، والنبي صلى الله عليه وسلم، تزوج على خمسمائة، وزوج بناته على أربعمائة، فلو كان التغالي في المهور شرفًا وفضلاً كان أولى به النبي صلى الله عليه وسلم، ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (79). (¬2) أخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب النكاح، برقم (2741) جـ 1982. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب السلطان ولي، برقم (5135)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم القرآن وخاتم من حديد ..... برقم (1425).

وأصحابه، المقصود أن التغالي في المهور فيه مفاسد، وعواقب لا تحمد، فقد يعطّل الشباب، ويعطل النساء بأسباب التغالي ويترتب عليه همّ في النفوس وحقد في القلوب، على الزوجة وأهلها، بسبب المغالاة، وقد لا يقتصر على الزوج، بل قد يكون هذا في الزوج وفي أبيه وفي أهله، لما رأوا من تكلفه وتعبه، فالحاصل أنّ السنة والذي ينبغي للمؤمنين جميعًا رجالاً ونساءً ألاّ يغالوا، وأن يحرصوا على التسهيل، والتيسير حتى يتزوج النساء، وحتى لا يتعطل الشباب، أما ما يتعلق بأكل الوالد من المهر فالصواب أنه لا حرج في ذلك؛ لأن الأولاد تبع لآبائهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم، لرجل قال يا رسول الله إن أبي اجتاح مالي، قال: «أنت ومالك لأبيك» (¬1) وهو حديث لا بأس به، وقال أيضًا عليه الصلاة والسلام، في حديث عائشة: «إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم» (¬2) وكلاهما حديثان جيّدان لا بأس بهما، فالحاصل أن انتفاع الوالد من مهر ابنته، ليس فيه حرج ولكن يجب عليه أن يراعي حالها، وألاّ يضرها بل يبقي لها ما ينفعها عند زوجها، وما تسدّ به ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما برقم (6640). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما برقم (6640).

حاجتها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» (¬1) كون أولاده من كسبه لا يقتضي أن يضر بالولد، أو بالبنت بل عليه أن يراعي أحوالهما، فإذا كان أخْذُه من ولده يضره، ويضر أولاده وعائلته، لم يجز للوالد الإضرار به، وإنما يأخذ ما لا يضر، هكذا البنت إذا كان أخذه من مهرها يضرّها، أو يزهد الزوج فيها، أو يسبب طلاقها فلا يتعرض لذلك، وليتّق الله، ولكن يأخذ من مالها أو من مهرها، ما لا يترتب عليه مضرة عليها والله المستعان. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، برقم (2862).

حكم الزواج إذا لم يذكر المهر عند العقد

187 - حكم الزواج إذا لم يذكر المهر عند العقد س: يقول السائل عندي ثلاثة أولاد وعند أخي المتوفى ثلاث بنات وولدان وعندما توفي أخي زوجت أولادي ببناته بدون مهر ولا شيء على أساس أنه إذا كبر أولاده أزوجهم ببناتي وعندما كبرت بنتي زوجتها بشخص آخر ولم أُعطهم شيئًا، ما حكم ذلك؟ (¬1) ج: إن هذا الزواج صحيح والحمد لله وجزاك الله خيرًا؛ لأنك محسن وهذا من صلة الرحم، وليس عليك شيء في ذلك إلا أن لهن ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (234).

المهر، لبنات أخيك المهر على أولادك؛ لأنه لا بد من مهر لكن إذا سمحن عن ذلك بعد ذلك فلا حرج؛ لأن الله قال: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} فإذا سمحت البنات، عن المهر فلا حرج في ذلك بعد رشدهن وإلاّ فالواجب لهن المهر، أمّا أنت فإن زوجت بناتك على أولاده فقد أحسنت وإلا فليس بلازم، ثم أيضًا لا بد من رضاهن لا بد من رضا البنات فإذا كان أولادك لا يرضين بأولاد أخيك لا تجبروهن فإن رضين فزوجهن بأولاد أخيك ولا يكون هذا شغارًا؛ لأن هذا مجرد نية في قلبك فلا يكون شغارًا، أما لو كانوا كبارًا وشرطوا عليك يكن شغارًا والشغار لا يجوز لكن ما داموا صغارًا وتريد أن تزوجهم بناتك ثم زوجت بعض بناتك على غيرهم لا حرج ولا يكون شغارًا والحمد لله.

حكم اشتراط كون المهر تعليم كتاب الله تعالى

188 - حكم اشتراط كون المهر تعليم كتاب الله تعالى س: الأخت ع. ع. ع ن من الأحساء، تقول: هل يجوز أن أطلب المهر كتاب الله "القرآن الكريم"؟ والهدف أن ألاقي ذلك في الآخرة، بما أن قراءتي فيه الحرف بعشر حسنات، أي أريد أن

أكتنزه في الآخرة وليس في الدنيا. وأيضًا أن يكون اليسر والبساطة في مهري؟ (¬1) (¬2) ج: المشروع أن يكون المهر مالاً، كما قال الله جل وعلا: {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} والنبي صلى الله عليه وسلم لما جاءته المرأة التي وهبت نفسها فلم يقبلها، وأراد أن يزوجها بعض أصحابه، قال: «التمس ولو خاتمًا من حديد» (¬3) المشروع أن يكون هناك مال ولو قليلاً فإذا كان الزوج عاجزًا، ولم يجد مالاً جاز على الصحيح أن يزوج بشيء من الآيات يعلمها المرأة، أو شيء من السور يعلمها المرأة. وتكون تلك الآيات أو تلك السور مهرًا لها، ولا حرج في ذلك. ولهذا زوج النبي صلى الله عليه وسلم المرأة الواهبة، زوّجها بعض أصحابه على أن يعلمها من القرآن كذا وكذا فهذا كله لا بأس به، لكن إذا تيسر المال فالمال مقدم ولو قليلاً، فالتّعليم بعد ذلك، إذا أرادت أن يعلمها زوجها، فليعلمها ما تيسّر. هذا من ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (139). (¬2) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (139). ') "> (¬3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب السلطان ولي، برقم (5135)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم القرآن وخاتم من حديد ..... برقم (1425).

باب المعاشرة الطيبة. أن يعلمها ويرشدها ويتعاون معها على الخير، هذا شيء آخر. الله يقول: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ويقول سبحانه: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. فإذا عاشرها معاشرة تتضمن تعليمها القرآن، تعليمها السنة، تعليمها أحكام الله، فهذا خير كثير، لكن لا يكتفى بهذا المهر إلا عند الحاجة، والعجز عن المال.

حكم دفع المهر قبل العقد

189 - حكم دفع المهر قبل العقد س: تقدمت لخطبة ابنة إحدى الأسر، وبعد القبول من الطرفين قرأنا الفاتحة؛ بحضور أسرتينا، بعدها بأيام سافرت لعملي بإحدى الدول العربية، ثم عدت بإجازة بعد ستة أشهر، وتم خلالها الاتفاق على تحديد قيمة الشبكة والمهر، الذي سيُدفع وتمّ عمل حفل الخطوبة، ثم اشترينا الشّقة بيتنا الجديد، وتم الاتفاق كذلك، على أن يكون حفل الزفاف مع نهاية تعاقدي، الذي سيحل بعد انقضاء خمسة شهور وتهيأت للسفر لاستكمال بقية المدة، وقبل يومين من السفر طلب والد خطيبتي، أن أدفع له المهر الذي اتفقنا عليه سلفًا،

حتى يمكن من إجراء التجهيزات وشراء الأثاث لبيتنا الجديد، ولكني رفضت ذلك وقلت له: أنا لن أدفع المهر، إلا مع عقد القران، لكنه استنكر ذلك وقال: المتبع لدينا هو عقد القران مع ليلة الزفاف، وتجادلنا طويلاً وقال: سل ذوي التجارب، ممن سبقوك إلى دنيا الزواج، ستجد موقفي هو الصواب، وعمومًا إذا لم يكن لديك مال الآن، يمكن أن أدفعه ثم تسدده فيما بعد، وبدوري أسأل هل يمكن دفع المهر، في أيّ وقت دون الارتباط بعقد القران؟ أم هو مرتبط به؟ وهل يُعقد القران أولاً ثم يُدفع المهر فيما بعد؟ وجهوني جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: هذه مسائل عرفية، يجوز أن يدفع المهر قبل العقد، ويجوز حين العقد، ويجوز بعد العقد، المهم أن يتفقا عليه في صلب العقد، فإذا اتفقا على شيء وجب على الزوج تسليمه، إن اتفقوا عليه حالاً وجب تسليمه حالاً، وإن اتفقوا عليه مؤجلاً وجب تسليمه مؤجلاً وإن قدّمه قبل العقد، كما هي عادة كثير يقدمونه قبل العقد حتى يتمكن أهل الزوجة من التجهيزات اللازمة، فهذا كاف ولا يحتاج ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (142).

إلى تحديد شيء بل متى أعطاهم ما تيسّر، ورضوا به كفى، وإن لم يتفق أنهم حدّدوا شيئًا، والناس بهذا يختلفون، فمن قدّم شيئًا مما طابت به نفسه لأهل الزوجة، ورضوا به ولم يردوه كفى، أمّا إنْ حدّدوه بشيء فهو مخير، إن شاء سلم لهم ما حددوا، وإن شاء ترك الخطوبة منهم والزواج منهم.

المجلد الحادي والعشرون

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب النكاح القسم الثاني

أحكام الأنكحة الفاسدة

حكم الوطء بشبهة

1 - حكم الوطء بشبهة س: من المستمع ف. م. أمن السودان يقول: رجل تقدم لخطبة إحدى الفتيات، ولها أخت توأمة، وبعد أن تم العقد على الفتاة التي اختارها وبشهادة الشهود، فوجئ في ليلة الزفاف بأن التي زفت إليه أختها، ولكنه دخل بها، ولا ندري هل كان بعلم منه أو بدون علم، فما الحكم في الحالتين؟ وعلى من يقع الإثم؟ وماذا عليه أن يفعل؟ (¬1) ج: هذا المقام مقام تفصيل، فإن كان وقع بها، يظنها زوجته التي عقد عليها، فلا شيء عليه ولا إثم عليه، وإن حملت فالولد ينسب إليه؛ لأنه وطء شبهة فهو معذور، أما الذين أدخلوها عليه، فكذلك فيهم تفصيل، إن كانوا غلطوا فلا شيء عليهم وإن كانوا تعمّدوا فعليهم الإثم ويستحقون العقوبة على هذا العمل السيئ المنكر، ثم هو بعد ذلك بالخيار، إن شاء طلق أختها وعقد عليها؛ لأن أختها لا عدة لها، مطلقة غير مدخول بها، فله أن يطلقها ويتزوج أختها التي ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط، رقم (54).

أدخلت عليه في الحال، وإن شاء ترك هذه التي أدخلت عليه؛ لأنها غير زوجته إذا أخبر وعلم، وزوجته باقية، التي عقد عليها، ولا بأس بدخوله عليها؛ لأن هذه موطوءة بشبهة وليست زوجة له بعقد. وقد يقال: إنه يمتنع من وطء الثانية؛ من أجل وطء أختها؛ ولكن ليس هذا بظاهر؛ لأن هذا وطء شبهة، وليس وطأ متعمدا، وليس وطء نكاح، فهو معذور في هذا، ولكن بدا لي أن هناك شيئا من الشبهة في الموضوع، فيحتاج إلى إعادة نظر.

س: سبقت مسألة في الحلقة السابقة علق الجواب في بعضها إلى الحلقة هذه، نحب أن ننبه الآن إليها وهي: أن شخصا عقد على إحدى أختين، وزفّتْ له غير المعقود عليها، أختها غير المعقود عليها فما الحكم؟ ج: سبق أن قلنا، في ذلك: فإن كان لم يجامعها ولم يتصل بها فإنّه لا يضره، يعيدها لأهلها وزوجته باقية، القصد المعقود عليها يطلبها متى شاء، وإن أراد الثانية التي أدخلت عليه، ورغب فيها فلا بأس أن يتزوجها من أهلها بعد أن يطلّق أختها، ليس لها عدّة؛ لأن الطلاق بدون دخول ما فيه عدة، إذا طلق أختها التي لم يدخل بها، وتزوج الثانية التي أدخلت عليه، فلا بأس ولكن بعقد جديد، أما إن

كان جامعها يحسبها زوجته، فهذا يسمى وطء شبهة، وهو في هذه الحالة لا يبطل نكاح زوجته التي عقد عليها، وهي أختها ولكن هذه التي وطئها، هل يلزمه أن يمتنع من زوجته حتى يستبرئها أم لا، سبق في الحلقة السابقة التّوقف في هذا، هل يلزمه التّوقّف حتى تستبرأ من هذا الوطء؛ لأنها قد تكون حاملا، وقد لا تكون حاملا، والواجب أن تستبرأ بحيضة، أو بثلاث حيض على الخلاف، فذهب الجمهور من أهل العلم إلى أنها تستبرأ بثلاث حيض، كعدة الطلاق، فإن بانت حاملا، فعدّتها وضع الحمل، أما إن كانت على القول الثاني بأنها تستبرأ بحيضة، فإنه يكفي حيضة واحدة، كالزانية وكالمخلوعة على الصحيح، وكالأمة تستبرأ بعد الشراء، وبعد البيع يكفيها حيضة عند بعض أهل العلم استبراء لرحمها، ويجامع زوجته بعد ذلك، التي عنده، هذا هو ظاهر كلام أهل العلم بعد مراجعة كلامهم، وظاهر كلام أهل العلم أنه لا يقرب زوجته جماعا، حتى يستبرئ أختها التي أدخلت عليه غلطا وجامعها، فإن كانت لم تحمل بعد أن استبرأها بحيضة، أو بثلاث حيض على خلاف، وإن كانت قد حملت توقّف عن زوجته حتى تضع الحمل، وفي نفسي من هذا شيء، وسوف نتابع المسألة إن شاء الله، لكن الذي يظهر من كلام أهل العلم، أنه لا بد

من استبرائها بحيضة، على الأصح، كما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، أو بثلاث حيض إلحاقا لها بالمطلقة، فإن كانت حبلى لا بد من وضع الحمل، فإذا وضعت استُبرئت، فله الاتصال بزوجته حينئذ، أما إذا جعلنا وطء الشبهة كالزنى، فإن وطء الزنى لا ينشر الحرمة على الصحيح، ولا تثبت به المصاهرة، فإذا ألحقنا وطء الشبهة بذلك، فإنه يحل له إتيان زوجته التي عقد عليها؛ لأن هذا وطء؛ كلا وطء؛ لأنه في المعنى يشبه وطء الزنى؛ لأنه ليس بحلال، إنما سمح له في استلحاق الولد، وأنه لاحق به؛ لأنه لم يتعمد الزنى، اشتبه عليه، وظنها زوجته، فعذر، ولم يأثم، بسبب أنه غلط ولحقه الولد؛ لأنه وطء شبهة فيلحق به الولد، كما قال أهل العلم، لكنه يشبه وطء الزنى من جهة أخرى، وهي أنه وطء في غير عقد شرعي، وفي غير ملك شرعي، فأشبه الزنى فلا يمنع حل الزوجة، هذا وجه القول، بأنه لا يمنع، ولكن إذا احتاط وأمسك عن زوجته حتى يستبرئ أختها بحيضة، أو بثلاث حيض، أو وضع الحمل، هذا أحوط، كما نص عليه أهل العلم، أما وطء الزنى لو وطئ أخت زوجته زنى أو عمتها، أو خالتها، فالصحيح أنه لا تحرم عليه زوجته في ذلك، بل له الاتصال بزوجته، وهذا الوطء محرم ولا يوجب الحرمة ولا يحصل

به حرمة المصاهرة، لو كانت أمها أو بنتها على الصحيح، ولأنه فاحشة لا ينبغي إظهارها، فإن الحكم بأن لهذا الوطء حكم الوطء الشرعي حتى لا تشيع الفاحشة، ويقال: لماذا؟ أو يقال: لأنه وطئ فلانة، زنى بفلانة، هذا فيه إظهار الفاحشة؛ ولهذا فالصواب أنه لا ينشر الحرمة، ولا يكون له حكم وطء المصاهرة، بل يكون وطء لاغيا، لا ينشر الحرمة، ولا يمنع من قربان زوجته، وعليه ما على الزاني من الحد الشرعي إذا كان زانيا، وهكذا التي زفت إليه أخت زوجته، وعلم أنها أخت زوجته، أو صار عن شك، ثم وطئها، يكون له حكم الزاني، وعليه حد الزاني، إن كان بكرا، جلد مائة، وإن كان ثيبا رجم؛ لأنه تعمد وطء الزنى، وهكذا هي إذا كانت تعلم أنه ليس زوجها، أي: المعقود عليها أختها، وزفت إليه خطأ أو شبهت عليه، المقصود أنها تعلم أنه ليس زوجها، وأنها غير مرغوب فيها، وأن الزوج لأختها، أو تعمدت الزنى فإن لها حكم الزانية، لكونها تعمدت تمكينه من نفسها، وهي تعلم أنها ليست زوجته، ولكن آثرت الهوى والشيطان، ظاهر كلام أهل العلم أنه لا بد من استبراء الرحم كما قلنا، أو تضع حملها إن تبين حمل، واحتجوا بحديث روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا أعلم صحته وهو أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من

كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجمع ماءه في رحم أختين» (¬1) وفي لفظ آخر: «لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يجمع ماءه في رحم أختين» احتجوا بهذا، فإن صح فهذا حجة ظاهرة، ولا سيما مع العمد، فإنه لا يجوز بلا خلاف عند أهل العلم جميعا، أما إذا وقع خطأ فهذا هو محل النظر، فمع الخطأ لا يكون مؤاخذا بذلك؛ لأنه لم يتعمده، وإنما هذا إذا وقع عمدا، هذا عليه المسؤولية لهذا الأمر الذي تعمده. نعوذ بالله، فيكون لها حكم الزانيات، أما هو فمعذور وإذا كان لم يعلم، وشبه عليه الأمر يحسبها زوجته، المعقود عليها، فهو معذور والوطء في حقه وطء شبهة، يلحقه النسب، وهي غير معذورة إذا كانت تعلم، أنه ليس زوجا لها، وأن الحكم يتعلق بأختها، ولكنها تعمدت الفاحشة، فيكون لها حكم الزانيات، أما هو، فليس له حكم الزاني وهو معذور؛ لأنه شبه عليه الأمر، ولم يعلم، هذا هو التفصيل الذي وعدنا به فيما تقدم، أرجو أن يكون السائل على بصيرة في هذا الأمر، ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق، هذه ¬

(¬1) ويروى أيضا: ملعون من جمع ماءه في رحم أختين. قال ابن حجر رحمه الله: لا أصل له باللفظين. وقد ذكر ابن الجوزي اللفظة الثانية ولم يعزه إلى كتاب من كتب الحديث ... ) التلخيص الحبير.

الأخت التي زفت إليه، لو اتضح أنها حامل، فيكون المولود ولده شرعا. والوطء وطء شبهة، إذا كان لم يعلم أنها غير زوجته، يحسب أنها زوجته، فيكون الولد هذا لاحقا به، لأن هذا من باب وطء الشبهة، ووطء الشبهة يلحق به النسب، وله العقد عليها كما تقدم، إذا رغب فيها، له العقد عليها بنكاح جديد، بعد أن يطلق أختها التي سبق أن تزوجها؛ لأنه لا عدة لأختها، حيث إنه تزوجها ولم يدخل بها، والمطلقة غير المدخول بها ليس له عدة.

حكم نكاح الشغار

2 - حكم نكاح الشغار س: ما هو حكم نكاح الشغار؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا (¬1) ج- نكاح الشغار هو: أن يشترط كل واحد من الوليين نكاح مولية الآخر فيقول أحدهما: زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك أو أختي على أن تزوجني أختك وهكذا ما أشبه ذلك، يعني يشترط كل واحد تزويجه بالأخرى، زيد يخطب هندا، وعمرو يخطب أخت زيد، كل واحد يشترط على الآخر، زيد يشترط على عمرو، وعمرو يشترط على زيد أخته أو بنته أو بنت أخيه، هذا هو الشغار، يقول النبي صلى الله عليه وسلم «الشغار أن يقول الرجل زوجني بنتك وأزوجك بنتي ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط، رقم (251) ..

أو زوجني أختك وأزوجك أختي» (¬1) هذا هو الشغار يعني التشارط في تزويج المولية للشخص، سواء كانت بنته أو أخته أو بنت أخيه أو بنت عمه، يقول أزوجكها لكن بشرط أنك تزوجني بنتك أو أختك أو ما أشبه ذلك، وهذا لا يجوز، بل هو باطل، أما لو خطب منه، وخطب الآخر من دون مشارطة، فلا حرج، لو خطب بنت هذا والآخر خطب بنته، أو أخته، لا حرج من دون مشارطة. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه، برقم (1416).

س: يسأل عن حكم زواج الشغار؟ ما توجيهكم، وكيف يكون الشغار؟ (¬1) ج: نكاح الشغار محرم، ولا يجوز وباطل على الصحيح، ولو سمي فيه مهر؛ لأن الرسول نهى عنه في أحاديث كثيرة، عليه الصلاة والسلام، والشغار أن يقول: زوجني وأزوجك، زوجني بنتك وأزوجك بنتي، أو زوجني بنتك وأزوجك أختي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي، هذا يقال له: شغار، يشترط نكاح امرأة في امرأة، هذا هو الشغار يعني اشتراط هذا أخت هذا، أو بنت هذا، أو هذا بنته وهذا ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط، رقم (258).

أخته، هذا هو الشغار، يقول صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الشغار: «الشغار أن يقول الرجل زوجني بنتك وأزوجك بنتي أو زوجني أختك وأزوجك أختي» (¬1) هذا هو الشغار، شرط عقد في عقد، ولو سموا مهرا، فالواجب الحذر من ذلك، وعدم فعل ذلك، أما إذا خطب منه، ولم يشترط شيئا، وخطب الآخر وتزوجوا، لا بأس، خطب بنته، والآخر خطب بنته، أو أخته، وتزوجوا من دون مشارطة، هذا لا بأس به، لا حرج، أما بالمشارطة، هذا لا يجوز. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه، برقم (1416).

حكم إكراه البنات على زواج الشغار

3 - حكم إكراه البنات على زواج الشغار س: من تبوك سائل يقول: حدثونا لو تكرمتم عن نكاح الشغار وعن حكمه، وما حكم إكراه البنات عليه، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: نكاح الشغار هو: أن يشترط الولي على الآخر نكاح بنته أو أخته، إذا أراد أن يزوجه بنته أو أخته، فيقول: نعم أزوجك ابنتي أو أختي، بشرط أنك تزوجني ابنتك أو أختك، أو تزوج ابني أو ابن أخي أو أخي، هذا هو الشغار يشترط نكاح في نكاح، والرسول نهى عن هذا، عليه ¬

(¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (308).

الصلاة والسلام، نهى عن الشغار ولو كان فيه مهر، فالواجب الحذر من ذلك، فالتزويج لا يكون بشرط، يكون بغير شرط، تزوجه إذا رضيت دينه، ورضيت المرأة، تزوجه من دون شرط نكاح آخر، فشرط النكاح حرام، ويسمى الشغار، فإذا قال: أزوجك ابنتي، أو أختي أو بنت أخي، على شرط أنك تزوجني أو تزوج ولدي أو أخي بنتك أو أختك أو بنت أخيك الأيم ونحو ذلك، هذا هو الشغار لا يجوز والنكاح باطل على الصحيح، فعليك يا عبد الله أن تحرص على اتباع السنة والحذر من المعصية لله والرسول، أما إكراه البنات فلا يجوز، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر» (¬1) الأيم الثيب التي قد تزوجت «ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا يا رسول الله: فكيف إذنها؟ قال: أن تسكت» (¬2) فلا يجوز تزويج النساء إلا برضاهن، حتى من الأب لا يكرهن، الحق لهن والحاجة لهن فلا بد من مشاورة البنت، ثيبا كانت أو بكرا، إذا رضيت وإلا فلا تزوج ولا يزوجها أبوها، ولا ¬

(¬1) صحيح البخاري الْحِيَلِ (6968)، صحيح مسلم النِّكَاحِ (1419)، سنن الترمذي النِّكَاحِ (1107)، سنن النسائي النِّكَاحِ (3265)، سنن أبي داود النِّكَاحِ (2092)، سنن ابن ماجه النِّكَاحِ (1871)، مسند أحمد (2/ 434)، سنن الدارمي النِّكَاحِ (2186). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب: لا ينكح الأب وغيره الثيب إلا برضاها، برقم (5136)، ومسلم في كتاب النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت، برقم (1419).

أخوها ولا غيرهما بالإكراه والغصب، بل بالمشاورة، وطيب النفس، فإذا رضيت فالحمد لله، وإن أبت فلا، لكن إذا كانت بكرا يكفي سكوتها، إذا استشارها وليها وسكتت كفى.

بيان ما يلزم من أراد الاستمرار في نكاح الشغار

4 - بيان ما يلزم من أراد الاستمرار في نكاح الشغار س: أخونا يسأل عن زواج الشغار، ويقول: إنه معروف لدينا باسم الزقار، يقول: من وقع فيه ومضى على زواجه سبع سنوات وأنجب بنين وبنات كيف يتصرف؟ (¬1) ج: نكاح الشغار، ويسميه بعض الناس نكاح البدل، هذا النكاح على حسب أسمائه يعرف بأنه اشتراط امرأة في امرأة، اشتراط أحد الوليين الزوجة الأخرى والآخر كذلك، كل واحد يقول: زوجني بنتك وأزوجك بنتي، أو أختك وأزوجك أختي، وما أشبه ذلك، هذا قد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة، نهى عن الشغار في الصحيحين من حديث ابن عمر وفي صحيح مسلم، من حديث أبي هريرة وحديث جابر يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «والشغار أن يقول الرجل زوجني ابنتك وأزوجك بنتي، ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (124).

أو زوجني أختك وأزوجك أختي» (¬1) هذا هو الشغار، فإذا وقع فالصحيح أنه يكون فاسدا، والواجب أن يجدد إذا كان لهما رغبة فيما بينهما، يجدد من غير شرط المرأة الثانية، كل واحد يجدد بغير شرط المرأة الثانية، ولو مضى عليه سنوات، يجدد إذا كانت ترغب فيه وهو يرغب فيها، يجدد النكاح بحضرة شاهدين وبمهر جديد، من دون أن يشترط عليه المرأة الأخرى، وهكذا الآخر كل واحد يجدد، إذا كانت ترغب فيه زوجته وهو يرغبها، أما إن كان لا يرغب أحدهما في الآخر، فإنه يطلقها طلقة واحدة؛ لأن هذا النكاح فاسد، فلا بد من طلقة واحدة تمنع تعلق أحدهما بالآخر، وتحتج بها في تزويجها لغيره إذا اعتدت. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه، برقم (1416).

حكم نكاح الشغار إذا سمي فيه المهر

5 - حكم نكاح الشغار إذا سمي فيه المهر س: ما الحكم إذا خطب إنسان ابنة صديق له، لكن ذلك الصديق اشترط عليه في المقابل أن يزوجه ابنته أو موليته؟ (¬1) ج: الشغار محرم ويسميه بعض الناس نكاح البدل، وقد وضحه ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (57).

النبي صلى الله عليه وسلم، فيما رواه مسلم في الصحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه نهى عن الشغار وقال: إن الشغار أن يقول الرجل: زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي» (¬1) هذا هو الشغار وسمي نكاح البدل، وهو اشتراط عقد في عقد، يعني يشترط زواج في زواج، وهو باطل مطلقا في أصح أقوال أهل العلم، حتى ولو شرطوا مهرا ولو كان المهر مكافأة لكل واحدة، ما دام الشرط موجودا، أنه يزوجه ويزوجه، فالنكاح باطل وفاسد وليس بصحيح، في أصح أقوال أهل العلم، وذهب بعض أهل العلم، إلى أنه إذا كان هناك مهر كاف، وليس هناك حيلة صح النكاح، لكنه قول ضعيف ومخالف للأحاديث الصحيحة، وقد روى الشيخان عن ابن عمر، رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه نهى عن الشغار، وكذلك روى مسلم عن جابر: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار» (¬2) وروى أحمد وأبو داود بإسناد صحيح عن معاوية رضي الله عنه، عن النبي ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه، برقم (1416). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه، برقم (1416).

صلى الله عليه وسلم: «أنه نهى عن الشغار» (¬1) وحكم معاوية بذلك في شخصين تزوجا شغارا وقد سميا مهرا فكتب إلى أمير المدينة، وأمره أن يفرق بينهما وقال: (هذا هو الشغار الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم)، مع أنهما قد سميا مهرا، فدل ذلك على أن ما حكم به أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه هو الحق، وهو مقتضى الأحاديث؛ ولأن العلة التي من أجلها نهي عن الشغار موجودة، ولو سمي المهر؛ لأن هذا الشغار، وسيلة إلى ظلم النساء والتعدي عليهن، وإجبارهن على النكاح ممن لا يرضين من أجل مصلحة الأولياء وأولاد الأولياء، فالصواب الذي نفتي به، ونعتقد أنه الحق: أن عقد الشغار باطل مطلقا، ولو سمي فيه مهر مكافئ، والواجب على من فعله أن يجدد النكاح، وإذا كانت لا تريده المرأة، وجب عليه تركها بطلقة واحدة، وأما إذا كانت تريده فلا مانع من تجديد النكاح، بعقد شرعي، ومهر شرعي، ليس فيه اشتراط امرأة أخرى، في كلا العقدين، فيجتنبها ويبتعد عنها حتى يجدد النكاح في حضرة شاهدين وولي ومهر جديد، إذا كانت ترغب فيه ويرغب فيها، أما إذا ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه، برقم (1416).

كانت لا ترغب فيه، فإنه يطلقها بطلقة واحدة، طاعة لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، وحذرا مما نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام.

بيان مفاسد نكاح الشغار

6 - بيان مفاسد نكاح الشغار س: الأخ/ م. ح. ع. من جدة، يقول: أنا من اليمن، قرية الرزمة لقد ظهرت في بلادنا ظاهرة غريبة، حيث إن بعضا من الناس، إذا أراد الزواج، وعنده أخت أو بنت، يتبادل مع شخص آخر، بأن يزوج كل منهما الآخر بموليته، وكل منهم يقوم بتزويج تلك المولية بما تستحق، وبما هي أهله في الزواج. ويسأل عن الحكم لو تكرمتم يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: النكاح الذي سأل عنه الأخ، يسمى نكاح الشغار، ويسميه بعض الناس نكاح البدل، وهو نكاح لا يجوز؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن ذلك، فقد ثبت عنه في الأحاديث الصحيحة من حديث ابن عمر، ومن حديث أبي هريرة، ومن حديث جابر، ومن حديث معاوية النهي عن الشغار، وقال: «الشغار أن يقول الرجل: ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (105).

زوجني ابنتك، وأزوجك ابنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي» (¬1) فهذا هو الشغار، وهو اشتراط نكاح امرأة في نكاح امرأة سواء كانت المرأة بنته أو أخته أو بنت أخيه، فالمقصود أنها موليته، فهذا لا يجوز والواجب النهي عن ذلك، والتحذير منه، ولو سموا مهرا ولو تراضوا على ذلك، لا يجوز؛ لأن الرسول نهى عن هذا عليه الصلاة والسلام، والله يقول جل وعلا: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ويقول جل وعلا: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وثبت عن معاوية رضي الله عنه أنه بلغه أن بعض المقيمين في المدينة، تزوج امرأة على أن يزوج صاحبه امرأة عنده، وسموا مهرا، فكتب معاوية إلى أمير المدينة أن يفرق بينهما وقال هذا هو الشغار، الذي نهى عنه رسول الله عليه الصلاة والسلام. ولم يلتفت إلى ما سموا من المهر، فالحاصل أن هذا النكاح لا يجوز سواء كان فيه مهر أو لم يكن فيه مهر، وسواء تراضى الجميع أم لم ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه، برقم (1416).

يتراضوا، كله ممنوع بنهي النبي عن ذلك عليه الصلاة والسلام، ولأنه وسيلة إلى جبر النساء وإلزامهن بما لا يرضين به، وهذا واقع كثيرا، ولأنه أيضا وسيلة إلى تحجر النساء، ولا يبادر إلى تزويجهن بالأكفاء، ينتظر أن يأتي واحد يبادله، فيحبس المرأة عنده، بنته أو أخته حتى يجد من يبادله، وفيه ظلم للنساء وتعطيل لهن، والله جل وعلا حكيم عليم، ومن حكمته العظيمة أنه نهى عن هذا النكاح؛ لما يترتب عليه من أنواع الفساد.

س: الأخ/ م. أ. ع. ح. يسأل ويقول: عندي بنت، وطلبها مني رجل للزواج بها، فاشترطت عليه أن يزوجني بأخته، فزوجني بها وزوجته بابنتي، فما حكم ذلك؟ (¬1). ج: هذه الصورة التي ذكرها السائل، تسمى (نكاح الشغار)، وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في عدة أحاديث النهي عن ذلك، فهو نكاح فاسد مطلقا، سواء سمي مهر، أو لم يسم مهر. والواجب فسخه، وإذا كان كل واحد يرغب في المرأة، فإنه يجدد النكاح ولا حاجة إلى طلاق، كل واحد يجدد النكاح بمهر وشاهدين ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (233).

وولي، ولا حرج في ذلك، مع التوبة والاستغفار عما مضى، والأولاد يلحقون بآبائهم؛ لأن النكاح نكاح شبهة، فأولاده لاحقون به، ولكن عليه أن يجدد النكاح، إذا كان يرغب فيها، يجدد النكاح بمهر جديد وشاهدي عدل، إذا رضيت المرأة بذلك، وبذلك ينتهي الإشكال، لكن بشرط ألا تذكر المرأة الأخرى، يعني لا يشترط المرأة الأخرى، يتزوجها من غير اشتراط تزوج الأخرى، كل واحد يتزوج برضا المرأة من دون اشتراط المرأة الأخرى، ويكون هذا نكاحا جديدا بشروطه التامة، برضاها وبالولي، لكن لا يشترط خروجها من العدة بل يتزوجها في الحال؛ لأن الماء ماؤه، يتزوجها في الحال ولا حاجة إلى عدة، فإن لم ترده طلقها طلقة واحدة، تكفي طلقة واحدة لإنهاء هذا النكاح الفاسد، وعلى الجميع التوبة إلى الله سبحانه، على الرجال والنساء، والأولياء عليهم التوبة إلى الله جميعا؛ لأنهم وقعوا في أمر نهى عن النبي عليه الصلاة والسلام.

حكم الأولاد من نكاح الشغار

7 - حكم الأولاد من نكاح الشغار س: المرسلة ع. أ. م، تقول: إن زواجها كان بدلا، وإنها سمعت أنه حرام، وغير جائز، وقد أنجبت تسعة أولاد من ذلك الزوج، وقد

قامت بتربيتهم جميعا، بدون أن ينفق عليهم أحد غيرها، هل يجوز أن تطلب طلاقها من ذلك الزوج؟ (¬1) ج: إذا كان الزواج بدلا، يعني هو نكاح الشغار، بأن تزوجته على أن يزوج أخاك، أو أباك ابنته أو أخته، هذا هو نكاح الشغار، كل واحد يقول: زوجني على أن أزوجك، هذا يقول: زوجني بنتك على أن أزوجك بنتي، أو أزوجك أختي على أن تزوجني أختك، أو بنتي يعني بدلا، كل واحد يشترط بنته أو أخته، أو بنت أخيه على الآخر، هذا لا يجوز، نكاح غير صحيح، ومتى علمتم الحكم الشرعي جددوا النكاح، ولو بعد سنوات، يجدد النكاح بدون شرط المرأة الأخرى، كل واحد يجدد النكاح، والأولاد أولادكم؛ لأنه شبهة يلحقون بكم ولا حرج، وإنفاقك على أولادك جزاك الله خيرا، فإذا أنفقت عليهم من دون حاجة إلى مطالبته، هذا إليك، هذا معروف منك، وإلا فالنفقة عليه، إذا كان قادرا. ¬

(¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (349).

حكم صحة نكاح الشغار مع تفاوت المهر

8 - حكم صحة نكاح الشغار مع تفاوت المهر س: السائل/ ر. ك. ف. من الرياض يقول في سؤاله: لي ولد،

ولأخي ولد، وكل منهما يريد أن يتزوج أخت الآخر، لكنا نسمع أن البدلة لا تجوز إلا بقطع مهر، ويكون زيادة في مهر الواحدة عن الأخرى، هل هذا صحيح أم لا، نرجو الإفادة والتوضيح؟ (¬1) ج: نكاح البدل لا يجوز، ويسمى نكاح الشغار، وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث، فلا يجوز نكاح البدل بالمشارطة، يقول هذا: زوجني أختك، وأزوجك أختي، أو زوجني بنتك وأزوجك بنتي، هذا هو نكاح البدل ويقال له: نكاح الشغار، ولو سمى مهرا، ولو تساوى المهر، ولو اختلف المهر، ما دام فيه مشارطة لا يجوز، أما إذا خطب هذا بنت هذا، وهذا بنت هذا لنفسه أو لأخيه أو لولده، من دون مشارطة فلا بأس، الممنوع المشارطة، فأما إذا تراضوا من دون مشارطة، والبنت رضيت أو الأخت رضيت، والأخرى رضيت من دون مشارطة، بل خطب هذا وخطب هذا، فلا بأس بذلك، الممنوع المشارطة، أن يشترط لا أزوج حتى تزوج، يعني ما أزوجك بنتي حتى تزوجني بنتك، أو ما أزوج ولدك حتى تزوج ولدي، هذا لا يجوز، هذا هو الذي نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام، فالواجب ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (275).

ترك ذلك، ولو سموا مهرا متساويا، أو أحدهما أكثر من الآخر، المهر لا يبيح الشغار، لكن لا بد من التراضي، وألا يكون هناك مشارطة.

س: جئت إلى أحد الإخوان، وطلبت منه أن يزوجني بنته فقال: زوجني بنتك ولا عندي مانع، وبقيت في حيرة من الأمر، أرجو من فضيلتكم الطريق الصحيح، وهل هذا الشيء حلال أم حرام؟ وفقكم الله لعمل الخير، وجزاكم الله خيرا في الدنيا والآخرة، شاكرين لكم وللعاملين على هذا البرنامج؟ (¬1) ج: هذا العمل نكاح الشغار، ويسميه بعض الناس نكاح البدل فلا يجوز، وهو أن يقول زوجني بنتك، أو زوج ولدي أو أخي أو ابن أخي، وأزوجك بنتي أو أزوج ولدك، أو ابن أخيك، فهذا لا يجوز، هذا هو الشغار الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وزجر عنه في عدة أحاديث، زجر عن نكاح الشغار، وهو المسمى نكاح البدل، فلا يجوز أبدا لأي مسلم أن يتزوج نكاح الشغار، ولو بالمهر المعتاد، لا يجوز هذا؛ لأنه شرط نكاح في نكاح، أو عقد في عقد، وهو من جنس بيعتين في بيعة؛ ولأنه يفضي إلى فساد كبير، ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (5).

إلى نزاع وخصومات وإلى إجبار النساء، وظلم النساء من جهة أوليائهن، لمصالحهم أو مصالح أولادهم أو أولاد إخوتهم، أو نحو ذلك، ثم يفضي إلى النزاع بعد ذلك، كلما تنازع زوج مع زوجته خرجت الأخرى، فالمقصود أنه منكر؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عنه، ويكفي هذا، كون الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عنه يكفي، ولكن مع هذا كله يقع أهله في مشكلات كثيرة، وهذا من شؤم الذنوب وشؤم المعصية، معصية الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن المعصية لها عواقب وخيمة، فالذين يقعون في الشغار، ويعصون الرسول صلى الله عليه وسلم، تقع لهم مشكلات مع نسائهم في الغالب، فالواجب على المسلم أن يحذر ذلك وألا يتزوج بالشغار أبدا، والنكاح بالشغار غير صحيح.

س: لقد تزوجت من ابنة قريب لي، وزوجته ابنة أختي، بدون أن أعطيه شيئا، ولا أعطاني شيئا، فهل هذا يجوز، أفيدونا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: إذا كان هذا اتفاقا بينكما وتشارطا، فهذا هو نكاح الشغار، الذي نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام، وهو يسمى عند بعض ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (61).

الناس نكاح البدل، فهو لا يجوز، أما إذا خطبت منه وزوجك، وخطب منك وزوجته، من دون مشارطة، ولا اتفاق على أنك تزوجه ويزوجك، هذا لا بأس به، ولكل واحدة مهر المثل، أو ما ترضى به من المال ولو قليلا، أما التشارط والاتفاق على أنك تزوجه، ويزوجك من دون شيء، هذا هو نكاح الشغار، وهو منكر، وهو نكاح فاسد، وعليكما أن تجددا النكاح، إذا كان لكما رغبة في البنتين، كل واحد يجدد النكاح من دون شرط المرأة الأخرى، أنت تجدد وهو يجدد، بدون شرط المرأة الثانية، بمهر جديد وبرضا المرأة، والذي لا ترضاه زوجته، عليه أن يطلقها طلقة واحدة؛ لأن النكاح باطل لا يصلح، فيطلقها طلقة واحدة، ثم إذا هداها الله بعد ذلك، له أن يتزوجها بنكاح جديد، المقصود أن هذا النكاح فيه تفصيل، إن كان مجرد تراض من غير اتفاق ولا تشارط فلا بأس، وعليكما أن تعطيا البنتين مهرهما، مهر المثل، إلا إذا سمحتا عنكما أو رضيتا، كل يرضي زوجته بما تيسر، أما إن كان عن اتفاق، تزوجه ويزوجك أو مشارطة بينكما، فهذا هو الشغار المنكر، فالنكاح فاسد ولا يصح، وعلى كل منكما إذا كان له رغبة في امرأته، وهي ترغبه أن يجدد النكاح، من طريق الولي وشاهدين عدلين، ولا حاجة إلى الطلاق، وإنما يجدد

النكاح بدون شرط المرأة الأخرى، ولا بأس، أما الذي لا ترغبه زوجته، أو لا يرغبها، فيطلقها طلقة واحدة فقط، ولا تجبر عليه، وإذا كانت لا ترغبه يطلقها طلقة واحدة، وإذا اعتدت تزوجت بعد ذلك، إذا كان قد دخل بها، خلا بها أو وطئها، لا بد من العدة، أما إذا كنتما لم تدخلا بهما، فالطلاق يكفي حينئذ، ولا حاجة إلى عدة.

/3 س: الأخ/ ع. ح. ع. يقول: أرجو إفادتي في هذه القضية، لي أخت ليست متزوجة، والآن بلغت سن الزواج، تقدم لخطبتها أحد الأشخاص، وقال لوالدي: زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي، والمعنى على ما يدل بالبدل، وقرر والدي بزواجها بدلا، وكما سمعنا بأن البدل حرام؛ ولذلك اعترضته أنا أخوها، اعترضت على والدي، حتى لا يتم هذا الزواج، لكن في نفسي شيء، هل أكون آثما عندما أعترض على الوالد في مثل هذه الأشياء؟ (¬1) ج: قد أحسنت فيما فعلت، ولكن يكون ذلك بالأسلوب الحسن والنصيحة؛ لأن الوالد حقه عظيم، فيكون الاعتراض عليه بالأسلوب الحسن، والنصيحة والتوجيه وإرشاده إلى سؤال أهل ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (165).

العلم، حتى يعلم الحكم الشرعي، وهذا النكاح الذي ذكرت يسمى نكاح الشغار، ويسميه بعض الناس الآن البدل، وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو غيرهن، من مولياته كبنت أخيه ونحو ذلك، على آخر، بشرط أن يزوجه الآخر ابنته أو أخته، أو غيرهما أو يزوج ابنه، هذا لا يجوز، سواء سمى مهرا أو لم يسم مهرا؛ لأنه ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أنه نهى عن الشغار في عدة أحاديث عنه عليه الصلاة والسلام، من حديث ابن عمر، وحديث جابر، وحديث أبي هريرة، وغيرهم، وقال عليه الصلاة والسلام: «لا شغار في الإسلام» (¬1) وقال: «الشغار أن يقول الرجل: زوجني بنتك وأزوجك بنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي» (¬2) وثبت في مسند أحمد وسنن أبي داود عن معاوية رضي الله تعالى عنه، أنه كتب إلى أمير المدينة في شخصين تزوجا بالشغار، وبينهما مهر، فأمره بأن يفرق بينهما، وقال: هذا هو الشغار، الذي نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا كان هناك مهر كالمعتاد، فليس بشغار، لكنه ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب تحريم الشغار وبطلانه، برقم (1415). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه، برقم (1416).

قول مرجوح وضعيف، والصواب أنه شغار مطلقا، سواء كان فيه مهر، أم لم يكن فيه مهر، إذا كان كل واحد شرط على الآخر التزويج، زوجني وأزوجك، أو لا أزوجك حتى تزوجني أو ما أشبهه من العبارات الدالة على أنه شرط، أما إذا خطب منه ووافق، ثم خطب الآخر ووافق، من دون مشارطة، فلا حرج في ذلك، الممنوع المشارطة، وأن هذا لا يزوج هذا إلا بشرط تزويجه موليته، وهذا فيه فساد كبير: من ذلك أنه جعل بضع هذه مهرا لهذه، هذا هو المعنى في الحقيقة، ومن ذلك أنه يفضي إلى إجبار النساء وظلمهن من أجل مصلحة الولي، ومن ذلك أنه يفضي إلى خصومات كثيرة، ونزاع، كلما حصل بين هذه وزوجها شيء، حصل بين الأخرى وزوجها شيء، وهذا يفضي إلى مفاسد لا تنتهي، ومن حكمة الله عز وجل ومن إحسانه إلى عباده، ومن رحمته لهم أن حرم هذا العقد، فالواجب على أهل العلم وعلى كل مسلم، أن يحذروا الناس من هذا العقد، وأن يمتثلوا أمر الرسول عليه الصلاة والسلام في ذلك، وفيما أحل الله غنية وكفاية عما حرم الله.

حكم نكاح البدل إذا لم يكن فيه اشتراط

9 - حكم نكاح البدل إذا لم يكن فيه اشتراط س: أنا رجل مسلم اتفقت أنا ورجل مسلم آخر، وزوجته أختي وزوجني بنته، وأنجبت بنته مني تسعة أولاد، وأنا أحبها لأنها صاحبة دين وخلق، هل زواجي صحيح؟ وإذا لم يكن صحيحا، فكيف أعمل جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذا الزواج فيه تفصيل، فإن كنت اشترطت عليه، واشترط عليك هذا الزواج، فهذا يسمى نكاح الشغار، وقد نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام، في الأحاديث الصحيحة، «والشغار أن يقول الرجل زوجني بنتك وأزوجك بنتي أو زوجني أختك وأزوجك أختي أو بنتي» (¬2) أو يقول له بنحو ذلك كبنت أخيه، أو نحو ذلك هذا يقال له الشغار، ويقال له عند بعض الناس نكاح البدل، فإذا كنت حين زوجته أختك، وتزوجت بنته، عن اشتراط بينكما، هذا يسمى نكاح الشغار، وعليكما أن تجددوا العقد، إذا كان واحد يرغب في زوجته، وهي ترغب فيه، فيجدد النكاح بمهر جديد، وشاهدين ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (248). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه، برقم (1416).

وتقول: زوجتك وهو يقول: زوجتك، أنت تقول زوجتك أختي، بمهر جديد ولو كان قليلا، بحضرة شاهدين عدلين، إذا كانت راضية، وهو كذلك إذا كانت بنته تريدك، يقول: زوجتك وتقول: قبلت، ولو بمهر قليل، كمائة ريال، أو مائتين أو أكثر بحضرة شاهدين، وينتهي الأمر والحمد لله، وما مضى معفو عنه؛ لأجل الجهل، وأولادكم لكم، وأولاده كذلك، كل واحد أولاده تابعون له، للجهل، والله يعفو عما سلف، بسبب الجهل، كما قال جل وعلا: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} فقال الله: قد فعلت؛ أما إن كنتما لم تشترطا، بل خطب منك وخطبت منه فقط، فالنكاح صحيح، ولا حرج، خطب أختك وخطبت بنته، بدون مشارطة فالنكاح صحيح، ولا حرج عليكما والحمد لله. /3

حكم تجديد عقد نكاح الشغار بعد وفاة إحدى المرأتين

10 - حكم تجديد عقد نكاح الشغار بعد وفاة إحدى المرأتين س: إنني ذهبت؛ لأتزوج من أحد أفراد جماعتي، وسبق لي أن تزوجت عدة مرات، ولدي بنون وبنات، ولكن النساء متن، فذهبت وخطبت من هذا الرجل الذي من الجماعة، وقال: لن أزوجك ابنتي إلا بشرط، أن تزوج ابني الأكبر ابنتك، فوافقت وتم الزواج

ولكل واحدة منهن مهر خاص بها، وغير متساو، وبرضا كل من ابنته وابنتي، وتم الزواج وبعد مضي خمسة أشهر من زواج ابنتي ماتت، وسؤالي الآن: ما حكم هذا الزواج وهل هو شغار؟ وهل بوفاة ابنتي إن كان شغارا، هل انتهى الشغار بوفاتها أم لا؟ أرجو التوجيه في هذه الأمور، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: نعم هذا النكاح شغار؛ لأنه ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام عن جماعة من أصحابه رضي الله عنهم، عن ابن عمر وأبي هريرة وجابر ومعاوية، أنه صلى الله عليه وسلم: «نهى عن الشغار» (¬2) والشغار مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أن يقول الرجل للرجل: زوجني ابنتك، وأزوجك بنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي» (¬3) هذا هو الشغار، فالذي ذكرته في السؤال شغار، وما دامت المرأة ماتت فأولادك لاحقون بك، وهم أولادك من أجل صفة النكاح، وعليك التوبة إلى الله والندم على ما حصل منك، وهكذا صاحبك عليه التوبة إلى الله، وعلى صاحبك الذي زوجته موجودة ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (106). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه، برقم (1416). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه، برقم (1416).

أن يجدد النكاح، عليه أن يجدد العقد؛ لأن العقد الأول فاسد، والأولاد لاحقون بآبائهم للشبهة، وعليه التوبة، كما أن عليك التوبة، وعليه أن يجدد العقد بعدما علم بحكم الشرع، يجدده من دون شرط المرأة الأخرى، يجدده بشاهدين، ولو ما توصلتما إلى المحكمة، ولو بالتزويج في البيت عند من ترون، بحضرة شاهدين والحمد لله.

بيان الحكمة من تحريم نكاح الشغار

11 - بيان الحكمة من تحريم نكاح الشغار س: هل يجوز أن يزوج أبي ولد عمي، وعمي يزوجني ابنته، علما بأن الجميع موافقون على هذا الزواج، والقصد القرابة والمودة بين الأخوين، وهل يدخل هذا الزواج في حكم الشغار؟ ما هو رأيكم؟ هل أتمم هذا الزواج أم لا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الشغار قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، في الأحاديث الصحيحة النهي عنه، قال: «والشغار أن يقول الرجل للرجل: زوجني ابنتك، وأزوجك بنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي» (¬2) هذا هو ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (166). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه، برقم (1416).

الشغار، أن يقول كل واحد للآخر: زوجني وأزوجك على سبيل المشارطة، هذا هو الشغار، أما إذا خطب أبوك بنت عمك لك، وخطب عمك بنت أبيك وهي أختك، لولده، أو لابن أخيه الكفء، فهذا لا بأس به، إذا لم يكن على سبيل المشارطة والإلزام، أما إذا كان على سبيل المشارطة، لا أزوج حتى تزوج، هذا هو الشغار المنهي عنه؛ لأنه جعل كل واحدة مهرا للأخرى، فهو عقد في عقد، فلا يجوز ذلك؛ ولأنه وسيلة إلى ظلم النساء، وإكراههن على الزواج بمن لا يرضين، ولأنه وسيلة أيضا للخصومات والنزاع الكثير، كلما حصل شيء بين الزوج وزوجته، تأست بها الأخرى، أو ألزمها وليها بذلك، حتى يكون النزاع مستمرا، فالحاصل أن الشغار هو أن يقول كل واحد للآخر: زوجني بنتك، أو نحوها من مولياته، وأنا أزوجك بنتي أو نحوها من مولياته، على سبيل الشرط والالتزام، أما إذا كان غير هذا الشرط، بل خطب منه وهذا خطب من الآخر، وكل وافق من دون مشارطة، فلا بأس بذلك ولا حرج، وإن تساوى المهر وإن تساوت التكاليف أو اختلفت، فلا بأس، ما دام كل خطب من الآخر، وكل وافق.

حكم الأطفال المولودين من نكاح الشغار

12 - حكم الأطفال المولودين من نكاح الشغار س: لي أعمام كل واحد عنده ولد وبنت، زوجوا أبناءهم من بعضهم، هل يسمى هذا بزواج الشغار؟ علما بأنهم أنجبوا أطفالا فما رأي سماحتكم بهذا الزواج؟ وهل هذا الزواج باطل؟ علما بأن كل زوجة من الزوجات لها مهر خاص، ولا يساوي مهر الأخرى، فهل في هذه الحالة يجب الطلاق، وهل الأطفال شرعيون أم لا، أفيدونا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: إذا كان الزواج بدون اشتراط، خطب هذا وخطب هذا، وزوج هذا، وزوج هذا بالرضا، فليس هذا شغارا، ولا حرج أن ينكح الإنسان ابنة عمه أو ابنة خاله، والآخر كذلك، لا حرج في ذلك، الشغار أن يكون عن شرط، زوجني وأزوجك، هذا هو الشغار إذا قال كل منهما للآخر: زوجني ابنتك، وأنا أزوجك ابنتي، أو زوج ولدي، وأنا أزوج ولدك، وما أشبه ذلك، هكذا جاء الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، لما سئل عن الشغار؟ قال: «والشغار أن يقول الرجل: زوجني ابنتك، وأزوجك بنتي، أو زوجني أختك ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (195).

وأزوجك أختي» (¬1) هذا الشغار، يعني مشارطة، هذا يشرط وهذا يشرط، أما إذا خطب هذا من هذا، وخطب هذا من هذا، من دون مشارطة فلا حرج في ذلك ولا يسمى شغارا، وإذا كان شغارا بالمشارطة، فالأولاد تابعون لآبائهم لأجل شبهة النكاح؛ لأن نكاح الشغار فاسد، وفيه خلاف بين أهل العلم، فالشبهة التي في صحة النكاح وفساده، توجب إلحاق الأولاد بآبائهم، ولكن ما دام كل يرغب في زوجته، فإنه يجدد النكاح، كل واحد يجدد النكاح، وإذا كانت زوجته لا ترغب فيه، فإنه يطلقها طلقة واحدة وتكفي، أما إذا كان يرغب فيها وهي ترغب فيه، فإنه يجدد النكاح إذا كان هناك مشارطة، فيزوجه وليها من جديد، بعقد شرعي ومهر شرعي، وبحضور شاهدين، ولا حاجة إلى عدة بل في الحال؛ لأن الماء ماؤه، إذا كانت حاملا فالماء ماؤه، الحاصل أنه يزوجه في الحال، أما إذا كان لا يرغب فيها، وهي لا ترغب فيه، فيطلقها طلقة واحدة، فإذا اعتدت تزوجها من شاءت، فينبغي الفهم لهذا المقام، وألا يشتبه مثل هذا المقام، فالمشارطة تجعل النكاح شغارا، وعدم المشارطة يجعل النكاح ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه، برقم (1416).

صحيحا، فالذي يقول لعمه أو لخاله: زوجني بنتك، وهو يقول أزوجك بنتي مشارطة، زوجني وأزوجك، يعني لا يرضى هذا إلا بزواج هذا، لا يعطيه ابنته حتى يعطيه ابنته، أو أخته حتى يعطيه أخته، هذا هو الشغار، أما إذا كان الرضا من دون مشارطة، فلا حرج في ذلك والحمد لله.

حكم العزوف عن الزواج من بنات العم مخافة الشغار

13 - حكم العزوف عن الزواج من بنات العم مخافة الشغار س: إذا عرض الوالد على الابن الزواج من ابنة عمه، فرفض ذلك؛ خشية أن يكون شغارا؛ لأن أخته مع أحد أبناء عمه، هل رفضه هذا يعتبر عقوقا للوالدين؟ (¬1) ج: لا ينبغي أن يرفض قول والديه، وليس هذا من الشغار، ما دام ابن عمه قد تزوج وانتهى من دون شرط، فليس هذا من الشغار. وإذا خطبت من بنات عمك، وأنت قد زوجتهم لا يضر، الشغار أن يكون شرطا بينك وبينه، زوجني وأزوجك، أما إذا خطب منكم وزوجتموه من دون شرط، ثم بدا لكم وخطبتم منه، فلا يضر ذلك. ¬

(¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (182).

س: يقول السائل إن لي بنت عم، أرغب الزواج منها، وكذلك هي، وفي المقابل ابن عم لي يرغب الزواج من أختي، وهي كذلك،

وذلك بناء على رغبة من الجميع، آباؤنا وأمهاتنا، والمهم أن جميع الأطراف متراضون تمام الرضا، ولا شروط بيننا ونعلم أن نكاح الشغار حرام، والمطلوب من سماحتكم يحفظكم الله أن تدلونا على الطريقة السليمة، والمثلى، حتى يكون الزواج صحيحا، وحتى ننجو من نكاح الشغار، ومن الإثم والحرام، وهل لا بد أن يدفع كل واحد من الزوجين أكثر من الآخر؟ (¬1) ج: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فنكاح الشغار كما ذكر السائل أمر لا يجوز، قد نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام، وهو أن يقول الرجل للآخر: زوجني ابنتك وأزوجك بنتي أو زوجني أختك وأزوجك أختي، أو ما أشبه ذلك، هذا هو نكاح الشغار بالمشارطة، أما إذا كان بغير مشارطة، الأطراف راضية كلها. وليس هناك شرط، بل هذا راض وهذا راض، والمرأة راضية فليس هذا بشغار، الشغار أن يكون بينهما شرط لا أزوجك حتى تزوجني، هذا هو الشغار، أما إذا كان كل واحد راغبا في زواج الآخر، ولو لم يتزوج الآخر هذا يزوجه ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (351).

أخته، وإن لم يزوج الآخر أخته، وهكذا بنته إنما اتفقوا من دون شرط أن هذا يزوجه أخته، وهذا يزوجه أخته أو بنته، بالتراضي وبدون شرط، فلا بأس به، وليس بشغار.

س: هل التفاضل في المهر أو الزيادة والنقصان يضر؟ ج: التفاضل لا لزوم له، سواء تساوت المهور، أو اختلفت، لا يضر، ما دام لكل منهما مهر.

حكم نكاح التحليل

14 - حكم نكاح التحليل س: الأخ/ س. ع. م، يسأل ويقول: رجل تزوج امرأة، على أن يحللها لزوجها الأول، وبعد الزواج رفض أن يطلقها، فما هو توجيهكم؟ (¬1) ج: إذا كانت النية تحليلها لزوجها، فهذا النكاح باطل، وصاحبه ملعون –نعوذ بالله من ذلك – الرسول صلى الله عليه وسلم «لعن المحلل والمحلل له» (¬2) هو نكاح ملعون صاحبه، وهو فاسد لا ¬

(¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (240). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه برقم (4296).

يحلها لزوجها الأول، ولا للثاني الذي نكح بنية التحليل، ولو رغب فيها، بل يجب عليه أن يطلقها طلقة واحدة؛ لإبطال هذا العقد الفاسد وإزالة شبهته، وبعد ذلك هي مخيرة، إن شاءت تزوجته، وإن شاءت تزوجت غيره، بعد خروجها من العدة، إذا كان وطئها إذا خرجت من العدة بثلاث حيض، إن كانت تحيض، أو بثلاثة أشهر إذا كانت كبيرة لا تحيض، أو صغيرة لا تحيض، إذا خرجت من العدة، فهي تنكح من شاءت غير زوجها الأول، حتى يتزوجها زوج شرعي ويطأها، إذا تزوجها زوج شرعي، ما أراد التحليل، ثم طلقها أو مات عنها، تحل لزوجها الأول، أما هذا الذي أراد التحليل ولو وطئها لا تحل لزوجها الأول، وهو عاص بعمله، معلون كما في الحديث، يجب عليه أن يفارقها بطلقة واحدة، ثم بعد التوبة وخروجها من العدة، له أن يتزوجها من جديد.

حكم نكاح المرأة الطالق بالثلاث من أجل تحليلها لمطلقها

15 - حكم نكاح المرأة الطالق بالثلاث من أجل تحليلها لمطلقها س: الأخ/ م. و. أ. من موريتانيا، ومقيم في ليبيا، بعث برسالة يسأل فيها هذا السؤال ويقول: ما هي كيفية رجوع المرأة الطالق بالثلاث، إلى زوجها السابق، بعد أن تزوجت بعده؟ وما هي الشروط

التي يجوز لها، ولأهلها أن يشترطوها على الزوج الجديد، بعد أن ينكحها؛ لكي يطلقها، لتحل لزوجها الأول، هل تجوز الشروط في مثل هذا الزواج؟ أفيدونا أفادكم الله وجزاكم خير الجزاء؟ (¬1) ج: لا يجوز أن يشترط عليه أن يطلقها، وأن ينكحها للتحليل، هذا محرم والرسول صلى الله عليه وسلم: «لعن المحلل والمحلل له» (¬2) وسماه «التيس المستعار» (¬3) فلا يجوز، لا بد أن يكون نكاح رغبة، إذا تزوجت إنسانا يرغب فيها، ثم طلقها بعد الدخول بها، يعني بعدما وطئها، ثم طلقها عن رغبته، لا عن شروط مشروطة عليه، فإنها تحل للأول، أما إذا نكحها الثاني من أجل أن يحللها للأول، فإنها لا تحل، بل هذا نكاح تحليل، صاحبه ملعون، إذا قصد ذلك نسأل الله العافية، لا بد في حلها للأول أن يكون النكاح الثاني نكاح رغبة، نكاحا شرعيا لا مشروطا على صاحبه أن يطلق، بل لا بد أن يطأها أيضا، ثم يطلقها باختياره، أو يموت عنها. ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (175). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه برقم (4296). (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب النكاح، باب المحلل والمحلل له، برقم (1936).

حكم نكاح المتعة

16 - حكم نكاح المتعة س: الأخ/ ع. ج. من العراق، يسأل ويقول: يقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم زواج المتعة في خطبته الشهيرة أثناء حجة الوداع، هل صحيح ما يقال؟ (¬1) ج: نعم، حرم نكاح المتعة في حجة الوداع، عليه الصلاة والسلام، قال: «إني كنت أذنت بالاستمتاع بالنساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة» (¬2) فالمتعة محرمة، وقال بعض أهل العلم، إنه حرمها مرتين، في حجة الوداع، وفي عام الفتح، ولكن في هذا نظر، وبكل حال فهي أصبحت محرمة، منسوخة، سواء كانت محرمة مرتين أو مرة واحدة، فهي أصبحت محرمة وممنوعة، فلا يحل نكاح المتعة، بل لا بد أن يكون النكاح عن رغبة، لا عن متعة، بإجماع أهل السنة والجماعة. ¬

(¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (202). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث سبرة بن معبد الجهني رضي الله عنه، برقم (14921).

حكم عقد النكاح على امرأة حامل

17 - حكم عقد النكاح على امرأة حامل س: السائل من الصومال يقول: انتشر في الوقت الحاضر دعوى

بين الناس، وفتوى تجيز العقد على المرأة الحامل غير المتزوجة، سواء للذي أحبلها أو لغيره، ويقول إن هذا الموضوع انتشر، ويرجو من سماحتكم معالجته، وتنبيه الناس إلى خطورته وبيان الحكم الشرعي فيه (¬1) ج: الحامل من الزنى أو من غير الزنى، لا يجوز العقد عليها حتى تضع، لقول الله عز وجل: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ولقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماءه زرع غيره» (¬2) ماؤه: منيه، وزرع غيره حمل غيره، فإذا كانت حاملا من مطلق أو ميت، فليس لها أن تتزوج حتى تضع الحمل، وإذا كانت حاملا من الزنى، فلا تتزوج لا بالزاني ولا بغيره حتى تضع؛ لأن رحمها مشغول بنطفة لا تنسب للزاني، ولا لغيره تنسب لأمه، فالزاني لا ينسب إليه الطفل، مثلما قال النبي ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (306). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث رويفع بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه برقم (16542).

صلى الله عليه وسلم: «الولد للفراش وللعاهر الحجر» (¬1) فالولد لأمه إذا كانت ليست للفراش، فإن كانت فراشا، فالولد لزوجها، والزاني له الحد الشرعي، فإذا حملت وهي ليست ذات زوج، فإنها لا يجوز تزوجها مطلقا، حتى تضع الحمل، فإذا وضعت الحمل، جاز لها التزوج، بعد التوبة، والرجوع إلى الله والإنابة ويجوز للمسلم أن يتزوجها بعد التوبة. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحدود، باب: للعاهر الحجر، برقم (6818)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب: الولد للفراش وتوقي الشبهات، برقم (1458).

حكم إعداد عقد زواج مزور من أجل رفع الراتب

18– حكم إعداد عقد زواج مزور من أجل رفع الراتب س: عندي فتاة لم تتزوج، وقد استغل أخ لي اسم هذه الفتاة، في عمل عقد زواج مزور، وقد شهد بالعقد شاهد زور، بأن الفتاة قد عقد قرانها على ابنه، وذلك لاستغلال ذلك العقد المزور، في رفع راتب ابنه، وقد تم هذا العمل المزور، وقد طلبت من أخي والشهود الزور الاحتكام إلى شرع الله، ولكنهم رفضوا ذلك فما حكم الشرع في هذه المسألة، وجزاكم الله خيرا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (49).

ج: هؤلاء يرفع أمرهم إلى ولي الأمر في البلد؛ ليعاقبهم بما يستحقون، يرفع أمرهم إلى ولي الأمر، هذه جريمة عظيمة، فالواجب رفع أمرهم إلى ولي الأمر، من المحكمة والأمير، حتى يعاقبوا بما يستحقون، والنكاح باطل، وهذا العقد باطل، لا يعول عليه، ما دام زورا، كذبوا عليها، وعلى وليها، فهو باطل، يرفع أمرهم إلى ولي الأمر في البلد، حتى يعاقب الرجل بما يستحق، ويعاقب الشاهدان إذا كانا يعلمان بما يستحقان، يعني يعاقب الرجل المزور والشهود الزور، بما يستحقون من العقاب الرادع، والنكاح الذي صدر عن التزوير باطل، والكسب حرام، الذي أخذه برفع الراتب، بأسباب أن ولده تأهل، هذا حرام؛ لأنه أخذه بطريق حرام، نسأل الله العافية.

بيان مبطلات النكاح

19 - بيان مبطلات النكاح س: يسأل ويقول: ما هي مبطلات الزواج شرعا؟ (¬1) ج: المبطلات أنواع: قد يتبين أنها أخته من الرضاعة، يبطل النكاح، يتبين أنها ابنته من الرضاعة، يبطل النكاح، يتبين أنها عمته من الرضاعة، يبطل النكاح، يتبين أنها خالته من الرضاعة، يبطل ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (384).

النكاح، يتبين أن العقد ما هو بصحيح وأنه تزوجها بدون ولي، أو بدون إيجاب وقبول، فيبطل النكاح الذي ادعوا أنه نكاح، وقد يبطل بأنه تزوجها في العدة قبل أن تخرج من العدة، أو لها زوج ما طلقها، فيبطل النكاح؛ لأنه تزوجها وهي ذات زوج، قد يبطل النكاح بأنه تزوجها في العدة، مات زوجها، وتزوجها قبل أن تكمل العدة فيبطل النكاح، فمبطلاته كثيرة، بينها العلماء.

حكم تزوج المرأة في العدة

20 - حكم تزوج المرأة في العدة س: السائل و. ح. من الجزائر يقول: عقد رجل على امرأة معتدة من وفاة زوجها، فما الحكم في هذه المسألة؟ (¬1) ج: إذا عقد عليها بعد العدة بشاهدين، ووجود وليها، لا بأس، الزواج يحضره أربعة: الزوج، والولي، والشاهدان، فإذا وجد الزوج والولي، والشاهدان العدلان، تم النكاح، أما تزويجها في العدة فباطل، لا بد أن يكون بعد العدة بعد خروجها من عدة الوفاة، أو عدة الطلاق، إن كان طلاقا، ثم يكون التزويج بعد ذلك، أما إذا كان الزواج في العدة فهو باطل. ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (388).

حكم إعلان النكاح

21 - حكم إعلان النكاح س: ما هي الطريقة المناسبة لإقامة مراسم الزواج والمآتم مأجورين؟. ج: الزواج يجب إعلانه عند أهل الزوج أو أهل الزوجة، حتى يعلمه الجيران، ويعلمه الناس، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعلان النكاح، حتى يعلم أنه نكاح ما هو بزنى، أما المآتم يجب تركها، يجب ترك المآتم والبدع.

بيان ما يجوز من الأفراح في الزواج

22 - بيان ما يجوز من الأفراح في الزواج س: سماحة الشيخ في الزواج أفراح، كيف تكون الأفراح في الزواج؟ (¬1) ج: الزواج يكون فيه الأفراح الشرعية، الدف الشرعي بحضور النساء من غير اختلاط بالرجال، بالدف المعروف، ذي الوجه الواحد، تضربه المرأة، وتغني الغناء المعتاد الذي ليس فيه فحش لا بأس بهذا؛ لأنه من إعلان النكاح، واجتماع النساء، وهكذا اجتماع الرجال عند الرجل، كله ¬

(¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (340).

من إعلان النكاح، وهكذا الوليمة من إعلان النكاح، هذا الزواج الشرعي.

حكم الإسراف في الوليمة

23 - حكم الإسراف في الوليمة س: سماحة الشيخ ما هو الحد الذي ترونه للوليمة ومقداره؟ (¬1) ج: لا يكون فيه إسراف، ويكون فيه اقتصاد، ولو بشاة أو شاتين مثلما قال النبي صلى الله عليه وسلم، لعبد الرحمن بن عوف قال: «أولم ولو بشاة» (¬2) فإذا أولم بشاتين فأكثر، بحسب الجماعة المدعوين يجعل لهم ما يكفيهم، والنبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان، أولم بوليمة كبيرة ودعا إليها من وجد قال: « .. بمن لقيت» (¬3) المقصود أنه يختلف، إذا كانت الوليمة لأناس محدودين، يكون بقدرهم، وإذا كان دعوة عامة يكون يحتاط بالشيء الذي يكفي، ¬

(¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (340). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الوليمة ولو بشاة، برقم (5167)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم القرآن وخاتم حديد، برقم (1427). (¬3) أخرجه البخاري تعليقا في كتاب النكاح، باب الهدية للعروس، ومسلم في كتاب النكاح، باب زواج زينب بنت جحش رضي الله عنها ونزول الحجاب وإثبات وليمة العرس، برقم (1428).

وينبغي له عدم التكلف، وإذا دعت الحاجة لوليمة كبيرة لكثرة أقاربه، أو كثرة جيرانه، فلا بأس.

حكم إجابة دعوة الوليمة

24 - حكم إجابة دعوة الوليمة س: هل إجابة الدعوة واجبة على النساء؛ لأني قرأت، أن من لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، خاصة إذا كانت الدعوة لزواج أقارب، أو أصدقاء، وسيكون في هذا العرس بعض الأخطاء، وإذا لم تذهب سوف تحصل مشكلة بين الأهل، أفيدونا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج- الأدلة عامة، والأحاديث عامة في وجوب الدعوة، في وجوب الإجابة بشرط ألا يكون فيها منكر، فإذا دعيت المرأة إلى وليمة، أو إلى عرس، وجب عليها الإجابة، بشرط أن يوافق زوجها، وأن يرضى زوجها، وأن تخرج متسترة متحجبة، بعيدة عن الفتنة، وألا يكون في محل الدعوة فتنة، بأن يكون محل الدعوة آمنا، ليس فيه فتنة، فإنها تجيب الدعوة، أما إذا لم يرض زوجها، ولم يسمح لها فلا تخرج إلا بإذنه، أو كان في الطريق خطر، كذلك لا تخرج، ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (6).

أو كان في محل الدعوة خطر، وفتنة من اختلاط الرجال بالنساء، أو منكرات في محل الدعوة، فإنها لا تخرج، وهكذا الرجل.

حكم تلبية دعوة من ماله حرام

25 - حكم تلبية دعوة من ماله حرام س: هل للمسلم أن يلبي دعوة شخص مراب، يتعامل بالحرام، دعاه إلى وليمة مع علمه بذلك؟ (¬1) ج: إذا كان الداعي ممن يتعاطى الحرام، مأكله ومشربه من الحرام، فلا ينبغي أن يجاب؛ لأن هذا فيه تساهل، وإقدام على شيء من الحرام، أما إذا كان له دخل آخر من الحرام والحلال، فهذا يجوز؛ لأنك لا تدري هل المقدم حلال أو حرام، فأصحاب الدخول المختلفة، التي فيها الحلال والحرام، أمرهم أوسع ولكن إذا ترك الإنسان ذلك من باب التأديب، من باب النصيحة، من باب الإنكار، لعله يستجيب، لعله يترك ما حرم الله عليه، فهذا أحسن، ولا سيما إذا كان الترك لا يترتب عليه فوات مصلحة عظمى، ولا حصول مفسدة كبرى، فأما إذا كان حضوره في هذا الطعام المشتبه، يتضمن مصلحة ودعوة إلى الخير، وإنكارا للمنكر وتعليما للخير، فحضوره ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (101).

أولى وأنفع في هذه المسألة؛ لأن المال مشتبه ومختلط.

حكم تغيير الملابس في قصور الأفراح للنساء

26 - حكم تغيير الملابس في قصور الأفراح للنساء س: ما هو حكم تغيير الملابس في قصور الأفراح للنساء، هل هو حرام أو جائز؟ (¬1) ج: إذا كان في محل مستور، لا يطلع عليها أجنبي فلا بأس، وأما مكان الأفراح والقصور، فهو محمول على التساهل، فلا ينبغي التغيير فيه، أما إن كان التغيير في محل مصون، أو في بيت أخيها، أو عمها أو أبيها، أو نحو ذلك، فلا بأس، بشرط أنها في محل مصون. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (335).

حكم ترك حضور حفلات الزواج تحرجا

27 - حكم ترك حضور حفلات الزواج تحرجا س: السائلة/ أم محمد، من الرياض تقول: أنا امرأة أكره الذهاب لحفلات الأعراس، ولكن الجميع يغضب مني، ويريد دليلا على التحريم أو الكراهية، أرجو التوضيح؟ (¬1) ج: المشروع حضور الزواج، حضور حفل الزواج من الرجل والمرأة، المرأة مع النساء، والرجل مع الرجال، لإعلان النكاح، والنبي ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (275).

صلى الله عليه وسلم أمر بإعلان النكاح، واجتماع النساء ليلة العرس موجود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أزواج النبي يحضرن ذلك، وهن خير النساء وأفضل النساء، فلا ينبغي التحرج من ذلك، إذا كان الاحتفال ليس فيه منكر، أما كون النساء يلبسن ملابس جميلة، هذه من عادة الناس في الزواج، لبس الملابس الجميلة، وتحري الملابس الجميلة، هذا غير مستنكر، كذلك ضرب الدف والغناء العادي بين النساء لا بأس بذلك، كل هذا من إعلان النكاح، إذا كن وحدهن، ليس فيه اختلاط، فننصحك بعدم التأخر، وعدم التشويش على غيرك، وإذا حضرت ورأيت منكرا، ورأيت شيئا ما يناسب انصحي، ووجهي إلى الخير وأعيني على الخير، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» (¬1) ويقول صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (¬2) هذا أمر ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره، برقم (1893). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، برقم (49).

للرجال والنساء.

حكم تلبية دعوة الزواج إذا اشتمل على منكرات

28 - حكم تلبية دعوة الزواج إذا اشتمل على منكرات س: هل يجب على المرأة تلبية دعوة الزواج، وخاصة أنه قد يحدث بعض المنكرات، فهل توجهونهن بالنصيحة؟ (¬1) ج: نعم إذا كان هناك منكرات كثيرة، فلا تحضر منكرا، أما إذا كان لا يوجد منكر، فالحضور مشروع، والدعوة مشروعة، لكن إذا كان هناك منكر، مثل الخمر وآلات الملاهي، فلا تحضر، معذورة، إلا إذا كان حضورها يترتب عليه إنكار المنكر، تحضر حتى يزال المنكر، تجمع بين المصلحة، وبين إجابة الدعوة، وإزالة المنكر، أما إذا كان حضورها لا يؤثر، ولا يسمع لها، ولا يطاع لها، فإنها لا تحضر. ¬

(¬1) السؤال الرابع والثلاثون من الشريط رقم (363).

حكم ترك إجابة الدعوة بسبب تكلفة شراء الملابس

29 - حكم ترك إجابة الدعوة بسبب تكلفة شراء الملابس س: تقول السائلة: إذا كانت الدعوة لحضور حفل الزواج تكلف المدعوة مبالغ كبيرة، من أجل ملابسها وزينتها، فهل الأفضل تلبية الدعوة مع تلك التكاليف، أو أبقى في منزلي لوقت آخر، ثم أصل

للمباركة فقط؟ (¬1) ج- الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بإجابة الدعوة، فقال عليه الصلاة والسلام: «للمسلم على المسلم ست خصال: منها أن يجيبه إذا دعاه» (¬2) وقال: «من لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله» (¬3) فإجابة الدعوة لوليمة العرس، أو لغيرها من الولائم السليمة أمر مشروع، فإذا كانت إجابة الدعوة تكلف المدعوة شيئا يشق عليها، فهذا عذر شرعي، كأن تكون المسافة طويلة، يحتاج معها إلى سيارة وإلى كلفة، أو تحتاج إلى ملابس لا تستطيعها، بل تشق عليها، أو إلى أشياء أخرى في عرف الناس تشق عليها، فهذا عذر شرعي، أما إن كانت لا تكلف شيئا يشق عليها، وإنما ملابسها عندها تلبسها كالعادة هذا ليس بعذر، تلبس الملابس، أو يلبس الملابس الرجل، ويذهب كعادته ¬

(¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (78). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (675). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب من ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله، برقم (5177)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة، برقم (1342).

كما يلبس الملابس يوم الجمعة، ويوم العيد فيلبس الملابس المناسبة لهذه الوليمة، وتلبسها أيضا كذلك، وتجيب الدعوة إذا كان محل الدعوة ليس فيه منكر، أما إذا كان محل الدعوة فيه منكر، كوجود أغان منكرة أو سينماء منكرة، أو أشياء غير ذلك، مما ينكر، آلات الملاهي وضرب العود وأشباه ذلك، مما هو منكر في الشرع، أو اختلاط رجال بنسء، فهذا كله يمنع إجابة الدعوة. أما الشيء العادي مثل ضرب الدف، والأغاني المعتادة في النكاح بين النساء خاصة، فهذا لا بأس به، ولا حرج فيه، المقصود والضابط: إن كان هناك منكر لا يزول بحضورها، أو بحضوره، فهو عذر شرعي في عدم الحضور، فأما إن كان هذا المنكر يزول بحضوره أو بحضورها؛ لأنها تنكره، أو لأنهم يهابون حضوره أو حضورها، فيدعون المنكر، فإن الواجب الحضور حينئذ؛ لإزالة المنكر مع إجابة الدعوة، ولا يجوز لها الإسراف من أجلهم، وهو الزيادة عن الحاجة المطلوبة، والمناسبة، والتبذير هو صرف المال في غير وجهه، والإسراف الزيادة، فإذا كان هناك إسراف متحقق لا يليق فليس ذلك جائزا لها، وليس لها فعله من أجل هذه الدعوة، وإنما تلبس الملابس المعتادة، في حليها أو في ملابسها المعتادة لأمثالها.

حكم لبس الفستان الأبيض ليلة الزفاف

30 - حكم لبس الفستان الأبيض ليلة الزفاف س: م. ع. سائل من مصر يقول: تريد زوجتي يوم زفافنا إن شاء الله لبس فستان الفرح الأبيض، وعليها خمار يستر وجهها وجيدها، علما بأنها وهي في طريقها إلى السيارة التي ستقلنا إلى شقتنا، سيراها الرجال الأجانب، ناهيك عن سائق التاكسي الذي سيراها أيضا، وأنا جالس بجوارها، أرجو إفادتي وكيفية التصرف علما بأن زوجتي أخبرتني أنها سمعت سماحتكم تقول في أحد الأشرطة: إنه يجوز للعروس، وهي تزف إلى زوجها لبس هذا الفستان؟ (¬1) ج: هذا الفستان إذا كان من ملابس النساء، وليس من ملابس الرجال وليس فيه تشبه بالرجال، بل هو من لبس النساء وليس فيه تشبه بالكافرات، فلا بأس به، لكن ينبغي أن يكون فوقها شيء يسترها عن الرجال، حالة ذهابها إلى محل الزواج، كالعباءة ونحوها مما يستر زينتها وجمالها، وليس لها أن تكشف نفسها من حلي ومن ملابس جميلة؛ لأن ذلك فيه فتنة، فعليها أن تستر نفسها بالعباءة والجلال ونحو ذلك، مما يستر زينتها عن الرجال؛ لقوله سبحانه: ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (172).

{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} الآية، أما هذا الأبيض إذا كان من لبس النساء، وليس من لبس الرجال في كيفيته وحالته، فإنه لا يكون فيه تشبه بالرجال، إلا إذا كان فيه تشبه بالكافرات، فلا يجوز؛ لأن المرأة منهية عن التشبه بالرجال، ومنهية عن التشبه بالكافرات، وهكذا الرجل منهي عن التشبه بالنساء، ومنهي عن التشبه بالكفار، والستر مطلوب للنساء عن الأجانب في الطريق وفي غيره.

حكم المغالاة في قصور الأفراح

31 - حكم المغالاة في قصور الأفراح س: ما حكم المغالاة في قصور الأفراح، ولا سيما أن بعض الناس، اتخذها عادة، ويشترط لزواج ابنته أن يكون فرحها في القصر الفلاني، وهي تثقل كاهل العريس، ما هو توجيه سماحتكم حول هذا الموضوع؟ (¬1) ج: لا ريب أن السنة عدم التكلف في المهور والولائم، من أجل تسهيل زواج الشباب والفتيات، فينبغي لأهل الزوج ولأهل الزوجة، عدم التكلف في هذه الأمور، وأن يتواصوا بترك التكلف، ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (76).

وأن يتواصوا أيضا بقلة المهور؛ تشجيعا للشباب على الزواج، وحرصا على تزويج الفتيات، وعدم بقائهن في البيوت، وقصور الأفراح كذلك مما يثقل كاهل أهل الزوج، أو أهل الزوجة في بعض الأحيان، كذلك مثل الولائم والتوسع في الوليمة، يشق عليهم أيضا فالمشروع للجميع عدم التكلف، لا لأهل الزوج، ولا لأهل الزوجة، المشروع للجميع عدم التكلف، خير الصداق أيسره، خيرهن أقلهن مؤنة، فينبغي للمؤمن ألا يتكلف في هذه الأمور، ولكن يفعل السنة، النبي عليه السلام، قال لعبد الرحمن: «أولم ولو بشاة» (¬1) والنبي أولم على زينب بخبز ولحم، ودعا الناس إلى الوليمة، فكل من دخل أكل، المقصود: أن جنس الولائم مشروع في النكاح، لكن ينبغي للمسلمين في هذا عدم التكلف بالاستكثار من الولائم، وجعل الطعام الكثير الذي قد يفضي إلى جعله في القمائم، والمحلات التي ينبغي تنزيه الطعام عنها، وبعده عنها، وأن يبعث إلى الفقراء والمحاويج، المقصود أن كثرة الولائم تفضي إلى هذا، تفضي إلى أن يلقى الطعام واللحوم في الزبالات والقمائم، أو في ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الوليمة ولو بشاة، برقم (5167)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم القرآن وخاتم حديد، برقم (1427).

محلات يرغب إبعاده عنها، مع حاجة الفقراء إلى هذا المال، وهذا الطعام الذي دعت الحاجة إلى وضعه في القمامة، لعدم علم بعض الناس بالفقراء، وعدم قدرتهم على وصوله إليهم، فالحاصل أن التسامح في هذا وعدم التكلف، هو الذي ينبغي لأهل الزوج والزوجة جميعا، لكن إذا دعت الحاجة إلى قصر، لأنهم ليس عندهم بيت، يستطيعون فيه الزواج، فالأمر في هذا واسع، لكن لا ينبغي التكلف، ينبغي أن يكون القصر خفيف المؤنة، حتى لا يقع التكلف، وإذا اكتفوا بقصورهم، ولم يتكلفوا بدعوة الكثير من الناس، فالأمر في هذا أوسع وأحسن، الحمد لله المهم إعلان النكاح، فإذا أعلنوه ولو بشاة، أو شاتين في بيوتهم، ودعوا بعض الناس الذين يعز عليهم دعوتهم، ويحبون دعوتهم في محلاتهم وبيوتهم، ولم يتكلفوا، هذا أكمل وأفضل، حتى لا يكون هناك مشقة على أحد، وحتى لا تتعطل البنات، ولا يتعطل الشباب، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

بيان أن وليمة العرس من إعلان النكاح

32 - بيان أن وليمة العرس من إعلان النكاح س: أنا تزوجت العام الماضي، ولم أعمل في زواجي حفلات

لأنني خفت من اختلاط الرجال والنساء، فقال لي بعض الناس: الحفلة لازمة حتى تعلن النكاح، وأخشى إن عملت الاحتفال أن يحدث الاختلاط، فأتحمل الإثم، وجهوني كيف أتصرف جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: الواجب إعلان النكاح، حتى يعلم الناس أن فلانا تزوج، وفلانة تزوجت، لأن عدم الإعلان يجعله كالزنى، فالواجب إعلان النكاح، بالحفلة التي تكون ليلة الزفاف، ولو على قهوة وشاهي ما هو لازم وليمة، لكن السنة وليمة، النبي عليه الصلاة والسلام، قال: «أولم ولو بشاة» (¬2) وقد أوجب ذلك بعض أهل العلم، وليس من اللازم تكبيرها، بل أولم وليمة خفيفة، ولو بشاة أو شاتين، تدعو لها من تحب من إخوانك الطيبين، والنساء مع النساء، إذا كان لك أقارب، وخوف الاختلاط ليس مانعا من الوليمة، والاحتفال الشرعي، عليك أن تحتفل الاحتفال الشرعي بإعلان النكاح، وجمع المشيعين لك، سواء قليلين أو كثيرين على قهوة أو عشاء، وتمنع ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (230). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الوليمة ولو بشاة، برقم (5167)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم القرآن وخاتم حديد، برقم (1427).

الاختلاط، بالقوة لا تجعل اختلاطا، النساء مع النساء، والرجل عنده قوة مع إيمان يمنعه من الاختلاط، أما أن تدع المشروعات خوف الاختلاط، هذا جبن وضعف لا يليق بالمؤمن، بل يجب أن يكون عنده من القوة ما يمكنه من إقامة السنن والمشروعات، ومنع ما حرم الله، تمنع الاختلاط وتقيم ما شرع الله، وإلا فلا تدع النساء بالكلية، ادع الرجال، وأقم الاحتفال بالرجال فقط والحمد لله، وضع الوليمة بما يسر الله من شاة، أو شاتين، أو أكثر من ذلك، تدعو لها الجيران والأقارب، والخلاصة: أن لا بد من إعلان النكاح، ولو بجمع الناس على شاي، حتى يعلم الناس أنه نكاح، ويستحب الضرب عليه بالدف، بضرب النساء بالدف، ولو قليلا، ولو ربع ساعة أو نصف ساعة، بالدف للنساء خاصة، بدون اختلاط.

حكم الاقتصار على دعوة الأقارب لحفل الزواج

33 - حكم الاقتصار على دعوة الأقارب لحفل الزواج س: يقول هذا السائل الذي رمز لاسمه بـ أ. أ. أ. من ليبيا: سماحة الشيخ ما رأيكم في إشهار النكاح، وما رأي سماحتكم في جعل الزواج في نفس البيت، ودعوة الأقارب فقط؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (391).

ج: إشهار النكاح واجب، حتى يتميز حتى لا يكون زنى، إشهاره وإعلانه وصنع وليمة، بدعوة جمع من الأقارب، يحضرون إلى الزواج ولو في البيت، ولو ما راح إلى محلات الأعراس، قصور الأفراح، في بيته يكفي، ولا ينبغي التكلف؛ لأن التكلف قد يمنع الناس من الزواج، وقد يسبب تعطيل الشباب والشابات، فالسنة عدم التكلف، وإذا دعا بعض الجماعة في بيته، هذا كله من الإعلان، لا بأس يكفي هذا.

حكم وليمة العرس

34 - حكم وليمة العرس س: ما حكم من لم يولم في زواجه؟ وهل يتأثر عقد النكاح بهذا؟ وهل يعتبر عاصيا للرسول صلى الله عليه وسلم عندما أمر عبد الرحمن بن عوف حين زواجه أن يولم ولو بشاة؟ (¬1) ج: الوليمة سنة مؤكدة ولو بشاة، كما قال صلى الله عليه وسلم: «أولم ولو بشاة» (¬2) لعبد الرحمن بن عوف، لكن لا يؤثر في النكاح، النكاح صحيح، ولو لم يحصل هناك وليمة، إذا تمت ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (185). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الوليمة ولو بشاة، برقم (5167)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم القرآن وخاتم حديد، برقم (1427).

شرائطه وأركانه فهو صحيح، وإن لم يولم، لكن كونه يولم بما تيسر هو السنة، وهو الذي ينبغي، والقول بوجوب الوليمة قول قوي، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بها «أولم ولو بشاة» (¬1) فالقول بالوجوب له قوة؛ ولو بالشيء اليسير حسب الطاقة، وترك ذلك خلاف السنة، لكنه لا يؤثر في النكاح، ولا يبطله، فالنكاح صحيح إذا استوفى شروطه وأركانه. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الوليمة ولو بشاة، برقم (5167)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم القرآن وخاتم حديد، برقم (1427).

شرح معنى حديث أولم ولو بشاة

35 - شرح معنى حديث: «أولم ولو بشاة» س: هل يجوز ذبح أكثر من شاة واحدة، في الوليمة، وما معنى حرف (لو) في الحديث، «أولم ولو بشاة»، وهل هي للتكثير أم للتقليل؟ (¬1) ج: الحديث «أولم ولو بشاة» (¬2) قاله النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف، وهي للتقليل، يعني ولو كان المولم به شاة، هذا يدل على أن الأفضل هو الأكثر شاتان، ثلاث أو أربع، حتى يكون الجمع أكثر الذين يستفيدون من هذا الزواج، ومن وليمة ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (378). (¬2) صحيح مسلم النكاح (1427)، سنن الترمذي البر والصلة (1933)، سنن النسائي النكاح (3388)، سنن أبو داود النكاح (2109)، سنن ابن ماجه النكاح (1907)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 271)، موطأ مالك النكاح (1157)، سنن الدارمي النكاح (2204).

الزواج، وحتى يكون إعلانه أكثر وأظهر.

حكم الاقتصار على ذبح شاة واحدة

36 - حكم الاقتصار على ذبح شاة واحدة س: السائل أبو عبد الله يقول: في وليمة العرس، أجمع أهل المتزوج وأقربائي على خروف، أو خروفين كوليمة، ولا أدعو غيرهم، وأقتصر على ذلك، فهل في ذلك حرج يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: ليس في ذلك حرج، المقصود إعلان النكاح وهذا إعلان، والحمد لله ما فيه شيء، وإن زدت ودعوت زيادة على هذا، من أجل المبالغة في الإعلان فهو حسن، لكن لا ينبغي الإسراف ولا التكلف، على حسب طاقتك. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (370).

حكم عادة مساعدة العريس بالمال أو غيره

37 - حكم عادة مساعدة العريس بالمال أو غيره س: عندنا سنة الوليمة في الزواج، يكون هناك دفتر، يسجل عليه أسماء الذين يدفعون نقودا للعريس، وعندما تكون هناك الوليمة عند أحد الذين دفعوا للعريس، يخرج العريس الأول الدفتر، ليرى كم دفع له هذا العريس الثاني، ثم يدفع هو زيادة على ما دفعه

له الأول، فهل في هذا شيء من الحرمة، وهل هو نوع من الربا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك، ولو كان عادة لهم، لا حرج والحمد لله، من باب المساعدة والتعاون على الخير، وهذه عادة بين الناس، مساعدة العريس بالمال، وبغير المال من الأشياء الأخرى، كل هذا تختلف فيه عادات الناس، هذا يدفع دراهم، وهذا يدفع أشياء أخرى، فالمقصود أن هذه العادات لا حرج فيها في التعاون على الخير، والبر والتقوى، ولا بأس إن شاء الله. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (312).

س: ما حكم المساعدة وهي الإتيان بشيء، خروف، أو مال لصاحب العرس؟ (¬1) ج: هذا مستحب مساعدته، إذا كان في حاجة مساعدته، وإذا كان عرف البلد كذلك، إذا كان في عرف البلد يساعد، أو إذا كان فقيرا يساعد، كل هذا أمر مطلوب إن كان عرفا سوعد، وإن كان فقيرا سوعد. ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (364).

بيان كيفية التصرف في فائض الولائم

38 - بيان كيفية التصرف في فائض الولائم س: رسالة بعث بها أحد الإخوة المستمعين ح. ع. م يقول فيها: إنني أعمل في مطبخ، وفي قصر للأفراح، والمشكلة التي تواجهني أنا وزملائي أننا في كل زواج يتم ذبح غنم، في الغالب من عشر إلى ثلاثين، حسب طلب صاحب الزواج، ويتم توزيعها بأكملها على التباسي، والصحون، إلا أنها لا تؤكل كلها، مما يضطرنا إلى وضعها في الزبالة، فماذا توجهوننا نحن كعمال، وبماذا توجهون الناس حول هذا الذي نراه من الإسراف والتبذير؟ (¬1) ج: هذه اللحوم التي تفضل عن الحاجة، الواجب أنها توزع على الفقراء، توزع في الحارات التي فيها الفقراء، أو تعطى الجمعيات التي تقوم بهذا الواجب، توزع في الجمعيات التي تقوم بهذا، والواجب عليكم وعلى صاحب المطعم، الواجب عليكم جميعا، أن تفعلوا ما تستطيعون، إما توزيعها على الفقراء، أو تسليمها للجهات التي توزعها، ولا يجوز وضعها في الزبالة، بل تحفظ حتى تسلم للفقراء، أو للجمعيات المتبرعة بتوزيعها بين الفقراء. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (312).

س: هل من كلمة إلى أصحاب المناسبات يا سماحة الشيخ عبد العزيز؟ (¬1) ج: نوصي جميع أصحاب المناسبات في زواج أو غيره، أن يحرصوا على إيصال فضل الطعام إلى الفقراء والمساكين، فلا يجوز طرح ذلك في الزبالة، ولا في مكان غير مناسب ممتهن، بل يجب حفظ الطعام في الثلاجات، حتى يوصل إلى الفقراء والمساكين، وإن كان ولا بد، لا فقراء ولا مساكين، ولا جمعيات يوضع في مكان نظيف، بعيدا عن الامتهان، في البرية يذهب به إلى البرية، في مكان نظيف بعيد عن الطرقات، تأكله السباع والكلاب والطيور، ولا يمكن أن يمتهنه أحد، إذا لم يتيسر دفعه للفقراء والمساكين أو لجمعيات الإغاثة، الجمعيات التي توزع على الفقراء. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (312).

حكم استمرار حفلات الزواج لعدة أيام

39 - حكم استمرار حفلات الزواج لعدة أيام س: تقول السائلة: ما رأيكم فيما يجري بحفلات الزواج، من إسراف وتبذير، حيث تستمر هذه الحفلات عدة ليال؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (205).

ج: الواجب الحذر من الإسراف والتبذير، أما الوليمة فهي سنة في العرس، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف: «أولم ولو بشاة» (¬1) وقد أولم النبي صلى الله عليه وسلم على زينب وليمة عظيمة، ودعا إليها الناس، من الخبز واللحم عليه الصلاة والسلام، وأولم على صفية بحيس من التمر والسمن والأقط، فالوليمة سنة، تارة تكون باللحم والطعام والخبز والرز وغير ذلك، وتارة بالحيس ونحوه بغير لحم، كالتمر والسمن والأقط، يقال له: حيس، أو بالثريد على حسب حال الناس، وقدرتهم، لكن لا يجوز الإسراف والتبذير، بل يجب الاقتصاد حتى لا يضيع الطعام، ولا يصرف في غير محله، أما إذا وضع طعاما للناس، وبقي شيء فإنه يتصدق به على الفقراء والمحاويج، ولا يلقى في القمائم، ولكن يتصدق به على المحتاجين، وإذا لم يوجد محتاج يوضع في مكان نظيف طيب، حتى تأكله السباع والدواب، أو يأخذه الناس لبهائمهم، ولا يلقى في القمامة، ولا في محل ممتهن، بل يوضع في محل نظيف، في محل بعيد، عن الامتهان حتى يأخذه من يحتاج ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الوليمة ولو بشاة، برقم (5167)، ومسلم في كتاب النكاح، باب الصداق وجواز كونه تعليم القرآن وخاتم حديد، برقم (1427).

إليه، أو تأكله الدواب، إذا بقي شيء من الوليمة، مع تحري الاقتصاد وتحري عدم إضاعة المال.

حكم حضور مناسبات الزواج والمآتم المخالفة للسنة

40 - حكم حضور مناسبات الزواج والمآتم المخالفة للسنة س: يقول السائل: معظم مناسبات الزواج والمآتم عندنا، مخالفة للسنة، مثلا في الزواج: غناء واختلاط، وفي المآتم جمع بعد الدفن، هل يجوز لي الذهاب للتعزية بدون الجلوس معهم، وفي الزواج إذا دعيت للوليمة ولم يبدأ وقت الحفل، ولا الاختلاط، هل يجوز لي الذهاب، علما بأن عدم ذهابي يترتب عليه مقاطعات، وردود فعل عنيفة منهم؟ (¬1) ج: إذا استطعت أن تذهب وتعلمهم وتنكر المنكر، هذا هو واجبك، تذهب وتعلم وتنكر المنكر، في المآتم وفي الزواجات، وإذا لم تستطع ذلك فلا حرج عليك أن تترك الذهاب إليهم، وإذا قاطعوك فهم الآثمون، أما أنت فقد فعلت ما شرع الله لك، من ترك حضور المنكر، لكن لو حضرت وأنكرت واستطعت ذلك، فتحضر وتنكر المنكر في المأتم، وفي حفل الزواج، والغناء في الزواج إذا كان من النساء، لا حرج بينهن، الأغاني التي يحتاجها الناس في ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (199).

الزواج يمدحون الزوج والزوجة وأهل الزوج وأهل الزوجة، ونحو ذلك بالدف لا بالعود، ولا بالطبل، ولا بالمزامير، هذا لا بأس به، وهذا من إعلان النكاح، وكان يفعل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، أما إذا كان في اختلاط الرجال والنساء في الأعراس، واستعمال ما حرم الله من المزامير، والعود والطبول وأشباه ذلك، فإنك لا تحضر، بل إن استطعت أن تحضر وتنكر لعلهم يستجيبون لك، وجب أن تحضر وتنكر المنكر، وهكذا في المآتم، إذا كان المأتم من أهل الميت، يحيون أياما وليالي ويصنعون طعاما للناس، ويحيون المأتم هذا منكر، يعلمون، هذا من أمر الجاهلية، هذا لا يجوز، ولكن يشرع لهم أن يقبلوا الطعام من غيرهم، إذا صنع لهم أقاربهم أو جيرانهم طعاما يقبلونه، هذا مشروع للجيران والأقارب، أن يصنعوا لأهل الميت طعاما؛ لأنهم قد شغلوا بميتهم، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لأهله: لما جاء نبأ جعفر يوم مؤتة، أمرهم أن يصنعوا لأهله طعاما: «اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم» (¬1) فإذا صنع ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما، برقم (1754).

الجيران أو الأقارب طعاما لأهل الميت، ودعوا إليه من يأكل معهم، من جيرانهم فلا بأس بذلك، ولا بأس بأنهم يصبون الشاي أو القهوة لمن جاء يعزيهم، لا بأس بذلك، لكن يجتمعون على طبول أو أغان، أو ملاه أو يصنعون هم طعاما للاس، من أجل الميت، هذا هو الذي لا يجوز، أما إذا جاءهم ضيف، من بعيد وصنعوا طعاما له ولهم، لا بأس بهذا، أو صبوا له القهوة أو صبوا له الشاي، إذا جاء يعزي وأسقوه شرابا لا بأس بذلك، هذا من مكارم الأخلاق، أما أن يجتمعوا اجتماعا خاصا؛ من أجل الميت على الطبول أو المزامير، أو على الذبائح والأكل ونحو ذلك، هذا هو الذي من أعمال الجاهلية، لا يجوز أن يصنع أهل الميت، ولكن يصنع الناس لهم، يهدون إليهم طعاما، من جيرانهم، وأقاربهم، لأنهم شغلوا بمصيبة، والسنة أن يهدى لهم طعام من جيرانهم وأقاربهم، وإذا جاءهم الطعام وهو كثير، ودعوا إليه من يأكل معهم، فلا بأس بذلك، ولا حرج في ذلك.

بيان ما يجوز من الدف والغناء في الأفراح

41 - بيان ما يجوز من الدف والغناء في الأفراح س: أنا مقبل على الزواج، ولكن يمنعني من ذلك أسلوب الزواج عندنا، حيث إنه لا بد أن تقام حفلة العرس، لمدة يومين بما تحويه من غناء فاحش، ورقص ولهو واختلاط بين الرجال والنساء، ولا شك أن هذا مناف للدين، وكل من أراد الزواج من الشباب، لا بد أن يفعل هذا، وإلا سوف لن يجد من يرضى به، فماذا يجب علي أن أفعل في مثل هذا الحال، وما هو الحد المشروع من اللهو والغناء، وهل الضرب على الطبول مشروع، وهل يتحتم علي السفر إلى بلاد أخرى بحثا عن زوجة صالحة، وطريقة إسلامية في الزواج؟ صاحب هذه الرسالة هو أخونا من ليبيا؟ (¬1) ج: لا ريب أن كثيرا من الناس لا يتقيد بالمشروع في الزواج ولا في غيره، والواجب على المسلمين أن يتقيدوا بشرع الله في الزواج، وفي غيره، أينما كانوا، في المملكة العربية السعودية أو في ليبيا، أو في المغرب الأقصى، أو في الجزائر، أو في تونس، أو في أي مكان، الواجب على أهل الإسلام التقيد بالأمر الشرعي، وأن ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (105).

يتواصوا بذلك، ويتعاونوا عليه، كما قال الله سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} وقال سبحانه: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} فلا بد من التواصي بالحق، ولا بد من التواصي بالصبر، في أمر الزواج وغيره، وفي جميع الأمور التي تقع بين المسلمين، فيتعاونون في إقامة الصلاة في الجماعة، وفي أداء الزكاة، وفي صيام رمضان، وحفظه عما حرم الله، وفي أداء الحج مع الاستطاعة، وفي بر الوالدين وفي صلة الأرحام، وفي ترك الغيبة والنميمة، وسائر المعاصي وفي ترك الكذب وشهادة الزور، وفي ترك ظلم الناس في الأموال والأعراض، والدماء إلى غير ذلك، والواجب على أهل الإسلام أينما كانوا، ذكورا كانوا أو إناثا أن يتقوا الله، وأن يتعاونوا على طاعة الله ورسوله، وأن يتعاونوا أيضا على ترك ما حرم الله ورسوله، وبذلك تحصل لهم السعادة والنجاة، في الدنيا والآخرة، ومن هذا أمر الزواج، يجب أن يكون الزواج على

الطريقة الشرعية، ليس فيه تكلف ولا إسراف ولا تبذير، بل يجب القصد في كل شيء، وعدم التكلف، حتى يكثر الزواج، وحتى يحصل عفة النساء والرجال جميعا، فالشباب بحاجة إلى الزواج، والنساء كذلك في حاجة إلى الزواج، والتكلف هو تعاطي ما حرم الله من المنكرات، كل هذا مما يسبب تعطيل النكاح وبقاء الشباب والفتيات من دون زواج، فلا يجوز اختلاط الرجال بالنساء في الأعراس، ولا في غيرها، بل يجب أن يكون النساء في محل خاص على حدة والرجال على حدة، وأن تكون الوليمة مقتصدة ليس فيها تكلف، ولا شيء يشق على الزوجة وأهل الزوجة، بل يتحرون جميعا الاقتصاد، وما يكفي المدعوين، ويقتصدون أيضا بالدعوة التي لا تشق عليهم، وهكذا يشرع لهم الاقتصاد في المهور، وعدم التكلف وأن يسهلوا بالمهور حتى يحصل النكاح، وحتى يكثر الزواج بين الناس، ومن ذلك أيضا مسألة الطرب فلا بأس أن تتعاطى النساء الدف، يعني الطار المعروف، وهو ذو الوجه الواحد، يضربه النساء بينهن بصفة خاصة، وفي محل خاص، ليس فيه اختلاط الرجال، ولا مانع من الأغاني العادية التي ليس فيها محذور شرعا، التي بين

النساء في مدح الزوج أو الزوجة، أو أهل الزوج أو أهل الزوجة ونحو ذلك، كما كان يفعل في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وعهد أصحابه وكان نساء النبي يحضرن الأعراس، ويحضرن الغناء العادي، والاحتفال العادي، كل هذا لا بأس به، أما وجود المطربات والأصوات العالية بالمكبرات، التي تشغل الناس وتؤذي الجيران والمارة، ويعلن فيها الأغاني المحرمة، هذا لا يجوز، وهكذا السهر الذي يضيع على الناس صلاة الفجر، ويسبب ترك الصلاة التي أوجب الله، هذا كله لا يجوز، وهكذا إيجاد آلات الملاهي من العود وأشباهه، من آلات اللهو والطبول، كل هذا لا يجوز، إنما يباح الطار المعروف وهو الدف فقط للنساء، بشرط أن يكون خاليا ليس فيه ما يسبب الفتنة، من حلقات مزعجة أو أشياء مزعجة، بل الدف العادي وهو الطار العادي، المعروف، تضربه المرأة وتغني الأغاني القليلة، المعتادة بينهن لنصف ساعة أو ساعة، ونحو ذلك ثم ينصرفن، المعتاد بينهن لنصف ساعة أو ساعة، ونحو ذلك ثم ينصرفن في أول الليل ولا يسهرن إلى آخر الليل، أو إلى معظم الليل؛ لأن هذا يضر الجميع، ويسبب النوم عن الصلاة من

الجميع، فالحاصل أن الواجب على جميع المسلمين في كل مكان، أن يتحروا في زواجهم ما شرع الله، وأن يبتعدوا عما حرم الله، وأن يتواصوا بعدم التكلف، لا في المهور ولا في الولائم، ولا في دعوة الناس الكثيرين الذين يسببون المشكلات ولا في إيجاد المطربات عن طريق مكبرات الصوت، ولا إيجاد آلات الملاهي، غير مجرد الدف والأغاني العادية، في وقت مناسب من الليل، ينتهي من دون طول ومن دون مشقة، ومن دون السهر أكثر الليل أو كل الليل، هذا الواجب على المسلمين، وهذا المشروع لهم، وبهذا يتيسر للمسلمين تزويج شبابهم، وتزويج فتياتهم بالمهور المناسبة، والكلف المناسبة من دون مشقة ولا حرج، ولا التعاطي لما حرم الله، والواجب على ولاة الأمور في كل بلد، من الأمراء والحكام أن يعينوا الناس على الخير، وأن يمنعوهم من الشر، وأن يأخذوا على أيدي السفهاء حتى تصبح الأمور على الوجه الشرعي، هذا هو الواجب على أمير البلد، وقاضي البلد، وأعيان البلد، أن يتعاونوا بينهم في هذا الشيء، حتى يلزموا الناس بالخير، ويمنعوهم من الشر، ومتى أصلح الله الرؤساء تبعهم الناس، متى صلح الأمير والأعيان وتدخلت

المحكمة والقضاة، حصل الخير الكثير، وانتهى الناس عما يضرهم، ومتى سكت هؤلاء وهؤلاء وهؤلاء، زاد الشر، وكثر البلاء، وتعطل الشباب، وتعطلت الفتيات، وهذا شيء لا يرضاه الله ورسوله، ولا يرضاه أهل الإيمان والعلم، فنسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

س: إذا لم يكن هناك سبيل إلى التغيير، الذي تفضلتم وبينتم ما يجب أن يكون عليه، هل يلزم المسلم أن يبحث عن زوجة في مكان آخر وفي بلد آخر، يتوفر فيه ذلك الجو؟ (¬1) ج: نعم، ليس من اللازم أن يتزوج من بلده، لا مانع من أن ينتقل إلى بلد آخر، بشرط العناية بالمرأة الصالحة، البعيدة عما حرم الله، وعن أسباب الفتنة، يتحرى ويسأل عنها، فإذا وجدها حرص عليها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تنكح المرأة لأربع لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها ثم قال: فاظفر بذات الدين تربت يداك» (¬2) الزوج يسعى إلى ذات الدين، فيحرص عليها ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (105). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين، برقم (5090)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب استحباب نكاح ذات الدين، برقم (1466).

وإذا حصل مع جمال أو حسب أو مال، فذلك خير إلى خير، لكن لا يكون أكبر همته، وأعظم قصده الجمال، فربما أطغاها الجمال، وربما أفسدها عليه الجمال، ولكن يحرص أولا على كونها ذات دين، ثم يبحث بعد ذلك عما يريد من جمال، أو حسب أو غير ذلك، فإذا انضم هذا إلى هذا، فخير إلى خير، وإذا قدم ذات الدين وإن قل جمالها، وإن قل مالها وإن عدم حسبها، فالمرأة بنفسها ودينها لا بحسبها وجمالها.

حكم الغناء في حفلات الزواج والأعياد

42 - حكم الغناء في حفلات الزواج والأعياد س: تقول السائلة: هل يجوز الغناء أو سماعه في الأفراح، وحفلات الزواج والأعياد؟ (¬1)؟ ج: نعم يجوز بين النساء الغناء في الأفراح، والجواري في الأعياد كما فعل ذلك في عهده صلى الله عليه وسلم، فهذا خاص بالنساء، ولا يجوز فيه الاختلاط مع الرجال، ولا ينبغي فعله للرجال، ولكن هذا للنساء في أفراح العرس بينهن، الأغاني الجارية بها العادة في مدح الأزواج ومدح أهل الزوج والزوجة وأشباه ذلك، من ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (67).

الأغاني التي ليس فيها مدح المحرم، ولا دعوة إلى باطل، إنما هي أغان عادية فيما بين النساء في مدح الزوجة وأسرتها، أو الزوج وأسرته، هذا هو الذي يجوز، وهو الذي فعل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفعله المسلمون في إعلان النكاح وهكذا تفعله الجواري في الأعياد، الجواري الصغار في الأعياد، كل هذا لا حرج فيه إن شاء الله، كل هذا مع الدف فقط، أما الموسيقى والعود لا يجوز إنما مع الدف فقط، وهو معروف عند النساء، وهو الطار الذي له وجه واحد، يفعل في الأعراس فقط، وتفعله الجواري في العيد كما فعله بعض الجواري في بيت النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة.

حكم رقص النساء في حفلات الزفاف

43 - حكم رقص النساء في حفلات الزفاف س: السائلة أ. ف. من أبها تقول: سماحة الشيخ هل يجوز للمرأة أن ترقص بين النساء في الأفراح، وإذا كان ذلك على آلة مباحة وكانت المرأة متسترة، أي غير مبدية لمفاتنها، وهي في مكان لا يراها الرجال؟ (¬1) ج: لا أعلم بأسا في الرقص بين النساء، مع التستر الواجب، ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (395).

لا أعلم بأسا إذا كان ليس هناك منكر، لا اختلاط ولا آلات ملاه، أما الدف فهو مباح للنساء في الأعراس.

س: السائل يقول: هل حضور حفلات الزفاف التي فيها الدف جائزة، نرجو منكم التوجيه، وبالنسبة للرقص للنساء هل هو جائز؟ (¬1) ج: الدف مستحب في الزواج، في حفل العرس، يستحب الدف للنساء، وكان يفعل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبحضرة أزواج النبي عليه الصلاة والسلام، وهو من إعلان النكاح فلا بأس بحضوره، ولا بأس بسماع الأغاني المعتادة التي ليس فيها فحش، لا حرج في ذلك، يستحب حضوره ويستحب فعل الدف أيضا؛ لأن هذا كله من باب إظهار النكاح، ولا بأس بالرقص أيضا إذا ما كان فيه إلا النساء بين النساء فقط لا حرج في ذلك، وكذلك الحال بالنسبة لمكبرات الصوت التي توضع في حفلات الزفاف لا حرج في ذلك إذا كانت لإسماع النساء إذا كان الحفل كبيرا يحتاج إلى مكبرات الصوت فلا بأس، لكن لا يكون فيه إظهار لأصواتهن للرجال يلاحظ أن يكون هذا بقدر الحاجة يكون بقدر حاجة ¬

(¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (360).

النساء هذا أحوط.

حكم الأناشيد في حفل الزفاف

44 - حكم الأناشيد في حفل الزفاف س: مجموعة من الفتيات يقلن في هذا السؤال: نحن نحضر حفلات الزفاف التي فيها دف وأناشيد، وهذه الأناشيد ليس فيها كلام فاحش، وأحيانا يكون الحفل خارج المنطقة، هل يجوز لنا ذلك؟ (¬1) ج: الدف مشروع للنساء في الزواج، وإذا كان فيه أغان سليمة، وأناشيد سليمة لا بأس، أما استعمال آلات الملاهي الأخرى، فلا يجوز، لكن الدف كاف، والحمد لله، في إعلان النكاح، أقره النبي صلى الله عليه وسلم، والأناشيد والأغاني، التي في مدح الزوج، أو الزوجة أو أهل الزوج، أو أهل الزوجة، هذا ليس فيها محذور، والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال التاسع والستون من الشريط رقم (430).

حكم اختلاط الرجال بالنساء في الأعراس

45 - حكم اختلاط الرجال بالنساء في الأعراس س: يسأل سماحتكم عن حكم اختلاط الرجال بالنساء في الزفاف، وكذلك دق الطبول، نرجو توجيه المسلمين في هذا

الموضوع؟ (¬1) ج: لا يجوز اختلاط الرجال بالنساء، لا في الأعراس، ولا في غير الأعراس، بل يجب التميز، فإذا دعت الحاجة إلى وجود المرأة في السوق أو في المسجد، تكون متسترة وفي معزل عن الرجال، وتكون خلف الرجال في الصلاة، وفي الأسواق، يكون لهن سوق لوحدهن، وإذا دعت الحاجة إلى سوق الرجال تكون متسترة، غير متبرجة بعيدة عن أسباب الفتنة، ولقضاء حاجتها، أما الاختلاط في عرس أو غيره والتبرج أو مشاركة الطبول، أو في غير ذلك، هذا كله منكر ولا يجوز، يجب على النساء أن يكن على حدة، والرجال على حدة إذا دعت الحاجة إلى ذلك، كما في الصلاة، فيصلين خلف الرجال متسترات، بعيدات عن أسباب الفتنة، وعن الطيب، وهكذا في الأسواق، يكون لهن سوق لوحدهن في حاجاتهن، وإذا دعت الحاجة أن تخرج المرأة إلى سوق الرجال تكون متسترة، بعيدة عن أسباب الفتنة، حتى تقضي حاجتها. ¬

(¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (342).

حكم ضرب الطبل في الأعراس

46 - حكم ضرب الطبل في الأعراس س: ما حكم الطبل في الأعراس؟ (¬1) ج: لا يجوز الطبل في الأعراس، ولا في غير الأعراس، من السنة الدف، يكون من وجه واحد، للنساء، في العرس؛ لأنه من باب إعلان النكاح، فالرسول صلى الله عليه وسلم، سمح للنساء، من باب إعلان النكاح، بالدف والغناء العادي بين النساء. ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (308).

س: تسأل الأخت من عدن وتقول: هل يجوز استخدام وسماع الطبل في الأفراح، إذا تعذر وجود الدف؟ ج: لا، لا يجوز استعمال الطبل، ولا غيره من آلات الملاهي، كالعود والكمان والموسيقى وأشباه ذلك إنما يباح الدف فقط إن وجد، وإلا لا لزوم لشيء آخر، يكفي التحدث والكلام والأغاني الجائزة بين النساء فيما بينهن، لا بأس، أما الطبل فلا يصلح.

بيان حكم الغناء

47 – بيان حكم الغناء س: إذا غنت المرأة بأغان معينة دون الموسيقى، فهل يعتبر هذا

محرما؟ (¬1) ج: الأغاني يجب تركها، إذا كانت تتعلق بذم ما هو ممدوح، أو مدح ما هو مذموم، أو دعوة إلى الفاحشة، أما إذا كانت الأغاني شيئا قليلا عابرا، بيت، بيتين، ثم تترك، ولا يترتب عليها شر على أحد، وليس معها موسيقى، ولا شيء من آلات الملاهي، فالأمر سهل: البيت والبيتين، أما إذا كان على سبيل الشعر العربي، الأشعار العربية السليمة، هذا لا بأس بالشعر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن من الشعر حكمة» (¬2) إذا كان الشعر عربيا بلغة عربية، فيه مدح حق، وذم باطل، وفيه دعوة إلى الخير، هذا لا بأس به، أما الأغاني التي تهيج الناس إلى الفساد، والنساء والشر أو الزنى، أو غيرها من المنكرات فلا تجوز، لكن البيت أو البيتين، تقوله المرأة، يقوله الرجل، ليس بقصد شر، وإنما مر على لسانه عابرا، فهذا أمر سهل، قد بين جمهور أهل العلم أن لهو الحديث هو الغناء، يقول ¬

(¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (297). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره، برقم (6145).

ابن مسعود رضي الله عنه: الغناء ينبت النفاق في القلب، كما ينبت الماء البقل، وفي قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} فلهو الحديث هو الغناء، والواجب تركه والحذر منه، وإذا كان معه آلات لهو موسيقى أو كمان أو عود، أو ما يشبه ذلك كان التحريم أشد، قال بعض أهل العلم: إنه إجماع، حيث إنه ينص إجماع أهل العلم في التحريم، فالواجب الحذر من ذلك، وعدم التساهل في هذه الأمور، إلا إذا كان مثل ما يقدم: على طريقة الشعر العربي، بالألفاظ العربية، غير ألفاظ الغناء، فالأشعار العربية فيما ينفع المسلمين، في مدح الحق وفي ذم الباطل، في الدعوة إلى الخير وفي التشجيع عليه، كأشعار المعروفين بالخير، كحسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، والشعراء بعدهم في الحق، الشعراء الذين يتحرون الحق، شعرهم طيب مقبول.

حكم قول إن الزغاريد صراخ أهل النار

48 - حكم قول إن الزغاريد صراخ أهل النار س: الأخ/ ص. ع يقول: هل الزغاريد هي صراخ أهل النار،

يوم القيامة؟ (¬1) ج: ما سمعنا هذا. صراخ أهل النار، نعوذ بالله، صراخ عظيم مهول لا يشبه بالزغاريد، صراخهم نعوذ بالله من شدة العذاب، نسأل الله العافية، قال تعالى: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا} والصراخ الصوت العظيم المرتفع، بسبب الألم، نسأل الله العافية، لا حول ولا قوة إلا بالله، وهذه المقولة لا أساس لها. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (19).

حكم استعارة مكبر الصوت الخاص بالمسجد لحفل الأعراس

49 - حكم استعارة مكبر الصوت الخاص بالمسجد لحفل الأعراس س: هل يجوز استعمال مكبر الصوت الخاص بالمسجد، بعد استعارته لحفل الأعراس؟ (¬1) ج: إذا كان في الأفراح، لا بأس إذا كان بطريقة إسلامية خفيفة، لا تؤذي أحدا من الناس، بل في داخل المحل المصون من جهة النساء، في كلمات سليمة، والأحوط ترك ذلك؛ لأن الغالب على الأعراس لا تسلم، فينبغي بأن تكون بأصوات عادية، ليس فيها ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (56).

مكبر، ينبغي أن يكون كلامهم وغناؤهم المباح لهم بين النساء، يكون بأصوات عادية؛ لأنه قد يظهر صوت المكبر إلى الجيران، فيؤذي، فالأقرب أنه لا ينبغي فعل ذلك، وإن ظهر صوت المكبر على الجيران، سواء كان من المكبر الذي أخذوه استعارة من المسجد أو غيره لا يجوز هذا؛ لأنه يؤذي ويشغل الناس، ويفتنهم بأصوات النساء، ولا سيما أغانيهن، فالحاصل أنهم لا يستعملون المكبر، سواء كان الخاص بالمسجد أو غيره في الأعراس، إلا إذا كان على وجه ضيق، داخل المحل، لا يؤذي أحدا من الجيران، ولا يسمعه أحد، ولكن يسمع المجتمعين فقط، بصفة خاصة، فهذا قد يجوز لكن الأقرب منعه، حتى لا يتخذ ذريعة للتوسع؛ لأن أصوات المكبرات التي يفعلها الناس مؤذية، وربما استمروا فيها إلى الصباح، وهذا منكر لا شك فيه، فالحاصل أن منعه أولى مطلقا، لئلا يتخذ ذريعة لاستعماله بصوت مرتفع، يؤذي الجيران ويؤذي المارة، ويعلن المنكر، فإن الأعراس لا تؤمن، الغالب عليها أن يقع فيها ما ينكر، مثل الغناء وغيره.

بيان خطورة اختلاط الرجال بالنساء في الأفراح وغيرها

50 - بيان خطورة اختلاط الرجال بالنساء في الأفراح وغيرها س: هل من الشر أن يختلط الإنسان بالنساء الشابات، وأيضا

الشيب في حالة الفرح؟ (¬1) ج: لا شك أنه من الشر اختلاطه بالنساء، ولا شك أن هذا من أعظم أسباب الفساد والفتنة، فالواجب التميز بأن يكون الرجال على حدة، والنساء على حدة، في الفرح وفي الأعراس، يكون الرجال في محل خاص، يتناولون طعامهم وما جرت به عاداتهم، من الأمور التي لا تخالف الشرع، والنساء على حدة في محلهم، وفيما يتعلق بفرحهم، ودفهم وغنائهم الخاص فيما بينهم الذي لا يؤذي أحدا، ولا يكون فيه مكبرات الصوت، بل يكون هادئا، هذا لا بأس به كله، من باب إظهار النكاح الشرعي، وإعلانه أما الاختلاط فلا يجوز، كونه يختلط الرجل مع النساء الشابات أو غير شابات لا يجوز؛ لأن هذا يفضي إلى الفساد، والزنى والفواحش، وهذا منكر بإجماع المسلمين. ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (12).

حكم استعمال الزوجين للحناء ليلة الفرح

51 - حكم استعمال الزوجين للحناء ليلة الفرح س: عندنا عادة في السودان، وهي وضع الحناء على الأيدي، والأرجل للعروسين، في شكل واحد، فما حكم هذا العمل وفقكم الله؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (12).

ج: أما وضع الحناء في رجل العروسة أو في يديها، فلا نعلم فيه شيئا، هذا من باب الزينة لزوجها، وأما الرجل فلا يتزين بهذا؛ لأن هذه زينة النساء، وبهذا يكون متشبها بالنساء، فلا يليق ولا يجوز، لا يجوز للرجل أن يتشبه بالنساء، لا بالحناء ولا بغير ذلك، من الملابس؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم منع من ذلك، «ولعن الرجل يتشبه بالمرأة، والمرأة تتشبه بالرجل» (¬1) هذا لا يجوز. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب المتشبهون بالنساء والمتشبهات بالرجال، برقم (5885)

س: تقول السائلة: هل يجوز للعروس أن تستعمل الحناء يوم الزفاف وهل هي بدعة أم مباحة؟ (¬1) ج: لا حرج تستعمل الحناء وغيره من أسباب الزينة، تلبس الحلي، وتستعمل الحناء والكحل وكل شيء يرغب في عين الزوج كل هذا لا بأس به. ¬

(¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (360).

حكم مشاركة الرجل للنساء في ضرب الدف ليلة الزفاف

52 - حكم مشاركة الرجل للنساء في ضرب الدف ليلة الزفاف س: يقول السائل: إن من عادتنا في الأفراح أن يحضر بعض

الرجال؛ ليطبل للنساء، وفي بعض الأحيان يكون الرجل عريان الظهر والبطن، فما رأيكم في ذلك؟ (¬1) ج: لا يجوز هذا، هذا عمل سيئ بين النساء، النساء يضربن الدف بينهن في الأفراح فقط من دون مكبرات صوت، ومن دون مطربات، بينهن بالدف، ويسمونه (الطار) ليس فيه إلا وجه واحد، هذا لا بأس به، بين النساء خاصة، كما كان يفعل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، أما الطبل فلا يجوز، لا للنساء ولا الرجال. الطبل من آلات الملاهي الممنوعة، ولا يجوز لرجل أن يلعب بين النساء، لا مكشوف الظهر، ولا مكشوف البطن، مطلقا، بل هذا تبع الرجال، يكون عمله مع الرجال، في المسابقات، في الأشياء الجائزة شرعا، لا بأس، أما مع النساء فلا، لا يكون مع النساء، ولا يلعب مع النساء، بل يبتعد عن ذلك؛ لأن جلوسه معهن فيه فتنة، له ولهن جميعا، فالواجب البعد عن هذا الشيء. ¬

(¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (193).

حكم إحضار الشعراء لإحياء حفلة الزفاف

53 - حكم إحضار الشعراء لإحياء حفلة الزفاف س: بعض الناس قبل حفل الزواج، يحجز شاعرا أو شاعرين

مقابل مال معين، لإحياء حفلة الزواج، ما الحكم في ذلك؟ وما هو توجيهكم للناس؟ (¬1) ج: الغناء في الزواج بين النساء لا بأس به، وضرب الدف وهو الطار، فقد كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من إعلان النكاح، ويشرع إعلان النكاح، ومن إعلانه اجتماع النساء وضرب الدف بينهن بالأغاني العادية، التي ليس فيها مدح لمحرم ولا دعوة إلى محرم، وإنما مدح الزوج والزوجة، وأسرة الزوج والزوجة ونحو ذلك، هذا لا حرج فيه في وقت الزفاف، ليلة العرس، أما الرجال، فليس لهم فعل ذلك، فعل الأغاني أو الدف ليس لهم ذلك، لكن لو قام بينهم شاعر بالطريقة العربية، والأشعار العربية التي ليس فيها ما حرم الله، من دون دف ولا طبل، بل أشعار عربية، مثل أن ينشد لهم أشعارا جيدة في الجود والكرم، في الدعوة إلى الخير، في النهي عن الشر، في مدح الشجاعة، في الجهاد، في أشياء طيبة فكل هذا لا بأس به، ولو في غير العرس في أي وقت، كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمع الشعر الجيد، كان يسمع شعر ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (179).

حسان، وشعر ابن رواحة وشعر كعب بن مالك، لا بأس بهذا.

بيان بعض الآداب الشرعية ليلة الزفاف

54 - بيان بعض الآداب الشرعية ليلة الزفاف س: ما حكم الدين في قراءة القرآن الكريم ليلة الزفاف، وما هي الآداب الشرعية والسنة النبوية المتبعة في ليلة الزفاف؟ (¬1) ج: لا أعلم فيها شيئا واضحا، يروى عن بعض السلف أنهم كانوا يصلون ركعتين، إذا دخل على أهله قبل أن يتصل بها، ولكن لا أعلم فيه حديثا صحيحا يعتمد عليه، وإذا صلى فلا حرج، اقتداء ببعض السلف، يصلي ركعتين ويدعو الله أن يجمع شمله بها على خير، وأن يجعلها عونا له على طاعته، ويبارك له فيها، هذا لا بأس به، وهو حسن إن شاء الله وكذلك يستحب له كما جاء في الحديث، إذا أخذ بناصيتها أن يقول: «اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه» (¬2)، هذا جاء في الحديث إذا استجد الإنسان بحيوان أو تزوج امرأة، وقال هذا، يرجى فيه الخير إن شاء الله فهو دعاء حسن. ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (79). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب في جامع النكاح، برقم (2160).

س: عندما يتزوج رجل امرأة، يقال: إنه يجب أن يصلي ركعتين له، وركعتين لشريكة حياته، سؤالي: ماذا يقول عندما ينوي في الصلاة؟ أرجو أن تجيبوني جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: يروى عن بعض الصحابة صلاة ركعتين، عند الدخول على زوجته أول ليلة، ولا أعلم في هذا نصا عن النبي عليه الصلاة والسلام، فإن فعل ذلك لا بأس، إذا صلى ركعتين ودعا ربه أن يوفقه ويجمع بينه وبينها على خير، فهذا حسن- إن شاء الله-، ولا حرج منه، وإن صلت هي كذلك ركعتين، ودعت الله أن يجمع بينهما على خير وهدى، كل هذا طيب، ولكن لا أعلم في هذا حديثا صحيحا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والأمر في هذا واسع. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (144).

حكم قراءة سورة يس عند الدخول على زوجته ليلة الزفاف

55 - حكم قراءة سورة (يس) عند الدخول على زوجته ليلة الزفاف س: لدينا عادة إذا دخل الرجل على مخطوبته، ليلة الدخلة، يقرأ سورة (يس)، فهل هذا العمل صحيح؟ (¬1) ج: لا أعلم له أصلا. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (261).

حكم وضع المرأة للمكياج

56 - حكم وضع المرأة للمكياج س: ما حكم وضع المكياج للزوج؟ (¬1) ج: لا حرج فيه إذا كان لا يسبب مرضا للوجه، إنما هو جمال، فلا بأس كالصابون ونحوه. ¬

(¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (340).

بيان ما يلزم تجاه عادة استعمال العريس للحناء

57 - بيان ما يلزم تجاه عادة استعمال العريس للحناء س: إذا دعيت إلى زواج، وحينما ذهبت وجدت العريس مستعملا الحناء، هل يجوز إجابة هذه الدعوة أم أرجع؟ مع العلم أن هذه العادة الذميمة منتشرة عندنا بكثرة في السودان إلا من رحم ربي؟ (¬1) ج: هذه العادة إذا كانت مشهورة بينكم، فينصح صاحبها ولا تمنع من إجابة الدعوة، لأنها عادة اعتادوها، يجهلون حكمها، فينبغي لك أن تجيب الدعوة، وأن تنصح أخاك، وتبين له أنه لا يجوز التشبه بالنساء، فإذا كان عمله الحناء يشابه عمل النساء، ينصح بذلك، ويعلم أن الواجب البعد عن مشابهة النساء، ولا تترك دعوته وإجابة دعوته ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (167).

من أجل هذا الشيء الذي يجهله، وقد فشا في بلاده وانتشر بين إخوانه، حتى يعلم وحتى يوجه، حتى لا يتشبه بالنساء لا في الحناء ولا في غير الحناء، فالحناء من شأن النساء، ومن زينة النساء ولا يستعمله الرجال، وإذا كان عادة للرجال، فينبغي تركها، والواجب تركها، حتى لا يتشبه بالنساء في ذلك، نسأل الله للجميع الهداية.

س: هذا السائل من السودان يقول في سؤاله: من عادة الزواج لدينا، أن الرجل يضع الحناء على يديه ورجليه يوم الزواج، ما رأي الإسلام في ذلك؟ (¬1) ج: إذا كان هذه عادة بين الجميع، ما يكون فيها تشبه بالنساء، يفعلها الرجال، وليس هذا خاصا بالنساء فلا بأس، لكن إذا توقف الرجال، وتركوه للنساء يكون أحوط وأحسن، كما في البلدان الأخرى، فإذا كان في السودان الرجال يفعلون هذا ومشوا عليه، ولا يعتبر تشبها، وقد صارت عادة لهم، لم يكن فيه تشبه، صار هذا من العادة المشتركة. ¬

(¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط رقم (401).

حكم وضع العريس هلالا من ذهب على جبينه أو صدره

58 - حكم وضع العريس هلالا من ذهب على جبينه أو صدره س: من ضمن عاداتنا في مراسم العرس، يوضع للعريس هلال مصنوع من الذهب، على جبينه أو على صدره لفترة مؤقتة، لا تتعدى ساعات قلائل وهي ساعات الزفاف والدخلة، ثم ينزع فيكون ملكا بعد ذلك للعروس، فهل لبس الذهب في هذه الحالة المؤقتة يعتبر حراما؟ أم ماذا تقولون أثابكم الله؟ (¬1) ج: نعم لا يجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: «أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورهم» (¬2) وأخذ مرة شيئا من الحرير في يده اليمنى، وشيئا من الذهب ثم قال: «هذان حل لإناث أمتي، حرام على ذكورهم» (¬3) فالذهب والحرير حل للإناث يتزين بهما للأزواج، تلبس الحرير وتلبس الذهب، إذا تزينت للرجل، أما الرجل فليس له لبس الذهب، وليس له لبس الحرير، لا ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (118). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه برقم (19009). (¬3) أخرجه ابن ماجه في كتاب اللباس، باب لبس الحرير والذهب للنساء برقم (3595).

على جبينه وقت العرس ولا في يده ولا في أذنه، ولا في رجله ولا في غير ذلك، ولا في ملابسه، الذهب من شأن النساء، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم، أنه رأى في يد رجل خاتما من ذهب، فأخذه وطرحه، وقال: «يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده» (¬1) فقال بعض الناس للرجل: خذ خاتمك فقال: لا آخذه وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتركه نفورا مما نفر منه النبي صلى الله عليه وسلم، وحذر منه، وكمالا في المتابعة والامتثال، حتى إنه لم يأخذه من شدة كراهيته، لما كرهه النبي صلى الله عليه وسلم، خرجه مسلم في صحيحه، من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وثبت في الصحيحين عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن التختم بالذهب، وهذه القطعة التي توضع على جبينه، أعظم من الخاتم، فالواجب ترك ذلك، وهكذا كل عادة سيئة تخالف الشرع، يجب تركها، العوائد يجب أن تخضع لحكم الله ورسوله، فما كان منها موافقا للشرع فلا بأس به، وما كان منها ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم خاتم الذهب على الرجال ونسخ ما كان من إباحته .... برقم (2090).

مخالفا للشرع فالواجب تركه، كهذه العادة، وكعادة بعض الناس إذا تزوج يبقى الأيام والليالي، لا يحضر الجماعة ولا يصلي في المسجد، وهذا غلط ومنكر، بل عليه أن يصلي مع الناس، الفجر وبقية الصلوات في أول ليلة، وفي غيرها، فالعرس لا يمنع ولا يسوغ ترك الواجب، فالمؤمن يقوم بما يطلب منه، في الزواج ومما جرت به العادة، مما أباح الله، ولكنه لا يترك ما أوجب الله عليه، من أجل العرس، بل يصلي مع الناس ويؤدي الواجبات الأخرى، ويؤدي حق أهله، ولا تنافي بين هذا وهذا.

حكم اتخاذ خاتم الفضة للرجل

59 - حكم اتخاذ خاتم الفضة للرجل س: يقول السائل: ما حكم لبس خاتم الفضة، مع كتابة اسم الزوجة في هذا الخاتم؟ (¬1) ج: الخاتم من الفضة جائز للرجل والمرأة، وللمرأة خاتم الذهب أيضا، خاصا للمرأة، أما الفضة فيجوز للرجل والمرأة جميعا يضع اسمه فيه لا بأس، تضع اسمها فيه لا بأس. ¬

(¬1) السؤال الخامس والخمسون من الشريط رقم (341).

حكم شراء فستان الفرح بثمن باهظ لأجل ليلة الفرح فقط

60 - حكم شراء فستان الفرح بثمن باهظ لأجل ليلة الفرح فقط س: تقول السائلة ما هو رأيكم في استعمال العروس للثوب الأبيض الذي أصبح عادة في أغلب البلدان، خاصة وأن هذا الثوب غالي الثمن، وتستعمله العروس ليلة الزفاف فقط؟ (¬1) ج: لا أعلم له أصلا، وينبغي للناس أن يدخلوا العروس بالثياب المعتادة، التي ليس فيها تكلف ولا إسراف، ولا تأس بأعمال الكفرة، بل ينبغي للمؤمن والمؤمنة، أن يتحروا الشيء الذي ليس فيه تكلف، وليس فيه مشابهة لأعداء الله، ولا مشابهة للرجال، وهذا الثوب الأبيض إذا كان ليس فيه تشبه بالرجال، ولا بالكفرة، ولكن من لبس النساء، على طريقة النساء وتفصيل النساء، وخياطة النساء فلا حرج فيه، أما إذا كان فيه تكلف وغلاء أو تشبه بأعداء الله، أو تشبه بالرجال، فلا يجوز، والله المستعان. ¬

(¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (205).

حكم لبس العروس طرحة طويلة الذيل ليلة الزفاف

61 - حكم لبس العروس طرحة طويلة الذيل ليلة الزفاف س: تقول السائلة: هل يجوز لبس الفستان الأبيض، والطرحة البيضاء ليلة الزواج؟ علما بأن أهل البلد يرتدون هذا النوع من

الملابس، ويرتدون أنواعا أخرى؟ (¬1) ج: إذا كان ليس على صفة لباس الرجال فلا بأس؛ لأن الألوان كلها مباحة للجميع، أخضر وأحمر وأبيض، مباحة للجميع، للرجال والنساء، لكن ليس للرجل أن يتشبه بالمرأة، وليس للمرأة أن تتشبه بالرجل، لا في اللباس ولا في غيره، فإذا كان الملبس الأبيض، الذي تلبسه بعض النساء في بعض الزواج، لا يشابه لباس الرجل، بوجه من الوجوه، ولا يحصل التشبه، فلا حرج، لكن ترك ذلك إلى اللباس المعتاد للنساء أولى وأفضل، وأحوط وأبعد عن الشبهة؛ لأن الغالب على الرجال لبس الأبيض، فإذا ترك ذلك من النساء، كان أحسن وأكمل وأبعد عن التشبه، ثم هذا الذي يفعله الناس، لا بد أن يكون بين النساء، أما ما يفعله بعض الناس من التشريعة، التي يفعلونها ليلة العرس، ليلة الزفاف، ويدخل الرجل على النساء كاشفات، فلا يجوز، هذا منكر، بل إذا كان ولا بد فيجعلونها في غرفة خاصة ويدخل عليها زوجها في غرفة خاصة، أما أن تجعل فوق سرير، أو محلا مرتفعا، ويدخل عليها الرجل بين النساء، وهن ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (140).

كاشفات، أو يدخل عليها، ويقبلها عند الناس، هذا كله من قلة الحياء ولا يجوز، بل يجب الحذر من ذلك.

حكم تقليد الغرب في عادات الأفراح

62 - حكم تقليد الغرب في عادات الأفراح س: لقد عرفت أن المرأة المسلمة يجب عليها ألا تقلد الغرب؛ لأنهم نصارى أو يهود، والسؤال: هل إذا لبست المرأة المسلمة الثوب الأبيض، في ليلة زفافها يكون داخلاً في الحرمة، حتى ولو كان ذلك أصبح عرفا؟ (¬1) ج: لا شك أن التشبه بأعداء الله من الكفرة أمر لا يجوز، سواء كانوا يهودا أو نصارى أو وثنيين أو شيوعيين أو غيرهم، من أنواع الكفرة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم» (¬2) وأدلة أخرى جاءت تحذر من التشبه بأعداء الله، وهو يعم الرجال والنساء، وجاءت أحاديث صحيحة تدل على تحريم تشبه النساء بالرجال، والرجال بالنساء، فلا يجوز للمرأة أن تلبس لبسة تشبه لبسة الرجل، ولا يجوز للرجل أن يلبس لبسة تشبه لبسة المرأة، ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (4). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب اللباس، باب في لبس الشهرة، برقم (4031).

وقد لعن الرسول من فعل ذلك عليه الصلاة والسلام، واللباس الأبيض يختلف، فإذا كان على الزي الذي يشبه زي الرجال حرم، وإذا كان على زي يختص بالنساء فلا تحريم، وهكذا الأسود والأحمر والأصفر والأخضر، جميع الألوان ما كان منها على زي الرجال، حرم لبس النساء له، وما كان على زي النساء، حرم لبس الرجال له، وهذا هو الفاصل في جميع الألوان، يجب على الرجل أن يبتعد عن مشابهة المرأة في زيها ولباسها ونحو ذلك، ويجب على المرأة أن تبتعد عن مشابهة الرجل في زيه، أو كلامه أو مشيه أو نحو ذلك، وقد «لعن الرسول صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء ولعن صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال» (¬1) فكونها تلبس ليلة الزفاف لبسا خاصا اعتاده النساء، لا يشبه لبس الرجال، لا حرج، سواء كان أسود أو أخضر أو أبيض أو غير ذلك، إذا كان من زي النساء، ملابس النساء، لكن يجب أن ينتبه المسلمون إلى أمر يفعله بعض الناس، وهو تشريع المرأة على الطريقة المعروفة الآن، التي توضع على منصة مرتفعة، عليها لباس ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب المتشبهون بالنساء والمتشبهات بالرجال، برقم (5885)

خاص، ويحضر الزوج وبعض من معه من أقاربه، حتى يجلسوا عندها بين النساء، وكثير منهن سافرات، هذا لا يجوز، هذا فتنة، قد كتبنا في هذا ما يسر الله، ونشر للتحذير من هذا العمل السيئ، أما كونها تجلس بين النساء في لباس خاص، قد عرف بين النساء فلا بأس، لكن لا يجوز السماح للرجال بالدخول على النساء، في هذه الحالة لا الزوج ولا غيره، والزوج يدخل عليها في مكان خاص، يدخل على زوجته أما جعلها في محل مرتفع، والزوج يجلس معها، وربما لمسها وربما قل حياؤه وقبلها عند الناس، أو ربما حضر معه أبوه أو أخوه أو إخوته، هذا أمر فيه خطر كبير، ولا يجوز، وفيه تعرضه لرؤية النساء اللاتي يكشفن هناك، أو يكن شبه عاريات هناك، وربما أفضى ذلك إلى فتنة له، تجعله يزهد في زوجته، ويرغب عنها لما شاهد من النساء الأخريات، الحاصل أن هذا منكر لا ينبغي فعله، بل ينبغي طرح هذه العادة وتركها، وأن تكون المرأة في محل خاص، يدخل عليها فيه دون المحل الذي بين النساء، وأما وجودها بين النساء في صفة خاصة، أو لباس خاص ليس معهن رجال، فلا حرج في ذلك.

حكم دخول الأحماء على العروس وهي بكامل زينتها ليلة الزفاف

63 - حكم دخول الأحماء على العروس وهي بكامل زينتها ليلة الزفاف س: لدينا عادة في مجتمعنا، وهي أن أهل العريس مثل والده وإخوته، وعمه أو خاله يحضرون معه ليلة الزفاف لأخذ العروسة من بيت أهلها، ويدخلون عليها، وهي في أكمل زينتها، فماذا عليها في ذلك، علما بأن هذا عندهم هو شيء مشرف لأهل العروسين؟ (¬1) ج: إذا كان الزوج ليس معه إلا أبوه أو ولده أو جده فلا بأس، لأنهم محارم للزوجة، فلا بأس أن يروها، أما إذا كان معه غيرهم معه إخوة أو أصدقاء، فالواجب عليك أن تكوني محتجبة، حتى يخرج هؤلاء، ويبقى الزوج لا تكشف لهم عن زينتها وجمالها، عن وجهها أو شعرها، ولكن تكون مستورة محتجبة، فإذا خرج غير المحارم، فالحمد لله، تكشف لأبي زوجها، أو لجده، أو لولده، هؤلاء محارم، لا يجوز أن ترضى بهذه العادة، وتكشف عن زينتها وجمالها لهؤلاء الذين مع الزوج، ليلة الزفاف، والله يقول سبحانه وتعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ} ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (212).

فأخو الزوج ليس محرما، وهكذا عمه، وهكذا جيرانه، وهكذا أزواج أخواته، فليسوا محارم، والعادة المخالفة للشرع، لا يجوز الرضا بها، ولا الخضوع لها، فعلى المرأة المزوجة وقت الزفاف، إذا كان مع الزوج غير محارمها، ألا تكشف لهم حتى يخرجوا.

س: تتزوج الفتاة وعندما يذهب بها أخواتها إلى بيت زوجها، يقولون: تستلمها منا، ونأخذ منك مقدارا من المال، تقريبا مائتي جنيه، فهل يكون في هذا حرج؟ (¬1) ج: لا أصل لهذا، ولا يجوز، إلا إذا سمح وتطوع لهن بشيء، لا بأس، وإلا فعليهم تسليم المرأة لزوجها من دون أن يأخذوا منه مالا، إلا إذا سمح وأعطاهن تبرعا منه، هدية منه، فلا بأس، أما أن يلزموه بذلك، فلا يلزمه ذلك. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (6).

حكم الدعاء للمتزوج بالقول بالرفاه والبنين

64 - حكم الدعاء للمتزوج بالقول: "بالرفاه والبنين " س: هذا السائل من جمهورية مصر العربية يقول: بعض الناس

إذا أراد أن يبارك للمتزوج يقول له بالرفاه والبنين يا فلان. فهل هذا يجوز يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: كان هذا من دعاء الجاهلية، وعوض الله المسلمين بغيره، بارك الله لك وعليك، وجمع بينكما في خير، هذه السنة، السنة أن يدعى للمتزوج: بارك الله لك وعليك وجمع بينكما في خير، هذا هو السنة. ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (1).

حكم ما يفعله بعض الناس من العادات في الزواج

65 - حكم ما يفعله بعض الناس من العادات في الزواج س: من عادات أهل قريتنا في اليوم الثاني من الزواج، أنهم يقومون بتقريب أصبع رجل الزوج، مقابلا ومماسا له إصبع رجل المرأة، ويذبحون عليهما شاة، فما حكم ذلك؟ (¬1) ج: هذا العمل لا أصل له، فهو باطل فالواجب تركه. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (6).

س: لدينا بعض العادات في الزواج، وذلك بعد عقد القران للرجل والمرأة بما يسمى قطع الربط، والربط هو عبارة عن خيط أو حزام يربط في منتصف العروس، وذلك يكون يوم ليلة الزفاف

ويطلب من الزوج أن يقطع ذلك الرباط أو الحزام، فهل هذا وارد؟ نرجو توضيح ذلك مأجورين. (¬1) ج: هذا عادة بين الناس إذا كان عادة لهم، لا يضر، قطعه أو ما قطعه، لا يضر بالنكاح، لكن قصدهم علامة أنه دخل عليها وأنه اتصل بها وإلا ما يضره ما دام الخيط مربوطا، فيها قطعه أو ما قطعه، لا يتعلق بطلاق ولا غيره، لكن إذا فعله استجابة لهم وتطييبا لنفوسهم يكون أحسن. ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (1).

بيان حقوق كل من الزوجين على الآخر

66 - بيان حقوق كل من الزوجين على الآخر س: نرجو أن تتحدث عن واجب الزوجين، كل منهما على الآخر؟ (¬1) ج: هذا مهم جدا، واجب الزوجين مهم جدا؛ لأنه بسبب إهمال هذا أو هذا يقع الطلاق والفرقة، فالواجب على الزوج أن يتقي الله وأن يعاشر الزوجة بالمعروف، ويعطيها حقوقها من النفقة وغيرها مع حسن الخلق وطيب العشرة، والكلام الطيب، لا يكون فظا ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (1).

غليظا، قال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وقال سبحانه: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي» (¬1) وقال: «خياركم خياركم لنسائهم» (¬2) فينبغي للمؤمن أن يكون طيب الخلق مع أهله، حسن الكلام مع أهله، لا يكن فظا غليظا ولا معبسا ولا سيئ الكلام سيئ العشرة، ثم عليه أن يؤدي حقوقها المعتادة لأمثالها، في ملبسها وغير ذلك، وهي كذلك عليها أن تتقي الله وأن تكون طيبة الكلام، طيبة العشرة تجيبه إذا دعاها إلى فراشه، تسمع له، وتطيع في أوامره ونواهيه التي ليس فيها محذور شرعا، تكون طيبة الخلق مع زوجها، ومع والديه ومع أهل بيته، هكذا المرأة الصالحة تحرص على أن تكون طيبة الكلام، طيبة الخلق، طيبة السيرة مع ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب المناقب، باب فضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم برقم (3895)، وابن ماجه في كتاب النكاح، باب حسن معاشرة النساء برقم (1977). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه برقم (7354).

الزوج، ومع أهل الزوج، وبذلك تستقيم الأحوال بينهما، أما إذا قصر هذا أو هذا، فإن الفرقة ولا بد في الغالب أن تحدث، نسأل الله للجميع الهداية.

حكم خدمة المرأة لزوجها

67 - حكم خدمة المرأة لزوجها س: أسأل عن خدمة المرأة لزوجها، من ترتيب المنزل، وإعداد الطعام، ونظافة المنزل، وغسل وكي الثياب له، وأيضا نظافة الأطفال وتناولهم الطعام، هل يكون عليها واجبا أو فرضا من الله، أو يعتبر خدمة إنسانية بينهما، وإذا لم تخدمه في الأشياء المذكورة فماذا يكون حكمها؟ هل عليها إثم أم لا؟ (¬1) ج: هذه المسألة مهمة، والصواب فيها أنها واجبة عليها لزوجها، وهكذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تخدمهم نساؤهم، حتى فاطمة رضي الله عنها كانت تخدم زوجها، وتقوم بحاجة البيت من طحن، وكنس، وطبخ، وغير ذلك فهذا من المعاشرة بالمعروف، أو هذا هو الأصل، إلا إذا كانت المرأة من بيئة قد عرفوا بأنهم يُخْدمون، في أي قطر، أو في أي زمان، فالناس لهم عرفهم؛ لأن الله ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (5).

يقول: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} فإذا كانت المرأة من بيئة تُخْدم، ولم يكن من عادتهم أنهم يخدمون البيت فإن الزوج يأتي لها بخادمة، إن لم تسمح بأن تخدم بيته أما إن سمحت، فالحمد لله، وأما الأصل فالأصل أنها تخدم زوجها، في كل شيء، مما ذكرته السائلة، من كنس البيت، وطبخ الطعام، وتغسيل الثياب، وكيها، ونحو ذلك، وهذا هو العرف السائد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد من بعده، لكن إذا وجدت بيئة وأسرة لها عرف آخر في بلادهم، واشتهر ذلك بينهم وعرف بينهم وعرفه الزوج، فإنه يعمل بعرفهم؛ لأنه كالمشروط، الشيء الذي استمر عليه العرف، والزوج يعرفه، كالمشروط إلا أن تسمح الزوجة بترك هذا الشيء، وأن تخدمه، وأن تترك ما عليه عرف أسرتها وبلادها، فهي بهذا قد فعلت معروفا، ولا حرج المقصود أنها تعامل بمقتضى العرف في بلادها وأسرتها وإلا فالأصل أن تخدم زوجها، هذا هو الأصل، في حاجات البيت وحاجات الثياب ونحو ذلك.

س: بعض النساء يا سماحة الشيخ تعتقد أن الزواج من أجل النفقة فقط، فإذا كانت موظفة، ولها دخل، أو لها تجارة أو كذا، لا

تريد إلا رجلا خاليا (¬1) ج: هذا غلط، هذا من الغلط، فالزواج يراد منه مصالح كثيرة، يراد منه طيب العشرة بين الزوجين، والأنس في هذه الدنيا، والتمتع بينهما، المتعة الحسنة الصالحة، والمراد منه أيضا إنجاب الأولاد الصالحين، حتى تكثر الأمة ويكثر فيها الصلاح والخير، والمراد منه أيضا عفة الفرج عما حرم الله، وغض النظر عما حرم الله، ويراد من ذلك أيضا تقليل الفساد في الأرض، فإن وجود الرجال والنساء بدون زواج، من أعظم أسباب الفساد في الأرض، وكثرة الزنى والفواحش، فإذا تزوجت، وتزوج الشاب، صار هذا من أعظم الأسباب للصيانة والحماية، وقلة الفساد في الأرض، فالزواج ينفع هذا وهذا؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» (¬2) فالزواج فيه خير ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (2). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب الصوم لمن خاف على نفسه العزبة برقم (1905) ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنه واشتغال من عجز عن المؤن بالصوم، برقم (1400).

للجميع؛ لا مجرد النفقة فقط، فيه مصالح كثيرة غير النفقة.

س: سماحة الشيخ، الحياة الزوجية الصالحة بين الزوجين، كيف تكون، حيث تساهل الناس في الحقيقة في قضية الطلاق، وتهاونهم بذلك، يا سماحة الشيخ، لعل لكم توجيها في ذلك؟ (¬1) ج: لا شك أن الواجب على كل من الزوجين المعاشرة بالمعروف؛ لأن الله جل وعلا قال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} فالواجب على الزوج أن يعاشر بالمعروف، وعلى الزوجة كذلك، على كل منهما المعاشرة بالمعروف، فالزوج يجتهد في معاشرتها بالمعروف، وهي كذلك، {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} فهو يجتهد وهي تجتهد، بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، وحفظ اللسان عما لا ينبغي، وحفظ اليد عما لا ينبغي، فهو يعاشر بالمعروف، وهي كذلك، في جميع الأحوال، ويحرص كل منهما على الكلام الطيب، والأسلوب الحسن، وأداء الواجب، الرجل يأتي بما أوجب ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (2).

الله عليه، من النفقة، مع الكلام الطيب، والأسلوب الحسن، وهي كذلك، عليها أن تسلم نفسها له وتسمع وتطيع له بالمعروف، وتخاطبه بالتي أحسن، ولا تمنعه من حاجته التي شرع أداؤها له، هكذا الواجب عليهما، أن يتعاونا على الخير، وأن يكون كل واحد حريصا على المعاشرة الطيبة، وعدم الظلم، بهذا تصلح الأمور، وتستقيم الأحوال، أما مع الظلم ومع سوء العشرة فإنها لا تستقيم الأحوال.

حكم تجمل المرأة لزوجها

68 - حكم تجمل المرأة لزوجها س: هذه رسالة وصلت للبرنامج من مستمعة، تقول في هذا السؤال: هل يجوز للمرأة أن تتزين لزوجها، كأن تستعمل الأحمر والأبيض والأسود في شعرها، وإذا استعملت ذلك، فهل تكون مغيرة لخلق الله تعالى؟ (¬1) ج: يستحب للمرأة التزين لزوجها، هذا من أسباب محبته لها، ومن أسباب ميله إليها، فالتزين إليه داخل في قوله: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (391).

{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، وعليها أن تتصنع لزوجها، وأن تتجمل لزوجها، وأن تستعمل الطيب، وكل شيء يرغبه فيها، هذا سنة في حقها، إلا ما حرم الله، وعليها أن تستعمل ما أباح الله من الطيب واللباس، ونحو ذلك، أما ما حرم الله، كالنمص فلا يجوز، نمص الحاجبين، ولو طلبه الزوج، أو تغيير الشيب بالسواد، إذا كانت كبيرة فيها شيب، ليس لها أن تغيره بالسواد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «غيروا هذا الشيب واجتنبوا السواد» (¬1) أما كونها تصبغ شيبها بحمرة أو صفرة، أو بين السواد والحمرة، فلا بأس، وتلبس ثيابا جميلة صفراء أو حمراء أو خضراء أو بيضاء، لكن على الوجه الذي ليس فيه تشبه بالرجال، لباس ما فيه تشبه، أما التشبه بالرجال، فلا يجوز، في الحديث الصحيح: «لعن الله المرأة تلبس لبسة الرجل» (¬2) فليس لها أن تتشبه بالرجال، لا في الملبس ولا في غيره، أما كون لونه أبيض أو أحمر أو أصفر، لا يضر، لكن على ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب اللباس والزينة، باب في صبغ الشعر وتغيير الشيب، رقم (2102). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه برقم (8110).

الهيئة التي يلبسها النساء، لا على هيئة الرجال.

حكم تقبيل المرأة لرأس زوجها

69 - حكم تقبيل المرأة لرأس زوجها س: هل من واجب الزوجة، أن تقبل رأس زوجها، في صباح ومساء كل يوم؟ (¬1) ج: لا نعلم لهذا أصلا، ولو فعلت فلا حرج، لكن لا نعلم لهذا أصلا، وليس بواجب عليها، ولا مشروع، وإنما تسلم عليه السلام المعتاد، سلام الرجل على أهله، والمرأة على زوجها، وهذا شيء معروف بين الزوجين، تفعل مع زوجها، ما يفعله الناس، تقبيل ومؤانسة، ومن مداعبة، أما كونه يجب عليها أن تقبل يده أو رأسه، أو رجله هذا لا أصل له، وإنما تفعل معه ما جرت به العادة، وما يحبه منها، مما ليس فيه محذور شرعا، وإذا رأوا أنها تقبل يده أو تقبل ركبته، أو تقبل رأسه، وفعلت ذلك، فلا بأس، وإذا قدم من سفر، أو كان ذلك في الأعياد، كل هذا لا بأس به، لكن لا يجب، إنما تستعمل ما ترى فيه شيئا يحبه منها، أو يطيب أو يسبب تمام الألفة بينهما، والعشرة بينهما، لا حرج في ذلك. ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (89).

س: تقول السائلة: إنني أعلم أن زوج المرأة هو جنتها أو نارها؛ ولهذا فأنا أتقي الله في هذا الزوج، والحمد لله، وهو دائما، يدعو الله لي، ولكن في بعض الأحيان، قد يحدث خلاف أو يفعل ما يغضبني، وأنا أكتم غضبي خوفا من الله عز وجل، وأسأل الله أن يقدر لي كل خير، فهل يمكن للزوجة أن تغضب من زوجها؟ وإلى أي حد، وهل يجازي الله من كتمت غضبها عن زوجها؟ جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: نعم أنت مأجورة على كتم الغيظ، وعلى خير عظيم، والله يقول سبحانه في كتابه العظيم، في وصف أهل الجنة الذين قال عنهم الله جل وعلا: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} فكظم الغيظ من صفات المتقين، الموعودين بالجنة والكرامة، فأنت على خير، إذا صبرت وكظمت الغيظ، من أجل إرضاء زوجك، من أجل الإحسان إلى الأسرة، ومن أجل جمع الشمل، أنت على خير عظيم، والواجب عليه هو أيضا أن ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (305).

يجتهد في إحسان العشرة، والبعد عن أسباب الغضب، وعليكما جميعا التعاون على البر والتقوى، وعلى ترك الأسباب التي قد تثير الغضب والغيظ، فالمؤمن يجتهد في الأسباب الطيبة، مع زوجته مع أهل بيته، ومع إخوانه المسلمين، والمؤمنات كذلك، كل منكما عليه أن يجتهد، والله سبحانه يعين العبد إذا اتقاه، وصبر، يعينه سبحانه وتعالى، فهو الذي يعين عباده المتقين، ويسهل لهم أمورهم، كما قال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}، فاستعيني بالله واصبري، وادعي له بالتوفيق، وهو كذلك عليه أن يستعين بالله، وأن يصبر وأن يتباعد عن أسباب إغضابك.

بيان حال المرأة ذات الأزواج في الآخرة

70 - بيان حال المرأة ذات الأزواج في الآخرة س: يقول السائل إنه يعيش مع زوجة يمتدحها كثيرا، لكنها سبق وأن تزوجت رجلا قبله، ويرجو أن تكون زوجة له في الآخرة، نظرا لما لمسه منها من حسن العشرة، ويسأل سماحة الشيخ: هل

المرأة إذا تزوجت رجلين في الدنيا، مع من تكون في الآخرة؟ (¬1) ج: ليس هناك نص على أنها تكون لفلان أو لفلان، ولكن يروى في بعض الأحاديث التي فيها بعض الضعف، أنها إذا كانت تزوجت رجالا عدة، فإنها تخير يوم القيامة فتختار أحسنهم خلقا، لكن هذا الحديث ليس بصحيح، لا يعتمد عليه، بل سنده ضعيف والعلم عند الله عز وجل هل تكون للأول، أو للآخر، أو للأوسط، الله أعلم بهذا سبحانه وتعالى، أما هذا الحديث، فإن فيه أنها تخير هي، فتختار أحسنهم خلقا، لكن ليس هذا الإسناد بمعتمد، وليس بصحيح حتى يقال به، ولكن الحقيقة أنها إلى الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم من تكون له ولا شك أنها إذا كانت تعلم أن فلانا كان أحسن عشرة لها، وكان أقوم بحقها، وكان أنفع لها، وكان أحسن خلقا، فهو حري بأن يختارها، وتختاره في الآخرة، في الجنة، هو حري بذلك، وهي حرية بذلك فينبغي لكل زوج أن يتقي الله في زوجته، وأن يحسن خلقه، وأن يؤدي حق الأهل، حتى لا يكون عليه تبعة يوم القيامة، وحتى يبرأ من عهدتها، وربما كان ذلك من أسباب ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (67).

اختيارها له يوم القيامة، إذا كانت ذات أزواج، والله المستعان.

س: سائلة تقول: هل للمرأة إذا دخلت الجنة برحمة الله أن تختار الزوج إذا كان لها في الدنيا زوجان، أم أن هذا من حق الزوج؟ (¬1) ج: ورد في بعض الأحاديث أنها تخير، لكن في سنده ضعف. ورد أن ذات الأزواج تخير، وتختار أحسنهم خلقا، ولكن ما أعلم في هذا الباب حديثا صحيحا، إنما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، في أحاديث، فيها ضعف، وعلى كل حال أهل الجنة، لهم ما يشتهون، من أنواع النعيم: الرجال والنساء، لهم فيها ما يدعون ويطلبون، لا حزن عليهم، المرأة لها نعيم، والزوج له نعيم، وهم على خير عظيم. ¬

(¬1) السؤال التاسع والأربعون من الشريط رقم (430).

س: يقول السائل: هل الرجل وزوجته يجتمعان في الجنة إذا كانا من أهل الخير؟ (¬1) ج: الله أعلم، هذا إلى الله جل وعلا، لكن جاء في بعض الأحاديث أنه إذا كان لها أزواج أنها تخير، تختار أحسنهم خلقا، ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (288).

لكن هذا ليس مقطوعا به؛ لأن الأحاديث فيها ضعف، الله جل وعلا هو الذي يعلم سبحانه وتعالى.

س: رسالة وصلت من منطقة الباحة من إحدى الأخوات، تقول عن نفسها: إنها امرأة أرملة، ومنذ أن توفي زوجها، وبناتها يقلن: إنك لن تري زوجك في الآخرة، فهل ترى المرأة زوجها في الآخرة، وجهونا حول هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا أمره إلى الله عز وجل هو الذي يحكم بينهم سبحانه وتعالى، وقد تكون للأول، إذا كان لها أزواج، الله سبحانه وتعالى هو الذي يقدر ثوابهم، ويحكم في ذلك سبحانه وتعالى، قد ورد في بعض الأحاديث، لكن في سندها نظر، أن المرأة إذا كانت ذات أزواج أنها تخير يوم القيامة، إذا كانت من أهل الجنة تختار أحسنهم خلقا، ولكن في سنده نظر، والحاصل أنه يقال في هذا: هذا أمره إلى الله عز وجل هل تكون للآخر، أو الأول إذا كانت ذات أزواج، أما إذا كان زوجها واحدا، ودخلا جميعا الجنة، الأقرب والله أعلم أنه تكون زوجة له، وأنه يجمع الله بينهما، هذا هو الأقرب، والله ¬

(¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (339).

أعلم سبحانه وتعالى، وليس هنا حديث فيما نعلم ثابت يدل على أن المرأة إذا كان لها زوج، ودخل الجنة أنها تكون له في الجنة، لكن الأقرب أنها تكون له، وإذا كان لها أزواج، مثل ما تقدم، جاء في بعض الأحاديث وإن كان في سندها ضعف، أنها تختار أحسنهم خلقا، لكن هذا إلى الله؛ لأنه هو أعلم بما يكون يوم القيامة، إلا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فإنهن أزواجه خاصة؛ لأنه جاءت السنة أن أزواجه في الدنيا هن أزواجه في الآخرة.

حكم قول يا عمة يا خالة لأم الزوج

71 - حكم قول: يا عمة، يا خالة، لأم الزوج س: تقول السائلة: تزوجت وأنا صغيرة في السن، ولم أستطع أن أقول لأم زوجي عمة أو خالة، وعندما كبرت لم أستطع قولها أيضا؛ لعدم تعودي على ذلك من البداية، وسؤالي يا سماحة الشيخ هل تلقيب أم الزوج بذلك، يعتبر حقا من حقوقها، وبذلك أكون آثمة بعدم قولي ذلك، مع احترامي الشديد لها وحسن المعاملة؟ (¬1) ج: ليس هذا بواجب، إنها عرف، عادة، القول لأم الزوج خالة أو عمة، هذه عادة ولأب الزوج: عم أو خال، عادة، ليس بلازم، فإذا ¬

(¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (297).

خاطبتها، بأم فلان، أو خاطبت إنسانا، أبا الزوج، أم الزوجة، بأبي فلان، أو فلانة فلا بأس، ولا حرج في ذلك، وإذا خاطبتها بالمعروف، يا عمة أو خالة، فهذا حسن إن شاء الله، من باب اعتياد المسلم للمعروف، ومن باب مراعاة الخواطر وعدم وجود شيء في النفوس، وهذا الإنسان إذا قال لأبي زوجته: يا عم أو يا خال، من باب التلطف، من باب درء المفاسد، فلا بأس، وإلا فلا حرج، هذه أعراف ليست بلازمة، وإذا قال الرجل لأبي زوجته: يا أبا فلان، أو قال لأم زوجته: يا أم فلان، ولم يقل: يا خالة، كله لا بأس به، وهكذا الزوجة.

س: ماذا يطلق على أبي الزوجة وأم الزوجة؛ لأنه في وقتنا هذا، نجد بعض الناس، يطلقون على أبي الزوجة لفظ خال وعلى أم الزوجة خالة، أفيدونا أفادكم الله؟ (¬1) ج: لا نعلم في هذا شيئا من السنة، وإنما عرف الناس يختلف، منهم من يسمي أم الزوجة خالة، وأبا الزوجة خالا، ومنهم من يسمي أم الزوجة عمة، ويسمي أبا الزوجة عما، والأمر في هذا سهل ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط (78).

لأنه بالعرف، وإذا سماها صهرتي، وسمى أبا الزوجة صهري، كله سهل، هم يسمون أصهارا، الأقارب من جهة النكاح يسمون أصهارا، لكن في عرف الناس لهم اصطلاحات في هذا الأمر، منهم من يسمي أبا الزوجة عما أو خالا، وأم الزوجة عمة أو خالة، ولا مشاحة في هذا، إن شاء الله.

حكم مص الزوج لثدي زوجته

72 - حكم مص الزوج لثدي زوجته س: هل يجوز مص الزوج لثدي زوجته؟ (¬1) ج: لا حرج، يعني مص ثديها، لا يضره حتى لو مص اللبن من ثديها؛ لأن الرضاعة للكبير لا تؤثر شيئا عند جمهور أهل العلم، لكن ترك ذلك أولى، لا حاجة إلى هذا، يعني كونه يمص اللبن من ثديها، من باب المزح، أو من باب المداعبة، أو من باب إظهار المحبة لا يضر ذلك، لا يضر الزوجين لو شرب اللبن من ثديها، لا يضر شيئا، وهي زوجته، ولا يكون ولدا لها، ولكن ترك هذا أحسن، ومن أهل العلم من يرى إرضاع الكبير، فلا ينبغي أن يرضع ثديها، بل ترك ذلك أولى. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (19).

س: ما حكم من يقبل نهود زوجته، ويقوم بِعَضِّ رؤوس الثدي، أثناء بداية الزواج، هل في ذلك شيء أم لا؟ (¬1) ج: لا نعلم في هذا شيئا، لا نعلم في تقبيل الثدي أو عضه، أو مصه من باب المداعبة شيئا، أما شرب اللبن الذي فيه تركه أولى، أما مجرد التقبيل، أو مص بدون شيء، أو عضه للعب، ليس فيه شيء. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (28).

حكم كشف الزوجة لجسمها أمام زوجها

73 - حكم كشف الزوجة لجسمها أمام زوجها س: هل يجوز للزوج أن يرى جسم زوجته؟ جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: نعم، له أن يرى جسمها، ولها أن ترى جسمه مكشوفين، لهما أن يناما بثوب واحدة، وبكساء واحد، فالذي أباح له أن يجامعها، أباح له النظر إليها، من باب أولى، لأن الجماع أشد وأعظم، فإذا أباح الله له الجماع، له أن يمس فرجها، أو يرى فرجها، أو يرى بدنها كله، كل ذلك لا بأس به، وهي كذلك؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل مع نسائه، يغتسلان جميعا في ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (305).

محل واحد، يراها وتراه، وكانت عائشة رضي الله عنها، وهكذا قالت أم سلمة، كانا يغتسلان جميعا من إناء واحد، في محل واحد، مكشوفين صلى الله عليه وسلم، وهو أفضل الناس، وخير الناس، وأتقى الناس لله.

حكم دخول الزوجين الحمام عاريين

74 - حكم دخول الزوجين الحمام عاريين س: ما حكم دخول المرأة وزوجها الحمام، وكل منهما يرى من الآخر عورته؟ (¬1) ج: قد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أنه كان يغتسل مع أزواجه رضي الله عنهن وأرضاهن، وهذا يدل على جواز نظر الزوج إلى عورة زوجته، وهي كذلك، وقد أباح الله له جماعها ومباشرتها، فلا غرابة في ذلك، ولا كراهة في ذلك، فإذا اغتسلا جميعا في الحمام، أو الحجرة المعينة، وهما مكشوفا العورة، فلا بأس بذلك، ولا حرج فيه؛ لما تقدم، يلاحظ أن يكون الحمام ليس فيه من ينظر إلى عورتيهما لا بد أن يكون هذا في مكان خاص مستور، ليس فيه إلا الزوج والزوجة، أما إن كان هناك محل ينظر فيه ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (11).

إلى عورتيهما، فإنه يحرم عليهما ذلك، محرم عليه وعليها جميعا، إنما يكون الجواز، فيما إذا كانا في محل مستور عن غيرهما، يلاحظ أن يكون الحمام ليس فيه من ينظر إلى عورتيهما، لا بد أن يكون هذا في محل خاص، مستور، ليس فيه إلا الزوج والزوجة.

حكم كذب أحد الزوجين على الآخر

75 - حكم كذب أحد الزوجين على الآخر س: من أم محمد من الدمام تسأل وتقول: سماحة الشيخ، ما حكم الشرع في كذب أحد الزوجين على الآخر، إذا كان فيه مصلحة لهذه الأسرة؟ (¬1) ج: تقول أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنهما: تقول: «لم أسمع النبي يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، والمرأة زوجها» (¬2) رواه مسلم في الصحيح، فالنبي صلى الله عليه وسلم رخص للرجل في الكذب على امرأته، والمرأة على زوجها، إذا كان ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (3). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الكذب وبيان المباح منه، برقم (2605).

فيه إصلاح ولا يضر أحدا، بل ينفع ولا يضر، إذا كذب عليها لمصلحة تتعلق بها، أو بأهلها، أو كذبت عليه لمصلحة تتعلق به، أو بأهله، لا تضر أحدا هذا طيب، لا بأس به، تقول: أهلك يحبونك، ويثنون عليك ويحبون أن تكون صدوقا في كلامك، ويحبون أنك تحافظ على الصلوات في الجماعة، ويحبون أنك تكون طيب الكلام معهم، طيب البشر، ويثنون على خدماتك لهم حتى تشجعه، طيب، وهو يقول لها: إني سوف لا أتزوج عليك، وسوف أجتهد فيما ينفعك، وسوف أوصي أهلك بك خيرا، من الكلمات التي تنفعها وتسرها.

س: يقول السائل: هل يجوز للزوج الكذب على زوجته في أمور لا يقدر على تنفيذها، مثلا تطلب منه شراء شيء معين، ليس باستطاعته شراؤه، كيف توجهون الناس، وهل للزوجة أن تأخذ من مال زوجها دون علمه؟ (¬1) ج: للزوج أن يكذب عليها، ولها أن تكذب عليه، فيما بينهما، وفي مصالحهما، إذا كان الكذب لا يضر أحدا غيرهما، فيما يختص ¬

(¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط (293).

بهما، فله أن يكذب عليها، ويقول: سوف أشتري كذا، وسوف أحضر لك كذا، حتى يسكتها ويرضيها، ولها أن تقول ذلك: سوف لا أخالفك، وسوف لا أذهب إلى البيت الفلاني، حتى يهدأ غضبه، ولو كانت كاذبة؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط رضي الله عنهما، قالت: «لم أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: الحرب والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، والمرأة زوجها» (¬1) وذلك فيه مصالح: تهدأ الحال بينهما، وحتى يزول الغضب منه أو منها، كذب لا يضر أحدا من الناس، هذا مجرب ونافع، ولا حرج فيه، والحمد لله، ولها أن تأخذ من ماله، بغير علمه بقدر حاجتها من دون إسراف، ولا تبذير إذا كان لها حاجة، فلها أن تأخذ حاجتها من ماله، من طعام أو نقود أو ملابس، من غير علمه، لكن بغير إسراف ولا تبذير؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن هندا بنت عتبة، قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان يعني زوجها، رجل شحيح لا يعطي من النفقة ما يكفيني، ويكفي بني، فهل لي أن آخذ من ماله، ما يكفيني ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الكذب وبيان المباح منه، برقم (2605).

ويكفي بني بغير علمه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نعم خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك» (¬1) يعني بغير إسراف ولا تبذير، يعني حسب المعتاد وحسب الحاجة. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب من أجرى الأمصار على ما يتعارفون بينهم .. برقم (2211)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب قضية هند، برقم (1714).

س: هل يجوز للزوج الكذب على زوجته في بعض الأمور الزوجية، والتي يرى فيها الصلاح في حياته الزوجية؟ (¬1) ج: لا حرج في أن يكذب الرجل على زوجته، في أشياء تنفعهما جميعا، ويكون فيها خير للجميع، ولا يتعدى ضررها على أحد، لا بأس بذلك، وهكذا الزوجة لها أن تكذب على زوجها، فيما يزيد المحبة ويهيئ الجو بينهما، كل ذلك لا حرج فيه، إذا كان الكذب من أحدهما على الآخر، لا يضر أحدا من الناس، وإنما يختص بهما ومصالحهما، فلا بأس بذلك، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه ما رخص في الكذب إلا في ثلاث: في الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (6).

المرأة زوجها» (¬1) فهذه الثلاث لا حرج في الكذب فيها؛ للإصلاح بين الناس، وفي الحرب، وفيما يتعلق بحديث الرجل مع امرأته، والمرأة مع زوجها فيما يصلح شأنهما. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الكذب وبيان المباح منه، برقم (2605).

س: سائلة تقول في سؤالها: سماحة الشيخ ما حكم مصارحة المرأة لزوجها في جميع أمورها التي تخصها وتخص العائلة، وهل يجوز لها الكذب عليه في أمور تجلب المشاكل لها، علما بأنني سمعت عن الرسول صلى الله عليه وسلم حديثا معناه: بأن المرأة تكذب على الرجل، وكذلك الرجل يكذب على زوجته، وأيضا هناك نوع من الكذب الحلال، وهو درء المفاسد، أفتونا في ضوء ذلك مأجورين. ج: هذا فيه تفصيل أما ما يتعلق بمصارحتها في شؤون البيت فهذا لا بد منه، تصارحه وتعطيه المعلومات الكافية عن حاجات البيت وشؤون البيت، إلا الشيء الذي تستطيع أن تسده بنفسها، وتقوم به من مالها هذا لا بأس، وإلا فتصارحه في شؤون البيت،

حتى لا يكون فيه خلل ما، مع ضيوفه، أو مع أولاده، أو مع من تحت يده من أيتام وغيره، لا بد أن تصارحه، في جميع أعمال البيت، حتى يقوم بالواجب لأنها مؤتمنة، مثلما قال صلى الله عليه وسلم: «المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» (¬1) فلا بد تعطيه الحقيقة، ولا بد أن تجتهد في أداء الواجب؛ لأنها مأمونة على هذا البيت، ولا بد من تحري الصواب، تحري الحق، حتى لا تخفي شيئا، يضر أهل البيت، أما الكذب، فلا بأس تكذب عليه ويكذب عليها فيما لا يضر الناس، فيما يخصهما، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه: « ... ما كان يرخص في شيء مما يقول الناس إنه كذب إلا في ثلاث، الخدعة في الحرب، والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته، والمرأة زوجها» (¬2) فيما يتعلق بشؤونها لا بأس؛ لأن هذا قد يحصل به خير كثير، والتئام، وبقاء العقد، فإذا صرحت له، صرح لها، بأشياء كذب ولكن تنفعهم مثلا قالت له: إنك رحت بيت آل فلان أو آل فلان، وهو ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الجمعة في القرى والمدن، برقم (893). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الكذب وبيان المباح منه، برقم (2605).

يقول لا ما له صحة وهو يكذب، ولا يترتب عليه شيء يضر الناس، أو قالت له إنه يتزوج فيقول: لا أنا لست متزوجا أبدا ما له صحة، لست متزوجا، أو قالت له: إني أريد أن أذهب لأهلي؛ لأجل أعود والدتي أو أريد أن أوصل حاجة مهمة لو أخبرته بها وما فيها محذور، فلا بأس، المقصود الكذب الذي ينفعهما، ولا يضر أحدا ينفعهما فيما بينهما، ولا يضر أحدا، فلا بأس.

حكم جماع المرأة في نفاسها أو حيضها

76 - حكم جماع المرأة في نفاسها أو حيضها س: سمعت من بعض الناس يقولون: إذا جامع الرجل زوجته، قبل أن تكمل الأربعين يوما، يعني من النفاس، كأنه يزني بها، وما الحكم لو فعل ذلك، هل يلزمه كفارة أو التوبة إلى الله، وإذا جامعها وهي حائض، يقولون: نفس الكلام؟ (¬1) ج: الحائض والنفساء لا يجوز للزوج جماعهما، حرام على الرجل أن يجامع زوجته في الحيض والنفاس؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (22).

فلا يجوز للزوج أن يأتي الزوجة، في حال الحيض، حتى تغتسل، تطهر، وتغتسل من حيضها، ثم له أن يجامعها، وكذلك النفساء، ليس له أن يأتيها في حال النفاس، ما دام الدم موجودا، فإذا طهرت واغتسلت جاز له جماعها، ولو كانت في الأربعين، فلو طهرت لشهر واغتسلت، جاز له أن يجامعها، في العشر الباقية، فإن عليها أن تصلي، وتصوم، وتحل لزوجها في بقية الأربعين؛ لأن أقل النفاس ليس له حد، فقد تطهر لعشرين، قد تطهر لثلاثين، وقد تطهر لأقل أو أكثر، فإذا طهرت واغتسلت، عليها أن تصوم وتصلي، ولزوجها أن يأتيها في وقت الطهر، أما في وقت الدم فلا، إذا أكملت الأربعين، وجب عليها أن تغتسل، ولو كان الدم موجودا، لو استمر معها الدم، حتى كملت الأربعين، فإنها تنتهي المدة، فعليها أن تغتسل، ولو كان الدم جاريا، وتصلي وتصوم وتعتبر هذا الدم دما فاسدا، لا يمنعها من صومها، وصلاتها، ولا يمنع زوجها من قربانها؛ لأن هذا الدم المستمر يعتبر دما فاسدا بعد تمام الأربعين؛ لأن نهاية النفاس وتمامه الأربعون، فإذا انتهت

الأربعون، فإن النفاس قد انتهى، فعلى المرأة أن تغتسل، وعليها أن تصلي وتصوم إذا كان في رمضان، وتحل لزوجها، ولو كان الدم جاريا؛ لأنه والحال ما ذكر يكون دم فساد، لا يعتبر، وإذا جامع الرجل امرأته في الحيض، أو في النفاس، فقد أساء وأثم، وأتى كبيرة من الكبائر، فالواجب عليه أن يتقي الله، وأن يتوب إليه- سبحانه وتعالى-، عما فعل، والتوبة تَجُبُّ ما قبلها، وعليه مع ذلك في أصح قولي العلماء الكفارة، وهي نصف دينار أو دينار، إذا أتى زوجته في الحيض، ومثله النفاس، عليه كفارة مع التوبة إلى الله، والندم والإقلاع، والعزم الصادق ألا يعود في ذلك، وعليه الكفارة، وهي دينار أو نصف دينار، من الذهب أو قيمته من الفضة، ومقدار نصف الدينار من الجنيه السعودي اليوم، سهمان من سبعة؛ لأن الجنيه السعودي اليوم ديناران إلا ربعا، يعني مثقالين إلا ربعا، فنصف الدينار منه سهمان، من سبعة والدينار أربعة من سبعة، فعليه أن يكفر بذلك، إذا أتى زوجته وهي حائض أو نفساء، ينظر في صرف الجنيه السعودي، فإذا عرفه عند الصرافين، يخرج مقدار سهمين من سبعة من الجنيه، من صرف جنيه ويتصدق به على بعض الفقراء، أو أربعة من سبعة مقدار الدينار، ويتصدق به على الفقراء توبة إلى الله عز وجل، وكفارة لما أتى من الوطء في الحيض، أو النفاس وقت

نزول الدم، أما بعد الطهر، فليس في ذلك شيء، إذا طهرت واغتسلت من حيضها، أو نفاسها حلت للزوج كما تقدم.

حكم وطء المرأة في دبرها

77 - حكم وطء المرأة في دبرها س: حول وطء الزوجة في دبرها، لقد قرأت في كتاب المغني صفحة رقم 22، فصل، ولا يحل وطء الزوجة في الدبر؛ لقول أكثر أهل العلم، منهم علي وعبد الله وأبو الدرداء، وابن عباس وعبد الله بن عمرو وأبو هريرة، وبه قال سعيد بن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن ومجاهد وعكرمة والشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر، وروي إباحته عن ابن عمر وزيد بن أسلم، ونافع ومالك وروي عن مالك أنه قال: ما أدركت أحدا أقتدي به في ديني، يشك في أنه حلال وأهل العراق من أصحاب مالك ينكرون ذلك واحتج من أحله، بقول الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} وقوله سبحانه: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} فما رأي الدين في قول الذين أباحوا ذلك واحتجاج

الإمام مالك بالآيتين الكريمتين أرجو بيان حكم الدين بذلك في قول الإمام مالك، وابن عمر وزيد بن أسلم ونافع والسلام عليكم (¬1) ج: هذه المسألة مما قامت الأدلة الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام بالدلالة على تحريمها، وهي مسألة الوطء في الدبر، هذه هي اللوطية المعروفة، ويقال لها اللوطية الصغرى، فهي محرمة ومنكر ومن الكبائر، وقد جاءت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحذر من ذلك وتبين أن وطء الدبر من الزوجة أمر محرم ومنكر، وبه قال عامة أهل العلم وجمهورهم، للأحاديث الواردة في ذلك، منها قوله عليه الصلاة والسلام: «لا ينظر الله إلى رجل أتى امرأة في دبرها» (¬2) رواه الترمذي والنسائي بإسناد صحيح وأحمد –رحمة الله عليه- ومنها قوله عليه الصلاة والسلام: «إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن» (¬3) وفي لفظ: ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (14). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8327). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث خزيمة بن ثابت رضي الله عنه برقم (21351).

«في أعجازهن» وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ملعون من أتى امرأة في دبرها» (¬1) في أحاديث كثيرة، كلها دالة على تحريم الوطء في الدبر، أما قوله جل وعلا: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} فهي كما دلت عليه الأحاديث، الحرث هو الفرج، هذا محل الحرث، وهو القبل، أما الدبر فليس محل الحرث، ولكنه محل القذر، محل الغائط، فليس محل الحرث، وإنما حرث الإنسان قبل زوجته، محل الولادة، محل البذر يطؤها فيه، فتحصل بذرة من المني، ثم إذا أراد الله شيئا انعقد ذلك المني مع منيها وجاء الولد، فالقبل هو محل الحرث، وليس الدبر، الدبر محل القذر، محل النجاسة، والقبل هو محل الحرث وفي الحديث الآخر، مقبلات، لما قالت اليهود: إن الرجل إذا أتى امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول، أكذبهم الله، وأنزل قوله سبحانه: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «في صمام ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (9440).

واحد» (¬1) إذا كان في صمام واحد يعني في القبل هو الصمام، يعني محل الحرث، فالحاصل أن الأحاديث الصحيحة، وأقوال أئمة العلم من الصحابة ومن بعدهم كلها، تدل على تحريم الوطء في الدبر، أما ما يروى عن ابن عمر أنه أجازه فهو غلط على ابن عمر والصواب أنه لا يثبت عن ابن عمر، وإنما أراد ابن عمر أنه يجوز أن تؤتى من قفاها في قبلها، يعني يأتيها من دبرها في قبلها، يعني يكون إلى الدبر وهي مثلا على جنبها أو كالساجدة فيأتيها من جهة قفاها في قبلها في الفرج لا في الدبر نفسه، فغلط بعض الناس، وظن أنه يجيز الوطء في الدبر وإنما يأتيها مدبرة في قبلها لا في دبرها، هذا هو الذي أراده ابن عمر وغيره ممن نقل عنه ذلك، ولو فرضنا أن بعض التابعين أو من بعدهم أجازه صريحا وتوهم وغلط في هذا فقوله مردود وباطل لا يلتفت إليه لأنه مصادم للآية الكريمة، ومصادم للأحاديث الصحيحة، وكل قول يخالف ما قاله الله ورسوله، فالواجب الاطراح، الواجب الترك، ولا يجوز أن تعارض به السنة الثابتة عن ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب جواز جماعه امرأته في قبلها من قدامها ومن ورائها من غير تعرض للدبر، برقم (1435).

رسول الله عليه الصلاة والسلام كما لا يجوز أن يعارض به ما قاله الله عز وجل، هو قال: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}، فالحرث هو محله القبل فقط، وكذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن» (¬1) وقال: «لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا، أو امرأته في دبرها» (¬2) ويروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «ملعون من أتى امرأة في دبرها» (¬3) وجاء في حديث ابن عمر، وحديث عبد الله بن عمرو بسند جيد موقوفا ومرفوعا أنه سئل عن الوطء في الدبر، فقال اللوطية الصغرى، فالحاصل أنه محرم بالنص، وبقول أهل العلم الذي هو كالإجماع، وما يروى عن ابن عمر وعن زيد بن أسلم أو مالك، كله لا أصل له، ولا صحة له، ولا يثبت عن مالك إباحته فيما نعلم، وإنما أوهام وأغلاط من بعض الرواة عنه، منسوبة إليه، أما ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث خزيمة بن ثابت رضي الله عنه برقم (21351). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8327). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (9440).

المحفوظ عنه رحمه الله هو المنع وعدم جواز الوطء في الدبر وهكذا المحفوظ عن ابن عمر، هو المنع وليس الجواز وإنما توهم بعض الناس في بعض الروايات عنه أنها تؤتى من دبرها في قبلها، فظنوا أنه يجيز الوطء في الدبر، وإنما أراد أن تؤتى من جهة الدبر في القبل نفسه، لا في الدبر الذي هو محل القذر، هذا هو الحق وهو كالإجماع من أهل العلم. والكلام الذي في هذا عن بعض السلف شاذ، لا يلتفت إليه ولا يعول عليه بل هو منكر وباطل.

حكم إساءة الزوجة لوالدي زوجها

78 - حكم إساءة الزوجة لوالدي زوجها س: أنا متزوج منذ أربع سنوات وساكن معي والدي في بيت واحد، ولكن زوجتي تحب المشاكل مع والدي ووالدتي، كل يوم، وأنا أضربها وبعض الأوقات أفكر أن أطلقها ولكنني أحبها وهي تحبني ولا أعرف أرضي والدي ووالدتي أم أرضي نفسي بها حيث إن زوجتي لا تفهم ولا تقرأ شيئا أفيدوني، جزاكم الله خير الجزاء؟ (¬1) ج: ينبغي لك أن تستمر في نصيحتها وتحذيرها من المشاقة لوالديك وإغضابهما؛ لأن برهما واجب، والواجب عليها أيضا ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (36).

التأدب مع والديك ومخاطبتهما بالتي هي أحسن والرفق بهما وطاعتهما فيما يسبب قطع المشاكل وجمع الكلمة وتبادل المحبة والتعاون، فأنت عليك أن تستمر بنصيحتها وتوجيهها إلى الخير مع الكلام مع والديك بأن يلاحظا حالها ويرفقا بها، لعلها تستقيم، مع أنك تحبها وتحبك وليس فيها مانع من البقاء مستقيمة في دينها فإنك تلاحظ ذلك وتعتني بإصلاح الحال وتوصيها بما يلزم ولا تعجل في الطلاق لعل الله يهديها، أما إن استمرت في المشاكل مع والديك فطلاقها أولى وسوف يعوضك الله خيرا منها، فإن من اتقى الله جعل له مخرجا، والله يقول سبحانه {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} فالمرأة التي تؤذي الوالدين وتشق عليهما إبعادها أولى، والتزوج بغيرها أولى، والله سبحانه سوف يعوض البار بوالديه خيرا مما فاته، جزاء له على إحسانه وبره لوالديه، لكن الأولى عدم العجلة، لعلها تهتدي ولعلها تستقيم، مع النصح والتوجيه إلى الخير، ولعل الوالدين

يرفقان بها ويصبران على بعض الأذى منها، حتى تستقيم، وحتى تصلح حالها هدى الله الجميع صراطه المستقيم.

حكم ترفع الزوجة على الزوج وإساءتها له

79 - حكم ترفع الزوجة على الزوج وإساءتها له س: يسأل الأخ ويقول: إنه يشكو من غرور زوجته، وجفاء أهلها واستذلالهم له، ويقول إنه عزم على الطلاق، لكنه مقيد بأطفال له من تلك الزوجة، بماذا تنصحونه، وبماذا تنصحون تلك الزوجة، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: ننصحه بعدم العجل، لا يعجل في الطلاق، وعليه أن يوصي المرأة بعدم الغرور، وعليها أن تجتهد في أداء حقه، والسمع والطاعة له في المعروف، وأن تعلم أن غرورها بجمالها أو صحتها، أو مالها من أعظم الوسائل إلى سلبها ذلك، وأن تسلب جمالها وأن تسلب صحتها ومالها، هو من المعاصي التي قد تجر لها بلاء كثيرا. الواجب عليها شكر الله وحمده سبحانه على ما أعطاها وأن تتواضع لزوجها، وتؤدي حقه، وهو كذلك لا مانع من كونه يطلب من أخيها أو أبيها أن ينصحها أو أمها، أو نحو ذلك، حتى تستقيم ¬

(¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (204).

وإن كان أهلها جافين في حقه، يتحمل ويتصبر، ويعاملهم بالتي هي أحسن، بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن والزيارة المناسبة، وقضاء حاجتهم إذا احتاجوا له في شيء، هكذا يعالج الأمور، بنصيحة المرأة، وأمر الطيب من أهلها أن ينصحها، والصبر على جفاء أهلها بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، والزيارة المناسبة، حتى يزول الجفاء من أهلها، وحتى يزول الغرور منها، ولا يعجل في الطلاق، فإن لم تنفع الأمور، وآذته بغرورها وآذاه أهلها بجفائهم، ولم يجد بدا من طلاقها، فلا حرج، والحمد لله، الله جعل الطلاق راحة للزوج، من شر الزوجة، لكن ما دام يرجو أن المشكلة تزول برجوعها عن باطلها، وعن غرورها وبأدائها حق زوجها عليها، وأن الجفاء من أهلها يزول، فإن الله جل وعلا قادر على كل شيء سبحانه وتعالى، فعليه تعاطي الأسباب والله الموفق، فإن لم تنفع الأسباب، فيفعل الأصلح من طلاق أو عدمه.

س: سائلة تقول: زوجة صالحة، ذات صلاة وعبادة، ولكنها ذات خلق سيئ، حيث ترفع كثيرا من صوتها على زوجها وأبنائها، تنظر إلى الأمور نظرة سوداوية متشائمة، وتحمل الأمور ما لم

تتحمل، هل من كلمة توجهونها إلى مثل هذه، عبر الأثير، فعلها تستمع إلى ما تقولون، سماحة الشيخ، وحيث إنها تستمع أيضا إلى برامج إذاعة القرآن الكريم؟ (¬1) ج: نوصي المرأة المذكورة وأشباهها، بتقوى الله جل وعلا، والعناية بحسن الظن، ومراعاة الأساليب الحسنة والبعد عن سوء الظن، لا بأولادها ولا بغيرهم، يقول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث» (¬2) فالواجب على كل مسلم، رجل أو امرأة، الواجب الحذر من سوء الظن، إلا بأسباب واضحة، وإلا فالواجب ترك الظن السيئ، لا بالمرأة ولا بالزوج ولا بالأولاد، ولا بأخي الزوج ولا بأبيه، ولا بغير ذلك، الواجب حسن الظن بالله، وحسن الظن بأخيك المسلم، أو بأختك ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (381) .. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع، برقم (5144)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظن والتجسس والتنافس والتناجش، برقم (2563).

المسلمة، وألا تسيء الظن، إلا بأسباب واضحة توجب التهمة، وإلا فالأصل البراءة والسلامة، وسوء الظن يسبب الفرقة والاختلاف، والشحناء، والعداوة، حتى الرجل مع أولاده، إذا أساء ظنه بهم، والمرأة مع أولادها، إذا ساء ظنها بهم، ساءت الحال بينهم، فالواجب الحذر من ذلك، والواجب العناية بحسن الظن، ما دام هناك مجال لحسن الظن، أما إذا وجدت أسبابا تقتضي سوء الظن فلا بأس، كاجتماعه بمن يساء بهم الظن، وكوقوفه مواقف التهم، المقصود متى وجدت أمور واضحة تقتضي سوء الظن فلا بأس، ولهذا إذا قامت البينة عمل بها، وأسيء الظن بمن قامت عليه البينة، بأنه سرق وبأنه زنى، أو بأنه شرب الخمر، فإذا قامت البينة الشرعية، أقيم عليه الحد وأسيء به الظن بسبب البينة، أما عند عدم وجود البينات، فالواجب ترك سوء الظن، والاعتماد على البراءة الأصلية، والسلامة الأصلية، والحذر من سوء الظن بالمسلم بغير حق، نسأل الله للجميع الهداية.

س: يقول السائل: إنه تزوج فتاة، وكان يعتقد أنها على خلق ودين، فاتضح له غير ذلك، واتضح له أيضا أن أهلها على أسوء وصف يمكن أن يذكر، ويذكر أشياء وأشياء، لعل في عدم ذكرها

الأفضلية، أرجو من سماحة الشيخ أن يتفضل بتوجيه أخينا، ولا سيما أنه يستشيركم في موضوع طلاقها، وقد أنجبت له مولودا. (¬1) ج: الذي نرى في هذا هو النصيحة، ينصحها ويجتهد في ذلك، يوجهها إلى الخير ويعلمها ما تجهل، ويوصيها بما ينفعها ويطلب من أوليائها أيضا، إذا كان فيهم أحد طيب أن ينصحها أيضا، أو من أمه أو أمها أو أخته أو أختها، أو بعض أقاربه الآخرين أو أقاربها، حتى تدع ما يسوؤه منها، وما أنكره عليها من الأخلاق، يجتهد في هذا، ولا يعجل في الطلاق، نوصيك بألا تعجل يا أخي في الطلاق، وأن تجتهد في النصيحة، وأن تعمل ما تستطيع من توجيهها إلى الخير، أو الاستعانة ببعض أقاربها أو أقاربك، على توجيهها إلى الخير ولو كان أهلها في أسوإ حالة، قد يهديها الله، وتخالف أهلها فعليك أن تنصحها، وأن تستكثر من ذلك، وألا تعجل ولا سيما معها أولاد لك، فلا ينبغي أن تعجل مهما أمكن. وعلى كل حال كل شيء له علاج، وعليه أن يحفظ عنها ماله، ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (98).

ولا يعطيها إلا قدر حاجتها، ويدعو لها في ظهر الغيب بالتوفيق والهداية، في صلاته وفي غير صلاته، دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجاب، يدعو لها، يجتهد، يدعو لها بالصلاح والتوفيق والهداية، وأن يعافيه الله من شر أخلاقها التي انتقدها عليها.

حكم خدمة الزوجة لزوجها

80 - حكم خدمة الزوجة لزوجها س: لدينا أخت في الله، وهي من الداعيات إلى الله عز وجل، بقدر ما عندها من العلم الشرعي البسيط، وهي خريجة جامعية، وقد تزوجت من أحد الإخوان، وبعد زواجها بفترة، جاءت الأخت المشار إليها بفكرة: أن طاعة الزوجة في خدمة زوجها في البيت غير واجبة على المرأة، وإنما الواجب عليها فقط الفراش، فهي لا تطبخ ولا تكنس البيت، ولا تقوم بأي عمل من الأعمال، وأصرت على رأيها، وقد قام الإخوة بنصحها كثيرا، ولكن دون جدوى، وهي تقول: تريد فتوى من سماحتكم بهذا، وقد كان الاتصال بها مباشرة في نصحها وإرشادها، فطلبت منكم التوجيه جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (380).

ج: الواجب على الزوجة السمع والطاعة لزوجها، وأن تعاشره بالمعروف، كما يعاشرها بالمعروف، قال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وقال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}. فالواجب عليها السمع والطاعة في الفراش، وحاجته لنفسها، والواجب عليها أيضا خدمته الخدمة المعتادة، التي يخدم مثلها مثله، فإذا كانت يُخْدم مثلها، فعليه أن يُخْدِمها، وإذا كان مثلها لا يُخْدم في عرف بلادهم، أنهم يَخْدِمُون أزواجهم، وجب عليها أن تخدمه؛ لأن هذه مسائل عرفية، والرسول صلى الله عليه وسلم أطلقها، والقرآن أطلقها، {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}. فإذا كانت من بيت يُخْدَم نساؤه، ولا يَخْدِمُون، أخدمها مع القدرة، وإذا كانت في عرفهم أنها تَخْدِم زوجها وتقوم بحاجة البيت، من الطبخ وغيره، فعليها أن تقوم بذلك، وكانت

أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يخدمن في البيت، يخدمن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته، يقدمن له الطعام والحاجات، وهن أشرف النساء رضي الله عنهن، وأرضاهن، فالواجب على المرأة أن تقوم بالواجب، وأن تخدمه في بيته، وأن تقدم له المعتاد من طعام، وشراب، ولباس وغير ذلك، إلا إذا كان قد استقر في البلد، وعرف في البلد، أن مثلها لا يَخْدِم، وإنما يُخْدَم فيما يتعلق بالطبخ، ونحوه، فإنه يأتي لها بخادم، إذا استطاع ذلك.

حكم تقصير الزوجة بحقوق زوجها

81 - حكم تقصير الزوجة بحقوق زوجها س: يصف فيها حالته الزوجية بأنها ممتازة، وله زوجة مستقيمة وهو كذلك، إلا أنها لا تقوم بالحقوق الزوجية كاملة فما هو توجيهكم؟ (¬1) ج: عليك أن تناصحها، وتجتهد معها بالكلام الطيب، وإن شاء الله يهديها الله عز وجل ما دامت طيبة، إن شاء الله مع المناصحة والمذاكرة، والكلام الطيب، يحصل المطلوب، ولا تعجل. ¬

(¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (336).

حكم معاشرة الزوجة التي لا تصلي

82 - حكم معاشرة الزوجة التي لا تصلي س: يقول السائل: رجل له زوجة، ونصحها للصلاة عدة مرات ولم تستجب لنصيحته، علما بأنها لا تفقه شيئا من القرآن والسنة، فما حكم معاشرتها؟ (¬1) ج: عليه أن يستمر في نصيحتها، ويعلمها، ولا ييأس، ولكن يكون بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، وشيئا شيئا، قليلا قليلا، حتى تعلم ما أوجب الله عليها، وما حرم الله عليها، وإذا استمرت في عدم طاعته في أداء الصلاة، ففي إمكانه أن يؤدبها، حتى تتوب من قبل الزوج والأب والجد ونحو ذلك، والأخ الكبير، مع الحرص عليها بالتوجيه والإرشاد، والترغيب في الخير، والتحذير من النار، وله أن يؤدبها إن استطاع، بضربات تمنعها من الباطل، وتعينها على أداء الحق، ويستعمل الذي يرى فيه المصلحة من الضرب، والهجر حتى تتم التوبة، والعمل الصالح، ولا يُقدم على الطلاق حتى يسلك هذه الطرق. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (285).

حكم عمل الزوجة بغير رضا زوجها

83 - حكم عمل الزوجة بغير رضا زوجها س: نشأ بيني وبين زوجي خلاف على عملي، حيث يرى عدم جواز عملي، وترك البيت، بينما أنا محتاجة جدا؛ لأنفق على بعض أفراد أسرتي وأقاربي، أرجو من سماحتكم التوجيه، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: الواجب على الزوجة طاعة زوجها في مثل هذا، وترك العمل؛ لأن بقاءها في البيت فيه مصالح كثيرة، للزوج والأولاد، ومصالح أخرى في حفظها وسلامتها من الأخطار، فالواجب طاعة زوجها في هذا، وأن تبقى في بيتها، إلا إذا كانت قد شرطت عليه عند العقد أنها تبقى في عملها، كتدريس، أو تمريض أو نحو ذلك، فالمسلمون على شروطهم، إلا أن تسمح هي، وتترك العمل بنفسها، وأما إذا كانت لم تشترط هذا، فلا حق لها في العمل إلا بإذنه، والله ولي التوفيق. ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (217).

س: السائلة من بلاد زهران الباحة التي رمزت لاسمها. ع. م تذكر سماحة الشيخ- حفظكم الله- بأنها متزوجة، وعندها أطفال، تعمل

مدرسة، في المرحلة الابتدائية تقول إن زوجي يريد أن أجلس في البيت مع الأطفال، وأترك التعليم، مع العلم بأنني أخرج من المدرسة في وقت غير متأخر، الساعة الحادية عشرة والنصف، أو الثانية عشرة، بحجة الخادمة، التي توجد لدي، حيث يوجد لدينا خادمة، مسلمة محافظة، وملتزمة، لا يراها ولا يصادفها، وإنني أحب زوجي، وأطفالي، وأحب عملي، ولا أريد أن أخسره، وجهوني مأجورين؟ (¬1) ج: لا ريب أن بقاءك عند أطفالك وأولادك، هو من المصلحة والخير، وأن وجود الخادمة في البيت، بدلا منك، لا يكفي، بل فيه خطر بينها وبين زوجك، فالحاصل أن الذي أرى وجودك عند الأطفال، وترك التدريس، تبقين عند أطفالك وزوجك، وتقومين بالواجب، وتحفظين سمعتك، وسمعة زوجك، فالمقصود أن بقاءك في البيت أولى وأصلح، والتدريس سوف يغني الله عنك، ويسهل له من يقوم مقامك، دينك وأمانتك عليك أهم وألزم، فالجلوس في البيت فيه مصالح كثيرة، لتربية الأطفال، هذا لا شك أنه خير لك، وأصلح لك ولزوجك، ونسأل الله أن يصلح حال الجميع. ¬

(¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (379).

حكم أخذ راتب الزوجة

84 - حكم أخذ راتب الزوجة س: يقول السائل: لدي زوجة وهي تعمل، وتأخذ مرتبا، إذا أخذته منها أو أخذت البعض فهل يكون حلالا أم حرام؟ (¬1) ج: مرتبها لها، ومن مالها، إلا إذا سمحت لك بالراتب كله، أو ببعضه، سماحا واضحا، لا شبهة فيه، فلا بأس عليك، لقول الله عز وجل في سورة النساء: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}. فإذا طابت نفسها بالراتب، أو ببعض الراتب، فلا حرج عليك، أما إن كنت توعدها بالطلاق، أو بالهجر، أو بالأذى إن لم تعطك، فهذا لا يجوز لك، لأنه ما طابت نفسها بذلك، ولكن خوفا منك، أو من طلاقك سلمت لك المال، أو بعض المال، فلا يجوز هذا، ولكن عليك بالكلام الطيب، والعشرة الطيبة، فإن سمحت بشيء والحمد لله، وإلا فدعها ومالها، وأنفق عليها، واصبر، وقم بالواجب، وأحسن الخلق، وخيركم خيركم لأهله، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «البر حسن الخلق» (¬2) فعليك بحسن الخلق، وعدم الأذى ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (281). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تفسير البر والإثم، برقم (2553).

والهجر لزوجتك بغير الحق، ولا تكن سفيها، ولا تكن سيئ الخلق مع أهلك، الله سبحانه يقول: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. هكذا يقول ربنا عز وجل، ويقول سبحانه: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. والواجب أن تعاشرها بالكلام الطيب، والوجه المنبسط والسيرة الحميدة، والإنفاق المناسب، في الفراش، وفي غير ذلك، تكون جيدا في الفراش وفي غيره بالخلق الحسن، والكلام الطيب، وانبساط الوجه، وكف الأذى، والضرب بغير الحق، هكذا يجب على الزوج وعليها هي أيضا أن تفعل مثل ذلك، الخلق الطيب، والأسلوب الحسن، والكلام الطيب، والسيرة الحميدة، والسمع والطاعة في المعروف هذا هو الواجب عليكما جميعا، ومالها لها، ومالك لك، إلا إذا طبت نفسا لها بشيء، أو طابت نفسها بشيء لك، فالأمر واسع، والحمد لله، وإذا كانت لم تشترط عليك أنها تعمل، فأنت بالخيار، إما أن تسمح لها وراتبها لها، وإما أن تمنعها من العمل، وتبقى في البيت، والحمد لله. أما إذا كان مشروطا عليك أنها تعمل فالمسلمون على شروطهم ويجب عليك أن تمكنها من شرطها؛ لقول النبي صلى الله

عليه وسلم: «إن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج» (¬1) متفق على صحته، فالواجب عليك تمكينها من أداء وظيفتها، من تدريس أو غيره كما شرط عليك، ومالها لها، إلا أن تسمح لك بشيء منه، أو بكله، وهي رشيدة، فلا بأس عليك، والحمد لله، لكن من دون إكراه، من دون ظلم لها وإيذاء لها، إذا سمحت، من دون إكراه، ومن دون أذى فهذا لا بأس به، والحمد لله. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الشروط، باب الشروط في المهر عند عقدة النكاح، برقم (2721) ومسلم في كتاب النكاح، باب الوفاء بالشروط في النكاح، برقم (1418).

حكم النفقة على الزوجة العاملة

85 - حكم النفقة على الزوجة العاملة س: هذه رسالة من معيدة بكلية الطب تقول: سماحة الشيخ حفظكم الله، أنا امرأة متزوجة منذ خمس سنوات تقريبا، ولي ابنة وعند الزواج اشترط والدي على زوجي، وكتب شروطا في العقد أن أكمل دراستي العليا، وعلى أني أشتغل قبل وبعد الدراسة، ووافق الزوج على ذلك، وفي مدة دراستي، كنت أصرف على نفسي وبيتي وابنتي، ولا أحمل زوجي أعبائي، وذلك عرفانا مني بوقوفه بجانبي، بالرغم من أنني أفضل لو نقل عمله عندي؛ لأن مسؤولية الحياة

صعبة، وخصوصا مع الدراسة، ولكن الآن زوجي يعتبر أن صرفي على نفسي هذا واجب، ونفقتي على نفسي وابنتي، وعلى البيت الذي أعيش به، من كل النواحي هي مسؤوليتي؛ لأنني لست معه، مع أنني غير موافقة، ولكن لا مانع لدي، والسؤال: هل موافقة زوجي من بداية الزواج، على أن أدرس، يعطيه الحق في أنه يدع مسؤوليته: ماديا ومعنويا علي، بحجة أنني لست معه، رغم أنه من المفروض أن يكون هو المسؤول، وأن يكون معي؛ لأنه وافق على تكميل دراستي، في منطقة غير منطقة عملي؛ لعدم وجود جامعة تدرس الدراسات العليا هناك؟ (¬1) ج: الموافقة من الزوج على تكميلك الدراسة، لا يسقط عنه النفقة، عليه نفقة البيت، ونفقتك، ومالك لك، لكن إذا سمحت بالمعاش، أو بعضه للزوج، أو نفقة البيت، أو بالنفقة على نفسك فلا بأس؛ لأن الله يقول سبحانه: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}. يعني الزوجة، فإذا سمحت فهو أحسن، حتى تبقى ¬

(¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (426).

العشرة بينكما، والمودة بينكما، فإذا ساعدته في النفقة على بيتك، أو على نفسك، كله طيب، وإلا فواجب النفقة عليه هو.

حكم ترك خدمة الزوج إذا امتنع عن النفقة

86 - حكم ترك خدمة الزوج إذا امتنع عن النفقة س: السائلة/ ح. م. ح. تقول: امرأة متزوجة برجل لا يوفر لها ولا لأولادها أبسط أسباب المعيشة، فهو يعمل يوما، ويستريح أسبوعا، وأصبح الأولاد كأنهم أيتام، يتصدق عليهم الجيران، ومن يرى حالتهم يعطف عليهم، ويقدم لهم الصدقة، تقول: هي تنصحه وتطالبه بسد حاجات البيت والأولاد، ولكن لا حياة لمن تنادي، فأصبحت هي وهو في شجار دائم، فتذكر أيضا يا سماحة الشيخ بأنها تقول: بأنني لا أقوم بخدمته، هل آثم في ذلك؟ وهل أسأل عن تعاملي معه، أمام الله عز وجل؟ (¬1) ج: أيتها السائلة، أنت مخيرة، إن صبرت فلا بأس، وإن لم تصبري، فارفعي الأمر إلى المحكمة، لك أن تطلبي الطلاق؛ لأنه لا يقوم بالواجب، وإن صبرت وتعاونت معه، فلا بأس عليك، ولا يلزمك طاعته فيما لا تستطيعين، كأوقات طلب الرزق لأولادك، ¬

(¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (396).

وأما في الأوقات التي تستطيعين، فاستجيبي له في حاجاته، وإذا طلب في وقت لا تستطيعين إجابته، فأنت معذورة. والله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. فعليك طاعته فيما تستطيعين، ولا حرج عليك فيما لا تستطيعين، كوقت طلب الرزق لأولادك، ولنفسك لأنه لا يقوم بالنفقة، والأوقات الأخرى التي يمنعك مرض، أو عذر شرعي كالحيض، أو ما أشبه ذلك. المقصود عليك طاعته حسب الطاقة فيما أباح الله وشرع الله. ولك طلب الفرقة، وطلب الطلاق عند المحكمة؛ لأنه لم يقم بالواجب.

بيان أن نفقة الزوجة تجب على الزوج منذ الدخول بها

87 - بيان أن نفقة الزوجة تجب على الزوج منذ الدخول بها س: متى تبدأ النفقة على الزوجة، هل هو من العقد أم من الدخول عليها؟ (¬1) ج: تبدأ من الدخول عليها، إذا دخل عليها وصارت تحت تصرفه، وتحت نفقته تبدأ النفقة عليها، أما ما دامت عند أهلها، فلا نفقة لها، إلا إذا كان التأخير منه، هو الذي أخرها، أما إذا كان ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (2).

الامتناع منهم، طلبوا منه التأجيل فإن النفقة عليهم، أما إذا كان هو الذي تركها عندهم متساهلا، فالظاهر أن عليه النفقة؛ لأن هذا التساهل يشبه أن يكون فرارا من النفقة، قد دخلت في عصمته، والله- جل وعلا- أمر بالمعاشرة بالمعروف، فقال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وليس من المعروف ألا ينفق عليها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف» (¬1) وهذا يعم المدخول بها وغير المدخول بها، إلا إذا كان بقاؤها عند أهلها باختيارهم، ورغبتهم هم، فالنفقة عليهم. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (1218).

س: تقول السائلة: هل من الواجب على الزوج النفقة على زوجته في الفترة التي تقضيها في منزل والدها عندما يقوم بتأثيث منزلهم الجديد، أي في فترة ما بعد عقد النكاح وقبل الزواج؟ لأن والدي يقول يجب على زوجك النفقة عليك من يوم العقد عليك، وأن هذا واجب عليه؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، إن كان هو تزوجها، وقال: خلوها عندكم ¬

(¬1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (420).

عليه النفقة، أما إذا كان أهلها، أو هي طلبت البقاء عند أهلها لحاجاتهم، فلا نفقة عليه، حتى تصل إليه. أما إذا أبقاها عندهم لمصلحة رآها هو، هذا ينفق عليها.

بيان وقت بداية وجوب طاعة الزوجة لزوجها بعد عقد النكاح

88 - بيان وقت بداية وجوب طاعة الزوجة لزوجها بعد عقد النكاح س: هل المرأة المعقود عليها، ولم يدخل بها الزوج، يكون للزوج الحق في أن يقول لها: افعلي كذا، ولا تفعلي كذا، وهي في بيت والدها، أم ذلك في بعض الأمور يكون له الحق؟ (¬1) ج: ما دامت عند أهلها لا حق له عليها، حتى تنتقل عنده وتصير في بيته، وما دامت عند أهلها فهي في حكم أهلها، يدبرها أهلها، وليس له حق عليها بهذه الحال حتى تنتقل. إنما هي زوجة، ليس لها أن تتزوج بعد أن عقد عليها، زواجه ثبت وهو زوجها، ومتى تيسر دخولها عليه أدخلت عليه، وعليها أن تخاف الله وتراقبه، وتبتعد عما حرم الله، لكن ليس له حق أنها تستأذنه إذا أرادت الخروج، أو يكون له حق يمنعها من الخروج، هي عند والديها الآن، الأمر عند والديها حتى تنتقل إليه. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (376).

حكم إهداء الزوج لقريباته من دون إذن زوجته

89 - حكم إهداء الزوج لقريباته من دون إذن زوجته س: تقول السائلة: أنا متزوجة ولدي طفل، وكنت حاملا وزوجي يعمل بالسعودية، وعندما حضر إلينا بالسودان، قد نزل بمنزل شقيقه لضيق منزلنا، وقد أحضر إلي أشياء خاصة، وعندما أراد أن يسلمني هذه الأشياء قام بقسمتها بيني وبين زوجة شقيقه، بالنصف، لدي سؤال هل يجوز شرعا هذه القسمة، وأنا كزوجة في الشرع، أريد ردا واضحا بما أني قد تضررت من هذه القسمة، وأرى كأنها ضرتي (¬1) ج: لا حرج في هذه القسمة، الزوج له الحرية في أن يعطيك، ويعطي زوجة أخيه وزوجة عمه، وزوجة أبيه، وله أن يعطي من يرى من قريباته، لا حرج عليه في ذلك، ولا يجوز لك أن تكرهي ذلك، أو تضرري من ذلك، أو يكون عليك مشقة من ذلك، إذا أحسن إليك وأعطاك ما يجب لك من الكسوة والنفقة، فلا حرج عليه، إذا وسع الله عليه، وأحسن إلى زوجة أخيه، من باب الصلة ومن باب البر بأخيه، والمجاملة لأخيه، كونه سكن عندهم أيضا، هذا من ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (174).

مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، أن يكرم زوجة أخيه وزوجة عمه، وزوجة أبيه وكذلك من مكارم الأخلاق، أن يحسن إلى جيرانه وأقاربه جميعا، من ذكور وإناث، فينبغي أن تعينيه على هذا الخير، وتكوني زوجة صالحة تعين على الخير وتساعد على بر الوالدين، وعلى صلة الرحم، وعلى إكرام الجيران، إذا أعطاك حقك، فإذا أعطاك ما يجب من الكسوة اللائقة، والحاجات اللائقة، ثم وسع الله عليه وأعطى زوجات إخوته، أو أعطى أخواته أو عماته، أو خالاته أو نساء جيرانه على وجه ليس فيه ريبة، ولا فتنة، فلا بأس بذلك والحمد لله، هذا كله عمل طيب مشكور، ينبغي لمثلك أن تساعده على هذا؛ وتشكره على هذا؛ لأنه من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال إذا أدى حقك.

حكم التصرف بمال الزوجة

90 - حكم التصرف بمال الزوجة س: هل للرجل الحق في التصرف بمال زوجته: مثل الذهب والمجوهرات برغبتها أو بغير رغبتها؟ (¬1) ج: ليس له التصرف بمالها، إلا بإذنها، ليس للزوج التصرف ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (395).

بمالها إلا بإذنها، لأنها رشيدة، وإذا كانت غير رشيدة، وليها الذي يتصرف: أبوها أو أخو أبيها، أما الزوج فلا: ليس له التصرف، مالها لها، أما حديث: «ليس للمرأة عطية إلا بإذن زوجها» (¬1) فهو حديث ضعيف. المرأة ليس لها التصرف في ماله هو، أما مالها فلها التصرف في مالها؛ ولهذا لما كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من خطبة العيد، أتى النساء، وعظهن وذكرهن، وأمرهن بالصدقة، وكن يعطين الصدقات، ولم يأمرهن بمشاورة أزواجهن، كان يأخذ منهن الصدقات، ويتقبلها بلال، فدل على أن لهن التصرف في أموالهن، إذا كن رشيدات وليس له منعها من ذلك، وليس له التصرف في مالها من غير إذنها، وفي الصحيح: أن ميمونة قالت: «يا رسول الله أشعرت أني أعتقت فلانة، قال: أما إنك لو أعطيتها أخوالك لكان أعظم لأجرك» (¬2)، ولم يقل لها: لماذا تصدقت بها، ما شاورتني، قالت: إني أعتقتها، فلم يقل ليش ما شاورتني، فدل على أن لها التصرف في مالها، إلا أنه قال: «لو أنك وهبتها لأخوالك لكان ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، بلفظ (لا يجوز) برقم (6688). (¬2) صحيح البخاري الهبة وفضلها والتحريض عليها (2592)، صحيح مسلم الزكاة (999)، سنن أبو داود الزكاة (1690)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 332).

أعظم لأجرك» (¬1). ¬

(¬1) صحيح البخاري الهبة وفضلها والتحريض عليها (2592)، صحيح مسلم الزكاة (999)، سنن أبو داود الزكاة (1690)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 332).

حكم طاعة الزوجة لزوجها وهو لا ينفق عليها

91 - حكم طاعة الزوجة لزوجها وهو لا ينفق عليها س: الأخت السائلة تقول في سؤالها: إذا كان الزوج لا ينفق على الزوجة، ولا يقوم بشيء من حقوقها، فهل تجب طاعته؟ وإذا كان مال الزوج يدخل فيه الحرام رشوة وغيرها، هل تستجاب دعوة الزوجة وهل تأثم؟ (¬1) ج: إذا كان لا يؤدي حقها، لا تلزمها طاعته حتى يؤدي حقها، أما عن مال زوجها الذي يدخل فيه الحرام، وهل تستجاب دعوتها، فنرجو ألا يكون لها علاقة، فالإثم عليه هو، لكن المال إذا عرفت أنه رشوة أو أنه حرام لا تستعمله، تستعمل بقية الأموال، التي تدخل عليه، من طريق الإباحة، أما إذا علمت أن هذه الدراهم التي تسلمها، جاءته برشوة أو من طريق الربا لا تستعملها. ¬

(¬1) السؤال الخمسون من الشريط رقم (430).

بيان كيفية قسمة المرأة عطاياها بين أولادها

92 - بيان كيفية قسمة المرأة عطاياها بين أولادها س: يقول السائل: لي أخت تزوجت من رجل، ثم طلقت عنه بعد أن أنجبت منه بنتين، وزوجت برجل آخر، وهي تعمل ويدخل راتبها

البيت، وقد تمكنت من بناء شقة هي وأختها، وزوجها يعلم بذلك، وبعد أن انتهت من بناء هذه الشقة، فإن زوجها يطلب منها أن تكتب ما تمتلكه من هذه الشقة لابنتها التي أنجبتها منه، وحرمان ابنتيها من زوجها الأول، مع العلم أنها بنت هذه الشقة من مالها؛ لأنها كانت تعمل، وتحصل عليه، وجهونا حول هذا الموضوع، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: لا يجوز لهذا الرجل أن يلزمها بذلك، ولا أن يأمرها بذلك، ولا يجوز لها أن تطيعه في ذلك، لأن هذا من الظلم، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬2) فالواجب عليها أن تعدل بين بناتها، وأن يكن سواء في وصيتها وعطيتها، وليس لها أن تحيف فتزيد واحدة على الأخرى، وليس له أن يأمرها بذلك، بل هذا حرام عليه، وهو من الإعانة على الإثم والعدوان، ومن الأمر بالظلم، فلا يجوز، وليس لها طاعته في هذا الأمر، بل هذا معصية، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (327). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهاد في الهبة، برقم (2578)، ومسلم في كتاب الهبات، باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، برقم (1623).

الطاعة في المعروف» (¬1) ويقول: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (¬2) ولو أوصت أو أعطت للبنت التي هي ابنته دون البنتين فالعطية باطلة، والوصية باطلة. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية. (1740). (¬2) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير جـ 18/ 170، برقم (381).

حكم صرف المرأة مال زوجها فيما لا يرضيه

93 - حكم صرف المرأة مال زوجها فيما لا يرضيه س: امرأة كانت تأخذ من المصروف الذي خصصه لها زوجها، فتشتري حاجات مباحة، لأناس لا يرغب فيهم هذا الزوج، ثم حصل الفراق بينها وبينه، وهي نادمة الآن، فهل عليها إثم، وكيف الخلاص من ذلك، إن كان ذنبا (¬1) ج: ليس لها ذلك إلا بإذنه، ما دام نهاها عنهم، ليس لها أن تعطيهم إلا بإذنه، إلا من مالها، فإذا طلقها وهي تعرف أنها أخرجت، فالأحوط لها أن ترده عليه، أو تستبيحه، تقول، إني فعلت كذا، سامحني، أو ترد عليه ما أخذت. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (6).

س: إذا طلبت المرأة من زوجها نقودا؛ لكي تذهب مثلا للدكتور، أو تشتري شيئا معينا، وأعطاها برغبته، ولم تذهب مثلا للدكتور، أو لم تشتر هذا الشيء الذي طلبت النقود من أجله، واشترت شيئا آخر لأولادها وأولاده أيضا، أو ادخرت تلكم الفلوس ليوم ما، فهل تعتبر في هذا عاصية ومخالفة، ترجو التوجيه، وأيضا سمعت أن خروج المرأة بدون إذن من زوجها حرام، وتتحدث عن نفسها وتقول: ولكني أنا أخذت منه الإذن، وقلت له: إذا لم تكن موجودا، فسوف أخرج، إذا أردت الخروج، فقال: إنني مسامح على ذلك، وترجو التوجيه حيال هذه الأمور، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: إذا أخذت المرأة من زوجها النقود لبعض الحاجات، أو للطبيب، ثم بدا لها ألا تذهب، وألا تشتري هذه الحاجة، وأن تحفظ الفلوس لحاجة أخرى أهم، أو لحاجات الأولاد، أو لحاجات البيت، أو تحفظها ليوم ما، فلا بأس عليها بذلك، وهي محسنة، وعليها أن تنظر في الأصلح، ولا يضرها هذا، بل هذا يدل على كمال العقل وقوة الدين، وقوة البصيرة، فلا حرج في هذا، إنما ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (101).

الواجب أن تكون هذه الفلوس مصروفة في شيء ينفع، لا في إسراف، ولا في تبذير، ولا في شيء محرم، تحفظها لحاجتها وتصرفها في المصلحة، ولو كانت غير ما أذن فيها الزوج، كأن تأخذها للطبيب، ثم تقول: أنا طيبة ولا حاجة للطبيب، أو تأخذها لشراء حاجة، ثم ترى أن غيرها أولى منها، أو ترى أن حفظها لحاجة الأولاد، أو لحاجة البيت التي هي فيه أهم، كل هذا لا بأس به، والحمد لله، أما الخروج، فليس لها الخروج إلا بإذنه، فإذا أذن إذنا عاما، فلا بأس، ومع الإذن العام تتحرى، لا تخرج لكل شيء، تخرج للأمور المهمة، ولا تخرج إلى جهات فيها خطر أو فيها تهمة، تخرج إلى محلات لا تهمة فيها ولا خطر فيها، وإذا تيسر أن يكون معها صاحبة، فهذا يكون أكمل وأحسن في هذا العصر؛ لأنه أبعد عن الشر والخطر، ولا تخرج إلا عند الحاجات المهمة جدا.

حكم التصرف في الفاضل من النفقة

94 - حكم التصرف في الفاضل من النفقة س: هل يجوز للمرأة إذا أعطاها زوجها مصروف البيت، وبقي من المصروف شيء، هل يجوز لها أن تتصرف بالباقي، بدون إذن زوجها؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (321).

ج: الأقرب والله أعلم أنه لا بد من الإذن، إذا بقي شيء تستأذنه.

حكم التصدق من مال الزوج بدون إذنه

95 - حكم التصدق من مال الزوج بدون إذنه س: امرأة تتصدق من مال زوجها، فلما علم قال: لا أسمح لك، وكلمته عن زكاة ماله، بأن ذلك من زكاة ماله، ولكنه رفض بشدة فما الحكم في ذلك؟ (¬1) ج: إذا رفض، لا تتصدق إلا بالشيء الذي يسمح به، والذي لا يسمح به لا تتصدق به، أما إذا اتفقوا، فهم شركاء في الأجر، إذا سمح له أجره بما اكتسب، ولها أجرها بالمساعدة في النفقة، والخازن الخادم معهم شريك، أيضا إذا توافقوا على هذا الشيء، أما إذا منعها، فإنها لا تتصدق من ماله، إلا بالشيء الذي جرت العادة بسماحه، فضل الطعام، فضل غداء، فضل عشاء، الذي جرت العادة أنه يسمح، أما الشيء الذي لا يسمح به، فلا يتصدق به، عليها السمع والطاعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس للمرأة عطية إلا بإذن زوجها» (¬2) يعني من ماله، ولكن لا مانع أن تنصحه، ¬

(¬1) السؤال السابع والثلاثون من الشريط رقم (382). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، بلفظ (لا يجوز) برقم (6688).

تقول: يا فلان، هذا خير، وهذا تعاون على البر والتقوى، ولعلك تسمح لي أو تحدد تقول: اسمح لي أتصدق اليوم بعشرة، بعشرين، أتصدق بشيء من الطعام، تتفق معه على شيء بالأسلوب الحسن، بالكلام الطيب لعل الله يهديه، حتى يسمح لها، فإذا أصر ولم يسمح، فليس لها أن تتصدق من ماله بشيء، ولكن تتصدق من مالها هي.

حكم إهداء الزوجة لأهلها أو غيرهم من بيت زوجها بدون إذنه

96 - حكم إهداء الزوجة لأهلها أو غيرهم من بيت زوجها بدون إذنه س: السائل ع. ع. مقيم بالرياض يقول في سؤاله: ما حكم المرأة التي تعطي أهلها من بيت زوجها الشيء الكثير دون سابق علمه، أرجو منكم الإفادة؟ (¬1) ج: ليس لها أن تعطي أهلها من مال زوجها إلا بإذنه، هذي خيانة لا بد من إذنه، لا تتصرف بماله إلا بإذنه، إلا ما جرت العادة بإخراجه من الصدقة على الفقراء والمساكين، فلا بأس، الشيء المعتاد، وأما أن تعطي أهلها أو غير أهلها شيئا لم تجر العادة به ولم يأذن فيه فلا. ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (357).

حكم تصرف الزوجة بالطعام الفاضل عن الحاجة

97 - حكم تصرف الزوجة بالطعام الفاضل عن الحاجة س: في المنزل الذي أسكن فيه يوجد معنا بعض المساكين،

يسكنون منزلا مستقلا، وأعطيهم شيئا من الطعام كل يوم دون علم زوجي بذلك، فهل ارتكبت ذنبا؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك، فضل الطعام يعطى الفقراء والمساكين، ولا حرج في ذلك، وهذا من باب الإحسان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة، كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما اكتسب، وللخادم مثل ذلك لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئا» (¬2) فإذا أنفقت غير مفسدة، للفقراء والمساكين من فضل الطعام، فلك أجر، ولزوجك أجر والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (312). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب من أمر خادمه بالصدقة ولم يناول بنفسه، برقم (1425)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب أجر الخازن الأمين والمرأة، إذا تصدقت من بيت زوجها .. ، برقم (1024).

س: سماحة الشيخ، قلتم: من فضل الطعام، ماذا عن غير هذا القيد؟ (¬1) ج: الشيء الذي ليس بفضل، يستأذن فيه الزوج، إذا كان يسمح ¬

(¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (312).

فإن كان من عادته وخلقه، أنه قد فوضك، وأنه لا يمانع، ولا حرج عليه، ولا حرج عنده من تصرفك، فأنفقي وأبشري بالخير؛ أما إن كنت تعرفين أنه شحيح، وأنه لا يرضى فاستأذنيه، أما فضل الطعام من الغداء، أو فضل طعام العشاء، أنفقيه –والحمد لله – لا يفسد.

س: السائل م. ر. ف. من جمهورية مصر العربية، الفيوم، يقول: لقد تزوجت منذ عام، وبعد زواجي بشهرين اكتشفت أن زوجتي تسرق من البيت النقود، ومن أمي، وإخوتي، وبعد أن قمت بنصحها مرات عدة، ولكن بكل أسف لم تعمل بنصيحتي، وبعد أن وعدتني بألا تفعل هذا الشيء مرة أخرى، عادت وفعلت، والآن أنا أعمل هنا، وأرسلت لأهلي وقلت لهم بأن يرسلوها إلى بيت والدها، وها أنا الآن لا أرغب العيش معها أبدا، بسبب هذه العادة السيئة، السرقة، وهي الآن عند أبيها منذ خمسة أشهر، فهل لو طلقتها هل لها علي حقوق كالأثاث مثلا، والذهب الذي اشتريته لها، "شبكة" كما يسمونها؟ (¬1) ج: عليك أن تسلم لها حقوقها وجميع ما شرطته لها، تعطيها ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (392).

إياه: «المسلمون على شروطهم» (¬1) وكونك تطلقها، هذا مناسب، ما دام أنك كشفت أنها تسرق، ولم تقبل النصيحة، فإبعادها وطلاقها أفضل، ولكن ليس لك أن تأخذ شيئا من حقها، مما اشترطت لها في النكاح، تعطيها إياه، ولا تأخذ منه شيئا، لا من ذهب ولا من غيره: «المسلمون على شروطهم» (¬2)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أحق الشروط أن يوفى به، ما استحللتم به الفروج» (¬3) متفق على صحته، فالواجب عليك أن تعطيها حقوقها، وإذا أردت طلاقها فلا بأس؛ لسوء عملها. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الأقضية، باب في الصلح، برقم (3594). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الأقضية، باب في الصلح، برقم (3594). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الشروط، باب الشروط في المهر عند عقدة النكاح، برقم (2721) ومسلم في كتاب النكاح، باب الوفاء بالشروط في النكاح، برقم (1418).

حكم منع الزوج لزوجته من زيارة أهلها

98 - حكم منع الزوج لزوجته من زيارة أهلها س: هل يجوز لزوجي أن يمنعني من زيارة أهلي: أبي وأمي وإخواني؟ وأن يقول لي أنت مخيرة في البقاء معي، أو تزورين بيت أهلك، إذا خرجت لزيارة أهلك لا تدخلي بيتي مرة ثانية، علما بأن أهلي غير ملتزمين، ولما علم زوجي بأنني حزنت بسبب هذا الكلام، قال لي: إذا في كل شهر مرة، سافر زوجي بعد ذلك، وغاب

لمدة أربعة أشهر، ومنعني من الذهاب إلى أهلي، وامتثلت، سؤالي هو: هل يحق لزوجي أن يمنعني من زيارة أهلي؛ لكونهم غير ملتزمين، وهل أكون آثمة والحالة هذه؟ (¬1) ج: نعم، له أن يمنعك من زيارة أهلك، إذا كانت الزيارة تضرك وتضره؛ لأنهم غير ملتزمين، أما إذا كانت الزيارة لا تضرك، ولا تضره كأن تزوريهم لصلة الرحم، والبر، وتنصحيهم، وتوجهيهم إلى الخير، فهذا أمر طيب، وينبغي ألا يمنعك، أما إن كانت الزيارة تضرك وتضره، وتسبب مشكلات بينكما، وبين الأهل، فله أن يمنعك من ذلك؛ لما في هذا من المضرة عليه وعليك، وإذا طلق ألا تزوريهم، لا تذهبي إليهم، وإن ذهبت إليهم وقع الطلاق، إن كان أراد وقوعه، أما إن كان أراد منك عدم وقوع الطلاق، ولكن أراد أن يمنعك وأراد تخويفك، وتهديدك، ولم يرد إيقاع الطلاق، فإن هذا له حكم اليمين، وعليه كفارتها، وبكل حال، فالواجب عليك السمع والطاعة، فيما يقول لك، إذا كان معروفا على سبيل لا يخالف شرع الله، أما إذا كان شيئا يخالف شرع الله فلا، إذا كان منعه لك لا سبب ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (5).

له، ولا وجه له شرعي، فهذا يرجع إلى المحكمة إن لم تصلحي أنت وإياه، والمحكمة تنظر في الأمر، وفي حل المشلكة، إلا إذا اصطلحتما، فالصلح بينكما جائز، وماض، لكن بشرط ألا يكون ذلك فيه معصية الله، يكون ذلك على وجه شرعي، ليس فيه معصية لله عز وجل.

توجيه حول خروج الزوجة للعمل أو الزيارة

99 - توجيه حول خروج الزوجة للعمل أو الزيارة س: السائل يشكو من زوجته شكوى فيها مرارة فيقول: إنها تصر على الذهاب لأهلها في كل أسبوع، ثم إنها تدفع الراتب كاملا إلى أهلها، مع العلم أنه هو الذي يذهب بها إلى المدرسة، ويعيدها إلى المدرسة وهي تترك البيت كثيرا، في سبيل هذه الوظيفة، ثم إنها تهمل رعاية البيت والطفل، وتترك كل ذلك للخادمة، وهي كثيرة الذهاب والإياب إلى الناس ويرجو من سماحتكم التوجيه جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: إن الواجب على الزوجة أن تسمع وتطيع لزوجها في المعروف، وليس لها أن تذهب إلى أهلها إلا بإذنه، ولا إلى غير أهلها إلا بإذنه، وهكذا التدريس ليس لها أن تدرس إلا بإذنه، إلا أن ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (262).

يكون قد شرط عليه عند العقد، فالمسلمون على شروطهم، وإلا فليس لها أن تدرس إلا بإذنه، كونها تذهب إلى أهلها كل أسبوع، ليس لها ذلك إلا بإذنه، فينبغي لك أن تلاحظ الموضوع، وأن تنظر في المصلحة، فإن رأيت أن في ذهابها مصلحة، فلا بأس؛ مراعاة لخاطر والديها، وحرصا على سلامة القلوب وبقاء المودة، وإن تيسر أن يكون ذهابها إليهم، في أكثر من ذلك عشرة أيام أو نصف شهر، فلا بأس، تتفق أنت والوالدان والمرأة على الشيء الذي فيه المصلحة للجميع، وفيه كسب رضاك، وعدم التسبب في الفراق، وهكذا ليس لها الخروج لغير أهلها، إلا بإذنك، والواجب عليها أن تلزم البيت، وتعتني بالأولاد، وتربيهم التربية الطيبة، ولا ينبغي أن تكلهم إلى الخادمة، بل ينبغي أن تعتني بهم هي، وأن تجتهد في تربيتهم، والإحسان إليهم، وإذا كانوا يفهمون، تحرص على تربيتهم التربية الإسلامية، وتوجيههم إلى الخير، أما الراتب فهو لها، لكن ينبغي لها أن تعطيك بعض الشيء، في مقابل تعبك وذهابك وإيابك، وتسميح لخاطرك ولا سيما إذا كنت محتاجا، فإنه مشروع لها أن تساعدك؛ لأن الله يقول سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}. ويقول

النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته» (¬1) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» (¬2) فنصيحتي لها أن تساعدك من الراتب، والواجب عليها أن تسمع وتطيع لك، في كل شيء ليس فيه معصية لله عز وجل، في ذهابها لأهلها، وفي غيره، أما وجود الخادمة لديكم، فأنت قد أخطأت في جلب الخادمة، هي التي سببت هذه المشكلات، أبعدوا الخادمة، حتى تقيم في البيت هي، وتقوم بأولادها وخدمة البيت، فإبعاد الخادمة هو الطريق إلى السلامة من ذهابها إلى أهلها وغيرهم في كل وقت، ثم الخادمة وجودها عندك خطر عليك، وعلى دينك، وليس في البيت غيرها، والرسول صلى الله عليه وسلم، يقول: «لا ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغضب، باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه برقم (2442) ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (2580). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، برقم (2699).

يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما» (¬1) فتواجدها في البيت والمرأة خارج البيت في التدريس، أو عند أهلها فيه خطر عظيم، فنصيحتي لك إبعاد الخادمة، وردها إلى أهلها، وأن تقوم الزوجة بما يتعلق بالبيت، ولو تركت التدريس، هذه نصيحتي لكما جميعا ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. وعلى كل منهما العناية بالحياة الزوجية، والحرص على بقائها على الوجه الشرعي، من دون معصية لله عز وجل، فالمقصود أن المشروع لك أيها الأخ أن تعتني بحفظ زوجتك، وبقائها في البيت، وأن تعمل كل الأسباب التي تبعدها عن الخروج إلا بإذنك. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه، برقم (15269).

س: السائل الذي رمز لاسمه ب. ع. ع. من جمهورية مصر العربية، يقول في هذا السؤال: هل منع زوجتي عن زيارة بيت والدها، يعتبر قطعا لصلة الرحم؟ (¬1) ج: منعها لا يجوز لا بد من تنظيم الزيارة، لا تضرك ولا يحصل بها قطيعة، الواجب تمكينها من زيارة أبيها، وإخوتها؛ لصلة الرحم، ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (395).

إلا إذا كانت الزيارة يترتب عليها فساد، إذا كان في بيت أبيها شر، أو أبوها ليس بطيب، وزيارتها له تضرها، أو يدعوها إلى منكر، فلا بأس أن تمنعها؛ لأن من أهم قطيعة الرحم العقوق، فلا ينبغي منعها، والمرأة عليها أن تصل أرحامها، وعليك أنت أن تمكنها من ذلك فبقاؤها لديك وخدمتها لك، حسب العرف، ومن عرف المسلمين أن المرأة تزور أباها وأمها، وأقاربها، فليس لك أن تمنعها، إلا إذا كانت الزيارة فيها شر يضرها في دينها، وتضرك أنت، فلا بأس أن تمنعها إذا كان أبوها فاسقا، وتضرها زيارته أو تضرك زيارته أو أخوها أو عمها، إذا كان في الزيارة شر ومفاسد عليك، أو شر عليها، فلا بأس أن تمنعها.

س: تقول السائلة: لي زوج يمنعني من زيارة أقاربي دون سبب، مثل دار الخال ودار خالتي، ودار عمتي وهكذا، فهل يأثم هذا الزوج في الشرع أم لا؟ وهل أطيعه في منعه ذلك؟ (¬1) ج: الواجب طاعة الزوج، إذا منع الخروج للعمة والخالة، لكن لا ينبغي أن يمنع، إذا كانت العمة والخالة ليس فيهما محذور، ولا ¬

(¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (304).

يخشى من زيارتهما مضرة، فلا يمنع من صلة الرحم، ولكن قد يكون له مقاصد، وقد تكون الزيارة فيها مضار، فالحاصل إذا كان المنع لا وجه له، فلا ينبغي له ذلك، لا يعينها على قطيعة الرحم، أما إذا كان هناك أسباب تمنع الزيارة لأن الزيارة تضر زوجها، لأنهم يخببونها عليه، أو لأن عندهم منكرات لا يحب أن تنتقل إليه، أو ما أشبه ذلك، فله حق في ذلك.

س: السائلة من مكة المكرمة تقول: هل يحق للزوج أن يمنع زوجته من زيارة والديها، وهل لها أن تذهب دون علمه؟ (¬1) ج: نعم إذا كان في ذلك مضرة، إذا كان والداها يخببانها عليه، أو يدعوانها إلى المعاصي والشرك، له أن يمنعها، أما إذا كان والداها لا يأمرانها إلا بخير، وليس هناك مضرة من زيارة والديها، ليس له منعها من ذلك في الأوقات المناسبة التي يراها؛ لأن منعها من العقوق، لكن يحدد الأوقات المناسبة؛ يأذن لها فيها، أما إذا كانت الزيارة لوالديها تسبب شرا، لأنهما يدعوانها إلى الباطل والشرك والمعاصي، إلى النشوز، فلا مانع أن يمنعها من أجل أن ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (367).

زيارتها ضرر عليه وعليها.

حكم خروج الزوجة من بيت زوجها بدون إذنه

100 - حكم خروج الزوجة من بيت زوجها بدون إذنه س: امرأة تخرج من بيت زوجها إلى أهلها دون إذنه، أو إلى مكان فيه مناسبة نسائية، هل تأثم، وإذا خاصمها زوجها، قالت: أنا كنت في واجب، أفيدونا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: ليس لها الخروج إلا بإذن زوجها، يحرم عليها أن تخرج إلا بإذن زوجها، ولو كانت في تعزية لأهل ميت، أو عيادة مريض أو لأهلها، ليس لها الخروج إلا بإذنه، عليها السمع والطاعة لزوجها، إلا في المعصية، أما في المعروف، فعليها السمع والطاعة وليس لها الخروج إلا بإذنه، سواء كان ذلك لأهلها، أو لغير أهلها، وعلى الزوج أن يراعي حقها، وأن يتطلف بها ويحسن عشرتها، فيأذن لها في الخروج المناسب، الذي ليس فيه منكر، وليس فيه الإعانة على منكر، من باب المعاشرة بالمعروف، ومن باب جمع الشمل، فلا ينبغي له أن يتشدد، ولا يجوز لها أن تعصيه في المعروف، أما إن أمرها بمعصية فلا، ليس لها طاعته في ذلك، لو أذن لها أن تسب ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (227).

والديها، أو تشرب الخمر أو تترك الصلاة، لا يجوز لها طاعته في ذلك لأن الرسول عليه السلام يقول «إنما الطاعة في المعروف» (¬1) ويقول عليه الصلاة والسلام: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (¬2) لكن إذا أمرها بشيء مباح من عدم الخروج للجيران أو لأهلها وعدم صنع الطعام المعين أو أشياء أخرى مما أباح الله فليس لها أن تعصيه. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها، برقم (1840). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في كتاب مسند العشرة المبشرين بالجنة، باب: ومن مسند علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- برقم (1098).

س: تقول السائلة: سماحة الشيخ، زوجي لا يأتي بطلباتي كاملة ولا يذهب بي إلى السوق، فإذا ذهبت مع ابن زوجي أو أخي بدون استئذان، هل علي إثم، أو هل أكون عاصية لزوجي، علما بأنه يقول: لا تذهبي مع أحد؟ (¬1) ج: لا تذهبي، ما دام هو يقول: لا تذهبي، لا تذهبي، وإذا كانت ¬

(¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (361).

هناك حاجات لم يشترها يشتريها أخوك أو غيره- والحمد لله- استنيبي من يشتريها، بدل من خروجك إلا بإذنه، المرأة لا تخرج إلا بإذن زوجها إلا عند الضرورة، وهذه ما هي بضرورة، والحمد لله، ويكفيك أخوك أو غيره.

س: تقول السائلة: بجواري نساء يزرنني، وإذا أردت زيارتهن رفض زوجي علما بأنهن من جماعته، فهل أزورهن بدون استئذان، وجهوني جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: لا تزوريهن إلا بإذنه وهن قد أحسن إذا زرنك جزاهن الله خيرا، أما أنت فاعتذري بأن زوجك منعك، هذا عذر شرعي، وقد يكون له مقاصد طيبة، وقد يكون غير ذلك، فعلى كل حال الذي نوصيك به ألا تعصيه في هذا، الزوج يطاع في المعروف، وهذا من المعروف فلا تعصيه فيه. ¬

(¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (361).

حكم منع الزوج لزوجته من زيارة أقاربها

101 - حكم منع الزوج لزوجته من زيارة أقاربها س: السائلة/ م. ش. من الزبداني بسوريا تقول: إذا طلبت من زوجي، أن أذهب إلى أختي، أو إلى خالتي، يقول لي: ليس لك

صلة رحم، هل هذا صحيح؟ وهل للزوج أن يمنع زوجته من زيارة أقاربها؟ (¬1) ج: هذا غلط، صلة الرحم واجبة، بالكلام الطيب وبالنفقة، إذا كان القريب فقيرا، وأنت غنية، تساعدينه وتحسنين إليه، هذا واجب، صلة الرحم واجبة، وقطيعتها محرمة، ولا يجوز للزوج، أن يعين على قطيعة الرحم، ولا أن يأمر بقطيعة الرحم، بل يجب عليه أن يساعد على الخير، ولكن لا تخرجي إلا بإذنه، بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، حتى يأذن، وليس له أن يمنعك من صلة الرحم، لا بالمال ولا بالزيارة، إلا إذا كانت الزيارة فيها شر، إذا كانت الرحم رحما فيها خبث، عندهم المعاصي، له أن يمنعك من زيارتهم، إذا كان عندهم الشر والمعاصي، ويخشى أن تضرك الزيارة، أما إذا كانوا أهل خير واستقامة، فليس له منعك على الوجه المعتاد المعروف الذي ما فيه مضرة عليه، كأن تزوري أختك أو خالتك أو عمتك، أو جدتك، أو ما أشبه ذلك من أرحامك، أو خالك أو أخاك، أو ما أشبه ذلك، لكن على وجه لا يضر الزوج، وإذا منعك فلا تخرجي إلا بإذنه، بالأسلوب الحسن، والكلام الطيب، ولا تعجلي. ¬

(¬1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (399).

حكم منع الزوجة من زيارة أهلها تاركي الصلاة

102 - حكم منع الزوجة من زيارة أهلها تاركي الصلاة س: السائل ع. ع. يقول في سؤاله: تزوجت من قريبة لي؛ لأنها ملتزمة والحمد لله، ولكن والدها لا يصلي مع أنه يكون جالسا في بقالته وقت الصلاة والمسجد أمام البقالة مباشرة، وأمها لا تصلي، وفوق ذلك تقابل الرجال الأجانب وتصافحهم؛ لأجل ذلك، عندما دخلت على زوجتي أقسمت عليها بأن تتبرأ من والدها ومن والدتها فوافقتني وبعد عام من الزواج تلح علي أن تزور أهلها مع أنني مانع ذلك من زيارتها لأهلها فأفيدونا يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: ترك الصلاة كفر أكبر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬2) وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬3) وقوله: «رأس الأمر الإسلام وعموده ¬

(¬1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (365). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

اصلاة» (¬1) لكن إذا سمحت لها أن تزورهم للنصيحة والتوجيه والترغيب في الخير لعل الله يهديهم بأسبابها، لا حرج عليك، لو سمحت لها أن تزورهم وأن تنصحهم، لعل الله يهدي والدها بأسبابها، هذا كله طيب، وإذا كان هو الذي زوجك وهو بهذه الحالة، ففي تزويجه لك نظر، فإذا تيسر تجديد الزواج من أخ لها طيب، أو من عم لها طيب، إن كان وجد، أو من الحاكم الشرعي، إذا كان ما لها أقارب من المسلمين، هذا أحوط لنكاحك؛ لأن كثيرا من أهل العلم يقولون: إن من ترك الصلاة كفر كفرا أكبر، فإذا تيسر من يجدد لك النكاح فهو أحوط؛ إذا ما كان لها أقارب طيبون، ما لها أقارب غير أبيها، ما لها إخوة، ولا أعمام مستقيمون، فلا بأس، فالقاضي ولي لمن لا ولي له. ¬

(¬1) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616).

حكم خروج المرأة إلى السوق بدون إذن زوجها

103 - حكم خروج المرأة إلى السوق بدون إذن زوجها س: ما حكم خروج المرأة إلى الأسواق أو إلى الجيران دون علم زوجها؟ (¬1) ج: ليس لها أن تخرج إلى الأسواق، ولا إلى الجيران إلا بإذنه، ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (124).

إلا إذا أعطاها إذنا مطلقا، أن تخرج لما تشاء، لحاجاتها، فلا بأس وإلا، فعليها أن تتقيد بالسمع والطاعة، إذا كان قد قام بحاجتها ولم يقصر، فلا تخرج إلا بإذنه، أما إذا كان لا يبالي بها، ولا يعطيها حاجتها، فلها أن تخرج لحاجتها كشراء الخبز، وكشراء الماء، ونحو هذا مما تحتاج إليه، أو استعارة بعض الحاجة من جيرانها؛ لأنه مقصر، أما إذا أعطاها حاجتها المعتادة، فليس لها أن تخرج إلا بإذنه.

حكم ضرب الزوج لزوجته

104 - حكم ضرب الزوج لزوجته س: السائل ع. ب. يسأل ويقول: هناك زوج، عند أتفه الأسباب يضرب زوجته، ويبخل كثيرا عليها، وعلى أولادها، بينما هو كريم مع الآخرين، كيف توجهون مثل هذا، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذا قد أتى منكرا، ولا ينبغي له ذلك، بل الواجب عليه أن يحسن العشرة لأهله، ويكف يده عن الضرب، اشتكى بعض الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يضربون نساءهم، فقال: «إنهم ليسوا بخياركم» (¬2) ليس الضرابون لنسائهم بخيارهم، وإنما أهل ¬

(¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (204). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب في ضرب النساء، برقم (2146).

العفة والصبر والتحمل أولى؛ ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وليس من المعروف الضرب بغير سبب، أو الإسراف في الضرب، حتى ولو كان وقع منها بعض الشيء، فليعالج بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن والهجر، أو الوعظ والتذكير، ويجعل الضرب آخر الطب، يكون الضرب آخر الطب عند العجز عن العلاج بغيره، وإذا ضرب يكون ضربا خفيفا لا يجرح، ولا يكسر، ولا يترتب عليه خطر، عند الحاجة الشديدة إليه، إذا كان الوعظ والهجر لم يكفيا، كما قال سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} فالمقصود أنه يعالج الأمور بغير الضرب مهما أمكن، بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، فإن دعت الحاجة إلى الجر هجرها يومين، ثلاثة، أكثر من ذلك، في الفراش يعطيها ظهره، لا يكلمها، لكن الهجر بالكلام يكون ثلاثة أيام، فأقل، إذا كان بالكلام، أما بالفعال،

كونه يعطيها ظهره، أو يعالجها بأشياء أخرى، تعرف منها أنه زعلان عليها، وأنه غضبان عليها، فلا بأس، حتى تعتدل، والله يقول سبحانه: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} فالرجل له درجة عليها، فلا مانع من أن يستعمل الدرجة على الوجه الشرعي، بالوعظ والتذكير والهجر والضرب الخفيف عند الحاجة إليه، أما استعمال الضرب عند أتفه الأسباب، هذا منكر، ولا يجوز، وهكذا التقتير عليها وعلى أولادها، لا يجوز، عليه أن ينفق عليها النفقة الشرعية، ويحسن إليها ولا يقتر عليها، هذا هو الواجب عليه أن ينفق بالمعروف، إن قصر فلها أن تأخذ من ماله ما يكفيها، ولو من غير علمه، إذا قصر عليها ولم يعطها حقها ساغ لها أن تأخذ من ماله ما يكفيها، ويكفي أولادها، بالمعروف كما ثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها: أن هندا بنت عتبة اشتكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أن أبا سفيان لا يعطيها ما يكفيها ويكفي بنيها، قال لها: «خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك» (¬1) وأفتاها بهذا عليه الصلاة والسلام. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب من أجرى الأمصار على ما يتعارفون بينهم .. برقم (2211)، ومسلم في كتاب الأقضية، باب قضية هند، برقم (1714).

س: يقول السائل: شاهدت رجلا اختصم هو وزوجته فبدأ بضربها ضربا شديدا، وعندما جاءت أم زوجته لترفعه عنها، أمسك بها وضربها كما ضرب زوجته فما حكم الشرع في ذلك؟ (¬1) ج: لا يجوز للرجل أن يضرب زوجته بغير أمر شرعي، وليس له ضرب أمها أبدا، هذا عدوان، وليس له ضرب أمها ولا جدتها، ولا أخواتها، لكن إذا كان له حق عليهن يشتكي للمحكمة، أما أن يضربهن كذا باختياره، فلا، إذا كان له حق على أم الزوجة، أو على أختها أو على عمتها أو على أبيها، يرفع الأمر للمحكمة وإلى الجهة المسؤولة، أو يتفاهم معها، أو ترضيه هي بشيء، حتى يصطلحوا، وأما الزوجة فليس له ضربها إلا بعذر شرعي، كالنشوز إذا نشزت وما ينفع فيها الوعظ ولا الهجر ضربها ضربا غير مبرح، ضربا خفيفا؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} وأذن صلى الله عليه وسلم في ضربهن ضربا غير مبرح، إذا عصين فالحاصل أن ¬

(¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (242).

الرجل له ضرب امرأته إذا عصته ونشزت عليه، ولم يتيسر إصلاحها بغير الضرب، فإنه يضربها ضربا خفيفا؛ يردعها عن العصيان ولا يضرها بجرح ولا كسر، أما أن يضربها بغير حق، من أجل هواه أو من أجل غضبه، وهي لم تفعل ما يوجب الضرب، هذا لا يجوز له، ولا ينبغي له، وهذا من سوء المعاشرة، والله يقول {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وينبغي له أن يتحمل ما قد يقع منها، من بعض الخلل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج» (¬1) وفي اللفظ الآخر: «فإن ذهبت تقيمها، كسرتها وكسرها طلاقها» (¬2) والرسول أوصى بهن خيرا قال: «استوصوا بالنساء خيرا» (¬3) وبين أنه لا بد من عوج، فينبغي الصبر والتحمل وعدم التشديد، وعدم تدقيق الحساب، فيما يتعلق بأخطائها، يكون عنده كرم، وعنده خلق جيد وحلم، يتحمل، فلا ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الوصاة بالنساء، برقم (5186)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء، برقم (1468). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء، برقم (1468). (¬3) صحيح البخاري النكاح (5186)، صحيح مسلم الرضاع (1468)، سنن الترمذي الطلاق (1188)، سنن الدارمي النكاح (2222).

يعاقب على الصغيرة والكبيرة، وعلى كل شيء، لا، بل ينصح ويعظ ويذكر، أو يهجر عند الحاجة، يهجرها في الفراش أو يعطيها ظهره أياما أو ليالي، ثم إذا رجعت ترك الهجر، فإذا لم تجزئ الموعظة، ولم تنفع الهجرة، ضربها ضربا غير مبرح؛ لعصيانها له وإيذائها له، ضربا خفيفا ليس فيه خطر، لا جرح ولا كسر، والمقصود من هذا أن الواجب عليه أن يعاشر بالمعروف، كما قال الله سبحانه: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وقال عز وجل: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} وليتق الله وليرحمها، وليحذر التشديد والتكلف والتعنت، وليكن جوادا حليما كريما، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خياركم خياركم لنسائهم» (¬1) «وأنا خيركم لأهلي» (¬2) فعليك يا أخي أن تتأسى برسول الله، في الصبر والحلم والخلق الكريم مع أهله عليه الصلاة والسلام، تتغافل عن بعض الزلات السهلة، ولا ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه برقم (7354). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب المناقب، باب فضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم برقم (3895)، وابن ماجه في كتاب النكاح، باب حسن معاشرة النساء برقم (1977).

تدقق في الحساب على بعض الزلات، بل تسمح عن كثير من الذي لا يضرك، لكن تجتهد على كونها تطيع الله، وتستقيم على دين الله، وتحرص عليها في ذلك، حتى تكون تقية مؤمنة مستقيمة على دين الله، أما ما يحصل من تقصير في حقك، فعليك أن تلاحظ السماح والعشرة بالمعروف، وعدم التشديد في ذلك، وأنت على أجر عظيم وتحمد العاقبة وهي ربما انتبهت، وحاسبت نفسها ورجعت على تقصيرها، بسبب حلمك وإحسانك، وفعلك الطيب وكلامك الطيب.

س: يقول السائل: سمعت أن هناك حديثا معناه، أن الذي يضرب زوجته ظلما بدون سبب، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون خصمه يوم القيامة، فهل معنى هذا صحيح، وهل ورد ما يفيد ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ (¬1) ج: لا أذكر شيئا عن هذا، عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولكنه صلى الله عليه وسلم أوصى بالنساء خيرا، وقال: «استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوانٍ عندكم» (¬2) يعني أسيرات عندكم، ونهى عن ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (126). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الوصاة بالنساء، برقم (5186)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء، برقم (1468).

ظلمهن، والتعدي عليهن، وأمر بإحسان العشرة كما أمر الله بهذا في قوله سبحانه: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وقال عز وجل: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وقال عليه الصلاة والسلام، لما سأله معاوية بن حيدة القشيري، فقال: يا رسول الله، ما حق زوج أحدنا عليه؟ قال: «تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت» (¬1) فالمؤمن يعتني بزوجته ويكرمها، ويحسن عشرتها ولا يظلمها، هذا هو الواجب عليه، ألا يظلمها لا في نفسها، ولا في مالها، ولا في عرضها، فإذا ظلمها، خصمه الله، أعظم من الرسول صلى الله عليه وسلم، خصم الظالمين الرب عز وجل، هو الذي يجازيهم بما يستحقون، كما قال عز وجل: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا} قال سبحانه: ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث معاوية البهزي رضي الله عنه، برقم (19511).

{وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله عز وجل: «ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل أعطى بي ثم غدر- يعني عاهد ثم غدر- ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه، ولم يعطه حقه» (¬1) خرجه البخاري في الصحيح، كما قد يقع مما مضى من بعض الناس يسرق بنات الناس، أو أولاد الناس، ويبيعهم على أنهم عبيد وهو كاذب، ورجل استأجر أجيرا ولم يعطه حقه، وهكذا يكون خصما لمن ظلم امرأته بغير حق، أو ظلم عبده بغير حق، أو خادمه بغير حق، أو ولده بغير حق، أو جيرانه بغير حق، أو غيرهم من المسلمين، فالله خصمه يوم القيامة، ومن كان الله خصمه فهو مخصوم، والله أعظم من رسوله عليه الصلاة والسلام، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ظلم زوجته، أو ظلم أهل بيته من أولاد، ذكور أو إناث، من أخوات، من خادمات ومن غير ذلك، وهكذا ظلم الجيران بالكلام السيئ، أو بالأفعال القبيحة، أو برفع صوت المذياع حتى يؤذيهم به، أو ما أشبه ذلك مما يتأذى به الجيران، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإجارة، باب إثم من منع أجر الأجير، برقم (2270).

يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره» (¬1)، وفي اللفظ الآخر: «فليكرم جاره» (¬2) وفي اللفظ الثالث، «فليحسن إلى جاره» (¬3) وبهذا تعلم أيها السائل أن ظلم الزوجة، وظلم غير الزوجة كله أمر محرم والله خصم الظالمين يوم القيامة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة» (¬4) وقال عليه الصلاة والسلام يقول الله عز وجل: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا» (¬5) نسأل الله للمسلمين العافية والهداية. ¬

(¬1) صحيح البخاري الأدب (6018)، صحيح مسلم الإيمان (47)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 267). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، برقم (6109)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الحث على إكرام الجار والضيف ولزوم الصمت، برقم (47). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب الحث على إكرام الجار والضيف ولزوم الصمت، برقم (47). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (2578). (¬5) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (2577).

س: يقول السائل: كثيرا ما ترد إلي تساؤلات عن حق الزوج على زوجته، ذلكم أني أرى بعض الأحيان أشياء غير عادية في البلاد العربية، وفي المحيط الذي يحيط بي، أرجو أن تنبهوا المسلمين إلى هذا

الأمر جزاكم الله خيرا، ولا سيما فيما يتعلق بضرب الرجل لزوجته (¬1) ج: الله سبحانه وتعالى بين ما يجب على الجميع، يقول سبحانه: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ويقول جل وعلا: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} ويقول سبحانه وتعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} ويقول سبحانه: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} فالزوجة عليها السمع والطاعة لزوجها في المعروف، في خدمته، في إجابته، إذا أرادها في نفسها، وهي تستطيع ذلك، في لزوم بيته، في إكرام ضيفه، إلى غير ذلك من الحقوق، لا تؤذيه ولا تعصيه في المعروف حسب طاقتها: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، وعليه هو أيضا أن يعاشرها بالمعروف، ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (69).

فلا يؤذيها ولا يضربها بغير حق، ولا يعنف عليها بغير حق، ولا يكون معبسا في وجهها بغير حق، ولا يقصر في نفقتها بغير حق، بل عليه أن يقوم بنفقتها المعتادة لأمثالها، من كسوة وغيرها، وعليه أن يكون حسن الخلق طيب البشر مع زوجته، وعليه أن يعاملها باللطف في جماعه لها، وفي مضاجعته لها، وفي كلامه لها بالكلام الطيب، ومضاحكته لها، وأنسه معها، إلى غير ذلك، له حق وعليه حق، وإن كان حقه أكبر، لكن عليه حق أن يعاشر بالمعروف، وأن يحسن إليها، وألا يضربها إلا بحق، وألا يهجرها إلا بحق، وأن يحسن عشرتها بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، وإذا كانت مريضة لا تستطيع العمل عذرها، وإذا كان بها ضرر يضرها الجماع عذرها، هكذا المؤمن مع أهله، الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «خياركم خياركم لنسائهم» (¬1) «وأنا خيركم لأهلي» (¬2) فالمقصود أن المؤمن يكون حسن الخلق مع أهله، طيب المعاشرة، ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه برقم (7354). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب المناقب، باب فضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم برقم (3895)، وابن ماجه في كتاب النكاح، باب حسن معاشرة النساء برقم (1977).

قد أدى الحقوق لها، ليس له أن يظلمها، ولا أن يحقرها، ولا أن يؤذيها بغير الحق، وليس لها هي أن تظلمه، ولا أن تحقره، ولا أن تؤذيه، بل عليها أن تسمع وتطيع في المعروف فيما تقدر عليه، لكن إذا أمرها بمعصية لا، لو قال لها: اشربي الخمر، أو قال لها: أجامعك في الدبر، أو في الحيض، أو في النفاس، أو بعد أن يحرما بحج أو عمرة، لا يجوز، لا تطيعه في هذا، بل تدفعه بقوة ولا تطيعه، كذلك إذا أمرها بأمر آخر مما يحرم عليها، كأن يرضى بالفاحشة بها بالزنى، أو يأمرها بأن تعق والديها، هذا لا يجوز، ليس لها أن تطيعه في ذلك. فالحاصل إنما تطيعه في المعروف، «إنما الطاعة في المعروف» (¬1) وهو كذلك ليس له أن يطيعها في غير المعروف، لو قالت له: جامعني في الدبر أو في الحيض، ما يطيعها في ذلك، أو قالت له: لا تسمع وتطيع لوالديك، عق والديك، لا تكون بارا بهما، لا يطيعها في ذلك، أو أمرته أن يشرب الخمر، أو يعمل بالربا، أو سمحت له بالزنى في أختها، أو عمتها أو غير ذلك، كل هذا منكر ليس له أن ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية. (1740).

يطيعها، فليس لها أن تطيعه إلا في المعروف، وليس له أن يطيعها إلا في المعروف، وليس لها أن تظلمه، وليس له أن يظلمها، وليس لها أن تؤذيه، وليس له أن يؤذيها، كل منهما عليه أن يلتزم الحق، وأن يقف عند الحد الشرعي.

حكم إبقاء العلاقة بين الزوجين بعد لعن أحدهما الآخر

105 - حكم إبقاء العلاقة بين الزوجين بعد لعن أحدهما الآخر س: امرأة لعنت زوجها بسبب شجار بينهما، حيث يوجد لديها نوع من الحمق، فهل تحرم على زوجها أم لا؟ (¬1) ج: لعنها له لا يحرمها عليه، إذا لعن أحدهما الآخر فقد أخطأ وأساء وظلم، فعليه التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، واستسماح صاحبه: الزوج يستسمح زوجته إذا لعنها، والزوجة تستسمحه وتتوب إلى الله مما فعلت والزوجية باقية، لا يفسد النكاح بذلك، فاللعن لا يبطل النكاح ولا يفسده، ولا يكون طلاقا له، سواء كان اللعن منه لها، أو منها له، إلا أنه منكر ولا يجوز، وكبيرة من الكبائر، جاء في الحديث الصحيح عن الرسول عليه الصلاة ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (31).

والسلام: «لعن المؤمن كقتله» (¬1) «وليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء» (¬2) فاللعن ليس من صفة المؤمنين، بل هو منكر، فلا يجوز أن يقع من الزوج ولا الزوجة، وإذا وقع من أحدهما وجب عليه أن يستسمح الآخر؛ لأنه تعدى عليه وظلمه، مع التوبة إلى الله سبحانه وتعالى. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال، برقم (6105)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه .. برقم (110). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه برقم (3829)، والترمذي في كتاب البر والصلة، باب ما جاء في اللعنة، برقم (1977)، واللفظ له.

س: السائلة أم محمد تسأل عن الحكم الشرعي في المرأة التي تسب زوجها إذا كان عنيدا نوعا ما مع الآخرين؟ (¬1) ج: لا ينبغي السب، لا يجوز السب لكن تدعو له بالهداية، وتعامله باللطف، والعبارات الحسنة، والألفاظ الطيبة، وتدعو له بالهداية، أما السب لا يجوز، لا تقول: لعنك الله، ولا قاتلك الله؛ لأن ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (370).

هذا يسبب شرا كثيرا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «سباب المسلم فسوق» (¬1) ويقول: «ليس المسلم بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء» (¬2) ويقول صلى الله عليه وسلم: «لعن المؤمن كقتله» (¬3) فلا يجوز السب، ولكن تدعو له بالهداية، تخاطبه بالتي هي أحسن، يا فلان يا أبا فلان هداك الله ينبغي كذا، أنصحك بكذا، أشير عليك بكذا وعليها بالعبارات الحسنة، بالأساليب الحسنة بالنصيحة، بالتوجيه الطيب، أما السب والكلام السيئ والجفاء، فلا يجوز. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر، برقم (48)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان قول النبي صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر، برقم (64). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه برقم (3829)، والترمذي في كتاب البر والصلة، باب ما جاء في اللعنة، برقم (1977)، واللفظ له. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب من كفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال، برقم (6105)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه .. برقم (110).

س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم الزوجة التي تسب زوجها؟ (¬1) ج: ليس لها سب زوجها، ولا يجوز لها ذلك، حكمها أنها عاصية، ليس لها سبه، وهو كذلك ليس له سبها، كلاهما لا يجوز له ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (384).

سب الآخر، بل عليهما المعاشرة الطيبة، وحفظ اللسان عما لا ينبغي، يقول الله جل وعلا: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ويقول صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيرا» (¬1) فالواجب على الزوج المعاشرة الطيبة، وحفظ اللسان عما لا ينبغي، والواجب على الزوجة كذلك، المعاشرة الطيبة والسمع والطاعة في المعروف لزوجها والحذر من سوء الخلق، من سب، أو غيره مما يؤذي الزوج. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الوصاة بالنساء، برقم (5186)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء، برقم (1468).

س: يقول السائل: ما حكم المرأة التي تسب أهل الزوج وخاصة والديه أمامه، هل يقوم بتطليقها؟ نرجو منكم الإفادة. (¬1) ج: يلزمه أن ينصحها، ويحذرها من هذا العمل، وله أن يؤدبها بشيء لا يضر، حتى ترجع عن هذا العمل، وتدع هذا العمل، فإن هذا منكر وظلم، فليس لها سبهم، ولا يعجل بالطلاق، لكن يعالج الموضوع بالحشمة، بالنصيحة والتوجيه والتأديب المناسب لعلها ترتدع. ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (357).

س: سائل له قضية مع زوجته، يذكر أولا أنه على خلاف دائم معها؛ لأسباب تافهة في كثير من الأحيان؟ (¬1) ج: ننصحهما بالحلم والرفق والتواصي بالحق والصبر وعدم النزاع وعدم الطلاق، ونوصي الجميع بالتعاون والتواصي على الخير وعدم المنازعة، ونوصي المرأة بالسمع والطاعة لزوجها بالمعروف، ونوصي الزوج بالحلم والصبر وعدم العجلة بالطلاق أو الضرب أو السب، كل واحد منهما عليه أن يتحمل ويستعمل الرفق في كل الأمور؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه» (¬2) ولأن هذا العمل داخل في قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، والمسايرة الدائمة للنساء من أسباب الطلاق، وهكذا السب والشتم، فالواجب على كل منهما ألا يسأل عما لا ينبغي، وعدم الجواب عما لا ينبغي، والرفق بالأمور، والحلم والصبر. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (363). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الرفق، برقم (2594).

حكم معصية الزوجة لزوجها

106 - حكم معصية الزوجة لزوجها س: تصف السائلة نفسها بأنها كثيرة العناد لزوجها، وحاولت أن تتخلص من هذه الخطيئة، ولكنها لم تستطع حتى الآن، كيف ترون لها الطريقة؟ (¬1) ج: عليها أن تتقي الله سبحانه، وأن تجاهد نفسها في طاعة زوجها في المعروف، وعليها أن تستحضر دائما أن الواجب عليها طاعة زوجها، وأنها بعنادها له تأثم وتغضب ربها، فالواجب عليها أن تحاسب هذه النفس، فإن النفس أمارة بالسوء إلا من رحم الله وأن تذكر وقوفها بين يدي الله، وأنها مسؤولة عن طاعته، فإذا استحضرت هذه الأمور وكانت على بالها، الله يعينها على طاعته وترك العناد، أما إذا أرادت تنفيذ هواها، أو تقليد النساء العاصيات اللاتي لا يبالين بأمر الله، فإنها تخسر الدنيا والآخرة، ولكن عليها أن تتأسى بالأخيار السالفات على الهدى من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ومن سائر أهل الخير من التقيات المؤمنات، عليها أن تتأسى بأهل الخير لا بأهل الشر، وعليها فوق ذلك أن تتذكر عظمة الله، ¬

(¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (59).

وأن تخافه سبحانه وأن تطيع أمره في ذلك؛ لأن الله أمرها بطاعة زوجها، فلزوجها عليها الطاعة بالمعروف.

حكم شك الزوج بزوجته

107 - حكم شك الزوج بزوجته س: يقول السائل: إنه متزوج منذ فترة، وإنه يصلي ولله الحمد، وكذلك زوجته، إلا أنه يشك فيها، بماذا توجهونه سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: الواجب على المؤمن اجتناب سوء الظن، إلا عند وجود أمارات واضحة، ودلائل بينة تدل على ذلك؛ لأن الله يقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث» (¬2) فالواجب على الزوج إحسان الظن بزوجته، وحملها على أحسن المحامل، ونصيحتها إذا شك في شيء، وتوجيهها إلى الخير، وعدم طاعة الشيطان في ظن السوء، الذي لا أساس له، ولا بينة عليه ولا شواهد له، أما إن كان هناك شيء يشهد لبعض الظن، ينبغي فيه ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (64). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع، برقم (5144)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظن والتجسس والتنافس والتناجش، برقم (2563).

النصيحة والتوجيه، والتحذير مع المراقبة حتى يزول الشك. نسأل الله للجميع الهداية.

س: يقول السائل: أنا تزوجت بفتاة أجهلها، وأعرف عمها وأخاها، وبعد مضي وقت طويل لم يأتني أولاد، وذهبت بها إلى المستشفى، وكان عندها مرض الالتهاب، وشفيت ولم يأت أولاد، فكشفت على نفسي، وطلعت النتيجة أن الحيوانات المنوية قليلة، وغير كافية للإنجاب، ثم سافرت، ولما عدت وجدت زوجتي في الشهر الرابع، وأنا أشك في هذا الحمل، وأريد التخلص من زوجتي بستر، ولكني متحير ماذا أفعل، أرجو الإفادة وفقكم الله؟ (¬1) ج: الذي يظهر أن هذا يلحق الولد بك وأن الحمل منك، وأن تقرير الأطباء لا ينبغي أن يعول عليه في هذا، بل قد تكون حملت مما حصل منه من المني، وإن كان ضعيفا، فقد جاء في الحديث: «ليس من كل مني يخلق الإنسان» (¬2) بل من بعضه، فالحاصل أنه ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (8). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، برقم (11070).

يلحق به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الولد للفراش» (¬1) الرسول صلى الله عليه وسلم ألحق الولد بالفراش، فلا ينبغي له أن يتشكك في هذا، بل ينبغي للسائل أن يحسن الظن بأهله، وأن يحمد الله على ما يسر له من الولد، ولا مانع من العلاج، لمزيد الأولاد وهذا يلحق به؛ لأنه من زوجته وفي فراشه، والرسول عليه السلام قال: «الولد للفراش» (¬2) هذا ولده، ولا ينبغي له سوء الظن، بل ينبغي له حسن الظن بالله جل وعلا، وحسن الظن أيضا بزوجته، وشكر الله على ما مَنَّ به من الحمل، ونسأل الله له العافية والتوفيق. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحدود، باب: للعاهر الحجر، برقم (6818)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب: الولد للفراش وتوقي الشبهات، برقم (1458). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الحدود، باب: للعاهر الحجر، برقم (6818)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب: الولد للفراش وتوقي الشبهات، برقم (1458).

وجوب إعفاف الرجل نفسه بزوجته

108 - وجوب إعفاف الرجل نفسه بزوجته س: تقول السائلة: أنا زوجة أخشى الله دائما، وأحس أنه يراقبني في كل وقت، ولكن ابتلاني الله بزوج لا يخشى الله في شيء، وثقت به كل الثقة في بداية زواجنا، ولكن اتضح لي بعد ذلك أنه لا يستحق هذه الثقة، فقد خدعني وغشني وظل يجري وراء رغباته، وهو لا يراعي مشاعري ولا أحاسيسي، وأنا أخشى على أولادي من

سيرة أبيهم الفاسد؛ لأن الحديث يقول: «عفوا تعف نساؤكم»، وكلما ذكرته بغض البصر، سخر من ذلك، ويسخر أيضا إذا قلت له بأن يتوب ويستقيم، سماحة الشيخ ما حكم الدين في مثل هذا الزوج، الخائن المخادع الغشاش، أرجو توجيه كلمة له، حتى يستيقظ ضميره، ويرجع عن هذه التصرفات؛ لأنه أصبح في نظري رمزا للخيانة والغدر، وعدم الوفاء والإخلاص، وليست عنده النفس اللوامة، أرجو تذكيره بأن الله يراقبه، وسوف يسأله عن وقته، وتجيب عيناه ورجلاه ويداه، سماحة الشيخ لقد شاعت الفوضى، وضاع الأمان من حياتنا الزوجية، وضاع الاستقرار والهدوء، وحل القلق والتوتر النفسي، بسبب تصرفات رب الأسرة، الذي كان من المفروض أن يكون رمزا للاستقامة، وتوفير الأمن والأمان، أرجو تذكير زوجي، بأن الزوج يجب عليه ألا يسهر، ولا يضحك، ولا يمزح إلا مع زوجته، ولا ينظر إلا لزوجته، ما دامت مستقيمة وعلى خلق كريم، إن تصرفاته هذه جعلتني أحس بأنني أتعس زوجة، فكيف يكون المستقبل مع مثله، إن لم يتب عن ذلك، وأنا أتمنى من الله أن تكون هداية زوجي على يد برنامجكم، جعله الله نورا

للجميع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؟ (¬1) ج: هذا السؤال وهذا الخبر، فيه إجمال وعدم تفصيل، ونصيحتي للزوج أن يتقي الله عز وجل في زوجته، وأن يقوم بحقها وأن يعتني بها، كما أمر الله وأن يحذر ما حرم الله عليه من الزنى ووسائل الزنى، والنظر إلى النساء، الله جل وعلا يقول: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} وهو إن كان مؤمنا مأمور بهذا: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} ووصيتي لك أيها الزوج أن تتقي الله في هذه الزوجة، وأن ترعى حقوقها وتحسن إليها، وأن ترفق بها وأن تحذر ما حرم الله عليك من سائر المعاصي من الزنى ووسائل الزنى، وغير هذا مما حرم الله عز وجل، أما ما يتعلق بالمزح والضحك وغير هذا، فهذا ليس خاصا بالزوجة، ومطالبته بألا يمزح إلا معك، ولا يضحك إلا معك، فهذا عدوان منك لا وجه له، فلا بأس أن يضحك مع أولاده، ومع أمه ومع أخواته ومع أصدقائه، ولا بأس أن يمزح معهم بالحق، من غير إكثار ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (134).

يجره إلى باطل، هذا ليس لك التحجر عليه فيه، إنما يحرم عليه أن يضر بك، أو يمنعك شيئا من حقك، أما الأمور الأخرى التي أباحها الله له، فليس لك أن تحجري عليه فيها، لا في زيارة أحبابه وإخوانه الطيبين، ولا في الضحك مع أهله وبعض أصدقائه، والمزح مع من شاء مزحا ليس فيه ما حرم الله، بل مزحا بحق، المقصود أن عليك أيتها الأخت في الله، عليك الإنصاف فاطلبي حقك فقط، ولا تطلبي ما ليس لك، وعليك بالرفق والأسلوب الحسن، والصبر الجميل حتى يهديه الله، وحتى يقوم بالواجب ما دام مسلما، ويصلي ويخاف الله عز وجل، لكنه قد يقصر في حقك، فعليك أن تسألي حقك برفق، وبالأسلوب الحسن والكلام الطيب، والواجب عليه هو أن يتقي الله فيك، وأن ينصفك وأن يعطيك حقوقك، هذا هو الواجب عليه، كما أنه يجب عليه وعلى غيره، من جميع المسلمين والمسلمات، الحذر مما حرم الله، والبعد عن معاصي الله والوقوف عند حدود الله، فإن في ذلك السعادة في الدنيا والآخرة، وفي انتهاك المعاصي الخطر العظيم، والعاقبة الوخيمة، إلا لمن من الله عليه بالتوبة، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.

س: يقول السائل: بعض العادات أو بعض الذنوب يعتقد البعض أنها موروثة، هل من كلمة سماحة الشيخ عبد العزيز في هذا؟ (¬1) ج: الذنوب والمعاصي غير موروثة، الله سبحانه يقول: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} أما أنه قد يقتدي، نعم، قد يقتدي بأسلافه، ولكن يجب على الإنسان أن يحذر ذلك، وأن يبتعد عن الشر؛ لأن أولاده قد يتأسون به، قد يُخشى عليه أن يجرهم لهذا بفعله، ويُخشى عليه من إثم ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» (¬2) وقال في الشق الثاني: «من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه» (¬3) فقد يكون فعله هذا نوعا من الدعوة فينبغي عليه الحذر. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (134). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره، برقم (1893). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره، برقم (1893).

س: الأخت من رأس تنورة، تسأل وتقول: لقد تزوجت برجل من مدة ست وعشرين سنة، وأنجبت منه ابنين وأربع بنات، وقد

مكثنا عشر سنوات على خير ما يرام، وبعدها بدأت ألحظ على زوجي تغيرا في عينيه، مما جعلني أخاف من ذلك، وأكره هذا المنظر ولا أطيقه، وإذا دخل علي في البيت أرى كأن في عينيه نارا، مما يجعلني لا أطيق الاجتماع به ولا السير معه، ولا أجلس معه من أجل الخوف الذي يساورني إذا رأيته؛ لأنه في حالة غير طبيعية مما أشاهده في عيونه، وقد أخذني أخي إلى جدة ليعالجني هناك؛ خشية أن يكون بي مرض، وأنا ليس بي مرض، وقد ذهبت إلى أهلي أربع مرات من أجل ذلك، ويردونني عليه، وبعد ذلك أخذت إحدى البنات وذهبت إلى الرياض، واستأجرت بيتا وسكنت فيه، ثم جاء أهلي وأخذوني وردوني إلى بيت زوجي في المنطقة الشرقية، وقد اتهمت أيضا بفقدان الذاكرة، وأنا ليس بي شيء بحمد الله، وقال أخي: إن عندي انفصاما في الشخصية، وإني مجنونة، فأرجو من مكارم أخلاقكم أن تتفضلوا بتوجيهي، كيف أتصرف، حتى أعود إلى حياتي الزوجية، كما كنت، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: الذي أراه في مثل هذا عرض الحالة على من تظنين أن ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (193).

عنده خبرة في هذا المرض النفسي الذي حدث لك، لعله يجد علاجا لهذا المرض النفسي، الذي يجب أن يعرض على أطباء علاج الأمراض النفسية، لعله يجد لك علاجا، ومما يعالج به مثل هذا، العناية بالقرآن الكريم، النفث في يدك عند النوم، تنفثين في يدك عند النوم، تقرئين قل هو الله أحد والمعوذتين ثلاث مرات عند النوم، وتمسحين بذلك على ما أقبل من جسدك، على الرأس، والوجه، وما أقبل من الجسد، ثلاث مرات عند النوم، كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعمل هذا، إذا اشتكى شيئا عليه الصلاة والسلام، مع التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، صباحا ومساء ثلاث مرات، وكذلك بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم، ثلاث مرات، صباحا ومساء، وقراءة آية الكرسي عند النوم، كل ذلك من أسباب العافية والسلامة، وهكذا قراءة آية الكرسي، بعد كل صلاة، وقراءة قل هو الله أحد والمعوذتين بعد كل صلاة، مع تكرار السور الثلاث بعد المغرب والفجر ثلاث مرات، كل هذا من العلاج لهذا المرض، إن شاء الله، لأنه قد يكون هناك شيء، إما عين، وإما غير ذلك من

أعمال سيئة من بعض خصومك أنت وزوجك، فالمقصود أنه قد يكون هناك عمل غَيَّر صورة زوجك في نظرك، وفي مقابلتك له، من عمل بعض المفسدين، أو عين وهي النظرة يسمونها النظرة، د يكون هذا وقد يكون هذا، فإذا فعلت ما ذكر من القراءة والتعوذات، فلا بأس ونرجو لك الشفاء، وإن عرضت نفسك على بعض أطباء النفس، من رجال أو نساء، أخبرتهم بالواقع، فربما يكون عندهم شيء من العلاج، نسأل الله لك الشفاء والعافية، أما ما يتعلق بالنزاع والخصومة، هذا لدى المحكمة إذا كان هناك نزاع غير هذا المرض، فهذا عند المحكمة، والظاهر في النزاع هو ما حصل لها من فعل هذا التغير، في نظرها بالنسبة إلى زوجها، قد يكون هذا شيئا واقعا، وقد يكون شيئا في عينها فقط، والله أعلم سبحانه، ونوصي الزوج بالعناية بها، بالأساليب الحسنة والكلام الطيب، والخطاب المناسب، والدعاء، كل منهم يدعو الله أن يزيل ما حصل، هي تدعو ربها أن يشفيها الله مما أصابها، والزوج كذلك يدعو الله أن يشفيه الله مما وقع، ويشفيها مما وقع، يسأل ربه أن يشفيه مما وقع، إن كان هناك شيء فيه، ويسأل ربه لها أيضا أن الله يشفيها ويعافيها مما

أصابها، الدعاء سلاح المؤمن، والله يقول سبحانه: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، فنوصي كلا منهما بسؤال الله العافية والشفاء مما حصل، وأن الله يعيد الحالة إلى حالتها الأولى الحسنة، وهو القادر على كل شيء سبحانه وتعالى، وننصحها هي أن تقرأ على نفسها، إذا كانت تقرأ، أو يقرأ لها زوجها، أو يقرأ لها أخوها أو أبوها أو امرأة صالحة تقرأ، تنفث عليها، هذا طيب.

حكم طلب الطلاق من الزوج المقصر في النوافل

109 - حكم طلب الطلاق من الزوج المقصر في النوافل س: الأخت في الله (الحائرة) أم عبد الله س. ح. تقول: تزوجت من رجل يصلي ولله الحمد، وأخلاقه طيبة ولله الحمد، ولكنني أرغب من زوجي أن يكون لديه حماس شديد بالنسبة للصلاة، وأن يقوم الليل، وأن يكون حافظا للقرآن الكريم، أو بعضا منه، وأن يكون مجاهدا في سبيل الله، وأن يكون عالما بشعائر الدين، لكي يخبرني عن الحلال والحرام، ويكون رجلا مثقفا حيث إنني أكثر منه علما في ديني، ولا أمدح نفسي {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا}. وهذه الأسباب جعلتني أكره زوجي، ومنذ أن تزوجته وأنا أطلب منه

الطلاق، وكراهيتي له تزيد يوما بعد يوم، فهل يحق لي ذلك يا سماحة الشيخ؟ مع العلم أنني صليت صلاة الاستخارة عدة مرات قبل الزواج، ولكنني لم أعرف نتيجة الاستخارة فتزوجته، وأنا الآن نادمة على زواجي ذلك، فما هو الحل يا سماحة الشيخ؟ حيث إن الإنسان يُعرف مع من يُعاشر، وأنا أريد زوجي أن يكون معي في الجنة يوم القيامة، وأنا أعامله معاملة سيئة، لكراهيتي له، فأنا خائفة من الله بالنسبة لهذه المعاملة، وهل أكون من الذين لم يصبروا على قضاء الله وقدره؟ أرجو إفادتي حول هذه القضايا، جزاكم الله خيرا (¬1) ج: الواجب عليك أيتها الأخت في الله الصبر، وأن تنصحيه، وترشديه بالكلام الطيب، وتراقبيه في التعلم والتفقه في الدين، كما أشرت إلى ذلك، أما عصيانه، أو كراهته، لكونه لم يجتهد فيما ذكرت، من التعلم والتفقه وأن يكون من المسارعين ومن المبادرين إلى الصلاة ونحو ذلك، هذا لا يوجب بغضه أو طلب الطلاق، فلا يجوز لك طلب الطلاق ما دام الرجل يصلي، وليس هناك ما يوجب كفره من نواقض الإسلام، ولكنه ليس عنده المعلومات التي عندك، ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (197).

وليس عنده التحمس من المسارعة والمسابقة إلى الصلاة، ولكنه يصلي والحمد لله، فالواجب عليك السمع والطاعة في المعروف، وعدم طلب الطلاق، والتعاون معه على الخير من جهة حثه على المطالعة والمذاكرة، وحضور حلقات العلم، وسماع هذا البرنامج (نور على الدرب) حتى يستفيد، وحضور حلقات العلم إذا وجدت عندكم من علماء السنة وأهل الخير، حتى يستفيد، أما طلب الطلاق فلا وجه له، وليس من اللازم أن يكون زوجك مثلك في العلم، قد يكون الزوج دون المرأة، وقد يكون فوقها في العلم، وإذا من الله عليك بالعلم فأحسني إليه، ووجهيه بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، ورغبيه بالخير، وساعديه بكل ما تستطيعين، وشجعي أقاربه، كأبيه، أو أخيه حتى يرغبوه، حتى يساعدوه في التفقه في الدين والتعلم، ولا أنصحك أبدا أن تطلبي الطلاق، بل لا يجوز لك ذلك طلب الطلاق، ليس هنا ما يوجب طلبه، ولا يسبب طلبه، وفي الحديث: «أيما امرأة طلبت الطلاق من دون بأس، لم ترح رائحة الجنة» (¬1) فالواجب عليك الصبر والاحتساب والتعاون مع أهل ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث ثوبان رضي الله عنه، برقم (21874).

الخير، وإرشاده إلى الخير، واحتساب الأجر في كل ما تبذلين في طريق تثقيفه وتفقيهه، حتى يكون إن شاء الله كما طلبت، وكما رغبت في العلم والفقه، وفق الله الجميع، وعلى كل حال، فهذه المطالب، التي ذكرت في سؤالك هو مخير فيها، حفظ القرآن ليس بواجب، التهجد بالليل ليس بواجب، ولكن يسن له أن يحفظ ما تيسر من القرآن إذا أمكنه ذلك، يسن له التهجد بالليل والوتر ولو في أول الليل، كل هذا أمر مشروع، والجهاد في سبيل الله فيه تفصيل، إن استطاع الجهاد وتمكن من الجهاد، فالجهاد من أعظم القربات ومن أفضل الطاعات، وقد يكون فرض كفاية، وقد يكون فرض عين، وقد يكون سنة، ففيه تفصيل، فالمشروع لها أن تشجعه على الخير، وأن تحثه على الخير، ولكن لا تطلب الطلاق من أجل هذا.

حكم القسوة على الزوجة

110 - حكم القسوة على الزوجة س: الأخت أ. ت. تسأل وتقول: أود من سماحة الشيخ: أن يقدم نصيحة لزوجي، فزوجها تقول: مع أنه ملتزم بشعائر الدين، ومؤد للصلوات، ومن الذين يخافون الله، إلا أنه يعاملها بقسوة، مع أنها تقول: أنا وهو نؤدي العبادات في أوقاتها، وأولادنا والحمد لله على

عبادة دائمة، هل من نصيحة يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: نعم نوصي جميع الأزواج بتقوى الله، والرفق بالزوجات، وإحسان العشرة وعدم الغلظة، وعدم سوء الكلام، قال الله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وقال جل وعلا: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيرا» (¬2) فالواجب على الأزواج المعاشرة الطيبة، والكلام الطيب، والأسلوب الطيب مع الزوجة، وعدم الشدة وعدم العنف، لا في الكلام ولا غيره، هذا هو الواجب على الأزواج، والزوجة كذلك، عليها أن تعامل زوجها بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، والسمع والطاعة في المعروف، كل منهما عليه أن يعين الآخر على الخير، الله يقول جل وعلا: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} فعليها وعلى زوجها التعاون على البر والتقوى، بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن والمسارعة ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (428). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الوصاة بالنساء، برقم (5186)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء، برقم (1468).

إلى كل ما يرضي الآخر، مما أباح الله، نسأل الله للجميع الهداية.

حكم تقصير الزوج مع زوجته في المجالسة

111 - حكم تقصير الزوج مع زوجته في المجالسة س: السائلة م. أ. ع. مصرية. تقول في رسالتها: زوجي مصري يعمل بالرياض، وتزوجته من سنتين، صبرت على الوحدة والغربة، فهو ينزل عمله مبكرا جدا، ويرجع بعد الظهر تقريبا بنصف ساعة أو أقل؛ ليتغدى، ثم ينزل ولا أراه إلا منتصف الليل، وخلال الفترة من العصر إلى الليل يقضيها بين عمل أو قراءة مع أصدقاء له، وقد نصحته أن يعطي كل ذي حق حقه، فلربه حقه ولنفسه حق، ولزوجه حق من الجلوس معها ومؤانستها، فهو يأتي متعبا لينام ولا يؤانسني حتى بالكلام الطيب، الذي تنتظره الزوجة، وهذا بلا شك له أثره السيئ على نفسيتي، وهو يكره كثرة الكلام معه في هذا الموضوع ويكتفي بأنه يجلس بالبيت يوم الخميس فقط، وهذا مما لا شك فيه أثر على سلوكي فأصبحت أغضب، وأثور وذكرته كثيرا ولم يكن جوابه إلا هذه هي الحياة، فبم تنصحونني، وما هو حل هذه المشكلة التي عانيت منها وصبرت عليها سنتين جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (93).

ج: أولا ننصحك بالصبر والكلام الطيب، وحسن الأسلوب معه، والدعاء له بالهداية والتوفيق، ونقول لك: قد أحسنت وقد ذكرت له الحق، فإن عليه أن ينصف زوجته وأن يعطيها حقها بالمؤانسة، والجلوس معها والتحدث معها، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، كما أوصى أمته عليه الصلاة والسلام وقال: «استوصوا بالنساء خيرا» (¬1) وقال لعبد الله بن عمرو لما أعرض عن زوجته: «إن لنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، ولضيفك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه» (¬2) ولما زار سلمان رضي الله عنه أبا الدرداء، ورأى عنده شيئا من التقشف والتعبد، وعدم التفاته إلى أهله نصحه، وكانت اشتكت إليه زوجة أبي الدرداء، وأنه لا حاجة له في الدنيا، فعرف من كلامها أنه لا يلتفت إليها كما ينبغي، فنصحه سلمان وأمره أن ينام مع أهله إلى آخر الليل، ثم يقوم يصلي وأمره أن يصوم تارة ويفطر تارة، وقال له سلمان: إن لنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا، ولضيفك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه، ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الوصاة بالنساء، برقم (5186)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء، برقم (1468). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب حق الضيف، برقم (6134)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به .. برقم (1159).

ثم توجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره سلمان وأبو الدرداء بما جرى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صدق سلمان، صدق سلمان» (¬1) فالواجب على زوجك أن يتقي الله، وأن ينصفك وأن يعتني بك، وأن يحسن عشرتك، فليعمل في الوقت الذي حدد فيه العمل، ثم يأتي إلى البيت ويعاشر أهله، ويتحدث إليهم هكذا حتى تطمئن زوجته إليه، وحتى يحصل بينهما المؤانسة والراحة فإن الزوجة سكن الزوج، الله جعل الزوجة سكن الزوج يقول سبحانه: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} فعليك أيها الزوج أن تتقي الله، وأن تحسن في أهلك، وأن تفرغ لهم بعض الوقت، وأن تؤانسهم بالكلام الطيب والمداعبة، وحسن المقابلة وطلاقة الوجه؛ لأن لها عليك حقا، وهكذا ضيفك، وهكذا بدنك، فأعط ربك حقه وأعط العمل حقه، وأعط نفسك حقها، وأعط الزوجة حقها، واجتهد في ذلك، واستسمحها، وقل لها الكلام الطيب، عما تقصر فيه حتى تسمح عنك، وعليك بالرفق والحكمة ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع .. ، برقم (1968).

وطيب الكلام، ولا تكن عنيفا ولا شديدا، هذا هو الذي ينبغي لك أيها الأخ، وعليك أيتها الأخت في الله أن تصبري وتحتسبي، وأن تخاطبيه بالتي هي أحسن، وسوف يجعل الله لك فرجا ومخرجا وحسن عاقبة.

س: السائلة م. أ. ع. بعثت برسالة أخرى ضمنتها الموضوع السابق وأشياء أخرى تقول: تزوجت شابا نحسبه ملتزما واتفق مع أبي أنه سيؤثث بيت الزوجية؛ اعتبارا أن الأثاث مهر، وجئت إلى الرياض، وكل أملي في حياة زوجية صالحة، فإذا به لا يحب الجلوس بالبيت، حتى بعد انتهاء دوامه، ويأتي البيت في ساعة متأخرة، ويبحث عن أي شيء يشغله خارج البيت، ونصحته كثيرا وصبرت عليه ولم يسمع للنصيحة، ومرت سنتان ولي منه بنت وولد الآن، وهو إلى الآن يدخر مالا، لا للبيت ولا لتأثيثه، الذي هو مهر لي وكلما ذكرته أيضا بحقوقي لديه لم يهتم بها، ويدعي أنه يصرف المال على سيارة لديه دائمة التعطيل، ويسرف في ماله كثيرا، وهنا أتساءل أليس حق الزوجة من بيت ومهر أولى من أي حقوق أخرى؛ لأنه يعتبر دينا عليه.؟. ثانيا: أليس من حق الزوجة أن يجلس معها يؤنسها في غربتها،

بعد انتهاء عمله ويذكرها بالله أيضا، ماذا تنصحونني، وماذا أفعل وقد ساءت نفسيتي، هل يحق لي هنا طلب الطلاق؛ لأنه مصمم ومصر على هذه الحياة بتلكم الصورة؟ (¬1) ج: قد سبق ما نصحتك به أيتها الأخت الكريمة، ووصيتي كما تقدم الصبر وحسن النصيحة بالكلام الطيب، ولا تيأسي والواجب عليه أن يؤدي الحق الذي عليه، فإن أداء الدين أمر لازم، ولكن يقول الله عز وجل: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} فإذا كان معسرا فارفقي به وسامحيه، حتى يجعل الله فرجا ومخرجا، والسيارة اليوم لا يخفى على أحد أنها ضرورية، ولا سيما صاحب العمل، يذهب عليها ويرجع عليها، فهو في أشد الحاجة إليها، على أن تكون من السيارات التي تناسب أمثاله، فعليه أن يجتهد في حفظ ما تيسر من المال؛ لحاجة البيت وتأثيث البيت، وعليه أن يتقي الله في إنصافك ومؤانستك، والتحدث إليك وإعطائك ما تيسر من الوقت، هذا أمر لازم له، والرسول أمر بذلك، قال صلى الله عليه وسلم: «استوصوا ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (93).

بالنساء خيرا» (¬1) فعليه أن يتقي الله وأن يقوم بواجب الأهل حسب طاقته وإمكانه، وأنت لا تعجلي بطلب الطلاق واصبري، وأحسني العشرة إليه، وأبشري بالأجر العظيم، والخير الكثير والعاقبة الحميدة، وقد تبتلين بمن هو أشر منه، فلا تعجلي فالوقت الآن خطير، وهذا آخر الزمان، والشر أكثر والخير أقل، فعليك أن تصبري وتحتسبي، وأن تسألي الله له الهداية والتوفيق، وأن يغير حاله إلى حال خير منها، والله سبحانه هو الفعال لما يريد، وهو القادر على كل شيء وهو القائل سبحانه وتعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} وهو القائل سبحانه: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} ويقول نبيه عليه الصلاة والسلام: «ما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر» (¬2) ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الوصاة بالنساء، برقم (5186)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء، برقم (1468). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب الاستعفاف عن المسألة برقم (1469)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب فضل التعفف والصبر، برقم (1053).

حكم عمل المرأة المتزوجة

112 - حكم عمل المرأة المتزوجة س: تقول السائلة: أنا سيدة متزوجة وعندي طفلان، والآن

مرافقة لزوجي الذي يعمل في إحدى الدول العربية الشقيقة، وكنت أعمل في إحدى الجامعات، وحاصلة على إحدى الدرجات العلمية، وأوشكت إجازتي أن تنتهي، التي يوافق العمل عليها لمرافقة الزوج، ولما يتطلبه عملي من حضور ومواصلة دراسة، ولحبي لعملي وإحساسي أنني أقدم شيئا في الحياة، يُدخر لي في الآخرة، وليس لدينا أي منصب أفكر في العودة إلى بلدي وعملي وبصحبة أطفالي معي، ولكن في نفس الوقت أخاف الله أن يكون في بعد أطفالي عن والدهم، وأيضا بعدي عن زوجي إجحاف وهضم حق لهم علي، أفيدوني أفادكم الله، أأرجع إلى عملي أم أستقيل، وأمكث مع زوجي وأولادي وبذلك أنال ثواب الآخرة؟ (¬1) ج: أولا لا بد من سماح الزوج، إذا سمح الزوج لك بالرجوع، انظري في الأصلح، فإن رأيت الأصلح الرجوع، لدينك ودنياك وزوجك سامح، فارجعي إلى بلدك أنت وأطفالك، أما إذا لم يسمح فلا ترجعي، وعليك السمع والطاعة، فابقي عند زوجك، وعند أولادك، واعملي ما يلزم من النصح للزوج، وخدمته وخدمة الأولاد، ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (82).

واستعيني بالله على طاعته، وبالقراءة والإكثار من قراءة القرآن، وذكر الله ومن الأعمال الصالحات، حتى ترجعا جميعا إن شاء الله، أما إذا سمح زوجك قال: لا بأس، فانظري في الأصلح، إن كان جلوسك عنده أصلح لك، ولزوجك ولأولادك، فاجلسي عنده ولو سمح لك، حتى يتمتع بك، وحتى يطمئن إليك، وحتى يبتعد عن أسباب الشر، وأنت كذلك تطمئنين إليه، وتبتعدين عن أسباب الشر، وتقومين بأطفالك بحضرة أبيهم، وتحسنين إليهم، هذا كله أنفع لكما جميعا فيما يظهر وأصلح، لكن متى اتفقت مع الزوج على الرجوع، واتضح لك أنه أصلح في أمرٍ ديني؛ لأن رجوعك ينفع الناس وهو سامح وليس عليه خطر من رجوعك، فلا بأس أن ترجعي بأطفالك، وتقومي بما يلزم هناك، من الإحسان إلى أطفالك وتربيتهم التربية الإسلامية الشرعية، والدعاء لهم بالصلاح، والدعاء لزوجك بالتوفيق ولا حرج في ذلك.

حكم قول الزوج لزوجته ثلاث كلمات وتخرجين من البيت

113 - حكم قول الزوج لزوجته: ثلاث كلمات وتخرجين من البيت س: تقول السائلة: إنها امرأة تبلغ من العمر قرابة الأربعين عاما، عشت مع زوجي، وشاركته السراء والضراء، ولي منه ستة أولاد ذكور، وأربع بنات، غير الذين توفاهم الله في صغرهم، ولكنه إذا

غضب لأي أمر من أمور دنياه، سواء كان ذلك الأمر من أجل البيت، أو خارج البيت يقول لي أقوالا تشيب الرؤوس منها، ظلما وبهتانا، ولكني أصبر وأقول: هذا زوجي وأبو عيالي، وسوف ألقى الجزاء على صبري، لكن الذي أود السؤال عنه قوله حينما يغضب، يردد قوله: قائلا ثلاث كلمات وتخرجين من البيت، لا علم لي عن تلك الكلمات، ما هي ولكن كما هو معروف أنها كلمات الفصل بين الرجل والمرأة، فما رأيكم في قول هذا الرجل جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: نوصيك بالصبر والاحتساب، والدعاء له بالهداية، وأن الله يوفقه ويهديه، حتى يحفظ لسانه، وحتى يصون لسانه من الكلمات البذيئة، فالدعاء أمر مطلوب من المرأة والرجل جميعا، والله يقول: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} وهو سبحانه القائل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} وأنت مشكورة على الصبر والاحتساب، والتحمل من هذا الرجل الذي يتكلم بما لا ينبغي إذا غضب مع النصيحة له في وقت الهدوء، تنصحينه بالكلام ¬

(¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (256).

الطيب، والتحمل وعدم إطلاق الكلمات التي تؤذي، وتذم؛ لأنه يأثم بها، وتضره، أما قوله: ثلاث كلمات وتخرجين، فهذا لا يضر فيها، ما دام ما قالها، لا يضر إذا كان قالها بتوعد، للوعيد، يعني تأدبي وإلا طلقت، هذا معناه الوعيد، لا يضر، ولا حرج عليها فيه، من باب الوعيد.

حكم التباهي بالأسرار الزوجية

114 - حكم التباهي بالأسرار الزوجية س: يسأل أخونا عن أولئك الذين يتباهون بالأسرار الزوجية أمام بعضهم؟ (¬1) ج: هذا لا يجوز، قد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، من حديث أبي سعيد رضي الله عنه، قال عليه الصلاة والسلام: «إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي لامرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها، أو تنشر سره» (¬2) المقصود أن هذا لا يجوز، بل الواجب على الرجل أن يكون كاتما للسر، وهكذا المرأة، وليس له وليس لها إفشاء السر بين الزوجين، ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (138). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب تحريم إفشاء سر المرأة، برقم (1437).

في صفة الجماع، أو ما يقع عند الجماع مما يستحى منه، أو غير هذا مما لا ينبغي إبرازه وإظهاره، كل واحد منهما عليه أن يحفظ السر، أما ما جرت العادة لإظهاره ولا حياء فيه، فلا بأس.

حكم إخبار الزوجة لأهلها عن مشاكلها الزوجية

115 - حكم إخبار الزوجة لأهلها عن مشاكلها الزوجية س: يقول السائل: لي أخت متزوجة، ولها مشكلات مع زوجها وأهله، وحينما تأتي لزيارتنا تقص علينا ما يحدث لها ولأولادها، وتبكي كثيرا، إذ إنها تظلم كثيرا، فنحن نوصيها بالصبر، لكني أسأل: هل لها أن تفعل ذلك عندنا، جزاكم الله خيرا، وبم توصونها؟ (¬1) ج: نوصيها بالصبر إذا كان الزوج جيدا طيبا، نوصيها بالصبر وعدم الشكوى إليكم، وعدم إخباركم بشيء، بل يكون ذلك بينها وبين زوجها، وإذا استطاعت أن تطلب من أبيه أو أخيه الكبير، أو خاله أو عمه الجيد أن ينصحه ويشير عليه، إذا دعت الحاجة لذلك فلا بأس، لكن مهما أمكن أن تحل مشكلاتها بنفسها فيما بينها وبينه فهو أولى، وعليها أن تستعمل الخلق الطيب والكلام الطيب، ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (251).

والأسلوب الحسن، حتى يهدأ غضبه، وحتى يستجيب إلى طلبها، لا بالعنف والشدة والهجر ونحو ذلك، بل تعالج الأمور بالحكمة، والكلام الطيب والأسلوب الحسن، وعلى الزوج أن يتقي الله، وأن يعامل زوجته بالمعروف والكلام الطيب، والأسلوب الحسن كل منهما، عليه أن يجتهد في المعاملة باللطف والخير، كما قال الله عز وجل: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وقال سبحانه: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} حقه أكبر ولكن ليس له أن يستعمل حقه في ظلمها والعدوان عليها، والاكفهرار في وجهها، وسوء المعاشرة، كل هذا ما يجوز، بل عليه أن يعرف لها قدرها ويحسن عشرتها وأن يبتسم في وجهها، وأن يعاملها باللطف والكلام الطيب، حسب الإمكان حتى تستقيم العشرة، وحتى تدوم المودة، وحتى يقوم كل واحد بما ينبغي لصاحبه، وعليها هي كذلك: أن تستقيم، وأن تعامله باللطف والكلام الطيب، والأسلوب الحسن، وأن تؤدي حقه بكل بشاشة، وكل كلام طيب، حتى تكون العشرة

طيبة، كل واحد منهما يحرص على أن يكون على علاقة حسنة لصاحبه، وعلى كلام طيب، وعلى أسلوب حسن، في جميع الأحوال: عند الجماع أو غير الجماع، وفي حاجات البيت وفي الزيارة لأهلها، وفي غير ذلك من الشؤون، كل منهما عليه أن يستعمل الأساليب الحسنة، واللطف في حل المشكلات.

حكم إعانة الزوجة لزوجها على المعصية

116 - حكم إعانة الزوجة لزوجها على المعصية س: سائلة تقول: زوجي رجل محافظ ولله الحمد، ولكنه يستعمل الشيشة، ويأمرني أن أجهزها له، ولو عصيته لصار بيننا نزاع وخلاف ومشكلات، حيث إن لي أطفالا صغارا وليس لهم كافل إلا الله ثم أبوهم، فهل في تجهيزها له إثم علي، وظروفي كما ذكرت؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: ليس لزوجك شرب الشيشة، ولا غيرها من أنواع التدخين ولا غيرها أيضا من سائر أنواع الخمور والمسكرات، الواجب عليه التوبة إلى الله من ذلك، والحذر من مغبة هذه المعصية، ولا يجوز لك أن تساعديه في تجهيزها له، ولو غضب، يقول الرسول صلى ¬

(¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط (272) ..

الله عليه وسلم: «إنما الطاعة في المعروف» (¬1) وليس من المعروف أن تجهزي له الشيشة أو غيرها مما هو محرم، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (¬2) فالواجب عليه التوبة إلى الله من ذلك، وعدم تعاطي هذا الأمر المنكر، وأنت عليك أن تنصحيه دائما بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، لعل الله يهديه ويتوب من هذا العمل السيئ، أما طاعته في مثل هذا فلا تجوز، نسأل الله لنا ولكم وله الهداية. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية. (1740). (¬2) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير جـ 18/ 170، برقم (381).

بيان كيفية هجر الزوج لزوجته

117 - بيان كيفية هجر الزوج لزوجته س: تقول هذه السائلة: إذا كان الزوج لا يعامل الزوجة بالرفق، واللين ولكن بالهجر والتجريح، وذلك في كل مشكلة لا أوافقه في الرأي، هل الهجر في الإسلام هو الهجر في كل شيء، من مسؤولية البيت، بالإضافة إلى الفراش، يعني الهجر في الكلام والمعاملة السيئة، طول فترة الهجر؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الواحد والثلاثون من الشريط (426).

ج: الواجب على الزوج، مثل ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيرا» (¬1) والله يقول: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ويقول سبحانه: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} والهجر له أسباب، كما قال تعالى: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ}، إذا خاف نشوزها، وعصيانها له، وظهرت أمارات ذلك منها، فله حينئذ ما ذكره الله جل وعلا، أولا: الوعظ يذكرها وينصحها، ثم بعد ذلك الهجر كونه ما ينام معها في الفراش، أو يعطيها قفاه تأديبا لها، ثم الضرب بعد ذلك ضربا خفيفا غير مبرح، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ضرب غير مبرح» (¬2) خفيف إذا لم ينفع الوعظ والجهر. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الوصاة بالنساء، برقم (5186)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء، برقم (1468). (¬2) صحيح البخاري الحج (1785)، صحيح مسلم كتاب الحج (1218)، سنن الترمذي الحج (856)، سنن النسائي مناسك الحج (2763)، سنن أبو داود كتاب المناسك (1905)، سنن ابن ماجه المناسك (3074)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 321)، موطأ مالك الحج (836)، سنن الدارمي كتاب المناسك (1850).

حكم البقاء مع زوج لا يصلي ويتناول المسكر

118 - حكم البقاء مع زوج لا يصلي ويتناول المسكر س: الأخت/ ل. ع. ح. من نينوى تقول: أول سؤالي هو: أنا فتاة

تزوجت من رجل لا يصوم ولا يصلي ويشرب الخمر، وكنت أنا أيضا لا أصلي ولا أصوم، وبعد فترة من زواجي هداني الله سبحانه وتعالى إلى الصلاة والصوم والحمد لله، لذا .. فإني أريد أن أشرح لسماحتكم حالتي مع زوجي، وهو أنني ساكنة في بيت أهله، الذي يتكون من أربع غرف، فكل واحد من إخوانه هو وزوجته ساكن في غرفة، وليس لهم أطفال، أما أنا فغرفتي مكان للجلوس والأكل وللزوار، ومع العلم أن لي أربعة أطفال، ومع هذا كله فإن زوجي يعاملني معاملة قاسية، ولا يصرف علي ولا يعطيني أي شيء، ويشتمني ويشتم أهلي، وإذا مرضت أنا وأطفالي، فلا يقبل أن يعطيني أي مصروف، بل هو الذي يطلب مني مصروفا، مع العلم أنه لا يوجد أي مورد، وكذلك فإنه يحرمني من رؤية أهلي وإخواني، أما من ناحيتي أنا، فإنني أقوم بواجبه وواجب والدته على كل حال، وكذلك أقوم بواجب إخوانه المتزوجين، وعلي مسؤولية البيت كله، وكذلك والدته تعاملني وتعامل أطفالي بقسوة، ولا أستطيع أن أعمل شيئا، أرشدوني ماذا أفعل جزاكم الله خيرا، وبماذا

تنصحون هذه الأسرة في هذه المعاملة تجاهي؟ (¬1) ج: الحمد لله الذي هداك للصلاة والصيام، وأعاذك من الشيطان، هذه أعظم نعمة وأكبر نعمة، فالحمد لله على ذلك، أما ما ذكرت من سوء المعاملة من الزوج، ومن أم الزوج فعليك يا أيتها الأخت في الله، الصبر والاحتساب وفعل الخير، وصاحب الخير لا يندم بل عاقبته حميدة؛ لكن إن كان الزوج لا يصلي كما ذكرت سابقا، فلا خير فيه ولا ينبغي البقاء معه، بل ينبغي أن تذهبي لأهلك مع أطفالك، ولا ينبغي البقاء معه ما دام بهذه الحالة السيئة، لا يصلي ويشرب الخمر ويسيء العشرة، فهذا لا وجه للبقاء معه، وسوف يعطيك الله خيرا منه، فينبغي لك أن تبتعدي عنه، وأن تذهبي إلى أهلك، وهو إن هداه الله بعد ذلك، ينظر في الأمر وإلا سوف يعطيك الله خيرا منه وأفضل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} أما ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (33).

إن هداه الله ورجع إلى الصواب، وتاب إلى الله وأدى الصلاة وترك المسكرات، وأحسن العشرة فالحمد لله، نسأل الله له الهداية، أما إذا بقي على حاله فنصيحتي لك البعد عنه؛ لئلا يضرك ويضر أولادك؛ ولئلا يجرك إلى شره، ولئلا يجر أولاده إلى شره أيضا، من ترك الصلاة وشرب المسكرات وسوء الأخلاق، نسأل الله السلامة والعافية، الحاصل من هذا والخلاصة: أني أنصحك أن تذهبي إلى أهلك بأولادك، وأن تدعيه ما دام على هذه الحالة السيئة، من ترك الصلاة وتعاطي المسكرات، ونسأل الله لنا وله الهداية، ونسأل الله لك تيسير الأمور، وتفريج الكروب وحسن العاقبة، وأن يثيبك على ما فعلت من الخير، وأن يرده للصواب وأن يهديه للصواب، وأن يهدي أمه أيضا للصواب، وحسن المعاملة، إن الله جل وعلا الجواد الكريم.

س: السائلة الحائرة. س. ع. من جازان: تقول: أحيطكم علما بأنني امرأة متزوجة من رجل يسيء في معاملتي، فهو قليل الصلاة، كثير السهر، كثير السب والشتم، يمنعني من زيارة أقاربي ويهددني إن فعلت ذلك بالطلاق، ومن آخر ما وقع منه بأنه خطب لابنه الأكبر، وبعد عقد قرانه تخلى عنه، ورفض أن يعينه على تكاليف

الزواج، فأنا الآن حائرة، كما أنه لا يصرف علينا كما يجب، بل يضيع الأموال فيما لا يرضي الله عز وجل، في السهرات وغيرها، فأنا الآن بين نارين، وبناتي أصبحن كبيرات، لا أستطيع تركهن معه، ولا أستطيع الوقوف مع ابني ضده، فليس له أنداد، وجهونا سماحة الشيخ في ضوء هذه الرسالة؟ (¬1) ج: إن كان رجل لا يصلي أو يدع الصلاة بعض الأحيان، فهذا كفر وضلالة، الصحيح أن من ترك الصلاة كفر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة» (¬2) وقوله صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬3) فالواجب عليك فراقه، والذهاب إلى أهلك، والمطالبة بالطلاق، من جهة المحكمة، أما إن كان يصلي، ولكن قد يتأخر عن الصلاة في الجماعة، أو يصلي في البيت فهو عاص، وقد تشبه بالمنافقين، ولكن لا يكفر بذلك، أما ما ذكرت من جهة النفقة، ومن ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (399). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

جهة السب والشتم، فعليك نصيحته أنت، وأقاربه، كإخوانه، أو أبيه إن كان له أب أو جد، أو أقارب جيدون، أو جيران صالحون، تقولين لهم، تستعينين بالله ثم بهم على نصيحته، لعل الله يهديه بأسبابكم، وإذا لم يقبل النصيحة ففي إمكاك رفعه إلى المحكمة، أو الذهاب إلى أهلك وطلب الطلاق، لأن هذه الحال لا عيشة معها، حالة سيئة، فإذا لم يستقم على الطريق السوي، فلك أن تعافيه وتطلبي الطلاق؛ لسوء أخلاقه وسوء أعماله، ولكن إذا تيسر منك، ومن أبيه، أو جده، أو إخوانه، أو أعمامه، أو جيرانه الطيبين، إذا تيسرت نصيحته، لعله يهتدي، لعله يستقيم، لعل أخلاقه تصلح، لعله يترك السهر، إذا تيسر هذا، فأبشري بالخير، واحتسبي الأجر، فإن لم يتيسر هذا فلك أن تذهبي إلى أهلك وتطلبي الطلاق؛ لأن هذه أخلاق سيئة، لا يلزمك الصبر عليها، نسأل الله العافية، ونسأل الله لنا وله الهداية.

بيان ما يجب على الأزواج تجاه زوجاتهم

119 - بيان ما يجب على الأزواج تجاه زوجاتهم س: هل من كلمة للأزواج في معاملة الزوجات، سماحة الشيخ؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (399).

ج: نصيحتي للأزواج أن يتقوا الله، نصيحتي لجميع الأزواج أن يتقوا الله في نسائهم، وأن يعاملوهن باللطف، والمعاملة الطيبة، كما قال الله جل وعلا: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} بالكلام الطيب، بالأسلوب الحسن، بالحلم، بالخلق الكريم، بأداء حقوقهن كاملة، هذا الواجب على جميع الأزواج، فالله يقول: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} مثلما أنك تحب أن تعاشرك بالمعروف، وأن تكون طيبة معك، في أخلاقها وسيرتها فهي كذلك، الله يقول: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} كون حظك أكبر، لك درجة زيادة، لا يقتضي أن تسيء إليها، وأنك تظلمها، لا، يجب عليك أن تحسن الخلق، وأن تعاشر بالمعروف، وأن تقوم بالواجب، من جهة النفقة اللازمة، بالمعروف، من جهة طيب الكلام، حسن المخاطبة، هذا هو الواجب على الأزواج جميعا، أن يتقوا الله وأن يحسنوا إلى أزواجهم، بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، والسيرة الحميدة، وعدم السهر، وعدم

التقليل في النفقة، كل هذا واجب، عليك أن تنفق بالمعروف، وعليك أن تحذر السهر، الذي يضر زوجتك ويضرك، ويسبب أيضا فساد دينك، فإن السهر شره عظيم، قد تضيع معه صلاة الفريضة، قد يكون معه أناس من أهل الشر، يضرونك ويجرونك إلى أنواع الفساد، فاحذر، والرسول نهى عن السمر بعد العشاء، فالسنة أن تفيء إلى بيتك بعد العشاء، وأن تنام مع أهلك، تستريح في بيتك، تدع السهر بعد العشاء، ويجب على الرجل أن يحذر صحبة الأشرار، صحبة الأشرار شرها عظيم، والواجب العناية بصحبة الأخيار، وعدم السهر، والعناية بالصلوات الخمس، والمحافظة عليها في الجماعة، وحسن الخلق مع الزوجة، وطيب الكلام مع الزوجة، هكذا كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «خياركم خياركم لنسائهم» (¬1) والله يقول وهو أعظم: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ويقول سبحانه: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} نسأل الله ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه برقم (7354).

للجميع الهداية.

س: يقول السائل: لي زوجة لا تطيعني، وكثيرا ما تغضبني وتضطرني إلى الحلف بالطلاق، لئن لم تفعلي كذا لأفعلن ما هو كذا وكذا، كيف توجهونني، وكيف توجهونها وأمثالها، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: الواجب على الزوجات السمع والطاعة لأزواجهن بالمعروف في الأشياء التي ليس فيها محذور شرعا، في خدمة البيت ومن طاعة الزوج في حاجته إليها، والنوم معها وجماعها ونحو ذلك، والتحدث معها والمؤانسة، كل هذا طيب، ويجب عليها أن تسمع وتطيع، وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها، لعنتها الملائكة حتى تصبح» (¬2) وفي لفظ آخر: «والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها» (¬3) أي زوجها ¬

(¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (250). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب تحريم امتناعها من فراش زوجها، برقم (1436). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب تحريم امتناعها من فراش زوجها، برقم (1436).

فالواجب على المرأة أن تكون طيبة مع زوجها، حسنة المعاشرة، والله يقول سبحانه: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ويقول: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} المقصود أن الواجب المعاشرة بالمعروف بينهما جميعا، ولها مثل الذي عليها بالمعروف، والعشرة الطيبة على الزوج، وهو يعاشرها عشرة طيبة، وهي تعاشره عشرة طيبة، وليس لها أن تعصيه في المعروف، وليس له أيضا أن يؤذيها أو يظلمها، بل يعاشرها بالمعروف من جهة الخلق، والكلام الطيب، والعمل الطيب، والإنفاق عليها كما شرع الله، وعدم الشدة وعدم العنف، وعدم الانتهار في وجهها، وعدم الغضب، ويعاملها معاملة طيبة، باللين واللطف والبشاشة، والكلام الطيب، وهي عليها كذلك أن تبادله ذلك، مع السمع والطاعة في المعروف، وليس لها أن تعصيه في المعروف، وإذا حلف عليها أن تفعل كذا وكذا، ولم تبر بيمينه فعليه كفارة اليمين إذا كان قصده إنما هو أمرها، أو تحذيرها كأن يقول: والله أن تفعلي كذا أو والله لا تفعلي

كذا، قصده من هذا حثها أو ترهيبها وليس قصده طلاقا، فإن عليه كفارة يمين فإذا قال: علي الطلاق أن تلزمي بيتك ولا تخرجي إلى آل فلان، ثم خرجت وقصده ترهيبها وتحذيرها ليس قصده فراقها، فهذا يكون فيه كفارة لليمين، أو قال والله علي الطلاق أن تفعلي هذا الشيء، أن تصلحي هذا الطعام، أن تكنسي البيت، أن تفعلي كذا في البيت، ولم تفعل فقصده التأكيد عليها، وتحذيرها وترهيبها، ليس قصده فراقها فهذا له حكم اليمين في أصح قولي العلماء والله المستعان، نسأل الله للجميع الهداية.

حكم بغض الزوجة لزوجها لسوء خلقه

120 - حكم بغض الزوجة لزوجها لسوء خلقه س: تقول السائلة: هل تأثم الزوجة إذا كانت لا تحب زوجها لأسباب كثيرة، منها سوء معاملته لها وبخله، إلى آخر ذلك، وهل أولاده يأثمون بعدم محبتهم لوالدهم، ولكن لا يبدون له ذلك؟ ويفعلون ما يريد من غير معصية الله؟ أفتونا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: لا تأثم الزوجة في بغضها لزوجها إذا وقعت أسباب توجب البغض لا حرج، كأن تبغضه لمعاصيه، أو لبخله، أو سوء خلقه، ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (239).

وضربه لها بغير حق، وما أشبه ذلك، وقد تكون البغضاء أيضا ضرورية، ليس باختيارها، بل اضطرت إليها، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها، سبحانه وتعالى، وقد ثبت عن زوجة ثابت بن قيس رضي الله عنها، أنها قالت: إني لا أطيق فلانا بغضا، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن ترد عليه حديقته، وأمره أن يطلقها طلقة واحدة، فالقلوب بيد الله جل وعلا، هو الذي يجمعها ويفرقها، وليست بيد المخلوق، إذا حصل في قلب المرأة بغض لزوجها من أسباب فعلها هو، من شحه وبخله أو سوء خلقه معها، وضربه لها، أو معاصيه، أو نحو ذلك، فهذا لا حرج فيه، وإذا كان من أهل المعاصي أبغض في الله، شرع بغضه في الله سبحانه وتعالى، وهكذا الأولاد إذا أبغضوه للمعاصي والشرور التي فيه وسوء خلقه، لا يضرهم ذلك، لكن عليهم السمع والطاعة له في المعروف، وعليهم بره، وإن أبغضوه فعليهم أن يبروه وأن يسمعوا ويطيعوا له في المعروف، وأن يؤدوا حق الوالد، هذا واجب عليهم، ولو كان في قلوبهم شيء من البغض له بأسباب أخلاقه السيئة وأعماله الرديئة، من ضرب وإيذاء بغير حق، أو من أجل المعاصي التي يتعاطاها، لا يضرهم ذلك

ولا يضرهم بغضهم له من أجل هذه الأمور، وإنما الواجب عليهم أن يبروه ويحسنوا إليه ويؤدوا حقه، ولو جرى منهم ما جرى من البغض، فالبغض منهم شيء، والبر واجب عليهم، حتى ولو كان الأب كافرا، قال الله جل وعلا في حق الكافر: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}. أمر الولد أن يصاحب أبويه في الدنيا معروفا وإن كانا كافرين، فيؤدي حقهما من البر والصلة والإحسان، وإن أبغضهما في الله ولله سبحانه وتعالى، وهكذا المرأة سواء، إذا كان زوجها ذا معاص، أو إيذاء لها وظلم لها، فإنه لا حرج في بغضها له، ولا حرج في أن تطلب الخلع، وتعطيه ماله حتى يطلقها، لا حرج في ذلك؛ لأنها لا تستطيع أن تحل المحبة في قلبها، الأمر بيد الله جل وعلا.

س: إذا صادف أن أصيب الزوج أو الزوجة، بآفة أو بمرض مزمن، هل للكراهية أو الإجبار النفسي على ذلكم الزواج علاقة، بذلك المرض، أو بتلكم الآفة؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (120).

ج: هذا لا شك أنه منفر، مثل خرس المرأة، مثل البرص، مثل العمى، قد ينفر منها الزوج ويريد غيرها، فلا بأس عليه إن طلقها، وإن صبر عليها واحتسب، وأنفق هذا أفضل وخير، وإن طلقها فلا حرج عليه، فهي كذلك قد ترى من زوجها آفة، قد يصاب بجنون، وقد يصاب ببرص، وقد يصاب بأشياء أخرى، تنفرها منه فلها العذر في الفراق، وأن تعطيه ماله الذي دفعه إليها، وقد لا يكتب الله بينهما محبة، بل تنفر منه وتبغضه، كما لامرأة ثابت بن قيس، فخالعت زوجها على حديقة، الحاصل أنه له أسباب، فإذا وجدت أسباب جديدة بعد الزواج، في الزوج نفرت الزوجة منه، أو في الزوجة نفرت الزوج منها، فلا حرج في الطلاق، فإذا كان البلاء من الزوج، وكرهته بسبب ذلك، فإنها تعطيه حقه إلا أن يسمح عن حقه، ويرضى بالطلاق بدون شيء، فهذا إليه، لكن إذا كانت هي التي أبغضته وكرهته لأسباب خلقية، أو لأسباب سوء عشرة، أو لأسباب بغضاء وقعت في قلبها، فإنها تعطيه ماله، أما إن كانت الأسباب منه ظلمها، تعدى عليها أو تعاطى المسكرات، أو أشباه ذلك، مما ينفرها منه، فلا حق له في المال، ولها أن تطلب منه الطلاق، بما تعاطاه من ظلمه لها، وسوء عشرته لها، وتعاطيه المسكرات، أو

سهره بالليل لا ينام معها، إلا يسيرا وأشباه ذلك من الآفات التي تنفر المرأة من زوجها، وهو الظالم لها في ذلك، فإن هذا عذر لها بطلب الطلاق، ولا حق له في المهر؛ لأنه هو الظالم وأعظم من ذلك، إذا ترك الصلاة، فإنه يكفر بذلك، وليس لها البقاء معه بعد ذلك، حتى يتوب إلى الله، فلها أن تخرج إلى أهلها وتمنعه من نفسها، حتى يصلي، حتى يتوب، وهكذا إذا تركت الصلاة هي، فإنها تكفر بذلك، فله أن ينصحها ويؤدبها ويجاهدها، فإذا لم ترجع لم يحل له بقاؤها معه لكفرها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬1) وهذا بلاء خطير، وواقع أليم، نسأل الله للمسلمين الهداية. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

بيان موقف الزوجة حيال والد زوجها إذا أساء لها

121 - بيان موقف الزوجة حيال والد زوجها إذا أساء لها س: من القصيم الأخت السائلة أم خالد، تقول: سماحة الشيخ أنا وزوجي نتفق دائما على كل شيء، ونحن في حياة أسرية سعيدة، لكن عمي أبو زوجي يتكلم علي ظلما وعدوانا، ويقوم بسبي وأنا أنصحه، وأطلب منه الهدوء، بألا يتكلم علي مع العلم بأن عندي

ثقلا في السمع، ولا أسمع أكثر الكلام الذي يقوله عمي، أبو زوجي، ولكن يصلني تفسير الكلام، من زوجي ومن جيراني، وأنه رجل شكوك، فهل هذا الشك حرام، وأنا أدعو له دائما، وأقابل الإساءة بالإحسان فالرجاء من سماحتكم التنبيه إلى خطر ذلك؟ (¬1) ج: هذا الذي فعلت هو المشروع جزاك الله خيرا، استقيمي على هذا، سامحيه وانصحيه وردي عليه بالكلام الطيب، وأوصي زوجك وغيره، بأن ينصحوه حتى يدع التعدي عليك، وإذا تعدى فالإثم عليه، وأنت مأجورة في الكلام الطيب، والرد الحسن، وأبشري بالخير، والإثم عليه إذا ظلمك، وتعدى عليك، أما أنت فمأجورة، ومشكورة على الصبر والاحتساب، والرد الطيب بارك الله فيك. ¬

(¬1) السؤال الثالث والستون من الشريط رقم (5).

س: رسالة من أحد الإخوة المستمعين تتكون من ثلاث صفحات من القطع الصغير، يشكو من والدته، فيقول عنها: لي والدة متسلطة، فهي دائما تخلق لي ولزوجتي مشكلات، بل ولإخوتي الآخرين، وأنا بشكل أخص، فمن ذلك أنها تفضل زوجات إخوتي، بسبب الراتب الذي يتقاضينه، بعكس زوجتي التي

ليس لها راتب، ويستمر في سرد قضايا كهذه القضية، يرجوكم التوجيه جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: نوصيك يا أيها الأخ بالوالدة خيرا، وأن تعفو عما يقع منها وأن تخاطبها بالتي هي أحسن، وتطلب منها السماح والعفو عما قد يقع منك، أو من زوجتك، وإذا فضلت بعض الزوجات؛ لأجل ما يحصل من دراهم عندهم، لا حرج عليها لمقابلة المعروف بالمعروف، إذا كانوا يعطونها من رواتبهن وتفضلهن ببعض الشيء لأجل ما يحصل منهن من المساعدة لها، لا بأس، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «من صنع إليكم معروفا فكافئوه» (¬2) فإذا كافأتهم بكلام طيب، أو بهدية ولم تعط زوجتك مثلها، فلا بأس لأنهم أحسنوا إليها، المقصود: أن عليك أن تعامل الوالدة بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، وتوصي زوجتك بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، مع الوالدة، وما حصل من الوالدة من بعض التفضيل للزوجات، زوجات إخوتك، لا حرج فيه إذا كان للأسباب التي ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (311). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الزكاة، باب عطية من سأل بالله، برقم (1672).

ذكرتها، وفي كل حال حتى ولو أخطأت عليك الوالدة، وحتى ولو سبتك، عليك بالرفق والكلام الطيب، تطالبها بالعفو والسماح عنها، لأن حقها عظيم، حق الوالدين عظيم، وحق الأم أكبر، «قال رجل يا رسول الله من أبر؟ قال: "أمك" قال: ثم من؟ قال: "أمك" قال: ثم من: قال "أمك". قال ثم من: قال: "أباك" ثم الأقرب فالأقرب» (¬1) فالأم لها شأن عظيم فعليك، أن تحرص على رضاها، وعلى معاملتها بالتي هي أحسن، وإن أساءت إليك وإن تعدت عليك، عليك أن تصفح وتعفو عنها، وتطلب رضاها دائما، وهكذا زوجتك، عليها أن تجتهد في المعاملة الطيبة مع أمك. أصلح الله حال الجميع. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث حكيم بن معاوية رضي الله عنه برقم (19524).

وجوب احترام وتقدير الزوجة لأم زوجها

122 - وجوب احترام وتقدير الزوجة لأم زوجها س: الواقع سماحة الشيخ- كما تفضلتم- كثيرا ما يصل شكاوى من الزوجات من أمهات الأزواج لعلها مناسبة كريمة، أن تتفضلوا بتوجيه الزوجات، كي يكن عونا للأزواج على البر بالأمهات؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الرابع والعشرون من الشريط رقم (311).

ج: نعم، الواجب على الزوجات، أن يتقين الله عز وجل، وأن يحرصن على إصلاح الحال بين الرجل وأمه وأبيه، وألا يكن سببا للفساد والشر والعقوق، والواجب على الولد أن يتقي الله في أبيه وأمه، وأن يبرهما وأن يحسن معاشرتهما، وملاطفتهما، حتى وإن أساءا إليه، حتى ولو ضرباه، يجتهد في إرضائهما، وطلب السماح منهما، قال الله جل وعلا في كتابه الكريم: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} وقال سبحانه: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ} يقصد الوالدين: {عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} أمر بمصاحبتهما بالمعروف، وإن كانا كافرين؛ لعظم حقهما قال: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} لكن لا تطعهما في المعصية، والشرك، لا يطاع أحد في المعصية والشرك، لكن تجتهد في العبارات الطيبة، والأسلوب الحسن، في الاعتذار إليهما، وعدم السمع والاعة لهما في المعصية، وأن هذا لا يجوز لك؛ لأن الرسول صلى الله عليه

وسلم نهاك عن الطاعة في المعاصي لأحد من الناس، وتجتهد في دعوتهما إلى الخير، وترغيبهما في الخير، وهكذا زوجتك، تجتهد في المعاملة الطيبة مع والدتك، حتى لا تكون سببا في عقوقك إياها، أو سببا في تعديهما عليك، أنت وزوجتك عليكما العناية بحق الوالدين، والحرص على إكرام الوالدين، والسمع والطاعة لهما في المعروف، وعدم الإساءة إليهما، وإذا أخطآ عليك، وعلى زوجتك، فاجتهد في طلب السماح والعفو والصفح، وأحسن معهما بالخلق والكلام.

س: سائلة تشتكي من زوجة أبيها، وتصفها بأوصاف يجب الترفع عنها، ما هي نصيحتكم لها ولغيرها من النساء؟ (¬1) ج: يجب على كل مؤمن ومؤمنة، تقوى الله سبحانه وأن يحذر من ظلم أخيه، أو أخته في الله، وعلى زوجة الأب، وعلى زوجة الأخ، وعلى كل مسلمة أن تتقي الله، وأن تحذر الظلم، في ابنة زوجها، أو أخت زوجها أو غيرهما، فنصيحتي للجميع تقوى الله، ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (319).

وأن يحذر كل واحد وكل امرأة، من الظلم بالقول، والفعل، وعلى من ابتليت بشر من زوجة أبيها، أو زوجة أخيها أو غيرهما أن تسأل الله العافية من شرهما، وأن تتضرع إلى الله أن يكفيها شرهما، وتحرص على التعوذات الشرعية، صباحا ومساء، وهي أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، صباحا ومساء ثلاث مرات، وقراءة قل هو الله أحد والمعوذتين بعد الصبح، ثلاث مرات، وبعد المغرب، ثلاث مرات، كل هذا من أسباب العافية من شر كل أحد، كذلك تقول: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم، ثلاث مرات، صباحا ومساء، هذا من أسباب العافية والسلامة من كل شر، ينبغي للمؤمن أن يعتاده والمؤمنة كذلك، صباحا ومساء، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاثا، من أسباب العافية من كل شر للنساء والرجال جميعا، ومن شر المخلوقات الأخرى، والنصيحة لكل مؤمنة ولكل مؤمن تقوى الله والحذر من ظلم الناس، والحذر من إيذاء الناس، من قول أو فعل، نسأل الله للجميع الهداية.

بيان موقف الزوجة تجاه أهل زوجها إذا أساؤوا إليها

123 - بيان موقف الزوجة تجاه أهل زوجها إذا أساؤوا إليها س: سائلة تقول: كثيرا ما يحدث بيني وبين أخت زوجي شجار، ينعكس ذلك على حياتي الزوجية، فيحصل من النكد الشديد ما لا يوصف، سؤالي يا سماحة الشيخ: هل في مقاطعتي لها وعدم زيارتي لها، قطيعة رحم وإثم، وهل أهل الزوج عموما يعدون من الأرحام بالنسبة لزوجته؟ (¬1) ج: ليسوا من الأرحام، ولكن مهما أمكن المواصلة بالتي هي أحسن، والكلام الطيب والصبر والتحمل، فهو أحسن، إذا قامت بذلك باللطف والكلام الطيب، ولم تلتفت إلى كلامها السيئ، وصفحت عنها وعفت، هذا أطيب وأحسن، فإن لم تستطع فالمقاطعة أولى، وعدم الزيارة لهم إذا كان يترتب على هذا شر بينك وبين زوجك، فاتركي زيارتها والكلام معها، وإن تحملت الصبر وأعرضت عن كلامها السيئ، وسمحت عنها فهذا طيب، وبهذا تنتهي المشكلة، وترجع عن غيها وسوئها بالظن، لكن إذا كان منك كلمة ومنها كلمة، وعدم صبر، يطول الأمر ويحصل الشر، لكن نوصيك بالسماح وعدم الرد ¬

(¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (297).

عليها، والتحمل حتى ترجع إلى صوابها، وتدع الإيذاء، فإن لم تتحملي ولم تصبري، فاتركي الزيارة، ولا حرج عليك في ذلك.

حكم مصافحة المرأة للرجال الأجانب

124 - حكم مصافحة المرأة للرجال الأجانب س: السائل أ. س. ع. بعث يسأل ويقول: أنا شاب متزوج وعندي ثلاثة أبناء ولله الحمد، عرضت على زوجتي الحجاب الشرعي، وطلبت منها عدم مصافحة الرجال الأجانب، ولكنها لم تستجب حتى الآن، فكيف يكون توجيهكم جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: ننصحها بأن تستجيب لك، وعليها أن تحتجب عن الرجال، وعليها ألا تصافح الرجال الأجانب، وعليها أن تتقي الله، فإن هذا من أسباب الفتن، والله تعالى يقول: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} ويقول سبحانه: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (327).

والوجه والشعر واليد والقدم كلها من الزينة؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إني لا أصافح النساء» (¬1) وقالت عائشة رضي الله عنها: «والله ما مست يد رسول الله يد امرأة قط» (¬2) ما كان يبايعهن إلا بالكلام عليه الصلاة والسلام ولما مدت إليه امرأة يوم البيعة يدها، قال عليه الصلاة والسلام: «إني لا أصافح النساء» (¬3)، والمقصود أن المرأة عليها أن تسمع وتطيع لأوامر الله ورسوله، وعليها أن تجيب زوجها وأن تسمع له في طاعة الله. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أميمة بنت رقية رضي الله عنهما، برقم (26466). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الشروط، باب ما يجوز من الشروط في الإسلام والأحكام والمبايعة، برقم (2713). (¬3) سنن النسائي البيعة (4181)، سنن ابن ماجه الجهاد (2874)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 357)، موطأ مالك الجامع (1842).

س: السائل ع. م بعث رسالة من جمهورية مصر العربية يقول فيها: ما رأي سماحتكم في الزوجة التي ترفض النقاب، رغم التزامها وطاعتها لزوجها في سائر الأمور، فهل يعد رفضها للنقاب

صدودا يوجب طلاقها، بعد النصح والهجر والضرب، أم أن زوجها يصبر عليها، كما أشار سماحتكم في كتابكم، الفتاوى والنصائح؟ (¬1) ج: الواجب الاستمرار في النصيحة والتوجيه، وذكر الأدلة لها، فلا يوجب الطلاق؛ لأنه قد يكون عندها شبهة في فتاوى بعض العلماء في جواز ترك النقاب، وقد يكون عندها اقتناع برأيها، ولمن أفتاها، الحاصل أن مثل هذا لا يوجب الطلاق، لكن النصيحة والاستمرار، وأن تدع رأيها وأن تعمل بقول زوجها، وتطيعه في طاعة الله، وهذا شيء ينفعها، شيء يبعدها عن التهمة، وعن الشر والخطر، وفيه مصالح كثيرة، فنوصي بذلك، وأنت تجتهد معها، بالكلام الطيب، ولا حاجة إلى الضرب، ولكن توصيها بتقوى الله توصيها بالحجاب، وألا تعتقد بفتاوى بعض المفتين، وهذا إن شاء الله يكفي. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (307).

س: رجل أمر زوجته بارتداء الحجاب الشرعي فأبت، ماذا يفعل؟ (¬1) ج: يستمر في نصيحتها، ويتعاون مع أهلها في ذلك، لعل الله ¬

(¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (290).

يهديها بأسبابه لأن هذه معصية، فعليه أن يستمر في النصيحة، ولا مانع من تأديبه لها على ذلك، تأديبا لا يضرها، بضرب غير مبرح، من باب إنكار المنكر، إذا كانت لا تبالي وهي عند الأجانب، عند الرجل الأجنبي.

حكم معاشرة الزوج لزوجته وهو يشك بها

125 - حكم معاشرة الزوج لزوجته وهو يشك بها س: تقول السائلة: إنني امرأة مستقيمة، ومتمسكة بشرع الله ولله الحمد، ويوجد بالقرب منا جار، يمر بعد أذان صلاة العشاء، وهو متوضئ ويذهب إلى المسجد، وزوجي يبقى بدقائق قليلة، وإن زوجي قد وسوس له الشيطان وهو يشك بي وبجاري، وإنني بريئة، وإنني راجية الجزاء من الله، لكن سمعت كلام بعض الناس، أن المرأة تحرم على زوجها إذا شك فيها، هل هذا صحيح؟ (¬1) ج: إذا شك الرجل في زوجته، واتهمها بأنها تأتي الفاحشة، أو أن لها صاحبا، هذا الشك لا يحرمها عليه، بل هذا من الشيطان، والواجب عليه الحذر من وساوس الشيطان، ومن التهم بغير حق ليس له أن يتهم زوجته والإضرار بغير حق، وهذه التهمة وهذا ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (4).

الشك لا يحرمها عليه، بل ذلك يوجب الإثم إذا كان شكه فيها بغير أساس صحيح، وإنما هو مجرد تهمة، فليس له ذلك، أما إذا وجد أمارات وعلامات، فإنه ينصحها ويوجهها، ويحذرها ولا تحرم عليه أبدا.

حكم إجبار الزوج لزوجته على خلع حجابها

126 - حكم إجبار الزوج لزوجته على خلع حجابها س: يقول السائل: بعض المبتعثين إلى الخارج يذهبون بزوجاتهم معهم، فمنهم من يجبر زوجته على التكشف، خشية الضحك عليهم والتندر بهم من الغرب، حتى إن الزوجات يجتمعن مع أزواجهن جميعا، ويأكلون ويشربون ويتندرون، بل إن بعضهم يقبل زوجة صديقه وزميله، وهو ينظر ولا بأس عندهم في ذلك، نرجو معالجة ذلك عبر برنامج نور على الدرب وفقكم الله. (¬1) ج: لا شك أن هذا الأمر الذي ذكره السائل منكر، ولا يجوز، فإن الواجب على الرجل أن يكون عنده غيرة، وأن يكون عنده حرص على عفة زوجته، وبُعدها عن مواضع الخطر، وأن تكون بعيدة عن التبذل، وعدم الحجاب، بل يلزمه أن يقوم عليها، ويوجهها على ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (31).

الخير، وأن تحتجب أينما كانت إذا كانت في بلاد المسلمين، أو في بلاد الكافرين مع زوجها، الواجب على الجميع التأدب بالآداب الشرعية، والتقيد بها في كل مكان، ومن ذلك الحجاب وعدم الاختلاط بالأجانب، من زملاء الأزواج، وإذا وقع التقبيل من الشخص لزوجة زميله، فهذا منكر عظيم، المقصود أن هذه الأشياء التي ذكرها السائل منكر، فلا يجوز كشف الوجه أو الشعر عند زملاء الزوج، ولا يجوز لزيد أو عمرو من الزملاء، أن يقبل زوجة زميله أو صديقه، أو ينظر إليها بل عليه غض البصر، ويجب الامتناع من التقبيل، ويجب الامتناع من الاختلاط الذي يفضي إلى ذلك، بل يجلس النساء وحدهن، في أكلهن وشربهن، والرجال وحدهم، في أكلهم وشربهم، وتحافظ المرأة على الحجاب، والرجل على غض البصر أينما كان، هذا هو الواجب على المسلمين، ويجب على الدول الإسلامية التي تخاف الله، أن تمنع هذا، وأن تقوم على من يفعله، حتى يزول هذا البلاء، والابتعاث إلى بلاد الكفر فيه خطر عظيم، فيجب منعه مهما أمكن، وأن تكون الدراسة في الداخل، وأن يسلم الناس من شر هذا الابتعاث، الذي يفضي إلى فساد الكثير، وإلى فساد العقيدة، وإلى فساد الأخلاق، وإلى اختلاط الرجال

بالنساء، وإلى قلة الغيرة، وإلى تمتع الرجال بأزواج غيرهم، ونساء غيرهم، وربما أفضى إلى الفاحشة، والملامسة والتقبيل بغير حق، وهذا كله بلاء عظيم، والابتعاث خطر عظيم في العقيدة على النساء والرجال، فالواجب منعه منعا باتا من دولتنا وفقها الله، ومن جميع الدول الإسلامية، وعلى آباء المبتعثين نصيحتهم بهذا، وألا يوافقوا على ابتعاثهم مهما أمكن ولو على حساب الآباء، أو حساب المؤسسات وما أشبه ذلك، بل يجب التقيد بالتعلم في بلاد الإسلام، وفي المدارس الإسلامية والجامعات الإسلامية التي فيها الخير، وفيها الكفاية وإذا كان هناك ضرورة للابتعاث، ليس هناك ما يغني عنه فليبتعث الرجل العاقل، الدَّيِّن المعروف بالاستقامة، والعقل الرزين والغيرة الإسلامية والبعد عن أسباب الشر، فليبتعث هذا وحده، أو مع زوجته المستقيمة عند الضرورة، هذا لا حرج فيه إن شاء الله ند الضرورة، يكون داعيا إلى الله، وموجها إلى الخير، ويتعلم الشيء الذي تدعو الضرورة إلى تعلمه، وزوجته معه تعينه على العفة والسلامة، ويتحدث معها وتتحدث معه، ويعلمها ويقيها، ويوجهها إلى الخير وإذا سافر بدون زوجة، فلا بأس، المقصود أن هذا ينبغي أن يعالج، بأمرين: الأمر الأول: منع الابتعاث بالكلية،

فإذا دعت الضرورة إليه لعدم وجود الحاجة التي يبتعث لأجلها في الداخل، فلا بد أن ينظر في الشخص المبتعث، ولا يبتعث كل أحد، لا يبتعث إلا الرجل المعروف بالاستقامة، والعقل الجيد والأخلاق الفاضلة، بالاتزان والعلم والفضل، حتى لا يخشى عليه الوقوع في الباطل، بإذن الله وإذا كان معه زوجة فلينظر إذا كانت جيدة، ديِّنة فلا بأس من اصطحابها، من نصيحتها، وملاحظتها حتى لا تقع في الباطل، وإن كانت ليست جيدة يتركها عند أهله، خوفا عليها في وقوعها فيما لا تحمد عقباه فإنه ليس دائما عندها.

بيان تأثير الابتعاث للدراسة على العلاقة الزوجية

127 - بيان تأثير الابتعاث للدراسة على العلاقة الزوجية س: يقول السائل: إن كثيرا من المبتعثين يلاحظ عليهم إذا عادوا إلى بلادهم بعد الابتعاث يطلقون زوجاتهم، ما الذي يفسر به هذا وفقكم الله؟ (¬1) ج: هذا ما سمعته إلا الآن، ويمكن أن يكون السر في ذلك، أنه يزهد فيها بعدما يرى النساء الكافرات، بعدما يتصل بالبغايا هناك، والعياذ بالله، فقد يبدو له أن زوجته لا تناسبه، إنهن أجمل منها أو ما ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (31).

أشبه ذلك، وقد يكون من الأسباب أنها تخالفه في بعض المسائل، التي تخالف الدين وتنصحه، وتريد له الخير، وهي أحسن دينا منه، يكرهها لكونها خيرا منه وأنها تنكر عليه بعض أعماله السيئة، وربما يخشى أن يكون هذا بسبب أعماله السيئة والرديئة، هذا ممكن أن يكون ممكنا أن يطلقها زهدا فيها، ورأى من هي أجمل منها من نساء في تلك الديار، وقد يكون طلقها؛ لأنها تخالفه في آرائه الفاسدة؛ ولأنها تنكر عليه أعماله الرديئة، فلهذا كرهها وزهد فيها لفسقه، ولديانتها واستقامتها، هذا محتمل وهذا محتمل.

س: ما حكم الزوج الذي يأمر الزوجة بعدم ارتداء الحجاب؟ (¬1) ج: عليها ألا تطيعه، عليها أن ترتدي، أن تحتجب؛ لأن الرسول يقول: «إنما الطاعة في المعروف» (¬2) ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (¬3) فعليها أن تحتجب عن الأجنبي، ولو قال لها الزوج: لا تحتجبي. ¬

(¬1) السؤال الثالث والأربعون من الشريط رقم (413). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية. (1740). (¬3) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير جـ 18/ 170، برقم (381).

حكم طاعة الوالدين في تطليق الزوجة

128 - حكم طاعة الوالدين في تطليق الزوجة س: أم تطلب من ابنها أن يطلق زوجته دون سبب وجيه، هل يطيع أمه ويطلق زوجته؟ (¬1) ج: إذا كانت الزوجة تؤذيها أو تظلمها أو فاسقة فعليه أن يطيع الوالدة أو الوالد، أما إذا كانت المرأة مطيعة لله مستقيمة على دين الله غير مؤذية لوالديه، فلا تلزم طاعة الوالدة ولا الوالد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الطاعة في المعروف» (¬2) هكذا جاء الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنما الطاعة في المعروف» (¬3)، «ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (¬4) إن طاعتك في تطليق المرأة دون سبب، ليس بطاعة ولا معروف، بل لا ينبغي، أقل أحواله الكراهية، فإن كانت امرأة، مستقيمة غير مؤذية للأم ولا للوالد، بل مطيعة لله، تقوم بحق الوالد والوالدة، فليس لك أن تطيعهم في طلاقها ولا يلزمك، أما إن كانت تؤذيهم بلسانها أو ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (304). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية. (1740). (¬3) صحيح البخاري الأحكام (7145)، صحيح مسلم الإمارة (1840)، سنن النسائي البيعة (4205)، سنن أبو داود الجهاد (2625)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 82). (¬4) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير جـ 18/ 170، برقم (381).

بأفعالها أو أنها عرفت بالمعاصي والشرور، فينبغي لك تطليقها حتى ولو لم تطلب أمك.

يقول السائل من السودان: إن أباه يكره زوجته وهل إذا طلب الوالد من الابن طلاق زوجته، هل يلبي طلبه ويعتبر ذلك من بر الوالدين؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، إذا كان طلب الوالد مبررا بأن كانت المرأة سيئة الأخلاق، أو سيئة الدين، أو لأسباب أخرى توجب بغض الأب لها؛ لانحراف أخلاقها، أو سوء تصرفها في البيت، أو لأسباب أخرى، فإن الولد يطيع أباه، ويطلقها، أما إذا كان بغض أبيه لها لغير سبب، أو لأنها مطيعة لله، جيدة في دينها، معفة لفرجها ولزوجها، فإنه لا يطيعه في ذلك؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنما الطاعة في المعروف» (¬2) فليس من المعروف أن يطيعه في طلاق امرأة صالحة؛ لأنها لم توافق هوى أبيه، فالحاصل أن هذا محل تفصيل، إن كان بغضه لها لإيذائها لوالديه، وعدم قيامها ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (187). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية. (1740).

بواجب والديه، أو لسوء تصرفها وفساد أخلاقها، يطيع والده؛ لأنه أعانه على خير، أما إذا كانت سليمة متقية لله، طيبة، ولكن البلاء من أبيه، فإنه لا يطيع أباه، فإنما الطاعة في المعروف.

س: السائلة/ هـ. م. م. امرأة مصرية، مقيمة بمكة المكرمة، وتؤرقها هذه المشكلة، وتسأل وتقول: تزوجت من شاب ملتزم دون رضا والدته، بعد أن كانت وافقت على الخطبة، بل قامت بالحضور إليها، وباركتها لكنها غيرت رأيها؛ لأن هناك من وشى لها؛ ولهذا رفضت إتمام الزواج، وأرادت أن تفسخ هذه الخطبة، لكننا تزوجنا على أمل أنها قد تغير رأيها بمرور الأيام، ولكن مضت أربع سنوات، وزوجي يسعى لإصلاحها، ولكنها ترفض وطلبها الوحيد هو أن يطلقني، وأنا الآن ولله الحمد رزقت بطفلين، ونعيش مع زوجي حياة طيبة، ما حكم هذا الأمر، وهل زوجي يعتبر عاقا؟ (¬1) ج: إذا كان الزواج شرعيا، فلا بأس عليه، وليس بعاق، والواجب عليها أن تعينه على الزواج، وألا تمنعه من الزواج، إذا كانت الزوجة لا بأس بها في دينها، فليس للوالدة حق أن تمنعه، ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (393).

المقصود: أنه إذا كان الزواج شرعيا، لا محظور فيه، فإنه قد أحسن؛ لما في ذلك من إعفاف نفسه، والمسارعة إلى ما شرع الله، والواجب عليها هي التوبة إلى الله، وألا تمنعه من الزواج، ولا تأمره بطلاق امرأته، إلا من علة، أما إذا كانت الزوجة غير مرضية في دينها؛ هذا له وجه، وأمه ترغب عنها لأنها غير مرضية في دينها؛ لفسقها ومعاصيها أو تهمتها بالفساد، هذا له وجه، ينبغي له طاعة أمه في ذلك وفراق الزوجة التي لا خير فيها، من جهة أعمالها الرديئة، الحاصل أن التزوج أمر مطلوب، والولد عليه أن يتزوج، ولو أبى والداه، عليه أن يتزوج ويعف نفسه، وعليهما أن يساعداه، لكن إذا كانت المخطوبة غير صالحة في دينها، فالواجب عليه أن يلتمس غيرها ولا يعصي والديه.

س: يقول السائل: سافرت أنا ووالدي إلى اليمن، فخطب لي فتاة لم أكن أعرفها، وبعد الخطوبة زرنا أهل الفتاة فسألني أبي ما رأيك فيها، فقلت له مناسبة، وتزوجتها وأحببتها، وبعد عدة شهور بدأ الخلاف بيننا وبين الوالدين؛ لكونها تختلف مع إخوتي الصغار، والدي يقول: إنها تنقل أسرارنا إلى الجيران، وطلب مني أن أطلقها

ما هو رأيكم جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: لا تعجل وانصحها، حتى لا تفعل ما يخالف رأي والديك، من نقل الأسرار إلى الجيران، وانصحها وعلمها وخبرها أن هذا لا يجوز، وأن عليها السمع والطاعة في المعروف، فأنت تنصحها وهي عليها السمع والطاعة، والوالدان كذلك لا يعجلان في طلب طلاقها وينصحانها بكلام طيب، والأسلوب الحسن، حتى تزول المشكلة، حتى تستقر الأمور، ولا تعجل بالطلاق؛ لأن هذا مرض يحتاج إلى علاج، فعليك بعلاجها بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، والترغيب والترهيب، وهكذا الوالدان، يعالجان معك ذلك بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن حتى تزول المشكلة إن شاء الله، وتهدأ الأمور وتستمر العشرة بينكما. ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (181).

س: من (أبو ظبي) رسالة بعث بها مستمع من هناك، يقول: إن أهله يطلبون منه أن يطلق زوجته، وهو يحبها، وله منها أولاد، بم توجهونه جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (295).

ج: إن كانت تؤذيهم وتضرهم فلينحصها حتى تتوب، وترجع عن أذاها، فإذا رجعت وتابت فالحمد لله، أما إن كانت لا تؤذيهم ولا تضرهم، فلا يلزمه طاعتهم، إنما الطاعة بالمعروف، فإن استمرت في الأذى ولم ترجع، فالواجب عليك طلاقها، إرضاء لوالديك، إذا كان الآمر والديك، أما إذا كان الآمر غير الوالدين فلا يلزمك طاعة أخ أو غيره، لكن إذا كان الآمر بالطلاق والديك فأمرهما عظيم، وبرهما متعين، إذا كان لذلك سبب وجيه، كونها تؤذيهم بكلامها أو أفعالها، المقصود: إذا كان عليهم أذى منها فطلقها، إلا أن تتوب وتدع الأذى، أما إذا كانت مستمرة في الأذى فإنك تسمع وتطيع والديك، إذا لم يسمحا إلا بطلاقها، لكن إذا كانت مطيعة مستقيمة، وإنما أبغضاها فقط، فإنه لا يلزمك طاعتهما؛ لأن هذا ليس من المعروف، إنما الطاعة بالمعروف.

س: من الرياض باعثها مستمع رمز لاسمه م. ط يقول: صدرت من زوجتي بعض التصرفات التي أساءت إلى والدتي التي كانت في زيارة لي بالمملكة، رغم أن والدتي تتمتع بأخلاق عالية، وهي دائمة العطف والحنان على الجميع، وتخص زوجتي بقدر كبير من ذلك منذ زواجي بها قبل أربع سنوات مضت، حتى إن أخواتي

البنات يحسدنها على ذلك، إلا أن زوجتي قابلت الإحسان بالإساءة ولم تراع كبر سن والدتي أو كونها في زيارة لنا، قد لا تتكرر، أرجو توجيهي ماذا أفعل هل أطلق زوجتي، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: نوصيك بعلاج الموضوع بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، ولا تعجل في الطلاق، ولكن توصيها بالكلام الطيب والأخلاق الفاضلة والمعاملة الطيبة مع والدتك، ومع غيرها من أقاربك ومن زوارك، وعليها أن تتقي الله، وعليها أن تراقب الله، حتى تكون زوجة صالحة ذات أخلاق كريمة، مع الوالدة ومع غيرها ولا تعجل في الطلاق إذا كانت ديِّنة إذا كانت من أهل الخير والصلاح أما إذا كانت عندها أخلاق أخرى سيئة، من المعاصي فطلاقها أصلح إذا لم ينفع فيها الوعظ أما هذه الزلة مع الوالدة فعالجها بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، وتوجيهها إلى الخير، وإذا دعت الحاجة إلى تأديبها تأديبا خفيفا فلا بأس، أو بالهجر كذلك لا بأس، لكن مهما أمكن العلاج بغير الهجر والتأديب، فعليك أن تجتهد في ذلك هو أولى، وعليك أن تسأل الله لها الهداية والتوفيق وصلاح ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (342).

الحال، هذا هو الأولى بك.

س: يقول السائل: خطبنا قبل سنة أنا وأخي بنات خالتنا، ولم يكن أي شروط في عقد الزواج، وبعد كتب الكتاب يريد والدهما أن نمتنع عن السكن مع أهلنا، مع العلم بأن عائلتنا صغيرة، ويريد كذلك أن نقطع المصروف عن أهلنا، وألا نكمل تعليم إخواننا، كما يريد أن نمتنع عن زيارة أعمامنا، وخالاتنا وأختنا وجميع الأقارب، وألا يزورونا كذلك، ولقد أحضرناه للتفاهم بحضرة إمام المسجد، إلا أنه تلفظ على والدتنا بكلام بذيء، وتطاول على الله عز وجل، ووسطنا له أكثر من شخص، إلا أنه يصر على شروطه، ووالدي ووالدتنا يصران على تطليق البنات، لا سيما الوالدة، هل نطيع والدتي ونطلق البنات أم ماذا؟ وما رأي الشرع في ذلك أفيدونا أفادكم الله؟ (¬1) ج: إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل، فالأولى تطليق البنات مراعاة لخاطر الوالدين، وهذه الشروط شروط قبيحة، تفضي إلى قطيعة الرحم، وتفضي إلى الشحناء بين الأقارب، وهذا كله ليس بطيب، وعمل أهل البنتين عمل رديء، لا ينبغي، فإن وافق على نقل ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (61).

البنتين على بيوتكما عند أهلكما الحمد لله، وإلا فطلاقهما أولى، وإذا كانت البنات ترغبان في النكاح، ففي إمكانهما أن ترفعا الأمر إلى المحكمة، حتى تحول المحكمة بين والدهما وبين رأيه القبيح، هذا هو الذي نرى في هذا، المحكمة تنظر في الأمر، فإن لم تريا محاكمته، فلا بأس، والتطليق أولى، ولعل الله يرزقكما خيرا من هاتين البنتين، في الدين والدنيا، أما التسبب في قطيعة أرحامكم، وعقوق والديكم فهذا شيء لا ينبغي، ولا ينصح به من يخاف الله ويرجوه سبحانه وتعالى، وفق الله الجميع وهدى الجميع.

حكم طلب الطلاق من الزوج العاصي

129 - حكم طلب الطلاق من الزوج العاصي س: تقول السائلة: أنا فتاة في الثامنة عشرة من عمري، ملتزمة والحمد لله، وقد زوجني أبي وأنا عمري في السادسة عشرة من رجل عنده امرأتان ولديه خمسة عشر ولدا أكبرهم في سني، وأنا أشكو من زوجي الذي آمره بأن يعفي لحيته طاعة لله ورسوله، ولكنه لم يفعل، بل يقصرها على آخر شيء، ولولا كثرة الشيب لكان يحلقها بالموس؛ ولأنه يقول إن الموس تكثر الشيب، فاتخذ القص بدلا من الحلق، كلما أردت أن أكرر النصيحة قال: لا تتدخلي في شأني علما بأنني لم

أنجب أبناء منه حتى الآن، فأخبرني يا سماحة الشيخ هل أطلب الطلاق من ذلكم الرجل أم أعيش وأصبر، وكيف تنصحونني جزاكم الله خيرا علما بأنني أعتبره عاصيا لله ولرسوله؟ (¬1) ج: لقد أحسنت في إنكار المنكر جزاك الله خيرا، وفعلت ما يجب من إنكار المنكر، والله جل وعلا هو الذي يهدي من يشاء، كما قال سبحانه: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} ويقول سبحانه: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} والواجب عليه أن يتقي الله وأن يطيع الرسول صلى الله عليه وسلم، فالرسول عليه السلام يقول: «أحفوا الشوارب، أوفوا اللحى، خالفوا المشركين» (¬2) ويقول صلى الله عليه وسلم: «قصوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين» (¬3) فالواجب عليه أن يتقي الله، وأن يطيع الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يعفي لحيته ويكرمها ويوفرها ¬

(¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (361). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (259). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب تقليم الأظفار، برقم (5892).

طاعة لله ورسوله، وحذرا من غضب الله فالواجب عليه أن يسمع ويطيع لأمر الله ورسوله وأن يشكرك على ما فعلت من الخير، وأن يقبل منك النصيحة؛ لأنك فعلت ما ينبغي وما يجب، أما ما يتعلق بطلب الطلاق فهذا شيء يرجع إليك إذا رأيت المصلحة في طلب الطلاق، فلا بأس إذا كان استمر على حاله ولم تنجبي منه فلا مانع من طلب الطلاق، لعل الله يرزقك من هو خير منه، ويرزقك أيضا ذرية، فهذا عذر شرعي، لا بأس أن تطلبي الطلاق، فإذا سمح أن يطلق، هذا طيب، ولعل الله يرزقك من هو أصلح منه.

حكم منع أهل الزوجة من ذهابها مع زوجها لبيته

130 - حكم منع أهل الزوجة من ذهابها مع زوجها لبيته س: أفيدكم أنني شاب حسن السيرة مع أهلي وعشيرتي، تزوجت من بنت خالي على رضا من الطرفين أنا وهي، ولم يمض على زواجنا أكثر من أسبوع حتى بدأت مشاكل أهلها، تزداد يوما بعد يوم، حتى منعوها من مواجهتي قائلين: إنها مريضة ولا تستطيع مواجهتي، ثم أحضر مرات أخرى، وأجدهم كل وقت يدبرون عذرا للتخلص مني، كما أن زوجتي مجبورة على تنفيذ كل كلمة يوجهونها إليها، أنا محتار قررت أن أطلق زوجتي، ولكن زوجتي لا تريد الطلاق، وأنا لا أطيق فراقها ولا أقدر أن أعرض مشكلتي على

المحكمة، بصفة والدها خالي، شقيق والدتي والناس يعتبرون ذلك عارا، فما الحل المناسب الذي ترونه موافقا يا فضيلة الشيخ؟ (¬1) ج: ننصح السائل بالصبر، وألا يعجل في الطلاق وأن يخاطب خاله بالتي هي أحسن ويطلب منه تمكينه من زوجته، وإعادتها إلى بيت الطاعة، وأن يتوسل إلى ذلك بالأقارب الطيبين والجيران الطيبين حتى يشيروا على والدها وينصحوه، أن يعيدها إلى زوجها، هذا الذي ننصح به، كما ننصح والدها بأن يتقي الله، وأن يعيد المرأة إلى زوجها، إلا أن يكون هناك عذر شرعي، فيبين للزوج هذا العذر، فإما يفارق، وإما أن يذهب معه إلى المحكمة، في المحكمة البركة والخير، أما أن يمنعها من زوجها بغير وجه شرعي، هذا حرام وظلم، والله جل وعلا يقول في كتابه العظيم: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا} ويقول سبحانه: {وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} والنبي يقول صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (13).

يوم القيامة» (¬1) فالواجب على خال هذا الزوج، وهو أبو المرأة، أن يتقي الله وأن يعيد المرأة إلى زوجها، وأن يتوسط بينهما في الخير وأن ينصح للجميع، وأن يكون عونا لهما على الاستقامة والسيرة الحسنة والمعاشرة الطيبة بينهما، هذا هو الواجب عليه، فإن كان هناك أمور أخرى، قد أخفاها السائل تحتاج إلى حل، توسط من أهل الخير والإخوان الطيبين، من يحل النزاع بينهما، فإن أعضلت المسألة، ولم يتيسر ذلك، ففي الإمكان الاتصال بالمحكمة والنظر في أمرها من جهة المحكمة، أما منعها بغير وجه فهذا لا يجوز له. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، برقم (2578).

بيان كيفية التعامل مع الزوجة العاصية لزوجها

131 - بيان كيفية التعامل مع الزوجة العاصية لزوجها س: السائل من جمهورية مصر العربية، ويعمل بالأردن ويقول: سماحة الشيخ ما حكم المرأة التي لا تطيع زوجها في الأمور الدينية والدنيوية، هل يقوم بتطليقها؟ (¬1) ج: الواجب عليه نصيحتها وتوجيهها إلى الخير وتأديبها التأديب المناسب الخفيف، الذي ما فيه جرح ولا خطر، يعني غير مبرح ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (375).

حتى تستقيم، ولكن إذا كان التأديب والتوجيه ما ينفع، فلا مانع من الطلاق، ولكن يحرص على تأديبها أولا بالكلام والنصيحة، والتوجيه أو الهجر، يهجرها في المضجع والكلام، ثلاثة أيام، وفي المضجع ما شاء، حتى تستقيم، فإذا لم تنفع النصيحة والهجر لا بأس أن يؤدبها، كما قال تعالى: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} لكن ضرب غير مبرح، ضرب خفيف لعلها تستقيم، فإن لم تستقم فطلاقها أفضل، إن لم تستقم وتقم بالواجب فطلاقها أفضل، طلقة واحدة، وعسى الله أن يبدله بخير منها، وأما إن كانت لا تصلي فهذه يجب فراقها، إذا أبت أن تصلي؛ لأن ترك الصلاة كفر- نسأل الله العافية- أما إذا كان عصيانها فيما يتعلق بحقوقه في الجماع، أو في صنع الطعام، أو في كنس البيت أو ما أشبه ذلك، أو في خروجها إلى أهلها بغير إذنه، فهذه أمور بينهما، لا بأس إذا أدبها ونصحها ووجهها إلى الخير وصبر عليها، أما إذا كانت ضعيفة في الدين ففراقها أفضل، والتي لا تصلي، لا ينبغي بقاؤها، إذا كانت لا تصلي

يجب فراقها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» (¬1) وهكذا المرأة، الأحكام تعم الجميع، وفي الحديث الآخر يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬2) أمر الصلاة عظيم؛ لأنها عمود الإسلام، فمن تركها من الرجال أو النساء كفر، نسأل الله العفو والعافية. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

حكم تقصير الزوج لحيته تجملا للزوجة

132 - حكم تقصير الزوج لحيته تجملا للزوجة س: تقول السائلة: إذا طلبت الزوجة من زوجها أن يقوم بتقصير شعر الذقن تزينا لها، هل يجيبها في ذلك؟ (¬1) ج: ليس له أن يجيبها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الطاعة في المعروف» (¬2) «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (¬3) إنما ¬

(¬1) السؤال السابع والأربعون من الشريط رقم (420). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة ما لم تكن معصية، برقم (7145)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية. (1740). (¬3) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير جـ 18/ 170، برقم (381).

الطاعة في المعروف، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «قصوا الشوارب وأعفوا اللحى» (¬1) أعفوا اللحى، أرخوا اللحى، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم، يعصى النبي وتطاع الزوجة؟! لا، لا يعصى النبي بل يجب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم وعصيان الزوجة وغيرها، لا يطاع المخلوق في المعصية، الواجب توفير اللحى وإكرامها. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة، برقم (259).

حكم زيارة الطفل لوالدته المطلقة ولديها منكرات

133 - حكم زيارة الطفل لوالدته المطلقة ولديها منكرات س: يسأل المستمع ويقول: طلقت زوجتي، وبيني وبينها بنت، ويوجد في بيت أهل زوجتي بعض المنكرات، ماذا أفعل تجاه ذلك مأجورين؟ (¬1) ج: إذا كانت منكرات ظاهرة، لا تزورهم، واطلب بنتك تأت إليك، اطلب منهم أن يرسلوها إليك وتراها، أما إذا كانت منكرات مستورة، تزورهم، وترى بنتك وتسلم عليهم، والمستور لا حكم له، أما إذا كنت تعلم أنها منكرات ظاهرة، إذا جئتهم ترى منكرات ¬

(¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (405).

ظاهرة، نساؤهم يكشفن عندك، مزامير وآلات الملاهي عندك، أو شرب الخمر، لا، لا تذهب إلبهم، لكن ترسل لهم تقول: أرسلوا لي بنتي، أو ترسل ولدك، أو أخاك، أو غيرهم، ممن يأتي بها لك.

حكم مبيت الزوجة في بيت أختها

134 - حكم مبيت الزوجة في بيت أختها س: إذا كانت أختها متزوجة، فهل يجوز لها أن تبيت في بيتها؟ (¬1) ج: إذا كانت لا تخشى من زوجها، ما تخشى الفتنة فلا حرج، أما إذا كانت تخشى فتبتعد، إلا أن يكون معها غيرها، كأمها أو أخت ثانية، أو خادمة أو غير ذلك، حتى يبتعد الخطر، نعم إذا كان ما تخشى والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (348).

نصيحة وتوجيه لأمهات الزوجات

135 - نصيحة وتوجيه لأمهات الزوجات س: رسالة من المستمع ف. ع. ف. من جدة، أخونا كتب في رسالته شكوى بحرارة من أم زوجته ختمها برجاء التنبيه على أمهات الزوجات، حتى لا يتدخلن بين الزوج وزوجته، فيفسدن عليهما حياتهما جزاكم الله خيرا (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (320).

ج: نوصي أمهات النساء وأخوات النساء، وعمات النساء وخالات النساء، نوصي الجميع بتقوى الله، وأن يكن ناصحات لقريباتهن، وأن يرغبنهن بالسمع والطاعة لأزواجهن في المعروف، وأن يكن من أسباب الاجتماع لا من أسباب الافتراق، وإذا كان الخطأ في الزوج فلا مانع أن ينصحن الزوج، ويوصينه بتقوى الله في زوجته، وأن يعدل فيها ولا يظلم، فالمقصود: الوصية أن يكن مع المظلوم لا مع الظالم، وأن يكن موجهات للخير للزوج وللزوجة وألا يعن الزوج على الباطل، ولا الزوجة على الباطل، بل يجب أن يكن معينات على الخير للزوج والزوجة جميعا، وناصحات للزوج والزوجة جميعا، سواء كانت الناصحة أما أو جدة أو خالة أو عمة أو أختا أو غير ذلك، والله جل وعلا يقول في كتابه الكريم سبحانه وتعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} ويقول تعالى: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة، الدين النصيحة،

الدين النصيحة قيل: لمن يا رسول الله؟ قال لله، ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» (¬1) فنوصي أمهات النساء خاصة، وقريباتهن بصفة عامة، بتقوى الله وأن يكن عونا على الخير وناصحات للجميع، وألا يكن عونا للمرأة على زوجها في الباطل، بل يجب أن يكن عونا في الحق، وفق الله الجميع. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان أن الدين النصيحة، برقم (55)، والإمام أحمد في مسنده، من حديث تميم الداري رضي الله عنه، برقم (16499)، واللفظ له.

نصيحة حول الخلافات التي تقع بين الزوجة وأهل زوجها

136 - نصيحة حول الخلافات التي تقع بين الزوجة وأهل زوجها س: يقول السائل: تزوجت منذ خمس سنوات، وكانت العروس ذات خلق ودين والحمد لله، لكن فوجئت بأن قام عداء بينها وبين أختي، وأختي كثيرا ما تحرض عليها أهلي، وحينئذ أسأل سماحتكم بماذا توجهني وحالي ما ذكرت؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: نوصيك بعدم العجلة ما دامت الزوجة طيبة، نوصيك بالبقاء عليها وإمساكها، ونصيحة أختك بالتحذير من التدخل فيما لا يعنيها، لا تعجل، أمسك الزوجة، والحمد لله، وانصح الجميع وارفق ¬

(¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (353).

واستعن بالله على ذلك كله، وإذا رأيت أن توصي بعض أهلك، حتى يوصوا أختك حتى ينصحوها، تكف شرها فطيب، المقصود لا تطاوع في الزوجة الطيبة، لا أختك ولا غيرها، لكن تنصح أختك، تقول لها: اتركي الشر، اتركي الشغب، توصي أمك، تنصحها أو أباك أو إخوانك، حتى تسلم من شرها.

س: زوجة تشتكي وتقول: إن زوجها لا يستجيب لمطالبها أحيانا، وتشتكي من أمه وأخواته، حتى إن الزوج استجاب للنميمة التي تقع من أمه وأخواته، ولا يذهب بها لزيارة أهلها، حتى في الأعياد، ونرجو من سماحتكم التوجيه لكل الأطراف (¬1) ج: ننصح الجميع بتقوى الله، والتعاون على البر والتقوى وننصح المرأة أن تستقيم، وأن تسامح في هذا الأمر، وتدعو الله للجميع بالهداية، ونوصي الأخوات وغيرهن بترك ما حرم الله عليهن، من الغيبة والنميمة، وننصح الزوج بتقوى الله وأن يؤدي الواجب، وأن يعدل ولا يضر المرأة، نوصي الجميع بتقوى الله، وأن يقوم كل واحد بما يجب عليه، وأن يحذر الزوج من ظلم زوجته، ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (324).

وهكذا أخواته وأقاربه عليهم أن يتقوا الله ويحذروا ظلمها، وعليك أنت أيتها الزوجة أن تتقي الله، وألا تكذبي عليهم، وألا تؤذيهم بشيء، أما إذا استمر الأمر ولم يستقم لك زوجك، فلك الشكوى إلى المحكمة بما ظلمك فيه، وفيما تراه المحكمة الكفاية إن شاء الله، وإن وسطت أنت من أوليائك جماعة من أهل الخير، أو شخصا من أهل الخير، أو امرأة من أهل الخير، حتى يصلحوا بين الجميع، وحتى يزول المحذور فالصلح خير.

س: السائلة تسأل وتقول: أهل زوجها من أقاربها يسيئون لها بالظن والظلم والحقد عليها من عدة سنوات، ويتكلمون عنها عند القريب والبعيد، مما يؤلمها كثيرا، وتقول: والذي أريد أن أستفسر عنه هل علي إثم في مقاطعتهم، والبعد عنهم قدر المستطاع، وذلك في مجتمعهم؟ مع أنني إذا اجتمعت بهم أبش في جوههم وأرحب بهم، وهم عكس ذلك، ولا أدري ما السبب في هذا البغض لي؟ مع أن زوجي طيب ويكرمهم أحسن إكرام ولا يقدرون هذا. جزاكم الله خيرا. (¬1) ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (413).

ج: نوصيك بالصبر وأنت مشكورة، نوصيك بالصبر على أذاهم وأبشري بالخير، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها» (¬1) فنوصيك بالصبر، والدعاء لهم بالهداية، وتقولين: اللهم اكفني شرهم، اللهم اكفني شرهم، اللهم اهدهم، وتخاطبينهم بالتي هي أحسن بالبشاشة والكلام الطيب، والدعاء لهم بالتوفيق والهداية، وأنت على خير وأبشري بالخير؛ لأن الواصل هو الذي يصل رحمه وإن قطعته، هذا الواصل الكامل؛ لما رواه البخاري في الصحيح، يقول صلى الله عليه وسلم: «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها» (¬2) وجاءه رجل قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال له صلى الله عليه وسلم: «لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل- يعني الرماد المحمي- ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك» (¬3) فأبشري بالخير واصبري. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب ليس الواصل بالمكافئ، برقم (5991). (¬2) صحيح البخاري الأدب (5991)، سنن الترمذي البر والصلة (1908)، سنن أبو داود الزكاة (1697)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 193). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها، برقم (2558).

حكم إعطاء الزوجة ولدها من مال زوجها بدون إذنه

137 - حكم إعطاء الزوجة ولدها من مال زوجها بدون إذنه س: عندي زوجة ولي منها أولاد، وعندي أولاد من غيرها، وهم صغار، وترفض أن يعيشوا معها، وليس لي أحد يتولى رعايتهم، سوى الله تعالى ثم أنا، وعندها هي ولد من زوجها الأول الميت، ولكن هذا الولد أردت أن يعيش معي في بداية الحياة الزوجية، وفعلا ظل عندي سنة كاملة، دون أن آخذ منه شيئا، رغم أن له دخلا شهريا من والده المتوفى، ولكن هذا الولد تسبب في مشكلات كثيرة بيني وبين والدته؛ لأنه كان يجر علي المشكلات من الخارج، وإذا أردت تأديبه بالحسنى، غضبت والدته وثارت، ولما تكرر ذلك أصبحت الحياة صعبة، صممت على ألا يعيش معنا بعد هذه السنة، علما بأن أولادي من غيرها في ذلك الوقت كانوا تحت رعاية والدتي التي توفيت العام الماضي، وإن ولدها له جدته وجده، وخاله، مع إخوان أبيه، وهنا مكث مع جدته وجده، وتذهب إليه كل يومين أو ثلاثة، بخلاف أنه هو يحضر لها في الأسبوع أكثر من مرة وتعطيه فلوسا تارة أمامي وتارة من خلفي، ولكنها مسرفة في ذلك، في حين أن أولادي محرومون من ذلك،

فهل يجوز لها شرعا أن تعطيه وأنا غير راض عن ذلك؟ (¬1) ج: ليس لها أن تعطيه شيئا إلا بإذنك، والواجب عليك في مثل هذه الأمور تحري أسباب الوئام، وعدم الشدة في الأمور، ونصيحتها كثيرا ووصيتها بالاعتدال، وعدم الإسراف حتى تعيشا إن شاء الله في خير، أما هي فليس لها أن تعطيه إلا بإذنك والواجب عليها السمع والطاعة لك بالمعروف، وعليها أيضا أن تتقي الله في أولادك، وتحسن عشرتهم مساعدة لك في ذلك على تربيتهم التربية الصالحة والإحسان إليهم، وأنت أيضا عليك أن تحسن الخلق مع ولدها، وأن تفرح بالشيء الذي ينفعه، حتى تستقيم الحال مع أمه، فلا بد من تعاون بينكما، وتسامح بينكما، أنت وهي، أنت تتسامح عن بعض وهي تتسامح عن بعض الشيء، حتى تعيشا، وحتى يحصل الوئام بينكما، أما إن كان التشديد منك، والتشديد منها، فإن هذا من أسباب الفراق، فلا ينبغي لكما ذلك مهما أمكن، نسأل الله لكما الهداية. ¬

(¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (184).

حكم إخفاء الزوج العيب على الزوجة أو أهلها

138 - حكم إخفاء الزوج العيب على الزوجة أو أهلها س: تقول السائلة: أرجو من سماحتكم، أن توجهوا كلمة لهذه

الإنسانة البائسة الحزينة، تصبرونها بها وترفعون من معنوياتها، حيث إنها ستموت قهرا وحسرة وألما مما حدث معها، تزوجت من رجل يماثلني في المستوى الثقافي والاجتماعي، فأنا جامعية وهو جامعي، جئت به محرما معي للتدريس بالمملكة، واستمر زواجنا سنة وتسعة أشهر، عشت معه سنة عند أهله، حيث كان خجلا لا ينكشف علي، وإذا أراد معاشرتي لا تلحظ منه شيئا، وأنا لا أدري ما السبب ثم اتضح فيما بعد أنه مخصي؛ ولهذا كان يخفي حقيقة أمره عني، وهو كان متزوجا قبلي بامرأة أيضا، وانفصلت عنه، ولكن في الزواج الثاني نجح في اصطياد فريسته بالتضليل والغش والخداع، فعمل احتياطاته، كي تعيش معه الثانية، دون أن تلحظ ما به، ولكن لسوء حظه انكشف أمره في الفندق، حينما كانا يجهزان للسفر للمملكة، ففكرت أن ترجع لأهلها وتبلغهم بذلك، وتنفصل عنه، ولكنها عدلت عن تلك الفكرة، حيث إنها اعتقدت أن ذلك قد يتطلب منها إرجاع ما خسره عليها من تكاليف الزواج، واستمرت في رحلتها للمملكة، واستمرت معه التسعة أشهر الأخيرة، ثم بانتهاء العطلة الدراسية، رفعت الدعوى للقاضي الذي فصل بينهما، وأرجع للزوج منها عشرة آلاف ريال، وهي تتساءل وتقول: هل من

الممكن أن نشجع الغش والخداع مع مثل هؤلاء، ونعطيهم أيضا مكافأة غشهم وخداعهم، لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا» وهو لو لم يخادعها ويغشها لعاشت معه حتى لو لم ينجب الأولاد، ولكن لأنه خدعها وغشها فقد تركته غير آسفة عليه، ولكن ما قهرها إلا دفعها للعشرة آلاف ريال، إنها تحس بالظلم في تلك القضية، ومثل هذا الحكم سيشجعه على الزواج من الثالثة والرابعة والخامسة، دون أن يصارحها بحقيقة أمره، طالما أنه يضمن إرجاع المهر له، والعجيب في ذلك الغش أنه قد يذهب بالمرأة في متاهات، مثلما حدث مع الثانية التي كانت تعتقد أن إعاقة الحمل منها، تضررت بها أمه، وذهبت بها للأطباء، وادعى طبيب منهم أنه لا بد من إجراء عملية جراحية للمرأة، وفعلا عملها لها الطبيب وهو ساكت، ولم يقل الحقيقة، وأمه أيضا تعرف، ولكن لا تريد أن تثبت على ابنها شيئا، فما رأي سماحتكم في تلك القضية، وماذا تقولون لهذه المظلومة، وماذا تقولون لأمثال هؤلاء الشبان الذين لا يصارحون زوجاتهم وفقكم الله؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (123).

ج: لا ريب أن الخداع والغش من المحرمات، المعلومة من الإسلام بالأدلة الصحيحة وبالضرورة، والرسول عليه الصلاة والسلام قال: «من غشنا فليس منا» (¬1) والله يقول جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} فالواجب على الخاطب أن يبين الحقيقة، وألا يكتم عن المخطوبة ما هو عيب، مثل هذا الحادث، بل يشرح لها الحقيقة، حتى تكون على بينة، إذا كان به عيب الخصية، أو عيب آخر، وهو كونه لا يأتي النساء، من أجل مرض آخر أو علة أخرى، أو كونه يصرع أو ما أشبهه من العيوب المعروفة، الوجب عليه أن يبين للمرأة الحقيقة، فإذا لم يبين فلها الخيار، وليس له الحق في المهر، فإذا دخل بها وخلا بها، فلها المهر كله، وهو الظالم ليس له حق في ذلك، لكن هذه دعوى منك، لا نستطيع أن نحكم عليها، والقاضي الذي حكم بينكما نرجو أنه وفق للصواب، ولا ندري ما اعتمد عليه في إلزامك ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم «من غشنا فليس منا»، برقم (101).

بالمبلغ الذي ذكرت فالذي أطمئنك به أنه ينبغي لك الصبر، وعدم الاكتراث بهذا الشيء، واحمدي الله الذي خلصك منه، والقاضي قد يكون له اجتهاد في ذلك، ورأى منك ما يقتضي ذلك، فالحاصل أنصحك بأن تسلي نفسك عن هذا الشيء، وتصبري وتحتسبي وتسألي الله للقاضي العفو عما حصل، إن كان أخطأ في حكمه وما عند الله خير وأبقى، وسوف يعوضك الله سبحانه، إن شاء الله عن هذا خيرا منه، فهو جل وعلا الحكيم العليم، والمظلوم ينتظر النصر، وما ذهب من مال المؤمن بغير وجه شرعي، فالله يخلفه عليه سبحانه، ويعوضه خيرا، فضلا منه وإحسانا سبحانه وتعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا}، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} فاصبري واحتسبي واسألي الله العوض من عنده سبحانه وأن يهبك زوجا صالحا خيرا منه، والمال أمره سهل. والله المستعان.

بيان مقدار المدة التي يحق للزوج أن يغيبها عن زوجته

139 - بيان مقدار المدة التي يحق للزوج أن يغيبها عن زوجته س: يقول السائل: هل هناك مدة محددة لغياب الرجل عن

زوجته، وبم تنصحون أولئك الذين يغيبون أكثر من سنة عن زوجاتهم (¬1)؟. ج: ليس للغياب مدة معلومة، ولم يحدد الشارع عليه الصلاة والسلام غيبة الرجل عن زوجته بمدة معلومة، فيما بلغنا، وقد جاء عن عمر رضي الله عنه: أنه حدد لبعض الجنود ستة أشهر، ثم يرجعون إلى نسائهم، وهذا من اجتهاده رضي الله عنه وأرضاه فيما يتعلق بالغزاة، فإذا مكث الرجل عن زوجته ستة أشهر في طلب الرزق، أو في طلب العلم، ثم رجع إليهم، وزارهم شيئا من الزمن، ثم رجع إلى عمله، هذا حسن إن شاء الله وفيه تأسٍّ بأمير المؤمنين رضي الله عنه وأرضاه، وفيه عناية بالأهل، ولكن هذا لا يصلح في كل زمان بل قد تكون الحاجة ماسة إلى أقل من هذه المدة، فالإنسان ينظر للأصلح ويتأمل، فقد تكون زوجته ليس عندها من يقوم بحالها، وقد يخشى عليها من الفتنة، فينبغي له ألا يبقى عنها ستة أشهر ولا خمسة أشهر، بل ينبغي له أن يلاحظها بين وقت وآخر، من شهر أو شهرين، أو نحو ذلك أو ينقلها معه إن استطاع ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (82).

ذلك، فإن الوقت تغير بتغير أهله، فقل بلاد اليوم تؤمن فيها الفتنة على المرأة، فالحاصل أن المرأة على خطر بسبب تغير الأحوال، وكثرة الشرور وكثرة أهل المعاصي، والطامعين في النساء، إلا من رحم ربك، فينبغي للمؤمن أن ينقل زوجته معه إذا غاب، أو يقلل الغيبة؛ لتكون المدة قليلة، حتى يرجع إلى أهله ويتفقد أحوالهم، ويقضي وطره من أهله، ثم يرجع إلى حاجته التي يضطر إليها، والمقصود من هذا كله: العناية بالأهل، والحرص على مراعاة أمورهم وشعورهم، حتى لا تتخطفهم الشياطين، وحتى لا تقع فتنة، تكون عاقبتها الطلاق والفرقة.

س: يقول السائل: كثير من الناس تدعوهم الظروف المعيشية للهجرة، تاركين الزوجات، ومكتفين بإرسال المصروف دون المراعاة للعودة، وضاربين بحقوق الزوجة عرض الحائط، والسؤال: ما الحكم الشرعي، وما هي المدة القصوى لغياب الزوج عن زوجته، في الحد الأدنى جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: ليس لهذا حد محدود، فيما نعلم شرعا، ولكن يجب عليه ¬

(¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (377).

أن يراعي حقها، فإذا سافر لطلب الرزق، ولكسب الرزق، ثم يرسل لها حاجاتها، ونفقاتها فلا بأس، وإذا كان يخشى عليها من بقائها وحدها، يجب عليه أن ينقلها معه، أو يبقى في البلد ويطلب الرزق في البلد الذي هي فيه أو يطلقها، أما أن يهملها ويضيعها، فهذا منكر ولا يجوز، بل يجب أن ينفق عليها، أو يوكل من ينفق عليها، ويذهب لطلب الرزق إذا كان بلده ما فيه عمل، يذهب يطلب الرزق، إلى بلد آخر، ويرسل إليها حاجاتها، ونفقاتها، أو ينقلها معه، كل هذا واجب عليه، إلا إذا طابت نفسه منها، ولا يريدها، فإنه يطلقها طلقة واحدة، والرزق عند الله، يقول الله سبحانه: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ} وإذا كان السفر في سبيل الله، وفي سبيل الجهاد، فهو مأمور بالطاعة لولاة الأمور، وكان عمر رضي الله عنه، إذا أرسلهم يحد لهم ستة أشهر، ثم يقدمون إلى أهليهم، وهذا من اجتهاده رضي الله عنه، فإذا جعل لهم ولي الأمر ستة أشهر، أو أربعة أشهر، إذا كان السفر بأمر ولي الأمر فلا بأس، يصبرون، ويذهب ستة أشهر، أربعة أشهر على حسب ما يحدد ولي (الجزء رق: 21 PgPg 300 الأمر، وأكثرها ستة أشهر، كما فعل عمر، ثم يرجع إلى أهله، أما إذا أمكن أن تسافر معه زوجته، في بلد العمل، البلد الذي أرسل إليه، كالسفر ونحوه فإنه يسافر بها، حماية لها من الشر، وقضاء لوطره ووطرها، وحماية لأنفسهما جميعا من الشر، هو في حاجة إليها، وهي في حاجة إليه، لكن إذا كان هناك موانع من السفر بها، فإنه يرسل نفقاتها ويجتهد في العود إليها سريعا، وإذا طلبت الفراق، هذا يرجع فيه إلى المحكمة الشرعية، إذا قصر في حقها وظلمها، يرجع إلى المحكمة الشرعية في النظر في هذا الأمر، لكن عليه أن يتقي الله، وألا يحوجها إلى المحكمة، عليه أن يتقي الله، وأن يصطلح معها على وجه لا يضرها.

حكم إطالة سفر الزوج لمدة طويلة طلبا للرزق

140 - حكم إطالة سفر الزوج لمدة طويلة طلبا للرزق س: يقول هذا السائل، ما الحكم في البعد عن الزوجة أكثر من عام وما حقها، وهل هذا مخالف للسنة مع العلم بأن البعد ليس على ظاهره، ولكن لظروف المعيشة؟ (¬1) ج: ليس في هذا حد محدود، الإنسان يتحرى المدة التي ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (418).

يستطيعها، ولا يضر بها زوجته، حسب حاجاته، حسب ما يستطيع، يروى عن عمر رضي الله عنه: أنه وقت للجنود ستة أشهر: وهذا من باب الاجتهاد، فالإنسان إذا غاب لعمل: إذا استطاع أن يكون ستة أشهر أو خمسة، أو أربعة، أو ثلاثة، الأحوال تختلف، فإذا كان يخشى على زوجته، يذهب بها معه، أو يعجل، لا يبطئ شهرا، شهرين، ثم يرجع، أو يجعلها في محل مضبوط عند أهلها، أو عند أهله، المقصود: يتحرى ما هو الأسلم والأصلح، إن كان بقاؤها وحدها فيه خطر لا بأس عند أهله أو عند أهلها فلا بأس، ولكن يجتهد في تعجيل الأوبة والرجوع إليها، وإن كان بقاؤها معه أصلح، واستطاع أن يذهب بها معه، وهكذا المدة، ستة أشهر، أربعة أشهر، ثلاثة أشهر حسب ما يستطيع، وحسب ما يراه بعيدا عن الخطر.

س: هذا السائل الذي رمز لاسمه ع. ل. ب يقول: أريد أن أخبركم بأنني مقيم بالمملكة منذ أربع سنوات، ولم أسافر، ولي زوجة وبنات وهم في بلدي، والسبب في ذلك أنني أريد أن أكسب لقمة العيش في هذا البلد المبارك، عامل بالبقالة، بالراتب، وأرسل لهم شهريا، هل آثم على تركي لهم هذه المدة؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (411).

ج: يخشى عليك من الإثم؛ لأن المدة طويلة، الذي أرى أن الواجب عليك أن تذهب إليهم بين وقت وآخر، كان عمر رضي الله عنه وقت ستة أشهر للمجاهدين والغائبين، فأنت- يا أخي- اذهب إليهم كل ستة أشهر، أو كل أربعة أشهر، أو نحو ذلك، أو أحضرهم لديك، أما تركهم المدة الطويلة، هذا فيه خطر عليك وعليهم أيضا، فالمشروع لك ترك هذا الأمر، وأن تحضرهم لديك إذا أمكن، أو تذهب إليهم كل ستة أشهر، كل أربعة أشهر، كل خمسة أشهر، لا تطول المدة، تأخذ عندهم شهرا، شهرين، ثم ترجع لطلب الرزق، والحاصل أن الواجب عليك العناية بهذا الأمر، والحذر من مدة طويلة، قد توقعهم في الفاحشة، أو توقعك أنت في الفاحشة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

س: يقول السائل: بحكم ظروف العمل والحياة الاقتصادية والمعيشية نضطر للغياب عن زوجاتنا، سنة وسنتين وأكثر، كيف توجهوننا وما الحكم جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك عند الضرورة، وإذا كانت الضرورة تدعو ¬

(¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (293).

إلى ذلك، فلا حرج في ذلك؛ لأن طلب الرزق الحلال، أمر مطلوب وقد لا يتيسر للإنسان أن تكون المدة قليلة، فإذا اضطر إلى مدة طويلة، فلا حرج في ذلك، ولا سيما إذا رضيت الزوجة وسمحت، أما إذا لم ترض فينبغي أن تحملها معك، أن تكون معك في سفرك؛ لأن ذلك أحصن لفرجك ولفرجها، وأبرأ للذمة، وأحسن في العاقبة إن شاء الله، وإلا فقدر أياما أو شهورا، تصطلحان عليها، أنت والمرأة، تغيبها ثم ترجع في طلب الرزق، وحاول ذلك حسب الطاقة، والله يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} ويقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} ويقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} حاول أن تتفق معها على مدة معلومة تغيبها؛ لطلب الرزق، أو حاول أن تحملها معك، أو حاول سماحها إذا كنت لا تخشى عليها الفتنة، ولا على نفسك.

حكم من غاب عن زوجته لمدة أربعة عشر عاما من أجل العمل

141 - حكم من غاب عن زوجته لمدة أربعة عشر عاما من أجل العمل س: يقول السائل: أنا رجل مغترب، غبت عن زوجتي ما يقرب

من أربعة عشر عاما، فما حكم الإسلام في تصرفي هذا، وهل أنا آثم؟ وجهوني إلى الصواب جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: إذا كانت الزوجة سامحة بذلك، راضية بذلك، فليس بآثم وأنت كذلك، إذا كنت لم تستعن بها على معاصي الله، فلست بآثم، أما إذا كنت استعملت هذه المدة على معاصي الله في الزنى والفواحش، فأنت آثم بما فعلت من المعاصي، والمرأة سليمة مما فعلت من المعاصي، والمرأة المسلمة سليمة من ذلك، إذا كانت سامحة، فأما إذا كانت لم ترض، فعليك أن تستسمحها، وتتوب إلى الله من هذه المدة الطويلة، أما إذا كانت راضية فالحمد لله، وجزاها الله خيرا، أما أنت فالواجب عليك في المستقبل، أن تستعين بالله، وأن تجتهد في القيام بحقها، وأن تكون أعمالك في المكان الذي فيه زوجتك، حتى تجمع بين المصلحتين، إما أن تنقلها إلى عملك، وإما أن تنتقل إليها في محلها وبلدتها، حتى يجمع الله بينكما على خير، مع الاستقامة على طاعة الله ورسوله، ومع الحذر من محارم الله، وإذا كان البلد الذي أنت فيه، فيه خطر، فانتقل إلى البلدة ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط، رقم (285).

السليمة، أنت وزوجتك ولا تنتقل إلى بلدة فيها خطر، من تعاطي ما حرم الله، أو ما هو أعظم من ذلك، من الكفر بالله، احذر الانتقال إلى بلاد الكفر والضلال والبدع، واحرص أن تكون في بلدة سليمة بعيدة من الخطر، أنت وزوجتك.

س: أخونا أيضا يسأل ويقول: إذا كانت ظروفي تحكم علي أن أغيب عن البيت سنتين ونصفا، بعيدا عن البيت حسب ظروف عملي في العراق، وحسب حالتي المادية، فما رأي سماحتكم، وهل هذا حرام أن أغيب تلكم المدة؟ وجهوني جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: هذه مدة طويلة، فينبغي لك أن تذهب إلى أهلك بين وقت وآخر ثم ترجع إلى عملك، إلا إذا كانت الزوجة سامحة بذلك، ولا خطر عليها، وأنت تعلم أنها سامحة بذلك، وأنها امرأة مصونة لا خطر عليها في ذلك، فلا حرج إن شاء الله، ولكن نصيحتي لك ألا تفعل، لا أنت ولا أمثالك، نصيحتي لك ولأمثالك الذهاب إلى الزوجة بين وقت وآخر، وألا تطيل المدة، فإن طول المدة فيه خطر عظيم عليك وعليها جميعا، فينبغي لك أن تذهب إليها بين وقت ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط، رقم (162).

وآخر، تقيم عندها بعض الوقت، ثم ترجع إلى عملك، المقصود أنك تذهب إلى أهلك بين وقت وآخر، كلما مضى عليك أربعة أشهر، خمسة أشهر، ستة، ذهبت إليها، أقمت عندها ما شاء الله من الأيام، ثم ترجع إلى عملك، وكلما قصرت المدة فهو أولى، كلما كانت المدة أقصر كثلاثة أشهر وأربعة أشهر، يكون أولى لأن الوقت خطير، والشر كثير، والفتن متنوعة في هذا العصر، فينبغي للزوج أن يراعي هذه الأمور وأن يحرص على سلامة عرضه، وعرض أهله، وأن يبتعد عن أسباب الفتنة، وينبغي لمن يعمل عندهم أن يسمحوا له، وأن يساعدوه على الخير؛ لأن هذه أمور عظيمة، يجب فيها التعاون على البر والتقوى، والتساعد والتواصي بالحق، بين العامل وبين أصحاب العمل، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.

س: الأخ ح. ح. ج من السودان، أخونا يقول: إن عمره ثمان وعشرون سنة، وقد غاب عن زوجته أكثر من عام ونصف، ويسأل هل ذلك جائز؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، أما إذا كنت عاجزا، ولم تستطع العودة إليها ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط، رقم (144).

لأنك محبوس، أو لم تستطع قيمة التذكرة أو قيمة أجرة السيارة، المقصود إذا كنت عاجزا، فهذا لا شيء فيه لأنك عاجز، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} أما إذا كنت غبت لحاجات خاصة، تستطيع أن ترجع إليها، وتقوم بحالها وتشرف على شؤونها، ثم ترجع إلى عملك بين وقت وآخر، كشهرين، ثلاثة، أربعة، هكذا ينبغي للمؤمن، ألا يطيل السفر عن أهله، ولا سيما في هذا العصر الذي هو من أخطر العصور، فالمؤمن يلاحظ هذه الأشياء، فلا يطيل السفر، ولا يهمل حاجته التي هو في حاجة إليها، مثل طلب العلم، كسب الحلال؛ لأن بلدته ليس فيها حاجته، ليس فيها طلب العلم، وليس فيها من يقوم بحاله، وقد جاء عن عمر رضي الله عنه: أنه كان وقت للجنود ستة أشهر، في الغياب عن أهليهم، ثم يرجعون، ويذهب غيرهم، فالحاصل أن هذا يختلف باختلاف الأحوال، وباختلاف نفس الشخص، فأنت لا تطيل الغربة، احرص على عدم طول الغربة، ولو شهرين، ثلاثة، يكفي؛ لأن الأحوال تختلف، فقد تكون زوجتك في محل لا يؤمن عليها، فأنت لاحظ حالها، ولاحظ الحرص على سلامتها، وبعدها

عما يخشى منه من خطر العرض، وغير ذلك، فالحاصل أنت لاحظ الشيء الذي يبرئ ذمتك، وينفع زوجتك، من جهة عرضها ودينها، ومن جهة حاجتها، فيما يتعلق بأكلها، وشربها، وكسوتها، ونحو ذلك، وأنت أعلم بنفسك وأبصر، فاحرص على الشيء الذي ينفعك وينفعها ويبرئ ذمتك، من جهة المدة ومن جهة النفقة، والله المستعان. وتوقيت عمر رضي الله عنه للجند بستة شهور، هو توقيت له أهميته، وهو توقيت جيد، ولكن في هذا الوقت الستة طويلة أيضا، ولا سيما في غالب الأمصار وغالب القرى، الخطر كبير، كونه لا يطيل حتى الستة، شهرين، ثلاثة، أربعة، مهما أمكن أن يكون قريبا منها فهو أولى وأحوط.

س: يقول السائل: من أجل العمل أغيب عن زوجتي، فترة معينة تصل إلى سنة، وسنة ونصف، من أجل المعيشة هل علي ذنب؟ (¬1) ج: ليس عليك حرج في ذلك، ما دمت لطلب المعيشة وطلب الرزق، وهي راضية، ليس عندها مخالفة، فلا حرج عليك، أما إن كانت غير راضية فاتفق معها على مدة معلومة، أو اتصل بالقاضي ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط، رقم (181).

أنت والمرأة، حتى يحكم بينكما، أما إن كانت راضية، وليس عندها مخالفة فلا حرج عليك، والأفضل لك ألا تطول المدة، واجتهد أن تكون المدة قصيرة، ستة أشهر، أربعة أشهر، ثلاثة أشهر، ثم ترجع إلى عملك، وتذهب إليها أياما ثم تعود إلى عملك، هذا هو الأفضل لك والأحوط لك؛ لأن المرأة في حاجة إلى زوجها، وقد تكون لها حاجات أخرى، تحب أن تبديها لك، وقد يخشى عليها من الشيطان، فالواجب عليك أن ترعى هذه الأمور، وتجتهد حسب الطاقة حتى لا تطول المدة، فإذا عجزت عن ذلك وهي راضية، فلا حرج عليك.

س: يقول السائل: غبت عن زوجتي ما يقرب من عامين ونصف، هل أنا آثم على هذه الغيبة؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل إذا كان له عذر شرعي، فليس بآثم كالمسجون وأشباهه الذي لا يستطيع الرجوع، أو سمحت له في ذلك، أو في طلب الرزق؛ لأنه ليس في بلده عمل، ولم يتيسر له الخلاص من البلدة التي ذهب إليها، إلا في هذه المدة الطويلة، ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط، رقم (216).

المقصود إذا كان عنده عذر شرعي، لم يمكنه من الرجوع في مدة قريبة، والأولى بالمؤمن أن يلاحظ المدة القريبة، مثل ستة أشهر، أو ما يقاربها حتى يرجع إلى أهله، أو يحمل أهله معه، ولا يطول الغيبة؛ لأن هذا فيه خطر على أهله، وخطر عليه أيضا هو، وليس في هذا حد محدود إلا ما روي عن عمر رضي الله عنه: أنه كان يحدد ستة أشهر للغزاة والموظفين، هذا له وجه، فإذا اعتمد الإنسان ستة أشهر، فرجع إلى أهله، ثم عاد إلى عمله، هذا إن شاء الله فيه خير كثير، وإن اعتنى بما هو أقل من هذا؛ لأن الوقت تغير، الوقت الآن فيه خطر كبير، ورجع قبل ستة أشهر كأربعة أو ثلاثة، هذا فيه حيطة، وفيه عناية بنفسه وعناية بأهله، أو يحملهم معه، ولو سمحت الزوجة له، فقد تسمح وهي غير مطمئنة، وغير راضية، لكن مراعاة لخاطره، فينبغي للمؤمن أن يحتاط من جهة أهله، فلا يطول الغيبة مهما أمكن.

س: سائل يقول: كم المدة المسموح بها في الشرع، عند مفارقة الزوجة، إذا ذهبت للعمل، هل إذا أطلت المدة المحدودة، دخلت في الإثم؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط، رقم (7).

ج: الواجب عليك المعاشرة بالمعروف، الله يقول: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} فإذا شغلت عن جماعها، والمبيت معها في عمل، فلا حرج، لكن إذا كان معها زوجة ثانية، فلا بد من العدل، أما شغلك عنها، فليس له حد محدود، إذا كنت في عمل، واشتغلت بعض الأيام، فلا حرج عليك.

س: السائل ع. ع. يقول: أنا أقيم بالعراق منذ حوالي سنتين، ويمكن أن تمر السنة كاملة، دون أن أسافر إلى أهلي، بحكم ظروف العمل، هل يلحقني إثم؟ (¬1) ج: ينبغي لك أن تحرص على الزيارة، ولكن لا يلزمك، إذا كانت الزوجة عندك فالحمد لله، أما الزوجة فلا بد أن تكون عندك، تنقلها إليك أو تزورها بين وقت وآخر، في ستة أشهر أو أقل؛ لأن الوقت خطير، والمجتمع الآن فيه شر كثير، فالواجب عليك أن تتحرى ما يسبب حفظ زوجتك، وسلامة عرضها بأن تنقلها إليك، أو تسافر إليها بين وقت وآخر ليس بطويل؛ لعفتها ومراعاة أحوالها ¬

(¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (175).

وشؤونها، والإحسان إليها إلى غير ذلك، أما الوالدان والأقارب فكيفي المكاتبة، والكلام الطيب، أو الكلام بالهاتف، إذا تيسرت الزيارة، فهذا أكمل وأحسن.

حكم الاتفاق مع الزوجة على مدة معلومة للغياب عنها

142 - حكم الاتفاق مع الزوجة على مدة معلومة للغياب عنها س: ما حكم الإسلام فيمن غاب عن زوجته ثلاث سنوات، أي سافر إلى الخارج، وهي راضية عن هذا السفر، فما هو الزمن المحدد الذي حدده الإسلام بين الزوج وزوجته، وهل تراضي الزوجين يغير من الزمن المحدد؟ (¬1) ج: إذا سافر الرجل عن زوجته مدة طويلة أو قصيرة برضاها فلا حرج في ذلك، ولو طالت المدة، ولكن ينبغي للمؤمن أن يلاحظ حاجة أهله بمجيئه إليهم، وأن يحرص على أسباب السلامة من الفتنة؛ لأن المرأة إذا تأخر عنها الزوج، قد يخشى عليها من الفتنة، فينبغي للزوج أن يلاحظ ذلك وألا يطيل الغيبة، وإذا اتفق معها على شيء معلوم، فلا بأس بذلك؛ لأن الحق لا يعدوهما، لكنه مع ذلك ينبغي له أن يتحرى الوقت القصير الذي يحصل به المقصود من ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (192).

قضاء حاجته، مع كونه يتصل بها ولا يبتعد عنها مدة طويلة، قد روي عن عمر رضي الله عنه أنه وقت للجنود ستة أشهر، وهذا مقارب، ولكن الوقت يختلف، والناس يختلفون، ولا سيما في هذا العصر إذ كثر فيه الشر، وعظمت فيه أسباب الفتن، فينبغي للزوج أن يتحرى الوقت القصير، أو يحملها معه إلى محل عمله؛ حذرا من الفتنة، والعواقب الوخيمة، وليس في ذلك حد محدود، بل على العبد أن يتحرى الوقت المناسب الذي يرجو معه سلامة نفسه، وسلامة زوجته، فهو قد يفتن بسبب طول الغيبة، وقد يقع فيما حرم الله، وهي كذلك يخشى عليها من الفتنة أيضا، فعليه أن يراعي ذلك من جهة نفسه، ومن جهة زوجته بتقصير المدة، أو بنقلها معه إلى محل عمله، والله ولي التوفيق.

س: يقول السائل: أنا متزوج وسافرت إلى العراق، ولم أذهب إلى أهلي منذ ثلاث سنوات، هل علي من ذنب يلحقني نتيجة ما فعلت؟ وجهوني جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذه المدة طويلة، ما كان ينبغي منك أن تفعلها؛ لأن المرأة ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (186).

بحاجة إلى زوجها؛ لعفتها والبعد بها عن الأخطار، وأنت كذلك بحاجة إلى زوجتك؛ للعفة وغض البصر، فالواجب ألا تطيل المدة، وأن تحرص على أن تكون المدة قليلة، أو تنقلها معك إلى محل عملك، وإذا كانت قد سمحت عنك، فلا شيء عليك، إن شاء الله لكن ينبغي لك أن تلاحظ الموضوع دائما، وأن تكون المدة قصيرة؛ حرصا على سلامتك وسلامتها، وحرصا على عفة فرجك وغض بصرك، وهكذا سلامتها هي أيضا والحرص على حفظ فرجها وغض بصرها، والمؤمن حسيب نفسه، ينظر للأمر، فإن المدة إذا طالت فيها خطر عليكما جميعا، فالواجب عليك أن تجتهد في اختصار المدة قليلا، مدة ليس فيها خطر، أو أن تنقل المرأة معك في عملك، نسأل الله للجميع الهداية، ويروى عن عمر: أنه كان يحدد ستة أشهر رضي الله عنه، للغيبة عن الزوجة، ولكن الوقت يختلف، ولكن في أوقاتنا هذه الخطر كبير، بسبب انتشار الفساد وكثرة التبرج، وضعف الإيمان في أغلب البلدان، وأغلب الأمكنة، فينبغي للمؤمن أن يختصر المدة، وأن تكون أقل من ذلك مهما أمكن، أو يصحب زوجته معه دائما؛ لأن ذلك أقرب لسلامته وسلامتها، المقصود أن المدة مهما أمكن أن تكون أقل من ستة

أشهر، فهو أولى من أجل الأخطار الكثيرة على المرأة والرجل جميعا، والوصية للمرأة حول هذا الموضوع هي تقوى الله سبحانه، وأن تحرص على حفظ فرجها وسمعتها وغض بصرها، وأن تبتعد عن الخلطة بالرجال، أو الخلوة بالرجال وأن تحرص على بقائها في بيتها، وإن كان ولا بد من الخروج، فلتكن إلى محلات أمينة سليمة، وليكن معها من أخواتها في الله من يصحبها؛ لأن ذلك أبعد عن أسباب الفتنة عند الضرورة للخروج لقضاء حاجة، وعلى الزوج أن يتقي الله في أهله، وأن يحرص على قلة المدة التي يغيب عنها، أو يحرص على صحبتها معه أينما كان، حرصا على سلامتهما جميعا.

حكم دعوى أن من غاب عن زوجته مدة طويلة تحرم عليه

143 - حكم دعوى أن من غاب عن زوجته مدة طويلة تحرم عليه س: هل تحرم الزوجة على زوجها إذا غاب عنها ست سنوات في الخارج، وليس له أولاد منها؟ (¬1) ج: لا تحرم عليه، سواء غاب ستا أو أكثر، لا تحرم عليه زوجته بغيبته، إلا إذا طلقها، أو فسخت منه، إذا طلقها الطلاق الشرعي واعتدت، أو فسخها الحاكم الشرعي؛ لطول الغيبة، وعدم قيامه ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (240).

بحقها، فهذا تحرم عليه في الفسخ الشرعي أو الطلاق الشرعي، أما مجرد الغيبة، لا تحرمها عليه، سواء ست سنوات، أو أقل، أو أكثر. الواجب على الزوج أن يتقي الله في زوجته، وأن يحرص على عدم الغيبة، حتى ولو كان في أمور مهمة، ويحرص على عدم طول الغيبة سواء كان في طلب العلم، أو في تجارة، أو في غير ذلك، الواجب عليه أن يحرص على حفظ زوجته ورعايتها، حتى لا تقع فيما حرم الله، وحتى لا يخل بما أوجب الله عليه، يحرص على المجيء إليها بعد وقت قصير، كثلاثة أشهر، شهرين، أربعة، خمسة، ستة، يراعي الأمور التي تحول بينها وبين الشر، وتحول بينه أيضا وبين الشر؛ لأنه على خطر أيضا، حتى هو إذا غاب على خطر من وقوع الفاحشة، وهي على خطر أيضا، فالواجب على كل منهما الحرص على أسباب العفة، وعلى أداء الحق الذي عليه للآخر، وطول الغيبة من أسباب إضاعة الحقوق، فالواجب على الزوج أن يحرص على عدم الغيبة، وعلى الزوجة أن تحرص على مساعدته على هذا الشيء بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، والمطالبة بعدم طول الغيبة، أو سفرها معه إذا أمكن سفرها معه إلى محل ما فيه خطر، على ما يحبه الله ويرضاه سبحانه وتعالى، أما السفر إلى بلاد الشرك،

هذا خطره عظيم، فالواجب الحذر من ذلك، لا سفره وحده، ولا سفره معها، كل ذلك فيه خطر عظيم، فيجب الحذر من الذهاب إلى بلاد الشرك، لا في أوقات العطل، ولا في غيرها؛ لأن بلاد الشرك خطرها عظيم، من جهة الشرك، ومن جهة المعاصي، ومن جهة مرض القلوب، إلى غير هذا من الأخطار، أما في بلاده الإسلامية ومحلات ليس فيها خطر؛ لعمل ذهب إليه، أو لزيارة، أو لأمور رسمية، فالواجب عليه أن يحرص على أن تكون المدة قصيرة، أو تكون معه في سفرته، حرصا على المصلحة العظيمة التي يحتاجها وتحتاجها هي، وحرصا على السلامة وكل شيء، نسأل الله للجميع الهداية.

س: يقول السائل: سمعت أن من غاب عن زوجته ستة أشهر، أو أكثر، يجب عليه عند وصوله إليها أن يعقد عليها عقدا شرعيا جديدا، وأنا غبت عنها ثلاث سنوات متتالية، فهل ما قاله الناس صحيح؟ (¬1) ج: هذا ليس بصحيح، من غاب عنها سنوات هو على نكاحه ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (238).

إلا إذا فسخ الحاكم الشرعي، إذا اشتكت إلى الحكم الشرعي وفسخه الحاكم الشرعي، فهذا يراجع فيه الحاكم، إذا أراد العودة إليها بعقد جديد، يراجع الحاكم، أما إذا كانت على حالها لم تطلب الطلاق، ولم تفسخ، فنكاحهما باق، وزوجته باقية في عصمته، وليس هناك حاجة إلى عقد، سواء كانت المدة طويلة أو قصيرة، لكن ينبغي للمؤمن أن يجتهد في عدم الإطالة؛ لأن على المرأة خطرا وهو عليه خطر كذلك؛ لطول الغيبة، فينبغي عليه أن يكون لديه عناية بزوجته، وألا يطول الغيبة عنها، والله يقول سبحانه: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وليس من المعروف طول الغيبة، بل ينبغي عليه أن يأتي إليها بين وقت وآخر، حتى تنتهي مدته، كل ثلاثة أشهر، كل شهرين، كل أربعة أشهر، حتى لا تطول الغيبة، وقد روي عن عمر رضي الله عنه: أنه سئل عن هذا من جهة الغزاة، فوقت لهم ستة أشهر، فإذا غاب ستة أشهر لحاجة مهمة فلا بأس- إن شاء الله- ولكن كلما أمكن من التخفيض وعدم التطويل، فهو أولى وأحوط، ولا سيما في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن، وكثرت فيه الشرور،

وقل فيه الصبر، فينبغي للمؤمن أن يعرف قدر وقته، وألا يطيل الغربة عن زوجته، بل يزورها بين وقت وآخر، أو يحملها معه حيث أمكن حملها معه في السفر، وإلا فليأت بين وقت وآخر، أقل من ستة أشهر، شهرين، ثلاثة، أربعة، كلما تيسر له جاء وزار أهله، حتى ينتهي عمله.

نصيحة لمن غاب في سفره عن زوجته غيبة طويلة

144 - نصيحة لمن غاب في سفره عن زوجته غيبة طويلة س: الأخ: ع. ص. من جدة، يسأل ويقول: لي قريب متزوج ومسافر وله سبع سنوات وهو غائب عن زوجته، وهي في انتظاره، فما حكم ما فعل؟ وبم تنصحونه وأمثاله؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: ننصحه وأمثاله أن يرجع إلى زوجته، وأن يقوم بحقها ويستسمحها عما حصل، وأن ينفق عليها النفقة اللازمة، هذا هو الواجب عليه، وإذا كان هناك أسباب أوجبت الغربة الطويلة، فليكتب إليها، وليخبرها بالحقيقة، وليستسمحها حتى لا يلحقه حرج وحتى تعلم زوجته الحقيقة، أما إن كان هناك خلاف ونزاع، فهذا إلى المحكمة الشرعية التي تنظر في الأحوال الشخصية، أو المحاكم ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (253).

المستقلة الشرعية، المقصود أن هذا يرجع للمحكمة الشرعية فيما يتعلق بفسخها منه إذا تأخر عنها، ولم تسمح بالبقاء في عصمته، أما هو، فالواجب عليه أن يبلغ زوجته وأهلها حاله، وأسباب تأخره، وأن يرسل النفقة إذا كان يقدر عليها، أو يستسمحهم عنها، فيجب أن يكون هناك عناية بهذا الأمر، ولا يسكت ويستمر بالغربة من دون إشعار له، وإذا كانت ترغب الطلاق ولا تصبر، طلقها، ولم يخرجها إلى المحكمة. والله المستعان.

س: ما حكم من يترك زوجته قرابة السنة والسنتين في السفر؟ ولأني سمعت أنه لا يجوز للرجل أن يغادر أو يترك أهله أكثر من أربعة شهور، مع العلم أن ظروف العمل لا تسمح للفرد أن يسافر إلا بعد تمام سنة على الأقل، أرجو الإفادة وشكرا لكم. (¬1) ج: لا مانع إذا سافر الإنسان لطلب المعيشة، ولطلب الرزق؛ ليعمل ويكتسب؛ للنفقة على أهله أو سافر لطلب العلم، فلا بأس أن يغيب أكثر من أربعة أشهر، وأكثر من ستة أشهر، نعم كان عمر اجتهد رضي الله عنه وأرضاه كان يأمر الرجل ألا يغيب أكثر من ستة ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (5).

أشهر، إذا أمكنه الرجوع إلى أهله، وهذا من اجتهاده رضي الله عنه وأرضاه، والحرص على عفة الفروج وعلى سلامة المجتمع من الأخطار، فإذا تيسر له أن يزور أهله بعد ستة أشهر فهذا حسن، وإلا فليس بلازم، إذا كان في عمل مباح، أو عمل شرعي، كطلب علم، أو كان في طلب الرزق والكسب الحلال؛ لينفق على أهله، فهو في هذا في عمل مهم، ولا حرج عليه، ولكن إذا كان يخشى شرا على أهله، أو يخشى أن الحالة تسوء بينه وبينهم، فينبغي له أن يلاحظ العودة إليهم سريعا، في الوقت المناسب، ولا يرتبط ارتباطا طويلا قد يفضي إلى الفرقة بينه وبين أهله، أو يفضي إلى مضرة عليهم، ولا سيما إذا كان يخاف عليهم من الفساد، فينبغي أن يلاحظ هذا بنقلهم معه، أو الزيارة التي تكون قريبة لا بعيدة، ويتفق مع من يعمل عندهم، على هذا الشيء، وكذلك إذا كان في طلب العلم يحرص على الزيارة في الأوقات المناسبة، كالإجازة الصيفية، أو غيرها من الأوقات التي يمكن أن يزور فيها، حتى يجمع بين مصلحتين، مصلحة طلب العلم والعمل، ومصلحة أهله وزيارتهم وقضاء حاجتهم.

س: يقول السائل: لي مدة ثلاث سنوات، وأنا الآن داخل في الرابعة، غائب عن زوجتي وأطفالي، إلا أنني قد كفيتهم المؤونة، مؤونة البيت، ومؤونة المدرسة، هل علي خطأ في غيابي عن زوجتي هذه المدة؟ أرجو التوجيه جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: لم يرد فيما نعلم في الشرع المطهر، تحديد لغيبة الزوج، وقد روي عن عمر رضي الله عنه: أنه حدد للجنود ستة أشهر من باب الاجتهاد والتحري للخير، فإذا كنت- أيها السائل- غبت في طلب الرزق الحلال، وشغلت عن المجيء إلى أهلك، وهناك أمور ألجأتك إلى طول الغيبة، فنرجو ألا يكون عليك شيء ما دمت قد قمت بحقهم، وأنفقت عليهم، وينبغي لك ألا تطيل الغربة، وأن تلاحظ حاجة الزوجة، وحاجة الأولاد إلى مجيئك، وإلى قضاء وطرك من أهلك، وإلى عفة أهلك، وإلى ملاحظة أولادك وتأديبهم وتربيتهم التربية الإسلامية، إلى غير ذلك من مصالحهم، فينبغي لك أن تلاحظ المدة المناسبة، التي ترجع فيها إليهم ثم تعود إلى عملك، إذا لم يتيسر لك عمل في محل أهلك، ولم يتيسر نقلهم ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (110).

معك في محل مناسب، وأنت على كل حال تنظر ما هو الأصلح في عفة أهلك، وصلاح أولادك من جهة النقل معك، أو من جهة المجيء إليهم في وقت ليس بالطويل، كثلاثة أشهر أو شهرين أو أربعة أو خمسة، على حسب ما يتيسر لك ما دمت في طلب الرزق، وفي طلب الحلال والحاجة إلى ذلك، فليس في هذا وقت مقدر فيما نعلم من الكتاب والسنة، واجتهاد عمر رضي الله عنه في ذلك له وجاهته، وقد تحتاج الزوجة إلى أقل من الستة أشهر، قد تكون في محل خطير فيضرها غيبتك ستة أشهر، وقد تكون في محل آمن يكون عندها من العقل والدين والإيمان ما يطمئنك لو أطلت أكثر من ستة أشهر، فالحال تختلف، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» (¬1) وعمر منهم، بل هو أفضلهم بعد الصديق، فعليك أن تلاحظ ما هو الأصلح وما هو الأقرب إلى سلامة أهلك وأولادك، من مراعاة الستة أشهر وما هو أقل منها، أو ما هو فوقها على حسب قدرتك، ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه برقم (16694).

وعلى حسب حال أهلك والطمأنينة على سلامة الأهل، والأولاد مما يضرهم وعدم ذلك، فهو محل اجتهاد ومحل نظر منك، والواجب عليك أن تعمل ما هو الأصلح وما هو الأحوط، وما هو الأقرب إلى سلامة أهلك وأولادك. والله المستعان. وبالنسبة لهذا العصر وما فيه من المغريات، ننصح بأقل من رأي عمر رضي الله عنه، أنصح بأن تكون المدة أقل من ستة أشهر، وأن يلاحظ الزوج ألا تطول الغيبة، وأن تكون الغيبة قصيرة جدا، مهما أمكن، أو يبقى عند أهله ولو بالمشقة، أو ينقلهم معه؛ لأن الأخطار كثيرة، والفتن كثيرة، والسلامة الآن قليلة في غالب الأماكن، فينبغي له أن يلاحظ ذلك، وأن يحذر أن يقع أهله فيما لا ينبغي بسبب غيبته.

س: يسأل عن غياب الزوج عن زوجته سماحة الشيخ فيقول: سمعت من بعض الناس أن الذي يغيب عن زوجته لمدة سنة تكون زوجته طالقا وأن هذا غير جائز فما هو توجيه سماحتكم؟ (¬1) ج: لا تطلق زوجته لغيبته، ولكن يشرع له أن يراعي الأوقات المناسبة، وألا يطول غيبته؛ لأن طول الغيبة قد يسبب مشاكل كثيرة ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (338).

عليه وعليها، والإنسان عرضة للفتنة، الرجل والمرأة، والمشروع لك- يا أخي- ألا تطول الغيبة، وأن تحرص على أن تكون قليلة، بمقدار شهرين، أو ثلاثة، أو تكون معك إذا أمكن حرصا على سلامة عرضها وعرضك أما الطلاق فلا تكون مطلقة ولو تأخرت عنها سنة أو أقل أو أكثر ولم تطلقها فهي باقية في عصمتك، إلا إذا كان هناك خصومة بينك وبينها عند الحاكم، ورأت المحكمة الفراق بينك وبينها، هذا يرجع إلى المحكمة؛ لتنظر الأمر والموضوع وتعمل به بما يقتضيه الشرع المطهر، أما مجرد غيبتك عنها فلا يجعلها مطلقة.

س: ما حكم الإسلام في البعد عن الزوجة لمدة سنة أو سنتين؟ (¬1) ج: لا يجوز للمسلم أن يهجر زوجته من الجماع؛ لأن هذا يضرها، وربما أفضى إلى وقوعها فيما لا تحمد عقباه، فالواجب عليه أن يجامعها بالمعروف حسب الطاقة والإمكان، وقال بعض أهل العلم: إنه يجب عليه ذلك في كل أربعة أشهر مرة، ولكن ليس ذلك بالواضح من جهة الدليل، بل الواجب عليه أن يعاشرها ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (28).

بالمعروف، كما قال الله سبحانه: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وقال جل وعلا: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ومن المعروف أن يجامعها ويؤنسها ويخاطبها بالتي هي أحسن، وينفق عليها النفقة اللازمة إلى غير ذلك، وليس من المعروف أن يهجرها هذه المدة الطويلة، فالواجب عليه أن يستبيحها في المدة الطويلة فإذا سمحت وأباحت فلا حرج، وإلا فالواجب عليه أن يعتني بها، وأن يجامعها بالمعروف حسب الطاقة وحسب الإمكان، وحسب ما يراه كافيا ومانعا من وقوع كل منهما فيما لا يرتضى، فإن الجماع يعفه ويعفها جميعا، وإهمالها المدة الطويلة، فيه خطر عليه وعليها جميعا، إلا من عذر شرعي، أو غربة يحتاج إليها في طلب العلم، أو طلب الرزق، أو ما أشبه ذلك من الموانع.

س: الأخ: م. ع. ع. من العراق، وهو مصري الجنسية، يقول: إنه يعمل سائق سيارة أجرة، ويغيب عن زوجته أكثر من عامين، ويسأل عن حكم ذلك جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (124).

ج: ينبغي له أن يتقي الله فيها، ينبغي أن يتقي الله في زوجته وألا يغيب عنها هذه المدة الطويلة، بل يحاسب نفسه ويأتيها بين وقت وآخر حسب الطاقة، ولا يتساهل في هذا الأمر، فإن هذا قد يفضي إلى انحرافها، ووقوعها فيما حرم الله؛ لأنها مدة طويلة، والزوجة لها حق عظيم، والله يقول: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} وليس من المعروف أن يهجرها هذه المدة الطويلة، ولكن يجاهد نفسه حتى يأتيها بين وقت وآخر، شهرين، ثلاثة، أربعة، ستة، على الأكثر، كما يروى عن عمر رضي الله عنه: أنه وقت للجنود ستة أشهر، فالحاصل أن هذا تختلف فيه الأحوال، والوقت الآن غير وقت عمر أيضا، وقت عمر كان أصلح، كان الناس فيه على خير وعلى خوف من الله أكثر من وقتنا، وقتنا هذا فيه الانحراف الكثير والخطر الكثير، وكثرة الفواحش، فينبغي للزوج أن ينظر إلى هذه الأمور، وألا يتساهل في حق زوجته، بل يكون عمله قريبا منها حتى يزورها بين وقت وآخر، أو ينقلها معه في عمله الذي هو فيه، حتى يصونها ويصون عرضه وعرضها، وعليه أن يتقي الله في ذلك، هو المسؤول

عنها، فعليه أن يتقي الله في شأنها، وألا يهجرها المدة الطويلة؛ من أجل كسب الدنيا.

س: إذا خرج الرجل، وسافر إلى أي دولة أو إلى أي قطر عربي أو خلافه، وانقطع عن زوجته مدة سنة، أو سنتين أو أكثر ورجع بعد ذلك فما الحكم؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك- إن شاء الله- إذا كان لطلب الرزق، أو في طلب العلم، لا حرج في ذلك، وإذا كان يخشى أن يكون قد قصر في حقها، وتساهل فإنه يستسمحها ويطلب منها السماح، وعدم المؤاخذة فيما حصل من الطول، وبكل حال فالأمر في هذا إن شاء الله واسع، ولا سيما إذا كان الطول خارجا عن اختياره، في طلب الرزق، أو في طلب العلم، فإنه في هذا يكون- إن شاء الله- معفوا عنه، وأما إن كان من غير عذر، بل تساهل، فينبغي له أن يستسمحها، ويقول: يا بنت فلان، أو يا أم فلان، سامحيني قد قصرت وطولت، سافرت من دون عذر، أو أهمية، والمشروع لها أن تسامحه هي أيضا، وأن تعفو عما سلف، حتى تعود المياه إلى ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (42).

مجاريها، وحتى تستقيم حال العشرة فيما بينهما، والله المستعان. أما لو انقطع أخباره عنهم، في هذه الفترة التي غاب فيها، فحصل مثلا أن تزوجت زوجته غيره، فإن هذا محل نظر، فإذا طال عليها مدة انفصاله، فإن في إمكانها أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي، تطلب النظر في أمرها؛ لأن الغائب المفقود مثل هذا، لا يعجل في فسخها منه، إلا بعد النظر من الحاكم الشرعي والتأمل، والغيبة تختلف، قد تكون الغيبة يرجى فيها السلامة، ولا يخشى فيها الهلاك، وقد تكون غيبته يغلب عليها الهلاك، والأمر محل تفصيل، لكن ما دام رجع إليها وهي في عصمته ولم يتغير شيء فالحمد لله.

حكم من زاد في مدة سفره عن المدة التي اتفق عليها مع زوجته

145 - حكم من زاد في مدة سفره عن المدة التي اتفق عليها مع زوجته س: قبل سفري إلى المملكة، اتفقت مع زوجتي على أن أقضي مدة سنة واحدة خارج البلاد، وذلك لسداد الديون المطالب بها، فإذا طالت مدة سفري عن السنة المتفق عليها؛ وذلك لظروفي المادية، فهل يكون علي وزر من ناحيتها أفيدوني مأجورين؟ (¬1) ج: ليس عليك شيء- إن شاء الله- إذا كنت مضطرا لزيادة ¬

(¬1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (359).

الإقامة، لا حرج في ذلك، لكن إن تيسر أن تجلبها إلى محلك، أن تدعوها إلى محلك وتنقلها إلى محلك، فهذا أحوط وأحسن، فإن لم يتيسر ذلك فلا حرج.

حكم تعدد الزوجات

146 - حكم تعدد الزوجات س: ما حكم من يعدد الزوجات، وهل يصغي إلى الأقوال القائلة: بأن ذلك يخالف الفطرة؟ وجهونا جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: قد شرع الله عز وجل لعباده تعدد النساء، إذا استطاع الزوج ذلك، ولم يخف الجور وعدم العدل، كما في قوله جل وعلا: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم عدة من النساء، وتوفي صلى الله عليه وسلم وعنده تسع، وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام، فيما زاد عن أربع، أما الأمة فليس لهم إلا الأربع فقط، وقد فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين من أسلم على أكثر من أربع، وأمره أن يفارق الزائد، ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (125).

خيره أن يختار أربعا، ويفارق ما زاد على ذلك، فالواجب على المسلم أن يقف عند حد الله، وألا يزيد على ما شرع الله، وهو الأربع إذا استطاع أن يتزوج أربعا، وقام بحقهن فلا حرج عليه في ذلك، بل ذلك أفضل له، إن استطاع ذلك؛ لما في ذلك من المصالح، منها عفة فرجه وغض بصره، وتكثير الأمة وتكثير النسل، الذي قد ينفع الله به الأمة، وقد يعبد الله ويدعو لوالديه، فيحصل له بذلك الخير العظيم، فلولا أنه أمر مطلوب وأمر مشروع، وفيه مصالح جمة لما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، فهو أفضل الناس وخير الناس، وأحرصهم على كل خير عليه الصلاة والسلام، وقد جعل الله في تزوجه بالعدد الكثير من النساء مصالح كثيرة، في تبليغ الدعوة ونشر الإسلام، من طريق النساء ومن طريق الرجال، فإذا تزوج المسلم اثنتين أو ثلاثا، أو أربعا لمصالح شرعية؛ لأنه يحتاج إلى ذلك، وقصده تكثير الأولاد، أو القصد كمال العفة وكمال غض البصر؛ لأنه قد لا تكفيه واحدة، أو اثنتان أو الثلاث، فكل هذا أمر مطلوب شرعي، ولا يجوز لأي مسلم ولا لأية مسلمة، الاعتراض على ذلك، ولا يجوز انتقاد ذلك، ولا يجوز لأي إذاعة ولا أي تلفاز، أن ينشر ما يعارض ذلك، بل يجب على جميع وسائل الإعلام، أن

تقف عند حدها، وليس لها أن تنكر هذا الأمر المشروع، ولا يجوز لمن يقوم على وسائل الإعلام، أن ينشر مقالا يعترض على ذلك، لا في الوسائل المقروءة، ولا في الوسائل المسموعة، ولا في الوسائل المرئية، بل يجب على وزارات الإعلام في الدول الإسلامية، أن يحذروا ذلك وأن يتقوا الله وأن يبتعدوا عما حرم الله عز وجل، وهل يرضى مسلم أن تبقى النساء عوانس في البيوت، والإنسان يستطيع أن يأخذ ثنتين، أو ثلاثا أو أربعا، هذا لا يجوز أن يفعله مسلم أو يراه مسلم يخاف الله ويرجوه، ولا يجوز لمسلمة تخاف الله وترجوه أن تنكر ذلك، وهي تعلم يقينا أن كونها مع زوج عنده زوجة، أو زوجتان أو ثلاث خير لها من بقائها بدون زوج، حتى تموت عانسة لا زوج لها، وربما حصل لها بذلك عفة فرجها، وغض بصرها وحسن سمعتها وسلامة عرضها. فالواجب على الدول الإسلامية عامة، وعلى حكومتنا خاصة، إظهار هذا الأمر، وتأييد هذا الأمر، والإنكار على من عارض هذا الأمر، في أي وسيلة مرئية، أو مسموعة أو مقروءة، بل يجب إنكار ذلك، وإنه ليسوؤني كثيرا ويسوء كل مسلم يخاف الله، أن يسمع في إذاعة أو يشاهد في تلفاز، أو يقرأ في صحيفة من يعترض على

شرع الله، ويدعو إلى الاقتصار على واحدة، إلا على الوجه الشرعي، إذا خاف ألا يقوم بالواجب، أو عجز عن أن يقوم باثنتين، هذا قد وضحه الله سبحانه وتعالى، لكن من استطاع أن يتزوج اثنتين، أو ثلاثا أو أربعا، فلا حرج عليه، وهو مأجور ومشكور، إذا نوى بذلك إظهار دين الله، وتكثير الأمة، وغض بصره، وإحصان فرجه، والإحسان إلى أخواته في الله المحتاجات إلى النكاح، فهو مشكور ومأجور، والواجب على جميع المسلمين، وعلى جميع المسلمات، أن يرضوا بما شرع الله، وأن يحذروا الاعتراض على ما شرعه الله، وأن يخافوا نقمته سبحانه، وعقابه باعتراضهم ومخالفتهم لأمر الله عز وجل، وقد قال الله عز وجل في كتابه العظيم: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} فأخشى على من كره هذا المشروع، أن يحبط عمله ويخرج من دينه، وهو لا يشعر نسأل الله العافية، وقال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} المقصود أنه على المؤمن أن يرضى بما شرعه الله،

وأن يبغض ما أبغض الله، وأن يكره ما كرهه الله، وأن يحب ما أحبه الله في جميع الأمور، إذا كان مسلما مؤمنا، يخاف الله ويرجوه. فنسأل الله للجميع الهداية والسلامة.

س: هناك مشكلة اجتماعية خطيرة، استفحلت بسبب الغزو الاجتماعي، تلك هي عدم تعدد الزوجات فما رأيكم في ذلك؟ (¬1) ج: لا ريب أن تعدد الزوجات فيه مصالح جمة، وقد قال الله جل وعلا: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} فالله جل وعلا شرع لعباده تعدد الزوجات؛ لمصالح كثيرة، منها ما في ذلك من عفة الرجل، وعفة النساء، فإن الزواج من أسباب العفة للرجل عما حرم الله، ومن أسباب عفة النساء عما حرم الله، وبقاء الرجل بلا زوجة أو معه زوجة لا تعفه؛ لأنه شديد الشهوة قد يضره ويعرضه للفتن وهكذا بقاء المرأة بدون زوج؛ قد يعرضها للفتنة، فمن رحمة الله سبحانه أنه شرع لعباده الزواج، وشرع التعدد، حتى ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (9).

يحصل من ذلك الخير الكثير، ومن أسباب ذلك أن الرجل قد لا تكفيه الواحدة، قد يكون قوي الشهوة، فلا تكفيه واحدة، فربما تعرض بسبب ذلك إلى ما حرم الله، فشرع الله له التعدد، ومن ذلك أيضا أن المرأة تحيض ويصيبها النفاس أيضا، فيتعطل الرجل مدة النفاس ومدة الحيض، فإذا كان عنده ثانية وثالثة، وجد ما يعفه عندما تصاب المرأة بعذر، وعند وجود ما يمنع الجماع، كذلك قد تمرض المرأة، وقد تسافر لبعض الأسباب، فالحاصل أن الحاجة إلى الثانية والثالثة والرابعة، حاجة ظاهرة كذلك، فقد يكثر النساء ويتعطلن من الأزواج، فكونهن عند زوج يعفهن، ويقوم عليهن وينفق عليهن، ويصونهن ولو كن أربعا، تحت رجل واحد، هذا خير لهن من تعطلهن وعدم التزوج، فالذي جاءت به الشريعة كله خير، وكله صلاح للمجتمع، فلا ينبغي للعاقل أن يستنكر ذلك، وإن كان بعض النساء قد يستنكرن ذلك لقلة الفهم ولقلة البصيرة، وقلة العلم، وإلا فالتعدد فيه مصالح للجميع، الرجال والنساء جميعا، ولكن بعض النساء قد يجحد هذا الشيء، وقد ينكر هذا الشيء ويرغب السلامة، وذلك من عدم النظر في العواقب، ومن عدم البصيرة في الدين، فلا ينبغي للمرأة أن تستنكر هذا الشيء الذي

أباحه القرآن، إذا سلمت من الضرة لا بأس، ولكن لا يجوز لها أن تستنكر حكم الله، ولا أن تكره حكم الله بل عليها أن ترضى بحكم الله، وأن تعلم أن حكم الله فيه خير للجميع، وفيه سعادة للجميع، ولو حصل عليها بعض الأذى من الجارة، أو انفردت في بعض الليالي، لا يضرها ذلك، والحمد لله، ما دام الأمر على شرع الله، وفيه مصالح كثيرة، فينبغي لها التحمل والتصبر، وعدم الاستنكار للزوج الذي عنده أكثر من واحدة، بل إذا تيسر لها زوج ليس معها فيه شريك، فلا بأس، وإلا فلا ينبغي لها أن تصبر على الوحدة والبقاء من دون زوج؛ من أجل عم الموافقة على الجارة، بل ينبغي لها أن تصبر، وأن تنكح الزوج الذي معه زوجة قبلها، أو زوجتان ولا بأس عليها في ذلك إذا عدل.

حكم من كره تعدد الزوجات

147 - حكم من كره تعدد الزوجات س: يقول السائل: هناك بعض النساء يفضلن بعض العادات الاجتماعية في أوربا أو في الغرب عموما، أو في البلاد غير الإسلامية، ويقلن في ذلك إن تعدد الزوجات ممنوع، وهنا مثلا في الحكم الشرعي يباح تعدد الزوجات، فما الحكم في إلصاق هذه التهمة بالإسلام؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (9).

ج: من كره تعدد الزوجات، وزعم أن عدم التعدد أفضل فهو كافر، مرتد عن الإسلام؛ لأنه نعوذ بالله منكر لحكم الله، وكاره لما شرع الله، والله يقول: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} فمن كره ما أنزل الله حبط عمله، فالذي يكره تعدد الزوجات، ويرى أن الشريعة قد ظلمت، أو أن حكم الله في هذا ناقص، أو ما هو بطيب، أو أن ما يفعلون في بلاد النصارى من الاقتصار على الواحدة، أن هذا أولى وأفضل، فهذا كله ردة عن الإسلام، نعوذ بالله وكذل من يقول: إن فرض الصلاة ليس مناسبا، لو ترك الناس بدون صلاة، كان أحسن، أو دون صيام أحسن، أو بدون زكاة، من قال هذا، فهو كافر، من قال إن عدم الصلاة أولى، أو عدم الصيام أولى، أو عدم الزكاة أولى، أو عدم الحج أولى، كان كافرا، وهكذا لو قال: لا بأس أن يحكم بغير الشريعة، بل يجوز، ولو كان حكم الشريعة أفضل، لكن إذا قال: إن الحكم بغير ما أنزل الله جائز، أو إنه حسن، كل هذا ردة عن الإسلام- نعوذ بالله- الحاصل أن من كره ما أنزل الله، أو ما شرعه الله فهو مرتد، وهكذا من أحب ورضي

بما حرم الله، وقال: إنه طيب، وإنه مناسب كالزنى والسرقة يكون كافرا أيضا.

توجيه حول كثرة العوانس في البيوت

148 - توجيه حول كثرة العوانس في البيوت س: لعل لكم توجيها حول كثرة العوانس في البيوت. (¬1) ج: هذا ثابت عندنا؛ ولهذا نوصي جميع النساء ألا يمتنعن من الزوج الذي عنده زوجة، نوصيهن جميعا أن يحرصن على عفتهن، وسمعتهن الحسنة، وعلى حفظ فروجهن، وغض أبصارهن، وعلى حفظ أعراضهن، أن يبادرن بالزواج، ولو كن جارات، ولو كانت ثانية أو ثالثة أو رابعة، فأنا أوصي بهذا، وأسأل الله أن يهدينا لما يرضيه، وأوصي الأزواج القادرين أن يتزوجوا، وأن يعفوا كثيرا من نساء أمتهم، وأن يحرصوا على تكثير النسل، وعلى حفظ فروجهم، وغض أبصارهم بما أحل الله لا بما حرم الله، كثير من الناس- نعوذ بالله- يأبى أن يتزوج ثانية، ولكنه يرضى بالصديقات وما حرم الله، وتعلم زوجته ذلك، وذلك قد يكون أحب إليها من زوجة أخرى ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (125).

مسلمة على الوجه الشرعي، فهي تعلم عنه أنه يذهب إلى المحرمات وإلى الصديقات، وإلى الزنى ولكن لا يهمها ذلك، لكن لو تزوج لغضبت وأنكرت، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فترضى بالحرام وتقر الحرام، ولا ترضى بالحلال، هذه من المصائب، ومن ضعف الدين، ومن ضعف الإيمان، وقلة البصيرة، نسأل الله الهداية والسلامة. وليس لأية زوجة أن تنكر على زوجها ذلك، وليس لها أن تعترض عليه، وليس لها أن تسيء إليه، ولا إلى أولاده، وإنما فعل ما أباح الله له، نعم إذا ظلم، إذا جار عليها، إذا لم يعدل، لها أن تتكلم، ولها أن تشكوه إلى المحكمة، إلا أن تصبر وتحتسب، أما ما دام لم تر منه إلا الخير، أو حتى الآن ما فعل شيئا بعد، فإنها تصبر وتحتسب، وترجو الله أن يقدر لها الأصلح، وأن يعينها على الصبر، وسوف يجعل الله فرجا ومخرجا، ويقول الله جل وعلا في كتابه العظيم: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} ويقول سبحانه: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}

الله هو الذي يعلم سبحانه وتعالى، فربما كان هذا الزواج سببا لعطفه عليها، ومزيدا لمحبته لها؛ لأنه رأى من الثانية ما لم ير من الأولى، ورأى أن خصال الأولى أحسن، وأن سيرتها أطيب، وأن دينها أكمل، فيعطف عليها أكثر، وربما طلق الثانية، وزاد حبه للأولى، فلا ينبغي لها أن تجزع من هذا، وربما كان خيرا لها، وإن نجح في زواجه، وعدل بينهما، فالحمد لله، المؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فينبغي أن تحب لأخواتها في الله أن يرزقهن الله أزواجا وذريات، هكذا المؤمن مع أخيه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» (¬1) وهكذا لا تؤمن مؤمنة حتى تحب لأختها ما تحب لنفسها، هذا معنى كلامه عليه الصلاة والسلام؛ لأن قوله هذا يعم الرجال والنساء، والله المستعان. وأنا أوصي الداعيات لله والمتعلمات، والعالمات، ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، برقم (13)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير، برقم (45).

أوصيهن جميعا أن يتقين الله، وأن يبحثن هذا الموضوع كثيرا، ويرشدن إلى ما أرشد الله إليه، ويوصين أخواتهن بهذا الأمر، ويشرحن لهن ما فيه من الفوائد والمصالح، وأن يكن عونا للأزواج المؤمنين على هذا المشروع النافع المفيد للرجال والنساء، فإن كلام الداعية المؤمنة والمرشدة المؤمنة، قد يؤثر على أخواتها في الله أكثر مما يؤثر كلام الرجل، فأنا أوصي جميع طالبات العلم، وجميع المدرسات وجميع من لديهن علم، أن يساعدن في هذا الموضوع، وأن يرشدن، فيكون لهن بذلك خير كثير، والله المستعان.

س: يقول السائل الأخ أبو إبراهيم: أرغب في الزواج من امرأة ثانية، وأنا قادر على تكاليف الزواج، والنفقة على بيتين، وأجد في نفسي أنني أستطيع أن أعدل بين الزوجتين، لكني سمعت من بعض الإخوة أن زواج الثانية لا بد له من شروط، كأن تكون الزوجة الأولى مريضة أو لا تنجب، أو غير ذلك من الأسباب، فهل هذا صحيح؟ أو أنه في الإمكان أن أعدد من غير سبب ما دمت قادرا، وأجد في نفسي الاستطاعة على العدل بين زوجتين، وماذا يرى سماحتكم في هذا الموضوع؟ ولا سيما التعدد خاصة جزاكم الله

خيرا. (¬1) ج: لا مانع من التعدد، وإن كانت الزوجة الموجودة صالحة وطيبة، ليس فيها مرض ولا علة، ولو كانت تنجب، لا حرج في ذلك، إذا كنت- بحمد الله- قادرا على الزواج، وعلى العدل فالحمد لله، الله يقول سبحانه: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا} والنبي صلى الله عليه وسلم تزوج عدة من النساء عليه الصلاة والسلام، وليس في أزواجه علة، والمقصود أنه صلى الله عليه وسلم تزوج، وهكذا الصحابة تزوجوا، منهم من تزوج ثنتين وتزوج ثلاثا، ومن تزوج أربعا، فالأمر في هذا واسع والحمد لله، إنما المؤمن يحرص أن يعدل ويجتهد في العدل بين الزوجتين، أو الثلاث أو الأربع، والزواج فيه مصالح، فيه عفة الفرج، وعفة النظر، وفيه كثرة النسل، وفيه إحسان إلى النساء أيضا، حتى النساء فيه إحسان إليهن، فإن وجود نساء ليس لهن أزواج، هذا من المصائب، وفيه خطر، فكون المرأة تعطى نصف زوج، يعني يحصل ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (80).

لها نصف أو ثلث أو ربع، يعفها وينفق عليها ويحصل لها بسببه النسل، هذا خير عظيم ومصلحة كبيرة، خير من بقائها في البيت بدون زوج، فكونها يحصل لها ربع الزوج، أو ثلثه أو نصفه خير من بقائها في بيتها بدون زوج؛ لوجوه كثيرة ومصالح جمة للزوج والزوجة جميعا، من كثرة النسل وعفة فرجها، وعفة فرجه، وغض بصرها، وغض بصره، وإيناسها بهذه الدنيا وقضاء وطرها، وقضاء وطره، فالمصالح كثيرة ومن ذلك تكثير الأمة، فإن وجود النسل بين الزوجين، من زوجتين أو أكثر، تكثير الأمة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: «تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (¬1) المطلوب تكثير الأمة، تكثير الأولاد الصالحين، من الرجال والنساء، فالمؤمن يجتهد ويسأل الله التوفيق. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء، برقم (2050).

س: بالرغم من أن شطر الكلام في تعدد الزوجات موجه للنساء جزاكم الله خيرا سماحة الشيخ، إلا أني أجد في نفسي الرغبة أكثر في التعدد ولا سيما وقد قرأت كثيرا عن كثرة العوانس في البيوت (¬1) ج: من المصائب أن كثيرا من الناس اليوم، يدعون إلى عدم ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (80)

التعدد، وربما اغتروا بما يقوله النصارى، ومن شابه النصارى في ذلك، وكثير منهم يحبذ أن يكون الزوج باقيا على واحدة، وينددون بالأزواج الذين يعددون، وهذا كله غلط، وكله تشبه بالنصارى، أو تأثر بما قالوه أو قاله من التحق بهم، أو شاركهم في رأيهم، أو اقتدى بهم في أخلاقهم، والشريعة الإسلامية العظيمة، جاءت بالتعدد وكان التعدد قبلنا أكثر، كان عند داود مائة امرأة عليه الصلاة والسلام وتزوج سليمان تسعة وتسعين، وفي رواية سبعين، وكان التعدد في شريعة التوراة أكثر، أما في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فاقتصر العدد على أربع فأقل للأمة، ما عدا النبي صلى الله عليه وسلم فله تسع نساء عليه الصلاة والسلام، فهذا من رحمة الله جل وعلا أنه جعل العدد أربعا فأقل في هذه الأمة لحكمة بالغة، أما مصالح التعدد فشيء لا يحصى، مصالح التعدد شيء واضح، المصالح كثيرة، للرجال والنساء، النساء يحصل لهن العفة وقضاء الوطر، والإنفاق عليهن، ودخول الزوج عليهن، واحترامهن والدفاع عنهن، وهيبة الرجل إذا حصل عليها، وسلامتها في الأغلب من تعلق غيره بها إلى غير ذلك من المصالح، ثم الإنفاق عليها، ثم

وجود الولد، لعل الله يهبها ولدا على يديه، يحصل لها في ذلك خير عظيم، إذا أصلح الله الولد، وقد يكون عدة أولاد، من الرجال والنساء، فالمصالح كثيرة فهو ينتفع وهي تنتفع، والأسرة كلها تنتفع، فإن كثرة النسل فيه نفع للجميع، وتكثير للأمة، كما أن في ذلك صيانة لها، وحماية لها وعفة لفرجها، وإنفاقا عليها وإحسانا إليها، وحرصا على كل ما يصونها من كل بلاء وشر.

حكم الزواج بالثانية من غير علم الأولى

149 - حكم الزواج بالثانية من غير علم الأولى س: الأخ. م. م ع. من قطر، الدوحة، يقول: هل يجوز للرجل أن يتزوج بامرأتين بدون علم إحداهما، مع إيهامه الثانية أنه غير متزوج؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، يجوز أن يتزوج ثانية وثالثة من دون علم السابقات، لا بأس بذلك، إذا كان مثلا سافر إلى بلد من البلدان وتزوج فيها، ويأتي إليها وقت سفره إلى هناك، لا بأس بذلك، أما في البلد الواحد فلا بد من العلم، حتى يقسم بينهما وحتى يعدل بينهما، وليس له أن يوهمها من الخداع، فلا بد أن يعلمها أن له زوجة إذا ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (165).

كانا في بلد واحد، يقول: نعم، ويقسم لهما جميعا، ينصفهما ويعطيهما حقهما، وليس له الخداع والمكر، أما في بلاد أخرى إذا سافر للدراسة، فله أن يتزوج في البلد حتى يعف نفسه، ولو ما شاور المرأة، ولو ما علم المرأة، لا يضره ذلك ما دام عنده العدد المسموح به وهو أربع، أي: يكون عنده فرصة، فإذا كان ما عنده إلا واحدة، يأخذ الثانية، ما عنده إلا ثنتان يأخذ الثالثة، عنده الثلاث يأخذ رابعة لا بأس، لا يزيد على الأربع، فالمقصود أنه إذا احتاج إلى ذلك وأراد أن يتزوج، ليس بشرط أن يعلم زوجته، إذا كان في بلد أخرى، لكن مع مراعاة القسم الواجب والعدل في النفقة، وغير هذا مما يجب على الزوج من جهة العدالة. نسأل الله للجميع الهداية.

فضل العدل بين الزوجات

150 - فضل العدل بين الزوجات س: العدل بين الزوجات أمر مطلوب، هل من كلمة توجيهية لأولئك الذين يعددون؟ (¬1) ج: نعم، الواجب عليهم جميعا تقوى الله سبحانه، وأن يعدلوا، فمن عنده زوجتان أو ثلاث أو أربع، الواجب أن يتقي الله وأن ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (358).

يعدل أو يخير المرغوب عنها، يقول: إن شئت صبرت، وإن شئت طلقتك، أما يرغمها ويؤذيها، لا، بل يجوز له أن يقول لها: أنت سامحة فلا بأس وإلا طلقتك فإن سمحت فالحمد لله، وإلا طلقها، أما أن يرغمها ولا يطلق، لا يجوز، بل يجب العدل في البيت وغيره؛ لأن الله جل وعلا أوجب العدل، والله يقول: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} فالواجب العدل بين الزوجات يقول صلى الله عليه وسلم: «من كانت له زوجتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل» (¬1) فعلى الزوج أن يعدل بين الزوجتين أو أكثر، وإذا رغب عن إحداهن يقول لها: أنا راغب عنك، تبغين تصبرين، متى شئت جئت، وإلا فلا، وإلا طلقتك لا بأس، قد برئ، إذا سمحت لا يضره ذلك، ولا حرج عليه وإذا لم تسمح طلقها. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب في القسم بين النساء، برقم (2133).

س: نريد من سماحتكم كلمة توجيهية للرجال، الذين تزوجوا بأكثر من واحدة، وذلك بأن يراعوا حقوقهن، ويعدلوا بينهن؛ ذلك لأن بعض النساء يشتكين من الظلم وعدم العدل، وهل من حق

المرأة أن تطالب ببيت مستقل لها ولأولادها؟ (¬1) ج: الواجب على الزوج العدل بين الزوجتين أو الثلاث أو الأربع، ويحرم عليه الظلم والجور، يقول صلى الله عليه وسلم: «من كانت له امرأتان، فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل» (¬2) فالله جل وعلا أوجب العدل على الزوج، فيما يتعلق بالقسم والنفقة، أما ما لا يستطيع، كالحب وما يتبع الحب من جماع ونحو ذلك، فهذا ليس إليه ولا يستطيعه، ولكن يعدل في النفقة بينهم، والقسمة، تعطى الواحدة كفايتها حسب الطاقة، وليس له أن يجور في ذلك، وأما كونه يجعل لها بيتا مستقلا فهذا فيه تفصيل، إذا كانت عند أهله في محل مناسب، فما يلزم أن يكون لها بيت مستقل، يجعلها عند أبويه، أو عند أمه، أو عند أبيه، أو في بيت هو وإخوته في محل مناسب، ليس فيه مضرة عليها، فلا بأس، ليس بشرط في ذلك أن تكون مستقلة، إلا إذا كان هناك شرط عند العقد، شرط عليه أنها تكون في بيت مستقل، فالمسلمون على شروطهم، إذا كان شرط ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (334). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب في القسم بين النساء، برقم (2133).

عليه عند العقد، أنها تكون في بيت مستقل، فهذا لا بأس وإلا فهي تسكن مع أهله، ومع أبويه أو مع إخوته في محل مناسب، إذا كان البيت مناسبا يتسع للجميع.

س: سماحة الشيخ، إن مما أساء إلى تعدد الزوجات، تصرف بعض الناس مما لا يتفق مع الشرع، ونطمع في هذا البرنامج كلمة من سماحتكم، حتى لا يسيء الناس إلى شريعة الله بسوء تصرفاتهم. جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: الواجب على من تزوج زوجتين أو ثلاثا أو أربعا، أن يعدل وأن يتحرى العدل بين زوجاته، وبين أولاده جميعا. والله سبحانه حيث شرع التعدد، شرع أيضا العدل وأمر بالعدل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما قام يقسم بين نسائه: «اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» (¬2) وكان يقسم ويعدل عليه الصلاة والسلام، وهذا هو الواجب، على الرجل أن يعدل بين زوجاته، وبين أولاده ويتحرى العدل في ذلك، وما عجز عنه ولم يستطع ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (323). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب في القسم بين النساء، برقم (2134).

فالله لا يكلف نفسا إلا وسعها، فاتقوا الله ما استطعتم.

س: تقول السائلة: أنا امرأة متزوجة، ولي أربعة أطفال، وقد تزوج زوجي امرأة ثانية، ولها أطفال أيضا، والمشكلة أنه لا يعدل في معاملته بيننا، فقد انصرف عني كليا، حتى كأنه لا وجود لي في البيت، وأطفالي يدرسون ويحتاجون إلى مصاريف في الدراسة، ولكنه لا يعطيهم وأنا لا أستطيع أن أطلب منه، وللعلم فنحن نسكن أنا والزوجة الثانية في نفس المسكن، وأخشى على أطفالي من الضياع، من هجره للجميع، وعدم اهتمامه، فما رأيكم في هذا؟ (¬1) ج: الواجب عليه تقوى الله، وأن يعدل، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل» (¬2) فالعدل واجب في النفقة بينهما، وفي المساواة بينهما وفي القسمة، فإذا جار على السائلة، فإن عليه إثما، فلا حرج عليه إذا خيرها بين الطلاق وبين الصبر فلا حرج عليه، إذا خيرها واختارت البقاء معه، على ظلمه وعدم عدله، فلا بأس عليه إن ¬

(¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (46). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب في القسم بين النساء، برقم (2133).

خيرها، أما أن يمنع الطلاق ويمنع العدل، فهذا لا يجوز له، أما أولاده فعليه نفقتهم، فهي واجبة عليه مطلقا، طلق أم لم يطلق، عليه أن يعدل في أولاده، ويحسن إليهم ويقوم بحاجاتهم، حسب طاقته وإذا استطاعت أن تأخذ من ماله شيئا لحاجتها، فلا بأس، إذا كان لديه مال، واستطاعت السائلة أن تأخذ من ماله شيئا بغير علمه، قدر حاجتها بالمعروف لأولادها ولها فلا حرج، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه رخص لامرأة أبي سفيان، أن تأخذ من ماله بالمعروف ما يكفيها ويكفي بنيها، فإذا وجدت له مالا تستطيع أن تأخذ منه شيئا لها ولأولادها بغير علمه بالمعروف من غير تبذير ومن غير إسراف، فلا حرج في ذلك إن شاء الله، وإن لم تستطع فينبغي لها أن تتصل بأقاربه وإخوانه، والذين يعزهم ويقدرهم، حتى ينصحوه وحتى يشيروا عليه، لعله يهتدي ولعله يقوم بالواجب، وينبغي لها أن تكثر من سؤال الله له الهداية حتى يوفق للعدل، وإن كان هناك حاكم شرعي في الأحوال الشخصية، يمكن أن ترفع الأمر إليه، فلا مانع أن ترفع إليه حتى يلزمه بالعدل، ولكن إذا أمكن أن يكون ذلك من طريق المصلحين، من أقاربه

وجيرانه والناس الذين يعزهم، فهو أولى للإصلاح بينها وبينه، من طريق الإخوان الطيبين، حتى ينفق، وحتى يعدل، هذا أولى من الشكوى، وأحوط وأقرب إلى السلامة، نسأل الله للجمي الهداية.

س: امرأة تشتكي من زوجها حيث إنه متزوج من امرأة أخرى، وتقول بأنه لا يعدل مع أنه شخص ملتزم ويؤدي الفروض بأوقاتها ومستقيم ونحمد الله على ذلك، ويطلب منها ألا تستخدم موانع الحمل، أما الثانية فقد ترك لها حرية الاختيار، ما هي نصيحتك سماحة الشيخ لهم؟ (¬1) ج: نصيحتي للجميع الأول أن يعدل الزوج ويتقي الله في ذلك؛ لأن الله أوجب عليه العدل بين الزوجتين في القسم والنفقة فلا يجور على واحدة منهما، بل يجب العدل بينهما وأما كونه يمنع هذه من تعاطي الحبوب ولا يمنع الأخرى، هذا قد يكون له نظر في ذلك لأسباب تقتضي ذلك، هذا محل نظر، إذا كان ما هناك أسباب تقتضي ذلك، فالواجب أن يسمح لهما جميعا؛ لأن كل واحدة تريد الولد، أما إذا كانت الممنوعة من الولد يضرها الولد مع مرض ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (361).

يضرها، لها أسباب معقولة هو معذور، أما أن يمنعها من الولد بغير أسباب ويأذن للأخرى، هذا فيه نوع من الجور، فالواجب أن يسمح لهما جميعا، ولا يجوز لهما منع الحمل كلاهما؛ لأنه لا يجوز له ولا لها بل يجب عليهما أن يجتهدا في أسباب الحمل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بزواج الولود الودود، قال: «إني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (¬1) فالمطلوب تكثير النسل، يشرع للزوج والزوجة أن يجتهدا في تكثير النسل، ولعل الله ينفعهما بذلك، فإن من النعمة العظيمة أن يرزقا ذرية طيبة، فلا وجه للمنع ولا وجه للاتفاق على المنع أيضا، إلا لعلة شرعية؛ لأسباب شرعية تقتضي المنع المؤقت، كأن تكون مريضة، يضرها الحمل وكأن يكون معها رضيع يضره الحمل، أو يضرها هي أيضا الحمل. المقصود إذا كان لأسباب شرعية فلا بأس، أما منع هذه دون سبب شرعي، أو هذه بدون سبب شرعي، أو منعهما بدون سبب شرعي كل هذا لا يجوز. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء، برقم (2050).

بيان كيفية توزيع العطايا على الزوجات وأولادهن

151 - بيان كيفية توزيع العطايا على الزوجات وأولادهن س: شخص له ثلاث زوجات، كل واحدة منهن لها أولاد،

ذكور وإناث، وتختلف عن الزوجة الأخرى من جهة عدد الذكور والإناث، ويرغب الزوج قسمة العقارات عليهن، بحيث يعطي كل واحدة منهن مسكنا لها ولأولادها: الذكور والإناث، علما بأن المساكن تختلف بعضها عن بعض، من جهة القيمة والمساحة، فهل هذه القسمة مطابقة للشرع، أم كيف توجهونه جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: إن كانت القسمة للسكن فقط، والعقار باق على ملكه، بحيث يقدر عليه بعد موته، ويرثونه هذا لا حرج، يجتهد في التوزيع بينهما؛ لإسكانهم، والإنفاق عليهم، والعقار على ملكه، يبقى على ملكه، وإذا مات حكمه حكم بقية العقار، ورث بين الجميع فلا بأس، أما إذا كان المقصود تمليكهم فلا بد من المساواة، والعدل، يعطي الزوجات على السواء، ويعطي الأولاد على السواء، للذكر مثل حظ الأنثيين، يعطي الذكر مثل الأنثى مرتين، وكل زوجة يساويها بالأخرى، حتى يعدل بينهم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬2) ويقول صلى الله ¬

(¬1) السؤال الأربعون من الشريط رقم (334). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهار في الهبة، برقم (2587).

عليه وسلم: «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل» (¬1) فالحاصل أن عليه العدل حسب الطاقة، في زوجاته وفي أولاده، إذا كان عطاء تمليك. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب في القسم بين النساء، برقم (2133).

حكم العدل بين الزوجات

152 - حكم العدل بين الزوجات س: يقول السائل إن والده تزوج من امرأة أخرى، وحينئذ أساء معاملة والدته إساءة بالغة، رغم أن والدته يصفها بأنها محسنة إلى والده، فما هو توجيه سماحتكم، جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: الواجب نصيحة الوالد، وترغيبه في العدل، وتحذيره من الجور، لأنه يأثم بذلك، الواجب عليه العدل بين الزوجتين، وفي الحديث الصحيح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل» (¬2) هذه عقوبة ظاهرة، نسأل الله العافية، فالمقصود: أن الواجب العدل، فهذا هو الواجب أن ينصح الوالد، وأن يحرض على العدل، والوالدة ¬

(¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (297). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب في القسم بين النساء، برقم (2133).

تنصح بالصبر والتحمل، ومسامحة الوالد حتى يجتمع الشمل، وحتى يهديه الله، إذا رأى منها السماح والكلام الطيب، قد يرجع إلى الصواب، ويخضع، ويقدر لها شعورها الطيب، فإذا أبى إلا عدم العدل، فلها أن تطلب الطلاق، إذا أحبت الطلاق، لها أن تطلب الطلاق.

س: السائلة تقول: عمها تزوج بامرأة جديدة، فلم يهتم إلا بها وبأولادها، وترك أولاد زوجته الأولى فما هو رأيكم سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: الواجب نصيحته من إخوته، ومن أصدقائه، ينصحونه حتى يحسن بأم أولاده الأولى، وحتى يعرف لها حقها وفضلها، وألا ينساها ويعرض عنها، ويبخسها حقها، فإن كان ولا بد وليس له رغبة فيها، فإنه يخيرها، إن شاءت صبرت على ما يسر الله منه، وإن شاءت طلبت الطلاق، فإن طلبت الطلاق وجب عليه أن يطلق، أو يعدل، بل عليه أن يعدل بينهما أو يجيبها إلى طلب الطلاق، فيطلق وإذا طلقها أنفق عليها نفقة العدة، إذا طلقها طلقة واحدة، السنة أن يطلقها طلقة واحدة فقط، لا يطلق بالثلاث بل واحدة، وينفق عليها ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (61).

نفقة العدة، ويعرف لها فضلها، الله يقول سبحانه: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}، فينبغي له أن يكرمها ويلاحظها، ويطيب خاطرها بما تيسر من المساعدة، هكذا ينبغي للرجال الأخيار، ذوي مكارم الأخلاق، وذوي النفوس الرفيعة الطيبة، لكن لا يلزمه أن يبقيها في حباله، إذا شاء أن يطلق فله أن يطلق، وإن صبرت هي ولم تطلب الطلاق، رجاء أن يعود إليها، أو لأنها ليست في حاجة إلى الطلاق؛ لأنها لا ترغب الزواج إلى غيره، فإذا صبرت فلا بأس، وهو ينبغي له أن يحسن إليها، وأن يعرف لها حالها الأولى، وأن يجود لها بما يسر الله له ولا ينساها، هذا هو المشروع له، وعلى أقاربه الطيبين أن ينصحوه، حتى يعدل أو يطلق إذا طلبت الطلاق.

حكم إلزام الزوجة بأعمال المنزل الشاقة

153 - حكم إلزام الزوجة بأعمال المنزل الشاقة س: رسالة من حائل المرسل م. خ. ش. يسأل ويقول: والدتي كبيرة في السن، وأبي لديه زوجة وأولاد صغار، وراعي غنم، فهل يجوز لوالدي أن يأمر والدتي بالأعمال الشاقة، مثل أعمال الغنم دون الذهاب بها، مع العلم أن والدتي لا تطيق مثل هذه الأعمال،

أفيدونا مأجورين؟ (¬1) ج: الواجب على المرأة أن تعمل الأعمال المعتادة، مع زوجها في بيتها، أما إن كانت الأعمال غير معتادة، فإنه لا يلزمها ذلك، إذا كانت لا تستطيع فإنه لا يكلفها ما لا تطيق، إنما الطاعة في المعروف، وعليها أن تعمل في بيتها ما جرت به العادة، من طبخ وكنس بيت، مما يفعله أمثالها، أما الشيء الذي يضرها أو يشق عليها، أو يصعب على أمثالها فعله، فلا يجوز تكليفها به إلا إذا رضيت به وسمحت، إذا كان مثلها يقوم بهذا، والزوجة الثانية تشاركها تقوم بنصيبها، فلا يجعل نصيب الثانية على هذه، فلا بأس، عليها قسطها. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (443).

بيان وجوب العدل بين أولاد الزوجات

154 - بيان وجوب العدل بين أولاد الزوجات س: تقول: المشكلة الثانية في رسالتها، هي التفرقة بين أولاد هذا الزوج، تزوج امرأة ثانية، ويفضل أولاده من الأم الثانية، من الزوجة الثانية، ويحبهم كثيرا، ويعطف عليهم، أما أنا فلي الإهمال ولأولادي إهمال كبير، ما توجيه سماحتكم؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (243).

ج: الواجب على الزوج أن يعدل بين الزوجتين، أو الثلاث أو الأربع، عليه العدل، وعليه العدل في أولاده أيضا. هذا هو الواجب على الزوج، وأن يتقي الله في ذلك، والله يقول: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} ويقول سبحانه: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} فالواجب عليه العدل وتحري العدل، وهكذا في أولاده. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬1) فليس له أن يحيف فيعطي أولاد إحدى الزوجتين ما لا يعطي أولاد الأخرى، أن يخاطبهم ويلين معهم بالكلام الطيب، والآخرون بخلاف ذلك، هذا لا يجوز، بل يجب عليه العدل في قوله وفي أعماله، وفي ماله، وهكذا مع الزوجتين، يعدل في الزوجتين، في قسمه بينهما، وفي خطابه لهما وعدم الظلم لإحداهما أو لإحداهن كن ثنتين فأكثر. يجب عليه العدل في كلامه وسيرته، ومعاشرته، ونفقته إذا كن سواء، والأولاد كذلك يجب أن يعدل بينهم، وليس له أن يخص ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهار في الهبة، برقم (2587).

بعضهم بشيء. يقول صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬1) فإذا أعطى ولد فلانة يعطي ولد الأخرى مثله، إلا إذا كانوا مرشدين وتسامحوا فلا بأس، إذا كانوا مرشدين سامحوا، قالوا نسامح يا والدنا، سامحوه وهم مرشدون، لا بأس، وإلا فالواجب عليه العدل، للذكر مثل حظ الأنثيين، فإذا أعطى ولد فلانة مائة، يعطي الآخر مائة، إذا أعطاه ألفا يعطيه ألفا، والأنثى نصف ذلك، إذا أعطى الرجل مائة، يعطيها خمسين وإذا أعطى الرجل ألفا، يعطيها خمسمائة. هذا هو الواجب، وإذا كانت الزوجتان متماثلتين فالنفقة عليهما سواء، فإذا كانت إحداهما عندها أولاد أكثر، كل واحدة ينفق عليها بقدر حاجتها. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهار في الهبة، برقم (2587).

بيان كيفية العدل بين الزوجات

155 - بيان كيفية العدل بين الزوجات س: السائل: ع. أ. ع. مصري مقيم بالزلفي، يقول: لي صديق يسأل عن حكم رجل متزوج ويميل إلى الزوجة الثانية، على الرغم من موافقة الزوجة الأولى، مع مراعاة أيضا الزوجة الأولى، فما الحكم في ذلك مأجورين؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (412).

ج: الواجب على الزوج أن يعدل بين الزوجتين، أو الثلاث أو الأربع، هذا الواجب عليه، لكن إذا خص إحداهن بشيء برضى الباقيات، فلا بأس، إذا رضين، ولكن العدل بينهن واجب في قسمه، في ليله ونهاره، فالواجب عليه أن يعدل، وفي النفقة كذلك، إلا إذا كان إحداهن عندها أولاد، كل ينفق عليه بقدر ما عنده من الأولاد، فإن العدل أمر لازم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر عن حاله من نسائه كان يقسم فيعدل، ويقول: «اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» (¬1) ويقول صلى الله عليه وسلم: «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل» (¬2) فالواجب العدل والتحري في قسمه، وفي غير ذلك، إلا ما يتعلق بالقلوب، فهذا إلى الله، كونه يجامع هذه أكثر، أو يحصل له أنس مع هذه أكثر، هذا يتعلق بالقلوب، ما له فيه قدرة، لكن في القسم والنفقة، هذا يجب عليه أن يعدل، أما في الحب والجماع، فلا يجب فيه العدل، على حسب ما يتيسر من شهوته وإذا ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب في القسم بين النساء، برقم (2134). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب في القسم بين النساء، برقم (2133).

كان لإحداهن أطفال، والأخرى ليس لها أطفال، ينفق على هذه بقدر أطفالها وهذه بقدر حاجتها.

حكم تفضيل الرجل إحدى زوجاته على الأخريات

156 - حكم تفضيل الرجل إحدى زوجاته على الأخريات س: يقول السائل. ع. ع. ج. من الرياض: هناك رجل متزوج من زوجتين، ولم يعدل بينهما، لا في النفقة ولا المبيت، فهل لسماحة الشيخ عبد العزيز كلمة، تجاه هؤلاء الأزواج؟ (¬1) ج: نعم، الواجب على الزوج أن يعدل، إذا كان له زوجتان أو ثلاث، الواجب أن يعدل في النفقة والقسم، يتقي الله في ذلك وفي الخلق الحسن مهما استطاع، أما الجماع فلا يجب العدل فيه؛ لأنه ليس باختياره، قد يشتهي هذه في بعض الأحيان ولا يشتهي الأخرى، لكن في النفقة والقسم وحسن الخلق، يجب أن يعدل يتقي الله في ذلك، لا يظلم هذه دون هذه، لا يظلمهما جميعا ولا يقصر في حق هذه ويكمل في حق هذه، بل يجب أن يعدل في الجميع، ينفق على كل واحدة النفقة اللائقة بها ويقسم لها القسم الذي أفاضه الله عليه، ولكن كونه يحب هذه أكثر، أو يجامعها أكثر، هذا ليس باختياره هذا ¬

(¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (391).

بيد الله جل وعلا.

بيان ما يلزم الزوجة إذا لم يعدل زوجها

157 - بيان ما يلزم الزوجة إذا لم يعدل زوجها س: السائلة: م. ن. هـ. من الرياض تقول: بأنها زوجة ولها سبعة من الأولاد، وقد تزوج زوجها امرأة أخرى، وقد استشارها في ذلك ووافقت على أن يعدل بينها وبين ضرتها، ولكنه خان العهد الذي بينها وبينه وهو العدل؛ لذلك فإنه لا يسأل عن أولاده ولا يرد السلام عندما أسلم عليه، ويهددني دائما بالطلاق، ويميل إلى زوجته الأخرى في جميع أمورها، فهل يجب علي الصبر في ذلك أم أشتكيه إلى الشرع؟ أفيدونا مأجورين. (¬1) ج: الواجب عليه أن يعدل وأن يتقي الله سبحانه، هذا الواجب عليه فإن لم يعدل فأنت بالخيار إن شئت صبرت وسامحته، وإن شئت طلبت الطلاق، قولي: طلقني أو أعدل، فإن أبى ارفعي الأمر إلى المحكمة إلا أن ترضي وتصبري فلا بأس، نسأل الله للجميع الهداية. الواجب على من عنده زوجتان أو ثلاث أو أربع الواجب أن يعدل في القسم وغيره، هذا هو الواجب، لأن الله أوجب العدل ¬

(¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (414).

على الأزواج، كان صلى الله عليه وسلم يقسم بين أزواجه ويقول: «اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك» (¬1) وهو خير الناس وأفضلهم عليه الصلاة والسلام، فالواجب العدل بين الأزواج إلا إذا كان عند إحداهن أولاد أكثر، ينفق عليها بقدر حاجتها وأولادها وعليه أن يقسم بينهن بالسوية في الليل والنهار ويتقي الله في البشاشة وطلاقة الوجه مع كل واحدة، عليه أن يتقي الله ويراقب الله؛ لأن الله يقول: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، هذا هو الواجب عليه، ويقول صلى الله عليه وسلم: «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل» (¬2) فالواجب العدل أو الطلاق إلا أن تسمح، لا بأس أن تجيء متى شئت فلا بأس، سودة لما أراد النبي طلاقها قالت يا رسول الله: أبقني في حبالك وأنا سامحة عن حقي لعائشة، فأسقطت حقها وأبقاها النبي صلى الله عليه وسلم. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب في القسم بين النساء، برقم (2134). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب في القسم بين النساء، برقم (2133).

حكم الزواج من زوجة ثانية رغبة في إنجاب مولود ذكر

158 - حكم الزواج من زوجة ثانية رغبة في إنجاب مولود ذكر س: السائل: ع. م، من جمهورية مصر العربية، مقيم في السعودية جدة يقول: أنا متزوج زوجة، قد أنجبت أربع بنات، وأريد الزواج من امرأة أخرى؛ لكي تنجب لي أولادا ذكورا، فماذا تنصحونني جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذا من الأسباب والتوفيق بيد الله، قد تحمل هذه ذكرا بعد حين وقد تتزوج امرأة تأتي بذكر، وقد تأتي بإناث، الأمر بيد الله، إذا تزوجت من باب الأسباب، وتسأل ربك أن يمنحك ذرية من الذكور الطيبين، لا بأس، وهذه التي أتت بأربع قد تأتي بذكور بعد ذلك، وربك على كل شيء قدير، الأمر بيده سبحانه وتعالى. ¬

(¬1) السؤال الحادي والأربعون من الشريط رقم (386).

حكم إقدام المرأة على الانتحار في حال تزوج زوجها عليها

159 - حكم إقدام المرأة على الانتحار في حال تزوج زوجها عليها س: السائلة: د. ع من اليمن تقول في هذا السؤال: امرأة لا تنجب ويريد الزوج أن يتزوج بأخرى لهذا السبب، وقالت هذه الزوجة: لو تزوج عليها تقتل نفسها، فنريد من سماحتكم توجيه هذه المرأة

والحكمة من تعدد الزوجات؟ (¬1) ج: لا يجوز لها قتل نفسها، هذا منكر وجهل منها وله أن يتزوج ثانية وثالثة ورابعة، والله سبحانه يقول: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} والشارع يريد من الأمة أن تجتهد في عفة الفروج وكثرة النسل حتى تكثر الأمة التي تعبد الله وتطيعه، فالتي لا تنجب قد أصابها عيب كبير والأمر إلى الله، والله حكيم عليم، عليها أن تحتسب وتصبر، تسأل ربها العافية وتسأل ربها أن يرزقها الذرية، وتعالج، لا بأس، ولكن زوجها لا بأس أن يتزوج، يطلب الذرية، وإذا قتلت نفسها فإلى النار، متوعدة بالنار ولا يلزم زوجها أن يطيعها فيتزوج ولو قتلت نفسها، الإثم عليها، والشر عليها، وقاتل نفسه توعده الله بالنار. ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (371).

حكم طاعة الزوجة لزوجها إذا هجرها مدة طويلة

160 - حكم طاعة الزوجة لزوجها إذا هجرها مدة طويلة س: والدي قام بالزواج من امرأة أجنبية، وترك منزلنا وترك لي في المنزل والدتي وأربعة إخوة، وذلك قبل ستة أعوام، ولقد قمت

بفضل من الله وتوفيقه، برعايتهم وتربيتهم والإنفاق عليهم، حيث إن والدي كان يقوم بإرسال مبلغ بسيط لا يكفي لإعاشتنا، وذلك في أوقات متباعدة، مثلا يرسل النفقة لمدة ثلاثة أشهر، ثم يقوم بقطعها فأقوم بالاتصال بوجوه الخير، ويقومون بدورهم بإقناعه بإرسال النفقة، وذلك يستغرق شهورا بل قد يصل إلى سنة، علما بأنه قد فتح الله علينا وعلى والدنا بواسع الثراء، ولقد قام في هذه الأيام بمطالبة والدتي، الذهاب إليه، مصطحبة معها الأولاد الصغار، رغم رفض الجميع لذلك، وحيث إنه قد انتفت العشرة الحسنة، والمعروف بينهما، فقد رفضت والدتي الذهاب إليه، فهل يحق لها أن تظل معي، وهل يحق لها السفر أو الخروج من المنزل، دون رأي الوالد، حيث إنه منذ أن ترك الوالد المنزل، تقوم والدتي بسؤالي في هذه الأمور، أرجو أن توضحوا لنا عن كل ذلك ولكم الأجر والثواب. (¬1)؟ ج: ما دام الوالد لم يطلق، فإن عليها أن تسمع وتطيع وتخرج معه حيث أراد، إذا أسكنها في محل مناسب، ومسكن مناسب ولا يلزمها أن تكون مع ضرتها في مسكن واحد، إلا إذا كان المسكن ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (61).

واسعا، حيث يكون لكل واحدة شقة تخصها فلا بأس، وليس لها أن تعصيه، وما مضى من التساهل ينبغي فيه التسامح، وإذا طلبت نفقتها الماضية فلها حق، إن أعطاها ذلك وإلا فلها أن تطالبه لدى المحكمة، وإن سمحت فهو خير، وما عند الله هو خير وأبقى، والتسامح هو من أسباب دوام العشرة، ومن أسباب طيب الخواطر، وعدم تأثر أبيك عليها، فالأولى والذي ننصح به أنها تسمح عما مضى، وتنتقل مع الزوج حيث أراد، إذا أسكنها في المحل المناسب، وما مضى يعفو الله عنه من الجميع، ينبغي فيه التسامح، هذا هو الذي ننصح به، أما مسائل النزاع والخصومات، فهذا عند المحاكم، لكن هذا ننصح به أمك، أن تسمع وتطيع لزوجها، وألا تأخذ بالماضي، ولها حق في الماضي من جهة النفقة، وإذا كنت قمت بنفقتها بالنيابة عن أبيك فالحمد لله. وننصح الزوج بأن يتقي الله، وأن يحسن إليها، وأن يعدل بينها وبين ضرتها، وأن يعطيها ما يسمح خاطرها، عما مضى من الهجر والتساهل وعدم الإنفاق، هذا هو الذي ننصحه به؛ لأن النفوس يعتريها ما يعتريها عند الإهمال، والإضاعة والهجر، فينبغي له أن يفعل ما يطيب النفس، ويزيل ما

في النفس، من جهة أم أولاده، ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق، وهذا أولى من المحاكمة والمخاصمة.

حكم بقاء الزوجة مع زوج لا ينفق عليها

161 - حكم بقاء الزوجة مع زوج لا ينفق عليها س: يقول السائل: أبي تزوج بامرأة غير أمي وذلك منذ عشر سنوات، وهو الآن لا يراها ولا ينفق عليها ولا علينا فما الواجب علينا تجاهه، وبماذا تنصحوننا مأجورين؟ (¬1) ج: إذا كانت راضية سامحة لا شيء عليه، إذا سمحت أمك، أنها تبقى في عصمته ولا ينفق عليها ولا يراها فلا بأس، الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يطلق سودة فقالت: يا رسول الله، أبقني في حبالك وحقي ساقط ويومي لعائشة، فوافق النبي صلى الله عليه وسلم وبقيت في حباله ولا يأتيها ولا ينظر إليها ولا ينفق عليها، فإذا سمحت أمك ورضيت عنه فلا حرج، أما إذا قالت: لا أرضى، إما أنفق وإما طلق، يلزمه الطلاق، يلزمه أن يطلق طلقة واحدة، أما إذا كانت راضية تقول: لا، أنا صابرة، وأبقى عند عيالي وأنت مسامح ولا تجيئني ولا تنفق علي فلا حرج والحمد لله، لكن إذا قالت: لا، ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (375).

إما اعدل وإلا طلق، يلزمه إما العدل أو الطلاق، هذا الواجب.

س: يقول هذا السائل: يا سماحة الشيخ بالإضافة إلى هجره لأمنا فهو يعاملنا بقسوة ولا يعطينا شيئا، علما بأنه يملك الكثير من الأموال، مما أحدث في قلوبنا شيئا من الكراهية له فبماذا توجهونه مأجورين؟ (¬1) ج: الواجب عليه أن ينفق على أولاده إذا كانوا فقراء، الواجب أن ينفق عليهم وأن يعاملهم باللطف والإحسان والخلق الحسن، والواجب على الأولاد أيضا أن يعرفوا قدره وأن يبروه وأن يخاطبوه بالتي هي أحسن، وإذا دعت الحاجة إلى أن يرفعوا الأمر إلى المحكمة فلا بأس، يقولون بأنهم فقراء ولم ينفق علينا، يرفعون الأمر إلى المحكمة، وإذا توسط لهم بعض الطيبين من الجيران والأقارب لدى الوالد حتى ينفق فهذا أحسن من المحكمة، أحسن من الخصومة. وصيتي للأولاد الرفق والبر بالوالد والكلام الطيب مع الوالد، ووصيتي للوالد أن يتقي الله وأن ينفق على أولاده المحتاجين وألا يحوجهم إلى الشكوى للمحكمة أو إلى توسط ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (375).

الناس، يجب أن يعدل من نفسه وأن يعرف ما أوجب الله عليه وأن ينفق عليهم ما داموا فقراء وأن يحسن إليهم وألا يحوجهم إلى شكوى ولا إلى غيرها، وعلى الأولاد جميعا أن يجتهدوا في بر والدهم والكلام الطيب معه ومخاطبته بالتي هي أحسن، وإذا دعت الحاجة إلى أن يطلبوا من أعمامهم أو من بعض جيرانهم أو أصدقاء والدهم أن يتوسطوا لدى والدهم في الإحسان إليهم وبأداء حقهم بدلا من الشكوى فهذا أفضل وأحسن.

س: يقول السائل والدي متزوج من ثلاث نساء مع والدتي ولكن أبي لا يأتي والدتي علما بأنها هي أم الأولاد من مدة تزيد على ست سنوات تقريبا، وكان السبب في ذلك هو أن والدي كان يأتي متأخرا من الليل إذا كان يومها وبعكسه مع نسائه الأخريات، ووالدتي لم تصبر على هذه الحالة وعلى هذا الظلم وغيرها فقالت له: إذا كان هذا حضورك لي وهذه حالك معي فلا تحضر، السؤال هل الإثم على والدي الذي ترك والدتي مدة ست سنوات، أم على والدتي التي قالت لا تحضر وهي تقصد بالحضور المتأخر من هذا الزوج وإحضاره الطفل يجعله ينام في فراش والدتي. أرجو منكم

الإجابة يا سماحة الشيخ (¬1)؟ ج: لا شك أنه أخطأ؛ لأن الواجب عليه العدل إلا إذا كان بلغها، إن كان جائزا لك وإلا طلقت، هذا اعتذار إليها، أما كونه يقسم للثلاث ويتساهل في حق الوالدة ولا يأتي إلا في آخر الليل أو يضيعها هذا منكر، لا يجوز، هذا ظلم بل واجب عليه إما يعدل أو يطلق، إلا إذا رضيت وقالت: أنا سامحة ولو ما جئت، إن جئت فلا بأس وإن ما جئت فلا بأس، فلا بأس إذا سمحت، سودة أم المؤمنين بنت زمعة رضي الله عنها، أراد النبي طلاقها، قالت: يا رسول الله دعني في حبالك وأنا سامحة عن حقي لعائشة فأقرها في حباله، بقيت هي زوجة له ولم يطلقها برضاها، فإذا سمحت والدتك فلا بأس، وإلا فلها طلب الطلاق، إما يعدل وإما يطلق، والإثم عليه إذا كانت لم تسمح. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (358).

حكم المرأة إذا هجرها زوجها مدة طويلة

162 - حكم المرأة إذا هجرها زوجها مدة طويلة س: السائلة: و. م. خ. من الرياض تقول: مر ما يقارب أكثر من تسعة عشر عاما، وأبي هاجر لأمي، ولا يف لها بحقوق الزوجية،

التي شرعها الله بين الزوجين، ولا تزال الحال هذه حتى اليوم، وأمي موجودة في البيت تقوم على رعاية شؤوننا، فما الحكم والحال هذه، هل تعتبر مطلقة بمرور الفترة المذكورة جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل: إن كانت تريد الطلاق أو العدل، ولم يفعل فهو يأثم بذلك، بهذا الهجر. أما إذا كان قد خيرها وقال: إن شئت الطلاق طلقتك، وإلا أنا لا يمكن أن أعدل بينك وبين ضرتك، أو لا يمكن أن أقوم بواجبك من جهة النفقة، أو من جهة المضاجعة والجماع، إذا كان قال ذلك فهو معذور ولا حرج عليه. أما إن كان هجرها وتركها ولم يطلقها، وهي تطلب الطلاق فهذا لا يجوز له، يأثم بذلك وإن كان عندها أولاد فعليه النفقة عليهم. المقصود أن هذا الهجر إن كان عن عناد لها، وإكبار لها منه أنه لا يستطيع القيام بحقها وأنه مستعد لطلاقها ولكن لم تطلب الطلاق، فلا حرج عليه؛ لأنها هي التي رضيت بهذا الشيء، وقد بقيت سودة مع النبي صلى الله عليه وسلم مدة طويلة، وهي في عصمته ولم يكن يقسم لأنها رضيت بذلك، ووهبت يومها لعائشة رضي الله عنها. فالمقصود أن ¬

(¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (268).

هذا إذا كان برضا منها وموافقة فلا بأس، أما إذا كان هو الذي جبرها لم يطلقها ولم يعطها حقها فإنه يأثم.

بيان ما يكون به العدل بين الأولاد

163 - بيان ما يكون به العدل بين الأولاد س: كيف يكون العدل بين الأولاد وخاصة أنني متزوج من زوجتين؟ (¬1) ج: كل جماعة يعطون حقوقهم، العدل فيهم أن تعطيهم حقوقهم الاثنان لهم شيء، والثلاثة لهم شيء، والأربعة لهم شيء، فإذا كان أولاد الزوجة اثنين والزوجة الأخرى ثلاثة أو أربعة، كل يعطى حقه وهكذا الزوجة الثالثة والرابعة تعطيهم النفقة اللازمة، أما العطايا التي من غير النفقة فلا بد من العدل فيها، تعطيهم شيئا زيادة من النفقة لا بد من العدل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬2) أما النفقة فعلى حسب الحاجة الأولاد الكثير لهم النفقة، والقليل لهم نفقة، الصغير له نفقة والكبير له نفقة، يختلفون في كسوتهم وغير ذلك. ¬

(¬1) السؤال الثاني والأربعون من الشريط رقم (371). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهار في الهبة، برقم (2587).

س: رجل والده تزوج وأنجب من الزوجة الجديدة، وحينئذ أصبح لا يعاملهم معاملة الأب الحنون على أبنائه، ويرجو من الله ثم من سماحتكم توجيه هذا الأب بالذات، وتوجيه أمثاله، ولا سيما يصفونه بالإهمال حتى لبنت معوقة عمرها 12 سنة؟ (¬1) ج: الواجب على الوالد والوالدة العدل بين أولادهم في كل شيء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬2) فالواجب على الأب أن يعدل في أعطيته، وفي ملاحظته وفي إنفاقه، وفي حسن خلقه، عليه العدل في الجميع ذكورا وإناثا، والأم كذلك، هذا هو الواجب على الجميع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬3) وهذا عام يعم العدل في النفقة والعطية وغير ذلك، ولأن عدم العدل يسبب العداوة والشحناء والبغضاء فعواقبه وخيمة، نسأل الله للجميع الهداية. ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (323). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهار في الهبة، برقم (2587). (¬3) صحيح البخاري الهبة وفضلها والتحريض عليها (2587)، صحيح مسلم الهبات (1623).

حكم تخصيص إحدى الزوجات وأولادها بالهبة وحرمان الأخريات

164 - حكم تخصيص إحدى الزوجات وأولادها بالهبة وحرمان الأخريات س: السائل يقول: ما حكم الأب الذي لم يعدل بين أبنائه ثم

يكتب الأرض التي يملكها باسم زوجته حتى يحرم الابن الذي من زوجة أخرى من كل شيء، فما هي الحقوق التي على الابن الآخر المحروم تجاه والده، وبماذا تنصحون الأب مأجورين؟ (¬1) ج: الواجب على الأب العدل بين الأولاد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» (¬2) فالواجب عليه العدل بين الذكور والإناث في قسمة الميراث لا يخص أحدا دون أحد، فإذا أعطاهم أعطاهم جميعا، كالميراث، وإذا حرمهم حرمهم جميعا، أما أن يخص أحدا يعطيه فلا يجوز، أو يتحيل ويعطي أمه وقصده الولد أو البنت فلا يجوز، أما إذا خص الزوجة بشيء ليس حيلة تقديرا لجهودها وأعمالها الطيبة فلا بأس، أما أن يفعله تحيلا يكتب باسم الزوجة وهو قصده قد تواطأ معها على أنه للولد، هذا لا يجوز، الحيل التي تحرم ما أحل الله أو تحل ما حرم الله كلها باطلة نسأل الله العافية. ¬

(¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (357). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الإشهار في الهبة، برقم (2587).

حكم إرغام البنت على الزواج من رجل متزوج

165 - حكم إرغام البنت على الزواج من رجل متزوج س: تقول السائلة: إن أباها زوجها من رجل عمره ثمان وخمسون سنة، وهي صغيرة لم تتجاوز العشرين، وحينئذ لما عرض عليها هذا الزواج حلفت ألا تقبل به، لكن والدها أرغمها على ذلك، وحينئذ أجبرت نفسها وتزوجت، وهي الآن تعيش مع هذا الرجل ويقسم لها مع ضراتها، وتسأل سماحتكم عن ذلكم اليمين كيف يكون تصرفها تجاهه. جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: عليها كفارة يمين، عليها أن تكفر كفارة اليمين، وقد أحسنت في طاعة أبيها والحمد لله على ذلك، ونسأل الله أن يجعله زواجا مباركا، وأن ينفعها بذلك، وعليها كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، يعني: يعطى كل واحد نصف صاع من التمر، أو الحنطة أو الأرز، كيلو ونصف تقريبا، أو كسوة، كل واحد قميص، أو إزار ورداء هذه هي الكفارة، عشرة كل واحد يعطى نصف صاع، من قوت البلد، ومقداره كيلو ونصف تقريبا. أو كسوة قميص، أو إزار ورداء. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (327).

حكم تخصيص الزوجة الجديدة ببعض الهدايا

166 - حكم تخصيص الزوجة الجديدة ببعض الهدايا س: هذا السائل أبو فهد من القصيم، يقول: شخص لديه زوجة، وقد تزوج بزوجة أخرى، وطلبت الأولى أن يعطيها من الحلي، مثل ما يعطي الزوجة الثانية، هل يلزمه هذا الشرط؟ (¬1) ج: إذا كان الحلي مهرا للجديدة، لا يلزمه، هذا مهر، أما إذا كان بعد ما تزوجها أعطاها، فيعطي هذه مثلها من باب العدل، يكون كسوة وحليا، بينهما كذا كذا يتماثلان، أما إذا كان الحلي مشروطا في المهر، إذا كان لها حلي مشروطة في المهر، أو دراهم مشروطة فهذا لا يضر، هذه مهر، ليست داخلة في النفقة. ¬

(¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (400).

س: السائل: م، من جمهورية مصر العربية، يقول: رجل يريد أن يتزوج زوجة ثانية على زوجته الأولى، هل لها الحق أي الزوجة الأولى، أن تطلب ملابس وذهبا، مثل الزوجة الثانية في الزواج، أم ماذا يفعل تجاهها؟ (¬1) ج: لا يلزمه ذلك، يلزمه الإنفاق عليها بالمعروف، وأما ما يعطيه ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (403).

الزوجة الجديدة من مهر وغيره، فهذا يختص بالجديدة، لا يلزمه أن يعطي تلك مثلها، ولكن يقسم للجديدة ثلاثا، إذا كانت ليست بكرا، وإن كانت بكرا يقسم لها سبعا، ثم يعدل بين الجميع، وأما أن يعطيها مثل ما أعطى الجديدة من مهر وحلي، وملابس شرطتها عليه الثانية فلا. لكن يقسم بينهما في الكسوة، وغيرها بعد الزواج، يساوي بينهما.

س: السائل: ق. أ. ن. سوداني، يقول: عند زواجي أقسمت بالله للزوجة، بألا أتزوج عليها ما دامت على قيد الحياة، والحمد لله لم يحدث بيننا أي شيء يكدر هذه الحياة الزوجية، ما حكم الشرع في هذا الحلف، مأجورين؟ وإذا أردت الزواج، ماذا أفعل (¬1)؟. ج: لا بأس أن تتزوج إذا دعت الحاجة، الله شرع لك أربعا. إذا دعت الحاجة إلى أن تتزوج ثانية، أو ثالثة، أو رابعة، فلا بأس، وعليك كفارة يمين عن قولك: والله ما أتزوج، عليك كفارة يمين إذا تزوجت، وتعمل بالأصلح، إذا كنت في حاجة إلى الزواج، فتزوج وكفر عن يمينك، وأرضها، أرض الزوجة بما تيسر من المال، ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (417).

أرضها إذا لم ترض، أرضها بشيء يرضيها، عن وعدك لها.

س: بعض الأزواج سماحة الشيخ أساء إلى مبدأ التعدد (¬1) ج: لا شك أن الزوج إذا لم يعدل أساء إلى التعدد وأساء إلى الشريعة، وأساء إلى المسلمين، فالواجب على الزوج أن يتقي الله، وأن يحسن فيما عليه، ويؤدي الواجب، وأن يكون حريصا على العدل بين الزوجتين فأكثر حتى لا يظلم نفسه، وحتى لا يسبب النفرة من التعدد بأسباب عمله، وحتى لا تقع المشكلات أيضا بين الأسرتين وتكثر الخصومات في المحاكم، هذا كله يسبب المشكلات، أما العدل والإحسان وطيب العشرة فيسبب الخير الكثير للأسرتين وللمجتمع كله. ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (80).

س: تقول السائلة: رجل هجر زوجته منذ أكثر من عشر سنين وبقيت هي في بلد وهو في بلد، وتزوج من امرأة أخرى وأنجب منها أطفالا، والمرأة التي هجرها لديه منها أولاد أكبرهم الآن يبلغ ثلاثين عاما، فهل يجوز لهذا الرجل أن يهجرها طوال هذه المدة علما بأنه يستطيع السفر لتلك البلدة، ثم هل حرمت عليه بسبب

هجره لها بحجة أنه لا يحبها (¬1) ج: إذا كانت لم تسمح عنه ولم ترض بذلك فليس له هجرها بل يجب عليه أن يعدل أو يطلق، أما إن كانت سامحته وقالت: إن شئت فأت وإن لم تأت فلا حرج، فلا شيء عليه، وقد طلبت سودة رضي الله عنها من النبي صلى الله عليه وسلم أن يبقيها في عصمته، وجعلت يومها لعائشة لما هم بطلاقها فوافق عليه الصلاة والسلام على ذلك، وجعل يومها لعائشة ولا حرج في ذلك، أما إذا كانت لا ترضى بهذا فإن عليه أن يعدل أو يطلق، إما أن يقول: اسمحي لما فعلت وإلا طلقتك، فإن قالت: لا أسمح، إما أن تعدل وإما أن تطلق، يلزمه طلاقها. أما إذا قالت: أنا سامحة، إن جئت حياك الله، وإن ذهبت، ما عندي مانع، لا تطلقني، فلا حرج عليه. ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (237).

س: يقول السائل: أنا متزوج ومستقر بمنطقة، ولي عمل بمنطقة أخرى، تبعد حوالي مسافة يومين بالسيارة، وحصل أن تزوجت بمنطقة عملي، وكنت أقيم في مكان عملي، زهاء شهرين أو ثلاثة، وإذا أتيت إلى مكان استقراري، أقيم حوالي أسبوع أو أسبوعين، فهل

هذا صحيح أم فيه مخالفة للشريعة، في العدل بين الزوجات؟ (¬1) ج: الواجب عليك أن تعدل بينهما حسب الطاقة، والإمكان، فتنقل التي في مستقرك إلى محل عملك، حتى تعدل بينهما أو تنقل الجديدة إلى محلك الأول حتى تعدل بينهما، أو تستسمحهما، فإذا سمحت الأولى ولم تلحقك حرجا، فلا بأس بذلك، الحق لها، فإذا سمحت الأولى عن بعض حقها فلا بأس، المقصود أن عليك أن تتحرى العدل حسب طاقتك، إما بنقل الأولى إلى محل مستقرك، أو نقل الثانية إلى محل عملك، حتى تجمع بينهما هناك، وحتى تعدل بينهما، أو تستسمح الأولى، عما يحصل عليها من النقص، فإذا سمحت فالحمد لله. ¬

(¬1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم (97).

س: سائلة تقول: زوجها تزوج بأخرى، ولم يعدل بينها وبين الجديدة، ولما عاد إليها امتنعت عنه وترجو التوجيه؟ (¬1) ج: الواجب عليه العدل والتوبة إلى الله من الجور، فإذا عاد إلى العدل واستقام أمره فالواجب عليك أن تمكنيه من نفسك، وأن ¬

(¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (272).

ترجعي إلى الحق والصواب، أما إذا لم يعدل فلك الحق بطلب الطلاق والامتناع منه، حتى يعدل أو يطلق.

حكم إخفاء الزواج بالثانية عن الزوجة الأولى

167 - حكم إخفاء الزواج بالثانية عن الزوجة الأولى س: سوداني مقيم في المملكة يقول: أنا رجل متزوج ونويت الزواج من امرأة أخرى، لكن أخفيت ذلك عن زوجتي، فهي إن أخبرتها ستعارض بطبيعة الحال، فما حكم الإسلام في إخفائي ذلك الأمر عنها جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: لا حرج عليك في ذلك، أن تخفي عنها، لكن متى تزوجت لا بد من العدل بينهما، إلا أن ترضى الأخيرة بعدم القسم لها، فلا بأس، وإلا فلا بد من العدل، تقسم لهذه ولهذه، سواء بسواء. ¬

(¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (339).

بيان ما يفعله من عجز عن العدل بين زوجاته

168 - بيان ما يفعله من عجز عن العدل بين زوجاته س: يقول السائل: إنني متزوج من زوجتين: الأولى تزوجتها دون أن أراها الرؤية الشرعية، وفوجئت بأنها غير جميلة ومريضة مرضا لا يرجى برؤه، ويقول: مضى على زواجي منها تسعة أعوام

وأنا أعاني نشوزا وإعراضا منها، وبالإضافة إلى أنها غير طبيعية ولا تفهم أمور الحياة وأبقيتها على ذمتي، رحمة بحالتها المرضية وعقلها المتخلف، وكذلك عطفا على أولادي منها وهم أربعة أبناء وزوجتي الأخرى عكس ذلك، ولم أستطع العدل بينهما لكراهيتي لزوجتي الأولى، وحالتي النفسية تزداد سوءا كل يوم، وترددت في كثير من الأحوال، وأيضا فقد ترددت في طلاقها وهي تعلم بذلك والآن اشتدت حالتي النفسية سوءا فهل أطلقها؟ أم ماذا أعمل سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: الواجب عليك أن تعمل الأصلح إن استطعت العدل والقيام بالواجب في حق الزوجتين فالحمد لله، اجتهد واصبر وصابر واتق الله، أما إذا كنت لا تستطيع فعليك أن تطلقها طلقة واحدة، صبرت عليها كثيرا، المقصود أنك تنظر الأصلح في موضوعها وموضوع الأخرى، فإن استطعت أن تصبر عليها كما صبرت هذه المدة الطويلة فاصبر ولعل الله أن يهديها ويصلح حالها، وإن طلقتها فطلقها طلقة واحدة ولا حرج والحمد لله، قد صبرت كثيرا، وإن رأيت الأصلح ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (375).

أن تبقيها وتصبر على أذاها وعلى نقصها، هذا لا حرج عليك فيه.

حكم العدل في العطايا لأهل الزوجات

169 - حكم العدل في العطايا لأهل الزوجات س: هل ما يقدمه الزوج لأهل زوجته الأخرى، من صدقات أو هدايا هل يؤثر ذلك في العدل، بين الزوجات؟ (¬1) ج: لا بأس بذلك، ولا حرج إن شاء الله، لا يؤثر، المهم العدل بينهما في أنفسهما، أما إذا أعطى أهل إحدى زوجتيه لفقرهم، أو لإحسانهم إليه أو لأسباب أخرى، فليس هذا من باب العدل بين الزوجتين لا حرج عليه. ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (295).

بيان مدة الإقامة عند الزوجة الجديدة

170 - بيان مدة الإقامة عند الزوجة الجديدة س: السائل: ع، من ليبيا، يقول: ما حكم الإسلام في طول فترة الزواج؟ أي من يوم السبت إلى يوم الأحد، من الأسبوع الثاني؟ علما بأن هذه المدة من العادات والتقاليد عندنا؟ (¬1) ج: إذا تزوج امرأة وليس عنده غيرها يقيم عندها دائما، والحمد لله، ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (399).

يبيت عندها دائما، لها ليلة من أربع، ويوم من أربعة أيام، أما إذا كان نكحها على غيرها، هذا بين النبي صلى الله عليه وسلم حكمه (¬1) إذا تزوج امرأة على امرأة، إن كانت المرأة المتزوجة بكرا، أقام عندها سبعا، خصها بسبع ليال ثم يدور، كل واحدة، لها ليلة بعد السبع، وإن كانت الزوجة الجديدة ليست بكرا، بل ثيبا أقام عندها ثلاثا، يخصها بثلاث، ثم يدور بين زوجاته، كل واحدة يعطيها ليلة، ويعدل بينهن. هذا إذا كان عنده زوجة أو أكثر ونكح زوجة أخرى، فإنه إن كانت بكرا جديدة، خصها بسبع ليال، ثم يقسم بينهما، وإن كانت الزوجة الجديدة ثيبا، قد تزوجت قبله، خصها بثلاث ليال، أول ما يتزوجها ثم يدور، ليلة عند هذه وليلة عند هذه، يعدل، والنهار كذلك، يعدل بينهما، أما إن كان ما عنده إلا هي، فهو عندها في جميع الليالي والأيام، والحمد لله. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب إذا تزوج الثيب على البكر، برقم (5214)، ومسلم في كتاب الرضاع، باب قدر ما تستحقه البكر والثيب من إقامة، برقم (1461).

حكم العزل عن الزوجة لتأخير الإنجاب

171 - حكم العزل عن الزوجة لتأخير الإنجاب س: هل يجوز للزوجين استخدام طريق العزل، إذا كانا يريدان

أن يؤخرا الإنجاب، حتى فطام الطفل الأول؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك، النبي صلى الله عليه وسلم أقر العزل، ولكن العزل لا يمنع ما أراد الله من الولد، قد يسبق الماء ويغلب الرجل على ذلك، إذا أراد الله الولد، لكن العزل لا حرج فيه، قال جابر رضي الله عنه: «كنا نعزل والقرآن ينزل» (¬2) فبلغ النبي ولم ينهنا عنه عليه الصلاة والسلام. ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (221). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب العزل، برقم (2507)، ومسلم في كتاب النكاح، باب حكم العزل .. ، برقم (1440).

حكم استعمال حبوب منع الحمل

172 - حكم استعمال حبوب منع الحمل س: هل يجوز استعمال حبوب منع الحمل، بدلا من العزل، لمدة عامين حتى يتم فطام الطفل الأول، مع العلم بأن الأم ليس بها أي مرض، ولكنها تريد إرضاع طفلها لمدة عامين؟ (¬1) ج: لا ينبغي استعمال الحبوب؛ لأنها تضر وتسبب امتناع الولد، أما العزل فهو أسهل؛ لأنه قد يسبق الماء ويحصل الولد، أما ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (221).

استعمال الحبوب ونحوها، فلا ينبغي إلا من مضرة، كأن يكون عندها أولاد كثيرون، تعجز عن خدمتهم وتربيتهم، فلا بأس أن تستعمل الحبوب، بعد استشارة الطبيب المختص، وتقرير عدم مضرتها مع رضاء زوجها بذلك، أما إذا لم يكن هناك مضرة، بل هي سليمة ورحمها سليم، وليست مريضة وليس عندها أولاد كثيرون، يشق عليها تربيتهم فلا ينبغي في هذا الحال، ولا يجوز استعمال الحبوب.

حكم تنظيم النسل باستعمال موانع الحمل

173 - حكم تنظيم النسل باستعمال موانع الحمل س: ما حكم الدين الإسلامي في تنظيم النسل، عن طريق استخدام حبوب منع الحمل، أو اللولب، أو غير ذلك من الطرق الأخرى، وما الحكم في منع الحمل نهائيا، بعد عدد معين من الأطفال (¬1) ج: أما تنظيم النسل فلا بأس به، إذا دعت إليه الحاجة؛ لكونها ذات أطفال كثيرين، ويشق عليها التربية أو لأنها مريضة، أو لأسباب أخرى رآها الأطباء الثقات، فلا مانع من التنظيم، من أن تمنع الحمل سنة أو سنتين، حتى تستطيع تربية أطفالها أو حتى يخف عنها ¬

(¬1)؟ السؤال السادس عشر من الشريط رقم (181).

المرض، أما بدون حاجة فلا ينبغي منعه؛ لأن الله جل وعلا شرع لنا أسباب تكثير النسل، ولأن الحمل من فضل الله على العبد ويأتي برزقه، وفي تربيته وتعبه عليه أجر كثير، مع صلاح النية فلا حاجة إلى أخذ الحبوب ولا إلى التنظيم إلا إذا كان هناك مصلحة وحاجة تقتضي ذلك لكثرة الأولاد، ومشقة التربية أو ما يعتريها من المرض، أو نحو ذلك، من الأسباب الوجيهة، سواء كان بالحبوب أو باللولب، أو بإبر أو غير ذلك من أسباب تنظيم الحمل، أما منعه فلا يجوز منعه بالكلية، إلا لعلة، إذا كان الحمل فيه خطر على حياتها، وذكر الأطباء أن الحمل فيه خطر عليها فلا بأس من المنع، وإلا فلا يمنع، لا يجوز تعاطي منعه؛ لأنها مشروع لها أن تلتمس الأولاد، وأن تتزوج، وزوجها كذلك، مشروع له التماس الأولاد، وقد تفعل هذا وتندم ندما كثيرا، فالحاصل أنه لا يجوز تعاطي منع الحمل إلا لعلة، لا حيلة فيها وهي الخوف عليها من الموت؛ لأن الحمل فيه خطر على حياتها.

حكم تحديد النسل

174 - حكم تحديد النسل س: مستمع يسأل ويقول: ما حكم أولئك الذين يجرون بعض العمليات للنساء، من أجل تحديد النسل؟ وما هو حكم تحديد

النسل في الإسلام (¬1)؟ ج: لا يجوز تحديد النسل، بل ينبغي للرجل والمرأة الحرص على المزيد من الذرية؛ لأن الرسول عليه السلام قال: «تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة» (¬2) وفي اللفظ الآخر: «فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (¬3) فالرسول صلى الله عليه وسلم حث على تزوج الولود الودود، ثم المؤمن ينبغي له أن يحرص على أن يكون له ذرية صالحة، تنفعه في الدنيا وتنفعه في الآخرة، تكثر جمع المسلمين، يحرص على الزوجة الصالحة، وعلى العناية بالذرية، وأن يربيهم التربية الإسلامية الطيبة، فتحديد النسل لا وجه له، ومعنى تحديد النسل أن يتفق مع المرأة على عدد معلوم، لا، بل يجتهد مع المرأة جميعا، أن الله يعطيهما المزيد من الذرية، على وجه لا يضرها. فإذا كان هناك ضرر، كونها تحمل هذا على هذا، وعليها ضرر، لا بأس أن تتعاطى أشياء، تمنع الحمل وقتا ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (272). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث أنس بن مالك برقم (13519). (¬3) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء، برقم (2050).

معينا، مثل وقت الرضاع، أو بعض وقت الرضاع، حتى تقوى على التربية، لا بأس بهذا، من غير أن يحدد النسل بعدد معلوم، لكن لا بأس أن تتعاطى أشياء تمنع الحمل، وقتا معينا، دفعا للضرر الذي عليها، وحرصا على تربية الأولاد التربية الإسلامية، أما التنظيم الذي تدعو له الضرورة، وتدعو له الحاجة والمصلحة الشرعية، فلا بأس، أما التحديد، فلا.

س: يقول السائل: كثير من الناس يؤيد تحديد النسل، وذلك عندما يرزقه الله عدة أولاد، ويكتفي ويعطي زوجته حبوب منع الحمل، ونريد نصيحة المسلمين ونصيحتنا عامة، وكذلك حيث إنني أعتقد أن ذلك من التشبه بالغرب ومن أعمال الغرب؟ (¬1) ج: لا شك أن تحديد النسل، لا يجوز، وفيه مضار كثيرة، منها إضعاف للأمة وتقليل لعددها، والشريعة جاءت بالحث على أسباب التوالد والترغيب في ذلك، ومن ذلك قوله: «تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (¬2) وفي لفظ: «مكاثر بكم الأنبياء ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (32). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء، برقم (2050).

يوم القيامة» (¬1) فتزوج الولود مما حث عليه الشارع، ولأن في كثرة الأولاد تكثير الأمة العابدة لله وحده من المسلمين، وفيه أيضا ربما دعوا لوالدهم فيستفيد من ذلك، وربما قاموا بأعمال جليلة تنفع المسلمين من طلب العلم، من أعمال تنفع الأمة، في عاجل أمرها وآجله، فيكون لهم في ذلك خير كثير، إذا صلحت نيته، وساعدهم على هذا الخير، أو دعا لهم بما يعينهم على هذا الخير، المقصود أنه على خير، وهم على خير، إذا كثروا وصلحوا، والتوفيق بيد الله، إنما عليه فعل الأسباب، والتوجه إلى الله، بطلب الهداية لهم والتوفيق لهم، مع الأخذ بالأسباب التي تسبب هدايتهم، من حسن التربية والتوجيه، والملاحظة والعناية والأخذ على يد السفيه إلى غير ذلك، فلا يجوز تحديد النسل وبأن الموجودين ربما ماتوا، قد يحدد وعنده ثلاثة أو أربعة أو خمسة فيموتون فيندم غاية الندامة فلا وجه للتحديد، ولكن إذا دعت الحاجة إليه أو الضرورة لكون المرأة مريضة، يضرها الحمل بتقرير الأطباء، أو لأنها تلد هذا على هذا بسرعة فيشق عليها تربيتهم فأعطاها ما يمنع الحمل نحو سنتين، ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث أنس بن مالك برقم (13519).

حت يستطيع التربية والقيام على شؤون الأولاد، فهذا لا بأس به بصفة مؤقتة.

س: الأخ: ح. ع، من المملكة المغربية، يسأل ويقول: إذا كانت المرأة تحمل بعد ثلاثة أشهر من وضعها الأول، فهل لها أن تستعمل الحبوب لتنظيم الحمل؟ وضحوا لنا هذا الأمر، وجزاكم الله خيرا. (¬1) ج: إن الأصل في هذا المجال أنه لا ينبغي للمرأة أن تتعرض لتأخير الحمل أو إسقاطه؛ لأن المطلوب هو تكثير النسل لما فيه من الخير العظيم، لمن هداه الله ووفقه، ولما فيه من تكثير الأمة. والأصل في هذا قوله عليه الصلاة والسلام: «تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (¬2) فتكثير النسل أمر مطلوب لما فيه من تكثير من يعبد الله، ويكثر جماعة المسلمين، ولما فيه من الخير للوالدين، يدعو لهم، إذا أصلحه الله، ولما في التربية للأولاد التربية الإسلامية من الأجر العظيم، ولما في الإحسان ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (167). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء، برقم (2050).

إليهم من أنواع الإحسان من الخير العظيم، فالمشروع عدم التعرض لمنع الحمل أو إسقاطه، لكن إذا كانت المرأة لديها أولاد كثيرون، ويشق عليها أن تربيهم التربية الإسلامية؛ لكثرتهم، فلا مانع من تعاطي ما ينظم الحمل لهذه المصلحة العظيمة، حتى يكون الحمل على وجه لا يضرها ولا يضر أولادها، كما أباح الله العزل لهذه المصلحة وأشباهها. وعلى المرأة أن ترضع حولين كاملين، إذا استطاعت ذلك، قال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}، ولكن لو اتفقت مع الزوج على انفصاله، وعلى انفطامه لأقل من ذلك لمصلحة رأياها فلا بأس، كما قال تعالى: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} فإذا تشاورا، يعني الأب والأم، إذا تشاورا في فطامه لسنة أو أقل أو أكثر؛ لمصلحة رأياها فلا بأس بذلك.

حكم أخذ مانع للحمل وفيه ضرر على الزوجة

175 - حكم أخذ مانع للحمل وفيه ضرر على الزوجة س: السائل: يذكر أن زوجته إن أعطاها من هذه الأدوية التي

تنظم الحمل، فإنها تتأذى منها وإن بقيت بدونها، فهي تحمل عاما وترضع عاما آخر، وصحتها متدنية جدا، ويسألون هل هناك طريقة شرعية، تستخدمها المرأة، ولا تهرب من زوجها، وتبقى عنده والحالة هذه؟ (¬1) ج: نعم، إذا كانت تتضرر كما ذكر الزوج من الحمل، يحصل لها بذلك مضار شديدة أو على ولدها الصغير فإنه لا مانع أن يعزل عنها، والعزل لا بأس به وكان السلف يعزلون عند الحاجة إلى ذلك، أو يسألون عن ذلك الطبيبات المختصاتِ، لعلهن يجدن شيئا ينفعها، ولا يضرها عند الحاجة والضرورة إلى ذلك، والعزل أمر متيسر، إذا استطاعه الزوج وإذا كتب الله شيئا تم، ولو بشيء قليل من المني، لكن هذا من الأسباب والتوفيق بيد الله سبحانه وتعالى. ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (132).

بيان ضرر أدوية موانع الحمل على الزوجة

176 - بيان ضرر أدوية موانع الحمل على الزوجة س: تقول السائلة: إنه نتيجة لمتاعب الحمل والولادة، والتربية تضطر للهروب عن زوجها، نظرا لتأثرها بالأدوية التي تؤخذ لتنظيم

النسل، وترجو من سماحتكم النصح والتوجيه؟ (¬1) ج: نصيحتي لها أن تدع هذه الأدوية، التي تنفرها من زوجها، وأن تتحمل الحمل والولادة، ولعل في هذا خيرا كثيرا، ومصالح جمة فإن الأولاد إذا أصلحهم الله، صار ذلك خيرا لهم، وخيرا لوالديهم جميعا وخيرا للأمة، فينبغي لها أن تحمل وتصبر، وتدع الأدوية التي قد تؤذيها وتضرها، إلا إذا كان هناك مرض، أو تقرير من أطباء يدل على أن حملها هذا يضرها ويسبب أخطارا كثيرة عليها، فإنها تتقيد بالتوجيهات الطبية، ولو أخذت ما يمنع الحمل سنة أو سنتين، أو أكثر، على حسب توجيهات الطبيب المختص، البصير الثقة في ذلك، فلا مانع من تنظيم الحمل على هذا الوجه؛ للمصلحة الشرعية ولدفع الضرر عنها، وعن أولادها الصغار، أما لمجرد الترفه وطلب الراحة، فهذا لا ينبغي ولا يجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حث الأمة على طلب النسل وتكثير الأمة، فقال عليه الصلاة والسلام: «تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (¬2) ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (132). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء، برقم (2050).

وفي بعض الروايات «الأنبياء يوم القيامة» (¬1) فالرسول صلى الله عليه وسلم رغب في كثرة الأولاد، وأخبر أنه يكاثر بأمته يوم القيامة الأمم، فكثرة الأولاد على الطريق الشرعي، مع الصبر والتحمل فيه خير كثير، وقد ينفع الله بهم الأمة، وينفع الله بهم والديهم، إذا أصلحهم الله، فالمشروع للمرأة التحمل والتصبر، حتى يكثر الأولاد من طريق الحلال، ومن طريق الزوج الشرعي، والحمد لله؛ إلا لعلة وضرر لا بد منه، فإن هذا لا بأس أن تتعاطى ما يخفف عنها هذا الضرر، من طريق الأطباء المختصين والطبيبات المختصات، حتى يكون التنظيم على بينة وعلى بصيرة وعلى وجه شرعي. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث أنس بن مالك برقم (13519).

س: استعملت زوجتي وسيلة لتنظيم النسل، وذلك لكونها أرهقت بالإنجاب المتتالي كل عام، وقد عزمت أنها بعد مرور خمسة أعوام، ستترك هذه الوسيلة، علما بأنها قد وضعت أربعة أولاد، أكبرهم عمره أربع سنوات ونصف، فما هو رأي سماحتكم جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (297).

ج: لا حرج في استعمال وسائل تنظيم النسل، إذا دعت الحاجة إلى ذلك كحالة ضرر، ولكن يكون ذلك وقت الرضاعة، السنة الأولى والسنة الثانية، حتى لا يضرها الحمل المتتابع، وحتى لا يمنع من التربية الشرعية لأطفالها، إذا كانت تتضرر في الحمل على الحمل في تربية الأولاد، وفي صحتها فلا حرج، من التنظيم في حدود السنة أو السنتين، أيام الرضاع.

س: السائلة: س. م. م. من جمهورية مصر العربية تقول في سؤالها: ما حكم استعمال وسائل تنظيم الأسرة، التي نسمع عنها في وقتنا الحاضر، وهل في هذا مخالفة لما جاء في القرآن والسنة؟ (¬1) ج: هذا سؤال مجمل: تنظيم الأسرة، هذا سؤال شامل لا بد من التفصيل، فإن كان المراد تنظيم الأسرة، يعني تنظيم الحمل، هذا فيه التفصيل، إذا كان عليها مشقة، كونها ترضع، وتخشى الحمل ويضر الولد حملها، فلا بأس بتعاطي ما يمنع الحمل حتى تكمل الرضاعة، أو كان عليها مضرة بتقرير الأطباء، أو أن عليها مضرة من الحمل المتوالي، فلا مانع من تعاطي ما يمنع الحمل المتوالي، كأن تحمل ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (391).

بعد كل ثلاث سنين، أو أربع سنين، إذا كان عليها مضرة في الحمل المتوالي، المقصود تنظيم الأسرة إذا كان لأمر شرعي فلا بأس.

س: يقول السائل إذا كانت الزوجة تتعرض للمرض والتعب، والتدهور في الصحة بسبب الحمل والولادة، لفترات متقاربة، ومع هذا كله لا يوجد لدينا الأغذية اللازمة للمرأة الحامل، والمرضع ولا يوجد لدينا رعاية صحية متكاملة؛ لأن المعيشة في الريف قاسية، هل يجوز استخدام أي وسيلة من وسائل تنظيم الحمل لتلافي ما ذكر جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: لا حرج في استعمال الوسائل المباحة؛ لتنظيم الحمل إذا كان على المرأة مشقة، إما لمرض أصابها، وإما للأسباب التي ذكرها السائل، فلا مانع من أن تستعمل حبوبا أو شرابا أو غير ذلك، مما يباح لأجل تنظيم الحمل، حتى لا يضرها الحمل، وحتى لا يضر بتربية أولادها، إذا تتابعوا عليها وهي لا تتحمل ذلك، والمقصود من ذلك هو الإحسان إليها، والإحسان إلى أولادها، فإذا كان في تنظيم الحمل إحسان إليها، من جهة صحتها وإحسان إلى أولادها، ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (125).

من جهة التربية فلا حرج في ذلك، والحمد لله.

س: هل يجوز تحديد الإنجاب في الحياة الزوجية؟ (¬1) ج: لا يجوز، بل يجب على المرأة أن تجتنب هذا الشيء، إلا عند الضرورة، لا بأس بتعاطي بعض الحبوب أو بعض الأشياء التي تمنع الحمل وقتا ما، وأما منعه بالكلية، هذا يخالف مقتضى الشرع المطهر، فإن الشرع المطهر يتشوف لكثرة النسل، والرسول صلى الله عليه وسلم دعا إلى ذلك، وقال: إنه يكاثر بنا الأمم يوم القيامة، فلا ينبغي التعرض لقطع النسل، ولكن إذا دعت الضرورة إلى تأخير الحمل بعض الوقت؛ لتربية الأولاد، مثل أنها تحمل هذا على هذا، وتحتاج إلى أن تؤخر الحمل إلى وقت ما، حتى تستطيع تربية الموجودين، فلا بأس بأن تأخذ حبوبا تمنع الحمل سنة، أو سنتين حتى تفطم وتتفرغ للحمل الجديد، هذا لا بأس به- إن شاء الله- ولا حرج فيه. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (19).

س: السائل يقول: أنا رجل متزوج وعندي ستة أبناء وبنت واحدة، وأرغب في أن أضع حدا للإنجاب الآن، حيث إنني لا

أرغب في إنجاب المزيد من الأولاد علما بأن دخلي المادي محدود، فما حكم الشرع في نظركم في هذا الموضوع وهل يجوز لي أن أنظم الإنجاب؟ (¬1) ج: المشروع عدم التحديد؛ لأن الشارع يرغب في المزيد من النسل لتكثير الأمة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (¬2) فالمشروع لك يا أخي عدم التحديد وتصبر وأن ترغب في المزيد، تسأل ربك الصلاح فربما نفعك الله بهم فأنت على خير عظيم، تحسن تربيتهم وتقوم عليهم، تسأل الله لهم الصلاح وهو خير لك من التحديد. ¬

(¬1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (366). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء، برقم (2050).

حكم تنظيم النسل من أجل تربية الأبناء

177 - حكم تنظيم النسل من أجل تربية الأبناء س: الأخت: ع، من الجماهيرية الليبية، تقول إنها امرأة مسلمة، تبلغ من العمر تسعة وأربعين عاما، أؤمن بقضاء الله وقدره أنجبت ستة أولاد، ذهبوا إلى رحمة الله، ولي ستة أولاد أحياء بفضل الله،

والحمد لله، كان مرضهم يطول مدة عامين أو أكثر، الأطباء لم يعرفوا عنهم شيئا، الآن أفكر في تنظيم النسل، هل يجوز لي هذا أو لا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: لا تنظمي النسل إذا كنت تستطيعين ولا ضرر عليك فالحمد لله، ودعي الأمر على حاله، متى شاء الله الحمل حملت، ولا تتعاطي ما يمنع الحمل، أما إذا كان هناك ضرر لعدم القدرة على التربية المشروعة، فلا مانع أن تتعاطي بعض الحبوب التي تمنع الحمل في السنة الأولى والثانية، حتى تتمكني من الرضاع والتربية المناسبة الشرعية، أما إذا كان ليس هناك حاجة إلى هذا، فاتركي الأمر على حاله، من غير حاجة إلى التنظيم؛ لأن المزيد من الأولاد فيه خير كثير، إذا أصلحهم الله، والرسول صلى الله عليه وسلم أرشد الأمة إلى تكثير النسل، قال: «تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (¬2) والأولاد قد يجعل الله فيهم خيرا كثيرا، فينفعونك وينفعون أباهم فلا تنظمي النسل إلا من حاجة. ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (176). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء، برقم (2050).

حكم اتفاق الزوجين على الانتهاء من الإنجاب

178 - حكم اتفاق الزوجين على الانتهاء من الإنجاب س: إذا اتفق الزوجان على الانتهاء من الإنجاب، فما الحكم؟ (¬1) ج: لا يجوز لهما، ما دامت المرأة قادرة فليس لهما ذلك؛ لأن الشريعة تريد من الناس العناية بالأولاد، وتكثير الأمة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (¬2) وفي لفظ «الأنبياء يوم القيامة» (¬3) ولأن في ذلك تكثير من يعبد الله من المسلمين، ولأن فيه أيضا تكثير الأمة حتى تكون أقوى ضد أعدائها، فليس للرجل أن يدع الإنجاب خوفا من تبعة المؤونة، ومشقة النفقة أو من أجل التلذذ بالمرأة، ونحو ذلك، وليس للمرأة كذلك، عليهما أن يتعاطيا أسباب الذرية ويحرصا على أسباب الذرية، حتى يكثروا الأمة، وحتى يحققا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، لكن متى وجد ضرر على المرأة؛ لأنها تتألم كثيرا، بسبب مرض في رحمها، أو لأنها لا تضع إلا بعملية، فهذا عذر في ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (75). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء، برقم (2050). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث أنس بن مالك برقم (13519).

عدم الإنجاب، إذا كانت العملية تضرها، ويخشى عليها منها، كذلك إذا كان الأولاد كثيرين بأن تتابعوا في زمن متقارب، وتشق عليها التربية، فلا مانع أن تأخذ بعض الحبوب، سنة أو سنتين، مدة الرضاع حتى تقوى على التربية، وتستعين بذلك على تربية الآخرين.

س: هل يجوز استعمال الحبوب المانعة للحمل، إذا كان أخذها بموافقة الزوج، وليس القصد من أخذها مخافة الفقر، أو قلة الرزق؛ لأن الرزق على الله سبحانه وتعالى، ولكن لتنظيم النسل وليس لتحديده؟ (¬1) ج: لا حرج في ذلك إذا كان برضاء الزوج، عند الحاجة إلى ذلك: كثرة الأولاد، أو لكونها تتألم كثيرا، أو لأسباب معقولة تضر المرأة، فلا بأس بتنظيمه بالحبوب، حتى لا يضرها الحمل، وحتى لا يضرها في التربية أيضا. ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (212).

س: إحدى الأخوات من الجزائر، بعثت برسالة وضمنتها جمعا من الأسئلة فتسأل عن حبوب منع الحمل، هل يجوز استعمالها أو

لا يجوز جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذه فيها تفصيل، إذا كان هناك مضرة بأن كان معها طفل ترضعه، تريد أن ترضعه وألا تحمل عليه، ورضي الزوج بذلك فلا بأس، وكان يضرها الحبل؛ لأن معها مرضا يضرها الحمل، فلا بأس أن تتعاطى الحبوب مؤقتا، حتى يزول المرض والأذى، أما تعاطيها لأجل كراهة الأولاد، أو المشقة من نفقتهم فهذا لا يجوز. ¬

(¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (348).

حكم استعمال مانع الحمل بعد الزواج لمعرفة أخلاق الزوج قبل الحمل

179 - حكم استعمال مانع الحمل بعد الزواج لمعرفة أخلاق الزوج قبل الحمل س: السائل أ. ع يقول في سؤاله: لقد انتشرت في الآونة الأخيرة استعمال مانع الحمل بعد الزواج؛ وذلك لكي تعرف الزوجة سلوكيات الزوج، فإن كانت صالحة تركت الحبوب، وإن كانت العكس استمرت حتى يكون الطلاق، والمقصود من ذلك مشكلة الولد بينهم، فما هو الحل الصحيح في حكم الشرع وفقكم الله؟ (¬1) ج: استعمال الحبوب لهذا القصد لا أعلم له أصلا، والمشروع ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (356).

ترك ذلك؛ لأن الله إذا قدر بينهما ولدا قد يكون سببا للألفة والمحبة واستمرار النكاح، بل السنة والمشروع أن تدع ذلك وفي كل هذا نظر، في هذا الاستعمال للحبوب نظر، بل المشروع أن تترك ذلك لعل الله أن يرزقهما ولدا فيكون سببا للمحبة والوئام بينهما، إلا من علة، إذا كان هناك علة شرعية كأن تكون مريضة يضرها الحمل أو أسباب أخرى يخشى منها المضرة، أما لهذا القصد لتعرف حال الزوج فالذي يظهر لي من الشرع عدم استعمال هذه الحبوب، وحسن الظن بالله، ولعل الله يرزقهما ولدا يكون سببا للوئام والاجتماع وبناء النكاح، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (¬1) المولود أمر مطلوب وسوء الظن لا وجه له، لا بد من حسن الظن بالله وترك استعمال الحبوب ولعل الله يجعل في ذلك الخير والبركة. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء، برقم (2050).

حكم استخدام مانع الحمل لعذر شرعي

180 - حكم استخدام مانع الحمل لعذر شرعي س: تقول السائلة: أنا مريضة وشخص الأطباء حالتي وهي فتحة قلبية، وزوجي يريد أطفالا، لكن خوفا على صحتي، بدأت أستعمل

أقراص منع الحمل، فهل أنا على صواب أم ماذا؟ جزاكم الله خيرا (¬1) ج: هذا يحتاج إلى مراجعة أهل الخبرة من الأطباء، فإذا كان عليك مضرة أو خطر، من ترك هذه الأقراص فلا حرج، وإن كانت هذه الأقراص، ليست بضرورية، ولم يرض زوجك بها فاتركيها، والخلاصة أن هذا يرجع إلى سؤال أهل الخبرة، من الأطباء فإن كنت للضرورة إلى هذا فلا بأس، وإن كان هناك غنى عنها، فالواجب تركها، إلا إذا أذن الزوج باستعمالها، نسأل الله لنا ولك العافية. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (286).

س: سائلة تقول: هل يجوز استخدام حبوب منع الحمل بقصد التنظيم لفترة معينة؟ (¬1) ج: إذا دعت الحاجة إلى ذلك، كأن يكون عندها أطفال كثيرون، ويشق عليها أن تحمل في وقت الرضاعة، ورضي الزوج بذلك فلا حرج، إذا كان فيه مصلحة ولا فيه مضرة، في أيام الرضاعة، أو كانت يضرها الحمل بالتتابع، حتى يكون بينهما فجوة، سنتان أو أكثر دفعا للمضرة، ورضي الزوج بذلك فلا بأس. ¬

(¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (297).

س: يقول السائل: ما حكم استعمال حبوب منع الحمل، بالنسبة للنساء؟ (¬1) ج: إذا كانت الحبوب تنفع ولا تضر، فلا بأس إذا اتفقت مع الزوج، على منع الحمل لأسباب شرعية، من مضرتها، أو رضاعها، أو نحو ذلك من الأسباب التي يتفقان عليها، تعاطي الحبوب التي لا تضرر فيها، لا بأس، إذا تراضى عليها الزوجان لمصلحة شرعية. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (432).

حكم استعمال المرأة حاجز الحمل (اللولب)

181 - حكم استعمال المرأة حاجز الحمل (اللولب) س: سائلة تقول: هل يجوز أن تستعمل المرأة وسيلة لمنع الحمل- وهو اللولب-؛ لأنني سمعت من بعض الأخوات، بأنه لا يجوز استعمال اللولب، فما الجواب في ذلك سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: لا يجوز استعمال اللولب، ولا حبوب منع الحمل، إلا لأسباب يتفق عليها الزوجان، إذا كان فيه مضرة على الأم، يضرها الحمل لمرض بها، أو لأسباب أخرى، كطفلها الذي ترضعه، تخاف أن تحمل عليه ويضره الحمل، إذا اتفقت مع زوجها، فلا بأس ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (376).

لأسباب شرعية أما تعاطي الحبوب لغير سبب أو اللولب لغير سبب لا يجوز؛ لأن الشارع أمر بالتزوج: «تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (¬1) فالأولاد مطلوبون، والذرية مطلوبة، فلا ينبغي للزوج ولا للزوجة منع ذلك، إلا بعلة شرعية، إذا أراد الزوج المنع وهي لا تريد، لا يلزمها، أو أرادت وهو لا يريد، لا يلزم، لا بد يتفقان على منع الحمل بالحبوب، أو باللولب لأسباب شرعية كمرضها، أو يكون الولد الرضيع يضره الحمل، فهذا لا بأس منه. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء، برقم (2050).

حكم استعمال المرأة حاجز الحمل اللولب

س: ما حكم استعمال اللولب لمنع الحمل بالنسبة للنساء، وهل استعماله حرام، ومعارض لحكم الله، في إنجاب الأطفال، وبماذا تنصحون لمن سمح لزوجته أن تستعمل مثل هذا اللولب؟ (¬1) ج: استعمال اللولب والحبوب، لا يجوز لمنع الحمل، المطلوب من الزوجين، أن يحرصا على طلب النسل، وكثرة الأولاد؛ لتكثير الأمة، كما قال صلى الله عليه وسلم: «تزوجوا الولود الودود، فإني ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (378).

مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (¬1) لكن إذا كان لعلة كمرض يشق معه الحمل، وتراضت هي وزوجها على ذلك أو لحاجة الطفل لحليبها، والحمل يمنع هذا اللبن، وهي تحتاج إلى أن ترضع طفلها، فلا بأس أن تستعمل الحبوب واللولب؛ لأجل المصلحة الشرعية، أو لأجل دفع المضرة التي عليها، أما بدون مضرة وبدون مصلحة، فلا يجوز، بل الواجب ترك ذلك، وأن يحسن الظن بالله عز وجل؛ لأن الرزق عند الله، ولو جاءهم عشرون أو ثلاثون أو أكثر، فالرزق عند الله، وهذا خير لهم وتكثير للأمة، وتكثير لعباد الله الصالحين، وإنما يسألون الله، أن يصلح لهم الذريات، ووجود الذرية الصالحة خير لهم وللمسلمين، فعليهم أن يحسنوا الظن بالله، وأن يدعوا الله أن يصلح لهم الذريات، وأن يدعوا الحبوب واللولب كذلك، إلا من مصلحة شرعية، أو مرض حادث بها، يضرها بوجود الحمل. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء، برقم (2050).

حكم استخدام المرأة مانع الحمل دون علم زوجها

182 - حكم استخدام المرأة مانع الحمل دون علم زوجها س: السائلة/ ش. م. أ. تقول بأنها امرأة، ذات عيال، عددهم سبعة، وهي تأخذ في هذه الفترة مانع الحمل؛ لكي تستريح من التعب

والإرهاق، ولكن الزوج يصر على عدم أخذها لمانع الحمل، وقد استمرت في أخذ مانع الحمل دون علمه، هل يجوز لها ذلك؟ (¬1) ج: إذا كان عليها مشقة كبيرة، فلا حرج، وإلا فالأفضل والأحوط عدم ذلك؛ لأن النسل كلما كثر فهو مطلوب؛ لتكثير الأمة، ولها أجر كبير في ذلك، إذا أحسنت التربية، هي والزوج، لهما أجر كبير، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:: «تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (¬2) فإذا تيسر الصبر على ذلك والقوة، ففيه خير عظيم، من تكثير الأمة، وحصول الأولاد، الذين ينفعون والديهم- إن شاء الله- إذا صلحوا، فالحاصل أنه إذا كان فيه مشقة كبيرة فلا حرج. ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (404). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء، برقم (2050).

س: هل يجوز استعمال مانع الحمل بسبب قلة دخلي المالي، الذي لا يفي بحاجاتنا المعيشية، إضافة إلى سوء صحتي، وما أصاب به من الإرهاق والسهر، وأخشى أن يتضاعف ذلك بينما يكثر الأولاد، أفيدونا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (48).

ج: لا يجوز تعاطي ما يمنع الحمل؛ من أجل خوف قلة المعيشة، فالله هو الرزاق سبحانه وتعالى، وهذا يشبه أحوال الجاهلية، الذين كانوا يقتلون الأولاد، خشية الفقر بل يجب حسن الظن بالله، والاعتماد عليه سبحانه وتعالى، فهو الرزاق العظيم جل وعلا، وهو القائل سبحانه وتعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} فالواجب حسن الظن بالله، من الزوج والزوجة، وألا يتعاطوا منع الحمل، أما إذا كان منع الحمل لأمر آخر، لمرض الأم أو لكونه يضر بصحتها، أو برحمها أو يخشى عليها منه، أو لأن الأولاد تكاثروا بأن تحمل هذا على هذا، من دون فاصل، فأرادت تعاطي المانع، لمدة يسيرة، كسنة أو سنتين، حتى لا يشق عليها تربية الأولاد، وحتى لا تعجز عن ذلك، فلا بأس لمصلحة الأولاد، لا لسوء الظن بالله سبحانه وتعالى، أو لمضرتها هي، وعجزها هي، أما ما يتعلق بالرزق فالرزاق هو الله، سواء كنت مريضا أو صحيحا، فالله هو الذي يرزقهم سبحانه وتعالى، وبيده تصريف الأمور جل وعلا، فعليك حسن الظن بالله، وعليك الثقة بالله، والله هو الرزاق سبحانه

وتعالى ذو القوة المتين جل وعلا.

س: قضية منع الحمل، أو تحديد النسل أو تنظيم النسل، ماذا يقول عنها سماحة الشيخ عبد العزيز؟ (¬1) ج: هذه القضية هي قضية الوقت، والسؤالات عنها كثيرة، وقد درس هذه المسألة مجلس هيئة كبار العلماء، في دورة سبقت وقرر فيها ما يرى في ذلك، وخلاصة ذلك أنه لا يجوز تعاطي هذه الحبوب لمنع الحمل؛ لأن الله شرع لعباده تعاطي أسباب النسل، وتكثير الأمة، وقال عليه الصلاة والسلام: «تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (¬2) وفي رواية: «الأنبياء يوم القيامة» (¬3) ولأن الأمة في حاجة إلى كثرتها، حتى تعبد الله، وحتى تجاهد في سبيله، وحتى تحمي المسلمين- بإذن الله وتوفيقه-، من مكايد أعدائهم، فالواجب ترك هذا الأمر وعدم استباحته واستعماله إلا لضرورة، فإذا كان هناك ضرورة فلا بأس، كأن تكون المرأة مصابة بمرض في ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (57). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء، برقم (2050). (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث أنس بن مالك برقم (13519).

رحمها، أو غيره يضرها معه الحمل، فلا حرج في ذلك على قدر الحاجة، كذلك إذا كانت ذات أطفال كثيرين، قد تراكموا وكثروا ويشق عليها الحمل، فلا مانع من أخذها الحبوب مدة معينة، كسنة أو سنتين، مدة الرضاع، حتى يخف عنها الأمر، وحتى تستطيع التربية كما ينبغي، أما إذا كان للرفاهية، أو لأجل الوظيفة، فلا يجوز منع الحمل.

س: يقول السائل: يذكر من الأشياء التي يقع الخلاف بسببها أن زوجته امتنعت عن الحمل بعد أن أنجبت أربعة أطفال، فما هو توجيهكم؟ (¬1) ج: الواجب عليها ألا تمتنع وأن تترك تعاطي المانع من الحبوب أو غيرها، إلا إذا كان هناك ضرر بين بتقدير الطبيب المختص، هذا لا حرج فيه، وإلا فالواجب عليها السمع والطاعة لزوجها، ولعل الله يرزقهما من الأولاد الصالحين، لا تمتنع ولا تتعاطى الشيء الذي يمنعها زوجها منه من الأسباب لعدم الحمل، إلا إذا كان هناك ضرر بين بتقدير طبيب مختص أو أكثر، فلا بأس، لقوله صلى الله عليه ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (363).

وسلم: «لا ضرر ولا ضرار» (¬1) ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، برقم (2862).

س: والدتي أنجبت أحد عشر مولودا، خمسة صغار والبقية كبروا، وقد تعبت كثيرا هل لها أن تقف عن الحمل والولادة؟ (¬1) ج: إذا كان يضرها الحمل، بشهادة الأطباء، فلا بأس، وإلا، فلا تقف، قد يرزقها الله ولدا خيرا من هؤلاء وأصلح، فلا تقف الأم، إذا كان هناك مضرة فلا بأس. ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (74).

س: بعض النساء يتناولن حبوب منع الحمل، أفيدونا هل هذا حلال أم حرام؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، إذا كانت المرأة قد شق عليها الحمل، تحمل هذا على هذا، أو بها مرض يضرها الحمل على قول أهل الخبرة من الأطباء، فلا بأس أن تأخذ حبوب منع الحمل، نسبة مؤقتة لا دائما بل بصفة مؤقتة، سنة، سنتين، حتى يتيسر لها تربية الأطفال، والقيام على الأطفال، أو حتى يزول المرض إن كان بها ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (41).

مرض، أما أخذ الحبوب دائما فلا؛ لأن هذا معناه قطع النسل، وهذا شيء يخالف الشريعة، والشرع يتشوف للأولاد؛ ولهذا جاء في الحديث الشريف عنه عليه الصلاة والسلام، أنه قال: «تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (¬1) وفي لفظ: «مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة» (¬2) وهذا يدل على أن الشرع يرغب في تكثير الأولاد، والإحسان إليهم، وتربيتهم، التربية الصالحة حتى يكونوا مكثرين للأمة الإسلامية، وحتى يكونوا مكثرين أيضا لأجر محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه كلما زاد أتباعه زاد أجره عليه السلام، فإن له مثل أجور من اتبعه من أمته عليه الصلاة والسلام، فينبغي للمؤمن أن يحتسب الأجر في الاستكثار من الأولاد، وتزوج الولود من النساء حتى يكثر أولاده، والله يعينه عليهم، والرزاق هو الله سبحانه وتعالى، لكن إذا كان هناك ضرورة من أجل المرض، مرض الرحم أو مرض آخر يشق معه الحمل، أو كونها تحمل هذا على هذا، يتوالى الحمل عليها، ويشق عليها فلا مانع أن تأخذ بعض ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء، برقم (2050). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث أنس بن مالك برقم (13519).

الحبوب، للراحة وتخفيف الأثر عليها من جهة مرض الرحم، أو من جهة حمل هذا على هذا؛ لتكون فترة خفيفة، سنة أو سنتين، مدة الرضاع أو أقل منها.

س: تقول: أخذت حبوب منع الحمل دون علم زوجي، والسبب الذي أخذت من أجله تلك الحبوب، أنني أمرض كثيرا إذا حملت، لكن انتظرت إلى ثلاث أو أربع سنوات، وحينئذ تركت الحبوب، فما هو رأي سماحة الشيخ، وهل علي إثم في ذلك جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: لا ينبغي لك أن تأخذي الحبوب إلا بإذن الزوج؛ لأن الحمل مشترك بينكما، فليس له أن يمنعك، وليس لك أن تأخذي الحبوب بغير إذنه، إلا بتراض بينكما، ولا ينبغي أخذ الحبوب إلا من حاجة كالمرض ونحوه، أما إذا كان من غير حاجة، فلا تأخذي الحبوب، حتى ولو بالرضا؛ لأن الحمل مطلوب وفيه فوائد ومصالح، لكن إذا دعت الحاجة إلى أخذ الحبوب من أجل مرض أو ضر فلا بأس، والواجب الاستئذان والتعاون في هذا الأمر والتشاور، هذا هو الواجب. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (339).

س: ما حكم الدين في علاجات منع الحمل، واستعمالها حيث إنني متزوج، ولي أطفال، فإن الطفل عندي، لما يولد، لا يرضع من أمه؛ لأنه لا يوجد بها حليب، وتتم تغذية الطفل بواسطة الحليب المجفف، مما يؤدي باستمرار إلى إصابة الطفل في النهاية بالتهابات واضطرابات، نتيجة هذه التغذية، مما يضطرنا إلى مراجعة الطبيب، والصيدلية التي تعتبر مراجعتها إرهاقا، بسبب ارتفاع التكاليف، حتى إني أعجز عن تأمين مصاريف العائلة الشهرية، بسبب ارتفاع الأسعار، وارتفاع تكاليف المعيشة التي لا تطاق، وأريد أن أعرف رأي الدين، في استعمال علاجات منع الحمل، حتى أستعملها، حتى أستطيع تأمين الحياة لعائلتي التي أجد مشقة في تأمين احتياجاتها الضرورية، وإذا كان الدين لا يسمح باستعمال العلاجات، فما لي سوى أن أعتزل زوجتي؛ لذلك أرجو أن تتفضلوا علي بالإجابة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته (¬1) ج: علاج منع الحمل كثير، لكن هناك حبوب معروفة يعرفها الأطباء، إذا تناولتها المرأة لأجل عدم استمرار الحمل، لمدة سنة أو ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (4).

سنتين لا بأس بذلك، عند الحاجة إلى هذا، لا حرج في ذلك وإن أرضعت الطفل ولم تتركه للحليب المجفف، فذلك أفضل لها إذا تيسر أنها ترضعه وحصل فيها لبن، كونها ترضعه، هذا من أسباب عدم حملها، ما دامت ترضعه، حتى تفطمه، هذا في الغالب بإذن الله، إذا كانت ترضع فإنها لا تحمل في الغالب، فترضعه وتكفي زوجها مؤنة التعب من الصيدليات، وشراء الحاجيات الأخرى، فإذا قرر أنه ليس فيها حليب، فإنه يعتني بما يجب لهذا الطفل وسوف يغنيه الله من فضله: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} فعلى والد الطفل أن يستعين بالله ويسأله من فضله وأن يتعاطى الأسباب الجيدة وأسباب الرزق وله البشرى، وسوف يغنيه الله من فضله سبحانه وتعالى، ولا بأس أن تتعاطى المرأة الحبوب التي تمنع الحمل لمدة سنة أو سنتين رفقا بالوالد عن توالي الحمل، ورفقا بها أيضا عن مشقة الحمل: هذا بعد هذا بسرعة، لا حرج بهذا إن شاء الله، وإن صبرت على الحمل

وصبر هو على الحمل، ولو توالى، فهذا خير على خير، ولعل الله يخرج من أصلابهم من يعبد الله، وينفع المسلمين، الحاصل أن تعاطي حبوب الحمل لا بأس بها، عند الحاجة إليها، لكن لا يطول، لمدة سنة أو سنتين، ثم يترك حتى تحمل وحتى يكثر الأولاد، والله هو الرزاق، ولا ينبغي للوالد أن يخاف مشقة المؤونة، فإن الله سوف ييسرها، ويعينه عليها، إذا لجأ إليه واستعان به سبحانه وتعالى.

س: تقول السائلة: الحمل كما هو معروف سماحة الشيخ يقطع الرضاعة، فهل للأم أن تمنع الحمل من أجل رضاعة الطفل الآخر؟ (¬1) ج: لا مانع من تعاطي أسباب تأخير الحمل، إذا كان عليها مشقة في فطامه، وتحب أن تكمل رضاعته، وترى المصلحة في ذلك فلا بأس؛ لأن هذه مصلحة شرعية مرعية. ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (167).

س: تقول السائلة: هل مانع الحمل أو أي نوع من موانع الحمل الطبية لمدة سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات حرام أو مكروه أو مباح؟ وضحوا لنا الأمر جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (396).

ج: هذا حسب الحاجة إلى ذلك، إذا دعت الحاجة إلى ذلك، لمرض بالمرأة أو لأسباب أخرى تبيح لها أخذ موانع الحمل لا بأس، مثل كونها ترضع وإذا حملت حصل لها ضرر على الرضيع. فالمقصود أنه إذا كان عذر شرعي، إما لكثرة الصبية وتعبها، أو لأن الصبي يتضرر بلبنها وهي حامل، أو لمرض بها هي، يضرها الحمل بتقرير الأطباء الثقات، فلا حرج في ذلك، أما أن تتعاطى موانع الحمل للترفه لا يجوز، أو لخوفهم ألا يقوموا بالخدمة أو النفقة هذا سوء ظن لا يصلح.

س: الأخت: م. ع. ن. من جنوب اليمن، محافظة عدن، تقول: أنا سيدة مسلمة والحمد لله، أؤدي الواجبات، التي فرضها علي ربي من صلاة وصيام وزكاة، ولكني توقفت عن الإنجاب، في فترة كان زوجي فيها مريضا بالسل، وكانت هذه الفترة حوالي عشر سنوات، وبعدها توقفت عني الدورة نهائيا، فهل في فعلي هذا شيء يغضب الله علي؟ ذلك بأن أولادي كانوا يصابون بشلل نصفي، ومنهم من يتوفى، ومنهم من يبقى على قيد الحياة وهو مصاب بهذا المرض، أفيدوني أفادكم الله (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (179).

ج: إذا كنت فعلت ما يمنع الإنجاب برضى الزوج، فلا حرج عليك، وإذا كان برضاه أو موافقته نرجو ألا يكون عليك حرج، أما إذا كان ذلك بغير رضاه أو بغير علمه، فالواجب عليك التوبة والاستغفار والندم على ما مضى والحمد لله.

حكم التوقف عن الحمل بسبب ولادة أطفال معاقين

183 - حكم التوقف عن الحمل بسبب ولادة أطفال معاقين س: إذا كانت المرأة سماحة الشيخ لا تلد إلا مواليد مصابين بعاهات معينة، هل لها أن توقف الإنجاب؟ (¬1) ج: لا يظهر لنا؛ لأن الله جل وعلا قدير على كل شيء، قد يعطيها أولادا سالمين، ولكن لا مانع من العلاج، تتصل بالأطباء المختصين، وقد يكون مرضا في الرحم تعطى علاجا له، ولكن لا يجوز لها الامتناع، وإن كانت المرأة المذكورة، إنما تعاطت الحبوب من أجل هذا، فعليها الاستغفار أيضا، وإن كان أنها امتنعت من ذلك خشية أن يكون هناك شلل أو كذا، ينبغي لها التوبة من ذلك؛ لأن الأمر لا يستمر بل قد يقع، هذا سليم، وهذا ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (179).

مصاب وهذا طيب وهذا مصاب بمرض آخر، الحاصل أن كونها تتعاطى ما يمنع الحمل من أجل خوف الشلل أو خوف كذا، لا يجوز لها ذلك؛ لأن الله جل وعلا شرع للعباد أن يتعاطوا أسباب النسل، وأن يجتهدوا في تكثير الأمة؛ لما في هذا من الخير العظيم للجميع. وأما إن كان لا، أنها امتنعت من أجل السل، الذي في زوجها مخافة أن يصيبها السل، فهذا لا ينبغي لها أيضا، وعليها أن تتوب إلى الله وتستبيح زوجها، إن كان قد منعها من ذلك، أما إن كان برضاه فالأمر في هذا واسع.

حكم منع الحمل للزوجة بسبب التعب النفسي

184 - حكم منع الحمل للزوجة بسبب التعب النفسي س: امرأة مصابة بحالة نفسية، وفي حالة حملها تضرب أولادها وتصيح وتترك البيت، وتهيم على وجهها وتكشف عورتها أمام الناس، المهم أنها حالة من الجنون، تزيد بها عند الحمل، وهذه المرأة لديها أكثر من ستة أولاد، وعندما رأيت حالتها بهذا الشكل أشرت على زوجها، أن تعمل أي وسيلة لمنع الحمل، وفعلا بعد أن وضعت آخر مولود لها، عملت لها عملية بحيث لا تحمل بعد ذلك، أنا صنعت هذا العمل إشفاقا بها، وبأطفالها، فهل علي ذنب

في ذلك، وكيف أكفر عنه إذا كنت مذنبا؟ (¬1) ج: إذا كان الواقع هو ما ذكر في السؤال فقد أحسنت ولا حرج في ذلك؛ لأن هذه مصيبة عظيمة، فعلاجها بترك الحمل أمر مهم، إذا لم يكن هناك علاج آخر. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (212).

س: الأخت: أ. ع. أ. من اليمن، تقول: إني أم لثلاثة أطفال، ومشكلتي هي أني عندما أكون حاملا، أمرض مرضا شديدا، وهذا المرض يستمر لمدة ستة أشهر، فأبقى في غرفتي وأعتزل عن كل شيء، وأصبح عالة على أهلي، حيث يقومون على خدمتي أنا وأولادي، ولا أريد أن أشاهد أحدا، ولا أحب أي طعام له رائحة، حتى أولادي لا أريد أن أسمع أصواتهم، ولا أريد أن أشاهد أحدا، حتى إني قمت بفطم ابنتي وهي لم تبلغ السنتين من شدة المرض، وكذلك لا أريد النور في غرفتي التي أنا فيها في هذه الحالة، هل يجوز والحال ما ذكرت، أن أمنع الحمل نهائيا؟ علما أني أسقطت بعد أن كان لي سبعة أشهر، جزاكم الله عني وعن المسلمين خيرا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (196).

ج: نعم لا حرج عليك في استعمال الحبوب ونحوها التي تمنع الحمل؛ لأن هذا ضرر عظيم ومشقة كبيرة، والله سبحانه يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ويقول جل وعلا: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} فلا حرج عليك في استعمال الحبوب ونحوها، مما يمنع الحمل لهذه المضرة العظيمة، لكن إذا حملت فليس لك إسقاط ذلك بعد ما يتجاوز الأربعين الأولى، أما في الأربعين الأولى فالأمر في هذا أوسع، إذا كان هناك بعض المضرة، أما استعمال ما يمنع الحمل بالكلية من أجل هذه المضرة، فلا حرج في ذلك، لكن لو قدر أنك تساهلت حتى صار الولد إلى ما بعد الأربعين، فلا تسقطيه، بل تحملي وتصبري، لعل الله يجعل في ذلك الخير والبركة، والمشروع أربعون يوما؛ لأنه وقت النطفة كالعزل، كما يعزل عنها، أما إذا انتقل إلى العلقة أو إلى المضغة، انتقل إلى حيوان حينئذ إلى أصل حيوان، فالواجب ترك ذلك، إلا عند الضرورة القصوى إذا صار هناك ضرر بين عظيم، فلا بأس بواسطة

الطبيبات المختصات، أو الطبيب المختص إذا لم يوجد طبيبة مختصة بإسقاطه عند الضرر، يعني إذا كان يخشى عليها الهلكة والموت، أما إذا تخلق ونفخت فيه الروح بعد الأربعة الأشهر كان أشد، ليس لها إسقاطه، إلا إذا قرر الأطباء أن عدم إسقاطه وعدم إخراجه يكون سببا لموتها، فحياتها مقدمة، لا بأس بإسقاطه بالطريقة الممكنة عند الأطباء، حتى لا تموت هي بأسباب بقائه.

حكم الإجهاض في الإسلام

185 - حكم الإجهاض في الإسلام س: ما حكم الإجهاض في الإسلام؟ وهل يجوز في مدة معينة؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، وأمره عظيم إذا كان في الأربعين الأولى، فالأمر فيه أوسع، إذا دعت الحاجة إلى الإجهاض؛ لأن عندها أطفالا صغارا تربيهم، ويشق عليها الحمل، أو لأنها مريضة يشق عليها الحمل فلا بأس بإسقاطه في الأربعين الأولى، أما في الأربعين الثانية بعد العلقة أو الأربعين الثالثة تأتي المضغة، هذا أشد فليس لها الإسقاط إلا عند عذر شديد، مرض شديد يقرره الطبيب ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (248).

المختص أنه يضرها بقاؤه، فلا مانع من إسقاطه في هذه الحالة، عند خوف الضرر الكبير، وأما بعد نفخ الروح فيه بعد الشهر الرابع، فلا يجوز إسقاطه أبدا، بل يجب عليها أن تصبر وتتحمل حتى تلد إن شاء الله، أما إذا قرر طبيبان مختصان، أو أكثر ثقات أن بقاءه يقتلها، سبب لموتها، فلا بأس بتعاطي الأسباب لإخراجه، حذرا من موتها؛ لأن حياتها ألزم عند الضرورة القصوى، بتقرير طبيبين أو أكثر، ثقات بأن بقاءه يضرها أو أن عليها خطرا بالموت، إذا بقي فلا بأس، إذا وجد ذلك، بالشروط المذكورة، فلا حرج في ذلك إن شاء الله، وهكذا لو كان مشوها تشويها يضرها، لو بقي وفيه خطر عليها، قرر طبيبان فأكثر أن هذا الولد لو بقي عليها خطر الموت لأسباب في الطفل، فهذا كله يجوز عند الضرورة إذا كان عليها خطر الموت بتقرير طبيبين، أو أكثر مختصين ثقتين.

س: هل يجوز إنزال الجنين قبل بلوغه أربعين يوما، في بطن أمه، وما هو العقاب لمن فعل ذلك؟ (¬1) ج: إذا كان هناك حاجة شديدة، ومصلحة شرعية لإنزاله في ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (83).

الأربعين لمضرة من بقائه، فقد أجاز هذا جمع من أهل العلم، أما إذا لم يكن هناك مصلحة شرعية ولا حاجة ضرورية، فينبغي بقاؤه؛ لأن إنجاب الأولاد وتكثير الأمة أمر مطلوب شرعا؛ ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم:: «تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (¬1) فإذا كانت هناك حاجة شديدة؛ لأن الحمل يضر المرأة وعندها أطفال كثيرون، صغار، وتخشى من عدم القيام بواجب التربية الشرعية، فلا مانع من إنزاله في الأربعين الأولى، أما إذا كان إنزاله من أجل سوء الظن بالله، أو أنه قد يعسر عليهم النفقة، هذا غلط، أو كان لغير أسباب، إنما هو للترفه، فلا ينبغي هذا أيضا ولا يجوز. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء، برقم (2050).

س: هل يجوز للمرأة أخذ ما يمنع الحمل (¬1)؟ ج: هذا محل نظر إذا كان لحاجة ومصلحة مثل المضرة التي تضر المرأة في متابعة الحمل؛ لقول الأطباء، أو لديها أطفال صغار يشق عليها تربيتهم، فلها أن تأخذ الموانع مثل السنة الأولى، من سنة الرضاع، السنتين، حتى يحصل لها القوة على تربية الأولاد، ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (83).

والسلامة من آثار الولادة، المتتابعة، المقصود أنه إذا كان لأمر شرعي أو لمصلحة شرعية، كتربية الأولاد الصغار والعناية بهم، أو لقول الأطباء: إن حملها هذا يضرها كثيرا، فلا مانع من تعاطيها الحبوب المانعة لمدة سنة أو سنتين.

س: زوجتي حملت بعد أن أنجبت مولودها، بثلاثة أشهر وعشرين يوما، وقد تذمرت كثيرا من ذلكم الحمل، وحللت طبيا، فأفاد الأطباء أن الجنين عمره عشرون يوما تقريبا، ونسأل سماحة الشيخ: هل لها أن تجهض ذلك الجنين؛ لتتمكن من تربية مولودها الجديد الذي فرحت به كثيرا، ولا سيما أنه لم يسبقه إلا بنات؟ (¬1) ج: الأفضل عدم التعرض لإسقاطه؛ لأن الله جل وعلا قد يجعل فيه خيرا كثيرا، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم حرض على كثرة النسل، وقال: «تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» (¬2) واحتساب الأجر في تكثير الأولاد أمر مطلوب، ولا سيما ليس عندها إلا طفل واحد، وليس عليها مرض، فالأولى بها ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (125). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب النكاح، باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء، برقم (2050).

والأفضل لها عدم التعرض لإسقاطه، فإن أسقطته في الأربعين لمصلحة تراها، ووافق لها زوجها على ذلك فلا حرج، لكن الأفضل والأولى ترك ذلك؛ لما تقدم من المصلحة العظيمة، وتحقيق ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، لكن ما دام الجنين لم يتجاوز الأربعين، الأمر فيه أسهل وأوسع، وترك إسقاطه أفضل.

حكم إسقاط الجنين خوفا من التشوه

186 - حكم إسقاط الجنين خوفا من التشوه س: تقول السائلة: حملت وأثناء فترة الحمل تناولت دواء لم أعلم أنه مضر ولا يجوز تناوله للحامل، وقد ظهر وتبين أنه قد سبب تشوها للجنين، وعندما راجعنا الطبيب قال لنا ولزوجي إنه من الأفضل إسقاط الجنين؛ لأنه لا يضمن في حين استمرار الحمل، وبناء على كلام الدكتور أسقطت الجنين وكان عمره شهرا وعشرا، فما هو الحكم الشرعي الإسلامي في هذه الحالة؟ أفيدونا جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: إسقاط الجنين فيه تفصيل، فإذا كان في الأربعين الأولى فالأمر فيه أوسع، ولا ينبغي إسقاطه لكن إذا اقتضت المصلحة الشرعية إسقاطه لمضرة على الأم، أو لهذا السبب الذي قرره ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (237).

الأطباء: أنه قد يتشوه بأسباب فعلتها الأم، فلا حرج في ذلك، أما إذا كان في الطور الثاني، أو الطور الثالث فلا يجوز إسقاطه، وقد يخطئ الظن فلا يقع ما ظنه الطبيب ولا يحصل التشوه، والأصل حرمة إسقاط الجنين إلا عند مضرة كبرى يخشى منها موت الأم، وهكذا بعد أن تنفخ فيه الروح من باب أولى، يحرم الإسقاط؛ لأنه صار إنسانا فلا يجوز قتله، ولا يحل، لكن لو وجدت حالة، يخشى منها موت الأم، وحقق الأطباء أن بقاءه يسبب موتها فحياتها مقدمة، فيعمل الأطباء ما يستطيعون من الطرق التي يحصل بها خروجه حيا إذا أمكن ذلك، وأما ما قبل نفخ الروح فيه في الطور الثاني والثالث، فالأمر أسهل، لكن لا يجوز إسقاطه، إلا على وجه يتحقق الطبيب المختص أن بقاءه يسبب خطرا على الأم، موت الأم، فينبغي أن يكون في ذلك طبيبان فأكثر، مختصان ثقتان، يقرران هذا الشيء، ولا يجوز التساهل في ذلك، لا عند طبيب واحد ولا مع غير الثقات، بل لا بد من طبيبين فأكثر، ثقتين مختصين، يقرران أن بقاءه يسبب هلاك أمه، هذا هو الجيد، عمل ما يلزم لإسقاطه حيا إن أمكن، أو غير حي، وأما في الطور الأول فالأمر أوسع في إسقاطه إذا اقتضت

المصلحة إسقاطه من الأربعين الأولى فلا حرج في ذلك.

حكم حقن المني في رحم الزوجة من أجل الإنجاب

187 - حكم حقن المني في رحم الزوجة من أجل الإنجاب س: سمعنا وقرأنا كثيرا في الصحف والمجلات، عن موضوع التلقيح بالحقنة، امرأة تلقح عن طريق الحقنة (الإبرة) في إحدى المستشفيات؛ وذلك من أجل الإنجاب، كون زوج هذه المرأة غير قادر على الإنجاب، علما أن الطبيب يأخذ المني من رجل آخر، حتى يلقح به تلك المرأة. والسؤال هنا: هل هذه الطريقة جائزة في الإسلام، والتعامل بها جائز أم غير ذلك؟ وإن كان الجواب غير ذلك، فما عقوبة الفاعلة والفاعل، والراضي بهذا جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ج: هذا الموضوع فيه تفصيل، قد درسه أعضاء المجمع الفقهي بمكة، في الرابطة في دورة مضت، وبينوا في قرارهم الأنواع الممنوعة، والأنواع الجائزة، وهذا الذي سأل عنه السائل، على حالتين: أحدهما أجازه المجمع، والثاني منعه بإجماع المسلمين، أما الذي أجازه المجمع، فهي أن تكون المرأة لا تنجب، بسبب مرض في المبيض أو في القنوات، التي توصل المني إلى الرحم، أو ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (95).

الرجل كذلك، ليسا بعقيمين، ولكن هناك أسباب عرفها الأطباء، في الرجل أو في المرأة، ورأى الطبيب المختص أنه في الإمكان أخذ المني، من الرجل، من زوجها، ثم حقنه فيها، في رحمها، وأن هذا قد يلقحها بإذن الله، وينفع بإذن الله، من الزوج نفسه، بصفة خاصة، لا يحضرها إلا الطبيب المختص، أو الطبيبة، والواجب الطبيبة إن تيسرت طبيبة، أنثى، فتولى ذلك، يأخذه الزوج من نفسه، ويعطيها المرأة تحقنه في رحم الزوجة، وإن كان لا يستطيع أخذه الرجل منه، ثم أعطاه المرأة وتحقنه في رحم المرأة، إذا تيسرت امرأة، فإن لم يتيسر امرأة تعرف ذلك، جاز للرجل للضرورة أن يأخذه من الزوج، ثم يحقنه بالإبرة في رحمها، هذه صورة من الصور التي أجازها المجمع، وذكر أنها استعملت ونجحت، مع أن فيها خطرا يجب الاحتياط فيه، وهي أن تكون العملية بحضرة الزوج والزوجة، والطبيب المختص والطبيبة المختصة، من دون أن يحضر ذلك أحد؛ لأن المرأة تنكشف فلا يحضرها ولو محارمها؛ لأن المحرم لا يرى العورة، ليس له رؤية العورة، ما بين السرة والركبة لا يراه إلا الزوج، الذي يباح له الاتصال بها، ففي هذه الحال إذا رأى الطبيب المختص أو الطبيبة المختصة، أن هذا ينفع وأن ليس هناك عقم

يمنع الحمل، وإنما هو شيء من المرض في مبيض المرأة، أو في قنواتها، أو الرجل ليس منيه يصل لضعف في منيه، لا يصل إلى محل الحمل من المرأة، أو لأسباب أخرى، فيؤخذ بالأنبوب بالإبرة، ويحقن في رحم المرأة، هذا هو الجائز، والأحوط تركه، حتى ولو قلنا بجوازه؛ لئلا يجر إلى ما لا تحمد عقباه، رغم أنه بين الزوجين؛ لئلا يجر الزوجة أن تفعل شيئا خلاف ذلك، وتزعم أنه من زوجها لأنه تحيط به الأخطار، فتركه أولى عند أهل العلم، إلا عند الحيطة الكاملة، أما أن يؤخذ المني من غير الزوج؛ ليحقن في زوجة الرج، فهذا محرم بإجماع المسلمين، هذا من جنس الزنى كونها تأخذ ماء من غير زوجها؛ لتحقنه فيها لعلها تحمل بماء هذا الرجل الأجنبي، هذا منكر، وهذا لا يجوز، ويجب تعزيرهما جميعا وتأديبهما جميعا من ولي الأمر، إذا ثبت ذلك، حتى لا يقع مثل ذلك، أو صورة ثانية، وهي ما إذا أخذ من ماء الرجل والزوجة جميعا، وجعلا في أنبوب حتى يمتزجا، ويختلطا على صفة خاصة عند الأطباء، ثم يحقن الماءان في رحم المرأة، بعد اختلاطهما بالأنبوب الخاص الذي يفعله الطبيب، وهذه أخطر من الأول وأشد خطرا؛ لأنها قد توضع في أنبوب يختلط في أنابيب عند الأطباء، قد يقع أخذ ماء

من غير الزوجة أو من غير الزوج، بشيء من الحيل أو شيء من التساهل الديني، فالحاصل أن هذه أجازها المجمع بالأكثرية، وبعض أعضائه لم يجزها، وبعض أعضائه توقف، وأنا ممن توقف في ذلك؛ لأنها خطيرة، فالحاصل أن الجواز ينحصر في الزوج والزوجة فقط، أما ماء يؤخذ من غير الزوج، أو من غير الزوجة، فهذا محرم بإجماع المسلمين، ليس فيه نزاع، إنما محل الخلاف، ماء يؤخذ من الزوج، يحقن في رحم امرأته، أو منهما جميعا يوضع في أنبوب، ساعات معلومة، ثم يحقن في رحمها، هذا هو محل الخلاف وهو الذي رأى فيه المجمع الجواز مع وجوب التحفظ والحذر.

حكم استعمال الأعشاب والبخور من أجل الإنجاب

188 - حكم استعمال الأعشاب والبخور من أجل الإنجاب س: تقول السائلة: أنا سيدة متزوجة منذ عامين، ولم أرزق بأولاد بعد، وكنت قد ذهبت للأطباء المتخصصين أنا وزوجي، وتأكدنا من سلامتنا نحن الاثنين، ولا سبب عند أحد منا، أشار علي بعض الأهل بعمل بعض الوصفات، والتي هي في اعتقادهم تسبب الحمل، ومنها أن أجلس فوق خلاص السيدة الحامل، بعد أن تلد ولكني رفضت فعل مثل هذه الأشياء وشبيهاتها، خوفا من أن أغضب

الله عز وجل، ولكوني أعلم أن هذا شرك بالله عز وجل، وأخيرا جاؤوا لي بنبات من المدينة المنورة، اسمه كف مريم، وقالوا إنه يوضع في الماء عند الغروب، في آخر ليلة من الشهر العربي، ثم يؤخذ ماؤه قبل الغروب في يوم الجمعة، ويغسل به بعض أجزاء الجسم، مع ترديد القرآن الكريم، ودعاء الله عز وجل، وأكدوا لي بأن سيدات استعملنه، ثم رزقهن الله بالذرية بعد ذلك، ففعلت ذلك، وأنا لا أدري إذا كان هذا قد يغضب الله أم لا، علما بأني حريصة كل الحرص أنه لا أفعل شيئا من ذلك، يغضب الله، والسؤال أولا: هل هذا الذي فعلت يعد شركا بالله عز وجل، أم لا؟ ثانيا: أرجو أن تنصحوني بأي شيء أو بأي عمل أستطيع أن أتقرب به لله عز وجل؛ لكي يتقبل الدعاء، ويرزقنا بالذرية الصالحة، جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: أسأل الله أن يزيدك أيتها الأخت في الله من الخير، والعلم النافع والعمل الصالح، والرغبة فيما عند الله، والحذر من أسباب غضبه، ولا شك أن الواجب على كل مكلف من الرجال والنساء، هو تقوى الله، والحذر من أسباب الغضب، وألا يتعاطى شيئا مما حرمه ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (174).

الله عليه، وأنت في تحريك الخير وحرصك على ما أباح الله، تشكرين على ذلك، ولا شك أن ما قيل لك، من الجلوس على خلاص امرأة نفساء، أمر لا أصل له، سواء أرادوا بذلك الدم، الذي خرج منها، أو أرادوا شيئا غير ذلك، كالمشيمة أو غير ذلك، كل ذلك لا أصل له، أما التداوي بشيء غير ذلك من النبات، من المدينة أو غير المدينة إذا جرب ونفع، فلا بأس بذلك، إذا وجد نبات بالمدينة أو غير ذلك، تفعل المرأة بطريق البخور، أو سحقه وغسل الجسد به، أو بعض الجسد أو شربه أو غير ذلك، فلا بأس بذلك إذا جرب ونفع؛ لأن التداوي جائز بل مشروع، ولا حرج في ذلك، أن يتداوى الإنسان بما أباح الله له «عباد الله تداووا ولا تتداووا بحرام» (¬1) فالنبي صلى الله عليه وسلم شرع للأمة التداوي، فلا حرج في ذلك إذا وجد نبات، جرب أنه من أسباب الحمل، أو وجد علاج آخر، مما أباح الله، كالكي في بعض البدن، أو شراب، مما أباح الله، أو فاكهة مما أباح الله، أو ما شابه ذلك، مما جرب ونفع وهو مباح، وأما الدعاء فينبغي للمؤمن أن يلح في الدعاء، أنت والزوج، كل ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الطب، باب في الأدوية المكروهة، برقم (3874).

منكما يشرع له الإلحاح في الدعاء، بطلب الله عز وجل أن يمنحكما الذرية الصالحة، ولا سيما في أوقات الإجابة، مثل آخر الليل، جوف الليل، مثل آخر الصلاة قبل السلام، مثل وقت السجود حال السجود في الصلاة، فإنه محل دعاء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء» (¬1) فإذا كان على طهارة وقت استقبال القبلة، كان ذلك من أسباب الإجابة، فأوصيكما بدعاء الله والضراعة إليه، وسؤاله سبحانه بصدق وإخلاص، وضراعة وانكسار أن يمنحكما الذرية الطيبة، وهذا من أنفع العلاج، ومن أنفع الأسباب وفق الله الجميع. ¬

(¬1) أخرج مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (482).

حكم عرض المرأة نفسها على الأطباء الرجال من أجل علاج العقم

189 - حكم عرض المرأة نفسها على الأطباء الرجال من أجل علاج العقم س: تقول السائلة: تزوجت منذ عشر سنوات، ولم أنجب سوى طفل واحد منذ ثمان سنوات، وتوقفت عن الإنجاب بعد ذلك، بدون أي سبب مني، وإنما بإرادة الله عز وجل، وقد عرضت نفسي على كثير من الطبيبات، ولكن دون جدوى، فهل يجوز لي يا سماحة

الشيخ، عرض نفسي على الأطباء؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: نعم إذا كان هناك أطباء مختصون، في معالجة أمراض النساء المانعة من الحبل، ولا يوجد من يقوم مقامهم من الطبيبات فلا بأس، أن تعرض المرأة نفسها فيما يتعلق بالمرض، الذي لم يعرفه النساء، وهكذا الرجل إذا كان به مرض، لم يعرفه الأطباء من الرجال، أو كان هناك طبيبات يعرفن هذا المرض، أو يرجى أن يعرفن هذا المرض، فلا بأس، المقصود أن التطبب عند الرجل من المرأة، عند الحاجة والتطبب من الرجل عند المرأة عند الحاجة، لا حرج فيه، أما إذا وجد من يكفي، فإن الطبيب يكون للرجال، والطبيبة تكون للنساء، حذرا من الاختلاط، الذي يضر الجميع، وحذرا من الفتنة، لكن عند الضرورة يجوز أن يطب الرجل للمرأة، ويجوز للمرأة أن تطب الرجل؛ للضرورة الداعية إلى ذلك، والله المستعان. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (289).

حكم كراهة إنجاب البنات

190 - حكم كراهة إنجاب البنات س: ما حكم الشرع فيمن يكره البنات ويغضب إذا أنجبت له

زوجته بنتا؟ (¬1) ج: هذا قد تشبه بأعداء الله الكفرة، كما قال الله جل وعلا: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} لا يجوز، هذا منكر لا يجوز التشبه بأعداء الله، بل يحمد الله ويسأل الله صلاحها وأن الله ينفع بها، وكم لله من بنت خير امرأة، هذه عائشة أفضل نساء العالمين- رضي الله عنها وأرضاها- المقصود: أن الإنسان لا يكره البنت، بل يحمد الله ويسأل لها الصلاح، ويسأل لها التوفيق، ولا يكره ذلك، كراهة البنت من عمل الجاهلية نسأل الله العافية. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (365).

حكم الدعاء بألا يرزق إلا بذرية صالحة

191 - حكم الدعاء بألا يرزق إلا بذرية صالحة س: السائل ع. أيقول في سؤاله: ما حكم من تزوج، ثم دعا الله ألا يرزقه إلا بذرية صالحة؟ مع العلم بأن هذا مخالف لحديث: «تزوجوا الولود الودود» (¬1) وجهونا في ذلك. (¬2) ج: ما في هذا الحديث مخالفة، إذا تزوج وسأل الله أن يرزقه ¬

(¬1) سنن النسائي النِّكَاحِ (3227)، سنن أبي داود النِّكَاحِ (2050). (¬2) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (389).

الذرية الصالحة، هذا طيب يتزوج ويسأل ربه ألا يرزقه إلا ذرية طيبة، يسأل ربه ألا يرزقه ذرية خبيثة، يسأل ربه أن تكون ذريته كلها طيبة، مثل ما قال جل وعلا عن زكريا: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}، المقصود: أن كون الإنسان يتزوج زوجة، أو زوجتين أو ثلاثا أو أربعا، يسأل ربه أن يرزقه الذرية الصالحة، وألا يهبه ذرية خاسرة، لا حرج، ما الذي يريد بالذرية التي ما هي طيبة، يسأل الله أن يهبه الذرية الطيبة النافعة، لا بأس.

حكم هجران المرأة زوجها في الفراش

192 - حكم هجران المرأة زوجها في الفراش س: السائل ع. ع. يقول في سؤاله: ما حكم امرأة هجرت زوجها في الفراش منذ حوالي سبع سنوات؟ ولا ترضى أن تكلمه أو تسأل عنه إذا كان مريضا؟ (¬1) ج: لا حول ولا قوة إلا بالله، هذه حالة سيئة نسأل الله العافية، ولكن هو إذا كان راضيا عنها سامحا عنها، فلا بأس، وإلا فالواجب عليها طاعة زوجها وعدم هجره إلا من علة شرعية، فإذا كانت ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (240).

هجرته لأنه ترك الصلاة، هجرته لأنه أتى بأمر يوجب كفره وردته عن الإسلام كسبَّ الدين، والاستهزاء بالدين، أو هجرته لأنه ما قام بنفقتها ولا يعطيها حقها، هذه لها حق في ذلك، أما إذا كانت هجرته بدون أسباب فهذا لا يجوز لها، بل يجب عليها أن تؤدي حقه وأن تسمعه وتطيع له في الفراش وغيره، وله أن يطالبها بذلك، وله أن يرفع أمرها إلى الحاكم الشرعي، أو إلى أبيها، أو إخوتها حتى يقوموا عليها بما يجب، إن لم يصطلح معها على شيء من المال ونحوه، أما إذا أرضاها بشيء من المال واستقامت الأحوال فالحمد لله، الحاصل أن هذا يختلف، فإن كانت هجرته لكفره وضلاله، أو سبه الدين، أو تضييعه الصلاة، أو كونه لم يعطها حقها أو لم ينفق عليها، فهي معذورة، أما إذا كانت هجرته لغير عذر شرعي، فهذا يعالج الموضوع، إما بالمال، وإرضائها بالمال، وإما بواسطة أبيها أو إخوتها، أو بواسطة المحكمة، أو يطلقها ويتخلص منها، هذه أمور تعالج، إذا كان الهجر بغير حق، إما بالطلاق وإما بغير الطلاق مما يستطيع، تأثم هي إذا كان هجرها له بغير حق، عليها أن تتقي الله، وعليها أن ترجع إلى طاعة زوجها بالمعروف، وأن تؤدي حقه، إذا كان

قد أدى حقها وليس هناك موجب لهجرها له. نسأل الله للجميع الهداية.

س: كثير من الزيجات تفشل سماحة الشيخ، وإذا فكر في أسبابها وجدوا أن لذلك أصلا، فيما يعتقدون فمثلا تزوجت وهي كارهة، أو تزوج وهو كاره، فإذا فشل الزواج أعادوا ذلك إلى تلكم الأسباب فما رأي سماحتكم؟ (¬1) ج: الفشل له أسباب، منها عدم حب الرجل للمرأة، ومنها عدم حبها للرجل، أو تظن أنها تصلح معه، ولا صلحت معه؛ لأنها رأت من أخلاقه ما نفرها منه، وقد يكون رأى من أخلاقها ما نفره منها، وتحصل البغضاء والكراهة والمعاصي، من معاصي الرجل والمرأة، قد يكون الرجل سكيرا، سيئ الأخلاق فتنفر المرأة ولا تريده، وقد تكون هي كذلك، سيئة الأخلاق فينفر الرجل ولا يريدها، والمعاصي والتساهل لها أسباب كثيرة. ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (120).

حكم رد الزوجة الناشز مهرها إلى زوجها

193 - حكم رد الزوجة الناشز مهرها إلى زوجها س: السائل من الجزائر، يقول في سؤاله: هل يخول الشرع

الزوجة الناشز، في كل ما تطلبه، من أغنام ولباس وأواني أكل، وطبخ وغطاء وأثاث؟ (¬1) ج: الناشر لا حق لها في مهرها، إذا كانت ناشزة بغير حق، ظالمة؛ ولهذا لما نشزت امرأة ثابت بن قيس، على زوجها ثابت قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، فقال لزوجها: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة» (¬2)؛ لأنها نشزت عليه بغضا له فقط، ولم يتعد عليها، ولم يظلمها إنما هي مبغضة، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم، أن ترد عليه مهره، فالناشز بغير حق، عليها أن ترد المهر كله، فيطلقها الزوج؛ لأن هذا خير له من وجودها معه، وهي تبغضه، فإذا ردت عليه ماله، يؤمر بطلاقها، ولا حق لها في مهرها، سواء كان مهرها نقودا، أو بيتا، أو أرضا، أو أمتعة، عليها أن ترد عليه مهره، إلا إذا سمح بالبعض، ورضي بالنصف أو بالربع فلا بأس، أما إذا أبى إلا المهر كله، فإنها تعطيه مهرها كله، إذا لم يظلمها، إنما هي مبغضة له، أما إذا ظلمها فهذا ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (397). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الطلاق، باب الخلع وكيف الطلاق فيه، برقم (5273).

ينظر فيه القاضي، يتحاكمان إلى المحكمة، والمحكمة تنظر في الأمر.

حكم التشاؤم من الزوجة

194 - حكم التشاؤم من الزوجة س: يقول السائل: ما حكم التشاؤم من الزوجة؟ (¬1) ج: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الشؤم في ثلاث: في المرأة والبيت والدابة» (¬2) وفي لفظ آخر: «إن كان الشؤم ففي ثلاث ثم ذكرها ... » (¬3) فإذا رأى من الزوجة ما يضره، وكثر ذلك أو من دابته، كفرسه أو ناقته أو حماره أو نحو ذلك، ما يؤذيه وكثر ذلك وخرج عن العادة، أو في منزله الذي نزل فيه، رأى فيه ما يضره ويؤذيه، واستمر ذلك فلا مانع من الانتقال من المنزل، ومن فراق الدابة، ومن فراق الزوجة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «الشؤم في ثلاث: في المرأة والبيت والدابة» (¬4) وفي لفظ (الفرس)، والفرس من الدواب فلا حرج في ذلك، ولا بأس أن يطلق المرأة التي حصل ¬

(¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (247). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب الطيرة، برقم (5753). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب ما يذكر من شؤم الفرس، برقم (2858). (¬4) صحيح البخاري الجهاد والسير (2858)، صحيح مسلم السلام (2225)، سنن الترمذي الأدب (2824)، سنن النسائي الخيل (3569)، سنن أبي داود الطب (3922)، سنن ابن ماجه الطب (3540)، موطأ مالك الجامع (1817).

عليه ضرر بها كثير، أو الدابة التي حصل بها ضرر كثير عليه، يبيعها أو يهبها لأحد، والمنزل كذلك يبيعه أو يستأجر غيره، إن كان بالإيجار، كل هذا لا حرج فيه للحديث المذكور.

بيان ما ينبغي أن يفعله من ابتلي بزوجة فاسدة

195 - بيان ما ينبغي أن يفعله من ابتلي بزوجة فاسدة س: يقول السائل: إني ابتليت بزوجة غير صالحة، فهي ابنة عمي ويتيمة أيضا، وهي غير طائعة لربها، وبالتالي غير مطيعة لي، فأرجو من سماحتكم التوجيه، هل أخرجها أو أصبر عليها، فما رأيكم وفقكم الله؟ (¬1) ج: أولا ينظر في شأنها من جهة طاعة ربها، إن كانت لا تصلي، فترك الصلاة كفر على أرجح قولي العلماء، وإن كانت لا تجحد وجوبها، مثل هذه لا ينبغي له أن يعاشرها ولا يتصل بها، حتى تتوب إلى الله وترجع عن كفرها وتقيم الصلاة، أما إن كانت مسائل أخرى، تفعلها من بعض المعاصي كالغيبة، أو بعض التساهل في الحجاب أو ما أشبه ذلك من المعاصي، فإنه يفعل ما هو الأصلح، فإذا رأى الصبر عليها ونصيحتها وتأديبها ولو بالضرب المناسب، ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (79).

الذي لا يجرح ولا يكسر، ضرب يؤدبها ويؤلمها، لكن لا يضرها ضررا كبيرا، مثل ما قاله الله عز وجل: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} فالمؤمن يؤدب زوجته، إذا لم تستقم بالوعظ والتذكير، وإلا بالهجر فله تأديبها، التأديب المناسب الذي لا يضرها، ولكن يؤلمها بعض الألم، ويخيفها حتى تستقيم على أمر الله أو يخبر والدها، إن كان لها والد، أو أخاها إذا كان لها أخ جيد، حتى يقوم بنصيحتها أو تأديبها ومساعدة زوجها عليها، ولو أنها يتيمة، اليتم ما يمنع من تأديبها ونصيحتها واليتيم يؤدب إذا أخطأ يؤدب ويضرب إذا ترك الصلاة، وهو ابن عشر يضرب، وإذا أساء الأدب ضرب حتى يتمرن على الخير، وحتى يعتاد الخير ولو أنه يتيم، بعض الناس يحسب أن اليتيم لا يؤدب ولا يضرب، لا، اليتيم يضرب إذا دعت الحاجة إلى ضربه، ويؤدب ويسجن حتى يستقيم، حتى يتأدب الآداب الشرعية، وإلا خرج كلا على الناس، وضررا على الناس، فاسدا ضائعا وهذه المرأة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهذه الآن ينظر أولا: في مسألة

الصلاة، فإذا كانت لم تصل، فيعلمها زوجها أن ترك الصلاة كفر، وأنها لا تستقيم له زوجة، وهي تترك الصلاة، وأن الواجب فراقها إلا أن تتوب، فإن تابت فالحمد لله، وإلا اعتزلها حتى تتوب إلى الله، وإذا كانت فقيرة أنفق عليها، إن كان يستطيع، أو سعى لها في الإنفاق عليها لفقرها، لعل الله يهديها بذلك، ولعلها ترجع إلى الصواب، فإن أصرت رفع أمرها إلى ولاة الأمور، تستتاب فإن تابت وإلا قتلت؛ لأن من ترك الصلاة ولم يتب يقتل، نسأل الله السلامة، وإن كانت المسألة معاصي أخرى، لم تترك الصلاة، دون ذلك، فالمعاصي تعالج بالأدب، بتأديبها يؤدبها الزوج أو أبوها أو أخوها، مع النصيحة، مع الوعظ والتذكير، حتى تستقيم إن شاء الله مع الإحسان إليها بالنفقة.

س: يقول السائل: إنني متزوج من زوجة، ولي منها خمسة أولاد، ومشكلتي مع هذه الزوجة أنها من ثمان سنوات وأنا أحاول إصلاحها بالمعروف، وبالكلام الطيب ولكن دون جدوى، رأسها قاس كالصخر، لا تسمع الكلام، وتعصي أوامري، ولا تسمع لي، وتحرجني أمام الأهل، والأصحاب، وتنكر المعروف والجميل

دائما، وتحب السيطرة وتحب أن تكون الكلمة لها، ولا تحب أن أزور أهلي وبالأخص والدتي ومع كل هذا أصبر، لأنها من الرحم، ومن أجل أمها وهي عمتي، أخت أبي، ولكن دون فائدة، وباختصار: إني لست مرتاحا معها، ونفسي تطلب الزواج كما لو كنت لم أتزوج من قبل، هل لو تزوجت أكون قد ظلمتها، وهل لو لم أتزوج، أكون أحاسب على طلب نفسي للزواج؟ (¬1) ج: مثل هذه المرأة التي ذكرت أوصافها، ينبغي طلاقها وعدم بقائها، فإذا استطعت أن تبقيها، وتزوجت غيرها حتى تعف نفسك، هذا طيب، تزوج إذا قدرت، وتبقيها من أجل أولادها، أو من أجل أمها، وتنصحها بالكلام الطيب معها، والتوجيه معها للخير، وأمها تعينك على ذلك، فلا حرج عليك، إذا كانت تصلي، أما إذا كانت لا تصلي فلا تبقى معك أبدا، يجب أن تفارقها؛ لأن من ترك الصلاة كفر، نسأل الله العافية، وينبغي لك أن تبادر بالزواج، حتى تعف نفسك، إذا كنت تستطيع بادر بالزواج، ولعلها تهتدي بعد ذلك، أو طلقها وتستريح منها والحمد لله؛ لأن هذه بقاؤها معك ضرر ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (242).

عليك، وتعب عليك، لكن إذا هداها الله بعد زواجك، فهذا لا بأس أو رحمتها من أجل ضعف عقلها، أو من أجل أمها، وصبرت عليها وأحسنت إليها، فأنت مأجور على إحسانك وصبرك، ولكن أنت معذور في فراقها وطلاقها، بسبب أخلاقها الذميمة التي ذكرت عنها، فينبغي لك أن تبادر بالزواج، وتحرص على الزواج والله يعينك، حتى تعف نفسك وتستريح من هذا البلاء، فإن هداها الله، وإلا فارقها، الله جل وعلا يقول: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ}.

بيان ما ينبغي أن يفعله من تخالف زوجته أوامره

196 - بيان ما ينبغي أن يفعله من تخالف زوجته أوامره س: هذا السائل يقول: سماحة الشيخ حفظكم الله، زوجتي امرأة ملتزمة وأحمد الله على ذلك، ملتزمة بأمور الدين، وغير ملتزمة بتعليماتي الخاصة، فهي دائما تعاند وتخالف أوامري في البيت وفي تربية الأبناء، وعندما أسألها لماذا دائما مخالفة؟ تجاوب وتقول: بأنها تنسى، وهي تنسى في اليوم أكثر من عشر مرات، وهذه المخالفة في كل يوم، على مدار السنة، مما أدى بي إلى هجرها في المضجع، بعد الوعظ والنصيحة، وأيضا لم تتغير، مما أدى بي إلى

ضربها ضربا خفيفا جدا، ثم قامت وجمعت ملابسها وأغراضها، وذهبت إلى بيت أهلها، فما حكم هذا التصرف مني ومنها؟ ولا أخفيكم يا سماحة الشيخ، أن الطلاق في نيتي، فأفيدوني مأجورين. (¬1) ج: المشروع لك الصبر والاحتساب، وعدم التكلف، فالرسول يقول صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيرا» (¬2) ويقول الرب جل وعلا: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} فإذا كانت تقول: إنها ناسية، فينبغي لك أن ترفق بها، ما دامت تعتذر بالنسيان، ينبغي الصبر والاحتساب، والرفق، وعدم العجلة في الضرب، والكلام السيئ، ما هكذا ينبغي للمؤمن مع زوجته، لأن الله يقول: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيرا فهن خلقن من ضلع أعوج، فإذا ذهبت تقيمه كسرته، وإلا لم يزل أعوج» (¬3)، وفي اللفظ الآخر: «وكسرها طلاقها» (¬4)، فالأفضل لك يا أخي، الصبر والاحتساب، وعدم العجلة في الأمور، والحرص على ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (426). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء، برقم (1468). (¬3) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3331)، صحيح مسلم الرضاع (1468)، سنن الدارمي النكاح (2222). (¬4) سنن الترمذي كتاب تفسير القرآن (3087)، سنن ابن ماجه كتاب النكاح (1851).

نصيحتها حتى تستقيم إن شاء الله، ولا تعجل، والضرب الخفيف لا بأس، إذا اجتهد الزوج، لأن الله قال: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ}. لكن هذه ما هي ناشزة، ولا تخاف نشوزها، لكن عندها تساهل في قبول التعليمات، فإذا صبرت عليها واحتسبت؛ للأجر في ذلك، وصدقتها، في قولها: إنها ناسية، يكون هذا أقرب؛ لقوله جل وعلا: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيرا» (¬1) ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء، برقم (1468).

بيان ما ينبغي للزوجة فعله إذا غضبت على زوجها

197 - بيان ما ينبغي للزوجة فعله إذا غضبت على زوجها س: السائلة: أم عبد الله من حائل، تقول في سؤالها: إذا غضبت الزوجة على زوجها، فما الواجب أن تفعله في ذلك؟ (¬1) ج: الواجب عليها عدم العصيان لزوجها، وعدم المخالفة لأوامره الشرعية والمباحة، عليها السمع والطاعة لأوامره الشرعية ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (45).

والمباحة، وعليها كف الأذى وهو كذلك عليه كف الأذى عنها، وأن يعاملها بالحسنى، وأن يستوصي بها خيرا، وعليهما التعاون على البر والتقوى، فإذا وجد ما يغضبها، فلا حرج عليها، إذا سبها وغضبت، ولا حرج لكن عليها أن تجاهد نفسها، وعليها أن تنصحه عن السب والشتم، تقول له: اتق الله، هذا لا يجوز لك، بالكلام الطيب، ولا شك أن الأذى منه يوجب غضبها، يسبب الغضب، لكن عليها أن تجتهد، وأن تتحمل، وأن تحرص على السمع والطاعة في المعروف، وأن تنصحه عما يقع منه من الغضب، والشتم، أو الضرب حتى تزول المشكلة بينهما، مهما أمكن، فإن لم يفعل ذلك، فلها الخروج إلى بيت أهلها والرفع إلى المحكمة.

بيان حق الزوج على الزوجة

198 - بيان حق الزوج على الزوجة س: سماحة الشيخ أرجو أن تتفضل ببيان حق الزوج على زوجته؛ ذلك لأن هناك شكوى لكثير من الرجال، من عصيان النساء، واستمساكهن برأيهن جزاكم الله خيرا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (294).

ج: على الزوجة طاعة زوجها بالمعروف، وعدم عصيانه في الجماع والخدمة، إذا كانت من أهل الخدمة، وفي عدم خروجها من بيتها، وفي غير ذلك من الأمور، التي ليس فيها معصية، حق عليها أن تسمع وتطيع لزوجها، وجاء في هذا الباب أحاديث كثيرة تأمر بذلك، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، وأبت أن تجيء، لعنتها الملائكة حتى تصبح» (¬1) فالواجب عليها السمع والطاعة لزوجها في المعروف، لا في المعاصي، وهكذا الزوج، عليه أن يعاشرها بالمعروف، ويتقي الله ولا يظلمها، لا في قوله، ولا في عمله، كما قال الله سبحانه وتعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. وقال سبحانه-: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} أي كما أن عليهن العشرة بالمعروف، فلهن العشرة بالمعروف أيضا، فهو عليه أن يعاشرها بالمعروف، ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها، برقم (5193).

بالكلام الطيب والسيرة الحميدة في الأوقات المناسبة، التي تجب على مثله، وعليها هي السمع والطاعة بالمعروف وأن تجيبه إلى حاجته، وأن تقوم بخدمته في بيته، وأن تحذر معصيته في الخروج وغيره، وإذا قام كل واحد بما يجب عليه، استقامت الأحوال واستمرت العشرة الطيبة، وإذا كان كل واحد يريد الحق لنفسه، ولا يؤدي ما عليه فسدت الحال، وأدى ذلك إلى الطلاق، أما الخدمة ففيها تفصيل: إذا كانت المرأة يخدم مثلها، ولم تسمح بالخدمة، فإنه يخدمها إذا تيسر ذلك، أما إذا كان العرف في قبيلته، أو في بلده أنها تخدم زوجها، فإنها تخدمه كما يخدمها، كما تفعل بنات جنسها، وفي قبيلتها وجماعتها؛ لأن الله جل وعلا يقول: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. ويقول: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، فالمعروف هو المتعارف بين الناس، في كل بلد وفي كل زمان.

بيان ما يفعله من ابتلي بزوجة تكره المعاشرة الزوجية

199 - بيان ما يفعله من ابتلي بزوجة تكره المعاشرة الزوجية س: يقول السائل: ابتليت بزوجة تكره المعاشرة الزوجية، أي

الجنس ولا تعرف حقوق الزوج، وتنام في غرفة أخرى، ولا تعرف الزينة، ونصحتها وأرشدتها ووجهتها، ولكن دون جدوى، فهل إذا تزوجت بأخرى وهجرتها آثم؟ علما بأن لي منها أبناء وبنات، على المدى الطويل ولا سبيل لإصلاحها، أفيدوني جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: الواجب على المرأة السمع والطاعة لزوجها في المعروف، والواجب عليها أن تحسن العشرة، وأن تمكنه من نفسها إذا أراد قضاء حاجته منها، وأن تخاطبه بالتي هي أحسن، وأن تنام معه في الفراش إذا طلب ذلك، هذا هو الواجب عليها؛ لأن الله يقول سبحانه وتعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} لهن من المعاشرة الطيبة مثل الذ ي عليهن، والله أمر بالمعاشرة الطيبة فقال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، فكما يجب على الزوج أن يعاشر بالمعروف، فهي أيضا عليها أن تعاشر بالمعروف، وللرجل على المرأة درجة، فعلم بذلك أن حق الرجل أكبر، وأن الواجب عليهما ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (22).

جميعا التعاون على البر والتقوى، والمعاشرة الطيبة بالكلام الطيب، والفعل الطيب، عليها وعليه جميعا، فإذا أصرت على ألا تمكنه من نفسها، وعلى أنها تنفرد وحدها، وعلى أنها لا تعتني بنفسها من جهة الزينة، والطيب، فهذا غلط منها، وخطأ لا يجوز لها ذلك، ولك أيها السائل أن تتزوج مطلقا، لك أن تتزوج بثانية وثالثة ورابعة، لا حرج عليك حتى ولو كانت من أحسن الناس طاعة وامتثالا، لك أن تتزوج، لكن بهذه المثابة من باب أولى، أن تتزوج لأنها لم تقم بالواجب، ولم تمكنك مما يسبب عفتك وغض بصرك فيشرع لك في هذه الحال، وأنت قادر أن تتزوج، حتى تعف نفسك، وحتى تجد الراحة من هذا التعب، ولعلها بالزواج، لعلها تنيب إلى رشدها، ولعلها ترجع عن غلطها هذا، بسبب زواجك على غيرها، هذا هو الذي أرى في هذه المسألة مع النصيحة لها، والعناية بها وتوجيهها إلى الخير، وكذلك توصي أقاربها كأبيها أو أخيها أو خالها أو عمها، أن ينصحها وأن يوجهها إلى الخير، وكذلك أمها وجدتها وخالاتها، يعني توصي من حولك من أقاربها، بأن ينصحوها ويوجهوها إلى الخير، لأن هذا أمر يضرها ويضركما

جميعا، فإن استمعت واستقامت فالحمد لله، وإلا فأنت حر- بحمد الله-، تستطيع أن تفارقها، وتستطيع أن تتزوج ثانية وثالثة ورابعة، كل هذا- بحمد الله- ميسر، إذا قدرت عليه والله المستعان، ونسأل الله الهداية للجميع.

حكم امتناع الزوجة عن فراش زوجها من أجل الحداد على قريب لها

200 - حكم امتناع الزوجة عن فراش زوجها من أجل الحداد على قريب لها س: السائل س: ف. ك. من ليبيا يقول في سؤاله: في بلادنا عندما يتوفى للزوجة قريب، من ابن أو أخ أو أب، تمتنع عن فراش زوجها فترة طويلة، تصل إلى سنة كاملة، فهل يحق لها ذلك، وهل هناك فترة للحزن، وإذا اتفق الزوج وزوجته على أن يحزنا على ابنهما، فترة سنة فهل هناك من حرج، أفيدونا أفادكم الله؟ (¬1) ج: هذا لا يجوز، ليس لها أن تعصي زوجها، وتهجر فراشه لا يوما ولا أكثر، بل يجب عليها طاعة زوجها في المعروف، وتمكينه من نفسها، إذا أراد جماعها، وليس هناك مانع من مرض ولا حيض، ولا نفاس فالواجب عليها طاعته وتمكينه من نفسها، قال تعالى: ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (273).

{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. وقال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة باتت وزوجها عليها ساخط لعنتها الملائكة حتى تصبح» (¬1) وفي لفظ: «إذا باتت المرأة وزوجها عليها ساخط، كان الذي في السماء، ساخطا عليها» (¬2) وهذا وعيد شديد، يعني الله وملائكته، فالواجب على المرأة السمع والطاعة لزوجها في المعروف، وعدم هجر الفراش، ولو مات قريبها: أبوها أو ابنها، أو خالها أو عمها، وليس لها أن تغير من حالها أكثر من ثلاثة أيام، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تحد المرأة على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا» (¬3) فليس لها الإحداد على ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (9865). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب النكاح، باب تحريم امتناعها من فراش زوجها، برقم (1436). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب الطيب للمرأة عند غسلها من الحيض، برقم (313)، ومسلم في كتاب الطلاق، باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة وتحريمه في غير ذلك إلا ثلاثة أيام، برقم (938).

أبيها، أو أمها، أو أخيها أو ابنها أكثر من ثلاث: ثلاث لا بأس، تترك الزينة، أما تعصي زوجها لا، لا تعصي زوجها، لا في الثلاث ولا في غيرها، لا مانع أن تدع الزينة مثل الملابس الجميلة والطيب، في هذه الثلاث من أجل موت أخيها، أو أبيها أو أمها، أو نحو ذلك، أما الزوج فالمدة أربعة أشهر وعشر، إذا مات يقول النبي صلى اله عليه وسلم: «لا تحد المرأة على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا» (¬1) فالواجب على النساء أن يتقين الله وهكذا الرجال، على الجميع تقوى الله سبحانه وتعالى، وعلى المرأة أن تتقي الله في زوجها، وأن تطيعه في المعروف، وألا تهجر فراشه، من أجل موت قريب أو غيرها، نسأل الله للجميع الهداية. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب الطيب للمرأة عند غسلها من الحيض، برقم (313)، ومسلم في كتاب الطلاق، باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة وتحريمه في غير ذلك إلا ثلاثة أيام، برقم (938).

حكم امتناع الزوجة عن الفراش خوفا على زوجها من فوات صلاة الفجر

201 - حكم امتناع الزوجة عن الفراش خوفا على زوجها من فوات صلاة الفجر س: تسأل السائلة وتقول: هل يجوز للمرأة أن تمتنع عن زوجها إذا كان سهرها معه يسبب في تركه لصلاة الفجر؟ (¬1) ج: عليها أن تنصحه، وأن تحل المشكلة بالكلام الطيب حتى ¬

(¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (26).

يزول المحذور، إما بتأجيل حاجته إليها بعد الفجر، أو بتقديم ذلك في أول الليل، حتى لا يكون ذلك سببا للسهر وإضاعة صلاة الفجر، تحل المشكلة بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، لا بالامتناع، تعالج الموضوع حتى يحصل المطلوب من دون إضاعة صلاة الفجر.

حكم رفض الزوجة معاشرة زوجها المشلول

202 - حكم رفض الزوجة معاشرة زوجها المشلول س: رجل مريض بشلل نصفي، وتأتيه الصرعة مرة واحدة في كل شهر، وله رغبة في معاشرة وجماع زوجته، ولكن زوجته ترفض ذلك، وتقول: إذا أنا أنجبت أولادا معك، فإنني كالتي زنت، ما حكم الشريعة في تلك الزوجة وفقكم الله؟ (¬1) ج: الواجب عليها أن تمكنه من نفسها؛ لأنها زوجته، فإن كانت كرهته من أجل الصرع، فترفع أمرها إلى الحاكم، وما دامت في عصمته وزوجته، فله الحق أن يجامعها، ويتصل بها، وعليها الحق أن تمكنه من نفسها، أما إذا كانت لما أصابه الصرع كرهته، وأحبت الفراق فهذا يرجع إلى المحكمة، لكن إذا كانت قد رضيت واستقرت معه، والصرع معه فإنه يلزمها أن تمكنه من نفسها، حتى ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (23).

يقضي وطره من ذلك، وإن كانت حرمت قالت: عليها الحرام هي زانية ومكنته من نفسها فعليها كفارة اليمين، إذا كانت حرمت أن تمكنه من نفسها، هذا حكم اليمين وعليها كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين، إذا كانت حرمت ذلك، وإذا لم تحرم فعليها أن تمكنه من نفسها، ولا بأس عليها في ذلك ولا حرج؛ لأن الصرع يعرض ويزول، أما إن كانت كرهته وتريد فراقه، فإن هذا إلى المحكمة والمحكمة تنظر في ذلك.

س: الأخت أم عائض من الخرج تذكر بأنها فتاة تبلغ من العمر خمسة عشر عاما، زوجها أهلها من قريب لهم لا ترضاه، ويحصل بينها وبينه مشاجرة دائما، وتشعر بالهم والحزن، وتؤدي الطلبات كلها ما عدا النوم، هل تأثم بذلك، وماذا يلزمها ويلزم هذا الزوج (¬1)؟ ج: عليها السمع والطاعة، وتمكينه من نفسها، لو كانت صادقة ما دخلت عليه، ما دامت دخلت عليه، فهذا علامة أنها رضيت، فعليها السمع والطاعة للزوج، وتمكينه من نفسها، وعليها الخلق الكريم، والتلطف حتى تصلح الحال بينهما. ¬

(¬1) السؤال الثامن والخمسون من الشريط رقم (431).

حكم رفض المرأة إجابة زوجها بحجة الانشغال

203 - حكم رفض المرأة إجابة زوجها بحجة الانشغال س: الأخت/ أم رشيدة. من اليمن تقول: إذا دعاني الزوج، من أجل أن يعلمني العلم الشرعي، ولم أجبه حيث إنني أغلب الأوقات مشغولة في البيت، هل أعتبر بذلك آثمة؟ (¬1) ج: يخشى عليك من ذلك، الواجب عليك طاعة زوجك، إذا دعاك، أجيبي، إما أن يأمرك بشيء، وإما أن تكون له حاجة، فالواجب عليك أن تجيبيه، إلا من ضرورة، لا تستطيعين معها الإجابة، وإلا فالواجب عليك الإجابة. ¬

(¬1) السؤال الخمسون من الشريط رقم (432).

توجيه للمرأة المطلقة الراغبة في الزواج

204 - توجيه للمرأة المطلقة الراغبة في الزواج س: تقول السائلة: تزوجت وأنا صغيرة، ولم أكن أعرف حقوق الزوج، وغرر بي أحدهم حيث تطلقت من زوجي، وظلمت زوجي وأنا الآن نادمة، فماذا يلزمني حفظكم الله؟ وأرجو يا سماحة الشيخ أن تدعو له بالخير، وبتيسير الرزق، وأنا أتمنى العودة له فما توجيهكم حفظكم الله؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (424).

ج: التوجيه أن عليك التوبة إلى الله مما فعلت من التقصير والندم، والتوبة إلى الله وسؤاله المغفرة سبحانه وتعالى، وعدم العودة إلى مثل ذلك مع الزوج الجديد، وإذا عدت إليه، وإن كان الطلقة طلقة واحدة أو طلقتين، له العود إليك، وعليك الجد في إحسان المعاشرة، إذا عدت إليه بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، والسمع والطاعة في المعروف، وعدم المعاكسة، هكذا ينبغي للزوجة، الله يقول سبحانه: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، ويقول صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيرا» (¬1) ويقول في حق النساء: «على المرأة أن لا تأذن في بيت زوجها إلا بإذنه» (¬2) «ولا يطأ فراشه أحد إلا بإذنه» (¬3) وعليها السمع والطاعة لزوجها في المعروف فعلى المرأة السمع والطاعة لزوجها في المعروف، ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء، برقم (1468). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب لا تأذن المرأة في بيت زوجها لأحد إلا بإذنه، برقم (5195). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (1218).

والعناية بإكرامه والإحسان إليه؛ لأن حقه عليها أكبر: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}، وهو عليه أن يستوصي بها خيرا وألا يظلمها، وأن يحسن عشرتها، لكن حقه عليها أكبر، فعليها أن تسمع له، وتطيعه في المعروف، وأن تعينه في أمور بيته، وأن تكرمه، حتى تستقيم الحال بينها وبينه، لكن لا تطيعه في المعاصي، إنما تكرمه في لباسه، وفي فراشه، وفي تمكينه من نفسها إذا أرادها، وفي غير هذا من شؤون البيت، ومع أولاده، وأهل بيته، ووالديه ونحو ذلك، يكون لها سيرة حسنة، معه ومع والديه ومع أقاربه حتى تشكر ويدعى لها.

حكم رفض الزوجة الرجوع إلى بيت زوجها إلا بمقابل مالي

205 - حكم رفض الزوجة الرجوع إلى بيت زوجها إلا بمقابل مالي س: إذا حدث سوء تفاهم أو شجار بين الزوج وزوجته، تقوم الزوجة بالذهاب إلى أهلها فترة من الزمن، وعندما يريد الزوج أن يعيدها إلى بيته وحل الخلافات بينهما، يفاجأ من أهل الزوجة بطلب مبالغ كبيرة من المال، مقابل جلوسها عند أهلها، هل يجوز

إعطاء أهل الزوجة مثل هذه المبالغ؟ وذلك مقابل قعود هذه المرأة عند أهلها؟ (¬1) ج: نعم، أحسن، حتى تتم العشرة وتبقى المودة، وإن تيسر استسماحهم أو التوصية إلى من يستسمحهم في الكل أو يساعد، فلا بأس، وإذا تيسر أن ترضيها بما قال أهلها وتعطيهم ما طلبوا، لعل ذلك يكون فيه خير كثير لكما جميعا؛ لأجل أن تهدأ الأوضاع وتستقيم الأحوال، وتستمتع بزوجتك بحالة طيبة، على كل حال هذا يرجع إليك، إن سمحت فهذا خير عظيم، ولا سيما مع القدرة، وإن شق عليك ذلك، توسط الأخيار والطيبين، حتى يصلحوا بينك وبينهم بوضع التكاليف أو بعضها. ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (385).

حكم طلب الزوج النفقة من مال زوجته

206 - حكم طلب الزوج النفقة من مال زوجته س: يسأل السائل ويقول: زوج اعتاد بين فينة وأخرى أن يأخذ من مال زوجته بدعوى مواجهة أعباء الحياة، على الرغم من رفضها لذلك، هل الرفض من الزوجة يعني النشوز؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (423).

ج: ليس هذا من نشوزها، بل هذا مالها، لها الحق أن تمنع، وليس له أن يأخذ مالها بغير حق، النشوز عصيانها فيما يجب عليها، هذا النشوز، كونها تعصيه فيما يجب عليها، كأن تمنعه من نفسها، أو من المبيت معه، أو ما أشبه ذلك مما هو واجب عليها، هذا هو النشوز، أما كونها تمنع مالها فليس هذا من النشوز بل هذا حق لها، إن طابت نفسها فلا بأس، وإلا فليس له جبرها ولا غصبها؛ لأن الله يقول جل وعلا: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}، فإن لم تطب نفسها فليس له ظلمها.

حكم النفقة على الزوجة إذا سافرت بغير رضا زوجها

207 - حكم النفقة على الزوجة إذا سافرت بغير رضا زوجها س: السائل يسأل ويقول: أنا مصري أعمل في المملكة، وكنت قبل أن أحضر إلى هنا قد عقدت قراني على زوجتي، وبعد وصولي للمملكة أرسلت إليها لتحضر إلى هنا؛ لنبدأ حياتنا الزوجية هنا، فوافقت هي وأسرتها، وأرسلت إليها مهرها كاملا، وقمت بإعداد شقة الزوجية ثم حضرت إلى هنا وتزوجنا، وبعد شهر ونصف من الزواج بدأت أعراض الحمل، فأصرت على أن ترجع إلى أهلها

لتقضي فترة الحمل، فرفضت ذلك وقلت لها: إنني مستعد بخدمتك، بكافة ما أملك ولكنها رفضت إلا العودة إلى أهلها، وكانت تقول: إذا أردت أن تطلقني فطلقني، وإذا أردت ألا ترسل لي فلوسا فلا ترسل، وسأعود على حسابي الخاص، واستعملت معها كل محاولاتي الخاصة، ولكنها أصرت على ذلك، وفي النهاية حجزت لها وسافرت إلى أهلها، هل تعتبر هذه الزوجة ناشزا؟ وهل يحق لها النفقة، نظرا لأنها حامل لأنني غير راض عن سفرها؟ وهل إذا طلقتها أكون قد ظلمتها؟ وما هي حقوقها إذا طلقتها التي تجب لها علي؟ (¬1) ج: هذه المرأة إذا كان الواقع كما ذكره السائل، تعتبر ناشزا وليس لها نفقة، كونها إنما سافرت عن غير رضاك، وعن غير اختيارك بل بأسباب إلحاحها وإيذائها لك، كما ذكرت في السؤال وليس لها نفقة، بعض أهل العلم يرى أن لها نفقة، من جهة الحمل ولكن الصواب أنها ما دامت بهذه الحال، فلا نفقة لها حتى ولو كانت حاملا، وليس في طلاقها بأس، ولكن نوصيك بعدم الطلاق ولا ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (173).

تعجل في الطلاق، إذا كانت طيبة في دينها، لأنها قد تكون ساءت أخلاقها بسبب الحمل والتوحم الذي يصيب الحامل فلا تعجل في الطلاق، إذا كانت طيبة في دينها، في صلاتها، في أخلاقها، في سترها، لا تعجل في الطلاق، ولعل الله أن يهديها ويصلح حالها بعد ذلك، فإن طلقتها طلقة واحدة فلا بأس، أما الطلاق بالثلاث فلا يجوز، إنما إذا أردت الطلاق، تكون طلقة واحدة فقط، ونوصيك بعدم العجلة وعدم الطلاق مطلقا، وإذا طلقتها فعليك نفقة العدة، إذا وافقت على المجيء ولكن أنت لا تريدها، أما إذا كانت على إصرارها وعدم رضاها بالعودة واستمرارها في النشوز فليس عليه نفقة حتى ولو بعد الطلقة، لكن إذا طلقتها وأرادت العودة إليك ورجعت عن رأيها الأول، فعليك نفقة العدة إلى أن تضع حملها، ثم عليك نفقة الحمل بعد الوضع، أما التذكرة فما دمت قد تبرعت لها بالتذكرة، فليس لك العودة في ذلك.

حكم زواج المخبب بالمرأة التي خببها على زوجها

208 - حكم زواج المخبب بالمرأة التي خببها على زوجها س: السائل ع. أ. م من جمهورية مصر العربية يقول: تزوج رجل بامرأة، وأنجب منها أولادا وكان له صديق يتردد عليه في منزله،

وكان هذا الصديق يغري زوجة صاحبه بالمال، ثم اتفق معها على أن تطلب الطلاق من زوجها الأول، وتتنازل له عن حقوقها، وحقوق أولادها، وفعلا تم الطلاق، وتزوجها هذا الصديق، فرجاء أفيدونا عن حكم هذا الزواج، هل هو حلال أم حرام، والأولاد في حيرة ومشكلات بين الأم والأب، هل على الزوجة ذنب، أم على الزوج؛ لأنه سمح لهذا الصديق بدخول بيته، وإغراء زوجته بدون علمه؟ (¬1) ج: هذا العمل من الصديق في إغراء الزوجة وتخبيبها لا يجوز، بل هو منكر، وقد نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام وحذر منه، فعليه التوبة من ذلك والزواج صحيح، لكنه آثم وعليه التوبة إلى الله مما فعل، فإذا كان تزوجها بعد خروجها من العدة فلا حرج، لكنه يأثم وهي تأثم وعليهما التوبة إلى الله من ذلك، كلاهما يأثم، أما الزوج فلا إثم عليه، إذا كان لا يعلم، ليس عليه حرج، لكونه لا يعلم عمل هذا الرجل، وهذا الرجل قد خانه في أهله بالتخبيب، والحث على الفراق وقد أتى جريمة، فعليه التوبة من ذلك، والندم على ما مضى، والعزم ألا يعود لذلك، وإذا تيسر أن يستسمح أخاه، يطلب ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (332).

منه العفو عما جرى، إذا لم يترتب على هذا شر فهذا حسن.

حكم طلب الزوج المال من الزوجة مقابل الطلاق

209 - حكم طلب الزوج المال من الزوجة مقابل الطلاق س: الأخ س. ط. ي. يسأل ويقول: هل للزوج حق أن يطالب بمقدار من المال، مقابل طلاق زوجته التي طلبت الطلاق منه؟ وضحوا لنا هذا الأمر جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: نعم إذا اصطلحا على أن يطلقها وتعطيه مالا فلا بأس، إن خافا ألا يقيما حدود الله، فلا بأس، فإذا كان البقاء معه يضرها، أو لا تسطيع خدمته، أو القيام بحقه، وأحبت الفدية فلا بأس، إلا إذا كان ظالما لها وآذاها، وقد ألجأها إلى الفدية فلا يجوز هذا، أما إذا كان قائما بالحق، لكنها مبغضة له، أو هناك أسباب تجعلها لا تستطيع أن تقوم بخدمته، ورضي أن يقبل منها المال، وأن يطلقها فلا بأس وقد ورد في قصة ثابت بن قيس رضي الله عنه، رواها البخاري في الصحيح، قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لا أستطيع البقاء مع ثابت، فقال عليه الصلاة والسلام: أتردين عليه حديقته، يعني المهر، وهو بستان أعطاها إياه، قالت: نعم: فقال النبي ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (443).

صلى الله عليه وسلم لثابت: اقبل الحديقة وطلقها» (¬1) فإذا اتفقا على أن تعطيه ما تيسر من المال، ويطلقها فلا حرج في ذلك، إلا إذا كان ظالما لها، يعني أنها ما قصرت معه، لكن هو يريد المال فهذا ظلم لا يجوز. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الطلاق، باب الخلع وكيف الطلاق فيه، برقم (5273).

حكم الرجوع إلى الزوجة بعد فراقها بالخلع

210 - حكم الرجوع إلى الزوجة بعد فراقها بالخلع س: يقول السائل: أنا شاب أبلغ من العمر خمسا وعشرين سنة، تزوجت من فتاة، وبعد الزواج بثلاثة أشهر، حصل بيني وبينها سوء تفاهم، ورفضت العيش معي، وبعد محاولة طويلة لإقناعها بالرجوع رفضت، فذهبت إلى إحدى المحاكم في المنطقة الشرقية، ودفعت لي مبلغا وقدره ثلاثون ألف ريال، عبارة عن المهر الذي دفعته مقابل طلاقها، مع الهدايا التي بعثتها لها، وكانت في ذلك الوقت حاملا، وبعد وضع الحمل ترغب في الرجوع إلي، وأنا أيضا راغب في عودتها، علما أن فضيلة القاضي قد خلعها من ذمتي، هل يجوز الرجوع بيني وبينها أم لا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (49).

ج: عليك أن تراجع القاضي الذي خلعها منك، وفي نظره البركة والكفاية، هو يفتيكم في هذا بما يعلم من شرع الله سبحانه وتعالى، وإن رأى فضيلته أن يحيلك إلي يكتب معك صفة الواقع فلا بأس.

حكم الخلع بأكثر من المهر

211 - حكم الخلع بأكثر من المهر س: هل يجوز أخذ الزيادة في الخلع، على ما أعطاها من الصداق، وما الدليل على ما تجيبون به؟ جزاكم الله خيرا. (¬1) ج: الأفضل ألا يأخذ زيادة، هذا هو الأفضل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، قال لامرأة ثابت بن قيس: «تدفعين له الحديقة –التي أصدقها إياها-، قالت: نعم قال: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة» (¬2) وجاء في بعض الروايات «ولا تزد» (¬3) لكن في إسنادها نظر، وقال قوم من أهل العلم: إنه يجوز الزيادة؛ لعموم قوله تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}، فنفى الجناح فيما افتدت به، فيعم مهرها ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (378) .. (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الطلاق، باب الخلع وكيف الطلاق فيه، برقم (5273). (¬3) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير برقم (541) جـ 24/ 211.

ويعم ما كان أزيد، لكن الأفضل له والأحوط، ألا يأخذ إلا ما دفع إليها، أو أقل، هذا هو الأفضل والأحوط، خروجا من الخلاف.

حكم طلاق الثلاث بلفظ واحد

212 - حكم طلاق الثلاث بلفظ واحد س: يقول السائل: أنا رجل متزوج من ابنة عمي، ومشكلتي هي أهل زوجتي، هم يحاولون إيقاع المشكلات بيني وبينها، بتحريضها على كثرة الطلبات والإسراف في مالي، وعصياني فيما آمرها به، حتى الصلاة لا تصليها، وذات مرة حاولت معها أن تصلي فرفضت وغضبت منها، وقلت لها: أنت طالق بالثلاث ولم أكن أقصد طلاقها وخصوصا أن عندي منها ولدا، ولكني أخاف أن يملأ قلبه علي حقدا وكراهة، فما رأيكم في هذه القضية وفي الطلاق أفيدوني بارك الله فيكم؟ (¬1) ج: لا ريب أن تحريض أهل المرأة للمرأة على عصيان زوجها، ومخالفة أوامره وإدخال الأذى عليه، في ماله وغيره من المحرمات، ومن المنكرات التي يجب عليهم تركها والحذر منها، والواجب ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (47).

على المسلمين جميعا أن يتعاونوا على البر والتقوى، وعلى أهل المرأة بالأخص أن يتعاونوا مع ابنتهم وزوجها على البر والتقوى، وأن يكونوا راغبين في إصلاح ذات البين، وعدم الشقاق بين الزوجين، هذا هو الواجب عليهم، إلا إذا كان الفراق بينهما أصلح في اجتهاد أهل المرأة، فإنهم ينظرون في ذلك بالطريق السوي، وبالأساليب الحسنة، لا بالأذى والظلم والعدوان، وفي إمكانهم أن يطلبوا من الزوج أن يطلقها من غير عوض أو بعوض، ويوضحوا له الأسباب؛ لأن إيذاءه وتحريضها على أذاه، ومخالفته من دون أمر شرعي، هذا أمر لا يجوز، بل هو منكر، أما كونها لا تصلي، فهذا أشد وأخطر، فإن ترك الصلاة كفر بالله عز وجل، للرجال والنساء جميعا، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬1) أخرجه الإمام أحمد وأصحاب السنن بإسناد صحيح، عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وفي صحيح مسلم رحمه الله عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، برقم (22428).

قال: «بين الرجل وبين الشرك- والكفر ترك الصلاة» (¬1) والتعبير بالرجل لا يدل على التخصيص، إنما تأتي النصوص كثيرا باسم الرجل؛ لكون الرجل أفضل الجنسين، وإلا فالحكم عام، إلا ما خصه الدليل، فترك الصلاة كفر من الرجال والنساء جميعا، وقال عليه الصلاة والسلام: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله» (¬2) فإذا كانت لا تصلي فلا خير في بقائها معك أيها السائل، والواجب فراقها، لأنها لا تحل لك، قال الله في الكفرة: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}، بل يجب عليك تركها حتى تتوب، هذا هو الصحيح من أقوال العلماء؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر، وإن لم يجحد التارك وجوبها، أما إن جحد وجوبها فقد كفر بالإجماع، ولا خلاف بين أهل العلم في أن من تركها جاحدا لوجوبها فهو كافر، وإنما الخلاف فيمن تركها تهاونا، مع إقراره واعترافه بوجوبها، والصحيح أن تركها كفر مطلقا، ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82). (¬2) أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في حرمة الصلاة، برقم (2616).

والواجب على هذه المرأة التوبة إلى الله والبدار بذلك، فإذا تابت إلى الله فهي زوجتك، وإلا فالواجب فراقها، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} والله سبحانه يقول: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ}، فطلقها طلقة واحدة، احتياطا وخروجا من خلاف العلماء، ونسأل الله لها الهداية والرجوع إلى الصواب والحق، أما الطلاق الذي صدر منك، وهي أنك قلت: إنها طالق بالثلاث، فإذا كان الواقع هو هذا اللفظ، وليس قبله طلقتان، فإنه يعتبر طلقة واحدة رجعية على الصحيح من أقوال أهل العلم لما ثبت في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما، «أن الطلاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الصديق، وفي أول خلافة عمر طلاق الثلاث يجعل واحدة» (¬1) وأفتى بهذا ابن عباس في رواية صحيحة عنه، وأفتى به جماعة من السلف التابعين وغيرهم وهذا هو الصواب: أن الطلاق بالثلاث بكلمة واحدة يعتبر ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب طلاق الثلاث، برقم (1472).

طلقة واحدة، هذا هو أرجح القولين، عند أهل العلم، أما إن كان قبله طلقتان فقد انتهت الطلقات الثلاث، وحرمت عليك حتى تنكح زوجا غيرك، فينبغي لك أن تنظر في الأمر، وأن تنصح للمرأة بالتوبة لله عز وجل، وتنصح لأهلها أيضا، وتستعين بمن ترى من الأقارب والأصدقاء حتى ينصحوها، حتى ترجع إلى الله، وتتوب إليه وينصحوا أهلها حتى يساعدوا في توبتها والرجوع إلى الله وحتى يساعدوا أيضا في بقاء العشرة، واستقامة الأحوال بينك وبينها، ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق. انتهى بحمد الله تعالى الجزء الحادي والعشرون ويليه بمشيئة الله تعالى الجزء الثاني والعشرون وأوله كتاب الطلاق

المجلد الثاني والعشرون

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الطلاق

باب الطلاق السني والطلاق البدعي 1 - بيان الطلاق السني والبدعي س: أرجو أن تتكرموا ببيان الفرق بين الطلاق السني والطلاق البدعي (¬1) ج: الطلاق السني هو الذي يقع في حال الحمل، أو في حال كون المرأة طاهرًا لم يجامعها زوجها، هذا هو الطلاق السني وتكون طلقة واحدة فقط، هي طالق أو مطلقة طلقة واحدة، ويكون ذلك في حال كونها حاملاً، أو في حال كونها طاهرًا طهرًا لم يجامعها فيه؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلم لابن عمر لمَّا طلق امرأته، وهي حائض: «راجعها ثم أمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شئت طلقها طاهرًا، أو حاملاً قبل أن تمسّها» (¬2) وفي لفظ آخر: «ثم ليطلقها قبل أن ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (199). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

يمسها» (¬1) وفي لفظ آخر: «طلقها طاهرًا أو حاملاً» (¬2) المقصود أنه صلى الله عليه وسلم أمره أن يطلقها في حال طهرٍ ما مسّها فيه، أو في حال كونها حاملاً، وهذا هو معنى قوله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، قال العلماء: معنى ذلك أنهن طاهرات بغير جماع، أو في حال الحمل، هذا طلاق العدة، ويكون طلقة واحدة لا ثنتين ولا ثلاثًا، ومن طلق ثنتين بلا سبب مكروه، ومن طلق بالثلاث لا يجوز. أمَّا الطّلاق البدعي فهو في القول أن يطلقها ثلاثًا، هذا بدعي لا يجوز أن يطلقها بالثلاث، أمَّا في حالها فلا يطلقها إذا كانت حائضًا أو نفساء، أو في طهرٍ جامعها فيه، هذا بدعي إذا كانت حائضًا أو في النفاس، أو في طهرٍ جامعها فيه، وليست آيسة ولا حاملاً، فإن هذا يكون بدعيًّا، أمَّا إذا كانت ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الطلاق، باب قول الله تعالى: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة) ... برقم (5252)، ومسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها ... ، (1471). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .... برقم (1471).

حاملاً أو آيسة كبيرة السن فإنه يطلقها في أيِّ وقت؛ لأنه ليس لديها حيض ولا نفاس ولا خشية الحمل، فإذا طلق الحامل في أي وقت طلقة واحدة أو الآيسة كبيرة السن التي لا يأتيها الحيض طلقة واحدة فهذا كله موافق للسنة، لا حرج في ذلك، أما إذا كانت تحيض، فليس له أن يطلقها في حال الحيض ولا في حال طهر جامعها فيه، ولا في حال نفاس.

س: يقول السائل: ما هو الطلاق الجائز، وما هو الطلاق البدعي، وما هو الطلاق المحرّم مع التمثيل والتوضيح، وبماذا تنصحون الذين يتساهلون بأحكام الطلاق وما حكم طلاق الحائض؟ (¬1) ج: الطلاق المشروع أن يطلق طلقة واحدة، حال كون المرأة حاملاً، أو في طهر لم يجامعها فيه، طلقة واحدة، حال كونها حاملاً، أو آيسة أو في طهر لم يجامعها فيه، والطلاق البدعي إذا طلقها وهي في الحيض وهو يعلم، أو في النفاس وهو يعلم، أو في طهر جامعها فيه، ولم يتبين حملها، هذا بدعي، أما إذا تبين حملها فهو طلاق شرعي، فطلاق الحامل وطلاق الآيسة التي لا يجيئها الحيض، كل هذا طلاق شرعي، والسنة أن يطلق واحدة فقط، لا يزيد عليها، هذا هو السنة، ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (431).

والطلاق بالثلاث لا يجوز، الطلاق ثنتين بالجميع مكروه، السّني أن يطلق طلقة واحدة، هذا هو السني، حال كونها حاملاً، أو في طهر ليس فيه جماع، أمّا كونه يطلقها في الحيض أو في النفاس أو في طهر جامعها فيه، وهي ليست حاملاً، ولا آيسة، هذا لا يجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا في حديث ابن عمر، وأمر الله جل وعلا أن يُطلقوا للعدة، قال {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}. وطلاق العدة أن يكن طاهرات من غير جماع، هذا عدة، أمّا إذا كن حمّلاً، إذا كانت المرأة حاملاً، فلا بأس، أو آيسة، قد ارتفع عنها، لم يأتها الحيض أو في طهر جامعها فيه، واتضح حملها، فلا بأس. أما طلاق الحائض فإنه بدعة، لا يجوز، وطلاق النفساء كذلك لا يجوز، واختلف العلماء في وقوعه، فذهب قوم إلى أنه لا يقع إذا علم بذلك، وذهب الجمهور إلى أنه يقع، ولو علم، لكن يأثم.

س: هل للطلاق أقسام؟ وما هي أسماؤه إن وجدت؟ وما حكم كل قسم من هذه الأقسام؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم (188).

ج: نعم الطلاق قسمان: طلاق سنة وطلاق بدعة، طلاق مباح وطلاق مشروع، وطلاق محرم، فالطلاق البدعة كونه يطلق في الحيض أو في النفاس، أو في طهر جامعها فيه، هذا بدعة، وكذلك تطليقها بالثلاث لا يجوز، الرسول زجر عن ذلك عليه الصلاة والسلام. وطلاق السنة يطلقها طلقة واحدة في طهر لم يجامع فيه، أو في حال حملها، هذا يقال له طلاق السنة، وإنْ طلّقها طلقتين فلا بأس، مباح، أما تطليقها بالثلاث، فلا يجوز، هكذا جاءت السنة.

س: هل يقع الطلاق البدعي، كأن يطلق الرجل ثلاثًا دفعة واحدة، أو يطلق في طهرٍ واقع فيه، وكيف نخرج حديث ابن عمر الذي أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يراجع حينما طلق في طهرٍ واقع فيه (¬1) ج: الطلاق البدعي يكون في الزمان، ويكون في العدد، أما في العدد فهو أن يطلق ثلاثًا بكلمة واحدة، فيقول طالق بالثلاث، أو بكلمات يقول: طالق ثم طالق ثم طالق، أنت طالق أنت طالق أنت طالق، أو أنت طالق وطالق وطالق، أو تراك طالق تراك طالق تراك طالق، هذا ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (37).

بدعي، والسنة أن يطلق واحدة فقط، هكذا السنة، ولا يزيد عليها؛ لأنه قد يندم فيتراجع، ولا يغلق الباب على نفسه، ولأن الله شرع الطلاق واحدة بعد واحدة لا دفعة واحدة؛ لأن الإنسان قد يغضب، قد يبدو له حال فيطلق ثم يندم ويرى أنه قد غلط، فيراجع إذا لم يطلق بالثلاث، ولكن اختلف العلماء في إيقاع الثلاث بكلمة واحدة، هل تقع وتكون بائنًا من زوجها بذلك أم لا يقع به إلا واحدة، أم لا يقع بالكلية، جمهور أهل العلم أنه يقع وأنه تكون به المرأة بائنًا لا تحل لمطلقها إلا بعد زوج، وبعد إصابة لها اتباعًا لعمر حين قضى بذلك رضي الله عنه، ويذهب بعض أهل العلم من التابعين ومن بعدهم، وهو رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما، ويروى عن علي والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف أنها تحسب واحدة، رجعية؛ لما ثبت من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «أنه سأله أبو الصهباء، فقال يا ابن عباس، ألم تكن الثلاث تُجعل واحدة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، وعهد أبي بكر، وفي أول خلافة عمر؟ فقال ابن عباس: بلى» (¬1) احتج ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب طلاق الثلاث، برقم (1472).

هؤلاء العلماء بهذا الحديث على أن التطليق بالثلاث كلمة واحدة، يُعتبر واحدة، وهذا رواية ثابتة عن ابن عباس: أن هذا يعتبر واحدة، إذا وقعت بلفظ واحد، أما إذا وقعت بألفاظ مثلاً: أنت طالق أنت طالق أنت طالق، أو تراك طالق، تراك طالق تراك طالق، وأنت طالق وطالق وطالق، وما أشبه ذلك، فهذا الذي أعلم عن أهل العلم أنها تقع الثلاث كلها، وتبين بها المرأة بينونة كبرى، لا تحل بها المرأة لزوجها المطلق إلا بعد زوج وإصابة، ولا أعلم إلى وقتي هذا أحدًا من الصحابة أو من التابعين رح بأن هذا لا يقع به إلا واحدة، بل ظاهر ما سمعت وقرأت أنه يقع كله، تقع الثلاث كلها، وقد رأى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أنه لا يقع إلا واحدة، كمن طلق بالثلاث بكلمة واحدة، وجعل هذا مثل هذا وجعل الطلاق الذي يقع بعد الأولى، إنما يكون بعد نكاح أو بعد رجعة، أما إذا ألحقها الثانية والثالثة بدون رجعة فهذا لا يقع، هذا كلامه رحمه الله، ولكني لا أعلم له أصلاً واضحًا يعتمد عليه من جهة النقل، وإن كان وجيها من جهة المعنى، لكن لا أعلم له أصلاً من جهة النقل؛ ولهذا فالذي أفتي به أنها تقع الثلاث على ظاهر ما نقل عن السلف الصالح في هذا، وإنما تعتبر الثلاث المجموعة طلقة واحدة إذا كانت

بلفظ واحد. أنت طالق بالثلاث، أو فلانة مطلقة بالثلاث، أو ما أشبه هذه الألفاظ، على ما جاء عن ابن عباس، إذا كانت بلفظ واحد، أما البدعي من جهة الزمان من جهة حيض المرأة فهو إذا كانت في الحيض أو في النفاس أو في طهرٍ جامعها فيه، هذا يقال له: طلاق بدعيّ، والأصل في ذلك ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما، أنه طلّق امرأته وهي حائض، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، بلّغه عمر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: مره، قال لعمر: «مره فليراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك، قبل أن يمسها فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء» (¬1) في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، وبهذا يعلم أن ابن عمر طلق في حيض، لا في طهر جامعها فيه، كما قال السائل، ابن عمر طلقها في الحيض، لا في طهر جامعها فيه، والرسول صلى الله عليه وسلم أرشده إلى أن الطلاق يكون في طهر لم يجامعها فيه، هذه السنة، أو في حال حمل؛ ولهذا في اللفظ الآخر: فليطلقها طاهرًا أو حاملاً، ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

فالطلاق السني أن يكون في حال طهر لم يجامعها فيه، أو في حال استبانة حملها وظهور حملها، هذا هو الطلاق الشرعي، أما طلاقها وهي حائض، أو نفساء، أو في طهر جامعها فيه ولم يستبن حملها، فهذا يسمى طلاقًا بدعيًّا في هذه الثلاثة المواضع: في حال النفاس، وحال الحيض، وفي حال طهر جامعها فيه ولم يستبن حملها، هذه الثلاث الحالات، الطلاق فيها بدعي، والحالان الأوليان سني: في كونها طاهرًا لم يجامعها في فرجها، وفي حال كونها حاملاً وقد استبان حملها، هاتان الحالتان، الطلاق فيهما سني لا بدعي، أما الحالات الثلاث: الحيض، والنفاس، وحالة الطهر التي جامعها فيه، فهذه الطلاق فيها بدعي، لا يجوز للزوج أن يطلق في هذه الأحوال الثلاث، لا في حال الحيض، ولا في حال النفاس، ولا في حال الطهر الذي جامعها فيه، وإذا أراد أن يطلق، يسألها يقول: ما هي حالها؟ ويتثبت في الأمر، ولا يطلق في حال الغضب؛ لأن الغضبان ضعيف البصيرة، الذي ينبغي له ألاّ يطلق في حال الغضب، بل يتثبت في الأمر، ولا يعجل، ويتعوذ بالله من الشيطان في حال الغضب، ثم إذا عزم على الطلاق ينظر إن كانت في حيض، أو في نفاس، أو في طهر جامعها فيه، فلا يطلق، وهذا من رحمة الله؛ لأنه

سبحانه يحب أن تبقى الزوجية ويكره الطلاق، وفي الحديث: «أبغض الحلال إلى الله الطلاق» (¬1) فمن رحمة الله أن ضيق طرق الطلاق وجعله واحدة فقط السنة وجعله لا يقع إلا في حالتين: حال الطهر الذي لم يجامعها فيه، وحال ظهور حملها، أما في حال الحيض والنفاس والطهر الذي جامعها فيه فينهى عن الطلاق، فهذا من تيسير الله ومن تضييق مسالك الطلاق ووجوه الطلاق حتى تبقى الزوجية أكثر. ولما اختلف العلماء في هذا هل يقع الطلاق البدعي أم لا يقع؟ فإنه اتضح لي أنه محرم لا يجوز للزوج أن يقدم عليه، لكن هل يقع إذا أقدم وعصى ربه وفعل، هل يقع أم لا يقع؟ على قولين: أحدهما أنه يقع مع الإثم وهذا هو المشهور عند العلماء وهو الذي فعله ابن عمر لمَّا أوقع على نفسه طلقة لما طلَّق، لما سئل كيف عجلت واستحمقت، قال: مه قال نافع وغيره: إنه أوقعها احتسبها، وروى البخاري أنه احتسب تطليقة عليه، وذهب جمع من أهل العلم إلى أن هذا الطلاق لا يحتسب ولا يقع وهو مروي عن ابن عمر نفسه رضي الله عنه، روى عنه محمد بن عبد السلام الخشني الحافظ المشهور بسند جيد أنه سئل ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الطلاق، باب في كراهية الطلاق، برقم (2178).

ابن عمر عن طلقة زوجته وهي حائض هل يقع؟ قال لا يقع، قال لا يعتد به، وجاء هذا عن خلاس بن عرض الحجري، وعن طاوس وآخرين أنه لا يقع؛ لأنه محرم فلا يقع؛ لأن ما نهى الله عنه فهو جدير بعدم الإيقاع؛ ولهذا البيع المنهي عنه فاسد، والنكاح المنهي عنه فاسد لا يقع، فهكذا الطلاق المنهي عنه، لا يقع بخلاف الطلاق الثلاث، فإنه يحتسب واحدة، تقع منه واحدة كما تقدم، إذا كان بلفظ واحد، وهذا القول الذي رآه بعض أهل العلم، وإن كان خلاف المشهور، وخلاف الأكثر، هذا القول أظهر في الدليل، وأقوى في الدليل أنه لا يقع لكونه بدعيًّا على خلاف أمر الله، والله يقول: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، وهو طلقها في غير العدة، فلا يقع طلاقها، يكون عملا ليس عليه أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، فيكون مردودًا، قال عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» (¬1) يعني فهو مردود، وهذا هو الأظهر. ¬

(¬1) أخرجه مسلم، في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

بيان أسباب الطلاق وخطورته

2 - بيان أسباب الطلاق وخطورته س: تساهل كثير من الناس في الطلاق، هل لسماحة الشيخ توجيه لهم؟ (¬1) ج: لا ينبغي التساهل في الطلاق، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أبغض الحلال إلى الله الطلاق» (¬2) فلا يجوز التساهل به ولا التلاعب، هذا تلاعب بأحكام شرعية، فالواجب على المسلم أن يتثبت، وألاّ يطلق إلا عن بصيرة وعن عزم، إذا دعت الحاجة إلى الطلاق، فلا بأس، لكن لا يتلاعب به. ¬

(¬1) السؤال الأربعون من الشريط (427). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الطلاق، باب في كراهية الطلاق، برقم (2178).

س: لقد سمعت من بعض العلماء المسلمين، أن الرجل إذا سبّ الدين طلقت عليه امرأته، ويلزم عليه التوبة والاستغفار، وعقد قران جديد، فما مدى صحة هذا الكلام، فكثيرًا ما يحدث هذا الأمر، خاصة وقت الغضب الشديد؟ (¬1) ج: سبّ الدين ردّة عن الإسلام، وسب القرآن وسبّ الرسول هذا ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (46).

ردة عن الإسلام، نعوذ بالله، وكفر بعد الإيمان، لكن لا يكون طلاقًا للمرأة، بل يفرق بينهما من دون طلاق، لا يكون طلاقًا، بل تحرم عليه؛ لأنها مسلمة، وهو كافر، حتى يتوب، فإن تاب وهي في العدة رجعت إليه، من دون حاجة إلى شيء، إذا تاب، وأناب إلى الله رجعت إليه، وأمّا إن خرجت من العدة، وهو على حاله لم يتب، فإنها تنكح من شاءت، ويكون ذلك بمثابة الطلاق، لا أنه طلاق، لكن بمثابة الطلاق؛ لأنّ الله حرم المسلمة على الكافر {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}، فإن تاب وتزوّجها بعد ذلك، فلا بأس، بعد العدة يكون بعقد جديد أحوط، خروجًا من خلاف العلماء؛ لأن بعض أهل العلم يرى أنها تحل له بدون عقد جديد، إذا كانت تختاره، ولم تتزوج بعد العدة، بل بقيت على حالها، لكن إذا عقد عقدًا جديدًا، فهو أولى، خروجًا من خلاف جمهور العلماء، فإن الأكثرية يقولون: متى خرجت من العدة، بانت منه، وصارت أجنبية، لا تحل إلا بعقد جديد، فهذا أولى أن يعقد عليها عقدًا جديدًا، هذا إذا كانت قد خرجت من العدة، وقبل أن يتوب، فأما إن تاب، فهي زوجته إذا كانت في العدة.

س: سماحة الشيخ عبد العزيز تساهل الناس بلفظ الطلاق، ثم يأتون إلى العلماء يستفتونهم في هذا، هل من كلمة توجيهية عن هذا مأجورين؟ (¬1) ج: نعم، نوصي إخواننا جميعًا بالحذر من التساهل بالطلاق؛ لأنه يفرق بين الرجل وأهله، وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أبغض الحلال إلى الله الطلاق» (¬2) هكذا جاء عنه عليه الصلاة والسلام بإسناد حسن، المشروع للمؤمن أن يتحفظ وأن يحذر ما يفرق بينه وبين أهله، وأن يعالج الأمور والمشاكل التي بينه وبين أهله بالحكمة، والكلام الطيب والأسلوب الحسن لا بالطلاق، فالطلاق يفرق بين الزوجين فينبغي للمؤمن أن يحذر الطلاق إلا عن وطر، عن قصد، عن رغبة في الطلاق، فلا بأس، وإلا فليحذر إيقاع الطلاق بسبب المشاكل والغضب، فليتحر حل المشاكل بالكلام الطيب، والأسلوب الحسن، الذي تنهى به المشاكل من دون وقوع في الطلاق، أما إذا كان يرغب الطلاق؛ لسوء خلقها أو لأسباب أخرى فلا ¬

(¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (411). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الطلاق، باب في كراهية الطلاق، برقم (2178).

بأس، الله شرع الطلاق، يطلق واحدة لا يزيد عليها بطلقة واحدة والحمد لله.

س: سماحة الشيخ حفظكم الله، في زماننا هذا، كثر التلفظ بالطلاق والتهاون به من بعض الناس، حيث صار ديدنهم، ما هي الأسباب في نظركم، وما هو العلاج، وما توجيهكم للإخوة الذين وقعوا في ذلك (¬1)؟ ج: هذا واقع كثير من الناس في الطلاق لأسباب كثيرة، تارة من الزوج، وتارة من المرأة، وتارة منهما جميعًا، فقد تكون المرأة بذيئة اللسان تسبه وتتكلم بكلام غير لائق، فلا يتحمل ويطلق، قد تطالبه بأشياء لا تجب، وتكثر عليه، وتتعبه فيطلق، وقد يكون هو سريع الغضب، قليل الصبر، فلا يتحمل شيئًا، قد يكون عنده أعمال أخرى قد أشغلته وكلفته وأقضت مضجعه، فلا يتحمل، قد يكون يتعاطى المسكرات، فلا يتحمل، إلى غير هذا من الأسباب، فالواجب على المطلق والمطلقة تقوى الله، وأن يتعاونا على البر والتقوى، وأن تحذر المرأة أذى زوجها وإيقاعه فيما لا ينبغي، بسبب سلاطة لسانها ومطالبها الكثيرة بغير حق، والواجب على الزوج أن يتقي الله في المرأة، ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (411).

وأن يعطيها حقوقها، وألاّ يظلمها، حتى لا يلجئها إلى إيذائه وإلى مطالبته بما لا يجب لها، حتى يقع منه الطلاق، فالواجب على الجميع التعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق، فالزوج ينبغي له أن يحلم ولا يعجل، والواجب عليه أن يعطيها حقوقها، وألاّ يلجئها إلى المطالبة وإغضابه، والواجب عليها هي أيضًا السمع والطاعة لزوجها بالمعروف، وحسن المعاشرة، وطيب الكلام، وتحمل بعض ما يقع من الخلل من الزوج؛ لقول الله جلا وعلا: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، ولقوله سبحانه: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}، ولقوله سبحانه: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}، فينبغي للزوجين التعاون على البر والتقوى، والتواصي على الحق، والتعاون على الخير، هو يجتهد في أداء حقها والإحسان إليها وإحسان عشرتها، وهي تجتهد في أداء حقه وعدم إلجائه إلى الطلاق وعدم إغضابه بغير حق، فإذا حصل التعاون قل الطلاق، وإذا لم يحصل التعاون كثر الطلاق،

نسأل الله للجميع الهداية.

س: ماذا تقول للذين يرون أن الطلاق لا يقع بمجرد التلفظ به إذا لم يشهد على الطلاق شاهدا عدل، ويجوز في نظرهم متابعة الحياة الزوجية بما فيها، كما لو لم يقع أي شيء، ويعتمدون في فهمهم وحكمهم على قول عطاء -رحمه الله تعالى- وهو أنه لا يجوز في نكاح ولا طلاق ولا جماع إلا شاهدا عدل؟ (¬1) ج: الذي عليه أهل العلم أن الطلاق يقع ولو لم يشهد، إنما الإشهاد سنة، والله سبحانه وتعالى أخبر عن الطلاق في آيات كثيرات ولم يشترط سبحانه الإشهاد، وهكذا نبيه صلى الله عليه وسلم، وجاء رواية عن عمران بن حصين رضي الله عنه أنه قال: «أشهد على طلاقها وعلى رجعتها» (¬2) وقال: من طلق في غير إشهاد كمن طلق في غير السنة، هذا استدلوا به، واحتجوا به على أن المشروع أن يشهد على الطلاق؛ لأنه قد يطلق وينكر، فإذا أشهد على الطلاق كان عونًا له على إثبات ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (79). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الطلاق، باب الرجل يراجع ولا يشهد، برقم (2186).

الحق، وعلى عدم العودة إلى الباطل، بإنكار الطلاق، فالإشهاد يعينه على أداء الحق، ويثبت الحق للمرأة، فالسنة يشهد على الطلاق، ويشهد على الرجعة، ويحتج على هذا بقوله سبحانه وتعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ}، فإن هذا فسر بالشهادة على الطلاق، وفسر بالإشهاد على الرجعة، والآية تحتملهما فيشرع هذا وهذا، يشرع إشهاده على الطلاق، ويشرع إشهاده على الرجعة ولكن ليس ذلك بشرط، فرجعته صحيحة وإن لم يشهد عليها إذا اعترفت بها الزوجة، وأسمعها الرجعة في العدة. وكذلك الطلاق يقع وإن لم يشهد، لكنه خالف المشروع، خالف ما ينبغي.

حكم طلب الزوجة الطلاق دون سبب

3 - حكم طلب الزوجة الطلاق دون سبب س: يقول السائل: ما حكم طلب الزوجة من الزوج الطلاق، بدون سبب شرعيٍّ؟ (¬1) ج: لا يجوز لها ذلك، بدون سبب، ليس لها طلب الطلاق بدون سبب، ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (435).

ولا يجوز لها إلا بأسباب، كظلمه لها، أو بغضاء لا تستطيع البقاء معها، بغضاء شديدة، لا تستطيع البقاء معه، أو أسباب أخرى وجيهة، وهو لا يطلّق إلا إذا رأى المصلحة، إذا رأى المصلحة في الطلاق طلّقها، طلقة واحدة فقط، وإلا فلا يطلق، لكن إذا رأى المصلحة لا بأس.

س: يسأل المستمع ويقول: ما حكم الشّرع في نظركم سماحة الشيخ في طلب الزوجة من الزوج الطلاق، بدون سبب شرعي، وما توجيهكم للزّوجين (¬1)؟ ج: لا يجوز للزوجة طلب الطلاق من غير علة، والواجب عليها حسن العشرة لزوجها، وعدم طلب الطلاق إلا من بأس، إذا كان يظلمها أو يؤذيها، أو ما كتب الله بينهما مودّة، تبغضه فلا بأس أن تطلب المخالعة، أمّا ما دام ليس بينهما شيء، فالأفضل لها عدم الطلب، وأن تتعاون مع زوجها، كما قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، فالمرأة والرجل يتعاونان على الخير، وعلى فعل ما شرع الله، وعلى ترك ما نهى الله عنه، كل منهما يعين الآخر، ولكن إذا كان هناك أسباب، ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (428).

بأن لم يكتب الله بينهما مودة، وطلبت الخلع، أو طلبت الطّلاق؛ لأنه ما بينهما مودة، أو لأنه يظلمها، أو يؤذيها بالضرب، أو غير ذلك فلا بأس، إذا كان لسبب.

س: ما هو توجيه سماحتكم للمرأة التي دائمًا تطلب الطلاق من زوجها، ما نصيحتكم، ولأمثالها، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إن كانت مظلومة قد ظلمها زوجها وتعدّى عليها، فهي معذورة، أما إن كانت تطلب الطلاق من غير بأس، فلا يجوز لها ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة سألت الطلاق من غير ما بأس، لم ترح رائحة الجنة» (¬2) فكونها تطلب الطلاق من غير علّة شرعيّة، لا يجوز، الواجب عليها الصبر والاحتساب، وعدم طلب الطلاق، أما إذا كانت هناك علة لأنه يضربها ويؤذيها، أو لأنه يتظاهر بفسق وشرب المسكرات، أو لأنه لم تقع في قلبها محبة له، بل تبغضه كثيرًا ولا تستطيع الصبر، فلا بأس، مثلما فعلت زوجة ثابت بن قيس، طلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يفرّق بينها وبينه، فسألها النبي ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (335). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث ثوبان رضي الله عنه، برقم (21874).

عن ذلك، فقالت: إنها لا تطيقه بغضًا، فقال لها عليه الصلاة والسلام: «أتردين عليه حديقته» (¬1) يعني المهر، الحديقة بستان، فقالت: نعم. فأمره أن يقبل الحديقة ويطلقها، والعلة أنها لا تستطيع البقاء معه من أجل بغضها له، والحياة مع البغض لا تستقيم؛ ولهذا يلزمها أن ترد المهر، فإذا ردّت المهر، فعليه أن يطلقها، والله يقول سبحانه: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا}، وهكذا إذا كان يتعاطى السكر، أو معروفًا بالتساهل في الزنى، وتعاطي الفحشاء، هذا لها عذر؛ لأنّ البقاء معه يضرّها، أما إن كان لا يصلّي، فلا يجوز لها البقاء معه، فالواجب عليها الامتناع منه، وعدم تمكينه من نفسها؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر على الصحيح وإن لم يجحد وجوبها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة» (¬2) وقوله عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الطلاق، باب الخلع وكيف الطلاق فيه، برقم (5273). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، برقم (82).

الصلاة فمن تركها فقد كفر» (¬1) فالأمر عظيم، فإذا كان لا يصلي فليس لها البقاء معه، نسأل الله العافية والسلامة. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، (22428).

س: السائلة من المدينة المنورة، تقول: إنها امرأة متزوجة منذ تسع سنوات، وزوجها لا يعمل دائمًا، فكان يعمل في التجارة، وخسر جميع ما يملك من أمواله وأموال الناس الشركاء، ثم عمل في شركة، وتركها بعد ثلاثة شهور، وهو دائم الاستلاف، وأصبح مديونًا للناس بمائة وخمسين ألف ريال، وهو الآن لا يعمل، علمًا بأنها تقول دائمًا تقف إلى جواره في كل أزماته، والآن مرضت هذه الزوجة، ولا تطيق أن ترى هذا الزوج، بسبب تصرفاته، وبسبب الديون التي تراكمت عليه وعدم الاستقرار العائلي، وتسأل هذه الزوجة سماحتكم وتقول: لو طلبت الطلاق من هذا الرجل هل أكون آثمة؟ علمًا بأن أهلي يريدون أن يطلقوني منه؛ لأنّ زوجي باع جميع ما يخصني من منزل وأثاث، فهل طلبي للطلاق حرام أم حلال؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (392).

ج: إذا كان يقوم بما يجب من النفقة، فلا يجوز لكِ الطلب، إذا كان لا يظلمك، ويقوم بما تحتاجين إليه من النفقة، ولو أنه مدين، فليس لكِ طلب الطلاق، أما إذا كان يظلمكِ وتخافين على نفسكِ منه، من ضربه، أو أخذ بقية مالكِ، يطالبكِ بأخذ بقية مالكِ، فلكِ طلب الطلاق، أما إذا كان لا، قد قام بحقّكِ، ولكن عليه ديون، فلا يضره ذلك، عليكِ السمع والطاعة والبقاء في حسابه، والحذر من طلب الطلاق بغير حق.

حكم طلب الزوجة من زوجها الطلاق

4 - حكم طلب الزوجة من زوجها الطلاق س: السائلة أم عبد الله تسأل وتقول: تزوجت وأنا عمري ثلاث عشرة سنة، وكنت أجهل أمور الزواج، وحقوق الزوج، وكثيرًا ما كنت أطلب منه الطلاق، تكرّر مني كثيرًا، حتى اضطر أن يقول في مرة من المرات: أنت طالق أنت طالق أنت طالق، وبعد أربعة أشهر، وفي ذلك اليوم، الذي كتب به ورقة الطلاق، وشهد على طلاقي شاهدان، كانت عليَّ العادة، فما حكم الطلاق في هذه الحالة؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (70).

ج: أولاً الواجب على المرأة تقوى الله والمعاشرة الطيبة لزوجها، وعدم إيذائه بطلب الطلاق ولا بغيره من الأذى، كالسبّ والشّتم، وعدم السمع والطاعة، كل هذا لا يجوز، ما دام الزّوج قائمًا بحقها، الواجب عليها أن تقوم بحقّه أيضًا، والله يقول سبحانه: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، ويقول عز وجل: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، فعليه المعاشرة بالمعروف، وعليها المعاشرة بالمعروف، بالكلام الطيب، والفعل الجميل في الفراش، وفي البيت وفي جميع الأحوال، تقول له الكلام الطيب، وهو يقول لها الكلام الطيب، تؤدّي له ما يجب من الطاعة في بيته، في خدمته، في طاعته في الفراش، في غير هذا مما أباح الله عز وجل، وهو كذلك يعاملها بالمثل، بالكلام الطيب، والسيرة الحميدة، والإنفاق عليها كما أمر الله، إلى غير هذا من وجوه المعاشرة الطيبة، وليس لها طلب الطلاق، مع الاستقامة، بل هذا لا يجوز، أمّا إذا كانت الحالة غير ذلك، بأن أساء العشرة، أو ما كتب الله لها في قلبه المحبّة، بل كانت تبغضه، ولا تستطيع القيام بحقّه للبغضاء، فلا مانع

أن تطلب منه الطلاق، حتى لا تخل بالواجب، وإن سمح بذلك، فالحمد لله، وإلا فعليها الصبر، حتى يجعل الله فرجًا ومخرجًا، أما ما وقع من الطلاق في حال الحيض، هذا فيه خلاف بين أهل العلم، جمهور أهل العلم يرون أنه يقع الطلاق، وهذا قول الأكثرين من أهل العلم، والقول الثاني أنه لا يقع في الحيض، ولا في النفاس، ولا في طهر جامعها فيه زوجها؛ لما ثبت من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، في الصحيحين: «أنه طلّق امرأته وهي حائض» (¬1) ورفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فغضب وأنكر عليه ذلك، وأمره أن يراجعها، وأن يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلّق، قبل أن يمسّها، هذا يدل على أن الطلاق في حال الحيض أو النفاس منكر، وهكذا في الطهر الذي جامعها فيه، وإنما السنة أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه، أو في حال حملها؛ ولهذا في اللفظ الآخر: «فليطلقها طاهرًا أو حاملاً» (¬2) فالصواب أنه لا يقع في هذه الحالة وإن كان قول الأقل، والأكثرون على وقوعه، لكن قول ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .... برقم (1471).

الأقل في هذا أصح؛ لهذا الحديث الصحيح والله المستعان، ولا حرج في كونها صغيرة عمرها ثلاث عشرة سنة. فالنبي صلى الله عليه وسلم «تزّوج عائشة وهي بنت سبع سنين، ودخل بها وهي بنت تسع سنين» (¬1) فالأمر في هذا واسع، لكن على أهلها أن يعلّموها، إذا أرادوا تزويجها بهذا السن، عليهم أن يعلّموها، ويوجّهوها، ويشرحوا لها حقوق الزوج، وأنّ عليها كذا وكذا وكذا، حتى تكون على بصيرة، وإلا فلا يعجلوا حتى تأخذ العلم، بنت خمسة عشر، بنت ستّ عشرة، بنت سبع عشرة، يعني ينبغي لهم أن يزوّجوها في الأوقات المناسبة، التي يرون أنها أهل لذلك، فإذا أرادوا التبكير؛ لأنه خطبها الكفؤ، وخافوا فوت الكفؤ، فينبغي أن يغتنموا الرجل الطيب، ولو كانت بنت ثلاثة عشر، لكن عليهم أن يعلّموها ويوجهوها، حتى تعرف ماذا تعمل مع الزوج، رزق الله الجميع الهداية. ¬

(¬1) أخرجه البخاري، في كتاب المناقب، باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها، برقم (3896)، ومسلم في كتاب النكاح، باب تزويج الأب البكر الصغيرة، برقم (1422).

حكم وقوع الطلاق على الزوجة إذا طلبته من زوجها وهي في حالة غضب

5 - حكم وقوع الطلاق على الزوجة إذا طلبته من زوجها وهي في حالة غضب س: خلال ثورة غضب عارمة من الزوجة على زوجها أصرت عليه وألحت أن يطلقها، علمًا بأن الزوج لم يكن له الرغبة في ذلك واستجاب لطلبها مرغمًا، وتلفظ بالطلاق، فهل يغير هذا واقعًا، أفيدونا مأجورين؟ (¬1) (¬2) ج: نعم ما دام طلقها باختياره كونه اشتدت هي ما هو بعذر له، لا يلزمه أن يطلق، لكن ما دام أجاب رغبتها وطلقها يقع الطلاق الشرعي، إذا طلقها طلاقًا شرعيًّا في طهر لم يجامعها فيه، وليست حبلى، ولا آيسة، أو طلقها في حال الحمل يقع، أما إذا طلقها في حال حيضها، أو نفاسها وهو يعلم بذلك يعلم أنها حائض أو نفساء، فلا يقع الطلاق على الصحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما خرج في الصحيحين أو طلقها بطهر جامعها فيه، وليست حبلى ولا آيسة، وهو يعلم ذلك، لم يقع على الصحيح، لحديث ابن عمر. ¬

(¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (7). (¬2) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (7). ') ">

س: تقول السائلة: أصبح الناس في المجتمع ينظرون إلى المرأة التي لم تكمل تعليمها بنظرة حزن واحتقار وإهانة، فهل يصلح هذا العمل وأنا أريد أن أكمل دراستي، لكن زوجي رافض، فهل يحق لي أن أطلب الطلاق؛ لكي أكمل دراستي؟ (¬1) ج: لا، لا تطلبي الطلاق، ولكن بالأسلوب الحسن، لعل الله يهديه حتى يسمح لكِ، وفي الإمكان أن تستفيدي من إذاعة القرآن ومن خطب الجمعة التي تذاع، وإذاعة القرآن فيها خير عظيم محاضرات وندوات نور على الدرب، كل هذا علم عظيم، وفي الإمكان أن يسمح لكِ بطريقة حسنة، إذا حاولت ذلك بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، وليس بصحيح أن المجتمع ينظر للمرأة التي لم تكمل تعليمها بنظرة احتقار وحزن، إذا كانت تقية ومستقيمة لا يجوز احتقارها؛ لأن الدراسة قد تتيسر لها، وقد لا تتيسر، ليس كل أحد يستطيع الدراسة، ولكن يقدر أمرها بتقواها لله، فإذا كانت من الأتقياء، فلها شأن عظيم، لها منزلة كبيرة، وجديرة بألاّ تحتقر لإيمانها وتقواها لله، وعقلها وتمييزها، فلا ينبغي ولا يجوز احتقارها؛ لأنها لم تدرس، والمؤمن لا ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (367).

يحتقر أخاه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل المسلم على المسلم حرام، فالمسلم أخو المسلم لا يحقره ولا يكذبه ولا يخذله، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم» (¬1) لا يجوز هذا. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره وذمه، برقم (2564).

حكم طلاق مختل الشعور

6 - حكم طلاق مختل الشعور س: يقول السائل: طلقت زوجتي ثلاث مرات، المرة الأولى، كانت زوجتي حاملاً وراجعتها وهي عندي، وتمت المراجعة في نفس اليوم الذي كان فيه الطلاق، والمرة الثانية كانت حائضًا، وراجعتها أيضًا في نفس اليوم، وهي عندي وكان الطلاق مرتين، لي منها الآن خمسة أولاد، وهي عندي في البيت. والسائل يذكر في رسالته بأنه يشكو من مرض يسيطر عليه، ويقول: لو سئل عن حالته العقلية أثناء الطلاق، لقال: إنه مختل الشعور، يرجو من سماحة الشيخ إرشاده، جزاكم الله خيرًا (¬1) ج: إن الله سبحانه وتعالى شرع الطلاق لمصالح كثيرة، قد ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (102).

يحتاجها الزوج، وقد تحتاجها الزوجة، فمن نعمته سبحانه أن شرع الطلاق، حيث قال جلّ وعلا: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}، الآية، فإذا احتاج المسلم إلى الطلاق؛ لكون المرأة لم تناسبه، أو لأسباب أخرى تقتضي الطلاق، شرع له أن يطلق طلقةً واحدة فقط، هذا هو السنة، طلقة واحدة فقط؛ لأنه قد يبدو له أن يراجع، فإذا هو في سعة، فيطلق واحدة فقط في طهر لم يجامع فيه، أو في حال الحمل؛ لقوه سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، قال علماء التفسير: معناه طاهرات من غير جماع، يعني في حال الطهر من حيض أو نفاس، وقبل أن يمسها، أو في حال الحمل، كما ثبت في الصحيح، من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له، لمّا طلق امرأته وهي حائض: «راجعها ثم أمسكها، حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شئت طلقها قبل أن تمسها، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء» (¬1) ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

وفي رواية قال: «ثم يطلقها طاهرةً أو حاملاً» (¬1) فهذا هو المشروع أن يطلق الزوج امرأته إذا احتاج إلى ذلك طلقة واحدة، في إحدى حالين: إما في حال كونها حاملاً، أو في حال كونها طاهرة في طهر لم يجامعها فيه، هذا هو الطلاق الشرعي، ويكره أن يطلق ثنتين من دون حاجة، بل يطلق واحدة فقط، ولا يجوز له أن يطلقها في حال الحيض، ولا في حال النفاس ولا في حال طهر جامعها فيه؛ لأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم، أنكر على ابن عمر ذلك، وجعل هذا من تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، المعنى في طهر لم يجامعها فيه، فعلم بهذا أن الطلاق في حيض أو نفاس، أو في طهر جامعها فيه، يخالف نصّ الآية الكريمة، ويخالف التعليم النبويّ، الذي وجهه الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عمر، وهو للأمة كلها؛ لأنّ تعليمه صلى الله عليه وسلم للواحد تعليم للأمة كلها، ثم اختلف العلماء في وقوعه: هل يقع إذا كان في حال لا يشرع فيها، كالحيض والنفاس والطهر الذي جامعها فيه؟ فذهب جمهور أهل العلم ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

وأكثرهم، إلى أنه يقع مع الإثم، يأثم الزوج ويقع الطلاق، وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه لا يقع؛ لأنه طلاق غير مشروع فلا يقع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» (¬1) وهذا عمل ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون مردودًا، ولأن الرسول ردها، ردّ المرأة على ابن عمر لمّا طلقها، وهي حائض ردها النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يرها شيئًا كما ثبت في الصحيح، وقال: «إذا طهرت فليطلق أو ليمسك» (¬2) وسئل ابن عمر رضي الله عنه عن ذلك؟ فقال: لا يعتدّ بها، مع أنه رضي الله عنه حسب ما وقع منه من تطليق، حسبها اجتهادًا منه، حسب ما وقع من تطليقة، ولم يحسبها عليه النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا القول أرجح من حيث الدليل، أنه لا يقع الطلاق في حال الحيض والنفاس، ولا في طهر جامعها فيه، وإن كان فيه خلاف للجمهور، لكنه أظهر في الدليل، والأصل بقاء النكاح وعدم وقوع الطلاق، الذي لم يشرع، فالله عز وجل شرع لعباده ما فيه مصلحتهم، ونهاهم عمّا يضرهم، ولا ريب أن ¬

(¬1) سبق تخريجه في ص (17). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

وقوع الطلاق، في حال الحيض والنفاس، وفي الطهر الذي جامع فيه، فهو يضر الزوج، ويضر المرأة في الغالب، فكان من محاسن الإسلام، ومن رحمة الله عزّ وجل، القول بأنه لا يقع، قال من لم يوقعه: ومما يؤيد ذلك أن الإنسان في حال كون امرأته حائضًا أو نفساء، يسهل عليه الطلاق؛ لأنها لا تصلح للجماع، وممنوع من جماعها فيسهل عليه الطلاق، وهكذا إذا كان قد قضى وطره وجامعها، يسهل عليه الطلاق، فمن رحمة الله أن منعه من ذلك؛ وحرم عليه ذلك، فمتى أقدم على التحريم، لم يقع منه ذلك؛ لكونه خلاف أمر الله، وهذا السائل طلق الأولى وهي حامل، فالطلاق واقع؛ لأن طلاق الحامل أمر مشروع، أما الطلاق الثاني إذا كان في الحيض باتفاقهما واعترافهما جميعًا، فإنه لا يقع على الصحيح، إلا أن يحكم حاكم بذلك، فإن حكم حاكم بالوقوع وقع؛ لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف، فإذا حكم حاكم ممن يرى أنه يقع الطلاق كما هو قول الجمهور، فحكم عليه بوقوع الطلاق، فإنه يرتفع الخلاف، ويقع الطلاق، وينفذ، وليس للمفتي أن ينقض ذلك؛ لأن المسألة خلافية يسوغ فيها الاجتهاد، أما كونه مختل الشعور فهذا يحتاج إلى أن يستفتي قاضي بلده، إذا وقع منه شيء، حتى ينظر في

الأمر، وحتى يطالبه بالبينة الدالّة على ما قاله، فليس كل من ادّعى شيئًا يسلم له، يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: «لو يعطى الناس بدعواهم لادّعى أناس دماء رجال وأموالهم، ولكن البينة على المدعي» (¬1) فالذي يدعي أنه طلق في حال زوال عقله، يطالب بالبينة على ما قال، وإذا ثبت ذلك لم يقع الطلاق، وإذا أقرت الزوجة بأنه وقع منه في حالٍ غير شعورية، كالسكران الذي طلق في حال غيبوبة عقله، بتعاطيه ما حرم الله، فالصحيح أنه لا يقع كالمجنون، ولو كان آثما، فإن الآثم عليه التوبة إلى الله، وعلى ولي الأمر أن يقيم عليه الحدّ، إذا رفع إلى ولي الأمر، وليس من عقوبة السكران إيقاع الطلاق، فالصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم، وبه أفْتى الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه، أن طلاق السكران الذي قد فقد عقله لا يقع، حتى ولو كان آثمًا، أمّا غير الآثم، فلا يقع عند الجميع، كالمجنون، فلو أن إنسانًا سقي ما يسكره، ويغير عقله بغير علمه، أو أجبر عليه وأكره عليه، لم يقع طلاقه عند أهل العلم، وإنما الخلاف ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب اليمين على المدعى عليه، بلفظ: **ولكن اليمين على المدعى عليه** برقم (1711).

فيمن شرب المسكر عمدًا، فهذا هو محل الخلاف، فهو آثم، ويجب أن يقام عليه الحد، إذا رفع للسلطان، ولكن لا يقع الطلاق، إذا كان في حال الطلاق فاقد العقل، كالمعتوه والمجنون، والله المستعان.

س: تقول الأخت من المنطقة الشرقية: أنا تزوجت إنسانًا أنانيًّا بمعنى الكلمة، لم يكن يحسب للعواطف ولا الإنسانية أي حساب، أي أنه جعل يتصرف دون تفكير، إنه جاد في كل شيء، وحين يتخذ قرارًا لا يرجع فيه، إنني كنت أُحبه، ولكن عندما اتضحت لي الحقيقة كرهته ولم أفكر فيه، أروي لكم قصتي حيث إنني في يوم من الأيام، قد نسيت صلاة الظهر والعصر، لم أصلهما، فاستغفرت ربي، وقد تكرر هذا الحدث، وفي كل مرة هو الذي يوجهني، وليس لأجل أنه يحبني ويريد الخير لي، إنما يريد أن يرصد الأخطاء ويحاسبني فيها في المستقبل، وعندما حاسبني للصلاة التي قد نسيتها، أردته أن يسامحني، وتظاهر لي بأنه قد سامحني، ولكنه بعد مضي فترة على زواجنا، وأنجبت طفلة، طلب مني أن ننفصل؛ لعدم كفاية ديني، وأنني أهمل في بعض المرات، والأهم من ذلك كله منذ تزوجنا أنه لا يريد أن يفهمني، ولا يتفاهم معي، وأنه يعاملني بأسلوب يصعب عليّ إظهار عواطفي وحبي له، بأنه

يتهرب من الكلام معي، وعدم مصارحتي بما يجول داخله، وفي ذات مرة فوجئت بأنه عندما ذهب بي إلى أهلي، خطب فتاة، ولم يوافق أهلها؛ لأنه متزوج، ولديه طفلة، وعندما رجعت، قال: يجب أن ننفصل لأنني أريد امرأة متدينة، وذكر لي الحديث الذي يقول: «فاظفر بذات الدين تربت يداك» فاعذريني، وأخذ يكلمني بأسلوب عرفت منه أنه ناوٍ أن يتزوج غيري، ولكني عرضت عليه جميع الحلول غير الطلاق، لكنه صمم، وطلقني دون ذنب، وأنا وابنتي الآن في حيرة، علمًا بأنه لم يتزوج متدينة، وكان زواجه في حفلة لبست زوجته الجديدة ثوب التشريعة، أرجو التفضل بالجواب وفقكم الله (¬1)؟ ج: ما دام الطلاق حصل، فالعلاج الآن ليس له أثر كبير في حصول المطلوب، لكن إن قدر الله رجوعك إليه، فالواجب عليك لا من أجله، بل من أجل الله سبحانه وتعالى وعظمته، وما أوجب عليك من الحق، الواجب عليكِ، أن تهتمي بأمور الدين، وأن تحرصي على أداء الصلاة في وقتها، فمثلها لا ينسى، هي عمود الإسلام، وهي الركن الثاني من ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (85).

أركان الإسلام بعد الشهادتين، فالواجب عليكِ أن تكوني مثالية في الأخلاق الإسلامية، وفي أداء ما أوجب الله عليكِ، حتى لا يجد طريقًا إلى ذمّك وعيبك، وإلى التماس امرأة أدين منك، هذا الذي ينبغي منك، أن تكوني حريصة؛ لأن الله أوجب عليكِ أن تستقيمي على دينه، وأن تحافظي على ما أوجب عليكِ، وأن تحذري ما حرم الله عليكِ، فأنتِ إن شاء الله سواءً عند أهلكِ، أو إن رجعت إليه، الواجب عليكِ أن تهتمي بأمر الدين، وأن تحرصي على أداء ما أوجب الله، من الصلاة العظيمة في وقتها، بالخشوع والطمأنينة، وهكذا جميع ما أوجب الله عليكِ، من بر الوالدين، من صلة الرحم، من حظ اللسان عن الغيبة والنميمة، من حفظه عن السب والشتم والكذب، إلى غير ذلك، عليكِ أن تحرصي على كل ما أوجب الله، وهكذا صوم رمضان، تحرصين على أدائه كما شرع الله، مع التحفظ عن كل ما حرم الله، من غيبة، أو نميمة، أو كذب، أو سب، أو غير ذلك، مما يجرح الصيام، وهكذا في الزكاة إذا كان عندك مال تزكينه، كما أمر الله، وهكذا في جميع الشؤون، تحرصين على حفظ دينك، وعلى ترك ما حرم الله عليكِ، وإن يسّر الله لكِ الرجوع، فكوني مثالاً طيبًا للمرأة الصالحة، ذات الخلق الكريم،

بشوشة في وجه زوجك، تحبين له الخير، وتكرهين له الشر، ولو قدر أنه لم يعمل معك ما ينبغي من البشاشة وحسن الخلق، فكوني خيرًا منه، حتى يرجع إلى أن يتحسن خلقه، أن يعاملك بمثل ما تعاملينه، فعليكِ بتقوى الله في كل الأحوال، وإن قدر الله إليكِ الرجوع، فاحرصي على الأخلاق الفاضلة، واللين في وجهه، والبشاشة، والكلام الطيب، والمبادرة إلى فعل أوامره التي لا حرج فيها، وترك ما نهاكِ عنه من الأمور التي يجب أن تتركيها، وهي لا تتعلق بحق الله سبحانه وتعالى، المقصود أن تلتمسي أسباب رضاه، وأن تبتعدي عن أسباب سخطه، إلا في الأمور التي أوجبها الله عليكِ، فهذه أمور يجب عليكِ أن تفعليها، وهكذا ما حرم الله عليكِ، يجب أن تتركي ما حرم الله عليكِ، وليس لكِ أن تطيعيه ولا غيره في معصية الله سبحانه وتعالى، ومتى اجتهدتِ في الخير وفي الأخلاق الفاضلة، وفي معاملته بما ينبغي من الخلق الكريم، والعمل الطيب، والمسارعة إلى تحضير أوامره وامتثالها، فإنه سوف يرجع إلى العمل الطيب معكِ إن شاء الله، والسيرة الحميدة معكِ، وربما يستغني بكِ عن الزواج، نسأل الله أن يقدر لكِ وله كل خير، وأن يجمعكما على خير، إنه على كل شيء قدير.

س: سماحة الشيخ إذا أذنتم لي، ألحظ على كتابة أختنا، أنها كتبت بصدق وموضوعية، فهي تقول: إنني نسيت فريضة كذا وكذا ثم تقول إنه يوجهني، لكن الرجل فيما يبدو جاد أكثر مما يجب، نصحتم المرأة جزاكم الله خيرًا وهي نصيحة ثمينة ولا شك، لكن ماذا عن الرجال يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: هو رجل كذلك، عليه إذا قدر الله له الرجوع إليها، أو مع الجديدة، عليه أن يتقي الله، وأن يحسن المعاشرة فالله سبحانه يقول: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، ويقول عزّ وجل: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}، فللزوجات حق عظيم، وإن كان حق الزوج أكبر، وله درجة فوق حقها، لكن يجب ألاّ يستغل درجته في إيذائها وظلمها، وعدم إنصافها، فلها حقّ كبير وله حق، وحقه أكبر، لكن عليه أن يؤدّيَ الحق الذي عليه، في حسن المعاشرة والتلطف بالمرأة، وطيب الكلام معها، وإعطائها حقوقها، هذا واجب عليه، وهي ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (85).

واجب عليها أن تبادله المحبة، والفعل الطيب والكلام الطيب، وأداء الحقوق وحسن المعاشرة، وأن تزيد فوق ذلك؛ لأن له عليها درجة، هذا هو واجبهما جميعًا، أما إذا أراد الزوج، أن تكون هي طيبة وهو ليس بطيب، هذا ليس من الإنصاف في شيء، بل يجب أن ينصفها، وأن يقوم بحقها، ويحسن معاشرتها، حتى ينشرح صدرها للقيام بحقه، وحتى تبادله المحبة والمعاشرة الطيبة، نسأل الله للجميع الهداية.

س: سماحة الشيخ هذه الجدّية الزائدة، أو هذه الصراحة، أو الشخصية القوية التي يسميها بعض الرجال، كيف تنصحونهم نحوها لو تكرمتم؟ (¬1) ج: الواجب على الرجل أن يحرص على التسامح، والعفو عن بعض الهفوات التي لا أهمية لها في حقه، وألاّ يطلب حقه كاملاً بل يتسامح ويعفو عن الكثير، هكذا ينبغي للرجل، وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته عليه الصلاة والسلام، يكون لينًا معهن، طيب الخلق معهن، يعاشرهن بالمعروف، ويتسامح عن كثير مما قد ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (85).

تغلط فيه المرأة، أو يزل به لسانها، أو تجهله، أو ما أشبه ذلك، فالرّجل هكذا ينبغي له أن يكون سمح الأخلاق، طيب السيرة كثير العفو والصفح عما يتعلّق بحقّه، لا يطلب حقه كاملاً، بل يتسامح عن بعض الشيء، ثم إذا عاتب يعاتب بلطف، وكلام طيب، وعبارات حسنة، وتوجيه واضح، ليس فيه غلظة ولا شدة ولا عنف، اللهم إلا إذا كابرت وعاندت، فهذا هو محل الشدة عليها، بسبب عنادها وتكبرها وعنفها، أمّا ما دامت تلتمس فيه التوجيه، وكلامها طيب فينبغي له أن يكون أطيب.

حكم طلاق الحامل

7 - حكم طلاق الحامل س: ما حكم طلاق الحامل؟ (¬1) ج: طلاق الحامل مشروع لا بأس به، لكن يكون طلقة واحدة؛ لأن النبي عليه السلام قال لابن عمر: «طلقها طاهرًا أو حاملاً» (¬2) بعض العامة يرى أنّ طلاق الحامل لا يصلح، وهذا غلط إنما هو من رأي العامّة، أمّا طلاق الحامل عند أهل العلم فلا بأس به، وقد ثبت في ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (173). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

الحديث الصحيح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «طلقها طاهرًا أو حاملاً» (¬1). ¬

(¬1) صحيح البخاري تفسير القرآن (4908)، صحيح مسلم الطلاق (1471)، سنن الترمذي الطلاق (1176)، سنن النسائي الطلاق (3392)، سنن أبو داود الطلاق (2185)، سنن ابن ماجه الطلاق (2019)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 130)، موطأ مالك الطلاق (1220)، سنن الدارمي الطلاق (2262).

س: هل المرأة الحامل عليها طلاق؟. ج: هذه المسألة تقع لبعض العامة، بعض العوام يظن الحامل لا يقع عليها طلاق، ولا أدري من أين جاءهم هذا الظن، وهو لا أصل له في كلام العلماء، ليس له أصل، بل الذي عليه أهل العلم قاطبة، أن الحامل يقع عليها الطلاق، هذا بإجماع أهل العلم، ليس فيه خلاف، الحامل طلاقها إما سنة، وإما لا سنة ولا بدعة، فالحاصل أنه يقع عليها الطلاق، قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لابن عمر لما طلق امرأته في حيضها: «أمره أن يمسكها حتى تحيض، ثم تطهر، ثم يطلقها طاهرًا أو حاملاً» (¬1) فجعل تطليق الحامل من جنس تطليق الطاهر التي لم تمسّ، فالحاصل أن طلاق الحامل، أمر لا بأس به، بل هو سنة على الراجح، يعني طلاقها سنيّ لا بدعي، وإنما المنهيّ عن تطليقها حال وجودها بالصفة التي نبه عليها النبي صلى الله عليه وسلم الحائض والنفساء، فما دامت في حال الحيض، أو النفاس، فإنه لا يجوز لزوجها ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

أن يطلقها، بل يمسك حتى تطهر، ثم إن شاء طلق، وإن شاء أمسك، أما كونه يطلّقها وهي حائض أو نفساء فلا؛ لأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم غضب على ابن عمر لما طلق امرأته وهي حائض، وكذلك إذا طلقها في طهر قد مسّها فيه؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام: «قال ثم يطلقها قبل أن يمسها فتلك العدة التي أمر الله أن تطلّق لها النساء» (¬1) لقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، قال العلماء: معناه طاهرات من غير جماع، هذا تطليق العدّة، يطلقها وهي طاهر لم يمسّها، أو حبلى قد ظهر حملها هذا محل السنة، تطليق المرأة في حالين: إحداهما أن تكون حبلى يعني حاملاً، وطلاقها سنيّ لا بدعيّ، الحالة الثانية أن تكون طاهرًا لم يمسّها الزوج، قد طهرت من حيضها أو نفاسها قبل أن يمسّها، فإن هذا الطلاق سنيّ في هذه الحالة، أما البدعيّ فله ثلاث حالات: تطليق الحائض، هذه واحدة، تطليق النفساء، ثنتين، تطليق المرأة في طهرها بعد المسيس بعدما جامعها، هذا بدعي، لا ينبغي أن يقع، وينبغي للزوج أن يمسك عن الطلاق، في ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

هذه الحال، حتى تحيض ثم تطهر، قبل أن يمسّ يطلق والحكمة في ذلك -والله أعلم-، أن الشارع يريد عدم الطلاق، ويرغب في بقاء النكاح؛ لما فيه من الخير والمصالح؛ فلذا ضيّق الطريق إليه؛ فجعل المرأة في حال حيضها أو نفاسها، أو طهر مسّها فيه، ليست محل الطلاق، حتى يمسك، فلعل الحائض تحسن بعد ذلك، ولعل الوئام يحصل بعد ذلك، فلا يقع الطلاق، ولا يطلقها إلا في إحدى حالين: إحداهما أن تكون حبلى، والثاني أن تكون في طهر لم يمسّها فيه، وهو في هذه الحال في الغالب لا يطلّقها؛ لأنه يرغب فيها، إذا طهرت طلب جماعها، وإذا جامعها منع من طلاقها، حتى تبقى معه، وكذلك الحبلى ليس فيها موانع من الجماع، هي صالحة للجماع في كل وقت؛ فلهذا لا يرغب في طلاقها في الغالب، ولأنه يرجو هذا النتاج هذا الحمل، يرجو أن يشاهده، وأن يربيه، فحينئذ يحصل الامتناع من الطلاق، هذا من رحمة الله للعباد سبحانه وتعالى، أن جعل الطلاق في هاتين الحالين، حالة الطهر من دون مسيس، وفي حالة الحمل حتى لا يطلقها؛ لأنه إذا كانا في هاتين الحالين، فالغالب أنه لا يقع الطلاق في هاتين الحالين؛ لأن بعد الطهر يشتاق إلى جماعها، بعدما منع منها

أيامًا في حال حيضها ونفاسها، يشتاق أن يجامعها، فإذا جامعها منع من طلاقها، حتى تحيض مرة أخرى، وتطهر، وفي الحقيقة أن المرأة إذا أراد الزوج الأمر المشروع، فإنه يقل الطلاق، ويكثر الإمساك، والشارع يرغب في بقاء النكاح؛ لما يترتب عليه من المصالح الكثيرة؛ ولهذا كان الطلاق أبغض الحلال إلى الله، أبغض الحلال إلى الله الطلاق؛ لأنه يفرّق بين الرجل وأهله، ويسبب شيئًا كثيرًا، من الأذى على الأولاد، والزوج أيضًا قد يتأخر ما يتزوج والمرأة تتأخر ما تزوجت بعد ذلك، فالحاصل أن الطلاق فيه مساوئ؛ فلهذا شرع الله سبحانه وتعالى أسباب بقاء النكاح؛ ليبقى الرجل محافظًا على زوجته مستفيدًا منها، وتبقى المرأة كذلك في عصمة زوجها في هذه الأحوال التي بينا أنه لا يطلّق فيها، وهي: حالة الحيض حالة النفاس حالة الطهر التي قد جامعها فيه، هذه الأحوال الثلاثة لا يطلّق فيها، ولا يجوز له الطلاق فيها، وبهذا يقلّ الطلاق، ويكثر الإمساك، وهذا من رحمة الله وإحسانه إلى عباده جل وعلا.

س: السائل ع. ب، بعث يسأل ويقول: رجل طلق زوجته ثلاث طلقات، وكانت الطلقة الثالثة وهي حامل، وأوصى عمّته أن تذهب إلى

زوجته؛ لإرجاعها قبل الولادة، وحضرت العمة، وقالت بصوت عال أمام الزوجة، وأمام بعض الأقارب: أرجعناها، وبناءً عليه عادت الزوجة إلى زوجها، ما حكم هذا التصرف؟ جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: هذا تصرف باطل، وليس الإرجاع إلى المرأة ولا إلى الزوج في مثل هذا، ما دام طلقها الطلقة الأخيرة الثالثة، ولو أنها حامل، تحرم عليه، حتى تنكح زوجًا غيره، إلا أن تكون الطلقتان السابقتان فيهما ما يوجب عدم وقوعهما، أو إحداهما، وإلاّ فطلاق الحامل واقع، طلاق الحامل شرعي، يقول صلى الله عليه وسلم لابن عمر: «طلقها طاهرًا أو حاملاً» (¬2) يعني من دون مسيس، فمن طلقها من دون مسيس، وهي حائل، أو طلقها وهي حامل، كله طلاق شرعيّ، إنما المنكر أن يطلقها في حيض، أو نفاس، أو في طهر جامعها فيه، هذا هو الذي لا يجوز، أمّا طلاق الحامل، فهو طلاق شرعي، ولكن بعض العامة يظن أن طلاق الحامل لا يقع، جهلاً منهم، وهذا الذي طلق زوجته الطلقة الثالثة، وهي حامل، طلاقه واقع، إذا كان لا مانع به: عاقل، وهكذا الطلقتان ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (156). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

السابقتان، إذا كانتا ليس فيهما ما يوجب عدم وقوعهما، أو إحداهما، فإنّ الطلاق باق، ولا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره؛ لأنّ الله سبحانه يقول: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}، فالواجب على المؤمن في مثل هذا أن يتبصّر، وألاّ يعجل. أما إرساله المرأة، وأن تقول أرجعناها، فهذا شيء لا وجه له ولا أساس له، بل هو من الخرافات العامة، لكن النظر في الطلقتين السابقتين، فإذا كانتا وقعتا في طهر ليس فيه مسيس، أو في حال حمل، فقد وقعتا، وتمت الثلاث، وليس له الرجوع إليها إلا بعد زوج شرعي، إلا بعد زوج يطؤها في نكاح شرعي، ثم يفارقها بموت أو طلاق. والله المستعان.

بيان الطلاق المحرم

8 - بيان الطلاق المحرم س: متى يكون الطلاق حرامًا؟ (¬1) ج: في ثلاث أحوال، يحرم الطلاق في الحيض وفي النفاس، وفي طهر جامع الزوج امرأته فيه، وهي ليست حاملاً ولا آيسة، في هذه الأحوال الثلاث، يحرم الطلاق، كما ثبت هذا في حديث ابن عمر ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (173).

رضي الله عنهما، أن النبي عليه السلام أمره: «أن يطلقها قبل أن يمسها بعد طهرها من الحيض» (¬1) فدل ذلك على أنها لا تطلق إلا في طهر لم يمسّها فيه، ولا تطلق في أثناء الحيض، ولا في حال النّفاس، فهذه الأحوال الثلاثة، يحرم فيها الطلاق، أمّا إذا كانت حاملاً فلا بأس بطلاقها، وإنْ كان قد جامعها، أو كانت آيسة كبيرة في السن لا تحمل، فإنه لا بأس بطلاقه لها، ولو كانت في طهر جامعها فيه. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

بيان الخلاف في وقوع طلاق الحائض والنفساء وفي الطهر الذي جامع فيه

9 - بيان الخلاف في وقوع طلاق الحائض والنفساء وفي الطهر الذي جامع فيه س: إذا طلق الرجل في هذه الأحوال الثلاثة، هل يقع الطلاق (¬1)؟ ج: فيه خلاف بين أهل العلم، الجمهور يرونه يقع الطلاق في هذه الثلاث الأحوال، يحرم ويقع، والقول الثاني يحرم ولا يقع، وهو الأرجح، أرجح القولين لأهل العلم أنه يحرم ولا يقع؛ لكونه خلاف الشرع، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، لما طلق ابن عمر امرأته وهي حائض، أمره الرسول أن يراجعها، ولم يعتبرها شيئًا، عليه الصلاة والسلام، فردها عليه، ولم يرها شيئًا، وقال: «إذا طهرت، فليطلق أو ليمسك» (¬2) ولم يحسبها النبي ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (173). (¬2) صحيح البخاري تفسير القرآن (4908)، صحيح مسلم الطلاق (1471)، سنن الترمذي الطلاق (1176)، سنن النسائي الطلاق (3392)، سنن أبو داود الطلاق (2185)، سنن ابن ماجه الطلاق (2019)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 130)، موطأ مالك الطلاق (1220)، سنن الدارمي الطلاق (2262).

صلى الله عليه وسلم في الأصح من قولي العلماء، فهذا هو المختار، لكن لو حكم حاكم بإمضاء الطّلاق، أمضي حكمه واعْتُبر، ولم يجز نقضه لأحد من الناس، فلو عرض الموضوع على حاكم شرعيّ، فحكم بإمضاء الطلاق في الحيض، أو في النفاس، أو في طهر جامعها فيه، أمضي واعْتُمِد؛ لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف، ولأنه قول الجمهور، فإذا حكم به الحاكم وجب تنفيذه.

حكم طلاق الحائض

10 - حكم طلاق الحائض س: هل المطلقة التي طلقها زوجها، وهي حائض أو في طهر مسها فيه، هل يقع هذا الطلاق أم لا؟ (¬1) ج: إذا طلق الزوج المرأة في حال الحيض، أو في حال النفاس أو في حال طهر جامعها فيه، وليست حاملاً، ولا آيسة، اختلف العلماء في ذلك، والجمهور على أنه يقع الطلاق، مع أنه بدعة ومنكر لا يجوز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، أنكر على ابن عمر لمّا طلق امرأته وهي حائض، وأمره أن يمسكها، حتى تحيض، ثم تطهر، ثم يطلق بعد ذلك، أو يمسك، ثم قال له صلى الله عليه وسلم، «فتلك العدة التي أمر ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (79).

الله أن تطلق لها النساء» (¬1) فالجمهور ذهبوا إلى أن الطلاق وقع، ولكنه مأمور بأن يراجعها إذا كان الطلاق طلقة واحدة، أو طلقتين يراجعها ويبقيها، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء طلق قبل أن يمس، وإن شاء أمسك» (¬2) هذا هو المعروف عند جمهور أهل العلم، وذهب آخرون من أهل العلم وهو مروي عن طاوس، وخلاس بن عمرو وجماعة، وهو ثابت عن ابن عمر: أن الطلاق في الحيض لا يقع، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم ردّها عليه من دون احتساب الطّلاق عليه، وإنما حسبها هو ابن عمر، اجتهادًا منه حسب الطلقة، ولكن لم يحسبها عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال هؤلاء: إن هذا الطلاق بدعة ومنكر، فلا يقع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» (¬3) وهذا طلاق ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يقع، وهذا هو اختيار أبي العباس ابن تيمية، وتلميذه العلامة ابن القيم رحمة الله ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471). (¬3) أخرجه مسلم، في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

عليهما، واختاره جماعة من أهل العلم، وهو أظهر في الدليل، وأقوى في الدليل؛ لأن الرسول أنكر على ابن عمر، وأغلظ في ذلك عليه الصلاة والسلام، وأمره أن يمسكها حتى تحيض، ثم تطهر، ثم قال: «إن شاء طلّق قبل أن يمسّ وإنْ شاء أمسكها» (¬1)، وفي لفظ: «ثم يطلقها طاهرًا أو حاملاً» (¬2). هذا على أنه لم يقع الطلاق؛ لأن إيقاعه، ثم ردها تكثير للطلاق، يعني يوقع الطلاق الأول، ثم يأمره بطلاقها مرة أخرى، والشارع يتشوّف لقلّته لا لكثرته، فالحاصل أنّ قوله: «فليراجعها» (¬3)، ليس معناه الرجعة المعروفة، التي هي الرجعة بعد الطلاق، وأن المراد عند هؤلاء، يعني فليردها إلى حباله، كونها عنده حتى تطهر من حيضتها التي طلقها فيها، ثم تحيض مرة أخرى، ثم تطهر، ثم بعد هذا إن شاء طلق وإن شاء أمسك، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء» (¬4) يعني في قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، الآية. قال العلماء: معنى ذلك، طاهرات من غير جماع، هذا معنى {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، يطلقن طاهرات ¬

(¬1) صحيح البخاري الطلاق (5252)، صحيح مسلم الطلاق (1471)، سنن الترمذي الطلاق (1175)، سنن النسائي الطلاق (3390)، سنن أبو داود الطلاق (2179)، سنن ابن ماجه الطلاق (2019)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 124)، موطأ مالك الطلاق (1220)، سنن الدارمي الطلاق (2262). (¬2) صحيح البخاري تفسير القرآن (4908)، صحيح مسلم الطلاق (1471)، سنن الترمذي الطلاق (1176)، سنن النسائي الطلاق (3392)، سنن أبو داود الطلاق (2185)، سنن ابن ماجه الطلاق (2019)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 130)، موطأ مالك الطلاق (1220)، سنن الدارمي الطلاق (2262). (¬3) صحيح البخاري تفسير القرآن (4908)، صحيح مسلم الطلاق (1471)، سنن الترمذي الطلاق (1176)، سنن النسائي الطلاق (3392)، سنن أبو داود الطلاق (2185)، سنن ابن ماجه الطلاق (2019)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 130)، موطأ مالك الطلاق (1220)، سنن الدارمي الطلاق (2262). (¬4) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

من غير جماع، أو في حال الحمل؛ لحديث ابن عمر: «فليطلقها طاهرًا أو حاملاً» (¬1) هذا القول أظهر في الدليل؛ لأنه موافق لحديث ابن عمر، وموافق للآية الكريمة، ولما ذكره أهل العلم في تفسيرها، وإن كان خلاف قول الأكثرين، لكن المعوّل عليه في المسائل هو ما يقرب من الدليل، وما يقتضيه الدليل، ثم هو أرفق بالأمة وأنفع للأمة؛ لأن من الناس من يغضب ويطلق في الحيض والنفاس، وفي طهر جامعها فيه، فإذا ردّت عليه، ففيه جمع الشمل، وجمع الأسرة، وربّما كان لديهما أولاد، ويجمع الشمل بينهما وبين أولادهما، فالحاصل والخلاصة أن هذا مع كونه أظهر في الدليل، هو أرفق بالأمة والله يقول سبحانه {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ}، ويقول جل وعلا: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يسروا ولا تعسروا» (¬2) فالتيسير للأمة والتسهيل عليها مهما ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا، برقم (69)، ومسلم في كتاب الجهاد والسير، باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير، برقم (1734).

أمكن مطلوب، وهو أقرب إلى قواعد الشرع، التي جاءت بالتيسير والتسهيل والرحمة، وما أكثر ما يقع الطّلاق من الناس، في حال الغضب الشديد، في حال الحيض، في حال النفاس، وفي حال الطهر الذي جامعها فيه، ثم يندم الجميع، ففي هذا القول رحمة للأمة، وجمع للشمل، وتيسير للأمور، وتقليل للفرقة، ولا يخفى على كل من له أدنى خبرة بأحوال الناس ما يترتب على الطلاق، من شرّ عظيم في الغالب، وفرقة للأولاد مع والديهم، وضياع في بعض الأحيان للأولاد، ومتاعب كثيرة للأب، والأم جميعًا، والأولاد، والله المستعان.

س: تقول هذه السائلة: يا سماحة الشيخ أرجو فتوى منكم، في طلاق المرأة وهي حائض، هل يقع الطلاق والمرأة حائض أثابكم الله؟ (¬1) ج: هذا الموضوع فيه خلاف بين العلماء، أكثر العلماء يرون أنه يقع الطلاق في الحيض، هذا الذي عليه أكثر أهل العلم، وذهب بعض أهل العلم، إلى أنه لا يقع إذا كان يعلم الزوج، أنها في الحيض، إذا طلّق في الحيض، فقد أثم، ولا يقع، إذا كان يعلم، أمّا إذا كان ما يعلم، إلاّ بعد الطلاق منها، فالطّلاق يقع إذا كان لا يعلم، أمّا إذا كان يعلم أنها حائض ¬

(¬1) السؤال الثامن والأربعون من الشريط رقم (11).

قبل أن يطلق، ثم أقدم على الطلاق، فالصواب أنه لا يقع، وعليه التّوبة؛ لأنه لا يجوز.

س: نرجو التعريف هل يقع الطلاق على الحائض؟ (¬1) ج: الطلاق في الحيض لا يجوز، والرسول زجر عن ذلك، زجر عن الطلاق في الحيض، والصواب أنه لا يقع، إذا اتّفق عليه الزوجان، إذا كان يعلم الزوج أنها حائض، الصواب أنه لا يقع، وذهب الأكثرون إلى أنه يقع، أكثر العلماء على أنه يقع مع الإثم وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يقع، إذا كان الزّوج يعرف ذلك، حيث الطلاق مع الإثم، والواجب على الزوج أن يحذر ذلك. ¬

(¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (366).

س: هل يقع طلاق غير السّنة، أي: في طهر تماس الزوجان فيه، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: تقدم الكلام على هذا، وأنه لا يقع على الصحيح، إذا كانت في طهر جامعها فيه، وليست حبلى ولا آيسة، أمّا إذا كانت حاملاً أو آيسة، يقع الطلاق، ولو جامعها، لكن إذا كانت في طهر لم يجامعها فيه، وهي ¬

(¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (291).

لست حبلى، وليست آيسة، فإنه يقع على الصحيح؛ لحديث ابن عمر بأن أمره أن يطلّقها قبل أن يمسّها.

س: يسأل المستمع ويقول: هل طلاق المرأة الحائض يقع؟ وهل هو بدعة؟ (¬1) ج: نعم طلاق الحائض بدعة، ولا يقع إذا اعترف به الزوجان، إذا كان يعلم حين طلّقها أنها حائض، لا يقع على الصحيح؛ لأنّه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، من حديث ابن عمر أنه أنكر عليه لمّا طلّق، وأمره أن يعيدها، ثم إذا طهرت أمسكها أو طلقها، إذا طهرت، حتى تحيض حيضة أخرى، وخيّره بين أن يطلق أو يمسك، الحاصل أن تطليق الحائض لا يجوز، والصحيح أنه لا يقع أيضًا، هذا هو الصحيح، خلافًا للجمهور، يعني لا بُدَّ أن يكون يعرفه الزوج، أمّا إذا كان طلقها وهو لا يدري أنها حائض، فيقع الطلاق، ولو قالت: إنها حائض، ما يقبل قولها وحدها، لا بد أن يعلم هو أنها حائض، حين الطلاق، يعني يعلم بذلك قبل أن يطلّق، أما كونه يعلم من بعد أن طلق من قولها لا يكفي، إذا طلقها وهو يعلم أنها حائض، فقد أثم، والطلاق لا يقع. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (392).

س: السائلة أم عبد الرحمن تقول: أنا امرأة متزوجة، وذات مرة حصلت مشاجرة بيني وبين زوجي، وتدخّل والده وأخذ يضربه، وقال: وهو في تلك الحالة: أنت طالق ثلاثًا، ورددها ووقت وقوع الطلاق كنت حائضًا، وبعد ذلك عملت أن الطلاق لا يقع إذا كانت الزوجة حائضًا، وبعد مضي سنة من هذا جاء مرة إلى البيت، وهو سكران فتشاجرت معه، وقد كان يبدو على وجهه الغضب، فقال: أنت طالق وردّدها مرتين. وبعد أن أفاق أحسّ بالندم والحسرة، فذهبنا إلى أحد القضاة، وقال: إن طلاق السكران لا يقع، وبعد مضي سنتين من هذه، حصل أيضًا شجار، وتدخل أهلي في الموضوع، وقلت له: إني لا أريدك، ولكن أريد طلاقي منك، فخرجنا ولم يتلفظ بطلاق، ووقتها كان في كامل وعيه، وبعد مضي نصف شهر بعث بورقة مكتوب فيها طلاق السنة فقط، ولم يحدد، ومضى على ذلك شهور، وكنت وقتها حاملاً، وبقيت بعيدًا عن بيته، حتى وضعت حملي، وبعد مرور سنة طلب الرجوع إليه، وأعلن توبته واستقامته، فهل يصح لي الرجوع إليه بعد هذا كله، فأنا راغبة في العودة إليه، حفاظًا على نفسي وعلى طفلتي من الضياع، علمًا أن والدي يرفض العودة إليه، ومع ذلك لا يساعدني في الإنفاق على

نفسي، وعلى ابنتي، فأنا بنفسي أنفق من مالي، حيث السكن في بيت بمفردي. أفيدوني بارك الله فيكم؟ (¬1) ج: نرى أن تحضري معه لدى الحاكم الشرعي لديكم؛ لينظر في هذه المسائل، حتى ينظر في الموضوع، وإذا تاب توبة صادقة واستقام، فلا مانع من الرجوع إليه، وإن أبى والدك الرجوع إليه، فالقاضي يحكم بما يرى في هذا، ويكون الوالد عاضلاً، ويمكن أن يزوجك أحد إخوتك، إذا كان لك إخوة من أبيك، إذا رأى القاضي ذلك، أو يحضره القاضي، وينصحه، ويشير عليه، حتى يزوّجك والدك، المقصود أن هذا الطلاق الأخير يعتبر طلقة واحدة، طلاق السنة يعتبر طلقة واحدة، لا تمنع من رجوعك إليه بعقد جديد، أمّا الطلاق الأول في حال الحيض، والطلاق الثاني في حال السكر، إذا كان ليس معه عقله، لا يقعان على الصحيح من أقوال العلماء؛ لأن الصحيح من أقوال العلماء: أن السكران الذي زال عقله، لا يقع طلاقه في حال السكر، وزوال العقل، كالمجنون، والمعتوه، وكذلك في حال الحيض والنفاس، لا يقع على الصحيح؛ لما ثبت في الصحيح من حديث ابن ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (48).

عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبره عمر، أنّ ابن عمر طلّق امرأته وهي حائض، أمره أن يردها ثم يمسكها، حتى تحيض، ثم تطهر، وبعد ذلك يطلقها إذا شاء، أو يمسكها، وقال عله الصلاة والسلام: «تلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء» (¬1) يعني في قوله سبحانه: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، فالحاصل: أن الطلقة الأولى والثانية إذا كان الأمر على ما قلت لا تقعان، والطلقة الأخيرة: طلاق السنة تقع واحدة، وله الرجوع إليك بعقد جديد، بعد وضع الحمل، إذا كان لم يراجع مدة الحمل، فله الرجوع إليك بعقد جديد، وعلى والدك أن يزوجه عليك، إذا كان صالحًا، إذا كان مسلمًا يصلي، أمّا إذا كان لا يصلي، فلا يزوّج، ولا كرامة، لكن إذا كان مسلمًا بعيدًا عن المكفّرات، عن أسباب الكفر، فالوالد يزوجك إياه؛ لرغبتك ولوجود طفلة معك، فإذا أبى والدك من دون علة، ترفعين الأمر للحاكم، والحاكم ينظر في الأمر، يعني القاضي، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

س: تشاجرت أنا وزوجتي قبل مدة، فقلت لها: طالق؛ لأجل أن تسكت، فقالت كلمة ثانية، وكنت غاضبًا جدًّا من كلامها، فقلت لها مرة أخرى: طالق، ومكثت مدة لا أتكلم معها، أما اليوم فإني أتكلم معها في أغراض البيت، أو إذا لزم شيء للأولاد، ولا يوجد شيء غير هذا، فما الحكم في هذا أفيدونا ولكم الشكر؟ (¬1) ج: الله جلّ وعلا شرع لعباده الطلاق؛ ليتخلص كل واحد من الزوجين من صاحبه، إذا لم تستقم الحال، ولم يحصل ما يقيم العلاقة على الوجه المرضي، وجعله سبحانه ثلاثًا؛ ليراجع بعد الأولى، وبعد الثانية، وليس له الرجعة بعد الثالثة، وحرم إيقاعه بالثلاث جميعًا، بل يكون واحدة بعد واحدة، كما قال جل وعلا: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}، فإذا طلقها طلقة واحدة، فله مراجعتها ما دَامت في العدة، ثم إذا راجعها، بقيت على حالها زوجة شرعية، كحالها الأولى، فإن طلقها الثانية، فله مراجعتها أيضًا، من دون عقد نكاح، كما الطلقة الأولى، فأنت أيها السائل طلقتها طلقتين، فلك المراجعة، ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (47).

ما دامت في العدة، ما دامت لم تحض ثلاث حيضات، بعد الطلقة الأولى، ولا تزال زوجة لك، حتى تطلقها الطلقة الثالثة، هذا إذا كان الغضب خفيفًا، أما إذا كان الغضب شديدًا، حصل بينكما تنازع شديد، وكلمات جارحة، منها شديدة، حتى اشتد غضبك، ولم تملك نفسك للإمساك عن الطلاق، فهذا الطلاق حينئذ عند الغضب الشديد، لا يقع على الصحيح، من أقوال العلماء، والغضب ثلاثة أحوال، الناس في الغضب لهم ثلاثة أحوال: إحداها أن يشتد الغضب حتى يفقد الشعور، ويكون كالمجنون والمعتوه، فهذا لا يقع طلاقه عند جميع أهل العلم؛ لأنه بمثابة المجنون والمعتوه، زائل العقل، هذا لا يقع طلاقه، إذا زال عقله من شدة الغضب، ولم يملك نفسه، ولم يضبط ما يقول، ولم يحفظ ما يقول، الحال الثاني: أن يشتد معه الغضب، ولكنه يفهم ما يقول ويعقل، إلاّ أن الغضب اشتد معه كثيرًا، ولم يستطع أن يملك نفسه، بطول النزاع أو المسابّة والمشاتمة، أو المضاربة، فاشتد غضبه لأجل ذلك، فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، والأرجح أنه لا يقع أيضًا، فإن كان غضبه من هذا القبيل، فالطلاق غير واقع، وإن كان غضب من الحال الثالثة، وهي غضب خفيف، الذي يحصل من التكدر من الزوج،

وكراهة لما وقع من المرأة، ولكنه لم يشتدّ معه شدة كبيرة، تمنعه من التعقّل وضبط نفسه، بل هو غضب عادي خفيف، فهذا يقع معه الطلاق عند جميع أهل العلم، لكن إذا كانت المرأة في حال حيض عند الطلاق، أو في حال نفاس، أو في حال طهر، قد جامعها فيه، فجمهور أهل العلم يرون وقوع الطلاق، مع الإثم؛ لأن الطلاق يجب أن يكون في طهر لم تجامعها فيه، أو في حال حمل، هذا هو الطلاق الشرعي، أن تكون المرأة حاملاً، أو في طهر لم تجامعها فيه، فإن كانت في طهر جامعتها فيه، أو في حال حيض أو نفاس، فقد اختلف العلماء في ذلك، فجمهور أهل العلم يرون أنه يقع الطلاق مع الإثم، والقول الثاني أنه لا يقع؛ لأنه طلاق غير شرعي، ولم يصادف الحال التي شرع الله فيها الطلاق، فلم يقع وهذا القول هو الأرجح من حيث الدليل؛ لما ثبت في الصحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، «أنه طلّق امرأته وهي حائض، فأنكر عليه النبي عليه الصلاة والسلام ذلك، وأمره بالمراجعة، وأن يمسكها، حتى تطهر من حيضها، التي هي فيه، ثم تحيض، ثم تطهر بعد ذلك، ثم إن شاء طلّق، وإن شاء أمسك» (¬1)، فهذا ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

ظاهر بأن طلاقه لم يقع، كما قال جمع من أهل العلم؛ لكون الرسول أمره بالمراجعة، ثم بالإمساك حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم قال: «فإن شئت فأمسكها، وإن شئت فطلقها، قبل أن تمسَّها، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلَّق لها النساء» (¬1) يعني في قوله سبحانه: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، فهذا يدل على أن الطلاق في طهر جامعها فيه، أو في حيض أو نفاس، طلاق غير شرعي، وطلاق في العدة التي لم يأمر الله بالطلاق فيها، وهذا هو المختار، وإن كان خلاف قول الجمهور، فأنت أعلم بنفسك، وما جرى عليك حين الطلاق، فإن كان الغضب اشتد معك، شدة واضحة قوية؛ لقوة النزاع بينكما، وسوء الكلام الذي صدر منها، حتى لم تملك نفسك، أو كانت في طهر جامعتها فيه، أو حيض، فالطلاق غير واقع، أما إن كانت في حال حمل أو في حال طهر لم تجامعها فيه، كان الغضب ليس بشديد، كان غضبًا عاديًّا فإن الطلاق واقع، قد مضى عليها طلقتان، ولك مراجعتها، ما دامت في العدة، فإذا طلقتها بعد هذا مرة ثالثة، حرمت عليك، حتى تنكح زوجًا غيرك، ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

والواجب على المؤمن أن يتقي الله في كل شيء، وأن ينظر في الأمر، إذا أراد الطلاق، لا يعجل في الطلاق، ينظر فإن كانت الزوجة مستقيمة الحال، فلا وجه للطلاق، ولا ينبغي الطلاق، وهكذا إذا أمكن التعديل، وأمكن العلاج، فلا تنبغي العجلة في الطلاق، ثم إذا عزم على الطلاق، فلينظر هل هي في طهرٍ، لم يجامعها فيه، وهل هي حامل، فلا بأس بالطلاق إذا كانت في طهرٍ لم يجامعها فيه، أو في حال حمل، أما إن كانت في طهرٍ جامعها فيه، أو في حال حيض أو نفاس، فلا يجوز الطلاق، فالواجب على المؤمن أن ينظر في هذه الأمور، ولا يعجل، في طلاقه لأهله، بل ينظر ويتأمل، وينظر في العواقب، ولا يعجل، ثم ينظر في حال المرأة، هل هي حبلى، أو في طهرٍ لم يجامعها فيه، حتى يطلق على بصيرة وحتى يكون طلاقه طلاقًا شرعيًّا، موافقًا لما جاء به النص.

س: يقول السائل: في إحدى مشاجراته مع زوجته، قال لها: اعتبري نفسك مطلقة، أو طالقة، هل هذا طلاق، وما حكمه إذا كان طلاقا، وهل له كفارة؟ (¬1) ج: يعتبر طلاقًا وليس له كفارة إن كانت ثالثة تمت الثلاث وبانت ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (236).

منه، وحرمت عليه حتى تنكح زوجًا غيره، أمَّا هذه الأولى، أو الثانية فله المراجعة ما دامت في العدة؛ لقوله سبحانه: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ}، الآية، لكن متى كانت هذه الطلقة هي الثالثة، حرمت عليه حتى تنكح زوجًا غيره؛ لقوله سبحانه: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}، إلا أن يمنع مانع، من كون الطلاق وقع في حيض، أو نفاس، أو طهر جامعها فيه، فإن الصحيح أنه لا يقع؛ لحديث ابن عمر في الصحيحين: «أنه طلق امرأته وهي حائض فأمره النبي بمراجعتها، وقال له: إذا طهرت، فطلق، أو أمسك» (¬1) والمقصود: أن الطلاق الأصل فيه الوقوع إلا إذا كان هناك مانع، كأن يطلقها في حال حيضها، أو في نفاسها، وهو يعلم ذلك، أو في طهر جامعها فيه، وليست حاملاً، ولا آيسة، فهذا لا يقع على الصحيح، إلا إذا حكم به حاكم، وقع؛ لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف، والواجب على المسلم ألاّ يطلق إلا على بصيرة، في طهر، لم يجامع فيه، أو في حال الحمل، حتى لا يقع في ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

خلاف الشرع، يتثبت في الأمر، إذا أراد الطلاق يتثبت في الأمر، ولا يعجل، إلا إذا كانت في طهر لم يجامعها فيه، أو في حال حمل، يطلقها طلقة واحدة، لا يزيد عن طلقة السنة طلقة واحدة فقط، حتى يراجعها، إذا أراد، إلا أن تكون الثالثة، فالثالثة ليس بعدها رجعة، كما تقدم، وإذا علم أنها حائض، أو في نفاس، لا يطلق، يمسك حتى تطهر، أو كان في طهر جامعها فيه يمسك، حتى تحيض، ثم تطهر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ابن عمر بهذا، لما أخبر أنه طلقها، وهي حائض، غضب عليه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه عمر: «مره أن يراجعها، ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء طلق قبل أن يمس» (¬1) فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق عليها النساء، أن تكون في طهر ليس فيه جماع، أو في حال الحمل، هذا هو الطلاق الشرعي، فالأحوال خمسة: حال الحيض، أو نفاس، أو طهر جامعها فيه وليست حاملاً ولا آيسة، هذه الثلاث لا يطلق فيها، لا يجوز له الطلاق فيها، الحالة الرابعة: أن يكون في طهر لم يجامعها فيه، وليست حاملاً، فهذا ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

إذا طلقها فيه لا بأس، طلاق شرعيّ، الحالة الخامسة: أن تكون حاملاً فلا بأس أن يطلق في حال الحمل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر: «طلقها طاهرًا أو حاملاً» (¬1) لكن لا يطلق أكثر من واحدة، السنة واحدة فقط، حتى إذا أراد المراجعة، راجع، ثم إذا أراد أن يطلقها مرة أخرى، يطلقها واحدة فقط، لا يزيد، حتى لا يضيق على نفسه، ثم إذا شاء يراجع، أو لم يراجع بعد الثانية، ثم تأتي الثالثة هي النهاية، الواجب على المؤمن أن يتدبر هذا الأمر، وأن يكون على عناية بالشرع، ولا يتساهل، بل يطلق كما أمره الله، ويراجع كما أمره الله، ويتباعد عما حرمه الله في الطلاق، وفي غيره، هكذا المسلم ينظر فيما أوجبه الله عليه، وفيما حرمه الله عليه، وفيما أباح الله له، فيستقيم على الطريق السوي في فعله وتركه، وفي قوله وعمله؛ لأنه عبد مأمور، عليه أن يتبع شرع الله في ذلك. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

حكم طلاق الهازل

11 - حكم طلاق الهازل س: السائل من الرياض يقول: رجل ذهب إلى زملائه، فسألوه عن

أهله، فقال لهم: طلقتها، أي يعني الزوجة، زوجة هذا الرجل، وذلك مزاحًا معهم، هل يعتبر هذا طلاقًا؟ (¬1) ج: نعم، يعتبر طلقة واحدة، يحسب عليه طلقة واحدة، ويؤخذ بإقراره، والطلاق جدّه جد، وهزله جدّ، وليس له أن يلعب بذلك، فالمقصود أنه متى أقر بهذا، يحسب عليه طلقة واحدة، إذا قال: إني طلقتها، تحسب طلقة واحدة. ¬

(¬1) السؤال التاسع والثلاثون من الشريط رقم (427).

س: سؤال من المستمع أ. أ. غ: من ينبع البحر، يقول بأنه متزوج من امرأة، وقد أنجبت له سبعة أولاد ذكور وإناث، وقد سافر عنها وتركها في بلده، وبعد مدة، علم بأمر حصل منها، أغضبه منها فطلقها طلقتين بينه وبين نفسه، ولم يخبر أحدًا بذلك، فهل يقع مثل هذا الطلاق؟ (¬1) ج: نعم ما دام تكلم به، يقع ما دام نطق به، يقع، ويبقى له واحدة، يبقى لها طلقة، ووقعت عليها طلقتان. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (54).

حكم كتابة الطلاق على ورقة

12 - حكم كتابة الطلاق على ورقة س: أنا رجل متزوج من امرأة عاصية لأوامري، فلا تطيعني في شيء ودائمًا تخرج من البيت بغير إذني، إلى جانب ارتكابها بعض الأعمال التي أثارت غضبي، مما جعلني أفكر في طلاقها، وفعلاً كتبت ورقة، طلقتها فيها طلقتين، سميتها باسمها، واسم أبيها، وكنت آنذاك بمفردي، وليس عندي أحد، ولكني بعد ذلك مزقت الورقة، ولم يعلم أحد بما حصل، ولا هي، وكان ذلك قبل حوالي خمسة أشهر فهل يقع طلاق بهذا أم لا؟ (¬1) ج: نعم يقع عليها طلقتان، إذا كنت طلقتها كتابةً أو لفظًا، ولو ما علمت، ولو لم تشهد، فإنه يقع الطلاق، لكن يبقى لك واحدة، إذا كنت لم تطلقها قبل ذلك، يبقى لك واحدة، فلك مراجعتها، ولك العقد الجديد عليها، إن كانت خرجت من العدّة، المقصود أنه بقيت واحدة، إذا كنت ما طلقتها، أيّها السائل، قبل هذا الطلاق المكتوب، والغالب أنها خرجت من العدة بالحيض، وبالأشهر، إلا إذا كانت حبلى، ولم تضع، فهي في العدة، لكن إذا وطئها على نيّة الرجعة، صارت راجعة ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (56).

بالوطء الذي حصل منه، قبل أن تخرج من العدة، لو كانت لمّا رجعتْ إلى البيت، وطئها بعد الطلقتين، ونوى مراجعتها تعتبر رجعة، إذا كان هذا قبل مرور ثلاث حيض عليها، والطلاق إذا كانت في طهرٍ جامعها فيه، أو في حيض، لا يقع، على الصحيح، وهو قول جمع من أهل العلم، خلاف رأي الجمهور.

حكم الطلاق عن طريق شريط التسجيل

13 - حكم الطلاق عن طريق شريط التسجيل س: رجل متزوج وهو في بلد آخر، غير البلد التي فيها زوجته، ولأمر ما حدث، أراد أن يطلّق زوجته، فبعث إليها شريطًا مُسجلاًّ عليه كلمة: أنت طالق من يوم وصول هذا الشريط إليكِ، وبعد مضي ستة أشهر رجع إلى بلده، فوجد زوجته أمامه في بيته تنتظر عودته، ولم تصدق بطلاقه المسجل على الشريط، وهو بعد ذلك، يريد استرجاعها في الحل، بعد مضي ستة أشهر على إرسال الشريط؟ (¬1) ج: ما دام الشريط وصل إليها، فإنه يقع عليها طلقة بذلك، ولا ينفعها اعتقادها عدم صحة ذلك، فإنه يقع بها طلقة، فإن صادفها في العدة حينما وصل، ولم يمض عليها ثلاث حيض، يراجعها من دون ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (56).

حاجة إلى عقد جديد، فإن كان قد مضى عليها ثلاث حيض، وهو الغالب، فإن ستة أشهر يكون فيها عدة حيض أكثر من ثلاث في الغالب، فإن كانت قد مرَّ عليها ثلاث حيض، بعد أن وصل إليها الشريط، فإنها لا تحلّ له إلاّ بعقد جديد، برضاها، ومراعاة بقية الشروط، وليس له قربانها، إذا وصل إليها في بيته، حتى يتم العقد، إذا كانت قد حاضت ثلاث مرات، بعد وصول الشريط إليها؛ لكونها بمرور ثلاث حيضات بانت منه بينونة صغرى، تملك بها نفسها، لكن إذا راجعها بالعقد الجديد لا بأس، هذا إذا كانت تحيض، أما لو كانت كبيرة، أو صغيرة لا تحيض، أو امتنع عنها الحيض لأسباب، فالعبرة بمرور ثلاثة أشهر، إذا مرَّ عليها ثلاثة أشهر، وقد مرت بالستة أشهر، تكون قد بانت منه، البينونة الصغرى، إذا كانت الطلقة واحدة فقط، ما قبلها طلقتان، فإنها بهذا تكون قد بانت منه بينونة صغرى، لا تحلّ له إلا بعقدٍ جديد، هذا هو الحكم الشرعي، إلا أن تكون حبلى، فتكون في العدة إلى أن تضع حملها، إذا كانت الطلقة واحدة، ولم يسبقها طلقتان.

حكم الطلاق عن طريق رسالة

14 - حكم الطلاق عن طريق رسالة س: سؤال من ر. أ. يقول: إنني شاب تزوجت امرأة، على غير

رغبتي، وأنجبت منها، ووقع خلاف بيني وبينها، وسافرت إلى الخارج، وأريد أن أطلقها، فهل يجوز الطلاق برسالة إلى أهلها، أو في شريط كاسيت، مع العلم أنها قد أخذت جميع حقوقها؟ (¬1) ج: الطلاق إذا دعت إليه الحاجة مباح، لا بأس فيه، إذا رأى الإنسان مصلحة في طلاق زوجته، فلا حرج عليه، ويطلق طلقة واحدة فقط، هذه السنة، طلقة واحدة حال كونها حاملاً، أو في طهر لم يقع فيه جماع ممن تحيض، ليست آيسة، ولا حاملاً، فإن السنة أن يطلّقها في حالتين، إما في حال الحمل، وإما في حال طهر ليس فيه جماع، إذا كانت شابة ليست آيسة، وإذا كانت آيسة أو حاملاً، فيطلقها متى شاء، طلقة واحدة، أما إذا كان عنده تردد، فلا يعجل، أو كانت طيّبة لا يعجل، أما إذا طابت نفسه، ورأى أن البقاء معها يضرّه ويضرّها، فالسنة له الطّلاق طلقة واحدة، سواء برسالة كتبها إليها بخط يده، ويشهد على ذلك شاهدين، أو عند المحكمة، أو عند من يعتبر خطه من المشايخ، حتى يعتمدوا عليه، إذا رفعوا الأمر إلى المأذون، أو المحكمة، والمقصود أن عليه أن يثبت الطلاق إثباتًا لا شبهة فيه، عند المحكمة، أو عند ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (331).

المأذون، أو عند أحد العلماء المعتبرين، وهو أولى من كتابته؛ لأنه قد يشتبه خطّه على الناس، لكن يثبته عند المحكمة، أو عند من هو معروف القلم، المعتمد في الكتابة، من المشايخ، والواجب أن يكتب الطلاق، ويشهد عليه، أو يثبته عند الحاكم، والحاكم يكفي من دون كتابة، أو الشيخ المعروف.

س: أرسلت رسالة إلى أخي، بأن الزوجة طالق ولم يُعرّفها أخي بأنها طالق بعد مكاتبة بيني وبينه دامت عشرة شهور، وبعد، ذلك أصر أخي على أن أراجعها، وبعد كل هذه المدة وهي معه بالمنزل، ولم تعرف، بادرت برسالة فيها موافقتي على رجوعها، فقال لزوجتي: كنت طالقًا والحمد لله على رجعتك إلى زوجك، أرجو إفتائي جزاكم الله خيرا إذ إن بعض الناس يقولون: إن هذا ليس بطلاق، وأنا الآن أريد أن أستفسر؛ لأعيش حياة صحيحة، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إذا كان الطلاق طلقة واحدة ما قبلها طلقتان، فإنه يقع عليها طلقة واحدة، ولك مراجعتها، ما دامت في العدة، فإن كانت قد خرجت من العدة قبل أن تراجعها، فلا بد من عقد جديد، وملاك جديد، والمدة ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (250).

طويلة التي ذكرت، الظاهر أنها خرجت من العدة؛ لأن العدة بثلاث حيض، فمراجعتها بعد عشرة أشهر، يبعد مصادفتها للعدة؛ لأن الغالب أن المرأة ترى الحيض في كل شهر، فتكون قد خرجت من العدة بعد ثلاثة أشهر، وتكون الرجعة ليست في محلها، وعليك أن تجدد عقدًا جديدًا بينك وبينها، إذا كانت ترغب فيك، وفي إمكانك أن تتصل بمفتي البلاد، وتشرح له القضية أنت والمرأة ووليها، حتى يجرى ما يلزم في حقكما، إذ لا بد من التفصيل وسؤالها عن متى انتهت عدتها، ومتى صار منك الرجعة، فالمسألة تحتاج إلى عناية من المفتي لديكم، أو المحكمة، ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

س: يقول أيضًا -ويبدو أنه يعني نفس الزوجة-: أمرت زوجتي بأن تصلي، وكل هذا بدون فائدة ماذا أعمل؟ رغم أنها متعلمة جيدًا المرجو الإفادة جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: الواجب أمرها بالصلاة وتأديبها على ذلك ولو بالضرب المناسب؛ لأن ترك الصلاة جريمة عظيمة، بل كفر في أصح قولي ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (250).

العلماء، فالواجب عليك أن تأمرها بالصلاة وأن تؤدبها على ذلك فإن أصرت وجب طلاقها على الصحيح، بطلقة واحدة تمنع تعلقك بها، تعطى بها وثيقة، حتى تتمكن من الزواج بعد ذلك، المقصود أنه إذا كانت ممتنعة من الصلاة، فالصحيح أنه ليس لك أن تبقيها في عصمتك، بل يجب أن تفارقها في أصح قولي العلماء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» (¬1) وسوف يعطيك ربك خيرًا منها، ربنا يقول سبحانه {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}، فأنت بحمد الله على خير؛ من أجل غيرتك لله وكراهتك لعملها، وعليك بأن تكمل ذلك بإعطائها الطلاق، حتى لا تبقى لك علاقة بها، طلقة واحدة فقط، حسمًا لمادة التعلق بها، وخروجًا من الخلاف من كلام من قال من العلماء: إن تركها الصلاة لا يوجب كفرها، فالطلقة يحصل بها راحتك منها، ويحصل بها حسم مادة ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه، (22428).

الخلاف، ويحصل بها وثيقة لها تعتمد عليها في التزوج بغيرك، ونسأل الله أن يهديها، ويردها للصواب، وأن يعطيك خيرًا منها إن لم تهتد.

س: إذا أرسلت لزوجتي خطابًا أبلغتها فيه طلاقها، هل يكون الطلاق صحيحًا؟ (¬1) ج: ينبغي لك أن تثبته عند المحكمة، أو كاتب العدل، أو مأذون شرعي، يصدق عليه من جهة المحكمة، حتى يعتبر ويعتمد عليه هناك. ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (173).

س: نويت طلاق زوجتي، ولم أطلقها، وأرسلت إلى أهلي في مصر، وقلت لهم: إنها تعتبر مطلقة، هل صحيح تعتبر مطلقة، أم عليَّ كفارة؛ لأنني ذهبت إلى قاضي المحكمة الشرعية، ولم يفدني، وقال: اسأل المفتي، ولم أجد مفتيا، أرجو توجيهي جزاكم الله خيرًا؛ لأنني قد حرّمتها مرتين قبل العقد، بسبب خلاف، فما رأيكم؟ (¬1) ج: إذا كنت كتبت لأهلك أنها تعتبر مطلقة، فهي مطلقة، ويعتبر هذا طلقة واحدة، ولك مراجعتها في العدة، إذا كنت لم تطلقها قبل هذا، مرتين، المقصود أن هذا الكلام يعتبر طلاقًا، بقولك: تعتبر مطلقة، ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (198).

حين كتبت لأهلك، هذا يعتبر طلاقًا، وعليها العدة، فإذا راجعتها في العدة، قبل أن تحيض ثلاث حيض، إن كانت غير حامل، أو قبل أن تضع حملها، إن كانت حاملاً، فإنّها إذا لم تراجعها تكون بانت منك، أمَّا إن راجعتها في العدة، قبل أن تحيض، ثلاث حيض أو قبل أن تضع حملها، إن كانت حاملاً، فإنّها تكون زوجة لك، إذا ثبت ذلك بشاهدين عدلين، أنك راجعتها، وهي في العدة، أمّا إن خرجت من العدة، قبل أن تراجعها، فلا بأس أن تتزوجها بعقد جديد، ومهرٍ جديد، إذا رضيت بذلك، ووافقت على ذلك، ووافق أولياؤها، المقصود أنها بهذا الطلاق تكون مطلقة طلقة واحدة، ولك مراجعتها في العدة، قبل أن تخرج من العدة، فإن خرجتْ فليس لك العود إليها، إلاّ بنكاح جديد، بشروطه المعتبرة شرعًا، أمَّا التحريم، إذا قلت: إنها عليك حرام، أو كظهر أمك، فهذا فيه كفارة الظهار، إن كان بعد العقد، أمَّا إن كان قبل العقد، فلا حرمة له، ولا أثر له، إنما عليك كفارة الظّهار بعد العقد، إذا قلت لها بعد أن تزوجتها: أنتِ علي حرام، أو كظهر أمي، أو كظهر أختي، أو جدتي، أو ما أشبه ذلك، فإنها تحرم عليك، حتى تكفّر كفّارة الظهار، المذكورة في سورة (قد سمع الله)، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن

عجزت فصم شهرين متتابعين، فإن عجزت تطعم ستين مسكينا، ثلاثين صاعًا يعني تسعين كيلو، كل مسكين له كيلو ونصف، من قوت البلد من تمرٍ أو حنطة، أو أرز قبل أن تقربها، قبل أن تمسّها، أمَّا إن كان هذا كما قلت قبل العقد، قبل أن تتزوجها، فليس عليك كفارة ظهار، ولكن عليك كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة عن تحريمك لها، قبل أن تعقد عليها؛ لأن الإنسان إذا حرّم شيئًا أباحه الله، يكون عليه كفارة يمين، فإذا قال مثلاً: هذا الطعام عليَّ حرام، أو هذا الكلام عليَّ حرام، أو دخول بيت فلان عليَّ حرام، أو طعامه عليَّ حرام، يكون عليه كفارة يمين؛ لقول الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}، فالتحلة هي كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من التمر أو الأرز أو غيرهما، من قوت البلد، ومقداره كيلو ونصف تقريبًا، أو كسوتهم يكسو كل واحد قميصًا أو إزارًا ورداء، أو تحرير رقبة يعني عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز صام ثلاثة أيام، هذه كفارة اليمين، وإذا كنت حرّمتها قبل العقد قبل

الزواج، فعليك كفارة يمين كما ذكرنا.

حكم من حدث نفسه بالطلاق ولم يتلفظ به

15 - حكم من حدث نفسه بالطلاق ولم يتلفظ به س: من الدمام هذه رسالة بعث بها مستمع رمز لاسمه بالحروف (ع. ع) يقول: نويت بقلبي ترك شيء، وألا أفعل هذا الشيء، وإلاّ، زوجتي طالق، قلت هذا في قلبي، ثم فعلت هذا الشيء، بعد هذه النية، فهل علي كفارة، وماذا يكون؟ وجهوني جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: ما يتعلق بأمر القلب لا يترتب عليه حكم، ولا تطلق المرأة بذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدّثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم» (¬2) فإذا كان نية فقط، فإنه لا يقع منه طلاق، الطلاق يقع بالألفاظ، التي تصدر منك بنية الطلاق، أو بألفاظ الطلاق، كأن تقول: زوجتي فلانة طالق، أو هي طالق، أو مطلقة، باللفظ، لا بالنية أو إذا فعلت كذا، إذا خرجت من البيت ناويًا الطلاق، فإنها تطلق، وليس قصدك المنع فقط، إنما تقصد الطلاق، ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (6). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الطلاق، باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون، برقم (5269).

ويقع الطلاق عليها، فإنه يقع، هكذا إذا قلت: إذا كلمت فلانًا إذا لم تسمع كذا قصدك الطلاق فيقع الطلاق.

حكم من نوى الطلاق ولم يطلق

16 - حكم من نوى الطلاق ولم يطلق س: يقول السائل: ع. ع. أنا كنت في إحدى الدول الشقيقة، ونويت أن أطلق زوجتي، بدون أي سبب، وفي نيّتي أن أتزوج امرأة ثانية، وبعد ما رجعت إلى البلد لم أطلقها، هل صارت زوجتي طالقًا بالنيّة، أم لا. جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: النية لا يقع بها الطلاق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدّثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تكلم» (¬2)، فالنيّة لا يقع بها الطلاق، ولا العتق، ولا الأحكام الأخرى، من جهة العقود، فلا بد من لفظ، وهذا من رحمة الله وتيسيره جل وعلا، فإن بعض القلوب يقع لها خطرات ووساوس، ونيّات، فلا تؤاخذ بهذه الخطرات، والنيات، في طلاقها، وعقودها، وعتقها ونحو ذلك، ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (262). (¬2) صحيح البخاري الطلاق (5269)، صحيح مسلم الإيمان (127)، سنن الترمذي الطلاق (1183)، سنن النسائي الطلاق (3433)، سنن أبو داود الطلاق (2209)، سنن ابن ماجه الطلاق (2040)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 491).

حتى يتكلّم أو يعمل، كأن يكتب الطلاق أو يكتب العتق.

س: يقول السائل: حصل أن قلت بيني وبين نفسي، بأن زوجتي طالق، ولكن لم أكن متأكدًا هل هي على طهر أم حائض، ولم أشهد على طلاقها، وهي تعتبر بالنسبة لها الثالثة، يعني الطلقة الثالثة إذا تمت هذه، وأيضًا لم أخبرها في وقت الطلاق، أنها طالق بل كان بيني وبين نفسي، أفتونا مأجورين؟ (¬1) ج: إن كنت تكلّمت بهذا، وقعت الطلقة، وصارت هي الثالثة والإشهاد ليس بشرط لوقوع الطلاق، إنّما هو شرط في فعل السنّة والأخذ بالسنة، فإذا كنت تكلّمت بهذا بينك وبين نفسك، فإنها تقع الطلقة الثالثة، وتحرم عليك حتى تنكج زوجًا غيرك، لأنك قد طلقتها طلقتين سابقتين، حسب ما ذكرت في سؤالك، أمَّا إن كان هذا وقع في نفسك، من باب الخواطر، ومن باب العزم والنية، وليس لفظًا، فهذا لا يقع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز عن أمتي ما حدّثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تكلم» (¬2) فإذا كنت ما تكلمت، ولكن ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (119). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الطلاق، باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون، برقم (5269).

نويت أن تطلق، وعزمت أن تطلق، وحدّثْت نفسك من دون كلام بلسانك، فإنه لا يقع، أمّا إن كنت تكلّمت باللسان، قلت أنْتِ طالق، وزوجتي طالق، فإنها تقع الطلقة وتحتسب عليك ثالثة.

س: كنت جالسًا مع أحد أصدقائي نمزح، وقال لي أحدهم: الذي يطلّق زوجته ماذا يقول: فقلت: يقول: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، فقالوا: أنت الآن طلقت زوجتك، فوضعوا في نفسي الشكّ، ولا سيما وقد أخبروا زوجتي بما قلت، أفيدوني لو تكرمتم؟ (¬1) ج: إذا كان مقصودك بيان كيف يعمل المطلق، فليس عليك شيء، ولا يعتبر منك طلاق، إذا كان المقصود من هذا الكلام، أنك تبين لهم كيف يطلّق من أراد الطلاق، هذا ليس عليك منه شيء ولكنك غلطت في تكرار الطلاق، في هذا التعليم، يكفي مرة واحدة، يقول: أنت طالق ويكتفي بهذا، ولا يكرر، هذا المشروع، ولا يجوز تكراره ثلاثًا؛ لأن هذا سدًّا للباب، فمن تيسير الله جل وعلا أن جعل الطلاق مرتبًا، واحدة، ثم ثنتين، ثم ثلاثًا، حتى لا يضيق الأمر على الزوج، فقد يطلقها واحدة، ثم يحب أن يرجع، فيكون له مجال في الرجوع، ويطلقها ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (58).

ثنتين، ويحب أن يرجع، فيكون له مجال في الرجوع، فإذا طلقها الأخيرة انتهى، ولا تحلّ له، حتى تنكح زوجًا غيره، فأنت علمته الطلاق، الذي يحرمها عليه، فليس الأمر كما قلت، ولكن السنة، أن يطلق واحدة، تكون السّنة للرجل في إيقاع الطلاق، أنت مطلّقة، أو أنت طالق، أو فلانة طالق، هذا هو المشروع، مرة واحدة فقط، وبكل حال، فأنت ليس عليك شيء ما دمت أردت بذلك البيان، وإن غلطت في البيان، فليس على زوجتك شيء، والزوجة باقية في عصمتك، ولو بلغها الخبر، إذا كان الواقع كما قلت، إذا كنت لم تكذب في الكلام، فليس عليك شيء، وليس على زوجتك شيء، والحمد لله، لكن عليك أن تتأدّب، فلا تفتي بشيء وأنت على غير علم، إذا سئلت عن شيء، لا تقل إلاّ ما تعلم، بالدليل من كلام الله، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، أو بما سمعت عن أهل العلم، تقول: سمعت العالم الفلانيّ، يقول: كذا وكذا، وتنقل عن العالم الفلاني ما ضبطْتَ وحفِظْتَ أنه قال: كذا وكذا، في الصلاة، في الصيام، في الحج، في الزكاة، في غير ذلك، وأمّا أن تقول شيئًا، وأنت جاهل، فلا يجوز ذلك؛ لأنّ الله يقول سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}،

المسلم لا يقول على الله بغير علم، وقال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}، فبيّن سبحانه أن الشيطان يأمرنا بالفحشاء والمنكر، والقول على الله بغير علم، فليس لنا أن نطيع الشيطان، بل يجب أن نحاربه، وألاّ نقول إلا بعلم، وإلا فعلينا الإمساك، والكف عن ذلك، حتى نتعلم، وحتى نسأل أهل العلم، والله ولي التوفيق.

باب أحكام الكنايات في الطلاق

باب أحكام الكنايات في الطلاق 17 - حكم كنايات الطلاق إذا لم يصاحبها نية طلاق س: هذا السائل يقول: كنايات الطلاق، إذا تلفّظ بها الإنسان، ولم ينو شيئًا، لا طلاقًا، ولا غير ذلك، هل يقع بها الطلاق؟ (¬1) ج: الكناية لا يقع بها الطلاق إلا بالنية، فإذا قال: روحي لأهلك، أو اذهبي إلى أهلك، أو أنتِ حرّة، وهو لا يقصد الطلاق، لا يقع الطلاق؛ لأن الأعمال بالنية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» (¬2) وهذه أعمال محتملة، فلا تكون بالطّلاق إلا بالنية، هذا الذي قرره أهل العلم. ¬

(¬1) السؤال الرابع والأربعون من الشريط رقم (3). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: **إنما الأعمال بالنيات .. ** برقم (1907).

س: الأخ/ ع. م. ق. يسأل ويقول: لقد حدث شجار بين والدتي

الكبيرة في السن، وزوجتي على موضوع ما، فغضبت لأنها رفعت صوتها على أمي، ثم قلت لها من غير يمين: (طلاق ما عدت جالسة في بيتي)، ثم ردّت علي: (أنا بريء منك ثلاث مرات)، ثم ذهبت إلى بيت أبيها في نفس اليوم، ومكثت شهرًا في بيت أبيها، وعندما أردت السفر إلى الخارج، قالت لي والدتي: اذهب، وأرجع زوجتك إلى أولادها، علمًا بأنني خلفت منها ثلاثة أولاد، قبل السفر، وعندما قابلت والدها بعد الشهر، قال لي: اذهب فورًا وأحضر المأذون الشرعي من أجل أن أطلق ابنتي منك، فعدت إلى بيتي، وفي الليل، وفي نفس اليوم، سمعت صوتًا ينادي بالليل، أي: يدق الباب، ففتحت الباب، وإذا بها زوجتي، فدخلت إلى بيتها؛ غصبًا عن أبيها، لأنها لا تريد الطلاق، وبقيت في بيتها، وخلفت بنتًا بعد اليمين المذكورة، دون أن أحضر فتوى من أي أحد أرجو منكم أن تفيدوني جزاكم الله خيرًا، هل ما صدر مني يعتبر طلاقًا؟ علمًا بأن والدها مقاطعها منذ سنتين، ولا يراها ولا يبرّها بأي شيء، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إذا كان مقصودك الطلاق حين قلت ما تبقين عندي، فهي طلقة ¬

(¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (240).

واحدة، فمراجعتك لها صحيحة بجماعك إياها، بعد ما رجعت إليك بنية الرجعة، إذا كان أنت ما طلقتها قبل هذا طلقتين، أما إن كنت ما أردت الطلاق، قلت هذا الكلام من دون نية الطلاق، فإنه لا يقع به شيء، وزوجتك باقية في عصمتك، والحمد لله، وعليك وعليها أن تجتهدا في إرضاء أبيها؛ لأن العقوق من الجرائم العظيمة، فعليك أنت والمرأة أن تجتهدا في إرضائه، والتوسل إليه بالطيبين من أصحابه، حتى يشفعوا إليه؛ ليسمح عنها، ويرضى عنها، نسأل الله للجميع الهداية.

س: يقول هذا السائل: إذا أنشد الإنسان قصيدة، أو أغنية فيها ألفاظ الطّلاق، من الصراحة، فما الحكم في ذلك؟ (¬1) ج: إذا كان أنشدها يريد قراءتها، ما أراد الطّلاق، ما عليه شيء، الأعمال بالنّيات. ¬

(¬1) السؤال الخامس والأربعون من الشريط رقم (6).

س: قلْتُ لزوجتي: إذا كنت مجبرة على الزواج فلا عليَّ، أو كلام نحو هذا، لا أذكر ماذا قلت بالضّبط؛ لطول المدة، فهل هذا الكلام يكون تخييرًا، وإذا كان تخييرًا، فهل يترتّب عليَّ شيء؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال السادس والأربعون من الشريط رقم (7).

ج: لا يترتب شيء؛ لأن معناك المسؤول هو الذي أجبرك، فلا يترتب علي هذا شيء، لكن ينظر في الأمر إذا كانت مجبرة، ولم ترضَ، فلها الخيار على الصّحيح، أما إذا أجبرت ورضيتْ، فالصواب أن النكاح صحيح والحمد لله.

س: يقول السائل: لو قال شخص لزوجته عندما يغضب عليها، اذهبي إلى أهلك، أو عندما نرجع إلى بلادنا كل واحد في طريقه، أو أنتِ على أهلك، وأنا على أهلي، فهل هذا يعتبر طلاقًا، وإذا تكرّر أكثر من مرة، مثلاً لو كان ثلاث مرات، فهل تعتبر زوجته طالقًا وبائنًا، مع العلم لو أنه يريد الطلاق، لكان قال: عليَّ الطلاق، أو أنتِ طالق، وكذلك لو كان يجهل تلك الألفاظ، التي هي، اذهبي لأهلك، أو لا أريدك، أو ما شابه ذلك؟ (¬1) ج: ما دام لم يقصد الطلاق، لا شيء عليه، لا بد أن يكون له نيّة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنّيات» (¬2) فإذا قال: حين قال الكلام: اذهبي لأهلك، أو كل واحد في طريقه، أو ما أشبه ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (219). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: **إنما الأعمال بالنيات .. ** برقم (1907).

ذلك ما أراد الطلاق، لا يقع طلاقًا، الأعمال بالنيات، أمّا إذا كان أراد الطلاق، فإنه يقع به طلقة، بقوله: اذهبي إلى أهلك، أو كل واحد منا في طريقه إذا وصلنا إلى البلد، قصده الطلاق يقع طلقة واحدة، أو ما أنتِ في ذمتي، أو لا حقّ لي عليك أو ما أشبه ذلك، قصده الطلاق، يكون طلقة واحدة، أمّا إذا ما أراد الطلاق، أراد شيئًا آخر فهو على نيته، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنّيات، وإنّما لكل امرئ ما نوى» (¬1) أو إذا جئت البلد طلقتك، هذا ما يصير طلاقًا هذا وعد أو وعيد، فإذا جاء البلد هو بالخيار، ومتى شاء أن يطلق طلق. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: **إنما الأعمال بالنيات .. ** برقم (1907).

س: حصل بيني وبين زوجتي خلاف في بعض الأيام، وقد قلت لها وأنا في حالة غضب: أنتِ خالصة، وقد كررت هذا القول مرتين، فإنني أرجو التكرم بالإفادة، هل يعتبر هذا طلاقًا أم لا؟ (¬1) ج: إذا كنت أردت الطلاق، كان طلاقًا؛ لأن هذا كناية، يسميها العلماء كناية، فإذا كنت أردت الطلاق بقولك: أنتِ خالصة، يكون ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (46).

طلقة واحدة والمكرر مثل ذلك، وإذا كنت أردت طلاقًا ثانيًا، فطلقة ثانية، أما إن كنت أردت التأكيد لكلامك الأول، ما أردت طلاقًا ثانيًا، أردت التأكيد أو التخويف للمرأة، فلا يقع إلاّ واحدة، بالكلام الأول إذا كنت أردت الطلاق، أما إذا كنت أردت طلاقًا ثانيًا، بالتكرار، يقع عليها طلقتان، وإن كنت ما أردت الطلاق، قلت أنت خالصة، ما أردت الطلاق، وإنما أردت إزعاجها، أو تكديرها وتحزينها، أو خالصة من كذا وكذا غير الطلاق، ما أردت الطلاق فأنت على نيتك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمال بالنّيات، وإنّما لكل امرئ ما نوى» (¬1) فأنت على نيتك وإذا كان ما قبل هذا طلاق، فلك مراجعتها إن كنت أردت طلقة واحدة فقط، وأردت بالتكرار التأكيد أو الإفهام، فلا يقع إلا واحدة، ويبقى لها طلقتان، ولك مراجعتها ما دامت في العدة، والسنة أن تُشْهد شاهدين عدولاً، تقول لهما: اشهدا إني راجعت زوجتي فلانة، ما دامت في العدة، فإن لم تحصل مراجعة وهي في العدة، فلا بد من عقد جديد برضاها، وبمهر جديد بشروطه المعتبرة شرعًا، ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: **إنما الأعمال بالنيات .. ** برقم (1907).

إذا خرجت من العدة، وأنت لم تراجع لم تحل لك إلا بنكاح جديد، بشروطه المعتبرة شرعًا، أمّا إنْ كان قبل هذا طلقتان، فقد انتهى الأمر، وأنت أردت الطلاق، بقولك: أنت خالصة، هذا تمام الثلاث، فلا تحل لك إلا بعد زوج شرعي يطؤها، إن كان قبله طلقة، وقلت: أنت خالصة، أنت خالصة، تعتبر طلقتين تمت الثلاث، ولا تحل لك إلا بعد زوج شرعي، يدخل بها ويطؤها، وإن أشكل عليك المقام تسأل أهل العلم، عندك العلماء الفقهاء تسألهم عمّا أشكل عليك. فإن راجعها فيما بينه وبينها بالقول أو بالفعل فهذا يصح، لكن السنة أن يشهد شاهدين بالرجعة، إذا راجعها بقوله، أو وطئها بنيّة الرجعة كفى، لكن السنة أن يشهد شاهدين على قوله: إني راجعتها وجميع الكتابات لا بد فيها من النيّة، للحديث الذي مرّ؛ حسب الألفاظ التي ليست بصريحة بالطلاق، أنت خالصة، أنت ما أنت في ذمتي، أنت خارجة من ذمتي، وما أشبه ذلك.

س: قابلني أحد أصدقائي، وقد رأى عليَّ علامات التفكير والشرود الذهني، فسألني: هل فعلتها؟ يعني: هل طلقت، فقلت له: نعم فعلتها، وأنا أمازحه، حتى أرى مدى تأثره بذلك، وأنا لم أقصد الطلاق إنما

عندما سألني قلت: نعم قاصدًا بذلك أنني قد تزوجت، وهو يفهم الطلاق ولم أتبين فهمه جيدًا لكلامي، السؤال هل تقع طلقة أم لا، علمًا بأن هذا الحدث منذ سنة تقريبًا فماذا عليَّ، أن أعمل الآن، وقد مرّ على الحدث سنة كما أفدتكم، أفيدوني جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: ما دمت ما قصدت الطلاق فلا شيء عليك، الأعمال بالنيّات، وهذه اللفظة من جنس ألفاظ الكنى فلا يقع بها شيء ما دمت لم تقصد الطلاق. ¬

(¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (181).

س: رجل كبير السن، وعنده زوجة كبيرة في السن، ويقول لها: أنتِ مسامحة يعني: أنت طالق ولا عليكِ عدّة، تعتدين بها، فما رأيكم في ذلك جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إذا كان قصده من قوله: أنتِ مسامحة، قصده الطلاق، فإن له نيته، تكون طالقة طلقة واحدة، وإذا مات قبل خروجها من العِدة فعليها الإحداد وترث، وعدتها ثلاثة أشهر إذا كانت يائسة ما تحيض، عدتها ثلاثة أشهر، فإذا مات في الثلاثة أشهر، فهي زوجة وعليها العدة، ولها ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (132).

الميراث وعليها الإحداد، إذا كان لم يطلقها قبل هذا طلقتين، أمّا إن كان طلقها قبل هذا طلقتين، فتكون هذه هي الثالثة وتكون بائنة منه، ليس عليها عدة ولا إحداد، وليس لها إرث، أمّا إن كانت هذه الطلقة فقط واحدة، أو ليس قبلها إلا طلقة واحدة، تكون هذه ثانية، فإنها رجعيّة فإن مات في العدة، ورثته وحادّتْ عليه، وإن مات بعد خروجها من العدة، بعد الثلاثة أشهر، فإنها أجنبية ليس عليها عدّة ولا إحداد، وليس لها ميراث، أمّا إن كان قصده أنت مسامحة، ما عليكِ عدة لا تعتدين مني، فهذا ليس إليه، هذا إلى الشرع، ولو قال: ما عليك عدة، عليها العدة، إذا مات وهي زوجة له، عليها العدة أربعة أشهر وعشر، وعليها الإحداد وترك الزينة وترك الطّيب، وترك الحلي والكحل ونحوه، كما على غيرها من النساء.

س: تزوجت وأنا صغير، وبعد الزواج بثلاثة أسابيع تقريبًا، قلت لزوجتي: أنا لا أريدك عدة مرات، قولي لوالدك: أنا لا أريدك، وهي زوجة صالحة، ولأنني أنا لا أعلم هل هذا الكلام الذي قلته لزوجتي تعتبر به طالقة، أم لا، علمًا بأنني لم أنو الطلاق بذلك، وإذا كانت طالقة، فهل أعود وأعقد عليها مرة ثانية عقدًا جديدًا، أرشدوني جزاكم

الله خيرًا؟ (¬1) ج: هذا الكلام لا يكون طلاقًا، إذا كان بدون نيّة لا يكون طلاقًا، هذا كناية ليس بطلاق، ما دام ما نوى الطلاق فليس بطلاق، وزوجته باقية في عصمته ولا عليه كفارة؟ ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (46).

باب الطلاق بالثلاث

باب الطلاق بالثلاث 18 - حكم الطلاق بالثلاث بألفاظ متعددة س: أنا رجل متزوج، وقبل سبع سنوات تقريبًا، طلقت زوجتي طلقتين بسبب خلافٍ بينها وبين أهلي، وكنت في ذلك الوقت خارج البلاد، ووقع الطلاق بخطاب بعثته من صورتين، بشهادة اثنين من أصدقائي، صورة للزوجة وصورة لوالدي، وبعد ذلك عدت إلى البلاد وعلمت أن صورة الخطاب لم تصل إليها، ولم تعرف شيئًا عن ذلك الطلاق، وبعد استشارة بعض الناس عندنا، قيل لي: يمكن إرجاعها بعقد جديد، وتمَّ ذلك، وبعد أربع سنوات حصل خلاف مرة أخرى، وأمام قاضي المحكمة الشرعية، طلقتها طلقة واحدة، والآن بعد مرور سنتين أريد إرجاعها خوفًا على مستقبل أطفالي، فهل يجوز لي ذلك أم لا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (53).

ج: ما دام الطلاق الأول طلقتين، وهذه الثالثة انتهى، ما بقي شيء؛ لأنه عندما طلّقها الثالثة حرمت عليه حتى تنكح زوجًا غيره، ما دام طلقها طلقتين، ما بقي له إلا واحدة، فإذا تزوجها زواج رغبة، ودخل بها الدخول الشرعي، وجامعها ثم طلقها، أو مات عنها، حلّت له بعقد جديد ومهر جديد.

س: سؤال من المستمع: م. ج. من الرياض يقول: حصل بيني وبين زوجتي ذات يوم خلاف، وغضبت غضبًا شديدًا وطلقتها بالثلاث، كل طلقة لوحدها، بأن قلت: طالق ثم طالق ثم طالق، وقد أتتها العادة الشهرية في ذلك اليوم بعد الطلاق، وقد استفتيت أحد العلماء فأفتاني بجواز رجوعها، فاسترجعتها بأن أشهدت شاهدين، وبعد مرور عام منعتها من أن تذهب إلى أحد الجيران، فلم تمتنع وجاءتني وأنا غاضب، وطلقتها طلقتين، وأريد الآن أن أسترجعها مرة أخرى، وقد سمعت بأن طلاقي الأول لا يجوز أن أسترجعها بعده، فما هو الحكم الصحيح في هذا الموضوع؟ أفيدوني بارك الله فيكم (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (55).

ج: الطلاق الأول فيه تفصيل، فإن كان في طهر جامعتها فيه، فالصحيح أنه لا يقع لما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه طلق امرأته وهي حائض، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «راجعها» (¬1) وبيّن له أن الطلاق الشرعيّ أن يطلقها في أول عدتها طاهرًا أو حاملاً؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، قال العلماء: معنى ذلك أن يطلقوهن طاهرات من غير جماع، فإذا كان الطلاق وقع في طهر لم يجامعها فيه، وكان الغضب ليس بشديد فقد وقع الطلاق، والرجعة لا محل لها، والذي أفتاه بذلك فقد أفتاه بغير صواب، أما إن كان الطلاق وقع في شدة غضب، بأن كان بينهما خصام شديد، حتى استحكم عليه الغضب، واشتد به الغضب، ولم يملك نفسه في ذلك، فإن الطلاق حينئذ لا يقع، ويكون السائل حينئذ قد أمسك زوجته، ولا يسمى رجعة، وإنما ردّها إليه، حيث إن الطلاق لم يقع، والخلاصة أنّ السائل مفروض على حالتين: إحداهما أن يكون طلق في طهر جامع فيه، هذا لا يقع على الصحيح، وإن كان الجمهور على خلاف ذلك، ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

لكن هذا قول جماعة من السّلف أنه لا يقع؛ لحديث ابن عمر حيث إنه طلّق في غير العدّة فلا يقع، والحال الثاني أن يكون طلّق في طهر لم يجامعها فيه، لكنه قد اشتد عليه الغضب، شدة واضحة، ليس غضبًا عاديًّا وغضبه شديد بأن طال النزاع بينهما، والمسابّة والمشاتمة حتى استحكم به الغضب، واشتدّ به الغضب، حتى عدم الشعور بسبب شدة الغضب، هذا لا يقع عليه أيضا على الصحيح؛ لأنّ شدة الغضب تجعل الإنسان كالمجنون وكالمعتوه، لا يميّز ما يضرّه وما ينفعه، ويكون كالمكره المدفوع بقوة، حتى أوقع الطلاق في هاتين الحالتين، الطلاق غير واقع، أمّا إن كان الغضب غير شديد، بل عاديًّا أو كان طلّقها في طهر لم يجامعها فيه، فإن الطلاق ماض، وعليه أن يفارقها ويبتعد عنها، والطلاق الأخير غير واقع؛ لأنه صادفها وهي غير زوجة، وإن كان قد وطئها فوطؤها ليس في محلّه، ويكون الطلاق الأخير صادفها في غير نكاح، فلا يقع وتكون قد بانت بالطلاق الأول، وعليه التّوبة إلى الله، عليك أيها السائل التوبة إلى الله، من عودك إيّاها، وجماعك إيّاها بعد الطلاق، هذا هو الجواب عن هذا السؤال، وأرجو أن السائل فهم، فإن السؤال هذا مهم، والجواب مهم، وأعيده مرّة

أخرى، أيّها السائل لك حالان إحداهما: أن تكون طلقتها في طهر جامعتها فيه، وفي حالة ثانية وهي الغضب الشديد يشبه أن تكون فاقد الشّعور من شدة الغضب؛ بسبب أن يكون النزاع أو المضاربة أو المشاتمة، فالطّلاق في هاتين الحالتين غير واقع، وزوجتك معك، وينظر في الطّلاق الأخير، أمّا إن كنت طلّقتها في طهر لم تجامعها فيه، والغضب ليس بالشديد، فالطلاق قد وقع وهي غير زوجة لك، وعليك أن تسرّحها، والطلاق الأخير لا يقع إلا إن صادفها وهي زوجة لك، أما الطلاق الثاني إذا كان صادفها أنها زوجة، وأن الطلاق الأول لم يقع لشدة الغضب، أو لكون المرأة طلّقتْ في طهر جامعتها فيه، وللأمرين كأن طلقتها في طهر جامعتها فيه، مع شدة الغضب أيضًا، فإن هذا لا يقع، والطلاق الثاني يقع، فإن كنت طلّقتها طلقتين بألفاظ تدل على ذلك، بأن قلت: أنت طالق ثم طالق أو طالق وطالق، أو قلت: طالق طالق، وأردت تطليقتين فإنه تقع الطلقتان، أمّا إن قلت طالق طالق ولم تنو الطلقتين، أو قلت طالق طالق بلفظك؛ من غضب أو شبهه ولكن لم تنو الطلقتين، فإنّ الطلاق الثاني يكون مؤكدًا للطلاق الأول، ولا يقع إلا واحدة بأن قلت: أنت طالق طالق بدون واو وبدون ثم،

وبدون شيء آخر طالق طالق، وبدون نية عند العلماء في حكم الطلقة الواحدة، ويكون اللفظ الثّاني مؤكدًا للفظ الأول، ولا يقع به طلاق ثان، أما إذا كنت قلت أنت طالق طالق، أو طالق ثم طالق، أو أنت طالق أنت طالق أو تراكِ طالق تراكِ طالق، ولا تنوي تأكيدًا في قولك: طالق طالق، ولم تنو إفهامًا لها، وهكذا لو قلت: طالق طالق، نويت الثنتين، فإن هذا يقع به الطلقتان: طالق طالق، طالق ثم طالق أنت طالق أنت طالق، تراكِ طالق، تراكِ طالق، يقع به الثنتان، إلا إذا كنت نويت بالثانية من قولك: طالق طالق، نويت به تأكيد الأوّل إفهامًا، وما نويت شيئًا بقولك: طالق طالق، فإنه لا يقع إلا واحدة، وهكذا إذا قلت: أنت طالق أنت طالق الطّلاق طالق، الطّلاق طالق نويت التأكيد بالثانية، أو الإفهام لم يقع إلا واحدة، وإلاّ فالأصل وقوع الثنتين.

س: تزوجت منذ خمس عشرة سنة من امرأة مسلمة، وأنجبت لي أربعة أبناء وابنتين، إلا أن العلاقة الزوجية قد ساءت في بادئ الأمر، ثم تمَّ الصلح بتدخّل الأقارب، ولكن ما لبث أن عاد الخلاف بيننا، وقد حاولت إصلاح أمرها بشتى الطرق، ولكن لا فائدة وذات مرة اشتد غضبي عليها، فقلت لها: أنت طالق، وقد استفتيت أحد المشايخ،

فأفتاني باسترجاعها، وفعلاً استرجعتها، ولم يدم الوفاق بيننا، بل عادت إلى ماضيها وإساءتها إليَّ بكل ما تستطيع فعله، فقلت لها أنت طالق يا فلانة، وسميتها باسمها، ومرة ثالثة وربما رابعة كلما تُسيء إليَّ أقول لها: أنت طالق، دون أن تسمعني، وحدث هذا أكثر من ثلاث مرات فهل تحرم عليَّ بذلك أم لا؟ (¬1) ج: إذا كان الطلاق صدر منك، وأنت في شعورك وضبط عقلك، وكمّلت الثلاث حرمت عليك؛ لأن الطلقة الثالثة هي الأخيرة، والله يقول سبحانه: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}، هذه هي الطلقة الثالثة، فإذا كنت في الطلاقات الثلاث، قد حضر شعورك وقلتها وأنت ضابط عقلك، فإنها تقع هذه الطلقات، إلا إذا كان شيء منها في حال حيضٍ أو نفاس أو طهرٍ جامعتها فيه، فإنها لا تقع في أصح قولي العلماء، والمسألة فيها خلاف وعند الجمهور أن الطلاق يقع، حتى في حال البدعة في حال الحيض والنفاس، ولكن أرجح القولين عدم الوقوع، إذا كان الطلاق وقع منك في حال كونها حائضًا، ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (51).

أو نفساء أو في طهرٍ جامعتها فيه، ولا يجوز الطلاق في حال الحيض ولا في حال النفاس ولا في طهرٍ جامعتها فيه، فإنه يحرم الطلاق في هذه الأحوال الثلاث؛ لما ثبت من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أنه طلق امرأته وهي حائض، فأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يراجعها ثم يمسكها، حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء طلق قبل أن يمسَّ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فتلك العدة التي أمر الله، أن تطلق لها النساء» (¬1)، يعني في قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، فطلاقهن للعدّة أن تطلق المرأة في حال طهر لم يجامعها فيه الرجل، أو في حال كونها حاملاً، هذا هو الطلاق الشرعي، أن تطلّق المرأة حال كونها حاملاً، أو في طهرٍ لم يجامعها الزوج فيه، ولم يتبين حملها؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عمر: «ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملاً» (¬2) وفي لفظ آخر: «قبل أن يمسّها» (¬3) وهذا يدل على أن الطلاق في حال الحيض، أو النفاس أو في طهرٍ مسَّها ¬

(¬1) صحيح البخاري الطلاق (5332)، صحيح مسلم الطلاق (1471)، سنن النسائي الطلاق (3392)، سنن أبو داود الطلاق (2185)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 124)، موطأ مالك الطلاق (1220)، سنن الدارمي الطلاق (2262). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471). (¬3) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

فيه، أي جامعها فيه يكون بدعة محرمًا، لكن هل يقع أم لا؟ على قولين: أكثر أهل العلم أنه يقع مع الإثم، والقول الثاني: أنه يأثم وعليه التّوبة إلى الله، ولكن لا يقع؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عمر: «راجعها» (¬1)، ولم يقل له: إن الطلاق وقع، فقال: راجعها أي: ردّها، وفي لفظ فردها عليَّ، ولم يرها شيئًا، قال ابن عمر: فردها عليَّ ولم يرها شيئًا، أي: لم يرها شيئًا واقعًا على الصحيح، ولكن عليك مع هذا التّوبة إلى الله، إذا كنت راجعتها بعد الثالثة، ولم تتبصّر ولم تسأل، فالواجب على المؤمن أن يسأل، ولا يقدم على شيء إلا على بصيرة، فالطلاق الثالث يحرّمها، إلا إذا وجد مانع من وقوعه، فعليك أن تتصل بأهل العلم مع المرأة ووليها حتى يحقّق في أمركما، وحتى يعرف حالها حين الطلاق، وبعد ذلك يفتيك العالم، مما يتضح له شرعًا عند حضورك، مع المرأة، ووليها لديه وسؤالكم جميعًا عمّا وقع، وقد عرفت من هذا الكلام، أن الطلقة الأخيرة الثالثة تحرّمها عليك، حتى تنكح زوجًا غيرك إذا كانت الطلقات الثلاث وقعت في طهرٍ لم تجامعها فيه، أو في كونها حاملاً فإنها تحرم عليك، حتى تنكح زوجًا غيرك، أمّا إن كانت إحدى الطلقات وقعت في حيضٍ أو نفاسٍ، أو طهرٍ جامعتها فيه، فإنها ¬

(¬1) صحيح البخاري الطلاق (5332)، صحيح مسلم الطلاق (1471)، سنن النسائي الطلاق (3392)، سنن أبو داود الطلاق (2185)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 124)، موطأ مالك الطلاق (1220)، سنن الدارمي الطلاق (2262).

لا تقع ويبقى لها طلقة، إذا كان الطلاق الواقع ثلاثًا، وإن كان الواقع أربعًا فهذا أكبر وأشنع، كيف يحلّ لك أن تتصل بعد الثالثة ولم تسأل، ولم تستفت أهل العلم، المقصود أن عليك أن تسأل أهل العلم، وأن تتبصر في أمرك، ويكون معك وليها، والمرأة أيضًا عند السؤال، حتى يتبصّر العالم مما وقع بينكم، وحتى يفتيكم بما يراه شرعًا، نسأل الله للجميع الهداية.

حكم قول أنت طالق أكثر من ثلاث مرات

19 - حكم قول: أنتِ طالق أكثر من ثلاث مرات س: إذا قال الرجل لزوجته: أنت طالق، أكثر من ثلاث مرّات في نفس اللحظة، هل يعتبر ذلك طلقة واحدة؟ (¬1) ج: إذا قال لها أنت طالق ثلاث مرّات، أو تراك طالق ثلاث مرات، تعتبر ثلاث طلقات؛ لأنها جمل متعددة، تراك طالق، أو أنت طالق، كررها ثلاث مرات يكون ثلاث طلقات، إلا إذا نوى التأكيد أو التفهيم فلا بأس، إذا قال: ما أردت إلا واحدة، لكن كررت أريد أفهمها وأؤكدها، أؤكد طلاقي الأول ما قصدت تكرار الطلاق، فهو على نيته، الأعمال بالنيات، أمّا إذا كان ما له نية، تقع الثلاث على المرأة، إذا كانت صالحة لذلك. ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (268).

أما إذا كان الطلاق في الحيض، أو في النفاس أو في طهر جامعها فيه وليست حبلى ولا آيسة، فهذا الصحيح أنه لا يقع؛ لأنه ثبت من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره لما طلّق امرأته وهي حائض، أن يمسكها حتى تحيض ثم تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء طلّق، أمره أن يمسكها حتى تطهر من حيضها الذي طلقها فيه، ثم تحيض مرة أخرى ثم تطهر، ثم يطلق إن شاء، وقال: «فليطلقها قبل أن يمسها» (¬1) وفي لفظ آخر: «فليطلقها طاهرًا أو حاملاً» (¬2) فدل ذلك على أن تطليق المرأة وهي حائض أو نفساء، أو في طهر قد مسّها فيه وجامعها فيه، وهي ليست حبلى ولا آيسة، يكون طلاقًا بدعيًّا منكرًا، لا يقع على الصحيح، وذهب الجمهور إلى أنه يقع، ولكن قول الأكثرين مرجوح، الأقرب أنه لا يقع إلا إذا حكم الحاكم بوقوعه فإنه يثبت ويُنفَّذ. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

حكم قول علي الطلاق ثلاثا

20 - حكم قول عليَّ الطلاق ثلاثًا س: تزوجت وبعد مدة من زواجي، ذهبت زوجتي إلى منزل والدها بإذني، وكان بيني وبين والدها سوء تفاهم ولما تأخرت عن الحضور، ظننت أنهم منعوها من الحضور، فغضبت وذهبت إلى منزل والدها وخرج والدها، وعندما سألته عن عدم حضورها، قال: هي مريضة فقلت له: أخرجها إليَّ حتى أطلّقها، فقال لي: قل وأنا أبلغها، فقلت له: قل لها: إنها طالق، وخرجت من البيت، وقلت عند خروجي تمتمات أذكر منها عليَّ الطلاق ثلاثة ما تلزمني، وعندما وصلت بيتي ورجعت إلى نفسي، وجدت أني قد تسرعت وندمت، وذهبت إلى أحد المشايخ للفتوى في هذا، حيث كانت حاملاً في الشهر التاسع، وقت ذلك، فسألت اثنين، فقالا: إنها طلقة واحدة، وذهبت ومعي رجلان وأرجعت زوجتي قبل الوضع، وأنجبت منها ابنتين، ولكني أحسست أني طلقتها ثلاثًا؛ لأنها كانت نيتي، فما العمل الآن، وإذا طلقت فما هي حقوقها الواجبة عليَّ، علمًا بأنها الآن غير حامل؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (53).

ج: هذا يرجع إلى ما صدر منك، إذا كنت إنما طلقت واحدة فقط، حين قلت: هي طالق، فإرجاعها لا بأس، ولم يمض عليها إلا طلقة، إذا كنت ما طلقتها سابقًا، أما التمتمة التي بعد ذلك فأنت أعلم بها، إن كنت طلقتها ثانية وثالثة، فأنت أعلم، ما تصح لك، وعليك أن تردها إلى أهلها، وعليك أن تتوب إلى الله، ممّا فعلت من جماعها، وقد طلقتها وعليك الاستغفار والتوبة والندم، والأولاد يلحقون بك للشبهة، التي عرضت لك، أما إن كانت التمتمة ما فيها طلاق صريح، وإنما كلام لم تعقله، ولم تعرف وجهه هذا لا يضرك وهي زوجتك، ولم يقع عليها إلا طلقة واحدة؛ فلذلك تخاف الله وتراقبه سبحانه وتعالى، فإذا كنت تعلم أنك طلقتها طلقتين أخريين بعد ما فارقت أباها، فقد تمّت الثلاث، وعليك أن تردها إلى أهلها مع التوبة والاستغفار، وأولادك لاحقون بك للشبهة، وعليك الإحسان إليها، وإلى أولادها، حسب الأمر الشرعي في الإنفاق على أولادها، أمّا إن كنت تمتمت بشيء لا يعقل ولا يفهم، أو لا تفهمه أنت، أو لا تعقله أنت، من شدة الغضب ومن الوساوس، ومن أشياء أخرى، فليس عليها عمل ولا تعتبر، والمعتبر هي الطلقة التي قلتها لأبيها واحدة فقط،

والمراجعة صحيحة وزوجتك معك والحمد لله.

س: أنا رجل متزوج، وقد حصلت بيني وبين زوجتي خصومة، فغضبت منها وطلقتها ثلاث مرات، فأرادت الذهاب إلى أهلها، فحلفت عليها ألا تذهب، وحينما أصرت على الذهاب، قلت: أنت طالق، وكررت هذا الكلام ثلاث مرات، ثم سافرت أنا إلى الخارج، ومكثت سنتين ثم رجعت، وذهبت إلى أهلها وصالحتها وراجعتها، علمًا بأنها لم تخبر أهلها بما حدث، ولا زالت عندي إلى الآن، وقد حدث بعد عودتها مشكلة، فطلقتها وإلى الآن لم أراجعها، لا قولاً ولا فعلاً فما الحكم في هذا؟ أرشدوني بارك الله فيكم إلى ما يجب أن أعمله. (¬1) ج: هذا أمر خطير، ليس لك فعله، إخفاء الطلاق على أهلها، قد طلقتها ثلاث مرات، هذا عمل خطير، والقاعدة أن الطلاق الثلاث، إذا لم يكن هناك مانع يحرّمها، فطلقتها ثم طلقتها ثم طلقتها، القاعدة أنها انتهت أن هذه الطلقة الأخيرة، انتهت ولا تحلّ إلا بعد زوج جديد، ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (52).

فالواجب أن تسأل أهل العلم عن الطلاق الأول والأخير، أنت وهي تسألان أهل العلم وتبينان حقيقته، لا تكتمان شيئًا، وأهل العلم يفتونكم سواء عندي، إن حضرتم عندي أو عند أهل العلم، في الرياض أو غير الرياض، حتى ينظر في أمر الطلاق وأسباب الطلاق، وحال المرأة عند الطلاق، المقصود لا بد من النظر، ولا يجوز الكتمان، ولا يجوز السكوت في هذا الأمر، وردها بعد الطلقات الأولى الثلاث، هذا أمر خطير، ولا يجوز إلا بعد الاستفتاء، وأن ينظر في وقوع الطلقات الثلاث، أو في عدم وقوعها، فإنه قد يمنع من وقوعها مانع، يجب على المطلق أن يستفتي، وينظر فيما يقوله أهل العلم، حتى يراجع زوجته على بصيرة، أمّا أن يطلق، ويطلق، ويطلق، ويراجع ويخفي ما وقع، فهذا لا يجوز وليس من شأن المسلم، بل هذا من شأن غير المسلم، فعليك أن تشرح الحال لأهل العلم، وتبيّن لهم ما وقع منك بحضرتها وحضرة وليها، حتى يكون الأمر جليًّا، ثم تأخذ الفتوى من أهل العلم، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله، وليس لك أن تقربها ولا أن تعود إليها، حتى تستفتي أهل العلم، وقد وقعت في أمر خطير، لا يجوز لك الوقوع فيه، ونسأل الله أن يهدينا وإياك صراطه المستقيم، ولا تبقها

عندك في البيت، يجب أن توصلها إلى أهلها، حتى تستفتي أهل العلم، ولو كان أهلها خارج المملكة، ولكن إذا وجد حوله نساء أمينات، تبقى عندهن حتى تتم الفتوى، من جيرانه أو أقاربه المأمونين، تبقى عندهم حتى يستفتي.

س: رجل غضب غضبًا شديدًا وقال لزوجته: أنت طالق ثلاث مرات في مجلس واحد، وبعد ذلك ندم على فعله، وقال: ما كنت أريد الطلاق، وإنما قصدي التهديد، فهل له أن يراجعها بعد ذلك أم لا؟ (¬1) ج: هذا إذا كان عقله معه، وضابط نفسه ولم يقصد إلا التهديد، فمعناه أنّ غضبه ليس بمستغرق، فيقع عليه الطلاق في هذه الحال، قال: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو أنت طالق ثم طالق ثم طالق، يقع طلاق الثلاث في هذه الحال، إذا كان غضبه ليس بالشديد جدًّا، بحيث يعقل ما يقول، ويفهم ما يقول: بل قصد تخويفها وتهديدها، على ما قال، ولم يغلب عليه الغضب، هذا يقع طلاقه، أمّا إذا كان اشتد عليه الغضب، وصار كالمكره الذي انغلق عليه قصده، ولم يستطع ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (52).

ملك نفسه بسبب شدة النزاع الذي جرى بينهما، والمسابّة والمشاتمة بينها وبينه، أو كونها عيّرته بأشياء أوجبت شدة غضبه، أو ما أشبه ذلك، مما يدل على صحة الدعوى، فإن الحادث يفهم من صدق المدعي وعدمه، فإذا كان الحادث فيه منازعات شديدة، أو مضاربة أو مسابّة، أو ما أشبه ذلك مما يدل على شدة الغضب، وصدقه في شدة الغضب، فإن الطلاق لا يقع على الصحيح من أقوال أهل العلم، وهو القول بأن شدّة الغضب تمنع وقوع الطلاق، وهو مرتبة ثانية من المراتب الثلاث، فإن الغضب له ثلاث مراتب: إحداها: أن يكون قد زال عقله، بسبب شدة الغضب، حتى صار كالمجنون، فلا يقع طلاقه عند الجميع، المرتبة الثانية يكون الشدة مع الغضب، وغلب عليه وأفقده ضبط نفسه، حتى صار كالمعتوه بسبب شدة الغضب، فهذا أيضًا لا يقع طلاقه على الصحيح، والحالة الثالثة الغضب العادي الذي لا يفقده شعوره، ولا يكون غلب عليه غضبه، ولا يكون أغلق عليه قصده، بل هو غضب عاديّ لا شدة فيه، فهذا لا يمنع وقوع الطّلاق، بل يقع معه الطلاق، ولكن ينظر في حال المرأة أيضًا، إن كانت حائضًا في حال حيض، أو في حال نفاس، أو في طهر جامعها فيه، فإنه لا يقع الطلاق أيضًا، على

الصحيح؛ لأنه يكون طلاقًا بدعيًّا، فإنّ الطّلاق الشّرعي، هو الذي يكون في طهر لم يجامع فيه، أو في حال ظهور الحمل، هذا هو الطلاق الشرعي الواقع، أمّا إذا كان في حيض أو نفاس، أو في طهر جامعها فيه، فإن القول المختار أنه لا يقع، وإن كان خلاف قول الجمهور، لكن هو الأرجح من جهة الدليل؛ لأنه حينئذ طلق لغير العدة، والله يقول: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، والعدة فسّرها أهل العلم، بأن تكون طاهرًا من غير جماع ولا حيض، هذه العدّة التي يطلق لها النساء، تكون طاهرًا أو حاملاً، فإذا طلّقها طاهرًا أو حاملاً، ولم يجامعها في حال الطهر وهي حائل، فإن الطلاق شرعي، أمّا إذا طلقها في حال الحيض، أو في حال النّفاس، أو في طهر جامعها فيه، ولم يستبن حملها، فإنه يكون طلاقًا بدعيًّا مخالفًا لقوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، وما خالف أمر الله لا يقع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» (¬1) فالحاصل أن هذا السائل يحتاج إلى أن ¬

(¬1) أخرجه مسلم، في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

يتصل بأهل العلم، هو وزوجته ووليها، حتى ينظر في أمره، من جهة شدة غضبه، وإذا كان في الرياض، أو في غير الرياض وأحب أن يتصل بي، للنظر في موضوعه فلا بأس.

حكم قول أنت ستون مرة طالق

21 - حكم قول أنتِ ستون مرة طالق س: أنا رجل متزوج، وقد حصل شجار بيني وبين زوجتي، وفي حالة غضبي طلبت مني أن أعطيها كلمة الطلاق، فقلت لها أثناء هذا الشجار: أنت ستون مرة طالق، وحصل هذا الكلام مني مرتين في خلال عشرة أيام، وعاشرتها بعد ذلك لمدة شهر، وبعدها سافرت إلى خارج بلدي، أفيدوني؛ لأنني في حيرة كبيرة، ولأنني مسافر إلى بلدي بعد فترة قصيرة، فماذا أفعل، هل هي طالق فعلاً، وتحتاج إلى عقد جديد؛ لإعادتها إلى عصمتي؟ مع العلم أن كل الكلام مني لم يكن من القلب (¬1) ج: هذا الطلاق أولاً منكر، لا يجوز أن يقول: ستين طلقة، ولا ثلاث طلقات، ولا أربع ولا عشر، المشروع أن يطلق واحدة، المؤمن، ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (55).

يقول: أنت مطلقة، أو أنت طالق، وألاّ يأتي بأزيد من هذا، أن يقول عشرين أو ثلاثين أو ستين، كل هذا منكر، ولمّا سئل النبي صلى الله عليه وسلم أنّ رجلاً طلق بالثلاث، غضب وقال: «أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟!» (¬1) قال ابن عمر: لمّا بلغه أنّ رجلاً طلّق ثلاثا، قال قد عصيت ربك، فيما أمر به من طلاق امرأتك، فلا يجوز للزوج أن يطلّق بالثلاث، أو بالستين أو بالمائة، كل هذا لا يجوز، أمّا الواقع، وهو الذي قلت لها: ستون طالق في عشرة أيام مرتين، هذا ينظر فيه، فإن كان الغضب قد اشتدّ معك، حتى صار عقلك غير مضبوط، قد اختل شعورك، أو قد اشتد معك الغضب جدًّا، حتى لم تملك نفسك بسبب شدة النزاع، والكلام الذي جرى بينكما، هذا على الصحيح لا يقع به طلاق، عند شدة الغضب الذي يغلب عليه عدم قدرته على ضبط نفسه، ومنعه من الطلاق عدم تعقّله فصار الطلاق، فهو شبه المجنون وشبه المعتوه، أو ما يقرب من ذلك، فهذا لا يقع طلاقه، وهكذا لو كان عنده بعض العقل، ولكنه اشتد به الغضب، وصار سبعين في المائة، ثمانين في المائة، أخو المجنون وأخو المعتوه؛ لشدّة الغضب، فهذا لا يقع طلاقه ¬

(¬1) سنن النسائي الطلاق (3401).

في هذه الأحوال، التي اشتدّ فيها الغضب وغلب عليه الغضب، حتى عجز عن ضبط نفسه وعن ملكها، وعن الإمساك عن الطلاق، وهكذا لو كانت في طهر جامعتها فيه، وليست حاملاً وليست آيسة، بل تحيض أو في نفاس أو في حيض، فإن هذا الطلاق لا يقع، إذا كان في حال حيض أو نفاس، أو طهر جامعتها فيه، وليست حاملاً، وهي من يحيض فإن الطلاق لا يقع في هذه الحال، على الصحيح من أقوال أهل العلم، أمّا إن كانت في طهر لم تجامعها فيه، أو في حال حمل، فإن الطّلقتين واقعتان، إذا كان شعورك معك، والغضب ليس قد بلغ الشدة، التي تمنع من وقوع الطلاق، الغضب عاديّ، فإن الطلاق يقع، ويقع بكل جملة طلقة، الجملة الأولى طلقة، والثانية طلقة على الصحيح؛ لأن الصحيح أنّ الطلاق بالثلاث بلفظ واحد، وهكذا ما في حكمه كالطلاق بالأربع، أو بالعشر، أو بالمائة، الصحيح أنه يقع واحدة؛ لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «كان الطلاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد الصّديق، وأول خلافة عمر رضي الله تعالى عنهم، طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر رضي الله عنه: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه

عليهم» (¬1) خرجه مسلم في الصحيح، وثبت معناه من حديث ابن عباس، في قصة أبي ركانة عند أحمد بسند جيّد، أنه طلقها بالثلاث فردها عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وجعلها واحدة، فهذا هو الصواب فيما يقع من قول الرجل: أنتِ طالق بالثلاث، أو بالسّتين أو بالمائة أو بالألف، أو ما أشبه ذلك، هذا حكمه حكم الطلاق، واحدة على الصحيح، فتكون هذه المرأة قد وقع عليها طلقتان، إذا كان شعور المطلق معه، وليس عنده الغضب السابق، بل كان غضبه عاديًّا، فإنه يقع عليها طلقتان، إذا كانت حاملاً أو في طهر لم تجامعها فيه، طلقتان ويبقى لك واحدة، وإذا كنت جامعتها بعد هذا، فإن الجماع بمعنى الرجعة، فتكون في حبالك وفي عصمتك ويبقى لك واحدة، ولك الرجوع إليها ومباشرتها، وإن أشهدت شاهدين على الرجعة، علاوة على الجماع فهذا أحسن؛ لأن بعض أهل العلم، يرى أن الجماع لا يكفي في الرجعة، وبعضهم يراه ولا بد من النية في الرجعة، فإذا أشهدت شاهدين أنك راجعتها، فالمدة قريبة الشهر، بعد جماعك لها وبعد ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب طلاق الثلاث، برقم (1472).

الطلقتين، الشهر قريب ليس في الغالب خروجها من العدة، بل تحتاج إلى أكثر من ذلك، في مرور ثلاث حيض عليها، بعد الطلقة الثانية، فالحاصل أن الرجعة حصلت بالجماع، وبقي لها طلقة، ولك العود إليها والاتصال بها؛ لأنها زوجتك، لكن إن أشهدت شاهدين عدلين على أنك راجعتها حرصًا على اتّباع السنة، فهذا أولى وأفضل؛ لأن الله أمر به سبحانه وتعالى في قوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ}، فهذا اللفظ في هذه الآية الكريمة تعم شهادة الطلاق وشهادة الرّجعة، مع مراعاة ما تقدّم في شأن الطلاق في حال الغضب العادي أو الغضب الشديد الذي أفقدك شعورك أو قارب ذلك، ومع مراعاة أيضًا كونها في طهر جامعتها فيه، أو في حيض أو في نفاس، أما إذا كانت في حال من الأحوال الثلاث، في حيض أو نفاس، أو في طهر جامعتها فيه، وليست حاملاً فإن الطلاق لا يقع علاوة على ما حصل منك من شدة الغضب.

س: أنا رجل متزوج من ابنة خالي، قبل ستة عشر عامًا، ولي منها

خمسة أولاد، وقد حدث بعد مرور ثلاث سنوات من زواجنا أن حصلت مشكلة، وكنت وقتها في حالة عصبيّة، ولكني أعي ما أقول، فقلت: أنت طالق ثلاث مرات، وهي ترفض ذلك، وتبين لي بعد ذلك أنها وقت الطلاق كانت حاملاً، وأنا كنت أنوي فراقها إلى الأبد، وبعد يومين جاءت وتوسّلت، وحاولت العودة ولكني رفضت ذلك، وكرّرت الطلاق مرة أخرى، وبعد محاولة منها، ومن الأهل، واجتهاد مع بعضنا في البحث عن حل في هذا الطلاق، فقد راجعت وعادت الحياة بيننا طبيعية، إلى أن حدث مرة أخرى وقبل خمس سنوات، أن حصلت مشكلة أخرى فغضبت ولكنني أيضًا أعي ما أقول، فقلت لها أنت السبب في كل هذا، فأنت طالق ثلاث مرات، فجاء الجيران وقال الجميع: فكر في الأطفال، ومصيرهم، واعدل عن قرارك؛ لأنك كنت غضبان، فقلت لهم: أنا في حالة طبيعية اشهدوا فهي طالق ثلاث مرات، وكنت أنوي إيقاع الطلقات الثلاث؛ لئلا تعود الحياة الزوجيّة بيننا أبدًا، علمًا بأن الحادثتين الأخيرتين اللتين وقع فيهما الطلاق كانتا في طهر جامعتها فيه، لكنها لم تتركني بل ظلت تحاول وتصر على الرجعة، فخوفًا على ديني قررت السفر من بلدي، وهي لا زالت مع أولادها،

ومضى الآن خمس سنوات، ولكن بلغني أنها أصبحت مستقيمة في كل شيء مؤدّية لواجباتها الدينية، وقد كان في بعدي عنها هذه السنين، درس لها، فهل بعد هذا يجوز لنا الرجوع إلى بعضنا بحياة زوجيّة، أم لا؟ فهي تمر بوضع سيّئ جدًّا، من الناحية المادية والاجتماعية، فقد طلب أهلها منها مغادرة بيتهم والخروج منه، وليس لها أحد إلا الله (¬1) ج: هذا في الحقيقة من السائل تساهل لا يليق، وكان الواجب على السائل أن يسأل أهل العلم، قبل أن يعيدها إلى بيته، قبل أن يتّصل بها؛ لأن الطلاق الآن طلاق منكر، وطلاق مستوفٍ لشروط إيقاع الطلاق، خصوصًا الطلاق الثاني، فإنه طلقها الطلاق الأول بالثلاث، أنت طالق، أنت طالق وهو في حالة عصبية، هذه الحالة الأولى، إن كان قد اشتدّ بك أيها السائل الغضب، شِدّةً تشبه فيها فاقد الشعور، تشبه فيها المعتوه، اشتد بك الغضب شدة لا تستطيع أن تملك نفسك، ولا أن تمتنع من الطلاق، هذا لا يقع على الصحيح، لكنك تقول: إنك تعي ما تقول، وأنّك لست في حالة تشبه حال فاقد الشعور، ثم إنك بعدما ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (55).

أشاروا عليك، وزال الغضب أبيت إلا أن تعيد الطلاق مرة أخرى، وطلقتها مرة أخرى، وهي حامل، فهي إن لم تطلق بالأول، طلقت بالثاني الذي زال معه الغضب، فالواجب عليك فراقها وعدم الرجوع إليها، أمّا عودها إليك بعد هذا كله، فهو غلط وعليك التوبة إلى الله مما فعلت، ومن اتصالك بها، عليك التوبة إلى الله وعليك النّفقة على أولادك، وتقوم بالواجب، تسكنها وأولادها، وتقوم بواجب النّفقة عليها وعلى أولادها؛ لأنها تقوم عليهم وتحضنهم وتربيهم، فعليك أن تحسن إلى أولادك وإلى أمهم؛ لقيامها بخدمتهم، وإحسانها إليهم وعليك التوبة إلى الله مما فعلت، فقد أخطأت خطأ كبيرًا، حيث أعدتها إليك من دون فتوى شرعية من أهل العلم والطلاق الأول والثاني، الأول ظاهره الوقوع؛ لأن ما ذكرت من العصبية، ذكرت أنك تعي ما تقول، وأنْ ليس هناك شيء قد اشتد معك، حتى أفقدك شعورك، أو حتى صرت شبه فاقد الشعور، ثم بعد هذا طلّقتها عندما أشاروا إليك بالرجوع إليها، وطلقتها طلاقًا مكررًا ثلاثًا، هذا كله يدل على أنك راغب في تركها، وأنّك حريص على إبعادها، وأنه ليس هناك غضب أزال شعورك، أو جعلك شبه فاقد الشعور، فالذي يظهر لنا من هذا الواقع، أنها لا تحل لك، وأن

الواجب عليك التوبة إلى الله، مما سلف منك والإحسان إليها، فإذا تزوجتْ زوجًا شرعيًّا، وطلقها بعد الدخول بها، بعد وطئها حلّتْ لك بنكاح جديد، لكن لا يكون بالتحليل، نكاح التحليل محرم، إذا تزوجها إنسان ليحللها لك هذا لا يجوز، لكن إذا تزوجها إنسان راغب فيها، ثم دخل بها ووطئها ثم طلقها، أو مات عنها، فإنها تحلّ لك بعد العدة، بنكاح جديد هذا هو الذي نراه في هذه المسألة وهو ظاهر الأدلة الشرعية، والله ولي التوفيق.

س: أنا شخص عقدت على فتاة عقد زواج رسمي، وفي يومٍ من الأيام غضبت من الأهل عندما كانوا يتكلمون معي في عملٍ يخص مخطوبتي، فتلفظت بكلمة طالق ورددتها ثلاث مرات دون أن تعلم هي، وإلى الآن لم تعلم، فهل وقع الطلاق هنا وما نوعية الطلاق؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا (¬1) ج: إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل، فإنه يقع عليها طلقة واحدة فقط، إذا كان لم يدخل بها، إنّما عقد ولم يدخل بها، فإنه يقع عليها ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (47).

طلقة واحدة، وله العودة لها بنكاح جديد بعقدٍ جديد، من غير حاجة إلى زواج جديد، نكاح جديد يكفي والطلاق الثاني والثالث لا يلحقها؛ لأن المرأة إذا لم يدخل بها لا يلحقها إلا طلقة واحدة، تبينها بينونة صغرى، والطلاق الثاني والثالث لا يلحقه؛ لأنها ليست في عدة وله العودة إليها، بنكاح جديد إذا رغب في ذلك كخاطب من الخطاب.

حكم الطلاق بالثلاث بلفظ واحد

22 - حكم الطلاق بالثلاث بلفظ واحد س: كنت متزوجًا امرأة، لكن حدث بيننا خلاف وطلقتها، وكانت صيغة الطلاق التي تمّتْ، أنت طالق بالثلاث مرة واحدة فقط، وقد مضى على ذلك أكثر من عشر سنين، بعد هذه المدة يرغب كل منا في العودة إلى صاحبه، هل لنا ذلك أم لا؟ (¬1) ج: هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، رحمهم الله، فمن أهل العلم من قال: إن هذا الطلاق يحرّمها حتى تنكح زوجًا غيرك، نكاح رغبة لا نكاح تحليل، ثم يدخل بها يعني يطؤها ثم يفارقها بموت أو طلاق، ثم تخرج من العدة وهذا هو قول الأكثرين من أهل العلم، ¬

(¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (104).

وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الطلاق بالثلاث بلفظ واحد، وكلمة واحدة يعتبر واحدة، ويباح للمطلق أن يتزوجها بعقد جديد، إن كانت قد خرجت من العدة، أو يراجعها إن كانت في العدة، وهذا القول هو الصحيح وهو الذي نفتي به، وهو الذي أفتى به جمع من أهل العلم، وصح عن ابن عباس في رواية أنه أفتى بذلك، وأفتى به جماعة وهم طاوس بن كيسان التابعي الجليل، وخلاس بن عمرو وجماعة من أهل العلم، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه، والعلامة ابن القيم رحمة الله عليه، وجماعة من أهل العلم، والحجة في ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «كان الطلاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة» (¬1)، يعني يعتبر واحدة، ثم إن عمر رضي الله عنه قال: «إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم» (¬2) فهذا يدل على أنه كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يعتبر الطلاق الثلاث واحدة، يعني ¬

(¬1) صحيح مسلم الطلاق (1472)، سنن النسائي الطلاق (3406)، سنن أبو داود الطلاق (2199). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب طلاق الثلاث، برقم (1472).

الطلقات الثلاث المجموعة تعتبر واحدة، فلما رأى عمر رضي الله عنه تتابع الناس في إيقاع الطلاق الثلاث، وتسرّعهم في ذلك أمضاه عليهم، عقوبة وردعًا لهم عن التساهل في ذلك؛ ولكن اجتهاد عمر رضي الله عنه، لا يمنع من الرجوع إلى الأصل؛ لما فيه من رحمة الناس، وجمع شمل الزوجين، ولا سيما قد يكون لهما أولاد، وقد يكون الزوج عاجزًا عن النكاح، فالحاصل أن هذا القول كما أنه موافق للدليل، فهو أرفق بالأمة، أنفع للأمة، وأكثر لجمع الشمل، فيجوز اعتبارها واحدة، ويراجعها الزوج ما دامت في العدة، فإن كانت قد خرجت من العدة لم تحل إلا بنكاح جديد، هذا هو الأرجح من القولين، أما إذا فرقها قال: طالق، ثم طالق، ثم طالق، أو طلّق ثم راجع، ثم طلّق ثم راجع، ثم طلّق الثالثة فتحرم عليه إلا بعد زوج؛ لقوله سبحانه: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}، هذه الثالثة، طلقها، يعني الثالثة؛ لأنه قبلها قال: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}، ثم قال

بعد هذا سبحانه: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}، يعني حتى تنكح نكاح رغبة، وحتى يجامعها؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن امرأة اشتكت عليه أنها طلقت من زوجها الأول طلاقًا بائنًا، وأنها نكحت شخصًا بعده لم يجامعها، فقال له: «حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» (¬1) ولم يسمح لها بالرجوع إلى زوجها الأل، بالنكاح الجديد الذي ليس فيه جماع. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب شهادة المختبئ، برقم (2639)، ومسلم في كتاب النكاح، باب لا تحل المطلقة حتى تنكح، برقم (1433).

س: يقول السائل: أنا في الرابعة والعشرين من العمر، متزوج ولي طفلان من زوجتي التي هي بنت خالي، وحالتي الاجتماعية جيّدة والحمد لله، حدثت مشاجرة بيني وبين زوجتي في بداية زواجنا، حيث فقدت أعصابي، علمًا أنني مصاب بمرض الكآبة المزمنة، وعلى إثر ذلك بالطريقة غير الاعتيادية، طلّقت زوجتي بالثلاث، كنت في حالة غير طبيعية فعلاً، وكنت لا أصلي ولا أعرف من الشريعة الإسلامية وأحكامها شيئًا، ولو بقدر حبّة رز، والله أعلم، وكنت أتصور الطلاق

نوعًا من التهديد للمرأة لا أكثر ولا أقل، وأما اليوم فأنا ملتزم بالفرائض الخمسة، المفروضة على المسلمين والحمد لله، أصبحت اليوم أعلم كثيرًا من أمور الشريعة الإسلامية، رغم كل هذا أرجو من فضيلتكم أن تنظروا بقضيتي هذه أملاً من الله أن يوفقكم في أعمالكم الخيرة والله يحفظكم ويرعاكم (¬1) ج: الطلاق بالثلاث بكلمة واحدة فيه خلاف بين أهل العلم، الكثير منهم يراها نافذة وأنها تحرم بها الزوجة حتى تنكح زوجًا آخر، ويطأها؛ لما ثبت عن عمر أنه أمضى هذا الطلاق على الناس، لمّا رأى منهم التلاعب والمسارعة إلى إيقاعه، وذهب آخرون من أهل العلم، إلى أنها واحدة؛ لما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما: «أن الطلاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى عهد الصديق، وفي أول عهد خلافة عمر، الطلاق بالثلاث واحدة، إذا طلقها بالثلاث بكلمة واحدة» (¬2) جملة واحدة، وقد أفتى ابن عباس وجماعة من أصحابه وغيرهم بأنها واحدة، وهذا القول أصح وأرجح القولين، عملاً بما كان عليه الحال ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (7). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب طلاق الثلاث، برقم (1472).

في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الصديق وأول خلافة عمر رضي الله عنهما، فأنت أيها الأخ الذي هداه الله تحتسب عليك طلقة واحدة، هذا الطلاق الذي صدر منك بالثلاث، في كلمة واحدة، تحتسب طلقة واحدة، وزوجتك معك إذا كنت راجعتها بعد صدور هذا الطلاق، أو جامعتها بنية الرّجعة، هذا كونها في العدة فهي زوجتك والحمد لله، أما إن كنت تركتها بعد الطلاق، حتى اعتدّتْ ولم تقربها، ولم تتصل بها، بل تركتها بسبب الطلاق، حتى اعتدّتْ يعني حتى حاضت ثلاث مرات بعد الطلاق، فإنك تتزوجها من جديد، إذا رضيت بذلك، تتزوجها من جديد، بعقد جديد ومهر جديد، وشاهدين يعني كسائر الخطاب، تخطبها لنفسها، فإذا وافقت يجدد النكاح، بولي وشاهدين كسائر الأنكحة الإسلامية، هذا هو جواب سؤالك، ونوصيك بتقوى الله والاستقامة على دينه، والتفقه في الدين وأبشر بالخير فمن تاب تابَ الله عليه.

باب طلاق الغضبان والسكران والمعتوه والمريض والمكره

باب طلاق الغضبان والسكران والمعتوه والمريض والمكره 23 - حكم طلاق الغضبان س: ما حكم طلاق الغضبان؟ (¬1) ج: الغضبان له ثلاث حالات، إحداها: أن يزول عقله بسبب شدة الغضب، فلا يميز ولا يضبط ما يقول، هذا لا يقع طلاقه كالمجنون، والحالة الثانية: اشتد معه الغضب، حتى لا يستطيع أن يملك نفسه بسبب شدة الغضب، كمسابّة أو مضاربة بأسباب واضحة يجعله يشتد غضبه، فهذه الحال اختلف فيها العلماء، فمنهم من أوقع الطلاق فيها، ومنهم من لم يوقعه، وألحقها بالأولى، وهذا هو الأظهر والأقرب، أنها ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (10).

تلحق بالأولى، إذا اتضحت أسباب شدة الغضب، فإن بعض الناس، يدّعي شدة الغضب، وليس هناك أسباب توجب شدة الغضب، فمتى اتّضحت الأسباب كالمضاربة بين الشخصين، أو بين الرجل وزوجته، أو بينه وبين أبيها أو أخيها، أو نحو ذلك والمسابّة والمشاتمة التي يظهر منها شدة الغضب، ويتضح منها شدة الغضب، وتصدّقه المرأة أو الحاضرون يصدقون ذلك، هذا لا يقع على الصحيح، أما مجرّد دعوة شدة الغضب، من دون دليل ولا بيان، ما يكفي، الحال الثالثة الغضب الذي ليس بشديد العادي، هذا يقع الطلاق فيه عند جميع العلماء، وهو الغضب العادي الذي ليس هناك فيه شدة واضحة، فهذا عند جميع أهل العلم يقع فيه الطلاق.

س: سماحة الشيخ لكم قول طيب في طلاق الغضبان، لعلكم تتكرمون بإعادته هنا جزاكم الله خيرًا (¬1) ج: الغضبان له ثلاثة أحوال: كما ذكرها ابن القيم رحمه الله في كتابه إعلام الموقعين وفي غيره. ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (173).

الحال الأول: إذا اشتدّ معه الغضب حتى لا يشعر بما يقع منه، بسبب شدّة الغضب، فهذا كالمجنون لا يقع طلاقه عند الجميع. الحال الثاني: أن يغضب غضبًا شديدًا، لكنه لم يزل معه الشعور لكنه اشتدّ غضبه، بسبب المضاربة أو المسابّة والمشاتمة أو ما أشبه ذلك، مما يسبب شدة الغضب، فإذا وجدت أسبابه وعلاماته، واعترف به الزوجان أو قامت به البيّنة، فإن هذا يعتبر طلاقًا غير واقع؛ لأنه بشدة الغضب قد فقد صوابه، وفقد السيطرة على نفسه، وفقد القدرة على منع نفسه من الطلاق، بسبب شدة الغضب، فهذا الراجح من قولي العلماء، أنه لا يقع وهو الذي نفتي به، كما رجّح ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله، وشيخه أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقال به جمع من أهل العلم، إذا اشتد غضبه بأسباب واضحة، من مضاربة أو مسابّة أو غير هذا، من أسباب واضحة ولكن لم يزل شعوره، معه بقية من الشعور يعلم ما صدر منه، لكنه قد اشتد غضبه حتى عجز عن السيطرة على نفسه، هذا الصواب أنه لا يقع طلاقه في هذه الحال، كالذي فقد شعوره. الحال الثالث: غضب غضبًا عاديًّا لا يمنعه من التعقّل وملك

نفسه هذا يقع بالإجماع، هذا الأخير الذي غضب غضبًا لكن لا يسمى غضبًا شديدًا، غضبًا عاديًّا تكلمت عليه كلامًا أغضبه، أو وجد منها ما يغضبه، لكنه معه شعوره ويضبط نفسه، وليس عنده شدة، تجعل الغضب غالبًا عليه، بحيث يكون قد فقد صوابه، ستّين في المائة، خمسين في المائة، سبعين في المائة يعني النصف، فهذا لا يقع طلاقه، أما الذي غضب لكن شعوره الغالب معه، فهذا يقع طلاقه عند الجميع.

س: أنا شاب متزوج منذ سبع سنوات بقريبة لي، وقبل تاريخ هذه الرسالة بسنة حدث بيني وبين زوجتي شجار عنيف جدًّا، دام أكثر من ثلاثة شهور، وبعدها أصبحت تطلق عليَّ الشتائم الكثيرة، والكلام السيئ، وأنا أعاملها معاملة حسنة؛ لأني شاب مؤمن أعمل بما يرضي الله ورسوله، وزاد الأمر حدّة، وهي كل يوم تزيد النار حطبًا والطين بلّة، فأجبرتني على أن أُطلق عليها كلامًا طلقتك طلقتك طلقتك، أي أكثر من مرة، مرات عديدة، وعندما أطلقت هذا الكلام كنت في حالة غضب شديد، وغياب عقل، أطلقت هذا الكلام بُغية أن تكف عن أقاويلها البذيئة المرعبة للبدن، وهي تزيد في ذلك، وأنا أكرر عليها ألفاظ مطلقة مطلقة مطلقة، وأخيرًا لم يُجدِ المراء نفعًا، فأرسلت إلى

والدها وأخذها إلى بيته وظلّت عنده أكثر من سنة، وأنا لا أوافق أهلي على إرجاعها، بسبب أخلاقها الشرسة وأقاويلها المرعبة الكاذبة، وأخيرًا أرادوا تزويجها بشخص فلم تقبل بالزواج من أي إنسان، وقالت لأهلها: إذا أردتم تزوجي سأشرب سمًّا وأموت، أو أحرق نفسي بالنار، وأخلص من هذه الحياة، وأثناء هذا الحجر الطويل كانت تريد أن ترجع لي، ولكنني كنت لا أقبل بها زوجة أبدًا بسبب معاملتها القاسية إلى آخره، فأقنعني أهلها بتزويجها إلي خشية أن تقتل نفسها، فأجبرت على قبولها وصار لها عندي خمسة أيام وأنا لا أقرب منها خشية الإثم والحرام، ووجدت أن أخلاقها صارت بعد هذا الحجر حسنة، تعطيني حقوقي كاملة وتحترمني وتكفر عما بدر منها من أقاويل، وما هو الحل أخبروني بالله عليكم سريعًا، والسؤال: هل وقع طلاق ولم تعد تحل لي، ألا يوجد فتوى لهذه المشكلة؟ أفيدوني وفقكم الله (¬1) ج: إذا كان الطلاق المذكور وقع منك حال شدة الغضب وغيبة ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (5).

الشعور وأنك لم تملك نفسك ولم تضبط أعصابك بسبب كلامها السيئ وسبها لك، وشتائمها ونحو ذلك، وأنك أطلقت هذا الكلام في حال شدة الغضب، وغيبة الشعور، وهي معترفة بذلك، أو لديك من يعرف ذلك من الشهود العدول، فإنه لا يقع الطلاق؛ لأن الأدلة الشرعية قد دلّت على أن شدة الغضب وإذا كان معه تغير الشعور كان أعظم فلا يقع به الطلاق، ومن ذلك ما روى أحمد وأبو داود وابن ماجه، وصححه الحاكم عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «لا طلاق ولا عتاق في إغلاق» (¬1) قال جماعة من أهل العلم: الإغلاق ذلك هو الغضب، يعنون الغضب الشديد، فالغضبان قد أُغلق عليه أمره، وقد أُغلق عليه قصده فهو شبيه بالمعتوه، والمجنون والسكران، إذا صار في شدة الغضب فلا يقع طلاقه، وإذا كان مع ذلك تغيّر الشعور، وأنه لم يحفظ ما صدر منه بسبب شدة الغضب، فإنه لا يقع الطلاق، والغضبان له ثلاث حالات: ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عائشة رضي الله عنها، برقم (25828).

حالة يتغيّر معها الشعور، فهذا يلحق بالمجانين، ولا يقع طلاقه عند الجميع، عند جميع أهل العلم. الحال الثاني: أن يكون اشتدّ به الغضب، ولكن لم يفقد شعوره، بل عنده شيء من الإحساس، وشيء من العقل، ولكن اشتد به الغضب حتى ألجأه إلى الطلاق، فهذا لا يقع طلاقه على الصحيح أيضًا. والحال الثالث: أن يكون غضبه عاديًّا، ليس بالشديد جدًّا، بل عاديًّا كسائر الغضب، الذي يقع بين الناس ليس بالشديد وليس بالملجئ، فهذا يقع معه الطلاق عند الجميع، والسائل حاله إما من الوسط، أو من الشديد الذي قد تغير معه الشعور، حسب ما ذكر في سؤاله فيكون طلاقًا غير واقع وزوجته معه، ولا حول ولا قوة إلا بالله، نسأل الله للجميع الهداية والصلاح وحسن العاقبة.

س: قبل ثمانية أعوام طلّقت زوجتي، وكنت في حالة غضب، علمًا بأنها لم تكن موجودة أمامي، بل كانت في بيت والدها، وكانت يومها حاملاً في الشهر السابع، وقد راجعتها بعد الوضع، وقد سمعت في برنامجكم أن طلاق السنّة، أن تكون الزّوجة في حالة طهر، أرجو إفادتي هل ما قمت به في السابق يعتبر طلقة أم لا، وإذا كان يعتبر طلقة، فماذا

أفعل وزوجتي معي منذ ثمان سنوات، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إذا كان الواقع كما ذكرت، فإنه يقع عليها طلقة واحدة، إذا كان الغضب عاديًّا لم يشتد كثيرًا، ولم يغير الشعور، فإنه يقع طلقة واحدة، وأمَّا اعتبار كونها طاهرًا، هذا إذا كانت غير حامل، أمَّا إذا كانت حاملاً فالطلاق لها يقع، وإن كان معها نزيف ما دامت حاملاً، ولو كانت غير طاهرة، ولو كانت على جنابة، المقصود من كلام الطهارة، إذا كانت غير حامل، ينبغي للمؤمن ألاّ يطلّق إلا في طهر لم يجامع فيه، هذا هو المقصود وليست حاملاً ولا آيسة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أنكر على ابن عمر، لمّا طلق زوجته وهي حائض، وأمره أن يمسكها حتى تحيض ثم تطهر، ثم ليطلق وهي طاهر أو حامل، قبل أن يمسها يعني في حال كونها غير حامل، أمَّا إذا وطئها وهي حامل، فما يمنع الطلاق ولو وطئها وهي حامل، أو معها نزيف ليس بحيض؛ لأن دم الحامل يسمى نزيفًا، ليس بحيض على الصحيح؛ لأن الحامل لا تحيض، فالمقصود أن طلاق الحامل واقع، إذا كان المطلق عاقلاً معه ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (209).

عقله، ولو كان معه غضب لم يشتد به، يخرجه عن شعوره وعن ضبط نفسه، وإذا كنت راجعتها قبل أن تضع، فرجعتك صحيحة، أمَّا إن كنت راجعتها بعد الوضع، فالرجعة غير صحيحة؛ لأنها خرجت من العدة بالوضع، إذا كنت طلقتها في الحمل ثم تركتها ولم تراجعها حتى وضعت، فإن راجعتها فهي أجنبية فبقاؤك هذه المدة معها غلط، وعليك أن تمتنع منها مع التوبة إلى الله من ذلك؛ لأنّك لم تسأل، وعليك إذا كنت ترغب فيها وهي ترغب فيك، تجديد النكاح بعقد جديد ومهرٍ جديد؛ لأنها أجنبية، أمَّا إن كنت راجعتها قبل الوضع، أي قلت: أنا راجعت زوجتي، أو مراجع زوجتي أو ما أشبه ذلك، قبل أن تضع الحمل فهي زوجتك، وإن كنت ما رددتها للبيت إلا بعد الوضع، إن قلت: راجعتك قبل أن تضع الحمل، وأشهدت على ذلك فرجعتها صحيحة، ولو كانت عند أهلها، لم ترجعها إلى بيتك إلا بعد الوضع، أمَّا إذا كنت ما راجعتها بالكليّة بل سكتَّ ولم تقل شيئًا، حتى وضعت، فإنها تكون بهذا قد خرجت من العدة، ومضى عليها طلقة، ولك العودة إليها بنكاح جديد، بشروطه المعتبرة شرعًا، يعني بشرط رضاها، وبقية الشروط، وعليكما التوبة إلى الله جميعًا، من هذا العمل السيئ، وهو

بقاؤها معك وأنت لم تراجعها، إلا بعد الوضع، هذا إذا كنت لم تطلّقها إلا طلقة واحدة، التي أشرت إليها أمَّا إن كان قبلها طلقتان، فقد حرمت بهذه الطلقة الأخيرة، إذا كان قبلها طلقتان واقعتان، أمَّا إذا كنت لم تطلقها إلا هذه الطلقة، وهي حامل فإنها لا تحرم عليك بذلك، ولكن لا تصلح الرجعة إلا إذا كانت قبل الوضع. والله ولي التوفيق.

حكم قول أنت طالق ثم طالق ثم طالق طلقات ما لي بعدهن رجعة

24 - حكم قول: أنتِ طالق ثم طالق ثم طالق طلقات ما لي بعدهن رجعة س: رجل طلّق زوجته بالثلاث قائلاً: أنت طالق ثم طالق ثم طالق، طلقات ما لي بعدهن رجعة، وكان غضبان على زوجته لمخالفتها أمره، ثم بعد شهور راجعها وأنجبت منه أولادًا، فما الحكم. وفقكم الله؟ (¬1) ج: إذا كان الرجل حين طلقها هذا الطلاق بقوله: طالق ثم طالق ثم طالق، طلقات ما فيها رجعة، قد اشتدّ به الغضب، وغلق عليه الأمر، وصار أقرب إلى عدم الشعور، فطلاقه غير واقع في أصح قولي العلماء، وإعادته لزوجته لا بأس به، ولكن الواجب عليه أن يستفتي قبل ذلك، واجب عليه أن يستفتي قبل أن يعيدها؛ لأن الطلاق خطير، وليس كل ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (15).

واحد يقدّر الغضب الشديد ويعرفه، فالواجب عليه أن يستفتي حتى يحتاط لدينه، فإذا كان غضبه قد اشتد به وغلب عليه شدة الغضب حتى ما تمكن من إمساك نفسه عن الطلاق، بل اضطر إلى الطلاق بسبب شدة الغضب؛ لأنها سبته أو تسابا جميعًا، أو تضاربا، سمع منها كلامًا أوجب شدة الغضب فهذا لا يقع معه الطلاق؛ لما جاء في الحديث المشهور عن عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه السلام، قال: «لا طلاق ولا عتاق في إغلاق» (¬1) خرجه أحمد رحمه الله وأبو داود وابن ماجه، وصححه الحاكم، والإغلاق فسره أهل العلم بأنه الإكراه والغضب الشديد، ولأدلة أخرى تدل على أن شدة الغضب لا يقع معها الطلاق، وصاحبها أقرب إلى زوال العقل كالمعتوه والمجنون ونحو ذلك. أما إن كان غضبه عاديًّا ليس بشديد، بل هو غضب عادي، الطلاق يقع إذا قال: طالق ثم طالق ثم طالق أو طالق وطالق وطالق، أو أنت طالق أنت طالق أنت طالق بالثلاث تقع، وليس له رجعة عليها إلا بعد زوج، إذا طلّقها في حال الرضاء، أو في حال الغضب الخفيف ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عائشة رضي الله عنها، برقم (25828).

فالطلاق واقع، وليس له الرجوع إليها إلا بعد زوج؛ لأنه طلّقها ثلاثًا بكلمات متعددة فوقعت؛ لقول الله سبحانه: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}،ولقوله أيضًا الطلاق مرتان، وهذه ثلاث طلقات مكررة فوقعت.

س: إذا كان هذا الغضب ليس إغلاقًا كما ذكر سماحتكم، ما حكم رجعته هذه، وإذا أتى بالأولاد بعدها؟ (¬1) ج: هذا على كل حال يعتبر غلطًا منه؛ لأنه تساهل، ولكن الذي يظهر أن أولاده يلحقونه؛ لأنه شبهة، أعادها بسبب شبهة الغضب، فيلحقه الأولاد، ولكن قد أساء وأخطأ حيث أفتى نفسه، ولم يستفت أهل العلم، كان الواجب عليه أن يراجع أحد القضاة الذين حوله ويستفتي حتى يفتوه ويدلّوه. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (15).

س: السائلة تقول: إنه قد حصل بيني وبين زوجي مشكلة، وضربني في ليلة من رمضان، وقال لي وهو في حالة غضب شديد: أنتِ مائة وستين طالق، ولم يسمع هذا الكلام غيري، ولما تصالحنا

وأخبرته بموضوع الطلاق، قال: إنه لا يعتبر طلاقًا؛ لأنه في حالة غضب شديد وأنه لم يطلقني، وبعد ثلاث سنوات من هذه المشكلة المذكورة، حصل بيني وبينه خلاف، وأنا في حالة ولادة، وقال لي: أنتِ ستين طالق، ولما أخبرته بذلك بعد ذلك الحال، قال أيضًا: إنه لم يطلق؛ لأنه كان في حالة غضب، وأريد أن أخبركم بأنني امرأة وحيدة، ومقطوعة من شجرة، فإذا كنت أصبحت طالقًا، فهل أستطيع أن أعيش معه في بيت واحد؟ ولكن كل منا يبقى غريبًا عن الآخر، من أجل أولادي فقط، حتى ييسر الله عليَّ، أرجو إفتائي في هذا جزاكم الله خيرًا (¬1) ج: قد سبق أن ذكرنا لك، أن الواجب عليك الامتناع منه، وعدم تمكينه منك ما دام لا يصلي وهو كافر، فليس له حق عليك بالتمتع بك، أما الطلاق الذي صدر منه، فإذا كان قد اشتدّ غضبه، ولا يعي ما يقول من شدة الغضب، في المرة الأولى والثانية، فلا يقع الطلاق، إذا كان غضبًا شديدًا، قد غيّر عليه شعوره بسبب طول النزاع، بينك وبينه حتى اشتد غضبه وتغير شعوره، فإنه لا يقع الطلاق، أمّا إذا كان غضبًا خفيفًا لم يغير الشعور، ولم يشتد عليه حتى أغلق عليه عقله، فإنه يقع ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (215).

به الطلاق، وفي هذا يحتاج إلى أنه يسأل أهل العلم، وهذا كله بعد توبته إلى الله من ترك الصلاة، أمّا أنتِ الآن فلا يقربك أبدًا، حتى يتوب إلى الله من ترك الصلاة، وأمّا إذا كان الطلاق الأخير في النفاس، فلا يقع أيضًا لأن الطلاق في النفاس لا يقع، فيكون لعلتين شدة الغضب، وكونه في النفاس، أما الأول: فإذا كان قد تغير شعوره، بسبب كون النزاع قد وصل بينكما من الشدة إلى أنه ضربك وتغير شعوره، فإنه لا يقع الطلاق، أما الغضب في نفسه إذا لم تكن فيه شدة تغير عليه شعوره أو تغلق عليه عقله فإنه يقع معه الطلاق، فأنتِ اتصلي بالمحكمة، وأخبريها بالواقع، حتى تنظر المحكمة في الموضوع، وحتى تمنعه منك، وحتى تقيم عليه حدَّ الله؛ لتركه الصلاة، وإذا تاب تاب الله عليه، نسأل الله له الهداية.

س: عندي امرأة، وقد تشاجرت معها، وحصل خلاف وغضبت غضبًا شديدًا، فأنا رجل عصبيّ المزاج، شديد الإثارة لا أتحمل المشكلات، وحلاًّ لهذه المشكلة قمت ونطقت لزوجتي يا فلانة، أنت طالق وكلمة أخرى أنت طالق وأنا في حيرة من أمري فكلما تعصيني هي أنطق هذه الكلمات وصدرت مني عدة مرات، ربما أكثر من ثلاث

مرات، فما حكم الإسلام في ذلك؟ (¬1) ج: إن كان الطلاق وقع بغضب شديد، يعني أغلق عليه قصده وشعوره، ولم يتملك نفسه، ولم يستطع حبسها عن الطلاق؛ لشدة الغضب وشدة النزاع، نتيجة الكلمات الجارحة من الزوجة، فإن الطلاق لا يقع على الصحيح، وقد اختلف العلماء في ذلك، لكن الصحيح أن الطلاق لا يقع في شدة الغضب، والغضب أنواعه ثلاثة: غضب يذهب الشعور، يكون صاحبه كالمجنون ما يبقى عنده شعور، فهذا لا يقع طلاقه عند جميع أهل العلم، والغضب الثاني الشدة مع الغضب، بسبب النزاع الطويل، أو الكلمات الجارحة من الزوجة أو غيرها، حتى لا يملك نفسه، وحتى لا يستطيع التّغلب على أعصابه، بل ينطق بالطلاق كالمكره، كالمدفوع فهذا لا يقع طلاقه، الحالة الثالثة يكون غضبًا عاديًّا، ليس معه شدّة بل غضبًا عاديًّا، فهذا يقع الطلاق فيه عند الجميع، فالسائل أعلم بنفسه، إن كان مع الغضب شدة كبيرة، حتى لم يستطع حبس نفسه عن ذلك، بل أزعجه الغضب ودفعه دفعًا ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (46).

شديدًا، حتى نطق بغير اختياره، بسبب كلماتها الجارحة، أو سبها له ولعنها له، أو لأبويه أو وصفها له بأوصاف قبيحة أثارته، حتى اشتد معه الغضب، فإنه بهذه الحال لا يقع طلاقه، أمّا في الغضب العادي، الذي يمرّ بالإنسان عند العادة، بسبب كلمات ما تناسب، أو عمل ما يناسب، فهذا يقع فيه الطلاق عند أهل العلم.

س: أنا رجل متزّوج، وقد حصلت بيني وبين زوجتي خصومة مِمَّا أغضبني أشد الغضب، وجعلني لا أشعر بما أفعله، فقلت لها: أنتِ طالق، قالت لي: أشهِد يا فلان من الحاضرين، فقلت: تشهد عليَّ عشر طلقات، ولكن من حولي من الناس بعد هدوئي، قالوا لي: إني قلت لها: أنتِ طالق عشر مرات، فأرجو إفادتي هل يقع طلاق بهذا أم لا؟ علمًا أنني كما أسلفت كنت وقتها في أشد الغضب (¬1) ج: إذا كان في أشد الغضب، لا يقع الطلاق، إذا كان هناك أسباب توجب شدة الغضب، حتى كان شبه مجنون، شبه عديم الشعور، إذا اشتدّ به الغضب وعظم عليه الأمر، حتى لم يتمالك نفسه، ولا استطاع ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (47).

ملك نفسه، ولا قهرها بسبب سوء مخاصمتها له، وكلامها عليه من سبّ ولعن ونحو ذلك، فإنه لا يقع الطلاق، في أصح أقوال العلماء، يكون حكمه طلاق المجنون والمعتوه.

حكم طلاق المعتوه والمجنون

25 - حكم طلاق المعتوه والمجنون س: يقول هذا السائل ب. ع. من الرياض سماحة الشيخ، حفظكم الله قرأت في أحد الكتب، بأنه لا يقع طلاق المعتوه، ولا المجنون، فهل هذا الحديث صحيح وما هو المعتوه، هل هو ناقص العقل، الذي عنده ضعف في الفهم والتفكير؟ (¬1) ج: هذا معروف من الأدلة الشّرعية، أن المعتوه والمجنون لا طلاق لهما، ولا بيع ولا شراء وكذا بعض الأعمال بعدم العقل؛ لأن المعتوه الذي لا عقل له، لا يحسن التّصرف، عقله مفقود كالمجنون، فهذا لا طلاق له، ولا صلاة له، ولا صوم له، كالمجنون سواء. ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (7).

س: قضية طلاق، بين الرجل وبين زوجته يقول: طلقت زوجتي قبل حوالي عشرين عامًا واسترجعتها، وطلّقتها قبل سنة واسترجعتها

وفي هذا الشهر طلقتها طلقة واحدة، لكن لا أدري عن الأحوال التي كانت عليها الزوجة من حيث الطهر أو عدمه، ثم إني أخبركم بأنني كنت رجلاً مريضًا مصابًا بمرض الأعصاب والضغط، وجهوني كيف يكون الحال بالنسبة لي؟ (¬1) ج: إذا كان مضى طلقتان واقعتان فهذه الطلقة هي الثالثة، فليس لك الرجوع إليها ما دام الحال كما ذكرت، وعقلك معك، لست مجنونًا ولا سكران، فالطلقة ماضية وتكمل الثلاث، أما إن كان فيه إشكال، فإنك تحضر أنت والمرأة ووليها عند المحكمة، وتفتي المحكمة بما تراه، أو تكتب لي في ذلك، وأنا أنظر في الأمر. ¬

(¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (336).

س: السائل خ. من مدينة إب بالجمهورية العربية اليمنية، يقول: هل يصح طلاق المريض بالحالة النفسية؟ (¬1) ج: الطلاق فيه تفصيل ونظر، إذا وقع شيء من هذا، تراجع المحكمة، محكمة البلد التي هو فيها المطلق يراجع المحكمة مع زوجته ووليها حتى ينظر القاضي في ذلك. ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (421).

س: أنا شاب متزوج، وقد أصابني مرض شبيه بالجنون، فأنا دائم القلق والتّشنج، وكثير الوساوس، وأعيش بين أسرة تؤمن بالتنجيم والتّطير؛ ولذلك فقد أشاروا عليه أن يطلق زوجته، فهي السبب في كل ما أصابه؛ لأن نجمها نحس كما يقولون، ولا يزول مرضه إلا بفراقها وطمعًا في الشفاء، فقد نطق بطلاقها بالثلاث، وليس عنده أحد ولا حتى زوجته، ولم يخبر أحدًا بذلك، خوفًا من خروجها من بيته، وعدم عودتها إليه، وبقيت مدة عنده إلى أن وضعت مولودًا، فقد سألت عن هذا فقيل لي عليها عدة، بعد أن تخبرها ثم تسترجعها، ومضى إلى الآن أربع سنين، وقد سألت أيضًا آخر فقال ليس عليك طلاق، وليس عليها عدة، ولكن تب إلى الله، فأرجو إفادتي عمّا يترتب على هذا الطلاق، والزوجة لا زالت عندي في البيت، وحالتي الصحية كما هي لم أستفد شيئًا من فعلي ذلك، وما هي نصيحتكم لمن يعتقد الصحة والنفع في مثل تلك الأعمال؟ (¬1) ج: إن التنجيم أمر منكر، وهو من شعب السحر، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أنه قال: «من اقتبس علمًا من النجوم ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (51).

فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد» (¬1) والتّنجيم محرّم عند أهل العلم إجماعًا، وهو اعتقاد أن النجوم لها أثر في الحوادث من صحة ومرض وفقر وغنى أو غير ذلك، بل هذا من أوهام المنجّمين، فإن هذه النجوم خلقها الله زينة للسماء، ورجومًا للشياطين، وعلامات يهتدى بها في البر والبحر، وليس لها أثر فيما يتعلق بالحوادث، لا في الصحة ولا في المرض، ولا في الغنى ولا في الفقر، ولا في نزول المطر ولا في غير ذلك، وإنما هي أوهام باطلة من أصحابها، لا أساس لها من الصحة، ولا يجوز للمسلم أن يأتيهم ولا أن يسألهم، لا المنجمين ولا الرّمالين، ولا جميع الكهنة والعرّافين، الذين يدعون بعض علوم الغيب بهذه الأشياء، فيجب هجرهم وتأديبهم والقضاء عليهم من جهة ولاة الأمور، حتى لا يضرّوا الناس ولا يضلوهم، ولا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يومًا» (¬2) والعرّاف هو المنجم والرمّال ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، برقم (2836). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإسلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم (2230).

والكاهن ونحوهم، ممن يدعي علم بعض المغيبات، بالطرق التي سلكها، بالطرق الشيطانية من تنجيم، أو ضرب بالحصى، أو أشباه ذلك من طرقهم الفاسدة، وقال عليه الصلاة والسلام أيضًا: «من أتى كاهنًا فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد» (¬1) - عليه الصلاة والسلام- فأخبارهم باطلة، ولا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم وعلى من فعل هذا التّوبة إلى الله سبحانه وتعالى، والإنابة إليه، والندم على ما مضى وعدم العود إلى ذلك، أما هذا الرجل المطلق، فإن كان عقله معه، فإنه يقع الطلاق لكن يكون واحدة؛ لأن الصحيح من أقوال العلماء أن الطلاق بالثلاث بكلمة واحدة، كتابيًّا أو لفظًا لا يقع به إلاّ واحدة؛ لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس، أن الطلاق كان على عهد رسول الله طلاق الثلاث واحدة، وهكذا على عهد الصديق، وعهد عمر في أول خلافته، ثم إن عمر رضي الله عنه أمضى ذلك، أمضى الثلاث وقال إن الناس قد استعجلوا في أمرٍ كانت لهم فيه أناة، فلأمضينّه عليهم، فأمضاه عليهم، أما في ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة والحسن رضي الله عنهما، برقم (9252).

عهده صلى الله عليه وسلم، إن الثلاث بلفظ واحد، تعتبر واحدة، لكن إن كان عقله غير مستقيم بسبب ما أصابه، وعرف الثقات العارفون به، أن مثله يعتبر معتوهًا، فإنه لا يقع طلاق، أما إن كان عقله مضبوطًا، والمرض ما أثّر على عقله، فإنه يقع عليها طلقة بهذا الطلاق، ويكون بقاؤها عنده من غير رجعة غلطًا منه، ويعتبر جماعه لها مراجعة لها إذا كان أراد بمجامعتها مراجعتها وردّها إليه، فإن الجماع على الصحيح يكون مراجعة لها مع النية أمّا من غير نيّة فهذا فيه خلاف قويّ بين أهل العلم، ولعل الصواب أنه يتم بذلك الرجعة لجهله بذلك، فيكون راجعها بالجماع، حال حملها وتكون زوجة له، ويكون مضى عليها طلقة تعتبر هذه طلقة واحدة، أمّا إن كان ما راجعها ولا اتّصل بها حتى الآن فإنها بوضعها الحمل قد خرجت من عدته، ومضى عليها طلقة وله أن يعود إليها بنكاح جديد، ومهرٍ جديد كخاطب من الخطاب كأنه أجنبي، يخطبها لنفسه، فإذا وافقت فإنّه يتزوجها بزواج جديد؛ لكونها خرجت من العدة، بوضع الحمل، هذا إذا كان ما جامعها بعد الطلاق، أمّا إن كان جامعها بعد الطلاق، فإنه يعتبر رجعة لها، وتبقى عنده على طلقتين، ومضى عليها طلقة، إذا كان ما طلقها قبل ذلك، سوى هذه

الطلقة. نسأل الله للجميع الهداية.

حكم طلاق السكران

26 - حكم طلاق السكران س: تقول إنها تزوجت منذ سنوات طويلة، برجلٍ يشرب الخمر، بعد أن أقنعها أهلها بأنه سيتوب، وبعد زواجها حاولت أن تقنعه بالامتناع، عن ذلك الشراب المحرم مرات كثيرة، ولكنه لم يقتنع وبعد أن أنجبت منه أربعة أطفال، أتى ذات مرة وشرب أمامها، وحملت الإناء الذي شرب فيه وكسَّرته، عندها غضب عليها وقال لها: أنتِ طالق ومحرمة عليَّ مثل أُمي وأُختي، فما الحكم الشرعي في قوله هذا، هل تبقى معه على هذه الحال أم تفارقه؟ (¬1) ج: إذا كان حين قوله هذا عاقلاً، فإن الطلاق يقع ويقع به طلقة واحدة، وتحرم به المرأة بالتحريم، حتى يكفر إذا كان عقله معه، تقع طلقة وله مراجعتها ما دامت في العدة، إذا كان لم يطلقها قبل هذا طلقتين وعليه كفارة الظّهار، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينًا، لكل مسكين ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (56).

نصف صاع من قوت البلد، من تمر أو أرز أو غير ذلك قبل أن يطأها، قبل أن يقربها، أما إن كان حين قوله هذا قد لعب به الخمر، وقد ذهبت بعقله الخمرة ولم يبق يعقل ما يقول، فإنه لا يقع طلاقه في أصح قولي العلماء، كما أفتى بذلك عثمان بن عفان الخليفة الراشد رضي الله عنه، وذهب إلى قوله جماعة من أهل العلم، وهو الصواب وهكذا لا يقع تحريمه، ولا يؤثر؛ لأن صدر من غير عاقل، والأحكام مناطة بالعقل، فمتى عرفت السائلة منه، أنه ذاك الوقت ليس في عقله، فإن هذا الطلاق وهذا التحريم لا يعول عليهما، وهي زوجته وباقية في عصمته، أما إن كان عاقلاً، ليس متغيرًا بسبب الخمر، فإن الطلاق يقع كما تقدم طلقة واحدة، وله المراجعة ما دام لم يطلّقها قبلها طلقتين، وعليه كفارة الظهار كما تقدّم، اللهم إلاّ أن تكون حال إيقاع الطلاق، في طهرٍ جامعها فيه أو في نفاس، أو في حيضٍ فإنه لا يقع الطلاق على الصحيح، وبه قال جمع من أهل العلم، وثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما، ما يدل على ذلك لحديث ابن عمر في الصحيحين، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض غضب وأنكر عليه، وأمره بمراجعتها فإذا طهُرت من الحيضة، التي بعد الحيضة التي طلّقها

فيه، فإنه بعد ذلك إن شاء طلّق، وإن شاء أمسك قبل أن يمسّها، وفي لفظٍ قال له فليطلقها طاهرًا أو حاملاً، يعني بعد طهرها من حيضتها، التي طلّقها فيها ثم بعد طهرها من حيضتها الأخرى، وهذا قول نصره جماعة من أهل العلم، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وابن القيم رحمه الله، وهو يدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» (¬1) وهذا عمل ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو خلاف الشرع، فإن السنة أن يطلق الزوج زوجته طاهرة من غير جماع، أما طلاقها في الحيض أو في النفاس، أو في طهرٍ جامعها فيه، وهي ليست حاملاً، فإنه طلاق بدعة، لا يقع على الصحيح عن جمع أهل العلم، كما تقدمت الإشارة إلى ذلك. وإذا رأت أن مصلحتها أن تبقى معه، ونصيحته لحفظ أولاده، والإنفاق عليها ورجت أن الله ينفعه بكلامها ونصيحتها، فهذا يكون أولى لئلا تضيع، إذا كانت في بلد ليس هناك من يصونها، ومن يقوم عليها، وإن رأت أن فراقه أصلح؛ لأن عندها من يصونها، ويحسن إليها وإلى ¬

(¬1) أخرجه مسلم، في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم (1718).

أولادها ولا ترجو رجوعه عن هذا الباطل، ففراقه أصلح، ترفع الأمر إلى المحكمة، أو تطلب منه الطلاق لعله يطلّق، أو المحكمة الشرعية تنظر أو توسط من ترى من الأعيان والأخيار، من التوسّط بينهما حتى يطلقها أو يتوب إلى الله من عمله السيئ.

س: تائب يقول: إنه كان مبتلى بشرب الخمر، وذات مرة شرب الخمر ودخل منزله وغاضب زوجته، وحينئذ اتصلت بأهلها وذهبت إليهم وأفادت بأن الرجل قد طلقها وهو لا يعلم عن ذلك. وحينئذ يسأل عن الحكم. جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إذا كان لا يشعر وإنما زوجته هي التي خبّرت عنه وهو لا يشعر بالطلاق لا يقع؛ لعدم العقل إذا كان لا يشعر بذلك، ولكن سمعته زوجته أو غيرها فإن الطلاق لا يقع، أما إذا كان يعقله وقع، تعود إليه زوجته والحال ما ذكر. ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (353).

س: المرسلة ح. س. د: لها مشكلة ملخصها أنها ابتليت بزوج سكّير، وقد اكتشفت أنه كذلك بعد سنتين من الزواج، لكنه غير مدمن

كما تصفه، بل يشربه بين فترة وأخرى، وحينئذ أنكرت عليه، فحلف لها بالطلاق ثلاث مرات أنه لا يسكر، لكنه عاد، ما هو توجيهكم؟ (¬1) ج: الواجب نصيحته وتحذيره من مغبة هذا العمل السيئ، فإن الخمر من أقبح السيئات ومن أقبح الكبائر، فالواجب على هذا الرجل، أن يتقي الله وأن يدع هذا الشراب الخبيث، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله الخمر وشاربها وساقيها، وحاملها والمحمولة إليه، وعاصرها ومعتصرها، وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها» (¬2) وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» (¬3) هذا من باب الوعيد الشديد؛ لأنها تنافي كمال الإيمان الواجب، فالواجب عليه أن يتّقي الله، ويتوب إلى الله وعليك أن تنصحيه وتحذّريه من شربها وأما طلاقه ألا يشرب فهذا فيه تفصيل: إن ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (320). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، برقم (4772). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب النهي بغير إذن صاحبه، برقم (2475).

كان طلّق ألاّ يشرب الخمر، وقصده الامتناع وليس قصده وقوع الطلاق، ولكن قصده أن يمتنع منه، وأن يشدّد على نفسه، وليس قصده إيقاع الطلاق، فعليه كفارة يمين ولا يقع الطلاق، أما إن كان قصده إيقاع الطلاق، فإنه يقع الطلاق نسأل الله لنا وله الهداية.

س: إذًا هل تنصحونها بالبقاء معه أم تتصرّف تصرفًا آخر؟ وماذا عن أيمان الطلاق (¬1)؟ ج: نوصيها بالبقاء معه، والنصيحة، فإذا لم يقبل النصيحة نوصيها بالفراق، ولو بإعطائه ماله إذا لم يطلقها بدون مال، أو ترفع أمرها إلى المحكمة، أما عن الأيمان بالطلاق فقد أخبرناها أن هذا فيه تفصيل، إن كان أراد الامتناع ولم يرد إيقاع الطلاق، فإن عليه كفارة يمين عن كل واحدة، أما إن كان أراد الامتناع مع إيقاع الطلاق في الحين، فإنه يقع الطلاق، وإذا تكرّرت أيمان الطلاق ثلاث مرّات حرمت عليه حتى تنكح زوجًا غيره. ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (320).

س: هل يقع طلاق متعاطي المخدرات أم لا (¬1)؟. ج: هذا فيه تفصيل، إن كان السكر قد غلب عليه وغيّر عقله ولم يشعر بما وقع منه شعورًا يضبط معه كيف يتكلم، هذا لا يقع طلاقه، وقد أفتى به عثمان رضي الله عنه الخليفة الراشد، وقال به جمع من أهل العلم، واختاره أبو العباس ابن تيمية رحمه الله، وتلميذه العلاّمة ابن القيم رحمه الله، وهذا هو الذي أفتى به وهو الأرجح عندي وعليه الفتوى، أمّا إذا كان السكر قد زال وهو يعقل ما يقول، فهذا يقع طلاقه، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقع طلاقه مطلقًا، إذا كان آثمًا، إذا كان سكره ليس له فيه عذر، بل تعاطى المسكرات آثمًا، فلا تكون المعصية سببًا في التخفيف عنه، ويرون أن إيقاع الطلاق من العقوبة أيضًا له، هذا قول الأكثر أنه يقع عليه الطلاق إذا كان آثمًا ولو زال عقله، وهذا القول عند من تأمّله ليس بجيد، كيف يؤاخذ بشيء لا يعقله والحد يكفي، حدّه الذي فرضه الله عليه يكفي، يزجره عن المسكر الحدّ الشرعي ثمانين جلدة، أمّا أنه يعاقب بشيء آخر جديد، وهو إيقاع ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (173).

الطلاق عليه، والتفريق بينه وبين أهله وأولاده، فهذه عقوبة لا دليل عليها، فالصواب أنه إذا كان قد فقد عقله، ولو كان آثمًا فإنه لا يقع طلاقه، كما أفتى به عثمان رضي الله عنه كما تقدم، أمّا الذي معذور: يعني جُعِلَ له شيء يسكره، من غير اختياره، أو شرب شيئًا ظنه شرابًا سليمًا، فبان مسكرًا ولم يتعمّده، وعرف من حاله ومن أدلة الواقع، أنه لم يتعمّد ذلك فهذا لا يقع طلاقه كالمجنون، لأنّه ليس بآثم بأن أسْقِيَ شيئًا ظنه ليس بخمر، فصار خمرًا خدعوه، فهذا لا يقع طلاقه لأنّه معذور، وإنّما الخلاف في الآثم، الذي تعمّد شرب المسكر وزال عقله بسبب المسكر، هذا هو محل الخلاف والأرجح أيضًا أنه لا يقع طلاقه كالذي فقد عقله بدون اختيار منه، وهذا هو الأرجح.

س: تزوجت منذ أكثر من ثلاث سنين بعد أخذ موافقة الزوجة وأهلها، وبعد مضي هذه المدة، طلبت زوجتي الطلاق بحجة أنها غير راضية بي وقت الزواج، وأيّدها أخوها في هذا الطلب، وأصروا عليَّ، وهددني أخوها إن لم أفعل، وفعلاً طلقتها تحت وطأة التهديد، والخوف من شره، فما الحكم في مثل هذا الطلاق؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (53).

ج: هذا يرجع إلى المحكمة والمحكمة تنظر في الأمر تنظر في الأدلة والواقع، وأدلة الزوج وغير ذلك، تنظر في الأمر والله يوفق القاضي للخير. وبحكم عام، المكره لا يقع طلاقه، المكره بالضرب والتهديد، إذا طلّق تبعًا لقوله، بقصد الإكراه، لا لأنه طابت نفسه منها، لكن الحكم في هذا يرجع للقاضي؛ لأن المدعي قد يكون غير مصيب، قد يكون ما أُكره.

باب الحلف بالطلاق

باب الحلف بالطلاق 27 - حكم الإكثار من الحلف بالطلاق س: يسأل أخونا عن حكم الدّين في الذي يكثر الحلف بالطلاق، وهل يجوز ردّ الطلاق؟ (¬1) ج: لا ينبغي للمؤمن أن يكثر من ذلك، بل يكره له ذلك، ينبغي له حفظ لسانه، أبغض الحلال إلى الله الطلاق، فينبغي للمؤمن أن يتثبت في الأمور، ويحرص على حفظ اللسان عن كل ما لا ينبغي، ومن ذلك الطلاق، فلا ينبغي أن يطلق إلا عن بصيرة، وعن نظر وعن عناية، فإذا ظهرت المصلحة والفائدة في الطلاق طلق طلقة واحدةً فقط، لا زيادة؛ لأنه قد يندم فيراجع زوجته- والحمد لله- المقصود أن الإكثار من الحلف بالطلاق خطر، وهو يفضي إلى وقوع الطلاق؛ لأنه يحلف ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (161).

بالطلاق ناويًا وقوع الطلاق فيقع، إذا فعل ما حلف على تركه، أو ترك ما حلف على فعله، أمّا إذا كان أراد التهديد والتخويف، كأن يقول: إن كلمت فلانًا فأنت طالق، أو إن ذهبت إلى فلان فأنتِ طالق، من باب التخويف والتهديد وليس قصده إيقاع الطلاق، فهذا عند المحققين من أهل العلم، فيه كفارة يمين ولا يقع به الطلاق، هذا هو الصواب الذي اختاره جمع من أهل العلم؛ لأنه لم يرد الطلاق وإنما أراد التهديد والتخويف والتحذير، ولكن بكل حال ينبغي له ترك ذلك والحذر من اعتياد الطلاق، وألاّ يكون في لسانه؛ لأنه قد يوقعه بالقصد، ولأنّ بعض أهل العلم يراه يقع، وإن كان قصد التهديد أو التأكيد، فينبغي الحذر من ذلك وينبغي تجنّب ذلك احتياطًا لدينه، واحتياطًا لما يجب عليه من حفظ الفرج، والبعد عن شبهة الحرام، وإذا طلق فليطلق عن بصيرة، لا في الغضب والعجلة، بل يتحرى وينظر، فإذا رأى المصلحة في الطلاق؛ لأنها سيئة الأخلاق سيئة السيرة، ضعيفة الدين، إذا رأى المصلحة في ذلك طلق طلقةً واحدة، في طهر لم يجامع فيه، أو في حال الحمل، هذا السنة، يكون الطلاق في حالين: إحداها حال الحمل، الثانية أن تكون المرأة في طهر لم يجامعها فيه، هذا هو محل الطلاق الشرعي، أمّا

الطلاق في الحيض أو في النفاس، أو في طهر جامع فيه فهو طلاق بدعي مخالف لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، بيّن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر أن طلاقها في العدة، أن تكون طاهرة من دون جماع، أو حاملاً، فينبغي لأهل الإسلام، ينبغي لكل مسلم أن يتحرّى هذه الأمور، وأن يحافظ على السنة، وأن يحذر طاعة الشيطان في طلاقه على وجه غير شرعي، وأن يحذر العجلة في إيقاع الطلاق الثلاث، بل يجب أن يراعي ما شرع الله، وأن يحذر ما حرم الله في طلاقه، وفي سائر شؤونه؛ المؤمن عبد مأمور له شريعة إسلامية، يجب أن يلتزم بها في كل شيء وأن يتحرّى ما أحل الله له في كل شيء، وأن يحذر ما حرم الله عليه، وليس له التّساهل في كل شيء، بل يجب الحذر وأن تكون أعماله وأقواله مقيّدة بالشريعة، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.

حكم الطلاق المعلق على وجه اليمين

28 - حكم الطلاق المعلق على وجه اليمين س: ما حكم الشرع في يمين الطلاق، أمام الزوجة أو في غيابها؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (68).

ج: الطلاق له صور كثيرة، فإذا كان الطلاق معلقًا على وجه اليمين كأن يقول لها مشافهة: إذا كلمت فلانًا فأنت طالق، أو إذا خرجت إلى بيت فلان فأنت طالق، أو ما أشبه ذلك مما يقصد منه الحث، أو المنع، أو التصديق، أو التكذيب، هذا الطلاق يقال له: يمين؛ لأنه في معنى اليمين، ولأن مقصوده مقصود اليمين، فإذا كان قصد المطلّق منعها من شيء، أو حملها عليه، أو التصديق، أو التكذيب، فهذا عند المحققين من أهل العلم في حكم اليمين، وذهب الأكثرون إلى أنه يقع؛ لأنه حكم الشرط حكم معلّق، ولكن الصواب الذي عليه جمع من أهل التحقيق أنه في حكم اليمين، هذه كفارتها إذا لم يقصد إيقاعه، وإنما قصد منعًا أو حثًّا أو تصديقًا أو تكذيبًا، فإنه يكون له حكم اليمين في عدم الوقوع، والاكتفاء بالكفارة، فإذا قال لها: إن كلمت فلانا فأنتِ طالق، قصده أن يمنعها من ذلك، ليس قصده إيقاع الطلاق وإنما قصده منعها من تكليمه، فإنها إذا كلمته يكون على زوجها كفارة يمين ولا يقع الطلاق في أصح قولي العلماء، وهكذا لو قال لزوجته: إن خرجت من بيتك اليوم أو غدًا أو قصده دائمًا بغير إذني فأنتِ طالق: ومقصوده منعها من الخروج، وليس قصده إيقاع الطلاق، فإنها بذلك إذا خرجت بغير إذنه يكون عليه كفارة

ولا يقع الطلاق؛ لأنه لم يقصد إيقاعه، وإنما قصد المنع، أمّا إن قصد إيقاع الطلاق، فإنه يقع إذا خرجت.

حكم قول الحلف بالطلاق ليس طلاقا

29 - حكم قول "الحلف بالطلاق ليس طلاقًا" س: الأخ/ ع. أ. م. من اليمن، يسأل ويقول: هل الحلف بالطلاق لتأكيد كلام بدون نية الطلاق، يقع طلاقا أو لا؟ وهل العبارة التي تقول: الحلف بالطلاق ليس طلاقًا. حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ (¬1) ج: ليس حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن فيه تفصيل، الحلف بالطلاق إن كان أراد به إيقاع الطلاق وقع الطلاق، وإن كان ما أراد أن يكون، فيه كفارة يمين عند جمع من أهل العلم، وبعض أهل العلم يراه طلاقًا مطلقًا، ولو قصد به اليمين، والحلف بالطلاق كأن يقول: عليَّ الطلاق ما تكلم فلانا، عليَّ الطلاق ما تخرجين من البيت، عليَّ الطلاق لا تكلمي فلانًا، عليّ الطلاق ألاّ أزور فلانًا، هذا يسمى يمينا، إذا كان قصد به المنع، أو الحث أو التصديق أو التكذيب، فإذا ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (231).

قال عليَّ الطلاق أنكِ ما تكلمين أخاك فلانا، أو جاركِ فلانا، وقصده منعها، ليس قصده فراقها، فهذا عليه كفارة اليمين إذا كلمت، وهكذا لو قال: عليه الطلاق أنه ما يزور فلانا، قصده منع نفسه من الزيارة، هذا يسمى يمينا، أمّا إن أراد إيقاع الطلاق فقد يقع الطلاق بالزيارة؛ لأنّه علّقه عليها، فإذا زار وقعت طلقة واحدة، كما قال، مثل لو قال: إذا دخل رمضان فأنتِ طالق، هذا ما يسمى يمينا، هذا تعليق، إذا دخل رمضان طلقت، أو قال متى حضت، أو متى ولدتِ، أو نحو ذلك، المقصود أن الطلاق المعلق إذا كان ما قصده التصديق أو التكذيب أو الحث أو المنع، إنما قصده التعليق فقط، فهذا يقع، إن كلمتِ زيدًا فأنتِ طالق، قصده أنه يقع الطلاق، وقع الطلاق، إذا دخل رمضان فأنتِ طالق يقع إذا دخل رمضان، أما إذا قال: إن كلمتِ زيدًا، وقصده منعها، ما يحب أنها تكلمه، فهذا إذا كلمته يكون عليه كفارة يمين؛ لأنه أراد منعها، فيُسمى يمينًا في أصح قولي العلماء، وتكون فيه الكفارة فقط، وقال بعض أهل العلم: إن الطلاق يقع مطلقًا، ولو نوى به اليمين، وهذا قول ضعيف، والصواب أنه متى نوى اليمين فإنه لا يقع عليها طلاق، ولكن عليه الكفارة، واحتج العلماء على ذلك بأدلة

كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» (¬1) وهو لم يرد إلا منعها، ما أراد إيقاع الطلاق، إنّما أراد منعها أو منع نفسه من شيء، ومنها ما حصل من فتاوى بعض الصحابة فيمن حلف ألاّ يفعل كذا، وإن فعل فعبيده أحرار، وما له صدقة، قد أفتى في هذا ابن عمر وبعض الصحابيات بأنه يمين والطلاق أشد، الطلاق مبغوض إلى الله، فإذا كان العتق والصدقة يمينًا، فالطلاق من باب أولى، وروي عن جماعة من الصحابة أنهم جعلوه يمينًا، وعن علي وابن الزبير والجماعة أنهم جعلوه يمينًا، فالحاصل أن هذا الطلاق لم يرده صاحبه، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمال بالنيات» (¬2)، وهو إنما أراد منعًا أو حثًّا أو تصديقًا أو تكذيبًا، فإذا قال: عليه الطلاق لا يكلم فلانًا، أراد منع نفسه، وإذا قال: عليه الطلاق أن يزور فلانًا، أراد حث نفسه على الزيارة، وإذا قال عليه الطلاق أنه ما فعل كذا، أراد التصديق أنه يُصدّق في ذلك، أو قال: عليه الطلاق مثلاً: إن فلانًا كاذب، هو أراد بذلك أن يكذّب فلانًا، فالحاصل أنه لم يرد إيقاع ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: **إنما الأعمال بالنيات .. ** برقم (1907). (¬2) صحيح البخاري بدء الوحي (1)، صحيح مسلم الإمارة (1907)، سنن الترمذي فضائل الجهاد (1647)، سنن النسائي الطهارة (75)، سنن أبو داود الطلاق (2201)، سنن ابن ماجه الزهد (4227)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 43).

الطلاق، إنما أراد معنى آخر فيكون له ما أراد على الصحيح، وعليه كفارة إذا كان أراد هذا المعنى، ولا يقع الطلاق.

بيان أن العبرة بوقوع الطلاق مناطها النية

30 - بيان أن العبرة بوقوع الطلاق مناطها النية س: يقول السائل: نوى شخص طيلة حياته، أنه إذا حلف بالطلاق ووقع هذا الطلاق لا يعتد به، وكانت هذه النية عبارة عن يمين بالطلاق، قال فيه: (إنه إذا حلف بالطلاق ووقع لا يكون طلاقًا) فهل هذا جائز؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل كلما وقع له حكمه، وهذا التعميم لا يكفي، فإذا وقع منه الطلاق وقع الطلاق، ولو قال في السابق: لا يكون هذا، العبرة بوقت الفعل، فإذا كان حين قال: فلانة طالق، إن كلمت فلانًا فلانة طالق، إن ذهبت إلى بيت فلان، وهو يقصد الطلاق وقع الطلاق، العبرة بنيته التي قارنت القول، ليس الشيء السابق، العمدة على النية التي مع قوله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» (¬2) فإذا علّق الطلاق على أمرٍ يقصد المنع منه، أو الحث ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (236). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: **إنما الأعمال بالنيات .. ** برقم (1907).

عليه، أو التصديق، أو التكذيب ولم يرد إيقاع الطلاق، هذا له حكم اليمين، أمّا إذا علق الطلاق على فعل يريد إيقاع الطلاق عنده، كأن يقول: إن خرجت إلى بيت فلان فأنت طالق، وقصده إيقاع الطلاق، فهو على نيته، يقع الطلاق متى خرجت، أو قال: إن كلمت فلانًا أو فلانة فأنت طالق، وقصده إيقاع الطلاق، وقع الطلاق. الأعمال بالنيات.

حكم الحلف بالطلاق

31 - حكم الحلف بالطلاق س: يقول السائل: إنني حلفت بالطلاق على أمر من الأمور ألاّ أفعله، إلا أنني فعلته وزوجتي بعيدة عني، فهل وقع الطلاق أم لا؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) ج: إذا كان مقصودك الامتناع عن هذا الأمر، وليس قصدك إيقاع الطلاق، إنما قصدت الامتناع من هذا الشيء، والحذر منه، فعليك كفارة يمين، ولا يقع الطلاق، حكمه حكم اليمين في أصح قولي العلماء، فإذا قلت مثلا: عليّ الطلاق أني ما أكلم فلانًا، أو عليّ الطلاق أني ما آكل طعام فلان، أو عليّ الطلاق أني ما أشرب الدخان، أو ما أشرب الخمر ¬

(¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (364).

وما أشبه ذلك، أنت قصدك الامتناع، ليس قصدك فراق أهلك، تحبهم وليس مقصودك فراقهم، إنما المقصود أن تمتنع من هذا الشيء، فعليك كفارة يمين إذا فعلته مع التوبة إلى الله، أما إذا كان معصية مع التوبة إلى الله إذا كان معصية كشرب الخمر ونحوه، أما إذا كنت أردت الطلاق، أردت إيقاع الطلاق، يقع الطلاق، يقع طلقة إذا كنت قلت: عليّ الطلاق، طلقة واحدة، إذا كنت قصدت الطلاق إذا فعلت الشيء المحلوف عليه.

س: الأخ/ ج. ف. ع. س. يسأل ويقول: حلفت بالطلاق بيني وبين نفسي، على أنه إذا وقع أيّ حلف بالطلاق على زوجتي، ووقع هذا الحلف، فلا يعتبر طلاقًا، فهل يجوز هذا؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) ج: الحلف بالطلاق معناه أن يحلف بطلاق معلّق، على شيء يقصد منه المنع، أو الحثّ أو التّصديق، أو التكذيب، هذا يقال له: يمين الطلاق، فإذا قال: عليه الطلاق ألاّ يكلم فلانًا، أو عليه الطلاق ألاّ يدخل على فلان، أو عليه الطلاق ألاّ يسافر، أو عليه الطلاق ألاّ تخرج امرأته إلى بيت فلان، وقصده من ذلك المنع، منع الكلام أو ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (279).

السفر أو الخروج، هذا يسمى يمينًا، كذلك إذا قال: عليه الطلاق أن يكلم فلانًا، عليه الطلاق أن تذهبي إلى فلان يا فلانة، عليه الطلاق أن يسافر لكذا وكذا، والمقصود الحثّ، حثّ نفسه أنه يفعل هذا الشيء، وليس قصده إيقاع الطلاق، هذا كله يسمى يمينًا، وفيه كفّارة اليمين، ولا يقع به طلاق إذا خالفه؛ لأنه ما قصد الطلاق وإنما قصد حث نفسه، أو منع نفسه، أو حثّ امرأته أو منعها، هذا يسمى عند أهل العلم يمينًا، والصواب عند المحققين من أهل العلم أنه لا يقع إذا فعل ما حلف على تركه، أو ترك ما حلف على فعله، وعليه كفارة اليمين؛ لأحاديث وردت في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، المقصود أن هذا يسمى يمينًا ولا يقع به طلاق، أمّا إذا علق الطلاق على فعل، قصده إيقاع الطلاق، أو على فعل ليس فيه حث ولا منع، ولا تصديق ولا تكذيب، إذا قال: عليه الطلاق لفلانة إذا دخل رمضان، أو عليه الطلاق لفلانة إذا قدم فلان، قصده من ذلك تعليق الطلاق، هذا يقع الطلاق، بشرطه، فقوله: عليّ الطلاق ألاّ أطلق فلانة، هذا إذا كان قصده منع نفسه من طلاقها، يكون إذا طلق عليه كفارة يمين، أمّا إذا كان قصده إيقاع الطلاق وأنه إذا طلّق يقع الطلاق، فبذلك يقع الطلاق

من غير تعليق، الحاصل أنه يرجع إلى نيته إن أراد إيقاع الطلاق، ويقع الطلاق، وإن أراد منع نفسه، أو حثها على شيء، فإنه يكون له حكم اليمين، فيه كفارة اليمين.

حكم قول الزوج لزوجته اعتبري نفسك مطلقة

32 - حكم قول الزوج لزوجته اعتبري نفسك مطلقة س: يسأل ويقول: في إحدى مشاجراتي مع زوجتي، قلت لها: اعتبري نفسك مطلقة، فهل هذا طلاق؟ ولو فرض أن هذا طلاق، فما هو الحل؟ جزاكم الله خيرّا (¬1) ج: نعم يعتبر طلاقًا، ولكن طلقة واحدة، إذا كان ما سبقه طلقتان له مراجعتها، ما دامت في العدة، فإذا قال اعتبري نفسك مطلقة، أو طالقة يقع بذلك طلقة واحدة، وله مراجعتها ما دامت في العدة، إذا كان لم يطلقها قبل ذلك طلقتين، أمّا إذا كانت قد طلقها طلقتين فهذه تكون الثالثة، وتبين، ولا تحل له إلاّ بعد زوج شرعي، وإصابة يعني وجماع، غير تحليل، يعني نكاحًا شرعيًّا، لا يقصد به التحليل، لكن لو طلقها في طهر جامعها فيه، وليست حاملاً ولا آيسة، لا يقع الطلاق، على ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (279).

الصحيح، وهكذا لو طلقها في حيض أو نفاس، لا يقع الطلاق؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض، فأنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأمره أن يراجعها، وقال: «امسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شئت طلق وإلا أمسك» (¬1) وقال له طلقها قبل أن تمسّها، هذا يدل على أن الطلاق في الطهر الذي مسّها فيه جامعها فيه لا يقع، فهذا هو الصحيح وهو قول جماعة من العلماء، وهكذا إذا طلّقها في الحيض أو في النفاس لا يقع، أمّا إن طلقها وهي حامل أو في طهر ما جامعها فيه، أو في طهر جامعها فيه، لكنها حبلى أو آيسة يقع الطلاق في هذه الأحوال، في حال الحمل يقع الطلاق، وفي حال طهر لم يجامع فيه، أو جامع فيه لكنها حبلى أو آيسة يقع الطلاق، ما لم يمنع مانع من كونه اشتد غضبه شدة تغير شعوره، أو يمنع مانع من جهة أنه سكران تكلم بغير عقل، لا يشعر بما صدر منه؛ لكونه سكران، أو أصابه شيء غيّر عقله، هذا لا يقع، من شرط وقوع الطلاق أن يكون ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

الزوج بعقله، فأما إذا تعاطى شيئًا يفقده عقله، أو غضب غضبًا يفقده عقله وشعوره، ما يضبط ما يقع منه، أو يضبط لكن غلب عليه الغضب، واشتد به الغضب من أجل المضاربة بينهما أو المسابّة بينهما، فالصحيح أنه لا يقع في هذه الحالة؛ لشدة الغضب كالذي زال عقله.

س: المستمع س. ع بعث برسالة يسأل فيها سماحتكم عن الحلف بالطلاق بعد كتابة العقد على الزّوجة وقبل الدخول، هل يؤثر أم لا؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، والمشروع ترك الحلف بالطلاق، تركه بالكلية لا يعتاده، لا يقول: عليّ الطلاق ما أفعل كذا، عليَّ الطلاق لأفعلن كذا، إن كنت كذا فأنتِ طالق، عليه أن يترك هذه الوسائل، والمشروع للزوج أن يتباعد عن الطلاق، حتى لا يقع فيه، لكن الحلف بالطلاق معناه تعليقه على أمر يقصد المنع منه، أو الحثّّ عليه، أو التصديق أو التكذيب، هذا يسمّى اليمين، كقوله: عليّ الطلاق ما أفعل كذا، عليّ الطلاق ما أسافر، عليّ الطلاق ما أكلم فلانًا، عليّ الطلاق ما تخرجين ¬

(¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (317).

للمحل الفلاني، عليّ الطلاق ما تكلمين فلانًا، عليّ الطلاق أن تدخلي في البيت، عليّ الطلاق أنك ما تصنعين الطعام الفلاني، وهكذا، هذا يسمّى اليمين، إذا كان قصده حثًّا أو منعًا، أو تصديقًا أو تكذيبًا، عليّ الطلاق أني ما فعلت هذا، أني ما قلت هذا الكلام، يقول حتى يصدق، تسمى اليمين، عليّ الطلاق أن فلانًا ما هو بصادق، يريد أن يكذبه، عليّ الطلاق ألاّ آكل طعام فلان حتى يأكله، عليّ الطلاق ما أكلم فلانًا، حتى يمتنع، هذا يسمى اليمين، أما لو قال: عليّ الطلاق إذا دخل رمضان، هذا ما يسمى اليمين، وإنما هذا شرط هذا معلّق فقط، عليّ الطلاق إذا دخل رمضان، علي الطلاق إذا دخل شوال، عليّ الطلاق إذا نزل المطر، هذا معناه التعليق فقط، ما يسمى اليمين، يسمى تعليقًا؛ لأنه ما فيه حث ولا منع ولا تصديق ولا تكذيب.

س: يقول السائل إنني في يوم من الأيام حلفت يمينًا، وقلت: عليَّ الطلاق من امرأتي أني لن أعمل بالشركة التي أعمل بها، ولكني بعد ذلك عملت، فهل يحسب هذا اليمين بطلقة، أم يعتبر يمينا له كفارة، أرجو الإفادة وفقكم الله؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (13).

ج: الحلف بالطلاق، هو التعليق الذي يراد به حث الحالف على شيء أو منعه من شيء، أو حثّ المستمعين المخاطبين على تصديقه أو تكذيبه، هذا هو اليمين بالطلاق، تعليق مقصوده حثّ أو منع أو تصديق أو تكذيب، هذا يسمى يمينًا بالطلاق بخلاف التعليق المحض، هذا لا يسمى يمينًا، كما لو قال: إذا طلعت الشمس فزوجته طالق أو قال: إذا دخل رمضان، فزوجته طالق، هذا ما يسمى يمينًا هذا تعليق محض، شرط محض، متى وجد الشرط وقع الطلاق، إذا قال مثلاً: إذا طلعت الشمس فزوجته طالق، طلقت بطلوع الشمس؛ لأن هذا يسمى تعليقًا محضًا، وشرطًا محضًا، أما إذا قال: عليه الطلاق ما يعمل بالشركة الفلانية، أو عليه الطلاق ما يكلم فلانًا، أو عليه الطلاق أن تأكل ذبيحتي أو ما أشبه ذلك هذا يسمى يمينًا؛ لأن فيه حثًّا ومنعًا، هذا يسمى يمينًا، والأكثرون من أهل العلم على أنه يقع الطلاق، إذا اختل الشرط، إذا قال: عليه الطلاق أنه ما يكلم فلانًا فكلمه عند الأكثر يقع الطلاق، وهكذا إذا قال: عليه الطلاق ما يعمل بالشركة الفلانية، ثم عمل يقع الطلاق عند الجمهور، وقد ذهب بعض أهل

العلم على أنه لا يقع؛ لأن حكمه حكم اليمين، إذا كان مقصوده حثًّا أو منعًا، أو تصديقًا أو تكذيبًا، ما قصده طلاق امرأته، وهذا هو الغالب على الناس، مثل هذا، يقصد حث نفسه على شيء أو منعها من شيء، أو التصديق أو التكذيب، إذا قال: عليه الطلاق أنه ما يعمل بالشركة الفلانية، ومقصوده منع نفسه من العمل، ليس قصده فراق أهله، وإنما مقصوده أن يمنع نفسه من العمل بالشركة، هذا على الصحيح أنه لا يقع الطلاق، ويكون عليه كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع، من قوت البلد من تمر أو رز أو غيرهما، ومقداره كيلو ونصف تقريبًا، هذه الكفارة، أو يكسوهم على قميص، أو على إزار ورداء، أو يعتق رقبة هذه كفارة اليمين؛ لأن الله سبحانه قال: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}، بعض الناس قد يظنُّ أن الصيام يكفي، ولو كان موسرًا، هذا غلط والصيام إنما يكون في حق المعسر، الذي ما يستطيع لا كسوة ولا إطعامًا وعتقًا هذا العاجز، إذا

عجز عن الثلاث يصوم ثلاثة أيام متتابعة، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه، هذه الكفارة المعروفة التي جاء بها كتاب الله عز وجل، والطلاق الذي علّق على شرط، المقصود منه المنع أو الحث، أو التصديق أو التكذيب، حكمه حكم اليمين في أصح قولي العلماء، وهكذا قول بعض الناس، عليَّ الطلاق أن تأكل الذبيحة، عليَّ الطلاق أن تموت ذبيحتك، عليَّ الطلاق أن تأكل كرامتي، ثم أهمله ما أطاعه، راح وخلاه، عليه كفارة يمين، ولا يقع الطلاق، إذا كان قصده إكرام الشخص، وليس قصده فراق زوجته، وإبعادها إن لم يجلس للكرامة فهذا حكمه حكم اليمين، وهكذا لو قال عليه الطلاق أنه ما يكلم فلانًا، أو ما يزور فلانًا، ثم دعت الحاجة إلى أن كلّمه وزاره، وليس مطلوبه إلاّ منع نفسه، ما قصده فراق أهله، هذا فيه كفارة اليمين، هذه الأمثلة وأشباهها، هي التي تسمّى يمينًا في الطلاق، أما إذا كان ما فيه حثّ ولا منع، بل شرط محض، فهذا تعليق محض، فيقع به الطلاق، كما تقدم مثل: إذا قال: إذا دخل رمضان، فأنت طالق، هذا شرط محض، هذا إذا وقع، وقع الطلاق؛ لأن المعلق على الشروط يقع، إذا وقعت الشروط هذا هو الأصل.

س: هذا سائل أبو محمد سوداني، يقول في سؤاله رجل حلف بالطلاق ألاّ يفعل شيئًا ولكنه فعل ذلك، ماذا عليه علمًا بأنه عندما حلف أراد بذلك أن يلزم نفسه بعدم فعل ذلك الشيء أفيدونا مأجورين؟ (¬1) ج: إذا حلف بالطلاق فقال مثلاً: عليه الطلاق ألاّ يكلم فلانًا قصده الامتناع منه، أو عليه الطلاق ألاّ يسافر، ثم سافر، ومقصوده الامتناع ليس قصده غير ذلك، فهذا فيه كفارة اليمين، حكمه حكم اليمين؛ لأن قصده الحث أو المنع، فيكون عليه كفارة اليمين، ومثله لو قال: عليه الطلاق إن فعلت زوجتي كذا وكذا قصده منعها، أو عليه الطلاق إن فعل فلان كذا قصده منعه، فهذا حكمه حكم اليمين، نسأل الله العافية. ¬

(¬1) السؤال التاسع عشر من الشريط رقم (414).

س: حلفت بالطلاق على ألا أعود إلى مزاولة شيء، وفعلت هذا الشيء، هل عليَّ كفارة، وماذا يكون حكم الدين في هذا الأمر؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، إذا حلف أنه ما يفعل هذا الشيء، إن كان قصده الامتناع، ومنع نفسه من هذا الشيء، وليس قصده الطّلاق، مثل ¬

(¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (232).

عليَّ الطلاق ما آكل طعام فلان، عليَّ الطلاق ما أزور فلانًا، قصده الامتناع ما قصده إيقاع الطلاق، ولكن في قصده أن يمتنع، هذا فيه كفارة يمين إذا فعله، أمَّا إذا قصد إيقاع الطلاق يقع الطلاق، إذا قال: عليَّ الطلاق ما أكلم فلانًا، وناو إذا كلمه يقع الطلاق، وكلّمه يقع الطلاق.

حكم من حلف بالطلاق ثلاثا لمنع نفسه من فعل شيء ففعل

33 - حكم من حلف بالطلاق ثلاثًا لمنع نفسه من فعل شيء ففعل س: هذا السائل ع. ع. من تبوك يقول: إنه طلق بالثلاث بأن لا يفعل شيئًا معينًا، مثل الامتناع عن التدخين، ثم قال السائل بعد ذلك: عدت إلى شرب الدخان، وكنت في ذلك الوقت أرغب في الامتناع عنه، وليس بقصدي طلاق زوجتي، فهي لا زالت معي في البيت، أفيدوني جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إذا طلق الرجل ألاّ يشرب الخمر، أو لا يشرب الدخان، أو لا يكلم فلانًا، وقصده الامتناع، ما قصده فراق أهله، إنما قصده أن يمتنع عن التدخين، أو شرب المسكر، أو كلام فلان، أو زيارة فلان، هذا ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (360).

ليس عليه إلا كفارة يمين، لا يقع الطلاق، يكفر كفارة يمين، والحمد لله هذا هو الصحيح من أقوال العلماء.

س: يقول السائل: أنا كنت مبتلى بشرب الدخان، وقد حاولت بشتى الوسائل تركه، حتى إنني حدثت نفسي أنني سوف أطلق وأحلف بالطلاق على ألاّ أشربه، فقلت: يا ربّ إن شربت أنا الدخان فامرأتي طالق بالثلاث، كان ذلك بعد أن عقدت النكاح وقبل الدخول عليها، والقصد من إقدامي على هذا اليمين، هو منع نفسي من هذه المصيبة، التي هي شرب الدخان، ولكن بعد نصف ساعة لم أستطع فشربته، وكان هذا كله بيني وبين الله، لم يعلمه أحد، وبعد مدة جهّزت عليَّ زوجتي وأعرست وأنجبت منها أطفالاً، ثم حاولت ترك الدخان، وقلت في نفسي أيضًا: إنني سوف أحلف بالطلاق، عسى أن أوفّق في تركه في هذه المرة، وقلت: يا رب إن شربت أنا الدخان فامرأتي طالق ثم طالق بالثلاث، وكان ذلك بمكان واحد وفي لفظ واحد، ولم يفصله سوى كلمة (ثم)، وأنا لا أعرف لكلمة (ثم) أي معنى في اللغة العربية لجهلي بها، وكان ذلك الوقت وأنا في الغربة، وليس عندي سوى الله، ولم أبلغ الزوجة ولا غيرها، وكان هدفي ورغبتي هو منع النفس الأمَّارة

بالسوء من شرب الدخان، ولكن في اليوم الثاني استرجعت، وشربت الدخان مرة ثانية، ثم بعد مشيئة الله أقلعت عن شرب الدخان، ولي خمسة عشر عامًا بعد أن تركته، والزوجة باقية عندي أرجو إفتائي في هذا الأمر، وهدفي من هذا كله، هو منع نفسي من هذه المصيبة التي هي شرب الدخان، وماذا يجب عليَّ من كفارة، أعان الله سماحتكم لخدمة الإسلام والمسلمين؟ (¬1) ج: لا ريب أن شرب الدخان محرم ومنكر ومضاره كثيرة، كما حقّق ذلك جمع من أهل العلم، وكل من تأمل حال المدخنين، وما ذكره أهل العلم، وأهل الطب وأهل التجارب في الدخان، عرف يقينًا مضرّة الدخان، وأنه من المحرمات، ومن المنكرات، التي يجب على كل من يتعاطاها أن يتركها، وأن يحذرها، وبيّن الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم أنه محرم وأنه منكر، لا بالنص عليه، ولكن ببيان ما أحلّ الله لعباده، وما حرّم عليهم، فإنه سبحانه قال: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ}، فهو سبحانه بيّن أنه ما أحل إلاّ الطيبات لعباده، ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (8).

وليس هو من الطيبات، بل هو من الخبائث ومن المضرات، إذ الطيب ما نفعك وغذَّاك من دون مضرّة، أما هذا فهو ضار مؤذٍ بطبعه وآثاره السيئة ورائحته الخبيثة، ومضاره لا تحصى، وقال جل وعلا في وصف نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}، ولا شك أنه خبيث لمضاره الكثيرة، كما بيّن ذلك أهل العلم، وكما بين ذلك الأطباء، وبين ذلك كل من جرّب هذا الخبيث، فالواجب على كل مسلم أن يحذر هذا البلاء، وأن يكون عنده عزم صادق، وقوة على تركه، والحذر منه، لعل الله يسلّم من شره، أما السائل فإن عليه كفارة يمين عن طلاقه المرة الأولى والثانية؛ لأن هذا في حكم اليمين، ما دام قصده منع نفسه من شربه، وليس قصده فراق أهله، فإنه في حكم اليمين في أصح قولي العلماء كما أفتى بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه، وتلميذه العلامة ابن القيم رحمة الله عليه في مثل هذا، فعلى السائل أن يكفّر كفارة يمين عن طلاقه الأول، وعن الطلاق الأخير، وكفارة اليمين هي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم لكل مسكين نصف صاع من التمر أو الحنطة أو الرز، يعني من

قوت بلد الحالف المطلق، أو يكسوهم كسوة تجزئهم في الصلاة، كقميص لكل واحد أو إزار ورداء لكل واحد، هذه هي الكفارة فعلى هذا يكون عليه عشرة أصواع، خَمسة للأولى، الطلاق الأول وخمسة للطلاق الأخير، عشرة أصواع لعشرين مسكينا، كل مسكين يعطى نصف صاع من الأرز أو من التمر أو غيرها من قوت البلد نصفه عن الطلاق الأول، ونصفه عن الطلاق الأخير، ونسأل الله أن يثبتنا جميعًا على الحق، وأن يعيذنا والمسلمين جميعًا من نزغات الشيطان.

حكم الحلف بالطلاق سهوا

34 - حكم الحلف بالطلاق سهوًا س: السائل/ ص. ص. ع. سوداني مقيم في محافظة ساجر يقول: إذا حلف الرجل بالطلاق سهوًا دون أن يشعر، فماذا يكون الحكم، وهل عليه كفارة جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إذا صدر منه كلام سهوًا ما قصده ولا أراده، بل صدر من لسانه سهوًا فما عليه شيء إذا كان صادقًا، مثل لو تكلم بكلمة خرجت من فيه ساهيًا أو نائمًا. ¬

(¬1) السؤال الثالث والثلاثون من الشريط رقم (268).

س: الحلف بالطلاق عندنا شيء عاديّ، يطلّق المتزوج وغير المتزوج وعند أبسط الأسباب والكل لا يعني به ما يقول، حيث أصبح يجري على اللسان بدون قصد، فهل يقع الطلاق في هذه الحالة، أم أنه يعتبر من لغو القول، أفيدونا جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: الواجب عدم التلاعب بالطلاق ولا ينبغي للمؤمن أن يتلاعب بالطلاق، وإذا حصل له شيء يسأل أهل العلم عمّا وقع له من المفتي، أو قاضي المحكمة في الأحوال الشخصية أو العلماء المشهورين بالعلم والفضل يسألهم عمّا حصل له؛ لأن هذه الأمور تختلف بحسب الواقع، فعلى من وقع له شيء من ذلك أن يسأل أهل العلم، مفتي البلد أو قاضيها، العالم الذي يقضي بين الناس في الأحوال الشخصية، أو العالم المشهور عنده في البلد يسأله عما جرى له وهو يفتيه فيما يعلمه من الشرع المطهر. ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (211).

بيان ما يلزم من حدث نفسه بالطلاق ولم يتلفظ به

35 - بيان ما يلزم من حدث نفسه بالطلاق ولم يتلفظ به س: الأخ/ س. ع. س.، من ليبيا، أمانة التعليم بصرف. أخونا له

قضية يقول فيها: يجري اليمين على لساني دائمًا على أبسط الأشياء في حياتي اليومية وكثيرًا ما حاولت التّخلص من هذه العادة ولكن دون جدوى، لا أدري ولا أعلم حتى أنطق باليمين، فما هو حكم الشرع في هذه المشكلة، مع ملاحظة الآتي: أولاً: أنطق باليمين سرًّا، أي بيني وبين نفسي، ليس لي نية في الحلف بالطلاق، لا تتحرك به شفتاي، أي في سري فقط، لا يسمعه أحد مني أبدًا، فهل ينفذ الطلاق في هذه الحالات، جزاكم الله خيرًا ووفقكم لصالح الإسلام والمسلمين؟ (¬1) ج: إن كان الطلاق الذي وقع في نفسك تكلمت به ونطقت به فهذا له حكمه، فإن كنت طلقت امرأتك طلقة واحدة، فلها حكمها كأن تقول: يا طالق أو امرأتي طالق أو فلانة بنت فلان طالق، هذا يقع، وهكذا إذا قلت: طالق ثم طالق ثم طالق، يقع، أما إن كنت تحدثت به في نفسك، ولم تتكلم بشيء، إنما هو حديث النفس وخاطر القلب ولم تتلفظ بشيء، فإن هذا لا يقع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ ما حدّثَتْ بها أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم» (¬2) ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (144). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الطلاق، باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون، برقم (5269).

فالخواطر القلبية والأحاديث النفسية لا يقع بها شيء وإنما يقع لما يصدر لفظًا من لسانك، وأنت قاصد له، فهذا هو الذي يقع، مثل ما تقدم: أنتِ طالق، هي طالق، امرأتي طالق، فلانة بنت فلان طالق، أمّا ما يقع في نفسك ولم تتكلم به ولم يحصل بذلك تلفظ فإن هذا من حديث النفس، والله قد عفا عنه سبحانه وتعالى.

حكم تعليق الطلاق على أمر في المستقبل

36 - حكم تعليق الطلاق على أمر في المستقبل س: الأخ/ ق. ع. م. مصري الجنسية، ومدرس بشمال اليمن يقول: أنا متزوج وملتزم والحمد لله، ولكن دائمًا أحلف، سواءً في الغضب أو في غير الغضب وأقول: عليّ اليمين أو عليّ الطلاق، فمثلاً أقول: عليّ اليمين ما أفعل كذا، فهل هذا الحلف يعد يمينًا ويجب فيه كفارة إذا لم أف بما حلفت عليه؟ وجّهوني جزاكم الله خيرًا (¬1) ج: هذا الكلام فيه تفصيل، فإذا كنت أردت منع نفسك من هذا الشيء، قلت: عليَّ الطلاق لا أفعل كذا، عليَّ الطلاق لا أكلم فلانا، علي الطلاق لا أزور فلانًا، تقصد منع نفسك من هذا الشيء، وليس في ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (179).

قصدك فراق أهلك، فراق زوجتك، إنما أردت منع نفسك من هذا الفعل أو حثّها عليه، أن تقول: عليّ الطلاق لأفعلن كذا، عليّ الطلاق لأكلمن فلانًا، عليّ الطلاق لأكرمن فلانًا، أو لأزورنَّ فلانًا، أو عليّ الطلاق لأسافرن إلى كذا، فإذا كان المقصود حثّ نفسك على الفعل، أو الترك، وليس المقصود فراق أهلك إن لم تفعل أو إن فعلت، فهذا له حكم اليمين، وفيه الكفارة المذكورة في كتاب الله، في سورة المائدة وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، مخيّر، كل مسكين يعطى نصف الصاع يعني كيلو ونصفًا من التمر، أو غيره من قوت البلد أو يعطى كسوة إزارًا ورداءً أو قميصًا أو يعتق رقبة، فإن عجز عن الثلاث، فإن عليه أن يصوم ثلاثة أيام، هذه كفارة اليمين، وهذا الطلاق الذي وصفنا له حكم اليمين، أمّا إذا أردت إيقاع الطلاق مع منع نفسك من هذا الشيء، قلت: عليّ الطلاق لا أفعل كذا، عليّ الطلاق لا أكلم فلانا، عليّ الطلاق لا أزور فلانا ومقصودك الامتناع وفراق أهلك أيضًا إن فعلت، فإنه يقع الطلاق طلقة واحدة بهذا الكلام؛ لأنك أردت إيقاع الطلاق والأعمال بالنيات وهكذا أشباه ذلك، مثل: عليّ الحرام لأفعلن كذا أو عليّ الحرام لا أفعل كذا، إن قصدت

التحريم والمنع أو قصدت التحريم وحده، فعليك التحريم إذا لم تفعل، تكون زوجك حرامًا عليك حتى تكفر كفارة الظهار، أمّا إذا ما أردت التحريم، إنما أردت منع نفسك، قلت: عليّ الحرام لأفعلن كذا، تريد حثّ نفسك على الفعل ومنعها من عدم الفعل، لا تحريم زوجتك، فإن هذا له حكم اليمين وعليك كفارة اليمين على حسب النية، أمّا إذا نويت تحريمها إن لم تفعل، فإنه يكون ظهارًا.

حكم من حلف بالطلاق ألا يغادر بلده حتى ينجب ولدا

37 - حكم من حلف بالطلاق ألا يغادر بلده حتى ينجب ولدًا س: أخبركم سماحة الشيخ: أنني قد حلفت أن أبقى في مصر حتى أنجب ولدًا وكان ذلكم الحلف بالطلاق، إلا أنه حتى الآن لم يأتني ولد، وجّهوني جزاكم الله خيرًا كيف أتصرّف؟ (¬1) ج: هذا الطلاق يفسّر على حالين، أحدهما: أن تكون أردْتَ إيقاع الطلاق إن خرجت من مصر قبل أن تنجب، فإن كنت أردت هذا، فإنه يقع عليك طلقة إذا خرجت، يقع على زوجتك طلقة واحدة ولك مراجعتها ما دامت في العدّة إذا كنت لم تطلقها قبل هذا طلقتين، هذا إذا ¬

(¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (299).

كنت أردت إيقاع الطلاق إن خرجت قبل أن تنجب، والحال الثاني: أن تقصد حثّ نفسك على البقاء حتى تنجب وليس فيه إيقاع الطلاق وإنّما أردت حثّ نفسك على البقاء حتى تنجب، فهذا يكون حكم اليمين في أصحّ قولي العلماء وهو المختار من قول ابن عباس وشيخ الإسلام ابن تيميّة والجماعة وروي عن جماعة من السّلف، ما يدل على ذلك وهذا القول هو الأصح، إذا كنت أردت حثّ نفسك على البقاء في مصر حتى تنجب ولم ترد إيقاع الطلاق إنْ خرجت ولم تنجب، فهذا يكون فيه حكم اليمين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» (¬1) وهذا كلام محتمل فالنيّة تفسره. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: **إنما الأعمال بالنيات .. ** برقم (1907).

حكم قول علي الطلاق أو علي الحرام

38 - حكم قول علي الطلاق أو علي الحرام س: م. ح. من دمشق يقول: إني اعتدت بأن أحلف يمينًا عندما أغضب وأزعل من أي شيء، سواءً في العمل أو في المنزل وأقول: عليّ الطلاق أو عليَّ الحرام بأن هذا كذا وكذا وكذا وصارت هذه اليمين

عادة فيَّ، في يومي وليلتي وأردده باستمرار، حاولت التخلص منه ولكنني لم أستطع، فبماذا تنصحونني وما حكم هذا اليمين يا سماحة الشيخ؟ (¬1) ج: نوصيك بالحذر من هذا وعدم اعتياده، هذا الذي نوصيك به وإن فعلت ذلك وأنت صادق فليس عليك شيء، قلت: عليَّ الطلاق إن فلانًا سافر، عليَّ الطلاق إنني ما فعلت كذا وكذا وأنت صادق لا شيء عليك أو عليَّ الحرام إني ما أفعل كذا ولم تفعله أو عليَّ الحرام إن فلانًا قد سافر أو عليَّ الحرام إني ما أكلت كذا وأنت صادق فلا شيء عليك، أما إذا قلته تريد المنع، تقول: عليَّ الطلاق ما تقومين يا فلانة، كذا، عليَّ الطلاق ما تروحين لأهلك وأنت قصدك منعها، هذا حكمه حكم اليمين، عليك كفارة اليمين، أو عليَّ الحرام إني ما آكل هذا الشيء وأكلته وقصدك الامتناع منه، فعليك كفارة يمين، أو عليك الحرام ما تزور فلانًا، ثم زرته وأنت قصدك الامتناع من زيارته، عليك كفارة يمين والحمد لله وعليك الاستغفار من قولك بالتحريم. ¬

(¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (414).

س: يقول السائل: رجل يكثر الحلف بالطلاق، هل أكون آثمًا إذا صاحبته، وجهوني جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: انصحه، وجّهه إلى الخير، يُنْصَحُ بعدم الحلف بالطلاق، يحلف بالله، لا يطلّق، يترك الطلاق عنه، عليكم أن توصوه بالخير، ترشدوه إلى الخير حتى لا يعتاد الطلاق، إذا كان ولا بُدَّ يحلف بالله يقول: والله ما تفعل كذا والله لا أفعل كذا ويترك الطلاق؛ لأن الطلاق قد يترتب عليه وقوعه والتفريق بينه وبين أهله، فينبغي له الحذر من استعمال الطلاق حتى لا يندم. ¬

(¬1) السؤال الثامن والثلاثون من الشريط رقم (293).

حكم تهديد الزوج لزوجته بالطلاق

39 - حكم تهديد الزوج لزوجته بالطلاق س: حدثت لي حوالي خمس مشكلات مع زوجتي، منذ حوالي ثمان سنوات وعلى إثرها تركت البيت إلى بيت أبيها وطالت المدة وطلبتها من أهلها وأقاربها وذلك لحاجتي إليها ولعدم اتّساع المشكلات كلما طالت المدّة، وقد حان موعد عيد الفطر وكنت أريد أن تكون زوجتي في بيتها، وعلى أمل أن تعود، وعندما جاءني خبر بأنها لن

تعود حلفت يمينًا وقلت: عليَّ الطلاق إذا لم ترجع قبل العيد أو قبل الشهر تكون مطلقة، واتصلت بعد اليمين بأهلها حتى تحضر قبل الميعاد، لكن والدها رفض ذلك ولم تحضر، وكذلك زوجتي لم تسمع بهذا إلا بعد تصالحنا وذهبت بعدها إلى أحد المشايخ؛ لرد اليمين ولم أتذكر بماذا أفتوني، هذه مرة، والمرة الأخرى حلفت يمينًا بالطلاق على زوجتي، قلت: عليَّ الطلاق إذا سلَّمت على فلان تكونين مطلقة، أُريد منعها من السلام على هذا الإنسان الذي لا أستريح له ولا سيما قد يجمعنا مكان واحد؛ لأنه قريب ولكنها سلَّمت عليه، وفي المرة الثالثة إثر خلاف أرادت الخروج من البيت وكنت أريد منعها من الخروج وتهديدها حتى لا تخرج، فيكون هناك مشكلات أكثر، فحلفت يمين طلاقٍ وقلت في نفسي اليمين: تكونين محرمة عليَّ مثل أمي وأختِي إذا خرجت من باب البيت، فرجوتها ألاّ تخرج من باب البيت ولكنها خرجت وسألت عن هذا أيضًا وقيل: أطعم ستين مسكينًا، وفعلت وقال: لك طلقة واحدة، وفي المرة الرابعة سمعت زوجتي تقول لأحد أبنائي: يا ابن الكلب، فحلفت يمينًا فقلت: عليَّ الطلاق لو قلت مرةً ثانية تكونين طالقة ولم أسمعها قالت شيئًا ولكنها قالت لي بعد هذا

اليمين: أنا سهوت وقلت: يا أولاد الكلب لأولادي، علمًا بأنني حلفت هذه اليمين وهي لم تتطهر بعد من العادة الشهرية، وفي المرة الخامسة على إثر سوء تفاهم هددتها بالطلاق إذا لم تكفّ عن الصياح، ولكنها لم تكف مرة تلو المرة، زادت من صياحها فغضبت غضبًا شديدًا، وخرج الكلام بعد مقاومة مني له، مندفعًا بالغضب قلت: عليَّ الطلاق، أنت مطلقة في ذلك الوقت وتكونين محرمة عليَّ مثل أُمي وأُختي، وبعدها تيقّنت أني خسرت أولادي وزوجتي وأني من شدة الغضب لم أتذكر أني قلت لها: تكونين محرمة عليَّ مثل أمي وأختي، وأسأل هل بالغضب الشديد لا يقع الطلاق وما شدته وهل من الضرورة ألاّ أتذكر شيئًا مما قلته على الإطلاق وهل هذا اليمين يقع رغم أني قلته نتيجة لغضب شديد، فماذا ترون في هذه الحالات الخمس، أفيدوني بارك الله فيكم، هل بقيت لي فرصة للعيش مع زوجتي أم لا؟ (¬1) ج: على كل حال ما ينبغي للسائل أن يتساهل في هذا الأمر ويكثر من الطلاق ويهدد بالطلاق، بل ينبغي له أن يحفظ لسانه، وهكذا كل مسلم ينبغي له ألاّ يتساهل في الطلاق، بل ينبغي أن يحفظ لسانه من ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (47).

الطلاق وأن يهدّد بغير الطلاق وينصح زوجته عند المخالفة فيما يرى من النصيحة، أمّا الطلاق فينبغي أن يكون بعيدًا؛ لأن هذا قد يضرّ في حاله مع زوجته، فينبغي له ألاّ يهدد بالطلاق، وألاّ يستعمله مهما أمكن، وأما ما وقع منه في هذه المسائل الخمس، فالطلاق الذي أراد به تهديدها ومنعها، وما أراد إيقاع الطلاق حين قال لها: إن جاء العيد وخرج الشهر فأنت طالق، إن كان أراد بهذا إيقاع الطلاق، وقع طلقة، وإن كان ما أراد بذلك إيقاع الطلاق، وإنما أراد منعها من البقاء عند أهلها حتى تأتي قبل العيد، وأراد بهذا تخويفها من مغبة هذه اليمين، فإنه لا يقع شيء، وعليه كفارة يمين، وهكذا منعها من السلام على شخص معيّن، إذا كان أراد منعها كما قال ولم يرد الطلاق، فإن الطلاق لا يقع، وعليه كفارة يمين عن سلامها عليه إذا كان أراد منعها من السلام ولم يرد إيقاع الطلاق، وهكذا منعها الخروج من البيت، إذا كان أراد عدم خروجها، وإنّما أراد تخويفها بالطلاق، حتى لا تخرج ثم خرجت، فعليه كفّارة يمين في هذا كله، أمّا إذا كان أراد إيقاع الطلاق، فإنه تقع طلقة، وهذا طلاق متعدّد، والمسألة تحتاج إلى عناية ونظر في موضوعه، فإن كانت الزوجة موجودة في الرياض، فنرى أن يحضر عندي هو وزوجته،

حتى ننظر في أمرهما جميعًا بالتفصيل، وحتى تكون الفتوى على أمر واضح، والشيء الذي فعلته ناسية لا يقع به شيء، كلّمتْ من مَنَعها من تكليمه ناسية، فلا يقع شيء بذلك ولا عليه كفارة فيما إذا فعلت المحلوف عليه ناسية ساهية؛ لأن الله جل وعلا يقول: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}، وهكذا إذا اشتدّ الغضب ولم يملك نفسه، وكان الغضب شديدًا؛ لأنها خالفته ونازعته شديدًا، وتكلّمتْ بكلام سبب شدة غضبه، وعدم استطاعته قهر نفسه، فإنه بهذه الحال لا يقع الطلاق، فإنه بهذه الحال يُشَبّهُ بمن لا عقل له، من شدة الغضب؛ لأنه لا يملك نفسه ولا يستطيع قهرها بسبب الغضب الشديد والنزاع الشديد، أو الكلام الخبيث الذي قالته حتى اشتد غضبه، فإنه لا يقع به الطلاق، وقولها: يا ابن الكلب أو يا بني الكلب، إذا كانت ساهية فإنه لا يقع شيء بذلك، ولا يلزم كفارة بذلك، فينبغي له أن يتوقف عن الطلاق، ويحذر هذا الاستعمال الذي قد يفضي به إلى فراق أهله ويسبب مشكلات عليه، ينبغي لك أيها السائل أن تحذر مثل هذا، وإذا حضرت مع زوجتك عندي فهو يكون أولى حتى نسألها عما قلت، ونسألك عما

قلت، وحتى يحضر معها وليها، كأخيها أو أبيها حتى ننهي الموضوع على طريقة واضحة، وبعد سؤالكما جميعًا والولي عن كل ما وقع، هذا يكون أحوط وأولى، وإذا كان في اليمن فعليه أن يتصل بالعلماء هناك هو وزوجته ووليها أحسن، حتى يفصّل له العلماء ما وقع فيه، يتصل ببعض العلماء هناك، أهل الفقه من القضاة ونحوهم، من أهل العلم أهل البصيرة فيخبرهم بكل ما وقع منه، حتى يكونوا على بيّنة وعلى بصيرة في فتواهم، وفيما يراه أهل العلم إن شاء الله البركة والخير، وقد بينَّا لك ما يلزم مما قد عرفنا من سؤالك. أمّا عن ظهاره، فعليه أن يكفر إذا كان يستطيع الصيام، يصوم شهرين متتابعين، وإن كان ما يستطيع الصّيام يطعم ستين مسكينًا، ويكون عليه طلقة إذا أراد إيقاع الطلاق، أما إذا كان يريد منعها وكفها من هذا الشيء، ولم يرد إيقاع الطلاق، إنما أراد تخويفها وتحذيرها وكفها عن ذلك عليه كفارة يمين مع كفارة الظهار.

حكم من علق الطلاق بالثلاث على أمر يقصد المنع منه

40 - حكم من علق الطلاق بالثلاث على أمر يقصد المنع منه س: لي زوجة طيّبة، مطيعة، وقورة، وهي تذهب إلى العمل في غير تبرج ولا زينة، ولكني أنا لست راضيًا عن عملها هذا، ولا أريد منها

الذهاب، واختلفنا على ذلك وحلفت عليها بالطلاق بقولي: عليّ الطلاق ما أنت ذاهبة إلى العمل مرة أُخرى، وكررت هذه الكلمة مرتين، وفي الثالثة قلت: عليّ الطلاق بالثلاث ما أنت ذاهبة إلى الشغل في السنة القادمة، وكان ذلك في جلسة واحدة وكان غرضي ونيتي المنع من العمل، وكانت هي في ذلك الوقت في إجازة وضع، لمدة ثلاثة أشهر، وكنت أريد أن نستفيد من مرتبها خلال هذه الإجازة، في تسديد ديوننا وبعدها لن تذهب إلى العمل، ولم تذهب إلى العمل في هذه المدة، وكانوا يرسلون إليها مرتبها وبعد ما انتهت مدة إجازتها، وحان وقت عودتها إلى العمل ناقشني أحد أقاربي في ذلك، بقصد رغبته في ذهابها إلى العمل، فقلت: عليّ الطلاق ما هي ذاهبة وكررت مرة أخرى، وكان ذلك أيضًا في جلسة واحدة، وكان غرضي ونيتي هذه المرة هي الطلاق، إن هي ذهبت إلى العمل، وفي اليوم المحدد لعودتها إلى العمل قلت لها: إن ذهبت إلى الشغل فلن تكوني زوجة لي، كتأكيد ليميني السابقة، ولكنها ذهبت إلى العمل فما الذي يأمرني به ديني في هذه الحالة، وهل هذه الأيمان طلاق رجعي، أم طلاق بائن لا رجعة فيه، مع العلم أنها الآن تعيش معي وتتمسك بالبقاء معي، وترفض مغادرة منزلي والذهاب إلى

منزل أبيها؟ (¬1) ج: الواجب على المرأة السمع والطاعة لزوجها فيما أباح الله، لا في المعصية، وكون السائل منعها من ذهابها إلى العمل، هذا ليس بمعصية بل هو أمر له حق فيه، فالواجب عليها أن تسمع له وتطيع في ذلك وألاّ تذهب إلى العمل، وقد نوى في الطلاق الأول المنع فقط، فيكون عليه في ذلك كفارة يمين، بسبب ذهابها إلى العمل؛ لأنه لم يقصد إلا منعها فقط، وهذا هو الصواب من قولي العلماء، فيما إذا علّق الزوج الطلاق على أمر يقصد المنع منه أو الحمل عليه أو التصديق أو التكذيب، هذا هو المختار عند جمع من أهل العلم، أما طلاقه الأخير فقد أراد به الطلاق وكرره مرتين، والجواب عن ذلك: إن كان أراد بالتكرار إيقاع الطلاق المرة الثانية كالأولى، فقد وقع عليه طلقتان، وبقي لها واحدة وله مراجعتها ما دامت في العدة، وإن كان لم يرد إيقاع الطلاق في المرة الثانية حين كرر، وإنما أراد تأكيد الكلام السابق أو إفهامها، فإنه لا يقع بذلك إلا طلقة واحدة ويبقى لها طلقتان وله ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (45).

مراجعتها ما دامت في العدة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» (¬1) وقد نوى في الطلاق الأخير إيقاع الطلاق، فيقع ما قال والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: **إنما الأعمال بالنيات .. ** برقم (1907).

س: رجل قال لزوجته: عليّ الطلاق ما تفعلين ذلك الشيء، فعصته وفعلته في الحال، ماذا يعمل هل تعد هذه يمينًا ويكفر عنها أم ماذا؟ (¬1) ج: إذا قال: عليه الطلاق لزوجته ألاّ تفعل هذا الشيء فله حالان: إحداهما أن يقصد إيقاع الطلاق بها إذا فعلت هذا فيكون عليه طلقة، مثل هذا يكون طلقة تحسب عليه، إن كان قبلها طلقتان بانت منه، وإن لم يكن قبلها طلقتان، تحسب عليه طلقة، إذا كان قال: عليه الطلاق إن كلمت فلانًا أو إن لم تفعلي كذا أو إن رزت فلانًا أو ما أشبه ذلك، وهو يقصد إيقاع الطلاق إذا فعلت، يعني نيّته إيقاع الطلاق عليها، فيقع طلقة، أما إذا كان قصده منعها وتخويفها وليس قصده طلاقها وإيقاع الطلاق عليها، إنما قال ذلك ليمنعها من هذا الشيء، عليه الطلاق إن كلمت فلانًا، أو إن دخلت بيت فلان، أو ما أشبه ذلك يقصد منعها ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (10).

وتخويفها وزجرها ولم يقصد ولم ينو إيقاع الطلاق عليها ولا فراقها، هذا يكون له حكم اليمين، في أصح قولي العلماء، وعليه كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، والإطعام لكل واحد نصف صاع من التمر أو الأرز، من قوت البلد نصف صاع، يقوم مقامه كيلو ونصف من ذلك، هذا في كفارة اليمين في مثل هذا.

حكم التسرع في يمين الطلاق

41 - حكم التسرع في يمين الطلاق س: يقول السائل: حلفت على زوجتي مرة قائلاً: والله العظيم إن لم تذهبي اليوم إلى بيتنا لتكونين طالقة، وكانت في بيت أبيها في حالة نفاس، لم يمر عليها خمسة أيام من وضعها، لسوء تفاهم نشب بيني وبين أبيها، وكنت لا أقصد طلاقها، ولكن كنت أقصد أن تخاف على نفسها من الطلاق، وتذهب إلى بيتنا تاركة بيت أبيها، ولكنني بعد أن هدأت، لمت نفسي، بعد هذا الحلف وخوفًا من إصابتها بمرض، أثناء ذهابها، المهم لم ينفذ هذا الذهاب إلى بيتنا، وبعد مرور عدة سنين ولكثرة كلامها في موضوع لا أرغب في الاستماع إليه، حلفت عليها قائلاً: والله العظيم إن لم تسكتي عن هذا الحديث في هذا الموضوع الآن، لتكونين طالقة ولكنها تكلمت، وكان قصدي أيضًا أن أمنعها من

الحديث، وأخوفها بالطلاق ولا أقصد تطليقها، إنما أقصد طاعتي في السكوت، فهل في هذين الحلفين وقع عليَّ يمين أو طلاق رجعي أو يمين وطلاق معًا، وبمرور السنين أيضًا حلفت عليها أيضًا، إذا تصرّفت في أيّ موضوع بدون مشورتي لتكونين عليَّ حرامًا كأمي وأُختي أقصد أيضًا تهديدها بعدم التصرف بدون مشورتي وطاعتي، فهل هذا ظهار أم يمين أفيدونا عن ذلك جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: هذا التصرف لا يليق منك، بل ينبغي التّثبت وعدم المسارعة إلى الطلاق، ولا إلى التحريم أيضًا، ولكن ما دام الواقع هو ما ذكرت، وليس قصدك إلا تخويفها وحثها على امتثال أمرك، فإن هذه الوقائع الثلاث كلها في حكم اليمين، كل واحدة منها في حكم اليمين، الطلاق الأول والثاني والتحريم الأخير، كله في حكم اليمين، وعليك كفارة اليمين عن هذه الوقائع الثلاث، فعليك كفارات ثلاث، عن كل واحدة كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمرٍ أو غيره وذلك يقارب كيلو ونصفًا، أو كسوتهم بما ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (51).

يجزئ في الصلاة، أو ما هو أكمل من ذلك من إزار ورداء، مثل قميص وعمامة، يكفي لكل واحد، وإن عشّيتهم في بيتك أو غديتهم في بيتك، كفى ذلك أيضًا، وعليك التوبة إلى الله من التحريم؛ لأنه لا يجوز التحريم لما أحل الله سبحانه وتعالى، وهذا الذي قلنا لك هو الأقوى والأصح من أقوال أهل العلم، أن في هذا كفارة يمين، ولا يلحقك طلاق ولا تحريم، هذا هو الأرجح من أقوال أهل العلم في هذه المسائل الثلاث، نسأل الله لنا ولك الهداية.

حكم تعدد أيمان الطلاق في مجالس مختلفة

42 - حكم تعدد أيمان الطلاق في مجالس مختلفة س: كنت أريد فعل شيء من زوجتي، وأقسمت عليها يمينًا هذا نصه: (عليّ الطلاق لو ما جئت بهذا الشيء، لتكونين طالقة فلم تحضر ذلك الشيء الذي كنت أُريده، ثم أقسمت يمينًا بالطلاق شافعي ومالكي وأبي حنيفة، بيني وبين شريك لي في أرض، وكانت زوجتي جالسة في هذا المجلس، حيث قلت في هذا اليمين عليّ الطلاق: شافعي ومالكي وأبو حنيفة لأبيعنّ هذه الأرض بعد هذه الزرعة، ومرت الزرعة والأخرى ولم تبع الأرض، وأنا في أثناء اليمين كنت أشير بيدي على زوجتي، ثم أقسمت يمينًا بالطلاق على زوجتي بأن تردّ عليّ، بقول

نعم، حينما أناديها في كل مرة، وهذا نصه: عليّ الطلاق لو لم تقولي: نعم كلما أناديك لتكونين مطلقة، فأحيانًا تقول، وأحيانًا لا تقول، أفيدونا بارك الله فيكم عن الحل في هذه الأيمان مع عزمي على التوبة من هذه الأقوال جزاكم الله خير الجزاء؟ (¬1) ج: هذا غلط منك في استعمال الطلاق، هذا تلاعب لا خير فيه، غلط منك أيّها السائل، لا ينبغي منك استعمال هذا الطلاق، وأبغض الحلال إلى الله الطلاق، لا ينبغي للمؤمن أن يستعمل الطلاق هكذا، بل يخاطب بغير الطلاق، باليمين بالله، بالتأكيد باليمين، أما هذا العمل فهو عمل لا ينبغي منك، ولا ينبغي منك العود إليه، أما الحكم فإن كنت أردت حكم اليمين، يعني أردت التأكيد عليها أنها ترد عليك بنعم، والتأكيد أن تبيع الأرض، والتأكيد عليها أن تأتي بالحاجة، ولم تردْ وقوع الطلاق، إنما أردت التأكيد في هذا الأمر، والتشديد على نفسك، ولم ترد إيقاع الطلاق ولكن للتأكيد على نفسك أن تبيع، أو للتأكيد على زوجتك أنها تأتي بالحاجة، وتقول نعم، ولم تقصد إيقاع الطلاق عليها وفراقها، فهذا حكمه حكم اليمين، فعليك في كل واحدة كفارة ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (50).

يمين، في الحاجة وفي قول نعم، وفي بيع الأرض عليك كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم أو عتق رقبة، والإطعام نصف صاع من قوت البلد مقداره كيلو ونصف، من تمر أو أرز أو ذرة، إن كانت قوت البلد، أو دخن إن كان من قوت البلد أو بر أو تكسو الفقراء العشرة، كل واحد يعطى قميصًا أو إزارًا ورداء، أو عتق رقبة مؤمنة، فإن عجزت عن هذا كله، تصوم ثلاثة أيام عن كل يمين، فطلاقك عليها أن تأتي بالحاجة ولم تأت بها هذه يمين، وطلاقك عليها أنها تقول: نعم، يمين، والطلاق على بيع الأرض يمين، هذا إذا كنت ما أردت إلا التأكيد والتشديد على نفسك أنك تبيع الأرض، والتشديد عليها أن تقول: نعم، أو التأكيد عليها أن تأتي بحاجة، ولا أردت فراقها وإيقاع الطلاق عليها في هذه المسائل، هذا فيه كفارة اليمين، ثلاث كفارات، أما إن كنت أردت إيقاع الطلاق فيها أو في إحداها فيقع الطلاق، أنت أردت الطلاق في مسألة الأرض، أنك إذا ما بعت فالزوجة طالق، يقع عليها الطلاق، وهكذا مسألة قول نعم، ومسألة الحاجة، إذا أردت إيقاع الطاق وقع الطلاق، وعلى حسب الوقائع تكون الأولى طلقة واحدة فيها المراجعة، والطلقة الثانية فيها المراجعة، والثالثة الأخيرة ليس فيها

مراجعة، تنتهي قد بانت منك حتى تنكح زوجًا غيرك في الطلقة الأخيرة الثالثة، إذا كنت أردت إيقاع الطلاق في المسائل هذه، فعند الأخيرة إن كانت الأخيرة الأرض، أو قول نعم، والمسألة الأولى الحاجة الأخيرة من هذه الثلاث، تكون هي النهاية، فلا تصلح إلاّ بعد زوج، إذا كنت أردت إيقاع الطلاق في المسائل الثلاث.

حكم من حلف بالطلاق على فعل شيء ولم ينفذ

43 - حكم من حلف بالطلاق على فعل شيء ولم ينفذ س: يقول السائل: حلفت بالطلاق أن أكسوَ بنات عمي، وقد كُنّ صغيرات، لكني لم أستطع حتى الآن، والبنات قد كبرن، فكيف أتصرف؟ (¬1) ج: هذا يختلف بحسب النية، إن كان قلت: عليَّ الطلاق أن أكسو بنات عمي وقصدك إذا تيسّر، ما قصدك في الحال، متى تيسر ذلك، فمتى تيسر تكسوهم، أمّا إن كنت قصدت يومًا معينًا أو شهرًا معيّنًا أو سنة معينة، فأنت على نيتّك، فإن تم ذلك وإلا وقع الطلاق، إن كنت أردت إيقاع الطلاق، أمّا إن كنت أردت حثَّ نفسك، ما أردت إيقاع ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (247).

الطلاق، إنما قصدت التأكيد على نفسك، وإلزام نفسك بالكسوة، وليس قصدك فراق أهلك ولا إيقاع الطلاق عليهم، فإنه يكون عليك كفارة يمين، حسب النية، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» (¬1) الحديث متفق عليه، إذا كان قصدك من الطلاق، أن تلزم نفسك بالكسوة وأن تحث نفسك عليها، وليس قصدك إيقاع الطلاق على أهلك إن لم تكس بنات عمّك، فإنه لا يقع الطلاق، وعليك أن تكفر كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، تغديهم أو تعيشهم، أو تعطي كل واحد نصف صاع من قوت البلد، أو كل واحد تعطيه قميصًا أو إزارًا ورداءً، هذه كسوة، ومن عجز صار فقيرًا عاجزًا، يصوم ثلاثة أيام، وهناك أيضًا عتق رقبة، إذا حنت في يمينه فهو مخير بين ثلاثة أشياء: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن عجز صام ثلاثة أيام، كما نص على ذلك قوله سبحانه في سورة المائدة: وقد بين الله جل وعلا كفارة اليمين، بيانًا شافيًا وقال سبحانه: ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: **إنما الأعمال بالنيات .. ** برقم (1907).

{لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}، الآية من سورة المائدة، وعلى المؤمن أن يحفظ يمينه، ويجتهد في عدم الأيمان إلا عند الحاجة لها، وإذا حلف يجتهد في برّ اليمين وإن استطاع إذا كانت المصلحة في برّ اليمين، أمّا إن كانت المصلحة تقتضي عدم البرّ وأن يحنث، فإنه يحنث ويكفّر، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إذا حلفت على يمين ورأيت غيرها خيرًا منها، فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير» (¬1) ويقول صلى الله عليه وسلم: «والله إني إن شاء الله، لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها، إلا كفّرت عن يميني وأتيت الذي هو خير» (¬2) هكذا يقول صلى الله عليه ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب قول الله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم)، برقم (1529) ومسلم في كتاب الأيان والنذور، باب من حلف يمينًا فرأى غيرها خيرًا منها، برقم (4370). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب كفارات الأيمان، باب الاستثناء في الأيمان، برقم (6718)، ومسلم في كتاب الأيمان، باب ندب من حلف يمينًا فرأى غيرها خيرًا منها ... ، برقم (1649).

وسلم، فإذا قال إنسان: والله لا أكلم فلانًا أو لا أسلم عليه، ثم رأى المصلحة تقتضي أن يكلمه ويسلم عليه ولا فائدة من هجره، فإنّه يحنث ويسلم عليه ويكلمه ويكفّر عن يمينه، أو قال: والله ما أتصدق اليوم بشيء، يكفر عن يمينه ويتصدّق، أو قال: والله لا أحج هذه السنة، ثم أحبّ أن يحج، يحج ويكفر عن يمينه؛ لأن هذا خير، وهكذا ما أشبه ذلك.

حكم من حلف بالطلاق لإلزام شخص بفعل شيء

44 - حكم من حلف بالطلاق لإلزام شخص بفعل شيء س: السائل ع. مقيم بالرياض، حلفت بالطلاق لأحد الإخوان، حتى يأخذ مبلغًا مني فرفض، وحلف بالله ألا يأخذ المبلغ، فهل وقع الطلاق حينئذ؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، إن كان المقصود إلزامه بالأخذ والتأكيد عليه، وليس قصدك إيقاع الطلاق، فإنه لا يقع الطلاق، ويكون له حكم اليمين، وعليك كفارة يمين، إذا قال الإنسان: عليّ الطلاق أن تأخذ هذه الدراهم، أو عليّ الطلاق أن تأكل الطعام، أو عليّ الطلاق أن ¬

(¬1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم (332).

تخرج من البيت، أو عليّ الطلاق أن تسافر إلى كذا، ولم ينفذ يكون عليه كفارة يمين، إذا كان المقصود التأكيد في الموضوع، ليس المقصود إيقاع الطلاق، وإنّما المقصود التأكيد فيما ذكر، فإنه يكون في حكم اليمين، وعليه كفارة اليمين إذا أخل المحلوف عليه بالشرط ولم يمتثل، فإذا قال عليّ الطلاق أن تشرب القهوة ولكن امتنع عن شربها، وقصده إلزامه وليس قصده تطليق زوجته، وإنما المقصود إلزامه والتأكيد عليه، فهذا فيه كفارة يمين، وهكذا لو قال لزوجته عليّ الطلاق ألاّ تخرجي من البيت، أو لا تكلّمي فلانا، والقصد المنع من الخروج، أو من الكلام فلم تمتثل، فإن عليه كفّارة يمين ولا يقع الطلاق؛ لأن هذه الأنواع كلها في حكم اليمين، والمقصود منها التأكيد في فعل شيء، أو منع شيء، أما إذا كانت له نية أخرى فهذا ينظر فيه، إذا وقع يستفتي فيه العلماء، ويفتونه في هذا إذا كان له نية أخرى غير نية الطلاق، غير نية المنع، المقصود أن هذه الشروط فيها تفصيل، تارة صاحبها يقصد المنع من شيء، أو الحثّ على شيء، وتارة يقصد هذا مع الطلاق، فإذا قصد الأمرين جميعًا، وقع الطلاق إن لم يكن هناك مانع من وقوعه، من حيض أو نحو ذلك.

حكم من حلف بالطلاق على أمر فظهر خلافه

45 - حكم من حلف بالطلاق على أمر فظهر خلافه س: يقول السائل: لقد حلفت لبعض الأصدقاء بالطلاق، أنني أرسلت مبلغًا من النقود، وحدّدت ذلك المبلغ، وكنت متأكدًا من ذلك المبلغ، وكان عندي دليل فيه، وبعد ذلك أخذت أفتش في تلك الأوراق، فوجدت المبلغ ينقص عن التحديد، فهل يجب أن أراجع زوجتي، أم أنها تطلق مني، أفيدوني وفقكم الله؟ (¬1) ج: إذا طلّق الإنسان على شيء يعتقد أنه فعله، فإن الطلاق لا يقع، فإذا قال: عليه الطلاق أنه أرسل كذا وكذا ظانًّا معتقدًا أنه أرسله، ثم بان أنه ما أرسله، أو بان أنه ناقص، فالطلاق لا يقع في هذه الحال، هذا هو الصحيح من أقوال العلماء، وهكذا لو قال: عليّ الطلاق إن رأيت زيدًا أو عليّ الطلاق إن زيدًا قد قدم، أو مات وهو يظن ويعتقد أنه مصيب، ثم بان له أنه غلطان، وأن هذا الذي قدم أو مات، ليس هو الرجل الذي أخبر عنه، فإن طلاقه لا يقع، لأنه في حكم اليمين اللاغية، يعني في حكم لغو اليمين، يعني ما تعمّد الباطل، إنما قال ذلك ظنًّا منه، ¬

(¬1) السؤال السابع والعشرون من الشريط رقم (39).

واعتقادًا منه، أنه مصيب فلا يقع الطلاق، بل زوجته معه، هذا هو الصواب من قولي العلماء.

س: أنا أقيم في دولة غير دولتي، وذات يوم وقع خلاف بيني وبين رجل على مسألة ما، فحلفت يمين الطلاق على عكس ما يقول الرجل، ولكن فيما بعد ثبت أن الرجل محق، فاحترت في مسألة يمين الطلاق، سألت أحد الأشخاص، فقال: طالما أنك بعيد عن زوجتك فلا يقع عليك اليمين، وحيث إن الشك لا يزال يخالجني فإنني أرجو الإفادة من قبلكم جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: ما دمت تعتقد أنك حين الطلاق مصيب، فلا شيء عليك ولا يقع الطلاق، بل هو حكم اللغو؛ لأن الإنسان إذا حلف على شيء يظنه واقعًا ويعتقد صدق نفسه ويغلب على ظنه ذلك فإنه لا يقع عليه شيء، فلو قال: والله لقد قدم فلان والله لقد مات فلان، وهو يعتقد صحة ما قال، ثم بان الخطأ فيمينه لا شيء عليه فيها ولا كفارة عليه، وهكذا لو قال: عليّ الطلاق ما صار هذا الشيء، أو قد صار هذا الشيء، يعتقد ¬

(¬1) السؤال الأول من الشريط رقم (209).

أنه واقع، ما قصد الكذب، فإن طلاقه لا يقع وأنت لا يقع عليك أيها السائل إذا كنت تعتقد صحة ما قلت.

س: الأخ ع. أ. ص. من مصر محافظة كفر الشيخ يقول: ذات يوم أعطيت شيئًا لشخص ما، واتفقت معه على ثمنه وحدد اليوم المتفق عليه لرد الثمن، وذهبت إليه في الموعد المحدد؛ لكي أسترد ثمنه فلم يستجب، وكرّرت الطلب عدة مرات، وفي يوم ما جلست معه؛ لكي نتفاهم، فلم يستجب وفي هذه اللحظة ثارت أعصابي فحلفت اليمين بالطلاق، لو أن هذا الشيء موجود في هذه اللحظة لأحرقنّه، وهو ليس موجودًا فعلاً، ولكنه أحضره بعد عشرة أيام، فماذا أفعل به هل أحرقه أم ماذا أفعل؟ (¬1) ج: ما دامت النّية للوقت الحاضر، لو كان حاضرًا لأحرقته، ما عليك شيء؛ لأنّك حلفت على الوقت الحاضر، ولم تحلف على أنَّك تحرقه مستقبلاً والأعمال بالنيات، فليس عليك شيء. ¬

(¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (188).

س: لقد جاءني ضيف وهو ابن أخي وعائلته، فأردت أن أذبح له

ذبيحة، فقام وقال: عليَّ الطلاق ما توجب لهم ذبيحتي وقلت أنا مع الزعل من طلاقه: طلاق إمَّا ذبحت لكم، فلا عاد أدخل بيتك، فما الحكم في هذا؟ (¬1) ج: لا ينبغي استعمال هذا الطلاق، لا منك ولا من الضيف، فلا ينبغي له أن يطلق، بل ينبغي له أن يتسامح ويسمح لمضيفه أن يكرمه بالذبيحة وغيرها، وإذا كان ولا بدّ فليؤكد عليه بغير الطلاق، والمضيف كذلك لا ينبغي له أن يطلق، بل ينبغي له أن يؤكد بغير الطلاق، فإذا طلّق الضيف وطلق المضيف، فالذي يحنث عليه كفارة يمين، إن كان الضّيف تنازل وأكل الذبيحة فعليه كفارة يمين عن طلاقه إذا كان قصده منع المضيف من التكلّف، وليس قصده طلاق أهله، فالطلاق في حكم اليمين وعليه كفارتها، وإن كان الضّيف امتنع وترك، فالمضيف الذي طلّق أنه يذبح، عليه كفارة اليمين، ولا يذبح شيئًا عليه كفارة اليمين؛ لأن طلاقه في حكم اليمين، إذا كان قصد إكرامه وإلزامه، ولم يقصد فراق زوجته، فهذا في حكم اليمين وعليه كفارتها، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، عشرة يعطيهم على ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (39).

نصف الصاع تمرًا أو رزًّا، حسب قوت البلد ومقداره كيلو ونصف تقريبًا، وإن عشّاهم في بيته أو في المطعم أو غدّاهم أو كساهم كسوة تجزئهم في الصلاة كفى ذلك، يعني أعطى كل واحد قميصًا أو إزارًا ورداء كفى ذلك، وينبغي عدم استعمال الطلاق في مثل هذه الأمور كما تقدم والكفارة تعطى لعشرة كما في الآية الكريمة نسأل الله للجميع الهداية.

س: يسأل المستمع ويقول: كان عندي شيء، وحلفت بالطلاق ألاَّ أبيعه، وبعد ذلك احتجت لقيمته ثم بعته، هل وقع الطلاق؟ ثم حصل لي قضية أخرى، وقلت لزوجتي: إني لن أفعل الشيء الفلاني؛ لأنه حرام وحلفت ألا أفعله، لكني فعلته بعد أن حلفت بالطلاق، ما الحكم فيما فعلت، وهل زوجتي حلال؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) ج: إذا كان المقصود إيقاع الطلاق وقع الطلاق بالفعل، بالبيع وبالشيء الذي طلّقت ألا تفعله، أمّا إذا كان المقصود الامتناع من البيع والامتناع من الفعل الذي أردت ألا تفعله، ليس قصدك إيقاع الطلاق إنّما قصدك التشديد على نفسك، بأن تمتنع وتحذر هذا ¬

(¬1) السؤال السادس والثلاثون من الشريط رقم (290).

الشيء ثم فعلته، فعليك كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فمن عجز صام ثلاثة أيام، هذا إذا كان قصدك الامتناع من البيع والامتناع من الشيء الذي أردت ألا تفعله، وليس قصدك إيقاع الطلاق، أمّا إن كان قصدك الامتناع، وإيقاع الطلاق جميعًا، فإنه يقع بهذا طلقة لزوجتك إذا فعلت ما حلفت على تركه، وننصحك بألاّ تعتاد هذه الأمور وأن تجتنب الطلاق، وإذا دعت الحاجة، تكتفي بأن تقول: والله ما أفعل كذا أو والله لأفعلنّ كذا، اليمين فيها كفاية، التساهل مع الطلاق هو شيء خطير، وربما فاتت عليك زوجتك وأنت لا تشعر بسبب تساهلك بهذا الأمر.

س: يقول السائل: قبل حوالي عشرين عامًا حصل بيني وبين شخص آخر، جدال، وقال لي هذا الشخص: إن فلانًا يقول: إنك قلت كذا وكذا، فقلت له: عليَّ الطلاق أنني لم أقل ذلك، وأنا كنت وقتها متأكدًا بأنني لم أقل ما نسب إلي، ولكن الشك ساورني فيما بعد، بأن أكون ربما قلت ما حلفت على أني لم أقله، أرشدوني عن إمكانية وقوع الطلاق من عدمه، بسبب هذا الحلف، وهل عليَّ كفّارة أو أيّ شيء آخر، جزاكم الله خير الجزاء؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (173).

ج: إذا كنت حين طلّقت تعتقد أنّك لم تقل ذلك، فليس عليك شيء، والطلاق ليس بواقع؛ لأنك مسؤول عن نيّتك وعن قصدك وعن حالك حين الطلاق، فما دمت حين الطلاق تعتقد أنك صادق فليس عليك شيء، أمّا لو كنت قلت ذلك لتُصَدَّقَ خوفًا من معرة الاعتراف، وقلت ذلك لتُصَدَّق وأنت تعلم أنك كاذب فعليك كفارة اليمين عن ذلك؛ لأنّك ما قصدت إيقاع الطلاق وإنّما قصدت أن تصَدَّق، أمّا إنْ كنت قصدت إيقاع الطلاق، فإنَّه يقع الطلاق، وأمّا يمينك المسؤول عنها، بطلاقك المسؤول عنه، فإنه لا يقع لأنّك حين طلّقت، تعتقد أنّك صادق فلا حرج عليك ولا طلاق عليك.

حكم من حلف بالطلاق أن يتظلم من شخص فمات

46 - حكم من حلف بالطلاق أن يتظلم من شخص فمات س: اتهمني صاحبي ذات يوم، أنني تحدثت إلى بعض أقاربه بكلام يسيء إليه، ثم قمت بإحضار قريبه ذلك وأثبت له أنني بريء من تهمته، وفي لحظة غضب أقسمت بالطلاق أنني لا بد أن آخذ منه حقي، ولو بعد حين، وبعدها سافرت للعراق وعلمت بعد فترة أن صديقي هذا توفي ماذا عليَّ؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (92).

ج: إن كنت قصدت من ذلك التأكيد على نفسك أنك تأخذ حقك تقتص منه، ولم ترد إيقاع الطلاق وإنما أردت التأكيد على نفسك، وإلزام نفسك بأنّك تأخذ حقك، فإنه ليس عليك إلا كفارة اليمين، عليك كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فإذا أطعمت عشرة مساكين، عشّيتهم أو غدّيتهم أو أعطيت كل واحد كيلو ونصفًا، تمرًا أو أرزًا كفى ذلك، أو كَسَوْتَهم كسوةً على قميصٍ قميص كفى ذلك أو أعتقت رقبة كفى ذلك، فإن عجزت صمت ثلاثة أيام، هذا الواجب عليك، أمّا إن كنت قصدت إيقاع الطلاق إن لم تنتقم، هذا قصدك، فإنه يقع طلقة واحدة على أهلك بهذا الطلاق، وتراجعها لمّا علمت أنه مات ولم تنتقم، تراجع زوجتك؛ لأنه وقع عليها طلقة، تشهد اثنين بأنك راجعت زوجتك، تقول: اشهد يا فلان ويا فلان أني راجعت زوجتي فلانة، هذا إذا كنت أردت الطلاق ولم يسبق منك طلقتان سابقتان، أما إن كنت لم ترد الطلاق، وإنّما أردت التأكيد على نفسك والعزم على نفسك، أنك تنتقم فإنه لا يقع طلاق وعليك كفارة اليمين، أمّا إن كنت أردت الطلاق، وقد سبق منك طلقتان فإنها تكون الثالثة، فلا تحلّ لك حتى تنكح زوجًا آخر؛ لقوله

سبحانه في الطلاق: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}. إلى أن قال سبحانه: {فَإِنْ طَلَّقَهَا}، يعني الثالثة، {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}، أرجو أنك فهمت المراد.

حكم من حلف بالطلاق على هجر أخيه المسلم

47 - حكم من حلف بالطلاق على هجر أخيه المسلم س: الأخ/ ج. س. م من جمهورية مصر العربية، يقول: في أحد الأيام حدث بيني وبين زوج أختي مشادّة كلامية أثارت أعصابي، وجعلتني في غضب شديد، وخرج مني لفظ: عليّ الطلاق لن أدخل هذه المدينة التي تعيش فيها طالما أنت موجود فيها، لكن بعد ثلاثة أيام ذهبت إلى زوج أختي وتصافحنا عملاً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي معناه: أنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. أيضًا حدثت مشادّة كلامية بيني وبين أحد زملائي بالعمل الذي أعمل فيه، ويعتبر مصدر رزق لي ولأولادي، ولكن انتهت هذه المشادة أيضًا بأنني حلفت بالطلاق لن أدخل هذا المكان طالما هو فيه، أرجو توجيهي حول هذه الأيمان، جزاكم الله خيرًا. (¬1) ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (183).

ج: إذا كان المقصود منع نفسك من هذا الشيء في الحالتين المذكورتين وليس المقصود فراق أهلك، إنما المقصود أن تمتنع من كلام الشخص أو من دخول المحل، فعليك كفارة اليمين ولا يقع الطلاق، وهكذا لو قال الإنسان: عليّ الطلاق ما أكلّم فلانًا أو عليّ الطلاق ما أسافر إلى كذا وقصده الامتناع، ليس قصده إيقاع الطلاق، إنما قصده أن يمتنع من هذا الشيء، فهذا عليه كفارة اليمين، وهكذا أنت إذا كان المقصود الامتناع من الكلام مع فلان أو دخول المكان الفلاني، وليس المقصود إيقاع الطلاق، فإن عليك كفارة يمين ولا يقع الطلاق، أما إن كنت قصدت إيقاع الطلاق فيقع طلقة في كل واحدة من الحالين وتراجعها. تقول: راجعت امرأتي فلانة بشهادة عدلين وتعود لك في الحال، أو بعد يوم أو يومين أو أكثر ما دامت في العدة، إذا كانت لم يسبق لها أن طلقتها طلقتين سابقتين، فإنك تراجعها إذا كُنْتَ قَصَدتَ الطلاق، أمّا إذا كنت ما قصدت الطلاق، إنما قصدت الامتناع من هذا الشيء، فإنه لا يقع به الطلاق وعليك كفارة يمين.

س: الأخ/ ف. م. أ. مصري، يسأل ويقول: حلفت بالطلاق مرتين، المرة الأولى: كان بيني وبين أختي خصام، فحلفت بالطلاق ألا

أزورها في منزلها، وفي يوم من الأيام أحضرت إحدى قريباتي طفلاً عمره شهر، وقالت لي: هذا ابن أختك وعليك أن توصله لها وعلمت أن المقصود بهذا الصلح، فذهبت إليها في منزلها، والمرة الثانية حلفت بالطلاق ألا آتي معصية، وبعد مدة أتيت هذه المعصية، فهل يقع الطلاق، أم أنّ علي كفارة؟ وإذا كان عليّ كفارة فما هي؟ أرجو الإيضاح جزاكم الله خيرًا (¬1) ج: إذا كنت قصدت الامتناع من زيارة أختك ومن المعصية، ولم تقصد إيقاع الطلاق، فإن عليك كفارة يمين عليك كفارة يمين إذا كان المقصود الامتناع من زيارة أختك، وكان المقصود أيضًا ترك المعصية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» (¬2) أما إن كنت أردت إيقاع الطلاق على أهلك إن زرت أختك أو أتيت المعصية، أردت إيقاع الطلاق، فإنه يقع طلقة إذا كنت علقت، طلقت واحدة، فإنه يقع طلقة واحدة بذلك؛ للحديث «إنما الأعمال بالنيات» (¬3). ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (183). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: **إنما الأعمال بالنيات .. ** برقم (1907). (¬3) صحيح البخاري بدء الوحي (1)، صحيح مسلم الإمارة (1907)، سنن الترمذي فضائل الجهاد (1647)، سنن النسائي الطهارة (75)، سنن أبو داود الطلاق (2201)، سنن ابن ماجه الزهد (4227)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 43).

س: الأخ. ح. أ. ص يسأل ويقول: لقد ضايقني كفيلي وحمّلني أكثر مما أطيق، وذات مرة قلت: تكون زوجتي طالقًا إذا رجعت مرة ثانية، أسمعت بها نفسي، ثم رجعت مرة ثانية، مع العلم أنني ذهبت إلى بلدي ومكثت فيها ستة أشهر، ثم رجعت، والآن مر أكثر من عام ونصف، مع العلم أيضًا أن ذلك من باب التّحدث بالنعم، أنا من حفظة كتاب الله وأحفظ القرآن كلّه تقريبًا، وكنت أُعلّم ابن كفيلي أحكام التجويد، وجّهوني جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، إن كنت أردت بقولك: إذا رجعت فامرأتي طالق، قصدك الامتناع من الرجوع وليس قصدك إيقاع الطلاق، قصدك منع نفسك من الرجوع، وليس قصدك بذلك تطليق امرأتك، فهذا حكمه حكم اليمين وعليه كفارة يمين، أمّا إن كنت قصدت الطلاق، فإنه يقع الطلاق الذي أنت ناوٍ لوقوعه، الحاصل أنك تسأل قاضي البلد عندك، تحضر مع المرأة ووليها، حتى يرشدك القاضي إلى الواجب، المقصود أن هذا فيه تفصيل، وفيما تراه المحكمة لديك إن شاء الله الكفاية. ¬

(¬1) السؤال الثامن والعشرون من الشريط رقم (344).

س: إنني حلفت بالطلاق ذات مرة على شيء ألاّ أفعله، لكنني فعلت ذلك الشيء، وصمت ثلاثة أيام متتابعات، هل ما فعلته صحيح أم لا؟ (¬1) ج: إذا كان الطلاق بصفة اليمين، لم يقصد إيقاع الطلاق، كأن يقول: عليّ الطلاق ما أكلم فلانًا، أو عليَّ الطلاق ما تخرجين إلى بيت فلان، أو عليّ الطلاق ما تكلمين فلانًا أو فلانة، يقصد منعها من ذلك، أو عليّ الطلاق لا أزور فلانًا، يقصد منع نفسه من ذلك، ليس قصده إيقاع الطلاق، فهذا حكمه حكم اليمين، والواجب فيها كفارة في أصح قولي العلماء، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فمن عجز عن ذلك فإنه يصوم ثلاثة أيّام، الصيام لا يجزئ إلا عند العجز عن الإطعام والكسوة والعتق، فالذي يصوم وهو ليس بعاجز لا يجزئه الصيام، بل لا بد من إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة مؤمنة، والإطعام يكون نصف صاع لكل واحد، من قوت البلد من تمر أو أرز أو حنطة، ومقداره كيلو ونصف تقريبًا، أو كسوة لكل واحد، إزار ورداء أو قميص أو عتق رقبة مؤمنة، فإذاعجز عن هذه ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (166).

الثلاث ولم يستطع ذلك، فإنه يصوم ثلاثة أيام، والأولى أن تكون متتابعة.

س: لقد حلفت بالطلاق على ألاّ أعمل في إحدى الشركات؛ لكون راتبها قليلاً، ولكني لظروف معيّنة، اضطررت للعمل بتلك الشركة، فما حكم ذلك الطلاق؟ (¬1) ج: إذا كان مقصودك الترك والامتناع وليس قصدك إيقاع الطلاق إن عدت إلى الشركة، فإنه لا يقع الطلاق وعليك كفارة اليمين، حكمه حكم اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين، عشرة فقراء، أو كسوتهم أو عتق رقبة، كل واحد يعطى نصف صاع، كيلو ونصف من التمر، أو الحنطة أو الأرز، نصف صاع كيلو ونصف أو قميص أو إزار ورداء يجزئه في الصلاة أو عتق عبد، فإن عجزت فصم ثلاثة أيام، هذا إذا كنت ما قصدت الطلاق، إنما قصدت الامتناع، تمنع نفسك من الشركة، أما إن كنت قصدت إيقاع الطلاق، فإنه يقع الطلاق فإذا قلت: عليّ الطلاق ما أعمل عند الشركة وقصدك إيقاع الطلاق، يقع طلقة واحدة، إذا عملت عندهم تطلق زوجتك، إذا كنت ما طلقتها من قبل ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (33).

طلقتين راجعها، أما إذا كنت ما أردت إلاّ الامتناع من العمل عندها، وليس قصدك إيقاع الطلاق، فهذا له حكم اليمين كما تقدم.

بيان ما يلزم من حلف بالطلاق لغرض التخويف

48 - بيان ما يلزم من حلف بالطلاق لغرض التخويف س: والدي اشترى سيارة من زوج أختي، وكنت يومها متخاصمًا مع أخي، فحلفت وقلت: عليّ الطلاق بالثلاث، إذا سجلت السيارة باسم أخي لأحرقها، وحلفت اليمين وأنا غاضب على أخي جدًّا، ولم أكن أنوي الطلاق حقيقة، وإنّما تخويفًا لهم، فهل إذا أحرقتها الآن أكون قد وفيت بيميني، أم لا، أو ماذا عليّ أن أفعل؟ (¬1) ج: عليك كفارة يمين، ما دمت أردت تخويفهم ومنعهم، فعليك التوبة والاستغفار من هذا العمل، وعليك كفارة يمين، وذلك بإطعام عشرة مساكين، عشرة فقراء لكل فقير نصف صاع من التمر أو من الأرز أو الحنطة أو غيرها من قوت البلد، وإن عشّيتهم أو غديتهم أو كسوتهم على قميص، كفى ذلك والحمد لله، ونسأل الله للجميع الهداية، ولا يقع الطلاق؛ لأن الطلاق في هذا المعنى في حكم اليمين ولا يقع منه ¬

(¬1) السؤال الحادي والثلاثون من الشريط رقم (46).

الطلاق؛ لأنك ما أردت إيقاع الطلاق، وإنما أردت التخويف والمنع من هذا العمل، ولا تحرق السيارة، هذا إضاعة مال وظلم.

س: قال رجل لصديق له، عليَّ الطلاق ألاّ تشتري الثلاجة والغسالة إذا عزمت على الزواج، يقصد أنه هو الذي سوف يشتريهما ويهديهما إليه، فهل يجوز أن يعطيه قيمتهما مقدمًا نقدًا؟ (¬1) ج: الذي يظهر أنه لا حرج في ذلك، إذا شراها بنفسه أو سلم له القيمة، إذا كان قصده مساعدته بالثمن وليس المقصود نفس الشراء، إنما المقصود أن يساعده في الثمن، فإذا شراها بنفسه أو بوكيله أو شراها صاحب الحاجة، وسلم له ثمنها، فالأمر في هذا واسع ولا يقع عليه شيء بذلك، لأن طلاقه قد حصل به المقصود؛ لأنّ الشرط المطلوب قد حصل، وما يتعلق بالطلاق، إذا كان مقصوده بالطلاق منعه من الشراء وحثه على قبول الهدية، وليس قصده فراق زوجته إن لم يسمح له بالشراء، فإن هذا الطلاق في حكم اليمين، فلو فرضنا أن الرجل ما سمح واشتراها هو ولم يقبل الثمن، فإن الطلاق لا يقع، ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (46).

وعليه كفارة اليمين إذا كان مقصوده نفعه بهذا الشيء وحثّه على قبول الهدية، وليس المقصود فراق زوجته إن لم يقبل، وإنما المقصود حثّ الرجل على قبول الهدية أو قبول الثمن، وليس المقصود فراق أهله إن لم يقبل فهذا له حكم اليمين، فلو لم يقبل صاحب الزواج شراء الشخص للثلاجة والغسّالة، أو لم يقبل الثمن، فإن الرجل لا يقع على زوجته طلاق، ولكن يكفيه كفارة اليمين.

س: يقول السائل: حدث في يوم من الأيام مشاجرة بيني وبين زوجتي في موضوع غسل ملابسي، وبعد ذلك تناوشت معها بغضب شديد، وفي ساعة هذا الغضب قلت: عليَّ الطلاق ما تغسلين ملابسي مرة ثانية، ومن ذلك الوقت أغسل ملابسي في المغسلة خارج البيت، هل إذا أردت أن تغسل زوجتي ملابسي بعد اليمين؛ لأني محتاج لذلك، أتصرف تصرفًا معينًا؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا. (¬1) ج: هذا يختلف بحسب نيتك وما كان ينبغي لك التعجل في الطلاق، نصيحتي لكل زوج ألاّ يتعجل في الطلاق ولو غضب يقول: ¬

(¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (236).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولا يعجل في الطلاق أبدًا ولو شدّت عليه المرأة ولو طلبت أو غضب لا يعجل في الطلاق، الشيطان يحضر ويزين لها ويزين لزوجها الطلاق، فالمشروع لك يا أخي ولكل إنسان عدم العجلة في الطلاق حتى تطمئن، وحتى تعلم أن الطلاق أصلح في رأي دينك ودنياك فلا بأس، ونصيحتي لكل امرأة ألا تعجل وتطلب الطلاق ولا تؤذي زوجها في ذلك، ولا سيما إذا كان زوجها طيبًا صالحًا صاحب دين وصاحب صلاة، تتقي الله ولا تعجل في الأمور، تصبر عليه ولو غضب في بعض الأحيان، ولو حصل منه بعض الأذى في بعض الأحيان؛ لأن الزوج الصالح اليوم قليل، والزوجة الصالحة قليلة، فينبغي للمؤمن أن يتمسك بالزوجة الصالحة ولا يعجل بالطلاق ولو جرى منها بعض النقص، وهكذا المرأة إذا حصّلتْ الزوج الصالح، فينبغي لها أن تتمسك به وتحرص على البقاء معه، وألاّ تغضبه أبدًا، بل تتحمل وتحرص على التحمل، فإذا غضبت فقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وهي كذلك تعوذ بالله من الشيطان الرجيم، كرروا هذا عند الغضب يزل الغضب، لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم شخصًا قد غضب، واحمرَّ وجهه، وانتفخت أوداجه من شدة

الغضب، قال عليه الصلاة والسلام: «إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» (¬1) فأنت يا أخي كذلك استعذ بالله من الشيطان الرجيم، وهذا الطلاق الذي وقع منك يختلف بحسب نيتك، إن كنت نويت منعها من غسلها ملابسك بعد ذلك ولم تستغن عنها، وأردت تخويفها وتهديدها بهذا الطلاق، فلك أن تسمح عنها وتكفر عن يمينك، له حكم اليمين إذا كنت قصدك منها من الغسل غضبًا عليها، ولم ترد فراقها إن غسلت ثيابك، إنما أردت تهديدها بهذا والغضب عليها ولم ترد فراقها بهذا لو غسلت، فهذا حكمه حكم اليمين، وعليك كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين كل واحد يعطى نصف الصاع تمرًا أو رزًّا، كيلو ونصف لكل واحد، أو كسوة على قميص قميص، أو عتق رقبة، فمن عجز، يصوم ثلاثة أيام، أمَّا إن كنت أردت الطلاق تقع طلقة واحدة إن غسلت، إذا كنت أردت إيقاع الطلاق إن غسلت ثيابك، فإنها إذا غسلتها يقع عليها طلقة واحدة ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده، برقم (3282)، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل من يملك نفسه عند الغضب .. ، برقم (2610).

وتراجعها، تقول: اشهد يا فلان ويا فلان أني مراجع زوجتي، تشهد اثنين من الطيبين من جيرانك أو أصحابك أنك مراجعها، هكذا السنة إذا كنت ما طلقتها قبلها طلقتين، وإذا كان قبلها طلقتان ما تصلح إلا بعد زوج، لكن إذا كنت ما طلّقتها قبلها طلقتين، وأنت أردت الطلاق إذا غسلت ثيابك تكون طلقة واحدة وتراجعها بإشهاد اثنين، تقول: اشهد يا فلان وفلان أني راجعت زوجتي فلانة ما دامت في العدة، أما إذا كنت ما أردت الطلاق مثل ما تقدم، وإنما أردت منعها والغضب عليها وتهديدها حتى لا تغسل ثيابك مرة أخرى من أجل غضبك ولم ترد إيقاع الطلاق ولا فراقها، ولكن أردت المنع، فهذا حكمه حكم اليمين، وعليك كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين غداء أو عشاء أو تعطي كل واحد نصف الصاع: كيلو ونصف لكل واحد من التمر أو الحنطة أو غيرهما من قوت البلد.

س: تشاجرت مع زوجتي، وقلت لها بعصبيّة: عليَّ الطلاق بالثلاث، ما أنتِ ذاهبة إلى العمل على الإطلاق، وبالفعل ثاني يوم ما ذهبت إلى العمل، وذهبت أنا إلى عملها؛ لكي أُقدم لها استقالتها، فرفض المسؤولون وعادت إلى العمل، ماذا أفعل جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثامن من الشريط رقم (119).

ج: هذا فيه تفصيل يا أخي، إن كان المقصود من كلامك هذا منعها من العمل وليس قصدك إيقاع الطلاق، وإنّما أردت تهديدها وتخويفها لعلّها تستجيب، فعليك كفارة يمين، ويكون هذا الطلاق في حكم اليمين، في أصح قولي العلماء كما أفتى بهذا جماعة من أهل العلم، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وتلميذه العلامة ابن القيم رحمه الله، وجماعة من أهل العلم، هذا إذا كان قصدك منعها وتهديدها وتخويفها، ثم رجعت عن ذلك ورأيت أن تسمح لها، فلا بأس وعليك كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، كما بيّن الله سبحانه في سورة المائدة، وإطعام المساكين هو أن يعطى كل واحد نصف صاع من قوت البلد من تمرٍ أو أرز، يعني كيلو ونصفًا تقريبًا، أو كسوة تجزئهم في الصلاة، كإزار ورداء أو قميص أو إعتاق رقبة، كما بينه الله سبحانه وتعالى، أمّا إن كنت قصدت إيقاع الطلاق بنيّة إيقاع الطلاق، أو نويت هذا وهذا: قصدت منعها وقصدت إيقاع الطلاق، فإنه يقع عليها بهذا طلقة على الصحيح، ولو قلت بالثلاث يقع طلقة واحدة، وأن الطلاق بالثلاث بلفظ واحد يعتبر طلقة واحدة في أصح قولي أهل العلم؛ لأنه ثبت من

حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «كان الطلاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد الصديق أبي بكر، وأول عهد عمر طلاق الثلاث واحدة» (¬1)، وسُئل: هل طلاق الثلاث يعتبر واحدة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وعهد أبي بكر وأول عهد عمر، قال: ابن عباس رضي الله عنهما: نعم فالمقصود أنه أخبر يعني ابن عباس: أن الطلاق الثلاث يُجعل واحدة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الطلاق الثلاث بكلمة واحدة يجعل واحدة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد الصديق رضي الله عنه وأول عهد عمر رضي الله عنه، ثم رأى عمر إمضاء الثلاث بكلمة واحدة، ردعًا للناس عن التساهل في الطلاق. فالحاصل أنك إذا كنت أردت الطلاق أو أردت الأمرين: الطلاق والمنع جميعًا، ثم سمحت لها أو عصتك، وذهبت إلى العمل فإنه يقع عليها طلقة واحدة بهذا، ولك مراجعتها ما دامت في العدة إذا كنت لم تطلّقها طلقتين قبل ذلك، أمّا إن كنت طلقتها طلقتين قبل ذلك، تكون هذه هي الأخيرة، ولا تحلّ إلا بعد زوج ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب طلاق الثلاث، برقم (1472).

شرعي، وبعد وطئه لها، ثم فراقه لها بموت أو طلاق.

س: يقول السائل: إنني متزوج بامرأة موظفة، تعمل معلمة في السودان ولديها مجوهرات، وذات مرة أرادت أن تغيّر شكل هذه المجوهرات، وذهبت بها إلى الصائغ، فأخبرتني بذلك فوافقت لها، ثم طلبت مني إيجار الصائغ، وفي تلك اللحظة لم يكن معي المبلغ الذي أرادته وفي حالة انفعال، عندما أصرت على أن أعطيها المبلغ، حلفت عليها بالطلاق، وقلت لها: عليَّ بالطلاق ثاني ما تلبسين ذهبًا، وبعد مدة أخبرتني بأن هذا الذهب لها وليس لأبيها، حيث إنها عملت من مالها الخاص، وأسأل الآن عن حكم يميني تلك؛ لأنها لم تلبس الذهب، حتى تسمع الفتوى جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إن كان المقصود من هذه اليمين، ألاّ تلبس ذهب أبيها خاصة، ولم تلبسه، فلا شيء عليه، وإن كان المقصود ألاّ تلبس الذهب بالكلية، من أجل غضبك عليها، فإنها متى لبسته فيكون عليك كفارة يمين إذا كان قصدك منعها وليس قصدك طلاقها، إنّما القصد من هذه اليمين يمين الطلاق، أن تمنعها من لبس الذهب سواء كان الذهب ذهب أبيها ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (60).

أو ذهبها الخاص، الذي طلبت منك الأجرة من أجله، فإذا كان المقصود منعها من ذلك وترهيبها وتهديدها وليس المقصود أنها متى لبست فارقتها، فإن عليك كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم في أصح قولي العلماء، أما إن كنت أردت فراقها فمتى لبست فارقتها بالطلاق، فإن هذا الطلاق يقع ويكون طلقة واحدة، لك مراجعتها في العدة إذا كنت لم تطلقها قبل هذا طلقتين، أما إن كنت طلقتها قبل هذا طلقتين، فإن هذا الطلاق هو الثالث فليس لك رجعة بعده إذا كنت أردت إيقاعه، أما إن كنت أردت منعها وتهديدها وتخويفها ولم ترد إيقاع الطلاق إن لبست الذهب، فإنه يكون عليك كفارة يمين، لأنه يكون في حكم اليمين، وهذه الكفارة هي إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد مما تطعم أهلك من تمر أو أرز أو حنطة أو غير ذلك من الطعام، ومقداره بالوزن كيلو ونصف تقريبًا، أو كسوة تكسو الفقراء كل واحد يكسى قميصًا أو إزارًا ورداء يكفي، أو عتق رقبة إذا تيسرت، يعني عتق عبد أو عبدة، إذا تيسر ذلك، فإن عجزت ولم تستطع هذه الأمور، فإنه يكفيك عن ذلك ثلاثة أيام تصومها، كما نصّ على هذه الله سبحانه في كتابه العظيم في

سورة المائدة، حيث قال عز وجل: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}. الآية فبين سبحانه وتعالى أن هذه هي كفارة الأيمان: إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام، أو كسوتهم أو عتق رقبة يعني مؤمنة، يعني عتق عبد مملوك أو أمة مملوكة، عند وجود العبيد وتيسر ذلك، فإن لم تجد لا طعامًا ولا كسوة ولا عتقًا، وكنت فقيرًا عاجزًا عن هذه الأشياء، فإنك تصوم ثلاثة أيام عن يمينك، وهكذا هذا الطلاق حكمه حكم اليمين إذا كنت أردت به منعها وتهديدها وتخويفها ولم ترد إيقاع الطلاق عليها، أما إن كنت أردت إيقاع الطلاق إن لبست الذهب، فإنه يقع عليها طلقة واحدة، ولك أن تراجعها في العدّة قبل أن تعتد، والعدة تكون بثلاث حيض إذا كانت تحيض، فإذا حاضت ثلاث مرات بعد الطلاق خرجت من العدة، ولا تصلح إلاّ بعقد جديد، فإن كانت لا تحيض لكبر سنها أو لأسباب أُخرى فعدتها ثلاثة أشهر، كما بين الله هذا في كتابه العظيم،

وأنت أعلم بنفسك وأعلم بنيتك، وعليك تقوى الله في ذلك سبحانه وتعالى.

حكم من حلف بالطلاق وكرره ثلاث مرات

49 - حكم من حلف بالطلاق وكرره ثلاث مرات س: يقول السائل: في لحظة غضب وانفعال ومشادة مع زوجتي، قلت لها: عليّ الطلاق ما أنت ذاهبة إلى المدرسة باكرًا، وكرّرت ذلك ثلاث مرات من شدة غضبي، وكان هدفي من ذلك هو منعها من الذهاب إلى المدرسة، حيث تعمل مدرسة ولا أقصد الطلاق أبدًا؛ لأنني أبغضه ولا أعرف أحكامه، وفي صباح اليوم التالي ألحَّت عليَّ زوجتي، بأنه من الضروري ذهابها إلى المدرسة؛ لأن ذلك هو أول يومٍ في العام الدراسي، فقمت بتوصيلها إلى المدرسة، ومنذ ذلك الوقت، وأنا أعيش في قلق نفسي وخوف من الله سبحانه وتعالى؛ لذا أرجو الإفادة عن حكم هذه اليمين، هل هو حلف بغير الله، أم يمين طلاق تحرم بموجبه زوجتي عليَّ؟ أرجو إيضاح ذلك علمًا بأنني ندمت ندمًا شديدًا، وعزمت على ألاّ أعود إلى ذلك أبدًا، جزاكم الله خيرًا. (¬1) ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (113).

ج: إذا كان الواقع هو ما ذكره السائل، فهذا الطلاق له حكم اليمين، وعليك كفارتها وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فإن عجزت تصوم ثلاثة أيام، والإطعام يكون نصف صاع لكل واحد، كيلو ونصف لكل واحد، من التمر أو الأرز أو الحنطة، أو تعشي أو تغدي عشرة، أو تكسو العشرة، كسوة إزار ورداء أو قميص، هكذا يجب ولا طلاق عليك، لا يقع الطّلاق؛ لأنك لم ترد الطلاق، وإنّما أردت منعها كما قلت، ومن كان بهذه المثابة فله حكم اليمين في أصح قولي العلماء، ونوصيك بالحذر من العود إلى ذلك والتوبة مما حصل. وفق الله الجميع.

حكم الطلاق المعلق بشرط

50 - حكم الطلاق المعلق بشرط س: يقول السائل: لظروفٍ ما، أُقيم أنا وزوجتي وأولادي في منزل الأهل، وحدث خلاف في المنزل كان على أثره أنني قمت بحلف يمين الطلاق على زوجتي بعدم تركها للمبيت بمنزل الأهل، بنيّة الذهاب بها إلى منزل والدها، إلا أن زوجتي وقعت على الأرض فاقدة النطق، والحركة، وحملتها وذهبت بها إلى الطبيب في نفس اليوم، وأحضرت لها علاجاً، وشعرت أنني لا أستطيع تنفيذ يميني، وخوفًا من وقوع

يميني حملتها؛ ولأنها لا تقدر على الحركة، جعلتها تبيت عند إحدى الجارات بنفس المنزل، فالسؤال: هل يقع يمين الطلاق، بسبب عدم الذهاب بها إلى منزل والدها أو عند حملها للمبيت عند إحدى الجارات، ذلك أني تفاديت وقوع اليمين لعدم مبيتها معي في نفس الغرفة التي تقيم معي فيها، أو هل إذا وقع اليمين له ردّ أو كفارة، وكيف أردّ اليمين أو أؤدي الكفارة، أفيدوني جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: سؤالك هذا فيه اشتباه من جهة أوله، فإذا كان مقصودك أنك طلقتها على أنك تنقلها إلى بيت أهلها، وبسبب الحادث الذي أصابها، لم تتمكن من نقلها إلى بيت أهلها، فهذا يرجع إلى نيتك، فإن كان مقصودك من الطلاق، حثّ نفسك على نقلها إلى بيت أهلها، وعدم مبيتها في بيت أهلك، إذا كان هذا قصدك، أنّك تنقلها من بيت أهلك إلى بيت أبيها للمبيت عند أبيها تلك الليلة، وليس مقصودك فراقها إن لم تنقلها، إنما أردت حثّ نفسك على نقلها إلى بيت أبيها بسبب ما حدث في بيت الأهل، فهذا له حكم اليمين، وعليك كفّارة اليمين؛ ¬

(¬1) السؤال الثالث والعشرون من الشريط رقم (205).

لأنّك لم تحقق ما حلفت عليه، أمّا إن كان قصدك فراقها إن لم تنقلها بنيّتك وبقصدك أنك إن لم تنقلها إلى بيت أبيها تلك الليلة، فإنه يقع عليها الطلاق، يقع عليها طلقة واحدة، ولك مراجعتها ما دامت في العدة، إذا كنت لم تطلقها قبل هذا طلقتين، فلك أن تراجعها وتقع واحدة، إذا كنت قصدت إيقاع الطلاق إن لم تنقلها إلى بيت أبيها، فأمَّا إن كان المقصود هو حثّ نفسك على نقلها والتشديد على نفسك أن تنقلها وليس مقصودك فراقها إن لم تنقلها، فهذا له حكم اليمين، وإذا كنت في الرياض قريبًا، فبإمكانك أن تأتي ونسألك عما قصدت في هذا الطلاق، وعن صفة وقوعه بالتفصيل.

س: أنا رجل متزوج، وكنت أتشاجر مع زوجتي كثيرًا، وكنت مع غضبي أقول لها: علي اليمين أن تخرجي من منزلي، فكانت أحيانًا لا تخرج، ويقع عليَّ اليمين، وأنا كنت في سنّ التاسعة عشرة، وجاهل للحكم، وأحيانًا تذهب إلى منزل والدها وكان والدها لا يوافق على العودة إلى منزلي بسبب اليمين، فكنت أذهب وأحضر واحدًا يحفظ القرآن، ويجتمع أناس من عائلتي ومن عائلتها في منزل والدها، وكان الذي يحفظ القرآن، يقول لي، قل: أستغفر الله، فكنت أقول مثله

أستغفر الله ثلاثًا، ويقول لي قل: إني رددت زوجتي إلى عصمتي والله يشهد بذلك والحاضرون، والله خير الشاهدين، وعند ذلك يسمح والدها وتذهب معي إلى منزلي، فهل صحيح أن هذا القول هو كفارة اليمين، وليس له كفارة مثل الطلاق؛ لأن هناك أناسًا يقولون: لفظ عليَّ اليمين، لا تخص الزوجة بشيء، فأفيدوني أفادكم الله؟ (¬1) ج: إذا قال الرجل لزوجته: عليَّ اليمين لتخرجين من البيت أو لا تخرجين من البيت أو لا تكلمين فلانًا أو لا تعملين كذا وكذا، فهو على نيته، إن كان نيته الطلاق، فهو طلاق، وإن كان نيته اليمين بالله على نيته، وإذا كان المقصود منعها من الخروج ولم ينو الطلاق، المقصود منعها ليس المقصود طلاقها، ليرهبها ويخوّفها إذا سمعت هذا الكلام حتى لا تخرج، فعليه كفارة اليمين، وهكذا إذا كان قصد اليمين بالله، أو قصد التحريم ليمنعها من الخروج لا ليحرمها، فعليه كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، يعني كيلو ونصفًا من قوت البلد أو كسوتهم لكل واحد ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (50).

قميص، أو إزار ورداء، يكفي، والرجل إذا كان له نية أخرى، إذا كان ناويًا بهذا الكلام تحريمها عليه إن خرجت، أو كان أراد منع خروجها، فهو على نيته، أراد تحريمها، أراد طلاقها، فإنها تقع طلقة، أما إذا أراد تحريمها تكون محرمة عليه، وعليه كفارة الظهار، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز صام شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكينًا قبل أن يتماسا، أمّا إن كان ما أراد إلا منعها فقط ولم يرد طلاقها ولا تحريمها ولا شيئا إلا مجرد منعها من الخروج، أو أراد أن تبقى في البيت لا تخرج أو لا تكلم فلانًا أو لا تزور فلانًا، فهو على نيّته وعليه كفارة اليمين؛ لأنه إذا كان ما أراد إلا منعها، فإنه يكون عليه كفارة يمين فقط، ولو كان أراد الطلاق أو أراد التحريم، يعني ألاّ تخرج، يعني أراد بهذا منعها، بقوله: عليه الطلاق ألا تخرجي، عليه الحرام ألاّ تخرجي، عليه اليمين بالله ألاّ تخرجي، أو عليه اليمين بالله أن تخرجي، أو عليه الطلاق أن تخرجي، ما دام قصده المنع بهذه الأمور، وليس قصده تحريمًا ولا طلاقًا، إنما قصده منعها من الخروج، فهذا كله حكمه حكم اليمين على الصحيح، ولا يقع طلاق ولا تحريم ما دام قصده المنع من الخروج، فعليه كفارة اليمين، وهي ما تقدم، إطعام عشرة

مساكين، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد ومقداره كيلو ونصف تقريبًا، وإن كساهم، كسا العشرة قميصًا لكل واحد أو أعطى كل واحد إزارًا ورداء، كفى، فإن عجز بأن صار فقيرًا لا يقدر، يصوم ثلاثة أيام. أما الذي فعله مع الذي يقرأ القرآن عند أهل زوجته، ويقول له استغفر الله ثلاثًا، وقل: إني أرجعت زوجتي إلى عصمتي وأشهد شهودًا على ذلك فإن هذا ما له أصل، كون القارئ يقرأ ويقول: استغفر الله هذا ما يكفي، وليس هذا حلاًّ للمشكلة.

س: مستمع يسأل ويقول: أرجو أن تفيدوني، حيث إنني حلفت على زوجتي وقلت لها: عليَّ الطلاق ما أنتِ رائحة لمنزل والدك، ثم راحت منزل أبيها، وهذا اليمين تكرر خمس مرات، وأيضًا قلت لها: ما أنت نائمة في المنزل، وقع هذا اليمين عليَّ مع العلم أنه حصل في أول الزواج، وبعد مرور هذا الوقت أنجبت منها طفلاً، وأنا تبت ولله الحمد فما هو توجيهكم؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (347).

ج: إذا كان المقصود منعها من الرواح والنوم، فعليه كفارة يمين ويكفي والحمد لله، إذا كان المقصود من الحلف عليها منعها بالطلاق من أن تروح، يقصد منعها لا فراقها، فعليه كفارة يمين، إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، وهكذا منعها من النوم، إذا كان القصد من ذلك منعها من النوم، ليس القصد طلاقها فعلى السائل كفارة يمين، إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، كل مسكين نصف صاع من قوت البلد من تمر أو غيره كيلو ونصف تقريبًا، أو كسوة فقط تستر إذا لبسها أو إزارًا ورداء.

بيان ضابط الطلاق الذي له حكم اليمين

51 - بيان ضابط الطلاق الذي له حكم اليمين س: إذا حلف رجل يمينًا بالله أو يمين طلاق وهو في حالة غضب، فهل تكتب عليه هذه اليمين، وهل من الواجب عليه دفع الفدية؟ (¬1) ج: هذا مقام تفصيل، يحتاج إلى تفصيل وإلى عناية، فاليمين ضابطها أن يعلّق الطلاق أو التحريم على شرط، يقصد به المنع أو الحث أو التصديق أو التكذيب، هذه يقال لها يمين، كأن يقول: عليَّ الطلاق ألا أكلم فلانًا، يقصد منع نفسه من كلامه أو يقول عليَّ الطلاق ¬

(¬1) السؤال السادس والعشرون من الشريط رقم (143).

إني سأزور فلانًا، يقصد حثّ نفسه على زيارته أو يقول: عليَّ الطلاق إنّ فلانًا قد مات، يقصد أنه يصدّق في ذلك أو عليَّ الطلاق إن هذا الشيء لم يقع حتى يصدق أنه لم يقع، فالحاصل أن التعليق إنما يكون يمينًا إذا كان لقصد الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، فإذا كان هذا قصد المتكلم، يكون حكمها حكم اليمين على الصحيح، ويكفي كفارة اليمين في ذلك، ولا يقع الطلاق ولا التحريم بهذه النية، أمّا إذا كان المقصود التعليق فقط، هذا يقال له تعليق، ولا يقال له يمين، كأن يقول: إذا دخل رمضان، فزوجته طالق، هذا يسمى تعليقًا، فإذا دخل رمضان طلقت، وليس بيمين، وكأن يقول: إذا طلع الحمل فهي طالق أو يقول: إذا دخل شهر ذي الحجة فهي طالق، وما أشبه ذلك من التعليقات التي ليس فيها حثّ ولا منع ولا تصديق ولا تكذيب، إنما هي تعليقات محضة، فإن الطلاق يقع بحصول ما علق عليه .. والله المستعان.

حكم من قال لولده علي الطلاق من ظهر أمك لتفعل كذا

52 - حكم من قال لولده عليَّ الطلاق من ظهر أمك لتفعل كذا س: الأخ/ أ. ع. ا، من المخواة، يسأل ويقول: أنا رجل أمي لا أقرأ ولا أكتب، وعندي ولد يدرس في الصف الرابع، لا يذاكر دروسه،

وهددته بأن قلت له: عليَّ الطلاق من ظهر أمك إذا لم تدرس أن أفعل بك كذا وكذا، وزعلت أمه من كلمة الطلاق، نرجو أن تفتونا في ذلك جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إذا كان المقصود من هذا الطلاق حثّ ولدك على المذاكرة، والعناية بدروسه، وليس قصدك تطليق أمه وفراقها، وإنما قصدك تخويفه وتخويف أمه حتى يجتهدا جميعًا فيما يتعلق بالدروس وحتى تحرص أمه عليه، فلا بأس عليك بذلك، وعليك كفارة يمين إذا لم يحصل منه المطلوب، إذا تساهل ولم يقدّر كلامك ولم يجتهد، فعليك كفارة يمين ولا طلاق عليك، لا يقع عليها شيء على الصحيح من أقوال العلماء، أمّا إذا كان مقصودك فراقها إن لم يجتهد الولد، ناويًا فراقها، إنك تفارقها إذا لم يجتهد ولدها؛ لأنّك تظنّ فيها أنها تتساهل معه وأنها لا تشجّعه، فإذا كنت أردت ذلك فإنه يقع عليها طلقة إذا تساهل ولم يبال بكلامك، يقع عليها طلقة واحدة، وتراجعها في الحال ولا بأس عليك، هذا إذا كنت أردت الطلاق، أمّا إذا كنت أردت التخويف والتحذير فقط، فهذه الكلمة في حكم اليمين، وعليك كفارتها ¬

(¬1) السؤال الثالث عشر من الشريط رقم (117).

في أصح أقوال أهل العلم، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإذا عجزت تصوم ثلاثة أيام، هذه كفارة اليمين. ونوصيك بعدم العجلة في الأمور وعدم استعمال الطلاق، بل تحرضه وتوصيه بالكلام الطيب، وتؤدبه إذا رأيت تأديبه بالضرب الخفيف، أما الطلاق فاتركه.

حكم من حلف بالطلاق على زوجته بعدم فعل شيء ثم أذن لها

53 - حكم من حلف بالطلاق على زوجته بعدم فعل شيء ثم أذن لها س: حلفت على زوجتي مع الغضب بالطلاق، بألا تذهب إلى الجيران، قلت لها: عليّ الطلاق بالثلاث إن ذهبت إلى الجيران تكوني طالقًا، وفعلاً لم تذهب إلى أن جاء ذات يوم ابن الجيران يخبرها أن أمه مريضة، التي هي جارتنا، فأمرتها أن تذهب لزيارتها، فماذا يجب عليَّ في هذه الحالة؟ وهل تعتبر زوجتي في هذا الحال طالقة أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا (¬1) (¬2) ج: إذا كان المقصود من هذا الطلاق منعها من الخروج، وليس المقصود إيقاع الطلاق إن خرجت أو ذهبت، إنما مقصودك أيها السائل ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (50). (¬2) السؤال الخامس من الشريط رقم (50). ') ">

منعها من خروجها إلى الجيران، وليس المقصود أنها إن خرجت يقع الطلاق، تريد تخويفها وتحذيرها، فهذا فيه كفارة يمين إذا خرجت من أجل عيادة المريضة، عليك كفارة اليمين، ولو كان بإذنك، كفارة اليمين: إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم تعطيهم على نصف صاع تمرًا أو كيلو ونصف من تمر أو أرز، حسب قوت البلد وإذا كسوتهم على قميص، أو أعطيتهم على إزار ورداء كفى ذلك، إلا إذا كنت ناويا في يمينك هذا إلا بإذنك، نويت بقولك: عليك الطلاق بالثلاث إن ذهبت إلا بإذني، إذا كنت ناويًا أنها إذا خرجت بإذنك فلا بأس، فأنت على نيتك فلا شيء عليك حينئذ، شيء أذنت لها، وأما إن كنت ما نويت إلا بإذنك، قلت لها منعًا باتًّا، فإنها إن خرجت ولو بإذنك عليك كفارة اليمين التي عرفت، إذا كان المقصود منعها، أما إن كان المقصود إيقاع الطلاق إن خرجت ولم تنو إلا بإذنك، يعني ما قصدت منعها، وقصدك إيقاع الطلاق إن خرجت، فإنها بخروجها إليهم يقع طلقة واحدة ولك مراجعتها في العدة إذا كنت لم تطلقها قبل هذا مرتين، فإن لك أن تراجعها في العدة قبل أن تخرج منها، فإذا خرجت من العدة ولم تراجعها، حرمت عليك إلا بنكاح جديد ومهر جديد، هذا إذا كنت ما

طلقتها قبلها مرتين، أما إن كنت طلقتها قبل هذا مرتين، وأنت قصدت إيقاع الطلاق بهذا الكلام، فإنها تحرم بذلك، تكون الطلقة الأخيرة إذا كنت أردت إيقاع الطلاق إن ذهبت إلى الجارة، يكون هذا الطلاق واقعًا، وتكون مكمّلة للثلاث، إذا كان قبلها طلقتان؛ لأن الطلاق بالثلاث يعتبر طلقة واحدة على الصحيح، يعتبر واحدة؛ لأنه ثبت في الحديث الصحيح من حديث ابن عباس ما يدل على هذا، وتكرار الطلاق ناويًا التأكيد، لم يقع شيء، وإن كان كرّره يريد إيقاع الطلاق ثانية والثالثة فإنه يقع.

س: يقول المستمع: في لحظة غضب وانفعال، قلت لزوجتي التي كانت السبب في الغضب: عليَّ الطلاق ما أنت ذاهبة للمدرسة بكرة، وكررت ذلك ثلاث مرات، وأنا لا أدري ما أقول ولا أقصد الطلاق أبدًا؛ لأنني أبغضه ولا أعرف أحكامه، بل أريد منعها عن المدرسة، فهي تعمل مدرسة، كان ذلك أول يوم في العام الدراسي، في الصباح ألحت عليَّ زوجتي، بأنه من الضروري الذهاب إلى المدرسة، وخاصة

في أول يوم من العام الدراسي فاضطررت إلى توصيلها إلى المدرسة، وكلي خوف من الله؛ لأنني لا أعرف بالضبط حكم ما قلت، هل هو يمين طلاق أو لا؟ وبسؤالي لطلاب العلم عن حكم ذلك، أفاد البعض أن هذا حلف بغير الله سبحانه وتعالى، ويستوجب كفارة، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو صيام ثلاثة أيام متتابعة، وقد كفرت عن هذا اليمين، إطعام عشرة مساكين، أفيدونا جزاكم الله خيرًا، هل ما فعلت وهو إطعام عشرة مساكين صحيح ويكفي، وأن هذا اليمين حلف بغير الله، أم أنه يعتبر يمين طلاق؟ إنني أعيش في خوف وفزع وصراع نفسي رهيب، أخشى أن أعيش مع زوجتي في الحرام، وأن ما حدث يعتبر يمين طلاق، علمًا بأنني ندمت على ذلك ندمًا كبيرًا، وتبت إلى الله وعزمت على عدم العودة إلى ذلك أبدًا، إنني أدعو الله أن يبارك فيكم، والسلام عليكم ورحمة الله (¬1) ج: هذا الطلاق حكمه حكم اليمين، ما دمت تقصد منعها ولا تريد إيقاع الطلاق، إنما قصدك منعها من الذهاب إلى المدرسة فهذا حكمه ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (89).

حكم اليمين، وقد فعلت الكفارة والحمد لله، ولا حرج عليك في أصح قولي العلماء، ولا يعتبر في حكم الحلف بغير الله، يعني يكون شركًا أصغر ليس في حكم الحلف بغير الله، ولكنه له حكم اليمين من جهة الكفارة فقط، وينبغي لك ألا تعود إليه؛ لأن الكثير من أهل العلم يرون أنه يقع به الطلاق، فينبغي لك ألا تعود إلى ذلك، وأما الصواب فهو الذي فعلت، وهو الكفارة، هذا هو الصواب، أنه تكفي فيه الكفارة؛ لأنك لم ترد إيقاع الطلاق، وإنما أردت منع زوجتك من الذهاب إلى المدرسة، فيكفي في هذا كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، وقد فعلت ذلك لكن من عجز عن الإطعام والكسوة والعتق، فإنه يصوم ثلاثة أيام؛ لأن الكفارة فيها تخيير وفيها ترتيب، فالتخيير هو عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أيّ واحدة فعلها من هذه الثلاث كفى، فإن عجز عن الثلاث كلها صام ثلاثة أيام، ولكن مثل ما تقدم ليس هذا حكمه حكم الحلف بغير الله، من جهة أنه شرك، كما لو قال: والنبي أو بالأمانة فهذا شرك لا يجوز، أمّا قوله: عليَّ الطلاق أو عليَّ الحرام، ليس حكمه حكم الحلف بغير الله، ولكنه لا يبنغي فعله، ولا سيما الحرام لا يجوز تحريم الإنسان ما أحلّ الله له، وعليه في هذا

كفارة اليمين إذا كان قصده منع من حلف عليه، عن منع زوجته أو منع غيره، كأن يقول: عليَّ الحرام ما أكلم فلانًا عليَّ الطلاق ما أكلم فلانًا، عليَّ الطلاق ما تروحين يا فلانة إلى كذا وكذا، هذا كله حكمه حكم اليمين إذا قصد المنع، ولا حرج في الكفارة إن شاء قدّمها، وإن شاء أخرها، حتى لو عاشر زوجته قبل التكفير.

س: ما حكم الشرع في رجل في لحظة غضب، حلف على زوجته قائلاً: عليَّ الطلاق وكرر ذلك ثلاث مرات، لن تذهبي إلى عملك غدًا، وفي الصباح هدأت أعصابه، وذهبت زوجته إلى عملها، وقام هو بتوصيلها إلى مكان العمل، علمًا بأنه لا يقصد ولا يريد طلاقها، بل يريد منعها، وقد ندم على ما فعل، وعزم على عدم العودة إلى مثل ذلك مستقبلاً، فهل يعتبر ذلك طلاقًا، أم يعتبر يمينًا تستوجب الكفارة، وفقكم الله؟ (¬1) ج: هذا الطلاق وأشباهه يعتبر في حكم اليمين، ولا يقع؛ لأنه لم يقصد إيقاعه، وإنما قصد المنع فيكون عليه كفارة يمين، هذا هو أصح ¬

(¬1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (201).

قولي العلماء في هذه المسألة، وهكذا لو قال: عليَّ الطلاق إن كلمت فلانًا، قصده المنع، منعها من الكلام، أو عليَّ الطلاق إن لم تفعلي كذا، قصده حثّها على فعله ولم يقصد إيقاع الطلاق، فإنه يكون في حكم اليمين، والقاعدة: أن الطلاق إذا كان معلّقًا على شيء يقصد به الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب ولا يقصد صاحبه إيقاع الطلاق، فإنه يكون في حكم اليمين ولا يلزمه إلا كفارة اليمين، هذا هو أصح ما قيل في ذلك من كلام أهل العلم رحمة الله عليهم، ونوصي أخانا بأن يترك هذا الكلام ولا يتعود هذا الكلام؛ لأن هذا فيه خلاف كبير بين أهل العلم، فينبغي للمؤمن ترك هذه الأشياء التي قد تسبب شبهة وضررًا عليه، وكفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فمن عجز عن ذلك يصوم ثلاثة أيام، وبحمد الله إطعام عشرة مساكين لا يكلّف شيئًا، يطعمهم طعامًا مطبوخًا في بيته مثلاً أو في أيّ مطعم غداء أو عشاء، وجبة واحدة، وإن أعطاهم نصف صاع من قوت البلد، أرز أو بر أو تمر كفى ذلك، ومقداره كيلو ونصف تقريبًا لكل واحد، وإن كساهم كسوة تجزئهم في الصلاة كقميص أو إزار ورداء كفى ذلك أيضًا، ولا يجزئ دفع النقود عن

الإطعام، عليه، إمَّا إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة ومن عجز صام ثلاثة أيام.

بيان أقسام التعليق في الطلاق

54 - بيان أقسام التعليق في الطلاق س: تقول السائلة: اختلفت أنا وزوجي، فوقع منه طلاق على ألا تكمل بناتي تعليمهن، أي عند سنة معيّنة يقوم بفصلهن عن المدرسة، وفي ذلك الوقت كانت إحدى بناتي صغيرة حديثة الولادة والآن وصلت هذه الصغيرة المرحلة نفسها، هل يقع الطلاق عندما تكمل هذه الصغيرة تعليمها، أم أنها لا تدخل في موضوع الطلاق، علمًا بأن الموضوع الذي اختلفنا فيه، ليس من شأن التعليم أو المدارس، أجيبونا مشكورين؟ (¬1) ج: هذه المسألة وأشباهها ترجع إلى نية المطلق والحالف، فإذا كان المطلق أراد بذلك منعهن ولم يرد إيقاع الطلاق، إنما أراد التشديد والتحذير والتهديد، ومنع نفسه من العمل الذي طلّق من أجله، وليس من قصده إيقاع الطلاق على أهله إذا وقع خلاف ما طلَّق ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (123).

عليه، وهذه الواقعة لها حكم اليمين، ويكون على المطلق كفارة يمين إذا سمح لهن بالدراسة؛ لأنه لم يقصد إيقاع الطلاق، وإنما قصده منعهن، وشدد على نفسه بالطلاق، فهذا مثل لو قال: عليَّ الطلاق لا أكلّم فلانًا، وعليَّ الطلاق لا أزور فلانًا، أو قال: عليَّ الطلاق في حق امرأته لا تزورين فلانًا، ولا تذهبين إلى فلان ولا فلانة، وقصده المنع والترهيب والحث على ترك هذا الشيء، فهذا حكمه حكم اليمين وليس له حكم الطلاق، وعليه كفارة يمين في أصح قولي العلماء، بخلاف لو أنه قصد الطلاق، فإنه يقع الطلاق كما لو أنه قال: عليه الطلاق إذا دخل رمضان، أو إذا خرج رمضان أو ما أشبه ذلك، فإنه يقع الطلاق؛ لأن هذا الطلاق ليس معلقًا تعليقًا كاملاً، فهو تام ليس فيه قصد حثّ أو منع إلى غير ذلك. فالحاصل أن التّعليق قسمان: تعليق يقتضي إيقاع الطلاق، كالتعليق على دخول رمضان ونحو ذلك، وتعليق فيه تفصيل، مثل الطلاق الذي علقه على الدراسة، فإن كان قصد إيقاع الطلاق وقع الطلاق إذا درسن، وإن كان أراد منعهن فقط، ولم يرد إيقاع الطلاق، وإنما أراد تخويفهن وإلزام نفسه منعهن، فهذا حكمه حكم اليمين

وعليه كفارتها كفارة اليمين في أصح قولي أهل العلم. وهذه الصغيرة تدخل في اليمين؛ لأنّ قصده بناته بالعموم، أمّا لو قال: المعجّلات: فلانة وفلانة، فإنها لا تدخل. أما إذا قال: بناتي دخلت الصغيرة والكبيرة.

س: زوجي حلف بالطّلاق، إذا لم ترجّع أخته الدينار لصاحبه، ولكن أخته لم ترجّعه وأخذته، وفي المرة الثانية كان الأمر كذلك فماذا يكون الحكم؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، إن كان قصد بذلك إيقاع الطلاق إن لم ترجع الدينار، وقع طلقة على زوجته في ذلك، وله مراجعتها ما دامت في العدة، إذا كان ليس قبل ذلك طلقتان، وإن كان أراد التشديد عليها وتخويفها ولم يرد إيقاع الطلاق فلم تفعل، فعليه كفارة اليمين؛ لأن هذا في حكم اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، يعني كيلو ونصفًا من قوت البلد، من التمر أو الأرز أو غيرهما، أو كسوتهم كسوة تجزئهم في الصلاة، كالقميص لكل واحد، أو عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز، وكان فقيرًا لا يستطيع، صام ثلاثة ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (58).

أيام ويكفي ذلك.

س: هناك أخوان شقيقان، حصل بينهما شجار بسبب المال، وحضر جماعة للإصلاح، وطلبوا من الصغير إعطاء الكبير شيئًا من المال ويتم التراضي بينهما، ولكنه غضب وقال: طلاق ثلاث لا أُسامحه لا في الدنيا ولا في الآخرة. فماذا عليه الآن، فهل يقع طلاق بهذا لو سامح أخاه؟ (¬1) (¬2) ج: ما كان ينبغي لهذا المسلم أن يتسرّع في الطلاق، وكان ينبغي أن يقدر إخوانه الذين جاؤوا للإصلاح، وأن يعرف لهم فضلهم ونُبل مقصدهم، وأنهم جديرون بالتقدير والاعتراف بالفضل، حيث جاؤوا للإصلاح، والله شرع لنا الإصلاح، قال سبحانه وتعالى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ}، وجاء في الحديث الحثّ على إصلاح ذات البين، والله يقول سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}، فكان ينبغي لهما جميعًا، أن يقدّرا لهؤلاء ¬

(¬1) السؤال التاسع من الشريط رقم (53). (¬2) السؤال التاسع من الشريط رقم (53). ') ">

الجماعة قصدهم الطيب، ولا سيما الأصغر، فإن حقّ الكبير عليه عظيم، أمّا وقد وقع ما وقع، فإنه ينظر في قصده، فإن كان قصده بالطلاق منع نفسه من المسامحة لأخيه، وليس من قصده فراق أهله إن سامح أخاه، فهذا حكمه حكم اليمين، وعليه كفارتها، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم أو عتق رقبة، فإن عجز صام ثلاثة أيام، هذا هو الواجب في هذه المسألة، إذا كان هذا المطلّق إنما قصد منع نفسه من المسامحة ولم يقصد فراق زوجته إن سامح أخاه، فهو بهذه النية يكون طلاقه هذا في حكم اليمين في أصح قولي العلماء، وعليه كفارتها إذا سامح أخاه وهو الأولى به، أن يسامح أخاه وأن يصل رحمه، ويتعوّذ بالله من الشيطان، ولو كان أخوه قد أخطأ عليه، لو فرضنا أن أخاه الكبير قد أخطأ عليه، فكونه يسامح أخاه الكبير، ويتنازل عن حقه، هذا خير له في الدنيا والآخرة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها» (¬1) فهذا هو الحكم في هذه المسألة، إن كان ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب ليس الواصل بالمكافئ، برقم (5991).

قصده منع نفسه من مسامحة أخيه، ولم يقصد فراق زوجته إن سامح أخاه، أمّا إن كان قصده فراق زوجته، ومنع نفسه وفراق زوجته إن سامح أخاه هذا قصده، يقصد منع نفسه من المسامحة، ويقصد مع ذلك أنه يفارقها، وأن الطلاق يقع إذا سامح أخاه، فهو في هذه الحال ينبغي له أن يسامح أخاه، وتقع عليه طلقة واحدة، ويراجعها إذا كانت ثلاثًا بلفظٍ واحد، تعتبر واحدة على الصحيح من أقوال العلماء، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس في صحيح مسلم ما يدل على أن الثلاث إذا كانت بلفظٍ واحد، تعتبر واحدة فيكون له الرجعة، إذا سامح أخاه وقعت طلقة واحدة فقط من هذا اللفظ وله أن يراجعها في العدة بقوله: راجعت امرأتي، أو أمسكت امرأتي، أو رددت امرأتي، وعليه أن يشهد على ذلك شخصين، هذا هو السنة أن يشهد عدلين على هذه المراجعة، هذا هو الذي ينبغي إذا كان لم يطلقها قبل هذا طلقتين، أما إن كان قد طلقها قبل هذا طلقتين، لتكون هذه الثالثة، ويكون ما فيها رجعة، لكن إذا كان طلقها

طلقتين، فإنه إذا كان قصد إيقاع الطلاق، فإنه يسامح أخاه، وتقع طلقة ويراجع زوجته والحمد لله، فصلحه مع أخيه أسهل وخير له من مسألة الطلقة إذا وقعت، فإن أمرها لا يضر ما دام له فسحة في الرجعة، ولم يطلق قبل هذا طلقتين، فإن الأولى به أن يسامح أخاه ولو وقعت على زوجته طلقة، فإن أمرها بحمد الله سهل، ومصالحة أخيه مهمّة كبيرة، وقربة عظيمة، إذا كان أخوه من أهل الخير والإيمان من المسلمين، أمّا إذا كان أخوه ليس بمسلم، أو ممن يظهر الفسوق والعصيان والكبائر، فتركه وعدم المصالحة قد يكون خيرًا لأخيه، حتى يسلم من شرِّه وما لديه من فجور أو كفر، لكن ما دام أخوه مسلمًا مستورًا، فمصالحته مطلوبة وصلة رحم، ولو وقع بها طلقة لا تمنع من مراجعة الزوجة والله المستعان.

س: حدث مشكلة بيني وبين أخي حول السيارة التي نمتلكها نحن، وقد غضب غضبًا شديدًا، وحلفت طلاقًا وقلت: بطلاقي الثلاث، لا أقوم بقيادة السيارة، وفعلاً لم أقم بقيادة السيارة أكثر من ثمانية أشهر، ونتيجة للظروف التي يمر بها أخي، حيث لا يستطيع هو قيادة السيارة، فما هو الواجب الذي يجب أن أعمله أنا، هل نقوم ببيع

هذه السيارة ونشتري سيارة أخرى؛ لأقوم بقيادتها أنا، أم أقوم بقيادة السيارة نفسها، وما هو حكم الطلاق بالنسبة لي في هذه الحالة؟ (¬1) ج: إذا كنت أيها السائل المطلق، إنّما أردت منع نفسك من قيادة السيارة، ولم ترد إيقاع الطلاق، وإنما أردت منع نفسك من قيادة السيارة غضبًا على أخيك، فإن عليك كفارة يمين، ولا حرج أن تقود السيارة، وهكذا يكون على حكم اليمين في أصح قولي العلماء، فعليك كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد وهو كيلو ونصف تقريبًا، أو كسوة العشرة بما يجزئهم في الصلاة، أمّا إن كان قصدك إيقاع الطلاق إن سقتها فإنه يقع الطلاق، فإنك إذا سقتها يقع طلقة واحدة، على زوجتك، ولك مراجعتها ما دامت في العدة في الحال، إذا كنت لم تطلقها قبل هذا طلقتين، أمّا بيع السيارة وعدم بيع السيارة، فهذا يرجع إليكما، لكما أن تبيعاها، ولكما أن تتركاها لكن إن كان قصدك هذه السيارة بعينها فإذا بيعت، لك أن تقود غيرها، ولا يقع شيء، أمّا إن كان قصدك ترك ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (102).

مساعدة أخيك، لا في هذه السيارة ولا في غيرها، وأنك تريد ألاّ تسوق معه سيارة، وألاّ تخدمه في هذا الشيء، فلا فرق بين هذه السيارة وغيرها، ولا تنحل اليمين ببيعها، حتى السيارة الأخرى، إذا جاءت ليس لك أن تقودها؛ لأنك قصدت بذلك مغاضبة أخيك، وهجران مساعدته، فإذا قدت السيارة الثانية فهي كالأولى، إن كنت أردت إيقاع الطلاق وقع الطلاق، وإن كنت لم ترد ذلك، وإنما أردت هجران أخيك، وعدم مساعدته في هذا الشيء فعليك كفارة اليمين كما تقدم.

س: تعاركت مع رئيسي في العمل لبعض الأسباب، فقطع من راتبي خمسة أيام عقابًا لي، فأقسمت على أنه إذا أخذت الراتب ناقصًا، فسوف أرسل برقية لرئيسه شكوى عليه، ولكنني لم أرسل برقية، وأخذت الراتب ناقصًا، والقسم هو: عليَّ الطلاق بالثلاث من زوجتي، إذا أخذت الراتب ناقصًا فسوف أرسل برقية لرئيسه، وكان هذا القسم أمام أربعة من زملائي بالعمل، وأخبر فضيلتكم بأنني عاقد قراني منذ ثمانية أشهر، ولم أدخل على زوجتي حتى الآن، فما هو حكم الدين جزاكم الله خير الجزاء؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثامن عشر من الشريط رقم (34).

ج: لا ينبغي للمؤمن أن يقسم بالطلاق ولا بالحرام، فإذا كان ولا بد فليقل والله لأفعلنّ كذا، والله لأفعلنّ كذا، أو بالله لأفعلنّ كذا، وأما إقسامه بالطلاق والتحريم فلا ينبغي، وأقل أحواله الكراهة، لكن هذا الذي أقسم بالطلاق أنه يرفع الأمر إلى رئيسه فيمن خصم عليه بعض راتبه، إن كان القصد حثّ نفسه على الرفع، وإلزامها بذلك فهذا حكمه حكم اليمين، وعليه كفّارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، يعشيهم أو يغديهم، أو يعطيهم لكل واحد منهم نصف الصاع من التمر أو من الأرز من قوت البلد، مقداره كيلو ونصف، أو يكسوهم كسوة تجزئهم في الصلاة، من قميص أو إزار ورداء، ويكفي ذلك، أمّا إن كان هذا الذي أقسم بالطلاق أراد إيقاع الطلاق، فإن لم يرفع فإنّ زوجته تطلق منه، أراد إيقاع الطلاق بها إن لم يرفع إلى رئيس هذا الموظف، فإن كان قصد الطلاق يعني قصد إيقاع الطلاق إن لم يفعل، فإنه تقع منه طلقة واحدة على القول الراجح، إذا قال: عليَّ الطلاق بالثلاث، فالصواب من أقوال العلماء أنه تقع به طلقة واحدة، ويراجعها في العدة، إذا كان ما قبلها طلقتان، إذا كان المطلق بهذا قد أوقع طلقتين فإنه يقع بهذا طلقة واحدة، وله مراجعتها ما دامت في العدة، ويشهد

شاهدين يقول لهما: أشهدكما أنني راجعت امرأتي فلانة ويكفي، أمّا إن كان ما أراد إيقاع الطلاق، إنما أراد حثّ نفسه وإلزامها بالشكوى، ولم يرد إيقاع الطلاق لزوجته أبدًا، فهذا ليس فيه إلا كفارة اليمين.

حكم الحلف بالحرام

55 - حكم الحلف بالحرام س: السائل/ س. ط. من العراق: إذا قال الشخص: بالحرام ولعدة مرات، فلان لن يتزوج فلانة، فإذا حصل الزواج هل يقع عليه الطلاق؟ (¬1) ج: هذا يختلف حسب نيّته، إذا قال: عليه بالطلاق إن فلانًا لا يتزوج فلانة، هذا أولاً لا يجوز الحلف بالطلاق، ولا يجوز الحلف بالحرام، الحلف يكون بالله وحده، لا يجوز لأحد أن يحلف بالطلاق، ولا بالحرام، ولا بالأمانة، ولا بالنبي، ولا برأس فلان ولا شرف فلان ولا حياة فلان، كل هذا ما يجوز، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت» (¬2) ويقول صلى الله عليه وسلم: ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (268). (¬2) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب كيف يستحلف، برقم (2679)، ومسلم في كتاب الأيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، برقم (1646).

«من حلف بشيء دون الله فقد أشرك» (¬1) لكن إذا كان قصده أن عليه الطلاق وعليه الحرام أن فلانًا ما يتزوج فلانة، وقصده منعه، فهذا إذا فعل، عليه كفارة يمين، حكمه حكم اليمين، إذا ما أطاعوه، زوجوه، وقال: عليَّ الطلاق والحرام ما يتزوج فلانة، يكون عليه كفارة يمين، ولا يقع الطلاق في أصح أقوال أهل العلم، إذا كان قصده المنع. أمّا إذا كان قصده أن يقع الطلاق والتحريم، إذا كان قصده بالطلاق ألا يتزوج فلانة، قصده أن زوجته طالق أو قصده أنها حرام عليه، ناوٍ هذا ويريد أنها تحرم عليه أو تطلق فله نيته، فهو على ما نوى. ¬

(¬1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، برقم (331).

حكم الحلف بالطلاق في البيع والشراء

56 - حكم الحلف بالطلاق في البيع والشراء س: رسالة طويلة بعث بها مستمع من جمهورية مصر العربية، جاء فيها قوله: ما حكم الذين يحلفون بالطلاق، وليس في نيّتهم الطلاق؟ بل لأجل شراء سلعة أو بيع سلعة، وهو يعلم بأن طلاقه هذا كاذب؟ فهل عليه كفارة يمين أم ماذا يفعل في حياته الزوجية؟ جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (139).

ج: هذا يرجع فيه إلى نيّته، إذا حلف بالطلاق يرجع فيه إلى نيته، فإذا قال: عليه الطلاق لا يكلم فلانًا، أو عليه الطلاق بقوله لزوجته: لا تكلمين فلانًا، أو عليه الطلاق ما يبيع السلعة الفلانية، أو عليه الطلاق ما يشتري السلعة الفلانية، أو عليه الطلاق ما يدخل بيت فلان، فالمرجع هو نيته، إذا كان قصده من هذا منع نفسه من هذا الشيء، ليس قصده إيقاع الطلاق، أو قصده حثّ نفسه على فعله، بأن يقول: عليه الطلاق أن يزور فلانًا، عليه الطلاق أن يكلم فلانًا، قصده الحث، فهذا كله بحكم اليمين، وعليه كفارة اليمين إذا فعل ما حلف على تركه، أو ترك ما حلف على فعله، عليه كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فمن لم يجد صام ثلاثة أيام، أمّا إن كان قصد إيقاع الطلاق، قال: عليه الطلاق ما يكلم فلانًا، عليه الطلاق ما يشتري السلعة الفلانية، وقصده أنه متى فعل وقع الطلاق، فإنه يقع الطلاق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» (¬1) هذا هو الصواب من قولي العلماء. وذهب الأكثر إلى ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: **إنما الأعمال بالنيات .. ** برقم (1907).

أنه يقع الطلاق مطلقًا، ولو قصد الحثّ والمنع أو التصديق أو التكذيب، ولكن الصواب التفصيل، فإن كانت النية حثًّا، أو منعًا، أو تصديقًا أو تكذيبًا، ليس قصده إيقاع الطلاق، إنما قصده تخويف زوجته بأن تفعل كذا، وردعها عن ذلك، أو قصده أن يمنع نفسه من كذا وليس قصده إيقاع الطلاق، فهذا حكمه حكم اليمين في أصح قولي العلماء، واختار هذا القول أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، والعلامة ابن القيم رحمه الله وجماعة من أهل العلم المحققين.

س: لدى بعض دلاَّلي الأغنام في السودان عادة سيئة، وهي كثرة الحلف بالطلاق لترويج أغنامهم، وبعضهم متزوج، وقد يكون ما حلف عليه بالطلاق مخالفًا للواقع، ما حكم هذا الحلف، وهل يقع الطلاق فعلاً؟ وهل هناك كفارة أرجو توجيهكم؟ (¬1) ج: هذا عمل لا يجوز، لا بالطلاق ولا بغير الطلاق، ليس له أن يروّج بضاعته بالأيمان، لا بالأيمان بالله ولا بالطلاق، كل ذلك لا يجوز؛ لأن هذا تغرير بالناس، وخداع بالناس، وربما كذب في ذلك، ¬

(¬1) السؤال الثالث من الشريط رقم (163).

فإنّ من أكثر الأيمان يغلب عليه الكذب، ثم إنه يخدع الناس قد يكون كاذبًا في ذلك، فيخدع الناس بأيمانه حتى يشتروا سلعته، وإن كانت رديئة أو يشتروها بأكثر من ثمنها؛ لكثرة أيمانه، قد جاء في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام، أنه قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، أشيمط زان،- يعني شائبًا زانيًا- وعائل مستكبر، - يعني فقيرًا مستكبرًا- ورجل جعل الله له بضاعة، لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيع إلا بيمينه» (¬1) فكثرة الحلف في البيع والشراء أمر منكر وخطير، ومن أسباب غضب الله عز وجل، فينبغي للمؤمن أن يحذر ذلك وألا يكثر الأيمان، فإنْ دعت الحاجة إلى اليمين، فليكن صادقًا من غير إكثار، إن اتهموه بأنه غاش في كذا أو غاش في كذا، وهو ليس بغاش بل صادق وحلف لهم يمينًا بالله إنه صادق، فلا بأس بذلك عند الحاجة، أما إكثار الأيمان بالطلاق أو بالله، هذا لا يجوز، وهو من أسباب الكذب، ومن أسباب الخداع والغش، وإذا كان صادقًا في ¬

(¬1) أخرجه الطبراني في المعجم الصغير في باب من اسمه محمد، برقم (821) جـ2/ 82، ورواه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية .. برقم (107)، بدون لفظ **ورجل جعل الله له بضاعة ... **

طلاقه لا يقع شيء، لكن لا ينبغي له استعمال ذلك؛ لأنه وسيلة إلى استعمال الباطل، وسيلة إلى الطلاق الكاذب، وسيلة إلى فراق أهله، فينبغي للمؤمن أن يحذر ذلك، وأن يعتاد الصدق مع قلة الأيمان والمحافظة عليها، والله يقول سبحانه: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}، والإكثار من الأيمان من أسباب الوقوع في الكذب، ومن أسباب غش الناس وخديعة الناس، فالواجب الحذر من ذلك، وإذا كان في يمينه صادقًا أو في طلاقه صادقًا، فلا شيء عليه، لكن لا ينبغي له الإكثار من ذلك، بل يكون عند الحاجة مع القلّة والعناية بعدم الكثرة، حتى يسلم من الوعيد الشديد، ومن غضب الله عز وجل، أمّا الكاذب، فهذا فيه وعيد الكذب، نسأل الله العافية، وهو على خطر عظيم، ووعيد في كذبه، في أيمانه وفي طلاقه، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من حلف على يمين وهو فيها كاذب، لقي الله وهو عليه غضبان» (¬1) نسأل الله العافية والسلامة، فالواجب على المؤمن، أن يحذر، وإذا كان كاذبًا فقد ذهب أكثر أهل العلم، أنه يقع الطلاق نسأل الله العافية، والصواب أنه لا يقع ¬

(¬1) أخرجه ابن حبان في صحيحه، برقم (5086) حـ 11/ 482.

الطلاق لكن المؤمن لا يجوز له إن كان قصده في يمينه، أن يُصَدَّقَ في ذلك، وأن تقبل سلعته، وأن يأمنه الناس في ذلك، وهو في ذلك مجرم إذا كان كاذبًا، ولكن ليس قصده إيقاع الطلاق، وإنما قصده أن يصدّقه الناس، وأن يقلبوا سلعته، وهو على كل حال في هذا ظالم ومجرم، ولا يجوز له فعله، وأمّا وقوع الطلاق فلا يقع، إن كان قصده تصديقه، وليس قصده إيقاع الطلاق، فيكون كفارة يمين في أصح قولي العلماء، لكن لا يجوز له تعاطي ذلك، بل يجب عليه الحذر من ذلك؛ لئلا يوهم الناس ولئلا يخدع الناس؛ لأن الكذب محرم مطلقًا.

حكم البقاء مع زوج يكثر الحلف بالطلاق

57 - حكم البقاء مع زوج يكثر الحلف بالطلاق س: تسأل الأخت وتقول: إنها فتاة متزوجة من رجل دائمًا ما يحلف بالطلاق في جميع أحواله وأقواله، وكثيرًا ما يردد هذه الكلمة: عليَّ الطلاق. هل يقع الطلاق، فأنا أذهب إلى أهلي، وأكون حاملاً وأضع مولودًا، وأرجع عند زوجي، هل آثم في هذه الحياة معه؟ (¬1) ج: الواجب إذا حصل من الزوج الطلاق أن يستفتي، وإذا طلق ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (423).

اذهبي لأهلكِ حتى يستفتي أهل العلم، ولا ينبغي للرجل أن يستعمل الطلاق، وأن يتساهل في الطلاق، الطلاق هو عنوان الفرقة، الواجب على المؤمن أن يحفظ لسانه، وأن يصونه عما لا ينبغي، وأن يحذر الطلاق، إلا على بصيرة، إذا رأيت الفراق لا بأس، لكن كونه يستعمل الطلاق على غير بصيرة، ويتلاعب بالطلاق، هذا لا يجوز. جاء في الحديث: «أبغض الحلال إلى الله الطلاق» (¬1) ثم الطلاق هو وسيلة الفراق، فالواجب على المؤمن سؤال أهل العلم حتى يتبصر، وهي عليها أن تذهب إلى أهلها وأن تمتنع منه حتى يسأل أهل العلم عما وقع منه، حتى يفتيه أهل العلم في طلاقه، نسأل الله للجميع الهداية. ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في كتاب الطلاق، باب في كراهية الطلاق، برقم (2178).

حكم قول المرأة لزوجها أنا محرمة عليك

58 - حكم قول المرأة لزوجها أنا محرمة عليك س: ما حكم المرأة التي رفعت كتاب الله وحلفت به مرتين قائلة لزوجها: أنا محرمة عليك في العيشة والأكل، أو بعبارة أخرى قالت له وهذا المصحف أنا محرمة عليك في النوم، أي لا أنام معك، وفي الأكل أي لا آكل معك، هل تملك الطلاق، أم أن الطلاق بيد الزوج، جزاكم الله

خيرًا؟ (¬1) ج: الطلاق بيد الزوج بإجماع المسلمين، وأما تحريمها نومها معه وأكلها معه، هذا لا يجوز لها، وعليها التوبة من ذلك، ولو حلفت بالقرآن، ولو قالت: بالله، أو والله العظيم، كل ذلك لا يجوز لها، وعليها أن تكفر عن يمينها، وعن تحريمها كفارة يمين، ولا يحرم عليها زوجها، ولا تحرم عليه، ولكن عليها كفارة اليمين؛ لقوله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (1) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}، فتحريمها حكمه حكم اليمين، فعليها كفارة أن تكفر عن ذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم «حرّم جارية» (¬2) وفي رواية «حرّم العسل» (¬3) وأمر الله بكفارة اليمين، فعليها كفّارة اليمين، ولا تملك ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (3). (¬2) أخرجه النسائي في كتاب عشرة النساء، باب الغيرة، برقم (3959). (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الطلاق، باب **لم تحرم ما أحل الله**، برقم (5267)، ومسلم في كتاب الطلاق، باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق، برقم (1474).

الطلاق، ولا تملك الظهار، والظهار للزوج خاصة، والطلاق للزوج خاصة، أما تحريمها للزوج، هي مثل تحريمها للطعام والشراب، عليها كفارة اليمين، وتحل لزوجها.

باب تعليق الطلاق بالشرط

باب تعليق الطلاق بالشرط 59 - حكم الطلاق المعلق بشرط س: الأخ/ أ. ا. إ. مصري مقيم في محافظة الأفلاج، أخونا يقول: قلت لزوجتي: إن ذهبت إلى منزل والدك، فأنتِ طالق، وأنا الآن مقيم في المملكة، وحدث خلاف بين زوجتي وأهلي، فذهبت إلى بيت والدها. أرجو إفادتي ماذا عليَّ أن أفعل؟ ولكم جزيل الشكر (¬1) ج: إن كنت قصدت إيقاع الطلاق إن ذهبت، فإنه يقع عليها طلقة، ولك مراجعتها في العدة، إذا كانت لم تطلق قبل هذا طلقتين، أمّا إن كنت أردتَ منعها وتهديدها وتخويفها، ولم تقصد إيقاع الطلاق، فإن هذا له حكم اليمين في أصح قولي العلماء، يكون عليك كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم لكل مسكين نصف صاع، من ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (148).

قوت البلد من تمر أو غيره، بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، ومقدار ذلك كيلو ونصف تقريبًا، أو كسوتهم بأن تعطي كل واحد ما يجزئه للصلاة، كقميص أو إزار ورداء، والحمد لله.

س: أنا شاب ومتزوج من ابنة عمي، وأبلغ من العمر خمسا وعشرين سنة، ورزقني الله تعالى منها ولد، ولكن حصل بيننا خلاف حاد، فقد طلبت منها أن تذهب معي ولكن هي رفضت وأصرت على رفضها، وغضبت منها جدًّا وقلت لها: إن هي لم تذهب معي، وإلا فهي طالق، وحاولت أن تذهب معي ولكنها رفضت ثانية، وفي هذا الوقت غضبت وانفعلت، وقلت: أبلغوها أنها طالق بالثلاث، وبعد أن مضى على طلاقي لها ثلاثة أيام، أشهدت اثنين أنني رددتها في عصمتي الزوجية، والآن مضى حوالي خمسة شهور، ولم نجتمع، فهل يجوز لي أن أراجعها بعد هذه المدة أم لا، علمًا بأنني كنت فاقدًا أعصابي أثناء حصول الحادثة؟ (¬1) ج: هذا السؤال مهم، ويمكن جوابه الآن، ويمكن جوابه أيضًا بطريق المكاتبة، جوابه الآن أن يقال: إذا كان قصده بالطلاق على ذهابه إن لم تذهب معه، قصده تخويفها، وقصده حثها على الموافقة ¬

(¬1) السؤال الرابع من الشريط رقم (16).

ولم يقصد فراقها، إنما أراد منعها من التخلف، وأراد أن تذهب معه فخالفته، هذا فيه حكم اليمين، وعليه كفارة يمين عن ذلك ولا يقع الطلاق، أما طلاقه الأخير، قال: أنتِ طالق بالثلاث، هذا يقع به واحدة طلقة واحدة على الصحيح من أقوال العلماء؛ لما ثبت في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى عهد الصديق أبي بكر، وعهد عمر في أول خلافته الطلاق بالثلاث واحدة، ثم إن عمر قال: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم باجتهاده، رضي الله عنه وأرضاه» (¬1)، والصواب أنه يعتبر واحدة، طلاق الثلاث بكلمة واحدة إذا قال: هي طالق بالثلاث، أو قال: أنت طالق بالثلاث، أو فلانة طالق بالثلاث، الصواب تجعل واحدة، هذا هو المعتبر، والمعتمد عند جمع من أهل العلم، وهو أرجح أقوال أهل العلم في ذلك، فهذا السائل إذا كان طلقها بلفظ واحد، فإنها تعتبر طلقة واحدة، فإن كان راجعها في العدة، فهي زوجته، وإذا كان انقضت العدة قبل أن يراجعها، فإنها تحل ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب طلاق الثلاث، برقم (1472).

له بنكاح جديد بالشروط المعتبرة شرعًا، وإذا حصل في هذا إشكال، فإنه يكتب إلي في ذلك، وأنا إن شاء الله أحيلها معه إلى قاضي البلد الذي هم فيها، وهو يكتب كلام الجميع، وننظر فيه إن شاء الله.

مسألة في الطلاق المعلق بشرط

60 - مسألة في الطلاق المعلق بشرط س: يقول السائل: أنا شاب متزوج، حصل بيني وبين زوجتي خلاف بسيط، وأرادت أن تذهب إلى أهلها، وهي حامل فانزعجت منها، وقلت: إذا ذهبت إلى أهلك فأنت مطلّقة، بهذا الكلام، ولم أزد عليه شيئًا أبدًا، وكنت أقصد بهذا عدم ذهابها إلى أهلها، ولا أقصد الطلاق، وقد ذهبت، فما الحكم في مثل هذا الأمر؟ (¬1) ج: إذا كان المقصود من هذا الكلام منعها من الذهاب إلى أهلها، وليس المقصود إيقاع الطلاق، فإن هذا يكون في حكم اليمين، وعليك أيها السائل كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، والطعام يعطي كل واحد نصف صاع، من التمر أو الأرز أو غيرهما، من قوت البلد كيلو ونصف تقريبًا، أو تعشّيهم أو تغديهم، أو تكسوهم ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (43).

كسوة، كل واحد يعطى إزارًا ورداء، أو يعطى قميصًا هذا هو الواجب في مثل هذا على الصحيح من قولي العلماء، قال بعض أهل العلم: إنه يقع الطلاق، لكن الصحيح أنه لا يقع، إذا كانت النيّة المنع، وليست النيّة إيقاع الطلاق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» (¬1) ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: **إنما الأعمال بالنيات .. ** برقم (1907).

حكم من حلف بالطلاق على زوجته بعدم فعل أمر وفعلته نسيانا

61 - حكم من حلف بالطلاق على زوجته بعدم فعل أمر وفعلته نسيانًا س: في مرة من المرات حلفت على زوجتي، وقلت: إذا استعملت أي نوع من العطور أو الحناء، والتي تستعمل بالعطور، أو جاملت بها لإحدى النساء، وذلك أثناء وجودي بالشقة، التي نسكنها فإنك تكونين طالقًا، ولم أتّخذ هذا القرار إلا بعد جهد، وتكرار ومحاولات لإقناعها لتترك استعمالها، أثناء وجودي، حيث إن هذه العطور والروائح، تسبب لي صداعًا ومضايقات شديدة، علمًا بأن الشّقة لا تتسرب منها رائحة العطور بسرعة، وبعد مضي عدة أشهر نَسِيَتْ زوجتي هذا الحلف، وأخذت زجاجة عطر وفتحتها، وأدخلت أصبعها داخل الزجاجة،

ومسحت بها وبعد ذلك تذكّرت الحلف، وأسرعت إلى مكان آخر، وأخبرتني بذلك، علمًا بأنني كنت نائمًا داخل المنزل، أرجو من سماحتكم إفادتي عما حدث مني، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إذا كانت المرأة فعلت ذلك نسيانًا كما قلت في السؤال، فليس عليك شيء، وليس عليها شيء، يقول الله سبحانه: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}. وصح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أن الله قال: «قد فعلت» (¬2) فالناسي ليس عليه شيء والحمد لله، أمّا إن تعمّدت ذلك، وأنت لم تقصد فراقها، وإنما قصدت منعها وتخويفها، فإذا فعلَتْ ذلك عمدًا، فعليك كفارة يمين، ولا يقع الطلاق، إذا كان المقصود منعها وتخويفها وتحذيرها، أما إن كان المقصود إيقاع الطلاق إذا فعلت، فإنها إذا فعلت ذلك عمدًا يقع طلقة واحدة بهذا الكلام الذي قلت، وإن كان عن نسيان، فإنه لا يقع شيء، والحمد لله. ¬

(¬1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (100). (¬2) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق، برقم (126).

س: في العام الأول من زواجنا، وعلى أثر غضب شديد، حلفت على زوجتي بالطلاق، وكانت صيغته كالآتي: إذا دخلت أمّك هنا تكونين طالقة، وكنت أقصد بذلك التهديد فعلاً، لا الطلاق، وبعد ذلك دخلت أمها ومضى على زواجنا أكثر من عشرين عامًا، وأنجبت منها أولادًا، ولم أحلف بالطلاق مرة أخرى طيلة هذه المدة، فما حكم هذا الطلاق، هل يقع أم لا؟ (¬1) ج: الصواب أن هذا الطلاق له حكم اليمين؛ لأنك لم تقصد إيقاعه، وإنما قصدت المنع من دخول أمها، وتهديدها بهذا الأمر، فهذا الطلاق يكون له حكم اليمين في أصح قولي العلماء، وعليك الكفارة وإن طالت المدة، عليك أن تكفر عن يمينك بإطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة مؤمنة، كما بينه الله في كتابه العظيم في سورة المائدة، يعطى الفقير الواحد نصف الصاع من التمر، أو من الأرز، أو غيرهما من قوت البلد، يدفع إلى عشرة مساكين، لا ينقص عنهم، أو تكسوهم كسوة تجزئهم في الصلاة، كالقميص، أو الإزار والرداء، ويكفي هذا، والحمد لله، ولا يقع الطلاق، زوجتك معك، والعشرة التي ¬

(¬1) السؤال العاشر من الشريط رقم (55).

بينكما باقية، ولا حرج في هذه المدّة الطّويلة، إلا أنك أخطأت في عدم إخراج الكفارة، هذه المدة الطويلة، وأمّا القول بأنه يقع الطلاق، فهو قول ضعيف مرجوح، والصواب أنه لا يقع، ما دام للتهديد والمنع، وليس للإيقاع.

مسألة في الطلاق المعلق بشرط

62 - مسألة في الطلاق المعلق بشرط س: الأخ/ ج. ع. ش.، من جمهورية مصر العربية محافظة الفيوم، حاليًا يعمل في الجمهورية العراقية، يقول: أنا متزوج ابنة عمي، وقبل سفري إلى العراق قلت لها: إذا خرجت خارج المنزل، وأنا غائب وبدون إذني، فأنتِ طالق، أقصد بخروجها من المنزل سفرها إلى القاهرة، مهما بلغت الظروف، فخرجت إلى القاهرة؛ لأن والدتها كانت مريضة حسب قولها، ما رأيكم فيما قلت، جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إذا كان قصدك منعها من الخروج، وليس قصدك الطلاق إنما قصدك أن تمنعها وتهددها وتخوفها، فعليك كفارة يمين، ويكفي، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن عجز عن ذلك ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (162).

صام ثلاثة أيام، كما تقدم، أمّا إن كان قصدك طلاقها، فإنه يقع عليها طلقة واحدة بذلك، وتراجعها، تشهد شاهدين أنك راجعت زوجتك فلانة، إذا كانت لم تطلق قبل هذا طلقتين، الإنسان مأخوذ بكلامه، فإذا كان قصدك الطلاق، فالأعمال بالنيّات إذا قلت: إن خرجت إلى أمك أو إن خرجت من بيتي، فأنتِ طالق، وقصدك إيقاع الطلاق، فإنه يقع طلقة واحدة، ولك أن تراجعها إذا شئت، ما دامت في العدة، بأن تقول راجعت زوجتي فلانة، أو رددت زوجتي فلانة، وتشهد شاهدين من إخوانك الطيبين، على أنك راجعتها، وترجع إلى حبالك، وإلى عصمتك بذلك، إذا كنت لم تطلقها قبل هذا طلقتين، أمّا إن كانت هذه الطلقة هي الأخيرة، هي الثالثة، فإنها تحرم عليك، إلا بعد زوج شرعي بنكاح شرعي، ليس نكاح تحليل، بل نكاح شرعي، ويطؤها الزوج، بعد الطلقة الثالثة، لا تحل إلا بعد زوج شرعي، لا بنكاح التحليل، ولكن بنكاح شرعي، ولا بد معه أن يطأها الزوج لأن الله سبحانه يقول: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} يعني الثالثة: {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}، والنبي

صلى الله عليه وسلم لما سألته التي طلقها زوجها الطلقة الأخيرة، أن تعود إليه قال: «لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتكِ» (¬1) يعني حتى يطأك بعد النكاح، الزوج الثاني، لا بدّ من النكاح، ولا بد من وطء في النكاح، لمن طلق زوجته الطلقة الأخيرة الثالثة. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب الشهادات، باب شهادة المختبئ، برقم (2639)، ومسلم في كتاب النكاح، باب لا تحل المطلقة حتى تنكح، برقم (1433).

س: يقول: قلت لزوجتي: إذا ذهبت إلى دار أهلك بدوني تكونين طالقًا وبعد فترة من الزمن أجبرتها الظروف أن تذهب إلى دار أهلها برغبتي، وذهب معها زوجها ولم يدخل البيت فما رأيكم؟ (¬1) ج: ما دمت أذنت لها فلا بأس؛ لأنك قلت بغير إذني فإذا أذنت لها فلا حرج، والحمد لله، أما إذا لم تأذن، فهذا فيه تفصيل، إن كنت أردت إيقاع الطلاق يقع الطلاق، وإن كنت أردت التخويف والتحذير والمنع ولم تُرد إيقاع الطلاق، فهذا فيه كفارة يمين، حكمه حكم اليمين، مثل كفارة اليمين، لا حرج، ما دام قال: بدوني لأنه ذهب معها، لا حرج؛ لأنك ذهبت معها إلى الباب، فلا بأس. ¬

(¬1) السؤال العشرون من الشريط رقم (362).

حكم من علق طلاق زوجته بشيء مضمر في نفسه

63 - حكم من علق طلاق زوجته بشيء مضمر في نفسه س: إذا قال الرجل لزوجته: أنت طالق إذا دخلت بيت فلان بغير إذني، وقد كان في نية الزوج ساعة التّلفظ أنها إذا دخلت ذلك البيت، لغرض في نفسه يقع الطلاق، أمّا إذا دخلت لحاجة أخرى كزيارة مريض أو غيرها فلا يقصد الطلاق. أولاً: هل يقع الطلاق إذا دخلت المرأة ذلك البيت مطلقًا؟ أم يقع فقط عندما تدخل البيت للغرض الذي كان في نفس الزوج ساعة التلفظ؟ ثانيًا: إذا اطمأن الزوج من زوجته ثم أراد أن يعطيها الإذن بالدخول، متى أرادت؛ لأنها يشُقّ عليها أن تستأذن منه دائمًا نظرًا لظروف عمل الزوج فما الحكم؟ جزاكم الله خيرًا (¬1) ج: العمل على النيّة إذا قال: إذا دخلت بيت فلان فأنت طالق، وقصده إذا دخلت لغرض معيّن، إمّا لزيارتهم المطلقة أو طلب شيء منهم للاستعارة أو ما أشبه ذلك فهو على نيته، وإذا كان قصده أنه إذا زارتهم لعيادة المريض أنه لا يقع فهو على نيته؛ المقصود أنه على نيته، ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (227).

لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» (¬1) وإذا نوى زجرها ومنعها ولم يقصد الطلاق فعليه كفارة اليمين ولا يقع الطلاق، أما إن أراد إيقاع الطلاق لكن بشرط أن تكون الزيارة لمجرد الأنس، أو مجرد الشحاذة تشحذهم شيئًا أو ما أشبه هذا مما ينويه فله نيته، وإذا دخلت على وجه لم ينوه لم يقع الطّلاق، الأعمال بالنيّات، إذا كان نوى إلاّ بإذنه ثم أذن لها بعد ذلك، ولا حرج عليها بعد ذلك، إذا قال متى شئت فاذهبي لهم لا بأس. ¬

(¬1) أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب بدء الوحي، برقم (1)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: **إنما الأعمال بالنيات .. ** برقم (1907).

س: لي قريب متزوّج من ثلاثين سنة، وهو كثير الحلف بالطلاق على أي شيء، يقول لزوجته: إن لم تفعلي كذا فأنتِ محرّمة عليّ، أو يقول طلاق منكِ لازم تفعلين كذا، رغم أنه لا ينوي طلاقها، بل من شدّة الزّعل، فما هو توجيه سماحتكم جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: المشروع أن ينصح هذا الرجل، ويعلّم حتى يدع هذا التّصرف، وحتى لا يستعمل الطلاق بالتحريم، ينصح إلى الخير، أمّا كونه يقع أو لا يقع هذا محل نظر، إذا كان قصده التّهديد والمنع والتخويف فعليه ¬

(¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (297).

كفارة يمين، ولا يقع إذا خالفته، قال: إن فعلت كذا فأنتِ طالق، أو محرّمة فخالفته وهو قصده التّهديد والتحذير والترهيب، فعلى ذلك كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم. عشرة كل واحد يعطى نصف الصاع، يعني كيلو ونصف من الحنطة، أو من الرزّ أو من التّمر أو تعشّيهم في البيت، أو تغديهم في البيت، أو في المطعم لا بأس، أو يعطي كسوة، كل واحد منهم يعني حتى يعطي عشرة: كفارة اليمين، هذا هو الذي ينبغي ولكن ينصح، ألا يتعاطى هذه الأمور، بل يعالج بغير الطلاق، وبغير التّحريم بالكلام الطّيب، والتهديد دون الطلاق، ودون التحريم، فإن طلّق به يقع الطلاق، يقع الطلاق إذا كان شرطه، ويقع التحريم إذا كان هذا شرطه. أما إذا كان المقصود تهديدها أو تحذيرها أو ترهيبها فقط، ليس قصده الطّلاق فهذا مثل ما تقدم فيه كفارة يمين، عند المخالفة إذا خالفته، ولم تنفّذ ما قال، عليه كفارة يمين، وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فإن كان عاجزًا فقيرًا لا يجد صام ثلاثة أيام.

حكم الطلاق الثلاث المعلق بشرط

64 - حكم الطلاق الثلاث المعلق بشرط س: قبل أربع سنوات كنت في السودان مع أهلي وزوجتي، وحصل

خصام بين زوجتي ووالدتي، وأمرت زوجتي أن تصالح والدتي، وقد رفضت تصالحها وحلفت عليها، وقلت: إذا لم تذهبي إلى والدتي وتصالحيها فأنتِ طالق ثلاث مرات، وقلتها في دفعة واحدة، وبعد هذا الطلاق لم تذهب هي إلى الوالدة، وطردتها إلى أهلها، وهي بنت عمي وبعد ثلاثة أيام، ذهبت إلى شيخ في القرية وهو على درجة عالية من الفقه، وأخبرته بما جرى قال: هذه الزوجة تعتبر مطلقة طلقة واحدة، على قول جمهور أهل العلم، وقال لي تعتبر هذه الطلقات واحدة، لأنَّكَ لم تنو الطلاق أصلاً، أرجو أن توجهوني حيال هذا الموضوع، جزاكم الله خيرًا علمًا بأن لي منها طفلين؟ (¬1) ج: إذا كان الطلاق بلفظة واحدة، قلت: أنت طالق بالثلاث أو مطلقة بالثلاث، فالذي أفتاك بأنها طلقة واحدة مصيب على الراجح، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «أنه كان الطلاق في عهد النبي صلى الله عليه وسلم طلاق الثلاث يجعل واحدة، في عهده صلى الله عليه وسلم، وفي عهد الصديق ¬

(¬1) السؤال التاسع والعشرون من الشريط رقم (209).

وفي أول خلافة عمر رضي الله عنه، طلاق الثلاث واحدة» (¬1) فإذا كنت قلت: طالق بالثلاث أو مطلقة بالثلاث، فإنها تعتبر واحدة، كما أفتاك هذا الفقيه، وجزاه الله خيرًا، ولكن ليس المقصود لأنك ما نويت الطلاق، المقصود أنّك طلقت بلفظٍ واحد، قلت: طالق بالثلاث، والإنسان إذا صرّح بالطلاق، ولو ما نوى يؤاخذ بكلامه، النية إنما هي في الكنايات، التي ليست بصريحة، أمَّا إذا صرّح الزوج بالطلاق، أُخذ بكلامه وحكم عليه بالطلاق، على حسب ما صدر منه، ولكن أنت في هذا أيضًا تُسْأل عن قصدك، هل قصدك تخويفها وحثّها على المصالحة مع أمك، ولم ترد إيقاع الطلاق إنما أردت التخويف، فهذا لا يقع به شيء على الصحيح، ويكفي فيه كفارة اليمين، وله حكم اليمين في أصح قولي العلماء، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فمن عجز صام ثلاثة أيام، هذا إذا كان القصد تخويفها وتحذيرها وحثّها على المصالحة، أمّا إن كان مقصدك م هذا الطلاق مع التحذير والتخويف، إيقاع الطلاق إن لم تذهب إلى أمك، فإنه يقع طلقة واحدة، كما تقدم للحديث السابق، والجمهور يرون إيقاع ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب طلاق الثلاث، برقم (1472).

الثلاث، أكثر العلماء يرى أنه يقع الثلاث، لكن الصواب أنه لا يقع إلا واحدة، إذا كنت أردت إيقاع الطلاق، إن لم تصالح أمك وتذهب إليها، ونوصيك بعدم فعل هذا مرة أخرى، لا تعجل في الطلاق وإذا طلقت طلقة واحدة فقط، قل: طالقة فقط، أو مطلقة فقط، لا تزد على هذا، هذا هو المشروع لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم غضب، على من طلق بالثلاث، وقال: «أيُلْعَبُ بكتاب الله وأنا بين أظهركم» (¬1) فلا ينبغي ولا يجوز التطليق بالثلاث، ثم إنه تضييق على نفسك، والله قد وسَّع عليك، فلا يسوغ ذلك أن تطلّق بالثلاث، بل طلق بواحدة. نسأل الله للجميع الهداية. ¬

(¬1) أخرجه النسائي في كتاب الطلاق، باب الثلاثة المجموعة وما فيه من التغليظ، برقم (2401).

س: اختلفت أنا وأخي الأكبر مني، وفي شدة خلافي له انفعلت منه وقلت له: ترى امرأتي طالقة إذا لم أذبحك، وبعدما ذهبت مني شدة الزّعل، ندمت على ما قلت، ما هو الجواب لي، أرشدوني أرشدكم الله؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (5).

ج: الظاهر من كلامه أن مقصوده حث نفسه على قتل أخيه- ذبح أخيه-، وليس المقصود فراق الزوجة، فإذا كان المقصود من هذا الطلاق، حثّ نفسك على الذبح، كما هو ظاهر من كلامك أيها السائل، فإن عليك كفارة يمين، حكمه حكم اليمين، إذا كان المقصود من ذلك أن تقتل أخاك، هذا المقصود، وطلقت لأجل هذا، فإنَّ عليك كفارة يمين، ولا شيء عليك، لا يقع الطلاق على زوجتك، وعليك كفارة يمين؛ لأن هذا في حكم اليمين على الصحيح من أقوال العلماء، وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، من تمر أو رز أو حنطة أو غير ذلك من قوت البلد، عشرة يطعم كل واحد نصف صاع من قوت البلد، أو يكسوهم كسوة تجزئهم في الصلاة كالقميص، أو يعطي كل واحد إزارًا ورداء يكفي ذلك، ومن عجز ولم يستطع لفقره وعدم قدرته فإنه يصوم ثلاثة أيام.

حكم التهديد بالطلاق

65 - حكم التهديد بالطلاق س: هل يتم الطلاق عندما يهدّد الزوج زوجته بالطلاق، مثلاً عندما يقول لها: يجب أن يتم هذا الأمر بعد أن أخبرك به بعد عدة أيام، فاختاري إما الطلاق في حالة عدم تنفيذه، أو البقاء عندي في حالة تنفيذه،

ولكنها لم تنفذ الأمر هذا أبدًا، فهل معنى هذا أنها طلقت أم لا؟ (¬1) ج: ليس هذا طلاقًا بل هذا وعيد بالطلاق، وليس بطلاق إن قال: إما فعلت طلقت، وإن لم تفعلي سوف أُطلقك أو ما أشبه ذلك، أو إن لم تفعلي هذا فأنت جديرة بالطلاق، أو ينبغي طلاقك، كل هذا ليس بطلاق، وإنما هو وعيد به، وتحذير من إيقاعه، ولكن إذا قال متى تفعلي كذا فأنت طالق، هذا هو الطلاق، إن لم تفعلي هذا فأنت طالق، أو فأنت مطلقة، يكون طلاقًا إذا كان قصده إيقاع الطلاق، أما إن كان قصده تخويفها وحثّها، على القيام بالواجب فهذا يكون من باب الوعيد، ومن باب الحثّ، ولا يكون من باب الطلاق، ويكون حكمه حكم اليمين، فإذا قال: إن لم تصنعي هذا الشيء فأنت طالق، وقصده حثّها على صنعته وليس قصده فراقها، هذا حكمه حكم اليمين، أو قال: إن لم تزوري أهلك اليوم، أو لم تكلمي فلانًا اليوم فأنت طالق، فكذلك القصد إذا كان قصده حثّها على الزيارة، أو الكلام، والعكس لو قال: إن كلمت فلانًا فأنت طالق، أو زرت فلانًا فأنت طالق، ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (44).

وقصده منعها وتخويفها وتحذيرها، فحكمه حكم اليمين ولا يقع به الطلاق، أمّا إن كان قصده إيقاع الطلاق، وأنها متى لم تنفذ ما طلب منها فإنه يقع الطلاق، فإنه على نيته والأعمال بالنيات.

حكم الهزل في الطلاق

66 - حكم الهزل في الطلاق س: هل في قول: عليَّ الطلاق أن أفعل كذا، وكذا، وأنا لا أقصد بهذا الطلاق، إنّما هو مجرد كلمة. والله يعلم ما في قلبي. هل يصحّ ذلك وهل يلزمني طلاق؟ (¬1) ج: إذا أطلق الإنسان الطلاق لزمه، جدّه جدّ، وهزله جدّ، فإذا قال: عليّ الطلاق من فلانة، أو فلانة مطلقة، لزمه الطّلاق، إذا استوفى الشروط، إن كانت المرأة صالحة للطلاق، فلا يجوز له التّلاعب بالطلاق؛ لأن الرسول قال: «ثلاث جدّهن جدّ، وهزلهن جدّ، النكاح، والطلاق، والرجعة» (¬2) فالواجب حفظ اللسان، وعدم التلاعب بالطلاق، ولا يطلّق إلاّ على بصيرة، حال كونها حاملاً، أو في طهر لم ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (431). (¬2) أخرجه أبو داود في كتاب الطلاق، باب في الطلاق على الهزل، برقم (2194).

يجامعها فيه، أو تكون آيسة إمّا الحامل وإلا آيسة، وإلا في طهر لم يجامعها فيه.

حكم توقيت الطلاق

67 - حكم توقيت الطلاق س: رجل قال لزوجته: أنتِ طالق، لمدة سنة، ما حكم ذلك؟ وهو يريد مراجعة زوجته فماذا يعمل؟ (¬1) ج: المعروف عند أهل العلم، أن الطلاق لا يوقّت، متى وقع وقع بخلاف التحريم، فإنّه يوقّت، أمّا المرأة فلا يكون طلاقها موقّتًا، متى طلقت صار طلاقها غير موقت، فإنْ كان رجعيًا فله رجعتها، وإن كان بائنًا بانت بذلك، ولكن لخطورة المقام، ووجوب الحيطة نؤجل البت في ذلك، إلى حلقة أخرى؛ لأن المقام جدير بالعناية، والله ولي التوفيق. ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (223).

حكم قول أنت طالق إن شاء الله

68 - حكم قول أنت طالق إن شاء الله س: سماحة الشيخ حفظكم الله السائل يقول: ما حكم من قال لزوجته أنت طالق إن شاء الله هل تطلق الزوجة وإن كان هناك طلاق ما

نوعه جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: إن كان قصده التعليق ما يقع الطلاق، أما إن كان قصده الطلاق تقع طلقة واحدة بهذا اللفظ، أنت طالق، أما إن قال: إن شاء الله قصده التعليق هذا ما يقع شيء، مثل لو قال والله إن شاء الله ما أفعل كذا ما عليه شيء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من حلف فقال في يمينه إن شاء الله فلا حنث عليه» (¬2) ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (418). (¬2) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (8088).

باب الطلاق الرجعي

باب الطلاق الرجعي 69 - بيان الطلاق الرجعي والبائن س: ما هو الطلاق الرجعيّ، والطلاق البائن بينونة صغرى وكبرى؟ (¬1) ج: الطلاق الرجعي هو الذي يقع في حق المرأة، بعد الدخول بها وهو قد اتصل بها، فإذا طلّقها طلقة واحدة أو طلقتين، وهي حامل أو في طهر لم يمسها فيه، فهذا الطّلاق الرّجعي، أمّا إن طلّقها الطلقة الثالثة، فإنه يكون طلاقًا ليس برجعي، تبين منه بينونة كبرى، لا تصلح له إلا بعد زوج ودخول، فهذا تفصيل الطلاق الرجعي والطلاق البائن، إذا طلّقها طلقة واحدة، حال كونها حاملاً أو طلقتين حال كونها حاملاً، فهذا طلاق رجعي له الرجوع إليها، ما دامت في العدة وهكذا لو طلّقها ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (173).

في الطهر الذي لم يجامعها فيه، طلقة واحدة أو طلقتين، أو طلّقها وهي آيسة طلقة واحدة، أو طلقتين فإن له المراجعة ما دامت في العدة، وعدة المرأة التي تحيض ثلاث حيض، وعدة الآيسة ثلاثة أشهر، أما إن طلقها في الحيض أو في النفاس أو في طهر جامعها فيه، فتقدّم أن هذا لا يقع في أصح قولي العلماء، وأمّا الطلاق البائن، فهو الذي يطلقها بالثلاث عند الجمهور بكلمة واحدة، والصحيح أنه ليس ببائن، الصحيح أنه يعتبر واحدة، إذا كان بلفظ واحد، قال: طالق بالثلاث، كما ثبت ذلك من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه جعل الطلاق الثلاث طلقة واحدة، يعني إذا كان بلفظ الثلاث ليس بمكرّر، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: «كان الطلاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى عهد الصّديق وعلى عهد عمر، طلاق الثلاث واحدة ثم إن عمر رضي الله عنه، لما رأى الناس استعجلوا ذلك أمضاه عليهم» (¬1) فالصواب أنه يعتبر واحدة، إذا كان طلّقها بالثلاث بكلمة واحدة، وهكذا لو قال: طالق، طالق، طالق، ولم ينو الثلاث فإنه ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب طلاق الثلاث، برقم (1472).

يعتبر واحدة، ويكون اللفظ الثاني والثالث تأكيدًا للأول، كما قاله أهل العلم، أمّا إذا طلقها بالثلاث بألفاظ متعدّدة، مثل أنتِ طالق، أنت طالق، أنت طالق، ولم ينو إفهامًا ولا تأكيدًا وهي في طهر لم يجامعها فيه، أو في حال الحمل، فإنها تقع الثلاث، وهكذا لو قال: طالق ثم طالق ثم طالق، تقع الثلاث إذا كانت حاملاً أو في طهر لم يجامعها فيه، ويكون الطلاق هذا بائنًا وهكذا لو كان قد طلّقها طلقتين، ثم طلّقها الثالثة وهي حامل، أو في طهر لم يجامعها فيه، بانت بذلك بينونة كبرى، لا تَحلّ له حتى تنكح زوجًا غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل ويطؤها الزوج الثاني، ثم يفارقها بموت أو طلاق، أما البينونة الصغرى فهي: إذا كانت في المخالعة على المال، إذا طلّقها طلقة واحدة، أو طلقتين على مال فهذه تسمى بينونة صغرى، ليس له الرجوع إليها إلاّ بإذنها وبنكاح جديد؛ لأنها ملكَتْ نفسها بالعوض، فإذا طلّقها على مال طلقة واحدة، أو طلقتين تُسمّى مخالعة ويسمى طلاقًا، على مال، فهذا ليس له مراجعتها إلاّ بإذنها بعقد جديد، يعني نكاحًا جديدًا ووليًّا وشاهدين، كأنه أجنبيّ بسبب المال، ومثل ذلك التي طلّقها طلقة واحدة أو

طلقتين، وخرجت من العدة، يقال لها قد بانت بينونة صغرى؛ لخروجها من العدة بعد طلقة أو طلقتين، وهي امرأة رجعية قد دخل بها، وهو لم يطلقها في طهر قد جامعها فيه، ولا في حيض أو نفاس، فإنه في هذه الحالة إذا خرجت من العدة، يقال لها: طلقتِ طلاقًا بائنًا بسبب خروجها من العدة بعد الطلقة أو الطلقتين، فله العود لها بنكاح جديد كالمخلوعة. والله أعلم.

بيان أحكام الطلاق الرجعي والطلاق الثلاث بلفظ واحد

70 - بيان أحكام الطلاق الرجعي والطلاق الثلاث بلفظ واحد س: ما حكم الطلاق الرجعي سماحة الشيخ، مع البيان على ذلك؟ وما حكم الطلاق الثلاث في لفظ واحد؟ (¬1) ج: الطلاق الرجعي بينه الله جل وعلا، قال سبحانه وتعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} ثم قال سبحانه: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا}: فإذا طلقها طلقة واحدة بعد ما دخل بها، بعد ما خلا بها، أو جامعها، طلقة واحدة، هذه رجعية، فله أن ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (421).

يراجعها قبل أن تخرج من العدة، وهكذا لو طلقها طلقتين فله أن يراجعها قبل خروجها من العدة، إذا أراد الإصلاح، لا الإضرار بها والإيذاء. أما إذا كان ما خلا بها، ولا دخل بها فإنه إذا طلقها ولو طلقة واحدة بانت منه بنص القرآن، لا يحل لها الرجوع عليه إلا بعقد جديد، إذا كان عقد ثم طلق قبل أن يخلو، قبل أن يجامع، فهذه طلقة واحدة، تبينها منه، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}. فإذا طلقها قبل الدخول والخلوة فليس لها عدة، وليس له الرجوع إليها إلا بعقد جديد، أما إذا كان طلقها بعد الخلوة أو بعد الوطء طلقة واحدة، فله الرجوع إليها، في العدة، من دون عقد، وهكذا لو طلق طلقتين فله الرجوع إليها في العدة من دون عقد، أما إذا طلقها الثالثة، فإنها تحرم عليه، وتبين بينونة كبرى، ولا تحل له إلا بعد زوج يطؤها؛ لقوله جل وعلا: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} "يعني الثالثة" {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} فلا تحل له من بعدُ حتى تنكح زوجًا غيره، يعني نكاح رغبة لا نكاح

تحليل ويطؤها، هذا هو الحق، فإذا طلقها الثالثة فإنها تعتد وتحرم عليه حتى تنكح زوجًا غيره، نكاح رغبة، لا نكاح تحليل، ويطؤها ثم يطلقها، أو يفارقها بخلع أو موت، فله الرجوع إليها بعد ذلك، إذا تزوجها زوج آخر ووطئها نكاح رغبة لا نكاح تحليل، ثم فارقها بموت أو غيره، فله الرجوع إليها بعقد جديد، الذي طلقها الثالثة. أما إذا طلقها بالثلاث بكلمة واحدة، فالأرجح أنها تحسب واحدة، إذا قال هي طالقة بالثلاث، أو طالق، طالق، طالق، بهذا اللفظ وليس له نية التكرار، فإنها تحسب واحدة، إذا قال: طالق بالثلاث، أو طالق، طالق، طالق، وليس له نية في التكرار، إنما تكرر للتأكيد أو بلا نية فهذه تحسب واحدة على الصحيح؛ لأنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس أن طلاق الثلاث بلفظ واحد يحسب طلقة واحدة، إذا قال بالثلاث، أو طالق بالثلاث، أو أنتِ بالثلاث تحسب واحدة، وهكذا إذا قال: طالق، طالق، طالق، ولا نية له تحسب واحدة وله مراجعتها ما دامت في العدة، أما إذا قال: طالق، ثم طالق، ثم طالق، أو أنتِ طالق، أنتِ طالق، أنتِ طالق، هذه تحسب ثلاثًا، إلا إذا نوى التأكيد بقوله: أنتِ طالق، نوى التأكيد أو الإفهام تكون واحدة، كما لو قال طالق،

طالق، طالق، وليس له نية، تحسب واحدة، أما إذا قال أنتِ طالق، أنتِ طالق، أنتِ طالق، ونيته الثلاث، أو ليس له نية التفهيم ولا التأكيد تكون ثلاثًا، أو قال: طالق، ثم طالق، ثم طالق، أو طالق، وطالق، وطالق، كلها تحسب ثلاثًا، تبين منه حتى تنكح زوجًا غيره، هذا الأصل، هذا المعتمد.

بيان الطلاق البدعي

71 - بيان الطلاق البدعي س: ما هو الطلاق البدعي؟ (¬1) ج: البدعي الطلاق بالثلاث أو في الحيض، أو في النفاس، أو في طهر جامعها فيه وهي ليست حاملاً أو آيسة يسمى بدعيًّا، إذا طلقها بالثلاث، طلاقًا بدعيًّا، أو طلقها في الحيض أو في النفاس، طلاقًا بدعيًّا، أو طلقها في طهر جامعها فيه وليست حبلى ولا آيسة يسمى طلاقًا بدعيًّا، أما إذا كانت آيسة فليس بدعيًّا، أو كانت حاملاً، فليس بدعيًّا. ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (421).

حكم طلاق المرأة الحامل

72 - حكم طلاق المرأة الحامل س: إذًا إذا طلقت المرأة وهي حامل يعتبر الطلاق؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال من الشريط رقم (421).

ج: طلاق شرعي، نعم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «طلقها طاهرًا أو حاملاً» (¬1) ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. ، برقم (1471).

حكم الإشهاد على الطلاق

73 - حكم الإشهاد على الطلاق س: هل يلزم المطلق أن يُشْهد أحدًا على طلاقه، وعلى رجعته أو يبقى ذلك بينه وبين زوجته وبين نفسه (¬1)؟. ج: السنة أن يشهد؛ لقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ}. فالسنة أن يشهد شاهدين؛ لأن الله جل وعلا قال في سورة الطلاق: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}. قال بعض أهل العلم: المراد به الطلاق، وقال بعضهم المراد به الرجعة، ولا مانع من كون الآية للأمرين جميعًا، فيشهد على طلاقها ويشهد على رجعتها، فإذا طلق أشهد حتى لا ينكر ذلك؛ لأن الشيطان قد يزين له الإنكار، فإذا ¬

(¬1) السؤال الثاني من الشريط رقم (102).

أشهد كان هذا من أسباب السلامة والعافية، من طاعة الشيطان في إنكار الطلاق، وهكذا الرجعة، عليه أن يشهد على رجعتها؛ لأنه قد يتأخر في إبلاغ الزوجة فيكون الشهود بيّنة له، تعينه على حصول المطلوب من الرجعة، المقصود أنه يشهد على الطلاق والرجعة، هذا هو المشروع، ومن لم يفعل هذا فإن الطلاق واقع، والرجعة صحيحة إذا أرجعها في العدة، وأخبرها بذلك ولو لم يشهد صحت الرجعة؛ لأن الله قال: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا}. ولم يقل بشرط كذا وكذا، ولا يلزمه تدارك الكتابة فيما يظهر، لكن لو فعل امتثالاً للأمر واحتياطًا فهو حسن.

حكم من راجع زوجته بدون حاكم ولا شهود

74 - حكم من راجع زوجته بدون حاكم ولا شهود س: طلقت زوجتي مرة واحدة، ولم تغادر البيت وعشنا مع بعض، وذلك دون الرجوع إلى أيّ من رجال الدين، أو إلى المحكمة، ولم يكن أيضًا على رجعتنا شاهد هل ما فعلناه صحيح؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (60).

ج: نعم إذا راجع الرجل زوجته بالجماع، أو بقوله لها: راجعتك أو أمسكتك، صحّت الرجعة ولكن الأفضل أن يشهد شاهدين، هذا هو الأفضل، وإن لم يشهد أجزأ ذلك على الصحيح، فإذا جامعها بنيّة الرجعة أو قال لها: راجعتك حصل المقصود في ذلك، إذا كان الطلاق طلقة واحدة أو طلقتين فقط، أما إذا طلّقها الأخيرة الثالثة، حرمت عليه حتى تنكح زوجًا غيره؛ لقوله سبحانه وتعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} إلى قوله سبحانه: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} يعني الثالثة: {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} وقال سبحانه: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا}. يعني أحق بردّهن في ذلك في العدة، فما دام في العدة، فبعولتهن وهم الأزواج أحقّ بردهن يعني بالمراجعة؛ لقوله: أرجعتك أو أمسكتك أو رددتك وما أشبه هذه الألفاظ، أو بجماعها بنيّة الرجعة كل هذا كاف، ولكن الأفضل أن يشهد على ذلك شاهدين؛ لقوله سبحانه: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ}.

فإنها فُسرت بالطلاق وفُسرت بالرجعة، وفُسرت بهما فإذا أشهد فهو أولى وأفضل.

حكم من قال لزوجته علي الطلاق لا تكونين امرأتي ولم يراجع حتى خرجت من العدة

75 - حكم من قال لزوجته: علي الطلاق لا تكونين امرأتي ولم يراجع حتى خرجت من العدة س: أنا رجل متزوج وقد حصلت مشكلة مع زوجتي، فقلت لها: عليَّ الطلاق لا تكونين امرأتي، من هذه الساعة ثم سافرت، وبعد مضي خمسة أشهر بعثت لي والدتي برسالة تخبرني فيها بأنها أعادت زوجتي إلى البيت، علمًا بأن والدها هو الذي يريد طلاقها، فهل يصح أن أسترجعها بدون عقدٍ جديد، أم لا بد من تجديد العقد؟ (¬1) ج: إذا كان الطلاق المذكور، أو الطلقة الأولى أو الثانية، فلا بأس باسترجاعها ما دامت في العدّة، قبل أن تمر عليها ثلاث حيض، فإن مرَّ عليها ثلاث حيض، قبل الرجعة بانت بينونة صغرى، لا يحلّها إلا العقد الجديد، وأما إن كانت هذه الطلقة آخر ثلاث، فليس لك رجعتها إلا ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (102).

بعد زوج، حتى تنكح زوجًا غيرك؛ لقول الله سبحانه: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}. فالمقام مقام تفصيل، ولعل السائل قد فهم ما ذكرنا، فالطلقة المذكورة إن كانت هي الأولى أو الثانية، فلا مانع من رجعة الزوجة ما دامت في العدّة، لم يمرّ عليها ثلاث حيض، إن كانت تحيض أو ثلاثة أشهر، إن كانت لا تحيض، كاليائسة الكبيرة، والصغيرة التي لم تحض، فإن عدّتها ثلاثة أشهر، وله أن يعيدها بعد العدّة، بعقد جديد يعني بزواج جديد، ومهرٍ جديد، إذا كانت الطلقة الواقعة هي الأولى أو الثانية، أما إن كانت الطلقة الواقعة هي الثالثة فإنها تحرمها عليك، تحريمًا مطلقًا، ولا تحل إلا بعد زواجها بشخص آخر ويطؤها ثم يفارقها بموتٍ أو طلاق، لكن لا بدّ أن يكون الزواج شرعيًّا أيضًا، فإذا تزوجها محلّل، لا يجوز، ولا تحل فلا بد أن يكون الزوج الذي يطلقها بعد الطلقة الثالثة زوجًا شرعيًّا، أراد الرّغبة فيها إن ناسبته، ولا يريد تحليلها للسابق، ولا بد أيضًا من كونه يطؤها، فلو مات عنها أو طلقها قبل أن يطأها، لم تحلّ للزوج

الأول، ويراعى في هذا ما تقدم، إذا كانت الطلقة في طهرٍ جامعها فيه، أو في حيض أو نفاس لم تقع الطلقة على الصحيح، أما إن كان طلّقها وهي حامل أو في طهرٍ ما جامعها فيه، فالطلقة تقع، سواء كانت أولى أو ثانية أو ثالثة.

حكم من طلق زوجته ولم يراجع حتى مضت ثلاثة أشهر

76 - حكم من طلق زوجته ولم يراجع حتى مضت ثلاثة أشهر س: إذا طلق الرجل زوجته طلقة واحدة، ثم مضى على هذه الطلقة ثلاثة شهور كاملة ثم أراد أن يسترجعها إلى عصمته فهل تصح له بعد ذلك بعقد جديد، أم أنها قد برئت منه (¬1) ج: إذا طلقها طلقة واحدة، وقد دخل بها، قد خلا بها أو جامعها، له الرجعة إذا كان قد دخل بها وقد وطئها، أو خلا بها خلوة كاملة، بحيث أغلق عليها الباب، مما يمكنه من جماعها، فهذا إذا طلقها طلقة واحدة، له المراجعة ما دامت في العدة، والعدة ثلاث حيض ما دامت لم تحض، ثلاث حيض ولو طالت الشهور، له المراجعة يقول: راجعت امرأتي فلانة، أو قد راجعت امرأتي أو رددتها إليَّ أو أمسكتها ¬

(¬1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (307).

ونحو ذلك، يكفي، والسنة أن يشهد شاهدين على ذلك؛ لقول الله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}. يشهد الشاهدين أنه راجعها، وهكذا إذا كانت حاملاً يراجعها، ما لم تضع حملها، فهي باقية في العدة، حتى تضع الحمل، فيراجعها أما إن كانت ليست حاملاً، وليست ذات حيض، بأن كانت عجوزًا آيسة، أو صغيرة لا تحيض، فهذه عدّتها ثلاثة أشهر، إذا مضت ثلاثة أشهر من حين الطلاق، فليس له أن يراجعها إلا بعقد جديد، فإذا كانت لا تحيض لكبر سنها، أو لصغرها فإنه يعيدها ويراجعها، قبل ثلاثة أشهر، فإن مضت الثلاثة فليس له الرجعة، إلا بعقد جديد، وملاك جديد، ومهر جديد، وشاهدي عدل يحضران، مثل النساء الأجنبيات، كأنه ما تزوجها أصلاً، والعقد جديد، أما إن كان طلّقها قبل أن يدخل بها، قبل أن يخلو بها، قبل أن تطلق ما خلا بها ولا وطئها، فهي تبين بينونة صغرى، ولا تحل له إلا بعقد جديد، إذا طلّقها طلقة واحدة، ولم يدخل بها ولم يخلُ بها، تكفيها الطلقة، ليس له أن يراجعها إلا بعقد جديد، وملاك جديد، ومهر جديد، وشهود

لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}. فإذا طلقها قبل الجماع، وقبل الخلوة التي تمكنه من الجماع، كما أفتى الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، أفتوا بأن الخلوة، تقوم مقام الجماع؛ لأنها مظنة الجماع، مظنة أن يجامعها، فإذا خلا بها وأغلق الباب، وتمكن منها، ثم طلقها طلقة، له الرجعة كما تقدم، أما إذا كان ما خلا ولا جامع، بل عقد فقط أجرى عقدًا فقط ثم طلق، هذا ليس له عليها عدة، تبين بينونة صغرى، تحل له بعقد جديد، وبنكاح جديد، وبمهر جديد، وشهود، ويقول الولي: زوجتك، ويقول هو: قبلت.

س: يقول السائل: طلقت زوجتي، والسّبب أنها تخاصمت مع أمي، ولدي منها أربع بنات ولما طلقتها سافرت من المغرب إلى فرنسا، ومكثت بها ما يزيد على سبعة أشهر، ثم عدت إلى بلدي ووجدت بناتي في أسوأ حال، وأُمي كبيرة في السن، لم تستطع رعايتهن، فلما وجدت تلك الحالة السيئة استرجعت زوجتي إلى أبنائها، وأديت

لها صداقها مرة أخرى، وهي الآن في بيتي مع أولادها، فهل عليّ من كفارة، وهل عملي هذا صحيح؟ (¬1) ج: إذا كان الطلاق طلقة واحدة أو طلقتين، فإن عُدْتَ إليها بنكاح جديد فلا بأس، لكن الطلاق الذي وقع منك أيّها السائل، طلقة واحدة، قلت: أنت طالق أو أنت مطلقة، ثم رجعت إليها بنكاح جديد؛ لأنها قد خرجت من العدة، فلا بأس أو كانت طلقتين أنت طالق أنت طالق، أو أنت مطلقة، أنت مطلقة، أو أنتِ طالق ثم طالق، أو أنت طالق وطالق، هذه تسمة طلقتين تبقى لها واحدة، فإذا راجعتها بعقد جديد فلا بأس، وهكذا لو قلت أنت طالق بالثلاث على الصحيح، يعتبر واحدة، خلاف قول الجمهور، الجمهور يحرمونها بهذا، لكن الصحيح إذا قال: أنت طالق بالثلاث بكلمة واحدة، أو مطلقة بالثلاث، أو طلقتك بالثلاث، بهذا اللفظ كتابة تعتبر واحدة؛ لما ثبت في الصحيح، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كان الطلاق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، طلاق الثلاث واحدة، فلما كان عمر، قال: إن الناس قد ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (45).

استعجلوا في الأمر فأمضاه عليهم، أي أمضى عليهم الثلاث بلفظ واحد» (¬1)، هذا قول ذهب إليه الجمهور رحمهم الله، ولكن الصواب أنها تحتسب واحدة، كما كان الحال في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد الصديق، وأول عهد عمر يحسب واحدة، إذا قال: هي مطلقة ثلاثًا، أو أنتِ طالق بالثلاث، أو كتب لها هذا، فهذا يكون طلقة واحدة، على الصحيح، عملاً بحديث ابن عباس هذا، أما إذا قال: أنت طالق ثم طالق ثم طالق، فتحتسب ثلاثًا؛ لأنه كررها، أو قال: أنت طالق وطالق وطالق، أو أنت مطلقة ومطلقة ومطلقة، وما أشبه ذلك تحسب ثلاثًا، وإذا حسبت ثلاثًا، لم تحل حتى تنكح زوجًا آخر، نكاح رغبة ليس نكاح تحليل، ويطؤها ثم طلقها، أو مات عنها حلت للأول، أما نكاح ليس فيه وطء لا تحل للأول، أو نكاح بنية التحليل، هذا نكاح باطل لا ينفع، يسمى صاحبه تسًا مستعارًا، ولا يحلّلها لزوجها الأول، فلا بد أن يكون الزوج الثاني زوجًا شرعيًّا تزوّجها للرغبة، ثم طلقها بعد الوطء بعد دخوله بها أو مات عنها، فإنها تحل للأول بهذا النكاح الشرعي والذي فيه الوطء، ولا يصير فيه نية التحليل. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب طلاق الثلاث، برقم (1472).

حكم مراجعة المطلقة الرجعية بدون رضاها ورضى وليها

77 - حكم مراجعة المطلقة الرجعية بدون رضاها ورضى وليها س: إذا طلق الرجل زوجته طلقة واحدة شرعية، ولم يراجعها قبل أن تنقضي عدتها، ولكنه أراد مراجعتها فقام وليها بدعوى ومشكلات، بنية انتهاء العدة؛ لكي لا يسترجعها إلاّ بعقد جديد، وينال هدفه من ذلك، فما الحكم جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: الواجب على الولي أن يساعد على الخير، وألاّ يقف حجر عثرة في طريق الرجعة، فالزوج له أن يراجع ما دامت في العدة، ولم يطلقها إلا طلقة واحدة أو ثنتين، له أن يراجع ويشهد شاهدين على الرجعة، شاهدين عدلين على الرجعة، وتثبت له الرجعة وإن عارضه وليها، وإن أبى عليه وليها، فعليه أن يشهد شاهدين عدلين أنّي راجعت زوجتي فلانة، ما دامت في العدة، وتبقى زوجة له بهذه المراجعة، وعلى وليّها أن يتقي الله؛ ليمكن الرجل من زوجته، إذا كانت الزوجة راضية بذلك، أمّا إن كانت الزوجة آيسة، وهناك خصومة فهذه ترجع إلى المحاكم، تراجع المحكمة تحضر الزوجة ووليها، والحاكم ينظر في ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (47).

الأسباب التي أوجبت النزاع، أما إذا كانت المرأة راضية، والعدة لم تنته، والطلاق واحدة أو ثنتين، فإنه يراجعها ولو لم يرض الولي، ولو لم ترض هي أيضًا، يشهد شاهدين أنه راجعها ما دامت في العدة، والطلاق واحدة أو ثنتان، له أن يراجع في هذه الحال، وتثبت الرجعة، وإن لم ترض الزوجة، وإن لم يرض الولي، إذا أشهد شاهدين بذلك، أو اعترفت المرأة بذلك، والولي ليس له أن يعارض بغير وجه شرعي، بل عليه أن يساعد على الخير، وليس له المعارضة إلا بوجه شرعي.

حكم قول الرجل لزوجته إذا وافقت خيرا فاستخيريه

78 - حكم قول الرجل لزوجته: إذا وافقت خيرًا فاستخيريه س: طلقت امرأتي وقلت لها إذا وافقت خيرًا فاستخيريه، أي إذا طلبك رجل فتزوجيه، وأعطيتها ورقتها، هل يمكن لي أن أعود إليها مرة ثانية أفيدونا رحمكم الله؟ (¬1) ج: إذا كان الطلاق بهذا اللفظ فإنه يقع به واحدة، إذا قال الزوج لها: إذا وافقك خير فوافقيه، أو إذا خطبك زوج فتزوجي أو ما أشبه ذلك، أو أنت مطلقة أو أنت طالق أو ما أشبه ذلك، فإن هذا يعتبر واحدة فقط، ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (45).

فله أن يراجعها ما دامت في العدة، يشهد شاهدين بأنه راجعها، يقول: راجعت امرأتي، أو ارتجعت امرأتي وما أشبه الألفاظ الدالة على عوده إليها، والأفضل أنه يشهد شاهدين عدلين يشهدان بأنه راجع زوجته، ما دامت في العدة إذا كانت لم تحض ثلاث حيضات، إذا كانت تحيض، إذا كانت لا تحيض فعدتها ثلاثة أشهر، فإذا راجعها قبل الأشهر الثلاثة، حلّتْ وصارت زوجة له، أما إن كانت قد اعتدت ومضى عليها بعد الطلاق ثلاث حيضات، إن كانت تحيض، أو مضى عليها ثلاثة أشهر إن كانت لا تحيض، كالعجوز الكبيرة والبنت الصغيرة، فإنّها حينئذٍ تكون أجنبية، ولا تحل له إلاّ بعقد جديد، كسائر الخطاب الذين يخطبونها، لا تحلّ إلا بنكاح جديد وشروط معتبرة شرعًا.

حكم إقامة المطلقة الرجعية في بيت زوجها أثناء العدة

79 - حكم إقامة المطلقة الرجعية في بيت زوجها أثناء العدة س: هذا السائل: أخوكم في الله، رمز لاسمه بهذا الرمز، ع. م. س، يقول أرجو من سماحة الشيخ أن يشرح لنا بعض الأمور، التي غفلت عنها كثير من نساء هذا الزمان، وهو أنّ الرجل إذا طلق زوجته، لا يجوز لها شرعًا أن تخرج من البيت، إلا بعد الانتهاء من العدّة، أقصد طلقة

واحدة وجزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: نعم الواجب على المرأة ألا تخرج، إذا طلقها طلاقًا رجعيًّا، طلقة واحدة أو طلقتين، لقوله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}. إذا كان بقاؤها يؤذيه، إذا تسلطت بعض النساء، أن تؤذي أهل بيته فلا بأس بخروجها، أمّا إذا كانت عاقلة وطيّبة لا تؤذي، فالواجب عليها البقاء في البيت، لعله يتراجع فلا يخرجها، ولا تخرج إذا كان الطلاق طلقة أو طلقتين، طلاق رجعيّ، أما إذا كانت بائنًا: الطلقة الثالثة، فإنها تخرج لا بأس؛ لأنه لا سبيل له عليها. ¬

(¬1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (426).

حكم تزين المطلقة الرجعية وعرضها لنفسها على زوجها

80 - حكم تزين المطلقة الرجعية وعرضها لنفسها على زوجها س: إذا طلقت المرأة طلاقًا رجعيًّا، فما حكم إقامتها في بيتي أو في بيت زوجها مدة عدتها؛ لأن كثيرًا من الناس يرى ذلك منكرًا أفيدونا

وفقكم الله؟ (¬1) ج: المطلقة الرجعية عليها أن تعتد في بيت زوجها، وليس لها الخروج من بيت زوجها إلا إذا أتت فاحشة مبيّنة، فإنها تخرج وتُخرج، أما ما دامت على السّداد والعافية، فإنها تبقى في بيت زوجها، وهذا من وسائل رجوعه إليها، وجمع الشمل بها، وترك الاستمرار في طلاقها، وقد أمر الله جل وعلا ببقائها في البيت ونهى عن إخراجها قال جل وعلا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}. فهذه الآية الكريمة في الرجعيّات؛ لأنها هي التي قد يحدث لها أمر بالمراجعة بخلاف المطلقة طلاقًا بائنًا، فإن هذه لا يرجى فيها حدوث أمر، لا يجوز له مراجعتها؛ لأنها لا تراجع إذا كانت قد بانت، فالطلاق المذكور في هذه الآية في الرجعيات، التي طلّقها طلقة واحدة، أو طلقها طلقتين، فله مراجعتها، ما دامت في ¬

(¬1) السؤال الخامس من الشريط رقم (14).

العدة، فالواجب عليه إبقاؤها في البيت، وألاّ يخرجها وألاّ يرضى بإخراجها، ولو طلب أهلها خروجها ينبغي له أن يأبى، وينبغي لأهلها ألاّ يطلبوها. بل عليهم أن يساعدوا على بقائها في البيت، لهذه الآية الكريمة، {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}. فإذا كانت المرأة على السّداد ليس فيها أذى لأهل البيت، ولم تأت الفاحشة فإنها تبقى في البيت وربما ندم، فراجعها قبل خروجها من العدة، وينبغي لها أيضًا كما قال جماعة من العلماء أن تتحسّن له، وأن تزين له وأن تعرض له حتى يراها، إذا دخل وإذا خرج فربما تاقت نفسه إليها، وربما رغب في مراجعتها، إذا رآها في حالة حسنة، هكذا ينبغي، فبقاؤها في البيت أمر واجب، وعلى الزوج أن يبقيها وعلى أهلها أن يوافقوا على ذلك، وعليها هي أيضًا أن تبقى في البيت وينبغي لها أن تتحسن لزوجها، أن تعرض له لعله يندم لعله يراجع قبل أن تخرج من العدة، هذا هو المشروع في هذه المسألة، وإن كان الغالب على الناس ترك ذلك، والجهل في ذلك ولكن جهلهم وعملهم إذا خالف الشرع لا يحتجّ به.

س: لكن بقاءها في البيت تكون متغطية أو متحجبة؟ (¬1) ج: غير متحجبة، لها أن تكشف وجهها، وتلبس الملابس الحسنة وتُرِيه من نفسها ما يرغبه، بإظهار شعرها أو إظهار محاسنها، من يديها ورجليها ووجهها وشعرها ونحو ذلك؛ لأنها زوجته، طلاقه الرجعي لا يحرمها عليه بل لا تزال زوجة حتى تخرج من العدة، وإظهار محاسنها له تحسنها وتطيبها له من أعظم الأسباب في رجوعه إليها. ¬

(¬1) السؤال السابع من الشريط رقم (14).

حكم سكنى المطلقة البائن مع مطلقها من أجل أولادها

81 - حكم سكنى المطلقة البائن مع مطلقها من أجل أولادها س: السائلة/ أ. م. ع، من السودان، تقول: هل يجوز للمرأة المطلقة، أن تسكن مع مطلقها في منزل واحد، من أجل أولادها؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، إذا كان سكنها في البيت لا خطر فيه، ولا يخشى منه وقوع المحرم بينها وبين زوجها، الذي قد بانت منه بالطّلاق الأخير الثالث، أو بخروجها من العدة، إذا كان لا خشية في هذا، بأن كان في البيت ناس كثير، وصار لها عزلة، ولزوجها وأهله عزلة، أو في ¬

(¬1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (408).

حُجَرٍ أخرى، المقصود إذا كان في مكان ليس فيه خطر، ومعها غيرها، وليس هناك خلوة، وجلست مع أولادها، مع تحجبها عنه إذا كانت قد حرمت عليه بالبينونة، بخروجها من العدة، أو بكونه طلّقها آخر الثلاث، فلا حرج في ذلك، أمّا إن كان بقاؤها في البيت فيه شبهة وخطر، فلا تبقى معه، إذا كان يخشى أن يخلو بها، فإن هذا فيه شر، ووسيلة إلى الشر، وظنّ السوء، فالواجب أن تكون بعيدة مع أولادها في بيت آخر.

س: في سؤالها الثاني تقول بأنها امرأة مطلقة وتقيم مع أولادها في بيت الزوج، فهل يجوز لها البقاء في بيته أم تخرج، وهل يجوز أن تأكل من الطعام الذي يحضره الزوج لأولادها وجزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ج: نعم لا بأس أن تقيم مع أولادها إذا كان على وجه ليس فيه خلوة، ولا فتنة، أما إذا كان الطلاق رجعيًّا، فلا بأس، السنة بل واجب، الله جل وعلا قال: {وَلا يَخْرُجْنَ}، و {لا تُخْرِجُوهُنَّ}، فإذا كان الطلاق رجعيًّا طلقة واحدة، أو طلقتين تجلس لعله يراجعها، فإن ¬

(¬1) السؤال السادس من الشريط رقم (357).

كانت الطلقة الأخيرة بائنة أو مخالعة فإن جلست للحاجة، على وجه ليس فيه خلوة مع أولادها فلا حرج في ذلك، وإن خرجت في محل آخر ابتعادًا عن الفتنة فلا بأس، ولكن بعض النساء قد يحتجن إلى هذا قد تكون ما لها أحد فتبقى عند أولادها، ويكدّ عليها مع أولادها، ولكن لا يخلو بها ولا بأس، أن يتحدث معها لو تتحدث معه، لكن مع الحجاب مع عدم الخلوة.

س: السائل يقول: كان لي زوجتان، فطلقت إحداهما وبقيت في بيتي، وقد انتهت العدة، وما زالت في البيت أراها وتراني؛ لأن عندها أولادًا، فهل هذا جائز، وما الحكم في ذلك؟ (¬1) ج: إذا كان الطلاق رجعيًّا، طلقة أو طلقتين فلك العود إليها بنكاح جديد، أما إن كان الطلاق بائنًا، بأن طلقتها آخر الثلاث، فإنها تحرم عليك، حتى تنكح زوجًا غيرك، وبكل حال عليها بعد العدة أن تحتجب عنك، حتى ولو كان الطلاق طلقة واحدة، عليها الاحتجاب وألاّ تخلو بها؛ لأنها صارت أجنبية بخروجها من العدة إذا كانت ¬

(¬1) السؤال الحادي عشر من الشريط رقم (233).

رجعية، طلقة أو طلقتين، أما إذا كان الطلاق بائنًا، بأن كانت الطلقة آخر ثلاث، فإنها تحرم عليك من حين الطلاق، وليس لها أن تخلو بك ولا أن تخلو بها، ولا أن تنظر إليها، بل يجب عليكما الحذر، كالرجل الأجنبي مع الأجنبية، أما بقاؤها عندك في البيت فهذا فيه تفصيل، إذا كانت مضطرة إلى ذلك وفي دور خاص، أو شقة خاصة، فلا حرج أن تبقى مع أولادها، أو تستأجر لها بيتًا تكون فيه مع أولادها، ولكن بكل حال لا تخلو بها ولا تنظر إليها، وهي لا تكشف لك، بل تغطي عنك، تحتجب ولا تخلو بها، حتى يجعل الله لها فرجًا ومخرجًا، إمّا بزواجها وإمَّا بوجود بيت آخر تنتقل إليه.

حكم مراجعة المطلقة مرتين إذا كانت في العدة

82 - حكم مراجعة المطلقة مرتين إذا كانت في العدة س: عندي امرأة وقد طلقتها طلقتين، هل يجوز لي أن أرجع إليها مرة أخرى أم لا؟ (¬1) ج: إذا طلق الرجل زوجته مرتين، فله طلقة باقية، وله مراجعتها إذا كانت في العدة، ولم يطلقها على مال بل طلاق من دون مال، له أن ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (49).

يراجعها وإذا طلقها الثالثة انتهى الأمر، وليس له الرجوع إليها إلاّ بعد زوج جديد، زوج يلتصق بها يجامعها، بنكاح شرعي صحيح، أمّا إن كانت قد خرجت من العدة، بعد أن طلقها الطلقة الثانية واعتدت، ولم يراجعها فإنها لا تحل له إلا بنكاح جديد؛ لأنها بالعدة بانت منه بينونة صغرى، فله أن يتزوجها زواجًا جديدًا، كسائر الخطاب ما دام بقي له طلقة، فإذا انتهت الطلقة الثالثة حرمت عليه حتى تنكح زوجًا غيره، كما هو نص القرآن الكريم.

حكم من طلق زوجته طلقتين وقال في الثانية طلاقا شرعيا لا رجعة فيه

83 - حكم من طلق زوجته طلقتين وقال في الثانية: طلاقًا شرعيًّا لا رجعة فيه س: رجل طلق زوجته وراجعها قبل تمام العدة، ومكثوا حوالي عشر سنوات، والآن حصل بينهما نزاع، وكان الطلب من الزوجة للطلاق، والحثّ عليه في طلب الطلاق، أكثر من خمس مرات أمام الجيران، فقام الزوج وأخذ ورقة وكتب فيها، أنا فلان ابن فلان طلّقت زوجتي فلانة بنت فلان، طلاقًا شرعيًّا لا رجعة فيه، وأشهد رجلين على ذلك، وبعد مضي شهر واحد حضر الجيران وأصلحوا بينهما في الإرجاع، فأرجعها فهل هذا الإرجاع صحيح؛ لأنه قال: لا رجعة فيه؟ (¬1) ج: هذا فيه تفصيل، إذا كان الطلاق الأول طلقة واحدة، التي راجعها فيه طلقة واحدة، ثم طلّقها هذا الطلاق، فإن هذا الطلاق يحسب طلقة واحدة أيضًا، تكون ثانية، ولا يقال لا رجعة فيه، فإن الصواب أنه في حكم الواحدة فقط، ولو قال فيه: بائن، أو قال لا رجعة فيه، أو قال بالثلاث بلفظ واحد، فإن الصّواب الذي نفتي به، والثابت ¬

(¬1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (48).

عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما «أنّ الطلاق بالثلاث كان يجعل واحدة، على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى عهد الصديق أبي بكر، وعلى عهد عمر رضي الله عنه في أول خلافته» (¬1)، يعني طلاق الثلاث بلفظ واحد، هذا هو الصواب أنه يجعل واحدة، تضاف إلى الطلقة الأولى، فيكون الجميع ثنتين، ويكون له المراجعة ويبقى لها واحدة، ما دامت في العدة فإنه يراجعها، ويبقى له طلقة واحدة، أمّا إذا كان الطلاق السابق طلقتين، الذي راجع فيه إذا كان طلقتين، فليس له الرجوع بعد ذلك؛ لأن هذه تكون ثالثة، وليس له الرجوع، هذا هو قول أهل العلم. ¬

(¬1) أخرجه مسلم في كتاب الطلاق، باب طلاق الثلاث، برقم (1472).

بيان أن طلقات الزوج الأول لا تهدم بنكاح الزوج الثاني

84 - بيان أن طلقات الزوج الأول لا تُهدم بنكاح الزوج الثاني س: إذا طلق الرجل زوجته طلقة، ثم تزوجها رجل آخر بعد انقضاء العدة، ثم طلّقها فتزوّجها الأول، ثم طلقها طلقتين فهل تحسب الطلقة الأولى، وتصبح ثلاث طلقات، أم أنها طلقتان فقط جزاكم الله خيرًا؟ (¬1) ¬

(¬1) السؤال الثاني والعشرون من الشريط رقم (352).

ج: الرجل إذا طلق زوجته طلقة أو طلقتين، ثم عقد عليها بعد ذلك، بعد خروجها من العدة، أو بعد زوج آخر، فإنّها ترجع بما بقي فقط، ترجع إليه بما بقي إن كان طلقها طلقة، يبقى لها طلقتان وإن كان طلقها طلقتين يبقى لها واحدة، ولا يؤثر الزواج على عدد الطلقات، بل تحسب.

انتهى بحمد الله تعالى الجزء الثاني والعشرون ويليه بمشيئة الله تعالى الجزء الثالث والعشرون القسم الثاني من الطلاق وأوله باب الطلاق البائن

§1/1